الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين -

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 260

‫﴿الرّسالة املُفصِّلةُ ألحوا ِل‬

‫املتعلِّمني وأحكام املُع ِّلمني‬


‫واملُتعلِّمني﴾‬
‫صنِيف اإلمام أبو َح َسن القابِسي‬
‫تَ ْ‬
‫(ٕٖٗىـ ‪ٕٗٓ-‬ىـ )‬

‫حقيق و تَ ِ‬
‫قديم‬ ‫تَ ِ‬
‫دانـ ــا البـرَز ِ‬
‫نج ــي‬ ‫ََ‬
‫الطبع ــة أألولـ ـ ـ ــى (ٕٕٕٓم)‬
‫في المديرية العامة للمكتبات العامة اعطيت لو رقم ايداع (ٕٗٗ) لسنة ٕٕٕٓم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فهرست الكتاب‬
‫‪ -‬تر‪ٝ‬بػػة حياة مصنػػف الرسالػة ‪ . . . . . . . . .‬ص(٘)‬
‫‪ -‬الضروؼ السياسية ُب زمن اإلماـ القابسي ‪ . . .‬ص(‪)ٚ‬‬
‫‪ -‬شيوخػػو ‪ . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬ص(‪)ٛ‬‬
‫‪ -‬تالميذه ‪ . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬ص(‪)ٜ‬‬
‫‪ -‬بعػض ما ذكػره العلمػاء عنػػو ‪. . . . . . . . .‬ص(ٕٔ)‬
‫‪ -‬مؤلفاتو ‪ . . . . . . . . . . . . . . . . .‬ص(ٗٔ)‬
‫الرسالة ا‪٤‬بفصلةُ ألحو ِاؿ ا‪٤‬بتعلمْب ‪ . . .‬ص(‪)ٔٚ‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬خالصة‬
‫ُ‬
‫الرسالة ا‪٤‬بفصلةُ األحو ِاؿ ا‪٤‬بتعلمْب ‪ . . . .‬ص(ٕ٘)‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬نص‬
‫ُ‬
‫‪ -‬ا‪١‬ب ػ ػُػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزء األوؿ ‪ . . . . . . . . . . . . .‬ص(‪)ٖٛ‬‬
‫‪ -‬ا‪١‬ب ػ ػُػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزء الثاين ‪ . . . . . . . . . . . . .‬ص(٘‪)ٜ‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬الباب األوؿ ‪ . . . . . . . . . . . . . . .‬ص(٘ٓٔ)‬
‫‪ -‬الباب الثاين ‪ . . . . . . . . . . . . . . .‬ص(ٗ٘ٔ)‬
‫‪ -‬ا‪١‬ب ػ ػُػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزء الثالث ‪ . . . . . . . . . . . .‬ص(‪)ٔٚٙ‬‬

‫‪4‬‬
‫ترجمــة حياة مصنــف الرسالـة (االمام ابوحسن‬
‫القابسي) ‪:‬‬

‫أبو ا‪٢‬بسن علي بن ‪٧‬بمد بن خلف ا‪٤‬بعافري القروي‬


‫القابسي ا‪٤‬بالكي‪ ،‬وقيل ابن القابسي ‪ ،‬ا‪٢‬بافظ‪ ،‬العالمة عادل‬
‫ا‪٤‬بغرب ا‪٤‬بالكي األصورل ا‪٤‬بتكلم‪ ،‬اإلماـ ُب علم ا‪٢‬بديث‬
‫وفنونو وأسانيده‪ ،‬فقيها أصوليا متكلما مؤلفا ‪٦‬بيدا وكاف من‬
‫الصا‪٢‬بْب ا‪٤‬بتقْب الزاىدين ا‪٣‬بائفْب‪ ،‬ثقة صا‪٢‬با‪ُ ،‬و ِصف‬
‫القابسي بعادل ا‪٤‬بالكية بإفريقيا ُب عصره‪،‬‬
‫ك ػ ػ ػ ػ ػاف مولػ ػ ػ ػ ػ ػده ف ػ ػ ػ ػ ػي سن ػ ػ ػ ػ ػة ٕٖٗىػ بقي ػ ػ ػ ػ ػرواف‪.‬‬
‫شد أبو ا‪٢‬بسن الرحاؿ إذل ا‪٤‬بشرؽ اإلسالمي سنة اثنْب‬
‫و‪ٟ‬بسْب وثال‪ٜ‬بائة (ٕٖ٘ىػ ( ‪َ ،‬و َحج سنة ثالثة و‪ٟ‬بسْب‬

‫‪5‬‬
‫وثال‪ٜ‬بائة (ٖٖ٘ىػ) ‪ٍ ،‬ب عاد إذل مصر فأقاـ هبا يسمع‬
‫ا‪٢‬بديث باإلسكندرية‪.‬‬
‫وكاف عارفا بالعلل والرجاؿ‪ ،‬والفقو واألصوؿ والكالـ ‪،‬‬
‫مصنفا يقظا دينا تقيا ‪ ،‬ويقاؿ عنو انو كاف ضريرا وبعض‬
‫ا‪٤‬بصادر تنفي ذلك أو اصابتو الضرر ُب الكرب‪ ،‬وىو من أصح‬
‫العلماء كتبا ‪ ،‬كتب لو ثقات أصحابو ‪ ،‬وضبط لو ٗبكة ”‬
‫صحيح ” البخاري ‪ ،‬وحرره وأتقنو رفيقو اإلماـ أبو ‪٧‬بمد‬
‫األصيلي‪ ،‬وبعد أف تلقى العلم واتصل بكبار العلماء با‪٤‬بشرؽ‬
‫رجع إذل القّبواف سنة سبع و‪ٟ‬بسْب‪.‬‬
‫عمل االماـ القابسي بإقراء الناس ُب القّبواف دىراً‪ٍ ،‬ب توذل‬
‫الفتوى مكرىاً‪ ،‬وكاف أوؿ من أدخل «رواية البخاري» إذل‬
‫إفريقيا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الضروف السياسية في زمن اإلمام القابسي ‪:‬‬
‫عاش القابسي ُب زمن الدولة الفاطمية اإلفريقية‪ ،‬وعاصر‬
‫عدداً من خلفائها من أبرزىم‪ :‬أبو طاىر إ‪٠‬باعيل ا‪٤‬بنصور با﵁‬
‫(ٖٖٗػٖٔٗىػ)‪ ،‬وا‪٤‬بعز لدين ا﵁ (ٕٖٗػ٘‪ٖٙ‬ىػ)‪ ،‬وكاف زمناً‬
‫‪٩‬بتلئاً باألحداث والثورات ا‪٣‬بطّبة‪ ،‬ألسباب سياسية ودينية‬
‫كادت تعصف بكياف الفاطميْب من أساسو‪.‬‬

‫اتسمت الدولة الفاطمية باىتمامها ٗبختلف فروع العلم‬


‫والثقافة‪ ،‬واىتم رجا‪٥‬با بالعلم‪ ،‬فاغتنت مكتباهتم بالكتب على‬
‫اختالؼ موضوعاهتا‪ ،‬وكاف القصد من ذلك خدمة مذىبهم‬
‫اإل‪٠‬باعيلي والتمكْب لسلطاهنم‪.‬‬

‫ودل يكن ىدؼ سياستهم التعليمية النهوض بالرعية ونشر‬


‫الوعي والتفكّب العلمي بقدر ما ىو نشر العلم وتوظيفو‬

‫‪7‬‬
‫لتوطيد نفوذىم‪ ،‬فشجعوا علماءىم‪ ،‬وأولوىم ا‪٤‬بناصب‬
‫ا‪٤‬بهمة‪ ،‬فانتعش التعليم والثقافة اإل‪٠‬باعيليّاف ‪٢‬بماية الدولة‬
‫‪٥‬بما‪.‬‬

‫وُب ا‪٤‬بقابل تشبث علماء ا‪٤‬بذىب ا‪٤‬بالكي ػ والقابسي منهم ػ‬


‫بالثقافة السنية‪ ،‬وصاروا يعلموهنا ُب مناز‪٥‬بم و‪٧‬بالهتم التجارية؛‬
‫خدمة للعلم والثقافة ا‪٤‬بالكيْب وخوفاً من غلبة ا‪٤‬بذىب‬
‫اإل‪٠‬باعيلي‪ ،‬وكانوا يعقدوف ا‪٤‬بناظرات أحياناً بْب ا‪٤‬بالكية‬
‫واإل‪٠‬باعيلية‪.‬‬
‫وىذا يؤكد باف وجود الطائفتْب السنة و الشيعة ُب االسالـ‬
‫ىي من باب التشخص و ىو يؤدي الی خروج االمة‬
‫االسالمية ‪ ،‬مادامػت ُب اطارىا السلمي ‪ ،‬والكن ما اف‬
‫يتحوؿ الی صراع عسكري تصادمي يكوف سببا الی تراجع‬
‫االمة و ضعفها !‬

‫‪8‬‬
‫شيوخــو ‪:‬‬
‫ٔ‪ٞ-‬بزة بن ‪٧‬بمد بن علي بن العباس الكناين ا‪٤‬بصري أيب‬
‫القاسم ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أيب العباس عبد ا﵁ بن أ‪ٞ‬بد التونسي‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬علي أيب ا‪٢‬بسن بن ‪٧‬بمد بن مسرور الدباغ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬عبد ا﵁ بن عبد الر‪ٞ‬بن النفزي القّبواين‪.‬‬
‫٘‪ -‬أيب زيد ‪٧‬بمد بن أ‪ٞ‬بد بن عبد ا﵁ ا‪٤‬بروزي‪.‬‬
‫‪٧ -ٙ‬بمد بن أ‪ٞ‬بد بن ا‪٢‬بسْب بن القاسم بن السري بن‬
‫الغطريف بن ا‪١‬بهم العبدي ا‪١‬برجاين أيب أ‪ٞ‬بد الغطريفي‪.‬‬
‫‪ -ٚ‬دراس كشداد بن إ‪٠‬باعيل الفاسي أيب ميمونة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫تالميذه ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬حاًب بن ‪٧‬بمد بن عبد الر‪ٞ‬بن التميمي القرطيب أيب‬
‫القاسم‬

‫ٕ‪ -‬ا‪٤‬بهلب أيب القاسم بن أ‪ٞ‬بد بن أسيد بن أيب صفرة‬


‫التميمي‬

‫ٖ‪٧ -‬بمد بن موىب التميمي ا‪٤‬بقربي القرطيب التجييب أيب‬


‫بكر‬

‫ٗ‪ -‬عبد ا﵁ بن ‪٧‬بمد بن يوسف بن نصر القرطيب أيب الوليد‬

‫٘‪ -‬مرواف بن علي القطاف أيب عبد ا‪٤‬بلك‬

‫‪٧ -ٙ‬بمد بن أ‪ٞ‬بد بن أسيد بن أيب صفرة التميمي‬

‫‪ -ٚ‬عثماف بن سعيد بن عثماف األموي الداين أيب عمرو‬


‫‪01‬‬
‫‪ -ٛ‬أ‪ٞ‬بد بن عبد الر‪ٞ‬بن ا‪٣‬بوالين أيب بكر القّبواين‬

‫‪ -ٜ‬عبد الر‪ٞ‬بن بن ‪٧‬برز القّبواين أيب القاسم‬

‫ٓٔ‪ -‬ا‪٤‬بهلب بن أ‪ٞ‬بد بن أيب صفرة التميمي‬

‫ٔٔ‪ -‬أيب القاسم عبد الر‪ٞ‬بن بن ‪٧‬بمد اللبيدي القّبواين‬


‫ا‪٤‬بصري‬

‫ٕٔ‪٧ -‬بمد بن عبد ا﵁ بن يونس التميمي‬

‫ٖٔ‪٧ -‬بمد بن سعيد بن شرؼ األجذايب القّباين‬

‫ٗٔ‪ -‬مكي بن عبد الر‪ٞ‬بن ا‪٤‬بنستّبي القرشي‬

‫٘ٔ‪ -‬خلف بن أيب القاسم األزدي‬

‫‪٧ -ٔٙ‬بمد بن سفياف القّبواين ا‪٥‬بواري أيب عبد ا﵁‬

‫‪00‬‬
‫‪ -ٔٚ‬موسى بن عيسى بن أيب حاج حيج الرببري الغفجومي‬
‫الزناٌب‬

‫‪٧ -ٔٛ‬بمد بن عبد ا﵁ ا‪٤‬بالكي القّبواين‬

‫‪ -ٜٔ‬حسن بن خلدوف البلوي‬

‫ٕٓ‪ -‬عبد الر‪ٞ‬بن بن ‪٧‬بمد الكناين‬

‫ٕٔ‪ -‬عتيق السوسي أيب بكر‬

‫ٕٕ‪ -‬عتيق بن خلف التجييب أيب بكر‬

‫ٖٕ‪ -‬مكي بن أيب طالب بن ‪٧‬بمد بن ‪٨‬بتار القيسي‬

‫ٕٗ‪ -‬عبد ا﵁ بن الوليد بن سعد بن بكر األنصاري‬

‫‪02‬‬
‫بعـض ما ذكـره العلمـاء عنــو ‪:‬‬
‫قاؿ حاًب الطرابلسي صاحبو‪ :‬كاف أبو ا‪٢‬بسن فقيهاً عا‪٤‬باً‬
‫‪٧‬بدثاً ورعاً متقلالً من الدنيا‪ ،‬دل َأر أحداً ‪٩‬بن يشار إليو‬
‫بالقّبواف بعلم إال وقد جاء ا‪٠‬بو عنده وأخذ عنو‪ ،‬يعَبؼ‬
‫ا‪١‬بميع ٕبقو وال ينكر فضلو‪.‬‬
‫وقاؿ ‪٧‬بمد بن عمار ا‪٥‬بوزين – ُب رسالتو – وذكره فقاؿ‪:‬‬
‫متأخر ُب زمانو متقدـ ُب شأنو العلم والعمل والرواية والدراية‪،‬‬
‫من ذوي االجتهاد ُب العباد والزىاد‪٦ ،‬باب الدعوة‪ .‬لو مناقب‬
‫يضيق عنها الكتاب‪ .‬عا‪٤‬باً باألصوؿ والفروع وا‪٢‬بديث وغّب‬
‫ذلك من الرقائق‪،‬‬
‫ذكره أبو عبد ا﵁ ابن أيب صفرة فقاؿ‪ :‬كاف فقيو الصدر‪،‬‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪٤ :‬با رحلت إذل اإلبياين أنا وأبو ‪٧‬بمد‬
‫األصيلي‪ ،‬وعيسى – يعِب ابن سعادة الفاسي – كنا نسمع‬

‫‪03‬‬
‫عليو‪ ،‬فإذا كاف بعد العصر ذاكرنا ُب ا‪٤‬بشكل‪ ،‬فتذاكرنا يوماً‬
‫وطاؿ الذكر فخصِب بأف قاؿ رل يا أبا ا‪٢‬بسن لتضربن إليك‬
‫آباط اإلبل من أقصى ا‪٤‬بغرب‪ ،‬فقلت لو‪ :‬بربكتك إف شاء‬
‫ا﵁‪ ،‬و‪٤‬با نرجوه من النفع بك إف شاء ا﵁‪ٍ .‬ب جرى رل منو‬
‫ذلك يوماً آخر ٍب ذاكرين يوماً ثالثاً فهمِب لو‪ ،‬فقاؿ مثل‬
‫ذلك‪ ،‬فقلت لو بربكتك إف شاء ا﵁ فقاؿ‪ :‬وا﵁ لتضربن إليك‬
‫آباط اإلبل من أقصى ا‪٤‬بغرب‪.‬‬
‫وذكر الذىيب ‪ ،‬أخربنا قاضي دمشق علم الدين ‪٧‬بمد بن‬
‫أيب بكر ا‪٤‬بصري ‪ ،‬أخربنا أ‪ٞ‬بد بن عمر الباىي ‪ ،‬أخربنا‬
‫عثماف بن حسن اللغوي ‪ ،‬أخربنا خلف بن عبد ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٢‬بافظ ‪ ،‬أخربنا أبو ‪٧‬بمد بن عتاب ‪ ،‬حدثنا حاًب بن ‪٧‬بمد ‪،‬‬
‫أخربنا أبو ا‪٢‬بسن القابسي ‪ ،‬أخربنا علي بن ‪٧‬بمد بن مسرور‬
‫‪ ،‬أخربنا أ‪ٞ‬بد بن أيب سليماف ‪ ،‬حدثنا سحنوف بن سعيد ‪،‬‬
‫حدثنا عبد الر‪ٞ‬بن بن القاسم ‪ ،‬حدثنا مالك ‪ ،‬عن يزيد بن‬
‫عبد ا﵁ بن قسيط ‪ ،‬عن ‪٧‬بمد بن عبد الر‪ٞ‬بن بن ثوباف ‪،‬‬

‫‪04‬‬
‫عن أمو ‪ ،‬عن عائشة ‪(:‬أف رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلى ا﵁ عليو‬
‫وسلم‪ -‬أمر أف نستمتع ٔبلود ا‪٤‬بيتة إذا دبغت )‪.‬‬

‫مؤلفاتو‪:‬‬
‫لالماـ ابو حسن القابسي مؤلفات و رسائل كثّبة ‪ ،‬ومنهػػا‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬كتاب «ا‪٤‬بمهد ُب الفقو» بلغ فيو إذل ستْب جزءا‪ ،‬ومات‬
‫ودل يكملو‪ ،‬وىو كتاب كثّب الفائدة مبوب على أبواب الفقو‪،‬‬
‫‪ٝ‬بع فيو ا‪٢‬بديث واألثر والفقو‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬أحكاـ الديانة ‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬كتاب ا‪٤‬بنقذ من شبو التأويل ‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬ا‪٤‬بنبو للفطن من غوائل ا﵀ن ‪.‬‬

‫‪05‬‬
‫٘‪ -‬كتاب ا‪٤‬بلخص ‪٤‬بسند موطأ مالك بن أنس ‪،‬‬
‫وىو(ٕٓ٘) حديثا‪.‬‬

‫‪ -ٙ‬الرسالة ا‪٤‬بفصلة ألحواؿ ا‪٤‬بتعلمْب وأحكاـ ا‪٤‬بعلمْب‬


‫وا‪٤‬بتعلمْب ‪.‬‬

‫‪ -ٚ‬كتاب رتب العلم وأحواؿ أىلو‪.‬‬

‫‪ -ٛ‬كتاب الذكر والدعاء وما فيو للسائل مكتفى‪.‬‬

‫‪ -ٜ‬رسالة ُب الورع ‪.‬‬

‫ٓٔ‪ -‬كتاب أ‪ٞ‬بية ا‪٢‬بصوف ‪.‬‬

‫ٔٔ‪ -‬كتاب االعتقادات ‪٠‬باىا (النافعة) ‪.‬‬

‫ٕٔ‪ -‬رسالة ‪٠‬باىا الناصرة‪.‬‬

‫ٖٔ‪ -‬الرسالة ا‪٤‬بعظمة ألحواؿ ا‪٤‬بتقْب ‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫ٗٔ‪ -‬الرسالة الناصرية ُب الرد على البكرية ‪.‬‬

‫٘ٔ‪ -‬رسالة ُب أيب ا‪٢‬بسن األشعري‪.‬‬

‫‪ -ٔٙ‬رسالة كشف ا‪٤‬بقالة ‪.‬‬

‫‪ -ٔٚ‬الرسالة الٍب أمالىا ٗبناسبة حادثة اعتداء على صبية‬


‫شريفة‪.‬‬

‫‪ -ٔٛ‬رسالة تزكية الشهود‪.‬‬

‫‪ -ٜٔ‬كتاب مناسك ا‪٢‬بج ‪.‬‬

‫ٕٓ‪ -‬رسالة (كشف ا‪٤‬بقالة عن التوبة) ‪.‬‬

‫ٕٔ‪ -‬رسالة ( تزكية الشهود و ٘برحيهم ) ‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫﴿خالصة الرسالة المفصلة الحكام المعلّمين و‬
‫المتعلّمين ﴾‬
‫ىػػي اشبو ما تكوف ٗبجموعة فتاوى قيمة ُب ما يتعلق‬
‫باحكاـ ا‪٤‬بعلّمْب و ا‪٤‬بتعلّمْب ‪ .‬وتتكوف رسالة اإلماـ القابسي‬
‫من ثالثة أجزاء رئيسية ‪،‬‬

‫الجزء األول‪ :‬وىو ُب تفسّب اإلدياف واإلسالـ واإلحساف‬


‫واالستقامة وصفة الصالح‪،‬وفضل تعلّػػم و تَعليم كتاب ا﵁‬
‫القرآف الكرمي‪.‬‬
‫وُب الجزء الثاني‪ :‬وىو يتكوف من الباب االوؿ و الباب‬
‫الثاين جييب ا‪٤‬بؤلف فيهما عما كاف يشغل باؿ خاطبو فيما‬
‫وسنّة ذلك وما يصلح أف يُعلم‬
‫يأخذه ا‪٤‬بعلموف على ا‪٤‬بتعلمْب ُ‬
‫للصبياف مع القرآف‪ ،‬ويذكر سياسة معلم الصبياف وقيامو‬
‫عليهم‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫وُب الجزء الثالث‪ :‬يتناوؿ التفاصيل التشريعية وا‪٤‬بهنية‬
‫ا‪٤‬بتعلقة بإجارة ا‪٤‬بعلم وا‪٥‬بدايا ا‪٤‬بباحية وغّب ذلك من ا﵀اور‬
‫ا‪٥‬بامة ‪.‬‬

‫أعتمد االماـ القابسي ‪ -‬ر‪ٞ‬بو ا﵁ ‪ُ -‬ب رسالتو ىذه على‬


‫كتاب "آداب ا‪٤‬بعلمْب" لإلماـ سحنوف‪ ،‬و‪ٝ‬بّع ُب ا‪٤‬بساؽ‬
‫ا‪٤‬بتماسك ما كاف مبعثرا ُب كتاب "آداب ا‪٤‬بعلمْب"‪،‬‬
‫وأضاؼ إليو شروحات وتعليقات نفيسة‪.‬‬

‫‪ -‬أوضػح االماـ القابسي ُب رسالتو (احكاـ ا‪٤‬بعلمْب‬


‫وا‪٤‬بتعلمْب) عن تعليم الصبياف من حيث اغراضو ومناىجو‬
‫وطرؽ تدريسو وٲماكنو ومراحلو ‪،‬‬

‫‪ -‬وقاؿ اف الغرض من التعليم ىو معرفة الدين علماً و‬


‫عمالً ( اي تطبيق احكاـ الدين عمليا مثل اقامة الصالة‬

‫‪09‬‬
‫و كيفية قرائة القراف جيدا و كيفية تطبيق االخالؽ ا‪٢‬بميدة‬
‫و كيفية ٘بنب االخالؽ السيئة واخل ‪). .‬‬

‫‪ -‬وبْب القابسي بأف تعليم القرآف ىي الوسيلة الرئيسية و‬


‫االساسية ُب تعليم الصبياف‪.‬‬

‫‪ -‬وأكد باف التعليم ىو واجب شرعي وىو الوسيلة ‪٤‬بعرفة‬


‫القرآف الكرمي و العبادات‪ .‬وقاؿ بأف على ا‪٤‬بسلم تعليم ولده‬
‫او اف يرسلو الی من يقوـ بتعليمو وتدريسو وىو واجب شرعي‬
‫علی الوالدين‪.‬‬

‫‪ -‬وذكر أيظاً باف تعليم البنات واجب شرعي‪ ،‬ولكنو نبو‬


‫بانو جيب اف يكوف بضوابطو الشرعية ‪.‬‬
‫‪ -‬ثػم تطرؽ اذل منهج التعليم ‪ ،‬وقاؿ باف الواعز الديِب ىو‬
‫اساس الغرض من التعليم و باف اوؿ العلوـ واساسها ىي‬
‫حفظ القرآف الكرمي مع كتابتو و قرائتو و ٘بويده ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬وتدارؾ االماـ القابسي امر االخالؽ و نص ُب رساالتو‬
‫اف الدين ىو اصل االخالؽ و الَببية عند ا‪٤‬بسلمْب ‪ .‬و ذكر‬
‫باف تدريس سّبة النبوية ىي ذات فائدة كبّبة ُب التعليم‪.‬‬

‫‪ -‬وذكر باف جيب اف يعود الطفل علی العادات ا‪٢‬بميدة‬


‫ا‪٢‬بسنة و اوؿ ىذه العادات ا‪٢‬بسنة ىي الطاعة ﵁ و لرسولو‬
‫والورل االمر ‪.‬‬

‫‪ -‬وااليظا جيب اف يتعلموا االنضباط وانو حْب يكوف التعليم‬


‫منظماً يكوف الفائدة اكرب بكثّب ‪.‬‬

‫‪ -‬وبْب اف النظاـ من العبادات االسالمية الواجب ‪٩‬بارساهتا‬


‫مثل الصالة و الصياـ و ا‪٢‬بج و العبادات االخری ‪ ،‬وكل‬
‫ىذه العبادات تعلم ا‪٤‬بسلم االنضباط و االرتباط باالوقات‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬ويذكر االماـ القابسي موضوع الرفق بالصبياف عند تنفيذ‬
‫العقوبات عليهم ‪ ،‬وهنی القابسي ا‪٤‬بعلم علی تنفيذ العقوبا‬
‫علی التلميذ وىو ُب حاالت الغضب‪.‬‬

‫‪ -‬وذكر االماـ ابو حسن القابسي باف الدواـ يكوف‬


‫للصبياف طيلة اياـ االسبوع عدی يوـ ا‪١‬بمعة و النصف الثاين‬
‫ُب يوـ ا‪٣‬بميس‪ ،‬وذكر بانو ‪ٚ‬بصص اوؿ اليوـ وقت‬
‫الضحی القرآف الكرمي و من الضحی اذل الضهر لتعليم‬
‫الكتابة‪ ،‬و عند الظهر يتناوؿ التالميذ الغداء‪ ،‬وبعد صالة‬
‫الظهر يدرسوف بقية العلوـ مثل النحو و ا‪٢‬بساب و الشعر ‪،‬‬
‫وخيصص مساء االربعاء و اوؿ ا‪٣‬بميس للمراجعة ما اخذه‬
‫الصبياف من العلوـ ُب االسبوع ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬ووضع االماـ القابسي بعض الضوابط الٍب جيب اف يتقنها‬
‫ا‪٤‬بعلم مثل معرفتو بعلوـ القراف الكرمي ومن ٍب النحو و الشعر‬
‫و ا‪٢‬بساب الی جانب اذل امتالكو لشخصية قوية ومعرفة‬
‫جيدة بالدين و ‪٠‬بعة طيبة‪.‬‬
‫‪ -‬وقد اجزت لكل مسلم طبع كتايب ىذا وارجوا لو ربح‬
‫الدنيا واآلخرة وكلها ُب مرضاة ا﵁ سبحانو وتعاذل‪.‬‬
‫‪ -‬وارجوا اف ال تنسونا من صاحل دعائكم‪.‬‬

‫‪ -‬سي ــد دانـ ــا البرزنجــي حفيد العالم العالمة وأستاذ‬


‫األساتذة سي ـد عبدالكريم البرزنج ـي الم ـدرس‬
‫السليمانــي الكنكوت ـ ـ ـ ـري‪.‬‬

‫‪23‬‬
24
‫ص ِرسالَـ ـ ــة‬
‫نَـ ـ ـ ـ ّ‬

‫﴿ ّ‬
‫المتعلمين ‪,‬‬ ‫ِ‬
‫المفصلةُ ألحوال ُ‬
‫الرسالة ُ‬
‫والمتعلمين﴾‬
‫المعلمين ُ‬
‫وأحكام ُ‬
‫ِ‬
‫القابســي‬ ‫لإلمام ابو َح َسن‬
‫(ٕٖٗىـ ‪ٕٗٓ-‬ىـ )‬

‫‪25‬‬
26
‫المتعلمين‬ ‫ِ‬
‫المفصلةُ األحوال ُ‬
‫الرسالة ُ‬
‫ّ‬ ‫﴿‬
‫والمتعلمين ﴾‬
‫المعلمين ُ‬
‫‪ ,‬وأحكام ُ‬

‫بقلم ْْب‬ ‫تاف‬


‫ر‬ ‫عبا‬ ‫( جاء ُب ظاىر النسخة ا‪٣‬بطّ ِ‬
‫ية‬
‫َ‬
‫الزماف ‪،‬‬
‫تلفْب ‪ ،‬األوذل ‪ :‬ا‪٢‬بمد ﵁ وحده من عوادى ّ‬ ‫ُ‪٨‬ب ْ‬
‫وىو ا‪٤‬بعاف على عفو ربِّو الكرمي الغ ّفار ‪ .‬علي بن أ‪ٞ‬بد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫‪٧‬بمد البيطار ‪ .‬غفر ا﵁ لو َول َوال َديْو و‪١‬بَميع ا‪٤‬بسلمْب‬
‫بن ّ‬
‫‪ .‬آمْب ‪.‬‬
‫األول والثّاني والثّالث من ا‪٤‬بفصيلة‬
‫والثّانية ‪ :‬الجزء ّ‬
‫ألحواؿ ا‪٤‬بتعلّمْب وأحكاـ ا‪٤‬بعلمْب وا‪٤‬بتعلمْب ‪ .‬ا‪٢‬بمد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪27‬‬
28
‫﵁ وحده ‪ .‬طالع ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ العبد الفقّب إذل‬
‫‪٧‬بمد بن حسن ‪ .‬غفر ا﵁ لو‬‫ا﵁ تعاذل ‪ ،‬ا‪٤‬بعَبؼ بذنبو ّ‬
‫ترحم عليو و‪١‬بميع ا‪٤‬بسلمْب آمْب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ولَِوالِديْ ِو َولِ َم ْن‬
‫ُ‬

‫ا‪٣‬بَط يَبقى زمانا بعد َكاتِبِ ِو‬


‫‪ٙ‬بت التػْر ِب ُمدفوف‬ ‫ِ‬
‫ب ا‪٣‬بَط َ‬ ‫وكات ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يا رب إ ْغفْر لعبد كاف كاتبَوُ‬
‫قارئ ا‪٣‬بط قُ ْل يا َريب آمْب‬
‫يا َ‬
‫ط تَػَر ّح ْم على َم ْن َكتَبَوُ)‪.‬‬
‫ت ‪ .‬يا قارئ ا‪٣‬ب ّ‬
‫‪ٛ‬بَّ ْ‬

‫‪29‬‬
‫﴿ بسم هللا الرحمن الرحيم ﴾‬
‫وبه توفيقي‬

‫قال أبو الحسن علي بن محمد بن خلف‬


‫المعروف القابسي الفقيه القيرواني ‪:‬‬

‫الكتاب ودل جيعل لو‬ ‫َ‬ ‫( ا‪٢‬بمد ا﵁ الذي أَنْػَزَؿ على عبده‬
‫َع َوجاً ﴿ٔ﴾قَػيماً لِيُػْن ِذ َر بأساً شديداً من لَ ُدنْو ويبشَر‬
‫ا‪٢‬بات أف ‪٥‬بم أجراً‬ ‫ا‪٤‬بؤمنْب الذين يعملوف الص ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫نذر الذين قالوا ا‪ٚ‬بَ َذ‬ ‫حسناً﴿ٕ﴾ َماكثْب فيها أبداً﴿ٖ﴾ويُ َ‬
‫ت كلمةً‬ ‫ا﵁ُ ولداً﴿ٗ﴾ما ‪٥‬بم بو من علم وال آلبائهم َكبُػَر ْ‬
‫‪ٚ‬بر ُج من أفواىهم إ ْف يَقولوف إال‬

‫‪31‬‬
30
‫ِ‬
‫كذباً﴿٘﴾)(ٔ) و (تبارؾ الذي نَػّزؿ ال ُفرقاف على عبده‬
‫السموات‬
‫ليكوف للعاّ‪٤‬بْب نَذيراً ﴿ٔ﴾الذي لو ُملك ّ‬
‫يك ُب ا‪٤‬بلك‬
‫واألرض ودل يتّخذ ولداً ودل يكن لو شر ٌ‬
‫ُ‬ ‫وخلَق كل ٍ‬
‫شيء فق ّدره تقديراً ﴿ٕ﴾) ‪.‬‬
‫وا‪٢‬بمد ﵁ الذي دل َيزؿ واحداً ‪ ،‬أحداً ‪ ،‬حياً ‪ ،‬قَيوماً‬
‫‪ ،‬لو األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب ‪ ،‬والصفات العلى ‪ ،‬ليس ِ‬
‫كمثْلو‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫أنزلو على‬
‫لم بالقرآف ‪ ،‬و َ‬
‫شيءٌ‪ ،‬وىو السميع البصّبُ ‪ .‬تك َ‬
‫بياف ‪ ،‬بالنوِر والرب ِ‬
‫ىاف ‪،‬‬ ‫‪ٞ‬بة والت ِ‬ ‫األناـ ‪ ،‬للر ِ‬
‫‪٧‬بمد خ ِّب ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وىدى و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت الذين آمنوا ُ‬ ‫وا‪٢‬بكمة وال ُفرقاف ‪ ( ،‬ليُثَب َ‬
‫جل ثناؤه ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وقاؿ‬ ‫))‬ ‫(ٕ)‬
‫بُشرى للمسلمْب﴿ٕٓٔ﴾‬
‫(طو﴿ٔ﴾ما أنزلنا عليك القرآف لتَشقى﴿ٕ﴾إال تَذكرًة‬

‫)‪- (0‬سورة الكهػػف ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة النحل ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ات‬‫لِمن َخيشى﴿ٖ﴾تَنزيالً ِ‪٩‬بن خلق األرض والسمو ِ‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫العرش استوى﴿٘﴾لو ما ُب‬ ‫ِ‬ ‫العُلى﴿ٗ﴾الر ْ‪ٞ‬ب ُن على‬
‫‪ٙ‬بت‬
‫األرض وما بينَػ ُهما وما َ‬ ‫ِ‬ ‫السموات وما ُب‬
‫يعلم السر‬ ‫ُ‬ ‫٘بهر بالقوؿ فإنّو‬ ‫ْ‬ ‫الثرى﴿‪﴾ٙ‬وإ ْف‬
‫(ٔ)‬
‫وأخ َفى﴿‪﴾ٚ‬ا﵁ ال إلوَ ّإال ىو لو األ‪٠‬باءُ ا‪٢‬بُسنی﴿‪)﴾ٛ‬‬
‫ومن بو ‪ ،‬وأَستعينو وأتوكل عليو وأبرأ من‬ ‫‪ .‬أ‪ٞ‬بده ‪ ،‬وأُ ِ‬
‫َ‬
‫وحده ال‬‫القوة إليو ‪ ،‬وأشهد أف ال إلو ّإال ا﵁ َ‬ ‫ا‪٢‬بَوؿ و ّ‬
‫عبده و رسولَو خاًبُ النبيْب ‪،‬‬ ‫‪٧‬بمداً َ‬‫يك لو ‪ ،‬وأ ّف ّ‬ ‫شر َ‬
‫ا‪٢‬بق ليُظْ ِهَرهُ على ال ّدين كلو ولو َك ِره‬
‫أرسلَو با‪٥‬بُدى ودي ِن ّ‬
‫ونصح األُّمة‬
‫بالرسالة ‪ ،‬وأدى األمانة ‪َ ،‬‬ ‫ا‪٤‬بُشركوف ‪ ،‬فقاـ ّ‬
‫رءوؼ‬
‫يص عليكم با‪٤‬بؤمنْب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ( ،‬عز ٌيز عليو ما َعنِتُم حر‬
‫ُ‬
‫رحيم)(ٕ) ‪.‬‬
‫)‪ - (0‬سورة طو ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة التوبة اآلية رقم ‪. ٕٔٛ‬‬

‫‪33‬‬
‫فسبحا َف ا﵁ الذي سبح لو ما ُب السموات وما ُب‬
‫دوس‪ ،‬العزيز ا‪٢‬بكيم﴿ٔ﴾ىو الذي‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫األرض ( ا‪٤‬بلِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األميْب رسوالً منهم يَتلُو عليهم آياتِو ويزكِيهم‬ ‫بعث ُب ِ‬
‫َ‬
‫الكتاب وا‪٢‬بكمةَ وإف كانوا من قبل لفي‬ ‫َ‬ ‫ويعلّمهم‬
‫ضالؿ ُمبْب﴿ٕ﴾وآخرين منهم ‪٤‬با يَػْل َحقوا هبم وىو العز ُيز‬ ‫َ‬
‫ِ ّ‬
‫ا‪٢‬بكيم﴿ٖ﴾ذلك فضل ا﵁ يُؤتيو َمن يشاء وا﵁ ذو‬
‫الفض ِل العظيم﴿ٗ﴾)(ٔ) ‪.‬‬
‫﵁ الذي ىدانا لإلدياف ‪ ،‬وعلمنا القرآف‪ ،‬ومن‬ ‫ا‪٢‬بمد ِ‬
‫و ُ‬
‫صل على‬ ‫‪٧‬بمد عليو السالـ ‪ .‬اللّهم ّ‬ ‫علينا باتباع نبيو ّ‬
‫صليت على إبراىيم ‪ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫‪٧‬بمد‪ ،‬وعلى آؿ ‪٧‬بم ٍد‪ ،‬كما‬
‫ٍ‬
‫ت على‬ ‫بارؾ على ٍ‬
‫‪٧‬بمد ‪ ،‬كما بارْك َ‬
‫ّ‬ ‫آؿ‬ ‫وعلى‬ ‫‪٧‬بمد‬ ‫ْ‬
‫ا‪٤‬بْب إنك ‪ٞ‬بي ٌد َ‪٦‬بيد ‪ .‬اللهم وعلّ ْمنَا ما‬
‫الع َ‬
‫إبراىيم ‪ُ ،‬ب َ‬

‫)‪ - (0‬سورة ا‪١‬بمعة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ٍ‬
‫وحكمة ‪،‬‬ ‫‪٧‬بمداً خاًب النبيّْب من كتاب‬
‫عثت بو إلينا ّ‬ ‫بَ َ‬
‫أنت العز ُيز ا‪٢‬بكيم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وما تَال من آياتك ‪ ،‬وزكنا إنك َ‬
‫قلت ‪:‬‬ ‫اللّهم و ِأ‪٥‬بمنَا شكر نِ ِ‬
‫عمتك بو علينا ‪ ،‬فإنك َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫(وألًب نِعمٍب عليكم ولعلكم هتتدوف ‪ .‬كما أرسلنا فيكم‬
‫رسوالً منكم يَػْتلو عليكم آياتِنا ويزکي ُکم ويعلم ُكم‬
‫ا‪٢‬بكمة ويعلمكم ما دل تكونوا تعلموف (ٔ)) ‪.‬‬
‫الكتاب و َ‬
‫َ‬
‫وحس ِن عبادتك‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫وشكرؾ‬ ‫كرؾ‬ ‫ذ‬‫أعنّا على ِ‬‫اللّهم و ِ‬
‫ُ‬
‫ك قلت ‪( :‬فاذْ ُكروين أذ ُكركم واشكروا رل وال‬ ‫فِإن َ‬
‫طاعتك ‪ ،‬بأف نَستعْب عليها‬‫َ‬ ‫ت ْك ُفروف)(ٕ) وأي ْدنا على‬
‫كما َأمْرتنا ‪ ،‬فإنك قلت ‪ ( :‬يا أيّها الذين آمنوا استعينوا‬
‫الصابرين )(ٖ) ‪ .‬أنت ا‪٢‬بق ‪،‬‬ ‫بالص ِرب والصالة إف ا﵁ مع ّ‬
‫)‪ - (0‬سورة البقرة اآلية رقم ٔ٘ٔ ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة البقرة اآلية رقم ٕ٘ٔ‪.‬‬

‫)‪ - (3‬سورة البقرة اآلية رقم ٖ٘ٔ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ا‪٢‬بق ا‪٤‬ببِْب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أنت ‪ ،‬ا‪٤‬بلِك‬‫َ‬ ‫ووعدؾ ا‪٢‬بق ‪ ،‬ال إلو إال‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫إياؾ نَعبد ‪ ،‬وإِياؾ نَستعِْب ‪ ،‬إِ ِ‬
‫ا‪٤‬بستقيم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫نا‬ ‫ىد‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫أنعمت عليهم غّب ا‪٤‬بغضوب عليهم وال‬ ‫َ‬ ‫ِصراط الذين‬
‫الصا‪٢‬بْب‬
‫الص ّديقْب والشهداء و ّ‬ ‫الضالْب) ‪ ،‬من النبِيْب و ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬وأَنلنَا ُحسن ُمَرافَػ َقتهم بفضلك ور‪ٞ‬بتك ‪ ،‬فأنت ُ‬
‫أرحم‬
‫الرا‪ٞ‬بْب ‪ ،‬وأنت َحسبُنا ونِ ْعم الوكيل ‪ ،‬وأنت َم ْوالنا ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فانصرنا ٕبُسن ا‪٣‬بّالص فيما‬ ‫ِ‬
‫فَن ْع َم ا‪٤‬بوذل ونعم النّصّب ُ‬
‫الصا‪٢‬بْب ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أولَْيتنا وفيما ابتَػلَيتنا ‪ ،‬بر‪ٞ‬بتك ُب عبادؾ ّ‬
‫الذين يُسارعوف ُب ا‪٣‬بَّبات وىم ‪٥‬با سابقوف ‪ ،‬وال حوؿ‬
‫وال قوَة إال با﵁ العل ّي العظيم ‪.‬‬
‫سائل ‪ ،‬وأحل عل ّي أف‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬قد سألَِب ٌ‬
‫وشرط فيها شروطاً‪ ،‬واعت َذر‬ ‫‪،‬‬ ‫ها‬‫ب‬‫َ‬‫ت‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬‫أُجيبو عن مسائِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اغب ُب فهم ما‬ ‫ِ‬
‫من إ‪٢‬بَاحو عل ّي ‪ ،‬أنو مضطر إليها ور ٌ‬
‫تع ّذر عليو من فَهمها ‪ ،‬إذ ِىي َ‪ٙ‬بُل عليو‪ ،‬وتن ِزؿ بو‬
‫‪36‬‬
‫ِ‬
‫اإلمساؾ‬ ‫فَػ َّبَىبها ‪ ،‬وخيشى القدوـ عليها ‪ ،‬وخياؼ ِضيق‬
‫عنها ‪ ،‬لِبُعده ِ‪٩‬بن يَصلُح أف يُستعاف بو فيها ‪ ،‬فَػ َعذرتُو‬
‫ت من التػ َوقف عنو‪ ،‬على َو َج ٍل مِب ُب‬ ‫بِعُذره ‪ ،‬وأش َف ْق ُ‬
‫ِ‬
‫سرعة‬ ‫اخيت عن‬ ‫ِ‬
‫ُ‪٦‬بَ َاوبَتو عن كل ما سأؿ عنو ‪َ ،‬فَب ُ‬
‫‪٦‬باوبتِو طويالً‪ ،‬وىو ُمقيم على َح ْفزي فيما أراد منّی ‪،‬‬
‫االنقياد إذل ُ‪٦‬باوبَتو ‪.‬‬
‫َ‬ ‫وجل ُب قلىب‬
‫عز ّ‬ ‫حٌب ألقى ا﵁ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫أسأؿ ا﵁ الكرميَ‬ ‫فأعوذُ با﵁ أف أكوف من ا‪٤‬بتكلّفْب ‪ ،‬و ُ‬
‫با‪٢‬بق فيما ابتالين بو من ا‪٤‬بقالة ُب الدين ‪ ،‬وأف‬ ‫ِ‬
‫صمةَ ّ‬ ‫الع ْ‬
‫يَهديِب إذل أحس ِن القوؿ فأتبِعو ِهبدی من عنده ‪ ،‬فهو‬
‫ىادي الذين آمنوا إذل ِصراط مستقيم ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الج ـ ـُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزء األول‬

‫ِ‬
‫اإليمان واإلسالم واإلحسان‬ ‫ذكر سؤالو عن تفسير‬
‫ُ‬
‫وعن االستقامة ما ىي وكيف ِصفةُ الصالح‪.‬‬

‫ْب‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬أما تفسّبُ اإلدياف واإلسالـ فقد بػُ َ‬
‫ذلك ُب الصحيح ‪ ،‬قاؿ أبو ىريرة ‪ :‬كاف النيب صلّى ا﵁‬
‫رجل فقاؿ ‪ :‬ما‬ ‫عليو وسلّم بارزاً يوماً للناس ‪ ،‬فأتاهُ ٌ‬
‫ومالئِكتِو و بِلِقائِو‬ ‫ِ‬
‫اإلدياف ؟ قاؿ اإلدياف أف تُؤم َن با﵁ َ‬
‫عث اآلخر ‪ .‬قاؿ ‪ :‬ما اإلسالـ ؟‬ ‫ورسلِو ‪ ،‬وتُؤمن بالب ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُُ‬
‫شرؾ بو وتقيم الصالة ‪،‬‬‫قاؿ ‪ :‬اإلسالـ أف تَعبُ َد ا﵁ ال تُ َ‬

‫‪38‬‬
39
‫وتصوـ رمضا َف ‪ .‬قاؿ ‪ :‬ما‬ ‫َ‬ ‫وتؤدي الزكاة ا‪٤‬بفروضةَ ‪،‬‬
‫ّ‬
‫اإلحساف ؟ قاؿ ‪ :‬أف تعبد ا﵁ كأنك تراه ‪ ،‬فإف دل تكن‬
‫تراه فإنو يراؾ ‪ .‬قاؿ ‪ :‬مٌب الساعة ؟ قاؿ ‪ :‬ما ا‪٤‬بسؤو ُؿ‬
‫اطها ‪ :‬إذا‬ ‫عنها بِأعلم من السائل‪ ،‬وسأُخربؾ عن أشر ِ‬
‫َ‬
‫ولدت األََمةُ َرهبا ‪ ،‬وإذا تطاوؿ ُرعاة اإلبل البُػه ُم ُب‬
‫يعلم ُهن إال ا﵁‪ٍ ،‬ب تال النيب صلّى‬
‫‪ٟ‬بس ال ُ‬ ‫البُنياف‪ُ ،‬ب ٍ‬
‫الساعة ‪...‬‬ ‫علم‬ ‫ه‬ ‫ند‬
‫َ‬ ‫ا﵁ عليو وسلّم ‪( :‬إف ا﵁ ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫اآلية)(ٔ)‪ٍ ،‬ب أدبر ‪ ،‬فقاؿ ‪ُ :‬رّدوه ‪ ،‬فلم يروا شيئاً ‪ ،‬فقاؿ‬
‫‪ :‬ىذا جربيل ‪ ،‬جاء يعلّم الناس دينَهم ‪.‬‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬فبَػْب صلّى ا﵁ عليو وسلّم أف ‪ٝ‬بيع‬
‫دين للنّاس ‪ ،‬ويدؿ أيضاً ما‬
‫ما جرى ُب نص ا‪٢‬بديث ٌ‬

‫)‪ - (0‬رواه أبو ىريرة أخرجو البخاري ومسلم وأ‪ٞ‬بد وابن ماجو ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ُب ىذا ا‪٢‬بديث ‪ ،‬أنو كاف ْقبل نزوؿ فرض ا‪٢‬بج ‪ ،‬ألف‬
‫ا‪٢‬بج أيضاً من عمل األبداف ‪ ،‬و بو كماؿ العمل الذي‬
‫ْب ذلك ما جاء ُب الصحيح من‬ ‫ىو اإلسالـ ‪ .‬يػُبَػ ُّ‬
‫هاب ‪ ،‬عن عمر ب ِن ا‪٣‬بطّاب ‪ ،‬أف‬ ‫طارؽ ب ِن ِش ٍ‬ ‫حديث ٍ‬‫ِ‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب آيةٌ ُب كتابكم‬
‫َ‬ ‫رجالً من اليهود قاؿ لو ‪ :‬يا أمّب‬
‫ت ‪ ،‬ال‪ٚ‬بذنا ذلك‬ ‫معشر اليهود نَػَزلَ ْ‬
‫َ‬ ‫تَػ ْقرءوهنا لو علينا‬
‫أكملت‬
‫ُ‬ ‫اليوـ‬
‫اليوـ عيداً ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬أي آيَة ؟ قاؿ ‪َ ( :‬‬
‫ورضيت لكم‬
‫ُ‬ ‫أ‪ٛ‬بمت عليکم نعمٍب ‪،‬‬ ‫لكم دينَكم ‪ ،‬و ُ‬
‫عرفنا ذلك‬
‫َ‬ ‫قد‬ ‫‪:‬‬ ‫عمر‬ ‫فقاؿ‬ ‫‪:‬‬ ‫قاؿ‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫اإلسالـ دينا )‬
‫َ‬
‫اليوـ وا‪٤‬بكاف الذي نزلت فيو على النّيب صلّى ا﵁ عليو‬
‫بعرفةَ ‪ ،‬يوـ ُ‪ٝ‬بعة‪.‬‬
‫قائم َ‬ ‫وسلّم وىو ٌ‬

‫)‪ - (0‬سورة ا‪٤‬بائدة اآلية رقم (ٖ) ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫عمر رضي ا﵁ عنو ‪ ،‬أف‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬فبْب لو ُ‬
‫لت فيو ىذه اآليةُ ُب اإلسالـ ‪ُ ،‬م َعظ ٌم‬‫اليوـ الذي نز ْ‬
‫َ‬
‫على َمر الدى ِر ‪ ،‬ىو عي ٌد ُب سائ ِر أمصا ِر ا‪٤‬بسلمْب‬
‫ُ‬
‫يوـ ا‪١‬بمعة ‪ ،‬وا‪٤‬بكا ُف الذي أُن ِزلت فيو ىو‬
‫كلما تكرر ُ‬
‫فَبض على ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بسلمْب ‪ .‬فقد ًب‬ ‫َ‬ ‫مكاف ا‪٢‬بج ا‪٤‬ب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عظم لذلك اليوـ‪ ،‬ولذلك ا‪٤‬بكاف الذي أنزلت فيو ‪،‬‬ ‫الت ُ‬
‫وا‪٢‬بمد ﵁ رب العا‪٤‬بْب ‪.‬‬
‫الرسوؿ عليو السالـ ‪ُ ،‬ب ىذا ا‪٢‬بديث ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والذي ‪٠‬بّاه‬
‫إدياناً ‪ ،‬ىو اإلقر ُار ٗبا قد ‪٠‬باه صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪.‬‬
‫ض عليها‬ ‫والذي ‪٠‬بّاه إسالماً ‪ ،‬ىو عمل ا‪١‬بَوارِح ٗبا ُِ‬
‫افَب َ‬ ‫ُ‬
‫أسلمت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫استسالـ َم ْن قاؿ ‪:‬‬ ‫‪ ،‬ألَنو ىو الذي يدؿ على‬
‫ومالئِكتو‪ ،‬وبلقائِو ‪ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫﵁ ؛ ومن قاؿ ‪ :‬آمنت ِ‬
‫با﵁‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ث بعد ا‪٤‬بوت‪ ،‬فإّنا ىو ُ‪٨‬بربٌ عن‬ ‫رسلو ‪ ،‬وآمنت بالبػع ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫ُُ‬
‫و‪٧‬بل ِصحتِ ِو‬‫سوؿ عليو السالـ ‪َ .‬‬ ‫تَ ِ‬
‫صديقو ‪٤‬با جاء بو الر ُ‬
‫‪42‬‬
‫صديق فيما عقد عليو القلب واطمأف إليو‪ .‬وكذلك‬ ‫الت ُ‬
‫ىو ُب اإلدياف ٔبميع ما جاءت بو الر ُس ُل ‪ .‬قَػ ْولُوُ ‪:‬‬
‫إخبار عن قَلبو‪ ،‬أنو قَبِ َل ذلك ‪،‬‬ ‫آمنت بذلك‪ ،‬إّنا ىو ٌ‬ ‫ُ‬
‫الة والزكاة ‪،‬‬ ‫فرض الص ِ‬ ‫واطمأف بو ‪ ،‬وُب ذلك إديانو بِ ِ‬
‫ض على ا‪٤‬بسلمْب مع سائ ِر‬ ‫فَب ِ‬ ‫ِ‬
‫وصياـ رمضاف ‪ ،‬وا‪٢‬بج ا‪٤‬بُ َ‬
‫ض عليهم من ا‪٢‬بقوؽ كلها ‪ .‬فتصدي ُقو بذلك‬ ‫ما ُِ‬
‫افَب َ‬
‫وجل َفرضو ‪ ،‬وأنو ىو ا‪٢‬بق الذي ال‬ ‫عز ّ‬ ‫كلو ‪ -‬أف ا﵁ ّ‬
‫القوؿ يػُ َعبػُر عنو ‪ ،‬وال‬
‫شك فيو ‪ُ -‬كل ىذا ىو إديا ٌف‪ُ ،‬‬
‫القوؿ من ىذا ا‪٤‬بخ ِرب عن نفسو‬ ‫يعلم صحة ما وراء ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫أقاـ الصال َة ‪ ،‬وآتى‬ ‫ِ‬
‫جل ؛ فإذا َ‬‫عز و ّ‬ ‫باإلدياف ‪ّ ،‬إال ا﵁ُ ّ‬
‫استطاعوُ ‪،‬‬
‫َ‬ ‫البيت إذا‬
‫الزكا َة ‪ ،‬وصاـ رمضا َف‪ ،‬وحج َ‬
‫اجب عليو ‪ ،‬فقد‬ ‫و‬ ‫و‬‫أن‬ ‫بو‬ ‫ر‬ ‫وفعل ِٔبوا ِرِح ِو ‪ٝ‬بيع ما ِ‬
‫أم‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫آمنت بو ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫إين ُ‬ ‫استسلم‪ ،‬وص ّد َؽ باستسالمو ىذا قولُو ‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫وعز على‬ ‫جل ّ‬ ‫عند من ظهر لو ذلك منو ‪ ،‬وىو عند ا﵁ ّ‬
‫‪43‬‬
‫وصدقِو فيما صدؽ بو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اعتقاد ِه ‪ِ ،‬‬ ‫ما علِ َموُ من ِصح ِة‬
‫تعبد‬
‫الرسوؿ عليو السالـ ‪ ،‬حْب فسَر اإلسالـ ‪ُ :‬‬ ‫وقوؿ ّ‬‫ُ‬
‫ا﵁َ ال تشرؾ بو ‪ ،‬معناه ‪ :‬بذلك يصح ‪٥‬بذا العمل‬
‫جل ‪:‬‬ ‫عز و ّ‬ ‫ا‪٤‬بذكور أف يكوف إسالمو ‪ ،‬كما قاؿ ا﵁ ّ‬
‫(فَ َم ْن كاف يرجو لقاءَ ربو فْليَػ ْع َمل عمالً صا‪٢‬باً وال‬
‫يشرؾ بعبادة َرب ِو أحدا)(ٔ) ‪ .‬واإلدياف ىو ال َقبوؿ من‬
‫اعتقاد قَػْلبِو‬
‫ُ‬ ‫صح ُحوُ لِقائِلو‬‫الرسوؿ ما جاء بو ‪ ،‬يُ َ‬
‫العمل ٗبا أمر بو ‪ ،‬ودعا إليو‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالـ ‪ :‬ىو‬
‫ُ‬ ‫بتصديقو ‪ .‬و‬
‫قلب ِ‬
‫عاملو‬ ‫‪ ،‬واالنتِهاء عما هنى عنو ‪ ،‬يُص ِح ُحوُ اعتقاد ِ‬
‫جل َأمَر بو على لِساف رسولِو عليو‬ ‫عز و ّ‬ ‫أف ا﵁ ّ‬
‫السالـ‪ .‬فإذا كاف كذلك كاف ىا ىنا اإلسالـ ىو‬ ‫ّ‬
‫وعز ‪ ( :‬إف ال ّدين عند ا﵁‬ ‫جل ّ‬ ‫اإلدياف ‪ ،‬لقوؿ ا﵁ ّ‬
‫غّب اإلسالـ ديناً‬‫اإلسالـ) ‪ .‬وقولو تعاذل ‪ ( :‬ومن يَػْبتَ ِغ َ‬
‫)‪ - (0‬سورة الكهف اآلية رقم (ٓٔٔ) ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫فلَ ْن يػُ ْقبَ َل منو وىو ُب اآلخرة من ا‪٣‬باسرين﴿٘‪.﴾ٛ‬‬
‫كيف يَهدي ا﵁ُ قوما كفروا بعد إدياهنم وشهدوا أف‬
‫جل ذكره‪( :‬ومن يكفر باإلدياف‬ ‫ّ‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫حق)‬
‫الرسوؿ ّ‬ ‫ّ‬
‫فقد َحبِ َط عملُو وىو ُب اآلخرة من ا‪٣‬باسرين )(ٕ) ‪.‬‬
‫كافر باإلدياف‪ .‬وتبْب بذلك‬
‫غّب اإلسالـ ٌ‬
‫فَػبَػْب أف ا‪٤‬بُبتغى َ‬
‫أف اإلدياف على ا‪٢‬بقيقة إسالـ ‪ ،‬واإلسالـ على ا‪٢‬بقيقة‬
‫وط عليو‬‫إديا ٌف ‪ .‬ويزيدؾ بياناً ما جاء ُب قِص ِة ِآؿ لُ ٍ‬
‫َ‬
‫السالـ قولو ‪ ( :‬فأخرجنا َم ْن كاف فيها من ا‪٤‬بؤمنْب ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫فما وجدنا فيها غّب بيت من ا‪٤‬بسلمْب ) ‪ .‬وإذا دل يكن‬
‫ظهار ذلك ِ‪٩‬بن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ِإلديا ُف من قائلو على ا‪٢‬بقيقة ‪ ،‬كاف إ ُ‬
‫سوؿ ال‬
‫الر ُ‬ ‫أقر بو نِ‬
‫وعز‪ ( :‬يا أيّها ّ‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ا﵁‬
‫ُ‬ ‫قاؿ‬ ‫كما‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫فاق‬

‫)‪ - (0‬سورة آؿ عمراف ‪.‬‬

‫)‪- (2‬سورة ا‪٤‬بائدة اآلية رقم (٘) ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫نك الذين يُسارعوف ُب ال ُكفر من الذين قالوا آمنا‬ ‫ُْحي ِز َ‬
‫قلوهبم)‪.‬‬‫بأفواىهم ودل تُؤمن ُ‬
‫وع ِمل فيما أظهر‬ ‫وكذلك َمن أظهر ا ِإلقر َار باإلدياف‪َ ،‬‬
‫ٗبا أُمر بو ‪ ،‬وانتهى فيما يػَُرى منو عما هنى عنو ‪ ،‬وقلبُوُ‬
‫عند ا﵁ ‪ ،‬فليس ىو إسالماً‬ ‫غّب مؤم ٍن بذلك أنو من ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫(قالت‬ ‫ا‪٢‬بقيقة ‪ .‬وىو كما قاؿ ا﵁ُ جل وعز ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫دخ ِل‬
‫لكن قولوا أَسلمنا وال يَ ُ‬
‫قل دل تُؤمنوا و ْ‬ ‫اب آمنا ْ‬ ‫األَعر ُ‬
‫اإلدياف ُب قلوبكم)(ٔ) فنبأىم أف اإلدياف ‪ -‬الذي ىو‬
‫لكن‬
‫قلوهبم ‪ ،‬و ْ‬ ‫دخ ْل َ‬‫صديق ُب القوؿ والعمل ‪ ،‬دل يَ ُ‬ ‫الت ُ‬
‫إسالـ ‪ ،‬أي استسلموا وأل َقوا السلَم‬ ‫عملوا عمالً ىو‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫أنفسهم وأىليهم‬ ‫بذلك‬ ‫موف‬ ‫حي‬
‫َ‬ ‫ىم‪،‬‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫ػ‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫من‬‫مدارا ًة لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأموا َ‪٥‬بم ‪٩ ،‬بّا يَلقاه الصابئوف بال ُكفر ‪ .‬وقد قاؿ ا﵁ عز‬

‫)‪ - (0‬سورة ا‪٢‬بجرات اآلية (ٗٔ) ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ومن ِ‬
‫أىل‬ ‫وجل ‪ِ ( :‬و‪٩‬بن حولَكم من األعراب منافقوف ِ‬
‫ُ‬
‫اب أشد‬ ‫ر‬‫األع‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫وقاؿ‬ ‫(ٔ)‬ ‫ا‪٤‬بدينة مردوا على الن ِ‬
‫فاؽ )‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫أنزؿ ا﵁ على‬
‫دود ما َ‬ ‫ُكفراً ونِ‬
‫َجدر أال يَعلموا ُح َ‬
‫ُ‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫فاقا‬
‫رسولِو)(ٕ)‪.‬‬
‫ِ‬
‫فم ْن يُِرد ا﵁ُ أَف يَهديَوُ يَ ْشَر ْح َ‬
‫صدره‬ ‫وجل ‪َ ( :‬‬
‫عز ّ‬‫وقاؿ ّ‬
‫صدره ضيقاً َحرجاً‬ ‫عل‬ ‫جي‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬‫ض‬‫لإلسالـ ‪ ،‬ومن يرد أف ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جس على‬ ‫كأّنا يَصع ُد ُب السماء كذلك جيعل ا﵁ الر َ‬
‫الذين ال يُؤمنوف)(ٖ) ‪ .‬فبْب أيضاً أف اإلسالـ ىو ما‬
‫در عن قَبولِو ‪،‬‬
‫در إليو ؛ وأما ما ضاؽ الص ُ‬ ‫انشر َح الص ُ‬
‫ونَػ َفَر منو عند َ‪٠‬باعو ‪ ،‬فصاحبُو غّبُ ُمؤم ٍن ‪ .‬فقامت‬
‫اإلسالـ ‪ .‬وكذلك قولو ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫كلمةُ اإلدياف مقاـ ِ‬
‫كلمة‬ ‫َ َ‬
‫)‪ - (0‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية رقم (ٔٓٔ) ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة التوبة ‪ ،‬اآلية رقم (‪. )ٜٚ‬‬

‫)‪ - (3‬سورة االنعاـ ‪ ،‬اآلية رقم (ٕ٘ٔ) ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫صدره لإلسالـ فهو على نوٍر من ربو ‪،‬‬ ‫شرح ا﵁ َ‬ ‫(أَفَ َمن َ‬
‫ٍ‬
‫ضالؿ‬ ‫اسية قُ ُلوهبم من ِذك ِر ا﵁ ‪ ،‬أولئك ُب‬ ‫فَػويل لِل َق ِ‬
‫َْ ٌ‬
‫ُمبْب )(ٔ) ‪.‬‬
‫تفسّب‬
‫َ‬ ‫نت لك أف‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬فَافْػ َهم فقد بَػي ُ‬
‫صف رسولَو‬ ‫اإلدياف أَنو التصديق ‪ .‬وقاؿ ا﵁ جل ذكره ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ َُ‬ ‫ُ‬
‫ويؤمن للمؤمنْب)‪ .‬أي يُصدؽ‬ ‫عليو السالـ ‪( :‬يؤمن ِ‬
‫با﵁‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب ‪ .‬وأمره أف يقوؿ لِ َمن اعتذر عن ‪ٚ‬بل ِفو من‬
‫(لن نُؤمن لكم) أي لن نُصدقَ ُكم ( قد نبأنا‬ ‫ا‪٤‬بُنافقْب ‪ْ :‬‬
‫ا﵁ من أخباركم ‪ )..‬اآلية ‪ .‬وأمره أيضاً أف يقوؿ ‪٥‬بم ‪:‬‬
‫فس َّبى ا﵁ عملَكم ورسولُو وا‪٤‬بؤمنوف‬ ‫(وقُ ِل ْاع َملوا َ‬
‫وستُػَردوف إذل عادل الغيب والشهادة فيُنبئكم ٗبا كنتُم‬ ‫َ‬
‫نت لك أف تفسّب اإلسالـ ‪ ،‬إذا دل يكن‬ ‫تعملوف) ‪ .‬وبي ُ‬
‫(ٕ)‬

