Untitled

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 908

1

‫بَصََـائِـرَ َ‬
‫َ‬ ‫تأليف‬

‫د‪.‬هيثم طلعت‬

‫‪2‬‬
‫تم تصميم فهرس الكتاب بنظام االنتقال اآللي للصفحة‬
‫بمجرد الضغط ىلع العنوان سيتم نقلك للموضوع مباشرة‬

‫مقدمة الكتاب‬

‫لماذا هذا المشروع ومَ ن هي الفئة المستهدفة منه؟‬

‫الباب األول‪ :‬في الكون والحياة‬

‫‪ -1‬ما هو أقصر طريق لتحصيل اليقين للمسلم والمُ تشكك؟‬

‫‪ -2‬ما هو اإللحاد‪ ،‬وما هي تقسيمات أتباعه؟‬

‫‪ -4‬متى بدأ اإللحاد؟‬

‫‪ -5‬كيف بدأ اإللحاد؟‬

‫‪ -6‬كيف بدأت الطبيعة؟ كيف بدأ الكون؟‬

‫‪ -7‬ما المانع أن تكون هناك قوانين قبل ظهور كوننا؟‬

‫‪ -8‬ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون؟‬

‫‪ -9‬ما المانع أن تكون هناك أكوان وكوننا أتى بينها بالصدفة؟‬

‫‪ -10‬ما المانع أن يكون الكون أتى بالصدفة؟‬

‫‪3‬‬
‫‪ -11‬هل مفهوم السببيَّة له وجود لحظة ظهور الكون؟‬

‫‪ -12‬هل السببيَّة غير موجودة في عالم ميكانيك الكم؟‬

‫‪ -13‬هل هناك جسيمات تخرج باستمرار من الفراغ الكوانتي؟‬

‫‪ -14‬ما هي دالئل وجود الخالق؟‬

‫‪ -15‬لماذا ال تكون هناك حضارة عظيمة قبل كوننا؟‬

‫‪ -16‬كيف تقولون إن الطاقة ظهرت مع ظهور الكون؟‬

‫‪ -17‬فرضيات إلثبات أزلية الطاقة؟‬

‫‪ -18‬لماذا حجم الكون كبير؟‬

‫‪ -19‬كيف نكون نحن البشر في مركز هذا الكون؟‬

‫‪ -20‬هل من الطبيعي اإلتقان على األرض لكثرة الكواكب؟‬

‫‪ -21‬كيف بدأت المعلومة؟ كيف بدأت الشفرة الجينية؟‬

‫‪ -22‬كيف بدأت الحياة؟ كيف ظهرت الحياة؟‬

‫‪ -23‬هل يحق للملحد استخدام حجة اإليمان بأن المستقبل قد‬


‫يجيبنا؟‬

‫‪ -24‬هل العلم استطاع إيجاد حياة كما في تجربة كريج فنتر؟‬

‫‪ -25‬ماذا عن مشروع ريتشارد دوكينز في تفسير ظهور الشفرة‬


‫بالصدفة؟‬

‫‪ -26‬أال تحمل الطبيعة صورًا حياتية معقدة وصورًا أقل تعقي ًدا؟‬

‫‪ -27‬هل نحن رصدنا تطورًا للعين خالل البحث في األحافير؟‬

‫‪4‬‬
‫‪ -28‬هل هناك عالم من الـ‪ RNA‬قبل ظهور الـ‪ ،DNA‬هل هذا الكالم‬
‫صحيح؟‬

‫‪ -29‬هل االنتخاب الطبيعي نظرية علميَّة‪ ،‬أم هو تخمين فلسفي؟‬


‫ِ‬
‫‪ -30‬هل الطفرات والتطوُّ ر الصغير يؤديان إلى تطور كبير؟‬

‫‪ -31‬ألم تحصد نظرية التطوُّ ر جائزة نوبل في الكيمياء للعام ‪2018‬؟‬

‫‪ -32‬بنظرية االحتماالت كم نحتاج لتثبيت طفرتين نافعتين؟‬

‫‪ -33‬هل هناك التحام جرى بين كروموسومين في اإلنسان؟‬

‫‪ -34‬لماذا فرع العصب الحائر يدور حول األورطي؟‬

‫‪ -35‬هل هناك شفرة لفيروس النسخ العكسي في جينوم اإلنسان‬


‫والشمبانزي؟‬

‫‪ -36‬ما هي حقيقة األعضاء األثرية في جسم اإلنسان؟‬

‫‪ -37‬ضرس العقل هل هو بقايا تطوُّ ر؟‬

‫‪ -38‬ما هي أهمية الفقرات ُ‬


‫العصعصية؟‬

‫‪ -39‬هل هناك ما يعرف بالـ‪ DNA‬الخردة؟‬

‫‪ -40‬هل بصيالت شعر اإلنسان بقايا تطوُّ ر؟‬


‫الق َ‬
‫ش ْعريرة بقايا تطوُّ ر؟‬ ‫‪ -41‬هل ُ‬

‫‪ -42‬هل الجفن الثالث في اإلنسان بقايا تطوُّ ر؟‬

‫‪ -43‬هل عظام َ‬
‫الحوض في الحيتان بقايا تطوُّ ر؟‬

‫استراحة‬

‫الباب الثاني‪ :‬كيف ظهر الدِّ ُ‬


‫ين؟‬

‫‪5‬‬
‫‪ -44‬كيف ظهر الدين؟‬

‫‪ -45‬لكن بعض المالحدة يدَّ عي َّ‬


‫أن‪ :‬الطوطم كان له دو ٌر في نشأة‬
‫الدين؟‬

‫‪ -46‬من أين جاءت فكرة اإلله األكبر فاطر السماوات واألرض؟‬


‫ِ‬
‫‪َ -47‬‬
‫إذ ْن هل التوحيد سابق على التعدُّ د؟‬

‫‪ -48‬لكن ماذا عن الديانات المعاصرة كالهندوسية والمسيحية‬


‫أيضا في أصلها توحيدية؟‬ ‫والزرادشتية وغيرها؛ هل هي ً‬
‫ِ‬
‫أن يتخذ صنمً ا أو َوثَ ًنا ُقربى إلى هللا‪ ،‬ثم يعبده‬
‫‪ -49‬لكن كيف لعاقل ْ‬
‫كيف يحصل هذا؟‬ ‫ويترك عبادة هللا‪ٍ ،‬‬

‫‪ -50‬كم عدد الديانات التي ما زالت على التوحيد النقي اليوم على‬
‫األرض؟‬

‫والحس والفلسفة إلشباع‬


‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫والعلم التجريبي‬ ‫العقل‬
‫ُ‬ ‫‪ -51‬لكن أ َلا يكفي‬
‫المعرفة اإلنسانية دون الحاجة للدين؟‬

‫أن أحد هذه البدائل األربعة‪ :‬العقل والتجربة‬ ‫لكن لنفترض َّ‬
‫ْ‬ ‫‪-52‬‬
‫العملية والحس والفلسفة؛ أجاب عن غاية الحياة أو معنى الوجود‬
‫ً‬
‫إنسانية تحلي ًلا ماديًّا؟‬ ‫ً‬
‫قيمة‬ ‫أو ح َّلل‬

‫‪ -53‬لكن العقل يقرر المبادئ األخالقية حتى بعي ًدا عن الدين؛ أليس‬
‫كذلك؟‬

‫‪ -54‬لكن هل هذا تقليل من قيمة العلوم التجريبية؟‬

‫‪ -55‬وإذا اختفت النبوات فكيف يكون حال األرض؟‬

‫ً‬
‫مناطا للتكليف؟‬ ‫‪ -56‬لكن‪ :‬أليس العقل‬

‫‪ -57‬لكن ما أهمية األوَّ ليات العقلية المستمدَّ ة من الفطرة؟‬

‫‪6‬‬
‫َّ‬
‫الحق‪ ...‬كيف نعرف صدْ ق الرسول؟‬ ‫لكن‪ :‬كيف نعرف الدين‬ ‫ْ‬ ‫‪-58‬‬
‫ِ‬
‫رسـول ا ْل ُأميـ َ‬
‫ِّين‬ ‫ُ‬ ‫الباب الثالث‪:‬‬

‫ُّ‬
‫نحتج على مُ لحد بالبشارات للنبي صلى هللا عليه وسلم في‬ ‫‪ -59‬كيف‬
‫ِ‬
‫كتب السابقين؟‬

‫ألم يقع التحريف في التوراة واإلنجيل‪ ،‬فكيف نستخدمهما‬ ‫‪ -60‬لكن ْ‬


‫في باب البشارات؟‬
‫ِ‬
‫‪ -61‬هل لك بذ ْكر أمثلة على ذلك؟‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫كذبة كثيرين ظهروا في بالد العرب بعد ظهور‬ ‫َ‬
‫أنبياء‬ ‫َّ‬
‫لكن هناك‬ ‫‪-62‬‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم؛ فكيف نُفرِّق بينهم وبين النبي الصادق؟‬

‫‪ -63‬مثل ماذا هذه النبوءات التي تنبَّأ بها النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫ووقعت كما أخبر؟‬

‫‪ -64‬هل هناك نصوص أخرى بالبشارات في التوراة؟‬


‫ُ‬
‫التوراة عن نسل إسماعيل الذين سكنوا مكة؟‬ ‫‪ -65‬لكن هل تحدَّ ثت‬
‫ُ‬
‫التوراة عن نسل قيدار‪ ،‬وعن مبعث النبي‬ ‫‪ -66‬لكن هل تحدَّ ثت‬
‫محمدﷺ ؟‬

‫ْ‬
‫لكن ما س ُّر انتقال النبوة عن بني إسرائيل لألمة اإلسالمية؟‬ ‫‪-67‬‬
‫بشر َ‬
‫إشع َياء ببيت للرب في بالد العرب؟‬ ‫‪ -68‬كيف َّ‬
‫ٍ‬
‫‪ -69‬لكن بعض النصارى يقولون إن البشارات ببيت الرب الجديد هي‬
‫بشارات ببيت سماوي؟‬

‫دليل على انتقال الرسالة بسبب فساد‬


‫ٌ‬ ‫‪ -70‬لكن هل يوجد في اإلنجيل‬
‫بني إسرائيل؟‬

‫‪7‬‬
‫‪ -71‬لكن لماذا ال يكون المقصو ُد بالحجر في هذه البشارة في اإلنجيل‬
‫المسيح عليه السالم نفسه؟‬

‫جر الذي س َيهدم هللاُ‬ ‫الح َ‬


‫النبي دانيال في منامه ذلك َ‬
‫ُّ‬ ‫‪ -72‬لكن كيف رأى‬
‫ممالك األرض الوثنية‪ ،‬وكيف َفهم هذه البشارة؟‬
‫َ‬ ‫به‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫غامضة تحتاج لتفاصيل أكثر؛ حتى نتأ َّكد‬ ‫‪ -73‬لكن تبقى رؤيا هذا الملك‬
‫أن المقصود بها في النهاية هو التبشير بظهور اإلسالم وانتشاره‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫في األرض‪ ...‬أليس كذلك؟‬

‫‪ -74‬قبل أن تقوم بتنزيل األحداث في نبوءة دانيال على الواقع؛ كيف‬


‫نتأكد أن سفر دانيال مكتوب قبل اإلسالم؟‬
‫ِ‬
‫العرب يتوقعون هذه االنتصارات على ممالك األرض؟‬‫ُ‬ ‫‪ -75‬هل كان‬

‫‪ -76‬هل كان اليهو ُد يعرفون َّ‬


‫أن النبوَّ ة ستنتقل عنهم لألبد‪ ،‬ولن تعود‬
‫ً‬
‫مرة أخرى؟‬ ‫إليهم‬

‫‪ -77‬لكن كيف نعرف َّ‬


‫أن المقصود في النبوءة بالضبط هو اإلسالم؟‬

‫النبي محمد ﷺ باسمه في التوراة "محمد"؟‬


‫ُّ‬ ‫‪ -78‬لكن هل ُذك َر‬
‫ِ‬
‫‪ -79‬طالما أن النبوءة والبشارة بهذا الوضوح الشديد‪ ،‬لماذا لم يؤمن‬
‫أهل الكتاب على َب ْكرة أبيهم؟ لماذا ما زالوا يكفرون باإلسالم‪...‬‬
‫يكفرون بدين هللا؟‬

‫‪ -80‬لكن هل َو َر َد مكان البيت الحرام في "مكة" في التوراة؟‬

‫‪ -81‬لكن ما األسفار غير القانونية؟‬

‫‪ -82‬هل من الممكن إعطاء بعض األمثلة على البشارات في هذه‬


‫األسفار غير القانونية؟‬

‫‪ -83‬هل البشارة بزمان مبعث النبي محمد ﷺ تُفسر لنا قول اليهود‬
‫والنصارى زمن البعثة‪" :‬هذا زمان نبي"؟‬
‫‪8‬‬
‫‪ -84‬هل هناك بشارات أخرى بزمان بعثته ﷺ؟‬

‫‪ -85‬هل من بشارات أخرى في هذه األسفار غير القانونية؟‬

‫‪ -86‬لكن ما معنى هيمنة القرآن الكريم على الكتب السابقة‬


‫هيْ م ًنا َع َليْ ه"؟‬
‫"ومُ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -87‬هل من ألغاز عند أهل الكتاب يجيب عنها القرآن الكريم؟‬

‫‪ -88‬هل من أمثلة على أمور غامضة في التوراة يُبيِّنها القرآن الكريم؟‬

‫‪ -89‬بالمناسبة هناك سؤال متكرر‪ :‬أين قالت اليهود‪ :‬إن عزيرًا ابن‬
‫هللا؟‬

‫العلمي؟‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫اإلعجاز‬ ‫الباب الرابع‪:‬‬

‫علمي في القرآن الكريم؟‬


‫ٌّ‬ ‫‪ -90‬هل هناك إعجاز‬

‫‪ -91‬لكن كيف نعلم َّ‬


‫أن ما بين أيدينا هو إعجاز علمي؟‬

‫‪ -92‬هل من أمثلة على ثقافة ذاك العصر واألخطاء العلمية الشائعة‬


‫في ذاك الزمن؟‬
‫‪َ -93‬‬
‫إذ ْن ما أكبر إعجاز علمي في القرآن الكريم؟‬
‫ً‬
‫مختلفة من اإلعجاز العلمي؟‬ ‫ُ‬
‫الكريم صورًا‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫‪ -94‬لكن هل يحمل‬

‫‪ -95‬لكن ما ضوابط رصد اإلعجاز العلمي في القرآن الكريم؟‬

‫‪ -96‬لكن ماذا لو ثبت مستقب ًلا َّ‬


‫أن هذه المسألة العلمية غير صحيحة؟‬

‫‪ -97‬هل من الممكن سرد بعض اآليات التي فيها إعجاز علمي مُ ث َبت‬
‫علميًّا؟‬
‫َّ‬
‫األجنة في القرآن الكريم؟‬ ‫علمي في مسألة خلق‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫إعجاز‬ ‫‪ -98‬هل يوجد‬

‫‪9‬‬
‫ُستل من جزء من‬
‫ُّ‬ ‫السنة على َّ‬
‫أن الجنين ي‬ ‫‪ -99‬ما دليلك من القرآن أو ُّ‬
‫ماء الرجل؟‬

‫‪ -100‬بعد ظهور النطفة األمشاج ماذا يحصل للجنين؟‬


‫‪ -101‬ما مراحل َ‬
‫الخ ْلق المختلفة هذه؟‬

‫‪ -102‬هل قال علماء المسلمين بشيء من هذا اإلعجاز قبل العصر‬


‫ٍ‬
‫الحديث؟‬

‫‪ -103‬هل هناك إعجاز علمي في األحاديث النبوية؟‬

‫صيني قديم َذ َك َر هذا‬


‫ٌّ‬ ‫لكن بعض المالحدة يقول‪ :‬هناك مرجعٌ‬‫َّ‬ ‫‪-104‬‬
‫الرقم‪ :‬ثالثمائة وستين مفص ًلا؟‬
‫ِ‬
‫أعظم بُرهان على صحَّ ة اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫الباب الخامس‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫أعظم بُرهان على صحة اإلسالم؟‬ ‫‪ -105‬ما‬
‫ٍ‬
‫‪ -106‬ما أفضل طريق لتفنيد األفكار المنحرفة؟‬

‫‪ -107‬ما سمات القرآن البارزة؟‬

‫‪ -108‬ما سمات إعجاز القرآن البالغي؟‬


‫َّ‬
‫لكن بعض المالحدة المعاصرين حاولوا أن يُحاكوا أسلوب‬ ‫‪-109‬‬
‫القرآن؟‬

‫‪ -110‬هل من الممكن ذكر معجزة قرآنية غير اإلعجاز البالغي؟‬


‫ِ‬
‫‪ -111‬واآلن أريد برهانًا على صحة اإلسالم بجانب القرآن الكريم؟‬

‫‪ -112‬لكن كيف كان حال البيئة التي بُعث فيها النبي ﷺ من الناحية‬
‫األخالقية؟‬

‫الباب السادس‪ :‬اإلخبا ُر بالمُ غيَّبات‬


‫ِ‬
‫‪10‬‬
‫‪ -113‬هل لك ْ‬
‫أن تذكر بعض معجزاته الغيبية ﷺ ؟‬

‫‪ -114‬لكن قد يقول مُ لحد‪ :‬كيف تحتجُّ ون علينا بأحاديث إسالمية؟‬


‫ِ‬
‫‪ -115‬هل من الممكن ذ ْكر شواهد أخرى من إخباره صلى هللا عليه‬
‫ِ‬
‫وسلم بالمُ غيَّبات التي جرت بعد وفاته؟‬

‫النبي ﷺ؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ -116‬وماذا عن أحداث آخر الزمان الغيبية التي تنبَّأ بها‬

‫الباب السابع‪ :‬تفكيك الشبهة‬

‫مقدمة‬

‫‪ -117‬لماذا ما زالت هناك شبهات؟‬

‫‪ -118‬كيف يتعامل المؤمن مع المتشابه؟‬

‫‪ -119‬لكن لماذا ال تكون األدلة كالشمس؟‬

‫‪ -120‬هل يمكن أن تؤدي الشبهات بذاتها إلى الردَّ ة عن اإلسالم؟‬

‫‪ -121‬كيف يُضخم الهوى الشبهة؟‬

‫‪ -122‬كيف أتعامل مع شخص يطرح شبهة ما؟‬

‫‪ -123‬ماذا لو كان طارح الشبهة مسلمً ا؟‬

‫‪ -124‬ما هي أفضل األعمال في اإلسالم على اإلطالق؟‬

‫‪ -125‬ما هي صور الجهاد؟‬

‫‪ -126‬ما هي أفضل أنواع الجهاد‪ :‬جهاد اليد والسيف‪ ،‬أم جهاد الدعوة‬
‫إلى هللا والدفاع عن دين هللا بالحجة؟‬

‫سواس القهري‬ ‫الباب الثامن‪َ :‬‬


‫الو ْ‬

‫‪ -127‬ما هي الوساوس القهرية في العقيدة؟‬


‫‪11‬‬
‫‪ -128‬ما هو الفرق بين الوسواس والشبهة؟‬

‫‪ -129‬لماذا يحدث الوسواس القهري؟‬

‫‪ -130‬كيف يتعامل مريض الوسواس القهري في العقيدة مع‬


‫الوساوس التي تأتيه؟‬

‫‪ -131‬ما هي أسرع طريقة لعالج الوسواس القهري؟‬

‫الباب التاسع‪ :‬الردُّ على أشهر شبهات الملحدين‬

‫‪ -132‬لماذا يوجد ش ٌّر في العالم؟‬

‫‪ -133‬كيف نعرف هللا؟‬

‫نستدل بها على وجود هللا سبحانه؟‬


‫ُّ‬ ‫‪ -134‬ما هي القواعد العقلية التي‬

‫‪ -135‬هل يكفي اإليمان بالله مع الكفر باألنبياء؟‬

‫‪ -136‬كيف نستدل علميًّا على وجود الغيب "جبريل على سبيل المثال"؟‬

‫‪ -137‬لماذا التكليف من البداية؟‬

‫‪ -138‬لماذا نعبد هللا وهو ال يحتاج إلينا؟‬

‫‪ -139‬هل االستدالل على الخالق هو استخدام ألدلة الخبرة البشرية؟‬

‫أن يكون هناك سبب مادي أوجد الكون؛ مثال على‬ ‫‪ -140‬ما المانع ْ‬
‫ذلك‪ :‬حضارة أخرى أو شيء آخر؟ لماذا اإلله األزلي تحدي ًدا؟‬

‫‪ -141‬نحن نعرف القوانين التي تحكم الكون‪ ،‬ونعرف سبب الزالزل‬


‫جي ًدا‪ ،‬فلماذا نحتاج إلى الخالق طالما عرفنا القوانين؟‬

‫‪ -142‬لماذا ال ينطبق قانون السببية على الخالق؟ أو بصيغة أخرى‪ :‬مَ ن‬


‫ٍ‬
‫الذي خلق الخالق؟‬

‫‪ -143‬ما هو الفرق بين الثقافة والحضارة؟‬


‫‪12‬‬
‫‪ -144‬هل في اإلسالم جواب لألسئلة التي حارت العقول في اإلجابة‬
‫عنها‪ :‬من أين جئنا؟ ولماذا نحن هنا في هذا العالم؟ وإلى أين المصير؟‬
‫ِ‬
‫‪ -145‬كيف نشأ العلم التجريبي؟‬

‫‪ -146‬هل العلم التجريبي كاف لجواب كل سؤال؟‬


‫ٍ‬
‫‪ -147‬ما معنى اإلنسان؟‬

‫‪ -148‬ما هو شكل العالم بدون اإليمان بالله؟‬

‫‪ -149‬هل تسبَّب الدين في الحروب الدينية التي سادت األرض في فترة‬


‫من الفترات؟‬

‫‪ -150‬هل اإليمان بالنسبية المعرفية موقف علمي؟‬

‫ل مَ ن يشاء؟‬
‫‪ -151‬هل هللا يُض ُّ‬
‫ِ‬
‫‪ -152‬هل علم هللا بما سيقع ينفي حرية اإلرادة والتخيير؟‬

‫‪ -153‬هل الوحي عبارة عن‪ :‬صرع فص ُصدغي؟‬

‫‪ -154‬المعجزات التي جرت على يد األنبياء كمعجزة اإلسراء والمعراج‬


‫تخالف النواميس الكونية فكيف حصلت؟‬

‫‪ -155‬لماذا هناك أجنحة للمالئكة في الفضاء؟‬

‫نقل اإلسالم قصة ذي القرنين من النسخ السريانية؟‬


‫َ‬ ‫‪ -156‬هل‬

‫َّ‬
‫وأن اللغة‬ ‫‪ -157‬لكن كثيرًا من الشبهات تُثار حول القرآن والسريانية‪،‬‬
‫ُّ‬
‫يصح هذا الكالم؟‬ ‫العربية تأثَّرت باللغة السريانية‪ ،‬فهل‬

‫‪ -158‬مَ ن هو ذو القرنين؟ هل هو اإلسكندر األكبر أم شخص آخر؟‬

‫‪ -159‬هل تأثَّر اإلسالم باليهودية؟‬

‫‪ -160‬هل توجد كلمات في القرآن الكريم أصلها سرياني؟‬


‫‪13‬‬
‫‪ -161‬هل مخطوطات صنعاء صحيحة؟‬

‫‪ -162‬ماذا عن شبهة تعدُّ د القراءات؟‬

‫‪ -163‬هل يوجد شيء يُسمَّ ى نسخ التالوة؟ بحيث تكون هناك آية من‬
‫القرآن ثم تُنسخ تالوتها كآية الرجم؟‬

‫‪ -164‬هل توجد آيات قرآنية أحكامُ ها منسوخة؟‬


‫‪ -165‬هل اإلسالم يميز بين الحر والعبد؟ وبين الحُ رَّة َ‬
‫واألمَ ة؟‬

‫‪ -166‬لكن ماذا عن سبايا أوطاس؟ وهل أجاز اإلسالم وطء السبايا؟‬

‫‪ -167‬وماذا عن الحدود ‪-‬حد السرقة كمثال‪-‬؟‬

‫إنسان وأتى مُ قرًّا بجريمته فهل تُقطع يده؟‬


‫ٌ‬ ‫‪ -168‬ولو سرق‬
‫ِ‬
‫‪ -169‬وماذا عن حد الزنا؟‬

‫شخصا متزوجً ا زنا ثم تاب إلى هللا فهل يُطبق‬


‫ً‬ ‫‪ -170‬لكن لنفترض أن‬
‫عليه الحدُّ ؟‬
‫‪ -171‬هل ُفرض الحجاب للتمييز بين الحرة َ‬
‫واألمَ ة؟‬

‫‪ -172‬هل كان النبي محمد ﷺغنيًّا؟‬

‫‪ -173‬لماذا تزوَّ ج النبي ﷺ أكثر من امرأة‪ ،‬ويتهمه بعض الملحدين بهذا‬


‫ٍ‬
‫األمر كثيرًا؟‬

‫‪ -174‬هل أمر النبي ﷺ زي ًدا بتطليق زينب؟‬

‫ها‬ ‫ت نَ ْف َ‬
‫س َ‬ ‫ام َر َأ ًة مُّ ْؤم َن ًة إن َو َه َب ْ‬ ‫وجل‪َ :‬‬
‫{و ْ‬ ‫َّ‬ ‫‪ -175‬ما تفسير قول هللا َّ‬
‫عز‬
‫ند ِ‬ ‫ِ‬
‫ين} ﴿‪﴾50‬‬ ‫ُون ا ْلمُ ْؤمن َ‬ ‫كم‬ ‫ها َخال َص ًة َّل َ‬‫ح َ‬ ‫النب ُّي َأن َي ْ‬
‫س َتنك َ‬ ‫لنب ِّي إ ْن َأ َرا َد َّ‬
‫ل َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سورة ِ األحزاب؟ ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫‪14‬‬
‫يجامعهن ك َّلهن في يوم‬
‫َّ‬ ‫‪ -176‬هل كان النبي ﷺ يطوف على نسائه‬
‫ٍ‬ ‫ِِ‬
‫واحد؟‬
‫ٍ‬
‫‪ -177‬هل يوجد جهاد طلب في اإلسالم؟‬

‫‪ -178‬لماذا ُقتل يهود بني قريظة؟‬

‫‪ -179‬هل يوجد في اإلسالم حدٌّ للردة؟‬

‫‪ -180‬هل يبيح اإلسالم زواج القاصرات؟‬

‫‪ -181‬هل يقرر اإلسالم َّ‬


‫أن الزنا بالتراضي مثل االغتصاب؟‬

‫‪ -182‬لماذا تخ َّلف المسلمون علميًّا‪ ،‬وصارت بالدهم فيها من الجهل‬


‫والفقر ما فيها؟‬

‫‪ -183‬هل دم المسلم أغلى من دم الكافر لحديث النبي ﷺ‪" :‬ال يُقتل‬


‫مسلمٌ بكافر"؟‬
‫ٍ‬
‫‪ -184‬لماذا يدخل النار مَ ن يعمل أعما ًلا صالحة كالمشاريع الخيرية إذا‬
‫لم يؤمن؟‬

‫‪ -185‬هل األخالق مطلقة أم نسبية؟‬

‫‪ -186‬كيف يكون هناك مَ َلك مُ و َّكل بالسحاب‪ ،‬مَ ع أنَّنا نعرف األسباب‬
‫الطبيعية المادية لسير السحب؟‬

‫‪ -187‬كيف تغرب الشمس في عين حمئة؟‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪ -188‬هل الشمس تسجد تحت العرش؟‬

‫‪ -189‬هل كانت الكعبة في األردن‪ ،‬ونُقلت زمن الخالفة األموية إلى‬


‫مكانها الحالي بمكة؟‬
‫َّ‬
‫تتأخر‬ ‫‪ -190‬يقول بعض الملحدين‪ :‬دعوت فلم يُستجب لي‪ ،‬فلماذا‬
‫إجابة الدعاء؟‬
‫‪15‬‬
‫‪ -191‬لماذا هناك نعيم بالنساء في الجنة ‪َ -‬عالقة بين الرجل والمرأة‬
‫في الجنة؟‬

‫‪ -192‬قد يستشكل ملحد ويسأل‪ :‬كيف يوجد نعيم مادي في الجنة؟‬

‫‪ -193‬قد يسأل ملحد ويقول‪ :‬لكن عذاب النار شديدٌ‪ ،‬فهل يتكافأ هذا‬
‫العذاب الشديد مع الكفر بالله بضع سنوات؟‬

‫‪ -194‬هل توجد أدلة أركيولوجية أثرية على أنبياء بني إسرائيل كداود‬
‫وسليمان؟ وهل توجد أدلة أركيولوجية على قصة خروج بني إسرائيل‬
‫من مصر؟‬

‫‪ -195‬هل كل البشر أتوا من ُأ ٍّم واحدة؟‬


‫ٍ‬
‫‪ -196‬هل حفريات الهومو الموجودة في متاحف األحياء تمثل جدَّ‬
‫سلم التطور؟‬ ‫اإلنسان المعاصر على ُ‬

‫الباب العاشر‪ :‬أفكار ضا َّلة‬

‫الس َّنة‬
‫الفصل األول‪ :‬منكرو ُّ‬

‫‪ -197‬ما هو فكر التنوير؟‬

‫‪ -198‬ما هو التنوير المطلوب؟‬

‫‪ -199‬مَ ن هم منكرو ُّ‬


‫السنة؟‬

‫السنة في اإلسالم؟‬
‫‪ -200‬ما هي منزلة ُّ‬

‫السنة ك ُّلها مكتوبة؟‬


‫‪ -201‬هل ُّ‬

‫السنة النبوية لـ ‪ 200‬سنة كاملة حتى جاء‬


‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫تأخر تدوين‬ ‫‪ -202‬هل‬
‫البخاري؟‬

‫‪ -203‬لماذا يهاجم دعاة حركة التنوير الصحابة؟‬

‫‪16‬‬
‫‪ -204‬ما معنى حديث اآلحاد‪ ،‬وما الفرق بينه وبين الحديث المتواتر؟‬

‫السنة؟‬
‫‪ -205‬ما هي اإلشكاالت العقلية التي تواجه منكري ُّ‬
‫وجل‪ -‬يقول‪{ :‬مَّ ا َفر َّْط َنا في ا ْلك َتاب من َ‬
‫ش ْيء}‬ ‫َّ‬ ‫‪ -206‬لكن هللا ‪َّ -‬‬
‫عز‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫للسنة؟‬ ‫ُّ‬ ‫فالقرآن فيه كل شيء‪ ،‬فما حاجتنا‬

‫‪ -207‬كيف تؤمنون بعذاب القبر وعذاب القبر لم يرد في القرآن؟‬

‫‪ -208‬ما س ُّر األحاديث الكثيرة التي رواها أبو هريرة؟‬

‫‪ -209‬هل هناك أحاديث تفرَّد البخاري بها في صحيحه؟‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الهجوم على المرأة في اإلسالم‬

‫‪ -210‬أيهما أك َر َم المرأة‪ :‬اإلسالم أم اإللحاد؟‬

‫‪ -211‬ما معنى قوامة الرجل على المرأة في قوله تعالى‪{ :‬الر َِّج ُ‬
‫ال‬
‫ح ُّكمٌ في المرأة‬‫ساء} ﴿‪ ﴾34‬سورة النساء‪ ،‬وهل هي تَ َ‬ ‫ون َع َلى ِّ‬
‫الن َ‬ ‫َقوَّ امُ َ‬
‫ِ‬
‫كما يدعي المالحدة؟‬

‫‪ -212‬لماذا لم يُحرِّم هللا تعدُّ د الزوجات؟‬


‫ِ‬
‫علي على ابنته‬
‫ٍّ‬ ‫‪ -213‬لماذا لم يقبل النبي صلى هللا عليه وسلم بزواج‬
‫فاطمة؟‬

‫‪ -214‬هل المرأة عورة في اإلسالم؟‬

‫ام َر َأ ًة"؟‬ ‫ح َقوْ مٌ َو َّلوْ ا ْ‬


‫أم َر ُه ُم ْ‬ ‫‪ -215‬ما معنى قول النبيﷺ ‪َ " :‬ل ْن ي ُْفل َ‬
‫ِ‬
‫ن} ﴿‪ ﴾34‬سورة النساء؟‬ ‫ُوه َّ‬
‫اضرب ُ‬ ‫{و ْ‬
‫‪ -216‬ما تفسير قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫‪ -217‬لماذا شهادة المرأة على النصف من الرجل؟‬

‫‪ -218‬هل ميراث المرأة على النصف من ميراث الرجل؟‬

‫والكلب والحما ُر الصالة؟‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المرأة‬ ‫‪ -219‬لماذا تقطع‬
‫‪17‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬النسوية‬

‫‪ -220‬ما هي النسوية ‪ Feminism‬وهل تُصادم الشرع؟‬


‫ِ‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الشذوذ الجنسي‬

‫‪ -221‬ما هي حقيقة المثلية الجنسية‪ ،‬وكيف انتشرت مؤخرًا بهذه‬


‫الصورة؟‬

‫‪ -222‬هل المخ يُشرِّع القيمة والمعنى؟‬

‫‪ -223‬هل الحب والكراهية هي مجرد أمور هرمونية؟‬

‫الفصل الخامس‪ :‬النباتية‬

‫‪ -224‬هل النباتية وتحريم أكل الحيوانات هي رحمة بالحيوان؟‬

‫الفصل السادس‪ :‬قانون الجذب والعالج بالطاقة‬

‫‪ -225‬ما معنى قانون الجذب؟‬

‫‪ -226‬لماذا دعاة قانون الجذب أشدُّ ضال ًلا من فرقة القدرية؟‬

‫ً‬
‫إلها‬ ‫‪ -227‬كيف جعل دعاة علوم الطاقة وقانون الجذب اإلنسان‬
‫ً‬
‫خالقا؟‬

‫‪ -228‬هل دعاة العالج بالطاقة وقانون الجذب يبيعون بالفعل تمائم‬


‫الستجالب الطاقة الكونية؟‬

‫‪ -229‬ما معنى الطاقة السلبية والطاقة اإليجابية‪ ،‬وهل هي تُستجلب‬


‫فع ًلا؟‬

‫الفصل السابع‪ :‬علم الفيزياء الفلكية‬

‫‪ -230‬كيف نشأ علم الفيزياء الفلكية؟‬

‫‪18‬‬
‫‪ -231‬ما هي مشكلة علم الفيزياء الفلكية‪ ،‬وهل هو علم أم دجل‬
‫وهراء؟‬

‫الباب الحادي عشر‪ :‬يقينية اإليمان‬

‫‪ -232‬لماذا أنا مسلم؟‬

‫ُ‬
‫اإلسالم؟‬ ‫‪ -233‬ما هو‬

‫‪ -234‬ما هي العبادة؟‬

‫حقيقة العبادة وأركانُها؟‬


‫ُ‬ ‫‪ -235‬ما هي‬

‫‪ -236‬ما هي شروط العبادة؟ أو‪ :‬ما هي الشروط التي يقبل هللا بها‬
‫العبادة؟‬
‫ُ‬
‫ثمرات عبادة هللا سبحانه وتعالى؟‬ ‫‪ -237‬ما هي‬
‫ِ‬
‫‪ -238‬ما هي مظاهر التسليم لله تعالى؟‬

‫وفي الختام‬
‫ِ‬

‫‪19‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا‪ ،‬ومن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫سيئات أعمالنا‪َ ،‬من يهده ُ‬
‫هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله‬ ‫ضل ْل فال‬
‫مضل له‪ ،‬ومن ي ِ‬
‫ِ‬ ‫هللا فال‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫هللا وسالمه عليه‪،‬‬
‫إال هللا وحده ال شيك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ِ‬
‫والمرسلي‪ ،‬وعىل صحابته وآل بيته‪َ ،‬‬
‫ومن أحبهم إىل يوم الدين‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وعىل جميع األنبياء‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫ً ن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫عش ً‬‫اثن ر‬
‫فقبل حواىل ن‬
‫عاما تطلعت أن أؤلف كتابا موسعا يف نقد اإللحاد‪ ،‬وبيان‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫بعض بر ن‬
‫اهي صحة اإلسالم‪ ،‬ووضعت لهذه الفكرة أجًل رجوت أن أحققها فيه!‬
‫ويقتب معه تحقيق هذا ر‬ ‫َ‬
‫األجل‪ ،‬ر‬ ‫وتمض السنوات‪ ،‬ر‬‫ن‬
‫المشوع؛ ليصبح هذا‬ ‫ويقتب‬ ‫ي‬
‫ر ُ‬ ‫ُ‬
‫الكتاب الذي ن‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫المشوع بفضل هللا‪.‬‬ ‫بي يديك هو‬ ‫العام تحديدا هو األجل‪ ،‬وهذا‬

‫مشروع‪ :‬بصائر‬

‫العرب‪...‬‬ ‫وغت‬ ‫العرب‬ ‫للقارئ‬ ‫‪...‬‬ ‫هات‬ ‫المشوع ُأقدمه للملحد ولصاحب الش ُ‬
‫ب‬ ‫هذا ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الدين‪ ...‬للباحث عن الحق‪ ،‬وطالب العلم‬ ‫ن‬ ‫للمسلم وغت المسلم‪ ...‬للمؤمن باهلل وال‬
‫ي‬ ‫ً ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫جميعا‪ ،‬وأقدمه قبل ذلك لطالب العلم الذي يريد أن يدرس مجال‬ ‫ع‪ ،‬أقدمه لهؤالء‬ ‫الش ي‬
‫ن‬ ‫فالح َجج ر‬‫ُ‬ ‫بي الذين يتعرضون ر ن‬ ‫غت ن‬ ‫نقد اإللحاد‪ ،‬وللم ر‬
‫الن أعرضها يف هذا‬ ‫ي‬ ‫لفي الشبهات‪،‬‬
‫خطاب لكل هذه األطياف‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬
‫ه‬
‫ي‬ ‫المشوع‬
‫ُ‬
‫عاما ن يف نقد اإللحاد‪.‬‬ ‫المشوع ختة ‪ً 18‬‬ ‫أودعت نف هذا ر‬
‫ي‬ ‫وقد‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫غالبا ال ت ر ئ‬
‫نش‬ ‫ألب أدركت أن الفروع‬ ‫هذا المشوع للتأسيس وضبط المعرفة؛ ي‬
‫نش الفروع‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وي ر ئ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫منهجا؛ إذ ال بد من التأسيس لمنهج‪ ،‬فالمنهج هو الذي يعصم‬
‫ر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المنهج هو الذي َي ر‬
‫عش ش ُبهات‬ ‫ستشد به الباحث عن الحق؛ فلو قمت بالرد عىل‬
‫ْ‬ ‫ً ن‬ ‫ستلتبس الشبهة الحادية ر‬
‫عشة عىل المتشكك؛ ألنه ال يملك منهجا يف الرد‪ ،‬إذن ال بد‬
‫وحن‬‫ر‬ ‫حن تتكون َملكة ذاتية لدى اإلنسان‪،‬‬ ‫من التأسيس‪ ...‬ال بد من التأصيل لمنهج ر‬
‫المحكم‪.‬‬ ‫يعرف المتشكك كيف ُيحيل المتشابه إىل ُ‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫المشوع إىل أن يكون عندنا شباب ُمؤهل للرد عىل الشبهات‬ ‫ر‬ ‫أيضا يهدف‬
‫وتفنيدها‪ ،‬ولديهم دراية بطريقة تفكيك دعاوى اإللحاد والعلمانية والمادية‪ ،‬واطالع عىل‬
‫اهي صحة اإلسالم ويقينيات اإليمان‪.‬‬ ‫َعوار وخلل هذه الكفريات‪ ،‬ومعرفة بت ن‬

‫‪20‬‬
‫ََ‬ ‫حربا ال َت ن‬
‫‪ً ...‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫خف عىل ُمتابع‪ ،‬وهذا قدر‬ ‫فاألمة اإلسالمية اليوم تواجه حربا عالمية‬
‫أتباع النبوات عت التاري خ‪ ،‬حيث تتكاتف ِملل الكفر بشتى مدارسها و ِمللها ونِحلها؛ لحرب‬
‫ِّ‬
‫ولدس السموم والشبهات‪ ،‬ولتجنيد أصحاب األهواء حتى ُيزيِّنوا الكفر للناس‪،‬‬ ‫أتباع األنبياء‪،‬‬
‫فهذا َد ْيدنهم عبر العصور‪ ،‬فمشروعهم معروف‪ ،‬وكأنهم يتواصون به دو ًما‪.‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱠ ﴿‪ ﴾٥٣‬سورة الذاريات‪.‬‬

‫ن‬ ‫أض ْ‬
‫ف إىل ذلك أننا نعيش اليوم ظاهرة إلحادية ِفعلية يف العالم‪ ،‬فنسبة اإللحاد‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫لموجة إلحادي ٍة‪ ...‬موجة يقودها لصوص اآلخرة‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسالم أيضا‬
‫ي‬ ‫تزداد‪ ،‬ويتعرض عالمنا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الذين يريدون أن ي ْسلبوا آخرة الناس‪ ،‬ويضيعوا عليهم حياتهم األبدية‪ ،‬وهنا واجب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ينتفع عند ربه من هذه الموجة‪ ،‬فهذه‬ ‫تقن كيف يواجه هذه الموجة‪ ،‬وكيف‬ ‫المسلم أن ي ِ‬
‫الموجة اإللحادية ِنعمة كبتة من هللا؛ ِل َمن انتفع بها‪ ،‬وسأل ربه أن يكون تحت راية نبيه‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫داعيا للحق؛ فيتعلم كيف يدعو إىل هللا‪،‬‬ ‫مدافعا عن دين هللا‪،‬‬ ‫صىل هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ويتعلم ما ُيعزز يقينه‪ ،‬ويتعلم إشكاالت اإللحاد‪ ،‬ثم يدعو إىل هللا عىل بصت ٍة‪.‬‬

‫ُ ن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وبما أن ر‬


‫ه األقليات المسلمة يف دول العالم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الموجة‬ ‫لهذه‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫أكت الفئات تعر‬
‫المشوع إىل اللغات األخرى؛ لينتفع به الناطقون بتلك اللغات‬‫فأتمن توجيه محتوى هذا ر‬
‫ن‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫يحتاجنا ر‬ ‫ن‬
‫أكت بكثت جدا مما نحن نحتاج إليه!‬ ‫المسلمي وغتهم‪.‬فالعالم اليوم‬ ‫من‬
‫معن اإلنسان‪ ،‬وظهر‬‫العالم يعيش موجة عبثية وعدمية غت مسبوقة‪ ،‬فقد مات ن‬
‫الالإنسان‪ ،‬وهذا نتاج اإللحاد المتوقع!‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الجد؛ ليدعو إىل ربه‪ ،‬ويبلغ الناس رسالة هللا؛‬
‫العاقل من استعان باهلل‪ ،‬وشمر عن ساعد ِ‬
‫ف ِ‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱠ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة فصلت‪.‬‬
‫ً ن‬ ‫ُ‬
‫حريصا يف هذا الكتاب عىل تبسيط المعلومة‪ ،‬وتحرير كل نقل واقتباس‬ ‫وقد كنت‬
‫َ‬ ‫ُ ن‬ ‫ر ا‬
‫أحيان كثت ٍة صورة‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫أضفت‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬‫المصدر‬ ‫كر‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫بمجرد‬ ‫أكتف‬
‫ِ‬ ‫ولم‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬‫من مصدره مباش‬
‫ر ا‬
‫المرجع‪ ،‬ومصدر االقتباس أو الشاهد مباشة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫أنن أحيانا أذكر المعلومة‪ ،‬وقد تكون‬
‫حرص عىل تبسيط المعلومات إال ي‬ ‫ي‬ ‫ومع‬
‫َ‬
‫صعبة الفهم عىل ذهن القارئ للوهلة األوىل‪ ،‬لكن مع الوقت وخالل صفحات الكتاب‬
‫ا‬
‫ابتداء‪.‬‬ ‫معاب ما استغلق عليه‬‫ن‬ ‫ُ‬
‫سيدرك‬
‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ ن‬ ‫ُ‬
‫وجواب؛ يك يكون أدع لالنتباه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫سؤال‬
‫ٍ‬ ‫بنظام‬ ‫الكتاب‬ ‫هذا‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الطرح‬ ‫مت‬ ‫وقد قد‬
‫ُّ‬ ‫ر‬
‫والت ن‬
‫كت‪ ،‬والتذكر‪ ،‬وسهولة استحضار المعلومة‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ويتناول هذا الكتاب‬

‫َْ ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬


‫‪ -1‬تفنيدا آلراء الملحدين يف الكون ونشأة الحياة‪ ،‬ونقدا ألشهر الش ُبهات‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الن يطرحونها يف آية ظهور الكون‪ ،‬وآية ظهور الكائنات الحية‪،‬‬ ‫ي‬
‫كت أكت عىل بر ن‬
‫اهي وآيات وجود الخالق سبحانه‪.‬‬ ‫مع تر ن‬

‫ن‬ ‫ً‬
‫‪ -2‬تفنيدا آلراء الملحدين يف قضية ظهور الدين‪ ،‬وأهمية الدين لإلنسانية‪،‬‬
‫وبيانا لبعض بر ن‬‫ً‬
‫اهي صحة اإلسالم‪ ،‬ودل ائل صدق الرسول صىل هللا عليه‬
‫النن القادم‪.‬‬
‫وسلم‪ ،‬وحقائق ما يعلمه أهل الكتاب عن ي‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -٣‬تفكيكا للشبهات من داخل اإللحاد‪ ،‬وكشفا لحقيقة الوسواس القهري‬
‫نف العقيدة‪ ،‬والتداخل الظاهري بينه ن‬
‫وبي الشبهات‪.‬‬ ‫ي‬

‫ًّ‬
‫ردا عىل أشهر شبهات الملحدين المعارصة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫ا‬
‫خاصا عن المرأة ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫فصًل ًّ‬ ‫‪-٥‬‬

‫ر‬
‫تنتش ن‬ ‫َّ‬
‫الضالة ر‬
‫بي بعض الناس‪ ،‬كإنكار‬ ‫الن بدأت‬
‫ي‬ ‫‪ -6‬الكشف عن مجموعة من األفكار‬
‫السنة‪ ،‬والنسوية‪ ،‬وقانون الجذب‪.‬‬

‫‪ -7‬بعض بر ن‬
‫اهي يقينية اإليمان‪.‬‬

‫يسر لي أسباب االنتهاء منه‪،‬‬


‫وبانتهاء هذا المشروع ال يسعني إال أن أحمد ربي سبحانه؛ أن َّ‬
‫وأتقدم بالشكر لكل من علَّمني‪ ،‬أو أرشدني‪ ،‬أو وجَّهني في رحلة كتابة هذا الكتاب‪ ،‬والتي‬
‫َّ‬
‫امتدت لقرابة ثالث سنوات‪ ،‬وما كان من توفيق وسداد فمن اهلل وحده‪ ،‬وما كان من خطأ أو‬
‫َّ‬
‫زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان‪.‬‬

‫ر‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫وال أدع نف هذا ال ر‬


‫كيلومتي‬ ‫طريق‬
‫ٍ‬ ‫عىل‬ ‫هزيلة‬ ‫ضعيفة‬ ‫واحدة‬ ‫خطوة‬ ‫مشوع إال‬ ‫ي ي‬
‫هائل‪ُ ،‬ممه ٍد بآالف الحجج والدالئل والتاهي عىل صحة اإليمان‪.‬‬
‫ن‬
‫ٍ‬
‫‪22‬‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ‬

‫ﳑﱠ ﴿‪ ﴾1٠٩‬سورة الكهف‪.‬‬

‫أجرا؛ إنه ِن ْع َم الجواد الكريم‪.‬‬ ‫اجيا من هللا أن َينفع بهذا العمل‪ ،‬وأن َي َ‬
‫كتب لنا به ً‬ ‫❑ر ً‬

‫شكره‬‫يوما نف رش ٍء من دين هللا‪ ،‬فل َيكن ُ‬ ‫يشكرب عىل َف ْهم َفه َمه ً‬
‫ن‬ ‫❑ ومن رأى أن‬
‫ي ي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫لي بنشر هذا الكتاب‪.‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ُ‬
‫ومن ِت ِه‪.‬‬ ‫❑ فالحمد هلل رب العالمي‪ ،‬مقدر الختات برحمته‪ ،‬وكاشف السوء بج ِ‬
‫ود ِه ِ‬

‫د‪.‬هيثم طلعت‬
‫‪Haithamsrour41@gmail.com‬‬
‫‪https://www.facebook.com/drhaithamofficial‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪23‬‬
‫الباب األول‬

‫‪24‬‬
‫‪ -1‬في البداية‪ :‬ما هو أقصر طريق لتحصيل اليقين للمسلم والمتشكك؟‬

‫ُّ‬
‫وتفكر‪.‬‬ ‫وتأمل‬
‫الورد بتدبُّر ُّ‬
‫آيات هذا ِ‬
‫يوميا تحافظ عليه‪ ،‬تقرأ ِ‬
‫ً‬ ‫يكون لك ورد تدبُّر‬
‫ومن أفضل الكتب ال ُمعينة على التدبر هو‪ :‬التفسير الميسر‪ ،‬وهو تفسير موجز جميل!‬
‫الورد‪ ،‬وفي‬
‫تقرأ اآلية من القرآن الكريم‪ ،‬ثم تقرأ تفسيرها‪ ،‬وهكذا إلى أن ينتهي ِ‬
‫العام التالي تنتقل لتفسير آخر مثل المختصر في التفسير‪ ،‬ثم تفسير الشيخ السعدي‬
‫رحمه اهلل وهكذا‪...‬‬

‫وهذا الطريق طريق تدبر القرآن والمداومة عليه‪ ،‬له أشاره اإليمانية الخاصة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وفيه جواب ُم َ‬
‫جمل لكل شبهة‪ ،‬وبه تحصل طمأنينة النفس‪ ،‬وفيه ُرقية من الشيطان‬
‫ووقفات‪.‬‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫والوسواس! واإلنسان كلما تدبر كتاب ربه خرج منه بمعجز ٍ‬
‫ات‬
‫بل وكم من ٍّ‬
‫عدو لرسول هللا ﷺ أراد اغتياله‪ ،‬فما أن سمع آيات القرآن ر‬
‫حن انفطر‬
‫قلبه ولمع اإليمان ن يف عينيه!‬
‫ن‬
‫هذا يف حال الكافر المحارب الكاره لإلسالم‪ ،‬فكيف بصاحب الش ُبهات الذي يريد‬
‫الحق‪ ،‬فكيف بالمسلم؟!‬

‫وتنشح له الصدور‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬


‫تستبش به النفوس‪،‬‬ ‫فللقرآن معارج إيمانية عجيبة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫وعادة النفوس مع القرآن أنها إذا أخذت حظها منه عادت له مرتاعة تريد المزيد!(‪)1‬‬

‫(‪ (1‬راجع كتاب‪ :‬الطريق إلى القرآن‪ ،‬إبراهيم السكران‪ ،‬متاح على الشبكة العنكبوتية‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫المطوالت وكتب الفالسفة‬ ‫اليقي‪ ،‬والذين قرأوا ُ‬
‫ن‬ ‫فالقرآن هو أقرص طريق لتحصيل‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫اليقي ر‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫لليقي كان طريق القرآن!‬ ‫اعتفوا يف آخر أعمارهم أن أيش وأفضل طريق‬ ‫بحثا عن‬
‫انظر ماذا قال الرازي رحمه هللا بعد رحلة طويلة مع كتب الفالسفة ُ‬
‫والمطوالت الكالمية‪:‬‬
‫‪‬قال رحمه هللا‪:‬‬

‫"‪)2(.‬‬

‫ن‬ ‫َ‬
‫هرستاب رحمه هللا‪:‬‬
‫ي‬ ‫الش‬ ‫وقال‬

‫(‪)٣‬‬

‫ُ َ ن‬
‫ين رحمه هللا‪:‬‬ ‫‪‬وقال أبو‬
‫المعاىل الجو ي‬
‫ي‬

‫ن‬
‫اليقي‪.‬‬ ‫كلهم ر‬
‫اعتفوا أن طريق القرآن هو أمثل وأسهل وأيش وأقرص طرق تحصيل‬
‫أحد بحسب علمه وثقافته وبساطته وعمقه؛ هو كالم‬
‫ٍ‬ ‫فالقرآن كالم هللا لكل‬
‫هللا لكل أطياف ر‬
‫البش!‬
‫وإىل جانب تدبر كتاب هللا أدعوكم إىل قراءة أعظم الكالم‪ ،‬وأحسن القول بعد كالم‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫الصالحي‬ ‫وص بقراءة خمسة أحاديث من رياض‬ ‫أ‬ ‫هللا سبحانه‪ ،‬وهو كالم نبيه ﷺ‪،‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫عثيمي رحمه هللا‪.‬‬ ‫بشح بسيط جميل مثل رشح ابن‬ ‫ًّ‬
‫يوميا‪ ،‬ر‬
‫َ‬
‫أحوجنا ِلمثل ذلك!‬ ‫ن‬
‫الصالحي كتاب تزكية إيمانية‪ ،‬وما‬ ‫ورياض‬
‫ن‬
‫لليقي من اليوم‪ ،‬فما من حياتك خت إال ما كان فيها هلل‪،‬‬ ‫مشوع تحصيلك‬ ‫فلتبدأ ر‬
‫ٌ‬
‫وهباء منثور‪ ،‬وكما قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫فباطل‬ ‫وغت ذلك‬

‫(‪)4‬‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ (2‬سير أعالم النبالء‪ ،‬م‪ 21‬ص‪.501‬‬


‫(‪ (3‬نهاية اإلقدام في علم الكالم‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ (4‬الجواب الكافي‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ -2‬ما هو اإللحاد‪ ،‬وما هي تقسيمات أتباعه؟‬
‫‪)٥(.‬‬ ‫‪ ‬اإللحاد نف اللغة ن‬
‫يعن‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱠ﴿‪ ﴾1٠٣‬سورة النحل‬

‫ُيلحدون إليه‪ ،‬ن‬


‫يعن‪ :‬يميلون إليه‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫اصطالحا فهو‪:‬‬ ‫‪ ‬أما اإللحاد‬

‫‪ ‬واإللحاد ِف َرق كثتة‪ ،‬ومذاهب متنوعة فهناك‪:‬‬

‫وهناك‬ ‫وهناك‬ ‫وهناك‬ ‫وهناك‬ ‫الملحد‪ :‬وهو‬


‫الالاكتراثي‪:‬‬ ‫الالأدري‪ :‬وهو‬ ‫ُّالر ُّ‬
‫بوبي‪ :‬وهو‬ ‫الذي ُي ِنكر‬
‫الشخص‬ ‫الشخص الذي‬
‫وهو الشخص‬ ‫الشخص الذي‬ ‫وجود‬
‫الهيوماني‪:‬‬ ‫الذي ال ُيبالي‬ ‫ال يستطيع أن‬ ‫يؤمن بوجود‬ ‫الغيبيات‬
‫شخص‬ ‫بالقضية‬ ‫يجزم بصحة‬ ‫خالق لهذا‬
‫ٍ‬
‫ُّ‬ ‫وجود الخالق‪،‬‬ ‫التي تقول‬
‫يهتم‬ ‫الدينية‪،‬‬ ‫العالم لكنه‬ ‫بها األديان‪.‬‬
‫وال يستطيع‬
‫باإلنسان‬ ‫وقضية‬
‫أن يجزم‬
‫يكفر‬
‫فحسب‬ ‫وجود الخالق‪.‬‬ ‫بعدم وجوده‪،‬‬
‫باألديان‪.‬‬
‫فهو شخص‬
‫متوقف!‬

‫(‪ (5‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬مادة "َل َح َد"‪.‬‬


‫‪27‬‬
‫‪ ‬هذه أشهر تقسيمات المذاهب اإللحادية المعارصة‪.‬‬
‫ن‬
‫الالدينيي‪ ،‬فالملحد‬ ‫‪ ‬وكل أتباع هذه التقسيمات يمكن أن نطلق عليهم‪:‬‬
‫ن‬
‫الهيوماب قد يكون غت ملحد‪.‬‬ ‫ر ر‬
‫اب كلهم الدينيون؛ أما‬
‫ي‬ ‫والربوب والالأدري والالاكت ي‬
‫ي‬
‫‪‬‬

‫االصطالح!‬ ‫والتعريف‬ ‫لإللحاد‪،‬‬ ‫اللغوي‬ ‫التعريف‬ ‫‪ ‬يوجد َف ْرق ن‬


‫بي‬
‫ي‬
‫وبالتاىل يدخل تحت هذا التعريف‪ :‬أصحاب‬
‫ي‬ ‫فالتعريف اللغوي لإللحاد هو‪ :‬المَ يْ ل‪،‬‬
‫َّ‬
‫الضالة ُ‬
‫وغتهم!‬
‫ِ‬ ‫لة‬ ‫عط‬‫كالم‬ ‫الف َرق‬
‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المتقدمي‬ ‫‪ ‬لذلك ورود كلمة ملحد يف كتب‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تعن نوعا من االنحراف‬
‫يعن إنكار الخالق والنبوات‪ ،‬لكنها ي‬
‫‪ ،‬والذي ي‬
‫ن يف باب من أبواب العقيدة كباب‪ :‬األسماء والصفات‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫المسلمي كان ملحدا‪ ،‬وينسبه لإللحاد‬ ‫لذلك من قال‪ :‬إن ابن سينا أو أيا من فالسفة‬
‫االصطالح المعارص فقد أخطأ؛‬
‫ي‬ ‫بمعناه‬

‫‪  ‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -4‬متى بدأ اإللحاد؟‬
‫ٌ‬
‫ال تُوجد بداية معروفة لإللحاد‪ ،‬وليس هناك إلحاد بمعناه‬
‫يعن إنكار الخالق قبل القرن‬ ‫االصطالح المعارص‪ ،‬والذي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عش الميالدي‪.‬‬‫الثامن ر‬
‫ُ‬
‫وباستثناء بعض ما نسب إىل دياجوراس ‪Diagoras of Melos‬‬
‫ً‬
‫فإن تاري خ األمم كان ُمطبقا عىل اإليمان بالخالق‪)6(.‬‬
‫ِ‬
‫الشق ر‬ ‫ن‬
‫• ولم يثبت إنكار الخالق عند أحد من الناس ف الغرب أو ر‬
‫حن القرن الثامن‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫عش الميالدي!‬
‫شء من ذلك!‬ ‫• نعم ُنسبت بعض األقوال لهذا أو ذاك لكن لم يثبت ر‬
‫ي‬
‫‪ ‬يقول المؤرخ الشهت ويل دورانت ن يف موسوعته قصة الحضارة‪:‬‬

‫‪7‬‬

‫ن‬
‫الشهرستاب‪:‬‬ ‫‪ ‬وقال‬
‫ي‬

‫‪8‬‬

‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬


‫طبق عىل اإليمان‬
‫فاإللحاد ظاهرة طفيلية بالنسبة لتاري خ الجنس البشي الم ِ‬
‫بالخالق‪ ،‬أو كما يقول الدكتور عبد هللا الشهري‪:‬‬

‫‪)٩(.‬‬

‫‪  ‬‬

‫)‪(6) Diagoras of Melos (406 B.C.‬‬


‫(‪ (7‬نهاية اإلقدام‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ (8‬نهاية اإلقدام‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ (9‬ثالث رسائل في اإللحاد والعلم واإليمان‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا الشهري‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -5‬كيف بدأ اإللحاد؟‬
‫حي ظهرت‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬بداية اإللحاد كانت مع‬
‫ن‬
‫والعلمانيي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫موجة لتأويل النصوص الدينية يف أوروبا عىل يد دعاة التنوير‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫الدين تأويًل‬
‫ي‬ ‫‪ ‬وهذا أخطر مداخل اإللحاد عىل اإلطالق‪ :‬تأويل النص‬
‫ٌّ‬
‫إلحادي!‬ ‫ً ُ‬
‫فاسدا يخرجه عن معناه‪ ،‬هذا أخطر مدخل‬
‫ن‬ ‫الدين بما يخرجه عن معناه ُ‬
‫ن‬
‫سيؤدي إىل التشكيك يف قيمة النص‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ألن تأويل النص‬
‫ن‬
‫المعن‪ ،‬وسيجعل ما يطرأ عىل ذهنك من فهم النص بال وثوقية!‬ ‫ومصداقية‬
‫‪ ‬فانتشر اإللحاد في الغرب‪ ،‬حين فقد الناس الثقة بالنص الديني!!‬
‫وهذا بالمناسبة ما يحاول ُدعاة ما ُيسىم بالتنوير ن يف بالدنا تطبيقه اليوم مع اإلسالم‪.‬‬
‫ن‬ ‫الشعية ر‬ ‫يحاولون اللعب بالنصوص ر‬
‫حن يوهنوا قيمتها يف النفس‪ ،‬ويخرجوها عن‬
‫معناها!‬

‫‪‬مثال ذلك‪ :‬أنت تقول‪:‬‬


‫والملحد يقول‪ :‬الخمر حالل‪...‬‬
‫ا‬ ‫الدين ر‬‫ن‬ ‫ر‬
‫حن أجعل الخمر حالًل!‬ ‫ي‬ ‫يأب التنويري ويقول لك‪ :‬سأقوم بتأويل النص‬ ‫فهنا ي‬
‫ن‬ ‫هذا ر‬
‫شديد‪ ،‬وهو أكت مدخل لإللحاد‪ ،‬وكانت هذه بداية‬
‫ٍ‬ ‫مشوع التنوير يف بالدنا بإيجاز‬
‫اإللحاد ن يف أوروبا‪.‬‬

‫لكن حتى القرن الثامن عشر الميالدي لم يكن اإللحاد الذي هو إنكار الخالق قد ظهر بع ُد!‬

‫ن‬
‫‪ ‬فقط ظهر نوع من التمرد عىل الدين‪ ،‬وأشهر شخصية معادية للدين يف ذاك الوقت‪،‬‬
‫هو الفيلسوف الفرنش فولتت‪)1٠(.‬‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪‬وفولتت كغته من دعاة التمرد عىل الدين يف ذاك الوقت لم يكن ملحدا اإللحاد‬
‫االصطالح المعروف اليوم‪ ،‬وإنما فقط رافض لمسيحية الكنيسة؛ ولذلك لم يمانع‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫فولتت من شح األخالق يف إطار الدين لخدمه‪ ،‬وكان يقول كلمته الشهتة‪:‬‬

‫(‪ (10‬فولتير (‪1778‬م)‪.‬‬


‫‪30‬‬
‫‪)11‬‬

‫المخصصة لإلله وحده عىل هذه األرض‪ ،‬أما الكنائس‬ ‫وادع أنها الكنيسة الوحيدة ُ‬
‫للقديسي‪ ،‬وكان يرسل خدمه إىل الكنيسة بانتظام ويدفع أجور‬‫ن‬ ‫فه ُمخصصة‬ ‫األخرى ي‬
‫َ‬
‫تعليم أبنائهم قواعد الديانة‪.‬‬
‫حن هذه اللحظة لم نرصد اإللحاد بمعناه المعارص‪.‬‬ ‫فنحن ر‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫الفعىل‬
‫ي‬ ‫ليبدأ يف هذا القرن تحديدا التنظت‬ ‫ويدخل‬
‫ن‬
‫سينبن عليها اإللحاد‪:‬‬ ‫ر‬
‫الن‬
‫ي‬ ‫لإللحاد‪ ،‬وتتأسس األفكار ي‬
‫فيظهر التنظت االقتصادي لإللحاد عند كارل ماركس‪) 12(.‬‬

‫حيث اعتت ماركس أن االقتصاد هو البنية التحتية الوحيدة‪ ،‬أما الدين‬


‫الشيوع ن يف مرحلة تالية‪.‬‬
‫ي‬ ‫المجتمع‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫ن ن‬
‫فسيختف‬
‫ي‬
‫وف ذاك الوقت ظهرت نظرية التطور عىل يد تشارلز داروين‪ ،‬ر‬ ‫ن‬
‫والن زعم‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فيها أن الكائنات الحية تطورت من بعضها البعض‪)1٣(.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫فرنش يف علم االجتماع يدع إيميل‬ ‫ي‬ ‫وبعد تشارلز داروين ظهر باحث‬
‫دوركايم‪)14(.‬‬

‫ً‬
‫تفستا لسبب اعتناق الدين‪ ،‬فاعتت أن الدين نشأ نتيجة‬ ‫حاول دوركايم أن يضع‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫المجتمع والجماعة‪ ،‬حيث ر‬
‫تشتك العشائر يف لقب واحد فيما يعرف‬
‫ًّ‬
‫حيوانيا‪ ،‬ومن‬ ‫بالطوطم ‪ ،Totem‬وهذا الطوطم نف الغالب يكون ً‬
‫لقبا‬ ‫ي‬
‫هنا نشأ الدين عند دوركايم‪.‬‬
‫من المعلوم عند علماء ُاالجتماع اليوم أن تخيالت دوركايم‬
‫منثورا‪ ،‬فهناك أمم كاملة وحضارات‪ ،‬بل وقارات‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫هباء‬
‫أصبحت ً‬
‫ال تعرف شيئا عن الطوطم‪ ،‬وال يوجد عندهم نظام األلقاب الحيوانية‪،‬‬
‫ً‬
‫جميعا‪ :‬عقيدة اإليمان باهلل األعىل بصورة‬ ‫ومع ذلك توجد عند هؤالء‬
‫واضحة‪)1٥(.‬‬

‫(‪ (11‬قصة الحضارة‪ ،‬ويل ديورانت‪ ،‬المجلد ‪ 38‬صفحة ‪.214‬‬


‫(‪ (12‬كارل ماركس (‪1883‬م)‪.‬‬
‫(‪ (13‬تشارلز داروين (‪1882‬م)‪.‬‬
‫(‪ (14‬إيميل دوركايم (‪1917‬م)‪.‬‬
‫‪(15) Andrew Lang (1968) the making of religion.‬‬
‫‪31‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫والعجيب أنه قد ن‬
‫مؤخرا أن فكرة الطوطم يف القبائل القديمة‬ ‫تبي‬
‫ا‬
‫قوم ورمز‬
‫ي‬ ‫شعار‬ ‫فالطوطم‬ ‫دينية‪،‬‬ ‫فكرة‬ ‫ه فكرة اقتصادية وليست‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫شء أشبه بالعلم الخاص بالدول اليوم‪.‬‬ ‫ُيعرف القبائل بأنسابها‪ ،‬هو ر‬
‫ي‬
‫أما فكرة أن الدين أنشأه المجتمع‪ ،‬فهذه فكرة سخيفة‪ ،‬فمما‬
‫هو معلوم أن الدين نف األصل ظاهرة فردية‪ ،‬هو َعالقة ن‬
‫بي اإلنسان وربه‪...‬‬ ‫ي‬
‫الجمع الدين؟‬ ‫• ثم كيف ُي ر ئ‬
‫نش العقل‬
‫ر ا‬ ‫ي‬
‫مباشة؟‬ ‫• هل سمع أحد بديانة تظهر ثم يقبلها المجتمع‬
‫• أم أن العكس هو الحاصل ً‬
‫دوما؟‬

‫فالموقف المعتاد المتكرر هو‪ :‬المناهضة للديانة الجديدة‪ ،‬والمقاومة العنيفة‬


‫ً‬ ‫ا‬
‫ً‬
‫ومتكررا؟‬ ‫تاريخيا ُمشاهدا‬
‫ًّ‬ ‫لداعيها! أليس هذا أصًل‬
‫ثم إن هذا االفتراض السخيف عند دوركايم ال يجيب عن السؤال الجوهري‪ :‬مِن أين جاءت‬
‫فكرة اإلله األكبر فاطر السماوات واألرض‪ ،‬وعلى غِرار أي جماعة أو مجتمع طُبعت هذه‬
‫الصورة؟ وكيف قامت الدعوات لها عبر كل التاريخ وكل الجغرافيا‪ ،‬عبر كل الزمان وعبر‬
‫(‪)16‬‬
‫تاريخ كل األنبياء؟‬
‫ُ‬
‫لألسف خياالت دوركايم ظلت لعقود تدرس ن يف جامعات أوروبا باعتبارها حقائق تاريخية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌ ن‬ ‫وبالمناسبة دوركايم كان له ٌ‬
‫األوروبيي عندما كان‬ ‫كبت يف تدليس المعرفة عند‬ ‫دور‬
‫للمحرمات كمظهر تدي ن ين‬‫يطرح حفالت القبائل البدائية بما فيها من عربدة وارتكاب ُ‬
‫ً‬
‫عندهم‪ ،‬فقد ثبت أن هذه الحفالت كانت تمردا عىل هيكل الحياة االجتماعية والدينية‬
‫للقبيلة وليس العكس‪ ،‬وأصبحت اآلن هذه الحقيقة من أشهر تدليسات دوركايم!‬
‫ن‬
‫الجنسي؛ لقد جعل‬ ‫بي‬ ‫فالنظم القبلية نف كل المجتمعات تقوم عىل الفصل التام ن‬
‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫دوركايم بأسلوب غريب التمرد عىل الدين والحفالت الماجنة مظهرا دينيا‪.‬‬
‫تسربت على‬
‫تسربت على أيدي داروين وماركس ودوركايم َّ‬
‫إذن خالصة ما سبق‪َّ :‬‬
‫أيدي هؤالء الكثير من المعلومات المغلوطة إلى العقل األوروبي‪ ،‬فظهر الشك‬
‫واإللحاد‪.‬‬
‫كانت البداية مع هؤالء‪ ،‬وسوف تكون النهاية مع أشباههم!‬

‫(‪ (16‬الدين‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد هللا دراز‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وعا ً‬
‫واقعا عىل األرض‪ ،‬ن‬ ‫ر ً‬
‫وتبن التنظت‬ ‫أصبح اإللحاد مش‬ ‫‪ ‬ومع دخول‬
‫االقتصادي لكارل ماركس ُد َول بأكملها!‬
‫ن‬
‫ن‬
‫والصي وفيتنام وكوريا‬ ‫فظهرت الشيوعية يف كثت من دول رشق أوروبا وروسيا‬
‫ن‬
‫البيولوح لتشارلز داروين يف ألمانيا النازية‪ ،‬ونشأت الحرب‬
‫ي‬ ‫وكوبا وغتها‪ ،‬وظهر التنظت‬
‫بناء عىل مفهوم البقاء لألصلح وإبادة األعراق الضعيفة‪ ،‬حيث ظهر‬ ‫العالمية الثانية ا‬
‫المنحطة كما ُيسمونها‪.‬‬
‫مفهوم إبادة ال ‪ Subman‬أي‪ :‬األعراق ُ‬

‫ن‬
‫لقد فشلت التنظتات اإللحادية يف البقاء‪ ،‬فانهارت النازية بعد أن كشفت عن‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الوجه القبيح للعنرصية‪ ،‬واختفاء ن‬
‫معن اإلنسان يف اإللحاد‪ ،‬وانهارت الماركسية وتفكك‬
‫!‬ ‫السوفين‪ ،‬وظهر عجز اإللحاد التام عن‬‫ر‬ ‫االتحاد‬
‫َ ًْ‬ ‫ي‬
‫فاإلنسان ال يمكن أن ُيفش وفقا لهذه التنظتات الفاسدة‪.‬‬
‫بزي جديد ً‬
‫تماما‪ ،‬فقد اتشح‬ ‫ظهر اإللحاد ٍّ‬ ‫ومع دخول‬
‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫العلىم"‪ ،‬وبدأ يقدم نفسه مرة أخرى معتمدا هذه المرة‬‫ي‬ ‫اإللحاد‬ ‫"‬ ‫ب‬ ‫سىم‬ ‫وت‬ ‫زورا بالعلم‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫عىل ر‬
‫االفتاضات القديمة‪ ،‬وال تقل‬ ‫افتاضات وتخمينات جديدة ال تقل سطحية عن‬
‫ا‬
‫خطورة عىل اإلنسان عنها!‬
‫ن‬
‫المثقفي والجيل‬ ‫لكن مشكلة هذا النوع الجديد أنه يستخدم عصا العلم ُليغري أنصاف‬
‫الصاعد به!‬

‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -6‬كيف بدأت الطبيعة؟‬
‫كيف بدأ الكون؟ هذا أول سؤال عقىل يمكن طرحه ن‬
‫حي ننظر حولنا!‬ ‫ي‬
‫واإللحاد الجديد كالقديم ً‬
‫تماما يجيب عن هذا السؤال بتقرير قدرة الطبيعة عىل‬
‫َ ْ‬
‫ه المسؤولة عن اإليجاد والتقدير والعناية والخلق‪،‬‬
‫الخلق واإليجاد؛ فالطبيعة عندهم ي‬
‫شء‪.‬‬‫ر‬
‫فقد نسبوا لها كل ي‬

‫‪‬الطبيعة عندهم هي‪ :‬كل شيء؛ وال شيء غير الطبيعة كما يقول الالأدري كارل‬
‫ساغان‬
‫‪)17(.Carl Sagan‬‬

‫هكسىل رفيق‬ ‫توماس‬ ‫إن‬ ‫المعن األوحد نف الوجود‪ ،‬ر‬


‫حن‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫فالطبيعة عند الملحد‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫داروين وجرو داورين ‪ Darwin Bulldog‬كما كان يحب أن يسىم‪ ،‬كان يطلق عىل‬
‫الطبيعة لقب‪ :‬السيدة الطبيعة ‪.Dame Nature‬‬
‫َ‬
‫ً‬
‫حجما هو الطبيعة عند المالحدة!‬ ‫• فأكت َوثن اتخذ من دون هللا‬
‫حجما نف تاري خ الكفر ر‬
‫ً‬
‫َ ْ‬
‫البشي‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ه أكت األوثان‬‫• الطبيعة ي‬
‫ن‬
‫• فاإللحاد يف حقيقته هو وثنية‪ ،‬حيث ينسب للطبيعة المادية القدرة عىل الخلق‬
‫واإليجاد والتدبت!‬

‫سىم الطبيعة ب ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫نن‬


‫ي‬ ‫ي‬ ‫دوكيت الملحد الشهت‬ ‫ولذلك ريتشارد‬

‫‪" ‬صانع الساعات األعىم ‪."The Blind Watchmaker‬‬

‫• فالطبيعة تصنع وتخلق عندهم!‬


‫• وهذه الصورة الوثنية لإللحاد تجعله يندرج تحت الوثنيات‬
‫الن ظهرت عت التاري خ!‬ ‫ر‬
‫ي‬

‫‪(17) https://www.youtube.com/watch?v=1-OdJmAefOY‬‬
‫من ‪3:12‬‬
‫إلى ‪3:18‬‬

‫‪34‬‬
‫‪‬يقول الدكتور حسام حامد‪:‬‬

‫السفسطة‪ ،‬وبينما هو على وشك أن يقهر‬


‫"الملحد ارتقى جبل َّ‬
‫أعلى قمة من قمم السفسطة‪ ،‬وإذ تعترضه آخر صخرة‪ ،‬وما إن‬
‫يصعد‪،‬‬
‫إذا به يجد جماعة من الوثنيين كانوا يجلسون قبله في نفس‬
‫(‪)18‬‬
‫قرون"‪.‬‬ ‫المكان هناك منذ‬
‫ن‬
‫قمة من قممه‪،‬‬
‫وف لحظة ارتقائه أعىل ٍ‬
‫فما إن يصعد الملحد أعىل جبل اإللحاد‪ ،‬ي‬
‫إذا به يكتشف وثنية إلحاده‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫تماما بقدرات‬ ‫الوثن‬
‫ي‬ ‫فاإللحاد يؤمن بقدرة الطبيعة وحتمية الطبيعة‪ ،‬كما يؤمن‬
‫الن يعبدها مع هللا!‬ ‫ر‬ ‫َ َ‬
‫قطعة الحجر ي‬
‫شء!‬‫ر‬
‫وه مسؤولية الطبيعة عن‪ :‬إيجاد كل ي‬ ‫ه النظرة اإللحادية للطبيعة‪ ،‬ي‬ ‫هذه ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫وه أن‪ :‬الطبيعة لها بداية‪،‬‬
‫لكننا يف القرن العشين قد اكتشفنا حقيقة علمية مدهشة‪ ،‬ي‬
‫وأنها غت مكتفية بذاتها!‬
‫ا‬ ‫ُ َّ‬
‫فقد أصبح من المسلمات اليوم أن‪ :‬هذا الكون ظهر من الالزمان والالمكان؛ فجأة‬
‫ظهرت الطبيعة!‬

‫( ‪ (18‬اإللحاد وثوقية التوهم وخواء العدم‪ ،‬د‪ .‬حسام الدين حامد‪ ،‬مركز نماء للبحوث والدراسات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫بتصرف‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫فتيائية مبهرة‪ ،‬وبحدود حرجة غاية يف‬ ‫فجأة بمنته الضبط وبثوابت ن‬ ‫فالكون رأب‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫وجد‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫فضًل‬ ‫البديه أن الكون ليس له دور يف إيجاد نفسه‬
‫ي‬ ‫الدقة! وب هذا فمن‬
‫غته‪.‬‬
‫ً‬ ‫وبالتاىل ال ر‬
‫يبف إال البديل الثالث‪ ،‬وهو أن هذا الكون خالقا!‬ ‫ي‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪ‬
‫ﱫﱠ سورة الطور‪.‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫‪ ‬كان الكتشاف ظهور الكون فجأة وبثوابت غاية يف الضبط‪ ،‬كان الكتشاف هذا األمر‬
‫ٌ‬ ‫َو ٌ‬
‫قع شديد عىل نفوس الملحدين‪.‬‬
‫لنسك ‪:David Berlinski‬‬
‫ي‬ ‫‪‬يقول الالأدري ديفيد بت‬

‫"ينزعج الفيزيائيون بشدَّة من حقيقة أن للكون بداية؛ ألن هذا أمر له‬
‫(‪)1٩‬‬
‫دينية"‪.‬‬ ‫لوازم‬
‫‪‬ونفس الكالم ُيؤكده ستيفن هوكينج ن يف كتابه الشهت تاري خ موجز للزمن حيث يقول‪:‬‬
‫"الذين ال يحبّذون حقيقة بداية الزمن وبداية الكون‪ ،‬هم ال يحبذون‬
‫(‪)2٠‬‬
‫دينيا"‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ذلك؛ ألن لهذا األمر بع ًدا‬

‫ً‬ ‫ر ً‬ ‫الفت ئ‬
‫ياب الملحد آرثر إدنجتون ‪ Arthur Eddington‬ر‬ ‫‪‬أما ن‬
‫قاسيا فيقول‪:‬‬ ‫اعتافا‬ ‫فيعتف‬ ‫ي‬
‫"إن فكرة أن للكون بداية هذه الفكرة بغيضة بالنسبة لي‪ ،‬فكرة كريهة‬
‫‪)21(.‬‬
‫تزعجني"‬
‫ٌ‬
‫ه حقيقة مزعجة لكل ملحد؛ لكن لألسف واقع الحال أن بعض‬ ‫فبداية الكون ي‬
‫الدارسي للعلوم ال يعرفون هذه اإلشكاالت؛ ولذلك ربما يسخر بعضهم‬ ‫ن‬ ‫الملحدين غت‬
‫ا‬
‫وبالتاىل ال يشعر بأي‬
‫ي‬ ‫من إلزام أن الكون له بداية؛ ألنه ال يفهم أبعاد هذا اإللزام أصًل‪،‬‬
‫إزعاج!‬

‫‪(19) David Berlinski: The devil's Delusion, Atheism and its Scientific Pretensions, p.97‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ (20‬ستيفن هوكينج‪ ،‬تاريخ موجز للزمان ص‪.92‬‬
‫إلهـا‪ ،‬محمد أمين ُخالل‪.‬‬
‫نقال عن‪ :‬العلم ليس ً‬
‫ً‬
‫‪(21) the notion of a beginning of the present order of Nature. is repugnant to me.‬‬
‫‪Arthur Eddington, The End of the World: From the Standpoint of Mathematical Physics in Nature, p. 450. Nature 127, 447-453.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -7‬لكن ما المانع أن تكون هناك قوانين قبل ظهور كوننا‪ ،‬وهذه القوانين‬
‫كان لها دور في إيجاد كوننا؟‬

‫❑ يف البداية‪ :‬هذا من باب الر ْجم بالغيب ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱲﱳﱴﱵ‬


‫ن‬
‫ﱶﱸ‬
‫ﱷ‬
‫ﱹﱺﱻﱼﱠ ﴿‪ ﴾٥٣‬سورة سبأ‪.‬‬
‫ا‬
‫فنتيجة لكفرهم ُيضطرون للرجم بالغيب بال برهان وال بينة!‬
‫ًّ‬
‫علميا سخيفة؛ ألنه‬ ‫فتيائية قبل كوننا‪ ،‬هذه الفكرة‬ ‫قواني ن‬
‫ن‬ ‫ثانيا‪ :‬فكرة أن هناك‬ ‫❑ ً‬
‫ه كلمة مرتبطة بالزمن‪،‬‬ ‫ال يوجد كلمة "قبل" قبل ظهور كوننا‪ ،‬فهذه الكلمة "قبل" ي‬
‫ن‬
‫الطبيع‪.‬‬
‫ي‬ ‫وبالتاىل ال وجود لكلمة "قبل" يف العالم المادي‬
‫ي‬ ‫والكون كما قلنا رأب من الالزمن‪،‬‬
‫قواني قبل عالمنا يكون بهذا قد أجاب عن سؤال‪:‬‬ ‫نَ‬ ‫بافتاض الملحد أن هناك‬ ‫ثم هل ر‬
‫• من أين رأب الكون؟‬
‫ن‬
‫القواني؟‬ ‫سيبف السؤال‪ :‬ما مصدر هذه‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫• َمن الذي قننها؟‬
‫• َمن الذي أعطاها عملها؟‬
‫ً‬ ‫ما مصدر قانون الجاذبية الذي ر‬
‫افتضه بعض المالحدة سابقا لكوننا؟‬ ‫•‬
‫▪ ما مصدر هذا القانون؟‬
‫▪ َمن الذي قننه؟‬

‫ُ‬ ‫‪‬وللتبسيط‪ :‬قانون الجاذبية ر‬


‫يشح سبب سقوط األجسام وحركة األجسام‪ ،‬لكن ال يفش‬
‫وجد هذه األجسام!‬ ‫ُ‬
‫يىل ِمن أين أتت األجسام‪ ،‬وباألحرى هو لم ي ِ‬
‫حركتها إذا سقطت عىل األرض‪.‬‬‫فقانون الجاذبية لن ُينتج كرة بلياردو‪ ،‬وإنما هو فقط يصف َ‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫فقانون الجاذبية ليس كينونة مستقلة‪ ،‬ليس شيئا مستقًل؛ وإنما هو‪ :‬وصف لحدث‬
‫طبيع!‬
‫ي‬
‫َ ْ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫يكف لخلق كرة البلياردو‪،‬‬
‫ي‬ ‫يأب المالحدة ليفتضوا أن وجود قانون الجاذبية‬ ‫لكن ي‬
‫وعصا البلياردو‪ ،‬والعب البلياردو؛ هذه سخافة غريبة لتتير الخرافة!‬

‫أيضا بنفس القياس نقول إن‪ :‬قوانين االحتراق الداخلي في موتور السيارة لن تخلُ َق موتور سيارة‪.‬‬
‫ً‬

‫لخ ْلق‪ :‬الموتور‪ ،‬ر‬


‫وشارة‬
‫َ‬
‫تكف‬ ‫ر‬
‫االحتاق الداخىل ن‬ ‫ن‬
‫قواني‬ ‫افتاض أن‬‫• فهل من العقل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫والب ن نتين‪ ،‬والسائق‪ ،‬والطريق؟‬ ‫ر‬
‫االحتاق‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫إشكاالت حقيقية مزعجة‬
‫ٍ‬ ‫• ما أصبح يفكر المالحدة بهذه الطريقة إال ألنهم يواجهون‬
‫َ‬
‫لن يخرجوا منها إال بهذه الف ْرضيات الغريبة‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -8‬لكن ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون؟‬

‫هذا ُيسىم ب ‪ :‬التوسل بالمستقبل‪ ،‬وهو أكت مغالطة يقع فيها الملحد!‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫فلسان حال الملحد‪ :‬سأكفر عىل أمل أن يظهر يف المستقبل ما يدعم‬
‫ُ‬
‫كفري‪.‬‬
‫مستقبل لن أكون فيه!‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫سأكفر من أجل حجة قد تظهر يف‬
‫وهكذا حال مالحدة ذاك المستقبل سيقعون ن يف نفس المغالطة!‬
‫َّ‬
‫ولن تجد َمن يتفكه ويتندر بكل هؤالء مثل المستقبل!‬

‫‪‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ‬

‫ﱎﱏﱐﱑﱒﱠ ﴿‪ ﴾16‬سورة الشورى‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن ر‬
‫تخمينات وفروض لمنع تفست الظاهرة يف إطارها‬
‫ٍ‬ ‫ش ٍء االحتكام إىل‬
‫ليس من العقل يف ي‬
‫الدالىل عىل الخالق‪.‬‬
‫ي‬
‫ش ٍء االحتكام إىل توهمات لمنع تفست ظهور‬ ‫ن ر‬ ‫‪‬‬
‫ليس من العقل يف ي‬
‫ن‬
‫شء‪.‬‬‫ر‬
‫وجد الذي أتقن كل ي‬
‫ُ‬
‫الدالىل عىل الم ِ‬
‫ي‬ ‫الكون الذي رأب بهذا الضبط يف إطاره‬
‫إن هذا التعطيل هو تعطيل لوظيفة العقل!‬
‫ُ‬
‫وإذا كنا عند هذه المرحلة‪ ،‬ومع هذه المعطيات الساطعة نعاند اإليمان بالخالق‪،‬‬
‫ُ‬
‫مرحلة نسلم له؟ ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﱠ﴿‪﴾1٠‬‬ ‫ٍ‬ ‫فعند أي‬
‫سورة الملك‪.‬‬

‫‪‬‬
‫َ‬
‫بثوابت ن‬ ‫ن‬
‫فتيائية مبهرة بحيث لو اختل ثابت‬ ‫لحظة بمنته الضبط‪ ،‬و‬
‫ٍ‬ ‫كون جاء يف‬
‫ُ‬
‫ثبت أن‪:‬‬
‫واحد منها بجزء من مليارات مليارات األجزاء لما ظهر‪ ،‬أليست هذه المقدمة ِ‬
‫ت‬
‫الن نسمعها من الملحدين؟‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫الدين بالخالق أحق وأوىل من الغرائب ي‬
‫ي‬ ‫اإليمان‬

‫ال يمكن لشيء منضبط بهذا الضبط كالثوابت الفيزيائية التي بدأ بها كوننا‬
‫للصدفة بهذا اإلبهار!‬
‫بالصدفة‪.‬ال عَالقة ُّ‬
‫أن تأتي ُّ‬

‫‪  ‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -9‬ما المانع أن تكون هناك أكوان كثيرة‪ ،‬وكوننا أتى بين هذه األكوان بالصدفة؟‬
‫ن ئ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ياب عىل ظهر األرض‪ ،‬ي‬
‫فرضية األكوان المتعددة كما يعرف كل فت ي‬
‫ن‬
‫تخمي بال دليل ِمن رصد أو بحث‪.‬‬ ‫مجرد‬
‫ن‬
‫الفتياء جون بولكنجهون‪:‬‬ ‫‪‬يقول عالم‬

‫"األكوان المتعددة ‪ Multiverse‬ليست فيزياء‪،‬‬


‫ميتافيزيقي‪ ،‬وال يوجد سبب علمي‬
‫ٌّ‬ ‫تصور‬
‫بل هي في أحسن األحوال ُّ‬
‫واحد يدعو لإليمان بمجموعة من األكوان المتعددة‪ ،‬ال يوجد دليل‬
‫(‪)22‬‬
‫الفكرة"‪.‬‬ ‫علمي يجعلني أُصدِّق بهذه‬

‫ن ئ‬
‫‪‬أما الفت ي‬
‫ياب الالمع راسل ستانرد ‪ Russell Stannard‬فيقول‪:‬‬
‫"ال توجد حتى معادلة فيزيائية واحدة تدعم فرضية األكوان‬
‫المتعددة"‪.‬‬

‫‪(22) John Polkinghorne, One World, P.80‬‬

‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬العلم ليس إل ًهـا‪ ،‬محمد أمين ُخلل‪ ،‬مركز يقين‬

‫‪39‬‬
‫ه ُمجرد تخمينات وخياالت غت ُم َتهنة‪ ،‬واالنتصار‬
‫ففرضية األكوان المتعددة ي‬
‫ربك وغريب‪ ،‬كما يقول فيلسوف العلوم ريتشارد داويد ‪Richard‬‬ ‫ٌ ُ‬
‫لهذه التخمينات أمر م ِ‬
‫‪.Dawid‬‬

‫ستبف هذه األكوان المتعددة ُمنعزلة‬ ‫ر‬ ‫وحن عىل ر‬


‫افتاض وجود أكوان متعددة‪،‬‬ ‫ر‬
‫ًّ‬
‫سببيا‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫سببيا‪ ،‬أي أن‪ :‬كل كون منعزل عن اآلخر‬
‫ا‬
‫مستقًل ً‬ ‫َ‬
‫وبالتاىل فكل كون هو عبارة عن‬
‫ي‬ ‫ا‪،‬‬ ‫تمام‬ ‫كل كون قد ظه َر‬ ‫‪‬‬
‫واقعة مستقلة ‪ Independent Event‬أي‪ :‬واقعة ال َعالقة لها بسابقتها‪.‬‬
‫ُ‬
‫بعضها‬
‫كون قوانينه الخاصة المستقلة به‪ ،‬وال يفش ظهور ِ‬
‫وب هذه الصورة فلكل ٍ‬
‫ُ‬
‫ظهور البعض اآلخر‪.‬‬

‫‪ ،‬وهو أنه‪ :‬سيصبح لكل كون تصميمه الخاص‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫لكل منها‬ ‫ن‬
‫وبالتاىل فالملحد لم يعد أمامه كون بثوابت فتيائية مدهشة‪ ،‬بل جملة أكوان ٍ‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫ولكل منها قواني خاصة وإال ما ظهر!‬ ‫عملية إبداع‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ن‬
‫وربما بعض ثوابت هذه األكوان تفوق يف دهشتها وعظمتها اإلتقان الذي نشهده‬
‫ن يف كوننا ربتيليونات تريليونات المرات؛ إنها إلزامات أكت عىل اإللحاد‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ ‬ثم السؤال الجوهري‪ :‬من أين أتت هذه األكوان؟‬
‫ِ‬
‫ر‬
‫ه ليست أزلية‪ ،‬بل لها بداية!‬‫• األكوان المتعددة عىل افتاض وجودها ي‬
‫• وبما أن لها بداية فال بد أن هناك ُمسب ًبا لوجودها!‬

‫شء بتقديم فرضية األكوان المتعددة‪.‬‬ ‫❑وبالتاىل فأنت لم ُت ْ‬


‫جب عن ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أما مسألة أن األكوان المتعددة لها بداية‪ ،‬فهذا أمر معروف كما يقول أحد أشهر‬
‫ياب آالن جوث ‪ Alan Guth‬حيث‬ ‫ن ئ‬
‫داعىم فرضية األكوان المتعددة اليوم‪ ،‬وهو الفت ي‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫يقرر أن هذه األكوان المتعددة عىل افتاض وجودها ستبف لها بداية محددة ‪It would‬‬
‫‪.still be somewhere an ultimate beginning‬‬
‫(‪) 23‬‬
‫مكان ما لكل هذه األكوان‪ ،‬ستبقى هناك بداية نهائية للجميع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ستبقى هناك بداية في‬

‫‪ ‬وبالتالي سيبقى سؤال‪ :‬من أين أتت هذه األكوان سؤالًا قائمً ا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ً ن‬ ‫ًّ‬
‫منطقيا بسيطا يف موضوع األكوان المتعددة يبي عدم جدوى‬ ‫‪ ‬ثم إن هناك استشكاًل‬
‫االحتجاج بها من طرف الملحد وهو‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬من أين أتى هذا الكون األنيق؟‬

‫‪ ‬ستقول‪ :‬هناك أكوان أخرى كثتة!‬


‫ر‬
‫ومنطف!‬ ‫عقىل‬ ‫‪ ‬إجابة سخيفة عىل سؤال‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪(23) https://www.youtube.com/watch?v=NUI9Dq4WTxg‬‬

‫من ‪30:29‬‬
‫إلى ‪30:56‬‬
‫تمت استفادة رابط الفيديو من كتاب براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬مركز تكوين‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫‪41‬‬
‫‪‬يقول كريستيان دوف ‪:Christian Dove‬‬

‫حاولت أن تُغرق السمكة بكل محيطات العالم فستبقى تثبت‬


‫َ‬ ‫"لو‬
‫(‪) 24‬‬
‫وجودها‪ ،‬ستبقى حية"‪.‬‬

‫حن‬‫ستبف تتنفس؛ ألن السمكة ببساطة ال تغرق بالماء ر‬ ‫ر‬ ‫السمكة‬


‫َ‬
‫ولو وضعتها داخل كل محيطات العالم‪.‬‬
‫ً‬
‫شيئا ر‬
‫بافتاض وجود أكوان متعددة‪ ،‬أنت بهذه الحيلة ‪-‬‬ ‫فأنت لم تفعل‬
‫تهرب من إلزامات الضبط الدقيق‪،‬‬ ‫حيلة األكوان المتعددة‪ -‬لم ُ‬
‫وال إلزامات وجود كوننا‪ ،‬وال غتها من اإللزامات‪ ،‬ما زالت هذه اإللزامات‬
‫ا‬
‫حية تتنفس‪ ،‬ولو أغرقتها بمليارات األكوان!‬

‫‪‬‬

‫‪ ‬وبالمناسبة‪:‬‬

‫ليس هناك ما يمنع عق ًلا وال شرعً ا من وجود أكوان أخرى‪ ،‬فالله عز وجل‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫هو ُّ‬
‫‪ ‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱆﱇﱈﱉﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الفاتحة‪.‬‬
‫ْ‬
‫أن يتم ر‬ ‫ً‬
‫افتاض أن كل كون ن ٌّ‬
‫مبن عىل‬
‫ي‬ ‫• فهذا أمر ال مشكلة فيه رشعا‪ ،‬لكن التدليس‬
‫ًّ‬
‫سببيا عن اآلخر كما فصلنا؛ فكل كون منعزل عن‬ ‫اآلخر‪ ،‬مع أن كل كون مستقل‬
‫وبالتاىل ال مكان‬ ‫ًّ‬
‫مبنيا عىل غته‪،‬‬ ‫اآلخر‪ ،‬وكل كون له ثوابته الخاصة‪ ،‬وليس‬
‫ي‬
‫للصدفة أو االحتمالية‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪(24) De Duve, Life Evolving, P.299‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -10‬ما المانع أن يكون الكون أتى بمحض الصدفة؟‬
‫ن‬
‫القول بالصدفة يف بداية الكون هو جهل بأصول االحتماالت؛‬
‫َّ‬ ‫ر‬
‫ان عنها‪ ،‬وهما‪ :‬الزمان والمكان‪.‬‬
‫ألن الصدفة لها شطان ال ينفك ِ‬
‫ً‬ ‫• فالصدفة ر‬
‫تشتط‪ :‬زمانا تقوم فيه بإحداث أثرها‪.‬‬
‫مكانيا تقوم عليه ُلينتج مفعولها‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫وتشتط‪ :‬وجودا ماديا‬ ‫•‬
‫وبالتاىل من الالصدفة!‬ ‫ر‬
‫• والكون أب من الالزمان والالمكان‪،‬‬
‫ي‬

‫‪  ‬‬

‫السببية له وجود لحظة ظهور الكون؟‬


‫َّ‬ ‫‪ -11‬هل مفهوم‬
‫ن‬
‫يف اإلسالم نحن نؤمن بقيومية هللا؛ فاهلل قيوم السماوات واألرض‪ :‬به‬
‫تقوم السماوات واألرض‪.‬‬
‫ولذلك كان اسم "الح القيوم" هو ُ‬
‫اسم هللا األعظم عند كثت من‬ ‫ي‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫ن‬
‫لكن العجيب أننا عندما تعمقنا يف النظر إىل كوننا وجدنا أن الكون ما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫كان له أن يوجد ثم يستقر ويستمر‪ ،‬وما كان للدالة الموجية أن تظهر نمطا معينا للوجود‬
‫إال ُ‬
‫بمرجح؛ إال بقيومي ٍة!‬

‫‪ ‬والدالة الموجية ي‬
‫ه‪ :‬احتماالت خصائص أي جسيم صغت‪ ،‬خصائص الجسيم مثل‪:‬‬
‫مكان الجسيم!‬

‫• الدالة الموجية تضع احتماالت كثتة‬


‫ًّ‬
‫جدا لمكان الجسيم‪ ،‬لكن ال تقطع له‬
‫بمكان ُمحدد‪ ،‬ولن تستطيع أن‬
‫تقطع!‬
‫ً‬
‫• فطبقا لميكانيك الكم‪ ،‬وميكانيك الكم‬
‫ُ‬
‫هو علم دراسة الج َسيمات األصغر‬
‫حجما من الذرة‪ ،‬وهو علم صحيح ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪43‬‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫ثانية‬
‫ٍ‬ ‫علميا أن تعرف مكان جسيم واحد بعد‬ ‫طبقا لميكانيك الكم‪ ،‬فأنت يستحيل‬
‫ومن قال إنه يعرف مكانه‬‫من اآلن‪ ،‬بل يستحيل أن تعرف مكانه وشعته اآلن‪ ،‬هذا محال َ‬
‫ً‬
‫اآلن‪ ،‬فهو ال يعرف شيئا عن ميكانيك الكم‪.‬‬
‫ُ ٌ ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫حال يف ميكانيك‬ ‫واحد هذا م‬
‫ٍ‬ ‫وقت‬
‫ٍ‬ ‫واحد يف‬
‫ٍ‬ ‫لجسيم‬
‫ٍ‬ ‫خاصيتي‬
‫ِ‬ ‫فأنت لن تعرف‬
‫ن‬
‫الاليقي‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫الكم‪ ،‬وهذا ما يسىم يف علم ميكانيك الكم بمبدأ الريبة أو مبدأ‬
‫ن‬
‫الاليقي ينص عىل أنه‪:‬‬ ‫‪ ‬ومبدأ‬

‫واحد؛ يستحيل تحديد خاصيتين في نفس الوقت‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫وقت‬
‫ٍ‬ ‫وسرعة جسيم في‬
‫يستحيل تحديد مكان ُ‬

‫‪ ‬لكن قد يقول قائل‪ :‬ربما هذا نتيجة قصور اآلالت أو قصور المعرفة البشرية؟‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪َ ‬‬
‫ومن قال بهذا فهو أيضا ال يفهم ميكانيك الكم جيدا‪.‬‬

‫شكل من األشكال‬
‫ٍ‬ ‫فمبدأ الاليقين هو قانون صارم من قوانين الطبيعة‪ ،‬ال يرتبط بأي‬
‫كوني‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ببعض القصور الموجود في أجهزتنا‪ ،‬أو بقدراتنا على الرصد‪ ،‬بل هو قانون‬

‫‪ ‬ا‬
‫وبناء عىل ما سبق‪ :‬فالكون بكل ما فيه‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫تماما ال يتحكم بنفسه‪ ،‬وال يمكن أن‬ ‫قارص‬
‫ا‬
‫يعرف هو‪ ،‬فضًل أن نعرف نحن ما سيؤول‬
‫واحدة!‬
‫ٍ‬ ‫لحظة‬
‫ٍ‬ ‫إليه بعد‬

‫ن‬ ‫ًّ‬
‫فحرفيا لن تعرف ولن يعرف العالم ماذا سيحصل يف الكون بعد لحظة واحدة من‬
‫اآلن؛ وهذا مبدأ ن ٌّ‬
‫كوب!‬‫ي‬

‫‪44‬‬
‫ن‬ ‫ٌ ن‬ ‫ر‬
‫كوانن ٌّ‬
‫وف أي‬
‫كىم قائم يف كل لحظة‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬فانهيار السماوات‪ ،‬وتشقق األفالك هو احتمال‬
‫لحظة!‬
‫ﲐ‬
‫ﲇﲉ ﲊﲋ ﲌ ﲍﲎﲏ ﲑ‬
‫ﲈ‬ ‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ‬
‫ﱠ ﴿‪ ﴾41‬سورة فاطر‬
‫‪ ‬وكما يقول ستيفن هوكينج ن يف كتابه األخت التصميم العظيم‪:‬‬
‫"من الممكن أن يتحول القمر في بعض العصور إلى قطعة جبن؛ في أية لحظة يمكن أن يحصل‬
‫غضب الفئران"‪.‬‬
‫هذا األمر‪ ،‬لكنه ليس كذلك اآلن‪ ...‬ثم يضحك هوكينج ويقول‪ :‬وهذا ربما ُي ِ‬

‫‪ ‬ويقول ستيفن هوكينج ن يف نفس الصفحة‪:‬‬

‫"البعض يتخيل أن هذا خيال ِعلمي‪ ،‬لكنه ليس كذلك"!‬

‫شء يمكن أن يقع ن يف أية لحظة!‬ ‫ر‬


‫‪ ‬أي ي‬
‫ً‬
‫والذي يفهم ميكانيك الكم جيدا سيفهم عما أتحدث!‬
‫أمر ٌ‬
‫قائم؛‬ ‫فالدهشة ليست نف انقالب الكون إىل أي توقع نف أية لحظة؛ ألن هذا ٌ‬
‫ٌّ ُ َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ش ٍء من ذلك‪ ،‬بل هو ثابت ومستقر ومنظم!‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫األكت دهشة أن الكون ال يحصل له أي ي‬
‫ُ‬
‫فثبات الكون واستقراره بكل ما فيه من جسيمات هو أحد أوجه قيومية هللا‬
‫تفسد السماوات واألرض ن يف لحظة‪.‬‬ ‫سبحانه‪ ،‬وبدون هللا ُ‬

‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﱠ﴿‪ ﴾22‬سورة األنبياء‪.‬‬


‫‪45‬‬
‫‪‬‬

‫ْ‬
‫يقوالن لنا إنه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫❑ إذن الدالة الموجية وميكانيك الكم‬

‫قيوم وإال النهار كل‬


‫ال بد من ُمرجح في كل لحظة لكل ُجسيم‪ ،‬ال بد من ُّ‬
‫شيء!‬

‫ال بد من مرجح لظهور الكون‪ ،‬ال بد من مرجح الستمرار الكون‪ ،‬ال بد من مرجح‬
‫الستقرار الكون وثباته!‬

‫جوهري لحظة ظهور الكون‪ ،‬والق ُّيوم َّية حقيقة‬ ‫ٌّ‬ ‫فالسبب َّية أمر‬
‫لكل َمن نظر وتد َّبر!‬

‫‪  ‬‬

‫‪46‬‬
‫السببية غير موجودة في عالم ميكانيك الكم؟‬
‫َّ‬ ‫فعال‬
‫‪ -12‬لكن هل ً‬

‫ه بديهة ن يف ميكانيك الكم‪.‬‬ ‫• السببية ي‬


‫ه سبب ونتيجة‪.‬‬ ‫• السببية ي‬
‫ن‬
‫تعن أن‪ :‬الحدث "أ" يؤدي إىل الحدث "ب"‪.‬‬ ‫• والسببية ي‬
‫وه جوهر العلم‪ ،‬وجوهر‬
‫ه السببية‪ ،‬ي‬‫• اعتماد الحدث "ب" عىل الحدث "أ" هذه ي‬
‫ن‬
‫ميكانيك الكم‪ ،‬وجوهر أي رصد وجودي عىل اإلطالق‪ ،‬فالسببية موجودة يف‬
‫ميكانيك الكم بال شك!‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪ ‬لكن ما هي مشكلة ميكانيك الكم؟‬
‫شء ُيسىم ب ‪ :‬الحتمية‪.‬‬‫ر‬
‫‪ ‬مشكلة ميكانيك الكم ي‬
‫ه مع ي‬
‫‪ ‬ما هي الحتمية؟‬
‫الحتمية هي‪ :‬اإلطار الزمني لألحداث!‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الزمن لألحداث يف ميكانيك الكم‬‫ي‬ ‫اإلطار‬ ‫‪،‬‬ ‫واضح‬ ‫غت‬ ‫الكم‬ ‫ميكانيك‬ ‫ف‬ ‫ألن الزمن ي‬
‫غت ظاهر للعلماء‪ ،‬وهناك كتب كاملة وتفستات مختلفة للزمن داخل ميكانيك الكم‪.‬‬
‫َ‬
‫• ففهم الزمن هو من أعقد األمور ن يف ميكانيك الكم‪.‬‬
‫• فهنا بعض العلماء يقولون إن‪ :‬الحتمية ال وجود لها ن يف ميكانيك الكم!‬
‫ً ن‬
‫حن الحتمية ثابتة وصحيحة أيضا يف‬ ‫وإن كانت هناك أبحاث كثتة ُتؤكد أنه ر‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫مؤخرا أوراق‬ ‫ميكانيك الكم‪ ،‬كما يف تفست بوهم ‪ ،Bohmian interpretation‬وظهرت‬
‫ن‬
‫ه بديهة يف‬ ‫ِعلمية تدعم بالفعل تفست بوهم‪ ،‬لكن بغض النظر عن كل ذلك‪ ،‬فالسببية ي‬
‫ميكانيك الكم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫العالم ماكس بورن‬
‫ِ‬ ‫ومن العلماء الذين كتبوا يف نرصورة السببية يف ميكانيك الكم‪،‬‬
‫‪ ،Max Born‬وهو أحد أكت علماء ميكانيك الكم‪ ،‬والحائز عىل نوبل ن يف ميكانيك الكم‪.‬‬

‫‪‬قام ماكس بورن بتأليف كتاب‪.NATURAL PHILOSOPHY OF CAUSE AND CHANCE :‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫‪‬وكتب ن يف هذا الكتاب فصًل كامًل بعنوان‪" :‬السببية والحتمية"‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫نف هذا الفصل أوضح ماكس بورن‪ :‬الفرق ن‬
‫بي السببية والحتمية‪ ،‬وأن‬ ‫ي‬
‫ه ترتب الحدث "ب" عىل‬ ‫ن‬
‫زمن لألحداث‪ ،‬بينما السببية ي‬
‫ه إطار ي‬ ‫الحتمية ي‬
‫الحدث "أ" ثم قال‪:‬‬

‫عار تما ًما من الصحة!‬


‫الظن بأن الفيزياء تخلت عن السببية هو قول ٍ‬
‫‪Physics has given up causality is entirely unfounded.‬‬

‫‪ ‬فالسببية ي‬
‫ه سبب ونتيجة‪ ،‬وميكانيك الكم تشي عليه السببية كما تشي عىل كل‬
‫العلوم‪.‬‬

‫‪Causality postulates that there are laws by which the occurrence of‬‬
‫‪an entity B of a certain class depends on the occurrence of an entity‬‬
‫‪A of another class, where the word 'entity' means any physical‬‬
‫‪object, phenomenon, situation, or event. A is called the cause, B the‬‬
‫‪effect.‬‬
‫‪‬ثم قال كلمته الهامَّ ة‪:‬‬

‫السببية هي ُمسلمة في ميكانيك الكم‪.‬‬

‫‪We derive Quantum Theory from purely informational principles.‬‬

‫(‪Five elementary axioms—causality.(2٥‬‬


‫فهذه حقائق مستقرة‪ ،‬لكن لألسف هناك َمن يلعب بعقول بعض شبابنا باسم العلم!‬
‫‪ ‬وال أدري لماذا يُشكك الملحد في السببيَّة؟‬
‫‪ ‬لماذا يحاول أن يفترض سقوط السببيَّة في ميكانيك الكم؟‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ُ ً‬
‫عقليا عمالقا كالسببية؟‬ ‫‪ ‬تخيل أنه يريد أن يسقط برهانا‬
‫‪ ‬هل تعرف لماذا يحاول الملحد أن يفعل ذلك؟‬
‫العقىل السليم ضد اإللحاد!‬
‫ي‬ ‫‪ ‬الجواب ربما ببساطة‪ :‬ألن البناء‬
‫‪ ‬البديهيات العقلية كالسببية ضد اإللحاد‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ (25‬اإلحاالت ً‬
‫نقل عن‪ :‬اختراق عقل‪ ،‬د‪ .‬أحمد إبراهيم‪ ،‬مركز دالئل‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -13‬هناك جسيمات تخرج باستمرار من الفراغ الكوانتي أو الفراغ الكمومي‪،‬‬
‫هل هذا يعني ظهور المادة من الشيء؟‬

‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬


‫الكوانن‪ ،‬كانت تعد من‬
‫ي‬ ‫‪‬هذه الفرضية‪ :‬فرضية خروج جسيمات باستمرار من الفراغ‬
‫أشهر تدليسات المالحدة ن يف مطلع األلفينات‪.‬‬
‫‪‬كانوا يقولون‪ :‬هناك ُجسيمات تظهر من ر‬
‫الشء!‬
‫ي‬
‫‪ ‬لكن ما لم يقولوه لنا هو أن‪:‬‬

‫الالشيء في مصطلح الفيزياء هو "شيء حقيقي له وجود" وليس الشيئًا‪ ،‬ليس هو‬
‫العدم!‬

‫الفتياء ُيسىم ب ‪:‬‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫فالالشء يف‬
‫ي‬ ‫‪‬‬
‫ن‬
‫يعن العدم!‬ ‫ٌّ‬ ‫• وهو فراغ‬
‫اصطالح‪ ،‬وال ي‬
‫ي‬

‫فهو فراغ موجود في إطار الزمان والمكان والمادة والطاقة‪ ،‬وفي هذا الفراغ قدر‬
‫من الطاقة يستحيل التخلص منه‪.‬‬

‫تختف الجسيمات‬‫ن‬ ‫• فما يحصل هو تحوالت لهذه الطاقة إىل ُجسيمات ر‬


‫افتاضية‪ ،‬ثم‬
‫ي‬
‫ً‬
‫شيعا!‬
‫• هذا كل ما ن يف األمر!‬
‫الكوانن ال يؤدي لظهور جسيمات من العدم!‬ ‫ر‬ ‫• فالفراغ‬
‫ي‬
‫• وإنما من مجاالت طاقة وزمان ومكان‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫فبالتاىل‪ :‬ما عالقة‬
‫ي‬ ‫يائيي جاء من الالزمان والالمكان؛‬‫الفت‬ ‫• وبما أن الكون باتفاق‬
‫هذه الظاهرة بنشأة الكون؟‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫الكوانن‪ ،‬ال قيمة حقيقية‬
‫ي‬ ‫الن تخرج من الفراغ‬
‫هذه الجسيمات االفتاضية ي‬ ‫والغريب أن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لها؛ لذلك ه تسىم ‪ Virtual particles‬جسيمات ر‬
‫افتاضية‪ ،‬وال تتحول إىل جسيمات‬ ‫ي‬
‫حقيقية‪.‬‬

‫أصال‬
‫بمادة ً‬ ‫جسيمات افتراضية‬
‫ذاتيا‬
‫تختفي ً‬

‫‪49‬‬
‫• تتحول إىل مادة إال بتفاعلها مع مادة وطاقة‪.‬‬
‫•‬

‫‪ -1‬مكان‪.‬‬

‫‪ -2‬زمان‪.‬‬
‫‪ -٣‬حد ن‬
‫أدب من الطاقة )‪.Zero-point energy (ZPE‬‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫وف األخت هذه ُجسيمات ر‬‫ن‬
‫تختف فور ظهورها!‬
‫ي‬ ‫وإنما‬ ‫‪،‬‬‫أصًل‬ ‫افتاضية ليست بمادة‬ ‫ي‬
‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ويبن عليها‬
‫ي‬ ‫طروحات‪،‬‬ ‫األ‬ ‫• لماذا يندفع الملحد خلف هذه‬
‫شاب أوهامه؟‬
‫ً‬
‫يفتض أمورا غت منطقية وال واقعية؟‬ ‫• لماذا ر‬

‫• الدين هو أحد االنتصارات الكتى للعقل!‬


‫• الدين أكت انتصار للعقل‪.‬‬
‫ُ ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫• أما اإللحاد فال يملك إال االفتاضات البائسة‪ ،‬ي‬
‫والن قد تكون برهانا عىل معاناته!‬

‫‪  ‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ -14‬ما هي دالئل وجود الخالق؟‬
‫َ‬
‫ونعمه‬
‫َ‬
‫حض خلقه‬
‫ُ‬
‫ي‬ ‫الذي‬ ‫ذا‬ ‫ن‬ ‫دالئل وجود الخالق سبحانه كثتة ال ُتحض‪َ ،‬‬
‫وم‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫وكماله؟‬
‫ِ‬ ‫وجوده‬ ‫وجوده‪ ،‬وما ال حرص له من بر ن‬
‫اهي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويقدم لنا القرآن الكريم ثالث مراتب من األدلة الكتى عىل وجود الخالق سبحانه‪،‬‬
‫ومراتب أخرى استئناسية كثتة‪.‬‬

‫وهنا قد يسأل سائل ويقول‪ :‬كيف ُّ‬


‫نحتج بالقرآن على ملحد ال يؤمن به؟‬
‫‪‬والجواب‪:‬‬
‫ن‬
‫الن يطرحها القرآن الكريم يف إثبات وجود الخالق‪ ،‬وهذه األدلة‬‫نحن ُنقدم األدلة العقلية ر‬
‫ي‬
‫تستوي ُحجتها ن يف نظر المؤمن بالقرآن وغت المؤمن به؛ ألنها أدلة عقلية!‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫ً‬
‫موجودا‪ ،‬ال بد له من ُ‬ ‫ُ َ‬
‫حدث‪ ،‬أي‪ُ :‬‬ ‫كل ر‬
‫موجد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫ث‬ ‫حد‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫جد‬‫و‬ ‫شء م‬ ‫ي‬
‫حدث بال خالف ن‬ ‫ُ َ‬ ‫ن‬ ‫ُّ‬
‫بي علماء األرض‪.‬‬ ‫وقواني وأفالك‪ ،‬م‬ ‫والكون كله بكل ما فيه من مادة‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪ ‬ر‬


‫وجد! هذه بديهة يستوي يف‬
‫والشء المحدث الذي وجد فيه برهان آكد عىل الم ِ‬
‫ي‬
‫التسليم لها كل ر‬
‫البش‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪‬يقول ستيفن هوكينج ن يف كتابه الشهت تاري خ موجز للزمن‪:‬‬
‫(‪)26‬‬
‫"وجود بداية للكون هذا األمر له لوازم دينية"‪.‬‬
‫ن ئ‬
‫‪‬ويقول الفت ي‬
‫ياب فرانك تبلر ‪:Frank Tipler‬‬

‫"لقد بدأت حياتي المهنية كملحد‪ ،‬لم أتصور حتى في أحالمي أن‬
‫(‪)27‬‬
‫حدوث قوانين الفيزياء ستدفعني إلى اإليمان بالخالق"‪.‬‬

‫الموجد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫شء ُوجد فيه برهان عىل‬ ‫ر‬
‫• فكل ي‬
‫• وبالتاىل فكل ذرة وكل ُج َسيم نف الكون‪ ،‬وكل نشاط لذرة ه بر ن‬
‫اهي بعضها فوق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫بعض عىل وجود الخالق‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فهذا الوجود وهذه الذرات وهذه الجسيمات؛ هذا الكون بكل ما فيه من مادة هو‬
‫حدث ليس ًّ‬ ‫ََ ن ُ َ‬
‫أزليا‪.‬‬ ‫صم‬‫كون عر ي‬
‫العلمية‬
‫كتف بذاته‪ ،‬وإذا استقرت هذه البديهيات ِ‬
‫ٍ‬ ‫‪‬الكون بكل قوانينه ونواميسه غت ُم‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫الموجد‪ ،‬وسيتتهن لك بأن لهذا الكون خالقا ال َمحالة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إىل‬ ‫ك‬ ‫عقل‬ ‫يف ذهنك فسينرصف‬

‫‪‬‬

‫‪‬اقرأ قوله تعاىل‪:‬‬


‫‪‬ﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾1٠1‬سورة يونس‪.‬‬
‫‪‬واقرأ قوله سبحانه‪:‬‬
‫ﭐ‪‬ﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﱠ ﴿‪ ﴾18٥‬سورة‬

‫ُ‬ ‫األعراف‬
‫ر‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫عقىل وبرهنة مباشة عىل‬‫ي‬ ‫شء و ِجد؛ فيه دليل‬
‫حدث‪ ،‬كل ي‬
‫شء أ ِ‬
‫شء خ ِلق‪ ،‬كل ي‬‫فكل ي‬
‫الموجد!‬
‫ِ‬

‫(‪ (26‬ستيفن هوكينج‪ ،‬تاريخ موجز للزمان‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪(27) Frank Tipler, the Physics of immortality, p.ix.‬‬

‫نقل عن براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪( 463‬بتصرف)‪.‬‬


‫ً‬

‫‪52‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫شء يف الوجود عىل اإلطالق من الكواركات ‪-‬أصغر ج َسيم تم رصده‪ -‬إىل أكت األجرام‪،‬‬ ‫ر‬
‫كل ي‬
‫ن‬
‫الوظيف‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫التعقيد‬ ‫درجات‬ ‫من‬ ‫درجة‬ ‫يحمل‬ ‫الكون‬ ‫ف‬‫شء ي‬ ‫كل ي‬
‫ن‬
‫الوظيف أي‪:‬‬ ‫‪ ‬التعقيد‬
‫ي‬

‫الوظيف‪ ،‬هو مرتبة زائدة عىل مجرد الوجود‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• وهذا اإلتقان‪ ،‬هذا التعقيد‬
‫ي‬
‫• فالوجود مرتبة‪.‬‬
‫ن‬
‫الوظيف ‪-‬اإلتقان‪ -‬مرتبة زائدة عىل‬ ‫• والتعقيد‬
‫ي‬
‫مجرد الوجود‪.‬‬
‫ش ٍء حولك ُمصمم‬ ‫ر‬
‫• ولو نظرت ِمن حولك فكل ي‬
‫معي ليؤدي وظيفة محددة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• ولو نظرت يف أعمق أعماق الذرة ستجد أن الكوارك ‪-‬أصغر جسيم عىل‬
‫معي ألداء مهمة ُمحددة‪.‬‬
‫ن‬ ‫اإلطالق تم رصده‪ُ -‬مصم ٌم بشكل‬
‫شء له وظيفة ويؤدي‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫فالذرة والفوتون والقواني الفتيائية والطاقة‪ ،‬كل ي‬
‫ُ‬
‫تمايز طبقات األرض!‬ ‫ن‬ ‫ُمهمة‪ ،‬ر‬
‫حن العنارص المشعة لها دورها الحيوي يف‬

‫‪‬كذلك الروابط بين الذرات‪:‬‬

‫الن تجري ن‬
‫بي الذرات لتكوين الجزيئات‪ ،‬وكيف‬ ‫الروابط الكيميائية األيونية والتساهمية ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫أن الذرة تقبل هذا التعاقد‪ ،‬وترفض تعاقدا آخر؟ فتقبل ذرة الصوديوم التعاقد مع ذرة‬
‫الكلور لتكوين ملح الطعام‪ ،‬بينما ترفض الذرات المكونة للستاميك التعاقد مع الذرات‬
‫ن يف خاليا جلدك!‬

‫‪53‬‬
‫ً‬
‫لعمل ُمحد ٍد!‬
‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫تسخت‬ ‫يحمل‬ ‫حولك‬ ‫ما‬ ‫كل‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ًّ‬
‫وظيفي‬ ‫ا‬‫تعقيد‬ ‫• كل ما حولك يحمل‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫• هذا التعقيد والتسخت واإلتقان هو برهان خلق وإبداع‪.‬‬

‫‪ ‬لذلك الملحد الشهت أستاذ ميكانيك الكم بجامعة أوكسفورد ديفيد دوتش يستهزئ‬
‫ر‬
‫الن وصل إليها المالحدة فيقول‪:‬‬
‫من الحال ي‬

‫أي إنسان أنه لم يتفاجأ من اإلتقان والدقة في هذا الكون وقوانين‬


‫"إذا زعم ُّ‬
‫يدس رأسه في الرمل؛ المفاجآت كثيرة وغير‬
‫ُّ‬ ‫هذا الكون‪ ،‬فهو ببساطة‬
‫ُمتوقعة"‪.‬‬

‫ئ‬ ‫ن‬
‫يفاح العلماء‪.‬‬ ‫‪ ‬فاإلتقان يف الكون‬

‫ﳝﱠ﴿‪ ﴾88‬سورة النمل‪.‬‬


‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﳘﳙﳚﳛﳜ ﳞ‬
‫ﲘﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة السجدة‪.‬‬
‫ﲙ‬ ‫‪‬ﭐوقال سبحانه‪:‬ﭐﭐﱡﭐﲔﲕﲖﲗ‬
‫‪ ‬ﭐوقال عز ِمن قائل‪:‬ﱡﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﱠ سورة‬
‫األعىل‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫ر ُ‬
‫العقىل السامق‪ :‬برهان اإلتقان!‬
‫ي‬ ‫هان‬‫الت‬ ‫هذا‬ ‫ؤكد‬ ‫ت‬ ‫الن‬ ‫• كثتة ي‬
‫ه اآليات ي‬
‫كثتا من المالحدة ِممن ُيجهزون للسفسطة ر‬
‫حن قبل‬ ‫لكن لألسف هذا اإلتقان ال يبهر ً‬
‫أن يتأملوا التهان الذي يحمله هذا اإلتقان!‬

‫‪ ‬ولذلك فقد أحسن ديفيد دوتش ن‬


‫حي وصفهم بأنهم‪:‬‬

‫"يدسون رؤوسهم في الرمال"!‬


‫ُّ‬

‫الن تتخذ صورة‬ ‫وأنا أدعوك لتتأمل اإلتقان نف زهرة األوركيد ‪ Orchid‬ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫فيأب ذكر النحل محاوًل تلقيحها‬
‫ر َ‬
‫‪،‬‬ ‫النحل‬ ‫نن‬ ‫تماما صورة ُأ ر‬
‫ً‬ ‫طابق‬‫ت‬
‫ُ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫فتلتصق حبات غبار الطلع يف رأسه‪ ،‬ويقوم بالعملية نفسها يف أوركيد‬
‫المثاىل لزهرة األوركيد دون أن يدري‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أخرى‪ ،‬فيقوم بالتلقيح‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واألعجب من ذلك أن زهرة األوركيد ‪ Orchid‬تفرز نفس الرائحة الخاصة بأنن النحل‬
‫نن النحل‪ ،‬وليس شكلها فقط‪.‬‬ ‫فتمون ‪ُ Pheromone‬أ ر‬
‫ً‬ ‫تأمل نف هذه الزهرة العجيبة زهرة األوركيد‪ ،‬وال َ‬
‫يع من أمره شيئا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫كائن‬ ‫أنها‬ ‫تنس‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫وال ُيدبر من أمره شيئا‪.‬‬
‫ُ‬
‫توازن ئ‬ ‫ن‬
‫مثاىل‬
‫ي‬ ‫بين‬
‫ي‬ ‫فه تعيش يف‬ ‫ومع هذه الخاصية المعجزة للتلقيح عند األوركيد‪ ،‬ي‬
‫ر ن‬ ‫مع غتها من الكائنات‪ ،‬فال ن‬
‫تطع عليها بحيث تنتش يف األرض عىل حساب غتها من‬
‫ومودع عجيب الصنع نف كل ر‬ ‫الخلق‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫شء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫النباتات؛ فسبحان فاطر‬

‫اعتف قبل عام من وفاته أن ما تقوم به زهرة األوركيد يعصف‬ ‫وحن تشارلز داروين نفسه ر‬ ‫ر‬
‫بعقله؛ نعم!‬

‫بكفره!(‪)28‬‬ ‫يعصف بالأدريته‪ ،‬ويعصف‬


‫ُ‬
‫لكن بعض الملحدين المعارصين لألسف ال يعصفون‪ ،‬وال يتأثرون بهذه األمور وال بهذه‬
‫الت ن‬
‫اهي‪ ،‬فهم يعيشون حالة من السفسطة الجاهزة!‬

‫‪‬‬

‫‪(28) "Well, that often comes over me with overwhelming force; but at other times," and he shook his head vaguely, adding, "it‬‬

‫)‪seems to go away." (Argyll 1885, 244‬‬


‫‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ُ‬
‫سيسلم بالخالق البارئ ُ‬
‫المصور الهادي‬ ‫ومن نظر نف بر ن‬
‫اهي اإلتقان بتجر ٍد للحق‪،‬‬ ‫❑ َ‬
‫ي‬
‫العليم الحكيم القدير!‬
‫ُ‬
‫أوجه بر ن‬ ‫‪‬وإذا أردت أن ُ‬
‫اإلله‪،‬‬
‫ي‬ ‫اهي اإلتقان‬ ‫ترصد بنفسك أحد‬
‫ْ‬
‫فاذهب ألحد معامل التحاليل الطبية‪ ،‬وانظر إىل معايت ضبط‬
‫الهرمونات ن يف أجسادنا!‬
‫ُ‬

‫‪‬هرون النمو ‪ Growth hormone‬عىل سبيل المثال‪ ،‬انظر‬


‫كته ن يف الدم‪ ٥" :‬نانو جرام"‪.‬‬
‫نف تر ن‬
‫ي‬

‫ً‬
‫وبمعادلة رياضية بسيطة‪ ،‬تجد أن جر ًاما واحدا من هذا الهرمون ُمقسم عىل ثالثة‬ ‫ُ‬
‫آالف إنسان‪ ،‬انظر لمقدار الدقة المبهرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫❑ ولو ازدادت نسبة هذا الهرمون بمقدار يقاس بأجزاء من المائة مليون من الجرام؛ فإن‬
‫َّ‬
‫هذا قد يؤدي إىل مرض العملقة‪ ،‬ولو قلت بأجزاء من المائة مليون من الجرام قد تؤدي‬
‫إىل مرض التقزم‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫العظىم‪ :‬ع ْملقة أو تقزم‪ ،‬نتيجة زيادة‬
‫ي‬ ‫الهيكل‬ ‫بنية‬ ‫ف‬
‫تغتات كاملة ي‬
‫أو نقص بهذا القدر البسيط والمدهش من هرمون النمو‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ذاك الهرمون العجيب الذي تشعر بتأثته‬


‫ُ‬
‫لحظة الخوف‪ ،‬ولحظة الخطر‪ ،‬فيشع دقات‬
‫ُ‬
‫نرصبات القلب‪ ،‬ويضخ الدم إىل العضالت‪ ،‬ويزيد من قوة انتباهك‪،‬‬
‫هذا الهرمون لو نظرت فيه لوجدت أنه ُمقدر بضبط مبهر ن يف دمك‪.‬‬

‫تقريبا ُتوزع عىل ر‬


‫عشات‬ ‫ً‬ ‫وبمعادلة رياضية بسيطة‪ ،‬فإن حجم ملعقة واحدة منه‬ ‫• ُ‬
‫اآلالف من ر‬
‫البش!‬
‫عشات‬‫• تخيل ِدقة أن ملعقة واحدة ُتوزع عىل ر‬
‫اآلالف من ر‬
‫البش!‬
‫دقة وإتقان من أعجب ما ترى‪.‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﳛﳜﳝﳞﳟﱠ ﴿‪ ﴾4٩‬سورة القمر‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪57‬‬
‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ر ُ‬
‫رموناتك‪ ،‬والفندق‬
‫ِ‬ ‫ودقة ُه‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫البيولوجية‬ ‫وظائفك‬
‫ُ‬ ‫شكل‬ ‫ت‬ ‫الن‬
‫لو نظرت إىل الحدود الحرجة ي‬
‫الذي تعيش فيه‪ ،‬فندق النعم والختات‪ :‬أرض تنبت طعامك‪ ،‬وسماء تمطر رزقك‪.‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﱠ سورة عبس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الن بداخلك ر‬ ‫ر‬
‫والن تضبط ِقيمك‪ ،‬وتعطيك وخزا‬ ‫ني‬ ‫والفطرة ي‬
‫َ‬ ‫فندق متكامل من حولك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ًّ‬
‫مستمرا لضمتك بحيث لو أخطأت أو ظلمت تشعر برصورة إصالح نفسك‪ ،‬والنبوات‬
‫الن أتتك‪ :‬أولئك األنبياء الذين جاؤوا ليضبطوا لك معرفتك وعملك‪ ،‬وما ال يمكن حرصه‬ ‫ر‬
‫من النعم؛ عند النظر نف كل هذا تستوعب ن‬‫ي‬
‫معن دليل الرعاية‪.‬‬ ‫ي‬
‫فليس هناك إتقان فحسب‪ ،‬بل هناك رعاية وتسخت من أجلك أيها اإلنسان؛ ما حولك‬
‫ُمسخ ٌر لك‪.‬‬
‫ُ‬
‫األمريك جون‬
‫ي‬ ‫فبنية كل ما يحيط بك يدل عىل أنك ُمدلل‪ ،‬كما يقول عالم الفلك‬
‫أوكيف‪)2٩(.‬‬

‫ن‬
‫وما الجوائز والكشوف الكتى إال كشوف ألوجه الرعاية يف الكون‪ ،‬ثم ينال العلماء جوائز‬
‫عىل هذه الكشوف‪.‬‬

‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﱠ سورة الشعراء‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫وكلما نظرت ن يف الكون من حولك‪ ،‬رصدت مزيد أوجه تسخت من أجلك!‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫وف كتابه "قدر الطبيعة" يشد عالم الوراثة الالأدري مايكل دنتون‪ ،‬يشد‬‫ي‬
‫الن انضبط بها‬‫ر‬ ‫آالف الت ن‬
‫العلمية عىل هذا التسخت‪ ،‬وعىل هذه المعايت ي‬
‫اهي ِ‬
‫ما حولك لك‪.‬‬
‫مشكورا ربتجمته ر‬
‫ونشه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الكتاب ُمبهر نف هذا الباب وقد قام مركز بر ن‬
‫اهي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪:‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ‬
‫ﱑﱓﱔﱕﱖﱗﱘ ﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠ‬ ‫ﱒ‬ ‫ﱎﱏﱐ‬
‫﴿‪ ﴾2٠‬سورة لقمان‪.‬‬
‫ُ‬
‫لكن لألسف‪ :‬ﱡﭐﱓﱔﱕﱖﱗﱘ‬
‫ْ‬
‫إنسان من نفسه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ِ ‬ن َعم ال تحض يعرفها كل‬
‫ﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠ!‬

‫‪(29) Fred Heeren, Show me God, p.226‬‬


‫‪.‬‬
‫نقًل عن براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص ‪.465‬‬
‫ا‬

‫‪58‬‬
‫‪ -15‬لكن لماذا ال تكون هناك حضارة عظيمة أو أي شيء‬
‫مادي هو المسؤول عن إيجاد كوننا بهذا اإلبهار؟‬
‫ٌّ‬
‫ً‬
‫• هذا سؤال متكرر وبالمناسبة الذي يعرف جواب هذا السؤال سيعرف أيضا جواب‬
‫َ‬
‫شبهة‪َ :‬من خلق الخالق؟‬
‫ً ُ‬
‫• فجواب هذا السؤال هو جواب أيضا لشبهة‪َ :‬من خلق الخالق؟‬
‫• وهذا السؤال أجاب عنه علماء اإلسالم قبل ر‬
‫أكت من ألف عام!‬
‫الفاعلي ُيؤدي ن‬
‫بالرصورة إىل عدم وقوع األفعال‪)30(.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫• قال علماؤنا‪ :‬التسلسل يف‬

‫الشء المادي‪ ،‬هذا الخالق المخلوق‪:‬‬ ‫• هذه الحضارة‪ ،‬هذا ر‬


‫ي‬
‫لشء آخر أوجدهم‪،‬‬ ‫ر‬ ‫جميعا سيحتاجون‬ ‫ً‬ ‫هؤالء‬
‫ي‬
‫أليس كذلك؟‬
‫ُ‬
‫لموجد ثالث وهكذا! هذا يسىم‬ ‫ٍ‬ ‫• والذي أوجدهم سيحتاج‬
‫ن‬
‫الفاعلي‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ ن‬
‫الخالقي أو التسلسل يف‬ ‫بالتسلسل يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لموج ٍد وهكذا‪...‬‬
‫ِ‬ ‫وجد يحتاج‬
‫وجد وكل م ِ‬‫• لكل موجود م ِ‬
‫ا‬ ‫هذا التسلسل الذي ر‬
‫يفتضه الملحد ُم ٌ‬
‫حال عقًل!‬
‫• لماذا؟‬
‫انتب ْه!‬
‫• ِ‬

‫(‪ (30‬ظاهرة نقد الدين في الفلسفة الحديثة‪ ،‬د‪ .‬سلطان العميري‪ ،‬رسالة دكتوراه‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪‬‬

‫ًّ‬
‫لو أن جنديا ينتظر األمر من القائد بإطالق رصاصة‪ ،‬والقائد ينتظر األمر من‬
‫ً‬
‫قائد آخر وهكذا إىل ما ال نهاية فلن تخرج الرصاصة أبدا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ْ‬
‫فلو أن كل حضارة يتوقف وجودها عىل حضارة أخرى سبقتها‪ ،‬فلن تظهر هذه‬
‫شء ألن الكل مفتقر!‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الن سبقتهم‪ ،‬لن يظهر أي ي‬
‫الن أوجدتها وال ي‬ ‫الحضارة وال ي‬
‫الفاعلي يؤدي ن‬
‫بالرصورة إىل عدم وقوع أفعال‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ .1‬فالتسلسل يف‬
‫ن‬
‫الخالقي يؤدي إىل عدم وجود مخلوقات‪...‬‬ ‫ن‬
‫‪ .2‬التسلسل يف‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫بالرصورة العقلية هناك خالق أول واجب وجود؛‬ ‫وبما أنه هناك مخلوقات‪ ،‬إذن‬
‫واجب وجود أي‪ :‬ال يستمد وجوده من غته سبحانه!‬

‫ً‬
‫خالقا آخر‬ ‫وبالتالي فجواب سؤال مَ ن خلق الخالق؟ هو‪ :‬لو َّ‬
‫أن لكل خالق‬
‫وهكذا‪ ،‬لما ظهر أي خالق‪ ،‬ولما ظهرت أيَّة مخلوقات‪.‬‬

‫‪‬وبناء على ما سبق فإذا ُسئل ملحد عن‪ :‬ما مصدر هذا الكون فأجاب ب ‪ :‬ر‬
‫افتاض‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫ر‬
‫شء مادي أوجدنا أو خالق مخلوق؛ فإن هذه االفتاضات من‬ ‫حضارة عظيمة أوجدتنا أو ر‬
‫ا‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫وقع ن يف التسلسل المحال عقًل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ست‬ ‫الملحد‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫التاىل من الطرف المؤمن‬
‫ي‬ ‫السؤال‬ ‫ألن‬ ‫!‬‫السؤال‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫جواب‬ ‫ليست‬ ‫اضات‬ ‫االفت‬ ‫هذه‬ ‫ا‬ ‫أيض‬
‫ر‬
‫الشء المادي؟‬ ‫ذاك‬ ‫خلق‬ ‫الذي‬ ‫ن‬ ‫كاآلب‪ :‬و َمن الذي خلق تلك الحضارة؟ َ‬
‫م‬ ‫ر‬ ‫سيكون‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫االفتاضات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫فالملحد لم يقدم جوابا بهذه‬

‫ثم هل يملك صاحب هذه االفتراضات‪ ،‬هل يملك دلي ًلا أو برهانًا أو مستندًا أو خبرًا‬
‫من تلك الحضارة مث ًلا؟ أم أن األمر ال يعدو أن يكون رجمً ا بالغيب؟‬

‫وأنا أتساءل‪ :‬كيف لصاحب افتراض بهذه السطحية أن يَعيب على الجواب الديني؟‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ ،‬وال يقع يف‬ ‫الدين‬
‫ي‬ ‫الجواب‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫نقليا‬ ‫دعما‬ ‫الدين يمتلك‬
‫ي‬ ‫التسلسل المحال عقًل‪ ،‬ثم إن الجواب‬
‫َْ‬ ‫ن‬ ‫ر ً‬
‫الدين‪ ،‬ويمتلك برهان األنبياء الذين أتوا وأختوا‬ ‫مباشا‪ ،‬يمتلك النص‬
‫ي ُ‬
‫بهذا الجواب‪ ،‬وهؤالء األنبياء أيدوا بالمعجزات والدالئل لتوكيد صحة‬
‫هذا الجواب!‬

‫‪60‬‬
‫نقليا ُموث ًقا وهو متسق مع ذاته‪.‬‬
‫فالجواب الديني يمتلك دع ًما ً‬
‫ً‬
‫المعارض‪ ،‬حيث لم رتتك لنا تلك‬‫ِ‬ ‫الدين يمتلك مستند عدم‬‫ي‬
‫ن‬ ‫أيضا الجواب‬ ‫•‬
‫ر ُ‬
‫الن تثبت قيامها بذلك‪ ،‬فليس هناك معارض‬ ‫الكائنات هذه الدعوى العريضة ي‬
‫عقىل‬
‫ي‬
‫علىم لوجود الخالق سبحانه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫نقىل وال‬
‫وال ي‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫العلم من عدم وجود أية مادة‬ ‫الدين متفق مع ما انته إليه ِ‬
‫ي‬ ‫أيضا الجواب‬ ‫•‬
‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫أو زمن قبل كوننا‪ ،‬بل المادة والزمن أتيا إىل الوجود لحظة ظهور الكون‪،‬‬
‫شء مادي أوجد كوننا إذا كان الكون رأب من الالمادة؟‬ ‫ر‬
‫فكيف يكون هناك ي‬

‫‪ ‬ما ُمنتهى كل هذا؟‬


‫ن‬
‫بالضبط هو‪ :‬أنهم يضعون يف‬ ‫وجدت أن ما يفعله‬ ‫ُ‬ ‫وبعد تفكير‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫يعن هم سينتهون إىل إثبات الخالق وإال لوقعوا يف التسلسل‬ ‫الطريق إىل إثبات الخالق ‪ -‬ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ئ‬
‫يوح‬
‫ي‬ ‫اضات متهافتة ال يجد العقالء من القرائن ما‬
‫الالنهاب‪ -‬يضعون يف هذا الطريق افت ٍ‬
‫ي‬
‫ا‬
‫بعيد‪ -‬بوجودها أصًل!‬
‫ٍ‬ ‫‪-‬ولو من‬
‫ن‬ ‫ً ن‬ ‫ر‬
‫المعرف‪،‬‬
‫ي‬ ‫ه إرجاء المطلب‬ ‫فهذه االفتاضات ليست جوابا يف حد ذاته‪ ،‬وإنما ي‬
‫إرجاء إثبات الخالق خطوة للوراء ال ر‬
‫أكت‪.‬‬

‫لخطوة واحدة دون دليل عىل هذا التأجيل أو هذه الخطوة!‬


‫ٍ‬ ‫يؤجلون إثبات الخالق‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱠ‬
‫االفتاضات من خيالكم ال ر‬
‫أكت!‬ ‫ر‬ ‫﴿‪ ﴾148‬سورة األنعام‪ُ .‬‬
‫تخرصون‪ :‬تضعون‬
‫ًّ‬ ‫ر‬
‫االفتاضات جدا‪ ،‬يفرح بهذا التأجيل إلثبات‬ ‫والعجيب أن الملحد يفرح بهذه‬
‫ن‬ ‫ئن‬ ‫ا‬
‫حًل ًّ‬
‫الدين بوجود الخالق‪ ،‬مع‬
‫ي‬ ‫القول‬ ‫من‬ ‫ويشمت‬ ‫يكره‬ ‫ببساطة‬ ‫ألنه‬ ‫ا؛‬ ‫ذكي‬ ‫الخالق ويراه‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫أنه سيثبته بعد قليل رغما عنه وإال لوقع يف التسلسل‪.‬‬

‫وهذا يؤكد أن مشكلة هؤالء نفسية ال علمية وال عقلية‪...‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﲜ ﲝ ﲞ‬
‫ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﱠ﴿‪ ﴾4٥‬سورة الزمر‪.‬‬

‫ا‬
‫سواء شئنا أم أبينا‪،‬‬ ‫ن‬
‫اإلنساب‪،‬‬ ‫إن التسليم هلل بالخلق واألمر هو نهاية قصة المصت‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫إن هذا التسليم هو االستجابة ُ‬
‫المثتة للقضية اإلنسانية الكتى‪.‬‬

‫شء‬ ‫ر‬ ‫ُ‬


‫إن اإلسالم لم يأخذ اسمه من قوانينه وال نظامه وال محرماته‪ ،‬وإنما من ي‬
‫يشمل هذا كله ويسمو عليه ‪-‬من حقيقة التسليم هلل‪ -‬إنه استسالم هلل‪ ،‬إنه اإلسالم)‪!(٣1‬‬

‫والنه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬


‫ي‬ ‫االستسالم له سبحانه يف األمر‬ ‫نسأل هللا أن يرزقنا‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ (31‬اإلسالم بين الشرق والغرب‪ ،‬علي عزت بيجوفيتش‪ ،‬مؤسسة بافاريا للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫أن هناك‬
‫‪ -16‬كيف تقولون إن الطاقة ظهرت مع ظهور الكون في حين َّ‬
‫سمى بقانون حفظ الطاقة؟‬
‫ما يعرف بالقانون األول للديناميكا الحرارية‪ ،‬أو ما ي َّ‬

‫‪ ‬تعريف قانون حفظ الطاقة كالتالي‪:‬‬

‫في أي نظام معزول‪ :‬الطاقة ال تَفنى وال تُستح َدث من العدم‪.‬‬

‫‪ ‬وبالتالي فالسؤال الذي يطرحه بعضهم‪ :‬من أين أتت هذه الطاقة التي‬
‫ِ‬
‫ظهرت مع ظهور الكون؟‬

‫كالتاىل‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬وجواب هذا السؤال‬
‫‪ً ‬‬
‫أوال‪ :‬هذا قانون يتعلق فقط بعمل الكون‪ ،‬يتعلق بنظام سريان الطاقة داخل‬
‫نظام معزول ال بأصل الكون!(‪)32‬‬

‫ت تزعم أيها الملحد أن مجموع طاقة الكون يساوى الصفر؟‬ ‫‪ ‬ثان ًيا‪ْ :‬‬
‫ألس َ‬
‫‪ ‬مجموع الطاقة السالبة والطاقة الموجبة يساوي‪ :‬الصفر!‬
‫ا‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬إذن لم يتم خرق قانون حفظ الطاقة بأية صورة من الصور؛ ألن مجموع الطاقة أصًل‬
‫يساوي الصفر‪.‬‬
‫ياب الملحد الشهت شون كارول ‪ Sean Carroll‬ر‬
‫يعتف أن‪:‬‬ ‫الفت ئ‬
‫ن‬ ‫ولهذا ر‬
‫يعتف‬
‫ي‬
‫‪‬‬

‫ن‬
‫الثاب للديناميكا الحرارية يقرر أن للكون بداية‪،‬‬ ‫ً‬
‫تماما أن القانون‬ ‫‪‬ثال ًثا‪ :‬من المعلوم‬
‫ي‬
‫فهذا القانون ُحجة عىل بداية الكون‪.‬‬

‫(‪ (32‬براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬الطبعة األولى ص‪.416‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=TGs4C60FR68 33‬‬

‫من ‪ 00:42‬إلى ‪00:49‬‬

‫‪63‬‬
‫وطبقا لهذا القانون فإن‪ :‬الكون يكتسب ر‬
‫إنت ًّ‬ ‫ً‬
‫وبيا ‪ Entropy‬مع الوقت‪،‬‬ ‫•‬
‫ن‬
‫أي‪ :‬يكتسب عشوائية أو فوص‪.‬‬
‫ن‬ ‫حتما ر ن‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫ستداد مع الوقت‪ ،‬فأي تغت يحدث يف‬ ‫• ويستحيل أن تقل اإلنتوبيا‪ ،‬بل ي‬
‫ه‬
‫تحوالت الطاقة ال بد وأن يصحبه ازدياد نف مقدار ر‬
‫اإلنتوبيا الخاصة به‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ ‬وللتبسيط‪:‬‬
‫ً‬ ‫• لو ن‬
‫أحرصنا كوبا من الماء الساخن‪ ،‬فإن الطاقة ستنتقل من هذا‬
‫حن تتساوى حرارة الكوب مع‬‫الكوب إىل الغرفة مع الوقت ر‬
‫حرارة الغرفة‪ ،‬ويستحيل أن يحصل العكس‪.‬‬

‫• يستحيل أن تزداد حرارة الكوب عىل حساب حرارة الغرفة‪ ،‬بل‬


‫ً‬
‫دوما ستنتقل الحرارة من األعىل طاقة حرارية لألقل طاقة‬
‫حرارية ر‬
‫حن تتساوى حرارة الجميع‪.‬‬
‫‪ ‬لذلك الكون تزداد ر‬
‫إنتوبيته مع الزمن ر‬
‫حن يصل للموت الحراري ‪،Thermal death‬‬
‫حي يصبح عند أعىل درجة من ر‬
‫اإلنتوبيا‪.‬‬ ‫ن‬
‫ر‬
‫‪ ‬وهنا ي‬
‫نأب للشاهد من هذا الكالم‪:‬‬

‫‪‬‬

‫لو كانت الطاقة أزلية ل ُولِد الكون مي ًتا!‬


‫‪‬لكن العكس ً‬
‫تماما هو الحاصل‪:‬‬

‫اإلنتوبيا‪.‬‬ ‫ن‬
‫األدب عىل اإلطالق من ر‬ ‫فالكون كما هو معلوم بدأ بالحد‬ ‫•‬

‫‪64‬‬
‫الفت ئ‬
‫ياب شون كارول‪:‬‬ ‫ن‬ ‫‪‬وكما يقول الملحد‬
‫ي‬

‫ْ‬
‫إذن فالطاقة ليست أزلية وإال ألصبحت ر‬ ‫ن‬
‫األدب من ر‬
‫اإلنتوبيا أزلية‪.‬‬ ‫اإلنتوبيا‪،‬‬ ‫• فالكون بدأ بالحد‬
‫ا‬
‫• وهذا األمر هو الذي دفع شون كارول ليتعجب قائًل‪:‬‬

‫يائيي ن يف العالم!‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفت‬ ‫‪ ‬هذا تساؤل واحد من أشهر الملحدين‬

‫لكن لألسف كثت من المالحدة مازالوا يرون أن‪:‬‬


‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫• الكون غت ممت وغت منظم‪ ،‬وأن الطاقة أزلية‪ ،‬وال أدري من أي عرص ي‬
‫تأب مقوالتهم‬
‫هذه!‬
‫• ومن باب اإلنصاف أود أن أقول أن شون كارول كملحد حاول أن يتجاوز هذه الورطة‬
‫اإلنتوبيا‪ -‬حاول أن يتجاوزها ر‬
‫بافتاض األكوان المتعددة‪،‬‬ ‫ن‬
‫األدب من ر‬ ‫‪-‬ورطة الحد‬
‫ن‬
‫وهذه المسألة مسألة األكوان المتعددة فصلنا فيها الجواب يف الصفحات‬
‫السابقة!‬

‫‪  ‬‬

‫‪(34) https://www.youtube.com/watch?v=TGs4C60FR68‬‬

‫من ‪00:49‬‬

‫إلى ‪1:16‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -17‬لكن بعض المالحدة يضعون فرضيات كثيرة للحظة ظهور الكون‬
‫في محاولة إلثبات أزلية الطاقة؟‬
‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬
‫الف َرضيات والتخمينات ُ‬
‫حي تستمتع‬ ‫علميا‪ ،‬وتعجب‬ ‫غت صحيحة‬ ‫كل هذه‬
‫ا‬ ‫ر‬ ‫لفت ئ‬
‫ن‬
‫ياب ملحد بحجم ألكسندر فلنكلن ‪ Alexander Vilenkin‬وهو يعتف قائًل‪:‬‬ ‫ي‬
‫(‪)35‬‬
‫"ال يوجد نَموذج واحد ُم ٍ‬
‫رض لكون بال بداية"‪.‬‬
‫ال يوجد نموذج واحد صحيح أو فرضية واحدة صحيحة يمكن‬
‫التهنة عليها ن يف إثبات أزلية الطاقة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫والف َرضيات ر‬
‫يضعها‬ ‫الن‬
‫ي‬ ‫وبعد أن عدد ألكسندر فلنكلن النماذج‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫العلماء لتجاوز بداية الكون‪ ،‬ر‬
‫بتعليف‪:‬‬
‫ي‬ ‫بحشة قائًل‪" :‬سأختكم‬
‫ٍ‬ ‫اعتف‬

‫الن تحاول تجاوز بداية الكون لتثبت أزلية الطاقة كلها نماذج فاشلة‬ ‫ر‬
‫كل النماذج ي‬
‫ال تعمل!‬
‫ثم بدأ فلنكن ن يف رشح فشل هذه النماذج!‬
‫ن ئ‬
‫ياب‬ ‫‪ ‬هذا ر‬
‫اعتاف عزيز من ملحد فت ي‬ ‫ً‬
‫سني أن يتجاوز أن للكون‬‫ن‬ ‫حاول جاهدا عت‬
‫بداية‪ ،‬لكنه ن يف األخت ُيقر بالفشل والخيبة!‬
‫ن‬
‫فكل ما انته إليه العلم يف كل النماذج‬
‫الصحيحة العملية أن الكون له بداية!‬

‫ر‬
‫يأب ملحد ليقول لك‪ :‬هناك احتمالية ِعلمية أن الكون يسبقه كذا او كذا أو أننا‬ ‫‪ ‬ثم ي‬
‫نستطيع تجاوز بداية الكون بكذا أو بكذا!‬
‫ُ‬
‫• يحاولون باستمرار أن يوهنوا قوة التهان ببعض السفسطات والفرضيات مهما ثبت‬
‫خطؤها وعدم جدواها‪.‬‬
‫االفتاضات والتخيالت‪،‬‬ ‫ر‬ ‫وسيبف اإللحاد سفسطة للبديهيات ببعض‬ ‫ر‬ ‫• كان وما زال‬
‫يبف الدين هو التسليم بإلزامات هذه البديهيات!‬ ‫بينما ر‬
‫‪  ‬‬

‫(‪ (35‬براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.417‬‬


‫‪(36) https://www.youtube.com/watch?v=NXCQelhKJ7A‬‬

‫من ‪2:41‬‬

‫إلى ‪3:35‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -18‬إذا كان اهلل قد خلق الكون‪ ،‬فلماذا كل هذه الكواكب والنجوم‪،‬‬
‫لماذا الكون بهذه الضخامة؟‬

‫ً‬
‫‪ ‬هذه الشبهة تعتمد عىل مغالطة‪" :‬أنسنة اإلله"‪ :‬حيث يجعل الملحد اإلله إنسانا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ ن‬
‫المفتض أن ينفق اإلنسان‬ ‫فبالتاىل‬
‫ي‬ ‫عاب من نقص يف الموارد‪،‬‬
‫وبما أن اإلنسان بطبيعته ي ي‬
‫بأقل قدر متاح من أجل تحقيق أفضل نتيجة‪.‬‬
‫يفت ون؛ ولذلك يتساءلون‪:‬‬ ‫• فهم يتصورون أن اإلله كاإلنسان تعاىل هللا عما ر‬

‫‪‬‬

‫لو أن اهلل خلق مليارات مليارات األكوان مثل كوننا هل هذا ُين ِقص من خزائنه شيئًا؟‬
‫فاهلل يخلق ما يشاء‪ ،‬وال ينقص ذلك من خزائنه شيئًا؛ وفي َخل ِقه تدبر عظيم‬
‫قدرته وعجيب حكمته!‬

‫‪‬‬

‫والجواب‪:‬‬
‫‪‬‬
‫ﳃﳅﳆﳇ ﳈﳉﳊﳋﱠ﴿‪﴾2٩‬‬
‫ﭐﱡﭐﲺﲻﲼ ﲽﲾﲿﳀﳁﳂ ﳄ‬
‫سورة الشورى‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫• هذه المعادن لم تنشأ إال ن يف قلب مستعرات عمالقة أو أفران نجمية ضخمة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫ن‬ ‫كلها ر‬ ‫ُّ‬
‫األوكسجي إىل رئتيك‪ ،‬المعادن‬ ‫الن نحتاج إليها‪ ،‬كالحديد الذي ينقل‬ ‫ي‬ ‫• فالمعادن‬
‫معيشتك‪ ،‬هذه المعادن ما نشأت إال داخل أفران النجوم العمالقة‬
‫ِ‬ ‫الن بها ِقوام‬ ‫ر‬
‫ًّ‬ ‫ي‬
‫‪)٢٩(.‬‬
‫البعيدة جدا عنا‬
‫‪Inertia‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ما معنى‪ :‬القصور الذاتي؟‬


‫ُ‬ ‫ا‬
‫يحصل؟‬ ‫• لو أنك تركب سيارة وفجأة السيارة توقفت‪ ،‬ما الذي‬
‫• تندفع لألمام! أليس كذلك؟‬
‫ر‬
‫الذاب‪.‬‬
‫ي‬ ‫• هذه ي‬
‫ه العطالة أو القصور‬

‫‪.‬‬
‫ر‬
‫الن‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫واألمر الذي أدهش الفتيائيي أن كتلة مجرةن درب التبانة‪ ،‬المجرة ي‬
‫تحتوي عىل مجموعتنا الشمسية‪ ،‬ال تشارك يف ضبط العطالة إال بنسبة‬
‫‪ ٠.1‬بالمليون‪ ،‬بينما كتلة األرض ال تضبط العطالة إال بنسبة ‪٠.٠٠1‬‬
‫بالمليون‪.‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫والن من خاللها نمارس كل‬ ‫• فالعطالة المثالية ي‬
‫الن نحيا عىل ثمارها‪ ،‬ي‬
‫ه نتاج مجموع طاقة الكون ككل‪.‬‬ ‫أنشطتنا‪ ،‬ي‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬

‫ﱒﱠ ﴿‪ ﴾27‬سورة ص‪ .‬وكلما توسع العلم‪ ،‬ظهرت عجائب الحكمة ودقائق الخلق!‬

‫‪  ‬‬

‫‪(37) Nature's Destiny: How the Laws of Biology Reveal Purpose in the Universe, Michael Denton.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -19‬كيف نكون نحن البشر بحجمنا هذا الصغير في مركز هذا الكون العمالق؟‬
‫ً‬ ‫ر ً‬
‫افتاضا متهافتا فيقول‪:‬‬ ‫الملحد يضع‬ ‫‪‬‬

‫بما أن الكون ضخم‪ ،‬فاإلنسان ليس مركزًا يف هذا الكون‪ ،‬هذا االفتراض مبنيٌّ‬
‫ىلع مقدمة‪ :‬بما أن هذه املزارع شاسعة وصاحبُها حجمه صغير جدًّا‬
‫بالنسبة لها إذن‪ :‬هو ليس بصاحبِها!‬

‫ً‬
‫ليس األمر بالحجم إطالقا‪.‬‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫التفاضل ن‬
‫بي أعظم الناس وأحقر الناس‪.‬‬ ‫ه المعيار األكت يف‬ ‫ر‬
‫واألخالق ي‬
‫الن بال حجم مادي ي‬ ‫•‬
‫وإنقاذ طفل واحد أوىل من جبال األرض‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫•‬
‫ً‬
‫معيارا!‬ ‫فقضية األحجام ليست‬ ‫•‬
‫ملِكًا وهذا امللك أوصى البنه‬
‫لو أنَّ عندنا َ‬ ‫‪‬‬
‫ببعض الوصايا والنصائح‪ ،‬وكَتب له يف ذلك كتابًا‪.‬‬
‫ٌ‬
‫معترض ويقول‪:‬‬ ‫‪ ‬هل يمكن أن يأتي‬

‫كيف مللك يملك ماليين األفدنة واألراضي الشاسعة التي ال حصر لها‪ ،‬كيف‬
‫يهتمُّ بابنه الذي ال يبلغ حجمه ووزنه واحد ىلع مليون مما يملك هذا امللك‬
‫من األراضي واألفدنة؟ ولله املثل األىلع‪.‬‬
‫‪ ‬هل هذا اعتراض معقول أص ًلا؟‬
‫• فالقضية ليست بالحجم وال بالوزن‪.‬‬
‫‪ ‬ثم أليس هذا الكون بدأ من نُقطة أصغر من رأس الدبوس بمليارات‬
‫المرات كما يقرر كل فيزيائي اليوم؟‬
‫ٌّ‬ ‫ْ‬
‫نسن‪.‬‬‫ي‬ ‫• إذن الحجم‬
‫‪69‬‬
‫فاستغراب ضخامة الحجم أو ضآلته أو طول عمر الكون أو قصره هي محاوالت ألنسنة‬
‫اإلله‪ ،‬حيث يتصورون أن اإلله إنسانًا‪ ،‬وبما أن اإلنسان من المفترض أن ُيقدِّر األشياء‬
‫جدا‪ ،‬فالمفترض أن يكون مركز هذا‬
‫بحسب إنفاقه عليها‪ ،‬وبما أن الكون عمالق ً‬
‫جدا‪ ،‬حتى يوازي النفقات التي أُنفقت على كون بهذا الحجم!‬
‫الكون شيء ضخم الحجم ً‬
‫• ما الذي يضتكم أيها المالحدة من أن يخلق ُ‬
‫هللا ما يشاء بالكيف الذي يشاء؟‬
‫• لماذا المحاوالت المتكررة ألنسنة اإلله؟‬
‫ً‬
‫• لكن هل نحن بالفعل مركزا لهذا الكون؟‬

‫‪‬‬

‫مركز هذا الكون بالتكليف اإللهي‪ ،‬والتكليف اإللهي هو الدِّين‪ ،‬هو األمانة التي‬
‫حملها اإلنسان‪ ،‬هو هذا االختبار األعظم الذي نحن فيه!‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫اإلله تصبح مركزا لهذا الكون‪ ،‬فال بحجمك وال بقوتك وال بقدراتك‬
‫ي‬ ‫❑ فقط بالتكليف‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫اإلله أصبحت مركزا يف هذا الكون!‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫تصبح مركزا لهذا الكون‪ ،‬وإنما من خالل التكليف‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫المنطف‬
‫ي‬ ‫حجما‪ ،‬بل‬ ‫❑ والتكليف ال عالقة له بالحجم؛ إذ ال يلزم أن يكون التكليف لألكت‬
‫الش‪،‬‬ ‫معن التكليف‪ ،‬والقادر عىل فعل الخت وترك ر‬
‫أن يكون التكليف للكائن الذي يدرك ن‬
‫الكائن القادر عىل اإليمان والكفر!‬

‫وكلنا يعلم أنه مُكلَّف‪ ،‬سواءً شئنا أم أبينا!‬


‫ن ْ‬ ‫ُ َّ‬
‫ويعاب َوخز الضمت‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫اإلله‬
‫ي‬ ‫بالتكليف‬ ‫ويشعر‬ ‫ف‬ ‫كل‬ ‫❑ الملحد والمؤمن الكل يعلم أنه م‬
‫ر‬
‫األخالف‪ ،‬ويعرف أن بداخله‪ :‬افعل وال تفعل‪ ،‬افعل الخت وال تفعل ر‬
‫الش‪ ،‬كلنا يعلم من‬ ‫ي‬
‫واقع نفسه أنه ُمطالب!‬

‫فنحن يف مركز هذا الكون تكليفيًّا!‬


‫ًّ‬ ‫ً‬
‫أيضا نحن نف مركز هذا الكون إدر ًّ‬
‫ونع ونعقل ونعرف‬ ‫ندرك‬ ‫فنحن‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫ومعرفي‬ ‫ا‬ ‫اكي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ً ي ً‬ ‫حقيقة وجودنا‪ ،‬وحقيقة الكون من حولنا‪ ،‬ونفهم ن‬
‫معن وجودنا جيدا؛ أيضا نحن يف مركز‬
‫ن‬ ‫نا‬ ‫ا‬
‫ومعن‪ ،‬فطفل صغت أوىل من كل جبال العالم‪ ،‬ونحن يف مركز هذا الكون‬ ‫هذا الكون قيمة‬
‫َ‬
‫المحاسبون!‬ ‫المكلفون‬‫المطالبون المآخذون ُ‬‫دينيا‪ ،‬فنحن ُ‬
‫ًّ‬

‫‪70‬‬
‫بعناية‪ ،‬نحن الكائن المدرك لإلتقان‪ ،‬نحن‬ ‫درك لروعة اإلعداد‬ ‫ونحن الكائن ُ‬
‫الم‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الكائن القادر عىل تنفيذ ما ُكلف به أو الكفر بالتكليف‪ ،‬نحن َنقدر ً‬
‫تماما عىل االختيار‪،‬‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫نحن نقدر حقيقة عىل اإليمان والكفر‪.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫سواء شئنا أم أبينا!‬ ‫• فنحن يف مركز هذا الكون‪،‬‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲮﲯﲰﲱﲲ ﲳﲴﲵﲶﲷﲸ‬

‫ﲻﲽﲾﲿﳀﱠ ﴿‪ ﴾72‬سورة األحزاب‬


‫ﲼ‬ ‫ﲹﲺ‬

‫‪  ‬‬

‫‪71‬‬
‫إتقان‪ ،‬فهناك‬
‫ٌ‬ ‫‪ -20‬يقول بعض المالحدة‪ :‬األرض من الطبيعي أن يكون بها‬
‫كواكب كثيرة ليست فيها حياة‪ .‬فوجود كوكب بهذا اإلتقان كاألرض هو أمر‬
‫طبيعي بالنسبة لعدد الكواكب الكبير؛ أليس كذلك؟‬

‫‪‬‬

‫ما عَالقة وجود كواكب كثيرة بنقد دليل اإلتقان؟‬

‫‪ ‬القضية ليست مواد أولية‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ن ن‬
‫أنن يف غابة مليئة بكافة الخ نرص‬ ‫‪ ‬ليس بما ي‬
‫معن ذلك أن يظهر‬ ‫والثمار والحيوانات‪ ،‬ليس ن‬
‫ا ن‬
‫أمام فجأة يف وسط الغابة إناء طعام مطبوخ‬ ‫ي‬
‫شه؛ فالقضية ليست مواد أولية!‬ ‫ٍّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أبدا ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫أيضا ليس ن‬ ‫ً‬
‫أنن من‬
‫ُ ي‬ ‫معناه‬ ‫ليس‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫صحاري‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫الرمال‬ ‫ر‬ ‫تواف‬ ‫معن‬
‫الن تصنع من‬ ‫ر‬
‫اإللكتونية ر‬ ‫ائح‬ ‫الطبيع أن أجد المعالجات الر ْقمية ر‬
‫والش‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫حوىل يف كل مكان يف الصحراء!‬‫ن‬
‫ي‬ ‫الرمال‪،‬‬

‫فالقضية ليست موادَّ أولية؛ القضية صُنع وإتقان ‪.Know how‬‬

‫‪ ‬ليس مجرد وجود مجموعة كواكب تكون كافية ألن يظهر بينها كوكب بهذا اإلتقان‬
‫كاألرض‪.‬‬
‫وصنعﱡﭐﳘﳙﳚﳛﳜ ﳞ‬
‫ﳝﳟ ﳠ ﳡﳢﳣ‬ ‫‪ ‬القضية إتقان وخلق ُ‬

‫ﱠ ﴿‪ ﴾88‬سورة النمل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬فوجود كواكب أخرى كثتة ال يتر إطالقا وجود حياة عىل كوكب األرض‪.‬‬
‫ًّ‬
‫جينيا بداخلك يضبط كل وظائفك وأعضائك‬ ‫ً‬
‫تشفتا‬ ‫وجود كواكب أخرى ال يتر‬
‫بضبط مبهر قبل أن توجد أنت بنفسك!‬
‫ٍ‬ ‫وهرموناتك‬
‫ِ‬
‫جينات تحمل‬ ‫❑‬
‫معلومات داخل كل خلية من خالياك وخاليا كل كائن‬
‫ح!‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫جدا مكتوب عليه بنظام الشفرة أو بنظام ر‬
‫الت ن‬
‫مت مكتوب‬ ‫رشيط طويل‬ ‫❑‬
‫عليه خصائص ومعلومات كل عضو من أعضاء جسدك‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫ُ‬ ‫الجني ال بد أن يتواجد عدد ُم ن‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬فمثالً‪ :‬ر‬
‫عي من الجينات‪ ،‬يكتب‬ ‫حن ينشأ الكبد يف‬
‫عليهم بنظام الشفرة كيفية تكون الكبد‪ ،‬ثم يتم فك هذه الشفرة فيظهر‬
‫كبدك!‬
‫ُ‬
‫كل عضو من أعضائك‪ ،‬وكل إنزيم‪ ،‬وكل هرمون كلها تشفر داخل‬
‫الجينات الخاصة بك‪.‬‬
‫‪ ‬ويوجد نف كل خلية من خالياك ‪ ٣٠‬ألف ن‬
‫جي تشفر لكل وظائفك‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫‪ ‬فالحياة معلومة ُوليست بمادة‪ ،‬والنظم البيولوجية يف جميع الكائنات الحية ي‬
‫ه نظم‬
‫معلوماتية وليست ن ً‬
‫ظما مادية‪.‬‬

‫نعم! الحياة معلومة وليست مجرد ذ‪1‬لية من خاليا جسدِك!‬

‫‪ ‬هل هذا اإلعجاز ُّ‬


‫يتم تبريره بأن هناك كواكب أخرى كثيرة؟‬

‫المشكلة أن الملحد يتعامل مع الكائنات الحية‪ ،‬ومع النظم‬


‫ٌ َ‬
‫المبدعة بإتقان من حوله‪ ،‬يتعامل معها كما يتعامل مع لعبة‬
‫البازل جيم ‪ ،Puzzle game‬حيث يفكك الملحد مكونات‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫المبدعة‪ ،‬يفككها ثم يقوم بإعادة تجميعها من‬ ‫الحياة والنظم‬
‫أماكن مختلفة‪.‬‬

‫• ُيفكك المطلوب ثم يعيد تجميعه!‬


‫ًّ‬
‫• طريقة تفكت الملحد غريبة جدا‪.‬‬

‫‪ ‬هل وجود غابات كثيفة يبرر ظهور صينية طعام مُ عدَّ ة بعناية؟‬

‫‪ ‬هل وجود كواكب كثيرة يُبرر ظهور أربعة مليارات حرف داخل كل خلية‬
‫اختل حرف‬
‫َّ‬ ‫من خالياك بمنتهى الضبط تشفر لوظائف جسدك‪ ،‬بحيث لو‬
‫واحد منها ربما حصلت مشكلة كبتة؟‬
‫ر ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلله والعلم والقدرة‪ ،‬وال يمكن‬
‫ي‬ ‫الخلق‬ ‫يؤكد‬ ‫‪،‬‬ ‫حقيف‬
‫ي‬ ‫عقىل‬
‫ي‬ ‫رهان‬ ‫ب‬ ‫هو‬ ‫اإلتقان‬ ‫رهان‬‫ب‬ ‫‪‬‬
‫تجاوزه بهذه الخياالت اإللحادية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫إن الحاجة إلى ضرورة تبرير هذا اإلتقان‪ ،‬وهذا التشفير‪ ،‬وهذه الحياة‪ ،‬وهذا‬
‫الكون‪ ،‬وهذه النظم املعلوماتية‪ ،‬ضرورة تبرير كل هذا بإثبات الخالق‪ ،‬هي‬
‫حاجة عقلية ماسَّة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بضبط‬
‫ٍ‬ ‫فلو صعدنا أنا وأحد الملحدين عىل أحد الكواكب واكتشفنا جهازا ُمعقدا يعمل‬
‫ُ‬ ‫مبهر‪ ،‬ر‬
‫وحن لو لم نفهم وظيفته بعد‪ ،‬هل يمكن إنكار الصانع لهذا الجهاز لمجرد ضخامة‬
‫حجم الكوكب الذي نحن عليه؟‬
‫ًّ‬
‫‪ ‬فروض الملحدين غريبة حقا!‬
‫بالموجد القادر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫حي نرى هذا الجهاز للقول‬ ‫‪ ‬البداهة العقلية تدفعنا أنا والملحد ن‬
‫المطالب بالدليل وليس‬ ‫الموجد هو ُ‬ ‫‪ ‬والذي ينكر هذه البداهة العقلية الذي ُينكر ُ‬
‫ِ‬
‫ثبت!‬ ‫ُ‬
‫الم ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ ‬الملحد يف هذا الكون المبهر‪ ،‬يف هذا الكون األنيق‬
‫المطالب بالدليل وليس المؤمن!‬ ‫هو ُ‬
‫المثبت للخالق يتفق مع البداهة العقلية‪ ،‬أما‬ ‫‪ُ ‬‬
‫المنكر للخالق فهو معاند لهذه البداهة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬وأنا رصاحة أتعجب ممن يحاول أن يسفسط برهان اإلتقان يف الكون بهذه‬
‫الفروض الغريبة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف الحياة‪ ،‬ثم‬ ‫التجرين الحديث عىل رصد برهان اإلتقان يف الكون ي‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬إن ِقوام العلم‬
‫يحصد العلماء الجوائز عىل ما رصدوه من إتقان!‬
‫ًّ‬
‫بي مدى معاندة الملحد ظاهريا لتهان‬ ‫دعوب أحك لكم ُطرفة غريبة ُت ن‬ ‫ن‬ ‫❑ واآلن‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ًّ‬
‫داخليا‪:‬‬ ‫ن‬
‫اإلتقان‪ ،‬يف الوقت الذي يسلم فيه لهذا التهان‬

‫‪ ‬ذات مرة كتب الملحد الالأدري كارل ساغان‪ ،‬كتب رواية اسمها‬
‫يحك فيها عن كيف أن العلماء يبحثون عن ذكاء خارج األرض‪.‬‬
‫ي‬ ‫"كونتاكت"‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫العلماء سلسلة طويلة من األرقام األولية‬ ‫وف الرواية اكتشف‬ ‫ي‬
‫األوىل يفيد قيمة رياضية‬
‫ي‬ ‫الخارح؛ وألن هذا التسلسل‬
‫ي‬ ‫قادمة من الفضاء‬
‫ا‬
‫عقليا ً‬
‫كافيا‬ ‫ًّ‬ ‫ُمحددة‪ ،‬قيمة تدل عىل نوع من الضبط‪ ،‬فكان هذا دليًل‬
‫ليقطع هؤالء العلماء يف الرواية بأن هذه الرسالة قادمة من حضارة‬
‫أخرى تحاول التواصل معنا!‬

‫‪74‬‬
‫‪ ‬كل دراسات البحث عن ذكاء خارج األرض ‪Search for Extraterrestrial‬‬
‫ستكتف ً‬
‫تماما برصد إشارة مثل هذه لتثبت وجود حضارة أخرى تحاول‬ ‫ن‬ ‫‪Intelligence‬‬
‫ي‬
‫التواصل معنا!‬
‫ٌ‬
‫شهت‪ ،‬لكن‬ ‫ٌّ‬
‫الأدري‬ ‫الطرفة هنا أن كارل ساغان كاتب هذه الرواية هو‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫عقله يسلم بحقيقة أن التعقيد والنظام يف رسالة صغتة هو دليل عىل برهان‬
‫اإليجاد واإلتقان!‬
‫َ‬
‫ُمجرد سلسلة من أرقام أولية ستقطع بوجود حضارة عمالقة؛ فكيف تنسب‬
‫أيها الملحد‪ ،‬كيف تنسب أربعة مليارات حرف داخل كل خلية من خاليا‬
‫ر‬
‫والن لو اختل حرف واحد منها لربما حصلت كارثة‪ ،‬كيف تنسب كل هذا اإلتقان‬
‫جسدك‪ ،‬ي‬
‫الن ر‬
‫تفتضها؟‬ ‫ر‬
‫إىل هذه المراوغات ي‬
‫ليس من العقل في شيء االحتكام إلى خياالت وسفسطات وتخمينات‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫تحكم ال‬ ‫لمنع تفسير الظاهرة في إطارها الداللي على الخالق‪ ،‬هذا محض‬

‫أكثر‪ ،‬وتعطيل لوظيفة العقل!‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ‬

‫ﲅﲆﲇ ﱠ ﴿‪ ﴾1٠1‬سورة يونس‪.‬‬

‫‪‬‬

‫بالتمرد على برهان اإلتقان الذي نستشعره؟‬


‫ُّ‬ ‫بأي دليل من خارجنا نحن مطالبون‬

‫‪ ‬بأي دليل من خارجنا نحن مُطالبون بالتمرُّد ىلع ما وقع تحت نظرنا وعقلنا‬
‫ورصدنا؟‬
‫ُ‬
‫‪‬اآلن الموقف انقلب‪ :‬نحن الذين نلزم الملحد بالتسليم بما ترصده الحواس من إتقان‪،‬‬
‫والحش‪ ،‬مع أنه داعية الرؤية المادية!‬
‫ي‬ ‫وهو يرفض ويعاند الرصد النظري‬

‫‪‬اإلتقان هو‪ :‬حقيقة مستقرة في هذا الكون‪ ،‬وفي نظم الكائنات الحية‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫ن‬
‫عقالب‬ ‫‪ ‬والعلم نفسه ُمؤسس عىل أمل أن الكون به إتقان‪ ،‬العلم مؤسس عىل أن العالم‬
‫ا ي‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬
‫يعن أنه ال مكان للعلم أصًل‪،‬‬ ‫‪-‬مستوعب عقليا‪ -‬ولو لم يسلم العلم بهذه الحقيقة‪ ،‬فهذا ي‬
‫ولن تكون هناك معادلة رياضية صحيحة سارية يمكن تتبعها والتثبت منها والثقة بها!‬

‫فالعلم مُؤسَّس ىلع أن الكون ال بد أن يكون متقنًا وال بد أن يكون فيه ضبط وإبداع!‬

‫ُ‬
‫التجرين َوضع ما يعرف بمبدأ "الوتتة الواحدة"‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬ولذلك فالعلم‬
‫ن‬
‫قواني الطبيعة ثابتة عت الزمان وعت المكان‪،‬‬ ‫‪ Uniformitarianism‬والذي يؤكد أن‬
‫ن‬
‫القواني يمكن قياسها والثقة بالقياس‪.‬‬ ‫وهذه‬

‫ُ‬ ‫ا‬
‫سواء رصدناه أو لم نرصده‪ ،‬والعلم يسلم بهذه الحقيقة‬ ‫‪ ‬فالعالم به ضبط دقيق‪،‬‬
‫ر‬
‫حن قبل البحث والكشف!‬
‫ﳝﳟﳠﳡﳢﱠ ﴿‪ ﴾88‬سورة النمل‪.‬‬
‫‪ ‬إنه ﱡﭐﳘﳙﳚﳛﳜ ﳞ‬

‫‪ ‬سبحانه هو‪ :‬ﭐﱡﭐﲔﲕﲖﲗﲘﱠ﴿‪ ﴾7‬سورة السجدة‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -21‬كيف بدأت المعلومة؟‬
‫‪ ‬كيف بدأت الشفرة الجينية؟‬
‫‪ ‬كيف دُونت املعلومات املكتوبة ىلع الشريط الجيني داخل كل خلية‬
‫من خاليا كل كائن حي ىلع وجه األرض؟‬

‫خصائص‬
‫ُ‬ ‫في البداية الشريط الجيني هو شريط ُمدونة عليه بحروف رباعية التشفير‬
‫الهرمونات‬
‫الكائن الحي‪ ،‬وما يحتاج إليه وطريقة تشكيل األعضاء‪ ،‬وطريقة عمل ُ‬
‫وظيفيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫واإلنزيمات‪ ،‬والشكل العام للكائن الحي‪ ،‬وكل ما يحتاج إليه‬

‫‪ ‬فاآلن السؤال‪ :‬كيف ظهرت المعلومات في‬


‫هذا الشريط الجيني؟‬
‫‪ ‬كيف ُ‬
‫شفرت المعلومات بنظام تشفير‬
‫رُباعي؟‬

‫ال يوجد كائن حي يف تاريخ األرض بدون تشفير رُباعي مُسبَق لكل خصائصه‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف ظهر هذا النظام المعلوماتي المدهش؟‬

‫• هذه تساؤالت عقلية ومنطقية!!‬


‫‪‬يقول عالم الرياضيات األمريك نوربرت ن‬
‫فيت ‪:Norbert Wiener‬‬ ‫ي‬

‫ا‬
‫العقىل الذي يطرح نفسه هنا‪ :‬كيف ظهرت فجأة المعلومة؟‬
‫ي‬ ‫• فالسؤال‬
‫َ‬ ‫الجين ُ‬ ‫ن‬ ‫• ر‬
‫المسخر لحمل المعلومات والموجود داخل نواة كل خلية من‬ ‫ي‬ ‫الشيط‬
‫خالياك يحمل بداخله أربعة مليارات‬
‫معلومة كما قلنا قبل ذلك!‬
‫• أربعة مليارات حرف ُمدونة‪ُ ،‬‬
‫ومشفر بها‬
‫ُ‬
‫وإنزيماتك‬ ‫وهرموناتك‬ ‫وظائفك‬
‫وأعضاؤك‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫• ظهور المعلومات بهذا الشكل من أكت األمور ي‬
‫الن أربكت العلم الحديث‪.‬‬

‫‪ ‬لقد اكتشف العلم أن العالم كلَّه معلومات!‬


‫ن‬
‫الفتياء الالأدري الشهت بول دافيس ‪:Paul Davies‬‬ ‫‪‬يقول عالم‬

‫ن‬
‫هذا كالم الالأدري بول دافيس‪ ،‬والمشكلة الثانية يف هذ ا الموضوع ‪-‬والكالم‬
‫اعتفوا بالجهل ‪-‬الجهل بتفست مصدر النظام‬ ‫موصول لبول دافيس‪ -‬أن العلماء لو ر‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫المعلوماب َوفقا للرؤية المادية‪ -‬فإن هذا ستفع عنهم الدعم الماىل"‪)٣٩(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫المعلوماب المبهر‪ ،‬وكيف ظهر فجأة بهذه الصورة هو ورطة لكل مادي!‬
‫ي‬ ‫فالنظام‬

‫لزىل أورجل ‪ Leslie Orgel‬وهو أحد أبرز علماء نشأة الحياة‪ ،‬بينما كان‬
‫وبينما كان ي‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يتحدث ً‬
‫محارصاته عقب قائًل‪:‬‬ ‫يوما عن هذه الورطة يف إحدى‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫فمن ال يشعر من دعاة المادية بورطة كيف ظهرت المعلومة فهو‬
‫حن َينش اللوازم الدينية لظهور المعلومات فجأة‪.‬‬
‫إنسان ُمغيب؛ ُمغيب بإرادته ر‬

‫ن‬
‫البيولوجيي ما زالوا يتعاملون مع هذه‬ ‫الغريب أن بعض الملحدين خاصة من غت‬
‫ُ‬ ‫الورطات المتتابعة بعقلية القرن التاسع ر‬
‫العرب عىل إبهار‬
‫ي‬ ‫عش‪ ،‬فما أن تطلع الملحد‬
‫حن‬‫المعلوماب الذي يوجد داخل كل كائن ح‪ ،‬والذي ظهر فجأة مع ظهور الحياة ر‬ ‫ر‬ ‫النظام‬
‫ي‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ُ َ‬
‫شيعا قائًل لك‪ :‬لكن هناك خاليا بدائية وخاليا ُمعقدة!‬
‫ً‬ ‫يوقفك‬

‫‪(38) Paul Davies, the Fifth Miracle, P.17-18‬‬


‫‪.‬‬
‫براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.580‬‬

‫)‪ (39‬المصدر السابق نفس الصفحة‪.‬‬


‫‪(40) Leslie Orgel, the RNA World and the Origin of Life, lecture, ISSOL 2002.‬‬

‫براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.584‬‬

‫‪78‬‬
‫ُ‬
‫• وهذه الخرافة تقسيم الخاليا إىل‪ :‬خاليا بدائية وخاليا معقدة‪ ،‬ي‬
‫ه خرافة قديمة‪.‬‬

‫(‪)41‬‬
‫فكل الخاليا مُعقَّدة ومبهرة‪ ،‬وال توجد خلية بال نظام معلوماتي‪.‬‬
‫ا‬ ‫بل كلما نظرنا نف التعقيد الموجود داخل خلية كائن وحيد الخلية نكتشف ً‬
‫إبهارا ودقة‬ ‫ي‬
‫ح متعدد الخاليا‪.‬‬ ‫ن‬
‫ال تقل بأي حال عن الدقة الموجودة يف خاليا أي كائن ي‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫سواء كان وحيد الخلية‬ ‫فاألجهزة والماكينات المبهرة توجد داخل الخلية يف أي كائن‪،‬‬
‫أو متعدد الخاليا‪.‬‬
‫‪‬‬

‫هي عضية تُسمَّى الكاينيسن ‪.Kinesin‬‬

‫وه واحدة من آالف الماكينات المبهرة داخل الخلية‬ ‫ي‬


‫ْ‬
‫حقيقيتان‪ ،‬ويست‬
‫ِ‬ ‫الحية‪ ،‬هذا الكاينيسن له ِرجالن ويدان‬
‫عىل طرق ُمخصصة له لينقل المكونات لخارج الخلية‪،‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ر ن‬ ‫ن‬
‫تعت يف الطريق أو وجد طريقا غت ممهدة‪،‬‬ ‫وف حال أنه‬ ‫وزنه ي‬
‫والكاينيسن يحمل أضعاف ِ‬
‫ن‬
‫كاينيسي آخر ليساعده‪.‬‬ ‫فإنه يطلب‬
‫ر‬
‫الن توجد داخل الخلية‪ ،‬وخمسون‬ ‫•‬
‫هذه ماكينة واحدة من آالف الماكينات ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الن نكتبها يف آخر السطر‪.‬‬
‫خلية ال تمأل النقطة ي‬

‫❑ ثم ماذا عن ماكينة السوط البكتيري ‪Flagellum‬؟‬

‫ه إحدى ماكينات الخلية البكتتية وحيدة الخلية‬ ‫ماكينة السوط البكتتي ي‬ ‫•‬
‫الن يظن المالحدة أنها خلية بدائية‪ -‬تتكون ماكينة السوط‬ ‫ر‬
‫‪-‬الخلية البكتتية ي‬
‫بروتي‪ ،‬إذا جاء أحد هذه التوتينات مكان اآلخر أو ا ن‬
‫ختف‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫ائن‬
‫البكتتي من ِم ي‬
‫ُ‬
‫أحدها‪ ،‬فلن تظهر ماكينة السوط البكتتي بالكلية!‬

‫‪‬‬

‫‪(41) Jacques Monod, Chance and Necessity, P.134‬‬

‫‪79‬‬
‫ويتحرك السوط البكتيري بمعدل عشرة آالف حركة يف‬
‫الدقيقة‪ ،‬وهو قادر ىلع عكس اتجاه حركته يف جزء‬
‫من أربعين ألف جز ٍء من الثانية‪.‬‬

‫وقد قام الرياضيون بحساب احتمال نشأة هذا السوط بالصدفة‪،‬‬


‫ن‬
‫وسبعي ‪.117٠ 1٠‬‬ ‫فوجدوا أن االحتمالية تصل إىل ‪ 1٠‬أس ألف ومائة‬
‫ن‬
‫ثماني ذرة ‪.8٠ 1٠‬‬ ‫مع أن عدد ذرات الكون كله ال تتجاوز ‪ 1٠‬أس‬

‫أمام هذه المعجزة‬


‫ا‬ ‫حاول ُدعاة المادية ر‬
‫افتاض أن هناك أشكاًل أبسط‬
‫من السوط البكتتي‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن هناك ماكينة قريبة‬
‫ُ‬
‫من السوط البكتتي تسىم ‪Type III secretion‬‬
‫‪ system‬وعندما تطور ال ‪Type III secretion‬‬
‫وكأب بهم وهم‬ ‫ن‬ ‫‪ system‬ظهر السوط البكتتي‪،‬‬
‫ي‬
‫يحاولون تفست نظام مبهر بنظام مبهر آخر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫مؤخرا أن هذا‬ ‫تبي‬ ‫العجيب يف األمر أنه‬
‫ن‬
‫ال ‪ Type III secretion systems‬متأخر يف الظهور‬
‫ا‬
‫عن السوط البكتتي‪ ،‬فقد ظهر السوط البكتتي أوًل ثم ظهر بعده ال ‪TYPE 3‬‬
‫‪)42(.secretory system‬‬

‫ن‬
‫فالبكتتيا أقدم الكائنات الحية بينما ‪ Type III secretion system‬موجود يف‬
‫ُ‬
‫الكائنات متعددة الخاليا فكيف ينسب وجود األقدم إىل األحدث؟‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫جاوزها ر‬ ‫َ‬
‫بالتقيع اإللحادي لكل ماكينة مبهرة يف‬ ‫السوط البكتتي معجزة ال يمكنها ت‬
‫النظم الخلوية الحية‪.‬‬

‫نأب عىل هذه الفرضية من جذورها ‪-‬فرضية أن‪ :‬هناك خاليا بدائية وخاليا‬ ‫وحن ر‬
‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫األدب من الجينات‬ ‫معقدة‪-‬؛ دعونا نوضح مسألة ِعلمية يف علم األحياء تسىم ب ‪ :‬الحد‬
‫‪.The Minimal Gene Set‬‬

‫‪(42) Sophie S. Abby and Eduardo P. C. Rocha, an Evolutionary Analysis of the Type III secretion system, 2012‬‬

‫براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.612‬‬

‫‪80‬‬
‫‪‬‬

‫الحد األدنى من الجينات هو‪ :‬القدر األدنى من الجينات الذي ال يحيا كائن حي‬
‫بدونِه!‬
‫ن‬
‫األدب‬ ‫ح لو قل عدد الجينات عن الحد‬ ‫لن يكون هناك كائن ي‬
‫بمقدار ن‬
‫جي واحد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫والجي هو جزء من ر‬
‫ن‬
‫الجين الذي تحدثنا عنه سابقا‪.‬‬
‫ي‬ ‫الشيط‬
‫ر‬
‫معلوماب يحتوي عىل عدد كبت من الشفرات‬ ‫فالجي هو رشيط‬
‫ن‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫تشفر المعلومات‪.‬‬

‫‪‬‬

‫الح بدون طاقة‪،-‬‬


‫مجموعة من هذه الجينات للطاقة ‪-‬ألنه ال حياة للكائن ي‬ ‫تشفر‬
‫ُ‬
‫ومجموعة أخرى تشفر للغذاء‪ ،‬وجينات أخرى تشفر للتكاثر‪ ،‬وغتها تشفر للوظائف‬
‫األساسية للحياة‪ ،‬وهكذا!‬

‫‪ ‬لكن يا تُرى ما هو عدد الجينات التي تمثل الحد األدنى‪ ،‬والذي ال يكون هناك‬
‫كائن حي بعدد أقل منها؟‬
‫ما ن‬
‫ئتي‬ ‫ن‬
‫األدب من الجينات الالزم للحياة‪ ،‬وقرروا أنه ن‬
‫بي ِ‬ ‫قام العلماء بحساب الحد‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وخمسي جينا‪.‬‬ ‫وستي إىل ثالثمائة‬ ‫وخمسة‬

‫‪81‬‬
‫ن‬
‫األدب من الجينات‬ ‫فنت ‪ Craig Venter‬إىل أن الحد‬ ‫وقد توصلت مؤسسة كري ج ر‬
‫ً‬
‫جينا‪)4٣(.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وثماني‬ ‫واثني‬ ‫ال يكون أقل من ثالثمائة‬

‫وهناك أبحاث ِعلمية كثيرة جرت في هذا الباب‪ ،‬وخالصتها‬


‫أن‪ :‬الحد األدنى من الجينات سيتراوح بين مائتين وأربعة‬
‫وأربعين‬
‫جين‪.‬‬
‫وستمائة ٍ‬
‫إلى قرابة األلف ِ‬

‫ْ‬ ‫ا‬
‫لوكان األمر مادة فحسب‪ ،‬والعالم ُمجرد نظام مادي‪ ،‬فنحن بحاجة إىل أن نبدأ من الصفر‬
‫ن‬
‫الهيدروجي إىل اإلنسان!‬ ‫ن‬
‫جي‪ ،‬إذا أردنا المرور من‬
‫حن مائة ن‬
‫جي‪،‬‬ ‫جي‪ ،‬أو ر‬ ‫لكن العلم يختنا أنه ال يوجد رشء ُيسىم صفر ن‬
‫جي‪ ،‬أو واحد ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫العلم يقول‪ :‬إننا بحاجة إىل مجموعة عمالقة من المعلومات كحد أدب‪ ،‬وإال لما ظهر‬
‫الح من البداية‪.‬‬
‫الكائن ي‬

‫• فليس هناك نف الطبيعة رشء ئ ٌّ‬


‫بداب‪ ،‬بل كل منظومة بدأت بإبهار مستقل!‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المعلوماب الذي يشفر للكائنات قبل أن تظهر‪ ،‬سيبف هذا‬
‫ي‬ ‫وسيبف اإلبهار يف النظام‬ ‫•‬
‫اإلله!‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫اإلبهار دوما حجر عتة يف وجه اإللحاد‪ ،‬حجر عتة يف وجه منكري الخلق‬

‫‪  ‬‬

‫‪(43) J. Craig Venter Institute (JCVI) conducted a study to find all the essential genes of M. genitalium through global‬‬

‫‪transposon mutagenesis. As a result they found that 382 out of 482 protein coding genes were essential.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -22‬كيف بدأت الحياة؟‬

‫التجرين الحديث عىل اإلطالق!‬ ‫ن‬


‫ي‬ ‫هذا السؤال من أصعب األسئلة يف العلم‬
‫ُيقرر واحد من أكت علماء األحياء‪ ،‬وهو عالم متخصص ن يف أبحاث بداية الحياة‪ُ ،‬يدع‪:‬‬
‫ستيورات كوفمان‪.‬‬

‫‪ ‬يقرر أن‪:‬‬

‫العالىم‪ ،‬وتحت مقال بعنوان‪:‬‬


‫ي‬ ‫العلىم‬
‫ي‬ ‫• وعىل موقع الساينتيفك أمريكان‬

‫"بسست!!! ال تخبر املؤمنين بالخَلق اإللهي املباشر أن العلماء‬


‫املاديين ليس لديهم أدنى فكرة عن كيف نشأت الحياة ىلع األرض"‪.‬‬

‫ُ‬
‫وي ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫بي‬ ‫الكاتب تحت هذا المقال كل فرضيات المالحدة يف هذا الباب‪،‬‬ ‫• يشد‬
‫سخافتها!‬
‫َ ً‬
‫• فقضية كيف بدأت الحياة‪ ،‬قضية ال يمكن تفستها وفقا للرؤية المادية‪.‬‬

‫‪(44) Stuart Kauffman, the Search for Laws of Self-Organization and Complexity, Oxford University Press, 31‬‬

‫براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.581‬‬

‫‪83‬‬
‫‪‬‬
‫لكن ألستم بهذا تستخدمون مغالطة إله الفجوات!‬
‫كلما قَصُر العلم عن شيء قلتم‪ :‬إذن الله هو الذي أوجده!‬
‫‪‬‬

‫• هذا خطأ شديد؛ فنحن نحتج بما نعلم وليس بما نجهل‪.‬‬
‫• نحتج بالنظم المعلوماتية المعقدة الموجودة داخل كل‬
‫ح‪.‬‬‫كائن ي‬
‫َ ْ‬
‫• والمعلومة ليست مادة‪ ،‬المعلومة نتاج خلق وصنع‬
‫وعلم وقدرة وإحاطة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرباع الذي دونت من خالله كل‬ ‫ي‬ ‫• نحتج بنظام التشفت‬
‫الن يحتاجها الكائن بمنته الضبط قبل‬ ‫ر‬
‫المعلومات ي‬
‫أن يظهر!‬
‫ْ‬
‫• أربعة مليارات معلومة ُمدونة بنظام تشفتي داخل كل خلية من خالياك؛ إذن‬
‫موجد!‬
‫بالبديهة العقلية هذه المعلومات ال بد لها من ِ‬
‫وه تتحول إىل لحم ودم وأعضاء‬ ‫بها‬ ‫كيف‬ ‫ثم‬ ‫‪،‬‬ ‫شفرة‬ ‫• فكيف بهذه المعلومات وه ُ‬
‫م‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫وهرمونات ووظائف غاية يف الضبط؟‬
‫• فهذا احتجاج بما نعلم‪ ،‬وهو احتجاج تقوده البديهة العقلية‪ ،‬والذي ينكر ُمؤدى‬
‫هذه البديهة هو المطالب بتقديم الدليل ولسنا نحن!‬
‫أيضا بأننا بكل علومنا وجامعاتنا أصبحنا ُنوقن أن ُ‬
‫المركبات الكيميائية‬
‫ً‬
‫• نحن نحتج‬
‫‪ ،‬فكيف ننسب الحياة لبيئة األرض األوىل‪،‬‬
‫قدراتنا العلمية؟(‪)4٥‬‬ ‫ونحن لم نستطع إيجادها بكل‬
‫ِ‬

‫جميعا َأال تعرف‬


‫ً‬ ‫كيف لهذه الجامعات والمعامل العمالقة والعقول المبهرة كيف لها‬
‫صر الملحد على أن الحياة نشأت‬
‫كيف تنتج ولو صورة ُمبسطة من الحياة‪ ،‬ثم ُي ُّ‬
‫بالصدفة في بيئة األرض العشوائية األولى؟‬

‫‪(45) https://www.youtube.com/watch?v=zskbSuG4lco‬‬

‫من ‪4:13‬‬

‫إلى ‪4:28‬‬

‫أبدا‬
‫أبدا ا‬
‫ما لن نرصده ا‬

‫تكوين خلية حية من مركبات كيميائية غير حية‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ ‬اآلن‪ :‬مَن الذي يُجيب بالفجوات املعرفية نحن أم الذين ألحدوا؟‬

‫الذي ال يعرف كيف نشأت الحياة‪ ،‬وال كيف نشأة المعلومة‪ ،‬وال كيف ظهرت نظم‬
‫ر‬
‫األكت منه‬ ‫الكائنات الحية‪ ،‬وال كيف ظهر الكون نفسه‪ ،‬ثم ينسب كل ما يجهله للطبيعة‬
‫ا‬
‫جهًل‪ ،‬هو المتبع للفراغات ولسنا نحن!‬

‫• إنه ُيسلم عقله لفجوات معرفية ال حرص لها‪.‬‬


‫• ُيسلم نفسه لفجوات ماض ينسب له هذه المعجزات‪ ،‬وفجوات مستقبلية‪.‬‬
‫فجوات مستقبلية ن‬
‫حي يقول‪:‬‬
‫• ربما ن يف المستقبل نعرف كيف حصلت هذه المعجزات ‪!Future Gaps‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫مىلء بالفجوات!‬
‫ي ي‬‫معرف‬ ‫عالم‬ ‫• الملحد يعيش ي‬
‫ف‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬


‫تبي أن المؤمن يسلم بالدليل‪ ،‬بينما الملحد يسلم بالوهم واألمل‬ ‫• وهكذا‬
‫ر‬
‫والتخمينات البعيدة‪ ،‬فالملحد يقوم بتحيل مشكالته إىل حيث نكون غت‬
‫موجودين!‬
‫ﱶﱸﱹﱺﱻﱼﱠ ﴿‪ ﴾٥٣‬سورة‬
‫ﱷ‬ ‫• ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱲﱳﱴﱵ‬
‫سبأ‬
‫ُ‬ ‫• يضعون أية ر‬
‫افتاضات مستقبلية تناقض ما تحت أيديهم‪ ،‬بينما المؤمن يسلم‬
‫ر‬
‫الن تحت يده‪.‬‬ ‫ن‬
‫بالتاهي والدالئل ي‬

‫‪ ‬إذن الذي يُنكر إلزام التصميم واملعلوماتية املحيطة بنا يف داللتها‬


‫ىلع الخَلق واإلتقان هو املُطالَب بتقديم الدليل ولسنا نحن!‬

‫‪  ‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -23‬هل ُّ‬
‫يحق للملحد استخدام حجَّة المستقبل؛ حجَّة اإليمان بأن المستقبل‬
‫قد يخبرنا كيف نشأت هذه النظم المعلوماتية وكيف ظهرت الحياة؟‬
‫ن‬
‫العقىل ‪Contingent‬‬
‫ي‬ ‫الممكن‬ ‫ف‬
‫الرجم بالغيب باستخدام المستقبل ال يكون إال ي‬
‫عقليا أن يحدث!‬ ‫ًّ‬ ‫الشء الذي من الممكن‬ ‫‪ ،Existence‬أي ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫؛ ألنها لو كانت ممكنا‬
‫وف كل مكان بأقل جهد‪ ،‬أما كون ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ًّ‬
‫البش بكل‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫لحظة‬ ‫كل‬ ‫ف‬‫عقليا الستطاع البش إيجادها ي‬
‫يوجدوا ولو أبسط‬
‫وعقولهم وجامعاتهم ال يستطيعون أن ِ‬ ‫علومهم ومكائنهم وقدراتهم‬
‫ً‬
‫العقىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫صورة منها‪ ،‬فاألمر ال يخضع إطالقا للممكن‬
‫فالذي يقول‪ :‬أنا سأكفر ىلع أمل أن أجد يف املستقبل حُجةً لكفري‪،‬‬
‫ال ىلع كفري يومًا ما‪ ،‬فهذا من أضل الناس‬
‫سأكفر ىلع أمل أن أجد دلي ً‬
‫عقالً!‬

‫❑ ومن العجيب والذي يدعو امللحد إلى أن يعيد التفكير يف إلحاده حقًّا هو أنَّ‪:‬‬

‫الن تؤمن بالمادية‪ ،‬وليس المؤسسات‬ ‫ر‬


‫العلمية العمالقة‪ ،‬المؤسسات ي‬ ‫المؤسسات ِ‬
‫مؤخرا جوائز مالية ضخمة لمن يستطيع أن يجيب عن سؤال‪ :‬كيف‬ ‫ً‬ ‫الدينية وضعت‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ماليي دوالر‪ ،‬هذه الجائزة وضعت يف جامعة‬ ‫نشأت الحياة‪ ،‬وآخرها جائزة بخمسة‬
‫ُ‬
‫أريزونا‪ ،‬وكانت الجائزة لمن َيعرف‪ :‬كيف تشفر المعلومة داخل ر‬
‫الشيط ال ن‬
‫جين!‬‫ي‬

‫‪86‬‬
‫‪ ‬فهل هذا ممكن عقليٌّ يف بيئة األرض العشوائية حتى يحيل إليها‬
‫امللحد كفره؟‬
‫مبلغ ماىل بهذا الحجم مقابل أن يقوم أي إنسان بتصميم جزء من رشيط ن‬
‫جين‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫بماليي المرات‪)46(.‬‬ ‫ن ن‬ ‫ر‬
‫الجين يف البكتتيا‬
‫ي‬ ‫ولو أبسط من الشيط‬
‫ثم يُصِّـر امللحد ىلع أن الحياة من املمكن أن تظهر بالصدفة يف‬
‫بيئة األرض العشوائية!‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋ‬
‫ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜ‬
‫ﱝﱞﱟﱠ ﴿‪ ﴾7٣‬سورة الحج‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬وقال ُ‬
‫دش الصحيح المتفق عليه‪:‬‬
‫ي‬ ‫الق‬ ‫هللا عز وجل يف الحديث‬

‫(‪.‬‬

‫• والذرة‪ :‬ي‬
‫ه صغار النمل‪.‬‬
‫ن‬
‫الجين لحبة قمح!‬ ‫حن ر‬
‫الشيط‬ ‫• اخلق نملة صغتة‪ ،‬أو ر‬
‫ي‬
‫‪ ‬أيها اإلنسان! معك العقل والتصميم والصنع والقدرة والمعامل العمالقة والكيمياء‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المعقدة‪ ،‬ومع ذلك لم تنتج شيئا!‬
‫ن‬
‫بماليي المرات‪.‬‬ ‫حن أصغر من البكتتيا‬ ‫• لم ُتنتج نملة صغتة‪ ،‬بل وال ر‬
‫ً‬
‫العقىل أن أرضا صم َاء جرداء تنتج لنا البكتتيا واإلنسان؟ ما لكم‬
‫ي‬ ‫• فهل من الممكن‬
‫كيف تحكمون؟‬
‫ا‬
‫‪ ‬بل والغريب أن‪ :‬العلماء اجتمعوا مرة أخرى قبل‬
‫ً ن‬
‫شهور قليلة‪ ،‬وتحديدا يف آخر شهر مايو من العام‬
‫‪ 2٠1٩‬ميالدية‪ ،‬ن يف الجمعية الملكية للعلوم بلندن‪.‬‬

‫)‪(46‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=PmNGZgHH6Jg‬‬
‫من ‪ 7:49‬إلى ‪8:02‬‬
‫ما نحاول القيام به هو تشكيل شكل من أشكال الحياة يكون أصغر بماليين المرات من بكتيريا صغيرة‪.‬‬
‫( ‪ (47‬متفق عليه‪ :‬أخرجه البخاري ح‪ ،7559:‬ومسلم ح‪.2111:‬‬
‫‪87‬‬
‫‪‬‬

‫ن‬
‫ماليي دوالر!‬ ‫• من أجل مضاعفة قيمة الجائزة لتصل قيمتها إىل ر‬
‫عشة‬
‫ٍّ‬
‫كتحد إليجاد حياة‪ ،‬بل فقط لمجرد تصنيع رشيط ن‬ ‫ن‬ ‫• ر‬
‫جين‬
‫ي‬ ‫ماليي دوالر ليس‬ ‫عشة‬
‫يشفر المعلومات‪)48(.‬‬

‫َ‬
‫ن‬
‫ماليي‬ ‫عشة‬‫البش بهذا التحدي مقابل ر‬
‫يتحدون ر‬ ‫• العلماء بأنفسهم هم اليوم َمن‬
‫دوالر!‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫الن ظهرت فجأة بمنته الضبط يف أبسط‬ ‫• فما بالك بماليي الشفرات المتاصة ي‬
‫الكائنات الحية‪.‬‬
‫ومعرفة؟‬
‫ٍ‬ ‫• أيهما أقرب للعقل‪ ،‬ولما تحت أيدينا من ٍ‬
‫علم‬
‫اإلله؟‬
‫ي‬ ‫• التصور اإللحادي أم الخلق‬
‫ْ‬
‫• دع عقلك يعمل‪ ،‬ولو عىل حساب هواك!‬

‫‪  ‬‬

‫‪(48) https://www.youtube.com/watch?time_continue=49&v=rJSCBeLD05M‬‬

‫من ‪12:49‬‬

‫إلى ‪13:05‬‬

‫صباح الخير‪ ،‬أشكركم إنه لمن الشرف لي أن أكون هنا في الجمعية الملكية‬

‫نحن هنا سنقوم بمضاعفة قيمة الجائزة وهذه أول خطوة هامة أقوم بها منذ قدومي ألوروبا‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -24‬لكن ما زال البعض يعتقد أن العلم استطاع إيجاد حياة كما في تجربة‬
‫كريج فنتر ‪ Craig Venter‬التي أجراها قبل سنوات؟‬
‫(‪)49‬‬
‫طبقًا لتجربة كريج فنتر العِلميَّة‪.‬‬

‫ه‪ :‬كائن وحيد الخلية‬ ‫ن‬


‫أحرص خلية ميكوبالزما حية؛ والميكوبالزما ي‬
‫من أصغر الكائنات الحية عىل اإلطالق‪.‬‬
‫أحرص ميكوبالزما بالغشاء الخاص بها‪ ،‬وبإ نزيمات الخلية‪ ،‬وعضيات‬‫ن‬
‫الخلية‪ ،‬ومجموعة كاملة من الجينات داخل نواة الخلية‪ ،‬ثم قام بإدخال مجموعة‬
‫المصنعة إىل داخل الخلية‪ ،‬فقامت خلية الميكوبالزما بتكثت هذه‬ ‫من القواعد ُ‬
‫أكت من نسخة من هذه القواعد‪.‬‬‫القواعد‪ ،‬أي‪ :‬قامت بعمل ر‬
‫فنت هو ر‬ ‫ْ‬
‫إذن ما قام به كري ج ر‬
‫مشوع عمل داخل خلية حية!‬ ‫•‬
‫• خلية بغشاء الخلية بإنزيمات الخلية بمجموعة كاملة من الجينات داخل الخلية‪.‬‬
‫ن‬
‫‪‬يقول الحائز عىل جائز نوبل يف علم األحياء بول نتس‬
‫‪:Paul Nurse‬‬

‫كوليت ‪ Jim Collins‬أستاذ‬‫نن‬ ‫‪ ‬أما جيم‬


‫ن‬
‫الهندسة البيولوجية يف جامعة بوسطن فيقول‪:‬‬

‫(‪ (49‬ورقة كريج فنتر العلمية ‪:2010‬‬

‫‪https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/20488990‬‬

‫ورقة كريج فنتر العلمية ‪:2016‬‬

‫‪http://science.sciencemag.org/content/sci/351/6280/aad6253.full.pdf‬‬

‫‪89‬‬
‫‪‬واألغرب مما سبق أن كري ج ر‬
‫فنت بنفسه قال‪:‬‬

‫‪We didn’t create life from scratch‬‬

‫‪‬‬

‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬


‫عقليا‪.‬‬ ‫• إذن فالحياة ليست ممكنا‬
‫• والحياة لم تنشأ من مادة غت حية رغم كل جهود جامعات ومعامل العالم؛ هذا لم‬
‫يحصل!‬
‫ا‬
‫فجأة بنظام تشفير رباعي نف ر‬ ‫ر‬
‫الشيط‬ ‫ي‬ ‫الن ظهرت‬ ‫فالحزمة المعلوماتية ي‬ ‫‪‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫عقليا!‬ ‫عقليا‪ ،‬وظهورك أنت أيها اإلنسان‪ ،‬ليس ممكنا‬ ‫الجين ليست ممكنا‬
‫ي‬

‫لو تفكَّر امللحد يف هذه الحقائق بصدق‪ ،‬فلن يرقد له جَفن!‬

‫‪  ‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ -25‬لكن ماذا عن مشروع ريتشارد دوكينز ‪Richard Dawkins‬‬
‫عندما حاول تفسير ظهور الشفرة الجينية بالصدفة؟‬
‫ُ‬ ‫نن‬
‫دوكيت بصحبة برنامج لمتمج يدع ريتشارد‬ ‫حاول الملحد الشهت ريتشارد‬
‫ن ُ‬
‫الجين بلعبة‬
‫ي‬ ‫هارديسن ‪ Richard Hardison‬حاول أن يتجاوز معضلة التشفت‬
‫مضحكة فقال‪:‬‬

‫وبالتاىل بنفس القياس سنتوقع الوقت الذي ي ستغرقه ظهور جزء من النظام‬
‫ي‬
‫ر‬
‫المعلوماب الذي يحمله أحد الجينات‪.‬‬
‫ي‬
‫ه أن‪ :‬التنامج يقوم بعرض الحروف‬‫وفكرة برنامج ريتشارد هارديسن بإيجاز ي‬
‫ًّ‬
‫عشوائيا للبحث عن الحرف الصحيح المطلوب‪ ،‬فإذا وصل للحرف الصحيح المطلوب‬
‫فإنه سيحتفظ به ثم يبدأ رحلة بحث جديدة عن الحرف الصحيح التاىل‪ ،‬وهكذا ر‬
‫حن‬ ‫ي‬
‫تكتمل الجملة‪)٥٠(.‬‬

‫نن ن‬
‫دوكيت يف هذا المثال؟‬ ‫الن ارتكبها ريتشارد‬‫• لكن يا ُترى! كم عدد المغالطات ر‬
‫ي‬
‫ئ‬
‫دوكيت فلتة العقالء‪ :‬ماذا سيحدث لو تم االحتفاظ بحرف خاط؟‬ ‫نن‬ ‫• لم يقل لنا‬
‫ن‬
‫الطبيع أن يتوقف التنامج عن العمل‪ ،‬وليس أن يبدأ يف البحث عن‬ ‫• أليس من‬
‫ي ا‬
‫الحرف الصحيح مرة أخرى؟‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫أيضا‪ :‬ما ه اآللية ر‬
‫وتنتف بينها؟‬
‫ي‬ ‫الحروف‬ ‫عيد‬ ‫ست‬ ‫الن‬
‫ُّ ي‬ ‫ي‬ ‫• لم يقل لنا‬
‫ن‬ ‫معن تشكل ر‬ ‫• ثم المشكلة األكت‪ :‬ما ن‬
‫عشة حروف يف كائن لم يظهر بعد؟‬
‫ا‬ ‫• ال ن‬
‫معن لوجود هذه الحروف وال قيمة وظيفية لها ليتم االحتفاظ بها أصًل!‬

‫‪(50) https://www.youtube.com/watch?v=AXxCsHGIxww‬‬

‫‪91‬‬
‫• ثم واألهم مما سبق‪ :‬برنامج الكمبيوتر يحتاج لقدرة وعلم وتصميم وإرادة وصنع‬
‫ن‬ ‫نن‬ ‫وضبط ومعايرة دقيقة‪ ،‬فلماذا ر‬
‫دوكيت ذلك يف تجربته‪ ،‬ورفض أن ينسبه‬ ‫اشتط‬
‫ن‬
‫للخالق يف بيئة األرض األوىل؟‬
‫ُ‬
‫• ثم كيف عرف الكائن الذي لم يظهر بعد‪ ،‬كيف عرف بحاجته إىل هذه األحرف‬
‫بعينها؟‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫• بل واألغرب أنه سيحتفظ بالصحيح ويتك الخطأ‪ ،‬مع أن الكائن لم يوجد بعد!‬

‫ريتشارد دوكينز بهذه التجربة التي فيها يقوم البرنامج بفحص الحروف واختيار‬
‫المطلوب هو بهذه التجربة تجاوز فكرة العشوائية‪ ،‬وقرر ضرورة التصميم ال ُمسبَق‪،‬‬
‫فالقضية ِعلم وقدرة وإرادة ُمسبَقة‪ ،‬وليست عشواء أو العقالنية‪.‬‬

‫‪ ‬ثم أليس من المفترض أن يكون التطوُّ ر بال أي دور إنشائي؟‬

‫‪ ‬فكيف يحذف البرنامج الحروف الخطأ‪ ،‬ويبني على الجمع السابق‬


‫للحروف الصحيحة؟‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ه‬‫• هذا الفعل ال َّيوجد يف الطبيعة؛ ألن كل واقعة يف عالم االحتماالت يف الطبيعة ي‬
‫واقعة مستقلة ‪.Independent Event‬‬
‫ه واقعة ال َعالقة لها بسابقتها!‬ ‫• ي‬
‫يعن انته الموضوع وتوقف العمل!‬ ‫• فحرف خطأ ن‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫نن‬
‫وتخمينات‬
‫ٍ‬ ‫دواكيت تجعلك تقطع أن دعاة النظرية يضعون فروضا‬ ‫• محاولة ريتشارد‬
‫ال َعالقة لها بأرض الواقع وال بحقيقة ما يحصل يف الطبيعة!‬
‫ن‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫نن‬
‫• فريتشارد دوكيت يطلب هدفا محددا منذ البداية يسع التنامج إليه‪ ،‬ي‬
‫وف كل مرة‬
‫يقوم الكمبيوتر بمقارنة النتائج وفحصها لالحتفاظ بالحروف المتمجة لديه‬
‫الباف‪ ،‬إنه تدبت وعناية ورعاية خاصة وإرادة وحكمة وقصد!‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫واستبعاد‬

‫(‪)51‬‬
‫وهذا غاية ما يُحدثكم عنه املؤمن يف قضية الخَلق‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫كريم فرحات‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪.‬‬ ‫ملحدا‪ ...‬لماذا؟‬


‫(‪ (51‬لست ً‬

‫‪92‬‬
‫‪ -26‬لكن أال تحمل الطبيعة صو ًرا م َّ‬
‫عقدة وصو ًرا َّ‬
‫أقل تعقي ًدا‬
‫من األنظمة الحياتية المختلفة‪ ،‬كالعين على سبيل المثال؟‬
‫االعتاض هو ُلب اإلشكال التطوري‪ ،‬والذي ُي ن‬
‫بي أننا أمام نظرية تعتمد‬ ‫ر‬ ‫هذا‬
‫المتهن!‬ ‫ن‬
‫الفلسف وليس الطرح العلىم ُ‬ ‫بالكلية عىل الطرح‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العي‪ ،‬اإلعجاز يف الخلية الحساسة للضوء؟‬ ‫• فاإلعجاز ليس فقط يف‬
‫• لماذا تحسست هذه الخاليا للضوء؟‬
‫• وكيف يتحول التحسس للضوء إىل نبضات كهربية؟‬
‫وع ورؤية لما أمامك؟‬‫• وكيف تتحول النبضة الكهربية إىل ي‬
‫القضية منقوصة من البدء!‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫• الجواب ال يكون ر‬
‫تطورا!‬ ‫بافتاض أن‪ :‬هناك عيونا أقل‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫تماما بجواب نفس التطوري عندما‬ ‫الفلسف من دعاة نظرية التطور أشبه‬ ‫ي‬ ‫هذا الطرح‬
‫نسأله‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ي؟‬ ‫بالج ن‬ ‫نش صينية كنافة طازجة‬ ‫• هل تستطيع الطبيعة أن ت ر ئ‬
‫ًّ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫سيجيبك التطوري قائًل‪ :‬الموضوع بسيط‪ ،‬بسيط جدا‪.‬‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫القمح موجود يف الطبيعة‪ ،‬وسقوط النيازك قد يتسبب يف طحن القمح يف‬ ‫•‬
‫أحد األزمنة السحيقة؛ ليتحول إىل دقيق‪ ،‬ومع قليل من المطر يتحول الدقيق إىل‬
‫ن‬
‫عجي!‬
‫للطه الشي ع!‬ ‫ي‬ ‫• وعىل طرف أحد صخور األفران التكانية سيصبح لدينا مكان رائع‬
‫ن‬
‫• أما طعم الكنافة اللذيذ؛ فهناك حل بسيط‪ :‬قصب السكر موجود يف كل مكان‬
‫إلضافة مذاق الكنافة‪ ،‬وينابيع الماء الساخن كثتة إلذابة قصب السكر‪.‬‬
‫الن ن ن‬ ‫ي فظهوره سهل‪ :‬فما ر‬ ‫ُ‬
‫تتل من نرصعها بعد‬ ‫ي‬
‫اللي ر‬
‫ن‬ ‫ونقاط‬ ‫األبقار‬ ‫أكت‬ ‫الج ن‬ ‫• أما‬
‫رضاعة أوالدها‪...‬‬
‫تماما سخافة الطرح‪ ،‬بل وقد تشعر بالملل والسذاجة‪.‬‬ ‫• إىل هنا تستوعب ً‬
‫والن ه‪ :‬خلية حساسة للضوء‪ ،‬أو ن‬ ‫توافر المواد األولية ر‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫عي‬ ‫ي ي‬ ‫• فالقضية ليست يف‬
‫ُمقعرة‪،‬‬
‫ً‬
‫تطورا!‬ ‫أو عيون أقل‬
‫ي!‬ ‫ُ‬
‫الن تنتج صينية الكنافة بالج ن‬ ‫• القضية نف المعرفة ‪ the Know How‬ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫القضية منقوصة من البَدء!‬

‫‪93‬‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫لماليي األعوام لن تتشكل صينية كنافة واحدة؛ ألن القضية معرفة‬ ‫‪ ‬أنت لو انتظرت‬
‫‪ Know How‬وليست مواد أولية‪.‬‬
‫ُ ا‬ ‫ن‬ ‫افتاض أن وجود المواد األولية كاف هذا ر‬ ‫• ر‬
‫فلسف‪ ،‬لكنه ال يصلح كمعًط‬
‫ي‬ ‫افتاض‬ ‫ٍ‬
‫علىم معتت!‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫• كل ما يفعله التطوري أنه يفكك ف عقله أجزاء النظام البيولوح ُ‬
‫المعقد الذي أمامه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ني‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫للعي يف عقله‪ ،‬ثم يقوم بإعادة تجميع هذه األجزاء من‬ ‫يفكك األجزاء المكونة‬
‫أماكن مختلفة من الطبيعة‪.‬‬
‫• كأننا نلعب لعبة البازل ‪.Puzzle Game‬‬
‫• فكك وجمع!‬
‫• الخيال ِخ ْصب‪.‬‬
‫• وموهبة توليد الحكايا قد يمتلكها البعض‪.‬‬
‫ن‬ ‫الج ئ‬ ‫ُ‬
‫زين داخل الخلية كل التفاصيل مهمة‪ ،‬وخلل يف حرف واحد‬ ‫ي‬ ‫• لكن عىل المستوى‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫بأكمله!‬
‫ِ‬ ‫الجين قد يفسد نظاما‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫داخل رشيطك‬
‫ن‬
‫كالعي؟‬ ‫• فما بالك بنظام مبهر‬
‫دقة العين البشرية تُوازي خمسمائة وستة وسبعين ميجا‬
‫بيكسل‪.‬‬
‫أنف عدسة ن يف العالم‪.‬‬‫العي عىل ر‬
‫ن‬ ‫• وتحتوي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ئ‬
‫الضوب يف الشبكية ال تتجاوز مساحته نصف الملليمت المرب ع!‬
‫ي‬ ‫• وحجم المستقبل‬
‫(‪)52‬‬
‫إنَّه إعجاز وخَلق إلهي مبهر‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حن تعرف مدى تعقيد هذا النظام المبهر‪ ،‬والذي ال يمكن تفسته‬ ‫‪ ‬ر‬
‫الداروين‪ ،‬ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫مع‬
‫ي‬ ‫انتبه‬ ‫النظام؛‬ ‫هذا‬ ‫إبهار‬ ‫تعرف‬ ‫حن‬ ‫ي‬ ‫اف‬‫ي‬ ‫بطريقة التفكيك الخر‬
‫الشح‪:‬‬‫لهذا ر‬
‫ً ُ‬ ‫ُ‬
‫عينك‪ ،‬فإنها تحفز بروتينا يدع‬ ‫عندما تسقط فوتونات الضوء عىل شبكية ِ‬
‫العي‪-‬‬‫ن‬ ‫ن‬
‫الرودوبسي يوجد داخل خاليا شبكية‬ ‫ن‬
‫الرودوبسي ‪- Rhodopsin‬‬
‫معا جزيئة اسمها‬ ‫فيطلقا ً‬‫وتي آخر ُ‬
‫الرودودبسي فإنه يلتصق بت ن‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تحفت‬ ‫بعد‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫يصبحان أكت‬
‫ِ‬ ‫ويكتسبان بدًل منها جزيئة ‪ ،GTP‬وبعد اكتساب هذه الجزيئة فإنهما‬
‫ِ‬ ‫‪GDP‬‬
‫ُ‬
‫دع ‪.Cgmp‬‬ ‫وبالتاىل يكون بإمكانهما اآلن فصل جزيئة ت ي‬
‫ي‬ ‫قوة‪،‬‬

‫(‪ (52‬أوصي باالستماع لهذه الحلقة‪:‬‬


‫اسأل وال تخف | الحلقة ‪ | 18‬الصدفة… هل يمكنها خلق العين؟ !ج‪ |.1‬الدكتور مهاب السعيد‬

‫على هذا الرابط‪https://www.youtube.com/watch?v=a9GE1AQYVDs :‬‬

‫‪94‬‬
‫• بعد انفصال هذه الجزيئة تدخل جزيئات الصوديوم ذات الشحنة الموجبة إىل‬
‫ن‬
‫داخل الخلية‪ ،‬وبدخولها يحدث خلل يف توازن الشحنات عت غشاء الخلية‪ ،‬هذا‬
‫كهربيا ينتقل عت العصب البرصي إىل الدماغ‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫الخلل هو الذي ُيولد ً‬
‫تيارا‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫وه‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬ ‫فيها‬ ‫رت‬ ‫تفك‬ ‫تبهرب كلما‬
‫ي‬ ‫الكهرب لدماغك تحصل معجزة ‪-‬‬ ‫ي‬ ‫• عندما يصل التيار‬
‫َ‬
‫الكهرب الذي وصل إليه عىل أنه رؤية!‬‫ي‬ ‫التيار‬ ‫هذا‬ ‫د‬‫ترد‬ ‫بتفست‬ ‫يقوم‬ ‫ك‬ ‫دماغ‬ ‫أن‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫الكهرب الذي وصل إليه إىل رؤية‬‫ي‬ ‫قاموسا متكامًل ُمسبقا يحول التيار‬
‫ً‬ ‫وكأنه يمتلك‬
‫لما أمامك!‬
‫ُ‬
‫• ُمخك يقبع داخل صندوق مظلم والذي هو الجمجمة؛ وال يصل لمخك إال تيارات‬
‫كهربية‪ ،‬فكيف فسَّر املخ هذا التيار ىلع أنه رؤية؟‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• كل هذا اإلعجاز يف منظومة اإلبصار يحصل يف لحظة واحدة بمجرد أن تفتح عينيك‬
‫وتنظر!‬
‫الرودوبسي‪ ،‬فإن هذا الت ن‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الن بدأت بت ن‬
‫وتي ال بد أن‬ ‫وتي‬ ‫• وبعد دورة اإلبصار هذه ي‬
‫شيعا ليشارك بعد أقل من لحظة ن يف دورة إبصار جديدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يعود‬
‫ن ن‬ ‫الرودوبسي توجد داخل ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الجين يف كل‬
‫ي‬ ‫الشيط‬ ‫بروتي‬ ‫• الشفرة المطلوبة لتكوين‬
‫ن‬
‫الرودوبسي بعد‬ ‫ن‬
‫بروتي‬ ‫خلية من خالياك‪ ،‬وشفرة اإلنزيمات المطلوبة لتفكيك‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫أيضا داخل ر‬‫ً‬
‫العي‬ ‫الجين‪ ،‬كذلك الشبكية وعدسة‬
‫ي‬ ‫الشيط‬ ‫عملية اإلبصار توجد‬
‫والرموش والحاجب وعظام الجمجمة والمخ كل األعضاء توجد شفرتها داخل‬
‫ن‬
‫الجين‪.‬‬ ‫ر‬
‫الشيط‬
‫ي‬
‫(‪)53‬‬
‫كل ذرَّات الكون ال تكفي لتشكيل شفرة بروتين رودوبسين واحدة بالصدفة‪.‬‬
‫ا‬
‫فضًل عن إدراك ن‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫معن الرؤية داخل‬ ‫العي‪ ،‬فضًل عن المخ‪،‬‬ ‫هذا فضًل عن تكوين شبكية‬
‫ا‬
‫صندوق المخ المظلم‪ ،‬فضًل عن ظهورك أنت أيها اإلنسان!‬

‫ﳀﳂ ﳃﳄ ﳅﳆ ﱠ‬
‫ﳁ‬ ‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲸﲹﲺﲻﲼ ﲽﲾﲿ‬
‫﴿‪ ﴾11‬سورة لقمان‪.‬‬

‫(‪ (53‬إن احتمالية ظهور إنزيم بسيط هي‪ 20 :‬أس ‪.100‬‬

‫بينما عدد ذرات الكون هي‪ 10 :‬أس ‪.80‬‬

‫‪Richard Dawkins, Climbing Mount Improbable, P.75‬‬

‫براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.652‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -27‬لكن هل نحن رصدنا تطو ًرا للعين خالل البحث في األحافير؟‬

‫ويتمن ُدعاة النظرية‪.‬‬


‫ن‬ ‫يأب ً‬
‫دائما بعكس ما يتوقع‬ ‫ر‬
‫• علم األحافت ي‬
‫العي ُ‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫المعقدة ظهرت مع بداية عرص الكامتي‪ ،‬أي مع بداية ظهور‬ ‫• ثبت أحفوريا أن‬
‫ُ‬
‫شعب الكائنات الحية‪.‬‬
‫ا‬ ‫فالعي ُ‬
‫ن‬
‫المعقدة ظهرت فجأة‪.‬‬ ‫•‬

‫ُ‬
‫دعاة نظرية التطور‬
‫ا‬
‫‪ ،‬فضًل عن نموذج مفصل لظهور أي‬
‫ن‬
‫كالعي عىل اإلطالق‪.‬‬ ‫عضو‬
‫ر‬
‫يأب البحث األحفوري بعكس التوقعات!‬
‫ال يمتلكون إال التخيل الظاهري‪ ،‬ثم ي‬

‫‪  ‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -28‬هل هناك عالم من الـ‪ RNA‬قبل ظهور الـ‪ ،DNA‬هل هذا الكالم صحيح؟‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫• ال ‪ DNA‬هو ر‬
‫الرباع كما تحدثنا قبل‬
‫ي‬ ‫الجين الذي يشفر المعلومات بالتشفت‬ ‫ي‬ ‫الشيط‬
‫ذلك!‬
‫ً‬
‫رباع يوجد‬
‫ي‬ ‫• وكذلك ال ‪ RNA‬هو أيضا نظام تشفت‬
‫ن‬
‫يف داخل خالياك‪ ،‬حيث يشفر لمنظومات‬
‫وظيفية ُمتخصصة‪.‬‬
‫• فكل خلية من خالياك فيها عوالم من ال ‪ RNA‬ي‬
‫وه‬
‫وتي داخل الخلية‪،‬‬ ‫الن تقوم بوظيفة تصنيع الت ن‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫فافتاض عالم ال ‪ RNA‬لتفست ظهور عالم ال ‪ DNA‬هو كمن يضيف أنظمة ُمعقدة‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫تفستا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫سىم هذا‬
‫ي‬ ‫وي‬ ‫إىل أنظمة معقدة‪،‬‬
‫ر‬
‫معلوماب‪.‬‬ ‫• عالم ال ‪ RNA‬هو عالم تشفت‬
‫ي‬
‫• أما فرضية عالم ال ‪ RNA‬قبل عالم ال ‪ DNA‬فه فرضية خاطئة ً‬
‫تماما؛ ألن ال ‪RNA‬‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫بطبيعته ضعيف‪ ،‬وال يظهر إال داخل خلية حية حن يكون حافظة مؤقتة‬
‫للمعلومات‪.‬‬
‫ًّ‬
‫تلقائيا‪.‬‬ ‫• فال ‪ RNA‬يتحطم‬

‫‪ ‬ولذلك يعتبر العلماء أنَّ‪:‬‬

‫جدا‪،‬‬
‫"فرضية عالم الـ ‪ RNA‬قبل عالم الـ‪ DNA‬هي الفرضية األسوأ‪ ،‬فالـ ‪ RNA‬هش ً‬
‫وهو فقط يعمل كحافظة مؤقتة للمعلومات؛ ولذلك ال يمكن للـ‪ RNA‬أن يسبق‬
‫(‪)54‬‬
‫الخلية‪ ،‬وبالتالي فمن السخف اعتباره كنقطة بداية للحياة"‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪(54) https://www.youtube.com/watch?v=zskbSuG4lco‬‬

‫من ‪32:47‬‬

‫إلى ‪33:20‬‬

‫‪97‬‬
‫لمية‪ ،‬أم هو تخمين فلسفي؟‬
‫‪ -29‬هل االنتخاب الطبيعي نظرية ِع َّ‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العشين‬ ‫الماص أعلن واحد من أشهر فالسفة العلم يف القرن‬
‫ي‬ ‫‪ ‬يف سبعينيات القرن‬
‫عىل اإلطالق وهو الالأدري كارل بوبر أعلن أن‪:‬‬

‫‪ ‬وقتها ثارت ثائرة ُدعاة النظرية‪ ،‬وحاولوا أن ُيتهنوا له أن النظرية يمكن أن تخضع لالختبار‪.‬‬
‫بعامي فقط ر‬
‫اعتف للساينتيفك أمريكان أنه ما زال غت راض عن‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬لكنه وقبل وفاته‬
‫النظرية‪ ،‬ما زال غت ُمقتنع بها‪.‬‬

‫‪(55) I have come to the conclusion that Darwinism is not a testable scientific theory, but a metaphysical research‬‬

‫‪programme.‬‬

‫‪Karl Popper, “Darwinism as a Metaphysical Research Programme” Methodology and Science, p.103-119.‬‬

‫‪98‬‬
‫ن‬
‫الباحثي تحت مقال‬ ‫اعتافات بوبر وغته من‬ ‫‪ ‬وقد عرضت الساينتيفك أمريكان ر‬
‫ن‬
‫الالدينيي يشكون يف نظرية‬
‫ن‬ ‫بعنوان‪ :‬داروين المشكوك فيه‪ ،‬لماذا مجموعة من العلماء‬
‫التطور؟‬

‫ن‬ ‫َّ‬
‫الطبيع بالتفصيل يف آخر كتاب‬
‫ي‬ ‫االنتخاب‬ ‫ومن‬ ‫النظرية‪،‬‬ ‫من‬ ‫موقفه‬ ‫بوبر‬ ‫د‬‫أك‬ ‫‪ ‬وقد‬
‫واحد وهو كتاب ‪ ،Evolutionary Epistemology‬وقد أورد بوبر‬ ‫ٍ‬ ‫بعام‬
‫كتبه قبل وفاته ٍ‬
‫نف هذه الكتاب ر‬
‫اعتافات كبار علماء نظرية التطور عت تاريخها‪)٥6(.‬‬
‫ي‬
‫‪ ‬فنقل عن أحد عظام الداروينية ‪-‬عىل حد تعبته‪ -‬وهو كارل وادنجتون ‪C. H.‬‬
‫‪ Waddington‬نقل قوله أن‪:‬‬
‫‪Tautology‬‬
‫ن‬
‫الطبيع الذي هوُ قوام‬
‫ي‬ ‫فاالنتخاب ْ‬
‫َ‬ ‫حشو كالم‪،‬‬
‫تعن‪ :‬تكرارية؛ أي مجرد ا‬ ‫‪ ‬وطوطولوجيا ي‬
‫نظرية التطور غت منضبط بأدلة‪ ،‬وليس قضية ِعلمية‪ ،‬وإنما هو تكرار كالم‪ ،‬كالذي يفش‬
‫الماء بعد الجهد بالماء!‬
‫الطبيعي تكرار كالم؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬لكن لماذا االنتخاب‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ر‬
‫ستفتض أنه تم انتخابه طبيعيا‪ ،‬لمجرد أنه ظل حيا!‬ ‫‪‬ألن أي كائن ي‬
‫ح‬
‫• مجرد حشو كالم‪.‬‬
‫ً‬
‫فما متر قولنا‪ :‬إن ما جرى كان انتخابا؟‬
‫‪ ‬لماذا ال يكون شيء آخر أبقى على هذا الكائن؟‬
‫انتخابه؟‬ ‫تم‬ ‫إنه‬ ‫‪:‬‬ ‫سنقول‬ ‫ر‬
‫سيبف‬ ‫• أي كائن‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫• إنها فروض تخمينية وليست رصدا علميا!‬
‫‪‬يكمل بوبر ويقول‪:‬‬
‫‪Ronald Fisher‬‬

‫‪(56) Evolutionary Epistemology, Rationality, and the Sociology of Knowledge, with Contributions by Sir Karl Popper.‬‬

‫‪99‬‬
‫ر ن‬ ‫ً‬
‫أيضا جون هالدان ‪ J.B.S. Haldane‬عالم الوراثة ر‬
‫فيش يف تأسيس الداروينية‬ ‫وشيك‬ ‫‪‬‬
‫الحديثة ر‬
‫يعتف أن‪:‬‬

‫‪ ‬ونفس األمر يؤكد عليه جورج جايلورد سيمبسون ‪George Gaylord Simpson‬‬
‫ً ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫عاما يف إدارة متحف التاري خ‬ ‫ثالثي‬ ‫ألكت من‬ ‫األمريك‪ ،‬والذي عمل‬
‫ي‬ ‫عالم الحفريات‬
‫الطبيع ن يف أمريكا‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ :‬االنتخاب الطبيعي طوطولوجيا‪ ،‬والكالم لكارل بوبر‪،‬‬
‫لميا‪.‬‬ ‫ً‬
‫مفهوما ع ًّ‬ ‫الطبيع ليس‬ ‫فمفهوم االنتخاب‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫‪ ‬والعجيب أنه بعد أعوام من كالم بوبر‪ ،‬وداخل معامل جامعة ميشغان تحولت‬
‫عمىل‪ ،‬حيث تمت محاولة إجراء نظرية التطور‪ ،‬فقام‬ ‫ر‬
‫الن قررها بوبر إىل واقع‬
‫ي‬ ‫النتيجة ي‬
‫ن‬
‫بالتحفت المتتابع‪ ،‬فماذا‬ ‫الباحثون بمحاكاة بحيث ن‬
‫تمض مليون سنة عىل بعض البكتتيا‬
‫ي‬
‫كانت النتيجة؟‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تريليونات البكتتيا ظهرت لكن بروتينا واحدا جديدا لم يظهر فضًل عن انتقال نوع لنوع آخر!‬

‫الطبيع‪.‬‬
‫ي‬ ‫ه نتيجة االنتخاب‬‫• هذه ي‬
‫الطبيع لم يعمل!‬
‫ي‬ ‫• االنتخاب‬
‫• التطور لم يعمل!(‪)٥7‬‬

‫الغريب أن داروين بنفسه كان يستشعر أن هناك مشكلة يف نظريته!‬


‫ن‬
‫فف عام ‪1862‬م أرسل عالم النبات جوزيف هوكر ‪ Joseph Hooker‬رسالة إىل‬‫‪ ‬ي‬
‫داروين قال فيها‪:‬‬

‫مثال في شكل مناقير الطيور أو االختالف بين أشكال الكائنات‬


‫التنوع ً‬
‫ُّ‬ ‫تظن أن‬
‫ُّ‬ ‫هل‬
‫الحية ضمن النوع الواحد مصدره انتخاب طبيعي؟‬

‫‪(57) https://www.youtube.com/watch?v=_rebE1J-Ozk‬‬

‫من ‪6:20‬‬

‫إلى ‪7:35‬‬

‫‪100‬‬
‫ً‬
‫❑ ال إطالقا!‬

‫األمر ببساطة أنَّ هناك تنوُّعًا وراثيًّا يف األجداد‪ ،‬هناك اختالفات داخل‬
‫النوع الواحد‪ ،‬هذه االختالفات تتيح هذه األشكال املتعددة ضمن النوع‬
‫الواحد‪.‬‬

‫ن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬


‫حواىل‬
‫ي‬ ‫بعد‬ ‫رصده‬ ‫تم‬ ‫الذي‬ ‫للنوع‬ ‫الجين‬
‫ي‬ ‫وض‬ ‫الح‬ ‫عن‬ ‫م‬ ‫يتكل‬ ‫هوكر‬ ‫وكأن‬ ‫!‬‫هللا‬ ‫سبحان‬ ‫‪‬‬
‫مائة عام من هذا الكالم‪.‬‬

‫ا‬
‫‪ ‬الحَوض الجيني الذي‪ُ :‬يتيح أشكاًل مختلفة ضمن إطار النوع من أنواع الكائنات الحية‪.‬‬
‫ا‬
‫المهم أن داروين رد عليه قائًل‪:‬‬

‫‪101‬‬
‫ُ‬
‫دعاة نظرية التطور الذين ما زالوا يجادلون لتأكيد قوة نظريتهم هم أشبه‬
‫ن‬
‫المنقبي عن ك ن نت من الذهب يبحثون ليل نهار يف طبقات األرض المختلفة‪،‬‬
‫ن‬ ‫بمجموعة من‬
‫ويحفرون ويكشون أطنان الصخور الطينية والرملية والرسوبية‪ ،‬مع أن هناك قبواً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫مكتوبا عليه‪" :‬الكت يوجد هنا"!‬

‫‪ ‬الصنع اإللهي ال ُمتقن أمام أعينِكم‪ ،‬لكنهم يتجاهلون هذا القبو؛ ألنهم‬
‫ينطلقون من مقدمة أن‪ :‬منجم الذهب ال بد أن يكون تحت األرض!‬

‫‪ ‬فدُعاة التطوُّر ينطلقون من مقدمة أنَّ‪:‬‬

‫ماديا؛ لذلك هم ما‬


‫والتنوع في الكائنات الحية ال بد أن يكون تفسي ًرا ً‬
‫ُّ‬ ‫تفسير الحياة‬
‫زالوا يح ِفرون‪ ،‬مع أن دالئل الخلق اإللهي ال ُمتقن أمامهم في كل لحظة؛ ونظرية‬
‫التطور ال تعمل‪ ،‬االنتخاب الطبيعي ال يعمل؛ لكن يتجاهلون!! وما زالوا يحفرون!!!‬
‫ُّ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫العي عن القبو الذي أمامهم مع فشل نظرية التطور يف كل اختبار‬ ‫‪ ‬محاولة إغماض‬
‫ٌ‬
‫وتجربة ومعمل‪ ،‬هذا نرص ٌر شديد عىل العلم‪ ،‬وتأخت لفروع كبتة من العلم‪ ،‬وتضييع‬
‫لمنافع كان ْأوىل أن نستخدمها ن يف مناح أخرى!‬

‫‪  ‬‬

‫‪102‬‬
‫ؤديان إلى تطور كبير؟‬
‫ِ‬ ‫والتطور الصغير هل ي‬
‫ُّ‬ ‫‪ -30‬لكن هل الطفرات‬

‫ً‬ ‫ُ‬
‫حيَل اللغوية‪ ،‬حيث يلعبون‬ ‫دائما لُعبة ال ِ‬ ‫يستخدم دعاة نظرية التطور‬
‫ر‬
‫الن يلعبون بها مصطلح‪" :‬التكيُّف يف‬ ‫ُ‬
‫بالمصطلحات‪ ،‬ومن أشهر هذه المصطلحات ي‬
‫إطار الحَوض الجيني للنَوع"‪.‬‬

‫• التكيُّف يُسميه دُعاة النظرية‪ :‬تطورًا صغيرًا!‬

‫‪‬‬

‫التكيُّف هو‪ :‬التنوُّع ضمن إطار نوع الكائن الحي!‬


‫ا‬ ‫فف ر‬ ‫• ن‬
‫البش مثًل هناك‪ :‬األبيض واألسود والطويل والقصت؛ هذا تنوع ضمن الحوض‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫الجين لنفس النوع‪.‬‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫الجين للنوع يتيح أشكاًل مختلفة‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فالحوض‬
‫ً‬
‫الجين جيدا دعونا ن‬ ‫ن‬ ‫• ر‬
‫نرصب هذا المثال‪:‬‬ ‫ي‬ ‫وحن نفهم طبيعة الحوض‬
‫َْ‬ ‫• داخل المطبخ يوجد‪ :‬دقيق ُ‬
‫وسكر وزيت وبيض‪.‬‬

‫‪‬نستطيع بمكونات هذا المطبخ أن نصنع صينية‬


‫كيك‬
‫أو ر‬
‫حن صينية فطت بالسكر!‬
‫ن‬
‫الجين للمطبخ يتيح‬ ‫‪ ‬الحوض‬
‫ي‬
‫نفي ً‬
‫معا‪.‬‬ ‫الص ن‬

‫ن‬
‫الجين للنوع‪.‬‬ ‫‪ ‬هذا هو التنوع ضمن الحوض‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الجين يتيح تشكيالت وتنويعات مختلفة‪...‬‬ ‫‪ ‬فالحوض‬
‫ي‬
‫ُ ُ‬
‫‪‬وعندما زار داروين جزر الجاالباجوس‪ ،‬وشاهد تنوع مناقت‬
‫العصافت‪ ،‬وجد أن المناقت تختلف بحسب طبيعة الغذاء‪ ،‬فلو أن‬
‫ً‬
‫صغتا‪ ،‬بينما لو كان‬ ‫ً‬
‫قريبا من األرض سيصبح المنقار‬ ‫األكل كان‬
‫ً‬
‫األكل بعيدا داخل األرض‪ ،‬فإن المنقار سيكون أطول‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ ‬ظنَّ داروين أنَّ ما يحصل أمامه هو تطوُّر!‬
‫ن‬
‫• لم يكن داروين يف ذاك الوقت يعرف طبيعة الحوض‬
‫طبيع‬ ‫الجين للنوع‪ ،‬لم يكن يعرف أن هذا تكيف‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ضمن إطار النوع الواحد!‬
‫• لم يدرك داروين هذه الحقيقة؛ ألن تركيب الحوض‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫كامل من كتاب أصل‬ ‫ٍ‬ ‫قرن‬
‫الجين لم يفهم إال بعد ٍ‬ ‫ي‬
‫األنواع‪.‬‬
‫• فما كان يحدث أمام داروين لم يكن تطو ًرا‪ ،‬وإنما تنوع وتكيف ضمن إطار الحوض‬
‫الجين لنفس النوع‪.‬‬ ‫ن‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫اب لهذه العصافت يتيح أشكاًل مختلفة من المناقت‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫• ر‬
‫الجين أو الشيط الور ي‬ ‫ي‬ ‫فالشيط‬
‫ن ُ‬ ‫ن‬ ‫فهناك نف ر‬
‫وتي يدع )‪Bone (Bmp4‬‬ ‫الجين لهذه العصافت شفرة لت‬‫ي‬ ‫الشيط‬ ‫ي‬
‫‪.morphogenetic protein 4‬‬
‫ُ‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬
‫وتي يف المرحلة الجنينية يشفر لكل األنواع من أشكال‬ ‫الجي الخاص بهذا الت‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المناقت‪ ،‬وبحسب نشاطه فيما بعد يعًط بروتينا ن‬
‫ممتا لمنقار محدد‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫أي‪ :‬أنَّ الجين نفسَه يُشفر لكل أشكال املناقير‪ ،‬فكل هذه التنويعات‬
‫للمناقير التي شاهدها داروين‪ ،‬اتضحَ أنها تنتمي لنفس الحوض‬
‫الجيني؛ تنتمي لنفس النَوع!‬
‫الجين‪ ،‬وال الجينات‪ ،‬وال التشفت‪ ،‬وال ر‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫• داروين لم يكن يفهم ن‬
‫شء‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫وض‬ ‫الح‬ ‫معن‬
‫مما أقوله اآلن‪.‬‬

‫داروين كان يعتمد عىل رؤية سطحية بدائية‪ ،‬استنبط من خاللها نظريته!‬

‫الجين داخل نفس المطبخ‬ ‫ن‬ ‫فاعتت أن التكيفات داخل نفس مكونات الحوض‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫ي‬
‫ً‬
‫اعتتها تطورا!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أسطورت ِه فيسمون التكيف ضمن‬
‫ِ‬ ‫• ولألسف ما زال أتباع النظرية يروجون لنفس‬
‫ً ن‬
‫صغتا‪ ،‬يف إيحاء إىل احتمالية تحول التطور‬ ‫إطار النوع الواحد يسمونه تطو ًرا‬
‫الصغت إىل تطور كبت أي‪ :‬إىل ظهور نوع جديد!‬
‫• مع أن الجميع يعلم اليوم أن كل هذه التكيفات ي‬
‫ه‪:‬‬

