Professional Documents
Culture Documents
الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين -
الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين -
الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين -
حقيق و تَ ِ
قديم تَ ِ
دانـ ــا البـرَز ِ
نج ــي ََ
الطبع ــة أألولـ ـ ـ ــى (ٕٕٕٓم)
في المديرية العامة للمكتبات العامة اعطيت لو رقم ايداع (ٕٗٗ) لسنة ٕٕٕٓم.
2
فهرست الكتاب
-ترٝبػػة حياة مصنػػف الرسالػة . . . . . . . . .ص(٘)
-الضروؼ السياسية ُب زمن اإلماـ القابسي . . .ص()ٚ
-شيوخػػو . . . . . . . . . . . . . . . . . .ص()ٛ
-تالميذه . . . . . . . . . . . . . . . . . .ص()ٜ
-بعػض ما ذكػره العلمػاء عنػػو . . . . . . . . .ص(ٕٔ)
-مؤلفاتو . . . . . . . . . . . . . . . . .ص(ٗٔ)
الرسالة ا٤بفصلةُ ألحو ِاؿ ا٤بتعلمْب . . .ص()ٔٚ
ّ -خالصة
ُ
الرسالة ا٤بفصلةُ األحو ِاؿ ا٤بتعلمْب . . . .ص(ٕ٘)
ّ -نص
ُ
-ا١ب ػ ػُػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزء األوؿ . . . . . . . . . . . . .ص()ٖٛ
-ا١ب ػ ػُػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزء الثاين . . . . . . . . . . . . .ص(٘)ٜ
3
-الباب األوؿ . . . . . . . . . . . . . . .ص(٘ٓٔ)
-الباب الثاين . . . . . . . . . . . . . . .ص(ٗ٘ٔ)
-ا١ب ػ ػُػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػزء الثالث . . . . . . . . . . . .ص()ٔٚٙ
4
ترجمــة حياة مصنــف الرسالـة (االمام ابوحسن
القابسي) :
5
وثالٜبائة (ٖٖ٘ىػ) ٍ ،ب عاد إذل مصر فأقاـ هبا يسمع
ا٢بديث باإلسكندرية.
وكاف عارفا بالعلل والرجاؿ ،والفقو واألصوؿ والكالـ ،
مصنفا يقظا دينا تقيا ،ويقاؿ عنو انو كاف ضريرا وبعض
ا٤بصادر تنفي ذلك أو اصابتو الضرر ُب الكرب ،وىو من أصح
العلماء كتبا ،كتب لو ثقات أصحابو ،وضبط لو ٗبكة ”
صحيح ” البخاري ،وحرره وأتقنو رفيقو اإلماـ أبو ٧بمد
األصيلي ،وبعد أف تلقى العلم واتصل بكبار العلماء با٤بشرؽ
رجع إذل القّبواف سنة سبع وٟبسْب.
عمل االماـ القابسي بإقراء الناس ُب القّبواف دىراًٍ ،ب توذل
الفتوى مكرىاً ،وكاف أوؿ من أدخل «رواية البخاري» إذل
إفريقيا.
6
الضروف السياسية في زمن اإلمام القابسي :
عاش القابسي ُب زمن الدولة الفاطمية اإلفريقية ،وعاصر
عدداً من خلفائها من أبرزىم :أبو طاىر إ٠باعيل ا٤بنصور با﵁
(ٖٖٗػٖٔٗىػ) ،وا٤بعز لدين ا﵁ (ٕٖٗػٖ٘ٙىػ) ،وكاف زمناً
٩بتلئاً باألحداث والثورات ا٣بطّبة ،ألسباب سياسية ودينية
كادت تعصف بكياف الفاطميْب من أساسو.
7
لتوطيد نفوذىم ،فشجعوا علماءىم ،وأولوىم ا٤بناصب
ا٤بهمة ،فانتعش التعليم والثقافة اإل٠باعيليّاف ٢بماية الدولة
٥بما.
8
شيوخــو :
ٔٞ-بزة بن ٧بمد بن علي بن العباس الكناين ا٤بصري أيب
القاسم .
ٕ -أيب العباس عبد ا﵁ بن أٞبد التونسي.
ٖ -علي أيب ا٢بسن بن ٧بمد بن مسرور الدباغ.
ٗ -عبد ا﵁ بن عبد الرٞبن النفزي القّبواين.
٘ -أيب زيد ٧بمد بن أٞبد بن عبد ا﵁ ا٤بروزي.
٧ -ٙبمد بن أٞبد بن ا٢بسْب بن القاسم بن السري بن
الغطريف بن ا١بهم العبدي ا١برجاين أيب أٞبد الغطريفي.
-ٚدراس كشداد بن إ٠باعيل الفاسي أيب ميمونة.
9
تالميذه :
ٔ -حاًب بن ٧بمد بن عبد الرٞبن التميمي القرطيب أيب
القاسم
00
-ٔٚموسى بن عيسى بن أيب حاج حيج الرببري الغفجومي
الزناٌب
02
بعـض ما ذكـره العلمـاء عنــو :
قاؿ حاًب الطرابلسي صاحبو :كاف أبو ا٢بسن فقيهاً عا٤باً
٧بدثاً ورعاً متقلالً من الدنيا ،دل َأر أحداً ٩بن يشار إليو
بالقّبواف بعلم إال وقد جاء ا٠بو عنده وأخذ عنو ،يعَبؼ
ا١بميع ٕبقو وال ينكر فضلو.
وقاؿ ٧بمد بن عمار ا٥بوزين – ُب رسالتو – وذكره فقاؿ:
متأخر ُب زمانو متقدـ ُب شأنو العلم والعمل والرواية والدراية،
من ذوي االجتهاد ُب العباد والزىاد٦ ،باب الدعوة .لو مناقب
يضيق عنها الكتاب .عا٤باً باألصوؿ والفروع وا٢بديث وغّب
ذلك من الرقائق،
ذكره أبو عبد ا﵁ ابن أيب صفرة فقاؿ :كاف فقيو الصدر،
قاؿ أبو ا٢بسن٤ :با رحلت إذل اإلبياين أنا وأبو ٧بمد
األصيلي ،وعيسى – يعِب ابن سعادة الفاسي – كنا نسمع
03
عليو ،فإذا كاف بعد العصر ذاكرنا ُب ا٤بشكل ،فتذاكرنا يوماً
وطاؿ الذكر فخصِب بأف قاؿ رل يا أبا ا٢بسن لتضربن إليك
آباط اإلبل من أقصى ا٤بغرب ،فقلت لو :بربكتك إف شاء
ا﵁ ،و٤با نرجوه من النفع بك إف شاء ا﵁ٍ .ب جرى رل منو
ذلك يوماً آخر ٍب ذاكرين يوماً ثالثاً فهمِب لو ،فقاؿ مثل
ذلك ،فقلت لو بربكتك إف شاء ا﵁ فقاؿ :وا﵁ لتضربن إليك
آباط اإلبل من أقصى ا٤بغرب.
وذكر الذىيب ،أخربنا قاضي دمشق علم الدين ٧بمد بن
أيب بكر ا٤بصري ،أخربنا أٞبد بن عمر الباىي ،أخربنا
عثماف بن حسن اللغوي ،أخربنا خلف بن عبد ا٤بلك
ا٢بافظ ،أخربنا أبو ٧بمد بن عتاب ،حدثنا حاًب بن ٧بمد ،
أخربنا أبو ا٢بسن القابسي ،أخربنا علي بن ٧بمد بن مسرور
،أخربنا أٞبد بن أيب سليماف ،حدثنا سحنوف بن سعيد ،
حدثنا عبد الرٞبن بن القاسم ،حدثنا مالك ،عن يزيد بن
عبد ا﵁ بن قسيط ،عن ٧بمد بن عبد الرٞبن بن ثوباف ،
04
عن أمو ،عن عائشة (:أف رسوؿ ا﵁ -صلى ا﵁ عليو
وسلم -أمر أف نستمتع ٔبلود ا٤بيتة إذا دبغت ).
مؤلفاتو:
لالماـ ابو حسن القابسي مؤلفات و رسائل كثّبة ،ومنهػػا:
ٔ -كتاب «ا٤بمهد ُب الفقو» بلغ فيو إذل ستْب جزءا ،ومات
ودل يكملو ،وىو كتاب كثّب الفائدة مبوب على أبواب الفقو،
ٝبع فيو ا٢بديث واألثر والفقو.
05
٘ -كتاب ا٤بلخص ٤بسند موطأ مالك بن أنس ،
وىو(ٕٓ٘) حديثا.
06
ٗٔ -الرسالة الناصرية ُب الرد على البكرية .
07
﴿خالصة الرسالة المفصلة الحكام المعلّمين و
المتعلّمين ﴾
ىػػي اشبو ما تكوف ٗبجموعة فتاوى قيمة ُب ما يتعلق
باحكاـ ا٤بعلّمْب و ا٤بتعلّمْب .وتتكوف رسالة اإلماـ القابسي
من ثالثة أجزاء رئيسية ،
08
وُب الجزء الثالث :يتناوؿ التفاصيل التشريعية وا٤بهنية
ا٤بتعلقة بإجارة ا٤بعلم وا٥بدايا ا٤بباحية وغّب ذلك من ا﵀اور
ا٥بامة .
09
و كيفية قرائة القراف جيدا و كيفية تطبيق االخالؽ ا٢بميدة
و كيفية ٘بنب االخالؽ السيئة واخل ). .
20
-ويذكر االماـ القابسي موضوع الرفق بالصبياف عند تنفيذ
العقوبات عليهم ،وهنی القابسي ا٤بعلم علی تنفيذ العقوبا
علی التلميذ وىو ُب حاالت الغضب.
22
-ووضع االماـ القابسي بعض الضوابط الٍب جيب اف يتقنها
ا٤بعلم مثل معرفتو بعلوـ القراف الكرمي ومن ٍب النحو و الشعر
و ا٢بساب الی جانب اذل امتالكو لشخصية قوية ومعرفة
جيدة بالدين و ٠بعة طيبة.
-وقد اجزت لكل مسلم طبع كتايب ىذا وارجوا لو ربح
الدنيا واآلخرة وكلها ُب مرضاة ا﵁ سبحانو وتعاذل.
-وارجوا اف ال تنسونا من صاحل دعائكم.
23
24
ص ِرسالَـ ـ ــة
نَـ ـ ـ ـ ّ
﴿ ّ
المتعلمين , ِ
المفصلةُ ألحوال ُ
الرسالة ُ
والمتعلمين﴾
المعلمين ُ
وأحكام ُ
ِ
القابســي لإلمام ابو َح َسن
(ٕٖٗىـ ٕٗٓ-ىـ )
25
26
المتعلمين ِ
المفصلةُ األحوال ُ
الرسالة ُ
ّ ﴿
والمتعلمين ﴾
المعلمين ُ
,وأحكام ُ
29
﴿ بسم هللا الرحمن الرحيم ﴾
وبه توفيقي
الكتاب ودل جيعل لو َ ( ا٢بمد ا﵁ الذي أَنْػَزَؿ على عبده
َع َوجاً ﴿ٔ﴾قَػيماً لِيُػْن ِذ َر بأساً شديداً من لَ ُدنْو ويبشَر
ا٢بات أف ٥بم أجراً ا٤بؤمنْب الذين يعملوف الص ِ
َ ََ َ
نذر الذين قالوا اٚبَ َذ حسناً﴿ٕ﴾ َماكثْب فيها أبداً﴿ٖ﴾ويُ َ
ت كلمةً ا﵁ُ ولداً﴿ٗ﴾ما ٥بم بو من علم وال آلبائهم َكبُػَر ْ
ٚبر ُج من أفواىهم إ ْف يَقولوف إال
31
30
ِ
كذباً﴿٘﴾)(ٔ) و (تبارؾ الذي نَػّزؿ ال ُفرقاف على عبده
السموات
ليكوف للعاّ٤بْب نَذيراً ﴿ٔ﴾الذي لو ُملك ّ
يك ُب ا٤بلك
واألرض ودل يتّخذ ولداً ودل يكن لو شر ٌ
ُ وخلَق كل ٍ
شيء فق ّدره تقديراً ﴿ٕ﴾) .
وا٢بمد ﵁ الذي دل َيزؿ واحداً ،أحداً ،حياً ،قَيوماً
،لو األ٠باء ا٢بسُب ،والصفات العلى ،ليس ِ
كمثْلو ُ ُ ُ
أنزلو على
لم بالقرآف ،و َ
شيءٌ ،وىو السميع البصّبُ .تك َ
بياف ،بالنوِر والرب ِ
ىاف ، ٞبة والت ِ األناـ ،للر ِ
٧بمد خ ِّب ِ
ُ ّ ّ
وىدى و ِ ِ
ت الذين آمنوا ُ وا٢بكمة وال ُفرقاف ( ،ليُثَب َ
جل ثناؤه : ّ وقاؿ )) (ٕ)
بُشرى للمسلمْب﴿ٕٓٔ﴾
(طو﴿ٔ﴾ما أنزلنا عليك القرآف لتَشقى﴿ٕ﴾إال تَذكرًة
32
اتلِمن َخيشى﴿ٖ﴾تَنزيالً ِ٩بن خلق األرض والسمو ِ
َ ّ َ َْ
العرش استوى﴿٘﴾لو ما ُب ِ العُلى﴿ٗ﴾الر ْٞب ُن على
ٙبت
األرض وما بينَػ ُهما وما َ ِ السموات وما ُب
يعلم السر ُ ٘بهر بالقوؿ فإنّو ْ الثرى﴿﴾ٙوإ ْف
(ٔ)
وأخ َفى﴿﴾ٚا﵁ ال إلوَ ّإال ىو لو األ٠باءُ ا٢بُسنی﴿)﴾ٛ
ومن بو ،وأَستعينو وأتوكل عليو وأبرأ من .أٞبده ،وأُ ِ
َ
وحده الالقوة إليو ،وأشهد أف ال إلو ّإال ا﵁ َ ا٢بَوؿ و ّ
عبده و رسولَو خاًبُ النبيْب ، ٧بمداً َيك لو ،وأ ّف ّ شر َ
ا٢بق ليُظْ ِهَرهُ على ال ّدين كلو ولو َك ِره
أرسلَو با٥بُدى ودي ِن ّ
ونصح األُّمة
بالرسالة ،وأدى األمانة َ ، ا٤بُشركوف ،فقاـ ّ
رءوؼ
يص عليكم با٤بؤمنْب ٌ ٌ ( ،عز ٌيز عليو ما َعنِتُم حر
ُ
رحيم)(ٕ) .
) - (0سورة طو .
33
فسبحا َف ا﵁ الذي سبح لو ما ُب السموات وما ُب
دوس ،العزيز ا٢بكيم﴿ٔ﴾ىو الذي ق
ُ ال ك األرض ( ا٤بلِ
ُ ُ
األميْب رسوالً منهم يَتلُو عليهم آياتِو ويزكِيهم بعث ُب ِ
َ
الكتاب وا٢بكمةَ وإف كانوا من قبل لفي َ ويعلّمهم
ضالؿ ُمبْب﴿ٕ﴾وآخرين منهم ٤با يَػْل َحقوا هبم وىو العز ُيز َ
ِ ّ
ا٢بكيم﴿ٖ﴾ذلك فضل ا﵁ يُؤتيو َمن يشاء وا﵁ ذو
الفض ِل العظيم﴿ٗ﴾)(ٔ) .
﵁ الذي ىدانا لإلدياف ،وعلمنا القرآف ،ومن ا٢بمد ِ
و ُ
صل على ٧بمد عليو السالـ .اللّهم ّ علينا باتباع نبيو ّ
صليت على إبراىيم ،و َ ٧بمد ،وعلى آؿ ٧بم ٍد ،كما
ٍ
ت على بارؾ على ٍ
٧بمد ،كما بارْك َ
ّ آؿ وعلى ٧بمد ْ
ا٤بْب إنك ٞبي ٌد َ٦بيد .اللهم وعلّ ْمنَا ما
الع َ
إبراىيم ُ ،ب َ
34
ٍ
وحكمة ، ٧بمداً خاًب النبيّْب من كتاب
عثت بو إلينا ّ بَ َ
أنت العز ُيز ا٢بكيم . ِ
وما تَال من آياتك ،وزكنا إنك َ
قلت : اللّهم و ِأ٥بمنَا شكر نِ ِ
عمتك بو علينا ،فإنك َ َ َ ْ
(وألًب نِعمٍب عليكم ولعلكم هتتدوف .كما أرسلنا فيكم
رسوالً منكم يَػْتلو عليكم آياتِنا ويزکي ُکم ويعلم ُكم
ا٢بكمة ويعلمكم ما دل تكونوا تعلموف (ٔ)) .
الكتاب و َ
َ
وحس ِن عبادتك، ، وشكرؾ كرؾ ذأعنّا على ِاللّهم و ِ
ُ
ك قلت ( :فاذْ ُكروين أذ ُكركم واشكروا رل وال فِإن َ
طاعتك ،بأف نَستعْب عليهاَ ت ْك ُفروف)(ٕ) وأي ْدنا على
كما َأمْرتنا ،فإنك قلت ( :يا أيّها الذين آمنوا استعينوا
الصابرين )(ٖ) .أنت ا٢بق ، بالص ِرب والصالة إف ا﵁ مع ّ
) - (0سورة البقرة اآلية رقم ٔ٘ٔ .
35
ا٢بق ا٤ببِْب .
ّ أنت ،ا٤بلِكَ ووعدؾ ا٢بق ،ال إلو إال ُ
ُ إياؾ نَعبد ،وإِياؾ نَستعِْب ،إِ ِ
ا٤بستقيم،
َ ط
َ ا
ر الص
ّ نا ىد ّ ّ ُ
أنعمت عليهم غّب ا٤بغضوب عليهم وال َ ِصراط الذين
الصا٢بْب
الص ّديقْب والشهداء و ّ الضالْب) ،من النبِيْب و ّ ّ
ِ ِ
،وأَنلنَا ُحسن ُمَرافَػ َقتهم بفضلك ورٞبتك ،فأنت ُ
أرحم
الراٞبْب ،وأنت َحسبُنا ونِ ْعم الوكيل ،وأنت َم ْوالنا ، ّ
فانصرنا ٕبُسن ا٣بّالص فيما ِ
فَن ْع َم ا٤بوذل ونعم النّصّب ُ
الصا٢بْب ، ِ
أولَْيتنا وفيما ابتَػلَيتنا ،برٞبتك ُب عبادؾ ّ
الذين يُسارعوف ُب ا٣بَّبات وىم ٥با سابقوف ،وال حوؿ
وال قوَة إال با﵁ العل ّي العظيم .
سائل ،وأحل عل ّي أف
قاؿ أبو ا٢بسن :قد سألَِب ٌ
وشرط فيها شروطاً ،واعت َذر ، هابَت ك
َ ، لأُجيبو عن مسائِ
َ َ َ
اغب ُب فهم ما ِ
من إ٢بَاحو عل ّي ،أنو مضطر إليها ور ٌ
تع ّذر عليو من فَهمها ،إذ ِىي َٙبُل عليو ،وتن ِزؿ بو
36
ِ
اإلمساؾ فَػ َّبَىبها ،وخيشى القدوـ عليها ،وخياؼ ِضيق
عنها ،لِبُعده ِ٩بن يَصلُح أف يُستعاف بو فيها ،فَػ َعذرتُو
ت من التػ َوقف عنو ،على َو َج ٍل مِب ُب بِعُذره ،وأش َف ْق ُ
ِ
سرعة اخيت عن ِ
ُ٦بَ َاوبَتو عن كل ما سأؿ عنو َ ،فَب ُ
٦باوبتِو طويالً ،وىو ُمقيم على َح ْفزي فيما أراد منّی ،
االنقياد إذل ُ٦باوبَتو .
َ وجل ُب قلىب
عز ّ حٌب ألقى ا﵁ُ ّ ّ
أسأؿ ا﵁ الكرميَ فأعوذُ با﵁ أف أكوف من ا٤بتكلّفْب ،و ُ
با٢بق فيما ابتالين بو من ا٤بقالة ُب الدين ،وأف ِ
صمةَ ّ الع ْ
يَهديِب إذل أحس ِن القوؿ فأتبِعو ِهبدی من عنده ،فهو
ىادي الذين آمنوا إذل ِصراط مستقيم .
37
الج ـ ـُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزء األول
ِ
اإليمان واإلسالم واإلحسان ذكر سؤالو عن تفسير
ُ
وعن االستقامة ما ىي وكيف ِصفةُ الصالح.
ْب
قاؿ أبو ا٢بسن :أما تفسّبُ اإلدياف واإلسالـ فقد بػُ َ
ذلك ُب الصحيح ،قاؿ أبو ىريرة :كاف النيب صلّى ا﵁
رجل فقاؿ :ما عليو وسلّم بارزاً يوماً للناس ،فأتاهُ ٌ
ومالئِكتِو و بِلِقائِو ِ
اإلدياف ؟ قاؿ اإلدياف أف تُؤم َن با﵁ َ
عث اآلخر .قاؿ :ما اإلسالـ ؟ ورسلِو ،وتُؤمن بالب ِ
َ َ ُُ
شرؾ بو وتقيم الصالة ،قاؿ :اإلسالـ أف تَعبُ َد ا﵁ ال تُ َ
38
39
وتصوـ رمضا َف .قاؿ :ما َ وتؤدي الزكاة ا٤بفروضةَ ،
ّ
اإلحساف ؟ قاؿ :أف تعبد ا﵁ كأنك تراه ،فإف دل تكن
تراه فإنو يراؾ .قاؿ :مٌب الساعة ؟ قاؿ :ما ا٤بسؤو ُؿ
اطها :إذا عنها بِأعلم من السائل ،وسأُخربؾ عن أشر ِ
َ
ولدت األََمةُ َرهبا ،وإذا تطاوؿ ُرعاة اإلبل البُػه ُم ُب
يعلم ُهن إال ا﵁ٍ ،ب تال النيب صلّى
ٟبس ال ُ البُنيافُ ،ب ٍ
الساعة ... علم ه ند
َ ا﵁ عليو وسلّم ( :إف ا﵁ ِ
ع
َ ُ ُ
اآلية)(ٔ)ٍ ،ب أدبر ،فقاؿ ُ :رّدوه ،فلم يروا شيئاً ،فقاؿ
:ىذا جربيل ،جاء يعلّم الناس دينَهم .
قاؿ أبو ا٢بسن :فبَػْب صلّى ا﵁ عليو وسلّم أف ٝبيع
دين للنّاس ،ويدؿ أيضاً ما
ما جرى ُب نص ا٢بديث ٌ
) - (0رواه أبو ىريرة أخرجو البخاري ومسلم وأٞبد وابن ماجو .
41
ُب ىذا ا٢بديث ،أنو كاف ْقبل نزوؿ فرض ا٢بج ،ألف
ا٢بج أيضاً من عمل األبداف ،و بو كماؿ العمل الذي
ْب ذلك ما جاء ُب الصحيح من ىو اإلسالـ .يػُبَػ ُّ
هاب ،عن عمر ب ِن ا٣بطّاب ،أف طارؽ ب ِن ِش ٍ حديث ٍِ
ا٤بؤمنْب آيةٌ ُب كتابكم
َ رجالً من اليهود قاؿ لو :يا أمّب
ت ،الٚبذنا ذلك معشر اليهود نَػَزلَ ْ
َ تَػ ْقرءوهنا لو علينا
أكملت
ُ اليوـ
اليوـ عيداً ،قاؿ :أي آيَة ؟ قاؿ َ ( :
ورضيت لكم
ُ أٛبمت عليکم نعمٍب ، لكم دينَكم ،و ُ
عرفنا ذلك
َ قد : عمر فقاؿ : قاؿ . (ٔ)
اإلسالـ دينا )
َ
اليوـ وا٤بكاف الذي نزلت فيو على النّيب صلّى ا﵁ عليو
بعرفةَ ،يوـ ُٝبعة.
قائم َ وسلّم وىو ٌ
40
عمر رضي ا﵁ عنو ،أف قاؿ أبو ا٢بسن :فبْب لو ُ
لت فيو ىذه اآليةُ ُب اإلسالـ ُ ،م َعظ ٌماليوـ الذي نز ْ
َ
على َمر الدى ِر ،ىو عي ٌد ُب سائ ِر أمصا ِر ا٤بسلمْب
ُ
يوـ ا١بمعة ،وا٤بكا ُف الذي أُن ِزلت فيو ىو
كلما تكرر ُ
فَبض على ٝبيع ا٤بسلمْب .فقد ًب َ مكاف ا٢بج ا٤ب
ُ ُ
عظم لذلك اليوـ ،ولذلك ا٤بكاف الذي أنزلت فيو ، الت ُ
وا٢بمد ﵁ رب العا٤بْب .
الرسوؿ عليو السالـ ُ ،ب ىذا ا٢بديث ، ُ والذي ٠بّاه
إدياناً ،ىو اإلقر ُار ٗبا قد ٠باه صلّى ا﵁ عليو وسلّم .
ض عليها والذي ٠بّاه إسالماً ،ىو عمل ا١بَوارِح ٗبا ُِ
افَب َ ُ
أسلمت
ُ ِ
استسالـ َم ْن قاؿ : ،ألَنو ىو الذي يدؿ على
ومالئِكتو ،وبلقائِو ،و َ ، ﵁ ؛ ومن قاؿ :آمنت ِ
با﵁ ُ
ِ
ث بعد ا٤بوت ،فإّنا ىو ُ٨بربٌ عن رسلو ،وآمنت بالبػع ِ
ُ َْ ُُ
و٧بل ِصحتِ ِوسوؿ عليو السالـ َ . تَ ِ
صديقو ٤با جاء بو الر ُ
42
صديق فيما عقد عليو القلب واطمأف إليو .وكذلك الت ُ
ىو ُب اإلدياف ٔبميع ما جاءت بو الر ُس ُل .قَػ ْولُوُ :
إخبار عن قَلبو ،أنو قَبِ َل ذلك ، آمنت بذلك ،إّنا ىو ٌ ُ
الة والزكاة ، فرض الص ِ واطمأف بو ،وُب ذلك إديانو بِ ِ
ض على ا٤بسلمْب مع سائ ِر فَب ِ ِ
وصياـ رمضاف ،وا٢بج ا٤بُ َ
ض عليهم من ا٢بقوؽ كلها .فتصدي ُقو بذلك ما ُِ
افَب َ
وجل َفرضو ،وأنو ىو ا٢بق الذي ال عز ّ كلو -أف ا﵁ ّ
القوؿ يػُ َعبػُر عنو ،وال
شك فيو ُ -كل ىذا ىو إديا ٌفُ ،
القوؿ من ىذا ا٤بخ ِرب عن نفسو يعلم صحة ما وراء ِ
ُ َ ُ
أقاـ الصال َة ،وآتى ِ
جل ؛ فإذا َعز و ّ باإلدياف ّ ،إال ا﵁ُ ّ
استطاعوُ ،
َ البيت إذا
الزكا َة ،وصاـ رمضا َف ،وحج َ
اجب عليو ،فقد و وأن بو ر وفعل ِٔبوا ِرِح ِو ٝبيع ما ِ
أم
ٌ َ َ َ
آمنت بو ، ِ ِ
إين ُ استسلم ،وص ّد َؽ باستسالمو ىذا قولُو ّ : َ
وعز على جل ّ عند من ظهر لو ذلك منو ،وىو عند ا﵁ ّ
43
وصدقِو فيما صدؽ بو. ِ
اعتقاد ِه ِ ، ما علِ َموُ من ِصح ِة
تعبد
الرسوؿ عليو السالـ ،حْب فسَر اإلسالـ ُ : وقوؿ ُّ
ا﵁َ ال تشرؾ بو ،معناه :بذلك يصح ٥بذا العمل
جل : عز و ّ ا٤بذكور أف يكوف إسالمو ،كما قاؿ ا﵁ ّ
(فَ َم ْن كاف يرجو لقاءَ ربو فْليَػ ْع َمل عمالً صا٢باً وال
يشرؾ بعبادة َرب ِو أحدا)(ٔ) .واإلدياف ىو ال َقبوؿ من
اعتقاد قَػْلبِو
ُ صح ُحوُ لِقائِلوالرسوؿ ما جاء بو ،يُ َ
العمل ٗبا أمر بو ،ودعا إليو ُ اإلسالـ :ىو
ُ بتصديقو .و
قلب ِ
عاملو ،واالنتِهاء عما هنى عنو ،يُص ِح ُحوُ اعتقاد ِ
جل َأمَر بو على لِساف رسولِو عليو عز و ّ أف ا﵁ ّ
السالـ .فإذا كاف كذلك كاف ىا ىنا اإلسالـ ىو ّ
وعز ( :إف ال ّدين عند ا﵁ جل ّ اإلدياف ،لقوؿ ا﵁ ّ
غّب اإلسالـ ديناًاإلسالـ) .وقولو تعاذل ( :ومن يَػْبتَ ِغ َ
) - (0سورة الكهف اآلية رقم (ٓٔٔ) .
44
فلَ ْن يػُ ْقبَ َل منو وىو ُب اآلخرة من ا٣باسرين﴿٘.﴾ٛ
كيف يَهدي ا﵁ُ قوما كفروا بعد إدياهنم وشهدوا أف
جل ذكره( :ومن يكفر باإلدياف ّ وقاؿ . (ٔ)
حق)
الرسوؿ ّ ّ
فقد َحبِ َط عملُو وىو ُب اآلخرة من ا٣باسرين )(ٕ) .
كافر باإلدياف .وتبْب بذلك
غّب اإلسالـ ٌ
فَػبَػْب أف ا٤بُبتغى َ
أف اإلدياف على ا٢بقيقة إسالـ ،واإلسالـ على ا٢بقيقة
وط عليوإديا ٌف .ويزيدؾ بياناً ما جاء ُب قِص ِة ِآؿ لُ ٍ
َ
السالـ قولو ( :فأخرجنا َم ْن كاف فيها من ا٤بؤمنْب . ّ
ُ
فما وجدنا فيها غّب بيت من ا٤بسلمْب ) .وإذا دل يكن
ظهار ذلك ِ٩بن ِ ِ ِ
ا ِإلديا ُف من قائلو على ا٢بقيقة ،كاف إ ُ
سوؿ ال
الر ُ أقر بو نِ
وعز ( :يا أيّها ّ
جل ّ ّ ا﵁
ُ قاؿ كما ا
ً فاق
45
نك الذين يُسارعوف ُب ال ُكفر من الذين قالوا آمنا ُْحي ِز َ
قلوهبم).بأفواىهم ودل تُؤمن ُ
وع ِمل فيما أظهر وكذلك َمن أظهر ا ِإلقر َار باإلديافَ ،
ٗبا أُمر بو ،وانتهى فيما يػَُرى منو عما هنى عنو ،وقلبُوُ
عند ا﵁ ،فليس ىو إسالماً غّب مؤم ٍن بذلك أنو من ِ
ُ ُ ُ
ِ
(قالت ا٢بقيقة .وىو كما قاؿ ا﵁ُ جل وعز : ِ على
دخ ِل
لكن قولوا أَسلمنا وال يَ ُ
قل دل تُؤمنوا و ْ اب آمنا ْ األَعر ُ
اإلدياف ُب قلوبكم)(ٔ) فنبأىم أف اإلدياف -الذي ىو
لكن
قلوهبم ،و ْ دخ ْل َصديق ُب القوؿ والعمل ،دل يَ ُ الت ُ
إسالـ ،أي استسلموا وأل َقوا السلَم عملوا عمالً ىو ِ
ٌ
أنفسهم وأىليهم بذلك موف حي
َ ىم،ر ه ػ
َ ق منمدارا ًة لِ
َ َ َ ُ
وأموا َ٥بم ٩ ،بّا يَلقاه الصابئوف بال ُكفر .وقد قاؿ ا﵁ عز
46
ومن ِ
أىل وجل ِ ( :و٩بن حولَكم من األعراب منافقوف ِ
ُ
اب أشد راألع ( : وقاؿ (ٔ) ا٤بدينة مردوا على الن ِ
فاؽ )
ُ ََ
أنزؿ ا﵁ على
دود ما َ ُكفراً ونِ
َجدر أال يَعلموا ُح َ
ُ أ
و فاقا
رسولِو)(ٕ).
ِ
فم ْن يُِرد ا﵁ُ أَف يَهديَوُ يَ ْشَر ْح َ
صدره وجل َ ( :
عز ّوقاؿ ّ
صدره ضيقاً َحرجاً عل جي
َ و لضلإلسالـ ،ومن يرد أف ي ِ
َ ُ ُ
جس على كأّنا يَصع ُد ُب السماء كذلك جيعل ا﵁ الر َ
الذين ال يُؤمنوف)(ٖ) .فبْب أيضاً أف اإلسالـ ىو ما
در عن قَبولِو ،
در إليو ؛ وأما ما ضاؽ الص ُ انشر َح الص ُ
ونَػ َفَر منو عند َ٠باعو ،فصاحبُو غّبُ ُمؤم ٍن .فقامت
اإلسالـ .وكذلك قولو : ِ كلمةُ اإلدياف مقاـ ِ
كلمة َ َ
) - (0سورة التوبة ،اآلية رقم (ٔٓٔ) .
47
صدره لإلسالـ فهو على نوٍر من ربو ، شرح ا﵁ َ (أَفَ َمن َ
ٍ
ضالؿ اسية قُ ُلوهبم من ِذك ِر ا﵁ ،أولئك ُب فَػويل لِل َق ِ
َْ ٌ
ُمبْب )(ٔ) .
تفسّب
َ نت لك أف قاؿ أبو ا٢بسن :فَافْػ َهم فقد بَػي ُ
صف رسولَو اإلدياف أَنو التصديق .وقاؿ ا﵁ جل ذكره ي ِ ِ
ّ َُ ُ
ويؤمن للمؤمنْب) .أي يُصدؽ عليو السالـ ( :يؤمن ِ
با﵁
ُ ُ
ا٤بؤمنْب .وأمره أف يقوؿ لِ َمن اعتذر عن ٚبل ِفو من
(لن نُؤمن لكم) أي لن نُصدقَ ُكم ( قد نبأنا ا٤بُنافقْب ْ :
ا﵁ من أخباركم )..اآلية .وأمره أيضاً أف يقوؿ ٥بم :
فس َّبى ا﵁ عملَكم ورسولُو وا٤بؤمنوف (وقُ ِل ْاع َملوا َ
وستُػَردوف إذل عادل الغيب والشهادة فيُنبئكم ٗبا كنتُم َ
نت لك أف تفسّب اإلسالـ ،إذا دل يكن تعملوف) .وبي ُ
(ٕ)
48
اال ْستسالـ ،وذلك بأنو ِ
ا٢بقيقة أَنو ىو ِ من قائِلو على
ُ
قهره ،فيكوف من ن م ِ
لطاعة ا
إظهار
ً م ل
َ الس ي إّنا ي ِ
لق
َ ْ َ ُ
وجل ( :فما لكم ُب ا٤بنافقْب عز ا﵁ قاؿ . ا
ً فاقفاعلِو نِ
ِ ُ ّ ّ ُ
اعتزلوكم فلم يُقاتلوكم وأل َق ْوا فإف ( : لوو ق إذل ) ئتْبفِ
َ ْ
إليكم السلَم فما جعل ا﵁ُ لكم عليهم سبيال﴿ٓ﴾ٜ
قومهم، ين يُريدوف أف يَ َأمنوكم ويَ َأمنوا َ َستجدوف آخر َ
الفتنة أركسوا فيها ،فإف دل يَعتزلوكم ويُلقوا ُكلما ردوا إذل ِ
ُ
إليكم السلَم ويكفوا أيديهم )﴾ٜٔ﴿ ...اآلية(ٔ) .
نت لك وجو ما يكوف بو اإلديا ُف إسالماً ،وما يكوف فبي ُ
بو اإلسالـ إدياناًٗ ،با فيو الكفايةُ إف شاءَ ا﵁ تعاذل .
السالـ ُب تفسّب اإلحساف :الرسوؿ عليو ّ وأما قوؿ ّ
تكن تراه فإنو يَراؾ ،
أ ْف تَعبُ َد ا﵁ كأنك تراه ،فإ ْف دل ْ
49
ا﵁ ُب كل ما تعبد فمعناه :أف ىذا ىو إحسا ُف ِع ِ
بادة ِ
كل ما أمر بو ن وحده ِ ،
وم ية ِ
باأللوى ،من الشهادة لو
ّ ْ َ
يعملُو لِلو -
َ بذلك العامل
ُ يكوف أف ، ومن عمل بطاعتِ
ؤديِة إليو من طاعتِو ،وال وىو يعلم أف ا﵁ يراه -فيا يُ ّ
َخيفى عنو ما ُب ِسره من ذلك .وكذلك فيما تَعبده بو
يعلم أف ِ
،من االنتهاء عما هناه عنو ،يكوف ُب ذلك ُ
سره من ا ِإلنتِهاء عن وعز يراه ،ويعلم ما ُب ّ جل ّ ا﵁ ّ
ص عبادةُ العبد ﵁ على ا٢بقيقة ُلخ تذلك وما أراد بو ،لِ
َ َ
الشيطاف .ودييل اليو سوءُ كل خلط يَػْن ِزغ بو ّ ،سادلٌ من ّ
ا٥بَوى .
جل اذا َع ِم َل
اس فيما بينهم ،أف عبد الر ِ عرؼ النّ ُوقد َ
ضَرِة َسي ِد ِه ،وىو يراه ،أَف العبد مره بو سيّدهُ ِٕبَ ْما أَ َ
نفسو ُب ذلك العمل ،لُِّبضي سي َده ٕبُسن طاعتِو َجي َه ُد َ
جتهاد ِ
العبد ُب ،فإ ْف كاف سي ُده سلطاناً كاف أشد ِال ِ
ُ
51
العبد من ُمعايَ ِنة سيّده لو ،أو
صيحة سيده ،وإذا خال ُ نُ ِ
العبد مع من يغفل ، است ْغفلَو ،قصر ،فهذه ِصفة ِ
َ
ؤدى طاعتَو إليو ويشغَلُو شأ ٌف عن شأف .فأما ُ ِ
عبد ا﵁ يُ ّ ّ
اقبة ربو فيما يُطيعو بو ُب السر ،فال يغفل عن مر ِ
ُ
العالنيَة ،فإنك أيها العبد ،إ ْف دل تكن تَرى ربك وَ
أيقنت أنت أنو يراؾ ِ ِ
بعينك ُب حْب عبادتك إيّاه ،فقد َ
العمل لو ص ،وال َخيفى عنو ما تُ ِسر وتُعلن .فأَ ْخلِ ِ
َ
جل ( :وما تكوف ُب عز و ّ والتَ ِزْـ ُمراقبتَو ،فإنو يقوؿ ّ
شأف وما تَػْتلو منو من قرآف وال تعملوف من عمل إال ُكنا ٍ
عليكم شهوداً ،إذ تُفيضوف فيو وما يعزب عن ربّك من
أصغر من ذلك وال ماء الس ُب وال األرض ُب ة
ر ذ
َ ِم ِ
ثقاؿ
َ
جل :ّ و عز
ّ وقاؿ . (ٔ)
ّوال أكرب إال ُب كتاب ُمبْب)
(واعلموا أف ا﵁َ يعلم ما ُب أَنْػ ُف ِسكم فاحذروه واعلَموا
) - (0سورة يونس ،اآلية رقم (ٔ. )ٙ
50
غفور حليم)(ٔ) وقاؿ ( :ولقد خلقنا اإلنسا َف أف ا﵁ ٌ
فيهن ر ذ حي
ُ كثّب ونعلم ما تُػو ْس ِوس بو نفسو)(ٕ)ُ .ب آ ٍ
ی
ُ ّ ُ ُ َ ُ
كاذكر رب َ
جل ( :و ْ عز و ّ العبد من َغفلة نفسو .وقاؿ َّ
وخيفةً ودوف ا١بهر من القوؿ بالغُدو ُب نفسك تَضرعاً ِ
تكن من الغافلْب)(ٖ) وقاؿ تعاذل ( :إف ِ
َواآلصاؿ وال ْ
الذين عند ربّك ال يستكربوف عن عبادتو ويسبحونو ولو
يَسجدوف )(ٗ) ،فوصف عباد َة ا٤بالئكة .وقاؿ ُب موضع
هار ال
ليل والن َآخر يصف عبادة ا٤بالئكة ( :يُسبحوف الّ َ
أمرُكم أف تَػتقوا ا﵁َ ، ا إّن يفَبوف )(٘) .وأنتم ِعباد ِ
ا﵁
َ َ ُ
) - (0سورة البقرة ،اآلية رقم (ٖٕ٘) .