‫)‪ - (0‬سورة الزمر ‪ ،‬اآلية رقم (ٕٕ) ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة التوبة ‪ ،‬اآلية رقم (ٕ٘) ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫اال ْستسالـ ‪ ،‬وذلك بأنو‬ ‫ِ‬
‫ا‪٢‬بقيقة أَنو ىو ِ‬ ‫من قائِلو على‬
‫ُ‬
‫قهره ‪،‬فيكوف من‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫لطاعة‬ ‫ا‬
‫إظهار‬
‫ً‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫الس‬ ‫ي‬ ‫إّنا ي ِ‬
‫لق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وجل ‪ ( :‬فما لكم ُب ا‪٤‬بنافقْب‬ ‫عز‬ ‫ا﵁‬ ‫قاؿ‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫فاق‬‫فاعلِو نِ‬
‫ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اعتزلوكم فلم يُقاتلوكم وأل َق ْوا‬ ‫فإف‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫لو‬‫و‬ ‫ق‬ ‫إذل‬ ‫)‬ ‫ئتْب‬‫فِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫إليكم السلَم فما جعل ا﵁ُ لكم عليهم سبيال﴿ٓ‪﴾ٜ‬‬
‫قومهم‪،‬‬ ‫ين يُريدوف أف يَ َأمنوكم ويَ َأمنوا َ‬ ‫َستجدوف آخر َ‬
‫الفتنة أركسوا فيها‪ ،‬فإف دل يَعتزلوكم ويُلقوا‬ ‫ُكلما ردوا إذل ِ‬
‫ُ‬
‫إليكم السلَم ويكفوا أيديهم ‪ )﴾ٜٔ﴿ ...‬اآلية(ٔ) ‪.‬‬
‫نت لك وجو ما يكوف بو اإلديا ُف إسالماً ‪ ،‬وما يكوف‬ ‫فبي ُ‬
‫بو اإلسالـ إدياناً‪ٗ ،‬با فيو الكفايةُ إف شاءَ ا﵁ تعاذل ‪.‬‬
‫السالـ ُب تفسّب اإلحساف ‪:‬‬‫الرسوؿ عليو ّ‬ ‫وأما قوؿ ّ‬
‫تكن تراه فإنو يَراؾ ‪،‬‬
‫أ ْف تَعبُ َد ا﵁ كأنك تراه ‪ ،‬فإ ْف دل ْ‬

‫)‪ - (0‬سورة النسػػاء ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ا﵁ ُب كل ما تعبد‬ ‫فمعناه ‪ :‬أف ىذا ىو إحسا ُف ِع ِ‬
‫بادة ِ‬
‫كل ما أمر بو‬ ‫ن‬ ‫وحده ‪ِ ،‬‬
‫وم‬ ‫ية‬ ‫ِ‬
‫باأللوى‬ ‫‪ ،‬من الشهادة لو‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يعملُو لِلو ‪-‬‬
‫َ‬ ‫بذلك‬ ‫العامل‬
‫ُ‬ ‫يكوف‬ ‫أف‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬‫من عمل بطاعتِ‬
‫ؤديِة إليو من طاعتِو ‪ ،‬وال‬ ‫وىو يعلم أف ا﵁ يراه ‪ -‬فيا يُ ّ‬
‫َخيفى عنو ما ُب ِسره من ذلك ‪ .‬وكذلك فيما تَعبده بو‬
‫يعلم أف‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬من االنتهاء عما هناه عنو ‪ ،‬يكوف ُب ذلك ُ‬
‫سره من ا ِإلنتِهاء عن‬ ‫وعز يراه ‪ ،‬ويعلم ما ُب ّ‬ ‫جل ّ‬ ‫ا﵁ ّ‬
‫ص عبادةُ العبد ﵁ على ا‪٢‬بقيقة‬ ‫ُ‬‫ل‬‫خ‬ ‫ت‬‫ذلك وما أراد بو ‪ ،‬لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الشيطاف ‪ .‬ودييل اليو سوءُ‬ ‫كل خلط يَػْن ِزغ بو ّ‬ ‫‪ ،‬سادلٌ من ّ‬
‫ا‪٥‬بَوى ‪.‬‬
‫جل اذا َع ِم َل‬
‫اس فيما بينهم ‪ ،‬أف عبد الر ِ‬ ‫عرؼ النّ ُ‬‫وقد َ‬
‫ضَرِة َسي ِد ِه ‪ ،‬وىو يراه ‪ ،‬أَف العبد‬ ‫مره بو سيّدهُ ِٕبَ ْ‬‫ما أَ َ‬
‫نفسو ُب ذلك العمل ‪ ،‬لُِّبضي سي َده ٕبُسن طاعتِو‬ ‫َجي َه ُد َ‬
‫جتهاد ِ‬
‫العبد ُب‬ ‫‪ ،‬فإ ْف كاف سي ُده سلطاناً كاف أشد ِال ِ‬
‫ُ‬
‫‪51‬‬
‫العبد من ُمعايَ ِنة سيّده لو ‪ ،‬أو‬
‫صيحة سيده ‪ ،‬وإذا خال ُ‬ ‫نُ ِ‬
‫العبد مع من يغفل ‪،‬‬ ‫است ْغفلَو ‪ ،‬قصر‪ ،‬فهذه ِصفة ِ‬
‫َ‬
‫ؤدى طاعتَو إليو‬ ‫ويشغَلُو شأ ٌف عن شأف ‪ .‬فأما ُ ِ‬
‫عبد ا﵁ يُ ّ‬ ‫ّ‬
‫اقبة ربو فيما يُطيعو بو ُب السر‬ ‫‪ ،‬فال يغفل عن مر ِ‬
‫ُ‬
‫العالنيَة ‪ ،‬فإنك أيها العبد ‪ ،‬إ ْف دل تكن تَرى ربك‬ ‫وَ‬
‫أيقنت أنت أنو يراؾ‬ ‫ِ ِ‬
‫بعينك ُب حْب عبادتك إيّاه ‪ ،‬فقد َ‬
‫العمل لو‬ ‫ص‬‫‪ ،‬وال َخيفى عنو ما تُ ِسر وتُعلن ‪ .‬فأَ ْخلِ ِ‬
‫َ‬
‫جل ‪ ( :‬وما تكوف ُب‬ ‫عز و ّ‬ ‫والتَ ِزْـ ُمراقبتَو ‪ ،‬فإنو يقوؿ ّ‬
‫شأف وما تَػْتلو منو من قرآف وال تعملوف من عمل إال ُكنا‬ ‫ٍ‬
‫عليكم شهوداً ‪ ،‬إذ تُفيضوف فيو وما يعزب عن ربّك من‬
‫أصغر من ذلك‬ ‫وال‬ ‫ماء‬ ‫الس‬ ‫ُب‬ ‫وال‬ ‫األرض‬ ‫ُب‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِم ِ‬
‫ثقاؿ‬
‫َ‬
‫جل ‪:‬‬‫ّ‬ ‫و‬ ‫عز‬
‫ّ‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫ّوال أكرب إال ُب كتاب ُمبْب)‬
‫(واعلموا أف ا﵁َ يعلم ما ُب أَنْػ ُف ِسكم فاحذروه واعلَموا‬
‫)‪ - (0‬سورة يونس ‪ ،‬اآلية رقم (ٔ‪. )ٙ‬‬

‫‪50‬‬
‫غفور حليم)(ٔ) وقاؿ ‪ ( :‬ولقد خلقنا اإلنسا َف‬ ‫أف ا﵁ ٌ‬
‫فيهن‬ ‫ر‬ ‫ذ‬ ‫حي‬
‫ُ‬ ‫كثّب‬ ‫ونعلم ما تُػو ْس ِوس بو نفسو)(ٕ)‪ُ .‬ب آ ٍ‬
‫ی‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ك‬‫اذكر رب َ‬
‫جل ‪ ( :‬و ْ‬ ‫عز و ّ‬ ‫العبد من َغفلة نفسو ‪ .‬وقاؿ ّ‬‫َ‬
‫وخيفةً ودوف ا‪١‬بهر من القوؿ بالغُدو‬ ‫ُب نفسك تَضرعاً ِ‬
‫تكن من الغافلْب)(ٖ) وقاؿ تعاذل ‪ ( :‬إف‬ ‫ِ‬
‫َواآلصاؿ وال ْ‬
‫الذين عند ربّك ال يستكربوف عن عبادتو ويسبحونو ولو‬
‫يَسجدوف )(ٗ)‪ ،‬فوصف عباد َة ا‪٤‬بالئكة‪ .‬وقاؿ ُب موضع‬
‫هار ال‬
‫ليل والن َ‬‫آخر يصف عبادة ا‪٤‬بالئكة ‪( :‬يُسبحوف الّ َ‬
‫أمرُكم أف تَػتقوا ا﵁َ ‪،‬‬ ‫ا‬ ‫إّن‬ ‫يفَبوف )(٘) ‪ .‬وأنتم ِعباد ِ‬
‫ا﵁‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫)‪ - (0‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية رقم (ٖٕ٘) ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة ؽ ‪ ،‬اآلية رقم (‪. )ٔٙ‬‬

‫)‪ - (3‬سورة االعراؼ ‪ ،‬اآلية رقم (ٕ٘ٓ)‪.‬‬

‫)‪ - (4‬سورة االعراؼ ‪ ،‬اآلية رقم (‪.)ٕٓٙ‬‬

‫)‪ - (5‬سورة االنبياء ‪ ،‬اآلية رقم(ٕٓ) ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫أيقنت‬ ‫ِ‬
‫أنت قد َ‬ ‫فَػيَا ا‪٤‬بُوق ُن هبذا تعبُ ُد ربك كأنك تراه ‪ ،‬و َ‬
‫وعز‪:‬‬
‫جل ّ‬
‫بَػ ْع ُد أنو يَر َاؾ ‪ .‬قاؿ ا﵁ ّ‬
‫وج ْهَركم‬ ‫كم‬
‫ر‬ ‫األرض يعلم ِ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫وُب‬ ‫ات‬‫( وىو ا﵁ ُب السمو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫و يعلَم ما تكسبوف)(ٔ) وقاؿ تعاذل ‪ ( :‬وىو معكم أينما‬
‫إين‬
‫ّ‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاذل‬ ‫وقاؿ‬ ‫(ٕ)‬
‫كنتم وا﵁ُ ٗبا تعملوف بصّب )‬
‫برسلي‬ ‫َ‬ ‫معكم لَئِ‬
‫وآتيتم الزكا َة وآمنتم ُ‬
‫ُ‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫الص‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫مت‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫ْ‬
‫وعَزْرُ‪ٛ‬بوىم وأَقْرضتُ ُم ا﵁ قرضاً حسناً ألَ َكفرف عنكم‬ ‫َ‬
‫(ٖ)‬
‫األهنار )‬ ‫ها‬ ‫‪ٙ‬بت‬ ‫من‬ ‫٘بري‬ ‫سيئاتِكم وألُ ْد ِخلَن ُكم جن ٍ‬
‫ات‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يعمل ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل ل َم ْن َعمل بطاعتو ‪ ،‬أف َ‬ ‫عز و ّ‬ ‫فبْب ّ‬
‫َ‬
‫يع‬ ‫ِ‬
‫جل ‪ ( :‬إنّا ال نُض ُ‬ ‫عز و ّ‬ ‫عمالً حسناً ‪ .‬وكذلك قولو ّ‬

‫)‪ - (0‬سورة االنعاـ ‪ ،‬اآلية رقم(ٖ)‪..‬‬

‫)‪ - (2‬سورة ا‪٢‬بديد ‪ ،‬اآلية رقم (ٗ) ‪..‬‬

‫)‪ - (3‬سورة ا‪٤‬بائدة ‪ ،‬اآلية رقم (ٕٔ)‪..‬‬

‫‪53‬‬
‫أجر‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫ضيع‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ا﵁‬ ‫إف‬ ‫(‬ ‫و‬ ‫(ٔ)‬
‫أحسن عمال)‬
‫َ‬ ‫أجر َم ْن‬
‫َ‬
‫ا‪٤‬بحسنْب )(ٕ) ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وما كاف ٗبثْ ِل ىذا كلو ‪ ،‬فمعُب ذلك إحسانػُ ُهم ما‬ ‫ِِ‬
‫اإلحساف ىو الذي‬ ‫ِ‬ ‫جل ‪ .‬وتفسّب ىذا‬ ‫ِ‬
‫عز و ّ‬ ‫عملوه ﵁ ّ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‬ ‫جرى بْب ِجربيل و ِ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪( : -‬أف تَػ ْعبُ َد‬ ‫‪ -‬من قوؿ الن ّ‬
‫أخرب‬
‫كن تراه فإنو يَراؾ ‪ٍ .‬ب َ‬ ‫ا﵁َ كأنّك تراه فإ ْف دل تَ ْ‬
‫أصحابَو ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬ع ِن السائل ‪ ،‬أنو‬
‫جربيل يػعلم النّاس دينهم ‪ .‬فبْب أف مراقبةَ الع ِ‬
‫بيد َربػ ُه ْم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َُ ُ َ َ‬
‫ُب ِعبَ َاد ِهتم إياه ‪ ،‬أف ذلك من دينِهم لِيُحافِظوا عليو ‪.‬‬

‫)‪ - (0‬سورة الكهف ‪ ،‬اآلية رقم(ٖٓ)‪..‬‬

‫)‪ - (2‬سورة ىود ‪ ،‬اآلية رقم(٘ٔٔ) ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫عنك فيما‬ ‫ِ‬
‫اإلشكاؿ َ‬
‫ُ‬ ‫تفع‬
‫ت لك ‪ ،‬ل َّب َ‬‫فَافْػ َهم ؛ فقد طَولْ ُ‬
‫رت لك ‪ ،‬وا﵁ ورل التوفيق ‪.‬‬ ‫فس ُ‬‫ّ‬
‫فاعلَ ْم أف وص َفها‬ ‫اال ْستقامة ما ىي ؟ ْ‬ ‫وأما سؤالُك عن ِ‬
‫ُ‬
‫جل‬
‫عز و ّ‬ ‫قد مر فيما تَقدـ من ىذا الباب ‪ .‬وقاؿ ا﵁ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وم ْن تاب‬ ‫ت َ‬ ‫فاستَقم كما أُمْر َ‬ ‫لنَبِيو عليو السالـ ‪ْ ( :‬‬
‫فاالستِقام ُة‬
‫معك وال تَطْغَوا إِنو ٗبا تَعملوف بصّب )(ٔ) ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫جل‬
‫قوؿ ا﵁ ّ‬ ‫القياـ ٗبا أََمَر ا﵁ُ بو ‪ .‬وُب الذي قدمنا ُ‬ ‫ىي ُ‬
‫ا‪٢‬بق کمن ىو‬ ‫وعز ‪(:‬أَفَ َمن يعلم أّنا أُنْ ِزَؿ إليك من ربّك ّ‬ ‫ّ‬
‫ف أُوذل‬ ‫صِ‬ ‫َْ‬ ‫و‬ ‫وُب‬ ‫‪،‬‬ ‫(ٕ)‬
‫أَ ْعمى إّّنا يتذكر أُولو األَلباب )‬
‫وصل ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫بو‬ ‫ا﵁‬ ‫أمر‬ ‫ما‬ ‫وف‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫األلباب ‪ ،‬والذين ي ِ‬
‫ص‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ستقيم كما‬ ‫ا‪٤‬ب‬ ‫فهو‬ ‫هبا‬ ‫َب‬‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬ ‫ها‬ ‫كل‬ ‫األوصاؼ‬
‫ُ‬ ‫لك‬
‫َ‬ ‫فتِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫)‪ - (0‬سورة ىود ‪ ،‬اآلية رقم(ٕٔٔ)‪.‬‬

‫)‪- (2‬سورة الرعد ‪ ،‬اآلية رقم(‪.)ٜٔ‬‬

‫‪55‬‬
‫جل‬ ‫يدؾ بياناً ‪٤‬با وصفت لك قوؿ ِ‬
‫ا﵁‬ ‫ز‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫أُمر‪ .‬وإف ِ‬
‫‪٩‬ب‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يما َش َجَر‬ ‫وعز ‪( :‬فَ َال وربك َال يػؤِمنو َف حٌب ُحيكم َ ِ‬
‫وؾ ف َ‬ ‫ََ َ ُْ ُ َ ٰ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ت َويُ َسل ُمواْ‬ ‫بَػْيػنَػ ُه ْم ٍُب َال َِجي ُدواْ ُِب أَن ُفس ِه ْم َحَر ًجا ‪٩‬با قَ َ‬
‫ضْي َ‬
‫يما)(ٔ) ‪ٍ .‬ب قاؿ ‪َ ( :‬ولَ ْو أَنا َكتَْبػنَا َعلَْي ِه ْم أ َِف اقْػتُػلُواْ‬ ‫تَسلِ‬
‫ْ ً‬
‫يل مْنػ ُه ْم‬ ‫أَن ُفس ُكم أَ ِو اخرجواْ ِمن ِديا ِرُكم ما فَػعلُوه إِال قَلِ‬
‫ٌ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫َشد‬ ‫وعظُو َف بِِو لَ َكا َف َخْيػًرا ‪٥‬بُ ْم َوأ َ‬ ‫َولَ ْو أَنػ ُه ْم فَػ َعلُواْ َما يُ َ‬
‫يما ‪،‬‬ ‫تَػثْبِيتًا﴿‪ ،﴾ٙٙ‬وإِذاً آلتَػيػنَاىم من ل ُدنا أَجراً ع ِ‬
‫ظ‬
‫ْ َ ً‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫يما﴿‪ٍ .)ٕ()﴾ٙٚ‬ب قاؿ ‪َ ( :‬وَم ْن‬ ‫وَ‪٥‬بديػناىم ِصراطًا مست ِ‬
‫ق‬
‫َْ ً‬ ‫َ ََ ْ َ ُ ْ َ‬
‫ين أَنْػ َع َم اللوُ َعلَْي ِه ْم ِم َن‬ ‫وؿ فَأُولَئِك مع ال ِ‬
‫ذ‬ ‫يُ ِط ِع اللوَ َوالر ُس َ‬
‫َ ََ َ‬
‫النبِيْب والصد ِيقْب والشهد ِاء والص ِ‬
‫ك‬‫ْب َو َح ُس َن أُولَئِ َ‬ ‫َ‬
‫ا‪٢‬بِ‬
‫َ َ ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫(ٖ)‬
‫با﵁ عليما﴿ٓ‪)﴾ٚ‬‬ ‫رفِي ًقا﴿‪ -﴾ٜٙ‬إذل قولو ‪ -‬وكفى ِ‬
‫َ‬
‫)‪ - (0‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية رقم(٘‪.)ٙ‬‬

‫)‪ - (2‬سورة النسػػاء ‪.‬‬

‫)‪ - (3‬سورة النسػػاء ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ِ‬
‫الكتاب ا‪٤‬بؤمنْب أف‬ ‫جل ُب فا‪ٙ‬بة‬ ‫عز و ّ‬ ‫وقد أمر ا﵁ ّ‬
‫ستقيم﴿‪ِ ، ﴾ٙ‬صرا َط الذين‬ ‫ا‪٤‬ب‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫الص‬ ‫نا‬ ‫يقولوا ‪( :‬اِ ِ‬
‫ىد‬
‫ُ َ‬
‫ت عليهم غّب ا‪٤‬بغضوب عليهم وال‬ ‫أَ َنع ْم َ‬
‫جل ‪٥‬بم ُب سورة النساء ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫عز‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫وفس‬ ‫(ٔ)‬
‫الضالْب﴿‪)﴾ٚ‬‬
‫من الّذين أنعم ا﵁ُ عليهم ‪ ،‬وذلك ٗبا َىداىم لو من‬
‫وطاعة رسولِو ‪ ،‬وقبو‪٥‬بم ‪٤‬با جاء عنهما ‪ ،‬ف َفعلوا‬ ‫ِ‬ ‫طاعتو‬
‫ا﵁ وكفى ِ‬
‫با﵁ عليما‪.‬‬ ‫ما يوعظوف بو ‪ ،‬ذلك الفضل من ِ‬
‫ُ‬
‫واالستقامة ُب ال ّدين ىي ُمداومة ا‪٤‬بقاـ فيو ‪ ،‬على‬
‫ب عنو َدييناُ وال مشاال ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫استوائو واعتدالو ‪ ،‬ال يػُنَك ُ‬
‫يلتزـ منو ما ال يُطيقو ‪.‬‬
‫أحب ِ‬
‫العمل إذل‬ ‫قالت عائشةُ رضي ا﵁ُ عنها ‪ :‬كاف َ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬الذي يَدوـ عليو‬

‫)‪ - (0‬سورة الفا‪ٙ‬بػ ػػة ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫صاحبُو(ٔ) ‪ .‬وقالت أيضاً ‪ُ :‬سئِ َل النيب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو‬
‫أحب إذل ا﵁ ؟ قاؿ‪(:‬أَ ْد َوُموُ وإ ْف‬
‫وسلّم ‪ -‬أي األعماؿ ّ‬
‫قل)‪ .‬وقاؿ ‪( :‬اكلَ ُفوا من األَعماؿ ما تُطيقوف)(ٕ) ‪.‬‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪: -‬‬ ‫وقاؿ أبو ُىَريْػَرَة عن الن ّ‬
‫ين أح ٌد إال َغلَبَوُ ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لن يُشاد الد َ‬ ‫سر ‪ ،‬و ْ‬ ‫ين يُ ٌ‬ ‫(إف الد َ‬
‫وح ِة وشيء‬ ‫ِ‬
‫فسددوا وقاربوا وأَبْشروا واستَعينوا بالغُ ْد َوة والر َ‬
‫ت لك من َوصف‬ ‫من الد‪١‬بة) ‪ .‬فافْػ َه ْم ؛ فقد بَػيػْن ُ‬
‫(ٖ)‬

‫قامة ما ال يَ َدعُ إ ْف شاءَ ا﵁ُ عليك إشكاالً ‪.‬‬ ‫االستِ ِ‬


‫ِ‬
‫اس َرضي ا﵁ُ عنو‬ ‫ابن عبّ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فاستَع ْن با﵁ واقْػتَص ْد ‪ ،‬فإف َ‬ ‫ْ‬
‫قاؿ ‪ :‬ال َقص ُد والتػؤدة وحسن السمت‪ ،‬جزء من ٍ‬
‫‪ٟ‬بسة‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬
‫ين ُجزءاً من النبوة ‪ ،‬وىذه ا‪٣‬بِ ُ‬
‫صاؿ الثالث َ٘بتَ ِمع‬ ‫وعشر َ‬
‫)‪ - (0‬صحيح البخاري و مسل ػػم ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬اخرجو البخاري و مسلم و الَبمذي و النسائي ‪.‬‬

‫)‪ - (3‬ا‪٤‬بصدر صحيح النسائي ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ا﵁ صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪،‬‬ ‫رسوؿ ِ‬‫لِم ِن ائْػتَمر ألمر ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫وانتهى لِنَهيِ ِو ‪ ،‬وتَأَسى بو صلّى ا﵁ عليو وسلّم ُب‬
‫ى ْديِِو‪ .‬قاؿ ا﵁ جل وعز ‪( :‬ال َ٘بعلُوا دعاء الر ِ‬
‫سوؿ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫کدعاء بعضکم بعضاً ‪ ،‬قد يعلَ ُم ا﵁ُ الذين‬ ‫بَين ُکم ُ‬
‫يَتسللوف منكم لََواذاً فْليَ ْح َذ ِر الذين ُخيالفوف عن أَْمره أف‬
‫أليم ) وقاؿ تعاذل ‪(:‬وما‬ ‫عذاب ٌ‬‫ٌ‬ ‫تُصيبَهم فِتنةٌ أو يُصيبَهم‬
‫سوؿ فَخ ُذوه وما َهناكم عنو فانْػتَهوا واتقوا ا﵁َ‬ ‫آتاكم الر ُ‬
‫شديد العقاب ) وقاؿ‪(:‬لقد كاف لكم ُب ِ‬
‫رسوؿ‬ ‫إف ا﵁ ُ‬
‫اليوـ اآلخر وذَ َكَر‬ ‫و‬ ‫ا﵁‬ ‫يرجو‬ ‫كاف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا﵁ أسوةٌ حسنةٌ لِ‬‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ا﵁َ كثّباً ) وقاؿ‪(:‬قُ ْل إ ْف ُکنتم ُ‪ٙ‬ببوف ا﵁َ فاتبِعوين ُحيبِْبكم‬
‫ويغفْر لكم ذنوبكم وا﵁ُ غفور رحيم) ‪.‬‬ ‫ا﵁ ِ‬

‫معشر ال ُقرى إِ ْف تَستقيموا‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬


‫اليماف‬ ‫بن‬
‫َ‬ ‫قاؿ حذيفةُ ُ‬
‫‪ ،‬فقد سبقتُم سبقاً بعيداً ‪ ،‬وإف أخذًب ديينا ومشاالً ‪ ،‬لقد‬
‫ضلَْلتُم ضالالً بعيدا ‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫ا﵁ عليو ‪-‬‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬يريد حذيفةُ ‪ -‬ر‪ٞ‬بةُ ِ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪-‬‬ ‫بقولو ىذا َم ْن دل يُدرؾ الن ّ‬
‫يب عليو‬ ‫ِ‬
‫رىم أ ْف يستقيموا ُب ُمتابعة أصحاب الن ّ‬ ‫يأم ُ‬
‫ُ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪-‬‬ ‫أصحاب الن ّ‬
‫َ‬ ‫السالـ ‪ ،‬ألف‬ ‫ّ‬
‫السبيل الٌب دعا إليها الرسوؿ ‪-‬‬ ‫‪،‬ىم ا‪٤‬بػُتبعوف على ّ‬
‫جل لنَبيّو عليو‬ ‫عز و ّ‬ ‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ ،-‬قاؿ ا﵁ ّ‬
‫السالـ ‪ (:‬قُل ٰى ِذ ِه سبِيلِي أ َْدعو إِ َذل الل ِو علَى ب ِ‬
‫ص َّبٍة أَنَا‬ ‫َ ٰ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ّ‬
‫َوَم ِن اتػبَػ َع ِِب)(ٔ)‪ .‬وقاؿ جل من قائل ‪َ ...( :‬ويَػتبِ ْع َغْيػَر‬
‫ت‬ ‫سبِ ِيل الْم ْؤِمنِْب نػُول ِو ما تَػو ٰذل ونُ ِ ِ‬
‫صلو َج َهن َم َو َساءَ ْ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫جل‬ ‫و‬ ‫عز‬ ‫ا﵁‬ ‫قاؿ‬ ‫الذين‬ ‫ىم‬ ‫حابة‬ ‫الص‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٕ)‬
‫ص ًّبا)‬‫مِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ا﵁ والذين َم َعوُ أَ ِشداءُ على ال ُكفار‬ ‫رسوؿ ِ‬
‫فيهم ‪٧ُ (:‬بَم ٌد ُ‬

‫)‪ - (0‬سورة يوسف ‪ ،‬رقم اآلية (‪. )ٔٓٛ‬‬

‫)‪ - (2‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية رقم (٘ٔٔ) ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫السورة )(ٔ) ‪ .‬وقد قاؿ ابن‬ ‫ُر‪ٞ‬باء بينهم ‪ -‬إذل آخر ّ‬
‫أحسن‬ ‫ِ‬
‫كتاب ا﵁‪ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫أحسن ا‪٢‬بديث‬ ‫َ‬ ‫مسعود ‪ :‬أری‬
‫دثاهتا‪ ،‬وإف ما‬ ‫ا‪٥‬ب ْد ِي ى ْدي ‪٧‬بمد‪ ،‬وشر األمور ُ‪٧‬ب ِ‬
‫َ ّ‬
‫آلت‪ ،‬وما أنتم ٗبُعجزين ‪.‬‬ ‫تُوعدوف ٍ‬
‫َ‬
‫صفةُ الصالح‬ ‫وأما قولك ‪ :‬كيف ِص َفةُ الصالح ‪ ،‬فَ ِ‬
‫ّ‬
‫ىي ما تق ّدـ وص ُفو ُب ىذا الباب من أَولو إذل آخ ِرِه‪،‬‬
‫استكم َل ِصفةَ‬ ‫فقد‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫حسن‬ ‫وفاء‬ ‫و‬‫من وَب ٔبميعِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َُ َ‬
‫عجز عن شيء منو ‪ ،‬فَبِمقدا ِر ذلك‬ ‫ومن َ‬ ‫الصا‪٢‬بْب ‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫يط ِمنو فيو يكوف‬ ‫الذي عجز عنو ‪ .‬إذا كاف عن تفر ٍ‬
‫ََ‬
‫عز و‬ ‫استكمل ذلك ُکلو ‪ .‬قاؿ ا﵁ ّ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ف‬‫صِ‬ ‫نزولُو عن َو ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صالِ ًحا من ذَ َك ٍر أ َْو أُنثَ ٰى َو ُى َو ُم ْؤِم ٌن‬ ‫ِ‬
‫جل ‪َ (:‬م ْن َعم َل َ‬ ‫ّ‬
‫َح َس ِن َما‬ ‫َج َرُىم بِأ ْ‬ ‫َّه ْم أ ْ‬ ‫فَـلَنُ ْحيِيَـنَّوُ َحيَا ًة طَيبَةً َولَنَ ْج ِزيَـنـ ُ‬

‫)‪ - (0‬سورة الفتح ‪ ،‬اآلية رقم (‪.)ٕٜ‬‬

‫‪60‬‬
‫ت لك ما عندي ُب‬ ‫َ ُ‬‫ن‬
‫ْ‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ػ‬‫ب‬ ‫فقد‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫َكانُوا يَـ ْع َملُو َن )‬
‫الرسوؿ صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪:‬‬ ‫تفسّب اإلحساف ‪ ،‬وقوؿ ّ‬
‫﵁ ُب‬ ‫العبد ِ‬
‫أ ْف تَعبُ َد ا﵁َ كأنك تراه ‪ ،‬وأَف ىذا يَػْلتَ ِزُمو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سهل على َم ْن يَسَرهُ ا﵁ لو‬ ‫ومثواه ‪ ،‬وىو ٌ‬ ‫أحواؿ ُمتَقلبِو َ‬
‫ذكره ‪.‬‬‫‪ ،‬و بركتُو عظيمةٌ ألنّو ُجيَد ُد للمؤمن إديانَو كلّما َ‬
‫ذاكر مشاىد َة‬ ‫ِ‬
‫وذلك أنو إذا أخذ ُب طاعة ربّو ‪ ،‬وىو ٌ‬
‫اعتصامو بِربو ‪ ،‬فإ ْف ىم بو‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫الشأف‪ ،‬قو ّ‬
‫ربو لو ُب ذلك ّ‬
‫فاستغاث ربوُ ‪ ،‬وأستعا َذ‬ ‫س عليو شيئاً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الشيطا ُف أف يَػْلب َ‬ ‫ّ‬
‫بو منو ‪َ ،‬كفاهُ عدوه ‪ ،‬وأعانَو عليو ‪ ،‬فلم جي ْد إليو سبيال‬
‫الو ْسواس‬
‫كما جيده إذل َم ْن كاف ُب شأنو غافالً ُب َغمرة َ‬
‫جل ‪.‬‬ ‫و‬ ‫عز‬ ‫ا﵁‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‪٤‬بعصوـ‬ ‫ا‬ ‫وإّن‬ ‫؛‬ ‫والشهو ِ‬
‫ات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ائض ‪،‬‬‫بادة على أداء الفر ِ‬ ‫العبد ا‪٢‬بسن العِ ِ‬ ‫اقتصر ُ‬ ‫وإف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ا﵀ارـ ‪ ،‬ودل يزد ‪ ،‬فهو أيضاً من الصا‪٢‬بْب ‪،‬‬ ‫اجتناب ِ‬ ‫و ِ‬
‫)‪ - (0‬سورة النحل ‪ ،‬رقم اآلية (‪. )ٜٚ‬‬

‫‪62‬‬
‫ات ِمن ذَ َك ٍر‬‫ا‪٢‬ب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل‪َ (:‬وَمن يَػ ْع َم ْل م َن الص َ‬ ‫عز و ّ‬ ‫قاؿ ا﵁ ّ‬
‫ا‪١‬بَن َة َوَال يُظْلَ ُمو َف‬ ‫أ َْو أُنثَ ٰى َوُى َو ُم ْؤِم ٌن فَأُوٰلَئِ َ‬
‫ك يَ ْد ُخلُو َف ْ‬
‫الصا‪٢‬بْب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العبد من ا‪٣‬بَطايا فهو من ّ‬ ‫نَق ًّبا ) ‪ .‬فما سلم ُ‬
‫(ٔ)‬

‫طاعة ربو زاده خّبا‪.‬‬ ‫‪ ،‬وما زاد بعد ذلك من ِ‬


‫وأتى ُب الصحيح من حديث أيب ُىريرَة قاؿ رسوؿ ا﵁‬
‫عادى‬
‫‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪( : -‬إف ا﵁ قاؿ ‪َ :‬م ْن َ‬
‫ب إذل عبدي بشيء‬ ‫ِ‬
‫تقر َ‬
‫رل وليّاً فقد آذنتو با‪٢‬برب ‪ ،‬وما ّ‬
‫ب‬
‫أحب إذل ‪٩‬بّا افَبضت عليو ‪ ،‬وما يَزاؿ عبدي يتقر ُ‬
‫‪٠‬بعو الذي يَسمع بو‪،‬‬‫فكنت َ‬
‫ُ‬ ‫حٌب أحبَْبتُوُ ‪،‬‬ ‫إذل بالنو ِ‬
‫افل ّ‬
‫ش هبا ‪ ،‬ورجلَو‬ ‫ِ‬
‫ويده الٍب يَبط ُ‬
‫وبصره الذي يُبصر بو ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الٍب َديشي هبا ‪ ،‬ولئن سألِب ألُ ِ‬
‫عطينوُ ‪ ،‬ولئن استعا َذ يب‬
‫ألُ ِعيذنوُ)(ٕ) ‪.‬‬
‫)‪ - (0‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية رقم (ٕٗٔ) ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬رواه االماـ البخاري ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫حديث حسن الْت ِ‬
‫بياف ‪ ،‬بال ٌغ‬ ‫ٌ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬وىذا‬
‫اقتصَر على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُب ا‪٤‬بوعظة والبشرى ‪ ،‬لمن أخذ ٗبا فيو ‪َ ،‬‬
‫افل ‪ ،‬ألف‬ ‫ِ‬
‫استكما‪٥‬با ِم َن النو ِ‬ ‫أداء الفرائض‪،‬أو ز َاد بعد‬ ‫ِ‬
‫ائض ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫استكماؿ الفر ِ‬ ‫افل إّّنا تكوف من بَػ ْع ِد‬ ‫النو َ‬
‫أمر ا﵁ُ هبا ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ائض جاريةٌ ُب أعماؿ الرب الٍّب َ‬ ‫والفر ُ‬
‫افل كذلك ىي جاريةٌ ُب سائ ِر الطاعات الٍب ندب‬ ‫والنو ُ‬
‫ِ‬
‫ا‪٢‬بديث ‪:‬‬ ‫ا﵁ إليها ‪ ،‬ورغب فيها رسولَو ‪ .‬وقولُو ُب ىذا‬
‫‪٠‬بعو إذل آخر ىذا الوصف ‪ ،‬معناه ‪ :‬کنت‬ ‫فكنت َ‬ ‫ُ‬
‫يسمع مأَْ‪ٜ‬باً ‪،‬‬
‫يسمع بو أف َ‬ ‫‪٠‬بعو الذي ُ‬ ‫حافظاً لو ‪ ،‬أَ‪ٞ‬بي َ‬
‫بطش هبا ‪،‬‬ ‫ويده الٍب ي ِ‬‫بصره الذي يُبصر بو‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫وكذلك َ‬
‫ورجلَو الٍب ديشي هبا‪ ،‬فال يستعمل أشياء من ىذه‬
‫ا‪١‬بوارِح ُب مأْ ٍَب ‪ ،‬وال يصل إليو مكروه‪ ،‬مع ا‪٢‬بفظ الذي‬
‫استَأْ َىلَو بَػتَقربِِو ذلك ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ا‪٤‬بؤمن‬
‫ُ‬ ‫اقتصر عليو‬ ‫َ‬ ‫ف ما إذا‬ ‫ص َ‬‫شرحت لك َو ْ‬
‫ُ‬ ‫فقد‬
‫كاف بو من الصا‪٢‬بْب ‪ ،‬وما إذا ز َاد منو زاده ِرفْػ َعةً وقُرباً ‪،‬‬
‫وعز ‪ ( :‬وما أُِمروا إال‬ ‫جل ّ‬ ‫كماؿ ذلك كلو ُب قوؿ ا﵁ ّ‬ ‫و ُ‬
‫ين ُحنَفاءَ ‪ ،‬ويُقيموا الصالة‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لو‬ ‫‪٨‬بلصْب‬ ‫ا﵁‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫د‬ ‫عب‬‫ي‬‫لِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫ِ (ٔ)‬
‫جل ‪( :‬‬‫ّ‬ ‫و‬ ‫عز‬
‫ّ‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪،‬‬ ‫دين ال َقي َمة)‬
‫ويُؤتوا الزكا َة وذلك ُ‬
‫حسنَة نَِزْد لو فيها ُحسنا ‪ ،‬إف ا﵁َ ٌ‬
‫غفور‬ ‫ومن يَ َِ‬
‫ؼ َ‬ ‫قَب ْ‬
‫عهد صاحبُها فيو على‬ ‫ما‬ ‫ِ‬
‫األعماؿ‬ ‫أحسن‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٕ)‬
‫شكور)‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫السالـ‬
‫ؤديَوُ ‪ ،‬وىو كأنو يراه‪ ،‬كما بيػنَوُ الرسوؿ عليو ّ‬ ‫أف يُ ّ‬
‫يل ‪ -‬عليو‬ ‫رب‬ ‫ج‬‫‪ ،‬وجرى فيما بْب عليو السالـ‪ ،‬أف ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الساعة‬
‫السالـ ‪ -‬جاء يُعلم النّاس دينَهم ‪ ،‬قولو ‪( :‬مٌب ّ‬
‫بأعلم ِمن‬
‫َ‬ ‫؟ وقوؿ الرسوؿ عليو السالـ ما ا‪٤‬بسئوؿ‬
‫هن ّإال ا﵁) ‪ٍ ،‬ب‬ ‫ائل ‪ ،‬إذل قولو ‪ُ :‬ب ٍ‬
‫‪ٟ‬بس ال يَػ ْعلَ ُم ّ‬ ‫الس ِ‬
‫ّ‬
‫)‪ - (0‬سورة البينة ‪ ،‬رقم اآلية (٘) ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة الشورى ‪ ،‬رقم اآلية (ٖٕ) ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الساعة ‪ ...‬اآلية)‬ ‫علم ّ‬ ‫تال عليو السالـ ‪( :‬إف ا﵁ عنده ُ‬
‫‪ُ ...‬خيِربُىم رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬أف‬
‫ا‪٣‬بمس ال يعلم أح ٌد ما فِيهن إال ا﵁ ‪ ،‬كما قاؿ‬ ‫َ‬ ‫ىذه‬
‫ات و ِ‬
‫األرض‬ ‫عز وجل ‪( :‬قل ال يعلم من ُب السمو ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫الغيب ال‬‫وعندهُ َمفاتِح ِ‬ ‫َ‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪،‬‬ ‫(ٔ)‬
‫الغيب ّإال ا﵁ُ )‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(ٕ)‬
‫يَعلمها ّإال ىو)‬
‫أظهره ا﵁ُ إليهم بعد ظهوِره‬ ‫يعلم ا‪٣‬بَْل ُق منها ما َ‬ ‫وإّنا ُ‬
‫علمت ما ليس‬ ‫َ‬ ‫عند الُمشاىدة ‪٢‬بلوؿ ذلك ‪ ،‬أي فقد‬
‫لكم أف تَػتَكلّفوا السؤ َاؿ عنو ‪ .‬و للس ِ‬
‫اعة أشرا ٌط قَػْبػلَها‬
‫وجل‬ ‫عز‬ ‫ا﵁‬ ‫فإف‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫اح‬‫و‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫فاستد‬ ‫تدؿ على قُػْرِهبا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫السموات‬ ‫ت ُب ّ‬ ‫يقوؿ ‪(:‬ال جيليها لوقتها ّإال ىو ‪ ،‬ثَػ ُقلَ ْ‬

‫)‪ - (0‬سورة النمل ‪ ،‬اآلية رقم (٘‪. )ٙ‬‬

‫)‪- (2‬سورة االنعاـ ‪ ،‬رقم اآلية (‪. )ٜ٘‬‬

‫‪66‬‬
‫واألرض ال تأتيكم ّإال بغتةً )(ٔ)‪ ،‬وُب آية أخرى ‪( :‬يَػ ْوَـ‬
‫ك َال يَن َف ُع نَػ ْف ًسا إِديَانػُ َها َدلْ تَ ُك ْن‬ ‫ِ‬
‫ض آيَات َرب َ‬ ‫يَأٌِْب بَػ ْع ُ‬
‫ت ُِب إِديَ ِاهنَا َخْيػًرا)(ٕ) ‪ ،‬وجاء ُب‬ ‫آمنَ ِ‬
‫ت من قَػْب ُل أ َْو َك َسبَ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫الصحيح قاؿ رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪: -‬‬
‫مس ِمن َمغ ِرهبا ‪ ،‬فإذا‬ ‫الساعة حٌب تطلع الش ُ‬ ‫(ال تقوـ ّ‬
‫ْب ال‬ ‫ِ‬
‫طلعت و رآىا النّاس آمنوا أ‪ٝ‬بعوف ‪ ،‬وذلك ح َ‬ ‫ْ‬
‫نفع نفساً إديا ُهنا (ٖ) ‪ٍ ،‬بّ قرأ اآلية ‪.‬‬ ‫يَ ُ‬

‫)‪ - (0‬سورة االعراؼ ‪ ،‬اآلية رقم (‪. )ٔٛٚ‬‬

‫)‪ - (2‬سورة االنعاـ ‪ ،‬اآلية رقم (‪. )ٔ٘ٛ‬‬

‫)‪ - (3‬صحيح ايب داوود ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫فضائل القرآن ‪,‬‬‫ِ‬ ‫عما جاء في‬ ‫و‬‫ذکر سؤالِ‬
‫ّ‬
‫صحب بو القرآ ُف ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وما‬ ‫مو‬‫ّ‬‫ل‬ ‫وع‬ ‫مو‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ع‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫وما لِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫نسيَو ‪ ،‬وما لِ َمن‬
‫حاملو ‪ ،‬ومن ضيعو حٌب ِ‬
‫ّ‬ ‫َْ َ‬
‫وعن آداب ِ‬
‫علّمو و َلده ‪ ،‬وىل ذلك ُب الصغّب واجب على ِ‬
‫أبيو أو‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫على غ ِّبه ‪َ ،‬‬
‫ومن يعلّم اإلناث ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشيء من‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ّ :‬أما ُسؤالك أف نبدأ لك‬
‫فضل القرآف ‪ ،‬معرفتُك أف‬ ‫فضائل القرآف فيكفيك من ِ‬
‫ا﵁ غّب ٍ‬
‫‪٨‬بلوؽ ‪ٍ ،‬ب‬ ‫ا﵁ عز وجل‪ ،‬وكالـ ِ‬ ‫القرآف كالـ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ثناء ا﵁ على ىذا القرآف ُب غّب موضع منو ‪ .‬قاؿ ا﵁‬
‫عز وجل ‪ ( :‬ا﵁ نَػزَؿ أحسن ا‪٢‬بديث كِتاباً م ِ‬
‫تشاهباً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫لْب‬
‫جلود الذين َخيْ َش ْو َف َرهبم ٍب تَ ُ‬
‫ُ‬ ‫َمثاينَ تَػ ْقشعر منو‬
‫وقلوهبم إذل ذك ِر ا﵁ ‪ ،‬ذلك ُى َدى ا﵁ يَهدي‬
‫جلودىم ُ‬ ‫ُ‬
‫‪68‬‬
69
‫ىاد)(ٔ) وقولو‬ ‫ضلِ ِل ا﵁ فمالو من ٍ‬ ‫بو َمن يشاء ومن يَ ْ‬
‫ُ‬
‫آيات الكتاب ا‪٤‬ببْب﴿ٔ﴾ إنّا أَنزلناه‬ ‫تعاذل‪ (:‬الر‪ .‬تلك ُ‬
‫أحسن‬
‫َ‬ ‫قرآناً عربياً لعلكم تعقلوف﴿ٕ﴾ ‪٫‬بن نَػ ُقص عليك‬
‫أوحْينا إليك ىذا القرآف وإف كنت من قَػْبلِ ِو‬ ‫القصص ٗبا َ‬
‫ب‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ال‬ ‫الكتاب‬ ‫ذلك‬ ‫﴾‬ ‫ٔ‬ ‫﴿‬ ‫دل‬‫أ‬ ‫(‬ ‫(ٕ)‬
‫)‬ ‫﴾‬ ‫ٖ‬ ‫﴿‬‫ْب‬‫لَ ِمن الغافِلِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اب أُنْ ِزَؿ‬ ‫ِ‬
‫للمتقْب﴿ٕ﴾ ) (ا‪٤‬بص ﴿ٔ﴾ كتَ ٌ‬ ‫فيو ُى ْدى ُ‬
‫(ٖ)‬

‫ص ْد ِرَؾ َحَر ٌج ِمْنوُ لِتُػْن ِذ َر بِِو َوِذ ْكَرى‬ ‫ك فَ َال يَ ُك ْن ُِب َ‬‫إِلَْي َ‬
‫كل ما جرى ُب أوائل السور من‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ْب ﴿ٕ﴾ )‬ ‫ِ ِِ‬
‫لْل ُم ْؤمن َ‬
‫(ٗ)‬
‫ّ‬
‫يف للمؤمنْب‬ ‫تعظيم للقرآف ‪ ،‬وتعر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ىذا ‪ ،‬من ىذا ‪ ،‬فهو‬
‫)‪- (0‬سورة الزمر ‪ ،‬اآلية رقم (ٖٕ) ‪.‬‬

‫)‪- (2‬سورة يوسف ‪.‬‬

‫)‪ - (3‬اخرجسورة البقرة ‪.‬‬

‫)‪ - (4‬سورة االعراؼ ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫ِ‬
‫اس قَ ْد‬ ‫وجل ‪( :‬يَا أَيػ َها الن ُ‬ ‫عز ّ‬ ‫بَِفضلو ‪ ،‬وكذلك قولُو ّ‬
‫َنزلْنَا إِلَْي ُك ْم نُ ًورا مبِينًا)(ٔ) وقولو‬
‫َجاءَ ُكم بػُْرَىا ٌف من رب ُك ْم َوأ َ‬
‫تعاذل‪ (:‬قَ ْد جاء ُكم من الل ِو نُ ِ‬
‫ْب ﴿٘ٔ﴾‬ ‫اب مبِ ٌ‬
‫ور َوكتَ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ََ َ‬
‫ِ‬
‫ض َوانَوُ ُسبُ َل الس َالِـ َوُخيْ ِر ُج ُهم‬‫يَػ ْهدي بِِو اللوُ َم ِن اتػبَ َع ِر ْ‬
‫ات إِ َذل النوِر بِِإ ْذنِِو ويػه ِدي ِهم إِ َ ٰذل ِصر ٍ‬
‫اط‬ ‫من الظلُم ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْستَ ِقي ٍم﴿‪ )ٕ()﴾ٔٙ‬وقولُو سبحانَو لِنَبِيّو صلّى ا﵁ عليو‬
‫ْب‬ ‫اب بِ ْ‬ ‫وسلّم ‪ (:‬وأَنزلْنَا إِلَي َ ِ‬
‫صدقًا ل َما بَػ ْ َ‬ ‫ا‪٢‬بَق ُم َ‬ ‫ك الْكتَ َ‬ ‫ََ ْ‬
‫تاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ (ٖ)‬ ‫ِ‬ ‫ي َديْ ِو ِمن الْ ِكتَ ِ‬
‫اب َوُم َهْيمنًا َعلَْيو) (وإنو لك ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الباطل ِمن بْب يديْو وال ِمن َخْل ِفو‬ ‫ُ‬
‫عزيز﴿ٔٗ﴾ال ِ‬
‫يأتيو‬
‫‪ٞ‬بيد﴿ٕٗ﴾)(ٗ) ‪( ،‬إِف َٰى َذا الْ ُقْرآ َف‬ ‫تنزيل من حكيم ٍ‬
‫ٌ‬
‫)‪ - (0‬سورة النساء ‪ ،‬رقم اآلية (ٗ‪. )ٔٚ‬‬

‫)‪ - (2‬سورة ا‪٤‬بائدة ‪.‬‬

‫)‪ - (3‬سورة ا‪٤‬بائدة ‪ ،‬اآلية رقم (‪.)ٗٛ‬‬

‫)‪ - (4‬سورة فصلت ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ين يَػ ْع َملُو َف‬ ‫يػه ِدي لِل ٍِب ِىي أَقْػوـ ويػبشر الْمؤِمنِ ِ‬
‫ْب الذ َ‬ ‫َ َ ُ َ َُ ُ ُ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ين َال‬ ‫ِ‬ ‫ات أَف َ‪٥‬بُم أ ْ ِ‬ ‫ا‪٢‬ب ِ‬‫ِ‬
‫َجًرا َكب ًّبا كبّباً﴿‪َ ﴾ٜ‬وأَف الذ َ‬ ‫ْ‬ ‫الص َ‬
‫يما ﴿ٓٔ﴾)(ٔ) ( َو َٰى َذا‬ ‫يػؤِمنو َف بِ ْاآل ِخرِة أَعت ْدنَا َ‪٥‬بم ع َذابا أَلِ‬
‫َ َْ ُ ْ َ ً ً‬ ‫ُْ ُ‬
‫َنزلْنَاهُ ُمبَ َارٌؾ فَاتبِعُوهُ َواتػ ُقوا لَ َعل ُك ْم تُػْر َ‪ٞ‬بُو َف)(ٕ)‪.‬‬
‫أ‬ ‫اب‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫كِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫معروؼ تَػتَب ُع ذك ِره ُب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫وم ْن ىذا ا‪٤‬بعُب ُب القرآف كثّبٌ‬
‫ْب ُب القرآف ‪ ،‬يُغُب‬ ‫ىذا الكتاب يُطيلُو ‪ ،‬وىو شيء بَػ ٌ‬
‫ا‪٢‬بمد ﵁ رب العا‪٤‬بْب‪.‬‬ ‫عن ُك ّل كتاب ‪ ،‬و ُ‬
‫الفضل‪ِ ،‬‬
‫ففيو‬ ‫ِ‬ ‫وأما ما لِمن تَعلّمو أو علَّمو من‬ ‫ّ‬
‫حديث مشهور ومنشور ‪ ،‬وىو حديث س ٍ‬
‫عد ب ِن عُبَػْيد َة‬ ‫ٌ‬
‫ُ َ‬ ‫ٌ‬
‫‪ ،‬عن أيب عبد الر‪ٞ‬بن السلَمي‪ ،‬عن عثماف رضي ا﵁‬
‫النيب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬قاؿ ‪(:‬خّبُكم‬ ‫عنو ‪ ،‬عن ّ‬

‫)‪ - (0‬سورة االسراء ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة االنعاـ ‪ ،‬اآلية رقم (٘٘ٔ) ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الر‪ٞ‬بن ُب‬
‫ّ‬ ‫عبد‬ ‫أبو‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫أق‬
‫و‬ ‫قاؿ‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫(ٔ)‬
‫من تعلم القرآف وعلمو )‬
‫اج ‪ .‬قاؿ ‪ :‬وذاؾ الذي‬ ‫ا‪٢‬بج ُ‬
‫حٌب كاف ّ‬ ‫إمارة عثماف ّ‬
‫أَقْعدين َم ْقعدي ىذا ‪ .‬قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪،‬قاؿ‪ :‬فأبو عبد‬
‫القائل‪(:‬وذاؾ الذي أقعدنی مقعدي ىذا)‬ ‫ُ‬ ‫الر‪ٞ‬بن ىو‬
‫ّ‬
‫يب ‪-‬‬ ‫يُريد أف حديث عثماف رضي ا﵁ عنو ‪ ،‬عن النّ ّ‬
‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ُ -‬ب فضل َمن تعلّم القرآف‬
‫أوعلمو ‪ ،‬ىو الذي أَقعده لِتعليم النّ ِ‬
‫اس القرآ َف يُق ِرئُهم‬
‫أخربنا عُبَػْي ُد‬
‫الر‪ٞ‬بن النسائي ‪َ ،‬‬ ‫إياه ‪ .‬وقد قاؿ أبو عبد ّ‬
‫ا﵁ بن سعيد‪ ،‬قاؿ ‪ :‬حدثنا َْحي َٓب عن ُشعبة وسفياف ‪،‬‬
‫سعد بن عُبيدة عن‬ ‫قاؿ ‪ :‬ح ّدثنا علقمةُ بن مرئَ ٍد‪ ،‬عن ٍ‬
‫َْ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪-‬‬ ‫الر‪ٞ‬بن‪ ،‬عن الن ّ‬
‫أيب عبد ّ‬
‫قاؿ شعبة ‪( :‬خّبُكم من تعلم القرآف أو علمو) ‪ .‬وقاؿ‬
‫ُسفياف ‪ :‬أفضلُكم من تعلم القرآف وعلمو ‪ .‬وقاؿ‬
‫ب الست ِة‪.‬‬
‫اب الْ ُكتُ ِ‬
‫َص َح ُ‬
‫ً‪ٞ‬بَد َوأ ْ‬
‫‪َ -‬رَواهُ أ ْ‬
‫)‪(0‬‬

‫‪73‬‬
‫النسائي أيضاً – أخربنا عبيد ا﵁ ابن سعيد‪ ،‬عن عبد‬
‫الر‪ٞ‬بن‪ ،‬قاؿ حدثِب عبد الر‪ٞ‬بن بن بُ َديْل بن َمْي َسرَة ‪،‬‬
‫أنس بن مالك قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁‬ ‫عن ٍ‬
‫لْب من َخْل ِقو ‪ ،‬قالوا ‪ :‬من‬ ‫عليو وسلّم ‪( : -‬إِف ﵁ أَ ْى َ‬
‫رسوؿ ا﵁ ؟‪ .‬قاؿ ‪ :‬أىل القرآف ىم أىل ا﵁ِ‬ ‫ىم يا َ‬
‫ُْ ُ‬ ‫ُ‬
‫أىل القرآف ‪،‬‬ ‫ب ِ‬ ‫وخاصتُو)(ٔ) ‪ .‬وقد بْب ا﵁ سبحانَو مراتِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ين‬ ‫وذلك قولُو عز وجل ‪ٍُ ( :‬ب أَورثْػنا الْ ِكتاب ال ِ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اصطَفيػنا ِمن ِعب ِادنا فَ ِمنػهم ظَ ِ‬
‫ادل لنَػ ْف ِس ِو وِمْنػهم م ْقتَ ِ‬
‫ص ٌد‬ ‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ ََْ ْ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫وِمْنػهم سابِق بِ ْ ِ‬
‫ض ُل‬
‫ك ُى َو الْ َف ْ‬ ‫ا‪٣‬بَْيػَرات بِِإ ْذ ِف الل ِو َٰذل َ‬ ‫َ ُْ َ ٌ‬
‫دف يَدخلوهنا‪ ...‬إذل قولو ال‬ ‫الْ َكبِّب﴿ٕٖ﴾ ‪ .‬جنّات ع ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫لغوب﴿ٖ٘﴾)(ٕ)‪.‬‬ ‫ب وال َديسنا فيها ٌ‬ ‫صٌ‬ ‫َديَسنا فيها نَ َ‬

‫)‪ - (0‬صحيح ابن ماجة ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة فاطر ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫وُب الصحيح من حديث سعيد ‪ ،‬عن قَتادة ‪ ،‬عن‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو‬ ‫أنَس ‪ ،‬عن أيب ُموسى ‪ ،‬عن الن ّ‬
‫ويعمل بو‬
‫ُ‬ ‫ا‪٤‬بؤمن الذي يَقرأ القرآف‬ ‫وسلّم ‪ -‬قاؿ‪ُ ( :‬‬
‫ب‪،‬وا‪٤‬بؤمن الذي ال يقرأ‬ ‫طي‬ ‫ها‬ ‫ورحي‬ ‫ها‬ ‫طعم‬ ‫َكاألُتْػرْ‪٪‬ب ِ‬
‫ة‬
‫ُ ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫يح ‪٥‬با‪.‬‬‫ب وال ر َ‬ ‫طعمها طي ٌ‬ ‫القرآف ويعمل بو كالثمرة ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ومثَ ُل ا‪٤‬بُنافق الذي يقرأ القرآف ‪ ،‬كالرْحيانة رحيُها طيّ ٌ‬ ‫َ‬
‫ومثَ ُل ا‪٤‬بنافق الذي ال يقرأ القرآف ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وطعمها ُمر‪.‬‬‫ُ‬
‫ُ‬ ‫كا‪٢‬بْنظَ ِ‬
‫خبيث ‪ ،‬ورحيُها ُمر)(ٔ)‪ .‬وُب‬ ‫ٌ‬ ‫طعمها ُمر أو‬‫ُ‬ ‫لة‬ ‫َ‬
‫الصحيح ِمن حديث أيب ُىريرة أف رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى‬
‫ْب ‪ٍ :‬‬
‫رجل‬ ‫ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬قاؿ ‪ (:‬ال َحس َد ّإال ُب اثْػنَتَػ ْ ِ‬
‫َ‬
‫علّموُ ا﵁ القرآف فهو يَػْتلوه آناءَ الّليل وآناء النهار ‪،‬‬
‫ثل ما أُوٌبَ فال ٌف ‪،‬‬ ‫م‬ ‫فس ِمعو جار لو فقاؿ‪ :‬لَيتِب أُوتيت ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ٌ‬
‫ورجل آتاه ا﵁ ماالً فهو يُهلِكو‬ ‫مثل ما يعمل ؛ ٍ‬ ‫فعملت َ‬
‫)‪ - (0‬اخرجو االماـ ٖباري و مسلم ُب صحيحهما ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫مثل ما أُوٌبَ‬ ‫رجل ‪ :‬لَيتُب أُوتيت َ‬ ‫ا‪٢‬بق ‪ ،‬فقاؿ ٌ‬ ‫ُب ّ‬
‫فعملت مثل ما يَعمل)(ٔ)‪ .‬وقد بَػْب ا﵁ُ ُسبحانو ُب كتابو‬
‫ين‬ ‫ذ‬‫وصف قار ِئ القرآف ‪ ،‬وذلك قولُو عز وجل ‪( :‬إِف ال ِ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫اى ْم ِسًّرا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يػْتػلُو َف كِ‬
‫اب اللو َوأَقَ ُاموا الص َال َة َوأَن َف ُقوا ‪٩‬با َرَزقْػنَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُج َورُى ْم‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ػ‬ ‫ف‬‫و‬ ‫ػ‬ ‫ي‬‫وع َالنِيةً يػرجو َف ِ٘بارًة لن تَػبور﴿‪ ﴾ٕٜ‬لِ‬
‫َُ َ ُ ْ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َ َْ ُ َ َ‬
‫ور ﴿ٖٓ﴾ َوال ِذي‬ ‫ور َش ُك ٌ‬
‫يد ُىم من فَ ْ ِ ِ ِ‬
‫ضلو إنوۥُ َغ ُف ٌ‬ ‫َويَِز َ‬
‫ْب يَ َديْ ِو‬
‫صدقًا ل َما بَػ ْ َ‬ ‫ا‪٢‬بَق ُم َ‬
‫اب ُى َو ْ‬ ‫ك ِمن الْ ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َْو َحْيػنَا إلَْي َ َ‬
‫صّبٌ﴿ٖٔ﴾)(ٕ) ‪.‬‬ ‫إِف اللو بِعِب ِاد ِه َ‪٣‬بَبِّب ب ِ‬
‫ٌَ‬ ‫َ َ‬
‫نت لك ما جاء ُب ِ‬
‫فضل َمن‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬فقد بي ُ‬
‫ِ‬
‫حامل‬ ‫نت لك من و ِ‬
‫صف‬ ‫وعل َموُ ‪ ،‬وبَػي ُ‬
‫تَػ َعلم القرآف َ‬
‫َ‬
‫صحب بو القرآ ُف‬ ‫ِ‬
‫عما يُ َ‬
‫ّ‬ ‫لك‬‫ؤ‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫عن‬ ‫كفيك‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ما‬ ‫القرآف‬

‫)‪ - (0‬نفس ا‪٤‬بصدر السابق ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة فاطر ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫وجل ‪،‬‬ ‫وعن ِ ِ‬
‫عز ّ‬ ‫آداب حاملو ‪ ،‬كل ذلك من كتاب ا﵁ ّ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬تسلياً ‪.‬‬
‫وما جاء عن الن ّ‬

‫ثم ضيَّعو حتّى نَ ِسيو‬ ‫عمن تعلَّ َم القرآن َّ‬ ‫وأما سؤالك َّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،‬فإ ْف كاف تضييعُوُ إياه ‪َ ،‬زىاد ًة فيو ‪ -‬ليس بِ ٍ‬
‫غالب عليو‬
‫عملُو يَقوـ لو بو عُ ْذٌر ‪ -‬فهو الذي أخشى عليو ِم ْن‬
‫شیء قد جاء فيمن تعلم القرآف ٍب نسيو ‪ ،‬فهي نِعمةٌ‬
‫يم ْن تَػ َعم َد الت َشاغُ َل بو عنو ‪.‬‬‫َك َفرىا ‪ .‬وإّّنا يكوف ذلك فِ‬
‫َ‬
‫هاء ‪ ،‬كاف‬‫فَإ ْف كاف تشاغلُو عنو بعمل من أعماؿ الس َف ِ‬

‫أشد ‪ .‬وما يُدريك أف ذلك النّسياف إّّنا أصابَو عُقوبةً‬


‫وء‬‫الس‬ ‫و‬ ‫اكتساب‬ ‫فكاف‬ ‫‪.‬‬ ‫ساب‬ ‫ِالشتغالِو عنو بسوء ِ‬
‫اال ْكتِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪77‬‬
‫ت لو عُ ُقوبتُوُ بأَ ْف َ‬
‫نسي القرآف بعدما‬ ‫ذنْباً منو عُجلَ ْ‬
‫حفظو ‪.‬‬
‫يب‬
‫إف ُب الصحيح من حديث َ‪٠‬بَُرَة بن ُجْن ُدب عن الن ّ‬
‫‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬أنو قاؿ ‪٥‬بم ذات َغ َداة ‪:‬‬
‫أتاين الليلة اثْناف ‪ ،‬وإهنما ابْػتَػ َعثاين ‪ ،‬وإهنما قاال رل‪:‬‬
‫قت معهما‪ ،‬وإنّا أتينا على رجل‬ ‫ِ‬
‫وإين انْطَلَ ُ‬ ‫انْطَل ْق ‪ّ ،‬‬
‫قائم عليو بصخرة‪ ،‬وإذا ىو يَهوي‬ ‫آخر‬ ‫وإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬
‫ٍ‬ ‫م ِ‬
‫ضطج‬
‫ُ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ا‪٢‬بجر َى ُهنا‬ ‫ىذا‬ ‫ه‬‫د‬‫َ‬ ‫ى‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫أس‬‫ر‬ ‫غ‬‫ُ‬‫ل‬‫ػ‬‫ْ‬‫ث‬ ‫في‬ ‫و‬ ‫بالصخرة لِر ِ‬
‫أس‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫أسو‬‫حٌب يصح ر ُ‬‫‪ ،‬فيتبع ا‪٢‬بجر فيأخذه ‪ ،‬فال يرجع إليو ّ‬
‫ثل ما فعل ا‪٤‬برَة‬ ‫كما كاف‪ٍُ ،‬ب يعود عليو‪ ،‬فيفعل بو ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫قلت ‪٥‬بما ُسبحاف ا﵁ ما ىذا ؟‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬ ‫األوذل‪ ،‬قاؿ‪ُ :‬‬
‫قاال رل انْطَلِ ْق ‪ ،‬وذكر ا‪٢‬بديث إذل قولو ‪ :‬فقلت ‪٥‬بما‬
‫ليلة َع َجباً فما ىذا الذي رأيت؟ قاؿ‬ ‫‪:‬فإين رأيت منذ ال ِ‬
‫ّ ُ‬
‫الرجل األَو ُؿ الذي أتيت عليو‬ ‫قاال رل‪ :‬إنا َسنُخربؾ‪ّ :‬أما ّ‬
‫‪78‬‬
‫الرجل يأخذ القرآف فّبفضو‪،‬‬
‫أسو با‪٢‬بجر ‪،‬فإنو ّ‬ ‫يثلغ ر ُ‬
‫ويناـ عن الصالة ا‪٤‬بكتوبة(ٔ)‪.‬‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ولقد أُمر من نسي شيئاً من القرآف‬
‫الصحيح من حديث‬ ‫ِ‬
‫أ ْف ال يقوؿ نَسيُتُو ‪ ،‬كما ُب ّ‬
‫عبد ا﵁ ‪،‬‬ ‫سفياف ‪ ،‬عن منصور ‪ ،‬عن أيب وائل‪ ،‬عن ِ‬
‫ُ‬
‫قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم – ما‬
‫بل ىو نُس َي‪.‬‬ ‫‪،‬‬ ‫كيت‬‫و‬ ‫كيت‬ ‫آية‬ ‫سيت‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫يقوؿ‬ ‫ىم‬ ‫ألَح ِ‬
‫د‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ومن حديث ُشعبة وغّبه عن منصور‪ ،‬عن أيب وائل ‪،‬‬
‫عن عبد ا﵁ ‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو‬
‫كيت‬ ‫ِ‬ ‫وسلّم‪( : -‬بِ‬
‫يت آية ْ‬ ‫س ما ألحدىم أف يقوؿ نَس ُ‬ ‫َ‬ ‫ئ‬
‫ْ‬
‫صياً‬
‫كيت بل نُس َي‪ .‬واستذكروا القرآف ‪ ،‬فإنو أشد تَػ َف ّ‬ ‫و ْ‬
‫الرجاؿ ِمن النعم)(ٕ)‪.‬‬ ‫من صدور ّ‬
‫)‪ - (0‬صحيح البخاري‪.‬‬