‫تنويعات ضمن إطار الحوض الجيني لنفس النوع‪.‬‬


‫‪104‬‬
‫‪ ‬واألغرب من ذلك أننا باعترافهم‪:‬‬

‫اهي‪ ،‬الكتيب‬‫مؤخرا ترجمه مركز بر ن‬ ‫ً‬ ‫وهناك كتيب صدر‬ ‫•‬


‫ن‬
‫بعنوان‪" :‬االنتواع الخادع" يرد عىل كل التخمينات يف كل‬
‫الن ظنوا أنها حاالت ظهور ألنواع جديدة بالتطور‪،‬‬ ‫ر‬
‫الحاالت ي‬
‫وبي الكتاب أنها تكيفات ضمن إطار النوع الواحد!‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫فالتكيفات تكون ً‬
‫الجين للنوع‪ ،‬وال عالقة‬
‫ي‬ ‫دائما داخل الحوض‬ ‫•‬
‫لها بالتطور!‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫الجين كما قلنا يتيح أشكاًل مختلفة‪ :‬فالحوض‬ ‫ي‬ ‫وهذا الحوض‬ ‫•‬
‫الجين يتيح للبكتتيا آكلة النايلون أن تكتسب خاصية أكل‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫من توفر النايلون لها!‬ ‫النايلون ر‬
‫ًّ‬ ‫الجين يتيح مقاومة البكتتيا للمضاد الحيوي ر‬ ‫ن‬
‫من تعاط المريض مضادا‬ ‫ي‬ ‫والحوض‬ ‫•‬
‫حيويا!‬ ‫ًّ‬
‫مختلفة‪ ،‬حيث ربما‪ :‬تفقد‬
‫ٍ‬ ‫وإن كانت مقاومة البكتتيا للمضاد الحيوي تجري بصور‬ ‫•‬
‫الجين الخاص بها‪ ،‬فال يتعرف عليها المضاد الحيوي!‬ ‫ن‬ ‫الشيط‬ ‫جزءا من ر‬‫البكتتيا ً‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫حي قاوم عقار الكلوروكوين‪ ،‬وبعد أن توقف‬ ‫وأشهر مثال عىل ذلك ُط َفيل الماالريا ن‬ ‫•‬
‫الن‬ ‫ر‬
‫األطباء عن وصف هذا العقار اختفت السالالت الضعيفة من طفيل الماالريا ي‬
‫الجين الخاص بها‪ ،‬وعادت السالالت األصلية للظهور‬ ‫ن‬ ‫الشيط‬ ‫جزءا من ر‬ ‫ً‬ ‫فقدت‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫مجددا‪.‬‬

‫فما حصل أثناء مقاومة املضاد الحيوي كان انتكاسةً ‪ Devolution‬وليس تطوُّرًا‪. Evolution‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪105‬‬
‫التطور جائزة نوبل في الكيمياء للعام ‪2018‬؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ -31‬لكن ألم تحصد نظرية‬
‫ر‬
‫الن حازت عىل جائزة نوبل‬
‫بالفعل التجربة ي‬
‫ن‬
‫الماص كانت بعنوان‪:‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫للعام‬ ‫الكيمياء‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫التطور في معمل" حيث قام‬ ‫ُّ‬ ‫"نظرية‬
‫العلماء بتقليد نظرية التطور داخل معمل؛‬
‫فكيف حصل هذا وماذا كانت‬
‫النتيجة؟‬

‫ن‬
‫الجين لبعض‬ ‫يط‬ ‫• قام العلماء الذين فازوا بالجائزة بعمل طفرات نف ِشفرة ر‬
‫الش‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اإلنزيمات داخل البكتتيا تحت ضغط شديد بشعة شديدة‪ ،‬فأصبحت الطفرات‬
‫حن تظهر‪ ،‬تم ضغطها لتحدث نف شهور قليلة‪)٥8(.‬‬‫الن تحتاج لمليار عام ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ ‬فماذا كانت نتيجة تطبيق نظرية التطوُّر ملدة باليين األعوام؟‬


‫‪ ‬النتيجة كانت مدهشة!‬
‫• فمع كل هذا الضغط التطفتي لم ينتقل نوع من امليكروبات إلى نو ٍ‬
‫ع آخر‪.‬‬
‫ن‬
‫وظيف‪ ،‬ولم يظهر إنزيم واحد جديد‪ ،‬فقط كل ما‬ ‫ن‬
‫بروتي واحد جديد‬ ‫• لم يظهر‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫حصل هو أن بعض اإلنزيمات أصبحت ر‬
‫أكت كفاءة يف إطار نفس النوع‪.‬‬

‫‪ ‬وهذا كالم املوقع الرسمي لنوبل‪:‬‬

‫"إنزيم السبتليزين ‪ subtilisin‬ظل كما هو في الجيل األول والجيل الثاني والجيل‬


‫الثالث نفس اإلنزيم‪ ،‬داخل نفس الميكروب‪ ،‬داخل نفس النوع‪ ،‬داخل نفس العائلة‪،‬‬
‫لكن فقط مجرد متغيرات ضمن إطار اإلنزيم نفسه‪.‬‬

‫‪(58) https://www.youtube.com/watch?v=6ecpiWFOCvU‬‬

‫من ‪ 2:07‬إلى ‪2:20‬‬

‫ما فعلوه هو أنهم قاموا بتسريع التطور‪ ،‬فما يستغرق ًّ‬


‫فعليا بًليين األعوام تم إجراؤه في أسابيع قليلة أو عام واحد‪.‬‬

‫وهذا كان جزاءا من تصريح سارة لنس ‪ Sara Linse‬عضو لجنة نوبل للكيمياء‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫والعجيب أن هذا اإلنزيم الذي بدا أنه أصلح وأكفأ تبين أن الطفرات المتكررة جعلته‬
‫بالنسبة للكائن الحي أضعف‪ ،‬وعمره أقصر مقارن ًة باإلنزيم الطبيعي الذي لم يتطفر‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬أما في ال ُجملة‬
‫فهو فقط أصلح وأكفأ الستخدامنا نحن له في الوقود الحيوي ً‬
‫‪59‬‬ ‫بالنسبة للكائن الحي فاإلنزيم أصبح ً‬
‫هشا وفقي ًرا‪.‬‬

‫’‪(59) Modified enzymes are poor, weak things compared to natural enzymes, even with the best of protein engineers‬‬

‫‪efforts. Dr. Douglas Axe‬‬

‫‪107‬‬
‫فنظرية التطوُّر بعد باليين االعوام لم تفعل أي شيء!‬

‫ن‬ ‫َ‬
‫بالمارين‬
‫ي‬ ‫مو‬ ‫وماس‬
‫ِ‬ ‫‪Jerry‬‬ ‫‪Fodor‬‬ ‫فودور‬ ‫ي‬ ‫جت‬ ‫ان‬‫الملحد‬ ‫ان‬
‫ولذلك يقول الدارويني ِ‬
‫ن‬
‫‪ ،Massimo Piattelli-Palmarini‬يف كتابهما‪:‬‬

‫"األمر الذي أخطأ فيه داروين ‪"What Darwin Got Wrong‬‬

‫‪ ‬يقوالن إن‪:‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪(60) Fodor, J. & Piattelli Palmarini, M., What Darwin Got Wrong, p.15‬‬

‫(من مقدمة كتاب تصميم الحياة‪ ،‬دار الكاتب‪ ،‬ص‪.)10‬‬

‫‪108‬‬
‫جردة‪،‬‬
‫‪ -32‬لكن بنظرية االحتماالت الم َّ‬
‫كم يا ترى نحتاج من الوقت لتثبيت طفرتين نافعتين في جيل واحد؟‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫يف دراسة عجيبة ن رشت يف مجلة ‪ Genetics‬الدولية للدفاع عن نظرية التطور‪ ،‬ثبت أننا‬

‫لتثبيت طفرتين نافعتين يف جيل واحد نحتاج يف الحشرات الصغيرة لزمن يصل إلى‬
‫بضعة ماليين من السنين‪ ،‬بينما نحتاج يف اإلنسان إلى أكثر من مائة مليون عام‪.‬‬

‫ن‬
‫نافعتي‪.‬‬ ‫ن‬
‫اثنتي‬ ‫ن‬
‫طفرتي‬ ‫• مائة مليون عام من أجل تثبيت‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• هذا يف دراسة أجريت يف األصل للدفاع عن نظرية التطور‪ ،‬والرد عىل ُمنتقديها‬
‫ن‬
‫والمشككي فيها!‬

‫‪109‬‬
‫‪ ‬أكثر من مائة مليون عام لطفرتين اثنتين‪.‬‬
‫اإلفريف الجنوب‪ -‬ر‬
‫أكت من‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫المشتك المزعوم ‪-‬القرد‬ ‫• وبما أنه ن‬
‫بي اإلنسان والسلف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫ستي مليون طفرة‪.‬‬
‫• فنحن نحتاج إىل أضعاف أضعاف عمر الكون لظهور نوع واحد جديد!‬

‫العلم ببساطة يقول لك‪ :‬التطوُّر خطأ ومُحال!‬

‫• التطور ال يعمل‪.‬‬

‫مارجلس ‪ Lynn Margulis‬ودورين ساغان‬


‫ِ‬ ‫‪ ‬ولذا عالما األحياء التطورية ن‬
‫لي‬
‫علىم‪:‬‬ ‫ر ن‬
‫ي‬ ‫اعتفا يف تقرير‬ ‫‪Dorion Sagan‬‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫مفقودا‪.‬‬ ‫الحاسم عىل التطور‬ ‫الدليل‬ ‫• ال يزال‬
‫• فكل ما رصداه كان مجرد تغتات ضمن النوع الواحد‪.‬‬
‫لفل ‪ Peppered moths‬خالل ر‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫فزيادة نسبة ُ‬
‫فتة الثورة الصناعية لم‬ ‫العث المف‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫نفسه‪ ،‬وعلوم الهندسة الوراثية‬ ‫لوب ضمن نوع ُ‬
‫العث‬ ‫أكت من مجرد تنوع ن‬ ‫يكن ر‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ َّ‬ ‫أغن بالت ن‬ ‫ُ‬
‫وذ َر اة ن‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وتي؛ لكن الماشية ظلت ماشية‬ ‫أبقارا وفتة اللحم‪،‬‬ ‫وفرت لنا‬
‫ًّ‬
‫والذ َرة ظلت ذرة والعث ظل عثا‪.‬‬

‫تم استنفاد التنوُّع يف كثير من الكائنات الحية ألقصى حد‪ ،‬ولم يعُد‬
‫التغيرِ فيها‪ ،‬ومع ذلك لم يظهر نوع جديد ىلع‬
‫ُّ‬ ‫باإلمكان حصول املزيدِ من‬
‫(‪)62‬‬
‫اإلطالق‪.‬‬

‫‪(61) Lynn Margulis and Dorion Sagan, Acquiring Genomes: A Theory of the Origins of Species, p.32.‬‬

‫(تصميم الحياة‪ ،‬د‪ .‬ويليام ديمبسكي ود‪ .‬جوناثان ويلز‪ ،‬ترجمة د‪ .‬مؤمن الحسن وآخرين‪ ،‬دار الكاتب ص‪.)152‬‬

‫) ‪ (62‬تصميم الحياة‪ ،‬د‪ .‬ويليام ديمبسكي ود‪ .‬جوناثان ويلز‪ ،‬ترجمة د‪ .‬مؤمن الحسن وآخرين‪ ،‬دار الكاتب‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ُ‬
‫النماب ‪ Developmental Biology‬التطورية يف‬
‫ي‬ ‫األحياء‬ ‫علم‬ ‫مجلة‬ ‫قرر‬ ‫ت‬ ‫‪ ‬ولذلك‬
‫اشتك فيه مجموعة من علماء األحياء أن‪:‬‬ ‫مقال لها ر‬
‫ٍ‬

‫ا‬ ‫ر‬
‫وستبف أمًل يكافح بقوة ضد البيانات التجريبية والرصدية‪.‬‬ ‫• كانت نظرية التطور‬
‫َْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫فه لم ترق بعد‬
‫شكل‪ ،‬ي‬‫• لذلك توصيف نظرية التطور بأنها نظرية‪ ،‬هذا يف حد ذاته م ِ‬
‫لتوصف بأنها نظرية‪.‬‬
‫‪ ‬وهذا كالم الحائز عىل نوبل إرنست تشاين ‪ Ernst Chain‬ن‬
‫حي قال‪:‬‬

‫‪It can‬‬
‫‪hardly be called a theory‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪(63) Scott F. Gilbert, John M. Opitz, Rudolf A. Raff, Resynthesizing Evolutionary and Developmental Biology,‬‬

‫‪Developmental Biology Magazine, Vol173, P.357-372.‬‬

‫‪(64) It can hardly be called a theory‬‬

‫‪R. W. Clark: the Life of Ernst Chain, P.147‬‬

‫براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص ‪536‬‬

‫‪111‬‬
‫التطور إن الشمبانزي يحتوي على ثمانية وأربعين كروموسو ًما‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ -33‬يقول دعاة نظرية‬
‫أن هناك التحا ًما جرى بين‬
‫واإلنسان يحتوي على ستة وأربعين كروموسو ًما‪ ،‬إذن ال بد َّ‬
‫كروموسومين في اإلنسان‪ ،‬وهذا ما رصدوه بحسب تخمينهم في كروموسوم رقم اثنين‬
‫في اإلنسان‪ ،‬فهل هذا التخمين صحيح؟‬
‫‪‬‬

‫ا‬
‫• لكن لنهدأ قليًل!‬
‫• هل هذا ِعلم أم فلسفة؟‬

‫‪ ‬العلم التجريبي عندما يستمع لدعوى مثل هذه أنَّ‪ :‬اإلنسان تطوَّرَ‬
‫هو والشمبانزي من سلف مشترك‪ ،‬سيقول‪ :‬هذه دعوى يلزمها رصد!‬
‫ً ن‬ ‫ً‬
‫تصورا معينا يف ذهنك أن اإلنسان والشمبانزي من سلف‬ ‫• أنت أيها التطوري تضع‬
‫مشتك‪ ،‬ثم تقوم بتوجيه البحث نحو هذا التصور!‬ ‫ر‬
‫المغالطات المنطقية الشهتة‪ ،‬فهذه‬ ‫• هذه مصادرة عىل المطلوب؛ وه إحدى ُ‬
‫ي‬
‫الدعوى فلسفة وليست بعلم!‬
‫ر‬
‫مشتك‬ ‫• ألننا بنفس هذا األسلوب نستطيع أن نزعم أن اإلنسان والبطاطا من سلف‬
‫ً‬
‫كروسوما بالضبط مثل‬ ‫ن‬
‫وأربعي‬ ‫واحد؛ ألن نبات البطاطا يحتوي عىل ثمانية‬
‫الشمبانزي‪ ،‬فلماذا الشمبانزي وليس البطاطا‪ ،‬إذا كانت المسألة عدد‬
‫كروموسومات!؟‬
‫ً‬
‫جوب ‪ Guppy‬يحتوي عىل نفس‬ ‫ي‬ ‫• ثم إن هناك نوعا من أسماك الزينة يدع سمك‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫كروموسوما كاإلنسان بالضبط‪،‬‬ ‫وأربعي‬ ‫عدد الكروموسومات يف اإلنسان‪ ،‬ستة‬
‫جوب؟‬
‫ي‬ ‫فلماذا الشمبانزي وليس‬
‫ن ن‬
‫• الموضوع مصادرة عىل المطلوب‪ ،‬وتوجيه المعطيات نحو تصور معي يف ذهن‬
‫داعية نظرية التطور!‬

‫‪ ‬وحتى نتأكد أننا أمام فلسفة وليس علمًا‪ ،‬ركزوا معي يف هذا‬
‫االفتراض‪:‬‬
‫ً‬
‫كروموسوما هو وأبناؤه‪،‬‬ ‫ن‬
‫وأربعي‬ ‫سنفتض أن اإلنسان األول كان يمتلك ثمانية‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ا‬
‫وفجأة أب أحد األحفاد وحدث لهذا الحفيد اندماج ن‬
‫كروموسومي‪ ،‬ثم جاءت‬ ‫بي‬
‫ً‬
‫كروموسوما‪ ،‬هل‬ ‫ن‬
‫وأربعي‬ ‫البشية المعارصة من هذا الحفيد صاحب الستة‬ ‫الذرية ر‬
‫ن‬
‫ثمة خطأ يف هذا السيناريو؟‬
‫‪112‬‬
‫‪‬‬

‫فلسفيا؛ ألنه ُيقلل عدد الفروض‪ ،‬وبالتاىل فهو أصح ع ًّ‬


‫لميا‬ ‫ًّ‬ ‫• بل إن هذا السيناريو أقرب‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫طبقا لما يعرف بنصل أوكام ‪.Occam's razor‬‬
‫• فالموضوع فروض عقلية وتخمينات‪.‬‬
‫‪‬‬

‫هل بالفعل حدث اندماج يف الكروموسوم الثاني لإلنسان؟‬

‫البشي ‪The Human Genome‬‬ ‫مشوع الجينوم ر‬ ‫• هذا الكالم كان ُيطرح قبل ر‬
‫ن‬
‫ألفي وثالثة‪.‬‬ ‫‪ Project‬أي قبل عام‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ألفي وثالثة استطعنا جيدا قراءة ِشفرة الجينوم ر‬ ‫ن‬
‫البشي‪ ،‬وعرفنا‬ ‫• لكن بعد العام‬
‫الثاب ن يف اإلنسان‪.‬‬
‫ي‬
‫بالضبط تتابعات الحروف نف الكروموسوم ن‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• ومما نعرفه اآلن‪ ،‬ومما يعرفه كل باحث يف الشفرات الجينية أنه يف نهاية كل‬
‫معي من الحروف بهذه الصورة‪ :‬تاء تاء ألف جيم جيم‬ ‫ن‬ ‫كروموسوم يوجد تتابع‬
‫جيم تاء تاء ألف جيم جيم جيم أو ‪ TTAGGG TTAGGG TTAGGG‬آالف‬
‫خاصية عجيبة وهي الحفاظ ىلع‬ ‫المرات بهذا التتابع‪ ،‬وهذا التتابع له‬
‫الكروموسوم من التلف!‬
‫فالمفتض أن منطقة االلتحام تكون ممتلئة‬‫ر‬ ‫ن‬
‫كروموسومي‪،‬‬ ‫• لو حصل التحام ن‬
‫بي‬
‫ن‬
‫كروموسومي‬ ‫بضعف هذا التتابع تاء تاء ألف جيم جيم جيم؛ ألنها منطقة نهاية‬
‫أليس كذلك؟‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫وتبي أنها‬ ‫الن زعم أنه حصل فيها التحام‪،‬‬ ‫• أجريت دراسات عىل هذه ِ‬
‫المنطقة ي‬
‫ِمنطقة مزدحمة بالجينات الوظيفية‪ ،‬أي‪ :‬جينات تشفر لتوتينات متخصصة‪،‬‬
‫تالحم‪ ،‬جرت هذه الدراسة ن يف بحث يدعم النظرية!‬
‫ُ‬
‫وليست مجرد منطقة‬

‫‪113‬‬
‫فالدراسات التي تدافع عن هذه الفرضية‪ ،‬فرضية‪ :‬التحام الكروموسومين‬
‫هي بنفسها تعترف أن‪ :‬منطقة االلتحام المزعومة ال يوجد بها التتابع الكافي من‪:‬‬
‫(‪)65‬‬
‫تاء تاء ألف جيم جيم جيم‪.‬‬

‫‪ :‬يوجد وسط كل كروموسوم‬ ‫‪‬‬


‫ن ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫الثاب يف اإلنسان به‬
‫ي‬ ‫فالمفتض أن الكروموسوم‬ ‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫السنتومت"‪،‬‬‫ِمنطقة تسىم "‬
‫ر‬
‫السنتومتات‪.‬‬ ‫اثنان من‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫معي باعتباره بقايا‬ ‫وكالعادة حاولوا أن يشتوا إىل تتابع‬ ‫•‬
‫سنتومت قديم‪ ،‬لكننا اكتشفنا أن هذا المكان المزعوم ليس به‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫للسنتومت‪.‬‬ ‫ن‬
‫الممت‬ ‫ال ‪Alphoid DNA‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تبي أن تتابع حروف السنتومت‬ ‫بل إنه يف دراسة أخرى‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫يف الشمبانزي والغوريال ال يوجد هذا التتابع يف أي ِمنطقة‬
‫ن ن‬ ‫ن‬
‫الثاب يف اإلنسان‪ ،‬وهذا ينسف هذه الدعوى من‬ ‫ي‬ ‫يف الكروموسوم‬
‫جذورها!‬

‫‪(65) Daniel Fairbanks, Relics of Eden: The Powerful Evidence of Evolution in Human DNA (Amherst, NY: Prometheus,‬‬

‫‪2007.‬‬

‫‪114‬‬
‫ينسف دعوى التحام الكروموسومين!‬

‫جدا حصل أدى‬


‫سريعا ً‬
‫ً‬ ‫‪ ‬وحتى يخرجوا من هذه الورطة افترضوا أن‪ :‬هناك تطو ًرا‬
‫الختفاء أي أثر للسنترومير القديم!‬

‫ا‬ ‫ن‬ ‫ر‬


‫اختف فجأة دون أي أثر!‬ ‫السنتومت القديم‬ ‫•‬
‫دائما حينما ُيفتقد ُ‬
‫التهان يظهر السحر!‬ ‫• ً‬

‫‪  ‬‬

‫‪115‬‬
‫أن‪ :‬فرع العصب الحائر‬
‫‪ -34‬يقول دعاة النظرية أننا اكتشفنا َّ‬
‫وبدال من الدخول مباشرة‬
‫ً‬ ‫‪ Recurrent Laryngeal Nerve‬يخرج من المخ‪،‬‬
‫إلى الحنجرة‪ ،‬فإنه ينزل لألسفل‪ ،‬ويدور حول األورطي‪ ،‬ثم يصعد مر ًة أخرى لألعلى‪،‬‬
‫ً‬
‫أسماكا‪ ،‬فما صحة هذه الدعوى؟‬ ‫وهذه اللفة دليل على أننا كنا‬

‫‪‬‬

‫• أول معلومة للرد عىل هذه الفكرة‬


‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫عصبا حنجريا يدخل‬ ‫الخرافية أن‪ :‬هناك‬
‫ُ‬ ‫ر ا‬
‫مباشة للحنجرة يسىم‬ ‫من المخ‬
‫ْ‬
‫‪ Superior Laryngeal Nerve‬إذن‬
‫لفة العصب الحائر ‪Recurrent‬‬
‫‪ Laryngeal Nerve‬ستكون لهدف‪،‬‬
‫ا‬
‫سواء‬ ‫ستكون لتحقيق مهمة محددة‪،‬‬
‫عرفنا هذا الهدف أو لم نعرفه!‬‫َ‬

‫• فلو لم تتم هذه اللفة ستحصل مشكلة‪.‬‬


‫• وبالفعل تم تشخيص حالة مرضية بسبب‬
‫ن‬
‫عدم حصول هذه اللفة‪ ،‬حيث يدخل يف هذه الحالة المرضية يدخل العصب‬
‫مباشة إىل الحنجرة دون هذه اللفة‪،‬‬‫ر‬ ‫الحائر ‪Recurrent Laryngeal Nerve‬‬
‫ُ‬
‫وهذه الحالة المرضية تسىم ‪" Non-recurrent laryngeal nerve‬العصب‬
‫وه الشكل الذي يتصور ُدعاة نظرية التطور أنه النموذج األفضل!‬
‫غت الملتف" ي‬
‫تبي أن هذه حالة مرضية‪ ،‬وليست حالة طبيعية!‬ ‫• الغريب أنه ن‬
‫ا‬
‫• فنتيجة لعدم نزول العصب الحائر ‪ Recurrent Laryngeal Nerve‬نتيجة لعدم‬
‫الش ن‬
‫ايي‬ ‫سيصاب ب ‪ :‬تضخم نف بعض ر‬ ‫نزوله للدوران حول األورط‪ ،‬فإن المريض ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫األورط‪ ،‬ومشاكل يف البلع والتنفس‪.‬‬
‫ي‬ ‫الخارجة من‬

‫‪116‬‬
‫ر‬
‫الن أصبحت من بديهيات الطب الحديث أن فرع العصب الحائر وقت‬ ‫• فالمعلومة ي‬
‫األورط‪ ،‬فإنه يقوم بتغذية المريء والقصبة الهوائية‬‫ي‬ ‫نزوله لاللتفاف حول‬
‫والقلب ‪)66(.Deep cardiac plexus‬‬

‫ومؤخرا تم اكتشاف فوائد لهذه اللفة للعصب الحائر ن يف المرحلة الجنينية!‬


‫ً‬ ‫• بل‬

‫‪  ‬‬

‫‪(66) The recurrent laryngeal nerves gives cardiac branches to the deep cardiac plexus, and branches to the trachea, esophagus‬‬

‫‪and the inferior constrictor muscles.‬‬

‫‪117‬‬
‫إن شفرة فيروس النسخ العكسي ‪ Retrovirus‬توجد‬ ‫‪ -35‬يقول دعاة النظرية‪َّ :‬‬
‫في نفس المكان تقريبًا في جينوم اإلنسان والشمبانزي‪ ،‬وبالتالي السلف المشترك‬
‫حت ًما أصيب بهذا الفيروس ونقله لألحفاد‪ :‬اإلنسان والشمبانزي؛ فما حقيقة هذه الفرضية؟‬

‫الجين ن‬
‫تبي‬ ‫ن‬ ‫الشيط‬‫أن‪ :‬هذه الشفرة المزعومة لفتوس نسخ عكش داخل ر‬
‫‪‬الجواب َّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫وظيف يؤدي مهمة‬ ‫ُ‬
‫لتسلسل‬ ‫ه شفرة‬ ‫أنها شفرة وظيفية‪ ،‬وليست بفتوس ن‬
‫ي‬ ‫مرص‪ ،‬بل ي‬
‫ي‬
‫حيوية ن يف الخلية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الجي‬ ‫الجي ‪ P53‬يف عمليات تنظيمية للجينوم‪ ،‬وهذا‬ ‫• فهذه الشفرة تساعد‬
‫لو حصل خلل ن يف وظيفته‪ ،‬فإنه قد يؤدي لإلصابة بالشطان ‪-‬عافانا هللا وإياكم‪.‬‬

‫فنِصف إصابات السرطان سببُها املباشر‪ :‬خلل يف الجين ‪.P53‬‬


‫ُ‬
‫ه شفرات وظيفية‪ ،‬وليست‬ ‫ي ي‬ ‫العكش‬ ‫النسخ‬ ‫وس‬ ‫لفت‬ ‫ات‬ ‫ر‬‫شف‬ ‫أنها‬ ‫زعم‬ ‫ي‬ ‫• فما‬
‫ًّ‬
‫مرضيا!‬ ‫فت ً‬
‫وسا‬
‫ً‬
‫فه ليست‬ ‫ه شفرات تسلك كجينات طبيعية تماما‪ ،‬وتؤدي وظيفتها باقتدار‪ ،‬ي‬ ‫• ي‬
‫إصابة‪ ،‬وال يتعامل معها الجينوم كإصابة مرضية!‬
‫ن‬
‫عمىل‪ -‬أن‬
‫ي‬ ‫مجال‬ ‫وهو‬ ‫‪-‬‬ ‫الوبائيات‬ ‫علم‬ ‫ف‬‫إصابة مرضية‪ ،‬فمن المعلوم ي‬ ‫• ولو كانت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الخلية عندما تصاب بفتوس فإنها تموت‪ ،‬فيما يعرف بالموت المتمج للخلية‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬
‫ه‬‫ي‬ ‫الخلية‬ ‫هذه‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫فضًل‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫حي‬ ‫تظل‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫فضًل‬ ‫‪ ،Apoptosis‬هذا‬
‫والن ف العادة تكون من ر‬ ‫ن‬ ‫الجني‪ ،‬ر‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫أنف وأصلح الخاليا عىل‬ ‫ي ي‬ ‫الن ينشأ منها‬ ‫النطفة ي‬
‫اإلطالق‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ ‬لكن قد يسأل سائل ويقول‪ :‬كيف توجد نفس الشفرة في نفس‬
‫المكان؟‬
‫ن‬
‫العكش‬
‫ًي‬ ‫• يف عالم الكائنات الحية نجد شفرات مشابهة لشفرات فتوس النسخ‬
‫نف نفس المكان لكائنات حية‪ُ ،‬دعاة التطور بأنفسهم ر‬
‫يعتفون أنها سلكت طرقا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫تطورية مختلفة!‬

‫ريين‬
‫تطو ِ‬‫طريقين ُّ‬
‫ِ‬ ‫كائنان‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫إذن السؤال سيعود على نفس ُدعاة النظرية‪ :‬كيف يسلك‬
‫مختلفين‪ ،‬ثم توجد بهما نفس الشفرة في نفس المكان؟‬
‫ِ‬
‫ا‬
‫مثًل نف آكالت اللحوم كالثعالب‪ُ ،‬‬
‫والم ر‬
‫جتات كاألغنام‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• وهذا ما نراه‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫كًل منهما سلك طريقا تطورية مختلفة ً‬ ‫ا‬
‫تماما‪.‬‬ ‫• مع أن‬

‫ن‬
‫بالضبط!(‪)67‬‬
‫والقطط يف نفس المكان‬ ‫• ونجد نفس األمر عند قردة البابون ِ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫طبيع‪ ،‬أن توجد شفرتان يف نفس المكان‪ ،‬وال عالقة لهذا‬ ‫ي‬ ‫• فإما أن تقبل أن هذا أمر‬
‫ن ن‬ ‫وجد لنا مت ًرا لهذه المطابقة ن‬ ‫ُ‬
‫بي شفرتي يف‬ ‫بإثبات تطور كائن من آخر‪ ،‬وإما أن ت ِ‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫مرتبطي تطوريا!‬ ‫ن‬
‫لكائني غت‬ ‫نفس المكان‬

‫‪(67) Robin A Weiss, "The discovery of endogenous retroviruses", Retrovirology, 2006; 3: 67.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪‬‬
‫ن‬
‫يف نفس‬ ‫أننا لو استخدمنا هذه الدعوى‪ ،‬دعوى أن شفرة‬
‫ٌ‬
‫دليل عىل التطور‪ ،‬لو استخدمنا نفس هذه الدعوى بنفس هذه‬ ‫ن‬
‫مختلفي‬ ‫ن‬
‫لكائني‬ ‫المكان‬
‫ا‬
‫الصورة‪ ،‬فإنها ستكون دليًل عىل خطأ النظرية‪.‬‬
‫‪ ‬دعونا نشرح كيف ذلك؟ وركزوا جيدًا‪:‬‬

‫اكتشف العلماء شفرة فيروس نسخ عكسي موجودة يف الشمبانزي‬


‫والغوريال والقردة اإلفريقية وقردة العالم القديم‪ ،‬وال توجد هذه الشفرة‬
‫يف اإلنسان؛ إنها شفرة الـ ‪.PTERV1‬‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫المشتك لإلنسان والشمبانزي انفصل عن‬ ‫• طبقا ألدبيات التطور‪ ،‬فإن السلف‬
‫وبالتاىل فلو ُوجدت شفرة فيروس‬
‫ي‬ ‫الغوريال قبل انفصال اإلنسان والشمبانزي‪،‬‬
‫ْ‬
‫إذن ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫حتما وال بد أن توجد‬ ‫نسخ عكسي يف الغوريال والشمبانزي يف نفس المكان‪،‬‬
‫ن يف اإلنسان‪ ،‬وإال فشجرة التطور وهم!‬
‫المشتك لإلنسان والشمبانزي انفصل عن الغوريال قبل انفصال اإلنسان‬‫ر‬ ‫• السلف‬
‫والشمبانزي! هذا كالم ُدعاة النظرية‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫عكش يف الغوريال والشمبانزي يف نفس المكان‪ ،‬إذن‬
‫ي‬ ‫• فلو ُوجدت شفرة فتوس نسخ‬
‫حتما وال بد أن توجد ن يف اإلنسان‪ ،‬وإال فشجرة التطور غت صحيحة!‬ ‫ً‬

‫‪ ‬والعجيب أنَّ هذا ما حدث فعالً!‬


‫ً‬
‫طبقا لدراسة ِعلمية ر‬
‫نشتها مجلة الساينس‬ ‫‪ ‬حيث إنه‬
‫العلمية ‪ Science Daily‬توجد شفرة فتوس‬ ‫دايىل ِ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫العكش من نوع ‪ PTERV1‬يف الغوريال‬ ‫ي‬ ‫النسخ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫والشمبانزي‪ ،‬وال توجد يف اإلنسان‪ ،‬وهذا يسقط التطور‬
‫ككل بنفس أدوات احتجاج التطو ن‬
‫ريي‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫التطور على‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬بالمناسبة هذه األسئلة الثالثة السابقة هي أشهر دالئل نظرية‬
‫اإلطالق!‬

‫ر‬
‫الن نصل إليها بعد تفنيد أشهر أدلة التطور أن‪ :‬التطوُّر هو تخمين‬
‫• والنتيجة ي‬
‫فلسفي وافتراضات عقلية ال أكثر!‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫حرجان هذه النظرية‪.‬‬ ‫• أما العلم والبحث المدقق‪ ،‬فدائما ما ي ِ‬
‫شء وأن تثبت‬‫ر‬ ‫• اإليمان بالنظرية سهل؛ ألنه المتر‬
‫البديه للمادية‪ ،‬لكن أن تؤمن ي‬
‫ي‬
‫إيمانك رش ٌء آخر ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪  ‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ -36‬ما حقيقة األعضاء األثرية أو األعضاء الضامرة في جسم اإلنسان؟‬

‫األعضاء األثرية أو األعضاء الضامرة كانت واحدة من‬


‫أكت من مائة عام‬‫قديما‪ ،‬فقبل ر‬
‫ً‬ ‫أشهر أدلة النظرية‬
‫من اآلن كانت هناك قائمة طويلة من األعضاء‬
‫حواىل مائة‬ ‫الن تخيلوا أنها بقايا تطور‪،‬‬‫ر‬
‫ي‬ ‫األثرية ي‬
‫ً‬
‫وثماني عضوا‪ ،‬وكلما كان العلم يتوسع ونكتشف‬ ‫ن‬
‫ن‬
‫فوائد لهذه األعضاء‪ ،‬فإن العدد يقل يف القائمة‪،‬‬
‫ً‬
‫عضوا بال فائدة!‬ ‫ً‬
‫تقريبا ال نعرف‬ ‫واليوم نحن‬

‫نستغن عنها‪،‬‬ ‫ن‬ ‫• والغريب أنهم كانوا يشتون إىل أعضاء نعرف اليوم أننا ال يمكن أن‬
‫ي‬
‫لكن لقلة العلم ن يف ذاك الوقت‪ ،‬كانوا يشتون لها باعتبارها بقايا تطور!‬
‫ُ‬
‫• مثال عىل ذلك‪ :‬كانوا يشتون إىل الغدة الجار درقية والمسؤولة عن توازن الكالسيوم‬
‫نف الدم‪ ،‬كانوا يشتون إليها باعتبارها بقايا تطور‪)68(.‬‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫الن لو قل إفرازها‪ ،‬فإن اإلنسان يحتاج عالجا تعويضيا مدى‬ ‫• الغدة الجار درقية ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫الحياة‪ ،‬وإال قد يصاب بمشاكل خطتة يف العظام واألعصاب‪ ،‬كانوا يعتتونها بقايا‬
‫تطور!‬

‫‪(68) R. Wiedersheim, The Structure of Man: An Index to His Past History (London: Macmillan and Co., 1895).‬‬

‫‪122‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ه مركز الهرمونات يف‬ ‫• بل واألعجب أنهم كانوا يتخيلون أن الغدة النخامية ي‬
‫الن ي‬
‫الجسم‪ ،‬كانوا يتخيلون أنها بقايا تطور‪.‬‬
‫• الغدة النخامية التي هي من عجائب الخلق اإللهي‪ ،‬والتي حجمُها ال يتجاوز‬
‫حبة الفاصوليا ووزنُها حوالي نصف جرام‪.‬‬
‫ً‬
‫ونظرا لهذا الحجم الصغت‪ ،‬فقد ظنوا أنها بقايا تطور‪ ،‬لكن‬ ‫•‬
‫نكتشف بمرور السنوات أن هذه الغدة الصغتة تفرز مجموعة‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫هرمونات غاية يف الخطورة واألهمية‪ ،‬مثل‪ :‬هرمون النمو‪ ،‬والذي‬
‫ُ‬
‫لو ازدادت نسبته بمقدار يقاس بأجزاء من المائة مليون من‬
‫الجرام‪ ،‬فإنه يؤدي إىل مرض َ‬
‫الع ْملقة‪ ،‬ولو قل بأجزاء من المائة مليون من الجرام‪،‬‬
‫فإنه يؤدي إىل مرض التقزم‪.‬‬

‫ا‬ ‫ن‬
‫العظىم عملقة أو تقزم نتيجة لزيادة أو قلة بهذا القدر‬
‫ي‬ ‫‪ ‬تغتات كاملة يف ِبنية الهيكل‬
‫البسيط‪ ،‬والمدهش من هرمون النمو الذي تفرزه هذه الغدة‪ ،‬وهذه النقطة ذكرناها‬
‫ً‬
‫سابقا‪.‬‬

‫أيضا هذه الغدة الصغيرة الغدة النخامية تُفرز مجموعة معجزة من الهرمونات‬
‫‪ً ‬‬
‫بجانب هرمون النمو‪ ،‬فهي تُفرز هرمونات لضبط ضغط الدم‪ ،‬وهرمونات تشغيل‬
‫الغدة الدرقية‪ ،‬وهرمونات التبويض‪ ،‬وهرمونات البلوغ‪ ،‬وهرمونات إفراز اللبن‪،‬‬
‫قائمة طويلة من الهرمونات المعجزة من هذه الغدة الصغيرة‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫‪ ‬كان ُدعاة النظرية يتخيلون أن هذه الغدة المعجزة بقايا ُّ‬
‫تطور لصغر حجمها!‬
‫ر ُ‬ ‫ً‬
‫أيضا ُدعاة النظرية كانوا يعتتون أن الغدة الد ْ‬
‫الن تفرز الدموع بقايا تطور؛ ألنهم‬
‫ي‬ ‫عية‬‫م‬ ‫‪‬‬
‫ن‬
‫لعي اإلنسان‪)6٩(.‬‬ ‫ُ‬
‫لم يكونوا يعرفون بعد خصائص وأهمية الدموع‬

‫‪ ‬وهذه صورة غالف الكتاب الذي تحدث عن هذه الغدد المعجزة باعتبارها بقايا‬
‫تطور!‬

‫‪‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬تخي ْل أيها اإلنسان! لو وقعت تحت يد جراح يؤمن بنظرية‬
‫التطور قبل قرن من الزمان؟‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬كم من األعضاء كان سيسلب من جسدك‪ ،‬ويلقيها يف سلة‬
‫الم َ‬
‫همالت باعتبار أن هذه األعضاء بقايا تطور ال فائدة منها!؟‬ ‫ُ‬

‫‪‬‬

‫‪ ‬العجيب ‪-‬بل أقول والمقزز‪ -‬أن هذا الطرح لم يتوقف ر‬


‫حن‬
‫ً‬
‫فحتما هناك عدد ال بأس به من بقايا التطور!‬ ‫ً‬
‫الساعة؛ ألن التطور لو كان صحيحا‪،‬‬

‫لرصورة وجود بقايا تطور ن يف اإلنسان!‬


‫‪ ‬لذلك هم ُيروجون ن‬

‫‪ ‬ولألسف هنا تتحكم األيديولوجيا ن يف العلم!‬

‫هنا تصير األيديولوجيا هي املُسيطِرة وهي املُوجِّهة‪ ،‬بينما يصبح‬


‫ن مُوجَّهَينِ ال مُوجِّهَينِ‪.‬‬
‫العلم والبحث العلمي تابعَي ِ‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫لعدد ‪-‬وإن كان قليًل من األعضاء‪ -‬يروجون له باعتباره بقايا‬
‫ٍ‬ ‫• لألسف ما زالوا يروجون‬
‫تطور‪ ،‬ومن ن‬
‫بي هذه األعضاء‪ :‬الزائدة الدودية‪.‬‬

‫‪(69) R. Wiedersheim, The Structure of Man: An Index to His Past History (London: Macmillan and Co., 1895).‬‬

‫‪124‬‬
‫يدرسه طلبة الطب نف جامعة ن‬
‫عي‬ ‫• كنت أقرأ بالصدفة نف كتاب الجراحة الذي ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عين عىل هذه الفقرة‪) 7٠(.Appendix is the tonsil of GIT :‬‬ ‫ن‬
‫شمس‪ ،‬فوقعت ي‬
‫التنفش‪ ،‬الزائدة‬ ‫ن‬
‫كاللوزتي بالنسبة للجهاز‬ ‫الهضىم‬ ‫• الزائدة الدودية بالنسبة للجهاز‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫التنفش!‬ ‫مناع للجهاز‬ ‫ن‬
‫اللوزتي نظام‬ ‫الهضىم كما أن‬ ‫مناع للجهاز‬ ‫الدودية نظام‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫يدرسه طلبة الطب نف مدرجات الجامعات‪ ،‬وهذا عىل العكس ً‬ ‫• هذا ما ُ‬
‫تماما مما يقال‬ ‫ي‬
‫ن يف كتب رشح نظرية التطور‪.‬‬

‫ش ٌء آخر‪.‬‬ ‫‪ ‬العلم رشء وما ُيروج له ُدعاة التطور نف كتبهم ر‬


‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ ‬وطبقًا ملجلة ساينس دايلي ‪ Science Daily‬العِلميَّة فإن‪ :‬الزائدة‬


‫ن ن‬
‫الهضىم؛ ولذلك َمن يقوم بإجراء‬
‫ي‬ ‫الخف يف منظومة مناعة الجهاز‬
‫ي‬ ‫ه البطل‬‫الدودية ي‬
‫ُ‬
‫عملية الزائدة الدودية يكون عرضة ر‬
‫أكت من غته لإلسهال!‬

‫ُ‬
‫‪ ‬بل قد تنقذ حياتك‪ ،‬وهذا عنوان لمقال آخر لل ‪.Scientific American‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪(70) Surgical anatomy Dr.Elmatary MD Ain shams University p.187.‬‬


‫‪125‬‬
‫تطور؛ فهل هذا صحيح؟‬
‫إن ضرس العقل بقايا ُّ‬
‫‪ -37‬لكنهم مازالوا يقولون َّ‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الن تتطلب مضغا‬ ‫رصس العقل يف األنظمة الغذائية ي‬ ‫•‬
‫ًّ‬
‫كبتا هو حاجة ماسة فعليا‪ ،‬فهو نرصوري لمزيد‬ ‫ً‬
‫مساعدة ن يف طحن الطعام!‬
‫أكت كأغلب دول العالم هو‬ ‫فمن يحتاج لمضغ ر‬ ‫•‬
‫لرصس العقل‪)71(.‬‬ ‫بحاجة فعلية ن‬
‫• وعدم استخدام نرصس العقل هو نتيجة االعتماد عىل‬
‫غن‬ ‫ن‬ ‫ئ‬
‫غذاب متوازن صحيح ي‬ ‫ي‬ ‫األكالت الشيعة ال ‪ Junk food‬أما الذي يأكل بنظام‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫فف هذه البيئات يعتت‬
‫الن تعتمد عىل اإلكثار من المضغ‪ ،‬ي‬ ‫بالخرصاوات‪ ،‬كالبيئات ي‬
‫رصس العقل حاجة طبيعية‪)72(.‬‬ ‫ن‬

‫‪ ‬ثم بعيدًا عن كل هذا!‬


‫الن تسقط ًّ‬ ‫أسنانك اللبنية ر‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫تفك ْ‬
‫ذاتيا‪ ،‬وتحل محلها أسنان قوية‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫اإلنسان‬ ‫أيها‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬
‫مقبل عليها‪ ،‬أًل يدل هذا عىل الخلق اإللهي‬ ‫الن أنت‬‫تناسب المرحلة العمرية ي‬
‫المتقن لكل ما تحتاج له بحسب مرحلتك العمرية؟‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫• وبعد ظهور األسنان القوية الدائمة يظهر نرصس العقل يف مرحلة تالية ليضم‬
‫الرصوس‪.‬‬ ‫بي ن‬ ‫األسنان‪ ،‬ويغلق الفراغات ن‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ (71‬الحقيقة والخيال في نظرية التطور‪ ،‬د‪ .‬حسن نصرت‪.‬‬

‫‪(72) Weston A. Price “Nutrition and Physical Degeneration: A Comparison of Primitive and‬‬
‫”‪Modern Diets and Their Effects‬‬
‫نقال عن (الباحثون المسلمون)‪.‬‬
‫ً‬

‫‪126‬‬
‫‪ -38‬وماذا عن ال ِفقرات العصعصية المسؤولة عن ربط بعض العضالت واألربطة واألوتار‬
‫في منطقة الحوض‪ ،‬والمسؤولة عن دعم حمل وزن اإلنسان خاص ًة وهو جالس؟‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫• الغريب يف هذا المثال أنهم أصبحوا يعرفون جيدا فوائد هذه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ألن هذه‬ ‫الفقرات‪ ،‬لكنهم يرصون عىل أنها بقايا تطور؛‬
‫ِ‬
‫ه بقايا ذيل!‬ ‫ن‬
‫الفقرات يف تخيلهم ي‬
‫• هم يتخيلون ثم ينسبون لفقرات تقوم بوظائف حساسة ينسبون لها خياالتهم!‬
‫• عجيب أمر هؤالء!‬
‫‪‬هل وُجد إنسان ببقايا ذيل يف تاريخ البشر حتى يضعوا هذه االفتراضات؟‬
‫نعم! هناك أطفال يولدون بزوائد ل ْحمية ن يف أسفل الظهر!‬ ‫•‬
‫يح لألعضاء‪.‬‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬والرد ببساطة َّ‬
‫أن‪ :‬هذا كذب رصي ح عىل العلم التش ي‬
‫ن‬
‫وبي‬ ‫• ألن الزوائد اللحمية تظهر نف أي مكان بالجسم‪ ،‬والفرق ن‬
‫بي الزوائد اللحمية‬ ‫ي‬
‫يحيا فرق جوهري‪ ،‬فالذيل يحتوي عىل فقرات أو غضاريف‪ ،‬وهذا ما‬ ‫تش ًّ‬ ‫الذيل ر‬
‫مت الذيل كما تقول ال ‪ The New England Journal of Medicine,‬ما ن‬
‫يمت‬ ‫ُي ن‬
‫ا‬
‫الذيل هو الفقرات‪ ،‬أما بدون الفقرات فال يكون ذيًل‪)7٣(.‬‬

‫والسؤال اآلن‪ :‬هل تم اكتشاف زائدة لحمية واحدة أسفل الظهر بها‬
‫فقرات يف تاريخ البشر؟‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫وه واحدة من‬ ‫األعصاب‪،‬‬ ‫احة‬
‫ر‬ ‫ج‬ ‫ة‬ ‫جل‬ ‫م‬ ‫‪Journal‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪Neurosurgery‬‬ ‫ال‬ ‫جيب‬ ‫ت‬ ‫‪‬‬
‫ي‬ ‫ِ ا‬ ‫ُ‬
‫أكت المجالت الطبية تجيب عن هذا السؤال قائلة‪:‬‬

‫فخُرافة بقايا الذيل يف اإلنسان لم يعد لها وجود يف كتب العلم!‬

‫‪(73) There is no zoological precedent for a vertebral tail without caudal vertebrae‬‬
‫‪Fred Ledley, “Evolution and the Human Tail,” The New England Journal of Medicine, 306‬‬
‫‪(20): 1212-1215 (May 20, 1982).‬‬
‫‪(74) Even such so-called “tails” aren’t anything like those found in tailed mammals. That is‬‬
‫‪for the simple reason that “true tails” in humans entirely lack vertebrae — or any kind‬‬
‫‪of bone, cartilage, notochord, or spinal cord‬‬
‫‪Roberto Spiegelmann, Edgardo Schinder, Mordejai Mintz, and Alexander Blakstein, “The‬‬
‫)‪human tail: a benign stigma,” Journal of Neurosurgery, 63: 461-462 (1985‬‬
‫نقًل عن (الباحثون المسلمون)‪.‬‬
‫ا‬

‫‪127‬‬
‫‪ -39‬لكن هل بالفعل هناك جزء من الشريط الجيني بال وظيفة‪ ،‬يطلقون عليه‬
‫الـ‪ DNA‬الخردة في اإلنسان ‪Junk DNA‬؟‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫• كانوا يظنون أن هناك ً‬
‫جزءا من ر‬
‫الجين بال وظيفة بالفعل يف‬
‫ي‬ ‫الشيط‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأطلقوا عليه لقب‪ DNA :‬خردة‪.‬‬
‫مؤخرا أن الـ‪ DNA‬الخردة هو‬ ‫ً‬ ‫• العجيب والمدهش أنه ثبت‬
‫مايسترو الجينوم‪ ،‬هو مدير عمل الجينوم‪.‬‬
‫• هو المنظم ألعقد العمليات الحيوية ن يف الجينوم‪.‬‬

‫بل ووصفته مِجلَّة الـ ‪ Scientific American‬بـ‪ :‬منبع الكنوز الخفية!‬

‫• وتأسس ِعلم عمالق عىل ال ‪ ،Junk DNA‬وهو علم ال ‪ Epigenetics‬لدراسة‬


‫خصائص وعمل ال ‪.Junk DNA‬‬
‫• عِلم كامل تأسَّس ىلع شيءٍ كان يُعتقد يومًا ما أنَّه خردة!‬

‫‪  ‬‬

‫‪128‬‬
‫تطور؟‬
‫‪ -40‬لكن هل بصيالت شعر اإلنسان بقايا ُّ‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وه خط إنذار أول تختك مثًل‬ ‫ي‬ ‫؛‬ ‫لإلحساس‬ ‫أداة‬ ‫ه‬‫ي‬ ‫الشعر‬ ‫صيالت‬ ‫ب‬ ‫•‬
‫ر ا‬
‫حشة ضارة‪.‬‬ ‫بأن هناك‬
‫أيضا للشعر قيمة جمالية ال ن‬ ‫ً‬
‫تخف‪.‬‬ ‫•‬
‫بطبيعتهم!‬
‫ِ‬ ‫• هذه أمور يعرفها ر‬
‫البش‬
‫ً‬
‫تقريبا أن‬ ‫حواىل أرب ع سنوات‬ ‫ً‬
‫مؤخرا منذ‬ ‫ن‬
‫تبي‬ ‫‪‬لكن الغريب أنه‬
‫ي‬
‫تبن الطبقة السطحية للجلد‪ ،‬حيث تقوم بعمل إعادة تجديد للطبقة‬ ‫ُبصيالت الشعر ن‬
‫ي‬
‫ترقيعا للجلد مع كل ُجرح بسيط‪.‬‬
‫ً‬ ‫للجلد ‪ ،Re-epithelialization‬وإال الحتجنا‬ ‫الخارجية ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫ألفي وخمسة‬ ‫وف دراسة ِعلمية جميلة توكيدا عىل هذا الكالم‪ ،‬أجريت يف العام‬ ‫‪ ‬ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫عش عىل أرب ع ر‬
‫ر‬
‫عشة حالة بها جروح تم فيها زرع بصيالت شعر لدراسة دورها يف التئام‬
‫تبي من خالل الدراسة أن بصيالت الشعر كان لها دور رئيس يف بناء الطبقة‬ ‫الجروح‪ ،‬ن‬
‫السطحية للجلد يف كل الحاالت‪ ،‬بل وحصل التعايف التام للجميع بعد زرع بُصيالت الشعر!‬

‫وتنته الدراسة إىل أن بصيالت الشعر بالفعل لها أهمية ثبتت علميًّا في‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ِ‬ ‫عملية التئام الجروح‪)7٥(.‬‬

‫الن ُظن ً‬ ‫ر‬


‫يوما ما أنها بقايا تطور‪.‬‬ ‫• هذه بصيالت الشعر ي‬

‫‪(75) Therefore, the present study demonstrated the ability of hair follicle units to promote‬‬
‫‪chronic cutaneous wound healing.‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ -41‬وماذا عن القشعريرة؟‬
‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫أساسا باالنفعاالت النفسية‬ ‫القش ْعريرة مرتبطة‬ ‫•‬
‫والمعنوية‪ :‬ﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ‬

‫ﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱠ ﴿‪ ﴾2٣‬سورة الزمر‪.‬‬


‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫مؤخرا أن القش ْعريرة مسؤولة عن‬
‫ً‬ ‫• لكن الغريب أيضا أنه ثبت‬
‫الجلد‪.‬‬ ‫ر‬
‫إخراج المادة الدهنية من الغدد الدهنية المنتشة عىل ِ‬

‫‪  ‬‬

‫‪ -42‬وماذا عن الجفن الثالث في اإلنسان؟‬

‫ن‬
‫العي ولرطوبتها‪.‬‬ ‫• الجفن الثالث لنظافة‬

‫‪  ‬‬

‫‪130‬‬
‫تطور؟‬
‫الحيتان‪ ،‬هل هي بقايا ُّ‬
‫ِ‬ ‫‪ -43‬وماذا عن العظام في ِمنطقة الحوض في‬

‫• امتألت المواقع الداعية للتطور بهذه الدعوى!‬


‫سنوات قليلة أن العظام نف ِمنطقة الحوض ف الحيتان ه ر‬
‫الن‬
‫ن‬
‫ٍ‬ ‫• لكن نكتشف منذ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫التناسىل يف الحوت‪ ،‬أي‬
‫ي‬ ‫تمسك عضالت العضو‬
‫رئيسيا ن يف التكاثر!‬
‫ًّ‬ ‫أن لها ً‬
‫دورا‬
‫ن‬
‫دايىل ‪ Science Daily‬يف‬‫ي‬ ‫• تقول مجلة الساينس‬
‫ر‬
‫مقال لها‪" :‬العظام ي‬
‫الن تخيلنا أنها بقايا تطور‬ ‫ٍ‬
‫تبي أنها هامة لعملية التكاثر"‪)76(.‬‬ ‫ن‬

‫ن‬
‫التجهت لوظائف خاصة ستقوم بها‪.‬‬ ‫ه ُمسبقة‬
‫• كل األعضاء ي‬
‫ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سواء‬ ‫• كل األعضاء تخضع لمنظومة تدبت الخلق وكمال التقدير ودقيق الحكمة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عرفنا فائدة هذه األعضاء والحكمة منها أو لم نعرف بعد!‬
‫ﳝﱠ﴿‪ ﴾88‬سورة‬
‫• ال توجد ذرَّة في الكون بال فائدة‪ :‬ﭐﱡﭐﳘﳙﳚﳛﳜ ﳞ‬
‫النمل‪ .‬لكن أكثر الناس ال يؤمنون!‬

‫لم أقرأ يف حياتي عن عضوٍ من أعضاء اإلنسان‪ ،‬باعتباره بقايا تطوُّر أو إرث‬
‫تطوُّري يف أي كتاب طبي ىلع اإلطالق‪.‬‬

‫أيديولوجيا وليس ً‬
‫علما‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫• لألسف التطور أصبح‬

‫‪(76) The bones that we used to believe were vestigial turn out to be important to‬‬
‫‪reproduction.‬‬

‫‪131‬‬
‫استراحة‬

‫إذ ليست العبرةُ بمن سبق‪ ،‬إنما العبرةُ بمَن صَدق!‬

‫ت َر ُجًال َغ َزا‬‫ال‪ :‬أََرأَ ْي َ‬‫واإلخالص هو مَناط قبول العمل؛ « َجا َء َر ُجل إِلَى النبِ ِّي ﷺ َف َق َ‬
‫ات‪،‬‬‫ث َمر ٍ‬ ‫ها ثََال َ‬ ‫اهلل ﷺ‪َ :‬ال َش ْي َء لَ ُه‪َ ،‬فأَعَا َد َ‬
‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫َيلْ َت ِم ُس ْاألَ ْج َر و ِّ‬
‫َالذ ْك َر‪َ ،‬ما لَ ُه؟ َف َق َ‬
‫ان لَ ُه‬ ‫ول اهللِ‪َ :‬ال َش ْي َء لَ ُه‪ ،‬ثُم َق َ‬
‫ال‪ :‬إِن اهلل َال َي ْقبَ ُل ِم َ‬
‫ن الْ َع َم ِل إِال َما َك َ‬ ‫ول لَ ُه َر ُس ُ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫َ‬
‫(‪)77‬‬
‫َخالِ ًصا‪ ،‬وَابْ ُت ِغ َي بِ ِه َوج ُ‬
‫ْه ُه»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪‬والمخلصون الذين لم تغرهم ل َعاعة الدنيا هم أول َمن يدخل الجنة يوم القيامة؛‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫لم‪َ ،‬ق َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ون أَو َل َم ْن َي ْد ُخ ُل الْجَن َة ِم ْن َخلْقِ اهللِ؟ َقالُوا‪ :‬اهلل َو َر ُسولُ ُه أَ ْع ُ‬ ‫«ه ْل تَ ْد ُر َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ه ُم الثُّ ُغو ُر‪،‬‬ ‫ين تُ َ‬
‫س ُّد بِ ِ‬ ‫ون‪ ،‬ال ِذ َ‬
‫اج ُر َ‬
‫ه ِ‬ ‫أَو ُل َم ْن َي ْد ُخ ُل الْجَن َة ِم ْن َخلْقِ ِ‬
‫اهلل الْ ُف َق َرا ُء وَالْ ُم َ‬
‫(‪)78‬‬
‫ها َق َضا ًء»‪.‬‬ ‫ْر ِه‪َ ،‬ال َي ْس َت ِط ُ‬
‫يع لَ َ‬ ‫ه ْم َو َحا َج ُت ُه ِفي َ‬
‫صد ِ‬ ‫وت أَ َح ُد ُ‬ ‫َو ُيت َقى بِ ِ‬
‫ه ُم الْ َم ِ‬
‫كارهُ‪َ ،‬و َي ُم ُ‬

‫‪ ‬واإلخالص والتقوى يتبعهما العطاء‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊ‬


‫ﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﱠ ﴿‪ ﴾112‬سورة طه‪.‬‬
‫‪‬ﱡﭐﲊﲋﲌﲍﲎﲏﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الطالق‪.‬‬

‫‪‬ﱡﭐﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﱠ ﴿‪ ﴾4‬سورة الطالق‪.‬‬

‫(‪ (77‬صحيح النسائي‪ ،‬ح‪.3140:‬‬

‫(‪ (78‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬ح‪ ،116096:‬حكم المحدث‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫فهذه قاعدة متكررة بوتيرة ثابتة يف القرآن الكريم‪ :‬االتباع يتبعه العطاء!‬

‫‪ ‬واعلم أن مِفتاح النصر ىلع امللحدين هو باإلخالص والتقوى والصبر!‬

‫ﱰﱲﱳﱴﱠ﴿‪﴾24‬‬
‫ﱱ‬ ‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪:‬ﭐﱡﱪﱫﱬﱭﱮﱯ‬
‫سورة السجدة‪.‬‬

‫• بالصت عن معصية هللا‪ ،‬والصت عىل الطاعة‪ ،‬والصت عىل الدعوة إىل هللا سبحانه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫العلم الراسخ والطمأنينة باهلل وبنرصه سبحانه!‬ ‫اليقي فيتضمن‬ ‫أما‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫قلوب العباد‪.‬‬ ‫ويفتح هللا لك‬
‫ِ‬ ‫واليقي تنال اإلمامة يف الدين‪،‬‬ ‫• فبالصت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫استغف ْر ثانية‪ ،‬وهكذا؛‬
‫ِ‬ ‫فاستغف ْر‪ ،‬ضعفت وعدت للمعصية‬ ‫ِ‬ ‫• وإذا ضعفت وأذنبت‬
‫رْ‬ ‫َ‬
‫وأكت من قول‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا‬ ‫ِ‬ ‫وإياك أن ت َمل‪،‬‬
‫أكت‪ ،‬فهو أحب الكالم إىل هللا‪ ،‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫اهلل تَ َعالَى أَ ْربَع‪ُ :‬سبْ َح َ‬


‫ان اهللِ‪ ،‬وَالْ َح ْم ُد ِهللِ‪ ،‬وََال إِلَ َه إِال اهلل‪ ،‬وَاهلل أَ ْكبَُر‪،‬‬ ‫ب الْ َكَال ِم إِلَى ِ‬ ‫«أَ َح ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)79‬‬
‫ت»‪.‬‬ ‫ِّهن بَ َدأْ َ‬‫ك بِأي ِ‬‫وََال َي ُض ُّر َ‬
‫أيضا عن النن ﷺ‪)8٠(.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫ورد‬ ‫كما‬ ‫العبد‬ ‫ذنوب‬ ‫ط‬ ‫ساق‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫فهذا الذكر‬
‫‪ ‬بل وقال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫اب الل ْي َل أَ ْن ُي َكابِ َدهُ‪َ ،‬فلْ ُي ْك ِث ْر‬


‫َه َ‬ ‫اف الْ َع ُدو أَ ْن ُيج ِ‬
‫َاه َدهُ‪ ،‬و َ‬ ‫ال أَ ْن ُينْ ِف َق ُه‪َ ،‬و َخ َ‬
‫« َم ْن َضن بِالْ َم ِ‬
‫ان اهللِ‪ ،‬وَالْ َح ْم ُد ِهللِ‪ ،‬وََال إِلَ َه إِال اهلل‪ ،‬وَاهلل أَ ْكبَُر‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫ِم ْن َق ْو ِل‪ُ :‬سبْ َح َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ا‬ ‫فدائما ْ‬
‫ً‬
‫بمعصية‬
‫ٍ‬ ‫إال‬ ‫ملحد‬ ‫يظهر‬ ‫ال‬ ‫أنه‬ ‫تعلم‬ ‫أن‬ ‫وعليك‬ ‫‪،‬‬ ‫بأول‬ ‫أوًل‬ ‫نفسك‬ ‫بادر بتطهت ِ‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫منا‪.‬‬
‫ن‬
‫آمي‬ ‫• عافانا هللا وإياكم وأصلح هللا الملحدين لما فيه الخت والصالح لهم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫( ‪ (79‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2137:‬‬


‫( ‪ (80‬صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.1601:‬‬
‫( ‪ ( 81‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬م‪ 6‬ص‪.482‬‬
‫‪133‬‬
‫الباب الثابن‬
‫ي‬

‫‪134‬‬
‫‪ -44‬كيف ظهر الدين؟‬

‫يَفترض املالحدة واملاديُّون أنَّ‪ :‬نشأة الدين كانت عبر‬


‫نظرة اإلنسان البدائي يف صفحة الكون‪ ،‬وخوفِهِ من‬
‫(‪)82‬‬
‫بعض الظواهر الكونية‪.‬‬

‫ً ن‬ ‫ن‬
‫سببا يف‬ ‫كيف يكون النظر يف الكون أو الخوف من بعض ظواهره‬ ‫‪‬‬
‫ُْ‬ ‫ن‬
‫الدين العميق عند جميع األمم؟‬ ‫ي‬ ‫إيقاظ الشعور‬
‫ُ ُ رن ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫والتاماته؟‬ ‫اسيمه وطقوسه‬ ‫فما عالقة حدوث ظاهرة كونية بنشأة دين له مر‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يجعلها ً‬
‫أمرا مألوفا‪،‬‬ ‫إن استمرار أية ظاهرة كونية عىل ن َس ٍق واحد‬ ‫‪‬‬
‫ن‬
‫ميتافتيقية!‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫دافعا ألية ردة فعل‬ ‫وبالتاىل لن تكون‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫تعليل‬
‫ٍ‬ ‫إىل‬ ‫يحتاج‬ ‫وال‬ ‫النظر‪،‬‬ ‫لفت‬ ‫ي‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫ئ‬ ‫ُ‬
‫البداب إطالقا‪ ،‬بل باعث‬ ‫ي‬ ‫الخوف‬ ‫هو‬ ‫الدين‬ ‫نشأة‬ ‫باعث‬ ‫لم يكن‬ ‫‪‬‬
‫نشأة الدين ن يف كل الحضارات هو روح العظمة والقوة واالستعالء‪.‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫الج ن‬
‫ي أو الخوف بداية ألي دين!‬ ‫فلم يكن االستسالم أو‬

‫‪‬‬
‫ُ‬
‫المشاهد الكونية‪ ،‬وكان هدف الطقوس هو ر‬ ‫ُ‬
‫لو كان مبعث الدين هو َ‬
‫استحام‬ ‫ِ‬
‫التدين بعدما ظهر أنها محاوالت عابثة‪ ،‬فالظواهر الكونية‬
‫ِ‬ ‫الطبيعة؛ ل َما استمر الناس عىل‬
‫تتكرر بنفس الوتتة وبنفس االطراد!(‪)8٣‬‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ )82‬األشكال األولية للحياة الدينية‪ ،‬دوركهايم‪1912 ،‬م‪.‬‬


‫(‪ )83‬الدين‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد هللا دراز‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫أن‪ :‬الطوطم كان له دو ٌر في نشأة الدين؟‬
‫‪ -45‬لكن بعض المالحدة يدَّعي َّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫الثاب الذي يقدمه المالحدة يف نشأة الدين‪ ،‬فيقررون أن‬
‫ي‬ ‫بالفعل هذا هو الطرح‬
‫البشية القديمة أنشأت ما ُيعرف بالطوطم ‪ ،Totem‬حيث ر‬
‫تشتك العشائرُ‬ ‫الجماعات ر‬
‫واحد ُيعرف بالطوطم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لقب‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬
‫ن‬
‫ًّ ُ‬ ‫وهذا الطوطم نف الغالب يكون ً‬
‫حيوانيا تنشئه القبيلة أو المجتمع‪ ،‬ومن هنا‬ ‫لقبا‬ ‫ي‬
‫الفرنش الشهت‪:‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ومن أشهر المنترصين لهذا التصور عالم االجتماع‬ ‫يبدأ الدين يف الظهور‪ِ ،‬‬
‫إيميل دوركايم!‬
‫لكن نف الواقع علماء االجتماع اليوم صاروا يسخرون من هذا التصور‪ ،‬فقد ن‬
‫تبي‬
‫ْ‬
‫ي‬
‫ات بل‬ ‫ر‬‫وحضا‬
‫ا‬
‫كاملة‬ ‫ا‬ ‫األنتوبولوح ‪ Anthropology‬أن هناك ُأ ً‬
‫مم‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫التاريح‬ ‫بالبحث‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ات ال تعرف شيئا عن الطوطم‪ ،‬وليس عندهم نظام األلقاب الحيوانية‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫وقار ٍ‬
‫ً‬
‫جميعا عقيدة اإليمان بالله األىلع‬ ‫توجد عند هؤالء‬
‫واضحة‪)84(.‬‬ ‫بصورة‬

‫علماء آخرين أثبتوا أن فكرة‬ ‫َ‬ ‫بل واألعجب من ذلك أن‬


‫ا‬ ‫ن‬
‫ه‬‫فكرة دينية أصًل وإنما ي‬ ‫الطوطم يف القبائل القديمة لم تكن‬
‫رمزا ًّ‬ ‫ً‬
‫دينيا‪ ،‬ولم تكن له عالقة‬ ‫فكرة اقتصادية‪ ،‬فالطوطم لم يكن‬
‫ُ‬
‫بأنسابها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫قوم يعرف القبائل‬ ‫ي‬ ‫بديانة القبيلة‪ ،‬وإنما هو ُمجرد شعار‬
‫بالعلم الخاص بالدول اليوم‪.‬‬ ‫فهو رش ٌء أشبه َ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫لعقود تدرس يف جامعات‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫ظل‬ ‫الدين‬ ‫ظهور‬ ‫كيفية‬ ‫بشأن‬ ‫كايم‬‫دور‬ ‫خياالت‬ ‫لألسف‬
‫أوروبا باعتبارها حقائق تاريخية‪.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ٌ ن‬ ‫وبالمناسبة دوركايم كان له ٌ‬
‫األوروبيي‪ ،‬خاصة‬ ‫كبت يف تدليس المعرفة عند‬ ‫دور‬
‫للمحرمات كمظهر‬ ‫عندما كان يطرح حفالت القبائل البدائية بما فيها من عربدة وارتكاب ُ‬
‫ٍ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫تدي ن ين عندهم‪ ،‬فقد ثبت أن هذه الحفالت كانت تمردا عىل هيكل الحياة االجتماعية‬
‫والدينية للقبيلة وليس العكس‪ ،‬وأصبحت هذه الحقيقة اآلن من أشهر تدليسات‬
‫دوركايم!(‪)8٥‬‬

‫ن‬ ‫الق َبلية نف كل المجتمعات تقوم عىل الفصل التام ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الجنسي؛ لقد جعل‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ظ‬ ‫فالن‬
‫مظهرا ًّ‬
‫دينيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫غريب التمرد عىل الدين والحفالت الماجنة‬ ‫بأسلوب‬ ‫دوركايم‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪)84( Andrew Lang (1968) the making of religion.‬‬
‫(‪ )85‬الدين‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد هللا دراز‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪136‬‬
‫‪ِ -46‬من أين جاءت فكرة اإلله األكبر فاطر السماوات واألرض؟‬
‫ر‬
‫• هذا السؤال من أكت اإلشكاالت ي‬
‫الن تواجه اإللحاد اليوم!‬
‫ن‬
‫• فاإليمان باإلله فاطر السماوات واألرض‪ ،‬وانتشار هذا اإليمان يف كل ثقافات العالم‬
‫ًّ‬
‫ماديا!‬ ‫ْ‬
‫عت كل العصور‪ ،‬هذا األمر ال يمكن تحليله‬

‫• ِ‬
‫فمن أين جاءت فكرة اإلله األكت فاطر‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬وعىل ِغرار أي جماعة‬
‫ُ‬
‫أو مجتمع طبعت هذه الصورة؟‬
‫• وكيف قامت الدعوات لها عت كل التاري خ‪ ،‬وكل‬
‫الجغرافيا‪ ،‬وعت كل الزمان‪ ،‬وعت تاري خ كل‬
‫األنبياء؟‬
‫َ‬
‫• فالجميع دع ْوا لإليمان باهلل‬
‫الواحد الخالق؟(‪)86‬‬

‫ْ َ‬
‫نظرت إىل الديانات عت التاري خ ستجد أنها‬ ‫• وإذا‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫تنته يف األخت لإليمان باهلل الواحد‪ ،‬فمهما كان إغراق هذا الديانات يف الوثنية‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫سوف تكتشف فيها بقايا التوحيد‪ ...‬توحيد هللا عز وجل شاخصة أمامك ال‬
‫َمحالة‪.‬‬
‫• ر‬
‫ويأب ر‬
‫الشك وتعدد اآللهة كمرحلة تالية!‬ ‫ي‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ )86‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪137‬‬
‫التعدد؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ -47‬إذن هل التوحيد سابق على‬

‫‪ ‬نعم!‬

‫النف‪ ،‬وهذا األمر رصح به‬ ‫• فتعدد اآللهة ال يظهر إال نف مرحلة تالية بعد التوحيد ر‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫األنتوبولوجيا ‪ Anthropology‬الباحثون يف تاري خ األديان‪ ،‬مثل منيت‬ ‫علماء‬
‫الشك‬ ‫ُ‬
‫حي قال‪" :‬التوحيد متقدم عىل كل صور ر‬ ‫وليامز ‪ M. Monier Williams‬ن‬
‫ً‬
‫الن ظهرت الحقا"‪)87(.‬‬‫ر‬
‫ًي‬
‫ئ‬ ‫ن ن‬
‫البداب ‪Primitive Man‬‬
‫ي‬ ‫الباحثي يف دورية اإلنسان‬ ‫• وطبقا لجماعة آخرين من‬
‫فإن‪:‬‬

‫"تاريخ الدين هو عبارة عن تحلُّل أو انحراف من صورة مبكرة خالصة‬


‫(‪)88‬‬
‫ونقيَّة من التوحيد"‪.‬‬

‫بصورة‬ ‫أنتوبولوجية‪ ...‬التوحيد سابق عىل التعدد؛ أو‬ ‫• فهذه حقيقة أركيولوجية ر‬
‫ٍ‬ ‫ا‬
‫النف كان أوًل‪.‬‬ ‫أخرى‪ :‬الدين ر‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ْ ْ‬ ‫ي‬
‫• وقد أجرى عالم األنتوبولوجيا ويلهلم شمت ‪ Wilhelm Schimdt‬أبحاثا مكثفة‬ ‫ر‬
‫مهيمن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫خالق‬ ‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫بإله‬
‫وتبي له أن الجميع يعتقد ٍ‬‫ن‬ ‫عىل األقزام والقبائل البدائية‬
‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫• وقد ر‬
‫نش شمت نتائج أبحاثه يف كتابه‪ :‬مكانة األقزام يف تاري خ تطور اإلنسان‬
‫‪Position of Pygmy People in the History of Human‬‬
‫‪.Development‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الن توصل إليها عالم األنتوبولوجيا االسكتلندي آندرو النج‬ ‫وه نفس النتيجة ي‬ ‫• ي‬
‫‪Andrew Lang‬فقد توصل إىل أن الدين األول هو دين التوحيد السماوي‪،‬‬
‫ن‬
‫واستند يف ذلك إىل دراسات عن قبائل وسط إفريقيا مثل الزولو والبوشمان وبعض‬
‫ر‬
‫وأستاليا‪)8٩(.‬‬ ‫ن‬
‫األمريكتي‬ ‫قبائل‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫فريدريك ِشلنج ‪ F. W. Schelling‬قد‬ ‫األلماب الكبت ِ‬
‫ي‬ ‫• ومن العجيب أن الفيلسوف‬
‫أوضح ن يف كتابه‪" :‬فلسفة الميثولوجيا" ‪ Philosophy of Mythology‬أن‪:‬‬

‫‪)87( McCabe, J. the Growth of Religion: A Study of its Origin and Development, Watts& Co.‬‬
‫‪London, p.191‬‬
‫ً‬
‫نقل عن ثلث رسائل في اإللحاد والعلم واإليمان‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا الشهري‪ ،‬مركز براهين‪.‬‬
‫‪)88( J. M. C., the Origin and Early History of Religion, Primitive Man, Vol.2, P.45.‬‬
‫نقل عن ثلث رسائل في اإللحاد والعلم واإليمان‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا الشهري‪ ،‬مركز براهين‪.‬‬‫ً‬
‫‪)89( Andrew Lang (1968) the making of religion.‬‬
‫‪138‬‬
‫األنتوبولوجيا والديانات المقارنة الت ن‬
‫يطاب‬ ‫وقد وافق إدوين جيمس ‪ E. O. James‬أستاذ ر‬
‫ي‬
‫هذا الطرح من النج وشمت وشلنج‪ ،‬وقرر أن اإليمان باإلله الواحد األحد هو األصل عند‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الن تعيش عىل‬ ‫الن ما زالت عليها القبائل البدائية ي‬
‫ه العقيدة ي‬ ‫اإلنسان البدائي‪ ،‬وهذه ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫جمع الثمار ر‬
‫حن يومنا هذا مثل قبائل ‪ Aboriginal‬ف أستاليا واألقزام ف إفريقيا‪)٩1(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫• فعقيدة اإليمان باهلل الواحد فاطر السماوات واألرض تراها عت كل العصور‪.‬‬
‫• وهنا سيظل السؤال‪ِ :‬من أين جاء هذا اإليمان‪ ،‬ما مصدره؟‬
‫َ‬
‫• وكيف قامت له الدعوات عت كل التاري خ‪ ،‬وكل الجغرافيا؟‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫• فمن منظور إلحادي مادي ُم ْنكر لوح األنبياء‪ ،‬ر‬
‫يبف هذا السؤال معضلة حقيقية!‬ ‫ي‬ ‫ِ‬

‫‪  ‬‬

‫‪)90( F. W. Schelling ,Philosophy of Mythology‬‬


‫‪)91( E. O. James, Prehistoric religion: A study in prehistoric Archeology, p. z06.‬‬
‫‪139‬‬
‫‪ -48‬لكن ماذا عن الديانات المعاصرة كالهندوسية والمسيحية والزرادشتية‬
‫وغيرها؛ هل هي ً‬
‫أيضا في أصلِها توحيدية؟‬

‫‪ ‬نعم!‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫والن ه من ر‬
‫تنته يف األخت إىل إيمان‬
‫ي‬ ‫أكت الديانات ر ِشكا اليوم‬ ‫ي ي‬
‫ر‬ ‫• فالهندوسية‬
‫ن‬
‫توحيدي قديم‪ ،‬وهذا ما ذكره التقرير المرفوع إىل الحكومة التيطانية يف الهند‪،‬‬
‫وفيه أن‪:‬‬

‫"النتيجة العامَّة التي انتهت إليها اللجنة من البحث هي أنَّ كثرة‬


‫أىلع"‪)٩٢(.‬‬ ‫الهنود الغالبة تعتقد عقيدة راسخة يف كائن واحد‬
‫وف الهندوسية اليوم هناك ما ُي َ‬
‫ن‬
‫الهندوش ‪ Sadhu‬ذاك الرجل الذي‬
‫ي‬ ‫عرف بالسادهو‬ ‫• ي‬
‫ويتك أهله‬‫يلبس مالبس زعفرانية‪ ،‬ر‬
‫ً‬
‫ليعيش متوحدا؛ هذا السادهو لن‬
‫التخىل‬
‫ي‬ ‫يصل إىل هذه المرحلة إال بعد‬
‫الشكيات واآللهة األرضية‪،‬‬ ‫عن كل ر‬

‫واإليمان بخالق واحد أول!‬


‫ن‬ ‫ً‬
‫• والمسيحية أيضا يف أصلها ديانة‬
‫توحيدية‪ ،‬ولم تظهر مصطلحات األقانيم والتثليث إال بعد رفع المسيح عليه‬
‫السالم بزمن‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫• وبدخول عقيدة التثليث إىل المسيحية ظهرت إحدى ِ‬
‫المحن الكتى يف هذه‬
‫الديانة‪ ،‬فالكتاب ُ‬
‫المقدس هو كتاب توحيدي صارخ‪.‬‬
‫• واإليمان باهلل الواحد هو أعظم وصايا الكتاب المقدس عىل اإلطالق!‬
‫ن‬
‫• فكما ورد عىل لسان موش عليه السالم يف سفر التثنية‪" :‬الربُّ إلهنا ربٌّ واحدٌ"‪.‬‬

‫(‪ )92‬قصة الحضارة‪ ،‬ول ديورانت‪ ،‬مجلد ‪ 3‬ص‪.209‬‬


‫‪140‬‬
‫ن‬
‫المسيحيي‬ ‫بي أيدي‬‫• بل ورد عىل لسان المسيح عليه السالم نف إنجيل مرقس الذي ن‬
‫ي‬
‫حن اليوم نفس قول موش عليه السالم‪ ،‬حيث قال المسيح‪ :‬إن أول كل الوصايا‬ ‫ر‬
‫ٌ‬ ‫ٌّ‬
‫رب واحد‪.‬‬ ‫ه‪ :‬اسمع يا إشائيل‪ ،‬الرب إلهنا‬ ‫ي‬

‫المقدس عىل اإلطالق‪.‬‬ ‫• فهذه أعظم وأهم وصايا الكتاب ُ‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫• وهنا ظهرت إشكالية ومحنة التعارض ن‬
‫وبي هذا‬ ‫بي التوحيد يف الكتاب المقدس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإليمان بالتثليث الذي ظهر بعد رفع المسيح بزمن‪.‬‬
‫ً‬
‫• وطبقا لدائرة المعارف التيطانية ف ‪:‬‬

‫"‪.‬‬

‫(‪ )93‬دائرة المعارف البريطانية‪ ،‬الجزء الثالث ص‪.634‬‬


‫‪141‬‬
‫ٌ‬
‫ه هللا‬‫ي‬ ‫الثالثة‬ ‫واألقانيم‬ ‫‪،‬‬‫توحيد‬ ‫• وأمام هذه اإلشكالية الكتى قالوا‪ :‬التثليث هو‬
‫بشي‪.‬‬ ‫الواحد؛ فخالفوا بذلك العقل وكل منطق ر‬
‫ٍ‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫المسيح هو إله كامل‪ ،‬فكيف تكون األقانيم الثالثة إلها‬ ‫ي‬ ‫لإليمان‬ ‫ا‬ ‫طبق‬ ‫• فكل أقنوم‬
‫ً‬
‫واحدا؟‬
‫• والشاهد من هذا أن أصل المسيحية هو توحيدي ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫ن‬
‫• ولو ذهبنا للزرادشتية نجد نفس األمر فالزرادشتية يف أصلها ديانة توحيدية‪ ،‬لكنها‬
‫اثني؛ فاإلله الواحد الخالق جعلوا‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أصبحت اليوم مثنوية‪ .‬مثنوية أي‪ :‬تؤمن‬
‫بإلهي ِ‬‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫الش‪ ،‬وهذا التصور ر‬ ‫خلق ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مرحلة‬
‫ٍ‬ ‫الش يك المثنوي ظهر يف‬ ‫صغتا نسبوا له‬ ‫معه إلها‬
‫متأخرة‪)٩4(.‬‬
‫ٍ‬

‫فكل الديانات يف أصلها كانت ىلع التوحيد النقي‪.‬‬

‫‪ ‬قال ربنا سبحانه ‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱠ‬


‫﴿‪ ﴾2٥‬سورة األنبياء‪.‬‬
‫‪ ‬وحتى مشركو العرب‪:‬‬

‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﱠ ﴿‪ ﴾٣8‬سورة الزمر‪.‬‬

‫ﳄﱠ ﴿‪ ﴾87‬سورة الزخرف‪.‬‬


‫‪ ‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲿﳀﳁﳂﳃ ﳅ‬

‫• فالكل يؤمن بأن التوحيد هو األصل ن يف كل الديانات‪.‬‬


‫عت كل التاري خ‪ ،‬ن يف كل الديانات كانوا عىل ال إله إال هللا!‬
‫البش ْ‬
‫• فكل ر‬
‫ن‬
‫بنف األلوهية‬ ‫• بل دعونا ننظر لهذا‬
‫الترصي ح شديد اللهجة من المسيح عليه السالم ي‬ ‫ٌ‬
‫عن نفسه‪ ،‬وأن هللا واحد وليس آخر سواه‪.‬‬
‫حن الساعة‪.‬‬‫المسيحيي ر‬
‫ن‬ ‫بي أيدي‬‫• وهذا الترصي ح يوجد نف اإلنجيل الذي ن‬
‫ي‬
‫‪)94( Haug, Martin (1884), Essays on the Sacred Language, Writings and Religion of the‬‬
‫‪Parsis.‬‬

‫‪142‬‬
‫دتِي لَيسَت حَقًّا‪.‬‬
‫يقول المسيح عليه السالم‪" :‬إِن كُنتُ أَشهَدُ ِلنَفسِي فَشَهَا َ‬
‫هيَ‬
‫دتَهُ الَّتِي يَشهَدُهَا لِي ِ‬
‫و آخَرُ َوَأنَا أَعلَمُ أَنَّ شَهَا َ‬
‫الَّذِي يَشهَدُ لِي هُ َ‬
‫(‪)95‬‬
‫حَقٌّ"‪.‬‬

‫ن‬
‫• واآلن ركزوا يف قول المسيح‪" :‬الَّذِي يَشهَ ُ‬
‫د لِي هُوَ آخَرُ"!‬
‫َ ْ‬
‫إذن هللا هو آخر غت المسيح!‬
‫وبالتاىل المسيح ليس هو هللا!‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ويأب النص المدهش ف إنجيل مرقس إصحاح ‪" :12‬اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيسَ آخَرُ سِوَاهُ"‪)٩6(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫هللا واحد وليس آخر سواه!‬
‫ينف عن نفسه‬ ‫• َإذ ْن عندما قال المسيح عن هللا‪" :‬الَّذِي يَشهَدُ لِي هُوَ آخَرُ" فهو بهذا ن‬
‫ي‬
‫أية صورة من صور األلوهية‪.‬‬

‫ين في إنجيل يوحنا وإنجيل مرقس تكون النتيجة أن‪ :‬المسيح ليس هو اهلل!‬
‫فبالجمع بين النص ِ‬

‫• فهذا هو دين التوحيد الذي جاء به كل األنبياء!‬


‫البشية والوثنيات ر‬
‫والشكيات‬ ‫َ‬
‫األصنام واآللهة ر‬ ‫• لكن لألسف مع الوقت يتخذ ر ُ‬
‫البش‬
‫ُ‬
‫قرب إىل هللا‪:‬‬
‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ‬
‫ﲉﲊ ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة‬
‫الزمر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫األصنام والمعبودات األرضية وسائط هلل عز‬ ‫الناس‬ ‫❑ فالدين يظهر توحيديا‪ ،‬ثم يتخذ‬
‫وجل!‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ )95‬إنجيل يوحنا‪ ،‬اإلصحاح ‪ 5‬العدد ‪.32‬‬


‫(‪ )96‬إنجيل مرقس‪ ،‬اإلصحاح ‪ 12‬العدد ‪.32‬‬
‫‪143‬‬
‫‪ -49‬لكن كيف لعاقل أن يتخذ صن ًما أو وثنًا قربى إلى اهلل‪،‬‬
‫ثم يعبده ويترك عبادة اهلل‪ ،‬كيف يحصل هذا؟‬
‫ُ‬
‫• األصنام واألوثان لم تكن تعبد لذاتها ن يف أية ديانة!‬
‫ه كانت مجرد وسائط هلل!‬ ‫• بل ي‬
‫‪ ‬ولذلك يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪:‬‬

‫ً‬
‫• فاتخاذ األصنام كان من باب تعظيمها وجعلها وسيطا هلل‪ ،‬لكنهم يعلمون أن هللا‬
‫وحده هو الخالق الرازق‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫• نعم قد ينسبون لها نوعا من التقدير والتدخل يف األقدار‪ ،‬لكنهم يعرفون أن هناك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خالقا واحدا سبحانه!‬
‫ُ‬
‫• فاألصنام كانت من باب الواسطة هلل بجهلهم‪ ،‬كما يتقرب الجهال للقبور ويجعلونها‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وسائط هلل‪ ،‬ويدعون صاحب القت أن يشفيهم‪ ،‬أو أن يرزقهم الولد‪ ،‬ويذبحون‬
‫لصاحب القت‪.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫• فهذا كان حال ُعباد األصنام ْ‬
‫لرجال‬
‫ٍ‬ ‫أسماء‬ ‫عت العصور‪ ،‬فقد كانت األصنام يف األصل‬
‫قرب هلل وواسطة له‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫صالحي اتخذها الناس ي‬
‫ونزع هذه ر‬ ‫ْ‬ ‫ر‬
‫الشكيات‪.‬‬ ‫النف‪،‬‬
‫ه إعادة الناس للتوحيد ي‬ ‫• فغاية دعوة كل األنبياء ي‬
‫أكت من واسطة هلل‪.‬‬ ‫الشكيات ر‬ ‫• وما كانت هذه ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أصنامهم‬
‫ِ‬ ‫التخىل عن‬
‫ي‬ ‫• ولذلك لم ينكر كفار قريش "هللا سبحانه" وإنما أنكروا‬
‫وشكياتهم‪.‬‬‫ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ه يف توحيد األلوهية‪ ،‬أي يف‪" :‬إفر ِاد هللا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫• ولذلك من المعلوم أن أصل دعوة األنبياء ي‬
‫البش بفطرتهم‬ ‫بالعبادة" ال نف توحيد الربوبية‪ ،‬أي‪" :‬إفر ِاد هللا بالخلق"‪ ،‬فكل ر‬
‫ي‬
‫وببقايا الن ُبوات لديهم عىل توحيد الربوبية‪.‬‬

‫فالكل يؤمن بالله الواحد‪ ...‬لكن أتى األنبياء لتنقية جناب التوحيد من الشركيات‪.‬‬

‫(‪ )97‬مجموع الفتاوى‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.359‬‬


‫‪144‬‬
‫‪ -50‬كم عدد الديانات التي ما زالت على التوحيد النقي اليوم على األرض؟‬
‫• لم ْيب َق عىل إفراد هللا بالعبادة‪ ...‬لم ْيب َق عىل التوحيد ر‬
‫النف عىل وجه األرض اليوم‬
‫ي‬
‫سوى اإلسالم!‬

‫• فاإلسالم هو الدين التوحيدي‬


‫األوحد اليوم ىلع األرض‪.‬‬
‫ن‬
‫المنتسبي للديانات خال اإلسالم‬ ‫• فكل‬
‫الشك نصيب قل أو رُ َ‬
‫كت!‬ ‫لهم من ر‬

‫• ولذلك فالدعوة لإلسالم هي من أيسر ما يكون؛ ألنها دين الفطرة‪،‬‬

‫عقلية؛ فالكل مفطور عىل االنكسار للباري‪ ،‬والخضوع‬


‫ٍ‬ ‫لمقدمات‬
‫ٍ‬ ‫وال تحتاج معها‬
‫ْ‬ ‫له‪ ،‬والتسليم بكمال العبودية له جل وتقدس سبحانه‪ُ ،‬‬
‫الداع لإلسالم أن‬
‫ي‬ ‫ومهمة‬
‫َ‬
‫يستثت تلك الفطرة‪ ،‬ويدفعها للنظر‪ ،‬فإذا نظرت وتبينت صدق الرسول ﷺ فهذا‬
‫ن‬
‫يكف للتسليم بصحة اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬
‫َ‬
‫• فالدين فطرة إنسانية‪ ،‬والدين هو الذي سار إىل اإلنسان‪ ،‬وهو الذي نزل إليه‪ ،‬ولم‬
‫يصعد هو إليه‪.‬‬
‫وإنما بنور الوح!(‪)٩8‬‬ ‫ئ‬
‫البداب‪،‬‬ ‫• فالناس لم يعرفوا رب هم ر‬
‫بافتاض العقل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫أتت ر‬
‫تالية!‬
‫ٍ‬ ‫مرحلة‬
‫ٍ‬ ‫الشكيات يف‬ ‫• لذلك بدأت كل الديانات بداية توحيدية نقية‪ ،‬ثم ِ‬
‫ٌ‬
‫فالوح لجميع األنبياء ن يف أصل التوحيد واحد!‬
‫ي‬
‫ﱋ ﱍﱎﱏ‬
‫ﱌ‬ ‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ‬
‫ﱘ‬
‫ﱙ‬ ‫ﱐﱑﱒ ﱓﱔﱕﱖﱗ‬
‫ﱚﱛﱜﱠ ﴿‪ ﴾16٣‬سورة النساء‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ )98‬الدين‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد هللا دراز‪.‬‬


‫‪145‬‬
‫والحس والفلسفة إلشباع المعرفة‬
‫ُّ‬ ‫‪ -51‬لكن أال يكفي العقل والعلم التجريبي‬
‫اإلنسانية دون الحاجة للدين؟‬

‫• هناك أُسطورة تحكي أنَّ ستةً من العُميان يف الهند ذهبوا‬


‫ليتفحَّصوا فيالً ضخمًا‪ ،‬وكل أعمى كان مُطاَلبًا بوصف الفيل بحسب‬
‫ما تحت يده؛ مستخدمًا العقل‪ ،‬والتجربة العملية‪ ،‬والحس‪،‬‬
‫والفلسفة‪.‬‬
‫العقىل وختته‪ :‬هذا ُرمح!‬
‫ي‬ ‫لمس ناب الفيل قال باجتهاده‬ ‫َ‬ ‫• فالذي‬
‫العقىل وختته‪ :‬هذه أفع ضخمة!‬
‫ي‬ ‫• والذي لمس أنف الفيل قال باجتهاده‬
‫ْ‬
‫• والذي لمس ِرجل الفيل قال باجتهاده‬
‫العقىل وخت ِته‪ :‬هذه شجرة!‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫• والذي لمس بطن الفيل قال‪ :‬هذا ِجدار!‬
‫• فهذه طبيعة المعرفة ر‬
‫البشية القارصة!‬
‫العميان الستة استخدموا العقل‬ ‫• ُ‬
‫والتجربة العملية والحس والفلسفة‪.‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫• فجاءت النتيجة قارصة بقصور العقل‬
‫والتجربة العملية والحس والفلسفة!‬
‫ن‬
‫• فكلهم أخطأوا يف وصف ما تحت‬
‫أيديهم‪.‬‬
‫ً‬
‫جميعا عىل خطأ؟‬ ‫ف نحن هؤالء العميان الستة بأنهم‬ ‫• لكن كيف نص ُ‬
‫ِ‬
‫• ألننا ببساطة نرى المشهد من الخارج!‬

‫‪ ‬فنحن ننظر للجميع‪:‬‬


‫ا‬ ‫ا‬
‫• للفيل وللعميان نظرة شاملة‪ ...‬نرى الصورة من الخارج!‬
‫وبي النظرة الصحيحة الشاملة‪ ،‬هذا بالضبط‬ ‫ن‬ ‫بي اجتهاد العميان الستة‬‫• الفرق ن‬
‫اإلله‪.‬‬ ‫الوح‬ ‫بي العقل والتجربة العملية والحس والفلسفة ن‬
‫وبي‬ ‫ْ‬
‫كالفرق ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫• فالعقل والتجربة العملية والحس والفلسفة يقدمون معرفة قد تكون نافعة‬
‫ُُ‬
‫الوح عىل العكس‬
‫ي‬ ‫بينما‬ ‫ك‪،‬‬ ‫إمكانات‬
‫ِ‬ ‫وحدود‬ ‫ك‬ ‫ات‬
‫ومفيدة‪ ،‬لكنها قارصة بقصور ق ِ‬
‫ر‬ ‫د‬
‫من ذلك ً‬
‫تماما‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫يحك ُ‬
‫أحكاما شمولية؛‬ ‫أحكاما كلية‪...‬‬ ‫خارجه‪ ،‬فيعطيك‬‫ِ‬ ‫من‬ ‫المشهد‬ ‫عىل‬ ‫م‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫•‬
‫وبمعن وجودك‪ ،‬وبما وراء وجودك!‬‫ن‬ ‫ُ‬
‫فالوح ي ُ‬
‫ختك بغاية وجودك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫مجتمعي التقدم‬‫ن‬ ‫• بينما العقل والتجربة العملية والحس والفلسفة لن يستطيعوا‬
‫لجواب سؤال وجودي واحد من هذه األسئلة!‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫المعن‬ ‫• لن يقدموا جوابا لسؤال الغاية‪ ...‬غاية وجودك‪ ،‬ولن يقدموا جوابا لسؤال‬
‫وسؤال القيمة!‬
‫واحد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بجواب‬
‫ٍ‬ ‫• ولو حاول العقل أو التجربة العملية أو الحس أو الفلسفة أن يتقدموا‬
‫كثتا عن ُ‬
‫العميان الستة!‬ ‫فلن يختلفوا ً‬
‫ُ‬
‫• فالعقل والتجربة العملية والحس والفلسفة يجيدون تقديم أجوبة دنيوية رائعة‬
‫قارصة مثل‪ :‬أفضل طعام‪ ،‬وأفضل رشاب‪ ،‬وأفضل طريقة للسفر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫دنيوية‬
‫ٍ‬ ‫لحاجات‬
‫ٍ‬
‫علىم لظاهرة كمومية‪ ...‬يقدمون‬ ‫ن‬
‫تخمي‬ ‫وأفضل حل لمعادلة رياضية‪ ،‬وأفضل‬
‫ي‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫الحت الدنيوي‬ ‫ن‬ ‫أجوبة جميلة لهذه األسئلة وهذا ُمنتهاهم‪ ...‬يقدمون جواب‬
‫الضيق المادي المحيط بنا‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪147‬‬
‫أن أحد هذه البدائل األربعة‪ :‬العقل والتجربة العملية والحس‬
‫‪ -52‬لكن لنفترض َّ‬
‫تحليال ماد ًّيا؟‬
‫ً‬ ‫والفلسفة؛ أجاب عن غاية الحياة أو معنى الوجود أو حلَّل قيم ًة إنساني ًة‬

‫ر‬ ‫ر‬
‫ش ٍء من ذلك‪ ،‬فنحن‬ ‫‪ ‬لو افتضنا أن العقل أو التجربة أو ِ‬
‫الحس أو الفلسفة أجابوا عن ي‬
‫جميعا سنسخر من الجواب!‬ ‫ً‬

‫‪ ‬نعم هذه هي الحقيقة!‬

‫‪ ‬فهذه مفاهيم وقِيَم ومعانٍ ال يمكن تحليلها عقليًّا أو تجريبيًّا أو حسيًّا‬


‫أو فلسفيًّا!‬
‫ودنجر ‪ Schrödinger‬الحائز عىل نوبل نف ن‬
‫فتياء الكم‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫‪ ‬يقول رش‬
‫ي‬

‫‪ ‬فالعلم سيلزَمُ الصمت التام تُجاه هذه األمور التي ال تخضع لنطاقِ رصده!‬
‫ن‬
‫والمعاب التكليفية‪،‬‬ ‫فمعاب الصدق والكذب‪ ،‬والصواب والخطأ‪ ،‬والقيمة الجمالية‪،‬‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫اي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫فضًل عن العالم الغين؛ هذه المعاب ال تقع ف إطار العالم المادي الذري ر‬
‫حن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫الفلسف‪ ،‬فال تستنار‬
‫ي‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫العقىل‬
‫ي‬ ‫التخمي‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫الحش‬
‫ي‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬‫التجرين‬
‫ي‬ ‫للعلم‬ ‫خضعها‬ ‫ن‬
‫اإلله!‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫المعرفة يف هذه الجوانب كلها إال بنور‬
‫‪  ‬‬

‫‪)99( I am very astonished that the scientific picture of the real world around me is deficient,‬‬
‫‪it is ghastly silent about all and sundry that is really near to our heart, that really matters‬‬
‫‪to us. It cannot tell us a word about red and blue, bitter and sweet, physical pain and‬‬
‫‪physical delight; it knows nothing of beautiful and ugly, good or bad, God and eternity.‬‬
‫‪Science sometimes pretends to answer questions in these domains, but the answers are‬‬
‫‪very often so silly that we are not inclined to take them seriously.‬‬
‫‪Nature and the Greeks, Schrödinger‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ -53‬لكن العقل يقرر المبادئ األخالقية حتى بعي ًدا عن الدين؛ أليس كذلك؟‬

‫ن‬
‫الدين‪ ،‬وليست‬
‫ي‬ ‫• المبادئ األخالقية ُمستمدة من الفطرة المتفقة مع التكليف‬
‫ن‬
‫الدماع!‬
‫ي‬ ‫مستمدة من النشاط‬
‫ن‬
‫الدماع هو عبارة عن تبادل أيونات عىل جدران خاليا عصبية‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فالنشاط‬
‫ر‬
‫• والمخ ال يحتوي عىل أكت من تبادل أيونات ونواقل عصبية!‬
‫ن‬
‫دماع!‬
‫ي‬ ‫ه نتاج فطرة متفقة مع دين‪ ،‬وليست نتاج نشاط‬ ‫• فالمبادئ األخالقية ي‬

‫ن‬
‫األدب‪.‬‬ ‫• وهتلر قام بعقلنة‪ :‬وجوب إبادة األعراق ر‬
‫البشية‬
‫• وتمت بالفعل إبادة مئات اآلالف من ر‬
‫البش عىل يد العقلنة النازية المادية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أكتون ر يب فيا ‪ Aktion T4‬والذي أبيد فيه‬ ‫مشوع ر ن‬‫أن تقرأ عن ر‬ ‫• ويكفيك ببساطة‬
‫ن‬
‫ثلث مليون إنسان عىل يد النازي؛ ألن هؤالء الذين تمت إبادتهم يقفون يف وجه‬
‫الطبيع والبقاء لألصلح!‬
‫ي‬ ‫االنتخاب‬

‫‪149‬‬
‫واإللحاد حتى الساعة ُيعقلن قتل األجنة!‬ ‫•‬
‫ف ُيجيز إجهاض األجنة دون أدنى و ْخز للضمير‪.‬‬ ‫•‬

‫تماما‪ُ ،‬‬
‫فيقرر أن‬ ‫ن‬
‫عقالب محايد ً‬ ‫• ويقوم اإللحاد بعقلنة إجهاض األجنة بتحليل مادي‬
‫ي‬
‫األجنة تمثل مراحل حيوانية مختلفة ‪Ontogeny recapitulates‬‬
‫‪ - Phylogeny‬وهذه خرافة علمية باملناسبة لكن اإللحاد يتبناها‪،-‬‬
‫فإذا كانت األجنة بهذه الصورة فما المانع من قتلها؟‬

‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫• فطالما تجاهلت الفطرة‪ ،‬وعاندت الدين‪ ،‬لن يقف يف وجه تدمتك لألرض وما عليها‬
‫ش ٌء!‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫ًّ‬
‫فلسفيا ألية قيمة أخالقية أو ألي‬ ‫ًّ‬
‫حسيا أو‬ ‫ًّ‬
‫علميا أو‬ ‫ًّ‬
‫عقليا أو‬ ‫• فلن تستطيع التأسيس‬
‫غاب‪.‬‬‫معن ئ‬ ‫نا‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫الدماع لن يفرز تعريفا للخت وال للش‪ ،‬فال يمكن أن تستمد‬ ‫ي‬ ‫• فتحليل النشاط‬
‫املبادئ األخالقية من غت الفطرة المتفقة مع الدين!‬

‫‪150‬‬
‫نن‬
‫داوكيت بهذه الحقيقة الصعبة فيقول‪:‬‬ ‫‪ ‬ر‬
‫يعتف الملحد ريتشارد‬

‫ن‬
‫التجرين والحس والفلسفة‪ ،‬هذه البدائل األربعة بدائل‬ ‫ي‬ ‫الدماع والعلم‬
‫ي‬ ‫• فالنشاط‬
‫قارصة‬
‫ئ‬
‫غاب أو أية قيمة إنسانية‪.‬‬ ‫نا‬
‫ال تجيب عن سؤال وجودي أو معن ي‬
‫• هذه البدائل تتيح فقط معارف قارصة إلنتاج مدركات قارصة لعالج مشكالت قارصة‬
‫ك ‪ :‬األكل والسفر والدواء وسبل الراحة‪.‬‬
‫ً‬
‫دائما يؤكد أن القيم اإلنسانية الكلية‬ ‫• هذا ما لدى البدائل األربعة‪ ،‬لذلك فالدين‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫والمعاب ال تنضبط إطالقا ٍّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫بأي‬ ‫ي‬ ‫والمعن والغيب؛ هذه القيم‬ ‫ومعاب‪ :‬الغاية والعلة‬‫ي‬
‫ضبط فقط بالرسالة‬ ‫من هذه البدائل األربعة‪ ،‬وإنما تنضبط فقط بنور الوح‪ُ ...‬ت َ‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الن بثها األنبياء‪.‬‬
‫اإللهية ي‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫يهلك!‬‫• ومن اغت بهذه البدائل األربعة وحدها ِ‬

‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲝ ﲞﲟﲠﲡﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦﲧﲨﲩ‬

‫ﲪﲫﱠ ﴿‪ ﴾8٣‬سورة غافر‪.‬‬

‫ٌ ن‬
‫كىل وجودي‪.‬‬
‫ي‬ ‫محتوى‬ ‫أي‬ ‫جواب‬ ‫ف‬
‫العلىم المادي قارص ي‬
‫ي‬ ‫• فالمحتوى‬

‫‪  ‬‬

‫‪)100( It is pretty hard to defend absolute morals on grounds other than religious ones‬‬
‫‪the god Delusion, p.232.‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ -54‬لكن هل هذا تقليل من قيمة العلوم التجريبية؟‬
‫التجرين القارص إلجابة حاجات قارصة ك ‪ :‬األكل‬
‫ي‬ ‫❑ هللا عز وجل منحنا العلم المادي‬
‫ر‬
‫واالختاع ونقل المعلومات والتواصل وحل المعادالت الرياضية‪ ،‬لكنه سبحانه منحنا‬
‫الوح والكتب السماوية والرساالت لجواب األسئلة الكلية‪.‬‬
‫ي‬
‫اإلله!‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫فال بد أن نعرف حجم العلوم المادية بجانب‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱠ ﴿‪﴾1٩‬‬
‫سورة الرعد‪.‬‬
‫‪ ‬فال سبيل لمعرفة معاني التكليف والقيم اإلنسانية وغاية الوجود إال من‬
‫ُّ‬
‫والنبُوة!‬ ‫طريق الوحي‬

‫‪‬قال ابن تيمية رحمه هللا‪:‬‬

‫ومعن الوجود ومعرفة ر‬


‫الشيعة!‬ ‫ن‬ ‫• فالرسالة اإللهية نرصورية لمعرفة القيمة والغاية‬
‫• وبدون الرسالة اإللهية نتحول إىل‪ :‬أشباح بال معنًى‪ ،‬كما يقول الالأدري الشهت‬
‫كارل ساغان ‪ Carl Sagan‬ن‬
‫حي قال‪:‬‬

‫‪ ‬فبدون الوح اإلله نتحول إىل ذرات تتالطم ال ر‬


‫أكت!‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫(‪ )101‬مجموع الفتاوى‪ ،‬مجلد‪ 19‬ص‪.100‬‬


‫‪)102( Human is essentially the same laws and constants are required to make a rock.‬‬

‫‪Carl Sagan Pale Blue Dot: A Vision of the Human Future in Space,‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﱠ ﴿‪ ﴾4٠‬سورة النور‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وفلسفة‪ ،‬فإنه لن يتجاوز‬
‫ٍ‬ ‫مادي‬ ‫علم‬
‫وجوده مهما كان متسلحا بكل ٍ‬ ‫نش غاية‬‫ي‬ ‫فمن‬
‫ًّ‬ ‫َ َ‬
‫ضمنيا‪:‬‬ ‫مرحلة الحجر أو الح رشات‪ ،‬كما يقول الملحد الوجودي سارتر‪ ،‬فقد قال‬

‫ﱾﱠ ﴿‪ ﴾1٣٠‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﱿ‬ ‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‬
‫فمن يرغب عن الدين ُيسفه نفسه‪.‬‬
‫ر‬
‫الحش‪.‬‬ ‫‪َ ‬من ينش هللا ينش نفسه‪ :‬ﱡﭐﱤﱥﱦﱧﱨﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة‬

‫‪ ‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪:‬‬

‫بقايا الن ُبوات‪)1٠٥(.‬‬ ‫ن‬


‫فكل خت يف األرض هو من‬

‫‪  ‬‬

‫‪)103( Jean Paul Sartre, Nausea (novel).‬‬

‫(‪ )104‬مجموع الفتاوى‪ ،‬مجلد‪ 19‬ص‪.101‬‬


‫(‪ )105‬الصارم المسلول‪ ،‬ص‪.250-249‬‬
‫‪153‬‬
‫‪ -55‬وإذا اختفت النبوات فكيف يكون حال األرض؟‬

‫كلُّ خراب يف األرض هو من العمل بخالف ما أمرت به النبوات‪.‬‬

‫لومضة‬
‫ٍ‬ ‫فصلت‪ :‬لن تستطيع كل عقول وتجارب وفلسفات العالم أن تؤسس‬ ‫‪ ‬فكما َّ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫واحدة‪ ،‬أو يف بيان غاية وجودية واحدة؛ فالنور هبة إلهية‬
‫ٍ‬ ‫إنسانية‬
‫ٍ‬ ‫قيمة‬
‫ٍ‬ ‫من نور يف جواب‬
‫ر‬
‫تقتن باإليمان‪.‬‬
‫• ولن تستطيع كل محاكم العالم‪ ،‬ولن تستطيع كل دساتت العالم أن َ‬
‫تكبح جماح‬
‫تجرين!‬ ‫ٍّ‬
‫عقىل أو مادي أو‬ ‫واحدة عىل أساس‬
‫ٍ‬ ‫جريمة‬
‫ٍ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬وإال فما المانع اإللحادي المادي من إبادة البشر؟‬

‫• كما قلنا ِمن قبل‪ :‬ال مانع!‬

‫ْ‬
‫األعراق البشرية األدنى‬ ‫‪ ‬ما المانع المادي الدارويني من إدخال‬
‫أقفاص حيوانات؟‬

‫• ال مانع!‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫• وما أغلقت أقفاص حيوانات البش يف أوروبا‪ ،‬وهذه الصورة كمثال‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫عمليا للنظرة المادية ر‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫• كانت حدائق حيوان ر‬
‫للبش‪ ...‬تحليًل ِ‬
‫موافقا‬ ‫البش هذه تطبيقا‬
‫للتطور واالنتخاب لألصلح!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر ن‬ ‫ُ‬
‫• ما أغلقت أقفاص حيوانات البش يف أوروبا‪ ،‬وما أدينت النازية‪ ،‬وما أغلقت‬
‫األدب إال ببقايا الن ُبوات ن يف الغرب‪.‬‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫األعراق ر‬
‫البشية‬ ‫معسكرات إبادة‬

‫ُ َ‬
‫• فلم توقف محارق النازية إال ببقايا النبوات!‬
‫بناء عىل لون ر‬
‫البشة أو حجم األنف إال ببقايا النبوات!‬ ‫البش ا‬ ‫بي ر‬ ‫ن‬
‫التميت ن‬ ‫• لم يوقف‬

‫‪155‬‬
‫رن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫أوشفيت ‪ Auschwitz‬إال بعد أن‬ ‫ولم تغلق غ َرف الغاز يف‬
‫التمس الناس بقايا ِفطرهم‪ ...‬فبدون الفطرة سيفتقد‬
‫الناس ألية نقطة مرجعية لألخالق‪.‬‬
‫إذا اعتمدنا عىل النظرة اإللحادية ر‬
‫للبش‪ ،‬لن يكون هناك‬
‫فرق ن‬
‫بي المحرقة النازية وحفلة شواء!‬
‫ُ‬ ‫ولن يزدد ر‬
‫البش عن أن يكونوا حثالة كيميائية ‪Chemical‬‬
‫ياب ستيفن هاوكنج‪)1٠6(.‬‬‫ن ئ‬
‫‪Scum‬عىل حد وصف الفت ي‬
‫ُّ‬
‫فالنبُوة هي الوسيلة الوحيدة الصحيحة للمعرفة باإلنسان وبالله‪.‬‬

‫دهرا من عمره ن يف الشك يقول‪:‬‬


‫قض ً‬
‫‪ ‬يقول نجيب محفوظ الذي ن‬

‫فاإلنسان مفتقرٌ افتقارًا ذاتيًّا إلى الدين‪ ...‬مفتقر افتقارًا ذاتيًّا ضروريًّا إلى الله!‬

‫وكل منكرٍ للعلم اإللهي الذي بثّه األنبياء منكر ألعظم مطلوبٍ يف الوجود‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪)106( From an interview with Ken Campbell on Reality on the Rocks: Beyond Our Ken, 1995‬‬

‫(‪ )107‬وطني مصر‪ ،‬نجيب محفوظ‪ ،‬ص‪ ،63‬دار الشروق‪.‬‬


‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬لست ملحدًا لماذا؟ كريم فرحات‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫ً‬
‫مناطا للتكليف؟‬ ‫‪ -56‬لكن‪ :‬أليس العقل‬

‫هذا السؤال يحمل خلطًا بين البديهيات العقلية والقدرات العقلية‪...‬‬


‫يحمل خلطًا بين األوليات العقلية وبين العمليات العقلية!‬

‫الرصورية العقلية ك ‪ :‬عدم التناقض والسببية؛ هذه‬ ‫فالبديهيات العقلية أو المبادئ ن‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫البديهيات العقلية ُمستمدة من الفطرة‪ ،‬فكما است ِمدت المبادئ األخالقية من‬
‫ُ‬
‫ه بال‬
‫ي‬ ‫العقلية‬ ‫البديهيات‬ ‫وهذه‬ ‫منها؛‬ ‫العقلية‬ ‫البديهيات‬ ‫مدت‬ ‫است‬ ‫الفطرة‪ ،‬كذلك‬
‫شك أحد االستدالالت األولية عىل إثبات وجود الخالق‪ ،‬وعىل صحة الدين وصدق‬
‫الرساالت‪.‬‬
‫ن‬
‫ليتها‪.‬‬
‫فهذه البديهيات العقلية ال خالف يف أو ِ‬ ‫•‬
‫أما العمليات العقلية القارصة‪.‬‬ ‫•‬
‫النسن‪ ،‬والمالحظة العقلية‪ ،‬والتحليالت والتخمينات‬ ‫العقىل‬ ‫ن‬
‫التحسي والتقبيح‬ ‫ك‪:‬‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫العقلية‪ ،‬والمكتسبات العقلية‪ ...‬هذه العمليات العقلية القارصة ال تمنع من التورط‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫يف الخطأ‪ ،‬بل وال تمنع من صناعة الخرافة واألسطورة والوهم والهالوس وقبول كل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ه ما يتم تحصيله بالنظر والختة والحس والتجربة‪ ،‬هذه‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫فالمكتسبات العقلية ي‬
‫سبعي ً‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫عاما لم تمنع من قبول‬ ‫المكتسبات ال تمنع من التورط يف الخرافات‪ ،‬وقبل‬
‫ه ال تمنع من قبول إبادة األجنة‪ ،‬ولن تمنع من أية جريمة أو هلوسة؛‬ ‫النازية‪ ،‬واليوم ي‬
‫فالمكتسبات العقلية قارصة بقصور الطبيعة ر‬
‫البشية‪.‬‬
‫بغت االنكسار للوحي اإللهي والخضوع لله الباري سبحانه ولشرعه!‬ ‫ولن تنجو النفس اإلنسانية‬ ‫•‬

‫وطاملا تجاهَل اإلنسان الدين والفطرة واألوليات العقلية‪ ،‬واحتكم فقط إلى هذه املكتسبات‬
‫العقلية‪ ،‬فلن يستطيع ساعتها أن ينجو‪ ،‬بل لن يملك مانعًا من عقلنة أية جريمة!‬

‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﱠ سورة العلق‬

‫ش ٌء‪.‬‬ ‫استغن اإلنسان عن الفطرة والدين‪ ،‬لن يقف نف وجه طغيانه ر‬


‫ن‬ ‫‪‬فإذا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪  ‬‬
‫‪157‬‬
‫‪ -57‬لكن ما أهمية األوَّليات العقلية المستمدَّة من الفطرة؟‬
‫الرصورية عىل وجود الخالق ك ‪ُ :‬برهان السببية‪.‬‬ ‫• األوليات العقلية تحمل التهنة ن‬
‫ُ‬
‫النن‪ ،‬فتثبت بصورة قطعية صحة‬ ‫وه تتهن عىل صحة الرسالة‪ ،‬وعىل صدق ي‬ ‫• ي‬
‫النبوة‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فاألوليات العقلية كاللوح الراصد للنور‪ ،‬لكنها ال تولد ً‬
‫نورا ًّ‬
‫ذاتيا‪ ...‬األوليات العقلية‬
‫سطع عليها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كاللوح الراصد للنور ر‬
‫من‬
‫سطع نور الرسالة ونور النبوة جاءت األوليات العقلية لتثبت صحة هذا النور!‬ ‫َ‬ ‫• إذا‬
‫ن‬
‫ه لوح يدور يف السماء يبحث عن أية َو ْمضة من‬ ‫إنسان ي‬
‫ٍ‬ ‫• فاألوليات العقلية عند كل‬
‫نور النبوة!‬
‫ظه َر نور النبوة‪ ،‬فلن يكون أمام اإلنسان إال التسليم أو المعاندة والمعارضة!‬ ‫َ‬
‫• وإذا‬
‫خت مما‬ ‫ُ‬
‫• ف ‪ :‬رحمة هللا الكتى لإلنس والجن ه الفطرة والنبوة‪ ،‬وكل ما فيهما ٌ‬
‫ي‬
‫يجمعون بكل البدائل األربعة‪.‬‬
‫ْ‬
‫• فالدين حتمية إنسانية‪ ،‬ومطلب ِفطري‪ ،‬وحقيقة أولية‪ ،‬وهو أصل المعرفة‪ ،‬وأصل‬
‫بمعن األخالق‪ ،‬ولماذا يجب أن نكون عىل أخالق؟ ولماذا نشعر بوخز‬ ‫ن‬ ‫العلم‬
‫برصورة افعل وال تفعل؟‪...‬‬ ‫األخالف؟ ولماذا نشعر ن‬ ‫ر‬
‫تفعل‬
‫ِ‬ ‫افعل الخت وال‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الضمت‬
‫الش‪ ،‬ولماذا نشعر باالفتقار للخالق‪.‬‬ ‫ر‬
‫• الدين هو جواب كل هذه األسئلة‪ ،‬وجواب أسئلة الغاية والعلة وما وراء الموت‪.‬‬
‫• الدين وحده هو القادر عىل تحليل ظاهرة اإلنسان‪.‬‬
‫نا‬ ‫ر‬
‫غن لإلنسان عنه‪.‬‬ ‫الحقيف األعظم الذي ال‬ ‫ي‬ ‫• الدين هو العلم‬

‫‪‬وكما قال ابن القيم رحمه هللا‪:‬‬

‫ن ْ‬
‫أن يكون هللا تعاىل قد أرسل ُر ُسله‪ ،‬وأنزل كتبه لم ُيقدر َ‬ ‫• َ‬
‫هللا‬ ‫ومن أنكر من الربوبيي‬
‫َ ْ‬
‫حق قدره‪:‬‬
‫ﱎﱠ ﴿‪ ﴾٩1‬سورة األنعام‪.‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ ﱏ‬
‫‪‬‬
‫ْ‬
‫أن أرسل إليهم ُر ُسله‪ ،‬وأنزل عليهم َ‬
‫كتبه‪.‬‬ ‫• ِ‬
‫فمن كمال رحمة هللا بخلقه‬

‫(‪ )108‬مفتاح دار السعادة‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.118‬‬


‫‪158‬‬
‫مشكلة الربوبية أنَّها تدَّعي أنَّ وجودنا بال تكليف‪ ،‬ولو صحَّ ادَّعاؤها ملا‬
‫اضطُررنا لبحث جواب عن أسئلة الغاية واملعنى والقيمة واألخالق‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫• ولما استوعبنا أصًل شيئا من هذه األسئلة!‬
‫َ‬
‫األنبياء وأنزل الكتب!‬ ‫• ولما بعث ُ‬
‫هللا‬
‫• من خالل الكتب السماوية‪ ،‬ومن خالل األنبياء فقط نعرف الجواب‪ ...‬ومن خالل‬
‫ً ن‬ ‫ً ن‬
‫محورا يف هذا الوجود؛ بينما‬ ‫الدين يصبح اإلنسان مركزا يف هذا العالم‪ ،‬ويصبح‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫معن وجوده‪ ،‬ويفقد ذاته‪ ،‬ويكفر‬ ‫بدون الدين يفقد اإلنسان هويته‪ ،‬ويفقد‬
‫َ َ‬
‫وح رشات‪.‬‬ ‫بفطرته‪ ،‬ويتحول لحجر‬
‫ِ‬
‫ﲲ‬
‫ﲭﲯﲰﲱ ﲳ‬
‫ﲦﲨﲩﲪﲫ ﲬ ﲮ‬
‫ﲧ‬ ‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲣﲤﲥ‬
‫ﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﱠ ﴿‪ ﴾٣٠‬سورة الروم‪.‬‬
‫• تحت راية الدين فقط تعرف أنك إنسان!‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫فكريا‪ ،‬بل هو نرصورة فطرية وجدانية‪.‬‬ ‫• فالدين ليس ترفا‬
‫ا‬
‫• والشعور باالفتقار هلل خاصة ن يف أوقات الهلع الشديد هو طبيعة النفس اإلنسانية‪.‬‬
‫لحدون ن يف الخنادق‪.‬‬ ‫ُ‬
‫• وكما يقول قادة المعارك‪ :‬وقت المعركة ال يوجد م ِ‬

‫ففي الخنادق الكل يعودُ لإليمان!‬


‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾6٥‬سورة العنكبوت‪.‬‬

‫• فاإلحالة إىل الدين‪ ...‬اإلحالة إىل الرساالت السماوية؛ متر هذه اإلحالة هو ظاهرة‬
‫"اإلنسان"‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫• فاإلنسان ُطبع ُ‬
‫ماديا‪.‬‬ ‫وص ِبغ ُمكلفا‪ ،‬ولم يطبع ولم يصبغ ِل ُيفش‬
‫فشل وسيفشل أي تحليل إلحادي لإلنسان!‬ ‫• لذلك ِ‬
‫• ولن ُينتج التحليل اإللحادي لإلنسان إال المحرقة النازية وحدائق حيوان ر‬
‫البش!‬
‫ن‬
‫• فباإللحاد يتسمم معن اإلنسان‪ ،‬ويتسمم الوجود من ِ‬
‫حول ِه‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫‪ -58‬لكن‪ :‬كيف نعرف الدين َّ‬
‫الحق‪ ...‬كيف نعرف ِصدق الرسول؟‬
‫ا‬
‫لماذا يكون محمد بن عبد هللا ﷺ رسوًل من عند هللا‪ ...‬ما بينات صدقه؟‬

‫‪‬‬

‫‪ -1‬أن يكون صادقًا‬

‫بديه‪.‬‬
‫ي‬ ‫• وهذا رشط‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫اشتهر ن‬‫ُ‬
‫بي الناس بالصدق‪ ،‬بل ولم يعهد عليه كذب‬ ‫والنن محمد بن عبد هللا ﷺ‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫كذب نف وقعة واحدة عىل تعدد مواقفه‪ ،‬ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وكتة أخباره‪ ،‬وهذا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أنه‬ ‫هم‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫قط‪ ،‬ولم‬
‫ي ا‬ ‫ر‬
‫باعتاف أشد الناس له عداوة‪.‬‬
‫واحدة‪.‬‬ ‫لمرة‬ ‫ولو‬ ‫بكذب‬ ‫• فلم ُي َ‬
‫رم‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫َ َ ن‬
‫ورد يف البخاري أن كبار كفار قريش قالوا له يف أول دعوته‪" :‬ما جربنا عليك إال‬ ‫•‬
‫ً‬
‫صدقا"‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫فهذه هي البيِّنة األولى‪ :‬أن يكون النبيُّ صادقًا‪.‬‬

‫تكف ن يف إثبات صحة النبوة!‬


‫ي‬
‫• وهذه البينة وحدها ن‬

‫فمُدَّعي النبوة إما أن يكون‪ :‬أصدق الناس؛ ألنه نبيٌّ؛ فمن الطبيعي‬
‫أن يكون أصدق الناس‪ ،‬وإما أن يكون أكذَبَ الناس؛ ألنه يفتري كذبًا‬
‫يف أعظم األمور شأنًا‪.‬‬

‫• وال يختلط أصدق الناس بأكذب الناس إال عىل أجهل الناس؛ وهذا كالم شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪.‬‬

‫‪ ‬يقول رحمه هللا‪:‬‬

‫بشين قبل انشقاق‬ ‫وقد أسلم السابقون األولون أمثال أب بكر الصديق وخديجة و ُ‬
‫الم ر‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫آية‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫القمر‪ ،‬واإلخبار بالغيب‪ ،‬والتحدي بالقرآن‪ ،‬وكثت من الناس يعلم صدق المخت بال ٍ‬
‫ن َ‬
‫أرسلن‪ ،‬علموا صدقه قبل‬
‫ي‬ ‫البتة‪ ...‬وموش بن عمران لما جاء إىل مرص وقال لهم‪ :‬إن هللا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ لما ذك َر حاله لخديجة‪ ،‬وذهبت به إىل ورقة بن‬ ‫ي‬ ‫وكذلك‬ ‫اآليات‪،‬‬ ‫لهم‬ ‫ظهر‬ ‫ي‬ ‫أن‬
‫النجاش وأبو بكر علموا صدقه ً‬‫ر‬ ‫ُ‬
‫َنوفل‪ ،‬قال هذا هو الناموس الذي أ ر‬
‫علما‬ ‫ي‬ ‫وكذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫موش‬ ‫ب‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫وريا لما أختهم بما جاء به‪ ،‬وما يعرفون من صدقه وأمانته‪)11٠(.‬‬ ‫نرص‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ويعتفون أنهم ما جربوا‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬بل‬
‫ي‬ ‫حياة‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫واحدة‬ ‫بة‬
‫ٍ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫إظهار‬ ‫عن‬ ‫فار‬ ‫الك‬ ‫فإذا عجز‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كذبا"‪.‬‬ ‫عليه الكذب أبدا "ما جربنا عليك‬

‫ً‬
‫ونقل‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬ص‪ ،573‬وبمعناه في نفس المصدر ص‪.318‬‬ ‫(‪ )109‬ثبوت النبوات ً‬
‫عقل‬
‫(‪ )110‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫ْ‬
‫عجزوا عن ذلك‪ ،‬فيلزمهم أن ينظروا ن يف خت نبوته‪ ،‬وليس اإلشاع ن يف تكذيبه!‬
‫َ‬
‫• إذا‬
‫المفتض أنهم يعلمون‬‫ر‬ ‫• ولذلك اشتد لوم القرآن الكريم عىل كفار قريش؛ ألنهم من‬
‫واألمي‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲝﲞﲟﲠ‬
‫ن‬ ‫حاله قبل بعثته‪ ،‬وأنه الصادق‬

‫ﲡﲢﲣ ﱠ ﴿‪ ﴾6٩‬سورة المؤمنون‪.‬‬

‫البيِّنة الثانية ىلع صدق الرسول‬

‫أن يأتي بما أتى به األنبياء مِن قبله؛ مما هو‬


‫موافق للفطرة كالتوحيد ‪-‬توحيد الله عز وجل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• فاإلنسان بفطرته لو نظر إىل الكون لن يستوعب له إال خالقا واحدا‪ ،‬ولن تقفز إىل‬
‫الشكية‪ ،‬وكل‬‫ذهنه أية صورة من صور اآللهة األرضية الوثنية أو التصورات ر‬
‫الشائع نف كل تاري خ األرض بدأت توحيدية تؤمن باهلل الواحد‪ ،‬كما فص ْلنا من ُ‬
‫قبل‪.‬‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫فالتوحيد قضية فطرية وهو خطاب كل األنبياء‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾2٥‬سورة األنبياء‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫يأب بما‬
‫ً‬
‫دعا من الرسل ر‬‫ب‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬ ‫يكن‬ ‫ولم‬ ‫الفطري‪،‬‬ ‫التوحيد‬ ‫بهذا‬ ‫ا‬‫و‬‫• فكل األنبياء َأت ْ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫يخالف هذه العقيدة التوحيدية النقية‪.‬‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة األحقاف‪.‬‬
‫• بل دعا لنفس التوحيد ر‬
‫النف الذي جاء له كل األنبياء‪.‬‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫• فكل األنبياء أت ْوا بالتوحيد‪ ،‬ولم يبق عىل هذا التوحيد اليوم سوى اإلسالم‪ ،‬فهو دين‬
‫الباف عىل األرض‪ :‬ﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬
‫ر‬
‫ي‬ ‫هللا الوحيد‬

‫ﱩﱪﱫﱠﭐ﴿‪ ﴾8٥‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫إذَن البيِّنة الثانية ىلع صدق الرسول أن يأتي بما يوافق الفطرة من‬
‫التوحيد النقي‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا بما يوافق الفطرة من المبادئ األخالقية ن‬ ‫ْ‬
‫وأن ر‬
‫الرصورية‪.‬‬ ‫يأب‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن ن‬ ‫َ‬
‫رص‬
‫أب طالب ي‬ ‫والنن ﷺ كان صاحب المثل األوف يف هذا‪ ،‬وقد أوضح جعفر بن ي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫كمال األخالق ر ر‬ ‫َ‬
‫حي قال‬ ‫النجاش‬
‫ي‬ ‫النن ﷺ يف حواره مع‬
‫الن أب بها ي‬‫ي‬ ‫هللا عنه‬
‫ً‬
‫مخترصا ما جاء به اإلسالم من كماالت الفطرة‪:‬‬ ‫ر‬
‫للنجاش‬
‫ي‬

‫ُ‬
‫اإلسالم بما يوافق الفطرة من كمال التوحيد ومبادئ القيم األخالقية!‬ ‫• فقد رأب‬

‫(‪ )111‬مسند أحمد ح‪ ،1740 :‬بسند صحيح‪.‬‬


‫‪163‬‬
‫البيِّنة الثالثة ىلع صدق النبي‬

‫د يحمل مُحاالً عقليًّا‬


‫أالَّ يأتي النبي بنصٍّ شرعيٍّ واح ٍ‬
‫واحدًا‪.‬‬

‫• فال تكون نف نصوص ر‬


‫الشع ُمحاالت عقلية‪ ،‬هذا أمر طبيع؛ إذ لو كان هذا ر‬
‫الشع‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫عقىل واحد‪.‬‬ ‫ً‬
‫وحيا من هللا فلن يكون فيه محال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫• وقد قال عز ِمن قائل مؤكدا هذه القضية العقلية‪ :‬ﱡﭐﱯﱰﱱﱲﱳﱴ‬

‫ﱵﱶﱷﱸﱠ ﴿‪ ﴾82‬سورة النساء‪.‬‬


‫ن‬ ‫بي ٍّ‬
‫نص ر‬ ‫ٌ‬
‫تعارض ن‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫بديهة‬
‫ٍ‬ ‫وبي‬ ‫ع‬‫ي‬ ‫ش‬ ‫أو‬ ‫اختالف‬ ‫الحق‬ ‫الدين‬ ‫ف‬ ‫• فيستحيل أن يوجد ي‬
‫عقلية!‬
‫ر ً‬
‫يأب أبدا بمحاالت العقول‪.‬‬ ‫• فالدين الحق ال ي‬
‫ر‬
‫يأب بمحارات العقول‪.‬‬‫• لكن الدين الحق قد ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫يأب بالمتشابهات‪ ،‬وهذا من‬ ‫يأب الدين بالمحاالت؛ لكن قد ي‬ ‫• نعم يستحيل أن ي‬
‫َ‬ ‫حن يتبع ُ‬ ‫التكليف‪ :‬ر‬
‫أهل الهوى والذين يريدون الكفر هذا المتشابه؛ بينما يثبت‬
‫اهي ومحكمات عىل صحة الرسالة!‬ ‫اليقي؛ ِلما نف الدين من بر ن‬ ‫ن‬ ‫أهل الحق عىل‬
‫ي‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ‬

‫ﲡ ﱠ ﴿ ‪﴾7‬‬
‫ﲢ‬ ‫ﲓﲕ ﲖﲗﲘﲙ ﲚﲛ ﲜ ﲝﲞ ﲟﲠ‬
‫ﲔ‬ ‫ﲒ‬
‫سورة آل عمران‪.‬‬
‫ﲆﲈﲉ‬
‫ﲇ‬ ‫‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ‬
‫ﲍﲏﲐﲑﲒﲓﱠ ﴿‪ ﴾26‬سورة البقرة‪.‬‬
‫ﲎ‬ ‫ﲊﲋﲌ‬
‫‪ ‬وقال عز ِمن قائل‪ :‬ﱡﭐﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅ‬
‫ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ‬
‫ﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﱠ سورة الحج‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫• ﱡﲁ ﲂ ﱠ ي‬
‫ن‬
‫تعن‪ :‬إذا قرأ ي‬
‫النن ما أنزل هللا عليه‪ ،‬قام الشيطان بإلقاء الوساوس‬
‫والشبهات ن يف قراءته‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫متشابه ر‬
‫حن يكون هناك إيمان وكفر‪ ،‬والمؤمن يحيل‬ ‫الطبيع أن يكون هناك‬‫ي‬ ‫• فمن‬
‫هذا المتشابه إىل المحكمات‪.‬‬
‫ه‪ :‬القطعيات‪.‬‬ ‫• والمحكمات ي‬
‫• فالمؤمن يحيل المتشابه إىل المحكم!‬
‫• مثال عىل ذلك يف قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈ‬
‫ن‬

‫ﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏﱐ ﱑﱒ ﱓﱔﱕﱖﱗ‬

‫ﱘﱠ ﴿‪ ﴾62‬سورة البقرة‬


‫• هذا النص متشابه!‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫• فاليهود والنصارى والصابئون لو آمنوا باهلل وعملوا صالحا ال خوف عليهم وال هم‬
‫يحزنون‪.‬‬
‫‪ ‬والسؤال هنا‪ :‬بعد بعثة محمد ﷺ هل يلزمُ هم اإليمان بنبوته أم‬
‫يكفيهم اإليمان بأنبيائهم؟‬
‫• اآلية هنا لم توضح هذا األمر!‬
‫• فهذا متشابه!‬
‫• والمسلم هنا يقوم َبرد هذا المتشابه إىل المحكم!‬
‫‪‬ما هو المُ حكم في هذا األمر؟‬
‫• المحكم قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪ‬
‫ﱫﱠ ﴿‪ ﴾8٥‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫َ ْ ْ‬
‫أحلنا المتشابه الذي لم نفهمه نف اآلية األوىل إىل المحكم نف اآلية الثانية؛ ر‬
‫والن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• إذن‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫تقطع بها بأنه بعد بعثة محمد ﷺ لن يقبل إيمان ر‬
‫بش إذا لم يؤمن بنبوته ﷺ!‬
‫• فهنا نستوعب المتشابه بمجرد َرد ِه إىل المحكم!‬
‫‪ ‬مثال آخر على المتشابه والمُ حكم وهو قول هللا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﱏﱐﱑﱒ‬

‫ﱓﱔ ﱕﱖﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛﱜ ﱝﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤﱥ ﱦ‬

‫ﱧﱠ ﴿‪ ﴾86‬سورة الكهف‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬ملاذا؟‬

‫ألن املُحكم يخبرنا أنَّ الشمس تجري يف فلكٍ ال تتوقف!‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ ﭐ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة‬


‫األنبياء‬
‫ن ُ‬ ‫ن‬ ‫َ ْ‬
‫وتختف جل‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫للمتشابه‬ ‫الصحيح‬ ‫المعن‬ ‫نستوعب‬ ‫المحكم‬ ‫إىل‬ ‫المتشابه‬ ‫بإحالة‬ ‫ن‬ ‫• إذ‬
‫ًّ‬
‫الشبهات ذاتيا‪.‬‬
‫• فالمسلم يحيل المتشابه إىل ُ‬
‫المحكم‪ ...‬بينما الذي يريد الزي غ يتبع هذا المتشابه‪،‬‬
‫المحكم ر‬
‫ليبف عىل زيغه‪.‬‬ ‫ويتجاهل ُ‬

‫إذَن فالدين الحق‪ ،‬والرسالة الصحيحة تأتي باملتشابه‪ ...‬تأتي بمحارات‬


‫العقول‪ ،‬لكن ال تأتي أبدًا بمحاالت العقول‪ ...‬يستحيل أن تجد نصًّا‬
‫ة واحدة‪.‬‬
‫ة أو علمي ً‬
‫شرعيًّا واحدًا يخالف بديهةً عقلي ً‬

‫أما البيِّنة الرابعة ىلع صحة الدين وصدق النبي‬

‫وهي بيِّنة إضافية‪ ،‬لكنها لو حصلت لكانت قطعيَّة ىلع صحة الدين‪،‬‬
‫وصدق النبي‪ ،‬أالَ وهي‪ :‬حصول املعجزات ىلع يد النبي وبِشارات‬
‫األنبياء به قبل بعثته‪.‬‬
‫❑ وقد وقعت عىل يد النن محمد ﷺ ر‬
‫أكت من ألف معجزة صحيحة ثابتة‪ ،‬والعهد بهذه‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫قريب‪ ،‬والذين نقلوها هم أصدق الناس وأزكاهم أخالقا‪ ،‬وكانوا ال يجتون‬ ‫ات‬‫المعجز ِ‬
‫ً ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫الكذب عليه يف أبسط األشياء‪ ،‬فهم يعلمون أن من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من‬
‫النار‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫ُ‬
‫❑وبعض معجز ِاته شهدها مئات الصحابة‪ ،‬ي‬
‫فه معجزات بلغت حد التواتر‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬أن ينقل عد ٌد كبي ٌر من الناس خبرًا من األخبار‪ ،‬بحيث تحيل العادة‬


‫تواطؤهم على الكذب‪.‬‬

‫فالتواتر يفيد العلم اليقيني القطعي!‬

‫• وهناك بالفعل معجزات كثتة نقلها عدد كبت من الصحابة إىل مئات وآالف‬
‫ن‬
‫التابعي‪.‬‬
‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫اثني يف غزوة‬
‫ِ‬ ‫لشخصي‬
‫ِ‬ ‫• مثل أحاديث تكثت الطعام القليل؛ بحيث أن طعاما ي‬
‫يكف‬
‫فيطعم منه الجيش كله‪.‬‬ ‫الخندق يدعو فيه النن ﷺ بالتكة َ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫خمسة مواضع من صحيحه‪ ،‬لعظمة‬ ‫ُ‬ ‫• وأحاديث تكثت الطعام أوردها البخاري يف‬
‫ا‬
‫هذه المعجزة ولكونها متواترة فقد رآها المئات بأم أعينهم‪)112(.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫النن ﷺ ربه‪ ،‬ويجاب يف الحال والناس‬ ‫ي‬ ‫فيهم‬ ‫يدعو‬ ‫ا‬ ‫حديث‬ ‫• وهناك مائة وخمسون‬
‫يشهدون‪)11٣(.‬‬

‫أهل الدنيا بالقرآن الكريم‪ ،‬فلم يجدوا إال السيف ُليسكتوه به‪.‬‬ ‫• وقد تحدى ﷺ َ‬
‫ن‬
‫الن رأب بها ﷺ كثتة‪ ،‬والبشارات به يف كتب أهل‬ ‫ر‬
‫• فالمعجزات واآليات والبينات ي‬
‫الكتاب عجيبة‪ ،‬وسوف نتناول بعض هذه المعجزات‪ ،‬وبعض هذه البشارات‬
‫بالتفصيل ن يف ثنايا الصفحات القادمة‪.‬‬

‫(‪ )112‬البخاري )‪ ،(1217‬البخاري )‪ ،(2618‬البخاري )‪ ،(3578‬البخاري )‪ ،(4101‬البخاري )‪.(6452‬‬


‫(‪ )113‬جمع هذه األحاديث سعيد بن عبد القادر باشنفر‪ ،‬في كتابه دالئل النبوة‪ ،‬والكتاب من إصدارات دار ابن حزم‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫أما البيِّنة الخامسة من بيِّنات صدق النبي‬

‫أن يكون النبيُّ مُؤيَّدًا مِن قِبل الله عز وجل‪.‬‬


‫ُ‬
‫• وال يلزم هنا التأييد الدنيوي المادي بالفتوح واالنتصارات‪ ،‬لكن المقصود أن تنترص‬
‫رسالته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اهي صحة‬ ‫ُحجة النن وتنترص بر ن‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫يأت كافر واحد عىل كتة الكفار‬ ‫والنن ﷺ يف باب التأييد بالحجة والتهان لم ِ‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫واحد‪.‬‬ ‫نص رش ٍّ‬ ‫ن‬
‫ورغبتهم ف استئصال شأفة اإلسالم‪ ،‬لم يأتوا بتناقض واحد ف ٍّ‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ٍ ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ إىل جانب تأييد الحجة والتهان‪ ،‬حاز تأييد النرص والتمكي بالفتوح‪،‬‬ ‫• وحاز ي‬
‫ن‬
‫وقد أخت هللا عز وجل بنصر نبيه‪ ،‬وأخت بسيادة دينه وانتشاره‪ ،‬يف‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫الوقت الذي كانت فيه ديانات العرب قائمة‪ ،‬وملوكهم عىل جزيرة العرب‬
‫ُ‬
‫مستولية‪ ،‬وكانت ممالك الهند وكشى والقسطنطينية مما ال يحلم العرب أن‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫تنتش كلمتهم فيها‪ ،‬وكانوا يعتتون انتصاره من قبيل هدم‬ ‫يروها فضًل عن أن‬
‫الجبال الشم الرواش بريشة تطت‪)114(.‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫حن أتم ر‬
‫ت ر‬ ‫ُ ْ‬
‫الشيعة‪ ،‬وأكمل الرسالة‪ ،‬ونزل‬ ‫• فانتصر ﷺ‪ ،‬وظهرت دعوته ولم يم‬

‫قول هللا تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬

‫ﱵﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة المائدة‪.‬‬


‫ﱶ‬

‫• ونزلت سورة النرص‪ :‬ﭐﱡﭐﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩ‬

‫ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱠ‬
‫سورة النرص‪.‬‬
‫ن‬
‫وف هذه السورة إشعار بأنه قد فرغ من مهمته يف الدنيا‪.‬‬‫• ي‬
‫• وبعد نزول هذه السورة قال ي‬
‫النن ﷺ للناس‪:‬‬

‫(‪ )114‬رسالة خاتم النبيين محمد ﷺ‪ ،‬د‪ .‬ثامر بن ناصر‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫(‪ )115‬صحيح البخاري ح‪.3904 :‬‬
‫‪168‬‬
‫ُ‬
‫• فعلم أبو بكر أن المخت هو ي‬
‫النن ﷺ؛ فبك!‬
‫مال وكانوا‬
‫واحد ‪-‬يوم األحد‪ ،-‬تصدق بكل ما عنده من ٍ‬
‫ا‬
‫ٍ‬ ‫النن ﷺ ٍ‬
‫بيوم‬ ‫• وقبل وفاة ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫بثالثي‬ ‫المسلمي سالحه‪ ،‬وكانت درعه مرهونة عند يهودي‬ ‫سبعة دنانت‪ ،‬ووهب‬
‫ً‬
‫صاعا من شعت‪.‬‬
‫َ‬ ‫بش ٍء فبكت‪ ،‬ثم سارها ر‬ ‫رص هللا عنها‪ :‬فسارها ر‬ ‫َ‬
‫فاطمة ن‬
‫بش ٍء فضحكت‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• ودعا ﷺ‬
‫قال لها نف األوىل‪ :‬أنه يموت نف مرضه هذا فبكت‪ ،‬وقال لها نف الثانية‪ :‬أنها ُ‬
‫أول أهله‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ ً ي‬
‫لحوقا به فضحكت‪)116(.‬‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫• وقد حدث ما أخت به ﷺ ‪ ،‬حيث مات يف مرضه هذا وكانت فاطمة أول أهله لحوقا‬
‫به‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫االحتضار بالحبيب ﷺ بعد هذه الكلمات‪ ،‬جعل يدخل يديه يف الماء‪،‬‬ ‫• وعندما بدأ‬
‫وجهه‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫ويمسح بهما‬

‫‪ ‬فأصغت إليه عائشة فسمعته يقول‪:‬‬

‫ً‬
‫• وكرر الكلمة األختة ثالثا‪ ،‬وفاضت روحه‪ ،‬ولحق بالرفيق األعىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫والتمكي!‬ ‫• فقد مات ﷺ بعد أن أيد بالحجة والتهان والنرص‬
‫• إن التسليم لصدق هذا ي‬
‫النن وصحة رسالته وتأييد هللا له‪ ،‬وهللا هو رشاد العقل‪،‬‬
‫وتمام الحكمة‪ ،‬وكمال النظر‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ )116‬صحيح مسلم ح‪.2450 :‬‬


‫(‪ )117‬صحيح البخاري ح‪.4463 :‬‬
‫‪169‬‬
‫الباب الثالث‬
‫ن‬
‫األميي‬ ‫رسول‬

‫‪170‬‬
‫نحتج على ُمل ِحد بالبشارات للنبي ﷺ في كتب السابقين؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ -59‬كيف‬

‫ﷺ‬

‫ُ‬
‫نن حق‪.‬‬ ‫فعىل عىل أنه ي‬
‫ي‬ ‫فه برهان‬ ‫• فلو صحت هذه البشارات والنبوءات ي‬
‫• فهذا استدالل عىل صحة اإلسالم من خارجه!‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫فه أيضا دليل عىل أن النبوة يف أصلها حق‪ ...‬مفهوم‬ ‫• ولو صحت هذه البشارات‪ ،‬ي‬
‫بش به األنبياء يقع كما هو!‬ ‫ٌ‬
‫صحيح؛ حيث أن ما ُي ر‬ ‫ٌ‬
‫مفهوم‬ ‫النبوة‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫آيات كثتة عىل صحة إلزام هذا االستدالل‪ ...‬االستدالل‬ ‫ٍ‬ ‫• وقد أورد القرآن الكريم‬
‫ن‬
‫بالنبوءات عىل صحة نبوة محمد ﷺ يف الكتب المقدسة السابقة؛ فهذا استدالل‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫لزم عقًل!‬
‫م ِ‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲝﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﲣ ﲤﲥ ﲦ ﲧﲨﲩﲪ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٩4‬سورة يونس‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫• اسأل أهل الكتاب ستجد عندهم خت ِ‬
‫نبوتك‪ ،‬وصدق الشع الذي أتيت به‪.‬‬

‫‪ ‬وقال عز ِمن قائل‪ :‬ﱡﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋ‬

‫ﱌﱍﱎﱏﱐﱠ ﴿‪ ﴾4٣‬سورة الرعد‪.‬‬

‫ا‬ ‫ً‬
‫• فالذين عندهم علم الكتاب يعرفونه جيدا‪ ...‬يعرفونه معرفة تامة‪.‬‬
‫ا‬
‫يقينية؛ ر‬ ‫ا‬
‫البشارات بقدومه‪:‬‬‫ِ‬ ‫ة‬‫لكت‬ ‫معرفة‬ ‫• بل يعرفونه‬
‫ﱇﱉ ﱊﱋ‬
‫ﱈ‬ ‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬
‫ﱌﱍﱎﱏﱠ ﴿‪ ﴾146‬سورة البقرة‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐ ﭐﭐﭐﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬
‫ﱮﱯﱠ ﴿‪ ﴾1٥7‬سورة األعراف‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ ،‬وعىل صدق‬ ‫• فاستخدام‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫عط ِه حقه من وجهة‬ ‫عظيم طالما تغافلنا عنه‪ ،‬ولم ن ِ‬
‫ٍ‬ ‫النن ﷺ هو استخدام ٍ‬
‫لباب‬ ‫ي‬
‫نظري!‬
‫َّ‬ ‫• وهذا الباب‪ ...‬باب البشارات ٌ‬
‫ملزم كما قلت لكل أحد‪ ،‬وهو آية عىل َمن يريد أن يتأكد‬ ‫ِ‬
‫من نبوته‪:‬‬
‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﱠ ﴿‪ ﴾1٩7‬سورة الشعراء‬

‫فمعرفة علماء بني إسرائيل بمُحمد ﷺ هي آية واضحة ىلع أنَّه نبيٌّ!‬

‫‪  ‬‬

‫‪172‬‬
‫ألم يقع التحريف في التوراة واإلنجيل‪ ،‬فكيف نستخدمهما في باب البِشارات؟‬
‫‪ -60‬لكن ْ‬

‫ُ َّ‬
‫المسلمات أن التحريف لم يقع ن يف كل التوراة واإلنجيل‪ ،‬وإنما ن يف أجزاء منهما‪.‬‬ ‫• من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أهل الكتاب إىل كتبهم نف ر‬ ‫ُ‬
‫• ولذلك حاك َم القرآن الكريم َ‬
‫أكت من واقعة‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ ‬فقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱠ ﴿‪ ﴾٩٣‬سورة آل‬
‫عمران‪.‬‬
‫ﱣﱠ ﴿‪ ﴾47‬سورة المائدة‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐ ﱝﱞﱟﱠﱡﱢ ﱤ‬
‫ن‬ ‫• والنن ﷺ حاك َم َ‬
‫أهل التوراة يف واقعة الزنا الشهتة إىل توراتهم؛ فقالﷺ ‪ :‬ما تجدون‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ َ‬ ‫ن‬
‫حصن؟‬‫يف التوراة عىل من زب إذا أ ِ‬

‫َ‬
‫الحديث عن ن‬
‫بن إشائيل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ي‬ ‫• بل وقد أجاز لنا ﷺ‬

‫ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬


‫ثبت‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ويكف‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬‫الكثت‬ ‫الحق‬ ‫تحمل‬ ‫الكتاب‬ ‫أهل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫• وهذه كلها دالئل عىل أن ك‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫القرآن الكريم نف ر‬
‫أكت من موضع قبول منهج االستدالل بباب البشارات عند أهل‬ ‫ي‬
‫الكتاب!‬
‫ُ‬
‫الكثت من البشارات عىل أن محمد بن‬ ‫الش ُء‬‫وحن الساعة ما زال نف نصوص كتبهم ر‬ ‫• ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫نن آخر الزمان‪.‬‬ ‫عبد هللا ﷺ هو ي‬
‫(‪ )118‬صحيح سنن أبي داود ح‪.3661:‬‬
‫‪173‬‬
‫‪ -61‬هل لك ب ِذ ْكر أمثلة على ذلك؟‬

‫‪ ‬ورد مثالً يف سفر التثنية‪ ،‬وهو خامس أسفار التوراة‪ ،‬ورد قول‬
‫الرب ملوسى‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال َىل الرب‪ُ :‬أق ُ‬
‫يم ل ُه ْم ن ِب ًّيا ِم ْن َو َس ِط ِإخ َو ِت ِه ْم ِمثل َك‪.‬‬ ‫َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِي‬

‫بن‬‫ن‬
‫نن مثلك يا موش من وسط إخوة ي‬
‫سيأب ٌّ‬
‫ي ي‬
‫ر‬ ‫• قال الرب لموش ن يف هذا النص‪:‬‬
‫إشائيل!‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫بن إشائيل؟‬‫• لكن من هم إخوة ي‬
‫ن‬
‫بن إشائيل هم أبناء إسماعيل؛ فإسماعيل أخو إسحاق‪ ،‬وإشائيل بن إسحاق‪،‬‬ ‫• إخوة ي‬
‫فأبناء إسماعيل هم إخوة أبناء إشائيل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫‪َ َ َ َ :‬‬ ‫ُ‬
‫يع ِإخ َو ِت ِه‬
‫ِ ِ‬‫م‬ ‫ج‬ ‫ام‬ ‫م‬‫أ‬‫و‬ ‫إسماعيل‬ ‫عن‬ ‫اة‬
‫ر‬ ‫التو‬ ‫تقول‬ ‫‪...‬‬‫نفسها‬ ‫اة‬ ‫ر‬‫التو‬ ‫قرره‬ ‫ت‬ ‫• وهذا ما‬
‫ُ‬
‫َي ْسك ُن‪.‬‬

‫نن من ن‬ ‫ر‬
‫سيأب ٌّ‬ ‫ن‬ ‫بش ُ‬ ‫ر‬ ‫َ ْ ُ‬
‫بن‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫التثنية‬ ‫فر‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫من‬ ‫النص‬ ‫هذا‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫موش‬ ‫هللا‬ ‫ي‬ ‫• إذن‬
‫إسماعيل‪ ،‬وهذه نبوءة ال عالقة لها بالمسيح عيش عليه السالم؛ ألن المسيح‬
‫بن إشائيل بل هو منهم‪.‬‬ ‫لم يكن من وسط إخوة ن‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫بن إشائيل‪ ،‬وتحديدا ِمن سبط يهوذا بن إشائيل‪.‬‬ ‫• المسيح كان من ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫بن إشائيل‪ ،‬أي‪ :‬من نسل إسماعيل هو فقط‬ ‫النن الذي أب من وسط إخوة ي‬ ‫• بينما ي‬
‫النن محمد ﷺ‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫فه لم تتحقق حن اآلن!‬ ‫محمد ﷺ‪ ،‬ي‬ ‫• ولو لم تتحقق هذه النبوءة يف‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يم ل ُه ْم ن ِب ًّيا ِم ْن َو َس ِط ِإخ َو ِت ِه ْم ِمثل َك‪.‬‬ ‫• ُأق ُ‬
‫ِ‬
‫‪174‬‬
‫والنن محمد ﷺ مثل موش عليه السالم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫جديدة!‬ ‫يعة‬ ‫يأت ر‬ ‫ر‬
‫• فكالهما أب ر‬
‫ٍ‬ ‫بش ٍ‬ ‫بشيعة جديدة‪ ،‬بينما المسيح لم ِ‬
‫• بل إن المسيح عليه السالم كان يرفض أن ُينظر له عىل أنه رأب ر‬
‫بشيعة جديدة‪،‬‬
‫حن تقسيم المتاث!‬ ‫لدرجة أنه رفض ر‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ َ ن َ ْ َُ َ‬
‫اض ًيا أ ْو ُمقس ًما؟‬
‫• فقال‪ :‬يا ِإنسان‪ ،‬من أقام ِ ين عليكما ق ِ‬

‫ن‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ً‬
‫والوثنيي؛ بينما‬ ‫• أيضا موش ومحمد عليهما الصالة والسالم‪ ،‬كالهما جاهد الكفار‬
‫بن إشائيل!‬ ‫المسيح عليه السالم ُبعث إىل ن‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫أضف إىل ذلك أن موش ومحمدا عليهما الصالة والسالم‪ ،‬كالهما ُولد والدة‬ ‫• ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫طبيعيا‪ ،‬أما المسيح فوالدته والدة خاصة؛‬ ‫طبيعية‪ ،‬وتزوج وأنجب ومات موتا‬
‫ورفع للسماء عليه السالم!‬ ‫يتو ْج‪ُ ،‬‬
‫فقد ُولد بغت أب‪ ،‬ولم ر ن‬
‫ٍ‬
‫بي موش ومحمد عليهما الصالة والسالم أن موش‬ ‫• ومن دالئل التشابه الشديد ن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً ن‬ ‫ر‬
‫كرا يف القرآن الكريم‪ ،‬وما ذكر بهذا التكرار إال لتشابه الستة والمواقف‬ ‫أكت األنبياء ِذ‬
‫فيأب ِذكر قصة موش للتنبيه‬ ‫ر‬ ‫النن ﷺ‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫الن تعرض لها ي‬ ‫الن تعرض لها بتلك ي‬ ‫ي‬
‫والعتة والربط عىل القلوب!‬ ‫والعظة وأخذ الدرس ِ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ن ن‬ ‫ً َ‬
‫النن ﷺ والصحابة‬ ‫الن يتعرض لها ي‬ ‫• وكانت دائما قصص موش حارصة يف الصعاب ي‬
‫النن ﷺ يقول‪:‬‬ ‫ر‬
‫حن كان ي‬

‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫• فكما حورب موش حورب محمد صىل هللا عليه وسلم‪ ،‬وكما أخرج موش من بلده‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫النن محمد ﷺ‪ ،‬وكما انترص موش‬‫ي‬ ‫جاهد‬ ‫موش‬ ‫جاهد‬ ‫وكما‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫محمد‬ ‫خرج‬ ‫أ‬
‫ٌ‬
‫انترص محمدﷺ‪.‬‬
‫بن إشائيل‪ ،‬هو وحده محمدﷺ!‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫فالنن الذي مثل موش ومن نسل إخوة ي‬ ‫ي‬
‫بن إشائيل مثل موش عليه السالم!‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫• بل إن الكتاب المقدس ي ِقر أنه لم يقم ٌّ‬
‫نن يف ي‬ ‫ي‬

‫(‪ )119‬متفق عليه‪ ،‬البخاري ح‪ ،6059:‬مسلم ح‪.1062:‬‬


‫‪175‬‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫ف ِم ِه‪،‬‬ ‫• وعندما نعود لتكملة النص يف سفر التثنية‪ ،‬يقول النص‪َ :‬وأج َع ُل كًل ِ يم ِ يف‬
‫َُ ُُ ْ ُ َ ُ‬
‫يه ِب ِه‪.‬‬
‫وص ِ‬
‫فيكلمهم ِبكل ما أ ِ‬

‫ُ‬
‫مباش اة نف فم النن ﷺ؛ ألنه أ ٌّ‬
‫م ال يقرأ‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬أَجعَلُ كَالَمِي يفِ فَمِهِ‪ :‬كالم هللا‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫وال يكتب‪ ،‬فيكون كالم هللا نف فمه ال نف ألواح‪ ،‬وال بكتاب ن ن‬
‫يتل مرة واحدة من السماء!‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫النن القادم‪.‬‬ ‫نن‬ ‫وح ٌّ‬‫ْ‬
‫إله سيتتل وينطق به هذا ي‬
‫ي‬ ‫بل هو ي‬

‫‪‬‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱠ﴿‪ ﴾1‬سورة اإلخالص‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲅﲆﲇﲈﲉﱠ﴿‪ ﴾1‬سورة العلق‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱠ ﴿‪ ﴾1‬سورة الكافرون‪.‬‬


‫ر ا‬ ‫ن‬
‫مباشة!‬ ‫❑ فكالم هللا يف فمه ﷺ‬

‫‪  ‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ -62‬لكن هناك أنبيا َء كذب ًة كثيرين ظهروا في بالد العرب بعد ظهور النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم؛ فكيف نُفرِّق بينهم وبين النبي الصادق؟‬

‫❑ النص ن يف نفس السفر‪ ...‬سفر التثنية‪ُ ،‬يجيب عن هذا السؤال!‬

‫‪‬يقول النص‪:‬‬
‫فيَتَكَلَّمُ بِاسمِي كَالَمًا لَم أُوصِهِ أَن َيتَكَلَّمَ بِهِ‪،‬‬
‫َوأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطغِي‪َ ،‬‬
‫فيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ‪.‬‬ ‫َ‬

‫النن‪.‬‬ ‫ذلك‬ ‫يموت‬ ‫إليه‬ ‫يفتي عىل هللا‪ ،‬ويتكلم بما لم ُيوح به ُ‬
‫هللا‬ ‫• النن الذي ر‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫• ي‬
‫النن الكاذب يهلك قبل إتمام رسالته!‬
‫ن‬
‫فف أول‬ ‫ن ن‬ ‫• وهذا بالمناسبة هو نفس التفريق‬
‫والنن الكاذب‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫النن الصادق‬‫القرآب بي ي‬
‫ي‬
‫النن ﷺ أوح هللا إليهﭐﱡﭐ ﱰ ﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺ‬ ‫ِبعثة ي‬
‫ﱻﱼﱽﱾﱠ سورة الحاقة‪.‬‬
‫ُ‬
‫النن الكاذب سيهلك قبل إتمامه للرسالة!‬
‫ي‬ ‫أن‬ ‫قرر‬ ‫ت‬ ‫• سورة الحاقة ي‬
‫وه سورة مكية‬
‫‪‬‬
‫ُ‬
‫• لم يم ِت ي‬
‫النن ﷺ إال بعد أن تمت الرسالة‪ ،‬ونزل قول هللا تعاىل‪:‬‬

‫ﱵﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة‬
‫ﭐﱡ ﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱶ‬
‫المائدة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫فالرسالة تمت‪ ،‬والشيعة كملت‪ ،‬ومات ﷺ بعد نزول هذه اآلية ٍ‬
‫بأيام‪.‬‬

‫ن‬
‫النن الصادق تتم رسالته!‬
‫والنن الكاذب‪ ...‬ي‬
‫ي‬ ‫• هذا هو الفرق األول بي ي‬
‫النن الصادق‬
‫‪177‬‬
‫ٌ‬
‫نفس النص ن يف سفر التثنية‪:‬‬
‫ُ‬ ‫والنن الكاذب يذكره‬
‫ي‬ ‫الصادق‬ ‫النن‬
‫ي‬
‫ثان ن‬
‫بي‬ ‫ٍ‬ ‫فرق‬ ‫• هناك‬

‫‪‬‬

‫م الَّذِي لَم يَتَكَلَّم بِهِ الرَّبُّ؟ فَمَا‬


‫َوإِن قُلتَ يفِ قَلبِكَ‪ :‬كَيفَ نَعرِفُ الكَالَ َ‬
‫تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسمِ الرَّبِّ وَلَم يَحدُث وَلَم يَصِر‪ :‬تنبَّأ ونبوءته لم تتحقق‪.‬‬
‫و الكَالَمُ الَّذِي لَم َيتَكَلَّم بِهِ الرَّبُّ‪ ،‬بَل بِطُغيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ‪ :‬نبي‬
‫فَهُ َ‬
‫ال تَخَف مِنهُ‪.‬‬
‫كاذب فَ َ‬
‫‪‬‬

‫• واآلن بالله عليكم؟‬

‫‪ ‬هل يستطيع أحدكم أن يُحصي ما تنبَّأ به النبي محمد ﷺ ‪ ،‬ووقع كما تنبَّأ؟‬

‫‪ ‬هل يوجد ٌّ‬


‫نبي من األنبياء؛ سواءً في العهد القديم أو الجديد أخبر‬
‫بعدد النبوءات التي أخبر بها النبي ﷺ ووقعت كما أخبر؟‬
‫• بل لو جمعنا جميع النبوءات ر‬
‫الن تنبأ بها المسيح عليه السالم‪ ،‬وأضفنا إليها جميع‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫وأضفنا إليهما جميع النبوءات ر‬
‫الن تنبأ‬ ‫الن تنبأ بها موش عليه السالم‪،‬‬‫النبوءات ر‬
‫ي‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫بها جميع أنبياء العهد القديم؛ فهذه النبوءات يف مجموعها أقل عددا من النبوءات‬
‫ر‬
‫ه!‬‫النن ﷺ وتحققت كما ي‬ ‫الن أخت بها ي‬
‫ي‬
‫‪  ‬‬

‫‪178‬‬
‫‪ -63‬مثل ماذا هذه النبوءات التي تنبأ بها النبي ﷺ ووقعت كما أخبر؟‬

‫‪ -1‬أخبر القرآن الكريم أنَّ الله عز وجل سيرُدُّ رسوله ﷺ بعد أن خرج من‬
‫مكة إلى املدينة‪ ...‬سوف يرده مر ًة أخرى إلى مكة‪.‬‬
‫ﱈﱠ ﴿‪ ﴾8٥‬سورة القصص‪.‬‬
‫ﱉ‬ ‫‪ ‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇ‬
‫• ومعاد الرجل بلده؛ ألنه ينرصف ثم يعود‪ ،‬وقد تم كما أخت‪.‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫محلقي رؤوسهم‬ ‫الننﷺ سيدخل المسجد الحرام وصحابته‬
‫ي‬ ‫أن‬ ‫الكريم‬ ‫القرآن‬ ‫‪ -2‬وأخت‬
‫أن منعهم ر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫المشكون من دخوله‪:‬‬ ‫ومقرصين بعد‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾27‬سورة الفتح‪ ،‬وقد تم كما تنبأ‪.‬‬
‫‪ -3‬وأخبره أنَّه بعد دخول املسجد الحرام سيكون هنا فتحٌ‪ :‬ﭐﱡﭐﲸﲹ‬

‫ﲺﲻ ﲼﲽ ﱠ ﭐ﴿‪ ﴾27‬سورة الفتح‪ ،‬وقد تم فتح خيت بعد دخول المسجد‬
‫الحرام‪.‬‬
‫‪ -4‬وأخبره أنه سوف يُغني قريشًا‪ :‬ﱡﭐﱠﱡﱢﱣﱤﱠ ﴿‪﴾28‬‬
‫سورة التوبة‪ ،‬وقد تم‪.‬‬
‫‪ -5‬وأخبر أنَّ أبا لهب سوف يموت ىلع الكفر‪ ،‬وقد تم‪.‬‬
‫ﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﱠ سورة‬
‫المسد‪.‬‬
‫عش ً‬
‫عاما‪ ،‬ومع ذلك لم‬ ‫ألكت من أحد ر‬‫حيا بعد نزول هذه السورة ر‬
‫مع أن أبا لهب ظل ًّ‬
‫ُيسلم طوال هذه المدة!‬
‫نبوءات كثتة أخت بها القرآن الكريم ووقعت كما ي‬
‫ه!‬
‫‪ -6‬وأخبر القرآن الكريم أنَّ الوليد بن املغيرة‪ ...‬وهو أبو خالد بن الوليد‪،‬‬
‫سوف يموت ىلع الكفر‪ :‬ﱡﭐﱢﱣﱠ (المدثر‪ ،)26 :‬وقد كان‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫‪‬‬

‫ً ن‬ ‫❑ فهذا كان ً‬
‫لحظة؟‬
‫ٍ‬ ‫أمرا واردا يف أية‬

‫ُ‬
‫القرآن نبوءة أن الوليد بن المغتة لن ُيسلم‪ ،‬وسيموت ً‬
‫كافرا‪،‬‬ ‫• ومع ذلك يضع‬
‫وتتحقق النبوءة بحرفها!‬
‫ن‬ ‫ن رُ‬
‫• بل وأخت القرآن أن الوليد بن المغتة ُرزق ببني كت‪ ،‬وهو يطمع يف الزيادة‪ ،‬لكن‬
‫ن‬
‫ببني آخرين؛ وقد تم‪.‬‬ ‫كًل‪ ...‬لن يرزق‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ‬

‫ﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﱠ سورة المدثر‪.‬‬


‫يتمن الزيادة‪ ،‬لكن كًل لن ُيرزق بآخرين‪ ،‬فوقع كما أخت القرآن الكريم!‬
‫• فهو ن‬

‫‪ -7‬وتنبَّأ القرآن الكريم أنَّ الروم ستَهزِم الفُرس يف بضع سنين مع أن‬
‫هذا كان مستحيالً بحساب موازين القوى يف تلك الفترة‪ ،‬وقد تم‪.‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ‬

‫ﲹﲻ‬
‫ﲲﲴﲵﲶﲷ ﲸ ﲺ‬
‫ﲳ‬ ‫ﲫﲭ ﲮ ﲯﲰ ﲱ‬
‫ﲬ‬ ‫ﲪ‬

‫ﱂ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉﱊﱋ ﱌ ﱍ‬
‫ﲽ ﲿ ﳀﳁ ﳂ ﱁ ﱃ‬
‫ﲾ‬ ‫ﲼ‬
‫ﱠ سورة الروم‪.‬‬
‫َ‬
‫وعد من هللا‪ ،‬وقد وقع كما َو َعد سبحانه!‬
‫ْ‬
‫❑ فهذا‬
‫‪180‬‬
‫‪ -8‬وتنبَّأ القرآن الكريم أنَّ اليهود لن يتمنَّوُا املوت حين تحدَّاهم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أن يقولوا فقط هذه الكلمة "نحن نتمنى املوت"‬
‫فلم يجرؤوا ىلع قولها‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ‬
‫ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﲬ ﲭ ﲮ‬
‫ﲯﲰﱠ سورة الجمعة‪.‬‬
‫ً‬
‫النن لماتوا من ساعتهم‪،‬‬
‫ي‬ ‫أمام‬ ‫وه‬ ‫تمن‬ ‫لو‬ ‫أنهم‬ ‫يعلمون‬ ‫ألنهم‬ ‫ا؛‬‫أبد‬ ‫• فما تمن ُوا الموت‬
‫فما تمنوه مع المطالبة واإللزام!‬
‫‪ ‬حتى قال بعض العلماء‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ُ‬
‫وإلهكم‪ ،‬وهذا مقام ال يبديه‬
‫وإله ِ‬
‫ي‬ ‫❑ ولم يقل هذا من عندي‪ ،‬بل قال‪ :‬هذا من عند ي‬
‫رب‬
‫ن‬
‫اليقي‪.‬‬ ‫النن ﷺ إال مع‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫• وقد تحتت المالحدة وأعداء رسول هللا ﷺ لماذا لم يتمن اليهود الموت زمن رسول‬
‫ُ‬
‫ويريحون‪.‬‬ ‫ر‬ ‫هللا ﷺ ُ‬
‫فيستيحون‬ ‫فيكذبوه بذلك‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫• نبوءات ال حرص لها أخت بها القرآن الكريم‪ ،‬ووقعت كما أخت‪.‬‬
‫‪ -9‬والنبيُّ ﷺ تنبَّأ بقتل أُميَّة بن خلف‪ ،‬والحديث يف البخاري وقُتل أُميَّة بن خلف‪.‬‬
‫‪ -10‬وتنبَّأ ﷺ بأنَّ أُمَّ حَرَامٍ بنتَ مِلحَانَ ستكون من غُزاة البحر‪ ،‬والحديث يف صحيح‬
‫مسلم‪)12٠(.‬‬

‫❑ وقد وقع كما تنبأ!‬

‫(‪ )120‬صحيح مسلم ح‪.1912 :‬‬


‫‪181‬‬
‫‪ -11‬وتنبَّأ بأنَّ الحسن بن علي سيُصلح‬
‫الله به بين فئتينِ عظيمتينِ من‬
‫املسلمين‪ ،‬والحديث يف البخاري‪)121(.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العام الذي أصلح هللا‬ ‫‪ ‬ووقع كما تنبأ ﷺ وس ي‬
‫ىم‬
‫ىم‬ ‫س‬ ‫المسلمي عىل يد الحسن بن عىل‪ُ ،‬‬
‫ن‬ ‫به ن‬
‫بي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ب ‪ :‬عام الجماعة‪.‬‬

‫َّل لو مات الحسن بن علي طف ًلا صغيرًا؟‬


‫❑ تخي ْ‬
‫‪ -12‬وتنبَّأ ﷺ أنَّ عمَّارًا ستقتله الفئةُ الباغية‪ ،‬والحديث يف‬
‫البخاري‪)122(.‬‬
‫ووقع كما تنبأ ﷺ‪.‬‬
‫‪ -13‬وتنبَّأ بأنَّ عُمَر وعثمان وعلي وطلحة والزبير لن يموتوا ىلع فُرُشهم‬
‫كما يموت الناسُ‪ ،‬وإنما سيموتون شهداء ووقع كما تنبَّأ ﷺ‪.‬‬

‫َ‬
‫شهداء!‬ ‫فماتوا‬

‫(‪ )121‬صحيح البخاري ح‪.2704 :‬‬


‫(‪ )122‬صحيح البخاري ح‪.447:‬‬
‫‪182‬‬
‫‪ -14‬وأخبر ﷺ برسالة حاطب بن أبي بلتعة‪ ،‬والحديث يف البخاري‪،‬‬
‫ووجد الصحابةُ ما أخبر به ﷺ بصورته!‬

‫‪ -15‬وأخبر ﷺ بمقتل القادة الثالثة يف غزوة مؤتة‪.‬‬


‫‪ -16‬وأخبر بمقتل كِسرى يف اليوم الذي مات فيه‪.‬‬
‫‪ -17‬وأخبر بموت النجاشي يف اليوم الذي مات فيه‪ ،‬وصلَّى عليه صالة‬
‫الغائب‪.‬‬

‫بأحداث كثت ٍة حصلت بعده‪ ،‬وكلها وردت بأسانيد عىل أعىل درجات الصحة!‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬وتنبأ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ذكرت طرفا منها‪ ،‬وما زالت النبوءات ر‬ ‫ر‬
‫الن أخت بها ﷺ تتحقق‬
‫ي‬ ‫الن فقط‬
‫مئات النبوءات ي‬
‫ر‬
‫حن الساعة‪.‬‬

‫َ ْ‬
‫النن الكاذب يتنبأ وال يقع ما يتنبأ به‪،‬‬
‫ي‬ ‫بينما‬ ‫به‪،‬‬ ‫أ‬‫يتنب‬ ‫ما‬ ‫ويقع‬ ‫أ‬‫يتنب‬ ‫الصادق‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬إذ‬
‫بل يخذله هللا!‬

‫‪  ‬‬

‫‪183‬‬
‫‪ -64‬هل هناك نصوص أخرى بالبشارات في التوراة؟‬

‫ً‬ ‫ُ‬
‫النصوص كثتة‪ ...‬نعود للتوراة وتحديدا لسفر التثنية‪:‬‬ ‫❑‬
‫قليلة بعد البشارة بالنن الذي سيخرج من وسط إخوة ن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫• ال ن‬
‫بن إشائيل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فصول‬ ‫تمض‬
‫ي‬
‫بنص آخر يحدد نزول نور الرسالة عىل فاران ر‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬
‫الن سكنها‬ ‫ي‬ ‫فاجأ‬ ‫لن‬ ‫مثل موش‪،‬‬
‫إسماعيل عليه السالم!‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ رْ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫شق له ْم ِمن َس ِع َت‪َ ،‬وتألأل ِمن ج َب ِل ف َاران‪َ ،‬وأ رب‬ ‫• يقول النص‪ :‬ج َاء الرب ِمن ِسيناء‪ ،‬وأ‬
‫َ ُ رَ َ ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫يع ٍة له ْم‪.‬‬
‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ار‬ ‫ن‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ين‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ع‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫س‬
‫ات الق ِ‬
‫د‬ ‫ِمن ِربو ِ‬

‫الن تلقاها ن يف سيناء!‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫‪َ ‬ج َاء الرب م ْن س َين َ‬
‫اء‪ :‬هذه شيعة موش عليه السالم ي‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ ْ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫‪ ‬وتألأل ِمن جب ِل فاران‪ :‬جبل فاران هو المكان الذي سكنه إسماعيل عليه السالم‪ ،‬وهذا‬
‫ُ‬
‫ما تقرره التوراة بنفسها‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َُْ‬
‫هللا َص ْوت الغًل ِم‪َ ،‬ونادى‬ ‫والعشين‪َ :‬ف َسم َع ُ‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬فنقرأ من سفر التكوين اإلصحاح الحادي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫هللا قد َس ِم َع ِل َص ْو ِت‬‫اج ُر؟ ًل تخ ناف؛ ألن َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫َ‬
‫ا‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ال ل َها‪َ :‬‬‫اج َر م َن الس َماء‪َ ،‬و َق َ‬ ‫َ َ‬
‫ه‬ ‫هللا‬
‫ََ ُ‬
‫ك‬ ‫مًل‬
‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َُْ َ ْ ُ ُ‬
‫الغًل ِم حيث هو‪.‬‬
‫َن َ ْ َُ ُ ُ ا َ َ ا‬ ‫ََ‬ ‫َُْ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اح ِم ِ يىل الغًلم‪ ،‬وشدي يد ِك ِب ِه؛ أل يب سأجعله أمة ع ِظيمة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ َِ َ ‬ي‬
‫وم‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫هللا َع ْين ْي َها‪ ،‬فأ ْب َ َ‬ ‫‪َ ‬وفتح ُ‬
‫رصت ِب ئ َت َم ٍاء فذه َبت َو َمأل ِت ال ِق ْربة َم ااء َو َسق ِت الغًل َم‪.‬‬
‫َ َ َْ ُ َ َ َ‬
‫ام ق ْوس‪.‬‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ان‬ ‫ك‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ي‬‫ت‬ ‫هللا َم َع ْال ُغ ًَلم َفك َت‪َ ،‬و َسك َن نف ْال َ‬ ‫ان ُ‬ ‫َ َ‬
‫‪ ‬وك‬
‫ِي‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪َ ‬و َسكن ف بري ِة ف َاران‪َ ،‬وأخذت له أمه ز ْوجة ِمن أ ْرض ِم ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫رص‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِي‬

‫‪184‬‬
‫َ ْ َُ ُ ُ ا َ َ ا‬ ‫َُْ‬ ‫ْ‬
‫يمة‪.‬‬ ‫‪ ‬قال الرب لهاجر اح ِم ِ يىل الغًل َم‪ :‬وهو إسماعيل عليه السالم سأجعله أمة ع ِظ‬
‫َ ْ َ َ ْ ْ‬
‫رصت ِب ئ َت َم ٍاء‪ :‬وهو ئبت زمزم!‬ ‫‪ ‬فأب‬

‫النن ﷺ ن يف البخاري‪:‬‬ ‫حديث‬ ‫تذكرون‬ ‫‪:‬‬ ‫س‬ ‫ام َق ْ‬


‫و‬
‫َ َ‬
‫ان َي ْن ُمو َر َ‬ ‫‪ ‬وك‬
‫ي‬ ‫ِي‬

‫ﷺ‬ ‫‪‬‬
‫ر‬
‫سيأب نور عظيم من‬ ‫❑ الشاهد أن إسماعيل سكن نف بري ِة فاران‪ ،‬ر‬
‫وبشت التوراة أنه‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فاران‪ ،‬وهو نور ر‬
‫الشيعة!‬

‫بي رشيعة موش ومحمد ﷺ بمكان بعثتهما‬


‫‪‬بالمناسبة نفس هذا النص‪ :‬الربط ن‬

‫موجود يف القرآن الكريم؛ ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ‬


‫ن‬

‫ن‬
‫التي‪.‬‬ ‫ﱤﱠ سورة‬

‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬


‫وه رسالة موش‪،‬‬ ‫الن اجاءت يف طور سيني ‪-‬طور سيناء‪ -‬ي‬ ‫• أقسم هللا بالرسالة ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫وه رسالة محمد عليهما‬ ‫ي‬ ‫األمي‬ ‫البلد‬ ‫هذا‬ ‫ف‬‫الن جاءت مرة أخرى ي‬ ‫والرسالة ي‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬
‫أكت من مرة ْ‬ ‫ان ر‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫• وقد تكرر خت نزول نور ر‬
‫عت أسفار التوراة!‬ ‫الشيعة يف بري ِة فار‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫وس ِمن ج َب ِل‬ ‫يمان‪َ ،‬والقد‬ ‫النن‪ ،‬نجد هذا النص‪ :‬هللا جاء ِمن ِت‬ ‫فف َسفر َ حبقوق ي‬ ‫• َي‬
‫ن‬
‫ف َاران ِسًل ْه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ َْ ُ ْ َ َ ْ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ‬
‫يح ِه‪.‬‬‫ات‪ ،‬واألرض امتألت ِمن تس ِب ِ‬ ‫‪ ‬جًلله غًط السماو ِ‬
‫ُ َ ٌ َ َُ َ ْ َ ُْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫اس ِتت ُار قد َر ِت ِه‪.‬‬ ‫‪َ ‬وكان ل َم َعان كالنور‪ ،‬له ِمن ي ِد ِه شعاع‪ ،‬وهناك‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ ُ َ َ َ ْ ُ‬
‫ب ال َو َبأ‪َ ،‬و ِعند ِر ْجل ْي ِه خ َر َج ِت ال ُحىم‪.‬‬ ‫‪ ‬قدامه ذه‬

‫(‪ )123‬صحيح البخاري ح‪.3507:‬‬


‫‪185‬‬
‫يح ِه‪ :‬امتالء األرض بالتسابيح‪ ،‬وصوت األذان!‬ ‫ب‬‫س‬‫ض ْام َت َأل ْت م ْن َت ْ‬ ‫َ َ‬
‫األ ْر ُ‬‫‪‬و‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ َ َ َ ٌ‬
‫اب أيضا‪:‬ﭐﱡﭐ ﲶ‬
‫ي‬
‫قرآب وتور ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ف‬ ‫ان كالنور‪ :‬وصف النبوة بالنور هو ْ‬
‫وص‬ ‫‪ ‬وكان لمع‬

‫ﲷﲸﲹﱠ ﴿‪ ﴾174‬سورة النساء‪.‬‬

‫اع‪ :‬شعاع ر‬‫ُ َ ٌ‬ ‫ُ ْ َ‬


‫الشيعة‪.‬‬ ‫له ِمن ي ِد ِه شع‬
‫ن‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ َ ُ َ َ َ ََُْ َ َْ ْ ْ َ َ َ‬
‫‪ ‬قد َامه ذهب الوبأ‪ ،‬و ِعند ِرجلي ِه خرج ِت الحىم وهذا ما حصل حي دخل ي‬
‫النن ﷺ‬ ‫‪:‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المدينة‪ ،‬فخرجت حىم المدينة من أمامه إىل الجحفة‪ ،‬وذهب الوبأ‪ ...‬والحديث يف‬
‫البخاري‪)124(.‬‬

‫ُ‬
‫إسماعيل عليه السالم‪ ،‬حيث أنار‬ ‫أشق ُ‬
‫نور الرسالة من الموضع الذي سكنه‬ ‫❑ لقد ر‬
‫النن محمدﷺ!‬
‫ببعثة ي‬
‫‪  ‬‬

‫(‪ )124‬صحيح البخاري ح‪.1889:‬‬


‫‪186‬‬
‫‪ -65‬لكن هل تحدثت التورا ُة عن نسل إسماعيل الذين سكنوا مكة؟‬

‫ُ‬ ‫ً‬
‫• طبقا للتوراة‪ ،‬فإن إسماعيل عليه السالم كان له أبناء ك رت‪ ،‬ومنهم‬
‫شخص ُيدع قيدار‪.‬‬
‫• وقيدار هو االبن ن‬
‫الثاب إلسماعيل‪.‬‬
‫ي‬
‫‪‬‬
‫َ‬ ‫ْ ََ ُ ُ‬
‫وت ب ْك ُر إ ْس َماع َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ ُ َ‬
‫يل‪َ ،‬و ِقيد ُار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يد ِهم ‪:‬نباي‬ ‫ْ َ‬
‫هذ ِه أسماء ب ِ ن ين ِإسم ِاعيل ِبأسم ِائ ِهم حسب مو ِال ِ‬
‫َ‬
‫•و ِ‬

‫• وقيدار هذا عاش ن يف مكة‪ ،‬وترب فيها!‬


‫فه قبيلة عربية كبتة من‬ ‫ا؛‬ ‫ً‬
‫تنظيم‬ ‫العربية‬ ‫القبائل‬ ‫• وقبيلة قيدار كانت ُت َعد من ر‬
‫أكت‬
‫ي‬
‫نسل إسماعيل عليه السالم‪.‬‬

‫َ‬
‫عرف النسابة‪ ،‬فإن قيدار هو جد‬ ‫• وكما ِ‬
‫ي‬
‫النن‬
‫عدنان؛ وعدنان بال خالف هو جد ي‬
‫ﷺ‪ ،‬ولم يزل أبناء قيدار بمكة يتناسلون‬
‫فهم أجداد قريش‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫• إذن قيدار بن إسماعيل‪ ،‬ومن نسل قيدار‬
‫النن صىل‬
‫جاء عدنان‪ ،‬وعدنان هو جد ي‬
‫هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪187‬‬
‫‪ -66‬لكن هل تحدثت التورا ُة عن نسل قيدار‪ ،‬وعن مبعث النبي محمد ﷺ في ديار قيدار؟‬

‫وبشت بشخص‬ ‫العجيب أن التوراة بالفعل تحدثت عن نسل قيدار‪ ،‬ر‬


‫ن‬
‫الوثنيي‪ ،‬وستفع‬ ‫عظيم سيخرج من ديار قيدار‪ ،‬وهذا الشخص سيحارب‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫كلمة التوحيد ف ديار قيدار‪ ،‬ولن يموت هذا الشخص ر‬
‫حن تتم شيعته‬
‫‪ :‬ن‬ ‫ن‬ ‫ي ‪ُ ...‬‬ ‫ُ‬
‫ويسمع تمجيد هللا يسمع األذان يف جبال قيدار أي يف جبال مكة‪ ،‬وجبال‬
‫بيتب‪.‬‬‫سالع ر‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫سنبدأ يف قراءة ما قالته التوراة‪ ،‬وهذا النص من أخطر وأعجب نصوص البشارات‬
‫َ‬
‫إش ْع َياء النن اإلصحاح ن‬ ‫ً ن‬ ‫ن‬
‫الثاب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫محمد ﷺ‪ ،‬وهذا النص ورد تحديدا يف سفر‬
‫ٍ‬ ‫بالنن‬
‫ي‬ ‫يف التوراة‬
‫ن‬
‫واألربعي‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ر‬
‫سيأب عبد هللا الذي سيؤيده‬
‫ي‬ ‫ه َو َذا َعبْ ِدي ال ِذي أَ ْع ُض ُدهُ‪ :‬هو ذا عبدي الذي أؤيده‪...‬‬ ‫• ُ‬
‫هللا!‬
‫صطف المختار‪َ ،‬من سيكون هذا الشخص؟‬ ‫ن‬ ‫ت ب ِه نَ ْفسي‪ُ :‬‬
‫الم‬ ‫ِ‬ ‫اري ال ِذي ُسر ْ ِ‬ ‫• ُم ْخ َت ِ‬
‫ن‬ ‫الم ر‬ ‫تماما أن يكون الشخص ُ‬ ‫تنف ً‬ ‫ن‬
‫بش به يف هذا اإلصحاح‬ ‫• وهذه الكلمة "مختاري" ي‬
‫ً‬
‫ع النصارى‪ ،‬فالمسيح طبقا لمعتقدهم مولود‬ ‫هو المسيح عليه السالم‪ ،‬كما يد ي‬
‫ً‬
‫منذ أبد الدهور فهو االبن منذ األزل؛ فكيف يكون مختارا؟‬
‫ت ُرو ِحي َعلَ ْي ِه َف ُي ْخ ِر ُج الْ َحق لِْ ُأل َم ِم‪ :‬يخرج الحق لألمم‪ ،‬أي‪ :‬ستكون رشيعته‬ ‫•و َ‬
‫َض ْع ُ‬
‫للناس كافة‪.‬‬
‫‪188‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫• ومن المعلوم أن األنبياء كانوا يبعثون إىل أقوامهم خاصة‪ ،‬والمسيح عليه السالم‬
‫بن‬ ‫بن إشائيل؛ ولذلك لما جاءته المرأة الكنعانية‪ ،‬وه ليست من ن‬ ‫أيضا ُأرسل إىل ن‬
‫ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫إشائيل‪ ،‬قال لها المسيح‪ :‬ل ْم ُأ ْر َس ْل إًل إىل ِخ َراف َب ْي ِت إ ْ َِ‬
‫شائ َ‬
‫يل الضال ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫ْ‬ ‫ُ‬
‫• لكن قد يزع ُم النصارى أن دعوة المسيح صارت بعد ذلك عالمية – بعد الصلب‬
‫المختار الذي ستكون رسالته من‬ ‫ن‬
‫المصطف ُ‬ ‫المزعوم‪ -‬لكن النص هنا يتحدث عن‬
‫البداية لجميع األمم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ر ُ‬
‫"وكان‬
‫َ‬ ‫• والوحيد الذي أب لي ِ‬
‫خرج الحق لجميع األمم من أول دعوته هو محمد ﷺ‪:‬‬
‫بعث إلى قومه خاص ًة‪ ،‬وبُ ُ‬
‫عثت إلى الناس كافة"‪.‬‬ ‫النبي ُي َ‬
‫ُّ‬

‫للعالميﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ ﴿‪ ﴾1٥8‬سورة‬
‫ن‬ ‫• فهو مبعوث‬
‫األعراف‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كمل نص إش ْع َياء‪:‬‬ ‫‪‬ن ِ‬
‫َ َْ ُ‬ ‫ُ ََ َْ َ ُ ََ ُ ْ ُ ن‬ ‫َ َ‬
‫الننﷺ ‪" :‬كان كثير الصمت‬ ‫ي‬ ‫حال‬ ‫وهذا‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫ار‬
‫ِ ِ‬ ‫الش‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ًل‬‫و‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ًل‬‫و‬ ‫يح‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫‪ً ‬ل‬
‫كما ورد في حديث جابر"‪)12٥( .‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ن‬ ‫َ ُ‬ ‫ً‬
‫• فكان ﷺ هادئا ال يصيح‪َ ،‬وًل ي ْس ِم ُع ِ يف الش ِار ِع َص ْوته‪ ،‬بينما المسيح عليه السالم نقل‬
‫ً َ ً‬
‫عنه ن يف اإلنجيل أنه لما ُحكم عليه بالصلب‪ ،‬رصخ رصاخا ش ِديدا‪.‬‬
‫ُ َ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫هلل الق ِاد ِر أن يخل َصه ِمن ال َم ْو ِت‪،‬‬
‫ات ِ‬
‫َ َ نَ َ‬
‫ات وترصع ٍ‬
‫رصاخ َشديد‪َ ،‬و ُد ُم َ َ‬
‫وع طلب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬إ ْذ َقد َم ب ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ ُ ْ ْ َ ْ َ ‪ُ.‬‬
‫وس ِمع له ِمن أج ِل تقواه‬

‫هللا عز وجل َس ِمع للمسيح‪ ،‬وأجاب‬ ‫وانتبهوا لكلمة‪" :‬وَسمع لَه من أَجْل َت ْقواهُ" ُ‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫ُ َِ ُ ِ ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫دعاءه بعد أن حكم عليه بالصلب‪ ،‬فهل ُصلب بعد أن أجاب هللا دعاءه؟‬
‫ُ َ‬ ‫عىل ٍّ‬
‫وعنا!‬ ‫كل هذا ليس موض‬ ‫•‬
‫ً‬
‫ص ْوتَ ُه‪ :‬هذا النص ال ينطبق أبدا عىل‬
‫ارعِ َ‬ ‫إ َذ ْن ُّ‬
‫النص ال يصيح‪ ،‬وََال ُي ْس ِم ُع ِفي الش ِ‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫أيضا أن المسيح كان ً‬ ‫ً‬
‫الفريسيي‬ ‫كثتا ما ينهر‬ ‫المسيح عليه السالم‪ ،‬ومن المعلوم‬
‫ويصيح ن يف المفسدين‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫بيت‬
‫بيت أبي َ‬ ‫وطرد الجميع من الهيكل‪ ،‬وقال‪ :‬ال تجعلوا َ‬ ‫يوم صن َع سوطا‬
‫وذات ٍ‬ ‫•‬
‫تجارةٍ‪.‬‬

‫(‪ )125‬صحيح الجامع ح‪.4822 :‬‬


‫‪190‬‬
‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ف‪َ ،‬و َفتيل اة َخام َد اة ًَل ُي ْط ن ئُ‬
‫ف‪ :‬أي ُمتبع ر‬
‫للشيعة يف كل‬
‫َ َ َا َْ ُ َ‬
‫وض اة ًَل َي ْقص ُ‬ ‫‪ ‬قصبة مرض‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كبت ٍة وصغت ٍة‪ ،‬فهو ال يفعل شيئا ولو بسيطا من تلقاء نفسه‪ :‬ﭐﱡﭐﱋﱌﱍﱎﱏ‬

‫ﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱠ سورة النجم‪.‬‬

‫حن ُيتم ر‬ ‫ََ َْ ُ َ ر َ َ َ ْ َ ن َ‬


‫األ ْرض‪ :‬ن‬
‫يعن ر‬ ‫َ َ‬
‫الشيعة‪ ،‬فهو‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ض‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ك‬‫ن‬ ‫ي‬ ‫ًل‬‫و‬ ‫ل‬‫ك‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ًل‬ ‫•‬
‫ت ر‬ ‫ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫حن يتم ر‬ ‫ر‬
‫سيبف ًّ‬
‫حيا ر‬
‫حن‬ ‫والنن محمد ﷺ لم يم‬
‫ي‬ ‫يعة؛‬‫الش‬ ‫ال يكل وال ينكش‪ ،‬بل‬

‫الشيعة ونزل قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳ‬


‫أتم ر‬

‫ﱵﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة المائدة‪.‬‬


‫ﱴ ﱶ‬

‫الشيعة‪ :‬ﱡﭐ ﱺ‬
‫حن ُيتم ر‬
‫• والحظ كلمة "ال ينكسر"‪ ،‬أي‪ :‬أنه معصوم من القتل ر‬

‫ﱽﱠ ﴿‪ ﴾67‬سورة المائدة‪.‬‬


‫ﱾ‬ ‫ﱻﱼ‬

‫الج ُزر والجزيرة العربية الكل ينتظر رشيعته!‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ رَ َ َ ُ‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يعته‪ :‬أهل‬
‫َ‬ ‫‪ ‬وتنت َ ِظر ُالجز ِائر ِ‬
‫ش‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اشها‪ ،‬باسط األ ْ‬ ‫َ‬
‫ات ون ر ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫هللا الرب‪ ،‬خالق الس َ‬ ‫ول ُ‬ ‫‪ ‬هكذا َيق ُ‬
‫ًط‬
‫ض ونت ِائ ِجها‪ ،‬مع يِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫او‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫الوح‪ :‬ﱡﭐﱁ‬ ‫وهو‬ ‫ا‬
‫ً‬
‫روح‬ ‫الناس‬ ‫يعًط‬ ‫‪:‬‬‫ا‬
‫نَ َ ُ ً‬
‫وح‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اك‬ ‫الس‬ ‫و‬‫الش ْعب َعل ْي َها َن َس َم اة‪َ ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ﱆﱠ ﴿‪ ﴾٥2‬سورة الشورى‪.‬‬ ‫ﱂﱃ ﱄ ﱅ ﱇ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ ُ َ ْ َُ‬ ‫َ‬
‫ﱽﱠ﴿‪﴾67‬‬ ‫‪ ‬أنا الرب قد دع ْوتك ِبال ِت‪ ،‬فأ ْم ِسك ِب َي ِدك َوأ ْحفظك‪ :‬ﱡﭐﱺﱻﱼ‬
‫ُ‬
‫ﱾ‬
‫سورة المائدة‪.‬‬
‫َُ ً ُْ‬ ‫ْ ُ َ َْ ً‬
‫ورا ِلأل َم ِم‪ :‬رشيعته نور لألمم‪ :‬ﭐﱡﭐﲶﲷﲸﲹﱠ‬ ‫‪َ ‬وأج َعلك عهدا ِللش ْع ِب ون‬
‫﴿‪ ﴾174‬سورة النساء‪.‬‬
‫َُ ً ُْ‬
‫ورا ِلأل َم ِم‪ ،‬أي‪ :‬لجميع الناس‪ :‬ﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﱠ﴿‪ ﴾28‬سورة سبأ‪.‬‬ ‫‪‬ون‬

‫ص غيره ﷺ؟‬
‫هل هذه البشارة تنطبق ىلع شخ ٍ‬

‫‪191‬‬
‫نَ ن‬
‫ي ِ يف‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬
‫ورين‪ِ ،‬من بي ِت السج ِن الج ِال ِس‬ ‫ون ْال ُع ْىم‪ ،‬ل ُت ْخر َج م َن ْال َح ْبس ْال َم ْأ ُ‬
‫س‬
‫ََْ َ ُُ َ‬
‫‪ِ ‬لتفتح عي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الظ ْل َمة‪  :‬يفتح ُ‬
‫ُّ‬
‫الناس من النار‪ :‬ﭐﱡﭐﱵ‬ ‫َ‬ ‫وآذانا ُص ًما‪ُ ...‬ينح ُ‬
‫هللا به‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫عيونا ُع ً‬
‫مي‬ ‫به‬ ‫هللا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ﱼﱠ ﴿‪ ﴾1٠٣‬سورة آل عمران‪.‬‬


‫ﱶﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱽ‬
‫َ‬
‫إش ْع َ‬ ‫ن‬
‫وه أن أهل الكتاب‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬‫اء‬ ‫ي‬ ‫سفر‬ ‫من‬ ‫اإلصحاح‬ ‫هذا‬ ‫ف‬‫• بالمناسبة هناك نقطة طريفة ي‬
‫ُ‬
‫للنن محمد‬
‫ي‬ ‫واضحة‬ ‫بصورة‬ ‫شت‬ ‫ي‬ ‫النن ﷺ ينتبهون إىل أن هذا اإلصحاح‬
‫منذ زمن ي‬
‫ﷺ ؛ ولذلك نقل عبدُ الله بنُ عمر ِو بنِ العاص رضي الله عنه‪:‬‬

‫فتِهِ يف القُرآنِ ليسَ بفَظٍّ والَ‬


‫ض صِ َ‬
‫"واللَّهِ إنَّه ملََوصُوفٌ يف التَّورَاةِ ببَع ِ‬
‫َّيئَةِ السَّيِّئَةَ‪ ،‬ولَكِن يَعفُو‬
‫غلِيظٍ‪ ،‬والَ سَخَّابٍ يف األسوَاقِ‪ ،‬والَ يَدفَعُ بالس ِّ‬
‫َ‬
‫فرُ‪ ،‬ولَن يَقبِضَهُ اللَّهُ حتَّى يُقِيمَ به املِلَّةَ العَوجَاءَ‪ ،‬بأَن يقولوا‪ :‬ال إلَهَ‬
‫ويَغ ِ‬
‫إالَّ اللَّهُ‪ ،‬ويَفتَحُ بهَا أعيُنًا عُميًا‪ ،‬وآذَانًا صُمًّا‪ ،‬وقُلُوبًا غُلفًا"‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫ْ َْ ُ َ‬
‫وتات‪َ :‬‬ ‫آلخ َر‪َ ،‬و ًَل َت ْ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫هذا ْ‬ ‫َ‬
‫النن‬
‫ي‬ ‫هو‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫يح‬
‫ِ‬
‫ِ ي ِ‬‫ب‬‫س‬ ‫يه‬ ‫ط‬
‫ِ ِ‬ ‫ع‬‫أ‬ ‫ًل‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫م‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ىم‬
‫ِي‬ ‫اس‬ ‫ب‬ ‫الر‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫‪‬أ‬
‫‪ُ ...‬‬ ‫ر‬
‫الذي أب ُ‬
‫لعباد المنحوتات عباد األوثان؟‬

‫‪ ‬هل المسيحُ عليه السالم أتى ُ‬


‫لعباد األوثان أم لليهود؟‬
‫ٌ‬ ‫ر ُ‬
‫• الذي أب لعباد المنحوتات هو ي‬
‫النن محمدﷺ‪.‬‬
‫‪‬فهو الذي دعا عباد األوثان للتوحيد‪ :‬ﱡﭐﲹﲺﲻﲼﱠ﴿‪﴾٣٠‬‬
‫ُ‬

‫سورة الحج‪.‬‬
‫ت ُأ ْع ِل ُم ُك ْم ب َها‪ :‬ن‬
‫ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ ٌ َ َْ َ ْ َُْ َ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫يعن ها‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ت‬
‫ِ ِ‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ات‬ ‫يث‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ال‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ات‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫• هو ُذا ِ‬
‫و‬ ‫األ‬
‫ُ‬
‫سيحصل‪.‬‬ ‫أنا أختكم بالذي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُْ َا َ َ ا‬ ‫َ‬
‫• غنوا ِللرب أغ ِنية ج ِديدة‪ :‬أغنية جديدة‪ ...‬تجويدا جديدا‪ ...‬تجويد القرآن!‬
‫ُ‬
‫• هذه الصوت الجديد عىل أهل األرض‪ ...‬صوت تجويد القرآن‪ ،‬وما فيه من غنة‬
‫وتغن‪ ،‬وكما ورد ن يف الحديث‪ :‬ليس منا َمن لم يتغن بالقرآن‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫وتجويد‬

‫‪193‬‬
‫َ‬ ‫يح ُه م ْن أ ْق َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ض‪ :‬هذا التسبيح الجديد سيظهر ن يف كل مكان!‬ ‫ر‬‫األ ْ‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫• تسب‬
‫َ‬ ‫َ ِ ْ ُ ْ َ ُ َ ن ْ َ ْ ِ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ُ َ ُ َّ ُ‬
‫• أيها المنح ِدرون ِ يف البح ِر و ِملؤه والجز ِائر وسكانها‪.‬‬
‫النن‬ ‫هذا‬ ‫يد‬ ‫عىل‬ ‫مكان‬ ‫كل‬ ‫ف‬
‫ن‬
‫فع‬ ‫ست‬‫• ل رَ ْت َفع ْال َتي ُة َو ُم ُد ُن َها َص ْو َت َها‪ :‬صوت األذان الذي ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ ِ‬
‫القادم!‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫• ِل ر ْتف ِع ال َتية َو ُمدن َها َص ْوت َها‪ .‬الد َي ُار ال ِ ر ين َسكن َها ِقيد ُار‪ :‬وهنا لنا أن نتوقف وقفة انبهار!‬
‫ْ‬ ‫• الديار ر‬
‫الن سكنها قيدار‪ :‬قيدار تحدثنا عنه قبل قليل‪ ،‬وقلنا إنه ابن إسماعيل وجد‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫عدنان‪ ،‬فن ْسل قيدار بمكة!‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ه ديار قريش؛ وديار قريش لم ترتفع فيها إال تسبيحات‬ ‫الن سكنها قيدار ي‬ ‫• والديار ي‬
‫نن اإلسالم‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫الن ظهر بظهور ي‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ولم يرفع فيها صوت إال صوت األذان ي‬
‫نن قبل محمدﷺ ‪ :‬ﱡﭐ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ‬ ‫‪ ‬فقوم قريش ما أتاهم ٌّ‬
‫ي‬
‫ﱳﱠ﴿‪ ﴾6‬سورة يس‪.‬‬

‫‪‬وقال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲙﲚﲛﲜﲝﲞﱠ﴿‪ ﴾44‬سورة سبأ‪.‬‬

‫قيدار‪ ،‬ولم َي ُ‬
‫عل فيها صوت التسابيح الجديدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نن منذ سكنها‬‫• فمكة لم يدخلها ٌّ‬
‫ي‬
‫نن اإلسالم‪ ...‬ي‬
‫النن‬ ‫وصوت األذان هللا أكت هللا أكت هللا أكت هللا أكت‪ ،‬إال بمبعث ي‬
‫الذي هدم المنحوتات‪ ،‬ورفع صوت التسابيح واألذان!‬

‫فهل تنطبق هذه النبوءة ىلع غيره ﷺ بأقل قدر من التعقُّل؟‬


‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫• ِلت ر َتن ْم ُسكان َس ِال َع‪ :‬أين يقع سالع؟‬
‫ُ ُ‬ ‫ٌ‬
‫معروف بالمدينة المنورة‪ ،‬وهو معروف بها ر‬ ‫ٌ‬
‫يبعد عند‬ ‫حن اليوم‪،‬‬ ‫جبل‬ ‫• جبل سالع‬
‫خمسمائة ر‬
‫مت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بحواىل‬ ‫المسجد النبوي‬
‫ِ‬ ‫ي‬

‫‪194‬‬
‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ََ‬
‫‪ِ ‬لت ر َتن ْم ُسكان َس ِال َع‪ :‬لو وقفت عىل جبل سالع اليوم ستستمع بنفسك ألذان المسجد‬
‫ستى بعينيك هذه النبوءة وقد تحققت‪ ،‬فقد ُسمع صوت التسابيح‪ ...‬صوت‬ ‫النبوي‪ ...‬ر‬
‫األذان عىل جبل سالع!‬

‫بن‬‫ن‬ ‫• إن األذان الذي تسمعه عند جبل سالع اليوم هو تحقيق‬


‫لنبوءة أخت هللا بها ي‬
‫ٍ‬
‫النن إشعياء!‬
‫عام عىل يد ْ ي‬
‫حواىل ثالثة آالف ٍ‬
‫ي‬ ‫إشائيل قبل‬
‫جبل سالع بالمناسبة هو الذي جرت عنده أحداث غزوة الخندق‪ ،‬ن‬
‫حي‬ ‫ُ‬ ‫• وهذا الجبل‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫اجتمعت الجيوش لغزو المدينة المنورة‪ ،‬فأرسل هللا ريحا عظيمة أهلكت‬
‫جيوشهم‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫‪ ‬ﭐﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ‬
‫ﱭﱯﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة األحزاب‪.‬‬ ‫ﱮ‬ ‫ﱫﱬ‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الن بناها الصحابة‬‫• وعىل سفح جبل سالع حن الساعة توجد المساجد السبعة ي‬
‫أثناء حفر الخندق؛ لتكون مواقع مراقبة أثناء الغزوة!‬
‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ْ ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ال ِل َيه ِتفوا ِل ُي ْعطوا الرب َمجدا‪ :‬الهتاف من رؤوس الجبال‪ ،‬تشتهر به‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ُ ُ‬
‫وس ال ِجب ِ‬ ‫ُ‪ِ ‬من ر ِ‬
‫ؤ‬
‫أمة محمد ﷺ مثل‪ :‬جبال الصفا والمروة‪ ،‬وجبل عرفات‪ ،‬وجبل الرحمة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن ْ َ َ‬ ‫َُ ْ ُ َ ْ‬
‫‪ ‬ويخ ِتوا ِبتس ِب ِ‬
‫يح ِه ِ يف الجز ِائ ِر‪ :‬يبلغون رسالة رب هم إىل بالد األرض‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫• أي دليل ر‬
‫النن محمدا ﷺ مكتوب‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫عىل‬ ‫النص‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫وتفصيًل‬ ‫أكت تحديدا‬ ‫ٍ‬
‫ن‬
‫عندهم يف التوراة؟‬
‫‪  ‬‬

‫‪196‬‬
‫سر انتقال النبوة عن بني إسرائيل لألمة اإلسالمية؟‬
‫لكن ما ُّ‬
‫‪ْ -67‬‬

‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫أنبياء ك رت‪ ،‬وفيهم صالحون‪ ،‬وأئمة‪ ،‬وعباد‬ ‫‪ ‬كانت بنو إشائيل من خت األمم‪ ،‬وكان فيهم‬
‫ﲕ‬
‫ﲖ‬ ‫هلل؛ ولذلك قال ربنا سبحانه عنهم‪ :‬ﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔ‬

‫ﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﱠ سورة الدخان‬


‫ن‬ ‫ٌ‬
‫صالح ٌ‬ ‫ا‬
‫العالمي‪.‬‬ ‫كثت‪ ،‬اختارهم هللا بعلمه عىل‬ ‫‪ ‬فقد كانوا أمة فيهم‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫بالوثنيي وتعل ِق كثتين منهم بالدنيا بدأ يظهر فيهم الفساد‪،‬‬ ‫❑ لكن نتيجة الرتباطهم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫النن إش ْع َياء بخراب أورشليم‪...‬‬
‫ي‬ ‫أ‬‫تنب‬ ‫ذلك‬ ‫أجل‬ ‫ومن‬ ‫والوثنيات‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫كيات‬ ‫والش‬ ‫ر‬ ‫والتتج‪،‬‬
‫وفساد نسائهم‪.‬‬ ‫وفسادهم‬ ‫بن إشائيل‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خراب الهيكل؛ بسبب ذنوب ي‬
‫وف أول إصحاحاته ُيخت الرب أن ن‬ ‫ن‬ ‫إش ْع َ‬‫َ‬ ‫ن‬
‫بن إشائيل قد فسدوا وظهرت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫اء‬ ‫ي‬ ‫فف أول سفر‬‫‪ ‬ي‬
‫المعاص والفواحش‪:‬‬ ‫ي‬ ‫فيهم‬

‫شائ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َْ ُ َ َ ُ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫ُ َْ َ َْ َ‬


‫يل‬ ‫اح ِب ِه‪ ،‬أما ِإ َ ِ‬ ‫َ‪ ‬رؤيا ِإشعياء الرب يتكلم‪ :‬الثور يع ِرف ق ِانيه‪ ،‬وال ِحمار ِمعلف ص ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َْ ُ َ‬
‫ومعن الكالم أن الثور يعرف الشخص الذي يرعاه ويطعمه‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ف‪ .‬ش ْع ِ ين ًل َيف َه ُم‪:‬‬ ‫فًل يع ِر‬
‫بينما شعب إشائيل ال يعرف خالقه ورازقه!‬
‫َ ََ ُ‬ ‫َْ ُ ْ‬ ‫ر‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َْ ٌ ُْ‬
‫اإلث ِم‪ ،‬نس ِل ف ِاع ِ يىل الش‪ ،‬أوًل ِد مف ِس ِدين! تركوا‬ ‫يل ِ‬
‫اطئ ِة‪ ،‬الشع ِب الث ِق ِ‬ ‫‪ ‬ويل ِلألم ِة الخ ِ‬
‫يل‪ ،‬ب ًَل ُد ُك ْم َخر َب ٌة‪ُ .‬م ُد ُن ُك ْم ُم ْح َر َق ٌة بالنار‪ .‬أ ْر ُض ُك ْم َت ْأ ُك ُل َها ُغ َر َباءُ‬‫شائ َ‬ ‫اس َت َه ُانوا ب ُقدوس إ َْ‬ ‫الرب‪ْ ،‬‬
‫ا ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫قد َامك ْم‪ :‬وهذا فيه وعيد شديد عىل لسان نبيهم؛ نتيجة لطغيانهم‪ ،‬فسوف تهلك‬
‫وتخر ُب عىل أيدي األعداء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بالدهم‪،‬‬

‫‪197‬‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫إش ْع َياء ْ‬ ‫ُ‬
‫وح الرب قائًل‪:‬‬
‫ي‬ ‫ل‬‫كم‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬

‫ٌَ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ َْ ُ‬ ‫َ نَ َ ْ ُ َ ْ َ ُ‬


‫ي تب ُسطون أي ِديك ْم أ ْس ر ُت ع ْي ن ين عنك ْم‪َ ،‬و ِإن ك ر ْتت ُم الصًلة ًل أ ْس َم ُع‪ .‬أي ِديك ْم َمآلنة‬ ‫‪ ‬ف ِح‬
‫هللا َي ْس َتجيبُ‬ ‫الش‪َ ،‬ول َذل َك ل ْم َي ُعد ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ش ِائيل أ ك ُتوا ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫اسدة‪ ،‬وبنو إ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دما‪ِ :‬صهيون أصبحت ف ِ‬
‫ُ‬
‫ِلد َع ِائ ِه ْم!‬
‫اعزُلوا رَش أ ْف َع ِال ُك ْم ِم ْن أ َمام َع ْي نَن‪ُ .‬كفوا َع ْن ِف ْعل ر‬ ‫َْ ُ ‪ْ .ْ ََ.‬‬
‫الش‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ‬اغت ِسلوا تنقوا ِ‬
‫َ‬ ‫وم‪ْ .‬اق ُضوا ل ْل َ‬‫‪َ ‬ت َع َّل ُموا َف ْع َل ْال َخ ْت‪ْ .‬اط ُل ُبوا ْال َحق‪ْ .‬انص ُفوا ْال َم ْظ ُل َ‬
‫يم‪َ .‬ح ُاموا َع ِن األ ْر َمل ِة‪:‬‬ ‫ت‬
‫ِ ِ ِ‬‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كلها وصايا بالعودة للعمل الصالح‪.‬‬

‫يمشي مائالت ُ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ََْ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ نَ َ ْ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫ميالت‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫يعن‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫اق‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫األ‬ ‫ات‬
‫ات ِصهيون يتشامخن‪ ،‬ويم ِشي ممد ِ‬
‫ود‬ ‫‪ ‬بن ِ‬
‫ن ْ‬
‫ويرصبن‬ ‫ات نف َم ْشيهن‪َ ،‬و ُي َخ ْش ِخ ْش َن بأ ْر ُج ِلهن‪ :‬ن‬
‫يعن‬ ‫ر‬‫‪َ ‬و َغام َزات ب ُع ُيونهن‪َ ،‬و َخاط َ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ِِ‬
‫بأرجلهن ر ن‬
‫ليفي الرجال‪.‬‬ ‫ُ‬

‫انتش الفساد ن يف الرجال‪ ،‬والخالعة ن يف النساء‪.‬‬


‫• لقد ر‬
‫ُ‬
‫الطبيعية أن موعد خراب أورشليم قد ر‬ ‫ُ‬
‫اقتب!‬ ‫• فكانت النتيجة‬

‫‪198‬‬
‫َ ُ َ ْ ٌ ُ َ َ ٌ ْ َ ٌ َ َ ٌ ْ َ ٌ ْ َ ْ َ ُ رَ َ َ‬
‫يعة الرب‪.‬‬ ‫‪ ‬ألنه شعب متمرد‪ ،‬أوًلد كذبة‪ ،‬أوًلد لم يسمعوا ش‬
‫ُِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هرب رجالها!‬ ‫• يكشون ويسحقون‪ ،‬وتهلك أورشليم وي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫• وبالفعل خ ِربت أورشليم‪ ،‬وهدمت صهيون!‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫اليهود بعد ذلك َ‬
‫بناءها‪ ،‬لكنها لم تعد لسابق مجدها مرة أخرى أبدا!‬ ‫• وحاول‬
‫ُ‬
‫الناس أن مجد أورشليم‬ ‫• وبعد قرون طويلة‪ ،‬وبعد ظهور المسيح عليه السالم ظن‬
‫ا‬ ‫سيعود عىل يد المسيح ُ‬
‫المخلص‪ ،‬وسوف تعود صهيون مرة أخرى‪ ،‬ويرتفع مجد‬
‫الهيكل اليهودي كما كان!‬
‫• لكن تحصل المفاجأة الكتى!‬
‫بش بخراب أورشليم والهيكل‪ ،‬ر‬ ‫شيئا من ذلك‪ ،‬بل هو ر‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫حن إنه لن‬ ‫يفعل‬ ‫• المسيح لم‬
‫يبف ن يف أورشليم حجر عىل حجر‪.‬‬ ‫ر‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هذ ِه ال ِح َج َارة!‬ ‫ال ل ُه َواح ٌد م ْن َت ًَلميذه‪َ :‬يا ُم َعل ُم‪ْ ،‬ان ُظ ْر! َ‬‫يما ُه َو َخار ٌج م َن ْال َه ْيكل‪َ ،‬ق َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬و ِف َ ُ ِ ِ‬
‫هذ ِه األ ْب ِن َية أبنية أورشليم!‬
‫ِ‬ ‫َو‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ‬ ‫ال ل ُه‪ :‬أ َت ْن ُظ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ‬
‫وع َو َق َ‬
‫يمة؟ ًل ي ر َتك حج ٌر عىل حجر‬ ‫هذ ِه األب ِنية الع ِظ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬فأجاب يس‬
‫ض‪.‬‬ ‫ًَل ُي ْن َق ُ‬
‫ر َ َ‬
‫حن خ ِرب الهيكل الخراب‬ ‫تمض أعوام قليلة‬ ‫ِ‬ ‫المسيح للسماء لم‬ ‫ِ‬ ‫❑ وبالفعل بعد رفع‬
‫َ‬
‫األخت وخ ِر َبت أورشليم!‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫وحن‬ ‫حصل هذا الخراب الشهت يف عام ‪ 7٠‬ميالدية عىل يد الرومان‪،‬‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫تذكتا بهذا الخراب الذي لم ي ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي بعده‬ ‫طقوس عز ٍاء سنوية‬ ‫الساعة يقيم اليهود‬
‫ً‬
‫الهيكل أبدا‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫الهيكل‪ ،‬ولم ُي نَ‬ ‫َ َ‬
‫اليهود مكانا أصًل!‬ ‫حن الساعة‪ ،‬بل لم ي ُعد يعرف له‬ ‫ي ر‬ ‫ُ‬ ‫• لقد خ ِرب‬
‫َ‬ ‫لبن إشائيل عىل َن ْسخ ر‬
‫الشيعة‪ ...‬عىل ن ْسخ الرسالة!‬ ‫ن‬
‫وعقىل ي‬ ‫ي‬ ‫عمىل‬
‫ي‬ ‫• وهذا دليل‬
‫أمر ُه!‬
‫• فالهيكل انته ُ‬
‫ُ‬
‫• إذا هدم الهيكل رمز العبادة اليهودية‪،‬‬
‫وأصل المرجعية الدينية اليهودية‪ ،‬ولم‬
‫حن مكانه إىل اآلن‪ ،‬فهذا دليل‬ ‫ُيعرف ر‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الشيعة اليهودية ستنسخ‬ ‫عىل أن‬
‫يعة أخرى!‬ ‫بش ٍ‬ ‫ر‬
‫أمة أخرى تعمل‬ ‫• وأن الرسالة قد تنتقل إىل ٍ‬
‫الن أهملها‬ ‫ر‬ ‫الشيعة اإللهية‬ ‫بأثمار ر‬
‫ي‬
‫اليهود!‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫أربعي إصحاحا من نبوءة إش ْع َياء بخراب الهيكل‪ ،‬يبدأ إش ْع َياء يف‬ ‫ن‬ ‫• العجيب أنه بعد‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫البشارة بظهور أورشليم جديدة‪ ...‬ظهور ِصهيون جديدة‪.‬‬
‫تعن‪ :‬بيت الرب اآلمن المنيع‪.‬‬ ‫‪ ‬صهيون ن‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫كت فيها الفساد والكفر‬ ‫الن رُ َ‬ ‫إش ْع َياء بص ْه َيون جديدة‪ ،‬ليست كص ْه َيون القديمة ر‬ ‫ر َ‬
‫• بش‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتتج‪ ،‬وإنما ِص ْه َيون جديدة!‬
‫ببيت للرب ن يف بالد العرب!!!‬ ‫بش ٍ‬ ‫• لقد ر‬

‫‪  ‬‬

‫‪200‬‬
‫ببيت للرب في بالد العرب؟‬
‫ٍ‬ ‫‪ -68‬كيف بشر َ‬
‫إشع َياء‬

‫❑ َنعَم‪ ،‬بيت للرب يف بالد العرب تُساق إليه كِباش وأغنام وجِمال مكة‬
‫كأضاحٍ لتُذبح يف موسم الحج!‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ ن‬
‫الن غشيت‬ ‫ض ُء نور هذا البيت يف وسط أبناء إسماعيل؛ ليمحو هللا به الظلمة ي‬ ‫‪ ‬سي ي‬
‫وفر ًحا لكل األجيال!‬ ‫وسيبف َب ًّ‬
‫هيا إىل األبد‪َ ،‬‬ ‫ر‬ ‫شء‪،‬‬ ‫ر‬
‫كل ي‬ ‫العالم‪ ،‬وستجن إليه ثمرات ِ‬
‫نصف اطلع عليها أن‬ ‫ُ‬ ‫حن الساعة‪ ،‬ر‬ ‫وهذه البشارات نف التوراة ر‬
‫والن ال يشك إنسان م ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫المقصود هو بيت هللا الحرام يف مكة المكرمة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فه بشارات يعرفها كل َمن درس التوراة‪ ،‬لكن أحبارهم يكتمون الحق!‬ ‫‪ ‬ي‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫يستا‪ :‬ﭐﱡﭐﱋﱌﱍﱎ‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬أما عوامهم فجهلة ال يعرفون من كتابهم إال شيئا‬

‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱠ ﴿‪ ﴾78‬سورة البقرة‪.‬‬

‫• واآلن لننظر ن يف هذه البشارات العجيبة!‬


‫ن‬ ‫َ َْ‬
‫بن إشائيل كما قلنا!‬ ‫• تنبأ إشعياء ي‬
‫النن بخراب الهيكل بعد فساد ي‬
‫بشر بقدوم النبي الذي سيُخرج الحق لألمم؛ والذي سيرفع صوت‬ ‫‪ ‬ثم َّ‬
‫ِ‬
‫وسالع‪ ،‬أي‪ :‬في مكة والمدينة‪.‬‬ ‫التسابيح واألذان في ديار قيدار‬

‫ر َ‬
‫بش إش ْع َياء ببيت الرب الجديد‬ ‫ر‬
‫‪ ‬وبعد هذه البشارة ي‬
‫الن ناقشناها بالتفصيل قبل قليل؛‬
‫الذي سيكون ن يف ديار قيدار!‬
‫‪201‬‬
‫َ‬
‫إش َ‬
‫النن‪:‬‬
‫ي‬ ‫اء‬ ‫عي‬ ‫‪ ‬يقول‬

‫أشق عىل أية بلدة؟‬ ‫ش َق َعل ْيك‪ :‬ر‬ ‫ور ِك‪َ ،‬و َم ْج ُد الرب أ رْ َ‬ ‫اس َتنتي؛ َألن ُه َق ْد َج َاء ُن ُ‬ ‫‪ُ ‬قوم ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِي‬
‫ستى!‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫األ ْر َ‬ ‫َ ُ َ َ ُّ ْ َ ُ ُ َ‬
‫تغًط األرض!‬ ‫ي‬ ‫الكفر‬ ‫ظلمة‬ ‫‪:‬‬ ‫ض‬ ‫ًط‬ ‫ه الظلمة ت ي‬
‫غ‬ ‫‪ ‬ألنه ها ِ ي‬
‫ن‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ ُ َ‬ ‫َ ْ َ ُ رْ ُ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫الظ ًَل ُ‬
‫َ َّ‬
‫شق الرب‪َ ،‬و َمجده عل ْي ِك ي َرى فت ِس ُت األ َم ُم ِ يف‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫م‬‫أ‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫األ َم َ‬ ‫س‬ ‫ام‬
‫ِ‬ ‫الد‬ ‫م‬ ‫‪‬و‬
‫َ ر َْ‬ ‫َ ْ ُُ ُ ن‬ ‫ُ‬
‫ور ِك‪ ،‬والملوك ِ يف ِضي ِاء ِإش ِاق ِك‪.‬‬ ‫ن‬
‫ين َو َي ْخ ُف ُق َق ْل ُبك َو َيتس ُع؛ َألن ُه َت َت َحو ُل إل ْيك َث ْر َو ُة ْال َب ْحر‪َ ،‬و َي ْأبر‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َْ ُ َ َُ‬
‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ‬حين ِئ ٍذ تنظ ِرين وت ِن ِت‬
‫ُ‬ ‫َ ُْ‬
‫ِإل ْي ِك ِغ نن األ َم ِم‪ :‬تجن إليه ثمرات األمم‪ :‬ﱡﭐﲜﲝﲞﲟ ﲠﱠ﴿‪ ﴾٥7‬سورة‬
‫القصص‪.‬‬
‫الجمال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رْ َ ُ ْ َ ‪ :‬ر ن‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫قوافل‬ ‫الرب‬ ‫بيت‬ ‫فيه‬ ‫سيكون‬ ‫الذي‬ ‫البلد‬ ‫هذا‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫تنتش‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬‫ج‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫يك‬‫ِ‬ ‫ط‬ ‫غ‬ ‫‪‬ت‬
‫ن‬ ‫ُ ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ ُّ َ َ ْ‬ ‫ُ ْ ُ ْ َ َ‬
‫‪ ‬بك َران ِمديان َو ِعيفة كلها تأ ِ ر يب ِمن ش َبا‪ ،‬تح ِم ُل ذه ًبا َول َبانا‪ :‬مديان وعيفة يف مملكة‬
‫وه رحلة الصيف!‬ ‫األنباط القديمة ببالد الشام‪ ،‬ي‬
‫وه رحلة الشتاء‪.‬‬
‫فه اليمن‪ ،‬ي‬
‫أما شبا ي‬
‫‪‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱠ سورة قريش‬

‫تأب من بالد اليمن‪،‬‬ ‫قوافل قريش نف الصيف ر‬


‫تأب من بالد الشام‪ ،‬وقوافل الشتاء ر‬ ‫ُ‬ ‫❑ فكانت‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تحمل البضائع ألهل قريش!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ ََ‬
‫كل غن ِم ِقيد َار تجت ِم ُع ِإل ْي ِك‪ :‬هذه الفقرة العجيبة ال يمكن أن يقصد بها إال بيت هللا‬
‫المك!‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الحرم‬ ‫ف‬‫الحرام ي‬

‫‪202‬‬
‫َ‬ ‫ن َ‬
‫هذ ِه أ ْس َم ُاء ب ِ ن ين‬
‫الثاب‪ :‬و ِ‬
‫ي‬ ‫إليك‪ :‬قيدار كما قلنا هو ابن إسماعيل‬ ‫‪ ‬كل غنم َ قيدار تجتمع ِ‬
‫َ‬ ‫وت ب ْك ُر إ ْس َماع َ‬
‫يل‪َ ،‬و ِقيد ُار‪.‬‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫ِإ ْس َم ِاعيل ‪:‬نباي‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫ن‬
‫النن ﷺ‪ ،‬ولم يزل‬
‫قيدار عاش يف مكة وترب فيها‪ ،‬وهو كما قلنا جد عدنان‪ ،‬وعدنان جد ي‬
‫أبناء قيدار بمكة يتناسلون‪ ،‬فأبناء قيدار هم أبناء قريش‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إليك لتذبح!‬
‫إليك‪ :‬أغنام قيدار تساق ِ‬‫‪ ‬كل غنم قيدار تجتمع ِ‬
‫‪ ‬فهل ُذبحت أغنام مكة لبيت سوى البيت الحرام؟‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫أضاح قيدار لم تقدم عىل مذبح كنيسة المسيح‪ ،‬وال عىل مذبح أورشليم‪ ...‬هيكل‬
‫ي‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬
‫اليهود‪ ،‬عت كل تاري خ العرب‪.‬‬

‫‪ ‬لم تُسق أغنام قيـدار إال إلى الحرم المكي!‬


‫ََ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ََ ُ َ‬
‫وت َت ْخد ُ‬
‫المك!‬
‫ي‬ ‫الحرم‬ ‫إىل‬ ‫إال‬ ‫وت‬ ‫اي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫كباش‬ ‫سق‬ ‫ت‬ ‫لم‬ ‫وكذلك‬ ‫‪:‬‬ ‫ك‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬ ‫‪ِ ‬‬
‫وكباش نباي‬
‫ْ‬
‫البكر إلسماعيل عليه السالم‪:‬‬ ‫ونبايوت هو االبن ِ‬

‫ن‬ ‫ٌ‬
‫فهذه نبوءة عن بيت الرب يف بالد العرب‪ ،‬نبوءة واضحة كالشمس عن البيت الحرام‬
‫بمكة!‬
‫ُ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ُْ ا َ َْ َ‬ ‫َ ُ ََ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ُ ََ‬
‫ح‪ :‬تذبح‬‫‪ ‬كل غن ِم ِقيدار تجت ِمع ِإلي ِك‪ِ .‬كب اش نبايوت تخ ِدم ِك‪ .‬تصع د مقبولة عىل مذب يِ‬
‫هديا ن يف الحج!‬
‫ً‬

‫‪203‬‬
‫ن‬ ‫َ َُ ُ َ ْ َ‬
‫ت َج َ‬
‫تزيي البيت الحرام وكس وته‪.‬‬ ‫اىل‪:‬‬
‫ِي‬ ‫م‬ ‫‪ ‬وأزين بي‬
‫ُ‬
‫كمل النص‪:‬‬ ‫‪ِ ‬‬
‫ن‬

‫ٌ‬
‫عجيب؛ انظ روا لمشهد‬ ‫ون ك َس َحاب‪َ ،‬وك ْال َح َمام إىل ُب ُيوت َها‪ :‬هذا ٌّ‬
‫نص‬
‫ُ َ‬
‫ر‬ ‫ائ‬ ‫الط‬ ‫ء‬ ‫ًل‬
‫َ ْ َُ‬
‫‪ ‬من هؤ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫تأب لمكة يف وقت الحج!‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الن ي‬ ‫الط ائرات ي‬
‫كسحاب إىل البيت الحرام!‬‫ٍ‬ ‫• فهم بالفعل طائرون‬
‫ْ َ‬ ‫َْرَ َ‬ ‫َ ن َ‬ ‫‪ ‬إن ْال َج َزائ َر َت ْن َتظ ُر نب‪َ ،‬و ُس ُف َن َت ْ‬
‫يد‪ :‬يأتون من كل‬‫ع‬
‫ِ ٍ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يك‬ ‫ن‬ ‫ب‬‫ب‬ ‫ب‬‫أ‬‫ت‬
‫ِ ِ ِي ِ ِ ِ ِ‬‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬‫و‬ ‫األ‬ ‫ف‬
‫ِي‬ ‫يش‬‫ش‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مكان‪ :‬ﭐﱡﭐﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﱠ ﴿‪ ﴾27‬سورة الحج‪.‬‬

‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ُُ ْ َ َ َ ُُ ْ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْرَ َ‬


‫تأب هذه البالد اليوم للحج‪ ،‬وب هذه‬ ‫‪:‬‬
‫يد و ِفضتهم وذهبهم معهم هل ي‬ ‫‪ِ ‬لتأ ِ يب ِبب ِن ِ‬
‫يك ِمن ب ِع ٍ‬
‫ن‬
‫األضاح‬
‫ي‬ ‫الصورة يف طائرات‪ ،‬وعىل سفن‪ ،‬ومن كل مكان‪ ،‬ومعهم األموال‪ ،‬ويذبحون‬
‫لبيت عىل وجه األرض اليوم سوى للبيت الحرام‬ ‫ٍ‬ ‫العربية‪ ،‬هل تحصل هذه الصورة‬
‫بمكة؟‬
‫‪ ‬أكرر سؤالي ألهميَّته‪ :‬هل تحصل هذه الصورة لبيتٍ ىلع وجه األرض‬
‫اليوم سوى للبيت الحرام بمكة؟‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََُ َْ‬
‫يب َي ْبنون أ ْس َو َار ِك‪ :‬شارك ن يف بناء أسوار الحرم أ َمم وشعوب كثتة عت الزمن‪.‬‬
‫‪ ‬وبنو ال ِ ِ‬
‫ر‬ ‫غ‬
‫َ ُ‬ ‫حن صار َ‬ ‫ونك‪ :‬الملوك ُخدام الحرم؛ ر‬ ‫َ ُُ ُُ ْ َ ْ ُ َ‬
‫الم ِلك ي رشف بتسميته خادم‬ ‫‪ ‬وملوكهم يخ ِدم ِ‬
‫ن‬
‫الحرمي‪.‬‬

‫• وهذه الصورة وهللا ال تنطبق ن يف األرض اليوم إال عىل المسجد الحرام!‬

‫‪204‬‬
‫َ‬
‫للف ْرق ن‬
‫بي الحرم قبل تطهته عىل يد‬
‫ُ‬ ‫‪َ ‬أل نب ب َغ َضن نَ َ‬
‫رصْب ُتك‪َ ،‬وبر ْض َو ن‬
‫اب َر ِح ْمت ِك‪ :‬انظروا‬
‫ِي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ ِي‬
‫ُ‬
‫النن ﷺ ‪ ،‬وبعد أن طهر من األوثان وصار برضوان هللا ورحمته مكان الحج ألمم األرض‪.‬‬ ‫ي‬
‫ا َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬
‫‪َ ‬وتنف ِت ُح أ ْب َو ُاب ِك َد ِائ ًما ن َه ًارا َول ْيًل ًل تغل ُق‪ :‬أبواب الحرم مفتوحة ليل نهار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نَ ْ ُ َ َ ُ َ َ ُ ُ ُ‬
‫وك ُه ْ‬ ‫‪ ‬ل ُي ْؤ رَب إل ْ‬
‫حء للحرم بكنوز كشى وقيرص‪ ،‬وفتحت ِألمة‬ ‫ِ ي‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫اد‬ ‫ق‬ ‫ت‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫األ‬ ‫ن‬ ‫غ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫المسلمي ممالك األرض!‬ ‫ن‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ َّ ر َ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ ً ُ ْ َ ُ ْ ُ‬
‫‪:‬‬
‫‪ ‬ألن األمة والمملكة ال ِ ين ًل تخ ِدم ِك ت ِبيد‪ ،‬وخرابا تخرب األمم من يحاول االقتاب من‬
‫الحرم يهلك‪ ،‬ﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ ﱜ ﱝ‬
‫ُ‬

‫ﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤ ﱠ ﴿‪ ﴾2٥‬سورة الحج‪.‬‬

‫هل يوجد مكان ىلع األرض تنطبق عليه هذه البشارات بهذا التفصيل‬
‫املدهش سوى الحرم املكي؟‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫• الهيكل اليهودي أو صهيون القديمة خ ِرب بالكامل يف عام ‪ 7٠‬ميالدية‪ ،‬وال يعرف له‬
‫حن الساعة!‬ ‫مكان ر‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫• مذابح الكنائس ال تقدم عليها ذبائح أصًل‪.‬‬
‫ُ‬
‫أضاح بالد العرب "قيدار ونبايوت" لم تقدم لبيت من البيوت سوى للحرم‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫المك!‬
‫ي‬
‫ر‬
‫• فهذه بشارة واضحة جلية ببكة المباركة ي‬
‫الن أزال هللا بها ظلمات الكفر؛ وأضاءت‬
‫األرض بنورها!‬

‫‪  ‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ -69‬لكن بعض النصارى يقولون إن البشارات ببيت الرب الجديد هي بشارات ببيت سماوي؟‬

‫الن انتابت َ‬ ‫ر‬


‫أهل الكتاب بعد رفع المسيح عليه السالم!‬ ‫• ال ي‬
‫أحك كم الدهشة ْوالحتة ي‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫يأب المسيح‬‫يأب المسيح فاتحا‪ ،‬ويعيد مجد أورشليم‪ ،‬لكن ي‬ ‫• فهم كانوا يتوقعون أن ي‬
‫ويتنبأ بخراب الهيكل ودمار صهيون‪ ،‬ثم ُيرفع من بينهم‪ ،‬هذا أمر أوقعهم ن يف حتة!‬
‫• هذه الحتة أدت بأهل الكتاب إىل تحريف فهم نصوص البشارات ببيت الرب‬
‫الجديد‪ ،‬فقالوا إن المقصود ببيت الرب الجديد هو هيكل سماوي‪ ،‬وأورشليم‬
‫ه أورشليم سماوية وليست أورشليم أرضية!‬ ‫الجديدة ي‬

‫َ َ َ ا‬ ‫َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ ََ ْ ُ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ‬
‫يم ال َج ِديدة ن ِازلة ِم َن الس َم ِاء‪ :‬ياللعجب!‬ ‫‪ ‬وأنا يوحنا رأيت الم ِدينة المقدسة أورش ِل‬
‫ا‬
‫• فجأة أصبحت أورشليم سماوية وليست أرضية‪.‬‬

‫‪ ‬وال ندري كيف تُساق أضاحي بالد العرب ألورشليم السماوية؟‬


‫اله ْدي الذي ُ‬
‫سيهدى لبيت الرب الجديد من كباش وأغنام أبناء إسماعيل صار‬
‫َ‬
‫•‬
‫ًّ‬
‫سماويا‪ ...‬كيف؟‬
‫• البيت الذي ستأتيه السفن‪ ،‬ويأتيه الناس من كل فج‬
‫ًّ‬
‫عميق أصبح سماويا‪ ...‬كيف؟‬
‫المتعمد للبشارات هو دليل عىل أن‬ ‫• هذا التحريف ُ‬
‫ر‬
‫االعتاف بها!‬ ‫هناك مشكلة حقيقية ال يريدون‬
‫• أن بيت الرب الجديد باختصار لم يعد الهيكل‬
‫اليهودي‪ ،‬وإنما أصبح البيت الحرام بمكة!‬

‫‪  ‬‬

‫‪206‬‬
‫‪ -70‬لكن هل يوجد في اإلنجيل دليل على انتقال الرسالة بسبب فساد بني إسرائيل؟‬

‫ُ ا‬ ‫‪ ‬نف إنجيل ر‬
‫عجيبا وهو المثل الشهت َ‬
‫بمثل الكر ن‬
‫امي!‬ ‫ً‬ ‫يرصب المسيح َمثًل‬
‫من ن‬
‫ي‬
‫‪ ‬يقول المسيح عليه السالم فيما ُروي عنه نف اإلنجيل الذي ن‬
‫بي أيدي النصارى ر‬
‫حن‬ ‫ي‬
‫الساعة يقول‪:‬‬

‫َ ْ َ َا‬ ‫اط ُه بس َياج‪َ ،‬و َح َف َ‬ ‫ََ َ ًْ َ َ َ‬ ‫ْ َ ُ َ َا َ َ‪َْ َ ٌ َ ْ َ :‬‬


‫رصة‪،‬‬ ‫يه مع‬
‫ِ ِ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ح‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ا‪،‬‬ ‫م‬‫ر‬ ‫ك‬ ‫س‬‫ر‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫‪ِ ‬اسمعوا مثًل آخر كان ِإنسان ر َب ب ٍ‬
‫ي‬
‫يرصب مثًل عن هللا عز وجل أنه أعًط ن‬ ‫ا‬ ‫ي َو َساف َر‪ :‬ن‬‫َو َب نَن ُب ْر ًجا‪َ ،‬و َس َّل َم ُه إىل كرام نَ‬
‫بن إشائيل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض والختات ليعملوا فيها ويطيعوا هللا‪.‬‬
‫نَ ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َْ‬
‫ي ِل َيأخذ أث َم َاره‪.‬‬ ‫‪َ ‬ولما ق ُرب َوقت األث َم ِار أ ْر َس َل ع ِبيده ِإىل الكر ِام‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ََُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫‪ ‬فأخذ الكر ُامون َع ِبيد ُه َو َجلدوا َب ْعضا َوقتلوا َب ْعضا َو َر َج ُموا َب ْعضا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫بنو إشائيل بدًل من أداء ما كلفوا به أفسدوا يف األرض وطغوا‪ :‬ﱡﭐﱑﱒ‬
‫ن‬

‫ﱓﱔ ﱕﱖﱗ ﱘ ﱙﱚﱛﱜ‬


‫ﱝﱞ ﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥ‬
‫ﱦﱠ ﴿‪ ﴾8٥‬سورة البقرة‪.‬‬
‫ﱧ‬

‫‪ ‬فماذا ستكون عقوبة إفسادهم في األرض؟‬


‫ِ‬

‫‪207‬‬
‫معا لنر ى الجواب‪...‬‬ ‫‪ ‬نُكمل ً‬
‫ن‬
‫جالسي‪،‬‬
‫ُ‬
‫لف عليهم هذا المثال كان كهنة اليهود‬‫❑ لكن قبل أن ُنكمل بينما كان المسيح ُي ر‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫يقصدهم هم‪ ...‬ولما س ِمع رؤساء الكهن ِة‬ ‫ِ‬ ‫يسمعون الكالم‪ ،‬ويعرفون أن المسيح‬
‫ُ َ َّ َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫يسيون أ ْمثاله‪ ،‬ع َرفوا أنه تكل َم عل ْي ِه ْم‪.‬‬
‫وال ِ‬
‫ر‬ ‫ف‬

‫‪‬واآلن لننظر جواب سؤال‪ :‬ما عقوبة إفساد بني إسرائيل يف األرض؟‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ َْ َ ُ ُ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫‪:‬‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬م رن جاء ص ِ‬
‫احب الكرِم‪ ،‬ماذا يفعل ِبأول ِئك الكر ِامي الكرامون الذين أفسدوا بدًل من أن‬
‫ُ‬
‫يصلحوا‬
‫نَ َ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ‪ُ ًّ ً َ َ ُ ُ ْ ُ َ َ َ ُ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫ي آخ ِرين ي ْعطونه‬ ‫ولئك األ ْر ِدي ُاء يه ِلكه ْم هًلكا َر ِديا‪َ ،‬وي َسل ُم الك ْر َم ِإىل كر ِام‬ ‫َ ِ‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ال‬ ‫‪‬ق‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬
‫األثمار ِ يف أوق ِاتها انتبهوا يسلم الكرم يسلم األرض لغتهم يسلم الرسالة والشيعة‬ ‫!‬ ‫‪:‬‬
‫ألمة أخرى!‬ ‫ٍ‬
‫ْ َ َ َّ‬ ‫َ ُْ َ ن ْ ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫كالمهم‪ :‬أ َما ق َرأت ْم قط ِ يف الكت ِب‪ :‬الحج ُر ال ِذي‬ ‫السالم تأكيدا عىل ِ‬ ‫ال المسيح عليه‬ ‫فق َ‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َر َفضه ال َبناؤون ه َو قد َص َار َرأ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫س الز ِاوي ِة؟‬
‫ون ُه َو َق ْد َص َار َرْأ َ‬
‫س الز ِاو َي ِة!‬
‫َ َ َ ُ َْ ُ َ‬ ‫ا ْ َ َ َّ‬
‫أكد المسيح عىل قولهم قائًل‪ :‬الحج ُر ال ِذي رفضه البناؤ‬
‫َّ‬

‫‪ ‬فيا تُرى مَ ن هو هذا الحجر الذي رفضه َّ‬


‫البناؤون؟‬

‫• الحجر الذي قد صار رأس الزاوية!‬


‫• الشخص الذي سيظهر من ٍ‬
‫أمة أخرى‪ ،‬والذي ستفضه بنو إشائيل‪ ،‬وسيكون رأس‬
‫الزاوية؟‬

‫‪208‬‬
‫ن َ‬ ‫ن‬
‫محمد ﷺ؛ الحديث المتفق عىل‬
‫ٍ‬ ‫• فكروا يف هذا الشخص مستحرصين حديث ي‬
‫النن‬
‫صحته ن يف البخاري ومسلم‪:‬‬

‫َ‬ ‫ُ ََ ًَْ ْ َ ُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫ياء ِمن ق ْب ِ يىل‪ ،‬ك َمث ِل َرج ٍل ب نن بيتا فأح َسنه وأج َمله‪ ،‬إًل َم ْو ِض َع ل ِبن ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ومث َل األن ِب‬ ‫‪ِ ‬إن َمث ِ يىل‬
‫من زاو َية‪ :‬موضع لبنة من زاوية‪ ...‬موضع حجر من زاوية‪ ...‬الحجر الذي قد َص َار َرْأسَ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الز ِاوي ِة!‬
‫اللب َن ُة؟ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َا ُ َ ْ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫ُ َ ُ ُ َ‬ ‫‪َ ‬ف َج َع َ‬
‫قال‪ :‬فأنا‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫هذ‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ع‬‫ض‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫ًل‬‫ه‬ ‫‪:‬‬ ‫ويقولون‬ ‫له‪،‬‬ ‫ون‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ع‬ ‫وي‬ ‫‪،‬‬ ‫به‬ ‫ون‬ ‫وف‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫اس‬ ‫الن‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫الل ِبنة‪ ،‬أي‪ :‬أنا ال َح َج ُر!‬
‫اللب َن ُة‪َ ،‬وأ َنا َخ َات ُم النبي نَ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ي‪ :‬ﷺ ‪.‬‬ ‫‪ ‬فأنا ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َْ ُ َ ُ َ َْ َ َ َْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬ال َح َج ُر ال ِذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الز ِاوي ِة!‬
‫َ‬

‫‪  ‬‬

‫‪209‬‬
‫‪ -71‬لكن لماذا ال يكون المقصو ُد بالحجر في هذه البشارة في اإلنجيل المسيح عليه السالم نفسه؟‬

‫بن إشائيل‪ ،‬بل هو من َق ْلب ن‬


‫ن‬
‫بن إشائيل‪ ،‬فهو من سبط‬ ‫ي‬ ‫• المسيح ليس من خارج ي‬
‫ألمة أخرى تعمل بأثماره!‬ ‫ْ‬
‫يهوذا بن إشائيل‪ ،‬بينما النبوءة تتحدث عن انتقال الكرم ٍ‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫• أمة أخرى تعمل بأثمار الشيعة ي‬
‫الن خالفها بنو إشائيل!‬

‫ل الضَّالَّةِ‪:‬‬
‫ت إِسرَائِي َ‬
‫‪ ‬فاملسيح لم يأتِ إال إلى خِرَافِ بَي ِ‬

‫ً‬
‫أيضا المسيح يتحدث نف البشارة عن شخص َ‬
‫آخر غته ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫‪‬‬