52
أيقنت ِ
أنت قد َ فَػيَا ا٤بُوق ُن هبذا تعبُ ُد ربك كأنك تراه ،و َ
وعز:
جل ّ
بَػ ْع ُد أنو يَر َاؾ .قاؿ ا﵁ ّ
وج ْهَركم كم
ر األرض يعلم ِ
س ِ وُب ات( وىو ا﵁ ُب السمو ِ
َ ُ
و يعلَم ما تكسبوف)(ٔ) وقاؿ تعاذل ( :وىو معكم أينما
إين
ّ ( : تعاذل وقاؿ (ٕ)
كنتم وا﵁ُ ٗبا تعملوف بصّب )
برسلي َ معكم لَئِ
وآتيتم الزكا َة وآمنتم ُ
ُ ةَ ال الص م
ْ مت
ُ َق أ ن
ْ
وعَزْرُٛبوىم وأَقْرضتُ ُم ا﵁ قرضاً حسناً ألَ َكفرف عنكم َ
(ٖ)
األهنار ) ها ٙبت من ٘بري سيئاتِكم وألُ ْد ِخلَن ُكم جن ٍ
ات
ُ َ َ
يعمل ذلك ِ ِ ِ
جل ل َم ْن َعمل بطاعتو ،أف َ عز و ّ فبْب ّ
َ
يع ِ
جل ( :إنّا ال نُض ُ عز و ّ عمالً حسناً .وكذلك قولو ّ
53
أجر
َ ُ ُ َ ضيع ي ال ا﵁ إف ( و (ٔ)
أحسن عمال)
َ أجر َم ْن
َ
ا٤بحسنْب )(ٕ) .
ُ
وما كاف ٗبثْ ِل ىذا كلو ،فمعُب ذلك إحسانػُ ُهم ما ِِ
اإلحساف ىو الذي ِ جل .وتفسّب ىذا ِ
عز و ّ عملوه ﵁ ّ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم جرى بْب ِجربيل و ِ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم( : -أف تَػ ْعبُ َد -من قوؿ الن ّ
أخرب
كن تراه فإنو يَراؾ ٍ .ب َ ا﵁َ كأنّك تراه فإ ْف دل تَ ْ
أصحابَو -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -ع ِن السائل ،أنو
جربيل يػعلم النّاس دينهم .فبْب أف مراقبةَ الع ِ
بيد َربػ ُه ْم َ ُ ُ َُ ُ َ َ
ُب ِعبَ َاد ِهتم إياه ،أف ذلك من دينِهم لِيُحافِظوا عليو .
54
عنك فيما ِ
اإلشكاؿ َ
ُ تفع
ت لك ،ل َّب َفَافْػ َهم ؛ فقد طَولْ ُ
رت لك ،وا﵁ ورل التوفيق . فس ُّ
فاعلَ ْم أف وص َفها اال ْستقامة ما ىي ؟ ْ وأما سؤالُك عن ِ
ُ
جل
عز و ّ قد مر فيما تَقدـ من ىذا الباب .وقاؿ ا﵁ ّ
ِ ِ ِ ِ
وم ْن تاب ت َ فاستَقم كما أُمْر َ لنَبِيو عليو السالـ ْ ( :
فاالستِقام ُة
معك وال تَطْغَوا إِنو ٗبا تَعملوف بصّب )(ٔ) ِ
ْ َ
جل
قوؿ ا﵁ ّ القياـ ٗبا أََمَر ا﵁ُ بو .وُب الذي قدمنا ُ ىي ُ
ا٢بق کمن ىو وعز (:أَفَ َمن يعلم أّنا أُنْ ِزَؿ إليك من ربّك ّ ّ
ف أُوذل صِ َْ و وُب ، (ٕ)
أَ ْعمى إّّنا يتذكر أُولو األَلباب )
وصل ، ي أف بو ا﵁ أمر ما وف ل
ُ األلباب ،والذين ي ِ
ص
َ ُ ُ َ َ
ستقيم كما ا٤ب فهو هبا َبو ن م ، ها كل األوصاؼ
ُ لك
َ فتِ
ُ ُ َ ْ َ
55
جل يدؾ بياناً ٤با وصفت لك قوؿ ِ
ا﵁ ز ي ا أُمر .وإف ِ
٩ب
ّ َ ُ َ ُ َ
يما َش َجَر وعز ( :فَ َال وربك َال يػؤِمنو َف حٌب ُحيكم َ ِ
وؾ ف َ ََ َ ُْ ُ َ ٰ َ ُ ّ
ِ
ت َويُ َسل ُمواْ بَػْيػنَػ ُه ْم ٍُب َال َِجي ُدواْ ُِب أَن ُفس ِه ْم َحَر ًجا ٩با قَ َ
ضْي َ
يما)(ٔ) ٍ .ب قاؿ َ ( :ولَ ْو أَنا َكتَْبػنَا َعلَْي ِه ْم أ َِف اقْػتُػلُواْ تَسلِ
ْ ً
يل مْنػ ُه ْم أَن ُفس ُكم أَ ِو اخرجواْ ِمن ِديا ِرُكم ما فَػعلُوه إِال قَلِ
ٌ َ ُ َ ُْ ُ َ ْ
َشد وعظُو َف بِِو لَ َكا َف َخْيػًرا ٥بُ ْم َوأ َ َولَ ْو أَنػ ُه ْم فَػ َعلُواْ َما يُ َ
يما ، تَػثْبِيتًا﴿ ،﴾ٙٙوإِذاً آلتَػيػنَاىم من ل ُدنا أَجراً ع ِ
ظ
ْ َ ً ْ ُ َ
يما﴿ٍ .)ٕ()﴾ٙٚب قاؿ َ ( :وَم ْن وَ٥بديػناىم ِصراطًا مست ِ
ق
َْ ً َ ََ ْ َ ُ ْ َ
ين أَنْػ َع َم اللوُ َعلَْي ِه ْم ِم َن وؿ فَأُولَئِك مع ال ِ
ذ يُ ِط ِع اللوَ َوالر ُس َ
َ ََ َ
النبِيْب والصد ِيقْب والشهد ِاء والص ِ
كْب َو َح ُس َن أُولَئِ َ َ
ا٢بِ
َ َ ََ َ َ َ
(ٖ)
با﵁ عليما﴿ٓ)﴾ٚ رفِي ًقا﴿ -﴾ٜٙإذل قولو -وكفى ِ
َ
) - (0سورة النساء ،اآلية رقم(٘.)ٙ
56
ِ
الكتاب ا٤بؤمنْب أف جل ُب فاٙبة عز و ّ وقد أمر ا﵁ ّ
ستقيم﴿ِ ، ﴾ٙصرا َط الذين ا٤ب طَ ا
ر الص نا يقولوا ( :اِ ِ
ىد
ُ َ
ت عليهم غّب ا٤بغضوب عليهم وال أَ َنع ْم َ
جل ٥بم ُب سورة النساء ،
ّ و عز
ّ ر وفس (ٔ)
الضالْب﴿)﴾ٚ
من الّذين أنعم ا﵁ُ عليهم ،وذلك ٗبا َىداىم لو من
وطاعة رسولِو ،وقبو٥بم ٤با جاء عنهما ،ف َفعلوا ِ طاعتو
ا﵁ وكفى ِ
با﵁ عليما. ما يوعظوف بو ،ذلك الفضل من ِ
ُ
واالستقامة ُب ال ّدين ىي ُمداومة ا٤بقاـ فيو ،على
ب عنو َدييناُ وال مشاال ،وال ِ ِ ِ
استوائو واعتدالو ،ال يػُنَك ُ
يلتزـ منو ما ال يُطيقو .
أحب ِ
العمل إذل قالت عائشةُ رضي ا﵁ُ عنها :كاف َ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -الذي يَدوـ عليو
57
صاحبُو(ٔ) .وقالت أيضاً ُ :سئِ َل النيب -صلّى ا﵁ عليو
أحب إذل ا﵁ ؟ قاؿ(:أَ ْد َوُموُ وإ ْف
وسلّم -أي األعماؿ ّ
قل) .وقاؿ ( :اكلَ ُفوا من األَعماؿ ما تُطيقوف)(ٕ) .
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم : - وقاؿ أبو ُىَريْػَرَة عن الن ّ
ين أح ٌد إال َغلَبَوُ ، ِ
لن يُشاد الد َ سر ،و ْ ين يُ ٌ (إف الد َ
وح ِة وشيء ِ
فسددوا وقاربوا وأَبْشروا واستَعينوا بالغُ ْد َوة والر َ
ت لك من َوصف من الد١بة) .فافْػ َه ْم ؛ فقد بَػيػْن ُ
(ٖ)
58
ا﵁ صلّى ا﵁ عليو وسلّم ، رسوؿ ِلِم ِن ائْػتَمر ألمر ِ
ََ َ
وانتهى لِنَهيِ ِو ،وتَأَسى بو صلّى ا﵁ عليو وسلّم ُب
ى ْديِِو .قاؿ ا﵁ جل وعز ( :ال َ٘بعلُوا دعاء الر ِ
سوؿ َ ُ ّ ّ َ
کدعاء بعضکم بعضاً ،قد يعلَ ُم ا﵁ُ الذين بَين ُکم ُ
يَتسللوف منكم لََواذاً فْليَ ْح َذ ِر الذين ُخيالفوف عن أَْمره أف
أليم ) وقاؿ تعاذل (:وما عذاب ٌٌ تُصيبَهم فِتنةٌ أو يُصيبَهم
سوؿ فَخ ُذوه وما َهناكم عنو فانْػتَهوا واتقوا ا﵁َ آتاكم الر ُ
شديد العقاب ) وقاؿ(:لقد كاف لكم ُب ِ
رسوؿ إف ا﵁ ُ
اليوـ اآلخر وذَ َكَر و ا﵁ يرجو كاف ن م ا﵁ أسوةٌ حسنةٌ لِِ
َ َ َ َْ َ ْ
ا﵁َ كثّباً ) وقاؿ(:قُ ْل إ ْف ُکنتم ُٙببوف ا﵁َ فاتبِعوين ُحيبِْبكم
ويغفْر لكم ذنوبكم وا﵁ُ غفور رحيم) . ا﵁ ِ
61
السورة )(ٔ) .وقد قاؿ ابن ُرٞباء بينهم -إذل آخر ّ
أحسن ِ
كتاب ا﵁ ،و َ َ أحسن ا٢بديث َ مسعود :أری
دثاهتا ،وإف ما ا٥ب ْد ِي ى ْدي ٧بمد ،وشر األمور ُ٧ب ِ
َ ّ
آلت ،وما أنتم ٗبُعجزين . تُوعدوف ٍ
َ
صفةُ الصالح وأما قولك :كيف ِص َفةُ الصالح ،فَ ِ
ّ
ىي ما تق ّدـ وص ُفو ُب ىذا الباب من أَولو إذل آخ ِرِه،
استكم َل ِصفةَ فقد ، ا
ً حسن وفاء ومن وَب ٔبميعِ
َ ً َُ َ
عجز عن شيء منو ،فَبِمقدا ِر ذلك ومن َ الصا٢بْب َ ، ّ
يط ِمنو فيو يكوف الذي عجز عنو .إذا كاف عن تفر ٍ
ََ
عز و استكمل ذلك ُکلو .قاؿ ا﵁ ّ ِ
ن م فصِ نزولُو عن َو ْ
َ َ
صالِ ًحا من ذَ َك ٍر أ َْو أُنثَ ٰى َو ُى َو ُم ْؤِم ٌن ِ
جل َ (:م ْن َعم َل َ ّ
َح َس ِن َما َج َرُىم بِأ ْ َّه ْم أ ْ فَـلَنُ ْحيِيَـنَّوُ َحيَا ًة طَيبَةً َولَنَ ْج ِزيَـنـ ُ
60
ت لك ما عندي ُب َ ُن
ْ ػ ي ػب فقد . (ٔ)
َكانُوا يَـ ْع َملُو َن )
الرسوؿ صلّى ا﵁ عليو وسلّم : تفسّب اإلحساف ،وقوؿ ّ
﵁ ُب العبد ِ
أ ْف تَعبُ َد ا﵁َ كأنك تراه ،وأَف ىذا يَػْلتَ ِزُمو ُ
ِ ِ
سهل على َم ْن يَسَرهُ ا﵁ لو ومثواه ،وىو ٌ أحواؿ ُمتَقلبِو َ
ذكره . ،و بركتُو عظيمةٌ ألنّو ُجيَد ُد للمؤمن إديانَو كلّما َ
ذاكر مشاىد َة ِ
وذلك أنو إذا أخذ ُب طاعة ربّو ،وىو ٌ
اعتصامو بِربو ،فإ ْف ىم بو
ُ ي
الشأف ،قو ّ
ربو لو ُب ذلك ّ
فاستغاث ربوُ ،وأستعا َذ س عليو شيئاً، ِ
َ الشيطا ُف أف يَػْلب َ ّ
بو منو َ ،كفاهُ عدوه ،وأعانَو عليو ،فلم جي ْد إليو سبيال
الو ْسواس
كما جيده إذل َم ْن كاف ُب شأنو غافالً ُب َغمرة َ
جل . و عز ا﵁ و م ص ع ن م ا٤بعصوـ ا وإّن ؛ والشهو ِ
ات
ّ ّ ُ َ َ َ ْ َ ُ
ائض ،بادة على أداء الفر ِ العبد ا٢بسن العِ ِ اقتصر ُ وإف
ُ َ
ا﵀ارـ ،ودل يزد ،فهو أيضاً من الصا٢بْب ، اجتناب ِ و ِ
) - (0سورة النحل ،رقم اآلية (. )ٜٚ
62
ات ِمن ذَ َك ٍرا٢ب ِِ ِ
جلَ (:وَمن يَػ ْع َم ْل م َن الص َ عز و ّ قاؿ ا﵁ ّ
ا١بَن َة َوَال يُظْلَ ُمو َف أ َْو أُنثَ ٰى َوُى َو ُم ْؤِم ٌن فَأُوٰلَئِ َ
ك يَ ْد ُخلُو َف ْ
الصا٢بْب ِ ِ
العبد من ا٣بَطايا فهو من ّ نَق ًّبا ) .فما سلم ُ
(ٔ)
63
حديث حسن الْت ِ
بياف ،بال ٌغ ٌ قاؿ أبو ا٢بسن :وىذا
اقتصَر على ِ ِ
ُب ا٤بوعظة والبشرى ،لمن أخذ ٗبا فيو َ ،
افل ،ألف ِ
استكما٥با ِم َن النو ِ أداء الفرائض،أو ز َاد بعد ِ
ائض ، ِ
استكماؿ الفر ِ افل إّّنا تكوف من بَػ ْع ِد النو َ
أمر ا﵁ُ هبا ، ِ ِ
ائض جاريةٌ ُب أعماؿ الرب الٍّب َ والفر ُ
افل كذلك ىي جاريةٌ ُب سائ ِر الطاعات الٍب ندب والنو ُ
ِ
ا٢بديث : ا﵁ إليها ،ورغب فيها رسولَو .وقولُو ُب ىذا
٠بعو إذل آخر ىذا الوصف ،معناه :کنت فكنت َ ُ
يسمع مأَْٜباً ،
يسمع بو أف َ ٠بعو الذي ُ حافظاً لو ،أَٞبي َ
بطش هبا ، ويده الٍب ي ِبصره الذي يُبصر بوَ ،
َ وكذلك َ
ورجلَو الٍب ديشي هبا ،فال يستعمل أشياء من ىذه
ا١بوارِح ُب مأْ ٍَب ،وال يصل إليو مكروه ،مع ا٢بفظ الذي
استَأْ َىلَو بَػتَقربِِو ذلك .
64
ا٤بؤمن
ُ اقتصر عليو َ ف ما إذا ص َشرحت لك َو ْ
ُ فقد
كاف بو من الصا٢بْب ،وما إذا ز َاد منو زاده ِرفْػ َعةً وقُرباً ،
وعز ( :وما أُِمروا إال جل ّ كماؿ ذلك كلو ُب قوؿ ا﵁ ّ و ُ
ين ُحنَفاءَ ،ويُقيموا الصالة د
ّ ال لو ٨بلصْب ا﵁ ا
و د عبيلِ
َ َُ
ِ (ٔ)
جل ( :ّ و عز
ّ وقاؿ ، دين ال َقي َمة)
ويُؤتوا الزكا َة وذلك ُ
حسنَة نَِزْد لو فيها ُحسنا ،إف ا﵁َ ٌ
غفور ومن يَ َِ
ؼ َ قَب ْ
عهد صاحبُها فيو على ما ِ
األعماؿ أحسن و . (ٕ)
شكور)
َ ُ
السالـ
ؤديَوُ ،وىو كأنو يراه ،كما بيػنَوُ الرسوؿ عليو ّ أف يُ ّ
يل -عليو رب ج ،وجرى فيما بْب عليو السالـ ،أف ِ
َ ّ َ
الساعة
السالـ -جاء يُعلم النّاس دينَهم ،قولو ( :مٌب ّ
بأعلم ِمن
َ ؟ وقوؿ الرسوؿ عليو السالـ ما ا٤بسئوؿ
هن ّإال ا﵁) ٍ ،ب ائل ،إذل قولو ُ :ب ٍ
ٟبس ال يَػ ْعلَ ُم ّ الس ِ
ّ
) - (0سورة البينة ،رقم اآلية (٘) .
65
الساعة ...اآلية) علم ّ تال عليو السالـ ( :إف ا﵁ عنده ُ
ُ ...خيِربُىم رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -أف
ا٣بمس ال يعلم أح ٌد ما فِيهن إال ا﵁ ،كما قاؿ َ ىذه
ات و ِ
األرض عز وجل ( :قل ال يعلم من ُب السمو ِ
ّ ُ َْ ْ ّ ّ
الغيب الوعندهُ َمفاتِح ِ َ ( : وقاؿ ، (ٔ)
الغيب ّإال ا﵁ُ )
ُ َ
(ٕ)
يَعلمها ّإال ىو)
أظهره ا﵁ُ إليهم بعد ظهوِره يعلم ا٣بَْل ُق منها ما َ وإّنا ُ
علمت ما ليس َ عند الُمشاىدة ٢بلوؿ ذلك ،أي فقد
لكم أف تَػتَكلّفوا السؤ َاؿ عنو .و للس ِ
اعة أشرا ٌط قَػْبػلَها
وجل عز ا﵁ فإف ، ا
و ر ذ
َ احو ا
و ل ِ
فاستد تدؿ على قُػْرِهبا،
ّ ّ ُ
السموات ت ُب ّ يقوؿ (:ال جيليها لوقتها ّإال ىو ،ثَػ ُقلَ ْ
66
واألرض ال تأتيكم ّإال بغتةً )(ٔ) ،وُب آية أخرى ( :يَػ ْوَـ
ك َال يَن َف ُع نَػ ْف ًسا إِديَانػُ َها َدلْ تَ ُك ْن ِ
ض آيَات َرب َ يَأٌِْب بَػ ْع ُ
ت ُِب إِديَ ِاهنَا َخْيػًرا)(ٕ) ،وجاء ُب آمنَ ِ
ت من قَػْب ُل أ َْو َك َسبَ ْ َ ْ
الصحيح قاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم : -
مس ِمن َمغ ِرهبا ،فإذا الساعة حٌب تطلع الش ُ (ال تقوـ ّ
ْب ال ِ
طلعت و رآىا النّاس آمنوا أٝبعوف ،وذلك ح َ ْ
نفع نفساً إديا ُهنا (ٖ) ٍ ،بّ قرأ اآلية . يَ ُ
67
فضائل القرآن ,ِ عما جاء في وذکر سؤالِ
ّ
صحب بو القرآ ُف ، ي وما موّل وع مو ل
ّ عت
َ نم وما لِ
ُ ُ ُ ُ َْ
نسيَو ،وما لِ َمن
حاملو ،ومن ضيعو حٌب ِ
ّ َْ َ
وعن آداب ِ
علّمو و َلده ،وىل ذلك ُب الصغّب واجب على ِ
أبيو أو ٌ ّ
على غ ِّبه َ ،
ومن يعلّم اإلناث .
ٍ
بشيء من قاؿ أبو ا٢بسن ّ :أما ُسؤالك أف نبدأ لك
فضل القرآف ،معرفتُك أف فضائل القرآف فيكفيك من ِ
ا﵁ غّب ٍ
٨بلوؽ ٍ ،ب ا﵁ عز وجل ،وكالـ ِ القرآف كالـ ِ
ُ ُ ّ ّ ُ
ثناء ا﵁ على ىذا القرآف ُب غّب موضع منو .قاؿ ا﵁
عز وجل ( :ا﵁ نَػزَؿ أحسن ا٢بديث كِتاباً م ِ
تشاهباً ُ َ ّ ّ
لْب
جلود الذين َخيْ َش ْو َف َرهبم ٍب تَ ُ
ُ َمثاينَ تَػ ْقشعر منو
وقلوهبم إذل ذك ِر ا﵁ ،ذلك ُى َدى ا﵁ يَهدي
جلودىم ُ ُ
68
69
ىاد)(ٔ) وقولو ضلِ ِل ا﵁ فمالو من ٍ بو َمن يشاء ومن يَ ْ
ُ
آيات الكتاب ا٤ببْب﴿ٔ﴾ إنّا أَنزلناه تعاذل (:الر .تلك ُ
أحسن
َ قرآناً عربياً لعلكم تعقلوف﴿ٕ﴾ ٫بن نَػ ُقص عليك
أوحْينا إليك ىذا القرآف وإف كنت من قَػْبلِ ِو القصص ٗبا َ
ب ير ال الكتاب ذلك ﴾ ٔ ﴿ دلأ ( (ٕ)
) ﴾ ٖ ﴿ْبلَ ِمن الغافِلِ
َ َ ْ ُ َ
اب أُنْ ِزَؿ ِ
للمتقْب﴿ٕ﴾ ) (ا٤بص ﴿ٔ﴾ كتَ ٌ فيو ُى ْدى ُ
(ٖ)
ص ْد ِرَؾ َحَر ٌج ِمْنوُ لِتُػْن ِذ َر بِِو َوِذ ْكَرى ك فَ َال يَ ُك ْن ُِب َإِلَْي َ
كل ما جرى ُب أوائل السور من و ، ْب ﴿ٕ﴾ ) ِ ِِ
لْل ُم ْؤمن َ
(ٗ)
ّ
يف للمؤمنْب تعظيم للقرآف ،وتعر ٌ ٌ ىذا ،من ىذا ،فهو
)- (0سورة الزمر ،اآلية رقم (ٖٕ) .
71
ِ
اس قَ ْد وجل ( :يَا أَيػ َها الن ُ عز ّ بَِفضلو ،وكذلك قولُو ّ
َنزلْنَا إِلَْي ُك ْم نُ ًورا مبِينًا)(ٔ) وقولو
َجاءَ ُكم بػُْرَىا ٌف من رب ُك ْم َوأ َ
تعاذل (:قَ ْد جاء ُكم من الل ِو نُ ِ
ْب ﴿٘ٔ﴾ اب مبِ ٌ
ور َوكتَ ٌ ٌ ََ َ
ِ
ض َوانَوُ ُسبُ َل الس َالِـ َوُخيْ ِر ُج ُهميَػ ْهدي بِِو اللوُ َم ِن اتػبَ َع ِر ْ
ات إِ َذل النوِر بِِإ ْذنِِو ويػه ِدي ِهم إِ َ ٰذل ِصر ٍ
اط من الظلُم ِ
َ ََ ْ ْ َ َ
م ْستَ ِقي ٍم﴿ )ٕ()﴾ٔٙوقولُو سبحانَو لِنَبِيّو صلّى ا﵁ عليو
ْب اب بِ ْ وسلّم (:وأَنزلْنَا إِلَي َ ِ
صدقًا ل َما بَػ ْ َ ا٢بَق ُم َ ك الْكتَ َ ََ ْ
تاب ِ ِ (ٖ) ِ ي َديْ ِو ِمن الْ ِكتَ ِ
اب َوُم َهْيمنًا َعلَْيو) (وإنو لك ٌ َ َ
الباطل ِمن بْب يديْو وال ِمن َخْل ِفو ُ
عزيز﴿ٔٗ﴾ال ِ
يأتيو
ٞبيد﴿ٕٗ﴾)(ٗ) ( ،إِف َٰى َذا الْ ُقْرآ َف تنزيل من حكيم ٍ
ٌ
) - (0سورة النساء ،رقم اآلية (ٗ. )ٔٚ
70
ين يَػ ْع َملُو َف يػه ِدي لِل ٍِب ِىي أَقْػوـ ويػبشر الْمؤِمنِ ِ
ْب الذ َ َ َ ُ َ َُ ُ ُ ْ َ َْ
ين َال ِ ات أَف َ٥بُم أ ْ ِ ا٢ب ِِ
َجًرا َكب ًّبا كبّباً﴿َ ﴾ٜوأَف الذ َ ْ الص َ
يما ﴿ٓٔ﴾)(ٔ) ( َو َٰى َذا يػؤِمنو َف بِ ْاآل ِخرِة أَعت ْدنَا َ٥بم ع َذابا أَلِ
َ َْ ُ ْ َ ً ً ُْ ُ
َنزلْنَاهُ ُمبَ َارٌؾ فَاتبِعُوهُ َواتػ ُقوا لَ َعل ُك ْم تُػْر َٞبُو َف)(ٕ).
أ اب ت
َ كِ
َ ٌ
معروؼ تَػتَب ُع ذك ِره ُب ِ ِ
ٌ وم ْن ىذا ا٤بعُب ُب القرآف كثّبٌ
ْب ُب القرآف ،يُغُب ىذا الكتاب يُطيلُو ،وىو شيء بَػ ٌ
ا٢بمد ﵁ رب العا٤بْب. عن ُك ّل كتاب ،و ُ
الفضلِ ،
ففيو ِ وأما ما لِمن تَعلّمو أو علَّمو من ّ
حديث مشهور ومنشور ،وىو حديث س ٍ
عد ب ِن عُبَػْيد َة ٌ
ُ َ ٌ
،عن أيب عبد الرٞبن السلَمي ،عن عثماف رضي ا﵁
النيب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -قاؿ (:خّبُكم عنو ،عن ّ
72
الرٞبن ُب
ّ عبد أبو أ
ر أق
و قاؿ: ، (ٔ)
من تعلم القرآف وعلمو )
اج .قاؿ :وذاؾ الذي ا٢بج ُ
حٌب كاف ّ إمارة عثماف ّ
أَقْعدين َم ْقعدي ىذا .قاؿ أبو ا٢بسن ،قاؿ :فأبو عبد
القائل(:وذاؾ الذي أقعدنی مقعدي ىذا) ُ الرٞبن ىو
ّ
يب - يُريد أف حديث عثماف رضي ا﵁ عنو ،عن النّ ّ
صلّى ا﵁ عليو وسلّم ُ -ب فضل َمن تعلّم القرآف
أوعلمو ،ىو الذي أَقعده لِتعليم النّ ِ
اس القرآ َف يُق ِرئُهم
أخربنا عُبَػْي ُد
الرٞبن النسائي َ ، إياه .وقد قاؿ أبو عبد ّ
ا﵁ بن سعيد ،قاؿ :حدثنا َْحي َٓب عن ُشعبة وسفياف ،
سعد بن عُبيدة عن قاؿ :ح ّدثنا علقمةُ بن مرئَ ٍد ،عن ٍ
َْ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم - الرٞبن ،عن الن ّ
أيب عبد ّ
قاؿ شعبة ( :خّبُكم من تعلم القرآف أو علمو) .وقاؿ
ُسفياف :أفضلُكم من تعلم القرآف وعلمو .وقاؿ
ب الست ِة.
اب الْ ُكتُ ِ
َص َح ُ
ًٞبَد َوأ ْ
َ -رَواهُ أ ْ
)(0
73
النسائي أيضاً – أخربنا عبيد ا﵁ ابن سعيد ،عن عبد
الرٞبن ،قاؿ حدثِب عبد الرٞبن بن بُ َديْل بن َمْي َسرَة ،
أنس بن مالك قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عن ٍ
لْب من َخْل ِقو ،قالوا :من عليو وسلّم ( : -إِف ﵁ أَ ْى َ
رسوؿ ا﵁ ؟ .قاؿ :أىل القرآف ىم أىل ا﵁ِ ىم يا َ
ُْ ُ ُ
أىل القرآف ، ب ِ وخاصتُو)(ٔ) .وقد بْب ا﵁ سبحانَو مراتِ
َ َ ُ ُ
ين وذلك قولُو عز وجل ٍُ ( :ب أَورثْػنا الْ ِكتاب ال ِ
ذ
َ َ َ َْ َ ّ ّ
اصطَفيػنا ِمن ِعب ِادنا فَ ِمنػهم ظَ ِ
ادل لنَػ ْف ِس ِو وِمْنػهم م ْقتَ ِ
ص ٌد َ ُ ٌ ْ ََْ ْ َ َ ْ ُ ْ
ِ وِمْنػهم سابِق بِ ْ ِ
ض ُل
ك ُى َو الْ َف ْ ا٣بَْيػَرات بِِإ ْذ ِف الل ِو َٰذل َ َ ُْ َ ٌ
دف يَدخلوهنا ...إذل قولو ال الْ َكبِّب﴿ٕٖ﴾ .جنّات ع ٍ
ُ َ ُ
لغوب﴿ٖ٘﴾)(ٕ). ب وال َديسنا فيها ٌ صٌ َديَسنا فيها نَ َ
74
وُب الصحيح من حديث سعيد ،عن قَتادة ،عن
يب -صلّى ا﵁ عليو أنَس ،عن أيب ُموسى ،عن الن ّ
ويعمل بو
ُ ا٤بؤمن الذي يَقرأ القرآف وسلّم -قاؿُ ( :
ب،وا٤بؤمن الذي ال يقرأ طي ها ورحي ها طعم َكاألُتْػرْ٪ب ِ
ة
ُ ٌّ ُ َُ
يح ٥با.ب وال ر َ طعمها طي ٌ القرآف ويعمل بو كالثمرة ُ
ب، ِ
ومثَ ُل ا٤بُنافق الذي يقرأ القرآف ،كالرْحيانة رحيُها طيّ ٌ َ
ومثَ ُل ا٤بنافق الذي ال يقرأ القرآف ، َ وطعمها ُمر.ُ
ُ كا٢بْنظَ ِ
خبيث ،ورحيُها ُمر)(ٔ) .وُب ٌ طعمها ُمر أوُ لة َ
الصحيح ِمن حديث أيب ُىريرة أف رسوؿ ا﵁ -صلّى
ْب ٍ :
رجل ا﵁ عليو وسلّم -قاؿ (:ال َحس َد ّإال ُب اثْػنَتَػ ْ ِ
َ
علّموُ ا﵁ القرآف فهو يَػْتلوه آناءَ الّليل وآناء النهار ،
ثل ما أُوٌبَ فال ٌف ، م فس ِمعو جار لو فقاؿ :لَيتِب أُوتيت ِ
ُ َ ْ َ َ ٌ
ورجل آتاه ا﵁ ماالً فهو يُهلِكو مثل ما يعمل ؛ ٍ فعملت َ
) - (0اخرجو االماـ ٖباري و مسلم ُب صحيحهما .
75
مثل ما أُوٌبَ رجل :لَيتُب أُوتيت َ ا٢بق ،فقاؿ ٌ ُب ّ
فعملت مثل ما يَعمل)(ٔ) .وقد بَػْب ا﵁ُ ُسبحانو ُب كتابو
ين ذوصف قار ِئ القرآف ،وذلك قولُو عز وجل ( :إِف ال ِ
َ ّ ّ َ
اى ْم ِسًّرا ِ ِ يػْتػلُو َف كِ
اب اللو َوأَقَ ُاموا الص َال َة َوأَن َف ُقوا ٩با َرَزقْػنَ ُ َ ت
َ َ
ُج َورُى ْم أ م ه ػ ي ػ فو ػ يوع َالنِيةً يػرجو َف ِ٘بارًة لن تَػبور﴿ ﴾ٕٜلِ
َُ َ ُ ْ ُ َُ َ َ َ َْ ُ َ َ
ور ﴿ٖٓ﴾ َوال ِذي ور َش ُك ٌ
يد ُىم من فَ ْ ِ ِ ِ
ضلو إنوۥُ َغ ُف ٌ َويَِز َ
ْب يَ َديْ ِو
صدقًا ل َما بَػ ْ َ ا٢بَق ُم َ
اب ُى َو ْ ك ِمن الْ ِكتَ ِ ِ
أ َْو َحْيػنَا إلَْي َ َ
صّبٌ﴿ٖٔ﴾)(ٕ) . إِف اللو بِعِب ِاد ِه َ٣بَبِّب ب ِ
ٌَ َ َ
نت لك ما جاء ُب ِ
فضل َمن قاؿ أبو ا٢بسن :فقد بي ُ
ِ
حامل نت لك من و ِ
صف وعل َموُ ،وبَػي ُ
تَػ َعلم القرآف َ
َ
صحب بو القرآ ُف ِ
عما يُ َ
ّ لكؤ سُ عن كفيك ي
َ ما القرآف
76
وجل ، وعن ِ ِ
عز ّ آداب حاملو ،كل ذلك من كتاب ا﵁ ّ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -تسلياً .
وما جاء عن الن ّ
ثم ضيَّعو حتّى نَ ِسيو عمن تعلَّ َم القرآن َّ وأما سؤالك َّ ّ
،فإ ْف كاف تضييعُوُ إياه َ ،زىاد ًة فيو -ليس بِ ٍ
غالب عليو
عملُو يَقوـ لو بو عُ ْذٌر -فهو الذي أخشى عليو ِم ْن
شیء قد جاء فيمن تعلم القرآف ٍب نسيو ،فهي نِعمةٌ
يم ْن تَػ َعم َد الت َشاغُ َل بو عنو .َك َفرىا .وإّّنا يكوف ذلك فِ
َ
هاء ،كاففَإ ْف كاف تشاغلُو عنو بعمل من أعماؿ الس َف ِ
77
ت لو عُ ُقوبتُوُ بأَ ْف َ
نسي القرآف بعدما ذنْباً منو عُجلَ ْ
حفظو .
يب
إف ُب الصحيح من حديث َ٠بَُرَة بن ُجْن ُدب عن الن ّ
-صلّى ا﵁ عليو وسلّم -أنو قاؿ ٥بم ذات َغ َداة :
أتاين الليلة اثْناف ،وإهنما ابْػتَػ َعثاين ،وإهنما قاال رل:
قت معهما ،وإنّا أتينا على رجل ِ
وإين انْطَلَ ُ انْطَل ْق ّ ،
قائم عليو بصخرة ،وإذا ىو يَهوي آخر وإذا ، ع
ٍ م ِ
ضطج
ُ ٌ ُ
ا٢بجر َى ُهنا ىذا هدَ ى د
َ ت
َ في ، و أسر غُلػْث في و بالصخرة لِر ِ
أس
ُ ْ
َ َ ُ َ َ
أسوحٌب يصح ر ُ ،فيتبع ا٢بجر فيأخذه ،فال يرجع إليو ّ
ثل ما فعل ا٤برَة كما كافٍُ ،ب يعود عليو ،فيفعل بو ِ
م
َ ُ
قلت ٥بما ُسبحاف ا﵁ ما ىذا ؟ ،قاؿ : األوذل ،قاؿُ :
قاال رل انْطَلِ ْق ،وذكر ا٢بديث إذل قولو :فقلت ٥بما
ليلة َع َجباً فما ىذا الذي رأيت؟ قاؿ :فإين رأيت منذ ال ِ
ّ ُ
الرجل األَو ُؿ الذي أتيت عليو قاال رل :إنا َسنُخربؾّ :أما ّ
78
الرجل يأخذ القرآف فّبفضو،
أسو با٢بجر ،فإنو ّ يثلغ ر ُ
ويناـ عن الصالة ا٤بكتوبة(ٔ).
قاؿ أبو ا٢بسن :ولقد أُمر من نسي شيئاً من القرآف
الصحيح من حديث ِ
أ ْف ال يقوؿ نَسيُتُو ،كما ُب ّ
عبد ا﵁ ، سفياف ،عن منصور ،عن أيب وائل ،عن ِ
ُ
قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم – ما
بل ىو نُس َي. ، كيتو كيت آية سيت ن
َ : يقوؿ ىم ألَح ِ
د
ْ ُ َ
ومن حديث ُشعبة وغّبه عن منصور ،عن أيب وائل ،
عن عبد ا﵁ ،قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو
كيت ِ وسلّم( : -بِ
يت آية ْ س ما ألحدىم أف يقوؿ نَس ُ َ ئ
ْ
صياً
كيت بل نُس َي .واستذكروا القرآف ،فإنو أشد تَػ َف ّ و ْ
الرجاؿ ِمن النعم)(ٕ). من صدور ّ
) - (0صحيح البخاري.
79
قاؿ أبو ا٢بسن :فانْظُْر كيف عاب عليو السالـ على
كيت وكيت .وقاؿ عليو ِ
سيت آيةَ ْ أحدىم أف يقوؿ نَ ُ
سي،
السالـ (بل ىو نُس َي) ،معناه أف ا﵁َ أنساهُ ما نَ َ
سي منو
حٌب نَ َ
العبد فيما يشغلَو عن القرآف ّ فه ُهنا يَنظُر ُ
فيحسن
ُ عذر أـ العذر لو، ىل لو ُب ذلك ٌ ما نسيْ ،
ذر لو فيو. ِ
اإلنابةُ إذل ربو ٩با ال عُ َ
نس ٰى﴿﴾ٙ ت ال ف ك ئ
رعز وجل لِنَبيّ ِوَ ( :سنُػ ْق ِ
َ َ َ َ َ ُ وقد قاؿ ا﵁ ّ ّ
ا١بَ ْهَر َوَما َخيْ َف ٰى﴿ .)ٔ()﴾ٚوقدإِال َما َشاءَ اللوُ إِنوُ يَػ ْعلَ ُم ْ
صى الرسوؿ عليو السالـ أىل القرآف با٤بػُحافظة على َو ّ
صدور الرجاؿ أخربىم أنو أشد تفصياً من ُ ِ ِ
استذكاره ،و َ
يب -صلّى ا﵁ ِ
من النعم .وُب حديث أيب ُموسى عن الن ّ
عليو وسلّم -قاؿ( :تَعاىدوا القرآف فَػوالذي نفسي ِ
بيده َ َ
81
ابن عمر ِ
َ٥بو أشد تَػ َفصياً من اإلبل ُب عُ ُقلها) .وأما ُ
فذكر من حديث مالك وغّبه أف رسوؿ ا﵁ -صلى ا﵁
كمثَ ِل ِ
عليو وسلّم -قاؿ :إّنا َمثَ ُل صاحب القرآف َ
مس َكها ،وإ ْف َ
أ عليها عاىد
َ فْ إ ، صاحب اإلبل ا٤بعق ِ
لة
َ َُ
اإلبل ا٤ب َعق ِلة ،إ ْف
صاحب ِ َ أف م
ْ ل
َ اع
ْ و . (ٔ)
ذىبت)
ْ أطْلَقها
ُ تعمد إطْالقَها إطالقاً يػْتلِ
هي الذي َ الن كب ت
َار
ْ و فإن ، هافُ ُ َ
إضاع ِة
السالـ ،أنو نَػ َهى عن َ جاء عن رسوؿ ا﵁ عليو ّ
ا٤باؿ؛ وإ ْف أَطْلَ َقها ُبعذر ُجييز لو إطْالقَها خلص من
صاحب القرآف إ ْف َ فمثل ركوب النهي ،وفَػ َقد نفعهاَ .
بصاحب ىذه ِ
اإلبل. ِ استِ ْذكا ِره
عاى َد ْ
َترؾ تَ ُ
أخربنا : قاؿ ، وقَ ْد قاؿ النسائي :أخربنا قُػتػيبةُ بن ٍ
سعيد
َ َ َْ ُ
عقوب عن موسى بن عُقبةَ ،عن ناف ٍع ،عن اب ِن عُ َم ٍر، يَ ُ
80
أف رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -قاؿ( :إّنا َمثَ ُل
ِ
أصحاهبا على ُ القرآف َك َمثَ ِل اإلبل ا٤بَُعقلَة ،إذا َ
عاى َد
صاحب قاـ وإذا ، ذىبت لها فَ غ
ْ َ
أ وإذا ، هاكَ س أم هاع ْقلِ
ُ ْ َ ْ َ
ذكره ،وإذا دل يَػ ْقَرأه نَ ِسيَوُ).
