Professional Documents
Culture Documents
النسوية
النسوية
النسوية
بسم هللا والصالة والسالم على رسول هللا وبعد ،النسوية هي أيدولوجية ومذهب فكري قائم على عدد من األمور كالمساواة التامة بين
المرأة والرجال وقد قُ ّدم له بالقول "إن األشياء المتغايرة البد أن ُتعامل معاملة متساوية" وقد قُسّمت هذه األيدولوجية على موجا ٍ
ت
ثالث طالبت ك ٌّل منها بأهداف معينة وكان لها أفكارها الخاصة مع اشتراكهم جميعا بالمذهب الفلسفي والفكر العام بدأت الموجة
األولى في عشرينات القرن الماضي وامتدت حتى الموجة الثالثة في عام ٢٠١٥وقد بدأ الفكر النسوي حصرا للنساء البيض بتأسيس
النساء البيض مُطالِبا ً بحقوق النساء البيض ولم يكونوا يطالبون بحقوق النساء عامة كما يظن العامة بل الواقع أن عدد من أكبر
الناشطات والمؤثرات في هذا الفكر ُكنَّ نساء عنصريات وبعضهم كنَّ من ُماّل ك العبيد ومن مناهضات العبودية وكانوا يقومون
باضطهاد النساء السود وسوف نتطرق في هذا الطرح للموجات الثالث بالتسلسل التاريخي ونأخذ لمحات عن أفكار كل منهم.
الموجة االولى من النسوية بدأت كمطالبات Pمن طوائف الحركيات التي تطالب بالسماح للنساء باالنتخابات وكانت متركزة في انجلترا
وكندا وامريكا وفي سنة ١٩١٨كثير من هذه البلدان سمحت Pللمرأة بهذا الحق ،وكثير من هذه النساء اللواتي بدأن هذه الحركة كن
عنصريات وكن يقلن أن السود عليهم أن يشنقوا مثل ريبيكا فيلتون وهي كانت اول سينيورة في امريكا واخر مرأة مالكة للعبيد في
التاريخ وكانت تطالب بشنق السود وتقول بفوقية العرق األبيض وتميزهم عن باقي األعراق ،فهؤالء الذين بدأوا هذه الحركة النسوية
ُكنَّ عنصريات ومتحيزات وال يهمهم ما يسمى بمفهوم المساواة كم يُشاع عنهم االن بل كان ما يهمهم أمر النساء البيض وكانت هذه
الموجة األولى قائمة على العديد من األفكار المقاربة ألفكار ريبيكا فيلتون فكانت Pهذه الموجة عنصرية ومتحيزة ..ومن أسباب هذه
االنتفاضة الغربية حصول مشاكل غربية والتحيز الغربي الحاد ضد المرأة مما تسبب برد الفعل المعاكس Pالحاد هذا فعلى سبيل المثال
ال الحصر كان الرجل في أوروبا في القرن التاسع عشر إذا أراد ان يتخلص من زوجته كان يأخذها ويبيعها في مزاد علني حيث أن
بيعها كأن أوفر له من تكاليف طالقها 1وهذا كان السياق الذي ظاهرت ضده الكثير من النساء ..وفي عام ١٩٢٩تم تغيير سن الرشد
الى ١٦سنة حيث انه قبل هذا كان ١٢سنة وهذا بسبب تغير المنهج الدراسي الغربي فربطت نهاية سن الطفولة مع نهاية
الدراسة ،وكان من أسباب هذا التغيير هو الضغط المجتمعي الحاد من قبل الموجة النسوية األولى وأنصارها..