‫)‪ - (2‬أخرجو البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬فانْظُْر كيف عاب عليو السالـ على‬
‫كيت وكيت‪ .‬وقاؿ عليو‬ ‫ِ‬
‫سيت آيةَ ْ‬ ‫أحدىم أف يقوؿ نَ ُ‬
‫سي‪،‬‬
‫السالـ (بل ىو نُس َي)‪ ،‬معناه أف ا﵁َ أنساهُ ما نَ َ‬
‫سي منو‬
‫حٌب نَ َ‬
‫العبد فيما يشغلَو عن القرآف ّ‬ ‫فه ُهنا يَنظُر ُ‬
‫فيحسن‬
‫ُ‬ ‫عذر أـ العذر لو‪،‬‬ ‫ىل لو ُب ذلك ٌ‬ ‫ما نسي‪ْ ،‬‬
‫ذر لو فيو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنابةُ إذل ربو ‪٩‬با ال عُ َ‬
‫نس ٰى﴿‪﴾ٙ‬‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ئ‬
‫ر‬‫عز وجل لِنَبيّ ِو‪َ ( :‬سنُػ ْق ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وقد قاؿ ا﵁ ّ ّ‬
‫ا‪١‬بَ ْهَر َوَما َخيْ َف ٰى﴿‪ .)ٔ()﴾ٚ‬وقد‬‫إِال َما َشاءَ اللوُ إِنوُ يَػ ْعلَ ُم ْ‬
‫صى الرسوؿ عليو السالـ أىل القرآف با‪٤‬بػُحافظة على‬ ‫َو ّ‬
‫صدور الرجاؿ‬ ‫أخربىم أنو أشد تفصياً من ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫استذكاره‪ ،‬و َ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁‬ ‫ِ‬
‫من النعم‪ .‬وُب حديث أيب ُموسى عن الن ّ‬
‫عليو وسلّم ‪ -‬قاؿ‪( :‬تَعاىدوا القرآف فَػوالذي نفسي ِ‬
‫بيده‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫)‪ - (0‬سورة االعلى ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ابن عمر‬ ‫ِ‬
‫َ‪٥‬بو أشد تَػ َفصياً من اإلبل ُب عُ ُقلها)‪ .‬وأما ُ‬
‫فذكر من حديث مالك وغّبه أف رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلى ا﵁‬
‫كمثَ ِل‬ ‫ِ‬
‫عليو وسلّم ‪ -‬قاؿ‪ :‬إّنا َمثَ ُل صاحب القرآف َ‬
‫مس َكها ‪ ،‬وإ ْف‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫عليها‬ ‫عاىد‬
‫َ‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫صاحب اإلبل ا‪٤‬بعق ِ‬
‫لة‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫اإلبل ا‪٤‬ب َعق ِلة‪ ،‬إ ْف‬
‫صاحب ِ‬ ‫َ‬ ‫أف‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫اع‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫ذىبت)‬
‫ْ‬ ‫أطْلَقها‬
‫ُ‬ ‫تعمد إطْالقَها إطالقاً يػْتلِ‬
‫هي الذي‬ ‫َ‬ ‫الن‬ ‫كب‬ ‫ت‬
‫َ‬‫ار‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫فإن‬ ‫‪،‬‬ ‫ها‬‫ف‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫إضاع ِة‬
‫السالـ‪ ،‬أنو نَػ َهى عن َ‬ ‫جاء عن رسوؿ ا﵁ عليو ّ‬
‫ا‪٤‬باؿ؛ وإ ْف أَطْلَ َقها ُبعذر ُجييز لو إطْالقَها خلص من‬
‫صاحب القرآف إ ْف‬ ‫َ‬ ‫فمثل‬ ‫ركوب النهي ‪ ،‬وفَػ َقد نفعها‪َ .‬‬
‫بصاحب ىذه ِ‬
‫اإلبل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫استِ ْذكا ِره‬
‫عاى َد ْ‬
‫َترؾ تَ ُ‬
‫أخربنا‬ ‫‪:‬‬ ‫قاؿ‬ ‫‪،‬‬ ‫وقَ ْد قاؿ النسائي‪ :‬أخربنا قُػتػيبةُ بن ٍ‬
‫سعيد‬
‫َ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫عقوب عن موسى بن عُقبةَ ‪ ،‬عن ناف ٍع‪ ،‬عن اب ِن عُ َم ٍر‪،‬‬ ‫يَ ُ‬

‫)‪ - (0‬اخرجو البخاري و مسلم ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫أف رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬قاؿ‪( :‬إّنا َمثَ ُل‬
‫ِ‬
‫أصحاهبا على‬ ‫ُ‬ ‫القرآف َك َمثَ ِل اإلبل ا‪٤‬بَُعقلَة‪ ،‬إذا َ‬
‫عاى َد‬
‫صاحب‬ ‫قاـ‬ ‫وإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ذىبت‬ ‫لها‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫وإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ها‬‫ك‬‫َ‬ ‫س‬ ‫أم‬ ‫ها‬‫ع ْقلِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذكره‪ ،‬وإذا دل يَػ ْقَرأه نَ ِسيَوُ)‪.‬‬
‫ليل والنهار َ‬ ‫القرآف فقرأهُ بال ِ‬
‫ا‪٢‬بديث كيف‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬قد بػُْب ُب ىذا‬
‫ا‪٤‬بعاىدةُ الٌب يثبت هبا حفظ القرآف ويقوى على ا‪٢‬بفظ‬
‫عبد ا﵁‬ ‫أخربنا ُ‬ ‫حٌب ال يتلعثم فيو ‪ .‬وقد قاؿ النسائي‪َ :‬‬ ‫ّ‬
‫شاـ قاؿ حدثِب أيب‬ ‫بن سعيد قاؿ‪ :‬حدثنا معاذُ بن ِى ٍ‬
‫ُ‬
‫ىشاـ‪ ،‬عن‬ ‫سعد ب ِن ٍ‬ ‫عن قَتاد َة‪ ،‬عن زرارة ب ِن أَو ََب‪ ،‬عن ِ‬
‫ْ‬ ‫َُ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬قاؿ‪َ :‬مثَ ُل‬ ‫عائشةَ‪ ،‬عن الن ّ‬
‫ماىر بو مع الس َفَرِة الكراـ البَػَرَرِة‪،‬‬ ‫الذي يقرأُ القرآف وىو ٌ‬
‫والذي يَػ ْقَرُؤهُ وىو عليو شاؽ فلَوُ أجراف‪.‬‬
‫تيلو‪ ،‬قاؿ ا﵁‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وا‪٤‬باىر بالقرآف يؤمر بِتَػر ِ‬
‫ُ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫يل إال قليال ‪ ...‬إذل‬ ‫ِ‬
‫وجل‪( :‬يا أيّها ا‪٤‬بزم ُل قُم الل َ‬ ‫عز ّ‬ ‫ّ‬
‫‪82‬‬
‫ِ‬
‫ك قَػ ْوًال‬ ‫قولو‪ :‬ورت ِل القرآ َف تَرتيال‪ ،‬إِنا َسنُػْلقي َعلَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ثَِق ًيال﴿٘﴾‪ ،‬إِف نَ ِ‬
‫اشئَةَ اللْي ِل ى َي أ َ‬
‫َشد َوطْئًا َوأَقْػ َوُـ‬
‫قِ ًيال﴿‪ .)ٔ()﴾ٙ‬قيل معُب ىذا أشد وطأً‪ ،‬أي ُمواطأة‬
‫للقرآف بسمعك و بصرؾ‪ ،‬أي فهمك‪ ،‬فالقراءةُ على‬
‫أقوـ قِيال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ىذه الصفة ُ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁‬ ‫ت حفصةُ أـ ا‪٤‬بؤمنْب عن ِ‬
‫ذَ َكَر ْ َ‬
‫حٌب تكوف‬
‫السورَة فيُػَرتلها ّ‬
‫عليو وسلّم ‪ -‬أنو كاف يقرأ ّ‬
‫إسحاؽ‬
‫ُ‬ ‫أخربنا‬
‫أطوؿ من أطوؿ منها‪ .‬وقاؿ النسائي‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫عبد الر‪ٞ‬بن عن ُسفياف‪ ،‬عن‬ ‫أخربنا ُ‬ ‫ٍ‬
‫ابن منصور‪ ،‬قاؿ‪َ :‬‬
‫عاص ٍم ‪ ،‬عن أيب َذ ّر عن عبد ا﵁ بن عمر‪ ،‬قاؿ رسوؿ‬
‫ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪( : -‬يقاؿ لصاحب القرآف‬

‫)‪ - (0‬سورة ا‪٤‬بزمل ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫اقرأْ و ْارتَ ِق َورتّ ْل كما َ‬
‫كنت تُرتل ُب ال ّدنيا فإف منزلَك عند‬
‫قرؤىا)‪.‬‬
‫آية تَ ُ‬‫آخ ِر ٍ‬
‫الفهم‬
‫َ‬ ‫تيل ُب القراءة ُحيِٓب‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬إف الَب َ‬
‫فيستعْب بو على الت َدب ِر الذي لو أُنْ ِزَؿ القرآ ُف‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للعادل‬
‫ُ‬
‫َنزلْنَاهُ إِلَْي َ‬
‫ك ُمبَ َارٌؾ ليَدبػُروا‬ ‫ِ‬
‫اب أ َ‬
‫وجل‪( :‬كتَ ٌ‬ ‫عز ّ‬ ‫قاؿ ا﵁ ّ‬
‫أىل حفظ القرآف‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ (ٔ)‬
‫)‬ ‫اب‬ ‫ب‬‫ْ‬‫ل‬‫َ‬‫األ‬
‫ْ‬ ‫و‬‫ل‬
‫ُ‬‫و‬‫ُ‬
‫أ‬ ‫ر‬‫ك‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫آياتِِو ولِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬‫َ‬‫َ‬
‫أيضاً‪ ،‬فيختلفوف ُب ال ُقوة على در ِ‬
‫استو‪.‬‬ ‫ّ‬
‫شعري‪ :‬كيف تقرأ‬ ‫قاؿ ُمعاذ بن َجبَ ٍل أليب ُموسى األَ َ‬
‫ِ‬
‫القرآف؟ قاؿ‪ :‬قائماً وقاعدا‪ ،‬وعلى راحلٍَب‪ ،‬وأَتَػ َفوقُوُ‬
‫ب نَػ ْوَمٍب كما‬ ‫تَفوقا‪ .‬قاؿ‪ :‬أما أنا فأناـ وأقوـ و ِ‬
‫أحتس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫نفسو ٗبا‬ ‫احد منهما عن ِ‬ ‫أحتسب قَػومٍب‪ .‬فأَخرب كل و ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫يطيق‪.‬‬

‫)‪ - (0‬سورة ص ‪ ،‬اآلية رقم (‪.)ٕٜ‬‬

‫‪84‬‬
‫وأما سؤالك عن الماشي ىل يقرأ القرآن‪ ,‬أو‬ ‫ّ‬
‫الواقف أو من في السوق‪ ,‬أو من في‬ ‫ُ‬ ‫اكب‪ ,‬أو‬‫الر ُ‬ ‫َّ‬
‫ؼ ُب‬‫الة‪ ،‬فإف ىذا للمتصر ِ‬ ‫الص ِ‬
‫الح ّم ِام‪ ,‬تُريد في غي ِر َّ‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ا‪٢‬بضر‪،‬‬ ‫حاجاتِو ُب األَسواؽ وغّب ذلك من أ ِزق ِ‬
‫ة‬
‫َ‬
‫مالك من ذلك‬ ‫صْنػ َعتِو‪ ،‬فلم يَستحب ٌ‬ ‫الصان ِع على َ‬ ‫و ّ‬
‫شيئا‪ .‬وإّنا خيفف من ذلك ما كاف من فاعلِو من وجو‬
‫فأما ما كاف‬ ‫‪.‬‬ ‫استو‬
‫ر‬ ‫بد‬ ‫و‬‫َ‬‫ظ‬ ‫حف‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ػ‬‫ي‬‫التحفيظ للمتعلّمْب لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مالك فإّنا يقرأ القرآف ُب‬ ‫ٌ‬ ‫على وجو التبَػرِز‪ ،‬قاؿ‬
‫ا‪٤‬بساجد‪ ،‬وُب الصالة‪ ،‬وعلى حاؿ التفرِد بقراءتو‪ ،‬أو ُب‬
‫فيقرؤه ماشياً وراكباً ُب سفره‪ّ ،‬إال أنّو إ ْف َمر‬ ‫الس َفر‪ُ ،‬‬
‫الراكب‪ ،‬ولكن ينزؿ‬ ‫هبا‬ ‫م‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫دل‬ ‫‪،‬‬ ‫بسج َد ِة تَِال ٍ‬
‫وة‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫وقت َجيوز أف‬ ‫فيسجدىا إذا كاف على طهارة‪ ،‬وُب ٍ‬
‫‪85‬‬
‫صُر ُب مثلِو‬‫يسجد فيو‪ ،‬إال أف يكوف ُب س َفر تُػ ْق َ‬
‫ا‪٢‬بم ُاـ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اكب بسجودىا إدياءً‪ .‬و ّأما ّ‬ ‫الصالةُ‪ ،‬فيُومئ الر ُ‬
‫ا‪٢‬بم ِاـ‪،‬‬
‫جل القرآ َف إف شاءَ ُب ّ‬ ‫الر ُ‬
‫فقاؿ مالك‪ :‬يقرأ ّ‬
‫بيت من البيوت‪ ،‬وذُ ِكر عنو اإلباءُ منو ُب‬ ‫ا‪٢‬بم ُاـ ٌ‬‫و ّ‬
‫ا‪٢‬بم ِاـ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ىل على ا‪٤‬بعلم أو ا‪٤‬بتعلم إذا قرءوا سجد ًة‬ ‫وأما قولُك ْ‬
‫ف‬ ‫مرة‪ ،‬فقد خ ّف َ‬ ‫ِ‬
‫مرة أو ُب ّأوؿ ّ‬ ‫كل ّ‬‫سجدوا ُب ّ‬ ‫أف يَ ُ‬
‫مالك عنهما‪ ،‬واستحب ‪٥‬بما أيضاً أف يسجدا ُب ّأوؿ‬ ‫ٌ‬
‫السجدةُ َبعْينِها‪ .‬و ّأما ا‪٤‬بعلّم فيكثُر ذلك‬ ‫ِ‬
‫تكررت ّ‬ ‫مرة إذا ّ‬
‫فأكثر القوؿ‬ ‫‪،‬‬ ‫اب‬‫ز‬ ‫األح‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫عليو على ق ْد ِر كثّبة‬
‫ُ‬
‫فحس ٌن‪.‬‬ ‫سج َد ُب أوؿ ٍ‬
‫مرة َ‬ ‫ّ‬ ‫خفيف عنو من ذلك‪ ،‬فإ ْف َ‬ ‫الت ُ‬
‫ٍ‬
‫بسجدة‬ ‫مالك‪ :‬ولو كاف على من تعلم إذا مر‬ ‫ولقد قاؿ ٌ‬
‫يسج ُد لَسج َد الرجل سجوداً كثّبا‪ ،‬فليس التعليم ِ‬
‫كغّبه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ ُ َ َ‬

‫‪86‬‬
‫نت لك عن مسائلِك‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فافْػ َه ْم‪ ،‬فقد بي ُ‬
‫ت ُب ىذا ا‪٤‬بعُب بياناً حسنا‪.‬‬‫جر ْ‬
‫الٍب َ‬
‫ّ‬

‫خير من‬ ‫ٍ‬ ‫عما ذُكر من َّ‬


‫أن القرآ َن في صالة ٌ‬ ‫وسألت ّ‬
‫َ‬
‫خير‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫غير‬ ‫في‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫والقرآ‬ ‫‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫القرآن في غير‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫الص َدقَ ِة‪ ,‬ىل ىذا ٌ‬
‫ثابت‬ ‫خير من َّ‬ ‫كر ٌ‬ ‫من الذ ْك ِر‪ ,‬وال ّذ َ‬
‫ِ‬
‫ف على‬ ‫أين قد ‪٠‬بعتو َ‪٠‬باعاً ىكذا ودل أَق ْ‬ ‫أم ال؟ فاعلَ ْم ّ‬
‫الرسوؿ عليو السالـ إف‬ ‫ِ ِ‬
‫لكن قوؿ ّ‬ ‫صحتو هبذا النص‪ .‬و ّ‬
‫ا‪٤‬بصلّي يُناجي ربو فْليَنظُْر ما يُناجيو بو‪ ،‬فقد تَبْب لك‬
‫يأت ُب غّب ا‪٤‬بصلّي‪ ،‬وىو‬ ‫أنو قد جاء ُب ا‪٤‬بصلّي ما دل ِ‬
‫ُ‬ ‫ِزيادةُ فضل‪ .‬وأما فَضل قر ِ‬
‫اءة غّب ا‪٤‬بصلّي على سائر‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ (ٔ)‬
‫أحسن ا‪٢‬بديث)‬‫َ‬ ‫وجل‪( :‬ا﵁ نَػزَؿ‬
‫عز ّ‬ ‫الذ ْكر‪ ،‬فقوؿ ا﵁ ّ‬

‫)‪- (0‬سورة الزمر ‪ ،‬اآلية (ٖٕ) ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫أحسن القوؿ‪ ،‬مع سائر ما جاء ُب‬ ‫ُ‬ ‫ْب أف القرآ َف‬
‫يػُبَػ ُ‬
‫القرآف من حسن الثناء على القرآف وما لقا ِرئِِو فيو من‬
‫اتساع الفوائد‪ .‬و ّأما ال ّذكر خّبٌ من الصدقة‪ ،‬ففي‬
‫رسوؿ ا﵁ِ‬‫الصحيح من حديث أيب ُىَريْػَرَة‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َ‬
‫رجات والنعي ِم ا‪٤‬بقيم‪ ،‬قاؿ‪ (:‬كيف‬‫ذىب أىل الدثوِر بالد ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جاى ْدنا‪،‬‬
‫صلينا‪ ،‬وجاىدوا كما َ‬ ‫صلّوا كما َ‬ ‫ذاؾ؟) قاؿ‪َ :‬‬
‫ليست لنا أمو ٌاؿ‪ .‬قاؿ‪( :‬أفال‬
‫وأن َفقوا من فُضوؿ أموا‪٥‬بم و ْ‬
‫أُ ْخِربُُك ْم بأم ٍر تُد ِركوف َمن كاف قبلَكم وتسبقوف من جاء‬
‫ئتم بو ّإال َمن جاء‬ ‫ج‬‫بػع َدكم‪ ،‬وال يأٌب أح ٌد ٗبِِ ِثل ما ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫و‪ٙ‬بمدوف عشراً‪،‬‬ ‫ٗبِِثْلِ ِو‪ :‬تُسبحوف ُب دب ِر كل ٍ‬
‫صالة عشراً َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬
‫وتُكربوف عشراً )(ٔ)‪.‬‬

‫)‪ - (0‬اخرجو البخاري و مسلم ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ِ‬
‫ورث‬
‫وجل يُ ُ‬
‫عز ّ‬ ‫قباؿ على ذك ِر ا﵁ ّ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ا ِإل ُ‬
‫ذكار‬ ‫ِ ِ‬ ‫القلوب ا ِإل ْش َ‬
‫فاؽ من خشيَة ا﵁‪ ،‬ويُدخلها الت َ‬ ‫َ‬
‫ستلْب لَِرهبا وتَػتَضرعُ‪.‬‬
‫لعظمة ا﵁‪ ،‬فهي مع ذلك تَ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫﵁ جل‬ ‫والصدقةُ عطاء يفعلو ا‪٤‬برء ‪ -‬إذا كاف متَطَوعاً ‪ِ -‬‬
‫ُ ّ‬ ‫ٌ ُ‬
‫صحتو لو ِعلماً ‪ ،‬مع ما يدخل ُب‬ ‫ِ‬
‫وعز‪ ،‬ال يكاد ُحييط ب َ‬ ‫ّ‬
‫وذكر ا﵁ ِح ٌرز‬
‫أعلم‪ُ .‬‬ ‫ذلك من وسواس الشيطاف‪ ،‬وا﵁ ُ‬
‫حاؿ‪،‬‬‫أوذل على كل ٍ‬ ‫يطاف‪ ،‬وحسن الظن ِ‬
‫با﵁ َ‬ ‫من الش ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وا﵁ُ ورل التَوفيق‪.‬‬

‫فيكفيك‬
‫َ‬ ‫عما لِ َم ْن علَّم القرآن لَِولَ ِده‪,‬‬
‫وأما سؤالك ّ‬
‫ّ‬
‫الرسوؿ عليو السالـ‪ :‬خّبُكم من تعلم القرآف‬ ‫قوؿ ّ‬
‫منو ُ‬
‫وعلمو‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ِ‬
‫الفضل ‪ .‬فإ ْف‬ ‫داخل ُب ذلك‬ ‫ِ ِ‬
‫والذي يعلم القرآ َف ل َولَده ٌ‬
‫يستأجر لو من‬ ‫و‬ ‫لكن‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫قلت‪ :‬إنو ال يلي تعليمو بِنَ ِ‬
‫فس‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يُعلمو‪ ،‬فاعلَم أنو ىو الذي َيعلم و َلده‪ ،‬إذا أنفق مالَو‬
‫عليو ُب تعلِيمو القرآ َف‪ ،‬فلعلو أف يكو َف ٗبا عل َمو من‬
‫ا﵁ تعاذل‪ ،‬وتكوف‬ ‫بإذف ِ‬
‫ذلك‪ِ ،‬من السابقْب با‪٣‬بَّبات ِ‬
‫لده القرآ َف‪.‬‬ ‫ىذه الدرجةُ ىي نِية ىذا الوالد ُب تعليم و ِ‬
‫وما زاؿ ا‪٤‬بسلموف وىم يَرغبوف ُب تعليم أوالدىم القرآف‪،‬‬
‫أطفاؿ ال ديلكوف‬ ‫وهنم وىم ٌ‬ ‫وهنم‪ ،‬وبو يَػْبتَ ُد َ‬
‫وعلى ذلك يػَُرب َ‬
‫ضراً‪ ،‬وال يعلموف ّإال ما علمهم‬ ‫ألن ُفسهم نفعاً وال ّ‬
‫ىشاـ‪ ،‬عن‬ ‫حديث ٍ‬ ‫ِ‬ ‫آباؤُىم‪ .‬فقد جاء ُب الصحيح‪ ،‬من‬ ‫ُ‬
‫اس‪َٝ :‬بَ ْعنَا‬‫أيب بِ ْش ٍر‪ ،‬عن َسعيد بن ُجبَ ٍّب‪ ،‬عن اب ِن عبّ ٍ‬
‫ا‪٤‬ب ْح َك َم ُب عهد رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪، -‬‬
‫ُ‬
‫فقلت لو‪ :‬وما ا‪٤‬ب ْح َك ُم؟ قاؿ‪ :‬ا‪٤‬ب َفص َل ‪ .‬وُب حديث‬
‫(ٔ)‬

‫ُ‬
‫)‪- (0‬صحيح البخاري ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫أيب عوانةَ‪ ،‬عن أيب بِشر‪ ،‬عن ٍ‬
‫سعيد بن ُجبَػ ٍّْب‪ :‬أف الذي‬ ‫ُ‬
‫توُب‬
‫حكم‪ .‬وقاؿ ابن عبّاس‪ّ :‬‬ ‫تَ ْدعُونَو ا‪٤‬ب َفص َل ىو ا‪٤‬بُ ُ‬
‫ابن عش ِر‬‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬وأنا ُ‬
‫أت ا‪٤‬بح َك َم‪ .‬وقد قاؿ أبو موسی‪ :‬قاؿ‬ ‫ُ‬ ‫ْب وقد قر‬ ‫سن ٍ‬
‫ُ‬
‫رجل كانت‬ ‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪( : -‬أديا ٍ‬
‫فأحسن‬
‫َ‬ ‫تعليمها‪ ،‬وأدهبا‬
‫عنده وليدةٌ فعلمها فأحسن َ‬ ‫َ‬
‫رجل من‬ ‫أجراف‪ ،‬وأديا ٍ‬‫وتزوجها فَػلَو َ‬
‫أعتَػ َقها َ‬
‫تأديبَها‪ٍ ،‬ب ْ‬
‫وآمن يب‪ ،‬فلَوُ أجراف‪ ،‬وأديا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آمن بنَبيّو‪َ ،‬‬
‫أىل الكتاب َ‬
‫‪٩‬بلوؾ أدى حق َموالِيو ‪ ،‬وحق ربو‪ ،‬فلَوُ أجراف)(ٔ)‪ .‬فإذا‬ ‫ٍ‬
‫تعليمها‪ ،‬وصنَع فيها ما‬ ‫ِ‬
‫كاف ل َمن علم وليد ًة فأحسن َ‬
‫قاؿ ُب ىذا ا‪٢‬بديث يكوف لو أجراف ‪ ،‬فالذي يُعلم ولَ َده‬
‫تعليمو ‪ ،‬ويُؤدبُو فيحسن تأديبَو‪ ،‬فقد عمل ُب‬ ‫ن‬ ‫في ِ‬
‫حس‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تضعيف األج ِر فيو‪،‬‬‫ِ‬ ‫ولده عمال حسنا‪ ،‬يرجى لو من‬
‫)‪ - (0‬صحيح البخاري ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫يقرض ا﵁َ قَػْرضاً‬
‫ُ‬ ‫وجل‪( :‬من ذا الذي‬ ‫عز ّ‬ ‫كما قاؿ ا﵁ ّ‬
‫ضاع ْفو لو أضعافا كثّبًة)(ٔ)‪ .‬وقد جاء أف رسوؿ‬ ‫حسنا في ِ‬
‫َ ُ‬
‫ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬مر بامر ٍأة ُب َِ‪٧‬بفتِها‪،‬‬
‫صيب معها‬ ‫ض ِد ِ‬ ‫ت َبع ُ‬
‫فقيل ‪٥‬با‪ :‬ىذا رسوؿ ا﵁‪ ،‬فأخ َذ ْ‬
‫ّ‬
‫وقالت‪ :‬أ‪٥‬بذا حج؟ فقاؿ رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو‬
‫أجر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أجر)‪ ،‬فهل يكوف ‪٥‬بذه ا‪٤‬برأة ٌ‬ ‫وسلّم‪( : -‬نعم ولك ٌ‬
‫ضَرتْوُ ذلك‬ ‫صبيها حج‪ّ ،‬إال من ِ‬ ‫ِ‬
‫أح َ‬‫أجل أهنا ْ‬ ‫فما ىو ل َ‬
‫القياـ بو فيو‪ .‬وإّنا لو من ذلك ا‪٢‬بج َبركةُ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ا‪٢‬بج وولِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ودعوةُ ا‪٤‬بسلمْب‪ .‬والذي يَنالُو الصيب من‬ ‫ّب‪،‬‬‫ْ‬‫ا‪٣‬ب‬ ‫ِ‬
‫شهود‬
‫َ‬
‫أطوؿ ِغُب‪،‬‬‫علم يَبقي لَو ِٕب ْوِزِه‪ ،‬وىو ُ‬ ‫ِِ‬
‫تعليمو القرآ َف ىو ٌ‬
‫بأكثر من ىذا‪.‬‬ ‫فيو‬ ‫طاؿ‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وأكثر نَػ َف َقةً‪ .‬وىذا أبْب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫رجل ِالب ِن َسحنوف ر‪ٞ‬بةُ ا﵁ عليو‪٩ ،‬بن يطلب‬ ‫وقد قاؿ ٌ‬
‫العمل بنفسي‪ ،‬وال أُشغِلو‬ ‫َ‬ ‫ابنو العلم عنده‪ :‬إين أَتَػ َوذل‬
‫)‪ - (0‬سورة البقرة ‪ ،‬رقم اآلية(ٕ٘ٗ)‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫ِ‬
‫أعظم‬
‫أجرؾ ُب ذلك ُ‬ ‫عما ىو فيو‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬أَ َعل ْم َ‬
‫ت أف َ‬
‫من ا‪٢‬بج والرباط وا‪١‬بِ ِ‬
‫هاد ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫يجعل ول َده في‬ ‫رجل امتنَع أن َ‬ ‫وأما ُسؤالك عن ٍ‬


‫الكتّاب ىل لإلمام أن يُجبِرهُ؟ وىل َّ‬
‫الذ َك ُر واألُنثى في‬ ‫َ‬
‫قلت ال يُجبِ ُره فهل يُوعظ ويُـ ْؤثَ ُم‪.‬‬
‫ذلك سواءٌ ؟ فإ ْن َ‬
‫وكيف إ ْن لم ي ُك ْن لو والِ ٌد ولو َوصى ‪ ,‬فهل يلزم‬
‫وصي بالجبر؟ فإن لم يكن لو وصي فهل‬ ‫ذلك ال ّ‬
‫ذلك للولي أم لإلمام ؟فإ ْن كان ال أح َد لهذا الولَ ِد‬
‫للمسلمين أن يفعلوا ذلك من مالِو ؟ فإ ْن لم‬ ‫فهل ُ‬
‫ْ‬
‫المسلمين أن يُؤدوا عنو‪ْ ,‬أو‬ ‫مال فهل على ُ‬ ‫يَكن لو ٌ‬
‫يكون في ال ُكتّاب وال يُ َكل ُفوُ المعل ُم إجارًة ؟وكيف إ ْن‬
‫مال وال يُبالى ذلك ‪ ,‬فهل لإلمام أن‬ ‫أب ولو ٌ‬ ‫كان لو ٌ‬

‫‪93‬‬
‫يسجنَوُ‪ ,‬أو يض ِربَو على ذلك أم ليس ذلك عليو ؟‬
‫وكيف إن كان ىذا في ٍ‬
‫بلد ال ُسلطا َن يُك ِرُىهم على‬
‫الم ْن َكرات‪ ,‬فهل نُبيح‬ ‫ِ‬
‫الواجبات‪ ,‬ويَـ ْنهاىم عن ُ‬
‫ين دينهم‪ ,‬أن يقوموا‬ ‫ِ‬
‫لجماعة من المسلمين المرضي َ‬
‫مقام السلطان‪ ,‬أم ليس يَجوز ذلك ؟‬
‫َ‬

‫( تم الجزء األول (‬

‫‪94‬‬
‫الجـزء الثان ـي‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫وصلّى ا﵁ على ‪٧‬بمد قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬إف الذي‬


‫مت لك ‪٩‬با يُرجى للوالِد ُب تعليم ولِده القرآ َف‪ ،‬إّنا‬ ‫قَد ُ‬
‫فل ‪،‬‬‫غيب للوالد ُب تعليم ولده الط ِ‬ ‫ىو على وجو الَب ِ‬
‫لنفس ِو ما‬
‫فسو نَػ ْفعا وال ضراً‪ ،‬وال ُدييز ِ‬ ‫ك لِنَ ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي ال َديل ُ‬
‫َّ‬
‫يأخ ُذ ‪٥‬با‪ ،‬وما يدفعُو عنها وليس لو ملجأٌ ّإال لوالِده‬
‫٘بب عليو نَػ َفقتُو لِمعيشتِو‪ .‬فما زاده بعد ذلك‬ ‫الذي ُ‬
‫الواجب‪ ،‬فهو إحسا ٌف من الوالد للولَد‪ ،‬كما لو أحسن‬
‫يلزُمو نَػ َف َقتُو ولكن يُرجى لو فما‬
‫ْب‪ ،‬أو لَمن ال َ‬ ‫للَ ْجنَبِي َ‬

‫‪95‬‬
96
‫أفضل ‪ ،‬إذ ليس‬ ‫أحسن بو إذل ولده ا‪٤‬بػُحتاج إليو ما ىو ُ‬ ‫َ‬
‫ستعْب هبا فيَ ْستَغِب‬
‫فل يَ ُ‬ ‫يُش ِركو فيو غّبُه‪ ،‬وال حيلةَ للط ِ‬
‫بنفسو فيها عن نظ ِر و ِ‬
‫الده لو فيها‪.‬‬
‫أوالدىم الصال َة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وقد أ ُِمَر ا‪٤‬بسلموف أف يعلموا‬
‫والوضوءَ ‪٥‬با‪ ،‬ويُدربوىم عليها‪ ،‬ويؤدبوىم هبا ليسكنوا‬
‫إليها ويألفوىا‪ ،‬فَػتَ ِخف عليهم إذا انتَػ َه ْوا إذل ُوجوهبا‬
‫عليهم‪ .‬وىم البُد ‪٥‬بم إذا علموىم الصال َة‪ ،‬أَ ْف يعلّموىم‬
‫أمر ا‪٤‬بسلمْب‬ ‫من القرآف ما يَقرؤونَو فيها‪ .‬وقد مضى ُ‬
‫توهنم با‪٤‬بعلّمْب‪،‬‬ ‫أوالدىم القرآ َف‪ ،‬ويَأْ َ‬ ‫َ‬ ‫أهنم يعلموف‬
‫تنع منو وال ٌد لَِولَ ِده‬ ‫دي‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫وجيتهدوف ُب ذلك‪ ،‬وىذا ِ‬
‫‪٩‬ب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نفسو‪ ،‬فذلك ال‬ ‫وىو َجيد إليو سبيال‪ّ ،‬إال مداركة شح ِ‬
‫(ٔ)‬
‫س الشح)‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ػ‬‫ْ‬‫ن‬‫َ‬‫أل‬ ‫ا‬ ‫ُحضر ِ‬
‫ت‬ ‫حجةَ لو‪ .‬قاؿ ا﵁ سبحانو‪(:‬وأ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫)‪ - (0‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية رقم(‪.)ٕٔٛ‬‬
‫‪97‬‬
‫ك ُى ُم‬ ‫وؽ ُشح نَػ ْف ِس ِو فَأُوٰلَئِ َ‬ ‫وقاؿ تعاذل‪َ (:‬وَمن يُ َ‬
‫الْ ُم ْفلِ ُحو َف)(ٔ)‪ .‬وال يدعُ أيضا ىذا وال ٌد واح ٌد َهت ُاونا‬
‫جاؼ ال رغبةَ لو ُب ا‪٣‬بّب‪ .‬إف‬ ‫واستِخفافا لَبكِ ِو‪ ،‬إال وال ٌد ٍ‬
‫صف ُب كتابو ِعباده فقاؿ ُسبحانو‪:‬‬ ‫ا﵁َ ُسبحانو َو َ‬
‫باد الر‪ٞ‬ب ِن الذين ديشوف على األرض َى ْوناً ‪ )...‬إذل‬ ‫ِ‬
‫( َوع ُ‬
‫ب لَنَا ِم ْن أ َْزَو ِاجنَا‬ ‫ين يَػ ُقولُو َف َربػنَا َى ْ‬
‫ِ‬
‫وجل ( َوالذ َ‬‫عز ّ‬ ‫قولو ّ‬
‫ْب إِ َم ًاما)(ٕ)‪ .‬فمن رغب‬ ‫ِ ِ‬ ‫وذُرياتِنَا قُػرَة أ َْع ُ ٍ‬
‫اج َعْلنَا لْل ُمتق َ‬
‫ْب َو ْ‬ ‫َ‬
‫ْب‪ ،‬دل يَػْب َخل على‬ ‫إذل ربّو أف جيعل لو من ذُريَتِ ِو قُػرَة َع ْ ٍ‬
‫كره‪:‬‬ ‫عليمو القرآ َف‪ .‬قاؿ ا﵁ جل ِ‬
‫ذ‬ ‫لد ٗبا ينفق عليو ُب تَ ِ‬ ‫وٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‪٢‬بَ ْقنَا هبِِ ْم ذُريػتَػ ُه ْم‬
‫اف أ ْ‬‫(وال ِذين آمنُوا واتػبػعْتػهم ذُريػتُػهم بِِإديَ ٍ‬
‫َ َ َ َ ََ ُ ْ ُ‬
‫ٍ (ٖ)‬
‫ناىم‬‫ْ ُ‬ ‫قص‬ ‫َ‬‫ن‬ ‫وما‬ ‫أي‬ ‫اىم م ْن َع َملِ ِهم من َش ْيء)‬ ‫َوَما أَلَْتػنَ ُ‬
‫)‪ - (0‬سورة ا‪٢‬بشر‪ ،‬االآية رقم (‪.)ٜ‬‬

‫)‪ - (2‬سورة الفرقاف ‪ ،‬اآلية رقم(ٗ‪. )ٚ‬‬

‫)‪ - (3‬سورة الطور ‪ ،‬اآلية رقم(ٕٔ)‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫يدعُ الرغبةَ ُب تعلي ِم أىلِو‬ ‫من عملهم من شيء‪ .‬فما َ‬
‫هتاوناً بو يُفقدىم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا‪٣‬بّب ُشحاً على اإلنفاؽ أو ُ‬ ‫وولده َ‬
‫الولَ ِد ُب ال ّدين‬‫َ‬ ‫كم‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫إف‬ ‫‪.‬‬ ‫ٖبيل‬
‫ٌ‬ ‫أو‬ ‫ذلك ا‪٣‬بّب‪ ،‬إال ٍ‬
‫جاؼ‬ ‫َ‬
‫غّب ال‬ ‫الص‬ ‫ابنو‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ػ‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ّب‬ ‫صغ‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫طف‬ ‫داـ‬ ‫ما‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫حکم و ِ‬
‫الد‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ين‪ ،‬وتَعلّ ُموُ القرآ َف يُؤك ُد لو معرفةَ ال ّدين؟ أَ َدلْ‬ ‫يػُ َعل ُمو الد َ‬
‫ود يُولد على‬ ‫يسمع قوؿ الرسوؿ عليو السالـ‪( :‬كل مولُ ٍ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫فأبواه يػُ َهودانِو أو يػُنَصرانِو كما تَػنَاتَ ُج اإلبِ ُل من‬ ‫الفطْرِ‬
‫ة‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫َهبيمة َ‪ٝ‬بْعاء‪ ،‬ىل ُِ‪ٙ‬بس من َج ْدعاء)‪ ،‬فقالوا يا رسوؿ‬
‫وت وىو صغّب؟ فقاؿ‪( :‬ا﵁ أعلم ٗبا‬ ‫أيت َم ْن َدي ُ‬‫ا﵁‪ :‬أفر َ‬
‫فأخرب ٗبا يُدرؾ الولَ َد من أبَػ َويْ ِو ‪٩‬بّا‬ ‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫لْب)‬ ‫ِ‬
‫كانوا عام َ‬
‫مات ْقبل أف يَبلُ َغ أف يُعل َم‪ ،‬رد رسوؿ ا﵁‬ ‫ِ‬
‫فم ْن َ‬ ‫يػُ َعلمانو‪َ .‬‬
‫ا﵁ هبم ما كانوا‬ ‫‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬أمره إذل عل ِم ِ‬
‫َ‬
‫لد الكافرين يُدرُكهم الض ُرر‬ ‫عاملْب لو عاشوا‪ .‬فإذا كاف ُو ُ‬ ‫ِ‬

‫)‪ - (0‬أخرجو البخاري ومسلم ‪ ،‬وأبو داود واللفظ لو‪ ،‬والَبمذي‪ ،‬وأ‪ٞ‬بد‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ِ‬
‫فع ُب‬
‫أوالد ا‪٤‬بؤمنْب الن ُ‬ ‫من قبَ ِل آبائهم‪ ،‬انبغی أف يُدرؾ َ‬
‫ِ‬
‫ف ا‪٤‬بؤمنْب أف‬ ‫غُب َسلَ ُ‬ ‫ال ّدين من قبَ ِل آبائهم‪ .‬ولقد استَ َ‬
‫االحتِ‬‫يتكلفوا ِ‬
‫جاج ُب مثل ىذا‪ ،‬واكتفوا ٗبا جعل ا﵁ُ‬ ‫َ‬
‫فعملوا بو‪ ،‬وأب َق ْوا ذلك ُسنةً‬ ‫غبة ُب ذلك ِ‬ ‫ُب قلوهبم من الر ِ‬
‫ب ُب ذلك على‬ ‫ف ما ِ‬ ‫ا‪٣‬بلف عن السلَ ِ‬
‫احتُس َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يَػْنػ ُقلها‬
‫أحد من اآلباء أنو ترؾ‬ ‫أحد من اآلباء‪ ،‬وال تػُبػْب على ٍ‬
‫َُ‬
‫ذلك رغبةً عنو وال َهتاوناً بو‪ ،‬وليس ىذا من ِص َف ِة ا‪٤‬بؤمن‬
‫ا‪٤‬بسلم‪.‬‬
‫أحد أنو ترؾ أف يػُ َعل َم ولَ َده القرآف‬ ‫ولَو ظهر على ٍ‬
‫ْ َ‬
‫ض َع عن‬‫ص حالُو‪َ ،‬وَو ُ‬ ‫َهتاونا بذلك‪١ ،‬بُه َل وقُػب َح ونَػ ُق َ‬
‫ف اآلباءَ عن‬ ‫ِ‬
‫حاؿ أىل ال َقناعة والرضا‪ .‬ولكن قد ُخيل ُ‬
‫حسب ما يػُتَبْب من‬ ‫ا‬
‫ً‬‫ر‬‫معذو‬ ‫فيكوف‬ ‫‪،‬‬ ‫ذات ِ‬
‫اليد‬ ‫ذلك قِلةُ ِ‬
‫َ‬
‫ِصحة عُذ ِره‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫ماؿ‪ ،‬فال يَ َدعُوُ أبوه أو َو ِصيوُ ‪ -‬إف‬ ‫و ّأما إ ْف كاف للولَ ِد ٌ‬
‫اجر ا‪٤‬بػَُعل ُم‬ ‫كاف قد مات أبوه ‪ -‬ولْيُ ْد َخ ِل الكتّ َ‬
‫اب‪ ،‬ويُؤ َ‬
‫حسب ما َجيب‪ .‬فإف دل‬ ‫و‬ ‫تعليمو القرآ َف من مالِ‬‫على ِ‬
‫َ‬
‫يكن لِليَتيم وصي نَظََر ُب أم ِره حاكِ ُم ا‪٤‬بػُسلمْب‪ ،‬وسار‬ ‫ْ‬
‫حاكم‬ ‫ال‬ ‫أبيو أو وصي ِو‪ .‬وإ ْف كاف ٍ‬
‫ببلد‬ ‫عليمو سّبة ِ‬ ‫ُب تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ا‪٢‬بو ذلك ِ‬
‫البلد‬ ‫فيو‪ ،‬نُ ِظر لو ُب ِم ِثل ىذا‪ ،‬لو اجتمع ِ‬
‫ص ُ‬‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫فالنظر ُب ىذا اليَتيم من‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬‫على النظَ ِر ُب مصاحل أىلِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تلك ا‪٤‬بصا ِحل‪.‬‬
‫األقرب‬
‫ُ‬ ‫لياؤهُ‬
‫ماؿ‪ ،‬فأمو أو أو ُ‬ ‫وإف دل يكن لليتيم ٌ‬
‫فاألقرب بو ‪ ،‬ىم ا‪٤‬بػُْرغبوف ُب القياـ بو ُب تعليم القرآف‪.‬‬
‫ُ‬
‫فإف تطوع غّبُىم ٕبمل ذلك عنهم‪ ،‬فلو أجرهُ‪ .‬وإف دل‬
‫ِب بو‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫فم‬ ‫‪،‬‬ ‫ذلك‬ ‫ُب‬ ‫بو‬ ‫ی‬ ‫عن‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬‫يكن لليتيم من أىلِ‬
‫ُ‬
‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ب فيو ا‪٤‬بعلم فعل َمو‬
‫احتَ َس َ‬
‫من ا‪٤‬بسلمْب فلوُ أجرهُ‪ ،‬وإ ْف َ‬
‫عز وجل‪ِ ،‬‬ ‫ِِ‬
‫فأجره إ ْف شاءَ ا﵁ُ‬
‫وص َرب على ذلك‪ُ ،‬‬ ‫للو ّ ّ َ‬
‫‪010‬‬
‫معاشوُ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يقوـ منها ُ‬
‫يضعف ُب ذلك‪ ،‬إ ْذ ىي صنعتُو الٍب ُ‬ ‫َ‬
‫استأى َل ‪ -‬إف شاء ا﵁ُ ‪َ -‬حظاً‬ ‫فإذا آثره على ِ‬
‫نفسو‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫ويكفيك من‬
‫َ‬ ‫وافِراً من أجوِر ا‪٤‬ب ْؤث ِرين على أَنْػ ُف ِسهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ب ُب ذلك‬ ‫غ‬ ‫ر‬ ‫ن‬‫م‬ ‫اب‬‫ِ‬ ‫و‬‫َ‬‫ث‬ ‫من‬ ‫لك‬ ‫وصفت‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫عم‬ ‫البياف‬
‫َْ َ َ‬
‫وسارع إليو ‪ ،‬الذي تقدـ عن الرسوؿ عليو السالـ ‪ ،‬إذ‬
‫أجر‪.‬‬
‫قاؿ للمرأة ‪ :‬نعم ‪ ،‬ولك ٌ‬
‫حسن ومن‬ ‫ٌ‬ ‫العلم فهو‬
‫و ّأما تعليم األُنثى القرآ َف و َ‬
‫عر وما أشبَػ َهوُ‪ ،‬فهو‬ ‫فأما أف تُػ َعلم الَبس َل والش َ‬‫َمصا‪٢‬بها‪ّ .‬‬
‫ؤمن‬ ‫صالحو‪ ،‬ويُ َ‬ ‫وؼ عليها‪ .‬وإّنا تػ َعل ُم ما يُرجى ‪٥‬با َ‬ ‫َ‪٨‬ب ٌ‬
‫وسالمتُها من تعل ِم ا‪٣‬بط أَ‪٪‬بَى ‪٥‬با‪ .‬و‪٤‬با‬‫َ‬ ‫عليها من فِتنتِ ِو‪.‬‬
‫ّ‬
‫هودِ‬ ‫أ َِذ َف ‪ -‬النيب صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪ -‬للن ِ‬
‫ساء ُب ُش‬ ‫ّ‬
‫العواتِ َق‬ ‫أو‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫دو‬ ‫ا‪٣‬ب‬ ‫العيد أَمرىن أف ُخي ِرجن العواتِق وذو ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫اس‪،‬‬ ‫أمر ا‪٢‬بائض أف تَػ ْعت ِزَؿ ُمصلى النّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وذوات ا‪٣‬بُدور‪ ،‬و َ‬
‫ا‪٣‬بّب ودعوَة ا‪٤‬بسلمْب‪ .‬فعلى ىذا يُقتَبَ ُل‬ ‫وقاؿ‪ :‬يَ ْشه ْد َف َ‬
‫‪012‬‬
‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤم ُن عليهن فيو‪ ،‬وما خ َ‬ ‫ا‪٣‬بّب الذي يُ َ‬ ‫ُب تعليمهن َ‬
‫جب على‬ ‫أفضل ‪٥‬بن‪ ،‬و ْأو ُ‬ ‫ُ‬ ‫عنهن‬
‫ّ‬ ‫فصرفُوُ‬
‫عليهن منو‪َ ،‬‬
‫نت لك‪ ،‬واستَػ ْه ِد ا﵁َ يَػ ْه ِد‪،‬‬ ‫ُمتَػ َورل أَم ِرىن‪ .‬فَافْػ َهم َما بَػي ُ‬
‫وک َفی بو ىادياً ونصّبا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ا‪٤‬بؤمنات فيما‬ ‫واعلَ ْم أَف ا﵁َ جل وعز قد أخ َذ على‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب فيما عليهم‪ ،‬وذلك ُب‬ ‫َ‬ ‫عليهن‪ ،‬كما أخ َذ على‬ ‫ّ‬
‫ضى‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫إذا‬ ‫ة‬ ‫قولو جل وعز‪( :‬وما كاف لِمؤم ٍن وال لِم ِ‬
‫ؤمنَ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ا﵁ُ ورسولُو أمراً (ٔ)‪ ...‬اآلية) وقولو‪ (:‬وا‪٤‬بؤمنْب وا‪٤‬بؤمنات‬
‫آية من‬ ‫‪ ...‬اآلية ) و‪ٝ‬بعهما ُب حسن ا‪١‬بزاء ُب غّب ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كتابِو‪ ،‬وُب قولو تعاذل‪َ ( :‬و َع َد ا﵁ُ ا‪٤‬بؤمنْب وا‪٤‬بؤمنات‬
‫‪ ...‬اآلية )‪ ،‬وأَمر أزو ِاج نَبِيو عليو السالـ أف يذ ُكْر َف ما‬
‫َِ‪٠‬ب ْع َن منو ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬فقاؿ‪َ (:‬واذْ ُكْر َف َما‬

‫)‪- (0‬سورة االحزاب ‪ ،‬رقم اآلية(‪.)ٖٙ‬‬

‫‪013‬‬
‫ا‪٢‬بِ ْك َم ِة)(ٔ) فكيف ال‬ ‫يػْتػلَى ُِب بػيوتِ ُكن ِمن آي ِ‬
‫ات الل ِو َو ْ‬‫ْ َ‬ ‫ُ ٰ ُُ‬
‫عنهن القائم‬
‫ؼ ُ‬ ‫ا‪٣‬بّب‪ ،‬وما يُعْب عليو ويَص ِر ُ‬ ‫يُعل ْم َن َ‬
‫عليهن ما ُحي َذ ُر عليهن منو ‪ ،‬إ ْذ ىو الراعي فيهن‬
‫ا﵁ ي ِ‬
‫ؤتيو َمن يَشاء وا﵁ُ ذو‬ ‫بيد ِ‬‫ا‪٤‬بسئوؿ عنهن‪ ،‬والفضل ِ‬
‫و ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفضل العظيم‪.‬‬‫ِ‬

‫)‪ - (0‬سورة االحزاب ‪ ،‬اآلية رقم (‪. )ٖٙ‬‬

‫‪014‬‬
‫األول‬
‫الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ّ‬

‫ذكر ما أراد أن يُـبَـيّ َن لو فيما يأخ ُذه المعلمون‬


‫ُ‬
‫وسنةُ ذلك‪ ،‬وما يَصلُح أف يُعلم‬‫على المتعلّمين‪ُ ,‬‬
‫للصبياف مع ال ُقرآف‪ ،‬وما على الُمعلّم أف يػُ َعل َمهم إياهُ‬
‫من سائِر َمصا‪٢‬بهم‪ ،‬وما ال ينبغي لو أف يأخ َذ ِمنهم‬
‫االنْ ِفر ِاد‪ .‬وىل يُعلّم‬
‫عليو أجراً إ ْف ىو علمهم إياه على ِ‬
‫َُ َ‬
‫َبؾ النصاری يعلّموف ا‪٤‬بسلمْب؟‬ ‫ا‪٤‬بسلم النصراين‪ ،‬أو يُ ُ‬
‫ُ‬
‫وىل ي ْش َِب ُط ا‪٤‬بعلم للح ِ‬
‫ذقة أجالً معلوماً‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬
‫مت فوؽ ىذا الباب ما جاء لِ َمن‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ق ّد ُ‬
‫رص عليو‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تعليمو‪ ،‬وا‪٢‬ب َ‬
‫نت ما يُؤك ُد َ‬‫علم القرآف‪ ،‬وبي ُ‬

‫‪015‬‬
016
‫ذر ِ‪٩‬بّا يُشغِ ُل عنو لِئَال ينساه من َح ِف َظ‪ٗ ،‬با فيو‬ ‫وحي ُ‬
‫جل لنَبِيّو عليو السالـ ‪ (:‬قُ ْل‬ ‫و‬ ‫عز‬ ‫الكفايةُ‪ .‬وُب قوؿ ِ‬
‫ا﵁‬
‫ّ‬
‫أَي َش ْي ٍء أَ ْكبَػُر َش َه َاد ًة قُ ِل اللوُ َش ِهي ٌد بَػْي ِِب َوبَػْيػنَ ُك ْم‬
‫ُوحي إِ َرل ٰى َذا الْ ُقرآ ُف ِأل ِ‬
‫ُنذ َرُكم بِِو َوَمن بَػلَ َغ)(ٔ) َما يُل ِزـ‬ ‫وأ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫القياـ بتعلم القرآف حٌب يَقوـ لو من يػُبَػلغُو إذل يوـ‬
‫وجل‪ ( :‬ولقد يَسْرنا القرآ َف‬ ‫عز‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬ ‫ق‬ ‫كذلك‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫الق ِ‬
‫يامة‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فهل من ُمد ِك ٍر)(ٕ)‪ .‬وىو ُميَسٌر للذك ِر إذل يوـ‬ ‫للذ ْكر ْ‬
‫ِ‬
‫القيامة‪ ،‬وما أختلَف ا‪٤‬بػسلموف أف القرآف ىو حجةُ ا ِ‬
‫﵁‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫القياـ‬ ‫ِ‬
‫على عباده إذل يوـ القيامة‪ ،‬وأ ّف على الػ ُمسلمْب َ‬
‫بو ‪ ،‬والدعوَة إليو إذل يوـ القيامة‪.‬‬

‫)‪ - (0‬سورة االنعاـ ‪ ،‬اآلية رقم (‪. )ٜٔ‬‬

‫)‪ - (2‬سورة القمر ‪ ،‬اآلية رقم (ٕٕ) ‪.‬‬

‫‪017‬‬
‫عبد ِ‬
‫ا﵁‬ ‫سألت َ‬ ‫وُب الصحيح لِطَْلحةَ ب ِن م ٍ‬
‫طرؼ قاؿ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يب صلّى ا﵁ عليو وسلّم؟ فقاؿ ‪:‬‬ ‫َوَب‪ :‬أوصى الن ّ‬
‫بن أيب أ َ‬
‫الوصيةَ أُِمُروا ِهبا ودل‬ ‫كتب على النّاس َ‬ ‫فقلت‪ :‬كيف َ‬ ‫ال ‪ُ ،‬‬
‫ا﵁‪ .‬ومشتهر عند‬ ‫بكتاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص؟‪ ،‬قاؿ‪ :‬أ َْوصى‬ ‫يُ ِ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪-‬‬ ‫ا‪٤‬بسلمْب أنو جاء عن النّ ّ‬
‫تضلوا ما ‪ٛ‬بس ْكتُم هبما‪:‬‬ ‫كت فيكم أمريْن لن َ‬ ‫أنو قاؿ‪ :‬تر ُ‬
‫وسنٍب‪.‬‬
‫كتاب ا﵁ ُ‬
‫َ‬
‫أجره‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فهو شيءٌ البد من تعلمو‪ ،‬ولكن َم ْن قاـ بو فَلوُ ُ‬
‫با﵁ أف يَػتّ ِف َق‬ ‫ترؾ حظو‪ ،‬وأعوذُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ومن دل يَػ ُقم بو َ‬
‫ِ‬
‫لكانت‬ ‫الػ ُمسلموف على تَرؾ القياـ بو ‪ ،‬ولو كاف كذلك‬
‫ع كتابُو‬ ‫ا‪٥‬بلَ َكةُ ا‪٤‬ب ػبّبةُ‪ ،‬فأعوذُ با﵁ من َغ ِ‬
‫ضبو ومن أف يػُْنتَػَز َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت القرآف ُب ِ‬
‫قلوب‬ ‫صدور ا‪٤‬بؤمنْب‪ ،‬وأسألُو أف يػُثْبِ َ‬ ‫من ُ‬
‫صدورىم لو‪ ،‬وأف يُقبِلوا بِ ُقلوهبم‬ ‫شرح ُ‬ ‫ا‪٤‬بؤمنْب‪ ،‬وأف يَ َ‬
‫وحس ِن تَ َدب ِره حٌب يػُ َفق َه ُه ْم فيو على ما‬ ‫على استذكارِه ُ‬
‫‪018‬‬
‫ْب ‪ -‬وصلى ا﵁‬ ‫بي‬‫الن‬ ‫بيػنو ‪٥‬بم الرسوؿ الػمبْب‪٧ ،‬بمد ِ‬
‫خاًب‬
‫ٌ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫على سيّدنا ‪٧‬بم ٍد وآلو وصحبِو وسلّم تسليما ‪-‬‬
‫ْب‪ ،‬الذي‬ ‫فيهديهم بذلك ِ‬
‫ا‪٤‬بستقيم‪ ،‬وسبيلَو ا‪٤‬بستب َ‬ ‫َ‬ ‫و‬‫َ‬‫ط‬‫ا‬‫ر‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫وجل قاؿ‪:‬‬ ‫ف ا‪٤‬بؤمنْب‪ ،‬فِإنو ّ‬ ‫َدرج عليو صا‪٢‬بو السلَ ِ‬
‫عز ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫نسا َف بَِوالِ َديْ ِو َ‪ٞ‬بَلَْتوُ أُموُ َوْىنًا َعلَ ٰى َوْى ٍن‬ ‫ِ‬
‫( َوَوصْيػنَا ْاإل َ‬
‫ِ‬ ‫ْب أ َِف ا ْش ُكر ِرل ولِوالِ َديْ َ ِ‬ ‫صالُوُ ُِب َع َام ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك إ َرل الْ َمصّبُ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َوف َ‬
‫ك بِِو‬ ‫س لَ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫اى َد َاؾ َعلَ ٰى أَف تُ ْشرَؾ يب َما لَْي َ‬ ‫﴿ٗٔ﴾ َوإِف َج َ‬
‫احْبػ ُه َما ُِب الدنْػيَا َم ْعُروفًا َواتبِ ْع‬ ‫ِعْلم فَ َال تُ ِطعهما وص ِ‬
‫ُْ َ َ َ‬ ‫ٌ‬
‫اب إِ َرل ٍُب إِ َرل َمْرِجعُ ُك ْم فَأُنَػبئُ ُكم ِٗبَا ُكنتُ ْم‬ ‫يل َم ْن أَنَ َ‬ ‫ِ‬
‫َسب َ‬
‫تَػ ْع َملُو َف﴿‪.)ٔ()﴾15‬‬
‫ًب الٍب َحذ َر منها ومن‬ ‫وأعوذ با﵁ من مضالت ِ‬
‫الف َ ِ‬ ‫َ‬
‫ا﵁‬ ‫أسأؿ‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫الـ‬ ‫الس‬ ‫عليو‬ ‫سوؿ‬
‫ُ‬ ‫الر‬ ‫َكوهنا ُب آخر الز ِ‬
‫ماف‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫)‪ - (0‬سورة لقماف ‪.‬‬