ليل والنهار َ القرآف فقرأهُ بال ِ
ا٢بديث كيف ِ قاؿ أبو ا٢بسن :قد بػُْب ُب ىذا
ا٤بعاىدةُ الٌب يثبت هبا حفظ القرآف ويقوى على ا٢بفظ
عبد ا﵁ أخربنا ُ حٌب ال يتلعثم فيو .وقد قاؿ النسائيَ : ّ
شاـ قاؿ حدثِب أيب بن سعيد قاؿ :حدثنا معاذُ بن ِى ٍ
ُ
ىشاـ ،عن سعد ب ِن ٍ عن قَتاد َة ،عن زرارة ب ِن أَو ََب ،عن ِ
ْ َُ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -قاؿَ :مثَ ُل عائشةَ ،عن الن ّ
ماىر بو مع الس َفَرِة الكراـ البَػَرَرِة، الذي يقرأُ القرآف وىو ٌ
والذي يَػ ْقَرُؤهُ وىو عليو شاؽ فلَوُ أجراف.
تيلو ،قاؿ ا﵁ قاؿ أبو ا٢بسن :وا٤باىر بالقرآف يؤمر بِتَػر ِ
ُ ُ ْ ُ
يل إال قليال ...إذل ِ
وجل( :يا أيّها ا٤بزم ُل قُم الل َ عز ّ ّ
82
ِ
ك قَػ ْوًال قولو :ورت ِل القرآ َف تَرتيال ،إِنا َسنُػْلقي َعلَْي َ
ِ ثَِق ًيال﴿٘﴾ ،إِف نَ ِ
اشئَةَ اللْي ِل ى َي أ َ
َشد َوطْئًا َوأَقْػ َوُـ
قِ ًيال﴿ .)ٔ()﴾ٙقيل معُب ىذا أشد وطأً ،أي ُمواطأة
للقرآف بسمعك و بصرؾ ،أي فهمك ،فالقراءةُ على
أقوـ قِيال. ِ
ىذه الصفة ُ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ ت حفصةُ أـ ا٤بؤمنْب عن ِ
ذَ َكَر ْ َ
حٌب تكوف
السورَة فيُػَرتلها ّ
عليو وسلّم -أنو كاف يقرأ ّ
إسحاؽ
ُ أخربنا
أطوؿ من أطوؿ منها .وقاؿ النسائيَ : َ
عبد الرٞبن عن ُسفياف ،عن أخربنا ُ ٍ
ابن منصور ،قاؿَ :
عاص ٍم ،عن أيب َذ ّر عن عبد ا﵁ بن عمر ،قاؿ رسوؿ
ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم( : -يقاؿ لصاحب القرآف
83
اقرأْ و ْارتَ ِق َورتّ ْل كما َ
كنت تُرتل ُب ال ّدنيا فإف منزلَك عند
قرؤىا).
آية تَ ُآخ ِر ٍ
الفهم
َ تيل ُب القراءة ُحيِٓب قاؿ أبو ا٢بسن :إف الَب َ
فيستعْب بو على الت َدب ِر الذي لو أُنْ ِزَؿ القرآ ُف، ، ِ
للعادل
ُ
َنزلْنَاهُ إِلَْي َ
ك ُمبَ َارٌؾ ليَدبػُروا ِ
اب أ َ
وجل( :كتَ ٌ عز ّ قاؿ ا﵁ ّ
أىل حفظ القرآف و . ِ (ٔ)
) اب بْلَاأل
ْ ول
ُوُ
أ ركذَ ت يآياتِِو ولِ
ُ َ َ َ َََ
أيضاً ،فيختلفوف ُب ال ُقوة على در ِ
استو. ّ
شعري :كيف تقرأ قاؿ ُمعاذ بن َجبَ ٍل أليب ُموسى األَ َ
ِ
القرآف؟ قاؿ :قائماً وقاعدا ،وعلى راحلٍَب ،وأَتَػ َفوقُوُ
ب نَػ ْوَمٍب كما تَفوقا .قاؿ :أما أنا فأناـ وأقوـ و ِ
أحتس
ُ ُ ّ
نفسو ٗبا احد منهما عن ِ أحتسب قَػومٍب .فأَخرب كل و ٍ
َ َْ
يطيق.
84
وأما سؤالك عن الماشي ىل يقرأ القرآن ,أو ّ
الواقف أو من في السوق ,أو من في ُ اكب ,أوالر ُ َّ
ؼ ُبالة ،فإف ىذا للمتصر ِ الص ِ
الح ّم ِام ,تُريد في غي ِر َّ
ُ ّ َ
ا٢بضر، حاجاتِو ُب األَسواؽ وغّب ذلك من أ ِزق ِ
ة
َ
مالك من ذلك صْنػ َعتِو ،فلم يَستحب ٌ الصان ِع على َ و ّ
شيئا .وإّنا خيفف من ذلك ما كاف من فاعلِو من وجو
فأما ما كاف . استو
ر بد وَظ حف ا
و ق
ُ ػيالتحفيظ للمتعلّمْب لِ
ّ َ ُ
مالك فإّنا يقرأ القرآف ُب ٌ على وجو التبَػرِز ،قاؿ
ا٤بساجد ،وُب الصالة ،وعلى حاؿ التفرِد بقراءتو ،أو ُب
فيقرؤه ماشياً وراكباً ُب سفرهّ ،إال أنّو إ ْف َمر الس َفرُ ،
الراكب ،ولكن ينزؿ هبا م قُ ػ ي دل ، بسج َد ِة تَِال ٍ
وة
ّ َ َْ
وقت َجيوز أف فيسجدىا إذا كاف على طهارة ،وُب ٍ
85
صُر ُب مثلِويسجد فيو ،إال أف يكوف ُب س َفر تُػ ْق َ
ا٢بم ُاـ، ِ
اكب بسجودىا إدياءً .و ّأما ّ الصالةُ ،فيُومئ الر ُ
ا٢بم ِاـ،
جل القرآ َف إف شاءَ ُب ّ الر ُ
فقاؿ مالك :يقرأ ّ
بيت من البيوت ،وذُ ِكر عنو اإلباءُ منو ُب ا٢بم ُاـ ٌو ّ
ا٢بم ِاـ.
ّ
ىل على ا٤بعلم أو ا٤بتعلم إذا قرءوا سجد ًة وأما قولُك ْ
ف مرة ،فقد خ ّف َ ِ
مرة أو ُب ّأوؿ ّ كل ّسجدوا ُب ّ أف يَ ُ
مالك عنهما ،واستحب ٥بما أيضاً أف يسجدا ُب ّأوؿ ٌ
السجدةُ َبعْينِها .و ّأما ا٤بعلّم فيكثُر ذلك ِ
تكررت ّ مرة إذا ّ
فأكثر القوؿ ، ابز األح ِ
أصحاب عليو على ق ْد ِر كثّبة
ُ
فحس ٌن. سج َد ُب أوؿ ٍ
مرة َ ّ خفيف عنو من ذلك ،فإ ْف َ الت ُ
ٍ
بسجدة مالك :ولو كاف على من تعلم إذا مر ولقد قاؿ ٌ
يسج ُد لَسج َد الرجل سجوداً كثّبا ،فليس التعليم ِ
كغّبه. ُ ُ ُ َْ ُ َ َ
86
نت لك عن مسائلِك
قاؿ أبو ا٢بسن :فافْػ َه ْم ،فقد بي ُ
ت ُب ىذا ا٤بعُب بياناً حسنا.جر ْ
الٍب َ
ّ
87
أحسن القوؿ ،مع سائر ما جاء ُب ُ ْب أف القرآ َف
يػُبَػ ُ
القرآف من حسن الثناء على القرآف وما لقا ِرئِِو فيو من
اتساع الفوائد .و ّأما ال ّذكر خّبٌ من الصدقة ،ففي
رسوؿ ا﵁ِالصحيح من حديث أيب ُىَريْػَرَة ،قالوا :يا َ
رجات والنعي ِم ا٤بقيم ،قاؿ (:كيفذىب أىل الدثوِر بالد ِ
ُ ُ
جاى ْدنا،
صلينا ،وجاىدوا كما َ صلّوا كما َ ذاؾ؟) قاؿَ :
ليست لنا أمو ٌاؿ .قاؿ( :أفال
وأن َفقوا من فُضوؿ أموا٥بم و ْ
أُ ْخِربُُك ْم بأم ٍر تُد ِركوف َمن كاف قبلَكم وتسبقوف من جاء
ئتم بو ّإال َمن جاء جبػع َدكم ،وال يأٌب أح ٌد ٗبِِ ِثل ما ِ
ْ َْ
وٙبمدوف عشراً، ٗبِِثْلِ ِو :تُسبحوف ُب دب ِر كل ٍ
صالة عشراً َ ُُ َ
وتُكربوف عشراً )(ٔ).
88
ِ
ورث
وجل يُ ُ
عز ّ قباؿ على ذك ِر ا﵁ ّ
قاؿ أبو ا٢بسن :ا ِإل ُ
ذكار ِ ِ القلوب ا ِإل ْش َ
فاؽ من خشيَة ا﵁ ،ويُدخلها الت َ َ
ستلْب لَِرهبا وتَػتَضرعُ.
لعظمة ا﵁ ،فهي مع ذلك تَ ُ
ِ ِ
﵁ جل والصدقةُ عطاء يفعلو ا٤برء -إذا كاف متَطَوعاً ِ -
ُ ّ ٌ ُ
صحتو لو ِعلماً ،مع ما يدخل ُب ِ
وعز ،ال يكاد ُحييط ب َ ّ
وذكر ا﵁ ِح ٌرز
أعلمُ . ذلك من وسواس الشيطاف ،وا﵁ ُ
حاؿ،أوذل على كل ٍ يطاف ،وحسن الظن ِ
با﵁ َ من الش ِ
ُ ْ ُ
وا﵁ُ ورل التَوفيق.
فيكفيك
َ عما لِ َم ْن علَّم القرآن لَِولَ ِده,
وأما سؤالك ّ
ّ
الرسوؿ عليو السالـ :خّبُكم من تعلم القرآف قوؿ ّ
منو ُ
وعلمو.
89
ِ
الفضل .فإ ْف داخل ُب ذلك ِ ِ
والذي يعلم القرآ َف ل َولَده ٌ
يستأجر لو من و لكنو ، و قلت :إنو ال يلي تعليمو بِنَ ِ
فس
ُ َ َ َ
يُعلمو ،فاعلَم أنو ىو الذي َيعلم و َلده ،إذا أنفق مالَو
عليو ُب تعلِيمو القرآ َف ،فلعلو أف يكو َف ٗبا عل َمو من
ا﵁ تعاذل ،وتكوف بإذف ِ
ذلكِ ،من السابقْب با٣بَّبات ِ
لده القرآ َف. ىذه الدرجةُ ىي نِية ىذا الوالد ُب تعليم و ِ
وما زاؿ ا٤بسلموف وىم يَرغبوف ُب تعليم أوالدىم القرآف،
أطفاؿ ال ديلكوف وهنم وىم ٌ وهنم ،وبو يَػْبتَ ُد َ
وعلى ذلك يػَُرب َ
ضراً ،وال يعلموف ّإال ما علمهم ألن ُفسهم نفعاً وال ّ
ىشاـ ،عن حديث ٍ ِ آباؤُىم .فقد جاء ُب الصحيح ،من ُ
اسَٝ :بَ ْعنَاأيب بِ ْش ٍر ،عن َسعيد بن ُجبَ ٍّب ،عن اب ِن عبّ ٍ
ا٤ب ْح َك َم ُب عهد رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم، -
ُ
فقلت لو :وما ا٤ب ْح َك ُم؟ قاؿ :ا٤ب َفص َل .وُب حديث
(ٔ)
ُ
)- (0صحيح البخاري .
91
أيب عوانةَ ،عن أيب بِشر ،عن ٍ
سعيد بن ُجبَػ ٍّْب :أف الذي ُ
توُب
حكم .وقاؿ ابن عبّاسّ : تَ ْدعُونَو ا٤ب َفص َل ىو ا٤بُ ُ
ابن عش ِررسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -وأنا ُ
أت ا٤بح َك َم .وقد قاؿ أبو موسی :قاؿ ُ ْب وقد قر سن ٍ
ُ
رجل كانت رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم( : -أديا ٍ
فأحسن
َ تعليمها ،وأدهبا
عنده وليدةٌ فعلمها فأحسن َ َ
رجل من أجراف ،وأديا ٍوتزوجها فَػلَو َ
أعتَػ َقها َ
تأديبَهاٍ ،ب ْ
وآمن يب ،فلَوُ أجراف ،وأديا ِ ِ
آمن بنَبيّوَ ،
أىل الكتاب َ
٩بلوؾ أدى حق َموالِيو ،وحق ربو ،فلَوُ أجراف)(ٔ) .فإذا ٍ
تعليمها ،وصنَع فيها ما ِ
كاف ل َمن علم وليد ًة فأحسن َ
قاؿ ُب ىذا ا٢بديث يكوف لو أجراف ،فالذي يُعلم ولَ َده
تعليمو ،ويُؤدبُو فيحسن تأديبَو ،فقد عمل ُب ن في ِ
حس
َ ُ
تضعيف األج ِر فيو،ِ ولده عمال حسنا ،يرجى لو من
) - (0صحيح البخاري .
90
يقرض ا﵁َ قَػْرضاً
ُ وجل( :من ذا الذي عز ّ كما قاؿ ا﵁ ّ
ضاع ْفو لو أضعافا كثّبًة)(ٔ) .وقد جاء أف رسوؿ حسنا في ِ
َ ُ
ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -مر بامر ٍأة ُب َِ٧بفتِها،
صيب معها ض ِد ِ ت َبع ُ
فقيل ٥با :ىذا رسوؿ ا﵁ ،فأخ َذ ْ
ّ
وقالت :أ٥بذا حج؟ فقاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو
أجر ِ ِ
أجر) ،فهل يكوف ٥بذه ا٤برأة ٌ وسلّم( : -نعم ولك ٌ
ضَرتْوُ ذلك صبيها حجّ ،إال من ِ ِ
أح َأجل أهنا ْ فما ىو ل َ
القياـ بو فيو .وإّنا لو من ذلك ا٢بج َبركةُ ت يا٢بج وولِ
َ َ َ
ودعوةُ ا٤بسلمْب .والذي يَنالُو الصيب من ّب،ْا٣ب ِ
شهود
َ
أطوؿ ِغُب،علم يَبقي لَو ِٕب ْوِزِه ،وىو ُ ِِ
تعليمو القرآ َف ىو ٌ
بأكثر من ىذا. فيو طاؿ
َ ي أف ن م وأكثر نَػ َف َقةً .وىذا أبْب ِ
َ ُ ْ َُ ُ
رجل ِالب ِن َسحنوف رٞبةُ ا﵁ عليو٩ ،بن يطلب وقد قاؿ ٌ
العمل بنفسي ،وال أُشغِلو َ ابنو العلم عنده :إين أَتَػ َوذل
) - (0سورة البقرة ،رقم اآلية(ٕ٘ٗ).
92
ِ
أعظم
أجرؾ ُب ذلك ُ عما ىو فيو ،فقاؿ لو :أَ َعل ْم َ
ت أف َ
من ا٢بج والرباط وا١بِ ِ
هاد . ّ
93
يسجنَوُ ,أو يض ِربَو على ذلك أم ليس ذلك عليو ؟
وكيف إن كان ىذا في ٍ
بلد ال ُسلطا َن يُك ِرُىهم على
الم ْن َكرات ,فهل نُبيح ِ
الواجبات ,ويَـ ْنهاىم عن ُ
ين دينهم ,أن يقوموا ِ
لجماعة من المسلمين المرضي َ
مقام السلطان ,أم ليس يَجوز ذلك ؟
َ
( تم الجزء األول (
94
الجـزء الثان ـي
بسم اهلل الرحمن الرحيم
95
96
أفضل ،إذ ليس أحسن بو إذل ولده ا٤بػُحتاج إليو ما ىو ُ َ
ستعْب هبا فيَ ْستَغِب
فل يَ ُ يُش ِركو فيو غّبُه ،وال حيلةَ للط ِ
بنفسو فيها عن نظ ِر و ِ
الده لو فيها.
أوالدىم الصال َة، َ وقد أ ُِمَر ا٤بسلموف أف يعلموا
والوضوءَ ٥با ،ويُدربوىم عليها ،ويؤدبوىم هبا ليسكنوا
إليها ويألفوىا ،فَػتَ ِخف عليهم إذا انتَػ َه ْوا إذل ُوجوهبا
عليهم .وىم البُد ٥بم إذا علموىم الصال َة ،أَ ْف يعلّموىم
أمر ا٤بسلمْب من القرآف ما يَقرؤونَو فيها .وقد مضى ُ
توهنم با٤بعلّمْب، أوالدىم القرآ َف ،ويَأْ َ َ أهنم يعلموف
تنع منو وال ٌد لَِولَ ِده دي ال ا وجيتهدوف ُب ذلك ،وىذا ِ
٩ب
ُ َ ّ
نفسو ،فذلك ال وىو َجيد إليو سبيالّ ،إال مداركة شح ِ
(ٔ)
س الشح) ف
ُ ػْنَأل ا ُحضر ِ
ت حجةَ لو .قاؿ ا﵁ سبحانو(:وأ ِ
ُ َ ُ
) - (0سورة النساء ،اآلية رقم(.)ٕٔٛ
97
ك ُى ُم وؽ ُشح نَػ ْف ِس ِو فَأُوٰلَئِ َ وقاؿ تعاذلَ (:وَمن يُ َ
الْ ُم ْفلِ ُحو َف)(ٔ) .وال يدعُ أيضا ىذا وال ٌد واح ٌد َهت ُاونا
جاؼ ال رغبةَ لو ُب ا٣بّب .إف واستِخفافا لَبكِ ِو ،إال وال ٌد ٍ
صف ُب كتابو ِعباده فقاؿ ُسبحانو: ا﵁َ ُسبحانو َو َ
باد الرٞب ِن الذين ديشوف على األرض َى ْوناً )...إذل ِ
( َوع ُ
ب لَنَا ِم ْن أ َْزَو ِاجنَا ين يَػ ُقولُو َف َربػنَا َى ْ
ِ
وجل ( َوالذ َعز ّ قولو ّ
ْب إِ َم ًاما)(ٕ) .فمن رغب ِ ِ وذُرياتِنَا قُػرَة أ َْع ُ ٍ
اج َعْلنَا لْل ُمتق َ
ْب َو ْ َ
ْب ،دل يَػْب َخل على إذل ربّو أف جيعل لو من ذُريَتِ ِو قُػرَة َع ْ ٍ
كره: عليمو القرآ َف .قاؿ ا﵁ جل ِ
ذ لد ٗبا ينفق عليو ُب تَ ِ وٍ
ُ ُ ُ
َ٢بَ ْقنَا هبِِ ْم ذُريػتَػ ُه ْم
اف أ ْ(وال ِذين آمنُوا واتػبػعْتػهم ذُريػتُػهم بِِإديَ ٍ
َ َ َ َ ََ ُ ْ ُ
ٍ (ٖ)
ناىمْ ُ قص َن وما أي اىم م ْن َع َملِ ِهم من َش ْيء) َوَما أَلَْتػنَ ُ
) - (0سورة ا٢بشر ،االآية رقم (.)ٜ
98
يدعُ الرغبةَ ُب تعلي ِم أىلِو من عملهم من شيء .فما َ
هتاوناً بو يُفقدىم ِ ِ
ا٣بّب ُشحاً على اإلنفاؽ أو ُ وولده َ
الولَ ِد ُب ال ّدينَ كم حُ إف . ٖبيل
ٌ أو ذلك ا٣بّب ،إال ٍ
جاؼ َ
غّب ال الص ابنو ع د ي ػ
َ ف أ ،ًا
ّب صغ ال
ً طف داـ ما ، ه حکم و ِ
الد
َ ُ َ َ ُ
ين ،وتَعلّ ُموُ القرآ َف يُؤك ُد لو معرفةَ ال ّدين؟ أَ َدلْ يػُ َعل ُمو الد َ
ود يُولد على يسمع قوؿ الرسوؿ عليو السالـ( :كل مولُ ٍ
َْ ْ
فأبواه يػُ َهودانِو أو يػُنَصرانِو كما تَػنَاتَ ُج اإلبِ ُل من الفطْرِ
ة ِ
َ َ
َهبيمة َٝبْعاء ،ىل ُِٙبس من َج ْدعاء) ،فقالوا يا رسوؿ
وت وىو صغّب؟ فقاؿ( :ا﵁ أعلم ٗبا أيت َم ْن َدي ُا﵁ :أفر َ
فأخرب ٗبا يُدرؾ الولَ َد من أبَػ َويْ ِو ٩بّا َ . (ٔ)
لْب) ِ
كانوا عام َ
مات ْقبل أف يَبلُ َغ أف يُعل َم ،رد رسوؿ ا﵁ ِ
فم ْن َ يػُ َعلمانوَ .
ا﵁ هبم ما كانوا -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -أمره إذل عل ِم ِ
َ
لد الكافرين يُدرُكهم الض ُرر عاملْب لو عاشوا .فإذا كاف ُو ُ ِ
) - (0أخرجو البخاري ومسلم ،وأبو داود واللفظ لو ،والَبمذي ،وأٞبد.
99
ِ
فع ُب
أوالد ا٤بؤمنْب الن ُ من قبَ ِل آبائهم ،انبغی أف يُدرؾ َ
ِ
ف ا٤بؤمنْب أف غُب َسلَ ُ ال ّدين من قبَ ِل آبائهم .ولقد استَ َ
االحتِيتكلفوا ِ
جاج ُب مثل ىذا ،واكتفوا ٗبا جعل ا﵁ُ َ
فعملوا بو ،وأب َق ْوا ذلك ُسنةً غبة ُب ذلك ِ ُب قلوهبم من الر ِ
ب ُب ذلك على ف ما ِ ا٣بلف عن السلَ ِ
احتُس َ ْ ُ يَػْنػ ُقلها
أحد من اآلباء أنو ترؾ أحد من اآلباء ،وال تػُبػْب على ٍ
َُ
ذلك رغبةً عنو وال َهتاوناً بو ،وليس ىذا من ِص َف ِة ا٤بؤمن
ا٤بسلم.
أحد أنو ترؾ أف يػُ َعل َم ولَ َده القرآف ولَو ظهر على ٍ
ْ َ
ض َع عنص حالُوَ ،وَو ُ َهتاونا بذلك١ ،بُه َل وقُػب َح ونَػ ُق َ
ف اآلباءَ عن ِ
حاؿ أىل ال َقناعة والرضا .ولكن قد ُخيل ُ
حسب ما يػُتَبْب من ا
ًرمعذو فيكوف ، ذات ِ
اليد ذلك قِلةُ ِ
َ
ِصحة عُذ ِره.
011
ماؿ ،فال يَ َدعُوُ أبوه أو َو ِصيوُ -إف و ّأما إ ْف كاف للولَ ِد ٌ
اجر ا٤بػَُعل ُم كاف قد مات أبوه -ولْيُ ْد َخ ِل الكتّ َ
اب ،ويُؤ َ
حسب ما َجيب .فإف دل و تعليمو القرآ َف من مالِعلى ِ
َ
يكن لِليَتيم وصي نَظََر ُب أم ِره حاكِ ُم ا٤بػُسلمْب ،وسار ْ
حاكم ال أبيو أو وصي ِو .وإ ْف كاف ٍ
ببلد عليمو سّبة ِ ُب تَ ِ
َ َ
ا٢بو ذلك ِ
البلد فيو ،نُ ِظر لو ُب ِم ِثل ىذا ،لو اجتمع ِ
ص ََُ َ َ َ
فالنظر ُب ىذا اليَتيم من ، وعلى النظَ ِر ُب مصاحل أىلِ
ُ َ
تلك ا٤بصا ِحل.
األقرب
ُ لياؤهُ
ماؿ ،فأمو أو أو ُ وإف دل يكن لليتيم ٌ
فاألقرب بو ،ىم ا٤بػُْرغبوف ُب القياـ بو ُب تعليم القرآف.
ُ
فإف تطوع غّبُىم ٕبمل ذلك عنهم ،فلو أجرهُ .وإف دل
ِب بو ع ن فم ، ذلك ُب بو ی عني ن م ويكن لليتيم من أىلِ
ُ
َْ َ َ َ ُ
ب فيو ا٤بعلم فعل َمو
احتَ َس َ
من ا٤بسلمْب فلوُ أجرهُ ،وإ ْف َ
عز وجلِ ، ِِ
فأجره إ ْف شاءَ ا﵁ُ
وص َرب على ذلكُ ، للو ّ ّ َ
010
معاشوُ، ِ
يقوـ منها ُ
يضعف ُب ذلك ،إ ْذ ىي صنعتُو الٍب ُ َ
استأى َل -إف شاء ا﵁ُ َ -حظاً فإذا آثره على ِ
نفسو
َ َُ
ويكفيك من
َ وافِراً من أجوِر ا٤ب ْؤث ِرين على أَنْػ ُف ِسهم.
ِ ُ ِ
ب ُب ذلك غ ر نم ابِ وَث من لك وصفت
ُ ا عم البياف
َْ َ َ
وسارع إليو ،الذي تقدـ عن الرسوؿ عليو السالـ ،إذ
أجر.
قاؿ للمرأة :نعم ،ولك ٌ
حسن ومن ٌ العلم فهو
و ّأما تعليم األُنثى القرآ َف و َ
عر وما أشبَػ َهوُ ،فهو فأما أف تُػ َعلم الَبس َل والش ََمصا٢بهاّ .
ؤمن صالحو ،ويُ َ وؼ عليها .وإّنا تػ َعل ُم ما يُرجى ٥با َ َ٨ب ٌ
وسالمتُها من تعل ِم ا٣بط أَ٪بَى ٥با .و٤باَ عليها من فِتنتِ ِو.
ّ
هودِ أ َِذ َف -النيب صلّى ا﵁ عليو وسلّم -للن ِ
ساء ُب ُش ّ
العواتِ َق أو ِ
ر دو ا٣ب العيد أَمرىن أف ُخي ِرجن العواتِق وذو ِ
ات ِ
َ ُ َ َ ْ ُ ََ
اس، أمر ا٢بائض أف تَػ ْعت ِزَؿ ُمصلى النّ ِ ِ ِ
وذوات ا٣بُدور ،و َ
ا٣بّب ودعوَة ا٤بسلمْب .فعلى ىذا يُقتَبَ ُل وقاؿ :يَ ْشه ْد َف َ
012
يف ِ ِ
ؤم ُن عليهن فيو ،وما خ َ ا٣بّب الذي يُ َ ُب تعليمهن َ
جب على أفضل ٥بن ،و ْأو ُ ُ عنهن
ّ فصرفُوُ
عليهن منوَ ،
نت لك ،واستَػ ْه ِد ا﵁َ يَػ ْه ِد، ُمتَػ َورل أَم ِرىن .فَافْػ َهم َما بَػي ُ
وک َفی بو ىادياً ونصّبا.
ِ
ا٤بؤمنات فيما واعلَ ْم أَف ا﵁َ جل وعز قد أخ َذ على
ا٤بؤمنْب فيما عليهم ،وذلك ُب َ عليهن ،كما أخ َذ على ّ
ضى َق إذا ة قولو جل وعز( :وما كاف لِمؤم ٍن وال لِم ِ
ؤمنَ ٍ
َ ُ ُ ّ ّ
ا﵁ُ ورسولُو أمراً (ٔ) ...اآلية) وقولو (:وا٤بؤمنْب وا٤بؤمنات
آية من ...اآلية ) وٝبعهما ُب حسن ا١بزاء ُب غّب ٍ
َ ُ
كتابِو ،وُب قولو تعاذلَ ( :و َع َد ا﵁ُ ا٤بؤمنْب وا٤بؤمنات
...اآلية ) ،وأَمر أزو ِاج نَبِيو عليو السالـ أف يذ ُكْر َف ما
َِ٠ب ْع َن منو -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -فقاؿَ (:واذْ ُكْر َف َما
013
ا٢بِ ْك َم ِة)(ٔ) فكيف ال يػْتػلَى ُِب بػيوتِ ُكن ِمن آي ِ
ات الل ِو َو ْْ َ ُ ٰ ُُ
عنهن القائم
ؼ ُ ا٣بّب ،وما يُعْب عليو ويَص ِر ُ يُعل ْم َن َ
عليهن ما ُحي َذ ُر عليهن منو ،إ ْذ ىو الراعي فيهن
ا﵁ ي ِ
ؤتيو َمن يَشاء وا﵁ُ ذو بيد ِا٤بسئوؿ عنهن ،والفضل ِ
و ُ
ُ ُ
الفضل العظيم.ِ
014
األول
الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ّ
015
016
ذر ِ٩بّا يُشغِ ُل عنو لِئَال ينساه من َح ِف َظٗ ،با فيو وحي ُ
جل لنَبِيّو عليو السالـ (:قُ ْل و عز الكفايةُ .وُب قوؿ ِ
ا﵁
ّ
أَي َش ْي ٍء أَ ْكبَػُر َش َه َاد ًة قُ ِل اللوُ َش ِهي ٌد بَػْي ِِب َوبَػْيػنَ ُك ْم
ُوحي إِ َرل ٰى َذا الْ ُقرآ ُف ِأل ِ
ُنذ َرُكم بِِو َوَمن بَػلَ َغ)(ٔ) َما يُل ِزـ وأ ِ
ْ َ َ َ
القياـ بتعلم القرآف حٌب يَقوـ لو من يػُبَػلغُو إذل يوـ
وجل ( :ولقد يَسْرنا القرآ َف عز و ل
ُو ق كذلك و . الق ِ
يامة ِ
ّ ّ
فهل من ُمد ِك ٍر)(ٕ) .وىو ُميَسٌر للذك ِر إذل يوـ للذ ْكر ْ
ِ
القيامة ،وما أختلَف ا٤بػسلموف أف القرآف ىو حجةُ ا ِ
﵁ ُ َ ُ
القياـ ِ
على عباده إذل يوـ القيامة ،وأ ّف على الػ ُمسلمْب َ
بو ،والدعوَة إليو إذل يوـ القيامة.
017
عبد ِ
ا﵁ سألت َ وُب الصحيح لِطَْلحةَ ب ِن م ٍ
طرؼ قاؿ:
ُ ُ
يب صلّى ا﵁ عليو وسلّم؟ فقاؿ : َوَب :أوصى الن ّ
بن أيب أ َ
الوصيةَ أُِمُروا ِهبا ودل كتب على النّاس َ فقلت :كيف َ ال ُ ،
ا﵁ .ومشتهر عند بكتاب ِ ِ وص؟ ،قاؿ :أ َْوصى يُ ِ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم - ا٤بسلمْب أنو جاء عن النّ ّ
تضلوا ما ٛبس ْكتُم هبما: كت فيكم أمريْن لن َ أنو قاؿ :تر ُ
وسنٍب.
كتاب ا﵁ ُ
َ
أجره، ِ
فهو شيءٌ البد من تعلمو ،ولكن َم ْن قاـ بو فَلوُ ُ
با﵁ أف يَػتّ ِف َق ترؾ حظو ،وأعوذُ ِ
ُ ومن دل يَػ ُقم بو َ
ِ
لكانت الػ ُمسلموف على تَرؾ القياـ بو ،ولو كاف كذلك
ع كتابُو ا٥بلَ َكةُ ا٤ب ػبّبةُ ،فأعوذُ با﵁ من َغ ِ
ضبو ومن أف يػُْنتَػَز َ َ ُ َ
ت القرآف ُب ِ
قلوب صدور ا٤بؤمنْب ،وأسألُو أف يػُثْبِ َ من ُ
صدورىم لو ،وأف يُقبِلوا بِ ُقلوهبم شرح ُ ا٤بؤمنْب ،وأف يَ َ
وحس ِن تَ َدب ِره حٌب يػُ َفق َه ُه ْم فيو على ما على استذكارِه ُ
018
ْب -وصلى ا﵁ بيالن بيػنو ٥بم الرسوؿ الػمبْب٧ ،بمد ِ
خاًب
ٌ ُ َ ُ ّ َُ
على سيّدنا ٧بم ٍد وآلو وصحبِو وسلّم تسليما -
ْب ،الذي فيهديهم بذلك ِ
ا٤بستقيم ،وسبيلَو ا٤بستب َ َ وَطار ص َ
وجل قاؿ: ف ا٤بؤمنْب ،فِإنو ّ َدرج عليو صا٢بو السلَ ِ
عز ّ َ ََ
نسا َف بَِوالِ َديْ ِو َٞبَلَْتوُ أُموُ َوْىنًا َعلَ ٰى َوْى ٍن ِ
( َوَوصْيػنَا ْاإل َ
ِ ْب أ َِف ا ْش ُكر ِرل ولِوالِ َديْ َ ِ صالُوُ ُِب َع َام ْ ِ ِ
ك إ َرل الْ َمصّبُ ْ ََ َوف َ
ك بِِو س لَ َ ِ ِ
اى َد َاؾ َعلَ ٰى أَف تُ ْشرَؾ يب َما لَْي َ ﴿ٗٔ﴾ َوإِف َج َ
احْبػ ُه َما ُِب الدنْػيَا َم ْعُروفًا َواتبِ ْع ِعْلم فَ َال تُ ِطعهما وص ِ
ُْ َ َ َ ٌ
اب إِ َرل ٍُب إِ َرل َمْرِجعُ ُك ْم فَأُنَػبئُ ُكم ِٗبَا ُكنتُ ْم يل َم ْن أَنَ َ ِ
َسب َ
تَػ ْع َملُو َف﴿.)ٔ()﴾15
ًب الٍب َحذ َر منها ومن وأعوذ با﵁ من مضالت ِ
الف َ ِ َ
ا﵁ أسأؿ
ُ و ، الـ الس عليو سوؿ
ُ الر َكوهنا ُب آخر الز ِ
ماف
َ ْ
019
دخلنا بَِرٞبتِو ُب عباده الصا٢بْب ،ا٤بعتصمْب
الكرمي أف ي ِ
َ ُ
بو ا٤بْنصورين ،فإنو قد جاء عن الرسوؿ عليو السالـ أنو
ين،
قاؿ :ال تزاؿ طائفةٌ من أُمٍب على ا٢بق ظاىر َ
أىل ا٢بق ال و . اليضرىم من خالََفهم حٌب يأٌب أمر ِ
ا﵁
ُ َ ُ َ َُ
يزالوف يستشّبوف القرآف ويهتدوف ُب ِ ِ
استبانتو ٗبا بيّػنَوُ
ْ َ َ
عرفو أئمةُ سوؿ عليو السالـُ ،مقتدين ُب ذلك ٗبا َ الر ُ
األمة ا٤بْر ِضيْب.
ّ ال ّدين من سالِف
َ
ٍبّ اعلَم أف أَئِ ّمةَ ا٤بسلمْب ُب صد ِر ىذه األُّمة ،ما
منهم ّإال من قَد نَظََر ُب ٝبيع أموِر الػ ُمسلمْب ٗبا
العام ِة ،فلم يَػْبػلُ ْغنا أف أحدا منهم
ا٣باصة و ّ
ِ
يُصلحهم ُب ّ
أوالدىم من صغرىم ُب اس َ أقاـ ُمعلّمْب يُعلّموف لِلن ِ
ماؿ ا﵁ وجيعلوف ٥بم على ذلك نَصيباً ِمن ِ ِ
الكتاتيبَ ،
ْ
القياـ للمسلمْب، جل وعز ،كما قد صنعوا لِمن كلفوه ِ
ُ ْ َ ّ ّ
ِ ِ
صالهتم ُب ُب النظ ِر بينَهم ُب أحكامهم ،واألذاف ل َ
001
ىم ،مع سائ ِر ما جعلوه ِحفظاً ِألموِر ا٤بسلمْب، ِِ
مساجد ْ
عليهم .وما ُديكن أف يكونوا أَ ْغ َفلوا شأ َف معلّم ِ
َوحيطةً ْ
أعلم -رأوا أنّو شيءٌ ٩بّا الصبياف ،ولكنهم -وا﵁ُ ُ ّ
علموُ ا٤برء ي ما كاف ذإ و، إنساف ُب ِ
نفس ٍ أمره كل
َ ُ خيتص ُ
ّ
نفسو ا٤بختص بو ،فأبْقوه عمالً لده فهو من صالح ِ لو ِ
عمل اآلباء ،الذي يكوف ال ينبغي أف َحي ِملَو عنهم من ِ
ظر ّالن ا٤بسلمْب ة
ُ أئم رؾ ت
َ ا م ػ لو . غّبىم إذا كانوا م ِط ِ
يقيو
َ ّ ّ َ ُ ُ
للمسلمْب أف يفعلوه ُب ىذا األمر ،وكاف ٩بّا ال بُد منو ُ
أنفسهم ّإال على ذلك ،واٚبذوا طيب ت
َ وال ، ىم ُب أو ِ
الد
ُ ُ
ِ
ويرعاىم ألوالدىم معلّما َخيتص هبم ،ويُدا ِوُمهمْ ، ْ
حسب ما يَرعى ا٤بعلّم ِصبيانَو ،وبَػعُ َد أ ْف ُديكن أف يُوجد
أوالدىم ِ ِ
م َن النّاس َم ْن يَػتَطوعُ للمسلمْب فيعل َم ٥بم َ
ماس َمعايِ ِش ِو ،وتصرفَوُ ُب
َ
وَحيبِس نفسو عليهم ،ويَبؾ الْتِ
َ َْ َ َ
ِ
للمسلمْب أف صلُ َح ُ َمكاسبو وُب سائ ِر حاجياتوَ ،
000
يستأجروا من يكفيهم تعليم ِ
أوالدىم ،ويُالزمهم ٥بم ، َ َ
ويَكتفي بذلك عن تَشاغُلِو بغّبه.
ويكو ُف ىذا ا٤بعلم قد َٞبَ َل عن آباء الصبياف َم ُؤون َة
تأديبهم ،ويُبصُرىم استقامةَ أحو ِا٥بم ،وما يػُنَمي ٥بم ُب ِ
أفهامهم ،ويُبعِ ُد عن الشر ما َ٥بم ،وىذه ِعناية ا٣بّب َ
اليَ ْكثُػُر ا٤بتطوعوف هبا .ولو انتظر َم ْن يَتطوعُ ٗبعا١بة
الصبياف ،و٤با تعلمضاع كثّبٌ من ّالصبياف القرآ َف ،لَ َ تعلي ِم ّ
القرآف كثّبٌ من الناس ،فتكو ُف ىي الضرورةُ القائدةُ إذل
ِ ِ ِ
تالسقوط ُب فَقد القرآف من الصدور ،وال ّداعيةُ الٍب تثبِ ُ ّ
ضييق ما دلهالة ،فال و ْجوَ لِتَ ِ
فاؿ ا٤بسلمْب على ا١ب ِ
َ أط َ
َ
فيو عن الرسوؿ عليو السالـ ما يأت فيو ِضيق ،وال ثَػبت ِ
ََ ٌ
يَ ُدؿ على التن ِز ِيو عنو.
سنة ٍ
ثالث يخ ِ ْب ُب تار ِ ا٢بارث بن ِمسك ٍ
ُ ولقد ذ َكَر
٠بعت مالكاً يقوؿُ :كل ىب قاؿُ : وسبعْب ،أخربنا ابن و ٍ َ
َُ
002
بأج ِر ا٤بعلّمْب -
كت من أىل العلم ال يرى ْ من أدر ُ
وىب أيضا ُب ُم َوطئِ ِو
اب -بأساً .والب ِن ٍ معلّمي ال ُكتّ ِ
ُ
كل من سألت با٤بدينة ال ِ
عن عبد ا١بَبّار بن عمر قاؿّ :
يرى لتعليم ا٤بعلّمْب باألجر بأساً.