‫وف ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬


‫عي المسيح!‬ ‫بن إشائيل‪ ،‬ي‬ ‫عجيب يف عي ي‬ ‫❑‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫أمة أخرى‪ ،‬وهو غت المسيح عليه السالم؛ ولذلك‬ ‫❑ إذن المتنبأ به هو شخص آخر من ٍ‬
‫َ َُ‬ ‫هو عجيب نف ن‬
‫عي المسيح نفسه‪ ،‬فلو كان المسيح هو المقصود بالبشارة لقال‪ :‬وهو‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫يب نف أ ْع ُينكم‪ ،‬لكنه قال‪َ :‬و ُه َو َعج ٌ‬
‫يب ِ ن يف أ ْع ُي ِننا!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِي‬
‫َعج ٌ‬
‫ِ‬
‫النبي القادم عجيب في أعينهم؟‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ‬لكن‪ :‬لماذا‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬ألن‬
‫أميي ليس فيهم كتاب وال أنبياء وال حضارة‪،‬‬ ‫النن محمد ﷺ سيظهر بي ٍ‬
‫قوم‬ ‫ي‬
‫نش‬ ‫ممالك األرض‪ ،‬وسوف َت ر‬ ‫ُ‬ ‫ا ُ‬ ‫ا‬
‫سيقيم هللا به من الهباء أمة عظيمة تفتح لها‬ ‫ومع ذلك ُ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫هذه األمة الوثنية سابقا التوحيد يف جنبات األرض‪ ،‬وهذا ما لم يفعله اليهود عت تاريخهم‬
‫عىل ما كان فيهم من أنبياء وتوحيد!‬
‫ٌ ن ُْ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫‪ِ ‬من ِق َب ِل الرب كان هذا َوه َو ع ِجيب ِ يف أعي ِننا‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َُْ ُ ْ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫‪‬ل َ ُ ُ ُْ‬
‫هللا ي ن نتع ِمنك ْم‪َ ،‬وي ْعًط ِألم ٍة ت ْع َم ُل أث َم َاره‪ :‬ملكوت هللا‬ ‫ذلك أقول لكم‪ِ :‬إن ملكوت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫بن إشائيل‬ ‫الوح والرسالة والشيعة واألرض وبيت الرب‪ ...‬سيتعون من ي‬ ‫ي‬ ‫وهو‪:‬‬
‫الن أفسدها بنو إشائيل‪ :‬ﱡﭐﱬﱭﱮ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ألمة أخرى تعمل بأثمار الشيعة ي‬ ‫وينتقلون ٍ‬
‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱠ ﴿‪ ﴾1٠٥‬سورة األنبياء‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫َ َ ُ ُ‬ ‫ْ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫هذا ْال َح َجر َي رَ َتض ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ض‪َ ،‬و َمن َسقط ه َو عل ْي ِه ي ْسحقه‪ :‬من سقط عىل‬ ‫ِ‬ ‫ىل‬‫ع‬ ‫‪ ‬ومن سقط‬
‫النن فإنه‬
‫ي‬ ‫النن القادم فإنه ينكش‪ ،‬ومن حاربه‬ ‫ي‬ ‫يعن َمن حارب هذا‬ ‫ي‬
‫هذا الحجر ن‬
‫بنن مجاهد!‬ ‫سيسحقه‪ ،‬وهذه بشارة ٍّ‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫• وهذا الكالم ال ينطبق أبدا عىل المسيح عليه السالم بأية صورة من الصور‪،‬‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫وحي قال له اليهود هل‬‫ن‬ ‫فالمسيح لم يجاهد بالسيف بل رأب يف دولة رومانية‪،‬‬
‫نعًط الجزية لقيرص أم ال؟‬ ‫ي‬
‫‪ ‬قال لهم‪ :‬أعطوا ما لقيرص لقيرص وما هلل هلل‪.‬‬

‫فالمبُشر به هو نبي عظيم من خارج بني إسرائيل‪ ،‬وهو الحَ جَ ر الذي رفضه بنو‬
‫إسرائيل!‬
‫َ َ َ ُ‬ ‫ْ َ َ ُ َّ‬ ‫ن ْ ُُ‬ ‫َ َ َ ُْ ْ َ‬ ‫ن‬
‫‪ ‬لكن يف هذه البشارة يقول المسيح‪" :‬أما قرأتم قط ِ يف الكت ِب الحجر ال ِذي رفضه‬
‫َ ُْ َ ن ْ ُ ُ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫معن‪" :‬أ َما ق َرأت ْم قط ِ يف الكت ِب"؟‬ ‫ون"‪ ،‬فما ن‬ ‫البناؤ‬
‫ن‬
‫تعن أن‪ :‬هذه بشارة موجودة عندهم يف‬ ‫‪ ‬هذه الكلمة‪" :‬أ َما َق َرْأ ُت ْم َقط نف ْال ُك ُتب" ن‬
‫ي‬ ‫ُِ‬ ‫ِي‬ ‫ً‬
‫بن إشائيل قبل‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫أخت‬ ‫اة‬‫ر‬ ‫فالتو‬ ‫‪،‬‬ ‫المسيح‬ ‫ولد‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫جيد‬ ‫كتبهم‪ ،‬وهم يعرفونها‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫بق ُ‬
‫النن دانيال يف‬ ‫ي‬ ‫وهو‬ ‫أنبيائهم‬ ‫أحد‬ ‫أى‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫ألمة‬
‫ٍ‬ ‫ستنتقل‬ ‫الرسالة‬ ‫أن‬ ‫ون‬
‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫المسيح‬
‫منامه هذا الحجر الذي سيهدم هللا به ممالك األرض الكافرة!‬
‫❑ فالمسيح ُيذكرهم نف هذا النص بهذه البشارة نف ُك ُتبهم؛ لذلك قال لهم‪" :‬أ َما َق َرْأ ُتمْ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ْ ُُ‬ ‫َ‬
‫قط ِ ن يف الكت ِب"‪.‬‬

‫فهم يعرفون أن نبيًّا سيأتي من خارج بني إسرائيل ويَلزمهم اتباعه!‬

‫‪‬ﱡ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ‬
‫ﲱﱠ ﴿‪ ﴾1٥8‬سورة األعراف‪.‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪211‬‬
‫َ‬
‫ممالك األرض‬ ‫النبي دانيال في منامه ذلك ال َحجَر الذي س َيهدم اهلل به‬
‫ُّ‬ ‫‪ -72‬لكن كيف رأى‬
‫ُ‬ ‫هم هذه البشارة؟‬ ‫الوثنية‪ ،‬وكيف َف ِ‬

‫والن ه ُ‬
‫نفسها أخت بها المسيح تالميذه بعد قرون‬ ‫ر‬ ‫الن ر‬ ‫‪ ‬هذه البشارة ر‬
‫دانيال‪ ،‬ي ي‬ ‫بش بها‬ ‫ي‬
‫النن محمد‬ ‫قدوم‬ ‫عن‬ ‫القديم‬ ‫العهد‬ ‫ات‬ ‫ر‬‫بشا‬ ‫أهم‬ ‫من‬ ‫د‬‫ع‬‫من وفاة دنيال ُمذك ًرا إياهم بها‪ُ ،‬ت َ‬
‫ي‬
‫حن قال قسيس إرميا السابق عبد األحد داود عن هذه‬ ‫ﷺ‪ ،‬وعن قدوم األمة اإلسالمية‪ ،‬ر‬
‫البشارة‪:‬‬

‫ن‬
‫لقد رأى دانيال يف منامه ممالك األرض العظيمة‪ ...‬رآها بالتفصيل‪ ،‬ثم ظهر الحجر‬
‫َ‬
‫العظيمة الموحدة ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الذي َ‬
‫الن‬
‫ي‬ ‫األمة‬ ‫دانيال‬ ‫سيهدم هللا به هذه الممالك الكافرة‪ ،‬ورأى‬
‫ُ‬ ‫ر ن‬
‫حواىل ‪ 64٠‬م‪ ).‬وتفتح هذه الممالك‪...‬‬ ‫ي‬ ‫ستأب يف منتصف القرن السابع الميالدي (‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫ومنتصف القرن السابع الميالدي هو تحديدا زمن الخالفة الراشدة‪ ،‬تخيل يتحدث دانيال‬
‫بأكت من ألف عام!‬ ‫عن هذه البشارة قبل حصولها ر‬
‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫أنبياء هللا الكرام كداود وسليمان‪ ،‬وساد فيها‬ ‫القدس مدينة عظيمة حكمها‬ ‫كانت‬
‫ن‬
‫تنتش الوثنيات ف ن‬ ‫النف؛ لكن بعد زمن طويل بدأت ر‬ ‫التوحيد ر‬
‫بن إشائيل وبدأ يظهر فيهم‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بن إشائيل وسوف تسبيهم األمم؛‬ ‫الفساد فأخت هللا أنبياءه أنه سيبدل نعمته عىل ي‬
‫سن‬
‫البابىل" حيث تم ي‬‫ي‬ ‫"السن‬
‫ي‬ ‫وبالفعل ن يف القرن الخامس قبل الميالد حصل ما ُيعرف ب ‪:‬‬
‫وخ ْذ َن َ‬
‫رص‪.‬‬
‫َُ َ‬
‫بن إشائيل إىل بابل عىل يد نب‬ ‫ن‬
‫ي‬

‫(‪ )126‬محمد ﷺ كما ورد في كتاب اليهود والنصارى‪ ،‬عبد األحد داود‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ص‪.87‬‬

‫‪212‬‬
‫ٌ‬ ‫وف مدينة بابل‪ ...‬مدينة السن كان هناك ٌّ‬ ‫ن‬
‫عظيم من أعظم أنبياء أهل الكتاب‪،‬‬ ‫نن‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫❑ ي‬
‫ُيدع النن دانيال عليه السالم‪ ،‬وهذا النن وردت بعض األحاديث بشأنه نف سندها ٌ‬
‫نظر؛‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫النن ﷺ أنه قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫منها ما روي عن ي‬

‫"من دلَّ ىلع دانيالٍ فبشِّروه بالجنةِ"‪.‬‬

‫ُ‬ ‫• والحديث نف سنده ٌ‬


‫نظر‪ ،‬لكن الذي حدث بالفعل أنه عندما فتح الصحابة مدينة‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ رَ‬
‫شء مع‬ ‫ي‬ ‫منه‬ ‫يتغت‬ ‫لم‬ ‫شير‬ ‫عىل‬ ‫ا‬ ‫عظيم‬ ‫رجًل‬ ‫ان‬
‫ز‬ ‫رم‬ ‫اله‬ ‫مال‬ ‫بيت‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫وجدوا‬ ‫ست‬ ‫ت‬
‫النن دانيال‪ ،‬وكان أهل‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ُأنه َقد مات منذ أكت من ألف عام‪ ،‬فسألوا عنه وعلموا أنه ي‬
‫فيمطرون!‬ ‫ست إذا ُحبس عنهم المطر َبرزوا بشير هذا النن العظيم ُ‬ ‫ت ر‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫النن ماذا يفعلون‬ ‫هذا‬ ‫بشأن‬ ‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫رص‬ ‫الصحابة إىل عمر بن الخطاب ن‬ ‫• أرسل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫معه؟‬
‫َ‬ ‫قتا ُمتفرقة‪ ،‬فلما كان بالليل دفنوه نف أحدها ر‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫عش ً‬ ‫َ‬
‫• فحفروا ثالثة ر َ‬
‫حن ال يهتدي له‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ويفتنون به‪ ،‬ويتعلقون به من دون هللا عز وجل‪.‬‬ ‫الناس‪،‬‬
‫ر‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫سيأب من‬
‫ي‬ ‫النن كتابا فيه نبوءات بشأن ما‬ ‫• وكان الصحابة قد وجدوا عند رأس هذا ي‬
‫رص هللا عنه‪.‬‬ ‫لع َم َر بن الخطاب ن‬ ‫األيام‪ ،‬أخذ الصحابة الكتاب وأرسلوه ُ‬
‫ي‬

‫‪213‬‬
‫كتاب النبوءات هذا الذي وجدوه عند رأسه هو سِفرٌ كاملٌ من أسفار‬
‫التوراة ما زال موجودًا بين أيدي اليهود والنصارى حتى الساعة ضمن‬
‫الكتاب املُقدَّس وهو املعروف بـ"سفر دانيال"!‬
‫ن‬
‫• ومن عجيب أمر الدنيا أن هذا السفر يتنبأ بزمن عمر بن الخطاب ي‬
‫رص هللا عنه‪...‬‬
‫يتنبأ بفتح هللا عىل يد األمة اإلسالمية لممالك األرض‪ ،‬وربما دعا دنيال ربه أن‬
‫تتوىل هذه األمة دفنه ن يف ذاك الزمن!‬

‫‪‬‬

‫رص ملك بابل‪ ،‬وكانت مملكة بابل‬ ‫وخ ْذ َن َ‬


‫َُ َ‬ ‫ُ‬
‫يبتدئ ُ‬
‫سفر دانيال برؤيا غريبة رآها الملك نب‬ ‫•‬
‫ن‬
‫يف ذاك الوقت بمثابة أمريكا العالم القديم‪ ،‬وقد رأى هذا الملك تلك الرؤيا‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫ْ ُ‬
‫تفستا ولم يفهم‬ ‫سيطرت عىل عقله وأفقدته النوم؛ إذ لم يعرف لهذه الرؤيا‬
‫معناها‪ ،‬فأرسل إىل الحكماء من األمم المختلفة‪ ،‬وأرسل إىل شيوخ اليهود‪ ،‬وأرسل‬
‫اشتط عىل‬ ‫رص ر‬ ‫وخ ْذ َن َ‬
‫َُ َ‬
‫افي والسحرة؛ ليفشوا له هذه الرؤيا‪ ،‬لكن الملك نب‬ ‫إىل العر ن‬
‫ن‬ ‫َّ‬ ‫أوًل‪ ،‬ثم يفشها له ر‬ ‫ا‬
‫حن يتأكد أن المفش صادق يف‬ ‫المفش أن يخته بالرؤيا‬
‫تفسته‪.‬‬
‫ْ‬
‫المفش ماذا رأى الملك ن يف منامه‪ ،‬ثم يبدأ ن يف تفست الرؤيا له!‬ ‫ِ‬ ‫• فالمطلوب أن يعرف‬
‫ْ‬
‫الشط العجيب لم يتقدم أحد من كل الحضور لتفست الرؤيا‪ ،‬ولم يجرؤ أحد‬ ‫• وب هذا ر‬
‫عىل الكالم!‬

‫‪214‬‬
‫وخ ْذ َن َ‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫دانيال باعتباره أحد األشخاص الذين ن‬
‫رص ليفشوا‬ ‫أحرصهم نب‬ ‫‪ ‬وهنا طلب ي‬
‫النن‬
‫يصىل ويدعو هللا عز وجل‪ ،‬ثم عاد للملك وقال‪ :‬أنا‬
‫ي‬ ‫له الرؤيا‪ ،‬طلب بعض الوقت‪ ،‬فبدأ‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫الن أنت رأيتها‪:‬‬
‫أختك بالرؤيا ي‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ َْ‬
‫ال‪ :‬الش ال ِذي طل َبه ال َم ِلك ًل تق ِد ُر الحك َم ُاء‪َ ،‬وًل السح َرة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫يال ُقد َام ْال َملك َو َق َ‬ ‫اب َدان ُ‬ ‫َ َ‬
‫‪ ‬أج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ َ ُ ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َو ًَل ْال َم ُج ُ‬
‫وس‪َ ،‬وًل ال ُمنج ُمون عىل أن يبينوه ِللم ِل ِك‪ :‬ال أحد يعرف رؤياك؛ ألن هذا غيب‪،‬‬
‫َ‬ ‫أيت نف منامك‪ ،‬لكن َ‬ ‫َ‬
‫هللا أوح يىل بما رأيت أيها الملك!‬ ‫ي‬ ‫ال نعرف ماذا ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫شار‪َ ،‬وقد عرف ال َم ِلك ن ُبوخذن َ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬فاهلل ك ُ‬
‫رص َما يكون ِ يف األي ِام األ ِخ َت ِة‪ :‬هذه الرؤيا‬ ‫ْ َ‬
‫اشف األ ِ‬ ‫ِ‬
‫ه نبوءة بقادم األيام‪.‬‬ ‫ر‬
‫الن أنت رأيتها ي‬ ‫ي‬
‫فقال دانيال للملك‪:‬‬
‫الن أنت رأيتها‪...‬‬ ‫‪ ‬أنت ُح ْل ُم َك هكذا‪ :‬ها ه الرؤيا ر‬
‫َ ُْ ُ َ َ َ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْي َ ا َ ًي ْ ُ َ‬ ‫ن‬
‫ال ِمن ذه ٍب‪ ،‬صدره و ِذراعاه ِمن‬ ‫ِ‬ ‫منامك ِتمثاًل ع ِظيما‪ .‬رأس هذا التمث‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬أنت رأيت يف‬
‫ض‬ ‫فضة‪َ .‬ب ْط ُن ُه َو َف ْخ َذ ُاه م ْن ُن َحاس‪َ ،‬س َاق ُاه م ْن َحديد‪َ .‬ق َد َم ُاه َب ْع ُض ُه َما م ْن َحديد‪َ ،‬و ْال َب ْع ُ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِمن خز ٍف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫دانيال ويقول‪:‬‬ ‫كمل‬ ‫‪‬ي ِ‬

‫‪215‬‬
‫َ َ َ ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ََ ْ‬ ‫ا ُ‬ ‫ُْ َ َْ ُ‬
‫‪ ‬كنت تنظ ُر أيها الملك وفجأة ق ِط َع حج ٌر ِبغ ْ ِت يدي ِن‪ :‬انتبهوا "ق ِط َع حج ٌر ِبغ ْ ِت يدي ِن"‬
‫والن فيها‬ ‫هذا هو الحجر الذي تحدث عنه المسيح عليه السالم نف البشارة السابقة‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫أختهم أن اليهود يعرفون هذه البشارة جيدا‪.‬‬

‫البش‪.‬‬‫‪ُ ‬ق ِط َع َح َج ٌر ب َغ ْت َي َد ْين‪ :‬أي من ِق َبل هللا ظهر‪ ،‬وليس من عند ر‬


‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫سيحطم‬ ‫ي م ْن َحديد َو َخ َزف َف َس َح َق ُه َما‪ :‬هذا الحجر ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ َ َ َ َ َ َ ْ َّ‬
‫الل َت ْ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫م‬‫د‬ ‫ق‬ ‫ىل‬‫ع‬ ‫ال‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫الت‬ ‫ب‬
‫َ نَ َ َ‬
‫‪ ‬فرص‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هذا التمثال العظيم‪.‬‬
‫ْ َ َ َّ‬ ‫اس َو ْالفض ُة َوالذ َه ُ‬ ‫ف َوالن َح ُ‬ ‫ْ َ ُ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ب َم ًعا‪ ،‬أما الحج ُر ال ِذي‬ ‫ِ‬ ‫‪‬فان َسحق ِحين ِئ ٍذ الح ِديد والخز‬
‫ً َ َ َ َ ْ َ ُ َّ َ‬ ‫َ ا‬ ‫َْ َ َ‬ ‫نَ َ َ‬
‫ض كلها‪ :‬الحجر‬ ‫ال ف َص َار ج َبًل ك ِبتا‪ ،‬ومأل األر‬ ‫رصب التمث‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الذي دمر هذا التمثال مأل األرض‪ ...‬مألت األمة اإلسالمية‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫وانتشت رسالة اإلسالم يف أصقاع المعمورة وما‬ ‫األرض‪،‬‬
‫زالت ر‬
‫تنتش‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُ ْ َُ ْ‬
‫‪ ‬هذا ه َو الحل ُم‪ .‬فنخ ِ ُت ِبت ْع ِب ِت ِه قد َام ال َم ِل ِك‪ :‬هنا انته‬
‫الحلم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫حلم الملك‪ ،‬وسيبدأ دانيال يف تفست هذا‬
‫ن‬
‫ه نبوءة‬ ‫ي‬ ‫الرؤيا‬ ‫وهذه‬ ‫الرؤيا‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫تأويل‬ ‫ف‬‫سيبدأ دانيال ي‬
‫يأب الحجر الذي سيسحق هذه‬ ‫ر‬
‫بأرب ِع ممالك ستظهر‪ ،‬ثم ي‬
‫الممالك األرب ع!‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫س ِمن ذه ٍب‪ :‬إذن‬ ‫‪ ‬يقول دانيال‪ :‬أنت أيها ال َم ِلك هذا الرأ‬
‫ن‬
‫ه مملكة الملك نبوخذ نرص‬ ‫أول مملكة يف هذه النبوءة ي‬
‫الن رآها الملك‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫وه رأس الذهب يف الرؤيا ي‬ ‫ملك بابل‪ ،‬ي‬
‫ْ َُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ َ َُ ُ َ ْ ٌ ُ ْ‬
‫‪:‬‬
‫‪ ‬وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر ِمنك بعد‬
‫مملكة بابل ستظهر مملكة أصغر منها‪ ،‬ثم تظهر‬
‫بعدهما‪:‬‬
‫األرْ‬‫َ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُ َ ُ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ٌ َ ٌَ ُ ْ‬
‫ض‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬مملكة ث ِالثة أخرى ِمن نحاس فتتسلط عىل كل‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُ ُ َُْ َ ا‬ ‫َ ْ ٌ َ َ ٌ ُ ٌَْ ْ َ‬
‫يد قوية‪،‬‬ ‫يد‪ ،‬لكنها تكون منق ِسمة‪ ،‬بعضها كالح ِد ِ‬ ‫❑ ثم تظهر مملكة ر ِابعة صلبة كالح ِد ِ‬
‫ٌ‬
‫ضعيف‪.‬‬ ‫وبعضها كالخزف‬

‫‪‬فماذا سيحصل بعد هذه الممالك األربع؟‬

‫‪216‬‬
‫ا‬
‫‪ ‬يخت دانيال الملك قائًل‪:‬‬

‫‪ ‬بعد هذه األيام‪ ...‬بعد ظهور هذه الممالك األربع‪:‬‬


‫َ ْ ا ْ ََْ َ ً ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫ض أ َبدا‪ :‬أمة من ِقبل هللا!‬‫ات مملكة لن تنق ِر‬ ‫َ َ‬
‫‪ ‬ي ِقيم ِإله السماو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُْ ُ َ‬
‫أنفسهم فيستبيح‬ ‫ِ‬ ‫عدو ِمن سوى‬ ‫‪َ ‬و َم ِلكها ًل ي ر َتك ِلش ْع ٍب آخ َر‪ :‬ال يتسلط عليها‬
‫َ َ‬
‫َب ْيضتهم!‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ َ ُ َُْ ن ُ‬
‫هذ ِه ال َم َم ِال ِك‪ :‬أمة ستظهر وتقهر كل هذه اإلمتاطوريات األرب ع‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫‪ ‬وتسحق وتف ِ ين‬
‫َ‬
‫ستحطم هذا التمثال العظيم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َْ ُ‬
‫سيبف رش ُعها إىل قيام الساعة!‬ ‫ر‬ ‫ه تث ُبت ِإىل األ َب ِد‪:‬‬‫‪‬وِ ي‬
‫حجرا من قبل هللا‪ ،‬وليس ُ‬
‫ً‬ ‫َ َ َ ْ َ‬
‫ت أن ُه َق ْد ُق ِط َع َح َج ٌر ِم ْن َج َبل ًَل ب َي َد ْين‪ :‬ن‬
‫بصنع‬ ‫ِ‬ ‫يعن‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬ألنك رأي‬
‫َ َ‬ ‫ر‬
‫بش‪ ،‬فمن يقوى عىل هذه األمة؟‬
‫ف َو ْالفض َة َوالذ َه َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ب‪ :‬سحق هذه اإلمتاطوريات‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬فسحق الح ِديد والنحاس والخز‬
‫األرب ع‪.‬‬
‫َ َ َ َّ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬بعد أن سمع نبوخذن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رص هذا الكالم خر عىل وج ِه ِه وسجد ِلد ِانيال‪ ،‬وسلطه عىل كل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و ًَل َية َباب َل‪َ ،‬‬
‫يع حكم ِاء ب ِابل‪ :‬لقد تيقن نبوخذنرص أن هذا هو تفست‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ىل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫يس‬ ‫ئ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الرؤيا‪ ،‬فدانيال أخته بما رأى بالضبط‪ ،‬فلم يتمالك نبوخذن َ‬
‫رص نفسه فخر عىل وجهه‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫جائزا قبل اإلسالم‪.‬‬ ‫ساجدا له‪ ،‬وكان هذا‬
‫أن هذه الرؤيا حصلت بحرفها!!!‬ ‫‪ ‬والعجيب َّ‬
‫‪ ‬لقد ظهرت أرب ُع إمتاطوريات عمالقة حكمت األرض‪ ،‬وبعدها ظهر اإلسالم‪ ،‬وانترص‬
‫اإلسالم عىل هذه اإلمتاطوريات األرب ع وأعادت التوحيد!‬

‫‪217‬‬
‫‪ -73‬لكن تبقى رؤيا هذا الملك غامض ًة تحتاج لتفاصيل أكثر؛ حتى نتأكد أن المقصود بها في النهاية‬
‫وانتشاره في األرض‪ ...‬أليس كذلك؟‬
‫ِ‬ ‫هو التبشير بظهور اإلسالم‬

‫ٌ‬
‫النن دانيال عليه السالم بعد‬‫ي‬ ‫أن‬ ‫وه‬
‫ي‬ ‫السؤال‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫عن‬ ‫تجيب‬ ‫مفاجأة‬ ‫‪ ‬ستحصل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رص ستى هو بنفسه نفس الرؤيا ر‬
‫الن رآها نبوخذن َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سنوات من رؤيا نبوخذن َ‬
‫رص لكن‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫بتفاصيل أدق‪ ،‬ومالمح أوضح‪ ،‬وهذه الرؤيا ستفشها له المالئكة؛ حن نتأكد أن‬
‫والنن محمد ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫المقصود بالفعل هو البشارة بظهور اإلسالم‪،‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫سيأب وتسود أمته‪،‬‬
‫ي‬ ‫الذي‬ ‫العظيم‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫ى‬‫وست‬ ‫ع‪،‬‬ ‫األرب‬ ‫الممالك‬
‫َ‬
‫رؤياه‬ ‫‪ ‬ستى دانيال ي‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫النن بالضبط؛ فدعونا نقرأ رؤيا دانيال عليه السالم‬
‫بل وسيعرف دانيال زمان بعثة هذا ي‬
‫ر‬
‫الن رآها بنفسه‪:‬‬
‫ي‬

‫يم ٍة تصعد من البحر‪ :‬األمم األرب ع‪.‬‬ ‫يال ُح ْل ًما؛ أ ْر َب َع َة وحوش َعظ َ‬ ‫‪َ ‬رأى َدان ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ن َ ََ َُ ْ ُ‬ ‫ن َ ٌ‬ ‫احا َن ْ‬‫َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫والثاب ش ِبيه ِبالدب‪َ ،‬و ِ يف ف ِم ِه ثًلثة أضلع‪ ،‬والثالث ِمث ُل‬ ‫َ ي‬ ‫‪.‬‬‫ش‬ ‫‪ ‬األول كاألس ِد وله جن‬
‫َُْ َ ُ ْ َ ً‬ ‫ََْ ُ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ًط سلطانا‪:‬‬ ‫ش أربعة رؤوس‪ ،‬وأع يِ‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ان‬ ‫ك‬‫و‬ ‫‪.‬‬‫ر‬ ‫ائ‬
‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫أ‬ ‫ه‬‫ر‬‫ه‬ ‫ظ‬ ‫ىل‬‫ع‬ ‫الن ِم ِر وله‬
‫ِ‬ ‫ِِ ُ‬
‫المملكة الثالثة لها أربعة رؤوس انتبهوا‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ ‬بعد ذلك ماذا رأى؟‬
‫الو ْحش الرابع‪ :‬المملكة الرابعة‪.‬‬ ‫‪ ‬رأى‪َ :‬‬
‫َ ٌ ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬فهو ه ِائ ٌل َوق ِو ٌّي َوش ِديد ِجدا‪ :‬مملكة باطشة قوية وللمملكة‪:‬‬
‫عشة ملوك‪ ،‬تنطح بهذه القرون!‬ ‫عشة قرون‪ ...‬أي ر‬ ‫ش ُة ُق ُرون‪ :‬هذه مملكة لها ر‬ ‫‪َ ‬ع ر َ َ‬
‫ٍ‬
‫عش‬ ‫آخ َر َص ِغت َطل َع َب ْي َن َها‪َ :‬إذ ْن أصبح لدينا أحد ر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون‪َ ،‬و ِإذا ِبق ْر ٍن‬ ‫ر‬‫ت ُم َتأم اًل ب ْال ُق ُ‬ ‫ُْ ُ‬
‫‪ ‬كن‬
‫ُ‬ ‫ِ ً ِ‬ ‫ً‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫عش م ِلكا‪ .‬القرن الحادي ر‬ ‫َ‬ ‫قرنا‪ ...‬أحد ر‬
‫ظهر قد سقطت من حوله ثالثة‬ ‫عش هذا الذي‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫قرون؛ وهذا القرن الحادي ر‬
‫سينش الكفر‪ ،‬ويحرف‬ ‫عش سيكون أفسد هذه القرون؛ ألنه‬
‫الدين‪ ،‬ويتكلم ِب َعظ ِائ َم‪.‬‬
‫ْ ُْ ُ‬ ‫ْ َ ُُ‬ ‫ُ َ َُْ‬ ‫َ ر‬
‫اف الوحوش الثالثة السابقة‪ :‬الممالك الثالث ن ِزع عنه ْم ُسلطانه ْم‪َ ،‬و ِلكن أعطوا‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬أما ب ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ََ َ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫اطوريات‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ان ووق ٍت‪ :‬حيث أصبحوا دوًل صغتة‪ ،‬ولم يعودوا إمت‬ ‫طول ‪ ‬حي ٍاة ِإىل زم ٍ‬
‫‪ ‬وبعد هذه الممالك األربع ماذا رأى دانيال؟‬

‫سيأب ن يف آخر الزمان‪.‬‬ ‫ر‬ ‫الذي‬ ‫الحجر‬ ‫‪:‬‬ ‫ان‬ ‫س‬‫وفجأة‪ ،‬ومع ُس ُحب السماء يظهر ْاب ُن إ ْن َ‬ ‫ا‬
‫‪‬‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ُ ُ َ ‪ُ:‬‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫‪ ‬أب وج َاء ِإىل الق ِد ِيم األي ِام‪ ،‬فقربوه قدامه وهذه بشارة واضحة باإلشاء والمعراج؛‬
‫النن القادم‪ ،‬ويصعد إىل السماء!‬ ‫عرج بهذا‬‫سي َ‬‫حيث ُ‬
‫َ ْ ُ َ َ َْ َ ُ‬ ‫ي‬
‫َُْ َ ُ ْ َ ً َ َ ْ ً َ َ ُ ً‬
‫ً‬ ‫‪:‬‬ ‫وتا؛ ل َت َت َعب َد ل ُه ُكل الش ُ‬
‫حكما‬ ‫عًط‬
‫ي‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ن‬
‫ِ ِ‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫األ‬ ‫و‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫م‬‫األ‬‫و‬ ‫وب‬‫ِ‬ ‫ع‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ًط سلطانا ومجدا وملك‬
‫ا‬ ‫‪ ‬فأع ِ ي‬
‫ُ‬
‫األمم‪.‬‬ ‫نبيا مجاهدا تخضع له‬ ‫يعا ونبوة؛ فهو سيكون ًّ‬ ‫وتش ً‬ ‫ر‬
‫ُ ُ ر ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫وت ُه َما ًَل َي ْن َقر ُ‬‫ُ ْ َ ُ ُ ُ ْ َ ٌ َ ٌّ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫يعه إىل‬ ‫ستبف أمته وتش‬ ‫ض‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬سلطانه سلطان أب ِدي ما لن يزول‪ ،‬وملك‬
‫يوم القيامة‪.‬‬
‫فاقتب من أحد المالئكة ر ً‬
‫اجيا‬ ‫يفهمها‪ ،‬ر‬ ‫ْ‬ ‫‪ ‬دانيال عليه السالم تعجب من هذه الرؤيا ولم‬
‫منه أن ُيفش له ما يرى!‬
‫‪219‬‬
‫َ‬ ‫يم ُة ِ َ‬‫هؤ ًَلء ْالوحوش ْال َعظ َ‬ ‫ُ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫األ ْ‬ ‫ىل‬
‫َ‬
‫ع‬ ‫تقوم‬ ‫ممالك‬ ‫ه أ ْر َب ُ‬
‫ع‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬فقال له المل ُك‪:‬‬
‫َْ ُ ُ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫يسو ال َع ِ يىل الذين سيأخذون المملكة‪،‬‬ ‫• وبعد هذه الممالك األرب ع سيظهر قد ُ‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األ َبد َ‬ ‫ََ َْ ُ َ ْ َ ْ َ‬
‫والتشي ع من‬ ‫اآلب ِدين‪ :‬سيكون فيهم الحكم‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ىل‬‫إ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ىل‬‫إ‬‫ويمت ِلكون المملك ِ‬
‫ة‬
‫ا‬ ‫ُِا‬ ‫ِ‬
‫ِق َبل هللا إىل قيام الساعة‪ ...‬سيكونون أمة مجاهدة!‬
‫عشة قرون‪ :‬ر‬ ‫الن لها ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫عشة‬ ‫ابع تلك األمة الشسة ي‬ ‫• وهنا دانيال استوقفه الوحش الر ِ‬
‫ملوك!‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫عش الذي سيتكلم بالكفر؛ أراد دانيال أن يفه َم َمن‬ ‫• واستوقفه ذاك القرن الحادي ر‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫يكونون هؤالء؟ وهذه نقطة جوهرية يف رؤيا دانيال؛ ألنه لن تظه َر األمة‬
‫العىل‪ ،‬الذين سيعيدون التوحيد إال بعد ظهور هذا الملك‬ ‫ي‬ ‫العظيمة‪ِ ...‬قديسو‬
‫عش محارب الموحدين!‬ ‫الحادي ر‬

‫‪ ‬فما هي صفات هذا القرن الحادي عشر؟‬

‫ْ ََ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫عش الذي له ف ٌم ُمتكل ٌم ِب َعظ ِائ َم‪َ ،‬و َمنظ ُره أشد ِمن ُرفق ِائ ِه‪.‬‬ ‫هذا القرن الحادي ر‬ ‫و‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪ُ ‬ي َحار ُب القديس نَ‬
‫ن‬
‫الصالحي الموحدين‪.‬‬ ‫ي فغل َبه ْم‪ :‬هذه صفاته‪ ...‬يحارب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫وينش عظائم‪ :‬أي تحريفات عظيمة يف الدين‪.‬‬ ‫ر‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫التشي ع واألرض لألمة‬ ‫ين ِل ِقديش ال َعىل‪ :‬أعًط ر‬ ‫ُ‬
‫ًط الد‬ ‫يم األيام‪َ ،‬وأ ْع ِ َ‬ ‫‪َ ‬ح رن َج َاء القد ُ‬
‫ِ‬
‫ِي‬ ‫ِ ِي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫المؤمنة الموحدة‪.‬‬
‫ُ‬
‫عش؛ فقد فتح هللا لهم‬ ‫يسون ال َم ْملكة‪ :‬هزموا مملكة هذا القرن الحادي ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪َ ‬ف ْام َتل َك ْالقد ُ‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬
‫العشة" من المملكة الرابعة‪ ،‬ويقوم بعدهم الملك‬ ‫ر‬ ‫عشة ملوك "القرون‬ ‫❑ َإذ ْن سيأب ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫عش‪ ،‬وسيهلك أمامه ثالثة ملوك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الحادي ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫وسيحرف الدين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عش سيتكل ُم ِبكًل ٍم ِضد ال َع ِ يىل‪،‬‬ ‫❑ وهذا القرن الحادي ر‬

‫‪220‬‬
‫‪ ‬لكن كم يا تُرى سيبقى فساده في األرض إلى أن يظهر قديسو العلي؟‬
‫ُ ُ‬
‫جيبنا عن هذا السؤال‪:‬‬ ‫‪ ‬رنتك دانيال عليه السالم ي‬

‫َّ َ‬
‫‪َ ‬و ُي َسل ُمون ِل َي ِد ِه‪ُ :‬يسلمون لسلطانه‪.‬‬
‫ا‬ ‫‪ ‬إىل َز َمان َوأ ْزم َنة َون ْصف َز َ‬
‫زمان‬
‫ٍ‬ ‫إىل‬ ‫األرض‬ ‫عىل‬ ‫مسيطرة‬ ‫اطوريته‬
‫إمت‬ ‫ستظل‬ ‫أي‬ ‫‪:‬‬ ‫ان‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ِ ٍ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ونصف زمان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأزمنة‬
‫ٍ‬
‫وخمسي ً‬
‫عاما‪.‬‬ ‫ن‬ ‫حواىل ثالثمائة‬ ‫ن‬
‫وقرني ونصف قرن‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫• أي‪ :‬إىل قرن‬
‫ي‬
‫• ألن الزمان بحسب الكتاب المقدس يعادل مائة عام‪)127( .‬‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ر‬ ‫وخمسي ً‬
‫ستبف‬ ‫يسو ال َع ِ يىل‪ ،‬الذين‬ ‫ستأب ُ‬
‫آخر األمم‪ِ ...‬قد ِ‬
‫ي ِ‬ ‫عاما‬ ‫ن‬ ‫• بعد ثالثمائة‬
‫ُ‬
‫رشيعتهم إىل قيام الساعة‪ ،‬ويملكون الممالك‪ ،‬بل ويملكون مملكة هذا الملك‬
‫عش نفسها‪.‬‬‫الحادي ر‬

‫‪ ‬هذه كانت نهاية النبوءة العجيبة من دانيال عليه السالم!‬

‫‪ ‬فماذا حصل في تاريخ األمم بعد هذه النبوءة؟‬


‫‪ ‬العجيب أن كل ما ن يف هذه النبوءة حصل وبنفس الصورة ن يف تلك الرؤيا!‬

‫‪  ‬‬

‫(‪)127‬الزمان هو لفظ كتابي يعادل‪ :‬مائة عام‪ ،‬انظر‪ :‬سفر رؤيا إبراهيم –وهو من األسفار األبوكريفا‪ -‬اإلصحاح ‪28‬‬
‫عدد ‪.5‬‬
‫‪221‬‬
‫سفر دانيال مكتوب قبل اإلسالم؟‬
‫‪ -74‬قبل أن تقوم بتنزيل األحداث في نبوءة دانيال على الواقع؛ كيف نتأكد أن ِ‬

‫أمر ال خالف عليه ن‬ ‫مكتوب قبل اإلسالم بحواىل ألف عام‪ ،‬هذا ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫❑ سفر دانيال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫المؤرخي‪ ،‬وسفر دانيال هو ضمن التجمة السبعينية؛ والتجمة السبعينية باالتفاق‬
‫كانت قبل الميالد بثالثة قرون كاملة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الثاب الميالدي‪ ،‬أي‪ :‬قبل اإلسالم‬
‫ي‬ ‫القرن‬ ‫ف‬ ‫❑ وحي تناول يوسيفوس المؤرخ الشهت ي‬
‫حي تناول نبوءة دانيال ذكر الممالك األرب ع‪ ،‬وقال إن الحجر الذي‬ ‫ن‬ ‫بأربعة قرون كاملة‬
‫ُ‬
‫سيرصب الممالك األرب ع لم يظهر بعد‪)128(.‬‬ ‫ن‬

‫❑ فالناس كانوا ينتظرون كيف ستتحقق نبوءة دانيال‪.‬‬


‫‪ ‬وكانوا يتساءلون‪ :‬مَ ن هي ا ْل ُأمَّ ة التي ستعيد التوحيد‪ ،‬وتحارب األمم‬
‫الكافرة؟‬

‫‪‬واآلن نبدأ يف تنزيل نبوءة دانيال ىلع األحداث التاريخية‪:‬‬


‫َ ْ‬ ‫ن‬
‫النن دانيال كانت‬
‫ي‬ ‫رآه‬ ‫ش‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫وأول‬ ‫مملكة‬ ‫أول‬ ‫ن‬ ‫ظهر دانيال يف مملكة بابل؛ إذ‬
‫َ‬ ‫المملكة البابلية الكلدانية‪ ،‬وه األسد ُ‬
‫المجنح بأجنحة ن ْش‪.‬‬ ‫ي‬
‫ُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫‪ ‬وهذا الرمز األسد المُ َّ‬
‫صوره‬ ‫رمز المملكة البابلية الكلدانية‪ ،‬وتوجد‬ ‫جنح كان‬
‫ِ‬ ‫عىل معابدها ر‬
‫حن اليوم‪.‬‬

‫‪)128( Flavius Josephus, Jewish Antiquities, P.438‬‬

‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬يجدونه مكتوبًا عندهم‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫‪222‬‬
‫‪ ‬وبعد هذا الوحش‪ ...‬بعد هذه المملكة البابلية الكلدانية‪ ،‬ظهرت المملكة‬
‫ً‬
‫واحدة من أكبر‬ ‫وأسس‬‫َّ‬ ‫الفارسي عىل بابل‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ن‬
‫حي استوىل كورش‬ ‫الفارسية‬
‫إمبراطوريات العالم القديم‪ :‬اإلمبراطورية الفارسية‪.‬‬

‫ن‬
‫ه امتالك اإلمبراطورية الفارسية ألجز ٍاء كبت ٍة‬ ‫‪ ‬واألضالع الثالثة يف الرؤيا ي‬
‫من مشارق األرض ومغارب ها نف القارات الثالثة وهللا ُ‬
‫أعلم‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الن ظهرت‬ ‫‪ ‬أما المملكة الثالثة يف نبوءة دانيال‪ ،‬ي‬
‫فه مملكة اإلسكندر األكت ي‬
‫بعد مملكة فارس‪ ،‬وقد ُرمز لها ن يف النبوءة برمز النمر ذي األجنحة والرؤوس األربعة‪.‬‬

‫• صفة النمر لشعة انتشار مملكة اإلسكندر ن يف األرض‪.‬‬


‫ن‬ ‫ا‬
‫• والنمر كان ُمبجًل بالفعل يف الثقافة اليونانية‪ ...‬ثقافة اإلسكندر األكت‪ ،‬وكان‬
‫ا‬
‫اإلسكندر األكت يرتدي ن يف المعارك الكتى خوذة بوجه نمر‪.‬‬

‫‪ ‬والرؤوس األربعة في رؤيا دانيال‪ :‬ترمز النقسام المملكة بعد وفاة اإلسكندر‬
‫األكت إىل أرب ع ممالك‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬أما الوحش الرابع‪ ...‬الوحش الضخم يف رؤيا دانيال فهو المملكة الرومانية‪ ...‬تلك‬
‫اإلمتاطورية الرومانية الجبارة‪.‬‬
‫النن‬ ‫َ‬ ‫الن ظهرت من هذا الوحش نف النبوءة‪ ،‬ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫والن تعجب منها ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والقرون العشة ي‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫بعشة أباطرة رومان سوف يضطهدون النصارى‬ ‫فه نبوءة‬‫ي‬ ‫دانيال عليه السالم‪،‬‬
‫ن‬
‫الموحدين؛ وهذا بالضبط ما حصل يف القرون الثالثة األوىل بعد رفع المسيح عليه‬
‫السالم‪.‬‬
‫ُ‬
‫ولذلك تسىم االضطهادات ال ر ين حصلت عىل يد هؤالء األباطرة الرومان ‪ ...‬تسىم‬
‫العشة ن يف تاري خ المسيحية‪.‬‬
‫باالضطهادات ر‬

‫❑فهم عشرة أباطرة رومان اضطهدوا النصارى الموحدين‬


‫وحاربوهم وقاتلوهم‪:‬‬

‫‪224‬‬
‫عش‪...‬‬‫بالمؤمني ظهر القرن الحادي ر‬
‫ن‬ ‫العشة الذين بطشوا‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬وبعد هؤالء األباطرة‬
‫َ ُ‬ ‫اإلمتاطور الحادي ر‬
‫أمامه‬ ‫عش‪ ...‬أخطر أباطرة الدولة الرومانية‪ ،‬وهذا اإلمتاطور ستنهار‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ثالثة قرون‪ :‬أي ُ‬
‫الحكم‪،‬‬ ‫سيقاتل ثالثة ملوك أقوياء وي هزمهم ويستقر إلمتاطوريته‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وسوف يروج للكفر "كًل ٍم ِضد ال َع ِ يىل"!‬

‫‪ ‬فمن هو يا تُرى هذا القرن؟‬


‫ر‬
‫العشة الرومان المشهورين باضطهاد النصارى‬ ‫ًّ‬
‫تاريخيا أنه بعد األباطرة‬ ‫من المعلوم‬
‫ن‬
‫قسطنطي الكبت!‬ ‫ن‬
‫قسطنطي‪...‬‬ ‫الموحدين‪ ،‬ظهر اإلمتاطور‬
‫ن‬
‫قسطنطي الكبت!(‪)12٩‬‬ ‫عش هو‬‫‪َ ‬إذ ْن القرن الحادي ر‬

‫(‪ )129‬محمد صلى هللا عليه وسلم كما ورد في كتاب اليهود والنصارى‪ ،‬عبد األحد داود‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ص‪.87‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ ‬وهذا اإلمبراطور بالفعل قد تغلَّب ىلع منافسيه الثالثة –القرون‬
‫الثالثة‪ -‬كما هو معلوم تاريخيًّا‪.‬‬

‫‪ ‬هؤالء المنافسون الثالثة هم‪:‬‬


‫نتيوُ س ‪Maxentius‬‬ ‫• اإلمبراطور ماكس ْ‬
‫ماكسيم ُ‬‫ِ‬
‫ينوس الثاني ‪Maxi minus II‬‬ ‫• واإلمبراطور‬
‫ِ‬
‫• واإلمبراطور ليسينيوُ س ‪Licinius‬‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫قسطنطي الكبت‪ ،‬واستقر له الحكم!‬ ‫• كلهم قهرهم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫قسطنطي الكبت" بالكفر والعظائم‪ ،‬كما ورد يف رؤيا‬ ‫لكن كيف ينطق هذا القرن "‬
‫دانيال؟‬

‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬


‫‪َ ‬و َيتكل ُم ِبكًل ٍم ِضد ال َع ِ يىل‪ :‬يتكلم بكالم كفر‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َُْ‬
‫ن‬
‫المؤمني الموحدين ويضطهدهم‪.‬‬ ‫يش ال َع ِ يىل‪ :‬يحارب‬
‫‪ ‬ويب ِ يىل ِقد ِ ي‬
‫ُ ُ َ ُ َْ َ َ‬
‫ات َوالسن َة‪ُ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫سيغت األيام المقدسة‪.‬‬ ‫‪َ ‬ويظن أنه يغت األوق‬
‫ن‬ ‫ر ُ‬ ‫َ‬ ‫ون ل َيده إىل َز َم َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ُ َ َّ ُ َ‬
‫سيبف طغيان إمتاطوريته يف األرض‬ ‫ف ز َمان‪:‬‬‫ان وأز ِمن ٍة و ِنص ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬ويسلم‬
‫ثالثة قرون ونصف القرن‪.‬‬

‫‪ ‬فماذا فعل اإلمبراطو ُر قسطنطين الكبير حتى يوصم بكل هذه‬


‫الصفات البشعة؟‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫قسطنطي الكبت بالفعل هو أخطر شخصية يف تاري خ المسيحية‬ ‫❑ العجيب أن‬
‫ً‬
‫تقريبا!‬

‫❑ فقد دعا هذا اإلمتاطور إىل أخطر مجمع ن يف تاري خ اإلنسانية‪ ...‬دعا إىل مجمع نيقية!‬
‫‪226‬‬
‫ن‬ ‫وخمسة ر‬ ‫ن‬
‫وف هذا المجمع تم إفساد التوحيد!‬
‫ي‬ ‫ين‪،‬‬
‫وعش‬ ‫ٍ‬ ‫ثالثمائة‬ ‫عام‬ ‫❑ وهذا األمر كان ي‬
‫ف‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫قسطنطي األمم‬ ‫النف الذي رأب به المسيح عليه السالم‪ ،‬وألزم‬
‫ي‬
‫• تم إفساد التوحيد ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بتأليه المسيح‪ ،‬وبدأ قسطنطي رحلة اضطهاد للمسيحيي الموحدين‪ ،‬وحارب‬
‫العىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫قديش‬
‫ي‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫• ربما لم يحصل منذ آدم عليه السالم‪ ،‬وحن عرص قسطنطي؛ لم يحصل أن يتم‬
‫ن‬
‫قسطنطي‪)1٣٠(.‬‬ ‫ن‬
‫تحدي التوحيد‪ ...‬توحيد هللا كما حصل يف عهد‬
‫ن‬ ‫ن ً‬
‫وقسطنطي أيضا هو الذي غت األوقات‪ ،‬كما يف الرؤيا بالضبط‪ ،‬فهو الذي أحل‬ ‫•‬
‫تقديس يوم األحد مكان يوم السبت‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫قسطنطي؛ ظل‬ ‫• وظل اضطهاد الموحدين منهجا لإلمتاطورية الرومانية منذ عهد‬
‫قرابة ثالثة قرون ونصف القرن‪.‬‬

‫‪ ‬فماذا حصل بالضبط بعد ثالثة قرون ونصف من ظهور‬


‫قسطنطين؟‬
‫ُ‬
‫• ثالثة قرون ونصف بالتوقيت القمري ‪-‬التوقيت القمري؛ ألن‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫شهور قمرية ‪ -‬بالتوقيت القمري‬ ‫الشهور يف اليهودية كما يف اإلسالم‬
‫وثالثي ً‬
‫عاما‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ثالثمائة وبضع‬
‫حواىل ِ‬
‫ي‬ ‫ثالثة قرون ونصف تعدل‬
‫نُ‬ ‫َّ‬
‫قسطنطي‬ ‫• نضيف لها ثالثمائة وستة‪ ،‬وهو العام الذي توىل فيه‬
‫الحكم؛ حيث توىل الحكم عام ثالثمائة وستة ميالدية‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫وأربعي ميالدية!‬ ‫تقريبا‪ :‬ستمائة‬ ‫ه‬ ‫• ونتيجة المجموع ي‬

‫(‪ )130‬محمد ﷺ كما ورد في كتاب اليهود والنصارى‪ ،‬عبد األحد داود‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪227‬‬
‫‪ ‬فماذا حصل في هذا التوقيت بالضبط؟‬
‫المسلمي القدس‪ ،‬وعودة ر‬
‫نش‬ ‫ن‬ ‫مجد األمة اإلسالمية‪ ،‬ودخول‬ ‫ُ‬
‫عرص ِ‬ ‫‪ ‬هذا التوقيت هو‬
‫التوحيد إىل أمم األرض‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫قسطنطي‪ ،‬وامتلكت األمة اإلسالمية ممالك‬ ‫‪ ‬لقد انترص التوحيد ‪-‬ألول مرة‪ -‬منذ عهد‬
‫األرض!‬
‫وف هذا نزل قول هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﳋﳌﳍﳎ ﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕ‬
‫ن‬
‫‪ ‬ي‬

‫ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞﳟ ﳠﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﳨﳩ‬

‫ﳪﳫﳬﳭﳮﳯ ﳰ ﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة الصف‬

‫محمدﷺ‪)1٣1(.‬‬ ‫‪‬ﭐﱡﳪﳫﳬﳭﳮﳯﳰﱠ‪ :‬ظهروا ببعثة‬

‫ا‬
‫وانتش ن يف األمم مرة أخرى!‬
‫ر‬ ‫‪ ‬فببعثة محمد ﷺ عاد التوحيد الذي جاء به المسيح‪ ،‬عاد‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬وألول مرة منذ عهد النن دانيال تعود األرض ُ‬
‫فلسطي للتوحيد‪ ...‬توحيد‬ ‫المقدسة يف‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ر ًي ُ ً‬ ‫ً‬
‫حكما وتشيعا وملكا‪ ،‬لقد ظلت القدس تنتقل من حكم مملكة وثنية إىل‬ ‫هللا عز وجل‬
‫ن‬
‫وثالثي ميالدية؛‬ ‫حن عام ستمائة وبضع‬ ‫أخرى؛ من بابل للفرس لإلسكندر للرومان ر‬

‫رص هللا عنه‪.‬‬ ‫ليدخل المسلمون القدس ألول مرة نف زمن عمر بن الخطاب ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫‪ ‬ألول مرة يف التاري خ منذ عهد دانيال‪ ،‬يسود المؤمنون ويحكمون األرض المقدسة؛‬
‫النن!‬ ‫ُ َ‬
‫ي‬ ‫دانيال‬ ‫أ‬‫تنب‬ ‫كما‬ ‫األرض‬ ‫ممالك‬ ‫وا‬ ‫عط‬ ‫وي‬

‫‪ ‬وتحرر الناس من بطش اإلمتاطورية الرومانية‪ ،‬فمن‬


‫شاء عاد للتوحيد!‬

‫‪ ‬تخي ْل ذاك الوقت الذي رأى فيه دانيال هذه الرؤيا‪،‬‬


‫ً‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫عظيما‬ ‫السن مع اليهود يف بابل‪ ،‬ويرى أن خليفة‬
‫ي‬ ‫وهو يف‬
‫أكت من ألف عام؛ ليفتح هللا عىل يده القدس‬‫سيظهر بعد ر‬
‫أرض األنبياء ويعيد إليها التوحيد‪ ،‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل‬
‫ًّ‬
‫مسبيا!‬ ‫النن‬ ‫ر‬
‫الن كان فيها دانيال ي‬
‫ويمتلك مملكة بابل نفسها ي‬

‫(‪ )131‬التفسير الميسر‪.‬‬


‫‪228‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬ربما من أجل ذلك دعا دانيال ربه أًل يدفن إال يف هذا الزمن الذي يعود فيه التوحيد‬
‫ن‬ ‫لألرض المقدسة‪ ،‬وتتحقق فيه رؤياه العجيبة‪ُ ،‬‬
‫فيدفن دانيال يف زمن عمر بن الخطاب‬
‫عام من وفاته!‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه بعد أكت من ألف ٍ‬‫ي‬
‫‪ ‬ولم يتن َّبأ دانيال بهذا فحسب!‬
‫ن‬
‫قسطنطي نفسها‪ ...‬القسطنطينية‪ ...‬عاصمة‬ ‫ن‬
‫المسلمي سيمتلكون أرض‬ ‫‪ ‬بل تنبأ أن‬
‫وه‪ :‬عاصمة اإلمتاطورية‬ ‫قسطنطي الكبت‪ ،‬ر ُ‬
‫ن‬ ‫ُملك‬
‫والن سميت باسمه القسطنطينية‪ ...‬ي‬‫ي‬
‫الشقية‪ ...‬اإلمتاطورية ن‬
‫البتنطية!‬ ‫الرومانية ر‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬لقد تنبأ دانيال أن مملكة هذا القرن الحادي ر‬
‫العىل!‬
‫ي‬ ‫لقديش‬
‫ي‬ ‫عش ستعًط‬

‫وبالفعل أصبحت القسطنطينية بل ًدا إسالم ًّيا!‬


‫ملك المسلمون المملكة‪ ...‬مملكة اإلمتاطور الحادي ر‬
‫عش‪ ...‬القرن الحادي‬ ‫‪ ‬لقد ِ‬
‫النن عليه السالم‪:‬‬ ‫ر‬
‫عش‪ ،‬كما تنبأ دانيال ي‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫األ َبد َ‬ ‫َْ ُ ُ َ ْ َ ْ َ ََ ْ َ ُ َ ْ َ ْ َ‬ ‫يسو ْال َ‬
‫‪ ‬أما قد ُ‬
‫ين!‬ ‫اآلب ِد‬
‫ِ ِ‬ ‫د‬‫ب‬ ‫أ‬ ‫ىل‬ ‫إ‬‫و‬
‫ِ ِ‬ ‫ىل‬‫إ‬‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ك‬‫ل‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ون‬ ‫ك‬‫ل‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ي‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ك‬‫ل‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ون‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫في‬ ‫ىل‬
‫ِي‬ ‫ع‬ ‫ِ‬
‫لقد أخذوها وهللا!‬
‫بش النن محمد ﷺ بفتح القسطنطينية؛ ر‬
‫وبش‬ ‫• لقد ُأعطيت لقديش العىل‪ ،‬وقد ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ٌ‬
‫أول جيش يغزوها بأنهم مغفور لهم‪:‬‬

‫‪229‬‬
‫ٌ‬ ‫َ ْ‬
‫• لقد امتلكوا المملكة‪ ...‬مملكة القسطنطينية؛ ليس هذا فحسب‪ ،‬بل لم ي ُعد أحد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫مسلما‪ ،‬ولم تعد تطالب بها أمة‬ ‫يطالب بها أصًل؛ لقد صارت القسطنطينية بلدا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األ َبد َ‬ ‫ََ َْ ُ َ ْ َ ْ َ‬
‫ين!‬ ‫اآلب ِد‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ىل‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ىل‬‫إ‬‫من أمم األرض؛ ويمت ِلكون المملك ِ‬
‫ة‬
‫فه ْم سيمتلكوها إىل األبد‪ ...‬إىل قيام الساعة!‬ ‫ُ‬
‫•‬
‫ن‬ ‫• لقد امتلك المسلمون الممالك األرب ع ر‬
‫الن رآها دانيال يف رؤياه؛ وسيطرت األمة‬ ‫ي‬
‫وف خالل جيل واحد عىل ممالك األرض؛ لقد ُفتحت ُ‬
‫بابل بالعراق‪،‬‬
‫ن‬
‫اإلسالمية‪،‬‬
‫ن ر ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫وبالد فارس والشام ومرص‪ ،‬وامتد اإلسالم من الصي شقا إىل األندلس غربا‪ ،‬ولم‬
‫ن‬
‫يستط ْع وحش واحد من الوحوش األربعة أن يقف يف وجه األمة اإلسالمية‬ ‫ِ‬
‫الموحدة!‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬

‫ﱧ ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰ ﱱﱲﱳ‬

‫ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﱠ ﴿‪﴾٥٥‬‬
‫سورة النور‪.‬‬
‫ٌ‬
‫متفق عىل صحته‪:‬‬ ‫‪ ‬يقول ي‬
‫النن ﷺ والحديث‬

‫ت في َي ِدي‪َ ،‬‬
‫قال‬ ‫يت ب َمفاتِيحِ َخزائِ ِن األ ْر ِض حتى و ِ‬
‫ُض َع ْ‬ ‫البار َح َة؛ إ ْذ أُتِ ُ‬
‫"وب ْينَما أنا نائِم ِ‬
‫(‪)132‬‬
‫اهلل ﷺ وأَنْ ُت ْم تَنْ َت ِقلُونَها"‪.‬‬
‫سول ِ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫هَ‬ ‫ه َر ْي َر َة‪َ :‬ف َذ َ‬
‫أبو ُ‬
‫ََْ ُ َ‬
‫‪ ‬تنت ِقلونها‪ :‬أي تستخرجون ما فيها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ن‬
‫دين ِه‪ ،‬وأن خزائن ممالك األرض‬
‫ِ‬ ‫وسيادة‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫م‬‫أ‬ ‫• رأى ي‬
‫النن محمد ﷺ يف رؤيا رآها فتوح ِ ِ‬
‫ر‬
‫ستأب لألمة اإلسالمية‪ ،‬فكان كما رأى‪ ،‬وكما رأى قبله دانيال عليهما السالم‪.‬‬
‫ي‬

‫ُ ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫اإلله إىل قيام الساعة يف هذه األمة‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲖ‬
‫ن‬
‫ي‬ ‫التشي ُع‬ ‫ر‬
‫سيبف ر‬ ‫‪َ ‬ملكوت ُه َملكوت أ َب ِد ٌّي‪:‬‬

‫ﲝﲟﲠﲡ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥6‬سورة الروم‪.‬‬


‫ﲞ‬ ‫ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﲜ‬

‫(‪ )132‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري ح‪ ،2977:‬صحيح مسلم ح‪.523:‬‬


‫‪230‬‬
‫• ولن يختفي اإلسالم إلى قيام الساعة‪ ،‬وسيظل التوحيد عىل األرض‪،‬‬
‫وسيدخل كل قرية ومدينة‪ ،‬شاء َمن شاء وأب َمن أب؛ قالﷺ‪:‬‬

‫وبر إال أدخلَ ُه هذا‬


‫مدر وال ٍ‬
‫بيت ٍ‬
‫ك اهلل َ‬
‫هار‪ ،‬وال يت ُر ُ‬
‫يل والن ِ‬ ‫َ‬
‫مبلغ الل ِ‬ ‫"ليبلُغن هذا األم ُر‬
‫ُ‬
‫عزيز أو ب ُذ ِّل ٍ‬
‫ذليل"‪.‬‬ ‫بعز ٍ‬ ‫ِّين ِّ‬
‫الد َ‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬


‫الزمن‬
‫ني‬ ‫• يستحيل أن تنطبق نبوءة دانيال عىل أمة غت األمة اإلسالمية‪ ،‬ال يف التوقيت‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫للنبوءة‪ ،‬وال يف وصف أحداث النبوءة‪ ،‬وال يف وصف ممالك األرض‪ ،‬وال يف‬
‫ن‬ ‫األحداث ر‬
‫الن جرت بعد النبوءة‪ ،‬وال يف حقيقة سقوط الممالك أمام األمة‬ ‫ي‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وال ن يف صفات األمة اإلسالمية‪ ،‬وال ن يف زمن ظهورها!‬
‫العىل لم يكونوا ولن‬
‫ي‬ ‫محمد ﷺ ‪ ،‬وقديسو‬ ‫ٍ‬ ‫• إن ابن اإلنسان لم يكن ولن يكون سوى‬
‫الصالحي والمجاهدين من األمة اإلسالمية!‬ ‫ن‬ ‫يكونوا سوى‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫• إنه ﷺ هو الحجر الذي رآه ن ُبوخذن َ‬
‫رص يف رؤياه!‬
‫َ َ‬
‫• الحجر الذي سيهدم التمثال‪ ...‬الحجر الذي سيسحق الممالك األرب ع الظالمة‬
‫الوثنية‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ﷺ عن نفسه ن يف الحديث المتفق عليه ن يف البخاري ومسلم‪:‬‬

‫ين"‪)133(.‬‬
‫النبي َ‬
‫ِّ‬ ‫"أنا اللبِنَ ُة وأنا خاتِ ُم‬

‫اللهم صلِّ ىلع محمدٍ وىلع آل محمدٍ وىلع أصحاب محمدٍ وىلع كل مَن‬
‫اتَّبع هديه إلى يوم الدين؛ آمين‪.‬‬

‫(‪ )133‬صحيح البخاري ح‪.3535:‬‬


‫‪231‬‬
‫العرب يتوقعون هذه االنتصارات على ممالك األرض؟‬
‫ُ‬ ‫‪ -75‬هل كان‬

‫عاش العرب قبل اإلسالم كمجموعة من القبائل البسيطة على‬


‫هامش الحضارات واإلمبراطوريات العمالقة التي كانت تسو ُد األرض‬
‫في ذاك الوقت كالحضارة الفارسية واليونانية والرومانية‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫• وكانت ممالك كالقسطنطينية مما ال يحلم العرب أن يروها فضًل عن أن تسود كلمتهم‬
‫فيها!‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫الرسول محمد ﷺ برسالة اإلسالم يف بالد العرب‪ ،‬وأخته‬ ‫• يف هذا الوقت ظهر‬
‫ن‬
‫هللا عز وجل بسيادة دينه وانتشاره يف كل تلك الممالك واإلمتاطوريات‪ ،‬ولم يكن‬
‫النن ﷺ سوى بضع مئات من الصحابة يخافون أن يتخطفهم الناس!‬ ‫حول ي‬
‫• فأختهم هللا عز وجل أن هذا الدين سيكون فيه رشف ومجد وعز كل َمن اتبعه‬
‫بحق!‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﱠ ﴿‪ ﴾1٠‬سورة األنبياء‪.‬‬

‫‪ ‬لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه مجدكُم وشرفُكم أفال تعقلون؟‬


‫ﲨﲪﲫﱠ ﴿‪ ﴾44‬سورة الزخرف‪.‬‬ ‫ﲩ‬ ‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲥﲦﲧ‬
‫ُ‬ ‫• هذا الدين فيه ذ ٌ‬
‫كر لك ولقومك‪ ...‬فيه رشف لك ولقومك‪ ،‬وسوف تسألون عن‬ ‫ِ‬
‫تبليغه للناس والعمل بما فيه!‬
‫بش النن ﷺ بفتح تلك الممالك كلها‪ ،‬ر‬
‫وبش‬ ‫لينتش ويسود‪ ،‬وقد ر‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫اإلسالم‬ ‫• فقد جاء‬
‫ي‬
‫بفتح الشام والعراق وبالد فارس والقسطنطينية!‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وغربا‪ ،‬قالﷺ‪:‬‬ ‫وبش بوصول رسالة اإلسالم إىل أصقاع األرض رشقا‬ ‫• ر‬

‫‪232‬‬
‫ض‪ :‬أي جمعها‪.‬‬ ‫األر َ‬ ‫اَّلل َز َوى ىل ْ‬ ‫‪ ‬إن َّ َ‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ت َمشارقها َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫المشق‬ ‫غارب ها‪ :‬وهذا فيه إشارة إىل أن الفتوح اإلسالمية يف‬ ‫ِ‬ ‫وم‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬فرأي‬
‫أكت من الفتوح ن يف الشمال والجنوب!‬ ‫والمغرب ستكون ر‬
‫سيفتح ما ُزوي للنن ﷺ ً‬
‫جزءا ً‬
‫جزءا‪.‬‬ ‫‪ ‬وإن ُأم رن َس َي ْب ُل ُغ ُم ْل ُكها ما ُزو َي ىل م ْنها‪ُ :‬‬
‫ي‬ ‫ِ ي ِ‬ ‫ي‬
‫ض‪:‬‬ ‫ْ‬
‫واألب َي َ‬ ‫ْ‬
‫األح َمرَ‬ ‫نْ نَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫‪ ‬وأع ِطيت الكتي ِن‬
‫نن‬ ‫ض‪ :‬ن ن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْْ‬
‫والكت األبيض هو الفضة‪.‬‬ ‫الكت األحمر هو الذهب‪،‬‬ ‫واألب َي َ‬ ‫‪ ‬الك ن نتي ِن األح َم َر‬
‫كتي كشى وقيرص َم ِل يك العراق والشام!‬ ‫والمقصود ُأعطيت ن ن‬
‫ِ‬

‫ل اآلن هذه الصورة‪:‬‬ ‫‪ ‬تخيَّ ِ‬


‫ن‬ ‫رَ‬ ‫العرب عندما أتاهم اإلسالم خافوا عىل رحالتهم‪...‬‬
‫رحلن الشتاء والصيف يف اليمن‬ ‫ي‬
‫النن ﷺ أن‬ ‫ر‬
‫الن يذهبون إليها للتجارة‪ ...‬وهنا أختهم ي‬ ‫والشام؛ لئًل ترفضهم تلك البالد ي‬
‫رحالت‬ ‫الن تذهبون لها وتخافون عىل تجارتكم فيها ستخضع لإلسالم؛ فأي‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫هذه البالد ي‬
‫الن تخافون عليها؟‬ ‫هذه ر‬
‫ي‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫واألب َي َ‬
‫ض‪.‬‬ ‫‪ ‬وأع ِطيت الك ن نتي ِن األح َم َر‬
‫وسينفقان نف سبيل هللا‪ ،‬كما ورد نف حديث آخر متفق عىل صحته!(‪)1٣4‬‬ ‫ُ‬
‫•‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ن ر ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫المسلمي من الصي شقا إىل‬ ‫• وفتحت هذه البالد يف عهد الصحابة‪ ،‬وامتدت كلمة‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫النن ﷺ‪ ،‬وأنفقت كنوز كشى وقيرص يف العراق والشام يف‬ ‫األندلس غربا‪ ،‬كما بش ي‬
‫سبيل هللا‪.‬‬
‫ن‬
‫أمر لم يتوق ْعه العرب ولو يف أحالمهم!‬‫• لقد تحققت رؤيا النن دانيال بحرفها‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ي‬

‫‪  ‬‬

‫(‪ )134‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري ح‪ 3121:‬وصحيح مسلم ح‪.2919:‬‬


‫‪233‬‬
‫‪ -76‬هل كان اليهو ُد يعرفون أن النبوة ستنتقل عنهم لألبد‪ ،‬ولن تعود إليهم مر ًة‬
‫أخرى؟‬

‫نف وقت احتضار النن يعقوب عليه السالم جمع بنيه ن‬


‫االثن ر‬
‫عش‪ ،‬وبدأ يوصيهم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬نقرأ ً‬
‫معا ماذا قال لهم‪:‬‬

‫َ‬ ‫ُْ َ ُ ْ َ ُ ُ ُ ْ ن‬ ‫وب َبن َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ َ َْ ُ ُ‬


‫يه وقال‪ :‬اجت ِمعوا ِألن ِبئكم ِبما ي ِصيبكم ِ يف ِ‬
‫آخ ِر األي ِام‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ ‬ودعا يعق‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َْ‬
‫يل أ ِبيك ْم‪ :‬سيبدأ يف وصيتهم‬ ‫شائ َ‬
‫‪ ‬اجت ِمعوا واسمعوا يا ب ِ ن ين يعقوب‪ ،‬واصغوا ِإىل ِإ َ ِ‬
‫وإخبارهم ببعض النبوءات!‬
‫• وما أن وصل يعقوب إىل يهوذا‪ ...‬وي هوذا ابن يعقوب وهو جد األنبياء‪ :‬داود وسليمان‬
‫ً‬
‫جميعا الصالة والسالم‪.‬‬ ‫والمسيح عليهم‬
‫‪‬ما أن وصل إلى يهوذا حتى قال له‪:‬‬
‫ٌ ْ َ ُ َ َ ُ ْ رَ ٌ ْ َ ْ ن ْ ْ َ ر َ ْ ر َ ُ ُ َ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫وع ُش ُ‬ ‫َ َُ ُ َ‬
‫وب‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫خ‬ ‫ون‬ ‫ك‬‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ون‬ ‫يل‬‫ش‬‫ِ‬ ‫ب‬
‫ِي‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ح‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ل‬‫ج‬‫ر‬ ‫ي‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ع‬‫ت‬‫ِ‬ ‫ش‬ ‫م‬‫و‬ ‫ا‬ ‫وذ‬‫ه‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫يب‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ق‬ ‫‪ً ‬ل يزول‬
‫ًّ‬ ‫• هذا النص بال خالف ن‬
‫بي أهل الكتاب بشارة عظيمة وهامة جدا!‬
‫ر‬
‫والتشي ع‪.‬‬ ‫سيأب‪ ،‬وسوف تنتقل له النبوة‪ ،‬وينتقل له الحكم‬ ‫ر‬ ‫• فهو بشارة عن شخص‬
‫ي‬
‫• فهم كانوا يعلمون أن النبوة ستنتقل عنهم ولألبد‪.‬‬
‫الحكم‪.‬‬ ‫ُ ُ‬
‫القضيب هو َص ْولجان‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يب ِم ْن َي ُهوذا‪:‬‬‫ول َقض ٌ‬ ‫‪ًَ ‬ل َي ُز ُ‬
‫ِ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الحكام؛ وبالفعل كان داود وسليمان يف نسل يهوذا‪.‬‬ ‫يعن سيكون يف ذرية يهوذا األنبياء‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ر‬ ‫يعن ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يب م ْن َي ُهوذا َو ُمش رت ٌع م ْن َب ْ ن ْ ْ‬ ‫ول قض ٌ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ً ‬ل َي ُز ُ‬
‫والتشي ع‪.‬‬ ‫الشيعة‬ ‫ي ِرجْلي ِه‪ :‬المشتع ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫وع ُش ُ‬ ‫والتشي ع نف نسل يهوذا َح رن َيأ ر َ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫وب!‬‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ض‬‫خ‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ون‬ ‫يل‬ ‫ش‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الحكم‬ ‫سيبف‬ ‫❑‬
‫❑ فمن هو شيلون الذي تنبأ به يعقوب عليه السالم‪ ،‬والذي ستخضع له الشعوب؟‬

‫‪ ‬مَن هو شيلون الذي سينتقل إليه الحكم والنبوة والتشريع واألرض؟‬


‫بن إشائيل هو المسيح عليه السالم وكان من نسل يهوذا!‬ ‫• نحن نعرف أن آخر أنبياء ن‬
‫ي‬
‫ن ن‬
‫• ثم حصل توقف مفاح لألنبياء يف ي‬
‫بن إشائيل!‬ ‫ئ‬

‫‪234‬‬
‫ا‬
‫والملك‪ :‬ﭐ‬ ‫فجأة نف ن‬
‫بن إشائيل‪ ،‬بعد أن كانت فيهم النبوة والحكم ُ‬
‫ي ي‬
‫‪ ‬توق َ‬
‫ف ظهور األنبياء‬
‫‪‬ﱡﭐ‪..‬ﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱠ﴿‪ ﴾٥4‬سورة النساء‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫فالمفتض أن يكون قد حصل انتقال للحكم‬ ‫• وطبقا لنبوءة يعقوب عليه السالم‪،‬‬
‫بن‬ ‫ن ن‬ ‫ر‬
‫والنبوة والتشي ع إىل شخص آخر من خارج يهوذا بعد توقف الرسالة يف ي‬
‫إشائيل!‬
‫البديه أن هذا الشخص ليس هو المسيح؛ ألن المسيح كان من نسل يهوذا!‬ ‫ي‬ ‫• ومن‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫النن القادم‪،‬‬
‫ي‬ ‫بشأن‬ ‫يعقوب‬ ‫نبوءة‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫كما‬ ‫الشعوب‬ ‫له‬ ‫تخضع‬ ‫لم‬ ‫المسيح‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫•‬
‫ً‬
‫فالمسيح كان هو تابعا لإلمتاطورية الرومانية‪.‬‬
‫‪ ‬وحين قال له اليهود هل نعطي الجزية لقيصر أم ال؟‬
‫‪ ‬قال لهم‪ :‬أعطوا ما لقيرص لقيرص وما هلل هلل‪.‬‬

‫بن‬ ‫• َإذ ْن هناك شخص آخر ستنتقل له الرسالة والنبوة والحكم‪ ،‬وسيكون من خارج ن‬
‫ي‬
‫إشائيل!‬
‫َ‬
‫"ًل َي ُزولُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫نفسها طبقا لنبوءة يعقوب‬ ‫يهوذا َ ر َ ْ‬ ‫وهذا الشخص ستستلم أمته أرض‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ق ِضيب ِمن يهوذا ومشتع ِمن ب ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫النن‬‫ي ِرجلي ِه حن يأ ِ يب ِشيلون" ستستلم أمة هذا ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلسطي‪ ،‬وستخضع ألمته أكت اإلمتاطوريات!‬ ‫ن‬ ‫القادم األرض‪ ...‬ستستلم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه يف خالفته أرض يهوذا‪ ،‬ودانت بالد الشام‬ ‫• لقد استلم عمر بن الخطاب ي‬
‫والعراق وفارس باإلسالم‪.‬‬
‫إىل طول نظر أو تحرير!‬ ‫• هذه حقيقة ال تحتاج ي‬

‫َّ‬
‫تحققت‪،‬‬ ‫فالتاريخ يقول لنا‪َّ :‬‬
‫إن النبوءة التي في وصية يعقوب لبنيه قد‬
‫ولم تنطبق على نبي غير محمد ﷺ‪ ،‬ولم تحصل بتفاصيلها ألمة غير‬
‫أمته!‬

‫‪  ‬‬
‫‪235‬‬
‫‪ -77‬لكن كيف نعرف أن المقصود في النبوءة بالضبط هو اإلسالم؟‬

‫معن "شيلون"‪.‬‬ ‫يكمن نف تفست ن‬ ‫‪ ‬جواب هذا السؤال ُ‬


‫ي‬
‫ُ‬
‫وب‪ :‬هذه الكلمة ت َعد من أشد الكلمات‬ ‫وع ُش ُ‬
‫ع‬
‫ُ ُ َ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ض‬ ‫خ‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ون‬ ‫يل‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫• َح رن َي ْأ ر‬
‫ٍ‬ ‫ِ يا ِ‬
‫صعوبة ن يف التوراة‪.‬‬
‫• لكن يخلص الباحثون من علماء التوراة وأحبار اليهود إىل أن كلمة "شيلون" قد‬
‫بمعن‪" :‬الذي له"‪.‬‬ ‫ن‬ ‫تكون‬
‫ْ ْ َ ر َْ‬ ‫ٌ ْ َُ َ‬ ‫َ َُ ُ َ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫ي ِرجلي ِه حن يأ ِ يب الذي له الحكم والتشي ع‬ ‫وذا َو ُم ْش رَت ٌع ِم ْن َب ْ ن‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫يب‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫‪ً ‬ل يزول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫عدد من علماء التوراة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وب‪ ...‬هذا قول ٍ‬ ‫وله يكون خضوع شع ٍ‬
‫ُ‬ ‫عددا آخر ً‬ ‫ً‬
‫ه نفس الجذر اللغوي لكلمة‬ ‫ي‬ ‫شيلون‬ ‫كلمة‬ ‫أن‬ ‫رون‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫منهم‬ ‫ا‬
‫كبت‬ ‫• لكن‬
‫عليخم‪ :‬السالم عليكم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫شالوم أي‪ :‬سالم‪ ...‬شالوم‬

‫وبالتاىل ف ‪" :‬شيلون" قريبة من شالوم‪ ...‬السالم؛ وهو نفس الجذر اللغوي ل ‪:‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫يأب اإلسالم‪)1٣٥(.‬‬ ‫ر ر‬ ‫ر ر‬
‫يأب شيلون حن ي‬ ‫"اإلسالم" حن ي‬
‫ُ َ ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ٌ ْ َ ُ َ َ ُ ْ رَ ٌ ْ َ ْ ن ْ‬ ‫َ َُ ُ َ‬
‫ي ِرجل ْي ِه ح رن يأ ِ ر ي َب (اإلسالم) َوله يكون خضوع‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ع‬‫ت‬
‫ِ ِ‬ ‫ش‬ ‫م‬‫و‬ ‫ا‬‫وذ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫يب‬ ‫ض‬‫‪ً ‬ل يزول ِ‬
‫ق‬
‫وب‪.‬‬ ‫ع‬‫ُش ُ‬
‫ٍ‬

‫‪)135( The form of the word is related to the word for peace shalom‬‬

‫‪The Genesis Record: A Scientific and Devotional Commentary on the Book of Beginning, p.655‬‬
‫‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫ن ً ن‬
‫حارصا يف وصية يعقوب لبنيه قبل موته؛ فهو‬ ‫• وكل مسلم يقطع أن اإلسالم كان‬
‫عليه السالم أوصاهم باإلسالم بلفظ القرآن الكريم‪ :‬ﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ‬

‫ﲴﲶ ﲷﲸﲹﲺ‬
‫ﲵ‬ ‫ﲬ ﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ‬

‫ﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﱠ ﴿‪ ﴾1٣٣‬سورة البقرة‬


‫ا‬
‫فسواء كانت شيلون بهذا التوجيه اللغوي أو بتوجيه آخر سندركه بعد قليل إال أن‬ ‫•ﭐ‬
‫ن ا‬
‫حارصة بال جدال عند كل مؤمن بالقرآن‪.‬‬ ‫دعوة يعقوب بنيه لإلسالم كانت‬
‫‪ ‬وهناك فريق كبت من علماء اللغة يميل إىل أن شيلون بحسب معناها نف السياق ن‬
‫تعن‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫المعن الذي ذهبت له الكثت من مواقع الدراسات‬ ‫عًط الراحة أو رافع األغالل؛ وهذا هو‬ ‫ُ‬
‫م ي‬
‫الكتابية المتخصصة ن يف العهد القديم‪.‬‬

‫• فيعقوب عليه السالم ُي ر‬


‫بشهم بالشخص الذي ستفع عنهم األغالل ر‬
‫الن كانت‬
‫ي‬
‫عليهم!‬

‫‪237‬‬
‫ٌ‬ ‫الن كانت عىل ن‬
‫• واألغالل ر‬
‫بن إشائيل كثتة؛ فهناك أغالل وقيود خاصة بالمأكوالت‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ر‬
‫الن فرضت عليهم لظلمهم‬‫وأحكام الطهارة‪ ،‬وأغالل خاصة باألحكام التشيعية ي‬
‫وبغيهم وفسادهم‪.‬‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﳇﳈ‬
‫ﱠ ﴿‪ ﴾118‬سورة النحل‪.‬‬
‫ر‬
‫سيأب الرجل الذي يرفع عنكم هذه األغالل!‬ ‫‪ ‬فيعقوب يقول ألبنائه‪:‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫‪ ‬واآلن لنقرأ قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱤﱥ ﱦﱧﱨﱩﱪﱫ‬

‫ﱬ ﱭﱮﱯﱰﱱﱲ ﱳﱴﱵﱶ‬

‫ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾1٥7‬سورة األعراف‪.‬‬

‫‪( ‬ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ)‪:‬‬

‫❑ما صفة هذا النبي؟‬


‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ََْْ‬ ‫ََ َ ُ َُْ ْ ْ َ ُ‬
‫رصه ْم َواألغًل َل ال ِ ر ين كانت َعل ْي ِه ْم!‬ ‫‪ ‬ويضع عنهم ِإ‬

‫أن هناك نبيًّا ُأمِّ يًّا سيأتي‪ ،‬وسيضع عنهم‬ ‫‪ ‬فمكتوب في كتابهم َّ‬
‫األغالل التي كانت عليهم!‬

‫‪ ‬واآلن لننظرْ لواحدة فقط من أحكام الطهارة في اليهودية‪ ،‬وكيف‬


‫ُخففت جدًّ ا في اإلسالم‪ ...‬ننظر لحكم المرأة الحائض في سفر الالويين‪:‬‬

‫‪238‬‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َُ َ َ ْ َ ُ َ ْ ن َ ْ َ َ ُ ُ َ ً َُ َ َ ْ ُ َ‬
‫س عل ْي ِه يكون ن ِج ًسا‪.‬‬ ‫‪ ‬وكل ما تضط ِجع علي ِه ِ يف طم ِثها يكون ن ِجسا‪ ،‬وكل ما تج ِل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪َ ‬وكل َمن َمس ِف َراشها يغ ِس ُل ِث َيابه َوي ْست ِحم ِب َم ٍاء‪َ ،‬ويكون ن ِج ًسا ِإىل ال َم َس ِاء‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ ً َ ْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫س عل ْي ِه‪ ،‬يغ ِس ُل ِث َيابه َوي ْست ِحم ِب َم ٍاء‪َ ،‬ويكون ن ِج ًسا ِإىل ال َم َس ِاء‪.‬‬ ‫‪َ ‬وكل َمن َمس متاعا تج ِل‬
‫ُ َ ُ ُ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ان َعىل ْالف َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ه ج ِال َسة عل ْي ِه ِعند َما ي َمسه‪ ،‬يكون ن ِج ًسا‬ ‫اش أو عىل المت ِاع ال ِذي يِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬و ِإن ك‬
‫ْ‬
‫ِإىل ال َم َس ِاء‪.‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َُ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫‪َ ‬و ِإ ِن اضطج َع َم َعها َرج ٌل فكان ط ْمثها عل ْي ِه يكون ن ِج ًسا َس ْب َعة أي ٍام‪َ .‬وكل ِف َراش يضط ِج ُع‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫عل ْي ِه يكون ن ِج ًسا‪.‬‬
‫‪ ‬كل هذه األحكام كانت لقساوة بني إسرائيل وغلظة قلوبهم؛ فأتي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبي الذي رفع عنهم هذه األغالل!‬ ‫ُّ‬
‫‪ ‬ونقرأ اآلن خاتمة اآلية الكريمة‪ :‬ﭐﱡﭐﱤﱥ ﱦﱧﱨﱩﱪ‬
‫ﱫﱬ ﱭﱮﱯ ﱰﱱ ﱲ ﱳﱴﱵ‬
‫ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ‬
‫ﲃﲄﲅﲆﲇﲈ ﲉﲊﲋﲌﲍﲎ‬
‫ﲏﱠ ﴿‪ ﴾1٥7‬سورة األعراف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ ُ ُ ََ َ ُ ُ‬ ‫َ َّ َ َ ُ‬
‫يؤمنوا‬ ‫أن‬ ‫يأمرهم‬ ‫هللا‬ ‫نز َل َم َع ُه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ي‬‫ذ‬ ‫ال‬
‫ً ِ‬ ‫ور‬ ‫الن‬ ‫وا‬ ‫وه َوات َب ُ‬
‫ع‬ ‫رص‬ ‫ن‬‫و‬ ‫وه‬‫ر‬‫ز‬‫ع‬ ‫و‬ ‫‪ ‬فال ِذين آم ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ن‬
‫َ ُ َ ُ ُ‬ ‫ًّ‬
‫وأن ُينرصوه ويعينوه‪ ،‬فهو سيكون نبيا مجاهدا‪ ...‬ستخضع له شعوب "وله يكون‬ ‫ُبه‪ُ ُ،‬‬
‫وب"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خضوع شع ٍ‬
‫اآليتي بتدبر‪ ،‬وانظروا سياق اآلية الثانية‪ :‬ﭐﱡﭐﲧﲨ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫هاتي‬ ‫‪ ‬واآلن حاولوا أن تقرؤوا‬
‫ﲴﲶ ﲷﲸﲹ‬
‫ﲵ‬ ‫ﲩﲪﲫﲬ ﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ‬
‫ﳇﳉ ﳊ‬
‫ﳈ‬ ‫ﲺﲻﲼﲽ ﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆ‬
‫ﳎﳐﳑﳒﳓﳔﳕﱠ سورة البقرة‪.‬‬
‫ﳏ‬ ‫ﳋﳌ ﳍ‬
‫ْ َ ُ ٌ َْ َ ْ َ َ َ َ ْ‬
‫ت َول ُكم ما ك َس ْب ُت ْم‪ :‬أمة ن‬
‫بن إشائيل وسبط يهوذا قد‬ ‫ي‬ ‫‪ِ ‬تلك أمة قد خلت لها ما كسب‬
‫والتشي ع‪ ...‬تلك أمة قد خلت لها ما‬ ‫ر‬ ‫مضوا وانتقلت عنهم الرسالة والنبوة واألرض‬
‫ر‬
‫والتشي ع‪.‬‬ ‫كسبت؛ وجاء دوركم‪ ...‬فقد انتقلت لكم الرسالة والنبوة والحكم‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُْ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬لها َما ك َسبت َولكم ما ك َسبت ْم َوًل ت ْسألون عما كانوا ي ْع َملون‪ :‬ستسألون أنتم عما أديتم‬
‫لهذا الدين!‬

‫‪  ‬‬
‫‪239‬‬
‫النبي محمد ﷺ باسمه في التوراة "محمد"؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ -78‬لكن هل ُذ ِك َر‬

‫عظيم نف ن‬
‫بن إشائيل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫شخص‬ ‫ض أعوام طويلة من وفاة يعقوب عليه السالم ظهر‬ ‫ُ ن‬
‫ي ي‬ ‫بعد م ي‬
‫ببشارة من أهم بشارات العهد القديم!‬ ‫النن‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫ح‪ ،‬وقد بش هذا ي‬ ‫النن ِح ي‬
‫وهو ي‬
‫ُ‬
‫البشارة‪:‬‬ ‫‪ ‬تقول‬

‫األ َمم‪ :‬وهذه كناية عن الجهاد الذي سيقوم به الشخص ُ‬


‫الم ر‬ ‫َ َُْ ُ ُ ْ ُ‬
‫بش به!‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬وأزل ِزل كل‬
‫ْ َ َ ُ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫َُْ ُ ْ ُ‬
‫‪َ ‬وأزل ِز ُل كل األ َم ِم َويأ ِ ر يب ُمشته كل األ َم ِم‪َ :‬من يكون مشته كل األمم؟‬
‫‪ ‬حتى نعرف جواب هذا السؤال سنحتاج للنظر في النص العبري لهذه‬
‫األعداد‪:‬‬

‫‪ ‬واآلن سننظر لكلمة مُ شتهى باللغة العبرية‪:‬‬

‫‪240‬‬
‫‪ ‬ثم نقوم بوضع هذه الكلمة العبرية في أي قاموس عبري إنجليزي مُ وثَّق‪،‬‬
‫وننظر ما ترجمة هذه الكلمة‪:‬‬

‫• ُمشته رتتجم إىل‪ِ :‬حمدة!‬


‫ر‬
‫سيأب ِحمدة كل األمم‪.‬‬ ‫•‬
‫َ َ‬ ‫ي‬
‫ه جذر "ح ِمد" وهو نفس جذر محمد وأحمد!‬ ‫• " ِحمدة" ي‬
‫اإلنجلتية لم ريتجمها إىل‬
‫ن‬ ‫والتجمة ترجمة لشخص؛ فالقاموس عندما ترجمها إىل‬ ‫‪ ‬ر‬
‫َ‬ ‫نا‬
‫"حمدة"‪.‬‬ ‫معن‪ ،‬بل هو ترجمها إىل شخصية حقيقية إىل شخص ِ‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫سيأب ِحمدة كل األمم‪َ :‬من تحمده كل األمم!‬
‫ي‬ ‫‪‬‬

‫العرب السم‪ :‬محمد ومحمود وأحمد‪.‬‬


‫ي‬ ‫• وهذا هو نفس التعريف‬
‫ر‬
‫سيأب محمد كل األمم!‬ ‫•‬
‫ي‬
‫العرب بالضبط ونفس الجذر اللغوي للكلمة ونفس‬ ‫ن‬
‫المعن‬ ‫• سبحان هللا! نفس‬
‫ي‬
‫النطق!‬
‫• هذا النص نف سفر ِحح الذي ما زال ن‬
‫بي أيدي اليهود والنصارى ر‬
‫حن الساعة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ﱇﱉ ﱊﱋﱌﱍ‬
‫ﱈ‬ ‫ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬
‫ﱎﱏﱠ ﴿‪ ﴾146‬سورة البقرة‪.‬‬

‫ُ‬
‫• فالنص العتي يحدثنا عن اسم ُمحدد لشخص ُمحدد "حمدة كل األمم"‪ ...‬محمد‬
‫كل األمم!‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ً ن‬ ‫• َ‬
‫فمن غت محمد ﷺ يكون مقصودا يف هذه البشارة‪ ،‬وهو الذي بعث وجاهد يف‬
‫سبيل هللا‪ ،‬وانترص دينه؟‬
‫• واآلن لننظر ن يف كلمة "كل األمم"‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫ن‬ ‫ََْر ُ ْ َ َ ُ ُْ‬
‫األ َ‬
‫حح‪:‬‬
‫ي‬ ‫لسفر‬ ‫ي‬‫العت‬ ‫النص‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الكلمة‬ ‫هذه‬ ‫‪...‬‬ ‫األمم‬ ‫كل‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫‪ ‬ويأ ِ يب مشته كل‬

‫ْ‬
‫ترجمناها ترجمة صحيحة ودقيقة في قاموس عبري إنجليزي‬ ‫‪ ‬لو‬
‫معتمد‪:‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬


‫األميي أو كل‬ ‫وتعن كل‬
‫ي‬ ‫• التجمة الصحيحة لكلمة "كل األمم" ي‬
‫ه‪All-Gentiles :‬‬
‫ن‬
‫األمميي‪.‬‬
‫ن‬
‫األميي!‬ ‫ويأب محمد كل‬‫• ر‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َ ُ ُ ُْ‬
‫• فمن هم األميون؟‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫• األميون هم األمم غت اليهودية؛ فكل من ليس يهوديا يسىم أميا ‪.Gentile‬‬

‫‪242‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫يجت لنفسه‬ ‫األميي‪ ،‬فكان اليهودي‬ ‫‪ ‬وكان لدى كثت من اليهود عنرصية تجاه هؤالء‬
‫ظلم غت اليهودي؛ ولذلك نزل قول هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ‬

‫ﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﱠ ﴿‪ ﴾7٥‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫• فاألميون هم غت اليهود!‬
‫بن إشائيل!‬‫بش به نف هذا النص من سفر ِحح ليس من ن‬ ‫• َإذ ْن هذا النن القادم ُ‬
‫الم ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اي‬
‫ن‬
‫األميي!‬ ‫ًّ‬ ‫ر‬
‫سيأب رسوًل ونبيا من‬ ‫•‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ََْر ُ ْ َ َ ُ ُْ‬
‫األ َ‬
‫األميي!‬ ‫سيأب محمد‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫‪ ‬ويأ ِ يب مشته كل‬

‫‪ ‬ﭐﱡ ﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾1٥7‬سورة األعراف‪.‬‬

‫ر‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ ُ‬ ‫ن‬


‫سيأب!‬
‫ي‬ ‫❑ مكتوب عندهم يف كتبهم أن نبيا أميا من خارج ي‬
‫بن إشائيل‬
‫‪ ‬ﭐ ﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ‬

‫ﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الجمعة‪.‬‬

‫فهو النبيُّ األُمِّيُّ "من خارج يهوذا" كما أخبر يعقوب قبل موته‪ ،‬وهو‬
‫النبي األمي محمد كما أخبر حجي‪ ،‬وهو النبي الذي سينتقل الكرم‬
‫ألمته بعد أن أفسد بنو إسرائيل كما أخبر املسيح عليه السالم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪243‬‬
‫‪ -79‬طالما أن النبوءة والبشارة بهذا الوضوح الشديد‪ ،‬لماذا لم يؤمن أهل الكتاب على‬
‫بَ ْكرة أبيهم؟ لماذا ما زالوا يكفرون باإلسالم‪ ...‬يكفرون بدين اهلل؟‬

‫ً‬
‫محمدا ﷺ ٌّ‬ ‫‪ ‬الر ِّبيُّون علماء التوراة الذين درسوا التوراة بتمعن ر‬
‫نن‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫فون‬ ‫يعت‬
‫بشت به التوراة‪ ،‬ال يستطيعون إنكار ذلك‪،‬‬ ‫األميي الذي ر‬
‫ن‬ ‫نن‬ ‫ٌ‬
‫ورسول من عند هللا‪ ،‬وهو ي‬
‫ن‬
‫األميي وليس نبيهم هم‪)1٣6(.‬‬
‫لكنهم يقولون‪ :‬إنه ي‬
‫نن مبعوث إىل‬
‫لألميي ولكل ر‬
‫البش!‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫األميي‬ ‫وهذا من عنادهم وك ْتهم‪ ،‬فالنن محمد ﷺ ٌّ‬
‫نن من‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ﲘﲚﲛﲜ‬
‫ﲙ‬ ‫ﲓﲕﲖﲗ‬
‫ﲔ‬ ‫ﭐﱡ ﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬
‫ﲞﲠﲡﲢﱠ ﴿‪ ﴾2٠‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ﲟ‬ ‫ﲝ‬
‫ن‬
‫ولألميي!‬ ‫فهو لكل ر‬
‫البش ألهل الكتاب‬
‫ً‬
‫واستكبارا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كاذب ر‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حن يكفروا به وال يتبعوه عنادا‬ ‫فاعتقادهم هذا اعتقاد‬
‫البش‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒﲓﲔ‬
‫نن لكل ر‬ ‫للعالمي والنن محمد ﷺ ٌّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫فاإلسالم هو رسالة‬

‫ﲕﲖﲗﲘﱠ ﴿‪ ﴾1٥8‬سورة األعراف‪.‬‬

‫وأنا أتساءل‪ :‬إذا كانوا يعترفون بنبوَّته‪ ،‬فهل النبي يكذب حين قال‪:‬‬
‫إنَّه بُعِث للناس جميعًا؟‬
‫هل النبي يكذب حين أخبرهم أنه يجب اإليمان به‪ ،‬ومَن لم يؤمن به فقد‬
‫كفر؟‬

‫ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ‬

‫ﲋ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﱠ﴿‪ ﴾47‬سورة‬
‫ﲌ‬ ‫ﲃ ﲄ ﲅﲆﲇﲈﲉﲊ‬
‫النساء‪.‬‬

‫‪)136( https://www.youtube.com/watch?time_continue=13&v=4y6NsYLxj3g‬‬

‫اعتراف خطير من أحد الربيين اليهود َّ‬


‫بأن محمدًا ﷺ هو أحد أعظم أنبياء األميين!‬
‫‪244‬‬
‫ً‬
‫الن ن‬
‫بي‬ ‫ي‬
‫مصدقا للتوراة ر‬ ‫‪ ‬ﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‪:‬‬
‫الن معكم فآمنوا به!‬ ‫ر‬
‫أيديكم؛ فهو بشارة التوراة ي‬
‫أن الرسالة ستنتقل من أمتكم إلى أمة أخرى‪،‬‬ ‫‪ ‬ثم ألم تخبرْ كم التوراة َّ‬
‫ٍ‬ ‫كما في وصية يعقوب قبل موته؟‬
‫‪ ‬ألم يخبرْ كم المسيحُ أن ملكوت هللا سينتقل ألمة أخرى؟‬
‫أنفسكم! ٍ‬
‫نجاتكم بأيديكم‪ ،‬فال تلوموا إال َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬لألسف تضيعون‬
‫‪ ‬ثم ألم يُهدم الهيكل اليهودي وال تعرفون له مكانًا حتى الساعة؛ أليس‬
‫هذا دلي ًلا على نسخ الشريعة‪ ...‬على نسخ الديانة؟‬
‫فجأة عندكم بعد محاولتكم صلب المسيح‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫تتوقف النبوات‬ ‫‪ ‬ثم ألم‬
‫ِ‬ ‫عليه السالم؟‬
‫أن الرسالة والشريعة والنبوة وميراث‬ ‫‪ ‬أليست كل هذه أدلة على َّ‬
‫األرض قد انتقلوا ألمة أخرى؟‬
‫ٍ‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﱠ ﴿‪ ﴾1‬سورة الفرقان‪.‬‬
‫ن‬
‫لألميي فقط!‬ ‫للعالمي ً‬
‫نذيرا‪ ،‬وليس‬ ‫ن‬ ‫ليكون‬

‫ْ َ َ ُ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫َُْ ُ ْ ُ‬


‫‪َ َ ‬وأزل ِ ُز ُل كَل األ َم ِم َويأ ِ ر يب ُمشته كل األ َم ِم‬
‫ُ‬ ‫ْ َ ْ ً‬ ‫َ‬
‫‪َ ‬فأ ْمأل هذا ال َب ْيت َمجدا‪ :‬أي بيت يا ترى؟‬
‫ْ ُ ُ‬
‫نن مجاهد!‬ ‫ي‬ ‫عن‬ ‫الحديث‬ ‫‪:‬‬‫ود‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال َرب الج‬‫‪‬ق َ‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫النن محمد ﷺ يف الحديث المتفق‬ ‫ول َرب ْال ُج ُنود‪ :‬ر‬
‫بش‬ ‫ب‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫‪ ‬ىل ْالفض ُة َوىل الذ َه ُ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِيُ‬ ‫ِي ِ‬
‫عًط كتي الذهب والفضة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫عىل صحته بأنه أ ي‬

‫‪245‬‬
‫نن‬ ‫ض‪ :‬ن ن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫والكت األبيض هو‬ ‫الكت األحمر هو الذهب‪،‬‬ ‫واألب َي َ‬ ‫‪ ‬وأع ِطيت الك ن نتي ِن األح َم َر‬
‫الفضة‪.‬‬
‫ن نَ‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬نن‬
‫بكتي الفضة والذهب؛‬ ‫المعروفان يف التاري خ‬
‫ِ‬ ‫كتا قيرص وكشى بالشام والعراق‪ ،‬وهما‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫عًط هذين‬
‫ي‬ ‫أ‬ ‫فالنن ﷺ أخت بأنه‬‫ي‬ ‫والثاب بالذهب؛‬
‫ي‬ ‫ألن غالب معامالت األول بالفضة‪،‬‬
‫نن‬
‫الكتين!‬

‫‪ ‬هذان الكنزان سينفقان في سبيل هللا‪ ،‬كما ورد في الحديث المتفق عليه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)137‬‬
‫بيل اهللِ"‪.‬‬
‫هما في َس ِ‬ ‫سي ب َي ِد ِه لَ ُتنْ َف َقن ُكنُو ُز ُ‬‫"والذي نَ ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• وبالفعل فتحت بالد الشام والعراق‪ ،‬وأنفقت كنوز الفضة والذهب لقيرص وكشى‬
‫النن محمد ﷺ!‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ونبوءة‬ ‫‪،‬‬ ‫حح‬
‫ي‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫بشارة‬ ‫قت‬ ‫وتحق‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫سبيل‬ ‫ف‬‫ي‬
‫ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ود!‬ ‫‪ ِ ‬يىل ال ِفضة و ِ يىل الذهب‪ ،‬يقول رب الجن ِ‬
‫• فالحمد هلل عىل نعمة التوفيق لدينه الحق الذي دعا له كل األنبياء!‬
‫يستوقفن حديث عجيب‪ ،‬كيف كانت بداية اإلسالم‪ ،‬ثم كيف انترص هذا‬ ‫ن‬ ‫• وهنا‬
‫َّ ي‬
‫الدين ومكن هللا لنبيه!‬
‫نت وأنا في‬ ‫مي‪ُ :‬ك ُ‬ ‫س َة ُّ‬
‫السلَ ُّ‬ ‫بن َعبَ َ‬ ‫سة؛ قال عَم ُرو ُ‬ ‫في حديث قصة إسالم عمرو بن َعبَ َ‬
‫وهم َيعبُدون األَ َ‬
‫وثان‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫هم ليسوا على َشي ٍء‪ُ ،‬‬ ‫اس على َضاللةٍ‪ ،‬وأن ُ‬ ‫ن أن الن َ‬ ‫الجاهلي ِة أَ ُظ ُّ‬
‫هلل ﷺ‬‫رسول ا ِ‬‫ُ‬ ‫ت إليه‪ ،‬فإذا‬ ‫ْت على را ِحلَتي‪ ،‬ف َق ِد ْم ُ‬ ‫ت ب َر ُج ٍل بمك َة ُيخبُِر أَخبا ًرا‪ ،‬ف َق َعد ُ‬ ‫فس ِم ْع ُ‬‫َ‬
‫أنت؟ قال‪ :‬أنا‬ ‫ت له‪ :‬ما َ‬ ‫ت عليه بمك َة‪ ،‬ف ُقلْ ُ‬ ‫ت حتى َد َخلْ ُ‬ ‫ُمس َتخف ًيا‪ُ ،‬ج َرءا ُء عليه َقو ُمه‪ ،‬ف َتلط ْف ُ‬
‫بصلَ ِة‬
‫رسلَني ِ‬ ‫ك؟ قال ‪:‬أَ َ‬ ‫بأي َشي ٍء أَ َ‬
‫رسلَ َ‬ ‫ت‪ِّ :‬‬ ‫رسلَني اهلل‪ ،‬ف ُقلْ ُ‬ ‫نبي؟ قال‪ :‬أَ َ‬ ‫ت‪ :‬وما ٌّ‬ ‫نبي‪ ،‬ف ُقلْ ُ‬ ‫ٌّ‬
‫ُ‬
‫معك على هذا؟‬ ‫َ‬ ‫ت له‪َ :‬من‬ ‫ك به َشيء‪ .‬ف ُقلْ ُ‬ ‫وأن ي َوح َد اهلل ال ُيش َر ُ‬ ‫وثان‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫رحام‪َ ،‬‬ ‫األَ ِ‬
‫ُ‬ ‫وك ْس ِر األ ِ‬
‫ك‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ت‪ :‬إنِّي ُمتبِ ُع َ‬ ‫ن به‪ ،‬ف ُقلْ ُ‬ ‫بكر وبِالل ممن آ َم َ‬ ‫قال‪ُ :‬حٌّر وعبْد‪ ،‬قال‪ :‬ومعه َيومئ ٍذ أبو ٍ‬
‫ك‪ ،‬فإذا‬ ‫أهلِ َ‬‫ارج ْع إلى ْ‬ ‫ولكن ِ‬‫ِ‬ ‫اس؟‬ ‫وحال الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ك هذا‪َ ،‬أال تَرى حالي‬ ‫ذلك َيو َم َ‬
‫طيع َ‬ ‫ك ال تَس َت ُ‬ ‫إن َ‬
‫وكنت‬
‫ُ‬ ‫هلل ﷺ ال َمدين َة‪،‬‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫أهلي‪ ،‬ف َق ِد َم‬ ‫ت إلى ْ‬ ‫هبْ ُ‬‫ت فأْتِني‪ .‬ف َذ َ‬ ‫ت بي قد َظ َ‬
‫ه ْر ُ‬ ‫َس ِم ْع َ‬
‫اس‪ ،‬حتى َق ِد َم علي نَ َفر ِمن‬ ‫ن الن ِ‬ ‫سأل كل َمن َق ِد َم ِم َ‬ ‫ت أَتَخب ُر األَخبا َر‪ ،‬وأَ ُ‬ ‫أهلي‪ ،‬ف َج َعلْ ُ‬ ‫في ْ‬
‫اس‬ ‫ت ‪:‬ما َف َع َل هذا الر ُج ُل الذي َق ِد َم ال َمدين َة؟ فقالوا ‪:‬الن ُ‬ ‫أهل ال َمدين ِة‪ ،‬ف ُقلْ ُ‬‫ب ِمن ِ‬ ‫ثر َ‬
‫أهل َي ِ‬
‫ِ‬
‫ت عليه‪،‬‬ ‫ت ال َمدين َة‪ ،‬ف َد َخلْ ُ‬ ‫لك‪ .‬قال‪ :‬ف َق ِد ْم ُ‬ ‫فلم َيس َتطيعوا ذ َ‬ ‫سراع‪ ،‬وقد أَرا َد َقو ُمه ق ْتلَه ْ‬ ‫إليه ِ‬
‫َ (‪)138‬‬
‫ت الذي أَتَ ْي َتني بمكة؟‬ ‫رسول اهللِ‪ ،‬أَتَ ْع ِر ُفني؟ قال ‪َ :‬‬
‫نع ْم‪ ،‬أَلَ ْس َ‬ ‫َ‬ ‫ت‪ :‬يا‬ ‫ف ُقلْ ُ‬

‫(‪ )137‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري ح‪ 3121:‬وصحيح مسلم ح‪.2919:‬‬


‫(‪ )138‬السنن الكبرى للبيهقي‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.454‬‬
‫‪246‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اس!‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫وحال‬ ‫حاىل‬
‫ي‬ ‫رى‬ ‫ت‬ ‫• انظر لبداية اإلسالم‪ :‬أًل‬
‫ٌ‬ ‫• ثم انظر بعدها بسنوات‪ :‬الن ُ‬
‫اس إليه ِشاع‪.‬‬

‫‪ ‬نكمل قراءة سفر حجي‪:‬‬


‫ود‪.‬‬ ‫ن‬
‫ْ ُ ُ‬
‫ج‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬ىل ْالفض ُة َوىل الذ َه ُ‬
‫ب‪َ ،‬ي ُق ُ‬
‫ول َ‬
‫ِ‬ ‫ِي‬ ‫ِي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫‪َ ‬م ْجد هذا ال َب ْي ِت األ ِخ ِت َيكون أ ْعظ َم ِم ْن َم ْج ِد األو ِل‪:‬‬
‫هنا النص يتحدث عن بيت جديد للرب!‬

‫‪ ‬بيت الرب الجديد الذي تحدثنا عنه قبل قليل‬


‫ُ‬
‫أضاح بالد العرب!‬ ‫ي‬ ‫بالتفصيل؛ البيت الذي ستساق له‬
‫ْ ُ ُ‬ ‫ال َ‬ ‫األول َق َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫هذا ْال َب ْ‬
‫ود‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ظ‬ ‫ع‬‫أ‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫ِ‬ ‫األ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬مجد‬

‫أعًط السالم‪:‬‬ ‫المكان‬ ‫هذا‬ ‫وف‬


‫ْ ُ ُ ‪ :‬ن‬
‫ود‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫هذا ْال َمكان ُأ ْعًط الس ًَل َم‪َ ،‬ي ُق ُ‬
‫ول َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫‪َ ‬و ِ يف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ي‬ ‫ِ‬
‫ﲥﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ‬
‫ﲦ‬ ‫ﱡﭐ ﲘ ﲙﲚ ﲜ‬
‫ﲛﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ‬

‫ﲭﱠ﴿‪ ﴾٩7‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪ ‬هل تنطبق هذه الصفات صفات البيت الجديد على بيت غير البيت‬
‫الحرام اليوم؟‬

‫‪ ‬هل تنطبق على الهيكل اليهودي الذي اختفى من الوجود أص ًلا؟‬

‫‪ ‬هل تنطبق على مذبح الكنيسة الذي ال تُقدَّ م عليه أضاحي أص ًلا؟‬

‫‪  ‬‬

‫‪247‬‬
‫‪ -80‬لكن هل َو َر َد مكان البيت الحرام في "مكة" في التوراة؟‬

‫‪ ‬يقول داود عليه السالم عن بيت الرب الجديد ن يف المزامت‪:‬‬

‫ً ن‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫نَ ن َ ْ َ َ ً ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ي ِ يف بي ِتك‪ ،‬أبدا ي َسبحونك‪ِ .‬سًله‪ :‬يسبحون هللا‪ ،‬ويصلون له أبدا يف‬‫‪ ‬طوب ِللس ِاك ِن‬
‫بيته هذا!‬

‫‪ ‬أين مكان هذا البيت؟ هل هو في الهيكل اليهودي الذي انتهى من‬


‫الوجود؟ أم في مذابح النصارى التي دخلتها الشركيات؟‬

‫‪ ‬نُكمل قراءة لنعرف مكان هذا البيت‪:‬‬


‫ُ ْ َ ُ ُ ُ َْ َ ن ُُ‬ ‫ُ َ َُ‬
‫وب ِهم تهوي إليه قلوب هم ﭐﱡﭐﲃﲄﲅ‬
‫‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬طوب ِألناس ِعزهم ِبك طرق بي ِتك ِ يف قل ِ‬
‫‪.‬‬

‫ﲆﲇﱠ﴿‪ ﴾٣7‬سورة إبراهيم‪.‬‬


‫َّ‬
‫ين ِ ن يف َو ِادي بكة‪ :‬البيت ن يف وادي بكة!‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬ع ِاب ِر‬
‫َ ْ‬
‫إذن مكان البيت ن يف وادي بكة!!!‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﱠ ﴿‪ ﴾٩6‬سورة‬
‫آل عمران‪.‬‬

‫❑ هذا النص وحده كفيل للباحث عن الحق بإنصاف من أهل الكتاب أن يتبع هذا الدين‬
‫"اإلسالم" بال تردد!‬

‫• فبيت الرب سيكون في وادي بكة‪.‬‬


‫ُ َ ُ َ ُ َُْ ً‬
‫وعا‪ :‬ينبوع ماء زمزم‪.‬‬ ‫‪ ‬يصتونه ينب‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫ون ُه‪ :‬ن‬
‫تعن سيصبح به ينبوع بعد أن لم يكن به ماء‪ ...‬كان واديا غت ذي‬‫ي‬ ‫‪ ‬وكلمة يصت‬
‫زرع‪:‬‬

‫‪248‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱠ ﴿‪ ﴾٣7‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫ه‪ :‬وادي البكاء‪.‬‬ ‫العربية‬ ‫جمة‬ ‫وطبعا لألسف كلمة "وادي بكة" نف ر‬
‫الت‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كلها مكان بهذا االسم‪" :‬وادي البكاء"!‬ ‫• وال أدري أين عىل وجه األرض ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• ال وجود لكلمة "وادي البكاء" ال عىل الخريطة يف كل األرض‪ ،‬وال يف أية نسخة‬
‫معتمدة من التوراة‪.‬‬
‫ن‬
‫• كل النسخ المعتمدة من التوراة يف العالم تقول‪" :‬وادي بكة" وليس وادي البكاء!‬
‫التجمة العربية جعلوها‪ :‬وادي البكاء‪.‬‬ ‫• لكن لألسف نف ر‬
‫ي‬
‫‪ ‬انظر مث ًلا ألكثر نسختين معتمدتين من التوراة في العالم نسخة‪:‬‬
‫‪ New International Version‬ونسخة ‪:King James Version‬‬

‫• كالهما فيهما‪ Valley of Baca :‬وادي بكة‪ ،‬وليس وادي البكاء‪.‬‬


‫• وال ‪ B‬كابيتال‪ :‬اسم مكان وادي بكة‪.‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫غالبا إال نف ن َسخ ر‬
‫• لن تجد كلمة وادي البكاء ً‬
‫سواء النسخ‬ ‫الشق األوسط من التوراة؛‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫العربية أو النسخ اآلرامية‪ ،‬أما كل النصوص المعتمدة يف كل المراجع الكتابية يف‬
‫مطبقة عىل أنها وادي بكة وليس وادي البكاء!‬
‫ِ‬ ‫فه‬
‫العالم ي‬

‫‪249‬‬
‫• فبيت الرب سيكون ن يف وادي بكة!‬
‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫• لل ِذي ِب َبكة!‬
‫• لألسف أهل الكتاب ُيخفون الحق!‬
‫الشق األوسط وسيطلع عليه المسلمون‬ ‫المقدس سيكون نف ر‬ ‫• طالما أن الكتاب ُ‬
‫ي‬ ‫َ ْ‬
‫ويحتجون به علينا؛ إذن يغتون الكلمة من وادي بكة إىل وادي البكاء بكل بساطة!‬
‫هللا عز وجل َ‬
‫أهل الكتاب بالعذاب الشديد؛ لما يقومون به ر‬
‫حن يومنا‬ ‫• ولذلك توعد ُ‬
‫إخفاء للحق!‬
‫ٍ‬ ‫هذا من‬

‫‪250‬‬
‫‪‬ﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ‬
‫ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﱠ ﴿‪ ﴾1٥٩‬سورة البقرة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ ْ‬
‫• إن الذين يخفون ما أنزلنا من اآليات الواضحات الدالة عىل نبوة محمد ﷺ وما جاء‬
‫ُ‬
‫جميع الخليقة‪.‬‬ ‫به‪ ،‬أولئك يطردهم هللا من رحمته‪ ،‬ويدعو عليهم باللعنة‬

‫وقال ر بُّنا سبحانه‪:‬‬

‫ﭐﱡﭐﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﱠ ﴿‪ ﴾174‬سورة البقرة‬

‫‪‬إن الذين ي ُْخفون ما أنزل هللا في ُك ُتبه من صفة محمد ﷺ‪ ،‬وغير ذلك من الحق‪:‬‬

‫ﲼﲾ ﲿﳀ‬
‫ﲽ‬ ‫ﭐﱡ ﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬

‫ﳁﱠ﴿‪ ﴾17٥‬سورة البقرة‬


‫َ‬
‫• ما أشد ُجرأت ُهم عىل النار!‬
‫األمميي‪ ،‬فيجعلونها‪ُ :‬مشته كل األمم!‬
‫ن‬ ‫• يكتمون محمد كل‬
‫ن‬
‫• يكتمون البيت الحرام يف وادي بكة‪ ،‬فيجعلونها‪ :‬وادي البكاء!‬
‫‪‬ﭐﱡ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬

‫ﳀﳁﳂ ﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ ﳌﳍﳎﳏ‬


‫ﳚﳜﳝﳞ ﱠ‬
‫ﳛ‬ ‫ﳐﳑﳒﳓﳔ ﳕﳖﳗﳘﳙ‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫‪ ‬نعود لتكملة مزمور داود عليه السالم‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ َْ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ن‬ ‫َ‬
‫‪ ‬ع ِاب ِرين ِ يف َو ِادي بكة‪ ،‬ي َص ُتونه ين ُبوعا‪ :‬كان واديا جافا‪ ،‬وقد ورد بالفعل وادي بكة‬
‫الجاف ن يف لفظ التوراة‪:‬‬

‫‪ :dry valley of Baca‬ﱡﭐﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾ‬


‫ﱠ ﴿‪ ﴾٣7‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫سكناهم؟‬‫‪ ‬فماذا حصل بعد ُ‬


‫ُ َ ُ َ ُ َُْ ً‬
‫وعا‪ :‬كما قلنا سيظهر ن‬
‫عي زمزم!‬ ‫‪ ‬يصتونه ينب‬

‫• أي ملحد يستمع لهذه البشارات‪ ،‬ويكتم الحق ويتجاهله‪ ،‬ويجحد ما أنزل هللا‪ ،‬فال‬
‫ن‬
‫اب الذي جحد الحق بعدما ظهر له!‬ ‫ً‬
‫يقل جرما عن اليهودي والنرص ي‬

‫ﭐ‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﲽ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾161‬سورة البقرة‬

‫حن ماتوا‪ ،‬أولئك عليهم‬‫• إن الذين جحدوا اإليمان وكتموا الحق‪ ،‬واستمروا عىل ذلك ر‬
‫أجمعي‪ ،‬مطرودون من رحمة هللا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫لعنة هللا والمالئكة والناس‬
‫فاحذر من عقاب هللا‪ ،‬وال تستخف بما أنت عليه من جحود!‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫والمالئكة‬ ‫تبي له الحق‪ ،‬فعليه لعنة هللا‬ ‫محمد ﷺ بعدما ن‬ ‫فمن ينكر حقيقة نبوة‬ ‫• َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ن َ َ ْ َ ُ َّ ُ ْ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ً َ َ ْ ا‬
‫رصفا َوًل عدًل‪.‬‬ ‫والناس أجمعي ًل يقبل اَّلل ِمنه يوم ال ِقيام ِة‬
‫‪252‬‬
‫محمد ﷺ‪ ،‬وعىل دينه‪ ،‬وعىل أمته‪ ،‬وعىل‬
‫ٍ‬ ‫• فهل تنطبق هذه البشارات كما تنطبق عىل‬
‫البيت الحرام بمكة؟‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫بش ُ‬ ‫ٌ‬
‫يم له ْم ن ِب ًّيا ِمن َو َس ِط‬ ‫هللا به موش قائًل لموش‪" :‬أ ِق‬ ‫فمحمد ﷺ هو الذي ر‬ ‫•‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫بن إشائيل!‬ ‫ن‬
‫نن مثلك يا موش من وسط إخوة ي‬
‫سيأب ٌّ‬
‫ي ي‬ ‫ِإخ َو ِت ِه ْم ِمثلك"‬
‫• أي‪ :‬من أبناء إسماعيل!‬
‫َّ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫ََ ُ ُ‬ ‫ومن ال يتبع هذا النن ُ‬ ‫• َ‬
‫"ويكون أن ِاإلنسان ال ِذي ًل يسمع ِلكًل ِ يم ال ِذي‬ ‫سيحاسب‪:‬‬ ‫ي‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َّ ُ‬
‫ىم أنا أ َطا ِل ُب ُه"‪.‬‬ ‫ْ‬
‫يتكلم ِب ِه ِباس يِ‬
‫ً ر َ َ ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫"هللا ج َاء ِمن‬ ‫الوح الذي سيتألأل ن يف نسل إسماعيل‪:‬‬ ‫َ َي‬ ‫بنور‬ ‫ن‬ ‫ِي‬ ‫الن‬ ‫وق‬ ‫• أيضا بش حبق‬
‫َ‬
‫وس ِمن ج َب ِل ف َاران"‪.‬‬‫ْ‬ ‫ان‪َ ،‬و ْال ُقد ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِتيم‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫إسماعيل!‬ ‫الن سكنها‬ ‫ه ي‬ ‫• ومن المعلوم أن برية فاران ي‬
‫ا‬ ‫بش ُ‬ ‫أيضا ر‬ ‫ً‬
‫و ذَا عَبدِي الَّذِي‬ ‫بالنن محمد ﷺ قائًل له‪" :‬هُ َ‬ ‫ي‬ ‫النن إشعياء‬ ‫ي‬ ‫هللا‬ ‫•‬
‫فيُخرِجُ الحَقَّ لِْلُمَمِ"‪.‬‬ ‫علَيهِ َ‬ ‫أَعضُدُهُ‪ ،‬مُختَارِي وَضَعتُ رُوحِي َ‬
‫رَ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ُ ُ َ َ ْ ََ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫"لتف ِع التية ومدنها صوتها"‪.‬‬ ‫النن القادم ستفع صوت األذان عاليا‪ِ :‬‬ ‫• وبشه بأن هذا ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬ستفع صوت األذان ن يف الد َي ُار ال ِ ر ين َسكن َها ِقيد ُار‪ :‬أي ن يف مكة!‬
‫َ رَ َ ْ ُ َّ ُ َ َ ‪ :‬ن‬
‫وف المدينة المنورة!‬ ‫‪ِ ‬لتتنم سكان س ِالع ي‬
‫ن‬
‫النن القادم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫هذا‬ ‫يد‬ ‫عىل‬ ‫والمدينة‬ ‫مكة‬ ‫ف‬‫سيعلو صوت األذان ي‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫النن القادم قائًل‪" :‬الحج ُر ال ِذي َرفضه‬ ‫ي‬ ‫بش المسيح عليه السالم بهذا‬ ‫• وأيضا ر‬
‫س الز ِاوي ِة" الحجر‪ :‬اللبنة الذي رفضه البناؤون سيصت‬
‫َ‬ ‫ون ُه َو َق ْد َص َار َرْأ َ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫البناؤ‬
‫رأس الزاوية!‬
‫ُ‬
‫• وهل غته ﷺ عرف بهذه الصفة أنه الحجر رأس الزاوية أو اللبنة؟‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫النن يعقوب عليه السالم بنيه قبل موته قائًل‬ ‫محمد ﷺ هو الذي بش به ي‬ ‫والنن‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪َ :‬‬
‫"يأ ِ ر ي َب ِشيلون"‪.‬‬ ‫لهم‬
‫ْ َ َ ُ ُْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُْ ُ ْ ُ‬ ‫ا‬
‫"وأزل ِز ُل كل األ َم ِم‪َ .‬و َيأ ِ ر يب ُمشته كل األ َم ِم"‪.‬‬ ‫ح قائًل له‪:‬‬ ‫النن ِح ي‬
‫ُ‬
‫‪ ‬وهو الذي بش هللا به ي‬
‫ر‬

‫ن‬
‫األميي!‬ ‫ويأب محمد‬ ‫ر‬
‫وأزلزل كل األمم‪ ،‬ي‬
‫وبشه‬ ‫بشه به وبأمته‪ ،‬ر‬ ‫هللا به النن دانيال عليه السالم نف رؤياه‪ ،‬ر‬ ‫بش ُ‬ ‫• وهو الذي ر‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫وبشه أنه عىل يدي أمته ستهلك ممالك الكفر األرب ع عىل األرض‪،‬‬ ‫بزمان بعثته‪ ،‬ر‬
‫عش‪ ...‬القسطنطينية!‬ ‫وستمتلك أمته مملكة القرن الحادي ر‬

‫‪253‬‬
‫يتوهم إنسان باحث بصدق اطلع على شيء من هذه‬ ‫َّ‬ ‫‪ ‬فهل‬
‫ٍ‬
‫يتوهم ً‬
‫أمة غير‬ ‫َّ‬ ‫النبوءات والبشارات‪ ،‬هل يتوهم نب ًّيا غيره ﷺ‪ ،‬وهل‬
‫أمته؟‬
‫ِ‬
‫مجرد جزء يست من البشارات؛ وأنا ر‬ ‫ُ‬
‫أعتف ِبقرص جهدي عن تتبع‬ ‫ٍ‬ ‫• العجيب أن هذا‬
‫يعط َيه‬
‫حن ِ‬ ‫يهن لهذه األمة َمن يوقف نفسه لهذا الباب ر‬ ‫ئ‬ ‫كل البشارات‪ ،‬لعل هللا‬
‫ِ‬
‫حقه‪...‬‬
‫ن‬
‫• حيث توجد الكثت والكثت من البشارات يف التوراة واإلنجيل!‬
‫ذكرتها ه فقط نف األسفار ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫الن ضمن الكتاب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الن‬
‫هذه البشارات ي‬ ‫• واألعجب أن‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫والن فيها بشارات أخرى كثتة؟‬ ‫المقدس‪ ،‬فما بالنا باألسفار غت القانونية‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫• فما بالنا بالكتب المقدسة لديانات شق آسيا وغتها من الملل ي‬
‫الن تحمل الكثت‬
‫والكثت من البشارات؟‬
‫ر ُ‬
‫لتبف حجة هللا باقية إىل قيام الساعة عىل أهل األرض‪ ،‬فهذا باب من أعظم األبواب‬ ‫•‬
‫لمن تفرغ له وأعطاه حقه!‬
‫• فهو باب ُملزم لكل أهل األرض‪ ،‬فكيف توضع نبوءات باسمه محمد ﷺ وبصفته‬
‫ن‬
‫السني؟‬ ‫وبمكان خروجه‪ ،‬بل وبزمان خروجه قبل مبعثه بمئات‬
‫‪ ‬ولذلك قال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﱠ ﴿‪ ﴾1٩7‬سورة‬
‫ﭐ‬ ‫الشعراء‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋﱌ‬
‫ﱍﱎﱏﱐﱠ ﴿‪ ﴾4٣‬سورة الرعد‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪:‬ﱡﭐﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻ ﲼﲽ‬
‫ﱠ ﴿‪ ﴾1٣٣‬سورة طه‪.‬‬
‫فبيِّنة ما في الصحف األولى هي‪ :‬اآليات الدالة على نبوته في الكتب‬
‫المتقدمة‪ ،‬وهي آية من هللا على صحة نبوتهﷺ‪)1٣٩(.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )139‬تفسير القرطبي‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫‪ -81‬لكن ما األسفار غير القانونية؟‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫وه‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫السني‬ ‫بمئات‬ ‫ﷺ‬ ‫محمد‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫بعثة‬ ‫قبل‬ ‫تبت‬ ‫ك‬ ‫‪ ‬األسفار غير القانونية‬
‫ٌ‬
‫وه وإن كانت‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫آدم‬ ‫وصحف‬ ‫‪،‬‬ ‫اهيم‬ ‫ر‬ ‫إب‬ ‫ورؤيا‬ ‫‪،‬‬ ‫موش‬ ‫صحف‬ ‫‪:‬‬ ‫مثل‬ ‫األنبياء‬ ‫لبعض‬ ‫نسب‬ ‫ت‬
‫ليست ضمن الكتاب المقدس إال أنهم ُيعتمدون عليها ً‬
‫كثتا‪.‬‬
‫ا‬ ‫شيئا من هذه األسفار ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫حن الساعة؛ فمثًل‬ ‫ومازالت بعض نسخ الكتاب المقدس تضم‬
‫إله!‬ ‫ر‬
‫كوح ي‬ ‫ي‬ ‫تعتف الكنيسة اإلثيوبية ببعض هذه األسفار‬

‫ُ‬
‫عددها أضعاف أسفار الكتاب المقدس؛ وب ها ر‬
‫الشء الكثت من البشارات‪.‬‬
‫ي‬ ‫وهذه األسفار‬

‫وهذا الموقع‪/http://www.pseudepigrapha.com :‬‬


‫ً‬
‫عددا ً‬
‫كبتا من هذه األسفار غت القانونية!‬ ‫يجمع‬

‫‪ ‬والقيام على دراسة باب البشارات في مثل هذه األسفار أم ٌر‬


‫يرجى فيه خي ٌر كبي ٌر!‬

‫‪255‬‬
‫‪ -82‬هل من الممكن إعطاء بعض األمثلة على البشارات في هذه األسفار غير القانونية؟‬

‫‪ ‬من البشارات التي وردت‪:‬‬

‫‪ ‬البشارة التي وردت في سفر رؤيا إبراهيم‪:‬‬


‫ِ‬
‫ن‬
‫النن الذي دعا به‬
‫يف هذا السفر نجد بشارة واضحة بزمن ظهور ي‬
‫إبراهيم عليه السالم ربه‪:‬‬
‫ﭐﱡ ﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬

‫ﱯﱱﱲﱳﱴﱵﱠ‬
‫ﱰ‬ ‫ﱭﱮ‬
‫﴿‪ ﴾12٩‬سورة البقرة‪.‬‬

‫النبي الذي سينقل الناس من الوثنية إلى التوحيد!‬


‫ُّ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫النن‪.‬‬
‫ي‬ ‫هذا‬ ‫مبعث‬ ‫بزمان‬ ‫البشارة‬ ‫السفر‬
‫وردت يف هذا ِ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫النن سيبعث بعد‬ ‫عن إبراهيم عليه السالم يف َهذا السفر أن هللا أخته أن هذا ي‬ ‫فقد ُروي‬
‫ُ ن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫اثن ر‬ ‫ن‬
‫والنن‬
‫ي‬ ‫الميالد‪،‬‬ ‫قبل‬ ‫السادس‬ ‫القرن‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الهيكل‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫وقد‬ ‫الهيكل‪،‬‬ ‫اب‬‫ر‬ ‫خ‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫قرن‬ ‫عش‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫اثن ر‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫عش قرنا‪ ،‬هذه نبوءة‬ ‫ﷺ بعث يف القرن السادس بعد الميالد‪ ،‬أي‪ :‬بالضبط بعد ي‬
‫حن الساعة!‬ ‫موجودة ر‬

‫‪ ‬نقرأ في رؤيا إبراهيم اإلصحاح التاسع والعشرين ما يلي‪:‬‬

‫‪In the last days, in this twelfth period of the age of my fulfill’ment,‬‬
‫‪I will set up‬‬

‫‪this man from your tribe.‬‬


‫‪256‬‬
‫عشة من عهدي سأقيم هذا الرجل من قبيلتك!‬‫• نف آخر األيام‪ ،‬وبعد المدة الثانية ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫• والمدة بحسب نفس السفر يف اإلصحاح الثامن والعشين‪ ،‬المدة تعدل قرنا من‬
‫عام!‬
‫الزمان‪ ...‬تعدل مائة ٍ‬

‫قرنا من خراب الهيكل سيبعث ُ‬‫ً‬


‫هللا سبحانه َمن يعيد الناس للتوحيد!‬ ‫عش‬‫اثن ر‬ ‫ن‬
‫• بعد ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• وتبدأ البشارة يف هذا السفر برؤية إبراهيم عليه السالم يف رؤيا له لبعض ِ‬
‫نسله وهم‬
‫يعبدون األصنام داخل هيكل عجيب ‪ handsome temple‬وهو الهيكل‬
‫ن‬
‫السليماب‪ ...‬الهيكل العظيم الذي بناه سليمان عليه السالم بعد مئات األعوام من‬
‫ي‬
‫هذه الرؤيا‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫هللا إبر َ‬
‫اهيم أنه سيتم ْ‬ ‫ا‬
‫ونتيجة لهذا الكفر داخل الهيكل أخت ُ‬
‫سن هؤالء الذين‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أفسدوا الهيكل بكفرهم‪ ،‬وسوف يهدم الهيكل‪ ،‬وتنهب محتوياته!‬

‫• وهذا ما حدث بالفعل!‬


‫َ‬ ‫ْ‬
‫وخذن َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫فف القرن السادس قبل الميالد تم ْ‬ ‫• ن‬
‫رص‬ ‫سن اليهود عىل يد نب‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫َْ َ ْ ْ َ َ َ َُ َ‬
‫له الس َم ِاء‪ :‬أسخطوه بالكفريات!‬ ‫‪ ‬بعد أن أسخط آباؤنا ِإ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َْْ َ‬
‫ت َو َس َن الش ْع َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ ن َّ‬ ‫رص َ‬ ‫َ َ َُ ْ َ َُ َ‬
‫وخ ْذ َن َ‬
‫ب ِإىل ب ِاب َل‪.‬‬ ‫اب‪ ،‬ال ِذي هدم هذا البي‬
‫ِي‬ ‫د‬‫ل‬‫ك‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫اب‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫‪ ‬دفعهم ِلي ِد نب‬
‫َ َ‬
‫• ونهب محتويات الهيكل ِم ْن ذه ٍب َو ِفض ٍة!‬
‫ً‬ ‫اثن ر‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫عش قرنا من خراب هذا‬ ‫• وقد بش هللا عز وجل إبراهيم عليه السالم أنه بعد ي‬
‫ر‬
‫يأب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الهيكل‪ُ ،‬‬
‫النن العظيم سوف ي‬ ‫نسل إبراهيم‪ ،‬وهذا ي‬ ‫عظيما من‬ ‫شخصا‬ ‫خرج‬‫ِ‬ ‫سي‬
‫ن‬ ‫ُ َ ن‬ ‫وسي َ‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الوثنيي‪ ،‬لكنه بعد‬ ‫حارب ويؤذى يف البداية من هؤالء‬ ‫من قلب ديار الوثنية‪،‬‬
‫ذلك سينترص ويت ِب ُع ُه كثتون ويطيعونه ويعظمونه!‬

‫‪258‬‬
‫ُ ا‬ ‫ن‬
‫هللا قائًل‪:‬‬ ‫‪‬وبينما كان إبراهيم عليه السالم ينظر لهذا ي‬
‫النن يف رؤياه؛ خاطبه‬

‫‪259‬‬
‫‪ ‬هذه كانت البشارة!‬
‫ً‬ ‫باثن ر‬ ‫• ولم يخرج بعد خراب الهيكل ن‬
‫النن محمد ﷺ‪ ،‬فهو الذي خرج‬ ‫ي‬ ‫سوى‬ ‫ا‬ ‫قرن‬ ‫عش‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫ون رَ َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ش التوحيد!‬ ‫الوثنيي‪ ،‬لكنه انترص‬ ‫من قلب ديار الوثنية‪ ،‬وحورب يف البداية من‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫‪ ‬بالمناسبة الهيكل َخرب مرتين‪ :‬مرة نتيجة عبادة اليهود لألصنام يف القرن‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫وه المرة المقصودة يف هذه الرؤيا‪ ،‬ومرة عام‬ ‫السادس قبل الميالد عىل يد نبوخذ نرص‪ ،‬ي‬
‫ن‬
‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫‪ 7٠‬ميالدية عىل يد الرومان‪ ،‬لكن لم يكن اليهود يعبدون األصنام يف ذلك الوقت‪،‬‬
‫فالخراب المقصود هو الخراب األول‪.‬‬
‫‪ ‬وبعد الخراب الثاني انته أمر الهيكل‪ ،‬ولم ُي ر‬
‫عت له عىل أثر ر‬
‫حن الساعة!‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫النن دانيال‬
‫ي‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫الزمن لظهور رسالة اإلسالم‪ ،‬ذكره‬
‫ي‬ ‫• بالمناسبة نفس هذا التوقيت‬
‫ن يف رؤياه كما ذكرنا قبل ذلك!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪260‬‬
‫‪ -83‬هل البشارة بزمان مبعث النبي محمد ﷺ تُفسر لنا قول اليهود والنصارى‬
‫زمن البعثة‪" :‬هذا زمان نبي"؟‬

‫‪ ‬بالفعل!‬

‫النن محمد ﷺ؟‬


‫وأنا كنت أتساءل قبل ذلك‪ :‬كيف كان أهل الكتاب يعرفون زمن مبعث ي‬
‫ن‬ ‫فمثًل نف حديث الصحاب سلمان الفارش ن‬ ‫ا‬
‫وف أثناء رحلة بحثه عن‬
‫ي‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫رص‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫الحقيقة‪ ،‬وبعد أن تنقل بي الديانات المختلفة‪ ،‬التف براهب عمورية‪ ،‬فقال له راهب‬
‫ٌ‬
‫مبعوث بدين إبر َ‬ ‫زمان ٍّ‬ ‫ُ‬
‫اهيم"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هو‬ ‫نن‬‫ي‬ ‫عمورية‪" :‬قد أظلك‬

‫‪‬‬

‫ً‬
‫النن محمد ﷺ‪ ،‬وكانوا يقولون‬
‫ي‬ ‫بعثة‬ ‫ينتظرون‬ ‫المدينة‬ ‫يهود‬ ‫كان‬ ‫كيف‬ ‫‪:‬‬ ‫نتساءل‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫•‬
‫النن؟‬ ‫ن‬
‫للوثنيي ِمن أهل المدينة هذا زمان ظهور ي‬
‫ً ن‬
‫سببا يف إسالم أهل المدينة‬ ‫• لدرجة أن معرفة اليهود لزمان بعثته ﷺ هو الذي كان‬
‫م أن اليهود كانوا يقولون‪ :‬قَد‬
‫من األنصار‪" :‬إنَّ مِمَّا دعانَا إلى اإلسال ِ‬
‫تَقاربَ زمانُ نبيٍّ يُبعَثُ اآلنَ‪ ،‬فكُنَّا كثيرًا ما نسمعُ ذلكَ منهم‪ .‬فلمَّا‬
‫بَعث اللهُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وىلع آلهِ وسلم أجَبناهُ حينَ‬
‫دعانا إلى اللهِ تعالى‪ ،‬وَعَرفنَا ما كانُوا يَتَوَعَّدونَا بهِ‪ ،‬فبادرناهُم‬
‫إليهِ فآمَنَّا بهِ"‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫زمان بعثته ﷺ إ َّلا من هذه البشارات وأمثالها؟‬
‫َ‬ ‫‪ ‬فكيف عرف اليهو ُد‬
‫ن‬
‫أب سفيان قبل أن يسلم والحديث متفق‬
‫ي‬ ‫مع‬ ‫الشهت‬ ‫حواره‬ ‫ف‬
‫بل إن هرقل عظيم الروم ي‬
‫ألب سفيان‪:‬‬
‫عىل صحته‪ ،‬قال ي‬

‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫خارج‪ :‬يعرف وقت خروجه‪.‬‬ ‫‪ ‬قد كنت أعل ُم أنه‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هاتي‪ :‬يعلم أن سيكون ًّ‬
‫نبيا مجاهدا‪.‬‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫موض َع قد َ يم‬
‫يملك ِ‬‫وشك أن ِ‬‫‪ ‬وي ِ‬
‫َ‬
‫قد َم ْيه‪ :‬يريد أن ر‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يتشف بغسل قدميه‪.‬‬ ‫لغسلت عن‬ ‫‪ ‬ولو كنت عنده‪،‬‬

‫‪ ‬فكيف ع َرفوا زمن بعثة النبي ﷺ ؟‬

‫ُ‬
‫عرفت‬ ‫‪ ‬هذا كان يُثير تعجُّ بي لكن بعد ْ‬
‫أن اطلعت على هذه البشارات‪،‬‬
‫السرَّ!‬
‫‪262‬‬
‫‪ -84‬هل هناك بشارات أخرى بزمان بعثته صلى اهلل عليه وسلم؟‬

‫ن‬ ‫ً‬ ‫• هناك ٌّ‬


‫مؤخرا‪ ،‬وهذا النص ورد يف سفر "صعود موش"؛ وهو‬ ‫نص اطلعت عليه‬
‫ً‬
‫أيضا من ضمن األسفار غت القانونية!‬
‫النن القادم!‬ ‫مملكة‬ ‫تأب‬ ‫• نف هذا السفر ُيخت موش فتاه أنه بعد دفنه ب ‪ً 17٥٠‬‬
‫عاما سوف ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫• أخت موش عليه السالم فتاه يوشع بن انون يف هذا السفر‪ ،‬بمملكة ْ ُ ي‬
‫النن القادم‪،‬‬
‫نَ ُ‬
‫ي عباد‬ ‫النن ستكون للناس كافة‪ ،‬وأن هللا سوف ينتقم من األمي‬
‫وأن رسالة هذا ي‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫األوثان بهذا النن؛ حيث سيقوم هذا النن بمعاقبة األ ن‬
‫ميي وهدم أوثانهم‪And :‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪.He will destroy all their idols‬‬
‫ََ َ ن‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ أن هللا‪:‬‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وف حديث عمرو بن عبسة يف صحيح مسلم؛ قال ي‬

‫امي ُ‬
‫هللا عىل أهل األرض ٍّ‬
‫بنن أعاد التوحيد‪ ،‬وحارب‬ ‫‪ ‬فهو ﷺ الذي كش األوثان‪ ،‬وما ر ن‬
‫ي‬
‫بمحمدﷺ !‬
‫ٍ‬ ‫الشك ما ر ن‬
‫امي‬ ‫الوثنية وكل صور ر‬

‫‪‬ﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬
‫ﱝﱞﱟﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة التوبة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫سيأب بعد أن‬
‫ي‬ ‫• يحدد موش عليه ً السالم زمن ظهور هذا ي‬
‫النن القادم‪ ،‬فيقول إنه‬
‫أدفن ب ‪ 17٥٠‬عاما!‬
‫ا‬ ‫ً ن‬ ‫ُ‬
‫تقريبا يف عام ‪ 12٠٠‬ق‪.‬م‪ .‬أو أقل قليًل؛ ألن موش عليه‬ ‫• دفن موش عليه السالم‬
‫ً‬
‫طبقا ألهل الكتاب كان نف زمن األشة الفرعونية التاسعة ر‬
‫عشة!‬ ‫ي‬ ‫السالم‬

‫(‪ )140‬صحيح مسلم ح‪.832:‬‬


‫‪263‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫وخمسي‪ ،‬فستكون النتيجة‬ ‫ألف وسبعمائة‬‫• فلو أضفنا هذا الزمن ‪ 12٠٠‬ق‪.‬م‪ .‬إىل ٍ‬
‫ن‬
‫سبعي ميالدية؛ وهذا هو الزمن الذي‬ ‫ن‬
‫ستي أو‬ ‫ن‬
‫وخمسي أو‬ ‫مائة‬ ‫َ‬
‫بالضبط خمس ٍ‬
‫ُ‬
‫النن محمد ﷺ وهو الزمن الذي كان ينتظر فيه أهل الكتاب ظهور ي‬
‫النن‬ ‫ولد فيه ي‬
‫القادم!‬
‫حن الساعة ن يف كتبهم!‬
‫• هذه بشارة من البشارات ما زالت ر‬
‫ن‬ ‫ر ُ‬ ‫ن‬
‫حن ينتفع به يف باب الدعوة إىل‬ ‫وبحث‬
‫ٍ‬ ‫• فالنظر يف باب البشارات يحتاج لجهود‬
‫هللا‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪264‬‬
‫‪ -85‬هل من بشارات أخرى في هذه األسفار غير القانونية؟‬

‫‪ ‬لو نظرنا إلى إنجيل جيمس سنجد وصف صحابة النبيﷺ‪:‬‬

‫ﱡﭐ ﱢ ﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪ ﱫﱬ ﱠ ﴿‪ ﴾2٩‬سورة‬


‫الفتح‪.‬‬
‫بح ْر ِف ِه ن يف إنجيل جيمس‪:‬‬
‫ً َ‬
‫‪ ‬سنجد هذا الوصف تقريبا‬

‫َّ‬ ‫ُ‬
‫النن القادم سيكونون مثل‪ :‬نخلة خرج منها برعم (شطأ) ثم تدىل من‬
‫ً‬ ‫• أتباع مملكة ي‬
‫وحي شبت استغلظت‬ ‫ن‬ ‫ثمار من حوله‪ ،‬وأخرجت هذه الثمار ورقا‪،‬‬ ‫هذا التعم ٌ‬
‫ن‬
‫هذه الثمار‪ ،‬وتسببت يف جفاف منبعها‪ ،‬وأصبحت هذه الثمار (الخارجة من‬
‫ُ‬
‫التعم) جميلة المنظر تعجب الزراع‪)141(.‬‬
‫ن‬
‫• هذه بعض ما يف كتب القوم مما لألسف ال يطلع عليه أغلبنا ويتجاهله أهل‬
‫الكتاب!‬
‫عظيم فيه من دالئل صحة هذا الدين ما ُي ئ ن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫• فدراسة باب البشارات ر‬
‫طمي‬ ‫مشوع‬
‫وف الملحدين!‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف أهل الكتاب‪ ،‬ي‬ ‫الباحثي عن الحق يف الغرب‪ ،‬ي‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬

‫ﱥﱦﱧﱨﱠ ﴿‪ ﴾1٥‬سورة المائدة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ً )141‬‬
‫نقل عن الباحث هشام محمد طلبة‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫ه ْي ِمنًا َعلَ ْي ِه"؟‬
‫‪ -86‬لكن ما معنى هيمنة القرآن الكريم على الكتب السابقة " َو ُم َ‬
‫ﭐ‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ‬

‫ﱺﱠﭐ﴿‪ ﴾48‬سورة المائدة‪.‬‬


‫ﱻ‬
‫ا ن‬ ‫ً‬
‫ومهيمنا عليه‪ :‬القرآن ُي ن‬
‫إشكاالت كثتة يف هذه األسفار‪ ،‬ويكشف ما‬
‫ٍ‬ ‫بي ويصحح‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫خف وأشكل عليهم‪ ،‬ويصحح‬‫أخفوه من بشارات‪ ،‬ويعيد الناس للتوحيد‪ ،‬ويبي لهم ما ي‬
‫ما دسوه من أخطاء وتحريفات ن يف هذه األسفار!‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫وزورا وتحريفا أن‪ :‬سليمان عليه السالم كفر!‬ ‫‪ ‬فمثًل تقول التوراة خطأ‬

‫ً‬ ‫ُ‬
‫ومصححا‪ :‬فيقول هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱉﱊﱋﱠﭐ‬
‫ً‬ ‫‪ ‬ر‬
‫فيأب القرآن الكريم مهيمنا‬
‫ي‬
‫﴿‪ ﴾1٠2‬سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ ‬ويقول أهل الكتاب إن المسيح عليه السالم قال ألمه‪ :‬ما يىل ِ‬
‫ولك يا امرأة‪:‬‬

‫ُ‬
‫نن عظيم كالمسيح عليه السالم؟‬
‫ي‬ ‫من‬ ‫ر‬‫تصد‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وه كلمة غريبة‪ ...‬كيف‬
‫ر‬
‫التطبيف للكتاب المقدس يقول إن هذا الرد من المسيح عليه السالم‬ ‫‪ ‬ر‬
‫حن إن التفست‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫عست الفهم!‬ ‫عىل أمه‬

‫‪266‬‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫‪ ‬ر‬
‫شء‬
‫الكريم ليختنا بأن المسيح عليه السالم كان برا بأمه‪ ،‬فال ينطق بما ي ي‬ ‫فيأب القرآن‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫إليها أبدا‪َ { :‬و َب ًّرا ِب َو ِالد ِ ر يب}‪.‬‬

‫أيضًا تنسب هذه األسفار للمسيح عليه السالم أنَّه بُصق يف وجهه‪ ،‬ومُزقت ثيابه‪:‬‬

‫َ‬
‫‪ ‬ف َعر ْو ُه‪ :‬عر ْوا المسيح عليه السالم!‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َا ن َ‬ ‫َ َ َُ ْ ا ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ َ َْ‬
‫ين ِه َوب َصقوا عل ْي ِه‪ :‬بصقوا‬ ‫م‬
‫ِي ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ ‬وضفروا ِإك ِليًل ِمن شو ٍك ووضعوه عىل ر ِ ِ‬
‫ه‬ ‫س‬ ‫أ‬
‫عىل المسيح!‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ‬وأ َخ ُذوا ْالقصبة و ن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رصبوه عىل رأ ِس ِه وبعد ما استهزأوا ِب ِه‪ ،‬نزعوا عنه الرد َاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫هي‪.‬‬ ‫فشخص آخر هو الذي أ ن‬ ‫ٌ‬ ‫فيأب القرآن الكريم ُليصحح كل هذا الفهم!‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وجيها عليه السالم لم ُيمس بإهانة‪.‬‬ ‫ً‬
‫‪ ‬أما المسيح‪ ،‬فكان‬
‫ﭐﱡﳇ ﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﱠﭐ﴿‪ ﴾4٥‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ً‬
‫وجيها عليه السالم‪.‬‬ ‫كان‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫❑ومن المفارقات العجيبة يف هذه النقطة أنه بعد الحرب العالمية الثانية اكتشفت يف‬
‫مخطوطات تعود للقرن الثالث الميالدي‪ ،‬ومن ن‬‫ٌ‬
‫بي‬ ‫مدينة نجع حمادي بصعيد مرص‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫وف هذا السفر روي عن المسيح عليه‬ ‫هذه المخطوطات وجدوا سفر سيت الكبت‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫شب المرارة والخل‪ ،‬لم أكن أنا‪ ...‬كان‬ ‫السالم أنه ‪ ‬قال‪ :‬كان شخص آخر‪ ،‬هو الذي ِ‬
‫العال أضحك!‬‫مبتهجا نف ُ‬
‫ً‬
‫آخر هو الذي وضعوا تاج الشوك عىل رأسه‪ ...‬وكنت أنا‬
‫ي‬

‫‪267‬‬
‫وجيها ولم ُي َه ْن‪.‬‬
‫ً‬
‫‪‬فهو عليه السالم كان‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫حديثا ُي ن‬
‫وه أن المسيح‬
‫ي‬ ‫الكريم‪،‬‬ ‫القرآن‬ ‫عليها‬ ‫د‬‫أك‬ ‫صورة‬ ‫بي‬ ‫• هذا السفر المكتشف‬
‫عليه السالم لم ُي َه ْن!‬
‫التوراة لله سبحانه وحاشاه أنَّه بعد ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫أن خلق السماوات‬ ‫• أيضا تنسب‬
‫واألرض استراح من عمله!‬

‫اح َو َت َنف َ‬
‫ْ رَ َ َ‬ ‫ض‪َ ،‬و نف ْال َي ْ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫األ ْر َ‬ ‫‪ ‬نف ستة أيام َص َن َ‬
‫س‪.‬‬ ‫ابع است‬‫ِ‬ ‫الس‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫ب‬‫الر‬ ‫ع‬ ‫ِي ِ ِ ٍ‬
‫ً‬
‫ومصححا‪ ،‬فيقول ربنا سبحانه‪:‬ﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫فيأب القرآن الكريم مهيمنا‬
‫ي‬ ‫‪‬‬

‫ﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱠ ﴿‪ ﴾٣8‬سورة ق‪.‬‬

‫تعب‪.‬‬
‫نصب وال ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬ما مسنا من‬
‫ومصحح‪ :‬ﱡﭐ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﱠ‬‫همي ُ‬
‫فالقرآن ُم ن‬
‫﴿‪ ﴾64‬سورة النحل‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬يقول الطتي يف تفسته‬

‫أكت الذي هم فيه يختلفون‪ :‬ﱡﭐﳔﳕﳖﳗ‬


‫بن إشائيل ر‬
‫ن‬
‫• فالقرآن يقص عىل ي‬
‫ﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﱠ ﴿‪ ﴾76‬سورة النمل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضا نقرأ نف التوراة ًّ‬
‫عجيبا‪ ،‬وهو أن إبراهيم عليه السالم سيكون مباركا‪ ،‬وأن‬ ‫نصا‬ ‫ُ ي‬ ‫•‬
‫الن ستبارك إبراهيم سوف يباركها هللا‬‫ر‬
‫هناك أمة سوف تباركه‪ ،‬وهذه األمة ي‬
‫سبحانه!‬

‫َ ََ َ َ َُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ َُ َ :‬‬ ‫‪ ‬قال ُ‬


‫هللا إلبراهيم عليه السالم وأب ِارك مب ِار ِكيك‪ ،‬وًل ِعنك ألعنه‪.‬‬
‫‪ ‬فمن يبارك إبراهيم عليه السالم اليوم سوى أمة المسلمين؟‬
‫ْ‬
‫• اللهم بارك عىل محمد وعىل آل محمد‪ ،‬كما باركت عىل إبراهيم وعىل آل إبراهيم‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫أدب؛ ن يف كل تشهد!‬
‫يوميا كحد ن‬
‫ٍ‬
‫ًّ‬ ‫• نقولها كل يوم سبع ر‬
‫عشة مرة‬
‫• َ‬
‫فمن يبارك إبراهيم عليه السالم اليوم غي ُرنا؟‬
‫• ن يف المقابل جعل النصارى إبراهيم عليه السالم تحت اللعنة!‬

‫ً‬
‫‪ ‬اعتتوه ملعونا‪ ،‬ولن ينجوا إال بفداء يسوع عىل الصليب!‬
‫َ َ ْ ُ‬
‫‪ ‬فصدق ربنا‪َ " :‬وًل ِعن َك أل َعن ُه"‪.‬‬
‫‪ ‬فانظروا نف األمم واحكموا‪َ :‬من بارك إبراهيم‪َ ،‬‬
‫ومن حكم عليه أنه تحت اللعنة؟‬ ‫ي‬
‫‪269‬‬
‫‪ -87‬هل من ألغاز عند أهل الكتاب يجيب عنها القرآن الكريم؟‬

‫ُّ‬
‫توقف النبوات فجأة في بني‬ ‫ً‬
‫لغزا عجيبًا‪ ،‬أ َلا وهو‪:‬‬ ‫القرآن الكريم يفسر لنا‬
‫إسرائيل!‬

‫‪ ‬ما املبرر النقطاع النبوة فجأًة يف بني إسرائيل؟‬


‫ا‬ ‫• منذ قرابة نَ ْ‬
‫ألف عام توقفت النبوة فجأة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬
‫بن إشائيل‬
‫نن‪ ،‬ولم يمر يوم من أيام ي‬ ‫نن خلفه ي‬ ‫• وبنو إشائيل كانوا كلما مات فيهم ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬ ‫إال وفيهم ٌّ‬
‫نن؛ ولذلك يقول ي‬ ‫ي‬

‫خلَفَهُ َنبِيٌّ"‪.‬‬
‫(‪)142‬‬
‫ك نَبِيٌّ َ‬
‫ه َل َ‬
‫ل َتسُوسُهُمُ األنبِياءُ‪ ،‬كُلَّما َ‬
‫"كانَت َبنُو إسرائِي َ‬

‫ً‬
‫وفجأة تتوقف النبوة!!‬
‫ئ‬
‫المفاح للنبوة سوى ظهور اإلسالم‪ ،‬فقد انتقلت النبوة والحكم‬ ‫❑ ال يتر هذا االنقطاع‬
‫ر‬
‫والتشي ع والختية‪ ،‬انتقلوا لألمة المحمدية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المسلمي‪ ،‬وهذا يفش توقف‬ ‫❑ فالحكم ا والتشي ع والنبوة انتقلوا عن ي‬
‫بن إشائيل إىل أمة‬
‫بن إشائيل‪.‬‬ ‫ن ن‬
‫النبوة فجأة يف ي‬

‫وبنو إسرائيل كانوا يعلمون أنَّ هذا سيحصل كما فصَّلنا؛ وأنَّ النبوة‬
‫والحكم والتشريع سينتقلون عنهم!‬
‫ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩﲪﲫ ﲬﲭﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵﲶ‬
‫ﲷﲸﲹ ﱠ ﴿‪ ﴾8٩‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )142‬صحيح البخاري ح‪.3455:‬‬


‫‪270‬‬
‫بينها القرآن الكريم؟‬
‫‪ -88‬هل من أمثلة على أمور غامضة في التوراة ُي ِّ‬

‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬


‫تفستا لكثت من األمور الغامضة يف التوراة‪ ،‬ولعل من أعجب‬ ‫‪ ‬القرآن الكريم يقدم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫األمثلة عىل اذلك يف نظري هو ذلك الش العجيب يف التوراة‪ :‬ش اختفاء ي‬
‫النن عزرا عليه‬
‫السالم فجأة من مشح األحداث‪.‬‬

‫‪‬ﭐ ي‬
‫النن عزرا أو عزير عليه‬ ‫ن‬
‫فف القرن الخامس قبل الميالد ظهر شخص عظيم‪ ،‬وهو ي‬
‫السالم‪.‬‬
‫وخ ْذ َن َ‬
‫َُ َ ْ َ َ َُ َ‬ ‫ً‬
‫رص‬ ‫البابىل نبوخذنرص؛ فنب‬
‫ي‬ ‫الملك‬ ‫أحرقه‬ ‫الذي‬ ‫المقدس‬ ‫بالكتاب‬ ‫ا‬ ‫عارف‬ ‫‪‬ﭐكان عزرا‬
‫السن عاش‬ ‫ُ‬
‫سن اليهود إىل مدينة بابل‪ ،‬وخرب بالدهم‪ ،‬وأحرق كتابهم المقدس‪ ،‬وبعد‬
‫ي‬
‫طويلة إىل أن ظهر عزرا عليه السالم‪.‬‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫لسنوات‬
‫ٍ‬ ‫اليهود يف بابل‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫المؤمني معه من بابل إىل القدس‬ ‫‪ ‬وبعد ظهور عزرا وانتشار دعوته قرر أن يقود جماعة‬
‫ر‬ ‫ْ‬
‫الن ضاعت!‬ ‫"أورشليم"‪ ،‬وأن يعيد كتابة األسفار المقدسة ي‬

‫َ‬ ‫ٌ‬
‫❑ وقبل أن يدخل قرية القدس إذا به يكتشف أن القرية خاوية عىل عروشها‪ ،‬قد خ ِربت‬
‫وفسد َمن ربف ِمن أهلها‪ ،‬فقد ر‬
‫انتشت الوثنيات هناك بشدة‪.‬‬ ‫ي‬

‫ا‬
‫حًل ر‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫حن الساعة!‬ ‫❑ وهنا تحدث المفاجأة العجيبة ي‬
‫الن ال يجد لها اليهود‬
‫‪271‬‬
‫عش ً‬
‫عاما تحرك شخص آخر اسمه‬ ‫ر‬
‫المفتض أن عزرا تحرك من بابل‪ ،‬وبعده بثالثة ر‬ ‫‪‬‬
‫َ‬
‫ن َح ْميا‪:‬‬

‫َ َ‬
‫‪ ‬فعزرا تحرك ن يف السنة السابعة من ُحكم الملك أرت ْحششتا‪:‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون َح ْميا بدأ يتحرك نف السنة ر‬
‫العشين من حكم الملك أرت ْحششتا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬

‫‪272‬‬
‫تماما ِمن عىل مشح األحداث‪ ،‬ثم يظهر بعد‬ ‫ن‬
‫يختف عزرا ً‬ ‫‪ ‬وهنا تحدث المفاجأة‪:‬‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫طويل جدا‪ ...‬يظهر ن يف جيل أحفاد نحميا!‬
‫ٍ‬ ‫ذلك بزمن‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫تفستا‪.‬‬ ‫❑ هذا األمر ال يعرف له اليهود‬
‫ن‬
‫ئ‬
‫المفاح لعزرا من عىل مشح‬ ‫• حيث ال يوجد يف الكتاب المقدس تت ٌير لهذا االختفاء‬
‫ا‬
‫األحداث‪ ،‬وظهوره مرة أخرى بعد زمن طويل‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫عشة سنة‪ ،‬وكانت القدس قرية خاوية عىل‬ ‫• عزرا رأب قبل َن َ‬
‫حميا كما قلنا بثالث ر‬
‫ا‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬
‫عروشها‪ ،‬وكانت الطائفة المؤمنة يف القدس قليلة جدا‪ ،‬لكن عزرا يظهر فجأة بعد‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫بالمؤمني!‬ ‫طويلة‪ ،‬ليدخل القرية مرة أخرى وإذا بها ممتلئة‬ ‫ٍ‬ ‫أجيال‬
‫ٍ‬

‫ُ نَ ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ي بعد‪:‬‬ ‫• بينما عىل العكس نحميا الذي رأب بعده يجد األعداد قليلة‪ ،‬والبيوت لم ت‬

‫ياشيب‪:‬‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫الكهنة‬ ‫رئيس‬ ‫عرص‬ ‫ف‬


‫ن‬
‫كان‬ ‫ا‬ ‫• واألعجب من كل ذلك أن َن َ‬
‫حمي‬
‫ِ ِ‬ ‫ي‬

‫• بينما عزرا كان ن يف عرص حفيد ألياشيب‪ :‬يهوحانان بن ألياشيب‪:‬‬

‫‪273‬‬
‫ن‬
‫• هذا الموقف العجيب أوقع اليهود يف ورطة تاريخية ال يعرفون لها حالًّ‪.‬‬
‫ن‬
‫يختف عزرا لثالثة أجيال متعاقبة‪ ،‬ثم يظهر فجأةً يف زمن حفيد رئيس‬ ‫• حيث‬
‫ي‬
‫الكهنة؟‬
‫عام!‬ ‫ن‬ ‫• والجيل من ‪ً 4٠- ٣٠‬‬
‫عاما‪ ،‬فهذا ن‬
‫حواىل مائة ٍ‬
‫ي‬ ‫اختف‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫عز‬ ‫أن‬ ‫يعن‬
‫ي‬
‫‪ ‬ورطة ال يعرفون منها مخرجًا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫الزمن لألحداث‪،‬‬
‫ي‬ ‫بحاجة للخروج من ورطة التسلسل‬
‫ٍ‬ ‫يقرر موقع تكالهيمانوت أننا‬
‫افتاضات كثتة تخالف تسلسل النص؛ ألن تسلسل ترتيب األحداث التاريخية‬ ‫فبدأ يضع ر‬
‫ن‬ ‫عش ً‬ ‫يأب عزرا قبل نحميا بثالثة ر‬‫ر‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫عاما ثم يدخل القدس يف‬ ‫شكل؛ فكيف ي‬ ‫بهذه الصورة م ِ‬
‫زمن األحفاد؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫❑ أيضا طبقا للمفش ديريك كيدنر‪ ،‬فهناك حاجة ماسة إلعادة ترتيب األحداث‪.‬‬

‫أما موقع جامعة القديس أندرو فيعترف أنَّ هذه مشكلة مُحيرة‬
‫ومربكة‪ ...‬التسلسل الزمني ألحداث عزرا مُر ِبكٌ‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫‪ ‬و ُر َّبما جواب كل هذا اإلشكال وهذه الورطة ‪:‬‬
‫ن‬
‫• بأن الشخص الذيُ أماته هللا مائة ٍ‬
‫عام ثم بعثه يف سورة البقرة هو عزرا عليه السالم‪،‬‬
‫ه القدس‪ ،‬وهذا قول كبار الصحابة وذهب إليه أئمة التفست‪.‬‬ ‫وأن القرية ي‬
‫• فهو قول ابن عباس وقتادة وعكرمة والضحاك والسدي وجماعة من جماهت أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫• ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲋﲌﲍ ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬

‫ﲬ‬
‫ﲥ ﲧ ﲨﲩﲪﲫ ﲭ‬
‫ﲦ‬ ‫ﲡﲣﲤ‬
‫ﲢ‬ ‫ﲚﲜﲝﲞﲟﲠ‬
‫ﲛ‬

‫ﲸﲺﲻ ﲼ‬
‫ﲹ‬ ‫ﲮﲯﲰﲱﲲ ﲳﲴﲵﲶﲷ‬

‫ﳈ‬
‫ﳉ‬ ‫ﲿﳁﳂ ﳃﳄﳅﳆﳇ‬
‫ﳀ‬ ‫ﲽﲾ‬

‫ﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﱠ ﴿‪ ﴾2٥٩‬سورة البقرة‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫ُ‬
‫عام وجدها قد امتألت بالناس‪ ،‬بل‬ ‫• فبعد أن بعث هللا عزرا ودخل القرية بعد مائة ٍ‬
‫ن السور حول المدينة!‬ ‫ُ‬
‫وب ن َ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫• فالسور حول القدس بناه نحميا‪ ،‬ولم يظهر عزرا يف المشهد إطالقا‪ ،‬وهناك ِسفر‬
‫ن‬
‫كامل يف الكتاب المقدس "سفر نحميا" يتناول بناء السور‪ ،‬فأين كان عزرا؟‬
‫ن‬
‫• عزرا لم يظهر إال يف زمن أحفاد هذا الجيل‪ ،‬والمدينة قد كتت والسور تم بناؤه؛‬
‫الن ضاعت‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فبدأ يعلم الناس دينهم‪ ،‬وأعاد جمع أسفار الكتاب المقدس ي‬

‫فهنا القرآن الكريم مهيمنٌ ىلع الكتب السابقة‪ ،‬ويحل هذه الورطة‬
‫التي تواجهها التوراةُ‪ ،‬ويخبر أنَّ عزرا أماته الله مائة عام ثم بعثه؛ لذلك‬
‫اختفى من مسرح األحداث طوال هذه املدة!‬

‫‪ ‬سبحان هللا ‪:‬‬


‫ﱡﭐﳔﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﱠ ﴿‪ ﴾76‬سورة النمل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪276‬‬
‫‪ -89‬بالمناسبة هناك سؤال متكرر‪ :‬أين قالت اليهود‪ :‬إن عزي ًرا ابن اهلل؟‬

‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲋﲌﲍﲎﲏﱠ ﴿‪ ﴾٣٠‬سورة التوبة‪.‬‬


‫ونظرا لعظيم أعماله‪ ،‬وجمعه‬ ‫ً‬ ‫بن إشائيل كما قلنا‪،‬‬ ‫• عزرا كان من أعظم شخصيات ن‬
‫ي‬
‫وتتيله ن ن‬
‫متلة اإلله‪.‬‬ ‫الن ضاعت‪ ،‬قام اليهود بتقديسه ن ن‬ ‫لألسفار المقدسة ر‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫الثاب‬
‫ي‬ ‫اس‬ ‫ر‬ ‫إسد‬ ‫سفر‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫فنق‬ ‫‪،‬‬‫طويًل‬ ‫ا‬ ‫زمان‬
‫ُ‬
‫واعتقدوه‬ ‫كتبهم‪،‬‬ ‫ف‬ ‫• وقد ورد هذا األمر ي‬
‫النن عزرا كما كان يسىم نقرأ فيه تأليه عزرا ورفعه لمرتبة‬ ‫ي‬ ‫‪ 2 Esdras‬أو سفر‬
‫األلوهية‪.‬‬
‫طويل أحد األسفار اليهودية المقدسة‪ ،‬وكان‬ ‫ن‬
‫الثاب ظل لزمن‬ ‫• وهذا السفر إسدراس‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫ملحقا بسفر عزرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫حاليا ضمن الكتاب المقدس كان ملحقا به هذا السفر "سفر‬ ‫• فسفر عزرا الموجود‬
‫إسدراس ن‬
‫الثاب"‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫كثيرة‬ ‫‪ ‬ولذلك اقتبس كبار المراجع الدينية من أهل الكتاب اقتباسات‬
‫ٍ‬ ‫من هذا السفر‪ ،‬كما يقول موقع تكالهيمانوت‪:‬‬

‫معت ًفا به ن‬
‫بي أهل الكتاب‪.‬‬ ‫قانونيا ر‬
‫ًّ‬ ‫• فهذا السفر كان ً‬
‫يوما ما ً‬
‫سفرا‬
‫ن‬
‫وف جزء "عزرا الرابع" من هذا السفر ‪ The Book of 4 Ezra‬يظهر بصورة جلية‬ ‫• ي‬
‫تأليه عزرا‪ ،‬ورفعه لمرتبة األلوهية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫• وطبقا لموقع جامعة القديس أندرو‪ ،‬فإنه يف هذا الجزء ورد أنه تم تأليه عزرا‬
‫‪.apotheosis of Ezra‬‬

‫ن‬
‫• ‪ apotheosis of Ezra‬ي‬
‫تعن‪ :‬تأليه عزرا‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫• فكلمة ‪ apotheosis‬معناها‪ :‬تأليه أو جعل الشخص ن ن‬
‫بمتلة اإلله ‪.godlike‬‬

‫حن الساعة أن جزء عزرا الرابع‬‫• وبالمناسبة هناك جماعات من أهل الكتاب ُتؤمن ر‬
‫ن ٌّ‬
‫قانوب ُمقدس‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ي‬ ‫كتاب‬
‫ً‬
‫موجودا ضمن الكتاب المقدس عندهم مثل‪ :‬الكنيسة اإلثيوبية‪.‬‬ ‫• وما زال هذا السفر‬
‫حن الساعة‪.‬‬ ‫• فالكتاب المقدس نف إثيوبيا يحتوي عىل هذا السفر "سفر عزرا الرابع" ر‬
‫ي‬

‫إذ ْن دراسة كتب أهل الكتاب؛ سواءً القانونية أو غير القانونية‪...‬‬‫‪َ ‬‬
‫دراسة هذه الكتب من قبل متخصصين تفتح بابًا عظيمً ا للدعوة إلى هللا!‬
‫ِ‬
‫‪ ‬وفيها من أدلة صدق النبي محمد ﷺ الشيء الكثير‪ ،‬وهي تجيب عن كثير من‬
‫التساؤالت عند أهل الكتاب وتكشف الكثير من اإلشكاالت لديهم!‬

‫‪ ‬فالنظر في باب البشارات في ديانات وشرائع أهل األرض يحتاج‬


‫لجهود وجهود ودراسات متخصصة‪ ،‬بل ومراكز بحثية كاملة‪ ،‬وحتى اآلن‬
‫لم يُبذل بعد الجهد المطلوب في هذا الباب!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪278‬‬
‫الباب الرابع‬
‫اإلعجاز العلمي‬

‫‪279‬‬
‫علمي في القرآن الكريم؟‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -90‬هل هناك إعجاز‬

‫‪‬قال اإلمام ابن حجر رحمه هللا منذ سبعة قرون‪:‬‬

‫ْ‬
‫• فقبل يوم القيامة بقليل سيخرج رجل بتهان جديد عىل صحة هذا الدين لم يسبقه‬
‫إليه أحد!‬
‫ن ن‬ ‫• فلن تتوقف بر نُ‬
‫باب‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫اهي‬ ‫الت‬ ‫هذه‬ ‫تكون‬ ‫ولن‬ ‫‪،‬‬ ‫زمان‬
‫ٍ‬ ‫عند‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫أمة‬
‫ٍ‬ ‫عند‬ ‫اإلسالم‬ ‫اهي‬
‫دوما ن يف كل باب!‬ ‫ر‬
‫ستبف ً‬ ‫دون آخر‪ ،‬بل‬
‫ن‬ ‫ٌّ‬ ‫ر‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫حقيف ومثبت يف القرآن‬ ‫ي‬ ‫علىم‬‫ي‬ ‫• ومن هنا فليس ثمة ما يمنع أن يكون لدينا إعجاز‬
‫والسنة النبوية!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -91‬لكن كيف نعلم أن ما بين أيدينا هو إعجاز علمي؟‬

‫ن‬
‫❑ إذا نظرنا يف القرآن ووجدنا فيه أكثر من ألف آية تتناول قضايا متعلقة‬
‫بالطبيعة والسماء واألرض والجبال والمطر وخلق الجنين والرياح‪ ،‬وإذا‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫علمنا أن هذه اآليات نزلت يف بيئة بدائية تملؤها األسطورة والخرافة والخزعبالت‬
‫ً‬
‫قطعا ربانيتها‪،‬‬ ‫حن الساعة‪ ،‬وب هذا يثبت‬‫الوثنية‪ ،‬فإما أن تكون هذه اآليات معصومة ر‬
‫ًّ‬
‫ويثبت أنها نزلت من عند هللا حقا‪.‬‬

‫وإمَّا أن تكون هذه اآليات قد امتْلت بالثقافة املحيطة بكل ما فيها من خرافة وجهل‬
‫ودجَل كأمر بديهي؛ وسيظهر تمامًا أنَّها من عند بشر؛ ملا فيها من ثقافة ذاك العصر!‬

‫(‪ )143‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬م‪ 9‬ص‪ 7‬بتصرف‪.‬‬


‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬العلم وحقائقه‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫‪280‬‬
‫ﱭﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵ ﱶﱷﱸﱠ‬
‫ﱮ‬ ‫‪ ‬ﭐﱡ ﭐ ﱫ ﱬ‬
‫﴿‪ ﴾82‬سورة النساء‪.‬‬
‫ْ‬
‫• فإذا تدبرنا القرآن سنعلم إن كان من عند هللا أم من عند غت هللا؛ فلو كان من عند‬
‫ً‬
‫اختالفا ً‬
‫كثتا‪ ...‬سنجد فيه ثقافة ذاك الزمن بكل جهاالته!‬ ‫غت هللا سنجد فيه‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫• فالتحدي بسيط وسيعرف جوابه كل ٍ‬
‫أحد بمجرد قراءة هذا القرآن‪ ،‬ثم النظر يف‬
‫معارفنا العلمية‪ ...‬سيعرف هل هو من عند هللا أم من عند ذاك العرص‪ ...‬عرص‬
‫ْ‬
‫النبوة الذي لم يخ ُل ميدان من ميادينه من خرافة وأسطورة ووهم!‬

‫‪ ‬اقرأ وانظر واحكم بنفسك!‬


‫ﲼ‪ ...‬ﱠ ﴿‪ ﴾46‬سورة‬
‫ﲽ‬ ‫ﲴﲶ ﲷﲸ ﲹﲺﲻ‬
‫ﲵ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐﲱﲲﲳ‬
‫سبأ‪.‬‬
‫َّ ن‬ ‫ُ‬
‫• ق ْم من أجل الحق وتفك ْر يف أمر هذا الكتاب‪،‬‬
‫ً ْ‬
‫وستعلم يقينا إن كان هذا الكتاب من‬
‫ب‬‫بش قد ُكت َ‬ ‫عند هللا أو من عند ر‬
‫ِ‬
‫مض عليه ألف وأربعمائة‬ ‫بثقافة عرص ن‬
‫عام‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫كتاب كتب يف عرص النبوة أو قبله‬ ‫ٍ‬ ‫• فأي‬
‫ستى فيه من‬ ‫مائن عام ر‬‫ر‬ ‫حن قبل‬ ‫أو بعده أو ر‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫المباشة الواضحة الفاضحة ما ال ُيحض‪.‬‬‫ر‬ ‫األخطاء العلمية‬
‫ٌ‬ ‫علىم ٌ‬
‫ٍّ‬ ‫ْ‬
‫يست!‬ ‫أمر‬ ‫ي‬ ‫• فمعرفة إن كان القرآن يحتوي عىل إعجاز‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪281‬‬
‫‪ -92‬هل من أمثلة على ثقافة ذاك العصر واألخطاء العلمية الشائعة في ذاك الزمن؟‬

‫َّ‬
‫المخ هو عبارة عن‪ :‬مبرد‬ ‫‪ ‬أرسطو كمثال كان يتخيَّل َّ‬
‫أن‬
‫للدم "رادياتير ‪ "Radiator‬بينما القلب مُ سخن الدم‪ ،‬هذا كان‬
‫تصوُّ ر أرسطو عن المخ‪.‬‬

‫ر‬ ‫ً‬
‫• لم يكن أرسطو يعرف أعصابا‪ ،‬وال مراكز إحساس‪ ،‬وال أي ي‬
‫ش ٍء من هذا القبيل‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا كان يتصور أن أسنان المرأة تختلف نف العدد عن أسنان الرجل‪)144(.‬‬
‫ي‬ ‫• أرسطو‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫قرآنية أو‬
‫ٍ‬ ‫آية‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫وردت‬ ‫كهذه‬ ‫معلومة‬ ‫• هذه كانت ثقافة ذاك العرص‪ ،‬تخيل لو أن‬
‫حديث صحيح؟‬
‫ٍ‬
‫• وأرسطو كان يتخيل أن الدودة عندما تكت فإنها تتحول إىل ثعبان!‬
‫ن‬ ‫• ُ‬
‫قائل هذا الكالم هو أرسطو‪ ...‬أكت رأس علمية يف ذاك العرص‪ ،‬والثقافة األرسطية‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر ن‬ ‫ر‬
‫الن كانت تستحوذ عىل الساحة‬ ‫وه ي‬ ‫الن كانت منتشة يف الشق األوسط‪ ،‬ي‬ ‫ه ي‬ ‫ي‬
‫حن القرن السادس ر‬ ‫ً‬
‫وتحديدا ر‬ ‫ْ‬ ‫العلمية نف الغرب ر‬
‫عش‬ ‫قليلة مضت‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫قرون‬
‫ٍ‬ ‫حن‬ ‫ي‬
‫الميالدي‪)14٥(.‬‬

‫‪)144( Males have more teeth than females‬‬

‫‪Aristotle, On the Parts of Animals: Book III.‬‬


‫‪)145( Aristotle, “Book IV". The History of Animals. Translated by D'Arcy Wentworth Thompson. Oxford: Clarendon Press‬‬
‫‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫‪ ‬أما أبو الطب أبقراط وهو أعظم أطباء العالم في‬
‫َّ‬
‫يتشكل نتيجة تأثير‬ ‫ذاك الوقت‪ ،‬فكان يتخيل َّ‬
‫أن الجنين‬
‫الماء والهواء والتراب والنار‪.‬‬

‫َ‬ ‫ن‬
‫لحم‪ ،‬وبعد ذلك ت ُمر قطعة اللحم‬
‫كقطعة ٍ‬ ‫ن‬
‫الجني يظهر يف البداية ِ‬ ‫بل وكان يتخيل أن‬
‫ن‬
‫التسخي تظهر العظام؛ فالعظام تظهر‬ ‫ن‬
‫تسخي داخل الرحم‪ ،‬ونتيجة عملية‬ ‫هذه بمرحلة‬
‫ن‬
‫بتسخي قطعة اللحم داخل الرحم‪.‬‬

‫‪ ‬هذا أبقراط أكبر أطباء العالم في ذاك الوقت‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫وهذا تصوُّر بدائيٌّ عجيب‪ ...‬كان يتصور أنَّ اللحم يجفُّ بالتسخين‪،‬‬
‫وبهذه الطريقة تظهر العظام‪.‬‬

‫ر‬
‫❑العظام ي‬
‫الن كل نتوء فيها يؤدي مهمة‬
‫ُمحددة بمنته الضبط المدهش كما‬
‫َيعرف كل َمن درس علوم ر‬
‫التشي ح‪ ،‬كان‬
‫يظن أبقراط أن هذه التفاصيل المعجزة‬
‫ن‬
‫التسخي‪.‬‬ ‫تظهر هكذا بحسب كمية‬

‫التسخي ن يف رحم المرأة من وجهة نظره؟!‬


‫ن‬ ‫• وال أدري ما مصدر‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫تالية‬
‫ٍ‬ ‫مرحلة‬
‫ٍ‬ ‫الجني ينشأ أوًل‪ ،‬ثم يف‬ ‫‪ ‬وكان أرسطو يتخيل أن النصف العلوي من‬
‫السفىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫ينشأ النصف‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫• تخيل امرأة تجهض جنينا عبارة عن رأس وصدر فقط!‬

‫ن‬
‫الجني‬ ‫جالي أحد أكت أطباء ذاك العرص وتلميذ أبقراط‪ ،‬فكان يتخيل أن عظام‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬أما‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫الجني تتشكل من َم ن ين الرجل‪ ،‬بينما‬
‫ن‬ ‫وشايينه وأعصابه‪ ...‬األشياء القاسية يف‬‫وأوردته ر‬
‫تتشكل األنسجة الرخوة من ماء المرأة‪ ،‬هذا الكالم بحرفه نف كتابه ‪)146(.On Semen‬‬
‫ي‬

‫‪)146( But (the fetus) has first of all the vegetative power, which creates not from blood but from the semen itself artery and‬‬

‫‪vein and nerve, bone and membrane.‬‬


‫‪On Semen, Galen, p.99‬‬
‫‪For all the parts that are fleshy [σαρκώδη] in form were generated from blood [αίματος]; but all that were membranous‬‬
‫‪were drawn out from semen.‬‬
‫‪On Semen, Galen, p.103‬‬

‫‪284‬‬
‫المنتشة نف ر‬
‫ر‬
‫الشق األوسط‪ ،‬وقد‬ ‫ي‬ ‫❑ هذه ثقافة ذاك ُ العصر‪ ،‬ي‬
‫وه نفسها الثقافة‬
‫ن‬
‫حن رشاح الكتب المقدسة‪ ،‬لذلك نجد يف التلمود اليهودي نفس كالم‬ ‫تأثر بهذه الثقافة ر‬
‫ن‬
‫جالي بحرفه‪ ،‬دون أي تغيت‪)147(.‬‬

‫‪ ‬جالين ً‬
‫أيضا كان يتخيَّل َّ‬
‫أن َحيض المرأة يتوقف أثناء الحمل‪ ...‬هل‬
‫تعرفون لماذا؟‬
‫ن‬
‫الجني!(‪)148‬‬
‫حن يتم تخزينه داخل الرحم فيتغذى عليه‬ ‫• ر‬
‫ن‬ ‫ن ن‬
‫جالي!‬ ‫الجني يف تصور‬ ‫• دم الحيض هو مصدر غذاء‬
‫طبعا أخطاء فادحة‪.‬‬‫• ً‬
‫ن‬
‫اليمن‪ ،‬بينما‬ ‫يأب من الخصية‬ ‫الجني الذكر ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫جالي كأستاذه أبقراط يعتقد أن‬ ‫• وكان‬
‫ي‬
‫تأب من الخصية اليشى‪)14٩(.‬‬ ‫األنن ر‬
‫الجني ر‬
‫ن‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫قليلة مضت؛ ولذلك كان اليونانيون‬
‫ٍ‬ ‫قرون‬ ‫سائدا نف العالم ر‬
‫حن‬ ‫• وظل هذا االعتقاد‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫تجنبا إلنجاب البنات‪ ،‬بينما الفرنسيون يزيلونها ً‬
‫تماما إذا‬ ‫ً‬ ‫يربطون الخصية اليشى‬
‫أرادوا أن يكون المولود ً‬
‫ذكرا فقط‪.‬‬

‫‪)147( There are three partners in man, the Holy One, blessed be He, his father and his mother. His father supplies the semen of the‬‬

‫‪white substance out of which are formed the child’s bones, sinews, nails, the brain in his head and the white in his eye; his‬‬
‫;‪mother supplies the semen of the red substance out of which is formed his skin, flesh, hair, blood and the black of his eye‬‬
‫‪Babylonian Talmud, Nidda 31a‬‬
‫‪)148( The substance from which the fetus is formed is not merely menstrual blood, as Aristotle maintained, but menstrual blood plus‬‬

‫"‪the two semens.‬‬


‫‪On semen, Galen, p 50.‬‬
‫‪)149( On Book VI of Epid., and Hippocrate, comm. VI.27‬‬

‫‪285‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬أما عن كيفية نشأة َ‬
‫ن‬
‫للخصيتي يبدأ يف‬ ‫ن‬
‫جالي يتخيل أن الدم يف طريقه‬ ‫الم ن ين فكان‬
‫ن‬
‫المن!(‪)1٥٠‬‬
‫التحول للون األبيض‪ ،‬وبذلك يظهر ي‬
‫ن‬
‫الجني‬ ‫ن‬
‫يمي الرحم‪ ،‬بينما‬ ‫ن‬
‫الجني الذكر يكون عن‬ ‫ن‬
‫جالي مع أرسطو عىل أن‬ ‫‪ ‬واتفق‬
‫ر‬
‫األنن عن يسار الرحم‪)1٥1(.‬‬

‫أخطاء كثيرة نقطع اليوم أنها مهازل علمية‪.‬‬


‫ن‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫• تخي ْل لو أن خرافة واحدة من هذه الخرافات كانت يف القرآن الكريم؟‬
‫‪ ‬ألم تكن هذه األخطاء والخرافات هي ثقافة ذاك العصر؟‬
‫‪ ‬ألم يكن هؤالء هم علماء العصر ومثقفوه‪ ،‬وأنع ْم بالذي ينقل‬
‫ِ‬
‫عنهم؟‬
‫• وإذا انتقلنا للثقافة اآلسيوية‪ ،‬فاألوضاع لن تختلف ً‬
‫كثتا‪ ،‬فالفيدا الهندوسية "كتاب‬
‫المقدس" تقرر أن األرض يمسك بها ٌ‬
‫ثور!(‪)1٥2‬‬ ‫الهندوس ُ‬
‫َ‬
‫• نعم هناك ثور يمسك باألرض لئًل تتحرك‪.‬‬
‫‪ ‬هذا الكالم بالحرف مذكو ٌر في الـ ‪:Atharva Veda‬‬

‫‪)150( Journal of the History of Biology, Vol. 14, P.109‬‬

‫ا‬
‫نقًل عن‪ :‬العلم وحقائقه‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.470‬‬
‫‪)151( Ibid., p.302‬‬

‫‪)152( Atharva Veda 4.11.1 The Bull supports the wide-spread earth‬‬

‫‪286‬‬
‫ُ‬
‫أحصنة!(‪)1٥٣‬‬ ‫• أما الشمس‪ ،‬فقد ذكرت الري ج فيدا أنها تستها سبعة‬
‫َ ُ‬ ‫ٌ‬
‫مذكور ر‬
‫حن الساعة‪ :‬الشمس تجرها سبعة أحصنة‪:‬‬ ‫• هذا الكالم‬

‫ا‬
‫نتيجة لوجود شبح ُي ن‬
‫خلفه!(‪)1٥4‬‬ ‫خف الشمس‬ ‫ي‬ ‫• وكسوف الشمس يحصل؛‬
‫• كسوف الشمس بسبب اختفائها خلف شبح‪ ،‬هذا كالم الري ج فيدا‪:‬‬

‫‪ ‬هذه تصوُّرات العالم يف ذاك العصر‪ ،‬وال يوجد كتاب يف ذاك الزمن‪ ،‬وال‬
‫حتى قبل ثالثة قرونٍ مضت إالَّ وهو ممتلئ ىلع آخره بأساطير علمية‬
‫عجيبة‪.‬‬

‫صنف ُك ُتبه في نظرية التطوُّ ر قبل‬


‫‪ ‬بل وانظروا إلى تشارلز داروين الذي َّ‬
‫قرن ونصف فقط من اآلن!‬
‫ً‬
‫مليئة بأساطير‬ ‫‪ ‬انظروا لهذه الكتب اليوم بمقياس العلم ستجدونها‬
‫مضحكة؛ فمث ًلا كان تشارلز داروين يؤمن بما يُسمى بالـ ‪Pangenesis‬‬
‫ومعنى هذه الفرضية َّ‬
‫أن‪:‬‬

‫كل جزء من جسدك تخرج منه جسيمات صغيرة‪ ،‬هذه الجسيمات تذهب‬
‫لْلعضاء التناسلية‪ ،‬فعندما تمارس الرياضة تخرج هذه الجسيمات من‬
‫العضالت وتذهب للعضو التناسلي‪ ،‬وبالتالي يكتسب ابنك قوة عضالتك‪.‬‬

‫‪)153( Rig Veda 1.50.8, 1.50.1 O, Bright sun, a chariot named harit with seven horses‬‬

‫‪)154( Rig Veda 5.40.5-6 O Sūrya, when the Asura’s descendant Svarbhanu, pierced thee through and through with darkness‬‬

‫‪287‬‬
‫ا‬
‫أصًل ن‬ ‫ً‬
‫معن هذه‬ ‫• لم يكن داروين يعرف شيئا عن الجينوم أو ال ‪ DNA‬وال يعرف‬
‫الكلمات‪ ،‬فتخي َل هو هذه األسطورة العجيبة ال ‪.Pangenesis‬‬
‫عاما فقط!‪ ،‬فما بالك بكتاب نزل قبل ر‬
‫أكت من ألف وأربعمائة‬ ‫وخمسي ً‬
‫ن‬ ‫• هذا منذ مائة‬
‫ٍ‬
‫عام؟!‬
‫ُ‬
‫الباطل من ن‬ ‫ُ‬ ‫• وما زال هذا الكتاب ر‬
‫بي يديه‬ ‫حن الساعة كتاب ربنا سبحانه ال يأتيه‬
‫بش‪ :‬ﱡﭐﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉ‬ ‫وال من خلفه‪ ،‬وهذا ُمحال لو كان قول ر‬

‫ﲊﲌﲍﲎﲏﱠ﴿‪ ﴾42‬سورة فصلت‪.‬‬


‫ﲋ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -93‬إ َذ ْن ما أكبر إعجاز علمي في القرآن الكريم؟‬

‫ا‬ ‫ن‬
‫علىم يف القرآن الكريم يمكن أن نتحدث عنه بمنته الثقة‪ ،‬أن هذا القرآن‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬أكت إعجاز‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫الن كانت تمأل العالم يف عرصه!‬
‫ي‬ ‫افات‬ ‫ر‬ ‫الخ‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫شيئ‬ ‫لم ينقل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُعصم من كل هذه الخرافات‪ ،‬ويعجز المالحدة بكل‬ ‫القرآن‪ ،‬وي َ‬ ‫‪ ‬فعندما يظهر‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َخ ْيلهم َ‬
‫رصيحة يف هذا القرآن تخالف قضية علمية واحدة‬
‫ٍ‬ ‫واحدة‬
‫ٍ‬ ‫بآية‬
‫ٍ‬ ‫اإلتيان‬ ‫عن‬ ‫لهم‬ ‫ج‬ ‫ور‬
‫ِ‬ ‫ِ ا‬
‫مثبتة فهذا برهان عىل ربانية هذا الكتاب!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪288‬‬
‫الكريم صو ًرا مختلف ًة من اإلعجاز العلمي؟‬
‫ُ‬ ‫القرآن‬
‫ُ‬ ‫‪ -94‬لكن هل يحمل‬

‫أكت من ألف آية‬ ‫معصوما‪ ،‬وبه ر‬‫ً‬ ‫• إذا كان هذا القرآن الكريم‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫سجل هذه اآليات‬ ‫علمية‪ ،‬فمن المتوقع جدا أن ت ِ‬ ‫تتناول قضايا‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مؤخرا‪.‬‬ ‫حقائق علمية لم ترصد إال‬
‫ن‬
‫القرآب أنه ال يصدم‬ ‫• لكن ال بد أن نعلم أن من طبيعة النص‬
‫ي‬ ‫ر ا‬
‫َ‬
‫مخالفة لما يعتقده؛ ألن هذا قد‬ ‫ٍ‬ ‫علمية‬
‫ٍ‬ ‫مباشة بمعارف‬ ‫القارئ‬
‫تكذيبا للقرآن‪ ،‬وجزاء تكذيب القرآن الكفر‪)1٥٥(.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫يولد‬
‫ُ‬
‫المعارف العلمية ر‬ ‫• ر‬
‫ات يفهمها الناس‬ ‫الن يسجلها القرآن عىل شكل إشار ٍ‬ ‫ي‬ ‫هذه‬ ‫فتأب‬
‫ي‬
‫من حصلوا هذه المعارف العلمية!‬ ‫ر‬
‫• وال تكون هذه اإلشارات ن يف القرآن مقصودة بذاتها!‬

‫فالقرآن لم ينزل ليشرحَ لنا املعارف العلمية‪ ،‬ويُعلمنا تفاصيلِها‪،‬‬


‫ل التصوُّر الكوني العلمي للناس‪ ،‬وإنما‬
‫فليست غايةُ القرآن تعدي َ‬
‫غايتُهُ تصحيح مفاهيم الناس يف باب العبادة‪ ...‬يف باب تأمُّل آيات‬
‫والتدبُّر‪)1٥6(.‬‬ ‫الله يف خلقه‪ ...‬يف باب التسليم لله ‪ ...‬يف باب النظر‬

‫رَ‬
‫مشكلن المعرفة والسلوك عند اإلنسان‪ ،‬هذه غاية‬ ‫ي‬ ‫• فالقرآن كتاب هداية لضبط‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫وف سياق آيات الهداية يتناول القرآن الكريم خلق النجوم والسحب والسماء‬ ‫• ي‬
‫تأب اإلشارات العلمية‪.‬‬ ‫والرياح والنبات واألرض والقمر واألجنة‪ ،‬وهنا ر‬
‫ي‬
‫❑ والنظر في هذه اإلشارات العلمية المتفقة مع ما انتهى إليه العلم‪،‬‬
‫أنع ْم به‪ ،‬فهو يزيد يقين بعض الناس‪،‬‬ ‫وإظهار ما فيها من إعجاز ْ‬
‫ِ‬
‫ويهتدي به آخرون!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )155‬العلم وحقائقه‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )156‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪289‬‬
‫‪ -95‬لكن ما ضوابط رصد اإلعجاز العلمي في القرآن الكريم؟‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫• أن تكون المسألة العلمية عىل درجة عالية من الصحة والتهنة!‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫• وأن تكون اإلشارة إليها ن يف القرآن الكريم إشارة واضحة رصيحة‪.‬‬
‫ن‬
‫العلىم هو القول الوحيد يف اآلية‪ ،‬بل هو أحد‬
‫ي‬ ‫• وأًل نقول إن هذا التفست باإلعجاز‬
‫ن‬
‫القرآب‪.‬‬ ‫اللفظ‬ ‫دقة‬ ‫الن ُت ن‬
‫بي‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫الوجوه التفستية ي‬

‫مستقبال أن هذه المسألة العلمية غير صحيحة؟‬


‫ً‬ ‫‪ -96‬لكن ماذا لو ثبت‬

‫ٌ‬
‫وجه‪،‬‬ ‫العلىم‪ ،‬فلن يكون لهذا االعتراض‬ ‫ي‬ ‫• لو فهمنا ضوابط رصد اإلعجاز‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫فالنظر يف باب اإلشارات العلمية يف القرآن الكريم يكون عىل وجه االستئناس‪ ،‬كما‬
‫ُ‬
‫استأنس كبار أئمة التفست بالنقل عن أهل الكتاب‪ .‬ومرويات أهل الكتاب تفيد‬
‫الظن‪ ،‬كما أخت الصادق المصدوقﷺ‪:‬‬

‫(‪)157‬‬
‫"إذا حدَّثكم أهل الكتاب فال تُصدقوهم وال تُكذبوهم"‪.‬‬
‫• فمروياتهم تفيد الظن‪ ،‬ومع ذلك استأنس بها كبار أئمة التفست‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ ن‬
‫النظر يف باب اإلشارات العلمية يف القرآن الكريم هو نظر‬ ‫• فبنفس القياس‬
‫استئناش نستأنس به‪ ،‬وال نقول إن هذا النظر معصوم‪ ،‬بل هو اجتهاد‬ ‫ٌّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫القرآب‪ ،‬وليس الوجه األوحد أو الذي‬ ‫محمود‪ ،‬وهو وجه من وجوه تفست اللفظ‬
‫ي‬
‫ال يمكن أن ُيفش القرآن إال به!‬
‫• وسيبقى النصُّ القرآنيُّ املعجزُ آيةً كل زمن‪ ،‬وكل ثقافة‪ ،‬وكل عصر‪.‬‬

‫ﳇﳉ‬
‫ﳈ‬ ‫• ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ‬

‫ﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﱠ ﴿‪ ﴾٥٣‬سورة فصلت‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )157‬السلسلة الصحيحة لأللباني‪.712 -6 ،‬‬


‫‪290‬‬
‫علميا؟‬
‫ً‬ ‫‪ -97‬هل من الممكن سرد بعض اآليات التي فيها إعجاز علمي ُمثبَت‬

‫مؤخرا ذكرها القرآن الكريم قبل ر‬


‫أكت من ألف‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬سأذكر سبع حقائق علمية مكتشفة‬
‫وأربعمائة عام!‬

‫‪ ‬كان البشر قديمً ا يتخيَّلون َّ‬


‫أن الماء هو أصل الكون ومصدر الكون!‪i‬‬

‫‪ ‬وهذا التصور تتفق عليه األساطت السومرية والبابلية والكنعانية والمرصية القديمة‪،‬‬
‫الشق األوسط‪.‬‬‫فهذه كانت ثقافة ر‬

‫‪ ‬كانوا يعتقدون أن الماء األول هو مادة الخلق األوىل!‬

‫‪ ‬فنجد مث ًلا في األسطورة السومرية‪ :‬أن مصدر الكون هو "نمو ‪"Nammu‬‬


‫ر‬
‫والن معناها الماء األم‪:‬‬
‫ي‬

‫‪291‬‬
‫ن‬
‫وه المياه األوىل‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪Tiamat‬‬ ‫تيامت‬ ‫من‬ ‫العالم‬ ‫جاء‬ ‫البابلية‬ ‫األسطورة‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وف‬

‫والن ُتسىم "نون" ر‬ ‫ً‬


‫أيضا فكرة المياه األم‪ ،‬ر‬ ‫ن‬
‫والن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫وف األساطت المرصية القديمة نرى‬ ‫‪ ‬ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الن جاء منها الكون‪،‬‬
‫وف األسطورة الكنعانية نجد "يم" المياه ي‬ ‫كانت مصدر الكون‪ ،‬ي‬
‫ونفس األمر موجود ن يف األسطورة الهندية واليابانية القديمة‪.‬‬
‫حن مفشو الكتاب المقدس ً‬
‫تبعا‬ ‫‪ ‬فهذه كانت ثقافة العصور القديمة‪ ،‬ويتفق معها ر‬
‫للثقافة السائدة ن يف ذاك الوقت‪ ،‬فالماء هو أصل الكون وهو مادة الكون األوىل‪.‬‬

‫‪ ‬وكان فالسفة اليونان يعتقدون نفس هذه العقيدة‪ ،‬وهذا قول طاليس المل ي‬
‫ًط‪:‬‬

‫‪292‬‬
‫‪ ‬إنَّها ثقافة العالم في ذاك العصر!‬
‫يتل عىل محمد ﷺ ليختنا أن مادة الكون لم تكن نف البداية ا‬
‫ماء وإنما‬ ‫• فإذا بالقرآن ن ن‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫دخان!‬
‫• ﭐﱡﭐﲰﲱﲲﲳﲴﲵ‪...‬ﱠ ﴿‪ ﴾11‬سورة فصلت‪.‬‬
‫• والدخان يؤكد أن أصل الكون رش ٌء ملتهب‪ ،‬وليس بحتة ماء!(‪)1٥8‬‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫قرآنيا حقيقيا!‬ ‫• هذه المعلومة تمثل إعجازا‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ش ٍء ملتهب‪ ،‬هذه معرفة لم يق ْل بها إال العلم الحديث‪ ،‬ولم يسبقه‬ ‫ر‬
‫أب من ي‬ ‫• فالكون ي‬
‫فيها إال القرآن!‬
‫ً‬
‫• فهذه النجوم كانت قبل أن تتشكل دخانا!‬
‫ه الدخان وليس الماء‪ :‬ﭐﱡﭐﲰﲱﲲﲳ‬
‫ر ن‬
‫ي‬ ‫السماء‬ ‫ف‬ ‫• مادة هذه األفالك ي‬
‫الن ي‬
‫ﲴﲵ‪...‬ﱠ ﴿‪ ﴾11‬سورة فصلت‪.‬‬
‫عي‬ ‫ر‬
‫االحتاق أو االنفجار‪ ،‬وهذا هو ن‬ ‫• والدخان هو الكثافة الغازية الناجمة عن‬
‫ُّ‬
‫العلىم لبداية تشكل النجوم والسدم واألفالك‪.‬‬
‫ي‬ ‫التوصيف‬

‫ٌ‬
‫موجود ر‬
‫حن الساعة‪ ،‬فهو‬ ‫الكوني‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬والدخان‬
‫ًّ‬
‫علميا‪ ،‬وهو الذي يتكثف لتظهر النجوم‬ ‫قضية مثبتة‬
‫ُ‬
‫والسدم‪.‬‬

‫(‪ )158‬العلم وحقائقه‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.127‬‬


‫‪293‬‬
‫وطبقا لموقع مرصد هرشل الفضائي‪ ،‬فما نُسميه غبارًا كونيًّا‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬
‫ُّ‬
‫األصح له هي‪ :‬الدخان‪.‬‬ ‫التسمية‬

‫• قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﲿﳀﳁﳂﳃﱠ ﴿‪ ﴾47‬سورة الذاريات‪.‬‬


‫• قوام النسبية العامة ألينشتاين عىل أن السماء مبنية‪ ،‬نعم السماء مبنية!‬
‫• وأن الزمكان‪ ...‬والزمكان هو تداخل الزمان والمكان‪ ،‬هذا الزمكان عبارة عن نسيج‬
‫حقيف تتحدب عليه األجرام ن يف السماء‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬

‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬


‫‪ ‬وهذا ما قاله أينشتاين بنفسه يف ورقته عن النسبية العامة‪ ،‬ي‬
‫والن كتبها يف عام ‪1٩16‬‬
‫حيث قال إن‪:‬‬

‫‪)159( A. Einstein (1916). "Die Grundlage der allgemeinen Relativitätstheorie" Annalen der Physik. 354 (7): 769–822.‬‬

‫‪294‬‬
‫‪ ‬وهذا الكالم ذكره أينشتاين بحرفه نف مجلة حوليات ن‬
‫الفتياء ‪.Annalen der Physik‬‬ ‫ي‬

‫ٌ‬
‫‪ ‬فالسماء مبنية‪ ،‬هذه إحدى الحقائق العلمية المثبتة اليوم‪.‬‬

‫ُ ن‬
‫ض مائة عام عىل ورقة أينشتاين‪ ،‬تم‬‫‪ ‬ويف فبراير من عام ‪ 2016‬أي‪ :‬بعد م ي‬
‫ن‬
‫بالفعل اكتشاف موجات الجاذبية يف نسيج الزمكان‪ ،‬وهو االكتشاف الذي أعلن عنه‬
‫ن‬
‫الفتياء لعام ‪.2٠17‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫مشوع ل يجو‪ ،‬وفاز بجائزة نوبل يف‬

‫ر ٌّ‬
‫حقيف!‬ ‫ر‬
‫المباش‪ ،‬وإنما ما فوقك هو بناء‬ ‫• فأنت ليس فوقك فراغ كما تتخيل بالنظر‬
‫ي‬
‫• السماء ليست مجرد ستار‪ ...‬السماء ٌ‬
‫بناء!‬

‫‪295‬‬
‫• ﱡﭐﲿﳀﳁ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾47‬سورة الذاريات‪.‬‬

‫• نُكمل اآلية‪ :‬ﱡﭐﲿﳀﳁﳂﳃﱠ ﴿‪ ﴾47‬سورة الذاريات‪.‬‬


‫ِ‬
‫‪ ‬هل السماء تتمدَّ د؟‬
‫تتسع؟‬ ‫‪ ‬هل السماء َّ‬
‫ِ‬
‫حن زمن أينشتاين يتخيلون أن الكون ثابت ‪ ،static universe‬فالكون‬ ‫• كان الناس ر‬
‫ال يتمدد ‪ ...‬ال يتسع‪ ،‬وال ينكمش‪ ،‬وأينشتاين نفسه كان يدعم هذا األمر‪.‬‬

‫• لكن نف عام ‪1٩2٩‬م‪ .‬حصلت المفاجأة العلمية ر‬


‫الن غتت نظرتنا للكون لألبد‪ ،‬فقد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بثابت بل إن السماء تتوسع‬
‫ٍ‬ ‫اكتشف العلمُ أنَّ الكون يتوسَّع‪ ،‬فالكون ليس‬
‫وتتمدد مع الزمن‪ ،‬تم رصد هذه الحقيقة المدهشة عت تلسكوب هابل‪ ،‬واليوم‬
‫ُ‬
‫ه حقيقة علمية‪ ،‬وعندنا ما يعرف بقانون هابل لقياس مقدار‬ ‫قضية توسع الكون ي‬
‫التوسع‪.‬‬
‫• فهذه قضية ال شك فيها اليوم‪ ،‬كما يقول أستاذ ن‬
‫الفتياء الفلكية أندرو ليدل‪)16٠(.‬‬

‫‪)160( Andrew Liddle, an Introduction to Modern Cosmology, p.xi‬‬

‫ً‬
‫نقل عن العلم وحقائقه‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪296‬‬
‫علىم‬ ‫اعتف أينشتاين أن تصور الكون الثابت الذي ال يتوسع هو أكت خطأ‬ ‫• وقد ر‬
‫ي‬
‫ارتكبه ن يف حياته‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ر‬
‫• لكن العجيب أن ي‬
‫يأب القرآن قبل أينشتاين‪ ،‬وقبل كل العلوم الحديثة؛ ليؤكد هذه‬
‫الحقيقة المدهشة‪:‬ﭐﱡﭐﲿﳀﳁﳂﳃﱠ ﴿‪ ﴾47‬سورة الذاريات‪.‬‬
‫خت ن ٌّ‬
‫قرآب لم يعرفه العلم إال منذ سنوات‪.‬‬ ‫• فهذا ٌ‬
‫ي‬

‫ن‬
‫• من الحقائق العلمية أن أشعة الشمس يف الصباح عندما تسقط عىل سطح األرض‪،‬‬
‫ُ‬
‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫لها‪،‬‬ ‫المالمس‬ ‫الهواء‬ ‫إىل‬ ‫األرض‬ ‫ارة‬‫ر‬ ‫ح‬ ‫فتنتقل‬ ‫؛‬ ‫األرض‬ ‫سطح‬ ‫سخن‬ ‫ت‬ ‫فإنها‬
‫ن‬
‫يسخن هذا الهواء ويتمدد ويقل ضغطه ويرتفع ألعىل‪ ،‬فيحل مكانه الهواء يف‬
‫الطبقات العليا‪.‬‬
‫ً‬
‫• هذا الهواء الذي ارتفع ألعىل كان ناتجا عن تنفس الكائنات الحية طوال الليل‪،‬‬
‫صباحا؛ حيث يتبدل هذ الهواء بهواء جديد ر‬ ‫ً‬
‫نف‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فتحصل هذه الظاهرة العجيبة‬
‫ُ‬
‫وتعرف هذه العملية بعملية "التيارات الحرارية الصاعدة أو تيارات الحمل"‪ ،‬وكأن‬
‫وه تتنفس ن يف الصباح!‬ ‫األرض مثل الرئة العمالقة‪ ،‬ي‬

‫‪297‬‬
‫ُ‬
‫• فإذا بالقرآن الكريم يسجل هذه الحقيقة بلفظها بصورة واضحة‪:‬ﱡﭐ ﲍ ﲎ‬
‫ﲏﱠ﴿‪ ﴾18‬سورة التكوير‪.‬‬
‫ً‬
‫صباحا ً‬ ‫ًّ‬
‫تماما كما الكائنات الحية‪ ...‬تطرد‬ ‫حرفيا ما يحدث‪ ،‬حيث تتنفس األرض‬ ‫• فهذا‬
‫نف!‬‫ر‬ ‫ن‬
‫بثاب أوكسيد الكربون‪ ،‬ثم يحل مكانه هواء جديد ي‬
‫الهواء المحمل ي‬

‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﱠ‬


‫﴿‪ ﴾12‬سورة اإلشاء‪.‬‬
‫ه الشمس‪.‬‬ ‫• آية الليل ي‬
‫ه القمر‪ ،‬وآية النهار ي‬
‫• آية الليل ُمحيت‪ :‬أي انطفأ ُ‬
‫نورها‪.‬‬
‫• بينما بقيت آية النهار مبرصة‪ :‬منتة‪.‬‬
‫‪‬فهل القمر كان نورًا ثم مُ حي؟ هل كان كتلة نارية كالشمس؟‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫مؤخرا عن القمر!‬ ‫• هذا ي َعد اليوم أحد أكت الحقائق المكتشفة‬
‫• فالقمر بالفعل كان كتلة نارية‪ ،‬كما يقول عالم الجيولوجيا واألستاذ بجامعة‬
‫كاليفورنيا دوج ماكدوجل‪)161(.‬‬

‫‪)161( Dough Macdougall, why geology matters?, P.66‬‬

‫‪298‬‬
‫مقطعا مرئيًّا بعنوان تطوُّ ر‬
‫ً‬ ‫‪ ‬وقد أصدرت ناسا على موقعها الرسمي‪،‬‬
‫أن القمر كان‬‫القمر‪ ،‬تتناول فيه هذه الحقيقة العلمية المدهشة‪ ،‬وكيف َّ‬
‫(‪)162‬‬
‫كتلة نارية‪ ،‬ثم مُ ح َي نوره مع الزمن!‬
‫ِ‬

‫رص هللا عنه نف تفست اآلية‪ :‬كان القمر ُي نضء‪ ،‬وهو آية الليل ُ‬
‫فم َ‬
‫ح‪)16٣(.‬‬ ‫قال ابن عباس ن‬ ‫•‬
‫ِ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫عىل ن‬
‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه عن البقع السوداء يف القمر قال‪ :‬ذاك آية الليل‬ ‫ي‬ ‫• وحي سئل ي‬
‫محيت‪)164(.‬‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫ه بالفعل بقع كانت‬‫• وهذا من المعلوم علميا اليوم؛ فالمساحات السوداء عىل القمر ي‬
‫ملتهبة‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف علم النبي ﷺ بهذه القضية العلمية العجيبة الدقيقة؟‬

‫نقل عن‪ :‬العلم وحقائقه‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.232‬‬ ‫ً‬


‫(‪ )162‬وثائقي ناسا عن تطور القمر على موقع ناسا الرسمي على اليوتيوب‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=UIKmSQqp8wY‬‬
‫(‪ً )163‬‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير ابن كثير لآلية‪.‬‬
‫(‪ )164‬جامع البيان‪ ،‬الطبري‪ ،‬م‪ 14‬ص‪.516‬‬
‫‪299‬‬
‫النبي ﷺ باألمواج الداخلية في البحار؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬كيف علم‬
‫ﭐ‪‬ﱡﭐﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾4٠‬سورة النور‪.‬‬

‫ْ‬ ‫ن‬
‫ً‬
‫مؤخرا؛ فال سبيل لرؤيتها من‬ ‫• واألمواج الداخلية يف البحار لم يعرفها العال ُم إال‬
‫ُ‬
‫الشاط أو بالسباحة ن يف عمق البحر‪ ،‬وإنما تكتشف باألقمار الصناعية‪.‬‬
‫ئ‬

‫ُ‬
‫أضخم بكثت من األمواج الخارجية‪ ،‬وهو يكون كالجبال‬ ‫الداخىل‬ ‫• وقد ن‬
‫تبي أن الموج‬
‫ي‬
‫ويصل ارتفاعه إىل ‪ 6٠٠‬قدم‪.‬‬

‫النبي ﷺ هذه الدقائق؟‬


‫ُّ‬ ‫‪ ‬فكيف علم‬

‫‪300‬‬
‫• قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ ﱠ﴿‪﴾٣٠‬‬
‫سورة األنبياء‪.‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫• وهذا أحد أسس علم األحياء اليوم‪ ،‬أن عنرص الماء داخل نرصورة يف‬
‫ح‪.‬‬‫تركيب كل كائن ي‬
‫ن‬
‫الباحثي عن حياة خارج األرض هم ال يبحثون عن‬ ‫حن إن العلماء‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫كائنات حية عىل الكواكب األخرى‪ ،‬وإنما يبحثون عن الماء؛ ألنهم يعلمون أنه‬
‫ال حياة بدون الماء!‬

‫ﭐ‬
‫‪‬ﱡﭐﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓ‪ ..‬ﱠ﴿‪ ﴾4٥‬سورة النور‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪301‬‬
‫علمي في مسألة خلق األجنة في القرآن الكريم؟‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -98‬هل يوجد إعجاز‬

‫ُ‬
‫• قبل أن نجيب عن هذا السؤال ال بد أن نعرف تصور علماء الطب‬
‫ن‬
‫الجني وهيئة‬ ‫والفلسفة زمن البعثة النبوية عن مراحل خلق‬
‫ن‬
‫الجني‪.‬‬
‫ن‬
‫• كان العلم والطب والفلسفة يف ذاك العرص مرجعهم إىل أبقراط‬
‫ن‬
‫وجالي وأرسطو‪.‬‬
‫‪ ‬وفي كتاب أرسطو "حول والدة الحيوانات"‪:‬‬
‫ن‬ ‫يتل عىل دم َحيض المرأة ُ‬‫‪ُ ‬يقرر أرسطو أن َم نن الرجل ن ن‬
‫المخزن يف الرحم‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫اللي فتجعله ُجبنا!‬
‫ن‬ ‫تتل الخمتة عىل‬ ‫فيجمده‪ ،‬كما ن ن‬
‫ُ‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫فالجني ينشأ من دم الحيض‪ ...‬واليوم هذه خرافة مضحكة قوًل واحدا!‬
‫فنحن نعلم تمامًا أنَّ دم الحَيض يتوقف فور حمل املرأة‪ ،‬وال‬
‫يُخزَّن يف الرحم‪ ،‬وال كل هذه األساطير!‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫جالي أبو الطب يف ذاك العرص يقرر أن ماء المرأة يغذي َم ن ين‬
‫ن‬ ‫وكان‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الجني القزم ف التضخم‪)16٥(.‬‬
‫ي‬ ‫الرجل؛ فيبدأ‬
‫ً ًّ ن‬
‫صغتا جدا يف َم ن ين الرجل‪،‬‬ ‫ن‬
‫الجني يكون‬ ‫ن‬
‫جالي يتخيل أن‬ ‫لقد كان‬
‫ًّ‬
‫يكت تدريجيا بعد دخول رحم‬ ‫َ‬
‫الجني القزم ويبدأ ُ‬
‫ن‬ ‫ثم يتغذى هذا‬
‫المرأة‪.‬‬
‫إذَن كان هناك شِبهُ اتفاقٍ علميٍّ سائدٍ يف تلك العصور‬
‫أي دور فعلي يف عملية‬
‫ىلع أنَّ املرأة ليس لها ُّ‬
‫اإلنجاب‪ ،‬فمَنيُّ الرجل يُخثر دم الحيض عند أرسطو‪ ،‬وماء‬
‫املرأة يُغذي مني الرجل عند جالين ليبدأ الجنين القزم‬
‫يف التضخم مع الوقت؛ ففي كلتا الحالتين املرأة مجرد وعاء للجنين ال أكثر‪.‬‬

‫‪)165( On semen, Galen‬‬

‫‪302‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬ر‬
‫وف ذاك العرص ُليصحح هذه النظرة البدائية‪،‬‬
‫الكريم يف تلك الثقافة‪ ،‬ي‬ ‫فيأب القرآن‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫الجني هو نطفة أمشاج‪ ،‬أي‪ :‬من الرجل والمرأة‪ ،‬وليس الرجل فقط!‬ ‫ويختنا أن‬
‫ﭐﱡﭐﲷﲸﲹﲺﲻﲼ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة اإلنسان‪.‬‬

‫ن ْ‬
‫ه الخليط‬‫‪ ‬والنطفة األمشاج بإجماع المسلمي ٌعت كل العصور‪ ،‬وبإجماع أهلُ اللغة‪ ،‬ي‬
‫ٌ‬
‫فأمشاج ن‬
‫تعن‪ :‬أخالط من الرجل والمرأة‪ ،‬حيث يستل جزء من ماء‬ ‫ي‬ ‫من الرجل والمرأة‪،‬‬
‫ن‬
‫الجني‪.‬‬ ‫الرجل مع ذاك الخاص بالمرأة؛ فيتكون منهما‬

‫‪ ‬وليس من كل الماء كما كان يتخيل أرسطو‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪303‬‬
‫السنة على أن الجنين ُي ُّ‬
‫ستل من جزء من ماء الرجل؟‬ ‫‪ -99‬ما دليلك من القرآن أو ُّ‬

‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﱠ ﴿‪ ﴾8‬سورة السجدة‪.‬‬

‫ن‬
‫الجني من ساللة من ماء الرجل!‬ ‫يأب‬‫• ر‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ًّ ُ‬ ‫ن ر‬
‫مؤخرا‬ ‫يأب من جزء يست جدا يستل من ماء الرجل‪ ،‬وهو المعروف‬ ‫• الجني ي‬
‫ن‬
‫الجني"‪.‬‬ ‫ب "الحيوان المنوي"‪ ،‬مع ذاك الخاص بالمرأة؛ فتتكون النطفة األمشاج "‬
‫ًّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫الجني يتشكل من جزء يست جدا من‬ ‫• والحديث النبوي الصحيح يؤكد أيضا أن‬
‫الماء‪ ،‬وليس من كل الماء يقول رسول هللا ﷺ‪ ،‬والحديث ن يف صحيح اإلمام مسلم‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )166‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1438:‬‬


‫‪304‬‬
‫‪ -100‬بعد ظهور النطفة األمشاج ماذا يحصل للجنين؟‬

‫ُّ‬
‫الجني ن يف مراحل التخلق المختلفة!‬ ‫نُ‬ ‫• بعد أن تظهر النطفة األمشاج يبدأ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫• فهو هنا سيبدأ يف التخلق‪ ،‬وليس أن جنينا قزما كان مختبئا يف م ن ين الرجل سيبدأ يف‬
‫ن‬
‫جالي!‬ ‫التضخم‪ ،‬كما كان يتصور‬
‫ا‬
‫والن كانت سائدة ر‬ ‫الجني القزم ‪ Preformation‬ر‬‫ن‬
‫حن قبل قرون قليلة‬ ‫ي‬ ‫• ففكرة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مضت أثبت القرآن خرافتها‪ ،‬فالجنين يتخلق من نطفة أمشاج من الرجل‬
‫والمرأة‪.‬‬

‫َّ‬ ‫مختلفة ر‬ ‫َ ْ‬ ‫نُ ن‬


‫حن يتشكل‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ق‬‫• فبعد النطفة األمشاج يدخل الجني يف مراحل خ ٍ‬
‫ل‬
‫ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾6‬سورة الزمر‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪305‬‬
‫‪ -101‬ما مراحل ال َخلْق المختلفة هذه؟‬

‫مؤخرا "البويضة ُ‬
‫ً‬ ‫ر ُ‬
‫المخصبة"‪ ،‬تتحول هذه‬ ‫• بعد ظهور النطفة األمشاج ي‬
‫والن تسىم‬
‫ُ‬
‫النطفة األمشاج إىل مرحلة العلقة‪ :‬ﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة‬
‫ُ‬

‫المؤمنون‪.‬‬
‫• والعلقة لفظ قرآني ُم ن‬
‫مت عجيب مدهش مبهر‪.‬‬ ‫ٌّ‬
‫َ ُ‬ ‫ن‬
‫بالجلد ليمتص منه الدم!‬
‫ه كائن صغت يعلق ِ‬ ‫• فالعلقة يف األصل ي‬

‫القرآني المدهش لهذه‬ ‫ُ‬


‫الوصف‬ ‫ر‬
‫ويأب‬ ‫❑‬
‫ُّ‬ ‫ي‬
‫المرحلة الجنينية بأنها مرحلة العلقة!‬
‫ن‬
‫❑ لنكتشف اليوم أن الجنين يف هذه‬
‫المرحلة يطابق بالفعل العلقة من حيث الشكل‬
‫الخارح ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫❑ ويُطابق ً‬
‫أيضا العلقة من حيث الوظيفة‪ ،‬فهو يعلق بجدار الرحم؛ ليمتص منه‬
‫ًّ‬
‫حرفيا‪.‬‬ ‫الدم‬
‫َُ ن‬ ‫ن‬
‫سيكت يف الحجم‪ ،‬لم يذكر‬ ‫للجني القزم الذي‬ ‫‪‬الحظ‪ :‬ال وجود لدم حيض المرأة‪ ،‬وال‬
‫ً‬
‫القرآن شيئا من هذه التصورات الخرافية!‬
‫المضغة‪ :‬ﭐﱡﭐﲔﲕﲖ‬ ‫الجني إىل المرحلة التالية‪ ،‬وه مرحلة ُ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫بعد العلقة يتحول‬

‫ﲗﲘﲙﲚ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة المؤمنون‪.‬‬

‫القرآني الجديد لهذه المرحلة "المضغة"؟‬


‫ُّ‬ ‫‪‬ما هذا التوصيف‬

‫‪306‬‬
‫ر‬ ‫نُ‬
‫ش ٍء‬ ‫• بعد مرحلة العلقة يتحول الجني بالفعل إىل ي‬
‫ًّ‬
‫حرفيا‬ ‫أشبه ما يكون بقطعة اللحم الممضوغة‬
‫"مضغة"‪.‬‬
‫ً‬ ‫نُ ن‬
‫حجما‪،‬‬ ‫الجني يف هذه المرحلة أكت‬ ‫• فيكون‬
‫وتظهر فيه أنسجة كالطعام الممضوغ‪ ،‬ويحمل‬
‫ما يشبه آثار األسنان‪.‬‬
‫نُ‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫الجني عند هذه المرحلة‬ ‫الن تكون يف اللقمة الممضوغة يكون‬ ‫• نعم‪ ،‬آثار األسنان ي‬
‫بنفس هذا الشكل!‬
‫• أثر انحناء األسنان عىل الفك ن يف اللقمة الممضوغة‪ ،‬سبحان هللا!‬

‫‪‬‬

‫‪ ‬هل يُنكر هذه الدقة‪ ،‬وهذا اإلبهار إال مُ كابر؟‬


‫ِ‬
‫شيئا من خرافات عصره السائدة وما‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬لماذا لم ينقل القرآن‬
‫أكثرها؟‬
‫ً‬
‫واحدة من الخرافات التي كانت شائعة‬ ‫ً‬
‫خرافة‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫‪ ‬لم يوافق‬
‫زمن البعثة النبوية‪ ،‬فلماذا يا تُرى؟‪...‬‬

‫‪ ‬لماذا بقي معصومً ا؟‬


‫ً‬
‫شيئا إال مؤخ ًرا ًّ‬
‫جدا؟‬ ‫‪ ‬لماذا تف َّرد بحقائق لم يعرف العلمُ عنها‬
‫‪  ‬‬

‫‪307‬‬
‫‪ -102‬هل قال علماء المسلمين بشي ٍء من هذا اإلعجاز قبل العصر الحديث؟‬

‫‪‬قال ابن حجر رحمه هللا‪:‬‬

‫القرطن ن يف تفسته‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬وقال‬

‫‪)168(.‬‬ ‫ﱡﭐﲷﲸﲹﲺﲻﲼ‪..‬ﱠ‬
‫ن‬
‫المسلمي خالفوا‬ ‫‪ ‬الحظ كلمة اإلمام القرطن‪" :‬فإنها ٌّ‬
‫نص ال يحتمل التأويل" فعلماء‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫تصورات معارصي هم؛ ليوافقوا ما انته إليه العلم اليوم من خالل فقط معرفتهم بالقرآن‬
‫الكريم!"‬
‫ُ‬
‫فالقرآن الكريم يقدم خطابًا غير مسبوق!‬ ‫❑‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )167‬فتح الباري‪ ،‬م‪ 11‬ص‪.480‬‬


‫(‪ )168‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬م‪ 16‬ص‪.343‬‬
‫‪308‬‬
‫‪ -103‬هل هناك إعجاز علمي في األحاديث النبوية؟‬

‫ر‬
‫❑سأذكر بعض الحقائق العلمية ي‬
‫الن تنحاز نحو الحديث النبوي‪:‬‬

‫ُ‬
‫‪‬روي عن ي‬
‫النن ﷺ أنه قال‪:‬‬

‫وم ال ُج ُم َع ِة‪ ،‬في آ ِخ ِر ال َخلْقِ‪ ،‬في آ ِخ ِر‬ ‫" َو َخلَ َق آ َد َم َعلَ ْي ِه السَال ُم بَ ْع َد َ‬
‫الع ْص ِر ِمن َي ِ‬
‫(‪)169‬‬
‫َسا َعةٍ"‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫• فآدم عليه السالم ظهر ن يف آخر الخلق‪.‬‬
‫الن ال خالف عليها اليوم ن‬ ‫ر‬
‫بي العلماء!‬ ‫• وهذه إحدى الحقائق العلمية ي‬
‫• فاإلنسان ظهر ن يف آخر الكائنات الحية عىل األرض‪.‬‬

‫النن ﷺ ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪:‬‬


‫‪ ‬قال ي‬

‫ْب الذنَبِ منه‪ُ ،‬خلِ َق وفي ِه ُي َرك ُ‬


‫ب"‪.‬‬ ‫"ك ُّل ابْ ِن آ َد َم َيأْ ُكلُ ُه التُّ ُ‬
‫راب‪ ،‬إال َعج َ‬ ‫ُ‬

‫(‪ )169‬صحيح مسلم ح‪.2789:‬‬


‫‪309‬‬
‫‪ ‬فهل نحن ُخلقنا من َع ْجب الذنب؟‬

‫الع ْصعص‬
‫‪‬عجب الذنب هو آخ ُر منطقة ُ‬
‫ِ ِ‬
‫بأسفل العمود الفقري‪.‬‬

‫‪ ‬فهل نحن ُخلقنا من هذا المكان؟‬


‫ن‬
‫‪ ‬يف أول األسبوع الثالث من الحمل يظهر ما‬
‫ن‬ ‫ُي َ‬
‫عرف يف علم األجنة ب ‪ Primitive Streak‬أو‬
‫األوىل‪.‬‬ ‫ر‬
‫الشيط‬
‫ي‬

‫ًّ‬
‫جدا ن‬ ‫هذا ر‬
‫تبي لنا اليوم أنه المسؤول عن تشكيل‬ ‫الشيط الصغت‬
‫ر‬
‫الن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الجني‪ ،‬فهو يقوم بتشكيل الجني وتكوين الخاليا المتخصصة ي‬
‫نُ‬
‫الجني‪.‬‬ ‫سيظهر منها‬

‫األوىل‬ ‫الشيط‬‫وبنهاية األسبوع الثالث من الحمل يبدأ هذا ر‬


‫ي‬
‫عرف‬‫ويتك مكانه ما ُي َ‬
‫تدريجيا‪ ،‬ر‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫‪ Primitive Streak‬يف االختفاء‬
‫بال ‪)17٠(.Caudal Eminence‬‬

‫‪‬هذا الـ‪ Caudal Eminence‬الناتج عن الشريط األولي أين سيذهب؟‬

‫‪)170( https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/15237191‬‬

‫‪310‬‬
‫العصعص!(‪)171‬‬ ‫‪‬سيتضاءل ال ‪ Caudal Eminence‬مع الوقت ويتحول إىل ِمنطقة‬

‫األوىل ال ‪ Primitive Streak‬الذي نشأ منه‬ ‫فالعصعص هو نف األصل ر‬


‫الشيط‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫الجني‪ ...‬المكان الذي منه خلقنا كما أخت النن ﷺ قبل ر‬ ‫نُ‬
‫أكت من ‪ 14٠٠‬عام‪.‬‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫العلم دقائقها‬ ‫خت بحقائق لم يعرف‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫مكة‪،‬‬ ‫ألهل‬ ‫اريط‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫عىل‬ ‫ا‬ ‫أغنام‬ ‫يرع‬ ‫رجًل‬ ‫تخي ْل‬
‫قليلة!‬
‫ٍ‬ ‫سنوات‬
‫ٍ‬ ‫إال منذ‬
‫ُ‬
‫‪ ‬بل وأنا الطبيب المتخصص‪ ،‬وهللا عانيت ر‬
‫حن أستوعب دقة هذا الحديث‪ ،‬وكيف‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫يتحول هذا ر‬
‫الجني‪ ،‬والذي كان‬ ‫الشء الدقيق الذي ظهر يف األسبوع الثالث من عمر‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫نين‪ ،‬كيف لهذا ر‬ ‫ُ‬
‫التمايز الج ن‬
‫تماما بعد ذلك من مشح‬ ‫يختف‬
‫ي‬ ‫أن‬ ‫الدقيق‬ ‫يط‬ ‫الش‬ ‫ي‬ ‫محور‬
‫األحداث ليستقر ن يف منطقة العصعص‪.‬‬
‫‪‬ما هذه الدقة وما هذا اإلعجاز؟‬

‫النبي ﷺ‪ ،‬والحديث في صحيح مسلم‪:‬‬


‫ُّ‬ ‫‪ ‬قال‬

‫ين وثَالثِ ِمئَ ِة َم ْف ِص ٍل‪ ،‬ف َمن َكب َر اهلل‪ ،‬و َح ِم َد‬
‫س ِّت َ‬ ‫"إنه ُخلِ َق ُك ُّل إنْ ٍ‬
‫سان ِمن بَنِي آ َد َم علَى ِ‬
‫َ‬
‫اس‪ ،‬أ ْو َش ْو َك ًة‪،‬‬ ‫واس َت ْغ َف َر اهلل‪ ،‬و َع َز َل َح َج ًرا عن َط ِريقِ الن ِ‬ ‫وهل َل اهلل‪َ ،‬‬
‫وسب َح اهلل‪ْ ،‬‬ ‫اهلل‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪)171( https://radiopaedia.org/articles/coccyx‬‬

‫‪311‬‬
‫الس ِّت َ‬
‫ين‬ ‫هى عن ُمنْ َك ٍر‪َ ،‬ع َد َد تِ َ‬
‫لك ِّ‬ ‫عروف‪ ،‬أ ْو نَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫اس‪ ،‬وأَ َم َر بِ َم‬ ‫َظ ًما عن َط ِريقِ الن ِ‬ ‫أ ْو ع ْ‬
‫(‪)172‬‬
‫ار"‪.‬‬
‫َن الن ِ‬ ‫شي َيو َمئ ٍذ وق ْد َز ْح َز َح نَ ْف َ‬
‫س ُه ع ِ‬ ‫والثالثِ ِمئَ ِة ُّ‬
‫السال َمى‪ ،‬فإنه َي ْم ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لسنوات‬
‫ٍ‬ ‫خالف ن‬
‫بي األطباء‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬هذا العدد الدقيق ثالثمائة وستون مفصًل ظل َمحل‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫طويلة‪ ،‬إىل أن استقرت المراجع الطبية الحديثة يف عدد مفاصل اإلنسان عىل هذا الرقم‬
‫ٍ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫فصًل‪.‬‬‫وستي م ِ‬ ‫بالضبط‪ :‬ثالثمائة‬

‫‪ ‬ففي اإلنسان تحديدًا ثالثمائة وستون مفصالً‪.‬‬

‫‪‬وهذه القضية اليوم أصبحت إحدى الحقائق العلمية!‬

‫(‪ )172‬صحيح مسلم ح‪.1007:‬‬


‫‪312‬‬
  

313
‫صيني قديم َذ َك َر هذا الرقم‪ :‬ثالثمائة وستين ِ‬
‫مفصًال؟‬ ‫ٌّ‬ ‫‪ -104‬لكن بعض المالحدة يقول‪ :‬هناك مرجع‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫• ن‬


‫وستي‪،‬‬ ‫فالمرجع يقول‪ :‬ثالثمائة وخمسة‬ ‫تبي بالعودة للمرجع أن هذا كذب‪،‬‬
‫ن‬ ‫وستي‪ ،‬وهذا ا‬‫ن‬
‫بناء عىل عدد أيام العام يف الفلسفة الدينية الصينية‪،‬‬ ‫وليس ثالثمائة‬
‫البشي‪.‬‬‫وارتباط أيام العام بالجسد ر‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫الن‬
‫العظىم ي‬
‫ي‬ ‫• فالمرجع ال يتحدث عن عدد المفاصل تحديدا‪ ،‬وإنما عن أجزاء الهيكل‬
‫تدخل منها الطاقة الكونية‪)17٣(.‬‬

‫ُ‬
‫المالحدة للنبي ﷺ ع َ‬
‫لم أهل األرض‪ :‬صينية‬ ‫‪ ‬ثم أنا ال أدري كيف ينسب‬
‫ِ‬
‫وسريانية وفرعونية كل هذا حتى ينفوا عنه معجزة واحدة؟‬
‫ٌ‬
‫بائس!‬ ‫ٌ‬
‫موقف‬ ‫• هذا‬
‫ن‬
‫• سيبقون هكذا يجادلون ف الحق بعدما ن‬
‫تبي‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫محمد ﷺ ؛ فوهللا إن‬
‫ٍ‬ ‫الن ال حرص لها عىل يد‬
‫ي‬ ‫ات‬
‫ز‬ ‫المعج‬ ‫وقوع‬ ‫• لقد ثبت بالتواتر‬
‫القطع بنبوته هو رشاد العقل!‬
‫ُ‬
‫علماء‬ ‫حقيف يعمل عليه‬‫ر‬ ‫موسوع‬ ‫• قضية اإلعجاز العلىم ُ‬
‫الموثق تحتاج إىل عمل‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫وباحثون متخصصون‪ ،‬فهذا ميدان عظيم‪ ،‬وفيه نفع للناس جميعا‪.‬‬

‫‪ ‬وأقول لكل مُ لحد‪ :‬ف ِّكرْ وهللا وستصل؛ وال تُصدِّ ْق من يريدون أن‬
‫ِ‬
‫يُضلوك عن سبيل هللا‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪)173( Huang Di’s Inner Classic.‬‬

‫‪314‬‬
‫الباب الخامس‬

‫أعظم ُبرهان على‬


‫ُ‬
‫ٍ‬
‫صحة اإلسالم‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪315‬‬
‫رهان على صحة اإلسالم؟‬
‫ٍ‬ ‫أعظم بُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -105‬ما‬

‫❑ أعظم معجزة يف اإلسالم ىلع اإلطالق‪ ،‬وأعظم آية أُيد بها النبيُّ محمد‬
‫ﷺ‪ ،‬وأعظم برهان ىلع صحة هذا الدين‪ ،‬هو كتابُ الله عز وجل‪ ...‬هو القرآنُ‬

‫الكريمُ‪.‬‬

‫النن ﷺ ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪:‬‬


‫‪ ‬قال ي‬

‫ش ُر‪ ،‬وإنما‬‫ن‪ ،‬عليه البَ َ‬ ‫ن‪ ،‬أَ ْو آ َم َ‬‫ات ما ِم ْثلُ ُه أُو ِم َ‬ ‫ن اآل َي ِ‬‫ن األنْبِ َيا ِء نَبِ ٌّي إِال أُ ْع ِط َي ِم َ‬
‫"ما ِم َ‬
‫(‪)174‬‬
‫وم ال ِق َيا َم ِة"‪.‬‬ ‫يت َو ْح ًيا أَ ْو َحا ُه اهلل إِلَي‪ ،‬فأ ْر ُجو أَنِّي أَ ْك َث ُر ُ‬
‫ه ْم تَابِ ًعا َي َ‬ ‫كان الذي أُوتِ ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ أن يكون أكت األنبياء تابعا يوم‬ ‫رجا‬ ‫ولذلك‬ ‫؛‬ ‫ٌّ‬
‫نن‬ ‫بها‬ ‫يد‬ ‫أ‬ ‫آية‬
‫ٍ‬ ‫أعظم‬ ‫القرآن‬ ‫❑ فهذا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫القيامة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ْ‬
‫قارن ن‬
‫النن ﷺ‬
‫ي‬ ‫رجاء‬ ‫هل‬ ‫لتعرف‬ ‫اليوم‬ ‫العالم‬ ‫لحال‬ ‫انظر‬ ‫ثم‬ ‫‪،‬‬ ‫الموقفي‬
‫ِ‬ ‫هذين‬
‫ِ‬ ‫بي‬ ‫❑واآلن‬
‫يتحقق أم ال!‬

‫النن ﷺ عىل أصحابه قبل أن يصلوا العشاء فقال لهم‪:‬‬


‫يوم خرج ي‬
‫ذات ٍ‬
‫(‪)175‬‬
‫أه ِل األ ْر ِض ُي َصلِّي ه ِذه الصَال َة َغ ْي ُر ُك ْم"‪.‬‬
‫ليس أ َحد ِمن ْ‬
‫"إنه َ‬

‫َ ُ‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫❑ ال يوجد من ي ي‬
‫صىل العشاء عىل وجه األرض غت هؤالء النفر الذين يقفون حول ي‬
‫واآلن ُ‬
‫ننظ ُر للموقف الثاني‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫أصحابه أنه لن ر‬ ‫ُ ر‬
‫يبف بيت عىل ظهر األرض إال وسوف تصله رسالة‬ ‫النن ﷺ‬
‫يبش ي‬
‫اإلسالم‪:‬‬

‫(‪ )174‬متفق عليه‪ ،‬البخاري ح‪ ،7274:‬مسلم ح‪152:‬‬


‫(‪ )175‬متفق عليه‪ ،‬البخاري ح‪ ،862:‬مسلم ح‪.638:‬‬
‫‪316‬‬
‫(‪)176‬‬
‫اإلسالم"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َر وال َوبَ ٍر إال أ ْد َخلَه اهلل َكلِم َة‬
‫يت َمد ٍ‬
‫األرض بَ ُ‬
‫هر ِ‬ ‫"ال َيبْقى على َظ ِ‬
‫ُ‬
‫‪ ‬واآلن لننظر لواقع العالم اليوم ونرى‪:‬‬
‫ْ‬
‫وأثرا عىل اإلطالق‪ ،‬بل وال َوجه للمقارنة‬ ‫ً‬
‫انتشارا ً‬ ‫‪ ‬اإلسالم اليوم هو أشع ديانات األرض‬
‫أصًل بينه ن‬‫ا‬
‫وبي غته‪.‬‬

‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫‪ ‬فاإلسالم بالفعل كاد أن يدخل كل ٍ‬
‫بيت عىل وجه األرض‪ ،‬وسيدخل اليوم أو غدا كل بيت!‬

‫‪ ‬فهل رجاء ي‬
‫النن ﷺ يتحقق أم ال؟‬

‫(‪ )176‬تخريج ال ُمسنَد ح‪ ،23814:‬إسناده صحيح‪.‬‬


‫‪317‬‬
‫ْ‬
‫• ما أخت به ﷺ يقع عىل الرغم من ضعفنا!‬
‫ٌ‬
‫وسيبف إىل يوم القيامة‪:‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲖﲗﲘﲙﲚ‬
‫ر‬ ‫• وها هو كتاب هللا محفوظ بيننا‪،‬‬
‫ُ‬
‫فالقرآن نزل ر‬
‫ليبف إىل يوم القيامة!‬ ‫ﲝﲟﲠﲡ‪..‬ﱠ﴿‪﴾٥6‬سورة الروم‪،‬‬
‫ﲞ‬ ‫ﲛﲜ‬
‫َ‬
‫الكتاب معجزة اإلسالم الكتى‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ‬
‫ُ‬
‫• وسيظل هذا‬
‫ﲬ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥1‬سورة العنكبوت‪.‬‬
‫ﲭ‬ ‫ﲪﲫ‬

‫كاف لمن أراد الحق من أهل األرض‪ :‬ﭐﱡﭐﲣﲤﲥﲦﲧﲨ‬


‫• فهذا القرآن ٍ‬
‫ﲩﲪﲫﱠ ﴿‪ ﴾1‬سورة الفرقان‪.‬‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫واستبف عىل القرون‬ ‫ن‬
‫للعالمي‪ ،‬وقد أوجد هللا به من الهباء أمة ضخمة‪،‬‬ ‫• فهو نذير‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫جيًل من الناس ما كانوا ليدخلوا التاري خ أبدا لوال نهوض هذا الكتاب بهم!‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫وحي نزل القرآن أخت ُ‬
‫األمة ومجدها‪ ،‬وأنهم‬
‫ِ‬ ‫هللا نبيه أن يف هذا القرآن رشف هذه‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ﲨ ﲪ ﲫ ﱠ ﴿‪﴾44‬‬
‫ﲩ‬ ‫بهذا القرآن سيدخلون التاري خ‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲥ ﲦ ﲧ‬
‫سورة الزخرف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر ٌ‬
‫ف لك ولقومك وسوف تسألون عن أداء حقه!‬‫• وإنه لش‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٠‬سورة األنبياء‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فيه رشفكم‪ ...‬فيه عزة هذه األمة طالما تمسكت به‪.‬‬
‫ُ‬
‫والهوان ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حن تعود إليه!‬ ‫الضعف‬ ‫• أما إذا تركته األمة خلف ظهرها أصابها‬
‫‪318‬‬
‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫وهن‪:‬‬ ‫هلل أن تُد ِ‬


‫ْر ُك ُ‬ ‫بهن‪ ،‬وأعو ُذ با ِ‬‫المهاجرين! ِخصال َخ ْمس إذا اب ُتلِي ُت ْم ِ‬
‫َ‬ ‫"يا َم ْع َ‬
‫ش َر‬
‫هلل وعه َد رسولِه إال َسل َط اهلل عليهم َع ُدوهم من‬ ‫‪-‬وذكر منها‪ -‬ولم َينْ ُق ُضوا عه َد ا ِ‬
‫ُ‬
‫هلل عَز و َجل‬ ‫يهم‪ ،‬وما لم تَح ُ‬
‫ْك ْم أئم ُتهم بكتابِ ا ِ‬ ‫بعض ما كان في أَ ْي ِد ِ‬
‫َ‬ ‫غيرهم‪ ،‬فأَ َخذوا‬ ‫ِ‬
‫(‪)177‬‬
‫و َي َت َخي ُروا فيما أَنْ َز َل اهلل إال جعل اهلل َ‬
‫بأسهم بينَهم"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لمجدها ر‬
‫حن تعود لكتاب رب ها!‬ ‫ِ‬ ‫فلن تعود هذه األمة‬

‫وهو طريق صالح هذه األمة‪َ ...‬من‬ ‫نُ‬


‫المتي‪َ ،‬‬ ‫هللا‬ ‫ُ‬
‫فالقرآن هو حبل ِ‬
‫َ‬ ‫إليه ُهد َ‬ ‫َ‬
‫عد َل‪ ،‬ومن دعا ْ‬ ‫َح َ‬
‫قيم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مست‬ ‫اط‬
‫ٍ‬ ‫رص‬ ‫إىل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كم ِب ِه‬

‫ولذلك من أعظم ما ُأوصي به َ‬


‫كل مسلم ومسلمة‪ :‬تدبر هذا‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يوم!‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫الكتاب‬
‫ٌ‬
‫رد من القرآن بتدبر ولو نصف حزب!‬ ‫كل يوم يكون لك ِو‬
‫ً‬
‫يستا عليها يعينك عىل التدبر‪ ،‬مثل‪ :‬التفست الميش‪.‬‬ ‫ً‬
‫تفستا‬ ‫تقرأ اآلية بتأمل‪ ،‬ثم تقرأ‬

‫‪ ‬أو تفسير الشيخ السعدي‪:‬‬


‫ا‬
‫مرة أخرى‪ ،‬ثم تذهب إىل ر‬ ‫ُ‬
‫الن تليها وهكذا!‬
‫ي‬ ‫اآلية‬ ‫اءة‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫عيد‬ ‫ت‬ ‫‪ ‬ثم‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫اليقي األيش‪.‬‬ ‫‪ ‬هذا وهللا باب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫مما‬ ‫نا‬ ‫ت‬
‫وأيش باب لنجاة ِ‬
‫م‬‫أ‬ ‫ن‬
‫اليقي‪،‬‬ ‫أيش باب لتحصيل‬ ‫‪‬‬
‫ي‬
‫فيه هو‪ :‬تدبر كتاب هللا!‬

‫‪ ‬فعندما تقوم بتدبُّر القرآن‪ ،‬ويتحوَّ ل القرآن إلى حياة‪،‬‬


‫ٍ‬
‫ساعتها وهللا ننجو وننهض‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا ُ‬ ‫ً َ ٍّ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫بهة‪ ،‬وطمأنينة لنفس‪،‬‬
‫لمشكلة‪ ،‬وتفريجا لهم‪ ،‬وزواًل لش ٍ‬
‫ٍ‬ ‫• فسوف تجد يف كل آية حًل‬
‫ا‬
‫لقلب‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وسكينة‬
‫• فهذا خطاب ربك لك أيها اإلنسان!‬
‫َ‬
‫الصدر‪ ،‬ويغرس به اإليمان ن يف القلب‪.‬‬
‫َ‬ ‫يشح ُ‬
‫هللا به‬ ‫• فالقرآن ر‬

‫(‪ )177‬صحيح الجامع ح‪.7978:‬‬


‫‪319‬‬
‫ُ‬
‫؛ ولذلك كم من عد ٍّو لرسول هللا ﷺ أراد اغتياله‪ ،‬فما‬ ‫‪‬‬
‫آيات القرآن ر‬
‫حن انفطر قلبه وتشدق اإليمان من عينيه!(‪)178‬‬
‫أن سمع ِ‬
‫ن‬
‫وقد نبهنا هللا تعاىل إىل هذه الحقيقة‪ ،‬وأختنا أن الكافر يف قلب معمعة القتال واشتداد‬
‫حي يستمع القرآن‪ :‬ﭐﱡﭐﲳﲴﲵﲶﲷ‬ ‫رح السيوف قد ُيرح منه ٌ‬
‫خت ن‬

‫ﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾6‬سورة التوبة‪.‬‬

‫‪ ‬كيف ينكسر كافرٌ يف لحظة احتدام قتالٍ لصوت كتاب عدوه؟‬

‫‪ ‬إنها أسرار القرآن!‬


‫كتة ر ْ‬ ‫ًّ‬
‫طريا عىل ر‬ ‫ًّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫التداد مع ما فيه من‬ ‫قاهر عىل النفوس‪ ،‬وال يزال غضا‬ ‫❑ فللقرآن سلطان‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫قواني ر‬
‫ن‬
‫وتشيعات‪ ،‬وهو األنيس يف الخلوات‪ ،‬وتهفو إليه النفوس يف األزمات‪ ،‬ويزيل‬
‫مكان ُوجد فيه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الوحشة عن أي‬

‫ﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬

‫ﱧﱨ ﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵ ﱶﱷﱸﱹﱺ‬

‫ﱻﱠ ﴿‪ ﴾2٣‬سورة الزمر‬

‫فكتاب هللا تفرح به النفس حتى إذا أخذت َّ‬


‫حظها منه عادت مُ رتاعة‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫(‪)179‬‬
‫تريد المزيد‪.‬‬
‫‪ ‬وانظر لحال النصارى الذي يبتغون الحق ماذا يفعلون إذا سمعوا القرآن‪ :‬ﱡﭐ ﲣ‬