‫‪019‬‬
‫دخلنا بَِر‪ٞ‬بتِو ُب عباده الصا‪٢‬بْب‪ ،‬ا‪٤‬بعتصمْب‬
‫الكرمي أف ي ِ‬
‫َ ُ‬
‫بو ا‪٤‬بْنصورين‪ ،‬فإنو قد جاء عن الرسوؿ عليو السالـ أنو‬
‫ين‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬ال تزاؿ طائفةٌ من أُمٍب على ا‪٢‬بق ظاىر َ‬
‫أىل ا‪٢‬بق ال‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫اليضرىم من خالََفهم حٌب يأٌب أمر ِ‬
‫ا﵁‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫يزالوف يستشّبوف القرآف ويهتدوف ُب ِ ِ‬
‫استبانتو ٗبا بيّػنَوُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عرفو أئمةُ‬ ‫سوؿ عليو السالـ‪ُ ،‬مقتدين ُب ذلك ٗبا َ‬ ‫الر ُ‬
‫األمة ا‪٤‬بْر ِضيْب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّدين من سالِف‬
‫َ‬
‫ٍبّ اعلَم أف أَئِ ّمةَ ا‪٤‬بسلمْب ُب صد ِر ىذه األُّمة‪ ،‬ما‬
‫منهم ّإال من قَد نَظََر ُب ‪ٝ‬بيع أموِر الػ ُمسلمْب ٗبا‬
‫العام ِة‪ ،‬فلم يَػْبػلُ ْغنا أف أحدا منهم‬
‫ا‪٣‬باصة و ّ‬
‫ِ‬
‫يُصلحهم ُب ّ‬
‫أوالدىم من صغرىم ُب‬ ‫اس َ‬ ‫أقاـ ُمعلّمْب يُعلّموف لِلن ِ‬
‫ماؿ ا﵁‬ ‫وجيعلوف ‪٥‬بم على ذلك نَصيباً ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتاتيب‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫القياـ للمسلمْب‪،‬‬ ‫جل وعز‪ ،‬كما قد صنعوا لِمن كلفوه ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالهتم ُب‬ ‫ُب النظ ِر بينَهم ُب أحكامهم‪ ،‬واألذاف ل َ‬
‫‪001‬‬
‫ىم‪ ،‬مع سائ ِر ما جعلوه ِحفظاً ِألموِر ا‪٤‬بسلمْب‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫مساجد ْ‬
‫عليهم‪ .‬وما ُديكن أف يكونوا أَ ْغ َفلوا شأ َف معلّم‬ ‫ِ‬
‫َوحيطةً ْ‬
‫أعلم ‪ -‬رأوا أنّو شيءٌ ‪٩‬بّا‬ ‫الصبياف‪ ،‬ولكنهم ‪ -‬وا﵁ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫علموُ ا‪٤‬برء‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫كاف‬ ‫ذ‬‫إ‬ ‫و‪،‬‬ ‫إنساف ُب ِ‬
‫نفس‬ ‫ٍ‬ ‫أمره كل‬
‫َ ُ‬ ‫خيتص ُ‬
‫ّ‬
‫نفسو ا‪٤‬بختص بو‪ ،‬فأبْقوه عمالً‬ ‫لده فهو من صالح ِ‬ ‫لو ِ‬
‫عمل اآلباء‪ ،‬الذي يكوف ال ينبغي أف َحي ِملَو عنهم‬ ‫من ِ‬
‫ظر‬ ‫ّ‬‫الن‬ ‫ا‪٤‬بسلمْب‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫أئم‬ ‫رؾ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ػ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫غّبىم إذا كانوا م ِط ِ‬
‫يقيو‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫للمسلمْب أف يفعلوه‬ ‫ُب ىذا األمر‪ ،‬وكاف ‪٩‬بّا ال بُد منو ُ‬
‫أنفسهم ّإال على ذلك‪ ،‬وا‪ٚ‬بذوا‬ ‫طيب‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫ىم‬ ‫ُب أو ِ‬
‫الد‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ويرعاىم‬ ‫ألوالدىم معلّما َخيتص هبم‪ ،‬ويُدا ِوُمهم‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫حسب ما يَرعى ا‪٤‬بعلّم ِصبيانَو‪ ،‬وبَػعُ َد أ ْف ُديكن أف يُوجد‬
‫أوالدىم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن النّاس َم ْن يَػتَطوعُ للمسلمْب فيعل َم ‪٥‬بم َ‬
‫ماس َمعايِ ِش ِو‪ ،‬وتصرفَوُ ُب‬
‫َ‬
‫وَحيبِس نفسو عليهم‪ ،‬ويَبؾ الْتِ‬
‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ِ‬
‫للمسلمْب أف‬ ‫صلُ َح ُ‬ ‫َمكاسبو وُب سائ ِر حاجياتو‪َ ،‬‬
‫‪000‬‬
‫يستأجروا من يكفيهم تعليم ِ‬
‫أوالدىم‪ ،‬ويُالزمهم ‪٥‬بم ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويَكتفي بذلك عن تَشاغُلِو بغّبه‪.‬‬
‫ويكو ُف ىذا ا‪٤‬بعلم قد َ‪ٞ‬بَ َل عن آباء الصبياف َم ُؤون َة‬
‫تأديبهم‪ ،‬ويُبصُرىم استقامةَ أحو ِا‪٥‬بم‪ ،‬وما يػُنَمي ‪٥‬بم ُب‬ ‫ِ‬
‫أفهامهم‪ ،‬ويُبعِ ُد عن الشر ما َ‪٥‬بم‪ ،‬وىذه ِعناية‬ ‫ا‪٣‬بّب َ‬
‫اليَ ْكثُػُر ا‪٤‬بتطوعوف هبا‪ .‬ولو انتظر َم ْن يَتطوعُ ٗبعا‪١‬بة‬
‫الصبياف‪ ،‬و‪٤‬با تعلم‬‫ضاع كثّبٌ من ّ‬‫الصبياف القرآ َف‪ ،‬لَ َ‬ ‫تعلي ِم ّ‬
‫القرآف كثّبٌ من الناس‪ ،‬فتكو ُف ىي الضرورةُ القائدةُ إذل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫السقوط ُب فَقد القرآف من الصدور‪ ،‬وال ّداعيةُ الٍب تثبِ ُ‬ ‫ّ‬
‫ضييق ما دل‬‫هالة‪ ،‬فال و ْجوَ لِتَ ِ‬
‫فاؿ ا‪٤‬بسلمْب على ا‪١‬ب ِ‬
‫َ‬ ‫أط َ‬
‫َ‬
‫فيو عن الرسوؿ عليو السالـ ما‬ ‫يأت فيو ِضيق‪ ،‬وال ثَػبت ِ‬
‫ََ‬ ‫ٌ‬
‫يَ ُدؿ على التن ِز ِيو عنو‪.‬‬
‫سنة ٍ‬
‫ثالث‬ ‫يخ ِ‬ ‫ْب ُب تار ِ‬ ‫ا‪٢‬بارث بن ِمسك ٍ‬
‫ُ‬ ‫ولقد ذ َكَر‬
‫‪٠‬بعت مالكاً يقوؿ‪ُ :‬كل‬ ‫ىب قاؿ‪ُ :‬‬ ‫وسبعْب‪ ،‬أخربنا ابن و ٍ‬ ‫َ‬
‫َُ‬
‫‪002‬‬
‫بأج ِر ا‪٤‬بعلّمْب ‪-‬‬
‫كت من أىل العلم ال يرى ْ‬ ‫من أدر ُ‬
‫وىب أيضا ُب ُم َوطئِ ِو‬
‫اب ‪ -‬بأساً‪ .‬والب ِن ٍ‬ ‫معلّمي ال ُكتّ ِ‬
‫ُ‬
‫كل من سألت با‪٤‬بدينة ال‬ ‫ِ‬
‫عن عبد ا‪١‬بَبّار بن عمر قاؿ‪ّ :‬‬
‫يرى لتعليم ا‪٤‬بعلّمْب باألجر بأساً‪.‬‬
‫جل‬‫مالك عن الر ِ‬ ‫وسئِ َل ٌ‬
‫وىب قاؿ‪ُ :‬‬ ‫وللحارث عن ابن ٍ‬
‫ين ديناراً‪ ،‬يُعلّم ابنَو الكتاب والقرآ َف‬ ‫ر‬‫عش‬ ‫جل‬‫ِ‬ ‫لر‬ ‫َجيعل لِ‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫بأس بذلك‪ ،‬وإ ْف دل يَض ِرب‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫فقاؿ‬ ‫و‪،‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫حٌب َحي ِ‬
‫ذ‬
‫َ‬
‫أحق ما يُعلّم أو قاؿ عُل َم‪ .‬وقاؿ‬ ‫أجالً‪ٍ .‬ب قاؿ‪ :‬والقرآ ُف َ‬
‫ابن وىب ُب موطئِو‪٠ :‬بعت مالِكا يقوؿ‪ :‬ال بأس ِ‬
‫بأخذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫القرآف والكتاب‪ .‬قاؿ ‪ :‬فقلت ٍ‬
‫‪٤‬بالك‪:‬‬ ‫األج ِر على تَعليم ِ‬
‫ُ‬
‫أيت إذا َشَر َط مع َمالَوُ من األج ِر ُب ذلك شيئاً‬ ‫أفر َ‬
‫كل فِطْ ٍر أو أَضحى؟ قاؿ ال بَأس بذلك‪.‬‬ ‫سمی ّ‬ ‫ُم ًّ‬
‫ت يب حكايةٌ تُذكر‬ ‫قاؿ‪ ،‬قاؿ‪ :‬أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ولقد مر ْ‬
‫فأقبل‬ ‫وىب أنو قاؿ‪ :‬كنت جالساً عند ما ٍ‬
‫لك‬ ‫عن اب ِن ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪003‬‬
‫رج ٌل‬ ‫ِ ِ‬
‫إين ُ‬ ‫إليو معلّ ُم ال ُكتّاب‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬يا أبا عبد ا﵁‪ّ ،‬‬
‫ت أف أُشا ِرط‪،‬‬ ‫ب الصبياف‪ ،‬وإنو بَػلَغَِب شيءٌ‪ ،‬ف َك ِرْى ُ‬ ‫ُمؤد ُ‬
‫اس علي‪ ،‬وليس يُعطونَِب كما كانوا‬ ‫نع النّ ُ‬
‫وقد امتَ َ‬
‫يُعطوف‪ ،‬وقد اضطررت بِعيارل وليس رل حيلةٌ ّإال‬
‫ؼ‬ ‫ب وشا ِ‬ ‫التعليم‪ ،‬فقاؿ لو مالك‪ :‬اِ‬
‫فانصر َ‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ط‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ ْ‬‫ى‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عبد ا﵁‪ ،‬تَ ُأمُره أف‬ ‫الرجل‪ .‬فقاؿ لو بعض جلَسائِو‪ :‬يا أبا ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ط‬‫نعم فَ َم ْن ُديَح ُ‬
‫يشَبط على التعليم؟ فقاؿ ‪٥‬بم مالك‪ْ :‬‬ ‫َِ‬
‫لنا ِصبيانَنا؟ ومن يؤدهبم لنا؟ لوال ا‪٤‬بعلّموف أي ٍ‬
‫شيء ُكنّا‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫‪٫‬بن؟ ويَ ُشد ما ُب ىذه ا‪٢‬بِكاية عن مالك ما‬ ‫نكوف ُ‬
‫ابن َسحنوف قاؿ‪ :‬حدثونا عن ُسفياف الثوري‪ ،‬عن‬ ‫ذكره ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ثالث البُد‬
‫مسعود‪ٌ :‬‬ ‫العالء ب ِن السائب‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ ُ‬
‫ابن‬ ‫َ‬
‫اس منهم‪ِ ،‬م ْن أم ٍّب َحي ُكم بينَهم‪ ،‬ولوال ذلك أل َك َل‬ ‫للنّ ِ‬
‫اس من ِشراء ا‪٤‬بصاحف‬ ‫بعضهم بعضاً‪ ،‬وال بُد للنّ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫وبيعِها‪ ،‬ولوال ذلك لبطَل كتاب ِ‬
‫ا﵁‪ ،‬وال بُد للنّاس من‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫‪004‬‬
‫ُمعل ٍم يُعلم َ‬
‫أوالدىم‪ ،‬ويأخذ على ذلك أجرا‪ ،‬ولوال ذلك‬
‫سي القرآ ُف ‪-‬‬
‫ا‪٤‬بصاحف لَنُ َ‬
‫ُ‬ ‫اس أُميْب‪ -‬يُريد لوال‬
‫كاف النّ ُ‬
‫الضرورة القائدةُ‬
‫وكل ىذا يَ ُشد لك قورل‪ ،‬فتكو ُف ىي ّ‬
‫قوط ُب فَػ ْق ِد ِ‬
‫القرآف ِم َن الصدور‪.‬‬ ‫إذل الس ِ‬
‫وقد أحتج كثّبٌ من علمائنا ُب جوا ِز أَخذ اإلجارةِ‬
‫عملوا بو‪،‬‬ ‫شرط أف الناس قد ِ‬ ‫بشرط كانت أو بغّب ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫طاء بن أيب َرباح‪ ،‬وعن‬ ‫وأجازوه‪ ،‬وذَكروا ذلك عن ع ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الصا‪٢‬بْب‪،‬‬ ‫و‬ ‫مة‬ ‫األئ‬ ‫من‬ ‫ا‪٢‬بسن البصري‪ ،‬وعن غّب و ٍ‬
‫احد‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫وجي ُيزه بغّب شرط ِدلَ فرؽ‬ ‫كرهُ الشر َط فيو ُ‬
‫زعم أنو يَ َ‬
‫فَ َم ْن َ‬
‫كرُىوُ إذا اشتَػَرط ّإال من قِبَ ِل أنو أخ َذ‬
‫بينَهما؟ ىل ىو يَ َ‬
‫عليمو القرآف؟ وإّنا َجيب أف يُعلم ﵁‪.‬‬ ‫ضا على تَ ِ‬ ‫ِع َو ّ‬
‫وم ْن َعلِ َم أنّو‬
‫َ‬ ‫؟‬ ‫ط‬‫أفلَيس ىكذا إذا أخ َذه بغّب شر ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قاـ اَلتعلي ِم َم َ‬
‫قاـ‬ ‫أليس ىو كالشرط؟ وإذا كاف َم ُ‬ ‫َسيُعطی َ‬
‫يف يَصلح أ ْف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصدقات الٍب إّنا يُراد هبا وجوُ ا﵁‪ ،‬ك َ‬
‫‪005‬‬
‫وض؟ ىذا ما ال يَنبغي‪ ،‬ولكن ما يُؤخذ‬ ‫ِ‬
‫يُؤخذ عليها ع ٌ‬
‫القرآف‪ ،‬ليس َمعناه أف يُؤخذ ُمعاوضةً ىكذا‬ ‫على تعليم ِ‬
‫ض من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ٍ‬
‫لعلة ما‪ ،‬فَػ َهم الػ ُمعلّم من القرآف‪ ،‬وإّنا ىو ع َو ٌ‬
‫العناية بالتعليم‪ ،‬والقياـ ل ِرياضتِو َحسب ما تقدـ من‬
‫عم َل لغّب ذلك‬ ‫ٍ‬
‫عم ُل ﵁‪ ،‬ال جيوز أف يُ َ‬
‫ّأوؿ‪ .‬وما كاف إّنا يُ َ‬
‫اض الٍب تُناؿ ُب الدنيا‪ ،‬إال على معُب غ ِّب‬ ‫من األَعو ِ‬
‫نفس ِو الذي ال يكوف ّإال ﵁‪.‬‬
‫الػمعاوض ِة من العمل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ََ‬
‫سعيد ا‪٣‬بد ِري قاؿ‪:‬‬ ‫وذُكِر ُب الصحيح من حديث أيب ٍ‬
‫َ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو‬ ‫انطلق نَػ ْفر من أصحاب ِ‬
‫ٌ‬
‫حي من‬ ‫حٌب نَػَزلوا على ّ‬ ‫وسلّم ‪ُ -‬ب س ْفَرٍة سافَروىا‪ّ ،‬‬
‫ضيفوىم‪ ،‬فَػلُ ِد َ‬
‫غ‬ ‫أحياء العرب فاستَضافوىم‪ ،‬فأبوا أ ْف ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫شيء ال يَنفعو شيءٌ‪،‬‬ ‫سيد ذلك ا‪٢‬بي‪ ،‬فَسعوا إليو بكل ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ َْ‬ ‫ُّ‬
‫بعضهم‪ :‬لو أَتَيتُ ْم ىؤالء الرْى َط الذين َنزلوا‪ ،‬لَعلوُ‬
‫فقاؿ ُ‬
‫وىم‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أيها‬ ‫ِ‬
‫أ ْف يكوف عند بعضهم شيءٌ‪ .‬فأتَ ُ‬
‫‪006‬‬
‫غ‪ ،‬وسعينا لو بكل ٍ‬
‫شيء ال يَنفعُو‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ط‪ ،‬إف َسيدنا لُد َ َْ‬ ‫الرْى ُ‬
‫عم‬ ‫ٍ‬
‫بعضهم‪ :‬نَ ْ‬ ‫فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقاؿ ُ‬
‫تض ْفنا ُکم‪ ،‬فلم‬ ‫ِ‬
‫اس َ‬ ‫لكن وا﵁ لقد ْ‬ ‫إين أل َْرقَى و ْ‬ ‫وا﵁ ّ‬
‫ٍ‬
‫حٌب ٘بعلوا لنا ُج ْعالً‪،‬‬ ‫تُضيفونا‪ ،‬فما أنا بِراؽ لكم ّ‬
‫فانطلق يَت ُفل عليو‬
‫َ‬ ‫فصا َ‪٢‬ب ُهم على قطي ٍع من الغَنَ ِم‪،‬‬
‫رب العا‪٤‬بْب‪ ،‬فكأّّنا نَ ِش َط من ِعقاؿ‪،‬‬ ‫ا‪٢‬بمد ﵁ ّ‬ ‫ويقرأ‪ُ :‬‬
‫فانقلب َديشي وما بو قَػلَبَةٌ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فأوفَػ ْوُىم ُج ْعلَهم‬ ‫َ‬
‫الذي صا َ‪٢‬بوىم عليو‪ .‬فقاؿ بعضهم‪ :‬اِقْ ِس ُموا‪ .‬قاؿ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁‬ ‫حٌب نأٌب َ‬ ‫تفعلوا ّ‬ ‫الذي َرقَى‪ :‬ال َ‬
‫يأمرنا‪.‬‬
‫ظر ما ُ‬ ‫عليو وسلّم‪ ، -‬فَػنَذ ُكَر لو الذي كاف‪ ،‬فَػنَػْن َ‬
‫فقدموا على رسوؿ ا﵁ ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم ‪-‬‬
‫يك ّأهنا ُرقْػيَةٌ؟ ٍبّ قاؿ‪ :‬قد‬ ‫فذكروا لو فقاؿ‪ :‬وما يُدر َ‬
‫يب‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫اض ِربوا رل معكم سهما‪ ،‬وض ِ‬
‫ح‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫م‬ ‫أصبتُم‪ ،‬اقْ ِ‬
‫س‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬
‫‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪.-‬‬
‫‪007‬‬
‫يب ‪-‬صلّى ا﵁‬ ‫قاؿ البُخاري‪ :‬وقاؿ ُ ٍ‬
‫ابن عبّاس‪ ،‬قاؿ النّ ّ‬
‫أخذًب عليو أجراً كتاب ِ‬
‫ا﵁‪.‬‬ ‫عليو وسلّم‪ : -‬أحق ما ُ‬
‫ُ‬
‫أجر ا‪٤‬بعلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قاؿ‪ ،‬وقاؿ ا‪٢‬ب َك ُم‪ :‬دل أ‪٠‬بع أحداً كره َ‬
‫وقاؿ الشعيب‪ :‬ال يَش َِبط ا‪٤‬بعلّ ُم ّإال أف يُعطى شيئا‬
‫اىم‪ .‬وأما النسائي‬ ‫عشرَة در َ‬ ‫ا‪٢‬بسن َ‬‫ُ‬ ‫أعطى‬‫فيقبَػلُو‪ ،‬و ْ‬
‫‪٧‬بمد بن‬ ‫فقاؿ‪ :‬أخربنا َعمرو بن علي‪ ،‬قاؿ‪ :‬حدثَنا ّ‬
‫جعفر‪ ،‬قاؿ ‪ :‬حدثنا ُشعبَة عن عبد ا﵁ بن أيب الس ْقر‪،‬‬
‫لت‪ ،‬عن عمو قاؿ‪:‬‬ ‫عن الشعيب‪ ،‬عن خارجةَ ب ِن الص ِ‬
‫ّ‬
‫فأتينا‬ ‫أقبلنا من ِ‬
‫يب ‪ -‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ْ ، -‬‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫عند‬ ‫َ‬
‫العرب‪ ،‬فقالوا‪ :‬ىل عندكم دواءٌ أو ُرقْػيَةٌ‪،‬‬ ‫حي من َ‬ ‫على ٍّ‬
‫عتوه ُب ال ُقيود‪،‬‬ ‫عندنا معتوىاً ُب ال ُقيود‪ .‬فجاؤا ٗب ٍ‬
‫َ‬ ‫فإ ّف َ َ‬
‫أ‪ٝ‬بع‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ة‬ ‫ي‬ ‫فقرأت عليو فا‪ٙ‬بةَ الكتاب ثالثةَ أي ٍاـ غُ ْدوًة وع ِ‬
‫ش‬
‫ُ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫ُ‬
‫َعطَْوين ُج ْعالً‪،‬‬ ‫قاؿ‪ .‬فأ ْ‬‫بزاقي وأَتْػ ُفل‪ ،‬فكأَّّنا نَ ِشط من ِع ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬ال‪ .‬فقالوا‪َ :‬س ِل النّيب ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪. -‬‬ ‫ُ‬
‫‪008‬‬
‫باطل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫أكل ُبرقية ٌ‬ ‫فلع ْمري َم ْن َ‬ ‫فسألتُو ‪ ،‬فقاؿ‪ُ :‬ك ْل‪َ ،‬‬
‫حق‪.‬‬‫أكلت بُِرقية ٍّ‬
‫فلقد َ‬
‫وقاؿ أبو داود الس ِج ْستاين‪ ،‬ح ّدثنا عن عبد ا﵁ بن‬
‫خارجةَ بن‬ ‫بإسناده عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمعاذ‪ ،‬قاؿ‪ :‬ح ّدثنا ُشعبةُ‬
‫لت عن عبد ا﵁‪ ،‬أنو َمر ب َق ٍوـ فأَتَػ ْوه‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنّك‬ ‫الص ِ‬
‫جل‪،‬‬ ‫الر‬ ‫ىذا‬ ‫لنا‬ ‫ِجْئت ِمن عند ىذا الرج ِل ٖبّب فارِ‬
‫ؽ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫معتوه ُب ال ُقيود‪ ،‬فرقاهُ بأُـ القرآف ثالثةَ أيّ ٍاـ‬ ‫برجل ٍ‬ ‫فأتوه ٍ‬
‫وع ِشيةً‪ُ ،‬كلّما ختَمها َ‪ٝ‬بَع بُزاقوُ ٍبّ تَػ َف َل‪ ،‬فكأّّنا‬ ‫غُ ْد َوًة َ‬
‫يب ‪-‬صلّى ا﵁‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫فأتى‬ ‫‪.‬‬ ‫شيئا‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫فأع‬
‫ْ‬ ‫‪،‬‬‫عقاؿ‬ ‫من‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ش‬‫أُنْ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫عليو وسلّم‪ ، -‬فذكر لو‪ .‬فقاؿ لو النيب ‪-‬صلّى ا﵁ عليو‬
‫وسلّم‪ُ : -‬ك ْل فَػلَعُ ْمري فَلمن أكل برقية باطل لقد‬
‫حق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أكلت برقية ّ‬‫َ‬
‫ا‪٢‬بديث ُموافق للذي تَػ َق ّد َـ‬
‫ُ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فهذا‬
‫ذكره عن الصحيح يص ّدؽ بعضو بعضا‪ُ ،‬ب إجازِة ِ‬
‫أخذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪009‬‬
‫ْب ُب‬ ‫ػ‬ ‫ب‬ ‫وقد‬ ‫‪.‬‬ ‫بو‬ ‫نتفع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تاب ا﵁ ِ‬
‫‪٩‬ب‬ ‫اإلجارِة على كِ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ ُ‬
‫حديث أيب َسعيد ا‪٣‬بدري‪ ،‬أف الراقي يَش َِب ُط عليهم‬
‫ناء الذي‬ ‫ا‪١‬بعل على رقيتِو وىو ( إتفالُو ) ُب ذلك الع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُْ َ‬
‫يب ‪-‬‬ ‫ِب با‪٤‬بلدوغ حٌب شفاه ا﵁ بكتابو‪ .‬وفيو قاؿ النّ ّ‬ ‫َع َ‬
‫ىب‬ ‫معكم ٍ‬ ‫اض ِربوا رل َ‬
‫بس ْهم‪ .‬فذ َ‬ ‫َ‬ ‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬و ْ‬
‫الكسب الذـ كلوُ‪ ،‬وال إعافة فيو‪ ،‬وال فيما‬ ‫ِ‬ ‫عن ىذا‬
‫َمغناه َم ْغن‪.‬‬
‫أىل‬ ‫أف‬ ‫‪،‬‬ ‫لت‪ ،‬عن عم ِ‬
‫و‬ ‫وُب حديث خا ِرجةَ بن الص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يب ‪-‬صلّى‬ ‫الن‬ ‫عن‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫يكن‬ ‫دل‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬‫َعطو‬ ‫أ‬ ‫ِ‬
‫ا‪٤‬بعتوه‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫شَبط‪ .‬وبَػْب‬ ‫باحتو لو‪ ،‬وإف كاف دل يَ َِ‬ ‫ِ‬
‫ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬إ َ‬
‫أىب أف يأخ َذ‪ ،‬فقالوا لو‪َ :‬س ِل‬ ‫ُب حديث النّسائي أنو َ‬
‫النّيب ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ ، -‬وُب ىذا بيا ٌف أنّو َرقَى‪،‬‬
‫شيء‪ ،‬فلم دينع من قبولو‪ .‬وما‬ ‫فسو أخ ُذ ٍ‬ ‫ودل يكن ُب ن ِ‬
‫ْ‬
‫ُب حديث أيب َد ُاوَد أنّو أخ َذ ما أعطَوهُ ‪ ،‬وإذا كاف دل‬
‫‪021‬‬
‫يب ‪-‬‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫قوؿ‬ ‫أف‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫حت‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫‪،‬‬ ‫َؿ‬
‫َ‬ ‫أ‬‫س‬ ‫حٌب‬ ‫ي‬ ‫يأخذ ما أ ِ‬
‫ُعط‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ا‪٢‬بديث ُك ْل إذل آخره ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬إِف صح‬
‫معناه اإلذ ُف لو ‪ -‬فيما يُستَػ ْقبَ ُل ‪ -‬أف يفعل ذلك‪،‬‬
‫نص حديث‬ ‫األجر وال يَػتَأٍَبُ منو‪ .‬وما ُب ّ‬
‫ليأخذ عليو َ‬
‫خارجةَ‪ ،‬ما يَ ُد ّؿ على أنو أخذ من ىذا ا‪٤‬بعتوه شيئا بعد‬
‫يب ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬لو ُب ذلك‪ .‬وكذا‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫ف‬‫إِ ْذ ِ‬
‫ّ‬
‫صدهُ ُب ّأوؿ ُرقياه‪ ،‬إّّنا كاف ﵁‬‫ُحيتمل أنو ما فعل أل ّف قَ َ‬
‫ض‬‫اب ال يَصلُح أخ ُذ العِ َو ِ‬‫ُ‬ ‫س‬ ‫االحتِ‬
‫عز وجل احتساباً‪ ،‬و ِ‬
‫ّ ّ‬
‫منو‪.‬‬
‫وىب أخبَػَرين عمرو بن‬ ‫فإ ْف قيل‪ :‬فقد قاؿ ابن ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الر‪ٞ‬بن‬ ‫ليث بن سعد‪ ،‬عن ُسلماف بن عبد ّ‬ ‫ا‪٢‬بارث‪ ،‬والّ ُ‬
‫عن القاس ِم بن أيب عبد الّر‪ٞ‬بن‪ ،‬أنو بَلغوُ أف رجال من‬
‫قوس‪،‬‬
‫يب ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬ومعو ٌ‬ ‫األنصار جاء الن ّ‬
‫يب ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬فقاؿ‪ :‬من أَيْ َن‬ ‫فأبصرىا النّ ّ‬
‫َ‬
‫‪020‬‬
‫أعطانِيها رجل ِ‪٩‬بن يَ ْستَػ ْق ِرئُِب‪.‬‬
‫وس فقاؿ‪ْ :‬‬ ‫لك ىذه ال َق ُ‬
‫فقوس من نا ٍر‪ .‬وقاؿ اِقْرءوا القرآف‬ ‫ٌ‬ ‫وإال‬
‫فقاؿ‪ْ :‬أرُددىا ّ‬
‫اءوا بو‪ ،‬وال تسمعُوا بو‪.‬‬
‫وال تأكلوا بو‪ ،‬وال تر ْ‬
‫الصحيح لو‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪:‬ىذا يُوض ُح لك أف ُب ّ‬
‫لت الذي قَد ْمناهُ‪.‬‬ ‫أصل‪ ،‬كما ٕبديث خارجةَ ب ِن الص ِ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٢‬بديث‪ ،‬فمعناه ليس‬ ‫ِ‬ ‫اقرءُوا القرآف إذل آخر‬ ‫فأما قولُو َ‬
‫ّ‬
‫من معُب اإلجارة على تعليم القرآف والرقْيا بو ُب ٍ‬
‫شيء‪.‬‬
‫عيب من ال يَقرأ القرآ َف‬ ‫صح نَقلُو من ىذا‪ٌ ،‬‬ ‫إّنا معُب ما َ‬
‫ّإال لِيَأ ُك َل بو‪ ،‬أي من أجل أنّو يقرأُ القرآف يُطْ َع ُم‪ ،‬فيقرأُ‬
‫ىو القرآف ‪٥‬بذه العِلة‪ .‬وقارئُوُ للرقيا ولِلتعليم‪ ،‬إّنا يريد بو‬
‫ض ليس من قِراءَتِو القرآف‪ ،‬إّنا‬ ‫نَػ ْف َع الػ ُمَرقَى وا‪٤‬بعلم بالعِ َو ِ‬
‫عيب إّنا يُطْ َع ُم‬ ‫ػ‬ ‫ا‪٤‬ب‬ ‫األجر‬
‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫عل‬ ‫ا‪٤‬ب‬
‫و‬ ‫ى‬ ‫َ‬‫ق‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ػ‬ ‫بال‬ ‫و‬‫ىو من عنايتِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫طعاـ قرأَ‪ ،‬ال لِيَػْنػ َف َع بقراءتو أحداً‪ .‬أال ترى‬ ‫لِقراءتِو‪ .‬ول ِإل ِ‬
‫كيف قِيل‪ :‬وال تَػَراءَ ْوا بو وال تَ َسمعوا بو‪ .‬وقصد َى َذيْن‬
‫‪022‬‬
‫قصد اآلخر أف‬ ‫أظهرا من ذلك‪ ،‬كما َ‬ ‫الثناءَ عليهما ٗبا َ‬
‫يأكل بو ال منفعة ُب ذلك ألحد‪.‬‬ ‫َ‬
‫صة ال َق ْوس فقد قاؿ فيها أبو داود‪ :‬ح ّدثنا أبو‬ ‫ِ‬
‫و ّأما ق ّ‬
‫بكر بن أيب شيبةَ ‪ ،‬قاؿ‪:‬ح ّدثنا وكيع‪ ،‬و ُ‪ٞ‬بيد بن ِ‬
‫عبد‬ ‫َ ٌ‬ ‫َْ‬
‫ياد‪ ،‬عن عُباد َة ب ِن‬ ‫الر‪ٞ‬بن الرؤاسي‪ ،‬عن مغّبَة بن ز ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫نُسي‪ ،‬عن األسود بن ثَعلبةَ‪ ،‬عن عبادة ابن الص ِام ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫مت ناساً من أىل الصف ِة الكتاب والقرآف‪،‬‬ ‫قاؿ‪ :‬عل ُ‬
‫ليست ٍ‬
‫ٗباؿ‪،‬‬ ‫فقلت‪:‬‬ ‫رجل منهم قَػ ْوساً‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫فأىدی رل ٌ‬ ‫َ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁‬ ‫بيل ا﵁‪ ،‬آلتْب َ‬ ‫وأ َْرمي عليها ُب َس ِ‬
‫رسوؿ ا﵁‪،‬‬ ‫فقلت‪ :‬يا َ‬ ‫لسألَنوُ‪ .‬فأتَػْيتُوُ‪ُ ،‬‬ ‫عليو وسلّم‪ ، -‬فَ ْ‬
‫كنت أ َُعل ُموُ الكتاب والقرآ َف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أىدى رل ْقوسا ‪٩‬بن ُ‬ ‫رجل َ‬ ‫ٌ‬
‫ا﵁‪ .‬فَقاؿ‪ :‬إ ْف‬ ‫ٗباؿ‪ ،‬وأَرمي عليها ُب سبيل ِ‬ ‫وليست ٍ‬
‫َ‬
‫ب أف تكوف طَوقا من النّار فاقْػبَلها(ٔ)‪.‬‬ ‫كنت ُ‪ٙ‬ب ّ‬
‫)‪ - (0‬رواه أبو داود وابن ماجه ‪.‬‬
‫‪023‬‬
‫عمر بن عُثما َف‪ ،‬وُكثَػْيػُر بن عبيد‪ ،‬قاال‪:‬‬ ‫وقاؿ‪ :‬حدثنا ُ‬
‫عبد ا﵁ بن بشار‪.‬‬ ‫ح ّدثنا معبد‪ ،‬قاؿ‪ :‬ح ّدثِب بِشر بن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قاؿ عمرو‪ :‬قاؿ حدثِب عُبادة بن نُ َس ْي‪ ،‬عن ُجناد َة بن‬
‫الصامت بنَ ْح ِو ىذا ا‪٣‬برب‪،‬‬ ‫أيب أميّةَ‪ ،‬عن عُبادة بن ّ‬
‫فقلت ما تَرى فيها يا رسوؿ ا﵁‪ ،‬فقاؿ ‪ٝ‬برة‬ ‫األوؿ أًَب‪ُ ،‬‬‫و ُ‬
‫بْب َكتِفيك تَقل َ‬
‫دهتا أو تَػ َعلقتَها‪.‬‬
‫ضيق ما‬ ‫ِِ‬
‫األسانيد ليس ٗبثلها تَ ُ‬‫ُ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ىذه‬
‫ثبت‬ ‫لو‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫األسانيد الصحيحةُ على جوا ِزه وسعتِ ِ‬
‫و‬ ‫ُ‬ ‫دلّت‬
‫ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ديث ىذه ال َقو ِس على ما ذُكر‪ ،‬لَتَوجو إذل ٍ‬
‫معاف‪:‬‬ ‫نقل ح ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫﵁‪ ،‬ال يَرجو على‬ ‫منها أف ىذا ا‪٤‬بعلّم إّنا كاف يعلمو ِ‬
‫ُ ُ‬
‫شيء من الدنيا‪ ،‬فيُمكن أف يكوف‬ ‫ذلك من ا‪٤‬بتعلم أخ َذ ٍ‬
‫ىذا ا‪٤‬بتعلم ‪٩‬بن ال يصلُح أف يُقبَ َل منو تطوعُ َعطائِِو‪ ،‬و‬
‫ليست ماالً كما قاؿ‪ ،‬وإّّنا‬ ‫ْ‬ ‫القوس‬
‫َ‬ ‫رأى ىذا ا‪٤‬بعلّم أ ّف‬
‫عطيها ال يَصلُح‬ ‫ا‪٢‬برب‪ .‬ولعل م ِ‬ ‫ىي آلةٌ يستعاف هبا ُب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪024‬‬
‫لشهود ا‪٢‬برب‪ ،‬فرأى ا‪٤‬بعلّم أف أخذه إياىا ليُقاتِ َل هبا ُب‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪-‬‬‫تشّب فيها َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبيل ا﵁ يَػتس ُع لو‪ ،‬فأخ َذىا ليَ ْس َ‬
‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ ، -‬كما نُص ُب حديث أيب َداود‬
‫كنت ُ‪ٙ‬بب أف تُطَو َؽ طوقاً من‬ ‫ىذا لو‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬إف َ‬
‫أخذىا ٗبا جاء من‬ ‫النّار فاقبػْلها‪ .‬فَمثل لو العقوبةَ ُب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الع ِ‬
‫قوبة ُب أَكل أمو ِاؿ اليَتامى ظُلماً‪ ( ،‬إِّنا يأ ُكلوف ُب‬ ‫ُ‬
‫وض ُع على‬‫ليست تُؤَك ُل إِّنا تُ َ‬
‫ْ‬ ‫القوس‬
‫بُطوىم ناراً )‪ .‬و ُ‬
‫رسوؿ ا﵁‬ ‫العن ِق و بْب األ ِ‬
‫َكتاؼ‪ ،‬ألّهنا تُػتَػ َقل ُد‪ ،‬إ ْذ رأى ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُُ‬
‫‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬أف أخذهُ إياىا ِم َن الظل ِم‬
‫عليمو من‬ ‫ِ ِ‬
‫ل َدافعها‪ ،‬إ ْذ ليس ذلك واجبا عليو‪ ،‬إذ كاف تَ ُ‬
‫دقة عليو‪ ،‬وىو ِ‪٩‬بن اليصلُح لو أف يػُ ْعطَى‪.‬‬
‫وجو الص ِ‬
‫ابن حبيب على إِث ِر‬
‫وديكن أف يكوف ىذا كما قاؿ ُ‬
‫القوس‪ .‬إّنا تأويل ىذا النهي‪ ،‬ومعُب ىذا‬ ‫ة‬ ‫قص‬‫ِروايتِ ِو لِ‬
‫ّ ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسالـ‪ ،‬وحْب كاف‬ ‫ِ‬
‫ا‪٢‬بديث ‪ ،‬أف ذلك كاف ُب مبتَ َدإِ‬
‫ُ‬
‫‪025‬‬
‫الرجاؿ‪ ،‬غّب فاش وال مستفيض‬
‫القرآف قليال ُب صدور ّ‬
‫ُب النّاس‪ ،‬وكاف األخذ على تعليمو يومئذ‪ ،‬وُب تلك‬
‫بعد أف صار فاشياً ُب‬ ‫ا‪٢‬باؿ‪ ،‬إّنا كاف ‪ٜ‬بَناً للقرآف‪ .‬وأما َ‬ ‫ِ‬
‫صاحف‬ ‫ِ‬
‫وصارت الػ َم‬ ‫النّاس‪ ،‬قد أَثْػبَتوه ُب ا‪٤‬بػَصاحف‪،‬‬
‫ُ‬
‫العادل‪ .‬وللقارئ وغّب القارئ‪،‬‬ ‫وما فيها مباحة للجاىل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ً‬
‫طلوبة إذل قوـ دو َف ٍ‬
‫قوـ‪،‬‬ ‫‪٩‬بنوعة‪ ،‬وال م ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪٧‬بجوبة وال‬ ‫غّب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوـ دوف غ ِّبىم‪ ،‬فإّنا اإلجارةُ على‬ ‫صوص هبا ٌ‬‫وال َ‪٨‬ب ٍ‬
‫البد ِف الػ ُمشتَغِل بذلك‪ ،‬وليس ‪ٜ‬بناً للقرآف‪،‬‬ ‫تعليمو إجارةُ َ‬‫ِ‬
‫بيع ا‪٤‬بصاحف إّنا ىو بيع لِلرقوؽ وا‪٣‬بط‬ ‫كما أف َ‬
‫موجود‬
‫ٌ‬ ‫نعة‪ ،‬وليس بيعة ‪٤‬با فيها‪ ،‬ألف الذي فيها‬ ‫والص ِ‬
‫وب عن أحد ‪ ،‬وال‬ ‫حد‪ ،‬وال ‪٧‬بج ٍ‬ ‫طلوب إذل أ ٍ‬‫غّب م ٍ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫مصحف دوف‬ ‫بائع الُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‪٩‬بنوع من ٍ‬
‫‪٨‬بصوص بو ُ‬ ‫أحد‪ ،‬وال‬
‫‪ٜ‬بن‬ ‫ىو‬ ‫ا‬ ‫إّن‬ ‫صاحف‬ ‫م‬ ‫ػ‬ ‫ال‬ ‫ُب‬ ‫ما‬ ‫تعليم‬ ‫كذلك‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫م ْشَب ِ‬
‫يو‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫وإجارة للمعلّم ُب اشتغالِِو ِٗبَ ْن علّ َمو‪ ،‬وانفر ِاده ٗبن علمو‪،‬‬
‫‪026‬‬
‫عليمو‪ .‬وقد علم الكتاب والقرآف‬ ‫وشغَل نفسو ٗبَن قع َد لِتَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫رجاؿ من أئِم ِة ىذا ال ّدين‪ ،‬دل يَػَرْوا بو ألَنْػ ُف ِسهم بأساً ودل‬ ‫ٌ‬
‫بأس‪.‬‬
‫يػَُر ‪٥‬بم بو ٌ‬
‫ابن َحبيب بقولو‪ :‬وصارت‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬يريد ُ‬
‫‪٩‬بنوعة ‪ ،‬أي من أراد‬‫ٍ‬ ‫غّب َ‪٧‬بجوبةًوال‬ ‫ال َػمصاحف ُمباحةً َ‬
‫وج َد ذلك ‪٩‬بُْ ِكناً ‪ ،‬فَِإ ْذ كاف كذلك‬ ‫تاهبا ‪َ ،‬‬ ‫ِشراءَىا أو ا ْكتِ َ‬
‫وكذلك أيضا من أر َاد أف يتعلم القرآ َف من ِعند‬
‫‪٩‬بنوع ‪ ،‬إذا أَعطى‬
‫‪٧‬بجوب وال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫غّب‬
‫الػ ُمعلّمْب َجي ُده كثّبا َ‬
‫من ُب ا‪٤‬بصاحف ليَش َِبي‬ ‫َ‬ ‫عليو اإلجارَة ‪ ،‬كما يػُ ْع ِطي الث‬
‫َ‬
‫اجُر من الػ ُمعلّم ما َجيوز‬ ‫منها ما َجيوز شر ُاؤه ‪ ،‬كذلك يُؤ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إجارتُو من اشتغالو بو ‪ ،‬وحركاتو ُب تعليمو ‪ .‬وىذا كلوُ‬
‫بعضو‬
‫مت لك من البَياف ‪ ،‬كلو يػُ َؤك ُد ُ‬ ‫حسب ما قد ُ‬
‫وجييز إِجارَة ا‪٤‬بػُعلّ ِم على تعليم القرآف ‪ُ ،‬‬
‫وجي ُيز‬ ‫بعضاً ‪ُ ،‬‬
‫ضرهُ أخ ُذ‬
‫َجَر على ذلك ‪ ،‬وال يَ ُ‬ ‫يأخ َذ األ ْ‬
‫للمعلّم أف ُ‬
‫‪027‬‬
‫ِ‬
‫مت لك‬ ‫األج ِر شيئا إذا وَب بِشروط التعليم‪ ،‬وقد قد ُ‬
‫أدرؾ أهنم ُجييزوف إجارة ا‪٤‬بعلّمْب‬ ‫كل َمن َ‬ ‫عن‬ ‫قوؿ ٍ‬
‫مالك‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫مالك ‪ :‬ال‬
‫ابن وىب ‪ :‬قاؿ ٌ‬ ‫‪ .‬وقد قاؿ َسحنوف ‪ :‬قاؿ ُ‬
‫اشَب َط شيئا‬ ‫بأس ٗبا يأْخ ُذ ا‪٤‬بعلّم على تَعليم القرآف ِ‬
‫وإف‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫اط ُب ذلك‪،‬‬ ‫كاف لو حالالً جائزاً ‪ ،‬وال بأس باال ْشَِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اجب ‪ ،‬ا ْشتَػَرطَها أو دل يَ ْش ََِبطْها‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ ِ‬
‫وحق ا‪٣‬بتمة لو و ٌ‬ ‫َ‬
‫أىل العِْل ِم بِبَػلَ ِدنا ‪.‬‬
‫ذلك ُ‬
‫ا‪٢‬بارث َع ِن اب ِن وىب ‪ ،‬قاؿ ‪ُ :‬سئل ٌ‬
‫مالك عن الغُالـ‬ ‫ُ‬
‫لث القرآف‪ ،‬ويُ ْشتَػَر ُط ذلك عليو‬
‫يُ ْدفَ ُع إذل ا‪٤‬بعلّم يُعلمو ثُ َ‬
‫بشيء مسمی‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ال أرى بذلك بأساً‪.‬‬
‫ت ُب ِحكاية لػِموسی بن‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن ‪ :‬ولقد مر ْ‬
‫معاوية عن مع ٍن بن ِعيسى‪ ،‬قاؿ‪ :‬جاء رجل إذل ٍ‬
‫مالك‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بأس بو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ت رجالً ُسورًة باألَ ْجر‪ ،‬قاؿ ‪ :‬ال َ‬ ‫قاؿ‪َ :‬عل ْم ُ‬

‫‪028‬‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وتعليم سورٍة على ا‪٤‬بعلّم ُِب ِ‬
‫حفظ‬ ‫ُ‬
‫ا‪٤‬بتعلّم ‪٥‬با عناء وشغل‪ ،‬فيُمكن أخ ُذ األج ِر على ذلك‪.‬‬
‫بأس‬
‫علي بن أيب طالب قاؿ‪ :‬ال َ‬ ‫وحكايةٌ أخرى عن ّ‬
‫جل األجر على تعليم ِ‬
‫القرآف‪ ،‬وال‬ ‫جل من الر ِ‬
‫َ‬ ‫يأخ َذ الر ُ‬
‫أف ُ‬
‫ا‪٢‬برؼ ِٔبُ ْع ٍل‪ ،‬أ ْف يأخ َذ‬
‫َ‬ ‫َجيوز لو إف قاؿ لو‪ :‬افْتِِب ىذا‬
‫أمر يسّب‪ ،‬أو ىو ِمثْ ُل ٍ‬
‫رجل‬ ‫ا‪٢‬برؼ ٌ‬
‫منو عليو ُج ْعالً‪ ،‬ألف َ‬
‫اإلسالـ‪ ،‬فيقوؿ لو‪:‬‬
‫َ‬ ‫للرجل‪َ :‬عل ْمنی‬‫اإلسالـ فيقوؿ ّ‬
‫َ‬ ‫يُريد‬
‫وز‬ ‫فَ ِ‬
‫إياؾ ُج ْعالً‪ ،‬فإف ىذا أيضاً ال َجي ُ‬‫اعطِب على تَعليمي َ‬
‫مع ما فيو من ال ُقبح‪.‬‬
‫ْب لك أف ما دل يكن على‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فهذا يػُبَػ ُ‬
‫تعليمو من ا‪٣‬ب ِّب مؤونَةُ ُكْل َف ٍة وتَشاغُ ٍل‪ ،‬أف عليو‬ ‫ا‪٤‬بعلّم ُب ِ‬
‫أ ْف يػعلمو لِػمن ال يعلَمو إذا كاف ال بد من ِ‬
‫تعليم ِو ُب‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ َ َ‬
‫ومثْ ُل ىذا لو أف أحداً من أىل ال ُكفر أتى‬ ‫الوقت‪ِ .‬‬
‫ِ‬
‫ب عليو أف يػُ َعل َمو‬
‫اإلسالـ لََو َج َ‬
‫َ‬ ‫لػ ُمسلم‪ ،‬فسألَو أ ْف يػُ َعل َمو‬
‫‪029‬‬
‫اإلسالـ فَػْليُػ َعل ْموُ‬
‫َ‬ ‫ذلك‪ ،‬وال يسألُو عليو أجراً‪ .‬وإذا عل َمو‬
‫وص َف ِة ال ُفروض‪ُ ،‬خيِربُه‬ ‫ما يكوف بو مسلماً‪ِ :‬من الش ِ‬
‫هادة‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫صليهن على طَهارٍة ُب كل يوـ‬ ‫ٍ‬
‫صلوات يُ َ‬ ‫‪ٟ‬بس َ‬
‫أف عليو َ‬
‫كيف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ‬
‫وليلة‪ ،‬ويُوق ُفوُ على عدد ركوع ُكل صالة‪ ،‬ويُريو َ‬
‫الركوعُ‪ ،‬وكيف الصالةُ‪ ،‬وإ ْف دل َجيد من يُعلّمو القرآ َف‬
‫وجب على ىذا الذي ابْػتُل َي بو أ ْف يُعلمو أـ القرآف‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ليصل َي هبا‪ ،‬وال يأخ ُذ منو على شيء من ذلك أجراً‪ٍُ .‬بّ‬
‫تاج إليو ِمن‬ ‫ُ‬ ‫حي‬‫َ‬ ‫ما‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫فيتعل‬ ‫اإلسالـ‬ ‫ُب‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫يذىب ىذا الد ِ‬
‫اخ‬
‫يومو‪ ،‬ويصّب إذل حاؿ‬ ‫يادة على ما جيب عليو ُب ِ‬ ‫ز ٍ‬
‫أىل العلم أخ َذ‬ ‫أجاز‬ ‫الذي‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫جرة‬ ‫أل‬
‫ُ‬ ‫با‬ ‫عليم‬ ‫للت‬ ‫دين‬ ‫الو ِ‬
‫اج‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تعليمو القرآ ُف والكتاب‪ ،‬ليس بْب َمن ُجييز‬ ‫اإلجارِة على ِ‬
‫اختالؼ ُب ذلك‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اإلجارَة على التعليم‬
‫جل َم ْن يُعل ُم‬ ‫الر‬ ‫يستأجر‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ائض‬ ‫ر‬‫الف‬ ‫و‬ ‫قو‬ ‫فأما تعليم ِ‬
‫الف ِ‬
‫ُ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عت –‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابن القاسم عنو فقاؿ‪ :‬ما َ‪٠‬ب ُ‬ ‫ولَده ذلك‪ ،‬فَ ُسئ َل ُ‬
‫‪031‬‬
‫ب ِ‬
‫الفقو‪،‬‬ ‫يعنی من مالك ‪ -‬فيو شيئا‪ّ ،‬إال أنو َك ِرَه بَػْي َع ُكتُ ِ‬
‫عجبُِب‪ ،‬والشرط‬ ‫فإنّا نرى اإلجارَة على تعليم ذلك ال تُ ِ‬
‫على تعليمها أَ َشر‪.‬‬
‫مالك‪ :‬ال‬
‫و ّأما ابن َسحنوف فذكر ُب كتابو‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ ٌ‬
‫ائض‪.‬‬
‫أرى أف َجيوز إجارة من يُعلّم الفقوَ والفر َ‬
‫بأس‬ ‫ال‬ ‫و‬‫ّ‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫ِ‬
‫األندلس‬ ‫أىل‬ ‫بعض‬ ‫وی‬ ‫ر‬ ‫‪:‬‬ ‫وقاؿ ألَبي ِ‬
‫و‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الشع ِر والنّحو‪،‬‬ ‫باإلجارة على تعليم الفقو والفرائض و ّ‬
‫مالك وأصحابُنا‪،‬‬ ‫وىو ِمثْ ُل القرآف‪ ،‬فقاؿ‪َ :‬ک ِرَه ذلك ٌ‬
‫كيف يشبو القرآف‪ ،‬والقرآف لو غايةٌ يػُْنتَػ َهى إليها‪ ،‬وما‬ ‫و َ‬
‫‪٦‬بهوؿ‪ ،‬والفقوُ‬
‫ٌ‬ ‫ذكرت ليس لو غايةٌ يػُْن َتهى إليها‪ ،‬فهذا‬ ‫َ‬
‫ف فيو‪ ،‬والقرآ ُف ىو ا‪٢‬بق الذي‬ ‫ِ‬
‫أمر قد اختُل َ‬ ‫العلم ٌ‬
‫و ُ‬
‫مثل القرآف‪ ،‬وىو ال‬ ‫الشك فيو‪ ،‬والفقوُ ال يُ ْستَظْ َهُر َ‬
‫أمد يَػْنتَ ِهي إليو‪.‬‬
‫يُشبِ ُهوُ‪ ،‬وال غايةَ لو وال َ‬

‫‪030‬‬
‫صبَ َغ‪ :‬فكيف َجوْزًُبُ الشر َط‬ ‫قاؿ ابن حبيب‪ :‬قلت ألَ ْ‬
‫سائل‪ ،‬إذا دل تُ َسموا لذلك‬ ‫على تعليم الشعر والنح ِو والر ِ‬
‫نتهى يػُْنتَهى منو إذل ح ّد‬ ‫أجالً‪ ،‬وىو ّ‪٩‬با ليس لو ُم َ‬ ‫َ‬
‫معروؼ ِٗبنز ِلة ا‪٢‬بِنَاطَِة‬
‫ٌ‬ ‫معروؼ‪ .‬فقاؿ رل‪ :‬ىو عندنا‬ ‫ٍ‬
‫ا‪٢‬بنَاطَة‬‫مالك الشر َط على تعليم ِ‬ ‫وا‪٣‬بَْب ِز‪ ،‬وقد أجاز ٌ‬
‫بلغ من‬ ‫ناعات‪ ،‬فإذا َ‬ ‫وا‪٣‬ببز‪ ،‬وما أشبو ذلك من الص ِ‬
‫ََ‬ ‫َْ‬
‫ب ُب ذلك‬ ‫وج‬ ‫‪،‬‬ ‫اس‬‫ّ‬‫الن‬ ‫ن‬ ‫أىل العِل ِم بو ِ‬
‫م‬ ‫ذلك َمْبػلَ َغ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َحقوُ‪.‬‬
‫ئجار على تعليم الشعر‬ ‫ِ ِ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬أما اال ْست ُ‬
‫مالك‪ :‬ال ي ِ‬
‫عجبُِب‬ ‫ابن القاسم‪ :‬قاؿ ٌ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ل َولَده‪ ،‬فقاؿ فيو ُ‬
‫ىذا‪ .‬والذي اختلف فيو من قدمنا ذكره‪ ،‬إّنا ىو ُب‬
‫ِ‬
‫فأما ما‬‫إِفْراد الػ ُمعلّم باإلجارة على غّب القرآف والكتاب‪ّ ،‬‬
‫كاف من َمعاين التق ِويَِة على القرآف‪ :‬من الكتابة وا‪٣‬بط‪،‬‬
‫فما اختلَفوا فيو‪.‬‬
‫‪032‬‬
‫اب‬
‫ولقد ذ َكر ابن َسحنوف أنو يَنبغي أف يُعلّمهم إعر َ‬
‫ا‪٢‬بسن‪،‬‬
‫َ‬ ‫كل وا‪٥‬بجاءَ وا‪٣‬بط‬ ‫الش َ‬ ‫الزـ لو‪ ،‬و ّ‬ ‫القرآف‪ ،‬ذلك ٌ‬
‫قيف والتػْر ِ‬ ‫والقراء َة ا‪٢‬بسنةَ بالتػو ِ‬
‫ويلزُموُ‬
‫تيل‪ ،‬يَ َلزُمو ذلك‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أَ ْف يُعلّمهم ما َعلِ َم من الػ َمقا ِر ِئ ا‪٢‬بَ َس ِنة وىو َم ْقَرأُ نَافِ ٍع‪،‬‬
‫ِ‬
‫بأس إ ْف أَقْػَرأَىم بغّبه إذا دل يكن ُم ْستَ ْشنَعاً‪ ،‬وال َ‬
‫بأس‬ ‫وال َ‬
‫ب إ ْف َأرادوا‪ .‬قاؿ‪ :‬ويُعل ُمهم األدب‪،‬‬ ‫أف يػُ َعل َمهم ا‪٣‬بُطَ َ‬
‫صيحة ‪٥‬بم‬ ‫﵁ عليو‪ ،‬وىو من الن ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫فإنو من الو ِاج ِ‬
‫َ َ‬
‫وح ْف ِظهم و ِرعايتِهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يأمرىم بالصالة إذا كانوا بَِب َسْب ِع‬
‫للمعلم أ ْف َ‬
‫وينبغي ُ‬
‫ِسنْب‪ ،‬ويَضرَهبم عليها إذا كانوا بِب َعش ٍر‪ .‬وكذلك قاؿ‬
‫مالك‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫أخربنا عنو عبُد الر‪ٞ‬بن وقاؿ‪ :‬قاؿ‬ ‫مالك‪َ ،‬‬‫ٌ‬
‫ضاجع‪.‬‬ ‫يضربوف عليها بنو عش ٍر‪ ،‬ويػ َفر ُؽ بينهم ُب الػم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫اإلناث؟ قاؿ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫الذكور و ُ‬
‫ُ‬ ‫قلت‬

‫‪033‬‬
‫ويلزُمو أف يعلّمهم الوضوءَ والصال َة ألَف ذلك من‬ ‫قاؿ‪َ :‬‬
‫التكبّب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعدد ُركوعها وسجودىا‪ ،‬والقراء َة فيها و َ‬ ‫دينهم‪َ ،‬‬
‫و‪ٝ‬بيع التّكب ِّب‪ ،‬وما‬‫ُ‬ ‫الـ‬
‫ا‪١‬بلوس واإلحر ُاـ والس ُ‬ ‫ُ‬ ‫كيف‬
‫و َ‬
‫نوت ُب الصبح‪ ،‬فإنو‬ ‫شهد وال ُق ِ‬‫الة‪ ،‬والت ِ‬ ‫يلزمهم ُب الص ِ‬
‫َ‬
‫اجب َحقها‪ .‬ولْيُعل ْم ُه ُم الصال َة‬ ‫من ُسن ِة الصالة‪ ،‬ومن و ِ‬
‫على ا‪١‬بنائ ِز والدعاءَ عليها‪ ،‬فإنّو من ديِنِهم‪ ،‬وينبغي لو‬
‫مثل َرْك َع َ ٍْب الفج ِر‪ ،‬والوتر‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫أ ْف يعلمهم سنن الص ِ‬
‫الة‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬
‫اال ْستِسقاء‪ ،‬وا‪٣‬بُسوؼ‪ ،‬حٌب يُعل َمهم‬ ‫الة العِيدين‪ ،‬و ِ‬‫وص ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وسنةَ نَبِيهم ‪-‬صلّى‬ ‫وجل‪ُ ،‬‬ ‫عز ّ‬ ‫دينَهم الذي تَػ َعب َد ُى ُم ا﵁ ّ‬
‫اى ْد ُىم بِتعليم الدعاء لِيَػْر َغبوا‬ ‫ا﵁ عليو وسلّم‪ ، -‬ولْيَتَػ َع َ‬
‫فهم عظمتَو وجاللَو‪ ،‬لِيَ ْك ُربوا على‬ ‫وجل‪ ،‬ويػُ َعر ُ‬
‫ّ‬ ‫عز‬
‫ّ‬
‫َإذل ِ‬
‫ا﵁‬
‫اإلماـ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فاستَ ْس َقى هبم‬‫اس‪ْ ،‬‬ ‫ب النّ ُ‬ ‫ذلك‪ .‬وإذا أَ ْج َد َ‬
‫ؼ لِيَْبتَ ِهلوا إذل ا﵁‬ ‫فأحب للمعلّم أف خيرج ِمنهم ٗبن يَع ِر ُ‬
‫قوـ يُونس عليو‬ ‫وجل ويرغبوا إليو‪ ،‬فإنو بَلغِب أف َ‬ ‫عز ّ‬ ‫ّ‬
‫‪034‬‬
‫يتضرعوف‬ ‫ِِ‬
‫خرجوا بصبياهنم ّ‬ ‫العذاب َ‬
‫َ‬ ‫السالـ لػما عاينوا‬
‫تبارؾ وتَعاذل هبم معهم‪ ،‬فرفع عنهم‪.‬‬‫إذل ا﵁ َ‬
‫وينبغي لو أف يػعلمهم ا‪٢‬بساب‪ ،‬وليس ذلك ٍ‬
‫بالزـ لو‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫يب‪،‬‬ ‫عر‪ ،‬والغر َ‬ ‫الش َ‬
‫إال أف يُ ْشتَػَر َط عليو ذلك‪ .‬وكذلك ّ‬
‫بأس أف‬ ‫والعربيّةَ‪ِ َ ،‬‬
‫و‪ٝ‬بيع النحو‪ ،‬ىو ُب ذلك متطوعٌ‪ .‬وال َ‬
‫ش‪ ،‬ومن كالـ‬ ‫يعلمهم الش ِ‬
‫عر ‪٩‬بّا ال يكوف فيو فُ ْح ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اجب عليو‪ُ ،‬كل ىذا‬ ‫العرب وأخبا ِرىا‪ ،‬وليس ذلك بو ٍ‬
‫بأس أف يػُ َعل َمو الذي يُعل ُم القرآف‬ ‫عند َسحنوف ال َ‬ ‫َ‬
‫فأما إِقر ُاره‬
‫والكتاب‪ ،‬يتطوعُ بو‪ ،‬أو يُ ْشتَػَر ُط عليو‪ّ .‬‬
‫ِ‬
‫ص ُد إذل‬ ‫باإلجارِة على تعليم ىذه األشياء‪ ،‬ودل يَ ُك ِن ال َق ْ‬
‫فسحنوف يَأباهُ‪ ،‬كما تقدـ عنو‬ ‫‪،‬‬ ‫الكتاب‬‫و‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫تعليم‬
‫َ‬
‫الشعر‪ :‬ال‬ ‫كل ذلك‪ ،‬لقوؿ مالك ُب اإلجارِة على تعليم ّ‬ ‫ّ‬
‫يػُ ْع ِجبِب‪.‬‬

‫‪035‬‬
‫البأس بإجارِة ا‪٤‬بعلّم على تعليم‬ ‫ابن حبيب فقاؿ َ‬
‫ٍ‬
‫و ّأما ُ‬
‫الشعر والنح ِو والرسائل وأياـ العرب‪ ،‬وما أَ ْشبَوَ ذلك من‬ ‫ّ‬
‫بأس باإلجارة على‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫روءات‬ ‫م‬ ‫ػ‬ ‫ال‬ ‫وذوي‬ ‫‪،‬‬ ‫جاؿ‬ ‫الر‬ ‫لم‬ ‫ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أكره من تعلم الشعر وتعل ِمو وِروايتو‬ ‫أين َ‬ ‫ذلك ُكلو‪ .‬إال ّ‬
‫الكبّب والصغّب‪ ،‬ما فيو ذكر ا‪٢‬ب ِمية وا‪٣‬ب ِ‬
‫ناء‪،‬أو قَبي ُح‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ت الروايةُ عن رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى‬ ‫ا‪٥‬بجاء‪ .‬قاؿ‪ :‬وقد ثَػبتَ ِ‬
‫َ‬
‫كالـ فَ َح َسنُوُ‬
‫عر ٌ‬ ‫الش ُ‬
‫ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬أنو قاؿ‪( :‬إّنا ّ‬
‫يح)(ٔ)‪ .‬وقاؿ رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁‬ ‫يحوُ قَبِ ٌ‬
‫حس ٌن وقَبِ ُ‬
‫َ‬
‫عليو وسلّم‪ : -‬إف ِمن الشعر حكمةً(ٕ)‪.‬‬
‫ت الروايةُ عن رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فَػثَبتَ ِ‬
‫َ‬
‫ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬بقولو‪ :‬إف ِمن ّ ِ‬
‫الشع ِر َ‪٢‬ب ْكمةً‪ّ .‬‬
‫فأما‪ ،‬إّنا‬

‫)‪ - (0‬ا‪٤‬بصدر السلسلة الصحيحة ‪.‬‬

‫أيب بن كعب‪.‬‬
‫‪ -‬رواه البخاري من حديث ّ‬
‫)‪(2‬‬

‫‪036‬‬
‫ت عن الرسوؿ عليو‬ ‫فما ْأدري‪ ،‬ولكن ثَػبَ َ‬ ‫كالـ‪َ ،‬‬
‫عر ٌ‬‫الش ُ‬
‫ّ‬
‫ؼ أَ َح ِد ُكم قَػْيحاً خّبٌ لو‬‫السالـ قولو‪( :‬لَئِ ْن َديتَلِىء َج ْو ُ‬
‫من أف ديَْتَلىء شعرأ)(ٔ)‪ .‬معناه ‪ -‬وثبت أيضا قولُو‪( :‬لَئِ ْن‬
‫بعض‬ ‫قاؿ‬ ‫فيما‬ ‫معناه‬ ‫‪-‬‬ ‫)‬ ‫حا‬ ‫ي‬ ‫ػ‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬ ‫جوؼ‬
‫ُ‬ ‫ىء‬‫ديَْتلِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عر غالباً على اإلنساف حٌب‬ ‫العلماء‪ :‬أ ْف يكوف الش ُ‬
‫ِ‬ ‫يصده عن ذك ِر ِ‬
‫وجل والعل ِم وال ُقرآف‪َ .‬‬
‫وثبت‬ ‫ّ‬ ‫عز‬
‫ّ‬ ‫ا﵁‬ ‫َ ُ‬
‫أصدؽ ٍ‬
‫كلمة قا َ‪٥‬با‬ ‫أيضا أف الرسوؿ عليو السالـ قاؿ‪ُ ( :‬‬
‫باطل)‪.‬‬ ‫ا﵁‬ ‫ال‬ ‫خ‬ ‫ما‬ ‫شيء‬ ‫كل‬ ‫أال‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫الشاعر كلمةُ ٍ‬
‫لبيد‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫ت أف يُ ْسلِ َم(ٕ)‪ .‬معناه لِما ُب‬ ‫وكاد أُميةُ بن أيب الصْل ِ‬
‫َ ّ‬
‫مات ودل‬ ‫شعرِه من الثناء على ا﵁‪ ،‬فلم يَػْنػ َف ْعوُ ذلك إ ْذ َ‬
‫ب إذل اإلسالـ‪ .‬و ّأما لَبيد‪ ،‬فقد أجاب إذل اإلسالـ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُجي ْ‬
‫الشعر تعظيماً‬ ‫ويُقاؿ إنو َكف ُب اإلسالـ عن قوؿ ّ‬
‫)‪ - (0‬صحيح البخاري ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬ا‪٤‬بصدر السابق‪.‬‬

‫‪037‬‬
‫شاعراً َم ْن جرى لو ُب‬‫للقرآف وا﵁ أعلم‪ .‬وليس يػعد ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫کالـ َموزو ٌف‪ ،‬وال سيما إذا كانت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض األوقات ٌ‬
‫يب ‪-‬‬ ‫الن‬ ‫بينما‬ ‫‪.‬‬ ‫ندب‬ ‫ج‬ ‫قاؿ‬
‫َ‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫الفصاحةُ من طَبعِ ِ‬
‫و‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حجٌر فعثَر‪،‬‬
‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪َ -‬ديشي إ ْذ أصابَو َ‬
‫إصبِعُوُ‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫َِ‬
‫ت ْ‬ ‫فدميَ ْ‬
‫ت إال إِصبِع د ِ‬
‫ميت‬ ‫(ىل أنْ ِ‬
‫ٌَ‬ ‫َْ‬
‫ِ (ٔ)‬
‫ا﵁ ما لَقيت)‬‫سبيل ِ‬
‫وُب ِ‬

‫اويو شاعراً‪ .‬ومن كاف حفظ منو شيئاً يُقي ُم‬ ‫وال يػعد ر ِ‬
‫َُ َ‬
‫ويأنس إليو ُب بعض األوقات‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ػ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫و‬‫َ‬‫ن‬ ‫سا‬‫لِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويستش ِه ُد بو فما يُر ُ‬
‫يد بَيانَو‪ ،‬ال بأس‪.‬‬

‫)‪ - (0‬صحيح ا‪١‬بامع ‪.‬‬

‫‪038‬‬
‫ث‪ :‬سألت ربيعة عن‬ ‫فقد قاؿ ابن ٍ‬
‫وىب‪ :‬قاؿ اللْي ُ‬ ‫ُ‬
‫ت لَو أَ ّين‬ ‫تعليم النحو اإلعراب القرآف فقاؿ‪َ :‬وَد ْد ُ‬
‫يد‪،‬‬‫أُح ِسنو‪ .‬وقاؿ ابن وىب أيضاً‪ :‬ح ّدثِب ‪ٞ‬باد بن ز ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫جل‬ ‫عن َْحيٓب بن َع ٍ‬
‫أيت الر َ‬ ‫قلت للحسن‪ :‬أر َ‬ ‫تيق قاؿ‪ُ :‬‬ ‫َ‬
‫نط َقو؟ قاؿ‬ ‫يتعلّم العربيةَ لِيػ َقيم هبا لِسانَو‪ ،‬ويصلِح هبا م ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ َ‬
‫نعم‪ ،‬فْليَتَػ َعل ْمها فإف الرجل يقرأُ اآلية فَػيَػ ْعيا بَِو ْج ِهها‬
‫ْ‬
‫فيهلك‪.‬‬
‫حبيب إذل جوا ِز اإلجارة على تعل ِم‬ ‫ٍ‬ ‫ابن‬
‫قص َد ُ‬‫وإّنا َ‬
‫القرآف والكتاب‪ ،‬وىو‬ ‫ِ‬ ‫كر معو دو َف تعل ِم‬ ‫ّ ِ‬
‫الشعر وما ذُ َ‬
‫قوؿ َسحنوف‪ ،‬ولكن إذا ا ْش َُِب َط ذلك‬ ‫خالف فيو َ‬
‫َ‬ ‫الذي‬
‫خالؼ إ ْف شاء‬‫ٌ‬ ‫على ا‪٤‬بعلّم للقرآف فما بَػْيػنَػ ُهما ُب جوا ِزه‬
‫الشعر ما ُخيالُِف ُو‬
‫ا﵁‪ :‬وكذلك ذکر ابن حبيب يعلّمو من ّ‬
‫بأس بأ ْف يَستأجر من يعلّم‬ ‫فيو سحنوف‪ .‬ولسحنوف‪ :‬ال َ‬
‫ولَ َده ا‪٣‬بط وا‪٥‬بجاء‪.‬‬
‫‪039‬‬
‫ابن عمر‬ ‫ٍ‬
‫ابن وىب‪ :‬وأخربين حفص ُ‬ ‫وقاؿ ُب الػ ُم َدونَة ُ‬
‫بن أيب َوقّ ٍ‬
‫اص‬ ‫سعد َ‬ ‫‪ ،‬عن يونس ‪ ،‬عن ابن ِشهاب أف َ‬
‫الكتاب با‪٤‬بدينة‬ ‫برج ٍل من العراؽ يُعلم أبناءَىم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قدـ ُ‬
‫ويُعطونَو على ذلك األَ ْجَرَة‪ .‬وكذا ىو ُب ُموطأ اب ِن وىب‬
‫من ِروايتنا عن أيب ا‪٢‬بسن بن مسرور عن أيب ُسليماف‬
‫حفص بن عمر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عن َسحنوف‪ ،‬عن ابن ٍ‬
‫وىب أخبَػَرين‬
‫عن يونس ب ِن يز ٍ‬
‫يد‪ٍ ،‬ب كما قاؿ ُب الػ ُمدو ِنة‪.‬‬ ‫َ‬
‫حبيب فيو‪ :‬حدثَِب أصبَ ُغ‪ ،‬عن ابن ٍ‬
‫وىب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ابن‬
‫وقاؿ ُ‬
‫بن أيب وق ٍ‬
‫اص‬ ‫عن يونُس‪ ،‬عن ابن ِش ِ‬
‫سعد َ‬ ‫هاب‪ ،‬أف َ‬ ‫ُ َ‬
‫برجل ِم ْن أَ ْى ِل العراؽ وكاف يُعلم أبناءَىم الكتاب‬ ‫قد َـ ٍ‬‫ِ‬
‫والقرآ َف با‪٤‬بدينة‪ ،‬ويُعطونَو على ذلك األَ ْجَر‪ .‬فأسقط من‬
‫بن عُمر و زاد مع تعلّمهم الكتاب‬ ‫حفص َ‬
‫َ‬ ‫اإلسناد‬
‫أعلم‪.‬‬
‫والقرآ َف‪ ،‬فا﵁ُ ُ‬