الموجة الثانية من الحركة النسوية كانت أهم تأثيرا من األولى وامتد أثرها للواقع الديني وتسببت بتساؤالت المساواة الجنسية والعديد
من األفكار االخرى وامتدت أفكارها حتى طالت العالم اإلسالمي ،وقد جائت هذه الموجة في الستينات وكانت تقول "أنه بالرغم من
اإلختالفات الفيسيولوجية والتشريحية والبايولوجية ما بين الرجال والنساء أن البد أن يكون هناك مساواة مطلقة بين الرجال والنساء"
والكثير من النساء اللواتي بدأن هذه الموجة قد اعترفوا بوجود االختالفات بين الجنسين ..ومن أكبر مراجع هذه األيدولوجية الفكرية:
بيتي فيردان وهي صاحبة كتاب (الغموض األنثوي )2في سنة ١٩٦٣وهو من أهم الكتب المرجعية لهذه األيدولوجية وقد ذكرت
فيه" :إن البيت عبارة عن معسكر إعتقال مريح" وثم تراجعت Pعن هذا الكالم في كتابها (المرحلة الثانية) الذي قامت Pبتأليفه بعدها
بعشر سنوات وحصل هذا بعد أن جرت دراسات في منطقتها (في فترة مابين الخميسنات والستينات) ذكرت أن نسبة النساء المصابات
باالكتئاب أعلى بكثير منهن في الرجال وحصل هذا بالتزامن مع تطبيق القوانين التي طالبت بها الحركة النسوية الخمسينات Pولهذا
السبب وجدت بيتي فريدان أن تأثير مطالب الحركة النسوية كان سيئا ولهذا قالت في كتابها (المرحلة الثانية )3الذي قامت بتأليفه
عام " : ١٩٨١البد أن نجد التغير ،ولكن التغير صعب ،ألن النساء لديهن انتماء ديني للحركة النسوية ،شعور بالقدسية" وفي
حديثها هذا كانت تتحدث عن الفكر النسوي وخطورته على المجتمع وتقول أنه البد من التغير ولكن المشكلة أن النساء صاروا يشعرون
بانتماء ديني لهذه األيدولوجية ووصل األمر بجعل هذا الفكر يجعلهن يشعرن بالقدسية ،فأن يصدر مثل هذا االعتراف والكالم من
واحدة من أكبر المؤسسين لهذا الفكر هو شيء من العجب..
وامرأة أخرى اسمها جيرمين جرير وهي من كبار الشخصيات المؤثرة والمؤسسة لهذه األيدولوجية كانت تقول بمطالب الفكر
النسوي بأن الزواج الظلم وكانت تحارب العائلة النووية وكانوا يقولون بأن إدخال المرأة في عقد النكاح يعتبر ظلما وأن والدة المرأة
ظلم في حقها وقد ألفت هذه المرأة كتابا في عام ١٩٩٩بعنوان (المرأة الكاملة ) 4وكانت تقول فيه" :إنها حزينة على أطفالها الذين لم
يولدوا بعد" المفارقة العجيبة بأنها كانت تطالب بعدم اإلنجاب لكونه ظلما..
والمفارقة العجيبة أنها قالت في سيرتها الذاتية 6عند حديثها عن نفسها عندما التقت بسارتر " :كانت هذه هي المرة األولى في حياتي التي
شعرت فيها بأن شخصً ا آخر يهيمن علي فكريًا ...كان سارتر صورة مثالية للرجل الذي كنت أحلم به في الخامسة عشرة",
والحظ أن صاحبة هذا الكالم هي نفسها المرأة الني كانت تطالب بنقض الزواج واألسرة النووية وتقف ضد الوالدة وتطالب
بالمساواة التامة وكانت قد قالت" :أنا ذكية جدا ومتطلبة جدا ألي شخص بأن يتمكن من أن يهيمن علي"
وقد جرت دراسة في عام ٢٠٠١باسم العلماء القائمين عليها (بالنشفالور و أندرو أوزوالد )7وفي هذه الدراسة ١٠٠ألف شخص من
سنة ١٩٧٠ألى ١٩٩٠ووجدوا أن سعادة النساء نقصت وسعادة النساء Pقد ارتفعت وذكرت الدراسة أن التغييرات التي أثرت عليها
الحركة النسوية وأن القوانين التي اعطت المرأة المزيد من الحرية والمساواة في مجال العمل وغيرها من المجاالت لم تكن ناجحة في
أي من البلدين (أمريكا -وانجلترا) وكانت جميعها تغييرات فاشلة ،وتعد هذه اكبر دراسة تم اجراؤها في التاريخ للعالقة مابين
القوانين المساهمة في تحرير المرأة وسعادة النساء.