‫ﲱ‬
‫ﲲ‬ ‫ﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰ‬
‫ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﱠ ﴿‪ ﴾8٣‬سورة المائدة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫حي‬ ‫• أي شخص يقرأ هذه اآلية يعلم أن هذا الذي فاض يف عيونهم من الدموع‬
‫سمعوا القرآن رش ٌء فاق قدرتهم عىل االحتمال‪)18٠(.‬‬
‫ي‬

‫(‪ )178‬إبراهيم السكران‪ ،‬كتاب‪ :‬رقائق القرآن‪ ،‬وكتاب‪ :‬الطريق إلى القرآن‪.‬‬
‫(‪ )179‬رسالة خاتم النبيين محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬د‪ .‬ثامر بن ناصر‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫(‪ )180‬إبراهيم السكران‪ ،‬كتاب‪ :‬رقائق القرآن‪ ،‬وكتاب‪ :‬الطريق إلى القرآن‪.‬‬
‫‪320‬‬
‫عر َ‬ ‫ابن إسحاق بسند صحيح عن كعب أن عتبة بن ربيعة سيد قريش‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ض عىل‬ ‫ٍ‬ ‫• روى‬
‫حي أسلم‬ ‫أمورا لعله يقبل بعضها؛ وذلك ن‬ ‫قومه أن يقوم إىل النن ﷺ يعرض عليه ً‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫حمزة ن‬
‫المشكون أصحاب رسول هللا ﷺ يكتون ويزيدون‪،‬‬ ‫رص هللا عنه‪ ،‬ورأى‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫المشكون لعتبة‪ :‬ق ْم إىل محمد فكل ْمه‪ ،‬فقام إليه ُعتبة‪.‬‬ ‫فقال ر‬
‫ن‬ ‫َ ن‬ ‫َ‬ ‫َ ن‬
‫أح! إنك منا حيث قد علمت من السط ِة يف العشتة‪ ،‬والمكان يف‬ ‫• فقال‪ :‬يابن ي‬
‫سب‪ ،‬وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم‪ ،‬فرقت به جماعتهم‪ ،‬وسفهت به‬ ‫الن ِ‬
‫ورا لعلك تقبل منها بعضها‪.‬‬ ‫من أعرض عليك ُأم ً‬ ‫ْ ن‬
‫أحالمهم‪ ،‬فاسمع ي‬
‫• فقال رسول هللا ﷺ‪" :‬قل يا أبا الوليد أسمع"‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫• ر‬
‫يستمع منه‪ ،‬قال‪":‬أقد فرغت يا أبا الوليد؟" قال‪:‬‬ ‫حن إذا فرغ عتبة ورسول هللا ﷺ‬
‫ُ‬ ‫ْ ن‬
‫من"‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬فقرأ عليه صدر سورة فصلت‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬قال‪" :‬فاسمع ي‬
‫• فقام عتبة إىل أصحابه‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬نحلف باهلل لقد جاءكم أبو الوليد‬
‫بغت الوجه الذي ذهب به‪ .‬قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا الوليد؟‬
‫ا‬ ‫• قال‪ :‬ور ئ ن‬
‫أب سمعت قوًل وهللا ما سمعت مثله قط!‬ ‫اب ي‬ ‫ي‬
‫أطيعوب واجعلوها‬‫ن‬ ‫ر‬
‫• وهللا ما هو بالشعر وال بالسحر‪ ،‬وال بالكهانة‪ ،‬يا معش قريش‪،‬‬
‫ي‬
‫لقول ِه الذي‬ ‫فاعتلوه‪ ،‬فوهللا ليكونن‬ ‫رن‬ ‫وبي ما هو فيه‬ ‫ن‬ ‫بي هذا الرجل‬ ‫ب‪ ،‬وخلوا ن‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫الوليد بلسانه!‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫سمعت منه نبأ عظيم‪ ،‬قالوا‪ :‬سحرك –وهللا‪ -‬يا أبا‬
‫• قال‪:‬‬
‫سمع‬ ‫للمش ن‬ ‫ر‬ ‫❑ ومن ن‬
‫كي وهو يصف لهم أثر القرآن عىل قلبه؛ أنه لما ِ‬ ‫بي ما قاله عتبة‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﭐمن سورة فصلت‪،‬‬
‫َ ُ‬
‫النن ﷺ) وناشدته بالر ِحم أن يكف‪ ،‬وقد علمتم أن‬
‫ي‬ ‫قال‪ :‬أمسكت بفيه (أمسك بفم‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يكذب‪ ،‬فخشيت أن ين زل بكم العذاب‪.‬‬ ‫محمدا إذا قال شيئا لم‬
‫• خاف عىل ر‬
‫المش ن‬
‫كي من وعيد القرآن‪.‬‬
‫‪‬ﱡﭐﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠ ﴿‪ ﴾1٣‬سورة فصلت‪.‬‬

‫فف اآليات ر‬ ‫ْ‬


‫يتمالك عتبة نفسه أمام قوارع القرآن‪ ،‬ن‬
‫النن ﷺ‬
‫ي‬ ‫عليه‬ ‫تالها‬ ‫الن‬
‫َ ي‬ ‫ي‬ ‫• لم‬
‫َ‬ ‫تحذير شديد ر‬
‫لمش يك قريش أنهم سوف يفنون كما ف ِنيت عاد وثمود؛ ولذلك‬
‫أياما ن يف داره‪.‬‬
‫واختف ً‬‫ن‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬وناشده بالرحم‪ ،‬وخاف عىل أهله‬ ‫أمسك بفم ي‬
‫ستفن ن يف قريش‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فالقرآن يف هذه اآليات يختهم أن الوثنية‬
‫‪321‬‬
‫ُ‬
‫• وبالفعل هذا ما حصل‪ ،‬ولم يم ِت ي‬
‫النن ﷺ إال وانتهت الوثنية من قريش لألبد‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫معاد للقرآن‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كافر‬ ‫نفس‬ ‫كانت‬ ‫ولو‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫شيع‬ ‫النفس‬ ‫له‬ ‫م‬ ‫سل‬ ‫ت‬ ‫أثره العجيب؛‬ ‫• فللقرآن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• وأنت قد تعرض عليك شبهة‪ ،‬فت ِ‬
‫ورد عليها الردود العلمية والعقلية وأقوال أهل‬
‫ئن‬
‫ويطمي‬ ‫حن يزول اإلشكال‪،‬‬‫بآية قرآنية نف موضع الشاهد ر‬‫تأب ٍ‬
‫العلم‪ ،‬لكن ما أن ر‬
‫ي‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫السائل ولو كانت ملحدا‪ ،‬وهذا من عجائب أشار القرآن‪.‬‬

‫عجيب في النفس‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ‬فللقرآن أث ٌر‬


‫كافرا وذهب ليفاوض النن ﷺ نف ْ‬
‫أشى بدر‬ ‫حي كان ً‬‫ن‬ ‫‪ ‬يقول الجبت بن مطعم أنه‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يقول‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َُ ن َ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫هذه اآلية‪ :‬ﱡﭐﱚﱛﱜﱝ‬ ‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬‫ور‬
‫ِ‬ ‫الط‬ ‫سورة‬ ‫ب‬‫النن ﷺ يقرأ يف الم ِ ِ‬
‫ر‬‫غ‬ ‫"س ِمعت ي‬
‫ﱞ‬
‫ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ‬
‫ْ‬
‫أن َيط َ‬
‫ت"‪)181(.‬‬
‫َ َْ‬ ‫ﱲﱳﱠ سورة الطور‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫قال ‪:‬كاد قل ِ ين‬

‫ً‬
‫متحفزا ضد اإلسالم‪ ،‬لكن ما أن سمع سورة الطور ر‬
‫حن‬ ‫‪ ‬مع أن الجبت بن مطعم رأب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أحاسيسه سكينة القرآن‪.‬‬ ‫خلبت‬

‫‪ ‬فللقرآن أسرار ُُه الخاصة ومعارجُ ُه اإليمانية!‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )181‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪4854 :‬‬


‫‪322‬‬
‫‪ -106‬ما أفضل طريق لتفنيد األفكار المنحرفة؟‬

‫ً‬
‫‪ ‬تدبُّر القرآن أيضا هو أفضل طريق لتفنيد األفكار الضالة والش ُبهات والوساوس‪،‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫آيات القرآن يف وسيلية الدنيا‪ :‬أن الدنيا مجرد وسيلة‪ ،‬ومركزية‬
‫فلو قرأ الشاب المسلم ِ‬
‫اآلخرة‪:‬‬
‫ﱓﱕﱖﱗﱘ‪..‬ﱠ﴿‪ ﴾٥‬سورة فاطر‪.‬‬
‫ﭐﱡﭐﱎﱏﱐﱑﱒ ﱔ‬
‫‪ ‬وآيات أزلية الصراع بين الحق والباطل‪.‬‬
‫‪ ‬وآيات معنى التكليف‪.‬‬
‫‪ ‬وآيات ضرورة التمحيص واالبتالء‪ :‬ﭐﱡﭐﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬
‫ﲚﲛﲜﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة العنكبوت‪.‬‬
‫‪ ‬وآيات ضرورة التسليم للنص الشرعي‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ‬
‫ﱽﱾﱿ‪..‬ﱠ﴿‪ ﴾1٠٩‬سورة يونس‪.‬‬
‫‪ ‬وآيات عدم االغترار بالبَهرَج املادي‪ :‬ﱡﭐﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ‬
‫ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة‬
‫الزخرف‪.‬‬

‫المسلم هذه اآليات بتدبُّر‪ ،‬باهلل عليكم ماذا سيتبقى بعد ذلك من أطالل‬
‫ُ‬ ‫‪‬إذا قرأ‬
‫(‪)182‬‬
‫االنحرافات الفكرية المعاصرة؟!‬
‫ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫• ن‬
‫فكري" يستطيع التخلص‬ ‫"خطاب‬
‫ٍ‬ ‫حي يقرأ المسلم آيات القرآن فإنه ليس أمام‬
‫ر ا‬ ‫ن‬
‫مباشة‪.‬‬ ‫منه عت مخرج "االختالف يف وجهة النظر" بل هو أمام "خطاب هللا"‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫• فإما االنصياع‪ ،‬وإما النفاق الفكري‪.‬‬
‫• وال تسويات أو حلول وسط أمام أوامر َم ِلك الملوك سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ن‬
‫• قراءة صادقة لكتاب هللا تصنع يف العقل المسلم ما ال تصنعه كل المطوالت‬
‫الفكرية‪)18٣(.‬‬

‫‪ ‬لذلك احرصوا ىلع كتاب ربكم بتدبُّر! ففيه ختا الدنيا واآلخرة!‬

‫‪ ‬فيه مبتدأ ومنتهى تحصين العقل املسلم‪.‬‬

‫(‪ )182‬إبراهيم السكران‪ ،‬كتاب‪ :‬رقائق القرآن‪ ،‬وكتاب‪ :‬الطريق إلى القرآن‪.‬‬
‫(‪ )183‬إبراهيم السكران‪ ،‬كتاب‪ :‬رقائق القرآن‪ ،‬وكتاب‪ :‬الطريق إلى القرآن‪.‬‬
‫‪323‬‬
‫‪ -107‬ما سمات القرآن البارزة؟‬

‫• ال يوجد كتاب نزه الخالق وقدسه‪ ،‬وأمر بالتوحيد والتصديق بالرسل ن ن‬


‫وتتي ههم عن‬
‫نقيصة‪ ،‬والحث عىل الصالحات الباقيات مثل القرآن؛ منذ كانت الدنيا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫ٌ‬
‫• فالقرآن منسوج بالتوحيد‪ ،‬منسوج بتعظيم األنبياء‪ ،‬منسوج باألمر بالختات وترك‬
‫ْ‬
‫يعهده العرب‪)184(.‬‬ ‫لغوية ونسج لم‬
‫ٍ‬ ‫بحبكة‬
‫ٍ‬ ‫المنكرات‪ ،‬كل هذا‬

‫‪‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪:‬‬

‫• وإعجاز القرآن ليس ن يف بالغته فقط كما يظن أغلب المالحدة‪ ،‬وال ن يف لفظه فقط‪.‬‬

‫‪ ‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )184‬رسالة خاتم النبيين محمد ﷺ‪ ،‬د‪ .‬ثامر بن ناصر‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫(‪ )185‬الجواب الصحيح‪ ،‬م‪ 5‬ص‪.435‬‬
‫(‪ )186‬الجواب الصحيح‪ ،‬م‪ 5‬ص‪.434‬‬
‫‪324‬‬
‫‪ -108‬ما سمات إعجاز القرآن البالغي؟‬

‫‪ ‬أما إعجاز القرآن البالغي فْلنه‪:‬‬

‫• جاء بأفصح األلفاظ‪.‬‬


‫• في أحسن نظوم التأليف‪.‬‬
‫َّ‬
‫أصح المعاني‪.‬‬ ‫ً‬
‫ضمنا‬ ‫• مُ‬
‫لفظة أحسن‬
‫ٍ‬ ‫• واللفظة الواحدة من القرآن لو أخذتها وأدرت لغة العرب لتحصل عىل‬
‫منها ما استطعت‪)187(.‬‬

‫بكلمات أخرى غت كلمات القرآن؛ لتوازي حسن تأليفه ورونقه‬


‫ٍ‬ ‫• ولو أردت أن تؤلف‬
‫لشهدت له بالنرص‪ ،‬وعىل نفسك بالعجز‪.‬‬
‫وكتتها‪ ،‬وتالؤم الكالم يف قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲹ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المعاب ر‬
‫ي‬ ‫• انظر إيجاز اللفظ مع دقة‬

‫ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ‬
‫ﳇﳈﳉﳊﱠ ﴿‪ ﴾44‬سورة هود‪.‬‬

‫القرآب المعجز يف قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ‬


‫ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫• وانظر إىل اإليجاز‬
‫ﱓﱔﱠ ﴿‪ ﴾8٠‬سورة يوسف‪.‬‬
‫‪َ ‬خل ُصوا َنج ًّيا معناها‪ :‬خال بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون ال يخالطهم ُ‬
‫غتهم‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ َ‬ ‫ملحد أن ر‬‫ِ‬
‫المعن!‬ ‫هذا‬ ‫نفس‬ ‫وتؤدي‬ ‫ز‬ ‫أوج‬ ‫بعبارة‬
‫ٍ‬ ‫يأب‬
‫ي‬ ‫أتحدى أي‬
‫ن‬
‫لو أخذت أي كلمة من القرآن وأدرت لغة العرب لن تجد أدق منها‪ ،‬وال أوىل منها يف‬
‫موضعها وسياقها‪.‬‬
‫‪ ‬وانظر لقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱠ ﴿‪ ﴾1٠٣‬سورة الصافات‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬ف َل َّما أ ْ ْسل َما‪ :‬خضعا وانقادا ألمر هللا تعاىل‪.‬‬
‫ي‪ :‬وضعه عىل جبينه‪.‬‬ ‫‪َ ‬وتل ُه ِلل َجب ن‬
‫ِ ِ‬
‫المعن المطلوب بنفس هذا العدد من‬ ‫ن‬ ‫يأب بهذا‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫هل يستطيع بليغ أن ي‬
‫والن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الن قبلها ي‬ ‫الجماىل‪ ،‬الذي ال يخرج عن ست اآليات ي‬ ‫ي‬ ‫الكلمات بنفس هذا السياق‬
‫بعدها؟‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ولذا عندما سمع العرب األقحاح كالم هللا‪ ،‬قال بعضهم قبل أن يسلم من‬ ‫•‬
‫ت"‪)188(.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فرط انجذابه قال‪" :‬كاد قلن أن يط َ‬
‫ِ‬ ‫ِي‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )187‬رسالة خاتم النبيين محمد ﷺ‪ ،‬د‪ .‬ثامر بن ناصر‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫(‪ )188‬صحيح البخاري ح‪.4854 :‬‬
‫‪325‬‬
‫‪ -109‬لكن بعض المالحدة المعاصرين حاولوا أن ُيحاكوا أسلوب القرآن‬

‫مشكو العرب كادت تطت قلوب هم من قوة القرآن‪ ،‬ويأتيك ملحد معارص ال يجيد نطق‬ ‫❑ ر‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستخدما نفس العبارات‬ ‫فيأب لمحاكاة بعض نصوص القرآن‬ ‫ي‬ ‫ا‪،‬‬ ‫صحيح‬ ‫ا‬ ‫نطق‬ ‫العربية‬
‫القرآنية واألساليب القرآنية واللغة القرآنية‪.‬‬

‫‪ ‬فطاحل المشركين شعراء الجاهلية لو عرفوا َّ‬


‫أن تحدي القرآن‬
‫سيكون بهذه الطريقة لربما انتحروا كمدًا!‬

‫• فالملحد يستخدم عبارات قرآنية خالصة وأساليب قرآنية حرصية‪.‬‬


‫ٍّ‬
‫• فهل هذا تحد للقرآن؟‬
‫أن ر‬ ‫ْ‬
‫جديد كالذي جاء به القرآن‪ ،‬وليس‬
‫ٍ‬ ‫بنسق‬
‫ٍ‬ ‫يأب‬
‫ي‬ ‫• الذي يريد تحدي القرآن عليه‬
‫مجرد التقليد المضحك!‬
‫حرص نفس‬ ‫في ن‬‫المونالتا ُ‬
‫ن‬ ‫شخصا يتحدى‬ ‫ً‬ ‫• تخيل‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ويصبغ شعرها‪ ،‬ويقول لك‪ :‬ها أنا تحديت‬ ‫ِ‬ ‫المونالتا‬
‫دافنش!‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫مونالتا‬
‫ي‬
‫ر‬
‫دافنش!‬
‫ي‬ ‫• تخي ْل رد فعل‬
‫دافنش من هذا األسلوب السمج‪.‬‬ ‫ر‬ ‫• سيسخر‬
‫ي‬
‫• إذا أردت تحدي القرآن‪ ،‬فأنت ُمطالب بنسق ثوري‬
‫جديد ن يف اللغة كالنسق الثوري الذي أحدثه القرآن‪.‬‬
‫ونت وقرآن‪.‬‬‫• ولغة العرب شعر ر‬
‫ُ‬
‫• ولذلك توقف كفار العرب عن تحدي القرآن‪ ،‬ومن تقدم منهم كمسيلمة الكذاب‬
‫صار أضحوكة‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫مستقل عىل إعجاز‬ ‫ٌ‬
‫دليل‬ ‫• فهذا الطرح السمج من بعض الملحدين المعارصين‬
‫القرآن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫المش ن‬
‫كي البلغاء أشد التقري ع‪ ،‬ويسفه أحالمهم‪ ،‬ويذم‬ ‫• ولم يزل القرآن يقرع‬
‫بسورة من مثله‪ ،‬وهم في كل هذا‬ ‫ٍ‬ ‫آلهتهم‪ ،‬ويتحداهم أن يأتوا بمثله أو‬
‫ناكصون عن معارضته‪ ،‬مُ حجمون عن مماثلته‪.‬‬
‫ر ِ‬
‫كي‪ :‬ﭐﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾24‬سورة‬ ‫للمش ن‬ ‫• بل لقد قال هللا عز وجل‬
‫البقرة‪.‬‬
‫• فما فعلوا‪ ،‬وال قدروا‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫ً‬
‫أناسا في جنس‬ ‫النبي ﷺ أن يتحدى‬
‫ُّ‬ ‫‪‬ولإلنسان أن يتساءل‪ :‬كيف يجرؤ‬
‫ما يحسنون ويبدعون‪ ،‬ثم يتركهم وقد عالهم الخزي على مر السنين؟‬

‫‪ ‬يقول د‪ .‬عبد هللا دراز رحمه هللا‪:‬‬


‫ﷺ‬

‫بشء ر‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫يستي ح‬ ‫يأت أحد منهم ر ي ٍ‬
‫محرجة‪ ،‬ولم ِ‬
‫ٍ‬ ‫• لقد تحدى القرآن أهل البيان يف عبار ٍ‬
‫ات‬
‫له المالحدة!‬

‫األلوش رحمه هللا‪:‬‬


‫ي‬ ‫‪ ‬يقول‬

‫ُ‬ ‫ا‬
‫‪ ‬وقد رأى الكفار أن تجميع الجيوش وتحزيب األحزاب لمحاربة رسول هللا ﷺ أهون‬
‫ُ‬
‫وأيش من معارضة القرآن وقبول التحدي‪.‬‬
‫فهذا منته ما يملكون!‬
‫‪‬ﭐﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨﱠ﴿‪﴾26‬سورة‬
‫فصلت‪.‬‬

‫(‪ )189‬النبأ العظيم‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا دراز‪ ،‬ص‪.45-44‬‬


‫(‪ )190‬الدالئل العقلية‪ ،‬األلوسي‪ .‬مخطوط‪.‬‬
‫‪327‬‬
‫ن‬
‫ً‬
‫شاعرا‬ ‫الدوش ‪-‬رئيس قبيلة دوس يف اليمن‪ -‬وكان‬
‫ي‬ ‫قد َم الطفيل بن عمرو‬
‫‪ ‬وعندما ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ُمفوها‪ ،‬عندما قدم مكة استقبله كفار مكة وكعادتهم حذروه من سماع قرآن محمد ﷺ‬
‫حن حشا أذنه بالقطن لكنه شعر أن هذا أسلوب سخيف‪ ،‬فقال‬‫لئًل ينجذب لسحره‪ ،‬ر‬
‫ن يف نفسه‪:‬‬

‫الغلظة‪ ،‬ر‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫َُ‬


‫ويشح‬ ‫الفطر والنفوس عجيب‪ ،‬فالقرآن يذيب جبال ِ‬ ‫• فأثر القرآن يف ِ‬
‫الصدر‪ ،‬ويخطف األلباب‪.‬‬
‫كي حول بيته من فرط انجذابهم‬ ‫المش ن‬‫حي يقرأ القرآن تصطف نساء ر‬ ‫• وكان أبو بكر ن‬
‫حن أفزع ذلك رجال قريش‪)1٩2(.‬‬‫وتأثرهم بالقرآن‪ ،‬ر‬
‫اليقي ن يف القلب ويغرس اإليمان‪.‬‬
‫ن‬ ‫• فللقرآن سطوة عىل القلوب عجيبة‪ ،‬فهو يزرع‬
‫ً‬
‫النن ﷺ بعض‬ ‫‪ ‬ولما سمع الوليد بن المغتة وهو من أشد الناس كفرا‪ ،‬لما سمع من ي‬
‫القرآن قال‪:‬‬

‫‪ ‬أما الن نرص بن الحارث فكان يقول‪:‬‬

‫ُ‬
‫الك ْت‬ ‫ر‬
‫المش ن‬
‫كي من اإلسالم إال ِ‬ ‫• فالكل كان يجمع عىل إعجاز هذا القرآن‪ ،‬ولم يمنع‬
‫والحقد!‬
‫ﱆ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة النمل‪.‬‬
‫ﱇ‬ ‫‪ ‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )191‬دالئل النبوة‪ ،‬األصبهاني ‪.312/1‬‬


‫(‪ )192‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3905:‬‬
‫(‪ )193‬لباب النقول‪ ،‬السيوطي‪ ،319 ،‬بإسناد صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫‪328‬‬
‫‪ -110‬هل من الممكن ِذكر معجزة قرآنية غير اإلعجاز البالغي؟‬

‫تتل بعض اآليات‬ ‫عاما‪ ،‬وكانت ن ن‬


‫وعشين ً‬ ‫ثالثة ر‬ ‫‪ ‬تدب ْر هذه المعجزة‪ :‬القرآن نزل خالل‬
‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الوح ضعوا‬
‫ي‬ ‫والنن ﷺ يقول لكتبة‬‫ي‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫مناسبة‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫أخرى‬ ‫وآيات‬ ‫المناسبة‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫ف‬‫ي‬
‫بي آيات كذا‪ ،‬وآيات كذا‪ ،‬وتلك اآليات ن يف سورة كذا بي كذا وكذا‪ ،‬وهكذا‪...‬‬
‫ن‬ ‫هذه اآليات ن‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫سورة عبارة عن َوحدة مستقلة‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫أن‬ ‫القرآن‬ ‫نزول‬ ‫اكتمل‬ ‫أن‬
‫ِ‬ ‫بعد‬ ‫فاجأ‬ ‫ت‬ ‫• وإذا بك‬
‫ومحتوى خاص!‬
‫ا‬ ‫• وكأن القرآن كان ا‬
‫بناء متكامًل‪ ،‬ثم تم تفكيك اآليات ونزلت بحسب المناسبات‪ ،‬ثم‬
‫ا‬
‫أعيد تجميع هذا البناء مرة أخرى عىل األرض عىل نفس هيئته السابقة‪ ،‬هذا‬
‫ال يمكن أن يحصل إال لو كان هذا القرآن ً‬
‫وحيا من هللا‪)1٩4(.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -111‬واآلن أريد برهانًا على صحة اإلسالم بجانب القرآن الكريم؟‬

‫ه ُبرهان عظيم مستقل عىل صحة اإلسالم!‬ ‫محمد ﷺ ي‬ ‫ٍ‬ ‫• ستة ي‬


‫النن‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‬
‫ي‬ ‫ة‬‫ست‬ ‫ف‬
‫إنسان يعقل من أي أمة‪ ،‬أو من أية ديانة‪ ،‬إذا نظر ي‬
‫ٍ‬ ‫• إذا نظر أي‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫فسيعلم أنه أمام ٍّ‬
‫نن‬‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ه أكمل وأوثق وأعظم ستة إلنسان يف تاري خ البش!‬ ‫النن محمد ﷺ ي‬ ‫• فستة ي‬
‫ن‬
‫• أكمل ستة من ناحية المعرفة بكل تفاصيلها‪ ،‬ودقائق حياته ﷺ يف ِحله وترحاله‬
‫َ‬
‫وشبابه وشيبته‪ ،‬وال توجد ستة منقولة أكمل من ستته‪.‬‬
‫الن ن‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫بي‬ ‫• وأنت ال تذكر حالك قبل عشين عاما‪ ،‬وال تذكر تفاصيل حياتك أنت ي‬
‫حي نقل ابن حزم ن يف صفة وضوئه ﷺ فقط مئات الصفحات!‬ ‫جنبيك‪ ،‬نف ن‬
‫ي‬

‫(‪ )194‬كتاب مدخل إلى القرآن الكريم‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا دراز‪.‬‬
‫‪329‬‬
‫س ْعلة في صالته‪:‬‬ ‫أن الصحابة نقلوا أنَّه ﷺ َ‬
‫س َع َ‬
‫ل َ‬ ‫‪ ‬تخيل َّ‬

‫)‬ ‫(‬
‫"أ َخ َذ ِ‬
‫ت النبي ﷺ َس ْعلَة َف َر َك َع"‪.‬‬

‫• نقلوا كل تفاصيل حياته ﷺ؛ فستته أكمل ستة‪.‬‬


‫فه أوثق ستة من ناحية النقل‪ ،‬حيث نقلها أصدق الناس‪،‬‬ ‫• وستته أوثق ستة‪ ،‬ي‬
‫ن‬
‫يجتون الكذب فيما دق!‬ ‫وهم الصحابة‪ ...‬الصحابة الذين كانوا ال‬
‫ً‬
‫ككذب عىل أحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ليس‬ ‫عليه‬ ‫ا‬ ‫كذب‬ ‫• وكانوا يعلمون أن‬

‫ب َعلَ َي ُم َت َع ِم ًدا َفلْ َي َتبَ َوأْ َم ْق َعده ِم ْن‬


‫ِن َك ِذبًا َعلَ َي لَ ْي َس َك َك ِذبٍ َعلَى َغ ْي ِري‪َ ،‬ف َم ْن َك َذ َ‬‫"إ َ‬
‫(‪)196‬‬
‫النَار"‪.‬‬
‫ن‬
‫• فهؤالء الصحابة نقلوا نقل الثقة عن الثقة كل كبتة وصغتة يف حياته ﷺ ‪،‬‬
‫حرف قاله‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بل وحرصوا عىل ضبط كل‬
‫فمثال في حديث‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪‬‬

‫نهي النبي ﷺ عن ال ُدبَا ِء وال ُمز َفت أن ُينتبذ فيه‪ ،‬قيل لسفيان‪ :‬أن ُينبذ فيه؟ قال‪:‬‬
‫فيه‪)197(.‬‬ ‫ال‪ ...‬ينتبذ‬
‫كانوا يحرصون عىل الحرف من فمهﷺ‪.‬‬
‫‪ ‬وسيرته أعظم سيرة؛ ألنها سيرة أعظم إنسان مشى على األرض‪:‬‬

‫مرب‪ ،‬أعظم قدوة‪ ،‬أعظم معلم‪ ،‬أعظم‬


‫أعظم قائد‪ ،‬أعظم زوج‪ ،‬أعظم أبٍ‪ ،‬أعظم ٍّ‬
‫ِّ‬
‫بغض النظر عن دينه‬ ‫ملهم‪ ،‬أعظم تقي‪ ،‬أعظم عابد‪ ،‬وكل عاقل نظر في سيرته‬
‫سيقطع أنه أمام أعظم شخصية ظهرت في التاريخ!‬

‫ن ئ‬ ‫ْ‬
‫‪‬يقول مايكل هارت الفت ي‬
‫ياب اليهودي‪:‬‬

‫(‪ )195‬صحيح مسلم ح‪.455 :‬‬


‫(‪ )196‬متفق عليه‪ ،‬البخاري ح‪ ،1294:‬مسلم ح‪.4:‬‬
‫(‪ )197‬الكفاية في علم الرواية‪ ،‬الخطيب البغدادي‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪330‬‬
‫ﷺ‬

‫إنسان ظهر ن يف التاري خ!‬


‫ٍ‬ ‫عل َم أنه أمام أعظم‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫‪ ‬فمن نظر يف ستته ﷺ ‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫‪ ‬ومن أول أيامه يف الدنيا تلونت عليه األحوال؛ من يتم وفقر‬
‫بي يديه‪ ،‬وأذى الكفار له‬ ‫وخوف ثم قتل ألحبائه وأوليائه ن‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫ن‬
‫طالب ثالث‬
‫ٍ‬ ‫أب‬
‫بالحبس والتجوي ع‪ ،‬فقد حبسوه يف ِشعب ي‬
‫ات‪ ،‬وكان يقرأ‬‫سنوات وأغروه بالمال والرياسة‪ ،‬وحاولوا قتله مر ٍ‬
‫ٍ‬
‫ن يف مجامعهم القرآن وفيه ذم آلهتهم‪.‬‬
‫فظلوا يمكرون به ويحاولون اغتياله‪ ،‬وحارصوا داره‪،‬‬
‫ومكروا به كل مكر‪)1٩8(.‬‬

‫ﱡ ﭐ ﱷ ﱸ ﱹﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ‬
‫ﱿﲀﲁﲂﱠ﴿‪ ﴾46‬سورة إبراهيم‪.‬‬
‫ُ‬
‫أهله إليه أن ن‬ ‫‪ ‬ن‬
‫يلي لقومه من قريش‪ ،‬وأن يتوقف‬ ‫وترصع‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫يزداد إال إبطاًل للباطل‪.‬‬ ‫عن تسفيه أحالمهم فال‬

‫المشكون العروض السخية‪ :‬المال‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬وعرض عليه‬


‫والرياسة‪ ،‬ليس من أجل أن يتوقف عن دعوته؛ ال‪ ...‬وإنما فقط ر‬
‫ليتكهم وآلهتهم‪ ،‬لكن‬
‫حن ريتكها ألفضل العروض المتاحة!‬ ‫وحيا ُيوح ليست ِمن ِقبل نفسه ر‬
‫دعوته كانت ً‬

‫وثبات‪ ،‬وكانوا يتمنون فقط أن يهادن دينهم ولو لمرة‪ :‬ﭐﱡﭐﲦﲧﲨ‬


‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫فدعا إىل هللا بصت‬

‫ﲩﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة القلم‪.‬‬


‫ً‬ ‫ا‬
‫تسفيها لكفرهم‪.‬‬ ‫• كانوا يتمنون منه مهادنة عىل ِ‬
‫باطلهم‪ ،‬فلم يزدد إال‬
‫قوم يريدون قتله هو وأتباعه‬ ‫ً ن‬ ‫ر‬ ‫• لقد أقام ٍ‬
‫قليلة من أصحابه ثالثة عش عاما بي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بقلة‬
‫بأي ثمن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ؤذ ٌّ‬
‫نن مثل ما أوذي ﷺ‪)1٩٩(.‬‬ ‫• فهو ﷺ نف مجموع التعذيب واألذى‪ ،‬لم ُيعذب ٌّ‬
‫نن ولم ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫(‪ )198‬رسالة خاتم النبيين محمد ﷺ‪ ،‬د‪ .‬ثامر بن ناصر‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫(‪ )199‬رسالة خاتم النبيين محمد ﷺ‪ ،‬د‪ .‬ثامر بن ناصر‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫‪331‬‬
‫ُ‬ ‫• وبعد هذا الصت والثبات عىل الحق وعىل الدعوة إىل هللا أيقظ ُ‬
‫هللا بدعوته أمة‬
‫ُ‬
‫عظيمة فتحت لها ممالك األرض‪ ،‬وسادت العالم بالتوحيد‪.‬‬
‫ً‬
‫وصدقا‪ ،‬وهذا ر‬ ‫ا‬ ‫ُ ًُ‬
‫باعتاف كفار مكة قبل غتهم‪،‬‬ ‫• لقد كان ﷺ أعظم الناس خلقا وأمانة‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫يوم دعاهم فيه لإلسالم‪" :‬قالوا‪ :‬ن َع ْم‪ ،‬ما جربنا عل ْيك‬ ‫قالوا ْ ًله يف أول ٍ‬
‫إًل صدقا"‪)2٠٠(.‬‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫• ولذلك آمن كبار الصحابة قبل أن يروا المعجزات‪ ،‬وقبل أن ينشق القمر‪ ،‬وقبل‬
‫اإلخبار بالمغيبات‪.‬‬
‫َ‬
‫وح هللا‬ ‫• آمنوا وصتوا عىل شدة ما لقوا من بأس كفار قريش؛ ألنهم يعلمون أن هذا ي‬
‫إىل العالم!‬
‫والن ه ر ُ‬ ‫آمنت زوجته‪ ،‬ر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ن‬
‫أكت‬ ‫ي ي‬ ‫بخته‪...‬‬
‫ِ‬ ‫يوم ِمن دعوته أعرف الناس‬ ‫• وآمن يف أول ٍ‬
‫ً‬
‫الناس اطالعا عىل شه وعلنه‪ ،‬وآمن صاحبه والعارف بدقيق حاله أبو بكر‪ ،‬وآمن‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫أب طالب‪ ،‬وكلهم يعرف‬ ‫عىل بن ي‬
‫مواله زيد َبن حارثة‪ ،‬وآمن من يربيه يف كنفه ي‬
‫نبوته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫إرهاصات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويبرص ستته ويشهد‬
‫• ولذلك قال ربنا سبحانه عىل لسان نبيه لمن كفر من قومه قال‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱷﱸ‬
‫ﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﱠ ﴿‪ ﴾16‬سورة يونس‪.‬‬
‫‪ ‬ألَا تعرفون الرجل؟‬
‫‪ ‬ألَا تعرفون ُخ ُلق الرجل‪ ،‬وأمانة الرجل‪ ،‬وصدق الرجل‪ ،‬وسيرة الرجل‪ ،‬وعقل الرجل؟‬
‫ﳁ ﳃﳄ‬
‫ﲼ ﲾﲿ ﳀ ﳂ‬
‫ﲽ‬ ‫ﲴﲶ ﲷﲸ ﲹﲺﲻ‬
‫ﲵ‬ ‫ﭐﱡﭐﲱﲲﲳ‬
‫ﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﱠ ﴿‪ ﴾46‬سورة سبأ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬
‫‪ِ ‬أعظكم أن تقوموا للنظر والتفكر ن يف حاله‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫• فمن نظر نف حاله وستته سيعلم ً‬
‫مستقل عىل‬ ‫نن‪ ،‬وهذا وحده برهان‬ ‫ي‬ ‫أمام‬ ‫أنه‬ ‫ا‬ ‫تمام‬ ‫ي‬
‫صحة اإلسالم!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫ترجمة عملية ألوامر القرآن‪ ،‬فقد كان خلقه القرآن كما قالت عائشة ن‬ ‫ا‬
‫رص‬
‫ي‬ ‫• وكان ﷺ‬
‫هللا عنها‪)2٠1(.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )200‬صحيح البخاري ح‪.4770:‬‬


‫(‪ )201‬مسند أحمد ح‪ ،25813:‬صحيح‪.‬‬
‫‪332‬‬
‫‪ -112‬لكن كيف كان حال البيئة التي بُعث فيها النبي ﷺ من الناحية األخالقية؟‬

‫‪ ‬يكفيك يف هذا أن تقرأ قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱠ‬


‫ن‬

‫﴿‪ ﴾14٠‬سورة األنعام‪.‬‬


‫ر ُ‬ ‫ُ‬
‫الننﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫فيها‬ ‫عث‬ ‫ب‬ ‫الن‬
‫ي‬ ‫البيئة‬ ‫شكل‬ ‫لتعرف‬ ‫اآلية‬ ‫‪ ‬تكفيك هذه‬
‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ‬
‫ين قتلوا أ ْوًل َده ْم‪ :‬كانوا يقتلون أوالدهم!‬ ‫‪ ‬قد خ ِش ال ِذ‬
‫ُ‬
‫‪ ‬وكانت الحروب الطويلة األمد تقام ألتفه األسباب!‬
‫مطلع أشعارهم كان نف مديح الخمر‪ ،‬بل ن‬
‫معن التجارة‬ ‫ِ‬ ‫إن‬ ‫‪ ‬وكان فيهم ر ُشب الخمر ر‬
‫حن‬
‫ي‬
‫عند العرب ن يف الجاهلية هو‪ :‬تجارة الخمر‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫ش ٍء‪ ،‬قال قتادة‪:‬‬
‫الميش –المقامرة‪ -‬يف كل ي‬ ‫ِ‬ ‫• واشتهر بينهم‬

‫‪َ ‬حر ًيبا‪ :‬أي ُم ً‬


‫فلسا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫تأجيل يف سداد الدين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫❑ أما الربا‪ ،‬فكان تجارة متأصلة‪ ،‬وكانوا يزيدونه أضعافا مضاعفة مع كل‬
‫ر ً ًّ‬
‫منتشا جدا!‬ ‫❑ والزنا كان‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫❑ وكان الوأد لألطفال يف كل قبائل العرب‪ ،‬كما ذكر الهيثم بن ع ِدي‪ ،‬وكان بعضهم ِيئد‬
‫تشاؤما‪ ،‬وكان اآلخر يئد خشية لحوق العار‪.‬‬ ‫ً‬ ‫السوداء‬
‫وف هذا نزل قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪ‬
‫ن‬
‫‪ ‬ي‬
‫ﱸ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱠ سورة‬
‫ﱹ‬ ‫ﱰﱲﱳ ﱴ ﱵﱶﱷ‬
‫ﱫﱬﱭﱮ ﱯ ﱱ‬
‫النحل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪‬يقول صعصعة بن ناجية‪:‬‬

‫(‪ )202‬تفسير الطبري لآلية ‪ 91‬من سورة المائدة‪.‬‬


‫ً‬
‫نقل عن كتاب‪ :‬اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون‪ ،‬موسى بن راشد العازمي‪.‬‬
‫(‪ )203‬اإلصابة‪.347-3 ،‬‬
‫نقل عن كتاب‪ :‬اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون‪ ،‬موسى بن راشد العازمي‪.‬‬‫ً‬
‫‪333‬‬
‫ُ‬
‫❑ وكانوا يقتلون أوالدهم خشية اإلنفاق وخوف الفقر‪ ،‬وكان بعضهم ينذر إذا بلغ عدد‬
‫ً‬ ‫أوالده ر ً‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫جد‬ ‫المطلب‬ ‫عبد‬ ‫مع‬ ‫حصل‬ ‫كما‬ ‫منهم‪،‬‬ ‫ا‬‫واحد‬ ‫عشا نحر‬

‫• في هذه البيئة أتى اإلسالم!‬


‫النبي محمد ﷺ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫• في هذا الجو ظهر‬
‫‪‬قال المقداد بن األسود‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫الع َط ِار ِدي ن يف حال العرب ن يف ذاك الوقت والحديث ن يف البخاري قال‪:‬‬
‫‪‬وانظر لقول َر َجاء ُ‬
‫ٍ‬

‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ ُ ُ‬ ‫ََْ ُ ُ َ‬


‫البخاري‪)2٠6(.‬‬‫الم ْرأ ِة‪ ،‬كله ْم ي ِص ُيبها والحديث يف‬
‫ون عىل َ‬ ‫• وكان يجتمع الرهط فيدخل‬
‫ُ‬ ‫• وكانت المرأة ُت َ‬
‫ورث كما ُي َ‬
‫ورث المتاع‪ ،‬وكانت بعض األطعمة تمنع النساء من أكلها‪،‬‬
‫ويختص بأكلها الرجال فقط‪ :‬ﭐﱡﭐﱝﱞﱟﱠﱡﱢ ﱣﱤ‬
‫ﱥﱦﱧﱨﱠ ﴿‪ ﴾1٣٩‬سورة األنعام‪.‬‬
‫رص هللا عنه ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪:‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫‪‬حن قال عمر بن الخطاب ي‬

‫❑ في هذا العالم الحالك السواد جاء نو ُر اإلسالم‪ ،‬وأنزل اهلل كتابه؛ ليصحح كل هذا‬
‫الفساد والظلم والفجور!‬

‫(‪ )204‬صحيح ابن حبان ح‪.6552:‬‬


‫(‪ )205‬صحيح البخاري ح‪.4376:‬‬
‫(‪ )206‬صحيح البخاري ح‪.5127:‬‬
‫(‪ )207‬صحيح البخاري ح‪.4913:‬‬
‫‪334‬‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﲧﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﲭ‬

‫ﲮ ﲯﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ ﲻ‬

‫ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ‬

‫ﳎﳏﳐﳑﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌ ﱍﱎ‬

‫ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ‬

‫ﱡ ﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱯ‬

‫ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ سورة‬
‫األنعام‪.‬‬
‫عش وصايا جمعت خصال الخت!‬ ‫ر‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱳﱴﱵﱶﱷﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة النور‪.‬‬

‫ﲌﱠ ﴿‪ ﴾228‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﲍ‬ ‫‪ ‬وقال عز ِمن قائل‪ :‬ﱡﭐﲈﲉﲊﲋ‬

‫‪ ‬وقال‪ :‬ﱡﭐ ﱁﱂﱃﱄﱅ ﱆﱇﱈ ﱉﱊﱋﱌ‬


‫ﱑﱓﱔﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ﱒ‬ ‫ﱍﱎ ﱏﱐ‬
‫التكة‪ ،‬وللرجل نصيب من ر‬
‫التكة!‬ ‫للمرأة نصيب من ر‬

‫‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲒﲓﲔﲕﲖ ﲗﲘ‬


‫ﲙﲚﲛ ﲜﲝﲞﲟ‬
‫ﲠﲡﲢﲣ ﲤﲥﲦ‬
‫ﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﱠ ﴿‪ ﴾٣٥‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫‪ ‬وقال‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱅﱆﱇﱈﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏﱐ‪ ..‬ﱠ﴿‪ ﴾1٩٥‬سورة آل‬


‫ن‬
‫وف األجر من هللا!‬ ‫ن‬ ‫ُ ْ‬
‫عمران‪ .‬فهم متساوون يف التكليف‪ ،‬ي‬
‫‪ ‬وقالﷺ‪:‬‬

‫(‪ )208‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.236:‬‬


‫‪335‬‬
‫رن ُ‬
‫وجها الرجل وال يدفع لها ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مهرا؛ ألنها‬ ‫‪ ‬وكانت اليتيمة تورث بمالها لمن يربيها‪ ،‬ويت‬
‫فتل قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶﱷﱸﱹﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱾﱿﲀ‬ ‫يتيمة‪ ،‬ن ن‬

‫ﲂﲄﲅﲆﲇﲈ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ﲁ ﲃ‬


‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ ن ََْ َ َ ْ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ْ ُْ‬
‫اب لك ْم ِم َن الن َس ِاء َمث نَن َوثًلث َو ُر َباع‪:‬‬ ‫‪َ ‬و ِإن ِخفت ْم أًل تق ِسطوا ِ يف اليتام فان ِكحوا ما ط‬
‫مثن وثالث‬ ‫إن خفت أن تظلم هذه اليتيمة وال تعطيها حقها‪ ،‬فانكح غتها كما تحب‪ ،‬ن‬
‫ا‬
‫ورباع‪ ،‬واترك هذه لمن يعطيها حقها كامًل‪ ...‬اتركها لمن ُيكرمها‪.‬‬
‫‪ ‬جاء اإلسالم بإصالح عقيدة الناس‪ ،‬وبإصالح سلوكهم وأخالقهم‬
‫وحفظ حقوق الدواب‬ ‫ومعامالتهم‪ ...‬جاء بإكرام المرأة واليتيم والطفل‪ ،‬بل ِ‬
‫والشجر‪ ...‬اإلسالم جاء بإصالح العالم بما فيه‪.‬‬
‫ر‬ ‫حي تكلم ن‬ ‫َّ‬ ‫استم ْع لما قال جعفر بن أب طالب الصحاب الجليل ن‬
‫النجاش ملك‬ ‫ي‬ ‫بي يدي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬
‫الحبشة‪ ،‬وهو يصف له اإلسالم ويخته لماذا ضحوا كل هذه التضحيات من أجل هذا‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬ ‫الدين‪ ،‬ولماذا تركوا األهل والبلد وهاجروا نف هللا‪ ،‬قال جعفر ن‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪-‬‬

‫ُ‬
‫اإلسالم!‬ ‫ُ‬
‫اإلسالم‪ ...‬وبهذا ساد‬ ‫بهذا جاء‬
‫ُ‬
‫‪ ‬وقد أخت هللا عز وجل بنرص نبيه‪ ،‬وكان العرب يسخرون ن‬
‫حي يسمعون أن هذا الرجل‬
‫اإلسالم وفتح ُ‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫للمسلمي‬ ‫هللا‬ ‫سينترص ويبطل الباطل يف رشق األرض وغرب ها‪ ،‬فجاء‬
‫ممالك األرض‪ ،‬وسادت كلمة التوحيد ن يف مشارق األرض ومغارب ها‪.‬‬
‫ُ‬
‫أعظم من هذا الناموس‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أفضل وال‬ ‫ٌ‬
‫ناموس‬ ‫َ‬
‫العالم‬ ‫فلم يطرق‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )209‬مسند أحمد‪ ،‬ح‪ ،1740:‬بسند صحيح‪.‬‬


‫‪336‬‬
‫الباب السادس‬
‫بالمغ َّيبات‬
‫ُ‬ ‫اإلخبا ُر‬
‫ِ‬

‫‪337‬‬
‫‪ -113‬هل لك ْ‬
‫أن تذكر بعض معجزاته الغيبية ﷺ ؟‬

‫وهاه تقع أمام‬ ‫أمور أخت بها النن ﷺ ووقعت كما أخت‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫أمور أخت بها‬ ‫❑ هناك ٌ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫أعيننا هذه األيام‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫أمور أخت بها ولم تقع بعد‪.‬‬ ‫ِ‬

‫❑ وهذا اإلخبار بالمغيبات هو ُبرهان مستقل عىل صحة النبوة‪ ،‬وعىل صدق اإلسالم!‬

‫‪ ‬من األمور التي أخبر بها ﷺ ووقعت كما هي‪:‬‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬إخباره كما يف حديث عائشة ي‬
‫رص هللا عنها‪:‬‬

‫ض ِفي ِه‪َ ،‬فسارها بشي ٍء‬‫الم في َش ْكوا ُه الذي ُقبِ َ‬ ‫فاط َم َة عليها الس ُ‬
‫النبي ﷺ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫" َدعا‬
‫النبي ﷺ‬
‫ُّ‬ ‫ت‪ :‬سارنِي‬ ‫سأَلْنا عن َ‬
‫ذلك فقالَ ْ‬ ‫ت‪ ،‬ثُم َدعاها َفسارها بشي ٍء َف َض ِح َك ْ‬
‫ت‪َ ،‬ف َ‬ ‫َفبَ َك ْ‬
‫ت‪ ،‬ثُم سارنِي فأ ْخبََرنِي أنِّي أو ُل ْ‬
‫أهلِ ِه‬ ‫ض في و َج ِع ِه الذي تُ ُو ِّف َي فيه َفبَ َك ْي ُ‬ ‫أنه ُي ْقبَ ُ‬
‫(‪)210‬‬
‫َي ْتبَ ُع ُه َف َض ِح ْك ُ‬
‫ت"‪.‬‬
‫• وهذا من أعالم نبوته الواضحةﷺ !‬
‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫ُ‬
‫فاطمة َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫أول أهل بيته لحوقا به‪ ،‬إذ توفيت‬ ‫• فقد قبض بالفعل يف وجعه هذا‪ ،‬وكانت‬
‫بعد موته ﷺ بستة أشهر فقط‪.‬‬
‫• فقد وقع كما أخت!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬وأخت ﷺ أن أم َح َر ٍام بنت ِمل َحان ستكون من غزاة البحر‪ ،‬قال ﷺ‪:‬‬

‫ون ثَبَ َج هذا البَح ِْر‪ُ ،‬ملُ ً‬


‫وكا علَى‬ ‫ُر ُضوا َعلَي‪ُ ،‬غ َزا ًة في َس ِ‬
‫بيل اهللِ‪َ ،‬ي ْر َكبُ َ‬ ‫"نَاس ِمن أُمتي ع ِ‬
‫منهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫سول اهللِ‪ ،‬ا ْد ُع اهلل أَ ْن َيج َ‬
‫ْعلَنِي‬ ‫لت‪ :‬يا َر َ‬ ‫ان َف ُق ُ‬ ‫ام بنْ ُ‬
‫ت ِملْ َح َ‬ ‫ت‪ :‬أُ ُّم َح َر ٍ‬
‫األسر ِة‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫او َي َة‪،‬‬
‫ان البَ ْح َر في َز َم ِن ُم َع ِ‬
‫ت ِملْ َح َ‬‫ام بنْ ُ‬
‫ت أُ ُّم َح َر ٍ‬‫ين ‪َ .‬ف َر ِكبَ ْ‬
‫ن األولِ َ‬ ‫ت ِم َ‬ ‫قال‪ :‬أَنْ ِ‬‫ها‪َ ،‬‬ ‫َف َدعَا لَ َ‬
‫(‪)211‬‬
‫ن البَح ِْر‪َ ،‬ف َ‬
‫هلَ َك ْ‬
‫ت"‪.‬‬ ‫ين َخ َر َج ْ‬
‫ت ِم َ‬ ‫ها ِح َ‬ ‫َف ُص ِرع ْ‬
‫َت عن َدابتِ َ‬

‫(‪ )210‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري ح‪ ،4433:‬صحيح مسلم ح‪.2450:‬‬


‫(‪ )211‬صحيح مسلم ح‪.1912:‬‬
‫‪338‬‬
‫إسالميا يجاهد نف سبيل هللا نف البحر‪ ،‬ولم يكن قد ظهر ر‬ ‫ًّ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫حن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أسطوًل‬ ‫رأى ﷺ يف رؤيا‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫إسالم‪ ،‬فطلبت أم حرام أن تكون منهم‪ ،‬فقال لها ﷺ ِ‬
‫أنت من‬ ‫‪:‬‬ ‫ٍّ‬ ‫أسطول‬ ‫وفاته ﷺ أي‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫لي!‬‫األو ن‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫اإلسالم الذي أعده‬‫ي‬ ‫األسطول‬ ‫وف عام ‪ 28‬هجرية‪ ،‬ظهر‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫معاوية ن‬
‫وف أول فتوحات هذا‬ ‫رص هللا عنه‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫األسطول‪ ...‬وكان التوجه نحو قتص‪ ،‬ر‬
‫اشتكت أم‬
‫ْ ُ ْ َ َ ن‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫األولي‪ ،‬كما‬ ‫ح َر ٍام بنت ِملحان يف هذا الغزو‪ ،‬فكانت من‬
‫بشها ﷺ‪.‬‬ ‫ر‬
‫حن الساعة‪.‬‬ ‫وجامع أم حرام معروف نف قتص ر‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫طبيعيا بعد هذه البشارة؟‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫رص هللا عنها ماتت موتا‬ ‫تخي ْل لو أن ُأم حرام ن‬
‫ي‬
‫وعىل وعثمان وطلحة والزبت لن يموتوا عىل فرشهم كما يموت‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬وأخت ﷺ أن عمر‬
‫الناس وإنما سيموتون شهداء‪ ،‬واألحاديث ن يف أعىل درجات الصحة‪.‬‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ ُ ْ َ ُ َ َ ٌّ َ ْ َ ُ‬
‫ىل‪َ ،‬وطلحة‪َ ،‬والزب ْ ُت‪ ،‬فتحرك ِت‬‫النن ﷺ عىل الجبل هو وأبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وع ِ ي‬ ‫كان ي‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ َ َ َ‬
‫هللا ﷺ‪:‬‬ ‫الصخ َرة‪ ،‬فقال رسول ِ‬

‫(‪)212‬‬
‫ك إال نَبِ ٌّي‪ ،‬أَ ْو ِصدِّيق‪ ،‬أَ ْو َش ِ‬
‫هيد"‪.‬‬ ‫"اه َدأْ َفما َعلَ ْي َ‬
‫ْ‬

‫َ‬
‫وعىل وطلحة والزبت‬
‫ي‬ ‫وعثمان‬ ‫ولعمر‬ ‫ديقية‪،‬‬ ‫بالص‬ ‫بكر‬ ‫وألب‬
‫ي‬ ‫ة‪،‬‬‫بالنبو‬ ‫لنفسه‬ ‫ﷺ‬ ‫كم‬ ‫فح‬
‫بأنهم سيموتون شهداء‪ ،‬فحصل كما أختﷺ!‬
‫ً‬ ‫‪ ‬وأخت ﷺ أن عمار بن ياش ُ‬
‫سيقتل شهيدا!‬
‫ر‬
‫الن ستقتله‪.‬‬
‫ه ي‬ ‫‪ ‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل وأخت بأن‪ :‬الفئة الباغية ي‬
‫ستكون هناك فتنة‪ ،‬وتقتله الفئة الباغية!‬
‫الخدري ن‬‫ُ‬
‫رص هللا عنه قال‪:‬‬‫ي‬ ‫‪ ‬عن ي‬
‫أب سعيد‬

‫النبي ﷺ‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫َكان عَمار َينْ ُق ُل لَبِنَ َت ْي ِن لَبِنَ َت ْي ِن‪َ ،‬ف َمر به‬
‫ن ال َم ْس ِج ِد لَبِنَ ًة لَبِنَ ًة‪ ،‬و َ‬
‫"كنا نَنْ ُق ُل لَبِ َ‬
‫ُ‬
‫(‪)213‬‬
‫ار تَ ْق ُتلُ ُه ال ِفئَ ُة البَا ِغ َي ُة"‪.‬‬
‫َقال‪َ :‬و ْي َح عَم ٍ‬ ‫س َح عن َرأْ ِ‬
‫س ِه ُ‬
‫الغبَا َر‪ ،‬و َ‬ ‫َو َم َ‬

‫النن ﷺ ُبرب ع‬ ‫وفاة‬ ‫بعد‬ ‫ي‬ ‫رص هللا عنه نف الفتنة ر‬


‫الن حصلت يوم صف نَ‬ ‫• وقد ُقتل ن‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫قرن من الزمان‪.‬‬

‫(‪ )212‬صحيح مسلم ح‪.2417:‬‬


‫(‪ )213‬صحيح البخاري ح‪.2812:‬‬
‫‪339‬‬
‫‪ -114‬لكن قد يقول ُمل ِحد‪ :‬كيف تحتجُّون علينا بأحاديث إسالمية؟‬

‫ا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫‪ ‬هذا موضوع ٌّ‬


‫مهم "موضوع وثوقية السنة النبوية عقًل" وسنفرد له موضوعا مستقًل‬
‫إن شاء هللا نف المجلد القادم من هذا ر‬
‫المشوع!‬ ‫ي‬
‫الن نصدق بها األحداث التاريخية‬ ‫‪ ‬لكن بإيجاز أقول‪ :‬إن طريقة نقل األخبار ر‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫كحصول معركة قديمة أو وجود شخصية كرمسيس ن‬
‫الثاب مثًل‪ ،‬طريقة نقل هذه األخبار‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬
‫لو أتت بأوثق طرق النقل فإنه بأوثق من هذه الطرق بألف مرة نقلت إلينا األحاديث‬
‫النبوية‪.‬‬

‫عتت ن يف نقل الحديث النبوي منذ عهد الصحابة!‬ ‫توثيف ُم َ‬


‫ر ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫ي‬ ‫علىم‬
‫ي‬ ‫منهج‬ ‫• فهناك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أكت األمم تحقيقا نف الرواية‪ ،‬ر‬ ‫• والعرب بطبيعتهم معروفون بأنهم من ر‬
‫وأكتهم تدقيقا‬ ‫ي‬
‫ن يف حفظ ما يروونه‪.‬‬
‫• فاألحاديث النبوية نقلها أحفظ الناس وأصدق الناس‪.‬‬
‫• فالذي ُيشكك نف وثوقية السنة النبوية عليه أن ُيشكك ف كل خت أجمع ر‬
‫البش عىل‬
‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وقوعه!‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫البشية‪ ،‬ونظر يف األحاديث النبوية‬ ‫• ومن نظر بتجرد يف طبيعة نقل المعرفة‬
‫ً‬
‫يقينا خرجت‬ ‫أن هذه األحاديث‬ ‫ضبطها سيُدرك َّ‬
‫ِ‬ ‫الصحيحة‪ ،‬وعلم طريقة‬
‫ِ‬ ‫من فم النبي ﷺ ‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫أمر ال يشك فيه ناظر بتجرد‪.‬‬

‫‪‬ولذلك قال بعض أهل العلم‪:‬‬

‫–‬ ‫‪-‬‬

‫ٌّ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬


‫مستقل‬ ‫المسلمي‬ ‫ويكف لمزيد بيان حجية السنة عقًل أن الحديث النبوي بإجماع‬
‫ي‬ ‫•‬
‫َ‬
‫بتشي ع األحكام‪ ،‬وال يخالف هذا إال من ال حظ له من اإلسالم كما قال‬ ‫ر‬
‫ن‬
‫الشوكاب‪)21٥(.‬‬
‫ي‬

‫(‪ )214‬أورده ابن الصلح في مقدمة علوم الحديث عن‪ :‬الحافظ أبي نصر الوايلي السجْ زي‪.‬‬
‫(‪ )215‬إرشاد الفحول‪ ،‬الشوكاني‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪340‬‬
‫‪ ‬فعندما يُقرر جميعُ الفقهاء هذه القاعدةَ‪:‬‬
‫أنَّ األحكام التشريعية التي عليها مدارُ حياة الناس تُستمدُّ من الحديث الصحيح‪،‬‬
‫فهذا تابعٌ لتسليمهم اليقيني بوثوقية نقل هذا الحديث الصحيح من فم‬
‫النبيﷺ!‬
‫فأُمَّتُنا ليست من األمم التي تتبع هواها يف مصادر تلقي الشريعة‪ ،‬بل ال بد أن‬
‫يكون املصد ُر قطعيَّ الثبوت عندهم حتى تُقام عليه األحكام التشريعية‪.‬‬
‫فالتاريخ موضوعيٌّ‪ ،‬ومَن نظر فيه بتجرُّد سيعرف مصداقية األمم يف نقلها‬
‫لْلخبار من عدم مصداقيتها!‬
‫ولذلك مَن نظر يف شواهد التاريخ ازداد يقينًا من وثوقية الحديث الصحيح عقالً‪.‬‬

‫‪ ‬وسأذكر مثالًا من شواهد التاريخ على ما أقول‪ :‬الحديث األخت الذي أوردناه‬
‫فريق‬ ‫كل‬ ‫كان‬ ‫ن‬
‫صفي‬ ‫يوم‬ ‫الفتنة‬ ‫حصلت‬ ‫حي‬‫الب ِاغ َي ُة" ن‬ ‫حديث " َو ْي َح َعمار َت ْق ُت ُل ُه الف َئ ُة َ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫رص هللا عنه عماراً‬ ‫وحي َقتل بعض الرجال نف جيش معاوية ن‬ ‫ن‬ ‫عمارا‪،‬‬‫ً‬ ‫ينظر َمن سيقتل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عا! (‪)216‬‬ ‫ً‬
‫فز‬‫قام عمرو بن العاص ِ‬
‫ن‬ ‫ً ُ‬ ‫• عمرو بن العاص انزعج ن‬
‫عمارا قتل عىل يد بعض الرجال يف جيش معاوية‬ ‫حي علم أن‬
‫رص هللا عنه‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫• ً‬
‫فتنة كما أخت ﷺ‪ ،‬فمعاوية كان يرى أنه‬ ‫الفريقي كان مجتهدا‪ ،‬فكان قتال ٍ‬ ‫طبعا وكال‬
‫رص هللا عن الجميع يرى تأجيل‬ ‫عىل ن‬
‫ال بد من القصاص من قتلة عثمان‪ ،‬وكان ٌّ‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫المسلمي‪ ،‬فحصلت هذه الفتنة وقتل عمار‪ ،‬فعلم أن‬ ‫ن‬ ‫لحي اجتماع كلمة‬ ‫ن‬ ‫األمر‬
‫الطائفتي إىل الحق‪ ،‬كما ورد نف حديث مسلم‪)217(.‬‬ ‫ن‬ ‫عليا كان أقرب‬‫ًّ‬
‫ي‬
‫ه قضية عقلية وشواهد التاري خ ك ‪ :‬انتظار‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫• فالشاهد أن وثوقية الحديث النبوي ي‬
‫ن‬
‫بيقي أن هذا‬ ‫عقليا ترجح به‬ ‫ًّ‬ ‫عمارا تعطيك ن‬
‫متانا‬ ‫ً‬ ‫سيقتل‬ ‫الفريقي َ‬ ‫ن‬ ‫الصحابة أي‬
‫سيقتل لكنهم‬ ‫عمارا ُ‬‫ً‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬وأن الصحابة كانوا يعلمون أن‬ ‫حديث خرج من فم ي‬
‫الفريقي ن‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫أدب للحق!‬ ‫فقط يريدون أن يعرفوا أي‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫مستقل عىل صحة الرسالة لمن تأمل!‬ ‫• فهذا الحديث وحده برهان‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )216‬الصحيح المسند‪ ،‬الوادعي ح‪.1012:‬‬


‫(‪ )217‬صحيح مسلم ح‪.1064:‬‬
‫‪341‬‬
‫‪ -115‬هل من الممكن ِذ ْكر شواهد أخرى من إخباره ﷺبال ُمغيبات التي جرت بعد وفاته؟‬

‫ن‬
‫رص هللا عنهما قال‪:‬‬
‫أب طالب ي‬ ‫النن ﷺللحسن بن ي‬
‫عىل بن ي‬ ‫‪ ‬ذات ٍ‬
‫يوم قال ي‬
‫(‪)218‬‬
‫ين"‪.‬‬ ‫ن ِفئَ َت ْي ِن ِم َ‬
‫ن ال ُم ْسلِ ِم َ‬ ‫"ابْنِي هذا َس ِّيد‪ ،‬ولَ َعل اهلل ْ‬
‫أن ُي ْصلِ َح به ب ْي َ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬
‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫‪ ‬فحصل ما أخت به ﷺ بحرفه بعد ثالثي عاما من وفاته‪ ،‬حي حقن الحسن بن ي‬
‫عىل‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫عظيمتي من‬‫ن‬ ‫ن‬
‫فئتي‬ ‫هللا به ن‬
‫بي‬ ‫الدماء‪ ،‬وأصلح ُ‬
‫َ‬
‫ىم هذا العام عام ‪ 41‬هجرية‬ ‫ُ‬ ‫• فقد تنازل عن الخالفة لمعاوية ن‬
‫رص هللا عنه‪ ،‬وس ي‬ ‫ي‬
‫رص‬ ‫المسلمي فيه عىل يد الحسن بن عىل ن‬ ‫ن‬ ‫بعام الجماعة‪ ،‬فقد اجتمعت كلمة‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بي األمم‪.‬‬ ‫لنش اإلسالم ن‬ ‫هللا عنهما‪ ،‬وتفرغت األمة ر‬
‫ر‬
‫‪ ‬وأخت ﷺ بفتح بيت المقدس بعد وفاته فقال‪ " :‬ي‬
‫موب ثم فتح بيت المقدس"‪)21٩(.‬‬

‫سنوات فقط!‬ ‫ٍ‬ ‫• وقد حصل هذا بعد وفاته ﷺ بخمس‬


‫وبش ﷺ بفتح اليمن والشام والعراق‪ ،‬فحصل كل هذا كما أخت ﷺ‪.‬‬ ‫‪ ‬ر‬

‫وبش بفتح أكت ممالك العالم‪ :‬القسطنطينية وقد ُس ِئ َل ﷺ‪:‬‬


‫‪ ‬ر‬

‫َ‬
‫هرقل‬ ‫رسول اهللِ‪ :‬مدين ُة‬
‫ُ‬ ‫أوال القسطنطيني ُة أو رومي ُة؟ فقال‬‫"أي المدينت ْي ِن تُفت ُح ً‬
‫ُّ‬
‫َ (‪)220‬‬
‫أوال‪ :‬يعني قسطنطينية"‪.‬‬ ‫تُفت ُح ً‬
‫ُ‬
‫❑وحصل كما أخت ﷺ ‪ ،‬فقد فتحت القسطنطينية عىل يد محمد الفاتح رحمه هللا‪.‬‬

‫(‪ )218‬صحيح البخاري ح‪.7109:‬‬


‫(‪ )219‬صحيح البخاري ح‪.3176:‬‬
‫(‪ )220‬السلسلة الصحيحة ح‪.4:‬‬
‫‪342‬‬
‫‪ ‬ر‬
‫وبش ﷺ بفتح مرص‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫(‪)221‬‬
‫ون ِم ْص َر‪ ،‬فإذا َف َت ْح ُت ُموها فأ ْح ِ‬
‫سنُوا إلى ْ‬
‫أهلِها"‪.‬‬ ‫"إن ُك ْم َس َت ْف َت ُح َ‬

‫رص هللا عنه‬ ‫• وقد فتحت مرص كما أخت ﷺ ‪ُ ...‬فتحت نف زمن عمر بن الخطاب ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عام ‪ 21‬هجرية عىل يد عمرو بن العاص!‬
‫ن‬
‫فف كتاب السنكسار‬ ‫• وتروي كتب أهل الكتاب قصة فتح عمرو بن العاص لمرص‪ ،‬ي‬
‫ن‬ ‫ٌّ ُ ن‬
‫كنش يقرأ يف الكنائس أيام األحد وأيام األعياد النرصانية‪ ،‬يف هذا الكتاب‬ ‫ي‬ ‫وهو كتاب‬
‫َ ا‬
‫نقرأ كيف أن الكنيسة القبطية كانت مضطهدة أشد االضطهاد من الرومان‪ ،‬وكان‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫بنيامي بابا‬ ‫هائمي عىل وجوههم يف الصحراء‪ ،‬وكان األنبا‬ ‫الكهنة والقساوسة‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫الكنيسة األرثوذكسية ف ذاك الوقت هاربا ف الصحراء لمدة ثالثة ر‬
‫عش عاما بعد‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أن قتلوا أخاه أمام عينيه!‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫• وكان هذا حال كل قساوسة الكنيسة‪ ،‬فالكل هارب يف الصحراء من بطش الرومان‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫بنيامي ليدير الكنيسة‪،‬‬ ‫‪ ‬وبدخول عمرو بن العاص إىل مرص فاتحا‪ ،‬أرسل إىل األنبا‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫بنيامي‪ ،‬أرسل كتابا إىل سائر‬ ‫يقول السنكسار‪" :‬أما عمرو بن العاص فإذ علم باختفاء البابا‬
‫البالد المرصية يقول فيه‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )221‬صحيح مسلم ح‪.2543:‬‬


‫(‪ )222‬السنكسار‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪ ،249‬طبعة مكتبة المحبة‪.‬‬
‫‪343‬‬
‫النبي ﷺ ؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ -116‬وماذا عن أحداث آخر الزمان الغيبية التي تنبأ بها‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬


‫‪ ‬أخت ي‬
‫النن محمد ﷺ بأن من عالمات الساعة أن يتطاول رعاة األغنام يف البنيان‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫(‪)223‬‬
‫العرا َة العالَ َة ِرعا َء الشا ِء َي َتطا َولُ َ‬
‫ون في البُنْ ِ‬
‫يان"‪.‬‬ ‫"وأَ ْن تَ َرى ال ُحفا َة ُ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫العراة العالة‪ :‬هذه كلها صفات للفقر الشديد‪.‬‬ ‫‪ ‬الحفاة‬
‫‪‬ر َ‬
‫عاء الش ِاء‪ :‬رعاة أغنام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫• سوف تحصل لهم نقلة اقتصادية كتى‪ ،‬فيتطاولون ن يف البنيان!‬
‫رْ َ‬ ‫َ ن ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ َُ َ ن ُْ‬
‫‪ ‬يتطاولون يف البن ِ‬
‫تته‪)224(.‬‬
‫يان‪ :‬يتنافسون يف ار ِت ِ‬
‫فاع ِه وك ِ ِ‬
‫ً‬
‫مجموعة تتحدى األخرى أيتها أطول بنيانا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫• كل‬
‫ُ‬
‫عاء الش ِاء َمن يقصد بهم؟‬ ‫ُ‬
‫• وعندما سئل ﷺ عن هؤالء الح ِ‬
‫فاة العر ِاة العال ِة ِر ِ‬
‫• قال‪ :‬العرب‪.‬‬

‫‪ُ ‬سئل ﷺ‪:‬‬

‫(‪)225‬‬
‫ب"‪.‬‬ ‫ياع العال ُة قال‪َ :‬‬
‫الع َر ُ‬ ‫أصحاب الشا ِء وال ُحفا ُة ِ‬
‫الج ُ‬ ‫ُ‬ ‫هلل ومن‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫"يا‬

‫• فهذا التطاول ن يف البنيان سيحصل ن يف جزيرة العرب!‬


‫َ‬
‫العرب صار أشبه بظاهرة خرسانية عمالقة‪.‬‬
‫ي‬ ‫الخليج‬ ‫أن‬ ‫كيف‬ ‫رون‬ ‫ت‬ ‫• واليوم أنتم‬
‫• وهاهو برج خليفة أعىل بنيان شيده إنسان عىل‬
‫ن‬
‫وجه األرض‪ ...‬أطول برج يف العالم يقع اليوم‬
‫ن يف بالد العرب‪.‬‬

‫(‪ )223‬صحيح مسلم ح‪.8:‬‬


‫(‪ )224‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )225‬مسند أحمد‪ ،‬ح‪ ،2926:‬سند الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪344‬‬
‫ن‬
‫• وجدة تستعد هذا العام لتج أطول منه‪ ...‬برج المملكة‪ ،‬ليصبح أطول برج يف العالم‬
‫بارتفاع ألف ر‬
‫مت!‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫التطاول ن يف البنيان سمة ظاهرة ن يف مدن الخليج!‬
‫ُ‬ ‫• لقد أصبح‬
‫• وهذا من دالئل نبوتهﷺ‪.‬‬
‫• وأخت ﷺ أن من عالمات الساعة انتشار الزنا وظهوره!‬

‫‪ ‬فقال‪:‬‬

‫ب‬ ‫َه ُل‪ ،‬و ُي ْ‬


‫ش َر َ‬ ‫ت الج ْ‬ ‫العلْ ُم و َي ْثبُ َ‬
‫أن ُي ْر َف َع ِ‬
‫راط السا َع ِة‪ْ :‬‬ ‫أش ِ‬ ‫"إن ِمن ْ‬
‫(‪)226‬‬ ‫ه َر ِّ‬
‫الزنا"‪.‬‬ ‫ال َخ ْم ُر‪ ،‬و َي ْظ َ‬
‫ر‬ ‫الج ْه ُل‪ُ :‬يرفع العلم ر‬ ‫ْ ُْ َ َ ْ ُ َُْ َ َ‬
‫وينتش الجهل‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫الش‬ ‫العلم ويثبت‬ ‫‪‬أن يرفع ِ‬
‫وبالفعل فقد قل العلماء وقل طالب العلم‪ ،‬وظهر الجهل بأصول‬
‫بي األجيال الجديدة بصورة غت مسبوقة ن يف تاري خ هذه األمة!‬ ‫الدين ن‬
‫ن‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ رْ َ َ‬
‫شب الخ ْم ُر‪ ،‬ويظه َر الزنا‪ :‬أما ظهور الزنا يف العالم فهذا لم يحصل عت التاري خ‬ ‫‪‬وي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اإلنساب بهذه الصورة إال منذ سنوات قليلة يف الغرب‪ ،‬فقد ظهر الزنا يف الغرب وتقبله‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫الغرب‪.‬‬
‫ي‬ ‫خ‬ ‫التاري‬ ‫كل‬ ‫عت‬ ‫ا‬ ‫ممقوت‬ ‫الناس بكل أريحية‪ ،‬بعد أن كان‬
‫وانتشت المواقع اإلباحية!‬ ‫ر‬ ‫• ظهر الزنا‬
‫العلم وظهور الزنا!‬ ‫بي‪ :‬رفع ِ‬ ‫• ولو الحظتم نف الحديث الربط العجيب ن‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫األخالف يف الظهور‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ع بدأ الفساد‬ ‫ي‬ ‫• فإذا ُرفع العلم الش‬
‫ر‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫رؤوسا جهاًل فأفتوا بغت علم‪ ،‬فزالت الخشية من‬ ‫• إذا قل أهل العلم اتخذ الناس‬
‫القلوب‪ ،‬وتجرأ الناس عىل الفواحش نسأل هللا أن يحفظ األجيال القادمة‪.‬‬
‫ُ ُ ‪ُ َ ُ ََ َ ُ َ َََ :‬‬
‫الح ُمر"‪)227(.‬‬ ‫حن يتهارج الناس ُ‬ ‫• ولن تقوم الساعة ر‬
‫ِ‬ ‫تهارج الحمر " يتهارجون تهارج‬
‫حرصة الناس ال ر‬ ‫الح ُمر‪ :‬أي يرتكبون الفاحشة نف ن‬ ‫َََ َ ُ َ ََ ُ َ ُ‬
‫يكتثون لذلك‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬يتهارجون تهارج‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وأنهارا!‬ ‫‪ ‬وأخت ﷺ أن بالد العرب قبل يوم القيامة ستعود ُمروجا‬

‫يض‪ ،‬حتى َي ْخ ُر َج الر ُج ُل ب َزكا ِة مالِ ِه فال َي ِج ُد أ َح ًدا‬ ‫ُ‬


‫المال و َي ِف َ‬ ‫وم السا َع ُة حتى َي ْكثُ َر‬
‫"ال تَ ُق ُ‬
‫(‪)228‬‬
‫َي ْقبَلُها منه‪ ،‬وحتى تَ ُعو َد أ ْر ُض َ‬
‫الع َربِ ُم ُرو ًجا وأَنْها ًرا"‪.‬‬

‫(‪ )226‬صحيح البخاري ح‪.80:‬‬


‫(‪ )227‬صحيح مسلم ح‪.2937:‬‬
‫(‪ )228‬صحيح مسلم ح‪.157:‬‬
‫‪345‬‬
‫• سوف تؤدي الوفرة والرخاء أو تغتات َمناخية معينة إىل عودة ظهور المروج واألنهار‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫يف بالد العرب‪ ،‬وهذا كله ُمتوقع يف األعوام القادمة‪ ،‬وقد بدأت تظهر تباشت ذلك‬
‫واضحة ن يف بالد العرب‪.‬‬
‫فعلية إلحضار جبل من الجليد إىل‬‫ٍ‬ ‫حقيقية‬
‫ٍ‬ ‫محاوالت‬
‫ٍ‬ ‫• وسمعنا قبل شهور عن‬
‫اإلمارات إلحداث تغتات مناخية‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬


‫الساعة ر‬
‫وأنهارا!‬ ‫حن تعود أرض العرب مروجا‬ ‫• فال تقوم‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ ََ ُُ ً‬
‫وجا وأن ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هارا‪.‬‬ ‫حن ت ُعود أرض العر ِب مر‬ ‫حن ت ُعود"‪ ...‬ر‬
‫• والحظ كلمة‪ " :‬ر‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ يفهم منه أن أرض العرب يف األزمنة القديمة كانت مروجا‬ ‫• وهذا خت من ي‬
‫ً‬
‫وأنهارا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأنهارا‪ ،‬وسوف تعود مرة أخرى مروجا‬

‫‪‬فهل كانت أرض العرب في األزمنة القديمة مروجً ا وأنهارًا فع ًلا‬


‫وليست مجرد صحراء كما نراها اليوم؟‬
‫ن‬
‫علىم برئاسة ميشيل ربتاليا‬
‫ي‬ ‫فريق‬ ‫تشكيل‬ ‫عن‬ ‫أوكسفورد‬ ‫جامعة‬ ‫أعلنت‬ ‫‪2٠12‬‬ ‫عام‬ ‫ف‬‫‪ ‬ي‬
‫‪ Michael Petraglia‬مدير مركز دراسات اآلثار اآلسيوية‪ ،‬وكانت مهمة هذا الفريق‬
‫دراسة تضاريس الجزيرة العربية وأثناء دراسة التضاريس‪ ،‬تم اكتشاف شبكة قديمة من‬
‫وديان األنهار‪ ،‬وأحواض البحتات مطمورة تحت رمال جزيرة العرب‪)22٩(.‬‬

‫‪ ‬وهذا مصدر الدراسة من موقع جامعة أوكسفورد‪ :‬لقد ن‬


‫تبي أن شبكة أنهار وبحتات‬
‫يوما ما نف جزيرة العرب‪)2٣٠(.‬‬
‫كانت تجري ً‬
‫ي‬
‫‪)229( Michael Petraglia and Huw Grouchutt: The Prehistory of the Arabian Peninsula: Deserts, Dispersals, and Demography, Evolutionary‬‬

‫‪Anthropology, 21: 113–125 (2012).‬‬


‫‪)230( www.ox.ac.uk/news/2012-04-30-ancient-network-rivers-and-lakes-found-arabian-desert‬‬

‫‪346‬‬
‫‪ ‬وهذه إحدى الصور التي أخرجها الفريق العلمي لوديان األنهار في جزيرة العرب‪:‬‬

‫‪ ‬فمن الذي أخبر محمدًا ﷺ بحال جزيرة العرب قبل آالف السنين؟‬
‫أن الناس قبل يوم القيامة سيتركون‬ ‫‪ ‬ومَ ن الذي أخبر النبي محم ًدا ﷺ َّ‬
‫ركوب الدواب‪ ،‬مع َّ‬
‫أن هذا أمر لم تكن تتخيَّله العرب زمن البعثة النبوية‪،‬‬
‫فالدواب عليها يُحملون وعليها يضعون أثقالهم في السفر‪ :‬ﱡﭐ ﱁ‬

‫ﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة النحل‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫‪ ‬فأخت ﷺ أن الناس ر‬
‫سيتكون هذه الدواب‪ ،‬فال يركبون عليها‪ ،‬فقالﷺ‪:‬‬

‫(‪)231‬‬
‫"ولَ ُت ْت َر َكن ال ِق ُ‬
‫الص فال ُي ْس َعى عليها"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫❑ ت رتك فال تركب وال تمتًط!‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المحن‬
‫وف وقت ُِ‬ ‫ي‬ ‫❑ لكن البعض هنا قد يستشكل أن ترك القالص يكون يف نهاية الزمان‪،‬‬
‫ً‬
‫الكتى‪ ،‬ونزول عيش ابن مريم عليه السالم‪ ،‬وهذا صحيح لكن هذا ال يمنع أيضا أن ت رتك‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫كبات‬
‫ٍ‬ ‫مر‬ ‫عن‬ ‫الزمان‬ ‫آخر‬ ‫آيات‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ث‬‫تحد‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ‫قبل هذا الزمن بوقت‪،‬‬
‫سيستحدثها ر‬
‫البش‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫لون على أبوابِ‬


‫ينز َ‬
‫ِّحال ِ‬
‫بون على ُسروجٍ كأشبا ِه الر ِ‬ ‫سيكون في آ ِخ ِر أمتي رجال َ‬
‫يرك َ‬ ‫ُ‬ ‫"‬
‫(‪)232‬‬
‫جاف"‪.‬‬
‫الع ِ‬
‫ت ِ‬‫رؤوسهن كأسنم ِة البُ ْخ ِ‬
‫ِ‬ ‫المساج ِد نسا ُؤهم كاسيات عاريات على‬
‫ن‬ ‫‪ُ ‬شوج كأشباه الرحال‪ :‬هل هذه صورة ُمتعينة نف رشء ر‬
‫ه متعينة يف المركبات‬
‫ي‬ ‫مما‬ ‫أكت‬ ‫ي ي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديثة‪ ...‬السيارات؟‬

‫ش ٌء يشبه الرحال‪.‬‬‫ر‬
‫حال‪ :‬ليست رحال‪ ،‬ولكنها ي‬
‫كأشباه الر ِ‬
‫ِ‬ ‫‪‬‬

‫❑ ولو أكملنا الحديث سنفهم أن المقصود بالفعل مركبات‬


‫أناس ُم رتفون‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حديثة بها‬
‫ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫نن َ‬
‫البخ ِت‬ ‫كأسنمة‬
‫ِ‬ ‫رؤوسهن‬‫ِ‬ ‫المساجد نساؤهم كاسيات عاريات عىل‬
‫ِ‬ ‫أبواب‬
‫ِ‬ ‫يتلون عىل‬ ‫❑ ِ‬
‫جاف!‬
‫الع ِ‬
‫ِ‬
‫الب ْخت العجاف‪ :‬فهذا شكل أصحاب ر‬
‫التف من النساء ن يف زماننا‪.‬‬ ‫‪‬كأسنمة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫جاف"‪،‬‬‫الع ِ‬ ‫كأسنمة البخ ِت ِ‬ ‫ِ‬ ‫رؤوسهن‬
‫ِ‬ ‫❑ فهذا التوصيف‪" :‬نساؤهم كاسيات عاريات عىل‬
‫ال يكون لمن يركب جمل أو دابة بحيث أن زوجته من خلفه تجلس كاسية عارية ر َ‬
‫أسها‬
‫يتل عىل باب‬ ‫الب ْخت‪ ،‬هذا ليس حال من يركب الدواب‪ ،‬وإنما لمن يركب سيارة ن ن‬ ‫كأسنمة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫كأسنمة البخ ِت‬
‫ِ‬ ‫المسجد‪ ،‬وزوجته يف السيارة زي ها يفي الناس‪ ،‬ورأسها تبدو من السيارة‬
‫جاف‪.‬‬‫الع ِ‬‫ِ‬
‫❑ فهذا توصيف لمن يركبون مركبات حديثة‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )231‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري ح‪ ،3448 :‬صحيح مسلم ح‪.155:‬‬


‫(‪ )232‬صحيح ابن حبان ح‪.5753:‬‬
‫‪348‬‬
‫ُ ُ‬
‫‪ ‬وأخت ﷺبفشو التجارة ن يف آخر الزمان‪ ،‬فقالﷺ‪:‬‬

‫عين المرأ ُة زو َجها على‬ ‫تسليم الخاص ِة‪ ،‬وفش َو التجار ِة حتى تُ َ‬ ‫َ‬ ‫"إن بين يديِ الساع ِة‬
‫(‪)233‬‬
‫القلم"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وكتمان شهاد ِة ِّ‬
‫الحق‪ ،‬وظهو َر‬ ‫َ‬ ‫ور‪،‬‬ ‫األرحام‪ ،‬وشهاد َة ُّ‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقطع‬
‫َ‬ ‫التجار ِة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫عرف!‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫من‬ ‫عىل‬ ‫إال‬ ‫سلم‬ ‫ت‬ ‫الخاصة‪ :‬ي‬
‫يعن ال‬ ‫ِ‬ ‫تسليم‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫تنتش التجارة بصورة عظيمة يف العالم‪ ،‬واليوم هذا مشاهد‬ ‫التجارة‪ :‬حيث‬ ‫ِ‬ ‫‪‬وفشو‬
‫بقوة!‬
‫‪ ‬انظروا إلى حجم التجارة العالمية كيف أصبح؟‬
‫التجارة‪ :‬نزول المرأة بصورة مكثفة إىل سوق العمل‪.‬‬ ‫عىل‬ ‫ها‬
‫ُ َ‬
‫زوج‬ ‫أة‬ ‫ر‬ ‫الم‬ ‫حن ُت نَ‬
‫عي‬ ‫‪ ‬ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫شهادة الحق‪ :‬وهذا كله ُمشاهد اليوم‪.‬‬ ‫وكتمان‬ ‫‪،‬‬‫ور‬ ‫الز‬ ‫وشهادة‬ ‫األرحام‪،‬‬ ‫َ‬
‫وقطع‬ ‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬
‫العلم‪ ،‬فقد قل‬ ‫القلم‪ :‬انمحت األمية من أغلب بالد العالم‪ ،‬ومع ذلك رفع ِ‬ ‫ِ‬ ‫وظهور‬
‫ع‪.‬‬ ‫ر‬
‫االهتمام بالعلم الش ي‬
‫‪ ‬وأخت ﷺ بأنه‪:‬‬
‫(‪)234‬‬‫ُ‬
‫األسواق"‪.‬‬ ‫ب‬
‫ب وتتقا َر َ‬ ‫ن‪ ،‬و َيكثُ َر َ‬
‫الك ِذ ُ‬ ‫ظه َر ال ِف َت ُ‬
‫قوم الساع ُة حتى تَ َ‬
‫"ال تَ ُ‬
‫الن نستقيها من مواقع‬ ‫كت الك ِذ ُب‪ :‬ترون كيف ك رُ َت الكذب‪ ،‬فأغلب المعلومات ر‬ ‫وي رُ َ‬
‫َ‬
‫‪‬‬
‫ي‬ ‫رُ‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫مؤخرا صارت مشكوكا يف صحتها‪ ...‬كت الكذب!‬ ‫ً‬ ‫التواصل‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وتتقارب األسواق‪ :‬تجد الرجل يف بيته يتاجر بماله يف رشق العالم وغربه يف نفس‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫الوقت‪ ،‬وتنتقل التجارات العمالقة ن‬
‫قليلة‪ ،‬فقد تقاربت‬
‫ٍ‬ ‫ساعات‬
‫ٍ‬ ‫بي أسواق العالم يف‬
‫ن‬ ‫ر ن‬ ‫ًّ‬
‫حن يف أماكنها فتجد السوق "المول الكبت" بجواره يف نفس‬ ‫األسواق جدا‪ ،‬وتقاربت‬
‫الشارع مول كبت آخر!‬
‫‪ ‬وأخت ﷺ أنه قبل قيام الساعة سوف ينقلب الناس وتتبدل المفاهيم!‬
‫‪ ‬فقال ﷺ‪:‬‬
‫ب فيها الصا ِد ُق‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬و ُيكذ ُ‬ ‫الناس سنوات خداعات‪ُ ،‬يصد ُق فيها الكا ِذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫"سيأتِي على‬
‫الرو ْيبِض ُة؟‬ ‫الرو ْيبِ َض ُة‪ِ .‬ق َ‬
‫يل‪ :‬وما ُّ‬ ‫وينط ُق فيها ُّ‬
‫ِ‬ ‫األمين‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ن‪ ،‬و ُيخو ُ‬ ‫و ُيؤتَ َم ُ‬
‫ن فيها الخائِ ُ‬
‫قال‪ :‬الر ُج ُل التا ِف ُه ي َتكل ُم في ِ‬
‫(‪)235‬‬
‫أمر العام ِة"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫الحمف‪ ،‬وكذب أصحاب الدعوات الصادقة‪ ،‬وتبدلت الكثت من المفاهيم!‬ ‫‪ ‬ظهر‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾18‬سورة محمد‪.‬‬

‫(‪ )233‬السلسلة الصحيحة ح‪.647:‬‬


‫(‪ )234‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري ح‪ ،1036:‬صحيح مسلم ح‪.157:‬‬
‫(‪ )235‬صحيح الجامع ح‪.3650:‬‬
‫‪349‬‬
‫❑ أشراط الساعة جاءت ونراها بأعيننا واهلل‪.‬‬
‫‪ ‬وأخت ﷺ أن األمم سوف تتداع علينا‪:‬‬

‫كل أُ ُفقٍ‪ ،‬كما تَدَاعَى ْاألَ َكلَ ُة إلى َق ْص َعتِها‪ ،‬قيل‪:‬‬


‫األمم من ِّ‬
‫ُ‬ ‫ك أن تَدَاعَى عليكم‬
‫وش ُ‬
‫" ُي ِ‬
‫ن‬‫هُ‬‫ْع ُل الْ َو َ‬ ‫رسول اهللِ! ف ِمن ِقل ٍة َي ْو َمئِ ٍذ؟ قال ال‪ ،‬ولكنكم ُغثاء ُ‬
‫كغثا ِء الس ْي ِل‪ُ ،‬يج َ‬ ‫َ‬ ‫يا‬
‫(‪)236‬‬
‫َ‬
‫الموت"‪.‬‬ ‫اه َيتِ ُكم‬ ‫ب من قلوبِ َع ُدوِّكم؛ لِ ُحبِّ ُك ُم الدنيا َ‬
‫وك َر ِ‬ ‫في قلوبِكم‪ ،‬و ُينْ َز ُع ُّ‬
‫الر ْع ُ‬
‫ًّ‬
‫األمة اإلسالمية عددها كبت جدا لكنها غت مؤثرة ن يف العالم!‬
‫ً‬
‫فهل وجدتم زمانا تنطبق فيه هذا النبوءة كزماننا؟‬
‫سيكت ن يف أمتنا ويفيض‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬وأخت ﷺ أن المال‬
‫(‪)237‬‬
‫ال‪َ ،‬ف َي ِف َ‬
‫يض"‪.‬‬ ‫وم السا َع ُة حتى َي ْكثُ َر ِف ُ‬
‫يك ُم ال َم ُ‬ ‫َ"ال تَ ُق ُ‬
‫ا‬
‫• وبالفعل أصبحت بعض البالد اإلسالمية اليوم من أعىل مجتمعات العالم رفاهة‪،‬‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫وأكتها دخًل عىل اإلطالق!‬
‫• وأخت ﷺ أن من عالمات الساعة أن ُتخرج األرض كنوزها بكميات كبتة ر‬
‫حن‬
‫لكتته‪ ،‬فقالﷺ‪:‬‬‫ستغن عن المال ر‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ي‬

‫هبِ والْ ِفض ِة‪َ ،‬ف َي ِجي ُء القاتِ ُل‬ ‫" تَ ِقي ُء األ ْر ُض أ ْفال َذ َكبِ ِدها‪ ،‬أ ْم َ ُ‬
‫ن الذ َ‬ ‫ثال ْاأل ْس ُط ِ‬
‫وان ِم َ‬
‫ت َر ِح ِمي‪ ،‬و َي ِجي ُء‬ ‫قول‪ :‬في هذا َق َط ْع ُ‬ ‫القاط ُع ف َي ُ‬‫ِ‬ ‫ت‪ ،‬و َي ِجي ُء‬ ‫قول‪ :‬في هذا َق َتلْ ُ‬‫ف َي ُ‬
‫(‪)238‬‬
‫ون منه شيئًا"‪.‬‬ ‫ت َي ِدي‪ ،‬ثُم َي َدعُونَ ُه فال َيأْ ُخ ُذ َ‬ ‫قول‪ :‬في هذا ُق ِط َع ْ‬ ‫ار ُق ف َي ُ‬
‫الس ِ‬
‫ن‬
‫• وكل يوم هناك تطور يف طرق استخراج المعادن النفيسة من باطن األرض‪ ،‬وقد‬
‫ً‬
‫يستا‬ ‫تظهر آلية متطورة تجعل إخراج الذهب والمعادن النفيسة من األرض ً‬
‫أمرا‬
‫فحينها تقل قيمتها ويزهدها الناس!‬
‫رُ‬
‫وكت المعروض‪ ،‬قل الطلب‪ ،‬وبدأ الناس يألمون؛ ألنهم‬ ‫• فإذا زاد استخراج الذهب‪،‬‬
‫والمعاص ن يف سبيل الحصول عىل هذا العرض التافه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ارتكبوا الذنوب‬
‫تَ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫ُ َ ُ‪ :‬ن‬ ‫ويح ُ‬ ‫ََْ ُ َ‬ ‫ُ َ ُ‪ :‬ن‬ ‫َ‬
‫"ف َيح ُ‬
‫ىم‪،‬‬ ‫ح‬
‫ِ ِي‬ ‫ر‬ ‫ع‬‫ط‬ ‫ق‬ ‫هذا‬ ‫ف‬ ‫قول‬ ‫في‬ ‫ع‬ ‫القاط‬
‫َِ‬ ‫ء‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫هذا‬ ‫ف‬ ‫قول‬‫في‬ ‫ل‬‫القات‬
‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫ً‬ ‫َ ْ ُ ُ يَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ي ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ي ُ َ ُ ن ي ُ َ ْ‬
‫حء الس ِارق فيقول‪ :‬يف هذا ق ِطعت ي ِدي‪ ،‬ثم يدعونه فال يأخذون منه شيئا"‪ :‬يزهدون‬ ‫وي ِ ي‬
‫فيه ر‬
‫لكتته!‬

‫(‪ )236‬صحيح الجامع ح‪.8183:‬‬


‫(‪ )237‬صحيح البخاري ح‪.1412:‬‬
‫(‪ )238‬صحيح مسلم ح‪.1013:‬‬
‫‪350‬‬
‫ن ن‬ ‫ر‬
‫تاريح يف أسعار الذهب األسود "النفط‬ ‫ي‬ ‫كتابن لهذا الكتاب حصل انهيار‬
‫ي‬ ‫• وأثناء‬
‫وثالثي دوالراً‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ا‬
‫األمريك"‪ ،‬فنتيجة لكتة المعروض‪ ،‬صار يباع بسالب سبعة‬
‫ي‬ ‫الخام‬
‫ن‬
‫للتميل يف العقود اآلجلة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫يعن ر‬‫ن‬
‫دوالرا من البائع!‬ ‫وثالثي‬ ‫تشتي برميل نفط‪ ،‬وتحصل عىل سبع‬ ‫• ي‬

‫ُ‬ ‫ن‬
‫❑ فائض إنتاج ضخم‪ ،‬أدى لحصول مشكلة يف أماكن تخزين النفط‪ ،‬فأصبح يباع‬
‫بالسالب!‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫❑ األحاديث نف باب اإلخبار بالمغيبات ر‬
‫الن وقعت كثتة‪ ،‬واألحاديث يف باب اإلخبار‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫هدف فقط‬‫ي‬ ‫والن نراها اليوم أمام أعيننا أيضا كثتة‪ ،‬لكن أنا‬
‫ي‬ ‫بعالمات قرب الساعة‬
‫لمثىل بهذا؟‬ ‫استحضار رشء من األدلة نف كل باب‪ ،‬وليس حرص كل أدلة الباب‪ ...‬ن‬
‫فأب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪‬وأنا أختم هذا الكتاب ببشارة النبي محمد ﷺ بانتشار دين هللا في كل‬
‫مكان‪ ،‬وفي كل بيت على وجه األرض قبل يوم القيامة‪ ،‬وقبل نزول اآليات‬
‫الكبرى!‬
‫ً‬ ‫َ ً‬
‫فكما أن هناك ضعفا ووهنا سيصيب هذه األمة‪ ،‬إال أن هناك عودة قوية لدين هللا بعد‬
‫هذا الوهن‪ ،‬وهناك انتشار عظيم لدين هللا سيحصل!‬

‫❑وسيعود مجد اإلسالم قبل قيام الساعة‪.‬‬

‫(‪)239‬‬
‫اإلسالم"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َر وال َوبَ ٍر إال أ ْد َخلَه اهلل َكلِم َة‬
‫يت َمد ٍ‬
‫األرض بَ ُ‬
‫هر ِ‬ ‫"ال َيبْقى على َظ ِ‬
‫ُ‬

‫(‪ )239‬تخريج المسند ح‪ ،23814:‬سند الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫‪351‬‬
‫❑ بل وسوف تُفتح روميَّة قبل قيام الساعة!‬

‫ُ‬
‫رسول اهللِ‪:‬‬ ‫أوال القسطنطيني ُة أو رومي ُة؟ فقال‬
‫أي المدينت ْي ِن تُفت ُح ً‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ‪ُّ :‬‬ ‫"سئِ َل‬
‫ُ‬
‫أوال‪ :‬يعني قسطنطيني َة"‪.‬‬
‫(‪)240‬‬
‫هرقل تُفت ُح ً‬
‫َ‬ ‫مدين ُة‬
‫ُ‬
‫‪ ‬وقد فتحت القسطنطينية عىل يد محمد الفاتح بعد ثمانمائة عام من هذه البشارة‪،‬‬
‫وسوف تفتح رومية‪ ،‬شاء العالم أو أب!‬
‫ﭐﱡﭐﲄﲅﲆﲇﲈﲉ ﱠ﴿‪ ﴾47‬سورة إبراهيم‪.‬‬
‫فمن ُعدنا لدين هللا عاد المجد لهذه األمة وهذا سيحصل وال بد‪:‬‬
‫‪ ‬ر‬
‫(‪)241‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإلسالم كل بيت عىل وجه األرض ق ِبله من ق ِبله وتركه من تركه‪.‬‬ ‫❑ وسوف يدخل‬
‫ن‬ ‫ر ن‬ ‫ُ‬
‫وي ر‬
‫المسلمي سيكونون‬ ‫سينتش يف جنبات األرض‪ ،‬وأن أمة‬ ‫بش ﷺ أن هذا الدين‬ ‫❑ بل‬
‫َ‬
‫الجنة"‪)242(.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأكت‪ " :‬نإب أل ْر ُجو أن تكونوا ن ْص َ‬
‫نصف أهل الجنة ر‬
‫ِ‬ ‫ف أه ِل‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫‪ ‬أمة عظيمة تمأل اآلفاق!‬
‫وبفضل هللا ومع ما نحن فيه من ضعف إال أن اإلسالم صار ر‬
‫ينتش بالفعل وبقوة!‬ ‫•‬
‫وأثرا عىل اإلطالق!‬ ‫ً‬
‫انتشارا ً‬ ‫واإلسالم اليوم هو أشع ديانات األرض‬ ‫•‬
‫َ‬
‫يبق إال اإلسالم وبقايا ديانات وعلمانية‪ ...‬هذا شكل األرض اليوم!‬ ‫ولم‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫اإلسالم لمرحلة أنه سيدخل كل بيت عىل وجه األرض‪ ،‬وسيعود المجد‬ ‫فسوف يصل‬ ‫•‬
‫ُ َ‬ ‫ا‬
‫لهذه األمة مرة أخرى‪ ،‬ووهللا لتفتحن رومية!‬

‫أصلح هللاُ البالد والعباد‬


‫اللهم آمين‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )240‬السلسلة الصحيحة ح‪.4:‬‬


‫(‪ )241‬صحيح البخاري ح‪.3612:‬‬
‫(‪ )242‬صحيح البخاري ح‪.6528:‬‬
‫‪352‬‬
‫الباب السابع‬
‫تفكيك ُّ‬
‫الشبْهة‬

‫‪353‬‬
‫مقدمة‬

‫‪ ‬هناك جهود محمومة وإصرار عجيب على تضخيم الشبهات حول‬


‫أن‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يستوقفني كثيرًا في هذا األمر هو َّ‬ ‫اإلسالم من قبل الملحدين‪ ،‬والذي‬
‫ر‬ ‫ِ‬
‫جهد أن يقطعوا بأنه من عند بش‪،‬‬
‫كتاب هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬لوكان من عند غت هللا ألمكنهم بأيش ٍ‬
‫ولما احتاجوا لمعاناة زخرفة الشبهة وتضخيمها‪ ،‬وترقيع االستشهادات عليها؛ ليصنعوا كل هذه‬
‫ٌ‬
‫تناقض‪ ،‬وهللا ما كانوا ليحتاجوا لكل هذا!‬ ‫ُ‬
‫شعروا متابعيهم أنها‬
‫الضبابية‪ ،‬وي ِ‬
‫ﱭﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ‬
‫ﱮ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ‬

‫ﱸﱠ﴿‪ ﴾82‬سورة النساء‪.‬‬


‫ُ‬
‫معن الشبهة فه ْم أمام دين معصوم‪ ...‬دين‬ ‫‪ ‬لكن لما اصطدموا باإلسالم َن َس ْوا ر‬
‫حن ن‬

‫ﲊﲌ‬ ‫ﲋ‬ ‫بي يديه وال من خلفه‪:‬ﭐﱡﭐﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉ‬ ‫ال يأتيه الباطل من ن‬

‫ﲍﲎﲏﱠ ﴿‪ ﴾42‬سورة فصلت‪.‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫• فأصبحوا يرقعون الشبهات عىل أمل أن تتحول هذه الشبهات يف أذهان السذج إىل‬
‫تناقضات حقيقية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تزيي كالم تقطع‬ ‫إسهاب أو‬
‫ٍ‬ ‫تفصيل أو‬
‫ٍ‬ ‫وف الواقع فالتناقض بمجرد النظر إليه دون‬‫• ي‬
‫بأنه تناقض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬
‫مدع ٍّ‬
‫عام يهاجمه‪ ،‬ويثبت للناس أنه تناقض‪ ،‬بل مجرد‬ ‫• فال يحتاج التناقض إىل‬
‫عرضه كاف ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ِ ِ ٍ‬

‫‪ ‬ومثال ىلع ذلك‪:‬‬


‫بن إشائيل بعد أن وقع فيها التحريف‪ ،‬نجد هذين النص ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫واحد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ي عن شخص‬‫ِ‬ ‫يف توراة َ ْي‬
‫واس مه أخز َيا الملك‪ ،‬تقول التوراة ن يف النص األول‪:‬‬

‫ي َمل َك‪.‬‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ن َ رْ َ‬
‫ين َس َن اة ح نَ‬
‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ي و ِع ِ‬ ‫‪ ‬وكان أخزيا ابن اثنت ِ‬
‫الثاب‪ ،‬إصحاح‪ 8 :‬عدد‪.26 :‬‬ ‫‪ ‬وقد ورد هذا النص نف سفر الملوك ن‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪354‬‬
‫‪ ‬ثم تقول التوراة في النص الثاني عن َأ َخ ْزيَا الملك ً‬
‫أيضا‪:‬‬
‫ي َس َن اة ح نَ‬
‫ي َمل َك‪.‬‬ ‫ي َوأ ْر َبع نَ‬‫ن‬ ‫ان أ َخ ْز َيا ْاب َن ْاث َن َت ْ‬
‫َ‬
‫‪‬ك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثاب‪ ،‬إصحاح‪ 22 :‬عدد‪.2 :‬‬ ‫❑ وقد ورد هذا النص نف سفر أخبار األيام ن‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫تعليق بكلمة واحدة يجعلك تقطع بأن أحدهما‬‫ٍ‬ ‫دون‬ ‫النصي‬ ‫هذين‬ ‫ف‬‫• مجرد النظر ي‬
‫أو كالهما غت صحيح‪.‬‬
‫إسهاب‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• ال حاجة لتضخيم ٍ‬
‫كالم أو‬
‫يي الشبهة حول اإلسالم‪ ،‬وبذل كل هذه الجهود سببه أنهم‬ ‫لت ن‬‫• فحاجة المالحدة ر ن‬
‫معصوم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أمام دين‬
‫ٌ‬
‫نقدهم ُموجه‬
‫• والغريب أن المالحدة عندهم عاطفة خاصة تجاه اإلسالم‪ ،‬فأغلب ِ‬
‫لإلسالم وحده‪ ،‬وكأنهم ُيقررون أنه حائط الصد األخت ن يف هذا العالم‪.‬‬

‫‪‬ومنتهى شبهاتهم حول اإلسالم إمَّ ا‪:‬‬


‫ن‬
‫❑ آثار ضعيفة ال تصح‪ ،‬أو خطأ يف فهم لغة العرب‪ ،‬أو عدم استيعاب ٍ‬
‫لباب من أبواب‬
‫إله ُم ن‬
‫عي‪.‬‬ ‫تشي ع ٍّ‬ ‫الحكمة اإللهية نف ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫‪ ‬وهذا ما سنوضحه ن يف هذا الباب‪...‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫معصوما‪ ،‬ولن تستقيم لملحد شبهة إال بالكذب أو‬ ‫ويبف القرآن إىل قيام الساعة‬ ‫❑‬
‫الوهم‬
‫ن‬ ‫البي ن‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ئ‬
‫فتهق الباطل يف غمضة‬ ‫يأب الحق‬
‫أو التصور الخاط أو هذه األمور مجتمعة‪ ،‬ثم ي‬
‫ن‬
‫عي‪.‬‬
‫ﭐ‪‬ﱡﭐ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﱠ ﴿‪ ﴾18‬سورة‬
‫األنبياء‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪355‬‬
‫‪‬لكن هنا السؤال‬

‫‪ -117‬لماذا ما زالت هناك شبهات؟‬

‫‪ ‬لماذا ال يكون الدين بال شبهات؟‬


‫ٌ‬
‫دين بال شبهات أدْ عى لدخول الناس فيه بسهولة؟‬ ‫‪ ‬أليس‬

‫• ن‬
‫معن الدين‪.‬‬
‫• فالدين يقوم عىل بديهة وجود نسبة متشابه‪ ...‬نسبة ُش ُبهات‪َ ،‬لي ن‬
‫مت هللا الخبيث‬
‫من الطيب‪.‬‬

‫نا‬ ‫نا‬
‫ٌّ‬
‫طبيع‬
‫ي‬ ‫مقتض‬ ‫‪...‬‬ ‫اإلله‬
‫ي‬ ‫للتكليف‬ ‫ٌّ‬
‫طبيع‬
‫ي‬ ‫مقتض‬ ‫‪ ‬فوجود هذا املتشابه هو‪:‬‬
‫لالختبار‪.‬‬
‫َْ‬ ‫ً‬
‫الشء‪ ،‬ويث ُبت من‬
‫ر‬
‫• فأنت ترى شيئا يشتبه عليك فهمه فيضل من يريد الضالل بهذا ي‬
‫يريد الحق؛ لما عنده من أدلة قطعية عىل اإليمان‪.‬‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ...‬ﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘ ﲙﲚﲛﲜﲝﲞ‬

‫ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﱠ ﴿‪ ﴾٣1‬سورة‬
‫المدثر‪.‬‬

‫‪ ‬ماذا أراد هللا بهذا الشيء الذي يخفى علينا؟‬


‫ن‬ ‫‪ ‬رن‬
‫فيتلزل إيمان َمن يريد الضالل‪ ،‬ويتأكد اإليمان يف قلوب آخرين‪ ،‬وهلل الحكمة البالغة‬
‫ن يف كل هذا‪.‬‬
‫ﱳ ﱵﱶ‬
‫ﱴ‬ ‫‪ ‬وقال عز ِمن قائل‪ :‬ﭐﱡﭐﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲ‬

‫ﱼﱾﱿﲀﲁﲂﲃ ﲄ ﲅ‬
‫ﱽ‬ ‫ﱷﱸﱹ ﱺﱻ‬

‫ﲍ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﱠ ﴿‪﴾26‬‬
‫ﲎ‬ ‫ﲆﲈﲉﲊﲋﲌ‬
‫ﲇ‬
‫سورة البقرة‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫ﱼ‪ :‬يفهمون مراد هللا من كالمه‪ ،‬وما‬
‫ﱽ‬ ‫‪ ‬ﱵ ﱶ ﱷﱸﱹﱺ ﱻ‬
‫لم يفهموه َي ِكلون علمه وحكمته إىل هللا‪ ،‬وهذا موقف المؤمن‪.‬‬

‫ﲆ‪ :‬أما َمن يريد الكفر فإنه ر‬


‫يعتض‬ ‫ﲇ‬ ‫‪ ‬ﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅ‬
‫ا‬
‫ﲍ)‪.‬‬
‫ﲎ‬ ‫كفرا إىل كفره (ﲈﲉﲊﲋﲌ‬
‫فتداد ً‬
‫مثًل؟ ن‬ ‫ويقول‪ :‬ماذا أراد هللا بهذا‬

‫ر ْ‬ ‫ن‬
‫حن يت َب َعها َمن يريد الكفر‪.‬‬ ‫البديه أن تجد الشبهات يف دين هللا‬
‫ي‬ ‫• فمن‬
‫‪ ‬فقد شاء هللا بحكمته أن يكون هناك إيمان وكفر‪:‬ﭐﱡﭐﱕﱖﱗﱘﱙ ﱚﱛﱜ ‪..‬‬
‫ﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة التغابن‪.‬‬

‫واآلن اقرأ هذه اآلية العجيبة وتدبر‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈﲉ ﲊ ﲋﲌ ﲍﲎ‬


‫ﲓ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ﲔ‬ ‫ﲏﲐﲑ ﲒ‬

‫فهناك مُ ح َكمٌ ‪ ،‬وهناك مُ تشاب ٌه‪.‬‬


‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ات‪ُ :‬‬ ‫ْ َ ٌ‬ ‫َ ٌ‬
‫المحكم هو أدلة الدين‪ ،‬وأدلة صحة الرسالة‪ ،‬واألمور القطعية‬ ‫‪ ‬آيات محكم‬
‫ُ ُ ْ َ‬ ‫الثابتة‪ ،‬فهذه كلها ُ‬
‫اب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫وه‬ ‫مات‪،‬‬ ‫حك‬ ‫م‬
‫ُ ُ‬ ‫َُ َ ُ َُ َ َ ٌ‬
‫‪ ‬وأخر متش ِابهات المتشابه هو ما استغلق فهمه‪ ،‬أو خفيت حكمته عىل بعض الناس‬
‫‪:‬‬
‫أو كلهم‪.‬‬
‫فمن كان يف قلبه زي غ‪ :‬ﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﱠ ﴿‪﴾7‬‬
‫ن‬ ‫‪َ ‬‬

‫سورة آل عمران‪.‬‬
‫َْ ٌ‬ ‫ن‬
‫• فالذي يف قلبه زي غ أو مرض سيتبع هذا المتشابه‪ ...‬سيتبع الشبهات ﲞﲟ‪،‬‬
‫أي‪ :‬ابتغاء الكفر‪.‬‬
‫أناس يبتغون الكفر ًّ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫فعليا‪ ...‬يبتغون الدنيا ولو عىل حساب اآلخرة‪ ،‬قد غلبت‬ ‫❑ إذن هناك‬
‫أهواؤهم عقولهم‪ ،‬فأمثال هؤالء يبحثون عن مزيد شبهات ر‬ ‫ُ‬
‫حن يطمئنوا لما هم عليه‬
‫فيعاقرون األهواء‪ ،‬وقد خدروا ضمائرهم وفطرهم‪.‬‬ ‫من ضالل‪ُ ،‬‬

‫‪357‬‬
‫ً‬ ‫تبن أفكار شاذة ولوكانت ً‬ ‫ن ن نا‬ ‫َ َ‬
‫كفرا وإلحادا‪ ،‬فبهذا‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ه‬‫وتمت‬ ‫وجاهته‬ ‫جد‬ ‫ي‬ ‫❑ وهناك منهم من‬
‫نا‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُيشار إليه ن‬
‫يتبن الشبهات‬ ‫بي أقرانه وب هذا يعد وجيها بينهم يف نظره‪ ،‬فمثل هذا أيضا‬
‫ويثتها ن‬
‫بي أقرانه‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫❑ وهناك من تغره معارف علمية مادية؛ فيشعر بزهو نفسه إذا ضبط معادلة رياضية‬
‫فيستعىل عىل‬
‫ي‬ ‫وك ْ ُت تحصي ِله؛‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫أو درس علما يند به بي الناس‪ ،‬فيدخله عجب نفسه‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫فيكذب ببعض رشع هللا‪،‬‬ ‫لشع ربه‪ ،‬ويرغب عما خفيت حكمته من دين هللا‪ُ ،‬‬ ‫االنقياد ر‬

‫ويتبع هوى نفسه ﱡﭐ‪ ..‬ﲑﲒﲓﲔﲕ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥6‬سورة غافر‪.‬‬

‫االجتماع عىل أوضاع‬


‫ي‬ ‫❑ وهناك َمن يكفر ويرتد عن دين ربه كنوع من أنواع التمرد‬
‫نة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫معي ٍ‬
‫أمر ما كمشكلة نفسية أو ضيق‪ ،‬فجعل تنفيس كل هذا بالكفر بالدين‪،‬‬ ‫أو ربما حصل له ٌ‬
‫والردة عن اإلسالم‪ ،‬وإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬

‫ألسباب أخرى كثتة‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫❑ وهناك َمن يكفر ويرتد عن دين ربه‬
‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫حرفيا‪ ،‬ويطمئنون للشبهة‪ ،‬وال يرغبون يف‬ ‫جميعا يبتغون الكفر‬ ‫• فأمثال هؤالء‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫االنتقال عنها للمحكم‪ ،‬وهؤالء جميعا عليهم أن يبشوا فسيجدوا من المتشابه ما‬
‫يجعلهم يطمئنون لكفرهم‪ :‬ﭐ‬
‫ﱡﭐﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﱁﱂﱃﱠ سورة الليل‪.‬‬

‫ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﱠ ﴿‪ ﴾٥‬سورة‬


‫الصف‪.‬‬

‫‪ ‬فمن أراد المتشابه فليطمئن‪ :‬س َيج ُد ُه!‬


‫ِ‬
‫‪ ‬واملتشابه ىلع نوعين‪:‬‬

‫‪ -1‬متشابه ن يف الدين‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ن‬
‫المشاهدة كالسماء واألرض‪ ،‬وخلق الناس والحيوان‪.‬‬ ‫‪ -2‬ومتشابه يف اآليات‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫فقد ترى ن يف الدين ما ال تفهمه؛ فتتولد عند َمن يريد الضالل الفتنة!‬

‫‪358‬‬
‫َ‬
‫شاهدة‪ ،‬فإذا نظرت إىل السماء‪ ،‬ونظرت إىل‬ ‫‪ ‬وقد ترى المتشابه في اآليات المُ‬
‫ا‬ ‫ما فيها من إتقان ُمحكم بديع قد ترى فيها ً‬
‫أمورا متشابهة‪ ،‬مثل‪ :‬لماذا كل هذه النجوم؟‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وما الفائدة منها؟ وسنأتي إن شاء هللا لجواب كل هذا‪.‬‬

‫❑ وإذا نظرت لإلنسان قد تجد فيه المرض واألذى والبالء‪.‬‬


‫في ر ن‬
‫في ويضل َمن يريد الضالل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اك حكمته‪ُ ،‬‬‫• فكل هذا متشابه يستغلق عىل البعض إدر‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫الكت والغرور‪ ،‬ويؤمن بالقدر‪ ،‬فهذا‬ ‫• أما المؤمن الذي يقاوم حظ نفسه‪ ،‬ويقاوم ِ‬
‫َ‬
‫الشع والدين‪ ،‬والمحكم ن يف اآليات المشاهدة‪.‬‬ ‫تطمي نفسه للمحكم نف ر‬
‫ي‬
‫ئن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫برص حكمة هللا‪ ،‬ورحمة هللا‪ ،‬وعظمة هللا؛‬ ‫• فعندما يتدبر المؤمن المحكم فإنه ي ِ‬
‫عند ربنا‪ ..‬ﭐ ﭐ‬ ‫ُ ٌّ‬ ‫ن‬
‫فيخبت لربه ويقول يف المتشابه الذي لم يعرف حكمته بعد‪ :‬كل من ِ‬
‫ﲲﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﱠ‬
‫ﱡﭐ ‪ ..‬ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲳ‬
‫﴿‪ ﴾7‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ُ‬
‫برص األمور عىل حقيقتها‪ ،‬فيشهد المحكمات‪ ،‬ويتدبر‬ ‫• فالذي يريد الدار اآلخرة ي ِ‬
‫ن‬ ‫اليقينيات والت ن‬
‫اهي‪ ،‬ويتفهم البالء‪ ،‬ويتفهم كل ما خفيت حكمته عىل أنه يف إطار‬
‫التكليف والتمحيص واالختبار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ه أم الكتاب‪،‬‬ ‫• والمحكمات واليقينيات والتاهي عىل صحة الحق وصحة الدين ي‬
‫أي‪ :‬األصل واألعم األغلب‪ ،‬والمتشابه قليل ويكون يف الفروع‪ :‬ﱡﭐ ‪ ..‬ﲉ ﲊ‬
‫ن‬

‫ﲓ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة آل‬


‫ﲔ‬ ‫ﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑ ﲒ‬
‫عمران‪.‬‬

‫‪ ‬إذن خالصة ما سبق‪:‬‬

‫اإلسالم وهو دين األنبياء جميعًا فيه‪ :‬محكمات هن أُمُّ الكتاب‪ ،‬وفيه‬
‫شيء يسير من املتشابهات‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫ﲲ‪..‬ﱠ ﴿‪﴾7‬‬
‫‪ ‬والمحكمات والمتشابهات كلها من عند هللا وكلها حق‪ :‬ﱡﭐ‪..‬ﲯﲰﲱ ﲳ‬
‫سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪359‬‬
‫‪ -118‬كيف يتعامل المؤمن مع المتشابه؟‬

‫أوجها من التأويل‪ ،‬فقد يستخدمه َمن يريد الكفر‬


‫ً‬ ‫قلت يحتمل‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬المتشابه كما‬
‫ن‬
‫اليماب‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ويؤوله عىل هواه ر‬
‫ي‬ ‫الوزير‬ ‫ابن‬ ‫يقول‬ ‫كفره‪،‬‬ ‫به‬ ‫ر‬‫يت‬ ‫حن‬

‫فهم ُه اتبعه َمن يريد الضالل‪ ،‬وفشه عىل هواه وترك ُ‬


‫الم ْحكم‪.‬‬ ‫❑ فما اشتبه عىل الناس ُ‬

‫‪‬أما املؤمن فموقفه مع املتشابه هو أن‪:‬‬

‫‪ُ -1‬يسلم بأنه من عند هللا‪.‬‬

‫‪ُ -2‬يحيل المتشابه إىل المحكم‪.‬‬

‫‪ ‬لكن‪ :‬ما معنى إحالة املتشابه إلى املحكم؟‬

‫❑ودعونا نعطي أمثلة على ذلك من الشرع والدين‪.‬‬

‫‪ ‬املثال األول من القرآن الكريم‪:‬‬


‫‪ ‬يقول هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇ ﱈﱉﱊ‬
‫ﱋ ﱌﱍ ﱎﱏﱐ ﱑﱒ ﱓﱔﱕ ﱖ ﱗﱘﱠ﴿‪﴾62‬‬
‫سورة البقرة‪.‬‬

‫• فهذا النص متشابه!‬


‫ٌ‬ ‫ً‬
‫• فأهل الكتاب والصابئون لو آمنوا باهلل وعملوا صالحا ال خوف عليهم وال هم‬
‫يحزنون‪.‬‬

‫( ‪ (243‬العواصم (‪.)214/1‬‬
‫‪360‬‬
‫‪ ‬لكن بعد بعثة محمد ﷺ هل يلزمُ هم اإليمان ُ‬
‫بنبُوَّ ة محمد ﷺ ْ‬
‫أم يكفيهم‬
‫اإليمان بأنبيائهم فقط؟‬

‫ذكرت اآلية فقط أنهم لو آمنوا وعملوا‬


‫ِ‬ ‫• اآلية لم توضح جواب هذه النقطة‪ ،‬فقد‬
‫ٌ‬
‫خوف عليهم وال هم يحزنون‪.‬‬ ‫ً‬
‫صالحا فال‬
‫ْ‬
‫• إذن هنا يشتبه األمر‪.‬‬

‫‪ ‬فماذا يفعل المؤمن؟‬

‫‪ ‬يقوم المؤمن ببساطة بإحالة هذا المتشابه إىل المحكم‪.‬‬

‫‪ ‬وما هو المحكم في هذا األمر؟‬


‫• المحكم هو قول هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩ‬
‫ﱪﱫﱠ﴿‪ ﴾8٥‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫إذن مقصود اآلية األوىل أنه بعد بعثة النن محمد ﷺ لن ُيقبل إيمان ر‬ ‫ْ‬
‫بش إذا لم‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫يؤمن بنبوة محمد ﷺ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وبالتاىل فعندما نقوم بإحالة المتشابه يف اآلية األوىل إىل المحكم يف اآلية الثانية‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫ينته اإلشكال‪ ،‬ويتحول المتشابه إىل محكم‪ ،‬ونفهم أن مقصود اآلية األوىل أن‬ ‫ي‬
‫إيمان أهل الكتاب الذي يجعلهم من أهل النجاة ممن ال خوف عليهم وال هم‬
‫يحزنون‪ ،‬هو اإليمان بمحمد بن عبد هللا ﷺ‪.‬‬
‫• وقبل بعثته ﷺ فال يلزمهم إال اإليمان بأنبيائهم‪.‬‬
‫ً‬
‫محكما‪.‬‬ ‫ينته اإلشكال بإحالة المتشابه إىل المحكم‪ ،‬ويصبح القرآن كله‬ ‫• وب هذا‬
‫ي‬
‫ر‬
‫يأب أهل الزي غ واألهواء فيجعلون المتشابه هو األصل‪ ،‬ويتجاهلون‬ ‫• لكن هنا ي‬
‫برصورة إيمان الناس بنبوة محمد بن عبد هللا ﷺ ‪ ،‬فال يتبع‬ ‫يقض ن‬ ‫المحكم الذي ن‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫أهل الزي غ هؤالء إال المتشابه‪ُ ،‬‬
‫بالنن‬
‫ي‬ ‫اإليمان‬ ‫فيقررون أن أهل الكتاب ال يلزمهم‬
‫مسلمان‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫محمد ﷺ ‪ ،‬وهذا القول ٌ‬
‫ِ‬ ‫كفر رصي ح ال يختلف فيه‬
‫ويتكون‬‫• فهذا منهج أهل األهواء واإللحاد نف كل زمان أنهم‪ :‬يكتفون بالمتشابه‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫القطع‪.‬‬ ‫المحكم‬ ‫ُ‬
‫ي‬

‫‪361‬‬
‫‪ ‬مثال آخر ىلع آية أخرى من املتشابه‪:‬‬
‫• يف قول هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱠ ﴿‪﴾86‬‬
‫ن‬

‫سورة الكهف‪.‬‬
‫• هنا ذو القرنين وجد الشمس تغرب في عين حمئة‪.‬‬

‫‪ ‬وَجَدَهَا هو‪ ،‬أي‪ :‬يف عينه‪.‬‬


‫ً‬
‫حقيقة وقت‬ ‫‪ ‬لكن قد يقول قائل‪ :‬الشمس تدخل داخل عينه حمئة‬
‫غروبها‪ .‬فما هو الردُّ على هذه الشبهة؟‬

‫‪‬إذا نظرنا إلى ال ُمحكم عرفنا الجواب‪:‬‬


‫ن َ‬
‫لك بال توقف‪ :‬ﭐﱡﭐﲰﲱﲲﲳﲴ‬
‫❑ فالمحكم يقول لنا‪ :‬إن الشمس تجري يف ٍ‬
‫ف‬

‫ﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة األنبياء‪.‬‬

‫ً‬ ‫ْ‬
‫إذن فبإحالة المتشابه إىل المحكم ُيصبح كل ر‬
‫محكما‪.‬‬ ‫ش ٍء‬‫ي‬ ‫ِ‬ ‫•‬
‫ر ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبالتاىل فما اشتبه فهمه‪ ،‬إذا تمت إحالته إىل المحكم زال اإلشكال مباشة‪.‬‬‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬
‫• لكن َمن أراد الزي غ والضالل فإنه يتجاهل المحكم‪ ،‬وال يتبع إال المتشابه‪ ،‬ويبدأ يف‬
‫فيفش غروب الشمس أنها تغرب‬ ‫في‪ُ ،‬‬‫وي رَ ن‬
‫ُ ُ‬
‫تفست المتشابه عىل هواه‪ ،‬فيضل ويزي غ‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫نف ن‬
‫عي حمئة‪ ،‬فيتخذ ذلك ذريعة إلظهار الشبهة يف دين هللا‪.‬‬ ‫ي‬
‫❑ وهنا نرى معنى االختبار والتكليف جلي ْي ِن‪:‬‬
‫فهناك مَن يلتزم بالفهم الصحيح ويُحيل املتشابه إلى املحكم‪.‬‬
‫وهناك مَن يتجاهل املحكم‪ ،‬ويفهم املتشابه ىلع هواه؛ لتظل عنده الشبهة‪.‬‬
‫ولإلنسان أن يختار ما شاء من إيمانٍ وكفرٍ‪.‬‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫اب)‪ ،‬وسيقوم‬ ‫• فمن أراد اإليمان ستى التاهي القطعية عىل صحة الدين (أم ال ِكت ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ومن أراد الكفر فسيتبع المتشابه (ف َيت ِب ُعون َما تشابه‬
‫بإحالة المتشابه إىل المحكم‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫ِمن ُه) ويتجاهل المحكم‪.‬‬
‫موجودان إىل يوم القيامة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫• فاألمر سهل‪ ،‬واإليمان والكفر‬

‫‪362‬‬
‫ه النظرة األحكم واألشمل واألعمق للمحكم والمتشابه‪ ،‬فعندما‬ ‫• إن نظرة المؤمن ي‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ ن‬
‫ينظ ُر يف اآليات المشاهدة كاإلنسان‪ ،‬فإنه يرى اآليات المحكمات يف خلقه‪ ،‬فهناك‬
‫ٌ ن‬ ‫ٌ‬
‫آيات باهرات يف كل خلية وعضو ووظيفة وحركة‪ ،‬وهناك أربعة مليارات حرف‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫بضبط مبهر داخل نواة كل خلية‪ ،‬فهذه كلها محكمات يزداد المؤمن بها يقينا‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬


‫وحي يذهب المؤمن للنظر يف المتشابه يف خلق اإلنسان كالمرض والبالء والتشوه‪،‬‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫فإنه هنا يحيل هذا المتشابه إىل المحكم‪ ،‬فيقول‪ :‬إن الذي خلق اآليات الباهرات‬
‫ن‬
‫الطبيع أنه قدر المرض والبالء لحكمة‬
‫ي‬ ‫يف جسد اإلنسان بهذا اإلتقان‪ ،‬فمن‬

‫واختبار‪ :‬ﱡﭐﳎﳏﳐﳑﳒﱠ﴿‪ ﴾٣٥‬سورة األنبياء‪.‬‬


‫َّ‬
‫يتعلل بحجة ر‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫الش‬ ‫ودائما‬ ‫• بينما يف الجهة المقابلة ال يرى الملحد إال المتشابه‪،‬‬
‫المحكم والذي هو األعم األغلب‪.‬‬‫والبالء‪ ،‬ويتغافل عن ُ‬
‫ٌ‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫محكم‪،‬‬ ‫• فهذا هو جوهر الفرق بي موقف المؤمن والملحد‪ ،‬فالمؤمن يقول‪ :‬كل ي‬
‫ش ٍء‬
‫وبالتاىل ال يقع فيه متشابه إال لغاية‪.‬‬
‫ي‬
‫‪‬أما الملحد فال يتبع إال المتشابه‪ ،‬ويتجاهل تمامً ا األصل وهو المحكم‪:‬‬
‫ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏ ﱐﱑﱒﱓﱔ ﱕﱖ ﱗﱘ ﱙﱚ‬

‫ﱛﱜﱝﱞ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾17٩‬سورة األعراف‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫وأعلم‪.‬‬ ‫وأشمل‬ ‫• فهنا نظرة المؤمن أحك ُم وأصلح‬

‫‪ ‬يقول ابن القيم ‪-‬رحمه هللا‪ -‬ن يف رشح كيفية إحالة المتشابه إىل المحكم‪:‬‬

‫( ‪ (244‬مفتاح دار السعادة‪.649-2 ،‬‬


‫‪363‬‬
‫ن‬
‫المعن نفسه‪:‬‬ ‫‪ ‬ويقول ابن الجوزي ‪-‬رحمه هللا‪-‬‬

‫ن‬
‫محكم إال لحكمة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• فما ظهر المتشابه يف ٍ‬
‫كون‬
‫‪‬يقول ديكارت ن يف كتابه التأمالت‪:‬‬

‫ُ‬ ‫َّ‬
‫تذك ْر المحكم والنعم ر‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫الن ال تحض‪.‬‬
‫ي‬ ‫المتشابه‪،‬‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الخوض‬ ‫من‬ ‫فبدًل‬ ‫•‬
‫ٌ‬
‫• تخي ْل لو أنك مدين هلل بقدر نعمه عليك‪.‬‬
‫الن ر ن‬
‫ر‬ ‫ٌ‬
‫امي عليك بها‪.‬‬ ‫• تخيل لو أنك مدين هلل بقدر المحكمات ي‬
‫حق نعمة من نعمه عليك‪.‬‬ ‫قضيت عمرك في سجدة ما َّ‬
‫وفيت َّ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬وهللا لو‬
‫ٍ‬
‫‪ْ ‬‬
‫إذن فالمحكم موجود‪ ،‬والمتشابه موجود‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫وسنته يف التكليف خفاء بعض الحكمة‪ ،‬والفائز َمن‬ ‫التكليف‪ُ ،‬‬ ‫فسنة هللا يف خلقه‬‫• ُ‬
‫خف ودق‪ ،‬أي‪ :‬استدل بالمحكم عىل المتشابه‪ ،‬والخاش‬ ‫ن‬
‫استدل بما يعلم عىل ما ي‬
‫ً‬
‫َمن جعل مما يجهل‪ ،‬أي‪ :‬جعل من المتشابه حجابا يحرمه من االستدالل بما يعلم‬
‫من المحكم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف الكون ُمحكمة‪ ،‬وما تشابه بعضها إال لقلة علمنا‪ ،‬وعدم‬ ‫• فكل آيات هللا يف القرآن ي‬
‫إحاطتنا بكل المحكم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (245‬صيد الخاطر‪.79 ،‬‬


‫‪(246) Descartes, R., Meditations and Other Metaphysical Writings, p.49.‬‬
‫‪364‬‬
‫‪ -119‬لكن لماذا ال تكون األدلة كالشمس؟‬

‫‪ ‬لماذا ال يكون هناك دليل قاطع يحسم الجدل الدائر بين اإليمان‬
‫واإللحاد‪ ،‬ويقضي على كل هذه الشبهات؟‬

‫‪ ‬لماذا مث ًلا ال نرى هللا‪ ،‬وبالتالي ينقطع اإللحاد؟‬


‫ً‬
‫وصورة بحيث ينقطع لسان كل‬ ‫‪ ‬لماذا ال نجد الرسالة اإللهية صوتًا‬
‫مُ ش ِّكك؟‬

‫ج‪ :‬أتصوَّ ر أن جواب هذا السؤال صار مفهومً ا لمن قرأ ما سبق بتأمُّ ل‬
‫ٍ‬ ‫ٍّ‬
‫وتأن‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫ظهورا من الشمس‬
‫ً‬
‫ه أجىل‬ ‫ه كالشمس‪ ،‬بل ي‬ ‫• فاألدلة المحكمة عىل صحة الدين ي‬
‫متشابه وإال لما كان تكليفا‪.‬‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫يف قلب كل مؤمن‪ ،‬لكن ال بد من وجود‬
‫َّ‬ ‫• فالمحكمات والت ن‬
‫ه كالشمس‪ ،‬لكنها‬ ‫ي‬ ‫الدين‬ ‫صحة‬ ‫عىل‬ ‫ة‬ ‫واألدل‬ ‫اهي والبصائر‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫تستفاد بالنظر والبحث والتأمل والتفكر‪.‬‬
‫المباش االضطراري كرؤية الخالق سبحانه بحيث ترى هللا أمامك‬ ‫ر‬ ‫• أما الدليل‬
‫في الدنيا‪ ،‬فهذا ليس مقصود اإليمان الذي ريتتب عليه الثواب والعقاب‪ ،‬هذا‬
‫ً‬
‫نوعا من اإليمان االضطراري‪.‬‬ ‫سيكون‬
‫ُّ‬
‫• فأنت ساعتها ستضطر لإليمان بدون تفكر وال نظر‪.‬‬
‫‪ ‬إذ كيف تكفر بوجود خالقك لو رأيته؟‬
‫َّ‬
‫وبالتاىل ال ريتتب عليه‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ٌّ‬
‫عقىل‬‫ي‬
‫ٌ‬
‫عمل‬ ‫به‬ ‫ق‬ ‫يتعل‬ ‫• فهذا النوع من اإليمان االضطراري ال‬
‫ثواب وال عقاب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫• فاإليمان االضطراري كرؤية الخالق هو إيمان ليس فيه تكليف وال اختبار وال نظر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫• وهذا النوع من اإليمان ليس هو غاية التكليف‪ ،‬وال ن‬
‫معن التكليف‪ ،‬وليس إيمان‬
‫ا‬
‫أصًل‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫األدلة ر‬
‫الن تنقل من إيمان التفكر والنظر‬ ‫ي‬ ‫• ولذلك لما طلب كفار مكة هذا النوع من‬
‫وتنته‬ ‫قض معه األمر‬ ‫إىل إيمان االضطرار أجابهم هللا بأن هذا النوع من األدلة ُي ن‬
‫ي‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫ﲽﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﱠ ﴿‪ ﴾8‬سورة األنعام‪.‬‬
‫ﭐﱡﭐﲹﲺﲻﲼ ﲾ‬
‫❑ فلو نزل َ‬
‫الملك النته األمر‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫‪ ‬فأين التكليف بعد نزول الملك؟‬
‫ر ا‬
‫مباشة‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁﱂﱃﱄﱅ‬
‫ن‬
‫‪ ‬ولذلك قال هللا تعاىل يف اآلية التالية‬

‫ﱆﱇﱈﱉﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة األنعام‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫❑ فلو فرض أنهم أجيبوا لطلبهم وجاءتهم معجزة بهذه الصورة القاطعة‪ ،‬فال بد أن‬
‫حن يظل التكليف ً‬ ‫ْ‬
‫بقدر ما عىل َمن يريد الكفر‪ ،‬ر‬
‫قائما‪.‬‬ ‫تكون معجزة حمالة أوجه‪ ،‬فتلتبس‬
‫ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة األنعام‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ر ن‬
‫رج ٍل‪ ،‬فيلتبس عليهم ويقولوا‪ :‬سحرنا محمد‪.‬‬ ‫سيأب يف صورة‬
‫ي‬ ‫• لو جاء الملك‬
‫طبيع ليكون هناك إيمان وكفر‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فاشتباه التهان بقدر ما هو أمر‬
‫• ولذلك فمعجزات األنبياء لو تدبرتها لوجدت أنه ليس فيها اإليمان االضطراري‪،‬‬
‫حن ر‬ ‫ً‬
‫سخيفا ر‬ ‫َّ‬
‫يبف عىل كفره‪.‬‬ ‫فالكافر قد يتعلل بأي متشابه ولو كان‬
‫َْ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون‪ :‬سيكون هناك متر ولو ً‬
‫واهيا للمتشابه‪.‬‬ ‫‪َ ‬وللب ْسنا عل ْي ِهم ما يل ِبس‬

‫‪ ‬ومثال ذلك‪ :‬لما طلب كفار قريش من ي‬


‫النن ﷺ شق القمر‪ ،‬وانشق أمامهم ماذا‬
‫قالوا؟‬

‫• قالوا‪:‬‬
‫سحرنا محمد‪)247(.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫ستبف تحتمل يف ذهن َمن يريد الضالل شبهة‬ ‫• فالمعجزات واآليات الباهرات‬
‫ولو ً‬
‫واهيا‪.‬‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة القمر‪.‬‬
‫ُْ‬
‫سيل ِبس‬ ‫• فمن ليس مقصوده اتباع الحق والهدى‪ ،‬وليس مقصوده إال اتباع الهوى‬
‫الحق ل ُبوس الباطل ولهذا قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬

‫ﲽﱠ ﴿‪ ﴾٥٠‬سورة القصص‪.‬‬ ‫ﲾ‬ ‫ﲼ‬


‫َّ‬
‫لسلموا لما رأ ْوا من محكمات وبر نَ‬
‫وآيات‪ ،‬لكنهم لألسف يتبعون‬
‫ٍ‬ ‫اهي‬ ‫ٍ‬ ‫• فلو أرادوا الحق‬
‫أهواءهم‪.‬‬

‫( ‪ (247‬صحيح الترمذي‪ ،‬ح‪.3289:‬‬


‫‪366‬‬
‫ﲻ ﲽ ﲾ ﲿﳀ‬
‫ﲼ‬ ‫ﭐ‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ‬

‫ﳆﳈﳉﳊﳋﳌﱠ﴿‪ ﴾118‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﳇ‬ ‫ﳃﳅ‬
‫ﳄ‬ ‫ﳁﳂ‬

‫ن‬
‫للموقني‪.‬‬ ‫❑ فقد ن‬
‫بي هللا تعاىل آياته‬

‫❑وسوف تبقى براهين صحة الدين ظاهرة ملن كانوا مع أنفسهم صادقين‪.‬‬
‫َّ َ ُ ْ ُ َ ْ َ‬
‫• وأصل اإليمان هو إيمان بالغيب‪{ :‬ال ِذين يؤ ِمنون ِبالغ ْي ِب} لكن هذا اإليمان بالغيب‬
‫أدلة عقلية‪ ،‬وبر ن‬‫َّ‬
‫اهي فطرية‪ ،‬ودالئل يقينية وسمعية قطعية عىل‬ ‫يستند عىل‬
‫صحة النبوة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫عمل عقله وينظر يف الدالئل‪ ،‬ويحيل المتشابه إىل المحكم‪ ،‬وب هذا يكون‬ ‫ِ‬ ‫• والمؤمن ي‬
‫ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫بيقي ال تهزه شبهة‪ ،‬ويصبح عابدا لربه سبحانه حق العبودية‪ ،‬فيعرفه‬ ‫متبرصا‬
‫ُ‬
‫ويسلم له ن يف أمره ونهيه‪.‬‬ ‫حق المعرفة‪،‬‬

‫ُ‬ ‫َّ‬
‫• ويعلم أن هللا سبحانه ال رب سواه‪ ،‬خلقنا وكلفنا وأمرنا بما فيه صالحنا‪ ،‬ونهانا‬
‫ً‬ ‫هالكنا‪ ،‬فهو سبحانه مالك كل رشء‪ ،‬خلق كل ر‬‫ُ‬
‫تقديرا‪،‬‬ ‫شء فقدره‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫بحكمته عما فيه‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الصادقي الذين يزدادون إيمانا مع كل آية من اآليات‬ ‫المؤمني‬ ‫وهذا هو إيمان‬
‫المتلوة أو المنظورة‪ ،‬المحكمة أو المتشابهة‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱟ ﱠ ﱡ‬

‫ﱢﱣﱤﱥ ﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭ ﱮ‬
‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱠ سورة التوبة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪367‬‬
‫‪ -120‬هل يمكن أن تؤدي الشبهات بذاتها إلى الردة عن اإلسالم؟‬

‫أن تُو ِّلد كفرًا‪.‬‬


‫تضخمت في عقل مسلم ْ‬ ‫َّ‬ ‫لشبُهات مهما‬ ‫ج‪ :‬ال يمكن ُ‬
‫ٍ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫• ْ‬
‫نعم قد تولد قلقا عند غت الناظر يف النصوص‪ ،‬وقد تولد أزمة نفسية عند الجاهل‬
‫ا‬ ‫ُ ً‬ ‫ُ‬
‫الذي ال يعرف الرد عىل الشبهة‪ ،‬وقد تولد بعدا عن الدين‪ ،‬وإهماًل لبعض‬
‫ع عند المفتون‬ ‫ر‬
‫نعم الشبهة قد ْ ُتفعل كل هذا؛ لضحالة العلم الش ي‬ ‫َّ‬
‫الطاعات‪،‬‬
‫بالشبهة‪ ،‬ولقلة دينه‪ ،‬إما أن تولد ً‬
‫كفرا بذاتها فهذا ال يمكن!‬
‫ﲽﱠ﴿‪ ﴾٥٠‬سورة القصص‪.‬‬
‫ﲾ‬ ‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪:‬ﱡﭐﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼ‬

‫ن‬ ‫ن ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬


‫• إن لم يستجيبوا لك فالمشكلة يف تعلقهم باألهواء‪ ،‬ال يف ش ُبهاتهم أو يف قصور‬
‫َّ‬
‫أدلتك‪.‬‬
‫َّ‬
‫الطبيع الذي يريد الحق والنجاة إذا أتته شبهات مهما عظمت لقلة‬ ‫ي‬ ‫• فالشخص‬
‫ر‬
‫علمه‪ ،‬فإنه ال يمكن أن يتك الدين التوحيدي األوحد (اإلسالم) ال يمكن أن‬
‫ا‬ ‫حق ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫َّ‬
‫آخر أصًل ليذهب‬ ‫المتفق مع فطرته؛ ألنه ليس هناك‬ ‫يترك هذا الدين‬
‫ِ‬
‫إليه‪.‬‬
‫ن‬
‫األولي‪ ،‬وجنون اإللحاد‪ ،‬وتوحيد‬ ‫البش إال رشكيات‬‫• فليس عىل األرض وليس عند ر‬
‫خيار ر ٌ‬
‫ابع‪.‬‬ ‫البش ٌ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ليس عند ر‬

‫ﭐﱡﭐﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱ ﲲﲳﲴﱠ ﴿‪ ﴾4٩‬سورة‬


‫القصص‪.‬‬

‫‪ ‬فليس إال اإلسالم‪ ،‬فكيف يدعُهُ اإلنسان؟‬


‫فأمرها يست‪ ،‬وببحث هادئ لن ر‬
‫يبف لها أثر‪.‬‬ ‫• أما الشبهات ُ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫األمي صىل هللا عليه وسلم‪ ،‬ويكفر بفطرته‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العالمي‪ ،‬وبنبيه‬ ‫• فلن يكف َر إنسان برب‬
‫ن‬ ‫ا ن‬ ‫ن‬
‫مسألة ما يف أحد األبواب‪ ،‬هذا ال‬
‫ٍ‬ ‫وبرصورات عقله‪ ،‬بحجة أن عنده شبهة يف‬
‫ُيتصور‪.‬‬
‫ن‬
‫• فالتسليم هلل الخالق الرازق المنفرد بالملك والسلطان عىل جميع ما يف الوجود‪ ،‬هذا‬
‫الرصورة العقلية‪ ،‬بل هو أصل كل نرصورة‪َ ،‬‬
‫فأعرف المعارف‪:‬‬ ‫أصل الفطرة‪ ،‬وعنوان ن‬
‫التسليم هلل‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫‪ ‬ومِن غير الله تستحيل املعرفة أصالً‪ ،‬فهل يكفر إنسان بكل هذا ملجرد أن‬
‫شبهةً‬
‫ال يعرف لها جوابًا؟‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٠‬سورة إبراهيم‪.‬‬
‫الجاحِدُ‬ ‫يَجحَدُهُ‬ ‫كَيفَ‬ ‫أَم‬ ‫اإلِلَهُ‬ ‫يُعصى‬ ‫كَيفَ‬
‫واحِدُ‬ ‫أَنَّهُ‬ ‫ىلعَ‬ ‫تَدُلُّ‬ ‫ُل شَيءٍ لَهُ آيَةٌ‬
‫وَيف ك ِّ‬
‫شاهِدُ‬ ‫أَبَدًا‬ ‫َوتَسكينَةٍ‬ ‫تَحريكَةٍ‬ ‫ُل‬
‫ك ِّ‬ ‫يف‬ ‫وَلِلَّهِ‬
‫ُ‬
‫‪ ‬كيف يكفر باإلسالم‪ ،‬وال يكون التسليم هلل والخضوع التام واإلذعان الكامل لرب‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫جميعا‪،‬‬ ‫العالمي إال يف هذا الدين اإلسالم‪ ،‬وهو دين محمد بن عبد هللا ﷺ‪ ،‬ودين األنبياء‬
‫َ‬
‫يبق عىل وجه األرض عىل التوحيد غته‪.‬‬ ‫وهو الدين التوحيدي الذي لم‬

‫فاإلسالم هو الفطرة اإلنسانية‪.‬‬


‫ً‬
‫شيئا يخفى‬ ‫‪ ‬فهل يُعقل أن يُترك هذا الدين‪ ،‬ويرتد اإلنسان لمجرد َّ‬
‫أن‬
‫عليه فهمه في مسألة من المسائل؟‬
‫ٍ‬
‫‪ ‬فأنَّى تصرفون؟ أين تذهبون بعد اإلسالم؟‬

‫ﭐ‪‬ﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﳑ ﳒ ﳓ ﱠ ﴿‪ ﴾٣2‬سورة‬
‫يونس‪.‬‬
‫‪‬ماذا يتبقى لهم بعد اإلسالم؟‬
‫‪ ‬هل سيؤمنون بشركيات مث ًلا؟‬
‫‪ ‬أم سيؤمنون بجنون اإللحاد؟‬
‫ً‬
‫الرصورات العقلية ن‬
‫كرصورة السببية‪ ،‬ويؤمن بأن هذا‬ ‫إنسانا يلحد‪ ،‬فينكر ن‬ ‫• تخي ْل‬
‫ا‬
‫العالم بكل نواميسه وبكل حدوده الحرجة ظهر فجأة بال خالق؟‬
‫‪‬ﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡ ﱢﱣﱤ ﱥﱦﱧ ﱨﱩﱪﱫﱠ‬
‫شء؟‬ ‫سورة الطور أو ينكر نرصورة اإلتقان نف كل ر‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ر‬
‫وف كل ما حوله‪:‬‬
‫وف السماء واألرض‪ ،‬ي‬
‫وف شابه‪ ،‬ي‬ ‫وف طعامه‪ ،‬ي‬ ‫• اإلتقان يف جسده‪ ،‬ي‬
‫ﱡﭐﲢﲣﲤﲥﱠ ﴿‪ ﴾24‬سورة عبس‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﱓﱔﱕﱖﱠ ﴿‪ ﴾٥‬سورة الطارق‪.‬‬

‫ﭐ‪‬ﱡﭐﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﱠ سورة الذاريات‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف ينكر إنسان ما ال حصر له من براهين اإلتقان؟‬

‫عشات السنوات بمنته اإلتقان‪ ،‬وهذا‬ ‫ألف عامل يعملون منذ ر‬ ‫مصنعا فيه ُ‬
‫ً‬ ‫• تخي ْل‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫المصنع ليس له َمن يديره أو يقوده أو يدبر أمره‪ ،‬بل هو يف حقيقة األمر ظهر فجأة‬
‫هل تتخيَّل أمرًا كهذا؟‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مصنعا عمالقا بحجم الكون يظهر فجأة‪ ،‬ثم يعمل بحدود حرجة‪،‬‬ ‫• فكيف تتصور‬
‫وضبط مبهر منذ مليارات السنوات بال مدبر وال قيوم‪ ،‬بل وبال موجد له من‬
‫البداية‪ ،‬هل هذا يعقله عاقل؟‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قديرا‪.‬‬ ‫مدبرا خالقا‬ ‫• أنت تعلم بفطرتك أن لهذا العالم‬
‫كلف؛ إذ يجب عليك أن ر ن‬ ‫ُ َّ‬
‫أخالقية‪ ،‬وهذا ليس إلز ًاما‬ ‫ٍ‬ ‫بقيم‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫تلت‬ ‫• وتعلم بفطرتك أنك م‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫اخىل أيضا‪ ،‬فتقر بأنه من األفضل أن تكون صادقا‬ ‫خارجيا فحسب‪ ،‬بل هو إلزام د ي‬
‫ر‬ ‫دائما ن‬ ‫حن ولو لم تكن كذلك‪ ،‬وأنت ً‬ ‫أمينا ر‬‫ً‬
‫األخالف‪ ،‬ثم قبل‬
‫ي‬ ‫الضمت‬ ‫وخز‬ ‫من‬ ‫تعاب‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫داخليا ن‬‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫برصورة شكر من خلقك ورزقك وتلجأ‬ ‫شعورا فطريا‬ ‫هذا أنت تقر بأن هناك‬
‫ن‬
‫إليه يف حاجتك وضيقك‪ ،‬فأنت تعلم بفطرتك وقت االضطرار والكرب‬
‫أنه لن ينجيك إال خالقك‪ ،‬فبضمتك الفطري تعلم كل هذا من نفسك‪ ،‬وكل‬
‫سواء شئنا أم َأب ْينا‪.‬‬
‫ا‬ ‫البش عىل هذه الفطرة التكليفية‪ ،‬فكلنا مكلفون؛‬ ‫ر‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫• وليس هناك إنسان يؤمن يف قرارة نفسه أنه ابن لهذه الطبيعة‪ ،‬يؤمن أنه حيوان‪،‬‬
‫البش يترصف وقت الجد‬ ‫سة‪ ،‬لكنه ككل ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫حن ولو كان يدافع عن المادية بكل شا ٍ‬
‫قيما أخالقية ُمطلقة‪ ،‬وكرامة إنسانية‪ ،‬فالكل‬ ‫عىل أنه مخلوق هلل‪ ،‬وعىل أن هناك ً‬
‫بناء عىل هذا‪ ،‬بل ويتحاكم لهذه القيم األخالقية المطلقة‪ ،‬فيستطيع‬ ‫يترصف ا‬
‫ويقي‪،‬‬‫ن‬ ‫البشية بكل سهولة‬ ‫اإلنسان أن ُيصدر األحكام األخالقية عىل األفعال ر‬
‫ٌ‬
‫فيصف الشقة أنها جريمة‪ ،‬ويصف تقديم يد المساعدة للمحتاج أنها خت‪.‬‬
‫حن‬ ‫• فهذه قيم أخالقية مطلقة فطرية تكليفية‪ ،‬ال ينكرها إنسان وال يستطيع ر‬
‫الملحد أن ُيعاندها‪.‬‬

‫مخلوق لله مُ ك َّلف‪ ،‬وليس على أنَّه حيوان‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫❑ فالجميع مفطور على أنه‬
‫• فنحن مفطورون عىل معان مغايرة لإللحاد ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫‪370‬‬
‫الرصورات الفطرية والعقلية من أجل شبهة لم يفهمها إنسان؟‬ ‫• فهل ُت رتك كل هذه ن‬
‫ً‬
‫• ال وهللا‪ ...‬ليست الشبهة مت ًرا للكفر إطالقا‪.‬‬
‫❑ المبرر الوحيد لإللحاد والكفر برب العالمين هو الهوى!‬
‫• هو رغبة الكفر!‬
‫وحجة ال ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أكت‪.‬‬ ‫• وإنما تستخدم الشبهات كغطاء‬

‫ولو قارنت بين الشبهات التي يثيرها المالحدة وبين البراهين التي ال حصر لها على‬
‫النبوة‪ ،‬ودالئل صدق الرسالة‪ ،‬ستعرف مقدار جنون الموقف اإللحادي‪.‬‬

‫ً‬
‫رسالة إلهية متفقة مع فطرته‪ ،‬ومتفقة مع حاجته؟‬ ‫عاقل‬
‫ٌ‬ ‫‪ ‬كيف يترك‬
‫ُّ‬
‫فكلنا يحتاج هذه الرسالة أعظ َم من حاجته لكل ر‬
‫شء‪ ،‬فالرسالة اإللهية توضح لك‪:‬‬
‫ي‬ ‫•‬
‫لماذا أنت هنا‪.‬‬
‫‪ ‬توضح لك‪ :‬لماذا يجب أن تفعل الخت‪.‬‬
‫‪ ‬توضح لك‪ :‬مصدر فطرتك األخالقية‪ ،‬وفطرتك الدينية‪.‬‬
‫‪ ‬وتُعرّفك بما يلزمك من العبودية هلل سبحانه‪.‬‬
‫‪ ‬وهذه الرسالة اإللهية ُمؤيدة بما ال حرص له من الت ن‬
‫اهي‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ ‬انظر يف القرآن والسُّنة الصحيحة‪ :‬كم من معجزة وآية دالة عىل صحة الرسالة‪.‬‬

‫نن‪ ،‬جرى عىل يده ﷺ‪.‬‬


‫حدث ال يقع إال عىل يد ي‬
‫ٍ‬ ‫وتدب ْر كم من‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫• فلو كنت منصفا لسلمت بنبوته ﷺ‪ ،‬وبحثت عن جواب شبهتك‪ ،‬فقضية الكفر‬
‫ً‬
‫بشبهات أبدا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ليست‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫تناقض مثًل يف دين هللا‪،‬‬ ‫• بل العجيب أن أصل كل الشبهات يف اإلسالم ليس منها‬
‫محال‪ ،‬ولم يستطعه ملحد عىل شدة حرصهم عىل تكذيب القرآن‪ ،‬وإنما‬ ‫ٌ‬ ‫فهذا‬
‫ٍّ‬ ‫والن تعقد فيها المناظرات ه تقديم ا‬‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫عقىل عىل‬ ‫ي‬ ‫لهوى‬ ‫ي‬ ‫الن تثار‪ ،‬ي‬
‫منته الشبهات ي‬
‫البش ن يف دين هللا‪.‬‬
‫ع نف مسألة‪ ،‬هذا منته شبهات ر‬ ‫ر ٍّ‬
‫حكم ش ي ي‬ ‫ٍ‬

‫‪371‬‬
‫الشعية ا‬
‫اعتاض عىل بعض األحكام ر‬ ‫ُ‬
‫فش ُبهاتهم مجرد ر‬
‫لهوى يراه طارح الشبهة‪،‬‬ ‫•‬

‫العقليي‪ :‬ﭐﱡﭐﲈﲉﲊﲋﲌ ﲍﲎ‬ ‫ن‬


‫ِ‬
‫ن‬
‫التحسي والتقبيح‬ ‫كهوى‬

‫ﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖ ﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝ‬
‫ﲞﲟﲠﱠ ﴿‪ ﴾٥6‬سورة غافر‪.‬‬

‫❑ فهذا منتهى ما عندهم‪ :‬كِبر النَّفس‪.‬‬


‫ﱭ‬
‫ﱮ‬ ‫ﱡﱣ ﱤ ﱥﱦﱧ ﱨﱩ ﱪﱫﱬ‬
‫ﱢ‬ ‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐ ﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠ‬

‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱠ ﴿‪ ﴾4٠‬سورة فصلت‪.‬‬


‫َ ُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ ُ‬
‫اع َملوا َما ِشئتم ِإن ُه ِب َما ت ْع َملون َب ِص ٌت‪ :‬فاهلل يعلم أنهم ما ارتدوا إال لهوى قلوب هم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫شرعي‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ذهني معين على ٍّ‬
‫نص‬ ‫ٍّ‬ ‫تغليب لتصوُّ ر‬
‫ٌ‬ ‫❑ فمنتهى الشبهات هو‬
‫ٍ‬
‫• فهذا منته الشبهات يف اإلسالم‪ ،‬وكل مرتد يعلم ذلك من نفسه‪ :‬ﭐﱡﭐﲽﲾﲿﳀ‬
‫ن‬

‫ﳁﳂﳃﳄﳅﳆﱠ سورة القيامة‪.‬‬


‫ر‬ ‫ن‬
‫الحقيف لكفره‬
‫ي‬ ‫• فكل إنسان عىل نفسه بصته‪ ،‬حيث يعلم يف قرارة نفسه السبب‬
‫وردته‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وب من ِقبل خفة عقله‪ ،‬وهوى نفسه‪،‬‬‫• فالمرتد لم يؤت من ِقبل الشبهات‪ ،‬وإنما أ ي‬
‫وتقديمهما عىل رشع ربه‪.‬‬
‫ﱭ ﱯ ﱰ ﱱﱲ‬
‫ﱮ‬ ‫• فدين هللا كامل ليس فيه تناقض واحد‪ :‬ﱡﭐﱫﱬ‬

‫ﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱠ ﴿‪ ﴾82‬سورة النساء‪.‬‬


‫اهي قائمة عىل أصول معرفية وفطرية‪،‬‬ ‫اهي صحة الرسالة قطعية‪ ،‬وه بر ن‬ ‫وبر ن‬ ‫•‬
‫ي‬
‫ورصورات عقلية‪.‬‬ ‫ن‬
‫هوى عىل ٍّ‬
‫نص رش ٍّ‬
‫ع‪.‬‬ ‫وليست الشبهات نف اإلسالم إال لتغليب ا‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ولست تحتاج ر‬‫َ‬
‫ين؛ لتفهم الرد عىل الشبهة‪ ،‬ويختف كل‬‫وبحث يست ِ‬
‫ٍ‬ ‫ألكت من تجر ٍد‬ ‫•‬
‫إشكال ُمتوهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ينشغل السلف بالرد عىل الشبهات كما ننشغل نحن!‬ ‫ِ‬ ‫ولذلك لم‬ ‫•‬

‫‪372‬‬
‫ن‬ ‫• تخي ْل أن الصحابة تركوا ر‬
‫نش اإلسالم يف العالم‪ ،‬وانشغلوا بالرد عىل كل شاردة وواردة‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العالمي‪،‬‬ ‫مسفسط متكت عىل رب‬
‫ٍ‬ ‫ينته مع كل‬
‫ي‬ ‫جدل ال‬
‫ٍ‬ ‫يف دين هللا‪ ،‬وخاضوا يف‬
‫ع؛ لتضوا كل متفلسف‪.‬‬ ‫ر‬
‫واهتموا بتفري ع كل حكم ش ي‬

‫‪ ‬هل تتخيَّل أنهم كانوا سيجدون الوقت لنشر الدعوة‪،‬‬


‫وإيصال اإلسالم للعالم؟‬

‫• الناس ال يحتاجون إىل كل هذا!‬


‫• الناس ال يحتاجون إىل تفنيد كل شاردة وواردة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫• الناس يحتاجون يف واقع األمر للحق‪ ،‬وسيتولد لديهم‬
‫ذاب لكل شبهة‪ ،‬وألي شبهة‪.‬‬‫ر‬
‫دفع ي‬
‫ن‬
‫❑ بينما المسفسطون يف الجهة الثانية لو أتيتهم بكل آية وجدل وتفنيد لن ينتهوا من‬
‫جدلهم؛ ألنهم يريدون اتباع المتشابه ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉﱊ‬
‫ﱋﱌﱍﱎﱏﱠ ﴿‪ ﴾٥4‬سورة الكهف‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اس ِمن كل َمث ٍل‪ :‬فالقرآن فيه جواب كل إشكال‪ ،‬وفيه‬ ‫لن‬ ‫ل‬ ‫آن‬ ‫ر‬‫‪َ ‬ول َق ْد َرص ْف َنا نف َه ٰـ َذا ْال ُق ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِي‬
‫ر‬
‫مبتع الجدل لن تظفر منه بإعالن انكسار لشع رب‬ ‫ن‬ ‫رد كل متشابه إىل محكمه‪ ،‬لكن‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫مسفسطا إىل ما شاء هللا‪.‬‬ ‫ر‬
‫سيبف‬ ‫ن‬
‫العالمي‪،‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫شكلة‪ ،‬ولم تكن ولن تكون مت ًرا للكفر‬ ‫• إذن فالشبهات بذاتها لم تكن ولن تكون م ِ‬
‫أو لإللحاد‪ ،‬وما الرد عىل الشبهات الذي يقوم به األفاضل من أهل العلم إال لطمأنة َمن‬
‫َّ‬ ‫وكبت من أراد ر‬ ‫أراد الحق‪ْ ،‬‬
‫نش الباطل‪ ،‬وإللزام كل من تعلل عىل ضالله بشبهة‪.‬‬
‫• فالمشكلة الجوهرية في ملف الردَّ ة عن دين هللا هي فقط في هوى النفس!‬
‫ْ‬
‫إذن أكبر دعائم اإللحاد على اإلطالق هو‪ :‬الهوى‪.‬‬ ‫•‬
‫بن آدم هو يف الهوى الذي يؤدي للكذب عىل هللا‪ :‬ﱡﭐﱁﱂ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فمصدر الكفر عند ي‬
‫ﱃﱄﱅﱠ ﴿‪ ﴾٩٠‬سورة المؤمنون‪.‬‬

‫• فأمر الهوى خطت؛ ولذلك قال هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅ‬

‫ﳇ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥٠‬سورة القصص‪.‬‬


‫ﳆ ﳈ‬

‫‪373‬‬
‫‪ ‬وقال تعاىل‪:‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱠ﴿‪ ﴾28‬سورة‬
‫الكهف‪.‬‬
‫قائل‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﳒﳓﳔ ﳕﳖﳗﳘﳙ‪..‬ﱠ﴿‪ ﴾26‬سورة ص‪.‬‬
‫‪ ‬وقال عز ِمن ٍ‬
‫‪ ‬وقال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫الننﷺ‪:‬‬ ‫قال‬ ‫ولذلك‬ ‫ك؛‬ ‫فيهل‬


‫ِ‬ ‫الوقت‬ ‫مع‬ ‫فالذي يضعف لهواه ُي ر ن‬
‫في‬
‫ي‬

‫الننﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫نفسه وهواه‪ ،‬كما قال ي‬ ‫الرجل‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬ولذلك كان أفضل الجهاد أن يجاهد‬

‫ً‬ ‫ُ ا‬
‫مهد للشبهات طريقا إىل القلب‪.‬‬ ‫• فالهوى أمره خطت‪ ،‬وهو الذي ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫إيمان‬
‫ٍ‬ ‫• ومن غرائب أثر الهوى عىل النفس أنه يسيل المطلق‪ ،‬فما كان راسخا من‬
‫ً‬
‫ورضا بقضاء هللا‪ ،‬ر ن‬
‫يهت مع الوقت بسبب الهوى‪.‬‬ ‫واطمئنان نفس‪،‬‬
‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫اليقي ذاتيا‪.‬‬ ‫• فالهوى يضعف‬
‫تضع ُ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ف نفسه أمام الشبهة‪ ،‬فإذا استغفر‬ ‫• ولذلك تجد اإلنسان يف لحظات المعصية‬
‫وأقلع عن الذنب تهاوت الشبهات لذاتها‪ ...‬سبحان هللا‪.‬‬
‫• فالهوى بريد الشبهة‪.‬‬
‫‪‬قال ٌّ ن‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬
‫عىل ‪ -‬ي‬
‫ي‬

‫ْ‬
‫اضبط شهواتك‪.‬‬ ‫• لذلك قبل أن تبحث عن جواب شبهة‬
‫• فضبط الشهوة أول ٍ‬
‫باب لضبط الشبهة‪.‬‬

‫(‪ (248‬صحيح الترغيب‪.52 ،‬‬


‫( ‪ (249‬صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.3039:‬‬
‫(‪ (250‬صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.1099:‬‬
‫(‪ (251‬رواه اإلمام أحمد في الزهد‪ ،‬ح‪.377‬‬
‫‪374‬‬
‫ُ‬ ‫• وعليك أن ن‬
‫ترص ر‬
‫بشع ربك ولو خالف هوى نفسك‪ ،‬فال تغلب هوى نفسك عىل‬
‫ُمراد ربك‪.‬‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲶﲷﲸﲹﲺﲻ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾67‬سورة األنفال‪.‬‬

‫‪‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱠ سورة القيامة‪.‬‬


‫َّ‬ ‫َ‬ ‫رن َ‬
‫التمت بما أراد هللا منك‪ ،‬وضبطت شهواتك‪ ،‬وسلمت لمراد ربك الختفت جل‬ ‫• فلو‬
‫شبهاتك ًّ‬
‫ذاتيا‪.‬‬ ‫ِ‬

‫فالفروض العقلية التي توضع يف مقابل النص الشرعي ليس لها معنًى‪ ،‬فلله‬
‫الحكمة البالغة يف كل ما شرع‪ ،‬وأغلب التوهُّمات العقلية التي تُولِّد الشبهات‬
‫هي ردَّة فعل نفسية لهوًى يستتر يف النفس‪ ،‬وكِبر يعصف بالعقل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪375‬‬
‫‪ -121‬كيف ُيضخم الهوى الشبهة؟‬

‫ج‪ :‬تخي ْل إنسانًا تضخمت الدنيا في عقله‪ ،‬وصارت أكبر همه‪ ،‬وبالتالي تضاءلت اآلخرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويضح‬
‫ي‬ ‫بنفسه‪،‬‬ ‫اإلنسان‬ ‫ضح‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬هذا الشخص لن يستوعب الجهاد‪ ،‬لن يستوعب أن‬
‫بالدنيا العظيمة ن يف مقابل اآلخرة الصغتة ن يف عقله‪.‬‬

‫• فالدنيا صارت أكت همه‪.‬‬


‫ًّ‬
‫تشي ُع الجهاد‪ ،‬وتظهر عنده الشبهة!‬
‫جدا ر‬ ‫• فيشق عىل مثل هذا‬
‫ن‬ ‫• نف ن‬
‫حي أنه لو بدأ يعود لربه‪ ،‬وينظر لألمور يف حقيقتها‪ ،‬ويرى الدنيا عىل أنها تلك‬ ‫ي‬
‫القنطرة التافهة يف مقابل آخرة أبدية‪ :‬ﭐﱡﭐﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕ‬
‫ن‬

‫ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾4٥‬سورة الكهف‪.‬‬
‫ن‬
‫عرص بسيط يف مقابل آخرة أبدية‪.‬‬ ‫• فالدنيا رشء ن‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ٌّ‬
‫بديه‪ ،‬وستجو من‬ ‫ٌ‬
‫الطبيع‪ ،‬ستى ساعتها أن الجهاد أمر‬ ‫• لو عادت األمور لنصابها‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫هللا أن ُيرزق شهادة ن يف سبيله‪.‬‬
‫ا‬
‫وبالتاىل لن يكون لشبهة الجهاد وجود أصًل‪.‬‬ ‫ُ ي‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫صاحب الشبهات فروض ُه العقلية‪ ،‬وال ر‬ ‫َ‬
‫عقىل يضعه يف مقابل‬‫ي‬ ‫يغت بتخيل‬ ‫• فال تغرين‬
‫ر‬
‫الن‬ ‫ر‬
‫سخر من فروضه العقلية ي‬ ‫ع؛ ألنه لو ضبط نظرته‪ ،‬وضبط شهوته ل ِ‬ ‫نص ش ي‬
‫تشي ع هللا‪.‬‬ ‫يضعها نف مقابل ر‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• ثم إن الفروض العقلية يف طبيعتها تتفاوت من شخص آلخر‪ ،‬فكل إنسان يقدم هواه‬
‫ن‬ ‫ُ ُ‬
‫وغته يخطئه يف هواه‪ ،‬ويرى أنه هو‬ ‫غت ِه‪ ،‬فتى أن هواه أقرب للحق‪،‬‬ ‫عىل هوى ِ‬
‫األوىل بالحق‪ :‬ﱡﭐﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺ‪..‬ﱠ ﴿‪﴾71‬‬ ‫ْ‬

‫سورة المؤمنون‪.‬‬
‫• فمعطيات الفروض العقلية متفاوتة للغاية ومتناقضة ألبعد ما نتصور‪.‬‬

‫والفروض العقلية ال تملك أيَّ عتادٍ حقيقي يمنعها من التورُّط يف صناعة‬


‫الخرافة واألسطورة والوهم والهالوس‪.‬‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫تأب ر‬
‫تبن وتهدم ‪ ..‬ترفع وتخفض ‪ ..‬تؤله‬
‫فه‪ :‬ي‬‫بالشء ونقيضه‪ ،‬ي‬‫ي‬ ‫• فالفروض العقلية ي‬
‫وتوثن‪.‬‬
‫• وللفروض العقلية أقيسة النهائية؛ ألن أصل مبناها الهوى‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬يقول ابن قتيبة ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫‪ ‬وقال فيهم الغز ي‬


‫اىل ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫• فالفروض العقلية مبناها الهوى والتصوُّ ر الفردي؛ لذا ي‬


‫ه متفاوتة أشد التفاوت‪.‬‬
‫خت مما يجمعون بفروضهم‬ ‫• فرحمة هللا الكتى ه النبوة والرسالة‪ ،‬وكل ما فيها ٌ‬
‫ي‬
‫العقلية المختالة‪.‬‬
‫ا‬
‫• ومن ظن أن له بفروضه العقلية ُحجة عىل ضالله يوم القيامة فهو واهم‪ :‬ﱡﭐﱁ‬

‫ﱂﱃ ﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏﱐ‬

‫ﱑﱒﱠ ﴿‪ ﴾16‬سورة الشورى‪.‬‬

‫ﲪﲬﲭﲮﲯﲰﱠ ﴿‪ ﴾24‬سورة األنعام‪.‬‬


‫ﲫ‬ ‫‪‬ﱡﭐﲦﲧﲨﲩ‬

‫واهية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عقلية‬
‫ٍ‬ ‫• فقد كذبوا عىل أنفسهم بفروض‬
‫• ﲬﲭﲮﲯﲰ‪ :‬لن تستقيم لهم عند هللا ُحجة‪.‬‬

‫ُ‬
‫أحكم‬ ‫❑ وما أعجب أن يفترض اإلنسان بوهم عقله على شرع ربه‪ ،‬فهل هناك‬
‫العالمي؟ ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗﱠ ﴿‪﴾٥٠‬‬
‫ن‬ ‫أعلم من رشع رب‬ ‫ُ‬
‫أعدل أو ُ‬ ‫أو‬
‫سورة المائدة‪.‬‬

‫(‪ (252‬تأويل مختلف الحديث‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫)‪ (253‬تهافت الفلسفة‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪377‬‬
‫• فهو سبحانه الخالق وهو األعلم بما يصلح العباد‪ :‬ﭐﱡﭐﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠ‬
‫﴿‪ ﴾14‬سورة الملك‪.‬‬
‫ٌ‬
‫• ولذلك ال ُيغلب هواه عىل رشع هللا إال مفتون‪ :‬ﱡ ﭐ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬

‫ﲼﱠ﴿‪ ﴾٩‬سورة محمد‬


‫ر‬
‫• فال نجاة إال بالتسليم الكامل للنص الش ي‬
‫ع‪ ،‬والرضا بحكم هللا وأمره‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫است ِق ْم ك َما أ ِم ْرتﱠ وليس كما تهوى‪.‬‬ ‫• ﱡف‬

‫‪‬وقال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫ُ‬
‫لشعه‪ :‬ﭐﱡﭐﲴﲵﲶﲷﲸ‬
‫وتسلم ر‬ ‫• فيكون تسليمك التام لكل ما أمر به هللا‬

‫ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٥1‬سورة النور‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫تحط بعلمه من الحكمة نف ر‬
‫تشي ع ما مثًل حجة تكذب بها دين‬ ‫ي‬ ‫• وال تجعل ما لم‬
‫ربك‪ :‬ﭐ‬
‫‪‬ﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁﳂ ﳃ‬

‫ﳄﳅﳆﳇﱠ ﴿‪ ﴾٣٩‬سورة يونس‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (254‬األربعون النووية‪ ،‬درجة الحديث‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬


‫‪378‬‬
‫‪ -122‬كيف أتعامل مع شخص يطرح شبهة ما؟‬

‫ج‪ :‬قبل أن تُجيب عن أي شبهة عليك أن تعرف طارحَ الشبهة‪ ،‬هل هو‬
‫مسلم أم ملحد؟‬
‫ً‬
‫• فهناك فرق جوهري ن يف التعامل مع الشبهة لو كان طارح الشبهة ملحدا‪.‬‬
‫• فأنت هنا تهدم له إلحاده قبل أن تجيب عن شبهته‪.‬‬
‫ُ‬
‫دمدم له إلحاده‪ ،‬تستأصل اإللحاد من قلبه قبل أن تجيب عن شبهته‪ ،‬وإال ما‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫• بل‬
‫وفيت اإلجابة حقها‪.‬‬

‫فالملحد هو ابن الطبيعة‪ ،‬وابن العالم المادي‪ ،‬وذرَّات دماغه هي نفس‬


‫ِ‬
‫ذرَّات المادة‪ ،‬وتحكمه نفس قوانين المادة‪ ،‬أليس كذلك؟‬

‫‪ ‬أليست هذه نظرة امللحد للطبيعة ولنفسه؟‬


‫الن تحكم اإلنسان‬‫ن ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫• فاإللحاد‬
‫يقتض أنه ال فرق بي اإلنسان وبي المادة‪ ،‬فالقواني ي‬ ‫ي‬
‫الن تحكم الحجر‪ ،‬كما يقول الالأدري كارل ساجان‪)2٥٥(.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ه القواني نفسها ي‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫• فاإلنسان إلحاديا تحكمه قواني مادية صارمة‪ ،‬فهو إلحاديا مجرد كائن جبري‬
‫ه‬‫ه أفعال جتية‪ ،‬وكل ترصفاته ي‬ ‫يخضع لقوانين المادة‪ ،‬وكل ما يفعله ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫قواني مادية تحكم‬ ‫مجرد معادالت حتمية ليس لها اختيار‪ ،‬فليس يف الطبيعة إال‬
‫شء من حولنا وداخل أدمغتنا‪.‬‬ ‫ر‬
‫كل ي‬

‫لو كان اإللحاد صحيحً ا فنحن لسنا أكثر من خط سير لمجموعة من‬
‫المعادالت‪.‬‬
‫ُ‬
‫األمريك الشهت سام هاريس له كتيب بعنوان "اإلرادة الحرة ‪Free‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬ولذلك الملحد‬
‫‪ "Will‬يقول فيه إن‪:‬‬

‫‪(255) Human is essentially the same laws and constants are required to make a rock.‬‬
‫‪, Carl Sagan Pale Blue Dot: A Vision of the Human Future in Space.‬‬
‫‪379‬‬
‫‪ ‬وهنا يظهر السؤال‪ :‬كيف إذن أيُّها امللحد فهمت أنَّ هناك شبهاتٍ؟‬
‫ا‬
‫شبهات أصًل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• لو كان اإللحاد صحيحً ا فأنت لن تفهم أن هناك‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫• لو كان اإللحاد صحيحً ا لن تشعر بوجود الشبهة؛ ألن الشبهة ي‬
‫تعن أن شيئا قد‬
‫المفتض أن يحصل‪ ،‬هذا ن‬
‫معن الشبهة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫حصل‪ ،‬ولم يكن من‬

‫ً‬
‫شيئا قد حدث أو قد ُكتب في نص شرعي مُ قدَّ س‪،‬‬ ‫‪ ‬فمعنى الشبهة‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫ولم يكن من المفترض أن يَحدث أو أن يُكتب‪.‬‬
‫ن‬
‫حتىم جتي‪.‬‬
‫ي‬ ‫عالم‬ ‫• والواقع أنه ال وجود للشبهة ي‬
‫ف‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫• فال وجود للشبهة‪ ،‬وال ن‬
‫قواني حتمية‪ ،‬فداخل العالم‬ ‫معن للشبهة يف عالم تحكمه‬
‫ن‬
‫القواني‬ ‫الحتىم‪ ،‬محل األحداث هو المحل نفسه الذي تست عليه‬ ‫المادي الجتي‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الفتيائية‪.‬‬

‫ن‬
‫❑ ونقول الكالم نفسه يف السلوك البشري‪ :‬محل كل حدث يف السلوك‬
‫فتياء حركة الذرات‪.‬‬ ‫البشي سيكون هو المحل نفسه الذي تست عليه ن‬ ‫ر‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫فت ًّ‬ ‫ً‬
‫قانونا ن‬
‫وف دماغ أي مجرم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫دماغك‪،‬‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ذرة‬ ‫فكل‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫يائي‬ ‫• وبما أنه ال توجد ذرة تخالف‬
‫ن‬ ‫بقواني ن‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫بقواني جتية‪،‬‬ ‫فتيائية ثابتة صارمة‪ ،‬وتست‬ ‫صلح‪ ،‬تست‬‫وف دماغ أي م ِ‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫وليس هناك ذرة تست نف اتجاه يخالف ن‬
‫فتياء الذرات‪ ،‬فلو أضفت حامضا إىل‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫قاعدي يف أي معمل؛ فإن النتيجة ستكون ملحا وماء‪ ،‬ولو أعدت التجربة مليار‬
‫مرة ستحصل عىل النتيجة نفسها‪.‬‬
‫الفتيائية الصارمة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫القواني‬ ‫• ومخك تحكمه نفس هذه‬
‫‪380‬‬
‫ا‬ ‫ْ‬
‫سواء‬ ‫• إذن بما أنه ال توجد ذرة تخالف قانونًا فيزيائيًّا‪ ،‬وبما أن محل كل حدث‬
‫ن‬ ‫نف العالم الطبيع‪ ،‬أو نف السلوك ر‬
‫البشي‪ ،‬أو يف المخ‪ ،‬هو المحل نفسه الذي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫فبالتاىل لن يكون هناك أي اختيارية‪.‬‬ ‫ن‬
‫تحدده فتياء حركة الذرات‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫شبهة؟‬ ‫‪ ‬فمن أين عرفت َّ‬
‫أن هناك‬
‫ِ‬
‫‪ ‬وكيف توجد شبهة من األساس؟‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫إن شيئا قد حدث‪ ،‬أو قد كتب يف نص‬ ‫❑‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫يعن أن هناك‬
‫ع مقدس‪ ،‬ولم يكن من المفتض أن يحدث أو أن يكتب‪ ،‬هذا الكالم ي‬ ‫شي‬
‫اختيارية‪ ،‬وأن هناك حرية إرادة‪ ،‬وأن هناك احتماالت لألحداث‪ ،‬وهذا الكالم ال وجود له‬
‫ن‬
‫مكلفي مختين‪.‬‬ ‫إال إذا كنا‬

‫• فال يقول الملحد بوجود الشبهة إال ألنه يعلم بفطرته أن اإلنسان عنده حرية‬
‫واختيارية‪ ،‬ويمكنه أن يفعل كذا أو ال يفعل كذا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫إنساب وليس عال ًما جتيا‪ ،‬فاإلنسان‬
‫ي‬ ‫• ال يقول الملحد بوجود الشبهة إال ألن العالم‬
‫ُمخت ويعلم بفطرته أنه مخت‪ ،‬وعىل أساس هذه الفطرة التخيتية يستوعب‬
‫الملحد أن هناك شبهات‪ ،‬ويستوعب أن أشياء كان من الممكن أًل تحصل‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫عالما اختياريا‬ ‫ويعتف ويرصح أن هناك‬ ‫• فالملحد بطرحه للشبهات‪ ،‬وكأنه يقرر‬
‫ًّ‬
‫تكليفيا بجوار العالم المادي‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كاف إلسقاط إلحاده من قلبه‪.‬‬ ‫• وهذا دليل ٍ‬
‫• إذ لو كان العالم مجرد معادالت حتمية وأرقام‬
‫ر ُ‬
‫ه نتاج‬
‫ي‬ ‫رتكب‬ ‫ت‬ ‫جبرية فـ‪ :‬كل الجرائم ي‬
‫الن‬
‫رياضيات ُمعقدة ن يف الدماغ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫• ولوكان األمر كذلك ما كنت لتعرف أن هناك جرائم أصًل‪ ،‬وما كنت لتعرف أن هناك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبالتاىل ما كنت لتقرر أن هناك شبهات‪.‬‬ ‫ي‬ ‫صوابا أو خطأ‪،‬‬
‫• فاستيعابك للشبهة يؤكد خطأ اإللحاد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫• فما استوعب اإلنسان وجود الشبهة إال ألن هناك إرادة حرة‪ ،‬ما استوعب الشبهة‬
‫إال ألن هناك اختيارية‪ ،‬وما استوعب الشبهة إال ألن اإللحاد خطأ‪ ،‬وما استوعب‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫الشبهة إال ألنه ُمكلف ومخلوق هلل‪.‬‬
‫• فاإلنسان ُمخت نف قراراته‪ ،‬وهذه االختيارية ليست ا‬
‫بناء عىل ذراته‪ ،‬وإنما ألن لديه‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ًّ‬
‫روحا‪ ،‬وألن لديه تكليفا إلهيا‪.‬‬‫ً‬

‫‪381‬‬
‫َّ‬
‫اإلله يعرف اإلنسان أنه ُمكلف‪ ،‬ويعرف أنه ُمخت‪،‬‬ ‫ي‬ ‫• فمن خالل الروح والتكليف‬
‫ويعرف أن لديه إرادة حرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫اإلله اضطروا للقول بالجتية؛ ألنهم‬ ‫ي‬ ‫• عندما كفر المالحدة بالروح وبالتكليف‬
‫رجعوا للعالم المادي‪ ،‬فوقعوا في التناقض الذاتي الرهيب‪ :‬فهم‬
‫يعلمون بفطرتهم أنهم ُمختون‪ ،‬لكنهم مضطرون بإلحادهم للقول بالجتية‪،‬‬
‫فسقطوا ن يف التناقض‪.‬‬
‫• وأنا أتعجب كيف إلنسان أن يقتنع باإللحاد‪ ،‬ذاك المذهب الذي يقول بالجتية‬
‫وف الوقت نفسه هناك ما ُيسىم ب "المحاكم"‪.‬‬ ‫ن‬
‫التامة‪ ،‬ي‬
‫تعن أن الجتية خطأ؛ ألن الجتية‬ ‫• فالمحاكم ن‬
‫ي‬
‫لوكانت موجودة ل َما حوكم إنسان عىل أفعاله‪.‬‬
‫ن‬
‫والقواني والدساتت والعقوبات‬ ‫• إن المحاكم‬
‫ن‬
‫إنساب‪،‬‬ ‫أمور عليها إجماع فطري‬‫والمكافآت ه ٌ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫فهذه المحاكم والقواني والدساتت والعقوبات‬
‫والمكافآت والقضاء ما ُوجدت إال ألن اإلنسان‬
‫مسؤول عن قرارته‪ ،‬ولديه إرادة حرة‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ن‬
‫إنساب‪ ،‬لكن‬ ‫أمر عليه إجماع فطري‬ ‫• وكلنا يعلم أن المجرم ال بد أن ُيحاسب فهذا ٌ‬
‫ي‬
‫لو كان اإللحاد صحيحً ا فال قيمة للقضاء وال للقوانين‪ ،‬وليس هناك ما‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ُيسىم إجر ً‬
‫وبالتاىل فكيف تحاكم إنسانا عىل‬
‫ي‬ ‫ي‪،‬‬ ‫جت‬ ‫سلوك‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫فالجريمة‬ ‫‪،‬‬‫أصًل‬ ‫ا‬ ‫ام‬
‫جت عىل فعلها؟‬ ‫جريمة هو ُم ٌ‬

‫‪ ‬لماذا تحاكم مجرمً ا على جرائم القتل‪ ،‬وما حُ بُّه للقتل إال هرمونات‪ ،‬وما‬
‫ضغطه على الزناد إال تفاعل ذرات؟‬
‫ن‬
‫والقواني والدساتت والمحاكم والعقوبات والمكافآت والجوائز كل هذه‬ ‫• فالقضاء‬
‫األمور تؤكد أن اإللحاد فكرة خاطئة‪.‬‬
‫• اإللحاد هو مرحلة غريبة من مراحل الجنون ر‬
‫البشي‪ ،‬واالفتخار بهذا الجنون‪.‬‬
‫ن‬
‫إنساب‪.‬‬ ‫يناقض كل إجماع فطري‬ ‫❑‬
‫ي‬

‫إذن القاعدة التي تُلخِّص ما سبق‪:‬‬

‫ال توجد ذرَّة تخالف قانونًا فيزيائيًّا؛ فعندما يخرج علينا ملحد ليقول لنا‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫أن الفيزياء خطأ‪.‬‬‫أن اإللحاد خطأ‪ ،‬أو َّ‬
‫دليل قاطع على ّ‬
‫ٌ‬ ‫هناك شبهات‪ ،‬فهذا‬

‫‪382‬‬
‫❑‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫يعن أن الملحد يؤمن مسبقا بالقيم األخالقية‬‫• فدعوى الملحد أن هناك شبهات هذا ي‬
‫المطلقة‪ ،‬فهناك قيم أخالقية يؤمن بها الجميع‪ ،‬وعىل أساس هذه القيم األخالقية‬
‫نصا يخالف هذه القيم‬ ‫حي تصور أن ًّ‬ ‫المطلقة قفزت الشبهة إىل ذهن الملحد ن‬
‫األخالقية المطلقة!‬
‫ن‬
‫• فلن يعرف الملحد الشبهة‪ ،‬ولن يجادل يف أنها شبهة إال إليمانه المسبق بوجود‬
‫هذه القيم األخالقية المطلقة‪ ،‬وصحة هذه القيم األخالقية المطلقة‪.‬‬
‫• ولن يناظر من أجل التأكيد عىل شبهته‪ ،‬ويؤكد أنها شبهة عند كل إنسان إال لعلمه‬
‫بحقيقة هذه القيم‪ ،‬وكون هذه القيم مستقرة ن يف فطرة كل إنسان‪.‬‬

‫ً‬
‫أيضا الملحد يعلم بفطرته َّ‬
‫أن هناك غائية أخالقية‪.‬‬

‫هناك هدفًا أخالقيًّا يُجمع عليه البشر‪ ،‬ويَستقر يف وعي البشر‪ ،‬ويريد‬
‫أن يصل إليه البشر‪.‬‬
‫وهذا الشعور بضرورة الغائية األخالقية يعود للفطرة والتكليف اإللهي‪،‬‬
‫وليس لحركة ذرات الدماغ‪.‬‬

‫ً‬
‫ينتىم أبدا لهذا العالم المادي‪ ،‬إنها نتاج‬
‫ي‬ ‫ه نتاج أمر ال‬ ‫• إن الغائية األخالقية ي‬
‫فتياء الذرات ن يف المخ!‬
‫التكليف اإلله والفطرة والروح‪ ،‬وليست نتاج ن‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الن فطرنا عليها‪ ...‬فطرة القيم األخالقية المطلقة‪ ،‬ولوال العلم‬ ‫• لوال الفطرة ي‬
‫إنسان‬ ‫برصورة أن هناك غائية أخالقية‪ ...‬لوال ذلك لما قفزت إىل ذهن‬ ‫ن‬
‫التكليف ن‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬
‫ً‬
‫شبهة‪ ،‬ولما فهم أنها شبهة‪ ،‬ولما علم أنها ستكون شبهة عند غته أيضا‪ ،‬فهو يعلم‬
‫أن الجميع بنفس فطرته‪ ،‬وبنفس رؤيته األخالقية الغائية‪ ،‬وب هذا ظهرت عنده‬
‫الشبهة وجادل حولها‪.‬‬
‫َّ‬
‫حر ُمكلف‪ ،‬وأن هناك ً‬ ‫ا‬
‫• ما توهم اإلنسان أن هناك شبهة إال ألنه مفطور عىل أنه ٌّ‬
‫قيما‬
‫أخالقية مطلقة‪ ،‬وغائية أخالقية‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫‪ ‬أو بإيجاز شديد وبكلمة واحدة‪ :‬أنَّه ليس هناك إلحاد!‬
‫ن‬
‫التكليف‬ ‫تكليف داخل كل إنسان‪ ،‬وكل ملحد يعلم أن هذا المعيار‬ ‫ن‬ ‫• هناك معيار‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬
‫موجود عند الجميع‪ ،‬وباإلحالة إىل هذا المعيار يتصور الملحد أن هناك مشكلة‬
‫ن‬
‫أخالقية يف هذا الفعل أو ذاك‪ ،‬فالملحد يعلم أن كل إنسان عنده هذا المعيار‪،‬‬
‫ولهذا هو ينتقد ما يتصور أنه شبهات‪ ،‬ويعلم أن غته سيفهم أنها شبهات‪ ،‬وسوف‬
‫َّ‬
‫تتولد عنده التساؤالت نفسها‪ ،‬واإلشكاليات األخالقية نفسها‪ ،‬ما تصور الملحد‬
‫هذا إال ألنَّه يثق تمامً ا في هذا المعيار التكليفي‪.‬‬
‫مستعد ً‬ ‫ٌّ‬ ‫ن‬
‫تماما للمناظرة‬ ‫• كلما اشتدت رشاسة الملحد يف الدفاع عن شبهاته‪ ،‬بل وإنه‬
‫حول شبهاته؛ للتأكيد عليها‪ ،‬كلما علمت أنه يقطع القدر نفسه من ر‬
‫الشاسة‪،‬‬
‫ً‬
‫ودون أن يدري بأنه مكلف‪ ،‬وبأنه ليس ابنا للطبيعة الجتية‪.‬‬
‫قيما أخالقية‪،‬‬‫الشاسة نف الدفاع عن شبهته بأن هناك ً‬ ‫• فهو يقطع القدر نفسه من ر‬
‫ي‬
‫وغائية أخالقية‪.‬‬
‫البش مكلفون‬ ‫الشاسة نف الدفاع عن شبهته بأن جميع ر‬ ‫• ويقطع القدر نفسه من ر‬
‫ي‬
‫مسؤولون محاسبون‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الشاسة ن يف الدفاع عن شبهته بأنه مخلوق هلل‪.‬‬‫• ويقطع القدر نفسه من ر‬
‫‪ ‬العالم ك ُّله من حولك بريء أخالقيًّا‪ ،‬فالجدار الذي خلفك هل يعرف الخير أو الشر؟‬
‫‪ ‬هل هناك ذرَّة أو حجر أو جبل أو حيوان أو كوكب أو مجرَّة تعرف القيم األخالقية؟‬
‫ختا وال ر ًّ‬
‫شا وال قداسة‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫أخالقيا ‪ ...‬ال يعرف‬ ‫ً‬
‫تماما‬ ‫ٌ‬
‫بريء‬ ‫• العالم كله من حولك‬
‫وال نجاسة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ً‬
‫الثقلي‪ :‬اإلنس والجن‪.‬‬ ‫• إذ ليس مكلفا عىل األرض سوى‬
‫ًّ‬
‫أخالقيا‪ ،‬فلن تقبل منه هذا الكالم‪،‬‬ ‫‪ ‬فلو أتاك إنسان وقال لك‪ :‬إنه حيوان بريء‬
‫ر ن‬
‫والش يف‬ ‫بناء عىل سلوكياته بمقارنة هذه السلوكيات بمعيار الخت‬ ‫وسوف ُتصنفه ا‬
‫فطرتك‪.‬‬
‫حن ولو ن‬ ‫ًّ‬
‫أخالقيا ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫تمن ذلك من كل قلبه‪.‬‬ ‫• فال يمكن إلنسان أن يكون حيوانا محايدا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫فاسدا‪)2٥6(.‬‬ ‫• خياره الوحيد أن يكون صالحا أو‬

‫(‪ (256‬علي عزت بيجوفيتش‪ ،‬اإلسلم بين الشرق والغرب‪ ،‬مؤسسة بافاريا‪.‬‬
‫‪384‬‬
‫❑‬

‫ن‬
‫المعاب‪،‬‬ ‫• كل إنسان ر ن‬
‫امي هللا عليه بنعمة العقل‪ ،‬تلك النعمة العظيمة‪ ،‬فالعقل يعقل‬
‫ي‬
‫ويعقل المفاهيم‪ ،‬والعقل يعقل ‪-‬يمنع‪ -‬اإلنسان عن الخطأ‪.‬‬
‫• ومن خالل العقل يعقل اإلنسان أن هناك شبهة!‬

‫• ال وجود للعقل ن يف اإللحاد‪.‬‬


‫ن‬
‫كهرب‪ ،‬وهذا‬
‫ي‬ ‫عصن‬
‫ي‬ ‫• يوجد يف اإللحاد فقط الدماغ‪ ،‬ذلك الدماغ بما فيه من نشاط‬
‫فتيائية حتمية‪ ...‬هذا‬ ‫لقواني ن‬
‫ن‬ ‫النشاط يخضع‬
‫الشء المتاح ن يف اإللحاد‪.‬‬ ‫ي‬
‫فقط ر‬
‫فه فقط ذرات داخل الجمجمة تقوم بوظائف‬
‫ْ‬ ‫• ي‬
‫فتيائية‪ ،‬فليس‬‫قواني ن‬
‫ن‬ ‫بيولوجية حتمية َوفق‬
‫للعقل وجود ن يف اإللحاد‪.‬‬
‫الن يتيحها النشاط العصن نف ن‬ ‫ر‬
‫فتياء‬ ‫ي ي‬ ‫• إذن فاألفكار ي‬
‫ًّ‬
‫الدماغ إلحاديا لن تتجاوز صورة مخرجات‬
‫الحواسيب المعقدة‪ ،‬وهذه المخرجات تشمل‪:‬‬
‫فه مجرد صور وخياالت‬ ‫الخياالت واألوهام‪ ،‬ي‬
‫أفكارا يمكن الثقة بها‪.‬‬ ‫ال تفرز ً‬

‫‪257‬‬

‫‪ ‬ولذلك داروين نفسه كان يتشكَّك يف األفكار التي يُفرزها الدماغ‪.‬‬


‫‪ ‬يقول داروين‪:‬‬

‫ُّ‬
‫الشك اآلتي‪ :‬هل يمكن أن يكون لدماغ اإلنسان‪ ،‬والذي أؤمن أن‬ ‫"يُراودني‬
‫هذا اإلنسان تطوَّ ر عن أدنى الكائنات‪ ،‬هل يمكن أن يكون لدماغ اإلنسان‬
‫(‪)258‬‬ ‫َّ‬
‫يتمتع بأي قيمة أو يستحق أدنى ثقة؟"‪.‬‬ ‫بعد ذلك ُّ‬
‫أي ثقة‪ ،‬هل‬

‫‪(257) Nathan,‬‬ ‫‪N. M. L. , Naturalism and Self-Defeat, p.135.‬‬


‫‪(258) Charles‬‬ ‫‪Darwin to W. Graham, the Life and Letters of Charles Darwin, vol.1, p.282 .‬‬
‫‪385‬‬
‫‪ ‬ويقول الملحد السابق كاليف لويس ‪:C. S. Lewis‬‬

‫• فبدون إيمان باهلل لن يكون للعقل وجود‪.‬‬


‫ر ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫حن يف اإللحاد‬ ‫فف العالم المادي ليست هناك آلية نثق من خاللها‬ ‫وبالتاىل ي‬
‫ي‬ ‫•‬
‫نفس ِه‪.‬‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫• فلن يعقل الملحد إلحاده‪ ،‬ولن يصدق إلحاده‪ ،‬إال إذا سلم مسبقا بأن للعقل أحكاماً‬
‫ا‬
‫صحيحة‪ ،‬وهذا ال ر‬
‫يتأب إال باإليمان باهلل‪.‬‬

‫لن يُلحد اإلنسان إال لو كان هللا موجو ًدا‪.‬‬ ‫❑‬


‫ا‬ ‫اإليماب أو ر‬ ‫ن‬
‫حن اإللحادي الذي يأخذه اإلنسان مبناه عىل أن هناك عقًل‬ ‫ي‬ ‫• فالقرار‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫بأنن‬
‫يأب إال باإليمان ي‬ ‫صحيحة‪ ،‬وهذا اإليمان بصحة قرارات العقل ال ي‬ ‫صدر أحكاما‬ ‫ي ِ‬
‫مخلوق هلل‪ ،‬فقد خلق هللا عقىل‪ ،‬وبالتاىل أنا أثق نف األحكام ر‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫الن يعطيها‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫هلل‪،‬‬ ‫عبد‬
‫هذا العقل‪.‬‬
‫ياب!‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫• وليس أن‬
‫عقىل مجرد صور فراغية تخيلية داخل مخ فت ي‬ ‫ي‬ ‫ْ‬
‫إلحاد َك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ي‬
‫ن‬
‫تثق‬ ‫أن‬ ‫تستطيع‬ ‫لن‬ ‫لك‬ ‫هللا‬ ‫خلقه‬ ‫الذي‬ ‫العقل‬ ‫فبدون‬ ‫إذن‬ ‫•‬
‫• إنها مفارقات عجيبة‪ ،‬لكنها واقعة دا خل عالم اإللحاد األعجب‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫• فالملحد لن يستطيع أن يثق يف صحة الشبهة‪ ،‬وأنها شبهة أصًل إال لو كان واثقا‬
‫ابتداء ن يف أن عقله قد خلقه هللا‪.‬‬ ‫ا‬
‫• سبحان هللا!‬

‫❑ حين يدافع الملحد عن الشبهة‪ ،‬هو في الواقع يدافع عن خضوعه‬


‫للتكليف اإللهي‪ ،‬وأنَّه عبد لله مخلوق‪ ،‬وليس فيزياء جسيمات‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱠ﴿‪﴾1٥‬‬
‫سورة الرعد‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫أبينا‪.‬‬ ‫• كلنا خاضعون هلل شئنا أم‬
‫‪386‬‬
‫أن ملح ًدا طرح شبهة‪ ،‬فال بد أن تهدم له إلحاده‬‫إذن مُ جمل ما سبق‪ :‬لو َّ‬
‫‪ْ ‬‬
‫أن استيعابه للشبهة ينبني‬ ‫قبل أن تجيب عن شبهته‪ ...‬ال بد أن توضح له َّ‬
‫على أركان ثالثة على األقل‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أن لإلنسان حرية إرادة واختيارية‪.‬‬ ‫‪َّ -1‬‬

‫‪َّ -2‬‬
‫أن هناك قيمً ا أخالقية مطلقة‪.‬‬

‫أن هناك عق ًلا أحكامُ ُه صحيحة‪.‬‬


‫‪َّ -3‬‬

‫اختل ركن من هذه األركان‪.‬‬


‫َّ‬ ‫ال يمكن أن يستوعب اإلنسان شبهة لو‬

‫وهذه األركان الثالثة ال وجود ٍّ‬


‫ألي منها في اإللحاد‪.‬‬

‫إذن‪ :‬ال وجود للشبهة ن يف اإللحاد‪.‬‬


‫‪ْ ‬‬

‫❑ وبعد أن تكون هدمت للملحد إلحاده‪ ،‬تبدأ بهدوء يف اإلجابة عن‬


‫شبهته لو بقيت الشبهة أصالً‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪387‬‬
‫‪ -123‬ماذا لو كان طارح الشبهة مسل ًما؟‬

‫ج‪ :‬يف البداية يمكن حصر الشبهات يف اإلسالم ىلع ثالثة صور‪:‬‬

‫أ‪ -‬إما آثار ضعيفة‪ :‬حديث ال يصح أو أثر ضعيف‪.‬‬

‫ب‪ -‬أو اجتهادات غت معصومة‪ :‬قول ألحد العلماء أو اجتهاد عند بعض أهل العلم‪.‬‬

‫ع‪.‬‬ ‫ر‬
‫عقىل يقدمه صاحبه عىل النص الش ي‬
‫ي‬ ‫ج‪ -‬أو تصور‬

‫❑ هذه مصادر الشبهات في اإلسالم‪.‬‬

‫أن نسأل‪ :‬كيف تكون مشكلة المسلم مع‬ ‫‪‬وهنا لنا ْ‬


‫أثر ضعيف‪ ،‬أو اجتهاد غير معصوم‪ ،‬أو تصور عقلي‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تخميني يقدمه على النص الشرعي‪ ،‬وال ينتبه في‬
‫الوقت نفسه لما ال حصر له من النصوص‬
‫الصحيحة الثابتة التي تتناول معجزات وآيات جرت‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫على يد النبي ﷺ ‪ ،‬والتي نقلها أصدق الناس‬
‫وأكثرهم تحر يًا للضبط؟‬
‫ْ ُ‬ ‫َّ‬
‫❑بمعنًى آخر‪ :‬لو سلمت بالشبهة لكان من باب ْأوىل أن تسلم بكل المعجزات واآليات‬
‫ر‬
‫الن تقطع بنبوته ﷺ‪.‬‬
‫ي‬
‫• آية‪ :‬هذا القرآن‪ ...‬تلك اآلية الخالدة‪.‬‬
‫النن ﷺ وستته‪ ،‬وما فيها من آيات ال تجري إال عىل يد ي‬
‫نن‪.‬‬ ‫• آية‪ :‬هذا ي‬
‫َ‬
‫• آية‪ :‬البشارات به قبل قدومه ﷺ باسمه وصفته ون ْعته ومكان بعثته‪.‬‬
‫• آية‪ :‬تأييد هللا له‪ ،‬وعدم موته إال وقد ك ُم َل الدين وتم‪.‬‬

‫بل ما من شبهة إال وتحمل في داخلها ً‬


‫آية على صحة الرسالة‪ ،‬وهذه أمر‬
‫ُ‬
‫سنفصل فيه في الفصول القادمة في الرد على الشبهات التفصيلية‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف ال ينتبه املسلم طارح الشبهة للبراهين ىلع نبوته ﷺ ؟‬

‫‪ُّ ‬‬
‫وأي شبهة هذه التي تجعل المسلم ينزعج بجانب هذه البراهين؟‬
‫ٍ‬
‫‪388‬‬
‫عقىل ن يف نقطة معينة!‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫أقطع بنبوته ﷺ‪ ،‬لكن عندي إشكال‬ ‫قد يقول طارح الشبهة‪ :‬أنا‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫‪‬ونقول له‪ :‬قبل أن تعرف جواب إشكالك ال بد أن تسلم أن هذا اإلشكال ناتج عن تصور‬
‫وهىم ن يف ذهنك‪.‬‬
‫ي‬
‫‪‬قد يقول‪ :‬لماذا أقطع َّ‬
‫بأن كل شبهة حتى قبل أن أسمع الرد عليها‬
‫هي نتاج تصوُّ ر وهمي أو سوء فهم في ذهني؟‬

‫ً‬
‫شخصا‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬ألنه بالدليل العقىل لو ر‬
‫افتضنا أن‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ ُ‬
‫لديه شهادة الطب‪ ،‬وتعطيه شهادته الحق يف مزاولة‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫المهنة‪ ...‬لديه شهادة معتمدة بهذا‪ ،‬هل تشكك يف كون هذا‬
‫ا‬
‫دواء لم تفهمه؟‬ ‫ً‬
‫طبيبا لمجرد أنه وصف‬ ‫الشخص‬
‫‪ ‬ال ً‬
‫طبعا‪.‬‬
‫ً‬
‫مريضا لم يصل للصورة التي‬ ‫‪ ‬هل تُشكك في كونه طبيبًا لمجرد َّ‬
‫أن‬
‫كنت ترجوها بعد تناول الدواء؟‬
‫‪ ‬ال ً‬
‫طبعا‪.‬‬

‫• فثبوت الطب له يجعلك تستوعب أنك قد ال تفهم طريقة عمل الدواء‪ ،‬وتستوعب‬
‫ر‬
‫الن وصفها‬
‫أن المريض الذي تأخر شفاؤه قد ال يكون تناول الدواء بالصورة ي‬
‫الطبيب‪ ،‬وتستوعب أنه قد يكون هلل حكمة ن يف تأخر شفائه‪.‬‬
‫• فال َترد إىل ذهنك مشكلة طالما علمت أنه طبيب‪ ،‬بل تعلم ً‬
‫تماما أن ما لم تفهمه‬
‫من وصفاته الطبية راجع لقصور عقلك‪ ،‬وقلة علمك ال ر‬
‫أكت‪.‬‬

‫‪ ‬أليس كذلك؟‬
‫ُ‬
‫وصفات ُه ً‬ ‫ن‬
‫وحيا يوح من األساس‪ ،‬ومع ذلك أنت‬ ‫• هذا يحصل يف حال طبيب ليست‬
‫تتر له كل ما لم تفهمه من وصفاته‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف بالنبي الذي يُوحى إليه‪ ،‬والذي ال ينطق عن الهوى؟‬

‫‪ ‬كيف بالنبي المعصوم الذي تؤمن بنبوته؟‬

‫‪389‬‬
‫رسالت ِه‪ ،‬فمن‬
‫ِ‬ ‫الغين بصحة‬
‫ي‬ ‫النن‪ ،‬واستقام لك االعتقاد‬
‫عندك نبوة ي‬ ‫• فطالما ثبتت‬
‫نُ‬
‫الوح‪.‬‬‫ي‬ ‫البديه أنه ال يرصك ما لم تفهمه من نصوص‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫وقن يف ذهنك‪.‬‬ ‫وهىم ي‬ ‫ه مجرد تصور‬ ‫شبهتك ي‬ ‫وبالتاىل سوف تقطع بالبداهة أن‬
‫ي‬ ‫•‬
‫يً‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ا‬
‫ابتداء إذن ال ن‬
‫ترصك شبهة يف دينك أبدا‪.‬‬ ‫• فطالما ثبتت نبوته عندك‬

‫‪ ‬فما بالك وكل شبهة في اإلسالم تم جوابها؟‬

‫ش ٍء إال بينوه للناس‪.‬‬ ‫• فأهل العلم (أولو األلباب) بفضل هللا ما تركوا من ر‬
‫ي‬
‫ا ن‬ ‫ا‬
‫• ما تركوا من شبهة‪ ،‬وال شاردة‪ ،‬وال واردة‪ ،‬وال شاذة‪ ،‬وال فاذة يف دين هللا إال وبينوها‬
‫للناس‪.‬‬
‫ْ‬
‫• فأنت فقط تجر ْد هلل وابحث عن الرد‪ ،‬وستعجب من بساطة شبهتك‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• لو استقر يف ذهنك ثبوت النبوة‪ ،‬وقطعية صحة الرسالة‪ ،‬سوف تتضاءل يف عينيك‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫كل شبهة‪ ،‬وسيكون بحثك يف الرد عىل الشبهة هو فقط من باب النظر يف أبواب‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫المفتض أن يكون حال كل مسلم‬ ‫الحكمة اإللهية‪ ،‬ولمزيد تفقه يف دين هللا‪ ،‬وهذا‬
‫مع الشبهة‪.‬‬
‫يهت قلبك لمجرد أنك ال تعرف جواب شبهة‪.‬‬ ‫• ولن ر ن‬

‫حن إلحادهم بشبهة يلقونها عليك‪ :‬ﭐ ﭐ‬


‫ُ‬ ‫• فال يستخفنك هؤالء الذين ال يعرفون ر‬

‫ﳓﳕﳖﳗﳘﳙﱠ ﴿‪ ﴾6٠‬سورة الروم‪.‬‬


‫ﱡﭐ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳔ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪390‬‬
‫‪ -124‬ما هي أفضل األعمال في اإلسالم على اإلطالق؟‬
‫ن‬
‫ج‪ :‬أفضل األعمال يف اإلسالم عىل اإلطالق بعد اإليمان باهلل هو‪ :‬الجهاد في سبيل‬
‫هللا‪.‬‬

‫‪ ‬ففي الحديث المتفق على صحته‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫الم‪.‬‬‫س‬‫❑ فالجهاد هو ذ ْر َو ُة َس َنام اإل ْ‬


‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫الننﷺ ‪:‬‬

‫‪260‬‬
‫س َنامه ا ْلج َ‬
‫ها ُد"‪.‬‬ ‫اة‪َ ،‬و ُذ ْر َو ُة َ‬
‫الص َل ُ‬ ‫س ا ْل َأ ْمر ا ْلإ ْ‬
‫س َلامُ ‪َ ،‬و َعمُ و ُد ُه َّ‬ ‫" َر ْأ ُ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪‬ﭐﱡﭐ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬

‫ﲠﲡ ﲢﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮ ﲯﲰ ﲱﲲ‬

‫ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ‬
‫ﳆﳇ ﳈﳉﳊﱠ سورة الصف‪.‬‬

‫❑ الجهاد هو التجارة الرابحة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (259‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.26:‬‬


‫)‪ (260‬سنن الترمذي‪ ،‬ح‪ ،2616:‬درجة الحديث‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫‪391‬‬
‫‪ -125‬ما هي صور الجهاد؟‬

‫‪‬يتخيل بعض الناس أن الجهاد فقط هو جهاد الحروب والمعارك‪.‬‬


‫‪ ‬وهذا خطأ‪.‬‬
‫أيضا باللسان‪ ...‬هذا جهادٌ‪ ،‬وهو‪ :‬جهاد الحُ جَّ ة والبيان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فالجهاد يكون‬
‫وجهاد الرد على شبهات اإللحاد واألفكار الفاسدة‪ ،‬وجهاد دعوة الناس‬
‫لإلسالم‪ ،‬فهذا باب عظيم من أبواب الجهاد‪.‬‬
‫❑ وهناك جهاد باألموال ن يف سبيل هللا‪.‬‬
‫‪ ‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ن‬ ‫ْ‬
‫❑ إذن لو نظرنا للجهاد بصورته الشمولية سنجد أن كل مسلم يمكنه أن يجاهد يف سبيل‬
‫ْ‬
‫بحسب نعم هللا عليه‪.‬‬ ‫بحسب قدرته وعلمه وماله‪...‬‬‫ْ‬ ‫هللا‬
‫‪ ‬قال ابن القيم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫حكرا عىل الجيوش المسلمة ر‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ْ‬


‫الن تقف عىل الحدود‬
‫ً ن ي‬ ‫ليس‬ ‫هللا‬ ‫سبيل‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫فالجهاد‬ ‫إذن‬ ‫❑‬
‫كما يتخيل بعض الناس‪ ،‬بل يمكن ألي مسلم أن يكون مجاهدا يف سبيل هللا‪ ،‬وأن يقف‬
‫ب عن دين هللا ويرُدَّ المبطلين‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فيذ َّ‬ ‫هو اآلخر على الحدود‬
‫• فكل هذا جهاد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ يف الحديث الصحيح‪:‬‬
‫ويكف أن تنوي عىل الجهاد من تيشت لك األسباب قال ي‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬

‫ﳉﳋﳌﳍﳎ‬
‫ﳊ‬ ‫• ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ‬
‫ﳏﱠ ﴿‪ ﴾6‬سورة العنكبوت‪.‬‬
‫❑ فالله غني َّ‬
‫عنا‪ ،‬ونحن مَ ن يحتاج إلى رحمة هللا بالجهاد في سبيله‪.‬‬

‫(‪ (261‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،2504:‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫( ‪ (262‬الفتاوى الكبرى‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬م‪ 5‬ص ‪.538‬‬
‫( ‪ (263‬زاد المعاد م‪ 3‬ص‪.64‬‬
‫( ‪ (264‬صحيح الجامع‪.6548 ،‬‬
‫‪392‬‬
‫‪ - 126‬ما هي أفضل أنواع الجهاد‪:‬‬
‫جهاد اليد والسيف‪ ،‬أم جهاد الدعوة إلى اهلل والدفاع عن دين اهلل بالحجة؟‬

‫‪ ‬قال ابن القيم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﱠ‬
‫‪26٥.‬‬

‫ر‬
‫❑ فجهاد الحجة والبيان هذا أشد أنواع الجهاد عىل قلوب دعاة ُالكفر‪ ،‬فهو أصعب ُ ي‬
‫ش ٍء‬
‫عليهم‪ ،‬بل هو أشد عىل قلوب هم من الجيوش الكبتة؛ ألن به تفضح أكاذيبهم‪ ،‬وتفند‬
‫ُ‬
‫شبهات ُهم‪.‬‬
‫‪‬قال ابن حزم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫❑وتفنيد األفكار الفاسدة هو‪:‬‬

‫• وهذا غاية ما أتت به الرسل‪.‬‬


‫• وللجهاد عند هللا أجر عظيم‪ُ ،‬سئل رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫( ‪ (265‬مفتاح دار السعادة م‪ 1‬ص‪.271‬‬


‫( ‪ (266‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬ابن حزم‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.24‬‬
‫( ‪ (267‬فتح الباري‪ ،‬م‪ 6‬ص ‪.8‬‬
‫( ‪ (268‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1878 :‬‬
‫‪393‬‬
‫‪ ‬فأجر الجهاد في سبيل هللا عظيمٌ ‪ ،‬واالنشغال عن الجهاد في سبيل‬
‫َّ‬
‫سماه القرآن تهلكة‪.‬‬ ‫هللا‬

‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﱠ [البقرة‪،]1٩٥ :‬‬


‫ن‬
‫‪ ‬قال أبو أيوب األنصاري ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬

‫• فاالنشغال بالدنيا عن ميدان الدعوة إىل هللا‪ ،‬والدفاع عن دين هللا بقدر ما تستطيع‬
‫ُ‬
‫هذه ْتهلكة‪.‬‬
‫• وما أيش أن يقف المسلم عىل ثغر من ثغور اإلسالم‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُّ‬ ‫أن ُيسهم نف ر‬ ‫ْ‬
‫ع؛ ليدعو‬ ‫دعوة إىل هللا بمال أو وقت أو تعلم علم ش ي‬
‫ٍ‬ ‫مشوع‬ ‫ِ ُّ ي‬ ‫• ما أيش‬
‫ن‬
‫الناطقي بتلك اللغة‪ ،‬أو تعلم‬ ‫به إىل هللا أو تعلم لغة جديدة يدعو بها إىل اإلسالم‬
‫مونتاج يستخدمه ن يف الدعوة إىل هللا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬أو أن يتكفل بطالب علم‪ ،‬أو يتكفل بشخص يتعلم لغة جديدة يدعو بها إىل هللا عز‬
‫النن ﷺ‪:‬‬
‫وجل‪ ،‬فكل هذا جهاد‪ ،‬قال ي‬

‫❑ تخيَّل لو أصلح هللا بك إنسانًا!‬

‫‪ ‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫خت من الدنيا وما فيها‪ :‬ﭐﱡﭐﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲ‪..‬ﱠ‬


‫• فهداية رجل واحد ٌ‬
‫﴿‪ ﴾٣٣‬سورة فصلت‪.‬‬

‫❑ ليس أحسن من الدعوة إلى هللا‪.‬‬

‫) ‪ (269‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.2512:‬‬


‫( ‪ (270‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1895:‬‬
‫( ‪ (271‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2942:‬‬
‫‪394‬‬
‫ُّ‬
‫• لكن قبل الدعوة إىل هللا ال بد من تعلم دين هللا؛ ليدعو اإلنسان عىل بصتة‪ ،‬قال‬
‫ﲙ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾66‬سورة آل‬
‫هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲓﲔﲕﲖﲗﲘ ﲚ‬
‫عمران‪.‬‬
‫• فال يحل لإلنسان أن يقول أو يجادل فيما ال علم له به‪)272(.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫ينبع أن تكون عند الداعية إىل هللا سعة صدر ولين مع صاحب‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫•‬

‫الشبهة‪ ،‬ومع من يبحث عن الحق‪ :‬ﭐﱡﭐﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﱠ﴿‪﴾44‬‬


‫سورة طه‪.‬‬

‫‪ ‬قال الغز ي‬
‫اىل ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ً‬
‫وصتا‪.‬‬ ‫• فالدعوة إىل هللا تحتاج حكمة وبصتة‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫أيضا تحتاج الدعوة إىل هللا إىل ر‬
‫ش ٍء من الحذر‪ ،‬فال يعقل أن يتم مثًل عمل دعاية‬‫ي‬ ‫•‬
‫مجانية ألصحاب الشبهات ودعاة الباطل!‬
‫ينتشوا إال بالرد عليهم‪ ،‬فانتبه واحذر من هذا!‬‫• فهناك مالحدة لم ر‬
‫ا‬
‫• ال يصح مثًل أن يتم عمل مناظرات مع ملحدين ن يف وسط العوام!‬
‫• فقلوب الناس قد تعلق باألشياء الشاذة‪.‬‬

‫‪ ‬فلماذا تُعرِّض فطرة الناس الصافية ألشياء كهذه؟‬


‫ن‬
‫مصطف صتي ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬ ‫‪ ‬يقول الشيخ‬

‫بي َمن ال تعنيهم‪ ،‬وإنما ُتناقش فقط ن‬


‫ناقش ن‬‫ُ َ‬
‫بي المتأثرين بها‪،‬‬ ‫• فاألفكار الفاسدة ال ت‬
‫بي َمن يغلب عىل الظن انتشارها بينهم‪.‬‬‫أو ن‬
‫• أما أن أناظر هذا وذاك وأقوم بعمل دعاية مجانية لهذا وذاك‪ ،‬فهذه مشكلة!‬

‫( ‪ (272‬تفسير السعدي‪.‬‬
‫(‪ (273‬االعتصام للشاطبي ‪.494 / 1‬‬
‫‪395‬‬
‫ئ‬
‫الاللكاب ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬ ‫‪ ‬قال اإلمام‬
‫ي‬

‫ذل أعظم مما تركهم السلف‪ ،‬ال يجدون إىل إظهار بدعتهم‬ ‫• ولم يكن لهم قهر وال ٌّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫سبيًل ‪ ..‬ر‬
‫حن جاء المغرورون ففتحوا لهم طريقا‪ ،‬وظهرت دعوتهم بالمناظرة‪،‬‬
‫َ‬
‫أسماع َمن لم يكن يعرفها من الخاصة والعامة"‪)274(.‬‬
‫ُ‬
‫وطرقت شبهاتهم‬
‫• فال بد من الحكمة ن يف الدعوة إىل هللا‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا ال ُيجاب ن‬
‫بي الناس إال عىل ما شاع واشتهر من شبهات‪ ،‬وإال فالشبهة الميتة‪،‬‬ ‫•‬
‫رُ‬
‫تتك ميتة‪.‬‬
‫برصورة االمتناع عن االستماع لألفكار‬‫• وال بد أن ُيوضح الداعية لمن يتابعونه ن‬
‫الباطلة والشبهات‪.‬‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﲵﲶﲷﲸ ﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂ‬
‫ﳍ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾14٠‬سورة النساء‪.‬‬
‫ﳎ‬ ‫ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﳇﳈ ﳉﳊ ﳋﳌ‬
‫‪ ‬قال أبو ِقالبة ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫‪ ‬وقال ابن قدامة ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫َ‬
‫❑ فاألفكار الفاسدة والشبهات ت ُجر مع الوقت إىل القلب الوساوس والتصورات الضالة‪.‬‬

‫الذهن ‪-‬رحمه هللا‪ -‬ن يف ترجمة ابن الراوندي‪:‬‬


‫ي‬ ‫‪ ‬قال‬

‫( ‪ (274‬شرح أصول االعتقاد ‪.29 / 1‬‬


‫( ‪ (275‬السُّنة‪ ،‬عبد هللا بن أحمد بن حنبل‪ ،‬ص‪18‬؛ واآلداب الشرعية‪ ،‬ابن مفلح‪ ،‬م‪1‬ص‪.263‬‬
‫( ‪ (276‬اإلبانة الصغرى‪ ،‬ابن بطة‪ ،‬ص‪132‬؛ وسير أعلم النبلء‪ ،‬الذهبي‪ ،‬م‪ 4‬ص‪.59‬‬
‫‪396‬‬
‫بي َمن ر‬
‫ينشون الكفر‬ ‫❑ وكثير من الناس لعدم ر ن‬
‫التام األمر اإلله بحرمة الجلوس ن‬
‫ي‬
‫ُرن ن‬
‫ي يف دينه‬ ‫والشبهات‪ ،‬ولضعف علمهم ولغلبة الهوى عليهم تأثروا‪ ،‬وبعضهم ربما ف‬
‫بشبهة‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف يُعرِّض المسلم دينه الذي هو أغلى ما يملك لمخاطرة كهذه؟‬

‫‪ ‬نعم كل شبهة ولها ردٌّ ‪ ،‬لكن ما يُدريك أن تصل للرد قبل أن يزيغ‬
‫قلبُك؟‬
‫ا‬
‫ابتداء‪.‬‬ ‫‪ ‬لذلك كان تحريم االستماع ألصحاب الشبهات‬

‫‪ ‬قال سفيان الثوري ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫َّ‬
‫الذهن وعلق عليها بقوله‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬أوردها‬

‫ًّ‬
‫ذاتيا‪ ،‬فتجارة أصحاب‬ ‫ن‬
‫الختف أصحاب الشبهات‬ ‫• لو عمل المسلمون بذلك‬
‫ينشون شبهاتهم أو ن‬
‫يحرصون بينهم‪.‬‬ ‫بي الجهلة ممن ر‬
‫الشبهات ن‬

‫إذن تعليم الدين للناس‪ ،‬وإصالح عقيدتِهم‪ ،‬ودعوة الناس لإلسالم‪،‬‬


‫والرد ىلع مَن يطرحون الشبهات اإللحادية‪ ،‬والرد ىلع دعاة األفكار‬
‫الفاسدة‪ ،‬هذه كلُّها صور عظيمة من صور الجهاد يف سبيل الله‪.‬‬

‫ُّ‬
‫كة‪ :‬ﱡﳆﳇﳈﳉﳊﳋﭐﱠ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬فهذه كلها أبواب خت وبر ٍ‬

‫‪‬ﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﲰ ﲱ ﲲﲳ‬

‫ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﲿ ﳀ ﳁ‬

‫ﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏ ﱠ﴿‪﴾111‬‬
‫سورة التوبة‪.‬‬

‫( ‪ (277‬سير أعلم النبلء‪ ،‬الذهبي‪ ،‬م‪ 19‬ص‪.447‬‬


‫‪397‬‬
‫فليبش فهذه أعظم صفقة ن يف حياته‪.‬‬
‫ر ْ‬ ‫• َ‬
‫فمن بايع عىل الدفاع عن دين هللا؛‬
‫ه وظيفة الرسل ‪-‬عليهم الصالة والسالم‪ -‬وطريقة َمن تبعهم‬ ‫• والدعوة إىل هللا ي‬
‫ن‬ ‫بإحسان‪ ،‬وإذا َ‬
‫السع يف إنقاذ‬
‫ي‬ ‫عرف اإلنسان معبوده‪ ،‬ونبيه‪ ،‬ودينه‪ ،‬فإن عليه‬ ‫ٍ‬
‫بش بالخت‪)278(.‬‬ ‫ُ‬
‫إخوانه بدعوتهم إىل هللا عز وجل‪ ،‬ولي ر‬

‫ليبش بنرص هللا وتأييده‪ :‬ﭐﱡﭐﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝ‬ ‫ر‬ ‫‪‬‬

‫ﱞﱟﱠ﴿‪ ﴾٥1‬سورة غافر‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ‬
‫ﲻﱠ ﴿‪ ﴾٣6‬سورة التوبة‪.‬‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﲧﲨﲩﲪﲫﲬﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة محمد‪.‬‬

‫المسلمي َ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الننﷺ‪:‬‬
‫ي‬ ‫قال‬ ‫الساعة‪،‬‬ ‫قيام‬ ‫إىل‬ ‫هللا‬ ‫دين‬ ‫عن‬ ‫يدافع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪ ‬وسيظل ي‬
‫ف‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬


‫سيبف إىل قيام الساعة َمن يدافع عن الحق‪ ،‬وهم ُمنت ِرصون غ ِالبون‪.‬‬ ‫❑‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲨﲩﲪﲫﱠ ﴿‪ ﴾17٣‬سورة الصافات‪ .‬ﭐ‬
‫ن‬
‫المبطلي‪ ،‬وأن تكشف‬ ‫ه الغنيمة الباردة أن تدعو إىل هللا‪ ،‬وأن ُترد عىل‬
‫• فهذه ي‬
‫ُ‬
‫المفتين‪ ،‬وهذا حق دين هللا علينا‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ‬ ‫ر‬ ‫ش ُبهات‬
‫ﲴﲵ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة الفتح‪.‬‬
‫وتعزير ُه ﷺ‪ :‬بنرص دينه‪ ،‬وصون رسالته عن كل ر‬
‫مفت‪)28٠(.‬‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫❑ فكن واح ًدا من الدعاة إلى هللا‪.‬‬
‫‪ ‬ﱡﭐﳋﳌﳍﳎﳏﳐ ﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة الصف‪.‬‬
‫❑انصر دين هللا ولو بكلمة‪ ،‬ولو بموقف‪ ،‬ولو بدعوة إلى هللا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (278‬شرح ثلثة األصول‪ ،‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‪.‬‬


‫(‪ (279‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1920:‬‬
‫(‪ (280‬الصارم المسلول‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.217‬‬
‫‪398‬‬
‫الباب الثامن‬
‫َ‬
‫الو ْ‬
‫سواس القهري‬

‫‪399‬‬
‫‪ -127‬ما هي الوساوس القهرية في العقيدة؟‬

‫ج‪ :‬الوساوس القهرية في العقيدة هي‪:‬‬


‫ا‬
‫تصورات كفرية عىل شكل أفكار قهرية تقفز فجأة إىل‬
‫العقل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صاحبها يظن‬ ‫فه أفكار ال تحتمل‪ ...‬أفكار بشعة تجعل‬‫ي‬
‫أنه قد هلك‪ ...‬يظن أنه قد ألحد أو نافق‪.‬‬

‫النن ﷺ‬
‫ولما جاءت هذه الوساوس إىل بعض أصحاب ي‬
‫قالوا لرسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ألن يكون أحدهم ُح َممة أفضل من هذا الشعور بالوسوسة‪.‬‬
‫َ‬
‫يتكلم به‪)282(.‬‬
‫ُ‬
‫يسق َط من عند ر‬ ‫ن‬
‫التيا أحب إليه من أن‬ ‫ِ‬ ‫وف الحديث اآلخر قالوا‪ :‬ألن‬‫ي‬
‫ا‬
‫فالوسواس القهري مزعج فعًل‪.‬‬
‫وال بد أن يعرف الناس طبيعة هذا المرض‪ ،‬ر‬
‫حن يعرفوا الفرق ن‬
‫بي الوسواس والشبهة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫الخارح للوسواس والشبهة واحد‪ ،‬لكن شتان بينهما يف‬
‫ي‬ ‫فالصور العامة واحدة‪ ،‬والشكل‬
‫ًّ‬
‫وسواسيا أو شبهة‪.‬‬ ‫ن‬
‫طريقة التعامل‪ ،‬فهناك فرق شاسع ف التعامل ن‬
‫بي كون السؤال‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫عاملت ُه كما تعامل َمن عنده شبهة‪ ...‬لو ر‬
‫احتمت سؤاله‪ ،‬وجعلت‬ ‫فصاحب الوسواس لو‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ترد عليه باألدلة والت ن‬
‫اهي والمنطق‪ ،‬فأنت بهذا تزيده مرضا‪ ...‬أنت ودون أن تدري‬
‫تضاعف عليه المرض‪ ،‬بل وكأنك تضع ن ن‬
‫البتين عىل النار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمشكلة األكت أن بعض أصحاب الوسواس يظنون أن ما عندهم شبهات‪ ،‬فيذهبون‬
‫ويأتون وهم ال يدرون أنه وسواس قهري‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪(281‬‬
‫صحيح ابن حبان‪.146 ،‬‬
‫(‪(282‬‬
‫مجمع الزوائد‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.39‬‬
‫‪400‬‬
‫‪ -128‬ما هو الفرق بين الوسواس والشبهة؟‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫سواء كان دليًل من القرآن‬ ‫ه‪ :‬باطل لبسوه دليًل‪،‬‬‫ج‪ :‬الشبهة ي‬
‫أو السنة أو أي دليل‪.‬‬

‫فهذه تسىم شبهة‪.‬‬


‫ُ‬
‫فضحها ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حن‬ ‫والشبهة يجب تعريتها‪ ،‬ويجب كشفها‪ ،‬ويجب‬
‫ئن‬
‫ويطمي لسخافتها‪.‬‬ ‫يتفطن السائل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫طبيع يسأل سؤاًل‪ ،‬لو أجيب عن شبهته النتهت‪.‬‬
‫ي‬ ‫❑ وصاحب الشبهة هو‪ :‬إنسان‬
‫أمر آخر ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫أما الوسواس فهو ٌ‬

‫تنته‪ ،‬قد‬
‫ي‬ ‫❑ الوسواس هو‪ :‬فروض عقلية‪ ...‬أفكار ُملحة غريبة قهرية المنطقية وال‬
‫تأب عىل صورة شبهات أو تساؤالت‪ ،‬فشكلها الخارح يجعلها كالشبهة ً‬
‫تماما‪ ،‬لكن الفرق‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫العقىل اآلخر‬ ‫فرضه‬ ‫عن‬ ‫أجبت‬ ‫ٌّ‬
‫عقىل آخر‪ ،‬ولو‬ ‫ٌ‬
‫فرض‬ ‫أنك لو أجبتها سيقفز لذهن صاحبها‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عقىل ثالث‪ ،‬وهكذا إىل ما النهاية‪.‬‬
‫ي‬ ‫سيقفز فرض‬

‫فإن عقله يقتنع في أول األمر‪ ،‬لكن بعد‬ ‫َّ‬ ‫فصاحب الوسواس إذا ُأجيب‪،‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬وتظل تدور في رأسه‪ ،‬ثم تأتيه‬ ‫ً‬ ‫ح عليه‬ ‫قليل تبدأ األفكار تُل ُّ‬
‫ِ‬
‫األفكار بصيغ مختلفة‪ ،‬ربما كذا‪ ...‬ماذا لو؟‪ ....‬لكن ُربَّما‪ ....‬أليس من‬
‫المحتمل أن؟‪ ...‬وهكذا‪ ،‬فروض عقلية ال تنتهي‪.‬‬

‫ن‬
‫لسنوات يف هذه الدائرة المغلقة إذا لم يعرف‬
‫ٍ‬ ‫❑ ومريض الوسواس القهري قد يعيش‬
‫طبيعة مرضه‪.‬‬
‫• فه دائرة ال تنته من األفكار والتصورات المزعجة المتعاقبة الالمنطقية‪ ،‬ر‬
‫والن‬
‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وعي ِه بغرابتها والمنطقيتها‪.‬‬
‫تالزم الشخص‪ ،‬وال يستطيع التخلص منها رغم ِ‬
‫❑ فهذا هو عين الوسواس القهري‪.‬‬
‫‪ ‬وهناك وسواس يأتي ىلع شكل الشعور برغبة مُلحَّة ىلع تصوُّر‬
‫كفري معين‪ ...‬تصور كفري للذات اإللهية‪ ...‬تصور كفري لألنبياء‪.‬‬

‫‪ ‬تصور للذات اإللهية بصورة سيئة‪ ...‬تصور لألنبياء بصورة ال تليق‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫‪ ‬وهناك وسواس آخر يأتي لكن ليس ىلع شكل تصوُّر كفري‪ ،‬بل عىل‬
‫ً‬
‫جانبا‬ ‫تنظيف ن ن‬
‫للمتل وضعت المصحف‬ ‫ن‬ ‫شكل سلوك كفري‪ ،‬فتسأل سائلة وتقول‪ :‬أثناء‬
‫ي‬ ‫ُ ُ‬
‫أب ألقيته‪ ،‬فهل هذا كفر؟‬‫لكن شعرت ن‬
‫ي‬
‫• وتبدأ تدخل ن يف نوبة خوف شديد‪.‬‬
‫شهورا ن‬
‫تعاب من هذا المرض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• هذه حالة حقيقية ظلت‬
‫ي‬
‫• فهذا نوع من أنواع وسواس السلوك الكفري‪.‬‬

‫‪ ‬وهناك وسواس النطق بكالم كفري‪ :‬حيث تخرج كلمات كفرية من اللسان‬
‫أثناء الهجمة الوسواسية‪ ،‬وتخرج ألفاظ سب للذات اإللهية أو األنبياء أو الدين‪.‬‬

‫ر‬
‫يخش المريض‬ ‫‪ ‬وهناك وسواس عدم االنزعاج من الوسواس‪ :‬حيث‬
‫بالوسواس القهري من عدم انزعاجه من الوسوسة‪ ،‬ويظن أن هذا اطمئنان بالوسواس‪.‬‬

‫فهناك صور كثيرة من الوسواس‪ ،‬وقد يتعرض املريض بالوسواس‬


‫لجملة من هذه الصور الوسواسية أو كلها‪.‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫• إذن فالفكرة الوسواسية القهرية قد تكون فكرة أو نطقا أو فعًل‪.‬‬
‫• وصاحبها يظن أنه قد هلك أو كفر أو نافق أو شك أو ألحد‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن ن‬
‫ات‪ ،‬وال يدري‬
‫الشهادتي يف اليوم الواحد أكت من خمس مر ٍ‬ ‫• وبعضهم يغتسل وينطق‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬
‫النفش يسىم ب ‪ :‬الوسواس القهري أو ال ‪.OCD‬‬
‫ي‬ ‫الطب‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫اض‬
‫ر‬ ‫األم‬ ‫من‬ ‫نوع‬ ‫أن هذا‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪402‬‬
‫‪ -129‬لماذا يحدث الوسواس القهري؟‬
‫ً‬
‫ج‪ :‬نحن ال نعرف تحديدا سبب حصول هذا المرض‪.‬‬
‫وهناك نظريات طبية كثتة مثل ر‬
‫افتاض‪ :‬مشكلة جينية‪ ...‬مشكلة‬
‫وراثية‪ ...‬مشكلة ن يف النواقل العصبية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫وهناك ر‬
‫نفسيا مفاجئا‪.‬‬ ‫افتاض أن هناك ضغطا‬

‫ئي لحصول الهجمة‬‫‪ ‬لكن خالصة الموضوع أن‪ :‬هناك بعض األشخاص يكونون مهي ن‬
‫الوسواسية لسبب أو آلخر ر‬
‫أكت من غتهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ا‬ ‫ئ‬
‫كشبهات مثًل‪ ،‬أو استمع لطرح إلحادي أو حلقة‬
‫ٍ‬ ‫مفاح‬ ‫لضغط‬
‫ٍ‬ ‫❑ فلو تعرض أحدهم‬
‫ن‬
‫تشكيكية‪ ،‬فإنه هنا تبدأ الهجمة الوسواسية يف الظهور‪.‬‬

‫❑ وقد تظهر الهجمة الوسواسية فجأ ًة‪ ،‬ودون سابق إنذار‪.‬‬


‫ن‬
‫النفش للوسواس‪ ،‬فيبدأ يف الوسوسة للمريض بأفكار‬
‫ي‬ ‫❑ والشيطان يستغل االستعداد‬
‫ن‬
‫اليقي‪،‬‬ ‫ًّ‬
‫وهميا بعدم‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫اليقي وطمأنينة النفس‪ ،‬ويعطيه شعورا‬ ‫فاسدة‪ ،‬فيضيع عليه شعور‬
‫ٍ‬
‫اليقي لم يفقده‪ ،‬لكنه شعور وهمي مرتبط بالوسواس‪.‬‬ ‫ن‬ ‫مع أن‬

‫‪‬لذلك قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬


‫خادعا بالكفر‪.‬‬ ‫وهميا‬ ‫شعورا‬ ‫❑ فهذا منته الشيطان من صاحب الوسواس أنه يعطيه‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫❑ وقد يبدأ الوسواس يف العقيدة عىل شكل وسواس يف الطهارة‪ ،‬فيظل المريض‬
‫حي إىل العقيدة‪ ،‬وقد ر‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫تأب‬
‫ي‬ ‫بعد‬ ‫الوساوس‬ ‫ينتقل‬ ‫ثم‬ ‫كاملة‪،‬‬ ‫ساعة‬ ‫بالوسواس يتوضأ‬
‫تأب ن يف العقيدة‪.‬‬
‫ر‬
‫الوساوس أول ما ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ٌّ‬
‫معي يظهر فيه‪ ،‬لكن يف الغالب يبدأ قبل سن‬ ‫❑ والوسواس القهري ليس له سن‬
‫ا‬
‫ويختف فجأة ن يف أي وقت‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫العشين‪ ،‬وقد يستمر أليام وشهور‪ ،‬وقد يطول لسنوات‪،‬‬

‫( ‪ (283‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.5112:‬‬


‫‪403‬‬
‫مرص الوسواس قد تأتيهم الهجمة الوسواسية بمجرد أن يقرأ‬‫❑ وبعض الناس من ن‬

‫ع‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬


‫يصىل‪ ،‬أو يبدأ يف طلب العلم الش ي‬
‫ي‬ ‫القرآن‪ ،‬أو‬

‫حن تأتيه الوساوس‪ ،‬وبعض الناس تزداد معهم الوساوس ن يف شهر رمضان‪.‬‬ ‫❑فما أن ر ن‬
‫يلتم ر‬

‫والس ُّر في ارتباط الوسواس بااللتزام المفاجئ عند بعض الناس َّ‬
‫أن‪:‬‬
‫َ‬
‫نتيجة شعور التقصير‪ ...‬نتيجة شعور عدم‬ ‫الوسواس في األساس يكون‬
‫تحقيق المثالية‪.‬‬

‫ا‬
‫وبالتاىل فهذا الشعور يزداد كلما ازداد اإلنسان طاعة‪ ،‬وكذلك يزداد كلما استمع‬
‫ي‬ ‫•‬
‫اإلنسان للشبهات؛ ألنه يشعر ن يف هذا الوقت أن إيمانه ن يف خطر‪.‬‬
‫• فالوسواس ن يف األصل ناتج عن قلق الشعور بالتقصت‪ ،‬وعدم المثالية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫• إذن فالوسواس يستمد وجوده من انزعاجك‪ ...‬يستمد وجوده من حرصك عىل‬
‫الن يكون فيها اإلنسان أحرص عىل المثالية‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫المثالية؛ ولذلك يزداد يف األوقات ي‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪404‬‬
‫‪ -130‬كيف يتعامل مريض الوسواس القهري في العقيدة مع الوساوس التي تأتيه؟‬

‫أن يعرفها مريض الوسواس القهري في العقيدة؛‬ ‫ج‪ :‬أول قاعدة ال بد ْ‬


‫سواءً كان وسواسه على شكل أفكار كفرية‪ ،‬أو تصوُّ رات كفرية‪ ،‬أو نطق‬
‫كل صور‬ ‫أن يعرفها َّ‬
‫أن‪َّ :‬‬ ‫بكالم كفري‪ ،‬أو سلوك كفري‪ ...‬أول قاعدة ال بد ْ‬
‫الوسواس معفوٌّ عنها‪ ،‬وال شيء فيها‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ا‬
‫• فكل صور الوسواس القهري ليس فيها أي ذنب أو مشكلة‪ ،‬فضًل عن أن تكون شكا‬
‫ً‬
‫إلحادا‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫كفرا أو‬
‫معفو عنها!‬
‫ٌّ‬ ‫• كلُّها‬
‫ن‬
‫لمرص الوسواس الذين قالوا له‪:‬‬ ‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‬

‫ن‬
‫‪ ‬ي‬
‫وف صحيح مسلم ‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ً‬ ‫ر‬ ‫•‬


‫وعقيدتك‪ ،‬قال عن‬
‫ِ‬ ‫فالنن ﷺ الذي هو أتف منا جميعا‪ ،‬وأحرص الناس عىل ِ‬
‫دينك‬ ‫ي‬
‫هذه الوساوس الكفرية‪ :‬ذاك رصي ح اإليمان‪.‬‬

‫النبي ﷺ أن‬‫ُّ‬ ‫وهذا بالمناسبة عندي من عجائب اإلعجاز‪ ،‬إذ‪ :‬كيف َعلم‬
‫ِ‬
‫طبيعة هذا المرض وهمية محضة‪ ،‬وليست كفرًا وال حتى مجرد شك؟‬
‫ً ًّ‬ ‫• هذا ٌ‬
‫مؤخرا جدا‪.‬‬ ‫النفش إال‬
‫ي‬ ‫أمر لم يعرفه الطب‬
‫ن‬
‫• ولم تظهر تحليالت طبيعة الوسواس القهري‪ ،‬وأنها بالفعل أفكار وهمية إال يف القرن‬
‫ن‬
‫الماص‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ْ ٌ ن‬ ‫ًّ‬
‫• فالوسواس القهري أيا كانت صورته هو وهم يف وهم‪ ،‬وال ي‬
‫شء فيه‪.‬‬

‫( ‪ (284‬صحيح ابن حبان‪.146 ،‬‬


‫‪405‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬وأيضا ُروي عنه ﷺ أنه قال‪:‬‬

‫ُ‬
‫استكرهوا عليه‪ :‬هذا هو ن‬
‫الطن للوسواس‪.‬‬
‫ي‬ ‫التوصيف‬ ‫عي‬ ‫‪ ‬وما‬
‫‪ ‬فالوسواس هو تصوُّ رات وسلوكيات وكلمات قهرية‪ ،‬يُستكره عليها مريض‬
‫وجل‪ ،‬فقد تجاوز هللا عنها بعلمه‬
‫َّ‬ ‫الوسواس‪ ،‬فهذه كلها معفوٌّ عنها عند هللا َّ‬
‫عز‬
‫وحكمته ورحمته‪.‬‬
‫• بل إن هذه الوساوس فيها ٌ‬
‫أجر عظيم من هللا لمن صت‪.‬‬
‫ُ‬
‫فه باب خت كبت من الحسنات واألجور‪ ،‬تكتب بمجرد الصت عليها‪ ،‬وعىل ما فيها‬ ‫• ي‬
‫من ضيق وشعور بالهم والخوف من الكفر والنفاق‪.‬‬
‫ا‬
‫نفش وضيق يسببه الوسواس فيه أجر من هللا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫وأذ‬ ‫• فكل ألم‬

‫النن ﷺ ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪:‬‬


‫‪ ‬قال ي‬

‫• بل ربما ال رتتك الوساوس مريض الوسواس إال وقد غفر هللا ذنوبه‪.‬‬
‫‪‬في الحديث المتفق على صحته‪:‬‬

‫‪ ‬وفي الحديث الصحيح‪:‬‬

‫( ‪ (285‬األربعون النووية‪ ،‬درجة الحديث‪ :‬حسن‪.‬‬


‫( ‪ (286‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5641:‬‬
‫( ‪ (287‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ،5667:‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2571:‬‬
‫(‪ (288‬سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.2399:‬‬
‫‪406‬‬
‫• فالوساوس فيها خت وبركة وحكمة من هللا عز وجل‪ ،‬وليعلم صاحب الوسواس أن‬
‫السماوات‬ ‫ُ‬
‫قيوم‬ ‫هذا الوسواس هو تقدير من هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬لحكمة ولخير‪ ،‬فاهلل‬
‫ِ‬
‫ومدبر األمر ن يف السماء واألرض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واألرض‪،‬‬
‫• ال تجري ذرة وال أقل منها وال أكت إال بعلم هللا ومشيئته وقدرته وحكمته وتدبته‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• فهو سبحانه يقدر األقدار‪ ،‬ويدبر بحكمته بط ُر ٍق نعرفها أو ال نعرفها‪ ...‬نريدها‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫شء وكل‬ ‫شء‪ ،‬ويدبر كل خت وبالء‪ ،‬ثم تعود عاقبة كل ي‬ ‫أو نخشاها‪ ...‬يدبر كل ي‬
‫دين اإلنسان ودنياه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تقدير إىل ما فيه كمال الخت وصالح ِ‬
‫• فنحن مملوكون مدبرون تحت أمر هللا وترصيفه سبحانه‪.‬‬
‫أقدار ِه خت ورحمة واختبار‪ ،‬لرفع الدرجات‬‫ِ‬ ‫• وهو اللطيف المنان الودود الكريم‪ ،‬وكل‬
‫وتمحيص العباد‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ليصيبك‪.‬‬ ‫• واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك‪ ،‬وما أخطأك لم يكن‬

‫‪ ‬قال النبي ﷺ‪:‬‬

‫أقدار هللا خت‪.‬‬ ‫هللا‪ ،‬وكل‬ ‫ُ‬


‫تقدير ِ‬ ‫• فهذا البالء‪ ...‬هذا الوسواس القهري هو‬
‫ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫• وكثت من ن‬
‫مرص الوسواس بعد أن ابتلوا بالوسواس صاروا طالب علم‪ ،‬ودعاة إىل‬
‫هللا‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فهو رحمة من هللا‪ ،‬يقرب هللا به اإلنسان من الطاعة‪ ،‬ويجعله يهتم بآخرته‪ ...‬يهتم‬
‫بمصته األبدي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (289‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4699:‬‬