‫‪041‬‬
‫‪٧‬بمد‪٠َ :‬بعت َسحنوف يقوؿ‪ :‬الأرى لِلمعلّم أف‬ ‫وقاؿ ّ‬
‫جاد‪ ،‬وأرى أف يتق ّدـ إذل ا‪٤‬بعلّمْب ُب ذلك‪.‬‬ ‫يُعلّم أبا ْ‬
‫جاد أ‪٠‬باء‬‫بن ِغياث ُحيَدث‪ :‬أف أبا ْ‬ ‫حفص َ‬‫َ‬ ‫وقد ‪٠‬بعت‬
‫العرب ُب ا‪١‬باىلية فكتبوىا‪.‬‬ ‫الشياطْب أَل َقوىا على أَلْ ِسنَة ِ‬
‫ْ‬
‫أىل العلم يػزعم أهنا اسم و ِ‬
‫لد‬ ‫و‪٠‬بعت بعض ِ‬ ‫قاؿ ‪٧‬بم ٌد‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫طاعتو أف‬ ‫ملك فارس‪ ،‬أمر العرب الذين كانوا ُب‬ ‫سابور ِ‬
‫َ‬
‫ألحد أف يَ ْكتُبَها فإف ذلك حر ٌاـ‪ .‬قاؿ‬ ‫يكتبوىا‪ ،‬فال أرى ٍ‬
‫وىب‪ ،‬عن َحي َٓب بن‬ ‫سعيد‪ ،‬عن ابن ٍ‬ ‫أَخبػرين سحنوف بن ٍ‬
‫ْ ََ َ‬
‫أبيو‪ ،‬عن اب ِن‬ ‫أيوب‪ ،‬عن عبد ا﵁ بن طاووس‪ ،‬عن ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫قوـ يَنظروف ُب النجوـ‪ ،‬يكتبوف أَبَا ْ‬
‫جاد‬ ‫َعبّاس‪ ،‬قاؿ‪ٌ :‬‬
‫الؽ ‪٥‬بم‪.‬‬
‫الخ َ‬‫أولئك َ‬
‫ولسحنوف قاؿ‪ :‬وال أرى أف يعلمهم أ‪٢‬با َف ال ُق ِ‬
‫رآف‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بأ‪٢‬باف‪ :‬وال أَرى‬ ‫قرأ القرآ ُف‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫وز‬‫جي‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫قاؿ‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫ك‬‫ألف مالِ‬
‫َُ‬
‫غبّب‪ ،‬ألف ذلك داعية إذل الغناء‪ ،‬وىو‬ ‫ِ‬
‫أف يُعلمهم الت َ‬
‫‪040‬‬
‫َمكروهٌ‪ .‬وأری أف يُنهى عن ذلك بأشد النه ِي‪ .‬قاؿ‪:‬‬
‫جالس الٌب َجيتمعوف فيها‬ ‫مالك عن ىذه الػ َم ِ‬ ‫ولقد ُسئل ٌ‬
‫للقراءة‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬بِدعةٌ وأرى لِ َلوارل أف يَػْنهاىم عن ذلك‪،‬‬
‫وحي ِس َن َ‬
‫أدهبم‪.‬‬ ‫ُْ‬
‫اال ْجتماع ُب‬‫ك عن ِ‬ ‫وقاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬نَػ َهی مالِ ٌ‬
‫اءة باألَ‪٢‬باف وما يصحبها من‬ ‫اجملالس ِالستِماع القر ِ‬
‫ْ‬
‫تَػ ْغبِّب‪ ،‬وغّب ذلك مشهور‪ .‬فكل ما َهنی عنو َسحنوف‬
‫ا‪٤‬بعلم والػمتعلم ُب ىذا الباب كلو صحيح الػمو ِ‬
‫افقة‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اىية‪.‬‬ ‫مالك‪ ،‬على ما جرى من تَ ٍ‬
‫شديد أو كر ٍ‬ ‫‪٤‬بذىب ٍ‬
‫ِ‬
‫نت لك وجوه جواز أَ ْخ ِذ اإلجارِة على‬ ‫فافْػ َه ْم‪ ،‬فقد بَػي ُ‬
‫كرهُ من‬ ‫ِ‬
‫تعلّم القرآف‪ ،‬وما جيوز أف يُعل َم باألجر‪ ،‬وما يُ َ‬
‫ف أصحابُنا فيو من‬ ‫للمعلّم والػ ُمتعل ِم‪ ،‬وما اختَػلَ َ‬ ‫ذلك ُ‬
‫ص ُفو‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ٍِ‬
‫طالب ا َ‪٢‬بالؿ ما يَ ْ‬
‫ُ‬ ‫تبْب‬
‫كراىية لو أو تَػ ْوس َعة‪ ،‬ليَ ْس َ‬
‫الوَرِع من‬ ‫ذو‬ ‫منو‬ ‫ه‬‫ز‬ ‫ػ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫وما‬ ‫عليم‪،‬‬ ‫الت‬ ‫ا‪٢‬باؿ ُب أُجرِ‬
‫ة‬ ‫ُ‬ ‫لَو بِِ‬
‫و‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪042‬‬
‫للمسلم أف يَػتَعل َمو أو يُعل َمو‬
‫ت لك ما يَنبغي ُ‬ ‫ذلك‪ .‬وبَػيػْن ُ‬
‫و َلده‪ ،‬وما خيتلف من ذلك‪.‬‬
‫‪٠‬بعت مالِكاً ُسئِ َل ع ِن‬
‫ىب‪ُ :‬‬ ‫وم ْن ذلك أيضا قاؿ ابُن و ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫الوقْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عل ابنَو ُب ُکتاب العجم‪ ،‬يُعل ُموُ بو َ‬ ‫الذي َجي ُ‬
‫ا‪٤‬بسلم النصراين ؟ فقاؿ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فهل يُعلم‬
‫فقاؿ‪ :‬ال‪ .‬فقيل لو‪ْ :‬‬
‫كْب ا‪٣‬بط؟ فقاؿ‪ :‬ال‪.‬‬ ‫ال‪ .‬فقيل لو فيعلّم أبناءَ ا‪٤‬بشر َ‬
‫ثالث وسبعْب قاؿ‪:‬‬ ‫سنة ٍ‬ ‫والب ِن وىب أيضاً ُب تاريخ ِ‬
‫مالك‪ :‬ال أرى أف يػُْتػَرَؾ أح ٌد من اليَهود والنصارى‬ ‫وقاؿ ٌ‬
‫ا‪٤‬بسلمْب القرآ َف‪.‬‬
‫َ‬ ‫يعلم‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬إ ْف كاف معُب ىذا القرآ َف الذي أُن ِزَؿ‬
‫‪٧‬بمد ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ ، -‬فيمكن النػ ْه ُي‬ ‫على ّ‬
‫الكافر القرآ َف‪ .‬قاؿ‬
‫َ‬ ‫عن ذلك‪ ،‬وا‪٤‬بسلم يػُْنػ َهى أف يُعل َم‬
‫اب‬‫ا﵁ سبحانو وتعاذل‪ :‬إِنوُ لَ ُقرآ ٌف َك ِرميٌ ﴿‪ُِ﴾ٚٚ‬ب كِتَ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬

‫‪043‬‬
‫وف ﴿‪ ﴾ٚٛ‬ال َديَسوُ إِال الْ ُمطَهُرو َف﴿‪.)ٔ()﴾ٜٚ‬‬ ‫م ْكنُ ٍ‬
‫َ‬
‫س‪ ،‬ولذلك يػُْنهى أف يُعلموا ا‪٣‬بط العريب‪،‬‬ ‫فالكافر َِ‬
‫‪٪‬ب‬
‫ُ ٌ‬
‫صحف‬ ‫وا‪٥‬بجاء العريب‪ ،‬ألهنم ي ِ‬
‫س الػ ُم َ‬‫ّ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫إذل‬ ‫بذلك‬ ‫لوف‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مالك ال يػُْتػَركوا أ ْف يعلموا‬
‫إذا أرادوه‪ .‬وإف كاف إّنا أر َاد ٌ‬
‫فيصح أيضا َمْنػعُ ُه ْم من ذلك‪ ،‬ألهنم‬ ‫كتاهبم ا‪٤‬بسلمْب‪ِ ،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫غّب مأَمونْب على ِ‬
‫كتاهبم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب األحبا ِر إذل عمر ب ِن ا‪٣‬بطّاب ‪-‬رضي‬ ‫قد جاء َك ْع ُ‬
‫‪ٙ‬بت ِ‬
‫يده‬ ‫ا﵁ عنو‪ ، -‬فقاـ بْب يديو‪ ،‬فاستخرج من ِ‬
‫َ‬
‫أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ُب‬ ‫ِِ‬
‫ت َحواشيو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا َ‬ ‫ُمصحفا قد تَ َشرَم ْ‬
‫فأعاد عليو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ىذه التور ِ‬
‫عمر طويالً‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫فس‬
‫َ‬ ‫؟‬‫ىا‬‫ؤ‬
‫ُ‬‫ر‬‫َ‬ ‫ػ‬‫ْ‬‫ق‬ ‫أ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫اة‬
‫تعلم أهنا‬
‫ب مر ْتْب أو ثالثاً‪ ،‬فقاؿ عمر‪ :‬إ ْف كنت ُ‬ ‫َك ْع ٌ‬
‫ت على ُموسی ب ِن ِعمراف يوـ طُوِر ِسينَا‪،‬‬ ‫التوراةُ الٍب أُن ِزلَ ْ‬

‫)‪- (0‬سورة الواقعة ‪.‬‬

‫‪044‬‬
‫كعب‪،‬‬‫اجعوُ ٌ‬‫فاقرأْىا آناءَ الل ِيل وآناءَ النهار‪ ،‬وإال فال‪ .‬فر َ‬‫َ‬
‫ضلُوُ ُب‬‫ب قَد با َف فَ ْ‬
‫عمر على ىذا‪ .‬وَك ْع ٌ‬ ‫ْ ِ‬
‫فلم يَزْدهُ ُ‬
‫عمر ما سأَلو‬ ‫لو‬ ‫طلق‬‫ي‬ ‫فلم‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫الد‬ ‫ُب‬ ‫و‬‫اإلسالـ ُب فِ ْق ِه ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫األمر ُب ذلك إليو‪ٍ ،‬ب دل يُذكر عن كعب‬ ‫فيو‪ ،‬إّنا رد َ‬
‫أنو داـ على ِدراسة ذلك الػ ُمصحف‪ .‬وا﵁ أعلم ما صنَ َع‬
‫ذلك‪.‬‬

‫وأما الػ ُمقيم على ُكف ِره فهو بعي ٌد من أ ْف يُ َ‬


‫ؤم َن على‬
‫كتاب ا﵁‪ ،‬أو على أوالد ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬ليعلّمهم شيئا ما‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كل‬
‫أو خيالط صبيا ُف ا‪٤‬بسلمْب صبيا َف الكافرين ُب تعليم ّ‬
‫ما قدمنا‪ ،‬عن اب ِن وىب عن ٍ‬
‫مالك دينَ ُع من ذلك‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ُب‬ ‫طر َح ا‪٤‬بسلم ولَ َده‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫مالك‬
‫ٌ‬ ‫ه‬
‫َ‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫َ‬‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫(ٔ)‬
‫وُب ا‪٤‬بوازية‬
‫َ َ‬
‫أ ْف‬ ‫لسحنوف قاؿ‪ :‬وال َجيوز لِْل ُمعلّم‬
‫ُكتاب النصاری‪ ،‬و َ‬
‫ِ‬

‫)‪ - (0‬كتاب فقهي من تأليف ‪٧‬بمد بن إبراىيم بن زياد ا‪٤‬بعروؼ بػ ابن ا‪٤‬بواز (ت ‪ ٕٜٙ‬ىػ)‪ ،‬وىو من‬
‫أجل كتب ا‪٤‬بالكية‪.‬‬

‫‪045‬‬
‫ابن‬
‫أوالد النصارى الكتاب وال القرآف‪ .‬وقاؿ ُ‬ ‫يُعلّم َ‬
‫حبيب قِيل ٍ‬
‫‪٤‬بالك‪ :‬أيػُ َعل ُم أبناءَ الػ ُمشركْب ا‪٣‬بط دو َف‬
‫ابن‬
‫القرآف؟ فقاؿ‪ :‬ال‪ ،‬وعظم فيو ال َكراىيَةَ‪ .‬وقاؿ ُ‬
‫يت يَكرىوف ذلك‪ ،‬ويروف ل ِإلماـ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حبيب‪ :‬وكل َم ْن لَق ُ‬
‫ب عليو‪ ،‬ومن فَػ َعلَو من‬ ‫العدؿ أف يػغيػر ذلك ويعاقِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َُ َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫ُج ّهاؿ الػ ُم َعلمْب فذلك طار ٌح شهادتَوُ‪ ،‬موج ٌ‬
‫لِسخطَتِ ِو‪ ،‬لِمس ِهم لِ ِ ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫كالـ ا﵁ وكتابِو ُ‬
‫وىم ْأ‪٪‬ب ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫اب كلوُ‪.‬‬ ‫وصفت لك أيضا ُب ىذا الفصل صو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والذي‬
‫جاج َسحنوف ُب ا ِإلباء‬ ‫وقد وصفت لك فما تقدـ ِ‬
‫احت َ‬‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ائض وغّب ذلك‬ ‫ِمن َ‪ٙ‬بذير اإلجارة على تعليم ِ‬
‫الفقو وال َفر ِ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫القرآف‪ ،‬فافْػ َه ْموُ‪،‬‬ ‫ّ‪٩‬با فَػر َؽ بينَو وبْب اإلجارِة على تعليم‬
‫فيو أ َف القرآ َف لِتَػ َعل ِم ِو‬
‫إذا مررت بو‪ ،‬فَإنو حسن أخرب ِ‬
‫َ ٌَ َ‬ ‫ََْ َ‬
‫وغّبه من العلوـ ليس لو غايةٌ‪.‬‬ ‫غايةٌ يػُْنتَهى إليها‪ ،‬والفقوَ َ‬
‫استظهاره‪ ،‬وىو شیءٌ ‪٦‬بموعٌ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يريد أف القرآف إّنا يػُتَعل ُم‬
‫‪046‬‬
‫استِ ْكمالُو‪ ،‬فلَوُ غايةٌ‪ :‬وىو ما حواهُ الػ ُمصحف‬ ‫ِ‬
‫إ ْف يُ ْشَرط ْ‬
‫الػ ُمجتمع عليو ِمن ُس َوِر القرآف ا‪٤‬بعدودة‪ .‬والفقوُ إّنا‬
‫ؼ‬‫عر ُ‬‫هم فيو‪ ،‬وىو شيءٌ ال ُحيا ُط بو‪ ،‬وال يُ َ‬ ‫التعلم بو ال َف ُ‬
‫حو ِمثلُو‪ .‬وكل شيء‬ ‫ُ‬ ‫الن‬
‫و‬ ‫عليو‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ص‬
‫ُ ٌَ‬ ‫َ‬‫قت‬ ‫م‬ ‫جزء‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫الفه‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫نباط منو بال َف ْه ِم فيو فهذا سبيلُو‪ .‬وقد‬ ‫االستِ ِ‬‫ِ‬
‫تاج إذل ْ‬ ‫ُحي ُ‬
‫ا‪٤‬بعُب حيدث‬ ‫بعد ذلك َ‬ ‫نتقل عنو َ‬ ‫الفهم فيو شيئا ٍب يَ ُ‬ ‫يَرى ُ‬
‫عند الػ ُمتَػ َفهم فتبعُ ُد الغايةُ فيو‪ ،‬وخيتلف عليو‪.‬‬
‫كالشعر وما أَ ْشبَػ َهوُ ِمن َمقاالت‬ ‫فظو‪ّ ،‬‬ ‫وأما ما طري َقةُ ِح ِ‬
‫َ‬
‫العرب يستأجره لِيحفظ ذلك ظاىراً‪ ،‬فوجو ال َكر ِ‬
‫اىية فيو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أنو إّنا يُراد لِي ْف َهم منو ما يُستعاف بو‪ ،‬والتػ َفه َم فيو أيضا‬
‫فائدة فيو؟ وأي‬ ‫ال غايةٌ لو‪ ،‬واستظهاره لِغّب التفهم أي ٍ‬
‫ُ‬
‫لت لِيَ ْستظ ِهَر‬
‫ؤجُر عليو؟ وليس ىو كالقرآف‪ .‬فا ْف قُ َ‬ ‫أَ ْج ٍر يُ َ‬
‫استِظها ِره‬ ‫بعد‬ ‫حف َظ حروفِو خاصةً‪ٍ ،‬ب ينظر ُب تَػ َفه ِم ِ‬
‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فاعلَ ْم أف الباب‬ ‫يدي غّب ىذا ا‪٤‬بعلّم‪ْ ،‬‬ ‫أج ٍر على ْ‬ ‫بغّب ْ‬
‫‪047‬‬
‫ا‪٤‬بكروه‪َ ،‬ال و ْجو إذل أف يستثُْب منو شيء ّإال بِتَػو ٍ‬
‫قيف‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫دخل فيو ما ال‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫وإ‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬‫وال ُحيمى الباب ّإال ٗبن ِع ‪ٝ‬بيعِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫إل‪ٞ‬باء الباب‪ ،‬ولذلك جرى فيو‬ ‫ِ‬ ‫تَػ ْق َوى ُحجتُو ّإال‬
‫القاصد إذل ‪ٙ‬بف ِظ‬ ‫الؼ الذي وصفناه‪ .‬على أف ِ‬ ‫اال ْختِ ُ‬ ‫ِ‬
‫حروؼ ذلك لِيَػ ْف َه َم فيو بعد ذلك‪ ،‬قد ال يَنتهي إذل‬ ‫ِ‬
‫فيده ُب‬ ‫التفه ِم‪ ،‬فيحصل ٗبا َحيفظ على غّب ٍ‬
‫فائدة تُ ُ‬ ‫ُُ‬
‫حف َظ‬‫دينِو‪ .‬والقرآ ُف من است ْكمل ِحفظَو انت َفع بو‪ ،‬وإ ْف ِ‬
‫َ َْ َ َ‬
‫فخالف القرآ ُف كل شيء‬ ‫َ‬ ‫منو َحْرفاً انت َفع بو ُب دينِ ِو‪،‬‬
‫كاؿ فيو‪.‬‬ ‫كالـ الناس خالفاً بيناً‪َ ،‬ال إ ْش َ‬ ‫ظ من ِ‬ ‫ُْحي َف ُ‬
‫ائو واستكمالِو‪،‬‬ ‫ولذلك أجازوا إجارة التعليم على أجز ِ‬
‫َ‬
‫فضل‪.‬‬ ‫الباب‬ ‫صدر‬ ‫ُب‬ ‫ذلك‬ ‫ن‬ ‫فقد تَػ َقدـ ِ‬
‫م‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫استِبانَتِ ِو‪.‬‬
‫يدؾ ىا ىنا منو ما يكوف َع ْوناً لك ُب ْ‬ ‫وأز ُ‬
‫استأجرت رجالً يػُ َعل ُم رل ولدي‬
‫ُ‬ ‫قيل الب ِن القاسم‪ :‬إِ ِف‬
‫مالك‪ :‬ال‬ ‫القرآ َف‪ُ ،‬حيَذقُوُ القرآ َف بكذا وكذا ِد ْرمها‪ ،‬قاؿ ٌ‬
‫‪048‬‬
‫بأس بالس ُد ِس أيضاً‬‫ابن القاسم‪ :‬وال َ‬ ‫بأس بذلك‪ .‬وقاؿ ُ‬
‫بأس‬ ‫ال‬ ‫القاسم‪:‬‬ ‫ابن‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‪١‬بميع‬ ‫ُب‬ ‫مثل قوؿ ٍ‬
‫مالك‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اب َحقوُ‪ْ ،‬قبل أ ْف يدخل الصيب‪.‬‬ ‫أف يقدـ إذل معلم ال ُكتّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بأس أف يَستَأْ ِجَر‬
‫وعند اب ِن سحنوف قاؿ مالك‪ :‬ال َ‬
‫علوـ‪ ،‬إذل‬‫الرجل ا‪٤‬بعلّم على أف يعلّم ولده القرآ َف بأج ٍر م ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫وربػُ َعو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أج ٍل معلوـ أوكل َشه ٍر‪ ،‬وكذلك‬
‫نصف القرآف‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وما ُ‪٠‬بي منو‪.‬‬

‫قيل ِالب ِن‬


‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ّ :‬أما قولو أو كل شهر‪ ،‬فقد َ‬
‫ستأجْرهُ على تعليم ولده القرآ َف كل شهر‬ ‫القاسم أ ْف ي ِ‬
‫َ‬
‫بأس‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫مالك‬ ‫قاؿ‬ ‫قاؿ‪:‬‬ ‫بدرىم‪.‬‬ ‫بدرىم‪ ،‬أو كل ٍ‬
‫سنة‬
‫َ‬
‫استأجره على أ ْف يُعلم و َلده الكتابةَ كل‬ ‫بذلك‪ .‬قيل ِ‬
‫إف‬
‫َ‬
‫س بذلك‪ .‬قيل ‪ -‬وىو قوؿ‬ ‫شهر بدرىم؟ قاؿ‪ :‬ال بَأْ َ‬
‫مالك – قاؿ‪ :‬قاؿ مالك ُب إجارة ا‪٤‬بعلّمْب سنةً بسنَ ٍة‪،‬‬
‫‪049‬‬
‫بأس بذلك‪ .‬والذي يَ ْستَأْ ِجُره يعلّم و َلده الكتابةَ‬ ‫ال َ‬
‫وحدىا‪ ،‬ال بأس بذلك‪ ،‬مثل قوؿ مالك ُب إجارة‬ ‫َ‬
‫ا‪٤‬بعلّمْب سنةً بسنَ ٍة‪.‬‬
‫أج ٍل معلوـ‪ ،‬فإف كاف‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬و ّأما قولُو إذل َ‬
‫أج ٍل معلوـ‪ ،‬فإف‬ ‫يريد أف يكوف يعلّمو القرآ َف كلو إذل َ‬
‫ابن الػ َم ّوا ِز ذكر ُب قوؿ مالك‪ ،‬لو اشَبط أف يُعل َموُ سنَةً‬
‫َ‬
‫جائز‪،‬‬
‫‪٧‬بمد بن إبراىيم‪ٌ :‬‬ ‫أو سنتْب كاف ذلك الزماً‪ .‬قاؿ ّ‬
‫سنتْب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ما دل يقل لو‪ :‬تُعل ُمو ُب سنَة أو ْ‬

‫قوؿ ٍ‬
‫مالك ُب َ‪٠‬باع اب ِن القاسم‪ ،‬واب ِن‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ُ :‬‬
‫ؼ عن ٍ‬
‫مالك‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫‪٧‬بم ٌد‪ ،‬ورواهُ ُمطر ٌ‬
‫وىب كما حكاه ّ‬
‫‪٧‬بمد أنو دل يَ َِ‬
‫شَبط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و‪ٝ‬بيع علمائنا با‪٤‬بدينة‪ .‬وفسرهُ ّ‬
‫ُ‬

‫‪051‬‬
‫األجل‪ ،‬وتفسّبه جا ٍر على‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القرآف ُب ىذا‬ ‫استكماؿ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األصوؿ ُب سائر اإلجارات‪.‬‬
‫مالك أف يُشا ِر َط‬
‫ٌ‬ ‫أجاز‬
‫ابن حبيب‪ :‬قد َ‬ ‫لكن قاؿ ُ‬ ‫و ْ‬
‫أو نَظَراً‪٠َ ،‬بيَا ُب‬ ‫ا‪٤‬بعلم ُب الغُالـ على ا‪٢‬بَ ْذقَِة ظاىراً‬
‫ذلك أجالً ْأو دل يُسميا‪.‬‬
‫صبَ َغ‪ :‬كيف أجاز مالك الشر َط على‬ ‫قلت ألَ ْ‬
‫ولقد ُ‬
‫ِ‬
‫األجل ودل‬
‫ُ‬ ‫قضى‬‫ت إذا انْ َ‬ ‫ا‪٢‬بَ ْذقة إذا ‪٠‬بيَا ‪٥‬با أجالً‪ ،‬أََرأَيْ َ‬
‫جرةُ ِمثلِ ِو فما عل َمو‬
‫َْحي َذقْوُ‪ ،‬ما يكوف لو؟ قاؿ‪ :‬يكوف لو أُ َ‬
‫ُب تلك السنة‪ ،‬وليس على حساب األُجرِة األوذل‪.‬‬
‫شرط ؟ قاؿ‪ :‬ال ‪،‬‬ ‫رطْب ُب ٍ‬ ‫قلت‪ :‬وال ترى ىذا من َش ْ‬ ‫ُ‬
‫عاقده على‬ ‫وإّنا كاف يَ ْد ُخلُو َشْرطاف ُب شرط ‪ ،‬لو كاف َ‬
‫عاقده على أف ُحيَذقوُ ُب َسنَ ٍة‬ ‫ىذا اللّ ِ ِ‬
‫فظ بَديّاً‪ ،‬فأما إذا َ‬
‫حيدث بينَهما الذي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حٌب ُ‬ ‫فإّنا ىو على شرط واحد‪ّ ،‬‬
‫وص ْفنا من تقص ِّبه عما ُش ِرط عليو‪ ،‬فيُػَرد إذل أُ ْجَرِة مثلِو‬ ‫َ‬
‫‪050‬‬
‫‪ٙ‬بذيقو إياه ُب أكثر من الس ِنة‪ ،‬ألف أبا الغُالـ إّنا‬ ‫على ِ‬
‫جرة األوذل على أف ُحيَذ َؽ و َلده ُب سنَ ٍة‪،‬‬ ‫ضي باألُ َ‬ ‫كاف َر َ‬
‫ت لو‪ ،‬دل يكن لو أف‬ ‫توقيت ما َوق َ‬
‫َ‬ ‫فلما جاوز ا‪٤‬بعلّ ُم‬
‫جيل‪ ،‬وكاف ذلك‬ ‫يَأْ ُخ َذ على التأخ ِّب ما َ‪٠‬بى لو على التػ ْع ِ‬
‫َمظلَمةً على أيب الغالـ‪ ،‬إف أخ َذ ذلك منو‪ .‬وإّنا الذي‬
‫ت وقْتاً ضيّقاً‬ ‫ِ‬
‫قيت مع ا‪٢‬بَ ْذقَة‪ ،‬أف يػُ َوق َ‬
‫ال َجيوز فيو التػ ْو ُ‬
‫ضيقو‪ ،‬فالعُ ْذ ُر وا‪٢‬بَظُْر‬‫وخيشى أنو ال يبلُغ ذلك فيو لِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُيرى ُ َ‬
‫يَ ْد ُخلُو‪.‬‬
‫صبَ َغ ُب ىذا ا‪١‬بواب بْب معلّم‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بَسن‪ :‬وفَػَر َؽ أَ ْ‬
‫ٍ‬
‫معلوـ‪،‬‬ ‫غ ُب أَ َج ٍل‬ ‫يشَبط الفرا َ‬ ‫ِ‬
‫وبْب ا‪٣‬بَيّاط َ‬ ‫ال ُكتّاب ْ‬
‫اخلَة ُب معاين البُيوع على ما‬ ‫فأجراه َ‪٦‬با ِري ا ِإلجارةِ ال ّد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ُديكن الفراغُ ّ‪٩‬با‬ ‫األجل الػ ُم َوق ُ‬
‫ُ‬ ‫استحسن‪ ،‬إذا كاف‬
‫الوقت‪ ،‬فال بأس بو‪ ،‬كذا‬ ‫اشتَػرط عليو فيو قبل ذىاب ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫جل‬ ‫أل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ًب‬
‫َ‬ ‫إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬‫ع‬ ‫لم‬ ‫ضيتو لِ‬ ‫اط‪ .‬وقَ ِ‬ ‫قاؿ ُب ا‪٤‬بعلم وا‪٣‬بَي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪052‬‬
‫ِ‬
‫حساب ما‬ ‫قبل ‪ٛ‬باـ ا‪٢‬بَ ْذ ِقة بأُ ْجرِة مثلِو ليس على‬
‫ستقيم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اب ُم ٌ‬ ‫استُؤجَر‪ ،‬صو ٌ‬

‫‪053‬‬
‫البـ ــاب الثّــانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬

‫ذكر ما أراد‪ ,‬بيانَو من سياسة معلّم‬


‫وع ْدلِو فيهم‪ ،‬وِرفْ ِق ِو هبم‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫عليهم‬ ‫و‬ ‫الصبيان ِ‬
‫وقيام‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫نفس ِو‪ ،‬وىل يُولِيهم‬
‫وىل يستعْب هبم فيما بينَهم‪ ،‬أو لِ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معهم أو‬ ‫احتاج إذل ذلك‪ ،‬وىل يَ ْشتغ ُل مع غ ِّبه َ‬
‫غّبه إف َ‬ ‫َ‬
‫رسهم‪ ،‬وكتابَتِهم‪،‬‬‫أوقاهتم َلد ِ‬
‫كيف يُرتب ‪٥‬بم َ‬ ‫ِ‬
‫يَشتغ ُل لو‪ ،‬و َ‬
‫أوقات بطالتِهم‬
‫احهم وأكتافَهم‪ ،‬و ُ‬ ‫ىم ألْ َو َ‬
‫‪٧‬بو ْ‬
‫كيف ُ‬ ‫و َ‬
‫إياىم‪ ،‬وعلى َم ِن اآللةُ الٍب هبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لراحاهتم‪ ،‬وحد أدبو ُ‬
‫يػُ َؤد ُهبم‪ ،‬وا‪٤‬بكا ُف الذي فيو يُعل ُمهم‪ ،‬وىل يكوف ذلك ُب‬
‫ٍِ َ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫در ُ‬
‫أكثر‪ ،‬وىل يُ ّ‬
‫َمسجد‪ ،‬وىل يَشَبؾ ُمعلماف أو ُ‬

‫‪054‬‬
055
‫الصبيا َف ُب ِحز ٍب و ٍ‬
‫احد ُ‪٦‬ب ِ‬
‫تمعْب‪ ،‬وىل َديَسوف ا‪٤‬بصحف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وىم على غّب طُ ْه ٍر‪ ،‬ويػ ْعملوف الوضوء لِمس ا‪٤‬ب ِ‬
‫صحف‪،‬‬
‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫أحدىم‪.‬‬
‫هم ُ‬ ‫ويصلوف ُب َ‪ٝ‬ب ٍ‬
‫اعة يَػ ُؤم ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫ياف ما خيربه الشر ُط‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬قد تَقدـ من ب ِ‬


‫َ‬
‫لِػ ُمعلّم الصبياف على آبائهم من إِجارِهتم‪ ،‬وما على‬
‫الػ ُمعلّمْب أف يُعلموه الصبيا َف‪ ،‬وما ال يَػْنبغي أف يُعلّموه‬
‫تهاد‬ ‫ِ‬
‫االج ُ‬
‫اجب على الػ ُمعلم ْ‬ ‫‪٥‬بم ما فيو الكفايةُ‪ .‬فالو ُ‬
‫بياف‪ ،‬فإ ْف َوَب ذلك يَطيب‬ ‫حٌب يوُب ما َجيب عليو للص ِ‬
‫ّ ُ َ‬
‫شر ٍط‪ .‬ولْيَعلَم أنو إ ْف فَػرط ُب‬‫ِ‬
‫لو ما يَأْ ُخ ُذه على التعليم ب ْ‬
‫أخ ُذ من‬ ‫ِ‬
‫الجيب لو وال يَطيب لو ما يَ ُ‬ ‫وفاء ما عليو‪ ،‬أنو َ‬
‫أجازوا لو شر َط اإلجارِة‪ ،‬بَػينوا لو ما‬ ‫ذلك‪ ،‬ألف الذين َ‬
‫‪056‬‬
‫َجيب عليو‪ ،‬فإ ْف خالَف ما بَػينوا لو دل يُ ِطيبُوا لو ما أَ َخ َذ‬
‫بِ َشْر ِطو‪ .‬فليس َجي ُد إذل َم ْن يَ ْستَنِ ُد من العُلماء ُب َجواز‬
‫األخذ على تعليم ال ُق ِ‬
‫رآف‬ ‫ِ‬ ‫يط‪ ،‬لِما ُب‬ ‫ما فعل من التفر ِ‬
‫َ‬
‫عد‪ ،‬فإف التَِز َامو‬
‫يض بو‪ .‬و بَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫الت‬
‫ّ‬ ‫منا‬ ‫د‬‫َ‬‫ق‬ ‫الذي‬ ‫الؼ‬‫من ا‪٣‬بِ‬
‫دخ ُل ُب العُقود الٍب أمر ا﵁ ُسبحانَو‬ ‫‪٤‬با التَػَزَـ من ىذا يَ ُ‬
‫ظر لو من الصبياف رعاية‬ ‫ِ ِ‬
‫ب َوفائها‪ ،‬ونَظَُرهُ فيمن التزـ الن َ‬
‫يَدخل هبا ُب قوؿ الرسوؿ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪-‬‬
‫سئوؿ عن َر ِعيتِو)(ٔ)‪.‬‬
‫) ُكلُ ُكم ر ٍاع وكل ر ٍاع َم ٌ‬
‫َولْيَػ ْعلَ ْم أنّو إ ْف قاـ فيهم بالواجب عليو ‪٥‬بم ونصح ‪٥‬بم‪،‬‬
‫َووفَاىم كما ينبغي أنو يدخل ُب معُب قوؿ الرسوؿ عليو‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫السالـ‪( :‬أديا ‪٩‬بلوؾ أَ ّدى حق َمواليو وحق َربو فلَوُ‬
‫استَأْ َىل ذلك ٗبا َو ََب بو ِ‪٩‬بّا‬
‫ْ‬ ‫ملوؾ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ػ‬ ‫ال‬ ‫ف‬‫َ‬‫أل‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٕ)‬
‫أجراف)‬
‫َ‬
‫)‪ - (0‬صحيح البخاري و مسلػػم ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬ا‪٤‬بصدر السابق ‪.‬‬

‫‪057‬‬
‫ِِ‬
‫لتزـ الصبيا َف إّنا‬ ‫وجب عليو ‪٤‬بالكو‪ .‬ىذا َولْيَػ ْعلَ ِم الػ ُم ُ‬ ‫َ‬
‫بشْر ِط ِو أَ ْخذ‬‫وجب ‪٥‬بم عليو َ‬ ‫استَأْ َىل ذلك ٗبا َو َّب بو ما َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلجارِة عليهم‪ ،‬قد ملَكوا َمناف َعو وتصرفَاتو ّ‬
‫حٌب يَ ْستَػ ْوفُوا‬
‫فاىم ذلك تَأْ ِديَةً ‪٢‬ب ّقهم الو ِ‬
‫اجب‬ ‫ِ‬
‫واجبَهم‪ ،‬وكاف ل َم ْن َو ُ‬
‫أداء ما عليو ‪٥‬بم‪،‬‬ ‫و‪٢‬بق رب ِو فيما أمره بو من ِ‬ ‫‪٥‬بم عليو‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َّ ّ‬
‫ا‪٤‬بملوؾ أجريْن‪ .‬وكذلك ُكل‬ ‫ُ‬ ‫ُب ا‪٤‬بعُب الذي استأْ َىل بو‬
‫ؤدي لِما عليو ِطيبةً‬ ‫ِ‬
‫ت عليو َمنافعُو‪ ،‬ألف الػ ُم ّ‬
‫ِ‬
‫أج ٍّب ُمل َك ْ‬
‫فسوُ من الػ ُمحسنْب‪ .‬وقاؿ ا﵁ُ سبحانو وتعاذل‪:‬‬ ‫بذلك نَ ُ‬
‫َح َس َن َع َم ًال)(ٔ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجَر َم ْن أ ْ‬
‫يع أ ْ‬
‫(إنا َال نُض ُ‬
‫وم ْن ُحسن ِرعايتِو ‪٥‬بم أ ْف يكوف هبم َرفيقاً‪ ،‬فإنو قد‬ ‫ِ‬
‫جاء عن عائِشةَ أـ الػ ُمؤمنْب ‪،‬رضي ا﵁ عنها ‪ ،‬أف‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ ، -‬قاؿ‪( :‬اللّهم ّم ْن‬

‫)‪ - (0‬سورة الكهف ‪ ،‬اآلية رقم (ٖٓ) ‪.‬‬

‫‪058‬‬
‫و ِ‬
‫فارفُ ْق بو)(ٔ)‪ .‬وقد‬ ‫رل من ْأم ِر أُمِب شيئاً فَػَرفَق هبم فيو ْ‬ ‫ََ‬
‫قاؿ رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪( : -‬إ ّف ا﵁ ُِحيب‬
‫الر‪ٞ‬باءَ)‪.‬‬ ‫باده‬ ‫الرفق ُب األم ِر ُكلو‪ ،‬وإّنا يرحم ا﵁ من ِ‬
‫ع‬
‫ّ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬
‫شديد‬
‫ىل يُستَحب للمعلّم الت ُ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فقولُك ْ‬
‫على الصبياف‪ ،‬أو تَری أف يَرفُ َق هبم وال يكو َف َعبوساً‪،‬‬
‫الو ِصيّ ِة‬ ‫ىذه‬ ‫ُب‬ ‫تدخل‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫األطفاؿ كما علِ‬
‫َ‬ ‫ألف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِب‬ ‫وع‬ ‫‪،‬‬ ‫القياـ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ع‬‫م‬ ‫ػ‬ ‫ال‬ ‫أحسن‬ ‫إذا‬ ‫لكن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫الػمتقد ِ‬
‫مة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اض َعها‪ ،‬ألنو ىو ا‪٤‬بأخوذُ‬ ‫عاية‪ ،‬وضع األمور مو ِ‬ ‫بالر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القائم‬
‫صلُح ‪٥‬بم‪ ،‬و ُ‬ ‫اظر ُب َز ْج ِرىم عما ال يَ ْ‬ ‫بأدهبم‪ ،‬والنّ ُ‬‫َ‬
‫بِِإ ْكَر ِاى ِه ْم على ِم ِثل َمنافِعهم‪ ،‬فهو يَسوسهم ُب كل‬
‫ذلك ٗبا يَػْنػ َفعهم‪ ،‬وال ُخيْ ِر ُجهم ذلك من ُحسن ِر ِفق ِو‬
‫ض من‬ ‫ِ‬
‫هبم‪ ،‬وال من َر ْ‪ٞ‬بتو إياىم فإّنا ىو ‪٥‬بم ع َو ٌ‬

‫)‪ - (0‬اخرجو مسلم ُب صحيحو ‪.‬‬

‫‪059‬‬
‫ظاظة الػم ِ‬
‫مقوتة‪،‬‬ ‫آبائهم‪ .‬فَ َكونُو عبوساً أبداً من ال َف ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫س الصبيا ُف هبا فَػيَ ْجُرُؤو َف عليو‪ ،‬ولكنو إذا‬ ‫ويستَأْنِ‬
‫َْ ُ‬
‫صارت َداللةً على‬ ‫ْ‬ ‫األدب‪،‬‬
‫َ‬ ‫استَػ ْع َملها عند استِ َئه ِا‪٥‬بم‬‫ْ‬
‫فلم يَأْنَسوا إليها‪ ،‬فيكوف فيها إذا‬ ‫ُوقوع األدب هبم‪ْ ،‬‬
‫رب‪.‬‬ ‫ت أدباً ‪٥‬بم ُب بعض األحايِْب دو َف الض ِ‬ ‫ِ‬
‫استُعملَ ْ‬
‫رب َمعها‪ ،‬بق ْد ِر‬ ‫ِ‬
‫وُب بعض األحايْب‪ ،‬يُوقَ ُع الض ُ‬
‫لكن يَنبَغي لو أ ْف ال‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫جب ُب ذلك ا‪١‬برِ‬
‫ـ‬ ‫اال ْستِْئهاؿ الواَ ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُْ‬
‫ش‬ ‫وح ٍ‬ ‫ضمِ‬ ‫ٍ‬ ‫ب‬‫ق‬‫َ‬ ‫ػ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫غّب‬ ‫ُب‬ ‫ِ‬
‫ناس‬ ‫ي‬‫االستِ‬
‫يػتَبس َط إليهم تَػبس َط ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُب ُكل األَحايِْب‪ ،‬وال يضاحك أحداً منهم على حاؿ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫وال يبتَسم ُب َوجهو‪ ،‬وإ ْف أَْرضاهُ وأرجاه على ما َجي ُ‬
‫وح ُشو إذا كاف ُ‪٧‬بسنا‪.‬‬ ‫ولكنو ال يغضب عليو في ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫وإذا استأْىل الضرب فاعلَم أف الضرب من و ٍ‬
‫احدة إذل‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َْ َ َ‬
‫يد ُب ُرتْػبَ ٍة ْفو َؽ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫هاده لئَال يَز َ‬‫ثالث‪ ،‬فَػْليَستعم ِل اجت َ‬
‫ِ‬
‫اإلقباؿ‬ ‫ها‪٥‬با‪ .‬وىذا ىو َأدبُوُ إذا فر َط‪ ،‬فتثاقَ َل عن‬ ‫استِئ ِ‬
‫ْْ‬
‫‪061‬‬
‫على ا‪٤‬بعلم‪ ،‬فَػتَباطَأَ ُب ِح ْف ِظو‪ ،‬أو أَ ْكثَػَر ا‪٣‬بَطأَ ُب ِحْزبِِو‪،‬‬
‫وسوء َهتج ِيو‪،‬‬‫ِ‬ ‫ص ُحروفِو‪،‬‬ ‫وحو‪ِ ،‬م ْن نَػ ْق ِ‬
‫تابة لَ ِ‬
‫أو ُب كِ ِ‬
‫فأكثر‬ ‫‪،‬‬ ‫بح َشكلِو‪ ،‬و َغلَ ِطو ُب نَػ ْق ِطو‪ ،‬فنُبو مرًة بعد مرٍ‬
‫ة‬ ‫وقُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يع بال َكالـ الذي فيو‬ ‫التغافُ َل ودل يػُ ْغ ِن فيو َ‬
‫الع ْذ ُؿ‪ ،‬والتقر ُ‬
‫كقوؿ من ال‬ ‫ض‪ِ ،‬‬ ‫ب لِعِْر ٍ‬
‫اعد من غّب شْت ٍم وال َس ٍّ‬ ‫التو ُ‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب حقاً فيقوؿ‪ :‬يا ِم ْس ُخ‪ ،‬يا قِْرُد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يع ِرؼ ألَ ِ‬
‫طفاؿ‬
‫قلت لو‬ ‫ِ‬
‫فع ْل ىذا وال ما كاف مثلَو ُب ال ُقبح‪ ،‬فإ ْف َ‬ ‫فال يَ َ‬
‫واحد ًة‪ ،‬فْلتستػ ْغ ِفر ا﵁ منها ولْتػْنت ِو عن م ِ‬
‫عاودهتا‪ .‬وإّنا‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬
‫الغضب‬ ‫ساف التقي َ‪ٛ‬بَك ُن‬ ‫ُ٘بري األلفا َظ القبيحةَ ِمن لِ ِ‬
‫الغضب‪ .‬وقد َهنى الرسوؿ‬ ‫ِ‬ ‫من نفسو‪ .‬وليس ىذا مكا َف‬
‫عمر‬
‫عليو السالـ أف يَقض َي القاضي وىو َغضبا ُف‪ .‬و َأمَر ُ‬
‫فلما‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫إنساف‬ ‫ِ‬
‫بضرب‬ ‫بن عبد العزيز‪ -‬ر‪ٞ‬بةُ ا﵁ عليو ‪-‬‬
‫ّ‬
‫رب قاؿ‪ :‬أُتْػُركوهُ‪ .‬فقيل لو ُب ذلك فقاؿ‪:‬‬ ‫أُقيم للض ِ‬
‫َ‬

‫‪060‬‬
‫ت أف أض ِربَو وأنا‬ ‫وجدت ُب نفسي عليو غضباً‪ ،‬فك ِرْى ُ‬ ‫ُ‬
‫غضبا ُف‪.‬‬
‫اعي‬ ‫األطفاؿ أ ْف ير ِ‬
‫ِ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬كذا يَنبغي لػِمعلم‬
‫ُ‬
‫أدهبم لِػ َمنافِعهم‪ ،‬وليس لِػ ُمعلمهم ُب‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬
‫منهم حٌب ُخيْلِ‬
‫ّ‬
‫غضبِو‪ ،‬وال شيء يُريح قلبو من َغْي ِظو‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ذلك شفاءٌ من َ‬
‫فإف ذلك إ ْف أصابو فإّنا ضرب أوالد ا‪٤‬بسلمْب لر ِ‬
‫احة‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ب الصيب ُجْرماً‬ ‫اكتس‬ ‫نفسو‪ ،‬وىذا ليس من الع ْد ِؿ‪ِ .‬‬
‫فإف‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫وإدماف البِطالَِة‬
‫ِ‬ ‫وىروب من ال ُكتاب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ب‬ ‫من أذى‪ ،‬ولَعِ‬
‫ً‬
‫شّب أباه‪ ،‬أو َو ِصيوُ إ ْف كاف يَتيِماً‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫لمعلّم أف يَ ْستَ َ‬ ‫فيَػْنبَغي ل ُ‬
‫الث‪،‬‬‫ويػعلِمو إذا كاف يستأْ ِىل من األدب فو َؽ الث ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫وجبو التقصّب ُب التعليم عن ٍ‬
‫إذف‬ ‫فتكوف الزيادةُ على ما ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يب‪ٍ ،‬ب يراد على الثالث ما بَػْيػنَوُ‬ ‫من القائم بأمر ىذا الص ّ‬
‫رب‬‫الض ِ‬ ‫طيق ذلك‪َ .‬و ِص َفةُ ّ‬ ‫يب يُ ُ‬
‫ّ‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫كاف‬ ‫إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫وبْب العش ِ‬
‫ر‬ ‫ْ‬

‫‪062‬‬
‫الوَى ِن‬ ‫ِ‬
‫ىو ما يُؤدلُ وال يَتع ّدى األَ َدلَ إذل التأثّب الػ ُم ْشن ِع‪ ،‬أو َ‬
‫ضر‪.‬‬‫الػم ِ‬
‫ُ‬
‫الـ‪،‬‬ ‫االحتِ‬‫ناىز ِ‬‫ورّٗبا كاف من صبياف ا‪٤‬بعلّم من ي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ويكوف َسي َئ الر ْعية‪ ،‬غليظ ا‪٣‬بُ ِلق‪ ،‬ال يريعو وقوعُ عش ِر‬
‫يادة عليو َمكاناً‪ ،‬وفيو ُْ‪٧‬بتَ َم ٌل‬‫بات عليو‪ ،‬ويرى للز ِ‬ ‫ضر ٍ‬
‫بأس ‪ -‬إ ْف شاء ا﵁ُ ‪ -‬من الزيادة على‬ ‫مأمو ٌف‪ ،‬فال َ‬
‫فس َد من الػ ُمصلِ ِح‪ .‬وإّنا‬ ‫بات‪ ،‬وا﵁ يعلم الػم ِ‬
‫ُ‬
‫العش ِر ضر ٍ‬
‫هاو ْف بِنَػْيلِها بغّب‬
‫شارىم فال يَػتَ َ‬
‫اض ا‪٤‬بسلمْب وأبْ ُ‬ ‫ىي أَ ْعر ُ‬
‫بنفسو‪ ،‬فقد أحب َسحنوف‬ ‫أدهبم ِ‬ ‫ب‪َ ،‬ولْيَ ِل َ‬ ‫ا‪٢‬بق الو ِاج ِ‬
‫رب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورل أحداً من الصبياف الض َ‬ ‫أ ْف ال يُ َ‬
‫ونعم ما أحب سحنوف من ذلك‪،‬‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪َ :‬‬
‫من قِ‬
‫الصبيا َف َ٘بري بينَهم ا‪٢‬بَ ِميّةُ والػ ُم َ‬
‫ناز َعة‪ ،‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫أف‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫ا‪٤‬بضروب‪ ،‬فإ ْف أَِمن ا‪٤‬بعلم‬
‫َ‬ ‫تجاوز الصيب ا‪٤‬بطي ُق فيها يُؤدلُ‬
‫يَ ُ‬
‫يتجاوز‬ ‫رب ال‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫التقي من ذلك‪ ،‬وعلم أف الػ ُمتَػ َورل للض َ‬
‫‪063‬‬
‫فيو و ِسعو ذلك‪ ،‬إ ْف كاف لو عذر ُب ‪ٚ‬بل ِفو عن ِو ِ‬
‫الية‬ ‫ٌ‬ ‫َ َُ‬
‫يب أو‬ ‫الص‬ ‫أس‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ب أف يَض ِ‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ْ‬‫ل‬‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫و‬ ‫َذلك ِ‬
‫بنفس‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وجهو‪ ،‬فإف سحنوف قاؿ فيو‪ :‬ال جيوز لو أف يَض ِربَو‬ ‫ْ‬
‫غ‪ ،‬أو‬ ‫رب فيهما بػْب‪ ،‬قد ي ِ‬
‫وى ُن الدما َ‬ ‫فيهما‪ ،‬وضرر الض ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫رب ُب‬ ‫تط ِرؼ العْب أو يُؤثػُر أثراً قَبيحاً‪ ،‬فَػْليُ ْجتَنبا‪ .‬فالض ُ‬
‫آمن‪ ،‬وأ‪ٞ‬بَ ُل لِلَ َِدل ُب َسالمة‪.‬‬ ‫الر ْجلَْب ُ‬
‫بالصبياف أف الصيب إذا أُْرِس َل وراءَه ليَتَػغَذى‬ ‫ِِ‬
‫ومن ِرفْقو ّ‬
‫طعامو وشرابِو‪ ،‬ويأخذ عليو ُب‬ ‫فيأذ ُف لو وال دينعو من ِ‬
‫ُُ‬
‫سرعة الرجوع إذا فرغ من طعامو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يعد َؿ بينَهم ُب التعليم‪ ،‬وال‬ ‫ومن حقهم عليو أف ِ‬
‫َ ْ‬
‫فاضلوا ُب ا‪١‬بُ ْع ِل‪ ،‬وإ ْف‬
‫بعض‪ ،‬وإف تَ َ‬ ‫بعضهم على ٍ‬ ‫فضل َ‬ ‫يُ ّ‬
‫بعضهم يُك ِرُمو با‪٥‬بدايا واألَْرفاؽ‪ ،‬إال أ ْف يُفض َل َم ْن‬ ‫كاف ُ‬
‫ساعة راحاتِو‪ ،‬بعد تَفر ِغو من الع ْدؿ‬ ‫أَحب تَػ ْفضيلَو ُب ِ‬
‫َ‬
‫عل إّّنا َرض َي أف‬ ‫بينَهم‪ .‬وذلك من قِبَ ِل أف القليل ا‪١‬بُ ِ‬
‫‪064‬‬
‫ي أداءَه ذلك على إ‪ٛ‬باـ تعليم ولَ ِد ِه‪ ،‬كما َشَر َط‬ ‫يُؤد َ‬
‫الرفيع ا‪١‬بع ِل‪ .‬إال أ ْف يػبػْب الػمعلّم ِ‬
‫آلباء الصبياف أنو‬ ‫َُ َ ُ ُ‬ ‫ُ ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العطاء من ُكل‬ ‫يُفاض ُل بينَهم على قَ ْد ِر ما يَص ُل إليو من َ‬
‫فّبض ْوا لو بذلك‪ ،‬فيجوز لو‪ ،‬وعليو أف يفي‬ ‫ٍ‬
‫واحد منهم‪َ ،‬‬
‫ٗبا التزـ من قدر ذلك‪.‬‬
‫ومن ُحسن النظ ِر ‪٥‬بم‪ ،‬أ ْف َال َخيلط‬ ‫الحهم‪ِ ،‬‬ ‫ومن ص ِ‬
‫َ‬
‫أكرهُ للمعلم‬ ‫‪:‬‬ ‫سحنوف‬ ‫قاؿ‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬ ‫بْب الذكراف وا ِإل ِ‬
‫ناث‬
‫َ‬
‫وخيْلطَ ُهن مع الغِلماف‪ ،‬ألف ذلك‬ ‫ي‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أ ْف يُعلم ا‪١‬بوار َ‬
‫‪٥‬بن‪.‬‬
‫فساد ّ‬
‫ٌ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وإنو لَيَػْنبَغي للمعلم أف َْحي ََِبس‬
‫بعض إذا كاف فيهم من ُخيْشى‬ ‫الصبياف بعضهم من ٍ‬ ‫ّ‬
‫الـ‪ ،‬أو يكوف لو ُجْرأةٌ‪.‬‬ ‫االحتِ‬ ‫فَساده‪ ،‬ي ِ‬
‫ناىز ِ‬
‫َُ ُ ُ ْ َ‬

‫‪065‬‬
‫وعليو (كما قاؿ سحنوف)‪ :‬أف يَػتَػ َفق َد ُىم بالتعليم‬
‫مثل َع ِشيّ ِة‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫علوم‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫وقت‬ ‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫ض‪ ،‬وجيعل لِ َعْر ِ‬
‫ض‬ ‫الع ْر ِ‬
‫وَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويوـ ا‪٣‬بَميس‪ .‬قاؿ‪ :‬فيَػْنبَغي لو أف َجيعل ‪٥‬بم وقتاً‬ ‫األَربِعاء ِ‬
‫ْ‬
‫ِمن النهار يػُ َعل ُمهم فيو الكتاب‪ ،‬وجيعلُهم يتخايَروف‪ ،‬ألف‬
‫عضهم‬ ‫وخيْ ِرجهم‪ ،‬ويبيح ‪٥‬بم أدب ب ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫هم‬ ‫ح‬ ‫ذلك ‪٩‬با يصلِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ُ‬
‫الكتاب يعُب ُب ُكل ٍ‬
‫يوـ‬ ‫وجيعل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َُ‬ ‫بعضاً‪ ،‬وال ُجياوُز ثَالثاً‪ُ َ َ .‬‬
‫االنْ ِق ِ‬
‫الب‪.‬‬ ‫من الضحى إذل وقت ِ‬
‫َ‬
‫بعضهم بعضاً‪ ،‬فإ ْف َشكا‬ ‫ويأخذ عليهم أ ْف ال يػؤِ‬
‫ي ُ‬ ‫ذ‬
‫ُْ َ‬ ‫ُ‬
‫بعض‪ ،‬فقد ُسئل َسحنوف عن ا‪٤‬بعلّم يأخ ُذ‬ ‫بعضهم أَ َذى ٍ‬ ‫ُ‬
‫بعض ُب األَذى قاؿ‪ :‬ما‬ ‫بقوؿ بعضهم على ٍ‬ ‫الصبياف ِ‬
‫ّ‬
‫أرى ىذا ِمن ِ‬
‫ناحية ا‪٢‬بُ ْك ِم‪ ،‬وإّنا على الػ ُمعلّم أف يػُ َؤد َهبم‬
‫تفاض على‬ ‫اس َ‬ ‫بعضهم بعضاً‪ .‬وذلك عندي إذا ْ‬ ‫إذا آذى ُ‬
‫اؼ‪ّ ،‬إال أف‬ ‫االعَب ُ‬‫ماعة منهم‪ ،‬أو كاف ِ‬ ‫يذاء من ا‪١‬ب ِ‬ ‫ا ِإل ِ‬
‫َ‬

‫‪066‬‬
‫عاقب‬ ‫ِ‬
‫عرفهم بالصدؽ فيَقبَ َل قوَ‪٥‬بم‪ ،‬ويُ َ‬ ‫يكونوا صبياناً قد َ‬
‫ك‪.‬‬‫على ذلك‪ ،‬وال جيوز ُب األدب كما أَ ْعلَ ْمتُ َ‬
‫احدة إذل ٍ‬
‫ثالث‪،‬‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬يريد كما تقدـ من و َ‬
‫الزياد َة لِ ْلذى‪ ،‬فعلَى ق ْدر ِشد ِة ذلك‪ ،‬يُريد‬
‫استَأْ َىلوا ّ‬
‫ِ‬
‫فإف ْ‬
‫ويأمُرىم بال َكف ع ِن األَذى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫من الثالث إذل العشر‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫ناحية‬ ‫لبعض‪ ،‬وليس ىو من‬ ‫بعضهم‬
‫ْ‬ ‫ويَػُرد َما أخ َذ ُ‬
‫احد من أصحابِنا‪.‬‬ ‫ال َقضي ِة‪ ،‬وكذلك ‪٠‬بعت من غّب و ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بياف ُب ال َقْت ِل وا‪١‬بِراح‪ ،‬ف َكيف‬
‫ت شهادةُ الص ِ‬
‫وقد أُ َ‬
‫جيز ْ‬
‫ىذا؟ وا﵁ أعلَ ُم‪.‬‬
‫الفصل الذي تقدـ‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وما يُوجد ُب‬
‫کالـ َسحنوف‪ .‬ىذا وتعلَ ُم بو أف على‬ ‫أسعد بو ِمن ِ‬
‫هاىم عن‬ ‫تعاىد ُى ْم‪ ،‬ويَػتَ َحف َظ منهم‪ ،‬ويَػْن ُ‬
‫الػ ُمعلم أف يَ َ‬
‫بعض کِ ْسرًة بَِزبيب‪ ،‬أو َزبيباً‬
‫بعضهم ِمن ٍ‬ ‫الربا‪ ،‬فإ ْف باع ُ‬
‫اف‪ ،‬أو تُػ ّفاحاً بِِقث ِاء‪ ،‬كما ذكرت‪ ،‬فإف أدرؾ ذلك‬ ‫بِرم ٍ‬
‫ُّ‬
‫‪067‬‬
‫أعلم‬ ‫ِ‬
‫بأيديهم‪َ ،‬رد كل واحد ما كاف لو‪ ،‬وإف أفاتوهُ‪َ ،‬‬
‫آباءىم ٗبا صنعوا من ذلك فيكوف غُرـ ما صار إذل كل‬
‫احد ِمن الصبياف من صاحبو ُب مالِو إ ْف كاف لو ٌ‬
‫ماؿ‪،‬‬ ‫و ٍ‬
‫اال ْستِقضاءُ ُب‬ ‫ماؿ‪ ،‬إذا وقع ِ‬ ‫يكن لو ٌ‬ ‫أو يَػْتبَػعُوُ بو إ ْف دل ْ‬
‫بعض طعاماً ُب‬ ‫عضهم إذل ٍ‬ ‫ذلك‪ .‬وإ ْف كاف إّنا أسلَ َم بَ ُ‬
‫يكن‬ ‫ٍ‬
‫مثل ما قبض‪ ،‬أو قيمتَو إف دل ْ‬ ‫َ‬ ‫القابض‬ ‫فيغرـ‬ ‫‪،‬‬ ‫طعاـ‬
‫بع ٗبا وجب عليو من‬ ‫ماؿ‪ .‬وإال فَػ ْليَت ْ‬ ‫مثل إ ْف كاف لوُ ٌ‬
‫لو ُ‬
‫ذلك‪ ،‬ويفسخ ما كاف بينهما‪ٍ ،‬ب يأخ ُذ عليهم ا‪٤‬بعلّم‪،‬‬
‫ويُشد ُد عليهم ُب األَ ْخ ِذ أَ ْف َال يَعودوا إذل التبايُع فيما‬
‫بينَهم‪ ،‬ال فيما ِحي ّل بْب األكاب ِر‪ ،‬وال فيما ال َحيل‪.‬‬
‫صنَعوا على ذلك‪ :‬خيربه بِ َعْينِو‬ ‫ويُعرفُهم وجو الربا ُب ما َ‬
‫العقوبة عليو إ ْف ىو‬ ‫ِ‬ ‫اعده بِش ّد ِة‬ ‫ويػُ َقبحوُ عنده‪ ،‬ويتو ُ‬
‫أحسن‬ ‫ىو‬ ‫وإذا‬ ‫‪.‬‬ ‫طأ‬‫ا‪٣‬ب‬ ‫عاوده‪ ،‬لِيتَدرج على ُ‪٦‬بانَػب ِ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َّ‬
‫نافرٍة لو‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَػ ْغبطُوُ بإحسانو ُب غّب انْبساط إليو‪ ،‬وال ُم َ‬
‫‪068‬‬
‫فيتدر َج اذل اختيا ِر‬
‫ّ‬ ‫لِيَعَِرؼ وجوَ ا‪٢‬بَ َس ِن من ال َقبيح‪،‬‬
‫االجتهاد‪ .‬وا﵁ُ يػَُزکي َمن يشاء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يدؿ‬‫ا‪٢‬بَس ِن‪ ،‬وىذا ما ُ‬
‫ميع العليم‪.‬‬
‫وىو الس ُ‬
‫حٌب‬ ‫سورة‬ ‫من‬ ‫و‬ ‫َ‬‫ل‬‫ق‬‫ُ‬ ‫ػ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫يب‬‫لص‬ ‫ومن االجتهاد لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بإعراهبا وكتابتها‪ .‬قاؿ َسحنوف‪ :‬إال أف يُسهل‬ ‫ِ‬
‫َحيفظَها ْ‬
‫‪٥‬بم اآلباءُ‪ ،‬فإ ْف دل يكن ‪٥‬بم آباءٌ وكاف ‪٥‬بم أولياء أو‬
‫ماؿ الصيب إّنا‬‫وصي‪ ،‬فإ ْف كاف دفَع أجر ا‪٤‬بعلّم من غّب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ٌ‬
‫عندىم‪ ،‬فَػلَ ُهم أ ْف يُسهلوا كما للب‪ ،‬وإ ْف كاف‬ ‫ىو من ِ‬
‫األجر َ‪٥‬بم أف يُ َسهلوا حٌب َحي َفظها كما‬ ‫من ماؿ الصيب ُ‬
‫أعلمتُك‪ .‬قاؿ‪ :‬وكذلك إذا كاف األب يعطي من ِ‬
‫ماؿ‬ ‫ُ‬
‫يلزُـ الصيب من م ُؤونَِة ا‪٤‬بعلّم ُب‬ ‫يب‪ .‬قاؿ‪ :‬و َأرى ما َ‬ ‫الص ّ‬
‫مالِو إ ْف كاف لو ٌ‬
‫ماؿ ٗبنز ِلة كِ ْسوتِو ونَػ َف َقتِ ِو‪.‬‬
‫لكن قولَو إ ْف كاف ما يأخذ‬
‫اب‪ .‬و ّ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬صو ٌ‬
‫ماؿ الصيب‪ ،‬أف ألَ ِ‬
‫بيو أو َمن قاـ لو أف‬ ‫ا‪٤‬بعلّم من غّب ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪069‬‬
‫‪ٛ‬بامها‪ ،‬ما أدري‬ ‫يسهل للمعلّم ُب نَػ ْقلِو من السورة قبل ِ‬
‫َْ‬ ‫َُ َ‬
‫يب‪ ،‬إّنا كاف على ُحسن‬ ‫الص‬ ‫على‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫للمع‬ ‫ِ‬
‫العطاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما وجوُ‬
‫ألحد أ ْف‬‫العناية بالصيب فقد صار ا‪٢‬بق للصيب فّ ِمن أين ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّّ ْ‬ ‫ّ‬
‫يُسهل فيو‪ّ ،‬إال أف يكوف مر ُاد سحنوف ‪ -‬ر‪ٞ‬بوُ ا﵁ ‪ -‬أف‬
‫عند َع ْق ِد اإلجارة‪ ،‬فيكوف‬ ‫قع َ‬ ‫سهيل ُب ذلك َو َ‬ ‫يب الت َ‬ ‫للص ّ‬
‫يب‪.‬‬
‫األحسن ما ىو أًب للص ّ‬ ‫ُ‬ ‫صواباً ُب ا‪١‬بواب‪ ،‬و‬
‫صنَػعُو الصبياف من َْ‪٧‬ب ِو أَلْ َواحهم وأكتافِهم‪،‬‬ ‫و ّأما ما يَ ْ‬
‫بإسناد ليس‬ ‫ٍ‬ ‫س ب ِن ٍ‬
‫مالك‬ ‫ابن َسحنوف فيو عن أَنَ ٍ‬ ‫فذكر ُ‬
‫ت ِصْبػيَةُ ال ُكتّاب‬ ‫ِ‬
‫ىو من ِرواية سحنوف‪ ،‬قاؿ‪ :‬إذا َ‪٧‬بَ ْ‬
‫ف‬ ‫إسالمو خْل َ‬ ‫َ‬ ‫يل رب العالَمْب بِأَْر ُجلِهم‪ ،‬نَػبَ َذ ا‪٤‬بعلّم‬ ‫تنز َ‬
‫حْب يَلتقى ا﵁َ على ما يَلقاه عليو‪.‬‬ ‫ظَ ْه ِره‪ٍ ،‬ب دل يُباؿ َ‬
‫نس‪ :‬كيف كاف ا‪٤‬بؤدبوف على عهد األَئِ ّم ِة أيب‬ ‫قيل ألَ ٍ‬
‫وعلى رضواف ا﵁ عليهم؟ قاؿ أنس‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بكر وعُ َمر وعُثماف ّ‬
‫صيب َجييءُ كل يوـ بِنَػ ْوبَتِ ِو‬ ‫ب لَو إِ ْ‪٪‬بانةٌ وكل ٍّ‬ ‫كاف ا‪٤‬بؤد ُ‬
‫‪071‬‬
‫صبوُ فيها‪ ،‬فَػيَ ْمحو َف بو أَلْ َو َ‬
‫احهم‪ .‬قاؿ أنس‪:‬‬ ‫ماءً طاىراً فيَ ُ‬
‫ٍب حيفروف لو ُح ْفَرًة ُب األرض‪ ،‬فيصبوف ذلك ا‪٤‬باء‬
‫‪٧‬بم ٌد‪ :‬قلت لِ َسحنوف فَبى أف يُ َلع َط؟ قاؿ‬ ‫ف‪ ،‬قاؿ ّ‬ ‫فينش ُ‬
‫ُ‬
‫بأس بو‪ ،‬وال ُدي َسح بالر ْج ِل‪ ،‬وُدي َس ُح با‪٤‬بِ ِ‬
‫نديل وما‬ ‫ال َ‬
‫الصبياف ُب‬
‫ب ّ‬ ‫تقوؿ ُب ما يَكتُ ُ‬‫أشبَػ َهوُ‪ .‬قلت لو‪ :‬فما ُ‬
‫سائل‪ .‬فقاؿ‪ :‬أما ما كاف من ذك ِر ا﵁‬ ‫ف من الر ِ‬ ‫ال َكتِ ِ‬
‫بأس أف َدي ِح َي غّب ذلك ّ‪٩‬با‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬‫تعاذل‪ ،‬فال ديَْ ِحي ِو ب ِرجلِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وسى عن جاب ٍر‬ ‫وحدثِب ُم َ‬ ‫ليس من القرآف‪ .‬وقاؿ ‪٧‬بمد‪َ :‬‬
‫اىيم النخعِي يقوؿ‪ِ :‬م َن‬ ‫بن منصور‪ ،‬قاؿ‪ :‬كاف إبر ُ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫داد‪ .‬قاؿ‬‫وشفتيو ِم ٌ‬ ‫ْ‬ ‫الر ِ‬
‫جل‬ ‫ِ‬
‫الػ ُمروءة أف يُرى ُب ثوب ّ‬
‫الكتاب‬
‫َ‬ ‫بأس أف يَ َلع َط‬ ‫دليل أنو ال َ‬ ‫‪٧‬بمد‪ :‬وُب ىذا ٌ‬ ‫ّ‬
‫بلسانِو‪ .‬وكاف سحنوف رّٗبا كتب الشيءَ ٍب يَل َعطُوُ‪ .‬وىذا‬
‫سألت عنو من ىذا ا‪٤‬بعُب‪ ،‬فإنو‬ ‫يما‬ ‫الوصف يكفيك فِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫س من الت ِ‬
‫غليظ‪،‬‬ ‫حس ٌن‪ .‬وما جاء فيو عن أنَ ٍ‬ ‫وصف َ‬ ‫ٌ‬
‫‪070‬‬
‫ظ شدي ٌد على ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬إ ْف‬ ‫فيَػْنبَغي أ ْف ُحي َذ َر منو فإنو تغلي ٌ‬
‫ُى َو تَػَرَؾ الصبيا َف ديَْحوف القرآ َف بِأَْر ُجلِهم‪.‬‬