جلمالك عن الر ِ وسئِ َل ٌ
وىب قاؿُ : وللحارث عن ابن ٍ
ين ديناراً ،يُعلّم ابنَو الكتاب والقرآ َف رعش جلِ لر َجيعل لِ
َ ُ ّ
بأس بذلك ،وإ ْف دل يَض ِرب ال : فقاؿ و، ق
َ حٌب َحي ِ
ذ
َ
أحق ما يُعلّم أو قاؿ عُل َم .وقاؿ أجالًٍ .ب قاؿ :والقرآ ُف َ
ابن وىب ُب موطئِو٠ :بعت مالِكا يقوؿ :ال بأس ِ
بأخذ ُ ُ ُ
القرآف والكتاب .قاؿ :فقلت ٍ
٤بالك: األج ِر على تَعليم ِ
ُ
أيت إذا َشَر َط مع َمالَوُ من األج ِر ُب ذلك شيئاً أفر َ
كل فِطْ ٍر أو أَضحى؟ قاؿ ال بَأس بذلك. سمی ّ ُم ًّ
ت يب حكايةٌ تُذكر قاؿ ،قاؿ :أبو ا٢بسن :ولقد مر ْ
فأقبل وىب أنو قاؿ :كنت جالساً عند ما ٍ
لك عن اب ِن ٍ
َ ُ
003
رج ٌل ِ ِ
إين ُ إليو معلّ ُم ال ُكتّاب ،فقاؿ لو :يا أبا عبد ا﵁ّ ،
ت أف أُشا ِرط، ب الصبياف ،وإنو بَػلَغَِب شيءٌ ،ف َك ِرْى ُ ُمؤد ُ
اس علي ،وليس يُعطونَِب كما كانوا نع النّ ُ
وقد امتَ َ
يُعطوف ،وقد اضطررت بِعيارل وليس رل حيلةٌ ّإال
ؼ ب وشا ِ التعليم ،فقاؿ لو مالك :اِ
فانصر َ
َ . ط
ْ ر َ ْى ذ
ْ ّ
عبد ا﵁ ،تَ ُأمُره أف الرجل .فقاؿ لو بعض جلَسائِو :يا أبا ِ
ُ ُ ُ
طنعم فَ َم ْن ُديَح ُ
يشَبط على التعليم؟ فقاؿ ٥بم مالكْ : َِ
لنا ِصبيانَنا؟ ومن يؤدهبم لنا؟ لوال ا٤بعلّموف أي ٍ
شيء ُكنّا َْ ُ ُ
٫بن؟ ويَ ُشد ما ُب ىذه ا٢بِكاية عن مالك ما نكوف ُ
ابن َسحنوف قاؿ :حدثونا عن ُسفياف الثوري ،عن ذكره ُ َ
ٍ ِ
ثالث البُد
مسعودٌ : العالء ب ِن السائب ،قاؿ :قاؿ ُ
ابن َ
اس منهمِ ،م ْن أم ٍّب َحي ُكم بينَهم ،ولوال ذلك أل َك َل للنّ ِ
اس من ِشراء ا٤بصاحف بعضهم بعضاً ،وال بُد للنّ ِ ُ
َ وبيعِها ،ولوال ذلك لبطَل كتاب ِ
ا﵁ ،وال بُد للنّاس من َ َ ُ َ
004
ُمعل ٍم يُعلم َ
أوالدىم ،ويأخذ على ذلك أجرا ،ولوال ذلك
سي القرآ ُف -
ا٤بصاحف لَنُ َ
ُ اس أُميْب -يُريد لوال
كاف النّ ُ
الضرورة القائدةُ
وكل ىذا يَ ُشد لك قورل ،فتكو ُف ىي ّ
قوط ُب فَػ ْق ِد ِ
القرآف ِم َن الصدور. إذل الس ِ
وقد أحتج كثّبٌ من علمائنا ُب جوا ِز أَخذ اإلجارةِ
عملوا بو، شرط أف الناس قد ِ بشرط كانت أو بغّب ٍ ٍ
َ
طاء بن أيب َرباح ،وعن وأجازوه ،وذَكروا ذلك عن ع ٍ
َ ُ
الصا٢بْب، و مة األئ من ا٢بسن البصري ،وعن غّب و ٍ
احد
ّ َ ّ
وجي ُيزه بغّب شرط ِدلَ فرؽ كرهُ الشر َط فيو ُ
زعم أنو يَ َ
فَ َم ْن َ
كرُىوُ إذا اشتَػَرط ّإال من قِبَ ِل أنو أخ َذ
بينَهما؟ ىل ىو يَ َ
عليمو القرآف؟ وإّنا َجيب أف يُعلم ﵁. ضا على تَ ِ ِع َو ّ
وم ْن َعلِ َم أنّو
َ ؟ طأفلَيس ىكذا إذا أخ َذه بغّب شر ٍ
ْ َ
قاـ اَلتعلي ِم َم َ
قاـ أليس ىو كالشرط؟ وإذا كاف َم ُ َسيُعطی َ
يف يَصلح أ ْف ِ ِ
الصدقات الٍب إّنا يُراد هبا وجوُ ا﵁ ،ك َ
005
وض؟ ىذا ما ال يَنبغي ،ولكن ما يُؤخذ ِ
يُؤخذ عليها ع ٌ
القرآف ،ليس َمعناه أف يُؤخذ ُمعاوضةً ىكذا على تعليم ِ
ض من ِ ِ ِِ ٍ
لعلة ما ،فَػ َهم الػ ُمعلّم من القرآف ،وإّنا ىو ع َو ٌ
العناية بالتعليم ،والقياـ ل ِرياضتِو َحسب ما تقدـ من
عم َل لغّب ذلك ٍ
عم ُل ﵁ ،ال جيوز أف يُ َ
ّأوؿ .وما كاف إّنا يُ َ
اض الٍب تُناؿ ُب الدنيا ،إال على معُب غ ِّب من األَعو ِ
نفس ِو الذي ال يكوف ّإال ﵁.
الػمعاوض ِة من العمل ِ
َ ُ ََ
سعيد ا٣بد ِري قاؿ: وذُكِر ُب الصحيح من حديث أيب ٍ
َ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو انطلق نَػ ْفر من أصحاب ِ
ٌ
حي من حٌب نَػَزلوا على ّ وسلّم ُ -ب س ْفَرٍة سافَروىاّ ،
ضيفوىم ،فَػلُ ِد َ
غ أحياء العرب فاستَضافوىم ،فأبوا أ ْف ي ِ
ُ َ
شيء ال يَنفعو شيءٌ، سيد ذلك ا٢بي ،فَسعوا إليو بكل ٍ
ّ ّ َ َْ ُّ
بعضهم :لو أَتَيتُ ْم ىؤالء الرْى َط الذين َنزلوا ،لَعلوُ
فقاؿ ُ
وىم ،فقالوا :يا أيها ِ
أ ْف يكوف عند بعضهم شيءٌ .فأتَ ُ
006
غ ،وسعينا لو بكل ٍ
شيء ال يَنفعُو، ِ
ّ ط ،إف َسيدنا لُد َ َْ الرْى ُ
عم ٍ
بعضهم :نَ ْ فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقاؿ ُ
تض ْفنا ُکم ،فلم ِ
اس َ لكن وا﵁ لقد ْ إين أل َْرقَى و ْ وا﵁ ّ
ٍ
حٌب ٘بعلوا لنا ُج ْعالً، تُضيفونا ،فما أنا بِراؽ لكم ّ
فانطلق يَت ُفل عليو
َ فصا َ٢ب ُهم على قطي ٍع من الغَنَ ِم،
رب العا٤بْب ،فكأّّنا نَ ِش َط من ِعقاؿ، ا٢بمد ﵁ ّ ويقرأُ :
فانقلب َديشي وما بو قَػلَبَةٌ ،فقاؿ :فأوفَػ ْوُىم ُج ْعلَهم َ
الذي صا َ٢بوىم عليو .فقاؿ بعضهم :اِقْ ِس ُموا .قاؿ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ حٌب نأٌب َ تفعلوا ّ الذي َرقَى :ال َ
يأمرنا.
ظر ما ُ عليو وسلّم ، -فَػنَذ ُكَر لو الذي كاف ،فَػنَػْن َ
فقدموا على رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -
يك ّأهنا ُرقْػيَةٌ؟ ٍبّ قاؿ :قد فذكروا لو فقاؿ :وما يُدر َ
يب الن
ّ ك
َ اض ِربوا رل معكم سهما ،وض ِ
ح ْ و ا
و م أصبتُم ،اقْ ِ
س
ّ َ ْ َ َْ ْ
-صلّى ا﵁ عليو وسلّم.-
007
يب -صلّى ا﵁ قاؿ البُخاري :وقاؿ ُ ٍ
ابن عبّاس ،قاؿ النّ ّ
أخذًب عليو أجراً كتاب ِ
ا﵁. عليو وسلّم : -أحق ما ُ
ُ
أجر ا٤بعلم. ِ
قاؿ ،وقاؿ ا٢ب َك ُم :دل أ٠بع أحداً كره َ
وقاؿ الشعيب :ال يَش َِبط ا٤بعلّ ُم ّإال أف يُعطى شيئا
اىم .وأما النسائي عشرَة در َ ا٢بسن َُ أعطىفيقبَػلُو ،و ْ
٧بمد بن فقاؿ :أخربنا َعمرو بن علي ،قاؿ :حدثَنا ّ
جعفر ،قاؿ :حدثنا ُشعبَة عن عبد ا﵁ بن أيب الس ْقر،
لت ،عن عمو قاؿ: عن الشعيب ،عن خارجةَ ب ِن الص ِ
ّ
فأتينا أقبلنا من ِ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّمْ ، - ّ الن عند َ
العرب ،فقالوا :ىل عندكم دواءٌ أو ُرقْػيَةٌ، حي من َ على ٍّ
عتوه ُب ال ُقيود، عندنا معتوىاً ُب ال ُقيود .فجاؤا ٗب ٍ
َ فإ ّف َ َ
أٝبع ،ًة ي فقرأت عليو فاٙبةَ الكتاب ثالثةَ أي ٍاـ غُ ْدوًة وع ِ
ش
ُ ّ َ َ ُ
َعطَْوين ُج ْعالً، قاؿ .فأ ْبزاقي وأَتْػ ُفل ،فكأَّّنا نَ ِشط من ِع ٍ
ُ ُ
فقلت :ال .فقالواَ :س ِل النّيب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم. - ُ
008
باطل، ٍ
أكل ُبرقية ٌ فلع ْمري َم ْن َ فسألتُو ،فقاؿُ :ك ْلَ ،
حق.أكلت بُِرقية ٍّ
فلقد َ
وقاؿ أبو داود الس ِج ْستاين ،ح ّدثنا عن عبد ا﵁ بن
خارجةَ بن بإسناده عن ِ ِ ُمعاذ ،قاؿ :ح ّدثنا ُشعبةُ
لت عن عبد ا﵁ ،أنو َمر ب َق ٍوـ فأَتَػ ْوه ،فقالوا :إنّك الص ِ
جل، الر ىذا لنا ِجْئت ِمن عند ىذا الرج ِل ٖبّب فارِ
ؽ
َ ْ َ
معتوه ُب ال ُقيود ،فرقاهُ بأُـ القرآف ثالثةَ أيّ ٍاـ برجل ٍ فأتوه ٍ
وع ِشيةًُ ،كلّما ختَمها َٝبَع بُزاقوُ ٍبّ تَػ َف َل ،فكأّّنا غُ ْد َوًة َ
يب -صلّى ا﵁ الن
ّ فأتى . شيئا هو ط
َ فأع
ْ ،عقاؿ من ط
َ شأُنْ ِ
ّ ُ ْ
عليو وسلّم ، -فذكر لو .فقاؿ لو النيب -صلّى ا﵁ عليو
وسلّمُ : -ك ْل فَػلَعُ ْمري فَلمن أكل برقية باطل لقد
حق. ِ
أكلت برقية َّ
ا٢بديث ُموافق للذي تَػ َق ّد َـ
ُ قاؿ أبو ا٢بسن :فهذا
ذكره عن الصحيح يص ّدؽ بعضو بعضاُ ،ب إجازِة ِ
أخذ ُ ُ ّ ُ
009
ْب ُب ػ ب وقد . بو نتفع ي ن تاب ا﵁ ِ
٩ب اإلجارِة على كِ ِ
َُ َ ُ
حديث أيب َسعيد ا٣بدري ،أف الراقي يَش َِب ُط عليهم
ناء الذي ا١بعل على رقيتِو وىو ( إتفالُو ) ُب ذلك الع ِ
َ ُ َُ ُْ َ
يب - ِب با٤بلدوغ حٌب شفاه ا﵁ بكتابو .وفيو قاؿ النّ ّ َع َ
ىب معكم ٍ اض ِربوا رل َ
بس ْهم .فذ َ َ صلّى ا﵁ عليو وسلّم -و ْ
الكسب الذـ كلوُ ،وال إعافة فيو ،وال فيما ِ عن ىذا
َمغناه َم ْغن.
أىل أف ، لت ،عن عم ِ
و وُب حديث خا ِرجةَ بن الص ِ
َ َ
يب -صلّى الن عن ر ك
َ ذ
َ ف . ط
َ ر ش
َ يكن دل
و ، هَعطو أ ِ
ا٤بعتوه
ّ َ ُ ْ
شَبط .وبَػْب باحتو لو ،وإف كاف دل يَ َِ ِ
ا﵁ عليو وسلّم -إ َ
أىب أف يأخ َذ ،فقالوا لوَ :س ِل ُب حديث النّسائي أنو َ
النّيب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم ، -وُب ىذا بيا ٌف أنّو َرقَى،
شيء ،فلم دينع من قبولو .وما فسو أخ ُذ ٍ ودل يكن ُب ن ِ
ْ
ُب حديث أيب َد ُاوَد أنّو أخ َذ ما أعطَوهُ ،وإذا كاف دل
021
يب - الن
ّ قوؿ أف ل م حت
َ في ، َؿ
َ أس حٌب ي يأخذ ما أ ِ
ُعط
ّ ُ َ ُ ّ َ
ا٢بديث ُك ْل إذل آخره -
ُ صلّى ا﵁ عليو وسلّم -إِف صح
معناه اإلذ ُف لو -فيما يُستَػ ْقبَ ُل -أف يفعل ذلك،
نص حديث األجر وال يَػتَأٍَبُ منو .وما ُب ّ
ليأخذ عليو َ
خارجةَ ،ما يَ ُد ّؿ على أنو أخذ من ىذا ا٤بعتوه شيئا بعد
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -لو ُب ذلك .وكذا الن
ّ فإِ ْذ ِ
ّ
صدهُ ُب ّأوؿ ُرقياه ،إّّنا كاف ﵁ُحيتمل أنو ما فعل أل ّف قَ َ
ضاب ال يَصلُح أخ ُذ العِ َو ُِ س االحتِ
عز وجل احتساباً ،و ِ
ّ ّ
منو.
وىب أخبَػَرين عمرو بن فإ ْف قيل :فقد قاؿ ابن ٍ
ُ َ
الرٞبن ليث بن سعد ،عن ُسلماف بن عبد ّ ا٢بارث ،والّ ُ
عن القاس ِم بن أيب عبد الّرٞبن ،أنو بَلغوُ أف رجال من
قوس،
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -ومعو ٌ األنصار جاء الن ّ
يب -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -فقاؿ :من أَيْ َن فأبصرىا النّ ّ
َ
020
أعطانِيها رجل ِ٩بن يَ ْستَػ ْق ِرئُِب.
وس فقاؿْ : لك ىذه ال َق ُ
فقوس من نا ٍر .وقاؿ اِقْرءوا القرآف ٌ وإال
فقاؿْ :أرُددىا ّ
اءوا بو ،وال تسمعُوا بو.
وال تأكلوا بو ،وال تر ْ
الصحيح لو قاؿ أبو ا٢بسن:ىذا يُوض ُح لك أف ُب ّ
لت الذي قَد ْمناهُ. أصل ،كما ٕبديث خارجةَ ب ِن الص ِ
ٌ
ا٢بديث ،فمعناه ليس ِ اقرءُوا القرآف إذل آخر فأما قولُو َ
ّ
من معُب اإلجارة على تعليم القرآف والرقْيا بو ُب ٍ
شيء.
عيب من ال يَقرأ القرآ َف صح نَقلُو من ىذاٌ ، إّنا معُب ما َ
ّإال لِيَأ ُك َل بو ،أي من أجل أنّو يقرأُ القرآف يُطْ َع ُم ،فيقرأُ
ىو القرآف ٥بذه العِلة .وقارئُوُ للرقيا ولِلتعليم ،إّنا يريد بو
ض ليس من قِراءَتِو القرآف ،إّنا نَػ ْف َع الػ ُمَرقَى وا٤بعلم بالعِ َو ِ
عيب إّنا يُطْ َع ُم ػ ا٤ب األجر
و . ِ
م عل ا٤ب
و ى َق
ر م ػ بال وىو من عنايتِ
ُ َ ُ ُ ُْ
طعاـ قرأَ ،ال لِيَػْنػ َف َع بقراءتو أحداً .أال ترى لِقراءتِو .ول ِإل ِ
كيف قِيل :وال تَػَراءَ ْوا بو وال تَ َسمعوا بو .وقصد َى َذيْن
022
قصد اآلخر أف أظهرا من ذلك ،كما َ الثناءَ عليهما ٗبا َ
يأكل بو ال منفعة ُب ذلك ألحد. َ
صة ال َق ْوس فقد قاؿ فيها أبو داود :ح ّدثنا أبو ِ
و ّأما ق ّ
بكر بن أيب شيبةَ ،قاؿ:ح ّدثنا وكيع ،و ُٞبيد بن ِ
عبد َ ٌ َْ
ياد ،عن عُباد َة ب ِن الرٞبن الرؤاسي ،عن مغّبَة بن ز ٍ
ُ ّ
ت، نُسي ،عن األسود بن ثَعلبةَ ،عن عبادة ابن الص ِام ِ
ُ َْ
مت ناساً من أىل الصف ِة الكتاب والقرآف، قاؿ :عل ُ
ليست ٍ
ٗباؿ، فقلت: رجل منهم قَػ ْوساً،
ْ ُ فأىدی رل ٌ َ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ بيل ا﵁ ،آلتْب َ وأ َْرمي عليها ُب َس ِ
رسوؿ ا﵁، فقلت :يا َ لسألَنوُ .فأتَػْيتُوُُ ، عليو وسلّم ، -فَ ْ
كنت أ َُعل ُموُ الكتاب والقرآ َف، ِ
أىدى رل ْقوسا ٩بن ُ رجل َ ٌ
ا﵁ .فَقاؿ :إ ْف ٗباؿ ،وأَرمي عليها ُب سبيل ِ وليست ٍ
َ
ب أف تكوف طَوقا من النّار فاقْػبَلها(ٔ). كنت ُٙب ّ
) - (0رواه أبو داود وابن ماجه .
023
عمر بن عُثما َف ،وُكثَػْيػُر بن عبيد ،قاال: وقاؿ :حدثنا ُ
عبد ا﵁ بن بشار. ح ّدثنا معبد ،قاؿ :ح ّدثِب بِشر بن ِ
ُ َ
قاؿ عمرو :قاؿ حدثِب عُبادة بن نُ َس ْي ،عن ُجناد َة بن
الصامت بنَ ْح ِو ىذا ا٣برب، أيب أميّةَ ،عن عُبادة بن ّ
فقلت ما تَرى فيها يا رسوؿ ا﵁ ،فقاؿ ٝبرة األوؿ أًَبُ ،و ُ
بْب َكتِفيك تَقل َ
دهتا أو تَػ َعلقتَها.
ضيق ما ِِ
األسانيد ليس ٗبثلها تَ ُُ قاؿ أبو ا٢بسن :ىذه
ثبت لوو ، األسانيد الصحيحةُ على جوا ِزه وسعتِ ِ
و ُ دلّت
ْ َ ََ َ
ديث ىذه ال َقو ِس على ما ذُكر ،لَتَوجو إذل ٍ
معاف: نقل ح ِ
َ ْ ُ
﵁ ،ال يَرجو على منها أف ىذا ا٤بعلّم إّنا كاف يعلمو ِ
ُ ُ
شيء من الدنيا ،فيُمكن أف يكوف ذلك من ا٤بتعلم أخ َذ ٍ
ىذا ا٤بتعلم ٩بن ال يصلُح أف يُقبَ َل منو تطوعُ َعطائِِو ،و
ليست ماالً كما قاؿ ،وإّّنا ْ القوس
َ رأى ىذا ا٤بعلّم أ ّف
عطيها ال يَصلُح ا٢برب .ولعل م ِ ىي آلةٌ يستعاف هبا ُب ِ
ُ ُ
024
لشهود ا٢برب ،فرأى ا٤بعلّم أف أخذه إياىا ليُقاتِ َل هبا ُب
رسوؿ ا﵁ -تشّب فيها َ ِ ِ ِ
سبيل ا﵁ يَػتس ُع لو ،فأخ َذىا ليَ ْس َ
صلّى ا﵁ عليو وسلّم ، -كما نُص ُب حديث أيب َداود
كنت ُٙبب أف تُطَو َؽ طوقاً من ىذا لو ،فقاؿ لو :إف َ
أخذىا ٗبا جاء من النّار فاقبػْلها .فَمثل لو العقوبةَ ُب ِ
ُ َ َ َ
الع ِ
قوبة ُب أَكل أمو ِاؿ اليَتامى ظُلماً ( ،إِّنا يأ ُكلوف ُب ُ
وض ُع علىليست تُؤَك ُل إِّنا تُ َ
ْ القوس
بُطوىم ناراً ) .و ُ
رسوؿ ا﵁ العن ِق و بْب األ ِ
َكتاؼ ،ألّهنا تُػتَػ َقل ُد ،إ ْذ رأى ُ َْ ُُ
-صلّى ا﵁ عليو وسلّم -أف أخذهُ إياىا ِم َن الظل ِم
عليمو من ِ ِ
ل َدافعها ،إ ْذ ليس ذلك واجبا عليو ،إذ كاف تَ ُ
دقة عليو ،وىو ِ٩بن اليصلُح لو أف يػُ ْعطَى.
وجو الص ِ
ابن حبيب على إِث ِر
وديكن أف يكوف ىذا كما قاؿ ُ
القوس .إّنا تأويل ىذا النهي ،ومعُب ىذا ة قصِروايتِ ِو لِ
ّ ْ
ِ
اإلسالـ ،وحْب كاف ِ
ا٢بديث ،أف ذلك كاف ُب مبتَ َدإِ
ُ
025
الرجاؿ ،غّب فاش وال مستفيض
القرآف قليال ُب صدور ّ
ُب النّاس ،وكاف األخذ على تعليمو يومئذ ،وُب تلك
بعد أف صار فاشياً ُب ا٢باؿ ،إّنا كاف ٜبَناً للقرآف .وأما َ ِ
صاحف ِ
وصارت الػ َم النّاس ،قد أَثْػبَتوه ُب ا٤بػَصاحف،
ُ
العادل .وللقارئ وغّب القارئ، وما فيها مباحة للجاىل و ِ
َ ُ ً
طلوبة إذل قوـ دو َف ٍ
قوـ، ٩بنوعة ،وال م ٍ ٍ ٍ
٧بجوبة وال غّب
َ َ
قوـ دوف غ ِّبىم ،فإّنا اإلجارةُ على صوص هبا ٌوال َ٨ب ٍ
البد ِف الػ ُمشتَغِل بذلك ،وليس ٜبناً للقرآف، تعليمو إجارةُ َِ
بيع ا٤بصاحف إّنا ىو بيع لِلرقوؽ وا٣بط كما أف َ
موجود
ٌ نعة ،وليس بيعة ٤با فيها ،ألف الذي فيها والص ِ
وب عن أحد ،وال حد ،وال ٧بج ٍ طلوب إذل أ ٍغّب م ٍ
ُ َ
ِ
مصحف دوف بائع الُ ٍ َ٩بنوع من ٍ
٨بصوص بو ُ أحد ،وال
ٜبن ىو ا إّن صاحف م ػ ال ُب ما تعليم كذلك و . م ْشَب ِ
يو
ٌ َ ُ ُ َ
وإجارة للمعلّم ُب اشتغالِِو ِٗبَ ْن علّ َمو ،وانفر ِاده ٗبن علمو،
026
عليمو .وقد علم الكتاب والقرآف وشغَل نفسو ٗبَن قع َد لِتَ ِ
َ َ َ
رجاؿ من أئِم ِة ىذا ال ّدين ،دل يَػَرْوا بو ألَنْػ ُف ِسهم بأساً ودل ٌ
بأس.
يػَُر ٥بم بو ٌ
ابن َحبيب بقولو :وصارت قاؿ أبو ا٢بسن :يريد ُ
٩بنوعة ،أي من أرادٍ غّب َ٧بجوبةًوال ال َػمصاحف ُمباحةً َ
وج َد ذلك ٩بُْ ِكناً ،فَِإ ْذ كاف كذلك تاهبا َ ، ِشراءَىا أو ا ْكتِ َ
وكذلك أيضا من أر َاد أف يتعلم القرآ َف من ِعند
٩بنوع ،إذا أَعطى
٧بجوب وال ٍ ٍ غّب
الػ ُمعلّمْب َجي ُده كثّبا َ
من ُب ا٤بصاحف ليَش َِبي َ عليو اإلجارَة ،كما يػُ ْع ِطي الث
َ
اجُر من الػ ُمعلّم ما َجيوز منها ما َجيوز شر ُاؤه ،كذلك يُؤ َ
ِ ِ ِ ِ
إجارتُو من اشتغالو بو ،وحركاتو ُب تعليمو .وىذا كلوُ
بعضو
مت لك من البَياف ،كلو يػُ َؤك ُد ُ حسب ما قد ُ
وجييز إِجارَة ا٤بػُعلّ ِم على تعليم القرآف ُ ،
وجي ُيز بعضاً ُ ،
ضرهُ أخ ُذ
َجَر على ذلك ،وال يَ ُ يأخ َذ األ ْ
للمعلّم أف ُ
027
ِ
مت لك األج ِر شيئا إذا وَب بِشروط التعليم ،وقد قد ُ
أدرؾ أهنم ُجييزوف إجارة ا٤بعلّمْب كل َمن َ عن قوؿ ٍ
مالك َ
ّ
مالك :ال
ابن وىب :قاؿ ٌ .وقد قاؿ َسحنوف :قاؿ ُ
اشَب َط شيئا بأس ٗبا يأْخ ُذ ا٤بعلّم على تَعليم القرآف ِ
وإف
َ َ َ ُ
اط ُب ذلك، كاف لو حالالً جائزاً ،وال بأس باال ْشَِب ِ
َ َ
اجب ،ا ْشتَػَرطَها أو دل يَ ْش ََِبطْها ،وعلى ِ ِ
وحق ا٣بتمة لو و ٌ َ
أىل العِْل ِم بِبَػلَ ِدنا .
ذلك ُ
ا٢بارث َع ِن اب ِن وىب ،قاؿ ُ :سئل ٌ
مالك عن الغُالـ ُ
لث القرآف ،ويُ ْشتَػَر ُط ذلك عليو
يُ ْدفَ ُع إذل ا٤بعلّم يُعلمو ثُ َ
بشيء مسمی ،فقاؿ :ال أرى بذلك بأساً.
ت ُب ِحكاية لػِموسی بن قاؿ أبو ا٢بسن :ولقد مر ْ
معاوية عن مع ٍن بن ِعيسى ،قاؿ :جاء رجل إذل ٍ
مالك ٌ ْ ُ
بأس بو. ِ
ت رجالً ُسورًة باألَ ْجر ،قاؿ :ال َ قاؿَ :عل ْم ُ
028
قاؿ أبو ا٢بسن :وتعليم سورٍة على ا٤بعلّم ُِب ِ
حفظ ُ
ا٤بتعلّم ٥با عناء وشغل ،فيُمكن أخ ُذ األج ِر على ذلك.
بأس
علي بن أيب طالب قاؿ :ال َ وحكايةٌ أخرى عن ّ
جل األجر على تعليم ِ
القرآف ،وال جل من الر ِ
َ يأخ َذ الر ُ
أف ُ
ا٢برؼ ِٔبُ ْع ٍل ،أ ْف يأخ َذ
َ َجيوز لو إف قاؿ لو :افْتِِب ىذا
أمر يسّب ،أو ىو ِمثْ ُل ٍ
رجل ا٢برؼ ٌ
منو عليو ُج ْعالً ،ألف َ
اإلسالـ ،فيقوؿ لو:
َ للرجلَ :عل ْمنیاإلسالـ فيقوؿ ّ
َ يُريد
وز فَ ِ
إياؾ ُج ْعالً ،فإف ىذا أيضاً ال َجي ُاعطِب على تَعليمي َ
مع ما فيو من ال ُقبح.
ْب لك أف ما دل يكن على قاؿ أبو ا٢بسن :فهذا يػُبَػ ُ
تعليمو من ا٣ب ِّب مؤونَةُ ُكْل َف ٍة وتَشاغُ ٍل ،أف عليو ا٤بعلّم ُب ِ
أ ْف يػعلمو لِػمن ال يعلَمو إذا كاف ال بد من ِ
تعليم ِو ُب ُ َ ُ َُ َ َ
ومثْ ُل ىذا لو أف أحداً من أىل ال ُكفر أتى الوقتِ .
ِ
ب عليو أف يػُ َعل َمو
اإلسالـ لََو َج َ
َ لػ ُمسلم ،فسألَو أ ْف يػُ َعل َمو
029
اإلسالـ فَػْليُػ َعل ْموُ
َ ذلك ،وال يسألُو عليو أجراً .وإذا عل َمو
وص َف ِة ال ُفروضُ ،خيِربُه ما يكوف بو مسلماًِ :من الش ِ
هادةِ ،
ُ
صليهن على طَهارٍة ُب كل يوـ ٍ
صلوات يُ َ ٟبس َ
أف عليو َ
كيف ٍ ٍ ِ
وليلة ،ويُوق ُفوُ على عدد ركوع ُكل صالة ،ويُريو َ
الركوعُ ،وكيف الصالةُ ،وإ ْف دل َجيد من يُعلّمو القرآ َف
وجب على ىذا الذي ابْػتُل َي بو أ ْف يُعلمو أـ القرآف َ
ِ
ليصل َي هبا ،وال يأخ ُذ منو على شيء من ذلك أجراًٍُ .بّ
تاج إليو ِمن ُ حيَ ما م
ُ فيتعل اإلسالـ ُب ل
ُ
يذىب ىذا الد ِ
اخ
يومو ،ويصّب إذل حاؿ يادة على ما جيب عليو ُب ِ ز ٍ
أىل العلم أخ َذ أجاز الذي و . جرة أل
ُ با عليم للت دين الو ِ
اج
ُ َ ّ
تعليمو القرآ ُف والكتاب ،ليس بْب َمن ُجييز اإلجارِة على ِ
اختالؼ ُب ذلك.
ٌ اإلجارَة على التعليم
جل َم ْن يُعل ُم الر يستأجر ، ِ
ائض رالف و قو فأما تعليم ِ
الف ِ
ُ ّ ُ ُ ّ
عت – ِ ِ ِ
ابن القاسم عنو فقاؿ :ما َ٠ب ُ ولَده ذلك ،فَ ُسئ َل ُ
031
ب ِ
الفقو، يعنی من مالك -فيو شيئاّ ،إال أنو َك ِرَه بَػْي َع ُكتُ ِ
عجبُِب ،والشرط فإنّا نرى اإلجارَة على تعليم ذلك ال تُ ِ
على تعليمها أَ َشر.
مالك :ال
و ّأما ابن َسحنوف فذكر ُب كتابو ،قاؿ :قاؿ ٌ
ائض.
أرى أف َجيوز إجارة من يُعلّم الفقوَ والفر َ
بأس ال وّن أ ِ
األندلس أىل بعض وی ر : وقاؿ ألَبي ِ
و
َ ُ َ
الشع ِر والنّحو، باإلجارة على تعليم الفقو والفرائض و ّ
مالك وأصحابُنا، وىو ِمثْ ُل القرآف ،فقاؿَ :ک ِرَه ذلك ٌ
كيف يشبو القرآف ،والقرآف لو غايةٌ يػُْنتَػ َهى إليها ،وما و َ
٦بهوؿ ،والفقوُ
ٌ ذكرت ليس لو غايةٌ يػُْن َتهى إليها ،فهذا َ
ف فيو ،والقرآ ُف ىو ا٢بق الذي ِ
أمر قد اختُل َ العلم ٌ
و ُ
مثل القرآف ،وىو ال الشك فيو ،والفقوُ ال يُ ْستَظْ َهُر َ
أمد يَػْنتَ ِهي إليو.
يُشبِ ُهوُ ،وال غايةَ لو وال َ
030
صبَ َغ :فكيف َجوْزًُبُ الشر َط قاؿ ابن حبيب :قلت ألَ ْ
سائل ،إذا دل تُ َسموا لذلك على تعليم الشعر والنح ِو والر ِ
نتهى يػُْنتَهى منو إذل ح ّد أجالً ،وىو ّ٩با ليس لو ُم َ َ
معروؼ ِٗبنز ِلة ا٢بِنَاطَِة
ٌ معروؼ .فقاؿ رل :ىو عندنا ٍ
ا٢بنَاطَةمالك الشر َط على تعليم ِ وا٣بَْب ِز ،وقد أجاز ٌ
بلغ من ناعات ،فإذا َ وا٣ببز ،وما أشبو ذلك من الص ِ
ََ َْ
ب ُب ذلك وج ، اسّالن ن أىل العِل ِم بو ِ
م ذلك َمْبػلَ َغ ِ
َ َ َ
َحقوُ.
ئجار على تعليم الشعر ِ ِ
قاؿ أبو ا٢بسن :أما اال ْست ُ
مالك :ال ي ِ
عجبُِب ابن القاسم :قاؿ ٌ ِ ِ
ُ ل َولَده ،فقاؿ فيو ُ
ىذا .والذي اختلف فيو من قدمنا ذكره ،إّنا ىو ُب
ِ
فأما ماإِفْراد الػ ُمعلّم باإلجارة على غّب القرآف والكتابّ ،
كاف من َمعاين التق ِويَِة على القرآف :من الكتابة وا٣بط،
فما اختلَفوا فيو.
032
اب
ولقد ذ َكر ابن َسحنوف أنو يَنبغي أف يُعلّمهم إعر َ
ا٢بسن،
َ كل وا٥بجاءَ وا٣بط الش َ الزـ لو ،و ّ القرآف ،ذلك ٌ
قيف والتػْر ِ والقراء َة ا٢بسنةَ بالتػو ِ
ويلزُموُ
تيل ،يَ َلزُمو ذلكَ ، ْ َ
أَ ْف يُعلّمهم ما َعلِ َم من الػ َمقا ِر ِئ ا٢بَ َس ِنة وىو َم ْقَرأُ نَافِ ٍع،
ِ
بأس إ ْف أَقْػَرأَىم بغّبه إذا دل يكن ُم ْستَ ْشنَعاً ،وال َ
بأس وال َ
ب إ ْف َأرادوا .قاؿ :ويُعل ُمهم األدب، أف يػُ َعل َمهم ا٣بُطَ َ
صيحة ٥بم ﵁ عليو ،وىو من الن ِ ب ِ فإنو من الو ِاج ِ
َ َ
وح ْف ِظهم و ِرعايتِهم. ِ
يأمرىم بالصالة إذا كانوا بَِب َسْب ِع
للمعلم أ ْف َ
وينبغي ُ
ِسنْب ،ويَضرَهبم عليها إذا كانوا بِب َعش ٍر .وكذلك قاؿ
مالك:
ٌ أخربنا عنو عبُد الرٞبن وقاؿ :قاؿ مالكَ ،ٌ
ضاجع. يضربوف عليها بنو عش ٍر ،ويػ َفر ُؽ بينهم ُب الػم ِ
َ َ ُ َ ُ َ
اإلناث؟ قاؿ :نعم.
الذكور و ُ
ُ قلت
033
ويلزُمو أف يعلّمهم الوضوءَ والصال َة ألَف ذلك من قاؿَ :
التكبّب، ِ ِ ِ
وعدد ُركوعها وسجودىا ،والقراء َة فيها و َ دينهمَ ،
وٝبيع التّكب ِّب ،وماُ الـ
ا١بلوس واإلحر ُاـ والس ُ ُ كيف
و َ
نوت ُب الصبح ،فإنو شهد وال ُق ِالة ،والت ِ يلزمهم ُب الص ِ
َ
اجب َحقها .ولْيُعل ْم ُه ُم الصال َة من ُسن ِة الصالة ،ومن و ِ
على ا١بنائ ِز والدعاءَ عليها ،فإنّو من ديِنِهم ،وينبغي لو
مثل َرْك َع َ ٍْب الفج ِر ،والوتر، ، أ ْف يعلمهم سنن الص ِ
الة
َ َُ َ ُ
اال ْستِسقاء ،وا٣بُسوؼ ،حٌب يُعل َمهم الة العِيدين ،و ِوص ِ
ْ َ
وسنةَ نَبِيهم -صلّى وجلُ ، عز ّ دينَهم الذي تَػ َعب َد ُى ُم ا﵁ ّ
اى ْد ُىم بِتعليم الدعاء لِيَػْر َغبوا ا﵁ عليو وسلّم ، -ولْيَتَػ َع َ
فهم عظمتَو وجاللَو ،لِيَ ْك ُربوا على وجل ،ويػُ َعر ُ
ّ عز
ّ
َإذل ِ
ا﵁
اإلماـ،
ُ فاستَ ْس َقى هبماسْ ، ب النّ ُ ذلك .وإذا أَ ْج َد َ
ؼ لِيَْبتَ ِهلوا إذل ا﵁ فأحب للمعلّم أف خيرج ِمنهم ٗبن يَع ِر ُ
قوـ يُونس عليو وجل ويرغبوا إليو ،فإنو بَلغِب أف َ عز ّ ّ
034
يتضرعوف ِِ
خرجوا بصبياهنم ّ العذاب َ
َ السالـ لػما عاينوا
تبارؾ وتَعاذل هبم معهم ،فرفع عنهم.إذل ا﵁ َ
وينبغي لو أف يػعلمهم ا٢بساب ،وليس ذلك ٍ
بالزـ لو َ َُ َ
يب، عر ،والغر َ الش َ
إال أف يُ ْشتَػَر َط عليو ذلك .وكذلك ّ
بأس أف والعربيّةَِ َ ،
وٝبيع النحو ،ىو ُب ذلك متطوعٌ .وال َ
ش ،ومن كالـ يعلمهم الش ِ
عر ٩بّا ال يكوف فيو فُ ْح ٌ َّ ُ
اجب عليوُ ،كل ىذا العرب وأخبا ِرىا ،وليس ذلك بو ٍ
بأس أف يػُ َعل َمو الذي يُعل ُم القرآف عند َسحنوف ال َ َ
فأما إِقر ُاره
والكتاب ،يتطوعُ بو ،أو يُ ْشتَػَر ُط عليوّ .
ِ
ص ُد إذل باإلجارِة على تعليم ىذه األشياء ،ودل يَ ُك ِن ال َق ْ
فسحنوف يَأباهُ ،كما تقدـ عنو ، الكتابو ِ
القرآف تعليم
َ
الشعر :ال كل ذلك ،لقوؿ مالك ُب اإلجارِة على تعليم ّ ّ
يػُ ْع ِجبِب.
035
البأس بإجارِة ا٤بعلّم على تعليم ابن حبيب فقاؿ َ
ٍ
و ّأما ُ
الشعر والنح ِو والرسائل وأياـ العرب ،وما أَ ْشبَوَ ذلك من ّ
بأس باإلجارة على ال ، روءات م ػ ال وذوي ، جاؿ الر لم ِ
ع
َ ُ ّ
أكره من تعلم الشعر وتعل ِمو وِروايتو أين َ ذلك ُكلو .إال ّ
الكبّب والصغّب ،ما فيو ذكر ا٢ب ِمية وا٣ب ِ
ناء،أو قَبي ُح َ ُ َ
ت الروايةُ عن رسوؿ ا﵁ -صلّى ا٥بجاء .قاؿ :وقد ثَػبتَ ِ
َ
كالـ فَ َح َسنُوُ
عر ٌ الش ُ
ا﵁ عليو وسلّم -أنو قاؿ( :إّنا ّ
يح)(ٔ) .وقاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ يحوُ قَبِ ٌ
حس ٌن وقَبِ ُ
َ
عليو وسلّم : -إف ِمن الشعر حكمةً(ٕ).
ت الروايةُ عن رسوؿ ا﵁ -صلّى قاؿ أبو ا٢بسن :فَػثَبتَ ِ
َ
ا﵁ عليو وسلّم -بقولو :إف ِمن ّ ِ
الشع ِر َ٢ب ْكمةًّ .
فأما ،إّنا
أيب بن كعب.