‫‪407‬‬
‫‪ -131‬ما هي أسرع طريقة لعالج الوسواس القهري؟‬

‫أن الوقاية‬
‫ج‪ :‬ال بد أن نعلم وقبل أن نبدأ يف معرفة عالج الوسواس القهري‪َّ ،‬‬
‫خيرٌ من العالج‪ ،‬وأعظم وقاية هي عدم التعرُّض ألماكن الشبهات‪.‬‬

‫• وهذا يستوي فيه مريض الوسواس القهري‪ ،‬والمهيأ للوسواس القهري‪ ،‬والشخص‬
‫الطبيع‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫• فال يجوز أن يعرض المسلم نفسه وقلبه وإيمانه للشبهات‪.‬‬
‫بي من ُيلقون الشبهات‪ ،‬أو أن نستمع لهم‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪:‬‬
‫• وال يجوز الجلوس ن‬
‫ﭐﱡﭐﲵﲶﲷﲸ ﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃ ﳄﳅ‬
‫ﳍﱠ ﴿‪ ﴾14٠‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ﳎ‬ ‫ﳆ ﳇﳈ ﳉﳊﳋ ﳌ‬
‫ٌّ‬
‫رد‪.‬‬ ‫• وكل شبهة كما قلنا قبل ذلك ولها‬
‫• وأهل العلم ما تركوا من شاردة وال ورادة إال وبينوها للناس‪.‬‬

‫‪ ‬لكن لماذا يُعرِّض المسلم قلبه للشبهات ابتداءً ثم يبحث عن دواء؟‬

‫❑ قد ُيصاب بالوسواس قبل أن يعرف الدواء!‬

‫فالقاعدة األساسية‪ :‬عدم جواز القعود مع مَن يلقي الشبهات يف دين‬


‫الله‪.‬‬
‫ا‬
‫• خاصة‪ ،‬وأن القلوب بطبيعتها ضعيفة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫فه يف ممارسة آلية‬
‫ي‬ ‫نوعه‪،‬‬ ‫كان‬ ‫ا‬ ‫أي‬ ‫بالوسواس‬ ‫• أما عن أشع طريقة لعالج من ي‬
‫ىل‬‫ابت‬
‫االنتهاء‪.‬‬

‫النن ﷺ ن يف عالج الوسواس‪:‬‬


‫‪‬قال ي‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫• فتعل ْم كيفية االنتهاء عن الفكرة الوسواسية‪ ...‬تعل ْم تطبيق آلية التجاهل‬
‫التام للوسواس‪ ،‬فهذا أشع عالج للوسواس‪.‬‬

‫( ‪ (290‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ،3276:‬ومسلم‪ ،‬ح‪.134:‬‬


‫‪408‬‬
‫مرص الوسواس‬ ‫معن االنتهاء التام‪ ...‬كثت من ن‬‫• لكن كثتين يفشلون وال يعرفون ن‬
‫ً‬
‫يستا‪.‬‬ ‫يظنون أن تجاهل الفكرة الوسواسية ليس‬
‫َ‬
‫وقت‪ ،‬وهذا‬‫ٍ‬ ‫يشتك أنه كلما تجاهل الوسواس أليام فإنه يعود بعد‬ ‫ي‬ ‫• وبعضهم‬
‫ر‬
‫معن االنتهاء عن االستسال مع الوسواس!‬ ‫ببساطة؛ ألنهم ال يعرفون ن‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫نشح ن‬‫• وقبل أن ر‬
‫االستسال مع الوسواس‪ ،‬ال بد أن نعلم أن االنتهاء‬ ‫معن االنتهاء عن‬
‫النفش الحديث‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫االستسال مع الوسواس هو محور العالج يف الطب‬ ‫عن‬

‫‪ ‬فمحور عالج مرض الوسواس القهري هو يف‪:‬‬

‫إيقاف الفكرة الوسواسية‪...‬‬


‫االنتهاء عن الفكرة الوسواسية ‪. Thought Stopping‬‬

‫فهذا ي َُعدُّ حجر الزاوية في عالج الوسواس القهري في الطب النفسي الحديث‪.‬‬

‫ً‬
‫وهذا أيضا من عجائب الطب النبوي‪.‬‬
‫‪ ‬لكن ما س ُّر فشل كثير من الناس في إيقاف الفكرة الوسواسية؟‬
‫السرُّ هو أنَّهم‪:‬‬

‫ال يعرفون معنى االنتهاء عن االسترسال مع الوسواس‪.‬‬


‫ا‬
‫❑ فهم لم يوقفوا الفكرة الوسواسية أصًل‪.‬‬
‫ن ْ‬
‫كمجنون!‬
‫ٍ‬ ‫❑ االنتهاء عن الفكرة الوسواسية ي‬
‫يعن أن تتعامل معها‬

‫❑ تتخيل الفكرة الوسواسية كشخص مجنون يهمس ن يف أذنك بكالم‪.‬‬


‫• وبالتاىل‪ :‬تتجاهله ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ي‬
‫• تستخف به‪.‬‬
‫• تسخر منه‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫❑ لو اهتممت بالوسواس وحاولت أن تبحث له عن رد‪ ،‬أو أن تبحث عن طمأنينة‬
‫خادعة كما يفعل كثت من ن‬
‫مرص الوسواس‪ ،‬فأنت بهذا تزيد الوسواس‪ ...‬أنت بهذا تشعل‬
‫ُ‬
‫تنتعش‪.‬‬ ‫الفكرة الوسواسية وتجعلها‬

‫‪ ‬يقول مريض الوسواس‪ :‬سأجيب عن هذه الشبهة‪ ،‬وبعد ذلك سأتجاهل‬


‫الوسواس‪ ،‬وهو بهذا يضحك عىل نفسه ويحاول أن يهدئ من ضغط الفكرة الوسواسية‪،‬‬
‫ينته‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وال يعلم أنه بمجرد البحث ر ن‬
‫ي‬ ‫ستدحم أفكار وسواسية جديدة يف رأسه ولن‬

‫فعالج الوسواس هو التجاهل التام‪.‬‬

‫❑ ولو حاول مريض الوسواس أن يبحث عن رد عىل شبهته فهو بهذا يزيد المرض‪ ،‬وهو‬
‫استسل مع الفكرة الوسواسية‪.‬‬‫بهذا لم ينته كما أمره النن ﷺ ‪ ...‬هو بهذا ر‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫❑ تخي ْل لو أن مجنونا ينادي عليك يف الطريق‪ ،‬وأراد إزعاجك‪ ،‬فأنت بدأت يف التجاوب‬
‫معه وناقشته بهدوء‪.‬‬

‫• تخيل ماذا سيفعل بعد أن تناقشه وتحاول أن ُترد عليه!‬


‫بالمجاني من أصحابه‪ ،‬ويشتغلون عليك!‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫سيأب‬ ‫•‬
‫ُ ا‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫• ستصبح لعبة يف أيديهم!‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫تجاهلته ً‬
‫فسيتكك وشأنك‪.‬‬ ‫تماما‬ ‫• أما لو‬
‫ٍّ‬
‫• فأنت لو بحثت عن رد عىل الفكرة الوسواسية‪ ،‬ر‬
‫والن تظن أنها شبهة‪ ،‬أنت بهذا‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫تغذي الفكرة الوسواسية‪ ،‬وأنت أيضا بهذا تخالف الهدي النبوي باالنتهاء عن‬
‫الوسواس‪.‬‬
‫• فمحاولة التجاوب مع الفكرة الوسواسية هو‪ :‬إفساد للعالج‪ ،‬وتضخيم للمرض‪.‬‬
‫ن‬
‫• محاولة التجاوب مع الوسواس‪ ،‬والرد عىل الشبهات يف عقل مريض الوسواس هو‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫الن أوص بها النن ﷺ‪ ،‬ر‬ ‫ر‬
‫حجر الزاوية يف الطب‬ ‫ه‬
‫والن ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مخالفة آللية االنتهاء ي‬
‫النفش الحديث‪.‬‬ ‫ي‬
‫لوقت!‬ ‫ر‬
‫الطبيع بعد ذلك أن يبف معك مرض الوسواس‬ ‫• فمن‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ئن‬ ‫ْ‬
‫تطمي عىل إيمانك‪ ،‬وكلما ازداد القلق عندك عىل إيمانك‪،‬‬ ‫• وكذلك كلما حاولت أن‬
‫فإن المرض يزداد‪.‬‬
‫استسال مع الفكرة الوسواسية‪ ،‬فأنت‬ ‫• ألن محاولتك االطمئنان عىل إيمانك هو ر‬
‫أكت من ذلك؟‬ ‫بشك النن ﷺ‪ ،‬فماذا تريد ر‬ ‫عىل محض اإليمان‪ ،‬كما ر‬
‫ي‬

‫‪410‬‬
‫سلت مع الفكرة الوسواسية‪ ،‬ولو ر‬‫َ‬ ‫❑ فكلما ر‬
‫يقينك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حن بمحاولة االطمئنان عىل‬ ‫است‬
‫تنته‪ ،‬وهذه‬ ‫عشات األفكار الوسواسية الجديدة‪ ،‬بل ربما مئات وآالف غتها‪ ،‬فلن‬‫أتتك ر‬
‫ي‬
‫طبيعة هذا المرض‪ ...‬هذه طبيعة الوسواس القهري ‪OCD Obsessive-compulsive‬‬
‫‪.disorder‬‬

‫ل صاحب الوسواس هذه الوسواس‪ ،‬وجاءه‬ ‫َ‬


‫تجاه َ‬ ‫‪ ‬لكن في حال‬
‫وسواس آخر جديد بعد وقت‪ ،‬فماذا يفعل؟‬
‫ٍ‬
‫سيطبق آلية االنتهاء التام نفسها‪ ،‬والتجاهل التام‪.‬‬

‫المشكلة أن الفكرة الوسواسية من أخبث ما يكون‪ ،‬فهي تُ ِّ‬


‫شكل نفسها بشكل‬
‫جديد تما ًما في كل لحظة‪ ،‬بحيث ال يتعرف المريض بالوسواس عليها‪ ،‬فتأتيه بصور‬
‫غريبة‪ ،‬وأشكال غير مألوفة‪ ،‬حتى ُ‬
‫يظن مريض الوسواس أن‪ :‬هذا الوسواس الجديد‬
‫وسواسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫شبهة وليس‬

‫َّ‬
‫يتشكل في ألف شكل وصورة‪.‬‬ ‫وهذه لعبة الوسواس القهري األشهر أنَّه‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫وسواسا‬ ‫وف كل مرة يظن صاحب الوسواس أنه ليس‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫• وهذا شبيه بمريض نوبات الهلع‪ ،‬ن‬
‫فف كل مرة يظن مريض نوبات الهلع أن حالته‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫حقيف ن يف عضلة القلب مثًل‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫هذه المرة ليست نوبة هلع‪ ،‬وإنما مرض‬
‫َّ‬
‫ه وسواس مهما تشكلت أو‬ ‫• طالما أنك مريض وسواس قهري‪ ،‬فكل فكرة تأتيك ي‬
‫غتت من طبيعتها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يجب التجاهل التام‪ ،‬ويجب تطبيق آلية االنتهاء‬ ‫• فمهما تشكلت األفكار الوسواسية‬
‫مع كل فكرة وسواسية جديدة‪.‬‬
‫ن‬
‫وقت من األوقات لن‬ ‫ٍ‬ ‫• فأنت لو أجبت المجنون‪ ،‬وتحاورت معه بمنطق يف أي‬
‫ويتكك وشأنك‪.‬‬ ‫سيمل مع الوقت ر‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ن‬
‫يدعك‪ ،‬أما لو تجاهلته يف كل مرة‪ ،‬فإنه‬
‫ْ َ ن‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫شت يف الطريق َس ِخ َر منك‪ ،‬هذا الطفل لو حاولت أن‬ ‫• تخي ْل طفًل سخيفا كلما‬
‫أكت أما لو‬ ‫تقنعه بالمنطق أنه ليس هناك ما يدعو للسخرية‪ ،‬فإنه سيسخر ر‬
‫تماما سينساك‪.‬‬ ‫تجاهلته ً‬
‫ن ُ‬
‫‪...‬‬
‫ه ذاك الشخص المجنون الذي يهمس يف أذنك الفكرة‬ ‫• الفكرة الوسواسية ي‬
‫الصن السخيف الذي يسخر منك‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ه ذاك‬‫الوسواسية ي‬
‫‪ ‬تجاهل الفكرة الوسواسية تمامً ا‪.‬‬
‫‪411‬‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫يخش عىل إيمانه أو خشوعه بسبب الوسواس‪ ،‬هو أيضا‬ ‫• بعض الناس يقول إنه‬
‫بهذه المخاوف لم يطبق آلية االنتهاء‪ ،‬فاالنزعاج يزيد الوسواس‪.‬‬
‫ن‬ ‫• فإيمانك ال ينقص بالوسواس مهما كانت صورته‪ ،‬وليس عندك ن‬
‫أدب شك يف الدين‪،‬‬
‫النن محمد ﷺ‪ ،‬لكن الوسواس يعطيك‬ ‫بل أنت عىل رصي ح اإليمان بلفظ حديث ي‬
‫ً‬
‫هذا الشعور الوهىم بأن إيمانك قد ضعف أو أنك أصبحت منافقا ر‬
‫حن تهتم به‬ ‫ي‬
‫وتقوم بالتجاوب معه!‬
‫‪ ‬فالفكرة الوسواسية كما قلت هي‪ :‬فكرة خبيثة تأتيك بصورة متنوعة ر‬
‫حن تهتم‬
‫بها‪.‬‬

‫• أما مع التجاهل مرة ن يف األخرى ستنرصف األفكار الوسواسية بال عودة‪.‬‬


‫ً‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫• لكن بعض ن‬
‫مرص الوسواس يخشون من عودة الوسواس مرة أخرى‪ ،‬وهذا أيضا‬
‫تخش من المجنون أن يهمس‬ ‫ر‬ ‫يدل عىل عدم تطبيق آلية التجاهل‪ ،‬فطالما أنك‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫الصن السخيف‪ ،‬فإنك بهذا‬
‫ي‬ ‫ظهور‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫خوف‬ ‫خلفك؛‬ ‫تلتفت‬ ‫أنك‬ ‫وطالما‬ ‫أذنك‪،‬‬ ‫ف‬
‫ُي‬
‫ً‬
‫مجددا‪.‬‬ ‫تشجعهما عىل العودة لك‬

‫فالتجاهل هو‪ :‬التجاهل التام‪ ،‬واالنتهاء هو‪ :‬االنتهاء التام‪.‬‬

‫َو ْل َي ْن َته‪.‬‬
‫ِ‬
‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫• َ‬
‫نهائيا‪.‬‬ ‫ين‬
‫الصن السخيف غت موجود ِ‬ ‫ي‬ ‫تعام ْل وكأن المجنون‪ ،‬وكأن‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫مجددا‪.‬‬ ‫يختف؛ ألنك لو فكرت فيه قد يبدأ يف العودة‬‫ي‬ ‫• ال تبحث عن الوسواس بعد أن‬
‫ر‬
‫يأب وقتما شاء‪ ،‬ويذهب وقتما شاء‪.‬‬‫• فتجاهله تما ًما‪ ...‬ي‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫تنشغل‪ ،‬هل مازال موجودا أم ال؟‬ ‫• يأتيك كما يحب طالما انتهيت عنه‪ ...‬فال‬

‫قد يسأل مريض وسواس ويقول‪:‬‬

‫‪ ‬إن خشوعه ن يف الصالة قد قل بالفعل مع بداية الوسواس‪.‬‬


‫ن‬ ‫ٌّ‬ ‫ً‬
‫طبيع؛ ألن الوسواس كان يشغل ذهنه‪ ،‬فما أن يبدأ يف‬‫ي‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫‪‬وجواب ذلك‪ :‬أن هذا‬
‫حن يعود الخشوع إن شاء هللا‪.‬‬ ‫التجاهل التام ر‬

‫‪ ‬لكن ماذا لو عاد الوسواس بعد زمن من التعايف التام؟‬

‫‪412‬‬
‫‪ ‬ما المشكلة يأتي الوسواس كما قلت وقتما أراد‪ ...‬فال نلتفت وال‬
‫ُّ‬
‫نهتم‪.‬‬

‫ولو وصل مريض الوسواس لهذه المرحلة من االنتهاء والتجاهل بحيث يصبح وجود‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫سيختف الوسواس فجأة كما رأب فجأة‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫هللا‬ ‫شاء‬ ‫إن‬ ‫اللحظة‬ ‫هذه‬ ‫ف‬
‫الوسواس كعدمه‪ ،‬ي‬
‫‪ ‬قد يريد مريض الوسواس كتبًا في زيادة اليقين‪ ،‬وزيادة اإليمان‪ ،‬بحيث‬
‫ً‬
‫ثابتا على دينه فهل يقوم بذلك؟‬ ‫يظل‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬لألسف هذا ن‬
‫يبي أن مريض الوسواس لم يتجاهل الوسواس كما هو‬
‫مطلوب‪.‬‬

‫• فهو بهذا لم يتجاهل الوسواس!‬


‫تماما‪ ،‬بحيث يصبح غت مهتم بوجوده‬ ‫ً‬ ‫ينته‬ ‫• فلغز االنتهاء عن الوسواس هو أن‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫نهائيا‪.‬‬
‫يعن أن طالب هذه الكتب‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫فطلب زيادة اليقي والبحث عن كتب تزيد اإليمان‪ ،‬هذا ا ي‬ ‫ّ‬
‫ا‬
‫انتهاء وال تجاهًل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يركز بشدة عىل الوسواس‪ ،‬وهذا ليس‬
‫اءة لكتب كاملة ر‬
‫حن‬ ‫مشوع قر ٍ‬ ‫• بل هذه قمة االهتمام‪ ،‬فهنا مريض الوسواس يريد ر‬
‫َّ‬
‫يتخلص من الوسواس ن يف ظنه‪.‬‬
‫طبيع!‬
‫ي‬ ‫• هذا اهتمام غت‬
‫ن‬ ‫َّ‬ ‫• هذا تر ن‬
‫كت شديد مع المجنون الذي يتكلم يف أذنك‪.‬‬
‫ا‬ ‫ر ً‬ ‫ن‬
‫مشوعا كامًل من الكتب للرد‬ ‫• لو تكلم مجنون يف أذنك بكالم كفري‪ ،‬هل ستقرأ‬
‫عليه؟‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫• هو بهذا ن‬
‫ستداد رصاخا يف أذنك‪.‬‬

‫خذها قاعدة‪ :‬ال تفعل شيئًا من أجل الفكرة الوسواسية‪ ،‬وال تترك شيئًا من‬
‫أجلها‪.‬‬

‫ن‬ ‫اليقي ر‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫تختف الفكرة الوسواسية‪ ،‬وال تبحث عن أشياء تزيد‬
‫ي‬ ‫حن‬ ‫يزيد‬ ‫ا‬ ‫كتاب‬ ‫• ال تقرأ‬
‫ن‬
‫تختف الفكرة الوسواسية‪.‬‬ ‫اإليمان من أجل أن‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫ف عن عبادة كنت تعملها خوفا من زيادة الوسواس‪.‬‬ ‫وأيضا ال تتوق ْ‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• ال تفعل شيئا من أجل الوسواس‪ ،‬وال رتتك شيئا من أجله‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫أن تتع َّلم علمً ا شرعيًّا من أجل نفسك ودينك وآخرتك ونفع‬
‫‪ ‬أردت ْ‬
‫الناس؟‬
‫‪ْ ‬‬
‫أنع ْم ْ‬
‫وأكر ْم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬أما من أجل الوسواس فال‪.‬‬

‫‪ ‬أيُّ اهتمام بالفكرة الوسواسية عند مريض الوسواس هو تغذية‬


‫للفكرة الوسواسية‪.‬‬

‫• الفكرة الوسواسية تستمد قوتها من رصاعك معها‪ ....‬من تفاعلك معها‪ ...‬من بحثك‬
‫عن الرد عليها‪ ...‬من محاولتك الهروب منها‪.‬‬
‫• الفكرة الوسواسية تستمد قوتها من قلقك‪ ...‬من خوفك منها‪ ...‬من اهتمامك بها‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫• الفكرة الوسواسية عليك أن تنته عنها ً‬
‫تختف‪.‬‬
‫ي‬ ‫تماما‪ ،‬وستأكل بعضها بعضا ثم‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫تأب أفكار وسواسية خفيفة‪ ،‬وهنا قد يخاف‬ ‫ي‬ ‫قد‬ ‫الوسواس‬ ‫من‬ ‫التعاف‬
‫ي‬ ‫• وبعد زمن من‬
‫الشخص‪.‬‬
‫• المشكلة أن الخوف هو اهتمام بالفكرة الوسواسية‪.‬‬
‫• لو جاءت أفكار خفيفة تجاهلها ً‬
‫تماما‪.‬‬

‫‪‬فأشع طريقة لعالج الوسواس القهري ي‬


‫ه‪ :‬االنتهاء التام الصحيح عن الفكرة‬
‫الوسواسية‪.‬‬
‫ْ‬
‫مرص الوسواس هو " َوهم االنتهاء"!‬
‫• ما يحصل من بعض ن‬
‫• فالمريض لم ِ‬
‫ينته عن االنشغال بالوسواس‪ ،‬ويظن أنه متجاهل للوسواس‪ ،‬وهو‬
‫ليس كذلك‪.‬‬

‫ً‬
‫وسواسا‬ ‫‪ ‬البعض يقول‪ :‬أشعر َّ‬
‫أن هذه األفكار تص ُد ُر عني‪ ،‬وليست‬
‫هذه المرة!‬

‫❑ وهذا يف الواقع‪ :‬عين الوسواس القهري يف العقيدة‪.‬‬


‫ً‬ ‫ر‬
‫تخش أن تكون هذه الوسواس صادرة عنك‪ ،‬فهذا يقينا‬ ‫• وطالما أنك ما زلت‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫تنته االنتهاء المطلوب‪ ،‬بل أنت‬
‫ِ‬ ‫وسواس‪ ،‬وهذا أيضا يقينا دليل عىل أنك لم‬
‫ٌ‬
‫مشغول بها‪.‬‬ ‫ر‬
‫مستسل معها‪،‬‬

‫‪414‬‬
‫‪‬وهنا قد يقول المريض‪ :‬لكن أشعر أني بدأت أتقبَّل هذه الوساوس‪،‬‬
‫ودليل ذلك‪ :‬أني لم أعد أنزعج من الوسواس كما كنت أنزعج‪ ،‬فأخشى أن‬
‫ً‬
‫عياذا بالله‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫لشك في الدين‬ ‫تكون هذه الوساوس قد انقلبت‬
‫ً‬
‫عي الوسواس القهري ن يف العقيدة‪.‬‬
‫أيضا هو ن‬ ‫• وهذا‬
‫• هذه طبيعة هذا المرض‪.‬‬
‫• ال بد أن يستوعب مريض الوسواس طبيعة مرضه‪.‬‬

‫َّ‬
‫ويتغذى على‬ ‫الوسواس يأتي بصور خبيثة متلونة متنوعة‪،‬‬
‫َّ‬
‫تهتم‪.‬‬ ‫خوفك‪ ،‬فيأتيك بالصورة التي تخاف بها حتى‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫التعاف‪ ،‬وهنا يظهر عىل شكل أفكار خفيفة‪ ...‬وساوس‬
‫ي‬ ‫❑ قد ي‬
‫يأب الوسواس بعد وقت من‬
‫سطحية بسيطة‪ ،‬لكن ما أن يبدأ الشخص نف االنزعاج والخوف ر‬
‫والت ن‬
‫كت معها‪ ،‬وهل‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫وف هذه اللحظة قد تعود الهجمة الوسواسية مجددا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الوسواس عاد؟ فتداد القلق‪ ،‬ي‬
‫❑ فالهجمة الوسواسية عادت من توقعك وتر ن‬
‫كتك وانزعاجك‬
‫منها‪.‬‬
‫ن‬
‫تختف‪ ،‬لكن قد تعود عىل‬ ‫❑ فالفكرة الوسواسية إذا انتهيت عنها‬
‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ًّ‬
‫حن ال تتحول إىل هجمة‬ ‫كز معها ر‬ ‫شكل بسيط جدا‪ ،‬فال تر‬
‫وسواسية مفاجأة‪.‬‬

‫• فالتعامل مع بوادر األفكار الوسواسية السطحية البسيطة‬


‫يكون كالتعامل مع الهجمة الوسواسية‪ :‬التجاهل التام‪ ،‬واالنتهاء التام‪.‬‬
‫كنت أنا ‪-‬مُ ؤ ِّلف هذا الكتاب‪ُ -‬أعاني من مشكلة مرتبطة بنوبات‬ ‫ُ‬ ‫منذ حوالي عشر سنوات‬
‫وكنت كلما جاءتني هذه النوبات أخاف بشدة فتزداد أكثر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الهلع‪،‬‬
‫ُأعاني منها لساعات ثم تهدأ‪.‬‬
‫بعد يومين أو أكثر تعود النوبات مجددً ا وهكذا‪.‬‬
‫أن أواجه هذه النوبات‪.‬‬ ‫أن قرَّرت ْ‬‫كانت النوبات تأتي‪ ،‬ثم تختفي إلى ْ‬
‫التنفس‪ ،‬وضربات قلب سريعة‪ ،‬يرافقها شعور‬ ‫ُّ‬ ‫نوبة الهلع عبارة عن‪ :‬شعور بضيق‬
‫بالموت‪ ،‬لكنها طبيًّا مجرد وهم‪ ،‬وليست لها أية خطورة صحية‪.‬‬
‫بعد تشخيصي لحالتي قررت المواجهة‪.‬‬
‫أن نوبة الهلع تزداد في حال كنت وحدك‪ ،‬فأنا دخلت‬ ‫وأذكر تلك الليلة جيدً ا أتتني النوبة‪ ،‬وبما َّ‬
‫ْ‬
‫وبدأت النوبة تشتدُّ وأنا مبتسم وهادئ تمامً ا‪.‬‬ ‫بمجرد بدايتها في غرفة مظلمة وحدي‪،‬‬
‫تتغذى على خوفك منها‪.‬‬‫َّ‬ ‫تتغذى على توترك‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫نوبة الهلع كالوسواس‬

‫‪415‬‬
‫تماما‪ ،‬وبعد دقائق من َ‬
‫الع َرق‪ ،‬ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ورصبات القلب الشديدة‪،‬‬ ‫لذلك أنا ظللت هادئا‬ ‫•‬
‫شيعا‪.‬‬‫ً‬ ‫وشعور عدم االتزان‪ ،‬وشعور االختناق‪ ،‬والتجاهل التام بدأت النوبة نف ر‬
‫التاجع‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫مجددا بفضل هللا ورحمته وعفوه‪.‬‬ ‫وحن اللحظة لم تعد النوبة‬ ‫الحي‬ ‫ومنذ ذلك‬ ‫•‬
‫خوفك منها‪ ،‬وتستمد‬ ‫ه مرض مواز للوسواس القهري‪ ...‬تتغذى عىل ِ‬ ‫فنوبات الهلع ي‬ ‫•‬
‫َ‬
‫قوتها من اهتمامك بها‪.‬‬
‫ستختف‪ ،‬ولن يعود لها تأثت‪.‬‬ ‫ن‬ ‫لو فعلت عكس ما تريد منك النوبة‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ي‪ ،‬ويقول‪ :‬أنا أفعل‬ ‫مرص الوسواس لجهلهم يغتسل وينطق الشهادت ن‬ ‫تخيل أن بعض ن‬ ‫•‬
‫ِ‬
‫ذلك من باب االحتياط؛ لئال أكون نطقت بكالم كفري ن يف أثناء الهجمة الوسواسية‪.‬‬
‫انتكاسا بصورة شيعة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫وهذه ليست مخالفة للهدي النبوي فحسب‪ ،‬وإنما تزيد المرض‬ ‫•‬
‫فالمريض اهتم بالوسواس لدرجة تصديقه ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫•‬
‫أصًل‪ ،‬ر‬ ‫ا‬ ‫الشع لم يأمرك ر‬ ‫إذا كان ر‬
‫فتأب‬
‫ي‬ ‫بذنب‬
‫ٍ‬ ‫حن باالستغفار من الوسواس؛ ألنه ليس‬ ‫•‬
‫ن‬
‫الشهادتي؟‬ ‫أنت لتغتسل وتنطق‬
‫أنت بهذا تغذي الوسواس بصورة غت عادية!‬ ‫•‬

‫كل إنسان بالمناسبة تأتيه وساوس‪ ،‬لكن اإلنسان الطبيعي ال يحصل تطوُّ ر لهذه‬ ‫ُّ‬
‫تتشكل بصور‬‫َّ‬ ‫الوساوس عنده فتختفي ذاتيًّا‪ ،‬أما مريض الوسواس‪ ،‬فالوساوس عنده‬
‫أن إيمانه قد تأثَّر‪ ،‬وقد ينطق أثناء الهجمة الوسواسية بكالم‬
‫مختلفة‪ ،‬فيظن أنَّها شك‪ ،‬أو َّ‬
‫وسواسا‪ ....‬وهو في كل هذا معفوٌّ عنه‪...‬‬
‫ً‬ ‫كفري‪ ،‬فيظن أنه هلك‪ ،‬وهو في كل هذا يبقى‬
‫وهو في كل هذا على صريح اإليمان‪.‬‬

‫ْ‬ ‫َّ‬
‫• الوسواس لو تشكل بألف صورة‪ ،‬إياك أن تخاف منه‪ ،‬فطالما علمت أن عندك‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫وسواس‪ ،‬فمهما تشكل تعامل معه كوسواس‪ ...‬تعامل معه كمجنون‪ِ ...‬‬
‫انته عن‬
‫ر‬
‫االستسال معه‪.‬‬
‫ْ‬
‫• وحافظ عىل طاعاتك كما أنت‪.‬‬
‫• قد يأتيك شعور الالمباالة وقلة الخشوع‪ ،‬وقد تظن أنك بهذا صدقت الوسواس‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذا أيضا من الوسواس‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫مهتم بالوسواس ولم‬ ‫• وكلما حاولت أن تثبت لنفسك أن إيمانك لم ر ن‬
‫يهت‪ ،‬فأنت بهذا‬
‫أكت ر‬‫تتجاهله‪ ،‬وهذا سيجعل الوسواس يعطيك شعور عدم اإليمان ر‬ ‫ْ‬
‫وأكت‪.‬‬
‫ً‬
‫وسواسا‪.‬‬ ‫• الوسواس يعتمد عىل إيهامك بأنه ليس‬
‫بأكت من صورة‪.‬‬‫• يحاول أن يقنعك بذلك ر‬
‫ر‬
‫الن يضحك بها عليك‪.‬‬‫• هذا هو الوسواس‪ ،‬وهو يتغذى عىل هذه األلعاب ي‬
‫‪ ‬لكن قد يسأل مريض وسواس فيقول‪ :‬كيف أجبر عقلي على النسيان‬
‫التام؟‬
‫‪416‬‬
‫‪ ‬كيف أجبره على هذا التجاهل التام؟ فأنا الإراديًّا أسترسل مع الفكرة‬
‫الوسواسية!‬
‫ر‬
‫شء!‬‫‪ ‬والجواب‪ :‬ال تجت عقلك عىل ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫• فقط اعتت مجنونا يتكلم يف عقلك‪ ،‬فأنت ال تجت عقلك عىل تجاهل المجنون‪ ،‬بل‬
‫ُ‬
‫أعقل من أن تهتم به أو تجت نفسك عىل تجاهله‪.‬‬ ‫أنت‬
‫َ‬
‫• تقب ْل وجوده‪ ،‬وتجاهله ً‬
‫تماما وكأنه غت موجود‪.‬‬

‫❑هذا هو المطلوب بالضبط‪.‬‬


‫َْ‬
‫• تقبل وجود الفكرة الوسواسية‪ ،‬لكن تجاهلها‪.‬‬
‫• فأنت ال تجت عقلك عىل النسيان؛ ألن اإلجبار اهتمام‪.‬‬
‫ْ‬
‫تلتفت هذا هو ن‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫معن االنتهاء!‬ ‫منشغل به‪ ،‬وال‬ ‫انشغل بما أنت‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫• فالوسواس يدخل من أذن ويخرج من األذن األخرى‪ ،‬وكأن شيئا لم يحصل‪.‬‬
‫تست ْ‬ ‫ْ‬
‫تتجاوب أو ر‬
‫سل معها‪.‬‬ ‫• ال تحارب الفكرة الوسواسية‪ ،‬وال‬
‫ن ُ‬
‫دع الشخص المجنون يتكلم يف أذنك‪ ،‬وانشغل أنت بما أنت‬ ‫الوسواس‪ِ ...‬‬
‫ٌ‬
‫دع‬‫• ِ‬
‫مشغول فيه كما أنت‪.‬‬
‫ف ما كنت تعمله‪ ،‬وال تتمادى فيما تعمل من أجل إيقاف الفكرة الوسواسية‪،‬‬ ‫• ال ُتوق ْ‬
‫ُ ِ‬
‫ك ْن كما أنت بطبيعتك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫شء يسىم المتنمر ‪TROLL‬‬ ‫• هناك ي‬
‫❑ المتنمر هو‪ :‬شخص سخيف يريد أن يستفزك‪.‬‬

‫عالج التنمر هو‪ :‬عدم تغذيته‪.‬‬

‫‪DON'T FEED THE TROLL‬‬

‫• فتغذية المتنمر تكون بالرد عليه‬


‫واالهتمام به‪ ،‬وهذا يجعله يفرح‬
‫ويزداد ً‬
‫تنمرا‪.‬‬
‫• أما مع تجاهله ً‬
‫تماما وكأنه غت موجود‬
‫ن‬
‫سيختف‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫فإنه‬ ‫حياتك‪،‬‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫• الفكرة الوسواسية أشبه بالمتنمر‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫• أيضا الفكرة الوسواسية أشبه بالشاب‪ ،‬لو خفت منها لن تستطيع إكمال طريقك‪،‬‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫شء‪.‬‬
‫أما لو ِشت كما أنت وتجاهلتها‪ ،‬فسوف تكتشف بعد وقت أنها ال ي‬
‫ر‬ ‫ئن‬
‫• المشكلة أنك لن تطمي إىل أنها ال ي‬
‫شء إال بعد تجاهلها والمرور عليها‪.‬‬
‫أكت من شاب‬‫ويختف‪ ،‬ستعلم بعد وقت أنه ليس ر‬ ‫ن‬ ‫• فبعد أن تتجاهل الوسواس‬
‫ي‬
‫وهىم مضحك بال قيمة‪.‬‬
‫ْ ي‬
‫ن‬
‫تختف‪ ،‬كًل!‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫• إذن أنت لست مطالبا بمحاربة الفكرة الوسواسية حن‬
‫ي‬

‫المطلوب منك فقط هو‪ :‬التعامل معها وكأنها غير‬


‫موجودة‪ ،‬بحيث تفقد أثرها مع الوقت‪ ،‬وتفقد خوفك منها‪،‬‬
‫وفي هذه اللحظة ستختفي بالفعل من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫❑ الوسواس القهري ر‬
‫مؤخرا بصورة كبتة؛ لذلك ال بد أن يعرف الناس طبيعة هذا‬ ‫انتش‬
‫المرض‪ ،‬وطريقة التعامل مع هذا المرض؛ ألن كثتين يتعذبون ويظنون أنهم بوسواسهم‬
‫هالكون‪.‬‬

‫‪‬وسبب انتشار الوسواس في اآلونة األخيرة‪:‬‬


‫أ‪ -‬إتاحة البحث عت شبكة ر‬
‫اإلنتنت بسهولة‪.‬‬
‫فإتاحة البحث سهلت تغذية مرض الوسواس القهري عند ن‬
‫مرص الوسواس‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫رد عليها‪ُ ،‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫فيهيج‬ ‫تأب مريض الوسواس فكرة وسواسية يبدأ يف البحث الشي ع عن‬‫أول ما ي‬
‫المرض ويغذيه باستمرار‪.‬‬

‫نفش لهذا المرض يظهر فيهم بشعة‪.‬‬


‫ي‬ ‫ب‪ -‬انتشار الشبهات جعلت َمن عندهم استعداد‬

‫ج‪ -‬الفراغ له دور ن يف زيادة حاالت الوسواس‪.‬‬

‫ع عند أغلب األجيال الصغتة‪.‬‬ ‫ر‬


‫د‪ -‬قلة العلم الش ي‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إخباتا هلل‪ ،‬ومن ر‬ ‫مرص الوسواس بفضل هللا من ر‬ ‫❑ ن‬
‫أكت الناس خوفا عىل‬ ‫ِ‬ ‫أكت الناس‬
‫ً‬ ‫دينهم‪ ،‬ومن ر‬
‫أكت الناس بحثا عن المثالية المستحيلة‪ ،‬وهذه الصفات الجميلة فيهم ال‬
‫ً‬
‫بد أن يستغلوها جيدا؛ ليصبحوا ُدعاة إىل هللا‪ ،‬وطالب علم‪ ،‬وهداة إىل سبيله‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫ل الوسواس البالء الجميل!‬ ‫❑ وختامًا‪ :‬اجع ِ‬
‫• اجعله البالء الذي يرفع هللا به درجتك ن يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫• بالصت عليه‪ ،‬وتجاهله‪ ،‬وعدم تركك للطاعات‪.‬‬
‫‪ ‬ومُلخَّص ما سبق عن الوسواس القهري يف العقيدة‪:‬‬
‫الوسواس القهري هو‪ :‬أفكار ُم ِلحة مزعجة‪.‬‬

‫• أنت مأجور عىل الوسواس الذي يأتيك‪.‬‬


‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫تحاول أن تقنع الفكرة‬ ‫• الفكرة الوسواسية أشبه بمجنون يتكلم يف أذنك‪ ،‬فال‬
‫ً‬
‫الوسواسية بالبحث عن جواب؛ ألنك بهذا كالذي يحاول أن يقنع مجنونا‬
‫بالمنطق‪.‬‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫• الفكرة الوسواسية قوتها يف أنها تقنعك أنها ليست وسواسا‪ ...‬تقنعك أنك ي‬
‫تعاب من‬
‫الشبهات‪ ...‬تقنعك أن لديك مشكلة ن يف إيمانك‪.‬‬

‫وعالج الوسواس في أي صورة جاءك بها هو‪ :‬االنتهاء التام‪.‬‬

‫• الوسواس يستمد قوته من خطئك ن يف التعامل معه‪.‬‬


‫• الوسواس يلعب عىل رفضك‪ ...‬عىل خوفك‪ ...‬عىل قلقك‪ ...‬عىل بحثك‪ ...‬عىل اهتمامك‪.‬‬
‫ن‬
‫• تقب ْل طبيعة الوسواس‪ ،‬وال تدخل يف حرب؛ لطرد الفكرة الوسواسية‪ ،‬وال تهتم بها‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫تعامل معها وكأنها غت موجودة مهما تشكلت‪.‬‬ ‫بل‬
‫ً‬
‫• ِ‬
‫انته عن االهتمام بالوسواس تماما‪.‬‬
‫• الوسواس ينقلك لدرجة أعىل ن يف دينك ودنياك إن شاء هللا‪.‬‬
‫• الوسواس يجعلك إىل هللا أقرب‪.‬‬
‫واطمي واحمد هللا‪ :‬ﭐﱡﭐ‪..‬ﱭﱮﱯﱰﱱﱠ ﴿‪ ﴾2٩‬سورة النساء‪.‬‬
‫ئن‬ ‫‪ ‬رِ ْ‬
‫فأبش‬

‫‪َّ ْ َ ْ َ ْ َ :‬‬
‫ْ ْ‬
‫َول َين َته‪)2٩1(.‬‬
‫َّ‬
‫وتذك ْر ً‬
‫ِ‬ ‫باَّلل‬
‫ِ‬ ‫ذ‬‫ع‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫ف‬ ‫الوسواس‬ ‫لمريض‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫وصية‬ ‫ا‬ ‫دوم‬ ‫•‬
‫متفق عىل صحته‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫والحديث‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫• فاستعذ باهلل والجأ إىل هللا فهو ربك‪ ،‬قدر ما قدر برحمته وحكمته‪ ،‬فاستعذ به‬
‫َ‬
‫تجاهل الفكرة الوسواسية ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وانته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫سبحانه‬

‫متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ،3276 :‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.134:‬‬ ‫(‪(291‬‬

‫‪419‬‬
‫الباب التاسع‬
‫ُّ‬
‫الرد على أشهر‬
‫شبهات الملحدين‬

‫‪420‬‬
‫شر في العالم؟‬
‫‪ -132‬لماذا يوجد ٌّ‬

‫ملاذا هناك فتن وحروب وأمراض؟‬


‫ً‬ ‫ر‬
‫تقريبا‬ ‫ج‪ :‬فتنة الش والبالء والمصائب والمرض والحروب والكوارث ي‬
‫ه‬
‫أكت أسباب اإللحاد عت التاري خ‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲆﲇ ﲈﲉﲊ ﲋﲌﲍ ﲎﲏﲐﲑﲒﲓ ﲔﲕ ﲖﲗﲘ‬
‫ﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﱠ ﴿‪ ﴾11‬سورة الحج‪.‬‬

‫❑ فهناك َمن يكفر باهلل بسبب فتنة أو بالء أو مصيبة نزلت به نسأل هللا الثبات‪.‬‬

‫‪‬وهنا يسأل الملحد‪ :‬لماذا هناك ٌّ‬


‫شر من األساس؟‬

‫‪ ‬والجواب ببساطة‪ :‬ألننا ُمكلفون‪.‬‬

‫في وباليا؛ ألننا ن يف عالم اختباري‪.‬‬


‫❑ هناك ر ن‬

‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﳎﳏﳐﳑﳒ ﱠ ﴿‪ ﴾٣٥‬سورة األنبياء‪.‬‬

‫❑ فالخت ر‬
‫والش؛ ألنك مكلف‪ ،‬والتكليف هو غاية وجودك‪.‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱠ ﴿‪﴾2‬‬
‫سورة الملك‪.‬‬

‫❑ ووجود الشر ووجود الفتن والباليا هو في حد ذاته أكبر دليل على صحة‬
‫القضية الدينية‪ ،‬وعلى خطأ اإللحاد‪.‬‬

‫فيمكن استخدام حجة الشر نفسها يف بيان خطأ اإللحاد‪:‬‬


‫إذ لو ُكنا أبناء العالم المادي لما استوعبنا ال الخت وال ر‬
‫الش‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫قواني‬ ‫ألننا طبقا للرؤية اإللحادية‪ ،‬نست يف حتميات مادية صارمة‪ ،‬وتجري علينا‬
‫معن كلمة رش‪.‬‬
‫الش‪ ،‬وال ن‬‫وف هذا اإلطار لن نستوعب ماهية ر‬ ‫ن‬
‫الطبيعة‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬فهل تدرك أكت الحيوانات تطورا معضلة الش؟‬

‫‪421‬‬
‫نن‬
‫داوكيت بهذا األمر فيقول‪:‬‬ ‫‪ ‬ر‬
‫يعتف ريتشارد‬

‫يعن أننا لسنا أبناء هذا العالم‪ ،‬وأننا نستمد استيعابنا لوجود ر‬
‫الش من‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫فاستيعاب الش ي‬
‫مقدمة أخرى غت المقدمة المادية الداروينية للوجود‪.‬‬
‫أرص‪ ،‬وهذا هو التفست‬ ‫فنحن ننتىم لمقدمة سماوية‪ ،‬وال ننتىم لطراز إلحادي مادي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫األوحد لكوننا نستوعب الش‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬يقول المفكر اإليرلندي كاليف لويس ‪ C. S. Lewis‬والذي كان ملحدا ثم ترك اإللحاد‪:‬‬

‫)‪(292‬‬ ‫‪The universe we observe has precisely the properties we should expect if there is, at bottom no‬‬
‫‪purpose, no evil and no good.‬‬
‫‪River out of Eden, p.131-132.‬‬
‫‪(293) C. S. Lewis.‬‬

‫‪422‬‬
‫ْ‬
‫• إذن فال يوجد رش بالمفهوم اإللحادي‪.‬‬
‫ٌ ن‬ ‫الشائع السماوية‪ ،‬فال يوجد ر ٌّ‬
‫• أما بالمفهوم اإلسالم‪ ،‬والذي عليه كل ر‬
‫محض يف‬ ‫ش‬ ‫ي‬
‫العالم‪ ،‬فكل رش من ورائه حكمة‪ ،‬وعدم فهمنا لبعض دقائق الحكمة اإللهية هذا‬
‫بديه‪.‬‬
‫ي‬ ‫أمر‬

‫‪ ‬يقول ديكارت ن يف كتابه التأمالت‪:‬‬

‫إذن من الطبيع أن يكون هناك ر ن‬ ‫ْ‬


‫الطبيع أننا‬
‫ي‬ ‫في وبالء‪ ،‬ومن‬ ‫ي‬ ‫• فطالما أننا مكلفون‪،‬‬
‫ال نفهم كل دقائق الحكمة اإللهية‪.‬‬
‫• فقوام ُجل التكليف عىل الحكمة‪ ،‬وقوام الحكمة عىل الخفاء‪.‬‬
‫• فما أبعد أحكامه سبحانه وتعاىل عن الفحص واالستقصاء‪.‬‬
‫ن‬ ‫َّ‬
‫الخرص لسيدنا موش عليه السالم‪ ،‬مع أنها أفعال‬ ‫الحكمة من أفعال‬ ‫وقد جىل هللا ِ‬ ‫•‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫عظيم‪ ،‬وقصة موش‬ ‫ٍ‬ ‫تعد ظاهريا ُمنكرة وغت مستساغة‪ ،‬لكنها تكتنف عىل خت‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تأت يف القرآن من باب الشد والحكايا‪ ،‬لكن من باب التدبر واإلقرار‬ ‫والخرص لم ِ‬
‫المتعجل‪.‬‬ ‫البشية وحكمها ُ‬ ‫بقصور النفس ر‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫بش ٍء‪.‬‬
‫الحكمة اإللهية يف البالء ي‬ ‫• فال يجوز ألحد أن يحتج يف باب ِ‬
‫الحكمة ق ارصة؛ لقصور الطبيعة ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫البشية؛‬ ‫الن تخف فيها ِ‬ ‫• فأحكامنا عىل األمور ي‬
‫ولقصور نظرته ا اإلدراكية؛ وألننا مكلفون‪.‬‬
‫َّ‬
‫ه بداية خيط األبدية‪ ،‬ولو أصلحت وسلمت هلل هذه البداية‪،‬‬ ‫• وحياتك الدنيا ي‬
‫ن‬
‫واتقيت هللا ما استطعت‪ ،‬وتدبرت الحكمة يف كل بالء‪ ،‬واستعنت باهلل‪ ،‬وصتت‬
‫وشكرت‪ ،‬سينصلح بذلك مستقبلك األبدي‪ ،‬وتنفتح لك بعض أبواب الحكمة‬
‫اإللهية‪.‬‬
‫شء بال قيمة ن يف طريق سعادة أبدية‪.‬‬ ‫ر‬
‫• فما تحملك لبعض اآلالم إال ي‬
‫‪ ‬لكن قد يسأل ملحد‪ :‬لماذا قدَّ ر هللا الشرَّ‪ ،‬ألم يكن من الممكن أن‬
‫يصير التكليف بغير شر؟‬

‫‪‬والجواب‪ :‬أولًا هللا يخلق ما يشاء ويختار‪.‬‬

‫)‪(294‬‬ ‫‪Descartes, R., Meditations and Other Metaphysical Writings, p.49.‬‬


‫مقتبس م كتاب ثلث رسائل للدكتور عبد هللا الشهري‪ ،‬مركز براهين‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫ﲶﲸ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾68‬سورة القصص‪.‬‬
‫ﲷ‬ ‫ﲱﲳ ﲴ ﲵ‬
‫ﲲ‬ ‫ﭐ‪‬ﱡﭐﲭﲮﲯﲰ‬

‫ثانيًا‪ :‬كيف تريد أن تملك إرادة حرة‪ ،‬والتي هي أصل التكليف اإللهي‪ ،‬من‬
‫غير أن تكون لديك القدرة على فعل الشر؟‬

‫فإذا كنت مجبرًا على فعل الخير فقط‪ ،‬فأين هي اإلرادة الحرة؟ وأين‬
‫التكليف؟‬

‫الطبيع والنتيجة‬ ‫ن‬


‫المقتض‬ ‫فالش وبعض األلم والقدرة عىل ارتكاب المعصية هو‬ ‫• ر‬
‫ي‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬ ‫البديهية لحرية اإلرادة والتكليف‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫• ووجود ر‬
‫الش والبالء والمصائب والشهوات‪ ،‬هؤالء يخرجون أفضل ما يف اإلنسان‬
‫الصالح‪ ،‬وأسوأ ما ن يف اإلنسان الفاسد‪.‬‬
‫َ َ َ‬
‫صت وث ُبت ولم يجزع أو يقنط‪.‬‬ ‫• وعليهم رتتتب األجور العظيمة لمن‬
‫عش مرات بعد أن رأى أن هذه‬ ‫يتمن الشهيد أن يعود ليتذوقها ر‬‫ن‬ ‫• وأقش آالم القتل‬
‫ه مفتاح نعيم‪ ،‬ورضا ال ينفد‪.‬‬ ‫الخطوات القليلة من األلم ي‬

‫‪‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫ومن عجيب حال المالحدة أنهم يُنكرون وجود الخالق؛ ألن هناك شرًّا‪،‬‬
‫وهؤالء ينطبق عليهم المثال التالي‪:‬‬
‫ْ‬ ‫‪ -1‬إذا كان األب ً‬
‫ختا ويحب الخت البنه‪ ،‬إذن لماذا سمح بإعطائه حقنة مؤلمة ضد‬
‫الميكروبات؟‬

‫‪ -2‬هناك ألم وقع عىل االبن جراء الحقنة؟‬


‫غت موجود‪)2٩6(.‬‬ ‫‪ -٣‬إذن األب‬

‫( ‪ (295‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...2817 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1877:‬‬


‫بتصرف‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫( ‪ (296‬من كتاب أسس غائبة‪ ،‬م‪ .‬أحمد حسن‪ ،‬مركز دالئل‪.‬‬
‫‪424‬‬
‫يأب بصور أطفال يعانون من أمراض؛ ليستجدي عاطفتك‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫واألعجب من ذلك من ي‬
‫ًّ‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬
‫ظنا أن هذا دليل عىل كفره‪ ،‬وهو يف الواقع دليل عىل صحة اإليمان‪ ،‬وصحة‬
‫اإلله‪ ،‬وحقيقة أنَّنا مُ ختبر ون‪.‬‬
‫ي‬ ‫التكليف‬
‫اإلله‪ ،‬وغائية الوجود‪،‬‬ ‫ن‬
‫لليقي بصحة التكليف‬ ‫الش سيصل‬ ‫فمن تدبر وجود ر‬ ‫• َ‬
‫ي‬
‫وصحة مفهوم الرساالت‪.‬‬
‫فالش دليل أنك مكلف‪ ،‬ودليل عىل أن اإللحاد خطأ‪.‬‬ ‫• ر‬

‫إن وجود عالم آخر تستمدُّ منه معنى وجودك‪ ،‬وغائية وجودك‪ ،‬وقيمك األخالقية‪،‬‬
‫وتعرف من خالله لماذا يوجد شر؟ ولماذا هناك صراع بين الخير والشر‪ ...‬وجود هذا‬
‫ً‬
‫ممكنا‪ ،‬بل هو ضرورة طبيعية؛ ألن هناك شرًّا‪.‬‬ ‫العالم ليس‬

‫• وألنك تشعر بأن لوجودك غاية‪.‬‬


‫الش‪.‬‬‫• وألنك تعلم بفطرتك بغائية وجود ر‬
‫ْ‬
‫الش دليل ن يف ذاته عىل صحة القضية الغيبية‪ ،‬وعىل أننا مكلفون‪.‬‬ ‫إذن وجود ر‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫• ويمكننا من هذا أن نقول إن البالء وما نراه ر ًّ‬
‫شا هو ممكن فقط يف وجود هللا‪ ،‬ووجود‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬ ‫التكليف‬
‫الش فقد أثبت وجود الخالق المدبر‪ ،‬ووجود التكليف‬ ‫• فإذا أثبت الملحد وجود ر‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ه برهان واضح عىل أننا مكلفون‪.‬‬ ‫ومعاب الخت والش ي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬
‫• وال توجد رواية وال فيلم وال مشحية وال أية دراما تمثل وجود اإلنسان يف هذا العالم‬
‫نوعا من أنواع رصاع الخت ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫والش‪.‬‬ ‫وه تجسد‬ ‫إال ي‬
‫ن‬ ‫بي الخت ر‬ ‫• فهذا النوع من الرصاع ن‬
‫اإلله يف هذا‬
‫ي‬ ‫والش هو أحد أضواء آثار التكليف‬
‫العالم‪.‬‬
‫‪ ‬إنه واقع يشهد لقوله تعاىل‪:‬ﱡﭐ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ‬وقوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲛﲜﱠﭐ﴿‪ ﴾1٠‬سورة البلد‪.‬‬

‫❑ فاإلنسان في كل أفعاله خاضعٌ للتكليف اإللهي‪ :‬هل يفعل الخير أم يفعل‬


‫الشر؟‬

‫اإلله ال يوجد ْأوىل منه ن يف هذا العالم‪.‬‬


‫ي‬ ‫• إن التكليف‬
‫• ويستشعره اإلنسان ن يف كل موقف ن يف حياته‪.‬‬
‫• وهذا من أكت الحجج عىل صحة مبدأ الرساالت‪.‬‬
‫‪425‬‬
‫نف فهم‬‫بالرصورة ن‬ ‫❑ فأيهما أكثر حكمة‪ :‬كالم الملحد ن‬
‫بنف اإليمان‪ ،‬والذي يتبعه ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الش‪ ،‬وعدم استيعابه؟‬

‫ش وبالء‪،‬‬‫• أم تقبل اإليمان باهلل والتسليم له‪ ،‬والذي يجعلك تفهم لماذا هناك ر ٌّ‬
‫اإلله‪ ،‬وشعور بغائية وجودك؟‬
‫ي‬ ‫وشعور بالتكليف‬
‫ٌّ‬ ‫ً‬ ‫• فإذا كان ر‬
‫مستقل عىل أن اإللحاد‬ ‫الش موجودا وأنت تستشعر وجوده‪ ،‬فهذا دليل‬
‫اإلله قضية حقيقية‪.‬‬
‫ي‬ ‫خطأ‪ ،‬وأن التكليف‬

‫ومن العجيب يف أمر مسألة الشر أنَّه‪:‬‬

‫ش ن يف العالم لما خرجت من المكان الذي ولدت فيه!‬‫• لو لم يكن هناك ر ٌّ‬
‫ُ‬
‫• ولما ُو ِجدت حضارة‪ ،‬وال بنيت مدن‪ ،‬وال مصانع‪ ،‬وال بيوت‪ ،‬وال احتاج الناس إىل‬
‫فكر الناس نف مقاومة مرض‪ ،‬أو حل مشكلة‪ ،‬أو ر‬ ‫َّ‬
‫اختاع فكرة لجلب‬ ‫ي‬ ‫عمل‪ ،‬وال‬
‫الراحة!‬
‫ا‬
‫• ولما احتاج اإلنسان أن ينتقل من مكان والدته أصًل؛ إذ ال رش‪ ،‬وال عناء‪ ،‬وال بالء‪،‬‬
‫وال تعب‪ ،‬وال مشاكل تبحث لها عن حلول!‬
‫الن ال بد منها ن يف الدنيا!‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫• فالش هو الرصورة ي‬
‫‪ ‬فتدب ْر!‬

‫‪ ‬واتقِ اهلل فإنك ُمكلف‪.‬‬

‫‪ ‬وهنا قد يسأل إنسان‪ :‬لماذا انتشرت هذه الشبهة "وجود‬


‫الشر" مؤخ ًرا بصورة كبيرة؟‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬انتشار شبهة ر‬
‫يه‬
‫الش‪ ،‬وتأثر بعض مرص القلوب بها‪ ،‬هذا سببه ما أسم ِ‬
‫ب ‪" :‬مغالطة درجات الحرارة"‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫البش ن يف دقائق معدودة‪.‬‬
‫حرص لك مصائب آالف ر‬‫إعالم رهيب ُي ن‬
‫ِ‬ ‫ٌّ‬
‫ي‬ ‫• فهناك ضخ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فهناك بركان يف مدينة كذا‪ ،‬وزلزال يف دولة كذا‪ ،‬وحادث عىل طريق كذا‪ ،‬وفتوس‬
‫ر‬
‫دولن كذا وكذا‪.‬‬ ‫جديد من نوع كذا‪ ،‬وحروب رشسة ن‬
‫بي‬
‫ي‬
‫‪426‬‬
‫الكارب هو ينقل باليا العالم ن يف دقائق‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫• واإلعالم بطبيعته ي‬
‫الن تركز عىل الخت‬
‫‪ ‬فهناك يقول امللحد‪ :‬انظر لكل هذه الشرور يف العالم!‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫وف الواقع ال يوجد إنسان يعيش كل هذه المصائب مجتمعة‪ ،‬فكل إنسان يبتىل‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫• ي‬
‫من البالءات‪ ،‬ويعيش يف المقابل يف جبال من النعم والفضل‬ ‫محدود ُ‬ ‫بقدر‬
‫الن ال تحض‪ ،‬فمن هذا الذي ينكر ِنعم هللا عليه؟‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫والختات ي‬
‫• مشكلة اإلعالم أنه يجمع المصائب كلها في لحظ ٍة‪ ،‬فيتأثر مريض القلب بشبهة‬
‫الشر‪ ،‬ولماذا توجد كل هذه البالءات‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف‬
‫ي‬ ‫درجة‪،‬‬ ‫‪42‬‬ ‫اق‬‫ر‬ ‫الع‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫مئوية‪،‬‬ ‫درجة‬ ‫‪4٠‬‬ ‫مرص‬ ‫ف‬‫الحرارة ي‬ ‫ر‬
‫مع أن درجة‬ ‫• تخيل ي‬
‫فيأب مريض القلب ويقول‪ :‬كيف يتحمل إنسان درجة حرارة‬ ‫ي‬ ‫إيطاليا ‪ ٣٣‬درجة‪،‬‬
‫تصل ل ‪ 11٥‬درجة‪ ...‬مجموع درجات الحرارة السابقة‪.‬‬
‫• والواقع أن هذه الحرارة مقسمة عىل بالد كثتة‪.‬‬
‫• فيقع المتشكك فيما أسميه ب ‪" :‬مغالطة درجات الحرارة"‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ويصورها وكأن إنسانا واحدا تقع عليه كل هذه المصائب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫• فهو يجمع المصائب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫وف الواقع‪ ،‬فالبالءات مقسمة‪ ،‬والنعم عىل كل مبتىل ال تحض‪.‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫• فمغالطة درجات الحرارة ‪-‬اجتماع المصائب يف نشة أخبار قصتة‪ -‬لها دور يف زيادة‬
‫بي بعض الناس‪.‬‬ ‫ً‬
‫مؤخرا ن‬ ‫الش‬ ‫انتشار شبهة ر‬
‫ُ‬ ‫• فال بد أن نستشعر ألطاف هللا ومنحه وم َننه ر‬
‫الن ال تحض عىل كل موجود‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫• ولو استشعرنا هذه الحقيقة وأدركنا لطف هللا بعباده سنحتسب ونصت‪ ،‬ونتجاوز‬
‫الن يلعبها الملحد‪.‬‬ ‫ر‬
‫هذه األساليب ي‬
‫‪ ‬ثم كيف لو تفكَّرْنا يف بعض حِكم وجود الشر والبالء؟‬
‫❑وكيف أنه باب عظيم لرفع الدرجات‪.‬‬
‫ﱙ‬
‫ﱚ‬ ‫‪ ‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ‬

‫ﱛﱜ ﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧ ﱨﱩﱪ‬


‫ﱮﱰﱱﱲﱳﱠ سورة البقرة‪.‬‬
‫ﱯ‬ ‫ﱫﱬ ﱭ‬

‫‪ ‬وقال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫( ‪ (297‬صحيح الترمذي‪ ،‬ح‪.2399 :‬‬


‫‪427‬‬
‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ن‬
‫الصالحي‪ ،‬فسبحان‬ ‫فكثت من الناس ن ن‬
‫يتل بهم البالء فيعودون إىل هللا‪ ،‬ويصبحون من‬ ‫ٌ‬ ‫❑‬
‫هللا العظيم وبحمده‪.‬‬

‫❑ ويجب عىل المسلم أن يؤمن بقضاء هللا‪ ،‬ويستسلم لكل أقدار هللا‪ ،‬ولكل بالء‪ ،‬قال‬
‫وشره"‪٣٠٠.‬‬ ‫النن ﷺ"وتؤمن بالقدر خيره‬
‫ي‬
‫َ‬
‫‪ ‬ومن لم يؤمن بالقضاء والقدر فهو من أهل النار‪ ،‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫( ‪ (298‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3090 :‬‬


‫)‪ (299‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪.)312/2‬‬
‫(‪ (300‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.8 :‬‬
‫(‪ )301‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4699 :‬‬
‫‪428‬‬
‫❑ فاإليمان بالقضاء والقدر هو دين املسلم!‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫وه أن‪ :‬هذه المسألة‬ ‫• وهنا حقيقة أود أن أسوقها يف ختام الحديث عن مسألة الش‪ ،‬ي‬
‫اب‪.‬‬ ‫منتشة بشدة نف الغرب بسبب ر‬
‫التاث النرص ن‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫التاث النرص ناب المحرف جاء يسوع من أجل فداء ر‬ ‫فف ر‬ ‫ن‬
‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫البش عىل الصليب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫• ي‬
‫ر‬
‫فالمفتض‬ ‫وبالتاىل‬ ‫فالمفتض أن ينته ر‬
‫الش من العالم؛ ألن يسوع المحبة افتدانا‪،‬‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الش ن يف العالم‪.‬‬‫الن ه مصدر كل ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫تختف آثار الخطية األصلية ي ي‬
‫ي‬ ‫أن‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الن كانت عليها قبل‬‫• لكن الش والبالء والمصائب ما زالت موجودة‪ ،‬وبالوتتة نفسها ي‬
‫صلب يسوع!‬

‫❑ إذن أين املحبة؟ أين الفداء؟‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫• هذه اإلشكالية الكتى ه مصدر زيادة "معضلة ر‬
‫اب‬
‫الغرب النرص ي‬
‫ي‬ ‫الش" يف العقل‬ ‫ي‬
‫المعارص!‬
‫منتشة بشدة ن يف الغرب‪.‬‬
‫ر‬ ‫• ولذلك فمسألة ر‬
‫الش‬

‫‪ ‬لكن ما َعالقة المسلمين بكل هذا الهراء؟‬

‫‪‬ما َعالقة عقيدة جميع األنبياء بكل هذه السخافة؟‬


‫ن‬
‫وف رشائع األنبياء؛ ألننا ُمكلفون‪.‬‬ ‫ر ن‬
‫• الش يف اإلسالم ي‬
‫• ألننا ن يف عالم اختباري‪ .‬انته‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪429‬‬
‫‪ -133‬كيف نعرف اهلل؟‬

‫ً‬
‫أربعة طرق‪:‬‬ ‫ج‪ :‬نعرف هللا بطرق كثيرة جدًّ ا‪ ،‬لكن سنذكر هنا‬

‫❑‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خالقا‪ ،‬فأنت بالفطرة تعرف أن لك خالقا خلقك‬ ‫أن له‬‫‪ ‬فاإلنسان بفطرته يعلم َّ‬
‫الخلقة‪ ،‬وهذا الصنع واإلتقان المدهش‪.‬‬ ‫بهذه الهيئة‪ ،‬وهذه األعضاء‪ ،‬وهذه ِ‬
‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫طالب باللجوء إىل خالقه بالعبادة‪ ،‬ويعلم أيضا‬ ‫‪ ‬وأيضا اإلنسان بفطرته يعلم أنه ُم‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مفتقر لخالقه سبحانه‪ ،‬ومحتاج إليه يف كل وقت‪ ،‬ويزداد هذا الشعور‬ ‫بفطرته أنه‬
‫ن‬
‫بالحاجة هلل يف الشدائد‪.‬‬
‫ﲦ‬
‫ﲧ‬ ‫البش‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲣﲤﲥ‬ ‫‪ ‬ففطرة معرفة هللا ُف ِطر عليها كل ر‬

‫ﲲﲴﲵ ﲶﲷﲸﲹ‬
‫ﲭﲯﲰﲱ ﲳ‬
‫ﲨﲩﲪﲫﲬ ﲮ‬
‫ﲺﲻﱠ﴿‪ ﴾٣٠‬سورة الروم‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢ‬
‫ﱣﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ ﴿‪ ﴾172‬سورة‬

‫(وأ ْش َه َد ُهمْ‬ ‫ُ‬


‫وفطرنا عىل العبودية له سبحانه‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫األعراف‪ُ .‬‬
‫هللا‪،‬‬
‫معرفة َ ْ َ‬
‫َ‬
‫عىل‬
‫رنا ْ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‪ُ ‬‬
‫فقبل أن نخلق ُ ف ِط‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ىل ش ِهدنا)‪.‬‬‫ىل أنف ِس ِهم ألست ِبربكم قالوا ب ٰ‬‫ع ٰ‬
‫النن ﷺ ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪:‬‬ ‫‪ ‬وقال ي‬

‫تكف كل إنسان يريد الحق أن يستدل‬ ‫• فكلنا ُنولد عىل هذه الفطرة‪ ،‬وهذه الفطرة ن‬
‫ي‬
‫من ن‬
‫تبي له‪.‬‬ ‫عىل الحق‪ ،‬وأن يستسلم لهذا الحق ر‬
‫ا ن‬ ‫حن أشد الناس ً‬ ‫• وهذه الفطرة ال يستطيع أن ينكرها ر‬
‫كفرا‪ ،‬وخاصة يف األوقات‬
‫يشكون‪ :‬ﭐﱡﭐﱁ‬ ‫العصيبة‪ ،‬فالناس كلهم يلجؤون هلل نف أوقات الشدائد وينسون ما ر‬
‫ي‬
‫ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ‬
‫ﱔﱠ ﴿‪ ﴾67‬سورة اإلشاء‪.‬‬

‫(‪ )302‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2658:‬‬


‫‪430‬‬
‫َْ‬ ‫ن‬
‫وسينش‬ ‫شديد‪ ،‬وشعر بالهالك‪ ،‬فإنه لن يدعو إال هللا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫• فإذا كان اإلنسان يف ٍ‬
‫كرب‬
‫ن‬
‫كل رشكياته؛ وهذا اإلخالص هلل يف الدعاء وقت الشدائد دافعه الفطرة السليمة‬
‫الموجودة بداخل كل إنسان‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫• يقول أحد رؤساء أمريكا ‪-‬إيزنهاور‪ -‬وكان قائدا للقوات األمريكية يف الحرب العالمية‬
‫الثانية يقول بعد أن شاهد كيف أن القوات تعود للفطرة وقت الخطر الشديد‪:‬‬

‫ٌ‬
‫منكر هلل‪ ،‬الكل يعود هلل‪ ،‬فهذه حقيقة الفطرة‬ ‫فف الخندق وقت الحرب ال يوجد‬ ‫• ن‬
‫الن ر‬ ‫ي‬
‫يعتف بها كل ر‬
‫البش وقت الشدائد‪.‬‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫❑‬
‫ا‬
‫وقد ذكرنا مثاًل عىل ذلك يف إجابة سؤال سابق يف قوله تعاىل ﭐﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠ‬
‫ن‬ ‫ن‬

‫ٌ‬
‫خالق خلقنا‪.‬‬ ‫ﱡﱠ ﴿‪ ﴾٣٥‬سورة الطور ‪ .‬فبالعقل لنا‬
‫❑‬
‫‪ ‬فالنظر يف خلق هللا يضعنا أمام عظمة هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱸﱹﱺﱻﱼ‬
‫ن‬

‫ﱽﱾﱠ ﴿‪ ﴾1٠1‬سورة يونس‪.‬‬


‫ا‬
‫• فكلما نظرنا إىل دقيق خلق هللا‪ ،‬وعجيب اإلتقان‪ ،‬ازددنا معرفة باهلل‪.‬‬
‫❑‬
‫رسله‬ ‫َ‬
‫وهذا هو الطريق األعظم لمعرفة هللا عز وجل‪ ،‬وهو أن نعرف هللا من خالل ِ‬
‫وأنبيائه‪ ،‬فالرسل أختوا عن هللا‪ ،‬وأختوا عن صفاته‪ ،‬وأختوا عن ذاته سبحانه‪ ،‬فمن‬
‫خالل األنبياء عرفنا هللا بأسمائه وصفاته‪ ،‬وعرفنا كيف نعبد هللا‪ ،‬وكيف نتقرب إليه‪،‬‬
‫نا‬ ‫َ َ‬
‫بمعن‬ ‫عذاب هللا‪ ،‬فالرسل دع ُوا الناس لعبادة هللا أو‬
‫وعرفنا كيف ننجو يوم الحساب من ر ُ‬
‫َ‬
‫الن فطروا عليها‪ ،‬وأن يعبدوا هللا كما أمر‪.‬‬
‫آخر‪ :‬دعوا الناس للعودة لفطرهم ي‬
‫‪ ‬فالرسل أرشدوا الناس إىل طريق الحق والنجاة‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ‬
‫ﱸﱺﱻﱼﱽﱠ ﴿‪ ﴾16٥‬سورة النساء‪.‬‬
‫ﱹ‬ ‫ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶﱷ‬

‫ألحد‬
‫ٍ‬ ‫• فإخبار هؤالء األنبياء والرسل عن هللا‪ ،‬وتأييد هللا لهم بالمعجزات‪ ،‬ال يجعل‬
‫ُحجة عىل هللا يوم القيامة‪.‬‬
‫الن تعرف بها خالقك‪ ،‬وأعطاك العقل‪ ،‬وأعطاك‬ ‫• فاهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬أعطاك الفطرة ر‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫يبق لك عند هللا حجة‪.‬‬ ‫ن‬
‫النظر يف مخلوقاته‪ ،‬وأرسل لك الرسل‪ ،‬فلم‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪431‬‬
‫ُّ‬
‫نستدل بها على وجود اهلل سبحانه؟‬ ‫‪ -134‬ما هي القواعد العقلية التي‬

‫‪‬‬
‫ً‬
‫‪‬العدم ال يصنع شيئا وهذه بديهة عقلية‪ ،‬فال بد لكل ٍ‬
‫فعل من فاعل‪.‬‬
‫❑ وإذا نظرت إىل هذا العالم وعرفت أن له بداية‪ ،‬وعلمت أن الكائنات الحية كذلك لها‬
‫وج ٍد‪ ...‬وليس‬ ‫ُ‬
‫بداية‪ ،‬فهذا يجعلك توقن بأنه ال بد لهذا العالم ولهذه الكائنات من صانع م ِ‬
‫ر‬
‫بش ٍء‬
‫أن العدم هو ًالذي أوجد العالم أو أوجد هذه الكائنات الحية‪ ،‬فالعدم كما قلنا ليس ي‬
‫وال يصنع شيئا‪.‬‬
‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫وقواني ونجوم وكواكب له بداية‪ ،‬فهذا‬ ‫‪ ‬إذن‪ :‬بما أن العالم كله بكل ما فيه من مادة‬
‫ً‬
‫دليل عىل أن له خالقا خلقه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫• فإذا رأيت شيئا متقنا فسوف تقطع بأن صانعه قد أتقن ُصنعه‪ ،‬وستقطع بالعقل‬
‫الشء عنده قدرة عىل إيجاده وتصميمه وضبطه‪.‬‬ ‫أن صانع هذا ر‬
‫ي‬
‫• وهكذا يمكننا أن نعرف بعض صفات الخالق سبحانه من النظر ن يف خلقه‪.‬‬
‫• انظر للسماء واألرض والنبات والشجر والجبال وانظر للدواب من حولك‪ ،‬عالم‬
‫مدهش من المخلوقات العجيبة‪.‬‬
‫ن‬
‫• انظر لداخل جسدك‪ ،‬وانظر لضبط الوظائف الدقيق يف جسمك‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ن ن‬
‫• هرمون النمو الذي يساعدك عىل النمو‪ ،‬هذا الهرمون تركته يف الدم‪ ٥ :‬نانو جر ٍ‬
‫امات‪.‬‬
‫ُ‬
‫• لو ازدادت نسبة هذا الهرمون بمقدار يقاس بأجزاء من المائة مليون من الجرام ‪-‬‬
‫ن‬
‫عن أن الجرام مقسم إىل مائة مليون جزء‪ -‬لو ازداد هذا الهرمون بأجزاء من المائة‬
‫ي ي‬
‫مليون من الجرام‪ ،‬فإن هذا يؤدي إىل مرض العملقة ‪-‬تضخم جسم اإلنسان بصورة‬
‫َّ‬
‫مخيفة‪ -‬ولو قلت بأجزاء من المائة مليون من الجرام‪ ،‬فإن هذا يؤدي إىل مرض‬
‫التقزم ‪-‬صغر حجم الجسم واألعضاء‪.‬‬
‫ًّ‬
‫• هذا التغت المدهش بسبب تغت بأجزاء بسيطة جدا من هذا الهرمون‪.‬‬
‫ن‬
‫• فانظر لجسدك الذي خلقه هللا يف أحسن تقويم‪ ،‬بهذا الضبط المدهش لهذا‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الن ال تحض‪.‬‬‫الهرمون ولغته من الهرمونات والوظائف ي‬
‫• فهذه دقة وإتقان ن يف الخلق‪ :‬ﱡﭐﳛﳜﳝﳞﳟﱠ﴿‪ ﴾4٩‬سورة القمر‪.‬‬

‫‪432‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫الن يحصل‬
‫جزء من أجسادنا‪ ،‬وما الجوائز ي‬ ‫• فنحن محاطون بالرعاية اإللهية يف كل ٍ‬
‫عليها العلماء إال الكتشافهم بعض أوجه هذه الرعاية ن يف العالم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫• األوثان والطبيعة ال تملك القدرة عىل الخلق‪ ،‬وال عىل اإليجاد‪ ،‬وال عىل الضبط‪،‬‬
‫وال عىل اإلتقان‪.‬‬
‫مفتقر لخالقه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الن يؤمن بها الملحد كالهما‬ ‫الن يعبدها الكفار‪ ،‬والطبيعة ر‬ ‫• فاألوثان ر‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫• فال تملك األوثان وال الطبيعة من أمرهما شيئا‪ ،‬وليس لديهما القدرة عىل ضبط‬
‫الهرمونات بداخلك بهذا المقدار المدهش‪ ،‬وال لديهما القدرة عىل وضع الشفرة‬
‫ماليي المعلومات داخل البذرة‪ ،‬وال لديهما القدرة عىل إيجاد‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫الوراثية‪ ،‬ر‬
‫والن ي‬
‫ي‬
‫حن عىل إيجاد أنفسهما‪.‬‬ ‫أي رشء‪ ،‬وال ر‬
‫ي‬
‫• فخالق هذا العالم بهذه العجائب هو خالق عظيم عليم قدير حكيم‪.‬‬
‫اإلله‪،‬‬ ‫ي‬ ‫اإلله‪ ،‬والعلم‬
‫ي‬ ‫نعًط بعض األمثلة البسيطة عىل دقيق الصنع‬ ‫ي‬ ‫• واآلن س‬
‫والقدرة اإللهية‪ ،‬والحكمة اإللهية‪ ،‬لنعرف كيف أن المخلوقات خلقها هللا وحده‪،‬‬
‫وليست الطبيعة أو األحجار أو األوثان‪:‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫األوكسجي الذي‬ ‫• وأنت يف بطن أمك ال تستخدم رئتيك يف التنفس أبدا‪ ،‬فأنت يأتيك‬
‫تحتاجه مع دم األم‪ ،‬ومع ذلك ومع عدم حاجتك للرئة إال أن هللا خلق رئتيك‬
‫فورا‪ ،‬وإال‬ ‫وأنت نف بطن أمك؛ ألنك بمجرد خروجك من بطنها ستستخدم رئتيك ً‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫فبدون رئتيك لن تعيش لحظة واحدة بعد الوالدة‪.‬‬
‫ا‬
‫• وكذلك خلق هللا عينيك ن يف بطن أمك‪ ،‬وأنت ال تحتاجهما أصًل إال بعد الوالدة‪.‬‬
‫ر‬
‫الن‬‫• فاهلل؛ ألنه ْعليم بما ستحتاج إليه بعد خروجك من بطن أمك قدر لك األعضاء ي‬
‫تريدها بقد ِرها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫لي األم يف الخروج لتغذيتك‪ ،‬وأمك‬ ‫• وبعد نزولك من بطن أمك بلحظات يبدأ ن‬
‫الن تكون نف لبنها نف أول أربعة أيام‪ ،‬ر‬ ‫شيئا عن المضادات الحيوية ر‬ ‫ً‬
‫والن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال تعرف‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫اللي‪ ،‬ومستويات‬ ‫جسمك كلها‪ ،‬وال تعرف شيئا عن مراحل إنتاج‬ ‫ِ‬ ‫تطهر مجاري‬
‫اللي بحسب عمر الرضيع‪ ،‬فكل هذا خلقه هللا اللطيف الودود الكريم‬ ‫ن‬ ‫تر ن‬
‫كت‬
‫بمقدار‪.‬‬
‫ن‬
‫• وأودع هللا يف أبويك غريزة حبك والتضحية بالمال والصحة والوقت من أجلك‪،‬‬
‫وهم ن يف كل هذا راضون تمام الرضا‪.‬‬

‫‪ ‬فنِ َع ُم اهلل عليك ال تحصى في كل وقت‪.‬‬


‫‪433‬‬
‫ْ‬
‫ﳀ ﱠ ﴿‪﴾11‬‬
‫ﳁ‬ ‫إله حكيم‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬
‫• إنه خلق ي‬
‫سورة لقمان‪.‬‬

‫‪ ‬فهل األوثان أو الطبيعة تستطيع أن تفعل من ذلك‬


‫ً‬
‫شيئا؟‬

‫‪ ‬ثم تخي ْ‬
‫َّل! لو كانت الشمس من الفحم؟‬
‫‪ ‬هذه الشمس العظيمة‪ ،‬تخي ْ‬
‫َّل لو أنها كانت من الفحم‪،‬‬
‫تنته الحياة عىل‬
‫ي‬ ‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫وتنته‬
‫ي‬ ‫هل تعرف كم سيكون عمرها؟ ثالثمائة عام فقط‪،‬‬
‫شء بمقدار سبحانه‪.‬‬ ‫ر‬
‫األرض‪ .‬فاهلل خلق كل ي‬
‫‪ ‬تخيل! لو َّ‬
‫أن اإلنسان بال عظام؟‬
‫• سيصبح كومة لحم ال حركة فيها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫علم ألف عام‪ ،‬وهللا ما ذكرت شيئا‬ ‫• لو ظللت أعرض األمثلة بكل ما ي‬
‫أوب الناس من ٍ‬
‫من ِنعم هللا وعجيب خلق هللا‪ :‬ﭐﱡﭐﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ‬
‫ﳌﳍﳎﳏﳐﳑﱠ ﴿‪ ﴾1٠٩‬سورة الكهف‪.‬‬

‫• ﱡﭐ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ‬
‫ﳒﳔﳕﳖﳗﱠ ﴿‪ ﴾27‬سورة لقمان‪.‬‬ ‫ﳑ ﳓ‬
‫تنته‪ ،‬وال ُيحصيها أحد‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫• فآيات هللا يف خلقه ال‬
‫ﳝ‪..‬ﱠ﴿‪ ﴾88‬سورة النمل‪.‬‬ ‫• ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﳘﳙﳚﳛﳜ ﳞ‬
‫ﲘﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة السجدة‪.‬‬ ‫ﲙ‬ ‫• ﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الحسن يزيدك إيمانا ومعرفة باهلل‪.‬‬ ‫• فالنظر يف هذه النعم مع استحضار أسماء هللا‬
‫• فاهلل هو الرزاق العليم الحكيم الخبت الكريم اللطيف المنان ذو الجالل واإلكرام‬
‫الح القيوم‪.‬‬
‫ي‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ن‬
‫❑ فانظر يف ِنعم هللا وتأمل وسبح بحمده‪ ...‬وقل‪ :‬سبحان ي‬
‫رب وبحمده‪.‬‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﱠ سورة األعىل‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪434‬‬
‫‪ -135‬هل يكفي اإليمان باهلل مع الكفر باألنبياء؟‬

‫ج‪ :‬ال‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكف ر‬‫ن‬
‫مسلما هلل‪،‬‬ ‫حن يكون اإلنسان‬ ‫• اإليمان بوجود هللا مع عدم اإليمان باألنبياء ال ي‬
‫معن أن تؤمن بأن هللا هو الخالق الرازق ُ‬
‫المدبر‪ ،‬ثم تكفر بوحيه‪ ،‬وتنكر رسله؟‬ ‫فما ن‬
‫• هذا كفر أكت‪.‬‬
‫رما من الذي ي ُرد عىل هللا وحيه‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱡﱢ‬
‫َ‬ ‫• بل ليس هناك أعظم ُج ً‬

‫ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱯ‬
‫ﱻﱽ‬
‫ﱼ‬ ‫ﱰﱱ ﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺ‬
‫ﱾﱿﲀﲁﱠ سورة النساء‪.‬‬
‫ًّ‬
‫• فمن يؤمن باهلل ويكفر باألنبياء فهو الكافر حقا‪.‬‬
‫وح هللا؛ لذلك فأهل الكتاب‬ ‫• فكل من كفر ي‬
‫بنن من األنبياء فهو كافر باهلل؛ ألنه أنكر ي‬
‫كفروا لكفرهم بنبوة محمد بن عبد هللا ﷺ‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆ‬
‫ﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠ ﴿‪ ﴾6‬سورة البينة‪.‬‬

‫• ووعيد هللا بدخولهم النار حق ﱡﭐ‪ ..‬ﳀﳁﱠ﴿‪ ﴾14‬سورة ق‪.‬‬


‫• فليس اإلسالم وليست النجاة لمجرد إقرار اإلنسان بأن هللا هو الخالق الرازق‬
‫ُ‬
‫فحسب‪ ،‬بل ال بد من اإليمان برسله‪.‬‬ ‫المحن المميت‬
‫ي‬
‫ن‬
‫• فاإليمان بوجود هللا والكفر باألنبياء ال ي‬
‫يكف‪ ،‬وال ينفع العبد عند هللا يوم القيامة؛‬
‫إذ ال بد أن ُيعبد هللا‪ ،‬ويتم اإليمان بكل رسله‪.‬‬
‫كافيا لما أرسل هللا رسله‪ ،‬وال أنزل كتبه؛ ألن ر‬
‫البش‬ ‫• ولو كان اإليمان بوجود هللا ً‬
‫جميعا يعرفون هللا بالفطرة‪.‬‬‫ً‬
‫• فاهلل الذي خلقك وهداك ورزقك هو وحده المستحق أن تعبده كما رشع من خالل‬
‫رسله وأنبيائه‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪435‬‬
‫علميا على وجود الغيب "جبريل على سبيل المثال"؟‬
‫ً‬ ‫‪ -136‬كيف نستدل‬

‫ٌ‬
‫إيمان بأمور خارج حدود‬ ‫ج‪ :‬اإليمان بجتيل عليه السالم أو بأية قضية غيبية هو‬
‫ً‬
‫بداهة‪ ،‬وبالتالي ال تخضع لقوانين المادة‪.‬‬ ‫الزمان والمكان‬
‫ا‬
‫• ونحن نؤمن بجتيل وبالغيب؛ نتيجة لتسليمنا بصدق الرسالة‪ ،‬وبأدلتها القطعية!‬
‫• فإذا ثبتت صحة الرسالة ثبت كل غيب تخت به هذه الرسالة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫• فالنن الذي قامت الت ن‬
‫اهي واآليات عىل صدقه فيما يبلغه عن هللا‪ ،‬كان صادقا يف‬ ‫ي‬
‫كل ما يخت به عن هللا‪)٣٠٣(.‬‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫تبعا إليماننا بالرسالة الدينية‪ ،‬وليس إيمانا ُمستقًل!‬
‫بالمغيبات ً‬
‫• فنحن نؤمن ُ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -137‬لماذا التكليف من البداية؟‬

‫الن أرادها لك أيها اإلنسان‪.‬‬ ‫ج‪ :‬ألنها مشيئة هللا ر‬


‫ُّ‬ ‫ي‬
‫• ألن ن يف التكليف يتحقق مستوى صتك وبحثك واجتهادك وتفكرك‪.‬‬
‫• ألن به تتفاوت المنازل‪ ،‬وتتمايز النوايا‪.‬‬
‫أن إنسانًا أراد أن يرفض هذا التكليف‪ ،‬فهل هذا يسعه؟‬ ‫‪ ‬لكن لنفترض َّ‬

‫يأب للدنيا‪ :‬ﱡﭐﲮﲯ‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬ال يسعه الرفض؛ ألنه َقبل بأن ُيكلف قبل أن ر‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫ﲻﲽﲾ‬
‫ﲼ‬ ‫ﲰﲱﲲ ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺ‬
‫ﲿﳀﱠ ﴿‪ ﴾72‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫يأب إىل الدنيا‪ :‬ﱡﭐﱖﱗﱘ‬


‫ر‬ ‫َ‬
‫اإلله قبل أن ي‬
‫ي‬ ‫❑ واإلنسان ع ِلم كيف يستجيب للتكليف‬

‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ‬
‫ﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱠ ﴿‪ ﴾172‬سورة األعراف‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫❑ فربك عرض عليك أمانة التكليف فقبلت بها‪ ،‬وعرفت كيف تؤمن باهلل‪.‬‬

‫( ‪ (303‬الجواب الصحيح‪ ،‬شيخ اإلسلم ابن تيمية‪ ،‬مجلد‪ ،2‬ص‪.34‬‬


‫‪436‬‬
‫ً‬
‫شيئا من ذلك؟‬ ‫‪ ‬وهنا قد يسأل سائل‪ :‬لكني ال أتذكر‬
‫نا‬
‫معن‪.‬‬ ‫البديه أنك ال تذكره؛ ألنك لو ذكرته لما أصبح الختبارك‬
‫ي‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬من‬

‫سيكون مثلك كمثل الرجل الذي دخل االختبار ومعه نموذج اإلجابة!‬
‫ن‬ ‫كلف بفطرتك‪ ،‬وتعلم أنك تستطيع أن تفعل الخت أو ر‬‫ُ َّ‬
‫وتعاب‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬‫الش‬ ‫• فأنت تعلم أنك م‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ر‬
‫األخالف‪ ،‬وداخلك شعور‪:‬‬
‫تفعل‪ ،‬فكل هذه من آثار‬ ‫افعل وال‬ ‫ي‬ ‫من وخز الضمت‬
‫التكليف ن يف فطرتك‪.‬‬

‫لكن قد يقول إنسان‪ :‬لنفترض أنني أردت االعتراض ىلع هذا االختبار أو التكليف‬
‫بحجة أنني ال أذكره اآلن؟‬

‫باعتاضك هذا كما تحب‪ :‬ﱡﭐﱂﱃ‬


‫‪ ‬والجواب‪ :‬بعد نزولك من قطار الحياة تقد ْم ر‬

‫ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱠ ﴿‪﴾111‬‬
‫سورة النحل‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫فالت ْم بتعاليمه إىل أن ن ن‬
‫❑ لكن طالما أنك داخل القطار ر ن‬
‫تتل آمنا مطمئنا!‬

‫قد يقول‪ :‬وملاذا ألتزم بتعاليم قطار أُرغمت ىلع ركوبه؟‬

‫ُ‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬كما قلت لك‪ :‬أنت لم ترغم عىل ركوبه‪ ،‬بل ركبته باختيارك وإرادتك‪.‬‬

‫ئ‬
‫الخاط‪ ،‬فهل يحق لك أن ترتكب كل الموبقات بحجة‬ ‫ض أنك ركبت القطار‬ ‫❑ لكن ر‬
‫لنفت ْ‬
‫ر‬
‫وتعتض؟‬ ‫تلتم بالتعاليم إىل أن ن ن‬
‫تتل‬ ‫أنه ليس قطارك؟ أم ر ن‬

‫حر‪ ،‬وأن نجاتك نف ر ن‬


‫التامك ر‬
‫بشع ربك‪.‬‬ ‫فالت ْم ر‬
‫بالشع‪ ،‬وسوف تستوعب أنك ٌّ‬ ‫❑ رن‬
‫ي‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪437‬‬
‫‪ -138‬لماذا نعبد اهلل وهو ال يحتاج إلينا؟‬

‫ه فكرة سخيفة!‬
‫ج‪ :‬فكرة أن الحاجة يقابلها العبث ي‬
‫فالحاجة يقابلها الحكمة ال العبث‪.‬‬

‫التي صاحب الصيت الطيب قد يعالج الناس دون‬ ‫فالطبيب ر‬


‫ً‬
‫أن يحتاج منهم شيئا‪ ،‬بل يعالجهم لمصلحتهم هم‪ ،‬وهنا نحن‬
‫ال نصف فعله بأنه عبث!‬

‫❑ فالحكمة والمقصد العظيم من وراء الفعل ال يدوران ن يف حلقة الحاجة‪/‬العبث!‬


‫ا‬ ‫ا‬ ‫❑ وقد ُينقذ أحد السب ن‬
‫احي طفًل رحمة به‪ ،‬ثم ريتكه ويذهب دون انتظار ثناء أهل‬
‫ُ‬
‫الطفل‪ ،‬وهنا فعله ال يصنف بأنه حاجة وال عبث‪ ،‬بل هذا فعل كريم‪ ،‬ومقصد نبيل‪،‬‬
‫ُ ُ‬
‫وخلق طيب!‬
‫العبث!(‪)٣٠4‬‬ ‫بي االحتياج ن‬
‫وبي‬ ‫‪‬فال تالزم ن‬

‫‪ ‬ويف صحيح مسلم يف الحديث القدسي قال الله تعالى‪:‬‬

‫العالمي‪ ،‬وما نقوم به من عمل يعود نفعه وخته أو نرصره علينا نحن‪.‬‬
‫ن‬ ‫❑ فاهلل ن ٌّ‬
‫غن عن‬‫ي‬

‫فما سعيُنا وجهدُنا وعملُنا إال ألنفسنا‪:‬‬


‫ﳉﳋﳌﳍﳎﳏﱠ ﴿‪ ﴾6‬سورة العنكبوت‪.‬‬
‫ﳊ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﳅﳆﳇﳈ‬

‫(‪ (304‬ظاهرة نقد الدين في الفلسفة الحديثة‪ ،‬د‪ .‬سلطان العميري‪ ،‬رسالة دكتوراه‪.‬‬
‫(‪ (305‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2577:‬‬
‫‪438‬‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫❑ ونحن نعلم بأن هلل حكمة يف كل خلقه وإن جهلناها‪ ،‬وجهل المريض بحكمة الطبيب‬
‫ن‬
‫يعن أن قرارات الطبيب عبثية‪.‬‬
‫ال ي‬
‫يكف فهم بعضها‬ ‫فهم كل أبعاد الحكمة‪ ،‬وإنما ن‬
‫• فالعلم بالحكمة اإللهية ال يلزم له ُ‬
‫ي‬
‫ومعرفة وجودها!‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن ْ‬
‫فيكف أن نعلم أننا مكلفون‪ ،‬وأن نعلم التكليف ولوازمه‪ ،‬وأن نعلم وجود الحكمة‬
‫ي‬ ‫•‬
‫اإللهية‪ ،‬فهذا يكفينا من حيث الجملة‪ ،‬وإال نكون كالذي يكفر وينكر كل ما ال‬
‫يفهمه‪ :‬ﱡﭐﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﱠ ﴿‪ ﴾٣٩‬سورة يونس‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫• فال يستحق العبادة إال هللا‪ ،‬فهو الخالق الذي أوجدنا من العدم‪ ،‬قال سبحانه‪ :‬ﭐ‬
‫ﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﱠ ﴿‪﴾21‬‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫• وهو الذي هدانا وهو الذي رشع‪ ،‬وقدر‪ ،‬وأمر‪ ،‬ونه‪ :‬ﱡﭐ ‪ ..‬ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﲓ‬
‫ﲔ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥4‬سورة األعراف‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫ه حق هللا عىل عباده‪ ،‬فهو سبحانه الذي فطرنا وأحيانا ورزقنا وهدانا‬
‫ي‬ ‫فالعبادة‬ ‫إذن‬ ‫•‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ه حق هللا‬ ‫وأرسل إلينا رسله؛ ليختتنا وليبلونا من ِمنا أحسن عمًل‪ ،‬فالعبادة ي‬
‫علينا‪ :‬ﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ ﴿‪﴾2‬‬
‫سورة الملك‪.‬‬
‫• وال تستقيم حياتنا وآخرتنا إال بالعبادة‪ ،‬وال تنصلح أخالقنا إال بها‪ ،‬فالعبادة تنه‬
‫َ ُ‬
‫عن الفواحش والمنكرات‪ ،‬وتصلح بها دنيا الناس‪ ،‬قال ربنا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ‪ ..‬ﲯ‬

‫ﲰ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾4٥‬سورة‬
‫ﲱ‬
‫العنكبوت‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• وال نفوز بالجنة إال بالعبادة‪ ،‬ي‬
‫فه النجاة يف اآلخرة‪ ،‬والهناءة يف الدنيا‪.‬‬
‫وه واجبة علينا تجاه هللا عز وجل؛ ألنه خالقنا‪،‬‬ ‫فالعبادة لنا نحن‪ ،‬ولختنا نحن‪ ،‬ي‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫َ ُْ‬
‫ونفعها يعود علينا نحن فقط‪ ،‬والتقصت فيها يعود أيضا علينا نحن فقط‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يعمل لها‪ ،‬فنحن المحتاجون إليه سبحانه‪...‬‬ ‫• والجنة غالية‪ ،‬فمن يرد الجنة‬
‫المحتاجون لعبادته‪ ...‬المحتاجون لجنته‪ ...‬المحتاجون لرحمته‪ ...‬المحتاجون‬
‫ن‬
‫الغن عنا وعن كل خلقه‪.‬‬
‫لنعمه‪ ،‬وهو ي‬
‫‪439‬‬
‫‪ -139‬هل االستدالل على الخالق هو استخدام ألدلة الخبرة البشرية؟‬

‫ج‪ :‬براهين إثبات الخالق تقوم على استدالل فطري‪ ،‬وعلم يقيني من مقدمات‬
‫ٍ‬ ‫ضرورية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫المباش‪ ،‬والداللة الرصدية‪.‬‬ ‫❑ فإثبات الخالق يف القرآن يعتمد عىل النظر‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱠ ﴿‪ ﴾٣٥‬سورة الطور‪.‬‬

‫‪ ‬هنا حصرت اآلية الكريمة سبب وجودهم في ثالثة احتماالت‪:‬‬


‫ا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬
‫وجد شيئا وهو أصًل غت‬ ‫شء وهذا ممتنع؛ إذ العدم ال ي ِ‬ ‫• إما أنهم جاءوا من غت ي‬
‫ليوجد غته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫موجود‬
‫ٌ ً‬ ‫َ‬
‫يوجدوا وهذا ممتنع أيضا‪ ،‬فهذا تناقض ظاهر‪.‬‬ ‫• وإما أنهم أوجدوا أنفسهم قبل أن‬
‫• ر‬
‫ويبف الحل الثالث وهو الذي سكتت عنه اآلية الكريمة؛ ألنه هو البديهة‪ ،‬وهو أن‬
‫ً‬
‫لهم خالقا خلقهم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬فهذا استدالل‬
‫شء حن نقول‪ :‬إنه ي‬
‫مبن عىل مجرد الختة‬ ‫عقىل‪ ،‬وليس قياسا عىل ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫البشية‪.‬‬

‫والن تقرر بأن هذا الوجود ظهر‬ ‫❑ فالسببية كأحد أدلَّتنا ىلع الخالق سبحانه‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫ا‬
‫البشية‪ ،‬وإنما هو‬‫فجأة‪ ،‬فال بد له من ُموجد‪ ،‬هنا ال يعتمد هذا االستدالل عىل الختة ر‬
‫ِ‬
‫عقىل يستند إىل ن‬
‫الرصورات العقلية اليقينية األولية‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫مبدأ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫وإن كنا ال نرى نف االستدالل بالختة ر‬ ‫ْ‬
‫البشية قدحا‪ ،‬فكل علوم العالم َم ْبناها الختة‬ ‫ي‬ ‫❑‬
‫البشية‪.‬‬‫ر‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪440‬‬
‫أن يكون هناك سبب مادي أوجد الكون؛‬ ‫‪ -140‬ما المانع ْ‬
‫مثال على ذلك‪ :‬حضارة أخرى أو شيء آخر؟ لماذا اإلله األزلي تحدي ًدا؟‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫تقريبا‪ ،‬هذه القاعدة تقول‬ ‫ج‪ :‬هناك قاعدة أسس لها علماء اإلسالم منذ أكت من ألف ٍ‬
‫عام‬
‫ي يؤدي ن‬
‫بالرصورة إىل عدم وقوع األفعال"‪)٣٠6(.‬‬ ‫الفاعل ن‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫بأن‪" :‬التسلسل يف‬
‫ن‬ ‫الفاعلي‪ ،‬أي‪ :‬وجود ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف هذا السؤال عندنا حضارة‬
‫ي‬ ‫خالق‪،‬‬ ‫من‬ ‫أكت‬ ‫ف‬ ‫• التسلسل ي‬
‫أخرى‪ ،‬وحضارة سبقتها أنتجتها‪ ،‬وحضارة سبقتهم أنتجتهم وهكذا‪ ،‬فهذا تسلسل‬
‫نف الخالق نَ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫• هذا التسلسل يؤدي بالضرورة إلى عدم وقوع أفعال‪.‬‬
‫• عدم وقوع أفعال‪ ،‬أي‪ :‬عدم ظهور مخلوقات مثل‪ :‬الكون واإلنسان وغتهما‪.‬‬

‫‪‬‬

‫• فلو أن إحدى الحضارات يتوقف ظهورها عىل حضارة أخرى أنشأتها‪ ،‬والحضارة‬
‫األخرى يتوقف ظهورها عىل حضارة سابقة عليها أنشأتها وهكذا إىل ما ال نهاية‪،‬‬
‫الن تسبقهما‪ ،‬ولن يظهر الوجود‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الن تسبقها‪ ،‬وال ي‬‫فلن تظهر هذه الحضارة‪ ،‬وال ي‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬
‫وال ي‬
‫وبالتاىل لن تظهر أية‬
‫ي‬ ‫• ألن كل حضارة يتوقف ظهورها عىل حضارة سبقتها وهكذا‪،‬‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬
‫حضارة‪ ،‬ولن يظهر أي ي‬
‫ر‬
‫شء!‬‫أزىل أوجد كل ي‬ ‫• فال بد من خالق أول ي‬
‫النهاب‪ ،‬فلن توجد مخلوقات‪ ،‬وال خلق‪ ،‬وال موجودات؛‬ ‫ئ‬ ‫• فلو كان تسلسل‬
‫ي‬
‫ألن الفاعل سيتوقف وجوده عىل فاعل يسبقه‪ ،‬وسابقه يتوقف عىل سابق لهما‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫• فلو كان كل فاعل يتوقف ظهوره عىل غته فلن يظهر أي فاعل‪.‬‬
‫• فال بد من مبتدئ للخلق خالق ِ‬
‫موجد أول‪.‬‬
‫• فالموجودات ال بد لها من ِ‬
‫موجد أول خالق‪.‬‬
‫ْ‬
‫• إذن ال بد أن تتوقف السلسلة عند حد‪.‬‬
‫ر‬
‫• وهنا نجزم بالخالق األول الذي ال يسبقه ي‬
‫شء‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ظاهرة نقد الدين في الفلسفة الحديثة‪ ،‬د‪ .‬سلطان العميري‪ ،‬رسالة دكتوراه‪.‬‬ ‫(‪(306‬‬

‫‪441‬‬
‫‪ -141‬نحن نعرف القوانين التي تحكم الكون‪ ،‬ونعرف سبب الزالزل جي ًدا‪،‬‬
‫فلماذا نحتاج إلى الخالق طالما عرفنا القوانين؟‬
‫تكف لخلق الكون وظهوره‪ ،‬وقد اعتمد ستيفن هاوكنج‬ ‫القواني ن‬
‫ن‬ ‫يفتض الملحد أن‬ ‫ج‪ :‬ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫فافتض أن قانون الجاذبية ن‬ ‫عىل هذه المقدمة‪ ،‬ر‬
‫يكف لظهور الكون‪ ،‬كما أوضح ذلك يف‬ ‫ي‬
‫كتابه األخت "التصميم العظيم"‪.‬‬
‫ن‬ ‫• وقد ر‬
‫انتش تقرير هاوكنج يف الصحف العالمية‪ ،‬وتناقلته وسائل األنباء‪ ،‬وتداولته‬
‫المواقع الشعبية بكثافة!‬
‫وبغض النظر عن سقوط هذا الزعم ذاتيًّا بمجرد التفكير في مصدر قانون‬ ‫ِّ‬ ‫‪‬‬
‫ُّ‬
‫التدخل وإظهار األثر؟‬ ‫الجاذبية‪ ،‬أو مَ ن الذي َّ‬
‫قننه أو مَ ن الذي أعطاه صفة‬
‫• بغض النظر عن هذه البديهيات األولية‪ ،‬فإن قانون الجاذبية ال يؤدي إىل دحرجة‬
‫كرة البلياردو!‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الشء‪.‬‬ ‫شء بدون ظهور ي‬ ‫• فالقانون وحده عاجز عن أي ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• فقانون الجاذبية لن ينتج كرة بلياردو‪ ،‬وإنما فقط يحركها إذا ظهرت كرة البلياردو‪،‬‬
‫ورصبت بعصا البلياردو‪.‬‬ ‫نُ‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫طبيع‪.‬‬
‫ي‬ ‫لحدث‬ ‫وصف‬ ‫هو‬ ‫وإنما‬ ‫‪،‬‬ ‫مستقًل‬ ‫ا‬ ‫شيئ‬ ‫• فقانون الجاذبية ليس‬
‫ُ‬
‫• وقانون الجاذبية لن يحرك كرة البلياردو دون قوة تضغط عىل عصا البلياردو‬
‫ُ‬
‫وتحركها‪ ،‬فهنا فقط تتحرك كرة البلياردو‪ ،‬ويظهر أثر قانون الجاذبية‪.‬‬
‫يكف لخلق كرة البلياردو‪ ،‬وعصا‬ ‫يفتض أن وجود قانون الجاذبية ن‬ ‫• لكن الملحد ر‬
‫ي‬
‫البلياردو‪ ،‬ودحرجة الكرة!‬
‫‪‬أيهما أكثر قر بًا من العقل والمنطق‪ :‬الدين أم اإللحاد؟‬
‫الداخىل ن يف موتور السيارة لن تخلق موتور سيارة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫االحتاق‬‫ر‬ ‫ن‬
‫فقواني‬ ‫• وبالمثل‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫الداخىل إىل موتور السيارة‪ ،‬فإن الموتور أيضا لن يعمل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫االحتاق‬ ‫قواني‬ ‫• ولو أضفنا‬
‫االحتاق‪ ،‬وال بد قبل ذلك‬ ‫ر‬ ‫يعًط طاقة‪ ،‬وال بد من رشارة‬ ‫البتين الذي‬ ‫فال بد من ن ن‬
‫ي‬
‫الداخىل ويعمل الموتور‪.‬‬ ‫ر‬
‫االحتاق‬ ‫ن‬
‫قواني‬ ‫فحسب تظهر‬ ‫ُ‬ ‫من وجود الموتور‪ ،‬وهنا‬
‫ي‬
‫وشارة‬‫تكف لخلق الموتور‪ ،‬ر‬ ‫االحتاق الداخىل ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫قواني‬ ‫افتاض أن‬ ‫• فليس من العقل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫والبتين‪ ،‬والسائق‪ ،‬والطريق‪.‬‬ ‫نن‬ ‫ر‬
‫االحتاق‪،‬‬
‫ن ر‬
‫شء‪.‬‬ ‫تنتىم للعقل يف ي‬‫ي‬ ‫ه فكرة ال‬ ‫• ففكرة االكتفاء بالقانون لتفست ُ ظهور الكون ي‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫❑ثم إن هذه الفكرة لو ر‬
‫الفاعلي الذي رشحناه يف إجابة‬ ‫ن‬ ‫افتضناها ستدخلنا يف تسلسل‬
‫ً‬ ‫فمن الذي خلق هذا القانون‪َ ،‬‬ ‫السؤال السابق‪َ ،‬‬
‫ومن الذي أوجده‪ ،‬ولو زعموا أن قانونا آخر‬
‫الفاعلي الذي ن‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ ُ‬
‫يقض بعدم ظهور أي قانون أو أي‬ ‫ي‬ ‫تسلسل‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫هنا‬ ‫ل‬ ‫دخ‬ ‫أوجده سن‬
‫موجودات‪.‬‬

‫‪442‬‬
‫‪ -142‬لماذا ال ينطبق قانون السببية على الخالق؟‬
‫أو بصيغ ٍة أخرى‪َ :‬من الذي خلق الخالق؟‬

‫بديهي‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ج‪ :‬أولًا‪ :‬الخالق ال تنطبق عليه قوانين مخلوقاته‪ ،‬وهذا‬
‫• وإال لقلنا‪ :‬مَ ن الذي طبخ الطبَّاخ؟‬
‫َّ‬
‫الدهان؟‬ ‫• ومَ ن الذي َدهن‬
‫ن‬
‫قواني هو الذي‬ ‫موجد الزمان والمكان‪ ،‬فال تنطبق عليه‬
‫ِ‬ ‫البديه أنه‬ ‫❑ فالخالق من‬
‫ي‬
‫أوجدها سبحانه!‬

‫ش ْيء حادث له مُ حدث‪ ،‬هذا صحيح؛ لكن الخالق‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱐ‬


‫ثان ًيا‪ :‬كل َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ﱒ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾11‬سورة الشورى‪ .‬ﭐ‬
‫ﱑ ﱓ‬

‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬الخالق ليس حادث ‪-‬بل هو أزلي‪ -‬فكيف نقول‪َ :‬من الذي‬
‫خلقه؟‬
‫ن‬
‫رابعا‪ :‬ال بد أن يكون الخالق أزل ًّيا واجب الوجود‪ ،‬وإال لدخلنا يف مشكلة‬
‫ً‬
‫"التسلسل يف الفاعلين الذي يؤدي بالضرورة إلى عدم وقوع األفعال"‬
‫ر‬
‫‪ ‬وهذا ما شحناه قبل قليل بالتفصيل‪ ،‬فال بد أن يكون الخالق واجب وجود أول ي‬
‫أزىل‬
‫سبحانه‪.‬‬

‫‪‬ومن العجيب َّ‬


‫أن هذا السؤال‪" :‬مَ ن الذي خلق الخالق؟" قد تناوله‬
‫الملحد الشهير ريتشارد داوكينز في كتبه مرات عديدة‪ ،‬بل ربما هو أحد‬
‫أهم أسئلته على اإلطالق‪.‬‬
‫ر‬
‫‪ ‬مع أن هذا السؤال من أغن األسئلة ي‬
‫الن يمكن أن يطرحها إنسان‪ ،‬يقول الملحد‬
‫ن‬
‫اإلنجلتي مايكل روس ‪:Michael Ruse‬‬ ‫فيلسوف العلوم‬

‫)‪(307‬‬
‫‪Ashamed to be an atheist.‬‬
‫?‪Thus, like a first-year undergraduate happily go around asking loudly, what caused god‬‬
‫‪443‬‬
‫ن‬
‫ألفي بالنتيجا ‪ Alvin Plantinga‬وهو بالمناسبة‬ ‫األمريك الشهت‬ ‫‪ ‬يقول الفيلسوف‬
‫ي‬
‫أمريك معارص‪:‬‬
‫ي‬ ‫أشهر فيلسوف‬

‫نن‬ ‫ن‬ ‫‪‬ولذلك أ ر‬


‫داوكيت ينقل عن أحد‬ ‫لست مجراث ‪ Alister McGrath‬يف كتابه وهم‬
‫داوكيت قول ُه‪:‬‬
‫نن‬ ‫الملحدين زمالء‬

‫صبياب بامتياز؛ ألن هللا هو المُ سب ب األول واجب‬ ‫ن‬ ‫• فهذا سؤال‬
‫ي‬
‫الوجود الذي خلق كل شيء‪.‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫شء أو كانت له بداية‪ ،‬فنحن لن نكون موجودين لنطرح هذا‬ ‫• ولو أب هللا من ي‬
‫السؤال!‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫• ألن اإلله الذي له بداية سيحتاج موجدا‪ ،‬وهذا الموجد سيحتاج موجدا ثالثا‬
‫شء يسبقه‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫شء يتوقف وجوده عىل ي‬ ‫شء؛ ألن كل ي‬‫وبالتاىل لن يوجد أي ي‬
‫ي‬ ‫وهكذا‪،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫شء‪ ،‬ال خالق وال مخلوقات‪.‬‬ ‫شء له بداية‪ ،‬فلن يوجد أي ي‬ ‫• فإذا كان كل ي‬
‫المسلمي قالوا كما نقلت من ُ‬
‫قبل‪:‬‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬ولذلك علماء‬

‫❑ فإذا كان الخالق له بداية فلن نكون موجودين لنطرح هذه األسئلة‪ ،‬ولن يكون هناك‬
‫خالق وال مخلوق‪.‬‬

‫‪As though he had made some momentous philosophical discovery.‬‬


‫‪Dawkins et al bring us into disrepute.‬‬
‫‪(308) Much of the philosophy he purveys is at best jejune. You might say that some of his forays into‬‬

‫‪philosophy are at best sophomoric, but that would be unfair to sophomores; the fact is (grade inflation‬‬
‫‪aside), many of his arguments would receive a failing grade in a sophomore philosophy class.‬‬
‫‪The Dawkins Confusion.‬‬
‫‪(309) Don't judge the rest of us by this pseudointellectual drivel.‬‬

‫‪The Dawkins Delusion, p.51.‬‬


‫(‪ (310‬ظاهرة نقد الدين في الفلسفة الحديثة‪ ،‬د‪ .‬سلطان العميري‪.‬‬
‫‪444‬‬
‫‪ -143‬ما هو الفرق بين الثقافة والحضارة؟‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫‪‬الثقافة هي‪ُ :‬‬
‫والسلوك ألي أمة من األمم‪.‬‬
‫ي‬ ‫والمعرف‬
‫ي‬ ‫والدين‬
‫ي‬ ‫والقيىم‬
‫ي‬ ‫األخالف‬
‫ي‬ ‫المكون‬
‫ُ‬
‫فدينك وأخالقك وسلوكياتك هذه تسىم ثقافة‪.‬‬

‫العلىم‪ ،‬والمختت‪ ،‬والمصنع‪،‬‬


‫ي‬ ‫‪‬أما الحضارة فهي‪ :‬المعمل‪ ،‬والجامعة‪ ،‬والبحث‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫البنك‪ ،‬هذه تسىم حضارة‪.‬‬
‫ي‬ ‫والشكة‪ ،‬والحساب‬
‫• وال َعالقة عىل اإلطالق ن‬
‫بي الثقافة والحضارة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫ماديا‪.‬‬ ‫أخالقيا‪ ،‬لكنها فقتة‬ ‫• فمن الممكن أن تصت أمة من األمم عىل رأس الدنيا‬
‫وقد يكون العكس‪.‬‬
‫ر ٌ َُ‬ ‫ر‬
‫شء آخر!‬ ‫شء‪ ،‬والحضارة ي‬ ‫• فالثقافة ي‬
‫والحضارة فيها تقدم مع الزمن‪.‬‬
‫عرص حجري‪ ،‬وعرص ذري‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إذ للحضارة‬

‫❑فهناك‪ :‬العرص الحجري‪ ،‬ثم العرص التونزي‪ ،‬ثم العرص الحديدي‪ ،‬ثم العرص الذري‪،‬‬
‫ونحن اليوم ن يف العرص ما بعد الذري‪.‬‬

‫• فهناك ن يف الحضارة تقدم‪.‬‬


‫لكن الثقافة ليس فيها تقدم عىل اإلطالق!‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫• فنحن مثًل منته أملنا أن نست عىل خًط السلف الصالح‪ ،‬الذين ماتوا من مئات‬
‫ن‬
‫السني‪.‬‬
‫ًّ‬
‫وقيميا‪ ،‬وال يرتبط هذا بزمن‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫ودينيا‬ ‫ًّ‬
‫أخالقيا‬ ‫• فالتقدم نف الثقافة أن ر‬
‫ترتف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ولذلك قد تكون أمة يف مجاهل إفريقيا أكت تقدما ثقافيا من عواصم أوروبا‪.‬‬
‫ً‬
‫ملموسا‪.‬‬ ‫ً‬
‫تقدما‬ ‫والغرب اليوم يعيش عىل المستوى الحضاري‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الثقاف يعيش الجاهلية األوىل نفسها‪ ،‬بكل تفسخها‬ ‫ي‬ ‫المستوى‬ ‫عىل‬ ‫المقابل‬ ‫• لكنه ي‬
‫ف‬
‫وانحاللها وانحطاطها‪.‬‬
‫‪ -‬فقد ظهر فيهم التتج‪ ،‬والزنا‪ ،‬والفواحش العلنية‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ -‬وعاد الوأد مرة أخرى‪.‬‬
‫األجنة التي تُقتل كل يوم؛ ألنها نتاج عالقات خارج دائرة الزواج‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ ‬وصارت لدينا أكوام من‬
‫منحطة من تاريخ الثقافة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ ‬فالغرب يعيش اليوم عىل المستوى الثقافي مرحلة‬
‫‪ ‬لقد انهارت األسرة في الغرب تقريبًا‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫ن‬ ‫أكت من نصف األطفال نف الغرب من خارج دائرة الزواج‪ ،‬كما ر‬ ‫• وأصبح ر‬
‫أشت يف تقرير‬ ‫ي‬
‫سابق‪.‬‬
‫ْ‬
‫• أما عن معدالت االغتصاب فحدث‬
‫وال حرج‪ :‬فكلما انحطت الثقافة‬
‫وزادت اإلباحية والمجون‪،‬‬
‫ارتفعت معدالت االغتصاب‪.‬‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫فأكت دول العالم إباحية‬ ‫• ولذلك‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ه أعالها يف معدالت‬ ‫ومجونا ي‬
‫االغتصاب!‬
‫ن‬
‫• ولذلك فأعىل ست دول يف معدالت‬
‫ًّ‬
‫عالميا أغلبها دول‬ ‫االغتصاب‬
‫غربية‪.‬‬
‫ن‬
‫ثقاف‪ ،‬بل إن‬
‫الغرب المادي الحضاري لم يكن معه عىل اإلطالق أي تقدم ي‬
‫ي‬ ‫❑ فهذا التقدم‬
‫الغرب نف الواقع ف أحط مستويات الثقافة عت تاري خ ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الثقاف ألمة من األمم ال َعالقة له بالمستوى الحضاري‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫❑ فالمستوى‬

‫معا كما حدث ن يف وقت الحضارة اإلسالمية‪.‬‬‫• وقد يحصل تقدم نف كال األمرين ً‬
‫ُّ ي‬
‫ن‬
‫• وقد يحصل تخلف يف األمرين معها كبعض الدول الليتالية اإلفريقية مثل‪ :‬ليبتيا‪.‬‬
‫‪446‬‬
‫وىلع قدر ما نخرت فينا مفاسد الثقافة الغربية‪ ،‬إال أنَّ بالد املسلمين مازالت ىلع‬
‫التوحيد النقي‪ ...‬التوحيد الذي أتى به األنبياء‪ ،‬ومازالت بالد املسلمين أقل مجتمعات‬
‫العالم تعاطيًا للمسكرات‪ ،‬وارتكابًا لفاحشة الزنا‪.‬‬

‫‪ ‬وما زالت البالد اإلسالمية بها أقل معدالت يف انتشار اإليدز بال‬
‫منازع‪ ،‬بفضل الله‪.‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫وبينما كانت ألمانيا تجسد أعىل مستوى حضارة يف زمن هتلر‪ ،‬وكان األلمان يقومون‬
‫بحساب الطاقة المطلوبة إللحاق األرض بأقرب نجم بعد نفاد طاقة الشمس‪ ،‬لكن ألمانيا‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الثقاف كانت ن‬ ‫ن‬
‫تجت إبادة‬ ‫أدب ثقافة عىل وجه األرض‪ ،‬فكانت‬ ‫ي‬ ‫يف المقابل عىل المستوى‬
‫البش‪.subhuman‬‬ ‫بشا أو نف درجة أقل من ر‬
‫بشية بأكملها باعتبار أهلها ليسوا ر ً‬
‫أمم ر‬
‫ي‬

‫‪447‬‬
‫ر ن‬ ‫ر ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫• وأبيد عىل يد األلمان عشات الماليي من البش يف الحرب العالمية الثانية‬
‫المجنونة‪.‬‬
‫بي الحضارة والثقافة‪.‬‬ ‫• فال َعالقة ن‬
‫ً ُ‬ ‫ن‬
‫العلىم‬
‫ي‬ ‫م‬‫والتقد‬ ‫الغربية‪،‬‬ ‫بالحضارة‬ ‫ك‬ ‫غريان‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫دائم‬ ‫والعلماب‬
‫ي‬ ‫• المشكلة أن الملحد‬
‫ن‬
‫والعلماب‬ ‫الن يلعبها الملحد‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫التقن‪ ،‬ومع أننا حريصون عىل أن نتقدم‪ ،‬لكن اللعبة ي‬ ‫ي‬
‫غريانك بهذا التقدم الحضاري؛ ليقدما لك الثقافة الغربية باليد األخرى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أنهما ي ِ‬
‫بي الثقافة والحضارة‪.‬‬ ‫• لعبة خبيثة‪ ،‬فال َعالقة ن‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫حضاريا‪ ،‬لكن بما يخدم ديننا‪.‬‬ ‫نتمن أن نتقدم‬ ‫• فنحن‬
‫ًّ‬
‫حضاريا بما يحافظ عىل عودتنا لمنهج سلفنا الصالح‪.‬‬ ‫• نتقدم‬

‫❑‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪448‬‬
‫‪ -144‬هل في اإلسالم جواب لألسئلة التي حارت العقول في اإلجابة عنها‪:‬‬
‫ِمن أين جئنا؟ ولماذا نحن هنا في هذا العالم؟ وإلى أين المصير؟‬

‫ج‪ :‬اإلسالم أجاب عن كل هذه األسئلة في آية واحدة‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫من القرآن الكريم‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪:‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﱠ ﴿‪ ﴾22‬سورة‬

‫يس‪.‬‬

‫خلقن (ﲣ ﲤ)‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫• من أين جئت؟ هللا‬

‫• وإىل أين أنا ذاهب؟ سوف أذهب إىل هللا؛ ألحاسب عىل‬

‫عمىل (ﲥﲦ)‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫• لماذا جئت إىل هذا العالم؟ لعبادة هللا وألختت‪.‬‬
‫بي‬ ‫فطرب‪ ،‬فهذه طبيعة َ‬
‫العالقة ن‬ ‫ن‬ ‫الطبيع أن أعبد هللا الذي‬ ‫• لماذا أعبد هللا؟ من‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يعبد العبد ربه وخالقه ( َو َما ِ ي َىل ًل أ ْع ُبد ال ِذي ف َط َر ِ ن يب)‪.‬‬
‫أن ُ‬ ‫العبد وربه‪...‬‬

‫آية واحدة جمعت جواب أهم ثالثة أسئلة يحار فيها البشر‬
‫ﭐﱡﭐﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﱠ ﴿‪ ﴾22‬سورة يس‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪449‬‬
‫‪ -145‬كيف نشأ العلم التجريبي؟‬
‫ن‬
‫كالفتياء والكيمياء واألحياء بسبب اإليمان باهلل‪.‬‬ ‫التجرين‬ ‫ج‪ :‬نشأ العلم‬
‫ي‬
‫ُ َّ‬ ‫ا‬
‫ٌ‬
‫تصميم‪ ،‬فبدأ‬ ‫ومنظم وفيه‬ ‫‪ ‬فنتيجة لإليمان باهلل آمن الناس بأن هذا العالم ُمرتب‬
‫التجرين‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الناس ينظرون يف تصميم العالم وقوانينه‪ ،‬فظهر العلم‬

‫‪‬‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫بقواني متقنة‬ ‫❑ وطالما أن العالم قد خلقه هللا‪ ،‬فال بد أن يكون هذا العالم ممتلئا‬
‫القواني ر‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫الن‬
‫ي‬ ‫هذه‬ ‫استيعاب‬ ‫يمكننا‬ ‫إذن‬ ‫عجيبة تحكمه‪ ،‬وطالما أننا مخلوقون مكلفون‪،‬‬
‫للقواني ريتتب عليه اإلقرار ببديع الخلق وعجيب‬ ‫ن‬ ‫خلقها هللا؛ ألن هذا االستيعاب‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫القواني والنظم العجيبة يف الكون‪ ،‬ومن هنا بدأ البحث يف‬ ‫الصنع‪ ...‬فتوقع الناس وجود‬
‫التجرين‪.‬‬
‫ي‬ ‫العالم فظهر العلم‬
‫بيت ن ن‬
‫أتكت ‪ Peter Atkins‬الملحد المعارص وأستاذ الكيمياء‬ ‫‪ ‬ولذلك يقرر ر‬
‫بجامعة أوكسفورد أن‪:‬‬

‫التجرين وضعها رجال الدين عت التاري خ‪ ،‬فجابر‬


‫ي‬ ‫❑ وأصول العلم‬
‫ئ‬ ‫ن‬
‫بن حيان المولود يف آخر زمن الصحابة الملقب ب ‪:‬‬
‫الكيمياب األول‪،‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫العلىم‪ ،‬وله يف‬ ‫البحث‬ ‫ف‬ ‫التجرين‬ ‫المنهج‬ ‫سس‬ ‫أ‬ ‫وواضع‬
‫ي‬ ‫ي ي ً‬ ‫ن‬
‫الكيمياء ما ألرسطو يف المنطق‪ ،‬وطبقا لفرانسيس بيكون فهو‬
‫َّ‬
‫"أول من َعلم ِعلم الكيمياء"‪.‬‬

‫❑ وهو أول من اكتشف األحماض والقلويات‪ ،‬وأطلق عليها هذا االسم‬


‫الذي ما زالت ُتعرف به نف الغرب ر‬
‫والشق ‪.Alkali‬‬ ‫ي‬
‫❑ جابر بن حيان هذا كان من أصحاب اإلمام جعفر الصادق ‪-‬رحمه هللا‪ -‬وكان در ً‬
‫اسا‬
‫للقرآن الكريم‪.‬‬

‫❑ وكل علماء التجريب ومؤسسو العلوم التجريبية المعارصة كانوا أتباع رشائع سماوية‪.‬‬

‫)‪(311‬‬ ‫‪The limitless power of science, John Cornwell, Oxford University Press, 1995, p.125.‬‬
‫‪450‬‬
‫❑‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫• وه ر‬


‫القواني وثباتها‪ ،‬وأن لها‬ ‫الن تعطينا الثقة يف الرصد‪ ،‬وتعطينا الثقة يف صحة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫معن وغاية‪.‬‬
‫• فالكون ليس خبط فروض عشوائية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫• فما كان للعلم ن‬
‫معن إال ألن هناك قانونا يف الطبيعة‪ ،‬وآمن الناس مسبقا بوجود هذا‬
‫شع للقانون‪.‬‬ ‫القانون؛ ألنهم آمنوا بوجود ُم ر ا‬
‫ن‬
‫ومعن الوجود‪.‬‬ ‫• وآمنوا بغائية‬
‫• وآمنوا بطبيعة الوجود‪ ،‬وأنه وجود مخلوق بإحكام‪.‬‬
‫• لوال هذه المقدمات لما كان هناك علم ولما عرف الناس ن‬
‫معن العلم وال حقيقته‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫كاف لجواب كل سؤال؟‬


‫‪ -146‬هل العلم التجريبي ٍ‬
‫ج‪ :‬كال‪.‬‬

‫التجرين يجيد جواب األسئلة الدنيوية‪ ...‬يج يد توفت‬


‫ي‬ ‫❑ فالعلم‬
‫ًّ‬
‫ما نحتاج إليه ماديا كالدواء والطائرة والقطار‪.‬‬

‫التجرين جوابه‪.‬‬
‫ي‬ ‫❑ لكن أهم ما يشغل اإلنسان ال يملك العلم‬

‫‪ ‬فالعلم التجريبي ال يعرف جواب سؤال‪ :‬لماذا نحن‬


‫هنا؟ ماذا بعد الموت؟ لماذا يجب أن نكون على أخالق؟‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫جوابها فقط داخل ميدان اإليمان باهلل‪.‬‬ ‫❑ هذه أسئلة‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫التجرين المعارص يف قمة تقنيته اليوم‪ ،‬ال يقدم شيئا‬
‫ي‬ ‫❑ فالعلم‬
‫لروح اإلنسان‪.‬‬
‫‪‬فالعلم التجريبي هو فقط جواب لسؤال‪ :‬كيف؟‬
‫• كيف نأكل؟‬
‫• كيف نسافر؟‬
‫• كيف نتداوى؟‬
‫‪451‬‬
‫التجرين هو‪ :‬جواب ألسئلة أرضية‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬العلم‬
‫ًّ‬ ‫َّ ن‬
‫ماديا‪.‬‬ ‫❑ وقد سخره هللا عز وجل؛ لنستغله يف جواب ما نحتاج‬
‫‪ ‬بينما في المقابل سؤال لماذا‪:‬‬
‫‪ ‬لماذا نحن هنا في هذا العالم؟‬
‫‪ ‬لماذا هناك قيم أخالقية؟‬
‫ِ‬
‫‪ ‬ما هو المعنى؟‬
‫‪ ‬ما هي الغاية؟‬
‫‪ ‬ما هو المصير؟‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫الن تشغل كل إنسان‪ ،‬هذه األسئلة ال عالقة‬ ‫وه ي‬‫• هذه أهم أسئلة عىل اإلطالق‪ ،‬ي‬
‫للعلم بها‪.‬‬
‫• كذلك كما قلت األسئلة الوجودية الكتى ال يجيب عنها العلم‪.‬‬
‫• أهم ما يشغل اإلنسان ن‬
‫يعاب العلم أمامه الخرس التام‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ ‬يقول أبو ميكانيك الكم رشودنجر الحائز عىل نوبل نف ن‬
‫فتياء الكم‪:‬‬ ‫ي‬

‫التجرين وحده ال يمكن أن ينقذنا‪.‬‬


‫ي‬ ‫• فالعلم‬
‫ُ‬
‫• ولذلك عندما سئل الملحد هايدجر مؤسس الفلسفة الوجودية‪:‬‬

‫‪ ‬هل يمكن للعلم أن ينقذنا مما نحن فيه؟ هل للعلم‬


‫أن ينقذنا من الضياع اإلنساني والشعور بالالمعنى‬
‫والعبثية والعدمية؟‬
‫ا‬
‫‪ ‬فأجاب هايدجر قائًل‪:‬‬
‫‪Only God Can Save Us‬‬

‫)‪(312‬‬ ‫‪I am very astonished that the scientific picture of the real world around me is deficient, it is ghastly‬‬
‫‪silent about all and sundry that is really near to our heart, that really matters to us. It cannot tell us a‬‬
‫‪word about red and blue, bitter and sweet, physical pain and physical delight; it knows nothing of‬‬
‫‪beautiful and ugly, good or bad, God and eternity. Science sometimes pretends to answer questions in‬‬
‫‪these domains, but the answers are very often so silly that we are not inclined to take them seriously.‬‬
‫‪Nature and the Greeks, Schrödinger.‬‬
‫‪(313) Only God Can Save Us, Heidegger, The Man and The Thinker, p.45.‬‬

‫‪452‬‬
‫‪ -147‬ما معنى اإلنسان؟‬
‫ج‪ :‬اإلنسان هو كائن مخلوق هلل‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٥6‬سورة الذاريات‪.‬‬

‫معن وجودك‪ ،‬وال غاية وجودك إال بعبادة‬ ‫• فأنت ال تعرف ن‬


‫هللا عز وجل‪.‬‬
‫معن وجوده‪،‬‬ ‫ن‬ ‫• ولذلك لو كفر اإلنسان باهلل فلن يعرف‬
‫والالمعن والعبث التام‪ :‬ﭐﱡﭐﳂﳃﳄﳅ‬
‫ن‬ ‫ُ ن‬
‫عاب من الشعور بالضياع‬
‫وسي ي‬
‫ﳆﳇﳈﳉﱠ﴿‪ ﴾124‬سورة طه‪.‬‬

‫• وسيشعر اإلنسان بأنه بال قيمة يف هذا العالم؛ لذلك قال هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﱶﱷ‬
‫ن‬

‫ﱾﱠ ﴿‪ ﴾1٣٠‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ﱿ‬ ‫ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ‬


‫َ‬
‫وح هللا ‪-‬عز وجل‪َ -‬س ِفه نفسه‪ ،‬ولم يعرف قدرها‪.‬‬ ‫• فإذا ابتعد اإلنسان عن ي‬
‫• فاإلنسان ال يعرف مكانه ن يف العالم وقيمته يف الوجود إال بعبوديته هلل‪.‬‬
‫ن‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪453‬‬
‫‪ -148‬ما هو شكل العالم بدون اإليمان باهلل؟‬
‫ج‪ :‬بدون اإليمان باهلل سيصبح اإلنسان ‪:‬‬
‫•‬
‫•‬
‫•‬

‫ن‬
‫‪ ‬ألن هذه المعاني ال وجود لها في العالم المادي‪ ،‬وال يف عالم الحيوانات‪ ،‬فأنت إذا‬
‫ن‬
‫معاب‬ ‫معاب الخت ر‬
‫والش‪ ،‬وال‬ ‫ن‬ ‫نظرت إىل الحائط الذي خلفك‪ :‬هذا الحائط ال يعرف‬
‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ي‬
‫الصواب والخطأ‪ ،‬وكذلك الحيوانات ال تعرف هذه األمور‪ ،‬وكذلك مخك يتشكل من‬
‫َّ‬
‫يتشكل منها العالم من حولك‪ ،‬فما الذي ُي ا ن‬ ‫ر‬
‫متك عن الحائط وعن‬ ‫الن‬
‫الذرات نفسها ي‬
‫الحيوان؟‬

‫‪ ‬ربما ستقول‪ :‬يميزني العقل؟‬


‫ن‬ ‫ن‬
‫• لكن ال وجود للعقل يف العالم المادي‪ ،‬وال يوجد عضو يف الجسم اسمه العقل كما‬
‫فصلت قبل ذلك‪.‬‬
‫ْ‬
‫• إذن لن تستطيع الدفاع عن العقل‪ ،‬وال عن القيم‪ ،‬وال عن العدل أو الخت أو األخالق‬
‫ا‬
‫من خالل النظرة المادية للعالم‪ ،‬وستكون أنت نفسك عبارة عن ذرات ملتحمة‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫نا‬
‫تنتىم‬
‫ي‬ ‫وال‬ ‫المادي‪،‬‬ ‫العالم‬ ‫هذا‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫توجد‬ ‫ال‬ ‫والعقل‬ ‫والقيم‬ ‫األخالق‬ ‫فمعاب‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬‫معن‬ ‫بال‬
‫تنتىم فقط إىل عالم‬
‫ي‬ ‫إىل عالم الطبيعة أو عالم الذرات أو عالم الحيوانات‪ ،‬وإنما‬
‫الوح‪ ،‬وعالم الدين‪ ،‬فلو ابتعد اإلنسان عن الدين وأنكر‬ ‫ي‬ ‫اإلله‪ ،‬وعالم‬
‫ي‬ ‫التكليف‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬سيعيش أشبه فعليا بالحيوانات‪ ،‬بل والجمادات يف كل سلوكياته؛‬
‫ولذلك قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍ‬

‫ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱟ‬

‫ﱠﱡ ﱠ ﴿‪ ﴾17٩‬سورة األعراف‪.‬‬

‫• ﭐفال يعرف اإلنسان معنى التكليف‪ ،‬وال معنى العقل‪ ،‬تلك األمور التي يشعر‬
‫بها يف داخله‪ ،‬إال إذا كان يؤمن بالله واألنبياء والكتب واليوم اآلخر‪.‬‬
‫• لذلك فاإليمان بالله هو ضرورة؛ لتعرف معنى وجودك‪ ،‬وتعرف غاية حياتك‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪454‬‬
‫‪ -149‬هل تسبب الدين في الحروب الدينية التي سادت األرض في فترة من‬
‫الفترات؟‬
‫ج‪ :‬عاشت البشرية مع شرائع التوحيد آالف السنين‪ ،‬ومع الشرائع‬
‫خطرا ر ً‬
‫مباشا عىل‬ ‫ً‬ ‫اإلبراهيمية الثالث الكبرى أربعة آالف سنة‪ ،‬ولم يمثل الدين‬
‫الجنس ر‬
‫البشي‪،‬‬
‫ن‬
‫ات أصيلة‪ ،‬بل يمكن أن نزعم أن كل خت يف األرض‬ ‫‪ ،‬وأسس لحضار ٍ‬
‫فهو من آثار تلك النبوات!‬
‫وفوق كل هذا وذاك وضع الدين األساس‬ ‫ن‬ ‫• فقد أ نراح الدين المحاكم من آالف القضايا‪،‬‬
‫اإلنساب عىل األرض!‬
‫ي‬ ‫والقيىم لغاية الوجود‬
‫ري‬ ‫والسلوك‬
‫ي‬ ‫المعرف‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫الن احتضنت الشائع التوحيدية ما زالت إىل اليوم تملك تن وعا ثقافيا أبف‬ ‫والدول‬ ‫•‬
‫المخالفي لهم‪ ،‬ووفر لهم سقف حماية بموجب ر‬
‫الشائع التوحيدية ذاتها‪.‬‬ ‫ي ن‬ ‫عىل‬
‫ً‬
‫واحدا ر‬
‫اقتبت فيه بعض الدول من اإللحاد كانت ر‬ ‫ً‬ ‫نف ن‬
‫البشية كلها عىل شفت هالك!‬ ‫حي أن قرنا‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫❑ ثم يأتي اآلن المالحدة ويحدثوننا عن خطر الدين على البشرية!‬
‫‪ ‬لم يعرف التاريخ البشري منهجً ا أخطر من اإللحاد‪:‬‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ليني‪.‬‬ ‫السوفين السابق عىل يد الملحد‬
‫ي‬ ‫االتحاد‬ ‫ف‬‫• فلم تكن مذابح الكوالج ي‬
‫البش عىل يد‬ ‫• وإبادة أعراق بأكملها نف ألمانيا النازية‪ ،‬وتفري غ رب ع سكان كمبوديا من ر‬
‫ي‬
‫الملحد بول بوت‪.Pol Pot‬‬
‫ن ن‬ ‫ْ‬
‫تش تونج ‪.Mao Zedong‬‬ ‫صين يف الثورة الثقافية الكتى عىل يد الملحد ماو ي‬ ‫ي‬ ‫• وقتل ‪ ٥2‬مليون‬
‫ن‬
‫• وظهور رابطة الملحدين العسكرية ‪ League of Militant Atheists‬يف أوروبا‪،‬‬
‫وقتلت ر‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ر‬
‫عشات‬ ‫رسميا ‪ 42‬ألف مؤسسة دينية ‪-‬كنائس ومساجد‪-‬‬ ‫والن أغلقت‬
‫ي‬
‫المتديني‪ ،‬إال إفرازات إلحادية‪ ،‬ونتائج طبيعية لظهور اإللحاد‪)314( .‬‬ ‫ن‬ ‫اآلالف من‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العالميتي األوىل والثانية كانتا حروبا علمانية ‪ -‬علمانية‪ ،‬تحكمهما‬‫ِ‬ ‫الحربي‬
‫ِ‬ ‫• بل إن‬
‫ن‬
‫السع نحو تصفية األعراق األدب‪،‬‬ ‫ر‬
‫البشية‪ ،‬وأفكار‬ ‫تصورات إلحادية لألجناس‬
‫ي‬
‫فكانت النتيجة إبادة قرابة ‪ %5‬من سكان العالم‪ ،‬وأرجعت الحروب‬
‫ُُ‬ ‫ا‬
‫العالمية كًل من المنترص والمهزوم ثلث قرن إىل الوراء‪ ،‬وقام الفالسفة بوضع مبولة‬
‫ا‬
‫ن يف وسط باريس كناية عن نهاية الحضارة‪.‬‬
‫وخلفت المعارك اإللحادية ترسانات من األسلحة النووية ن‬ ‫َّ‬
‫تكف إلبادة‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ات عديدة‪.‬‬ ‫الجنس ر‬
‫البشي كله مر ٍ‬
‫ُ‬ ‫• إن قراءة بسيطة لحروب القرن ر‬
‫العشين تظهر مدى بؤس اإللحاد‪.‬‬
‫ن‬ ‫خلف اإللحاد وراءه فكرة أن زوال الجنس ر‬ ‫َّ‬
‫ه فكرة‬ ‫ي‬ ‫قادمة‬ ‫كة‬‫معر‬ ‫أية‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬‫البش‬ ‫• فقد‬
‫قائمة‪ ،‬وهذا هو اإلفراز اإللحادي المتوقع‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪(314‬‬ ‫‪https://en.wikipedia.org/wiki/League_of_Militant_Atheists‬‬
‫‪455‬‬
‫‪ -150‬هل اإليمان بالنسبية المعرفية موقف علمي؟‬

‫ه موقف شبيه ب ‪":‬مفارقة كريت"‪.‬‬


‫ج‪ :‬النسبية المعرفية ي‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫كذب‪.‬‬ ‫شخصا من جزيرة كريت قال‪ :‬كل ما يقوله الكريتيون‬ ‫ومعن هذه المفارقة أن‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫• فهذا الشخص إما أنه كذاب ويفتي كذبا عىل أهل كريت‪ ،‬وإما أن كل ما يقوله‬
‫ً‬
‫الكريتيون كذب بالفعل‪ ،‬وبما أن هذا الشخص من كريت فهو أيضا كاذب‪.‬‬
‫• نفس هذه المفارقة يقع فيها المؤمنون بالنسبية المعرفية‪.‬‬
‫ً‬
‫إيمانا ًّ‬
‫تاما بالنسبية المعرفية‪.‬‬ ‫• يقول‪ :‬أنا أؤمن‬

‫‪ ‬هذه النسبية المعرفية إما أن تكون باطلة وخطأ‪ ،‬وبالتالي فكيف تؤمن‬
‫بالباطل؟‬
‫ن‬
‫• وإما أن تكون هذه النسبية المعرفية صحيحة‪ ،‬ولو كانت صحيحة فهذا ي‬
‫يعن أنها‬
‫ليست صحيحة؛ ألنها نسبية‪ ،‬وال يحق لها أن تصف نفسها بالصحة‪.‬‬
‫يعن أنها ليست نسبية‪ ،‬وإنما‬‫• فإذا َو َص َفت النسبية المعرفية نفسها بالصحة فهذا ن‬
‫ي‬
‫َت ْز ُعم امتالك الحق المطلق‪ ،‬وهذا عىل العكس ً‬
‫تماما من مفهوم النسبية المعرفية‪،‬‬
‫وبالتاىل فالنسبية ستعود عىل نفسها بالبطالن‪.‬‬
‫ي‬
‫• فعندما نفكك قول القائل‪" :‬أنا أؤمن بالنسبية المعرفية"‪ ،‬نجد أنه قول متناقض ًّ‬
‫ذاتيا‪.‬‬
‫ر‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬
‫شء‬ ‫• فهو شبيه بقول من يقول‪" :‬الحق المطلق ي‬
‫ه أنه ال يوجد حق مطلق‪ ،‬وأن كل ي‬
‫ُ‬
‫نسن"‪ ،‬فإذا كانت هذه الجملة صحيحة فإنها غت حقيقية‪ ،‬وليست بحق مطلق‪،‬‬ ‫ي‬
‫وبالتاىل ليس من الحكمة أن تؤمن أنه ال يوجد حق مطلق!‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫لك ينكر وجود أي حقيقة‪.‬‬ ‫• فالنسبية المعرفية منهج ي‬
‫ذاب الهدم يفتض بعض الحقيقة؛ ي‬
‫ف هللا سبحانه وتعاىل الذين يقعون يف النسبية بأنهم يلعبون‪ :‬ﱡﭐﱽﱾ‬
‫ن‬ ‫• ولذلك َ‬
‫وص َ‬

‫ﱿﲀﲁﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة الدخان‪.‬‬

‫‪‬فالنسبية تحمل التناقض الذاتي‪.‬‬

‫• فمن يؤمن بحقيقة أنه ال توجد حقيقة‪.‬‬


‫• فهذا يعني أنَّ ما يقول ليس حقيقة‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫ن‬
‫• ولذلك أوجستينوس كانت له كلمة مهمة يف بيان تهافت النسبية المعرفية فقد كان‬
‫يقول‪:‬‬

‫‪‬فكيف يقول‪ :‬إنه ال توجد حقيقة؟‬

‫عبن‪ ،‬وال يعيش إنسان ويموت تحت هذا‬ ‫• مشكلة النسبية المعرفية أنها موقف ر‬
‫ي‬
‫"نسن" إال لو باع عقله قبل ذلك‪ ،‬فموقف النسبية المعرفية ُمخالف‬
‫ي‬ ‫المسىم‬
‫للطبيعة ر‬
‫البشية‪.‬‬
‫حصل تقدم نف حياة ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫• فلو كانت النسبية حالة مريحة لما َ‬
‫ي‬
‫ه الوصول‬ ‫المركبة نف ر‬
‫البش‬ ‫• فبما أنه يوجد تقدم نف حياة ر‬
‫البش‪ ،‬إذن البديهة ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫للحقائق واالستقرار عليها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪457‬‬
‫‪ -151‬هل اهلل ُي ِض ُّل َمن يشاء؟‬
‫ﲋ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾8‬سورة فاطر‪.‬‬
‫ج‪ :‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊ ﲌ‬

‫‪ ‬فهنا الملحد يتساءل‪ :‬هل هذا يعني أن اإلنسان غير مسؤول عن‬
‫قراراته؟‬

‫‪ ‬والجواب ببساطة‪:‬‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫• ر‬
‫سلطاب‪ ،‬فأنا أعاقب‬
‫ي‬ ‫عىل‬ ‫يخرج‬ ‫أن‬ ‫يستطيع‬ ‫أحد‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫قالت‬ ‫قوية‬ ‫حكومة‬ ‫لنفتض أن‬
‫نئ‬
‫وأكاف من أشاء‪.‬‬ ‫من أشاء‪،‬‬
‫ئن‬ ‫ن‬
‫• لكن يف الوقت نفسه أنا حكومة عادلة! ال أعاقب إال من يستحق العقوبة‪ ،‬وأكاف‬
‫من يستحق المكافأة‪.‬‬

‫‪ ‬فهل هناك ت عارض بين القولين؟‬


‫ً‬
‫• ال إطالقا‪.‬‬
‫• وهلل المثل األعىل‪.‬‬
‫َ‬
‫ألحد عليها‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫• فاهلل يهدي من يشاء‪ ،‬ويضل من يشاء؛ ألن مشيئته نافذة‪ ،‬ال سلطان‬
‫فهو قوي عزيز سبحانه‪.‬‬
‫• لكن ن يف الوقت نفسه مشيئة اهلل عادلة‪.‬‬
‫• فهو سبحانه ُيضل من يستحق الضالل‪ ،‬وي هدي من يريد الهداية‪)٣1٥(.‬‬

‫ْ‬
‫واقرأها كاملة بتأمُّ ل‪:‬‬ ‫ولذلك ارج ْع لآلية‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ﲑﲓﲔﲕﲖ‬
‫ﲒ‬ ‫ﲋﲍﲎﲏ ﲐ‬ ‫ﲌ‬ ‫ﭐ‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬

‫ﲗﱠ ﴿‪ ﴾8‬سورة فاطر‪.‬‬


‫َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫الل َه َعل ٌ‬
‫ٌ‬
‫عليم بمن يريد الهداية‪ ،‬ومن يريد الضالل‪.‬‬ ‫يم ِب َما ي ْصن ُعون‪ :‬فاهلل‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ‬إن‬
‫ُ‬
‫• فمن يسع للضالل تيش له أسبابه‪ ،‬ومن يسع للهداية ُيوفق لها‪.‬‬
‫ﲈﲊﲋﲌﱠ ﴿‪ ﴾٥6‬سورة القصص‪.‬‬
‫ﲉ‬ ‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲄﲅﲆﲇ‬
‫• فهو سبحانه أعلم بمن يريد الهداية‪.‬‬
‫‪ ‬ﱡﭐﳀﳁﳂﳃﳄﳅﱠ ﴿‪ ﴾17‬سورة محمد‪.‬‬

‫)‪ (315‬التوحيد‪ ،‬عبد المجيد الزنداني‪.‬‬


‫‪458‬‬
‫ُ‬
‫يزيده ُ‬
‫هللا منها‪ ،‬وي هديه بسبب إيمانه‪ ،‬وحرصه عىل الهداية‪.‬‬ ‫❑ فمن يريد الهداية‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة يونس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• أما يف الجهة المقابلة فمن يريد الضالل والغواية والكفر واإللحاد‪ ،‬فستيش له‬
‫أسباب الضالل والكفر واإللحاد‪ :‬ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬
‫ﳀﳁﱠ﴿‪ ﴾٥‬سورة الصف‪.‬‬
‫• ُتيش أسباب الضالل لمن ن‬
‫يبتع الكفر‪.‬‬
‫ي‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱠ ﴿‪ ﴾٣6‬سورة الزخرف‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫َ‬
‫• إذا ابتعد اإلنسان عن هللا تهيأ له شيطان فهو له قرين‪ ،‬واإلنسان إذا أتاه الشيطان‬
‫ن يف كل خطوة شق عليه اإلقالع عن الكفر‪.‬‬
‫• فهذا الضالل بما كسبت يداه‪.‬‬
‫ﱍﱏﱐﱑﱒﱓ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٥٥‬سورة النساء‪.‬‬
‫ﱎ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱋﱌ‬

‫• فبسبب ضاللهم وكفرهم طبع هللا عىل قلوب هم!‬


‫ن‬
‫‪ ‬فحال من يريد الضالل كحال المدمن تما ًما‪ ،‬فهو‪ :‬يف أول إدمانه يكون بكامل إرادته‪،‬‬
‫ً‬
‫مطبوعا عىل هذا المخدر ال يستطيع اإلقالع عنه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫لكن بعد قليل تضعف اإلرادة ويصبح‬
‫ن‬
‫• فالذي يريد الكفر يكون بكامل إرادته يف بحثه عن أماكن الكفر واالستماع للملحدين‪،‬‬
‫ً‬ ‫مستسلما ً‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫منقادا لكفره‪.‬‬ ‫تماما‬ ‫لكن بعد أن يتعلق بالكفر تضعف إرادته‪ ،‬ويصبح‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• ومع أن َمن يريد الكفر يصاب بالعدمية والعبثية‪ ،‬بل ويصاب بالميول االنتحارية‪،‬‬
‫ن‬ ‫ويفقد بكفره ن‬
‫معن وجوده‪ ،‬ويبدأ يوقن يف قرارة نفسه بسخافة وفشل الكفر إال‬
‫أنه مع كل هذا يجد ن يف نفسه الوهن وقلة اإلرادة عن تحري الحق واتباعه‪.‬‬
‫‪‬ﱡﭐﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﱠ ﴿‪ ﴾1٠‬سورة الحج‪.‬‬
‫ً‬
‫مجددا سيوفق لها بسهولة‪.‬‬ ‫❑ لكن ر‬
‫من أراد اإلنسان الهداية‬
‫‪ ‬ﱡﭐﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﱠ ﴿‪ ﴾27‬سورة الرعد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫❑ ي‬
‫أهدكم"‪)٣16(.‬‬ ‫فاستهدوب‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫القدش‬ ‫الحديث‬ ‫وف‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫( ‪ (316‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2577 :‬‬


‫‪459‬‬
‫‪ ‬وفي الحديث القدسي اآلخر‪:‬‬

‫❑فمشيئة اهلل عادلة‪ُ :‬ي ِضل بعدله من أراد الضالل‪ ،‬وي هدي بفضله من أراد الهداية‪.‬‬
‫‪ ‬ﭐﱡ ﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬
‫ﲳﲴﱁﱂﱃﱠ سورة الليل‬
‫ً‬
‫‪ ‬وهو سبحانه لن يظلم أحدا ولو مثقال ذرة‪ :‬ﱡﭐ ﱦﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱬ‬
‫ﱫﱭﱮ‬
‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱠ ﴿‪ ﴾4٠‬سورة النساء‪.‬‬

‫ٌ‬
‫خبت‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫لطيف‬ ‫كم َع ٌ‬
‫دل‬ ‫• سبحانه َح ٌ‬
‫❑ ومن العجيب أن هللا سبحانه أخت أن الملحدين والكفار سيحتجون بهذه الحجة‪:‬‬
‫"لو شاء هللا ما ألحدنا‪ ،‬هو َمن ُيضلنا"‪" ...‬لو شاء هللا ما ر‬
‫أشكنا"‪ ،‬فقالوا مثل ما أخت‬
‫سبحانه‪ :‬ﭐ‪‬ﱡﭐﱏﱐﱑ ﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝ‬

‫ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱭﱮ‬

‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱠ ﴿‪ ﴾148‬سورة األنعام‪.‬‬

‫أن هللا أجبركم على الكفر؟‬‫‪ ‬هل عندكم من حجة على دعوى‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ِ ‬إن تت ِب ُعون ِإًل الظن َو ِإن أنت ْم ِإًل تخ ُر ُصون‪.‬‬

‫حن يتروا ألنفسهم ما هم عليه من الكفر‪.‬‬ ‫االفتاضات ر‬ ‫ر‬ ‫• يضعون‬


‫• فكفرهم بأيديهم‪ ،‬وهدايتهم بأيديهم‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈ ﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة اإلنسان‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (317‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...7405:‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2675 :‬‬
‫‪460‬‬
‫‪ -152‬هل علم اهلل بما سيقع ينفي حرية اإلرادة والتخيير؟‬
‫ج‪ :‬علم هللا بما سيقع ليس ً‬
‫جتا‪.‬‬

‫‪ ‬فاهلل سبحانه أخت أنه عليم‪.‬‬


‫ن‬
‫• فهو سبحانه يعلم ما سيقوم به عبده؛ ألنه هللا العليم الخبت‪ ،‬لكنه سبحانه يف‬
‫الوقت نفسه أثبت لعبده المشيئة وحرية االختيار‪ :‬ﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌ‬

‫ﱠ ﴿‪ ﴾٣7‬سورة المدثر‪.‬‬

‫جتا لنا‪ ،‬فهو بفضله أعطانا حرية اإلرادة واالختيار‪ :‬ﭐ ﭐ‬ ‫• َفع ُ‬
‫لم هللا بما سيحدث ليس ً‬
‫ِ‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈ ﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة اإلنسان‪.‬‬

‫‪‬وقال عز من قائل‪ :‬ﱡﭐﲛﲜﱠ ﴿‪ ﴾1٠‬سورة البلد‪.‬ﭐ‬


‫َ ْ َ‬
‫ي الهداية والضالل‪ ،‬ونحن َمن نختار‪.‬‬ ‫• نج ِ‬
‫د‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫• فنحن من نختار اإليمان أو الكفر‪.‬‬

‫❑ ولو أن أستا ًذا دخل إلى الفصل في مدرسة‪ ،‬و َعلِم بحكمته أن هذا الطالب سينجح‪،‬‬
‫وذاك سيفشل‪ ،‬هل نقول إن ِعلمه ب َمن سينجح و َمن سيفشل هو جبر لهما على‬
‫النجاح أو على الفشل؟‬

‫• وهلل المثل األعىل‪.‬‬


‫• فعلم هللا بما سيقع ليس ً‬
‫جتا منه ألحد‪.‬‬
‫ْ‬
‫• فاهلل عليم حكيم َعد ٌل‪ ،‬قدر لنا المشيئة واإلرادة واالختيار التام‪.‬‬
‫‪ ‬لكن لماذا خلق اهلل الملحدين والكافرين‪ ،‬وهو يعلم أنهم سيكفرون؟‬
‫‪ ‬والجواب‪:‬‬
‫‪‬قال هللا عز وجل‪:‬ﭐﱡﭐﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﱠ ﴿‪﴾٥‬‬
‫سورة الزخرف‪.‬‬

‫‪ ‬هل بما أنهم سيكفرون إذن اهلل ال يخلقهم؟‬

‫‪461‬‬
‫‪ ‬إذا كان الملحد يريد الكفر ويبحث عن الضالل في علم اهلل‪ ،‬فما المانع‬
‫ِمن خلْقه ثم محاسبته؟‬

‫‪ ‬هل بما أنه سيكفر إذن ال يخلقه اهلل؟‬

‫من العدل أن يذهب َمن يستحق لما يستحق‪.‬‬


‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﱢﱣﱤﱥﱦ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٠1‬سورة هود‪.‬‬
‫ئن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لتطمي‬ ‫ويكف اإلنسان‬
‫ي‬ ‫ا‪،‬‬ ‫شيئ‬ ‫ا‬‫أحد‬ ‫• فهم ظلموا أنفسهم‪ ،‬وهللا سبحانه لم يظلم‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫يعلم أن هللا هو العدل المطلق‪ ،‬وقد أخت هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬أنه لن يظلم‬ ‫نفسه أن‬
‫عباده‪ :‬ﱡﭐﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱠ﴿‪ ﴾44‬سورة‬
‫يونس‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فال تقلق إال عىل تقصتك‪ ،‬أما ما تعمل يف الدنيا من إيمان أو كفر فستوف عليه إما‬
‫بفضل هللا أو بعدله‪.‬‬
‫• ونجاتك بيدك‪ ،‬وهالكك بيدك‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ‬
‫ﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﱁﱂﱃﱠ سورة الليل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪462‬‬
‫صدغي؟‬
‫‪ -153‬هل الوحي عبارة عن‪ :‬صرع فص ُ‬

‫ج‪ :‬هناك إشكالية تواجه الملحدين وهي‪ :‬كيف صبَر النبي ﷺ على دعوته‪،‬‬
‫ورفض اإلغراءات المتكررة من كفار قريش‪ ،‬وتحمل أذاهم طيلة ثالثة عشر‬
‫َ‬
‫عا ًما؟‬

‫النن ﷺ عىل الصدق طيلة عمره‪ ،‬وإخالصه ويقينه‬ ‫• ثم اإلشكال األكت وهو‪ :‬ثبات ي‬
‫التام بالحق الذي يحمله‪.‬‬
‫الن‬ ‫• فلم ُينقل عنه أنه كذب ولو لمرة واحدة نف حياته عىل تعدد مواقفه‪ ،‬والمشاكل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫واجهها‪.‬‬
‫شخصا عىل ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫يقي‬ ‫إنسان يبحث ببعض اإلنصاف يف ستته ﷺ لن يجد أمامه إال‬
‫ٍ‬ ‫• فأي‬
‫ٍّ‬
‫تام من رسالته‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ ً‬
‫يعن أنه يكذب طوال الوقت‪،‬‬ ‫• فإذا كان ي‬
‫النن ﷺ مدعيا كما يزعم المالحدة‪ ،‬فهذا ي‬
‫ن‬
‫النفش‪ ،‬فهو‪ :‬شخص جبان‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الطب‬ ‫ف‬‫والشخص الكذوب له صفات معلومة ي‬
‫وليس له مبدأ‪ ،‬ويسهل إغراؤه‪ ،‬وال يلبث أن يفتضح كذبه مع الوقت‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫وف‪،‬‬ ‫النن ﷺ وستته وعدم مهادنته للباطل‪ ،‬وثباته عىل الحق حن ت ي‬ ‫• لكن حال ي‬
‫تماما من‬ ‫ً‬ ‫وعدم ثبوت كذبة واحدة عليه طيلة عمره‪ ،‬كلها أمور عىل النقيض‬
‫طبيعة ذاك الشخص الكذوب الذي يكذب طوال الوقت‪.‬‬
‫النن محمد ﷺ‬‫• من أجل ذلك‪ ،‬وأمام هذا اإلشكال ادع المالحدة لتفست نبوة ي‬
‫ه مجرد نوبات من رصع الفص‬ ‫وتفست شجاعته وصدقه وأمانته أن‪ :‬نبوته ي‬
‫دع‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الص‬
‫ر ا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ه إال تخيل‬ ‫• فهو بالفعل كان صادقا أمينا قويا شجاعا‪ ،‬ولكن النبوة ي‬
‫الن يدعيها ما ي‬
‫دع ‪-‬وحاشاه ﷺ‪.‬‬ ‫ن‬
‫منه بسبب رصع الفص الص ي‬
‫• وهذه الدعوى أنا أعتتها آخر رهانات الملحدين‪ ،‬فإذا سقطت هذا الدعوى سقط‬
‫النن محمد ﷺ‪.‬‬ ‫اإللحاد‪ ،‬وثبتت نبوة ي‬
‫• وأنا سأناقش هذه الدعوى ن يف البداية من الناحية الطبية‪.‬‬
‫دع‪ ،‬وال ُي ا‬
‫روج‬
‫ن‬
‫الص‬ ‫الفص‬ ‫برصع‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬ ‫إصابة‬ ‫دعوى‬ ‫عم‬ ‫❑ وأقول‪ :‬ال يوجد ملحد ر ن‬
‫يت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫لها إال إذا كان غير متخصص في الطب النفسي وجاهًل تمام الجهل بستة ي‬

‫‪463‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫دع جيدا‪ ،‬ثم نظر يف ستته ﷺ ‪ ،‬ل َع ِل َم‬
‫❑ فمن نظر يف أعراض نوبة رصع الفص الص ي‬
‫َ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫بجالء ٍّ‬
‫كذبا فاحشا‪.‬‬ ‫تام أن هذه دعوى كاذبة‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫نوعي‪ :‬بسيط ‪Simple‬‬ ‫‪ ‬فرصع الفص الص ي‬
‫دع ‪ Temporal Lobe Epilepsy‬عىل‬
‫ُ‬
‫ومعقد ‪.Complex‬‬
‫ُ ا‬ ‫ر‬
‫النوعان البسيط‬
‫ِ‬ ‫النن ﷺ يحصل له‬ ‫• ويفتض المالحدة من مرو ي‬
‫ح هذه الشبهة أن ي‬
‫والمعقد‪.‬‬
‫ر ا ن‬ ‫ن ن‬
‫مباشة يف كل مرة‬ ‫دع يف المجمل تحصل معه عدة أعراض قبل النوبة‬‫‪ ‬والرصع الص ي‬
‫تأب فيها النوبة‪ ،‬ومن هذه األعراض‪:‬‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫‪ -1‬تشوش ن يف الذهن‪.‬‬

‫الوع‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ف‬
‫‪ -2‬خلل ي‬
‫‪ِ -٣‬فقدان الذاكرة‪.‬‬

‫‪ -4‬غثيان واضطرابات باألمعاء‪.‬‬

‫‪ -٥‬قد تحصل بعض الهلوسات الخفيفة ك ‪ :‬كت أو صغر أحجام األشياء‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬


‫ه‪:‬‬
‫ي‬ ‫باألعىل‬ ‫الطن‬
‫ي‬ ‫المرجع‬ ‫صورة‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫كما‬ ‫دع‬
‫ي‬ ‫الص‬ ‫الفص‬ ‫رصع‬ ‫سمات‬ ‫أهم‬ ‫من‬ ‫إذن‬ ‫•‬
‫تأثُّر الذاكرة‪.‬‬

‫‪ ‬لماذا؟‬
‫‪464‬‬
‫ْ‬ ‫دع؛ ألن هذه َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫المنطقة ِمنطقة الفص‬ ‫• تتأثر الذاكرة يف مرض رصع الفص الص ي‬
‫ه المسؤولة عن معالجة الذاكرة‪.‬‬ ‫ن‬
‫دع ي‬
‫الص ي‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫دع‪ ،‬فإن ذاكرتهم تضعف‬‫• ولذلك عند من تتكرر لديهم نوبات رصع الفص الص ي‬
‫ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫ن‬
‫• فرصع الفص الص ي‬
‫دع يؤدي لتعطل الذاكرة‪.‬‬
‫• بل وقد يؤدي لفقدانها‪.‬‬

‫ٌ‬
‫قدان ٌّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫للوع‪ ،‬وتحصل‬
‫ي‬ ‫تام‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫يحصل‬ ‫المعقد‬ ‫دع‬
‫ي‬ ‫الص‬ ‫الفص‬ ‫رصع‬ ‫نوبة‬ ‫أثناء‬ ‫❑ ي‬
‫وف‬
‫ه السمة األساسية والجوهرية ن يف الرصع‪.‬‬ ‫ر‬
‫والن ي‬
‫اضطرابات حركية وتشنجات‪ ،‬ي‬
‫‪‬إذن تحصل‪ :‬تشنجات شديدة للعضالت‪ ،‬وقد يحصل سيالن للعاب خارج الفم‪.‬‬
‫ويكون هناك دوران بالرأس بطريقة غت واعية‪.‬‬

‫ن‬
‫دقيقتي‪.‬‬ ‫• وتستمر هذه النوبة من ‪ ٣٠‬ثانية إىل‬
‫ُ ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫عاب من مشكلة‬
‫يعن أن المريض ي ي‬ ‫• وإذا استمرت النوبة ألكت من دقيقتي‪ ،‬فهذا ي‬
‫صحية خطتة‪ ،‬ويحتاج للعناية ً‬
‫فورا‪.‬‬
‫تنته نوبة الرصع يدخل المريض ن يف مرحلة ما بعد النوبة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• وبعد أن‬

‫‪465‬‬
‫ن‬ ‫ُ ن‬ ‫ن‬
‫عاب المريض من صعوبة شديدة يف الكالم‪ ،‬ويحصل اضطراب‬ ‫وف هذه المرحلة ي ي‬ ‫• ي‬
‫ن يف الذاكرة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌّ‬
‫مستمر معنا ِمن قبل الدخول يف النوبة‬ ‫‪ ‬إذن المال َحظ مما سبق أن‪ :‬تشوش الذاكرة‬
‫إىل ما بعد النوبة‪.‬‬
‫ا‬
‫• وقد ال يعرف المريض أنه مر بالنوبة أصًل‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف الغالب يدخل المريض خالل دقائق بعد النوبة يف‬ ‫• وتشتد اآلالم يف البطن‪ ،‬ي‬
‫مرحلة النوم العميق‪.‬‬

‫ن‬
‫• هذه كانت أهم سمات رصع الفص الص ي‬
‫دع الطبية‪.‬‬
‫‪ ‬فهل كان النبي ﷺ ي ُم ُّر بأي مرحلة من هذه المراحل؟‬
‫‪ ‬هل كان ﷺ تتشوش ذاكرته‪ ،‬أو تضطرب أمعاؤه‪ ،‬أو ي ُم ُّر بمرحلة تشنجات؟‬
‫‪ ‬هل كان يفقد وعيه؟‬

‫شء من ذلك‪.‬‬ ‫• لم ُينقل عنه ﷺ ر‬


‫ي‬
‫الوح وهو عىل دابته فتتفع عنه‪ ،‬ثم يبلغ الناس رسالة ربه‪.‬‬
‫ي‬ ‫• بل كان يأتيه‬
‫• ومن المعلوم أن مريض الرصع لو كان عىل دابة‪ ،‬فإنه يسقط عىل رأسه أثناء النوبة‪.‬‬
‫الوح وهو عىل المنت‪ ،‬فيبلغ الناس رسالة ربه‪.‬‬
‫ي‬ ‫• وكان ﷺ يأتيه‬

‫‪466‬‬
‫‪ ‬أما عن ذاكرته ﷺ فبعد أن يأتيه الوحي ‪-‬والذي يتخيل المالحدة أنها نوبة صرع‬
‫صدغي‪ -‬فهل كان يحصل في ذاكرته ﷺ تشوش بعد نزول الوحي عليه؟‬
‫ُ‬

‫‪‬نترك اإلجابة للنبي ﷺ نفسه‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫َُْ َ ُ َ ن َ َْ َ َْ ُ‬
‫ت َع ْن ُه َما َق َ‬
‫ال!‬ ‫‪ ‬فيفصم ع ين وقد وعي‬
‫‪َ ‬فأع َما َي ُق ُ‬
‫ول!‬ ‫ِ ي‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫• إذن هذا عىل العكس تماما من طبيعة رصع الفص الص ي‬
‫دع‪.‬‬
‫دع من أهم سماته أًل َ‬ ‫ن‬
‫يع المريض ما حدث‪.‬‬‫ي‬ ‫ا‬ ‫• فرصع الفص الص ي‬
‫• بل قد ال ي‬
‫يع أن النوبة جاءته أصًل‪.‬‬
‫ن‬
‫• بل وتكرار نوبات رصع الفص الصدع يؤدي لتلف الذاكرة ً‬
‫تماما‪ ،‬ويؤدي بالخصوص‬ ‫ي‬
‫إىل عدم االحتفاظ بالمعلومات الجديدة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ر‬ ‫ْ‬


‫وبي صورة خت‬ ‫• تخيل هذه الصورة ي‬
‫الن فيها عدم االحتفاظ بالمعلومة الجديدة‪،‬‬
‫فيفصم عنه وقد وع ﷺ كل‬ ‫يأب النن ﷺ كل بضعة ساعات‪ُ ،‬‬ ‫الوح الذي كان ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...2 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2333 :‬‬ ‫(‪(318‬‬

‫‪467‬‬
‫آيات عىل كتبة‬ ‫ر‬
‫المستفن‪ ،‬أو يحل مشكلة‪ ،‬أو يتنبأ بمعجزة أو يتلو ٍ‬ ‫الوح‪ ،‬ويجيب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الوح‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫آيات‪ ،‬بل وبالسورة الكاملة فيقول لصحابته بعد أن يفصم‬
‫الوح ببعض ٍ‬
‫ي‬ ‫• وقد يأتيه‬
‫ن‬ ‫عنه الوح‪ :‬ضعوا هذه اآليات ن‬
‫بي آيات كذا وآيات كذا يف سورة كذا‪ ،‬ثم تظل هذه‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫اآليات ربتتيبها محفورة يف ذاكرته ﷺ طيلة عمره‪.‬‬

‫❑‬

‫‪‬ثم‪ :‬أين التشنُّجات لجسده الشريف ﷺ ‪ ،‬والتي هي إحدى السمات األساسية‬


‫لنوبات الصرع؟‬

‫واحدة‬
‫ٍ‬ ‫• الصحابة نقلوا كل تفاصيل حياته ﷺ بدقيقها وجليلها‪ ،‬ولم ينقلوا ولو لمرة‬
‫الشيف ﷺ‪.‬‬ ‫أنه تشنج أو ر ن‬
‫اهت جسده ر‬
‫والنن ﷺ كان يعالج الرصع‪.‬‬
‫ي‬ ‫• ثم إن الصحابة كانوا يعرفون الرصع‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ‬مثال عىل ذلك ن‬
‫ابن عباس قال له‪:‬‬ ‫عطاء تلميذ ابن عباس‪ ،‬أن‬ ‫حي ذكر‬

‫ﷺ‬

‫تتكشف‪)٣2٠(.‬‬ ‫• وبعد هذه الدعوة لهذه المرأة كان يأتيها الرصع وال‬

‫‪ ‬فالصحابة كانوا يعرفون الصرع‪ ،‬ويعرفون تشخيص حاالت الصرع‪ ،‬ولم َي ْخ َف‬
‫عليهم ُ‬
‫حال النبي ﷺ ‪ ،‬فكيف يأتي جاهل بعد ‪ 1400‬عام ليتهمه بما يتهمه به؟‬

‫‪ ‬لكن هنا قد يسأل سائل‪ :‬ماذا عن صوت صلصلة الجرس الذي كان يسمعه النبي‬
‫ﷺ حين يأتيه الوحي؟‬

‫‪‬والجواب‪ :‬كان الصحابة يسمعون الصوت نفسه‪.‬‬

‫( ‪ (319‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2576 :‬‬


‫(‪ (320‬عمدة التفسير‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.92‬‬
‫‪468‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬قال عمر بن الخطاب ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬

‫‪ ‬فالصحابة كان يسمعون عند وجهه ﷺ نفس هذا الصوت وقت نزول الوحي‪،‬‬
‫صدغي في الوقت نفسه؟‬
‫جميعا من صرع فص ُ‬
‫ً‬ ‫فهل كان الصحابة ُيعانون‬

‫عضلي واضطراب‬
‫ٌّ‬ ‫وشد‬
‫ٌّ‬ ‫‪ ‬ثم هل كان ما يأتيه ﷺ لحظة نزول الوحي هي تشنُّجات‬
‫أمعاء وفقدان ذاكرة؟‬

‫‪ ‬أم كانت حالة سكون واحترام لوحي اهلل سبحانه؟‬

‫‪ ‬ن يف صحيح مسلم من حديث ُعبادة بن الصامت‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫‪ ‬فهل هناك عَالقة والحالة هذه مع نوبات صرع الفص ُّ‬


‫الصدغي؟‬
‫ً‬
‫الوح‪.‬‬
‫ي‬ ‫قل‬ ‫ث‬
‫ِ‬ ‫آثار‬ ‫من‬ ‫وهذا‬ ‫الغطيط‪،‬‬ ‫صوت‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫عن‬ ‫يصدر‬ ‫كان‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫•‬
‫‪ ‬قال هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬لنبيه‪ :‬ﱡﭐﱖﱗﱘﱙﱚﱠ ﴿‪ ﴾٥‬سورة المزمل‪.‬‬
‫َ‬
‫والنن ﷺ كان إذا ذك َر هللا يصدر عنه أزيز كأزيز‬
‫ي‬ ‫فالوح ثقيل‪ ،‬وهو ِمن أعظم الذكر‪،‬‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ْ َ‬
‫جل‪)٣2٣(.‬‬ ‫المر‬
‫ِ‬
‫الوح عليه ﷺ وهو عليها‪.‬‬ ‫• ومن ثقل الوح أن الدابة تكاد تسقط عندما ن ن‬
‫يتل‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ ِ‬
‫المؤمني عائشة ن‬ ‫ُ‬
‫رص هللا عنها‪:‬‬ ‫ن‬ ‫‪‬تقول أم‬
‫ي‬

‫ﷺ‬

‫)‪ (321‬مسند أحمد‪ ،‬بتخريج أحمد شاكر‪ ،‬م‪ 1‬ص ‪ ،124‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪ .‬وتخريج مشكاة المصابيح‪ ،‬م‪ 3‬ص‪.32‬‬
‫( ‪ (322‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2335 :‬‬
‫( ‪ (323‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.904 :‬‬
‫(‪ (324‬تخريج مسند اإلمام أحمد للشيخ شعيب األرناؤوط‪ ،‬ح‪.24868 :‬‬
‫‪469‬‬
‫وف حديث زيد بن ثابت الصحيح أنه‪ :‬خاف من ِثقل الوح أن تنكش فخذه ر‬ ‫ن‬
‫حن‬ ‫ي‬ ‫• ي‬
‫ُ‬
‫اكت ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ب‪ ،‬وأماله الوح‪)٣2٥(.‬‬
‫ي‬ ‫النن ﷺ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫شي عن ي‬
‫ن‬
‫الوح وهللا النتهت شبهاته‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فمن تدبر يف حال صاحب الرسالة ﷺ لحظة نزول‬

‫ﳁﳃ‬
‫ﲼﲾ ﲿ ﳀ ﳂ‬
‫ﲽ‬ ‫ﲴ ﲶ ﲷﲸ ﲹﲺ ﲻ‬
‫ﲵ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐﲱﲲﲳ‬
‫ﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﱠ ﴿‪ ﴾46‬سورة سبأ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫بالوح‪ ،‬فهو يف‬
‫ي‬ ‫منشغل عن غته‬ ‫الوح وهو يف كامل وعيه‪ ،‬لكنه‬
‫ي‬ ‫• لقد كان ﷺ يأتيه‬
‫وح ربه!‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خشوع ٍّ‬
‫ي‬ ‫تام؛ ليستقبل ما يتىل عليه‪ ،‬ثم يفصم عنه وقد وع‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫ويرصخ فيما يسىم ب‬ ‫دع يتكلم بكالم غت مفهوم‪،‬‬
‫الص ي‬ ‫• ثم إن المصاب برصع الفص‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫وب جوامع الكلم؟‬ ‫"رصخة الرصع"‪ ،‬فكيف بمن أ ي‬
‫‪‬كيف ب َمن كان يأتي الوحي بأجوبة ألسئلة محددة‪ ،‬وكل جواب فيه إعجاز؟‬

‫هت ويسقط ويرتعش ويذهل ويفقد ذاكرته‪ ،‬بينما‬ ‫❑ ثم إن المصاب بالرصع يرتجف وي ر ن‬
‫ن‬
‫الوح وهو عىل الناقة‪ ،‬أو وهو عىل المنت‪ ،‬أو وهو يف ساحة المعركة‪ ،‬أو وهو‬
‫ي‬ ‫هو ﷺ يأتيه‬
‫بي صحابته‪ ،‬ويحصل عكس ما يحصل للمرصوع ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ن‬

‫❑‬

‫إن الصرع بطبيعته يأتي في أي وقت ودون سبب‪ ،‬وقد يأتي للمريض وهو‬ ‫َّ‬
‫نائم‪ ،‬وقد يأتيه في دورة المياه‪ ،‬وقد يأتيه في أي حال‪ ،‬بينما الوحي كان يأتي‬
‫ُّ‬
‫ولتنزل‬ ‫النبي ﷺ منذ أن بعثه هللا بصورة منتظمة؛ إلجابة سؤال وفتيا‪،‬‬
‫ولتنزل آيات من ِّ‬
‫الذكر الحكيم‪ ،‬وما كان يأتي هكذا في أي‬ ‫ُّ‬ ‫خبر من السماء‪،‬‬
‫ٍ‬
‫الوحي بيت النبوة لو كان في البيت نجاسات أو‬ ‫وقت‪ ،‬بل ما كان يدخل‬
‫صورة أو كلب‪.‬‬

‫ن‬ ‫ً‬
‫لمرص الرصع‪ ،‬فإن القدرات العقلية يحصل فيها‬ ‫• أيضا لو نظرنا للحياة العقلية‬
‫تدهور مع الوقت‪.‬‬
‫دع ُيدمر القدرات العقلية مع الوقت‪.‬‬
‫ن‬
‫• فرصع الفص الص ي‬

‫ع ْنهُ"‪.‬‬
‫ي َ‬ ‫ض فَخذي‪ ،‬ث ُ َّم ُ‬
‫سر َ‬ ‫ي حتَّى خ ْفتُ ْ‬
‫أن ت َُر َّ‬ ‫علَ َّ‬ ‫َّللا علَى َرسوله ﷺ وفَخذُهُ علَى فَخذي‪ ،‬فَثَقُلَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫(‪ )325‬في الحديث‪" :‬فأ ْنزَ َل َّ ُ‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4592 :‬‬
‫‪470‬‬
‫• فهو يؤثر عىل كل جوانب القدرات العقلية والمعرفية واالجتماعية والعملية‬
‫ًّ‬
‫والسلوكية‪ ،‬بل وتضعف جدا القدرات القيادية والحياة االجتماعية الطبيعية‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف ب َمن هذا حاله مع الصرع ِمن تدهور القدرات القيادية والعقلية‪ ،‬ثم ُيقا َرن‬
‫رب‪ ،‬وأفضل قائ ٍد‪ ،‬وأعظم أبٍ‪ ،‬وأعظم زوج ﷺ ؟‬
‫بأفضل ُم ٍّ‬

‫‪ ‬لكن هل مريض صرع الفص ُّ‬


‫الصدغي من الممكن أن يكون عبقر يًّا‬
‫أو مفكرًا أو يصير أكثر تدي ًُّنا؟‬

‫‪ ‬والجواب‪:‬‬
‫َّ‬ ‫بي بعض الناس وهو مجرد ر‬ ‫ُ‬
‫يروج هذا الكالم ن‬
‫افتاضات‪ ،‬فال توجد أدلة‬ ‫•‬
‫أو بر ن‬
‫اهي عىل هذا األمر‪.‬‬

‫‪471‬‬
‫وف دراسة ر‬ ‫ن‬
‫نشتها الجمعية النفسية التيطانية ‪The British Psychological‬‬ ‫• بل ي‬
‫ن‬
‫دع بحاالت تدين زائدة‬ ‫‪ Society‬تقرر الدراسة أن فكرة ارتباط رصع الفص الص ي‬
‫ن‬
‫ثبت أنها ُمغالطة علمية غت صحيحة‪ ،‬ومن يقول هذا الكالم يقع يف مغالطة انتقاء‬
‫الكرز‪.‬‬
‫ن ن‬ ‫ر ن ن‬
‫ويعاب يف الوقت نفسه‬ ‫ي‬ ‫كت يف الدراسات عىل أي شخص متدين‪،‬‬ ‫• فما يحصل هو الت‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫وبي تدينه الزائد‪،‬‬‫ن‬ ‫بي حالته المرضية‬ ‫من رصع فص ُصدع‪ ،‬ويتم الربط خطأ ن‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫دع والتدين الزائد عند‬ ‫وبالتاىل توهم الناس أن هناك عالقة بي رصع الفص الص ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫بعض الناس‪ ،‬لكن يف الواقع ال توجد هذه العالقة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫• فهذا فقط نوع من الربط غت الصحيح‪.‬‬
‫ن‬ ‫نسبة من التدين والثقافة والفكر واإلبداع ن‬ ‫ا‬
‫الطبيعيي‪،‬‬ ‫بي الناس‬ ‫• فكما أن هناك‬
‫دع‪.‬‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫توجد النسبة نفسها بالقدر ذاته بي المصابي برصع الفص الص ي‬

‫‪472‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫دع يحصل تدهور‬
‫وف كل األحوال‪ ،‬فمع الوقت ومع تكرار نوبات رصع الفص الص ي‬ ‫• ي‬
‫للقدرات العقلية للمريض‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً ن‬ ‫• ومن األمور ر‬
‫دع‬
‫عندها كثتا يف هذه الشبهة أن مريض رصع الفص الص ي‬ ‫الن أتوقف‬‫ي‬
‫دقيقتي فهذا ن‬
‫يعن مشكلة طبية خطتة‪ ،‬ويكون‬ ‫ن‬ ‫من‬ ‫لو طالت عنده النوبة رَ َ‬
‫ألكت‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫محتاجا للعناية المركزة‪.‬‬ ‫المريض‬

‫فسر الملحد مجيء جبريل عليه السالم للنبي ﷺ ‪ ،‬ثم يتلو عليه اآليات‬ ‫‪ ‬فكيف ُي ِ‬
‫ين والثالث ساعات في‬ ‫الطوال‪ ،‬وقد يتلو السورة الكاملة التي تحتاج إلى الساع َت ِ‬
‫تالوتها؟‬

‫تصور المالحدة؟‬
‫ساعتين وثالثة على حد ُّ‬
‫ِ‬ ‫تستمر‬
‫ُّ‬ ‫❑ فكيف يدخل النبي ﷺ في نوبة‬
‫هذا ال ُيعقل ًّ‬
‫طبيا!‬ ‫•‬
‫طبيا‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫محال ًّ‬ ‫هذا‬ ‫•‬
‫النن ﷺ عن جتيل‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ومن المعلوم بإجماع المسلمي أن كل حرف من القرآن أخذه ي‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نطقا ولفظا وتالوة بطريقة تدوير الحرف بكل أوجه القراءات الصحيحة‪ ،‬كل هذا‬
‫النن ﷺ بالسور الطوال والسور القصار‪.‬‬ ‫حصل لكل حرف نف القرآن‪ ،‬وكان جتيل ر‬
‫يأب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ ي‬
‫ا‬ ‫نن‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫وبعض السور الطوال كانت تتل كاملة‪ ،‬فيقرأها جتيل عىل ي‬ ‫•‬

‫وكثت من سور القرآن نزلت كاملة مثل‪ :‬سورة الكهف‪ ،‬وسورة التوبة‪ ،‬وسورة األعراف‪،‬‬
‫وسورة الفتح‪ ،‬وسورة المرسالت‪ ،‬وغتها من السور‪)٣26(.‬‬

‫ٌ ن‬ ‫ن‬ ‫إذن كان الوح ر‬‫ْ‬


‫محال يف‬ ‫النن ﷺ يف كثت من األحيان الساعات الطوال‪ ،‬وهذا‬ ‫ي‬ ‫يأب‬
‫ي ي‬ ‫•‬
‫مرص الرصع بال خالف‪.‬‬ ‫ن‬
‫فيدارسه القرآن‪)٣27(.‬‬ ‫وكان الوح َي ْل رف النن ﷺ نف كل ليلة من رمضان ُ‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫فكان جتيل يعارضه ﷺ بجزء من القرآن كل ليلة من رمضان‪.‬‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫مرتي‪)٣28(.‬‬
‫ِ‬ ‫القرآن‬ ‫عارضه‬ ‫الدنيا‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ﷺ‬ ‫له‬ ‫رمضان‬ ‫آخر‬ ‫وف‬‫ي‬ ‫•‬

‫ورةٍ نَزَ لَتْ كَاملَةً َب َرا َءةٌ‪.‬‬


‫س َ‬ ‫َّللا ع ْنه قالَ‪ :‬آخ ُر ُ‬ ‫ي َّ ُ‬ ‫) ‪ (326‬في صحيح البخاري‪َ :‬‬
‫عن ال َب َراء َرض َ‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4364 :‬‬
‫سهُ القُ ْرآنَ ‪.‬‬
‫ضانَ ‪ ،‬فيُدَار ُ‬ ‫(‪ (327‬قال ابن عباس رضي هللا عنهما‪َ :‬وكَانَ جبْري ُل َي ْلقَاهُ في ُكل لَ ْيلَ ٍة من َر َم َ‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3554 :‬‬
‫ض َر أ َجلي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ام َم َّرتَيْن‪َ ،‬‬
‫وال أ َراهُ إال َح َ‬ ‫ضني العَ َ‬ ‫ار َ‬‫ع َ‬ ‫إن جبْري َل كَانَ يُعَارضُني القُ ْرآنَ ُك َّل َ‬
‫س َن ٍة َم َّرةً‪ ،‬وإ َّنه َ‬ ‫( ‪ (328‬قال النبيﷺ‪َّ :‬‬
‫متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...3623 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2450 :‬‬
‫‪473‬‬
‫الن عارضه فيها‬ ‫❑ وهذه ُتسىم العرضة األخيرة عند علماء القراءات‪ ،‬وه‪ :‬العرضة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫مرتي بحضور كبار الصحابة مثل‪ :‬عبد هللا بن مسعود‪ ،‬وزيد بن ثابت‪.‬‬ ‫جتيل القرآن‬
‫ِ‬
‫‪ ‬فكيف يأتيه الوحي الساعات الطوال؟‬
‫تستمر لساعات أو حتى لدقائق؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬هل توجد نوبة صرع ُ‬
‫صدغي‬
‫محال‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫❑ هذا‬

‫‪ ‬لنا أن نسأل كلَّ ملحد‪ :‬كيف ُيصور وقار الوحي‪ ،‬وسكون الوحي‪ْ ،‬‬
‫ووعي النبي‬
‫صدغي‪ ،‬بما في‬ ‫ﷺ التام ُّ‬
‫لتنزل اآليات‪ ،‬كيف ُيصور كل هذا على أنه حالة صرع فص ُ‬
‫الصدغي من ِفقدان للذاكرة‪ ،‬وما يعقبه من صراخ المريض‪ ،‬وسقوطه على‬
‫الصرع ُّ‬
‫األرض‪ ،‬وسيالن لُعابه‪ ،‬واهتزاز جسده في تشنجات تتصلب فيها العضالت‪ ،‬وما يصحب‬
‫ذلك من تبول وتغوط الإرادي‪ ،‬وما يعقب كل ذلك من خور في القوى‪ ،‬واستغراق‬
‫في النوم‪ ،‬يصحو منه المريض خالي الذهن من ُّ‬
‫تذكر ما حدث له‪.‬‬
‫‪ ‬هل هذا له عَالقة من قريب أو بعيد بحال الوحي؟‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫• األعجب من كل ما سبق يف الرد عىل هذه الشبهة هو أن عندنا حديثا عىل أعىل‬
‫ن‬ ‫عدد ٌ‬‫ٌ‬
‫كبت من الصحابة‪ ،‬وأورده البخاري ومسلم يف صحيحيهما‬ ‫درجات الصحة رواه‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حن أن المحدث يقول‪" :‬هذا حديث مجمع عىل صحته"‪.‬‬ ‫من ُط ُرق مختلفة ر‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫للنن ﷺ يف صورة رجل؛ ُليعلم الصحابة اإلسالم‬‫ي‬ ‫أب جتيل‬ ‫• يف هذا الحديث ي‬
‫ر‬
‫والشيعة‪.‬‬
‫‪ ‬فما تفسير هذه المعجزة من وجهة نظر ُمروجي شبهة صرع الفص ُّ‬
‫الصدغي؟‬
‫ُ‬
‫نصف!‬ ‫• وهللا هذا الحديث ٍ‬
‫كاف كل م ِ‬
‫‪ ‬يقول الصحابة رضوان هللا عليهم‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...50 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.9 :‬‬ ‫(‪(329‬‬

‫‪474‬‬
‫• فالحديث باتفاق العلماء عىل أعىل درجات الصحة‪.‬‬
‫مروي عن عدد كبت من الصحابة‪.‬‬‫ٌّ‬ ‫• والحديث‬

‫جميعا من صرع فص‬


‫ً‬ ‫‪ ‬فهل حين رأى الصحابة جبريل عليه السالم كانوا يعانون‬
‫صدغي في الوقت نفسه؟‬
‫ُ‬
‫تكررت نف ر‬ ‫َّ‬
‫عشات المواقف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• ورؤية الصحابة لجتيل عليه السالم‬
‫• ورآه الصحابة بعد غزوة األحزاب كما فصلنا من قبل‪.‬‬
‫ُ‬
‫• ورأته أم سلمة وهو ُيحدث النن ﷺ‪)٣٣٠(.‬‬
‫ي‬

‫‪ ‬فهل كانت ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬تُعاني من صرع فص ُ‬


‫صدغي في الوقت نفسه مع‬
‫النبي ﷺ ؟‬

‫ر‬
‫الن أنبأ بها‬ ‫❑ ولو نظرنا نف ُمجمل ستته ﷺ ‪ ،‬والمعجزات ر ر‬
‫الن أب بها‪ ،‬وتلك األخبار ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر ن‬ ‫ْ‬
‫النجاش يف اليوم الذي مات فيه‪ ،‬وإخباره بمقتل كشى يف‬ ‫ي‬ ‫نع‬
‫فوقعت كما ُأنبأ‪ ،‬مثل ي‬
‫وعليا وعثمان وطلحة والزبت لن يموتوا عىل‬ ‫ًّ‬ ‫اليوم الذي قتل فيه‪ ،‬وإخباره بأن عمر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ف ُرشهم كما يموت الناس‪ ،‬وإنما سيموتون شهداء‪ ،‬وإخباره بأن أم حرام ستكون من شهداء‬
‫والن منها المتواتر الذي نقله جمع كبت من الصحابة‪،‬‬ ‫ر‬
‫األخبار‪ ،‬ي‬‫ا‬
‫البحر‪ ،‬وما ال حرص له من‬
‫ا‬
‫لو نظرنا ن يف كل هذا نظرة متجردة للحق‪ ،‬لعل ْمنا بصورة قاطعة أننا أمام نبي‪.‬‬
‫ن ن‬ ‫حاطب بن أب بلتعة إىل ر‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫كي يف مكة يختهم ببعض أمر رسول هللا‬ ‫المش‬ ‫ي‬ ‫وحي أرسل‬ ‫❑‬
‫ﷺ ‪ ،‬فجاء خت السماء برسالة حاطب‪ ،‬فقال ﷺ لبعض صحابته‪ :‬انطلقوا لمكان كذا ‪-‬‬
‫ن‬ ‫ذاهبة لمكة ُت ن‬
‫ا‬ ‫ا ن‬
‫ائتوب‬
‫ي‬ ‫حاطب‪،‬‬ ‫من‬ ‫رسالة‬ ‫خف‬
‫ي‬ ‫هودج‬ ‫ف‬ ‫حدده لهم ﷺ ‪ -‬ستجدون امرأة ي‬
‫بهذه الرسالة‪ ،‬فذهبوا ووجدوا كما أخت ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4980 :‬‬ ‫(‪(330‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3007 :‬‬ ‫(‪(331‬‬

‫‪475‬‬
‫ﷺ بأمر الرسالة‪َ ،‬‬
‫وبمن كتبها‪ ،‬وبالمكان المحدد الذي تكون قد وصلت‬ ‫‪‬‬
‫ن‬
‫فيه المرأة يف طريقها لمكة لحظة وصول الصحابة إليها؟‬
‫ن‬
‫متفق عىل صحته‪ ،‬قال أنس بن مالك‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫حديث‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وف‬

‫‪ ‬فكيف ُيجاب دعاؤه في الحال إال إذا كان مؤي ًدا من عند اهلل؟‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫مح وصفوان بن أمية بعد غزوة بدر‪ ،‬فقال‬ ‫ي‬ ‫وهب الج‬‫ٍ‬ ‫مت بن‬ ‫• وذات يوم جلس ع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫حمد‬
‫وعياىل لر ِكبت ِإىل م ٍ‬‫ي‬ ‫عىل ليس ِعندي قضاؤه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وهللا لوال دين‬ ‫ِ‬ ‫وهب‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫مت بن‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫عياىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫عىل دينك‪ ،‬وعيالك مع‬ ‫ي‬ ‫حن أقتله‪ ،‬فاغتنمها صفوان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُ َ ُ ُ‬ ‫ُ ُ ََ ُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫عن ن‬ ‫اكتم ن‬‫ُ ٌ ُ‬
‫وسم ثم‬ ‫سيف ِه فش ِحذ‬‫شأب وشأنك‪ .‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬ثم أمر عمت ِب ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• قال عمت‪:‬‬
‫المدينة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫انطلق ِإىل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األست الذي ن يف أيديك ْم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫• فدخل عمت عىل رسول هللا ﷺ ‪ ،‬فقال عمت‪ِ :‬جئت ِلهذا‬
‫ن ُُ‬ ‫• فقال ﷺ‪" :‬فما ُ‬
‫السيف يف عن ِقك؟"‬ ‫ِ‬ ‫بال‬
‫ً‬ ‫َْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يوف‪ ،‬فهل أغنت عنا شيئا؟‬ ‫• قال‪ :‬قبحها هللا ِمن س ٍ‬
‫ُ‬
‫اصد ن‬
‫قن‪ ،‬ما الذي ِجئت له؟‬ ‫ُي‬ ‫• قال‪:‬‬
‫• قال‪ :‬ما ِجئت ِإال ِلهذا‪.‬‬

‫‪‬قال ﷺ‪:‬‬

‫) ‪ (332‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ....1033 :‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.897 :‬‬
‫‪476‬‬
‫ُ‬
‫وصفوان‪)٣٣٣(.‬‬ ‫نُ ْ ُ‬ ‫هللا‪ ،‬هذا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬قال ُع ٌ‬
‫أنا‬ ‫يحرصه ِإال‬ ‫أمر لم‬ ‫مت‪ :‬أشهد أنك رسول ِ‬

‫‪ ‬فما عَالقة كل هذه المعجزات والتأييد اإللهي بما يفتريه المالحدة بحق صاحب‬
‫الرسالةﷺ؟‬
‫ُ‬
‫وانظ ْر لهذه الحادثة وتدب ْرها بنفسك‪ ،‬لوكان محمدﷺ يتصور أنه ٌّ‬
‫نن‪ ،‬ويحاول توفيق‬‫ي‬ ‫❑‬
‫يستغل حادثة كسوف الشمس يوم‬
‫َّ‬ ‫األحداث لمصلحة دعوته‪ ،‬فلماذا ْ‬
‫إذن لم‬
‫مات ابنه إبراهيم ليقول‪َّ :‬‬
‫إن هذه عالمة من هللا لموت ابني؟‬

‫• لقد تحدث الناس يوم مات إبراهيم وانكسفت الشمس‪ ،‬أن الشمس انكسفت‬
‫النن ﷺ فيما يقولون‪ ،‬ما كان ألحد من الكفار أن ينكر عليه‬
‫لموته‪ ،‬لو صدقهم ي‬
‫ذلك‪ ،‬بل لربما تأثر بعضهم‪.‬‬
‫َ‬
‫• لكنه ﷺ قالها رصيحة مدوية‪ :‬إن كسوف الشمس ظاهرة طبيعية ال عالقة لها‬
‫أحد وال بحياته‪.‬‬
‫بموت ٍ‬
‫‪ ‬والحديث ن يف البخاري ومسلم وفيه‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫‪ ‬ثم ماذا عن أعظم آي ٍة وهي القرآن الكريم؟‬


‫ر‬
‫بسورة منه‪ ،‬فما فعلوا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• ي‬
‫الن تحدى هللا به أهل البيان‪ ،‬أن يأتوا بمثله أو‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﳇﳈﳉﳊ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾24‬سورة البقرة‪.‬‬

‫• فما فعلوا‪ ،‬وال قدروا‪.‬‬


‫ن‬ ‫ر‬
‫المش ن‬ ‫ُ‬
‫كي‪ ،‬وأهل الفصاحة‪ ،‬وهم يف كل هذا‬ ‫• ولم يزل القرآن الكريم يتحدى بلغاء‬
‫ناكصون عن معارضته‪ ،‬محجمون عن مماثلته‪.‬‬
‫أدلة عىل سخافة تصوير الوح الذي كان ر‬‫َّ‬
‫النن ﷺ بكل آياته تلك عىل‬
‫ي‬ ‫يأب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫• فكل هذه‬
‫ُ ن‬
‫دع‪.‬‬
‫أنه حالة رصع فص ص ي‬

‫(‪ (333‬أبو نعيم‪ ،‬دالئل النبوة‪.413 ،‬‬


‫(‪ (334‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...1060 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.911:‬‬
‫‪477‬‬
‫‪ -154‬المعجزات التي جرت على يد األنبياء كمعجزة اإلسراء والمعراج‬
‫تخالف النواميس الكونية فكيف حصلت؟‬
‫ن‬
‫والقواني‬ ‫ج‪ :‬المالحدة ينكرون حصول المعجزات؛ ألنها تخالف النواميس الكونية‬
‫الطبيعية‪ ،‬وهذا اإلنكار سخيف ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫ن‬
‫والقواني الطبيعية لن تكون‬ ‫• ألن المعجزات لو لم تخالف النواميس الكونية‬
‫ات‪.‬‬
‫معجز ٍ‬
‫‪ ‬فشرط المعجزة‪ :‬مخالفة النواميس العادية‪.‬‬
‫ً‬
‫الطبيع أن تحصل عىل أيدي األنبياء‪.‬‬
‫ي‬ ‫• وإذا كان هللا موجودا‪ ،‬فالمعجزات من‬
‫ُ‬
‫• فالمعجزات واآليات يظهرها هللا عىل أيدي أنبيائه‪ ،‬كيف شاء‪ ،‬وقتما شاء‪ِ ،‬‬
‫بأية‬
‫صورة شاء‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بحتمية‪ ،‬لكن هذا يف األنظمة المعزولة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• والقواني نعم ثابتة ومتكررة‬

‫وهنا السؤال‪ :‬هل الكون معزول عن اهلل؟‬


‫ُ‬
‫• هل الكون بعيد عن قيومية هللا‪ ،‬وعن مشيئته وحكمه وإرادته؟‬
‫ا‬
‫❑ ال قوام للكون أصًل إال بقيومية هللا‪ ،‬فالكون قائم بقيومية هللا‪.‬‬

‫وبالتاىل ففكرة الكون المعزول تصح فقط بالنسبة لنا وليس بالنسبة هلل سبحانه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫القواني تصح فقط يف‬ ‫• فلو شاء هللا أن يخلق دابة يف صخرة لما انخرق قانون؛ ألن‬
‫شء معزول عن هللا‪.‬‬ ‫ر‬
‫األنظمة المعزولة‪ ،‬وبالبداهة ال ي‬
‫بي الناموس ن‬ ‫وف حقيقته ال يوجد أي تعارض ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وبي المعجزة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫األمر‬ ‫واقع‬ ‫ف‬ ‫• إذن ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫• ليس هناك تعارض بي القواني الطبيعية وبي اآليات ي‬
‫الن يجري ها هللا عىل يد‬
‫أنبيائه‪.‬‬
‫النن معجزة‬ ‫حن يؤمنوا ٍّ‬‫يشتط الكفار ر‬ ‫• وقد ر‬
‫بنن من األنبياء أن تجري عىل يد هذا ي‬ ‫ي‬
‫حن يؤمنوا‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱡ ﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة‬ ‫ر‬
‫الرعد‪.‬‬
‫إذن حصول المعجزة أمر طبيعي ومُ َّ‬
‫توقع!‬ ‫‪ْ ‬‬

‫‪478‬‬
‫َّ‬ ‫❑ وكفار مكة أرادوا اختبار النن ﷺ ر‬
‫حن يتأكدوا من وقوع معجزة اإلشاء والمعراج‪،‬‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يحك لهم تفاصيل معينة يف بيت المقدس ال يعرفها إال من زاره‪.‬‬‫ي‬ ‫فطلبوا منه أن‬
‫ن‬
‫النن ﷺ‪:‬‬
‫ي‬ ‫قال‬ ‫صحيحه‪،‬‬ ‫‪ ‬روى اإلمام مسلم ي‬
‫ف‬

‫‪ ‬لكن بعض الملحدين يسخر من فكرة البراق ال ُمجنح في رحلة اإلسراء والمعراج‪.‬‬
‫ٌ‬
‫نص واحد ن يف القرآن أو السنة‪.‬‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬التاق المجنح‪ ،‬ه فكرة ال يوجد عليها ٌّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫جنحا‪.‬‬ ‫واحد أن التاق كانت له أجنحة أو أنه كان ُم‬ ‫• فلم يرد نف ٍّ‬
‫نص‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ معها بعض‬ ‫ي‬ ‫أى‬
‫ر‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫مازح‬ ‫ت‬ ‫رص هللا عنها‪ -‬كانت ذات يوم‬ ‫بل إن عائشة ‪ -‬ي‬
‫َّ‬ ‫ً ن‬ ‫ُّ‬
‫يه؟ قالت‪:‬‬ ‫جناحان‪ ،‬فقال لعائشة‪ :‬ما هذا الذي عل ِ‬ ‫ِ‬ ‫له‬ ‫وسطها‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ا‬ ‫فرس‬ ‫أى‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫عب‪،‬‬ ‫الل‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َجناحان‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫فر ٌ‬
‫سمعت أنه كان لسليمان بن داود خيل لها‬ ‫ناحان؟ قالت َ‪ :‬أوم ُا ِ‬‫ِ‬ ‫س لها ج‬ ‫ٌِ‬
‫ت ن َواجذ ُه‪)٣٣6(.‬‬ ‫ر ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫هللا حن بد‬‫فضحك رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫أجنحة‪،‬‬‫ِ‬
‫ُ‬
‫• فالشاهد من هذا الكالم أن فكرة التاق المجنح غت موجودة‪ ،‬بل وتعجب ي‬
‫النن ﷺ‬
‫جناحان‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫فرس له‬ ‫أن يكون هناك‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫وف قضية اإلشاء والمعراج يثت بعض الملحدين أيضا شبهة أن اإلشاء والمعراج‬ ‫• ي‬
‫ٌ‬
‫منقول من الزرادشتية‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫َ َ‬ ‫ن‬
‫الن نقلت‬‫ه ي‬ ‫• ي‬
‫وف الواقع من درس ونظر يف الزرادشتية سيكتشف أن الزرادشتية ي‬
‫قصة اإلشاء والمعراج من اإلسالم‪.‬‬

‫(‪ (335‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.172 :‬‬


‫(‪ (336‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4932 :‬‬
‫‪479‬‬
‫ن‬
‫نومه يف الزرادشتية‪،‬‬
‫الشاب أردافتاف ‪ Arda Viraf‬أو أردوفتوف ِ‬ ‫• فقصة معراج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫العاش الميالدي تأثرا باإلسالم طبقا للمراجع‬ ‫هذه القصة كتبت يف القرن‬
‫الزرادشتية نفسها‪.‬‬

‫للنن الخاتم ﷺ‪ ،‬تحدثت عنها الكتب‬


‫ي‬ ‫• ومن العجيب أن حادثة اإلشاء والمعراج‬
‫وبشت بأنها ستحصل معه‪.‬‬ ‫المقدسة السابقة‪ ،‬ر‬

‫‪ ‬فقد ورد ن يف سفر دانيال‪:‬‬

‫النن مع سحب‬ ‫هذا‬ ‫الل ْيل َوإ َذا َم َع ُس ُحب الس َماء م ْث ُل ْابن إ ْن َسان‪ :‬ر‬
‫أب‬
‫َّ‬
‫ى‬‫ؤ‬
‫ُْ ُ َ ن ُ َ‬
‫‪‬كنت أرى ِ يف ر‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السماء‪.‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫‪َ ‬و َج َاء ِإىل الق ِد ِيم األي ِام‪ :‬جاء إىل هللا‪.‬‬
‫ََ ُ ُ ُ‬
‫وه قد َام ُه‪.‬‬ ‫‪ ‬فقرب‬

‫‪480‬‬
‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُْ َ ُ ْ َ ً َ َ ْ ً َ َ ُ ً‬
‫وتا ل َت َت َعب َد ل ُه ُكل الش ُ‬
‫وب َواأل َم ِم َواألل ِسن ِة‪ :‬ستكون‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ًط سلطانا ومجدا وملك ِ‬ ‫‪ ‬فأع ِ ي‬
‫دعوته إىل هللا عالمية‪ ...‬للناس كافة‪.‬‬
‫سيبف ر‬‫ر‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ ُ ْ َ ٌ َ ٌّ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫وت ُه َما ًَل َي ْن َقر ُ‬
‫تشيعه إىل يوم‬ ‫ض‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬سلطانه سلطان أب ِدي ما لن يزول‪ ،‬وملك‬
‫القيامة‪.‬‬

‫‪ ‬وهذا الشخص الذي س ُيع َرج به إلى اهلل‪ ،‬وستكون دعوته للناس كاف ًة‪ ،‬وسيبقى‬
‫تشريعه إلى قيام الساعة طب ًقا لهذا النص في سفر دانيال هو شخص له سمات‬
‫محددة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫والتمكي ألمته وانتصارهم عىل ممالك األرض سيكون‬ ‫ن‬ ‫• أن زمن بعثة هذا الشخص‬
‫قسطنطي الكبت بثالثة قرون ونصف القرن‪.‬‬ ‫ن‬ ‫بعد ظهور‬
‫وقسطنطي ظهر عام ثالثمائة ميالدية‪ ،‬فإذا أضفنا لهذا التاري خ ثالثة قرون ونصف‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وخمسي ميالدية‪ ،‬وهو زمن أوج انتصار األمة‬ ‫القرن فنحن يف العام ستمائة‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬وفتوح‬ ‫اإلسالمية عىل ممالك األرض يف خالفة عمر بن الخطاب ‪ -‬ي‬
‫الشام والعراق‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫بالنن محمد ﷺ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫النن الذي عرج به إىل السماء يف نبوءة دانيال هو بشارة‬ ‫• فهذا ي‬
‫وال تكون هذه البشارة لغته‪.‬‬
‫حن الساعة‪،‬‬ ‫• فهو الذي جاءت دعوته للعالم كله‪ ،‬وهو الذي رشيعته ما زالت ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫وستبف ليوم القيامة‪ ،‬وهو الذي فتحت ألمته ممالك األرض‪ ،‬وهزمت أكت‬
‫اإلمتاطوريات‪.‬‬
‫ن‬
‫قسطنطي الكبت‪ -‬لن يكون‬ ‫• بل ويذكر سفر دانيال أن فتح القسطنطينية ‪-‬مملكة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النن‪ ،‬وهذا لم يحصل ألمة سوى األمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫هذا‬ ‫ة‬ ‫م‬‫أ‬ ‫إال عىل يد‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫قسيس إرميا سابقا "عبد األحد‬ ‫• وهذه البشارة المدهشة يف سفر دانيال دفعت‬
‫داود"‪ ،‬ليقول عن هذه البشارة‪" :‬لعلها أروع وأوضح نبوءة عن ال َبعثة النبوية‪،‬‬
‫البش‪ ،‬وخاتم الرسل"‪)٣٣7(.‬‬ ‫ألعظم ر‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (337‬محمد ﷺ‪ ،‬كما ورد في كتاب اليهود والنصارى‪ ،‬عبد األحد داود‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪481‬‬
‫‪ -155‬لماذا هناك أجنحة للمالئكة في الفضاء؟‬
‫ج‪ :‬هل َذ َكر القرآن أو ُّ‬
‫السنة َّ‬
‫أن المالئكة تستخدم هذه األجنحة؛ لكي تقوم‬
‫بدفع الهواء مث ًلا؟‬

‫‪‬هل المالئكة تحكمها قوانين الفيزياء ً‬


‫أصال‪ ،‬أو قوانين دفع الهواء أو غير ذلك؟‬

‫• المالئكة أجسام نورانية غيبية‪ ،‬وما فيها من خلق هللا هو من جملة الغيب الذي‬
‫ُ‬
‫نثبته‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وال نعرف صفته وال كيفيته!‬
‫ُُ‬ ‫ْ‬
‫ض األنف‪:‬‬‫‪‬وكما قال صاحب الرو ِ‬

‫‪ ‬ثم ُيكمل ويقول‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (338‬الروض األنف‪ ،‬السهيلي‪ ،‬م‪ 7‬ص‪.174‬‬


‫‪482‬‬
‫‪ -156‬هل َ‬
‫نقل اإلسالم قصة ذي القرنين من النسخ السريانية؟‬
‫ن‬ ‫ج‪ :‬تحك النسخ الشيانية كثت من بطوالت اإلسكندر األكت ومالحمه‪ ،‬ر‬
‫والن تشبه يف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بعض صورها قصة ذي القرني يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫فيأب الملحد ويربط ن‬
‫القرني يف القرآن‬ ‫وبي قصة ذي‬ ‫بي هذه الروايات الشيانية‬ ‫• ي‬
‫ع أن القرآن نقل هذه القصة من النسخ الشيانية‪.‬‬‫الكريم‪ ،‬ويد ي‬
‫الن تسمعها ً‬ ‫ر‬
‫يوما من ملحد‪.‬‬ ‫• وهذه واحدة من أغرب الشبهات ي‬
‫• ألن هذه النسخ الشيانية عن اإلسكندر األكت ومالحمه‪ ،‬ظهرت بعد ظهور‬
‫ن‬ ‫وكتبت نف ن‬‫ُ‬
‫وف ظالل اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫ة‬‫حارص‬ ‫ي‬ ‫اإلسالم‪،‬‬

‫ل القرآن منها‪ ،‬وهي ُكتبت بعد ظهور اإلسالم؟‬ ‫‪‬فكيف ُ‬


‫ينق ُ‬
‫• وهذه النسخ الشيانية عن اإلسكندر األكت تمت ترجمتها من الشيانية إىل‬
‫العالىم إرنست‬ ‫المؤرخ‬ ‫جمتها‬ ‫عاما‪ ،‬حيث قام ر‬
‫بت‬ ‫اإلنجلتية منذ حواىل ‪ً 1٥٠‬‬
‫ن‬
‫ي‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واليس بدج ‪ ،Ernest Wallis Budge‬وقام بدج أيضا بتأليف‬
‫عدة كتب ن يف ستة اإلسكندر األكت‪.‬‬
‫المتخصصي ن يف هذا الباب‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫تقريبا من أكت‬ ‫• فهو‬
‫َ‬
‫‪ ‬وقد حاز إرنست واليس بدج عىل لقب فارس من اإلمتاطورية‬
‫التيطانية؛ لجهوده العلمية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫رئيسا لألقسام اآلشورية الشيانية يف المتحف‬ ‫‪ ‬وكان يعمل‬
‫ن‬
‫يطاب‪.‬‬
‫الت ي‬

‫‪483‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫❑ يقرر إرنست واليس بدج أن هذه النسخ الشيانية عن اإلسكندر األكت‪ ،‬جاءت من‬
‫ُ‬ ‫ً ن‬
‫تقريبا يف هذا المجال يقرر‬ ‫وح الثقافة العربية‪ ،‬وبتأثت اإلسالم‪ ،‬فهو المتخصص األشهر‬‫ي‬
‫ُ‬
‫أن هذه النسخ الشيانية كتبت بتأثت الثقافة‬
‫ُ‬
‫‪ :‬لذلك نجد أن هذه النسخ‬ ‫اإلسالمية‪،‬‬
‫ا‬
‫الس ريانية م أخوذة ع ن اللغة العربية‪ ،‬وليس عن‬
‫ه مصدر الروايات األصلية عن‬ ‫ر‬
‫والن ي‬
‫ي‬ ‫اليونانية‬
‫اإلسكندر األكت‪.‬‬

‫ه مصدر مالحم اإلسكندر‪ ،‬لكن نجد‬ ‫❑ فاليونانية ي‬


‫النسخ الشيانية منقولة عن العربية وليس عن‬
‫ن‬
‫اليونانية؛ ولذلك تجد أس ماء األع الم اليونانية يف‬
‫ُ َ‬ ‫ا‬
‫الرواية الشيانية مرس ومة كم ا تنط ق ف ي العربي ة‪،‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫اليوناب‪ :‬نكت انبوس ‪ Nectanebus‬ينطق يف‬ ‫ي‬ ‫فاالسم‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫الشياب لينقلها من العربية‪ :‬نقطيبوس بياء ب دًل‬
‫ي‬ ‫العربية‪ :‬نقطيبوس‪ ،‬وهنا ي‬
‫يأب الكاتب‬
‫م ن النون‪ ،‬وهذا يجري عىل كل أسماء األعالم اليونانية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌ ن‬ ‫َ‬
‫حارصة بالد العرب‪،‬‬ ‫‪ ‬ثم يختم بدج كالمه فيقرر أن هذه النسخ الشيانية مكتوبة يف‬
‫ومأخوذة من نصوص عربية بعد اإلسالم‪)٣٣٩(.‬‬

‫)‪(339‬‬ ‫‪The history of Alexander the Great, being the Syriac version of the Pseudo-Callisthenes,‬‬
‫‪Introduction, Plx, lxi.‬‬
‫‪484‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫مسيح‪ ،‬عاش يف بالد اإلسالم يف ظل‬
‫ي‬ ‫شياب‬
‫ي‬ ‫❑ فهذه النسخ الشيانية كتبها شخص‬
‫تقريبا‪ ،‬وهذا كالم إرنست واليس َبدج‪.‬‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫العاش الميالدي‬
‫ن‬
‫الخالفة العباسية يف القرن‬

‫‪ ‬ويؤكد َبدج أن‪:‬‬

‫ر ن‬ ‫ْ‬
‫• تخيل أن اإلسكندر األكت الذي ظهر قبل المسيح عليه السالم بثالثة قرون ي‬
‫يأب يف‬
‫مبش بالمسيحية‪.‬‬ ‫هذه الرواية الشيانية كشخص ر‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫وف المجمل فهذه رواية كتبت يف بيئة عربية‪ ،‬وتحت تأثت الثقافة اإلسالمية‪ ،‬ثم‬ ‫• ي‬
‫يأب ملحد ر‬
‫ليفتي الكذب عىل دين ربنا‪ ،‬وكتاب ربنا‪ ،‬ويتهم نبينا ﷺ ويقول لنا‪ :‬إن‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ن‬
‫العالمي‪.‬‬ ‫القرآن نقل من هذه الرواية الشيانية‪ ،‬وليس أنه من عند رب‬
‫لكن قد يسأل سائل ويقول‪ :‬ما هو س ُّر التقارب بين الملحمة السريانية‬
‫وبين بعض آيات سورة الكهف؟‬

‫المسيح قد يكون نقل أشياء من القرآن ن يف روايته‪.‬‬


‫ي‬
‫ن‬
‫الشياب‬
‫ي‬ ‫‪‬والجواب أنَّ‪ :‬ذاك‬
‫ً‬ ‫ر ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫مستشقا حاقدا عىل اإلسالم‬ ‫وه أن‬
‫ي‬ ‫الموضوع‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫فضيحة‬ ‫الواقع‬ ‫ف‬‫• لكن هناك ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫المستشق رأب رلتجمات إرنست واليس بدج‬ ‫ر‬ ‫يدع منجانا ‪ ،Mingana‬هذا‬
‫إنجلتية لبعض اآليات القرآنية من‬ ‫ن‬ ‫الشياب وأضاف ترجمة‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اإلنجلتية للنص‬
‫ي‬
‫سورة الكهف إىل الملحمة الشيانية‪)٣41(.‬‬

‫❑‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫إنجلتية لبعض اآليات من سورة‬ ‫• يضيف إىل ترجمة إرنست واليس بدج ترجمة‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫للغربيي أن هذه الرواية الشيانية كتبت قبل اإلسالم‪ ،‬وأن‬ ‫يوح‬
‫ي‬ ‫الكهف‪ ،‬ثم‬
‫القرآن نقل منهم‪.‬‬
‫• أسلوب من أعجب ما يكون ن يف المكر والدهاء والكذب‪.‬‬
‫‪(340) Ernest‬‬‫‪Alfred Thompson Wallis Budge: The life and exploits of Alexander the Great, being a series‬‬
‫‪of translations of the Ethiopic histories of Alexander by the Pseudo-Callisthenes and other writers,‬‬
‫‪Preface, Pxi.‬‬
‫تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪ ،‬ص ‪.168‬‬ ‫(‪(341‬‬

‫‪485‬‬
‫وأنا أتعجَّ ب‪ :‬كيف اقتنع الملحد الذي يثير مثل هذه الشبهة َّ‬
‫أن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم وهو يرعى الغنم بمكة‪ ،‬كان يستمع للصلوات السريانية‬
‫التي تُتلى في كنائس آشور؟‬

‫‪ ‬ثم كيف نَ َ‬
‫سب قصة ذي القرنين القرآنية لملحمة سريانية مكتوبة بعد نزول‬
‫القرآن بثالثة قرون تقريبًا؟‬
‫ن‬
‫اليوم باحث متخصص يف موضوع النسخ الشيانية عن اإلسكندر‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫األكت‪ ،‬أن يقول‪ :‬إن هذه النسخ كتبت قبل ظهور اإلسالم‪.‬‬
‫• وهذا كما قلت؛‬

‫‪‬لكن هناك نقطة أخطر بكثت‪...‬‬


‫َ َ‬
‫وه أن هذه النسخ الشيانية ورد فيها‪ :‬غزو أرمينيا من قبل الخزر‪ ،‬وقد وقع هذا‬ ‫• ي‬
‫ن‬
‫الغزو ف عام ‪ 62٩‬ميالدية‪)٣42(.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫المدب يف آخر عرص النبوة‪ ...‬وسورة الكهف بال خالف مكية‪.‬‬‫ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫أي‪ :‬يف آخر العهد‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن ُ‬
‫فحي يذكر يف هذه النسخ الشيانية أحداث غزو أرمينيا‪ ،‬إذن هذه النسخ بال خالف‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫كتبت بعد عام ‪ 62٩‬ميالدية‪.‬‬
‫ً ن‬
‫• والعجيب أيضا يف هذه النسخ الشيانية أنها تتحدث عن مقتلة عظيمة ستحصل‬
‫بي الهون ‪ the Huns‬ن‬
‫وبي العرب‪)٣4٣(.‬‬ ‫نف آخر الزمان ن‬
‫ي‬
‫والسؤال هنا‪ :‬هل كان للعرب وجود في العالم قبل اإلسالم أص ًلا؟‬

‫فف ذاك الزمن‬ ‫• فلو تخيلنا أن هذه النسخ الشيانية ُكتبت قبل اإلسالم بزمن طويل‪ ،‬ن‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫حقيف‪ ،‬وإنما كانوا مجموعة قبائل صغتة متناثرة يف شبه‬
‫ي‬ ‫لم يكن للعرب وجود‬
‫الجزيرة العربية‪.‬‬
‫ً‬
‫• لكن النسخة الشيانية تتحدث عن مملكة العرب‪ ،‬وحصول ما هو يشبه حربا‬
‫عالمية ن يف آخر الزمان يكون العرب أحد أطرافها‪.‬‬

‫)‪(342‬‬ ‫‪An ex eventu knowledge of the Khazar invasion of Armenia in A.D. 629‬‬
‫‪S. Gero, "The Legend Of Alexander The Great In The Christian Orient", Bulletin Of The John Rylands‬‬
‫‪University Library Of Manchester, 1993, Volume 75, p. 7.‬‬
‫‪(343) The kingdoms of the Huns and the Persians and the Arabs‬‬

‫‪The Pseudo-Callisthenes, pp. 155.‬‬


‫‪486‬‬
َ ‫ن‬ ُ
‫ وكانوا فيه‬،‫فهذه النسخ كتبت يف زمن كان للعرب فيه َص ْولة وج ْولة‬ 
ُ
.‫ لهم وجود وتأثت ن يف الساحة العالمية‬...‫أمة عظيمة ن يف العالم‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫الباحثي يؤكدون أن هذه النسخ مكتوبة يف‬ ‫• وهذا النص من النصوص ي‬
‫الن جعلت‬
‫ن‬ ً ‫ر‬ ‫ن‬
‫للمسلمي صولة‬ ‫تقريبا حيث كان‬ ‫العاش الميالدي‬ ‫ظل الخالفة العباسية يف القرن‬
.‫وجولة ن يف العالم كله‬
Kevin ‫ كيفن بلي دل‬:‫المتعصبي المعارصين مثل‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المستش ن‬
‫قي‬ ‫حن‬‫• ولذلك ر‬
ُ
)٣44(.‫يعتفون اليوم أن هذه النسخ الشيانية كتبت بعد ظهور اإلسالم‬ ‫ ر‬Blaidel

.‫ومن نحا نحوه‬ ‫المنصفي للتاري خ يكرر ر‬


َ ‫افت ااء منجانا‬ ‫ن‬ ‫• فلم يعد أحد من‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ أن قصة‬Brannon M. Wheeler ‫ويعتف الباحث يف النسخ الشيانية ويلر‬ ‫• بل‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫القرني نف النسخة الشيانية ُمقتبسة من القرآن ر‬
‫ن‬
‫القرني‬ ‫ وأن لفظ ذي‬،‫مباشة‬ ‫ي‬ ‫ذي‬
‫ن‬
‫القرني" دخل إىل النسخ الشيانية من خالل تأثت القرآن والثقافة‬ ‫هذا اللفظ "ذو‬
)٣4٥(.‫اإلسالمية‬

  

(344) Kevin Van Bladel, ‘The Alexander Legend in the Qur’an 18:83–102’ in The Qur’an in its Historical
Context, ed. Gabriel Said Reynolds (New York: Routledge, 2008).
(345) “A more discerning examination of the different texts show that the later recensions of the Alexander

stories are dependent upon the Qur'an as understood through the medium of early Muslim
commentators. Key elements of the later stories, such as the appellation of "Dhu al-Qarnayn" attributed
to Alexander owe their origins to the commentaries. A closer analysis of the commentaries on Q 18:60-
82 shows the development of an increased association of Q 18:60-82 and 83-102 with Alexander stories.
This recognition makes it possible to obtain a fresh understanding of the reconstruction of the history of
the later recensions of the Alexander stories.”
B. M. Wheeler "Moses Or Alexander? Early Islamic Exegesis Of Qur'an 18:60-65", Journal Of Near
Eastern Studies, 1998, op cit., p. 214.
487
‫‪ -157‬لكن كثيًرا من الشبهات تُثار حول القرآن والسريانية‪،‬‬
‫يصح هذا الكالم؟‬
‫ُّ‬ ‫وأن اللغة العربية تأثرت باللغة السريانية‪ ،‬فهل‬
‫ن‬
‫الن ِرصنا نسمعها يف هذا‬ ‫ج‪ :‬هذه ُأ كذوبة أخرى ُتضاف إىل جملة األكاذيب العجيبة ر‬
‫ي‬
‫الزمان‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫• فالشيانية لن تعرف أنت قراءتها أصًل إال إذا كنت متقنا للغة العربية‪.‬‬
‫العرب‬ ‫ً‬
‫عموما‪ ،‬وال اآلرامية إال بالعودة للجذر اللغوي‬ ‫• فلن تفهم اللغة الشيانية‬
‫ي‬
‫للكلمة الشيانية أو الكلمة اآلرامية‪.‬‬
‫ًّ‬
‫• وهذا الكالم مهم جدا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬يقرر يعقوب الرهاوي وهو من أكت علماء الشيانية يف القرن السابع الميالدي‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫أول َمن صنف يف قواع د الس ريانية‪ ،‬وه و ال ذي ابتك ر ال نقط يف الشيانية‪ ،‬يقرر يعقوب‬
‫الرهاوي أن ‪:‬‬

‫‪False reading tradition‬‬

‫َ‬
‫❑ فلن تفهم الشيانية إال باالعتماد عىل العربية‪.‬‬
‫وي ر‬ ‫َ‬
‫الموصىل‬
‫ي‬ ‫عتف إم ام الس ريان وفقي ه الس ريانية المط ران إقليم يس يوس ف داود‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الشياب يف كتابه‪ :‬اللمعة الشهية يف نحو اللغة الشيانية َّ‬
‫أن العربية هي مرجعُ اللغة‬ ‫ي‬
‫الن من خاللها نفهم الشيانية‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫ر‬
‫وه ي‬ ‫السريانية‪ ،‬ي‬

‫)‪(346‬‬ ‫‪Adalbert Merx: The History of the study of grammar among the Syrians, P108.‬‬
‫اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية‪ ،‬إقليمــيس يوســف داود الموصلي السرياني‪ ،‬ص‪.8‬‬ ‫)‪(347‬‬

‫‪488‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫العاش الميالدي إال باالعتماد عىل اللغة‬ ‫• ولم تظهر قواع د اللغة الس ريانية يف القرن‬
‫نصيبي ‪ ،Eljia of Nisibis‬وأب و الف رج اب ن العب ري‬‫ن‬ ‫العربية‪ ،‬عندما قام إيليا مطران‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫واقتباسـا م ن‬ ‫اللغويي العرب‪،‬‬ ‫‪ Bar Hebraeus‬بوضع معاجم الشيانية نقًل عن‬
‫اب الكلمات الس ريانية إال عن طريق‬ ‫ط ريقتهم ف ي التص نيف‪ ،‬ولم ُتضبط مع ن‬
‫ي‬
‫رشحها بالعربية‪.‬‬
‫العرب!‬ ‫ابتداء إال بالعودة للجذر اللغوي‬ ‫ا‬ ‫• فأنت لن تعرف ن‬
‫معن الكلمة الشيانية‬
‫ي‬
‫• ولن تفهم الجملة الشيانية إال من القواع د العربية‪ ،‬ونظم العربية ف ي التص ريف‬
‫والكتاب ة‪)٣48(.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪(348‬‬
‫‪According to the pattern of Arabic grammar.‬‬
‫‪The History of the study of grammar among the Syrians, P178.‬‬
‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬ص ‪.213‬‬
‫‪489‬‬
‫‪َ -158‬من هو ذو القرنين؟ هل هو اإلسكندر األكبر أم شخص آخر؟‬

‫‪ ‬وماذا عن القرنين الذين في رأس اإلسكندر األكبر؟ أليس هذا دلي ًلا‬
‫على أنه هو ذو القرنين المذكور في القرآن الكريم؟‬
‫ُ‬
‫ج‪ :‬قرنا اإلسكندر األكت هذه تسىم قرون تأليه‪.‬‬

‫• حيث يرسمون هذه القرون للملوك الذين يتم تأليههم‪ ،‬وتكون هذه القرون‬
‫َ‬
‫جانن الرأس‪.‬‬ ‫المرسومة والمنحوتة عىل التماثيل بحجم صغت عىل‬
‫ي‬
‫• وهذه القرون ُ‬
‫نفسها توجد عند كثت من الملوك القدماء‪.‬‬
‫• مثل هادريان‪:‬‬
‫• كذلك بطليموس ن‬
‫الثاب‪:‬‬
‫ي‬

‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬


‫❑ فهناك عدد كبت من الملوك تمتوا بقرون التأليه هذه يف التماثيل والعمالت ي‬
‫الن‬
‫ُصممت لهم‪:‬‬

‫‪490‬‬
‫َ‬ ‫ن ًّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ًِ‬
‫َ‬
‫عظيم ن‬ ‫بقرن ن‬
‫ي‬‫ِ‬ ‫ا‬‫جد‬ ‫• لكن كان هناك َم ِلك آخر متمت‬
‫ً‬ ‫نَ‬ ‫ن‬
‫وغربا‪.‬‬ ‫بقرب عظمة المملكة‪ ،‬وعظمة الفتوحات رشقا‬ ‫ي‬ ‫متمت‬ ‫•‬

‫الم ِلك اسمه كورش‪ ،‬وهذه القرون ال تشت إىل تأليهه‪،‬‬ ‫‪ ‬وهذا َ‬
‫وإنما تشت إىل فتوحاته ن يف رشق األرض وغرب ها‪.‬‬

‫‪ ‬وهنا السؤال‪ :‬هل كورش هو ذو القرنين الذي ورد في القرآن الكريم؟‬


‫ن ُ‬
‫القرني ه ْم أهل الكتاب‪ :‬ﱡﭐﳐﳑﳒ‬
‫ن‬
‫‪ ‬يف البداية‪ :‬الذي سأل ي‬
‫النن ﷺ عن ذي‬

‫ﳓﳔﳕﳖﳗﳘﳙﱠ ﴿‪ ﴾8٣‬سورة الكهف‪.‬‬

‫ن‬ ‫ْ‬
‫القرني!‬ ‫‪ ‬إذن أهل الكتاب يعرفون شخصية ذي‬

‫‪491‬‬
‫مذكور ن يف كتابهم المقدس‪ ،‬فقد ورد ن يف سفر دانيال‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫القرني‬ ‫‪ ‬فذو‬

‫ن‬
‫القرني هو باالتفاق عند أهل الكتاب‪ :‬الملك كورش‪.‬‬ ‫• وهذا الشخص ذو‬

‫‪ ‬لكن لماذا ال يكون اإلسكندر األكبر هو ذو القرنين؟‬


‫‪‬والجواب‪ :‬ألن اإلسكندر األكت ن ٌّ‬
‫وثن بال خالف‪.‬‬
‫ي‬
‫• فهو شخصية وثنية‪.‬‬
‫القرني ن يف القرآن الكريم رجل صالح!‬
‫ن‬ ‫• بينما ذو‬
‫ً‬
‫• أيضا قرنا اإلسكندر األكت هما قرنا تأليه‪ ،‬وليسا قرون مملكة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫وغربا‪.‬‬ ‫• بينما قرنا كورش هما قرنا اتساع المملكة رشقا‬
‫أن معارك اإلسكندر األكت كانت جهة ر‬
‫الشق ال الغرب‪ ،‬بينما كانت‬ ‫❑‬
‫القرني ن يف القرآن الكريم ن يف رشق األرض وغرب ها‪.‬‬
‫ن‬ ‫فتوحات ذو‬
‫ن‬
‫القرني ليس هو اإلسكندر األكت‪.‬‬ ‫• وهذا كله يؤكد أن ذا‬

‫شخصا صالحً ا؟‬


‫ً‬ ‫‪ ‬لكن هل كان كورش‬

‫سىم كورش ب "مسيح الرب"‪ ،‬فهو شخصية عظيمة‪.‬‬‫• الكتاب المقدس ُي ا‬


‫ي‬
‫‪ ‬يقول الكتاب المقدس‪:‬‬

‫( ‪ (349‬سفر دانيال‪ ،‬إصحاح ‪ 8‬عدد ‪.3‬‬


‫‪492‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ ُ ْ ُ‬ ‫ََْ َ َ َ ُ ْ ْ َ َ‬
‫ُ‬
‫كورش بالد األرض رشقا وغربا‬ ‫ي‪َ ،‬واألب َواب ًل تغلق‪ ،‬أي‪ :‬سيفتح‬
‫اع ْ ن‬
‫‪ِ ‬ألفتح أمامه ال ِمرص ِ‬
‫بتأييد من هللا‪ ،‬كما يقرر الكتاب المقدس‪.‬‬
‫َ‬
‫• وقد يكون كورش أحد األحناف‪ ،‬أو من أتباع زرادشت عىل الديانة التوحيدية قبل‬
‫ُ‬
‫أن تحرف‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫• ومن المعلوم أن كورش هو الذي أعاد اليهود‪ ،‬ودفع األموال لبناء الهيكل‪ ،‬وأعاد‬
‫ا‬
‫الن كانت منهوبة ن يف خزائن بابل‪.‬‬ ‫ر‬
‫لليهود أموالهم ي‬
‫ينش ُر العدل والخير في بالد األرض‪ ،‬وكان كلما‬ ‫ُ‬ ‫• فقد كان كورش فاتحً ا عادلًا‬
‫ضعيفهم‪) ٣٥٠(.‬‬ ‫ورحم‬
‫قوم عفا عنهم‪ ،‬وأكرم كريمهم‪ِ ،‬‬
‫ظهر عىل ٍ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ًّ ُ‬
‫القرني‪.‬‬ ‫❑ أمور كثتة جدا ترشح أن يكون كورش هو بالفعل ذو‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪(350‬‬
‫‪John Farrar, A Biblical and Theological Dictionary Illustrative of the Old and New Testaments, Art.‬‬
‫‪Cyrus (London: Wesleyan Conference Office, 1872).‬‬
‫‪493‬‬
‫‪ -159‬هل تأثر اإلسالم باليهودية؟‬

‫شبُهات الملحدين‪.‬‬ ‫ج‪ :‬هذه من عجائب ُ‬


‫ر‬ ‫ن‬
‫وحن القرن‬ ‫‪ ‬فالعهد القديم منذ أن كتبه عزرا الكاهن يف القرن السادس قبل الميالد‬
‫مكتوبا غت محفوظ‪.‬‬‫ً‬ ‫الثالث الميالدي‪ ،‬كان ًّ‬
‫نصا‬
‫ر ُ‬
‫‪ ‬وبعد َّذلك اندثرت العتية ي‬
‫الن ك ِتب بها العهد القديم‪،‬‬
‫َّ‬
‫وحلت محلها اآلرامية‪ ،‬وحاولت الجماعات اليهودية عبر‬
‫القرون إعادة ضبط نصوص العهد القديم‪،‬‬
‫ر ُ‬
‫الن كتب بها العهد القديم‪،‬‬ ‫؛ ألن العتية ي‬
‫لم تكن بها عالمات لمعرفة الحركات‪ ،‬وليس فيها مقابل مكتوب للمدود ك ‪ :‬الواو والياء‬
‫ً‬
‫الشفاه‬‫ي‬ ‫التواتر‬ ‫اليهود‬ ‫عند‬ ‫فليس‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫سماع‬ ‫واأللف عندنا‪ ،‬ولم تكن النصوص محفوظة‬
‫كالذي عندنا ن يف كل حرف ن يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫❑ فكانت مشكلة حقيقية تواجه اليهود!‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬ولم يتمكن اليهود من إعادة قراءة العهد القديم إال بعد ‪ 14٠٠‬عام‪ ،‬وتحديدا يف‬
‫زمن الخالفة العباسية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫أختا‬ ‫المسلمي‪ ،‬وازدهار الثقافة يف ذلك الوقت‪،‬‬ ‫‪ ‬حيث إنه تحت لواء خالفة‬
‫استطاع اليهود إعادة قراءة كتابهم عىل يد هارون بن أشت ‪ Aaron ben Asher‬وموشيه‬
‫نفتاىل ‪ ،Mosheُ ben Naphtali‬ولم يستطع اليهود أن يفعلوا ذلك إال باالستعانة‬ ‫ي‬ ‫بن‬
‫ن‬
‫العرب؛ لما أشكل عليهم يف اللفظ العتي‪ ،‬ثم أخذوا طريقة تشكيل‬ ‫ي‬ ‫بالجذر اللغوي‬
‫الحروف من اللغة العربية‪)٣٥1(.‬‬

‫أكت من نَ ْ‬
‫ألف‬ ‫وحي وضع أليعازر بن يهودا معجمه‪ ،‬ووجد أن العتية ليس فيها ر‬ ‫ن‬ ‫‪‬‬
‫ي‬
‫جذر لغوي‪ ،‬فاستنبط من العربية بقية ما يحتاج إليه من جذور لغوية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الفيوم أشهر رشاح أسفار العهد القديم عىل اإلطالق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬أما الح ْت اليهودي سعديا‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫معارصا لإلمام ابن جرير الطتي وتأثر بمنهجه يف التفست بالمأثور‪ ،‬ونقل هذا‬ ‫فقد كان‬
‫المنهج ف تفسته ألسفار موش الخمسة‪)٣٥2(.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫الفيوم يبدأ ُمقدمات رشوحه بالطريقة اإلسالمية نفسها‪:‬‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬بل العجيب أن سعديا‬
‫االبتداء بحمد هللا والصالة والسالم عىل رسله‪)٣٥٣(.‬‬
‫• فاليهودية تأثرت باإلسالم ً‬
‫تأثرا ً‬
‫كبتا‪.‬‬
‫ر‬
‫يأب ملحد‬ ‫• والعتية ما خرجت للنور إال بعد عودة اللفظ العتي للجذور العربية‪ ،‬ثم ي‬
‫ويقول‪ :‬إن اإلسالم تأثر باليهودية‪.‬‬

‫تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪ ،‬ص‪.133‬‬ ‫(‪(351‬‬

‫األثر اإلسلمي في الفكر الديني اليهودي‪ ،‬ص ‪.426‬‬ ‫(‪(352‬‬


‫األثر اإلسلمي في الفكر الديني اليهودي‪ ،‬ص‪.436‬‬ ‫(‪(353‬‬

‫‪494‬‬
‫• لكن األعجب من كل ما سبق أن اليهود لم يأخذوا قواعد العربية من الثقافة‬
‫لشيعتهم‪.‬‬‫كثتا من الطقوس اإلسالمية وأضافوها ر‬ ‫ُ‬
‫فحسب‪ ،‬بل وأخذوا ً‬ ‫اإلسالمية‬
‫‪ ‬ومن ذلك ما ورد في الهالخوت جدولوت من ضرورة غسل اليهودي لرجليْ ه‬
‫ِ‬ ‫(‪)354‬‬
‫قبل الصالة‪ ،‬فاليهودي قبل أن يُصلي يغسل رجليه‪.‬‬
‫• مع أنه اليهودية ليس فيها هذا األمر‪.‬‬
‫• فاليهودي ال يغسل رجليه إال قبل دخول خيمة االجتماع فقط!‬
‫الرجلي قبل الصالة‪ ،‬لكنهم نقلوا هذا الطقس عن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫غسل‬ ‫• وليس من ديانة اليهود‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫مارس يف الوضوء‪ ،‬انتقل من اإلسالم إىل اليهودية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫إسالم ي َ‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫طقس‬ ‫المسلمي‪ ،‬فهذا‬
‫ن‬ ‫الح ْت عزائيل هيلد سهيمر عىل هذا النص الذي ن‬ ‫َ‬ ‫وحي ر‬
‫ن‬
‫الرجلي‬
‫ِ‬ ‫يقض بغسل‬ ‫ي‬ ‫عت‬ ‫•‬
‫ٌ‬ ‫ر‬
‫قبل الصالة ف الهالخوت جدولوت اعتف بأنه دخيل عىل اليهودية‪) ٣٥٥(.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫‪ ‬وقد أخذ اليهود كذلك عن المسلمين ُغسل الجنابة‪ ،‬فبعد الجماع يقوم‬
‫اليهودي باالغتسال‪.‬‬
‫• وهذا األمر لم ُيعرف إال ن يف اليهود الذين سكنوا ن يف البالد اإلسالمية‪.‬‬
‫السجود بصورته اإلسالمية‪ ،‬وهذا مخالف‬ ‫‪ً ‬‬
‫أيضا نقل اليهود عن المسلمين ُّ‬
‫تمامً ا لما في اليهودية‪.‬‬
‫َ‬
‫اليدين والرجل ن‬ ‫ن‬
‫ي‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بسط‬ ‫مع‬ ‫األرض‬ ‫عىل‬ ‫انبطاح‬ ‫عن‬ ‫عبارة‬ ‫اليهودية‬ ‫• فالسجود ي‬
‫ف‬

‫• لكنهم نقلوا طريقة السجود اإلسالمية‪.‬‬


‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫• فسجدوا مثل‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫والقر ن‬
‫ائي‪.‬‬ ‫بي الرب ن‬
‫انيي‬ ‫ً‬
‫شهتا ن‬ ‫اإلسالم أحدث خالفا‬
‫ي‬ ‫• وهذا السجود‬
‫• فالربانيون هم ُم رشعو اليهودية‪ ،‬وهم الذين نقلوا السجود‬
‫ن‬
‫المسلمي‪ ،‬بينما القراؤون هم الذين يقولون‪ :‬ال نؤمن‬ ‫من‬
‫ن‬
‫إال بما ورد ف الكتاب‪ ،‬فرفضوا صيغة السجود هذه‪)٣٥6(.‬‬
‫ي‬
‫ٌ‬
‫• فتأثت اإلسالم واضح‪ ،‬بل إنه من شدة تأثر اليهود باإلسالم‪ ،‬أطلقوا عىل التوراة اسم‬
‫"القرآن"‪)٣٥7(.‬‬

‫(‪ (354‬بزاخوت ‪.2 :14‬‬


‫( ‪ (355‬نشر هيلد سيمر‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫)‪ (356‬التأثيرات اإلسلمية في العبادة اليهودية‪ ،‬نفتالي فيدر‪ ،‬ترجمة د‪ .‬محمد سالم الجرح‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫(‪ (357‬مقدمة اللمع‪ ،‬مروان بن جناح‪.‬‬
‫‪495‬‬
‫استقبال القبلة‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬ومن الطقوس اإلسالمية التي نقلها اليهود ً‬
‫أيضا‬
‫ن‬
‫حال جلوسهم يف الصالة‪ ،‬وما كانوا يستقبلون القبلة أثناء الجلوس‪ ،‬بل يستقبلونها فقط‬
‫نف الوقوف‪ ،‬ويجلسون عىل أية هيئة شاءوا‪)٣٥8(.‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫والح ْت إبراهيم الحسيد‪.‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫الح ْ‬ ‫َ‬
‫الميموب‪،‬‬
‫ي‬ ‫اهيم‬‫ر‬ ‫إب‬ ‫ت‬ ‫الجديد‬ ‫سك‬ ‫• وقد رشع هذا الن‬
‫ُ‬
‫تغطية المرأة‬ ‫‪ ‬ومن التشريعات التي نقلها اليهود عن المسلمين‬
‫رأسها في غير الصالة‪ ،‬وهذا ال يُعرف في كتبهم كما يقول الحاخام‬ ‫َ‬
‫‪359‬‬
‫إسحاق لوريا‪.‬‬
‫يأب من يزعم أن اإلسالم تأثر باليهودية‪.‬‬‫• فتأثر الديانات باإلسالم واضح‪ ،‬ثم ر‬
‫ي‬

‫ٌ‬
‫مرفوض‪.‬‬ ‫❑فكل اختراع في الدين‬
‫‪ ‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬
‫‪)٣6٠(.‬‬

‫ًّ‬
‫❑ فهذه السمة العجيبة تجعل اإلسالم غضا كما هو‪ ،‬وكأنه للتو نزل عىل رسول هللا ﷺ‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ ‬فكل بدعة ن يف الدين ُيزيلها العلماء أوًل بأول‪.‬‬

‫‪)٣61(.‬‬

‫‪ ‬ر‬
‫فيبف اإلسالم عىل مر العصور كما هو‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (358‬التأثيرات اإلسلمية في العبادة اليهودية‪ ،‬نفتالي فيدر‪ ،‬ترجمة د‪ .‬محمد سالم الجرح‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫(‪ (359‬البواكير‪ ،‬ص‪.782‬‬
‫(‪ (360‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...2697 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1718 :‬‬
‫(‪ (361‬رواه اإلمام أحمد بسند صحيح‪ ...‬تاريخ دمشق‪ ،‬م‪ 7‬ص‪.39‬‬
‫‪496‬‬
‫‪ -160‬هل توجد كلمات في القرآن الكريم أصلها سرياني؟‬

‫ن‬
‫الدجالي المعارصين تغيي َر حروف بعض كلمات القرآن الكريم؛‬ ‫ُ‬
‫بعض‬ ‫ج‪ :‬حاول‬
‫أن لهذه الكلمات أص ًلا سريانيًّا‪.‬‬
‫لتقريبها من كلمات سريانية‪ ،‬ثم زعم َّ‬
‫ً‬
‫• وهذا أمر ما زلت أتعجب منه‪ ،‬وال أعرف ما الذي يدفع إنسانا لسلوك كهذا!‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫• ثم إن اللغة الشيانية كما فصلت قبل قليل ليست لغة أصيلة‪ ،‬فال يعرف الشيان‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫العرب للكلمة‪.‬‬
‫ي‬ ‫اللغوي‬ ‫الجذر‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫بالبحث‬ ‫إال‬ ‫غتهم‬‫ل‬
‫العرب‪.‬‬
‫ي‬ ‫• ولم يضبط الشيان لغتهم الشيانية إال بالقياس عىل الحرف‬
‫ن‬ ‫نقلت ر‬‫ُ‬
‫اعتافات يعقوب الرهاوي أحد أكت علماء الشيانية يف القرن السابع‬ ‫• وقد‬
‫ُ‬
‫الميالدي بأن الشيانية نسيت‪.‬‬
‫العرب للكلمة الشيانية‪ ،‬كما‬
‫ي‬ ‫• وال يمكن فهم الشيانية إال بالعودة للجذر اللغوي‬
‫الموصىل‪.‬‬ ‫داود‬ ‫ف‬ ‫يوس‬ ‫يس‬ ‫إقليم‬ ‫ان‬
‫ر‬ ‫المط‬ ‫ريانية‬ ‫الس‬ ‫ه‬ ‫فقي‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫يعت‬
‫ي‬
‫ن‬
‫• فالشيان اعتمدوا عىل اللغة العربية يف قراءة لغتهم‪ ،‬وجميع المعاجم الشيانية‬
‫ن‬
‫معاب الكلمات الشيانية إال عت رش ِحها‬ ‫الن يعتمد عليها الشيان ال تفش‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫األصلية ي‬
‫بالعربية‪.‬‬
‫ل معجم سرياني للغة الشيانية إال بعد وف اة الخليل بن أحمد‬ ‫• ولم يظهر أو ُ‬
‫ً‬
‫عامـا‪.‬‬ ‫الفراهي دي بتس ن‬
‫عي‬
‫ن ن‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫العي يف اللغة العربية للخلي ل‬ ‫• فقد احتاج الشيان قرنا كامًل من الزمان بعد معجم‬
‫حن ُيصنفوا هم معجمهم‪.‬‬ ‫ب ن أحم د الفراهي دي‪ ،‬ر‬
‫ُ ن‬
‫والعجيب يف دعوى مثل هؤالء الدجَّالين ممن ينسبون بعض الكلمات العربية للغة‬ ‫•‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫الشيانية‪ ،‬أن الجذر اللغوي لهذه الكلمات ال وجود له يف الشيانية أصًل‪ ،‬وإنما‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫يوجد فقط يف العربية‪ ،‬وقد انتحلته الشيانية يف مرحلة تالية من اللغة العربية‬
‫خالل تاري خ تطوير الشيان للغتهم‪.‬‬