‫عة فقاؿ سحنوف‪ :‬يُأْ َذ ُف‬ ‫بياف يوـ ا‪١‬بم ِ‬


‫وأما بِطالةُ الص ِ‬
‫َ ُُ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫ُب يوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬وذلك ُسنة ا‪٤‬بعلّمْب من ُذ كانوا‪ ،‬دل يُع ْ‬
‫عبد ا﵁ ابن عبد‬ ‫ذلك عليهم‪ .‬وذُكر أف ‪٧‬بمد بن ِ‬
‫َ‬
‫ا‪٢‬ب َك ِم قاؿ ُب ا‪٤‬بعلم يُستأْ َجُر شهراً‪ ،‬لو أف يَتبَط َل يوـ‬
‫وجرْوا عليو فهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا‪١‬بُ ُم َعة‪ ،‬وما كاف النّاس قد َعملوا بو‪َ ،‬‬
‫من العص ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوـ ا‪٣‬بميس َ‬‫الصبياف َ‬ ‫كالشرط‪ .‬و ّأما تَػ ْخليَةُ ّ‬
‫ؼ من‬ ‫رؼ النّاس‪ ،‬إ ْف كاف قد عُ ِر َ‬‫فهو أيضا َجيري عُ َ‬
‫شأهنم ُب يوـ‬ ‫شأف ا‪٤‬بعلمْب‪ ،‬فهو كما ع ِرؼ من ِ‬
‫ُ‬
‫يوـ ا‪٣‬بميس ُكلو‪ ،‬فهذا بعي ٌد‪ ،‬إّنا‬ ‫ا‪١‬بمعة‪ِ ّ .‬‬
‫هم َ‬
‫فأما بطالتُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضهم إيّاه على ُمعلّميهم ُب‬ ‫دراسةُ الصبياف أَ ْحَز َاهبم َ‬
‫وعْر ُ‬
‫ا‪٣‬بميس‪ ،‬إذل ِ‬
‫وقت‬ ‫ِ‬ ‫بعاء‪ ،‬وغُ ُدو يوـ‬ ‫عشي يوـ األر ِ‬
‫َ‬
‫‪072‬‬
‫نصف النهار‪ٍ ،‬ب‬ ‫م‬ ‫تابة‪ ،‬والتخايػر(ٔ) إذل قبل انْ ِق ِ‬
‫الهب‬ ‫الك ِ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬
‫يار إذل صالة‬ ‫ِ‬
‫يَعودوف بَػ ْع َد صالة الظهر لل ُكتّاب‪ ،‬وا‪٣‬ب ُ‬
‫بت يػُبَكروف فيو إذل‬ ‫العصر‪ٍ ،‬ب يػْنص ِرفوف إذل يوـ الس ِ‬
‫َ‬
‫فيق بالصبياف و بالػ ُمعلّمْب‬‫نافع َر ٌ‬
‫حسن ٌ‬‫معلميهم‪ .‬وىذا ٌ‬
‫ؼ‬ ‫ِ‬
‫األعياد أيضاً على العر ِ‬ ‫ال شطَ َط فيو‪ .‬وكذلك بطالةُ‬
‫ُْ‬
‫الػ ُمشتَػ َه ِر الػ ُمتواطَأ عليو‪.‬‬

‫بيو‪ ،‬كم تَرى أف يػُ ْؤ َذ َف ‪٥‬بم ُب‬‫وقاؿ ابن سحنوف ألَ ِ‬


‫َ‬
‫بأس أف يَأْ َذ َف ‪٥‬بم‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫احد‬
‫و‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫يوم‬ ‫ر‬ ‫ط‬
‫ْ‬ ‫األعياد؟ فقاؿ‪ِ :‬‬
‫الف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بأس أف يَأْ َذ َهنم‬
‫ثالثةَ أيّاـ‪ ،‬واألَضحى ثالثةَ أياـ‪ ،‬وال َ‬
‫‪ٟ‬بسةَ أيّاـ‪.‬‬

‫)‪ - (0‬ا‪٤‬بنافسة و التمايز ‪.‬‬

‫‪073‬‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬يريد ثالثةَ أيّاـ ُب الفطر‪ ،‬يوماً َ‬
‫ِ‬
‫ض َحى‪:‬‬‫فيوـ ثانِ ِيو‪ .‬و‪ٟ‬بسةَ أيّ ٍاـ ُب األَ ْ‬
‫ويوـ العيد‪َ ،‬‬ ‫العيد‪َ ،‬‬
‫الرابع ىو‬ ‫اليوـ‬
‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ح‬‫الن‬ ‫اـ‬ ‫أي‬ ‫ة‬ ‫وثالث‬ ‫‪،‬‬ ‫حر‬ ‫الن‬ ‫يوـ قبل ِ‬
‫يوـ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫آخر أيّاـ التشر ِيق‪ٍُ ،‬بَ يعودوف إذل معلّميهم ُب اليوـ‬ ‫ُ‬
‫ط ُب الرفق‪.‬‬ ‫يوـ النح ِر‪ ،‬وىذا وس ٌ‬ ‫ا‪٣‬بامس من ِ‬

‫لسحنوف‬ ‫أجل ا‪٣‬بَْتم‪ ،‬فقيل َ‬ ‫الصبياف من ِ‬ ‫و ّأما بطالَةُ ّ‬


‫ِِ‬
‫و‪٫‬بوه‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫اليوـ َ‬ ‫للصبياف َ‬‫أيضاً‪ :‬أترى للمعلّم ُب إِ ْذنو ّ‬
‫مثل اليوـ وبعضو‪ ،‬وال جيوز‬ ‫ما زاؿ ذلك من عمل النّاس َ‬
‫بإذف آبائِهم كلهم‪،‬‬ ‫لو أف يأ َذف ‪٥‬بم أكثر من ذلك ّإال ِ‬
‫َ‬
‫ألنو أجّبٌ ‪٥‬بم‪ .‬قيل لو‪ُ :‬رٗبا أىدى الصيب إذل ا‪٤‬بعلّم أو‬
‫أعطاهُ شيئاً‪ ،‬فيأ َذ ُف ‪٥‬بم على ذلك؟ فقاؿ‪ :‬إّنا ا ِإل ْذ ُف ُب‬
‫و‪٫‬بوه‪ ،‬وُب األعياد‪ .‬وأما ُب غّب ذلك فال‬ ‫اليوـ ُ‬ ‫ا‪٣‬بَْتم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت شهادةُ‬ ‫جيوز ّإال بِإ ْذ ِف اآلباء‪ .‬قاؿ‪ :‬وم ْن ىا ىنا أُ ْسقطَ ْ‬
‫‪074‬‬
‫أكث ِر ا‪٤‬بعلّمْب‪ ،‬ألهنم غّبُ ُم َؤد َ‬
‫ين ‪٤‬با َجيب عليهم‪ ،‬إال من‬
‫عصم ا﵁ُ‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪ -‬تم الجزء الثاني والحمد هلل ‪-‬‬

‫‪075‬‬
‫الجزء الثالث‬

‫(بسم اهلل الرحمن الرحيم)‬

‫علوـ كل‬‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وىذا إذا كاف ا‪٤‬بعلّم بأَج ٍر م ٍ‬


‫ْ َ‬
‫شهر‪ ،‬أو كل سنَ ٍة‪ .‬و ّأما إف كاف على غّب َشْر ٍط وما‬
‫يفعل ما شاء‬ ‫أف‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫سأؿ‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫دل‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫دل‬ ‫وما‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬‫ِ‬
‫ب‬‫َ‬‫ق‬ ‫ي‬ ‫أُ ِ‬
‫عط‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫إذا كاف أولياء الصبياف يعلموف بِتَ ْ ِ‬
‫فهم إ ْف شاءُوا‬ ‫ضيِيعو‪ُ ،‬‬ ‫ْ ُ‬
‫الوصف‬
‫ُ‬ ‫أعطَ ْوهُ على ذلك‪ ،‬وإف شاءوا دل يُعطُوه‪ .‬وىذا‬
‫يكفيك ِ‪٩‬بّا سألت عنو‪ ،‬وفيو بِطالَتهم عند ِ‬
‫ا‪٣‬بْ ِ‬
‫تمة‪ ،‬فإ ْف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ث‪،‬‬ ‫صف‪ ،‬أو الثػلُ ِ‬
‫كاف بل ٌد قد عُ ِرؼ فيو العطاء عند الن ِ‬
‫َ ُ‬

‫‪076‬‬
‫حسب ما‬ ‫الربع حٌب صار ثابتاً‪ ،‬فالػ ُمطالبةُ فيو على َ‬ ‫أو ّ‬
‫ع ِرؼ عنو‪ ،‬وتُػو ِ‬
‫وط َئ(ٔ) عليو‪.‬‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صنيع ُمعلّميكم إذا‬ ‫من‬ ‫كم‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫وأما وص ُفك ‪٤‬با جرى ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫رجل‪ ،‬أو ُولِ َد لو‪ ،‬فيَبعثوف ِصبياهنم‪ ،‬فيَصيحوف‬ ‫تزو َج ٌ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بصوت عاؿ‪ ،‬فَػيُعطوف ما‬ ‫ِعْن َد بابِو‪ ،‬ويقولوف‪ :‬أستاذنا‪،‬‬
‫أَحبّوا من طعاـ‪ ،‬أو غّب ذلك‪ ،‬فيأتوف بو ُمعل َمهم‪،‬‬
‫نصف يوـ أو ربع يوـ‪ ،‬بغّب‬ ‫َ‬ ‫فيأذ ُف ‪٥‬بم يَػتَبَطلو َف بذلك‬
‫قوؿ َسحنوف‪ :‬وال‬ ‫سألت عنو ُ‬ ‫ما‬ ‫فيكفيك‬ ‫‪،‬‬ ‫أم ِر ِ‬
‫اآلباء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الصبيا َف ْفو َؽ أُجرتِو شيئاً من‬
‫َحيل للّمعلّم أف يُكلف ّ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫َىدية أو غّب ذلك‪ ،‬ويسأ‪٥‬بم ُب ذلك‪ ،‬فِإ ْف أَ ْ‬
‫ىدوا إليو‬
‫على ذلك‪ ،‬فهو َحر ٌاـ‪ ،‬إال أف يُهدوا إليو من غّب‬
‫وجو الػم ِ‬
‫عروؼ‬ ‫مسألة‪ّ ،‬إال أف تكوف ا‪٤‬بسألة منو على ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬

‫)‪ - (0‬اتفقوا عليو‪.‬‬

‫‪077‬‬
‫فِإ ْف فعلوا دل يَض ِرْهبم ُب ذلك‪ .‬و ّأما إف كاف يُه ّد ُدىم أو‬
‫ىد ْوا إليو‪ ،‬فال َحيل لو ذلك‪ ،‬ألف التخليَةَ‬ ‫ُخيَليهم إذا أَ َ‬
‫وصف‬
‫َ‬ ‫داعيةٌ إذل ا‪٥‬بَ ِديِّة وىو مكروهٌ‪ .‬فإذا كاف ىذا كما‬
‫أنت عنو‬
‫سألت َ‬ ‫َ‬ ‫َسحنوف فيما يأٌب بو الصبياف‪ ،‬فالذي‬
‫ويج‪ ،‬أو أبا ا‪٤‬بولود‪ ،‬ال‬ ‫كرهُ‪ :‬لعل صاحب التػْز ِ‬ ‫أشد وأَ َ‬
‫يُعطي َما يػُ ْع ِطي‪ّ ،‬إال تَقية من أذى ا‪٤‬بعلم أو أذى‬
‫ِصبيانو‪ ،‬أو من تقري ِع ِ‬
‫بعض ا‪١‬بُ ّه ِاؿ‪ ،‬فيصّبُ ا‪٤‬بعلّ ُم من‬
‫ت‪ ،‬وال يَفعل ىذا ّإال معل ٌم جاىل‪.‬‬ ‫ذلك إذل أَ ْك ِل السح ِ‬
‫ْ‬
‫العمل الذي‬ ‫يَبؾ‬
‫َ‬ ‫حٌب‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬‫ج‬ ‫ز‬ ‫ػ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫عنو‬ ‫و‬‫ن‬‫ْ‬ ‫ػ‬ ‫ي‬‫فليوع ْظ فيو ولِ‬
‫َ‬ ‫ُ َْ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ‬
‫يطاف‪ ،‬وليس من عمل ِ‬
‫أىل‬ ‫وصفت‪ ،‬فإنو من عمل الش ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫القرآف‪.‬‬
‫ؼ الػ ُمعلّم الصبيا َف فيو‪ ،‬و‬
‫صر ُ‬
‫يُ َ‬ ‫عما‬
‫و ّأما ُسؤالك ّ‬
‫يَتشاغل ىو عنهم بشيء‪ ،‬فإف‬ ‫يُ َكل ُفهم إياه‪ ،‬وىل‬
‫للصبياف‬
‫مالك عن ا‪٤‬بعلّم َجيعل ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َسحنوف قاؿ‪ُ :‬سئِل‬
‫‪078‬‬
‫فاذه‪ ،‬فقد سهل ُب‬ ‫عريفاً(ٔ) فقاؿ‪ :‬إ ْف كاف مثلَو ُب نَ ِ‬
‫يب ُب ذلك َمنفعةٌ‪ .‬قاؿ سحنوف‪ :‬وال‬ ‫ذلك‪ ،‬إذا كاف للص ّ‬
‫بعض‪ ،‬ألف ُب ذلك‬ ‫بعضهم على ٍ‬ ‫بأس أ ْف َجيعلهم ُديلي ُ‬
‫يب أف‬ ‫للص ّ‬
‫َمنفعةً ‪٥‬بم‪َ .‬ولْيَتَػ َفق ْد إمالئَهم‪ .‬قيل لو‪ :‬فيأذ ُف ّ‬
‫ألحد كتاباً؟ فقاؿ ‪ :‬ال بأس بو‪ ،‬وىذا ‪٩‬با ُخيَر ُج‬ ‫يكتب ٍ‬
‫َ‬
‫سائل‪ .‬قاؿ‪ :‬وال َجيوز للمعلّم أف‬ ‫الصيب‪ ،‬إذا كتَب الر َ‬
‫الصبياف‬ ‫رسل الّصبياف ُب حو ِ‬ ‫يِ‬
‫سل ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّب‬
‫ُ‬ ‫ػ‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫لو‪:‬‬ ‫قيل‬ ‫‪.‬‬ ‫و‬ ‫ائج‬ ‫ُ َ‬
‫طلب بعض؟ فقاؿ‪ :‬ال أرى ذلك لو ّإال أف‬ ‫بعضهم ُب ِ‬ ‫َ‬
‫يأْ َذ َف أولياء الصبياف ُب ذلك‪ ،‬أو يكوف ِ‬
‫ا‪٤‬بوض ُع قريباً ال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يشغل الصبيا َف ُب ذلك‪ .‬ولْيتَعاى ِد الصبيا َف ىو ِ‬
‫بنفسو‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ُ‬
‫الصبياف‪ُ ،‬خيرب أولياءَىم أهنم دل َِجيي ُؤوا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫انقالب ّ‬ ‫ُب وقت‬

‫يف ‪:‬الْ َقي ُم بأَم ِر القوـ‪.‬‬


‫الع ِر ُ‬
‫‪َ -‬‬
‫)‪(0‬‬

‫‪079‬‬
‫ِ‬
‫الصبياف‬
‫رل أحداً من ّ‬ ‫ب للمعلّم أ ْف ال يػُ َو َ‬ ‫قاؿ‪ :‬وأُح ُ‬
‫جيعل ‪٥‬بم َعريفاً منهم‪ّ ،‬إال أ ْف يكوف الصيب‬ ‫الضرب‪ ،‬وال َ‬‫َ‬
‫وعرؼ القرآف‪ ،‬وىو ُمستغ ٍن عن التّعليم‪،‬‬ ‫الذي قد َختَ َم َ‬
‫يب‪ .‬قاؿ‪ :‬وال‬ ‫بأس أ ْف يُعينَو‪ ،‬فإف ُب ذلك َمنفعةً للص ّ‬ ‫فال َ‬
‫يأمَر أحداً أ ْف يُعلم أحداً منهم‪ ،‬إال أ ْف يكو َف‬ ‫َحيل لو أف ُ‬
‫الده ُب‬‫يب ُب َ‪ٚ‬بر ِجيو‪ ،‬أو يأذ َف و ُ‬ ‫فيما فيو َمْنفعةً للص ّ‬
‫بنفسو‪ ،‬أو ي ِ‬
‫ستأجْر ىو من يُعينُو‪،‬‬ ‫ذلك‪ .‬ولْي ِل ذلك ىو ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫إذا كاف ُب مثل كِفايَتِ ِو‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قاؿ‪ :‬وال جيوز للمعلّم أف يَشتغل َع ِن ّ‬
‫الصبياف ّإال أف‬
‫ث‪،‬‬ ‫بأس بأف يَػتَحد َ‬ ‫فال‬ ‫‪،‬‬ ‫فيو‬ ‫هم‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫يكونوا ُب ٍ‬
‫وقت اليػُ ْع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وىو ُب ذلك يَنظُُر إليهم يَػتَػ َفق ُد ُى ْم‪.‬‬
‫نفسو من‬ ‫قاؿ‪ :‬وال بأس للمعلّم أ ْف يشَبي مايصلِحو لِ ِ‬
‫َ ُ ْ ُُ‬
‫ينظر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأس أف َ‬ ‫َحوائجو‪ ،‬إذا دل جيد من يَكفيو‪ .‬قاؿ‪ :‬وال َ‬
‫الصبياف عنو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُب العلم ُب األوقات الٍب يَستغي ( فيها) ّ‬
‫‪081‬‬
‫بعض‪،‬‬‫بعضهم إذل ٍ‬ ‫مثل أ ْف يصّبوا إذل الكتاب ِة‪ ،‬وأَملَى ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫إذا كاف ُب ذلك َمنفعةٌ ‪٥‬بم‪ ،‬فإ ّف ىذا قد َسه َل فيو‬
‫االجتهاد‪ ،‬ولْيَتَفر ْغ‬ ‫م‬ ‫عل‬‫م‬ ‫ػ‬ ‫ال‬ ‫بعض أصحابِنا‪ .‬قاؿ‪ :‬ولْيػْلزِ‬
‫ـ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫‪٥‬بم‪.‬‬
‫وال جيوز لو الصالةُ على ا‪١‬بنائ ِز ّإال ما ال ب ّد لو منو‪،‬‬
‫ِ‬
‫ظر ُب أم ِره‪ ،‬ألَنو أجّبٌ ال يَ َدعُ عملَو ويَػت ُ‬
‫بع‬ ‫ُ‬ ‫الن‬ ‫و‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫ُ‬‫يلز‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫‪٩‬ب‬
‫ا‪١‬بنائز ِ‬
‫وعياد َة الػ َم ْرضى‪.‬‬ ‫َ‬
‫يكتب ُكتب العِلم لو أو‬ ‫َ‬ ‫للمعلّم أ ْف‬
‫قيل‪ :‬فهل تَرى ُ‬
‫بأس‬ ‫فال‬ ‫بياف‪،‬‬ ‫الص‬ ‫من‬ ‫اغ ِ‬
‫و‬ ‫للنّاس؟ فقاؿ‪ :‬أما ُب وقت فر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فسو وللناس‪ ،‬مثل أف يأذَ َف ‪٥‬بم ُب‬ ‫أف يكتُب لنَ ِ‬
‫َ َ‬
‫وز لو ذلك‪.‬‬ ‫حولَوُ‪ ،‬فال أَراهُ َجي ُ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫دام‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫أم‬‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫االنْ ِق ِ‬
‫الب‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ظر فيو إال ما ال‬ ‫وز لو أف َخيُر َج ‪٩‬با يْلَزمو الن ُ‬ ‫ف َجي ُ‬ ‫وَكْي َ‬
‫بعضهم إذل‬‫جيوز لو أ ْف يوكِل تعليم ِ‬ ‫يَػْلَزُمو؟ أال تَرى أنو ال ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بعض‪ ،‬فكيف يَشتغِ ُل بغ ِّبىم !‬ ‫ٍ‬
‫‪080‬‬
‫ص ِل صو ٌ‬
‫اب‬ ‫قاؿ أَبو ا‪٢‬بسن‪ :‬كل ما جرى ُب ىذا ال َف ْ‬
‫حس ٌن‪ .‬وما قاؿ فيو‪ّ :‬إال أ ْف يأ َذف ُب ذلك أبوه أو َوليو‪،‬‬ ‫َ‬
‫ماؿ الصيب الذي‬ ‫فمعناه‪ :‬إذا كاف أجر ا‪٤‬بعلّم من غّب ِ‬
‫ُ‬
‫وز إذ ُهنم ُب ذلك ِم ْن أَمو ِا‪٥‬بم‪ ،‬دفعوا ا ِإل َج َارَة عن‬ ‫َجي ُ‬
‫يب‪ .‬وقد تقدـ ِمثلُو‪ ،‬وأف معناه‪ :‬أنو كاف ُب الشرط‬ ‫الص ّ‬
‫ِ‬
‫للصبياف‪ ،‬وىو‬ ‫عند َع ْقد اإلجارِة‪ْ ،‬قبل أف َجيب ا‪٢‬بق ّ‬
‫وجوُ القوؿ عندي‪ ،‬وا﵁ُ أعلم‪.‬‬
‫أكثر منها‪.‬‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫وقد أتَى ما وص َفو سحنوف على مسائِلِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫يناـ‬ ‫وأما قولُك‪ِ :‬‬
‫وـ أ ْف َ‬ ‫لمعلم إذا غلَب عليو الن ُ‬ ‫ىل ل ُ‬‫ْ‬
‫نفسو؟ فإنو إ ْف كاف ُب‬ ‫عندىم‪ ،‬أـ يغالِب ذلك عن ِ‬ ‫َ‬
‫ْ ُ ُ‬
‫عنده فْػلُيغالِبو ِ‬
‫إف‬ ‫َ‬ ‫ىم‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫وحضو‬ ‫اىم‪،‬‬ ‫إي‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫تعليم‬ ‫ِ‬
‫وقت‬
‫ُْ‬ ‫ّ‬
‫ب فَػْليُ ِق ْم فيهم َم ْن َخيْلُ ُفوُ عليهم (إذا‬ ‫َ‬
‫استطاع‪ .‬وإ ْف غُلِ‬
‫ْ َ‬
‫ستأجُره‪ ،‬أو يَتطوعُ لو إذا‬ ‫كاف ُب ِم ِثل كِفايتِو) بِإجارٍة ي ِ‬
‫َ‬

‫‪082‬‬
‫كاف ِمن غ ِّب الصبياف‪ .‬وإ ْف كاف ِمن الصبياف ِ‬
‫أنفسهم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫فقد تقدـ من الشرائِ ِط ُب ذلك‪.‬‬
‫غل‪ ،‬فهو‬ ‫ِ‬
‫وكذلك إف َمرض‪ ،‬أو (كاف) عليو ُش ٌ‬
‫ٗبثل کِفايَتِو ‪٥‬بم‪ ،‬إذا دل‬ ‫ستأجر ‪٥‬بم َمن يكوف فيهم ِ‬ ‫ي ِ‬
‫َ‬
‫باء الصبياف ُب ذلك‬ ‫تطُل مدةُ ذلك‪ .‬فإ ْف طالت فَِِل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ومتَ َكل ٌم ِمن قِبَ ِل أنو ىو الػ ُمستأْ َجر بعينِو‪ ،‬فال‬ ‫نظر ُ‬‫ٌ‬
‫ستخف إذا‬ ‫يصلُح أف يقيم ِ‬
‫ب‪ ،‬فيُ َ‬‫َُ‬‫ر‬‫ػ‬‫َ‬‫ق‬ ‫فيما‬ ‫إال‬
‫ّ‬ ‫منو‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ض‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬
‫كانت ا ِإلجارةُ واجبةً عليو‪.‬‬
‫فأقاـ َم ْن يُوفيهم ِكفايتَو ‪٥‬بم‪ ،‬إ ْف‬
‫سافر َ‬‫كذلك إ ْف ىو َ‬
‫اليومْب وما أ ْشبَػ َه ُهما‬
‫اليوـ و ْ‬ ‫كاف سفراً ال بُد منو‪ ،‬قريباً َ‬
‫يف‬ ‫ِ‬
‫فَػيُ ْستَ َخف ذلك إ ْف شاءَ ا﵁‪ .‬و ّأما إ ْف بَػعُ َد‪ ،‬أو خ َ‬
‫ض ُب األسفار من ا‪٢‬بوادث‪ ،‬فال‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ع‬‫ي‬ ‫ما‬‫يب لِ‬
‫بػُ ْع ُد القر ِ‬
‫َ ُ‬
‫يصلُح لو ذلك‪.‬‬

‫‪083‬‬
‫اعات‪ ،‬فليس‬ ‫وشهادات البِي ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاحات‬ ‫وأما ُشهود الن‬
‫َ‬
‫يض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وعيادة ا‪٤‬بر ِ‬ ‫هود ا‪١‬بنازِة‪،‬‬ ‫لُو ذلك‪ ،‬ىو ُب ىذا ِمثل ش ِ‬
‫ُ ُ‬
‫عنده شهادةٌ‪ ،‬والسلطاف َعْنوُ‬ ‫ْأو أَشد‪ .‬و ّأما إ ْف كانت َ‬
‫ذر ُب‬ ‫ع‬ ‫لو‬ ‫فهو‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫بعي ٌد‪ُ ،‬ب سّبه إليو ُش ْغل عن ِصبيانِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫وج ْد منو بُد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫دل‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫إ‬ ‫لكن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‪ٚ‬بل ِفو عن أداء الش ِ‬
‫هادة‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ذر‪،‬‬
‫دع شهادتو عند من بَن ُقلها عنو‪ ،‬ولو ُب ذلك عُ ٌ‬ ‫أَْو َ‬
‫عذ ُره بعُذ ِره الذي لَ ِزَمو‪.‬‬ ‫ويقبلُها ا‪٢‬باكِم ِ‪٩‬بن نقلَها إليو‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سألت عنو ِمن ىذا‬ ‫َ‬ ‫‪ٝ‬بيع ما‬
‫نت لك َ‬ ‫فافَػ َه ْم‪ ،‬فقد بي ُ‬
‫ا‪٤‬بعُب‪.‬‬
‫فعل‪ ،‬يُريد ما َهنى عنو‪ ،‬وتَشا َغل عن‬ ‫و ّأما قولُك‪ :‬فإ ْف َ‬
‫اال ْشتِغاؿ‬
‫فاعلَم أنو يكوف من ِ‬
‫َ‬ ‫الصبياف‪ ،‬ماذا عليو؟ ْ ْ‬ ‫ّ‬
‫مثل حديثِو ُب ‪٦‬بلِسو‪ ،‬فيشغلو‬ ‫ا‪٣‬بفيف‪ ،‬الذي يكوف ُب ِ‬
‫ِ‬ ‫من الص ِ‬
‫بياف شيئاً‪ ،‬فهذا وما أَ ْشبَػ َهوُ يَقل َخطْبُو‪ّ ،‬‬
‫وخيف‬
‫أصاب من ذلك‪ ،‬إف‬ ‫الصبياف ‪٩‬بّا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫قدره‪ ،‬فيتحلل من آباء ّ‬ ‫ُ‬
‫‪084‬‬
‫الصبياف فال‬ ‫اؿ‬ ‫و‬ ‫أم‬ ‫ن‬ ‫كاف األجر من أمو ِا‪٥‬بم‪ .‬وإ ْف كاف ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وقت عادة راحتِو‪ ،‬ما‬ ‫بأس بو عندي أف يػعوضهم من ِ‬
‫َُ َ‬
‫ظوظهم با ْشتِغالِو ذلك‪،‬‬ ‫َجيبػر ‪٥‬بم بو ما نَػ َقصهم من ح ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫اليوـ أو أكثر اليوـ‪ ،‬فهذا كثّبٌ‪ .‬فإ ْف كاف‬ ‫وإ ْف كاف غائباً َ‬
‫قم ‪٥‬بم ِع ِوضأ‬ ‫أجالً معلوماً‪ ،‬وقد َعطلَ ُهم‪ ،‬ودل يُ ْ‬ ‫إجارتُو َ‬
‫ِ‬
‫اليوـ الذي َع ِطلَوُ‪.‬‬
‫ينوب ذلك َ‬ ‫منو‪ ،‬فيضع من أَ ْج ِره ما ُ‬
‫وإ ْف كانت اإلجارةُ ُمطلقةً‪َ ،‬وَب كل شه ٍر ٗبا علم فيو‪.‬‬
‫ض‪،‬‬ ‫حٌب يػُْل ِجئَوُ إذل العِ َو ِ‬
‫عتاد التشاغُ َل‪ّ ،‬‬‫وليس لو أف يَ َ‬
‫ضر بالصبياف‪.‬‬ ‫ألَف ذلك يَ ُ‬
‫و ّأما سؤالك عما يُ َكل ُفو ا‪٤‬بعلّ ُم الصبيا َف أ ْف يَأتوهُ بو من‬
‫الصبياف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب ِ‬
‫يوت آبائِهم يُر ُ‬
‫يد بغّب إذف آبائهم‪ ،‬أو َ‪ٞ‬بَلَو ّ‬ ‫ُ‬
‫عاـ أو غّب‬ ‫كليف من ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬وكاف ذلك من الط ِ‬ ‫بغّب تَ ٍ‬
‫ب أو غ ِّب ذلك‪ ،‬فهذا ال‬ ‫الطعاـ‪ ،‬وإ ْف قل قدره من َحطَ ٍ‬
‫ُ‬
‫َِحيل للمعلمْب أ ْف يَ ُأمروا بو‪ ،‬وال أف يَقبَلوه إ ْف أٌُِبَ بو‬
‫‪085‬‬
‫إليهم‪ ،‬وإ ْف دل يَأمروا بو‪ّ ،‬إال بِإ ْذ ِف اآلباء‪ ،‬ويَ ْسلَ ُم أيضاً‬
‫ِمن أف يكوف ما أَ ِذ َف اآلباء ُب ذلك على وجو ا‪٢‬ب ِ‬
‫ياء‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫مة‪ .‬وقد تق ّد َـ ِمن قوؿ َسحنوف ُب ِ‬
‫فصل ما‬ ‫وتَِقية الالئِ ِ‬
‫الكفايَةُ من ُسؤالك ىذا‪.‬‬ ‫َجيوز ِمن بِطالتِهم ما فيو ِ‬
‫ُ‬
‫فافْػ َه ْم‪.‬‬
‫وشراءُ الدرِة(ٔ) وال َفلَ َق ِة(ٕ) على ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬ليس على‬ ‫ِ‬
‫ا‪٢‬بانوت لِ َمجلِس التعليم‪ ،‬على‬ ‫ِ‬ ‫الصبياف‪ .‬وكذلك كِر ُاء‬ ‫ّ‬
‫اب‪.‬‬ ‫و‬‫ص‬ ‫وىو‬ ‫‪،‬‬ ‫حنوف‬ ‫س‬ ‫ا‪٤‬بعلّم أف يكوف كل ذلِك لِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫صبياف َمعلومْب سنَةً‬ ‫وقاؿ‪ :‬إذا استُػ ْؤِجر ا‪٤‬بعلّم على‬
‫الصبياف كِراءُ موض ِع الػ ُمعلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َمعلومةً‪ ،‬فعلَى أَْولياء ّ‬

‫ب بو‪.‬‬
‫ضَر ُ‬
‫‪ -‬سو ٌط يُ ْ‬
‫)‪(0‬‬

‫وص ُل بِطََرفَػْيػ َها َحْب ٌل‪.‬‬ ‫ِ‬


‫‪َ -‬عصاً َغليظَةٌ يُ َ‬
‫)‪(2‬‬

‫‪086‬‬
‫اب أيضا‪ ،‬ألَهنم ىم أَ ْتوا‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وىذا صو ٌ‬
‫بالػمعلّم إليهم وأَقْعدوه لِصبياهنم‪ ،‬وعلى ىذا ي ِ‬
‫عتد ُؿ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ا‪١‬بواب‪.‬‬

‫جل ُمعلّماً على صبياف‬ ‫استأجر الر ُ‬


‫َ‬ ‫وقاؿ َسحنوف‪ :‬إذا‬
‫غّبىم‪ ،‬إذا كاف‬ ‫معلومْب‪ ،‬جاز للمعلّم أ ْف يُعلّم معهم َ‬
‫استُػ ْؤِجَر ‪٥‬بم‪.‬‬
‫ال يَشغَلُو ذلك عن تعليم ىؤالء الذين ْ‬
‫شَب ْط على الػ ُمعلّم أنو ال يَزيد‬‫ومعُب ىذا‪ :‬إذا كاف دل يُ َ‬
‫أف يشَبطوا عليو أف ال‬ ‫على العِد ِة ا‪٤‬بذكورة لو شيئا‪ ،‬فأما ِ‬
‫ّ‬
‫شرطوا عليو أف ال خيلِط‬ ‫َ‬ ‫أو‬
‫ْ‬ ‫لو‬ ‫ا‪٤‬بذكورة‬ ‫ة‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫يزيد على العِ‬
‫اب‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ىو‬ ‫وىذا‬ ‫‪.‬‬‫ذلك‬ ‫لو‬ ‫فليس‬ ‫ىم‪،‬‬ ‫غّب‬ ‫بياهنم‬ ‫مع ِ‬
‫ص‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سؤالك عندي لو‪.‬‬

‫‪087‬‬
‫ابن القاسم‬
‫(ٔ)‬
‫الصبياف ُب ا‪٤‬بسجد‪ ،‬فإف َ‬ ‫وأما تعليم ّ‬
‫يب إذل ا‪٤‬بسجد‪.‬‬ ‫بالص‬ ‫أٌب‬ ‫ي‬ ‫جل‬ ‫الر‬ ‫عن‬ ‫مالك‬
‫ٌ‬ ‫ل‬‫قاؿ‪ :‬سئِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األدب‪،‬‬ ‫أَتَ ْستَحب ذلك؟ قاؿ‪ :‬إ ْف كاف قد بلَ َغ َم َ‬
‫وضع‬
‫ث ُب ا‪٤‬بسجد فال أرى بأسا‪ .‬وإف‬ ‫وعرؼ ذلك‪ ،‬وال يَعبَ ُ‬ ‫َ‬
‫حب ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫فال‬ ‫‪،‬‬ ‫ث‬ ‫عب‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫فيو‬ ‫ر‬‫ق‬‫كاف صغّباً‪ ،‬ال ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ثل معُب ىذا‪.‬‬ ‫مالك ِ‬
‫م‬ ‫وىب عن ٍ‬ ‫ِوالبْ ِن ٍ‬
‫ُ‬
‫مالك عن تعلم الصبياف ُب‬ ‫و ّأما سحنوف فقاؿ‪ُ :‬سئِ َل ٌ‬
‫وز ألهنم ال يَتحفظوف من‬ ‫ا‪٤‬بسجد فقاؿ‪ :‬ال أرى ذلك َجي ُ‬
‫ا‪٤‬بسجد للتعليم‪.‬‬ ‫ب‬‫صِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫النجاسة‪ ،‬ودل يػُْن َ‬

‫العتقي ا‪٤‬بصري‪،‬‬ ‫)‪ - (0‬ابن ِ‬


‫القاسم (ٕٖٔ ‪ ٜٔٔ -‬ىػ ) عبد الر‪ٞ‬بن بن القاسم بن خالد بن جنادة‬
‫ّ‬
‫أبو عبد ا﵁‪ ،‬ويعرؼ بابن القاسم‪ :‬فقيو‪ٝ ،‬بع بْب الزىد والعلم‪ .‬وتفقو باإلماـ مالك ونظرائو‪ .‬مولده‬
‫أجل كتب ا‪٤‬بالكية‪ ،‬رواىا عن اإلماـ مالك‪.‬‬
‫ووفاتو ٗبصر‪ .‬لو (ا‪٤‬بدونة ‪ -‬ط) ستة عشر جزءا‪ ،‬وىي من ّ‬

‫‪088‬‬
‫ب ال ّدنيا ُب‬ ‫صحيح‪ ،‬وتَكس ُ‬ ‫ٌ‬ ‫اب‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬جو ٌ‬
‫طاء ب ِن يَسا ٍر‬ ‫ا‪٤‬بسجد‪ .‬ال‪ .‬يصلُح‪ .‬أدل تسمع قوؿ ع ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بسوؽ‬ ‫يبيع ِسْلعةً ُب ا‪٤‬بسجد‪ :‬عليك‬ ‫ِ‬
‫للذي أراد أ ْف َ‬
‫سوؽ اآلخرِة‪ .‬فال يَب ُؾ لِػمعلّم الص ِ‬
‫بياف‬ ‫الدنيا‪ ،‬فإّنا ىذا ُ‬
‫َُ ُ‬
‫اضطُر إذل ذلك بِ ْاهنِ ِ‬
‫داـ‬ ‫وإف ْ‬‫أ ْف َجيلس هبم ُب ا‪٤‬بسجد‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫َمكانِو‪ ،‬فْليَت ِخ ْذ مكاناً يُعلم فيو إذل أف يُصلِ َح ما انْػ َه َدـ‬
‫لو‪ ،‬إ ْف أحب‪.‬‬
‫ا‪٤‬بكاف عليو‪ ،‬كاف ْبيتاً أو حانوتاً‪ ،‬إال أف يُدعى‬ ‫وا‪ٚ‬باذُ ِ‬
‫قوؿ َسحنوف ُب كِر ِاء‬ ‫ياهنم‪ ،‬فقد تقد َـ ُ‬ ‫صبياف بأَع ِ‬
‫ٍ ْ‬ ‫إذل‬
‫بيت ا‪٤‬بعلّ ِم ‪٥‬بم ‪ -‬إ ْذ‬ ‫الصبياف‪ .‬فإذا كاف ُ‬ ‫ذلك أَنو على ّ‬
‫غّبه‪،‬‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫كان‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ذ‬
‫ُ‬ ‫فبناؤه عليهم‪ ،‬أو يػت ِ‬
‫خ‬ ‫‪-‬‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫بأعياهن‬ ‫ُىم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وليس على ا‪٤‬بعلّم من ذلك شيء‪ .‬إّنا على ا‪٤‬بعلم‬
‫ا‪٤‬بكاف‪ ،‬إذا كاف يعلم لِعامة الناس‪.‬‬

‫‪089‬‬
‫عة‪ ،‬فهي جائزةٌ إِال‬ ‫وأما ش ِركةُ ا‪٤‬بعلّمْب والثالثَِة واألَرب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أجود تعلماً‬ ‫إذا كانوا ُب ٍ‬
‫بعضهم َ‬ ‫مكاف واحد‪ ،‬وإ ْف كاف ُ‬
‫ض‬
‫عاوناً‪ ،‬وَديَر ُ‬
‫بعض‪ ،‬ألَف ‪٥‬بم ُب ذلك تَرافُقاً وتَ ُ‬ ‫من ٍ‬
‫فيق‪ .‬وإ ْف كاف‬ ‫ي‬ ‫حٌب‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫مكا‬ ‫بعضهم فيكوف الس ِ‬
‫ادل‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫اآلخر ليس‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫قومي‬ ‫الت‬ ‫ن‬ ‫س‬‫اءة‪ُ ،‬حي ِ‬ ‫بعضهم عريب ِ‬
‫القر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قلت‪:‬‬
‫كذلك‪ ،‬ولكنو ليس يَػْل َح ُن‪ ،‬فال بأس بذلك‪ُ .‬‬
‫وعن اب ِن القاس ِم ُب‬ ‫مالك‪َ ،‬‬ ‫ذلك َعلَى ما جاء َعن ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫مالك أف ذلك ال يصلُح‬ ‫اشَبكا‪ .‬وقد روي عن ٍ‬ ‫مْب َ‬
‫ُمعلّ ْ‬
‫ُ َ‬
‫فضل على‬ ‫مها‬ ‫حٌب يستوي ِعلمهما‪ ،‬فال يكوف ِ‬
‫ألحد‬
‫ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫أعلم من صاحبِو‪ ،‬دل‬ ‫صاحبِو ُب ِ‬
‫أحدمها َ‬ ‫علمو‪ .‬فإف كاف ُ‬
‫فضل من ال َكسب‬ ‫هما‬ ‫يصلُح‪ّ ،‬إال أف يكوف ألَ ْعلَ ِ‬
‫م‬
‫ٌ‬
‫وإال دل يصلُح‪.‬‬ ‫يػُ َقد ُر عليو على صاحبِو‪ّ ،‬‬

‫‪091‬‬
‫مْب من‬‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ّ :‬أما إذا دل يكن بْب ا‪٤‬بعلّ ْ‬
‫اآلخر ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬‫َ‬‫ت‬ ‫اء‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫أحدمها يُع ِ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫أف‬ ‫إال‬ ‫ختالؼ‬ ‫ِ‬
‫اال‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يُعرهبا‪ ،‬إال أنو ال يَػْل َح ُن‪ ،‬فما ُب ىذا ما يوجب عندي‬
‫فاض َل بْب أُجرتي ِهما إذا اشَبكا‪ .‬وكذلك يكوف‬ ‫التّ ُ‬
‫اآلخر ليس بذلك‪ ،‬إال أنو يكتُب‬ ‫رفيع ا‪٣‬بط‪ ،‬و ُ‬ ‫أحدمها َ‬
‫ُ‬
‫متقارب ُب‬ ‫الؼ ُب ىذا ِ‬
‫وشْب ِهو‬ ‫اال ْختِ ُ‬
‫ويتهجى‪ .‬و ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الشركة‪ .‬وكذلك ىذا ُب الصنائ ِع وُب التجارة يكوف‬
‫أحدمها أَ ْعلى من اآلخ ِر فيما ُحيسن من ذلك‪ ،‬فليس‬ ‫ُ‬
‫فض ٌل على اآلخر ُب ا ِإلجارة إذا كانا شر ْ‬
‫يكْب‪.‬‬ ‫ىذا ْ‬
‫أحد ا‪٤‬بعلّمْب يقوـ بالشكل و ا‪٥‬بجاء‪،‬‬ ‫ولكن إذا كاَف ُ‬
‫ساب‪ ،‬و ِ‬ ‫الشع ِر‪ ،‬والنح ِو‪ ،‬وا‪٢‬بِ ِ‬
‫األشياء‬ ‫وعل ِم العربيّ ِة‪ ،‬و ّ‬
‫شَب َط‬ ‫ِ‬ ‫الٍب لَ ِو انْػ َفرد معلّم ِ ِ‬
‫‪١‬باز ا ْف يُ َ‬
‫القرآف ٔبَ ْم ِع علومها َ‬ ‫ََ ُ‬
‫عْب‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫القرآف‪ِ ،‬من قِب ِل أهنا ِ‬
‫‪٩‬ب‬ ‫ِ‬ ‫تعليمها مع تعليم‬
‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫عليو ُ‬
‫شارؾ من ال‬‫وحس ِن ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬فهذا إ ْف َ‬ ‫ِ‬
‫على ضبط القرآف ُ‬
‫‪090‬‬
‫ُحي ِسن إِال قراءة القرآف والكتاب‪ ،‬فهو الذي تكوف‬
‫الرواية‪ ،‬على ق ْد ِر‬ ‫ِ‬
‫اإلجارةُ بينهما ُمتفاضلةً على ىذه ّ‬
‫ستأجُر ليعلم‬ ‫ِعل ِم ُكل واحد منهما‪ .‬و ّأما أ ّف لو َ‬
‫أحدمها يُ َ‬
‫اآلخر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ذلك‬ ‫و‬ ‫أشب‬ ‫وما‬ ‫ساب‬ ‫الشعر وا‪٢‬بِ‬
‫حو و ّ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫الن َ‬
‫حت ىذه‬ ‫صلُ ْ‬
‫ستأجر على تعليم القرآف والكتاب‪ ،‬ما َ‬ ‫يُ ُ‬
‫مذىب اب ِن القاسم‪ ،‬وعلى قوؿ من يَكره‬ ‫ِ‬ ‫الشركةُ‪ ،‬على‬
‫ّ‬
‫رآف والكتاب‪ ( .‬فافهم‪ ،‬فقد)‬ ‫اإلجارَة على تعليم غ ِّب ال ُق ِ‬
‫ع عنو من ُِحيب أف يأ ُك َل حالالً‬ ‫ِ‬
‫بينت لك ذلك ل ُّبَد َ‬
‫طيباً‪.‬‬

‫البالغْب‪ ،‬أ ْف‬ ‫الكبا ِر‬ ‫وسألت ىل لِلص ِ‬


‫بياف الصغا ِر‪ ،‬أو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يَقرؤوا ُب سورٍة واحدة وىم َ‪ٝ‬باعةً على َو ْج ِو التعليم‪،‬‬
‫كنت تُريد يَفعلوف ذلك عند ا‪٤‬بعلم‪ ،‬فيَنبغي على‬ ‫فإ ْف َ‬
‫يأمُرىم بو‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أصلح لتعلمهم‪ ،‬فَ ُ‬‫ُ‬ ‫ا‪٤‬بعلم أف ينظر ُب ما ىو‬
‫‪092‬‬
‫ٕبضرتِو‬ ‫ويأخ ُذ عليهم فيو ألف اجتماعهم ُب القر ِ‬
‫اءة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكن إ ْف كاف‬ ‫ُخيفي عنو ال َق ِوي ا‪٢‬بفظ من الضعيف‪ .‬و ْ‬
‫ِ‬
‫ض كل‬ ‫على الصبياف من ذلك خ ّفةٌ‪ ،‬فيُخربىم أنو َسيُػ ْع ِر ُ‬
‫احد منهم ُب ِحزبو‪ ،‬فَػيُؤدبُو على ما كاف من تقصّب‪،‬‬ ‫و ٍ‬
‫ألدب‪ّ ،‬إال عن ذنب‬ ‫َهتدي ٌد يػتَػهد ُدىم‪ ،‬وال يوقِع الضرب ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫حسب ما تقدـ قبل ىذا‪.‬‬
‫ْب َ‬‫يػُتَبَػ ُ‬

‫ف‪ ،‬وىم على غّب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫إمساؾ الصبياف ا‪٤‬بصاح َ‬
‫ُ‬ ‫وأما‬
‫وضوء‪ ،‬فال يفعلُوا ذلك‪ ،‬وليس كاأللو ِاح‪ .‬وما ُب نَػ ْهيِهم‬
‫ا‪١‬بامعة ‪ -‬وىم على غّب وضوء ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا‪٤‬بصاحف‬ ‫عن مس‬
‫(ٔ)‬
‫مالك‪ ،‬وال ‪٩‬بن يقوؿ بقولِو‪ .‬ورأى َسحنوف‬
‫خالؼ من ٍ‬ ‫ٌ‬

‫)‪ - (0‬سحنوف بن سعيد بن حبيب التنوخي (ٓ‪ ٔٙ‬ىػ ‪ – 240‬ىػ)‪ ،‬ىو فقيو مسلم من القّبوانو‬
‫شيخ مشايخ افريقية ويعترب من أشهر فقهاء ا‪٤‬بالكية ‪.‬‬

‫‪093‬‬
‫صحف ّإال‬
‫َ‬ ‫يأمَرىم أ ْف ال َدي ّسوا الػ ُم‬
‫أف على ا‪٤‬بعلم أ ْف ُ‬
‫اب‪،‬‬ ‫حٌب يَػ ْعلَموه‪ .‬وىو َح َس ٌن صو ٌ‬ ‫َوُى ْم على ُوضوء‪ّ ،‬‬
‫كما قاؿ سحنوف‪ ،‬أل ّف معلمهم يُعلمهم مصاحلَ دينِهم‬
‫صيب دل‬
‫صلّي هبم ًّ‬ ‫قد ُسئِ َل ٌ‬
‫مالك عن صبياف ال ُكتّاب يُ َ‬
‫وخف َفوُ‪ .‬قاؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْحيتَل ْم قاؿ‪ :‬ما زاؿ ذلك من شأف الصبياف َ‬
‫أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬يُريد الذين يُصلّوف معو دل َْحيتَلِموا‪ ،‬ولو كاف‬
‫‪٧‬بتلم‪ ،‬فإف صلُح ل ِإلمامة قُد َـ‪ ،‬وإ ْف‬ ‫ُب صبياف ال ُكتّاب ٌ‬
‫خلف َم ْن دل َْحيتَلِم‪ ،‬وال‬ ‫دل يصلُح لإلمامة فال يُصلّي َ‬
‫يُقطَ ُع عن صبياف ال ُكتّاب عاد ُهتم‪ ،‬لكي يَتدرجوا اذل‬
‫حٌب يكربوا على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معرفة صالة ا‪١‬بَماعة‪ ،‬وليعرفوا فضلها ّ‬
‫الرا‪ٞ‬بْب‪.‬‬ ‫م‬ ‫أرح‬ ‫وىو‬ ‫الرغبة فيها‪ ،‬وا﵁ خّب ٍ‬
‫حافظ‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬

‫وىو مؤلف كتاب (آداب ا‪٤‬بعلمْب) ‪٩‬با دونو ابنو ‪٧‬بمد عنو ‪ ،‬ويعترب من اقدـ ا‪٤‬بصادر و اوثقها ُب ‪٦‬باؿ‬
‫آداب ا‪٤‬بعلمْب و وقد نقل عنو اكثر العلماء ُب ىذا اجملاؿ وخاصة االماـ ابو حسن القابسي ُب كتابو‬
‫ىذا (احكاـ ا‪٤‬بعلمْب و ا‪٤‬بتعلمْب)‬

‫‪094‬‬
095
‫األول‬
‫الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ّ‬

‫ذكر سؤالو عما تكون فيو األحكام بين‬


‫ُ‬
‫الر ِ‬
‫جل زوجتَو‬ ‫والصبيان‪ ,‬وعن ِ‬
‫أدب َّ‬ ‫ّ‬ ‫المعلمين‬
‫وول َده وعب َده وشكواهُ ول َده الكبي ـر‬

‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬قد قدمت لك من ِ‬


‫وصف ما يَطيب‬
‫ومن و ِ‬ ‫ِ‬
‫صف ما ليس‬ ‫للمعلّمْب‪ ،‬يَأْ ُخذونَو من ا‪٤‬بتعلّمْب‪َ ْ ،‬‬
‫الوَرِع منهم‪ ،‬ما فيو‬
‫ألىل َ‬‫‪٥‬بم أخ ُذه‪ ،‬وما يكوف نَزاىةً ِ‬
‫سألت عنو‪ ،‬وفيها ما يوجب ‪٥‬بم ُب‬ ‫ِ‬
‫الكفايةُ والبياف ‪٤‬با‬
‫َ‬
‫خل فيو‪ ،‬أو‬ ‫د‬ ‫ما‬ ‫ترؾ‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ٌ‬ ‫أح‬ ‫منهم‬ ‫اد‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫فإ‬ ‫‪،‬‬ ‫هم‬ ‫َشر ِ‬
‫ط‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األحكاـ‪.‬‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ػ‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ع‬‫س‬‫اختلفوا ُب أم ٍر‪ ،‬و ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُُ‬
‫‪096‬‬
‫ب للمعلّم‪ ،‬وعلى أي‬ ‫وسألت عن ا‪٣‬ب ِ‬
‫تمة متی َ٘ب ُ‬ ‫ََ‬
‫يب ُب ِحفظو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الص‬ ‫حاؿ‬
‫ُ‬ ‫يكوف‬ ‫كيف‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫لو‬ ‫٘بب‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وجو‬
‫وقراءتِو‪ ،‬وإجارتِو‪ ،‬فيستوجبُها ا‪٤‬بعلّم؟ قاؿ‪ :‬و وجوب‬
‫وجهْب‪:‬‬ ‫سألت عنو على‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ا‪٣‬بْتمة للمعلّم ُب ما َ‬
‫أحدمها أف يَستظهر القرآ َف ِح ْفظاً من ّأولو إذل آخره‪،‬‬
‫حاكم ا‪٤‬بسلمْب‬ ‫فهذا الذي ٘بب لو ا‪٣‬بِْتمةُ على نظر ِ‬
‫ا‪٤‬بأموف على النظ ِر ُب ذلك‪ .‬وتكوف على ق ْد ِر يُ ْس ِر‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫يب‪٩ ،‬با علمو ا‪٤‬بعل ُم‪،‬‬ ‫هموُ الص ّ‬‫األب وعُ ْس ِره‪ ،‬وق ْدر ما فَ َ‬
‫ِ‬
‫ت‪ ،‬إّّنا‬ ‫مع استظها ِره للقرآف‪ ،‬وليس ُب ذلك َحد ُموق ٌ‬
‫عادات النّاس ُب ِمثْ ِل‬ ‫ِ‬ ‫اجب ُب‬‫ىو ما يُرى أنو ىو الو ُ‬
‫ىذا ا‪٤‬بعلم‪ِٗ ،‬ب ِثل ىذا الصيب‪ ،‬وُب حاؿ ِ‬
‫أبيو‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪097‬‬
098
‫استكمل قراء َة القرآف ُب‬
‫َ‬ ‫والوجو اآلخر أف يكو َف الصيب‬
‫الػ ُمصحف نَظَراً‪ ،‬ال َخيفى عليو شيءٌ من ُحروفو‪ ،‬مع ما‬
‫ِ‬
‫ا‪٥‬بجاء‪،‬‬ ‫ضْب ِط‬ ‫فَ ِه َموُ الصيب ‪٩‬با يَػْن ُ‬
‫ضاؼ إذل ذلك‪ ،‬من َ‬
‫هاد ُب الواجب‬ ‫الشكل‪ ،‬وحس ِن ا‪٣‬بط‪ ،‬فيكوف ِ ِ‬
‫اال ْجت ُ‬ ‫و ّ‬
‫عادات النّاس ُب‬ ‫ِ‬ ‫يب أيضاً‪ ،‬على ق ْدر‬ ‫الص‬ ‫ىذا‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫مع‬ ‫لػِ‬
‫ّ‬
‫احبَو من‬ ‫ص‬ ‫ما‬ ‫مع‬ ‫أَحوا‪٥‬بم‪ّ .‬إال أف الػمستظهر لِ ِ‬
‫لحفظ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اب قر ٍ‬
‫اءة‪،‬‬ ‫وىجاء‪ ،‬وإعر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وضبط ٍ‬
‫شكل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫خط‪،‬‬‫ُحسن ٍّ‬
‫تهاد أفضل جعالً ‪٩‬بّن دل يستظه ِر ِ‬
‫ا‪٢‬بف َظ‪،‬‬ ‫االج ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫يكوف ُب ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص تعلّ ُم كل‬ ‫ى على تالوة القرآف نَظراً‪ .‬وما نَػ ُق َ‬ ‫إّنا قَ ِو َ‬
‫االجتهاد لو فيما‬ ‫وصفت لك‪ ،‬كاف‬ ‫احد منهما عما‬ ‫و ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تكم َل ذلك‪ .‬فعلى ىذين‬ ‫اس َ‬‫َجيب من ا‪١‬بُ ْع ِل دوف َم ِن ْ‬
‫الوجهْب‪ُْ ،‬حي َم ُل ما جيب للمعلّم على ا‪٤‬بتعلّم إذا ُى َو‬ ‫ْ‬
‫القرآف‪ .‬وىذا إذا دل يكن شر ُط ا‪٤‬بعلّم‬ ‫ِ‬ ‫تكم َل َخْت َم‬
‫اس َ‬ ‫ْ‬
‫‪099‬‬
‫شرط ذلك كاف لو ما‬ ‫ِِ ِ‬
‫سمی‪ .‬فأما إ ْف َ‬
‫للخْت َمة ُج ْعالً ُم ّ‬
‫يب الوجوَ الذي عُل َم من ظاى ٍر أو‬‫الص‬ ‫ؽ‬‫َ‬ ‫شرط إذا ح ِ‬
‫ذ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نَظَ ٍر‪.‬‬
‫ص من األجر‬ ‫يب ‪٩‬بّا عُل َم بو‪ ،‬ن َق َ‬‫الص ّ‬
‫فإف ن َقص تعلم ّ‬
‫يب‪ ،‬حٌب يَنت ِه َي‬ ‫الص‬ ‫م‬ ‫عل‬‫ت‬
‫َ‬ ‫من‬ ‫نقص‬ ‫ما‬ ‫قدار‬ ‫الػمسمى ِ‬
‫ٗب‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫ص التّعليم إذل أقل ما يَػْنػ َفعُوُ‪ ،‬فيكوف لو ٗبقدار‬ ‫من نَػ ْق ِ‬
‫ا‪٤‬بنفعة الٍب لو فيو‪ .‬وإف كاف دل يَشَبط للختمة شيئا‬ ‫ِ‬