-رواه البخاري من حديث ّ
)(2
036
ت عن الرسوؿ عليو فما ْأدري ،ولكن ثَػبَ َ كالـَ ،
عر ٌالش ُ
ّ
ؼ أَ َح ِد ُكم قَػْيحاً خّبٌ لوالسالـ قولو( :لَئِ ْن َديتَلِىء َج ْو ُ
من أف ديَْتَلىء شعرأ)(ٔ) .معناه -وثبت أيضا قولُو( :لَئِ ْن
بعض قاؿ فيما معناه - ) حا ي ػ
َ ق ٍ
رجل جوؼ
ُ ىءديَْتلِ
ُ ْ َ
عر غالباً على اإلنساف حٌب العلماء :أ ْف يكوف الش ُ
ِ يصده عن ذك ِر ِ
وجل والعل ِم وال ُقرآفَ .
وثبت ّ عز
ّ ا﵁ َ ُ
أصدؽ ٍ
كلمة قا َ٥با أيضا أف الرسوؿ عليو السالـ قاؿُ ( :
باطل). ا﵁ ال خ ما شيء كل أال ( : الشاعر كلمةُ ٍ
لبيد
ٌ َ ّ ّ ُ
ت أف يُ ْسلِ َم(ٕ) .معناه لِما ُب وكاد أُميةُ بن أيب الصْل ِ
َ ّ
مات ودل شعرِه من الثناء على ا﵁ ،فلم يَػْنػ َف ْعوُ ذلك إ ْذ َ
ب إذل اإلسالـ .و ّأما لَبيد ،فقد أجاب إذل اإلسالـ. ِ
ُجي ْ
الشعر تعظيماً ويُقاؿ إنو َكف ُب اإلسالـ عن قوؿ ّ
) - (0صحيح البخاري .
037
شاعراً َم ْن جرى لو ُبللقرآف وا﵁ أعلم .وليس يػعد ِ
ُ ُ
کالـ َموزو ٌف ،وال سيما إذا كانت ِ ِ
بعض األوقات ٌ
يب - الن بينما . ندب ج قاؿ
َ كما ، الفصاحةُ من طَبعِ ِ
و
ّ ُ ْ
حجٌر فعثَر،
صلّى ا﵁ عليو وسلّمَ -ديشي إ ْذ أصابَو َ
إصبِعُوُ ،فقاؿ: َِ
ت ْ فدميَ ْ
ت إال إِصبِع د ِ
ميت (ىل أنْ ِ
ٌَ َْ
ِ (ٔ)
ا﵁ ما لَقيت)سبيل ِ
وُب ِ
اويو شاعراً .ومن كاف حفظ منو شيئاً يُقي ُم وال يػعد ر ِ
َُ َ
ويأنس إليو ُب بعض األوقات، ، و ح ص ف
َ ػ يو وَن سالِ
ُ ُ ُ ُ
ويستش ِه ُد بو فما يُر ُ
يد بَيانَو ،ال بأس.
038
ث :سألت ربيعة عن فقد قاؿ ابن ٍ
وىب :قاؿ اللْي ُ ُ
ت لَو أَ ّين تعليم النحو اإلعراب القرآف فقاؿَ :وَد ْد ُ
يد،أُح ِسنو .وقاؿ ابن وىب أيضاً :ح ّدثِب ٞباد بن ز ٍ
ُ ُ ْ ُ
جل عن َْحيٓب بن َع ٍ
أيت الر َ قلت للحسن :أر َ تيق قاؿُ : َ
نط َقو؟ قاؿ يتعلّم العربيةَ لِيػ َقيم هبا لِسانَو ،ويصلِح هبا م ِ
َ ُ ّ ُ َ
نعم ،فْليَتَػ َعل ْمها فإف الرجل يقرأُ اآلية فَػيَػ ْعيا بَِو ْج ِهها
ْ
فيهلك.
حبيب إذل جوا ِز اإلجارة على تعل ِم ٍ ابن
قص َد ُوإّنا َ
القرآف والكتاب ،وىو ِ كر معو دو َف تعل ِم ّ ِ
الشعر وما ذُ َ
قوؿ َسحنوف ،ولكن إذا ا ْش َُِب َط ذلك خالف فيو َ
َ الذي
خالؼ إ ْف شاءٌ على ا٤بعلّم للقرآف فما بَػْيػنَػ ُهما ُب جوا ِزه
الشعر ما ُخيالُِف ُو
ا﵁ :وكذلك ذکر ابن حبيب يعلّمو من ّ
بأس بأ ْف يَستأجر من يعلّم فيو سحنوف .ولسحنوف :ال َ
ولَ َده ا٣بط وا٥بجاء.
039
ابن عمر ٍ
ابن وىب :وأخربين حفص ُ وقاؿ ُب الػ ُم َدونَة ُ
بن أيب َوقّ ٍ
اص سعد َ ،عن يونس ،عن ابن ِشهاب أف َ
الكتاب با٤بدينة برج ٍل من العراؽ يُعلم أبناءَىم ِ
َ قدـ ُ
ويُعطونَو على ذلك األَ ْجَرَة .وكذا ىو ُب ُموطأ اب ِن وىب
من ِروايتنا عن أيب ا٢بسن بن مسرور عن أيب ُسليماف
حفص بن عمر، ُ عن َسحنوف ،عن ابن ٍ
وىب أخبَػَرين
عن يونس ب ِن يز ٍ
يدٍ ،ب كما قاؿ ُب الػ ُمدو ِنة. َ
حبيب فيو :حدثَِب أصبَ ُغ ،عن ابن ٍ
وىب، ٍ ابن
وقاؿ ُ
بن أيب وق ٍ
اص عن يونُس ،عن ابن ِش ِ
سعد َ هاب ،أف َ ُ َ
برجل ِم ْن أَ ْى ِل العراؽ وكاف يُعلم أبناءَىم الكتاب قد َـ ٍِ
والقرآ َف با٤بدينة ،ويُعطونَو على ذلك األَ ْجَر .فأسقط من
بن عُمر و زاد مع تعلّمهم الكتاب حفص َ
َ اإلسناد
أعلم.
والقرآ َف ،فا﵁ُ ُ
041
٧بمد٠َ :بعت َسحنوف يقوؿ :الأرى لِلمعلّم أف وقاؿ ّ
جاد ،وأرى أف يتق ّدـ إذل ا٤بعلّمْب ُب ذلك. يُعلّم أبا ْ
جاد أ٠باءبن ِغياث ُحيَدث :أف أبا ْ حفص ََ وقد ٠بعت
العرب ُب ا١باىلية فكتبوىا. الشياطْب أَل َقوىا على أَلْ ِسنَة ِ
ْ
أىل العلم يػزعم أهنا اسم و ِ
لد و٠بعت بعض ِ قاؿ ٧بم ٌد:
ُ َْ ُ ُ ُ
ِ
طاعتو أف ملك فارس ،أمر العرب الذين كانوا ُب سابور ِ
َ
ألحد أف يَ ْكتُبَها فإف ذلك حر ٌاـ .قاؿ يكتبوىا ،فال أرى ٍ
وىب ،عن َحي َٓب بن سعيد ،عن ابن ٍ أَخبػرين سحنوف بن ٍ
ْ ََ َ
أبيو ،عن اب ِن أيوب ،عن عبد ا﵁ بن طاووس ،عن ِ ٍ
ُ
قوـ يَنظروف ُب النجوـ ،يكتبوف أَبَا ْ
جاد َعبّاس ،قاؿٌ :
الؽ ٥بم.
الخ َأولئك َ
ولسحنوف قاؿ :وال أرى أف يعلمهم أ٢با َف ال ُق ِ
رآف،
ٍ
بأ٢باف :وال أَرى قرأ القرآ ُف ي أف وزجي
َ ال : قاؿ ًا كألف مالِ
َُ
غبّب ،ألف ذلك داعية إذل الغناء ،وىو ِ
أف يُعلمهم الت َ
040
َمكروهٌ .وأری أف يُنهى عن ذلك بأشد النه ِي .قاؿ:
جالس الٌب َجيتمعوف فيها مالك عن ىذه الػ َم ِ ولقد ُسئل ٌ
للقراءة ،فقاؿ :بِدعةٌ وأرى لِ َلوارل أف يَػْنهاىم عن ذلك،
وحي ِس َن َ
أدهبم. ُْ
اال ْجتماع ُبك عن ِ وقاؿ أبو ا٢بسن :نَػ َهی مالِ ٌ
اءة باألَ٢باف وما يصحبها من اجملالس ِالستِماع القر ِ
ْ
تَػ ْغبِّب ،وغّب ذلك مشهور .فكل ما َهنی عنو َسحنوف
ا٤بعلم والػمتعلم ُب ىذا الباب كلو صحيح الػمو ِ
افقة ُ ُ ُ ُ
اىية. مالك ،على ما جرى من تَ ٍ
شديد أو كر ٍ ٤بذىب ٍ
ِ
نت لك وجوه جواز أَ ْخ ِذ اإلجارِة على فافْػ َه ْم ،فقد بَػي ُ
كرهُ من ِ
تعلّم القرآف ،وما جيوز أف يُعل َم باألجر ،وما يُ َ
ف أصحابُنا فيو من للمعلّم والػ ُمتعل ِم ،وما اختَػلَ َ ذلك ُ
ص ُفو ِ ٍ ِ ٍِ
طالب ا َ٢بالؿ ما يَ ْ
ُ تبْب
كراىية لو أو تَػ ْوس َعة ،ليَ ْس َ
الوَرِع من ذو منو هز ػ ن
ْ ػ ي وما عليم، الت ا٢باؿ ُب أُجرِ
ة ُ لَو بِِ
و
َ ُ َ َ َ ُ
042
للمسلم أف يَػتَعل َمو أو يُعل َمو
ت لك ما يَنبغي ُ ذلك .وبَػيػْن ُ
و َلده ،وما خيتلف من ذلك.
٠بعت مالِكاً ُسئِ َل ع ِن
ىبُ : وم ْن ذلك أيضا قاؿ ابُن و ٍ
َ
ِ
ف، الوقْ َ ِ ِ
عل ابنَو ُب ُکتاب العجم ،يُعل ُموُ بو َ الذي َجي ُ
ا٤بسلم النصراين ؟ فقاؿ: ُ فهل يُعلم
فقاؿ :ال .فقيل لوْ :
كْب ا٣بط؟ فقاؿ :ال. ال .فقيل لو فيعلّم أبناءَ ا٤بشر َ
ثالث وسبعْب قاؿ: سنة ٍ والب ِن وىب أيضاً ُب تاريخ ِ
مالك :ال أرى أف يػُْتػَرَؾ أح ٌد من اليَهود والنصارى وقاؿ ٌ
ا٤بسلمْب القرآ َف.
َ يعلم
قاؿ أبو ا٢بسن :إ ْف كاف معُب ىذا القرآ َف الذي أُن ِزَؿ
٧بمد -صلّى ا﵁ عليو وسلّم ، -فيمكن النػ ْه ُي على ّ
الكافر القرآ َف .قاؿ
َ عن ذلك ،وا٤بسلم يػُْنػ َهى أف يُعل َم
ابا﵁ سبحانو وتعاذل :إِنوُ لَ ُقرآ ٌف َك ِرميٌ ﴿ُِ﴾ٚٚب كِتَ ٍ
ْ ُ
043
وف ﴿ ﴾ٚٛال َديَسوُ إِال الْ ُمطَهُرو َف﴿.)ٔ()﴾ٜٚ م ْكنُ ٍ
َ
س ،ولذلك يػُْنهى أف يُعلموا ا٣بط العريب، فالكافر َِ
٪ب
ُ ٌ
صحف وا٥بجاء العريب ،ألهنم ي ِ
س الػ ُم َّ م
َ إذل بذلك لوف ص َ َ
مالك ال يػُْتػَركوا أ ْف يعلموا
إذا أرادوه .وإف كاف إّنا أر َاد ٌ
فيصح أيضا َمْنػعُ ُه ْم من ذلك ،ألهنم كتاهبم ا٤بسلمْبِ ، َ
َ
غّب مأَمونْب على ِ
كتاهبم. َ ُ
ب األحبا ِر إذل عمر ب ِن ا٣بطّاب -رضي قد جاء َك ْع ُ
ٙبت ِ
يده ا﵁ عنو ، -فقاـ بْب يديو ،فاستخرج من ِ
َ
أمّب ا٤بؤمنْب ُب ِِ
ت َحواشيو ،فقاؿ :يا َ ُمصحفا قد تَ َشرَم ْ
فأعاد عليو َ َ ىذه التور ِ
عمر طويالًَ ، ُ تَ ك
َ فس
َ ؟ىاؤ
ُرَ ػْق أف
َ أ ، اة
تعلم أهنا
ب مر ْتْب أو ثالثاً ،فقاؿ عمر :إ ْف كنت ُ َك ْع ٌ
ت على ُموسی ب ِن ِعمراف يوـ طُوِر ِسينَا، التوراةُ الٍب أُن ِزلَ ْ
044
كعب،اجعوُ ٌفاقرأْىا آناءَ الل ِيل وآناءَ النهار ،وإال فال .فر ََ
ضلُوُ ُبب قَد با َف فَ ْ
عمر على ىذا .وَك ْع ٌ ْ ِ
فلم يَزْدهُ ُ
عمر ما سأَلو لو طلقي فلم ، ِ
ن ي الد ُب واإلسالـ ُب فِ ْق ِه ِ
ِ
ُ ُ ْ ُ ْ
األمر ُب ذلك إليوٍ ،ب دل يُذكر عن كعب فيو ،إّنا رد َ
أنو داـ على ِدراسة ذلك الػ ُمصحف .وا﵁ أعلم ما صنَ َع
ذلك.
) - (0كتاب فقهي من تأليف ٧بمد بن إبراىيم بن زياد ا٤بعروؼ بػ ابن ا٤بواز (ت ٕٜٙىػ) ،وىو من
أجل كتب ا٤بالكية.
045
ابن
أوالد النصارى الكتاب وال القرآف .وقاؿ ُ يُعلّم َ
حبيب قِيل ٍ
٤بالك :أيػُ َعل ُم أبناءَ الػ ُمشركْب ا٣بط دو َف
ابن
القرآف؟ فقاؿ :ال ،وعظم فيو ال َكراىيَةَ .وقاؿ ُ
يت يَكرىوف ذلك ،ويروف ل ِإلماـ ِ ٍ
حبيب :وكل َم ْن لَق ُ
ب عليو ،ومن فَػ َعلَو من العدؿ أف يػغيػر ذلك ويعاقِ ِ
ُ َ َُ َ
ب ِ
ُج ّهاؿ الػ ُم َعلمْب فذلك طار ٌح شهادتَوُ ،موج ٌ
لِسخطَتِ ِو ،لِمس ِهم لِ ِ ِ
اس. كالـ ا﵁ وكتابِو ُ
وىم ْأ٪ب ٌ َ ُْ
اب كلوُ. وصفت لك أيضا ُب ىذا الفصل صو ٌ ُ والذي
جاج َسحنوف ُب ا ِإلباء وقد وصفت لك فما تقدـ ِ
احت ََ ْ ُ
ائض وغّب ذلك ِمن َٙبذير اإلجارة على تعليم ِ
الفقو وال َفر ِ ْ
ِ
القرآف ،فافْػ َه ْموُ، ّ٩با فَػر َؽ بينَو وبْب اإلجارِة على تعليم
فيو أ َف القرآ َف لِتَػ َعل ِم ِو
إذا مررت بو ،فَإنو حسن أخرب ِ
َ ٌَ َ ََْ َ
وغّبه من العلوـ ليس لو غايةٌ. غايةٌ يػُْنتَهى إليها ،والفقوَ َ
استظهاره ،وىو شیءٌ ٦بموعٌ، ُ يريد أف القرآف إّنا يػُتَعل ُم
046
استِ ْكمالُو ،فلَوُ غايةٌ :وىو ما حواهُ الػ ُمصحف ِ
إ ْف يُ ْشَرط ْ
الػ ُمجتمع عليو ِمن ُس َوِر القرآف ا٤بعدودة .والفقوُ إّنا
ؼعر ُهم فيو ،وىو شيءٌ ال ُحيا ُط بو ،وال يُ َ التعلم بو ال َف ُ
حو ِمثلُو .وكل شيء ُ الن
و عليو. ر ص
ُ ٌَ َقت م جزء مِ الفه ن ِ
م
نباط منو بال َف ْه ِم فيو فهذا سبيلُو .وقد االستِ ِِ
تاج إذل ْ ُحي ُ
ا٤بعُب حيدث بعد ذلك َ نتقل عنو َ الفهم فيو شيئا ٍب يَ ُ يَرى ُ
عند الػ ُمتَػ َفهم فتبعُ ُد الغايةُ فيو ،وخيتلف عليو.
كالشعر وما أَ ْشبَػ َهوُ ِمن َمقاالت فظوّ ، وأما ما طري َقةُ ِح ِ
َ
العرب يستأجره لِيحفظ ذلك ظاىراً ،فوجو ال َكر ِ
اىية فيو ُ َ َ
أنو إّنا يُراد لِي ْف َهم منو ما يُستعاف بو ،والتػ َفه َم فيو أيضا
فائدة فيو؟ وأي ال غايةٌ لو ،واستظهاره لِغّب التفهم أي ٍ
ُ
لت لِيَ ْستظ ِهَر
ؤجُر عليو؟ وليس ىو كالقرآف .فا ْف قُ َ أَ ْج ٍر يُ َ
استِظها ِره بعد حف َظ حروفِو خاصةًٍ ،ب ينظر ُب تَػ َفه ِم ِ
و
ْ َ ّ ُ
فاعلَ ْم أف الباب يدي غّب ىذا ا٤بعلّمْ ، أج ٍر على ْ بغّب ْ
047
ا٤بكروهَ ،ال و ْجو إذل أف يستثُْب منو شيء ّإال بِتَػو ٍ
قيف، ْ ٌ ُ َ َ َ
دخل فيو ما ال ف
ْ وإ ، ووال ُحيمى الباب ّإال ٗبن ِع ٝبيعِ
َ ُ
إلٞباء الباب ،ولذلك جرى فيو ِ تَػ ْق َوى ُحجتُو ّإال
القاصد إذل ٙبف ِظ الؼ الذي وصفناه .على أف ِ اال ْختِ ُ ِ
حروؼ ذلك لِيَػ ْف َه َم فيو بعد ذلك ،قد ال يَنتهي إذل ِ
فيده ُب التفه ِم ،فيحصل ٗبا َحيفظ على غّب ٍ
فائدة تُ ُ ُُ
حف َظدينِو .والقرآ ُف من است ْكمل ِحفظَو انت َفع بو ،وإ ْف ِ
َ َْ َ َ
فخالف القرآ ُف كل شيء َ منو َحْرفاً انت َفع بو ُب دينِ ِو،
كاؿ فيو. كالـ الناس خالفاً بيناًَ ،ال إ ْش َ ظ من ِ ُْحي َف ُ
ائو واستكمالِو، ولذلك أجازوا إجارة التعليم على أجز ِ
َ
فضل. الباب صدر ُب ذلك ن فقد تَػ َقدـ ِ
م
ٌ َ
استِبانَتِ ِو.
يدؾ ىا ىنا منو ما يكوف َع ْوناً لك ُب ْ وأز ُ
استأجرت رجالً يػُ َعل ُم رل ولدي
ُ قيل الب ِن القاسم :إِ ِف
مالك :ال القرآ َفُ ،حيَذقُوُ القرآ َف بكذا وكذا ِد ْرمها ،قاؿ ٌ
048
بأس بالس ُد ِس أيضاًابن القاسم :وال َ بأس بذلك .وقاؿ ُ
بأس ال القاسم: ابن وقاؿ . ا١بميع ُب مثل قوؿ ٍ
مالك
َ ُ
اب َحقوُْ ،قبل أ ْف يدخل الصيب. أف يقدـ إذل معلم ال ُكتّ ِ
ُ ُ
بأس أف يَستَأْ ِجَر
وعند اب ِن سحنوف قاؿ مالك :ال َ
علوـ ،إذلالرجل ا٤بعلّم على أف يعلّم ولده القرآ َف بأج ٍر م ٍ
َ َ ُ َ
وربػُ َعو، ِ أج ٍل معلوـ أوكل َشه ٍر ،وكذلك
نصف القرآفُ ،
َ َ
وما ُ٠بي منو.
قوؿ ٍ
مالك ُب َ٠باع اب ِن القاسم ،واب ِن قاؿ أبو ا٢بسنُ :
ؼ عن ٍ
مالك ،قاؿ: ٧بم ٌد ،ورواهُ ُمطر ٌ
وىب كما حكاه ّ
٧بمد أنو دل يَ َِ
شَبط ِ ِ
وٝبيع علمائنا با٤بدينة .وفسرهُ ّ
ُ
051
األجل ،وتفسّبه جا ٍر على
ِ ِ
القرآف ُب ىذا استكماؿ
َ
ِ
األصوؿ ُب سائر اإلجارات.
مالك أف يُشا ِر َط
ٌ أجاز
ابن حبيب :قد َ لكن قاؿ ُ و ْ
أو نَظَراً٠َ ،بيَا ُب ا٤بعلم ُب الغُالـ على ا٢بَ ْذقَِة ظاىراً
ذلك أجالً ْأو دل يُسميا.
صبَ َغ :كيف أجاز مالك الشر َط على قلت ألَ ْ
ولقد ُ
ِ
األجل ودل
ُ قضىت إذا انْ َ ا٢بَ ْذقة إذا ٠بيَا ٥با أجالً ،أََرأَيْ َ
جرةُ ِمثلِ ِو فما عل َمو
َْحي َذقْوُ ،ما يكوف لو؟ قاؿ :يكوف لو أُ َ
ُب تلك السنة ،وليس على حساب األُجرِة األوذل.
شرط ؟ قاؿ :ال ، رطْب ُب ٍ قلت :وال ترى ىذا من َش ْ ُ
عاقده على وإّنا كاف يَ ْد ُخلُو َشْرطاف ُب شرط ،لو كاف َ
عاقده على أف ُحيَذقوُ ُب َسنَ ٍة ىذا اللّ ِ ِ
فظ بَديّاً ،فأما إذا َ
حيدث بينَهما الذي ٍ ٍ
حٌب ُ فإّنا ىو على شرط واحدّ ،
وص ْفنا من تقص ِّبه عما ُش ِرط عليو ،فيُػَرد إذل أُ ْجَرِة مثلِو َ
050
ٙبذيقو إياه ُب أكثر من الس ِنة ،ألف أبا الغُالـ إّنا على ِ
جرة األوذل على أف ُحيَذ َؽ و َلده ُب سنَ ٍة، ضي باألُ َ كاف َر َ
ت لو ،دل يكن لو أف توقيت ما َوق َ
َ فلما جاوز ا٤بعلّ ُم
جيل ،وكاف ذلك يَأْ ُخ َذ على التأخ ِّب ما َ٠بى لو على التػ ْع ِ
َمظلَمةً على أيب الغالـ ،إف أخ َذ ذلك منو .وإّنا الذي
ت وقْتاً ضيّقاً ِ
قيت مع ا٢بَ ْذقَة ،أف يػُ َوق َ
ال َجيوز فيو التػ ْو ُ
ضيقو ،فالعُ ْذ ُر وا٢بَظُْروخيشى أنو ال يبلُغ ذلك فيو لِ ِ
َ ُ ُيرى ُ َ
يَ ْد ُخلُو.
صبَ َغ ُب ىذا ا١بواب بْب معلّم قاؿ أبو ا٢بَسن :وفَػَر َؽ أَ ْ
ٍ
معلوـ، غ ُب أَ َج ٍل يشَبط الفرا َ ِ
وبْب ا٣بَيّاط َ ال ُكتّاب ْ
اخلَة ُب معاين البُيوع على ما فأجراه َ٦با ِري ا ِإلجارةِ ال ّد ِ
َ َ
ت ُديكن الفراغُ ّ٩با األجل الػ ُم َوق ُ
ُ استحسن ،إذا كاف
الوقت ،فال بأس بو ،كذا اشتَػرط عليو فيو قبل ذىاب ِ
ْ َ
جل أل
َ ا ًب
َ إذا ، مّلع لم ضيتو لِ اط .وقَ ِ قاؿ ُب ا٤بعلم وا٣بَي ِ
ُ ُ ُ ُ ّ
052
ِ
حساب ما قبل ٛباـ ا٢بَ ْذ ِقة بأُ ْجرِة مثلِو ليس على
ستقيم. ِ
اب ُم ٌ استُؤجَر ،صو ٌ
053
البـ ــاب الثّــانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
054
055
الصبيا َف ُب ِحز ٍب و ٍ
احد ُ٦ب ِ
تمعْب ،وىل َديَسوف ا٤بصحف
ُ ْ
وىم على غّب طُ ْه ٍر ،ويػ ْعملوف الوضوء لِمس ا٤ب ِ
صحف،
ُ َ َ ُ َ َ
أحدىم.
هم ُ ويصلوف ُب َٝب ٍ
اعة يَػ ُؤم ْ
َ ُ
057
ِِ
لتزـ الصبيا َف إّنا وجب عليو ٤بالكو .ىذا َولْيَػ ْعلَ ِم الػ ُم ُ َ
بشْر ِط ِو أَ ْخذوجب ٥بم عليو َ استَأْ َىل ذلك ٗبا َو َّب بو ما َ ْ
ِ ِ
اإلجارِة عليهم ،قد ملَكوا َمناف َعو وتصرفَاتو ّ
حٌب يَ ْستَػ ْوفُوا
فاىم ذلك تَأْ ِديَةً ٢ب ّقهم الو ِ
اجب ِ
واجبَهم ،وكاف ل َم ْن َو ُ
أداء ما عليو ٥بم، و٢بق رب ِو فيما أمره بو من ِ ٥بم عليوِ ،
َ َّ ّ
ا٤بملوؾ أجريْن .وكذلك ُكل ُ ُب ا٤بعُب الذي استأْ َىل بو
ؤدي لِما عليو ِطيبةً ِ
ت عليو َمنافعُو ،ألف الػ ُم ّ
ِ
أج ٍّب ُمل َك ْ
فسوُ من الػ ُمحسنْب .وقاؿ ا﵁ُ سبحانو وتعاذل: بذلك نَ ُ
َح َس َن َع َم ًال)(ٔ). ِ ِ
َجَر َم ْن أ ْ
يع أ ْ
(إنا َال نُض ُ
وم ْن ُحسن ِرعايتِو ٥بم أ ْف يكوف هبم َرفيقاً ،فإنو قد ِ
جاء عن عائِشةَ أـ الػ ُمؤمنْب ،رضي ا﵁ عنها ،أف
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم ، -قاؿ( :اللّهم ّم ْن
058
و ِ
فارفُ ْق بو)(ٔ) .وقد رل من ْأم ِر أُمِب شيئاً فَػَرفَق هبم فيو ْ ََ
قاؿ رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم( : -إ ّف ا﵁ ُِحيب
الرٞباءَ). باده الرفق ُب األم ِر ُكلو ،وإّنا يرحم ا﵁ من ِ
ع
ّ َُ ُ َ
شديد
ىل يُستَحب للمعلّم الت ُ قاؿ أبو ا٢بسن :فقولُك ْ
على الصبياف ،أو تَری أف يَرفُ َق هبم وال يكو َف َعبوساً،
الو ِصيّ ِة ىذه ُب تدخل ت م األطفاؿ كما علِ
َ ألف
َ ُ َ ْ َ
ِب وع ، القياـ م ل
ّ عم ػ ال أحسن إذا لكن و ، الػمتقد ِ
مة
َ ُ َ َ ُ ُ ْ ُ
اض َعها ،ألنو ىو ا٤بأخوذُ عاية ،وضع األمور مو ِ بالر ِ
َ َ
ِ ِ
القائم
صلُح ٥بم ،و ُ اظر ُب َز ْج ِرىم عما ال يَ ْ بأدهبم ،والنّ َُ
بِِإ ْكَر ِاى ِه ْم على ِم ِثل َمنافِعهم ،فهو يَسوسهم ُب كل
ذلك ٗبا يَػْنػ َفعهم ،وال ُخيْ ِر ُجهم ذلك من ُحسن ِر ِفق ِو
ض من ِ
هبم ،وال من َر ْٞبتو إياىم فإّنا ىو ٥بم ع َو ٌ
059
ظاظة الػم ِ
مقوتة، آبائهم .فَ َكونُو عبوساً أبداً من ال َف ِ
َ ُْ َ
س الصبيا ُف هبا فَػيَ ْجُرُؤو َف عليو ،ولكنو إذا ويستَأْنِ
َْ ُ
صارت َداللةً على ْ األدب،
َ استَػ ْع َملها عند استِ َئه ِا٥بمْ
فلم يَأْنَسوا إليها ،فيكوف فيها إذا ُوقوع األدب هبمْ ،
رب. ت أدباً ٥بم ُب بعض األحايِْب دو َف الض ِ ِ
استُعملَ ْ
رب َمعها ،بق ْد ِر ِ
وُب بعض األحايْب ،يُوقَ ُع الض ُ
لكن يَنبَغي لو أ ْف ال و . جب ُب ذلك ا١برِ
ـ اال ْستِْئهاؿ الواَ ِ
ِ
ْ ُْ
ش وح ٍ ضمِ ٍ بقَ ػ
َ ت غّب ُب ِ
ناس ياالستِ
يػتَبس َط إليهم تَػبس َط ِ
ُ ْ َ َ
ُب ُكل األَحايِْب ،وال يضاحك أحداً منهم على حاؿ،
ِ ِ
ب، وال يبتَسم ُب َوجهو ،وإ ْف أَْرضاهُ وأرجاه على ما َجي ُ
وح ُشو إذا كاف ُ٧بسنا. ولكنو ال يغضب عليو في ِ
ُ َ ُ ُ
وإذا استأْىل الضرب فاعلَم أف الضرب من و ٍ
احدة إذل َ ْ ْ َْ َ َ
يد ُب ُرتْػبَ ٍة ْفو َؽ ِ ِ ِ ٍ
هاده لئَال يَز َثالث ،فَػْليَستعم ِل اجت َ
ِ
اإلقباؿ ها٥با .وىذا ىو َأدبُوُ إذا فر َط ،فتثاقَ َل عن استِئ ِ
ْْ
061
على ا٤بعلم ،فَػتَباطَأَ ُب ِح ْف ِظو ،أو أَ ْكثَػَر ا٣بَطأَ ُب ِحْزبِِو،
وسوء َهتج ِيو،ِ ص ُحروفِو، وحوِ ،م ْن نَػ ْق ِ
تابة لَ ِ
أو ُب كِ ِ
فأكثر ، بح َشكلِو ،و َغلَ ِطو ُب نَػ ْق ِطو ،فنُبو مرًة بعد مرٍ
ة وقُ ِ
َ َ
يع بال َكالـ الذي فيو التغافُ َل ودل يػُ ْغ ِن فيو َ
الع ْذ ُؿ ،والتقر ُ
كقوؿ من ال ضِ ، ب لِعِْر ٍ
اعد من غّب شْت ٍم وال َس ٍّ التو ُ
ا٤بؤمنْب حقاً فيقوؿ :يا ِم ْس ُخ ،يا قِْرُد. َ يع ِرؼ ألَ ِ
طفاؿ
قلت لو ِ
فع ْل ىذا وال ما كاف مثلَو ُب ال ُقبح ،فإ ْف َ فال يَ َ
واحد ًة ،فْلتستػ ْغ ِفر ا﵁ منها ولْتػْنت ِو عن م ِ
عاودهتا .وإّنا ُ ََ َ َ َْ
ِ
الغضب ساف التقي َٛبَك ُن ُ٘بري األلفا َظ القبيحةَ ِمن لِ ِ
الغضب .وقد َهنى الرسوؿ ِ من نفسو .وليس ىذا مكا َف
عمر
عليو السالـ أف يَقض َي القاضي وىو َغضبا ُف .و َأمَر ُ
فلما ، ٍ
إنساف ِ
بضرب بن عبد العزيز -رٞبةُ ا﵁ عليو -
ّ
رب قاؿ :أُتْػُركوهُ .فقيل لو ُب ذلك فقاؿ: أُقيم للض ِ
َ
060
ت أف أض ِربَو وأنا وجدت ُب نفسي عليو غضباً ،فك ِرْى ُ ُ
غضبا ُف.
اعي األطفاؿ أ ْف ير ِ
ِ قاؿ أبو ا٢بسن :كذا يَنبغي لػِمعلم
ُ
أدهبم لِػ َمنافِعهم ،وليس لِػ ُمعلمهم ُب ص َ َ
منهم حٌب ُخيْلِ
ّ
غضبِو ،وال شيء يُريح قلبو من َغْي ِظو، ِ
ذلك شفاءٌ من َ
فإف ذلك إ ْف أصابو فإّنا ضرب أوالد ا٤بسلمْب لر ِ
احة ََ َ َ
ب الصيب ُجْرماً اكتس نفسو ،وىذا ليس من الع ْد ِؿِ .
فإف ِ
َ َ
وإدماف البِطالَِة
ِ وىروب من ال ُكتاب، ُ ، ٍ
ب من أذى ،ولَعِ
ً
شّب أباه ،أو َو ِصيوُ إ ْف كاف يَتيِماً، ِ ِ
لمعلّم أف يَ ْستَ َ فيَػْنبَغي ل ُ
الث،ويػعلِمو إذا كاف يستأْ ِىل من األدب فو َؽ الث ِ
ْ َ َْ ُ ُْ َ ُ
وجبو التقصّب ُب التعليم عن ٍ
إذف فتكوف الزيادةُ على ما ي ِ
ُ ُ ُ
يبٍ ،ب يراد على الثالث ما بَػْيػنَوُ من القائم بأمر ىذا الص ّ
ربالض ِ طيق ذلكَ .و ِص َفةُ ّ يب يُ ُ
ّ الص
ّ كاف إذا ، وبْب العش ِ
ر ْ
062
الوَى ِن ِ
ىو ما يُؤدلُ وال يَتع ّدى األَ َدلَ إذل التأثّب الػ ُم ْشن ِع ،أو َ
ضر.الػم ِ
ُ
الـ، االحتِناىز ِورّٗبا كاف من صبياف ا٤بعلّم من ي ِ
َ ْ ُ ُ ُ
ويكوف َسي َئ الر ْعية ،غليظ ا٣بُ ِلق ،ال يريعو وقوعُ عش ِر
يادة عليو َمكاناً ،وفيو ُْ٧بتَ َم ٌلبات عليو ،ويرى للز ِ ضر ٍ
بأس -إ ْف شاء ا﵁ُ -من الزيادة على مأمو ٌف ،فال َ
فس َد من الػ ُمصلِ ِح .وإّنا بات ،وا﵁ يعلم الػم ِ
ُ
العش ِر ضر ٍ
هاو ْف بِنَػْيلِها بغّب
شارىم فال يَػتَ َ
اض ا٤بسلمْب وأبْ ُ ىي أَ ْعر ُ
بنفسو ،فقد أحب َسحنوف أدهبم ِ بَ ،ولْيَ ِل َ ا٢بق الو ِاج ِ
رب. ِ ِ
ورل أحداً من الصبياف الض َ أ ْف ال يُ َ
ونعم ما أحب سحنوف من ذلك، قاؿ أبو ا٢بسنَ :
من قِ
الصبيا َف َ٘بري بينَهم ا٢بَ ِميّةُ والػ ُم َ
ناز َعة ،فقد ّ أف لِ ب
َ
ا٤بضروب ،فإ ْف أَِمن ا٤بعلم
َ تجاوز الصيب ا٤بطي ُق فيها يُؤدلُ
يَ ُ
يتجاوز رب ال ِ
ُ التقي من ذلك ،وعلم أف الػ ُمتَػ َورل للض َ
063
فيو و ِسعو ذلك ،إ ْف كاف لو عذر ُب ٚبل ِفو عن ِو ِ
الية ٌ َ َُ
يب أو الص أس ر ب ب أف يَض ِ
ر ن ج ت
َ يْلو . و َذلك ِ
بنفس
ّ َ ْ َ َ َ
وجهو ،فإف سحنوف قاؿ فيو :ال جيوز لو أف يَض ِربَو ْ
غ ،أو رب فيهما بػْب ،قد ي ِ
وى ُن الدما َ فيهما ،وضرر الض ِ
ُ َّ ُ
رب ُب تط ِرؼ العْب أو يُؤثػُر أثراً قَبيحاً ،فَػْليُ ْجتَنبا .فالض ُ
آمن ،وأٞبَ ُل لِلَ َِدل ُب َسالمة. الر ْجلَْب ُ
بالصبياف أف الصيب إذا أُْرِس َل وراءَه ليَتَػغَذى ِِ
ومن ِرفْقو ّ
طعامو وشرابِو ،ويأخذ عليو ُب فيأذ ُف لو وال دينعو من ِ
ُُ
سرعة الرجوع إذا فرغ من طعامو. ِ
يعد َؿ بينَهم ُب التعليم ،وال ومن حقهم عليو أف ِ
َ ْ
فاضلوا ُب ا١بُ ْع ِل ،وإ ْف
بعض ،وإف تَ َ بعضهم على ٍ فضل َ يُ ّ
بعضهم يُك ِرُمو با٥بدايا واألَْرفاؽ ،إال أ ْف يُفض َل َم ْن كاف ُ
ساعة راحاتِو ،بعد تَفر ِغو من الع ْدؿ أَحب تَػ ْفضيلَو ُب ِ
َ
عل إّّنا َرض َي أف بينَهم .وذلك من قِبَ ِل أف القليل ا١بُ ِ
064
ي أداءَه ذلك على إٛباـ تعليم ولَ ِد ِه ،كما َشَر َط يُؤد َ
الرفيع ا١بع ِل .إال أ ْف يػبػْب الػمعلّم ِ
آلباء الصبياف أنو َُ َ ُ ُ ُ ُْ
ِ ِ
العطاء من ُكل يُفاض ُل بينَهم على قَ ْد ِر ما يَص ُل إليو من َ
فّبض ْوا لو بذلك ،فيجوز لو ،وعليو أف يفي ٍ
واحد منهمَ ،
ٗبا التزـ من قدر ذلك.
ومن ُحسن النظ ِر ٥بم ،أ ْف َال َخيلط الحهمِ ، ومن ص ِ
َ
أكرهُ للمعلم : سحنوف قاؿ وقد ، بْب الذكراف وا ِإل ِ
ناث
َ
وخيْلطَ ُهن مع الغِلماف ،ألف ذلك يَ ، ِ
أ ْف يُعلم ا١بوار َ
٥بن.
فساد ّ
ٌ
قاؿ أبو ا٢بسن :وإنو لَيَػْنبَغي للمعلم أف َْحي ََِبس
بعض إذا كاف فيهم من ُخيْشى الصبياف بعضهم من ٍ ّ
الـ ،أو يكوف لو ُجْرأةٌ. االحتِ فَساده ،ي ِ
ناىز ِ
َُ ُ ُ ْ َ
065
وعليو (كما قاؿ سحنوف) :أف يَػتَػ َفق َد ُىم بالتعليم
مثل َع ِشيّ ِة ،ًا علوم مَ ا
ً وقت ِ
القرآف ض ،وجيعل لِ َعْر ِ
ض الع ْر ِ
وَ
َ َ
ويوـ ا٣بَميس .قاؿ :فيَػْنبَغي لو أف َجيعل ٥بم وقتاً األَربِعاء ِ
ْ
ِمن النهار يػُ َعل ُمهم فيو الكتاب ،وجيعلُهم يتخايَروف ،ألف
عضهم وخيْ ِرجهم ،ويبيح ٥بم أدب ب ِ ُ ، هم ح ذلك ٩با يصلِ
َ َ ُ ْ ُ ُْ ُ
الكتاب يعُب ُب ُكل ٍ
يوـ وجيعل ِ ِ
َ َُ بعضاً ،وال ُجياوُز ثَالثاًُ َ َ .