‫إذن يقتبس القرآن هذه الكلمات من السريانية‪ ،‬وهي ال وجود‬ ‫‪ ‬فكيف ْ‬


‫معاني هذه الكلمات أص ًلا‬
‫َ‬ ‫لجذرها أص ًلا إال في العربية‪ ،‬وال يعرف السريان‬
‫إال بالعودة للجذر اللغوي العربي؟‬

‫❑ أمرهم عجيب!‬

‫‪ ‬إذا كانت السريانية في جملتها لغة غير أصلية ومنتحلة من العربية‪،‬‬


‫فكيف يَقلب هؤالء التاريخ والحقيقة؟‬

‫‪497‬‬
‫ن‬
‫• إذا كان يعق وب الره اوي والذي هو أكت علماء الشيانية يف القرن السابع الميالدي‬
‫مشوعه‬ ‫لم يستطع تنقيط الحروف الشيانية إال بعد أن أنه أبو األسود الدؤىل ر‬
‫ي‬
‫نف تنقيط الحروف العربية‪)٣62(.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫عالمات اإلعراب‪ :‬الفتحة والكشة والضمة‪ ،‬قام‬ ‫ِ‬ ‫• وحي وضع أبو األس ود ال ي‬
‫دؤىل‬
‫بوضعها من خالل طريقة نطق العرب للكلمات‪ ،‬بينما يعقوب الرهاوي جل س‬
‫خمن ف ي ك ل كلم ة أو ح رف م اذا يك ون أو كي ف يك ون‪.‬‬‫ل ُي ا‬
‫• فاللغة الشيانية وكذلك اللغات السامية األخرى ك ‪ :‬اآلرامية والعتية كلها ُمشتقة‬
‫من اللغة العربية‪.‬‬
‫ألن هذا واقعٌ يشهد به مَ ن‬ ‫❑ وال نقول هذا؛ ألنها لغة القرآن الكريم‪ ،‬بل َّ‬
‫درس هذه اللغات‪.‬‬
‫ُ‬
‫فالكثت من علماء اللسانيات يقررون أن اللغة العربية هي اللسان السامي‬
‫(‪)363‬‬
‫األصلي واألصيل ‪.Primitive Semitic Tongue‬‬
‫‪ ‬ويقرر كارل بروكلمان ن يف كتابه فقه اللغات السامية أن‪:‬‬

‫ب أس تاذ اللغ ة األش ورية وعلومه ا ف ي جامع ة‬‫• وف ي كتاب ه النح و األش وري المق ارن ك َت َ‬
‫ًّ‬
‫تأصيليا‬ ‫ً‬
‫تقريرا‬ ‫أكس فورد أرش يبالد هن ري س ايس ‪Archibald Henry Sayce‬‬
‫العرب للشعوب السامية‪ ،‬وأن جزي رة الع رب ه ي ال وطن األص يىل‬ ‫ي‬ ‫لحقيقة األص ل‬
‫للساميي‪ ،‬وه المنطق ة الوحي دة م ن الع الم الت ي بقي ت سامية خالصة‪)٣6٥(.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫يخف أن جغرافيا انتقال قبائل العرب والبدو المستمر عت التاري خ نحو مناطق‬ ‫• وال ن‬
‫ّ‬
‫بي النهرين وسوريا ُيؤكد أن أصل السامية هو العربية‪)٣66(.‬‬ ‫ما ن‬
‫ن‬
‫علىم برئاسة ميشيل‬ ‫ي‬ ‫فريق‬ ‫تكوين‬ ‫عن‬ ‫أوكسفورد‬ ‫جامعة‬ ‫أعلنت‬ ‫‪2٠12‬‬ ‫عام‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬
‫ربتاليا ‪ Michael Petraglia‬مدير مركز دراسات اآلثار اآلسيوية‪ ،‬وتم يف الدراسة‬
‫ن‬ ‫ر ُ‬ ‫ُ‬
‫الن ن رشت يف العدد ‪ 21‬من مجلة‬ ‫ي‬ ‫النتيجة‬ ‫وكانت‬ ‫‪،‬‬ ‫العرب‬ ‫جزيرة‬ ‫تضاريس‬ ‫بحث‬

‫تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪ ،‬ص ‪.150‬‬ ‫(‪(362‬‬
‫)‪(363‬‬ ‫‪Lectures on the Comparative Grammar of the Semitic Languages, P8.‬‬
‫(‪ (364‬كارل بروكلمان‪ ،‬فقه اللغات السامية‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫)‪(365‬‬ ‫‪Archibald Henry Sayce: An Assyrian Grammar For Comparative Purposes, P13.‬‬
‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫)‪(366‬‬ ‫‪Hugo Winckler: The History of Babylonia And Assyria, P19-20.‬‬
‫‪498‬‬
‫ر‬
‫األنتوبولوجيا التطورية للعام ‪ 2٠12‬أنه تم اكتشاف شبكة قديمة من وديان‬
‫األنهار‪ ،‬وأحواض البحتات مطمورة تحت رمال جزيرة العرب‪)٣67(.‬‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫❑ وهذه إحدى الصور ي‬
‫العرب‪)٣68(.‬‬ ‫العلىم لوديان األنهار يف جزيرة‬ ‫الن أخرجها الفريق‬
‫ي‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأصل السامية‪.‬‬
‫ُ ّ‬ ‫❑ فأرض العرب ولغة العرب ي‬
‫ه مهد‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫النن ﷺ يف صحيح مسلم‪:‬‬ ‫‪ ‬والنتائج ي‬
‫الن توصل لها فريق ميشيل بتاليا تذكرنا بحديث ي‬

‫بزكاة ماله فال‬‫الرجل َ‬


‫ُ‬ ‫فيض حتى يَخر َُج‬‫المال‪ ،‬ويَ َ‬
‫ُ‬ ‫كث َر‬‫الساعة حتى يَ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تقوم‬ ‫"ال‬
‫ِِ‬ ‫‪ِ 369‬‬ ‫يج ُد أحدًا يَق َب ُلها منه وحتى تعو َد ُ‬
‫أرض العرب مُ روجً ا وأنهارًا"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬فقول النن ﷺ‪ " :‬ر‬
‫يعن‪ :‬أن أرض العرب كانت‬ ‫العرب مروجا وأنهارا"‪ ،‬ي‬ ‫ِ‬ ‫أرض‬ ‫حن تعود‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قبل ذلك مروجا وأنهارا‪ ،‬وهذا ما أثبتته هذه الدراسة الفذة‪.‬‬
‫ومهد شعوب ما ن‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫• فأرض العرب كانت ً‬
‫بي النهرين‬ ‫يوما ما مهد اللغات السامية‪،‬‬
‫وسوريا؛ ولذلك فاللغة العربية ل م تش بها ش وائب االخ تالط بلغ ات غي ر الع رب‬
‫م ن الش عوب‪ ،‬بينم ا تحرك ت الف روع األخ رى م ن المهاجرين من أرض العرب ف ي‬
‫اتج اه الس هول وودي ان األنه ار‪ ،‬ف اختلطوا بغي رهم م ن الش عوب‪ ،‬فص ارت لغ اتهم‬
‫)‪(367‬‬
‫‪Michael Petraglia and Huw Groucutt: The Prehistory of the Arabian Peninsula: Deserts, Dispersals,‬‬
‫‪and Demography, Evolutionary Anthropology, 21: 113–125 (2012).‬‬
‫( ‪ً (368‬‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫(‪ (369‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.157 :‬‬
‫‪499‬‬
‫ً‬
‫مزيجا من اللغة األم ر‬
‫الن جاءوا بها وما شابها من آثار غتها من اللغات‪ ،‬فظهرت‬
‫ي‬
‫الشيانية واآلرامية والعتية‪.‬‬
‫ٌ‬
‫بقيت اللغة العربية ن يف أرض العرب ال تشوب ها شائبة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫• بينما‬

‫‪‬يقول إرنست رينان‪:‬‬

‫اعتاف فقيه الشيانية‪ ،‬وإمام الشيان المط ران إقليم يس يوس ف داود‬ ‫ويكف ر‬
‫ن‬ ‫❑‬
‫ي‬
‫حي قال بالحرف‪:‬‬ ‫ن‬
‫الشياب بأصالة اللغة العربية‪ ،‬ن‬ ‫الموصىل‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫ْ‬
‫❑ إذن نخلص مما سبق إىل القول بأن اللغة الشيانية لغة ضعيفة منحولة؛ ولذلك‬
‫ُ‬
‫ال تستطيع أن تولد من جذورها الكلمات بسهولة‪.‬‬

‫ه ْأو نف لغات العالم ن يف توليد الكلمات من جذورها‪.‬‬


‫❑ بينما اللغة العربية ي‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أضف إىل ذلك أن اللغة العربية ه اللغة الوحيدة ر‬
‫الن تستوعب أصوات حروفها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫❑‬
‫ر‬
‫الصوب كله‪ ،‬وتتوزع مخارجه ا عل ى مس احة واس عة ب ن‬ ‫َ‬
‫ي مختل ف مكونات ه‪ ،‬من‬ ‫ي‬ ‫الجهاز‬
‫َ ْ‬
‫الشفاه إىل أقض الحلق والحنجرة‪.‬‬
‫❑ وال نظي ر للعربي ة ف ي ذل ك ب ن‬
‫ي اللغ ات الس امية‪ ،‬ب ل وال ف ي أي لغ ة م ن لغ ات األرض‪.‬‬

‫❑ فمخارج حروف العربية مدهشة‪ ،‬وهذه من أعجب سمات اللغة العربية‪.‬‬

‫إرنست رينان‪ :‬دكتــور حســن ظاظـا‪ ،‬السـاميون ولغــاتهم‪ ،‬ص ‪.135‬‬ ‫(‪(370‬‬

‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية‪ ،‬إقليمــيس يوســف داود الموصلي السرياني‪ ،‬ص‪.8‬‬ ‫(‪(371‬‬

‫‪500‬‬
‫• بينما بقية لغات العالم تفتق د بع ض أص وات الح روف أو ت دمج بينه ا‪ ،‬وف ي بعضها‬
‫اآلخر ضاعت مخارج بكاملها بكل أصواتها وحروفها‪.‬‬
‫• فحرف الثاء عىل سبيل المثال ال وج ود له س وى ف ي العربي ة‪.‬‬
‫ُ‬
‫• ولذلك فكلم ة‪َ :‬ثـ ْور العربي ة‪ ،‬تحورت ن يف اآلشورية إىل شور‪.‬‬
‫ُ‬
‫• ثم انتحلتها الشيانية وصاروا ينطقونها تور‪.‬‬
‫أصًل؛ لذلك ن‬ ‫ا‬
‫حي انتحلتها من العربية أصبحت‬ ‫• فالشيانية ال يوجد بها حرف الثاء‬
‫تنطقها تور‪.‬‬
‫• وكلمة ذئب العربية تحورت إىل زيبو اآلشورية‪ ،‬ثم انتحلها الشيان ونطقوها دابا‪.‬‬
‫ً‬
‫• وهذا التحريف ن يف الكلمة؛ ألن الشيانية ليس فيها أيضا حرف الذال‪.‬‬
‫ن‬
‫• كذلك حرف الظاء لم يعد له وجود يف أية لغة سوى العربية؛ لذلك كلمة ظل‬
‫العربية األصيلة أصبحت ن يف اآلشورية صلو بينما انتحلها الشيان ونطقوها طاللو‪.‬‬
‫• وحرف الضاد انقلب نف الشيانية إىل ن‬
‫عي‪.‬‬ ‫ي‬
‫❑ و ِق ْس على هذا ما ال حصر له من الكلمات!‬
‫العرب األصيل أصبح ينطق "دال" ن يف الشيانية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• والطاء ذلك الحرف‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ه أيضا لغة تفتقد‬ ‫• فالشيانية ليست لغة فقتة يف التوليد الجذري فحسب‪ ،‬وإنما ي‬
‫للكثت من مخارج الحروف‪ ،‬بل وتفتقر للحروف نفسها‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ ا‬
‫• وحروف مثل الن ون وال الم مازالت تمثل مشكلة يف الشيانية‪ ،‬فمرة تقلب النون ر ااء‬
‫ً‬
‫تمايزا ًّ‬
‫تاما‪)٣72(.‬‬ ‫ن‬
‫وأخرى العكس‪ ،‬بينما هذه الحروف يف العربي ة متمايزة‬
‫ن‬ ‫ُ ْ‬ ‫ن‬
‫فه‬ ‫• وحرف الغي لم يعد له وجود يف جميع اللغات السامية سوى اللغة العربية‪ ،‬ي‬
‫الن مازالت تحتفظ به‪.‬‬ ‫الوحيدة ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫الغي ينطق ن يف الشيانية عينا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• فحرف‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وه النطق نفسه يف العتية عرب‪.‬‬ ‫• فكلم ة‪ :‬غ رب العربي ة أصبحت ع رب يف الس ريانية‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫• وحرف الخاء أيضا ليس له وجود ن يف الشيانية وأصبح ينطق َح ااء‪.‬‬
‫• فكلمة أخ العربي ة‪ ،‬ه ي‪ :‬أح ا بالشيانية‪ ،‬وآح بالعتية‪.‬‬
‫• كلمة حمار ن يف العربية تنطق ن يف الشيانية مارا‪.‬‬
‫أغن اللغات السامية بالجذور‬ ‫ونظرا لزيادة عدد حروف اللغة العربية أصبحت ن‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫وأص ول الكلم ات؛ وذلك لزي ادة ع دد حروفه ا‪ ،‬وتن وع مخارجها‪ ،‬وتوزع هذه‬
‫ر‬
‫الصوب كله‪.‬‬ ‫المخارج عىل الجهاز‬
‫ي‬
‫• ولذلك يصل ع دد ج ذور الكلم ات ف ي اللغة العربية إىل اثن ي عش ر أل ف ج ذر‪ ،‬بينما‬
‫ال يتجاوز ن يف الشيانية والعتية ثالثة آالف جذر‪.‬‬

‫(‪ (372‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪501‬‬
‫وجل اللغات السامية األخرى عىل اشتقاق أو ن‬ ‫ُ‬
‫اثني‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫• وبينم ا تقتص ر الس ريانية والعتي ة‬
‫ر‬
‫بالعشات من الجذر الواحد‪.‬‬ ‫من كل جذر‪ ،‬نجد العربية تستوعب اشتقاقات‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫والمثن ال يستعمل استعماًل صحيحا إال يف العربية‪ ،‬ول م يحفظ ف ي الس ريانية‬ ‫•‬
‫ومائتان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اثنتان‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫كلمتي من العدد‪ ،‬هما‬ ‫سوى‬
‫ِ‬
‫أضف إىل كل ما سبق أن اللغة العربية تتسم بأنها لغة اإلعراب‪ ،‬حيث تتح دد فيه ا‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫ن‬
‫وظيف ة الكلم ة ف ي الجملة بتغيت الحركات يف أواخر الكلمة‪.‬‬
‫‪ ‬والعربية تحتفظ بنظام اإلعراب كام ًلا‪ :‬حالة الرفع‪ ،‬وحالة الجر‪،‬‬
‫وحالة النصب‪)٣7٣(.‬‬

‫• بينما ضاعت عالمات اإلعراب من اآلرامية والشيانية والعتي ة‪ ،‬ول م يتب ق منه ا‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف أواخر الظروف يف اآلرامية‬ ‫س وى آث ار وبقايا‪ ،‬مثل‪ :‬بقاء الفتحة يف صورة ألف‪ ،‬ي‬
‫والشيانية‪.‬‬
‫ض القرون‪ ،‬وال َيفقد بريقه‪.‬‬ ‫ي‬
‫حيا ال َيخلق عىل ُم ن‬
‫• ومنهج اإلعراب يجعل اللفظ ًّ‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫• ومن العجيب حقا أن أغلب الكلمات يف الشيانية والعتية جامدة‪ ،‬وال جذر لها‬
‫ن‬
‫يحمل معناها يف معجمها‪ ،‬بينم ا توج د ه ذه الجذور ومش تقاتها بمعناها هذا ال ذي‬
‫الن‬‫ر‬
‫للعربية؛ لفهم األصول ي‬ ‫تحمل ه ف ي العربي ة‪ ،‬وه و م ا يعن ي نرصورة الرجوع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اشتقت منها كلمات الشيانية والعتية؛ ولذلك كما قلت فمعاجم الشيانية ال‬
‫العرب للكلمة‪.‬‬
‫ي‬ ‫رتتجم الكلمة الشيانية إال بردها للجذر‬
‫معارص لينسب كلمة قرآنية إىل الشيانية فهذا أمر عجيب‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫يأب‬‫• فعندما ر‬
‫ي‬
‫• وقد حاول الدجال الملحد كريستوف لوكسنتج تفست القرآن بالشيانية؛ ليهاجم‬
‫َّ‬
‫ع شيانية الكثت من كلمات القرآن‪ ،‬وزعم بخفة عقله‪ ،‬وقلة علمه‪،‬‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ويد ي‬
‫ومكر حيلته أننا لن نفهم القرآن إال برد كثت من الكلمات القرآنية للغة الشيانية‪.‬‬
‫الشقية واإلفريقية‬ ‫قد صدر بيان عن لوكسنتج من مركز الدارسات ر‬ ‫❑‬
‫َ‬
‫البيان ُ‬
‫عالم اللغويات فرانس وا‬ ‫بجامعة لندن‪ ،‬والمعروف باسم سواس ‪ ،SOAS‬وقد أصدر‬
‫ُ‬
‫دي بل وا ‪ ،François de Blois‬وقال فيه إن الشخص المدعو كريستوف لوكسنتج‪،‬‬
‫ليس لـه علـم باللغـات السـامية القديمـة‪ ،‬فهو مجرد مسيحي لبناني‪،‬‬
‫باحثا غربيًّا كما قد يوحي االسم "كريستوف لوكسنبرج"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وليس‬
‫‪ ‬يكمل عالم اللغويات فرانسوا دي ُبل وا ويقول‪:‬‬

‫مدخل إلى نحو اللغات السامية المقارن‪ ،‬موسكاتي‪ ،‬ص‪.162‬‬ ‫(‪(373‬‬

‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪502‬‬
‫‪Innocent of any real understanding of the methodology of‬‬
‫‪)٣74(.comparative semitic linguistics‬‬

‫ًّ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬


‫ويقرر أن ر‬ ‫ُ‬
‫علميا‪ ،‬بل من أعمال‬ ‫مشوع لوكسنتج ل يس عمًل‬ ‫• يكمل فرانسوا كالمه‬
‫الهواة ‪.Dilettantism‬‬

‫‪ ‬أما دكت ور داني ال كي نج ‪ Daniel King‬أس تاذ الدراس ات الس امية ف ي جامعة كارديف‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫وصاحب المؤلف ات ف ي ش رح الشيانية وتحلي لها لغته ا‪ ،‬فقد كتب دراسة مستقلة عن‬
‫مشوع لوكسنتج وقال فيه‪:‬‬ ‫ر‬

‫‪A series of largely unconnected‬‬


‫‪suggestions‬‬

‫ن‬ ‫• لقد ر‬
‫افتض لوكسنتج بسبب خفة عقله أن َمن كتبوا القرآن أخطأوا يف وضع النقط‬
‫َ‬
‫عىل بعض الحروف‪ ،‬وال يعرف أن القرآن منقول كل حرف فيه بالتواتر من فم‬
‫حن عرصنا الحديث نقل الشفاه وليس نقل‬ ‫الحفاظ نف كل جيل ر‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ إىل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫المصاحف‪.‬‬
‫حن يعيد قراءة بعض الكلمات القرآنية‪ ،‬ويحاول‬ ‫ر‬
‫االفتاء ر‬ ‫• وقد زعم لوكسنتج هذا‬
‫يكتف بهذا الهراء‪ ،‬بل‬ ‫ن‬ ‫قرب ها من اللغة الشيانية‪ ،‬والعجيب أن لوكسنتج لن‬ ‫أن ُي ا‬
‫ي‬
‫ر ُ ا‬
‫ن‬
‫وبي‬ ‫حن يوفق بينها‬ ‫وبمعاب الكلمات فيها‬‫ن‬ ‫سيعبث باللغة الشيانية نفسها‪،‬‬
‫ي‬
‫الن سنذكرها بعد قليل إن شاء هللا‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الكلمات القرآنية‪ ،‬كما ن‬
‫ي‬ ‫ستى يف األمثلة‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫منقول بطريقة نطقه بالتواتر من فم‬ ‫• أال يعرف لوكسنبرج أن كل حرف يف القرآن‬
‫النن ﷺ ن يف كل جيل عت تاري خ األمة‪.‬‬ ‫ي‬
‫• ألم يسمع لوكسنبرج عن طريقة الحصول على اإلجازة في حفظ القرآن الكريم؟‬
‫ُ‬
‫• أال يعرف لوكسنبرج أن الشيانية لغة محدثة نحلت من العربية‪ ،‬وأن الكلمات فيها‬
‫العرب؟‬ ‫جذرها‬ ‫إىل‬ ‫الشيانية‬ ‫الكلمة‬ ‫يعيدوا‬ ‫حن‬‫جامدة‪ ،‬وال َيفهم الشيان لغتهم ر‬
‫ي‬
‫• أال يعرف لوكسنبرج أن السريانية لغة فقيرة؟‬

‫)‪(374‬‬‫‪François de Blois: Review Of Die Syro-aramäische Lesart des Koran: Ein Beitrag zur‬‬
‫‪Entschlüsselung der Koransprache Christoph Luxenberg’, 2000, Das Arabische Buch:‬‬
‫‪Berlin, Journal of Qur'anic Studies, 2003, Volume V, Issue 1, P96-97.‬‬
‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫)‪(375‬‬ ‫‪Daniel King: A Christian Qur'ān, A Study in the Syriac Background to the Language‬‬
‫‪of the Qur'ān as Presented in the Work of Christoph Luxenberg, JLARC 3 (2009), P45.‬‬
‫‪503‬‬
‫• أال يعرف لوكسنبرج أن الشيانية ال توجد بها حروف‪ :‬الثاء وال الخاء وال الذال‬
‫ن‬
‫الغي؟‬ ‫وال الواو وال الضاد وال الظاء وال‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• أال يعرف لوكسنبرج أنه ال يوجد إعراب كامل يف لغات العالم إال يف العربية‪ ،‬ويوجد‬
‫بصورة بدائية نف األلمانية الحديثة؟(‪)٣76‬‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ه أم اللغات السامية؟‬‫• أال يعرف لوكسنبرج أن العربية ي‬

‫‪ ‬لمن نقول هذا الكالم؟‬


‫َ‬
‫ٌ‬
‫محفـوظ‪ ،‬فهو‬ ‫• إن نار الحسد تحرق قلوبهم‪ ،‬والغ ْي رة ت أكلهم من القرآن؛ ألنه‬
‫توقف‪،‬‬‫ُّ‬ ‫وحي فـي الصـدور‪ ،‬ويُقرأ فـي المحاريـب‪ ،‬وتتلوه األلسـنة بال‬ ‫ٌ‬
‫الن ننظر لها‬‫ر‬
‫وتموج به الحياة‪ ،‬بينما لغتهم دخلت المتاحف‪ ،‬وأصبحت من اآلثار ي‬
‫نف الرحالت المدرسية وسط المومياوات!(‪)٣77‬‬
‫ي‬
‫‪ ‬سنأخذ اآلن مثالينِ اثنينِ ىلع مشروع لوكسنبرج التحريفي‬
‫السخيف‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول لوكسنبرج‪ :‬إن كلمة "قرآن" مأخوذة من السريانية!‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ه عىل وزن "فعالن" وهذا وزن ال وجود له يف اللغة‬ ‫• والعجيب أن ا كلمة "قرآن" ي‬
‫الشيانية أصًل‪.‬‬
‫عرب أصيل‪ ،‬وال وجود‬
‫ي‬ ‫ه من الجذر اللغوي "قرأ" وهذا جذر‬ ‫• ثم إن كلمة "قرآن" ي‬
‫لهذا الجذر ن يف الشيانية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫• فهذا الجذر موجود فقط يف العربية‪ ،‬يقول عمرو بن كلثوم يف معلقته‪" :‬هجان اللون‬
‫لم تقرأ"‪.‬‬

‫• وليس ن يف الشيانية إال جذر قرا‪.‬‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫الشياب ن‬ ‫ن‬
‫• وهذا الجذر "قرا" ي‬
‫الديك‪)٣78(.‬‬ ‫يعن صياحا‪ ،‬مثل‪ :‬صياح‬ ‫المعجم‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫)‪ (376‬تاريخ اللغات السامية‪ ،‬جودة محمود الطحلوي‪ ،‬ص‪.34‬‬


‫(‪ (377‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫(‪ً (378‬‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬
‫‪504‬‬
‫يعتف أن كلمة‬ ‫المستشق المتعصب ضد اإلسالم ثيودور نولدكه ر‬ ‫ر‬ ‫❑ والعجيب َّ‬
‫أن‬
‫ِ ِ‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الن ظن لوكسنتج أنها أصل كلمة "القرآن" يف العربية‪ ،‬هذه الكلمة قريانا‬ ‫قريانا الشيانية ي‬
‫ً‬
‫طبقا لثيودور نولدكه‪" :‬لم تكن نف الشيانية القديمة"‪)٣7٩(.‬‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -2‬مثال ثاني طرحه لوكسنبرج في مشروعه هو‪ :‬كلمة "الحوايا" في قول اهلل تعالى‪:‬‬
‫ﭐ‪‬ﱡﭐ ‪ ..‬ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ‪..‬ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾146‬سورة األنعام‪.‬‬
‫نا ن‬ ‫ن ٌّ‬
‫معن يف‬ ‫شياب‪ ،‬وأنها ال يوجد لها‬‫ي‬ ‫• فاعتت لوكسنتج أن هذه الكلمة "الحوايا" أصلها‬
‫اللغة العربية‪.‬‬
‫تماما أن كلمة "الحوايا" كلمة عربية أصيلة صحيحة‪،‬‬ ‫• وأي عرب ُيتقن العربية يعلم ً‬
‫ي‬
‫عرب أصيل وهو "حوي"‪ :‬حوى يحوي الحوايا‪.‬‬ ‫ولها جذر ي‬
‫ر‬
‫فه كلمة عربية أصيلة‪ ،‬لكن‬ ‫الن تحمل األمتعة‪ ،‬ي‬‫• ونقول الحاوية‪ :‬للسيارات ي‬
‫لوكسنتج‬
‫حن لغة العرب‪.‬‬ ‫ال يعرف ر‬

‫)‪(379‬‬ ‫‪The History of the Qurʾān, P27.‬‬


‫‪505‬‬
‫ر‬
‫الن اقتبسها لوكسنتج من الشيانية ليقارب ها بكلمة "الحوايا"‬‫• والعجيب أن الكلمة ي‬
‫ن‬
‫وه تنطق يف الشيانية جاوي ‪ Gawaye‬لكنه زعم أنها تنطق‬ ‫ه كلمة جاوي‪ ،‬ي‬‫ي‬
‫ه "الحوايا"‪.‬‬ ‫ر‬
‫الجوايا‪ ،‬حن يظن القارئ أنها ي‬

‫❑‬
‫الداخل‪)٣8٠(.‬‬ ‫❑ واألهم من هذا أن كلمة جاوي نف الشيانية ن‬
‫تعن‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫ن‬
‫بمعن الداخل‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد وردت الكلمة الشيانية نفسها نف إنجيل ر‬
‫من‬ ‫ي‬

‫ً‬
‫لغة‪ :‬إال ما حملت ظهورهما أو الداخل‬ ‫‪ ‬فأيُّهما ُّ‬
‫أدق‬

‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬دسائس وأكاذيب‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬ ‫(‪(380‬‬

‫‪506‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ُ ُ ُ‬
‫وره َما أ ِو الح َوايا؟‬ ‫‪ ‬أم‪ِ :‬إًل ما حملت ظه‬

‫‪ ‬الحوايا‪ :‬المحتوى‪ ...‬ما تحويه البطن‪.‬‬


‫ً‬
‫لغة؟‬ ‫‪ ‬أيُّهما ُّ‬
‫أدق‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫ه‬
‫ي‬ ‫بينما‬ ‫جذر‪،‬‬ ‫لها‬ ‫ليس‬ ‫جامدة‬ ‫كلمة‬ ‫ه‬
‫ي‬ ‫الشيانية‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫"‬ ‫جاوي‬ ‫"‬ ‫كلمة‬ ‫أن‬ ‫ا‬ ‫حق‬ ‫‪ ‬والعجيب‬
‫ن‬
‫كلمة أصيلة ف العربية‪)٣81(.‬‬
‫ي‬
‫مشوع لوكسنتج وأشباهه‪.‬‬ ‫تبي طبيعة ر‬‫❑ فهذه أمثلة يستة ن‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (381‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪507‬‬
‫‪ -161‬هل مخطوطات صنعاء صحيحة؟‬

‫‪ ‬وهل فيها‪ :‬إعادة صياغة آيات وكلمات قرآنية مضافة وأخرى محذوفة‬
‫غير القرآن الذي بين أيدينا؟‬

‫وتبي أن ً‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫جزءا من هذه المخطوطات‬ ‫الماص‪،‬‬
‫ي‬ ‫يف سبعينيات القرن‬
‫بي أيدينا ن يف بعض اآليات أو بعض الكلمات‪.‬‬
‫ال يوافق القرآن الذي ن‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫المستش ن‬
‫فرحا بهذا الخت‪.‬‬ ‫قي‬ ‫• وطار بعض‬

‫‪ ‬لكنهم لم ُيدركوا أن هذا الجزء الذي أبهجهم هو مجموعة من ُ‬


‫الكراسات لطفل‬
‫ن‬
‫مسلم أو بعض األطفال المسلمين كان يحفظ أو كانوا يحفظون يف هذه المخطوطات‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬
‫فهذا الجزء من املخطوطات الذي وقع فيه اإلشكال ليس أكثر من‬
‫كُراسات لطفل مسلم كان يحفظ فيها القرآن‪ ،‬فيكتب ويمسح ويُصحح‬
‫لنفسه‪ ،‬ويخطئ هنا‪ ،‬ويعيد الكتابة هنا‪ ...‬كُراسة حفظ للقرآن‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫• دفنت هذه الكراسة أو هذه الكراسات يف مسجد صنعاء‪ ،‬وعندما قاموا بعمل‬
‫تجديدات للمسجد وجدوا المخطوطات ومن بينها هذه الكراسات‪.‬‬
‫• هذا كل ما ن يف األمر‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫فرق ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫وبي‬ ‫بي هذه الكراسة أو هذه الكراسات‬ ‫مستشق ليقول لنا‪ :‬هناك‬ ‫• ثم ي‬
‫يأب‬
‫الحاىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫المصحف‬
‫الحاىل ُمحرف!‬
‫ي‬ ‫• إذن المصحف‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬
‫غريب‪.‬‬ ‫عجيب‪ ،‬وجهل‬ ‫• ي‬
‫شء‬

‫الدليل على أن مخطوطة صنعاء هي ُكراسة‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬وهنا يسأل سائل ويقول‪ :‬ما هو‬
‫حفظ وتعليم؟‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫سام عامري يف إحدى حلقاته يف هذا الموضوع‪،‬‬
‫ي‬ ‫الدكتور‬ ‫أورده‬ ‫ة‬ ‫أدل‬ ‫ما سأذكره اآلن من‬
‫ا‬
‫سواء من‬ ‫تقريبا مع جميع َمن راجعوا هذه المخطوطات‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫سام عامري تواصل‬ ‫والدكتور‬
‫ي‬
‫قي‪)٣82(.‬‬ ‫ر‬
‫المستش ن‬ ‫ن‬
‫المسلمي أو‬

‫)‪ (382‬رابط حلقة د‪ .‬سامي عامري‪https://www.youtube.com/watch?v=fw7mMjbkk-Y :‬‬


‫‪508‬‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫وهلة يعلم أنها‬
‫ٍ‬ ‫المستشقون يف المجمل َمن يراها ألول‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫❑ المخطوطة ي‬
‫الن يتحدث عنها‬
‫كراسة تعليم‪ :‬فالسطور غت ُمنسقة‪ ،‬والكلمات غت ُمرتبة‪.‬‬
‫ُ‬
‫شكل كراسة تعليم‪.‬‬ ‫• الشكل العام للصفحات هو‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فال توجد الضوابط الشديدة المعتمدة يف كتابة المصحف كما هو معلوم يف ذاك‬
‫العرص‪.‬‬

‫ن‬ ‫ً‬
‫• أيضا تجد أن الطفل الذي كان يكتب يف هذه المخطوطة‪ ،‬يكتب الكلمة ثم يمسحها‪،‬‬
‫ويكتب فوقها كلمة أخرى‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫جدا ن‬ ‫ن‬
‫طفل يحفظ‪.‬‬ ‫كلمتي؛ فهو‬ ‫بي‬ ‫• أو ينش كلمة فيعود لكتابتها يف مساحة صغتة‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫وأحيانا ر‬
‫يأب الطفل الذي كان يحفظ يف هذه الكراسات‪ ،‬فيكتب كلمة مقاربة للكلمة‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫َّ‬
‫القرآنية الصحيحة‪ ،‬فيتذكر الكلمة الصحيحة فيمسح القديمة‪ ،‬ويكتب‬
‫الصحيحة فوقها أو مكانها‪.‬‬
‫‪509‬‬
‫‪ ‬مثال على ذلك يف قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‬
‫ن‬

‫ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﱠ‪.‬‬

‫ً‬
‫شبيها"!‬ ‫• الطفل كتبها‪" :‬لم نجعل له من قبل‬
‫َّ‬
‫• ثم تذكر الكلمة الصحيحة َس ِم ًّيا فجعلها َس ِم ًّيا‪.‬‬

‫َّ‬
‫فيتذكر الكلمة الصحيحة فيمحو ً‬ ‫ً‬
‫جزءا من الكلمة‬ ‫• وأحيانا الطفل يكتب كلمة بالخطأ‬
‫الخطأ‪ ،‬ويكسل عن مسح كل الكلمة الخطأ‪ ،‬كما فعل مع قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲸﲹ‬

‫ﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀ ﱠ ‪.‬‬
‫ات الن َس ِاء‪.‬‬ ‫َّ َ‬
‫ين ل ْم َي ْظ َه ُروا َع ٰ َ ْ َ‬
‫ىل عور ِ‬ ‫• الطفل كتبها‪ :‬أو الولدان ال ِذ‬
‫ْ‬
‫• فتذكر أنها {أ ِو الطف ِل} وليس أو الولدان‪ ،‬فقام بمسح آخر ‪ ٣‬حروف من كلمة‬
‫الولدان‪ ،‬وترك بقية الكلمة فظهرت بهذه الصورة باألسفل‪:‬‬

‫• الو الطفل!‬
‫‪510‬‬
‫ً‬
‫• وأحيانا يكتب الكلمة القرآنية بصورة غت منضبطة‪ ،‬مثال عىل ذلك ن يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ‬

‫ﲖﲗﲘﲙﲚ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾18‬سورة التوبة‪.‬‬


‫• هنا كتب‪َ { :‬ول ْم َي ْخ َ‬
‫ش} كتبها‪ :‬والم يخش‪ ،‬فأضاف حرف األلف عىل الكلمة‪،‬‬
‫والصورة باألسفل‪.‬‬

‫ً‬
‫• وأحيانا يكتب اآلية بصورة صحيحة‪.‬‬
‫ُ‬
‫• ولكن عندما يراجعها من حفظه يتصور أنه أخطأ فيمحو الصحيح‪ ،‬ويكتب مكانه‬
‫كلمة خطأ‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ن َ‬
‫بي كلمة { َوجاهد}‬
‫الل ِه} هنا المسافة ن‬
‫• مثلما فعل مع قوله تعاىل‪{ :‬وجاهد ِ يف س ِب ِ‬
‫يل‬
‫َ َ‬
‫كلمتي‪َ { ،‬و َجاهد ِ ن يف}‪.‬‬
‫ن‬ ‫وبي كلمة { نف} مسافة طبيعية ن‬
‫بي‬ ‫ِي‬
‫ن‬
‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫• لكن نف المراجعة أضاف ً‬
‫واوا وألفا بعد كلمة { َو َجاهد} فجعلها‪ :‬وجاهدوا‪.‬‬ ‫ي‬
‫• فهو ظن أنها‪ :‬وجاهدوا‪ ،‬كما ن يف اآلية التالية لها‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫الحرفي‪ :‬الواو واأللف بصعوبة نف المسافة الصغتة ن‬


‫ن‬ ‫ر‬
‫الكلمتي كما يف‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫فحش‬ ‫•‬
‫َ‬
‫الصورة باألسفل من المخطوطة المكتشفة‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫ُ‬
‫• فهذه كراسة تعليمية‪ ...‬كراسة تدريبية لطفل مسلم يحفظ القرآن‪.‬‬
‫ن‬
‫سنوات‬
‫ٍ‬ ‫• هذه الكراسة ضاعت ووجدوها أثناء ترميم مسجد صنعاء يف اليمن منذ‬
‫بي مخطوطات أخرى كثتة‪.‬‬ ‫قليلة ن‬
‫قي َ‬ ‫ر‬
‫المستش ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومن ينقلون عنهم من الملحدين العرب‬ ‫• فتصبح هذه الكراسة عند‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ُحجة ودليًل عىل أن القرآن ُمحرف!‬
‫عجيب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪-‬‬
‫ٌ‬
‫مدهش‪.‬‬ ‫عجيب‪ ...‬أمرهم‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬وهللا‬
‫• العجيب واألعجب من كل ما سبق في هذه الكراسة أن‪ :‬فاتحة سورة التوبة‪...‬‬
‫ن‬
‫أول سورة التوبة يف هذه المخطوطة مكتوب فيها‪ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫• وتحتها مكتوب‪ :‬ال تقل‪ :‬بسم هللا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫معلوم‪.‬‬ ‫• ف ‪ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم ال تكتب يف أول سورة التوبة كما هو‬

‫‪512‬‬
‫• فالمدرس الذي يقوم بالتدريس لهذا الطفل‪ ،‬ويقول له‪ :‬ال تبدأ ببسم هللا‬
‫الرحمن الرحيم‪.‬‬
‫• ال تقل‪ :‬بسم هللا‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬كما ن يف الصورة من المخطوطة المكتشفة باألسفل‪:‬‬

‫‪ ‬فالطفل أخطأ‪ ،‬والمدرس ُيصحح له‪.‬‬


‫مرجعا نف تصحيح القرآن الذي ن‬
‫بي أيدينا‬ ‫ً‬ ‫• ثم يأتيك ملحد ويعتمد هذه الكراسة‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫والمنقول بالتواتر‪.‬‬
‫• متخيل!‬

‫موضوع املخطوطات يف الجملة‪ ،‬كان املستشرقون يضحكون به ىلع‬


‫سكان أوروبا ممن ال يفهمون شيئًا يف اإلسالم‪.‬‬

‫عرب نفس هذه الفكرة‬ ‫ملحد‬ ‫فيه‬ ‫يستخدم‬ ‫الذي‬ ‫اليوم‬ ‫• وما ُكنا نتخيل أن ر‬
‫يأب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫بي أبناء المسلمي‪.‬‬ ‫المضحكة ن‬
‫ن‬
‫مسلمي‬ ‫ن‬
‫المسلمي يدخل عليهم هذا الكالم‪ ،‬وكأنهم ما كانوا‬ ‫• واألعجب أن بعض‬
‫ً‬
‫يوما‪.‬‬

‫❑وكأنهم يتصوَّ رون َّ‬


‫أن‪:‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫اختف‪ ،‬وتم اكتشاف بعض مخطوطاته فجأة‪.‬‬ ‫قديم‬ ‫حجري‬ ‫نقش‬ ‫القرآن‬

‫‪513‬‬
‫ن‬
‫الحاصلي عىل إجازة نقل القرآن‪ ،‬نقل الفم‬ ‫• وكأنه ال يوجد عندنا مئات اآلالف من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫للفم بالسند المتصل المتواتر‪ ،‬لكل حركة ونغمة وغنة وشدة وحركات المد لكل‬
‫عرصنا‬ ‫ر‬
‫وحن‬ ‫النن ﷺ إىل جميع الطبقات من عرص الصحابة‬ ‫حرف ن‬
‫ِ‬ ‫قرآب من فم ي‬
‫ي‬
‫الحاىل‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫• فالقرآن منقول بالتواتُر التام الكامل يف كل طبقة من ي‬
‫النن ﷺ إىل اليوم‪.‬‬
‫ن‬
‫• فهذه معجزة‪ ...‬هذه نعمة كبتة من هللا يف حفظ كتابه‪ ...‬نعمة النقل المتصل‬
‫المتواتر لكل حرف ن‬
‫قرآب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫ً ن‬ ‫ر‬
‫مرجعا يف تصحيح القرآن‬ ‫يأب َمن يتصور أن هناك مخطوطة تم اكتشافها لتصبح‬ ‫• ثم ي‬
‫المتواتر!‬

‫ىلع هؤالء جميعًا أن يعلموا أنَّ القرآن يف األصل‪ :‬كتابٌ صوتيٌّ‪ ،‬وليس‬
‫كتابًا ورقيًّا‪ ،‬حتى نقول‪ :‬وجدنا مخطوطة!‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫فم‬ ‫من‬ ‫بالتواتر‬ ‫منقولة‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫نطق‬
‫ِ‬ ‫طريقة‬ ‫القرآن‬ ‫• كل حرف ي‬
‫ف‬
‫صوتيا ر‬‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫حن الساعة‪.‬‬ ‫صوب‪ ،‬وما زال كتابا‬ ‫ي‬ ‫• فالقرآن كتاب‬
‫ن‬
‫• فأنت تأخذ القرآن من فم شيخك‪ ،‬وال تستطيع أن تحصل عىل إجازة يف القرآن من‬
‫الشفاه لكل حرف فيه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫غت النقل‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫ي‬ ‫إىل‬ ‫وصوًل‬ ‫وهكذا‬ ‫شيخه‪،‬‬ ‫فم‬ ‫من‬ ‫اإلجازة‬ ‫عىل‬ ‫حصل‬ ‫ك‬ ‫وشيخ‬ ‫•‬
‫• مثال عىل إجازة هذه الصورة باألسفل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫الن ينق ُل فيها الشيخ القرآن عن‬
‫ر‬
‫❑ ي‬
‫وه مثال من مئات اآلالف من األمثلة عىل اإلجازات ي‬
‫ً‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫شيخه عن شيخه صعودا إىل الصحابة ثم ي‬
‫ن‬
‫الحاصلي عىل مثل هذه اإلجازات‪.‬‬ ‫❑ وعندنا مئات اآلالف من‬

‫‪514‬‬
‫ن‬ ‫❑ وال تتم طباعة المصحف ر‬
‫حن الساعة يف أية دولة إسالمية إال بعد أن يقوم بمراجعته‬
‫ا‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫الننﷺ‪.‬‬‫ي‬ ‫فم‬ ‫من‬ ‫شفاهة‬ ‫وه‬ ‫أهل األسانيد ممن تلق‬

‫‪515‬‬
‫ُ‬
‫ابن الجزري‪:‬‬ ‫‪‬قال‬

‫‪ ‬ومن طريف ما يُقال هنا‪ :‬إن مسجد صنعاء الذي اكتشفوا فيه هذه‬
‫مستقل عىل صحة اإلسالم!‬ ‫ٌّ‬ ‫المخطوطات‪ ...‬تاري خ بناء هذا المسجد هو دليل‬
‫ً‬
‫سريعا‪:‬‬ ‫‪ ‬والقصة‬
‫ُ‬
‫‪ ‬أرسل النن ﷺ برسالة إىل كشى ملك الفرس ‪-‬خشو ن‬
‫الثاب‪ -‬يدعوه فيها لإلسالم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وكان حامل الرسالة عبد هللا بن حذافة السهىم ‪ -‬ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬فلما قرئت الرسالة عىل‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ا ي ا‬
‫كشى أخذها ومزقها ورم بها‪ ،‬وأرسل رسالة عاجلة إىل باذان عامله عىل اليمن يف صنعاء‪،‬‬
‫النن‬ ‫يريد‬ ‫‪-‬‬ ‫الرجل‬ ‫بهذا‬ ‫ي‪ -‬إىل الحجاز‪ ،‬فلي ن‬
‫أتياب‬ ‫ي َج ْل َدين ‪-‬قوي ْ ن‬
‫يقول له فيها‪ :‬ابعث برجل ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ﷺ‪)٣84(."-‬‬

‫( ‪ (383‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.6‬‬


‫( ‪ (384‬الجامع الصحيح للسنن والمسانيد‪ ،‬صهيب عبد الجبار‪.‬‬
‫وقصة تمزيق كسرى لرسالة النبي ﷺ مروية في الوثائق التاريخية لإلمبراطورية الفارسية‪:‬‬
‫‪There are differing accounts of the reaction of Khosrau II. Nearly all assert that he destroyed the letter‬‬
‫‪in anger; the variations concentrate on the extent and detail of his response.‬‬
‫‪"Kisra", M. Morony, The Encyclopaedia of Islam, Vol. V, ed. C.E. Bosworth, E.van Donzel, B. Lewis and‬‬
‫‪C. Pellat, (E.J.Brill, 1980), 185.‬‬
‫‪516‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫الرجالن‬
‫ِ‬ ‫قدم‬ ‫فلما‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫هللا‬ ‫برسول‬ ‫ليأتيا‬ ‫عنده‬ ‫من‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫رجل‬ ‫باذان‬ ‫• فاختار حاكم اليمن‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ النظر‬‫ي‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫ما‪،‬‬ ‫حاه‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬ودخال عليه وقد حلقا ِل‬ ‫إىل المدينة قابال ي‬
‫يقصدان كشى‪ ،‬فقال الرسول‬ ‫ِ‬ ‫إليهما‪ ،‬وقال‪ :‬ويلكما‪َ ،‬من أمركما بهذا؟ قاال‪ :‬ربنا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫شارب‪.‬‬
‫ي‬ ‫لحين‪ ،‬وقص‬
‫ي‬ ‫أمرب بإعفاء‬
‫ي‬ ‫ﷺ‪ :‬ولكن ي‬
‫رب‬
‫َ‬
‫• فقال أحدهما‪ :‬يا محمد‪ ،‬إن الملك شاهنشاه يبعث إليك َمن يأتيه بك‪ ،‬فلم ي ُرد‬
‫النن ﷺ ‪ ،‬وأمرهما أن ُيالقياه من الغد‪.‬‬ ‫عليه ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ‪ :‬أبلغا صاحبكما ‪-‬‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬فقال لهما ي‬ ‫الرجالن إىل َي‬ ‫ِ‬ ‫الثاب جاء‬
‫ي‬ ‫• ي‬
‫وف اليوم‬
‫َ َ ُ ْ َ ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫الليلة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هذه‬
‫شى يف ِ‬ ‫رب قد قتل ربه ِك‬‫أبلغا باذان عامل اليمن‪ -‬أن ي‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫الرجالن إىل باذان يخت ِان ِه‬
‫ِ‬ ‫فعاد‬ ‫الليلة‪،‬‬ ‫تلك‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ل‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫النن ﷺ أن كشى‬ ‫• فقد أخت ي‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫النن ﷺ يف‬ ‫باألمر‪ ،‬فتعجب باذان وانتظر الخت من بالد الفرس؛ إذ كيف علم ي‬
‫تقريبا وصل‬‫ً‬ ‫حن يصل إليه‪ ،‬وبعد شهر‬ ‫شهرا من السفر ر‬ ‫ً‬ ‫الليلة نفسها بأمر يحتاج‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫الن حددها ي‬ ‫تلك الليلة ي‬ ‫بالفعل الخت بمقتل كشى يف‬
‫َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ َ ْ‬
‫ين بال َي َمن‪)٣8٥(.‬‬
‫ِ‬ ‫سلم هو واألبناء ال ِذ ِ‬ ‫• فلما علم باذان ِبذ ِلك‪ ،‬أ‬
‫َ‬
‫• وهذه المعجزة كانت أحد أسباب إسالم أهل اليمن‪)٣86(.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫النن ﷺ ‪ ،‬وع ِلم باذان بذلك فأسلم‪،‬‬ ‫دها‬‫حد‬ ‫الن‬ ‫• فقد ُقتل كشى نف تلك الليلة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫وأسلم أهله‪ ،‬وحكومته‪ ،‬وجاء وفد من أهل اليمن يتعلمون اإلسالم‪ ،‬وأرسل فيهم‬
‫النن ﷺ معاذ بن جبل‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫• وهذا هو وفد اليمن يف الستة النبوية‪.‬‬
‫ن ُ‬
‫النن ﷺ بعد ذلك ببناء مسجد يف بستان باذان‪ ،‬وهذا هو المسجد الكبت‬ ‫• وقد أمر ي‬
‫ُ‬
‫بصنعاء الذي اكتشفت فيه هذه المخطوطات‪.‬‬

‫)‪ (385‬المرجع السابق‪.‬‬


‫(‪ (386‬تاريخ مقتل خسرو في الوثائق الفارسية القديمة مطابق لوقت رسائل الملوك في السيرة النبوية وهو ‪ 28‬فبراير‬
‫عام ‪ 628‬م‪.‬‬
‫‪517‬‬
‫وإحداثيات ِه بالضبط‪ ،‬بصخرة معروفة‬
‫ِ‬ ‫❑ والعجيب أن ي‬
‫النن ﷺ قد حدد قبلة المسجد‬
‫هناك‪ ،‬وموجودة ر‬
‫حن الساعة‪.‬‬

‫‪ ‬قال ﷺ‪:‬‬

‫بحواىل‬
‫ي‬ ‫وه تبعد عن صنعاء‬ ‫• لقد حدد ي‬
‫النن ﷺ ِقبلة المسجد من المدينة المنورة‪ ،‬ي‬
‫مت‪.‬‬‫ألف كيلو ر‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ضي‪...‬‬ ‫• فالقبلة تنطلق من صخرة غمدان إىل جبل‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫هذا اتجاه القبلة الذي حدده ي‬
‫• وسبحان هللا نكتشف اليوم باألقمار الصناعية أن‬
‫أكت من ‪14٠٠‬‬‫الن حددها النن ﷺ منذ ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫القبلة ي‬
‫ه القبلة المثالية للمسجد الكبت بصنعاء‪،‬‬ ‫عام‪ ،‬ي‬
‫فتصت هذه آية نشهدها اليوم‪ ،‬ويشهدها أهلُ‬
‫اليمن إىل قيام الساعة‪)٣88(.‬‬

‫قي يتعاملون مع القرآن وكأنه‬ ‫ر‬


‫المستش ن‬ ‫• المشكلة أن‬
‫ٌ‬
‫نقش حجري قديم‪ ،‬فيحاولون تصحيح القرآن‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫بي أيدينا اليوم ببعض المخطوطات‪.‬‬ ‫الذي ن‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫• ويتعاملون مع اإلسالم وكأنه حضارة بائدة‪ ،‬وليس تاريخا منقوًل نقل الكافة عن‬
‫بيوم من زمن البعثة النبوية‪.‬‬ ‫ً‬
‫الكافة يوما ٍ‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫مخطوطات للتشكيك يف تاريخنا أو ديننا‬
‫ٍ‬ ‫المستشقون الذين يستخدمون‬ ‫• فهؤالء‬
‫يتعاملون مع حضارتنا وتاريخنا وكأننا غت موجودين‪.‬‬
‫ُ‬
‫• وكأن هذه المخطوطات ستعيد قراءة تاريخنا‪.‬‬
‫• وكأننا لم نكتب تاريخنا‪ ،‬ولن نعرفه إال عت المخطوطات!‬
‫َ‬
‫• هؤالء المستشرقون نار الحسد تحرق قلوبهم‪ ...‬الغ ْي رة ت أكلهم لكون القرآن‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫محف وظا ف ي الص دور‪ ،‬ويقرأ ف ي المحاري ب‪ ،‬وتتلوه األلس نة بال توقف من زمن‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫وسيبف إىل قيام الساعة وإن رغم أنف العالم‪.‬‬ ‫وحن الساعة‪،‬‬ ‫البعثة النبوية‬

‫(‪ )387‬الحافظ الرازي‪ ،‬تاريخ صنعاء‪.‬‬


‫(‪ (388‬فيديو يشرح المعجزة في تحديد قبلة مسجد صنعاء ببرنامج جوجل إيرث‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=55386V8nbAs‬‬
‫‪518‬‬
‫ﲝﲟﲠﲡﱠ ﴿‪ ﴾٥6‬سورة الروم‪.‬‬ ‫ﲞ‬ ‫‪‬ﱡﭐﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ‬
‫قي الدينية فقد أصبحت ثقافة متاحف؛ لذلك هم‬ ‫ر‬
‫المستش ن‬ ‫• أما ثقافة هؤالء‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫يحتقون كمدا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• أصبحت ثقافتهم يف المتاحف ننظر إليها يف الرحالت المدرسية وسط‬
‫المومياوات!(‪)٣8٩‬‬
‫َ‬
‫يبق اليوم عىل وجه األرض سوى اإلسالم‪ ،‬وبقايا ديانات‪ ،‬وعلمانية‪.‬‬ ‫• لم‬
‫• هذا شكل األرض اليوم‪ ،‬شاء العال ُم أم أب!‬
‫يبق سوى اإلسالم‪ ،‬وبقايا رشائع ُمسخت بالعلمانية‪.‬‬ ‫َ‬
‫• لم‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫• وصار اإلسالم اليوم أشع الديانات انتشارا عىل اإلطالق‪.‬‬
‫ر ٌ‬ ‫ُُ‬
‫محتقة‪.‬‬ ‫• لذلك فقلوب هم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (389‬راجع كتاب‪ :‬تفسير القرآن بالسريانية‪ ،‬د‪ .‬بهاء األمير‪.‬‬


‫‪519‬‬
‫تعدد القراءات؟‬
‫‪ -162‬ماذا عن شبهة ُّ‬

‫التعدد في القراءات؟‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬فهناك عدد من القراءات ‪-‬القراءات العشر‪ -‬فلماذا هذا‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ج‪ :‬هناك حديث متواتر ُرواه أكت من عشة من الصحابة‪ ...‬رواه البخاري ومسلم أن ي‬
‫النن‬
‫َ‬
‫القرآن أ َ‬
‫نزل عىل سبعة أحرف"‪)٣٩٠(.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ﷺ قال‪" :‬إن هذا‬
‫ا‬
‫كامًل قال عمر بن الخطاب ‪ -‬ن‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬واآلن لنقرأ الحديث‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬ ‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬

‫ُ‬ ‫َّ‬
‫باألحرف السبعة‪.‬‬ ‫فالنن ﷺ علم الصحابة القرآن‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ً‬
‫• كل مجموعة صحابة كانوا يعرفون حرفا من األحرف السبعة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ا‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬ر‬


‫الصحاب عبد هللا بن مسعود‬ ‫ي‬ ‫عن‬ ‫مثًل‬ ‫التابع فيأخذ سورة النحل‬ ‫ي‬ ‫يأب‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫َُ‬
‫لوجه يف القراءة يختاره‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بحرف‬
‫ٍ‬ ‫الصحاب أ يب بن كعب‬
‫ي‬ ‫بحرف‪ ،‬ويأخذ سورة اإلشاء عن‬ ‫ٍ‬
‫ر‬
‫الن اختارها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫لألحرف‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫االختيا‬ ‫بهذه‬ ‫تالميذه‬ ‫التابع‬
‫ي‬ ‫هذا‬ ‫م‬ ‫عل‬ ‫ي‬ ‫ثم‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫• فتسىم هذه االختيارات لألحرف قراءة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫بحرف آخر‪ ،‬يسىم هذا‬ ‫ٍ‬ ‫بحرف وتلك السورة‬
‫ٍ‬ ‫التابع هذه السورة‬
‫ي‬ ‫يختار‬ ‫عندما‬ ‫إذن‬ ‫•‬
‫االختيار "قراءة" ومن هنا ظهرت القراءات‪.‬‬

‫متفق عليه‪ ...‬البخاري‪ ،‬ح‪ ،6936:‬ومسلم‪ ،‬ح‪.818:‬‬ ‫(‪(390‬‬

‫‪520‬‬
‫‪ ‬فاألحرف السبعة هي المُ تضمَّ نة في القراءات العشر‪.‬‬
‫المسلمي ممن يحفظون القرآن بالقراءات ر‬
‫العش‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• واليوم عندنا مئات اآلالف من‬

‫‪ ‬لكن هل هذه القراءات العشر هي فقط في اختالف المدود وطريقة نطق بعض‬
‫الحروف في القرآن؟‬

‫• نعم! هذا هو األصل‪.‬‬


‫ن‬
‫• فاختالف األحرف السبعة هو اختالف يف المدود وطريقة نطق بعض الحروف‪،‬‬
‫ً‬
‫تيستا عىل لسان العرب‪.‬‬ ‫وهذا‬
‫ً‬
‫وبالتاىل تختلف من‬
‫ي‬ ‫حرف آلخر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫• لكن يوجد أيضا بعض الكلمات القليلة تختلف من‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫نا‬
‫إضافيا لآلية‪.‬‬ ‫معن جديدا‬ ‫اءة ألخرى‪ ،‬فتؤدي كل قراءة‬
‫قر ٍ‬
‫ٌ‬
‫‪‬ولذلك قال مجاهد تلميذ ابن عباس‪:‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫معاب جديدة لآلية‪.‬‬
‫ي‬ ‫تفتح‬ ‫• فكل قراءة‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬
‫العش مأخوذة من األحرف السبعة‪ ،‬وكلها منقولة بالتواتر من فم‬ ‫• إذن فالقراءات‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ه اختالف يف طريقة تدوير بعض الحروف‪.‬‬ ‫• وأغلب الفروق بي القراءات ي‬
‫ً‬
‫مصحفا‬ ‫‪ ‬لكن هنا قد يظهر سؤال‪ :‬كيف يكون مصحف عثمان‬
‫واح ًدا‪ ،‬وعندنا هذا العدد من القراءات؟‬

‫رص هللا عنه‪ -‬لما جمع المصحف لم ُينقطه‪.‬‬


‫ن‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬أن عثمان ‪ -‬ي‬
‫لم يضع النقط عىل الحروف‪.‬‬

‫• وربما يظن البعض أن هذا يعود لكون التنقيط لم يظهر إال ن يف مرحلة تالية‪.‬‬
‫وهذا خطأ!‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫رص هللا عنه‪ -‬بزمن‪.‬‬
‫العرب كان موجودا قبل عثمان بن عفان ‪ -‬ي‬
‫ي‬ ‫• فالتنقيط للحرف‬
‫• وعندنا برديات تعود للعام ‪ 22‬هجرية‪ ،‬يظهر فيها التنقيط ًّ‬
‫جليا‪.‬‬

‫‪521‬‬
‫ًّ‬
‫جدا‪)٣٩1(.‬‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫• وعندنا ُ‬
‫مبكر‬‫أثر ابن عباس أن عامر بن جدرة وضع التنقيط يف زمن‬
‫إذن عدم التنقيط للقرآن نف مصحف عثمان أحد أسبابه‪ :‬ر‬ ‫ْ‬
‫حن يتيح القراءة‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫بالقراءات‪.‬‬
‫• فمصحف عثمان يتيح القراءة بجميع القراءات‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫فحن لو لم يتم‬ ‫• لكن كما قلنا‪ :‬يف بعض المواضع تتغت الكلمة من قراءة ألخرى‪،‬‬
‫ن‬ ‫ْ ُ‬
‫واحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مصحف‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫اءة‬
‫ر‬ ‫الق‬ ‫أوجه‬ ‫كل‬ ‫ت‬ ‫ثب‬
‫التنقيط لن نستطيع أن ِ‬
‫ن‬
‫قول ِه تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓ ﱠ﴿‪ ﴾24‬سورة الحديد‪.‬‬ ‫ا ن‬
‫• فمثًل ي ِ‬
‫ف‬

‫• عندنا قراءة أخرى‪ :‬ﭐﱡﭐﳍﳎﳏﳐﳒﳓﱠ﴿‪ ﴾24‬سورة الحديد‪.‬‬

‫‪ ‬فماذا يفعل عثمان ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬حتى يستوعب القراءتين في مصحفه؟‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬قام عثمان ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬يف المصحف الذي كتبه للمدينة والشام‬

‫بجعلها بقراءة‪ :‬ﱡﭐ ﳍﳎﳏﳐﳒﳓ ﱠ ي‬


‫ن‬
‫وف المصاحف ر‬
‫الن أرسلها لآلخرين‬
‫ي‬
‫أثبتها‪ :‬ﭐ‬
‫ن‬
‫مثبتتان يف المصحف‬
‫ِ‬ ‫ﱡﭐ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﱠ وبالتاىل فكلتا القر ن‬
‫اءتي‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫العثماب‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫• فمصاحف عثمان ِ‬
‫بوجوهها‪)٣٩2(.‬‬ ‫اءات‬
‫ر‬ ‫الق‬ ‫ت‬ ‫ثب‬‫ت‬
‫ِ‬

‫)‪ (391‬الفهرست‪ ،‬ابن النديم‪ ،‬ص‪.6‬‬


‫(‪ (392‬الكافي في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ ...180‬وتلخيص العبارة‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪522‬‬
‫‪‬قال ابن عابدين‪:‬‬

‫ن‬
‫المسلمي شملت القراءات‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الن ر‬ ‫• إذن فالمصاحف ر‬
‫نشها عثمان يف بالد‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫النن صىل هللا عليه‬ ‫ي‬ ‫فم‬ ‫من‬ ‫شفاهة‬ ‫• وبغض النظر عن كل هذا‪ ،‬فالقراءات متواترة‬
‫وسلم كما قلنا‪.‬‬
‫ً‬
‫صوب‪ ،‬وأنت ال تنتظر مصحفا ر‬ ‫ر ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫حن تعرف كيف تقرأ القرآن‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• فالقرآن كتاب‬
‫الشفاه‪ ...‬نقل الفم للفم‬
‫ي‬ ‫• بل أنت لن تعرف القراءة الصحيحة للقرآن إال بالنقل‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬كان يرسل مع كل مصحف مقرئا يقرئ‬ ‫للقرآن؛ ولذلك عثمان ‪ -‬ي‬
‫الناس القرآن بهذه القراءة أو تلك‪.‬‬
‫الشفاه لكل حرف ن يف القرآن لن تعرف القراءة الصحيحة المنضبطة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• فبدون النقل‬
‫ن‬
‫• بل إن هناك أحكام نطق ف القرآن ك ‪" :‬اإلشمام"‪ ،‬لن تعرف تطبيقها ر‬ ‫َ‬
‫حن بالسماع؛‬ ‫ٍ ي‬
‫إذ ال بد أن ترى شفاه َمن ُيقرئك القرآن‪.‬‬
‫َْ‬ ‫ر‬
‫صوب منقول بالتواتر نق َل الفم للفم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• فالقرآن كتاب‬
‫❑ وللمسلمين أن يفخروا بحفظهم لحركة كل حرف قرآني‪ ،‬وطريقة‬
‫نطق كل حرف قرآني‪ :‬ﱡﭐﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة الحجر‪.‬‬

‫َ‬
‫بأكث َر من قراءة غير القرآن الكريم‪،‬‬ ‫ولم ينزل كتاب من السماء فيما أعلم‬
‫وفي هذا بيان لعظمة هذه األمة‪ ،‬وكيف حرصت على كتاب ربها‪ ،‬فطريقة‬
‫نطق كل حرف بأوجه قراءته منقولة بالتواتر من فم النبي ﷺ إلى كل جيل‬
‫ِِ‬
‫من أبناء المسلمين حتى الساعة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪523‬‬
‫‪ -163‬هل يوجد شيء ُيسمى نسخ التالوة؟‬

‫بحيث تكون هناك آية من القرآن ثم تُنسخ تالوتها كآية الرجم؟‬


‫ج‪ :‬هذا سؤال مهم؛ ألن الملحدين ُي ر‬
‫كتون الكالم فيه‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ ‬يف حديث عائشة ي‬
‫رص هللا عنها‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ُ ْ َ‬ ‫َ ُ َ ََ َ‬ ‫ُ‬
‫• وعندنا آية الرجم‪" :‬الش ْيخ َوالش ْيخة ِإذا زن َيا ف ْار ُج ُموه َما ال َبتة"‪.‬‬
‫• وعندنا آيات أخرى كانت فيما ُيقرأ من القرآن‪.‬‬
‫‪ ‬فهل هذه اآليات كانت قرآنًا ثم ُرفعت؟‬
‫‪ ‬هل كانت وح ًيا من عند هللا؟‬
‫‪‬والجواب‪ْ :‬‬
‫نعم‪ ،‬كانت هذه اآليات مما أوح هللا إىل نبي ِه من بيان األحكام‪.‬‬

‫الشعية‪.‬‬ ‫• فكانت من وح هللا؛ لبيان األحكام ر‬


‫ًّ‬ ‫ي ً‬
‫• لكنها لم تكن قرآنا متلوا‪.‬‬
‫• فلم تكن من رسم القرآن ولفظه‪.‬‬
‫ً‬ ‫• وقبل أن ندخل نف هذا الموضوع ال بد أن نعلم أن َ‬
‫وح هللا لنبيه ليس كله قرآنا‪،‬‬‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وهذا ال خالف عليه بي المسلمي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وح هللا لنبي ِه‪ ،‬وهو ليس قرآنا باإلجماع‪.‬‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫دش‬ ‫ي‬ ‫الق‬ ‫• فالحديث‬
‫ً‬ ‫ن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫بقرآن‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وع"(‪ )٣٩4‬هذا أيضا ليس‬ ‫س نفث يف ر ِ ي‬ ‫• "إن روح القد ِ‬
‫• والصحابة كانوا يعلمون ذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫• وهناك قصة ابن مسعود مع المعوذت ن‬
‫ي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬كان يظن ف بادئ األمر أن المعوذت ن‬ ‫• فابن مسعود ‪ -‬ن‬
‫وح هللا‬
‫ي من ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ ْ‬ ‫ً‬
‫لنبي ِه لكنهما ليستا قرآنا فلم يثبتهما يف مصحفه‪ ،‬فلما ثبت لديه أنهما من القرآن‬
‫المتلو أثبتهما‪)٣٩٥(.‬‬ ‫ا‬

‫(‪ (393‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1452:‬‬


‫(‪ (394‬صحيح الجامع‪.2085 ،‬‬
‫(‪ (395‬فتح الباري‪ ،‬م‪ 8‬ص‪.743‬‬
‫‪524‬‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫مبي غت القرآن الكريم‪.‬‬ ‫إله‬
‫ي‬ ‫وح‬
‫ي‬ ‫عندنا‬ ‫إذن‬ ‫•‬
‫عش رضعات‬ ‫الن ْ‬
‫ذكرناها كآية الرجم‪ ،‬وآية ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫• ومن جملة‬
‫الوح المبي هذه النصوص ي‬ ‫ي‬
‫معلومات يحرمن وغتهما‪.‬‬
‫ا‬
‫وح هللا؛ لبيان األحكام‬
‫ه من ي‬ ‫• فهذه النصوص ليست من القرآن المتلو‪ ،‬وإنما ي‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬قال اإلمام ابن جرير الطتي أكت أئمة التفست‪ ،‬وشيخ المفشين‪ ،‬قال يف تهذيب‬
‫اآلثار‪:‬‬

‫ا‬ ‫ْ‬
‫المتلو لما‬ ‫• إذن يقرر اإلمام الطتي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬أن هذه اآليات لو كانت من القرآن‬
‫منع ﷺ من كتابتها ن يف المصحف‪.‬‬
‫النن‬ ‫من‬ ‫وحي طلب ُ‬
‫عمر‬ ‫ن‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬ ‫يدي‬ ‫• فآية الرجم لم ُتكتب نف المصحف ن‬
‫بي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ﷺ كتابتها رفض‪.‬‬
‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬قوله‪:‬‬ ‫ئ‬ ‫‪ ‬أخرج‬
‫النساب عن عمر ‪ -‬ي‬
‫ي‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬


‫رسول‬ ‫المصاحف‪ ،‬فقال زيد‪ :‬سمعت‬ ‫ثابت‬
‫ٍ‬ ‫العاص وزيد بن‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬وعندما كان يكتب ابن‬
‫ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫هللا ﷺ‬
‫ِ‬

‫ﷺ‬

‫)‪ (396‬تهذيب اآلثار‪ ،‬ابن جرير الطبري‪ ،‬م‪ 3‬ص‪ 264‬تنسيق الشاملة‪.‬‬
‫(‪ (397‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬م‪ 6‬ص‪.974‬‬
‫(‪ (398‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪525‬‬
‫المتلو ثم ُرفعت‪ ،‬فلماذا َمنع‬
‫ّ‬ ‫‪‬فإذا كانت هذه اآليات من القرآن‬
‫ً‬
‫ابتداء؟‬ ‫النبي ﷺ من كتابتها مع المصحف‬
‫• إذن فهذه اآليات ه ٌ‬
‫وح من هللا؛ لبيان أحكام القرآن‪ ،‬لكنها ليست من رسم القرآن‬‫ي‬ ‫ي‬
‫وألفاظه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫• لذلك ر‬
‫النن ﷺ أن تكتب فتختلط بالقرآن‪.‬‬ ‫خش ي‬‫ي‬
‫‪ ‬قال أبو جعفر النحاس وهو إمام علم الناسخ والمنسوخ قال‪:‬‬

‫ُ‬
‫• فقول الصحابة وقول عائشة كانت ‪-‬هذه اآليات‪ -‬مما نقرأ من القرآن ال يقصد به‬
‫ن‬
‫يبي‬ ‫وح‬ ‫ا‬
‫فه ي‬ ‫ه آيات مفشات للقرآن‪ ،‬ي‬ ‫القرآن المتلو برسمه ولفظه‪ ،‬وإنما ي‬
‫ا‬
‫المتلو‪.‬‬ ‫األحكام‪ ،‬وليست من القرآن‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫النن ﷺ أثبت قرآنية ٍ‬
‫آية من هذه‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫صحيح‬ ‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫حديث‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ثبت‬‫ي‬ ‫• ولذلك لم‬
‫اآليات‪ ،‬أو عرضها عليه جتيل كما كان يعرض عليه القرآن‪.‬‬
‫ومبينة لمجمالت القرآن‪.‬‬‫• فهذه كلها آيات مفشات ألحكام القرآن‪ُ ،‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫• وهذا ال يمنع ال رشعا وال عقًل أن يكون هناك نسخ تالوة‪ ،‬بحيث تكون هناك آية‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫متلوة‪ ،‬ثم تنسخ وترفع‪ ،‬فهذا غت ممتنع لكن ظاهر النصوص يف مجموعها يؤكد‬
‫ا‬
‫المتلو من البداية‪.‬‬ ‫للقرآن‪ ،‬ولم تكن من القرآن‬ ‫أن هذه اآليات مفشات‬
‫ِ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (399‬الناسخ والمنسوخ‪ ،‬للنحاس‪.‬‬


‫‪526‬‬
‫‪ -164‬هل توجد آيات قرآنية أحكا ُمها منسوخة؟‬
‫َ‬ ‫ُ ر ٍّ ُ‬
‫كم آخ َر‪ ،‬وهذا مما‬
‫ٍ‬ ‫بح‬ ‫ع‬‫ج‪ :‬النسخ في األصل هو‪ :‬تبديل هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬لحك ٍم ش ي‬
‫ٌّ‬
‫بديه لتغت أحوال الناس‪ ،‬وتبدل‬ ‫أجمع عليه المسلمون والنصارى واليهود‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫أمر‬
‫ي‬
‫أمورهم‪.‬‬
‫ن‬
‫السكي‪،‬‬ ‫‪ ‬فمثالً عندما أمر هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬خليله إبراهيم بذبح ابنه‪ ،‬وقبل أن تقطع‬
‫ﱌﱎ‬
‫ﱍ‬ ‫نسخ هللا األمر‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‬

‫ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ سورة‬
‫الصافات‪.‬‬

‫كم‪ " :‬ﱙﱚﱛ"‪.‬‬ ‫ُ ُ‬


‫الح َ‬ ‫• فلما استسلما ألمر هللا نسخ هللا‬
‫ٌ‬
‫وه‪ :‬تمحيص قلب‬ ‫ي‬ ‫معلومة‬ ‫نسخ ِه‬
‫ِ‬ ‫والحكمة من هذا األمر بذبح إسماعيل ثم‬ ‫• ِ‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬ ‫إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وبيان مقدار امتثاله لألمر‬
‫ً‬
‫أيضا أنزل هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬ر‬
‫الشائع اليهودية والمسيحية ثم نسخها باإلسالم‪ ،‬فهذا‬ ‫•‬
‫ٌ‬
‫نسخ!‬
‫وف هذا أنزل هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬قوله‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‬
‫ن‬
‫• ي‬

‫ﱌﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱠ ﴿‪ ﴾1٠6‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ﱍ‬


‫ُ‬ ‫• فالذي ُنس َخ هو ر‬
‫الشائع السابقة‪ ،‬حيث نسخت باإلسالم‪)4٠٠(.‬‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫فالشائع يحصل فيها تغت بمقدار تغت أحوال الناس‪ :‬ﱡﭐﲊﲋﲌ‬ ‫ر‬ ‫• إذن‬

‫ﲎﱠ ﴿‪ ﴾48‬سورة المائدة‪.‬‬ ‫ﲏ‬ ‫ﲍ‬


‫ا‬ ‫ر‬ ‫الشائع ا‬ ‫الشائع جاء اإلسالم وهو أتم ر‬ ‫وف آخر ر‬ ‫ن‬
‫وأكتها تفصيًل‪ ،‬وأيشها‬ ‫بناء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫شء‪.‬‬
‫تطبيقا‪ ،‬وفيه فصلت أحكام كل ي‬
‫• فقضية النسخ قضية معلومة بالبداهة والعقل والواقع‪ ،‬وعليها إجماع ر‬
‫الشائع‬
‫السماوية‪.‬‬
‫ر‬
‫فتأب األحكام ر‬ ‫ُ‬ ‫ن ر‬
‫الشعية‬ ‫تأت جملة واحدة‪ ،‬ي‬ ‫وحي أب اإلسالم تدرجت األحكام‪ ،‬ولم ِ‬ ‫•‬
‫ن‬
‫كلفي وقدرتهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫تبعا لحالة الم‬

‫تفسير الزركشي لآلية الكريمة‪.‬‬ ‫(‪(400‬‬

‫‪527‬‬
‫ُ‬
‫❑ ففي بدء اإلسالم كانت الخمر حال ًلا‪ ،‬ثم حدث نسخ للحكم وصارت حرامً ا‪،‬‬
‫الشيعة‪ ،‬وك ُم َل نزول الرسالة‪.‬‬
‫حن تمت ر‬
‫وهكذا تدرجت األحكام ر‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫وحكمة هذا التدرج‪ ،‬فتقول والحديث‬ ‫‪ ‬تشح عائشة ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنها‪ -‬تدرج األحكام‪ِ ،‬‬
‫ن يف البخاري‪:‬‬

‫بديه‪ ،‬والتدرج نف األمر والنه حك ُم ُه ال ن‬


‫تخف‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫‪ ‬فالنسخ ٌ‬
‫أمر‬
‫ي ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ٌ‬
‫واحدة‬ ‫‪ ‬ونأتي هنا إلى النقطة المحورية‪ :‬هل توجد في كتاب هللا ٌ‬
‫آية‬
‫نُس َ‬
‫خ حُ كمُ ها تمامً ا؟‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬هذه الصورة من النسخ التام ال وجود لها يف كتاب هللا‪ ،‬فكتاب هللا كله‬
‫ن ن‬
‫كلفي يف‬ ‫عيا عىل ُ‬
‫الم‬ ‫الن ُذك َر فيها أنها منسوخة إنما ُتثبت ُح ً‬
‫كما رش ًّ‬ ‫ُمحكم‪ ،‬واآليات ر‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫حاالت أخرى‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫الن قيل إنها ناسخة تثبت حكما شعيا آخر‪ ،‬يف‬ ‫حاالت معينة‪ ،‬واآليات ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ع يف حاالت معينة عند أئمة العلم‬‫• فما من آية قيل إنها منسوخة‪ ،‬إال ولها حكم ش ي‬
‫ر‬
‫بالشيعة‪.‬‬

‫‪ ‬وسنذكر على هذا مثا ًلا لمزيد إيضاح‪:‬‬

‫❑ آية الوصية للوالدين‪ :‬ﱡﭐﲬﲭ ﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵ‬

‫ﲸﲺﲻﲼﱠ ﴿‪ ﴾18٠‬سورة البقرة ‪.‬‬


‫ﲹ‬ ‫ﲶﲷ‬
‫َ‬
‫لوارث"‪ ،‬لكن هذا‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬هذه اآلية نُسخت بآيات المواريث وبحديث‪" :‬ال وصية‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫نسخا ًّ‬ ‫ُ‬
‫تاما‪ ،‬فالناس ال يستغنون يف وصاياه ْم عن الوصية‬ ‫يعن أن هذه اآلية نسخت‬ ‫ن‬
‫ال ي‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫ن ن‬
‫لألقربي يف حدود الثلث‪ ،‬والوصية للوالدين من غت‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4993:‬‬ ‫(‪(401‬‬

‫‪528‬‬
‫ﲸﱠ ي‬
‫ﲹ‬ ‫‪ ‬فآية‪ :‬ﱡﭐ ﲵﲶﲷ‬
‫ُ‬
‫أحكامها‪.‬‬ ‫ه آية لها‬

‫ُ‬ ‫ر‬
‫أحكامها‪.‬‬ ‫ه آيات لها‬ ‫• فالشاهد أن اآليات ي‬
‫الن قيل إنها منسوخة‪ ،‬ي‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫السيوط ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬
‫ي‬ ‫قليل‪ ،‬قال اإلمام‬ ‫‪ ‬وهذه اآليات ي‬
‫الن قيل إنها منسوخة عددها‬

‫تسع آيات ‪.‬‬ ‫ن‬


‫الزرقاب ‪-‬رحمه هللا‪ :‬إنها ُ‬ ‫‪‬قال الشيخ محمد عبد العظيم‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫• وهذه اآليات التسع ستجد فيها األحكام ر‬
‫الشعية‪ ،‬فال توجد آية منسوخة نسخا‬
‫تاما ن يف كتاب هللا‪.‬‬
‫ًّ‬

‫الشوكاب ‪-‬رحمه هللا‪ -‬ن يف إرشاد الفحول‪:‬‬


‫ي‬
‫ن‬ ‫‪‬قال اإلمام‬

‫ر ن‬
‫البش يف كل األحوال إىل يوم القيامة‪ ،‬فآياته تدل عىل‬ ‫• ولكون القرآن يخاطب جميع‬
‫ُ‬ ‫أحكام رشعية تتناسب مع كل األحوال ُ‬
‫المختلفة‪ ،‬فهو يحقق الشمول والمرونة‬
‫ر‬
‫الن تستلزمها خاتمية الرسالة المحمدية‪.‬‬
‫ي‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (402‬اإلتقان في علوم القرآن‪.‬‬


‫(‪ (403‬إرشاد الفحول‪ 64 /2 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪529‬‬
‫‪ -165‬هل اإلسالم يميز بين الحر والعبد؟ وبين ال ُحرة واألَ َمة؟‬
‫ج‪ :‬نعم! اإلسالم ن‬
‫يمت ن‬
‫بي الحر والعبد‪.‬‬
‫مت ن‬
‫بي الحرة واألمة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وي ا ن‬
‫َ َ ن‬
‫ن‬
‫المقاتلي بإعداد‬ ‫ن‬
‫لتعي‬ ‫ألن األ َمة يف األصل جاءت أرض المعركة‬
‫طعامهم وتضميد جراحهم وتثبيتا لهم بإنشاد األشعار‬
‫مباشة فيه‪ .‬ولذا استحقت ً‬‫ر‬ ‫ن‬ ‫واألر ن‬
‫قدرا من‬ ‫اجت‪ ،‬وإن كان ال رأي لها يف القتال أو مشاركة‬
‫وه تقييد حريتها‪.‬‬ ‫العقوبة دون القتال ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المسلمي‪)4٠4(.‬‬ ‫الكفار‬ ‫فيها‬ ‫• حيث تؤخذ اإلماء من أرض معر ٍ‬
‫كة يقاتل‬
‫‪‬‬

‫ن‬ ‫‪ )1‬القتال‪ :‬ر‬


‫بشط أال يشاركوا يف القتال وأال يكونوا من أهل الرأي فيه‪ .‬وهذا‬
‫محل اتفاق‪.‬‬
‫كي كما نزلت بنو‬ ‫ر‬
‫للمش ن‬ ‫ن‬
‫المسلمي‬ ‫التول عىل حكم رجل بعد حصار‬ ‫‪ )2‬ن ن‬
‫وسن النساء‬
‫ي‬ ‫قريظة عىل حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل المقاتلة‬
‫والذرية‪ .‬وهذا محل اتفاق‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ )٣‬اختلف يف نساء المرتدين هل يحكم فيهم بالسن أم القتل أم الحبس‬
‫بالسن ألن‬ ‫حن يسلموا؟ الحنفية وأصبغ من المالكية والحنابلة قالوا‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫بن حنيفة وذراري هم والشافعية والمالكية عىل القتل‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫أبا بكر استق نساء ي‬
‫وأما المرأة المرتدة فالجمهور عىل قتلها‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ )4‬اختلف يف أهل الذمة إن نقضوا العهد وقاتل اإلمام رجالهم فهل تسن‬
‫النساء والذرية أم ال؟ الحنفية والحنابلة وقول عند الشافعية بأنهم‬
‫ال يسبون ألن أمانهم لم يبطل‪ ،‬والمالكية وقول آخر عند الشافعية‬
‫سن النساء والذرية‪.‬‬ ‫عىل ي‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫• وبعد أن يؤخذن من أرض المعركة‪ ،‬فللحاكم المسلم أن ي ُردهن لجيش العدو‬
‫بال مقابل‪ ،‬أو يردهن مقابل أستات مسلمات عند العدو‪.‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﱠ﴿‪ ﴾4‬سورة محمد‪.‬‬

‫( ‪ (404‬فضاءات الحرية‪ ،‬د‪ .‬سلطان العميري‪.‬‬


‫‪530‬‬
‫‪‬السبي نوع من األسر فهل يخير فيهم اإلمام بين القتل والمن والفداء‬
‫واألسر؟‬
‫ً‬
‫‪ )1‬الصحيح أنهم ال يقتلون لحديث "ال تقتلوا امرأة وال وليدا" ولحديث "ما كانت هذه‬
‫يشتكوا ن يف القتال‪.‬‬
‫بشط أال ر‬ ‫تقاتل" وذلك ألنهم ليسوا من أهل القتال غالبا ر‬
‫ر‬
‫االستقاق‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ )2‬اختلف يف تخيت اإلمام يف الترصف فيهم من جواز المن أو الفداء أو‬
‫بالسن من النساء والصبيان وهو قول الحنفية‬ ‫ي‬ ‫▪ الجمهور أنه ال يفادى‬
‫والشافعية والحنابلة‪ ،‬وأجاز المالكية الفداء مطلقا‪.‬‬
‫ن‬
‫السن من النساء والصبيان‪ ،‬فمنعه الحنفية‬ ‫ي‬ ‫▪ اختلف يف حكم المن عىل‬
‫والشافعية والحنابلة وقول عند المالكية‪ .‬كما قال ابن قدامة‪ :‬اإلمام ال يملك‬
‫السن‪.‬‬
‫ي‬ ‫سن فإنه يصت رقيقا بنفس‬ ‫المن عىل الذرية إذا سبوا‪ ،‬ومن ي‬
‫ن‬ ‫فف أرض المعركة ال يجوز ر‬ ‫ن‬
‫مباشة قتال المرأة؛ ألنها يف األصل ضعيفة‪ ،‬وليست‬ ‫اي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫أهًل للقتال‪ ،‬فهنا ر‬
‫فالسن عقوبة يف مقابل وجودها يف جيش العدو‬ ‫ي‬ ‫السن‪،‬‬
‫ي‬ ‫يأب‬
‫ي‬
‫ا‬
‫وه عقوبة مخففة رحمة بطبيعة المرأة‪.‬‬ ‫بنوع من اإلعانة‪ ...‬ي‬
‫َ‬ ‫وبناء عىل ذلك نفهم أنه من الطبيع أن يكون هناك تمي نت ن‬‫ا‬
‫بي الحرة واألمة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫َ ن‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫ه‬‫فف األصل ي‬ ‫• فالحرة إنسانة مسالمة؛ سواء كانت مسلمة أو غت مسلمة‪ ،‬أما األمة ي‬
‫ً‬ ‫المسلمي‪ ،‬فه ارتكبت ُج ً‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫إنسانة ر‬
‫عظيما بحق‬ ‫رما‬ ‫ي‬ ‫اشتكت يف اإلعانة عىل قتال‬
‫أمة من الناس‪.‬‬
‫ً‬
‫رأفة بضعفها الجب ِّلي‪.‬‬ ‫‪ ‬ومع ذلك هي ال تُقاتَل‬
‫ِ‬
‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫‪‬العسيف‪ :‬العامل أو األجت‪.‬‬


‫ُ َ‬ ‫ن‬
‫المسلمي‪ ،‬فإن رجال الجيش الكافر يقاتلون‪ ،‬أما نساء‬ ‫• فإذا اشتبك جيشا الكفار‬
‫نَ ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫أتي يف ساحة المعركة‪،‬‬ ‫الكفار يف ساحة المعركة فإنهن ال يجوز أن يقتلن‪ ،‬مع أنهن‬
‫ن‬
‫الصن‪ ،‬وال الشيخ الكبت‪،‬‬‫ي‬ ‫ومع ذلك ال يجوز يف رشيعة اإلسالم قتال ال المرأة‪ ،‬وال‬
‫بشط‬ ‫وال أصحاب الصوامع‪ ،‬وال العمال‪ ،‬ولو كانوا نف ساحة معركة مع الكافرين ر‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫عدم ر‬
‫المباش‪ ،‬وإنما يكون تواجد النساء من أجل تضميد‬ ‫اشتاكهن يف القتال‬
‫الجراح‪ ،‬وإعانة الجيش ن يف أمور الطعام ونحو ذلك‪.‬‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫المقاتلي‪.‬‬ ‫ضعفاء‪ ،‬وليسوا أهًل للقتال؛ أما إن قاتلوا فلهم حكم‬ ‫جميعا‬ ‫❑ و هؤالء‬

‫)‪ (405‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.314‬‬


‫‪531‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫والمجاني بال خالف‪،‬‬ ‫❑ يف الموسوعة الفقهية (‪ :)18٥ /4‬وال يجوز قتل الصبيان‬
‫وال تقتل امرأة وال شيخ فان‪ ،‬وال يقتل زمن وال أعىم وال راهب عند الجمهور‪ :‬الحنفية‪،‬‬
‫ن‬ ‫والمالكية‪ ،‬والحنابلة‪ ،‬ورواية عند الشافعية‪ ،‬إال إذا ر‬
‫اشتكوا يف المعركة‪ ،‬أو كانوا ذا رأي‬
‫وتدبت ومكايد ن يف الحرب‪ ،‬أو أعانوا الكفار بوجه آخر وال يجوز الغدر والغلول‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫المسلمي‪ ،‬ر‬
‫ن‬ ‫ُ َ‬
‫مشتكة يف القتال‬ ‫بشط أال تكون‬ ‫• فالمرأة ال تقاتل‪ ،‬وهذا عليه إجماع‬
‫ر‬
‫المباش كما بينا‪.‬‬
‫ن‬
‫المحاربي‪)4٠6(.‬‬ ‫• فقد أجمع المسلمون عىل حرمة قتل ِنساء وصبيان الكفار‬
‫• لكن قد يقول ملحد‪ :‬استطاعت الدساتت العلمانية المعارصة منع الرق‪.‬‬
‫• ويعتت أن هذا أفضل‪ ،‬وهذا من ِق َرص نظر الملحد‪.‬‬
‫تماما من كل الطرق قبل أن يمنعها الغرب‬ ‫• فاإلسالم حرص عىل إنهاء العبودية والرق ً‬
‫ب ‪ 12٠٠‬عام‪.‬‬
‫• فاإلسالم سبق الغرب ن يف تجريم العبودية‪ ،‬ومنعها بكل صورها‪.‬‬
‫ُ‬
‫بق اإلسالم إال عىل باب الرق من أرض المعركة‪.‬‬ ‫• ولم ِ‬
‫ي‬
‫‪ ‬وهنا قد يقول الملحد نفسه‪ :‬لكن الغرب أنهى باب الرق حتى من‬
‫أرض المعركة‪.‬‬
‫ا‬
‫بي رجل وامرأة ن يف ساحة المعركة‪.‬‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬هذه رصاحة ليست مزية‪ ،‬فالغرب ال ُيفرق ن‬

‫وهناك مبدأ معروف في الغرب‪ :‬في ساحة المعركة‪ ،‬اق ُت ْل كل شيء يتحرك‪.‬‬

‫‪Kill Anything That Moves‬‬

‫❑ لكن اإلسالم ليس هذا منهجه أبدًا‪.‬‬


‫ن‬
‫ر‬
‫مباشة‬ ‫ن‬
‫الحربيي‪ ،‬لكنه ليس من أهل‬ ‫• فكل َمن كان يف ساحة المعركة من الكفار‬
‫َ‬
‫القتال‪ ،‬فإنه ال ُيقاتل‪.‬‬

‫مراتب اإلجماع (ص‪.)201‬‬ ‫(‪(406‬‬

‫شرح صحيح مسلم (‪.)48/12‬‬


‫الصارم المسلول (‪.)253/2‬‬
‫فتح الباري (‪.)147/6‬‬
‫‪532‬‬
‫الكاساب ن يف بدائع الصنائع‪:‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫‪‬قال‬

‫• فاإلسالم ال يقبل أن ُيقتل إنسان ر‬


‫حن ولو جاء لقتالنا طالما أنه ليست لديه القدرة‬
‫ر‬
‫مباشة القتل‪.‬‬ ‫عىل‬
‫‪ ‬وهنا يظهر السؤال التالي والمهم‪ :‬هل معنى هذا أن نظلم السبايا‬
‫والعبيد بعد أخذهم من أرض المعركة؟‬
‫ممتنع نف ر‬
‫الشيعة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬هذا‬
‫ي‬
‫النن ﷺ والحديث ن يف صحيح مسلم‪:‬‬ ‫‪ ‬قال ي‬

‫فرصبة واحدة للملوك تساوي حريته ً‬


‫فورا‪.‬‬ ‫• ن‬
‫• وهذا عىل االستحباب ولكن يجب عليه أن يطلب منه العفو‪ .‬وال يجب القصاص‬
‫الرصب المتح وما دون ذلك؛‬ ‫بي ن‬‫نف اللطمة بل فيه التعزير‪ ،‬وفرق بعض العلماء ن‬
‫ي‬
‫ولقول ابن عمر لغالمه‪ :‬أوجعتك؟ قال‪ :‬ال‪ .‬فقال‪ :‬أنت عتيق‪.‬‬
‫ن‬
‫• قال النووي يف رشح مسلم‪ :‬هذه الرواية مبينة أن المراد باألوىل من نرصبه بال ذنب‬
‫‪ ،‬وال عىل سبيل التعليم واألدب ‪.‬‬

‫‪ ‬ن يف الحديث المتفق عىل صحته عن السبايا قالﷺ‪:‬‬

‫)‪ (407‬بدائع الصنائع‪ ،‬الكاساني‪ ،‬م ‪ 9‬ص ‪.392‬‬


‫)‪ (408‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1654:‬‬
‫)‪ (409‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2545:‬‬
‫‪533‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬قد ُيرده ُم الحاكم بدون مقابل كما قلنا‪ ،‬وقد يرفض أن يردهم إىل بالدهم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف هذه الحالة الثانية يف حالة أنه رفض أن يردهم هنا‪ :‬من الممكن بسهولة‬ ‫وهذا حقه‪ ،‬ي‬
‫ْ‬
‫أن يحصل المملوك والمملوكة عىل حريتهم ب ‪" :‬المكاتبة"‪.‬‬
‫ً‬
‫ٌّ‬
‫طبيع‬
‫ي‬ ‫• حيث تتم مكاتبتهم بأن يدفعوا قسطا من المال‪ ،‬ويصبحون به أحر ًارا‪ ،‬وهذا‬
‫ن يف حق َمن رأب ليقاتلك‪ ،‬فبعد أن ُيسن يفدي نفسه بالمال ليصبح ُح ًّرا‪.‬‬
‫ن‬
‫نعًط العبيد من‬‫ي‬ ‫يوص بأن‬
‫ي‬ ‫• لكن العجيب يف اإلسالم‪ ،‬ومن رحمة هذا الدين أنه‬
‫أموالنا بحيث يصبحون أحر ًارا‪.‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧ ﱨﱩﱪﱫ‬
‫ﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱠ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة النور‪.‬‬

‫‪ ‬ﱡﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﭐﱠ‪ :‬نؤتيهم من المال‪ ،‬وهذا‬


‫ن يف حق َمن رأب لقتالنا‪.‬‬

‫‪ ‬تخيل!‬

‫تزويجهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫• بل واألعجب أن اإلسالم يحض عىل‬
‫ًّ‬ ‫َّ‬
‫نفسيا‪.‬‬ ‫• نعم تزويجهم؛ ليعيشوا حياة مستقلة كريمة سوية‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‬
‫ﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱠ﴿‪ ﴾٣2‬سورة النور‪.‬‬
‫ن‬
‫التبن‪.‬‬ ‫• فهذا نظام مواز لنظام‬
‫ي‬
‫تبن لمن؟‬ ‫• ن‬
‫ن‬ ‫ي‬
‫• لمن ر‬
‫ن‬
‫المسلمي وحرب هم‪.‬‬ ‫اشتكوا يف قتال‬
‫‪‬‬

‫• اإلسالم ُيسطر أروع نماذج الكرم والجمالية‪.‬‬


‫فتوج العبيد‪ ،‬ويدفع لهم المال‪ ،‬ومن أوذي من العبيد يصبح ُح ًّرا‪.‬‬
‫• ن‬
‫‪534‬‬
‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫اإلسالم جيدا‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬أن طارح مثل هذا السؤال ربما لم يقرأ يف التاري خ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• فالعبيد لم يزوجوا‪ ،‬ولم يدفع لهم المال‪ ،‬ولم ي َ‬
‫كرموا فحسب‪ ،‬بل أن التاريخ قد‬
‫أمرا ً‬
‫غريبا بحيث‬ ‫سجل أنهم صاروا حُ كامً ا في بالد المسلمين‪ ،‬ولم يكن هذا ً‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫حي وصل رئيس أسود ‪-‬باراك أوباما‪ -‬للحكم‬ ‫نتحدث عنه كما حصل يف أمريكا‬
‫فيها‪ ،‬بل لم نهتم باألمر لتكراره ً‬
‫كثتا وبصورة طبيعية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫حكاما لمئات األعوام‪ ،‬وكان فيهم‬ ‫• ي‬
‫فف مرص وصل المماليك ‪-‬العبيد‪ -‬للحكم‪ ،‬وظلوا‬
‫رئيس الدولة‪ ،‬وقائد الجيش‪ ،‬والوزراء‪ ،‬وكبار القادة‪ ،‬كلهم كانوا من المماليك‪ ،‬فهذا‬
‫عام فقط‪.‬‬ ‫األمر كان عىل أرض الواقع منذ ر‬
‫مائن ٍ‬‫ي‬
‫ن‬
‫• وقد حكم المماليك مرص لستة قرون كاملة‪ ،‬أي‪ :‬أن نصف تاري خ مرص يف اإلسالم‬
‫حكمه مماليك‪.‬‬
‫المسلمي كالشام والعراق والحجاز‪.‬‬‫ن‬ ‫• وقد حكموا الكثت من بالد‬
‫ًّ‬
‫نفسيا‪ ،‬ولم يتحولوا‬ ‫تلف العبيد هذا اإلكرام وأصبحوا أسوياء‬ ‫حي ر‬ ‫ن‬ ‫فف اإلسالم‬‫• ن‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫نفسيي كما يحصل مع ضحايا الحروب العلمانية يف هذا العرص‪ ،‬تحول‬ ‫لمرص‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫حكاما‪ ،‬وصار‬ ‫كثت منهم؛ نتيجة لهذا اإلكرام إىل اإلسالم‪ ،‬وصار بعضهم بعد وقت‬
‫بعضهم أئمة ن يف هذا الدين‪.‬‬
‫ً‬
‫• فابن ستين كان موىل‪ ،‬ومجاهد والحسن البرصي وعطاء وسعيد بن جبت كل هؤالء‬
‫كانوا من العبيد‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫فف ظالل ر‬ ‫ن‬
‫نفسيا فظهر منهم األئمة‬ ‫الشيعة اإلسالمية‪ ،‬صار العبيد أصحاء‬ ‫• ي‬
‫والرؤساء وقادة الجيوش‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فالمعاملة اإلسالمية الحكيمة يف موضوع العبيد أدت لدخول كثتين منهم يف‬
‫ن‬
‫اإلسالم‪ ،‬بل وكانوا يفدون اإلسالم بأرواحهم‪ ،‬وهذا من ِحكم الرق يف اإلسالم‪،‬‬
‫فالرق أتاح للرقيق أن ينظروا إىل عجائب رحمة وحكمة هذا الدين‪ ،‬وينظروا منارات‬
‫اإلسالم‪ ،‬وكان هذا ْأدع لدخولهم ن يف اإلسالم‪.‬‬

‫‪535‬‬
‫‪ ‬ولذلك قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫ُ‬ ‫• فقد وجدوا اإلسالم ر‬


‫يحتم إنسانيتهم‪ ،‬ويؤتيهم من المال ما يعينهم عىل الحرية‪،‬‬
‫بل ويزوجهم‪ ،‬وهم نف األصل يستحقون أشد العقوبة‪ ،‬فعلموا أنهم أمام دين ن‬
‫ممت‪،‬‬ ‫ي‬
‫ووح فريد فأسلموا‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫المسلمي بعد المعارك مقيدين يف السالسل‪ ،‬لكن لما‬ ‫• فالرقيق يف األصل دخلوا بالد‬
‫رأوا منارات هذا الدين أسلموا‪.‬‬
‫ً‬
‫• وقد حض اإلسالم عىل تحرير العبيد‪ ،‬وجعل تحرير العبيد طريقا لدخول الجنة‪:‬‬

‫ﱡﭐﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦ ﲧﲨﲩﱠسورة البلد‪.‬‬

‫• فتجاوز عقبة مشقة اآلخرة‪ ،‬ودخول الجنة‪ ،‬يكون بفك الرقاب ‪-‬تحرير العبيد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫وه أشهر شبهة يثتها دعاة‬ ‫والسن وملك اليمي‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫ه شبهة العبودية‬ ‫• فهذه ي‬
‫اإللحاد والعلمانية ن يف العرص الحديث ضد اإلسالم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫صحيح البخاري‪.3010 ،‬‬ ‫(‪(410‬‬

‫‪536‬‬
‫‪ -166‬لكن ماذا عن سبايا أوطاس؟‬

‫وهل أجاز اإلسالم وطء السبايا؟‬


‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫حي ست مالك بن عوف جيشا؛ لمحاربة‬ ‫ج‪ :‬يف البداية فقصة سبايا أوطاس كانت‬
‫ني‪.‬‬‫المسلمي وقتالهم نف عام ‪ 8‬هجرية‪ ،‬وجرت بسبب ذلك غزوة ُح ن‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫حي تحصنت بعض ِف َرق جيش مالك بن‬ ‫• وكان نف أعقاب هذه الغزوة شي ُة أوطاس ن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫بمنطقة تسىم أوطاس‪ ،‬فجرت معركة أوطاس‪ ،‬وانترص فيها المسلمون‪،‬‬ ‫ْ‬
‫عوف ِ‬ ‫ُ‬
‫وأش من أرض المعركة ٌ‬
‫كثت من السبايا والغنائم‪.‬‬
‫• فهذا ما كان من شية أوطاس‪.‬‬
‫• أما عن جواز وطء السبايا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وطء السبايا إال بعد إسالمهن‪.‬‬ ‫• فما أبيح‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫أسلم َن أوكن أهل كتاب‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫اليمي فقط يف حال أنهن‬ ‫السن بملك‬ ‫• فاإلسالم يبيح وطء‬
‫ي َ ُ‬ ‫ْ‬
‫المسبيات أو تكن من أهل الكتاب فال يجوز وطئهن‪.‬‬ ‫• ولو لم تسلم‬
‫المشكة بقول الجمهور؛ ال يجوز وطؤها‪.‬‬ ‫• فالمرأة ر‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫المغن‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬قال ابن قدامة يف‬

‫‪ ‬وقال ابن عبد الت‪:‬‬

‫‪ ‬وقال النووي‪:‬‬

‫(‪ (411‬المغني‪ ،‬م‪ 7‬ص ‪.134‬‬


‫( ‪ (412‬المصدر السابق‪ ،‬م‪ 7‬ص‪.507‬‬
‫( ‪ (413‬شرح مسلم‪ ،‬م‪ 3‬ص ‪.637‬‬
‫‪537‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫اليمي كأنها شهوة مجردة‪،‬‬ ‫السن وملك‬
‫ي‬ ‫• مشكلة دعاة اإللحاد أنهم يصورون مسألة‬
‫فالمسلمون يسبون النساء للوطء هكذا يصورون المسألة‪.‬‬
‫ا‬
‫شهوة كما ُيصورون‪ ،‬ما َح ُر َم وطء ر‬
‫المشكة‪.‬‬ ‫• ولو كان األمر‬
‫ُ‬
‫• وأغلب سبايا العرب كن من ر‬
‫المشكات‪.‬‬
‫‪‬‬

‫مشكة أو غت‬ ‫ا‬


‫سواء كانت ر‬ ‫ن‬
‫المسلمي باغتصاب مسبية؛‬ ‫• بل األعجب أنه إذا قام أحد‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫مشكة أقيم عليه حد الزنا‪)414(.‬‬

‫‪‬‬
‫‪ :‬أن المسبية لها صورة عقد نكاح‪ ،‬تختلف عن عقد نكاح الزوجة‪ ،‬فالزوجة‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬
‫لها رشط االختيار فيمن يتقدم لها‪ ،‬أما امرأة مقاتلة جاءت مع جيش العدو وتم سبيها‬
‫فهذه ليس لها رشط اختيار من يتقدم لها‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ُ‬
‫‪ :‬ما أبيح وطئهن إال بعد إسالمهن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف مرحلة‬
‫فف البخاري أن وفد هوازن أسلموا ‪-‬هوازن هم أهل أوطاس‪ -‬فقد أسلموا‪ ،‬ي‬‫❑ ي‬
‫تالية رد إليهم النن ﷺ السبايا‪ ،‬فقد عاد سن أوطاس إىل أهاليهن‪)41٥(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬قال اإلمام النووي ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫(‪ (414‬األم للشافعي ‪.253‬‬


‫( ‪ (415‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4318 :‬‬
‫)‪ (416‬شرح مسلم‪ ،‬النووي‪ ،‬م‪ 10‬ص‪.36‬‬
‫‪538‬‬
‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫‪ :‬هذه كما قلنا تكاتب‪ ،‬والمكاتبة بأن تدفع قسطا زهيدا من المال‪ ،‬مقابل‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌّ ن‬
‫السن تفدي نفسها بالمال‬ ‫ي‬ ‫لتقاتلك أنها بعد‬
‫ِ‬ ‫طبيع يف حق َمن أتت‬‫ي‬ ‫تحرير نفسها‪ ،‬وهذا‬
‫يقتب منها‪.‬‬ ‫لو أرادت أن تصت حرة‪ ،‬ومع دفع أول قسط ال يجوز للرجل أن ر‬

‫‪‬‬
‫ً‬ ‫‪ :‬منظومة ر‬
‫اإلسالم الشاملة والحكيمة وفرت نموذجا يرى فيه‬
‫ي‬ ‫التشي ع‬ ‫‪‬‬
‫ا‬
‫أكت حرية مما كانوا عليه ن يف بالدهم‪.‬‬
‫العبيد أنهم ر‬

‫• ويجب عىل الرجل أن ُينفق عليها‪ ،‬وأن ُيطعمها مما يأكل‪ ،‬وأًل يؤذيها‪.‬‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫‪)417‬‬

‫النن ﷺ والحديث ن يف صحيح مسلم‪:‬‬ ‫ًّ‬


‫‪ ‬ومن لطم مملوكه يصت حرا‪ ،‬قال ي‬

‫ُ‬ ‫ر‬
‫• وحن التسمية بالعبد واألمة غت مستساغة‪ ،‬فقد قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫ن‬
‫بالتبن‪.‬‬ ‫• فاألمر أشبه‬
‫ي‬
‫ن‬
‫مرتي‪.‬‬ ‫ومن أسلم منهم‪ ،‬فله أجره‬‫• َ‬
‫ِ‬

‫( ‪ (417‬سبق تخريجه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2545:‬‬


‫( ‪ (418‬سبق تخريجه‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1654:‬‬
‫( ‪ (419‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2552:‬‬
‫‪539‬‬
‫ً‬
‫مملوكا‪ ،‬فعن أب هريرة ‪ -‬ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫رص هللا‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬ولذلك تمن أبو هريرة ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬أن يموت‬
‫الننﷺ‪:‬‬
‫عنه‪ -‬قال‪ ،‬قال ي‬

‫كفيل بإزالة ُشبهة السن والعبودية ً‬


‫تماما‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫• وهذا الحديث وحده‬
‫ي‬
‫ٌ‬
‫• لقد كان المسلمون يتعاملون مع العبيد الذين أسلموا عىل أنهم أسياد‪ ،‬قال عمر بن‬
‫ا‬
‫يعن بالًل‪) 421(."-‬‬ ‫سيدنا ‪ -‬ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫وأعتق‬ ‫نا‪،‬‬ ‫سيد‬ ‫رص هللا عنه‪ :‬أبو بكر‬‫الخطاب ‪ -‬ي‬
‫ن‬
‫الغرب نفسه‬
‫ي‬ ‫بالمنظور‬ ‫اإلسالم‬ ‫ف‬‫• مشكلة الملحد أنه يتعامل مع شبهة العبودية ي‬
‫ن‬
‫الصورتي‪.‬‬ ‫للعبودية نف العصور الوسًط نف أوروبا وشتان ن‬
‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بالتبن‪.‬‬
‫ي‬ ‫أشبه‬ ‫اإلسالم‬ ‫ف‬ ‫• فالعبودية ي‬
‫نشح هذه التفاصيل لملحد‪.‬‬ ‫• والمشكلة األكت أننا ر‬
‫ئ‬
‫كيمياب‪.‬‬ ‫خ‬ ‫• والملحد نف األساس يرى أن اإلنسان مجرد َو َ‬
‫س‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫• فاإلنسان من وجهة نظر إلحادية مجرد حثالة كيميائية ‪ Chemical Scum‬كما‬
‫يقول الملحد ستيفن هاوكنج‪)422(.‬‬
‫ن‬ ‫البش ن‬ ‫بي إحراق ر‬ ‫ًّ‬
‫فإلحاديا ال فرق ن‬
‫شواء‪ ،‬وهذا ما حصل يف غرف‬ ‫ٍ‬ ‫وبي حفلة‬ ‫• ولذلك‬
‫حي قامت النازية بحرق األعراق ر‬
‫البشية‬ ‫الغاز في َأوشوتس ‪ Auschwitz‬ن‬
‫وشوتس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ن ن‬
‫األدب يف محرقة أ ِ‬

‫)‪ (420‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...2548:‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1665:‬‬


‫)‪ (421‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3754 :‬‬
‫)‪(422‬‬ ‫‪From an interview with Ken Campbell on Reality on the Rocks: Beyond Our Ken, 1995.‬‬
‫‪540‬‬
‫• فامللحد الذي ال يستطيع أن يُقدِّم حجة واحدة ىلع كرامة اإلنسان‬
‫وشوتس‪ ،‬مثل‬
‫من وجهة نظر إلحادية‪ ،‬وال يستطيع أن يتهن عىل خطأ محرقة أ ِ‬
‫هذا هل ُيجاب في مسألة فيها من الحكمة والرحمة والجمالية ما فيها‬
‫كمسألة السبي في اإلسالم؟‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫معن اإللحاد فلن يجد ً‬
‫• فالملحد لو كان يقرر ن‬
‫مانعا إلحاديا واحدا من إبادة الجنس‬
‫البشي بأكمله‪ ،‬وسيكون التطبيق العمىل إللحاده هو أفران شواء ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف ظل اإللحاد يف أوروبا ظهر معسكر أكشن ر يب فور‪Aktion‬‬‫• قبل سنوات قليلة ي‬
‫ًّ‬
‫عمليا‪.‬‬ ‫‪ ، T4‬والذي تم فيه تطبيق االنتخاب الطبيع عىل ر‬
‫البش‬ ‫ي‬
‫• ففي هذا املعسكر أُبيد أصحاب األمراض املستعصية‪ ،‬واإلعاقات‬
‫والضعفاء‪ ،‬لقد أُبيدوا بسبب مفهوم االنتخاب الطبيعي والبقاء‬
‫ن‬
‫لتحسي‬ ‫لْلصلح ‪ ،Survival of the Fittest‬فالضعفاء ال بد أن تتم إبادتهم؛‬
‫نسل األجيال القادمة‪ ،‬جرى هذا األمر منذ سنوات قليلة فقط ن يف أوروبا‪.‬‬
‫أكت من رب ع مليون إنسان داخل هذا‬‫• هكذا أباح لهم إلحادهم وبرر لهم أن يقتلوا ر‬
‫الطبيع‪.‬‬ ‫المعسكر؛ ألنهم عرق ن‬
‫أدب‪ ،‬وخطر عىل االنتخاب‬
‫ي‬

‫‪541‬‬
‫ن‬ ‫ُ ا‬
‫• يمثل معسكر أكشن ر يب فور لحظة نموذجية يف تطبيق اإللحاد عىل أرض الواقع‪،‬‬
‫الحكم فساعتها سيتقبل ر‬ ‫َ‬
‫البش أية إبادة شمولية‪ ،‬ولن يكون‬ ‫فإذا كان اإللحاد هو‬
‫معن وال قيمة‪ ،‬وسنفتقد ألية نقطة مرجعية لألخالق‪.‬‬ ‫نا‬
‫لإلنسان‬
‫ن‬
‫ه‪ :‬محرقة النازي‪ ،‬ومعسكرات‬ ‫• فحي يكون اإللحاد هو المقدمة‪ ،‬فإن النتيجة ي‬
‫البش‪ ،‬ومعسكرات أكشن ر يب فور‪.‬‬ ‫شواء ر‬
‫رقا ن‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫أدب‪.‬‬ ‫• فاإلنسان إلحاديا ال مانع من قتله باعتباره ِع‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫إلحاديا من إدخاله أقفاص حيوانات‪.‬‬ ‫• وال مانع أيضا‬
‫أدب هذه حقيقة تاريخية‪.‬‬‫البش أقفاص الحيوانات باعتبارهم أعر ًاقا ن‬ ‫• وإدخال ر‬

‫‪ ‬فقد أُنشئت حدائق حيوان البشر في قلب عواصم أوروبا‪ ،‬وظلت مفتوح ًة حتى‬
‫سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬ولم تغلق إال بسبب بقايا النبوات في الغرب‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً ُ‬
‫• وبسبب بقايا النبوات أيضا أدينت النازية‪ ،‬وأدين معسكر أكشن يب فور‪ ،‬وأدينت‬
‫محرقة أوشوتس‪.‬‬

‫• لو كان اإللحاد والنظرة الطبيعية ي‬


‫ه المسيطرة عىل العالم‪ ،‬فوالله ساعات‬

‫وسيتحوَّل هذا العالم إلى غابة من املجانين والهمج‪.‬‬


‫ً ن‬
‫يكف لدفن العالم‪ ،‬ولن تستطيع من خالل اإللحاد أن تنتقد أية‬ ‫• فاإللحاد يحفر قتا ي‬
‫ر‬
‫والحشة‬ ‫ً‬
‫جانبا سيصبح اإلنسان‬ ‫جريمة ولو بكلمة‪ ،‬فلو أبعدت الفطرة والنبوات‬
‫ً‬
‫واحدا كما يقول الملحد سارتر‪)423(.‬‬ ‫ً‬
‫شيئا‬
‫ورصورة وجدانية‪ ،‬ن‬ ‫فكريا‪ ،‬بل هو نرصورة فطرية‪ ،‬ن‬‫ًّ‬ ‫ً‬
‫ورصورة‬ ‫• فاإليمان باهلل ليس ترفا‬
‫إنسانية‪.‬‬
‫ضروريا إلى اهلل!‬
‫ً‬ ‫ذاتيا‬ ‫• فاإلنسان مفتقر افتقا ًرا ً‬
‫ذاتيا إلى الدين‪ ...‬مفتقر افتقا ًرا ً‬
‫والوح واإليمان باهلل‬ ‫ن‬
‫معن إنسانيته وال كرامته إال بالدين‬ ‫• ولن يعرف اإلنسان‬
‫ي‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫•‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪(423‬‬ ‫‪Jean Paul Sartre, Nausea (novel).‬‬


‫‪543‬‬
‫‪ -167‬وماذا عن الحدود ‪-‬حد السرقة كمثال‪-‬؟‬

‫ج‪ :‬القضية يف حد السرقة ليست ملجرد السرقة‪ ،‬بل ملا يقترن بها‪.‬‬
‫ن‬
‫❑ ي‬
‫فف الحديث الصحيح قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫• فحد الشقة ليس لمجرد أخذ المال‪ ،‬وإنما لما ريتتب عىل الشقة من جناية قد‬
‫عرض للقتل وارتكاب أكت الجرائم‪.‬‬‫ُت ا‬
‫ً‬
‫• فلو انتهب إنسان شيئا مما ن يف يده كالحارس والخازن فال قطع عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ثمرا من شجر فال قطع عليه‪" :‬ال قطع نف ث َمر وال ك رت"‪)42٥(.‬‬
‫• ولو شق إنسان ً‬
‫ي‬
‫ن‬
‫مرسل صحيح‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بسند‬
‫ٍ‬ ‫وف موطأ اإلمام مالك‬‫‪ ‬ي‬

‫الن تحرس ن يف الجبل‪.‬‬


‫ر‬
‫‪ ‬وحريسة الجبل ي‬
‫ه‪ :‬الماشية ي‬
‫ر‬
‫للبيهف‪ ،‬قال عىل بن أب طالب ‪ -‬ن‬ ‫نن‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬‫الكت‬ ‫السي‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وف‬

‫ُ‬
‫• فليست القضية لمجرد الشقة وإال لقطعت يد الذي ينتهب‪ ،‬والذي يختلس والذي يخون‪.‬‬
‫• لكن لما كان غالب حال هؤالء الثالثة أنهم يقومون بجريمتهم دون تعريض أرواح‬
‫ٍّ‬ ‫اآلمني للخطر‪ ،‬لم ر‬
‫ن‬
‫تقتن بحد وهللا أعلم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫اآلمني‬ ‫• ولما كانت شقة الثمر‪ ،‬وحريسة الجبل مع ارتفاع ثمنها بعيدة عن تعريض‬
‫ً‬
‫لخطر السارق لم ُيقم الحد أيضا‪.‬‬
‫‪ ‬وعن ابن أب ليىل نف رجل شق من الكعبة قال‪" :‬ليس عليه قطع"‪)428(.‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫❑ فحدُّ السرقة نراه يف جريمة السرقة التي تقترن بنوع ترويع‬
‫وتعريض حياة وأعراض اآلمنين للخطر‪ ،‬أما السرقات التي ليس فيها ذلك‬
‫كسرقات الخائن واملنتهب واملختلس وإن عظُمت فليس فيها قطعٌ‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (424‬سنن ابن ماجه ‪ ،864-2‬حكم األلباني‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫(‪ (425‬سنن الترمذي ‪ ،52-4‬بسند صحيح‪.‬‬
‫(‪ (426‬صححه األلباني في إرواء الغليل ‪.71-8‬‬
‫( ‪ (427‬قال األلباني في إرواء الغليل ‪ 77-8‬رجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫(‪ (428‬مصنف ابن أبي شيبة ‪.29010‬‬
‫‪544‬‬
‫‪ -168‬ولو سرق إنسان وأتى ُم ِق ًرا بجريمته فهل تُقطع يده؟‬
‫ن‬
‫القاص يطرده!‬ ‫ج‪:‬‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويلقنه أن ينكر قيامه بالشقة؛ لئال تقطع يده‪.‬‬ ‫بل‬

‫هللا ﷺ ‪ :‬ما‬ ‫ُ‬


‫رسول‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬
‫ٌ‬
‫متاع‬ ‫معه‬
‫ْ‬
‫يوجد‬ ‫ولم‬ ‫ا‪،‬‬
‫ر ً‬
‫اف‬
‫اعت‬ ‫ف‬ ‫بلص قد ر‬
‫اعت‬ ‫ٍّ‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫‪ُ ‬أ ر‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِي‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إخالك شقت‪ .‬قال‪ :‬بىل‪ ،‬فأعاد عليه مرت ن‬
‫ي أو ثالثا"‪)42٩(.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بسند صحيح أن‪:‬‬ ‫ر‬
‫البيهف‬ ‫‪ ‬وأخرج‬
‫ٍ‬ ‫ي‬

‫‪‬وقال أبو الدرداء المر ٍأة قد شقت‪:‬‬

‫‪‬وعن عطاء يقول‪:‬‬

‫َ‬ ‫بابا‪ :‬نف الرجل ُي ر‬‫ً‬ ‫ن‬


‫ؤب به فيقال له‪ :‬أشقت؟ قل‪ :‬ال‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أب شيبة يف ُمصنفه‬ ‫وقد صنف ابن ي‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫برجل شق‪ .‬فقال‪ :‬أشقت؟ قل‪ :‬وجدته‪ ،‬قال‪ :‬وجدته‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مسعود قال‪ :‬أ ِ يب‬ ‫ٍ‬ ‫• وعن َّ ي‬
‫أب‬
‫فخىل سبيله‪)4٣٣(.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أمت‪ ،‬فقال‪ :‬أشقت؟ أشقت؟‬ ‫يومئذ ٌ‬
‫ٍ‬ ‫بسارق وهو‬
‫ٍ‬ ‫أب متوكل‪ ،‬أن أبا هريرة أ ِ ر ي َب‬ ‫• وعن ي‬
‫ً‬
‫مرتي أو ثالثا‪)4٣4(.‬‬ ‫ن‬ ‫قل‪ :‬ال‪ ،‬قل‪ :‬ال‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سالم يقول َ‪ :‬شهدت الحسن بن ي‬
‫عىل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫سبيعا أبا‬ ‫أب الهذيل‪ ،‬قال‪ :‬سمعت‬ ‫غالب ي‬
‫ٍ‬ ‫• وعن‬
‫ُ‬
‫وأ رب برجل أقر بشقة‪ ،‬فقال له الحسن‪" :‬لعلك اختلست؛ لك يقول‪ :‬ال"‪)4٣٥(.‬‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬

‫( ‪ (429‬سنن أبي داود ‪ 134-4‬والحديث فيه مقال‪ ،‬لكن له شواهد‪.‬‬


‫(‪ (430‬صححه األلباني في اإلرواء ‪.87-8‬‬
‫( ‪ (431‬إرواء الغليل بسن ٍد جيد ‪.79-8‬‬
‫( ‪ (432‬قال األلباني في اإلرواء إسناده صحيح إلى عطاء ‪.79-8‬‬
‫(‪ (433‬مصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬ح‪.28575 :‬‬
‫(‪ (434‬مصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬ح‪.28576 :‬‬
‫( ‪ (435‬مصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬ح‪.28578 :‬‬
‫‪545‬‬
‫َ‬ ‫اعتف‪ ،‬فقال عمر‪ :‬ن‬
‫"إب ألرى يد‬ ‫‪ ‬وعن عكرمة بن خالد‪ ،‬قال‪ُ :‬أ ر َب عمر بسارق قد ر‬
‫ي‬ ‫ِي‬ ‫ٍ‬
‫بسارق‪ ،‬فأرسله عمر ولم‬
‫ٍ‬ ‫سارق"‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬وهللا ما أنا‬ ‫ٍ‬ ‫بيد‬
‫ه ِ‬ ‫الرجل ما ي‬
‫ِ‬
‫يقطعه‪)4٣6(.‬‬

‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬


‫ويلقنه ليقول‪ :‬ال‪.‬‬ ‫المعتف‪ ،‬بل‬ ‫فالقاص يطرد‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ر ً‬ ‫ر‬
‫• فإذا أب المذنب معتفا‪ ،‬فقد تم المقصود‪ ،‬فالغاية تطهت المجتمع‪ ،‬ال مجرد قطع‬
‫اليد‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫مصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬ح‪.28579:‬‬ ‫(‪(436‬‬

‫‪546‬‬
‫‪ -169‬وماذا عن حد الزنا؟‬

‫حد الزنا يكون بشهادة أربعة شهود‪.‬‬


‫ج‪ُّ :‬‬
‫ُ‬ ‫• وهذا أشبه ُ‬
‫بالمحال أن يشهد أربعة شهود عىل واقعة كهذه‪.‬‬
‫زجر الناس عن هذه الفاحشة‪.‬‬ ‫• فالغاية من الحد نف األصل ُ‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫وف الواقع فهذه الفاحشة فاحشة الزنا تؤدي إلبادة بشية مرعبة‪.‬‬ ‫• ي‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫ماليي األطفال غت المرغوب فيهم‪)4٣7(.‬‬ ‫• فسنويا يتم إجهاض‬
‫• وهذا من باليا الزنا وتبعاته!‬
‫ر ن‬ ‫ً‬
‫اص عىل إزهاق‬
‫حقوقية‪ ،‬وال أبواقا إعالمية‪ ،‬فتم الت ي‬ ‫• وهذه األجنة ال تملك منظمات‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ٍّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫مجتمع يف الغرب‪.‬‬
‫ي‬ ‫الماليي منهم يف صم ٍت تام ورضا‬ ‫وقتل‬
‫ر‬
‫والن تمثل‬ ‫نن‬ ‫• فنحن نتعجب ممن ن ن‬
‫يتعج من الحدود‪ ،‬وال يتعج من تبعات الفاحشة‪ ،‬ي‬ ‫ُ‬
‫يوم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫رتكب‬‫ت‬ ‫جرائم ضد اإلنسانية‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (437‬هذا موقع يعرض أعداد األجنة التي تم إجهاضها عمدًا‪https://www.worldometers.info/abortions/ :‬‬


‫وقد قتل طبقًا للموقع في هذا العام ‪ 2021‬ما يزيد على ‪ 40‬مليون جنين‪.‬‬
‫‪547‬‬
‫الحد؟‬
‫شخصا متزو ًجا زنا ثم تاب إلى اهلل فهل ُيطبق عليه ُّ‬
‫ً‬ ‫‪ -170‬لكن لنفترض أن‬
‫ج‪ :‬األصل هو حماية المجتمع‪ ،‬وليس إزهاق األنفس‪.‬‬
‫• فاإلسالم ال يتشوق ويسع إىل تنفيذ الحدود‪ ،‬بل يبحث لها عن كل مخرج‪.‬‬
‫• فالهدف إصالح المجتمع ال ربته‪.‬‬
‫بالمحال‪َ ،‬‬
‫ومن ًارتكب‬ ‫• لذلك كان تطبيق الحد يستلزم أربعة شهود‪ ،‬وهذا أشبه ُ‬
‫القاص ر‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫فل ر ْ‬ ‫ْ‬
‫معتفا فإن‬ ‫ي‬ ‫إىل‬ ‫ذهب‬ ‫ولو‬ ‫القاص‬
‫ي‬ ‫إىل‬ ‫يذهب‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫يستت‬ ‫الفاحشة وتاب‬
‫ن‬
‫القاص يرده ويطرده‪.‬‬
‫ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬‫‪‬قال ي‬

‫فف كل مرة كان يطرده ويرد ُه إىل رحله‪.‬‬‫معت ًفا بالزنا ثالث مرات‪ ،‬ن‬
‫حي جاء ر‬ ‫ً‬
‫ماعزا ن‬ ‫والنن ﷺ طرد‬ ‫❑‬
‫ي‬
‫ر ا‬ ‫ي‬
‫معتفة بالزنا‪ ،‬والحديث ن يف صحيح مسلم‪:‬‬ ‫ر‬
‫‪‬وقال ﷺ للغامدية ي‬
‫الن جاءت‬

‫للقاص ً‬
‫طلبا؛ إلقامة‬ ‫ن‬ ‫جاء‬ ‫لو‬ ‫هذا‬ ‫ومثل‬ ‫‪،‬‬
‫ر ُ‬
‫ه‬‫ش‬ ‫المجتمع‬ ‫ف‬ ‫❑ فالذي يتوب إىل هللا فقد ُك ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فالقاص يعرض عنه ويطرده‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الحد‪،‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬ ‫‪‬قال عمر بن الخطاب ‪ -‬ي‬

‫وف ن ن‬ ‫ن‬
‫ارجع‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬‫لها‬ ‫فقال‬ ‫عادت‬ ‫الغامدية‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫الم‬ ‫رد‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫ﷺ‬ ‫أنه‬ ‫داود‬ ‫أب‬
‫ي‬ ‫سي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫فرجعت‪ ،‬فلما كان الغد أتته‪ ،‬فقالت‪ :‬لعلك أن ترد يب كما رددت ماعز بن مالك!‬
‫ْ‬ ‫ن ُ‬
‫ارجع‬
‫ي‬ ‫ارجع فرجعت‪ ،‬فلما كان الغد أتته‪ ،‬فقال لها‪:‬‬ ‫ي‬ ‫لحبىل‪ .‬فقال لها‪:‬‬ ‫إب‬ ‫فوهللا ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ر‬
‫بالصن‪ ،‬فقالت‪ :‬هذا قد ولدته‪ ،‬فقال لها‪:‬‬ ‫ي‬ ‫حن تلدي‪ .‬فرجعت‪ ،‬فلما ولدت أتته‬
‫حن تفطميه ‪)441( ...‬‬ ‫ارجع فأرضعيه ر‬
‫ي‬
‫• ولو لم ترجع الغامدية إىل رسول هللا ﷺ ما طلبها‪.‬‬
‫ُ‬
‫• عن عبد هللا بن بريدة عن أبيه‪ :‬كنا أصحاب رسول هللا ﷺ نتحدث أن‪ :‬الغامدية‬
‫اعتافهما لم‬‫اعتافهما أو قال‪ :‬لو لم يرجعا بعد ر‬ ‫وماعز بن مالك لو رجعا بعد ر‬
‫ِ‬
‫يطلبهما‪)442(.‬‬

‫• فالغاية تطهت المجتمع ال ربته‪.‬‬

‫(‪ (438‬صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.149:‬‬


‫(‪ (439‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1695 :‬‬
‫(‪ (440‬السلسلة الصحيحة لأللباني ‪.317-5‬‬
‫(‪ (441‬سنن أبي داود ‪ ،4442‬حديث صالح‪.‬‬
‫(‪ (442‬ضعفه األلباني في سلسلة األحاديث ‪ ،793-6‬ويشهد له الحديث في مسند أحمد ‪.27-38‬‬
‫‪548‬‬
‫‪ -171‬هل ُفرض الحجاب للتمييز بين الحرة واألَ َمة؟‬
‫الشيعة هو‪ :‬أن المرأة ُأ ر‬
‫نن وبالغة‪ ،‬أما‬ ‫علة َفرض الحجاب‪ ،‬وسبب فرض الحجاب نف ر‬‫َّ‬
‫ج‪:‬‬
‫َّ َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫التميت ن‬
‫بي الحرة واألمة فهو ِحكمة من ِحكم فرض الحجاب‪ ،‬وليس ِعلة فرض الحجاب‪.‬‬
‫ن‬
‫والحجاب فريضة بالقرآن والسنة وإجماع األمة‪ ،‬ولم يشذ عالم واحد يف‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫هذه المسألة عت تاري خ األمة‪.‬‬

‫‪ ‬لكن قد يسأل سائل عن طبيعة حجاب األَمة‪ ،‬وطبيعة حجاب الحرة؟‬


‫ن‬ ‫نص واحد نف ر‬
‫‪ ‬والجواب أنه‪ :‬ال يوجد ٌّ‬
‫الشع‪ ،‬ال يف آية‪ ،‬وال حديث واحد‪ ،‬بالتفريق‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫بي حجاب الحرة وحجاب األمة‪.‬‬
‫ً‬
‫نصا واحدا ن يف ذلك‪.‬‬‫لن تجد ًّ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬


‫تنتقب‪ ،‬وهذا حكم الحرة‬ ‫❑ بل قال أحمد بن حنبل يف األمة‪ :‬إذا كانت جميلة‬
‫ال فرق‪)44٣(.‬‬

‫ن ُ‬ ‫ن َ‬
‫وبي الحرة‪ ،‬كما يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه‬ ‫بي األ َمة‬ ‫دليل عىل التفريق‬ ‫َ‬ ‫فال‬
‫هللا‪)444(.‬‬

‫‪ ‬لكن لماذا كان عمر بن الخطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬يأ ُم ُر اإلماء بكشف‬
‫الرأس؟‬
‫ن‬
‫ه‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬أن عمر بن الخطاب ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬أمرهن بكشف الوجه‪ ،‬وهذه ي‬
‫ن‬
‫الروايات الصحيحة‪ ،‬فأمر عمر يف الروايات الصحيحة مقصوده كشف الوجه‬
‫ال الرأس‪)44٥(.‬‬

‫يأمرهن بكشف الوجه؟‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬لكن لماذا كان‬
‫ن‬
‫يجت النظر إليهن‪ ،‬فال يجوز‬ ‫وقبل أن نجيب عن هذا السؤال‪ ،‬فال بد أن نعلم أن هذا ال‬
‫َ‬
‫النظر إىل األمة‪.‬‬

‫)‪ (443‬المغني‪ ،‬م‪ 7‬ص‪.103‬‬


‫( ‪ (444‬الشرح الممتع‪ ،‬م ‪ 2‬ص‪.158-157‬‬
‫( ‪ (445‬أدلة الحجاب‪ ،‬محمد بن إسماعيل المقدم‪ ،‬ص‪ 208 :‬في الهامش‪.‬‬
‫‪549‬‬
‫‪ ‬قال ابن المنذر ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫‪ ‬أما أمر عمر بن الخطاب بكشف الوجه وقوله‪:‬‬

‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫َ‬


‫ه يف األصل إنسانة اشتكت يف جيش العدو تعينهم بالتضميد‬ ‫• ؛ ألن األمة كما قلنا ي‬
‫والخدمة وما إىل ذلك‪ ،‬فكيف يتشبهن بالحرائر من المسلمات؟‬
‫علة أخرى من أمر عمر ‪ -‬ن‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫وه أن‪:‬‬
‫ي‬ ‫الوجه‪،‬‬ ‫بكشف‬ ‫لهن‬ ‫‪-‬‬ ‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫رص‬
‫ي‬ ‫هناك‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ نْ َ‬
‫منتقبات‪ ،‬فقد ينسب ألهل‬
‫ٍ‬ ‫يمتن عن أهل البيت من المسلمات؛ إذ لو كن جميعا‬
‫َ‬
‫ه ن يف األصل رقيقة الدين‪.‬‬‫ي ي‬
‫األمة‪ ،‬ر‬
‫والن‬ ‫البيت ما تفعله هذه‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (446‬منار السبيل‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.138‬‬


‫‪550‬‬
‫غنيا؟‬
‫‪ -172‬هل كان النبي محمد ﷺ ً‬

‫النن ﷺ‪:‬‬
‫ج‪ :‬قال ي‬

‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬


‫فالخ ُ‬
‫مردود عىل األمة‪.‬‬ ‫النن ﷺ‬
‫ي‬ ‫يأخذه‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫س‬‫م‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬
‫صاعا من شعت‪)448(.‬‬ ‫بثالثي‬ ‫• ولذلك مات ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي‬
‫المؤمني ‪ -‬ن‬ ‫ُ‬
‫رص هللا عنها‪:‬‬ ‫ن‬ ‫م‬‫أ‬ ‫‪ ‬قال عمرو بن الحارث‪ ،‬أخو جويرية بنت الحارث‬
‫ي‬
‫ﷺ‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬والحياة المالية ي‬
‫للنن ﷺ كان يديرها بالل بن رباح ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ ،‬ودعونا نقرأ هذا‬
‫للنن ﷺ وكيف كان يدير المال‪ ،‬قال عبد هللا‬ ‫ي‬ ‫الحديث لنفهم طبيعة الحياة المالية‬
‫اب‪:‬‬‫البيهف والطت ن‬
‫ر‬ ‫َْ َْ ن ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫أخرجه‬ ‫الذي‬ ‫الصحيح‬ ‫الحديث‬ ‫ف‬‫الهوز ِ يب ي‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫( ‪ (447‬صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.7872:‬‬


‫( ‪ (448‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2916 :‬‬
‫(‪ (449‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2739:‬‬
‫‪551‬‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫(‪ (450‬أخرجه أبو داود‪ ،‬ح‪.3055 :‬‬


‫والطبراني في الكبير‪ ،‬ح‪.1119:‬‬
‫‪552‬‬
‫ا‬
‫األموال الطائلة‪ ،‬لكنه كان يخرجها ن يف سبيل هللا أوًل بأول‪.‬‬
‫ُ‬ ‫النن ﷺ‬ ‫ر‬
‫❑ فقد كانت ي‬
‫تأب ي‬
‫ً‬
‫‪ ‬لقد كان ﷺ تطبيقا لقوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬ‬
‫ﲭﲮﲯﲰﱠ﴿‪ ﴾111‬سورة التوبة‪.‬‬
‫ت الشعت‪)4٥1(.‬‬ ‫اَّلل ﷺ م َن الد ْن َيا ول ْم َي ْش َب ْع من ُخ ْ ن‬
‫ِ‬
‫ُ َّ‬
‫سول‬ ‫ر‬ ‫‪ ‬ولذلك‪َ :‬خ َر َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الل َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ختهم خت‬
‫ِ‬ ‫أكت‬ ‫وكان‬ ‫‪،‬‬‫شاء‬ ‫ع‬ ‫دون‬ ‫يج‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫وأهل‬ ‫ا‪،‬‬ ‫طاوي‬ ‫المتتابعة‬ ‫ياىل‬
‫ي‬ ‫❑ وكان يبيت‬
‫ن‬
‫الخت‪.‬‬ ‫وخت الشعت هو‪ :‬أرخص أنواع‬ ‫ن‬ ‫الشعت‪)4٥2(.‬‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫رص هللا عنها‪:‬‬‫‪ ‬تقول عائشة ي‬

‫ﷺ‬
‫ُ‬ ‫ٌ ن‬ ‫ر‬
‫أيام يف المدينة يشد فيها الحجر عىل بطنه من شدة‬ ‫النن ﷺ‬ ‫❑ ولذلك كانت ي‬
‫تأب عىل ي‬
‫الجوع‪.‬‬

‫‪ ‬وكان يقول‪:‬‬

‫ً‬ ‫وبي الطالق بعد أن ْ نَ‬


‫ن‬ ‫زوجات ِه ن‬ ‫َ‬
‫طلي شيئا من‬ ‫بي الصت عليه‬ ‫ِ‬ ‫❑ ولذلك خت ي‬
‫النن ﷺ‬
‫عرض الدنيا‪ ،‬فأنزل هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬عليه تخيتهن‪ :‬ﱡﭐﲛﲜﲝﲞﲟﲠ‬
‫َ‬

‫ﲡ ﲢﲣﲤﲥﲦﲧ ﲨﲩﲪﲫﲬ‬
‫ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﱠ سورة‬
‫األحزاب‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فاخت َن َ‬
‫رْ‬
‫والدار اآلخرة‪.‬‬ ‫هللا ورسوله‬ ‫❑‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫والبيهقي في دالئل النبوة‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.348‬‬


‫)‪ (451‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5414 :‬‬
‫(‪ (452‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.2360 :‬‬
‫(‪ (453‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2970:‬‬
‫(‪ (454‬متفق عليه‪ ...‬البخاري‪ ،‬ح‪ ...2388:‬ومسلم‪ ،‬ح‪.94 :‬‬
‫‪553‬‬
‫‪ -173‬لماذا تزوج النبي ﷺ أكثر من امرأةٍ‪ ،‬ويتهمه بعض الملحدين بهذا األمر كثي ًرا؟‬

‫الن تمأل مكة ن يف شبابه وال مرة‪.‬‬


‫ر‬
‫النن ﷺ لم يدخل بيوت ِ‬
‫البغاء ي‬ ‫ج‪ :‬ي‬

‫• وجاءت رشيعته بأشد أنواع العقوبات عىل الزناة‪ ،‬وجاء فيها األمر بالغض من البرص‪،‬‬
‫حن ن يف مجرد المصافحة باليد‪.‬‬ ‫وتحريم الخلوة باألجنبية‪ ،‬والتشديد ر‬

‫رص هللا عنها‪ -‬ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪:‬‬


‫ن‬
‫‪ ‬وكما قالت عائشة ‪ -‬ي‬
‫ﷺ‬

‫رن ْ‬ ‫وخمسي ً‬‫ن‬ ‫ا‬


‫واحدة كبتة‬ ‫ٍ‬ ‫يتوج طوال هذه األعوام سوى امر ٍأة‬ ‫عاما لم‬ ‫• وظل ﷺ ثالثة‬
‫ُُ ُ ن‬ ‫رص هللا عنها‪ -‬فقد ن‬ ‫ن‬
‫تكته يف‬ ‫قض أعوام الشباب مع امرأة ثيب‬ ‫السن ‪-‬خديجة ي‬
‫السن‪.‬‬
‫ا‬ ‫عاما من بكر سوى عائشة‪ ،‬وظل ر‬ ‫وخمسي ً‬
‫ن‬ ‫• ولم ر ن‬
‫حن بلغ سبعة‬ ‫ِ‬ ‫ثالثة‬
‫ٍ‬ ‫يتوج بعد‬
‫عاما ال يقرب ها‪.‬‬‫وخمسي ً‬
‫ن‬
‫ن‬ ‫• ولم ر ن‬
‫يتوج ﷺ يف السنوات األختة المتبقية من حياته سوى بضع نساء كستات‬
‫القلب‪.‬‬
‫ن‬
‫رص هللا عنها‪ -‬ب ‪ ٣‬سنوات كانت السيدة‬ ‫• وأول زوجة تزوجها ﷺ بعد وفاة خديجة ‪ -‬ي‬
‫حي تزوجها؛ إذ تزوجها ﷺ بعد عودتها‬ ‫عاما ن‬ ‫وستي ً‬
‫ن‬ ‫سودة‪ ،‬وكان عندها تسعة‬
‫المش ن‬ ‫ً‬
‫زوجها ولم تجد أحدا يحميها بمكة من بطش ر‬ ‫ُ‬
‫كي‪.‬‬ ‫من الحبشة‪ ،‬وقد مات‬
‫ن‬
‫رص هللا عنها‪ -‬تزوج ﷺ بالسيدة أم حبيبة رملة بنت أب سفيان ‪-‬‬ ‫• ثم بعد سودة ‪ -‬ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫وه يف بلد‬ ‫ص هللا عنها‪ -‬بعد أن مات زوجها بالحبشة‪ ،‬وخاف المسلمون عليها ي‬ ‫ر ي‬
‫النجاش يخطبها لنفسه‪ ،‬وكان هذا الموقف‬ ‫ر‬ ‫غريبة‪ ،‬فأرسل رسول هللا ﷺ إىل‬
‫ي‬
‫ً ن‬
‫النن ﷺ سببا يف إسالم ي‬
‫أب سفيان فيما بعد‪.‬‬ ‫الرجوىل المبهر من ي‬ ‫ي‬
‫المصطلق‪ ،‬ر‬ ‫ن‬
‫والن‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫• ثم تزوج ﷺ بعد ذلك بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد ي‬
‫بن‬
‫بن المصطلق‪،‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫أعتق المسلمون بزواجها من رسول هللا جميع األشى والسبايا من ي‬
‫فأسلمت القبيلة عن َبكرة أبيها‪4٥6.‬‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫رص هللا عنها‪-‬‬ ‫حن بن أخطب ‪ -‬ي‬ ‫النن ﷺ بالسيدة صفية بنت ي‬ ‫• وبعد جويرية تزوج ي‬
‫بعد غزوة خيت‪.‬‬

‫( ‪ (455‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...5288:‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1866 :‬‬


‫(‪ (456‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3931:‬‬
‫‪554‬‬
‫‪ ‬وهنا قد يسأل سائل‪ ،‬وهذا السؤال يطرحه المالحدة كثيرًا‪ :‬كيف تزوَّ ج‬
‫النبي ﷺ بالسيدة صفية بعد أن ُقتل أبوها وزوجها في غزوة خيبر؟‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫للنن ﷺ ‪ ،‬فأبوها ح ين بن‬
‫ي‬ ‫عداوة‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬هؤالء أبوها وزوجها كانا أشد الناس‬
‫َّ‬
‫أخطب هو الذي ألب القبائل عىل غزوة األحزاب‪ ،‬فكان يجمع األحزاب؛ ليهاجموا مدينة‬
‫ن‬
‫والمسلمي‪.‬‬ ‫رسول هللا ﷺ ‪ ،‬ويستأصلوا شأفة اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫• وبعد غزوة خيت وبعد مقتل ح ين بن أخطب أقرت صفية ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنها‪ -‬بجرم‬
‫ن‬
‫وبي العتق‪،‬‬ ‫أبيها أمام النن ﷺ ‪ ،‬وقد ختها النن ﷺ ن‬
‫بي اإلسالم والزواج منه‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وأن تلحق بأهلها فاختارت هللا ورسوله‪.‬‬
‫ت َصفي ُة َعىل النن ﷺ ‪َ ،‬ق َ‬
‫ال ل َها‪:‬‬
‫َ َ ْ‬
‫‪ ‬لم ا د خ ل‬
‫ِي‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫• وقد تحقق عىل يد زوجات النن ﷺ ُ‬


‫نقل السنة المطهرة من بيت النبوة إىل عموم األمة‪:‬‬ ‫ي‬
‫ﲊ‪ ..‬ﱠ سورة األحزاب‪.‬‬
‫ﲋ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ه ِملك ألمته‪ ،‬فزوجاته ﷺ نقلن‬ ‫ي‬ ‫وإنما‬ ‫له‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ملك‬ ‫النن ﷺ الخاصة لم تكن‬ ‫• فحياة ي‬
‫وشعه‪.‬‬ ‫ستته وحياته ر‬
‫ثاب أعظم راو للحديث ن يف تاري خ اإلسالم‪.‬‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنها‪ -‬ي‬
‫ن‬
‫• وأصبحت عائشة ‪ -‬ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫الخت لعموم األمة إىل قيام الساعة‪.‬‬ ‫• ي‬
‫فف زيجاته ﷺ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (457‬الطبقات الكبرى‪ ،‬ابن سعد‪ ،‬م‪ 8‬ص‪.123‬‬


‫‪555‬‬
‫‪ -174‬هل أمر النبي ﷺ زي ًدا بتطليق زينب؟‬
‫ج‪ :‬هذا من خرافات الملحدين‪.‬‬
‫ً‬
‫النن ﷺأمر زيدا بأن يمسك زوجته‪:‬ﱡﭐﱣﱤﱥﱦﱧﱠ﴿‪﴾٣7‬‬ ‫• بل إن ي‬
‫سورة األحزاب‪.‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫َّ‬
‫يقول‪ :‬اتق َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اَّلل‪ ،‬وأ ْم ِسك عل ْيك‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫النن ﷺ‬
‫فحي جاء زيد بن حارثة يشكو‪ ،‬جعل ي‬
‫ن‬ ‫•‬
‫زوجك‪)4٥8(.‬‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫زيدا ليصت عىل زوجته‪ ،‬لكن زيد بن حارثة ‪ -‬ن‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫رص هللا عنه‪-‬‬
‫ي‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫دعا‬ ‫فقد‬ ‫إذن‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫رصا عىل تطليقها‪ ،‬وقد عل َم النن ﷺ بإخبار هللا له أن زيدا ُ‬ ‫كان ُم ًّ‬
‫سيطلقها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫وبالفعل وقع كما علم ﷺ‪.‬‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫• وبعد ذلك تزوجها ي‬
‫الشعية‪ ،‬أو يتعجل إلقاء الشبهات‪،‬‬ ‫• المشكلة أن الملحد ال يجيد فهم النصوص ر‬
‫النن ﷺ تزوج زينب بغت إرادة زيد‪.‬‬ ‫فيوح للناس أن ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الن ستحاك حوله وحول ستته‬ ‫األكاذيب ي‬ ‫النن ﷺ يعلم مثل‬ ‫ي‬ ‫• العجيب وكأن‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫فحي أراد أن يتوج زينب أرسل زيدا نفسه؛ ليخطبها له‪،‬‬ ‫المطهرة يف آخر الزمان‪،‬‬
‫لف أمثال هذه الشبهات‪.‬‬ ‫وكأنه بهذا يقطع ألسنة َمن ُي ر‬
‫ي‬
‫هللا ﷺ ِل َز ْي ٍد‪:‬‬ ‫ال َر ُ‬
‫سول‬ ‫‪َ ‬ق َ‬
‫ِ‬

‫ﷺ‬

‫ن‬ ‫ًّ‬
‫نفسيا‪ ،‬إنه مجتمع من أقرب المجتمعات للكمال يف تاري خ‬ ‫• فهذا مجتمع سوي‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫ً‬
‫• فمثل هذه الشبهات تزيد الحق بيانا‪.‬‬
‫ْ‬
‫فأعجبت ُه؟‬ ‫‪ ‬لكن قد يقول قائل‪ :‬ألم ي َر النبي محمد ﷺ زينب‬
‫‪ ‬والجواب ‪ :‬ال توجد رواية صحيحة واحدة تقول بذلك‪.‬‬
‫ن‬
‫بل قال ابن كثت ‪-‬رحمه هللا‪ -‬يف تفست هذه اآلية‪ :‬ذكر ابن جرير‪ ،‬وابن ي‬
‫أب حاتم هاهنا‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫أحببنا أن ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫نرصب عنها صفحا لعدم صحتها فال‬ ‫رص هللا عنهم‪،‬‬
‫ُآثارا عن بعض السلف‪ ،‬ي‬
‫نوردها‪.‬‬

‫( ‪ (458‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.7420:‬‬


‫(‪ (459‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1428:‬‬
‫‪556‬‬
‫ها لِلنبِيِ إ‬
‫سَ‬‫ت نَ ْف َ‬ ‫‪ -175‬ما تفسير قول اهلل عز وجل‪{ :‬وَا ْم َرأَ ًة ُّم ْؤ ِمنَ ًة إِن و َ‬
‫َهبَ ْ‬
‫ون الْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ين} ﴿‪ ﴾50‬سورة األحزاب؟‬ ‫ها َخالِ َص ًة ل َ‬
‫ك ِمن ُد ِ‬ ‫إ ْن أََرا َد النبِ ُّي أَن َي ْس َت ِ‬
‫نك َح َ‬

‫‪ ‬ولماذا يجوز هذا األمر للنبي ﷺ ‪ ،‬وال يجوز لغيره من المسلمين؟‬


‫ج‪ :‬هذا اسمه زواج الهبة‪.‬‬
‫بالنن ﷺ‪.‬‬ ‫ٌّ‬
‫خاص‬ ‫• وهو زواج بغت صداق‪ ،‬أي‪ :‬بدون دفع مهر‪ ،‬وهو ٌ‬
‫أمر‬
‫ا‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫• فالصداق يعًط للمرأة؛ خشية أن يظلمها الرجل‪ ،‬فلئًل تحصل مشاكل مستقبًل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتظلم بها المرأة‪ ،‬فإنه تحدد قيمة الصداق من البداية‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫محال‪.‬‬ ‫• لكن الظلم يف حقه ﷺ‬

‫ْ‬
‫يعدل رسول اهلل ﷺ ؟‬ ‫ْ‬
‫يعدل إذا لم‬ ‫‪ ‬ف َمن‬

‫فالنن ﷺ يجوز له الزواج بغت صداق‪.‬‬


‫ي‬ ‫• ألجل هذا‬
‫• فاآلية تثبت مسألة فقهية مبنية عىل عصمته ﷺ‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ن‬
‫طبيع ناتج عن كمال خلقه وعصمته‬‫ي‬ ‫فقه‬
‫ي‬ ‫حكم‬ ‫هو‬ ‫ﷺ‬ ‫حقه‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫• فزواج الهبة‬
‫وعدله ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬لكن‪ :‬هل تزوج النبي ﷺ زواج هبة؟‬


‫وحت األمة‪" :‬لم ر ن‬
‫يتوج ﷺ امرأة واحدة بغت صداق"‪)46٠(.‬‬ ‫يقول ابن عباس ترجمان القرآن ْ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫الم ْس ر‬
‫تف من عصمته ﷺ‪.‬‬ ‫المبن الفقه ُ‬
‫ن‬ ‫• فاآلية فقط لبيان‬
‫ي‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪(460‬‬
‫تفسير القرطبي لآلية‪.‬‬
‫‪557‬‬
‫يوم واح ٍد؟‬
‫‪ -176‬هل كان النبي ﷺ يطوف على نسائِ ِه يجامعهن كلهن في ٍ‬

‫ج‪ :‬طوافه ﷺ عىل نسائه كان من غت مسيس‪.‬‬


‫ن‬
‫‪ ‬تقول عائشة ي‬
‫رص هللا عنها‪:‬‬

‫ليطمي عىل أخبارهن‪ ،‬وينظر ن يف أحوالهن‪.‬‬


‫ئن‬ ‫• فهو ﷺ يطوف عليهن؛‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬ولم يحصل أن جامع ﷺ زوجاته كلهن يف ليلة واحدة إال يف حجة الوداع‪ ،‬يقول‬
‫العرب‪:‬‬ ‫ن‬
‫القاص أبو بكر بن‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ ُ‬


‫بمعن الجماع لم يحصل إًل يف إحرامه قبل سفره‪ ،‬كما قال أيضا الحافظ‬ ‫• فطوافه ﷺ‬
‫المناوي نف فيض القدير‪)46٣(.‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫توح بأن اإللحاد ال يملك إال اللعب يف فروع‬ ‫ي‬ ‫• إثارة الشبهات يف هذه األمور الدقيقة‬
‫فروع المسائل‪ ،‬وال يستطيع أن ينتقد اإلسالم ال ن يف أصوله‪ ،‬وال ن يف عقيدته‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر ن‬
‫وحن يف هذه األمور الدقيقة تجد العصمة لدين هللا‪ ،‬والعصمة لنبيه ﷺ يف كل ما‬ ‫•‬
‫كت ودق‪.‬‬‫َُ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (461‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،2135 :‬درجة الحديث‪ :‬جيد‪.‬‬


‫( ‪ (462‬العرف الشذي‪ ،‬الكشميري (‪.)159/1‬‬
‫( ‪ (463‬فيض القدير‪ ،‬المناوي (‪.)228/5‬‬
‫‪558‬‬
‫‪ -177‬هل يوجد جهاد طلب في اإلسالم؟‬
‫ج‪ :‬نعم يوجد جهاد طلب ن يف اإلسالم‪.‬‬

‫• لكن الملحد يطرح هذا الموضوع بصورة مشوهة من أخطر ما يكون‪.‬‬


‫ا‬
‫• فهو أوًل يصور أخطاء فئات متطرفة عىل أنها تطبيق لجهاد الطلب ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫• وكأن اإلنسان إذا أراد أن يطبق دينه حقا فال بد أن يكون متطرفا‪ ،‬وهذا الطرح خطت‬
‫ن‬
‫المسلمي بأحد أمرين‪ :‬إما‬ ‫فهو إعادة صناعة للتطرف‪ ،‬حيث يحاول الملحد إقناع‬
‫حن يطبقوا دينهم‪.‬‬ ‫متطرفي ر‬
‫ن‬ ‫أن يرتدوا‪ ،‬وإما أن يصبحوا‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ٌّ‬
‫فعىل يف صناعة التطرف يف العرص الحديث!‬ ‫ي‬ ‫• فالملحد بهذا مشارك‬
‫طرحا يشجع عىل التطرف واالنخراط ن يف األعمال اإلرهابية‪.‬‬‫ً‬
‫• فهو يقدم‬
‫ر‬
‫الن يلعبها الملحد أنه‪ :‬يتاجر بدماء ضحايا العمليات المتطرفة؛‬ ‫• واللعبة الثانية ي‬
‫لتحقيق مكاسب إلحادية أيديولوجية‪.‬‬
‫شء ن يف منته الالنزاهة‪.‬‬ ‫ر‬
‫• وهذا ي‬
‫❑ وبعض الملحدين يقولون َّ‬
‫إن‪ :‬كل آيات الموادعة والسلم ي‬
‫ه آيات مكية‪ ،‬بينما‬
‫ن يف المرحلة المدنية ال توجد مثل هذه اآليات‪.‬‬
‫• وهذا من قلة علمهم باإلسالم فهل آية‪ :‬ﱡﭐﳈﳉﳊ ﳋﳌﳍﳎﳏ‬
‫ﳐﳑﳒﳓﳔﳕﱠ ﴿‪ ﴾61‬سورة األنفال‪ ،‬هل هذه آية مكية؟‬

‫ﳑﱠ﴿‪ ﴾2٥6‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﳒ‬ ‫• وكذلك آيةﭐﱡﭐﳎﳏﳐ‬

‫ﳅﳇﳈﳉﳊ‬
‫ﳆ‬ ‫• وآية‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ‬

‫ﱌﱎ‬
‫ﱍ‬ ‫ﱇﱉ ﱊﱋ‬
‫ﱈ‬ ‫ﳋﳌ ﱁﱂ ﱃﱄﱅ ﱆ‬

‫ﱙﱛﱜ ﱝﱞﱟ‬
‫ﱚ‬ ‫ﱕﱗﱘ‬
‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱔ ﱖ‬

‫ﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱠ سورة البقرة‪.‬‬

‫ﲳﲵ‬
‫ﲴ‬ ‫ﲯﲱ ﲲ‬
‫ﲰ‬ ‫• وآية‪ :‬ﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ‬

‫ﲶﲷﲸﱠ ﴿‪ ﴾1٣‬سورة المائدة‪.‬‬

‫‪559‬‬
‫• وآية‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ‬

‫ﲦﲨﲩ‬
‫ﲧ‬ ‫ﲟﲡﲢ ﲣﲤﲥ‬
‫ﲠ‬ ‫ﲜﲝﲞ‬

‫ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﱠ﴿‪ ﴾٩٠‬سورة‬
‫النساء‪.‬‬
‫وآية‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱩﱪﱫ ﱬﱭ ﱮﱯ ﱰﱱ ﱲﱳ ﱴﱵ ﱶ ﱷﱸﱹﱺ‬
‫ﱻﱼﱽﱾﱠ﴿‪ ﴾8‬سورة الممتحنة‪.‬‬

‫‪ ‬هل هذه اآليات مك َّية؟‬


‫ٌ‬
‫‪ ‬فهذه كلها آيات مدنية‪ ،‬وكلها تدعو للسلم والصفح وتجنب االعتداء‪.‬‬

‫‪ ‬لكن كيف ظهر الفكر المتطرف؟‬


‫ن‬ ‫ُ‬
‫اإلسالم بفكر الخوارج‪ ،‬والخوارج‬
‫ي‬ ‫االصطالح‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫سىم‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬الفكر المتطرف‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الشعية َوفق أي‬
‫ضالة قديمة نشأت نتيجة‪ :‬الجهل باإلسالم وتأويل النصوص ر‬ ‫ه فرقة‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫هوى‪.‬‬

‫❑ فالجهل الشديد باإلسالم ُيولِّد فكر الخوارج‪ ،‬ويولد اإللحاد‪.‬‬


‫ُ‬
‫ابن عباس ن‬
‫رص هللا عنهما للخوارج وأجرى معهم مناظرته‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬ولذلك عندما ذهب‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫أصحاب الن ين ﷺ‪ ،‬أتيتكم من عند‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الشهتة قال لهم يف مطلع المناظرة‪" :‬أتيتكم من عند‬
‫ُ‬
‫القرآن؛ فهم أعل ُم بتأويله منكم"‪)464(.‬‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫واألنصار‪ ،‬وعليهم نزل‬
‫ِ‬ ‫المهاجرين‬
‫ن‬
‫❑ فابن عباس ي‬
‫رص هللا عنهما أخت الخوارج أن ما هم فيه هو نتيجة‪ :‬الجهل بالنص‬
‫ع‪.‬‬ ‫ر‬
‫الش ي‬
‫‪ ‬لكن ْ‬
‫ألم يهجم الصحابة األوائل على القوافل التجارية‪ ،‬وهو ما‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫أدى إلى غزوة بدر في مرحلة تالية؟‬
‫ُ ُ ر َ‬
‫استداد‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬حصول الصحابة عىل قافلة قريش وهذا لم يحدث‪ ،‬كانت غايته‬
‫الن تركوها ن يف مكة‪.‬‬
‫ن ر‬
‫بعض أموال المسلمي ي‬

‫( ‪ (464‬سنن النسائي‪ ،‬ح‪.7346 :‬‬


‫‪560‬‬
‫• ولذلك خرج الصحابة فقط إىل قوافل قريش ولم يخرجوا إىل ما عداها؛ ألن أموالهم‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫محاربة وأهلها كانوا ً‬ ‫ً‬
‫محاربي‪ ،‬وأموال الصحابة‬ ‫كفارا‬ ‫كانت فيها‪ ،‬وقريش كانت بلدا‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ليستدوا شيئا من أموالهم‪.‬‬ ‫كانت يف قوافلهم؛ فلذلك خرجوا؛‬
‫يعن‬‫• بينما كانت هناك خمسمائة قبيلة عربية ُتست رحالت إىل الشام كل عام‪ ،‬وهذا ن‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫أن هناك ألف قافلة تمر بطريق المدينة المنورة سنويا ذهابا وإيابا‪ ،‬فهل خرج‬
‫الصحابة على أي قافلة من هذه القوافل؟‬

‫‪ ‬هل خرجوا على قافلة خال قوافل قريش؟‬


‫ر‬
‫الن‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬قوافل قريش كانت ال تمثل‬
‫ومواشيهم ي‬
‫ِ‬ ‫وحقوقهم‬
‫ِ‬ ‫أموال المهاجرين‬
‫ِ‬ ‫جزءا من‬
‫اغتصبت منهم‪.‬‬
‫ﭐﱡﭐﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱠ﴿‪ ﴾4٠‬سورة الحج‪.‬‬

‫ر‬
‫شء‪.‬‬ ‫• فهم أخرجوا من أموالهم وديارهم وأهليهم وكل ي‬
‫استداد هذه‬‫• وأهل قريش كانوا يعلمون أن النن ﷺ من حقه أن يحرص عىل ر‬
‫ي‬
‫يقض به أي ر‬ ‫ٌّ‬
‫حق ن‬
‫تشي ع؛ لذلك قال صفوان بن أمية لقومه‪ :‬إن‬ ‫ي‬ ‫األموال‪ ،‬فهذا‬
‫ً‬
‫محمدا وأصحابه قد ا‬
‫عوروا علينا متجرنا‪.‬‬
‫❑ أي‪ :‬أنهم واقفون ن يف طريق تجارتنا للشام‪ ،‬فلو ذهبنا للشام سيكونون ن يف طريقنا‪.‬‬
‫ًّ‬
‫للنن ﷺ عندهم حقا‪.‬‬ ‫‪ ‬فهم يعلمون أن ي‬

‫‪ ‬لكن لماذا لم يقبل المسلمون بالرسوم المسيئة للنبي ﷺ‬


‫في فرنسا‪ ،‬أليس هذا تط ُّرف؟‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬إذا ُسب األنبياء‪ ،‬أو ُسخر من الدين‪ ،‬أو تم ر‬
‫نش اإللحاد‪ ،‬أو الرسوم‬
‫ً‬
‫غضبا‪ ،‬فإنه سيقل‬ ‫للنن ﷺ ولم يهتم المسلمون بذلك ولم تتمع ْر وجوههم‬ ‫المسيئة‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ً ن‬ ‫رن ُ‬
‫وبالتاىل سيضيع دينهم‪،‬‬
‫ي‬ ‫هم‪،‬‬ ‫قلوب‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ا‬ ‫رخيص‬ ‫الدين‬ ‫وسيصبح‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫مع‬ ‫هم‬ ‫بدين‬
‫ِ‬ ‫هم‬‫از‬‫اعت‬
‫ُ‬
‫وتضيع آخرتهم‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫وجودي‬ ‫سخرية‪ ،‬بل هذا تهديد‬
‫ٍ‬ ‫• لذلك فالذي يسخر من ي‬
‫النن ﷺ هذه ليست مجرد‬
‫النن ﷺ هم بهذا يطلبون من المسلم أن‬ ‫لعقيدة المسلم‪ ،‬فالذين يسخرون من ي‬
‫ن‬
‫وبالتاىل سيقبل المسلم يف مرحلة تالية‬
‫ي‬ ‫يقبل بالسخرية من دينه والتشكيك فيه‪،‬‬
‫الكفر به‪ ،‬أو عىل األقل التطبيع مع الملحدين‪.‬‬
‫‪561‬‬
‫ً‬
‫• وهذه أمور غت مقبولة إطالقا ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫اعتاز المسلم بدينه هو من أشد الناس إجر ًاما؛ ألنه يريد أن‬ ‫• فالذي يريد أن ُيضعف ر ن‬
‫ِ‬
‫ُيضيع عىل المسلم آخرته‪ ،‬وأن يفسد دينه‪.‬‬

‫ﱌﱠ‬ ‫• فهذه فتنة للناس يف دينهم‪ ،‬والفتنة يف الدين أشد من القتل‪ :‬ﱡﭐﱉﱊﱋ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ﱍ‬
‫﴿‪ ﴾1٩1‬سورة البقرة‪.‬‬
‫• فالفتنة للمسلم ن يف دينه أشد عليه من قتله‪.‬‬
‫ر‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫الن فطر هللا الناس عليها‪ ،‬فإن تضييع اآلخرة هو أخطر‬ ‫• فإسالميا وفطريا بالفطرة ي‬
‫جريمة عىل اإلطالق‪.‬‬
‫• فهذا تهديد لمستقبل اإلنسان األبدي‪.‬‬
‫الطبيع أن يتمع َر وجه المسلم ألية إساءة لنبيه ﷺ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• لذلك من‬

‫وكعب بن األشرف؟‬
‫َ‬ ‫‪ ‬لكن لماذا قتل المسلمون أبا رافع‬
‫ٍن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أب الحقيق كان يعيش يف حصن من حصون خيت‪ ،‬ثم ترك‬
‫ي‬ ‫بن‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬أبو رافع‬
‫هذا الحصن‪ ،‬وذهب إىل قريش لجمع األحزاب ن يف غزوة الخندق‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫المسؤولي عن غزوة الخندق‪.‬‬ ‫• وكان أحد‬
‫َ‬
‫• وذهب إىل غطفان‪ ،‬وأرسل لهم األموال؛ ليشاركوا ن يف الهجوم عىل المدينة المنورة‪.‬‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫أس من رؤوس محاربة‬ ‫• فهو ر ٌ‬
‫بن ر‬ ‫ُ ُ‬ ‫• واألمر نفسه مع كعب بن ر‬
‫األشف ر ِكب إىل قريش بعد غزوة‬ ‫األشف‪ ،‬فكعب‬
‫الن َي ْبك فيها عىل أصحاب القليب من قتىل ر‬
‫المش ن‬
‫كي‬ ‫بدر‪ ،‬وجعل ُينشد األشعار ر‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫المسلمي مرة أخرى‪ ،‬وزك الحقد‪ ،‬وأشعل نار‬‫ن‬ ‫كي عىل‬ ‫‪-‬قليب بدر‪ -‬فأثار ر‬
‫المش ن‬
‫ً‬
‫مجددا‪...‬‬ ‫الحرب‬
‫‪ ‬فهل يُترك َمن يؤ ّلب الناس على قتل المسلمين‪ ...‬في ِّ‬
‫أي‬
‫تشريع هذا؟‬
‫ً‬ ‫• ٍ ا‬
‫فالمحرض عىل القتل قد يكون أشد إجراما من القاتل‪.‬‬
‫‪ ‬لكن لماذا يَقتل المسلمون األسرى؟‬
‫‪‬والجواب‪ :‬هذا خطأ شديد‪.‬‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱠ ﴿‪ ﴾8‬سورة اإلنسان‪.‬‬
‫ا‬
‫• فالمسلم ُيفضل األست عىل نفسه ن يف الطعام‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫مسلما قبل أن‬ ‫وبالتاىل فالقتل لألست يكون يف مقابل نرصر يجلبه األست‪ ،‬كأن يقتل‬
‫• ُ َ ي‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫بخيانة أو إشعال فتنة أو ما شابه وهكذا‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫يؤش‪ ،‬أو كأن يكون متهما‬
‫‪562‬‬
‫‪ ‬لكن السؤال الجوهري‪ :‬لماذا هناك جهاد طلب في اإلسالم‬
‫من األساس؟‬
‫بديه عند َمن يريد ر‬
‫نش الحق الذي معه‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬مفهوم الجهاد هو مفهوم‬
‫ي‬

‫• والقتال ن يف الجهاد ن يف اإلسالم ليس ن يف مقابل الكفر‪.‬‬


‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫طلب ال يكون يف مقابل الكفر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جهاد‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫دفع‬ ‫جهاد‬ ‫كان‬ ‫سواء‬ ‫الجهاد؛‬ ‫• فالقتال ي‬
‫ف‬
‫وإنما ن يف مقابل المحاربة‪.‬‬
‫إيصال رسالة اإلسالم إىل الناس‪ ،‬وأن تصلهم رسالة اإلسالم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم‬ ‫• فغاية الجهاد‬
‫ُ ً‬ ‫ي‬
‫ويروه بصورته الصحيحة مطبقا‪.‬‬
‫َ َ‬
‫ينته الموضوع‪ ،‬فمن شاء آمن‪ ،‬ومن‬ ‫ي‬ ‫• فإذا وصل اإلسالم للناس ورأوا مناراته‪ ،‬هنا‬
‫بف عىل كفره‪ ،‬وال إكراه ن يف الدين‪.‬‬ ‫ي‬
‫شاء ر‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سلم فبها ونعمت‪،‬‬ ‫• فالمهم أن تصل رسالة اإلسالم للناس‪ ،‬وبعد ذلك من أراد أن ي ِ‬
‫ومن أراد البقاء عىل كفره فلن يجته أحد عىل اإلسالم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫حالتي‪ :‬إما رفع ظلم عن فئة مضطهدة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫• وجهاد الطلب يف اإلسالم يكون يف إحدى‬
‫ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏ‬

‫ﱐﱑﱒﱓ ﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞ ﱟﱠ‬


‫﴿‪ ﴾7٥‬سورة النساء‪.‬‬
‫ُ ر نَ‬ ‫ُ‬
‫ه الحالة األوىل لجهاد الطلب‪ :‬نرصة فئة مقهورة مستضعفة تفي عن‬ ‫• وهذه ي‬
‫دينها‪.‬‬
‫ُ‬
‫ه‪ :‬قتال َمن يقاتلوننا؛‬
‫ن‬ ‫• والحالة الثانية ر ُ ر‬
‫الن يشع فيها جهاد الطلب يف اإلسالم ي‬ ‫ي‬
‫ليمنعوا وصول رسالة اإلسالم‪.‬‬

‫إذن فغاية جهاد الطلب‪:‬‬ ‫ْ‬


‫ُ ُ‬
‫لم‪.‬‬
‫‪ -1‬رفع ظ ٍ‬
‫ُ‬
‫إيصال رسالة اإلسالم ودالئل هدايته للناس‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حي ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫• وال يقاتل ن‬
‫يقاتلنا‪.‬‬
‫ننش رسالة اإلسالم إال من ِ‬
‫‪ ‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫( ‪ (465‬مجموع الفتاوى‪.354 / 28 :‬‬


‫‪563‬‬
‫وحي ذكر شيخ اإلسالم هذا الكالم استدل بهذه اآلية‪ :‬ﱡﭐﱦﱧﱨﱩﱪ‬
‫ن‬ ‫‪‬‬

‫ﱭﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱠ ﴿‪ ﴾1٩٣‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﱫﱬ ﱮ‬

‫ﱭ)‪ ،‬لكن‬
‫• فاآلية فيها أن غاية جهاد الطلب أن يكون الدين كله هلل‪( :‬ﱫ ﱬ ﱮ‬
‫ال يكون القتال إال لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين هللا‪( :‬ﱯﱰﱱﱲﱳﱴ‬
‫ﱵ)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ ن‬ ‫ن‬ ‫• والذي ُي ن‬
‫مجرم يف حق أمة كاملة من‬ ‫ليمنعن من إيصال رسالة اإلسالم هو‬ ‫ي‬ ‫قاتلن‬
‫ي‬
‫الناس‪ ،‬فربما يبحث بعض أفراد هذه األمة عن الحق‪ ،‬فهو يريد إبقاءهم عىل‬
‫الضالل والكفر‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً ُ‬
‫تصورا يراد له االنتشار‪ ،‬بل هو أهم كلمة يف الكون‪ ،‬وليس‬ ‫• واإلسالم ليس فكرة أو‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫المعرف إال به‪ ،‬ولم يبق‬
‫ي‬ ‫للنجاة يف الكون غته‪ ،‬وال طريق إلشباع الجوع‬ ‫ِ‬ ‫من طريق‬
‫ن‬
‫عىل توحيد هللا عىل وجه األرض إال يف هذا الدين‪ ،‬بينما بقية الديانات بال استثناء‬
‫رُ‬ ‫ٌ‬ ‫لها من ر‬
‫كت‪.‬‬ ‫نصيب‪ ،‬قل أو‬ ‫الشك‬
‫‪ ‬لذلك قال هللا تعاىل‪:‬ﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ‬
‫ﱫﱠ ﴿‪ ﴾8٥‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫• فعندما تصل رسالة التوحيد الفطري للناس‪ ،‬ويرى الناس منارات هذا الدين‪ ،‬فهذا‬
‫فيه مظنة هدايتهم‪.‬‬
‫ن‬
‫المسلمي لهم‪ ،‬ويكون لهم تطبيق‬ ‫• ولو لم يسلموا تمتعوا بعدل اإلسالم‪ ،‬وعدم ظلم‬
‫َ‬
‫شعائرهم‪ ،‬ويصت اسمهم المعاهدون‪.‬‬

‫‪ ‬وال يستطيع مسلم أن يتعرض ألحدهم بأذى‪ ،‬قال ي‬


‫النن ﷺ‪:‬‬

‫وقال ﷺ‪:‬‬

‫(‪ (466‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3052:‬‬


‫( ‪ (467‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3166:‬‬
‫‪564‬‬
‫َ‬
‫❑ فقتل الكافر المعاهد هذا كبتة من كبائر الذنوب ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫ن‬
‫للعالمي‪.‬‬ ‫• فاإلسالم رحمة‬
‫• ورحمة ن يف فتوحاته‪.‬‬
‫تشيعاته‪.‬‬‫• ورحمة نف ر‬
‫ي‬
‫ا‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫وأكتهم رأفة‪ ،‬وعندما قال بعض األنصار يوم‬ ‫أرحم الناس بالناس‪،‬‬ ‫❑ وكان ي‬
‫النن ﷺ‬
‫الفتح‪ :‬اليوم يوم الملحمة‪ ،‬قال صىل هللا عليه وآله وسلم‪" :‬اليوم يوم المرحمة"‪)468(.‬‬

‫َ ُ ُ‬
‫النن ﷺ فقال‪:‬‬
‫ي‬ ‫إىل‬ ‫و‬‫عمر‬ ‫بن‬ ‫‪ ‬ولما جاء الطفيل‬

‫ﷺ‬

‫النن ﷺ وأراد قتله‪ ،‬ثم سقط السيف من يده‬ ‫عىل‬ ‫َ‬


‫السيف‬ ‫اختط أعر ٌّ‬
‫اب‬ ‫❑ وعندما ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫وأب رسول هللا‪،‬‬
‫ي‬ ‫هللا‬ ‫إال‬ ‫إله‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫أتشهد‬ ‫‪:‬‬ ‫له‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫للهداية‬ ‫دعاه‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫وأخذه ﷺ لم يقتل‬
‫ن‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬ ‫اب فأطلقه ﷺ ‪ ،‬يقول جابر بن عبد هللا ‪ -‬ي‬ ‫لم يقبل األعر ي‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫أجمعي‪ :‬ﱡﭐﲀﲁﲂﲃﲄ ﱠ﴿‪﴾1٠7‬‬


‫ن‬ ‫• فهو ﷺ رحمة للخلق‬
‫سورة األنبياء‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫• وجهاد الطلب يف أصله رحمة وشفقة عىل اإلنسانية‪ ،‬فهو باب إيصال رسالة‬
‫النجاة رسالة اإلسالم للناس‪.‬‬
‫• والمشكلة أن انتقاد الملحد لجهاد الطلب ال يستقيم‪ ،‬فالملحد ال يملك نقطة‬
‫مرجعية لألخالق نتحاكم إليها أو ندين من خاللها أي فعل أو عمل‪ ،‬فاإللحاد عند‬
‫ميتافت ر‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫يف‪.‬‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫التأصيل ينظر لألخالق عىل أنها مجرد‬

‫) ‪ (468‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4030 :‬‬


‫( ‪ (469‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...4392:‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2524:‬‬
‫( ‪ (470‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2910 :‬‬
‫‪565‬‬
‫ا‬
‫• بل إن اإللحاد ن يف الواقع هو أكت مخدر للقيم‪.‬‬
‫ُ ا‬
‫• فاعتقاد الملحد بعدم البعث بعد الموت‪ ،‬هذا يمثل أكت مخدر للقيم‪ ،‬وأكت متر‬
‫وهما‪.‬‬‫ألية جريمة ًّأيا كانت‪ ،‬وأكت متر إلنكار األخالق واعتبارها ً‬
‫ً‬
‫تكليفا ًّ‬
‫إلهيا من خالله‬ ‫• فال يمكن أن يفهم اإلنسان أن القتل خطأ‪ ،‬إال ألن بداخله‬
‫اإلله فلن يستطيع أن‬ ‫ي‬ ‫يحاكم أية قضية أخالقية‪ ،‬أما لو تجاهل اإلنسان التكليف‬
‫يثبت أن القتل خطأ‪.‬‬
‫ً‬
‫• وهناك أيضا غائية أخالقية ال يمكن أن ينكرها إنسان‪ ،‬وهذه الغائية األخالقية‬
‫ن‬
‫ومعن‬ ‫معن الشبهة‪،‬‬ ‫الن من خاللها يفهم الملحد ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ه ي‬‫الن كلنا يشعر بها ي‬ ‫المطلقة ي‬
‫ن‬
‫ومعن القيمة‪.‬‬ ‫الخطأ‪،‬‬
‫ر‬
‫أخالف‪.‬‬
‫ي‬ ‫يحاكم عليه اإلنسان أي فعل‬ ‫فه معيار ِ‬ ‫• ي‬
‫• فلن ينتقد الملحد جهاد الطلب إال من واقع اإليمان المسبق بوجود قيم مطلقة‪،‬‬
‫بتمت اإلنسان‪ ،‬واإليمان المسبق بوجود الخت ر‬
‫والش‪ ،‬واإليمان‬ ‫ن‬ ‫واإليمان المسبق‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫المسبق بأن اإلنسان مكلف‪ ،‬وأنه ٌّ‬
‫حر ومسؤول عن قراراته‪.‬‬

‫❑ وبمعنى أدقَّ‪ :‬لن ينتقد ملحد جهاد الطلب إال من واقع اعترافه بخطأ إلحاده‪.‬‬

‫❑ لذلك نقول‪ :‬ليس مللحد أن ينتقد جهاد الطلب ابتداءً‪.‬‬


‫ًّ‬
‫كتابيا‪ ،‬فقد بينا رحمة وشفقة وإنسانية جهاد‬ ‫ً‬
‫مسلما أو‬ ‫‪ ‬أما لو كان طارح الشبهة‬
‫ن‬
‫الغرب يف هذا الموضوع‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫الطلب‪ ،‬عىل عكس ما يشيع اإلعالم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪566‬‬
‫‪ -178‬لماذا ُقتل يهود بني قريظة؟‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫فف البداية اجتمعت األحزاب يف غزوة الخندق‬
‫بن قريظة‪ ،‬ي‬ ‫ج‪ :‬حن نفهم طبيعة غزوة ي‬
‫ن‬
‫والمسلمي‪ ،‬وكان هذا‬ ‫شمال المدينة المنورة لدخول المدينة‪ ،‬واستئصال شأفة اإلسالم‬
‫ٍّ‬
‫ربما أكت تحد يواجه األمة اإلسالمية عت تاريخها‪ ،‬فلم يكن يفصل جيوش األحزاب عن‬
‫وينته‬
‫ي‬ ‫فه فقط أيام قليلة‬
‫دخول المدينة إال عبور الخندق الذي حفره المسلمون‪ ،‬ي‬
‫األمر‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وبي‬ ‫بن قريظة‪ ،‬وكان بينهم‬ ‫• وكان يف الناحية الجنوبية من المدينة المنورة يهود ي‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫النن ﷺ عهد؛ ولذلك كانت نساء الصحابة وأطفالهم يف الناحية الجنوبية‪ ،‬ناحية‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫بن قريظة؛ ألنها أكت المناطق أمنا‪.‬‬‫يهود ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫وتمض األيام ويشتد الحصار عىل المدينة‪ ،‬وإذا بح ين بن أخطب أبو السيدة صفية‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫بن قريظة ويقنعهم بنقض العهد‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنها‪ -‬يذهب ليهود ي‬ ‫‪ -‬ي‬
‫حن تلتف جيوش األحزاب‬ ‫بن قريظة العهد ر‬ ‫• فهذه أعظم فرصة‪ ،‬ما أن ينقض يهود ن‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ض األمر‪.‬‬ ‫وق ن‬ ‫من الناحية الجنوبية ويدخلوا المدينة‪،‬‬
‫ي‬
‫بن قريظة بالفعل عىل نقض العهد‪،‬‬ ‫تحص ُل‪ ،‬فقد وافق يهود ن‬ ‫ُ‬ ‫• وإذا بالغدرة الكتى‬
‫ي‬
‫تماما لجيوش األحزاب‪ ،‬بل واستعدوا هم بأنفسهم‬ ‫ً‬ ‫وفتحوا جبهتهم الجنوبية‬
‫للهجوم عىل المدينة‪.‬‬
‫وف هذا نزل قول هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‬
‫ن‬
‫‪ ‬ي‬
‫ﲁ ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉ ﲊﲋﱠ‬
‫ﱿ‬ ‫ﲀ‬
‫ﱾ‬
‫سورة األحزاب‬
‫‪‬ﱵﱶﱷﱸ‪ :‬جيوش األحزاب‪.‬‬

‫‪‬ﱹﱺﱻ‪ :‬يهود ي‬
‫ن‬
‫بن قريظة‪.‬‬

‫• اآليات من سورة األحزاب‪ ،‬والحظ سورة كاملة ُسميت باسم هذه الغزوة "غزوة‬
‫األحزاب"‪.‬‬
‫ن‬ ‫• بلغ ُ‬
‫ثالثمائة جندي‬
‫ِ‬ ‫خت نقض العهد لرسول هللا ﷺ فأرسل زيد بن حارثة يف‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫المسلمي وذراري هم‪ ،‬وأرسل سعد بن عبادة وسعد بن معاذ؛ للتأكد‬ ‫لحراسة نساء‬
‫ن‬
‫من خت نقض العهد فوجدا اليهود يف أخبث حال ينتظرون الهجوم عىل المدينة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫عمليا‪.‬‬ ‫• ي‬
‫وف هذه اللحظة بحسابات الدنيا انته الموضوع‬

‫‪567‬‬
‫ا‬
‫‪ ‬وهنا دعا ي‬
‫النن ﷺ ربه قائًل‪:‬‬

‫ن‬
‫بن قريظة‪" :‬فاضطجع ي‬
‫النن‬ ‫النن ﷺ بغدر يهود ي‬‫‪ ‬يقول موش بن عقبة بعد أن علم ي‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫حي ر ْأوه اضطجع‪ ،‬ثم إنه رفع رأسه‬
‫طويًل فاشتد عىل الناس البالء والخوف ن‬ ‫ﷺ ومكث‬
‫ن‬
‫المسلمي بفتح هللا ونرصه"‪)472(.‬‬ ‫أبشوا يا ر‬ ‫ر‬
‫معش‬ ‫فقال‪" :‬هللا أكت‪ِ ،‬‬
‫• لقد رأى النن ﷺ جتيل عليه السالم ر‬
‫وبشه بالنرص‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪‬وهنا تحصل المعجزة العظيمة‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جيش األحزاب‪ ،‬وتقتلع قلوب هم‪ ،‬ومع أنه لم يكن يفصل‬ ‫• إذ تهب ري ح شديدة تدمر‬
‫ن‬
‫المسلمي إال عرض الخندق‪ ،‬إال أن الري ح تقوم عىل‬ ‫ن‬
‫وبي‬ ‫بي جيش األحزاب‬ ‫ن‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المشكي‪ ،‬ومن شدة الري ح يهربون يف الصحراء‪ ،‬وال يلوون عىل ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الخيام‪ ،‬وقلبت القدور‪،‬‬ ‫• إنها آية من آيات نرص هللا بها جنده‪ ،‬لقد اقتلعت الري ح‬
‫كي ر‬ ‫ر‬
‫المش ن‬ ‫ن‬ ‫وهربت الخيل من أمامها‪ ،‬ر‬
‫حن أنهم لم‬ ‫وألف هللا الرعب يف قلوب‬
‫ا‬
‫يفكروا ن يف العودة مرة أخرى‪.‬‬
‫ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﱞﱟﱠﱡﱢﱣ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫قول‬ ‫نزل‬ ‫العظيمة‬ ‫المعجزة‬ ‫هذه‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وف‬

‫ﱭ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳﱠﭐ‬
‫ﱮ‬ ‫ﱤﱥﱦ ﱧﱨﱩﱪﱫﱬ‬
‫﴿‪ ﴾٩‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫‪ ‬ما هذا الرعب الذي وقع في قلوب المشركين؟‬


‫ً‬
‫مرة أخرى للحصار ولو بعدها‬ ‫‪‬ما الذي جعلهم ال يعودون لالجتماع‬
‫بأيام؟‬
‫ن‬
‫والصالحي‪.‬‬ ‫اإلله لألنبياء‬ ‫• هذا من أشار التأييد‬
‫ي‬
‫معجزة أخرى غت معجزة الري ح حصلت أثناء هذه الغزوة!‬ ‫ٍ‬ ‫• وكم من‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫• منها مثًل‪ :‬معجزة تكثت الطعام اليست‪ ،‬فطعام ن‬
‫لشخصي أو ثالثة يدعو فيه‬
‫ِ‬ ‫يكف‬
‫ي‬
‫في ْط َعم منه ألف جندي‪ ،‬ر‬
‫ويبف الطعام كما هو‪.‬‬ ‫النن ﷺ ربه بالتكة ُ‬
‫ي‬

‫)‪ (471‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.6392:‬‬


‫(‪ (472‬رواه البيهقي في دالئل النبوة‪ ،‬م‪ 3‬ص‪.403‬‬
‫‪568‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫❑ والحديث يف ذكر هذه المعجزة يف أعىل درجات الصحة رواه البخاري ومسلم يف‬
‫صحيحيهما‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬قال جابر ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫ً‬
‫الن جرت أيضا ن يف هذه الغزوة العظيمة‪.‬‬‫ر‬
‫• ومن اآليات ي‬
‫الن رشدت جيش ر‬
‫المش ن‬ ‫ر‬
‫كي رأى المسلمون جتيل عليه السالم‬ ‫• أنه بعد قيام الري ح ي‬
‫للننﷺ ‪:‬‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنها‪ -‬وقالت ي‬
‫بأم أعينهم‪ ،‬ورأته عائشة ‪ -‬ي‬

‫• وجتيل ن يف هذه الغزوة رآه غت واحد من الصحابة‪.‬‬

‫)‪ (473‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...4102:‬ومسلم‪ ،‬ح‪.2039:‬‬


‫( ‪ (474‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬م‪ 3‬ص‪.105‬‬
‫‪569‬‬
‫كل هذه اآليات‬
‫َّ‬ ‫‪ ‬وهنا لإلنسان أن يتساءل‪ :‬كيف يتجاهل الملح ُد‬
‫والمعجزات‪ ،‬وتشغله فقط شبهة‪ :‬كيف عاقب النبي ﷺ يهود بني‬
‫قريظة؟‬

‫• فإما أن تصدق أيها الملحد بالشبهة وبالمعجزات‪ ،‬وإما أن تتجاهل الجميع‪ ،‬أما‬
‫أن تركز فقط عىل الشبهة‪ ،‬وتتجاهل المعجزات فهذا أمر ال يستوي‪.‬‬
‫ً‬ ‫• فنحن أمام انتقائية غريبة ن‬
‫تبي أن طارح الشبهة ليس باحثا عن الحق‪ ،‬وإنما يريد‬
‫فقط الشبهة‪ ،‬ويتجاهل اآليات عىل صحة الرسالة‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا ُ‬
‫• فسبحان هللا تجد يف النص نفسه هداية ألناس وضالًل آلخرين‪ :‬ﱡﭐ ﲈ ﲉ‬
‫ن‬

‫ﲍﲏﲐﲑﲒﲓﱠ﴿‪ ﴾26‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ﲎ‬ ‫ﲊﲋ ﲌ‬


‫َ‬
‫• بعد انتهاء غزوة األحزاب‪ ،‬وهروب جيوش األحزاب‪ ،‬ف ِرح المسلمون بنرص هللا‪.‬‬
‫ن‬
‫بن قريظة الذين نقضوا العهد‪ ،‬ولهذا أمر هللا نبيه بمعاقبتهم‬ ‫• لكن كان هناك يهود ي‬
‫لخيانتهم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫عاقل‪.‬‬ ‫بن قريظة ٌ‬
‫أمر ال ينكره‬ ‫• فعقوبة يهود ن‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ َُْ َ ُ َ ُ‬ ‫ي‬
‫المق ِاتلة‪ ،‬وأن ت ْس َن الذرية‪،‬‬ ‫ن‬
‫• وقد حكم فيهم سعد بن معاذ ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬بأن تقتل‬
‫والحديث ن يف البخاري‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬ ‫ﷺ‬

‫َّ‬
‫• لكن قد يستشكل بعض الملحدين لقلة علمهم باإلسالم أن العقوبة شملت جميع‬
‫ن‬
‫بن قريظة‪.‬‬
‫يهود ي‬
‫ن‬ ‫ان‬ ‫ن‬
‫اص الذي توفرت‬‫• وهذا من الخطأ بمكان‪ ،‬فالحكم نزل فقط يف‪ :‬الغادر المتحت الر ي‬
‫له القدرة الجسدية والعقلية‪ ،‬أما األحمق واألخرق والضعيف وكل َمن ثبت أنه‬
‫ُ‬
‫الحكم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫بن قريظة خيانتهم فلم ينفذ فيه‬
‫أنكر عىل ي‬

‫)‪ (475‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3043:‬‬


‫‪570‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بن قريظة‪ ،‬فهل طبق‬
‫ي‬
‫الق َر نط‪ ،‬وهو من يهود ن‬
‫ي‬ ‫❑ ومثال على ذلك‪ :‬عمرو بن ُس ْعدى‬
‫ُ‬
‫فيه الحكم؟‬
‫‪ ‬ال‪ ،‬لم يطبق؛ ألنه أنكر عليهم خيانتهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ن‬
‫المسلمي لكن ال يملك القدرة‬ ‫أيضا َمن كان عنده الغدر واالنحياز والميل لحرب‬
‫الجسدية عىل ذلك ك ‪ :‬النساء لم ُيقتل‪.‬‬

‫والتحت‪ ،‬والقدرة العقلية والجسدية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬


‫مجتمعي‪ :‬الغدر‪،‬‬ ‫فال بد من توفر المناطات األربعة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫المسلمي لم يعاقب‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ن‬ ‫وبعد الحكم عىل الذين خانوا العهد‪ ،‬فإن كل َمن أمنه أحد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ثابت بن قيس ن‬ ‫رط‪ ،‬ن‬ ‫ُ‬
‫الق ن‬
‫رص هللا عنه‪ ،‬ومثل رفاعة‬ ‫ي‬ ‫له‬ ‫شفع‬ ‫حي‬ ‫ي‬ ‫حصل مع الزبت بن باطا‬
‫رص هللا عنها‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫القرط حي شفعت له سلىم بنت قيس ي‬ ‫ي‬ ‫بن سموأل‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫المسلمي لم يعاقب‪.‬‬ ‫إذن ال بد من توفر المناطات األربعة‪ ،‬وقبل العقوبة من أمنه أحد‬
‫ُ‬
‫وهناك باب آخر للنجاة من العقوبة‪ ،‬وهو أن ُيسلموا وقد أسلم بعضهم بالفعل فلم ُيقتل‪.‬‬
‫بن قريظة الذين خانوا‬ ‫إذن الذين وقعت عليهم العقوبة ُه ْم أفاع الغدر والخيانة من ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫العهد‪ ،‬واستعدوا لحرب رسول هللا ﷺ ‪ ،‬وبعد أن نرص هللا نبيه رفضوا أن يسلموا‪ ،‬وتكت‬
‫المسلمي‪ ،‬وهذا ما حصل مع الزبت بن باطا الذي طلب‬ ‫ن‬ ‫بعضهم أن يدخل تحت أمان‬
‫رص هللا عنه‪ -‬أن ا‬ ‫ثابت بن قيس ‪ -‬ن‬ ‫ُ‬
‫يؤمنه‪ ،‬فأمنه رسول هللا ﷺ‪ ،‬لكن اختار الزبت بن باطا‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الموت عىل أن يدخل يف أمان‬
‫‪‬فهؤالء أفاعي الخيانة الغارقين في الخصومة والمكابرة من المقاتلة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وهم الذين ُقتلوا جرَّاء خيانتهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫• إذن بنو قريظة لم ُيقتل منهم إال مَ ن رضي بالخيانة‪ ،‬وكان عاقًل بالغا‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫والصن فلم يقتال؛ ألن األوىل ليس لديها القدرة الجسدية وإن رضيت‬ ‫ي‬ ‫• أما المرأة‬
‫ن‬
‫للتميت‪.‬‬ ‫الصن ليس لديه القدرة العقلية‬ ‫والثاب‪ :‬وهو‬ ‫ن‬ ‫بالخيانة‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بن قريظة‪ ،‬وكيف أنهم أعانوا جيش األحزاب‪ ،‬فقال‬ ‫• وقد نزل القرآن يف خيانة يهود ي‬
‫هللا تعاىل‪:‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ‬
‫ﲈﲉﲊﱠ ﴿‪ ﴾26‬سورة األحزاب‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪571‬‬
‫حد للردة؟‬
‫‪ -179‬هل يوجد في اإلسالم ٌّ‬

‫ج‪ :‬نعم!‬
‫ٍّ‬
‫• فازدراء اإلسالم هو تعد عىل حرية اآلخرين‪ ،‬وسلب آلخرة الناس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يستا أو هينا‪ ،‬بل قد ينتج عنه تضييع آخرة‬ ‫• فالهجوم عىل اإلسالم ليس موقفا‬
‫في شخص فتتد‪.‬‬ ‫الناس‪ ،‬حيث ُي ر ن‬
‫صفيق يخرج ويطلب من الناس أن يسمحوا له بحرية‬ ‫ٍ‬ ‫• وأنا أتعجب من ملحد‬
‫التعبت‪ ،‬وحرية الرأي‪ ،‬وحرية نقد المقدسات!‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫طريق يطلب من الناس أن يسمحوا له بقتلهم‪ ،‬وشقة أموالهم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫قاطع‬ ‫مجرما‬ ‫• تخيل‬
‫هذه الصورة غت ُمتصورة‪.‬‬
‫أن يسمحوا له ر‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫بنش الكفر‬ ‫• لكن الصورة األشد منها أن يطلب ملحد من الناس‬
‫واإللحاد‪ ،‬وإعطائه حرية التعبت ن يف الهجوم عىل دينهم‪.‬‬
‫هذه صورة أشد وأعنف بكثت من الصورة األوىل‪ ،‬ففتنة المسلم عن دينه أشد من‬
‫ﱌ ﱠ﴿‪﴾1٩1‬‬
‫ﱍ‬ ‫شقته‪ ،‬بل وأشد من قتله‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫فالفتنة عن الدين أشد عىل اإلنسان من قتله‪.‬‬
‫‪ ‬ألن الفتنة عن الدين تؤدي لتضييع اآلخرة‪ ،‬بينما القتل يؤدي لتضييع الدنيا‪.‬‬
‫حجرا ن يف بيته فليفعل‪.‬‬
‫ً‬ ‫• َمن أراد أن يعبد‬
‫• َمن أراد أن يكفر بربه ن يف بيته فليفعل‪.‬‬
‫ن‬ ‫❑ أما أن ُيعلن إنسان كفره وردته ويبدأ نف ر‬
‫نش الشبهات والتشكيك يف اإلسالم باسم‬ ‫ي‬
‫حرية النقد‪ ،‬ويغرر بالشباب الصغار‪ ،‬فهنا اإلسالم يُجرِّم هذا األمر بأقصى أنواع‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫ن‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فهذه جريمة من أكت الجرائم يف المجتمع‬
‫ئن‬
‫يطمي‪.‬‬ ‫شبهة ُأجيب عن شبهاته ر‬
‫حن‬ ‫ٍ‬ ‫• لو كان صاحب‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫• لو كان يريد أدلة عىل صحة الدين‪ ،‬تعرض عليه األدلة ما ُرجيت توبته‪ ،‬ولو ظل‬
‫يبحث ألف عام‪)476(.‬‬

‫• لكن المشكلة ه مع َمن ُيظهر ردته ن‬


‫بي الناس؛ ليفتنهم‪ ،‬وال يريد البحث عن الحق‪.‬‬ ‫ي‬
‫• المشكلة مع َمن يدعو الناس لكفره‪.‬‬

‫(‪ (476‬من ُرجيت توبته تستمر االستتابة في حقه أبدًا‪ ،‬بأن تعرض عليه األدلة وتُزاح عنه الشبهات ولو ظل هكذا طيلة عمره‪.‬‬
‫وهذا ما قاله النخعي وأشار إليه شيخ اإلسلم ابن تيمية‪ ،‬وهو داللة مذهب سفيان الثوري‪ ،‬الصارم المسلول‪.598-3 :‬‬
‫‪572‬‬
‫قطع الطريق والقتل‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬وهنا لك أن تسأل‪ :‬لماذا يرفض الملحد‬
‫ل بكل أريحية ازدراء اإلسالم‪ ،‬ويعتبر َّ‬
‫أن هذا أمر‬ ‫والسرقة‪ ،‬في حين أنه يق َب ُ‬
‫طبيعي؟‬

‫يعاب من خلل شديد ن يف التصور‪.‬‬


‫ن‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬ألن الملحد ي‬
‫ر‬
‫بالبش‪ ،‬كشقتهم أو قتلهم أو إيذائهم‪ ،‬فهذا يلزم‬ ‫• فالملحد يرى أن أي ن‬
‫إرصار دنيوي‬
‫معه العقاب‪.‬‬
‫• أما أي إضرار بآخرة الناس فهذه حرية شخصية ال تجوز فيها العقوبة‪.‬‬
‫• والملحد يقبل بتضييع آخرة الناس‪ ،‬وال يقبل بأي نرصر بدنيا الناس؛ ألنه ال يؤمن‬
‫ا‬
‫باآلخرة أصًل‪ ،‬فرؤيته دنيوية مادية قارصة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫لز ُمنا الملحد بنظرته القارصة‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫فال‬ ‫لكفره‪،‬‬ ‫نتيجة‬ ‫• فهذا خلل يف التصور عند الملحد؛‬
‫فف اإلسالم تضييع دنيا الناس جريمة‪ ،‬وتضييع آخرة الناس جريمة‪.‬‬ ‫هذه‪ ،‬ن‬
‫ي‬
‫ه أشياء‬‫ونعم الدنيا ي‬ ‫• وتضييع اآلخرة أكت من تضييع الدنيا بال جدال‪ ،‬فكل أموال ِ‬
‫َع َرضية زائلة‪.‬‬
‫• فالدنيا مجرد قنطرة ن يف مقابل عالم أخروي أبدي‪.‬‬
‫نش الكفر هذا أخطر عىل الناس ألف مرة من قطع الطرق‪ ،‬ومن‬ ‫• فمحاولة الملحد ر‬
‫قتل الناس‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فمن يقطع الطريق منتهاه تهديد حياة الناس وعالمهم المادي‪ ،‬أما من ر نُ‬
‫يفي الناس‬
‫لص من لصوص اآلخرة‪،‬‬ ‫عن دينهم‪ ،‬فهذا يهدد آخرة الناس ويشقها منهم‪ ،‬فهذا ٌّ‬
‫وهذا أشد الناس إجر ًاما وال ريب‪.‬‬

‫‪‬ولذلك يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫• رن‬
‫فت ن‬
‫يي الكفر‪ ،‬وقلب المفاهيم‪ ،‬وإلقاء الشبهات‪ ،‬قد يكون أخطر عىل األمة من‬
‫حرب منظمة‪.‬‬

‫‪‬وهنا قد يسأل ملحد‪ :‬وهل من حق اإلسالم تجريم ازدراء الدين؟‬

‫‪‬والجواب‪ :‬نعم‪ ،‬هذا من حقه!‬

‫) ‪ (477‬الصارم المسلول ‪.735-3‬‬


‫‪573‬‬
‫وعالمك األخروي‪.‬‬ ‫بعالمك الدنيوي‬ ‫تشي ع ما يمنع من ن‬
‫اإلرصار‬ ‫• فاإلسالم له حق ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ا ُ‬ ‫ُ ا ُ‬
‫جرم ويعاقب من‬ ‫جرم ويعاقب من يتعرض لدنيا الناس بالخطر‪ ،‬وكذلك ي‬ ‫• اإلسالم ي‬
‫يتعرض آلخرة الناس بالخطر‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ر‬ ‫ر‬
‫األرص الدنيوي‬
‫ي‬ ‫العلماب‬
‫ي‬ ‫الن تحافظ عىل النظام المادي‬ ‫• العلمانية ُتشع القواني ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫التاب‪ ،‬وت ا‬‫ر‬
‫العلماب‪ ،‬وتمنع أي تشكيك يف القيم‬ ‫ي‬ ‫جرم أي إخالل بهذا النظام‬ ‫ي‬
‫العلمانية‪ ،‬وسنذكر األمثلة بعد قليل‪.‬‬
‫التشي ع‪ ،‬وحفظ دنيا الناس‪ ،‬ودين الناس‪.‬‬ ‫• كذلك اإلسالم له حق ر‬
‫• فاإلسالم يحفظ أموال الناس وآخرة الناس‪ ،‬ومن حق الدولة المسلمة أن تمنع‬
‫َّ‬
‫العبث بأصول الملة‪ ،‬وأن تعاقب لصوص اآلخرة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ ر‬
‫الن من‬
‫وه فقط ي‬ ‫ه المشع األوحد‪ ،‬ي‬ ‫• مشكلة الملحد أنه يريد أن تكون العلمانية ي‬
‫حقها أن تحافظ عىل نظامها‪.‬‬
‫أيضا له حق ر‬‫ً‬
‫التشي ع‪.‬‬ ‫• وهذا من خفة العقل‪ ،‬فاإلسالم‬

‫‪‬وهنا قد يسأل سائل‪ :‬لكن العلمانية تقبل أن َّ‬


‫يتم انتقاد أي دين على‬
‫أرضها‪ ،‬أليس كذلك؟‬

‫‪ ‬والجواب‪ :‬هذا صحيح!‬


‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وبالتاىل انتقد أي دين كما أردت‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫العلمانية‬ ‫هو‬ ‫العلماب‬
‫ي‬ ‫النظام‬ ‫• ألن المركز ي‬
‫ف‬
‫التاب‪.‬‬‫• فمحور النظام هو العلمانية هو‪ :‬المادة‪ ...‬الدنيا‪ ...‬ر‬
‫ً‬
‫شأنا ر‬
‫حن يرفضوا انتقاده‪.‬‬ ‫ال يرون للدين‬
‫فمحور النظام هو العلمانية‪.‬‬
‫ن‬
‫• فهم ال مشكلة عندهم مع نقد أي ِدين‪ ،‬لكنهم يف المقابل يرفضون أن تنتقد القيم‬
‫األساسية للعلمانية‪ ،‬فالمركز هو العلمانية وليس الدين‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ُ ّ‬ ‫ً ن‬
‫تاريح يشكك يف أعداد اليهود يف‬
‫ي‬ ‫مقيما يف ألمانيا وأردت عمل بحث‬ ‫• فإذا كنت‬
‫الهولوكوست‪ ،‬فساعتها سيكون مصتك السجن‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ ّ ن‬
‫علىم يشكك يف إحدى القيم العلمانية هذه جريمة يف النظام‬ ‫ي‬ ‫• فمجرد القيام ببحث‬
‫ن‬
‫العلماب‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ ّ ن‬ ‫عشون ً‬ ‫وف النمسا يتم السجن ر‬ ‫ن‬
‫عاما لمن يشكك يف أعداد اليهود الذين أحرقهم‬ ‫• ي‬
‫النازي‪.‬‬

‫‪574‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف التشيك يتم السجن لمدة ن‬
‫التاريح‪.‬‬
‫ي‬ ‫ثماب سنوات لمن يجري هذا البحث‬
‫ي‬ ‫❑ ي‬

‫ن‬ ‫ن ً ُ‬
‫عاما حبست يف ألمانيا قبل سنوات؛‬ ‫❑ وهذه المرأة العجوز صاحبة الثمانية والثماني‬
‫َّ‬
‫ألنها شككت ن يف الموضوع نفسه‪.‬‬

‫ن ن‬
‫التاريح يف أعداد اليهود الذين تم‬ ‫البحث‬ ‫م‬ ‫عشة دولة أوروبية ُت ا‬
‫جر‬ ‫• وهناك ست ر‬
‫ي‬
‫إحراقهم ن يف محرقة الهولوكوست‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن ُ‬ ‫ن‬
‫التاريح فيها‬
‫ي‬ ‫العلىم‬
‫ي‬ ‫العلماب يمنع التشكيك‬
‫ي‬ ‫قواني داخل الدستور‬ ‫• فهذا مثال عىل‬
‫بأية صورة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العلماب كما قلت هو القيم العلمانية‪ ،‬وليس الدين‪ ،‬فانتقد الدين‬
‫ي‬ ‫• فالمركز يف النظام‬
‫العلماب‪ ،‬لكن ال ُيسمح لك مجرد ر‬
‫االقتاب من القيم العلمانية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫كما تحب يف النظام‬
‫ي‬

‫‪575‬‬
‫ن‬
‫• وهناك عقوبات يف بعض الدول العلمانية مثل فرنسا لمجرد ارتداء حجاب؛ ألن‬
‫ً‬
‫الحجاب بنظرهم يمثل تهديدا للقيم العلمانية‪.‬‬
‫ن‬
‫العلماب‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• فالقيم العلمانية ال يجوز المس ُ‬
‫ي‬ ‫اس بها يف النظام‬

‫العلماب اإللحادي ن يف كوريا الشمالية يمنع مجرد الدفاع عن الدين‪.‬‬


‫ي‬
‫ن‬ ‫• بل إن النظام‬
‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫كتابا مقدسا تقتل‪.‬‬ ‫• ولو وجدوا يف بيتك‬
‫ر ٌّ‬
‫حقيف‪.‬‬ ‫• وهذا األمر عىل غرابته لكنه‬
‫ي‬

‫العلماب اإللحادي ُي ا‬
‫جرم العلوم التجريبية لو أتت مناقضة لإللحاد‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• والنظام‬
‫ي‬
‫❑ وأشهر مثال ىلع ذلك هو الليسنكوية ‪.Lysenkoism‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫السوفين السابق‬
‫ي‬ ‫االتحاد‬ ‫ه‪ :‬حملة قام بها العلمانيون المالحدة ي‬
‫ف‬ ‫‪ ‬والليسنكوية ي‬
‫ضد علماء الوراثة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫يتم إعدامه‪.‬‬ ‫قواني مندل للوراثة كان ُّ‬ ‫• فأي عالم وراثة كان يدرس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫قواني مندل للوراثة تقرر أن الصفات المكتسبة ال تورث‪ ،‬وهذا‬ ‫• والسبب يف ذلك أن‬
‫يمثل مشكلة لنظرية التطور‪.‬‬
‫‪576‬‬
‫قواني مندل للوراثة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• فتم تجريم تدريس‬
‫ً ن‬ ‫ن‬
‫وف يوم ‪ 6‬أغسطس من عام ‪ 1٩4٠‬تم إعدام أكت عالم وراثة تقريبا يف العالم‬ ‫• ي‬
‫نيقوالي فافيلوف ‪.Nikolai Vavilov‬‬
‫ا‬ ‫ر‬ ‫َّ‬
‫نباتات‪ ،‬لكن‬
‫ٍ‬ ‫عينة‬ ‫مليون‬ ‫ع‬ ‫رب‬ ‫جمع‬ ‫قد‬ ‫وكان‬ ‫‪،‬‬ ‫لغة‬ ‫ة‬‫عش‬ ‫خمس‬ ‫م‬ ‫يتكل‬ ‫• كان فافيلوف‬
‫قواني مندل للوراثة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫كان يدافع عن‬
‫حن الموت‪)478(.‬‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫• فتم اعتقاله وتجويعه قشيا ف سجن ساراتوف ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫مؤخرا إطالق اسم نيقوالي فافيلوف عىل أحد الكويكبات المكتشفة حديثا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• تم‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫السوفين السابق‪.‬‬
‫ي‬ ‫• وقد كان هناك أ كت من ثالثة آالف عالم تمت إبادتهم يف االتحاد‬
‫ً‬
‫علوما ضد‬ ‫• وكانت هناك أكاديميات علمية عمالقة ُسويت باألرض؛ ألنها تدرس‬
‫الفكرة المادية اإللحادية‪)47٩(.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫طبيع؛ ألن مركز‬ ‫ي‬ ‫عموما يقبلون التشكيك يف الدين هذا‬ ‫العلماب واإللحادي‬
‫ي‬ ‫• فالنظام‬
‫ه العلمانية والمادية‪.‬‬ ‫القيمة عندهم ي‬
‫• أما اإلسالم فمركز القيمة فيه هو الدين‪.‬‬
‫بي الناس‪.‬‬ ‫نش الكفر ن‬ ‫اإلسالم بازدراء الدين أو ر‬ ‫ُ‬ ‫• لذلك ال يقبل‬
‫الم رشع األوحد‪.‬‬‫• مشكلة العلمانية كما قلت إنها تريد أن تكون وحدها ه ُ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫قواني العلمانية‪.‬‬ ‫• وأن تكون العقوبات فقط لمن يخالف‬

‫‪‬وهنا قد يرد سؤال إلى الذهن‪ :‬هل المرتد خطير؟‬


‫‪ ‬والجواب‪ :‬نعم!‬
‫ن‬ ‫ُ ا‬ ‫ٌّ‬
‫مجتمعي‪.‬‬ ‫• فمرتد واحد قد يكون أخطر عىل العالم من كل قطاع الطرق والقتلة‬
‫• وقبل سنوات ظهر شاب مرتد ن يف ألبانيا ُيدع أنور خوجة ابن الحاج خليل خوجة‪.‬‬
‫• وقد وصل هذا الشاب للحكم ن يف ألبانيا‪.‬‬
‫• فماذا كانت النتيجة؟‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫• تم تدمت ‪ 216٩‬مسجدا وكنيسة ومعبدا حيث تمت تسويتهم باألرض‪.‬‬

‫)‪(478‬‬ ‫‪died imprisoned and suffering from dystrophia (faulty nutrition of muscles, leading to paralysis), in‬‬
‫‪the Saratov prison.‬‬
‫‪(479) Joseph Stalin supported the campaign. More than 3,000 mainstream biologists were fired or even‬‬

‫‪sent to prison.‬‬
‫‪Birstein, Vadim J. (2013). The Perversion Of Knowledge: The True Story Of Soviet Science.‬‬
‫‪577‬‬
‫شديد‪.‬‬ ‫بعنف‬ ‫ًّ‬
‫رسميا بمنع كل الديانات من بلده‪ ،‬وحارب ها‬ ‫❑ قام أنور خوجة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫• فهذه نتيجة‪ :‬مرتد واحد!‬


‫• فالردة من أخطر األمور عىل دين الناس ودنياهم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪578‬‬
‫‪ -180‬هل يبيح اإلسالم زواج القاصرات؟‬
‫ٍّ‬
‫بسن‬ ‫ج‪ :‬قبل أن نجيب عن هذا السؤال نريد أن ننتبه لفكرة ربط الزواج‬
‫محدد‪ ،‬كما في األنظمة الغربية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ٍّ‬
‫محدد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• فاألنظمة الغربية كل ما يشغلها هو ربط الزواج بسن‬
‫ن‬
‫فه تتعامل مع اإلنسان عىل أنه جداول إحصائية وبيانية دون األخذ يف االعتبار‬ ‫• ي‬
‫بتفاوت عقل ونضج وثقافة كل إنسان عن غته‪.‬‬
‫• بينما اإلسالم نف المقابل يضع قواعد كلية أشمل وأحكم ال بد من ر ن‬
‫التامها قبل‬ ‫ي‬
‫السماح بعقد الزواج‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وبي مسألة تحديد السن يف األنظمة‬ ‫ن‬ ‫بي رشوط اإلسالم يف الزواج‬ ‫• واآلن لنقارن ن‬
‫الغربية العلمانية‪ ،‬ولننظر أيهما أصلح للفتاة والمجتمع‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ه قاعدة‪:‬‬ ‫الن ال يصح الزواج إال بها يف اإلسالم ي‬ ‫• أول قاعدة من القواعد الكلية ي‬
‫"ال نرصر وال نرصار"‪.‬‬
‫التشي ع ن يف اإلسالم‪" :‬ال نرصر وال نرصار"‪.‬‬ ‫• وهذا أحد أكت أصول ر‬
‫يجز تزويجها ن يف اإلسالم‪.‬‬‫ْ‬ ‫العشين ً‬
‫ترصرت ابنة ر‬ ‫• فلو ن‬
‫عاما من الزواج لم‬
‫• فالقضية ال يصح فيها تحديد سن ثابت ُيطبق عىل جميع ر‬
‫البش‪.‬‬
‫ترصرت فتاة من الزواج ًّأيا كان سنها لم يجز تزويجها‪.‬‬ ‫• فلو ن‬

‫القاعدة الثانية التي ال يصحُّ الزواج إال بها يف اإلسالم هي‪:‬‬

‫موافقة الفتاة‪ ،‬فلو حصل الزواج بغت رضاها ينفسخ العقد وال ُيعتد به‪.‬‬

‫النن ﷺ ن يف الحديث المتفق عليه‪:‬‬


‫‪ ‬قال ي‬

‫فلو تزوجت فتاة مسلمة من غت موافقتها لها أن تفسخ عقد الزواج‪ ،‬وكأنه لم يكن‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َ ْ‬
‫هللا ﷺ فقالت‪:‬‬
‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫جاءت فتاة إىل‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5136 :‬‬ ‫(‪(480‬‬

‫‪579‬‬
‫أن تَعلَ َم النِّسا ُء ْ‬
‫أن ليس‬ ‫ت ْ‬‫ولكن أر ْد ُ‬
‫ْ‬ ‫‪ ‬قالت الفتاة‪ :‬قد أ َج ْز ُ‬
‫ت ما صنَ َع أبي‪،‬‬
‫األمر شيء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لآلبا ِء َ‬
‫من‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫تش ً‬
‫تشي ع منذ ألف وأربعمائة عام‪ ،‬وليس ر‬ ‫• هذا ر‬
‫مدنيا حديثا‪.‬‬ ‫يعا‬ ‫ِ‬
‫مض‪ ،‬وما تفسخه ُيفسخ‪.‬‬ ‫• فما ُتمضيه الفتاة نف هذه الحالة َي ن‬
‫ا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫فشط صحة الزواج هو أن‪ :‬تبلغ الفتاة السن الذي تكون فيه أهًل لالستئذان‪ ،‬ثم‬ ‫• ر‬
‫ُ‬
‫تستأذن‪.‬‬
‫فه ال بد أن تكون قد بلغت السن الذي تكون‬ ‫• فإذا كان ايلزم استئذان الفتاة‪ ،‬إذن ي‬
‫فيه أهًل لالستئذان‪.‬‬

‫وليِّ‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة والتي ال يصح عقد الزواج إال بها هي‪ :‬قبول ال َ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫أحرص الناس عىل مصلحتها‪،‬‬ ‫الوىل يف األصل‬
‫بهذا الزواج؛ ألن ي‬ ‫• فال بد أن يقبل وليها‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن ُ‬
‫وجها بالكفء المناسب لها يف السن المناسب لها‪.‬‬ ‫وبالتاىل ست‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫ه‪ :‬اإلعالن واإلشهار‪.‬‬ ‫• القاعدة الرابعة ي‬
‫والن أيضا ال يصح الزواج إال بها ي‬
‫ُ‬
‫الحرص عىل نكاح األ كفأ؛ العتبار نظر الناس الذين سيجري‬ ‫ومن ِحكم اإلشهار‪:‬‬ ‫• ِ‬
‫إشهار النكاح ن يف وسطهم!‬
‫• إذا تدبرنا هذه القواعد أدركنا حرص اإلسالم عىل الزواج المناسب الكفء الذي‬
‫ال يحصل به نرص ٌر‪.‬‬
‫ن‬
‫• وب هذا نستوعب أن تحديد سن للزواج هذا أمر تافه بجوار هذه القواعد الصارمة يف‬
‫تحقيق األمان األشي للفتاة؛ لتحقيق زواج الئق بها‪ ،‬والئق بنفسيتها وكرامتها‪.‬‬

‫‪ ‬وهناك قول فقهيٌّ قال به كثير من الفقهاء وخالفهم فيه آخرون‪،‬‬


‫وهو جواز أن يُزوِّج األب ابنته الصغيرة‪ ،‬وهذه الحالة الخاصة اشترط لها‬
‫الفقهاء الذين أجازوها شرطينِ‪.‬‬

‫(‪ (481‬سنن النسائي‪ ،‬ح‪ ،3269 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫‪580‬‬
‫الشرط األول‪ :‬ليس ألحد أن يزوج الفتاة الصغيرة إال األب‪.‬‬

‫الشافع ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬


‫ي‬ ‫‪ ‬قال‬

‫الشرط الثاني لحصول هذه الحالة الخاصة‪:‬‬


‫ُ َّ‬ ‫سلم لزوجها صغتة‪ ،‬فليس ن‬ ‫ُ َّ‬
‫وه صغتة‪.‬‬
‫ي‬ ‫لزوجها‬ ‫م‬ ‫سل‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫الزواج‬ ‫عقد‬ ‫معن‬ ‫• أًل ت‬
‫ن‬
‫حن تكون يف سن وعقل ونفسية صالحة للزواج‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫• فه تبف ف بيت أبيها ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬لكن هنا التساؤل البديهي‪ :‬لماذا أجاز الفقهاء هذه الحالة طالما‬
‫سن الزواج‪ ،‬ونضج‬‫َّ‬ ‫أنها لن تذهب لبيت الزوجية إال بعد أن تبلغ‬
‫الزواج؟‬
‫‪ ‬سمح كثت من الفقهاء بهذه الصورة ألسباب كثتة‪.‬‬

‫عي الترصف‬ ‫تقتض الحكمة فيها هذه الحالة‪ ،‬بل تكون هذه الحالة ه ن‬ ‫ن‬ ‫فهناك حاالت‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫كتت فيه ر ن‬
‫الفي‪ ...‬هناك حروب‪ ...‬هناك‬ ‫الصائب‪ ،‬كأن تكون الفتاة نف زمان أو مكان ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫عاب من مرض قاتل‪ ،‬وال يجد أحدا يحفظ ابنته‪ ...‬وقد يكون األب‬ ‫ُ ن‬
‫مصائب‪ ...‬األب ي ي‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ُمعد ًما فتحتاج الصغتة َمن يحفظها ويصونها‪ ....‬وقد يظهر شخص كفء ال يفوت وال‬
‫ُيضيع‪ ...‬قد يظهر شخص فيه الخت لدين الفتاة ودنياها‪.‬‬

‫فهنا أجاز بعض الفقهاء هذه الحالة‪.‬‬


‫وهناك فقهاء آخرون منعوا هذه الحالة ً‬
‫تماما‪ ،‬وقالوا هذه الحالة ال تجوز‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن ر‬ ‫ن‬
‫‪ ‬يقول العًلمة ابن عثيمي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬يف الشح الممتع يف تزوي ج األب البنته ي‬
‫وه صغتة‪:‬‬

‫)‪ (482‬الشافعي‪ ،‬األم‪ ،‬م‪ 5‬ص‪.18‬‬


‫‪581‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲶﲷﲸﲹﱠ﴿‪ ﴾6‬سورة النساء‪.‬‬

‫ٌّ‬
‫سن وطبيعة جسدية ونفسية لبلوغ هذا النكاح‪.‬‬ ‫• فهناك‬
‫رص هللا عنهما فاطمة‪ ،‬فقال رسول هللاﷺ‪" :‬إنها‬ ‫• وقد خطب أبو بكر وعمر ن‬
‫ي‬
‫صغتة"‪)48٣(.‬‬

‫• فاإلسالم يحرص عىل مصلحة الفتاة‪ ،‬ونفسية الفتاة‪ ،‬والخت للفتاة‪.‬‬


‫• مشكلة الملحد أنه يحرص على تشويه الحق‪ ،‬ويتغافل عن الباطل‪ ،‬ولو امتأل‬
‫بأضعاف ما أراد تشويه الحق به‪.‬‬
‫ْ‬
‫• يكفيك أن تعلم أن هناك مائ َتي ألف طفل ٍة تزو ْج َ‬
‫ن مؤخًرا في أمريكا‪ ،‬ولم‬
‫نسمع نق ًدا من أحد العلمانيين‪.‬‬

‫ٍّ‬ ‫ن‬
‫• بل واألعجب أن النظم العلمانية الغربية تسمح بالزنا‪ ،‬وال تمنع منه يف سن‬
‫الن يطالب العلمانيون بها رش ًطا للزواج ن يف بالدنا‪.‬‬
‫ر‬ ‫ََ‬
‫أصغر بكثت من السن ي‬
‫القانوب للزواج وممارسة الزنا ن يف بعض الدول الغربية هو ‪ 12‬سنة‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫• فالسن‬
‫قانونيا الزواج‪ ،‬ويحق لها‬
‫ً‬ ‫• فعندما تبلغ الفتاة اثنتي عشرة سنة ُّ‬
‫يحق لها‬
‫قانونيا ممارسة الزنا‪ ،‬كما ن يف المكسيك‪.‬‬
‫ًّ‬

‫صحيح ابن حبان‪ ،‬ح‪.6948 :‬‬ ‫(‪(483‬‬

‫‪582‬‬
‫ً‬
‫ومؤخرا أصبح ست‬ ‫❑ والسن الذي ُيسمح فيه بالزواج نف كندا هو أرب ع ر‬
‫عشة سنة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫عشة سنة‪.‬‬

‫❑ يف سن ‪ 14‬سنة‪ ،‬يُباح يف الغرب ارتكاب الفواحش‪ ،‬بينما يريد المالحدة‬


‫والعلمانيون ن يف بالدنا منع الزواج الطاهر العفيف بعد هذا السن بسنوات‪.‬‬
‫ن‬ ‫اثنن ر‬
‫ر‬
‫تحبي‪.‬‬ ‫مارش الزنا كما‬
‫ي‬ ‫عشة سنة‬ ‫❑ العلمانية تقول للفتاة الغربية‪ :‬عند ي‬
‫❑ وعندنا يف بالد املسلمين العلمانية نفسها تقول لبناتنا‪ :‬نريد تأخت الزواج‬
‫عن سن ‪ 18‬سنة‪ ،‬وهذا فقط نف بالدنا‪ ،‬أما نف الغرب فسن ‪ 12‬سنة كاف ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أعواما تقضيها الفتاة نف المعاص‪ ،‬والعالقات العاطفية الفاشلة‪ُ ،‬‬
‫والمحرمات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يريدون‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عفيف‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫قبل أن تظفر بزواج طاهر‬
‫ﱡﭐﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱠ﴿‪ ﴾27‬سورة النساء‪.‬‬

‫والك بوب بشحن‬ ‫ي‬ ‫والن ر يب إس‪،‬‬ ‫ي‬ ‫التكية‪ ،‬والدراما الكورية‪،‬‬ ‫• وبينما تقوم الدراما ر‬
‫ن‬
‫عواطف بناتنا‪ ،‬وبينما تبحث الفتيات عن تفري غ لهذه الشحنات الزائدة يف‬
‫ن‬
‫عاطفيا‪ ،‬وبينما اآلباء ُمستهلكون يف‬
‫ًّ‬ ‫عاطفية ومعاص‪ ،‬ويتم استغاللهن‬ ‫ٍ‬ ‫عالقات‬
‫نَ‬
‫طالبي بتأخت الزواج‪.‬‬ ‫بالعلمانيي يخرجون علينا ُم‬
‫ن‬ ‫لقمة العيش‪ ،‬إذا‬
‫ن‬
‫مطالبي بزيادة المشهد عبثية‪.‬‬ ‫•‬
‫ر ََ‬
‫• والذي يثت الدهشة أكت مما سبق هو‪ :‬موقف الملحد نفسه‪ ،‬فماذا يريد الملحد‬
‫بإثارة شبهة زواج القارصات؟‬
‫ً‬
‫شروطا معينة للزواج؟‬ ‫‪ ‬هل اإللحاد مث ًلا يضع‬
‫‪ ‬هل اإللحاد يمنع من زاوج القاصرات؟‬
‫‪ ‬أو يمنع من الزنا؟‬
‫‪ ‬أو يمنع من االغتصاب؟‬
‫• مشهد مأساوي غريب!‬
‫‪583‬‬
‫❑ من الجنون أن تدعوني لمذهب يبيح ارتكاب أكبر الفواحش‪ ،‬وليس عنده‬
‫ن‬
‫يجت زواج القارصات من وجهة نظرك‪.‬‬ ‫مشكلة مع أية جريمة بحجة أن اإلسالم‬

‫• هل اإللحاد ُيجرِّم زواج القاصرات أو يجرم االغتصاب؟‬

‫فيزيائيا واح ًدا‪ ،‬فكيف عرف‬


‫ً‬ ‫إلحاديا ال توجد ذرة في دماغك تخالف قانونًا‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫شر؟‬
‫الملحد أن االغتصاب ٌّ‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫إلحاديا ليس ر‬
‫هرموب‪ ،‬وتمرير‬
‫ي‬ ‫ونشاط‬ ‫عضالت‪،‬‬ ‫كة‬‫حر‬ ‫من‬ ‫أكت‬ ‫• االغتصاب نفسه‬
‫جينات ن يف إطار مادي ومصلحة داروينية‪.‬‬
‫نن‬
‫داوكيت عن االغتصاب‪ :‬هل هو خطأ من وجهة‬ ‫• ولذلك عندما ُسئل الملحد ريتشارد‬
‫نظر اإللحاد‪ ،‬ماذا قال؟‬

‫‪‬قال‪:‬‬

‫‪Arbitrary Conclusion‬‬

‫‪‬كيف تقرر أن االغتصاب خطأ في اإللحاد؟‬


‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫• فالملحد الذي ينكر االغتصاب هو يف الواقع يرقع إلحاده بالقيم األخالقية الدينية‪،‬‬
‫حن يستطيع أن ينكر االغتصاب‪ ،‬وهذا ِمن أعجب ما أنت ر ٍاء ن يف هذا الزمان‪.‬‬‫ر‬

‫ريي ويدع‪ :‬راندي ثورينهيل ‪Randy‬‬


‫ن ُ‬
‫ب أحد أكت علماء النفس التطو‬ ‫‪ ‬ك َت َ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫رئيسا لمجتمع السلوك والتطور‪ ،‬ومتخصص يف دراسة‬ ‫‪ Thornhill‬وهو يعمل‬
‫االغتصاب من وجهة نظر إلحادية تطورية‪.‬‬

‫)‪(484‬‬
‫‪Your belief that rape is wrong is an arbitrary conclusion‬‬
‫‪From an interview with Justin Brierley of unbelievable.‬‬
‫‪584‬‬
‫يقوالن‪:‬‬ ‫‪َ ‬‬
‫كتب مع كري ج بالمر ‪ Craig Palmar‬تطوري آخر‪ ،‬كتبا‬
‫ِ‬

‫‪ ‬فما الذي يجعل االغتصاب أو قتل البشر أو أية جريمة خطأً؟‬


‫بي اإلنسان ن‬ ‫ًّ‬
‫إلحاديا ال فرق ن‬
‫وبي ذبابة مايو ‪ Mayfly‬كما يقول تشيت رايماو ‪Chet‬‬ ‫•‬
‫‪)486(.Raymo‬‬

‫‪ِ ‬‬
‫فمن أين للملحد بالقيم التي يبني عليها إنكاره لالغتصاب أو أية‬
‫جريمة؟‬

‫كإنسان‪.‬‬ ‫• ال يوجد نف اإللحاد ما ن‬


‫يمت اإلنسان‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫‪‬يقول فرانسيس فوكوياما ن يف كتابه األشهر نهاية التاري خ‪:‬‬

‫)‪(485‬‬ ‫‪Randy Thornhill and Craig Palmar, A Natural History of Rape, MIT Press, 2011‬‬
‫‪Nancy Pearcey, Darwin’s Dirty Secret, World Magazine, 25 March 2000.‬‬
‫‪(486) Raymo, Chet. 1998. Skeptics and True Believers. New York, NY: Walker, p.222.‬‬

‫‪585‬‬
‫ئ‬ ‫ًّ‬
‫كيمياب كما يقول ستيفن هاوكنج كما‬
‫ي‬ ‫• فاإلنسان إلحاديا حثالة كيميائية‪َ ...‬و َسخ‬
‫نقلت قبل قليل‪)488(.‬‬

‫‪‬يقول أستاذ القانون آرثر ن‬


‫ألي ليف ‪:Arthur Allen Leff‬‬

‫• فال توجد جريمة ن يف اإللحاد‪.‬‬


‫شء‪.‬‬‫ر‬ ‫• فاإللحاد ال مانع عنده من‬
‫أي ي‬ ‫ا‬
‫ن‬
‫بمعان أخالقية هو يف الواقع‬
‫ٍ‬ ‫ع اإلنسانية‪ ،‬أو يطالب‬ ‫‪ ‬لذلك فالملحد الذي يد ي‬
‫متناقضتي ن يف الوقت نفسه‪.‬‬
‫ن‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫ديانتي‬
‫ِ‬ ‫يحمل‬
‫ن‬
‫• فهو يؤمن بكرامة اإلنسان‪ ،‬ويؤمن يف الوقت نفسه باإللحاد‪.‬‬
‫يجتمعان!‬
‫ِ‬ ‫وكالهما ال‬

‫( ‪ (487‬نهاية التاريخ وخاتم البشر‪ ،‬فرانسيس فوكوياما‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسين أحمد أمين‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1993‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫)‪(488‬‬ ‫‪From an interview with Ken Campbell on Reality on the Rocks: Beyond Our Ken, 1995.‬‬
‫‪(489) There is today no way of ‘proving’ that napalming babies is bad‬‬

‫‪Economic Analysis of Law: Some Realism about Nominalism (1974), p.454.‬‬


‫‪586‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫• المشكلة أن الملحد يعلم بفطرته أن اإلنسان خلق ُمكر ًما ُمكلفا‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الحشة كما يقول الملحد‬ ‫• ويعلم يف المقابل من واقع إلحاده أن اإلنسان يعادل‬
‫سارتر‪)4٩٠(.‬‬

‫• لذلك هم يعيشون هذا التناقض الرصي ح الواضح‪.‬‬


‫ُ‬ ‫بي فطرتهم‪ ،‬ن‬ ‫ً‬
‫تناقضا ن‬
‫وبي واقع إلحادهم الكفري‪.‬‬ ‫• يعيشون‬
‫• لذلك فال يستطيع إنسان أن يتعايش مع إلحاده عىل طول الخط‪ ،‬فالملحد ً‬
‫دائما‬
‫يتنكر إللحاده ن‬ ‫َّ‬
‫حي يناقش أية قضية أخالقية‪.‬‬
‫معن اإلنسان‪ ،‬وعىل القيم األخالقية‪ ،‬وعىل حقيقة‬ ‫• فما أن يدخل اإللحاد عىل ن‬
‫حن يقوم اإللحاد بتفخيخ كل هذه األمور‪.‬‬ ‫اإلنسان ر‬
‫فورا‪.‬‬‫• فلو أدخلت اإللحاد سيخرج اإلنسان ً‬
‫سينفجر كل ن‬
‫معن وقيمة وغاية‪.‬‬
‫فاإللحاد ال يملك نقطة مرجعية لألخالق‪ ،‬وال يملك معايت ْ‬
‫أسىم من المادة‬
‫نتحاكم إليها‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫اإلنساب أن هناك نقطة مرجعية لألخالق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫• لكن كل إنسان يعلم بفطرته وبواقعه‬
‫البش أن نتحاكم إليها‪.‬‬ ‫جميعا كل ر‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪ ،‬ونستطيع نحن‬‫ً‬ ‫نؤمن بها‬
‫ن‬
‫القواني‬ ‫ووضعت‬ ‫• وعىل أساس هذه النقطة المرجعية لألخالق تأسست المحاكم‪ُ ،‬‬
‫والدساتت‪.‬‬
‫ينتىم إىل العالم المادي‪ ،‬وال يمكن تحليل اإلنسان من نظرة‬ ‫فمعن اإلنسان ال‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫إلحادية أبدا‪.‬‬
‫• وال يمكن من واقع اإللحاد انتقاد زواج القارصات‪ ،‬أو االغتصاب‪ ،‬أو القتل‪ ،‬أو أي‬
‫فعل‪.‬‬
‫• فلو لم تؤمن بأنك مخلوق هلل لن تستطيع أن تؤسس لإلنسانية‪ ،‬ولن تستطيع أن‬
‫تنكر أية جريمة‪.‬‬
‫فكريا‪ ،‬بل هو نرصورة فطرية‪ ،‬ن‬
‫ورصورة إنسانية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• فالدين ليس تر ًفا‬
‫معن وجوده‪ ،‬واستيعاب قيمه‬ ‫ن‬ ‫• وهو نرصورة حتمية لفهم اإلنسان‪ ،‬وتحليل‬
‫وأخالقياته‪.‬‬
‫• وتحت راية الدين فقط تعرف أنك إنسان!‬

‫‪ ‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫)‪(490‬‬ ‫‪Jean Paul Sartre, Nausea (novel).‬‬


‫‪587‬‬
‫دهرا من عمره ن يف الشك يقول‪:‬‬
‫قض ً‬
‫‪ ‬ويقول نجيب محفوظ الذي ن‬

‫ًّ‬ ‫ً‬
‫افتقارا ًّ‬ ‫ً‬
‫افتقارا ًّ‬ ‫ٌ‬
‫وريا إىل هللا‪.‬‬ ‫ذاتيا نرص‬ ‫ذاتيا إىل الدين‪ ...‬مفتقر‬ ‫مفتقر‬ ‫• فاإلنسان‬

‫‪ ‬فكيف لملحد أن ينتقد الدين لشبهة ال يستطيع من واقع إلحاده أن‬


‫ينكرها ابتدا ًء؟‬
‫ا‬
‫• والعجيب والذي أختم به ردي عىل هذه الشبهة أنه بدون الدين أصبحت أعىل دول‬
‫ه دول غربية علمانية‪.‬‬ ‫ن‬
‫العالم يف ًمعدالت جريمة االغتصاب ي‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫فرسميا طبقا إلحصاءات العام ‪ 2٠2٠‬فإن أعىل معدالت اغتصاب يف العالم توجد‬ ‫•‬
‫يف جنوب إفريقيا والسويد وبريطانيا ونيوزيلندا‪...‬‬‫ن‬

‫❑‬

‫(‪ (491‬مجموع الفتاوى‪ ،‬مجلد‪ 19‬ص‪.101‬‬


‫(‪ (492‬وطني مصر‪ ،‬نجيب محفوظ‪ ،‬ص‪ ،63‬دار الشروق‪.‬‬
‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬لست ملحدًا لماذا؟ كريم فرحات‪.‬‬
‫‪588‬‬
  

589
‫‪ -181‬هل يقرر اإلسالم أن الزنا بالتراضي مثل االغتصاب؟‬

‫‪ ‬حيث يُقرر العقوبة نفسها؟‬

‫‪ ‬أليس االغتصاب جريمة أعظم بكثير من الزنا بالتراضي؟‬


‫ن‬ ‫ن‬
‫الطرفي ال مشكلة‬
‫ِ‬ ‫برضا‬ ‫الزنا‬ ‫أن‬ ‫وه‬
‫ي‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫الغرب‬ ‫ج‪ :‬هذه الفكرة أصبحت قاعدة ي‬
‫ف‬
‫فيه‪ ،‬أما االغتصاب فهو جريمة كتى!‬
‫ًّ‬ ‫ا‬
‫وه رصاحة فكرة سخيفة وخطرة جدا‪.‬‬ ‫• ي‬
‫اص قد يكون أشد نرص ًرا عىل المجتمع من االغتصاب بألف مرة‪ ،‬وكالهما‬ ‫ر ن‬
‫• فالزنا بالت ٌ ي‬
‫نار ومقت‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫‪ ‬والزنا برضا الطرفين هو ثقافة الغرب اليوم‪ ،‬فكيف كانت البداية‬


‫للتطبيع مع الزنا بالتراضي‪ ،‬وكيف أصبحت النتيجة؟‬
‫ر ن‬
‫• لم يصل الغرب للتطبيع مع الزنا بالت ي‬
‫اص إال بعد قبول‪ :‬اإلغواء والخيانة والتتج‬
‫والخلوة المحرمة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ر ن‬
‫واقعا‬ ‫وجعله‬
‫ِ‬ ‫• فهذه مقدمات ال بد من قبولها قبل التطبيع مع الزنا بالت ي‬
‫اص‬
‫ًّ‬
‫مجتمعيا‪.‬‬

‫‪ ‬وكان من نتيجة الزنا بالتراضي‪:‬‬

‫• فساد البيوت‪ ،‬واختالط األنساب‪ ،‬واإلجهاض المتعمد‪ ،‬وقتل األجنة‪.‬‬


‫اص وال بد‪.‬‬ ‫ر ن‬ ‫•‬
‫فهذه تبعات الزنا بالت ي‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫اص ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫التامات من الرجل أمام المرأة طيلة عمره كما يف الزواج‬ ‫• أيضا ليس يف الزنا بالت ي‬
‫الطاهر‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫وحي يصل مجتمع‬ ‫• فتتحول المرأة يف نظر الرجل إىل مجرد عالقة شهوانية عابرة‪،‬‬
‫ر‬
‫األخالف‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ر ن‬
‫ي‬ ‫وحتما قد وصله لمنتهاه يف الفساد‬ ‫اص‪ ،‬فإنه ال بد‬ ‫لقبول الزنا بالت ي‬
‫ً‬ ‫بالت ن‬ ‫َّ‬
‫ولد الزنا ر‬
‫أكواما من األجنة المقتولة؛ ألنها أجنة غت مرغوب فيها‪.‬‬ ‫اص‬‫ي‬ ‫• لقد‬
‫ر ُ‬ ‫ئ‬ ‫ً‬
‫الن قتلت‬ ‫اإلحصاب الشهت ‪ Worldometer‬فإن أعداد األجنة ي‬ ‫ي‬ ‫• وطبقا للموقع‬
‫عمدا هذا العام وحده ر‬ ‫ً‬
‫حن وقت كتابة هذا الجزء من الكتاب يزيد عىل ‪ 42‬مليون‬
‫قتيل‪)4٩٣(.‬‬

‫)‪(493‬‬ ‫‪https://www.worldometers.info/abortions/‬‬
‫‪590‬‬
‫• ُيقتل أكثر من ‪ 42‬مليون قتيل في ٍ‬
‫عام واح ٍد بسبب الزنا بالتراضي‪.‬‬
‫ًّ‬
‫رسميا!‬ ‫ن‬
‫تقني اإلجهاض‬ ‫• والعجيب أنه تم‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫قانونيا‪.‬‬ ‫• فقد أصبح قتل األجنة جائزا‬

‫‪591‬‬
‫ر ن‬ ‫ً‬
‫اص بإضافة إىل أكوام القتىل‪ ،‬فإنه يدمر نفسية المرأة؛ ألن طبيعة‬ ‫• أيضا الزنا بالت ي‬
‫المرأة‪ ،‬وفطرة المرأة تأب العالقات العابرة‪.‬‬
‫اص ُي ا‬ ‫ر ن‬
‫دمر مفهوم األشة‪.‬‬ ‫• والزنا بالت ي‬
‫ر‬ ‫ر ن‬
‫مباش ألمراض جنسية أصبحت تفتك بجزء من اقتصاد‬ ‫اص هو سبب‬ ‫• والزنا بالت ي‬
‫دول بأكملها‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ًّ‬ ‫ر ن‬
‫أخالقيا ‪ -‬تفكك األش‪ -‬اختالط األنساب‬ ‫اص إىل فساد المجتمع ككل‬ ‫• يؤدي الزنا بالت ي‬
‫‪ -‬هروب وىل الطفل ر‬
‫ليتك أمه مكلومة مع ابنها ‪ -‬قتل األجنة ‪ -‬تدمت نفسية المرأة‪.‬‬ ‫ي‬
‫• مصائب ال حرص لها‪.‬‬
‫أكت من نصف أطفال بريطانيا اليوم بدون أب‪ ،‬بسبب التطبيع مع‬ ‫• هل تتخيل أن ر‬
‫اص‪.‬‬ ‫الزنا ر‬
‫بالت ن‬
‫ي‬

‫‪592‬‬
‫ا‬
‫اص ُيفقد اإلنسان دينه وإيمانه‪ ،‬هذا لو كان هناك دين أصًل‪.‬‬ ‫ر ن‬
‫• الزنا بالت ي‬
‫اص‪.‬‬ ‫• كل هذه المصائب جزء من باليا الزنا ر‬
‫بالت ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ي‬ ‫• أما االغتصاب يف المقابل‪ ،‬فال يوجد فيه كل هذا الخراب‬
‫• فاالغتصاب هو كارثة عابرة‪.‬‬
‫• نعم االغتصاب جريمة كتى‪ ،‬لكنه ال يؤدي لفساد المجتمع من القاعدة كما يحصل‬
‫اص‪.‬‬ ‫ر ن‬
‫مع الزنا بالت ي‬
‫ر ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اص‪ ،‬والهجوم عىل االغتصاب‪ ،‬هو منهج‬ ‫• لذلك فمنهج الغرب يف تقني الزنا بالت ي‬
‫مجنون يؤدي لخراب العالم‪.‬‬
‫أن عقوبة االغتصاب مثل عقوبة الزنا في اإلسالم؟‬ ‫‪ ‬لكن هل معنى ذلك َّ‬
‫‪‬والجواب‪ :‬االغتصاب لو جرى تحت تهديد السالح‪ ،‬أو تم خطف المرأة من أهلها‬
‫بالقوة‪ ،‬هنا تصبح الجريمة ِحرابة‪ ،‬والعقاب عليها شديد ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳ‬
‫ﲂ‬
‫ﲃ‬ ‫ﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ ﱼﱽﱾﱿﲀﲁ‬
‫ﲈﲊﲋﲌﲍﲎﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة المائدة‪.‬‬ ‫ﲉ‬ ‫ﲄ ﲅ ﲆﲇ‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫سواء حصل الزنا أو لم يحصل‪.‬‬ ‫❑ ويقام حد الحرابة بمجرد اختطافه للمرأة بالقوة‪،‬‬

‫طريق‪ ،‬فإن زنا بها صارت جريمته أشد؛ ألنه بهذا‬‫ٍ‬ ‫• فبمجرد اختطافها صار قاطع‬
‫ن‬
‫جريمتي‪ :‬الزنا والحرابة‪.‬‬ ‫يجمع ن‬
‫بي‬
‫اص أخطر عىل بناء المجتمع والقاعد العريضة من المجتمع‬ ‫وتبف جريمة الزنا ر‬
‫بالت ن‬ ‫• ر‬
‫ي‬
‫ام عابر‪.‬‬
‫بألف مرة من االغتصاب؛ ألن االغتصاب حادث إجر ي‬
‫ًّ‬
‫ودينيا‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫أخالقيا‬ ‫اص فهذا يفتك بكل بيت‪ ،‬ويدمر الدولة‬ ‫• أما الزنا ر‬
‫بالت ن‬
‫ي‬
‫‪593‬‬
‫علميا‪ ،‬وصارت بالدهم فيها من الجهل والفقر ما فيها؟‬
‫ً‬ ‫‪ -182‬لماذا تخلف المسلمون‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ج‪ :‬نف البداية الوضع ر‬
‫اإلسالم اليوم ال ينكره أحد‪.‬‬
‫ي‬ ‫المتدي يف العالم‬ ‫ي‬
‫ه اليوم من أعىل دول العالم‬‫• لكن األمر ليس بهذا اإلطالق‪ ،‬فهناك دول إسالمية ي‬
‫ن يف دخل الفرد‪.‬‬
‫ْ‬
‫• وهناك دول إسالمية شعوب ها من أغ نن شعوب العالم عىل اإلطالق‪.‬‬
‫ُ‬
‫• وهناك دول إسالمية بها ُمدن علمية‪ ،‬وليس جامعات علمية‪ ،‬بل مدن علمية‪.‬‬
‫خمس مدن علمية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫فمالتيا كمثال بها‪:‬‬
‫• لكن هذا المعيار خطأ تمامً ا من األساس‪.‬‬
‫فمعيار قياس القيمة والحق بالقوة المالية أو القوة العلمية التجريبية هذا معيار‬
‫وغن‪.‬‬
‫ي‬ ‫فاشل‬
‫التجرين‪.‬‬ ‫العلىم‬ ‫الماىل أو‬ ‫ر‬
‫فالعتة والقيمة والحق ليسوا بالتاء‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ودائما كان الكفار يحتجون عىل األنبياء بهذا المعيار الفاشل‪ :‬ﭐﱡﭐﲔﲕﲖﲗ‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬
‫ﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﱠ﴿‪ ﴾7٣‬سورة مريم‪.‬‬

‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫الفريقي أفضل ماديا؟ (ﲞﲟﲠ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫للمؤمني إذا دعوا لإليمان‪ :‬أي‬ ‫ُ‬
‫الكفار‬ ‫‪ ‬يقول‬