‫حٌب يكوف للمعلّم فيها إذا أَ ْح َذقها الص ّ‬


‫يب‬ ‫سم ًى‪ّ ،‬‬ ‫ُم ّ‬
‫حٌب ينتهي إذل ما ال‬ ‫يب ّ‬ ‫حذؽ الص ّ‬‫االجتهاد‪ ،‬فن َقص ُ‬ ‫ُ‬
‫الشكل‪،‬‬ ‫يُسمى تَعلماً‪ُ ،‬ب إجادتِو‪ ،‬ومعرفتو با‪٥‬بجاء و ّ‬
‫والنظر ُب الػمصحف‪ ،‬فَبِأَي ٍ‬
‫شيء َختَ َم ىذا ؟‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يب فال يَػتَهجى‪ ،‬ويرى‬ ‫الص‬ ‫على‬ ‫ى‬‫َ‬‫ل‬‫دي‬
‫ُ‬ ‫‪:‬‬‫ٌ‬‫ة‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫خ‬‫ما ِ‪٥‬بذا ِ‬
‫ّ‬
‫ا‪٢‬بروؼ فال يضبِطُها‪ ،‬وال يستمر ُب قر ِ‬
‫اءهتا‪ .‬معلّ ُم ىذا‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫عليم‪ ،‬وإ ْف كاف ال ُحيسن‬ ‫الت‬
‫ّ‬ ‫سن‬ ‫حي‬
‫ُ‬ ‫كاف‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫قد فَػر َط ِ‬
‫فيو‬
‫َ‬
‫‪211‬‬
‫ثل ىذا ا‪٤‬بعلّم‬ ‫ِ‬
‫ي العُلماء أف م َ‬ ‫التعليم‪ ،‬فقد َغرَر‪ .‬ورأ ُ‬
‫وهتاونِو ٗبا الْتَػَزَموُ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫يس ِ‬
‫األدب لتَفريطو فيما َوليَوُ‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫تأى ُل‬ ‫َْ‬
‫ط‬‫اب‪ ،‬إذا كاف شأنُو التفري َ‬ ‫ِ‬
‫وأ ْف ُدينَ َع من التعليم‪ ،‬وىو صو ٌ‬
‫مثل‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫هم‬ ‫يمو وىو ال ُحي ِسن‪ .‬ورأي ِ‬
‫بعض‬ ‫أو الغرور بِتَعلِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ستأى ُل الل ْوَـ‬‫ستأىل ا ِإللْزاـ‪ ،‬بل ي ِ‬ ‫ىذا ا‪٤‬بعلّم ال ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ماـ الع ْد ِؿ‪ِ .‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإف ْاعت َذ َر‬ ‫أنيب من ا ِإل َ‬ ‫عنيف والغلظةَ والت َ‬ ‫والت َ‬
‫ظ‬‫يب‪ ،‬واختُِرب الصيب فَػ ُوِج َد لذلك ال َحي ِف ُ‬ ‫ّ‬ ‫الص‬ ‫ا‪٤‬بعلم بِبػلَ ِ‬
‫و‬ ‫َ‬
‫حيصل ‪٥‬بذا ا‪٤‬بعلّ ِم ّإال‬ ‫ما عُلم‪ ،‬وال يضبِ ُ‬
‫ط ما فُػه َم‪ ،‬فَػلَ ْم ُ‬
‫إجارةُ َح ْوِزه وتأديبِو‪ ،‬ال إجارةُ التعليم‪ ،‬إذا دل يُعرؼ آباه‬
‫ؼ أباه‪َ ،‬فرض َي لو‬ ‫ِٗبكانِو من فَػ ْقد ال َف ْه ِم‪ ،‬ألنو لو َعر َ‬
‫بشيء لَزمو‪ ،‬فإذا دل يُعرفْوُ فقد غرهُ‪ .‬وا‪٤‬بغرُر ال يَ ْستَأْ ِى ُل‬ ‫ٍ‬
‫على تغريره ُج ْعالً وال إحساناً‪.‬‬
‫ا‪٣‬بروج‬
‫َ‬ ‫حٌب تدا ى من ا‪٣‬بتمة فأراد‬
‫الصيب عُل َم ّ‬‫و ّأما َ‬
‫من ِعند ا‪٤‬بعلّم إذل معلّ ٍم آخر‪ ،‬أو إذل صْن ِ‬
‫عة‪ ،‬أو إذل ما‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪210‬‬
‫ِ‬
‫استكماؿ‬ ‫الصيب قبل‬ ‫ِ ِ‬
‫أحب من االنتقاؿ‪ ،‬أو مات َ‬
‫سم ًی‪ ،‬فهو عندي‬ ‫ِ ِ‬
‫ا‪٣‬بتمة‪ ،‬وىي دل يُ َسم ‪٥‬با ُج ْع ٌل ُم ّ‬
‫ِ‬
‫استكماؿ ا‪٣‬بتمة‬ ‫أصل واح ٌد‪ ،‬كأ ّف الذي بَِق َي عليو من‬ ‫ٌ‬
‫بع‪ ،‬أو أقل من ذلك أو أقل من الس ُد ِس‪،‬‬ ‫الر ُ‬
‫لث‪ ،‬أو ّ‬‫الثّ ُ‬
‫جيب على‬ ‫ا‬ ‫فإنو يكو ُف للمعلّم عندي على أيب الصيب ِ‬
‫‪٩‬ب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫مثلِو ُب ُج ْع ِل ِختمة ابنِو‪ٗ ،‬بقدار ما انتهى ثالثةَ أر ِ‬
‫باع‬
‫أكثر‪ ،‬أو أقل من ذلك‪.‬‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫أسداس‬ ‫ذلك‪ ،‬أو ‪ٟ‬بسةَ‬
‫َ‬
‫ساب‬ ‫ولو كاف إّنا علمو نصف القرآف‪ ،‬لوجب لو ِ‬
‫ح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذلك‪ .‬وكذلك َجيب عندي ُب الوقت للمعلّم ما‬
‫البلد الذي يعلّم فيو مثل‬ ‫اشتػهرت عادةُ وجوبِو لو ُب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫يب وُب‬ ‫الص‬ ‫بلغها‬ ‫إذا‬ ‫(ٔ)‬
‫)‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫ذ‬‫ا‪١‬بعل ُب ( َدل ي ُك ِن ال ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُْ‬
‫( َعم يَػتَ َساءَلُو َف)(ٕ) وُب (تبارؾ)(ٔ) وُب (إنّا فتحنا)(ٕ) و‬
‫)‪ - (0‬سورة البينة ‪ ،‬اآلية رقم(ٔ) ‪.‬‬

‫)‪ - (2‬سورة النبأ ‪ ،‬اآلية رقم (ٔ) ‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫ِالشتهار أداء‬ ‫(ٗ)‬
‫وُب سورة (الكهف)‬ ‫الصافّات)‬
‫( ّ‬
‫(ٖ)‬

‫وجلوس الػ ُمعلّمْب ورغبتُهم ُب التّعليم‬ ‫ُ‬ ‫النّاس ُب ذلك‪.‬‬


‫ِ‬
‫القرآف‬ ‫إّنا ىو لذلك‪ .‬وإذا كانت اإلجارةُ على تَعل ِم‬
‫جائزًة‪ ،‬واألخ ُذ على ذلك بالشرط إّّنا ىو إجارةٌ دل‬
‫ات ّإال فيما ات ِف َق على‬‫يصلُح أف َجيري إال ‪٦‬باري اإلجار ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شرط تَ ْس ِميَ ِة الػ ُج ْع ِل‪ .‬وكذلك الػ ُج ْع ُل ُب‬
‫٘بويزه ِمن تَػرِؾ ِ‬
‫ْ ْ‬
‫ختمة القرآف على من أدى ا‪٣‬بْتمةَ الػمسماة‪ ،‬لو ِ‬
‫جوهبا‬ ‫َ ّ ََ ُ ّ ُ‬
‫عادة البلد‪ ،‬يكوف أَخف من الػ ُج ْع ِل ُب ا‪٣‬بتمة‬ ‫عليو ُب ِ‬
‫سم ِاة شيئاً‪ .‬وما معُب‬ ‫ؤدي ُب ا‪٣‬بتمة الػ ُم ّ‬ ‫على من ال يُ ّ‬
‫)‪- (0‬سورة ا‪٤‬بلك ‪ ،‬اآلية رقم(ٔ)‪.‬‬

‫)‪- (2‬سورة الفتح ‪ ،‬اآلية رقم (ٔ) ‪.‬‬

‫)‪ - (3‬سورة الصافات آياهتا ٕ‪ ٔٛ‬آية‪ ،‬وترتيبها ُب ا‪٤‬بصحف ‪ُ ،ٖٚ‬ب ا‪١‬بزء الثالث والعشرين‪.‬‬

‫)‪ - (4‬سورة الكهف رقمها ‪ ،ٔٛ‬تسبق سورة مرمي وتلحق سورة اإلسراء‪ُ ،‬ب ترتيب سور القرآف الكرمي ‪.‬‬
‫عدد آياهتا ٓٔٔ آية‪ ،‬ترتيب نزو‪٥‬با ‪ .ٜٙ‬تتوسط السورة القرآف الكرمي‪ ،‬فهي تقع ُب ا‪١‬بزئْب ا‪٣‬بامس‬
‫عشر والسادس عشر‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫قوؿ سحنوف‪ :‬عندي أنو ال تلزـ ختمةٌ غّب ِ‬
‫القرآف كلو‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يتطوعوا بذلك –‬ ‫بع‪ّ ،‬إال أف ّ‬ ‫ثلث‪ ،‬وال ر ٌ‬
‫نصف وال ٌ‬ ‫ال ٌ‬
‫عام ِة النّاس األداءُ ُب ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّإال أنّو دل يكن ُب عادة ّ‬
‫للصبياف‪،‬‬
‫سرًة ّ‬ ‫وم ّ‬ ‫فعلُو األقل إ ْكراماً للمعلّم َ‬
‫وإّّنا كاف يَ َ‬
‫وىذا ىو سبيل التكرِـ الذي ال َجيب بو ُح ْک ٌم‪.‬‬
‫جبت‬ ‫ِ‬
‫و‪٤‬با كانت ا‪٣‬بَتمةُ ُب تعلّم القرآف كامالً إّنا َو ْ‬
‫لت على‬ ‫عادة العامة‪ِ ،‬‬ ‫على من أدى منهم من قِب ِل ِ‬
‫فحم ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫الوجوب‪ ،‬وإ ْف دل يَش َِب ْط ‪٥‬با‬ ‫عادهتم ُب ذلك على وج ِ‬
‫و‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ‬
‫العامة‬
‫وجب ذلك ُب كل ما فشا َب ّ‬ ‫سم ًی‪َ ،‬‬ ‫ُج ْعالً ُم ّ‬
‫‪ٝ‬بيع‬
‫عندىا ُب الوجوب َك َم ْن ختَم َ‬ ‫حٌب صار َ‬ ‫والْتَػَزَمْتوُ ّ‬
‫القرآف‪ .‬وكذلك عندى قولُو‪ ،‬إذا قيل لو‪ :‬فَػع ِطيةُ ِ‬
‫العيد‬ ‫َ‬
‫يُقضى هبا؟ قاؿ‪ :‬ال ‪ ،‬وال أع ِرؼ َما ىي ّإال أف‬
‫طوعوا‪.‬‬
‫يَػتَ ّ‬

‫‪214‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ا‪٢‬بكم‬
‫ُ‬ ‫ب للمعلّم‬ ‫وكذلك قوؿ اب ِن َحبيب‪ :‬وال َجي ُ‬
‫باألخطار الذي يأخذونو من الصبياف ُب األعياد‪ ،‬ذلك‬
‫عل‬ ‫تطوع‪ ،‬من شاء منهم فعل‪ ،‬ومن شاء دل يفعل‪ .‬وفِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ َْ َ‬
‫ذلك حسن ِ‪٩‬بّن فعلَو‪ ،‬وتَ َكرـ من آباء الص ِ‬
‫بياف‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ٌَ‬
‫ِ‬
‫أعياد‬ ‫ستحسناً فعلُو ُب‬ ‫م‬ ‫ذلك‬ ‫ؿ‬ ‫ْ‬‫يز‬ ‫دل‬
‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ميهم‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ع‬‫م‬ ‫لِ‬
‫ػ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حبيب عندي ُب ىذا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فقوؿ َسحنوف واب ِن‬‫الػ ُمسلمْب‪ُ .‬‬
‫أداؤهُ َيرْونَو ِ‪٩‬بّا ال بُد‬
‫عامة النّاس ُ‬ ‫إذا كاف ذلك ليس ُب ّ‬
‫منو‪ .‬فأَما إذا فشا ُب عامة النّاس‪ ،‬وصار عند ّ‬
‫العامة ّ‪٩‬با‬
‫يرونَو واجبا‪ ،‬وعلى ذلك جلَس ا‪٤‬بعلموف‪ ،‬وإف دل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عامة النّاس ُب‬ ‫يَش َِبطوه‪ ،‬للعادة الػ ُمْنتَشَرِة ُب ّ‬
‫ا‪٤‬بوىوب‬
‫ُ‬ ‫الػ ُمعاوضات‪ ،‬واجبة‪ ،‬کا‪٥‬ببة للمكافآت إذا ناؿ‬
‫أفات منها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‪٥‬بِ‬
‫وجب عليو قيمتُها‪َ .‬وَكذلك ما َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫اهت‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫العوض منو‪ .‬وكذلك ا‪٤‬بعلّموف عندي ُب‬ ‫ُ‬ ‫وجب عليو‬ ‫َ‬

‫‪215‬‬
‫ا‪٣‬باصة‪،‬‬ ‫كانت ُمستحسنَةً ُب‬ ‫ِ‬
‫العادات‪ ،‬إذا‬ ‫ىذه‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫فانْتِشارىا على ما وصفنا ي ِ‬
‫وجبُها‪.‬‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫حبيب ومكروهٌ عليو أ ْف يَفعل من‬ ‫ٍ‬ ‫قوؿ اب ِن‬
‫اب ُ‬ ‫وصو ٌ‬
‫مثل النػ ّْبوِز والػ ِم ْهرجاف‪ ،‬ال‬
‫ذلك شيئاً ُب أعياد النصارى ِ‬
‫تعظيم‬
‫ٌ‬ ‫ِحيل ‪٤‬بن فعلو وال ‪٤‬بن يقبلُو من ا‪٤‬بعلّمْب‪،‬بل ذلك‬
‫أىل ال ُكفر با﵁‪ .‬قاؿ‪ :‬وحدثَي‬ ‫وإعظاـ أليّاـ ِ‬ ‫للش ِ‬
‫رؾ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ا‪٢‬بسن‬ ‫عن‬ ‫أس ُد بن ُموسى عن ا‪٢‬بسن بن ِدينا ٍ‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يكره أف يُعطَى ا‪٤‬بعلّ ُم ُب النػ ّْبوِز‬ ‫البصري‪ ،‬أنّو كاف َ‬ ‫ّ‬
‫هرجاف‪ ،‬وقاؿ‪ :‬كاف الػ ُمسلموف يَػ ْع ِرفوف حق‬ ‫وا‪٤‬بِ ِ‬
‫قدـ‬‫معلّميهم‪ ،‬إذا جاء العيداف‪ ،‬أو دخل رمضا ُف‪ ،‬أو ِ‬
‫ُ‬
‫غائب من س َف ِره‪ ،‬أعطَْوهُ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ص َد‬
‫عامة النّاس‪ ،‬وال قَ َ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ما انتَ َشَر ُب ّ‬
‫ا‪٢‬بسن‬
‫ُ‬ ‫ا‪٤‬بعلّموف إذل الػ ُجلوس عليو من ىذا الذي ‪٠‬بّاه‬
‫ر‪ٞ‬بو ا﵁ إال العيدين‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫باؽ ِلفعل‬ ‫فأما رمضا ُف‪ ،‬والقدوـ من السف ِر‪ ،‬فهو ٍ‬
‫ّ‬
‫ثل ذلك‪.‬‬ ‫م‬‫ا‪٣‬باص ِة‪ ،‬وعاشوراء ِ‬
‫ُ‬
‫أىل ال ُكفر‪،‬‬ ‫أعياد ِ‬ ‫وكذلك الػمذموـ أف يؤخ َذ ُب ِ‬
‫َُ‬ ‫َ ُ‬
‫عندنا‪،‬‬ ‫االنْ ِ‬
‫الفصح‪ ،‬و ِ‬ ‫يدخل فيها أيضا ا‪٤‬بِيالد‪ ،‬و ِ‬
‫داس َ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫والغِبطةُ باألندلس‪ ،‬والغِطاس ٗبصر‪ُ .‬كل ىذا من ِ‬
‫أعياد‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫الك َفرة‪ ،‬ال َجيب أف يَطلب معلّ ُم ا‪٤‬بسلمْب فيو شيئاً‪،‬‬
‫بشيء ُب ذلك ال يَقبَػلُو وإِ ْف أَطاعوا لو بو‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإ ْف أٌُِبَ إليو‬
‫يتطوعوا بذلك وال يَتزيّنوا لو‬ ‫وال يَنبغي للمسلمْب أف ّ‬
‫بشيء من التػ ْهيِئَ ِة‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬ ‫بشيء من ال ِزي‪ ،‬وال يَػتَهيّئُوا لو‬ ‫ٍ‬
‫االنْبداس‪ ،‬وال ُقصوفات‬ ‫القباب ُب ِ‬ ‫مل ِ‬ ‫الصبياف َك َع ِ‬
‫يَػ َفَر ُح ّ‬
‫عم ِل ا‪٤‬بسلمْب‪،‬‬ ‫ُب ا‪٤‬بيالد‪ .‬كل ذلك اليَصلُح من َ‬
‫بوؿ اإلكراـ منهم فيو‪،‬‬ ‫ويػْنػهو َف عنو‪ ،‬ويأىب ا‪٤‬بعلّم من قَ ِ‬
‫ُ َْ‬
‫وخيْ َج َل ُمستَ ِخفهم‬ ‫لِيَعلَ َم جاىلُهم أف ىذا خطأٌ فَينتهي‪َ ،‬‬

‫‪217‬‬
‫ا‪٤‬بؤمن للمؤم ِن كالبُنياف يَ ُشد ُ‬
‫بعضو‬ ‫لو فيَبُؾ ذلك‪ .‬و ُ‬
‫الرسوؿ عليو السالـ‪.‬‬‫بعضاً‪ ،‬كذا قاؿ ّ‬
‫عند ا‪٤‬بعلّم‬‫وأما قوؿ سحنوف فيمن أَخرج ولده من ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قارب ا‪٣‬بَْتمةَ‪،‬‬‫ضر ولدي عندؾ وقد َ‬ ‫وقاؿ لو‪ :‬ال َحي ُ‬
‫وكانت اإلجارةُ كل شهر‪ .‬فقاؿ أقضي عليو با‪٣‬بَْت َم ِة‪ٍ ،‬ب‬
‫ال أُبارل بو أَ ْخَرجوُ أو َتركو‪ .‬ومقاربةُ ا‪٣‬بِتمة عند سحنوف‪،‬‬
‫باع‬
‫جاوز ذلك‪ .‬وقيل عنو‪ :‬والثالثةُ أر ٍ‬ ‫بلغ الثلثَػ ْْب أو َ‬
‫إذا َ‬
‫ْب‪ .‬وعنده إذا دل يبلُغ إال لِسورِة يُونس‪ ،‬أنو ال يُقضى‬ ‫أَبْػ َ ُ‬
‫يشَبطْها ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬ودل‬ ‫بشيء‪ .‬وقاؿ ابن ٍ‬
‫حبيب وإذا دل َِ‬ ‫ٍ‬ ‫لو‬
‫ُ‬
‫رجو قبل‬ ‫يشَب ْط أبو الغُالـ ُسقوطَها عنو‪ ،‬فأراد أف ُخي َ‬
‫دانت باألم ِر الي ِ‬
‫سّب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فراغو منها‪ ،‬كأ ْف كانت ا‪٣‬بتمةُ قد تَ ْ‬
‫يت عليو‪ ،‬فا‪٢‬بِذقةُ واجبةٌ‬ ‫ِ‬
‫مثل الس َوِر القليلة تكوف بَق ْ‬ ‫ِ‬
‫وصفت لك‪.‬‬ ‫كما‬ ‫ظ‬
‫ُ‬ ‫للمعلّم كلها إذا كاف الغالـ َحي ِ‬
‫ف‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫وإ ْف كاف الذي بَق َي من ا‪٢‬بذقة الشيء الذي لو باؿ‬
‫‪218‬‬
‫أقل من ذلك‪ ،‬أَ ْخ َ‬
‫رجو إذا شاء‪ ،‬ودل يكن‬ ‫السدس و ّ‬
‫مثل ّ‬
‫ا‪٢‬بذقة شيء ال ‪ٝ‬بيعها‪ ،‬وال على ِح ِ‬
‫ساهبا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عليو من‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫كمها للمعلّم ٔبمي ِع ا‪٣‬بتمة‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ّ :‬أما ُح ُ‬
‫عتدؿ فيمن َح ِذ َؽ‪ ،‬وًب حذقو ُب‬
‫على من قارهبا‪ ،‬فهو ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ا‪٤‬بعرفة والنّفاذ‪ ،‬واستغُب ٗبا عنده من ا‪٣‬بط وا‪٥‬بجاء‬
‫حٌب صار ال حيتاج فيما بَق َي عليو‬ ‫ِ‬
‫واإلجادة واإلعراب‪ّ ،‬‬
‫يبق‬
‫إذل ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬فهذا إذا خر َج عند ُمقاربة ا‪٣‬بتمة‪ ،‬فلم َ‬
‫من استكمالِو إياىا ما على ا‪٤‬بعلّم فيو عناء‪ ،‬بل َ‪ٛ‬ب ِ‬
‫اديو‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫فع للمعلّم‪.‬‬
‫مع ا‪٤‬بعلّم نَ ٌ‬
‫و ّأما إسقاطُهما ا‪١‬بُ ْع َل عمن دل يبلغ ُمقاربة ا‪٣‬بتمة‪،‬‬
‫حذؽ وف ِهم‪ ،‬وال عنَت ُب ِ‬
‫تعليمو‪ ،‬فما أع ِرؼ لو‬ ‫وقد ِ‬
‫َ َ‬
‫وجهاً‪ ،‬وال م ِن أيْ َن أخذه‪ .‬إّنا ذكر َسحنوف أف الػ ُمغّبة‬
‫يب إذا أخذ عند ا‪٤‬بعلّم‬ ‫ٍ‬
‫اجتمعا على أف الص ّ‬ ‫ابن دينار َ‬ ‫و َ‬
‫عرؼ‬ ‫إذا‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫اجب‬
‫و‬ ‫ا‪٣‬بتمة‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫البقرة‬ ‫سورة‬ ‫إذل‬ ‫لث‬‫من الث ِ‬
‫َ‬
‫‪219‬‬
‫سأؿ َع ْن غّب ذلك ‪٩‬بّا‬ ‫وصفت لك‪ ،‬وال يُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقرأه كما‬‫أف َ‬
‫وقوؿ ِ‬
‫ا‪٤‬بغّبة واب ِن دينا ٍر ُب ُمبتد ٍئ‬ ‫دل يكن أخ َذه عنده‪ُ .‬‬
‫لث َحي ُس ُن‪ ،‬من قِبَ ِل أ ّف ا‪٤‬ببتدئ ال ُحيَ ّقق ‪٩‬بّا‬‫انتهى إذل الثّ ِ‬
‫عُل َم النفا َذ الػ ُمَرف َق ُب مقدار بُلوغ الثّلث‪ ،‬ىو يػُ َعد ُب‬
‫لثْب‬ ‫الث‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫من‬ ‫فصار‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‪٤‬بيز‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫البعيد‬ ‫تعلم الصغّب‬
‫َ َُ ْ‬
‫عب بو ودل تضع عنو عنايةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫البَاقيَػ ْْب ىو الذي لَق َي الت َ‬
‫عام ِة النّاس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العناء ما يػُْرف ُقوُ‪ ،‬ىذا الغالب ُب ّ‬ ‫األوؿ من َ‬ ‫ّ‬
‫العم ُل ُب ىذه األشياء على الغالب ا‪٤‬بستفيض ُب‬ ‫وإّنا َ‬
‫وصف الناس‪ .‬ودل يذ َكر عن الػم ِ‬
‫غّبة واب ِن دينا ٍر ُب الذي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األوؿ شيئاً‪.‬‬
‫لث ّ‬ ‫عل َمو الثّ َ‬
‫ابن دينار ‪-‬وكالمها من‬ ‫وقد قاؿ‪ :‬تَنازع الػ ُمغّبةُ و ُ‬
‫يب َخيتِم القرآف عند ا‪٤‬بعلّم‪،‬‬
‫الص ّ‬
‫عُلماء أىل ا‪٢‬بجاز‪ُ -‬ب ّ‬
‫األب إنو ال َحي ِفظ‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بغّبة‪ :‬إذا كاف أخ َذ‬‫فيقوؿ ُ‬
‫الصيب کلو نظراً ُب الػ ُمصحف‪،‬‬ ‫القرآف عنده كلو‪ ،‬وقرأَه ّ‬
‫‪201‬‬
‫مثل‬
‫سّب الذي ال بُد منو َ‬ ‫وأقاـ حروفَو‪ ،‬وإ ْف أَخطأَ منو اليَ َ‬
‫وجبت للمعلّم ا‪٣‬بِتمةُ‪ ،‬وىي على‬ ‫و‪٫‬ب ِوىا‪ ،‬فقد‬ ‫ِ‬
‫ا‪٢‬بروؼ َ‬
‫ْ‬
‫ظ من‬‫قدره‪ ،‬وىو الذي أَحف ُ‬ ‫وسع قدرهُ وعلى الػم ْقِ ِ‬
‫َب‬ ‫الػم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قوؿ مالِك‪.‬‬
‫ب للمعلّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ابن دينار‪ :‬قد ‪٠‬بعت مالكاً يقوؿ‪َ٘ :‬ب ُ‬ ‫وقاؿ ُ‬
‫ا‪٣‬بتمةُ على قَ ْد ِر يُسر الرجل وعُ ْس ِره‪َ ،‬جيتَ ِه ُد ُب ذلك ورل‬
‫األب ُب‬
‫النظر للمسلمْب‪ .‬وأرى أنو إذا تنازع ا‪٤‬بعلم و ُ‬
‫يب‪ :‬أنو ال يَػ ْعلَ ُم القرآف‪ ،‬فإذا قرأَ منو نظراً من ا‪٤‬بوضع‬ ‫الص ّ‬
‫وجبت لو ا‪٣‬بتمةُ‬
‫ْ‬ ‫فرداً‬
‫عنده ُم َ‬‫الذي لو كاف أخذه َ‬
‫غّب ذلك‪ ،‬ألنو لو دل‬ ‫قضيت لو هبا‪ ،‬وال أبارل أ ْف ال يقرأَ َ‬ ‫ُ‬
‫يأخ ْذهُ عنده دل يسأؿ ىذا ا‪٤‬بعلّم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فهذا َسحنوف ذکر ما تنازع فيو‬
‫ابن دينار فوصف أف ا‪٤‬بغّبَة َج َع َل للمعلّم‬ ‫الػ ُمغّبة و ُ‬
‫ا‪٢‬بروؼ اليَسّبةُ‪ .‬ودل‬
‫ُ‬ ‫يب ّإال‬‫الص‬ ‫على‬ ‫بق‬ ‫ي‬ ‫دل‬ ‫إذا‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫تم‬‫ا‪٣‬بِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪200‬‬
‫حروؼ كثّبًة ما يكوف‬ ‫ت عليو‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬
‫ٌ‬ ‫ف عنو فيو إف بَقيَ ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫َ‬
‫ووصف ما رآه ابن دينا ٍر إذا قرأ الصيب نظراً‬ ‫َ‬ ‫ا‪٢‬بُكم فيو‪.‬‬
‫بت لو‬ ‫ِ‬
‫من ا‪٤‬بوضع الذي لو كاف أخ َذه عنده ُم َفرداً َو َج ْ‬
‫غّب ذلك‪:‬‬‫ا‪٣‬بتمةُ‪ ،‬قُض َي لو هبا‪ ،‬وال يُبارل أ ْف ال يقرأ َ‬
‫يأخ ْذه عنده دل يسأؿ ىذا ا‪٤‬بعلّم‪ .‬فأين‬ ‫قاؿ‪ :‬ألنّو لو َدلْ ُ‬
‫تصريح التّنازِع بينهما ىا ىنا؟ إذا كانا وصفا َِ‬
‫ماجيب بو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ا‪١‬بُ ْع ُل للمعلّم‪ ،‬ودل يَ ِصفا ما يَس ُق ُ‬
‫ط بو ُج ْع ُل ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬وال‬
‫وص َفوُ واح ٌد منهما‪.‬‬
‫ف أ ّف مالكاً‬ ‫الوص ِ‬
‫ابن دينا ٍر ُب ىذا ْ‬
‫فق ا‪٤‬بغّبةُ و ُ‬
‫وقد ات َ‬
‫جعل للمعلّم ا‪٣‬بِتمةَ على ق ْد ِر يس ِر ِ‬
‫األب وعُ ْس ِره‪ ،‬ودل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف عنهما سحنوف ّأهنما قاال عن مالك فيمن علّم‬ ‫ص ْ‬‫يِ‬
‫َ‬
‫غّبة ُب الذي‬ ‫ما دوف ا‪٣‬بتمة شيئاً‪ .‬وإف كاف قوؿ الػم ِ‬
‫ُ‬
‫ا‪٢‬بروؼ اليسّبةُ يدخل ُب ما ُح ِف َظ عن‬ ‫ُ‬ ‫يَب َقى عليو‬
‫ك إسقا ُط‬ ‫مالك فهو حسن‪ ،‬إّّنا الطلب أف يوجد ا‪٤‬بالِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ٌَ‬
‫‪202‬‬
‫تمة‪ .‬وقاؿ سحنوف أيضأ‪ :‬قاؿ‬ ‫جع ِل ا‪٤‬بعلّم فيما دوف ا‪٣‬بِ ِ‬
‫ُْ‬
‫ب للمعلّم‬ ‫ِ‬
‫مالك وا‪٤‬بغّبةُ وغّبُمها‪َ٘ :‬ب ُ‬‫أصحابُنا ‪ٝ‬بيعاً‪ٌ ،‬‬
‫استُػ ْؤِجَر شهراً شهرا‪ ،‬أو على تعليم القرآف‬ ‫ِ‬
‫ا‪٣‬بتمةُ‪ ،‬وإف ْ‬
‫بأج ٍر معلوـ‪ ،‬وال جيب لو غّبُ ذلك‪.‬‬
‫ب لو‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬وليس يَظهر ُب قو‪٥‬بم وال َجي ُ‬
‫غّبُ ذلك‪ّ ،‬إال أنو إّنا جيب لو ُج ْعلُو ُب ا‪٣‬بِتمة‪ ،‬ليس لو‬
‫مع ذلك إال ما ُخور َج عليو ُب الػ ُمشاىرة‪ ،‬إذا كاف‬
‫الوقت وعليو يقعد ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬إال من‬ ‫ِ‬ ‫ا‪٤‬بعروؼ ُب ذلك‬
‫ُ‬
‫األرفاؽ‪ ،‬الٍب ال‬‫أَ ْكَرَموُ ُب األعياد وما أشبوَ ذلك من ْ‬
‫عم ُل عليها‪ ،‬ومن ‪ٞ‬بل‬ ‫ليست ُمعتاد ًة فيُ َ‬
‫ْ‬ ‫يُقض َى هبا‪ ،‬إذ‬
‫ىذه الكلفة على أهنم أرادوا أنو ليس لو فيما دوف‬
‫ا‪٣‬بتمة شيء‪ ،‬فما لقولو ىذا بيا ٌف‪.‬‬
‫وقاؿ ابن حبيب‪ :‬ا‪٢‬بِذقةُ على ا‪٢‬بِفظ الزمةٌ ألبيو‪ّ ،‬إال‬
‫اشَبط على ا‪٤‬بعلّم أف ال حذقةَ عليو‬
‫أف يكوف أبوه َ‬
‫‪203‬‬
‫فأما إذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سوى إخراجو‪ ،‬فيسقطُها الشر ُط عنو‪ّ ،‬‬
‫اشَبطها‬
‫رت لك‪َ ،‬‬ ‫٘بب كما فس ُ‬ ‫سكتا عنهما‪ ،‬فهي ُ‬
‫اطها‬ ‫ا‪٤‬بعلّم أو دل ي ْش َِبطْها‪ ،‬وإّنا خيتلف ا‪٢‬بكم ُب اشَب ِ‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫جل أف ُخير َج و َلده ْقبل‬ ‫الر‬ ‫اد‬‫ر‬ ‫أ‬ ‫إذا‬ ‫ها‪،‬‬ ‫أو غّب اشَب ِ‬
‫اط‬
‫ّ ُ‬
‫اشَبطها ا‪٤‬بعلّ ُم‪ ،‬مثل أف يقوؿ‪ :‬أُعل ُمو‬ ‫ِ‬
‫ا‪٢‬بذقة‪ .‬فإنّو إذا َ‬
‫كل شهريْن‪ ،‬وعلى أف‬ ‫ٍ‬
‫كل شهر‪ ،‬أو ُب ّ‬ ‫على درىم ُب ّ‬
‫رجوُ إ ْف شاء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رل ُب ا‪٢‬بذقة كذا وكذا‪ ،‬كاف للب أف ُخي َ‬
‫ذقة على ق ْد ِر ما قرأَ منها‪ ،‬و ْلو دل يقرأْ‬ ‫وكاف عليو من ا‪٢‬بِ ِ‬
‫الربع‪ ،‬كاف عليو منها ٕبساب ذلك‪،‬‬ ‫لث أو ّ‬ ‫منها ّإال الثّ َ‬
‫شارطَوُ على‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ال ْشَباطو فيها ما ‪٠‬بى مع خراجو‪ ،‬ولو كاف َ‬
‫رجو‬‫أف ُحيذقَو ولَوُ كذا وكذا‪ ،‬دل يكن أليب الغالـ أف ُخي َ‬
‫حٌب يُتِم حذقتَو‪.‬‬
‫وصف ىذا بْب ما ُِ‬
‫‪ٝ‬ب َع‬ ‫ِ‬ ‫ففرؽ ُب‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪َ :‬‬
‫سميَ ِة ا‪١‬بُ ْع ِل عليها‪ ،‬أو‬
‫الشر ُط فيو بشرط ا‪٢‬بذقة وتَ ِ‬
‫‪204‬‬
‫شرط ا‪٢‬بِذقة وتَ ِ‬
‫سميَة ا‪١‬بُ ْع ِل‬ ‫ا‪٤‬بخارجة ُب كل شهر‪ ،‬وبْب ِ‬
‫شاىرٍة‪ ،‬فيما إذا أراد‬‫اج ُم َ‬ ‫عليها ‪ .‬ودل يكن مع ذلك خر ُ‬
‫اجو ْقبل َ‪ٛ‬باـ ا‪٢‬بذقة‪ .‬ودل يَذكر ُح ّجةً‬ ‫يب إخر َ‬ ‫أبو الص ّ‬
‫لتَػ ْف ِرقَتِو‪ ،‬ودل يكن ‪٤‬بن َشَرط و‪٠‬بى ‪٥‬با ُج ْعالً وزاد مع‬
‫ا‪١‬بُ ْع ِل ِدرمها ُب كل شهر‪ ،‬إذل أف يُتم ا‪٢‬بِذقةَ أ ْف ُخيرج‬
‫‪ٛ‬بامها‪ ،‬ويسقط للمعلّم بقية شرطو ‪٩‬بّا ‪٠‬بّى لو‬ ‫ابنَو قبل ِ‬
‫ْ‬
‫اج ُب‬ ‫من ا‪١‬بُ ْعل ُب ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بذقة‪ ،‬وىو لو دل يُ َسم ا‪٣‬بر َ‬
‫رجو ْقبل َ‪ٛ‬باـ ا‪٢‬بذقة‪،‬‬ ‫خي‬
‫ُ‬ ‫أف‬ ‫يب‬ ‫الص‬ ‫أبو‬ ‫ع‬ ‫كل شهر لَمنِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫أل ّف العقد قد أوجب على ا‪٤‬بعلّم قبل ‪ٛ‬باـ ا‪٢‬بذقة‪،‬‬
‫يب ا‪١‬بُ ْع َل الػ ُمسمى‪ ،‬فليس لو أف‬ ‫وأًْوجب على أيب الص ّ‬
‫صوُ منو بإخر ِاجو ابنَوُ ْقبل التّماـ‪ .‬فإف كاف زيادةُ‬ ‫ِ‬
‫يػُْنق َ‬
‫ا‪٣‬براج ُب الػ ُمشاىرة بشرط إلْزِاـ َشْرط ا‪٢‬بذقة رجع ذلك‬
‫أردت بيانَو‬
‫يشَبط ا‪٢‬بذقة‪ .‬فهذا الذي ُ‬ ‫إذل حكم من دل َ‬
‫حصةٌ من ُج ْع ِل ا‪٢‬بِذقَِة‪ ،‬إذا‬ ‫يب ّ‬ ‫ّ‬ ‫الص‬ ‫أيب‬ ‫على‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫إ ْذ جعِ‬
‫ُ‬
‫‪205‬‬
‫القوؿ‪ .‬فَلِ َم ُجعِ َل‬
‫‪ٛ‬بامها‪ ،‬وىو صواب ِمن ِ‬
‫ٌ َ‬
‫أخرجو قبل ِ‬
‫َ ُ ْ‬
‫يشَبط ا‪٢‬بذقةَ فأخر َج ابنَو ْقب َل ُمقاربَتها‪ ،‬أنو ال‬ ‫لػِ َم ْن َ‬
‫يػُ ْغَرُـ شيئا من ُج ْع ِل ا‪٢‬بذقة؟ فإ ْف قيل ألهنا دل تُشتَػَر ْط‪،‬‬
‫سمی‪ ،‬قلت‪ :‬فإذا كمل ىذا ا‪٣‬بتمةَ‪،‬‬ ‫ودل يُ َسم ‪٥‬با ُجعالً ُم ًّ‬
‫ؤدي‬ ‫ت‪ ،‬وال ُ‪٠‬بّي ‪٥‬با ُج ْع ٌل‪ ،‬وقد كاف يُ ّ‬ ‫كن ا ْش َُِبطَ ْ‬
‫ودل تَ ْ‬
‫مشاىرًة أو ُمسانَا ًة َخراجاً فَلِ َم ُجعِ َل عليو حق ا‪٣‬بتمة‬
‫شَب ْط؟ ودلَ َدلْ يَ ْكتَ ِفيا من ذلك ٗبا كاف‬
‫وىو دل يُسم ودل يَ َِ‬
‫جرت ُب‬ ‫ؤدي من الػ ُمشاىرة؟ فإ ْف قيل‪ :‬أل ّف العادة قد ْ‬ ‫يُ ّ‬
‫باال ْجتِهاد على‬ ‫و٘بعل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫إذا‬ ‫ا‪٣‬بتمة‬ ‫الناس ِ‬
‫بأداء‬
‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يب‪ ،‬وقدر ما انْتهى إليو ِح ُ‬
‫ذؽ‬ ‫قدر أحواؿ أب الص ّ‬
‫وجبُو‬‫الصيب من معرفة ما حف َظ‪ ،‬وقيل فهذا الذي ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قاـ‬
‫وم ُ‬ ‫مقاموُ َ‬
‫ا‪٢‬بُكم‪ ،‬وال كراىيةَ فيو‪ ،‬وال إباءَ منو‪ُ ،‬‬
‫قبل ‪ٛ‬باـ ا‪٣‬بتمة‪،‬‬ ‫أبوه‬ ‫ىب‬ ‫الص‬ ‫ج‬‫أخر‬ ‫إذا‬ ‫‪.‬‬ ‫اء‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫التّس ِمي ِ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ َ‬
‫هاد ُب ا‪٣‬بتمة‪ ،‬لو كانت‬ ‫جيب عليو ما يوجبو ِ ِ‬
‫اال ْجت ُ‬ ‫ُ‬
‫‪206‬‬
‫صتُو ب َق ْدر ما تعلّم من ا‪٣‬بتمة‪ ،‬كما جيب ُب التسمية‬ ‫ِ‬
‫حّ‬
‫الٍب لَوُ أف خيرج إليو قبل ‪ٛ‬بامها‪ .‬ىذا وجوُ القياس فيما‬
‫عندي وا﵁ أعلم‪.‬‬
‫حبيب أيضاً‪ :‬وال َجيوز للمعلّم إذا‬ ‫ٍ‬ ‫قوؿ اب ِن‬
‫وكذلك ُ‬
‫سم َي ‪٥‬با شيئاً معلوماً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اشَبط ا‪٢‬بذقة مع ا‪٣‬براج ّإال أ ْف يُ ّ‬ ‫َ‬
‫فأما أ ْف يقوؿ أُ َعل ُمو كل شه ٍر بِ ِد ْرى ٍم‪ ،‬على أف ا‪٢‬بذقة‬ ‫ّ‬
‫ت عن تَ ْس ِميَتِها‪ ،‬فال جيوز ذلك إذا‬ ‫وس َك َ‬
‫ذل واجبةٌ‪َ ،‬‬
‫اشَبطها‪ ،‬فال بُد ‪٥‬با من تَ ْس ِميَ ٍة‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ا‪٤‬بسألة‬ ‫يب َب ىذه‬ ‫الص ّ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬ىو جيعل أليب ّ‬
‫ُخيْ ِر ُجو مٌب شاء قبل ا‪٣‬بتمة‪ ،‬كأنّو دل يَػْلتَ ِزِـ ا‪٢‬بذقةَ‪ٍ ،‬ب‬
‫سمى‪ .‬وإذا‬ ‫حٌب يُسمى ‪٥‬با ُج ْع ٌل ُم ًّ‬ ‫َدينع من أ ْف يُشَب َط ّ‬
‫يب أف يسقط ما ‪٠‬بّى لو ُج ْعالً من ىذا‪،‬‬ ‫كاف أليب الص ّ‬
‫الشرط فيها من التّػ ْغ ِري ِر با‪٤‬بعلّم؟‬ ‫ِ‬
‫دلَ َدلْ يكن إدخاؿ ىذا ّ‬
‫وإذا جاز ىذا بالغرر الذي فيو ِدلَ َدلْ ُجيْز إذا دل يُ َسم‬
‫‪207‬‬
‫ِ‬
‫ا‪٢‬باجة إليو‪:‬‬ ‫االجتهاد فيو‪ ،‬عند‬ ‫حٌب يُبيّنو‬
‫ُ‬ ‫اج ما ىو ّ‬ ‫ا‪٣‬بر ُ‬
‫التغر ُير فيهما واح ٌد وا﵁ أعلم‪.‬‬
‫صةً ‪٩‬بّا‬ ‫ِ‬
‫ذىبت إذل أف ُجيعل للمعلّم ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫أين ما‬
‫واعلَ ْم ّ‬
‫ت‪ ،‬إذا أخر َج الصيب‬ ‫كملَ ْ‬
‫االجتهاد ُب ا‪٣‬بتمة إذا ُ‬
‫ُ‬ ‫يوجب‬
‫ألين رأيتُو من‬ ‫أبوه‪ ،‬ودل يستكملها وقد تعلم منها شيئاً ‪ّ ،‬‬
‫يل منها كاف‬ ‫وجو اإلجارِة الٍب دل يشَبط ‪٥‬با غايةٌ‪ ،‬فما نِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اجب فيو‪ ،‬ودل يَبطُ ْل َعناءُ األجّب‪ ،‬وكذلك‬ ‫عليو الو ُ‬
‫شَب ْط كمالُو إلَْزاما‪،‬‬‫الػ ُمجاعلةُ على الشيء الذي دل يُ َ‬
‫العام ُل ما شاء ٍبّ ترؾ‪ .‬فإف كاف لَِرب العمل‬ ‫فعمل فيو ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ا‪١‬بعالة‪،‬‬ ‫فيما عمل منفعةٌ ينتفع هبا و ّأدى ِحصتها من‬
‫تعليم ا‪٣‬بتمة‬ ‫يستكمل‬ ‫دل‬ ‫يب‬‫الص‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫‪٤‬بع‬ ‫يكوف‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫فَلِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ىكذا؟ وىو ْلو علّم سورًة واحد ًة الْنتفع هبا ا‪٤‬بتعلم‪،‬‬
‫وإين ألرى رأيِي ٗبنصوص قَػ ْوِؿ‬ ‫ِ‬
‫وا‪٤‬بعل ُم دل يُعلمو ح ْسبَةً‪ّ ،‬‬
‫مالك‪ .‬قلت‪ُ :‬ب ذلك قاؿ مالك ُب الذى يعلم‬ ‫ٍ‬
‫‪208‬‬
‫الزـ‪،‬‬
‫سنتْب فذلك لو ٌ‬ ‫ْ‬ ‫الصبيا َف إنو إذا اشَبط سنَةً أو‬
‫ّ‬
‫مسمى‪ ،‬فأراد أف َخيُر َج أو خيرج عنو‬
‫وإ ْف دل يكن شرط ّ‬
‫ابن القاسم وابن‬
‫يب فلو بق ْدر ما علّم‪ .‬كذا روى ُ‬ ‫الص ّ‬
‫ّ‬
‫‪٠‬باعْي ِهما‪ ،‬وُب ُموطأ ابن وىب‪.‬‬
‫وىب عن مالك ُب َ‬ ‫ٍ‬
‫مالك‬
‫وقاؿ ابن حبيب‪٠ :‬بعت ُمطرفاً يقوؿ‪ :‬قاؿ ٌ‬
‫و‪ٝ‬بيع علمائِنا با‪٤‬بدينة‪ :‬ال بأس بأخذ األجر على تعليم‬
‫اط على ذلك سنةً أو‬ ‫الصبياف الكتاب والقرآف‪ ،‬واالشَب ِ‬
‫ّ‬
‫سنتْب‪ .‬فإذا كاف ذلك‪ ،‬دل يكن األب الغُالـ أف ُخي ِر َجو‬
‫سمى‪ ،‬فال‬ ‫الشر َط‪ .‬وإذا دل يكن شر ٌط ُم ًّ‬ ‫توُب َ‬
‫حٌب يَ ْس َ‬ ‫ّ‬
‫بأس أف ُخي ِر َجو إذا شاء‪ ،‬وعليو ق ْد ُر ما علمو‪ .‬فهذه‬
‫حصتَو ٗبقدا ِر ما‬‫اجتمعت على أف للمعلّم ّ‬ ‫ْ‬ ‫ايات قد‬
‫الرو ُ‬
‫‪ٛ‬باـ ٍ‬
‫حذقة‪،‬‬ ‫علم‪ .‬وما ذُكِر ُب ىذه الروايات من شرط ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ىب من إخر ِاجو ُب‬ ‫الص‬
‫ّّ‬ ‫أبو‬ ‫نع‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫وإّنا‬ ‫ها‪،‬‬‫َوال تَس ِم ِية جعلِ‬
‫ْ ُْ‬
‫الروايات إذا كانت اإلجارةُ فيو أجالً معلوماً‪،‬‬ ‫ىذه ّ‬
‫‪209‬‬
‫سمى‪،‬‬ ‫أج ٍل ُم ًّ‬ ‫ِ ٍ‬
‫سنتْب فإذا دل يكن شر ُط َ‬ ‫بشرط سنَة أو ْ‬
‫مانع‪ .‬وكذلك ا‪٤‬بعلّم إف أراد‬ ‫يب ٌ‬ ‫دل يكن إلخر ِاج الص ّ‬
‫بْب ال‬ ‫التػرَؾ‪ .‬ىذا ما ُب ىذه الروايات عن ٍ‬
‫مالك ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ؼ ىو عند‬ ‫اية مطر ٍ‬ ‫إشكاؿ فيو‪ .‬والذي قدمناه من رو ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫حبيب‪ ،‬ولكنّو دل يستعملو ُب ‪ٝ‬بي ِع وجوه ا‪٤‬بسألة‪.‬‬ ‫ابن ٍ‬
‫ب للمعلّم ا‪٢‬بذقةَ‪ ،‬ونرى أف ُحيكم لو‬ ‫قاؿ‪ :‬و‪٫‬بن نُ ِ‬
‫وج‬
‫ُ‬
‫اىر على ق ْدر الغُالـ‪ ،‬وقْ ِدر ِدرايتِو‪،‬‬ ‫هبا ُب النّظ ِر والظّ ِ‬
‫حفظو ُب ِح ْذقَِة الظّاى ِر‪ ،‬وق ْد ِر معرفَتِ ِو با‪٥‬بجاء‬ ‫وق ْدر ِ‬
‫معلوـ‪ ،‬وليس كل‬ ‫وا‪٣‬بط ُب حذقة النّظر‪ ،‬وليس ‪٥‬با ق ْدٌر ٌ‬
‫كغّبه من‬‫النّاس فيها سواء‪ ،‬وليس ذو ال َف ْق ِر من اآلباء ِ‬
‫ً‬
‫اس‬ ‫الن‬
‫ّ‬ ‫جرى‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫کار‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ألهن‬
‫ّ‬ ‫هبا‬ ‫كم‬ ‫حي‬
‫ُ‬ ‫أف‬ ‫أينا‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫وإّن‬ ‫‪،‬‬ ‫ُب‬ ‫الغِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بياهنم ٗبنز ِلة ىديِّة‬ ‫عليها فيما بينهم وبْب معلّمي ِص ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫جل‪ ،‬وقد ِر‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫العُرس‪ .‬و‪٫‬بن نرى أف ُحيكم هبا على ق ْدر ّ‬
‫قدر معلوـ‪ .‬وكذلك ا‪٢‬بذقةُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ا‪٤‬برأة‪ ،‬وليس ‪٥‬با ٌ‬
‫‪221‬‬
‫وغّبه من ِ‬
‫أىل‬ ‫الفرِج َ‬
‫بن َ‬ ‫كاشفت عن ذلك أَ ْ‬
‫صبَ َغ َ‬ ‫ُ‬ ‫وقد‬
‫أوضحت لك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العلم والفقو‪ ،‬فأوضحوا رل من ذلك ما‬
‫وأسقطوا ذلك عن ا‪٤‬بعلّم ُب حذقة الظاى ِر‪ ،‬إذا دل‬
‫اليسّب‪،‬‬
‫َ‬ ‫الـ فيها شيئاً‪ ،‬أو يستظهر فيها‬ ‫يَستظْ ِه ِر الغُ ُ‬
‫األحرؼ‬
‫َ‬ ‫ا‪٢‬برؼ و‬
‫َ‬ ‫السورِة‬
‫طئ ُب ُ‬‫فأما أف ُخي َ‬
‫وفاتَوُ الكثّبُ‪ّ .‬‬
‫عثر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طئ ويَ ُ‬
‫اليسّبَة وىو ُمستمّر ُب القراءة‪ّ ،‬إال أنّو ُخي ُ‬
‫ظ َجيب للمعلم بو أف يُكافأَ‪.‬‬ ‫فَػْليُػلَق ْن‪ ،‬فهو عندي حف ٌ‬
‫طئ كالذي ال ُخيطئ ُب ق ْدر ما يُعطَى‪.‬‬
‫وليس الذي ُخي ُ‬
‫جعل جعل ا‪٤‬بعلم ُب ا‪٢‬بذقة‪ ،‬إّنا ىو‬ ‫كيف َ‬ ‫فانظر َ‬
‫كارـ‪ .‬وكذلك قاؿ ُب ِحذقة النّظ ِر‬ ‫مكافأة على وجو الت ُ‬
‫الغالـ‬
‫ُ‬ ‫كارَـ ويُكافَأَ‪ ،‬إذا كاف‬
‫إّنا جيب للمعلّم فيها أف يُ َ‬
‫حسناً‪َ ،‬وخيط خطاًّ ‪ٝ‬بيال‪ ،‬ويكتُب ما‬ ‫يَتهجى تَػ َهجياً َ‬
‫ِ‬
‫فأما إذا دل ُحيسن‬ ‫ُديلى عليو‪ ،‬ويقرأُ نظراً ما أُمر بقراءتو‪ّ .‬‬
‫جيب‬ ‫فال‬ ‫ً‬‫ا‬
‫ر‬ ‫نظ‬ ‫شيئا‬ ‫ْ‬
‫أ‬‫ر‬‫يق‬ ‫دل‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‪٣‬بط‬ ‫م‬ ‫ا‪٥‬بجاء ودل ُحي ِ‬
‫ك‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪220‬‬
‫للمعلّم ُب ذلك شيءٌ‪ ،‬بل ِجيب عليو ما َوصفنا فوؽ‬
‫ىذا من التأنيب والتػ ْعنِ ِ‬
‫يف‪.‬‬
‫ف ما تَعلم‪ ،‬فما‬ ‫ص ُ‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ّ :‬أما صيب ىذا َو ْ‬
‫ب للمعلّم ُب ما‬ ‫ِ‬
‫تعلم شيئاً‪ ،‬وقد قدمنا أ ّف ىذا ال َجي ُ‬
‫اجب عليو ْقب َل ىذا عند‬ ‫وفسرنا الو َ‬ ‫علمو ُج ْع ٌل‪ّ ،‬‬
‫العلماء‪.‬‬
‫حبيب‪ :‬إ ّف ا‪٢‬بكم هبا عنده ٗبنز ِلة َى ِديِّة‬
‫و ّأما قوؿ اب ِن ٍ‬
‫فاعلَ ْم أ ّف ىدية‬ ‫العُرس‪ ،‬قاؿ‪ :‬و‪٫‬بن نَرى أف ُحيكم هبا‪ْ ،‬‬
‫رس قد قيل ٍ‬
‫‪٤‬بالك‪ :‬فهديّةُ العُرس إذا طلَبَْتها ا‪٤‬برأةُ وأىب‬ ‫العُ ِ‬
‫مالك‪ :‬ال أرى ‪٥‬با فيو حقاً‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬قاؿ ا﵁‬ ‫وج‪ ،‬قاؿ ٌ‬ ‫الز ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ص ُدقَاهتِِن ْ‪٫‬بلَةً) فليس ا‪٥‬بديةُ‬ ‫وجل ( َوآتُوا الن َساءَ َ‬
‫عز ّ‬
‫(ٔ)‬
‫ّ‬
‫من الصداؽ‪ ،‬وال أرى فيو حقاً‪ ،‬وال أرى ما َ‪٫‬بَلَها ِعْن َد‬

‫)‪ - (0‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية رقم (ٗ) ‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫اختالئِو يَ َلزُمو‪ .‬فقيل ‪٤‬بالك‪ :‬فإ ّف الذي عندنا ُب ىديّة‬ ‫ْ‬
‫حٌب إِنو ليكوف ُب‬ ‫عمل بو جل النّاس‪ّ ،‬‬ ‫العُرس‪٩ ،‬بّا يَ َ‬
‫ا‪٣‬بصومات‪ ،‬أَفَػ ََبى أف يُقض َى بو؟ فقاؿ‪ :‬إذا كاف‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫طر َح ذلك‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫أر‬ ‫دل‬ ‫‪،‬‬ ‫هم‬‫ل‬
‫ُ‬ ‫عم‬ ‫وىو‬ ‫‪،‬‬‫م‬ ‫ؼ من شأْ ِ‬
‫هن‬ ‫قد عُ ِر َ‬
‫َ َُ‬
‫ألين أراه أمراً قد َجَرْوا‬
‫عنو‪ّ ،‬إال أف يتقدـ فيو السلطاف‪ّ ،‬‬
‫عليو‪.‬‬
‫مثل ىذا‪ :‬ال أرى ‪٥‬بم‬
‫مالك َ‬ ‫قاؿ ابن القاسم‪ :‬وقد قاؿ ٌ‬
‫إذل‪.‬‬ ‫ذلك ّإال أف يشَبطوه‪ ،‬وىو أحب قولي ِ‬
‫و‬
‫ْ ّ‬
‫ٍ‬
‫اب مالك ر‪ٞ‬بَوُ‬‫كيف وقع جو ُ‬‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬فانظُْر َ‬
‫ا﵁ُ‪ ،‬أوالً ُب ىديّة العُرس واحتجاجو على ذلك ٗبا ُب‬
‫كتاب ا﵁‪ ،‬فلما وصفوا لو ما َجرى ُب أكثر النّاس قاؿ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ؼ ذلك من ِ‬
‫شأهنم‪ ،‬وىو عملُهم‪ ،‬دل َأر‬ ‫إذا كاف قد عُ ِر َ‬
‫ألين‬
‫طر َح ذلك عنو‪ّ ،‬إال أف يَػتَػ َقدـ فيو السلطاف‪ّ ،‬‬ ‫أ ْف يُ َ‬
‫مالك ر‪ٞ‬بةُ ا﵁ عليو أ ّف ما‬
‫ْب ٌ‬ ‫أراه أمراً قد َجَرْوا عليو‪ ،‬فَػبَػ َ‬
‫‪223‬‬
‫الزوج مأخوذٌ بو‪،‬‬ ‫وجَرْوا عليو من ذلك‪ ،‬أف ّ‬ ‫اشتهر النّاس َ‬
‫العمل ُب‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫يكو‬ ‫أف‬ ‫ب‬ ‫جي‬‫َ‬ ‫وىكذا‬ ‫‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ألنو عليو قَ ِ‬
‫د‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ا‪٤‬بعلّمْب‪ ،‬ما جرى ُب النّاس ُسنةٌ ‪٥‬بم جائزةٌ‪ ،‬أف آباء‬
‫الصبياف مأخوذوف بو ‪٥‬بم‪ ،‬إذ على ذلك جاء اآلباء‬ ‫ّ‬
‫بأبنائِهم‪ ،‬وعليو قَػ َع َد ا‪٤‬بعلّموف لِصبياهنم‪ ،‬على أف َى ِديةَ‬
‫العُرس إّّنا ىي شيءٌ يُق ّد ُـ للمرأة عند ال ّدخوؿ هبا‪،‬‬
‫فاالنْتِفاع با‪٤‬برأة مستقبل‪ ،‬وانتفاع الص ِ‬
‫بياف‬ ‫لِتَدخل بو‪ِ ،‬‬
‫ُ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫با‪٤‬بعلّم قد نالوه ُب الق ْدر الذي علمهم إياه‪ ،‬فبأي ٍ‬
‫وجو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصبياف‪ ،‬وىم مأخوذوف ٔبميعو‪،‬‬ ‫طر ُح ذلك عن آباء ّ‬ ‫يُ َ‬
‫إذا استكملوا ا‪٣‬بتمةَ على َشْر ِطهم من ظاى ٍر أو نَظَ ٍر؟‬
‫باألوؿ‬ ‫ِِ‬
‫ابن القاسم األخ َذ ُب َىدية العُرس ّ‬ ‫إّّنا استحب ُ‬
‫وجب‪،‬‬ ‫قد‬ ‫كاح‬ ‫الن‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ب‬‫من قوؿ مالك‪ ،‬من قِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يار‬ ‫خ‬‫واستِحالَ َؿ الفرج قد ثبت بالصداؽ الػمسمى‪ ،‬ال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َْ‬

‫‪224‬‬
‫للمرأة بَػ ْع ُد ُب التمادي على ذلك‪ .‬وا‪٤‬بعل ُم ما لَ ِزَموُ‬
‫ذلك‪ ،‬إذا دل يُشَب ْط عليو‪.‬‬
‫الصبياف إذا دل يكن عليهم شر ٌط َدينعُهم‬ ‫وكذلك آباء ّ‬
‫من إخراج أبنائهم‪ ،‬دل يَ َلزْمهم التّمادي‪ ،‬فليس ‪٥‬بم من‬
‫الفراؽ قبل‬ ‫ذلك مثل ما للزوج‪ .‬والزوج أيضاً ل ِو اختار ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صف الصداؽ‪ ،‬وىو ما انْت َف َع منها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجب عليو ن ُ‬ ‫البناء‪َ ،‬‬
‫بشيء وإف كاف دل يَف ِرض ‪٥‬با شيئاً قَػْب َل الطالؽ‪ ،‬دل‬
‫تعة الٍب‬ ‫يػ ْفرض ‪٥‬با بالطّالؽ شيء‪ ،‬وصار أمرىا إذل الػم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫نْب‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬
‫حق على ا‪٤‬بػُحس َ‬ ‫ال ُحي َك ُم هبا‪ ،‬إذ ىى ٌ‬
‫كارـ ‪٩‬بّا ال ُحي َك ُم‬
‫دخل هبا‪ ،‬فَلَف اسم الت ُ‬ ‫فيم ْن َ‬‫الػ ُمتقْب‪َ ،‬‬
‫کارـ فيو لِ َم ْن يريد‪ ،‬على‬ ‫كم‪ ،‬فالتّ ُ‬
‫َ‬ ‫ا‪٢‬ب‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫بو‪ .‬فأما ما ي ِ‬
‫وج‬
‫ّ ُ ُ‬
‫وجات من أشياء منو‬ ‫الواجب عليو‪ ،‬وإّّنا ا‪٤‬بػتعةُ ِعوض للز ِ‬
‫ُ َ ٌ ّ‬
‫عملَو‪ ،‬فهو‬ ‫کن يؤملنها‪ .‬وأَخ ُذ ا‪٤‬بعلّم إّّنا ىو عن شيء ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫ٗبا شبهناه من ا‪١‬بِعالَِة‪ ،‬ومن مكافأة ا‪٥‬بِب ِة للثّو ِ‬
‫اب أَ ْشبَوُ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪225‬‬
‫أجروا َمسائل منو على معانی‬ ‫وُب باهبا أَ ْد َخ ُل‪ .‬وقد ْ‬
‫البُيوع‪.‬‬
‫بعض علماء أىل ا‪٢‬بجاز‬ ‫قاؿ سحنوف‪ :‬وقد ُسئل ُ‬
‫منهم ابن دينا ٍر وغّبه‪ ،‬أف يستأجر ا‪٤‬بعلّم ِ‪١‬ب ٍ‬
‫ماعة‪ ،‬وأف‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كل واحد ما يَنوبُوُ فقاؿ‪ :‬جيوز إذا تَراضى‬ ‫يفرض على ّ‬
‫بذلك اآلباء‪ ،‬ألف ىذا ضرورةٌ‪ ،‬والب ّد للنّاس منو‪ ،‬وىو‬
‫رجل َعبديْن من‬
‫استأجر ٌ‬
‫َ‬ ‫أَ ْشبو‪ .‬وقاؿ ‪ :‬ىو ٗبنزلة ما ل ِو‬
‫لكل واحد عبده‪ ،‬وإّّنا ذلك ٗبنز ِلة البيع‪ُ ،‬ب‬ ‫لْب‪ّ ،‬‬ ‫رج ْ‬
‫ُ‬
‫ابن القاسم ال ُجي ُيز ىذه اإلجارَة‬‫كتاب ابن سحنوف‪ ،‬و ُ‬
‫ألنو ال ُجييز ذلك ُب البيع‪ ،‬وا﵁ُ أعلم‪.‬‬
‫نعم قد َمنَ َع ابن القاسم من جوازه ُب‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ْ :‬‬
‫البيع وُب اإلجارات‪ ،‬إذا دل يكن معلوماً ومنع أيضاً أف‬
‫أتْب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُجيمع ُب النّكاح بع ْقد و ٍ‬
‫وصداؽ واحد على امر ْ‬ ‫احد‬ ‫َ‬
‫لكل واحدة صداقُها على ِح ّدتِِو‪.‬‬
‫أو أكثَر‪ ،‬إذا دل يُ َسم ّ‬
‫‪226‬‬
‫شٌب ّإال‬
‫آباؤىم ّ‬
‫الصبياف الذين ُ‬ ‫وما َع َقد ىذا ا‪٤‬بعلّم على ّ‬
‫االختالؼ‪ ،‬وليس ىذا‬
‫ُ‬ ‫من ىذا الباب‪ ،‬جيري فيو كلو‬
‫وذكر أنّو‬ ‫حبيب‪،‬‬ ‫ابن‬ ‫عليو‬ ‫بُب‬ ‫الذي‬ ‫موضع التكارِ‬
‫ـ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ ُ‬
‫وغّبه من أىل العلم والفقو‪،‬‬ ‫کاشف عن ذلك أَ ْ‬
‫صبَ َغ‬
‫(ٔ)‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اجشوف(ٖ)‪ .‬ولو كاف‬‫ؼ(ٕ) واب ِن ا‪٤‬بػ ِ‬ ‫ونكب عن اس ِم مطَر ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عنده منهما لبدأ هبما وٗبن عنده عنو من ذلك شيءٌ‬
‫)‪ - (0‬أبو عبد ا﵁ أصبغ(ٓ٘ٔ‪ٕٕ٘-‬ىػ) بن الفرج بن سعيد بن نافع الفقيو ا‪٤‬بالك ا‪٤‬بصري؛ تفقو‬
‫بابن القاسم وابن وىب وأشهب ‪.‬وقاؿ عبد ا‪٤‬بلك بن ا‪٤‬باجشوف ُب حقو ‪:‬ما أخرجت مصر مثل‬
‫أصبغ‪ ،‬قيل لو ‪:‬وال ابن القاسم قاؿ‪ :‬وال ابن القاسم‪ .‬وكاف كاتب ابن وىب‪ ،‬وجده نافع عتيق عبد‬
‫العزيز بن مرواف بن ا‪٢‬بكم األموي وارل مصر‪.‬‬

‫)‪ - (2‬مطرف بن عبدهللا بن الشخّب (ت‪ٜ٘.‬ىػ) ‪ ،‬ا ِإل َم ُاـ‪ ،‬ال ُق ْد َوةُ‪ ،‬ا‪٢‬بُجةُ‪ ،‬أَبُو َعْب ِد ا﵁ِ ا‪٢‬بََرِشي‪،‬‬
‫ث َع ْن ‪:‬أَبِْي ِو ‪َ -‬ر ِض َي ا﵁ُ َعْنوُ‪َ -‬و َعلِ ٍّي‪َ ،‬و َعما ٍر‪َ ،‬وأَِيب َذ ٍّر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َخو يَِزيْ َد ب ِن َعْبد ا﵁ِ‪َ .‬حد َ‬
‫ص ِري‪ ،‬أ ُ‬
‫ِ‬
‫العام ِري‪ ،‬البَ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ْب‪َ ،‬و َعْبد ا﵁ِ ب ِن ُمغَف ٍل‪ ،‬ا‪٤‬بَزِين‬ ‫صٍْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اص‪َ ،‬وُم َعا ِويَةَ‪َ ،‬وع ْمَرا َف ب ِن ُح َ‬
‫الع ِ‬
‫َو ُعثْ َما َف‪َ ،‬و َعائ َشةَ‪َ ،‬وعُثْ َما َف‪ ،‬ب ِن أَِيب َ‬
‫َو َغ ِّْبِىم‪.‬‬