االنْ ِق ِ
الب. من الضحى إذل وقت ِ
َ
بعضهم بعضاً ،فإ ْف َشكا ويأخذ عليهم أ ْف ال يػؤِ
ي ُ ذ
ُْ َ ُ
بعض ،فقد ُسئل َسحنوف عن ا٤بعلّم يأخ ُذ بعضهم أَ َذى ٍ ُ
بعض ُب األَذى قاؿ :ما بقوؿ بعضهم على ٍ الصبياف ِ
ّ
أرى ىذا ِمن ِ
ناحية ا٢بُ ْك ِم ،وإّنا على الػ ُمعلّم أف يػُ َؤد َهبم
تفاض على اس َ بعضهم بعضاً .وذلك عندي إذا ْ إذا آذى ُ
اؼّ ،إال أف االعَب ُماعة منهم ،أو كاف ِ يذاء من ا١ب ِ ا ِإل ِ
َ
066
عاقب ِ
عرفهم بالصدؽ فيَقبَ َل قوَ٥بم ،ويُ َ يكونوا صبياناً قد َ
ك.على ذلك ،وال جيوز ُب األدب كما أَ ْعلَ ْمتُ َ
احدة إذل ٍ
ثالث، قاؿ أبو ا٢بسن :يريد كما تقدـ من و َ
الزياد َة لِ ْلذى ،فعلَى ق ْدر ِشد ِة ذلك ،يُريد
استَأْ َىلوا ّ
ِ
فإف ْ
ويأمُرىم بال َكف ع ِن األَذى، ِ
من الثالث إذل العشرُ ،
ِ
ناحية لبعض ،وليس ىو من بعضهم
ْ ويَػُرد َما أخ َذ ُ
احد من أصحابِنا. ال َقضي ِة ،وكذلك ٠بعت من غّب و ٍ
ُ ّ
بياف ُب ال َقْت ِل وا١بِراح ،ف َكيف
ت شهادةُ الص ِ
وقد أُ َ
جيز ْ
ىذا؟ وا﵁ أعلَ ُم.
الفصل الذي تقدـ ِ قاؿ أبو ا٢بسن :وما يُوجد ُب
کالـ َسحنوف .ىذا وتعلَ ُم بو أف على أسعد بو ِمن ِ
هاىم عن تعاىد ُى ْم ،ويَػتَ َحف َظ منهم ،ويَػْن ُ
الػ ُمعلم أف يَ َ
بعض کِ ْسرًة بَِزبيب ،أو َزبيباً
بعضهم ِمن ٍ الربا ،فإ ْف باع ُ
اف ،أو تُػ ّفاحاً بِِقث ِاء ،كما ذكرت ،فإف أدرؾ ذلك بِرم ٍ
ُّ
067
أعلم ِ
بأيديهمَ ،رد كل واحد ما كاف لو ،وإف أفاتوهَُ ،
آباءىم ٗبا صنعوا من ذلك فيكوف غُرـ ما صار إذل كل
احد ِمن الصبياف من صاحبو ُب مالِو إ ْف كاف لو ٌ
ماؿ، و ٍ
اال ْستِقضاءُ ُب ماؿ ،إذا وقع ِ يكن لو ٌ أو يَػْتبَػعُوُ بو إ ْف دل ْ
بعض طعاماً ُب عضهم إذل ٍ ذلك .وإ ْف كاف إّنا أسلَ َم بَ ُ
يكن ٍ
مثل ما قبض ،أو قيمتَو إف دل ْ َ القابض فيغرـ ، طعاـ
بع ٗبا وجب عليو من ماؿ .وإال فَػ ْليَت ْ مثل إ ْف كاف لوُ ٌ
لو ُ
ذلك ،ويفسخ ما كاف بينهماٍ ،ب يأخ ُذ عليهم ا٤بعلّم،
ويُشد ُد عليهم ُب األَ ْخ ِذ أَ ْف َال يَعودوا إذل التبايُع فيما
بينَهم ،ال فيما ِحي ّل بْب األكاب ِر ،وال فيما ال َحيل.
صنَعوا على ذلك :خيربه بِ َعْينِو ويُعرفُهم وجو الربا ُب ما َ
العقوبة عليو إ ْف ىو ِ اعده بِش ّد ِة ويػُ َقبحوُ عنده ،ويتو ُ
أحسن ىو وإذا . طأا٣ب عاوده ،لِيتَدرج على ُ٦بانَػب ِ
ة
َ َ َ ََ َ َّ
نافرٍة لو، ٍ ِ ِ
يَػ ْغبطُوُ بإحسانو ُب غّب انْبساط إليو ،وال ُم َ
068
فيتدر َج اذل اختيا ِر
ّ لِيَعَِرؼ وجوَ ا٢بَ َس ِن من ال َقبيح،
االجتهاد .وا﵁ُ يػَُزکي َمن يشاء، ُ يدؿا٢بَس ِن ،وىذا ما ُ
ميع العليم.
وىو الس ُ
حٌب سورة من و َلقُ ػ ن
ْ ػ ي ال ف
ْ أ يبلص ومن االجتهاد لِ
ّ َ ّ
بإعراهبا وكتابتها .قاؿ َسحنوف :إال أف يُسهل ِ
َحيفظَها ْ
٥بم اآلباءُ ،فإ ْف دل يكن ٥بم آباءٌ وكاف ٥بم أولياء أو
ماؿ الصيب إّناوصي ،فإ ْف كاف دفَع أجر ا٤بعلّم من غّب ِ
َ َ َ ٌ
عندىم ،فَػلَ ُهم أ ْف يُسهلوا كما للب ،وإ ْف كاف ىو من ِ
األجر َ٥بم أف يُ َسهلوا حٌب َحي َفظها كما من ماؿ الصيب ُ
أعلمتُك .قاؿ :وكذلك إذا كاف األب يعطي من ِ
ماؿ ُ
يلزُـ الصيب من م ُؤونَِة ا٤بعلّم ُب يب .قاؿ :و َأرى ما َ الص ّ
مالِو إ ْف كاف لو ٌ
ماؿ ٗبنز ِلة كِ ْسوتِو ونَػ َف َقتِ ِو.
لكن قولَو إ ْف كاف ما يأخذ
اب .و ّ قاؿ أبو ا٢بسن :صو ٌ
ماؿ الصيب ،أف ألَ ِ
بيو أو َمن قاـ لو أف ا٤بعلّم من غّب ِ
ّ ّ
069
ٛبامها ،ما أدري يسهل للمعلّم ُب نَػ ْقلِو من السورة قبل ِ
َْ َُ َ
يب ،إّنا كاف على ُحسن الص على م ل للمع ِ
العطاء
ّ ّ ما وجوُ
ألحد أ ْفالعناية بالصيب فقد صار ا٢بق للصيب فّ ِمن أين ٍ ِ
ّّ ْ ّ
يُسهل فيوّ ،إال أف يكوف مر ُاد سحنوف -رٞبوُ ا﵁ -أف
عند َع ْق ِد اإلجارة ،فيكوف قع َ سهيل ُب ذلك َو َ يب الت َ للص ّ
يب.
األحسن ما ىو أًب للص ّ ُ صواباً ُب ا١بواب ،و
صنَػعُو الصبياف من َْ٧ب ِو أَلْ َواحهم وأكتافِهم، و ّأما ما يَ ْ
بإسناد ليس ٍ س ب ِن ٍ
مالك ابن َسحنوف فيو عن أَنَ ٍ فذكر ُ
ت ِصْبػيَةُ ال ُكتّاب ِ
ىو من ِرواية سحنوف ،قاؿ :إذا َ٧بَ ْ
ف إسالمو خْل َ َ يل رب العالَمْب بِأَْر ُجلِهم ،نَػبَ َذ ا٤بعلّم تنز َ
حْب يَلتقى ا﵁َ على ما يَلقاه عليو. ظَ ْه ِرهٍ ،ب دل يُباؿ َ
نس :كيف كاف ا٤بؤدبوف على عهد األَئِ ّم ِة أيب قيل ألَ ٍ
وعلى رضواف ا﵁ عليهم؟ قاؿ أنس: ٍ
بكر وعُ َمر وعُثماف ّ
صيب َجييءُ كل يوـ بِنَػ ْوبَتِ ِو ب لَو إِ ْ٪بانةٌ وكل ٍّ كاف ا٤بؤد ُ
071
صبوُ فيها ،فَػيَ ْمحو َف بو أَلْ َو َ
احهم .قاؿ أنس: ماءً طاىراً فيَ ُ
ٍب حيفروف لو ُح ْفَرًة ُب األرض ،فيصبوف ذلك ا٤باء
٧بم ٌد :قلت لِ َسحنوف فَبى أف يُ َلع َط؟ قاؿ ف ،قاؿ ّ فينش ُ
ُ
بأس بو ،وال ُدي َسح بالر ْج ِل ،وُدي َس ُح با٤بِ ِ
نديل وما ال َ
الصبياف ُب
ب ّ تقوؿ ُب ما يَكتُ ُأشبَػ َهوُ .قلت لو :فما ُ
سائل .فقاؿ :أما ما كاف من ذك ِر ا﵁ ف من الر ِ ال َكتِ ِ
بأس أف َدي ِح َي غّب ذلك ّ٩با وال ، وتعاذل ،فال ديَْ ِحي ِو ب ِرجلِ
َ ْ
وسى عن جاب ٍر وحدثِب ُم َ ليس من القرآف .وقاؿ ٧بمدَ :
اىيم النخعِي يقوؿِ :م َن بن منصور ،قاؿ :كاف إبر ُ
ٍ
ِ
داد .قاؿوشفتيو ِم ٌ ْ الر ِ
جل ِ
الػ ُمروءة أف يُرى ُب ثوب ّ
الكتاب
َ بأس أف يَ َلع َط دليل أنو ال َ ٧بمد :وُب ىذا ٌ ّ
بلسانِو .وكاف سحنوف رّٗبا كتب الشيءَ ٍب يَل َعطُوُ .وىذا
سألت عنو من ىذا ا٤بعُب ،فإنو يما الوصف يكفيك فِ
َ َ َ ُ
س من الت ِ
غليظ، حس ٌن .وما جاء فيو عن أنَ ٍ وصف َ ٌ
070
ظ شدي ٌد على ا٤بعلّم ،إ ْف فيَػْنبَغي أ ْف ُحي َذ َر منو فإنو تغلي ٌ
ُى َو تَػَرَؾ الصبيا َف ديَْحوف القرآ َف بِأَْر ُجلِهم.
073
قبل ِ
قاؿ أبو ا٢بسن :يريد ثالثةَ أيّاـ ُب الفطر ،يوماً َ
ِ
ض َحى:فيوـ ثانِ ِيو .وٟبسةَ أيّ ٍاـ ُب األَ ْ
ويوـ العيدَ ، العيدَ ،
الرابع ىو اليوـ
و . ِ
ر حالن اـ أي ة وثالث ، حر الن يوـ قبل ِ
يوـ
ّ ّ َ َ َ
آخر أيّاـ التشر ِيقٍُ ،بَ يعودوف إذل معلّميهم ُب اليوـ ُ
ط ُب الرفق. يوـ النح ِر ،وىذا وس ٌ ا٣بامس من ِ
075
الجزء الثالث
076
حسب ما الربع حٌب صار ثابتاً ،فالػ ُمطالبةُ فيو على َ أو ّ
ع ِرؼ عنو ،وتُػو ِ
وط َئ(ٔ) عليو.ُ ُ
صنيع ُمعلّميكم إذا من كم دَ ن وأما وص ُفك ٤با جرى ِ
ع
َ َ ّ
رجل ،أو ُولِ َد لو ،فيَبعثوف ِصبياهنم ،فيَصيحوف تزو َج ٌ ّ
ٍ
بصوت عاؿ ،فَػيُعطوف ما ِعْن َد بابِو ،ويقولوف :أستاذنا،
أَحبّوا من طعاـ ،أو غّب ذلك ،فيأتوف بو ُمعل َمهم،
نصف يوـ أو ربع يوـ ،بغّب َ فيأذ ُف ٥بم يَػتَبَطلو َف بذلك
قوؿ َسحنوف :وال سألت عنو ُ ما فيكفيك ، أم ِر ِ
اآلباء
َ َ
الصبيا َف ْفو َؽ أُجرتِو شيئاً من
َحيل للّمعلّم أف يُكلف ّ
ِ
ٍ
َىدية أو غّب ذلك ،ويسأ٥بم ُب ذلك ،فِإ ْف أَ ْ
ىدوا إليو
على ذلك ،فهو َحر ٌاـ ،إال أف يُهدوا إليو من غّب
وجو الػم ِ
عروؼ مسألةّ ،إال أف تكوف ا٤بسألة منو على ِ ٍ
َ
077
فِإ ْف فعلوا دل يَض ِرْهبم ُب ذلك .و ّأما إف كاف يُه ّد ُدىم أو
ىد ْوا إليو ،فال َحيل لو ذلك ،ألف التخليَةَ ُخيَليهم إذا أَ َ
وصف
َ داعيةٌ إذل ا٥بَ ِديِّة وىو مكروهٌ .فإذا كاف ىذا كما
أنت عنو
سألت َ َ َسحنوف فيما يأٌب بو الصبياف ،فالذي
ويج ،أو أبا ا٤بولود ،ال كرهُ :لعل صاحب التػْز ِ أشد وأَ َ
يُعطي َما يػُ ْع ِطيّ ،إال تَقية من أذى ا٤بعلم أو أذى
ِصبيانو ،أو من تقري ِع ِ
بعض ا١بُ ّه ِاؿ ،فيصّبُ ا٤بعلّ ُم من
ت ،وال يَفعل ىذا ّإال معل ٌم جاىل. ذلك إذل أَ ْك ِل السح ِ
ْ
العمل الذي يَبؾ
َ حٌب ، رج ز ػ يو عنو ونْ ػ يفليوع ْظ فيو ولِ
َ ُ َْ ّ ْ َُ ُ َ
يطاف ،وليس من عمل ِ
أىل وصفت ،فإنو من عمل الش ِ
ََ ُ
القرآف.
ؼ الػ ُمعلّم الصبيا َف فيو ،و
صر ُ
يُ َ عما
و ّأما ُسؤالك ّ
يَتشاغل ىو عنهم بشيء ،فإف يُ َكل ُفهم إياه ،وىل
للصبياف
مالك عن ا٤بعلّم َجيعل ّ ٌ َسحنوف قاؿُ :سئِل
078
فاذه ،فقد سهل ُب عريفاً(ٔ) فقاؿ :إ ْف كاف مثلَو ُب نَ ِ
يب ُب ذلك َمنفعةٌ .قاؿ سحنوف :وال ذلك ،إذا كاف للص ّ
بعض ،ألف ُب ذلك بعضهم على ٍ بأس أ ْف َجيعلهم ُديلي ُ
يب أف للص ّ
َمنفعةً ٥بمَ .ولْيَتَػ َفق ْد إمالئَهم .قيل لو :فيأذ ُف ّ
ألحد كتاباً؟ فقاؿ :ال بأس بو ،وىذا ٩با ُخيَر ُج يكتب ٍ
َ
سائل .قاؿ :وال َجيوز للمعلّم أف الصيب ،إذا كتَب الر َ
الصبياف رسل الّصبياف ُب حو ِ يِ
سل ّ ُ ّب
ُ ػ
َ ف لو: قيل . و ائج ُ َ
طلب بعض؟ فقاؿ :ال أرى ذلك لو ّإال أف بعضهم ُب ِ َ
يأْ َذ َف أولياء الصبياف ُب ذلك ،أو يكوف ِ
ا٤بوض ُع قريباً ال ُ َ
يشغل الصبيا َف ُب ذلك .ولْيتَعاى ِد الصبيا َف ىو ِ
بنفسو َ َ ّ ُ
الصبيافُ ،خيرب أولياءَىم أهنم دل َِجيي ُؤوا. ِ
انقالب ّ ُب وقت
079
ِ
الصبياف
رل أحداً من ّ ب للمعلّم أ ْف ال يػُ َو َ قاؿ :وأُح ُ
جيعل ٥بم َعريفاً منهمّ ،إال أ ْف يكوف الصيب الضرب ،وال ََ
وعرؼ القرآف ،وىو ُمستغ ٍن عن التّعليم، الذي قد َختَ َم َ
يب .قاؿ :وال بأس أ ْف يُعينَو ،فإف ُب ذلك َمنفعةً للص ّ فال َ
يأمَر أحداً أ ْف يُعلم أحداً منهم ،إال أ ْف يكو َف َحيل لو أف ُ
الده ُبيب ُب َٚبر ِجيو ،أو يأذ َف و ُ فيما فيو َمْنفعةً للص ّ
بنفسو ،أو ي ِ
ستأجْر ىو من يُعينُو، ذلك .ولْي ِل ذلك ىو ِ
َ ََ
إذا كاف ُب مثل كِفايَتِ ِو.
ِ ِ
قاؿ :وال جيوز للمعلّم أف يَشتغل َع ِن ّ
الصبياف ّإال أف
ث، بأس بأف يَػتَحد َ فال ، فيو هم ض ر يكونوا ُب ٍ
وقت اليػُ ْع ِ
َ ُ
وىو ُب ذلك يَنظُُر إليهم يَػتَػ َفق ُد ُى ْم.
نفسو من قاؿ :وال بأس للمعلّم أ ْف يشَبي مايصلِحو لِ ِ
َ ُ ْ ُُ
ينظر ِ ِ
بأس أف َ َحوائجو ،إذا دل جيد من يَكفيو .قاؿ :وال َ
الصبياف عنو، ِ ِ
ُب العلم ُب األوقات الٍب يَستغي ( فيها) ّ
081
بعض،بعضهم إذل ٍ مثل أ ْف يصّبوا إذل الكتاب ِة ،وأَملَى ِ
َ ْ َ
إذا كاف ُب ذلك َمنفعةٌ ٥بم ،فإ ّف ىذا قد َسه َل فيو
االجتهاد ،ولْيَتَفر ْغ م علم ػ ال بعض أصحابِنا .قاؿ :ولْيػْلزِ
ـ
َ ََ ُ ُ ُ
٥بم.
وال جيوز لو الصالةُ على ا١بنائ ِز ّإال ما ال ب ّد لو منو،
ِ
ظر ُب أم ِره ،ألَنو أجّبٌ ال يَ َدعُ عملَو ويَػت ُ
بع ُ الن و
ُ م
ُيلز
َ ن
ْ ٩ب
ا١بنائز ِ
وعياد َة الػ َم ْرضى. َ
يكتب ُكتب العِلم لو أو َ للمعلّم أ ْف
قيل :فهل تَرى ُ
بأس فال بياف، الص من اغ ِ
و للنّاس؟ فقاؿ :أما ُب وقت فر ِ
َ َ ّ
فسو وللناس ،مثل أف يأذَ َف ٥بم ُب أف يكتُب لنَ ِ
َ َ
وز لو ذلك. حولَوُ ،فال أَراهُ َجي ُ ا
و دام ما ا أمو . االنْ ِق ِ
الب ِ
ْ ّ
ظر فيو إال ما ال وز لو أف َخيُر َج ٩با يْلَزمو الن ُ ف َجي ُ وَكْي َ
بعضهم إذلجيوز لو أ ْف يوكِل تعليم ِ يَػْلَزُمو؟ أال تَرى أنو ال ُ
َ ُ
بعض ،فكيف يَشتغِ ُل بغ ِّبىم ! ٍ
080
ص ِل صو ٌ
اب قاؿ أَبو ا٢بسن :كل ما جرى ُب ىذا ال َف ْ
حس ٌن .وما قاؿ فيوّ :إال أ ْف يأ َذف ُب ذلك أبوه أو َوليو، َ
ماؿ الصيب الذي فمعناه :إذا كاف أجر ا٤بعلّم من غّب ِ
ُ
وز إذ ُهنم ُب ذلك ِم ْن أَمو ِا٥بم ،دفعوا ا ِإل َج َارَة عن َجي ُ
يب .وقد تقدـ ِمثلُو ،وأف معناه :أنو كاف ُب الشرط الص ّ
ِ
للصبياف ،وىو عند َع ْقد اإلجارِةْ ،قبل أف َجيب ا٢بق ّ
وجوُ القوؿ عندي ،وا﵁ُ أعلم.
أكثر منها. و ك وقد أتَى ما وص َفو سحنوف على مسائِلِ
َ ُ َ
يناـ وأما قولُكِ :
وـ أ ْف َ لمعلم إذا غلَب عليو الن ُ ىل ل ُْ
نفسو؟ فإنو إ ْف كاف ُب عندىم ،أـ يغالِب ذلك عن ِ َ
ْ ُ ُ
عنده فْػلُيغالِبو ِ
إف َ ىمِ
ر وحضو اىم، إي و ِ
تعليم ِ
وقت
ُْ ّ
ب فَػْليُ ِق ْم فيهم َم ْن َخيْلُ ُفوُ عليهم (إذا َ
استطاع .وإ ْف غُلِ
ْ َ
ستأجُره ،أو يَتطوعُ لو إذا كاف ُب ِم ِثل كِفايتِو) بِإجارٍة ي ِ
َ
082
كاف ِمن غ ِّب الصبياف .وإ ْف كاف ِمن الصبياف ِ
أنفسهم ّ ّ ْ
فقد تقدـ من الشرائِ ِط ُب ذلك.
غل ،فهو ِ
وكذلك إف َمرض ،أو (كاف) عليو ُش ٌ
ٗبثل کِفايَتِو ٥بم ،إذا دل ستأجر ٥بم َمن يكوف فيهم ِ ي ِ
َ
باء الصبياف ُب ذلك تطُل مدةُ ذلك .فإ ْف طالت فَِِل ِ
ْ َ ْ ُ
ومتَ َكل ٌم ِمن قِبَ ِل أنو ىو الػ ُمستأْ َجر بعينِو ،فال نظر ٌُ
ستخف إذا يصلُح أف يقيم ِ
ب ،فيُ ََُرػَق فيما إال
ّ منو ا
ً ض وَ ع ُ
كانت ا ِإلجارةُ واجبةً عليو.
فأقاـ َم ْن يُوفيهم ِكفايتَو ٥بم ،إ ْف
سافر َكذلك إ ْف ىو َ
اليومْب وما أ ْشبَػ َه ُهما
اليوـ و ْ كاف سفراً ال بُد منو ،قريباً َ
يف ِ
فَػيُ ْستَ َخف ذلك إ ْف شاءَ ا﵁ .و ّأما إ ْف بَػعُ َد ،أو خ َ
ض ُب األسفار من ا٢بوادث ،فال ِ
ر عي مايب لِ
بػُ ْع ُد القر ِ
َ ُ
يصلُح لو ذلك.
083
اعات ،فليس وشهادات البِي ِِ ِ
كاحات وأما ُشهود الن
َ
يض، ِ
وعيادة ا٤بر ِ هود ا١بنازِة، لُو ذلك ،ىو ُب ىذا ِمثل ش ِ
ُ ُ
عنده شهادةٌ ،والسلطاف َعْنوُ ْأو أَشد .و ّأما إ ْف كانت َ
ذر ُب ع لو فهو ، و بعي ٌدُ ،ب سّبه إليو ُش ْغل عن ِصبيانِ
ٌ ُ ٌ
وج ْد منو بُد، ي دل فْ إ لكن و ، َٚبل ِفو عن أداء الش ِ
هادة
ُ َ ْ
ذر،
دع شهادتو عند من بَن ُقلها عنو ،ولو ُب ذلك عُ ٌ أَْو َ
عذ ُره بعُذ ِره الذي لَ ِزَمو. ويقبلُها ا٢باكِم ِ٩بن نقلَها إليو ،وي ِ
َ ُ َ
سألت عنو ِمن ىذا َ ٝبيع ما
نت لك َ فافَػ َه ْم ،فقد بي ُ
ا٤بعُب.
فعل ،يُريد ما َهنى عنو ،وتَشا َغل عن و ّأما قولُك :فإ ْف َ
اال ْشتِغاؿ
فاعلَم أنو يكوف من ِ
َ الصبياف ،ماذا عليو؟ ْ ْ ّ
مثل حديثِو ُب ٦بلِسو ،فيشغلو ا٣بفيف ،الذي يكوف ُب ِ
ِ من الص ِ
بياف شيئاً ،فهذا وما أَ ْشبَػ َهوُ يَقل َخطْبُوّ ،
وخيف
أصاب من ذلك ،إف الصبياف ٩بّا ِ
َ قدره ،فيتحلل من آباء ّ ُ
084
الصبياف فال اؿ و أم ن كاف األجر من أمو ِا٥بم .وإ ْف كاف ِ
م
ّ ُ
وقت عادة راحتِو ،ما بأس بو عندي أف يػعوضهم من ِ
َُ َ
ظوظهم با ْشتِغالِو ذلك، َجيبػر ٥بم بو ما نَػ َقصهم من ح ِ
ُ َ ُْ ُ
اليوـ أو أكثر اليوـ ،فهذا كثّبٌ .فإ ْف كاف وإ ْف كاف غائباً َ
قم ٥بم ِع ِوضأ أجالً معلوماً ،وقد َعطلَ ُهم ،ودل يُ ْ إجارتُو َ
ِ
اليوـ الذي َع ِطلَوُ.
ينوب ذلك َ منو ،فيضع من أَ ْج ِره ما ُ
وإ ْف كانت اإلجارةُ ُمطلقةًَ ،وَب كل شه ٍر ٗبا علم فيو.
ض، حٌب يػُْل ِجئَوُ إذل العِ َو ِ
عتاد التشاغُ َلّ ،وليس لو أف يَ َ
ضر بالصبياف. ألَف ذلك يَ ُ
و ّأما سؤالك عما يُ َكل ُفو ا٤بعلّ ُم الصبيا َف أ ْف يَأتوهُ بو من
الصبياف ِ ِ ب ِ
يوت آبائِهم يُر ُ
يد بغّب إذف آبائهم ،أو َٞبَلَو ّ ُ
عاـ أو غّب كليف من ا٤بعلّم ،وكاف ذلك من الط ِ بغّب تَ ٍ
ب أو غ ِّب ذلك ،فهذا ال الطعاـ ،وإ ْف قل قدره من َحطَ ٍ
ُ
َِحيل للمعلمْب أ ْف يَ ُأمروا بو ،وال أف يَقبَلوه إ ْف أٌُِبَ بو
085
إليهم ،وإ ْف دل يَأمروا بوّ ،إال بِإ ْذ ِف اآلباء ،ويَ ْسلَ ُم أيضاً
ِمن أف يكوف ما أَ ِذ َف اآلباء ُب ذلك على وجو ا٢ب ِ
ياءَ ُ
مة .وقد تق ّد َـ ِمن قوؿ َسحنوف ُب ِ
فصل ما وتَِقية الالئِ ِ
الكفايَةُ من ُسؤالك ىذا. َجيوز ِمن بِطالتِهم ما فيو ِ
ُ
فافْػ َه ْم.
وشراءُ الدرِة(ٔ) وال َفلَ َق ِة(ٕ) على ا٤بعلّم ،ليس على ِ
ا٢بانوت لِ َمجلِس التعليم ،على ِ الصبياف .وكذلك كِر ُاء ّ
اب. وص وىو ، حنوف س ا٤بعلّم أف يكوف كل ذلِك لِ
ٌ َ
ٍ
صبياف َمعلومْب سنَةً وقاؿ :إذا استُػ ْؤِجر ا٤بعلّم على
الصبياف كِراءُ موض ِع الػ ُمعلم. ِ
َمعلومةً ،فعلَى أَْولياء ّ
ب بو.
ضَر ُ
-سو ٌط يُ ْ
)(0
086
اب أيضا ،ألَهنم ىم أَ ْتوا
قاؿ أبو ا٢بسن :وىذا صو ٌ
بالػمعلّم إليهم وأَقْعدوه لِصبياهنم ،وعلى ىذا ي ِ
عتد ُؿ َ ُ
ا١بواب.
087
ابن القاسم
(ٔ)
الصبياف ُب ا٤بسجد ،فإف َ وأما تعليم ّ
يب إذل ا٤بسجد. بالص أٌب ي جل الر عن مالك
ٌ لقاؿ :سئِ
ّ َ ُ َ
ِ ِ
األدب، أَتَ ْستَحب ذلك؟ قاؿ :إ ْف كاف قد بلَ َغ َم َ
وضع
ث ُب ا٤بسجد فال أرى بأسا .وإف وعرؼ ذلك ،وال يَعبَ ُ َ
حب ذلك. ُ
أ فال ، ث عب ي و فيو رقكاف صغّباً ،ال ي ِ
ّ ُ ََ َ
ثل معُب ىذا. مالك ِ
م وىب عن ٍ ِوالبْ ِن ٍ
ُ
مالك عن تعلم الصبياف ُب و ّأما سحنوف فقاؿُ :سئِ َل ٌ
وز ألهنم ال يَتحفظوف من ا٤بسجد فقاؿ :ال أرى ذلك َجي ُ
ا٤بسجد للتعليم. بصِ ِ
ُ النجاسة ،ودل يػُْن َ
088
ب ال ّدنيا ُب صحيح ،وتَكس ُ ٌ اب
قاؿ أبو ا٢بسن :جو ٌ
طاء ب ِن يَسا ٍر ا٤بسجد .ال .يصلُح .أدل تسمع قوؿ ع ٍ
َ ْ َ َْ َ
ِ
بسوؽ يبيع ِسْلعةً ُب ا٤بسجد :عليك ِ
للذي أراد أ ْف َ
سوؽ اآلخرِة .فال يَب ُؾ لِػمعلّم الص ِ
بياف الدنيا ،فإّنا ىذا ُ
َُ ُ
اضطُر إذل ذلك بِ ْاهنِ ِ
داـ وإف ْأ ْف َجيلس هبم ُب ا٤بسجدِ ،
َ
َمكانِو ،فْليَت ِخ ْذ مكاناً يُعلم فيو إذل أف يُصلِ َح ما انْػ َه َدـ
لو ،إ ْف أحب.
ا٤بكاف عليو ،كاف ْبيتاً أو حانوتاً ،إال أف يُدعى واٚباذُ ِ
قوؿ َسحنوف ُب كِر ِاء ياهنم ،فقد تقد َـ ُ صبياف بأَع ِ
ٍ ْ إذل
بيت ا٤بعلّ ِم ٥بم -إ ْذ الصبياف .فإذا كاف ُ ذلك أَنو على ّ
غّبه، ًا كان م ا
و ذ
ُ فبناؤه عليهم ،أو يػت ِ
خ - م ِ
بأعياهن ُىم
َ َ َ ُ
وليس على ا٤بعلّم من ذلك شيء .إّنا على ا٤بعلم
ا٤بكاف ،إذا كاف يعلم لِعامة الناس.
089
عة ،فهي جائزةٌ إِال وأما ش ِركةُ ا٤بعلّمْب والثالثَِة واألَرب ِ
َ َ ّ
أجود تعلماً إذا كانوا ُب ٍ
بعضهم َ مكاف واحد ،وإ ْف كاف ُ
ض
عاوناً ،وَديَر ُ
بعض ،ألَف ٥بم ُب ذلك تَرافُقاً وتَ ُ من ٍ
فيق .وإ ْف كاف ي حٌب و ن مكا بعضهم فيكوف الس ِ
ادل
ُ َ ّ َ ّ ُ ُ
اآلخر ليس و ، قومي الت ن ساءةُ ،حي ِ بعضهم عريب ِ
القر ِ
ُ َ ُ ُ
قلت:
كذلك ،ولكنو ليس يَػْل َح ُن ،فال بأس بذلكُ .
وعن اب ِن القاس ِم ُب مالكَ ، ذلك َعلَى ما جاء َعن ٍ
ْ َ
مالك أف ذلك ال يصلُح اشَبكا .وقد روي عن ٍ مْب َ
ُمعلّ ْ
ُ َ
فضل على مها حٌب يستوي ِعلمهما ،فال يكوف ِ
ألحد
ٌ َ ُ
أعلم من صاحبِو ،دل صاحبِو ُب ِ
أحدمها َ علمو .فإف كاف ُ
فضل من ال َكسب هما يصلُحّ ،إال أف يكوف ألَ ْعلَ ِ
م
ٌ
وإال دل يصلُح. يػُ َقد ُر عليو على صاحبِوّ ،
091
مْب منقاؿ أبو ا٢بسنّ :أما إذا دل يكن بْب ا٤بعلّ ْ
اآلخر ال و ، وَت اء
ر ق ب أحدمها يُع ِ
ر َ أف إال ختالؼ ِ
اال
َ ُ
يُعرهبا ،إال أنو ال يَػْل َح ُن ،فما ُب ىذا ما يوجب عندي
فاض َل بْب أُجرتي ِهما إذا اشَبكا .وكذلك يكوف التّ ُ
اآلخر ليس بذلك ،إال أنو يكتُب رفيع ا٣بط ،و ُ أحدمها َ
ُ
متقارب ُب الؼ ُب ىذا ِ
وشْب ِهو اال ْختِ ُ
ويتهجى .و ِ
ٌ َ
الشركة .وكذلك ىذا ُب الصنائ ِع وُب التجارة يكوف
أحدمها أَ ْعلى من اآلخ ِر فيما ُحيسن من ذلك ،فليس ُ
فض ٌل على اآلخر ُب ا ِإلجارة إذا كانا شر ْ
يكْب. ىذا ْ
أحد ا٤بعلّمْب يقوـ بالشكل و ا٥بجاء، ولكن إذا كاَف ُ
ساب ،و ِ الشع ِر ،والنح ِو ،وا٢بِ ِ
األشياء وعل ِم العربيّ ِة ،و ّ
شَب َط ِ الٍب لَ ِو انْػ َفرد معلّم ِ ِ
١باز ا ْف يُ َ
القرآف ٔبَ ْم ِع علومها َ ََ ُ
عْب ي ا القرآفِ ،من قِب ِل أهنا ِ
٩ب ِ تعليمها مع تعليم
ُ ُ ّ ْ َ عليو ُ
شارؾ من الوحس ِن ا٤بعرفة ،فهذا إ ْف َ ِ
على ضبط القرآف ُ
090
ُحي ِسن إِال قراءة القرآف والكتاب ،فهو الذي تكوف
الرواية ،على ق ْد ِر ِ
اإلجارةُ بينهما ُمتفاضلةً على ىذه ّ
ستأجُر ليعلم ِعل ِم ُكل واحد منهما .و ّأما أ ّف لو َ
أحدمها يُ َ
اآلخر و ، ذلك و أشب وما ساب الشعر وا٢بِ
حو و ّ
َ ََ الن َ
حت ىذه صلُ ْ
ستأجر على تعليم القرآف والكتاب ،ما َ يُ ُ
مذىب اب ِن القاسم ،وعلى قوؿ من يَكره ِ الشركةُ ،على
ّ
رآف والكتاب ( .فافهم ،فقد) اإلجارَة على تعليم غ ِّب ال ُق ِ
ع عنو من ُِحيب أف يأ ُك َل حالالً ِ
بينت لك ذلك ل ُّبَد َ
طيباً.
) - (0سحنوف بن سعيد بن حبيب التنوخي (ٓ ٔٙىػ – 240ىػ) ،ىو فقيو مسلم من القّبوانو
شيخ مشايخ افريقية ويعترب من أشهر فقهاء ا٤بالكية .
093
صحف ّإال
َ يأمَرىم أ ْف ال َدي ّسوا الػ ُم
أف على ا٤بعلم أ ْف ُ
اب، حٌب يَػ ْعلَموه .وىو َح َس ٌن صو ٌ َوُى ْم على ُوضوءّ ،
كما قاؿ سحنوف ،أل ّف معلمهم يُعلمهم مصاحلَ دينِهم
صيب دل
صلّي هبم ًّ قد ُسئِ َل ٌ
مالك عن صبياف ال ُكتّاب يُ َ
وخف َفوُ .قاؿ ِ ِ
َْحيتَل ْم قاؿ :ما زاؿ ذلك من شأف الصبياف َ
أبو ا٢بسن :يُريد الذين يُصلّوف معو دل َْحيتَلِموا ،ولو كاف
٧بتلم ،فإف صلُح ل ِإلمامة قُد َـ ،وإ ْف ُب صبياف ال ُكتّاب ٌ
خلف َم ْن دل َْحيتَلِم ،وال دل يصلُح لإلمامة فال يُصلّي َ
يُقطَ ُع عن صبياف ال ُكتّاب عاد ُهتم ،لكي يَتدرجوا اذل
حٌب يكربوا على ِ ِ
معرفة صالة ا١بَماعة ،وليعرفوا فضلها ّ
الراٞبْب. م أرح وىو الرغبة فيها ،وا﵁ خّب ٍ
حافظ
ُ ّ َ ُ ُ
وىو مؤلف كتاب (آداب ا٤بعلمْب) ٩با دونو ابنو ٧بمد عنو ،ويعترب من اقدـ ا٤بصادر و اوثقها ُب ٦باؿ
آداب ا٤بعلمْب و وقد نقل عنو اكثر العلماء ُب ىذا اجملاؿ وخاصة االماـ ابو حسن القابسي ُب كتابو
ىذا (احكاـ ا٤بعلمْب و ا٤بتعلمْب)
094
095
األول
الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ّ
097
098
استكمل قراء َة القرآف ُب
َ والوجو اآلخر أف يكو َف الصيب
الػ ُمصحف نَظَراً ،ال َخيفى عليو شيءٌ من ُحروفو ،مع ما
ِ
ا٥بجاء، ضْب ِط فَ ِه َموُ الصيب ٩با يَػْن ُ
ضاؼ إذل ذلك ،من َ
هاد ُب الواجب الشكل ،وحس ِن ا٣بط ،فيكوف ِ ِ
اال ْجت ُ و ّ
عادات النّاس ُب ِ يب أيضاً ،على ق ْدر الص ىذا م ل
ّ مع لػِ
ّ
احبَو من ص ما مع أَحوا٥بمّ .إال أف الػمستظهر لِ ِ
لحفظ
َ َ َ ُ
اب قر ٍ
اءة، وىجاء ،وإعر ِ ٍ وضبط ٍ
شكل، ِ خط،ُحسن ٍّ
تهاد أفضل جعالً ٩بّن دل يستظه ِر ِ
ا٢بف َظ، االج ِ ِ
َ َ ُْ يكوف ُب ْ
ِ ِ
ص تعلّ ُم كل ى على تالوة القرآف نَظراً .وما نَػ ُق َ إّنا قَ ِو َ
االجتهاد لو فيما وصفت لك ،كاف احد منهما عما و ٍ
ُ ُ
تكم َل ذلك .فعلى ىذين اس ََجيب من ا١بُ ْع ِل دوف َم ِن ْ
الوجهْبُْ ،حي َم ُل ما جيب للمعلّم على ا٤بتعلّم إذا ُى َو ْ
القرآف .وىذا إذا دل يكن شر ُط ا٤بعلّم ِ تكم َل َخْت َم
اس َ ْ
099
شرط ذلك كاف لو ما ِِ ِ
سمی .فأما إ ْف َ
للخْت َمة ُج ْعالً ُم ّ
يب الوجوَ الذي عُل َم من ظاى ٍر أوالص ؽَ شرط إذا ح ِ
ذ
ّ َ َ
نَظَ ٍر.
ص من األجر يب ٩بّا عُل َم بو ،ن َق َالص ّ
فإف ن َقص تعلم ّ
يب ،حٌب يَنت ِه َي الص م علت
َ من نقص ما قدار الػمسمى ِ
ٗب
ّ َ ُ ّ
ص التّعليم إذل أقل ما يَػْنػ َفعُوُ ،فيكوف لو ٗبقدار من نَػ ْق ِ
ا٤بنفعة الٍب لو فيو .وإف كاف دل يَشَبط للختمة شيئا ِ
212
ِالشتهار أداء (ٗ)
وُب سورة (الكهف) الصافّات)
( ّ
(ٖ)
) - (3سورة الصافات آياهتا ٕ ٔٛآية ،وترتيبها ُب ا٤بصحف ُ ،ٖٚب ا١بزء الثالث والعشرين.
) - (4سورة الكهف رقمها ،ٔٛتسبق سورة مرمي وتلحق سورة اإلسراءُ ،ب ترتيب سور القرآف الكرمي .
عدد آياهتا ٓٔٔ آية ،ترتيب نزو٥با .ٜٙتتوسط السورة القرآف الكرمي ،فهي تقع ُب ا١بزئْب ا٣بامس
عشر والسادس عشر.
213
قوؿ سحنوف :عندي أنو ال تلزـ ختمةٌ غّب ِ
القرآف كلو، ُ َ
يتطوعوا بذلك – بعّ ،إال أف ّ ثلث ،وال ر ٌ
نصف وال ٌ ال ٌ
عام ِة النّاس األداءُ ُب ذلك. ِ
ّإال أنّو دل يكن ُب عادة ّ
للصبياف،
سرًة ّ وم ّ فعلُو األقل إ ْكراماً للمعلّم َ
وإّّنا كاف يَ َ
وىذا ىو سبيل التكرِـ الذي ال َجيب بو ُح ْک ٌم.