‫ﲡﲢﲣ)‪.‬‬

‫‪ ‬ما َعالقة التقدم المادي بكوني على حق أو على باطل؟‬


‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫ه من أبعد الناس عن رشع هللا‪،‬‬
‫• كم من األمم المتقدمة حضاريا‪ ،‬والمتقدمة ماديا‪ ،‬ي‬
‫وعن دينه‪ ،‬وعن وحيه‪ :‬ﱡﭐﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ‬
‫ﱼ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﱠ ﴿ ‪﴾٩‬‬
‫ﱽ‬
‫سورة الروم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫• فهذه األمم بالمقياس الدنيوي متقدمة ماديا‪ ،‬لكنهم بالمقياس األخروي يف غاية‬
‫ُّ‬
‫وح هللا‪ :‬ﭐﱡﭐﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤ‬ ‫ي‬ ‫عن‬ ‫والبعد‬ ‫ف‬ ‫التخل‬
‫ﲥﱠ ﴿‪ ﴾8٣‬سورة غافر‪.‬‬

‫❑ فرحوا بالتقدُّ م العلمي!‬

‫‪594‬‬
‫ُ‬ ‫ً ن‬ ‫ً‬ ‫ً ن‬
‫مذموما يف ذاته‪ ،‬وإنما يمدح التقدم بقدر‬ ‫• فالتقدم ليس ممدوحا يف ذاته‪ ،‬وليس أيضا‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫العالمي‪ ،‬وبقدر تطبيق الدين‪،‬‬ ‫اإلله‪ ،‬ويمدح بقدر االنقياد لرب‬
‫ي‬ ‫بالوح‬
‫ي‬ ‫تزكيته‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫التجرين المادي‪ ،‬وب هذه األموال يف دينك‪ ،‬وبقدر‬
‫ي‬ ‫العلم‬ ‫بهذا‬ ‫انتفاعك‬ ‫بقدر‬ ‫مدح‬ ‫وي‬
‫ن‬
‫ما تستخدم هذا العلم‪ ،‬وهذا المال يف نفع الناس وصالح أحوالهم هلل‪ ،‬وليس‬
‫للكامتات والدعاية‪.‬‬
‫‪ ‬فهذا وحده هو التقدم المطلوب‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﱡ ﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ‬
‫ﲁﲂ ﲃﲄﲅﱠ﴿‪ ﴾41‬سورة الحج‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫وزن‪.‬‬
‫اإلله هو المطلوب‪ ،‬أما غته فممقوت بال ٍ‬ ‫ي‬ ‫بالوح‬
‫ي‬ ‫المزك‬ ‫• فالتقدم‬
‫ن‬
‫المفتقد لإليمان هو تقدم بال قيمة يف ذاته‪ ،‬وهذا النوع من التقدم من‬
‫ِ‬ ‫• إذن فالتقدم‬
‫ن‬
‫الممكن أن يؤدي للجنون يف أية لحظة‪.‬‬

‫❑ مثال على ذلك‪:‬‬


‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫• الحرب العالمية الثانية المجنونة‪ ،‬فهذه الحرب قادتها ر ُ‬
‫تقدما ماديا‬ ‫أكت دول العالم‬
‫ن يف ذاك الوقت‪.‬‬
‫أكت‬ ‫تقدما‪ ،‬وشعبها كان ر‬
‫ً‬ ‫المباش لهذه الحرب ر‬
‫أكت دول أوروبا‬ ‫ر َ‬ ‫َ‬
‫السبب‬ ‫• وكانت ألمانيا‬
‫ًّ‬
‫ماديا‪.‬‬ ‫شعوب أوروبا ً‬
‫علما‬
‫ن‬
‫الماليي من‬ ‫عشات‬ ‫وقتل ر‬‫ُ‬ ‫• ومع كل هذا التقدم ُأبيد ‪ %2‬من ر‬
‫البش عىل يد األلمان‪،‬‬
‫البش باعتبارهم أعر ًاقا ن‬
‫أدب‪.‬‬ ‫ر‬
‫ًّ‬
‫فعليا‪.‬‬ ‫المفتقد لإليمان يؤدي للجنون‬ ‫• فالتقدم‬
‫ِ‬
‫‪‬لكن السؤال هنا‪ :‬هل يتيح اإلسالم بتشريعاته وبتطبيقه تقدمً ا ماديًّا‬
‫ًّ‬
‫مزكى بالوحي اإللهي؟‬ ‫علميًّا‬
‫أن هذا لم يحصل؟‬ ‫‪‬هل كان للمسلمين أمجا ٌد حين طبَّقوا دين هللا؟ أم َّ‬
‫ا ن‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫تساؤًل كهذا هو كأنه لم يقرأ ً‬ ‫ن‬
‫يوما صفحة واحدة يف‬ ‫‪‬الجواب‪ :‬يف الواقع َمن يطرح‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫التاري خ‬
‫• وكأن اإلسالم لم ُيقدم للعالم أعظ َم حضارة‪ ،‬وأرحم حضارة شهدتها اإلنسانية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫أطول حضارة عىل األرض‪،‬‬ ‫وه‬
‫ي‬ ‫سنة‪،‬‬ ‫‪12٠٠‬‬ ‫عمرها‬ ‫حضارة‬ ‫• وكأن اإلسالم لم يقدم‬
‫استمرت بدون توقف أو انقطاع هذه المدة‪.‬‬

‫‪595‬‬
‫صفحة في تاريخ اإلسالم تُنبئ بهذه الحقيقة‬
‫ً‬ ‫‪ ‬ألم يقرأ طارح السؤال‬
‫الناصعة؟‬
‫• اإلسالم الذي رشف ُ‬
‫هللا به األرض‪.‬‬
‫• اإلسالم الذي نشأت به الحضارة اإلسالمية‪.‬‬
‫• فالدين الوحيد الذي أنشأ حضارة هو‪ :‬اإلسالم‪.‬‬
‫• أما بقية الديانات‪ ،‬فقد احتضنتها حضارات‪.‬‬
‫فالحضارة الغربية احتضنت المسيحية‪ ،‬والحضارة الهندية احتضنت الهندوسية‪.‬‬

‫✓ أما الدين الوحيد الذي أنشأ حضارة فهو‪ :‬اإلسالم‪ ،‬وأسَّس اإلسالم‬
‫"الحضارة اإلسالمية"‪.‬‬
‫• واإلسالم الذي بدخوله للقسطنطينية عام ‪ 14٥٣‬ميالدية‪ ،‬انتهت العصور‬
‫الوسًط المظلمة ن يف أوروبا‪.‬‬
‫• فتاري خ انتهاء العصور المظلمة هو ‪ 14٥٣‬ميالدية‪ ،‬وهو العام نفسه الذي دخل‬
‫فيه اإلسالم أوروبا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إن دخل اإلسالم قلب أوروبا ر‬ ‫ْ‬
‫حن شع فيها نور العلم بعد أن كانت شوارع‬ ‫• فما‬
‫عواصم أوروبا أشبه بالمراحيض العمومية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫المكتبة األعظم يف العالم‪ ،‬ن ِقش عىل سقف الصالة‬
‫ِ‬ ‫وف مكتبة الكونجرس‬ ‫• ي‬
‫دوائر تشت إىل مصادر تقدم الحضارة الغربية‪ ،‬واإلسالم هو‬ ‫ُ‬ ‫الرئيسية للمكتبة‬
‫الديانة الوحيدة المذكورة ن يف الدوائر السبع‪.‬‬

‫‪596‬‬
‫• اإلسالم هو الدين الوحيد المذكور‪ ،‬وهو يختص بالعلوم الطبيعية‪.‬‬
‫• ‪ISLAM: PHYSICS‬‬

‫بلدان‪ ،‬وما قدمته هذه البلدان هو‪ :‬تقدم ي‬


‫أدب أو‬ ‫ٍ‬ ‫• بينما تختص بقية الدوائر بأسماء‬
‫فن أو لغوي!‬‫ن‬
‫ي‬
‫• فاإلسالم صنع حضارة علمية قوية‪.‬‬
‫ن‬
‫ه‪ :‬اللغة العربية‪.‬‬‫ي‬ ‫العالم‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫• وعىل مدى ‪ 7٠٠‬سنة كانت اللغة الدولية للعلوم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫• فإذا أردت أن تتعلم العلوم التجريبية‪ ،‬فال بد أن تتعلم العربية‪.‬‬

‫‪597‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫رويي‬‫ه جامعة الق‬
‫ي‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫ف‬ ‫• وأقدم جامع ٍ‬
‫ة ما زالت تعمل بحسب اليونيسكو ي‬
‫ر‬
‫الن أنشأها المسلمون‪.‬‬
‫ي‬

‫ا‬ ‫ن‬
‫ه مكتبة إسالمية‪.‬‬
‫ي‬ ‫موجودة‬ ‫الت‬
‫ز‬ ‫ما‬ ‫العالم‬ ‫ف‬
‫مكتبة ي‬
‫ٍ‬ ‫• وأقدم‬

‫‪ ‬لكن هل نحن َّ‬


‫تأخرْ نا عن هذا التقدُّ م؟‬
‫• نعم‪ً ،‬‬
‫طبعا تأخرنا!‬
‫• تأخرنا بذنوبنا وبتقصتنا‪.‬‬
‫نجتحه كل يوم من فساد وظلم‪ ،‬وذنوب ظاهرة‪ ،‬وذنوب خلوات‪ ،‬وعدم‬ ‫• تأخرنا بما ر‬
‫اإلله ن يف حياتنا العامة‪.‬‬
‫ي‬ ‫توقت لألمر‬
‫‪ ‬فما نحن فيه‪ ،‬فبما جنت أيدينا وهللا‪ :‬ﭐﱡﭐ ﳌﳍ ﳎ ﳏﳐ ﳑﳒ‪ ..‬ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٣٠‬سورة الشورى‪.‬‬
‫‪598‬‬
‫ُُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫• وعندما أصيب خت جيل يف تاري خ هذه األمة ‪-‬جيل الصحابة‪ -‬يوم أحد نزل قول‬
‫هللا عز وجل‪:‬ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ‬
‫ﲀﱠ﴿‪ ﴾1٥2‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ﲁ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُْ‬
‫ﭐ‬ ‫النن ﷺ من بعد ما رأيتم الغنائم‪.‬‬
‫ي‬ ‫أمر‬ ‫عصيتم‬ ‫‪:‬‬ ‫ون‬ ‫ب‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫اك‬
‫ر‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫‪ ‬وعصي‬

‫‪ ‬فماذا كانت النتيجة؟‬


‫• ُأصيب خت جيل‪ ،‬ر‬
‫وأتف جيل‪ ،‬وأصلح جيل ن يف تاري خ هذه األمة‪.‬‬
‫ﳚ ‪..‬ﱠ‬
‫ﳛ‬ ‫ﳔ ﳖ ﳗ ﳘﳙ‬
‫ﳕ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐ ﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓ‬
‫﴿‪ ﴾16٥‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪‬ﭐفما بالنا بحالنا اليوم؟‬


‫• فنحن تأخ ْرنا ر‬
‫بكتة ذنوبنا‪.‬‬
‫وترف ن يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫• فإذا أصلحت أمرك كما أمر ربك‪ ،‬ينصلح كل ِ‬
‫شأنك‪،‬‬
‫ﭐﱡﭐ ﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة الطالق‪.‬‬

‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬


‫فإن ر ن‬
‫وتتف هللا ما استطعت‪،‬‬
‫ي‬ ‫اإلله يف كل صغتة وكبتة يف حياتك‪،‬‬
‫ي‬ ‫تلتم باألمر‬ ‫•‬
‫فوهللا ر ِ ْ‬
‫أبش‪ ،‬فاهلل حسبك‪.‬‬

‫‪‬ﭐقال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• فإذا اتقت األمة رب ها‪ ،‬صلح حالها‪ ،‬وتيشت لها الختات‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (494‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.2516 :‬‬


‫‪599‬‬
‫بكافر"؟‬
‫ٍ‬ ‫‪ -183‬هل دم المسلم أغلى من دم الكافر لحديث النبي ﷺ‪" :‬ال ُيقتل مسلم‬

‫قيمة‪.‬‬ ‫بال‬ ‫الذم‬ ‫أو‬ ‫د‬


‫َ‬
‫المعاه‬ ‫الكافر‬ ‫دم‬ ‫أن‬ ‫‪:‬‬‫يعن‬‫ن‬ ‫ال‬ ‫"‪،‬‬ ‫ر‬‫بكاف‬ ‫ج‪ :‬حديث‪ًَ " :‬ل ُي ْق َت ُل ُم ْسل ٌ‬
‫م‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ ‬وإال فهل حديث‪" :‬ال ُي ْق َت ُل والد بول ِد ِه"(‪ ) 495‬يعني أن دم الولد بال قيمة؟‬

‫• الولد دمه حرام‪ ،‬وقتله من أكت الكبائر‪.‬‬


‫َ‬
‫دم ُه حرام‪ ،‬وقتله من أكت الكبائر‪.‬‬
‫المعاهد والذم ُ‬
‫ي‬ ‫• والكافر‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫ً‬ ‫َ َُْ ُ ُ ْ ٌ‬
‫مسلما استدرج‬ ‫بكافر" ليس عىل إطالقه‪ ،‬فلو أن‬‫• ثم إن حديث‪ً" :‬ل يقتل مس ِلم ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫كافرا أو خدعه ر‬
‫حن قتله‪ ،‬فهنا يقتل المسلم بالكافر‪ ،‬وهذا مذهب اإلمام مالك‪،‬‬
‫أب حنيفة‪.‬‬‫واإلمام الليث بن سعد‪ ،‬واإلمام ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المسلم ً‬
‫كافرا فللحاكم أن يطبق أية عقوبة تعزيرية يراها؛ ليمنع تكرار هذه‬ ‫• وإذا قتل‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫‪ ‬لكن هل اإلسالم يقرر أن المسلم أفضل من الكافر؟‬


‫‪ ‬والجواب‪ :‬نعم ً‬
‫طبعا‪ ،‬هذه عقيدة‪.‬‬
‫ﲥﲧﲨﱠ﴿‪ ﴾18‬سورة السجدة‪.‬‬
‫ﲦ‬ ‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲠﲡﲢﲣﲤ‬

‫هللا الكافرين بقوله سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔ‪..‬‬


‫‪ ‬ووصف ُ‬

‫ﱠ ﴿‪ ﴾12‬سورة محمد‪.‬‬

‫‪‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲀﲁﲂﲃﱠ﴿‪ ﴾17‬سورة عبس‪.‬‬

‫• فهذه عقيدتنا ن يف الكافر‪.‬‬


‫ن‬
‫المسلمي أصبحوا يستحون من االستعالء باإلسالم‪ ،‬فقد استطاع‬ ‫• لألسف كثت من‬
‫الغرب أن ُيسقط قيمة االستعالء بالدين من قلوب الناس‪.‬‬

‫(‪ (495‬صحيح ابن ماجه‪ ،‬ح‪ ،2173 :‬بلفظ‪" :‬ال يقت ُل بالولد الوالدُ"‪.‬‬
‫(‪ (496‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3166 :‬‬
‫‪600‬‬
‫• فالغرب والثقافة الغربية تلعب باستمرار عىل وتر عدم تفضيل إنسان عىل آخر عىل‬
‫أساس الدين‪.‬‬
‫حي أن الغرب ُيفاضل ن‬
‫بي الناس عىل أساس أمور أخرى علمانية أرضية مادية‬ ‫• نف ن‬
‫ي‬
‫دنيوية‪.‬‬

‫‪‬مثال على ذلك‪:‬‬


‫ً‬
‫درجة بمراحل من غير‬ ‫❑ الشخص الحاصل على الجنسية في الغرب أعلى‬
‫الحاصل على الجنسية‪.‬‬

‫تميت واضح عىل أساس المواطنة‪ ،‬وعىل أساس الجنسية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• فهناك‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫• َ‬
‫والقانوب‬
‫ي‬ ‫والوظيف‬
‫ي‬ ‫الماىل‬
‫ي‬ ‫غرب يكون وضعه‬ ‫ي‬ ‫فمن يحصل عىل الجنسية يف بلد‬
‫َ‬
‫أفض َل بكثت من غت الحاصل عىل الجنسية‪.‬‬
‫• ولذلك يستميت بعض الناس من أجل الحصول عىل الجنسية‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حقوق ر‬
‫أكت بكثت من اإلنسان العادي‪.‬‬ ‫الغرب الحاصل عىل جنسية له‬ ‫ي‬ ‫• فالمواطن‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫العلماب‪ ،‬وليس من حق المسلم أن يطبق رشيعة‬ ‫ي‬ ‫لزم مواطنيه بدستوره‬ ‫• والغرب ي ِ‬
‫قواني األحوال الشخصية‪.‬‬‫ن‬ ‫ر ن‬
‫حن يف‬ ‫دينه‬
‫ُ َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫الفرنش‪ ،‬والمسلم الهولندي ملزم‬ ‫َ ي‬ ‫العلماب‬
‫ي‬ ‫الفرنش ُملزم بالدستور‬
‫ي‬ ‫• فالمسلم‬
‫ن‬
‫الصين‪.‬‬ ‫ن‬
‫العلماب‬ ‫ُ‬
‫الصين ملزم بالدستور‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العلماب الهولندي‪ ،‬والمسلم‬ ‫بالدستور‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫• فمركز القيمة ن يف الغرب هو القيم العلمانية األرضية الدنيوية‪.‬‬
‫• أما مركز القيمة يف اإلسالم فهو الدين‪ ،‬وليس الجنسية‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو كل هذه‬
‫األفكار األرضية‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فكل أمة مركز القيمة عندها هو المعيار‪.‬‬
‫• فهناك تفاضل ن يف الغرب عىل أساس الدنيا‪ ،‬وهناك تفاضل ن يف اإلسالم عىل أساس الدين‪.‬‬

‫‪ُّ ‬‬
‫فأيهما أولى وأحق‪ :‬اتباع الدنيا أم اتباع الدين؟‬

‫الىل يلعبها الغرب أنه يجعلك تخجل من مركز القيمة عندك‪ ،‬ويريد منك أن‬ ‫• اللعبة ي‬
‫تستورد منه مركز القيمة الخاص به‪ ،‬والذي هو القيم األرضية الدنيوية الساقطة‪.‬‬
‫ن‬
‫االجتماع بالكلية بمجرد الحصول عىل‬
‫ي‬ ‫• يف الغرب تتم زيادة الراتب‪ ،‬ويتبدل الوضع‬
‫ورقة الجنسية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫فقطعا المسلم أفضل‬ ‫• يف اإلسالم التفاضل عند هللا بالتقوى والعمل الصالح؛ ولذلك‬
‫من الكافر‪.‬‬
‫‪601‬‬
‫معن ذلك أن الكافر ُيظلم ن يف الدولة المسلمة‪.‬‬ ‫• وليس ن‬
‫فف اإلسالم ليس كون المسلم أفضل من الكافر أننا نظلم الكافر أو نؤذيه‪.‬‬ ‫• ن‬
‫ُ َ‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫• بل يف اإلسالم ينفق عىل الكافر العاجز عن الكسب من بيت مال المسلمي‪.‬‬ ‫ن‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫قواني األحوال الشخصية‬ ‫وف اإلسالم يحق لغت المسلم أن يطبق تعاليم دينه يف‬ ‫• ي‬
‫كيف شاء‪.‬‬
‫وشع اإلسالم‪.‬‬ ‫ن‬
‫• فال توجد تعددية حقيقية إال ف اإلسالم‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تأب هذه المسألة‪:‬‬ ‫المغن البن قدامة ي‬
‫ي‬ ‫وف كت اب‬ ‫‪ ‬ي‬

‫ن‬
‫المجوش من ابنته‪ ،‬وهذا مقبول يف‬
‫ي‬ ‫❑ فهنا يتحدث المصنف ‪-‬رحمه هللا‪ -‬عن‪ :‬زواج‬
‫التكة ن يف هذه الحالة‪.‬‬
‫رشيعتهم‪ ،‬فيحك ابن قدامة تقسيم ر‬
‫ي‬
‫التعددية التي أقرها اإلسالم منذ ‪1400‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬هل تُتيح النظم العلمانية هذه‬
‫عام؟‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫الذم بأي صورة من صور األذى‪.‬‬
‫ي‬ ‫أو‬ ‫د‬‫المعاه‬ ‫الكافر‬ ‫إيذاء‬ ‫يجوز‬ ‫ال‬ ‫اإلسالم‬ ‫• ي‬
‫ف‬
‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫ج َمن يظلم كاف ًرا يوم القيامة‪.‬‬


‫فالنن ﷺ حجي ُ‬
‫ي‬ ‫❑‬
‫ن‬
‫بنفش يف‬
‫ي‬ ‫• تخيل لو أن رئيس دولة أوروبية خرج عىل شعبه ليقول لهم‪ :‬أنا سأقف‬
‫ً‬
‫غريبا عن هذه البلد‪.‬‬ ‫ً‬
‫شخصا‬ ‫ساحة المحكمة أمام أي مواطن يظلم‬
‫• لن يصدقه أحد‪.‬‬
‫ن‬
‫• سيتحول أليقونة يف العالم‪.‬‬
‫أكت من ألف وأربعمائة عام‪.‬‬‫• لكن نفس هذا الكالم قاله النن ﷺ منذ ر‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن ُ‬
‫• ن يف الغرب ُيسنون باستمرار قواني تقيد الهجرة‪ ،‬وتضيق عىل المهاجرين‪.‬‬
‫تشي ع اإلسالم ن‬
‫وبي علمانية الغرب اليوم‪.‬‬ ‫بي ر‬‫❑ فهذا هو الفرق ن‬
‫ن‬
‫• اإلسالم نعم استعالء وعزة باإليمان‪ ،‬لكنه يف الوقت نفسه عدل وحكمة ورحمة مع‬
‫غت المسلم‪.‬‬
‫أرص‪ ،‬ويلزم الجميع بقوانينه‪.‬‬‫• الغرب استعالء دنيوي ن‬
‫ي‬

‫( ‪ (497‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3052:‬‬


‫‪602‬‬
‫أعماال صالحة كالمشاريع الخيرية إذا لم يؤمن؟‬
‫ً‬ ‫‪ -184‬لماذا يدخل النار َمن يعمل‬

‫ج‪ :‬أولًا‪ :‬العمل الصالح هذا أمر ُفطر عليه اإلنسان‪.‬‬


‫ٌ‬
‫مفطور عىل فعل الخت‪.‬‬ ‫• فاإلنسان‬
‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫بمقتض الفطرة‪ ،‬وهو مكافأ عىل‬ ‫• فاإلنسان يست َوفق فطرته فيعمل أعماًل صالحة‬
‫ْ‬
‫بحسب نيته‪.‬‬ ‫عمله الصالح‬
‫ﲍﲏ ﲐﲑﲒﲓﲔﲕ‬
‫ﲎ‬ ‫ﭐ‪‬ﱡﭐ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ‬

‫ﲖﲗﲘﲙﲚﲛﱠ ﴿‪ ﴾2٠‬سورة الشورى‪.‬‬

‫ْ‬
‫وجه هللا‪.‬‬ ‫• فهناك َمن يعمل العمل الصالح يريد اآلخرة ويريد‬
‫• وهناك َمن يعمل العمل الصالح من أجل الكامتات ومجد الدنيا‪.‬‬
‫• وعىل كل إنسان أن يذهب لمن يعمل له؛ ليحصل عىل أجرته منه‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫أهله ربتبيته واإلنفاق عليه ر‬ ‫ً‬
‫حن صار شابا قويا‪ ،‬ثم ذهب لغتهم‬ ‫• تخيل إنسانا قام‬
‫ر‬ ‫ن ُ‬
‫خدمن لغتكم؟‬
‫ي‬ ‫جرة‬ ‫أ‬ ‫أعطوب‬
‫ي‬ ‫ليخدمهم‪ ،‬هل يحق له أن يعود ألهله ليقول لهم‪:‬‬
‫فليذهب لمن كان يخدمهم وليحصل عىل أجرته منهم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫•‬
‫• وهلل المثل األعىل‪.‬‬

‫َّ‬
‫وامتن عليك بكل النعم‪ ،‬ثم تترك عبادته‪،‬‬ ‫‪ ‬فالله هو الذي خلقك ورزقك‬
‫وتريد أن تأخذ منه أجر عملك؟‬

‫‪ ‬كيف هذا؟‬
‫‪ ‬ولذلك قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱠ ﴿‪﴾2٣‬‬
‫سورة الفرقان‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ‬
‫ﱱﱲ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣٩‬سورة النور‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫كفار لم‬ ‫• فالذين كفروا ال يستحقون الثواب عىل العمل وإن كان صالحا؛ ألنهم‬
‫خالقهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يقصدوا بالعمل الصالح أن ينالوا ثواب رب هم‪ ،‬وال ابتغوا به رضا‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫جميعا مفطورون عىل كثت من‬ ‫• فليست القضية يف مجرد العمل الصالح‪ ،‬فنحن‬
‫األعمال الصالحة‪ ،‬وإنما القضية لماذا تعمل هذا العمل الصالح‪ ،‬ولمن‬
‫تعمله؟‬
‫‪603‬‬
‫‪‬وهل تعمله لمصلحتك الشخصية أو تعمله رياءً أو تعمله لغير هللا؟‬

‫• فكل هذا ليس ن يف سبيل هللا‪ ،‬وال ُيرح منه ثواب العمل الصالح الذي ُيرح من هللا‪.‬‬

‫❑ فشرط قبول العمل الصالح هو ْ‬


‫أن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحصول عىل ثوابه من هللا‪.‬‬ ‫• يقصد به وجه هللا‪ ،‬أي‪ :‬يقصد به‬
‫ا‬
‫• أما الشخص الكافر باهلل الذي يعبد مع هللا آلهة أخرى‪ ،‬أو يعمل األعمال الصالحة‬
‫ن‬ ‫اذهب لمن ر‬‫ْ‬ ‫ً‬
‫مسلما‪ ،‬فنقول له‪:‬‬
‫أشكتهم مع هللا يف‬ ‫من أجل الكامتات وإن كان‬
‫ُ‬
‫عملك الصالح‪ ،‬واحصل عىل أجرك منهم‪ ،‬فأنت لم ترج بأعمالك الصالحة وجه‬
‫هللا وحده‪.‬‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫بي الناس‪ :‬بالمديح‬ ‫كر‪ ،‬أي‪ :‬يلتمس األجر من هللا‪ ،‬والذكر ن‬ ‫األجر والذ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يلتمس‬ ‫•‬
‫‪ٌ.‬‬
‫والشهرة‪ ،‬فهذا عمله مردود‬
‫• إذ ال بد من إخالص العمل هلل‪ ،‬وهذا هو العمل الذي ُيرح أجره من هللا‪.‬‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫• البعض يفعل األعمال الصالحة اتفاقا أو عادة‪ ،‬والبعض يفعل األعمال الصالحة‬
‫َ ْ‬ ‫ن‬
‫بمن يعمل األعمال‬ ‫لمزيد سعادة وتسميع يف الدنيا‪ ،‬فهل يستوي هؤالء عند هللا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫انكسارا هلل‪ ،‬ورضا بعبوديته‪ ،‬واتباعا ألمره؟‬ ‫الصالحة‬
‫ثانيًا‪ :‬العبودية لله تُغيِّر مفاهيم العمل الخيري تغييرًا جذر يًّا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫دائما تجد أعمالهم تصب يف‬ ‫• فالذين يعملون األعمال الصالحة من أجل الدنيا‪،‬‬
‫بطريق أو بآخر لمصالحهم ولمصالح أيديولوجياتهم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫األخت‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫مباشة بالخت المحض‪ ...‬الخت الذي ليس‬ ‫• فهذه أعمال يعملونها ليس لها عالقة‬
‫من ورائه مصلحة‪.‬‬
‫ه أعمال صالحة لمصالح دنيوية‪.‬‬ ‫• بل ي‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫• فتجد منهم من يتتع بالمليارات لخدمة توصيل إنتنت للدول الفقتة‪.‬‬
‫ن‬
‫بماليي لمشاري ع البحث عن حياة خارج األرض‪.‬‬ ‫• َ‬
‫ومن يتتع‬

‫(‪ )498‬صحيح سنن النسائي‪ ،‬ح‪.3140:‬‬


‫‪604‬‬
‫بماليي لدعم وسائل تنظيم األشة ن يف الدول الفقتة‪.‬‬
‫ن‬ ‫• َ‬
‫ومن يتتع‬
‫• العمل الختي عندهم‪ :‬مصالح‪ ...‬سوق‪ ...‬ماركتنج!‬
‫ُ‬
‫• بينما العبودية هلل تغت مفهوم العمل الختي‪ ،‬ومقاصد العمل الختي‪.‬‬

‫‪‬‬

‫❑ رجلٌ طيبٌ أخالقيًّا‪ ...‬لم يُؤذ إنسانًا وال حشرة‪ ...‬لم يسرق ولم يقتل‪...‬‬
‫عاش طيبًا أخالقيًّا إلى أن مات لكنه لم ُيسلم!‬

‫‪ ‬فهل يدخل النار؟‬


‫ن‬ ‫ً َ‬
‫طالبا يدرس يف مدرسة‪ ،‬وكان هذا الطالب‬ ‫‪‬والجواب تعرفه من هذا المثال‪ :‬لو أن‬
‫ً ن‬
‫اش لكنه فقط لم يكن يذاكر‬
‫ي‬ ‫ر‬‫الد‬ ‫العام‬ ‫انته‬ ‫أن‬ ‫إىل‬ ‫وزمالئه‪،‬‬ ‫معلميه‬ ‫مع‬ ‫أخالقه‬ ‫ف‬‫كريما ي‬
‫ُ‬
‫األساش الذي كلف به والذي من أجله دخل المدرسة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫دروسه‪ ...‬لم ير ِاع التكليف‬

‫‪ ‬فهل له ُّ‬
‫حق االعتراض في آخر العام إذا رسب؟‬

‫‪ ‬هل له أن يقول‪ :‬كيف أرسب‪ ،‬وأنا لم ُأؤذ إنسانًا طوال العام الدراسي؟‬

‫• الجميع سيضحكون عليه!‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما معيار نجاحه الجوهري‬ ‫• ألن معيار نجاحه ليس يف أن يكون عىل خلق‬
‫واألساش أن ر ن‬
‫يلتم بالدراسة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫يلتم بما رشعته المدرسة من واجبات ودروس‪ ،‬ويجتهد وينجح فيما كلف به‪.‬‬ ‫• رن‬
‫األساش للنجاح‪.‬‬
‫ي‬ ‫• هذا هو المعيار‬
‫ً‬ ‫• فإذا عمل ما ُكلف به‪ ،‬ر ن‬
‫والتم بدروس المدرسة‪ ،‬ر ن‬
‫والتم باألخالق فهنيئا له‪.‬‬
‫ن‬
‫اإلله‪ ،‬والعبودية هلل‪،‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬بالقياس نفسه‪ :‬معيار وجودك يف هذا العالم هو التكليف‬
‫واإليمان بمالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬وليس فقط أن تفعل األخالق الحسنة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫• فالذي ال يؤمن باهلل هو ُمعاقب عىل كفره باهلل‪ُ ...‬معاقب عىل رفضه ما كلف به‪...‬‬
‫ُمعاقب عىل رده عىل هللا وحيه‪ُ ...‬معاقب عىل هذا بدخول النار‪ ،‬ولو كان من‬
‫ُ ً‬
‫أطيب الناس وأدمثهم خلقا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫عقاب عىل كفره‪.‬‬ ‫• فدخوله النار هو‬

‫‪605‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫‪ ‬فاإلنسان جاء إىل الدنيا ال ليعمل أعماًل ختية فحسب‪ ،‬وإنما جاء إىل الدنيا يف األساس‬
‫ليعبد هللا حق العبودية‪ :‬ﱡﭐﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱠ ﴿‪ ﴾٥6‬سورة الذاريات‪.‬‬

‫حن ولو كان ً‬


‫كافرا‪.‬‬ ‫• والكل يعلم أنه جاء للعبودية هلل‪ ،‬ر‬
‫ً‬ ‫• والكل مشغول باهلل ر‬
‫حن ولو كان ملحدا‪.‬‬
‫َّ‬
‫• فاهلل هو الذي يتكلم عنه المالحدة طوال الوقت‪.‬‬
‫حن ولو كفر باهلل‪.‬‬ ‫• فالعبودية هلل ه ُشغل اإلنسان الشاغل ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫• واإلنسان ً‬
‫ويستوىل هذا األمر عىل كيانه؛ ألنه يعلم أنه‬
‫ي‬ ‫دائما يفكر يف العبودية هلل‪،‬‬
‫جاء من أجله‪.‬‬
‫ٌ‬
‫معاقب‬ ‫اإلله الذي جاء عت األنبياء فهو‬ ‫الوح‬ ‫فمن كفر باهلل‪ ،‬وعاند فطرته‪ ،‬ورد‬ ‫• َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عىل كفره‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫• فالكافر ُمعاقب عىل كفره بأكت بديهة يف حياته عىل اإلطالق‪ ...‬بديهة اإليمان باهلل‪،‬‬
‫والعبودية له وحده سبحانه‪.‬‬
‫بش ٍء عند‬‫ذهبا للفقراء‪ ،‬لن تنفعه ر‬‫ومن َعمل كل األعمال الختية‪ ،‬وتتع بملء األرض ً‬ ‫‪َ ‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫سلم‪ :‬ﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ‬ ‫هللا طالما لم ي ِ‬
‫ﱫﱠ ﴿‪ ﴾8٥‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬
‫ﳁﳃﳄﳅﱠ ﴿‪ ﴾٣6‬سورة المائدة‪.‬‬
‫ﳂ‬ ‫ﲼﲽﲾﲿ ﳀ‬
‫ُ‬
‫عائشة ‪ -‬ن‬ ‫ْ‬
‫النن ﷺ فقالت‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬ ‫عنها‬ ‫هللا‬ ‫رص‬
‫ي‬ ‫سألت‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.214 :‬‬ ‫(‪(499‬‬

‫‪606‬‬
‫‪ -185‬هل األخالق مطلقة أم نسبية؟‬
‫ر‬ ‫ر ٌّ‬
‫أخالف عند‬
‫ي‬ ‫أخالف عند قوم ربما يكون غت‬ ‫ي‬ ‫ج‪ :‬يزعم الملحد أن األخالق نسبية‪ ،‬فما هو‬
‫غتهم‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ٌّ‬
‫عبن‪،‬‬
‫نسن ي‬ ‫ي‬ ‫مضطر لهذا االعتقاد بنسبية األخالق؛ ألنك إلحادي يف عالم‬ ‫• والملحد‬
‫بالمطلقية هو إقرار بوجود‬ ‫وبالتاىل فال بد أن تكون األخالق نسبية‪ ،‬بينما القول ُ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫يعن غائية كتى‪ ،‬لكن هذه أمور غت موجودة يف اإللحاد؛‬ ‫ِقيم متجاوزة‪ ،‬وهذا ي‬
‫لذلك هم ُمضطرون للقول بنسبية األخالق‪.‬‬
‫معن الشبهة من البداية‪.‬‬ ‫دمر ن‬ ‫‪ ‬لكن اإلشكال نف القول بنسبية األخالق‪ ،‬أن هذا القول ُي ا‬
‫ي‬
‫َّ‬
‫‪ ‬فكيف لملحد أن ينتقد مسألة دينية‪ ،‬وهو يزعم أن األخالق نسبية؟‬
‫• هذا تناقض ظاهر‪.‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫عي الصواب‪.‬‬ ‫وشبهة هو ن‬ ‫• إذ لو كانت األخالق نسبية فربما ما يظنه الملحد خطأ‬
‫‪ ‬لكن هل فع ًلا األخالق نسبية؟‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫حرفيا؛ ألن األخالق لو كانت نسبية لما‬ ‫ه فكرة تدمر العالم‬ ‫• فكرة نسبية األخالق ي‬
‫استطعت أن تحاكم هتلر‪.‬‬
‫• ولما استطعت أن تحاكم أية جريمة‪.‬‬
‫عي الحق والخت‪.‬‬ ‫• فما تظن ُه أنت جريمة قد يكون هو ن‬
‫معن المحاكم والقضاء والدساتت‪.‬‬ ‫• ففكرة األخالق النسبية ه فكرة تدمر ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫• فكرة األخالق النسبية تدمر معن الدولة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• إذ كيف أحاكمك عىل جريمة قد يكون ارتكابها صوابا عندك؟‬
‫ْ‬
‫• إذا سار العالم َوفق هذه الرؤية اإللحادية سنتحول وهللا بعد ساعات إىل غابة من‬
‫المجاني والهمج‪.‬‬ ‫ن‬
‫ن‬
‫قليلة إذا صدق اإللحاد‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ساعات‬
‫ٍ‬ ‫• سينهار العالم يف‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫إنسانيا عىل نرصورة معاقبة المجرم‪ ،‬وهذا‬ ‫• ومن فضل هللا أن هناك إجماعا فطريا‬
‫مناقض لما عليه اإللحاد‪ ،‬ومصدر هذا اإلجماع هو أن‪ :‬األخالق مطلقة‬ ‫ٌ‬ ‫اإلجماع‬
‫ُ َّ‬
‫واإلنسان مكلف‪.‬‬
‫البش عىل نرصورة معاقبة المجرم‪ ،‬ولما كان‬ ‫• فلو كانت األخالق نسبية لما أجمع ر‬
‫معن‪.‬‬ ‫نا‬
‫لمعاقبته‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• ولو لم يكن اإلنسان أيضا مكلفا لما استطعنا محاكمته‪.‬‬
‫• فقوام القانون والدستور والمحاكم والقضاء والعقوبة والجزاء وقوام الدولة ككل‬
‫َّ‬
‫عىل أن األخالق مطلقة‪ ،‬وعىل أن اإلنسان ُمكلف‪.‬‬
‫• ومجرد التشكيك ن يف هذه البديهات‪ ،‬هذا يسقط الدولة‪ُ .‬يسقط اإلنسان‪.‬‬
‫‪607‬‬
‫أحض ْر مجموعة من‬
‫ساعتين‪ ،‬فاألمر يسير‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬إذا أردت إسقاط دولة في‬
‫الملحدين‪ ،‬و َح ِّك ْم بينهم اإللحاد!‬
‫ن ن‬ ‫تمر ساعة واحدة بعد تحكيم اإللحاد ر‬ ‫صدقن لن ُ‬ ‫ن‬
‫كالمجاني يف‬ ‫حن يخرجوا‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫وف الساعة الثانية سينهار كل ي‬ ‫الشوارع‪ ،‬ي‬
‫• ال بقاء لإللحاد إال ببقايا النبوات‪.‬‬
‫• ال بقاء لإللحاد إال ببقايا القيم الدينية‪.‬‬
‫• ال بقاء لإللحاد إال بتحكيم األخالق المطلقة‪.‬‬
‫• ال بقاء لإللحاد إال ببقايا الفطرة‪.‬‬
‫• اإللحاد فكرة ال تصلح للتطبيق وال ر‬
‫حن التصور‪.‬‬
‫حن يتفق مع إلحاده‬ ‫ٌّ‬
‫مضطر للقول بنسبية األخالق ر‬ ‫• المشكلة أن الملحد كما قلت‬
‫أكت‪.‬‬ ‫ال ر‬
‫• اإللحاد يخالف بديهيات‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫إنسانيا‪.‬‬ ‫• اإللحاد يخالف إجماعا فطريا‬

‫بأن األخالق مطلقة في كل عصر‪ ،‬وفي كل مكان؟‬ ‫‪ ‬لكن لماذا نقطع َّ‬
‫‪‬والجواب‪ :‬ألن األخالق موضوعية‪ ،‬وليست ذاتية‪.‬‬
‫‪ ‬األخالق ‪.Objective‬‬
‫‪ ‬وليست ‪.Subjective‬‬
‫الشء ن يف حقيقته‪ ،‬فنقول هذا كتاب‪.‬‬
‫ي‬
‫الشء الموضوع هو‪ :‬ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫• ر‬
‫ر‬
‫موضوع‪.‬‬
‫ي‬ ‫شء‬‫• هذا ي‬
‫• أما عندما تقول‪ :‬أنا أحب هذا الكتاب‪ ،‬فهذه قضية ذاتية‪.‬‬

‫ٌّ‬
‫مستقل‬ ‫‪ ‬فهل األخالق تخضع للميول أو الحب أو الكراهية؟ أم أنها شيء‬
‫عن ميول البشر؟‬
‫تماما عن ميول كل ر‬‫مستقل ً‬
‫ٌّ‬ ‫ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫شء‬‫ه ي‬ ‫• األخالق بال جدال ي‬
‫البش أو نزواتهم أو ميولهم‪ ،‬فالخت ٌ‬
‫خت عند الصالح‬ ‫• فاألخالق ال تعتمد عىل رغبات ر‬
‫ش عند الصالح والطالح‪.‬‬ ‫والش ر ٌّ‬
‫والطالح‪ ،‬ر‬
‫• إذن فاألخالق موضوعية وليست ذاتية‪.‬‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫شء خارج الميل البشي تماما‪ ...‬تعتمد عىل إرادة هللا ي‬
‫الن‬ ‫• فاألخالق تعتمد عىل ي‬
‫يريدها لهذا العالم‪.‬‬

‫‪608‬‬
‫• فاألخالق لها غرضية كونية‪ ،‬وفيها االستقالل التام عن إرادة ر‬
‫البش‪.‬‬
‫وع‪.‬‬
‫بوع أو بغت ي‬
‫ي‬ ‫• والقيم األخالقية يعتنقها كل إنسان‬
‫ن‬ ‫ُّ‬
‫معاب القيم األخالقية‪ ،‬وال أحد ينكر التكليف اإللهي بداخله‪،‬‬ ‫ي‬ ‫نعتنق‬ ‫نا‬ ‫فكل‬ ‫•‬
‫والذي تمثل األخالق ً‬
‫جزءا منه‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فكلنا ن ِقر بوجود هذا التكليف‪.‬‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫أخالف‪ ،‬ويعلم نرصورة الواجب‬
‫ي‬ ‫تماما ما هو‬ ‫حن َمن يرتكب كل فاحشة يعلم‬ ‫• ر‬
‫ر‬
‫األخالف‪.‬‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫األخالف‪ ،‬وقيمة الواجب‬
‫ي‬
‫• ومن بديهيات كون األخالق مطلقة أنها ال يوجد فيها أي تطور‪...‬‬
‫البشي‪ ،‬والكذب هو الكذب عتكل التاري خ ر‬
‫البشي‪.‬‬ ‫• فالصدق هو الصدق عتكل التاري خ ر‬
‫ن‬
‫حواىل ‪ ٥٠٠‬سنة قبل الميالد‪ ،‬قام يوربيديس ‪Euripides‬‬ ‫ي‬ ‫وف عصور ما قبل الميالد‬ ‫• ي‬
‫وه مشحية أخالقية‪،‬‬ ‫بكتابة مشحية "نساء طروادة ‪ "The Trojan Women‬ي‬
‫حواىل ‪ 7٠‬سنة فقط‪ ،‬ومع ذلك لن‬ ‫ي‬ ‫وقد أكمل سارتر كتابة هذه المشحية منذ‬
‫ن‬
‫التاريخي‪.‬‬ ‫تجد أية فجوة زمنية ن‬
‫بي‬
‫فمعاب القيم األخالقية لم تتغت ولن تتغت‪.‬‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫بالمتان نفسه‪.‬‬ ‫شيشون ‪ Cicero‬األخالقية تستطيع تقييمها يف كل زمن‬ ‫• وكتابات‬
‫وضعها نف أي عرص من العصور وستناسبه ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫• والقيم األخالقية يمكن‬
‫ي‬
‫• وأي مسلم يحرص عىل أن يقتدي بأخالق السلف الصالح ممن عاشوا قبل مئات‬
‫ن‬
‫السني‪.‬‬
‫ه ثابتة عت كل عرص وكل مكان‪.‬‬ ‫• فاألخالق ليس فيها تقدم‪ ،‬بل ا ي‬
‫• ولن يفهم الملحد الشبهة أصًل إال ألن األخالق مطلقة‪ ،‬وثابتة عت الزمن‪.‬‬
‫ونتيجة إللحاده فإنه يقع نف تناقض ر‬ ‫ا‬
‫ذاب عجيب؛ إذ يقول ب ‪ :‬وجود‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• لكن الملحد‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الشبهة يف مسألة أخالقية معينة يف الدين‪ ،‬وبعد لحظات ينقض شبهته بنفسه‬
‫حي يقول إن‪ :‬األخالق نسبية‪.‬‬ ‫ويقع نف تناقض عجيب ن‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫• لو كانت األخالق نسبية لما كان لشبهتك معن‪ ،‬ولما استوعبت الشبهة أصًل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪609‬‬
‫‪ -186‬كيف يكون هناك َملَك ُموكل بالسحاب‪،‬‬
‫َمع أننا نعرف األسباب الطبيعية المادية لسير السحب؟‬
‫عقىل منه!‬ ‫مانع‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫‪...‬‬ ‫اب‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫بالس‬ ‫ج‪ :‬كون وجود ملك ُم َو َّك ٌ‬
‫ل‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬ما المانع العقلي من ذلك؟‬

‫غين فيها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫• ومعرفة السبب المادي لظاهرة ما ال ن‬


‫ي‬ ‫عد‬ ‫ب‬ ‫وجود‬ ‫ينف‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ينف وجود تدبت‬
‫غين‪ ،‬وال ي‬ ‫ينف وجود بعد ي‬ ‫• ومعرفة اآللية المادية لحصول الرعد ال ي‬
‫وملك يقوم باألمر‪ ،‬وحكمة إلهية‪.‬‬ ‫وتقدير‪َ ،‬‬
‫عقىل يمنع من تزامن وجود‬
‫ي‬ ‫عقىل يمنع من ترادف ذلك‪ ...‬ال مانع‬ ‫ي‬ ‫علىم وال‬
‫ي‬ ‫• فال مانع‬
‫غين يف قضية لها أسباب مادية ظاهرة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫بعد ي‬
‫ُ‬
‫علميا هذا غت ممتنع‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫غين لقضية ُمفشة‬ ‫• فوجود بعد ي‬
‫ن‬
‫كاف لتعليل أية ظاهرة‪.‬‬ ‫العلىم يف األساس غت ٍ‬ ‫ي‬ ‫• بل إن التفست‬
‫‪‬فإذا تساءلنا‪ :‬لماذا يحصل الرعد؟‬
‫• سيجيب العلم‪ :‬نتيجة صدمة صوتية‪.‬‬
‫‪ ‬سنسأل‪ :‬لماذا حصلت الصدمة الصوتية؟‬
‫مفاح ن يف الضغط الجوي‪.‬‬
‫ئ‬ ‫• يجيب العلم‪ :‬نتيجة ارتفاع‬

‫‪ ‬سنسأل‪ :‬لماذا االرتفاع الجوي يولِّد صدمة صوتية؟‬


‫• سيجيب العلم‪ :‬هكذا جرى األمر‪.‬‬
‫• ‪Just so‬‬
‫ذاتيا ً‬ ‫ا‬
‫• ال نملك تعليًل ًّ‬
‫كافيا لتفست أية ظاهرة بالعلم وحده‪.‬‬
‫• مثال آخر‪ :‬لماذا يحصل التق؟‬
‫ن‬
‫معي‪.‬‬ ‫كهرب عند فرق جهد‬ ‫• سيجيب العلم‪ :‬بسبب حصول تفري غ‬
‫ي‬
‫‪ ‬سنسأل‪ :‬لماذا يحصل تفريغ كهربي عند فرق جهد معين؟‬
‫• سيجيب العلم‪ :‬هكذا جرى األمر‪.‬‬
‫• ‪Just so‬‬
‫َ‬
‫• مثال ثالث‪ :‬لماذا ي ي‬
‫غىل الماء عند مائة درجة مئوية؟‬
‫• سيجيب العلم‪ :‬هكذا جرى األمر‪.‬‬
‫• ‪Just so‬‬

‫‪610‬‬
‫‪ ‬وربما هنا في هذا السؤال األخير يقول متفذلك‪ :‬عند الدرجة مائة مئوية‬
‫يكتسب الماء الطاقة الالزمة للتغ ُّلب على قوى الجذب الجزيئية فيتحوَّ ل‬
‫الماء لبخار‪.‬‬
‫• وهو بهذا الجواب قام بتأخت اإلجابة ب "هكذا جرى األمر" خطوة واحدة للوراء‬
‫ال ر‬
‫أكت‪.‬‬
‫َّ‬
‫❑ ألننا إذا سألناه‪ :‬لماذا عند درجة مائة مئوية تتفكك قوى الجذب الجزيئية؟‬
‫ستبف اإلجابة ن يف األخت‪ :‬هكذا جرى األمر‪.‬‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫• ‪Just so‬‬
‫ا‬
‫• فالتفست العلىم هو رش ٌح آللية عمل الظاهرة‪ ،‬وليس تعليًل ً‬
‫كافيا للظاهرة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫كاف طبيعيا‪.‬‬‫العلىم هو يف حد ذاته غت ٍ‬
‫ي‬ ‫• فاالكتفاء بالتفست‬
‫ُ‬ ‫ُ ن‬ ‫ُ‬
‫وىل األلباب‬
‫غين‪ ،‬هذا ال مانع منه‪ ،‬بل هو مقتض البديهة العقلية عند أ ي‬ ‫فوجود بعد ي‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫العلىم‪.‬‬
‫ي‬ ‫لمن نظر يف عالم األسباب‪ ،‬ولمن نظر يف طبيعة التفست‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ َ‬
‫العلىم سيعرف أن عالم األسباب‬ ‫ي‬ ‫التفست‬ ‫طبيعة‬ ‫وف‬ ‫ي‬ ‫األسباب‬ ‫عالم‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫• فمن‬
‫العلىم ال يكفيان بذاتهما لتعليل أية ظاهرة‪.‬‬
‫ي‬ ‫وعالم التفست‬

‫‪‬يقول الدكتور أبو الفداء ابن مسعود‪:‬‬

‫• سبحانه المليك المقتدر‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫عقىل من أن‬
‫ي‬ ‫• فالرعد الذي هو ناتج تمدد الهواء تمددا شديدا؛ هذا التمدد ال مانع‬
‫تكون له علل غيبية خفية سخرها هللا عت مالئكته‪.‬‬
‫• وزجر السحب يجري عت مالئكة‪ ،‬وهذا ال مانع منه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫عالم‬ ‫ه يف األساس عملية غيبية‪ ،‬فهذا‬ ‫• فعملية الزجر للسحاب عىل يد المالئكة ي‬
‫ٌ‬
‫محض‪.‬‬ ‫ٌّ‬
‫غين‬ ‫ي‬

‫( ‪ (500‬معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء ابن مسعود‪ ،‬م ‪ 2‬ص‪.453‬‬
‫‪611‬‬
‫• إذ إن عالم المالئكة وما تقوم به هو من عالم الغيب الذي ال قياس له على شيء‬
‫مما ن يف عالمنا المادي‪.‬‬
‫عقىل من ترادف أسباب غيبية مع األسباب الطبيعية‬ ‫ي‬ ‫علىم وال مانع‬ ‫• فال مانع‬
‫ن‬ ‫ي ا‬
‫ه يف حد ذاتها كما قلنا ليست‬ ‫الظاهرة‪ ،‬خاصة وأن األسباب الطبيعية الظاهرة ي‬
‫تكف لتفست الظاهرة‪.‬‬ ‫تفستا للظاهرة‪ ،‬وال ن‬‫ً‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫شء يف األخت يخضع لتدبت هللا وحكمته ومشيئته وتقديره‪ ،‬وما شاء كان‪ ،‬وما‬ ‫• فكل ي‬
‫شء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة سبحانه‪:‬ﭐﭐﱡﱶ‬ ‫ر‬
‫لم يشأ لم يكن‪ ،‬وكل ي‬
‫ﱷﱸﱹﱺﱻﱼ ﱽﱾﱿﲀﱠ سورة الرعد‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪612‬‬
‫عين حمئةٍ؟‬
‫‪ -187‬كيف تغرب الشمس في ٍ‬
‫ج‪ :‬يف قول هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱠ ﴿‪ ﴾86‬سورة‬
‫ن‬

‫الكهف‪.‬‬
‫ن‬
‫القرني‪.‬‬ ‫عي ذي‬ ‫‪َ ‬و َج َد َها َت ْغ ُر ُب نف َع ْ ن‬
‫ي َح ِم َئ ٍة‪ :‬هذا نف عينه هو‪ ...‬نف ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِي‬
‫• وهذا كقول َمن يقول‪ :‬غربت الشمس خلف الجبل‪.‬‬
‫• فأنا أفهم ماذا تقصد بهذا الكالم‪.‬‬
‫ن‬
‫• فمن قال هذا يقصد أن الشمس غابت خلف الجبل يف عينك‪ ،‬وليس أنها اختفت‬
‫التاىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫وراء الجبل عىل الحقيقة إىل اليوم‬

‫‪ ‬لكن لماذا ال يكون مقصود القرآن بالفعل أن‪ :‬الشمس تغرب في عين‬
‫حمئةٍ‪ ،‬ثم تبقى فيها إلى شروق اليوم التالي؟‬

‫هناك قاعدة يف اإلسالم قد تناولتُها بالشرح يف الباب السابق‪ ،‬يف الرد‬


‫ىلع نفس هذه الشبهة وهي قاعدة "إحالة املتشابه إلى املحكم"‪.‬‬

‫فهم ُه تحيله إىل المحكم‪.‬‬


‫• فما اشتبه عليك ُ‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫• وبإحالة ما اشتبه عليك فهمه إىل ُ‬
‫تعلم أن المقصود هو غروب‬ ‫المحكم يف القرآن‪،‬‬
‫الشمس في نظر ذي القرنين‪ ،‬وليس أن الشمس تدخل داخل ن‬
‫عي حمئة‪.‬‬

‫‪613‬‬
‫َ‬
‫إن‪ :‬الشمس تجري ن يف فلك ال تتوقف‪.‬‬
‫❑ فالمحكم في القرآن يقول َّ‬

‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﱠ ﴿‪﴾٣٣‬‬


‫سورة األنبياء‪.‬‬
‫أن‪ :‬الشمس تجري ن يف فلك بال توقف‪.‬‬
‫‪ ‬إذن المحكم هو َّ‬
‫ﭐﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊﳋ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫فان‪.‬‬
‫دائبان ال يتوق ِ‬
‫ِ‬ ‫• الشمس والقمر‬
‫ْ‬
‫حن رشوق اليوم‬‫عي حمئة واستقرارها فيها ر‬
‫إذن ففكرة دخول الشمس داخل ن‬ ‫•‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫القرآب رصاحة‪.‬‬
‫ي‬ ‫التاىل هذا مخالف للنص‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫وبالتاىل فال تحمل هذه اآلية‪:‬ﭐﱡﭐﱔﱕﱖﱗﱘﱠ إال عىل أن الشمس تغرب‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫عي حمئة‪.‬‬‫القرني نف ن‬
‫ن‬ ‫ذي‬ ‫نظر‬ ‫ف‬
‫ن‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ي ن‬ ‫ي‬
‫• وقضية وجود المتشابه يف القرآن‪ ،‬والحكمة من ذلك قد تناولتها بالتفصيل يف‬
‫الفصول السابقة‪.‬‬
‫يبتع الكفر سيتبع المتشابه ويتجاهل المحكم‪ :‬ﭐﱡﭐﲇ ﲈﲉﲊﲋ‬ ‫ي‬
‫• فالذي ن‬

‫ﲓﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ‬
‫ﲔ‬ ‫ﲌﲍﲎﲏ ﲐ ﲑ ﲒ‬
‫ﲜﲝﲞﲟﲠﲡ‪ .‬ﲢ‪.‬ﭐﱠ ﴿‪ ﴾7‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫َ ْ َْ‬
‫‪ْ ‬اب ِتغ َاء ال ِفتن ِة‪ :‬ابتغاء الكفر‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪614‬‬
‫‪ -188‬هل الشمس تسجد تحت العرش؟‬

‫ج‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ُ‬
‫• هذه الشبهة تناقض الشبهة السابقة‪ ،‬لو كانت هذه الشبهات صحيحة‪.‬‬
‫‪ ‬فكيف للشمس أن تغرب في عين حمئة‪ ،‬وهي في الوقت نفسه تسجد تحت‬
‫العرش وقت الغروب؟‬
‫‪ ‬فهل هي في العين الحمئة‪ ،‬أم تحت العرش؟‬
‫طارح مثل هذه الشبهات‪.‬‬ ‫• فهذا ن‬
‫يبي تناقض‬
‫ي‬
‫واآلن لنجيب عن سؤال‪ :‬كيف تسجد الشمس تحت العرش كما ورد في‬
‫الحديث‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المسلمي باالتفاق أن العرش هو "سقف المخلوقات‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬من المعلوم يف دين‬
‫ً‬
‫جميعا"‪)٥٠2(.‬‬

‫• هذا أمر معلوم ن يف اإلسالم‪.‬‬


‫• فالعرش هو سقف المخلوقات‪ ...‬سقف جميع العوالم‪.‬‬
‫فبالتاىل تكون الشمس تحته ن يف كل وقت‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫جميعا‪،‬‬ ‫• وإذا كان العرش سقف المخلوقات‬
‫الشوق‪ ،‬وف كل وقت‪ ،‬وكل ن‬‫ن‬ ‫وف ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫حي تجري تحت العرش‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الغروب‪،‬‬ ‫ف‬‫• فالشمس ي‬
‫ن‬
‫وبالتاىل بالبداهة فالشمس تجري تحته يف كل‬
‫ي‬ ‫• إذ العرش يحيط بكل المخلوقات‪،‬‬
‫لحظة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫إذن ما معنى‪" :‬تذه ُ‬
‫غين متعلق بالتسخت‬ ‫ٌّ‬
‫ي‬ ‫حن ت ْسجد"‪ :‬السجود هنا معناه‬ ‫ب ر‬ ‫‪ْ ‬‬
‫التام للشمس‪ ...‬وكل األفالك تسجد هلل‪ :‬ﱡﭐﱣﱤﱥﱦ ﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯ‬

‫ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱺ ﱻ ﱼ‬

‫ﱽ ﱾﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﱠ ﴿‪ ﴾18‬سورة‬
‫الحج‪.‬‬

‫( ‪ (501‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3199 :‬‬


‫(‪ (502‬ابن القيم في "زاد المعاد" (‪.)203/4‬‬
‫شيخ اإلسلم في "مجموع الفتاوى" (‪.)581/6‬‬
‫ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (‪.)311/1‬‬
‫‪615‬‬
‫شء يسجد هلل‪ :‬ﭐﱡﭐﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٥‬سورة‬‫ر‬
‫‪ ‬فكل ي‬
‫الرعد‪.‬‬
‫ن‬
‫عقىل يمنع ِمن أن تكون الشمس يف وقت غروب ها عن مكة لها عبودية‬
‫ي‬ ‫• وال يوجد مانع‬
‫النن ﷺ ن يف الحديث‪.‬‬
‫خاصة؛ لذلك خصها ي‬
‫ً ن‬
‫• قد تكون لها عبودية غيبية خاصة ال ي‬
‫نع عنها شيئا يف أوقات معينة‪ ،‬وأماكن معينة‪،‬‬
‫هذا ال مانع منه‪ :‬ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ‪..‬ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾44‬سورة اإلشاء‪.‬‬
‫• فالقضية ن يف أصلها غيبية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫يعن إطالقا أن الشمس رتتك مدارها أو رتتك‬
‫ي‬
‫إذن فسجود الشمس تحت العرش ال ن‬ ‫•‬
‫فلكها‪.‬‬
‫حي تحت العرش‪.‬‬ ‫• فه نف كل ن‬
‫ي ي‬
‫ر‬
‫البيهف‪:‬‬ ‫‪‬يقول‬
‫ي‬

‫حن َت ْس ُج َد"‪ ،‬ال ن‬


‫يعن انتقال الشمس عن فلكها‪،‬‬ ‫• وبالتاىل فقول الننﷺ‪َ " :‬ت ْذ َه ُ‬
‫ب ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وهذا مثل قول هللا تعاىل عىل لسان إبراهيم عليه السالم‪ :‬ﭐﱡﭐﲷﲸﲹﲺﲻ‬
‫ﲼﱠ ﴿‪ ﴾٩٩‬سورة الصافات‪.‬‬

‫‪ ‬هل إبراهيم عليه السالم ذهب إلى السماوات العال؟‬


‫والشمس كما قلنا قبل قليل يف فلك ال تنتقل عنه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱﲲ ﲳﲴﲵ‬
‫ن‬

‫ﲶﲷﲸﲹﲺﲻﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة األنبياء‪.‬‬

‫ﭐﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊﳋ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫• فه نف فلكها تسجد لرب ها‪ ،‬وه نف كل ن‬


‫حي تحت العرش‪.‬‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬
‫• وطبيعة سجود الشمس ي‬
‫ه قضية غيبية خاصة‪.‬‬

‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬ظاهرة نقد الدين في الفلسفة الحديثة‪ ،‬د‪ .‬سلطان العميري‪ ،‬مركز تكوين‪.‬‬ ‫(‪(503‬‬

‫‪616‬‬
‫‪ -189‬هل كانت الكعبة في األردن‪ ،‬ونُقلت زمن الخالفة األموية إلى مكانها الحالي بمكة؟‬

‫حي ظهر نصاب شهت يدع جون إدوارد‬ ‫ج‪ :‬بداية هذه الشبهة البلهاء كانت نف أوروبا ن‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ John Edward‬واستطاع جون إدوارد أن يقنع الغربيي أن القرآن الكريم تم تأليفه بعد‬
‫ر‬
‫مائن عام من وفاة النن محمدﷺ‪)٥٠4(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫النن محمدﷺ شخصية غت موجودة يف‬
‫الحقيقة‪)٥٠٥(.‬‬
‫ي‬ ‫شخصية‬ ‫أن‬ ‫عم‬‫وز‬ ‫• بل‬
‫ن‬
‫مسلمي‪،‬‬ ‫• لقد َ‬
‫تعامل مع اإلسالم وكأنه ثقافة منقرضة‪ ،‬وللتو اكتشفنا أحافت لبقايا‬
‫ً‬
‫مشكورا يحلل هذه األحافت‪ ،‬وخرج لنا بهذه النتائج‪.‬‬ ‫فبدأ جون إدوارد‬
‫وإن كان من باب اإلنصاف أن نقول‪ :‬أغلب املستشرقين املعاصرين‬
‫يُسخِّفون طرح جون إدوارد‪ ،‬ويُقرُّون أنَّه ال عَالقة له بالبحث العلمي‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫المسلمي لم يتوقف لساعة واحدة‪ ،‬فهو تاري خ متواصل منقول نقل‬ ‫• فتاري خ أمة‬
‫َ‬ ‫الكافة عن الكافة منذ زمن البعثة النبوية ر‬
‫حن اليوم‪ ،‬فكيف يزعم هذا النصاب هذا‬
‫الزعم العجيب من تغت تاري خ أمة بأكملها‪ ،‬ثم ينقل جميع المعارصين عكس هذا‬
‫التاري خ ً‬
‫تماما؟‬
‫• هذا ال يقوله عاقل‪.‬‬
‫ً‬
‫المستشق يخاطب َمن ال يعرفون عن اإلسالم شيئا‪.‬‬‫ر‬ ‫• فهذا‬
‫ر‬
‫المستشقة باتريشا كرون ‪Patricia Crone‬‬ ‫• وهذا الطرح عند جون إدوارد قدمته‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫يف كتابها "الهاجريون"‪ ،‬وإن كانت باتريشا كرون تقرر أن محمدا ﷺ هو شخصية‬
‫ن‬
‫رص هللا عنه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫حقيقية موجودة‪ ،‬لكنه أب؛ ليبش بالمخلص عمر بن الخطاب ي‬

‫ُخالصة حال هؤالء المستشرقين أنهم ال يعرفون عن اإلسالم شيئًا‪ ،‬ومستواهم‬


‫العلمي في اإلسالم ُّ‬
‫أقل بكثير من طفل مسلم في مرحلة الكي جي تو‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫المسلمي للغرب عىل أنهم أناس همج‪ ،‬بال حضارة‪ ،‬وال تدوين‬ ‫• وهم يصورون‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫المستشقون المكافحون‬ ‫وبالتاىل يتحمل هؤالء‬
‫ي‬ ‫لتاريخهم‪ ،‬وال يعرفون شيئا‪،‬‬
‫مض‪ ،‬وكأننا غت موجودين‪.‬‬ ‫عبء رسم تاري خ أمتنا الذي ن‬

‫)‪(504‬‬ ‫‪The Quran was written and collected in a long process over 200 years and thus cannot be attributed‬‬
‫‪to Muhammad, being more recent than traditional accounts date it. The person of Muhammad would be‬‬
‫‪a later invention, or at least, Muhammad cannot be related to the Quran.‬‬
‫‪Andrew Rippin (ed.), The Blackwell Companion to the Qur'an, 2006; pp. 199‬‬
‫‪(505) The person of Muhammad would be a later invention, or at least, Muhammad cannot be related to‬‬

‫‪the Quran.‬‬
‫‪Andrew Rippin (ed.), The Blackwell Companion to the Qur'an, 2006; pp. 199.‬‬
‫‪617‬‬
‫• لكن نفترض أنَّنا غير موجودين‪ ،‬هل هذا يجيز لهم أن يفترضوا َّ‬
‫أن‬
‫الكعبة كانت في األردن؟‬
‫• كيف لم يسمع هؤالء المستشرقون بالمسجد النبوي؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بالبقيع؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بأماكن الغزوات؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بجبل ُأحُ د؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بالمساجد السبعة التي بُنيت في غزوة األحزاب‪،‬‬
‫ومازالت آثارهم موجودة؟‬
‫• كيف لم يسمعوا ببيت السيدة خديجة الذي ما زال موجودًا؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بأوقاف الصحابة في مكة؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بشعب علي بن أبي طالب والذي مازالت آثاره بمكة‬
‫ِ‬
‫حتى الساعة؟‬
‫• كيف لم يسمعوا بـ ‪ 30‬مليون مسلم ينتهي نسبهم إلى السيدة‬
‫فاطمة بنت محمد صلى هللا عليه وسلم؟‬

‫❑‬
‫ا‬
‫منقوًل نقل الكافة عن الكافة‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫يوما بيوم‬ ‫• وكأن اإلسالم حضارة بائدة‪ ،‬وليس تاريخا‬
‫من زمن البعثة النبوية إىل يومنا هذا!‬
‫• اإلسالم الذي رشف هللا به األرض‪.‬‬

‫‪ ‬اإلسالم الذي أنشأ حضارة‪ :‬الحضارة اإلسالمية‪.‬‬


‫ر‬
‫المستشقون اللقطاء يتعاملون مع حضارتنا وتاريخنا وكأننا غت موجودين‪.‬‬ ‫• فهؤالء‬
‫ر‬
‫لالستشاق المتعصب الجاهل‪.‬‬ ‫ر‬
‫المستشقون نموذج‬ ‫• هؤالء‬
‫ن‬
‫• فهؤالء نار الحقد تأكل قلوب هم‪ ،‬فتيدون تشكيكنا يف تاريخنا وكعبتنا وقرآننا وديننا‬
‫بأية صورة‪ ،‬وبأي ثمن‪.‬‬
‫ر ن‬ ‫ن‬
‫الن يف مكة‬‫يستوقفن أن داود عليه السالم تحدث عن الكعبة ي‬
‫ي‬ ‫• والعجيب والذي‬
‫المكرمة ن يف كتبهم‪.‬‬
‫يستدع األمر‪.‬‬ ‫حن دينهم ن‬
‫حي‬ ‫• لكنهم ُيخفون ر‬
‫ي‬

‫‪618‬‬
‫‪‬‬

‫ً ن‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫نَ ن َ ْ َ َ ً ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ي ِ يف بي ِتك‪ ،‬أبدا ي َسبحونك‪ِ .‬سًله‪ :‬يسبحون هللا‪ ،‬ويصلون له أبدا يف‬‫‪ ‬طوب ِللس ِاك ِن‬
‫بيته هذا!‬
‫‪ ‬أين مكان هذا البيت؟ هل هو في الهيكل اليهودي الذي انتهى من‬
‫الوجود؟ أم في مذابح النصارى التي دخلتها الشركيات واأليقونات والتماثيل؟‬
‫‪ ‬نُكمل قراءة المزمور لنعرف مكان هذا البيت‪:‬‬
‫ُ ْ َ ُ ُ ُ َْ َ ن ُُ‬ ‫ُ َ َُ‬
‫وب ِه ْم‪ :‬تهوي إليه قلوب هم‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲂﲃ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ف‬
‫ِي‬ ‫ك‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫ق‬‫ر‬‫ط‬ ‫‪.‬‬ ‫ك‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ز‬‫ع‬‫ِ‬ ‫اس‬ ‫ن‬‫‪ ‬طوب ِأل‬

‫ﲄﲅﲆﲇ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣7‬سورة إبراهيم‪.‬‬


‫َّ‬
‫ين ِ ن يف َو ِادي بكة‪ :‬البيت ن يف وادي بكة!‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬ع ِاب ِر‬
‫َ ْ‬
‫• إذن مكان البيت ن يف وادي بكة!!!‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﱠ ﴿‪ ﴾٩6‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫• هذا النص وحده كفيل للباحث عن الحق بإنصاف من أهل الكتاب أن يتبع هذا‬
‫الدين "اإلسالم" بال تردد!‬
‫• فبيت الرب سيكون ن يف وادي بكة‪.‬‬
‫ُ َ ُ َ ُ َُْ ً‬
‫وعا‪ :‬ينبوع ماء زمزم‪.‬‬ ‫‪ ‬يصتونه ينب‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُ ُ‬
‫تعن سيصبح به ينبوع بعد أن لم يكن به ماء‪ ...‬كان واديا غت ذي‬ ‫‪ ‬وكلمة يصتونه‪ :‬ي‬
‫زرع‪:‬‬
‫ﭐﱡﭐﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣7‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫التجمة العربية مكتوبة هكذا‪" :‬وادي البكاء"‪.‬‬ ‫• ولكن لألسف كلمة "وادي بكة" نف ر‬
‫ي‬
‫• وال أدري أين عىل وجه األرض كلها مكان بهذا االسم‪" :‬وادي البكاء"!‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• ال وجود لكلمة "وادي البكاء" ال عىل الخريطة يف كل األرض‪ ،‬وال يف أية نسخة‬
‫معتمدة من التوراة‪.‬‬
‫ن‬
‫• كل النسخ المعتمدة من التوراة يف العالم تقول‪" :‬وادي بكة" وليس "وادي البكاء"!‬

‫‪619‬‬
‫• لكن لألسف نف ر‬
‫التجمة العربية جعلوها‪ :‬وادي البكاء‪.‬‬ ‫ا ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫• انظر مثًل ألكت نسختي معتمدتي من التوراة يف العالم نسخة ‪New‬‬
‫‪ International Version‬ونسخة ‪King James Version‬‬

‫• كالهما فيهما‪ Valley of Baca :‬وادي بكة‪ ،‬وليس وادي البكاء‪.‬‬


‫• وال ‪ B‬كابيتال‪ :‬اسم مكان‪ ...‬وادي بكة‪.‬‬
‫ا‬
‫سواء النسخ‬ ‫الشق األوسط من التوراة؛‬ ‫غالبا إال نف ُن َسخ ر‬
‫• لن تجد كلمة وادي البكاء ً‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫العربية أو النسخ اآلرامية‪ ،‬أما كل النصوص المعتمدة يف كل المراجع الكتابية يف‬
‫مطبقة عىل أنها وادي بكة‪ ،‬وليس وادي البكاء!‬
‫ِ‬ ‫فه‬
‫العالم ي‬

‫ُ‬
‫• فبيت الرب سيكون ن يف وادي بكة‪.‬‬
‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫• لل ِذي ِب َبكة‪.‬‬
‫‪620‬‬
‫المقدس سيكون نف ر‬
‫الشق‬ ‫❑ لألسف أهل الكتاب يخفون الحق‪ :‬فطالما أن الكتاب ُ‬
‫ُ‬
‫ي‬
‫َ ْ‬
‫األوسط‪ ،‬وسيطلع عليه المسلمون ويحتجون به علينا؛ إذن يغتون الكلمة من وادي بكة‬
‫بساطة!‬
‫ٍ‬ ‫إىل وادي البكاء بكل‬
‫أهل الكتاب بالعذاب الشديد؛ لما يقومون به ر‬
‫حن‬ ‫• ولذلك توعد ُ‬
‫هللا ‪-‬عز وجل‪َ -‬‬
‫إخفاء للحق!‬
‫ٍ‬ ‫يومنا هذا من‬
‫‪ ‬فقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜ‬
‫ﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﱠ﴿‪ ﴾1٥٩‬سورة البقرة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ ْ‬
‫• ﭐإن الذين يخفون ما أنزلنا من اآليات الواضحات الدالة عىل نبوة محمد ﷺ وما جاء‬
‫ُ‬
‫جميع الخليقة‪)٥٠6(.‬‬ ‫به‪ ،‬أولئك يطردهم هللا من رحمته‪ ،‬ويدعو عليهم باللعنة‬
‫‪ ‬وقال عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞ ﲟ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾174‬سورة‬
‫البقرة‪.‬‬
‫‪ ‬إن الذين ُي ْخفون ما أنزل اهلل في ُك ُتبه من صفة محمد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وغير ذلك من الحق‪ ،‬ما مصيرهم؟ ﭐﱡﭐﲶﲷﲸﲹﲺ‬

‫ﲼﲾﲿﳀﳁﱠ ﴿‪ ﴾17٥‬سورة البقرة‬ ‫ﲽ‬ ‫ﲻ‬


‫• ما أشد ُجرأتهم عىل النار!‬
‫• يكتمون البيت الحرام ن يف وادي بكة‪ ،‬فيجعلونها‪ :‬وادي البكاء!‬

‫السالم‪ًّ :‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬نعود لتكملة مزمور داود عليه‬
‫ُ َ ُ َ ُ َُْ ً‬ ‫َ ن‬ ‫َ‬
‫وعا‪ :‬كان واديا جافا‪.‬‬ ‫‪ ‬ع ِاب ِرين ِ يف َو ِادي بكة‪ ،‬يصتونه ينب‬
‫❑ وقد ورد بالفعل وادي بكة الجاف في لفظ التوراة‪:‬‬

‫‪ dry valley of Baca ‬ﱡﭐ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ‬

‫ﱾﱠ ﴿‪ ﴾٣7‬سورة إبراهيم‪.‬‬


‫‪ ‬فماذا حصل بعد ُ‬
‫سكناهم؟‬

‫)‪ (506‬التفسير الميسر‪.‬‬


‫‪621‬‬
‫ُ َ ُ َ ُ َُْ ً‬
‫وعا‪ :‬كما قلنا ستظهر ن‬
‫عي زمزم!‬ ‫‪ ‬يصتونه ينب‬

‫أي ملحد يستمع لهذه البشارات‪ ،‬ويكتم الحقَّ ويتجاهله‪ ،‬ويجحد ما أنزل‬
‫ُّ‬
‫الله‪ ،‬فال يقلُّ جرمًا عن اليهودي والنصراني الذي جحد الحق بعدما ظهر له!‬

‫والمالئكة‬ ‫تبي له الحق‪ ،‬فعليه لعنة هللا‬ ‫فمن ينكر حقيقة نبوة محمد ﷺ بعدما ن‬ ‫• َ‬
‫ِ‬
‫ن َ َ ْ َ ُ َّ ُ ْ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ً َ ْ ا‬
‫رصفا َوًل َعدًل‪.‬‬ ‫والناس أجمعي ًل يقبل اَّلل ِمنه يوم ال ِقيام ِة‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫المستشقون يسلم بحقيقة بيت هللا يف مكة‪ ،‬لكنهم‬ ‫• فالكتاب الذي يؤمن به هؤالء‬
‫ت‪ ،‬يخفون الحق بعدما ن‬ ‫َ ْ ٌ ُُ ٌ‬
‫تبي‪.‬‬ ‫قوم به‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪622‬‬
‫‪ -190‬يقول بعض الملحدين‪ :‬دعوت فلم ُيستجب لي‪ ،‬فلماذا تتأخر إجابة الدعاء؟‬

‫‪‬وبعضهم يسخر قائ ًلا‪ :‬دعوتم على إسرائيل كثيرًا فهل تغير شيء؟‬

‫ج‪ :‬ن يف الحديث الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم ن يف صحيحيهما عن الثالثة الذين‬
‫آواهم المبيت إلى الغار‪ ،‬فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار‪.‬‬

‫تتح‬‫• بدأ كل واحد من هؤالء الثالثة يدعو هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬بخت ما كان يعمل‪ ،‬فلم ن ن‬
‫ا‬
‫عمل‬
‫ٍ‬ ‫من‬ ‫موا‬ ‫قد‬ ‫ما‬ ‫وجميل‬ ‫‪،‬‬ ‫إيمانهم‬ ‫قوة‬ ‫عىل‬ ‫منهم‬ ‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫مع‬ ‫قليًل‬ ‫الصخرة إال‬
‫صالح‪ ،‬ومع الدعاء المستمر‪.‬‬

‫حن الصباح ر‬
‫اللي ر‬ ‫ً‬
‫واقفا بإناء ن‬ ‫ًّ‬ ‫‪ ‬فأوَّلُهم‪ :‬كان ًّ‬
‫ليشبا منه‪.‬‬ ‫بارا بوالديه جدا إىل درجة أنه ظل‬

‫‪ ‬والثاني‪ :‬انرصف عن الزنا بعد أن تهيأت له أسبابه‪.‬‬


‫ُ‬
‫لسنوات‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫األجرة‬ ‫هذه‬ ‫حفظ‬ ‫‪...‬‬ ‫عنده‬ ‫يعمل‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫العامل‬ ‫جرة‬‫أ‬ ‫‪ ‬والثالث‪ :‬حفظ‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫ه‪.‬‬
‫ونماها له حن أصبحت جباًل من الكنوز‪ ،‬وأداها للعامل كما ي‬
‫ا‬ ‫• والشاهد من هذا الحديث أن الصخرة لم ن ن‬
‫واحد منهم‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫دعوة‬ ‫مع‬ ‫قليًل‬ ‫تتح إال‬
‫ومع انتهاء دعاء الثالثة انزاحت الصخرة فخرجوا يمشون‪.‬‬
‫• فالدعاء يحتاج لألخذ باألسباب‪ ،‬وقد يحتاج ألعمال إيمانية‪.‬‬
‫ومن بعدهم من السلف الصالح كانوا يدعون هللا وهم عىل ظهور الخيل‪،‬‬ ‫• فاألنبياء َ‬
‫وقد أخذوا باألسباب‪ ،‬وبذلوا جهدهم‪.‬‬

‫عاما من العمل والجد والكد‪.‬‬ ‫‪ ‬ونوح عليه السالم دعا ربه بعد ‪ً ٩٥٠‬‬
‫ً‬ ‫ْ ُ ن ْ َ ْ ُ‬
‫ب لك ْم}‪ ،‬لكن قال أيضا‪َ { :‬وأ ِعدوا}‪.‬‬ ‫‪ ‬فاهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬قال‪{ :‬ادع ِ ي‬
‫وب أست ِج‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫وادع هللا عز وجل‪.‬‬ ‫• فخذ باألسباب‬
‫ً‬
‫• فالدعاء يشمل المسألة والطلب‪ ،‬ويشمل أيضا األخذ‬
‫تقتض حصول المطالب‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫الن‬
‫ي‬ ‫باألسباب ي‬

‫‪623‬‬
‫‪ ‬لذلك قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫• وهناك معاص تمنع من إجابة الدعاء مثل‪ :‬األكل الحرام‪.‬‬

‫‪‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫• فعىل المسلم أن يتحرى المال الحالل‪.‬‬


‫• وكذلك عىل المسلم أن يتأدب نف الدعاء مع هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬فيدعوه ن‬
‫بترصع‪ ،‬قال‬ ‫ي‬
‫هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﱠ ﴿‪ ﴾٥٥‬سورة‬
‫األعراف‪.‬‬
‫ٌ‬
‫• ولذلك فالدعاء باختبار هلل كما يفعل الملحد هو اعتداء وليس دعاء‪ ،‬وهللا ال يحب‬
‫ْ ُ َْ َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ُ َ ُ‬
‫المعتدين‪ِ { :‬إنه ًل ي ِحب المعت ِد‬

‫‪ ‬والمسلم ال يتعجل إجابة الدعاء‪ ،‬قال ي‬


‫الننﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬ولما دعا موش وهارون عىل فرعون قال هللا لهما‪ :‬ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﱂ ﱃ ﱄ‬
‫ﱅ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾8٩‬سورة يونس‪.‬‬

‫❑ مع أن هالك فرعون وشيعته حصل بعد هذا الدعاء بزمن‪.‬‬


‫ا ن‬
‫‪‬كذلك دعا إبراهيم ربه أن يبعث رسوًل يف مكة‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱤﱥﱦﱧ ﱨﱩ‬

‫ﱯﱱﱲﱳﱴﱠ‬
‫ﱰ‬ ‫ﱪﱫﱬﱭﱮ‬
‫﴿‪ ﴾12٩‬سورة البقرة‪.‬‬

‫(‪ )507‬صحيح الترمذي‪ ،‬ح‪.2969:‬‬


‫(‪ )508‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1015:‬‬
‫(‪ (509‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.6340:‬‬
‫‪624‬‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫• وقد بعث ي‬
‫النن ﷺ بعد هذا الدعاء بزمن طويل جدا‪.‬‬
‫من شاء‪،‬‬‫• فنحن ندعو هللا عز وجل‪ ،‬وهو سبحانه يجيب عباده بحكمته وعلمه‪ ،‬ر‬
‫وكيف شاء‪.‬‬
‫• فعلينا الدعاء واألخذ باألسباب والرضا بقضاء هللا‪ ،‬وحسن الظن باهلل‪ ،‬وهذا حال‬
‫المسلم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫الصالحي‪ ،‬وبستان‬ ‫الحكمة من تقدير هللا‪ :‬وتدبر الحكمة هذا رياض‬ ‫• وتدبر دائما ِ‬
‫ن‬
‫العارفي‪ ،‬فقد يكون البالء أكت خت تتخيله العقول‪.‬‬
‫• انظر كمثال لحجم التسليم هلل‪ ،‬والتسليم لقضاء هللا وأقدار هللا‪ ،‬وتدبر حكمة هللا‬
‫لما رأى الصحابة األحزاب‪ :‬ﭐﱡﭐﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖﳗﳘﳙ‬
‫ﳜﳞﳟﳠﳡﳢﱠ ﴿‪ ﴾22‬سورة األحزاب‪.‬‬
‫ﳝ‬ ‫ﳚﳛ‬
‫• رأب األحزاب لقتال الصحابة‪ ،‬ولم يكن إال خندق ليعتوه‪.‬‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬ ‫• ن‬
‫وينته كل ي‬ ‫ي‬ ‫بمتان الدنيا أيام قليلة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ َ‬
‫‪‬فقال الصحابة‪ :‬ه ٰـذا َما َو َعدنا الل ُه َو َر ُسول ُه‪.‬‬

‫• موقف من التسليم هلل‪ ،‬وتدبر لحكمة هللا يتوقف عنده الزمن‪.‬‬


‫ﱭﱯ‬
‫ﱮ‬ ‫‪ ‬فماذا كانت النتيجة‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱥﱦ ﱧﱨﱩﱪﱫﱬ‬

‫ﱰﱱﱲﱳﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة األحزاب‬


‫ا‬
‫• أنزل هللا آية عظيمة زلزلت األحزاب‪ ،‬وجعلتهم يهربون بال عودة‪.‬‬
‫ن‬
‫• لذلك كان هذا المجتمع مجتمع الصحابة أقرب المجتمعات للكمال يف تاري خ‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫اضيا ً‬
‫دوما بأقدار هللا‪ ،‬ولو كانت عىل غت ما ترجو‪ ،‬أو عكس ما ترجو‪.‬‬ ‫• فكن ر ً‬
‫ر‬
‫شء يحصل‪ ،‬إنما يحصل بعلم هللا‪ ،‬وإرادة هللا‪ ،‬ومشيئة هللا‪ ،‬وقدرة‬ ‫‪ ‬واعلم أن كل ي‬
‫هللا‪ ،‬وتقدير هللا‪ ،‬وحكمة هللا‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱩﱪﱫﱬﱭﱮ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾112‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲻﲼﲽﲾﲿ ﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الفرقان‪.‬‬


‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫• فكن مطمئنا‪.‬‬

‫‪625‬‬
‫‪‬ﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ ﱜ ﱝ ﱞ‬
‫ﱟﱠ ﴿‪ ﴾11‬سورة التغابن‪.‬‬

‫• نحن نحتاج أن نتدبر هذه اآليات كل يوم‪.‬‬


‫ْ‬
‫• فكل تقدير هللا فيه كمال الخت‪ ،‬وكمال الحكمة‪ ،‬وإن كان عىل غت ما ترجو وتدعو‪.‬‬
‫ُ‬ ‫• انظر لحال األمة زمن اجتياح ر‬
‫قرن‬
‫ٍ‬ ‫بعد‬ ‫لحالها‬ ‫وانظر‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫مة‬‫أل‬ ‫التت المغول‬
‫واحد!‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫سلىم اليوم‬
‫ي‬ ‫الماليي من م‬ ‫للمسلمي كان أكت فتح‪ ،‬فمئات‬ ‫• فالذي ظنه الناس هالكا‬
‫من ر‬
‫التت!‬
‫‪‬يقول ابن األثت ن يف كتابه الكامل ن يف التاري خ زمن اجتياح المغول‪:‬‬

‫ن‬
‫والمسلمي‪.‬‬ ‫• كان ابن األثت يتخيل أن اجتياح ر‬
‫التت نهاية اإلسالم‬
‫ن‬
‫• ولم يكن يعرف أنه أمام أكت فتح يف تاري خ اإلسالم‪ ،‬وإن بدا أكت مصيبة‪ ،‬فقد‬
‫ً‬
‫أفواجا‪.‬‬ ‫التت بدين اإلسالم‪ ،‬ودخل ملوكهم وشعوب هم فيه‬ ‫ُأعجب ر‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫• وما تركستان والتكمان والقتغت واألوزبك وأذربيجان ِ‬
‫والقرم واألتراك إال من نسل‬
‫ر‬
‫التت!‬
‫َّ‬
‫• فكثت منا يتألم لمصاب ثم يكتشف أنه أكت خت‪.‬‬
‫ن‬
‫لحادث‪ ،‬ثم نعود فنضحك أو نغتبط بما كسبناه‬ ‫ٍ‬ ‫• ونحن يف حياتنا القريبة قد نبك‬
‫منه بعد فواته‪.‬‬
‫• لذلك نحن ندعو وهللا يقدر الخت‪ ،‬وقد يكون الخت ن يف غت ما ندعو‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ولذلك رشعت االستخارة وفيها نقول‪:‬‬

‫َ‬
‫دعاء كل إنسان بما يهوى لفسدت السماوات واألرض‪ ،‬قال هللا عز‬ ‫❑ولو أجاب هللا‬
‫وجل‪:‬‬
‫ﱡﭐﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾71‬سورة المؤمنون‪.‬‬
‫ا‬
‫• فهناك من يرجو أن يصت أقوى رجل‪ ،‬وآخر يرجو أن يحوز جباًل من ذهب‪ ،‬وثالث‬
‫يرجو أن يهلك كل عدو له‪ ،‬ورابع يرجو أن يكون أنعم أهل األرض‪.‬‬
‫• فهناك دعوات بها تفسد السماوات واألرض‪ ،‬ويختل بها ناموس السماوات واألرض‪.‬‬

‫(‪ (510‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.1162:‬‬


‫‪626‬‬
‫• هللف ن ن‬
‫سي كونية نافذة‪.‬‬
‫ي الدنيا واآلخرة‪ ،‬وهللا بحكمته ُيقدر ما هو خت‪.‬‬ ‫َ‬
‫• لذلك فأنت فقط تدعو بخت ِ‬
‫كافرا‪ :‬ﱡﭐﲧﲨﲩﲪ‬
‫‪ ‬وعلينا أن نعلم أن هللا يجيب دعاء المضطر ولو كان ً‬

‫ﲫﲬﲭﱠ ﴿‪ ﴾62‬سورة النمل‪.‬‬

‫• وليس أحد عىل وجه األرض إال جرب دعاء المضطر!‬


‫ُ ن‬ ‫ر‬
‫غريب ألم يب‪ ،‬وذهبت لكبار أستاذة‬
‫ٍ‬ ‫الن قضيتها يف مرض‬‫الشهور ي‬ ‫• وال أنش تلك‬
‫تضخما ر‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫بكتة الفحوصات‬ ‫الطب‪ ،‬ثم ال أزداد إال حتة‪ ،‬وال تزداد األعراض إال‬
‫ر‬
‫والهولت‪.‬‬ ‫واألجهزة‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫لرب لجوء المضطر‪ ،‬وإذا يب أنطلق إىل أحد المراجع‬‫ليلة ي‬
‫أب لجأت يف ٍ‬ ‫• وأذكر وهللا ي‬
‫مرص‪.‬‬‫الطبية ألفتحه‪ ،‬ووهللا فتحت المرجع عىل تشخيص ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫عن كل ما أجد‪.‬‬ ‫• وكان العالج حبة برشام واحدة‪ ،‬أذهب هللا بها ي‬
‫‪ ‬فمن َّ‬
‫منا لم يُجرِّب دعاء المضطر؟‬
‫‪ ‬من َّ‬
‫منا لم يلجأ لربه فينقذه في لحظة انقطاع كل السبل؟‬
‫‪ ‬من َّ‬
‫منا ولو كان ملح ًدا لم يقل‪ :‬يا رب‪ ،‬في لحظة ضيق عظيمة‪،‬‬
‫ويُستجاب له بأعجب مما يتصور‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ر‬
‫• منذ أكت من عام تواصلت ي‬
‫مع ملحدة تونسية وقالت يىل إنها من عائلة شيوعية‬
‫ملحدة‪.‬‬
‫• وال تفكر ن يف الدين وال يعنيها‪.‬‬
‫ن‬
‫الشهادتي‪.‬‬ ‫• ثم بعد أيام أرسلت يىل تنطق‬
‫• فتعجبت من حالها‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ ن‬
‫• فقالت يىل‪ :‬حصلت حادثة كبتة‪ ،‬ولم يبق ي‬
‫اب‪.‬‬ ‫ن‬
‫رب ونج ي‬
‫بين وبي الموت إال الدعاء‪ ،‬فدعوت ي‬
‫• العجيب أن الفتاة نفسها عادت لإللحاد بعد هذا األمر بشهور‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄ‬

‫ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾67‬سورة اإلشاء‪.‬‬
‫• فكلنا يعرف دعاء المضطر‪ ،‬وكلنا يوقن أن هللا قريب‪ ،‬وأنه يجيب لحظة الضيق!‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ن ْ‬ ‫ُ‬
‫مجيب سبحانه‪.‬‬ ‫قريب‬ ‫وترصع إليه‪ ،‬فهو‬ ‫• فادع هللا‪،‬‬

‫‪627‬‬
‫‪ -191‬لماذا هناك نعيم بالنساء في الجنة ‪-‬عَالقة بين الرجل والمرأة في الجنة؟‬

‫‪ ‬أليس من المفترض أن الجنة مكان طاهر؟‬


‫ن‬
‫وثن قديم‪.‬‬ ‫ج‪ :‬مصدر هذه الشبهة هو تصور‬
‫أوروب ي‬
‫ي‬
‫بي الرجل‬‫بي الرجل والمرأة‪ ...‬الجماع ن‬ ‫العالقة ن‬ ‫• حيث كان يتصور األوروبيون أن َ‬
‫قذر‪.‬‬‫مستهجن ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وزوجته ٌ‬
‫حقت‬ ‫أمر‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫• ولذلك كانت اآللهة الوثنية ر‬
‫الشكية يف الثقافة األوروبية القديمة تنجب بدون‬
‫ِجماع‪.‬‬
‫ن‬
‫• وظلت هذه الفكرة المتخلفة مستقرة ف العقل األوروب إىل ن‬
‫حي دخول المسيحية‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫إىل أوروبا‪ .‬ولألسف تأثرت الكنائس الغربية بهذه الفكرة‪ ،‬فاستقرت هذه الفكرة‬
‫حن الساعة!‬ ‫نف العقل األوروب ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫شء ‪.Dirty‬‬ ‫• وإىل اليوم ينظر للجماع عىل أنه ي‬
‫ن‬
‫الزوجي بأقل قدر‬ ‫• وعىل هذا األساس تطلب المسيحية أن يكون الجماع ن‬
‫بي‬
‫ممكن‪)٥11(.‬‬

‫• ولو استشعر الزوجان الرغبة والشهوة فهذه خطية‪)٥12(.‬‬


‫ن‬ ‫العالقة ن‬ ‫• وما زالت هذه الصورة عن َ‬
‫األوروب‬
‫ي‬ ‫بي الرجل وزوجته مستقرة يف العقل‬
‫حن الساعة‪.‬‬ ‫ر‬
‫َّ‬
‫الجنش‪،‬‬
‫ي‬ ‫ر‬‫التحر‬ ‫نحو‬ ‫عنيفة‬ ‫فعل‬ ‫ة‬ ‫ورد‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬‫كثت‬ ‫إشكاالت‬ ‫الصورة‬ ‫هذه‬ ‫دت‬ ‫ول‬ ‫• وقد‬
‫واإلباحية الجنسية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الدين‪ ،‬ويجد فيه أن‪ :‬الجنة بها‬ ‫ي‬ ‫فيأب ملحد متأثر بالثقافة األوروبية‪ ،‬فيقرأ النص‬ ‫• ي‬
‫نعيم بالنساء‪ ،‬فيتعجب!‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫وف كل‬‫• النعيم بالنساء‪ ،‬والعالقة بي الرجل وزوجته هذه العالقة يف اإلسالم‪ ،‬ي‬
‫طاه ٌر‪ ،‬وليس فيها ما ُيتقذر منه‪.‬‬ ‫شء ِ‬
‫الشائع السماوية ه ر ٌ‬
‫ي ي‬
‫ر‬
‫طاهر ر ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ش ٌء‬ ‫ر‬
‫نف‪ ،‬ومن أطهر الملذات‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فه ي‬ ‫• ي‬
‫العالقة ن‬ ‫• ليس ف َ‬ ‫ن‬
‫بي الرجل وزوجته ما يدعو للشعور بالذنب أو العقدة النفسية‬ ‫ي‬
‫الغرب‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الموجودة يف متاث العقل‬
‫ن‬
‫• ويمكن للرجل يف اإلسالم أن يجامع زوجته وقتما أحب وبأي ٍ‬
‫عدد أرادا‪.‬‬
‫وي َسن أن يذكر هللا قبل الجماع‪.‬‬ ‫ُ‬
‫• بل‬
‫بي ِذكر هللا ن‬
‫وبي الجماع‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫تعارض ن‬ ‫❑ فليس هناك‬
‫‪(511) Thomas‬‬ ‫‪Sanchez, theologian.‬‬
‫)‪(512‬‬ ‫‪S. Geronimo, theologian.‬‬
‫‪628‬‬
‫ً‬
‫شيئا ً‬
‫األوروب‪.‬‬
‫ي‬ ‫العقل‬ ‫ر‬‫يتصو‬ ‫كما‬ ‫ا‬
‫قذر‬ ‫❑ فالجماع ليس‬
‫ُ َ‬ ‫ن‬
‫ؤجر الرجل بجماع زوجته‪.‬‬ ‫❑ بل يف اإلسالم ي‬

‫‪‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫فه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ر‬


‫فكل الشائع السماوية تقوم عىل طهارة هذه العالقة الجنسية بي الرجل والمرأة‪ ،‬ي‬
‫عالقة طاهرة‪ ...‬عالقة راقية‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ﲔﲕﲖ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣8‬سورة الرعد‪.‬‬


‫ن‬
‫• واألنبياء يف الكتاب المقدس عليهم الصالة والسالم كانت لهم زوجات كثتات‪،‬‬
‫فليس ن يف الزواج الطاهر ما َيعيب‪.‬‬
‫عقىل وال مانع‬ ‫بي الرجل وزوجته‪ ،‬هذا ال مانع‬ ‫• ولذلك ففكرة أن الجنة فيها َعالقة ن‬
‫ي‬
‫ع يمنع منه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫رش‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫حن نتعجب من كونها‬ ‫حتقرة ر‬ ‫بي الرجل وزوجته ليست ُمستهجنة وال ُم‬ ‫فالعالقة ن‬‫• َ‬
‫موجودة ن يف الجنة‪.‬‬
‫بي الرجل وزوجته أديا‬ ‫العالقة ن‬ ‫• لألسف احتقار االستمتاع بما أحل هللا‪ ،‬واستهجان َ‬
‫الغرب اليوم‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫لظهور مشاكل أخالقية ال حرص لها يف الواقع‬
‫ُّ‬
‫• سبحان هللا من ُيحرم الحالل الطيب عىل نفسه ُيبتىل بتسلط الحرام‪.‬‬
‫ًّ‬
‫اجتماعيا‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫جنسيا‪ ،‬وسوية‬ ‫ًّ‬
‫نفسيا‪ ،‬وسوية‬ ‫يعًط حياة سوية‬ ‫• اإلسالم‬
‫ي‬
‫ن‬
‫عفيف‪ ،‬فهو أمر ال يدعو ألي احتقار أو استهجان‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫• والجماع طالما كان يف زواج طاهر‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1006 :‬‬ ‫(‪(513‬‬

‫‪629‬‬
‫‪ -192‬قد يستشكل ملحد ويسأل‪ :‬كيف يوجد نعيم مادي في الجنة؟‬
‫ٌّ‬
‫عقىل من نعيم الجنة‪.‬‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬ال يوجد ٌ‬
‫مانع‬
‫ي‬
‫َ نٌ ْ‬ ‫ن‬
‫ي َرأت‪،‬‬‫عقىل من أن يكون يف الجن ِة ما ال ع‬‫ي‬ ‫فال يوجد مانع‬
‫ش‪٥14.‬‬
‫َ‬ ‫وال ُأ ُذ ٌن سم َعت‪ ،‬وال خط َر عىل قلب ب ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫فهذا فضل هللا يؤتيه عباده الذين اتق ْوا‪.‬‬

‫يؤتيه عباده الذين لم ينغمسوا ن يف الكفر‪.‬‬

‫• يؤتيه عباده الذين لم يرتكبوا الفواحش‪ ،‬وصانوا أنفسهم‪.‬‬


‫ا‬
‫• يؤتيه عباده الذي إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا هللا فاستغفروا‬
‫ومن يغفر الذنوب إال هللا ولم ُي ِرصوا عىل ما فعلوا‪.‬‬ ‫لذنوب هم‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫• يؤتيه عباده الذين يخشون رب هم ن يف الش والعلن‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فضل من هللا‪.‬‬ ‫• فنعيم الجنة‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫• والغريب أن أكت الناس استهجانا لنعيم الجنة هم من تركوا دين هللا وارتدوا؛‬
‫الن يستهجنونها‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ليحصلوا هذه النعم ي‬
‫ر‬
‫نف طاهر‪.‬‬ ‫• ونعيم الجنة هو نعيم ي‬
‫ه َعالقة زواج عفيف طاهر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫• والعالقة بي الرجل والمرأة يف الجنة ي‬
‫ﭐ‪‬ﱡﭐﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱠ﴿‪ ﴾٥6‬سورة يس‪.‬‬

‫‪‬ﱡﭐﲖﲗﲘﲙﱠ ﴿‪ ﴾٥4‬سورة الدخان‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬


‫طاهر‪.‬‬ ‫عفيف‬ ‫❑ فهو زواج‬
‫‪ ‬وهنا قد يستشكل سائل فيقول‪ :‬لكن نعيم الجنة المذكور في القرآن‬
‫يرتبط في طبيعته وشكله بما نحتاج له في الدنيا وعلى األرض‪.‬‬
‫َ‬
‫األرص‪ ،‬فهذه مجرد ُمسميات لنستوعب‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬نعيم الجنة ال عالقة له بالنعيم‬
‫بها نعيم الجنة‪.‬‬
‫❑ كلها مجرد مسميات‪.‬‬
‫ٌ‬
‫محض‪ ،‬وال نعرف منه إال األسماء‪.‬‬ ‫ٌّ‬
‫غين‬‫إذ إن نعيم الجنة ي‬

‫ط َر علَى قَ ْلب بَش ٍَر‪ .‬متفق‬


‫ت‪ ،‬وال َخ َ‬ ‫ت‪ ،‬وال أُذُ ٌن َ‬
‫سم َع ْ‬ ‫ع ْي ٌن َرأ َ ْ‬ ‫َباركَ وت َعالَى‪ :‬أ ْع َددْتُ لعبادي ال َّ‬
‫صالحينَ ‪ ،‬ما ال َ‬ ‫(‪ )514‬قا َل َّ ُ‬
‫َّللا ت َ‬
‫عليه‪ ...‬البخاري‪ ،‬ح‪ ...4779 :‬ومسلم‪.2824 ،‬‬
‫‪630‬‬
‫‪ ‬وكما ورد ن يف أثر ابن عباس الصحيح‪:‬‬

‫ر‬ ‫َ‬ ‫ن‬


‫ع‬‫الذهن؛ ليفهم المخاطب بالنص الش ي‬‫ي‬ ‫ه مجرد أوصاف للتقريب‬ ‫• فأسماء النعيم ي‬
‫ن‬
‫معن الكالم‪.‬‬
‫• ونعيم الجنة هو نعيم الزواج الطاهر العفيف‪.‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الن ال تنفد‪.‬‬ ‫• وهو نعيم السعادة ي‬
‫الن ال حد لها‪ ،‬والنعم ي‬
‫• وهو نعيم األمان برضوان هللا‪.‬‬
‫ر‬
‫والمشوبات‪.‬‬ ‫• وهو نعيم أفضل المأكوالت‬
‫ن‬
‫• واألعظم من كل هذا‪ ...‬وأعظم لذة عىل اإلطالق يف الجنة ي‬
‫ه‪ :‬لذة النظر لوجه هللا‬
‫الكريم‪.‬‬

‫‪‬قال ي‬
‫النن ﷺ عن أهل الجنة‪:‬‬

‫❑ نسأل هللا أن يرزقنا الجنة‪ ،‬وأن يرزقنا لذة النظر إىل وجهه الكريم‪.‬‬

‫‪ ‬وهنا قد يقول قائل‪ :‬طبيعة نعيم الجنة في القرآن‪ ،‬وكأنها تحمل تصورًا بشر يًّا‪.‬‬
‫َ‬
‫المخاطب هم ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬ألن‬
‫• والمقصود بالخطاب هم ر‬
‫البش‪.‬‬
‫• والذين ُيطلب منهم تدبر اآليات هم ر‬
‫البش‪.‬‬
‫ْ‬
‫أن ر‬
‫يأب الخطاب اإلله بما يفهمه ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الطبيع‬
‫ي‬ ‫• فمن‬

‫‪ ‬تخيل لو قيل لنا إن في الجنة ‪-‬أسماء ال نفهمها‪ -‬هل بهذا يكون النعيم‬
‫بشريا؟‬
‫ً‬ ‫ليس تصو ًرا‬

‫‪‬‬

‫‪ ‬لماذا دائمً ا يوصف التصوُّ ر البشر ي من قبل الملحدين على أنَّه خطأ؟‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫( ‪ (515‬صحيح الترغيب والترهيب‪ ،‬ح‪.3769 :‬‬


‫( ‪ (516‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.181 :‬‬
‫‪631‬‬
‫‪ ‬لماذا دائمً ا توصف الرؤية البشرية على أنها رؤية غير صحيحة؟‬
‫الشء هو تصور ر‬
‫بشي‪ ،‬إذن فهو خطأ!!!‬ ‫بما أن هذا ر‬
‫ي‬
‫‪ ‬ما مصدر هذه المعادلة الغريبة؟‬

‫‪ ‬من أين تم استنباط هذه المعادلة؟‬


‫ِ‬
‫يصح ْ‬
‫أن يكون في عالم الغيب؟‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ‬لماذا يعتبر الملحد َّ‬
‫أن ما عند البشر ال‬

‫‪‬لماذا؟‬

‫‪ ‬هل عندهم كتاب يقول بهذا؟‬

‫‪ ‬هل عندهم اطالع على الغيب ليقرروا هذه الفكرة؟‬

‫بشي إذن هذا خطأ!!!‬ ‫• هذا تصور ر‬


‫ر‬
‫المفتض أن يخلو عالم الغيب من هذا ر‬
‫الشء!!!‬ ‫بشي‪ ،‬إذن من‬‫• هذا تصور ر‬
‫ي‬
‫• ر‬
‫البش يتحركون‪ ،‬إذن ففكرة أن المالئكة تتحرك ال تصح!!!‬

‫‪ ‬لماذا يحتقر الملحد التصور البشري‪ ،‬والصفات البشرية؟‬

‫‪ ‬وما المانع أن يكون ما في عالم البشر موجودًا بصورة أكمل في عالم‬


‫الغيب؟‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪632‬‬
‫‪ -193‬قد يسأل ملحد ويقول‪ :‬لكن عذاب النار شديد‪،‬‬
‫فهل يتكافأ هذا العذاب الشديد مع الكفر باهلل بضع سنوات؟‬

‫ً‬
‫والجواب‪ :‬لن يدخل الكافر النار‪ ،‬ولن يذوق شيئا من عذاب النار إال جزاء كفره‪.‬‬

‫• ولن ينال من العذاب إال بقدر كفره‪.‬‬


‫• فالنار ليست ً‬
‫ظلما‪ ،‬وليست عقوبة أعظم من الذنب‪.‬‬

‫ه‪ :‬ﱡﭐﲰﲱﱠ ﴿‪ ﴾26‬سورة النبأ‪.‬‬


‫‪ ‬بل ي‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬ولن ينال جز ااء أقش مما ر‬ ‫ُ‬
‫اجتحه‪.‬‬ ‫‪ ‬فمن يدخل النار لن يظلم‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱠ﴿‪ ﴾17‬سورة غافر‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﱠ سورة الزلزلة‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ‬

‫ﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱠ ﴿‪ ﴾47‬سورة األنبياء‪.‬‬

‫ٌ‬
‫مطلق‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫عدل ٌّ‬ ‫• فهو‪:‬‬
‫إله‬
‫ي‬
‫• إذن لن يدخل النار إال من يستحقها‪ ،‬ولن ُيعذب إنسان ن يف النار إال بما يستحق‪.‬‬
‫• فال تجعل كفر غتك واستحقاق الهالك لغتك مت ًرا لكفرك‪.‬‬

‫‪ ‬وال تجعل ما لم تحط بعمله حجة تكفر بها ببديهيات ما أحطت بعمله‪ :‬ﭐﱡﭐﲳﲴ‬

‫ﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﱠ ﴿‪ ﴾٣٩‬سورة يونس‪.‬‬

‫ً‬
‫‪ ‬فاعلم أن هللا لن يظلم أحدا‪.‬‬

‫ٌّ‬
‫حق‪ :‬ﭐﱡﭐﲸﳀﳁﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة ق‪.‬‬ ‫ن‬
‫للظالمي‬ ‫‪ ‬واعلم أن عذاب هللا‬

‫‪633‬‬
‫الكافر َ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫النار إال وقد امتأل قلبه بحمد هللا!‬ ‫‪ ‬واعلم أيضا أنه لن يدخل‬
‫َ‬
‫• نعم!‬
‫• لن يدخل الكافر النار إال وقد امتأل قلبه بحمد هللا عىل عدله‪ ،‬ولن يدخل النار‬
‫إال وقد علم أن مصته من جنس عمله‪ ،‬فقد رأى كمال عدل هللا ن يف ُحكمه‪.‬‬

‫ﲼﲿﳀﳁﳂﳃﳄﱠ﴿‪ ﴾٥2‬سورة‬
‫ﲽﲾ‬ ‫‪ ‬ﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﲻ‬
‫يس‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫ٌ‬
‫دليل عىل أنهم يف هذا‬ ‫‪ ‬ﲿﳀﳁﳂ‪ :‬لفظ الجاللة " ﳂ" يف هذا الموضع‬

‫حسب له كل‬
‫اليوم العظيم‪ ،‬سوف يرون من رحمة هللا ما ال يخطر عىل الظنون‪ ،‬وال ِ‬
‫الحاسبون‪)٥17(.‬‬

‫ﱎﱐﱑﱒﱠ﴿‪ ﴾1‬سورة سبأ‪.‬‬


‫ﱏ‬ ‫‪ ‬وقال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﱋﱌﱍ‬

‫• فلن يدخل الكافر النار إال وهو يحمد هللا عىل كمال عدله‪ ...‬يحمد هللا عىل أنه‬
‫ُ‬
‫عًط ما يستحق بال ظلم‪.‬‬ ‫أ ي‬

‫ﳑﳓﳔ ﳕﳖ ﱠ ﴿‪﴾7٠‬‬
‫ﳒ‬ ‫‪ ‬ﱡﭐ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳌ‬
‫ﳋﳍ ﳎﳏﳐ‬
‫سورة القصص‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (517‬تفسير السعدي لآلية الكريمة‪.‬‬


‫‪634‬‬
‫‪ -194‬هل توجد أدلة أركيولوجية أثرية على أنبياء بني إسرائيل كداود وسليمان؟‬

‫وهل توجد أدلة أركيولوجية على قصة خروج بني إسرائيل من مصر؟‬
‫ًّ‬
‫ج‪ :‬هذا النوع من األسئلة سخيف جدا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫• فاألنبياء ال ريتكون تماثيل وال معابد تروي تاريخهم‪.‬‬
‫ن‬
‫الوثنيي‪.‬‬ ‫• فالذي يقرأ التاري خ من خالل المعابد والتماثيل األثرية هو فقط يقرأ تاري خ‬
‫• فقد حذر األنبياء أشد التحذير من اآلثار واألوثان واألصنام‪ ،‬بل وحذروا من اتخاذ‬
‫قبورهم ً‬
‫أثرا‪.‬‬
‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫‪‬‬

‫وف الوصية الثانية من هذه الوصايا ر‬ ‫ن‬


‫العش‪ :‬ال يجوز اتخاذ الصور واألصنام واألوثان وأي‬ ‫ي‬
‫رسم منحوت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫‪ًَ ٣‬ل َي ُك ْن ل َك آل َهة أخ َرى أ َ‬
‫ْ‬
‫ام‪.‬‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ ُ َ َ ن َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ا َ ْ ُ ِ ًي َ َ ُ َ ا‬
‫ض ِمن‬
‫ك ِتمثاًل َمنحوتا‪َ ،‬وال صورة ما ِمما ِ يف السم ِاء ِمن فوق‪ ،‬وما ِ يف األر ِ‬ ‫‪ً 4‬ل تصنع ل‬
‫حت األ ْرض"‪)٥1٩(.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ت‪َ ،‬و َما نف ال َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫اء‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِي‬ ‫تح‬

‫حي ُسئل ماذا يفعل اإلنسان حتى يدخل الجنة؟‬


‫‪‬والمسيح عليه السالم ن‬
‫ر ُ‬
‫العش وتنفذها‪.‬‬ ‫‪‬فأجاب‪ :‬يجب أن تحفظ الوصايا‬

‫) ‪ (518‬مسند أحمد‪ ،‬ح‪ ،7352 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫( ‪ (519‬سفر الخروج‪ ،‬إصحاح ‪.20‬‬
‫‪635‬‬
‫ً‬
‫تماما اتخاذ التماثيل المنحوتة؛ ولذلك لو‬
‫ُ‬
‫ه تعاليم األنبياء‪ ،‬فهم يمنعون‬ ‫• فهذه ي‬
‫أردت البحث عن تاري خ األنبياء داخل المعابد فأنت تضلل نفسك‪.‬‬
‫‪ ‬لكن هل معنى ذلك أننا لن نعثر على أي شيء من خالل البحوث‬
‫األركيولوجية؟‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫رُ ن‬
‫‪‬والجواب‪ :‬ربما نعت يف األوراق واأللواح ي‬
‫الن كتبها غتهم عىل أدل ٍة‪ ،‬وهذا موجود‪.‬‬
‫ن‬ ‫فمثال‪ :‬نف قصة خروج ن‬
‫بن إشائيل من مرص‪ُ ،‬وجدت بعض اآلثار يف سجالت‬ ‫ي‬ ‫ً ي‬ ‫•‬
‫الن سبقت خروجهم من مرص‪.‬‬ ‫الفراعنة عىل البالءات ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫• فمن المعلوم أن قوم فرعون أصيبوا بالبالءات‪ :‬كالطوفان والجراد والقمل والضفادع‬
‫ن‬ ‫ر ا‬ ‫والدم قبل خروج ن‬
‫مباشة‪ ،‬وبالفعل ورد هذا األمر بالتفصيل يف بردية‬ ‫بن إشائيل‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫اكتشفت وما زالت محفوظة ر‬ ‫ُ‬ ‫ْأيبيور ‪ Ipuwer Papyrus‬ر‬
‫حن الساعة يف‬ ‫والن‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫متحف ليدن بهولندا‪.‬‬

‫ن‬ ‫• فهذه ْ‬
‫التدية تذكر اضطرابات عظيمة وقعت يف مرص‪ ،‬ومصائب حلت عليها قبل‬
‫ر ا‬ ‫ن‬
‫مباشة‪.‬‬ ‫بن إشائيل‬
‫خروج ي‬
‫ر‬
‫• وتصف التدية حال اإلمتاطورية المرصية ي‬
‫الن سحقتها كوارث عجيبة‪ ،‬وأوبئة‬
‫أودت بحياة كثت من الناس‪.‬‬

‫‪636‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫عقابا لقوم فرعون‪.‬‬ ‫الن أخت هللا بها يف كتابه أنها كانت‬ ‫• ي‬
‫وه نفس صورة الكوارث ي‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮ‬

‫ﱯ ﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱺﱻﱼ‬

‫ﱽ ﱾ ﱿ ﲀﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ‬
‫ﲌﱠ سورة األعراف‪.‬‬

‫‪)٥2٠(.River‬‬ ‫• وقد ذكرت هذه التدية كيف تحول النهر إىل دم ‪of Blood‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱠ﴿‪﴾1٣٣‬‬
‫سورة األعراف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫بالجدب‪)٥21(.‬‬ ‫• أيضا تحدثت التدية عن كيف أصيبت األرض‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﱡﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ‬
‫ﳌﱠ ﴿‪ ﴾1٣٠‬سورة األعراف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ه المقصودة بالقمل‬‫مهلكة غزت األرض‪ ،‬وربما تكون ي‬
‫ٍ‬ ‫ات‬
‫بحش ٍ‬ ‫• وأختت التدية‬
‫يف قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱠ ﴿‪﴾1٣٣‬‬
‫ن‬

‫سورة األعراف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫• وتناولت التدية مسألة هروب الخدم‪ ،‬والخدم عند الفراعنة يقصد بهم اليهود‪،‬‬
‫حاكيا عن فرعون‪ :‬ﱡﭐ ﲦﲧﲨﲩﲪﲫ‬ ‫ً‬ ‫قال هللا تعاىل‬
‫ﲬﲮﲯﲰﲱﱠ﴿‪ ﴾4‬سورة القصص‪.‬‬
‫ﲭ‬

‫‪(520) Ipuwer‬‬ ‫‪7:20‬‬


‫)‪(521‬‬ ‫‪Ipuwer 6:1‬‬
‫‪637‬‬
‫ر‬
‫والحىل الذي‬
‫ي‬ ‫الن لبسها الخدم ‪-‬اليهود‪ -‬من الذهب‬ ‫• بل وتحدثت التدية عن الزينة ي‬
‫ن‬
‫المرصيي ولم يردوه لهم‪)٥22(.‬‬ ‫أخذوه من‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫بن إشائيل أخذوا ح يىل القبط‪ ،‬وندموا بعد ذلك وألقوه‪ ،‬قال هللا‬ ‫• ومن المعلوم أن ي‬
‫بن إشائيل‪ :‬ﭐﱡﭐﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﳓ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫تعاىل حاكيا عن ي‬
‫ﳔﳕﱠ ﴿‪ ﴾87‬سورة طه‪.‬‬
‫التقرين نفسه‬ ‫ً‬
‫تقريبا ‪ 1٥٠٠‬ق‪ .‬م‪ .‬وهو الزمن‬ ‫• ومن الغريب أن زمن التدية هو‬
‫ي‬
‫لموش عليه السالم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫المرصيي القدماء لم يكونوا يوثقون يف معابدهم الكوارث‬ ‫• وال بد هنا أن نعلم أن‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫الن شهرت بآلهتهم‪ ،‬وما كانوا ليذكروا هزيمة جيوشهم‪ ،‬خاصة عىل يد خدمهم‪.‬‬ ‫ي‬

‫)‪(522‬‬ ‫‪Ipuwer 3:2‬‬


‫‪638‬‬
‫ُ‬
‫❑ فالمرصيون القدماء ما كانوا يسجلون‬
‫ن يف معابدهم إال االنتصارات‪.‬‬

‫‪ ‬لكن ترد هذه التدية العجيبة لتذكر‬


‫لنا هذه التفاصيل‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬أما عن انتصارات الفراعنة نرى يف‬
‫ن‬ ‫لوحة مرنبتاح‪ ،‬ر‬
‫والن توجد يف المتحف‬‫ي‬
‫المرصي بالقاهرة‪ ،‬كيف أن حملة الملك‬
‫بن إشائيل‬ ‫مرنبتاح توجهت إىل ن‬
‫ي‬
‫لمحاربتهم وانترصت عليهم‪.‬‬
‫ن‬
‫بن إشائيل‬ ‫‪ ‬وقد وردت كلمة ً ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بالحرف يف اللوحة‪ ،‬وتحديدا يف السطر‬
‫‪ 27‬من اللوحة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بن إشائيل يف الحملة‬ ‫‪ ‬فقد ورد ِذكر ي‬
‫الن انترصوا عليهم فيها‪.‬‬‫ر‬
‫ي‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫تقريبا؛ ألن مرنبتاح حكم من عام‬ ‫• كانت هذه الحملة يف حدود ‪ 12٠٠‬قبل الميالد‬
‫‪ 121٣‬ق‪.‬م إىل عام ‪ 12٠٣‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫• فالحملة كانت بعد خروج ي‬
‫تقريبا‪)٥2٣(.‬‬ ‫بحواىل ‪ ٣٠٠‬عام‬ ‫بن إشائيل من مرص‬
‫ي‬

‫(‪ (523‬القضية ال تزال مفتوحة‪ ،‬سلمى حسب هللا‪.‬‬


‫‪639‬‬
‫‪ ‬وهنا ننتقل للسؤال اآلخر‪ :‬هل توجد أد َّلة ماديَّة على ظهور نبي اسمه‬
‫إبراهيم عليه السالم؟‬

‫‪ ‬والجواب‪ :‬نعم!‬

‫مباش عىل وجود سيدنا إبراهيم عليه السالم‪.‬‬ ‫ر‬ ‫• فقلعة إبراهيم دليل مادي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وغليف‬
‫ي‬ ‫• فحصن إبرام أو قلعة إبراهيم أو مدينة إبراهيم الحصينة مذكورة يف نص هت‬
‫عىل جدار منحوت ن يف معبد آمون ن يف الكرنك باألقرص‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫• وقد ن‬
‫العاش قبل الميالد‪ ،‬ثم ورد‬ ‫بن داود أو سليمان هذا المكان يف النقب يف القرن‬
‫ذكره ن يف جدار معبد الكرنك باألقرص‪.‬‬
‫بت سبع‪ ،‬باسم حصن إبرام‪)٥24(.‬‬ ‫• والمرصيون القدماء كانوا يسمون مدينة ئ‬

‫‪ ‬سؤال ثالث‪ :‬هل توجد أدلة مادية على وجود مملكة داود عليه السالم؟‬

‫‪‬والجواب‪ :‬نعم!‬
‫ً‬
‫تقريبا‪ ،‬وهو‬ ‫• فنقش تل دان‪ ،‬وهو عبارة عن نقش أثري من القرن التاسع قبل الميالد‬
‫مكتوب باآلرامية‪ ،‬ويذكر كلمة مملكة داود بالحرف‪)٥2٥(.‬‬

‫)‪(524‬‬ ‫‪Randall Price, The Stones Cry Out, Chapter5, harvest house publishers, 1997, p.98.‬‬
‫ً‬
‫نقل عن كتاب‪ :‬القضية ال تزال مفتوحة‪ ،‬سلمى حسب هللا‪.‬‬
‫‪(525) Tel Dan Stele‬‬

‫‪And the arrow shows the word: David’s Dynasty.‬‬


‫‪640‬‬
‫ن‬
‫والباحثي عىل أن هذا النقش يتحدث‬ ‫ن‬
‫المحققي‬ ‫• وهناك اليوم شبه اتفاق ن‬
‫بي‬
‫بصورة واضحة عن مملكة داود عليه السالم‪.‬‬

‫ً‬
‫نبيا وملكا‪ :‬ﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ‬
‫• فداود عليه السالم كان ًّ‬

‫ﲚﱠ‬
‫• ﴿‪ ﴾2٥1‬سورة البقرة‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫الموآبيي‪ ،‬وهو نقش يعود للقرن التاسع قبل‬ ‫• وهناك نقش ميشع أو حجر‬
‫الميالد‪)٥26(.‬‬
‫ً‬
‫• ويذكر هذا النقش أيضا بيت داود عليه السالم‪.‬‬
‫ن‬
‫• وهو نقش من النقوش التاريخية الهامة‪ ،‬ويوجد اآلن يف متحف اللوفر بباريس‪،‬‬
‫ويذكر بيت داود‪ ،‬ونسل داود‪ ،‬وكان من نسل داود مملكة سليمان عليه السالم‪.‬‬

‫)‪(526‬‬ ‫‪The Mesha Stele, also known as the Moabite Stone.‬‬


‫‪641‬‬
‫‪ -195‬هل كل البشر أتوا من أُ ٍّم واحدةٍ؟‬

‫واحدة‪.‬‬ ‫البش يعودون ُأل ٍّ‬


‫م‬ ‫أربعي ً‬
‫عاما‪ ،‬وعلماء األحياء يؤكدون أن كل ر‬ ‫ن‬ ‫ج‪ :‬منذ ر‬
‫أكت من‬
‫ٍ‬
‫ن‬
‫• حيث أجرى العلماء من جامعة كاليفورنيا دراسات يف الجينوم الخاص‬
‫بالميتوكوندريا‪.‬‬
‫ه إحدى عضيات الخلية لها حمض نووي‬ ‫• ومن المعلوم أن الميتوكوندريا ر‬
‫والن ي‬
‫ي‬
‫تماما عن الحمض النووي الخاص بنواة الخلية‪.‬‬ ‫‪ DNA‬خاص بها‪ ،‬ويختلف ً‬
‫ن‬
‫• والسمة المدهشة يف الحمض النووي الخاص بالميتوكوندريا‪ ،‬أن ميتوكوندريا كل‬
‫تأب من األم فقط؛ وذلك ألن ميتوكوندريا الحيوان المنوي القادمة من األب‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫البش ي‬
‫ر ن‬
‫يبف يف الخلية‬ ‫يفقدها الحيوان المنوي لحظة دخوله جدار البويضة‪ ،‬فال‬
‫المخصبة سوى ميتوكوندريا األم فقط‪.‬‬
‫• ولذلك عندما يدرس العلماء الحمض النووي الخاص بالميتوكوندريا‪ ،‬فإنهم‬
‫يرصدون خط النسب من جهة األم‪.‬‬
‫الن اكتشفها العلماء أن خط النسب ينته نف كل ر‬
‫البش عىل‬ ‫ر‬ ‫• والمالحظة‬
‫ي ي‬ ‫العجيبة ي‬
‫ُ‬
‫وجه األرض إىل أم واحدة‪ ،‬وتمت تسميتها ب "حواء الميتوكوندريا"‪.‬‬

‫‪642‬‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫واحدة بحسب دراسة الحمض النووي الخاص‬
‫ٍ‬ ‫ننته يف النسب إىل أم‬
‫ي‬ ‫• فكلنا‬
‫بالميتوكوندريا‪.‬‬

‫ن‬
‫• وتستطيع اليوم أن تحدد درجة قرابتك بأي شخص آخر يف العالم‪ ،‬من الحمض‬
‫النووي الخاص بالميتوكوندريا لكليكما‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫• بل ويمكنكما تحديد عند أي جد انفصلتما‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪643‬‬
‫‪ -196‬هل حفريات الهومو الموجودة في متاحف األحياء‬
‫تمثل جد اإلنسان المعاصر على ُسلم التطور؟‬
‫ا‬
‫ج‪ :‬أوًل‪ :‬متاحف الحفريات أو متاحف األحياء‪ ،‬ال‬
‫ُ‬
‫تعرض فيها أية حفرية من حفريات الهومو عىل‬
‫اإلطالق‪.‬‬

‫فهذا ممنوع!‬
‫ٌ‬
‫أحد‪ ،‬وال ر‬ ‫ن‬
‫حن العلماء‬ ‫فحفريات الهومو محفوظة يف خزائن فوالذية‪ ،‬وال يطلع عليها‬
‫المختصي‪ ،‬فما يُعرض في المتاحف وما يُعرض على العلماء‪ ،‬هو فقط‬ ‫ن‬
‫قوالب صناعية ‪ CASTS‬تشبه الحفرية‪ ،‬وليست الحفرية نفسها‪.‬‬
‫َْ‬
‫ومنع عرضها عىل الناس؛ هذا ألن جميع‬ ‫واالحتفاظ بالحفريات األصلية بهذه الصورة‬
‫فه من الندرة بمكان!‬
‫حفريات الهومو المكتشفة ال تمأل حقيبة سيارة‪ ،‬ي‬
‫فهذه الحفريات تمثل ثروة قومية‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫الماليي من‬ ‫جدت عظمة واحدة من الهومو فأنت بإمكانك بيعها ر‬
‫بعشات‬ ‫وأنت لو َو‬
‫ًّ‬
‫حرفيا‪.‬‬ ‫الجنيهات‬

‫‪ ‬وهذا األمر يُدخلنا في إشكالية كبيرة‪ ،‬أال وهي‪ :‬كيف لكائن حي من أنواع‬
‫الهومو المختلفة ساد األرض لماليين السنوات كما يزعم دعاة نظرة‬
‫التطور‪ ،‬ثم ال توجد منه حفريات في كل مكان؟‬

‫‪ ‬كيف تكون كل حفريات الهومو السابقة لنا ال تمأل حقيبة سيارة؟‬

‫• واألعجب أن كل حفريات الهومو المكتشفة‪ ،‬ال توجد فيها حفرية واحدة تمثل‬
‫ًّ‬
‫جدا لإلنسان‪.‬‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫جدا؛ ولذلك ر‬
‫حن دعاة النظرية بأنفسهم يف‬ ‫وه حفريات غت مكتملة وشحيحة‬ ‫• ي‬
‫شديد من أمرهم‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫شك‬
‫ٌ‬
‫منقرض‪ ،‬ومن خالل اكتشاف‬ ‫• ويوجد عىل أرضنا حواىل ‪ 6٥٠٠‬نوع من القردة ر‬
‫أكتها‬ ‫ي‬
‫بعض حفريات هذه األنواع يتجول دعاة نظرية التطور بمخيالتهم قبل أن‬
‫يكتشفوا أن هذه الحفريات ه ألنواع منقرضة من القردة ال ر‬
‫أكت‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪644‬‬
‫ه شحيحة للغاية‪،‬‬‫الحاىل ي‬
‫ي‬ ‫• فحفريات أنواع الهومو ‪-‬المزعومة‪ -‬السابقة لإلنسان‬
‫ً‬
‫التقض إما نكتشف أنها نوع منقرض من‬
‫ي‬ ‫وه أيضا عند‬
‫وال تمأل حقيبة سيارة‪ ،‬ي‬
‫بش من جنسنا ً‬
‫تماما بال أي فرق‪.‬‬ ‫القردة‪ ،‬أو نكتشف أنها ر‬
‫ر ُ‬
‫اكتشفت نف ن ن‬
‫تتانيا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• وخت مثال عىل ذلك حفرية الهومو هابليس ‪ Homo habilis‬ي‬
‫والن‬
‫ا‬
‫الحاىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫ع دعاة نظرية التطور أن نوع هذه الحفرية يمثل جد اإلنسان‬ ‫• يد ي‬
‫• والواقع أن ما تم اكتشافه من الحفرية هو‪ :‬جزء من عظام الجمجمة‪ ،‬وجزء من‬
‫عظام القدم‪.‬‬
‫هذا كل ما ن يف األمر‪.‬‬

‫ًّ‬
‫جدا لإلنسان الحاىل‪ ،‬ن‬
‫تبي اليوم‬ ‫ي‬ ‫• وبعد سنوات من الزعم بأن هذه الحفرية تمثل‬
‫لدى كثت من دعاة النظرية أنفسهم أن الهومو هابليس هو نوع من القردة‬
‫اإلفريقية ال ر‬
‫أكت‪.‬‬
‫ن‬
‫قدمي‪ ،‬وهذا كالم التطوري برنارد ود ‪Bernard‬‬ ‫• فهو قرد يست عىل أرب ع وليس عىل‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫البشي ‪ Human Origins‬يف جامعة جورج‬ ‫‪ Wood‬أستاذ أصول الجنس‬
‫ن‬
‫قض سنوات يف دراسة حفرية الهومو هابليس‪.‬‬ ‫واشنطن‪ ،‬والذي ن‬

‫‪ ‬يقول برنارد ود‪:‬‬

‫(‪)٥27‬‬

‫( ‪ (527‬لقاء صوتي على‪:‬‬


‫‪https://www.youtube.com/watch?v=wmWqojkcJ_8‬‬
‫الدقيقة‪.5:07 :‬‬
‫‪645‬‬
‫• فالهومو هابليس هو نوع من القردة اإلفريقية‪ ،‬وال َعالقة له بالجنس ر‬
‫البشي‪ ،‬كما‬
‫كان يحاول أن يصور دعاة نظرية التطور ن يف البداية‪.‬‬
‫ًّ‬
‫• والذي حدا بدعاة نظرية التطور إىل القول بأن الهومو هابليس يمثل جدا لإلنسان‬
‫الحاىل‪ ،‬هو استخدام الهومو هابليس لألحجار‪.‬‬
‫ي‬

‫األحجار‪)٥28(.‬‬ ‫ً‬ ‫• لكن من المعلوم ً‬


‫تماما اليوم أن الشمبانزي أيضا يستخدم نفس هذه‬
‫ن ن‬
‫يستوقفن يف هذا الموضوع هو استخدام دعاة نظرية التطور لصور‬
‫ي‬ ‫• لكن الذي‬
‫ترويجية لحفرية الهومو هابليس‪ ،‬كهذه الصورة‪:‬‬

‫(‪ (528‬فيديو مصور لشمبانزي يستخدم األحجار بكفاءة‪:‬‬


‫‪https://www.youtube.com/watch?v=5Cp7_In7f88‬‬
‫‪646‬‬
‫‪ ‬وسؤالي هنا‪ :‬كيف تتحوَّ ل األجزاء المكتشفة من جمجمة الهومو‬
‫هابليس وجزء من القدم إلى كائن كامل بأسرته؟‬
‫الن يستخدمونها ً‬
‫دائما‪.‬‬ ‫• والواقع أن هذه ُلعبة دعاة نظرية التطور ر‬
‫ي‬
‫فورا بعمل تخيل كامل من خاللها يخدم‬ ‫• فأية عظام صغتة ُتكتشف يقومون ً‬
‫النظرية‪.‬‬
‫ً‬
‫• فتسمون كائنا فيه صفات ن‬
‫بي القرد واإلنسان‪ ،‬ويزعمون أنه شكل األحفورة يوم أن‬
‫كانت حية‪.‬‬
‫‪ ‬لكن ها هي عظام الهومو هابليس تبين أنها عظام قرد‪ ،‬فما محل‬
‫هذه الصور المرسومة اآلن من اإلعراب؟‬
‫• إنها صور بال قيمة‪ ...‬صورة مزيفة‪.‬‬

‫‪ ‬والسؤال اآلخر الذي يطرح نفسه‪ :‬كيف تخيَّل دعاة النظرية شكل‬
‫الكائن وشعره وتقاسيم جسمه‪ ،‬من جزء من عظام جمجمة؟‬

‫‪ ‬ثم السؤال األهم‪ :‬كيف رسموا لون العين ‪ Sclera‬باللون األبيض‬


‫كاإلنسان تمامً ا؟‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فمن المعلوم أن كل القردة لون العي لديها ي‬
‫بن غامق‪.‬‬
‫• بعكس لون ن‬
‫عي اإلنسان‪.‬‬

‫‪647‬‬
‫‪ ‬فكيف رسموا عين الهومو هابليس باللون األبيض؟‬

‫إنها محاولة تقريبية لشكل اإلنسان‪.‬‬

‫‪‬لكن هل هذا علم؟‬

‫مبني على أدلة أو قرائن في الحفرية المكتشفة؟‬


‫ٌّ‬ ‫‪ ‬هل هذا التصوُّ ر‬

‫افتاض وتوهم وخيال‪.‬‬ ‫• المسألة ر‬


‫ن‬ ‫• وبسبب هذه األساليب غت العلمية وغت ن ن‬
‫التي هة بدأ المؤمنون بالنظرية يف الغرب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يفقدون ثقتهم ن يف النظرية شيئا فشيئا‪.‬‬
‫ن‬
‫الفناني‬ ‫ً‬
‫دائما يستعينون بفرق من‬ ‫• وباحثو الحفريات من دعاة نظرية التطور‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫والرسامي‪ ،‬بحيث يضع باحث الحفريات التصور الذي يف مخيلته‪ ،‬والذي هو يف‬
‫الغالب يخدم نظريته‪ ،‬ثم يقوم الفنان برسم ما يريد‪.‬‬
‫َ‬ ‫• والضحية نف األخت ه قطع العظام المسكينة المكتشفة‪ ،‬ر‬
‫والن ال عالقة لها‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫بالرسومات‪ ،‬والضحية الثانية‪ :‬عقول الصبية ممن يصدقون هذه الرسومات‪.‬‬
‫الرصس‬ ‫عشات السنوات اكتشف باحثو الحفريات نرص ًسا‪ ،‬ثم قرروا أن هذا ن‬ ‫• قبل ر‬
‫البش األوائل‪ ،‬وتمت تسميته ب ‪ " :‬نرصس إنسان نتاسكا"‪ ،‬وربما يكون‬ ‫تابع ألحد ر‬
‫الرصس هو أشهر نرصس ن يف التاري خ‪.‬‬ ‫هذا ن‬

‫• وتمت تسمية إنسان نتاسكا تسمية علمية جديدة ي‬


‫وه‪Hesperopithecus :‬‬
‫‪haroldcooki‬‬
‫• وتم عمل صورة لهؤالء ر‬
‫البش األوائل‪.‬‬
‫‪648‬‬
‫• لقد تم رسم صورة إلنسان نتاسكا المزعوم من خالل هذا ن‬
‫الرصس المكتشف‪.‬‬

‫مكتشف‪.‬‬ ‫يتم رسم إنسان كامل ن‬


‫برصس‬ ‫•‬
‫ٍ‬

‫• ولم يقف األمر عىل هذا‪ ،‬بل تم رسم العائلة بالزوجة واألوالد‪.‬‬
‫• شكل العائلة كاملة تم تخيله من نرصس‪.‬‬
‫ن‬
‫والثمي‪.‬‬ ‫• وبعد خمس سنوات من هذا االكتشاف المدهش‬
‫• كانت المفاجأة!‬
‫تبي أن ن‬
‫الرصس يتبع ألحد أنواع الخنازير التية‪.‬‬ ‫• لقد ن‬

‫❑‬
‫ًّ‬
‫رسميا فيما بعد أن كان إنسان نتاسكا مجرد خيال‪.‬‬ ‫ر‬
‫االعتاف‬ ‫• تم‬
‫‪649‬‬
‫ْ‬
‫• وأن ال ‪َ Hesperopithecus haroldcooki‬وهم‬
‫ساذج!(‪)٥2٩‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫تقريبا تم اإلعالن عن كشف أحفوري كبت قام به بعض‬ ‫• يف منتصف العام ‪2٠21‬‬
‫عظاما لحوت قديم أطلقوا عليه اسم‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫المرصيي‪ ،‬حيث اكتشفوا‬ ‫الشباب‬
‫‪.Phiomicetus Anubis‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫• ر‬
‫الفناني رسم‬ ‫الحيتان بأربعة أرجل‪ ،‬وطلبوا من‬
‫ِ‬ ‫وافتض الباحثون أن هذا النوع من‬
‫الصورة المتخيلة‪.‬‬
‫• وقام الفنانون بالفعل برسم هذه الصورة‪.‬‬

‫‪ ‬لكن السؤال هنا‪ :‬هل اكتشف هؤالء الباحثون بين عظام الحفرية‬
‫أرجُ ل الحوت األربعة؟‬
‫والجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫ً‬
‫واحدة للحوت؟‬ ‫‪ ‬هل اكتشفوا رج ًلا‬
‫الجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫ن‬
‫وضلعي فقط‪.‬‬ ‫ن‬
‫وفقرتي‬ ‫❑ كل ما تم اكتشافه هو‪ :‬الجمجمة‬

‫)‪(529‬‬
‫‪The purported species was retracted half a decade after the original article had been published by‬‬
‫‪Osborn.‬‬
‫‪650‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫أرج ٍل‪.‬‬ ‫والضلعي تم تخيل أن الحوت بأربعة‬ ‫والفقرتي‬ ‫وبناء عىل الجمجمة‬ ‫•‬

‫‪ ‬لكن أين هي األرجل‪ :‬ال يَ ُ‬


‫ه ُّم!‬

‫ر‬ ‫ن‬
‫• تم بناء هذا التصور يف األساس لخدمة نظرية التطور ي‬
‫الن تقرر هذه الفرضية‪.‬‬
‫وسطح إىل حد غريب‪.‬‬ ‫بناء عىل دليل هش‬‫• وقاموا بدعم هذا التصور ا‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬
‫عظىم زائد يف‬
‫ي‬ ‫المكتشفتي يف الحفرية كان بها بروز‬ ‫الفقرتي‬ ‫• حيث إن إحدى‬
‫ال ‪.Neural Spine‬‬
‫العظىم الزائد بهذا الشكل يوجد ن يف الثدييات األرضية‪.‬‬
‫ي‬ ‫• والتوز‬

‫‪651‬‬
‫ئ‬
‫برماب يعيش عىل اليابسة بأربعة‬ ‫وبناء عىل هذا الدليل تم ر‬
‫افتاض أن هذا حوت‬ ‫ا‬ ‫•‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫أرجل‪.‬‬
‫• إن هذه مشكلة نظرية التطور أنها‪ :‬قائمة عىل تخيالت وفروض‪ ،‬وهذه التخيالت‬
‫ًّ‬
‫والفروض مبنية عىل أدلة هشة جدا لخدمة هذه الفروض‪.‬‬

‫‪ ‬وليس هناك مشكلة أن يكون هذا الحوت البرمائي بأربعة أرجُ ل‪ ،‬لكن‬
‫أين الدليل؟‬

‫أن هذا الحوت بأربعة أرجل‪ ،‬فهل هذا يعني َّ‬


‫أن‬ ‫‪ ‬ثم لو افترضنا َّ‬
‫هناك نوعً ا من الحيتان انتقل لنوع آخر بالتطور؟‬
‫ٍ‬
‫حيوان وآخر‪ ،‬وتقول إن هذا النوع انتقل لذاك النوع‪.‬‬ ‫بي‬ ‫ً‬
‫سهما ن‬ ‫• فال ترسم‬
‫ٍ‬

‫‪652‬‬
‫• هذا السهم المرسوم من حيوان آلخر هو مجرد قفزة وهمية‪.‬‬
‫ْ‬
‫• لذلك نقول لدعاة النظرية‪ :‬استدل ثم اعتقد!‬
‫ن‬
‫• والذي يستوقف اإلنسان يف قضية تطور الحيتان المزعومة‪ ،‬أن هذه الفكرة غريبة‬
‫ً‬ ‫وال تكاد تصلح ر‬
‫حن لألطفال‪ ،‬ففكرة أن حيوانا بأربعة أرجل بدأت تلتصق أرجله‬
‫ن‬ ‫َ َ‬
‫فة‪ ،‬وترتفع األنف ألعىل ليتحول يف النهاية إىل حوت‪ ،‬هذه‬ ‫الخلفية وتتحول لزعن ٍ‬
‫حن تحصل عىل‬ ‫علميا بحاجة إىل معجزة خارقة ال يتيحها ُعمر الكون ر‬ ‫ًّ‬ ‫ه‬
‫الفكرة ي‬
‫هذه الصورة‪.‬‬
‫ئ‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫• فأنت تحتاج تقريبا إىل ‪ ٥٠‬ألف تغت جسدي حن يتحول هذا الكائن الت ي‬
‫ماب إىل‬
‫حوت‪.‬‬
‫ً‬
‫تغيتا بالكامل‪ ،‬نظام التنفس‬ ‫• فالمخيخ ‪ Cerebellum‬عىل سبيل المثال يحتاج‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫ماليي األنواع المشوهة الوسيطة مع‬ ‫وف كل مرحلة نحتاج‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫شامًل‬ ‫تغيتا‬ ‫يحتاج‬
‫ن‬
‫لماليي وال آلحاد هذه‬ ‫ً‬
‫جميعا أنه ال وجود ال‬ ‫الن نعرفها‬ ‫ر‬
‫كل تغت‪ ،‬والنتيجة ي‬
‫الكائنات الوسيطة‪.‬‬

‫‪653‬‬
‫ُ‬ ‫ئ‬
‫برماب بأربعة أرجل‪ ،‬لكن كيف ندخله‬‫ي‬ ‫• فليست عندنا مشكلة أن يكون هناك حوت‬
‫نف رسومات خرافة التطور‪ ،‬ثم نقوم برسم أسهم ن‬
‫بي حيوان وآخر‪ ،‬فهذه األسهم‬ ‫ي‬
‫إيمان أعىم بال دليل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بي الحيوانات تعتمد عىل‬‫ن‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫• ر‬
‫لماليي األنواع الوسيطة‪ ،‬ونحتاج أيضا‬ ‫فحن تنتقل من حيوان آلخر فنحن نحتاج‬
‫آلالف أضعاف عمر الكون كما سنوضح اآلن‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫فف بحث خطت ن رش يف مجلة ‪ Genetics‬الدولية للدفاع عن نظرية التطور‪ ،‬أثبت‬ ‫• ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬
‫الحشات‬ ‫واحد‪ :‬نحتاج يف‬
‫ٍ‬ ‫جيل‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫البحث أننا نحتاج لتثبيت طفرتي نافعتي ي‬
‫ن‬
‫السني‪.‬‬ ‫ن‬
‫ماليي من‬ ‫الصغتة لزمن يصل إىل بضعة‬
‫أكت من مائة مليون عام‪.‬‬ ‫• بينما نحتاج نف اإلنسان إىل ر‬
‫ي‬

‫•‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫• وهذا يف بحث أجري يف األصل للدفاع عن نظرية التطور‪ ،‬والرد عىل ُمنتقديها‬
‫ن‬
‫والمشككي فيها!‬

‫‪654‬‬
‫‪ ‬هل تعلم كم طفرة بين البشر وبين السلف المشترك المزعوم؟‬

‫• هناك ستون مليون طفرة‪.‬‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫طفرتي‪ ،‬فأنت تحتاج‬ ‫ستي مليون طفرة يف مائة مليون عام لكل‬ ‫• فإذا قمت بحساب‬
‫حرفيا آلالف أضعاف عمر الكون‪ ،‬لظهور نوع واحد جديد!‬ ‫ًّ‬
‫وم ٌ‬ ‫خطأ ُ‬‫ٌ‬
‫حال!‬ ‫• العلم ببساطة يقول‪ :‬التطور‬
‫• التطور ال يعمل‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫البيولوح مايكل دانتون ‪Michael‬‬ ‫ي‬ ‫وعالم‬ ‫اىل‬
‫ي‬ ‫األست‬ ‫الملحد‬ ‫كتب‬ ‫م‬‫‪1٩8٥‬‬ ‫عام‬ ‫• ي‬
‫ف‬
‫ن‬ ‫ثالثي ً‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫عاما‪ ،‬أي‪ :‬يف عام‬ ‫‪ Denton‬كتابه الشهت‪" :‬التطور نظرية يف أزمة"‪ ،‬وبعد‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الثاب‪" :‬التطور ما تزال نظرية يف أزمة"‪ ،‬وأكد دانتون أن‬ ‫‪ 2٠1٥‬كتب دانتون كتابه ً ي‬
‫إشكاالت النظرية تزداد تعقيدا مع الوقت‪.‬‬
‫بي كل نوع وآخر من الكائنات الحية‪.‬‬ ‫• فهناك أخاديد حقيقية ن‬
‫ن‬
‫بالمارين‬
‫ي‬ ‫وماسمو‬‫ِ‬ ‫دان جتي فودور ‪Jerry Fodor‬‬ ‫الملح ِ‬
‫ِ‬ ‫ان‬ ‫• ولذلك كتب الدارويني ِ‬
‫ً‬
‫‪ Massimo Piattelli-Palmarini‬كتابا بعنوان‪" :‬أين أخطأ داروين؟ ‪What‬‬
‫?‪."Darwin Got Wrong‬‬

‫‪655‬‬
‫‪‬قاال ن يف مقدمته‪:‬‬

‫لي مارجلس ‪Lynn‬‬ ‫ر‬


‫مباش عىل ظهور األنواع بالتطور‪ ،‬كما تقول ن‬ ‫فال يوجد دليل واحد‬
‫‪ Margulis‬عالمة األحياء األمريكية زوجة كارل ساجان‪)٥٣1(.‬‬

‫‪‬ولذلك يقول إرنست تشاين الحائز عىل نوبل‪:‬‬

‫‪)٥٣2(."It‬‬ ‫‪can hardly be called a theory‬‬


‫َ‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫• فالنظرية تفتقر يف الواقع للدليل باعتاف كل من ست غورها‪ ،‬ي‬
‫فه ال تملك‬
‫إال الفروض والتخمينات‪.‬‬

‫‪ ‬إلى جانب كل ما سبق‪:‬‬


‫• فهناك مشكلة أخالقية خطتة نف تصور وجود عدة أنواع من ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫• ففكرة وجود أنواع من ر‬
‫البش‪ ،‬هذه الفكرة تسببت يف مقتل عش سكان العالم‪،‬‬
‫ن‬
‫الماص‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وأدت ألكت جرائم إبادة ر‬
‫ي‬ ‫للبشية يف القرن‬
‫أرف وأنواع ن‬ ‫ر‬ ‫• ففكرة وجود أنواع مختلفة من ر‬
‫أدب‪ ،‬وأعراق‬ ‫وبالتاىل هناك أنواع‬
‫ي‬ ‫البش‪،‬‬
‫ن‬
‫األدب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫يعن تطوريا أن من حق العرق األرف أن يبيد العرق‬ ‫أرف وأعراق أدب‪ ،‬هذا ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫األدب عىل أنها حيوانات‪.‬‬ ‫• حيث يتعامل العرق األرف مع األعراق‬
‫• إن هذه الفكرة أدت لحروب عالمية‪.‬‬

‫)‪ (530‬مقدمة الكتاب ص ‪ 15‬النسخة العربية‪.‬‬


‫‪(531) Lynn‬‬ ‫‪Margulis and Dorion Sagan, Acquiring Genomes: A Theory of the Origins of Species, p.32.‬‬
‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬تصميم الحياة‪ ،‬د‪ .‬ويليام ديمبسكي ود‪ .‬جوناثان ويلز‪ ،‬ترجمة د‪ .‬مؤمن الحسن وآخرين‪ ،‬دار الكاتب‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪(532) R. W. Clark: the Life of Ernst Chain, P.147.‬‬

‫نقل عن‪ :‬براهين وجود هللا‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص ‪.536‬‬ ‫ً‬
‫‪656‬‬
‫❑ هذه الفكرة أدت لحربين عالميتين‪.‬‬
‫البش‪ ،‬وظهر معسكر أكشن ر يب فور‬ ‫• وظهرت معسكرات النازية‪ ،‬وأفران إحراق ر‬
‫بشا‪.‬‬ ‫أكت من رب ع مليون إنسان باعتبارهم ليسوا ر ً‬ ‫‪ Aktion T4‬والذي ُقتل فيه ر‬
‫وقيم اإلنسان‪ ،‬هذه األمور ال تخضع لعالم‬ ‫ن‬
‫اإلنساب‪ ،‬وكرامة اإلنسان‪،‬‬ ‫• فالحق‬
‫رُ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الطبيعة حن يتالعب المالحدة فيها‪ ،‬فيفتضوا أن البش أعراق شن‪ ،‬فتهق‬ ‫ر‬
‫األرواح بهراء ر‬
‫افتاضاتهم‪.‬‬
‫تنتىم إىل هذا العالم‪.‬‬ ‫ن‬
‫ميتافتيقية ال‬ ‫ه كلمة‬ ‫وحن كلمة إنسان‬ ‫• ر‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫واالفتاضات‬ ‫• لذلك يف حال تمت إزاحة الدين‪ ،‬وظهرت التصورات المادية‪،‬‬
‫اإللحادية‪ ،‬ساعتها سيسود المكان كل أنواع التصفية العرقية‪ ،‬والبقاء لألصلح‪،‬‬
‫البش باعتبارهم ليسوا ر ً‬
‫بشا‪.‬‬ ‫وإبادة ر‬
‫❑‬
‫ن‬
‫السني كما‬ ‫ن‬
‫لماليي‬ ‫ح من أنواع الهومو المختلفة أن يسود األرض‬
‫ا‬ ‫كيف لكائن ي‬
‫حن‬‫بعشات اآلالف‪ ،‬أو بالمئات أو ر‬ ‫يزعم التطوريون‪ ،‬ثم ال توجد منه حفريات مثًل ر‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫بالعشات‪ ،‬بل يف الواقع ال توجد حفرية واحدة صحيحة يمكن أن يشار إليها باعتبارها‬
‫ً‬
‫نوعا من أنواع الهومو؟‬
‫‪ ‬كيف تكون كل حفريات الهومو السابقة لنا ال تمأل حقيبة سيارة؟‬
‫‪ ‬وكيف تكون كل هذه الحفريات وبدون استثناء واحد؛ إما لقردة منقرضة‪،‬‬
‫أو بقايا بشر عاديين مثلنا تما ًما؟‬
‫للبش‪ ،‬وال كل هذا الهراء‪.‬‬ ‫بي األحافت أجداد ر‬ ‫• فال يوجد ن‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الن يكشفها لنا كل يوم عجز علم‬ ‫ه الحقيقة ي‬ ‫• إن اإلنسان ظهر فجأ ًة‪ ،‬وهذه ي‬
‫األحافت‪ ،‬وكشوف علم األحياء الجزيئية‪.‬‬
‫ن‬ ‫حلما بال دليل واحد معتت ر‬ ‫• ولن تتجاوز نظرية التطور أن تكون ً‬
‫حن الساعة‪ ،‬ال يف‬
‫الكائنات الحية‪ ،‬وال ن يف اإلنسان‪.‬‬
‫ا‬ ‫• ولذلك يحاول دعاة النظرية االطمئنان عىل شعبية هذه النظرية ن‬
‫بي الناس أوًل‬
‫بأول‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫• ولذلك أيضا مازالت تعقد المناظرات العلمية بشأنها يف جامعات العالم‪.‬‬
‫ن‬
‫قطع‬‫ي‬ ‫دليل‬ ‫وهذا‬ ‫‪،‬‬‫جديد‬
‫ٍ‬ ‫كشف‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫مع‬ ‫النظرية‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫• وما زلنا بحاجة إىل عمل تعديالت‬
‫العلىم الصحيح‪.‬‬ ‫عىل افتقار النظرية ر‬
‫حن للبناء‬
‫ي‬
‫واحد مجرد تأويالت ذهنية ُمجردة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫• فجميع تصورات النظرية بال استثن ٍاء‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫متحت‬ ‫لو تم جمع كل أدلة النظرية‪ ،‬وتم تقديمها لفيلسوف علوم غت‬ ‫❑‬
‫لقال بأعىل صوته‪ :‬توقفوا عن هذا الهراء ً‬
‫فورا‪.‬‬

‫‪657‬‬
‫ر‬
‫العاش‬ ‫الباب‬

‫‪658‬‬
‫السنة‬
‫الفصل األول‪ :‬منكرو ُّ‬

‫ج‪ :‬التنوير هو حركة عالمية ظهرت في األساس للحرب على الدين‪،‬‬


‫أو باألدق‪ :‬لتحييد الدين جانبًا‪.‬‬
‫ُ‬
‫إبعاد الدين عن المجتمع‪.‬‬ ‫‪ ‬فهدف التنوير هو‪:‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تمض‬
‫ِ‬ ‫لم‬ ‫ولذلك‬ ‫الزمان؛‬ ‫من‬ ‫قرني‬ ‫قبل‬ ‫أوروبا‬ ‫ف‬‫• وقد قامت هذه الحركة بهذا األمر ي‬
‫حن تحولت أوروبا لإللحاد‪.‬‬ ‫عقود قليلة ر‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫عالمنا‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫نفسها‬ ‫باألهداف‬ ‫كة‬ ‫الحر‬ ‫هذه‬ ‫نفس‬ ‫ا‬
‫مؤخر‬ ‫رت‬ ‫ظه‬ ‫• وقد‬
‫‪ ‬فهدف حركة التنوير‪ :‬إزاحة وإبعاد الدين عن حياة الناس‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬
‫وف الواقع ففكرة التنوير تختلف جذريا عن فكرة اإللحاد‪ ،‬وإن كان كالهما يهدف‬ ‫• ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫وينته‬
‫ي‬ ‫ع يف قلب الشباب‪،‬‬ ‫لمشوع كفري يبدأ بخفوت التسليم للنص الش ي‬
‫بضياع اإليمان ومداهنة ومعاقرة أي إلحاد‪.‬‬

‫المميزة لمشروع دعاة التنوير ليست إلحاد الناس ذاك اإللحاد‬


‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫تظل السمة‬ ‫لكن‬
‫شكليا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المادي‪ ،‬وإنما‪ :‬ال مانع ْ‬
‫أن يظل الناس مسلمين‪ ،‬لكن يصير إسالمهم إسال ًما‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫المعاب األخالقية‪ ،‬وبعض الجماليات يف‬ ‫ًي‬ ‫• فال يأخذ الناس من اإلسالم إال بعض‬
‫المعامالت‪ ،‬لكن يصبح الدين ن يف األخت مفرغا تماما من محتواه‪.‬‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫• فيتحول الدين إىل مجرد طقوس تؤدى!‬
‫• والهدف األساش من حركة التنوير هو أن يصبح الدين ً‬
‫تابعا لثقافة العرص السائدة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ظهر أية ممانعة للقيم السائدة مهما كان انفساخها أو انحاللها أو تميعها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وال ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫دينا ال يمانع الشيوعية ن‬
‫الماص‪ ،‬وال يمانع‬
‫ي‬ ‫القرن‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ظهرت‬ ‫حي‬ ‫• فحركة التنوير تريد‬
‫ليتالية القرن الجديد‪ ،‬وال يمانع أية فكرة مستقبلة يراها الناس‪.‬‬
‫ُ ا‬
‫• وب هذه الصورة فاإلسالم يمثل مشكلة كبتة لحركة التنوير؛ ألن اإلسالم الذي أنزله‬
‫هللا عىل نبيه محمد بن عبد هللا ﷺ بالحق‪ ،‬هذا اإلسالم يدخل في كل كبيرة‬
‫وصغيرة في حياة اإلنسان‪ ،‬وال طريق فيه لمداهنة الباطل أو الفساد‪ ،‬وال‬
‫يقبل أية صورة من صور اإللحاد‪.‬‬
‫• ولذلك فهذا اإلسالم عند حركة التنوير مرفوض مرفوض مرفوض‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ا‬
‫منكرا‪.‬‬ ‫• فهم يريدون أمة من الناس ال تعرف معروفا‪ ،‬وال تنكر‬

‫‪659‬‬
‫❑ وقد أخبر اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬عن حال الناس في آخر الزمان‪ ،‬وأن هذا سيصير‬
‫فعال‪.‬‬
‫حالهم ً‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫• فدعاة التنوير يريدون التعجيل بهذه المرحلة‪.‬‬


‫بتدجي هذه األمة بالكامل ر‬
‫حن تفقد أية مقاومة مقدسة‪ ،‬وتفقد‬ ‫ن‬ ‫• يريدون التعجيل‬
‫الغتة عىل أي ثابت من ثوابت ر‬
‫الشيعة‪.‬‬
‫• يريدون أن تفقد األمة استعالءها بإيمانها‪ ،‬فيصت المسلمون‪:‬‬

‫‪)٥٣4(.‬‬

‫• وعىل أمثال هؤالء تقوم الساعة‪.‬‬


‫ً‬ ‫ُ‬
‫• فالساعة ستقوم عىل الذين تم تدجينهم بالكامل‪ ،‬ممن ال يعرفون معروفا‪،‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫وبالتاىل ال يكون إليمانهم اعتبار يف قلوب هم‪ ،‬وال ينشغلون‬
‫ي‬ ‫منكرا‪،‬‬ ‫وال ينكرون‬
‫ً‬
‫بعقيدتهم‪ ،‬وال يرفعون بها رؤوسهم‪ ،‬فيصتون أتباعا ألية قيم سائدة مهما كان‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شذوذها أو انحاللها‪.‬‬

‫‪ ‬فعىل مثلهم تقوم الساعة‪ ،‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫ً‬
‫غضبا أمام انتهاك محارم هللا‪ ،‬وال ينشغلون بها‬ ‫• وأمثال هؤالء ال تتمعر وجوههم‬
‫ا‬
‫أصًل‪.‬‬

‫(‪ (533‬مسند أحمد‪ ،‬م‪ 11‬ص ‪ ،161‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫شعير‪ ،‬ال يَ ْعبَأ ُ َّ ُ‬
‫َّللا به ْم شيئًا‪.‬‬ ‫األولُ‪ ،‬وت َ ْبقَى ُحفَالَةٌ َك ُحفَالَة الت َّ ْمر وال َّ‬
‫األو ُل فَ َّ‬
‫صال ُحونَ ‪َّ ،‬‬ ‫(‪ (534‬قال رسول هللاﷺ‪ :‬يُ ْقبَ ُ‬
‫ض ال َّ‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4156 :‬‬
‫(‪ (535‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪660‬‬
‫‪ ‬قال رسول هللا ﷺ ‪:‬‬

‫‪)٥٣6‬‬

‫‪ ‬وفي الرواية األخرى‪:‬‬


‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫البحر"‪)٥٣7(.‬‬
‫ِ‬ ‫"فيهد ُمها حج ًرا حج ًرا‪ ،‬وي ْر يم بها يف‬
‫ِ‬

‫• تخيل!‬
‫ن‬
‫حجرا‪ ،‬ويرم بها ف البحر‪ ،‬وال أحد ر‬
‫يعت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫حجر‬ ‫الكعبة‬ ‫هدم‬ ‫ت‬ ‫•‬
‫• ومن سيعتض سيكون ضد التنوير‪.‬‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫تنويريا‪ ،‬تقب ْل هدم مقدساتك‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫• ر‬
‫فحن تكون‬
‫تعت بدينك‪.‬‬ ‫• وإياك أن ر ن‬
‫ُ‬
‫وجهك النتهاك مقدساتك‪.‬‬ ‫• أو يتمعر‬
‫َ‬
‫ويسعون لظهوره‪.‬‬ ‫• هم يريدون هذا النوع من اإلسالم‪،‬‬
‫ًّ‬
‫عالمانيا‪.‬‬ ‫ً‬
‫إسالما‬ ‫• يريدون‬
‫ميعا‪.‬‬ ‫إسالما ُم ً‬ ‫ً‬ ‫• يريدون‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫• يريدون إسالما رخيصا يف قلبك‪.‬‬ ‫ً‬
‫إسالما بنكهة البوذية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• يريدون‬
‫ر‬
‫• فإذا جلست وعملت جلسة االستخاء والتأمل الخاصة بك‪ ،‬وأخذت الطاقة‬
‫الن تحتاجها‪ ،‬فاآلن يمكنك أن تنطلق للعمل‪.‬‬ ‫ر‬
‫الروحية ي‬
‫• هذا هو منته الدين عندهم‪.‬‬
‫طقوش‪.‬‬ ‫استخاء‬ ‫• مجرد ر‬
‫ي‬
‫• يريدون تبويذ اإلسالم (تبويذ‪ :‬تم نحتها من لفظ البوذية)‪.‬‬
‫• يريدون إفقاد اإلسالم معناه‪.‬‬

‫أن مشروع دعاة التنوير بدأ ينتشر في بالدنا اإلسالمية‪،‬‬ ‫ومن العجيب َّ‬
‫وأصبحت هناك برامج تُنكر األحاديث النبوية ً‬
‫علنا‪ ،‬وبرامج ثانية تدَّ عي‬
‫ً‬
‫وطبعا هناك‬ ‫تنقيح كتب التراث‪ ،‬وثالثة تدَّ عي تجديد الخطاب الديني‪،‬‬
‫تجديد مطلوب للخطاب الديني سنتحدَّ ث عنه فيما بعد‪.‬‬

‫(‪ (536‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...1591 :‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2909:‬‬
‫(‪ (537‬عارضة األحوذي‪ ،‬ابن العربي‪ ،‬م‪ 6‬ص‪ ،252‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪661‬‬
‫ن‬
‫الدين‪ ،‬وإنما هدفه إسقاط‬ ‫• لكن ر‬
‫مشوع حركة التنوير ليس هدفه تجديد الخطاب‬
‫ي‬
‫َ‬
‫قيمة الدين من قلب الشاب املسلم والفتاة املسلمة‪ ،‬فهم يعمدون إىل‬
‫ع بالهجوم عىل السنة النبوية‪ ،‬والسخرية من سلف‬ ‫ر‬
‫إسقاط تسليمنا للنص الشْ ي‬
‫هذه األمة‪ ،‬وتأويل القرآن َوفق أهوائهم‪.‬‬

‫‪ ‬إذن فغاية حركة التنوير ي‬


‫ه‪:‬‬

‫تأويل النص الشرعي بإخراجه عن معناه وعن مراد الشارع منه حتى‬ ‫ُ‬
‫يتوافق مع الثقافة التي يريدونها‪ ،‬فيتقبَّل المسلم أية قيم سائدة مهما‬
‫خها‪.‬‬‫تفس ُ‬
‫ُّ‬ ‫كان‬
‫ر ن‬
‫الحدين يف جمع‬‫ي‬ ‫• إذن فالهجوم عىل السنة النبوية‪ ،‬والهجوم عىل منهج العلم‬
‫المسلمي كالبخاري‪ ،‬والهجوم عىل سلف هذه‬ ‫ن‬ ‫الحديث النبوي‪ ،‬وازدراء علماء‬
‫ْ ُ‬ ‫ن ن‬ ‫التاث‪ ،‬كل هذا ر‬ ‫األمة‪ ،‬ونقد ر‬ ‫ُ‬
‫حن يتسن يف األخت لدعاة التنوير أن يؤولوا النص‬
‫ع بإخراجه عن معناه وعن مراد هللا منه؛ فيتوافق مع أي تصور دنيوي‬ ‫الش‬‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫وبالتاىل لن تكون هناك ُممانعة ِمن تقبل أية ثقافة وافدة‪ ،‬ولو كانت‬ ‫ًي‬ ‫يريدون‪،‬‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫شذوذا أو إلحادا أو زنا بالت ن‬ ‫ً‬
‫اص‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫• ويبدأ ر‬
‫مشوع دعاة التنوير دائما بالهجوم عىل أهل العلم وحملة الشيعة‪،‬‬
‫ن‬ ‫واالستخفاف بسلف هذه األمة‪ ،‬فإذا سقطت قيمة أهل العلم ن‬
‫تسن لهم يف مرحلة‬
‫تالية تأويل النص الشرعي بإخراجه عن سياقه‪ ،‬وعن معناه‪ ،‬وعن مدلوله لموافقة‬
‫هوى يريدون‪.‬‬ ‫أي ا‬
‫ن‬
‫• ويمكنهم يف هذه المرحلة تضعيف ما ثبت من أحاديث؛ ألن الذين نقلوا هذه‬
‫تجريحهم منذ قليل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫األحاديث هم العلماء الذي تم‬
‫وسيهاجمون ثوابت هذا الدين‬ ‫ُ‬ ‫• وسيقوم دعاة التنوير بإنكار ما أجمعت عليه األمة‪،‬‬
‫يعتض؛ ألن الذين قرروا هذه الثوابت هم العلماء الذين سقطت قيمتهم‬ ‫وال أحد ر‬
‫ن يف قلب الشاب المسلم والفتاة المسلمة منذ قليل‪.‬‬
‫ُ ن‬ ‫ن‬
‫ه العبث يف دين هللا بدون ضابط‪ ،‬وليس هناك أهل علم‬ ‫• إذن الغاية يف األخت ي‬
‫ترجع إليهم فكلهم ُمجرحون‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫• فإذا سقط أهل العلم يف نظر الناس‪ ،‬هنا سيقوم التنويري بتفست الدين َوفق ما‬
‫يرى‪.‬‬
‫البديه أن يضيع الدين عىل أيديهم‪ ،‬وتضيع العقيدة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• وساعتها من‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫وع تنقية‬ ‫لطيفة فيقول له‪ :‬أنا مش ي‬ ‫ٍ‬ ‫بطريقة‬
‫ٍ‬ ‫ودائما يدخل التنويري عىل المسلم‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المسلمي من الجهل‪ ،‬وأن‬ ‫فهدف أن ننتشل‬ ‫ي‬ ‫التاث‪ ،‬وتنقيح الكتب السابقة‪،‬‬
‫‪662‬‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫ننهض‪ ،‬وأنا أريد أن أقدم اإلسالم للغرب دون أن يأخذوا علينا شيئا‪ ،‬فأنا أريد أن‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫الدين‪.‬‬
‫ي‬ ‫الخطاب‬ ‫جدد‬ ‫أ‬
‫‪ ‬وهذا كالم ظاهره جميل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾4‬سورة المنافقون‪.‬‬

‫• لكنه بعد قليل!‬


‫ُ‬
‫سينكر األحاديث النبوية‪.‬‬ ‫•‬
‫الغرب اليوم‪.‬‬
‫ي‬ ‫• ألن هذه األحاديث ال يقبلها عقل المواطن‬
‫الشيعة‪ ،‬بدعوى تقديم اإلسالم للغرب‪.‬‬ ‫سيكذب بثوابت هذه ر‬ ‫• وبعدها‪ُ :‬‬
‫وينقح كتب ر‬ ‫ُ‬ ‫حن ُي ر‬ ‫ً ُ ً‬
‫تفقا عليها ر‬ ‫ُ‬
‫التاث‪.‬‬ ‫نف الدين بزعمه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫أمور‬ ‫سقط‬ ‫ي‬ ‫• وال مانع أن‬
‫ن‬
‫• إذن فالتنويري أثناء حديثك معه ودون أن تدري‪ :‬يزرع لك قنابل موقوتة يف قلبك‪،‬‬
‫اعتازك بثوابت الدين‪.‬‬ ‫وف أصل ر ن‬ ‫ن‬ ‫وف أصل تسليمك ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫ع‬ ‫لش‬ ‫ي‬ ‫عقيدتك‪،‬‬ ‫وف‬
‫ي‬
‫• فهو يزرع هذه القنابل بمنته الدهاء‪.‬‬
‫َ‬
‫• وبعد أيام أو شهور تعود إىل نفسك‪ ،‬فتجد الشبهات قد اجتاحت حياتك‪ ،‬إن لم‬
‫َ‬
‫تكن ألحدت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• فالتنويري قام بتشكيكك يف أصول وثوابت رشعية لم تختلف عليها األمة عت كل‬
‫تاريخها‪.‬‬
‫ن‬
‫• واستطاع أن يهز ثقتك يف أهل العلم‪ ،‬وعليه قام بتكذيب ما صح من دين هللا‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ن‬
‫صالتك‪ ،‬ثم تفقد لذة الطاعة‪ ،‬ثم قد تفقد الصالة واإليمان وكل‬
‫ِ‬ ‫فتبدأ تفقد خشوعك يف‬
‫شء!‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ر ً‬ ‫‪ ‬يقول التنويري حسن ن‬
‫معتفا بكل هذا‪:‬‬ ‫حنف‬
‫ي‬

‫• التنوير شغل حرب عصابات!‬


‫ن‬
‫الدين‪.‬‬ ‫• ازرع الشبهات بحجة تنقيح ر‬
‫التاث‪ ،‬وتنقية الخطاب‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫• وأنكر الحديث النبوي الصحيح‪ ،‬وأنكر المعلوم من الدين ن‬
‫بالرصورة‪ ،‬بحجة الرغبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن يف نهضة هذه األمة‪.‬‬

‫)‪ (538‬جريدة أخبار األدب بتاريخ‪2003-12-28 :‬‬


‫ً‬
‫نقل عن‪ :‬أسلمة اإللحاد‪ ،‬ذ‪ .‬عبد هللا الشتوي‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪663‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف إيمانك‪ ،‬سيقول لك‪ :‬أنا أكره‬ ‫• وبعد أن تتم زراعة قنابل الشبهات يف قلبك‪ ،‬ي‬
‫النن محمد‪.‬‬ ‫ر‬
‫الملحدين‪ ،‬وأخاف عىل اإلسالم‪ ،‬وأحتم ي‬
‫• فالتنويري يعبث بإيمانك وهو يرتدي عباءة المسلم؛ ولذلك هو أخطر بألف مرة‬
‫من الملحد الرصي ح؛ ألنه يعمل من داخل المنظومة اإلسالمية لتوليد الطرح‬
‫اإللحادي‪.‬‬
‫• فهو يغزل اإللحاد ن يف مصنع اإلسالم‪.‬‬
‫• وهذا من أخطر ما يكون‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• هذا أخطر ما يهدد الشباب الذين ال يفهمون هذا المكر الذي يحاك لهم‪ ،‬ويحاك‬
‫بشع هللا عز وجل‪.‬‬ ‫لدينهم ولعقيدتهم‪ ،‬وألصل تسليمهم ر‬
‫حن‬‫الشع من داخل المنظومة اإلسالمية ر‬ ‫• فالتنويري يعمل عىل تأويل النص ر‬
‫ي‬
‫هوى‪.‬‬ ‫يتوافق هذا التأويل مع أي ا‬
‫• والتنويري لن يقول لك إن الخمر حالل‪.‬‬
‫ا‬ ‫الشع ر‬ ‫• هو سيقوم بتأويل النص ر‬
‫حن يجعل الخمر حالًل‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ ‬فالملحد يقول‪ :‬الخمر ال مشكلة فيها‪.‬‬


‫ٌ‬
‫حالل‪.‬‬ ‫الشع ر‬
‫حن أثبت لك أن الخمر‬ ‫‪ ‬أما التنويري فيقول‪ :‬سأقوم بتأويل النص ر‬
‫ي‬
‫• فالتنويري يعمل من داخل المنظومة اإلسالمية؛ لتوليد الطرح اإللحادي الكفري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‪ ،‬وينكر ما أجمعت عليه األمة‬ ‫• وبطبيعة الحال فالتنويري يكفر ُبأحاديث ي‬
‫ً‬
‫عت كل تاريخها‪ ،‬ويجعل كل ما اتفق عليه مختلفا عليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ويتر إلنكاره ثوابت ر‬ ‫ُ‬
‫مسائل عفا عليها الزمن‪ ...‬فهو يجعل‬ ‫الشيعة بأن هذه الثوابت‬ ‫•‬
‫أمورا فيها نظر بأي حجة‪ ،‬وبأي طريق‪.‬‬ ‫بديهيات رشعية ً‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ن‬
‫المسلمي‪:‬‬ ‫• إذن فهدف التنويري يف األخت تفري غ الدين من أصوله وثوابته‪ ،‬وج ْعل‬
‫ْ‬ ‫ُ َ ا ُ َ‬
‫قيمة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وزن وال‬
‫حفالة كحفال ِة التم ِر والش ِع ِت بال ٍ‬
‫‪ ‬حين أخبر القرآن الكريم في أول سورة البقرة عن الكافرين تحدَّ ث عنهم‬
‫َ‬
‫اثنتين‪:‬‬ ‫في َ‬
‫آيتين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬ﭐﱡ ﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬

‫ﱖﱘﱙﱚﱛﱠ سورة البقرة‬


‫ﱗ‬ ‫ﱒﱔ ﱕ‬
‫ﱓ‬ ‫ﱑ‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬


‫تأب بعد ذلك ثالث ر‬
‫المنافقي‪ ،‬وبيان حيلهم ومكرهم‬ ‫عشة آية يف بيان أساليب‬ ‫• ثم ي‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫ر‬
‫الن يدخلون بها عىل‬
‫وخدعهم ي‬
‫‪664‬‬
‫التاث‪ ،‬وتقديم‬ ‫• فالمنافقون الذين َيظهرون بمظهر الذي يريد اإلصالح‪ ،‬وتنقيح ر‬
‫ً‬
‫إفسادا ن يف األرض‪...‬‬ ‫ن‬
‫اإلسالم للغرب‪ ،‬ونهضة األمة‪ ،‬هم يف حقيقة األمر يريدون‬
‫ُ‬
‫يريدون أن يضيعوا عىل الناس آخرتهم‪ ...‬يريدون محاربة دين هللا وإضالل‬
‫ن‬
‫المسلمي وفتنتهم عن دينهم بكل السبل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪‬قال هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬واصفا حال هؤالء‪:‬‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱠ﴿‪ ﴾8‬سورة البقرة‪.‬‬

‫ال َعالقة لهم باإليمان‪.‬‬


‫‪‬ﱡﭐ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱠ﴿‪ ﴾٩‬سورة‬
‫البقرة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫والمؤمني بإظهار اإليمان وإبطان الكفر‪ ،‬وهم يف الحقيقة يخدعون‬ ‫• يخادعون هللا‬
‫أنفسهم فقط‪.‬‬
‫ﱸ ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﱠ ﴿‪﴾1٠‬‬
‫ﱹ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱳﱴﱵﱶﱷ‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫ن‬
‫• يف قلوب هم شك‪ ،‬لكذبهم عىل هللا وعىل الناس‪ ،‬وتكذيبهم بما يرون من دالئل هذا‬
‫ًّ‬
‫الدين‪ ،‬فزادهم هللا شكا‪ ،‬ولهم عذاب شديد‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﱠ﴿‪ ﴾11‬سورة البقرة‪.‬‬

‫• وإذا ُنهوا عن اإلفساد قالوا‪ :‬نحن مصلحون‪ ...‬نحن نريد تنقيح كتب ر‬
‫التاث‪ ...‬نحن‬
‫نريد تنوير هذه األمة‪.‬‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﱠ ﴿‪ ﴾12‬سورة البقرة‪.‬‬
‫هم أصحاب اإلفساد‪.‬ﭐ‬
‫ﲠ ﲢ ﲣﲤ ﲥ‬
‫ﲡ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ‬
‫ﲦﲧﲨﱠ﴿‪ ﴾1٣‬سورة البقرة‪.‬‬

‫‪ ‬وإذا قيل لهم‪ِ :‬آمنوا كما آمن سلف هذه األمة‪ِ ...‬آمنوا بما أجمعت عليه األمة‪،‬‬
‫ُ‬
‫فاف العقول؟‬
‫قالوا أنؤمن كإيمان ِخ ِ‬
‫• والحق أنهم هم السفهاء‪ ،‬ولكنهم يجهلون ذلك‪.‬‬
‫‪665‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ‬

‫ﲹﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة البقرة‪.‬‬

‫‪ ‬وإذا التقوا بالمؤمنين قالوا‪ :‬نحن مثلكم مؤمنون‪.‬‬

‫‪ ‬وإذا انصرفوا عن المؤمنين إلى حزبهم قالوا‪ :‬إنا معكم‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﱠ ﴿‪ ﴾1٥‬سورة البقرة‬


‫َ ن‬ ‫ن ُ‬ ‫ن‬
‫• هللا يستهزئ بهم يف مقابلة استهزائهم بالمؤمني‪ ،‬في ي‬
‫مىل لهم؛ ليتمادوا يف ضاللهم‬
‫ن‬
‫تائهي‪)٥٣٩(.‬‬ ‫وطغيانهم‪ ،‬فيبقون حائرين‬
‫عشة آية من أول سورة البقرة تكشف أساليب هؤالء الذي يشقون آخرة‬ ‫• ثالث ر‬
‫الناس باسم التنوير‪.‬‬
‫ن‬
‫بن جلدتنا‪.‬‬‫• فهؤالء دعاة عىل أبواب جهنم من ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الصحيحي‪:‬‬ ‫‪‬قال ي‬
‫النن ﷺ يف الحديث الذي أصله يف‬

‫الزم ما اتفقت عليه هذه األمة‪ْ ...‬‬ ‫ْ‬


‫الزم دين هللا‬ ‫المسلمين وإما َمهم‪:‬‬
‫َ‬ ‫فالزم جما َع َة‬
‫ْ‬ ‫❑‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الصادقي إىل هللا‬ ‫الزم المنهج الذي سار عليه سلف هذه األمة‪ِ ...‬‬
‫الزم الدعاة‬ ‫وشيعته‪ِ ...‬‬
‫ن يف زمنك‪.‬‬

‫حن‬
‫َ‬
‫شج َرة ر‬ ‫بأصل‬ ‫ض‬ ‫ع‬‫أن َت َ‬
‫ْ‬
‫و‬ ‫ول‬ ‫ها‪،‬‬
‫َ َ ُ َّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫الف‬ ‫ك‬
‫رن ْ ْ َ‬
‫ل‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫فاعت‬ ‫‪،‬‬ ‫وًل ٌ‬
‫إمام‬
‫َ ٌ َ‬
‫ة‬ ‫جماع‬
‫َ ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫لم‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫ِفإ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫كذلك‪ :‬اعتل الدنيا كلها المهم أًل ت ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫في عن دينك‪.‬‬ ‫يد ِركك الموت وأنت ِ‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ‬

‫ﱶﱠ ﴿‪ ﴾1٥٣‬سورة األنعام‪.‬‬

‫التفسير الميسر‪.‬‬ ‫(‪(539‬‬

‫صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.2994 :‬‬ ‫(‪(540‬‬

‫‪666‬‬
‫‪ ‬وقال عز من قائل‪ :‬ﱡﭐ ﱞ ﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥ ﱦﱧﱨ ﱩ‬

‫ﱯﱱﱲﱠ ﴿‪ ﴾11٥‬سورة النساء‪.‬‬


‫ﱰ‬ ‫ﱪ ﱫﱬ ﱭﱮ‬

‫ُ‬ ‫َو َيتب ْع َغ ْ َت َسبيل ْال ُم ْؤمن نَ‬


‫ي‪ :‬ريتك ما اتفقت عليه هذه األمة‪ُ ،‬‬
‫فينكر السنة‪ ،‬وينكر اإلجماع‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ن‬
‫ويتبع كل هوى‪ ،‬فهذا ممن يتبع غت سبيل المؤمني‪.‬‬‫ا‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱠ ﴿‪ ﴾1٥٩‬سورة األنعام‪.‬‬

‫شء‪.‬‬
‫َ‬
‫لست منهم نف ر‬ ‫فهؤالء‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫ا‬
‫ً‬
‫ختلف‬ ‫‪َ ‬فر ُقوا د َين ُه ْم‪ :‬جعلوا ما اتفقت عليه األمة ُ‬
‫م‬
‫ي ي‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫يوم ذك َر الن ين ﷺ شيئا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ذات‬ ‫‪‬‬

‫ﷺ‬

‫َ َ‬
‫لون ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فيهما‪ :‬فليست القضية بأن تقرأ القرآن‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ء‬‫ٍ‬ ‫بش‬
‫ي‬ ‫يعم‬ ‫ال‬ ‫واإلنجيل‬ ‫اة‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫الت‬ ‫يقرؤون‬ ‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫أو يكون القرآن يف بيتك وسيارتك وعىل مكتبك‪ ،‬المهم أن تفهم القرآن فهما صحيحا‪،‬‬
‫ُ‬
‫وسياقه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وأن تعمل بما فيه‪ ،‬وأًل تخرجه عن معناه‬
‫بي أيدينا ونتلوه‪،‬‬‫حي يكون القرآن ن‬‫• فالنن ﷺ أخت باليوم الذي يذهب فيه العلم‪ ،‬ن‬
‫ي‬
‫بش ٍء مما فيه‪.‬‬ ‫ر‬
‫لكن ال نعمل ي‬
‫• وهللا المستعان‪.‬‬
‫ُ‬
‫بااللتام بما رشع ربنا‪ ،‬والتسليم للنص ر‬ ‫رن‬
‫ع‪.‬‬
‫ي‬ ‫الش‬ ‫• فال نجاة إال‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وأن ُتقرص نف ألف طاعة ٌ‬ ‫ْ‬
‫خت من أن تنكر حرفا مما أجمعت عليه هذه األمة‪ ،‬وسار‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫عليه سلف هذه األمة‪.‬‬
‫فالنا ُيدرك واقع األمة اليوم؛ ولذلك فهو ُ‬ ‫ً‬
‫سيضطر إلنكار ما أجمعت‬ ‫• وإياك أن ترى أن‬
‫عليه األمة؛ ألن الوضع اختلف اآلن‪ ،‬أنت بهذا وكأنك تقول‪ :‬إن هللا ال يعلم‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ر َ ن‬
‫صلح كل‬‫الغيب‪ ،‬فهو سبحانه أنزل شعه يف كتابه وسنة نبيه‪ ،‬وأخت أن شعه ي ِ‬
‫َ ُ ُ‬
‫زمان ومكان‪ ،‬ويصلح لكل زمان ومكان‪ ،‬لكن أنت ترى أن الوضع اختلف اآلن‪،‬‬
‫ويجب تغيت ما أجمعت األمة عليه بحجة تغت الزمن‪ ،‬فهذا إلحاد ن يف دين هللا‪.‬‬

‫)‪ (541‬صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬ح‪.3288 :‬‬


‫‪667‬‬
‫‪ ‬قال عمر بن عبد العزيز‪:‬‬

‫تلف هللا وأنت كذلك‪ ،‬وال تشغل َ‬


‫نفسك بمن سقط‬ ‫حن ر‬ ‫نفسك‪ ،‬واتق ربك ر‬ ‫• أصل ْح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن يف هذه الفي‪ ،‬وأجر الصابر يف وقت الفي عظيم عند هللا عز وجل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫خمسي من الصحابة كما أخت الننﷺ‪)٥44(.‬‬ ‫ن‬ ‫• أجره بأجر‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫• فهذا األجر العظيم‪ :‬لعظمة تلك ر ن‬
‫الفي‪ ،‬وتزين الدنيا عىل أشدها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫والت ْم ر‬
‫فاصت نفسك‪ ،‬ر ن‬‫ْ‬
‫وحافظ عىل القرآن بتدبر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بشع ربك‪،‬‬ ‫•‬
‫والزم ما كان عليه سلف هذه األمة‪.‬‬‫ْ‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأنع ْم بأجرك عند ربك‪.‬‬ ‫• فلو فعلت فقد نجوت‪ِ ،‬‬
‫‪‬‬
‫المؤمني‪ ،‬أنهم ً‬
‫دائما يؤكدون أن‬ ‫ن‬ ‫• من سمات دعاة التنوير الذين يتبعون غت سبيل‬
‫ا‬ ‫ُ ُ‬
‫أي إنسان عىل خل ٍق حسن فهو من أهل الجنة ‪-‬باعتبار أنهم يؤمنون بالجنة أصًل‪-‬‬
‫ًّ‬
‫يهوديا َو َرد عىل هللا وحيه‪ ،‬ر‬ ‫حن ولو كان نرص ًّ‬
‫ر‬
‫حن ولو كان يعبد األحجار‪،‬‬ ‫انيا أو‬
‫فطالما أنه ُمهذب فهو من أهل الجنة‪.‬‬
‫ًّ‬
‫• فهم يرفعون مقام صاحب الخلق الكريم ًّأيا كان دينه‪ ،‬ويعطوه صكا بالجنة‪.‬‬
‫َ‬
‫تعظيم حق‬ ‫تعن‬‫• وهذه فكرة خبيثة ُتسىم الديانة اإلنسانوية ‪ Humanism‬وه ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫اإلنسان عىل حق هللا‪ ،‬فلو اعتديت عىل حق هللا يف عبادته فال مشكلة‪ ،‬المهم‬
‫أًل تعتدي عىل حق اإلنسان‪.‬‬
‫ن‬
‫• وقد ظهرت الديانة اإلنسانوية؛ ألنه ال وجود هلل يف قلوب هم‪ ،‬فهم ال يعنيهم‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وكفرك بربك‪ ،‬المهم ال تؤذي إنسانا‪.‬‬ ‫اعتداؤك عىل الدين‪،‬‬

‫( ‪ (542‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4612 :‬‬


‫طاعًا‪ ،‬وه ًَوى ُمتَّبَعًا‪ ،‬و ُد ْنيَا‬ ‫(‪ (543‬قال رسول هللا ﷺ‪ :‬بَل ائْت َمروا بالمعروف‪ ،‬وت َناهَوا عن ال ُمنكر‪ ،‬حتى إذَا َرأَيْتَ ُ‬
‫شحًّا ُم َ‬
‫بر فيه َّن مث ُل القَبْض على‬ ‫ص ُ‬‫ع ال َعوا َّم‪ ،‬فإ َّن من ورائ ُكم أيَّا ًما‪ ،‬ال َّ‬‫اب ُكل ذي َرأْي ٍ ب َرأْيه‪ ،‬فعلَيكَ بخاصة نفسكَ و َد ْ‬ ‫ُمؤْ ثَ َرةً‪ ،‬وإ ْع َج َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫ال َج ْمر‪ ،‬للعامل فيهن مث ُل أجْ ر خَمسينَ َر ُجل يَع َملونَ مث َل َ‬
‫ع َملك ْم‪.‬‬
‫سنن الترمذي‪ ،‬ح‪ ،3058:‬درجة الحديث‪ :‬حسن غريب‪.‬‬
‫(‪ (544‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪668‬‬
‫إنسانا فهذا غت مقبول‪ ،‬أما لو أضعت عىل إنسان آخرته‪ ،‬ر‬ ‫ً‬
‫ونشت‬ ‫ٍ‬ ‫• فلو آذيت‬
‫ألحد‬
‫ٍ‬ ‫الشبهات ن‬
‫بي الناس‪ ،‬وحرضتهم عىل الكفر باهلل‪ ،‬فهذه حرية تعبت‪ ،‬وال يحق‬ ‫ِ‬
‫أن يمنعك‪.‬‬

‫‪ ‬فتضييع اآلخرة األبدية ال مشكلة فيها؛ لماذا؟ ألنهم ال يؤمنون‬


‫باآلخرة ابتداءً ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫فهذه ه عقيدة الديانة اإلنسانوية‪ ،‬ر‬
‫تعن اإليمان باإلنسان بديًل عن اإليمان باهلل‬
‫والن ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ورسله وكتبه واليوم اآلخر‪.‬‬

‫‪‬فالديانة اإلنسانوية ي‬
‫ه جزء ال يتجزأ من حركة التنوير‪.‬‬

‫‪ ‬وأنا ال أدري كيف يؤمنون بحقوق اإلنسان في عالم مادي‪ ،‬ينكرون فيه‬
‫الخالق والغيب واليوم اآلخر؟‬

‫‪ ‬كيف لهم اإليمان باإلنسان في عالم كهذا؟‬


‫ٍ‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫ميتافتيقية أصًل‪.‬‬ ‫ه كلمة‬ ‫• كلمة إنسان كما قلت من قبل ي‬
‫• كلمة تستمد معناها من ٍ‬
‫عالم آخر‪.‬‬
‫• فال يوجد إنسان ن يف العالم المادي اإللحادي‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وبي الطفيليات المعوية‪ ،‬كما يقول‬ ‫• يوجد يف اإللحاد حيوان متطور ال فرق بينه‬
‫فرانسيس فوكوياما‪)٥4٥(.‬‬

‫• أما "إنسان" فال وجود له ن يف عالم اإللحاد‪.‬‬


‫فحي يكفر اإلنسان بخالقه فإنه يكفر يف الوقت نفسه بإنسانيته‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ‬
‫ن‬ ‫ن‬

‫ﱺﱻﱼﱽﱠ ﴿‪ ﴾1٣٠‬سورة البقرة‪.‬‬

‫فمن يرغب عن الدين يسفه نفسه‪ ،‬ويصبح ال فرق بينه ن‬


‫وبي الطفيل المعوي‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ن‬ ‫• يهتمون ً‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويقدمونهم باعتبارهم‬
‫ي‬ ‫مارقة ظهرت يف التاري خ‬
‫ٍ‬ ‫بشخصيات‬
‫ٍ‬ ‫دائما‬
‫حن يوهنوا قيمة السلف ن يف قلب الشاب المعارص‪.‬‬ ‫مفكرين ر‬
‫ً‬
‫وه‪ :‬إثارة القوميات ن يف كل بلد‪.‬‬
‫ي‬ ‫هؤالء‪،‬‬ ‫عند‬ ‫أخرى‬ ‫سمة‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫•‬

‫(‪ (545‬فرانسيس فوكوياما‪ ،‬نهـاية التاريخ وخاتم البشر‪ ،‬ص‪ 259‬الطبعة األولى ‪ 1993‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪.‬‬
‫‪669‬‬
‫ن‬
‫وإخوانهم من غت األمازي غ يف‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫المسلمي األمازي غ‬ ‫• فهم ُيشعلون الضغائن ن‬
‫بي‬
‫المغرب‪.‬‬
‫وإخوانهم ن يف الشام وهكذا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫المسلمي األكراد‬ ‫• ويشعلون الضغائن ن‬
‫بي‬

‫‪‬هم يجيدون اللعب على ملف العصبيات والقوميات باحترافية‪.‬‬


‫ٍ‬
‫‪‬‬
‫ًّ‬
‫• التقرب جدا من الملحدين ومن الخطاب اإللحادي‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫دائما يمتدحون المالحدة‪ ،‬ويعرضون يف كثت من القضايا نفس تصور ِاتهم؛‬ ‫• فهم‬
‫ألنهم ببساطة منهم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫• التسامح مع أية فكرة‪ ،‬وأي مذهب‪ ،‬وأي تصور‪ ،‬وأي خرافة‪ ،‬ولو كانت عبادة‬
‫البش‪ ،‬بل هم يتسامحون‬ ‫حشات‪ ،‬فال مشكلة عندهم من التسامح مع أكلة لحوم ر‬ ‫ر‬
‫ا ُ ً‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫عداء وكراهية وبغضا‬ ‫مع النازية الجديدة‪ ،‬لكنهم يف الوقت نفسه هم أشد الناس‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫ن‬
‫المسلمي وشيوخ‬ ‫ن‬
‫المسلمي وعلماء‬ ‫ا‬
‫وإقصاء لدعاة‬
‫ر َ‬ ‫ُ‬
‫حن تشعر من خطابهم أن جهنم ليس فيها إال‬ ‫ينتىم لإلسالم‪،‬‬
‫ي‬ ‫• فهم يبغضون كل ما‬
‫علماء السلف‪ ،‬وأن الجنة أغلب َمن فيها مالحدة‪.‬‬
‫ر َ‬
‫حن يحذر منهم؛ ألنهم أصبحوا‬ ‫• إذن ال بد للمسلم أن يعرف سمات دعاة التنوير‬
‫منتشين ن يف القنوات والفضائيات ومواقع التواصل‪.‬‬
‫ر‬

‫‪ ‬فسماتُهم باختصار‪:‬‬
‫الشع ً‬
‫تماما‪.‬‬ ‫الشع بما يخرجه عن معناه‪ ،‬وعن مراد ر‬
‫‪ -1‬تأويل النص ر‬
‫ي‬
‫‪ -2‬إنكار السنة النبوية‪ ،‬والهجوم عىل علم الحديث‪.‬‬

‫‪ -٣‬الهجوم عىل علماء السلف والتنقص منهم‪.‬‬


‫تبن الديانة اإلنسانوية‪ ،‬وتقديم حق ر‬
‫البش عىل حق هللا‪.‬‬ ‫ن‬
‫‪ -4‬ي‬
‫‪ -٥‬إثارة القوميات والنعرات‪.‬‬
‫ن‬
‫المؤمني‪.‬‬ ‫‪ -6‬االصطفاف مع الملحدين والحرب عىل‬

‫‪670‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تقريبا بالمصطلحات نفسها‪،‬‬ ‫قرني‬ ‫ظهر يف أوروبا قبل‬ ‫‪‬‬
‫ُ ُ‬
‫واألهداف نفسها‪ ،‬واألسلوب نفسه‪ ،‬وانته كما قلت بإلحاد أوروبا‪ ،‬وتمت علمنة كل‬
‫أوجه الحياة‪.‬‬
‫ن‬ ‫وكانت البداية ه ُ‬
‫تهاون الناس يف التعامل مع دعاة التنوير‪ ،‬فقد استح الناس من نقد‬ ‫ي‬
‫حركة التنوير‪ ،‬وكشف مكرها بدعوى حرية التعبت وحرية الرأي‪.‬‬

‫فانتش اإللحاد انتشار النار ن يف الهشيم‪.‬‬


‫ر‬

‫فهذا النوع أخطر من اإللحاد الرصي ح بألف ألف مرة لو ُترك دون مواجهة ر‬
‫مباشة مع أهم‬
‫ما يقوم عليه من أفكار‪ ،‬فيجب تفنيد وتعرية وكشف قبح هذا المذهب‪.‬‬

‫الن حصلت ن يف أوروبا‪.‬‬


‫ر‬ ‫ن‬
‫يريد دعاة التنوير يف بالدنا أن يعيدوا الكرة نفسها ي‬
‫ولذلك ال بد أن يعلم الناس حقيقة حركة التنوير‪ ،‬ويعلموا خطرها ليس فقط عىل دينهم‪،‬‬
‫ً‬
‫وإنما عىل دنياهم أيضا‪.‬‬

‫‪ ‬فحركات التنوير يف أوروبا نشأت يف كنفها كل عصابات اإلبادة‬


‫الجماعية‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫السوفين كانت تنويرية ‪.Stalinist Enlightenment‬‬
‫ي‬ ‫االتحاد‬ ‫ف‬‫• فالستالينية ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الصي كانت تنويرية‪.‬‬ ‫• والماوية يف‬
‫• والنازية ن يف ألمانيا كانت تنويرية‪.‬‬

‫ُ‬
‫وسيسىم ر‬
‫مشوع اإلبادة الذي يقوم به‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬فمصطلح التنوير يقبل أية فكرة إبادية‪،‬‬
‫ًّ‬
‫تنويريا!‬ ‫ر ً‬
‫مشوعا‬

‫ن‬
‫األدب ب ‪" :‬دُش تطهير‬ ‫‪ ‬وهتلر عىل سبيل المثال كان ُيسىم إبادة األعراق ر‬
‫البشية‬ ‫ي‬
‫األملان من األوساخ العالقة بهم"‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫األلماب‪.‬‬
‫ي‬ ‫اآلري‬ ‫بالعرق‬ ‫عالقة‬ ‫أوساخ‬ ‫األدب‬ ‫• باعتبار أن األعراق‬
‫‪671‬‬
‫أدب من وجهة نظر إلحادية‪-‬‬ ‫األدب ‪ -‬ن‬
‫ن‬ ‫المعاقي والضعفاء واألعراق ر‬
‫البشية‬ ‫ن‬ ‫• فإبادة‬
‫ن‬
‫طبيع يف الفلسفة التنويرية‪.‬‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫شء‬
‫هذا ي‬
‫ن‬
‫• ألن الفلسفة التنويرية يف األساس فلسفة إلحادية تؤمن بالتطور والمادية‪ ،‬وأن‬
‫ن‬
‫وبالتاىل فال عزاء للضعفاء وال‬
‫ي‬ ‫اإلنسان مجرد خبط عشواء يف الطبيعة بال قيمة‪،‬‬
‫ن‬
‫المعاقي‪.‬‬ ‫ن‬
‫المرص وال‬
‫• لقد أدى التنوير إىل وصول أوروبا إىل العبثية والعدمية‪ ،‬ووصل الناس إىل أعىل‬
‫معدالت انتحار نف تاري خ أوروبا‪ ،‬وتاري خ العالم‪ ،‬وفقد الناس ن‬
‫معن الحياة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ويراد لنا اليوم أن نست َوفق نفس هذه األجندة التنويرية‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٣2‬سورة التوبة‪.‬‬
‫ﭐ‪‬ﭐﱡﭐﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﱠ ﴿‪ ﴾21‬سورة يوسف‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪672‬‬
‫‪ -198‬ما هو التنوير المطلوب؟‬
‫الظالم الذي يقوده دعاة‬ ‫حقيف نف هذا العالم نف مقابل ر‬
‫مشوع التنوير‬ ‫ر‬ ‫ج‪ :‬هناك تنوير‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫َ‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫تنوير‬ ‫وهو‬ ‫ًل‬ ‫التنوير‪ ،‬أ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫الشع الذي رفع ُ‬ ‫فنور ر‬
‫هللا به قدر اإلنسان‪ ،‬وقدر به أن اإلنسان يف مركز هذا العالم‪ ،‬وأنه‬
‫َ ُ َ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫وصلح‬ ‫الحقيف الذي أنار هللا به العالم‪،‬‬
‫ي‬ ‫النور‬ ‫هو‬ ‫هذا‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫عىل‬ ‫كريم‬ ‫ه‬ ‫وأن‬ ‫لحكمة‪،‬‬ ‫لق‬ ‫خ‬
‫به حال اإلنسان‪.‬‬
‫الحقيف األوحد‪ :‬ﱡﭐﲶﲷﲸﲹﱠ﴿‪ ﴾174‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫‪ ‬وهذا هو التنوير‬

‫الوح‪ :‬ﭐﱡﭐﲨﲩﲪﲫﲬﱠ﴿‪ ﴾28‬سورة الحديد‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪ ‬إنه نور‬
‫ﱗ ﱠ﴿‪ ﴾٥2‬سورة الشورى‪.‬‬
‫ﱘ‬ ‫‪ ‬ﱡﭐ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ‬
‫اإلله‪ :‬ﭐﱡﭐﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟ‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬
‫ر‬
‫حقيف وال تنوير إال بنور‬
‫ي‬ ‫‪ ‬فال نور‬
‫ﱠ ﴿‪ ﴾4٠‬سورة النور‪.‬‬

‫عىم كامل‪:‬ﭐﱡﭐﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊ‬
‫‪ ‬فبدون الوح اإلله يعيش اإلنسان نف ا‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة الرعد‪.‬‬

‫❑ فنور الوحي هو طريق الهداية األوحد‪ ،‬والنور األوحد لإلنسانية‪.‬‬


‫ً‬
‫قطعا ليس التجديد‬ ‫ر‬
‫حقيف للدين‪ ،‬لكنه‬ ‫الوح نحتاج إىل تجديد‬ ‫• ر‬
‫وحن نصل لنور‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫النن ﷺ‪ ،‬والذي يكون‬
‫اإللحادي التنويري‪ ،‬وإنما نحتاج للتجديد الذي حض عليه ي‬
‫بتنقية الدين وتصفيته عما ر‬
‫اعتاه وشابه من االجتهادات الخاطئة‪ ،‬وجهاالت‬
‫العوام‪ ،‬وإعادته للنقاء األول‪.‬‬

‫‪ ‬وقد أخت ي‬
‫النن ﷺ بهذا النوع من التجديد فقال‪:‬‬

‫(‪ (546‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬ح‪.599 :‬‬


‫‪673‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫سيأب َمن يعيد نقاء الدين عىل النقاء األول‪ ،‬وهو النقاء‬ ‫ي‬ ‫سنة‬
‫ٍ‬ ‫• فعىل رأس كل مائة‬
‫النن ﷺ وصحابته‪.‬‬ ‫الذي كان عليه ي‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫واستبف عىل القرون‬ ‫• وهذا هو التجديد الذي أخرج هللا به من الهباء أمة عظيمة‪،‬‬
‫جيًل من الناس ما كانوا ليدخلوا التاري خ لوال هذا الوح ر‬‫ا‬
‫النف‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫• ولن تصل األمة لنهضتها وصالح حالها إال بعودتها لدين رب ها‪ ،‬ونهج سلف هذه‬
‫ُ َ‬ ‫صل َح ُ‬ ‫َ ُ‬
‫آخر هذه األمة إال بما َصلح به أولها‪ ،‬كما قال اإلمام‬ ‫األمة وعقيدتهم‪ ،‬فلن ي‬
‫مالك رحمه هللا‪.‬‬

‫الشاطن ن يف االعتصام‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬قال‬

‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂ ﱠ﴿‪ ﴾٩٠‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (547‬االعتصام‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.205‬‬


‫‪674‬‬
‫السنة؟‬
‫‪َ -199‬من هم منكرو ُّ‬
‫ً‬
‫مؤخرا‪،‬‬ ‫ر‬
‫للتشي ع‪ ،‬هم فئة ازداد ظهورها‬ ‫ج‪ :‬منكرو األحاديث‪ ...‬منكرو المصدر ن‬
‫الثاب‬
‫ي‬
‫وأغلبهم من تحت عباءة التنوير‪.‬‬

‫• وقد خرجوا عىل األمة اإلسالمية بقولهم‪ :‬نحن نكفر ببعض ُسنة رسول هللا ﷺ‪،‬‬
‫أو كلها‪.‬‬
‫• هذا ُملخص فكرة هذه الطائفة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الننﷺ‪.‬‬‫• وهم مختلفون فيما بينهم‪ :‬فبعضهم يكفر بكل األحاديث‪ ،‬وكل األخبار عن ي‬
‫وثان يكفر بأحاديث اآلحاد‪ ،‬ويؤمن بالمتواتر‪.‬‬ ‫• ٍ‬
‫ُُ‬ ‫ٌ‬
‫للنن ﷺ ‪ ،‬ويؤمن بالسنة الفعلية‪.‬‬ ‫• وثالث يكفر بالسنة القولية ي‬
‫فف األخت هم يكفرون‬ ‫• لكن نف الجملة أغلب السنة آحاد‪ ،‬وأغلب السنة قولية‪ ،‬ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫بأغلب الشيعة‪ ...‬يكفرون بما ال حرص له من المعلوم من دين هللا بالرصورة‪.‬‬ ‫ر‬
‫• وبعض منكري السنة ُيسمون أنفسهم ب ‪" :‬القرآنيون"‪.‬‬
‫ن ًّ‬ ‫ُ‬
‫قرآنيي حقا لما أنكروا ما أوجب هللا اتباعه‬ ‫• وهم أبعد الناس عن القرآن‪ ،‬فلو كانوا‬
‫المؤمني‪ ،‬ن‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ورصورة التسليم لدين هللا‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬واتباع سبيل‬ ‫يف ًالقرآن امن سنة ي‬
‫وسنة‪.‬‬ ‫قرآنا ُ‬
‫• فقد أجمعت األمة عىل وجوب العمل بالسنة‪ ،‬وأجمعت عىل اعتبارها المصدر‬
‫للتشي ع بعد القرآن‪.‬‬‫الثاب ر‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫‪ ‬والسنة محفوظة كالقرآن‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬
‫ﱠ﴿‪ ﴾٩‬سورة الحجر‪.‬‬

‫‪‬قال ابن حزم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫( ‪ (548‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬ابن حزم‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.118‬‬


‫‪675‬‬
‫‪ ‬وقال ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫وحي ظهرت‬ ‫ن‬ ‫بالشيعة‪،‬‬ ‫هم من أجهل الناس ر‬ ‫• ومن الغريب أن‬
‫ً‬ ‫الضالة كالخوارج والجهمية وغت ِهم كان فيهم َمن درس ر‬ ‫َّ‬
‫الشيعة جيدا‪،‬‬ ‫الفرق‬
‫ُّ‬
‫لكنهم كانوا يتأولون النصوص عىل غت وجهها فضلوا‪ ،‬أما منكرو السنة فال يعرفون‬
‫الشيعة‪ ،‬ر‬ ‫شيئا نف علوم ر‬ ‫ً‬
‫واحد ليسوا علماء‬ ‫ٍ‬ ‫استثناء‬
‫ٍ‬ ‫فتاهم كلهم كلهم كلهم بال‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫حديث‪ ،‬وليسوا علماء شيعة‪.‬‬
‫• فهم بعيدون كل البعد عن ذلك‪.‬‬
‫"احتام العقل"‬ ‫ر‬ ‫األكاديىم" و‬ ‫دائما يستخدمون كلمات براقة مثل‪" :‬البحث‬ ‫• وتراهم ً‬
‫ي‬
‫و "البحث الحر" و "نهضة األمة" و " التخلص من الجهل" و "التنوير"‪.‬‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫بش ٍء مما فيها‪.‬‬ ‫• مصطلحات مستهلكة ال يملكون منها شيئا‪ ،‬وال يرغبون ي‬
‫ينشون شبهات سطحية مكررة عن السنة‪،‬‬ ‫• منته ما يفعله منكرو السنة أنهم ر‬
‫قي‪ ...‬ينقلونها عن أعداء اإلسالم‪.‬‬ ‫ر‬
‫المستش ن‬ ‫ينقلونها عن‬
‫• وإنكار السنة هو قنطرة اإللحاد األوىل بال منازع‪.‬‬
‫• وأغلب َمن انته به الحال إىل اإللحاد والمروق من اإلسالم كانت بدايته أنه أنكر‬
‫العقىل عليها‪ ...‬قدم النظرة الغربية عىل‬ ‫بعض األحاديث الصحيحة‪ ،‬وقدم الهوى َ ي‬
‫بعض األحاديث الصحيحة‪ ...‬قدم تصورات توهمها عىل السنة‪ ،‬فانته به الحال‬
‫ا‬ ‫إىل الطعن نف الحديث والسنة ر‬
‫والتاث وكتب الفقهاء‪ ،‬ثم قام بتأويل القرآن تأويًل‬ ‫ي‬
‫يخرجه عن معناه؛ ليوافق هذه األهواء فكانت نهايته اإللحاد‪.‬‬
‫طبيع ومتوقع‪.‬‬‫ي‬ ‫• فهذا خط ست‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫يبي خطورة إنكار السنة أن هناك فئة من المالحدة‬ ‫• واألغرب من هذا والذي‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫استغلت هذه البوابة‪ ،‬بوابة إنكار السنة فدخلوا منها وفرخوا لهم فيها أتباعا‪.‬‬
‫لنش‬ ‫• فالملحد َيظهر بصورة منكر السنة‪ ،‬لكنه بعد ذلك سيستخدم هذا المدخل ر‬
‫اإللحاد ن يف الدين‪.‬‬
‫إلحاد ن يف دين هللا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• فإذا تم إنكار السنة لن تستطيع أن تواجه أي‬
‫ن‬ ‫المشوع التنويري‪ ،‬فالتنويري ر ن‬
‫‪ ‬وهذا بالضبط ر‬
‫يتعم إنكار السنة لكن هدفه اإللحاد يف‬
‫دين هللا‪.‬‬

‫(‪ (549‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.208‬‬


‫‪676‬‬
‫رضة ألي تأويل وفق أي ا‬ ‫ا‬ ‫ن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫هوى‪ ،‬فال‬ ‫ٍ‬ ‫القرآب ع‬
‫ي‬ ‫وحي يتم إنكار السنة يصبح النص‬ ‫•‬
‫ئ‬
‫الخاط للقرآن‪ ،‬وال إجماع يعود إليه منكر السنة؛‬ ‫حديث نبوي يعصم عن الفهم‬
‫ع؛ ألنه ال يؤمن باإلجماع‪ ،‬وال فهم لسلف هذه األمة‬ ‫ر‬
‫ليفهم مراد النص الش ي‬
‫الشع‪.‬‬‫ينصلح به نظره نف مراد ر‬
‫ي‬
‫ن‬
‫ه‪ :‬العبث يف دين هللا كما يريدون‪.‬‬‫• فالنتيجة األختة ي‬
‫ه أن‪ :‬يُضعف‬ ‫يدع أنه فقط منكر للسنة ي‬ ‫ي‬ ‫• فغاية الملحد التنويري الذي‬
‫ُّ‬
‫تشك في معاني القرآن‪ ،‬فتبدأ في‬ ‫تسليمَ ك للنص الشرعي‪ ،‬فيجعلك‬
‫ً‬
‫فشيئا‪.‬‬ ‫ً‬
‫شيئا‬ ‫تقبُّل اإللحاد‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ حيث يتم رد كل حديث‬ ‫يعن التطاول عىل قدسية ي‬ ‫• وإنكار السنة يف الواقع ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫يتالش بالكلية من القلب مع‬ ‫وبالتاىل تضعف حرمة هذا الدين إىل أن‬ ‫ي‬ ‫نبوي‪،‬‬
‫الوقت‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫المعن‬ ‫معاب القرآن قد يكون‬
‫ي‬ ‫• فإذا ضاعت السنة‪ ،‬وأصبح كل ما ي ِرد عىل ذهنك من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫المسلم هيبة النص‬ ‫وبالتاىل يفقد‬
‫ي‬ ‫الطبيع أن تضيع قيمة النص‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بخالفه‪ ،‬فمن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫التسليم لظاهر النص‪ ،‬فماذا نتوقع بعد هذا إال االنسالخ‬ ‫ع‪ ،‬ومن ثم يفقد‬ ‫الش ي‬
‫الكامل من الدين والجري خلف غرور اإللحاد الذي يغازل اإلنسان مع كل شهوة‪.‬‬
‫َ َ َ ُ‬
‫للنن ﷺ ‪ ،‬أجمع المسلمون‬ ‫ي‬ ‫حديث‬ ‫عىل‬ ‫بالتطاول‬ ‫ألنفسهم‬ ‫نة‬ ‫الس‬ ‫فاة‬ ‫ن‬ ‫• فما أن سمح‬
‫عت القرون عىل قبوله والعمل به‪ ،‬إال وقد وضعوا أوىل خطوات التمرد عىل قداسة‬
‫وعظم قدر النبوة‪.‬‬
‫ِ‬
‫ا‬ ‫ُ ً‬
‫• فهم يستحقون أن يزدادوا بعدا عن دين هللا‪ ،‬وأن يزداد فتنة‪.‬‬
‫مشوع دعاة التنوير‪ ،‬حيث يبدأ‬ ‫ٌ‬
‫متداخل بطبيعة الحال مع ر‬ ‫ومشوع منكري السنة‬ ‫• ر‬
‫التوير أو التبعية لمصالحهم‬ ‫منكرو السنة برم علماء السلف بالجهل أو ر ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫ورم الدعاة المسلمي بالجمود والدروشة‪ ،‬وهذه أوىل خطوات زراعة‬ ‫الشخصية‪ ،‬ي‬
‫الشك‪.‬‬
‫• ويقومون بالتوازي بتضخيم صنم القيم الغربية‪ ،‬وتأول نصوص القرآن بحيث تتفق‬
‫مع صنم هذه القيم‪.‬‬
‫ً‬ ‫• َ‬
‫فمن يفعل ذلك تحديدا هم تنويريون بزي منكري السنة‪.‬‬

‫‪‬وما هي النتيجة لمن يتبعهم؟‬


‫ر‬ ‫ر‬
‫• لن يبف من ي‬
‫شء إال غرور اإللحاد‪.‬‬

‫‪677‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وحن‬ ‫التنويريي تقوم عىل‪ :‬جعل الدين يف قفص االتهام‪،‬‬ ‫• ففكرة منكري السنة من‬
‫الن يتفق بها مع‬‫ر‬
‫يستطيع الدين أن ينجو من هذه التهم فعليه أن يضع التأويالت ي‬
‫هوى سائد‪ ،‬وإال ما خرج من قفص االتهام‪.‬‬ ‫أي ا‬
‫• وأول طريق لرفع التهمة عن الدين هو إنكار النصوص‪.‬‬
‫• فيتم إنكار الحديث وتأويل القرآن‪.‬‬
‫فيصبح الدين عند منكري السنة مطال ًبا باتباع أية ثقافة سائدة مهما كان انحاللها‪،‬‬ ‫• ُ‬
‫ن‬
‫العالمي المليك‬ ‫وليس أن يقوم الدين بتعديل هذه الثقافة وتعبيد الناس لرب‬
‫المقتدر‪.‬‬
‫الشع‪ ،‬ر‬
‫ويتل ر‬‫ويأب النن‪ ،‬ن ن‬ ‫ر‬ ‫نن‬
‫حن يتوافق مع أية ثقافة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• بل إن الدين يتل من السماء‪ ،‬ي‬
‫‪ ‬إذا كان األمر بهذه الصورة‪ ،‬فما فائدة الدين إذن؟‬

‫‪ ‬إذا كان الدين في األخير مجرد تابع ألي ثقافة‪ ،‬فما قيمته‪ ،‬وما الغاية‬
‫منه ابتداءً ؟‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫دين هللا يف القلب عىل أية ثقافة مهما كانت‪ ...‬هذه أوىل عرى اإليمان وليس‬ ‫ِ‬ ‫تقديم‬ ‫•‬
‫خردل من إيمان‪.‬‬ ‫حبة‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫وراءها مثقال ِ‬
‫وتشي ع اإلسالم‪ ،‬فهذه ردة‬ ‫• وإذا رأى إنسان أن أية ثقافة أفضل من اإلسالم‪ ،‬ر‬
‫مسلمان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ال يختلف فيها‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫سيبف شامخا‪ ،‬والسنة المطهرة ستبف شامخة محفوظة بحفظ هللا إىل‬ ‫• ودين هللا‬
‫قيام الساعة محفوظة كالقرآن‪.‬‬
‫ن‬
‫ه الشارحة للقرآن‪ ،‬والمبينة للقرآن‪ ،‬كما أشار القرآن الكريم إىل ذلك يف‬ ‫• فالسنة ي‬
‫العديد من اآليات‪ :‬ﭐﱡﭐﳘﳙﳚﳛﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة القيامة ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• فقد تكفل هللا ببيان القرآن‪ ،‬وال يمكن تطبيق القرآن تطبيقا صحيحا‪ ،‬وال يمكن‬
‫ر‬
‫ستبف السنة محفوظة كالقرآن‪.‬‬ ‫بيانه إال ُ‬
‫بالسنة؛ لذلك‬
‫• فال يمكن إقامة الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت إال ُ‬
‫بالسنة‪.‬‬
‫‪ ‬ولذلك قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ‪..‬ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ‪..‬ﱠ ﴿‪﴾44‬‬
‫سورة النحل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ نَ‬
‫اس َما نز َل ِإل ْي ِه ْم‪ :‬بالسنة‪.‬‬
‫‪ِ ‬لتبي ِللن ِ‬
‫• فبيان القرآن إنما يكون بالسنة‪.‬‬

‫‪678‬‬
‫ُ‬
‫أقرب الناس للقرآن والسنة‪ ،‬وهم الذين شهدوا ن ن‬ ‫ن‬
‫تتل القرآن‬ ‫رص هللا عنه‪ -‬هم‬
‫والصحابة ‪ -‬ي‬
‫َّ‬
‫والسنة‪ ،‬وصحبوا الرسول ﷺ وجاهدوا معه‪ ،‬وزكاهم القرآن الكريم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫ومعاب القرآن؛ لذلك كان فهمهم‬
‫ي‬ ‫القرآن‪،‬‬ ‫بلغة‬
‫ِ‬ ‫الناس‬
‫ِ‬ ‫أعلم‬ ‫هم‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫• والصحابة‬
‫للقرآن والسنة ُمقدم عىل غتهم‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱳﱴﱵﱶﱷﱸ‬

‫ﱺ‪...‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٣7‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ﱻ‬ ‫ﱹ‬


‫ن‬
‫رص هللا‬ ‫• فأصلح إيمان‪ ،‬ر‬
‫إيمان بعد األنبياء هو إيمان الصحابة ي‬
‫ٍ‬ ‫إيمان‪ ،‬وأعلم‬
‫ٍ‬ ‫وأنف‬ ‫ٍ‬
‫عنهم‪.‬‬
‫ن‬
‫لمعاب القرآن‪ ،‬وتطبيق القرآن؛ لذلك كان منهج أهل الحديث‬ ‫• وهو اإليمان األقرب‬
‫ي‬
‫هو اإليمان بالقرآن والسنة بفهم سلف هذه األمة‪ ،‬وهو المنهج المعصوم‪...‬‬
‫المنهج الذي أجمع أهل السنة والجماعة عىل األخذ به‪.‬‬

‫‪‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫• فإيمان الصحابة وطريقهم هو طريق النجاة‪ ،‬ن‬


‫يكف قول رسول هللا صىل هللا عليه‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫وسلم‪:‬‬

‫ً‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ْ ُ‬


‫وفهما للدين‪.‬‬ ‫قرن إيمانا وعمًل‬
‫فقرن الصحابة هو أفضل ٍ‬
‫‪‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫ُ‬
‫‪‬فالصحابة‪ :‬صمام ٍ‬
‫أمان لهذه األمة‪ ،‬وب هم تنحسم البدع والضالالت‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (550‬صحيح الترمذي‪ ،‬ح‪.2641 :‬‬


‫(‪ (551‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.6695 :‬‬
‫(‪ (552‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2531 :‬‬
‫‪679‬‬
‫السنة في اإلسالم؟‬
‫‪ -200‬ما هي منزلة ُّ‬
‫وسنة فعلية‪ُ ،‬‬
‫وسنة تقريرية‪.‬‬ ‫ج‪ :‬السنة ُسنة قولية‪ُ ،‬‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫النن ﷺ يف مختلف األغراض‬
‫ي‬ ‫الن قالها‬
‫األحاديث ي‬ ‫‪‬‬
‫والمناسبات‪ ،‬مثل قوله‪ :‬ﷺ‪" :‬إنما األعمال بالنيات"‪)٥٥٣(.‬‬

‫النن ﷺ ‪ ،‬مثل‪ :‬أداء الصالة‪ ،‬وأداء‬ ‫ر‬ ‫‪‬‬


‫الن قام بها ي‬
‫األعمال ي‬
‫شعائر الحج‪ ،‬وقضائه‪ ،‬وغت ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫‪ :‬أن ُيقر النن ﷺ ً‬
‫وع ِلم به‪.‬‬ ‫أمرا حصل أمامه‪ ،‬أو يف عرصه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬
‫• واتباع السنة هو عقيدة أهل السنة؛ ولذلك نحن نسىم‪" :‬أهل السنة والجماعة"‪.‬‬
‫• ألننا أتباع السنة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫مؤمني بالسنة‬ ‫• يف المقابل نفاة السنة هم ليسوا بالبداهة من أهل السنة؛ ألنهم غت‬
‫ابتداء‪ ،‬فكيف يكونون من أهل السنة‪.‬‬‫ا‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫المسلمي بإنكارهم السنة‪.‬‬ ‫• وهم أيضا خالفوا جماعة‬
‫• فهم ليسوا من أهل السنة وال الجماعة‪.‬‬
‫ه جوهر اإلسالم كالقرآن‪.‬‬ ‫• والسنة ي‬
‫• وال ُيطبق القرآن إال بالسنة‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲋﲌ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾4٣‬سورة البقرة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فتأب السنة ُلت ن‬
‫ر‬
‫ه صفة الصالة‪ ،‬وما عدد الركعات‪ ،‬وكيفية‬ ‫ي‬ ‫وما‬ ‫الصالة‪،‬‬ ‫قيم‬ ‫ن‬ ‫بي لنا كيف‬ ‫ي‬
‫السجود‪ ،‬وأذكار الصالة‪ ،‬وعدد الصلوات‪.‬‬
‫ُ‬
‫فالقرآن يف قول هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲋﲌ‪..‬ﱠ ال يطبق إال بالسنة‪ ،‬فال تقام الصالة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬

‫وال ُيعرف ما ن‬
‫معن إقامة الصالة إال بالسنة‪ ،‬فالسنة ُمبينة للقرآن‪.‬‬
‫ُّ‬
‫النن ﷺ صلوا كما ن يف القرآن‪ ،‬وإنما قال‪:‬‬
‫‪ ‬ولم يقل ي‬

‫(‪ (553‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...54 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1907 :‬‬
‫(‪ (554‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...6008 :‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.674:‬‬
‫‪680‬‬
‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬إذن فالسنة ن‬
‫إله؛ ألنه ال يمكن إقامة‬‫وح ي‬‫ي‬ ‫فه‬
‫ي‬ ‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫الصالة‪،‬‬ ‫قيم‬ ‫ن‬ ‫تبي كيف‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫ر‬
‫الن صىل بها ي‬
‫الصالة إال بتطبيق الكيفية ي‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة المائدة‪.‬‬

‫• لكن ر‬
‫تأب السنة لتبيح من الميتة‪ :‬السمك‪.‬‬
‫ي‬
‫ٌ‬
‫• فأكل السمك الميت حالل بالسنة‪.‬‬

‫‪ ‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫‪‬وقال ﷺ ن يف البحر‪:‬‬

‫ُ‬
‫• فالسنة تخصص العام‪.‬‬
‫• العام هو‪ :‬تحريم الميتة‪.‬‬
‫• لكن ِمن هذا العام تم تخصيص‪ :‬السمك‪.‬‬
‫• وهذا التخصيص بالسنة‪.‬‬

‫❑ وهنا لنا أن نسأل نفاة السنة‪ :‬هل تُحر َ‬


‫ِّمون ْ‬
‫أك َل السمك؟‬

‫‪‬‬

‫‪ ‬قال هللا تعاىل يف حد الشقة‪:‬ﭐﱡﭐﱏﱐﱑﱒ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣8‬سورة‬


‫ن‬

‫المائدة‪.‬‬
‫‪ ‬لكن كيف يكون القطع‪ ،‬وما هو نصاب السرقة الذي تُقطع به اليد؟‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫• كل هذا تحدده السنة‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فالسنة تقيد المطلق ن يف القرآن‪.‬‬

‫(‪ (555‬صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬ح‪.3314 :‬‬


‫(‪ (556‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.69 :‬‬
‫‪681‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬مثال على ذلك‪ :‬تحريم الجمع ن‬
‫بي المرأة وخالتها‪ ،‬والمرأة وعمتها‪.‬‬
‫بي المرأة وخالتها والمرأة وعمتها إنما ورد ن يف السنة ولم يرد ن يف القرآن‪.‬‬
‫• فتحريم الجمع ن‬

‫‪ ‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫• لكل ما سبق‪ ،‬فالحاجة للسنة كالحاجة للقرآن‪ ،‬واالستغناء عن السنة كاالستغناء‬


‫عن القرآن‪.‬‬
‫األمر باتباع السنة؛ ألنها اإلسالم!‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫ﲊ‪ ..‬ﱠ ﴿‪﴾٣4‬‬
‫ﲋ‬ ‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲂﲃﲄﲅﲆﲇ ﲈﲉ‬
‫سورة األحزاب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ه القرآن‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫الل‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬آي‬
‫ه السنة باتفاق المفشين‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ة‬ ‫‪َ ‬و ْالح ْك َ‬
‫م‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬وقال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ‪..‬ﳂﳃﳄﳅﳆ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾11٣‬سورة النساء‪.‬‬
‫َ ْ ْ َ ُ‬
‫ه السنة النبوية‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫ة‬ ‫‪ ‬وال ِحكم‬
‫‪‬قال ابن القيم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ٌّ‬
‫بديه‪.‬‬ ‫شء‬‫ر‬
‫ي‬ ‫فهذا ي‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎ‬
‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱠ ﴿‪ ﴾٥4‬سورة النور‪.‬‬
‫َ ُ ُ ُ َ َُ‬
‫وه ت ْهتدوا)‪.‬‬ ‫‪َ ‬وأط ُ‬
‫يعوا الر ُس َ‬
‫ول‪ :‬نرصورة اتباع رسول هللا ﷺ (و ِإن ت ِطيع‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬فهل طاعته تكون بإنكار كل أمر ونهي صادر عنه؟‬
‫‪ ‬هل هذه طاعة له؟‬

‫(‪ (557‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5109 :‬‬


‫(‪ (558‬الروح‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪682‬‬
‫‪ ‬وقال عز من قائل ‪ :‬ﱡﭐﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾ ﲿﳀ‬

‫ﳁﳂﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌﳍ ﳎ ﳏ ﳐ‬

‫ﳑﳒﱠ سورة النور‪.‬‬

‫‪ ‬وقال سبحانه‪:‬ﱡﭐﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘ ﱠ﴿‪ ﴾7‬سورة‬


‫ر‬
‫الحش‪.‬‬
‫ُ‬
‫بي ُسنة قولية‪،‬‬
‫يصد ُر عن النن ﷺ دون تفريق ن‬
‫ي‬ ‫• فقد أمر هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬باتباع كل ما‬
‫وسنة فعلية‪ ،‬وكل هذه التقسيمات‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لز ٌم‪َ :‬س ِم ْعنا َوأ َط ْعنا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫• فكل ما صدر عن ي‬
‫النن ﷺ م ِ‬
‫االلتام بالسنة هو ما فهمته األمة عت تاريخها‪.‬‬ ‫• وهذا ر ن‬
‫َّ‬
‫اَّلل بن مسعود‪َ ،‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ن‬
‫قال‪:‬‬ ‫عبد ِ‬‫‪ ‬يف البخاري عن ِ‬

‫ﷺ‬

‫‪‬‬
‫‪‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾24‬سورة‬
‫األنفال‪.‬‬
‫ﲚ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾64‬سورة النساء‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ ﲛ‬
‫ُ‬
‫ما أرسل هللا الرسل إال لتطاع‪.‬‬

‫)‪ (559‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4886 :‬‬


‫‪683‬‬
‫ر ا‬
‫مباشة‪ :‬ﭐﱡﭐﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴ‬ ‫ر‬
‫الن تليها‬
‫وانظر لآلية ي‬
‫ﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﱠ ﴿‪ ﴾6٥‬سورة النساء‪.‬‬
‫ُ‬
‫لحكمك‪.‬‬ ‫وك‪ :‬وبعد أن ُيحكموك ُ(ي َسل ُموا َت ْسل ً‬
‫يما)‬
‫َ ُ ْ ُ َ َ رٰ ُ َ ُ َ‬
‫‪ً ‬ل يؤ ِمنون حن يحكم‬
‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫رص هللا عنه‪،‬‬
‫ه قضية الزبت ي‬‫النن ﷺ يف هذه اآلية ي‬ ‫• وهذه القضية ي‬
‫الن حكم فيها ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫والنن ﷺ حكم فيها بح ٍ‬
‫كم ليس يف القرآن‪ ،‬ومع ذلك أخت القرآن أن‪ :‬اإلنسان‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ال ُي َعد مؤمنا لو لم يخضع لقضاء النن ﷺ ‪ ،‬فقضاؤه ٌ‬
‫وح من هللا واجب االتباع‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ﭐ ‪ ‬ﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬

‫ﲺﲻﲼﲽﲾﱠ‪.‬‬
‫• التسليم التام ألمره ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬وقال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ‪..‬ﱠ‬


‫﴿‪ ﴾21‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫فاقتد برسول هللا ﷺ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫• إذا كنت ترجو هللا واليوم اآلخر؛‬
‫االقتداء إال باتباع ُسنته‪.‬‬
‫ُ‬ ‫• وال يكون‬
‫ﱨ ﱠ﴿‪﴾٣1‬‬
‫ﱩ‬ ‫‪ ‬قال ربنا ‪-‬عز وجل ‪:‬ﱡﭐﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧ‬
‫‪....‬‬

‫سورة آل عمران‪.‬ﭐ‬
‫• تريد أن يحبك هللا؟ إذن ات ِب ْع رسول هللا ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬وقد أخت هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬أن طاعة الرسول من طاعة هللا‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅ‬

‫ﱆﱠ ﴿‪ ﴾8٠‬سورة النساء‪.‬‬


‫ﱇ‬

‫‪ ‬وانظر لهذه اآلية‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﳖ ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥٩‬سورة النساء‪.‬‬

‫• الرد إىل هللا‪ :‬بالنظر ن يف كتابه‪.‬‬


‫• والرد إىل الرسول ﷺ‪ :‬بالنظر نف ُ‬
‫سنته‪)٥6٠(.‬‬
‫ي‬

‫(‪ (560‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ،‬البن جزي‪ ،‬م‪ 1‬ص ‪.196‬‬


‫‪684‬‬
‫ْ‬
‫نط ُق َع ِن ال َه َو ٰى} ﴿‪ ﴾٣‬سورة النجم‪.‬‬ ‫َ َ َ‬
‫إله‪{ :‬وما ي ِ‬
‫وح ي‬
‫ُ‬
‫• إذن فسنة الرسول ﷺ ي‬
‫ه ي‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫‪)٥61(.‬‬

‫وه السنة‪.‬‬ ‫معه‬ ‫ومثله‬ ‫الكتاب‬ ‫وب‬ ‫‪ ‬فهو ﷺ ُأ ر‬


‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫‪ ‬فيكون يف وجوب العمل بالسنة‪ :‬ولزوم قبولها كوجوب العمل بالكتاب‪ :‬ولزوم قبوله‬
‫كما قال القرطن‪)٥62(.‬‬
‫ي‬
‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫(‪)563‬‬
‫وسن َة ِّ‬
‫نبي ِه ﷺ "‪.‬‬ ‫هلل ُ‬
‫كتاب ا ِ‬
‫َ‬ ‫"تركت فيكم أَ ْم َر ْي ِن لن تَ ِضلُّوا ما تَ َمس ْك ُت ْم بهما‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫(‪)564‬‬
‫بسن ِتي"‪.‬‬
‫"عليكم ُ‬

‫ْ ن‬ ‫ْ‬
‫فإن ْ‬ ‫قال‪ :‬بكتاب هللا‪َ .‬‬
‫تقض؟ َ‬‫كيف ن‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫لم تجد يف‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫رص هللا عنه‪:‬‬ ‫‪ ‬وقال ﷺ لم ٍ‬
‫عاذ ‪ -‬ي‬
‫كتاب هللا‪َ .‬‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫فبسنة رسول هللا ﷺ‪)٥6٥(.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫"صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي"‪.‬‬

‫‪ ‬وقال‪:‬‬

‫هذه"‪)٥67(.‬‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫"ل َت ْأ ُخ ُذوا َم َناسك ُك ْم‪ ،‬ن‬


‫فإب ال أد ِري ل َع يىل ال أحج ب ْعد حج ر ين‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫(‪ (561‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،4604 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫(‪ (562‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.43‬‬
‫(‪ (563‬صحيح الترغيب‪ ،‬ح‪.40 :‬‬
‫(‪ (564‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4607 :‬‬
‫(‪ (565‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،3592 :‬درجة الحديث‪ :‬اختلف في تصحيحه‪.‬‬
‫(‪(566‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫( ‪ (567‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1297 :‬‬
‫‪685‬‬
‫• فإذا أردت الحج‪ ،‬فلن تعرف كيف تحج إال منه ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬


‫شبعان عىل أريكته‪ :‬كناية عن ر َ‬ ‫ُ‬
‫المت ن‬
‫في‬ ‫التف‪ ،‬وكأنه ﷺ يخت أن بعض‬ ‫ِِ‬ ‫‪ ‬رج ٌل‬
‫سيظهرون ن يف آخر الزمان لينكروا السنة‪.‬‬

‫ع‪ ،‬فهو مالزم ألريكته‪.‬‬ ‫ر‬ ‫نن‬ ‫‪ ‬عىل‬


‫أريكت ِه‪ :‬كناية عن أنه لم يغادر متله لطلب العلم الش ي‬
‫ِ‬
‫وهذا حال منكري السنة‪ ،‬سبحان هللا‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فيه ِمن‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫جدت‬‫و‬ ‫وما‬ ‫وه‪،‬‬ ‫فأحل‬ ‫الل‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫فيه‬
‫ِ ِ‬ ‫م‬ ‫وجدت‬ ‫فما‬ ‫‪،‬‬ ‫رآن‬
‫ِ‬ ‫الق‬ ‫يقول‪ :‬عليكم ِبهذا‬ ‫‪‬‬
‫حر ٍام فحر ُموه‪ :‬يكتفون بالقرآن‪.‬‬
‫ً‬
‫مبينا أن ُسنته ٌ‬ ‫ن‬
‫وح يوح‪ ،‬وليست من عند نفسه‪:‬‬
‫ي‬ ‫آخر‬ ‫حديث‬ ‫‪ ‬وقال ﷺ ي‬
‫ف‬

‫النن ﷺ بتبليغ ُسنته للناس فقال‪:‬‬


‫‪ ‬وألن السنة بهذا القدر العظيم‪ ،‬فقد أوص ي‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬


‫ويطبق‪.‬‬ ‫فرب ُمبلغ أحفظ له من سامع‪ :‬فيه دليل عىل أن السنة فيها فقه يستنبط‬
‫‪ُ ‬‬

‫( ‪ (568‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...5063 :‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1401 :‬‬
‫(‪ (569‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح"‪.4604‬‬
‫(‪ (570‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3117 :‬‬
‫(‪ (571‬مسند أحمد‪ ،‬ح‪ ،4157 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪686‬‬
‫ن‬ ‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫ونهيه يف‬
‫ِ‬ ‫النن ﷺ ونهيه مثل ِ‬
‫أمر القرآن‬ ‫وف كل هذه األحاديث دليل عىل أن‪ :‬أمر ي‬ ‫❑ ي‬
‫االحتجاج ن‬
‫ورصورة اإليمان والعمل والتصديق‪.‬‬

‫الشاطن ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬ ‫ُ‬


‫فحسب‪ ،‬فكما قال‬ ‫‪ ‬أما االقتصار عىل القرآن‬
‫ي‬

‫ن‬
‫الشاطن‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬يف قول‬

‫دليل عىل أن َمن أنكر السنة سيتأول ن يف المرحلة التالية القرآن عىل غت وجهه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ينكرها إال مفتون‪ :‬ﭐﱡﭐﱽﱾﱿﲀﲁ ﲂﲃﲄﲅﲆ‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬وال‬

‫ﲇﲈﱠ ﴿‪ ﴾6٣‬سورة النور‪.‬‬


‫ﱛﱠ ﴿‪ ﴾٩2‬سورة المائدة‪.‬‬
‫ﱜ‬ ‫‪‬ﱡﭐﱗﱘﱙﱚ‬

‫ﱛ‪.‬‬
‫ﱜ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫الموافقات‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬م‪ 3‬ص ‪ 326 ،325‬بتصرف‪.‬‬ ‫(‪(572‬‬

‫‪687‬‬
‫السنة كلُّها مكتوبة؟‬
‫‪ -201‬هل ُّ‬

‫ج‪ :‬نعم!‬
‫• كل السنة مكتوبة وموثقة ً‬
‫تماما‪.‬‬

‫اب ن يف الكبت‪:‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬ذكر الطت ي‬
‫ﷺ‬
‫ٌ‬ ‫• فكل رشء نف ُسنته ﷺ ُمدو ٌن‪ ،‬ر‬
‫النن ﷺ‪ :‬سكتاته محفوظة ُمدونة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫سكتات‬ ‫حن‬ ‫ي ي‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫بي التك ِب ِت ن ِ ِ‬
‫وبي القراءة إسكاتة‪)٥74(.‬‬ ‫اَّلل ﷺ يسكت ن‬
‫• كان رسول ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ا ن‬
‫النن ﷺ َس ْعلة‬
‫ي‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫"أخ‬ ‫‪:‬‬ ‫صالته‬ ‫بل ونقل الصحابة أنه ﷺ سعل سعلة ي‬
‫ف‬ ‫•‬
‫َ‬
‫ف َرك َع"‪)٥7٥(.‬‬

‫ُ‬ ‫ن‬
‫سنت ِه واجتهدوا أشد اجتهاد يف حفظها‪ ،‬وقد أخت ﷺ أن ُسنته ستنقل‬
‫‪ ‬فقد نقلوا كل ِ‬
‫عت األجيال فقال‪:‬‬

‫ن‬
‫التابعي‪،‬‬ ‫لتابع‬ ‫ن‬
‫للتابعي‪ ،‬والتابعون سينقلونه‬ ‫فالصحابة سيسمعون الحديث وينقلونه‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫التابعي‪.‬‬ ‫لتابع‬ ‫ثم‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬
‫للتابعي‬ ‫الصحابة‬ ‫من‬ ‫نة‬ ‫الس‬ ‫قلت‬ ‫ن‬ ‫وهذا ما حصل فقد‬
‫ي‬
‫‪‬‬

‫ُُ‬
‫شفاه‪ ،‬وكانت مكتوبة‪ ،‬فكتب الحديث موجودة منذ‬
‫ٍ‬ ‫‪ :‬السنة نقلت نقل‬ ‫‪‬‬
‫ًّ‬
‫صحابيا‬ ‫عهد النن ﷺ‪ ،‬وجرت الكتابة للحديث ن‬
‫بي يديه ﷺ ‪ ،‬وعندنا اثنان وخمسون‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫من كتاب الحديث النبوي‪.‬‬

‫(‪ (573‬الطبراني في الكبير‪ ،‬ح‪.14278 :‬‬


‫(‪ (574‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.744 :‬‬
‫(‪ (575‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.455 :‬‬
‫(‪ (576‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3659 :‬‬
‫‪688‬‬
‫وف كتاب عبد هللا بن عمرو بن العاص ر ُ‬ ‫ن‬
‫أكت من ألف حديث‪ ،‬وهناك كتاب أنس بن‬ ‫• ي‬
‫عبادة‪ ...‬كتب كثتة للصحابة نف الحديث‪)٥77(.‬‬
‫ُ‬
‫مالك‪ ،‬وكتاب سعد بن‬
‫ي‬
‫• فالسنة محفوظة ن يف الصدور ومكتوبة‪.‬‬
‫ن‬
‫كتاب واحد‪ ،‬وهذا ما‬
‫ٍ‬ ‫النن ﷺ بسنوات بدأت مرحلة جمع األحاديث ي‬
‫ف‬ ‫• وبعد وفاة ي‬
‫ُيعرف بالتدوين‪.‬‬

‫❑ فالتدوين غير الكتابة‪:‬‬

‫وبي يديه‪.‬‬ ‫• أما الكتابة فه كما قلنا منذ عهد النن ﷺ ن‬


‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫واحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مكان‬‫ٍ‬ ‫• بينما التدوين فهو‪ :‬جمع كل األحاديث يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫عجيبا‪ ،‬فجمعوا‬ ‫عظيما‬ ‫التابعي اجتهدوا يف التدوين اجتهادا‬ ‫• والتابعون وتابعو‬
‫ر‬
‫يأب حديث من مائة طريق وأكت‪.‬‬ ‫ر‬
‫األحاديث باألسانيد المتعددة؛ ولذلك قد ي‬
‫ً ن‬
‫كتبا يف أسماء الرواة وضبط الرواة‪،‬‬ ‫النن ﷺ بطرقها‪ ،‬وصنفوا‬ ‫• فجمعوا كل أحاديث ي‬
‫ن‬ ‫ر ُ‬
‫النن ﷺ‪ ،‬وصنفوا يف علوم‬ ‫بحرف ِه الذي خرج به من فم ي‬ ‫ِ‬ ‫حن يضبط كل حديث‬
‫ن‬
‫الرجال‪ ،‬وصنفوا يف الجرح والتعديل‪ ،‬وصنفوا المسانيد والجوامع والمستدركات‬
‫ن‬ ‫ن ر‬
‫وف علوم اإلسناد‬ ‫والمستخرجات والزوائد واألجزاء‪ ،‬وصنفوا يف شوح الحديث‪ ،‬ي‬
‫رن‬
‫والمي‪.‬‬
‫ن‬
‫• لذلك كانت درجة أي حديث صحيح أعىل من درجة توثيق كل كتب التاري خ يف كل‬
‫فشوط ضبط الحديث أعىل بألف مرة من وثوقية أي‬ ‫الحضارات مجتمعة‪ ،‬ر‬
‫ُ‬
‫له‪.‬‬ ‫ن‬
‫تاريح تتخي‬‫ي‬ ‫مصدر‬
‫• بل إن درجة توثيق الحديث الضعيف أعىل من درجة توثيق كتب أهل الديانات‬
‫السابقة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫• فلو حصل انقطاع يف سند الحديث يف طبقة واحدة‪ ،‬أي‪ :‬أن يفتقد سند الحديث‬
‫ُ‬ ‫مجهوًل ال نعرفه‪ ،‬ن‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫فف هذه الحالة يحكم عىل‬ ‫ي‬ ‫اوي‬‫ر‬‫ال‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫واحد‪ ،‬أو‬‫ٍ‬ ‫لراو‬
‫الحديث بالضعف‪.‬‬
‫ن‬
‫السني‪.‬‬ ‫• بينما نجد أن الكتب السابقة تصل درجة االنقطاع فيها لمئات‬
‫حرف خرج من فمه ﷺ‪.‬‬ ‫أغت الناس عىل ضبط كل‬ ‫• فنقلة السنة كانوا َ‬
‫ٍ‬

‫(‪ (577‬دراسات في الحديث النبوي‪ ،‬محمد مصطفى األعظمي‪ ،‬صفحة (‪ )84‬وما بعده‪.‬‬
‫‪689‬‬
‫‪ ‬ن يف الحديث المتفق عىل صحته‪ ،‬أخت عبد هللا بن عمر‪" :‬أن رسول هللا ﷺ قال‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫يعن حرص الصحابة عىل أدق التفاصيل ن يف حديث رسول هللا ﷺ‪.‬‬ ‫ن‬
‫• فهذا ي‬
‫ُ‬ ‫وف حديث آخر‪ :‬نه النن ﷺ عن الدباء ُ‬ ‫ن‬
‫والمزفت أن ينتبذ فيه‪ ،‬فقيل لسفيان‪ :‬أن‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬ي‬
‫ُينبذ فيه؟ فقال‪ :‬ال‪ُ ..‬ينتبذ فيه‪)٥7٩(.‬‬

‫• يحرصون عىل الحرف من فمه ﷺ‪.‬‬


‫الن ُحفظت بها ُ‬ ‫األمة األسباب ر‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‪ ،‬فقد حمل‬ ‫ي‬ ‫نة‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫• لقد هيأ هللا برحمته لهذه‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وس ِليقتهم قويمة‪ ،‬وت َمرسوا عىل قوة‬ ‫جيل كانت ِفطرتهم سليمة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫النن ﷺ‬ ‫ي‬ ‫سنة‬
‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬
‫أشعارهم‪ ،‬فكانت عندهم ملكة‬ ‫الحفظ عت الزمن‪ ،‬فقد ح ِفظوا تاريخهم‪ ،‬ونقلوا‬
‫َ ا‬
‫الحفظ عجيبة‪ ،‬فلما جاء اإلسالم وكانوا أشد الناس غتة عىل ُسنة رسول هللا ﷺ‬
‫حديث خرج من فمه‬ ‫شء غت صحيح‪ ،‬لهذا ضبطوا نقل كل‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫ِمن أن يدخل فيها أي َ ي‬
‫ضبط‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫شء أقره أو فعله‪ ...‬ضبطوا ُسنته ﷺ أعجب‬ ‫ر‬
‫ﷺ ‪ ،‬وكل ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ ُ‬
‫التابعي كانوا يفضحونه‬ ‫تابع‬
‫ي‬ ‫أو‬ ‫التابعي‬ ‫من‬ ‫الكذب‬ ‫د‬ ‫يتعم‬ ‫أو‬ ‫ئ‬
‫يخًط‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫• ومن‬
‫عىل رؤوس األشهاد‪.‬‬
‫ا‬
‫• فهم يغارون عىل ُسنته ﷺ أشد غتة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ٌ‬
‫ع‪.‬‬ ‫يستحون؛ ألن األمر دين‪ ،‬فالسنة يتوقف عليها العمل الش ي‬ ‫• وما كانوا‬
‫مفضوحا نف ر‬‫ً‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫المشق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• لذلك لو كذب أحد عىل رسول هللا ﷺ يف المغرب‪ ،‬ألصبح‬
‫ً‬
‫• ما كانوا يستحون أبدا‪.‬‬