والسبب في هذا كما ذكرنا في البداية أنهم أسسوا كل هذا على مفهوم عام وهو قولهم "أن األشياء المتغايرة البد أن ُتعامل معاملة
متساوية" وهذا باطل وفساد ومعلو ٌم بالضرورة أن ما بُني على باطل فهو باطل وحتى فتون وهو معلم أرسطو قد قال "إن األشياء
ً
ُخالفة أن األشياء المتغايرة البد أن ُتعامل معاملة متغايرة ولكنهم قد عكسوا المتماثلة البد أن تعامل معاملة Pمتماثلة" ويُفهم من هذا م
هذا األمر والعياذ باهلل.
أما الموجة الثالثة من النسوية ،فقد اندلعت اولى شراراتها بالعام ١٩٨٧عندما ذكرت كيمبلي كرينشو مصطلح ()intersexuality
ويعني أن المرأة قد تكون فيما تشعر به غير ما قد تقرر لها بناء على جسدها ،كأن تحب النساء Pوهي امرأة والعياذ باهلل أو أن تقول
أنها تنتمي إلى السود وإن كان جسدها أبيض فلها أن تقرر ما تريد أن تكون بناء على ما تشعر به وأن كل ما تقوله وتشعر به البد أن
يُدخل في االعتبار ويعامل كحقيقة محضة بناء على ما يُعرّ ف به الشخص نفسه وبناء على هذا القول تصبح مفاهيم الصفات االنسانية
عائمة ومتغيرة لذات الفرد بناء على ما يراه فال معنى للذكورة وال معنى لألنوثة وال معنى للسواد أو البياض ألنها جميعها ستفقد
معانيها الملموسة ويصبح للفرد القدرة على تعريف وتحديد نفسه على ما يراه في ذاته وهذا االمر يتبعه بالضرورة تهميش مفهوم
(األنوثة) بالتالي يدمر هذا المفهوم ما قامت Pعليه الحركة النسوية وهو (النساء) ألن هذا المفهوم ما عاد مرتبطا بجنس محدد في إطار
معروف وخصائص ثابته بل أنه صار متمثال في كل من يعرف نفسه بأنه امرأة ولهذا السبب حصل صدام كبير بين أنصار الموجة
الثانية وبين أنصار الموجة الثالثة من الحراك النسوي في هذه المسألة ،ومن أكبر األسماء الذين كتبوا في هذا األمر اسمها (جوديث
بتلر) قالت "إن األنوثة بنية إجتماعية مُختلقة ،والذكورة نفسها بنية مختلقة وليست بشيء حقيقي وال يمكن أن نضعها تحت
المايكروسكوب" وذكرت أيضا في سياق الحق مصطلح (التمثيل الجنسي) وقصدت فيه أن التصرفات المبنية على كل جنس كأن
يتصرف الرجل بخشونة ونعومة المرأة عبارة عن إطار فُ رض على كل جنس من قبل المجتمع فالرجل يمثل الخشونة وقد ال يكون
كذلك في داخله ,وهذا األمر ينطبق على العرق فكما ذكرت أنه بنية اجتماعية وال معنى له باألصل.
فبال ُخ الصة الشديدة نقول أن الفرق بين الموجة الثانية والموجة الثالثة أن الثالثة تركز على مسألة االختالف الجنسي وأنا الثانية
طرحوا فيها فلسفة نيتشة (مابعد الحضارة) وركزوا على مهاجمة مفهوم األبوة واألسرة كمفهوم عام وقاموا بكسر الخطاب العام
ولكنهم ناقضوا أنفسهم بصنع خطاب عام اخر لكسر هذا الخطاب كما أسلفنا في الشرح.