جبت ِ
و٤با كانت ا٣بَتمةُ ُب تعلّم القرآف كامالً إّنا َو ْ
لت على عادة العامةِ ، على من أدى منهم من قِب ِل ِ
فحم ْ ُ ّ َ َ ّ
الوجوب ،وإ ْف دل يَش َِب ْط ٥با عادهتم ُب ذلك على وج ِ
و ِ
ْ ُ
العامة
وجب ذلك ُب كل ما فشا َب ّ سم ًیَ ، ُج ْعالً ُم ّ
ٝبيع
عندىا ُب الوجوب َك َم ْن ختَم َ حٌب صار َ والْتَػَزَمْتوُ ّ
القرآف .وكذلك عندى قولُو ،إذا قيل لو :فَػع ِطيةُ ِ
العيد َ
يُقضى هبا؟ قاؿ :ال ،وال أع ِرؼ َما ىي ّإال أف
طوعوا.
يَػتَ ّ
214
ِ ِ ٍ
ا٢بكم
ُ ب للمعلّم وكذلك قوؿ اب ِن َحبيب :وال َجي ُ
باألخطار الذي يأخذونو من الصبياف ُب األعياد ،ذلك
عل تطوع ،من شاء منهم فعل ،ومن شاء دل يفعل .وفِ
ُ ََ َ ٌّ َْ َ
ذلك حسن ِ٩بّن فعلَو ،وتَ َكرـ من آباء الص ِ
بياف ّ ٌ َ ٌَ
ِ
أعياد ستحسناً فعلُو ُب م ذلك ؿ ْيز دل
و . ميهم ل
ّ عم لِ
ػ
َ ُ َ ُ
حبيب عندي ُب ىذا، ٍ فقوؿ َسحنوف واب ِنالػ ُمسلمْبُ .
أداؤهُ َيرْونَو ِ٩بّا ال بُد
عامة النّاس ُ إذا كاف ذلك ليس ُب ّ
منو .فأَما إذا فشا ُب عامة النّاس ،وصار عند ّ
العامة ّ٩با
يرونَو واجبا ،وعلى ذلك جلَس ا٤بعلموف ،وإف دل
ِ ِ
عامة النّاس ُب يَش َِبطوه ،للعادة الػ ُمْنتَشَرِة ُب ّ
ا٤بوىوب
ُ الػ ُمعاوضات ،واجبة ،کا٥ببة للمكافآت إذا ناؿ
أفات منها، ِ ِ ا٥بِ
وجب عليو قيمتُهاَ .وَكذلك ما َ َ ا اهت
َ َف أ
و ة
َ ب
َ
العوض منو .وكذلك ا٤بعلّموف عندي ُب ُ وجب عليو َ
215
ا٣باصة، كانت ُمستحسنَةً ُب ِ
العادات ،إذا ىذه
ّ ْ
فانْتِشارىا على ما وصفنا ي ِ
وجبُها. َ َ ُ ُ
حبيب ومكروهٌ عليو أ ْف يَفعل من ٍ قوؿ اب ِن
اب ُ وصو ٌ
مثل النػ ّْبوِز والػ ِم ْهرجاف ،ال
ذلك شيئاً ُب أعياد النصارى ِ
تعظيم
ٌ ِحيل ٤بن فعلو وال ٤بن يقبلُو من ا٤بعلّمْب،بل ذلك
أىل ال ُكفر با﵁ .قاؿ :وحدثَي وإعظاـ أليّاـ ِ للش ِ
رؾ،
ٌ
ا٢بسن عن أس ُد بن ُموسى عن ا٢بسن بن ِدينا ٍ
ر َ
َ َ
يكره أف يُعطَى ا٤بعلّ ُم ُب النػ ّْبوِز البصري ،أنّو كاف َ ّ
هرجاف ،وقاؿ :كاف الػ ُمسلموف يَػ ْع ِرفوف حق وا٤بِ ِ
قدـمعلّميهم ،إذا جاء العيداف ،أو دخل رمضا ُف ،أو ِ
ُ
غائب من س َف ِره ،أعطَْوهُ.
ٌ
ص َد
عامة النّاس ،وال قَ َ
قاؿ أبو ا٢بسن :ما انتَ َشَر ُب ّ
ا٢بسن
ُ ا٤بعلّموف إذل الػ ُجلوس عليو من ىذا الذي ٠بّاه
رٞبو ا﵁ إال العيدين.
216
باؽ ِلفعل فأما رمضا ُف ،والقدوـ من السف ِر ،فهو ٍ
ّ
ثل ذلك. ما٣باص ِة ،وعاشوراء ِ
ُ
أىل ال ُكفر، أعياد ِ وكذلك الػمذموـ أف يؤخ َذ ُب ِ
َُ َ ُ
عندنا، االنْ ِ
الفصح ،و ِ يدخل فيها أيضا ا٤بِيالد ،و ِ
داس َ ُ ق ُْ ُ َ ُ
والغِبطةُ باألندلس ،والغِطاس ٗبصرُ .كل ىذا من ِ
أعياد ُ َ ْ
الك َفرة ،ال َجيب أف يَطلب معلّ ُم ا٤بسلمْب فيو شيئاً،
بشيء ُب ذلك ال يَقبَػلُو وإِ ْف أَطاعوا لو بو. ٍ وإ ْف أٌُِبَ إليو
يتطوعوا بذلك وال يَتزيّنوا لو وال يَنبغي للمسلمْب أف ّ
بشيء من التػ ْهيِئَ ِة ،وال ٍ بشيء من ال ِزي ،وال يَػتَهيّئُوا لو ٍ
االنْبداس ،وال ُقصوفات القباب ُب ِ مل ِ الصبياف َك َع ِ
يَػ َفَر ُح ّ
عم ِل ا٤بسلمْب، ُب ا٤بيالد .كل ذلك اليَصلُح من َ
بوؿ اإلكراـ منهم فيو، ويػْنػهو َف عنو ،ويأىب ا٤بعلّم من قَ ِ
ُ َْ
وخيْ َج َل ُمستَ ِخفهم لِيَعلَ َم جاىلُهم أف ىذا خطأٌ فَينتهيَ ،
217
ا٤بؤمن للمؤم ِن كالبُنياف يَ ُشد ُ
بعضو لو فيَبُؾ ذلك .و ُ
الرسوؿ عليو السالـ.بعضاً ،كذا قاؿ ّ
عند ا٤بعلّموأما قوؿ سحنوف فيمن أَخرج ولده من ِ
َْ َ َ َ ّ
قارب ا٣بَْتمةَ،ضر ولدي عندؾ وقد َ وقاؿ لو :ال َحي ُ
وكانت اإلجارةُ كل شهر .فقاؿ أقضي عليو با٣بَْت َم ِةٍ ،ب
ال أُبارل بو أَ ْخَرجوُ أو َتركو .ومقاربةُ ا٣بِتمة عند سحنوف،
باع
جاوز ذلك .وقيل عنو :والثالثةُ أر ٍ بلغ الثلثَػ ْْب أو َ
إذا َ
ْب .وعنده إذا دل يبلُغ إال لِسورِة يُونس ،أنو ال يُقضى أَبْػ َ ُ
يشَبطْها ا٤بعلّم ،ودل بشيء .وقاؿ ابن ٍ
حبيب وإذا دل َِ ٍ لو
ُ
رجو قبل يشَب ْط أبو الغُالـ ُسقوطَها عنو ،فأراد أف ُخي َ
دانت باألم ِر الي ِ
سّب ِ ِ ِ
َ فراغو منها ،كأ ْف كانت ا٣بتمةُ قد تَ ْ
يت عليو ،فا٢بِذقةُ واجبةٌ ِ
مثل الس َوِر القليلة تكوف بَق ْ ِ
وصفت لك. كما ظ
ُ للمعلّم كلها إذا كاف الغالـ َحي ِ
ف
ُ ُ ُ
وإ ْف كاف الذي بَق َي من ا٢بذقة الشيء الذي لو باؿ
218
أقل من ذلك ،أَ ْخ َ
رجو إذا شاء ،ودل يكن السدس و ّ
مثل ّ
ا٢بذقة شيء ال ٝبيعها ،وال على ِح ِ
ساهبا. ِ عليو من
ُ ٌ
كمها للمعلّم ٔبمي ِع ا٣بتمة
قاؿ أبو ا٢بسنّ :أما ُح ُ
عتدؿ فيمن َح ِذ َؽ ،وًب حذقو ُب
على من قارهبا ،فهو ي ِ
َ َ
ا٤بعرفة والنّفاذ ،واستغُب ٗبا عنده من ا٣بط وا٥بجاء
حٌب صار ال حيتاج فيما بَق َي عليو ِ
واإلجادة واإلعرابّ ،
يبق
إذل ا٤بعلّم ،فهذا إذا خر َج عند ُمقاربة ا٣بتمة ،فلم َ
من استكمالِو إياىا ما على ا٤بعلّم فيو عناء ،بل َٛب ِ
اديو ٌ ّ
فع للمعلّم.
مع ا٤بعلّم نَ ٌ
و ّأما إسقاطُهما ا١بُ ْع َل عمن دل يبلغ ُمقاربة ا٣بتمة،
حذؽ وف ِهم ،وال عنَت ُب ِ
تعليمو ،فما أع ِرؼ لو وقد ِ
َ َ
وجهاً ،وال م ِن أيْ َن أخذه .إّنا ذكر َسحنوف أف الػ ُمغّبة
يب إذا أخذ عند ا٤بعلّم ٍ
اجتمعا على أف الص ّ ابن دينار َ و َ
عرؼ إذا ة
ٌ اجب
و ا٣بتمة ف
ّ أ ، البقرة سورة إذل لثمن الث ِ
َ
219
سأؿ َع ْن غّب ذلك ٩بّا وصفت لك ،وال يُ ُ ُ يقرأه كماأف َ
وقوؿ ِ
ا٤بغّبة واب ِن دينا ٍر ُب ُمبتد ٍئ دل يكن أخ َذه عندهُ .
لث َحي ُس ُن ،من قِبَ ِل أ ّف ا٤ببتدئ ال ُحيَ ّقق ٩بّاانتهى إذل الثّ ِ
عُل َم النفا َذ الػ ُمَرف َق ُب مقدار بُلوغ الثّلث ،ىو يػُ َعد ُب
لثْب الث و م لع من فصار ، ا٤بيز من ِ
البعيد تعلم الصغّب
َ َُ ْ
عب بو ودل تضع عنو عنايةُ ِ ِ ِ
البَاقيَػ ْْب ىو الذي لَق َي الت َ
عام ِة النّاس. ِ
العناء ما يػُْرف ُقوُ ،ىذا الغالب ُب ّ األوؿ من َ ّ
العم ُل ُب ىذه األشياء على الغالب ا٤بستفيض ُب وإّنا َ
وصف الناس .ودل يذ َكر عن الػم ِ
غّبة واب ِن دينا ٍر ُب الذي ُ ُ
األوؿ شيئاً.
لث ّ عل َمو الثّ َ
ابن دينار -وكالمها من وقد قاؿ :تَنازع الػ ُمغّبةُ و ُ
يب َخيتِم القرآف عند ا٤بعلّم،
الص ّ
عُلماء أىل ا٢بجازُ -ب ّ
األب إنو ال َحي ِفظ ،فقاؿ ا٤بغّبة :إذا كاف أخ َذفيقوؿ ُ
الصيب کلو نظراً ُب الػ ُمصحف، القرآف عنده كلو ،وقرأَه ّ
201
مثل
سّب الذي ال بُد منو َ وأقاـ حروفَو ،وإ ْف أَخطأَ منو اليَ َ
وجبت للمعلّم ا٣بِتمةُ ،وىي على و٫ب ِوىا ،فقد ِ
ا٢بروؼ َ
ْ
ظ منقدره ،وىو الذي أَحف ُ وسع قدرهُ وعلى الػم ْقِ ِ
َب الػم ِ
ُ ُ ُ ُ
قوؿ مالِك.
ب للمعلّم ِ ِ ٍ
ابن دينار :قد ٠بعت مالكاً يقوؿَ٘ :ب ُ وقاؿ ُ
ا٣بتمةُ على قَ ْد ِر يُسر الرجل وعُ ْس ِرهَ ،جيتَ ِه ُد ُب ذلك ورل
األب ُب
النظر للمسلمْب .وأرى أنو إذا تنازع ا٤بعلم و ُ
يب :أنو ال يَػ ْعلَ ُم القرآف ،فإذا قرأَ منو نظراً من ا٤بوضع الص ّ
وجبت لو ا٣بتمةُ
ْ فرداً
عنده ُم َالذي لو كاف أخذه َ
غّب ذلك ،ألنو لو دل قضيت لو هبا ،وال أبارل أ ْف ال يقرأَ َ ُ
يأخ ْذهُ عنده دل يسأؿ ىذا ا٤بعلّم. ُ
قاؿ أبو ا٢بسن :فهذا َسحنوف ذکر ما تنازع فيو
ابن دينار فوصف أف ا٤بغّبَة َج َع َل للمعلّم الػ ُمغّبة و ُ
ا٢بروؼ اليَسّبةُ .ودل
ُ يب ّإالالص على بق ي دل إذا ة
َ تما٣بِ
ّ َ َ
200
حروؼ كثّبًة ما يكوف ت عليو ِ يِ
ٌ ف عنو فيو إف بَقيَ ْ ص ْ َ
ووصف ما رآه ابن دينا ٍر إذا قرأ الصيب نظراً َ ا٢بُكم فيو.
بت لو ِ
من ا٤بوضع الذي لو كاف أخ َذه عنده ُم َفرداً َو َج ْ
غّب ذلك:ا٣بتمةُ ،قُض َي لو هبا ،وال يُبارل أ ْف ال يقرأ َ
يأخ ْذه عنده دل يسأؿ ىذا ا٤بعلّم .فأين قاؿ :ألنّو لو َدلْ ُ
تصريح التّنازِع بينهما ىا ىنا؟ إذا كانا وصفا َِ
ماجيب بو ُ ُ
ا١بُ ْع ُل للمعلّم ،ودل يَ ِصفا ما يَس ُق ُ
ط بو ُج ْع ُل ا٤بعلّم ،وال
وص َفوُ واح ٌد منهما.
ف أ ّف مالكاً الوص ِ
ابن دينا ٍر ُب ىذا ْ
فق ا٤بغّبةُ و ُ
وقد ات َ
جعل للمعلّم ا٣بِتمةَ على ق ْد ِر يس ِر ِ
األب وعُ ْس ِره ،ودل ُ َ
ف عنهما سحنوف ّأهنما قاال عن مالك فيمن علّم ص ْيِ
َ
غّبة ُب الذي ما دوف ا٣بتمة شيئاً .وإف كاف قوؿ الػم ِ
ُ
ا٢بروؼ اليسّبةُ يدخل ُب ما ُح ِف َظ عن ُ يَب َقى عليو
ك إسقا ُط مالك فهو حسن ،إّّنا الطلب أف يوجد ا٤بالِ ٍ ٍ
ُ َ ٌَ
202
تمة .وقاؿ سحنوف أيضأ :قاؿ جع ِل ا٤بعلّم فيما دوف ا٣بِ ِ
ُْ
ب للمعلّم ِ
مالك وا٤بغّبةُ وغّبُمهاَ٘ :ب ُأصحابُنا ٝبيعاًٌ ،
استُػ ْؤِجَر شهراً شهرا ،أو على تعليم القرآف ِ
ا٣بتمةُ ،وإف ْ
بأج ٍر معلوـ ،وال جيب لو غّبُ ذلك.
ب لو قاؿ أبو ا٢بسن :وليس يَظهر ُب قو٥بم وال َجي ُ
غّبُ ذلكّ ،إال أنو إّنا جيب لو ُج ْعلُو ُب ا٣بِتمة ،ليس لو
مع ذلك إال ما ُخور َج عليو ُب الػ ُمشاىرة ،إذا كاف
الوقت وعليو يقعد ا٤بعلّم ،إال من ِ ا٤بعروؼ ُب ذلك
ُ
األرفاؽ ،الٍب الأَ ْكَرَموُ ُب األعياد وما أشبوَ ذلك من ْ
عم ُل عليها ،ومن ٞبل ليست ُمعتاد ًة فيُ َ
ْ يُقض َى هبا ،إذ
ىذه الكلفة على أهنم أرادوا أنو ليس لو فيما دوف
ا٣بتمة شيء ،فما لقولو ىذا بيا ٌف.
وقاؿ ابن حبيب :ا٢بِذقةُ على ا٢بِفظ الزمةٌ ألبيوّ ،إال
اشَبط على ا٤بعلّم أف ال حذقةَ عليو
أف يكوف أبوه َ
203
فأما إذا ِ ِ
سوى إخراجو ،فيسقطُها الشر ُط عنوّ ،
اشَبطها
رت لكَ ، ٘بب كما فس ُ سكتا عنهما ،فهي ُ
اطها ا٤بعلّم أو دل ي ْش َِبطْها ،وإّنا خيتلف ا٢بكم ُب اشَب ِ
ُ ُ ُ ُ ْ َ
جل أف ُخير َج و َلده ْقبل الر ادر أ إذا ها، أو غّب اشَب ِ
اط
ّ ُ
اشَبطها ا٤بعلّ ُم ،مثل أف يقوؿ :أُعل ُمو ِ
ا٢بذقة .فإنّو إذا َ
كل شهريْن ،وعلى أف ٍ
كل شهر ،أو ُب ّ على درىم ُب ّ
رجوُ إ ْف شاء، ِ
رل ُب ا٢بذقة كذا وكذا ،كاف للب أف ُخي َ
ذقة على ق ْد ِر ما قرأَ منها ،و ْلو دل يقرأْ وكاف عليو من ا٢بِ ِ
الربع ،كاف عليو منها ٕبساب ذلك، لث أو ّ منها ّإال الثّ َ
شارطَوُ على ِ ِ ِِ
ال ْشَباطو فيها ما ٠بى مع خراجو ،ولو كاف َ
رجوأف ُحيذقَو ولَوُ كذا وكذا ،دل يكن أليب الغالـ أف ُخي َ
حٌب يُتِم حذقتَو.
وصف ىذا بْب ما ُِ
ٝب َع ِ ففرؽ ُب قاؿ أبو ا٢بسنَ :
سميَ ِة ا١بُ ْع ِل عليها ،أو
الشر ُط فيو بشرط ا٢بذقة وتَ ِ
204
شرط ا٢بِذقة وتَ ِ
سميَة ا١بُ ْع ِل ا٤بخارجة ُب كل شهر ،وبْب ِ
شاىرٍة ،فيما إذا أراداج ُم َ عليها .ودل يكن مع ذلك خر ُ
اجو ْقبل َٛباـ ا٢بذقة .ودل يَذكر ُح ّجةً يب إخر َ أبو الص ّ
لتَػ ْف ِرقَتِو ،ودل يكن ٤بن َشَرط و٠بى ٥با ُج ْعالً وزاد مع
ا١بُ ْع ِل ِدرمها ُب كل شهر ،إذل أف يُتم ا٢بِذقةَ أ ْف ُخيرج
ٛبامها ،ويسقط للمعلّم بقية شرطو ٩بّا ٠بّى لو ابنَو قبل ِ
ْ
اج ُب من ا١بُ ْعل ُب ٝبيع ا٢بذقة ،وىو لو دل يُ َسم ا٣بر َ
رجو ْقبل َٛباـ ا٢بذقة، خي
ُ أف يب الص أبو ع كل شهر لَمنِ
َ ّ َُ ّ
أل ّف العقد قد أوجب على ا٤بعلّم قبل ٛباـ ا٢بذقة،
يب ا١بُ ْع َل الػ ُمسمى ،فليس لو أف وأًْوجب على أيب الص ّ
صوُ منو بإخر ِاجو ابنَوُ ْقبل التّماـ .فإف كاف زيادةُ ِ
يػُْنق َ
ا٣براج ُب الػ ُمشاىرة بشرط إلْزِاـ َشْرط ا٢بذقة رجع ذلك
أردت بيانَو
يشَبط ا٢بذقة .فهذا الذي ُ إذل حكم من دل َ
حصةٌ من ُج ْع ِل ا٢بِذقَِة ،إذا يب ّ ّ الص أيب على ل
َ
إ ْذ جعِ
ُ
205
القوؿ .فَلِ َم ُجعِ َل
ٛبامها ،وىو صواب ِمن ِ
ٌ َ
أخرجو قبل ِ
َ ُ ْ
يشَبط ا٢بذقةَ فأخر َج ابنَو ْقب َل ُمقاربَتها ،أنو ال لػِ َم ْن َ
يػُ ْغَرُـ شيئا من ُج ْع ِل ا٢بذقة؟ فإ ْف قيل ألهنا دل تُشتَػَر ْط،
سمی ،قلت :فإذا كمل ىذا ا٣بتمةَ، ودل يُ َسم ٥با ُجعالً ُم ًّ
ؤدي ت ،وال ُ٠بّي ٥با ُج ْع ٌل ،وقد كاف يُ ّ كن ا ْش َُِبطَ ْ
ودل تَ ْ
مشاىرًة أو ُمسانَا ًة َخراجاً فَلِ َم ُجعِ َل عليو حق ا٣بتمة
شَب ْط؟ ودلَ َدلْ يَ ْكتَ ِفيا من ذلك ٗبا كاف
وىو دل يُسم ودل يَ َِ
جرت ُب ؤدي من الػ ُمشاىرة؟ فإ ْف قيل :أل ّف العادة قد ْ يُ ّ
باال ْجتِهاد على و٘بعل ِ ُ ت ل
َ م ك
َ إذا ا٣بتمة الناس ِ
بأداء
َُ ْ ْ ُ ّ
يب ،وقدر ما انْتهى إليو ِح ُ
ذؽ قدر أحواؿ أب الص ّ
وجبُوالصيب من معرفة ما حف َظ ،وقيل فهذا الذي ي ِ
ُ ّ
قاـ
وم ُ مقاموُ َ
ا٢بُكم ،وال كراىيةَ فيو ،وال إباءَ منوُ ،
قبل ٛباـ ا٣بتمة، أبوه ىب الص جأخر إذا . اء و س التّس ِمي ِ
ة
َ ّ َ ٌ ْ َ
هاد ُب ا٣بتمة ،لو كانت جيب عليو ما يوجبو ِ ِ
اال ْجت ُ ُ
206
صتُو ب َق ْدر ما تعلّم من ا٣بتمة ،كما جيب ُب التسمية ِ
حّ
الٍب لَوُ أف خيرج إليو قبل ٛبامها .ىذا وجوُ القياس فيما
عندي وا﵁ أعلم.
حبيب أيضاً :وال َجيوز للمعلّم إذا ٍ قوؿ اب ِن
وكذلك ُ
سم َي ٥با شيئاً معلوماً. ِ
اشَبط ا٢بذقة مع ا٣براج ّإال أ ْف يُ ّ َ
فأما أ ْف يقوؿ أُ َعل ُمو كل شه ٍر بِ ِد ْرى ٍم ،على أف ا٢بذقة ّ
ت عن تَ ْس ِميَتِها ،فال جيوز ذلك إذا وس َك َ
ذل واجبةٌَ ،
اشَبطها ،فال بُد ٥با من تَ ْس ِميَ ٍة.
َ
ِ
ا٤بسألة يب َب ىذه الص ّ
قاؿ أبو ا٢بسن :ىو جيعل أليب ّ
ُخيْ ِر ُجو مٌب شاء قبل ا٣بتمة ،كأنّو دل يَػْلتَ ِزِـ ا٢بذقةٍَ ،ب
سمى .وإذا حٌب يُسمى ٥با ُج ْع ٌل ُم ًّ َدينع من أ ْف يُشَب َط ّ
يب أف يسقط ما ٠بّى لو ُج ْعالً من ىذا، كاف أليب الص ّ
الشرط فيها من التّػ ْغ ِري ِر با٤بعلّم؟ ِ
دلَ َدلْ يكن إدخاؿ ىذا ّ
وإذا جاز ىذا بالغرر الذي فيو ِدلَ َدلْ ُجيْز إذا دل يُ َسم
207
ِ
ا٢باجة إليو: االجتهاد فيو ،عند حٌب يُبيّنو
ُ اج ما ىو ّ ا٣بر ُ
التغر ُير فيهما واح ٌد وا﵁ أعلم.
صةً ٩بّا ِ
ذىبت إذل أف ُجيعل للمعلّم ح ّ ُ أين ما
واعلَ ْم ّ
ت ،إذا أخر َج الصيب كملَ ْ
االجتهاد ُب ا٣بتمة إذا ُ
ُ يوجب
ألين رأيتُو من أبوه ،ودل يستكملها وقد تعلم منها شيئاً ّ ،
يل منها كاف وجو اإلجارِة الٍب دل يشَبط ٥با غايةٌ ،فما نِ ِ
َ ُ
اجب فيو ،ودل يَبطُ ْل َعناءُ األجّب ،وكذلك عليو الو ُ
شَب ْط كمالُو إلَْزاما،الػ ُمجاعلةُ على الشيء الذي دل يُ َ
العام ُل ما شاء ٍبّ ترؾ .فإف كاف لَِرب العمل فعمل فيو ِ ِ
ِ
ا١بعالة، فيما عمل منفعةٌ ينتفع هبا و ّأدى ِحصتها من
تعليم ا٣بتمة يستكمل دل يبالص م ل
ّ ٤بع يكوف ال م فَلِ
َ ّ َ
ىكذا؟ وىو ْلو علّم سورًة واحد ًة الْنتفع هبا ا٤بتعلم،
وإين ألرى رأيِي ٗبنصوص قَػ ْوِؿ ِ
وا٤بعل ُم دل يُعلمو ح ْسبَةًّ ،
مالك .قلتُ :ب ذلك قاؿ مالك ُب الذى يعلم ٍ
208
الزـ،
سنتْب فذلك لو ٌ ْ الصبيا َف إنو إذا اشَبط سنَةً أو
ّ
مسمى ،فأراد أف َخيُر َج أو خيرج عنو
وإ ْف دل يكن شرط ّ
ابن القاسم وابن
يب فلو بق ْدر ما علّم .كذا روى ُ الص ّ
ّ
٠باعْي ِهما ،وُب ُموطأ ابن وىب.
وىب عن مالك ُب َ ٍ
مالك
وقاؿ ابن حبيب٠ :بعت ُمطرفاً يقوؿ :قاؿ ٌ
وٝبيع علمائِنا با٤بدينة :ال بأس بأخذ األجر على تعليم
اط على ذلك سنةً أو الصبياف الكتاب والقرآف ،واالشَب ِ
ّ
سنتْب .فإذا كاف ذلك ،دل يكن األب الغُالـ أف ُخي ِر َجو
سمى ،فال الشر َط .وإذا دل يكن شر ٌط ُم ًّ توُب َ
حٌب يَ ْس َ ّ
بأس أف ُخي ِر َجو إذا شاء ،وعليو ق ْد ُر ما علمو .فهذه
حصتَو ٗبقدا ِر مااجتمعت على أف للمعلّم ّ ْ ايات قد
الرو ُ
ٛباـ ٍ
حذقة، علم .وما ذُكِر ُب ىذه الروايات من شرط ِ
ْ ّ َ
ىب من إخر ِاجو ُب الص
ّّ أبو نع م
ُ وإّنا ها،َوال تَس ِم ِية جعلِ
ْ ُْ
الروايات إذا كانت اإلجارةُ فيو أجالً معلوماً، ىذه ّ
209
سمى، أج ٍل ُم ًّ ِ ٍ
سنتْب فإذا دل يكن شر ُط َ بشرط سنَة أو ْ
مانع .وكذلك ا٤بعلّم إف أراد يب ٌ دل يكن إلخر ِاج الص ّ
بْب ال التػرَؾ .ىذا ما ُب ىذه الروايات عن ٍ
مالك ٌ ّ ْ
ؼ ىو عند اية مطر ٍ إشكاؿ فيو .والذي قدمناه من رو ِ َ
ُ
حبيب ،ولكنّو دل يستعملو ُب ٝبي ِع وجوه ا٤بسألة. ابن ٍ
ب للمعلّم ا٢بذقةَ ،ونرى أف ُحيكم لو قاؿ :و٫بن نُ ِ
وج
ُ
اىر على ق ْدر الغُالـ ،وقْ ِدر ِدرايتِو، هبا ُب النّظ ِر والظّ ِ
حفظو ُب ِح ْذقَِة الظّاى ِر ،وق ْد ِر معرفَتِ ِو با٥بجاء وق ْدر ِ
معلوـ ،وليس كل وا٣بط ُب حذقة النّظر ،وليس ٥با ق ْدٌر ٌ
كغّبه منالنّاس فيها سواء ،وليس ذو ال َف ْق ِر من اآلباء ِ
ً
اس الن
ّ جرى ة م کار م ا ألهن
ّ هبا كم حي
ُ أف أينا
ر ا وإّن ، ُب الغِ
ُ َ َ ُ
بياهنم ٗبنز ِلة ىديِّة عليها فيما بينهم وبْب معلّمي ِص ِ
ُ َ
جل ،وقد ِر الر ِ ِ
العُرس .و٫بن نرى أف ُحيكم هبا على ق ْدر ّ
قدر معلوـ .وكذلك ا٢بذقةُ. ِ
ا٤برأة ،وليس ٥با ٌ
221
وغّبه من ِ
أىل الفرِج َ
بن َ كاشفت عن ذلك أَ ْ
صبَ َغ َ ُ وقد
أوضحت لك،
ُ العلم والفقو ،فأوضحوا رل من ذلك ما
وأسقطوا ذلك عن ا٤بعلّم ُب حذقة الظاى ِر ،إذا دل
اليسّب،
َ الـ فيها شيئاً ،أو يستظهر فيها يَستظْ ِه ِر الغُ ُ
األحرؼ
َ ا٢برؼ و
َ السورِة
طئ ُب ُفأما أف ُخي َ
وفاتَوُ الكثّبُّ .
عثر، ِ
طئ ويَ ُ
اليسّبَة وىو ُمستمّر ُب القراءةّ ،إال أنّو ُخي ُ
ظ َجيب للمعلم بو أف يُكافأَ. فَػْليُػلَق ْن ،فهو عندي حف ٌ
طئ كالذي ال ُخيطئ ُب ق ْدر ما يُعطَى.
وليس الذي ُخي ُ
جعل جعل ا٤بعلم ُب ا٢بذقة ،إّنا ىو كيف َ فانظر َ
كارـ .وكذلك قاؿ ُب ِحذقة النّظ ِر مكافأة على وجو الت ُ
الغالـ
ُ كارَـ ويُكافَأَ ،إذا كاف
إّنا جيب للمعلّم فيها أف يُ َ
حسناًَ ،وخيط خطاًّ ٝبيال ،ويكتُب ما يَتهجى تَػ َهجياً َ
ِ
فأما إذا دل ُحيسن ُديلى عليو ،ويقرأُ نظراً ما أُمر بقراءتوّ .
جيب فال ًا
ر نظ شيئا ْ
أريق دل
و ، ا٣بط م ا٥بجاء ودل ُحي ِ
ك
ُ َ
220
للمعلّم ُب ذلك شيءٌ ،بل ِجيب عليو ما َوصفنا فوؽ
ىذا من التأنيب والتػ ْعنِ ِ
يف.
ف ما تَعلم ،فما ص ُ
قاؿ أبو ا٢بسنّ :أما صيب ىذا َو ْ
ب للمعلّم ُب ما ِ
تعلم شيئاً ،وقد قدمنا أ ّف ىذا ال َجي ُ
اجب عليو ْقب َل ىذا عند وفسرنا الو َ علمو ُج ْع ٌلّ ،
العلماء.
حبيب :إ ّف ا٢بكم هبا عنده ٗبنز ِلة َى ِديِّة
و ّأما قوؿ اب ِن ٍ
فاعلَ ْم أ ّف ىدية العُرس ،قاؿ :و٫بن نَرى أف ُحيكم هباْ ،
رس قد قيل ٍ
٤بالك :فهديّةُ العُرس إذا طلَبَْتها ا٤برأةُ وأىب العُ ِ
مالك :ال أرى ٥با فيو حقاًٍ ،ب قاؿ :قاؿ ا﵁ وج ،قاؿ ٌ الز ُ
ّ
ِ
ص ُدقَاهتِِن ْ٫بلَةً) فليس ا٥بديةُ وجل ( َوآتُوا الن َساءَ َ
عز ّ
(ٔ)
ّ
من الصداؽ ،وال أرى فيو حقاً ،وال أرى ما َ٫بَلَها ِعْن َد
222
اختالئِو يَ َلزُمو .فقيل ٤بالك :فإ ّف الذي عندنا ُب ىديّة ْ
حٌب إِنو ليكوف ُب عمل بو جل النّاسّ ، العُرس٩ ،بّا يَ َ
ا٣بصومات ،أَفَػ ََبى أف يُقض َى بو؟ فقاؿ :إذا كاف
ُ ذلك
طر َح ذلك ي أف أر دل ، همل
ُ عم وىو ،م ؼ من شأْ ِ
هن قد عُ ِر َ
َ َُ
ألين أراه أمراً قد َجَرْوا
عنوّ ،إال أف يتقدـ فيو السلطافّ ،
عليو.
مثل ىذا :ال أرى ٥بم
مالك َ قاؿ ابن القاسم :وقد قاؿ ٌ
إذل. ذلك ّإال أف يشَبطوه ،وىو أحب قولي ِ
و
ْ ّ
ٍ
اب مالك رٞبَوُكيف وقع جو ُقاؿ أبو ا٢بسن :فانظُْر َ
ا﵁ُ ،أوالً ُب ىديّة العُرس واحتجاجو على ذلك ٗبا ُب
كتاب ا﵁ ،فلما وصفوا لو ما َجرى ُب أكثر النّاس قاؿ: ِ
ؼ ذلك من ِ
شأهنم ،وىو عملُهم ،دل َأر إذا كاف قد عُ ِر َ
ألين
طر َح ذلك عنوّ ،إال أف يَػتَػ َقدـ فيو السلطافّ ، أ ْف يُ َ
مالك رٞبةُ ا﵁ عليو أ ّف ما
ْب ٌ أراه أمراً قد َجَرْوا عليو ،فَػبَػ َ
223
الزوج مأخوذٌ بو، وجَرْوا عليو من ذلك ،أف ّ اشتهر النّاس َ
العمل ُب ف
َ يكو أف ب جيَ وىكذا . ـ ألنو عليو قَ ِ
د
ُ َ
ا٤بعلّمْب ،ما جرى ُب النّاس ُسنةٌ ٥بم جائزةٌ ،أف آباء
الصبياف مأخوذوف بو ٥بم ،إذ على ذلك جاء اآلباء ّ
بأبنائِهم ،وعليو قَػ َع َد ا٤بعلّموف لِصبياهنم ،على أف َى ِديةَ
العُرس إّّنا ىي شيءٌ يُق ّد ُـ للمرأة عند ال ّدخوؿ هبا،
فاالنْتِفاع با٤برأة مستقبل ،وانتفاع الص ِ
بياف لِتَدخل بوِ ،
ُ ّ ٌ َ ُ ُ َُ
با٤بعلّم قد نالوه ُب الق ْدر الذي علمهم إياه ،فبأي ٍ
وجو ّ ّ
الصبياف ،وىم مأخوذوف ٔبميعو، طر ُح ذلك عن آباء ّ يُ َ
إذا استكملوا ا٣بتمةَ على َشْر ِطهم من ظاى ٍر أو نَظَ ٍر؟
باألوؿ ِِ
ابن القاسم األخ َذ ُب َىدية العُرس ّ إّّنا استحب ُ
وجب، قد كاح الن د ق
ْ ع ف
ّ أ لِ بمن قوؿ مالك ،من قِ
َ َ َ
يار خواستِحالَ َؿ الفرج قد ثبت بالصداؽ الػمسمى ،ال ِ
َ ُ ّ َ ّ َْ
224
للمرأة بَػ ْع ُد ُب التمادي على ذلك .وا٤بعل ُم ما لَ ِزَموُ
ذلك ،إذا دل يُشَب ْط عليو.
الصبياف إذا دل يكن عليهم شر ٌط َدينعُهم وكذلك آباء ّ
من إخراج أبنائهم ،دل يَ َلزْمهم التّمادي ،فليس ٥بم من
الفراؽ قبل ذلك مثل ما للزوج .والزوج أيضاً ل ِو اختار ِ
َ ُ ّ ُ
صف الصداؽ ،وىو ما انْت َف َع منها ِ ِ
وجب عليو ن ُ البناءَ ،
بشيء وإف كاف دل يَف ِرض ٥با شيئاً قَػْب َل الطالؽ ،دل
تعة الٍب يػ ْفرض ٥با بالطّالؽ شيء ،وصار أمرىا إذل الػم ِ
ُ ُ ٌ ُ
نْب ،وعلى ِ
حق على ا٤بػُحس َ ال ُحي َك ُم هبا ،إذ ىى ٌ
كارـ ٩بّا ال ُحي َك ُم
دخل هبا ،فَلَف اسم الت ُ فيم ْن َالػ ُمتقْبَ ،
کارـ فيو لِ َم ْن يريد ،على كم ،فالتّ ُ
َ ا٢ب
ُ ب بو .فأما ما ي ِ
وج
ّ ُ ُ
وجات من أشياء منو الواجب عليو ،وإّّنا ا٤بػتعةُ ِعوض للز ِ
ُ َ ٌ ّ
عملَو ،فهو کن يؤملنها .وأَخ ُذ ا٤بعلّم إّّنا ىو عن شيء ِ
ْ ّ ّ
ٗبا شبهناه من ا١بِعالَِة ،ومن مكافأة ا٥بِب ِة للثّو ِ
اب أَ ْشبَوُ، َ ُ ّ
225
أجروا َمسائل منو على معانی وُب باهبا أَ ْد َخ ُل .وقد ْ
البُيوع.
بعض علماء أىل ا٢بجاز قاؿ سحنوف :وقد ُسئل ُ
منهم ابن دينا ٍر وغّبه ،أف يستأجر ا٤بعلّم ِ١ب ٍ
ماعة ،وأف ُ ََ ُ ُ
كل واحد ما يَنوبُوُ فقاؿ :جيوز إذا تَراضى يفرض على ّ
بذلك اآلباء ،ألف ىذا ضرورةٌ ،والب ّد للنّاس منو ،وىو
رجل َعبديْن من
استأجر ٌ
َ أَ ْشبو .وقاؿ :ىو ٗبنزلة ما ل ِو
لكل واحد عبده ،وإّّنا ذلك ٗبنز ِلة البيعُ ،ب لْبّ ، رج ْ
ُ
ابن القاسم ال ُجي ُيز ىذه اإلجارَةكتاب ابن سحنوف ،و ُ
ألنو ال ُجييز ذلك ُب البيع ،وا﵁ُ أعلم.
نعم قد َمنَ َع ابن القاسم من جوازه ُب
قاؿ أبو ا٢بسنْ :
البيع وُب اإلجارات ،إذا دل يكن معلوماً ومنع أيضاً أف
أتْب ٍ ٍ ُجيمع ُب النّكاح بع ْقد و ٍ
وصداؽ واحد على امر ْ احد َ
لكل واحدة صداقُها على ِح ّدتِِو.
أو أكثَر ،إذا دل يُ َسم ّ
226
شٌب ّإال
آباؤىم ّ
الصبياف الذين ُ وما َع َقد ىذا ا٤بعلّم على ّ
االختالؼ ،وليس ىذا
ُ من ىذا الباب ،جيري فيو كلو
وذكر أنّو حبيب، ابن عليو بُب الذي موضع التكارِ
ـ
َ ُ َ َ ّ ُ
وغّبه من أىل العلم والفقو، کاشف عن ذلك أَ ْ
صبَ َغ
(ٔ)
َ َ
اجشوف(ٖ) .ولو كافؼ(ٕ) واب ِن ا٤بػ ِ ونكب عن اس ِم مطَر ٍ
َ ُ
عنده منهما لبدأ هبما وٗبن عنده عنو من ذلك شيءٌ
) - (0أبو عبد ا﵁ أصبغ(ٕٕٓ٘ٔ٘-ىػ) بن الفرج بن سعيد بن نافع الفقيو ا٤بالك ا٤بصري؛ تفقو
بابن القاسم وابن وىب وأشهب .وقاؿ عبد ا٤بلك بن ا٤باجشوف ُب حقو :ما أخرجت مصر مثل
أصبغ ،قيل لو :وال ابن القاسم قاؿ :وال ابن القاسم .وكاف كاتب ابن وىب ،وجده نافع عتيق عبد
العزيز بن مرواف بن ا٢بكم األموي وارل مصر.