‫)‪ - (3‬العالمة الفقيو مفٍب ا‪٤‬بدينة أبو مرواف ‪ ،‬عبد ا‪٤‬بلك بن اإلماـ عبد العزيز بن عبد ا﵁ بن أيب‬
‫سلمة بن ا‪٤‬باجشوف التيمي موالىم ا‪٤‬بدين ا‪٤‬بالكي ‪ ،‬تلميذ اإلماـ مالك ‪ ،‬حدث عن أبيو ‪ ،‬وخالو‬
‫يوسف بن يعقوب ا‪٤‬باجشوف ‪ ،‬ومسلم الز‪٪‬بي ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬وإبراىيم بن سعد ‪ ،‬وطائفة‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫بعبد ا﵁ ب ِن عبد ا‪٢‬بَكم لو كاف عنده منو‬ ‫منهما‪ ،‬أو ِ‬
‫ؼ‪ ،‬عن ٍ‬
‫مالك‬ ‫عنده من ِرواية مطر ٍ‬
‫شيءٌ‪ .‬وقد تقد َـ ما َ‬
‫ُ‬
‫الف ‪٤‬با بَػ َُب عليو‬ ‫وغّبه من علماء ِ‬
‫أىل ا‪٤‬بدينة‪ ،‬وىو ُ‪٨‬ب ٌ‬
‫ورل ا‪٤‬بػُتقْب‪.‬‬
‫أعلم وىو ُ‬
‫حسب ما بَػيػنا‪ .‬وا﵁ُ ُ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫وما أرى سحنوف قصد ‪٤‬با قالو‪ :‬فمن دل يقا ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأخر َجوُ أبوه‪ ،‬أنو ال شيءَ عليو‪،‬‬ ‫ا‪٣‬بتمةَ‪٩ ،‬ب ْن دل يَ َِ‬
‫شَبط‪َ ،‬‬
‫قوؿ ا‪٤‬بػ ِ‬
‫غّبة وابن دينا ٍر‬ ‫ّإال أنو كاف ىو ا‪٤‬بفهوـ عنده من ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مت البيا َف عن‬ ‫الذي قد تقدـ‪ ،‬وا﵁ أعلم‪ .‬وقد قد ُ‬
‫‪ٝ‬بيع‬ ‫ِِ‬
‫اب مسائلك ُب ىذا ا‪٤‬بعُب قد أتى عليو ُ‬ ‫ذلك‪ .‬وجو ُ‬
‫إشكاؿ فيو عليك وال على غّبؾ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اضح‪ ،‬ال‬
‫ما وص ْفنا‪ ،‬و ٌ‬
‫إ ْف شاء ا﵁‪.‬‬
‫بعض القرآف‪ٍ ،‬ب َخرج‬ ‫ك ُب الذي َعلموُ معلّ ٌم َ‬
‫ومسألتُ َ‬
‫من عنده إذل معلّم آخر استكمل عنده ا‪٣‬بتمةَ‪ ،‬جيري‬
‫األوِؿ ٗب ْقدا ِر ما علّم‬
‫نت لك‪ :‬يكوف للمعلّ ِم ّ‬‫على ما بَػي ُ‬
‫‪228‬‬
‫وثلثْب‪ ،‬أو ربعاً وثالثة أرباع‪ ،‬ينظُُر‬ ‫نصفاً ونصفاً‪ ،‬أو ثػُلُثاً ْ‬
‫يب ُب ا‪٣‬بتمة كلها‪،‬‬ ‫الص‬ ‫ىذا‬ ‫أيب‬ ‫على‬ ‫جيب‬ ‫فيما‬ ‫م‬ ‫ا‪٢‬باكِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لده من الفهم‬ ‫على قدر يُ ْس ِرِه وعُسره‪ ،‬وما انْػتَهى إليو و ُ‬
‫غرَموُ أبو‬‫رؼ ُمنتهى ذلك ا‪١‬بُ ْع ِل‪َ ،‬‬ ‫فيها تعلم‪ .‬فإذا َع َ‬
‫ناء كل و ٍ‬
‫احد‬ ‫الصيب‪ ،‬واْقَػتسمو ا‪٤‬بعلّماف‪ ،‬على ق ْدر ع ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ َ ََُ‬
‫منهما‪ ،‬وما وصل إذل الصيب من نَػ ْف ِع ِ‬
‫تعليمو‪َ ،‬جيت ِه ُد ُب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ص منو‬ ‫ِ‬
‫‪ٝ‬بيع ذلك‪ ،‬أو يَػْنػ ُق ُ‬ ‫للوؿ ُ‬ ‫ذلك‪ .‬ورّٗبا ُجع َل ّ‬
‫األوؿ قد بلغ من‬ ‫قليل‪ ،‬فَػيُػ ْعطَى الثّاين‪ ،‬وذلك إذا كاف ّ‬ ‫ٌ‬
‫يب إذل مقاربة ا‪٣‬بتمة نَظراً أو استظهاراً‪ ،‬حٌب‬ ‫الص ّ‬
‫تعليم ّ‬
‫ِ‬
‫االستغناء عن الػ ُمعلّم‪،‬‬ ‫ا‪٢‬بذؽ ُب ذلك إذل‬ ‫بلغ من ِ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خروجو إذل الثّاين ال يزيد عْلماً ُب تعليمو‪ ،‬فأ ّ‬ ‫ُ‬ ‫فكاف‬
‫شيء يكوف ‪٥‬بذا؟ ّإال أف يكوف لو شيء ُب إِم ِ‬
‫ساكو‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫األوؿ منو شيءٌ‪ ،‬وقد‬ ‫على‬ ‫ليس‬ ‫فذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫يب‬ ‫للص‬ ‫و‬‫وحياطَتِ‬‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يكوف لو ُب كتابِة ما بَقي عليو‪ ،‬وإف كانت سورَة البقرة‪،‬‬
‫‪229‬‬
‫هد لو فيما يُعطى من‬ ‫زيادةُ ّقوِة ٍ‬
‫غرض يَنتفع بو‪ ،‬فهذا ُجيتَ ُ‬
‫ذلك ا‪١‬بُ ِ‬
‫عل‪ ،‬وقد يكوف ا‪١‬بُ ْع ُل َجيب للثّاين كلو‪ ،‬وقل ما‬
‫يب‪ ،‬فقل‬ ‫يناؿ منو األوؿ‪ ،‬وذلك ألف ببتدئ ُب تعليم الص ّ‬
‫حٌب أُخ ِر َج عنو ودل يَػنَ ْل من التعلّم شيئاً‬ ‫ث عنده‪ّ ،‬‬ ‫ما لَبِ َ‬
‫لو فيو َمنفعةٌ‪ ،‬لِ َع َو ِج قراءتِو ُب سور يَسّبة تَعل َمها‪ ،‬وال‬
‫ستأىل ىذا ُب التّعليم؟‬ ‫ي‬ ‫ط وال ىجاء‪ ،‬فأي ٍ‬
‫شيء‬ ‫خّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ؼ‬‫وعر َ‬ ‫ِ‬
‫يب من فَػ ْهم ما عُل َم شيئاً‪َ ،‬‬ ‫ولو كاف قد ناؿ الص ّ‬
‫ما ىو‪ ،‬ألخ َذ ا‪٤‬بعلّ ُم ِٗبقدار ذلك‪ .‬فإ ْف كاف فيو َمْرفَ ٌق‬
‫األوؿ‪ ،‬وخروجو فيو‪،‬‬ ‫للمعلّم الثّاين ٗبا نبّو منو ا‪٤‬بعلّم ّ‬
‫تمة‪ ،‬فيأخ ُذه‬ ‫نُِقص ما يصيب ذلك الق ْدر من جع ِل ا‪٣‬بِ ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ ُ‬
‫تبْب أف ليس‬ ‫سائر ا‪١‬بُ ْع ِل إذل الثّاين‪ .‬وإف ّ‬
‫األوؿ‪ ،‬ويُدفَع ُ‬ ‫ّ‬
‫ص من‬ ‫ٍ ِ‬
‫للثّاين َمْرفَ ٌق على حاؿ ٗبَا عل َمو األو ُؿ‪ ،‬دل يػُْنػ َق ْ‬
‫يب‪ ،‬ألنو باختيا ِره‬ ‫شيئ‪ ،‬وكاف ذلك على أيب الص ّ‬ ‫ا‪١‬بُ ْم ِل ٌ‬

‫‪231‬‬
‫قوؿ ٍ‬
‫مالك الذي‬ ‫فاد ِ‬ ‫ِ‬
‫األوؿ‪ .‬وكل ىذا ُم ُ‬
‫نَزعو من عند ّ‬
‫ذىب إليو‪.‬‬
‫األوؿ إذل يُونس‪،‬‬‫و ّأما سحنوف فقاؿ‪ :‬إ ْف علّمو ّ‬
‫األو ُؿ ذلك إذل ثُلثْب أو زاد‬ ‫ِ‬
‫فا‪٣‬بتمة للثّاين‪ .‬وإف جاوز ّ‬
‫ٍ‬
‫بشيء‪.‬‬ ‫قض للثّاين‬
‫لثْب ُب َمعُب ما قاؿ‪ ،‬دل يُ َ‬
‫على ثُ ْ‬
‫تحساناً‪ ،‬وليس‬ ‫ٍ‬ ‫قاؿ‪ :‬وأَ‬
‫اس ْ‬
‫ض َخ لو بشيء ْ‬‫ستحسن أف يَػْر َ‬
‫ُ‬
‫مت لك وص َفو‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالقياس‪ .‬وىذا على أصلو الذي ق ّد ُ‬
‫وعرفتك وجوَ مذىيب فيو‪.‬‬
‫ّ‬

‫َو ّأما سؤالك عن معلّ ِم قوـ َنزؿ هبم ما اضطرىم إذل‬


‫وبعضهم إذل مكاف‬
‫بعضهم إذل مكاف ُ‬ ‫الرحيل‪ ،‬فرحلوا‪ُ :‬‬
‫بعضهم ُب البلدة‪ ،‬ما‬
‫بعضهم‪ ،‬وثبَت ُ‬ ‫رح َل ُ‬
‫آخر‪ ،‬أو َ‬
‫عاقدىم ىذا‬
‫ينظر إذل ما َ‬
‫صنَ ُع ىذا ا‪٤‬بعلّم؟ فا‪١‬بواب أف َ‬ ‫يَ ْ‬

‫‪230‬‬
‫جلس على ا‪٤‬بػُشاىرة شهراً‬ ‫َ‬ ‫ا‪٤‬بعلّم عليو‪ ،‬فإ ْف كاف إّّنا‬
‫كم فيو أف يََبؾ تعليمهم مٌب‬ ‫بشهر‪ ،‬أو سنةً بسنة‪ ،‬فا‪٢‬بُ ُ‬
‫شاء‪ ،‬ويَبكوه مٌب شاءوا‪ ،‬وا‪٢‬بُ ْك ُم بينهم فيما قد علم‬
‫‪٥‬بم‪ ،‬على ما قد بينا ْقب َل ىذا‪ُ ،‬ب الذي لو أف خيُر َج‬
‫الع ْقد إذل خروجهم كاف بِغَلَبَ ٍة‬
‫و َلده‪ .‬وال يلتفت ُب ىذا َ‬
‫أو بغّب َغلَبَ ٍة‪ .‬إّّنا للمعلّم بق ْدر ما علّم‪ ،‬رحلوا عنو‪ ،‬أو‬
‫بعينِها‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫رح َل عنهم‪ .‬ولو كاف ع َقد معهم على َسنَة ْ‬ ‫َ‬
‫نظر فيما َنزَؿ بالقوـ‪ ،‬فإ ْف كاف ما ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫أشه ٍر بأعي ِ‬
‫اهن‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫جيدوف معو ثباتاً‪ ،‬والب ّد ‪٥‬بم من الرحيل عنو‪ ،‬لِما نزؿ‬
‫هبم من بََال ٍء ال يُطيقونَوُ ِبفتنة أو َ‪٦‬باعة‪ ،‬فهم ُب رحيلهم‬
‫معذوروف‪ ،‬وليس عليو أف يَػْتبَػ َع ُهم ُب األسفا ِر‪ ،‬دل‬
‫يَستأجروه على ذلك‪ .‬فإ ْف رجعوا ُب بَِقي ٍة من ا‪٤‬بػُدة‪،‬‬
‫رجع إليهم ُب تلك البقيّة‪ ،‬وسقط عنهم من األجر‬
‫ٕبساب األيّاـ الٍب حيل فيها بينو و بينهم‪ ،‬ألهنم دل‬
‫‪232‬‬
‫طوعاً‪،‬‬ ‫أوالدىم عنو ْ‬
‫َدينعوه من السّب معهم‪ ،‬وال ْأمسكوا َ‬
‫األجر‪ ،‬وىو دل يستكمل‬ ‫وليس عليهم أف يستكملوا لو َ‬
‫حاسبَهم عند رحيلهم‬ ‫عمل األجل‪ ،‬ولو كاف قد َ‬
‫وفاس َخهم‪ ،‬دلْ يْلَزمو ‪-‬إ ْف رجعوا بقيّةً من ا‪٤‬ب ّدة‪ -‬أف‬ ‫َ‬
‫طوعاً‪ ،‬فليس ‪٥‬بم أف‬ ‫هم‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫رحي‬ ‫كاف‬ ‫وإف‬ ‫‪،‬‬ ‫إليهم‬ ‫ع‬ ‫يِ‬
‫رج‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الرحيل بأوالدىم دفعوا إليو‬ ‫ِ‬
‫يػُْنقصوا إجارتو‪ .‬فإ ْف أحبّوا ّ‬
‫أَ ْجَرهُ کامالً‪ ،‬وصنعوا ما شاءوا‪.‬‬
‫بعضهم‪ ،‬فا‪٢‬بُكم‬ ‫فإ ْف رحل بعضهم متَطَو ِ‬
‫بت ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ث‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ْب‬ ‫ع‬ ‫ُ ُ‬
‫الراحلْب كما تق ّدـ ُب رحيل ‪ٝ‬بيعهم‬ ‫بينو وبْب ّ‬
‫ت‬‫األجل للثابِتْب‪ ،‬و ْلو دل يَػثْبُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ويلزُمو وفاءُ‬
‫تطوعْب‪َ ،‬‬ ‫ُم ّ‬
‫و‪ٚ‬بف عنو ُم ْؤنَةُ‬ ‫منهم ّإال واحد‪ ،‬ألنو يأخذ أَجره کامالً‪َِ ،‬‬
‫َْ‬
‫َم ْن غاب‪ .‬عنو ما داـ غائباً‪.‬‬
‫حل عن قَػ ْهَرٍة َغلَبَْتوُ على ذلك‬ ‫رحيل من َر َ‬ ‫و ّأما إ ْف كاف ُ‬
‫فذىب بولده‪ ،‬فهو عندي عذر تَػْنػ َف ِس ُخ بو اإلجارة بينَو‬
‫‪233‬‬
‫فيم ْن بَِق َي ‪٩‬بن دل‬ ‫ِ‬
‫الراحلْب‪ ،‬وحياسبُهم‪ٍ ،‬بّ ينظر َ‬ ‫و بْب ّ‬
‫يضر‬
‫األكثر‪ ،‬ودل ينتقص عليو ما ّ‬ ‫ُ‬ ‫ىم‬
‫يرح ْل‪ ،‬فإ ْف كانوا ُ‬‫َ‬
‫بو‪ ،‬فهو يُوُب الثّابتْب أجلَهم‪ .‬وإ ْف وجد من يعلّمهم‬
‫الراحلْب كاف لو ذلك‪ ،‬إذ ال َمضرَة على ا‪٤‬بػُقيمْب‬ ‫مكاف ّ‬
‫يبق من‬
‫األكثر ولن َ‬ ‫ُ‬ ‫الراحلوف ىم‬
‫ُب ذلك‪ .‬و ّأما إ ْف كاف ّ‬
‫ا‪٤‬بضرةُ البّينةُ‪ ،‬فهو‬
‫ا‪٤‬بػُقيمْب ّإال َم ْن عليو ُب الثبات معهم ّ‬
‫فعل‪ ،‬وإ ْف شاء‬ ‫ِ‬
‫عذر لو‪ ،‬إ ْف شاء أف يػُ َفاسخهم َ‬ ‫عندي ٌ‬
‫الراحلْب‬ ‫من‬ ‫ً‬‫ا‬‫ض‬ ‫و‬ ‫أف يػثْبت معهم فعل‪ ،‬ولو إ ْف وجد ِ‬
‫ع‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫فيعلمهم‪ ،‬وال دينع من ذلك أيضاً‪.‬‬

‫حيوؿ ُكتابو من موضع‬ ‫و ّأما سؤالك عن معلّم أراد أف ّ‬


‫بعض‪،‬‬
‫بعضهم‪ ،‬ورضي ٌ‬ ‫إذل موضع قريب أو بعيد‪ ،‬فأىب ُ‬
‫شر ُط ا‪٤‬بعلّم الزماً ليس‬
‫فهذا أيضاً إّّنا يُنظر فيو إذا كاف ْ‬
‫لو أ ْف َخيُرج منو‪ ،‬فإذا كاف كذلك‪ ،‬فإ ْف كاف ا‪٤‬بكاف الذي‬
‫‪234‬‬
‫صار إليو ال َمضرَة فيو على اآلتِْب منو‪ ،‬وال َمشقةَ‪ ،‬وال‬
‫الصبياف أف يَػ ْعنَتَوُ ذلك‬
‫الصغّب من ّ‬ ‫خوؼ‪ ،‬وقد يكوف ّ‬ ‫َ‬
‫ضر هبم وتشغَلهم‪ ،‬فإذا دل يكن‬ ‫أو يُ َكلف أىلَو َم ُؤون ًة تَ ُ‬
‫قاؿ َم ْن ىذه ِصفتوُ‪ ،‬فإف كاف‬ ‫من ذلك‪ ،‬دل ُدينعوا من اْنتِ ِ‬
‫فيو َمضرة على واحد منهم ِ‪٩‬بن أَىب منو‪ ،‬دل يكن لو‬
‫قعت اإلجارةُ‪ ،‬يرفق‬ ‫مكاف على التّعليم فيو و ِ‬ ‫التحو ُؿ عن ٍ‬
‫َ‬
‫ضّر بو وىو‪. ..‬‬ ‫من كاف لو الرفق فيو واجباً‪ ،‬إذل مكاف يَ ُ‬
‫و ّأما إ ْف مات ا‪٤‬بعلّم فاإلجارةُ ُمنفسخةٌ‪ ،‬ال يستأجر‬
‫ِ‬
‫ٕبساب ما‬ ‫ِمن مالِو من يعلّم َمكانَو‪ ،‬ولو من اإلجارة‬
‫ومن ُج ْع ِل ا‪٣‬بِتمة ٗبقدا ِر ما علم من‬‫علم من األجل‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫يب‬
‫الص ّ‬
‫حسب ما تقدـ تفسّبُه‪ .‬وكذلك إذا مات ّ‬ ‫القرآف َ‬
‫سواءٌ‪ ،‬وإّنا للمعلّم من اإلجارة ِٕبساب ما علم‪،‬‬
‫وكذلك ِمن ُج ْع ِل ا‪٣‬بِتمة‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫نفس ُخ اإلجارةُ‪ ،‬ولكن‬ ‫وأما إذا مات أبو الصيب فال تَ ِ‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬
‫ت‬ ‫ض ا‪٤‬بعلّم شيئا فهو يأخذ من تَ ِرَك ِة الػمي ِ‬ ‫إ ْف كاف دل يَقبِ ِ‬
‫َْ‬
‫األجل فيما يَنوبُو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ساب ما مضى‪ ،‬وما بقي من َ‬ ‫ح َ‬
‫ماؿ َوِرثَو من أبيو‪ ،‬أو‬ ‫يب إ ْف كاف لو ٌ‬ ‫الص ّ‬
‫يُؤخذ من ماؿ ّ‬
‫ماؿ‪ ،‬فللمعلّم‬ ‫يب ٌ‬ ‫من غّب ذلك‪ .‬وإف كاف دل يكن للص ّ‬
‫يب‬
‫ع للص ّ‬ ‫يتطو َ‬
‫يفسخ اإلجارَة‪ّ ،‬إال أ ْف يشاءَ أف َ‬ ‫أف َ‬
‫يتيسَر‪ .‬ىذا ال يػُْل ِزُـ‬ ‫بذلك‪ ،‬وال يَتبَػعُو بشيء رجاءَ أ ْف ّ‬
‫ع غّبُه من‬ ‫طوِع‪ ،‬فَػتَطَو َ‬
‫يب‪ ،‬وإ ْف أىب ا‪٤‬بعلّ ُم من الت ّ‬‫الص ّ‬
‫يب‪ ،‬أو من غ ِّبىم‪ ،‬بأ ْف يدفع ذلك للمعلّم‪،‬‬ ‫الص‬ ‫أو ِ‬
‫لياء‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ورل التوفيق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فسخ‪ ،‬وا﵁ ّ‬ ‫ثَػبَتَت اإلجارةُ ودل تُ َ‬
‫اب بغّب شرط‪،‬‬
‫صيب أدخلَو أبوه ال ُكتّ َ‬
‫وأما سؤالك عن ّ‬
‫ورٗبا كاف الشر ُط‬
‫يلزـ صبيا َف الكتّاب؟ ُ‬
‫يلزمو ما َ‬
‫ىل َ‬
‫فهل يؤخذ‬ ‫ِ‬
‫نفسو ُب ال ُكتاب‪ْ ،‬‬ ‫خيتلف‪ ،‬وعن يتيم َرمى َ‬
‫مثل ما يؤخذ من غّبه؟ قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬إف كاف‬ ‫منو ُ‬
‫‪236‬‬
‫مثل ما يُؤدي من ىو مثلُو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لليتيم ٌ ِ‬
‫ماؿ لزمو ُب مالو ُ‬
‫يؤدي مثلُو‪ ،‬وذلك‬ ‫وكذلك األب يؤدي عن ابنِ‬
‫مثل ما ّ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ ُ‬
‫خيتلف‪ .‬إّنا ُحيتاج‬
‫ْ‬ ‫اختلف الشر ُط أو دل‬ ‫َ‬ ‫ىو إجارةُ ا‪٤‬بػِثْ ِل‪،‬‬
‫يب لل ُكتّاب‪،‬‬ ‫الص‬ ‫ِ‬
‫إسالـ‬ ‫عند‬ ‫رط‬ ‫الش‬ ‫ِ‬
‫اختالؼ‬ ‫إذل ذكر‬
‫َّ‬
‫ؤدي إليك كما تأخ ُذ من غ ِّبنا ُب الشهر‪.‬‬ ‫فيقاؿ لو‪ :‬نُ ّ‬
‫بْب‬ ‫ِ‬
‫حٌب يُ َ‬ ‫عقد على ىذا اإلجارة ّ‬ ‫فهنالك يَنبغي أ ْف ال يُ َ‬
‫الصبياف‪ .‬على اختالفِو‪ .‬و ّأما إ ْف كاف‬ ‫كيف أَخذه من ّ‬
‫أجر‪ ،‬ىو‬ ‫ماؿ‪ ،‬فعلمو ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬فليس لو عليو ٌ‬ ‫ليس الليتيم ٌ‬
‫ت‬‫تطوعٌ ُب ذلك‪ ،‬ليس لو أف يَػْتبَػ َعوُ بو‪ .‬و ّأما إ ْف أتَ ْ‬ ‫ُم ّ‬
‫يب أمو إذل ا‪٤‬بعلم أو غّبُىا من الناس‪ ،‬فسألَو‬ ‫بالص ّ‬
‫تعليمو‪ ،‬فهو ا‪٤‬بطلوب بإجارة التّعليم إف كاف ليس لليتي ِم‬ ‫َ‬
‫ماؿ‪،‬‬
‫بْب الذي جاءَ بو ا‪٤‬بعلم أنّو ليس لو ٌ‬ ‫ماؿ‪ ،‬إال أف يُ َ‬ ‫ٌ‬
‫طلب‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫للمع‬ ‫ليس‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫ؤدي عنو‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫وال لو من يُ ّ‬
‫منهم إجارًة‪.‬‬
‫‪237‬‬
‫وأما قولك ُب ا‪٤‬بعلّم‪ :‬كيف يُشا ِرطهم‪ ،‬فقد تق ّد َـ ُب‬
‫مالك وعن غ ِّبه‪.‬‬ ‫نصوص ا‪٤‬بػسائل شرح ذلك عن ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذكرت أنو يقع على الغَن ِم‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫َ‬ ‫وشرطُكم الذي‬
‫الغنم مؤجرًة دل َجيز إال أف تكوف مضمونةً على ِص ٍ‬
‫فة‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬
‫مثل ما إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬‫َ‬‫ل‬‫الس‬ ‫و‬ ‫علومة‪ ،‬إذل أجل معلوـ َجيوز ُب مثلِ‬ ‫م ٍ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وشرع ُب العمل‪ ،‬وكذلك‬ ‫نفسو هبا ُب خدمة‪َ ،‬‬ ‫أُوجَر ُ‬
‫أجالً‬ ‫ا‪٤‬بعلّم إذا شرع ُب التعليم‪ ،‬أو كانت إجارتُو َ‬
‫أجل الغنَم‪ ،‬جاز أف يقبض من ا‪٤‬بعِز‬ ‫حل ُ‬ ‫معلوماً‪ ،‬فإذا ّ‬
‫األجل‪ ،‬دل‬ ‫حيل‬ ‫دل‬ ‫إذا‬ ‫ا‬ ‫أم‬‫و‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ز‬ ‫ضأْناً‪ ،‬ومن الضأف معِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يصح ُب البيوع‪.‬‬ ‫يصلُح أف يأخذ غّب ِ‬
‫شرطو‪ ،‬كما ال ّ‬ ‫َ ْ‬
‫بطعاـ مضموف‪ ،‬أو بطعاـ‬ ‫ٍ‬ ‫نفسو‬
‫استأجر َ‬ ‫َ‬ ‫وكذلك لو‬
‫يبيع شيئاً من ذلك‬ ‫ِ‬
‫بعينو على ال َكيل‪ ،‬دل جيُز لو أف َ‬
‫حٌب يَستوفِيَو‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪238‬‬
‫يب‪،‬‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫ب‬‫وأما سؤالك عما يتع ّدی بو ا‪٤‬بعلّم ُب ضر ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫يقع من‬ ‫فَبقى إذل ما ىو أكثر من ّ ِ‬
‫الضربة‪ ،‬فهذا إّّنا ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هني ا‪٤‬بعلّم عن‬ ‫ِ‬
‫مت لك َ‬ ‫ا‪١‬باىل‪ ،‬وقد ق ّد ُ‬ ‫ا‪٤‬بعلّم ا‪١‬باُب‬
‫رب على التعليم إّنا‬
‫الض ُ‬
‫يب وىو غضبا ُف‪ .‬و ّ‬ ‫ضرب الص ّ‬
‫الصبياف‪ ،‬فما يصلُح أف يضرَهبم بو إّنا ىي‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ط‬ ‫ىو ِ‬
‫‪٣‬ب‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الدرةُ‪ ،‬وتكوف أيضاً رطْبة مأمونة‪ ،‬لِئال تؤثر أَثر ٍ‬
‫سوء‪.‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫أس والوجو‪ ،‬فما ‪٥‬بذا‬‫ضرب الر ِ‬
‫تنب ُ‬ ‫علمت أنو ُجي ُ‬‫وقد أَ َ‬
‫يضرب بالعصا والل ْوح‪.‬‬
‫َ‬
‫مالك عن ُم َعلّ ٍم لو‬
‫قاؿ ُب كتاب ابن َسحنوف‪ُ :‬سئل ٌ‬
‫ضربو‬
‫كسر يَده‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إ ْف َ‬ ‫ضرب صبياً ففقأ عينو ‪ ،‬أو َ‬ ‫َ‬
‫فكسر يده‪ ،‬فالديَةُ‬ ‫ِ‬
‫بالدرة على األدب‪ ،‬وأصابَو بعودىا َ‬
‫يب فالديةُ‬ ‫الص‬ ‫مات‬ ‫فإف‬ ‫‪.‬‬ ‫جيوز‬ ‫ما‬ ‫فعل‬ ‫إذا‬ ‫ة‪،‬‬‫َ‬‫ل‬‫على العاقِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضربو باللوح‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫فإ‬ ‫‪.‬‬‫ُ‬‫ة‬
‫ار‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫الك‬ ‫وعليو‬ ‫سامة‪،‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫بال‬ ‫لة‬ ‫على العاقِ‬
‫َ‬

‫‪239‬‬
‫أو بعصا فقتلَو‪ ،‬فعليو القصاص‪ ،‬ألنو دل يؤ َذف لو أف‬
‫يضربَو بعصا‪ ،‬وال بلوح‪.‬‬

‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬إّّنا كانت الديَةُ على العاقِلة ُب الذي‬


‫ضربَو بال ّدرة‬ ‫أف‬ ‫ل‬‫ب‬‫بعود الدرِة‪ ،‬من قِ‬ ‫أصاب الصيب ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫قصد إليو‬ ‫ي‬ ‫دل‬ ‫‪،‬‬ ‫يب‬‫الص‬ ‫ِ‬
‫ة‬‫ر‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫للصيب جائز فمصادفةُ ِ‬
‫عود‬
‫َ ُ‬ ‫ّ ٌ ُ‬
‫ا‪٤‬بعلّم‪ ،‬وكاف خطأً‪ ،‬وكانت فيو ال َقسامةُ إف مات‪ِ ،‬من‬
‫قِبَ ِل أنّو إّنا يعلم بإقرار ا‪٤‬بعلّم على أحد األقاويل‪ ،‬ولو‬
‫قامو‪ ،‬ما كانت فيو قَسامةٌ‪،‬‬ ‫حضره شاىداف‪ ،‬ومات ُب م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فقصده إذل‬ ‫ِ‬
‫وكانت الديَةُ على العاقلة‪ .‬و ّأما العصا والل ْو ُح ُ‬
‫أكثر من أنو‬
‫يب هبما تَػ َع ٍّد منو فليس لو عُذر ُ‬ ‫ضرب الص ّ‬
‫ِ‬
‫القوَد‪ ،‬وىو مأخوذ‬ ‫اجب‪ ،‬فاستأْ َىل َ‬ ‫غضب فتعدى الو َ‬
‫بإقراره ُب ذلك فال قَسامة فيو‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫ضرب ا‪٤‬بعلّم الصيب ما َجيوز لو‬ ‫وقد قاؿ سحنوف‪ :‬إذا َ‬
‫مثل ذلك‪ ،‬فمات‬ ‫أف يَض ِربو‪ ،‬إذا كاف ِمثلُو يقوى على ِ‬
‫أو أصابَو منو بالءٌ‪ ،‬دل يكن على ا‪٤‬بعلّم شيءٌ غّبُ‬
‫ضم َن الديةَ ُب مالِو مع‬ ‫الك ّفارة إف مات‪ .‬وإ ْف جاوز ِ‬
‫األدب‪ ،‬وقد قيل على العاقِلة مع الك ّفارة‪ .‬فإف جاوز‬
‫األدب فم ِرض الصيب من ذلك فمات‪ ،‬فإف كاف َ‬
‫جاوز‬ ‫َ‬
‫القتل أَقسموا‪ ،‬وقتلَوه بو األولياءُ‪.‬‬
‫ٗبا يعلَم أنو أر َاد بو َ‬
‫وإف كاف دل ُجياوز ٗبا يُرى أنو أراد بو ّإال على وجو‬
‫أقسم األولياءُ‪ ،‬واستحقوا‬
‫األدب َ‬ ‫َ‬ ‫األدب‪ّ ،‬إال أنو َج ِه َل‬
‫الديةَ قِبَ َل العاقِلة‪ ،‬وعليو ىو الك ّفارةُ‪.‬‬
‫الصيب‬
‫وقولُو يُصيب ّ‬
‫حسن‪ُ .‬‬
‫ٌ‬ ‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن‪ :‬تفسّبٌ‬
‫‪٩‬بّا للمعلّم أف يوجبَو بو‪ :‬ال شيء على ا‪٤‬بعلّم غّب‬
‫يب ثالثاً‬
‫ضرب الص ّ‬‫الك ّفارة إ ْف مات‪ ،‬معناه أف ا‪٤‬بعلم َ‬
‫‪240‬‬
‫الستِئهالِو إياه وطاقتِو عليو‪،‬‬
‫بالدرِة‪ ،‬أو أكثر من ذلك‪ْ ،‬‬
‫أج ِل ذلك‬ ‫الض ِ ِ‬‫ودل يتجاوز الواجب ُب ِصفة ّ‬
‫رب‪ .‬فمن ْ‬
‫دل يكن فيو غُْرٌـ‪ ،‬كالذي ديوت من َجْل ٍد وجب عليو ُب‬
‫اجب‬
‫ا‪٢‬بق‪ .‬وأما إذا جاوز أدبَو الو َ‬ ‫َح ٍّد فهو َى ْدٌر قتيل ّ‬
‫بْب‪ ،‬كاف ىو الذي َْ‪ٙ‬ب ِملو العاقِلة‪.‬‬ ‫ِمن األدب عن غلَ ٍط ٍ‬
‫وحيتمل أف‬ ‫إشكاؿ‪ ،‬فالديِةُ ُب مالِو‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫وإف كاف ُب ُ‪٦‬باوزتِو‬
‫تكوف على العاقِلة‪ ،‬إ ْذ كل شيء يُستطاع ال َق َوُد منو‪،‬‬
‫حاظٌر ُب الفاعل‪ ،‬فالديّةُ فيو على‬ ‫فيمنع منو مانع‪ ،‬وىو ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫موم ِة وا‪١‬بائَِف ِة إذا تُػعُم َدتَا‪ .‬وما الوجوُ فيما‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫کا‪٤‬ب‬ ‫لة‪،‬‬‫العاقِ‬
‫َ‬
‫كل من زيادة ا‪٤‬بعلّم ّإال أف يكو َف ُب مالِو‪ .‬وا﵁ أعلم‪.‬‬ ‫أَ ْش َ‬
‫قاؿ َسحنوف‪ :‬وإ ْف كاف ا‪٤‬بعلّم دل يَ ِل َ‬
‫الفعل وإّنا َوليَوُ‬
‫رت لك‪ ،‬وال‬ ‫األمر على ا‪٤‬بعلم كما فس ُ‬ ‫ِ‬
‫غّبُه بأمره‪ ،‬كاف ُ‬
‫شيء على ا‪٤‬بأموِر‪ .‬فإ ْف كاف ‪ -‬يعِب ا‪٤‬بأمور ‪ -‬بالِغاً‪،‬‬
‫ِ‬
‫الفاعل‪ ،‬وعليو‬ ‫فم ْن أصحابِنا من رأى الديَةَ على عاقِلة‬
‫ِ‬
‫‪242‬‬
‫الك ّفارة‪ ،‬يعِب على الفاعل‪ .‬ومنهم من رأى ال ّد ِية على‬
‫عاقِلة ا‪٤‬بعلّم ‪ ،‬وعلى الفاعل الك ّفارة‪ .‬وا﵁ أعلم‪.‬‬

‫من الد ِية على العاقِلة‬ ‫وجب ُب ذلك َ‬‫عما َ‬ ‫و ّأما سؤالك ّ‬
‫كيف األمر فيها‪ ،‬وليس ِٔبار ٍية عندنا‪ ،‬ودل ت ِ‬
‫بْب دلَ َدلْ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اقل‬
‫تكن جاريةً عند ُكم‪ ،‬فإف كنت ترى أنو ليس لكم عو ُ‬
‫قدروف أف ُ‪ٙ‬بيطوا بذلك وال تَع ِرفوه‪ ،‬فإف‬ ‫مضبوطةٌ‪ ،‬وال تَ ِ‬
‫فيم ْن ال عاقِلَةَ لو‪ ،‬أف جنايَػتَو ُب بيت ماؿ‬ ‫القوؿ َ‬
‫ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬وعلى ا‪١‬باين ُب قتل ا‪٣‬بطإ ِعْت ُق رقَ ٍبة‪.‬‬

‫اقل فمعروفة‪،‬‬ ‫وإ ّف ا‪٢‬بكم هبا ضيع عندكم‪ ،‬وأما العو ُ‬


‫فاعلَ ْم أ ّف ا‪٤‬بعاقلةَ إّّنا كاف أصلُها ُب العرب ‪٢‬بَملِها فَ ْخ َذ‬
‫أقرب‬
‫ضم إليهم ُ‬ ‫ا‪١‬باين إف أطاقوا ذلك‪ ،‬وإف دل يُطيقوه ُ‬

‫‪243‬‬
‫األفخاذ إليهم‪ٍ ،‬ب األقرب إليو‪ ،‬فإف ِ‬
‫فرغت القبيلةُ‪ ،‬ودل‬
‫أقرب القبائل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضم إذل تلك القبيلة ُ‬ ‫‪ٞ‬بل ال ّدية فتُ ّ‬‫تُطق َ‬
‫أمرىم‪ .‬وإّّنا تُضم إذل‬ ‫منها‪ .‬وكذلك جرى ُب اإلسالـ ُ‬
‫إقليمو‬ ‫كاف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬ ‫وصفنا‬ ‫ن‬‫ّ‬‫‪٩‬ب‬ ‫معها‬ ‫ل‬‫م‬‫ىذه العاقلة من َحي ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ضم‬ ‫اإلقليم الذي فيو ا‪١‬باين ألف ديو َاهنم واح ٌد‪ ،‬ليس يُ َ‬ ‫َ‬
‫ا‪٤‬بِصري إذل الشامي‪ ،‬وال إذل اإلفريقي‪ .‬فإف ضبَطْتُم‬
‫ت لَ َديْكم‪ ،‬فهكذا‬ ‫عواقِلَكم‪ ،‬وصح ِ‬
‫ت عن َد ُك ْم‪َ ،‬وثَػبَتَ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫‪ٞ‬بل العاقل‪ ،‬ليس‬ ‫األفخاذ والقبائل ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضماـ‬ ‫يكوف انْ ِ‬
‫ضم إذل فَ ْخ ِذ ا‪١‬باين وال إذل قبيلتو َمن ىو ُب جوا ِره إذا‬ ‫يُ ّ‬
‫ضم إليو َمن كاف ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫نسبُو غّب نسبو‪ .‬وكذلك ال يُ ّ‬ ‫كاف َ‬
‫وصفت‬ ‫نسبِو إذا كاف إقليمو من غّب ِ‬
‫إقليمو‪ .‬فَافْػ َه ْم ما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لك‪ ،‬واستعِ ْن با﵁‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫يؤدي ما وجب‬ ‫وأما قولك‪ :‬وىل يَنبغي للرجل أف ّ‬
‫عليو‪ ،‬يعِب من الدي ِة إذل أو ِ‬
‫لياء ا‪٤‬بػَقتوؿ‪ ،‬ويكو َف هبا بَريئاً‬ ‫َ‬
‫نصف‬
‫الرجل الذي يفعل ىذا ُم ٌ‬ ‫ُب ال ّدنيا واآلخرة‪ ،‬فإف ّ‬
‫ودت العاقلة‪ .‬ولُزومو‬ ‫ِ‬
‫من نفسو‪ ،‬وال يَ َلزُمو ّإال ذلك‪ْ ،‬لو ّ‬
‫أيضا إياه مع العاقلة مؤجالً ُب ِ‬
‫ثالث سنْب‪ .‬فإذا َ‪٪‬بَزه‬ ‫ُ‬
‫أىل الذىب‪ ،‬أو َورقاً إف كاف‬ ‫وجعلَو ذىباً إف كاف من ِ‬
‫الورؽ‪ ،‬أو َعْرضاً من العروض يَفي بالذي عليو‬ ‫أىل‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫َ‬
‫عجل‬‫جائز إذا ّ‬ ‫أو أكثر منو قيمةً أو أقل‪ ،‬فذلك ٌ‬
‫ئ‪ ،‬وإف‬ ‫العروض ودل يُؤخرىا‪ .‬فإف قُبِ َل ذلك منو فقد بَِر َ‬ ‫َ‬
‫و‪ٚ‬بْلِيَتَو منو‪ ،‬فال بأس‬
‫أَىب من لو قَبولُو‪ ،‬فإ ْف أراد تَػْرَکو لو َ‬
‫إذا أسقط قَ ْد َره عن بقيّة العاقِلة‪ .‬و‪٤‬بػَا إف كاف إباؤه من‬
‫قَبولو َجهالً يريد أف يأخذ منو ما على غ ِّبه‪ ،‬فليس على‬
‫بذؿ ما عليو‪ ،‬فإف دل يؤخذ منو‪،‬‬ ‫ىذا ا‪٤‬بػتطوع أكثر من ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫ٍ‬
‫أحب أال ُخيرجو إذل‬‫أوقف الواجب عليو عند أَمْب‪ .‬وإف ّ‬
‫‪245‬‬
‫ضره إمسا ُکو ألنو إف تلف عند األمْب دل يربأ‬ ‫أمْب‪ ،‬أو يَ ُ‬
‫أمْب‬
‫حاكم من ُحكاـ ا‪٤‬بسلمْب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫منو‪ ،‬ولكن لو أَْوقَػ َفو‬
‫مأمو ٌف عند ع ْدؿ مأموف‪ ،‬فإف كاف دفع ذلك إذل الع ْدؿ‬
‫كما وجب عليو العْب نفسها‪ ،‬على ثالث ‪٪‬بوـ‪ ،‬كلما‬
‫ثلث الواجب عليو‪ ،‬فهو يَراه لو‪ .‬وإف أىب‬ ‫حل َْ‪٪‬ب ٌم دفع َ‬ ‫ّ‬
‫أحب أف يتصدؽ بالواجب عليو من‬ ‫من ىذا كلو‪ ،‬بأ ْف ّ‬
‫الذي يستأىلو با‪٤‬بّباث‪ ،‬و إف أحب صنع بو ما شاء‪.‬‬
‫ب بو أُخذ منو‪ .‬وىذا كلو إذا‬ ‫فإف ىو قبِلَو مٌب ما طُلِ‬
‫َ‬
‫اقل على ما وصفنا ‪ٙ‬بتَ ِمل ذلك‪،‬‬‫استوى أف للجاين عو َ‬
‫وجوب ىذه الدية على بيت‬‫ُ‬ ‫فإف دل يثبُت ذلك‪ ،‬وصار‬
‫ا‪٤‬باؿ‪ ،‬فليس على ىذا الرجل شيءٌ‪ ،‬وال على غّبه‪ ،‬من‬
‫سألت‬ ‫‪ٝ‬بيع ما‬ ‫قر ِ‬
‫َ‬ ‫رت لك َ‬ ‫فس ُ‬
‫ّ‬ ‫فقد‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ػ‬‫ْ‬‫ف‬ ‫فا‬ ‫ا‪١‬باين‪.‬‬ ‫ابة‬
‫حسب ما ْأمکنِب‪ ،‬لِضيق الوقت‪.‬‬ ‫عنو َ‬

‫‪246‬‬
‫جل امرأتَو؟ فاعلَ ْم أ ّف َأدبو إيّاىا‬ ‫وسألت ىل يُؤدب الر ُ‬ ‫َ‬
‫وجل ( َوالالٌِب‬ ‫عز‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬‫ق‬ ‫وذلك‬ ‫ا﵁‪.‬‬ ‫تاب‬ ‫مأخوذٌ من كِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‪ٚ‬بافُو َف نُشوزىن فَعِظُوىن واىجروىن ُِب الْمض ِ‬
‫اج ِع‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ْ ُُ ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬
‫وىن فَِإ ْف أَطَ ْعنَ ُك ْم فَ َال تَػْبػغُوا َعلَْي ِهن َسبِ ًيال إِف اللوَ‬
‫اض ِربُ ُ‬
‫َو ْ‬
‫َكا َف َعلِيًّا َكبِ ًّبا)(ٔ)‪ .‬فكذلك كل شيء َجيب عليها أف‬
‫طيعو فيو‪ ،‬إذا كاف ىو ُمؤدياً إليها حقوقَها‪ ،‬وسا‪٤‬باً من‬ ‫تُ َ‬
‫لمها‪ ،‬فلَو أف يُؤد َهبا عليو‪ .‬وأدبُو إياىا يكوف بق ْدر‬ ‫ظُ ِ‬
‫ئها‪٥‬با‪ .‬وكذلك قاؿ فيو العُلَماء‪ .‬فإ ْف ضرَهبا على‬ ‫استِ ِ‬
‫ْ‬
‫أديب ‪٥‬با ففقأَ عْيػنَها‪ ،‬أو أَ ْعنَتَها‪ ،‬إف ذلك ِمن‬ ‫وج ِو الت ِ‬ ‫ْ‬
‫فصاعداً‪ ،‬وإ ْف‬ ‫لث منو‬ ‫ِ‬ ‫ا‪٣‬بطِإ‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫بلغ الث َ‬ ‫‪ٙ‬بم ُل العاقلة ما َ‬
‫أَنْ َكَرتْو ما ّادعاه قِبَػلَها من خالفِو‪ ،‬فهذا ال يُنتَهى منها‬
‫وإال ال بُد أف يُسمع ُب األَ ْىلّية‬ ‫ضْرِهبا ّ‬ ‫إذل ما يوجب من َ‬
‫وا‪١‬بِّب ِاف‪ ،‬ألف أدبو إياىا ليس يقع ُب أوؿ مرة‪ِ ،‬‬
‫فإف‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬
‫)‪ - (0‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية رقم(ٖٗ)‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫عرؼ بو عند‬ ‫سمع منها‪ ،‬وما دل يُ َ‬ ‫ادعى عليها ما دل يُ َ‬
‫وظاىرىا الص َحةُ والسالمةُ‪،‬‬ ‫األىلِْب وال ا‪١‬بّب ِ‬
‫اف‬ ‫ْ‬ ‫من‬ ‫ٍ‬
‫أحد‬
‫ُ‬
‫دل يُقبَ ْل قولُو عليها‪ .‬وينبغي لو إذا كانت ىذه ِصفتُها‪،‬‬
‫نسبُو إليها‪َ -‬م ْن يُوثَق بو من األىل‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫‪-‬‬ ‫ع‬‫أ ْف يطْلِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ط يده إليها‪ .‬فإ ْف دل‬ ‫وا‪١‬بّب ِاف‪ْ ،‬قبل أف يَظْ َهر عليو بَس ُ‬
‫نسبو إليها‪ ،‬فقد ابْػتُلِ َي‪ ،‬فإ ْف‬ ‫ِ‬
‫ُديكْنو أف يُظهر عليها ما يَ ُ‬
‫ِ‬
‫أدب‬
‫ؤدهبا‪ ،‬إف َحق لو ٌ‬ ‫‪ٛ‬باسك هبا على ما يَرى‪ ،‬ويُ ّ‬ ‫شاء َ‬
‫ِ‬
‫كأدب ا‪٤‬بعلّم‬ ‫مأموراً عليها‪ ،‬وال يَتجاوز فيو أدبُو ‪٥‬با‪،‬‬
‫ِ‬
‫ب وا‪٢‬بَ ِمية‪ ،‬ألَنو إّنا يُ ّ‬
‫ؤدهبا‬ ‫صبيانِو‪ ،‬سا‪٤‬باً من العطَ ِ‬ ‫لِ ِ‬
‫‪٤‬بػصلحتها لو و ِ‬
‫لنفسها‪.‬‬ ‫َْ‬

‫ظهر منو‬ ‫الصغ ِّب ىو‬ ‫ِ‬


‫حٌب يَ َ‬‫مأمور فيو ّ‬
‫ٌ‬ ‫وأدبُو البنو ّ‬
‫ا‪١‬بفاء وسوء ا‪٣‬بُلُ ِق‪ ،‬فيػْزجر عنو‪ .‬إّّنا السبيل ُب ِ‬
‫أدب َمن‬ ‫ّ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ب وال َِ‬
‫‪ٞ‬بيّة‪ ،‬إذ ىو‬ ‫ؤدبو ُب غّب عطَ ٍ‬
‫صالحو‪ ،‬أ ْف يُ ّ‬ ‫يريد‬
‫َ‬
‫‪248‬‬
‫باب الع ِ‬ ‫ليس على ِ‬
‫عبده وأََمتُو‪ ،‬إليو ُ‬
‫أدهبما‬ ‫داوة‪ .‬وكذلك ُ‬ ‫َ‬
‫ب كل واحد منهما على قدر ُجْرِمو أدباً عدالً ليس‬ ‫فيؤد ُ‬
‫لعدده حد يقتصر عليو‪ ،‬حٌب يظهر منو الظّلم ِ‬
‫لعبده‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حيب‬ ‫ا﵁‬ ‫ف‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫(‬ ‫جاء‬ ‫كما‬ ‫نهی‪،‬‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫عنو‬ ‫د‬‫ر‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والعتُػو ِ‬
‫عليو‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُّ‬
‫الرسوؿ عليو السالـ‬ ‫ّ‬ ‫قاؿ‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫الرفق ُب األمر كلو)‬
‫ِ‬
‫إخوانُكم َخ َولُ ُك ْم جعلَ ُهم ا﵁ ‪ٙ‬بت أيْديكم فَأَطْع ُ‬
‫موىم‬ ‫( ْ‬
‫فوؽ‬
‫‪٩‬بّا تأكلوف‪ ،‬وا ْکسوىم ‪٩‬با تلبسوف وال تُكلفوىم َ‬
‫طاقتِهم‪ ،‬فإ ْف كل ْفتُموىم فأَ ِعينوىم)(ٕ)‪.‬‬

‫الكبّب‪ ،‬ويذكر عنو أنو‬ ‫ه‬‫لد‬ ‫و‬ ‫شكو‬ ‫ي‬ ‫وسألت عن الو ِ‬
‫الد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يَػعُقوُ‪ ،‬ويَػعُق أمو‪ ،‬فاعلَ ْم –ر‪ٞ‬بك ا﵁‪ -‬أف الو َلد إذا‬

‫)‪ - (0‬صحيح ابن حباف‪.‬‬

‫)‪ - (2‬اخرجو البخاري ومسػػلم‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫الد ِه‪ ،‬وبَِق َي‬ ‫احتػلَم‪ ،‬وملَك أمره‪ ،‬فقد ارتَػ َفع عنو نَظر و ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫فعليو أف يُوفِيهما أو َمن كاف‬ ‫على الولَد حق الوالديْن‪ْ ،‬‬
‫وجل‬
‫عز ّ‬ ‫وجل منهما‪ .‬فإنو ّ‬ ‫عز ّ‬ ‫معو منهما ما أَلَْزَمو ا﵁ ّ‬ ‫َ‬
‫ك أَال تَػ ْعبُ ُدوا إِال إِياهُ َوبِالْ َوالِ َديْ ِن‬ ‫ض ٰى َرب َ‬‫يقوؿ‪َ ( :‬وقَ َ‬
‫َح ُد ُمهَا أ َْو كِ َال ُمهَا فَ َال‬ ‫إِحسانًا إِما يػبػلُغَن ِع َ ِ‬
‫ند َؾ الْكبَػَر أ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫ُؼ َوَال تَػْنػ َهْرُمهَا َوقُل ‪٥‬بَُما قَػ ْوًال َك ِرديًا ﴿ٖٕ﴾‪.‬‬ ‫تَػ ُقل ‪٥‬بَُما أ ٍّ‬
‫اح الذؿ ِم َن الر ْ‪ٞ‬بَِة َوقُل رب ْار َ‪ٞ‬بْ ُه َما‬ ‫و ِ‬
‫ض َ‪٥‬بَُما َجنَ َ‬ ‫اخف ْ‬
‫َ ْ‬
‫أيت والِداً يَشكو‬ ‫صغ ًّبا ﴿ٕٗ﴾) ‪ .‬فإذا ر َ‬
‫(ٔ)‬ ‫َكما ربػي ِاين ِ‬
‫َ ََ َ‬
‫لده القرآف وفَػه ْموُ ما عليو لوالده‪ُ ،‬ب‬ ‫ولده‪ ،‬فاقرأ على و ِ‬
‫َ‬
‫قوؽ والديْ ِو‪،‬‬ ‫فق‪ ،‬لعلو يتَذكر أو َخيشى‪ ،‬وحذ ْره عُ َ‬ ‫لٍ‬
‫ْب وِر ٍ‬
‫الرسوؿ عليو السالـ َعد عُقوؽ الوالديْن مع ال َكبائ ِر‬ ‫فإف ّ‬
‫بقوؿ والِده‪ ،‬أو ُحيكم‬ ‫دخل النّار‪ .‬فأما أف يؤخذ ِ‬
‫ُ‬ ‫الٍب تُ ُ َ ّ‬
‫ِ‬
‫الده من ِ‬
‫أىل‬ ‫لكن إ ْف كاف و ُ‬ ‫بذلك عليو‪َ ،‬فال‪ .‬و ْ‬
‫)‪- (0‬سورة االسراء ‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫غّبه‪ ،‬أو‬ ‫اؼ لولَ ٍد ِ‬ ‫ا‪٫‬بر ٌ‬ ‫الصالح‪ ،‬ويؤمن منو أف يكوف فيو ِْ‬
‫َ‬
‫ؼ الولَ ُد أف أباه ال يػُتّػ َهم‬ ‫زوجة لو غّب أمو‪ ،‬فيُعر ُ‬ ‫إذل ٍ‬
‫سوء الظن بو فيك‪ .‬وىو‬ ‫بالكذب‪ ،‬وال سبيل إذل ِ‬ ‫عندنا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وء‬ ‫الس‬ ‫فيك‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬ ‫ق‬ ‫فإف‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫إ ْف دل ُ٘بر عليك األَحكاـ‪،‬بقولِ‬
‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫يُزِري بك‪ ،‬وَدي ُقتُك‪ ،‬ويػُنَػفُر عنك ال ُقلوب‪ ،‬وتُرى بعْب‬
‫أىل ا‪٤‬بػُروءة‬ ‫ا‪١‬بَهالة والس َف ِو‪ .‬فإ ْف كاف ىذا الولد من ِ‬
‫تشعُر الص َرب على والديْ ِو‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والقناعة فيُ ْستَػْنػ َهى َويػُتَأَب ُخ ويُ ْس َ‬
‫نظر فيو‬ ‫‪،‬‬ ‫ادة‬ ‫ر‬ ‫ػ‬ ‫ا‪٤‬ب‬‫و‬ ‫هالة‬ ‫ا‪١‬ب‬ ‫و‬ ‫و‬‫أىل الس َف ِ‬
‫وإ ْف كاف من ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫العدؿ ٕبُسن النظ ِر‪َ ،‬وز َجَرهُ عما دل تقم‬ ‫حاكم ا‪٤‬بسلمْب ُ‬ ‫ُ‬
‫بو عليو بػيػنةٌ ّإال شكوى األب‪ ،‬بعض الزج ِر‪ .‬ورب و ٍ‬
‫الد‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫الده‬
‫لد ا‪٢‬بليم‪ ،‬فَ ْيعتو عليو و ُ‬ ‫يكوف الس َفوُ ِص َفتَو ولو الو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زجر عنو حٌب‬ ‫بس َف ِهو‪ ،‬فال يُقبَل منو‪ ،‬وال يُطاع فيو‪ ،‬ويُ َ‬ ‫َ‬
‫سألت عنو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الوصف َم ْقنَ ٌع ‪٩‬بّا‬ ‫يَ ُكف أذاه‪ .‬ولك ُب ىذا‬
‫إ ْف شاء ا﵁‪.‬‬
‫‪250‬‬
252
‫السالم‬
‫الرسول عليو َّ‬ ‫ذكر سؤالو عن قول ّ‬ ‫ُ‬
‫ف‬‫نُـز َل القرآ ُن على سبعة أَحر ٍ‬
‫ُْ‬
‫وسألت عن تفسّب‪ :‬أُنْ ِزَؿ القرآف على سبعة أحرؼ‪،‬‬ ‫َ‬
‫مفهوـ ُب نَصو‪ ،‬كما جاء عن عمر‬ ‫ٌ‬ ‫فاعلَ ْم أ ّف الػ ُمراد منو‬
‫ىشاـ بن‬ ‫َ‬ ‫‪٠‬بعت‬
‫ُ‬ ‫بن ا‪٣‬بّطاب رضي ا﵁ عنو‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫حكي ٍم يقرأ سورَة ال ُفرقاف على غّب ما أَ َقرُؤىا عليو‪ ،‬وكاف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت أف‬ ‫رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬أَقْػَرأَنيها‪ ،‬فك ْد ُ‬
‫حٌب انْصرؼ‪ٍ ،‬ب لَبَْبتُوُ ب ِردائِِو‬ ‫أعجل عليو‪ٍ ،‬ب أَْم َهْلتُوُ ّ‬
‫رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ . -‬فقلت‪:‬‬ ‫ئت بو َ‬ ‫ِ‬
‫فج ُ‬
‫‪٠‬بعت ىذا يقرأُ ُسورَة ال ُفرقاف على غ ِّب‬ ‫إين ُ‬ ‫يا رسوؿ ا﵁ ّ‬
‫ما أَقْػَرأْتَنِيها‪ .‬فقاؿ لو رسوؿ ا﵁ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪-‬‬
‫‪ :‬اقرأْ‪ .‬فقرأَ القراء َة الٍب ‪٠‬بعتُو يقرأُ‪.‬‬
‫‪253‬‬
‫ت‪ٍ ،‬ب قاؿ‬ ‫فقاؿ ‪-‬صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ : -‬ىكذا أُنْ ِزلَ ْ‬
‫لت‪ ،‬إف ىذا القرآ َف‬ ‫أت‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ىكذا أُنز ْ‬ ‫رل‪ :‬اقرأْ‪ ،‬فقر ُ‬
‫فبْب ‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫ؼ‪ ،‬فاقرُؤوا ما تيسَر منو‬ ‫سبعة أحر ٍ‬
‫أُنْ ِزَؿ على ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صلّى ا﵁ عليو وسلّم‪ -‬بقولو فاقْرؤوا ما تيسر منو أهنا‬
‫احدة منها ألفا ٌظ ُ‪٨‬بالٌِفة ‪٤‬با ُب‬ ‫اءات‪ُ ،‬ب كل و ٍ‬ ‫سبع قر ٍ‬
‫ُ‬
‫قرأْ كل امر ٍئ ٗبا تيسر منو من ىذه السبعة‪.‬‬ ‫األخرى‪ ،‬فَػْليَ َ‬
‫مة وا‪٤‬بعُب فيها‬ ‫اءة ُب كلِ ٍ‬‫وقد ‪ٚ‬بتلِف األلفا ُظ ُب القر ِ‬
‫َ‬
‫لفاظ ُب‬‫باختالؼ األَ ِ‬‫ِ‬ ‫ف ا‪٤‬بعاين فيها‬ ‫ِ‬
‫واح ٌد‪ .‬وقد ‪ٚ‬بتل ُ‬
‫قراءهتا‪.‬‬

‫)‪ - (0‬اخرجو البخاري ومسلم ُب صحيحهما‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫ابتتاف ع ّمن نُ ِسبَتا إليو‪٩ ،‬بن‬
‫والقراءتاف ا‪٤‬بػشهورتاف الث ِ‬
‫َ‬
‫اآليتْب‪ ،‬عند ُحذ ِاؽ‬ ‫وجبت إمامتُو‪ ،‬وصح ِ‬
‫ت ث َقتُو‪ٗ ،‬بنزلة ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫إحدامها األخرى‪ ،‬أو خيالِف معناىا‬ ‫ُ‬ ‫الػ ُمقرئْب‪ ،‬تُفسر‬
‫ناسخةً لِلخرى‪ ،‬فْليَػْن َش ِر ْح‬‫إحدامها ِ‬‫ُ‬ ‫َمعنَاىا فتكوف‬
‫صدرؾ إذل ما قرأَ بو أَئِمةُ ا‪٤‬بسلمْب ا‪٤‬بشهورين‪ ،‬الذين‬ ‫ُ‬
‫ا‪١‬بامعة ما تَػ َقلدوه‪ ،‬وثِقوا هبم‬
‫ِ‬ ‫أىل األمصار‬
‫َسلم ‪٥‬بم ُ‬
‫فيها فيما َرَوْوهُ‪ ،‬فما ِمنهم ّإال َم ْن قِراءَتُو حسنةٌ ُمسل ٌم هبا‬
‫وحيتَج هبا‪ ،‬ونَ ُكف عن غ ِّبىم‪ ،‬فإنو ليس لِما جاء بو‬ ‫ُ‬
‫قوهتم‪.‬‬
‫ّقوة َك ّ‬

‫الر‪ٞ‬بن ب ِن أيب نعيم‪،‬‬ ‫بن عبد ّ‬‫نافع ُ‬


‫وىؤالء األئمةُ ىم‪ٌ :‬‬
‫با‪٤‬بدينة‪ِ ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫وعبد ا﵁ بن َكث ٍّب ُ‬
‫إماـ ال ُقّراء ٗب ّكة‪،‬‬ ‫إماـ ال ُقّراء‬
‫بالشاـ‪ ،‬وأبو َعمرو بن‬ ‫القراء ّ‬ ‫ُ ِ‬
‫وعبد ا﵁ بن عامر إماـ ّ‬
‫إماـ ال ُقّراء بالبَصرِة‪ .‬وثالثةٌ منهم بالكوفة‪ ،‬وىم‬
‫العالء ُ‬ ‫َ‬
‫‪255‬‬
‫حبيب الزيات‪ ،‬وعلي‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫عاصم بن أيب الن ِ‬
‫و‪ٞ‬بزةُ ُ‬‫جود‪َ ،‬‬ ‫ٌ ُ‬
‫ك‬
‫بن ‪ٞ‬بزة الكسائي‪ ،‬وليس ىو ‪ٞ‬بزة ا‪٤‬بقرئ‪ .‬فقد َعّرفْػتُ َ‬ ‫ُ‬
‫لداهنم لِئَال يَ ْستَ ْش ِك َل عليك غّبُىم هبم‪ ،‬ومع‬
‫بأَ‪٠‬بائِهم وب ِ‬
‫ُ‬
‫ؼ بعيد‪ ،‬فال تَػ ْقبَػلَن ما تع ِرؼ ّإال من‬ ‫ىذا فأنت بِطر ٍ‬
‫َ َ‬
‫الػ َمأمونْب‪.‬‬

‫ضي ْق‬
‫حسنةٌ ودل يُ َ‬
‫مالك ر‪ٞ‬بو ا﵁‪ :‬قراءةُ ناف ٍع َ‬ ‫وقد قاؿ ٌ‬
‫غّبىا وال َك ِرَه خالفَها‪ّ ،‬إال َما شذ‪ ،‬وخرج على الػ ُمتواطَأ‬ ‫َ‬
‫كتاب َسحنوف من‬ ‫ِ‬ ‫مت لك ما ُب‬ ‫عليو‪ .‬وقد ق ّد ُ‬
‫اءة ناف ٍع‪ ،‬والتّوسعة ُب غّبىا‪ ،‬ما دل يكن‬ ‫استحساف قر ِ‬
‫ِ‬
‫ك ِهبُدى الػ ُمتّقْب‪.‬‬
‫استَ ْم ِس ْ‬
‫ستبشعاً‪ .‬فافْػ َه ْم و ْ‬
‫ُم َ‬

‫‪256‬‬
257
‫عصمنا ا﵁ وإياؾ من ِ‬
‫الفْت ِنة ُب ال ّدين‪ ،‬وأَعا َذنا من شر‬ ‫َ َ‬
‫رضيو َعنا‪ ،‬لِيُ ِميتَنا عليو‪،‬‬
‫الفاتِنْب وا‪٤‬بػ ْفَبين‪ ،‬وختَم لنا ٗبا ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬
‫الصا‪٢‬بْب آمْب رب العا‪٤‬بْب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيدخلَنا بر‪ٞ‬بتو ُب عباده ّ‬
‫ونعم الوكيل‪.‬‬
‫وىو َح ْسبُنا َ‬

‫* * *‬

‫تم الكتاب والحمد ِ‬


‫هلل رب العالمين وصلّى اهلل على‬ ‫َّ‬
‫ست‬ ‫محمد ِ‬
‫وآلو‪ ,‬بتاريخ ثامن عشر ذي القعدة سنة ّ‬ ‫ّ‬
‫وسبعمائة‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫األول والثّاني والّثالث من المفصلة‬‫تم الجزء ّ‬ ‫ّ‬
‫ألحوال الـ ُمتعلمين وأحكام المعلّمين والمـُتَعلّمين‪.‬‬
‫(ألبي الحسن القابسى) رحمو اهلل‪ ,‬ودعا لصاحبِو‬
‫بالمغفرة ولجميع المسلمين‪.‬‬

‫بعض أصحابِنا أنو ُسئل الفقيو أبو عمراف‬


‫ذكر لنا ُ‬
‫الفاسي ر‪ٞ‬بو ا﵁ عن ح ْذ ِ‬
‫قات القرآف‪ .‬فأجاب ُب ذلك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪259‬‬
‫بأف قاؿ‪ :‬لوال أنو أمر دل يسبقِب إليو أحد ‪١‬بعلت ُب‬
‫كل سورة َح ْذقةً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫آخر ّ‬

‫‪----‬‬ ‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬ ‫‪---‬‬

‫في المديرية العامة للمكتبات العامة اعطيت لو رقم ايداع (ٕٗٗ) لسنة ٕٕٕٓم‪.‬‬

‫‪261‬‬

You might also like