) - (2مطرف بن عبدهللا بن الشخّب (تٜ٘.ىػ) ،ا ِإل َم ُاـ ،ال ُق ْد َوةُ ،ا٢بُجةُ ،أَبُو َعْب ِد ا﵁ِ ا٢بََرِشي،
ث َع ْن :أَبِْي ِو َ -ر ِض َي ا﵁ُ َعْنوَُ -و َعلِ ٍّيَ ،و َعما ٍرَ ،وأَِيب َذ ٍّر، ِ
َخو يَِزيْ َد ب ِن َعْبد ا﵁َِ .حد َ
ص ِري ،أ ُ
ِ
العام ِري ،البَ ْ َ
ِ
ْبَ ،و َعْبد ا﵁ِ ب ِن ُمغَف ٍل ،ا٤بَزِين صٍْ ِ ِ
ُ اصَ ،وُم َعا ِويَةََ ،وع ْمَرا َف ب ِن ُح َ
الع ِ
َو ُعثْ َما َفَ ،و َعائ َشةََ ،وعُثْ َما َف ،ب ِن أَِيب َ
َو َغ ِّْبِىم.
) - (3العالمة الفقيو مفٍب ا٤بدينة أبو مرواف ،عبد ا٤بلك بن اإلماـ عبد العزيز بن عبد ا﵁ بن أيب
سلمة بن ا٤باجشوف التيمي موالىم ا٤بدين ا٤بالكي ،تلميذ اإلماـ مالك ،حدث عن أبيو ،وخالو
يوسف بن يعقوب ا٤باجشوف ،ومسلم الز٪بي ،ومالك ،وإبراىيم بن سعد ،وطائفة.
227
بعبد ا﵁ ب ِن عبد ا٢بَكم لو كاف عنده منو منهما ،أو ِ
ؼ ،عن ٍ
مالك عنده من ِرواية مطر ٍ
شيءٌ .وقد تقد َـ ما َ
ُ
الف ٤با بَػ َُب عليو وغّبه من علماء ِ
أىل ا٤بدينة ،وىو ُ٨ب ٌ
ورل ا٤بػُتقْب.
أعلم وىو ُ
حسب ما بَػيػنا .وا﵁ُ ُ
َ
ب وما أرى سحنوف قصد ٤با قالو :فمن دل يقا ِر ِ
ُ َ
فأخر َجوُ أبوه ،أنو ال شيءَ عليو، ا٣بتمةَ٩ ،ب ْن دل يَ َِ
شَبطَ ،
قوؿ ا٤بػ ِ
غّبة وابن دينا ٍر ّإال أنو كاف ىو ا٤بفهوـ عنده من ِ
ُ ُ
مت البيا َف عن الذي قد تقدـ ،وا﵁ أعلم .وقد قد ُ
ٝبيع ِِ
اب مسائلك ُب ىذا ا٤بعُب قد أتى عليو ُ ذلك .وجو ُ
إشكاؿ فيو عليك وال على غّبؾ، َ اضح ،ال
ما وص ْفنا ،و ٌ
إ ْف شاء ا﵁.
بعض القرآفٍ ،ب َخرج ك ُب الذي َعلموُ معلّ ٌم َ
ومسألتُ َ
من عنده إذل معلّم آخر استكمل عنده ا٣بتمةَ ،جيري
األوِؿ ٗب ْقدا ِر ما علّم
نت لك :يكوف للمعلّ ِم ّعلى ما بَػي ُ
228
وثلثْب ،أو ربعاً وثالثة أرباع ،ينظُُر نصفاً ونصفاً ،أو ثػُلُثاً ْ
يب ُب ا٣بتمة كلها، الص ىذا أيب على جيب فيما م ا٢باكِ
ّ َ ُ
لده من الفهم على قدر يُ ْس ِرِه وعُسره ،وما انْػتَهى إليو و ُ
غرَموُ أبورؼ ُمنتهى ذلك ا١بُ ْع ِلَ ، فيها تعلم .فإذا َع َ
ناء كل و ٍ
احد الصيب ،واْقَػتسمو ا٤بعلّماف ،على ق ْدر ع ِ
ّ َ ّ ّ َ ََُ
منهما ،وما وصل إذل الصيب من نَػ ْف ِع ِ
تعليموَ ،جيت ِه ُد ُب ّ َ
ص منو ِ
ٝبيع ذلك ،أو يَػْنػ ُق ُ للوؿ ُ ذلك .ورّٗبا ُجع َل ّ
األوؿ قد بلغ من قليل ،فَػيُػ ْعطَى الثّاين ،وذلك إذا كاف ّ ٌ
يب إذل مقاربة ا٣بتمة نَظراً أو استظهاراً ،حٌب الص ّ
تعليم ّ
ِ
االستغناء عن الػ ُمعلّم، ا٢بذؽ ُب ذلك إذل بلغ من ِ
َ
ي ِ ِ
خروجو إذل الثّاين ال يزيد عْلماً ُب تعليمو ،فأ ّ ُ فكاف
شيء يكوف ٥بذا؟ ّإال أف يكوف لو شيء ُب إِم ِ
ساكو ْ ٌ
األوؿ منو شيءٌ ،وقد على ليس فذلك ، يب للص ووحياطَتِِ
ّ ّ ّ
يكوف لو ُب كتابِة ما بَقي عليو ،وإف كانت سورَة البقرة،
229
هد لو فيما يُعطى من زيادةُ ّقوِة ٍ
غرض يَنتفع بو ،فهذا ُجيتَ ُ
ذلك ا١بُ ِ
عل ،وقد يكوف ا١بُ ْع ُل َجيب للثّاين كلو ،وقل ما
يب ،فقل يناؿ منو األوؿ ،وذلك ألف ببتدئ ُب تعليم الص ّ
حٌب أُخ ِر َج عنو ودل يَػنَ ْل من التعلّم شيئاً ث عندهّ ، ما لَبِ َ
لو فيو َمنفعةٌ ،لِ َع َو ِج قراءتِو ُب سور يَسّبة تَعل َمها ،وال
ستأىل ىذا ُب التّعليم؟ ي ط وال ىجاء ،فأي ٍ
شيء خّ
ُ َ ّ
ؼوعر َ ِ
يب من فَػ ْهم ما عُل َم شيئاًَ ، ولو كاف قد ناؿ الص ّ
ما ىو ،ألخ َذ ا٤بعلّ ُم ِٗبقدار ذلك .فإ ْف كاف فيو َمْرفَ ٌق
األوؿ ،وخروجو فيو، للمعلّم الثّاين ٗبا نبّو منو ا٤بعلّم ّ
تمة ،فيأخ ُذه نُِقص ما يصيب ذلك الق ْدر من جع ِل ا٣بِ ِ
ُْ َ ُ
تبْب أف ليس سائر ا١بُ ْع ِل إذل الثّاين .وإف ّ
األوؿ ،ويُدفَع ُ ّ
ص من ٍ ِ
للثّاين َمْرفَ ٌق على حاؿ ٗبَا عل َمو األو ُؿ ،دل يػُْنػ َق ْ
يب ،ألنو باختيا ِره شيئ ،وكاف ذلك على أيب الص ّ ا١بُ ْم ِل ٌ
231
قوؿ ٍ
مالك الذي فاد ِ ِ
األوؿ .وكل ىذا ُم ُ
نَزعو من عند ّ
ذىب إليو.
األوؿ إذل يُونس،و ّأما سحنوف فقاؿ :إ ْف علّمو ّ
األو ُؿ ذلك إذل ثُلثْب أو زاد ِ
فا٣بتمة للثّاين .وإف جاوز ّ
ٍ
بشيء. قض للثّاين
لثْب ُب َمعُب ما قاؿ ،دل يُ َ
على ثُ ْ
تحساناً ،وليس ٍ قاؿ :وأَ
اس ْ
ض َخ لو بشيء ْستحسن أف يَػْر َ
ُ
مت لك وص َفو، ِ
بالقياس .وىذا على أصلو الذي ق ّد ُ
وعرفتك وجوَ مذىيب فيو.
ّ
230
جلس على ا٤بػُشاىرة شهراً َ ا٤بعلّم عليو ،فإ ْف كاف إّّنا
كم فيو أف يََبؾ تعليمهم مٌب بشهر ،أو سنةً بسنة ،فا٢بُ ُ
شاء ،ويَبكوه مٌب شاءوا ،وا٢بُ ْك ُم بينهم فيما قد علم
٥بم ،على ما قد بينا ْقب َل ىذاُ ،ب الذي لو أف خيُر َج
الع ْقد إذل خروجهم كاف بِغَلَبَ ٍة
و َلده .وال يلتفت ُب ىذا َ
أو بغّب َغلَبَ ٍة .إّّنا للمعلّم بق ْدر ما علّم ،رحلوا عنو ،أو
بعينِها ،أو ٍ
رح َل عنهم .ولو كاف ع َقد معهم على َسنَة ْ َ
نظر فيما َنزَؿ بالقوـ ،فإ ْف كاف ما ال ، ا أشه ٍر بأعي ِ
اهن
َ َْ
جيدوف معو ثباتاً ،والب ّد ٥بم من الرحيل عنو ،لِما نزؿ
هبم من بََال ٍء ال يُطيقونَوُ ِبفتنة أو َ٦باعة ،فهم ُب رحيلهم
معذوروف ،وليس عليو أف يَػْتبَػ َع ُهم ُب األسفا ِر ،دل
يَستأجروه على ذلك .فإ ْف رجعوا ُب بَِقي ٍة من ا٤بػُدة،
رجع إليهم ُب تلك البقيّة ،وسقط عنهم من األجر
ٕبساب األيّاـ الٍب حيل فيها بينو و بينهم ،ألهنم دل
232
طوعاً، أوالدىم عنو ْ
َدينعوه من السّب معهم ،وال ْأمسكوا َ
األجر ،وىو دل يستكمل وليس عليهم أف يستكملوا لو َ
حاسبَهم عند رحيلهم عمل األجل ،ولو كاف قد َ
وفاس َخهم ،دلْ يْلَزمو -إ ْف رجعوا بقيّةً من ا٤ب ّدة -أف َ
طوعاً ،فليس ٥بم أف هم ل
ُ رحي كاف وإف ، إليهم ع يِ
رج
ْ َ
الرحيل بأوالدىم دفعوا إليو ِ
يػُْنقصوا إجارتو .فإ ْف أحبّوا ّ
أَ ْجَرهُ کامالً ،وصنعوا ما شاءوا.
بعضهم ،فا٢بُكم فإ ْف رحل بعضهم متَطَو ِ
بت ُ َ َثو ، ْب ع ُ ُ
الراحلْب كما تق ّدـ ُب رحيل ٝبيعهم بينو وبْب ّ
تاألجل للثابِتْب ،و ْلو دل يَػثْبُ ْ
ِ ويلزُمو وفاءُ
تطوعْبَ ، ُم ّ
وٚبف عنو ُم ْؤنَةُ منهم ّإال واحد ،ألنو يأخذ أَجره کامالًَِ ،
َْ
َم ْن غاب .عنو ما داـ غائباً.
حل عن قَػ ْهَرٍة َغلَبَْتوُ على ذلك رحيل من َر َ و ّأما إ ْف كاف ُ
فذىب بولده ،فهو عندي عذر تَػْنػ َف ِس ُخ بو اإلجارة بينَو
233
فيم ْن بَِق َي ٩بن دل ِ
الراحلْب ،وحياسبُهمٍ ،بّ ينظر َ و بْب ّ
يضر
األكثر ،ودل ينتقص عليو ما ّ ُ ىم
يرح ْل ،فإ ْف كانوا َُ
بو ،فهو يُوُب الثّابتْب أجلَهم .وإ ْف وجد من يعلّمهم
الراحلْب كاف لو ذلك ،إذ ال َمضرَة على ا٤بػُقيمْب مكاف ّ
يبق من
األكثر ولن َ ُ الراحلوف ىم
ُب ذلك .و ّأما إ ْف كاف ّ
ا٤بضرةُ البّينةُ ،فهو
ا٤بػُقيمْب ّإال َم ْن عليو ُب الثبات معهم ّ
فعل ،وإ ْف شاء ِ
عذر لو ،إ ْف شاء أف يػُ َفاسخهم َ عندي ٌ
الراحلْب من ًاض و أف يػثْبت معهم فعل ،ولو إ ْف وجد ِ
ع
ّ َ َ َُ َ
فيعلمهم ،وال دينع من ذلك أيضاً.
235
نفس ُخ اإلجارةُ ،ولكن وأما إذا مات أبو الصيب فال تَ ِ
ّّ ّ
ت ض ا٤بعلّم شيئا فهو يأخذ من تَ ِرَك ِة الػمي ِ إ ْف كاف دل يَقبِ ِ
َْ
األجل فيما يَنوبُو، ِ ِ
ساب ما مضى ،وما بقي من َ ح َ
ماؿ َوِرثَو من أبيو ،أو يب إ ْف كاف لو ٌ الص ّ
يُؤخذ من ماؿ ّ
ماؿ ،فللمعلّم يب ٌ من غّب ذلك .وإف كاف دل يكن للص ّ
يب
ع للص ّ يتطو َ
يفسخ اإلجارَةّ ،إال أ ْف يشاءَ أف َ أف َ
يتيسَر .ىذا ال يػُْل ِزُـ بذلك ،وال يَتبَػعُو بشيء رجاءَ أ ْف ّ
ع غّبُه من طوِع ،فَػتَطَو َ
يب ،وإ ْف أىب ا٤بعلّ ُم من الت ّالص ّ
يب ،أو من غ ِّبىم ،بأ ْف يدفع ذلك للمعلّم، الص أو ِ
لياء
ّ ْ
ورل التوفيق. ِ
فسخ ،وا﵁ ّ ثَػبَتَت اإلجارةُ ودل تُ َ
اب بغّب شرط،
صيب أدخلَو أبوه ال ُكتّ َ
وأما سؤالك عن ّ
ورٗبا كاف الشر ُط
يلزـ صبيا َف الكتّاب؟ ُ
يلزمو ما َ
ىل َ
فهل يؤخذ ِ
نفسو ُب ال ُكتابْ ، خيتلف ،وعن يتيم َرمى َ
مثل ما يؤخذ من غّبه؟ قاؿ أبو ا٢بسن :إف كاف منو ُ
236
مثل ما يُؤدي من ىو مثلُو، ِ لليتيم ٌ ِ
ماؿ لزمو ُب مالو ُ
يؤدي مثلُو ،وذلك وكذلك األب يؤدي عن ابنِ
مثل ما ّ َ و ُ ُ
خيتلف .إّنا ُحيتاج
ْ اختلف الشر ُط أو دل َ ىو إجارةُ ا٤بػِثْ ِل،
يب لل ُكتّاب، الص ِ
إسالـ عند رط الش ِ
اختالؼ إذل ذكر
َّ
ؤدي إليك كما تأخ ُذ من غ ِّبنا ُب الشهر. فيقاؿ لو :نُ ّ
بْب ِ
حٌب يُ َ عقد على ىذا اإلجارة ّ فهنالك يَنبغي أ ْف ال يُ َ
الصبياف .على اختالفِو .و ّأما إ ْف كاف كيف أَخذه من ّ
أجر ،ىو ماؿ ،فعلمو ا٤بعلّم ،فليس لو عليو ٌ ليس الليتيم ٌ
تتطوعٌ ُب ذلك ،ليس لو أف يَػْتبَػ َعوُ بو .و ّأما إ ْف أتَ ْ ُم ّ
يب أمو إذل ا٤بعلم أو غّبُىا من الناس ،فسألَو بالص ّ
تعليمو ،فهو ا٤بطلوب بإجارة التّعليم إف كاف ليس لليتي ِم َ
ماؿ،
بْب الذي جاءَ بو ا٤بعلم أنّو ليس لو ٌ ماؿ ،إال أف يُ َ ٌ
طلب ي أف م ل للمع ليس ٍ
فحينئذ ؤدي عنو،
َ َ ّ وال لو من يُ ّ
منهم إجارًة.
237
وأما قولك ُب ا٤بعلّم :كيف يُشا ِرطهم ،فقد تق ّد َـ ُب
مالك وعن غ ِّبه. نصوص ا٤بػسائل شرح ذلك عن ٍ
ُ َ
ذكرت أنو يقع على الغَن ِم ،فإذا كانت َ وشرطُكم الذي
الغنم مؤجرًة دل َجيز إال أف تكوف مضمونةً على ِص ٍ
فة َ ُْ ُ
مثل ما إذا ، مَلالس و علومة ،إذل أجل معلوـ َجيوز ُب مثلِ م ٍ
ُ ُ َ َ
ٍ ِ
وشرع ُب العمل ،وكذلك نفسو هبا ُب خدمةَ ، أُوجَر ُ
أجالً ا٤بعلّم إذا شرع ُب التعليم ،أو كانت إجارتُو َ
أجل الغنَم ،جاز أف يقبض من ا٤بعِز حل ُ معلوماً ،فإذا ّ
األجل ،دل حيل دل إذا ا أمو .ًا
ز ضأْناً ،ومن الضأف معِ
ُ ّ َ َ
يصح ُب البيوع. يصلُح أف يأخذ غّب ِ
شرطو ،كما ال ّ َ ْ
بطعاـ مضموف ،أو بطعاـ ٍ نفسو
استأجر َ َ وكذلك لو
يبيع شيئاً من ذلك ِ
بعينو على ال َكيل ،دل جيُز لو أف َ
حٌب يَستوفِيَو.
ّ
238
يب، الص
ّ بوأما سؤالك عما يتع ّدی بو ا٤بعلّم ُب ضر ِ
ّ ْ ّ
يقع من فَبقى إذل ما ىو أكثر من ّ ِ
الضربة ،فهذا إّّنا ُ ُ َ
هني ا٤بعلّم عن ِ
مت لك َ ا١باىل ،وقد ق ّد ُ ا٤بعلّم ا١باُب
رب على التعليم إّنا
الض ُ
يب وىو غضبا ُف .و ّ ضرب الص ّ
الصبياف ،فما يصلُح أف يضرَهبم بو إّنا ىي ِ
إ ط ىو ِ
٣ب
ّ َ
الدرةُ ،وتكوف أيضاً رطْبة مأمونة ،لِئال تؤثر أَثر ٍ
سوء. َ ُ َ َ
أس والوجو ،فما ٥بذاضرب الر ِ
تنب ُ علمت أنو ُجي ُوقد أَ َ
يضرب بالعصا والل ْوح.
َ
مالك عن ُم َعلّ ٍم لو
قاؿ ُب كتاب ابن َسحنوفُ :سئل ٌ
ضربو
كسر يَده ،فقاؿ :إ ْف َ ضرب صبياً ففقأ عينو ،أو َ َ
فكسر يده ،فالديَةُ ِ
بالدرة على األدب ،وأصابَو بعودىا َ
يب فالديةُ الص مات فإف . جيوز ما فعل إذا ة،َلعلى العاقِ
ّ ّ
ضربو باللوح ف
ْ فإ .ُة
ار ف
ّ الك وعليو سامة، ق
َ بال لة على العاقِ
َ
239
أو بعصا فقتلَو ،فعليو القصاص ،ألنو دل يؤ َذف لو أف
يضربَو بعصا ،وال بلوح.
241
ضرب ا٤بعلّم الصيب ما َجيوز لو وقد قاؿ سحنوف :إذا َ
مثل ذلك ،فمات أف يَض ِربو ،إذا كاف ِمثلُو يقوى على ِ
أو أصابَو منو بالءٌ ،دل يكن على ا٤بعلّم شيءٌ غّبُ
ضم َن الديةَ ُب مالِو مع الك ّفارة إف مات .وإ ْف جاوز ِ
األدب ،وقد قيل على العاقِلة مع الك ّفارة .فإف جاوز
األدب فم ِرض الصيب من ذلك فمات ،فإف كاف َ
جاوز َ
القتل أَقسموا ،وقتلَوه بو األولياءُ.
ٗبا يعلَم أنو أر َاد بو َ
وإف كاف دل ُجياوز ٗبا يُرى أنو أراد بو ّإال على وجو
أقسم األولياءُ ،واستحقوا
األدب َ َ األدبّ ،إال أنو َج ِه َل
الديةَ قِبَ َل العاقِلة ،وعليو ىو الك ّفارةُ.
الصيب
وقولُو يُصيب ّ
حسنُ .
ٌ قاؿ أبو ا٢بسن :تفسّبٌ
٩بّا للمعلّم أف يوجبَو بو :ال شيء على ا٤بعلّم غّب
يب ثالثاً
ضرب الص ّالك ّفارة إ ْف مات ،معناه أف ا٤بعلم َ
240
الستِئهالِو إياه وطاقتِو عليو،
بالدرِة ،أو أكثر من ذلكْ ،
أج ِل ذلك الض ِ ِودل يتجاوز الواجب ُب ِصفة ّ
رب .فمن ْ
دل يكن فيو غُْرٌـ ،كالذي ديوت من َجْل ٍد وجب عليو ُب
اجب
ا٢بق .وأما إذا جاوز أدبَو الو َ َح ٍّد فهو َى ْدٌر قتيل ّ
بْب ،كاف ىو الذي َْٙب ِملو العاقِلة. ِمن األدب عن غلَ ٍط ٍ
وحيتمل أف إشكاؿ ،فالديِةُ ُب مالِوُ ،
ٌ وإف كاف ُب ُ٦باوزتِو
تكوف على العاقِلة ،إ ْذ كل شيء يُستطاع ال َق َوُد منو،
حاظٌر ُب الفاعل ،فالديّةُ فيو على فيمنع منو مانع ،وىو ِ
ٌ َ
موم ِة وا١بائَِف ِة إذا تُػعُم َدتَا .وما الوجوُ فيما َ
أ کا٤ب لة،العاقِ
َ
كل من زيادة ا٤بعلّم ّإال أف يكو َف ُب مالِو .وا﵁ أعلم. أَ ْش َ
قاؿ َسحنوف :وإ ْف كاف ا٤بعلّم دل يَ ِل َ
الفعل وإّنا َوليَوُ
رت لك ،وال األمر على ا٤بعلم كما فس ُ ِ
غّبُه بأمره ،كاف ُ
شيء على ا٤بأموِر .فإ ْف كاف -يعِب ا٤بأمور -بالِغاً،
ِ
الفاعل ،وعليو فم ْن أصحابِنا من رأى الديَةَ على عاقِلة
ِ
242
الك ّفارة ،يعِب على الفاعل .ومنهم من رأى ال ّد ِية على
عاقِلة ا٤بعلّم ،وعلى الفاعل الك ّفارة .وا﵁ أعلم.
من الد ِية على العاقِلة وجب ُب ذلك َعما َ و ّأما سؤالك ّ
كيف األمر فيها ،وليس ِٔبار ٍية عندنا ،ودل ت ِ
بْب دلَ َدلْ
ُ ْ َ ُ
اقل
تكن جاريةً عند ُكم ،فإف كنت ترى أنو ليس لكم عو ُ
قدروف أف ُٙبيطوا بذلك وال تَع ِرفوه ،فإف مضبوطةٌ ،وال تَ ِ
فيم ْن ال عاقِلَةَ لو ،أف جنايَػتَو ُب بيت ماؿ القوؿ َ
ا٤بسلمْب ،وعلى ا١باين ُب قتل ا٣بطإ ِعْت ُق رقَ ٍبة.
243
األفخاذ إليهمٍ ،ب األقرب إليو ،فإف ِ
فرغت القبيلةُ ،ودل
أقرب القبائل ِ ِ
ضم إذل تلك القبيلة ُ ٞبل ال ّدية فتُ ّتُطق َ
أمرىم .وإّّنا تُضم إذل منها .وكذلك جرى ُب اإلسالـ ُ
إقليمو كاف ن م ، وصفنا نّ٩ب معها لمىذه العاقلة من َحي ِ
ُ َْ َ
ضم اإلقليم الذي فيو ا١باين ألف ديو َاهنم واح ٌد ،ليس يُ َ َ
ا٤بِصري إذل الشامي ،وال إذل اإلفريقي .فإف ضبَطْتُم
ت لَ َديْكم ،فهكذا عواقِلَكم ،وصح ِ
ت عن َد ُك ْمَ ،وثَػبَتَ ْ َ ْ
ٞبل العاقل ،ليس األفخاذ والقبائل ُب ِ ِ ضماـ يكوف انْ ِ
ضم إذل فَ ْخ ِذ ا١باين وال إذل قبيلتو َمن ىو ُب جوا ِره إذا يُ ّ
ضم إليو َمن كاف ِم ْن ِ
نسبُو غّب نسبو .وكذلك ال يُ ّ كاف َ
وصفت نسبِو إذا كاف إقليمو من غّب ِ
إقليمو .فَافْػ َه ْم ما
ُ ُ َ
لك ،واستعِ ْن با﵁.
244
يؤدي ما وجب وأما قولك :وىل يَنبغي للرجل أف ّ
عليو ،يعِب من الدي ِة إذل أو ِ
لياء ا٤بػَقتوؿ ،ويكو َف هبا بَريئاً َ
نصف
الرجل الذي يفعل ىذا ُم ٌ ُب ال ّدنيا واآلخرة ،فإف ّ
ودت العاقلة .ولُزومو ِ
من نفسو ،وال يَ َلزُمو ّإال ذلكْ ،لو ّ
أيضا إياه مع العاقلة مؤجالً ُب ِ
ثالث سنْب .فإذا َ٪بَزه ُ
أىل الذىب ،أو َورقاً إف كاف وجعلَو ذىباً إف كاف من ِ
الورؽ ،أو َعْرضاً من العروض يَفي بالذي عليو أىل ن ِ
م
َ
عجلجائز إذا ّ أو أكثر منو قيمةً أو أقل ،فذلك ٌ
ئ ،وإف العروض ودل يُؤخرىا .فإف قُبِ َل ذلك منو فقد بَِر َ َ
وٚبْلِيَتَو منو ،فال بأس
أَىب من لو قَبولُو ،فإ ْف أراد تَػْرَکو لو َ
إذا أسقط قَ ْد َره عن بقيّة العاقِلة .و٤بػَا إف كاف إباؤه من
قَبولو َجهالً يريد أف يأخذ منو ما على غ ِّبه ،فليس على
بذؿ ما عليو ،فإف دل يؤخذ منو، ىذا ا٤بػتطوع أكثر من ِ
ُ ُ ّ
ٍ
أحب أال ُخيرجو إذلأوقف الواجب عليو عند أَمْب .وإف ّ
245
ضره إمسا ُکو ألنو إف تلف عند األمْب دل يربأ أمْب ،أو يَ ُ
أمْب
حاكم من ُحكاـ ا٤بسلمْب ٌ ٌ منو ،ولكن لو أَْوقَػ َفو
مأمو ٌف عند ع ْدؿ مأموف ،فإف كاف دفع ذلك إذل الع ْدؿ
كما وجب عليو العْب نفسها ،على ثالث ٪بوـ ،كلما
ثلث الواجب عليو ،فهو يَراه لو .وإف أىب حل َْ٪ب ٌم دفع َ ّ
أحب أف يتصدؽ بالواجب عليو من من ىذا كلو ،بأ ْف ّ
الذي يستأىلو با٤بّباث ،و إف أحب صنع بو ما شاء.
ب بو أُخذ منو .وىذا كلو إذا فإف ىو قبِلَو مٌب ما طُلِ
َ
اقل على ما وصفنا ٙبتَ ِمل ذلك،استوى أف للجاين عو َ
وجوب ىذه الدية على بيتُ فإف دل يثبُت ذلك ،وصار
ا٤باؿ ،فليس على ىذا الرجل شيءٌ ،وال على غّبه ،من
سألت ٝبيع ما قر ِ
َ رت لك َ فس ُ
ّ فقد . م ه
َ ػْف فا ا١باين. ابة
حسب ما ْأمکنِب ،لِضيق الوقت. عنو َ
246
جل امرأتَو؟ فاعلَ ْم أ ّف َأدبو إيّاىا وسألت ىل يُؤدب الر ُ َ
وجل ( َوالالٌِب عز و ل
ُوق وذلك ا﵁. تاب مأخوذٌ من كِ
ّ ّ
َٚبافُو َف نُشوزىن فَعِظُوىن واىجروىن ُِب الْمض ِ
اج ِع َ َ ُ َ ْ ُُ ُ ُ َُ َ
وىن فَِإ ْف أَطَ ْعنَ ُك ْم فَ َال تَػْبػغُوا َعلَْي ِهن َسبِ ًيال إِف اللوَ
اض ِربُ ُ
َو ْ
َكا َف َعلِيًّا َكبِ ًّبا)(ٔ) .فكذلك كل شيء َجيب عليها أف
طيعو فيو ،إذا كاف ىو ُمؤدياً إليها حقوقَها ،وسا٤باً من تُ َ
لمها ،فلَو أف يُؤد َهبا عليو .وأدبُو إياىا يكوف بق ْدر ظُ ِ
ئها٥با .وكذلك قاؿ فيو العُلَماء .فإ ْف ضرَهبا على استِ ِ
ْ
أديب ٥با ففقأَ عْيػنَها ،أو أَ ْعنَتَها ،إف ذلك ِمن وج ِو الت ِ ْ
فصاعداً ،وإ ْف لث منو ِ ا٣بطِإِ ،
َ بلغ الث َ ٙبم ُل العاقلة ما َ
أَنْ َكَرتْو ما ّادعاه قِبَػلَها من خالفِو ،فهذا ال يُنتَهى منها
وإال ال بُد أف يُسمع ُب األَ ْىلّية ضْرِهبا ّ إذل ما يوجب من َ
وا١بِّب ِاف ،ألف أدبو إياىا ليس يقع ُب أوؿ مرةِ ،
فإف ّ ُ َ ّ
) - (0سورة النساء ،اآلية رقم(ٖٗ).
247
عرؼ بو عند سمع منها ،وما دل يُ َ ادعى عليها ما دل يُ َ
وظاىرىا الص َحةُ والسالمةُ، األىلِْب وال ا١بّب ِ
اف ْ من ٍ
أحد
ُ
دل يُقبَ ْل قولُو عليها .وينبغي لو إذا كانت ىذه ِصفتُها،
نسبُو إليهاَ -م ْن يُوثَق بو من األىل ي ما على - عأ ْف يطْلِ
َ ُ ُ َ
ط يده إليها .فإ ْف دل وا١بّب ِافْ ،قبل أف يَظْ َهر عليو بَس ُ
نسبو إليها ،فقد ابْػتُلِ َي ،فإ ْف ِ
ُديكْنو أف يُظهر عليها ما يَ ُ
ِ
أدب
ؤدهبا ،إف َحق لو ٌ ٛباسك هبا على ما يَرى ،ويُ ّ شاء َ
ِ
كأدب ا٤بعلّم مأموراً عليها ،وال يَتجاوز فيو أدبُو ٥با،
ِ
ب وا٢بَ ِمية ،ألَنو إّنا يُ ّ
ؤدهبا صبيانِو ،سا٤باً من العطَ ِ لِ ِ
٤بػصلحتها لو و ِ
لنفسها. َْ
الكبّب ،ويذكر عنو أنو هلد و شكو ي وسألت عن الو ِ
الد
َ َ َ َ
يَػعُقوُ ،ويَػعُق أمو ،فاعلَ ْم –رٞبك ا﵁ -أف الو َلد إذا
249
الد ِه ،وبَِق َي احتػلَم ،وملَك أمره ،فقد ارتَػ َفع عنو نَظر و ِ
ُ ُ ْ َ َْ
فعليو أف يُوفِيهما أو َمن كاف على الولَد حق الوالديْنْ ،
وجل
عز ّ وجل منهما .فإنو ّ عز ّ معو منهما ما أَلَْزَمو ا﵁ ّ َ
ك أَال تَػ ْعبُ ُدوا إِال إِياهُ َوبِالْ َوالِ َديْ ِن ض ٰى َرب َيقوؿَ ( :وقَ َ
َح ُد ُمهَا أ َْو كِ َال ُمهَا فَ َال إِحسانًا إِما يػبػلُغَن ِع َ ِ
ند َؾ الْكبَػَر أ َ َْ َْ
ُؼ َوَال تَػْنػ َهْرُمهَا َوقُل ٥بَُما قَػ ْوًال َك ِرديًا ﴿ٖٕ﴾. تَػ ُقل ٥بَُما أ ٍّ
اح الذؿ ِم َن الر ْٞبَِة َوقُل رب ْار َٞبْ ُه َما و ِ
ض َ٥بَُما َجنَ َ اخف ْ
َ ْ
أيت والِداً يَشكو صغ ًّبا ﴿ٕٗ﴾) .فإذا ر َ
(ٔ) َكما ربػي ِاين ِ
َ ََ َ
لده القرآف وفَػه ْموُ ما عليو لوالدهُ ،ب ولده ،فاقرأ على و ِ
َ
قوؽ والديْ ِو، فق ،لعلو يتَذكر أو َخيشى ،وحذ ْره عُ َ لٍ
ْب وِر ٍ
الرسوؿ عليو السالـ َعد عُقوؽ الوالديْن مع ال َكبائ ِر فإف ّ
بقوؿ والِده ،أو ُحيكم دخل النّار .فأما أف يؤخذ ِ
ُ الٍب تُ ُ َ ّ
ِ
الده من ِ
أىل لكن إ ْف كاف و ُ بذلك عليوَ ،فال .و ْ
)- (0سورة االسراء .
251
غّبه ،أو اؼ لولَ ٍد ِ ا٫بر ٌ الصالح ،ويؤمن منو أف يكوف فيو ِْ
َ
ؼ الولَ ُد أف أباه ال يػُتّػ َهم زوجة لو غّب أمو ،فيُعر ُ إذل ٍ
سوء الظن بو فيك .وىو بالكذب ،وال سبيل إذل ِ عندنا ِ
َ َ
وء الس فيك و ل
َو ق فإف ، و إ ْف دل ُ٘بر عليك األَحكاـ،بقولِ
ّ َ ُ ْ
يُزِري بك ،وَدي ُقتُك ،ويػُنَػفُر عنك ال ُقلوب ،وتُرى بعْب
أىل ا٤بػُروءة ا١بَهالة والس َف ِو .فإ ْف كاف ىذا الولد من ِ
تشعُر الص َرب على والديْ ِو. ِ
والقناعة فيُ ْستَػْنػ َهى َويػُتَأَب ُخ ويُ ْس َ
نظر فيو ، ادة ر ػ ا٤بو هالة ا١ب و وأىل الس َف ِ
وإ ْف كاف من ِ
َ َ َ
العدؿ ٕبُسن النظ ِرَ ،وز َجَرهُ عما دل تقم حاكم ا٤بسلمْب ُ ُ
بو عليو بػيػنةٌ ّإال شكوى األب ،بعض الزج ِر .ورب و ٍ
الد َ ََ
الده
لد ا٢بليم ،فَ ْيعتو عليو و ُ يكوف الس َفوُ ِص َفتَو ولو الو ُ
ِ ِ
زجر عنو حٌب بس َف ِهو ،فال يُقبَل منو ،وال يُطاع فيو ،ويُ َ َ
سألت عنو َ ِ
الوصف َم ْقنَ ٌع ٩بّا يَ ُكف أذاه .ولك ُب ىذا
إ ْف شاء ا﵁.
250
252
السالم
الرسول عليو َّ ذكر سؤالو عن قول ّ ُ
فنُـز َل القرآ ُن على سبعة أَحر ٍ
ُْ
وسألت عن تفسّب :أُنْ ِزَؿ القرآف على سبعة أحرؼ، َ
مفهوـ ُب نَصو ،كما جاء عن عمر ٌ فاعلَ ْم أ ّف الػ ُمراد منو
ىشاـ بن َ ٠بعت
ُ بن ا٣بّطاب رضي ا﵁ عنو ،قاؿ:
حكي ٍم يقرأ سورَة ال ُفرقاف على غّب ما أَ َقرُؤىا عليو ،وكاف
ِ ِ
ت أف رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم -أَقْػَرأَنيها ،فك ْد ُ
حٌب انْصرؼٍ ،ب لَبَْبتُوُ ب ِردائِِو أعجل عليوٍ ،ب أَْم َهْلتُوُ ّ
رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم . -فقلت: ئت بو َ ِ
فج ُ
٠بعت ىذا يقرأُ ُسورَة ال ُفرقاف على غ ِّب إين ُ يا رسوؿ ا﵁ ّ
ما أَقْػَرأْتَنِيها .فقاؿ لو رسوؿ ا﵁ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم-
:اقرأْ .فقرأَ القراء َة الٍب ٠بعتُو يقرأُ.
253
تٍ ،ب قاؿ فقاؿ -صلّى ا﵁ عليو وسلّم : -ىكذا أُنْ ِزلَ ْ
لت ،إف ىذا القرآ َف أت ،فقاؿ :ىكذا أُنز ْ رل :اقرأْ ،فقر ُ
فبْب - . (ٔ)
ؼ ،فاقرُؤوا ما تيسَر منو سبعة أحر ٍ
أُنْ ِزَؿ على ِ
َ ُ
صلّى ا﵁ عليو وسلّم -بقولو فاقْرؤوا ما تيسر منو أهنا
احدة منها ألفا ٌظ ُ٨بالٌِفة ٤با ُب اءاتُ ،ب كل و ٍ سبع قر ٍ
ُ
قرأْ كل امر ٍئ ٗبا تيسر منو من ىذه السبعة. األخرى ،فَػْليَ َ
مة وا٤بعُب فيها اءة ُب كلِ ٍوقد ٚبتلِف األلفا ُظ ُب القر ِ
َ
لفاظ ُبباختالؼ األَ ِِ ف ا٤بعاين فيها ِ
واح ٌد .وقد ٚبتل ُ
قراءهتا.
254
ابتتاف ع ّمن نُ ِسبَتا إليو٩ ،بن
والقراءتاف ا٤بػشهورتاف الث ِ
َ
اآليتْب ،عند ُحذ ِاؽ وجبت إمامتُو ،وصح ِ
ت ث َقتُوٗ ،بنزلة ْ ْ ْ
إحدامها األخرى ،أو خيالِف معناىا ُ الػ ُمقرئْب ،تُفسر
ناسخةً لِلخرى ،فْليَػْن َش ِر ْحإحدامها ُِ َمعنَاىا فتكوف
صدرؾ إذل ما قرأَ بو أَئِمةُ ا٤بسلمْب ا٤بشهورين ،الذين ُ
ا١بامعة ما تَػ َقلدوه ،وثِقوا هبم
ِ أىل األمصار
َسلم ٥بم ُ
فيها فيما َرَوْوهُ ،فما ِمنهم ّإال َم ْن قِراءَتُو حسنةٌ ُمسل ٌم هبا
وحيتَج هبا ،ونَ ُكف عن غ ِّبىم ،فإنو ليس لِما جاء بو ُ
قوهتم.
ّقوة َك ّ
ضي ْق
حسنةٌ ودل يُ َ
مالك رٞبو ا﵁ :قراءةُ ناف ٍع َ وقد قاؿ ٌ
غّبىا وال َك ِرَه خالفَهاّ ،إال َما شذ ،وخرج على الػ ُمتواطَأ َ
كتاب َسحنوف من ِ مت لك ما ُب عليو .وقد ق ّد ُ
اءة ناف ٍع ،والتّوسعة ُب غّبىا ،ما دل يكن استحساف قر ِ
ِ
ك ِهبُدى الػ ُمتّقْب.
استَ ْم ِس ْ
ستبشعاً .فافْػ َه ْم و ْ
ُم َ
256
257
عصمنا ا﵁ وإياؾ من ِ
الفْت ِنة ُب ال ّدين ،وأَعا َذنا من شر َ َ
رضيو َعنا ،لِيُ ِميتَنا عليو،
الفاتِنْب وا٤بػ ْفَبين ،وختَم لنا ٗبا ي ِ
ُ َُ
الصا٢بْب آمْب رب العا٤بْب، ِ ِ
فيدخلَنا برٞبتو ُب عباده ّ
ونعم الوكيل.
وىو َح ْسبُنا َ
* * *
258
األول والثّاني والّثالث من المفصلةتم الجزء ّ ّ
ألحوال الـ ُمتعلمين وأحكام المعلّمين والمـُتَعلّمين.
(ألبي الحسن القابسى) رحمو اهلل ,ودعا لصاحبِو
بالمغفرة ولجميع المسلمين.
259
بأف قاؿ :لوال أنو أمر دل يسبقِب إليو أحد ١بعلت ُب
كل سورة َح ْذقةً. ِ
آخر ّ
في المديرية العامة للمكتبات العامة اعطيت لو رقم ايداع (ٕٗٗ) لسنة ٕٕٕٓم.
261