‫❑ مثال ىلع هذا األمر‪:‬‬

‫‪‬عندنا حديث ي‬
‫للنن ﷺ‪:‬‬

‫( ‪ (578‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...8 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.16:‬‬


‫(‪ (579‬الكفاية في علم الرواية‪ ،‬الخطيب البغدادي‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫(‪ (580‬هذا المثال ذكره الشيخ عثمان الخميس في أحد أشرطته‪.‬‬
‫)‪ (581‬متفق عليه‪ ....‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...1006 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.675 :‬‬
‫‪690‬‬
‫اش كان من كبار المهاجرين ن‬ ‫وعي ُ‬‫َ‬
‫رص هللا عنه‪ ،‬لكن حفيد عياش والذي اسمه‪ :‬أبان‬‫ي‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫أب عياش‪ ،‬كان يكذب يف رواية الحديث مع أنه من كبار القراء‪ ،‬لكن لما يروي‬ ‫بن ًي‬
‫حديثا عن ﷺ ال ُيوثق ن يف روايته‪.‬‬
‫لسنه أو لكونه من كبار‬ ‫• فهل السلف تركوا أبان لمقام عياش جده أو سكتوا عنه ِ‬
‫القراء؟‬
‫• وهللا هذا مستحيل‪ ،‬بل إن السلف فضحوه‪.‬‬
‫ر ن‬
‫أب عياش‬‫يمش يف األسواق ويقول‪ :‬أيها الناس! أبان بن ي‬ ‫ي‬ ‫• وكان شعبة بن الحجاج‬
‫كذاب‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫يمش ن‬ ‫• ر‬
‫أمسك‬‫بي الناس ويحذر منه حن ذهب حماد بن زيد إىل شعبة فقال له‪ِ :‬‬ ‫ي‬
‫عن الرجل‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫• فالرجل ُم ِسن‪ ،‬وعائلته كبتة‪ ،‬وجده من كبار المهاجرين‪ ،‬وقد علم الناس بحاله‪،‬‬
‫داع ألن ُيفضح ن يف كل مجلس‪.‬‬ ‫وأنه يكذب يف الحديث‪ ،‬فال ي‬
‫ن‬
‫ن‬
‫نازة فرأى شعبة أبان‪ ،‬فرصخ بأعىل صوته‪ :‬يا أبا إسماعيل ‪-‬‬ ‫• بعد أيام‪ ،‬وكانوا يف ِج ٍ‬
‫قوىل‪ ،‬أيها الناس! أبان كذاب‪.‬‬
‫رجعت ُ عن ي‬ ‫يقصد‪ :‬حماد بن زيد‪-‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سع نن السكوت عنه‪)٥82(.‬‬ ‫• ثم قال‪َ :‬ما أ َر ناب َي ُ‬
‫ي‬ ‫ِي‬
‫ٌ‬
‫دين‪.‬‬ ‫• فاألمر‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫إىل‬ ‫• بل وقد نقل اإلمام أحمد بن حنبل عن شعبة بن الحجاج قوله‪" :‬ألن ي‬
‫أزب أحب ي‬
‫أب عياش"‪.‬‬ ‫من أن أروي عن أبان بن ي‬
‫ن‬
‫• هل يجرؤ أحد يف مجتمع كهذا أن يكذب عىل رسول هللا ﷺ؟‬
‫ً‬ ‫• إذا ن‬
‫تبي أن أحدا يتعمد الكذب فضحوه‪.‬‬
‫ُ‬
‫وي ر َتك‪.‬‬ ‫ً ن‬ ‫ن‬
‫واهيا يف الحديث‪،‬‬ ‫رواية دون تعمد الكذب يصبح‬ ‫ٍ‬ ‫• أما لو أخطأ يف‬
‫ن‬
‫• وقد كانت هناك اختبارات بصفة دورية لكل راو‪ ،‬بحيث لو أخطأ الراوي يف أحد هذه‬
‫االختبارات ولو كان أعبد أهل األرض حكموا عىل رواياته بالضعف‪.‬‬
‫تساهل مع ُ‬‫ُ‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫نة‬ ‫س‬ ‫• فلم يكن هناك‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫التابع الشهت‬
‫ي‬ ‫‪ ‬وانظر يف حال أشهر الزهاد يف تاري خ اإلسالم‪ ،‬اإلمام الحسن البرصي‬
‫تلميذ الصحابة‪.‬‬

‫(‪ (582‬الكامل‪ ،‬ابن عدي‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.382‬‬


‫‪691‬‬
‫‪‬‬

‫ن‬
‫للمسلمي‪ ،‬وقد ترب‬ ‫ً‬
‫مفتيا‬ ‫العباد‪ ،‬وكان‬‫• كان الحسن البرصي إمام الزهد‪ ،‬من أشهر ُ‬
‫رص هللا عنه‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫نف كنف أم سلمة زوج النن ﷺ‪ ،‬ودعا له عمر بن الخطاب ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫اللهم فقهه يف الدين وحببه إىل الناس‪.‬‬
‫• تتلمذ الحسن البرصي عىل يد ابن عباس وكثت من كبار الصحابة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• وعىل علو قدر الحسن البرصي يف العبادة والفقه‪ ،‬وعىل زهده الشديد وورعه‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫حدثن ابن عباس مثًل أن رسول هللا ﷺ قال كذا‬ ‫ي‬ ‫فقال‬ ‫صحاب‬
‫ي‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫حديث‬ ‫لو روى‬
‫الصحاب‬ ‫النن ﷺ ولم يذكر اسم‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫لصح حديثه‪ ،‬لكن لو روى الحديث مباشة إىل ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الذي سمع منه الحديث‪ ،‬فحديثه مرسل ال يعتد به‪ ،‬ويصنف يف قسم الحديث‬
‫الضعيف‪.‬‬
‫ر ا‬ ‫ُ‬
‫مباشة عن رسول هللا ﷺ‪.‬‬ ‫• تخيل! ي َرد حديث الحسن البرصي لو روى‬
‫لو قدر الحسن البرصي‪ ،‬لكن‬ ‫• هذا حال السلف مع حديث رسول هللا ﷺ ‪ ،‬فعىل ُع ا‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫هناك عقيدة تؤخذ من الحديث‪ ،‬إذن يلزم ضبط كل حرف بسنده إىل رسول‬
‫هللاﷺ‪.‬‬
‫‪ ‬بل واألعجب من هذا‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫• انظ ْر ن يف حال اإلمام حفص الذي يقرأ أهل األرض القرآن بقراءته‪ :‬حفص عن عاصم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ َ‬
‫• اإلمام حفص الذي ض َبط طريقة تدوير كل حرف يف القرآن‪ ،‬ومخرج كل حرف يف‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫القرآن من فم ي‬
‫• اإلمام حفص والذي هو ُمنته علم القراءات هو ن يف الحديث ضعيف!‬
‫ْ‬
‫• لك أن تتعجب!‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫اءات‪ ،‬وتعمق فيها‪ ،‬وصارت‬ ‫• اإلمام حفص إمام َالدنيا يف القرآن‪ ،‬لكنه لما انشغل بالقر ِ‬
‫ضعيف‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫وقت ِه‪ ،‬قل ضبطه أللفاظ الحديث النبوي؛ لذلك فهو يف الحديث‬ ‫تملك كل ِ‬
‫• ولو ورد اسم حفص ن يف سند حديث ُح ِك َم بضعف الحديث‪.‬‬
‫َ‬
‫• فالسلف كانوا ال يخجلون أمام ضبط الحديث النبوي‪ ،‬وال ه ْيبة ألحد أمام ضبط‬
‫قدره ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫الحديث النبوي‪ ،‬وال يستحون من تضعيف أحد مهما عال ُ‬
‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫وه فتنة مشهورة‬ ‫ي‬ ‫القرآن"‬ ‫ق‬ ‫"خل‬ ‫‪:‬‬ ‫فتنة‬ ‫اسمها‬ ‫فتنة‬ ‫ظهرت‬ ‫نة‬ ‫الس‬ ‫ين‬‫تدو‬ ‫وقت‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫زمن الخليفة المأمون‪ ،‬حاول أن تتخيل لو امتلك الخليفة المأمون حديثا واحدا‬
‫يدعم موقفه ن يف القول بخلق القرآن!‬
‫سينته األمر‪.‬‬
‫ي‬ ‫•‬
‫‪692‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫• كان مع المأمون السلطان والسجن والقتل ‪-‬قتل بعض العلماء يف هذه الفتنة‪-‬‬
‫واحد النته الموضوع‪.‬‬ ‫بحديث‬ ‫يأب‬‫ر‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لو استطاع المأمون أن ي‬
‫(‪) 583‬‬
‫❑ لكن مَ ن كان يجرؤ على صناعة حديث للقول بخلق القرآن؟‬
‫حن المأمون نفسه‪.‬‬ ‫• ال يجرؤ ر‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫للنن ﷺ يف هذا الموضوع؛ ألنه‬ ‫ي‬ ‫ينسبوه‬ ‫ا‬‫واحد‬ ‫ا‬ ‫حديث‬ ‫قحموا‬ ‫• لم يستطيعوا أن ي ِ‬
‫وسيصبح َمن وضع هذا الحديث ً‬
‫عارا‬ ‫بدراسة سند الحديث سيفتضح أي وضاع‪ُ ،‬‬
‫عت التاري خ‪.‬‬
‫وشوط قاسية‪ ،‬يفتضح من خاللها أي شخص‬ ‫• فعلم الحديث له ضوابط حادة‪ ،‬ر‬
‫ِ‬
‫حديث‪.‬‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫واحد يف أي‬
‫ٍ‬ ‫بحرف‬
‫ٍ‬ ‫يحاول التالعب‬
‫ر‬
‫حقيف متكامل له ضوابط‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فعلم الحديث هو علم‬ ‫• ِ‬
‫❑‬
‫‪ -2‬عدالة الراوي‪.‬‬ ‫‪ -1‬اتصال السند‪.‬‬
‫‪ -4‬السالمة من الشذوذ‪.‬‬ ‫‪ -٣‬ضبط الراوي‪.‬‬
‫‪ -6‬وجود العاضد عند االحتياج إليه‪)٥84(.‬‬
‫َّ‬
‫‪ -٥‬السالمة من العلة القادحة‪.‬‬
‫❑ واتصال السند يعني‪ :‬وجود سند متصل للحديث إىل رسول هللا ﷺ‪ ،‬فال يوجد‬
‫فيه انقطاع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• فلو كانت هناك حلقة مفقودة يف السند حكم عىل الحديث بالضعف‪ ،‬ولو كان بقية‬
‫الرواة ن يف السند أعدل أهل األرض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫وصدقه‬
‫ِ‬ ‫معلوما بدينه وخ ِلقه‬ ‫❑ أما عدالة الراوي فمعناها‪ :‬أن يكون راوي الحديث‬
‫وأمانته‪.‬‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫❑ أما ضبط الراوي فمعناه‪ :‬أن يكون راوي الحديث حافظا متقنا‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ ُ‬
‫فيأب شخص‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫او‬ ‫ر‬ ‫كل‬ ‫حياة‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫بانتظام‬ ‫تجري‬ ‫لت‬ ‫• وكانت هناك اختبارات كما ق‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ممتحن بصورة طالب علم‪ ،‬فيسمع عىل الراوي أحاديثه ُ‬
‫فيدخل يف األحاديث‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫حديثا ليس من طريقه‪ ،‬وينظر هل سينتبه الراوي أم ال؟‬
‫ن‬
‫اإلسالم؛ لضبط الرواية عن‬ ‫ي‬ ‫العالم‬ ‫جنبات‬ ‫ف‬‫• كانت اختبارات منتظمة متكررة ي‬
‫رسول هللاﷺ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َ ُ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫معروف كل راو فيه‪.‬‬ ‫• فال يقبل الح ِديث إذا ل ْم يكن له إسناد نظيف‬
‫َ‬ ‫ا ُ ً‬
‫عنايت ِه أقام لعلم الحديث رجاًل نقادا تفرغوا له‪ ،‬وأفن ْوا أعمارهم‬ ‫ِ‬ ‫• فاهلل تعاىل بلطيف‬
‫واللي‪)٥8٥(.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اتبهم يف القوة‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫م‬ ‫ومعرفة‬
‫ِ‬ ‫رجاله‪،‬‬ ‫عن‬ ‫البحث‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫تحصيله‪،‬‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫عجيبة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بصورة‬
‫ٍ‬ ‫• فقد أتقنوا ضبط الحديث‬

‫(‪ (583‬هذه الفائدة مستقاة من إحدى محاضرات الشيخ خالد الدريس حول حجية السنة والرد على شبهات القرآنيين‪.‬‬
‫(‪ (584‬منهج النقد في علوم الحديث‪ ،‬د‪ .‬عتر‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫(‪ (585‬فتح المغيث بشرح ألفية الحديث‪ ،‬م‪ 1‬ص ‪.289‬‬
‫‪693‬‬
‫‪ ‬قال عبد الرحمن بن مهدي‪:‬‬

‫• وكان سلف هذه األمة آية ن يف الحفظ‪.‬‬


‫َ‬
‫• فاإلمام ابن شهاب الزهري راو‪ ،‬وهو ِمن أول من دون الحديث بأمر عمر بن عبد العزيز‬
‫الخليفة الراشد‪ ،‬وهو شيخ اإلمام مالك يقول عن نفسه‪:‬‬

‫‪ ‬أما قتادة فقد قال اإلمام أحمد‪:‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬


‫الصحاب الجليل صحيفة معروفة‪ ،‬فقد كان له كتاب يف‬
‫ي‬ ‫‪ ‬وصحيفة جابر بن عبد هللا‬
‫الحديث‪.‬‬
‫َُ َ‬ ‫ُ‬
‫وبة‪:‬‬‫أب عر‬
‫ي‬ ‫بن‬ ‫لسعيد‬ ‫قتادة‬ ‫‪ ‬قال‬

‫ُ‬
‫‪ ‬أما اإلمام جوهرة الحفاظ البخاري‪ ،‬فكان كما يقول عن نفسه يحفظ مائة ألف حديث‬
‫مائن ألف حديث غت صحيح‪)٥٩٠(.‬‬ ‫صحيح‪ ،‬ويحفظ ر‬
‫ي‬
‫صبيا لم يبلغ أحد‬ ‫ًّ‬ ‫ً ن‬
‫درسا يف علم الحديث‪ ،‬ومازال‬ ‫• وذات يوم كان البخاري َي نُ ُ‬
‫حرص‬
‫أب الزبت عن إبراهيم‪ .‬فقال له البخاري‪:‬‬ ‫عاما‪ ،‬فقال الشيخ عن سفيان عن‬ ‫عش ً‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫يرو عن إبراهيم‪ .‬فتعجب الشيخ ثم قال‪ :‬إذن َمن هو؟ قال‪ :‬ليس أبو‬ ‫أبو الزبت لم ِ‬
‫َ‬
‫الزبت عن إبراهيم‪ ،‬وإنما الزبت بن عدي عن إبراهيم‪ .‬فراجع الشيخ درسه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫صدقت‪)٥٩1(.‬‬
‫هبة من رب األرض والسماوات؛ لحفظ دينه‪ُ ،‬‬ ‫ا‬
‫وسن ِة نبي ِه ﷺ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫• كان هؤالء األئمة‬
‫ن‬
‫سني‪)٥٩2(.‬‬ ‫ر‬
‫الشافع حفظ موطأ مالك وهو ابن عش‬ ‫• تخيل أن‬
‫ي‬

‫(‪ (586‬الكفاية في علم الرواية‪ ،‬ص‪.167‬‬


‫(‪ )587‬الجامع ألخلق الراوي وآداب السامع‪ )253 /2( ،‬وسير أعلم النبلء‪.)344 /5( ،‬‬
‫(‪ (588‬سير أعلم النبلء‪)276 /5( ،‬؛ تذكرة الحفاظ‪.)123 /1( ،‬‬
‫(‪ (589‬التاريخ الكبير‪ ،‬للبخاري (‪.(186 /7‬‬
‫(‪ (590‬تاريخ بغداد (‪.)24/2‬‬
‫(‪ (591‬تاريخ بغداد‪.)7 /2( ،‬‬
‫(‪ (592‬صفة الصفوة م‪ 1‬ص‪.434‬‬
‫‪694‬‬
‫حن‬‫والكالم عن حفظهم ال ينته‪ ،‬ولم يكتفوا فقط بالموهبة‪ ،‬بل عانوا وجاهدوا ر‬
‫ي‬
‫وصلوا لما وصلوا إليه‪.‬‬
‫شهرا‪.‬‬‫• كان الرجل منهم ُيسافر ف ضبط صحة الحديث الواحد ً‬‫ن‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫الصحاب الجليل مستة شهر إىل عبد هللا‬ ‫ي‬ ‫رص هللا عنه‪-‬‬ ‫• رحل ُ جابر بن عبد هللا ‪ -‬ي‬
‫بن أنيس نف طلب حديث واحد‪)٥٩٣(.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬رحل من المدينة إىل مرص؛ ليسأل عقبة بن‬ ‫• وأبو أيوب األنصاري ‪ -‬ي‬
‫النن ﷺ فلما حدثه‪ ،‬ركب أبو أيوب راحلته وانرصف‬ ‫حديث سمعه من ي‬ ‫ٍ‬ ‫عامر عن‬
‫ً‬
‫عائدا إىل المدينة‪ ،‬وما حل رحله‪.‬‬
‫األرض كلها نف طلب العلم‪)٥٩4(.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ي‬ ‫فت‬ ‫• وقال مكحول‪ :‬ط‬
‫عشين ً‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َر‬
‫عاما‪ ،‬والثانية أربعة‬ ‫رحلتي‪ :‬األوىل ر‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫ف بن َمخل ِد يف طلب الحديث‬ ‫• وسافر ب ِ ي‬
‫ن‬
‫وثالثي سنة‪.‬‬ ‫مش عىل قدمه ولم يركب دابة ً‬
‫أربعا‬ ‫عاما‪ ،‬وقد ر‬ ‫عش ً‬ ‫ر‬
‫ن‬ ‫وتنق َل ن‬ ‫َ‬ ‫فقد خرج من األندلس ً‬
‫المسلمي؛‬ ‫بي بالد‬ ‫ستا عىل األقدام إىل بغداد‪،‬‬
‫لينقل الحديث‪ ،‬ويضبط الرواية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• ال تعرف أمة جرحت وعدلت نفسها مثل أمة اإلسالم‪ ،‬حيث جاءت وتكلمت عن‬
‫نفسها‪ ،‬ونقدت نفسها‪ ،‬ونقحت نفسها‪.‬‬
‫ٌ‬
‫• فهذا راو ثقة‪ ،‬وهذا كذاب‪ ،‬وهذه رواية بال وزن‪ ،‬وهذه رواية متواترة‪.‬‬
‫حرف من فم نبيها كما فعلت هذه األمة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫• ال توجد أمة جردت نفسها لكل‬
‫ً ُ ا‬
‫• فقد ضبطت النقل وأتقنته‪ ،‬فحفظت رشيعة رب ها قرآنا وسنة‪.‬‬
‫• واإلسناد عند هذه األمة من الدين؛ ألن به حفظ الدين‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬نقل اإلمام مسلم عن عبد هللا بن المبارك قوله‪:‬‬

‫ن‬
‫آمي‬ ‫فجزى هللا سلف هذه األمة ً‬
‫ختا وتجاوز عن خلفها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (593‬صحيح البخاري م‪ 1‬ص‪.26‬‬


‫(‪ (594‬سير أعلم النبلء‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.158‬‬
‫)‪ (595‬أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.87‬‬
‫‪695‬‬
‫السنة النبوية لـ ‪ 200‬سنة كاملة حتى جاء البخاري؟‬
‫‪ -202‬هل تأخر تدوين ُّ‬

‫‪ ‬هل تم تدوين ُّ‬


‫السنة النبوية بعد مائتي عام من وفاة النبي ﷺ ؟‬

‫ُ‬
‫تدوينها؟‬ ‫‪ ‬هل ظلت ُّ‬
‫السنة شفاهية قرنين كاملين من الزمان وبعد ذلك تم‬
‫ن‬
‫يحرصه‬ ‫ج‪ :‬أتخيل لو أن طارح مثل هذه الشبهة ذهب لمجلس اإلمام البخاري الذي كان‬
‫ً‬
‫ألفا من عباقرة هذا العلم‪ ،‬ثم قال لإلمام‪ :‬كيف لك أن تجمع األحاديث بعد ر‬ ‫ر‬
‫مائن‬
‫ي‬ ‫عشون‬
‫النن ﷺ ؟‬
‫عام من وفاة ي‬
‫ن‬
‫والمغفلي عىل مر العصور‪.‬‬ ‫ر‬
‫الحمف‬ ‫• ربما ألصبح هذا الحدث أشهر خت من أخبار‬
‫ن‬
‫المتقدمي ما تركوا شبهة إال وبينوها للناس‪.‬‬ ‫• إن‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫المتقدمي تعرض لهذه الشبهة ‪-‬شبهة تأخر كتابة الحديث‬ ‫• وال أعرف أحدا من‬
‫ه دليل جهل شديد باإلسالم‪.‬‬ ‫النبوي ر‬
‫مائن سنة‪ -‬ألن هذه ليست شبهة‪ ،‬بل ي‬ ‫ي‬
‫• فالسنة كانت مكتوبة منذ عهد ي‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫نن‬
‫والسي لعمرو بن حزم‪ ،‬هو كتاب أحاديث‬ ‫• وكتاب الصدقات والديات والفرائض‬
‫ﷺ‪)٥٩6(.‬‬
‫النن‬ ‫ن‬
‫نبوية تمت كتابته بي يدي ي‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫• وكتاب عبد هللا بن عمرو بن العاص هو أيضا كتاب أحاديث نبوية مكتوب يف عرص‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫حديث‪ ،‬وكان يسميه‬ ‫ٍ‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬ومجموع أحاديث هذا الكتاب ألف‬ ‫النبوة بي يدي ي‬
‫عبد هللا بن عمرو ب ‪" :‬الصحيفة الصادقة"‪ ،‬وهذا الكتاب انتقل إىل حفيده عمرو‬
‫كبتا منه؛ وروى كذلك البخاري‬ ‫زءا ً‬ ‫بن شعيب‪ ،‬وروى اإلمام أحمد نف مسنده ُج ً‬
‫ُ‬ ‫ُ ي‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫والحفظ والتداول‬ ‫الرعاية‬ ‫ونال‬ ‫بعده‪،‬‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫وذري‬ ‫ه‬ ‫أوالد‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫وتناق‬ ‫ومسلم بعضا منه‪،‬‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫والنقل عت الزمن‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫زمن‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫تب‬ ‫ك‬ ‫رص هللا عنه‪-‬‬ ‫• وكتاب أنس بن مالك األنصاري ‪ -‬ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫رص هللا عنه‪ -‬كتب يف زمن ي‬ ‫• وكتاب سعد بن عبادة ‪ -‬ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ﷺ‬ ‫• وكتاب اإلمام ي‬
‫اليمن‪)٥٩7(.‬‬ ‫شاه‬ ‫ألب‬ ‫النن‬ ‫من‬ ‫بأمر‬ ‫مكة‬ ‫فتح‬ ‫عام‬ ‫تب‬ ‫ك‬ ‫عىل‪ ،‬وما‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫بي يدي النن ﷺ‪)٥٩8(.‬‬
‫ُ‬
‫• كتب أحاديث كثتة كتبت ن‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫النن ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫زمن‬ ‫النبوي‬ ‫الحديث‬ ‫اب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫صحابيا من‬ ‫‪ ‬فهناك كما قلت اثنان وخمسون‬

‫ع ْم َرو بْنَ َح ْز ٍم‪.‬‬ ‫سنَ ُن‪َ ،‬والديَاتُ ‪َ ،‬وبَعَ َ‬


‫ث به َ‬ ‫ب فيه ْالف ََرائ ُ‬
‫ض‪َ ،‬وال ُّ‬ ‫َّللا ﷺ إلَى أ َ ْهل ْاليَ َمن بكت َا ٍ‬
‫سو َل َّ‬ ‫( ‪َ (596‬كت َ‬
‫َب َر ُ‬
‫التلخيص الحبير‪ ،‬م‪ 4‬ص‪.58‬‬
‫( ‪ (597‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2434 :‬‬
‫)‪ (598‬دراسات في الحديث النبوي‪ ،‬محمد مصطفى األعظمي‪ ،‬صفحة (‪ )84‬وما بعده‪.‬‬
‫‪696‬‬
‫• ثم جاء التابعون ونقلوا عنهم ما كتبوا‪ ،‬ونقوا عنهم ما حفظوا‪.‬‬
‫تابع‪ ،‬وبعضهم ينقل األحاديث‬ ‫رص هللا وحده نقل عنه ثمانمائة‬ ‫• فأبو هريرة ن‬
‫ي‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫شفاهة والبعض اآلخر كتابة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫التابعي تالميذ الصحابة المئات من كتاب الحديث النبوي‪ ،‬ومن‬ ‫• وقد كان يف جيل‬
‫ا‬ ‫أشهرهم همام بن ُمنبه‪ ،‬صاحب الصحيفة ر‬
‫الن وصلتنا كاملة‪ ،‬فكتاب همام بن‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫ُمنبه وصلنا كامًل‪ ،‬وهذا الكتاب كتاب أحاديث نبوية كتب يف السنوات التالية‬
‫ر ا‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫ي‬ ‫لوفاة‬ ‫ة‬ ‫مباش‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫تابعي‪.‬‬ ‫• فهناك الكثت من كتاب الحديث من ال‬
‫ًّ‬
‫تابعيا‪.‬‬ ‫عش‬ ‫• وكان يكتب عن جابر بن عبد هللا الصحاب الجليل أربعة ر‬
‫َ ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫• وكان يكتب عن ابن عباس تسعة من التابعي‪ ،‬وكانت كتب ابن عباس وقر ب ِعت‪.‬‬
‫• وبالمناسبة‪ :‬همام بن ُمنبه صاحب الصحيفة الشهتة‪ ،‬هذه الصحيفة ما زالت ن‬
‫بي‬
‫ن‬
‫برلي‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أيدينا ر‬
‫حن الساعة‪ ،‬ومنها نسخة يف مكتبة دمشق‪ ،‬ونسخة أخرى يف مكتبة‬
‫ُ‬
‫• ونقلت الصحيفة كاملة ن يف مسند اإلمام أحمد‪.‬‬
‫ن‬
‫تعن‪ :‬كتاب‪.‬‬ ‫• وصحيفة ُ ي‬
‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تابعيا‪)٥٩٩(.‬‬ ‫التابعي ‪2٥2‬‬ ‫• كان عدد كتاب السنة يف عهد‬
‫ُ‬
‫• فكتابة الحديث بدأت منذ عرص الرسالة‪ ،‬وكتب الصحابة األحاديث النبوية‪ ،‬وكتب‬
‫التابعون األحاديث النبوية‪.‬‬

‫‪ ‬ومن أشهر تالميذ ابن عباس من التابعين‪:‬‬


‫ُ‬
‫حديث فأصبحت‬ ‫ٍ‬ ‫واحد منهما كتاب‬
‫ٍ‬ ‫• سعيد بن جبت‪ ،‬ومجاهد بن جت‪ ،‬وكان لكل‬
‫عندنا‪ :‬صحيفة سعيد بن جبت‪ ،‬وصحيفة مجاهد بن جت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫المك أحد أشهر وأضبط تالميذ جابر بن‬ ‫ي‬ ‫• ِ‬
‫ونشط أيضا أبو الزبت محمد بن مسلم‬
‫ا ُ َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫تياب‪،‬‬
‫عبد هللا‪ ،‬فكتب عنه صحيفة ع ِرفت باسمه‪ ،‬وعندنا صحيفة أيوب السخ ِ ي‬
‫أب ِقالبة‪،‬‬ ‫َ ْ‬
‫وصحيفة عروة بن الزبت‪ ،‬وصحيفة خالد بن معدان‪ ،‬وصحيفة ي‬
‫وصحيفة الحسن البرصي‪ ،‬كل هؤالء تالميذ الصحابة كتبوا األحاديث النبوية‪.‬‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫• فالكتابة للحديث النبوي متصلة وموجودة منذ عهد ي‬
‫‪ ‬لكن يا تُرى‪َ :‬من أول َمن فكر في جمع كل األحاديث النبوية في كتابٍ واح ٍد؟‬
‫ر ُ‬ ‫ن‬
‫والن تسىم بالتدوين‪ ،‬كانت‬
‫واحد ي‬
‫ٍ‬ ‫كتاب‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬فكرة جمع كل األحاديث النبوية يف‬
‫رص هللا عنه‪.‬‬‫ن‬ ‫ن‬
‫يف ِذهن عمر بن الخطاب ي‬

‫)‪ (599‬دراسات في الحديث النبوي‪ ،‬محمد مصطفى األعظمي‪ ،‬صفحة (‪ )84‬وما بعده‪.‬‬
‫‪697‬‬
‫ن‬ ‫َّ ن‬
‫• فقد فكر يف جمع األحاديث كما تم جمع القرآن‪ ،‬واستشار كبار الصحابة يف ذلك‬
‫ن‬ ‫َّ‬ ‫فوافقوه عىل ذلك‪ ،‬لكنه تراجع ر‬
‫حن يتمكن القرآن يف قلوب الناس‪ ،‬وال يختلط‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫المسلمي عىل وجه األرض‬ ‫بالسنة؛ ألن عهد الناس بالقرآن حديث جدا‪ ،‬فأغلب‬
‫نف ذاك الوقت لم يسلموا إال ً‬
‫قريبا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ي‬
‫• فقرر عمر أن يتأب بالناس حن يتمكن القرآن من قلوب هم‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫كتاب‬
‫ٍ‬ ‫والسنة محفوظة ومنقولة ومكتوبة فال خوف عليها‪ ،‬لكن لو جمعت يف‬
‫ؤمن أن‬ ‫واحد‪ ،‬ووزعت عىل األمصار بالتوازي مع القرآن لزاحمت القرآن‪ ،‬ولم ُي َ‬
‫ٍ‬
‫تلتبس به‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫واحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كتاب‬
‫ٍ‬ ‫رص هللا عنه‪ -‬فكرة تدوين السنة يف‬ ‫• فأجل عمر ‪ -‬ي‬
‫وظل األمر عىل ذلك إىل أن رأب زمن تلميذ عمر بن الخطاب‪ :‬كثت بن ُمرة‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن َ ْ ًّ‬ ‫أدرك كثت بن ُ‬
‫النن ﷺ ‪ ،‬وهو أيضا تلميذ معاذ بن‬ ‫ي‬ ‫أصحاب‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫سبعي‬ ‫ة‬‫ر‬ ‫م‬
‫أب‬‫أب الدرداء‪ ،‬و ي‬ ‫جبل‪ ،‬وتميم الداري‪ ،‬وعبادة بن الصامت‪ ،‬وعوف بن مالك‪ ،‬و ي‬
‫هريرة‪ ،‬وعقبة بن عامر‪ ،‬وعدد كبت من كبار الصحابة فقد تتلمذ عىل أيديهم‬
‫ً‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫فف زمن كثت بن مرة بدأ مشوع تدوين السنة‪ ،‬فقام هو بجمع أحاديث ي‬ ‫• ي‬
‫ً‬ ‫ر ً‬ ‫• ر‬
‫التابع الجليل‪ :‬عبد العزيز‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫بأمر‬ ‫وجاء‬ ‫ا‪،‬‬ ‫عمالق‬ ‫مشوعا‬ ‫ومشوع كثت بن مرة كان‬
‫حاكما عىل مرص طيلة ‪ 2٠‬سنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بن مروان‪ ،‬والذي كان‬
‫• وبعد عبد العزيز بن مروان جاء ابنه‪ :‬عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد‪ ،‬والذي أمر‬
‫مشوع كثت بن ُمرة‪.‬‬ ‫أبا بكر بن حزم‪ ،‬وابن ِشهاب الزهري بإكمال ر‬
‫ًّ‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬إذن فتدوين الحديث كان ن يف مرحلة مبكرة جدا‪.‬‬
‫• أما كتابة الحديث فكانت منذ عهد النن ﷺ كما فصلنا‪ ،‬والنن ﷺ أمر بكتابتها ن‬
‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫يديه‪ ،‬وقال‪ْ :‬اك ُت ُ‬
‫ألب ش ٍاه(‪.)6٠٠‬‬ ‫ِي‬ ‫وا‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‪ :‬اكتب؛‬ ‫العاص عن كتابة السنة‪ ،‬قال له ي‬ ‫ِ‬ ‫بن‬‫مرو ِ‬ ‫هللا بن ع ِ‬ ‫• ولما توقف عبد ِ‬
‫ٌّ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫حق‪)6٠1(.‬‬ ‫بيد ِه‪ ،‬ما يخ ُرج منه إًل‬ ‫ش ِ‬ ‫ي‬ ‫نف‬ ‫ذي‬ ‫فوال‬
‫• وكان أبو هريرة يخصص ثلث الليل؛ ليحفظ أحاديث رسول هللا ﷺ‪.‬‬
‫وتحفظ ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بي يديه ﷺ‪.‬‬ ‫• فالسنة كانت تكتب‬

‫(‪ (600‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫( ‪ (601‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3646 :‬‬
‫‪698‬‬
‫ن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫المدينتي تفتح‬ ‫وف الحديث الصحيح عندما ُسئل عبد هللا بن عمرو بن العاص‪ :‬أي‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬
‫ُ َ ٌ َ َ‪ً َ ُ ْ َ َ ْ َ :‬‬ ‫ُ ُْ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ َّ‬ ‫ا‬
‫وق له حلق قال فأخرج ِمنه ِكتابا‪،‬‬ ‫اَّلل ِبصن َد ٍ‬
‫أوًل القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد ِ‬
‫ْ ُ ُ ْ ُ َ َ ُ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ َّ‬
‫اَّلل‪َ :‬ب ْي َن َما َن ْح ُن َح ْو َل َر ُ‬
‫اَّلل ﷺ‪ :‬أي‬ ‫ِ‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ئ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ذ‬‫إ‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬‫ن‬ ‫ﷺ‬ ‫اَّلل‬
‫ِ‬ ‫ول‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫فقال عبد ِ‬
‫ْ َُْ ُ ا‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ ُ َّ‬ ‫ي ُت ْف َت ُح أو اًل ُق ْس َط ْنطيني ُة أ ْو ُ‬
‫ْال َم ِد َين َت ْ ن‬
‫اَّلل ﷺ‪َ :‬م ِدينة ِه َرق َل تفتح أوًل‬ ‫ومية؟ فقال رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ن ُ ْ َ ْ‬
‫يع ِ ين‪ :‬قسطن ِط ِينية‪.‬‬
‫اَّلل ﷺ َن ْك ُت ُ‬‫َّ‬ ‫ََْ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ول ِ‬ ‫‪ ‬وانظر لقول عبد هللا بن عمرو بن العاص‪ :‬بينما نحن حول رس ِ‬
‫النن ﷺ قضية‬ ‫ن‬ ‫فقضية أن الصحابة ن‬
‫رص هللا عنهم كانوا يكتبون األحاديث بي يدي ي‬ ‫ي‬
‫بديهية‪.‬‬

‫السنة بعد وفاة النبي ﷺ مباشر ًة!‬


‫ت ُّ‬‫‪ ‬لكن هنا قد يقول قائل‪ :‬ما أجمل لو ُد ِّونَ ِ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫كتاب‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫يوم‬ ‫أول‬ ‫من‬ ‫نة‬ ‫الس‬ ‫ونت‬‫د‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬بعض الناس ربما يتخيل لو‬
‫ن‬
‫المغرضي من نفاة السنة‪.‬‬ ‫النقطعت ألسنة‬
‫ُ‬
‫• وهذا كالم غت صحيح؛ ألن الكتابة ليست من لوازم الحجية‪ ،‬وال يتوقف عندها‬
‫صيانة الحجة‪،‬‬
‫• بل إن الكتابة ال تفيد القطع عند العرب كما يفيد الحفظ!‬
‫الجاهىل إال بالحفظ‪.‬‬
‫ي‬ ‫• ونحن ما عرفنا الشعر‬
‫أوقاتها‪ ،‬ولو كانت الكتابة من‬
‫ِ‬ ‫النن ﷺ أمر بكتابة كيفية الصالة أو‬ ‫• ولم يثبت أن ي‬
‫وذكر‪.‬‬
‫وكلمة ِ‬
‫ٍ‬ ‫كة‬
‫لوازم الحجية ألمر بكتابة كيفية الصالة بكل حر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫• أيضا حجية القرآن ليست ن يف أنه ك ِتب‪.‬‬
‫حن الساعة يتلقون القرآن بالسماع‪.‬‬ ‫• فالناس ر‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر ٌّ‬
‫نطق ِه‬
‫ِ‬ ‫طريقة‬ ‫قلت‬ ‫ن‬ ‫ورقيا‪ ،‬فكل حرف يف القرآن‬ ‫صوب‪ ،‬وليس كتابا‬ ‫ي‬ ‫• فالقرآن كتاب‬
‫النن ﷺ‪ ،‬وأنت تأخذ القرآن من فم شيخك‪ ،‬وال تستطيع أن‬ ‫فاه من فم ي‬ ‫نقل ِش ٍ‬
‫ن‬
‫فاه لكل حرف فيه‪ ،‬وشيخك حصل‬ ‫ي‬ ‫الش‬ ‫النقل‬ ‫دون‬ ‫القرآن‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫تحصل عىل إجازة‬
‫ا‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫عىل اإلجازة من فم شيخه‪ ،‬وهكذا وصوًل إىل ي‬
‫ن‬ ‫• وال تتم طباعة المصحف ر‬
‫حن الساعة يف أية دولة إسالمية إال بعد أن يقوم‬
‫النن ﷺ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بمراجعته ُ‬
‫ي‬ ‫فم‬ ‫من‬ ‫فاه‬ ‫الش‬ ‫نقل‬ ‫وه‬ ‫تلق‬ ‫ممن‬ ‫األسانيد‪،‬‬ ‫أهل‬
‫َ‬
‫• إذن حجية القرآن ن يف نقل الشفاه‪ ،‬وليست ن يف أنه ُدون‪.‬‬
‫ن ٍّ‬
‫مصحف‪.‬‬ ‫• ولذلك عندنا مقولة‪ :‬ال يؤخذ القرآن من‬
‫ي‬

‫‪699‬‬
‫ا ن‬
‫عرصنا هذا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إىل‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫زمن‬ ‫من‬ ‫سالسل‬ ‫• فالقرآن يؤخذ ممن يتلقاه مشافهة ي‬
‫ف‬
‫المص احف‪)6٠2(.‬‬‫• فاالعتم اد ف ي نق ل الق رآن عل ى حف ظ القل وب‪ ،‬ال عل ى حف ظ‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫صوب‪ ،‬وكذلك الحديث رواية صوتية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• فالقرآن يف األصل كتاب‬
‫النن ﷺ ن يف كل طبقة‪.‬‬
‫• الحديث منقول بالسماع عن ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• وكما أن القرآن ُمدون ومحفوظ يف الصدور‪ ،‬كذلك السنة ُمدونة ومحفوظة يف‬
‫الصدور‪.‬‬

‫وحجية حفظ الصدور هي األساس يف نقل القرآن والحديث‪ ،‬وليس مجرد التدوين‪.‬‬

‫رص هللا عنه‪ ،‬لم يكن عندنا سوى‬ ‫• ولذلك لما ُدون القرآن زمن عثمان ابن عفان ن‬
‫ي‬
‫ست نسخ من القرآن ن يف كل األمة اإلسالمية‪.‬‬
‫• نسخة المصحف اإلمام عند عثمان‪ ،‬ونسخة لليمن‪ ،‬ونسخة للشام‪ ،‬ونسخة‬
‫للعراق‪ ،‬ونسخة لمرص‪ ،‬ونسخة لمكة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫وحن يومنا‬ ‫السماع عت القرون‬
‫ي‬ ‫القرآن‬ ‫نقل‬ ‫وظل‬ ‫ا‪،‬‬ ‫سماع‬ ‫• والناس يتناقلون القرآن‬
‫ر‬
‫وسيبف هكذا إىل أن تقوم الساعة‪.‬‬ ‫هذا‪،‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫• األمر نفسه بالنسبة للحديث‪ ،‬فقد ك ِتب الحديث يف عهد الن ين ﷺ‪ ،‬لكنه يف‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫األساس نقل بالسند الصحيح المتصل نقل صدور ونقل شفاه‪.‬‬

‫إذن فحجية القرآن لم تأتِ مِن تدوينه‪ ،‬وإنما حجية القرآن من حفظه‬
‫يف الصدور‪ ،‬ونقله ىلع مرِّ العصور‪ ،‬كذلك السُّنة‪.‬‬

‫َ‬
‫حجية النقل؟‬ ‫ُ‬
‫الكتابة‬ ‫‪ ‬لكن لماذا ال تُثبت‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬إذا َ‬
‫تعارض حديث مسموع مع مكتوب‪ ،‬أخذ أهل العلم بالمسموع‪.‬‬

‫‪ ‬قال اآلمدي‪:‬‬

‫ر‬
‫الصوب‬ ‫• فالنقل المتقن الضابط العدل أقوى وأعىل حجية من الكتابة؛ ألن النقل‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫أبعد عن التصحيف والغلط‪.‬‬

‫) ‪ (602‬النشر في القراءات العشر ج‪ 1‬ص‪.6‬‬


‫( ‪ (603‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬اآلمدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المنعم إبراهيم‪ ،‬ص‪.994‬‬
‫‪700‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫لمعن ما يقول‪ ،‬وأضبط لمقصود ما يقول‪ ،‬خاصة‬ ‫• فالحافظ أتقن لما يقول‪ ،‬وأعرف‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوم عرفوا بقوة الحفظ‪ ،‬ونقلوا تاريخهم بقوة الحفظ‪ ،‬فاعتمادهم عىل‬ ‫من ٍ‬
‫ذاكرتهم هو أساس الحجية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فيأب احتمال‬‫ي‬ ‫• ومشكلة الكتابة أنها ال تنضبط بها الذاكرة؛ ألن الذي يكتب ينش‪،‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫بتصحيف‬
‫ٍ‬ ‫المعن بالكلية‬ ‫تطرق الخطأ‪ ،‬ثم إن عدم ضبط المكتوب قد يغت‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫واحد من الحديث‪ ،‬بينما الذي يقرأ من حفظه ي َولد عندك اطمئنانا‬ ‫ٍ‬ ‫حرف‬
‫ٍ‬ ‫يف‬
‫ً‬
‫عجيبا‪.‬‬
‫‪ ‬تخيل عندما يُستفتى مُ فت في مسألة شرعية‪ ،‬فيجيب باألد َّلة‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وأكث َر طمأنينة‬ ‫أليس هذا أوثَ َق عندك‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫السنة من حفظه‪،‬‬ ‫من‬
‫لفؤادك ممن ينقل لك الفتيا من الكتب؟‬
‫• فالحفظ يزيد اطمئنانك لمعرفة الحافظ بداللة الحديث ومعناه وفقهه‪.‬‬
‫ُ َّ‬
‫بالشء المرهق لهم‪ ،‬فهم يحفظون معلقاتهم‪،‬‬ ‫• والحفظ سجي ُة العرب فلم يكن ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ر ن‬ ‫َ‬
‫بف يف عهد النبوة محفوظا‬ ‫وكان منهم من يحفظ ألف بيت شعر‪ ،‬كذلك القرآن ِ ي‬
‫ن يف الصدور‪.‬‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫رسل َمن يعلم الناس‬ ‫النن ﷺ ي ِ‬ ‫• واعتمدوا يف نقل المعرفة عىل حفظ الصدور‪ ،‬وكان ي‬
‫بكتاب وإنما بحفظ الصدور وفقه‬ ‫ويقض بينهم‪ ،‬ال‬ ‫ن‬ ‫دينهم‪ ،‬ويحكم بينهم‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫القلوب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫• وساعد العرب عىل قوة الحفظ بساطة المعيشة‪ ،‬والجو الهادئ‪ ،‬وقلة الشواغل‪،‬‬
‫العرب‪.‬‬ ‫وسعة الختة باللسان‬ ‫وحدة الذكاء‪َ ،‬‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫أب ربيعة من ‪7٥‬‬ ‫عباس ح ِفظ قصيدة عمرو بن ي‬ ‫مطبوعي عىل الحفظ‪ ،‬فابن‬ ‫• وكانوا‬
‫ْ‬
‫بيتا من أول مرة سمعها‪ ،‬وكان كذلك الزهري والشعن‪ ،‬ر‬ ‫ً‬
‫حن يقول الزهري‪ :‬ما دخل‬ ‫ي‬ ‫ٍُ ‪ُ.‬‬ ‫ُأ ن‬
‫ش ٌء نسيته‬ ‫ي ي‬
‫ذب ر‬
‫• فالحفظ أيش عىل العرب‪ ،‬وهو أسلم بكثت وأضبط‪ ،‬والحفظ ال يكون إال بالفهم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫المعن والتحقق منه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وإدراك‬
‫ن‬ ‫"ملكة الفقه العجيبة" ر‬ ‫ولد حفظ ُسنة النن ﷺ نف الصدور َ‬ ‫َّ‬
‫الن ظهرت يف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• لذلك‬
‫يعتن بالحفظ ن يف كل زمن‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫وف كل َمن‬
‫ن‬
‫سلف هذه األمة‪ ،‬ي‬
‫ُ ُ‬
‫مصدره حفظ‬ ‫الفقه المدهش الذي تم استنباطه من القرآن والسنة‬ ‫ي‬ ‫• فهذا المتاث‬
‫ن‬
‫المعن‪.‬‬ ‫الصدور‪ ،‬وإتقان‬
‫َّ‬
‫• فالحفظ ولد الفقه‪.‬‬
‫يستسل نف ضبط األحكام ر‬ ‫أحدهم ر‬ ‫َ‬
‫الشعية‪ ،‬وكأن مكتبة ضخمة مفتوحة‬ ‫ي‬ ‫• فتجد‬
‫ن‬
‫أمامه ينه ُل منها ما يريد يف أي لحظة‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪701‬‬
‫ا ن‬
‫لكتب‪.‬‬ ‫العودة‬ ‫دون‬ ‫أسفاره‬ ‫أحد‬ ‫ف‬ ‫• وتجد ابن القيم يكتب زاد المعاد كامًل‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ئ‬ ‫ي ن‬ ‫ويمىل َ‬ ‫ُ‬
‫خش عىل تالميذه وهو محبوس يف بتكتاب "المبسوط" وهو موسوعة‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الش‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫ضخمة من خمسة عش مجلدا‪.‬‬
‫ن‬ ‫صحيح مسلم" وهو عىل ظهر سفينة‪ ،‬ر ْ‬ ‫َ‬ ‫• ر َ‬
‫وشحه وقع يف خمسة‬ ‫القرطن "‬
‫ً ي‬ ‫وشح‬
‫تعليق‪.‬‬ ‫اجعة‪ ،‬وال‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫مطالعة‪ ،‬وال مر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إمالء من خاطره من غت‬ ‫عش مجلدا‬
‫َّ‬
‫• فالحفظ ولد هذه الملكة العجيبة عند هذه األمة‪.‬‬
‫ُ‬
‫يفقه‪.‬‬ ‫• أما َمن يعتمد فقط عىل الكتابة فقد ال‬
‫وط كثت ٍة‪ ،‬فال بد أن يحمل المكتوب‬ ‫بش ٍ‬ ‫• لذلك لم يكن العرب يثقون بالكتابة إال ر‬
‫تما ر‬ ‫وخ ً‬ ‫ً َ‬
‫حن يوثق بأن كاتبه هو فالن‪.‬‬ ‫سندا‬
‫ُ‬
‫• وقد يقع يف الكتابة التصحيف‪.‬‬ ‫ن‬
‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫إضافيا لألمة لو تم تدوين السنة ‪-‬جمع كل األحاديث يف‬ ‫• فلن تقدم لنا الكتابة شيئا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مكان واحد‪ -‬من أول يوم‪ ،‬بل قد ُي ا‬
‫األمر فرصة توليد هذه الملكات‬ ‫فوت هذا‬
‫ر َّ‬
‫الن ولدها الحفظ‪.‬‬ ‫الفقهية العجيبة ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫معن ما كتب‪ ،‬وإشكاالت‬ ‫• ولربما حصلت مع الكتابة إشكاالت وقوع الظن يف‬
‫معن‬ ‫واحد؛ فتؤدي لتغيت ن‬ ‫ٍ‬ ‫حرف‬ ‫التصحيف‪ ،‬فربما تتغت نقطة واحدة عىل‬
‫ٍ‬
‫الحديث بالكلية‪.‬‬
‫المعن‬ ‫ن‬ ‫وبالتاىل ينش‬ ‫• ومن اعتمد عىل الكتابة تضعف ملكة الحفظ عنده‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫المقصود‪ ،‬وينش ض ْبط ما كتب‪.‬‬
‫فمن رحمة هللا بهذه األمة أن قدر لها أن تحفظ ُسنة نبيها حفظ صدور‪ ،‬كما‬ ‫• ِ‬
‫َّ‬
‫حفظت القرآن حفظ صدور فتولد هذا الفقه العظيم لدين هللا عند السلف‪.‬‬
‫• وهذا من عجيب حكمة هللا وفضله عىل هذه األمة‪.‬‬
‫حن الفالسفة عت التاري خ كانوا يستشعرون بعبء الكتابة‪ ،‬وكانوا‬ ‫• وسبحان هللا ر‬
‫يضع ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫ف ذهنه مع الوقت‪ ،‬من‬ ‫يؤكدون أن الذي يعتمد عىل الكتابة دون الحفظ‬
‫بشدة‪ ،‬ويؤكد أن الكتابة تؤدي لضياع‬ ‫ٍ‬ ‫أجل ذلك كان أفالطون يهجو الكتابة‬
‫المعن‪ ،‬وفتور النفس‪)6٠4(.‬‬ ‫ن‬
‫السنة محفوظة بحفظ هللا للقرآن‪ ،‬محفوظة إىل قيام الساعة‪،‬‬ ‫‪ ‬وسوف تبقى ُّ‬
‫للتشي ع باتفاق كل مسلم‪.‬‬ ‫ن‬
‫فه بيان القرآن‪ ،‬والمصدر الثاب ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫حظ‬ ‫وال يُخالف في كونها المصدر الثاني للتشريع‪ ،‬وبيان القرآن إ َّلا مَ ْن ال َّ‬
‫)‬ ‫(‬
‫له في دين اإلسالم‪ ،‬كما قال الشوكاني ‪-‬رحمه هللا‪.‬‬

‫(‪ (604‬إشكالية العقل العربي‪ ،‬جورج طرابيشي‪ ،‬ص‪.30‬‬


‫)‪ (605‬إرشاد الفحول إلى تحقيق علم األصول‪ ،‬الشوكاني‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪702‬‬
‫‪ -203‬لماذا يهاجم دعاة حركة التنوير الصحابة؟‬

‫ج‪ :‬ألنهم ببساطة ال يجرؤون عىل القدح ن يف اإلسالم‪.‬‬

‫‪ ‬ف َمن هي الحلقة التي لو هاجمها التنويري لما انتقده الناس‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
‫سيسهل عليه بعدها الهجوم على اإلسالم؟‬

‫‪ ‬إنها حلقة الصحابة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫• وبعد أن يسقط التنويري قيمة الصحابة من قلبك‪ ،‬سيسه ُل عليه بعدها تأويل أي‬
‫ً‬
‫وفقا ألي ا‬ ‫ر‬
‫هوى‪.‬‬ ‫ع‬
‫نص ش ي‬
‫أحكام الدين القطعية‪ ،‬وينكروا ما ُعلم من الدين ن‬
‫بالرصورة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫• وب هذا يبطل التنويريون‬
‫ٌ‬
‫ومناقض‬ ‫ٌ‬
‫مخالف لما أجمعت عليه األمة‪،‬‬ ‫بكل بساطة‪ ،‬ولو بينت لهم أن فهمهم‬
‫ن‬
‫والمعن اللغوي‪ ،‬فلن يهتموا بما تقول؛ ألنهم منذ‬ ‫ع‬ ‫لظاهر ورصي ح النص ر‬
‫الش‬
‫ا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أكت الناس معرفة‬ ‫قليل أسقطوا قدوة هذه األمة‪ ،‬أسقطوا الصحابة‪ ،‬أسقطوا ر‬
‫ً‬
‫وفقا ألي ا‬ ‫نص رش ٍّ‬‫التتيل‪ ،‬فلن يوقفهم رشء عن تأويل أي ٍّ‬ ‫بمعاب ن ن‬ ‫ن‬
‫هوى‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وذك للهجوم عىل اإلسالم‪.‬‬
‫فالهجوم عىل الصحابة هو طريق سهل ي‬
‫ُ‬
‫‪ ‬قال أبو زرعة الرازي‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬


‫• فهم يعرفون جيدا أن الحائط يف مواجهة التالعب يف دين هللا هم الصحابة؛ ألن‬
‫لمعاب ن ن‬
‫التتيل‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫فهمهم أقرب وأصلح فهم‬
‫وشهدوا ن ن‬ ‫َ‬
‫تتل القرآن والسنة‪ ،‬وهم أعرف الناس‬ ‫ِ‬ ‫• فالصحابة أقرب الناس للرسالة‪،‬‬
‫الشع‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وأدرى الناس بمراد ر‬ ‫بالعربية‪،‬‬

‫) ‪ (606‬اإلصابة‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.22‬‬


‫الكفاية في علم الرواية‪ ،‬الخطيب البغدادي‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪703‬‬
‫‪‬ولذلك قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫• فالصحابة أمان لهذه األمة‪ ،‬وأمان للفهم الصحيح للكتاب والسنة‪.‬‬
‫ُ‬
‫• ودعاة حركة التنوير يعرفون قدر الصحابة؛ لذلك هم يريدون أن يسقطوا أمنة هذه‬
‫ُ‬
‫سقطوا هذا الحائط؛ ليسهل عليهم بعد ذلك الهجوم عىل‬ ‫األمة‪ ،‬يريدون أن ي ِ‬
‫القرآن والسنة كما يحبون‪.‬‬
‫نن‬
‫"السي الكتى" عن معاوية‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ئ‬
‫النساب صاحب‬ ‫‪ ‬لما سئل أبو عبد الرحمن‬
‫ي‬

‫ش ٌء آخر‪.‬‬‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ئ َ‬
‫النساب ع ِلم أن الهجوم عىل معاوية يراد به ي‬
‫ي‬ ‫• فمن فقه‬
‫• فمن آذى الصحابة إنما أراد اإلسالم‪.‬‬
‫• والسلف كانوا يعرفون أن مدخل من أراد الهجوم عىل اإلسالم هو‪ :‬الصحابة‪.‬‬
‫‪ ‬لذلك قال التب هاري‪:‬‬
‫ﷺ‬ ‫ﷺ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫المؤمني‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱞﱟ‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫عظيم‪ ،‬وسبيلهم هو سبيل‬ ‫فشأن الصحابة شأن‬

‫ﱯ‬
‫ﱰ‬ ‫ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱤﱥ ﱦﱧ ﱨ ﱩﱪﱫﱬ ﱭﱮ‬
‫ﱱﱲﱠ ﴿‪ ﴾11٥‬سورة النساء‪.‬‬

‫المؤمني من الصحابة َ‬ ‫‪َ ‬و َيتب ْع َغ ْ َت َسبيل ْال ُم ْؤمن نَ‬


‫ي‪َ :‬من اتبع غت سبيل‬
‫فمن بعدهم‪،‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫سعي ُه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ضل‬

‫‪‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫(‪ (607‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2531 :‬‬


‫( ‪ (608‬تهذيب الكمال‪ ،‬الحافظ المزي‪.339/1 ،‬‬
‫(‪ (609‬شرح السنة‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ (610‬صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.1848 :‬‬
‫‪704‬‬
‫‪ ،‬وسبيلهم هو النجاة‪ ،‬فهؤالء عارصوا النبوة‪،‬‬ ‫❑‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ يف جميع أحواله‪ ،‬يف حله وترحاله‪،‬‬
‫واسطة‪ ،‬وعاينوا ي‬
‫ٍ‬ ‫النن ﷺ بال‬
‫وأخذوا عن ي‬
‫النن ﷺ ُمعلمهم‪.‬‬
‫فكان ي‬
‫ً‬
‫قلوبا‪.‬‬ ‫• ولذلك كانوا أصلح الناس‬
‫ن‬
‫‪ ‬قال ابن مسعود ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬

‫فهما وإدر ًاكا‪ ،‬فهم كتبوا الوح بأيديهم وقت ن ن‬


‫تتله‪،‬‬ ‫‪ ‬أ ْع َم َق َها ع ْل ًما‪ :‬ر‬
‫أكت هذه األمة ً‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫وحرصوا أسباب نزوله‪.‬‬ ‫ن‬

‫‪ ‬قال الشاطن‪ :‬هم القدوة نف فهم ر‬


‫الشيعة والجري عىل مقاصدها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َّ‬
‫وقد زكاهم هللا يف كتابه فقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆ‬
‫ن‬

‫ﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎ ﱏﱐﱑﱒﱓ‬
‫ﱔﱕﱖﱗ ﱘﱙﱚﱠ ﴿‪ ﴾1٠٠‬سورة التوبة‪.‬‬

‫• وقد احتج العلماء بهذه اآلية عىل وجوب اتباع الصحابة‪ ،‬واستحقاقهم أن يكونوا‬
‫متبوعي ُيقتدى بهم‪ ،‬وتؤخذ أقوالهم‪.‬‬
‫ن‬ ‫أئمة‬
‫َ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ُ ُ‬
‫وه ْم بإ ْح َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َ ْ َُ‬ ‫َ‬
‫ان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫س‬ ‫ِِ‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫ات‬ ‫ين‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ار‬
‫ِ‬ ‫ص‬‫ن‬‫األ‬‫و‬ ‫ين‬‫ر‬‫‪ ‬ألن اآلية تقول‪ :‬والس ِابقون األولون ِمن الم ِ ِ‬
‫اج‬ ‫ه‬
‫فاآلية تتضمن المدح لكل من اتبع الصحابة‪.‬‬
‫‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ‬
‫ﱗﱘﱙ ﱚ‪..‬ﱠ﴿‪ ﴾11٠‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬روى ابن جرير بسنده عن الضحاك‪ ،‬قال‪ :‬ه ْم أصحاب رسول هللاﷺ‪.‬‬

‫‪.119‬‬ ‫( ‪ (611‬جامع بيان العلم وفضله‪/2 ،‬‬


‫‪705‬‬
‫‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ‬
‫ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬
‫ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱠ سورة التوبة‪.‬‬

‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡ ﭐ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬


‫ﲋﱠ ﴿‪ ﴾18‬سورة الفتح‪.‬‬

‫‪ ‬وقال عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌ ﱍﱎﱏ‬


‫ﱐﱑﱒﱓﱔﱕ ﱠ ﴿‪ ﴾2٩‬سورة الفتح‪.‬‬

‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐ ﲡﲢ ﲣﲤ ﲥﲦ ﲧ ﲨﲩﲪ‬


‫ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬
‫ﲺ ﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃ ﳄﳅﳆﳇﳈﳉ‬
‫ر‬
‫الحش‪.‬‬ ‫ﳊﳋﳌﳍ ﳎﳏﳐﳑﳒﳓﳔﳕﱠ سورة‬
‫َ َّ َ َ‬
‫ين ت َبو ُءوا الد َار‪ :‬المدينة المنورة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫‪َ ‬و ْال ِذ َ َ‬
‫‪ ‬و ِاإليمان‪ ،‬أي‪ :‬تشبوا اإليمان يف قلوب هم‪.‬‬
‫❑ كل هذه تزكيات ن يف كتاب هللا لمجتمع الصحابة‪.‬‬
‫‪ ‬وانظر لهذا الخطاب اإللهي‪:‬‬

‫ﲁ‪ ..‬ﱠ ﴿‪﴾1٣7‬‬


‫ﲂ‬ ‫ﱺ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ‬
‫ﱻ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹ‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫َ‬
‫بمثل ما آمن به الصحابة فقد اهتدى‪.‬‬ ‫• من آمن ِمن الناس ِ‬
‫ْ‬
‫النن ﷺ أشد التحذير من التعرض لمجتمع الصحابة‪ ،‬فهم أطهر‬ ‫• ولذلك حذْر ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫وأسىم وأنف وأصلح وأسلم مجتمع يف الدنيا بعد األنبياء‪ ...‬مجتمع صحابة ي‬
‫النن‬
‫محمد ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬لذلك قال ﷺ‪:‬‬

‫( ‪ (612‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2540 :‬‬


‫‪706‬‬
‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫• فذهاب الصحابة وذهاب َه ْدي الصحابة هو إيذان بمحء ر ن‬


‫الفي‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫النن ﷺ يف الحديث المتفق‬
‫عصور هذه األمة؛ لذلك قال ي‬ ‫• فعرص الصحابة هو أعظم‬
‫َ‬ ‫عىل صحته‪َ " :‬خ ْ ُ‬
‫ت الناس ق ْر نب"‪)614(.‬‬
‫ِ ِي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫• فقرن الصحابة هو أفضل قرن يف تاري خ هذه األمة يف كل فضيلة وكل علم وعمل‬
‫وقصد‪.‬‬
‫‪ ‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫‪ ‬وقال اإلمام أحمد‪:‬‬


‫ﷺ‬

‫ُ‬
‫• ومذهب اإلمام مالك يقوم عىل ترجيح عمل أهل المدينة؛ ألنهم أقرب الناس‬
‫لتطبيق القرآن والسنة‪.‬‬
‫ْ‬
‫• فهذا قدر الصحابة الذي ال بد أن ُي ن نتلهم إياه كل مسلم‪.‬‬
‫الننﷺ‪:‬‬‫‪ ‬قال ي‬

‫ا‬
‫• فما اجتهد فيه الخلفاء الراشدون من الصحابة كان ُحجة بشهادة رسول هللا ﷺ‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ويكفيك قول ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫(‪ (613‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫( ‪ (614‬متفق عليه‪ ....‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...6459 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2533 :‬‬
‫(‪ (615‬شرح العقيدة األصفهانية‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫(‪ (616‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪.158 /1 ،‬‬
‫)‪ (617‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،4607 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ (618‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.2641 :‬‬
‫‪707‬‬
‫‪ ،‬وفهم‬ ‫‪‬‬
‫الصحابة‪ ،‬وفقه الصحابة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫• فالواجب علينا أن نحب صحابة رسول هللا ﷺ؛ لثناء هللا عليهم‪ ،‬وإليمانهم به‪،‬‬
‫ن‬
‫ولتصديقهم بنبيه‪ ،‬ونرصتهم له‪ ،‬ولما نفعنا هللا به من جهادهم يف سبيل نرصة‬
‫هذا الدين ووصوله إلينا‪.‬‬
‫َ‬
‫• فنحن نحبهم‪ ،‬ونتبع هديهم‪ ،‬وندافع عنهم‪ ،‬وال نقبل بموجة الهجوم عليهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الناس حقهم‪.‬‬ ‫ونعرف‬
‫ن‬
‫‪ ‬قال عبد هللا بن مسعود ي‬
‫رص هللا تعاىل عنه‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫رص هللا عنه‪ -‬ن يف مناظرته الشهتة للخوارج‪:‬‬


‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬وقال ابن عباس ‪ -‬ي‬

‫•‬
‫• فاتباع الصحابة يقطع مادة االبتداع نف الدين؛ ألنك تتبع المنهج األول قبل ظهور ر ن‬
‫الفي‪.‬‬ ‫ي‬
‫• ولو نحينا فقه الصحابة‪ ،‬ومنهج الصحابة‪ ،‬وفهم الصحابة‪ ،‬لتأول الناس القرآن‬
‫بإخراجه عن معناه‪ ،‬وعن مراد ر‬
‫الشع‪.‬‬

‫(‪ (619‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬ح‪ ،3600 :‬درجة الحديث‪ :‬حسن‪.‬‬


‫(‪ (620‬الصحيح المسند‪ ،‬ح‪.711 :‬‬
‫‪708‬‬
‫ن‬
‫التنويريي إلفساد دين الناس‪.‬‬ ‫مشوع‬ ‫• ولذلك كان الهجوم عىل الصحابة هو ر‬
‫َ‬ ‫َ ن‬ ‫ُ‬
‫العلماء الطعن يف أصحاب رسول هللا ﷺ عالمة أهل البدع‬ ‫• ومن أجل هذا عد‬
‫َ‬
‫بج ْرح رواتها ‪.‬‬ ‫والنفاق‪ ،‬الذين يريدون إبطال ر‬
‫الشيعة‬
‫‪‬عن عبد هللا ابن اإلمام أحمد قال‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫‪‬وقال اإلمام مالك‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫والفء الثالث هم أتباع منهج الصحابة‪.‬‬‫• ن‬


‫ي‬
‫• وال يوجد نف ٌء ر ٌ‬
‫ابع‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ٌّ.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫• فمن لم يتبع منهج الصحابة فليس له يف هذا ي‬
‫الفء حق‬
‫• والصحابة كلهم ُع ٌ‬
‫دول‪.‬‬

‫‪‬قال اإلمام النووي‪:‬‬

‫َ‬ ‫ن‬
‫• وال يوجد أحد يطعن يف عدالتهم إال ويضعف إيمانه وتصديقه بالنصوص بقدر ما‬
‫يطعن ن يف الصحابة‪.‬‬

‫)‪ (621‬السنة‪ ،‬الخلل ‪.493/1‬‬


‫( ‪ (622‬اإلصابة‪ ،‬ابن حجر ج‪ 1‬ص‪.23‬‬
‫(‪ (623‬التقريب والتيسير‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪709‬‬
‫‪ ‬قال ابن الصالح‪:‬‬

‫‪ ‬وقد قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬
‫آمي‪.‬‬ ‫اللهم ارزقنا حبهم ونرصتهم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫) ‪ (624‬علوم الحديث‪ ،‬ص‪.171‬‬


‫(‪ (625‬الصحيح المسند‪ ،‬ح‪.1213 :‬‬
‫‪710‬‬
‫‪ -204‬ما معنى حديث اآلحاد‪ ،‬وما الفرق بينه وبين الحديث المتواتر؟‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫النن ﷺ رواه عدد من الرواة يف كل طبقة ال‬
‫هو كل حديث عن ي‬ ‫ج‪:‬‬
‫يصل إىل حد التواتر‪.‬‬
‫التابعي‪ ،‬ثم ر‬
‫انتش ن‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬
‫واحد إىل ر‬ ‫ٌّ‬ ‫ً‬
‫بي‬ ‫عشة من‬ ‫صحاب‬‫ي‬ ‫رواه‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬
‫ي‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫حديث‬ ‫• فلو أن‬
‫الناس‪ ،‬فهذا ُيسىم حديث آحاد‪.‬‬
‫ً‬
‫بي الناس‪ُ ،‬يسىم أيضا‪:‬‬ ‫• والحديث الذي رواه صحابيان إىل مائة تابع‪ ،‬ثم ر‬
‫انتش ن‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫حديث آحاد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬
‫التابعي‪ ،‬يسىم حديث آحاد‪.‬‬ ‫• والحديث الذي يرويه ثالثة من الصحابة إىل مئات‬

‫‪ ‬فمث ًلا حديث‪:‬‬

‫ن‬
‫التابعي‪.‬‬ ‫• هذا حديث رواه ثالثة من الصحابة عن ي‬
‫النن ﷺ إىل عدد كبت من‬
‫• ومع ذلك اسمه‪ :‬حديث آحاد‪.‬‬
‫ن‬
‫التابعي‪ ،‬اسمه‪ :‬حديث آحاد‪.‬‬ ‫• والحديث الذي رواه أربعة من الصحابة إىل مئات‬
‫كبت من الصحابة إىل جمع‬ ‫ٌ‬
‫جمع ٌ‬ ‫• أما الحديث المتواتر فهو‪ :‬كل حديث رواه‬
‫ن‬
‫التابعي‪.‬‬ ‫كبت من‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫• بحيث يكون هناك جمع كبت من الرواة يف كل طبقة من السند‪ ،‬وهذا الذي يسىم‬
‫بالمتواتر‪.‬‬
‫• والتفريق بين الحديث اآلحاد والحديث المتواتر هو تفريق اصطالحي‬
‫حديثي فقط‪.‬‬
‫• فالسلف ال ُيفرقون ن‬
‫بي متواتر وآحاد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صحاب‬
‫ي‬ ‫سواء رواه‬ ‫العمل به؛‬ ‫النن ﷺ وجب‬ ‫صح الحديث‪ ،‬وثبت عن ي‬ ‫َّ‬ ‫• فطالما‬
‫عشة‪ ،‬طالما صح الحديث َو َج َ‬
‫واحد أو صحابيان أو ثالثة أو أربعة أو ر‬ ‫ٌ‬
‫ب العمل به‬ ‫ِ‬
‫ر‬
‫والتشيعات‪.‬‬ ‫ن‬
‫يف العقائد واألحكام‬

‫‪ ‬فهذا التقسيم‪ :‬آحا ٌد ومتواترٌ‪ ،‬هو تقسيم اصطالحي لطالب علم‬


‫الحديث‪.‬‬

‫متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...10 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.40:‬‬ ‫(‪(626‬‬

‫‪711‬‬
‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫• فالكل يتفق وال يشذ ٌ‬
‫عالم واحد من علماء الحديث عىل أن‪ :‬الحديث آحادا كان أو‬
‫النن ﷺ وجب العمل به‪.‬‬ ‫ً‬
‫متواترا طالما صح عن ي‬
‫ن‬
‫بصدق الخت وصحته‪ ،‬وليس بعدد من أختك الخت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫• فالعتة يف األخت‬
‫مجهول‪.‬‬ ‫او‬
‫ر‬ ‫من‬ ‫• فقد يصح حديث من راو صادق َث ْبت‪ ،‬وال يصح من ر‬
‫أكت‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫• فطالما اتصل السند‪ ،‬وثبتت عدالة الراوي وضبطه‪ ،‬وس ِلم الحديث من الشذوذ‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫مائة‪.‬‬
‫طريق أو ٍ‬ ‫من‬ ‫جاء‬ ‫سواء‬ ‫به؛‬ ‫العمل‬ ‫ووجب‬ ‫ا‪،‬‬ ‫صحيح‬ ‫صار‬ ‫ة‬ ‫والعل‬
‫ٌٍ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫شخص واحد ثقة صدوق‪ ،‬ونقل‬ ‫• واآلحاد حجة عقلية يف قبول الحكم؛ إذ لو أتاك‬
‫أكت من شخص‬ ‫الرصوري‪ ،‬بينما لو أتاك ر‬ ‫ختا رآه بعينه فهذا ُيولد عندك العلم ن‬ ‫لك ً‬
‫قلبك لما قالوا‪.‬‬ ‫ئن‬
‫يطمي ُ‬ ‫مجهول ال تعرفهم وأختوك ً‬
‫ختا فقد ال‬
‫• فالعتة ليست بالعدد‪ ،‬وإنما بالخت الصادق‪.‬‬
‫والشيعة تقوم عىل حجية خت اآلحاد‪ ،‬وأنه ُيلزم بالعلم والعمل ً‬
‫معا‪.‬‬ ‫• ر‬
‫ِ‬
‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ‬

‫ﳇﳈﳉﳊﳋﳌ ﱠ ﴿‪ ﴾122‬سورة التوبة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫َ ُْ َ َ ٌ‬ ‫ُ‬
‫والحجة‪.‬‬ ‫‪ِ ‬من كل ِف ْرق ٍة منه ْم ط ِائفة‪ :‬والطائفة تشمل ما دون المتواتر‪ ،‬وب ها يقع العلم‬
‫وي ْرس ُل ُك ُت َب ُه مع اآلحاد‪ ،‬ولم يكن ُ‬
‫الم ْر َس ُل إليهم‬
‫ً ُ‬ ‫ُ‬
‫رس ُل ُر ُسله آحادا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وكان رسول هللا ﷺ ي ِ‬
‫يقولون‪ :‬ال نقبله؛ ألنه خت واحد‪.‬‬
‫ُ‬
‫واألنبياء أتوا فرادى إىل أقوامهم‪.‬‬
‫‪ ‬وقال ي‬
‫الننﷺ ‪:‬‬

‫دليل عىل حجية خت الواحد‪ ،‬فالواحد الثقة الضابط للحديث‬ ‫ٌ‬ ‫• وهذا الحديث‬
‫حجة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويبلغه الواحد‪ ،‬وتقوم الحجة بالواحد‪.‬‬ ‫• فالحديث يحمله الواحد‪،‬‬
‫َ َ َُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫ت‪ :‬أنا"‪)628(.‬‬‫"من يأ ِتينا بخ َ ِت الق ْو ِم؟ فقال الزب‬ ‫‪ ‬وحديث‪:‬‬

‫‪ ‬وكان هذا يوم األحزاب‪ ،‬فهنا اعتمد ي‬


‫النن ﷺ خت الزبت‪ ،‬وهو خت الواحد‪.‬‬

‫)‪ (627‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.3660 :‬‬


‫( ‪ (628‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4113 :‬‬
‫‪712‬‬
‫‪ ‬وحديث‪:‬‬

‫رص هللا عنه‪ ،‬وهذا فيه حجية خت الواحد‪،‬‬ ‫الناس ْأم َر عىل بن أب طالب ن‬
‫ُ‬ ‫• وهنا اتبع‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وقيام العلم والعمل بخته‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫• وأنت تصدق المؤذن‪ ،‬وتعمل بخته ن يف أهم شعتة ن يف دينك‪ :‬الصالة‪.‬‬
‫• وهذا خت آحاد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫• واألدلة ن يف هذا ال تحض‪.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ُ ُ‬
‫والنن ﷺ كما قلت كان يرسل الواحد من صحابته يف تنفيذ أمره‪ ،‬أو إمارة الناس‪ ،‬نيابة‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬
‫عنه أو قبض الزكاة‪ ،‬أو غت ذلك‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مجمعة عىل قبول خت الواحد والعمل بخته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫• فاألمة‬
‫‪ ‬وانظر لحديث‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫• فالصحابة عملوا بخت الواحد واستداروا وهم ن يف صالتهم‪.‬‬


‫فمن جاء الثقة بالخت‪ :‬حصل العلم‪ ،‬ووجب العمل‪.‬‬ ‫• ر‬

‫‪ ‬وحديث أنس‪:‬‬

‫َ ُ ْ‬
‫• جاءهم ٍ‬
‫آت‪ :‬شخص واحد ثقة حصل به العلم‪ ،‬وأهرقوا الخمر‪.‬‬

‫)‪ (629‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬ح‪ ،824 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫(‪ (630‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...4494 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.526:‬‬
‫( ‪ (631‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...5582 :‬وصحيح مسلم‪.1980 ،‬‬
‫‪713‬‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫وي ر‬ ‫ُ‬
‫فن به‪ ،‬ويقبله كل‬ ‫الشافع‪ :‬خت الواحد عن رسول هللا ﷺ ينته إليه‪،‬‬‫ي‬ ‫• قال‬
‫أحد‪)6٣2(.‬‬
‫ٌ‬
‫أحد ذلك‪ ،‬وال ر‬
‫اعتض عليه‪)6٣٣(.‬‬ ‫• وعىل العمل بخت الواحد التابعون كافة‪ ،‬ولم ينكر‬

‫‪‬قال شيخ اإلسالم‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫المبتدعة‪)6٣٥(.‬‬‫• فلم يظهر التكلم نف حجية خت الواحد إال ن‬


‫بي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫• وأهل السنة والجماعة ال يفرقون بي الحديث المتواتر وبي خت اآلحاد‪ ،‬ويحتجون‬
‫ٍّ‬ ‫ن‬
‫سواء‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بالمتواتر واآلحاد يف العقائد واألحكام عىل حد‬

‫‪ ‬قال ابن حزم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ﷺ‬
‫ْ َ ن‬
‫اب ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬
‫وقال السمع ي‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬

‫فلم يظهر إنكار حجية خت اآلحاد كما قلت إال ن‬


‫بي المبتدعة وهدفهم من هذا رد السنة‪.‬‬

‫) ‪ (632‬الرسالة للشافعي‪ ،‬ص‪.451‬‬


‫(‪ (633‬الكفاية في علم الرواية‪ ،‬للخطيب البغدادي‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫(‪ (634‬مختصر الصواعق المرسلة‪ ،‬ابن الموصلي‪ ،‬م‪ 2‬ص‪ 372‬بتصرف‪.‬‬
‫( ‪ (635‬فضل االعتزال‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫)‪ (636‬اإلحكام في أصول األحكام‪.108/1 ،‬‬
‫( ‪ (637‬االنتصار ألصحاب الحديث‪ ،‬ص ‪.35-34‬‬
‫‪714‬‬
‫َّ‬
‫السنة؟‬ ‫‪ ‬وهنا قد يسأل سائل‪ :‬لماذا يريد المبتدعة أن يهجروا‬
‫ً‬
‫ميدانا للكالم نف نصوص ر‬ ‫ُ‬
‫الشع‬ ‫ي‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬ألنه إذا هجرت السنة وجد المبتدعة‬
‫ْ‬
‫وتأويلها َوفق أهوائهم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وحاسم لكل من يريد‬ ‫قاطع لمادة البدعة‪،‬‬ ‫• فالتسليم بكل خت صح عن ي‬
‫النن ﷺ هذا‬
‫العبث ن يف دين هللا‪.‬‬
‫• فالسنة تقمع البدعة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫• وال يعرف أهل البدع أن التنكر ألخبار اآلحاد هو بدعة إضافية‪ ،‬فالتشكيك يف حجية‬
‫بتدع ُم ْح َدث‪ ،‬ال أصل له نف ر‬
‫الشيعة‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫خت اآلحاد هو قول م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٌّ‬
‫ليس فيه‪ ،‬فهو َرد‪6٣8.‬‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫وف الحديث المتفق عىل صحته‪َ :‬من أحدث ف أ ْمرنا هذا ما َ‬ ‫ن‬
‫ِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫ي ِ‬ ‫• ي‬
‫• فإنكار حجية خت اآلحاد بدعة‪ ،‬و "كل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة نف النار"‪6٣٩.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ ي‬ ‫ٍ‬
‫• فهذه بدعة إضافية عند المبتدعة‪.‬‬

‫‪‬لكن قد يقول قائل‪ :‬خت اآلحاد يفيد الظن؛ لذلك ما نأخذ به ن يف العقيدة‪.‬‬
‫ْ‬
‫الم ْر ُجوح‪ ،‬أو الظن الذي ال ُيفيد ِعل ًما‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫عقليا هو الظن َ‬ ‫ُ‬
‫‪‬والجواب‪ :‬الظن الذي ال يعتد به‬

‫ن ر‬
‫شء‪.‬‬ ‫• وليست أحاديث اآلحاد من ذلك يف ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫فهذا الظن المرجوح أو الذي ال يفيد ً‬
‫علما‪ ،‬ال يؤخذ به ال يف األحكام وال يف العقائد‪ ،‬أما‬
‫اليقي‪ ،‬فأحاديث اآلحاد ليست من الظن‬ ‫ن‬ ‫خت الواحد الصحيح الثابت فهذا قرين‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اليقي‬ ‫اليقي؛ ولذلك ورد يف القرآن التعبت عن‬ ‫المرجوح‪ ،‬وإنما من الظن الذي هو قرين‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫اليقي يف قوله تعاىل‪:‬‬ ‫بالظن من هذا النوع الذي هو قرين‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲒﲓﲔﲕﲖﱠ﴿‪ ﴾2٠‬سورة الحاقة‪.‬‬

‫‪ ‬وقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾118‬سورة التوبة‪.‬‬

‫‪ ‬إذن فالقول باألخذ بخبر اآلحاد في باب األحكام وتركه في باب العقائد‪،‬‬
‫بدعي سقيمٌ ‪ ،‬ثم من أين لهم بهذا التقسيم؟‬
‫ٌّ‬ ‫هو قول‬

‫‪ ‬أين الدليل الذي ي ُْع َتدُّ به على تَرْ ك العمل بحديث اآلحاد في العقيدة؟‬

‫‪ ‬هل ث َبت ذلك بآية قرآنية أو حديث نبوي صحيح؟!‬

‫) ‪ (638‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...2679 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1718 :‬‬
‫( ‪ (639‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪ 867 :‬باختلف يسير‪.‬‬
‫‪715‬‬
‫‪ ‬وهل ث َبت عن الصحابة رضي هللا عنهم العمل بذلك أو التصريح به؟!‬
‫َ‬
‫أحاديث نبوية‪،‬‬ ‫‪ ‬وهل ث َبت عن أحد من الصحابة ردُّ ما أخبره به أحدُهم من‬
‫ٍ‬
‫تتضمن أمورًا عقائدية؟‬

‫‪ ‬وهل فعل ذلك أحد من أئمة التابعين ومن بعدهم؟‬

‫ما من أحدٍ من الصحابة أو التابعين‪ ،‬أو أئمة الهُدى رَدَّ خبر الواحد الذي‬
‫يتضمَّن أمورًا عقائدية؛ كانوا يتقبَّلون الخبر بالقَبول واليقين‪ ،‬طاملا‬
‫ثبَتت صحته‪.‬‬
‫ن‬
‫وهذا ورد يف نصوص كثتة كأحاديث الرؤية ‪-‬رؤية هللا يوم القيامة‪ -‬وتكليم هللا‪ ،‬ونزوله‬
‫ن يف ثلث الليل األخت كل ليلة‪.‬‬

‫والنن ﷺ قال‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬فمن الذي يُبلغ اآلية؟‬


‫ُ ُ ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ٌ‬
‫للم َبلغ‬ ‫الم َبلغ‪ ،‬ويحصل‬ ‫شخص واحد هو َمن يقوم بالتبليغ‪ ،‬وتقوم به الحجة عىل‬
‫ٌ‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫يعن أن أمر‬
‫بذلك العلم‪ ،‬وادعاء أن العلم والحجة ال تقوم بإخبار المبلغ الواحد‪ ،‬فهذا ي‬
‫نا‬
‫معن‪.‬‬ ‫النن ﷺ بالتبليغ عنه ليس له‬
‫ي‬

‫فلو لم تقم الحجة بخت الواحد لما أمر ﷺ بذلك‪.‬‬


‫ن‬ ‫ً‬
‫ومعاذا‪ ،‬وأبا موش ‪ -‬ن‬ ‫• وقد أرسل ﷺ ًّ‬
‫رص هللا عنهم‪ -‬يف أوقات مختلفة إىل‬
‫ي‬ ‫عليا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ويعل ُمون الناس الدين والعقيدة واألحكام‪.‬‬ ‫اليمن؛ يبلغون عنه؛‬

‫أن العقيدة تَ ْثبُت بخبر الواحد‪ ،‬وتقوم به الحُ جَّ ة على‬


‫دليل قاطعٌ على َّ‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وإال ما اكتفى ﷺ بشخص بمُ ْف َرده‪ ،‬وألرسل معه من يَتواتر به‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫النقل‪.‬‬

‫( ‪ (640‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3461 :‬‬


‫‪716‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫• ولذلك السلف أجمعوا عىل قبول أحاديث اآلحاد يف العقائد‪ ،‬وإثبات صفات الرب‬
‫تعاىل‪ ،‬واألمور الغيبية بخت الواحد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫• ثم ما الفرق ن‬
‫بي تسليمك لخت اآلحاد يف األحكام‪ ،‬ورفضه يف باب العقائد؟‬
‫• الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا هذا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ابن القيم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫َ ُ‬


‫• وت ْرك العمل بأحاديث اآلحاد يف العقائد هو تخطئة للسلف يف اعتقادها‪ ،‬واتخاذها‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫ويكف بذلك فتنة يف‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫المؤمني‬ ‫لسبيل‬ ‫ومخالفة‬ ‫األمة‪،‬‬ ‫إلجماع‬ ‫وتخطئة‬ ‫ا‪،‬‬ ‫دين‬
‫الدين‪.‬‬
‫• ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬
‫ﱯﱱﱲﱠ ﴿‪ ﴾11٥‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ﱰ‬ ‫ﱭﱮ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫• فاألدلة ال تحض من الكتاب والسنة‪ ،‬وإجماع الصحابة وسلف األمة‪ ،‬تدل داللة‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫قاطعة عىل وجوب األخذ بحديث اآلحاد نف كل أبواب ر‬
‫سواء أكان يف‬ ‫الشيعة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ي ُ‬
‫األمور االعتقادية أو األمور العملية‪ ،‬وأما التفريق بينهما فبدعة أحدثها أهل األهواء‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الن تنقض بدعهم‪ ،‬ولم ينقل عن أحد من سلف هذه‬ ‫من المبتدعة؛ لتدوا األدلة ي‬
‫ن‬
‫األمة أنه جوز االحتجاج بحديث اآلحاد يف مسائل األحكام دون اإلخبار عن هللا‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫وأسمائه وصفاته‪ ،‬بل ال يعرف خالف يف هذه المسألة عن أحد ممن يعتد به من‬
‫أهل العلم‪.‬‬

‫( ‪ (641‬الصواعق المرسلة‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬ج ‪.412 / 2‬‬


‫‪717‬‬
‫‪ ‬قال اإلمام ابن عبد الت ن يف كتابه التمهيد‪:‬‬

‫‪ ‬وقال اإلمام ابن القيم ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫‪‬‬

‫فإما أن يأتوا بالدليل القاطع المتواتر عىل صحة هذا القول‪ ،‬وإال فهم ُمتناقضون‪.‬‬

‫بدعي يخالف إجماع‬


‫ٌّ‬ ‫َّ‬
‫فإن ردَّ خبر اآلحاد في العقائد منهجٌ‬ ‫وبناءً على ذلك‪:‬‬
‫أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهو‪" :‬خرق إلجماع الصحابة المعلوم بالضرورة‬
‫)‬ ‫(‬
‫وإجماع التابعين‪ ،‬وإجماع أئمة اإلسالم"‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (642‬التمهيد‪.8/1 ،‬‬


‫(‪ (643‬مختصر الصواعق المرسلة‪.‬‬
‫( ‪ (644‬مختصر الصواعق المرسلة‪.360/2 ،‬‬
‫‪718‬‬
‫السنة؟‬
‫‪ -205‬ما هي اإلشكاالت العقلية التي تواجه منكري ُّ‬
‫ج‪ :‬هناك عدة إشكاالت تواجه منكري السنة‪ ،‬وه إشكاالت ُت ا ن‬
‫بي سخافة هذا الفكر‬ ‫ُ ي‬
‫عقلية تفهم من دين اإلسالم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ومخالفته لبديهيات القرآن‪ ،‬ولقطعيات‬

‫اإلشكال األول‬

‫‪ ‬كيف كان النبي ﷺ وصحابته ُيصلُّون إلى بيت المقدس لسنوات طويلة؟‬
‫َ ْ ن‬ ‫ن‬
‫المسلمي لسنوات طويلة نحو بيت المقدس‪ ،‬وهذا األمر لم ي ِرد يف‬ ‫• فقد كانت قبلة‬
‫القرآن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫األمر بالصالة نحو بيت المقدس‪.‬‬ ‫• لم يرد يف أي آية‬
‫ًّ‬
‫نبويا‪.‬‬ ‫• فلم تكن الصالة نحو بيت المقدس إال ً‬
‫أمرا‬
‫ن‬
‫• ولم يخت القرآن يف هذا الخصوص إال بقصة تحول القبلة من بيت المقدس إىل‬
‫الكعبة‪.‬‬

‫نكر للسنة‪ ...‬لكل متجاهل للخبر النبوي‪ ...‬لكل ُم ِّ‬


‫شكك في‬ ‫‪ ‬إذن السؤال لكل ُم ِ‬
‫أي أساس كان الصحابة ُيصلُّون لبيت المقدس؟‬
‫قيمة الحديث النبوي التشريعية‪ :‬على ِّ‬

‫• وال يوجد جواب إال‪ :‬عىل أساس األمر النبوي‪ ،‬وهو الجواب الوحيد الصحيح‪.‬‬
‫َّ‬
‫النن ﷺ ‪ ،‬وليس بأمر َو َر َد ن يف القرآن‪.‬‬
‫ي‬ ‫بأمر‬ ‫المقدس‬ ‫بيت‬ ‫نحو‬ ‫وا‬ ‫صل‬ ‫• فالصحابة كلهم‬

‫فالقرآن تحدث فقط عن تحول القبلة من بيت المقدس إىل الكعبة‪ :‬ﭐﱡﭐﱂﱃ‬

‫ﱌ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾142‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﱍ‬ ‫ﱄﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ‬
‫ول الس َف َه ُاء‪ :‬السفهاء سيتعجبون لماذا تحول المسلمون عن قبلتهم ر‬
‫الن كانوا‬ ‫‪َ ‬س َي ُق ُ‬
‫ي‬
‫عليها‪ ،‬لماذا تحولوا عن بيت المقدس‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ﱵ ‪ ..‬ﱠ‬
‫ﱶ‬ ‫ﱡﭐ ‪ ..‬ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ‬
‫﴿‪ ﴾14٣‬سورة البقرة‪.‬‬

‫‪719‬‬
‫‪ ‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱧ ﱨﱩﱪﱫﱬ‪ ..‬ﱠ ‪ :‬قبلة بيت المقدس‪.‬‬

‫ﱵ ‪ ..‬ﱠ ‪ :‬فالقبلة ي‬
‫ﱶ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴ‬
‫النن ﷺ‬ ‫ر‬
‫الن كان عليها ي‬
‫َ‬
‫كانت واجبة االتباع‪.‬‬
‫نً‬
‫تميتا لمن يت ِبع الرسول‪ ...‬يتبع السنة‪ ،‬عمن ينقلب عىل عقبيه‪.‬‬ ‫• وهذه القبلة كانت‬
‫ا‬ ‫تش ً‬
‫• إذن كل منكر للسنة‪ ،‬ومنكر لكون الحديث النبوي ر‬
‫يعا مستقًل‪ ،‬هو منقلب عىل‬
‫عقبيه برصي ح هذه اآلية‪.‬‬

‫ﱵ ‪ ..‬ﱠ‬
‫ﱶ‬ ‫‪ ‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱧ ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴ‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫يقول تعاىل‪ :‬إنما رشعنا لك ‪-‬يا محمد‪ -‬التوجه أوًل إىل بيت المقدس‪ ،‬ثم رصفناك عنها‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إىل الكعبة‪ ،‬ليظهر ُ‬
‫حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ِممن ينقلب‬
‫َ‬
‫قب ْيه‪ ،‬أي‪ُ :‬م ْرت ًّدا عن دينه‪)64٥(.‬‬
‫عىل َع َ‬

‫وحيا ًّ‬
‫إلهيا؟‬ ‫أكت من هذا لمن يرفض السنة‪ ،‬وال يعتتها ً‬‫أي تحذير إله ر‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫ﲄ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾14٣‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ﲅ‬ ‫وتختم اآلية بقوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱿﲀﲁﲂﲃ‬
‫ُ‬
‫يصىل نحو بيت المقدس‪ ،‬ولم تقل اآلية‪ :‬وما كان هللا ليضيع‬
‫ي‬ ‫فلن يضيع هللا إيمان َمن كان‬
‫ﲄ‪..‬ﱠ‪.‬‬
‫ﲅ‬ ‫صالتكم‪ ،‬وإنما قالت‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱿﲀﲁﲂﲃ‬
‫ٌ‬
‫النن ﷺ بالصالة نحو بيت المقدس هو إيمان‪.‬‬
‫فاتباع ي‬

‫اإلشكال الثاني‬

‫الن تقطع بضالل مذهب ُمنكري السنة‪ ،‬قول هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱏﱐﱑ‬
‫ر‬
‫من آيات القرآن ي‬
‫ر‬
‫الحش‪.‬‬ ‫ﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥‬سورة‬

‫)‪ (645‬تفسير ابن كثير لآلية‪.‬‬


‫‪720‬‬
‫لم يأذن هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬ن يف آية واحدة من القرآن بقطع لينة ‪-‬نخلة‪ -‬أو تركها‪.‬‬
‫ُ‬
‫قطع‬ ‫وحي شق عىل اليهود‬ ‫ن‬ ‫النن ﷺ ‪،‬‬ ‫هو‬ ‫النضت‬ ‫بن‬ ‫فالذي أ ِذ َن بقطع النخيل نف غزوة ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫النخيل‪ ،‬أخت هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬أنه ما ُقطعت من نخلة أو تركت فبإذن هللا‪ ...‬بأمر هللا‪{ :‬ماَ‬
‫َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ول َها ف ِب ِإذ ِن الل ِه}‪.‬‬ ‫ىل ُأصُ‬
‫ٰ‬ ‫ع‬
‫َ ْ ََ ُْ ُ َ َ َ ا َ‬
‫ة‬ ‫م‬ ‫ائ‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫وه‬ ‫م‬ ‫ت‬‫ك‬‫ر‬‫ت‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ين‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬
‫َ َ ُْ‬
‫ت‬ ‫قطع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ن‬
‫إذن البديهة القطعية المستفادة من هذه اآلية أن‪ :‬األمر النبوي بقطع النخيل يف هذه‬
‫َّ‬ ‫ٌّ َ ْ‬
‫إله‪{ :‬ف ِب ِإذ ِن الل ِه}‪.‬‬
‫الغزوة هو أمر ي‬
‫وح ٌّ‬
‫إله‪.‬‬ ‫فاألمر النبوي هو ٌ‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫اإلشكال الثالث‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫النن ﷺ يف كثت من القضايا بالحديث النبوي‪ ،‬وألزم الناس بالحديث النبوي‪،‬‬
‫ي‬ ‫حك َم‬
‫ووجبت طاعته بالحديث النبوي‪ ،‬وعقوبة المخالفة كانت لمن خالف الحديث النبوي‪.‬‬

‫قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸ‬

‫ﲹﲺﲻﲼﲽﲾﱠ﴿‪ ﴾6٥‬سورة النساء‪.‬‬

‫ن‬ ‫ً‬
‫تنفيذا لحكم رش ٍّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ع موجود يف القرآن‪ ،‬وإنما‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫اآلية‬ ‫هذه‬ ‫ف‬ ‫النن ﷺ ي‬
‫والذي قض به ي‬
‫الحكم كان من السنة النبوية ن يف قضية ُسقيا الزبت للماء‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ً‬
‫النن صىل هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫ي‬ ‫لقضاء‬ ‫يخضع‬ ‫لم‬ ‫لو‬ ‫ا‬ ‫مؤمن‬ ‫وأخت القرآن أن اإلنسان ال يعد‬
‫وقضاؤه كان بالسنة وليس بالقرآن‪ :‬ﱡﭐ ﲬﲭﲮﲯ ﲰﲱﲲﲳ‬

‫ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﱠ﴿‪ ﴾6٥‬سورة‬
‫النساء‪.‬‬

‫النن ﷺ وإال ما حصلوا اإليمان‪.‬‬


‫فال بد من التسليم التام للحديث النبوي والرضا بأمر ي‬
‫فإنكار السنة فكرة شاذة ليس لها َعالقة بالقرآن‪ ،‬وال بدين اإلسالم‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫اإلشكال الرابع‬

‫ُ‬ ‫َ رن ُ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬


‫التأش‪،‬‬
‫ي‬ ‫ستي أو يقيد أو يخصص هذا‬
‫ِ‬ ‫النن ﷺ ‪ ،‬ولم ي‬
‫بالتأش ب ي‬
‫ي‬ ‫القرآن الكريم يطلق األمر‬
‫التأش‪ ،‬ومطلق الطاعة‪ ،‬ومطلق االتباع‪ ،‬ومطلق التحذير من مخالفته ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫بل هو مطلق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ‬
‫ي‬ ‫باتباع‬ ‫األمر‬ ‫يد‬ ‫وق‬ ‫‪،‬‬ ‫التأش‬
‫ي‬ ‫د‬‫ي‬ ‫لق‬ ‫ه الطاعة الواجبة فقط‪،‬‬
‫فلو كانت طاعة هللا ي‬
‫بما يوافق فقط القرآن‪.‬‬

‫وبما أن القرآن هو الرسالة الوحيدة التي بين أيدي مُ نكري ُّ‬


‫السنة‪ ،‬إذن ال بد أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫النن ﷺ بحيث ال يطاع إال‬
‫ي‬ ‫طاعة‬ ‫تقييد‬ ‫يوضح القرآن بصورة قاطعة ال تحتمل الشك‬
‫يأب به القرآن الكريم‪ ...‬ال ُيطاع إال فيما وافق القرآن‪.‬‬
‫ر‬
‫فيما ي‬
‫تماما ن يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫لكن المدهش أن عكس ذلك ً‬

‫بالتأش به وبال تقييد‪.‬‬ ‫للنن ﷺ‪ ،‬ومطلق األمر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬


‫ي‬ ‫فف القرآن مطلق األمر بالطاعة ي‬
‫ي‬
‫ﭐ ‪‬ﭐﱡﭐﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﱠ‬
‫﴿‪ ﴾21‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫ﱨﱪﱫﱬ ﱠ‬
‫ﱩ‬ ‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ‬
‫﴿‪ ﴾٣1‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ﱆ ﱈ ﱉﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱠ ﴿‪ ﴾8٠‬سورة‬
‫‪‬ﱡ ﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱇ‬
‫النساء‪.‬‬
‫ﲚ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾64‬سورة النساء‪.‬‬
‫‪‬ﱡ ﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲛ‬

‫واآليات ن يف هذا كثتة‪.‬‬

‫اإلشكال الخامس‬

‫ن‬ ‫يقينا أن هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬لم ُينص عىل كل جزئية من جزئيات ر‬
‫الشيعة يف‬
‫ً‬
‫ِمن المعلوم‬
‫القرآن‪.‬‬
‫‪722‬‬
‫وإنما القرآن ُم ن‬
‫بي لألصول والقواعد العامة‪.‬‬

‫فأركان الصالة‪ ،‬وواجباتها‪ ،‬وسننها‪ ،‬وعدد الركعات‪ ،‬وعدد الصلوات نفسها‪ ،‬ومواقيت‬
‫الصلوات الخمس‪ ،‬وطريقة الصالة‪ ،‬كل هذا ال وجود له ن يف القرآن الكريم!‬

‫•‬
‫•‬
‫•‬
‫ٌّ‬ ‫ن‬
‫تفصيىل‬
‫ي‬ ‫❑ هناك آالف األحكام يف العقائد والعبادات والمعامالت واألخالق ال وجود لها‬
‫ن يف كتاب هللا‪.‬‬

‫❑ فالسنة نرصورة لتفصيل األحكام ببديهة القرآن‪.‬‬


‫‪‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾44‬سورة النحل‪.‬‬

‫فالنن ﷺ ُي ن‬
‫بي الذكر‪ ...‬بماذا؟ بالسنة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ورصورة تطبيق القرآن‪ ،‬ن‬
‫ورصورة‬ ‫وتشي ع ببديهة فهم القرآن‪ ،‬ن‬‫• فالسنة بيان وتفصيل ر‬
‫إقامة الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحج وغت ذلك من أبواب العبادات والمعامالت‪.‬‬
‫وتطبيق ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫• السنة نرصورة لفهم القرآن‬

‫اإلشكال السادس‬
‫والنن‬ ‫ٌّ‬
‫إله‪ ،‬فهذا واقع األمة عت كل تاريخها‪،‬‬ ‫السنة ٌ‬‫‪ ‬واقع األمة ُمطبق عىل أن ُ‬
‫ي‬ ‫وح ي‬‫ي‬ ‫ِ‬
‫ٌّ‬ ‫ُ‬
‫إله‪ ،‬وهذا كان حال الصحابة مع السنة‬ ‫وح ي‬ ‫ﷺ كان ي ِ‬
‫خاطب الناس باعتبار أن السنة ي‬
‫وحيا ًّ‬
‫إلهيا‪ ،‬وكان هذا حال األمة عت كل تاريخها مع السنة‪.‬‬ ‫فهم يعتتونها ً‬

‫‪ ‬ولذلك أوص ﷺ بتبليغ ُسنته للناس‪:‬‬

‫ُ‬
‫أحفظ له من‬ ‫ظه حتى يُ َب ِّل َغ ُه فر َّ‬
‫ُب مُ ب َّلغ‬ ‫ً‬
‫حديثا فحف َ‬ ‫سمع َّ‬
‫منا‬ ‫ً‬
‫امرأ َ‬ ‫َّ‬
‫"نضر هللاُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪646‬‬
‫سامع"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ﷺ‬ ‫•‬

‫سبق تخريجه‪.‬‬ ‫(‪(646‬‬

‫‪723‬‬
‫•‬
‫•‬
‫•‬

‫(‬
‫النبي ﷺ يُكرر الحديث "وال يَس ُرد ُُه َ‬
‫سردًا"‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ثم السؤال الثاني‪ :‬لماذا كان‬

‫حن ُيساعد الصحابة عىل حفظ الحديث‪ ،‬وضبط لفظ الحديث‪.‬‬


‫كان ﷺ يفعل ذلك ر‬

‫ثم السؤال الثالث‪ :‬لماذا كان النبي ﷺ يضرب األمثلة في شرحه؟‬

‫• لماذا كان يستعمل الوسائل التوضيحية مثل‪ :‬تشبيك األصابع‪ ،‬واإلقران ن‬


‫بي السبابة‬
‫الشعية؟‬ ‫ن‬
‫المعاب ر‬ ‫والوسًط‪ ،‬والرسم‪ ،‬لبيان‬
‫ي‬
‫تشيعية؟‬ ‫• لماذا يفعل كل هذا إذا كان الحديث النبوي ليست له قيمة ر‬

‫• لماذا كان الصحابة يحفظون الحديث زمن ي‬


‫النن ﷺ ؟‬
‫ن‬
‫‪ ‬قال أنس بن مالك ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ُُ‬
‫رص هللا عنه‪ُ -‬يخصص ثلث الليل؛ لحفظ أحاديث رسول هللا ﷺ‪.‬‬
‫ن‬
‫وكان أبو هريرة ‪ -‬ي‬
‫‪ ‬لماذا هذا الحرص على حفظ الحديث؟‬

‫النن ﷺ ن يف الحديث المتواتر من الكذب عليه‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫‪ ‬ثم سؤال آخر‪ :‬لماذا حذر ي‬

‫وهذا الحديث متواترٌ‪ ،‬رواه مائتا صحابي‪ ،‬فلماذا النبي ﷺ يحذر ُأمَّ ته أشدَّ‬
‫التحذير من الكذب عليه؟‬
‫‪ ‬لماذا ي ِّ‬
‫ُحذر أمته من افتراء أي حديث عليه؟‬

‫(‪ (647‬مسند أحمد‪ ،‬ح‪ ،25077 :‬درجة الحديث‪ :‬حسن‪.‬‬


‫(‪ ) 648‬الجامع ألخلق الراوي‪ ،‬الخطيب البغدادي ‪.363-1‬‬
‫(‪ (649‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.1291 :‬‬
‫‪724‬‬
‫السنة ليست لها حُ جية‪ ،‬لماذا هذا التحذير الشديد‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ‬لماذا طالما َّ‬
‫أن‬
‫والوعيد بالنار؟‬
‫ثم كيف تشتمل كثير من األحاديث على أمور غيبية‪ :‬أحاديث تتك َّلم عن أمور‬
‫غيبية؟‬

‫الننﷺ بهذه‬ ‫ورود أمور غيبية نف األحاديث دليل أن السنة ٌ‬


‫وح يوح‪ ،‬وإال فكيف علم ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫األمور الغيبية إن لم تكن وحيا من هللا؟‬

‫إشكاالت ال حرص لها‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫فإنكار السنة يطرح‬

‫اإلشكال السابع‬

‫األمة عت كل تاريخها عىل بديهة اعتبار الحديث هو المصدر الثابن‬ ‫ُ‬


‫ي‬ ‫• كيف أجمعت‬
‫للتشي ع‪ ،‬فحرصت األمة عىل نقل الحرف من فمه صىل هللا عليه وسلم‪ ،‬حرصت‬ ‫ر‬
‫الشيف؟‬ ‫عىل ضبط كل حرف خرج من فمه ر‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫يشذ يف هذا شخص‬ ‫• كيف أطبقت األمة عىل العمل بالسنة والقطع بحجيتها‪ ،‬ولم ِ‬
‫ن‬
‫تابع واحد‪ ،‬أو أحد‬‫صحاب واحد‪ ،‬أو ي‬ ‫ي‬ ‫واحد من سلف هذه األمة‪ ،‬ولم يشذ يف هذا‬
‫للتشي ع؟‬‫الثاب ر‬‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ه المصدر ي‬ ‫طبق عىل كون السنة ي‬ ‫تابع التابعي‪ ،‬فالكل م ِ‬‫ي‬ ‫من‬
‫ُ‬
‫طبق سلف هذه األمة عىل هذه البديهة؟‬ ‫• كيف ي ِ‬
‫الثاب ر‬
‫للتشي ع‬ ‫• كيف ُيطبق خت هذه األمة‪ :‬الصحابة عىل اعتبار السنة المصدر ن‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ِ َّ‬
‫وهم الذين زكاهم هللا يف كتابه؟‬
‫الشع‪ ،‬وأتقاهم هلل‪ ،‬كيف‬ ‫• الصحابة هم أفهم الناس لدين هللا‪ ،‬وأعلمهم بمراد ر‬
‫ن‬
‫الثاب ر‬
‫للتشي ع؟‬ ‫أطبقوا عىل التسليم بكون الحديث هو المصدر ي‬
‫‪‬‬

‫للنن ﷺ‪ :‬ﱡﭐ‪..‬ﲎﲏﲐﲑﲒ‬
‫المنافقون كذلك لم يكونوا يريدون االستماع ي‬
‫ﲟ ‪..‬ﱠ‬
‫ﲠ‬ ‫ﲗﲙﲚﲛﲜ ﲝﲞ‬‫ﲘ‬ ‫ﲓﲕﲖ‬ ‫ﲔ‬
‫﴿‪ ﴾41‬سورة المائدة‪.‬‬
‫للنن ﷺ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ْ َ ُْ َ‬
‫ي‬ ‫يأتون‬ ‫ال‬ ‫وك‬ ‫لم يأت‬
‫هم ال يحتاجونه‪.‬‬

‫‪725‬‬
‫‪‬فالسؤال‪ :‬ما الفرق بين مُ نكر السنة وبين المنافق الذي يرفض‬
‫ِ‬
‫للنن ﷺ؟‬
‫المجيء ي‬

‫• فالمنافق يزعم أنه يطيع اإلسالم بلسانه‪ ،‬لكنها يف الواقع طاعة كاذبة‪ :‬ﱡﭐﳔ‬
‫ن‬

‫ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙﳚﳛ ﳜ ﳝ ﳞﳟ ﳠ ﳡﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ‬

‫ﳧ ﱠ ﴿‪ ﴾٥٣‬سورة النور‪.‬‬
‫ٌَ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ُْ‬
‫• هللا يقول لهم‪ً( :‬ل تق ِس ُموا ۖ طاعة م ْع ُروفة) فهذه طاعة باللسان فقط‪ ،‬وليست‬
‫بالقلب‪ ...‬طاعة منافق‪ ،‬وليس طاعة مسلم‪.‬‬
‫توقتا للسنة من منكر السنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• لكن من باب اإلنصاف نقول‪ :‬إن المنافق ر‬
‫أكت‬
‫النن ﷺ بأي أمر‬ ‫أمرهم‬ ‫لي‬‫ي أ َم ْر َت ُه ْم ل َي ْخ ُر ُجن‪ :‬ئ ن‬‫الل ه َج ْه َد أ ْي َمانه ْم ل ئ نْ‬‫َّ‬
‫ب‬ ‫وا‬ ‫• َوأ ْق َس ُ‬
‫م‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سينفذون أمره‪.‬‬
‫ُ‬
‫للننﷺ‪ :‬ال أسلم بحديثك‪ ،‬وليس لك ي‬
‫عىل أمر‪.‬‬ ‫• لكن منكر السنة سيقول ي‬
‫للننﷺ من ُمنكر السنة‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫توقت‬ ‫احت ًاما للسنة‪ ،‬ر‬
‫وأكت‬ ‫أكت ر‬ ‫• فالمنافق ر‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫• وهنا لو انتبهت يف اآلية السابقة ستجد أن اتباع السنة بديهة واجبة عند كل من‬
‫ْ ُ‬ ‫َُ‬ ‫يزعم أنه مسلم‪( :‬ل ئ نْ‬
‫مقتض حال المسلم‪ ،‬وبديهة من‬ ‫ن‬ ‫ي أ َم ْرته ْم ل َيخ ُرجن) فهذا‬ ‫ِ‬
‫النن صىل هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫بديهيات تسليمه بنبوة ي‬

‫اإلشكال الثامن‬
‫• المشكلة األكت ن يف إنكار السنة أنها بوابة اإللحاد ن يف الدين‪.‬‬
‫ه أن تتصل باهلل بمجرد النظر للسماء‪ ،‬وليس‬ ‫ً‬
‫شخصا قال‪ :‬الصالة‬ ‫• فلو ر‬
‫افتضنا أن‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫هناك ركوع‪ ،‬وال سجود‪ ،‬وال فروض‪ ،‬وال ظهر‪ ،‬وال عرص‪ ،‬وال مغرب‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ن‬
‫رد‪.‬‬ ‫• هنا لن يجد منكر السنة أمام هذا اإللحاد يف الدين أي ٍ‬
‫نقد أو‬
‫ا‬
‫• ألنه لن يملك دليًل عىل تخطئة هذا اإللحاد‪.‬‬
‫• ولن يجد ن يف القرآن ما ُيسعفه من رد هذا اإللحاد‪.‬‬

‫لذلك فإنكار السنة هو بوابة النفاق واإللحاد‪ ،‬وهو بنفسه يؤدي إىل النفاق واإللحاد‪ ،‬وهو‬
‫المنافقي والملحدين ن يف الدين‪.‬‬
‫ن‬ ‫مدخل‬

‫شباب ُأمتنا من هذا الزيغ والضالل‪.‬‬


‫َ‬ ‫س َّلم هللا‬

‫‪726‬‬
‫‪ -206‬لكن اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬يقول‪{ :‬ما َفر ْطنَا ِفي الْ ِك َتابِ ِمن َش ْي ٍء}‬
‫للسنة؟‬
‫فالقرآن فيه كل شيء‪ ،‬فما حاجتنا ُّ‬
‫ا‬
‫ج‪ :‬دعنا نقرأ اآلية كاملة‪ :‬ﭐﱡﭐﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱ‬

‫ﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱠ ﴿‪ ﴾٣8‬سورة األنعام‪.‬‬

‫الكتاب بنص اآلية هو‪" :‬اللوح المحفوظ"‪ ،‬فاللوح المحفوظ فيه خت كل دابة‪ ،‬وكل‬
‫ن‬
‫مخلوق‪ ،‬فهل يف القرآن خت كل دابة وكل مخلوق؟‬

‫‪ ‬الجواب‪ :‬ال‪.‬‬

‫ف "الكتاب" ن يف اآلية هو‪ :‬اللوح المحفوظ‪.‬‬


‫‪‬لكن قد يسأل سائل ويقول‪ :‬وماذا عن قوله تعاىل‪:‬ﱡﭐﱟﱠﱡﱢ‬
‫ﱣﱤﱠ ﴿‪ ﴾8٩‬سورة النحل؟‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬القرآن دستور كامل ر‬
‫يأب بالقواعد الكلية‪ ،‬أما التفاصيل لهذه القواعد‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫فيحال فيها للحديث‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫قواني‪.‬‬ ‫• وهناك بديهة يعرفها المشعون عت العالم‪ ،‬ي‬
‫وه أن‪ :‬الدستور قواعد‪ ،‬وليس‬

‫‪‬يقول المشرعون‪ :‬ال يصح أن يكون ن يف الدستور مواد مفشة‪.‬‬

‫• فالتفست يكون ن يف كتب القانون‪.‬‬


‫• ولكالم هللا المثل األعىل‪ ،‬فهذا حال الكتاب والسنة ف ‪ :‬القرآن دستور‪ ،‬والسنة‬
‫ُمفشة للقواعد الكلية ن يف القرآن‪.‬‬
‫أن‪ :‬القرآن لم ترد فيه كل جزئية من جزئيات ر‬
‫الشيعة‪.‬‬ ‫ً‬
‫يقينا َّ‬ ‫‪ ‬ثم إنَّه من المعلوم‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫تقرير وجوب ها‪ ،‬واألمر بحسن أدائها‪.‬‬ ‫• فليس يف القرآن من أحكام الصالة إال‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫األمر بأدائها‪ ،‬وبيان مصارفها‪.‬‬ ‫• وليس يف القرآن من أحكام الزكاة إال‬
‫• والكالم نفسه بالنسبة للحج والصيام‪.‬‬

‫‪727‬‬
‫‪ ‬أما كيفية إقامة الصالة‪ ،‬وأركان الصالة‪ ،‬وواجباتها‪ُ ،‬‬
‫وسننها‪ ،‬وعدد الركعات‪ ،‬وعدد‬
‫الصلوات‪ ،‬ومواقيت الصلوات‪ ،‬وكيفية السجود والركوع‪ ،‬فكل هذه األمور ال وجود‬
‫السنة فقط‪.‬‬ ‫لها في القرآن الكريم‪ ،‬وإنما هي في ُّ‬

‫الشء نفسه ن يف أركان اإلسالم األخرى‪.‬‬


‫ي‬
‫• وقل ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مدار الدين ُي ن‬
‫الن عليها ُ‬ ‫ر‬
‫األصول والقواعد العامة‪ ،‬بينما‬ ‫بي فيها القرآن‬ ‫• فكل األحكام ي‬
‫التفاصيل تكون ن يف السنة النبوية‪.‬‬

‫والقرآن تبيان لكل شيء من وجه آخر‪ ،‬فهو تبيان للقواعد العامة‪ ،‬وفي‬
‫ٍ‬
‫اإلحالة لفهم هذه القواعد وتطبيقها‪:‬‬ ‫الوقت نفسه تبيان لطريق‬
‫تبيان للقواعد العامة‪ :‬ﱡﭐﲢﲣﱠ ﴿‪ ﴾11٠‬سورة البقرة‪.‬‬

‫وتبيان لطريق اإلحالة لفهم وتطبيق وتفست كيف نقيم الصالة‪ :‬باإلحالة إىل الطريق‬
‫ُ‬
‫الذي تعرف به تفاصيل األحكام‪.‬‬
‫ُ‬
‫فهو يحيل إىل السنة لمعرفة تفاصيل األحكام‪:‬ﱡﭐﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱠ﴿‪﴾44‬‬
‫سورة النحل‪.‬‬
‫َ‬
‫فالقرآن يحيل إىل السنة المبينة‪.‬‬

‫حن تعرف تفاصيل وكيفية إقامة الصالة‪.‬‬ ‫فالقرآن يأمرك بإقامة الصالة‪ ،‬ويحيلك للسنة ر‬
‫ً‬
‫تبيانا لكل ر‬
‫شء فهو‪ :‬تبيان للقواعد العامة‪ ،‬وتبيان لطريق اإلحالة‬
‫ي‬ ‫إذن بهذا يكون القرآن‬
‫الذي تفهم به كيف تقيم الصالة‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬وكما قال جابر بن عبد هللا ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬

‫َ ْ ُ َْ‬
‫ف تأ ِويل ُه) ن يف مناسك هذا الدين‪.‬‬‫العمىل‪( :‬يع ِر‬
‫ي‬
‫فهو ﷺ ن‬
‫يبي لهم التطبيق‬
‫ر‬
‫الن فيها تفصيل القواعد‪.‬‬
‫إذن فالقرآن يحيل للسنة ي‬

‫)‪ (650‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1218 :‬‬


‫‪728‬‬
‫‪ ‬وهنا قد يطرح سؤال يف قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫ‬
‫ن‬ ‫ُ‬

‫ﲬ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٥1‬سورة العنكبوت‪ ،‬فيقول السائل‪ :‬إذن فالقرآن كاف؟‬


‫ٍ‬
‫ﲙﲛﲜ‬
‫ﲚ‬ ‫الن قبلها‪:‬ﱡﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ‬ ‫ر‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬لنقرأ اآلية واآلية ي‬
‫ﲬ‬
‫ﲭ‬ ‫ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩﲪ ﲫ‬
‫ﱠ سورة العنكبوت‪.‬‬

‫نبوتِهِ ﷺ ‪ ،‬فأخبرهم الله ‪-‬عزَّ وجلَّ‪-‬‬


‫كان الكفار يريدون آيةً ىلع صدق َّ‬
‫بأعظم آية‪ ،‬وهي هذا الكتاب ‪-‬القرآن الكريم‪ -‬أال يكيفهم هذا الكتاب‬
‫املعجز بتشريعاته ومعناه وقصصه‪ ،‬واملعجز بلفظه‪ ،‬واملعجز بدقائق‬
‫أخباره‪ ،‬واملعجز بلهفة القلوب إليه‪ ،‬واملعجز بخطابه لوجدانِ كل‬
‫إنسان ىلع حد ٍة بحسب همه وما يشغله‪ ،‬ألم يكفهم هذا القرآن الذي‬
‫نزل ىلع رجل أُمي يرعى الغنم ىلع قراريط ألهل مكة‪ ،‬ألم يكفهم‬
‫كآية ىلع صحة هذا الدين؟‬

‫فهذا هو تفسير اآلية‪ ،‬وليس أنَّ القرآن يغني عن السُّنة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪729‬‬
‫‪ -207‬كيف تؤمنون بعذاب القبر وعذاب القبر لم يرد في القرآن؟‬

‫ج‪ :‬أوالً‪ :‬السُّنة كما فصَّلنا هي تشريعٌ مستقلٌّ كالقرآن‪.‬‬

‫مستقل ليس ن يف القرآن‪.‬‬


‫ٌّ‬ ‫ع‬
‫ي‬ ‫ش‬‫فقد يرد نف السنة النبوية حكم ر‬
‫ي‬
‫وعذاب القت ونعيمه وردت فيه أحاديث متواترة‪.‬‬

‫‪ ‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫الصحيحي‪:‬‬ ‫‪ ‬ومثال ذلك ما يف‬

‫ﷺ‬
‫ﷺ‬
‫ن‬
‫‪ ‬ي‬
‫وف صحيح مسلم‪:‬‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫مسلم أيضا‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬ي‬
‫وف صحيح‬

‫)‪ (651‬مجموع الفتاوي‪ ،‬م ‪ 4‬ص ‪.285‬‬


‫( ‪ (652‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.216 :‬‬
‫( ‪ (653‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.588 :‬‬
‫( ‪ (654‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2867 :‬‬
‫‪730‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ثبوت عذاب القت ونعيمه‪ ،‬فيجب اعتقاد‬ ‫ِ‬ ‫األخبار عن رسول هللا ﷺ يف‬ ‫• فقد تواترت‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫كيفيته؛ لكونه‬
‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬واإليمان به‪ ،‬وال نتكلم عن كيفيته؛ إذ ليس للعقل وقوف عىل‬
‫َ‬
‫عهد له نف هذه الدار‪)6٥٥(.‬‬
‫ي‬ ‫ال‬
‫سواء ُدفن أو لم ُيدفن‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬
‫ا‬ ‫• وكل َمن مات وهو مستحق للعذاب يعذب‪،‬‬
‫ٌّ‬
‫حق‪.‬‬ ‫‪ ‬فعذاب القت ونعيمه‬

‫ثانيًا‪ :‬عذاب القبر لم يثبت فقط بالسُّنة املتواترة بل هو ثابتٌ أيضًا بالقرآن الكريم‪.‬‬

‫‪ ‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ‬

‫ﲙﲚﲛﲜﱠ ﴿‪ ﴾46‬سورة غافر‪.‬‬

‫ﭐ فهذا عذاب‬
‫ٌ‬
‫حاصل قبل يوم القيامة بظاهر اآلية بال شك‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ً‬
‫‪ ‬ومن األدلة أيضا قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲱﲲﲳ ﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻ‬
‫ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍﱠ‬
‫سورة الطور‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ين ظل ُموا َعذ ًابا ُدون ذ ٰ ِل َك} قال‪:‬‬ ‫ن‬
‫‪ ‬روى الطتي عن ابن عباس يف قوله تعاىل‪َ { :‬و ِإن ِلل ِذ‬
‫يوم القيامة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عذاب ِ‬
‫ِ‬ ‫هو عذاب القت قبل‬
‫وجل‪ -‬يخبر عن الكافرين‬ ‫َّ‬ ‫‪ ‬وهنا قد يسأل سائل فيقول‪ :‬لكن هللا ‪َّ -‬‬
‫عز‬
‫ﲼﲿﳀ ﳁﳂ‬
‫ﲽﲾ‬ ‫يوم القيامة أنهم سيقولون‪ :‬ﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬

‫ﳃﳄﱠ ﴿‪ ﴾٥2‬سورة يس‪.‬‬


‫ُ‬
‫‪‬الجواب‪ :‬وهل نحن أنكرنا أننا سنبعث يوم القيامة من مرقدنا؟‬

‫ينف عذاب القت‪.‬‬‫• هذا ال ن‬


‫ٌ‬ ‫ي‬
‫• وعذاب القت بالنسبة ألهوال القيامة كأنه راحة‪ ...‬كأنه مرقد‪.‬‬
‫النفختي ن‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫أيضا ال ننش أننا ن‬
‫ستقد‪.‬‬ ‫بي‬ ‫•‬
‫ُ‬ ‫• ر‬
‫ستقد كل مخلوقات هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬قبل أن تبعث يوم القيامة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫محشهم‪.‬‬ ‫• فإذا نفخ النفخة الثانية خرج الجميع إىل‬

‫) ‪ ) 655‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬ابن أبي العز الحنفي‪ ،‬ثبوت عذاب القبر ونعيمه‪.‬‬
‫‪731‬‬
‫سيمر عليه يوم‬ ‫ً‬
‫شيعا‪ ،‬كما ُ‬ ‫المؤمني بأن حياة المؤمن نف قته ُ‬
‫ستمر‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬وهنا أود أن ُأ ر‬
‫بش‬
‫ي‬
‫شيعا‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱠ‬ ‫ً‬ ‫القيامة‬
‫﴿‪ ﴾24‬سورة الفرقان‪.‬‬

‫ينقض ن يف نصف نهار قبل وقت المقيل‪.‬‬


‫ي‬
‫ن‬ ‫• فالحساب‬
‫ن‬
‫متقابلي‪.‬‬ ‫شرهم‬‫• قبل وقت القيلولة سيكون أهل الجنة عىل ُ ُ‬
‫• نسأل هللا أن يجعلنا معهم‪.‬‬

‫‪‬وقال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.8193 :‬‬ ‫(‪(656‬‬

‫‪732‬‬
‫سر األحاديث الكثيرة التي رواها أبو هريرة؟‬
‫‪ -208‬ما ُّ‬
‫الذهن‪.‬‬ ‫ً ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫أسا يف القرآن والسنة كما يقول‬ ‫ج‪ :‬أبو هريرة ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬كان ر‬

‫الذهن‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪‬قال‬

‫ﷺ‬

‫الشافع‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬وقال عنه‬

‫رأيه‪)6٥8(.‬‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنهما عند‬ ‫ن‬ ‫نن‬ ‫َ‬
‫عىل ي‬
‫عة علمه يتل الحسي بن ي‬
‫وكان لس ِ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫وحفظ ِه لهذا العدد من األحاديث أنه كان ألز َم الصحابة لرسول‬
‫ِ‬ ‫أب هريرة‬
‫ي‬ ‫فقه‬ ‫ف‬‫والش ي‬
‫رُ‬ ‫ُ ُ‬
‫يد ِه يدور معه حيث دار‪ ،‬إىل أن مات ﷺ ولذلك كت حديثه‪.‬‬ ‫هللا ﷺ ‪ ،‬فكانت يده مع ِ‬
‫‪ ‬قال عبد هللا بن عمر بن الخطاب كما ورد نف صحيح ن ن‬
‫سي ر‬
‫التمذي‪:‬‬ ‫ي‬
‫ﷺ‬

‫رص هللا عنهما‪.‬‬‫فهذا شهادة من الصحاب الجليل عبد هللا بن عمر نف حق أب هريرة ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬كما يقول ابن حجر‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫(‪ (657‬سير أعلم النبلء م‪ 2‬ص‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪ (658‬الكامل في التاريخ‪ ،‬ابن األثير‪ ،‬م‪ 3‬ص‪.90‬‬
‫(‪ (659‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.3836 :‬‬
‫(‪ (660‬اإلصابة‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬م‪ 7‬ص‪.433‬‬
‫‪733‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫‪‬وقد َروى عن أب هريرة حواىل ثمانية ر‬
‫صحابيا؛ وهذا لثقتهم يف علمه‪ ،‬وقربه‬ ‫وعشين‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫من رسول هللا ﷺ ‪ ،‬فقد روى عنه زيد بن ثابت‪ ،‬وأبو أيوب األنصاري‪ ،‬وعبد هللا بن عمر‪،‬‬
‫ُ‬
‫وعبد هللا بن عباس‪ ،‬وعبد هللا بن الزبت‪ ،‬وأ يب بن كعب‪ ،‬وجابر بن عبد هللا‪ ،‬وأنس بن‬
‫رص هللا عنهم‪ ،‬كما روى عنه وتتلمذ عليه مئات من‬ ‫مالك‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وغت ُه ُم الكثت ن‬
‫ي‬
‫حواىل ثمانمائة تابعي‪.‬‬ ‫ن‬
‫التابعي‬ ‫ن‬
‫التابعي‪ ،‬فقد روى عنه من‬
‫ي‬
‫‪ ‬قال البخاري‪ :‬روى عنه ثمانمائة نفس أو ر‬
‫أكت‪)661(.‬‬

‫مت أب هريرة ‪ -‬ن‬ ‫ً‬


‫وأيضا ما ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬أنه تأخرت وفاته‪ ،‬واحتاج الناس إىل علمه‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬
‫الخمسي من الهجرة‪ ،‬فأقبل عليه طالب العلم‪.‬‬ ‫حيث إنه عاش إىل ما بعد‬
‫ً ُ‬ ‫• وما ن‬
‫مته أيضا قوة حفظه‪.‬‬

‫‪ ‬وقوة حفظ أب هريرة كانت بتكة النن ﷺ ن‬


‫حي قال أبو هريرة‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫صىل ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫لما ال ُي َ‬ ‫ُ‬


‫أسألك ع ً‬ ‫ا‬
‫هللا عليه‬ ‫هللا‬
‫نش‪ ،‬فقال رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫يوم دعا أبو هريرة ربه قائًل‪:‬‬
‫وذات َّ ٍ‬
‫ن‬
‫آمي‪)66٣(.‬‬ ‫وآله وسلم‪:‬‬‫ِ‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬أحفظ الناس لحديث رسول هللا ﷺ ‪ ،‬وكان يخصص ثلث الليل‬ ‫فكان ‪ -‬ي‬
‫النن ﷺ‪.‬‬‫لحفظ أحاديث ي‬
‫‪‬وهنا السؤال المهم‪ :‬كم عدد األحاديث التي رواها أبو هريرة رضي هللا عنه؟‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫ه‪ 1٣٣6 :‬حديثا‪.‬‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬عدد األحاديث ي‬
‫الن رواها أبو هريرة بغت المكرر ي‬
‫يصع ُ‬
‫ب عىل إنسان حفظه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫• وهذا ال‬
‫• بل هذا العدد من األحاديث يحفظه طالب العلم ن يف ستة أشهر‪.‬‬

‫)‪ (661‬الذهبي‪ :‬تذكرة الحفاظ م‪ 1‬ص‪.36‬‬


‫وابن حجر‪ :‬اإلصابة م‪ 4‬ص ‪.205‬‬
‫( ‪ (662‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.119 :‬‬
‫( ‪ (663‬اإلصابة‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬م‪ 4‬ص‪.208‬‬
‫‪734‬‬
‫• وكثت من طالب العلم اليوم يحفظون بلوغ المرام‪ ،‬وعدد أحاديث بلوغ المرام أكت‬
‫من هذا العدد‪.‬‬

‫‪ ‬والسؤال األهم‪ :‬كم عدد األحاديث التي انفرد أبو هريرة بروايتها؟‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬انفرد أبو هريرة ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬برواية ‪ 42‬حديثا فقط!‬

‫❑ تخيل!‬
‫ً‬
‫أب هريرة من أجل ‪ 42‬حديثا!‬
‫كل الهجمة عىل ي‬
‫طبعا َمن يهاجمون أبا هريرة ال يعرفون هذه المعلومات‪ ،‬وال يعرفون إال الهجوم عىل‬
‫ً‬
‫الدين‪ ،‬فيأخذون أبا هريرة طريقا للهجوم عىل اإلسالم والسنة‪.‬‬
‫ً‬
‫رمزا لرواية الحديث‪.‬‬ ‫فأبو هريرة صار‬

‫ألب هريرة‪.‬‬
‫ولما أرادوا الهجوم عىل الحديث بحثوا عن الرمز‪ ،‬فذهبوا ي‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وأربعي حديثا عن رسول هللا ﷺ‬ ‫باثني‬ ‫وإال فلو كانوا يعرفون أن أبا هريرة لم ينفرد إال‬
‫الستحوا من كذبهم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫أب هريرة ‪-‬‬ ‫‪ ‬ذات يوم قعد محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم األنصاري يف مجلس فيه ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫النن‬
‫ص هللا عنه‪ -‬وكان المجلس يضم كبار الصحابة‪ ،‬فجعل أبو هريرة يحدثهم عن ي‬ ‫ر ي‬
‫ﷺ بالحديث‪ ،‬فال يعرفه بعضهم ثم ريتاجعون فيه فيعرفه بعضهم‪ ،‬ر‬
‫حن فعل ذلك مر ًارا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هللاﷺ‪)664(.‬‬ ‫‪ ‬قال محمد بن عمارة‪ :‬فعرفت يومئذ أنه أحفظ الناس عن رسول‬

‫‪ ‬وأراد مروان ابن الحكم أن يختت قوة حفظ ي‬


‫أب هريرة فدعاه وأقعد كاتبه خلف الشير‪،‬‬
‫وجعل يسأل أبا هريرة نف األحاديث‪ ،‬وأبو هريرة يجيب‪ ،‬والكاتب يكتب‪ ،‬ر‬
‫حن إذا كان عند‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫مض عام‪ -‬دعاه مرة أخرى‪ ،‬فسأله األسئلة نفسها‪ .‬يقول الكاتب‪ :‬فما‬ ‫رأس الحول ‪-‬بعد ن‬
‫ي‬
‫زاد أبو هريرة وال نقص وال قدم وال أخر‪)66٥(.‬‬

‫النن ﷺ بأن يحببه‬ ‫ن‬


‫رص هللا عنه‪ -‬إمام الحديث من الصحابة‪ ،‬وقد دعا له ي‬
‫فأبو هريرة ‪ -‬ي‬
‫ن‬
‫المؤمني‪.‬‬ ‫هللا إىل‬

‫التاريخ الكبير‪ ،‬البخاري‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.186‬‬ ‫)‪(664‬‬

‫الحاكم في المستدرك‪ ،‬ح‪.6164 :‬‬ ‫( ‪(665‬‬

‫‪735‬‬
‫‪‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫‪‬يقول أبو هريرة‪:‬‬

‫أب هريرة عالمة أهل اإليمان‪.‬‬‫فحب ي‬ ‫•‬


‫ُ‬
‫✓ نشهد هللا عىل حبه‪.‬‬
‫ن‬
‫✓ ي‬
‫رص هللا عنه وأرضاه‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (666‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2491 :‬‬


‫‪736‬‬
‫‪ -209‬هل هناك أحاديث تفرد البخاري بها في صحيحه؟‬
‫ً‬
‫كالم ال يقوله إنسان يعرف شيئا ن يف علم الحديث‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا ٌ‬
‫ن ُ‬ ‫• ولألسف هذه األسئلة المضحكة ر‬
‫بي نفاة السنة‪.‬‬ ‫تنتش‬
‫• فالبخاري جمع أغلب ما صح عن رسول هللاﷺ‪.‬‬
‫• وهو فقط قام بتوثيق نقل كل حرف خرج من فم رسول هللا ﷺ‪ ،‬قام بتوثيق‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫الروايات‪ ،‬ووضع لذلك رشوطا قاسية بحيث يصبح كتابه أدق كتاب عىل وجه‬
‫األرض بعد كتاب هللا‪.‬‬
‫ا‬
‫• فهو جمع األحاديث بضبط وتوثيق الرواية ألبعد مدى‪.‬‬
‫مشوع البخاري‪.‬‬ ‫• كان هذا ر‬
‫َ َ ُ َ‬
‫• فقد جمع هذه األحاديث ثم رتبها وقسمها وطرزها بعناوينه الفقهية‪ ،‬وأثبت ط ُرقها‬
‫المتصلة منه إىل الرسول عليه الصالة والسالم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫مكتوب ومحفوظ منذ زمن الصحابة‪.‬‬ ‫وطبعا كل حديث يف البخاري بالبداهة‬ ‫•‬
‫ن‬
‫• فكل حديث يف البخاري تستطيع أن تعرف مصدره ومرجعه ورواته‪ ،‬لكن البخاري‬
‫َ‬
‫جمع أغلب ما صح من أقوى الطرق‪ ،‬وض َبط الرواية‪ ،‬وبوب األبواب‪.‬‬
‫ٌ ن‬ ‫ن‬
‫• وأغلب ما يف موطأ مالك عىل سبيل المثال موجود يف صحيح البخاري‪ ،‬والموطأ‬
‫يروي فيه مالك بعض أحاديثه عن نافع عن ابن عمر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الصحاب الجليل‪.‬‬
‫ي‬ ‫عمر‬ ‫بن‬ ‫هللا‬ ‫عبد‬ ‫النن ﷺ‬ ‫• فبي نافع الذي ينقل عنه مالك وبي ي‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫النن ﷺ موجود أغلبه يف‬ ‫الشأن‪ ،‬القريب العهد بوفاة ي‬ ‫ِ‬ ‫• فالموطأ ذلك الكتاب عظيم‬
‫البخاري‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫أب عروبة‪ ،‬وعند معمر بن راشد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وابن‬ ‫‪،‬‬ ‫ج‬ ‫ري‬ ‫ج‬ ‫ابن‬ ‫عند‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫‪ ‬وما يف البخاري موجود‬
‫اع‪ ،‬والثوري‪ ،‬وحماد بن سلمة بن‬ ‫المبارك‪ ،‬وعبد هللا بن وهب‪ ،‬واألوز ي‬ ‫وعبد هللا بن‬
‫ِ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫دينار‪ ،‬واإلمام الزهري شيخ مالك‪ ،‬فما يف البخاري موجود عند هؤالء وكل هؤالء دونوا‬
‫الحديث قبل البخاري‪.‬‬

‫‪ ‬إذن ال يوجد حديث عند البخاري إال ويمكنك أن تعرف سنده من غت طريق‬
‫البخاري‪.‬‬

‫‪737‬‬
‫‪ ‬قال اإلمام مسلم ً‬
‫يوما للبخاري‪:‬‬

‫ن ن‬
‫المؤمني يف الحديث‪ ،‬وقد اختار أقوى الطرق ألغلب ما صح عن رسول‬ ‫فالبخاري هو أمت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫هللا ﷺ من حديث‪ ،‬فبعد أن أتقن كل األحاديث أخرج صحيحه‪.‬‬
‫‪ ‬قال الحافظ أبو العباس الفضل بن العباس‪:‬‬

‫‪ ‬وقال اإلمام ابن خزيمة‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫َ ُ‬
‫حديث‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بحفظ البخاري ودق ِت ِه‪ ،‬أرادوا امتحانه‪ ،‬فعمدوا إىل مائة‬ ‫ولما سمع أهل بغداد َ ِ‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫فقلبوا متونها وأسانيدها‪ ،‬وجعلوا ن‬
‫لمي ذاك‪ ...‬مائة‬ ‫مي هذا إلسناد هذا‪ ،‬وإسناد هذا‬
‫عش‬‫حديث َقلبوا أسانيدها‪ ،‬فصار سند الحديث الرابع مثًل مكان سند الحديث الخامس ر‬
‫ا‬
‫ن‬
‫والخمسي وهكذا‪.‬‬ ‫ن‬
‫واألربعي مكان سند الحديث التاسع‬ ‫وسند الحديث الثالث‬
‫ن‬ ‫ُْ‬ ‫ر َ‬
‫واحد عشة أحاديث ليلقوها عليه يف المجلس‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ودفعوا إىل كل‬
‫فجاء الطالب‪ ،‬واجتمع الناس‪ ،‬وبدأ الطالب األول يقرأ السند‪ ،‬ثم قرأ الحديث فقال‬
‫البخاري‪ :‬ال أعرفه‪.‬‬
‫الثاب‪ ،‬وقال البخاري‪ :‬ال أعرفه‪.‬‬ ‫ن‬
‫ثم قرأ ن ي‬
‫وهكذا يف كل حديث‪.‬‬
‫فتعجب الناس!‬
‫أنه ال يعرف أي حديث!‬
‫َ‬
‫❑ لكن الفقهاء الذي قاموا باالختبار التفت بعضهم لبعض وقالوا‪ :‬الرجل ف ِه َم ‪-‬أدرك‬
‫الحيلة‪.‬‬

‫) ‪ (667‬المدخل إلى علم السنن‪ ،‬البيهقي ‪.268/1‬‬


‫( ‪ (668‬فتح الباري ‪.485 /1‬‬
‫(‪ (669‬سير أعلم النبلء‪ ،‬الذهبي ‪.431 /12‬‬
‫‪738‬‬
‫حديث‪ ،‬والبخاري يقول لكل حديث‪ :‬ال أعرفه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• فلما فرغ الطالب من إلقاء المائة‬

‫‪ ‬بعد انتهائهم التفت البخاري إىل األول‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫ُ‬
‫الناس بالحفظ والضبط واإلتقان‪.‬‬ ‫فأقر له‬

‫سند لكل حديث ربتتيبه‪.‬‬ ‫ن‬


‫لقد قام البخاري بآية عجيبة يف هذا المجلس؛ إذ رد كل ٍ‬
‫ن‬
‫والثالثي‪،‬‬ ‫فقال لألول عىل سبيل المثال‪ :‬حديث األول سنده عند الحديث الثامن‬
‫ن‬
‫واألربعي‪ ،‬وهكذا إىل تمام المئة‪.‬‬ ‫وحديثك ن‬
‫الثاب سنده عند الحديث الرابع‬
‫ي‬
‫‪ ‬قال الحافظ ابن حجر ن يف هذه الواقعة العجيبة‪:‬‬

‫ا‬
‫لقد كان البخاري آية من هللا عز وجل‪.‬‬

‫‪ ‬قال رجاء بن ُم َرح‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪ ) 670‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬البن حجر العسقلني ‪.486 /1‬‬
‫(‪ (671‬البداية والنهاية‪ ،‬م‪ 14‬ص ‪.530‬‬
‫‪739‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الهجوم على المرأة في اإلسالم‬

‫‪ -210‬أيهما أك َر َم المرأة‪ :‬اإلسالم أم اإللحاد؟‬

‫ج‪ :‬قال تشارلز داروين بالحرف الواحد‪:‬‬

‫وقال ن يف موضع آخر من كتابه نشأة اإلنسان‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬


‫الن ال يعرف عنها المالحدة الكثت‪.‬‬
‫وه الصورة ي‬
‫فهذا هو تأصيل صورة المرأة يف اإللحاد‪ ،‬ي‬
‫‪‬وهنا قد يقول قائل‪ :‬لما تُلزم الملحدين بكالم داروين؟‬
‫ِ‬
‫والحجة ليست نف داروين‪ ،‬الحجة نف أن هذه ه النظرة اإللحادية للمرأة؛ سواءا‬ ‫ُ‬
‫‪‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫صدرت عن داروين أو غت داروين أو ر‬
‫حن لم يقلها ملحد‪.‬‬
‫ن‬
‫التطور‪ ،‬فهل هذا‬
‫ُّ‬ ‫حيوانات ظهرت على شجرة‬
‫ٍ‬ ‫فالمرأة والرجل يف اإللحاد هما عبارة عن‬
‫ينكره ملحد؟‬
‫ًّ ُ‬
‫والمرأة إلحاديا تطابق الغوريال‪ ،‬وأنا أعتذر عن هذا الكالم العنرصي الوقح‪ ،‬لكنها الرؤية‬
‫اإللحادية للمرأة‪ ،‬وينقل هذه الرؤية الملحد التطوري الشهت ستيفن جاي جولد‪ ،‬والذي‬
‫أشهر منظري نظرية التطور نف القرن ر‬
‫العشين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عد‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫ي‬
‫‪ ‬ينقل ستيفن جاي جولد عن منظرين آخرين للنظرية أن‪:‬‬

‫)‪(672‬‬ ‫‪“The chief distinction in the intellectual powers of the two sexes is shown by man attaining to a‬‬
‫‪higher eminence, in whatever he takes up, than woman can attain—whether requiring deep thought,‬‬
‫”‪reason, or imagination, or merely the use of the senses and hands….‬‬
‫‪The Descent of Man, (1871), vol. 2, pp. 327.‬‬
‫‪(673) “…Thus man has ultimately become superior to woman. It is, indeed, fortunate that the law of the‬‬

‫‪equal transmission of characters to both sexes has commonly prevailed throughout the whole class of‬‬
‫‪mammals; otherwise it is probable that man would have become as superior in mental endowment to‬‬
‫”‪woman, as the peacock is in ornamental plumage to the peahen.‬‬
‫‪The Descent of Man, (1871), vol. 2, pp. 328 – 329.‬‬
‫‪740‬‬
‫يتحدث عن دونية المرأة‪.‬‬

‫❑ تخيل!‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫بديه يف اإللحاد‪ ،‬لكن الجدال فقط هو يف درجة هذه‬
‫ي‬ ‫شء‬
‫ويعتت أن دونية المرأة ي‬
‫الدونية‪.‬‬

‫ه النظرة اإللحادية للمرأة‪.‬‬


‫فهذه ي‬
‫الرجل‪)67٥(.‬‬ ‫والمرأة عىل شجرة التطور لها تصنيف كحيوان مختلف عن تصنيف‬
‫جميل‪)676(.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ممت إىل حيوان‬ ‫لقد تحولت المرأة يف اإللحاد من إنسان‬
‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫إلحاديا أقل ر‬ ‫ً‬
‫شء نحتاج إليه يف هذا العالم؛ لذلك إلحاديا‬ ‫ي‬ ‫فه‬
‫ي‬ ‫ا‬
‫عجوز‬ ‫وإذا أصبحت المرأة‬
‫ن‬
‫والمعاقي‪.‬‬ ‫ن‬
‫المرص‬ ‫ال مانع من قتلها‪ ،‬كما أنه ال مانع من قتل‬

‫•‬

‫•‬

‫)‪(674‬‬ ‫‪large number of women whose brains are closer in size to those of gorillas than to the most‬‬
‫‪developed male brains. This inferiority is so obvious that no one can contest it for a moment; only its‬‬
‫‪degree is worth discussion.‬‬
‫‪Gould, The Mismeasure of Man, p.104, 105‬‬
‫‪(675) Anatomists identified man as ’homo frontalis’ and woman as ‘homo parietalis’.‬‬

‫(‪ (676‬علي عزت بيجوفيتش‪ ،‬اإلسلم بين الشرق والغرب‪.‬‬


‫‪741‬‬
‫ً ن‬ ‫ُّ‬ ‫ر‬
‫شيعا يف العالم‬ ‫الن تأكل وال تعمل ‪ Useless Eaters‬يجب التخلص منها‬ ‫فهذه األفواه ي‬
‫ن‬
‫والمعاقي‪.‬‬ ‫ن‬
‫والمرص‪،‬‬ ‫اإللحادي المادي‪ ،‬وقد شمل قرار القتل‪ :‬كبار السن‪،‬‬

‫•‬
‫•‬

‫‪742‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫المرص وكبار‬ ‫❑ وبالمناسبة‪ :‬ما زالت فكرة قتل‬
‫ا‬
‫السن من الرجال والنساء مسيطرة عىل العقل‬
‫فتة نسمع عن ُممرضة‬ ‫حن اليوم‪ ،‬وكل ر‬
‫الغرب ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫قتلت مجموعة من المرص يف المستشفيات‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫فالفكرة إلحادية مادية تطبق يف أي وقت‬
‫خفتت فيه بقايا النبوات ن يف الغرب‪.‬‬

‫فف اإلسالم تمثل المرأة‬ ‫أما عىل الجانب اآلخر‪ ،‬ن‬


‫ي‬
‫طبيع‪.‬‬ ‫غت‬ ‫وتوقت‬ ‫ام‬ ‫ر‬
‫واحت‬ ‫بخجل‬ ‫ل‬ ‫وكائنا ذا قيمة غت عادية‪ ،‬فه ُت َ‬
‫عام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رمزا‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫تخيل أن الجنة تحت أقدامه ا!‬

‫النن ﷺ‪:‬‬ ‫له‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫ﷺ‬ ‫النن‬ ‫مع‬ ‫ليجاهد‬ ‫رجل‬ ‫ر‬
‫أب‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫رُ َ‬
‫يتك هذه المسكينة وحدها يف الحياة‪ ،‬ثم يذهب ليجاهد‪ ،‬فإذا أراد‬ ‫النن ﷺ أًل‬
‫لقد أمره ي‬
‫الجنة بجهاده‪ ،‬فالجنة عند رجلها‪.‬‬

‫ويف اإلسالم‪ :‬ثالثة أرباع االهتمام يكون للمرأة‪ ،‬والرب ع للرجل‪.‬‬

‫ﷺ‬

‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬


‫والعالقة ن‬
‫بي الرجل والمرأة يف اإلسالم عالقة عه ٍد‪ ،‬سيسأل عنه الرجل لو قرص فيه‪،‬‬
‫قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱛﱜﱝﱞﱠ ﴿‪ ﴾21‬سورة النساء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• فالنساء أخذن من الرجال عهدا شديدا بالقيام بحقوقهن والرعاية والحماية‬
‫واإلحاطة من كل سوء‪.‬‬

‫( ‪ (677‬صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬ح‪.2259 :‬‬


‫(‪ (678‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...5971 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2548 :‬‬
‫‪743‬‬
‫‪ ‬وقال هللا تعالى مؤكدًا على حق المرأة في العشرة الطيبة الكريمة‪:‬‬

‫ﲲ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة النساء‪.‬‬


‫ﲳ‬ ‫ﱡﭐ‪..‬ﲱ‬
‫ر‬
‫المعاشة القولية والفعلية‪ ،‬وكف األذى‪ ،‬وبذل اإلحسان‪،‬‬ ‫والعشرة باملعروف تشمل‪:‬‬
‫وحسن المعاملة‪ ،‬والنفقة والكسوة‪)67٩(.‬‬

‫وف حال حصلت كراهية طبيعية ن‬ ‫ن‬


‫يوص الرجل‬
‫ي‬ ‫سبحانه‬ ‫هللا‬ ‫فإن‬ ‫أته‪،‬‬
‫ر‬ ‫وام‬ ‫الرجل‬ ‫بي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫باإلمساك بزوجته‪ ،‬فربما تزول الكراهية وتخلفها المحبة‪ ،‬وربما رزق منها ولدا‬
‫ً‬
‫صالحا‪)68٠(.‬‬

‫ﭐﱡﭐ ‪ ..‬ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﱠ ﴿‪﴾1٩‬‬


‫سورة النساء‪.‬‬
‫• فاإلسالم يعلمنا ر‬
‫احتام الزوجة‪ ،‬والصت عليها‪.‬‬
‫َ‬
‫ويدفع اإلسالم نحو االستقرار‪ ،‬واستدامة المودة‪.‬‬ ‫•‬
‫‪ ‬وقال هللا تعاىل يف حال انتهت األمور إىل الطالق‪ :‬ﭐﱡﭐﱨﱩﱪﱫ‬
‫ن‬

‫ﱬ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾228‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ﱭ‬
‫َ‬
‫• تنتظر المطلقة ثالثة شهور‪ ،‬فربما عواطف تظهر أو مودة تعود‪.‬‬
‫• كل هذا لمصلحة البيت ولنفسية المرأة واستقرارها‪.‬‬
‫َ ُ ُ َّ‬
‫‪ ‬وقال رسول ِ‬
‫اَّللﷺ‪:‬‬

‫يف بحق أهله‪.‬‬‫فخت ُكم الذي ن‬


‫ُ‬
‫ي‬
‫‪‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫) ‪ (679‬تفسير السعدي‪.‬‬
‫(‪ (680‬تفسير السعدي‪.‬‬
‫( ‪ (681‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.3895 :‬‬
‫( ‪ (682‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.236 :‬‬
‫‪744‬‬
‫ْ‬ ‫من ُ‬
‫شؤم اإللحاد العربي أنه اصطدم باإلسالم‪ ،‬فلم يجد فيه ما يجعله ينفر‬
‫َّ‬
‫المرأة من هذا الدين القويم‪ ،‬فصنع اإللحاد األكاذيب حول اإلسالم‪ ،‬وتعلل ببعض حاالت‬
‫ظلم وقعت للمرأة‪ ،‬واستغل اإللحاد هذه الحاالت وأظهرها عىل أنها اإلسالم‪.‬‬‫ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫فهذه لعبة سخيفة يضحك بها اإللحاد عىل من ت ِر ْدن الكفر فقط‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ َّ‬
‫العدل كله والرحمة كلها‪.‬‬
‫ر ا‬
‫مباشة‪ ،‬فلن تجد فيه إال‬ ‫أما أية امرأة َتحتكم إىل نصوص ر‬
‫الشع‬
‫ُ‬
‫انظر ماذا كان يحصل قبل أن ي رشف هللا اإلنسانية باإلسالم‪ ،‬كان يجتمع مجموعة من‬
‫ََْ ُ ُ َ‬
‫ون عىل َ‬
‫الم ْرأ ِة"‪.‬‬ ‫الرجال "فيدخل‬

‫‪‬حيث ‪:‬‬

‫ُ‬ ‫وكانت المرأة ُت َ‬


‫ورث كما ُي َ‬
‫ورث المتاع‪ ،‬وكانت بعض األطعمة تمنع النساء من أكلها‪،‬‬
‫ويختص بأكلها الرجال فقط‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬
‫ﱥﱦﱧ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٣٩‬سورة األنعام‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫‪ ‬حن قال عمر بن الخطاب ‪ -‬ي‬
‫رص هللا عنه‪ -‬يف الحديث المتفق عىل صحته واصفا‬
‫حال المرأة قبل اإلسالم‪:‬‬

‫فلم يكن لهن قيمة‪.‬‬


‫وكانت مصيبة الرجل نف الجاهلية أن ُتنجب زوجته ر‬
‫أنن!‬ ‫ي‬
‫‪ ‬ﭐﱡ ﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱱ‬
‫ﱰ‬

‫ﱸﱺﱻﱼﱽﱾﱠ سورة النحل‬


‫ﱹ‬ ‫ﱲﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ‬

‫(‪ (683‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5127 :‬‬


‫(‪ (684‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4913 :‬‬
‫‪745‬‬
‫َ‬ ‫‪‬يقول َص َ‬
‫عصعة بن ناجية‪:‬‬

‫منتشة نف الغرب ر‬
‫حن اليوم‪ ،‬فالغرب يعيش‬ ‫ر‬ ‫❑ وبالمناسبة مازالت فكرة قتل األجنة‬
‫ي‬
‫حالة من الجاهلية األوىل‪.‬‬
‫ا‬
‫خاصة إذا كانت ر‬ ‫ًّ‬
‫أنن‪.‬‬ ‫قانونيا لألم أن تقتل جنينها‬ ‫‪ ‬واليوم يحق‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬


‫الماليي من األجنة قتلت يف األعوام القليلة الماضية منذ مطلع األلفية‬ ‫‪ ‬وهناك مئات‬
‫الثالثة فقط‪ ،‬كما فصلت قبل ذلك‪)686(.‬‬

‫ً‬
‫وحديثا ظ َه َر ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫نور اإلسالم‪ ،‬وأنزل هللا كتابه؛‬ ‫قديما‬ ‫• ي‬
‫فف هذا العالم الحالك السواد‬
‫ُليصحح كل هذا الفساد والظلم والفجور‪ ...‬ليصحح كل هذا األذى بحق الطفلة‬
‫الن يتم قتلها؛ ألنها غت مرغوب فيها‪ ،‬والظلم واألذى بحق الفتاة‬ ‫ر‬
‫المسكينة ي‬
‫الن تتم المتاجرة بجسدها‪.‬‬ ‫البالغة ر‬
‫ي‬
‫ا ن‬ ‫ا‬
‫فمن‬‫• لقد أصبحت المتاجرة بأجساد الفتيات البالغات قاعدة ثابتة يف الغرب اليوم‪ِ ،‬‬
‫جاهلية نكاح االستبضاع إىل جاهلية الغرب اليوم الذي يتم فيه تسليط الكامتات‬
‫التوي ج لسلعة أو ماكينة حالقة أو عبوة‬ ‫عىل كل تفصيلة نف جسد المرأة من أجل ر‬
‫ي‬

‫(‪ (685‬اإلصابة‪.347-3 ،‬‬


‫ً‬
‫نقل عن كتاب‪ :‬اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون‪ ،‬موسى بن راشد العازمي‪.‬‬
‫‪(686) https://www.worldometers.info/abortions/‬‬

‫‪746‬‬
‫ن‬
‫شاي أو سيارة‪ ،‬فيتم استخدام جسدها يف حالة من الرخص واالحتقار لقيمة المرأة‬
‫حن ن يف زمن الجاهلية األول‪.‬‬
‫لم يحصل لها مثيل ر‬

‫‪ ‬فاإلسالم أتى ليحفظ األنثى جنينًا وفتا ًة وبالغ ًة وعجوًزا‪ ،‬وأتى ليمنع‬
‫أن تؤذى المرأة ولو بكلمة‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲀﲁﲂﲃ‬
‫ﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﱠ ﴿‪ ﴾٥8‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫وقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﱳﱴﱵﱶﱷ ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣٣‬سورة النور‪.‬‬

‫‪ ‬وقالﷺ‪:‬‬

‫• ر‬
‫فش الكسب أن تتم المتاجرة بجسدها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫• ثم إن اإلسالم يقول للمرأة تحجن ر‬
‫الرسىم عنك‬
‫ي‬ ‫المتحدث‬ ‫هو‬ ‫ك‬ ‫عقل‬ ‫حن يكون‬ ‫ي‬
‫وليس الجسد‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲏﲐﲑﲒﲓ ﭐ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾٣1‬سورة‬
‫‪..‬‬

‫النور‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫• فهذه عفة وست لكيان المرأة عن أن يبتذل رخيصا‪.‬‬
‫ﲌﱠ‬
‫ﲍ‬ ‫وه زوجة فقال هللا تعاىل‪:‬ﱡﭐﲈﲉﲊﲋ‬
‫❑ واإلسالم حفظ المرأة ي‬
‫﴿‪ ﴾228‬سورة البقرة‪.‬‬
‫ْ َّ‬
‫وواجبات‪( :‬ل ُهن ِمث ُل ال ِذي َعل ْي ِهن)‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫حقوق‬
‫ٍ‬ ‫• للمرأة ما للرجل من‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫فه تستطيع أن تبيع‬ ‫• وأصبح للمرأة يف اإلسالم ذمة مالية مستقلة عن الرجل‪ ،‬ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫وتشتي وتتاجر ويكون المال باسمها‪ ،‬وهذا يحصل ألول مرة يف اإلسالم‪ ،‬ولم‬
‫يحصل هذا األمر ن يف أوروبا إال سنة ‪ 1٩٣8‬ميالدية‪.‬‬
‫حن عام ‪ 1٩٣8‬ميالدية‪.‬‬ ‫• فلم يكن للمرأة الحق نف حيازة المال باسمها ر‬
‫ي‬
‫• والمرأة يف اإلسالم لها متاث من المال كما للرجل متاث من المال‪ :‬ﱡﭐﱁﱂ‬
‫ن‬

‫ﱑ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ‬
‫ﱓﱔﱠ﴿‪ ﴾7‬سورة النساء‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫• لقد ظهرت هذه الحقوق للمرأة يف ٍ‬
‫وقت لم يكن لهن أي قدر‪.‬‬

‫( ‪ (687‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1568 :‬‬


‫‪747‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫األنن يتيمة‪ ،‬فكانت اليتيمة تورث بمالها لمن يربيها‪ ،‬وكان الرجل‬ ‫• واإلسالم حفظ‬
‫فتل قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱴﱵﱶﱷﱸ‬ ‫مهرا؛ ألنها يتيمة‪ ،‬ن ن‬ ‫رن ُ‬
‫وجها وال يدفع لها ً‬‫يت‬

‫ﲂﲄﲅﲆ ﲇ ﲈ‪..‬ﱠ ﴿‪﴾٣‬‬


‫ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲃ‬
‫سورة النساء‪.‬‬
‫ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ ُْ‬
‫‪َ ‬و ِإن ِخفت ْم أًل تق ِس ُطوا ِ ن يف ال َيت َام‪ :‬إن خفتم أًل تعدلوا مع اليتيمة‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َْ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫‪ ‬فان ِكحوا َما طاب لك ْم ِمن الن َس ِاء َمث نن َوثًلث َو ُرباع‪ :‬إن خفت أن تظلم اليتيمة فال‬
‫مثن وثالث ورباع‪ ،‬واترك هذه لمن يعطيها حقها‬ ‫تعطيها حقها‪ ،‬فانكح غتها كما تحب‪ ،‬ن‬
‫ا‬
‫كامًل‪ ...‬اتركها لمن ُيكرمها‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ ‬والمرأة يف اإلسالم لها قيمة كاملة‪ ،‬فلها ما للرجل من الحقوق‪ ،‬وعليها ما عىل الرجل‬
‫من التكليفات‪ ،‬ولها ما للرجل من األجر‪:‬ﱡ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ‬
‫ﲖ ﲗﲘﲙﲚﲛ ﲜﲝ‬
‫ﲞﲟ ﲠﲡﲢﲣ ﲤ‬
‫ﲥﲦﲧﲨ ﲩﲪﲫﲬﲭﲮ‬
‫ﲯﱠ﴿‪ ﴾٣٥‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫‪ ‬وقال هللا تعاىل‪:‬ﱡﭐﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠ﴿‪﴾1٩٥‬‬


‫سورة آل عمران‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫فه ْ‬
‫وف األجر!‬ ‫التكليف‪،‬‬ ‫ف‬ ‫متساوون‬ ‫م‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ًّ‬ ‫ا ُ‬ ‫ا‬ ‫ي ً‬ ‫ي‬
‫• فاإلسالم جاء بإكرام ر‬
‫األنن جنينا‪ ،‬وبالغة‪ ،‬ويتيمة‪ ،‬وأما‪ ،‬وزوجة‪ ،‬وعجوزا‪.‬‬
‫ًّ‬
‫أخالقيا‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫نفسيا‪ ،‬وسوية‬ ‫• فنظرة المسلم للمرأة نظرة سوية‬
‫فه كما فصلنا تتعامل معها كحيوان جميل ال‬ ‫• أما النظرة اإللحادية المادية للمرأة ي‬
‫ر‬
‫أكت‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫❑ ولذلك كانت أعىل معدالت اغتصاب نف العالم نف ر‬
‫أكت الدول مادية وإلحادا‪ ،‬حيث‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تنظر للمرأة كجسد مادي للمتعة المجردة‪.‬‬

‫‪748‬‬
‫ووصلت معدالت التحرش نف المواصالت نف بلد ر‬
‫ينتش فيها اإللحاد بشدة كفرنسا إىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪.%1٠٠‬‬

‫ُ‬
‫‪ ‬فلما نظروا للمرأة نظرة مادية‪ ،‬فقدت قيمتها وأصبحت سلعة ولعبة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬والمادية المُ لحدة أغرت المرأة بأن تفعل ما يطلب منها من أجل زيادة رصيدها‬
‫البنك‪ ،‬ففقدت المرأة خصوصيتها‪ ،‬وتحولت مع الوقت لسلعة!‬‫ي‬
‫• إذا تمكن دعاة اإللحاد من المرأة فسد المجتمع‪.‬‬
‫ر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الق َيم أو الضياع‪.‬‬
‫الن ترضع ابنها ِ‬
‫ي ي‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫أبي‬ ‫أو‬ ‫نا‬ ‫شئ‬ ‫‪ ‬فالمرأة‬

‫• المشكلة أن دعاة اإللحاد يشتغلون عىل المرأة منذ سنوات‪ ،‬وهم يتصورون‬
‫وبالتاىل سوف‬
‫ي‬ ‫لنظرتهم المادية العنرصية أن المرأة ضعيفة‪ ،‬وأن مخها ضعيف‪،‬‬
‫تستسلم بسهولة‪.‬‬
‫ر‬
‫تستعض عىل الفلسفات‬
‫ي‬ ‫الن‬
‫ه من أصعب الحلقات ي‬ ‫• وال يعرفون أن المرأة ي‬
‫الكفرية‪.‬‬
‫بي النساء‪.‬‬‫• ولذلك فأقل نسب إلحاد نف العالم اإلسالم كمثال موجودة ن‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪749‬‬
‫ن‬
‫وه تجد‬
‫ي‬ ‫المفاجأة‪،‬‬ ‫الفكرية‬ ‫الت‬‫التحو‬ ‫ف‬‫‪ ‬فالمرأة ليس عندها اندفاعية الرجل ي‬
‫حي أنها تفقد األمان ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫األمان نف الحقوق ر‬
‫تماما مع عبثية وعدمية‬ ‫الن يكفلها الدين‪ ،‬يف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫النظرة اإللحادية للعالم؛ لذلك يقل التحول لإللحاد ن يف مجتمع النساء‪.‬‬

‫فاإللحاد يطلب ضريبة ال تستطيع المرأة أن تدفعها؛ ألن أول قسط من هذه‬
‫الضريبة هو فقدان األمان لألبد‪ ،‬وفقدان الغاية‪ ،‬وفقدان الفطرة التي فطرت‬
‫ً‬
‫ونتيجة‪ ،‬تلك الفطرة التي‬ ‫ً‬
‫غاية ومصيرًا‬ ‫َّ‬
‫وأن لتكليفنا‬ ‫عليها‪ ...‬فطرة أننا مكلفون‪،‬‬
‫ً‬
‫جميعا‪ ،‬فطرة التكليف‪ ،‬وفطرة اللجوء إلى هللا وطلب المدد واألمان‬ ‫ُفطرنا عليها‬
‫من عنايته وحفظه سبحانه‪.‬‬

‫يحث النساء على طلب العلم واألمر بالمعروف والنهي عن‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ‬هل هناك دين كاإلسالم‬
‫المنكر؟‬
‫‪ ‬هل هناك دين أو فلسفة أو فكر يحفظ المرأة من كل فكرة شاذة في خاطر الرجل؟‬
‫ً‬
‫ويتيمة‬ ‫ً‬
‫وبالغة‬ ‫ً‬
‫وطفلة‬ ‫ً‬
‫جنينا‬ ‫‪ ‬هل هناك دين أو فلسفة أو فكر غير اإلسالم يحفظ المرأة‬
‫ً‬
‫عجوزا؟‬ ‫ً‬
‫وزوجة و‬ ‫ُ‬
‫وأمًّ ا‬
‫‪ -‬ال وهللا ال يوجد!‬
‫‪ ‬انظر لجت خاطر المرأة يف اإلسالم وصل ألي مدى‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐﲑﲒﲓ‬
‫ن‬

‫ﲝﲟﲠﲡ ﲢﲣ‬
‫ﲞ‬ ‫ﲔﲕﲖ ﲗﲘﲙﲚﲛﲜ‬
‫ﲧﲩﲪﲫﱠ ﴿‪ ﴾2٣6‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ﲨ‬ ‫ﲤﲥﲦ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ َّ‬
‫• فمن طلق امرأة قبل أن يمسها وقبل أن يفرض لها المهر‪ ،‬فعليه أن يعطيها من المال‬
‫ما يجت به خاطرها‪.‬‬
‫َ ن‬ ‫اعا ب ْال َم ْع ُروف َح ًّقا َعىل ال ُم ْحسن نَ‬
‫ْ‬ ‫ََ ً‬
‫ي‪ :‬فكما تسببت يف اشتياقها إليك‪ ،‬فعليك أن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫• مت ِ‬
‫تجت خاطرها!‬
‫ُ‬
‫• هذه دقائق نف حق المرأة ال يغف ُل عنها وح هللا إىل ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫• وانظر لحفظ قيمة البنت من قضية حب الوالدين للولد عىل البنت‪ ،‬فتجد يف‬
‫ن‬
‫والبني‪.‬‬ ‫اإلسالم أنه ال يصح أن تقول‪ :‬بالرفاء‬
‫ن‬ ‫ُ ا‬ ‫• ألن هذا ٌ‬
‫البني عىل البنات‪.‬‬ ‫قول من أقوال الجاهلية الذين كانوا يفضلون‬
‫وحكمة كله‪ ،‬ولم يضعف انتشار اإلسالم إال ر‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بكتة‬ ‫عدل كله‪ ،‬ورحمة كله‪،‬‬ ‫• فاإلسالم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المنتسبي له‪ ،‬وعدم تطبيقهم لجمالية هذا الدين يف حياتهم الخاصة‬ ‫معاص‬
‫ي‬
‫والعامة‪.‬‬

‫‪750‬‬
‫ال َقوا ُم َ‬
‫ون َعلَى‬ ‫{الر َج ُ‬
‫‪ -211‬ما معنى قوامة الرجل على المرأة في قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫ساءِ} ﴿‪ ﴾34‬سورة النساء‪ ،‬وهل هي تَ َح ُّكم في المرأة كما يدعي المالحدة؟‬
‫النِ َ‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ع الفطري الثابت يف تأليب النساء‪،‬‬‫ج‪ :‬يستغل دعاة اإللحاد القوامة‪ ،‬هذا الحق الش ي‬
‫وحث ِهن عىل التمرد‪ ،‬وهذا أسلوب ن يف منته الالنزاهة‪.‬‬
‫قائم عىل العمل‪ ،‬أي‪ :‬أنه هو ُ‬
‫المطالب بإتمامه‬ ‫‪‬ألن القوامة في األصل من‪ :‬فالن ٌ‬
‫ر ً‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫تشيفا‪.‬‬ ‫تكليف وليست‬ ‫وإصالحه‪ ،‬فالرجل قوامته‬

‫فقوامته جعلها هللا لمصلحة المرأة‪ ،‬فهو مسؤول عن حمايتها‪ ،‬وحفظ حقوقها‪ ،‬والدفاع‬
‫عنها‪)688(.‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬


‫حي يجعلون قضية فيها عز للمرأة وسند للمرأة‬ ‫أعجب حال المالحدة‬ ‫‪ -‬فما‬
‫ا‬
‫شبهة!‬
‫ُ‬
‫وثان يظلم زوجته‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫شء قوامته‪،‬‬
‫ي‬ ‫‪ -‬ويستغل المالحدة حاالت خاصة لزوج ي‬
‫ُّ‬
‫يشء ِواليته عىل أبنائه‪ ،‬ورابع يأكل حقوق أخواته‪ ،‬فيستغلون هذه‬ ‫وثالث ي‬
‫ن‬
‫وبي‬ ‫بي هذه الحاالت‬ ‫الحاالت ويضخمونها‪ ،‬ثم يقومون بعملية ربط زور ن‬
‫حق القوامة الذي رشعه هللا‪.‬‬

‫‪ ‬وال يعرف دعاة اإللحاد أنه في اإلسالم‪:‬‬


‫ُ َ‬ ‫ر ٍّ ن‬ ‫ن‬
‫ع يف غت ما أ ِذن هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬فيه‪ ،‬ي ن نتع منه‬ ‫حق ش ي‬
‫َ‬
‫‪ -‬من تعسف يف استعمال ٍ‬
‫الوالية من األب لما أساء‬ ‫حق‬ ‫اإلسالم‬ ‫ع‬‫ت‬‫هذا الحق ويؤدب‪ ،‬فقد َي ن ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القاص لمن دونه لعمها أو لخالها وهكذا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫استخدامها‪ ،‬ويعطيها‬
‫ي‬
‫ن‬
‫‪ -‬فكمال الرجولة‪ ،‬وكمال المروءة يف اإلسالم أن يحافظ الرجل عىل المرأة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الننﷺ‪:‬‬ ‫‪ ‬بل وي ِ‬
‫قاتل الرجل‪ ،‬ويقتل من أجل حفظ المرأة‪ ،‬قال ي‬

‫وحفظ ورعاية‪ ،‬رشعها هللا بحكمته وعلمه ورحمته‪.‬‬


‫• فالقوامة مسؤولية ِ‬
‫• فاهلل يعلم حال الرجل‪ ،‬وحال المرأة‪ ،‬وطبيعة الرجل‪ ،‬وطبيعة المرأة‪ ،‬ويعلم‬
‫سبحانه ما ُيصلح أحوال الناس‪.‬‬

‫الذخيرة‪ ،‬القرافي المالكي‪.341 /4 ،‬‬ ‫(‪(688‬‬

‫صحيح سنن النسائي‪ ،‬ح‪.4105 :‬‬ ‫(‪(689‬‬

‫‪751‬‬
‫‪‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬الوالية يف النكاح‪ :‬حيث ال يجوز للفتاة أن تزوج نفسها بغت إذن وليها‪ ،‬وهنا يصور‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫الملحد هذه المسألة كنوع من التضييق عىل المرأة‪ ،‬نف ن‬
‫حي أن األمر يف حقيقته مسؤولية‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُملقاة عىل عاتق الوىل‪ ،‬حيث يحميها من ر ن‬
‫ابتاز شخص عديم الرجولة يريد أن يتوجها يف‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫الش بدون علم أهلها‪ ،‬ثم يلقيها يف الطرقات بعد أن ينال حظه منها‪ ،‬والوالية يف النكاح‬
‫ه قد تغفل‬ ‫الوىل من أن يضيع حقها بعاطفتها‪ ،‬فيحفظ لها حقها الذي‬
‫كذلك؛ ليحميها ي‬
‫ي ُّ‬
‫فه ربما تقبل التنازل عن كل حقوقها المالية من الزوج؛ لفرط تعلقها به‪،‬‬ ‫عنه لعاطفتها‪ ،‬ي‬
‫فوليها يحفظ حقها‪ ،‬ويضمن عدم استغالل الخاطب لها‪.‬‬
‫ٌ‬
‫تضييق عىل الرجل‪...‬‬ ‫• ولو نظر الملحد للوالية نظرة صحيحة عادلة لعلم أنها‬
‫ً‬
‫تضييق عىل الخاطب‪ ،‬وليست تضييقا عىل المرأة‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫وىل الزوجة بأداء الحقوق لها‪ ،‬فالتضييق‬‫ي‬ ‫من‬ ‫م‬‫لز‬ ‫• فوليها يضمن حقها‪ ،‬والخاطب ي‬
‫ن يف الواقع عىل الرجل ‪-‬عىل الخاطب‪ -‬وليس عىل المرأة‪.‬‬

‫‪ ‬ثم إن المرأة في اإلسالم ال تتزوَّ ج إال بمن ترضى به‪ ،‬وإال النفسخ‬
‫العقد‪ ،‬فأين التقييد في والية النكاح؟‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫ُ‬
‫ويتابع ر‬ ‫ُ‬
‫حن تصل حقوقها إليها‪.‬‬ ‫فوليها ي رشف‬
‫‪ ‬فهل هذا تقييد أم زيادة صيانة لحقوق المرأة؟‬
‫ولو زوجها الوىل بغت رضاها ينفسخ عقد الزواج ً‬
‫فورا‪ ،‬وكأنه لم يكن‪.‬‬ ‫ي‬

‫فسخ‪.‬‬ ‫• فما ُتمضيه الفتاة ن‬


‫يمض‪ ،‬وما تفسخه ُي َ‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ه لحفظ حقوقها؛ ولضمان أن تؤدى إليها الحقوق‪.‬‬ ‫• ِ‬
‫فوالية النكاح ي‬

‫(‪ (690‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.6968 :‬‬


‫(‪ (691‬سنن النسائي‪ ،‬ح‪ ،3269 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪752‬‬
‫‪ ‬فهل في هذا ما يالم؟‬

‫‪ ‬وهنا قد يأتي سؤال‪ :‬هل للرجل والية على مال المرأة؟‬


‫ٌ‬ ‫ن‬
‫لرجل عىل وجه األرض ِوالية‬
‫ٍ‬ ‫فليس‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫ف‬‫‪ ‬والجواب‪ :‬هذه القضية ال وجود لها ي‬
‫عىل أموال المرأة‪ ،‬ال زوج‪ ،‬وال أب‪ ،‬وال أخ‪ ،‬وال أحد‪.‬‬

‫‪ ‬فللمرأة ُمطلق الحرية ن يف أموالها تترصف فيها حيث شاءت‪.‬‬


‫ر‬ ‫ن‬
‫‪ ‬وقد جعل هللا ِوالية الرجل عىل المرأة يف نطاق األمور ي‬
‫الن تحتاج فيها المرأة للرجل‪،‬‬
‫رحمة هذه‪ :‬ﭐﱡﭐﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة الملك‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فأي‬
‫❑ ويجب أن تنتبه المرأة المسلمة ألالعيب ر‬
‫ناشي الشبهات؛ لئال تلتبس بشبهة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫فيحبط عملها‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲵﲶﲷﲸﲹﲺ‬ ‫َ‬ ‫أو تكره شيئا مما أنزل هللا‬
‫ﲻﲼﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة محمد‪.‬‬
‫ٌ‬
‫لشعه‪ ،‬خاضعون ألمره‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇ‬
‫عبيد هلل‪ ،‬خاضعون ر‬ ‫‪ ‬فنحن‬

‫ﱐﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘ ﱙﱠ﴿‪﴾٣6‬‬
‫ﱑ‬ ‫ﱈﱉﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎﱏ‬
‫سورة األحزاب‪.‬‬
‫ر‬
‫‪ ‬فهذا حال المسلم مع شع ربه‪ :‬التسليم التام‪ ،‬والرضا التام‪ ،‬والقبول التام‪ ،‬قال هللا‬
‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂﳃ‬

‫ﳄﳅﳆﱠ ﴿‪ ﴾٥1‬سورة النور‪.‬‬

‫‪ ‬وقال عز من قائل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬


‫ﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﱠ ﴿‪ ﴾6٥‬سورة النساء‪.‬‬

‫ولبيتك‬ ‫ولنفسك‬ ‫ولقلبك‬ ‫لك‬ ‫ر‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فما قدر هللا وما شع إال ما هو خت وحكمة وعدل وكمال ِ‬
‫ولمستقبلك الدنيوي واألخروي‪.‬‬
‫ِ‬
‫إذن النطاق الذي تشمله قوامة الرجل ال يمس كيان المرأة‪ ،‬وال يمس كرامة المرأة‪،‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تستح منه‬
‫ي‬ ‫أو‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫الم‬ ‫مقدور‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫وليس‬ ‫الرجل‪،‬‬ ‫مقدور‬ ‫ف‬‫وإنما القوامة هي القيام بما ي‬
‫المرأة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫‪ً ‬‬
‫سفر المرأة؛ لئال يؤذيها متحرش‪.‬‬ ‫الوىل‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ؤ‬ ‫أيضا من صور القوامة أن‪ :‬ي‬
‫ِ‬
‫‪753‬‬
‫أيضا من صور القوامة‪ :‬قوامة النفقة‪ ،‬وهذه أساس القوامة‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐ‬
‫‪ً ‬‬

‫ﱎﱠ‬
‫ﱏ‬ ‫ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ‬
‫﴿‪ ﴾٣4‬سورة النساء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• فهو يقوم عليها بالنفقة‪ ،‬أبا وزوجا‪ ،‬فاألب ِيكد ويسع ويكافح من أجل توفت لقمة‬
‫عيش كريمة البنته‪ ،‬والزوج لزوجته‪.‬‬
‫ه تعيش ن يف بيتها كريمة عزيزة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫شء‪ ،‬بل‬ ‫ي‬
‫• أما المرأة فال يلزمها من ذلك ر‬
‫بي أن تصت عليه‪ ،‬ر‬
‫وتتف هللا فيه‪،‬‬ ‫• ولو لم يستطع أن ينفق عليها فه رش ًعا ُمخت ٌة ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫وبي أن تفارقه‪)6٩2(.‬‬

‫يحص َل للمرأة عىل حقها‪.‬‬‫ُ‬ ‫• لقد ُكلف الرجل بالقوامة ر‬


‫حن‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ان‬
‫الن تعجز المرأة يف‬ ‫• إذن فحت نطاق القوامة كما قلت هو يف تحصيل الجوانب ي‬
‫الغالب عن تحصيلها بطبيعتها وضعفها‪.‬‬

‫‪َ ‬‬
‫فعالقة الرجل بالمرأة في اإلسالم َعالقة تكاملية فطرية طبيعية تراحمية‪.‬‬
‫َ‬ ‫لكن الثقافة الغربية الممسوخة جعلت َ‬
‫العالقة ن‬
‫بي الرجل والمرأة عالقة رصاع‪،‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وعالقة تثوير للمرأة عىل الرجل‪ ،‬وعالقة تؤجج إلثبات دور المرأة يف المجتمع‪ ،‬وكأن نجاح‬
‫ر ُ‬
‫الن تحققها المرأة ستكون عىل حساب‬ ‫المرأة سيكون عىل حساب الرجل‪ ،‬أو أن المكاسب ي‬
‫بي الرجل والمرأة‪ ،‬فنجاح‬‫العالقة ن‬‫بداب ُمتخلف لطبيعة َ‬ ‫ئ‬ ‫مكاسب الرجل‪ ،‬وهذا فهم‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المرأة يف غت ما حرم هللا هو يف اإلسالم نجاح للرجل‪ ،‬وفرحة للرجل‪ ،‬وب هجة للرجل‬
‫السوي‪.‬‬

‫فنجاح المرأة ن يف غت ما حرم هللا هو نرص للرجل‪ ،‬وخت للناس‪.‬‬


‫ﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ‬
‫ﲆﲈﲉﲊﲋﲌﲍﱠ ﴿‪ ﴾21‬سورة الروم‪.‬‬
‫ﲇ‬

‫‪ ‬وكما أوجب هللا على الرجل من الواجبات في حق المرأة ما أوجب‪ :‬من‬


‫النفقة‪ ،‬ومن الحفظ‪ ،‬ومن جلب حقوقها‪ ،‬ومن إحاطتها بالرعاية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫زوجها‪.‬‬ ‫واجبات‪ :‬فعىل المرأة أن تطيع‬
‫ٍ‬ ‫• فقد أوجب هللا يف الناحية األخرى عىل المرأة‬
‫ر‬
‫ع عىل المرأة‪ ،‬أن تطيع زوجها‪ ،‬فهو رأس البيت‪.‬‬ ‫• فهذا واجب ش ي‬

‫) ‪ (692‬المهذب في فقه اإلمام الشافعي‪.155 / 3 ،‬‬


‫كشاف القناع‪.477/5 ،‬‬
‫‪754‬‬
‫لزوجها‪ :‬ﱡ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱗ ﱠ‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬فالمرأة مطيعة ِ‬
‫لرب ها‪ ،‬مطيعة‬
‫﴿‪ ﴾٣4‬سورة النساء‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﱐﱑﱒﱓﱗﱠ‪ :‬مطيعات هلل‪ ،‬حافظات ألزواجهن‪.‬‬

‫‪‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ‪ َ:‬ا‬


‫كريما وت رشيفا‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫ماني ِة ت‬
‫أبواب الجن ِة الث ِ‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫عليها‬ ‫ى‬‫ناد‬ ‫‪‬ي‬

‫• فطاعة المرأة لزوجها ن يف غت معصية هللا واجبة‪.‬‬


‫ر‬
‫ع‪.‬‬‫• هذا واجب ش ُ ي‬
‫• وزوجها هو جنتها ونارها‪.‬‬

‫‪‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫• فلو أدت حقه فهو سبب ن يف دخولها الجنة‪ ،‬ولو لم تؤد حقه فهو سبب ن يف دخولها النار‪.‬‬
‫• فللمرأة حقوق عىل الرجل‪.‬‬
‫• وللرجل حقوق عىل المرأة‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫النفش واألمان‬
‫ي‬ ‫• وإذا أدى كل ذي حق حقه شاع الوئام واأللفة والسكينة واالستقرار‬
‫األشي‪.‬‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫• فالمجتمع رجل وامرأة‪ ،‬والمجتمع ال يقسم وال يؤلب الرجل فيه عىل المرأة‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫فه عالقة تكاملية وليست رصاعا كما يحاول أن يفرض‬ ‫وال المرأة عىل الرجل‪ ،‬ي‬
‫الغرب‪.‬‬
‫• فالغرب والثقافة العلمانية الغربية تحاول أن تجعل َ‬
‫العالقة ن‬
‫بي الرجل والمرأة‬
‫َعالقة رصاع وتثوير‪.‬‬

‫صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.660 :‬‬ ‫(‪(693‬‬

‫صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.1509 :‬‬ ‫(‪(694‬‬

‫‪755‬‬
‫ُّ‬
‫التأثر بالثقافة‬ ‫❑والذي أدَّ ى لمشاكل المرأة في العالم اإلسالمي بجانب‬
‫الغربية‪:‬‬
‫ن‬
‫• انغماس بعض الرجال يف الشهوات؛ ما أضعف من شخصيتهم‪ ،‬فظهرت حركات‬
‫القوامة‪ ،‬وظهرت حركات التمرد‬ ‫النسوية المتأسلمة‪ ،‬وظهرت حركات التمرد عىل ِ‬
‫َّ‬
‫الوالية‪ ،‬وما ظهرت هذه الحركات الضالة إال لضعف شخصية الرجل‪،‬‬ ‫عىل ِ‬
‫قيادته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وضعف‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫الن يرتكبها‪ ،‬يصغ ُر يف عينيها‪،‬‬
‫ر‬
‫لشهواته وفواحشه ي‬ ‫فحي تعرف المرأة أن الرجل عبد‬ ‫ن‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫فتبدأ يف التمرد لو كان إيمانها ضعيفا‪ ،‬وتبدأ يف المطالبة ليس بحقوقها كما هو‬
‫مفتض وإنما تبدأ ن يف المطالبة بالتمرد الكامل‪.‬‬ ‫ر‬

‫وهذه هي المشكلة التي ال يفهمها كثير من الرجال‪ :‬عندما يكون الرجل‬


‫نا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫يوف للمرأة حقها‪ ،‬تبدأ‬
‫شهوانيا خاضعا للفواحش‪ ،‬وال ينشغل إال بمصالحه‪ ،‬وعندما ال ي‬
‫شء‪ ،‬فتحصل الفتنة والفساد العظيم‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫المرأة ‪-‬لو كان يف دينها ضعف‪ -‬يف التمرد عىل كل ي‬
‫فالنسوية ليست حركة تطالب بالحقوق‪ ،‬وإنما ه ر‬
‫مشوع تمرد تام مكتمل األركان‪ ،‬وهذا‬ ‫ً ي‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬
‫فه تمثل تمردا عىل كل ي‬
‫ظاهر من المطالبات النسوية‪ ،‬ي‬
‫ُ‬
‫فضعف قيادة الرجل‪ ،‬وقلة رحمة الرجل‪ ،‬وبحث الرجل عن الفواحش‪ ،‬هذا يؤدي إىل‬
‫ا‬
‫تمرد المرأة‪ ،‬وإىل فساد المجتمع فعًل‪.‬‬
‫ُ‬
‫ضعف ِقوامة الرجل‪ ،‬وقلة إيمان المرأة‪.‬‬ ‫فتمرُّد المرأة مصدره‪:‬‬

‫النن صىل هللا عليه وسلم‪:‬‬


‫لو عاد الرجل لكلكم راع‪ ،‬كما أخت ي‬

‫الننﷺ ‪:‬‬ ‫ٌ‬


‫ولو علم الرجل أن هللا سائل كل إنسان عن رعيته‪ ،‬كما قال ي‬

‫)‪ (695‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2409 :‬‬


‫(‪ (696‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬ح‪.1636 :‬‬
‫‪756‬‬
‫حقوق‪ ،‬وعادت المرأة لما أوجب هللا عليها‬
‫ٍ‬ ‫• لو عاد الرجل ِلما أوجب هللا عليه من‬
‫حقوق لصلح حال األمة‪ ،‬ولشعرت المرأة بأنوثتها الحقيقية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫ن‬
‫• فكمال أنوثة المرأة يف قيام الرجل بحقوقه نحوها‪ ،‬وقيامها بحقوقها نحوه‪ ،‬هنا‬
‫ُ‬
‫الن ُجبلت عليها‪.‬‬
‫ي‬
‫فطرتها ر‬ ‫تشعر بكمال أنوثتها‪ ،‬فهذه‬
‫ن‬
‫مطمئني‬ ‫• لو قام الناس بما أوجب هللا عليهم‪ ،‬الستقرت الدنيا‪ ،‬ولنام الجميع‬
‫ن‬
‫هانئي‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫المعاشة‪ ،‬وحسن‬ ‫‪ ‬لألسف اختفى في كثير من البيوت‪ :‬حسن الخلق‪ ،‬وحسن‬
‫عه َد‪)6٩7(.‬‬ ‫‪َ َ ُ ْ َ َ:‬‬ ‫ٍ ن‬
‫االحتواء‪ ،‬والمودة والرحمة واللي والتغافل عن بعض األمور ًل يسأل عما ِ‬
‫والقوامة الصحيحة‪ ،‬وغض البرص عن النساء‬‫‪ ‬فما نحتاجه هو‪ :‬الرجولة الحقيقية‪ِ ،‬‬
‫القوامة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ه درجة من درجات ِ‬ ‫ي‬ ‫البرص‬ ‫غض‬ ‫فرجولة‬ ‫الخلوات‪،‬‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫الطرقات‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫ا‬ ‫فغض البرص‪ ،‬ر‬
‫قي ًما‪.‬‬
‫رجًل ا‬ ‫المعاص هذا يجعل منك‬
‫ي‬ ‫والتفع عن‬

‫والرجل مفتاح المرأة‪ ،‬ولو لم يَف الرجل بما عليه‪ ،‬ما استطاع أن يفهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرأة ولما رضيت هي عنه‪.‬‬
‫ر ن رُ‬ ‫ْ‬
‫كتت‬ ‫وفي الناحية الثانية‪ :‬فعىل المرأة أن تتح َّلى بالصبر على الرجل‪ ،‬فالفي‬
‫عىل الرجال‪ ،‬وضغوط الحياة صارت صعبة‪ ،‬فلتغفر المرأة لزوجها‪ ،‬ولتصت عليه‪،‬‬
‫ر‬
‫ولتكت من نصحه وتذكته باهلل‪ ،‬والدعاء له‪.‬‬
‫َ‬
‫ولتتقرب إىل هللا بالعمل الصالح؛ لعل هللا يصلح بيتها‪ ،‬وي هدي أهلها‪.‬‬

‫وليحذر الرجل من قلة َ‬


‫الغ ْيرة على أهل بيته‪ ،‬فلو قلت النخوة‬
‫والغيرة وقل اهتمام الرجل بأهله استرجلت المرأة و ُفتنت‬
‫والمروءة َ‬
‫لو كان في إيمانها َضعف‪.‬‬
‫فكت عىل األمة ً‬
‫أربعا‪.‬‬ ‫في ْ‬ ‫وإذا ر‬
‫استجلت النساء وإذا ر ن‬

‫( ‪ (697‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5189 :‬‬


‫‪757‬‬
‫ا‬
‫• وما وجد المالحدة وال وجدت النسويات ثغرة لشبهة يدخلون منها عىل بيوتنا‬
‫والفي والشهوات‪ ،‬والتمرد عىل رشع هللا‪ ،‬إال باختفاء‬ ‫رن‬ ‫ونش الخراب‬ ‫باإلفساد‪ ،‬ر‬
‫قوامة الرجل‪ ،‬وعدم أداء المرأة لحقوقها‪.‬‬
‫• ما وجدوا الثغرة إال بتقصتنا‪ ،‬وما وجدوا الشبهة إال بعدم تطبيقنا للقوامة بصورتها‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫بعضنا بثقافات‬‫ِ‬ ‫الصحيحة‪ ،‬وما تسلطوا علينا إال ُببعدنا عن ديننا‪ ،‬وتعل ِق‬
‫بشء إىل دين ربنا‪.‬‬ ‫ر‬
‫تنتىم ي‬
‫ي‬ ‫وسلوكيات غربية ال‬
‫• ودعاة الكفر والنسوية والضالل ال يريدون تحرير المرأة‪ ،‬وإنما هم يريدون تحرير‬
‫شهوات المرأة‪ :‬ﭐﱡﭐﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱠ ﴿‪﴾27‬‬
‫سورة النساء‪.‬‬

‫‪ ‬لقد أدى اإللحاد والنسوية إىل خراب منظومة األسرة في الغرب‪ ،‬وهم‬
‫ر‬
‫أخالف مرعب‪ ،‬يكفيك‬
‫ي‬ ‫يتوجهون اآلن إلينا بقوة‪ ،‬يتوجهون إلينا بما هم فيه من خراب‬
‫ن ن‬
‫الجني يف الغرب اليوم تصل إىل ‪ %٥٠‬ألنها أجنة غت مرغوب‬ ‫أن تعلم أن احتمالية قتل‬
‫رُ‬
‫فيها‪ ،‬والدساتت الغربية كما قلت تشع ذلك وال تمنع منه‪.‬‬
‫ُ ن‬
‫• واألطفال الذين ينجون من القتل ي ي‬
‫عاب أغلبهم بعد الوالدة من فقدان األب؛ ألنهم‬
‫ُ‬
‫أبناء غت رش ن‬
‫عيي‪.‬‬

‫‪758‬‬
‫•‬
‫‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫• فما ترك الناس من أمر هللا شيئا إال أحوجهم هللا إليه‪ ،‬وعانوا ولم يجدوا طريقا‬
‫إال بالرجوع إليه‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪759‬‬
‫ِّم اهلل تعدُّد الزوجات؟‬
‫‪ -212‬لماذا لم ُيحر ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫العالمي‪ ،‬وأيضا ليس‬ ‫تشي ع سماوي‪ ...‬ليس هناك دين ُم ن نت ٌل من رب‬ ‫ج‪ :‬ليس هناك ر‬
‫تشي ع مادي يمنع من التعدد‪ ،‬فيستحيل أن تجد‬ ‫تشي ع وضع‪ ...‬ر‬
‫أرص‪ ...‬ر‬ ‫تشي ع ن‬
‫هناك ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ذلك‪.‬‬

‫لم يوجد‪ ،‬ولن تجد‪ ،‬ولن يوجد‪.‬‬

‫‪ ‬الفرق بين التشريع السماوي الذي ارتضاه هللا لعباده‪ ،‬وبين‬


‫التشريعات األرضية الوضعية الفاسدة هو في صورة التعدُّ د‪ :‬هل هو تعدد‬
‫بي رجل وامرأة‪ ،‬وواجبات عىل الرجل تجاه المرأة مدى‬ ‫زوجات برباط رشع مسؤول ن‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الحياة‪ ،‬أم هو تعدد خيانات وخليالت وعالقات حيوانية غت مسؤولة كما يف التشيعات‬
‫األرضية الفاسدة؟‬
‫ً‬
‫واحدا عت تاري خ ر‬ ‫تش ً‬‫هذا هو الفرق‪ ،‬لكن لن تجد ر‬
‫البش يمنع كل صور التعدد‪.‬‬ ‫يعا‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬
‫كلها لن تجد فيها ًّ‬
‫نصا واحدا ال يف التوراة‪ ،‬وال يف اإلنجيل‪ ،‬وال‬ ‫‪ ‬فالكتب السماوية‬
‫ن يف القرآن‪ ،‬وال ن يف غتهم من الكتب السماوية يمنع من التعدد‪.‬‬

‫أما يف التشريعات الوضعية األرضية‪ :‬فالتشريعات الوضعية القديمة‬


‫كانت تسمح؛ إما بتعدُّد الزوجات أو الخليالت أو السرايا‪.‬‬
‫ن‬
‫‪‬والتشريعات الوضعية الحديثة الفاسدة يف الغرب تبيح بكل أريحية تعدد‬
‫ن‬
‫الخليالت ولو ألف عشيقة‪ ،‬فلو ارتكب إنسان الفاحشة مع ألف امرأة فال مادة يف أي‬
‫ن ُ‬
‫علماب تجرم ذلك أو تمنع منه‪.‬‬
‫ي‬ ‫دستور‬
‫ً‬ ‫❑ إذن كما قلت‪ :‬ال يوجد ر‬
‫تشي ع يمنع من التعدد‪ ،‬لكن التعدد إما أن يكون تعددا‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫برباط رش ٍّ‬ ‫ا‬
‫حيوانيا غت مسؤول‪ ،‬تستخدم‬ ‫شهوانيا‬ ‫ع مقدس‪ ،‬وإما أن يكون تعددا‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫مسؤوًل‬
‫ُ‬
‫فيه المرأة كلعبة جنس‪.‬‬
‫ر‬ ‫رن‬ ‫ً‬ ‫اللتامات التعدد نف ر‬ ‫ونظرا ر ن‬
‫ً‬ ‫•‬
‫الن عىل الرجل‪،‬‬ ‫اإلله‪ ...‬نظرا لاللتامات ي‬
‫ي‬ ‫الشع‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫ه األمة‬
‫عليه يف اإلسالم‪ ،‬فأقل أمم العالم يف التعدد عىل اإلطالق ي‬ ‫لن‬‫والحقوق ا ي‬
‫ُ‬
‫اإلسالمية‪ ...‬أقل أمة نف العالم ُيعدد فيها الرجال ر‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫ه أمة‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫ام‬ ‫من‬ ‫أكت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً ن‬
‫• ولن تجد إنسانا يف الغرب إال وهو يعدد العشات‪ ،‬بل وهللا والمئات من النساء‪ ،‬إن‬
‫لم يكن اآلالف ن يف رحلة حياته‪.‬‬
‫‪760‬‬
‫إله‪ ،‬فهو‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫المسلمي َمن يتخذ امر ن‬ ‫ن‬ ‫وقل ن‬ ‫ا‬ ‫•‬
‫أتي؛ ألن تعدد المسلمي تعدد بشع ي‬ ‫ِ‬ ‫بي‬
‫تعدد مسؤول وزواج ونفقة وحفظ وحماية ورعاية للمرأة‪ ،‬ومع كل هذا نحن فقط‬
‫ُ‬
‫الذين نالم عىل التعدد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر ر ن ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫كت يف قضية التعدد إال عىل‬ ‫يأب الت‬ ‫• وال ي‬
‫• أمر عجيب!‬
‫مقبول عند الملحد ً‬
‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تماما‪،‬‬ ‫الغرب الالمسؤول‬ ‫ي‬ ‫العلماب‬
‫ي‬ ‫الحيواب‬
‫ي‬ ‫• فالتعدد الشه ي‬
‫واب‬
‫والتام الرجل مدى الحياة مع المرأة هو ما‬ ‫الشع ر ن‬ ‫بينما الزواج المسؤول والرباط ر‬
‫ي‬
‫يثت مشكلة وشبهة!‬
‫ن‬
‫أكت أزمة أخالقية ف تاري خ الجنس ر‬ ‫العلماب الغرب َ َ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫وه‬
‫ي‬ ‫ي‪،‬‬ ‫البش‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫التعدد‬ ‫د‬‫ول‬ ‫• لقد‬
‫الن تحدثت عنها قبل قليل‪.‬‬ ‫ر‬
‫أزمة قتل األجنة ي‬
‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫وف أمريكا وحدها ُيقتل ر‬ ‫ن‬
‫• ي‬
‫جني سنويا‪)6٩8(.‬‬ ‫أكت من مليون‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱠ ﴿‪ ﴾14٠‬سورة األنعام‪.‬‬

‫ً‬ ‫َ ن‬
‫ونظرا للتعدد‬ ‫وإذا ِشت يف شوارع أوروبا وأمريكا؛‬
‫الالمسؤول‪ ،‬فسوف تجد أمامك مثل هذه‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫بدًل من أن ر‬ ‫الصناديق‪ ،‬ر‬
‫تلف ابنك يف‬‫ي‬ ‫والن تقول لك‪:‬‬
‫ي‬
‫ضع ُه هنا ن يف هذا الصندوق‪.‬‬
‫حن يموت ْ‬ ‫القمامة ر‬

‫أمريكا وحدها بها ر‬


‫عشات اآلالف من هذه الصناديق‪.‬‬

‫)‪(698‬‬ ‫‪Approximately 893,000 abortions took place in the United States in 2016.‬‬
‫‪761‬‬
‫• فنحن أمام أكت مهزلة أخالقية ن يف التاري خ‪.‬‬
‫ا‬ ‫• نحن أمام نازية جديدة مرعبة‪ ،‬وإبادة جماعية يومية لم يشهد لها ر‬
‫البش مثيًل‪.‬‬
‫وتعامل مع حاجة الرجل الطبيعية الفطرية الغريزية‬ ‫َ‬ ‫• لذلك فقد رأب اإلسالم‬
‫إله حكيم‪.‬‬‫بوح ي‬ ‫ي‬ ‫للتعدد‪ ...‬تعامل معها‬

‫فحرَّم العالقات الشهوانية الحيوانية‪ :‬ولذلك ففاحشة الزنا تُعد من‬

‫ﭐ‬ ‫أكبر الكبائر يف اإلسالم‪:‬‬


‫ﭐ‬
‫ﱡﭐ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ‬
‫ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ‬
‫ﱯﱰﱱﱲﱳﱠ سورة الفرقان‪.‬‬

‫فالزنا جريمة كتى ن يف اإلسالم‪.‬‬


‫ْ‬ ‫ً ُ‬
‫أيضا يعد قتل األجنة بعد نفخ الروح فيها من أكت الكبائر يف اإلسالم‪ :‬ﱡﭐﱥﱦ‬
‫ن‬

‫ﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱠ سورة التكوير‪.‬‬

‫باإلجماع‪)6٩٩(.‬‬ ‫ن‬
‫الجني بعد نفخ الروح هو قتل نفس‬ ‫فقتل‬
‫قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ‬
‫ﱕﱠ ﴿‪ ﴾٣2‬سورة المائدة‪.‬‬

‫فاإلسالم ُيجرم العالقات الحيوانية‪ ،‬وما يتبع هذه العالقات من كوارث‪.‬‬


‫ً‬
‫عفيفا ر ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رن‬ ‫ُ‬
‫بالتامات‬ ‫طاهرا‬ ‫فليتوج زواجا‬ ‫‪ ‬اإلسالم يقول لك‪ :‬من أراد أن يعدد‬
‫ُ َ‬ ‫ن‬ ‫وواجبات وحقوق‪ ،‬فهو رباط رشع مسؤول ن‬
‫بي الرجل والمرأة يف النور‪ ،‬حيث يلزم الرجل‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫أمام المجتمع طيلة عمره تجاه هذه المرأة مسؤولية ونفقة ورعاية وحفظا وتأسيس بيت‪،‬‬
‫ورعاية ذرية‪ ،‬ونفقة عليهم‪.‬‬
‫َّ‬
‫وليتق هللا‪.‬‬ ‫ج َز الشخص عن كل هذه االلتزامات‪ ،‬فليصبرْ‬
‫‪ ‬وفي حال َع َ‬

‫)‪ (699‬القوانين الفقهية‪ ،‬ابن جزي ص ‪.141‬‬


‫‪762‬‬
‫‪‬‬

‫َُ‬ ‫‪ :‬ألول مرة نف كل ر‬


‫التشيعات السماوية واألرضية‪ ،‬ينص عىل االكتفاء‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬
‫بزوجة واحدة‪ :‬ﭐﱡﭐﲈﱠ﴿‪ ﴾٣‬سورة النساء‪.‬‬

‫❑ ألول مرة‪:‬‬
‫ْ‬
‫وليصت‬ ‫‪ُ ‬يمنع الرجل من التعدد طالما لن نيف بهذه ر ن‬
‫االلتامات‪ ،‬فزوجة واحدة تكفيه‪،‬‬ ‫ي‬
‫وليتق هللا فهذا أقرب من أن يعدد ثم يضيع الحقوق‪ :‬ﭐﱡﭐﲈﲉﲊﲋ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ﲌﲎﲏ‬ ‫ﲍ‬

‫ﲐﲑﱠ﴿‪ ﴾٣‬سورة النساء‪.‬‬

‫تجوروا وتظلموا‪)7٠٠(.‬‬ ‫‪ ‬ﲎﲏﲐﲑ‪ :‬ذلك أقرب أًل‬


‫ُ‬
‫الظلم‪)7٠1(.‬‬ ‫‪ ‬فاالقتصار عىل واحدة أقرب ألداء الحقوق وعدم‬
‫رن‬ ‫ن‬
‫وألوالدها‪ ،‬واستطاع أن‬
‫ِ‬ ‫وااللتامات للزوجة الثانية‬ ‫‪ ‬أما من استطاع أن ي‬
‫يف بالحقوق‬
‫يقوم عىل الحفظ والنفقة والرعاية والمودة والرحمة‪ ،‬فهذا يجوز له أن يعدد بزواج طاهر‬
‫أحله هللا ال ُيحرمه إنسان‪ ،‬فعدد كما ُتحب‪ :‬ن‬
‫مثن وثالث ورباع‪ ،‬وليس ألحد‬
‫َّ‬
‫عفيف‪ ،‬وما‬
‫ٍ‬
‫البش أن يحرمك مما أحل هللا‪.‬‬‫من ر‬

‫عت كل دساتتهم كما‬‫البش ْ‬


‫ألكت من امرأة‪ ،‬وهذا أمر يتفق عليه كل ر‬ ‫‪ ‬فالرجل يحتاج ر‬

‫أضف إىل هذا أن نصف حياة المرأة عوارض طبيعية‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫إنساب‪،‬‬ ‫فصلنا‪ ،‬فهذا إجماع غريزي‬
‫ي‬
‫ف إىل كل ما سبق أن غريزة الرجل‬‫من حيض ونفاس وقيود حمل‪ ،‬فهناك قيود كثتة‪ ،‬وأض ْ‬
‫ِ‬
‫طن متخصص‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫مرجع‬ ‫أي‬ ‫قرره‬ ‫ي‬ ‫ال ‪ Sex Drive‬أعىل بشدة مما عند المرأة‪ ،‬وهذا أمر‬

‫(‪ (700‬تفسير البغوي‪.‬‬


‫( ‪ (701‬تفسير السعدي‪.‬‬
‫‪763‬‬
‫ً‬ ‫ر ن‬
‫حن يف حالتها الطبيعية‪ ،‬أيضا أغلب حال الرجل أنه‬ ‫فحاجة الرجل قد ال توفيها المرأة‬
‫ًّ‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫ويغتب وي هاجر وقليًل ما يكون مستقرا‪ ،‬وقبل هذا وذاك فالرجل بطبيعته‬ ‫يسافر‬
‫ُ‬
‫يستطيع قلبه أن يعدد‪.‬‬
‫البش ْ‬
‫عت كل دساتتهم عىل إباحة التعدد‪.‬‬ ‫ومن أجل كل هذا أجمع ر‬
‫وأب ُليطبق‪ ،‬ر‬
‫وأب ليكون‬ ‫للبش‪ ،‬ر‬
‫يأت ألبطال أسطورية ملحمية‪ ،‬وإنما رأب ر‬‫واإلسالم لم ِ‬
‫ر‬
‫والبش لو لم يجدوا تعدد زوجات لعددوا الخليالت وأظهروا الفواحش‪.‬‬ ‫منهج حياة‪،‬‬
‫ن‬
‫وف كل األحوال ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫البش كانوا‬ ‫فالرجل قد يحتاج ألكت من امرأة لدواع ال يمكن حرصها‪ ،‬ي‬
‫ُيعددون وسوف يعددون!‬

‫والتعدد يف اإلسالم هو‪ :‬أمثل وأحكم وأعلم نموذج‪ ...‬إنه دينُ رب‬
‫العاملين‪.‬‬

‫‪ ‬وهنا قد يظهر سؤال‪ :‬لماذا إذا كان التعدد في اإلسالم أمثل وأحكم‬
‫وأعلم نموذج‪ ...‬لماذا نحن الذين نُالم في موضوع التعدد؟‬

‫‪ ‬لماذا إذا ُذكر التعدُّ د ُذكر المسلمون؟‬

‫‪ ‬ثم لماذا تكره المرأة المسلمة أن يُعدِّ د زوجُ ها؟‬

‫‪764‬‬
‫‪ ‬ثم السؤال األخطر‪ :‬كيف أصبح هناك شبه رفض مجتمعي للتعدد في‬
‫ِ‬
‫بالدنا؟‬
‫‪‬والجواب‪ :‬لألسف أصبحت نظرة المجتمع للتعدد نظرة خاطئة ً‬
‫تماما‪ ،‬وأصبح أغلب‬
‫ا‬
‫تعامًل ًّ‬
‫هزليا‪ ،‬فرسخوا‬ ‫الناس يتعاملون مع هذا الموضوع بصورة سخيفة‪ ...‬يتعاملون معه‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫للعلمانيي والملحدين أن يهاجموا‬ ‫يف األذهان تصورات فاسدة عن التعدد‪ ،‬وفتحوا مجاًل‬
‫التعدد عندنا‪.‬‬

‫‪ ‬فنحن عندنا أخطاء كثيرة في طريقة التعامل مع التعدد منها‪:‬‬

‫الخطأ األول‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫زوجته فيقول لها‬
‫ِ‬ ‫أخطأ الرجل الذي جعل مسألة الزوجة الثانية موضوعا للتهكم أمام‬
‫عليك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بمناسبة وبدون مناسبة‪ :‬أنا سأتزوج‬
‫وكأنه تهديد لها‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫وف ذهن الناس من حوله‪ ،‬ودون أن‬ ‫هذا الرجل بهذا األسلوب يرسخ يف ذهن المرأة‪ ،‬ي‬
‫ن‬
‫الثاب‪ ،‬إذن فالزواج‬ ‫يدري‪ ،‬أن الزواج ن‬
‫الثاب إيذاء للزوجة األوىل‪ ،‬فطالما أنه يهددها بالزواج‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ٌ‬
‫خطت عليها‪.‬‬ ‫أمر‬ ‫ن‬
‫الثاب ٌ‬
‫ي‬
‫فهذا أسلوب غت صحيح بالكلية‪ ،‬وهو بهذا يشوه مسألة ليس فيها أي خطر‪ ،‬وال أي‬
‫تهديد‪ ،‬بل فيها حل لكثت من المشاكل كما سأوضح‪.‬‬

‫الخطأ الثاني‬
‫ً‬ ‫ََ‬ ‫ر‬
‫شعورا بأن‬ ‫الن تبتعد عن روح اإلسالم كلما تقارب الزمان‪ ،‬أعًط المرأة‬
‫المجتمع بثقافته ي‬
‫ن‬
‫ويعن‬ ‫ويعن حرمان الزوجة األوىل‪،‬‬ ‫ن‬ ‫يعن فقدان الزوجة األوىل لألمان‪،‬‬ ‫ن‬
‫الثاب ن‬ ‫الزواج‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫تقصتا سيحصل يف حق الزوجة األوىل وال بد‪.‬‬‫ً‬

‫• أصبحت لألسف هذه ثقافة المجتمع عن الزواج ن‬


‫الثاب‪.‬‬
‫ي‬
‫الثاب كرست لهذه التصورات الفاسدة‪.‬‬ ‫• ولألسف كثت من تجارب الزواج ن‬
‫ي‬
‫همل األوىل أو ُيضيعها!‬ ‫ُ‬ ‫رن‬
‫فيأب شخص ظالم جاهل يتوج بزوجة ثانية‪ ،‬في ِ‬
‫ر‬
‫• ي‬
‫النف األمثل‪.‬‬ ‫• فنحن رشكاء بترصفاتنا نف تشويه هذا النموذج ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الغرب الذي يعيش حياة بهيمية أن يسخر من الزواج‬ ‫ن‬
‫العلماب‬ ‫نعًط‬ ‫• ونحن َمن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫المسؤول عندنا‪.‬‬

‫‪765‬‬
‫الخطأ الثالث‬
‫ن‬ ‫ر ُ‬ ‫ُ‬
‫عيب يف زوجته األوىل‪ ،‬أو لمشكلة حصلت‬
‫ٍ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫الناس‬ ‫ن‬ ‫يظ‬ ‫ما أن يعدد الرجل حن‬
‫ُ‬ ‫سببا نف أن ر ن‬
‫يتوج زوجها‬ ‫مع األوىل‪ ،‬فتصبح وكأنها نف موضع المتهم‪ ،‬أو نف موضع َمن كانت ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫عليها‪.‬‬
‫ن‬
‫وبعض النساء بالفعل تفقد الثقة يف نفسها بمجرد زواج زوجها؛ ألنها تظن أنها السبب‬
‫ن يف زواجه لتقصتها معه‪.‬‬
‫ن‬
‫وه قد ترى نظرات اللوم يف عيون اآلخرين‪ ،‬يلومونها أنه تزوج عليها‪ ،‬وهذا خطأ شديد‪،‬‬
‫ي‬
‫فالرجل قد يحتاج لزوجة ثانية دون أي تقصت من األوىل‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫لقد تجرأ العلمانيون علينا ووجدوا مدخًل للشبهة يف قلوب بعض النساء يف مسألة‬
‫ئ‬ ‫ا‬
‫الخاط للتعدد‪ ،‬والممارسات السيئة المرتبطة به من البعض‪.‬‬ ‫التعدد؛ نتيجة للفهم‬
‫حن ر‬ ‫ََ َ‬
‫ف الرجال عن الحالل ر‬
‫يستيحوا من نظرة المجتمع حال التعدد‪ ،‬فوقع‬ ‫ولألسف عز‬
‫ُ‬
‫بعضهم ن يف الحرام‪.‬‬

‫هللا لهم وقعوا ن يف المصائب‪.‬‬


‫فلما حرموا عىل أنفسهم ما أحل ُ‬

‫تسع لتصحيح هذه التصورات الفاسدة‬ ‫ي‬ ‫إذن ال بد أن تكون هناك ثقافة مجتمعية‬
‫ْ‬
‫والسلوكيات الخاطئة‪ ،‬وعىل الرجل أن ُيصلح من نفسه‪ ،‬وأن َيعرف أن الزواج ن‬
‫الثاب ليس‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫ظلما سيقع عليها لو تزوج‪ ،‬بل هو َمن سيتحمل‬ ‫ً‬
‫إشعارا لها بأن ً‬ ‫تهديدا للزوجة األوىل‪ ،‬أو‬
‫ه‪.‬‬‫مسؤولية مضاعفة ال ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫شء‪ ...‬حقها يف اإلحاطة والرعاية وشعور‬ ‫فحق الزوجة األوىل كما هو ال ينقص منه ي‬
‫األمان والنفقة يوفره لها كما هو‪.‬‬
‫ٌ‬
‫شهيد"‪)7٠2(.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويحافظ عليها ويدافع عنها بدمه‪" :‬ومن قاتل دون ِ‬
‫أهل ِه‪ ،‬فهو‬

‫شء من حقها ويرعاها ويحفظ ذريتها ويرعاهم‪:‬‬‫ن ر‬ ‫ُ‬


‫فال يقرص يف ي‬

‫) ‪ (702‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ (703‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪766‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬فالنساء أخذن عىل الرجال عهدا شديدا بالرعاية والحفظ‪:‬ﱡﭐﱛﱜﱝ‬
‫ﱞﱠ ﴿‪ ﴾21‬سورة النساء‪.‬‬

‫ﲲﱠ﴿‪ ﴾1٩‬سورة النساء‪.‬‬


‫ﲳ‬ ‫بعشتهن بالمعروف‪ :‬ﱡﭐﲱ‬
‫‪ ‬وأمر هللا ر‬

‫ُ ُ ا‬
‫ه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كما‬ ‫إليها‬ ‫يها‬ ‫وف‬ ‫• فحقوقها ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫والمعن أنفسهم‪ :‬حقوق الزوجة الثانية‪.‬‬ ‫• يضاف إىل كل ذلك بالقدر والقيمة‬
‫• فالرجل هو َمن سيتحمل المسؤولية مضاعفة‪.‬‬
‫لواحدة عىل حساب األخرى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• وال يجوز له أن يميل‬

‫‪ ‬قال ي‬
‫الننﷺ ‪:‬‬

‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ا‬ ‫مائل‪ :‬ر‬ ‫ُ‬ ‫جاء َ‬


‫صات؛ ِل َيكون هذا زيادة‬
‫مائًل بحيث يراه أهل العر ِ‬
‫يأب ِ‬
‫ي‬
‫ٌ‬ ‫ه‬
‫ِ‬
‫أحد ْ‬
‫شقي‬ ‫القيامة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يوم‬
‫عذيب‪.‬‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫الت‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫فالرجل ال بد أن يعرف كل هذا‪ ،‬ويعرف ما عليه‪ ،‬ولو لم يكن من أهل الوفاء بالحقوق‬
‫ُ‬
‫ﲌ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﱠ ﴿ ‪﴾٣‬‬ ‫ﲍ‬ ‫فليكتف بواحدة فهذا أصلح لدينه‪ :‬ﱡﭐﲈﲉﲊﲋ‬ ‫ِ‬
‫سورة النساء‪.‬‬

‫يف الجهة الثانية‪ :‬ال بد أن تعي املرأة أنَّ زواج الرجل ليس بسبب عَيبٍ فيها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫تشي ٌع ٌّ‬
‫إله‪ ،‬ووح ٌّ‬ ‫ْ‬
‫أن تع أن التعدد ر‬
‫إله‪ ،‬أحله هللا عز وجل‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وال بد‬
‫ً‬
‫ولتحذر أن تكره شيئا من رشع هللا‪ :‬ﱡﭐﲵﲶﲷﲸﲹﲺ ﲻﲼﱠ﴿‪﴾٩‬‬
‫سورة محمد‪.‬‬

‫من الممكن للمرأة أن ترفض زواج زوجها عليها بدافع الغتة والغريزة‪ ،‬لكن ال ترفض‬
‫َّ‬ ‫ر‬
‫إله أحله هللا‪.‬‬
‫التعدد كتشي ع ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫فدافع الغتة والغريزة هذا أمر ج ٌّ‬
‫رفض التعدد وكراهية ما أنزل هللا‬ ‫شء فيه‪ ،‬أما‬
‫بىل ال ي‬‫ِ ي‬
‫فهذا ُمحبط للعمل‪.‬‬

‫صحيح سنن النسائي‪ ،‬ح‪.3942 :‬‬ ‫(‪(704‬‬

‫‪767‬‬
‫‪‬والجواب لثالثة أسباب‪:‬‬

‫فأما األول‪ :‬فلثقافة املجتمع يف نظرته للزواج الثاني‪ ،‬كما فصلنا‪.‬‬

‫وحل هذه المشكلة بتغيت نظرة المجتمع للزواج ن‬


‫الثاب كما قلنا قبل قليل‪.‬‬
‫ي‬

‫وثاني األسباب التي تجعل املرأة ترفض التعدد هو‪ :‬حسابات بعض‬
‫النساء املادية‪ ،‬حيث تبخل املرأة بما عند زوجها من مال أن تشاركها‬
‫فيه غيرها‪ ،‬وهذا جهل؛ ألن الله هو الرزَّاق‪ ،‬وقد قسَّم سبحانه الرزق بين‬
‫عباده بحكمته‪ ،‬وقد يغتني مَن يُعدد‪ ،‬وقد يُفلس مَن لم يتزوج بعد‪.‬‬

‫ﭐﱡﭐﱴﱵﱶﱷﱠ ﴿‪ ﴾٥8‬سورة الذاريات‪.‬‬

‫والنن ﷺ حذر من هذه الحسابات المادية عند بعض النساء‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫ي‬

‫ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ َ نَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬


‫جهل‪.‬‬ ‫وجها وحدها هذا‬
‫ستأثر ِبخ ِت ز ِ‬
‫وجها أن يطلق رصتها ِلت ِ‬‫• فال تطلب المرأة ِمن ز ِ‬
‫• فاهلل هو مقدر األرزاق سبحانه‪.‬‬
‫ُ‬
‫المعن نفسه‪" :‬فإن لها ما قد َر لها"‪)7٠6(.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف الحديث اآلخر لتأكيد‬‫ي‬
‫ُ‬
‫فرزقها مقسوم مقدر قبل أن تولد‪ ،‬ولن يقل رزقها بزواج زوجها‪ :‬ﱡﭐﲘﲙﲚﲛ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫ﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﱠ سورة الذاريات‪.‬‬

‫)‪ (705‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...2140:‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1413:‬‬


‫(‪ (706‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.6601 :‬‬
‫‪768‬‬
‫أما ثالث األسباب التي تجعل الزوجة ترفض التعدد فهو‪ :‬قضية الغيرة‬
‫وهذا أمر فطري طبيعي جبلِّي‪ ،‬وهذه إحدى الفتن وإحدى البالءات‪،‬‬
‫فالشرع لن ينزل مفصالً ىلع أهوائِنا‪ ،‬وإال ما كان تكليفًا‪.‬‬
‫َ‬
‫يبتىل بأشياء قد تشق عىل النفس فقدر سبحانه الغتة عىل المرأة‪.‬‬
‫ي‬ ‫فاهلل ‪-‬عز وجل‪-‬‬

‫‪ ‬وقدَّر ىلع الرجل أشياء مثل‪ :‬صالة الجماعة‪ ،‬والقتال تحت ظل السيوف‪،‬‬
‫ش ٌء منها‪.‬‬ ‫ر‬
‫والنفقة‪ ،‬وأمور كثتة‪ ،‬وليس عىل المرأة ي‬
‫صتا عليه واستعانا باهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬فهو سبحانه‪:‬‬‫فما شق عىل الرجل أو المرأة نفسيهما َ‬

‫ﭐﭐ‬
‫ﱡﭐﱋﱌﱍﱎﱏﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الملك‪.‬‬

‫رن‬ ‫ن‬
‫بالفي والبالء‪.‬‬ ‫• فنحن يف دار تمحيص‬
‫ر‬
‫شء إال لحكمة‪.‬‬ ‫• وما قدر هللا من ي‬
‫• فقدر سبحانه زيادة غريزة الرجل نحو النساء‪ ،‬وهذه الغريزة الزائدة تجعل الرجل‬
‫ٌّ‬ ‫ويشف طيلة عمره ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫حن يظفر بامر ٍأة يسعد معها‪ ،‬وهو مستعد‬ ‫يحفر يف الصخر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬
‫يومه كله‪ ،‬وامرأته ن يف المقابل تنام هانئة مطمئنة‪ ،‬ال مشكلة لديه ن يف ذلك‪.‬‬ ‫أن ِيكد‬
‫فمن ِحكم الغريزة القوية أن‪ :‬الرجل يصت عىل كفاح العمر كل ِه بال كلل‪.‬‬ ‫• ِ‬
‫ه للغَيرة عند املرأة‪ :‬ر‬
‫حن تحافظ عىل بيتها‪ ،‬وتحافظ عىل‬ ‫❑ ومن حكم خلقِ الل ِ‬
‫زوجها من أن ُي رَ ن‬
‫في بالنساء‪.‬‬

‫‪769‬‬
‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لرجل‬
‫ٍ‬ ‫خلص‬ ‫ت‬ ‫بأن‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫للم‬ ‫النفسية‬ ‫فالطبيعة‬ ‫حادية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫‪‬والجواب‪ :‬لدى المرأة عاطفة‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫وحفظ األشة‪.‬‬ ‫واحد‪ ،‬وهذا أيضا له ِحكم كثتة‪ ،‬منها‪ :‬استقرار البيت‪ِ ،‬‬‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫وه تست‬
‫ي‬ ‫إال‬ ‫الكون‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ذرة‬ ‫توجد‬ ‫وال‬ ‫الكون‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ذرة‬ ‫كل‬ ‫بحكمته‬ ‫ر‬ ‫قد‬ ‫ي‬ ‫فاهلل ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫بعلم هللا وحكمته وتقديره وإرادته ومشيئته وقدرته‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫سواء‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وما رشع هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬التعدد إال للخت للرجل والمرأة عىل حد‬
‫وكم من المشاكل للرجل والمرأة يقوم بحلها التعدد الصحيح بنموذجه اإلسالم ر‬
‫النف‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫فهناك مشاكل مجتمعية رهيبة يقوم التعدد بحلها منها‪ :‬مشكلة العنوسة‪،‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫األخالف‪ ،‬وكثت‬
‫ي‬ ‫العاطف‪ ،‬ومشكلة التفسخ‬
‫ي‬ ‫ومشكلة الخيانات الزوجية‪ ،‬ومشكلة الجوع‬
‫ن‬
‫الرباب‪.‬‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫من المشاكل ُت َحل بهذا ر‬
‫التش‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫وكم من المجتمعات المسلمة عت الزمن عددت وما زالت تعدد بال أي مشاكل‪ ،‬وال أي‬
‫النفش إال بفساد النظرة‬
‫ي‬ ‫نفش عىل الزوجة األوىل‪ ،‬وما ظهرت المشاكل والضغط‬
‫ي‬ ‫ضغط‬
‫المجتمعية للتعدد‪.‬‬
‫فنحن نحتاج إلعادة النظرة الصحيحة‪ ،‬ونحتاج ليتعلم الرجال حقوق التعدد ر ن‬
‫والتاماته‪،‬‬
‫ونحتاج ليتعلم الناس ِحكم رشع هللا عز وجل‪.‬‬
‫َ‬
‫نعمل بما رشع‪.‬‬ ‫رص ر‬
‫بشع هللا‪ ،‬وأن‬ ‫ونحتاج قبل كل هذا ألن َن ن‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪770‬‬
‫علي على ابنته فاطمة؟‬
‫‪ -213‬لماذا لم يقبل النبي ﷺ بزواج ٍّ‬

‫ج‪ :‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬


‫وف‬
‫واحد‪ ،‬ي‬
‫ٍ‬ ‫رجل‬
‫أب جهل عند ٍ‬ ‫• فقد منع ﷺ عليا ِمن أن يجمع بي ابنته وبي ابنة ي‬
‫َّ‬
‫النه‪.‬‬‫ي‬ ‫ة‬ ‫عل‬ ‫بيت واحد‪ ،‬فهذه‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫رص هللا عنها‪ -‬حالة خاصة‪ ،‬وكذلك‬ ‫وه أن‪ :‬فاطمة ‪ -‬ي‬ ‫• وهنا أيضا قضية مهمة‪،‬‬
‫يً‬ ‫ن‬
‫رص هللا عنها‪ -‬أيضا حالة خاصة‪.‬‬ ‫خديجة ‪ -‬ي‬
‫• فاطمة امرأة كاملة‪.‬‬
‫أكمل النساء عىل اإلطالق‪)7٠8(.‬‬ ‫ُ‬ ‫رص هللا عنها‪-‬‬ ‫• فقد َثبت أن فاطمة ‪ -‬ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫رص هللا عنها‪.‬‬ ‫• فأنت أمام إنسان كامل‪ ...‬أنت أمام فاطمة ي‬
‫رص هللا عنها‪ -‬إنسانة كاملة‪ ...‬ك ُملت‪.‬‬ ‫ن‬
‫• كذلك خديجة ‪ -‬ي‬
‫ً‬ ‫رن‬
‫فه ظلت معه ‪ 24‬سنة‬ ‫النن ﷺ لم يتوج من النساء أحدا مع خديجة‪ ،‬ي‬
‫ُ‬ ‫• لذلك ي‬
‫ً‬ ‫رن‬
‫فه امرأة كاملة‪ ،‬تغنيه عن غتها‪ ،‬وفيها من‬ ‫وستة أشهر‪ ،‬ولم يتوج معها أحدا‪ ،‬ي‬
‫تغن عن غتها‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫التكة‪ ،‬وفيها من الحكمة‪ ،‬وحسن التبعل ما ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬
‫قال ي‬

‫ن‬ ‫نَ‬ ‫ُ َ‬
‫رص هللا عنهن‪.‬‬
‫نساء العالمي هؤالء األرب ع ‪ -‬ي‬
‫ِ‬ ‫حسبك ِمن‬ ‫•‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (707‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2449 :‬‬


‫( ‪ (708‬التنوير‪ ،‬شرح الجامع الصغير‪.‬‬
‫(‪ (709‬صحيح سنمن الترمذي‪ ،‬ح‪.3878:‬‬
‫‪771‬‬
‫‪ -214‬هل المرأة عورة في اإلسالم؟‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫رضة إللحاق ن‬
‫الرصر به‪ ،‬فيجب الحفاظ عليه‪.‬‬ ‫ش ٌء ع‬‫ج‪ :‬عورة ن ر‬
‫تعن‪ :‬ي‬
‫ي‬
‫ﲰﲲ‬
‫ﲱ‬ ‫قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯ‬ ‫ِ‬
‫وهذا ُ‬
‫مثل‬

‫ﲳﲴﲵﱠ ﴿‪ ﴾1٣‬سورة األحزاب‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫ََ‬
‫‪ُ ‬ب ُيوتنا َع ْو َرة‪ :‬نريد أن نذهب لحمايتها‪.‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫تعن‪ :‬أنها عرضة إللحاق األذى بها‪ ،‬وكون المرأة عورة فهذا تكليف للرجل‬ ‫‪ ‬إذن عورة ي‬
‫ن‬
‫بصي‪.‬‬ ‫بالحفاظ عليها وحمايتها من ر‬
‫المت‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬
‫شهيد"‪)71٠(.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫كلف نف اإلسالم بحماية المرأة‪َ " :‬‬
‫أهل ِه‪ ،‬فهو‬
‫ِ‬ ‫دون‬ ‫قاتل‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫ي‬ ‫فالرجل م‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬والمرأة األجنبية عن الرجل المسلم هو ُمكلف رشعا بأن يغض من برصه أمامها‪ :‬ﭐﱡﭐﱮ‬
‫ً‬

‫ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٣٠‬سورة النور‪.‬‬
‫َّ‬
‫وه ُمكلفة رش ًعا بالحجاب أمامه‪ :‬ﱡﲏﲐﲑﱠ ﴿‪ ﴾٣1‬سورة النور‪.‬‬
‫‪ ‬ي‬

‫• وب هذا يكون المجتمع َس ِو ًّيا‪.‬‬


‫ُ‬ ‫• وال ن ن‬
‫يتعج من هذه القواعد والضوابط إال دعاة اإللحاد ممن يريدون إشاعة الفاحشة‬
‫ن يف الذين آمنوا‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (710‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪772‬‬
‫ه ُم ا ْم َرأَ ًة"؟‬
‫‪ -215‬ما معنى قول النبيﷺ ‪" :‬لَ ْن ُي ْفلِ َح َق ْوم وَل ْوا أ ْم َر ُ‬
‫َ ْ ُْ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ج‪ :‬لما َبل َغ َ‬
‫قال‪ :‬لن يف ِلح ق ْو ٌم‬ ‫ت ِك ْ َ‬
‫شى‪،‬‬ ‫س قد َملكوا عليهم بن‬‫فار‬
‫ِ‬
‫أه َ‬
‫ل‬ ‫أن‬ ‫ﷺ‬ ‫اَّلل‬
‫ِ‬ ‫سول‬ ‫ر‬
‫َ َّ ْ ْ َ ُ ُ ْ ا‬
‫ام َرأة‪)711(.‬‬ ‫ولوا أمرهم‬

‫ا‬ ‫َّ‬
‫قلما تنجح نف إدارة أمور الناس‪ ،‬فه نف َ‬
‫الوالية العامة قليًل‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬والجواب‪ :‬المرأة بعاطفتها‬
‫شء‪.‬‬ ‫ُ ن ر‬ ‫ٌ‬
‫ما تنجح‪ ،‬وهذا أمر ال يعيبها يف ي‬
‫ُ‬
‫فعاطفتها ِ ُ‬
‫تأشها‪.‬‬ ‫•‬
‫• وقد خلقها هللا بهذه العاطفة الجياشة لتتحمل الولد‪ ،‬وتحنو عليه‪ ،‬وتصت عليه‪،‬‬
‫َ َّ‬
‫وه سعيدة راضية‪ ،‬فهذه رحمة من هللا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫كل‬ ‫وتسهر الليل‬
‫ر‬ ‫ُّ‬
‫• وهناك أسباب أخرى كثتة غت موضوع العاطفة‪ :‬فالتقلبات النفسية للمرأة ي‬
‫الن‬
‫ر‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫حقيف عىل‬
‫ي‬ ‫تأثت‬ ‫لها‬ ‫يكون‬ ‫النفسية‬ ‫التقلبات‬ ‫هذه‬ ‫ا‪،‬‬ ‫شهري‬ ‫ثابتة‬ ‫شبه‬ ‫ة‬‫بوتت‬ ‫ل‬ ‫تحص‬
‫اتخاذ القرار‪.‬‬
‫• وهذا أمر يقرره علماء النفس‪.‬‬

‫• وهناك أسباب أخرى كثتة‪.‬‬


‫ن‬ ‫ُ‬
‫• فلما كانت هذه األسباب‪ ،‬ولما كانت عاطفتها وحنوها يأش ِانها‪ ،‬كانت قلما تنجح يف‬
‫إدارة أمور الناس العامة‪ ،‬وقلما استطاعت أن تقدم الحزم عىل العاطفة‪ ،‬فهذا يشق‬
‫عليها لفطرتها‪.‬‬

‫( ‪ (711‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4425 :‬‬


‫‪773‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫• ولذلك لما َبل َغ َ‬
‫قال‪ :‬لن‬ ‫شى‬‫ت ِك ْ َ‬ ‫س قد َملكوا عليهم بن‬‫فار‬
‫ِ‬
‫أه َ‬
‫ل‬ ‫أن‬ ‫ﷺ‬ ‫اَّلل‬
‫ِ‬ ‫سول‬ ‫ر‬
‫ُ ْ َ َ ْ ٌ َّ ْ ْ َ ُ ُ ْ ا‬
‫ام َرأة‪)712(.‬‬ ‫يف ِلح قوم ولوا أمرهم‬
‫النن ﷺ حصل‪.‬‬ ‫• وسبحان هللا من عجيب اآليات أن ما أخت به ي‬
‫ْ َ‬
‫شى سنة واحدة‪ ،‬ولما كان عندها من العاطفة الزائدة ما عندها‪،‬‬ ‫ت ِك ْ َ‬ ‫• فقد َملكت بن‬
‫َوزعت أموال اإلمتاطورية الفارسية عىل الجند‪ ،‬وتوقفت عن جمع األموال من‬
‫ً‬
‫شيعا‪)71٣(.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫الن جمعها الملوك السابقون فانهار ملكها‬ ‫الشعب‪ ،‬وقسمت األموال ي‬
‫‪‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫لد شديد من المرأة‪ ،‬وقد ذكر القرآن ملكة‬
‫هذا قليل نادر‪ ،‬ويحتاج لج ٍ‬ ‫‪‬‬
‫قليل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫نادر؛ ولذلك‬ ‫فه ملكة قوية حازمة‪ ،‬لكن يف المجمل هذا‬ ‫سبأ كمثال عىل ذلك‪ ،‬ي‬
‫فأمريكا ن يف كل تاريخها لم تصل امرأة واحدة فيها للحكم‪.‬‬
‫ر‬
‫والتشي ع يتأسس عىل األعم األغلب‪ ،‬وليس عىل النادر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فالنادر ال حكم له‪،‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (712‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫)‪(713‬‬
‫‪She ordered a public tax exemption‬‬
‫‪Marie Louise Chaumont (1989). "Bōrān".‬‬
‫‪774‬‬
‫وهن} ﴿‪ ﴾34‬سورة النساء؟‬ ‫‪ -216‬ما تفسير قوله تعالى‪{ :‬و ْ‬
‫َاض ِربُ ُ‬

‫ج‪ :‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱗ‬


‫ﱖﱘ‬

‫ﱟ ﱡﱢ‬
‫ﱠ‬ ‫ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱝ ﱞ‬
‫ﱦﱨﱩﱪﱫﱬﱠ ﴿‪ ﴾٣4‬سورة النساء‪.‬‬
‫ﱧ‬ ‫ﱣﱤﱥ‬

‫ن‬
‫ن‬
‫يستحرص حاالت‬ ‫بأسلوب ماكر؛ إذ‬
‫ٍ‬ ‫ﱟ} يطرح الملحد شبهته‬
‫ﱠ‬ ‫‪ ‬يف قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫فيأب الملحد ويربط ن‬
‫بي هذه الحاالت‬ ‫لرجال يبطشون بنسائهم‪ ...‬رجال ظلمة َفسدة‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫الن فيها ُظلم َب ن‬
‫ي للمرأة وفساد ظاهر ن‬
‫وبي اآلية الكريمة‪.‬‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫فالمالحدة يتاجرون بظلم وفساد بعض األزواج‪.‬‬

‫ه ن يف حالة واحدة‪ ،‬ولها تطبيق واحد فقط‪.‬‬


‫ﱟ} ي‬
‫ﱠ‬ ‫‪ ‬فاآلية الكريمة‪{ :‬‬

‫وه الحالة الوحيدة‪ { :‬ﱗﱘﱙﱚ}‪.‬‬ ‫ن‬


‫ي‬ ‫‪،‬‬‫الناشز‬ ‫حالة‬ ‫‪ ‬اآلية ي‬
‫ف‬

‫ر‬
‫تعض زوجها‪ ،‬وال تطيعه‪ ،‬وتؤذيه بلسانها أو بيدها‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬والناشز هي‪ :‬ي‬
‫الن‬

‫ه الحالة الوحيدة‪.‬‬
‫وهذه ي‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬والجواب‪ :‬التطبيق الوحيد للتعامل مع هذه الحالة بعد النصيحة والهجر ن يف الفراش‪:‬‬
‫ﱡ ﱛﱜﱝﱞ ﱠ ر‬
‫يتبف بعد هذه األمور ليس اإليالم الجسدي‬
‫ا‬
‫ﱟ} هو‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫فضًل عن التعذيب أو هذه المفاسد‪ ،‬وإنما المقصود من قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫ً‬
‫إظهار حق الرجل بالطاعة‪ ،‬وإظهار أن له حقوقا عىل زوجته‪)714(.‬‬

‫ن‬
‫ﱟ} اإليالم الجسدي‪ ،‬وإنما إظهار حق‬ ‫ﱠ‬ ‫• إذن ليس المقصود يف قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫الرجل بالطاعة؛ ولذلك عامة مفشي السلف كابن عباس وعطاء يقولون‪:‬‬
‫ن‬
‫"الرصب بالسواك وشبهه"‪.‬‬

‫العقلية الليبرالية في رصف العقل ووصف النقل‪ ،‬عبد العزيز الطريفي حفظه هللا‪.‬‬ ‫(‪(714‬‬

‫‪775‬‬
‫‪ ‬قال ابن عباس‪ :‬بالسواك‬
‫ونحوه"‪)71٥(.‬‬
‫ِ ا‬ ‫ن‬
‫الصن فضًل عن غته‪ ،‬فليس المقصود‪ :‬اإليالم الجسدي‪ ،‬وإنما‬
‫ي‬ ‫فالرصب بالسواك ال يؤلم‬
‫المقصود هو فقط كما قلنا‪ :‬إظهار حق الرجل بالطاعة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ﱦ‬
‫ﱧ‬ ‫وصلح حالها‪ :‬ﱡﭐﱡﱢﱣﱤﱥ‬ ‫فإذا عادت المرأة عن نشوزها‬

‫ﱨﱩﱪﱫﱬﱠ‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫َ ٌّ‬
‫‪ ‬هللا ع يىل كبت‪ ،‬فإياك أن تظلمها‪ ،‬ي‬
‫وف هذا تحذير للزوج لئال يستخدم قوته مع المرأة‬
‫أو يؤذيها‪.‬‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫ن‬
‫ومن يلجأ لرصب زوجته فهو ليس من خيار‬
‫النن ﷺ ‪:‬‬ ‫‪ ‬قال ي‬

‫َ ُ‬ ‫ُ َ ْ َ نْ‬
‫ساءهم‪.‬‬ ‫رصبون ِن‬‫ِ‬ ‫• فخياركم من ال ي‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ساء بالحس نن‪ ،‬والص ِت عليهن‪.‬‬
‫لة الن ِ‬
‫فضيلة معام ِ‬
‫ِ‬ ‫وف هذا بيان‬
‫ي‬ ‫•‬
‫ن‬
‫‪ ‬ولذلك كما يف حديث مسلم‪:‬‬
‫ﷺ‬
‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫ن‬
‫بالحسن والنصيحة قدر استطاعته‪:‬‬ ‫ْ‬
‫وليتعامل مع أذاها‬ ‫فليصت الرجل عىل زوجته‪،‬‬
‫ِ‬
‫ﲲ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة النساء‪.‬‬‫ﲳ‬ ‫ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﲱ‬
‫ن‬ ‫َّ‬
‫فإن ظلت عىل نشوزها بعد النصيحة والموعظة والصت يهجرها يف الفراش‪ ،‬فإن أرصت‬
‫َ نْ ُ ُ‬ ‫ر‬ ‫ا‬
‫ارصبوهن} والمقصود ليس اإليالم‬ ‫تأب المرحلة الثالثة‪{ :‬و ِ‬
‫عىل النشوز والتعدي عليه‪ ،‬ي‬
‫فرصب السواك ال يؤلم الطفل‪ ،‬وإنما المقصود كما قلنا إثبات حق ِه ن يف الطاعة‪.‬‬
‫الجسدي‪ ،‬ن‬

‫(‪ (715‬تفسير القرطبي‪.‬‬


‫(‪ (716‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.2146 :‬‬
‫)‪ (717‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2328 :‬‬
‫(‪ (718‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ (719‬مسند أحمد‪ ،‬م‪ 2‬ص‪ ،472‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪776‬‬
‫‪ -217‬لماذا شهادة المرأة على النصف من الرجل؟‬

‫ج‪ :‬ألن طبيعة المرأة أنها بعيدة عن أحوال التجارة‪ ،‬وأسعار السوق‪ ،‬وأحوال عقود البيع‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫والشاء والبضائع‪ ،‬فال تذكر هذه التفاصيل‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فالمرأة ن يف الغالب بعيدة عن هذه األمور‪.‬‬
‫ر ُ‬ ‫ْ‬
‫حن تذكرها إذا نسيت‪ :‬ﭐ ﭐ‬ ‫فمن رحمة اإلسالم بها أن انضمت لها شهادة امرأة أخرى‬

‫ﱡﭐ ‪ ..‬ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬
‫ﲍ‪ ..‬ﱠ ﴿‪ ﴾282‬سورة البقرة‪.‬‬
‫ﲎ‬ ‫ﲋﲌ‬

‫❑‬

‫‪ ‬وهنا قد يقول ملحد‪ :‬مشكلة النسيان موجودة عند َمن ال يحضر التجارات‬
‫كرجال البادية‪ ،‬فهل تُقبل شهادة البدوي‪ ،‬وتبقى المرأة على النصف من شهادته؟‬

‫النن ﷺ ن يف الحديث الصحيح‪:‬‬


‫‪ ‬والجواب‪ :‬قال ي‬

‫ُ‬
‫ه ال يعتد بها‬
‫شهادة البدوي ليست ِضعف شهادة المرأة‪ ،‬وال مثل شهادة المرأة‪ ،‬بل ي‬ ‫ف‬
‫ا‬
‫أصًل‪.‬‬
‫ن‬
‫فالمرأة يف القرى والمدن قد تشهد العقود؛ فلذلك شهادتها عىل النصف من شهادة‬
‫ا‬
‫الرجل‪ ،‬بينما البدوي ال يشهد العقود أصًل فليست له شهادة‪.‬‬
‫ا‬
‫رجًل وامر اأة‪ ،‬وإنما الموضوع عدل ر‬
‫وتشي ع‪.‬‬ ‫فالموضوع ليس‬

‫إله ال يخضع إلرضاء األهواء والمذاقات الغربية عىل حساب طبيعة وفطرة‬ ‫ر‬
‫فهذا تشي ع ي‬
‫وظروف حياتهم‪.‬‬ ‫ر‬
‫البش‬
‫ِ‬
‫فطبيعة المرأة أنها تنشغل ر‬
‫أكت باألمور الخاصة بالنساء‪ ،‬كمسائل الرضاع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وهنا ن يف هذه المسائل كمثال تقبل شهادة المرأة وت َرد شهادة الرجل‪.‬‬

‫صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬ح‪.2367:‬‬ ‫(‪(720‬‬

‫‪777‬‬
‫ن‬
‫يحرص هذه األمور‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫فشهادة الرجل يف الرضاع ال يعتد بها؛ ألنه ال‬
‫ا‬
‫إرضاء للفلسفة النسوية‪.‬‬ ‫إذن فالموضوع ن‬
‫متان عدل وقسط‪ ،‬وليس‬

‫يعًط النساء‬ ‫البش ر‬


‫حن يقال أنه‬ ‫الغرب يتقبل ما هو ضد الفطرة‪ ،‬وضد طبيعة ر‬
‫ي‬
‫حقوقهن‪ ،‬فأهلك النساء وأهلك ر‬
‫البش‪.‬‬
‫يأت إلرضاء األهواء عىل حساب الحق‪ :‬ﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ‬
‫أما الدين فلم ِ‬
‫ﱽﱾﱿ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾1٠٩‬سورة يونس‪.‬‬

‫بالمبطلي‪ :‬ﱡﭐ‪ ..‬ﳕﳖﳗ‬


‫ن‬ ‫اإلله‪ ،‬وال تنشغل‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫‪ ‬فأنت أيها اإلنسان! ات ِبع‬

‫ﳘﳙﱠ﴿‪ ﴾6٠‬سورة الروم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪778‬‬
‫‪ -218‬هل ميراث المرأة على النصف من ميراث الرجل؟‬

‫ﲋﱠ﴿‪ ﴾11‬سورة النساء‪.‬‬


‫ﲌ‬ ‫ج‪ :‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲈﲉﲊ‬
‫ن‬
‫الرجل يف اإلسالم هو المسؤول عن كل النفقات‪ ،‬وهو مسؤول عن المهر‪ ،‬ومسؤول عن‬
‫ش ٌء من ذلك‪.‬‬‫ر‬
‫النفقة عىل المرأة واألوالد‪ ،‬ومسؤول عن كسوتهم‪ ،‬والمرأة ليس عليها ي‬
‫ن‬
‫ﲋ} هو يتجاهل نظام األموال يف اإلسالم‪،‬‬ ‫ﲌ‬ ‫فمن يطرح شبهة‪ { :‬ﲈﲉﲊ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫فنظام األموال نف اإلسالم ٌ‬
‫فف اإلسالم‪( :‬ﲈﲉ‬ ‫ي‬
‫واحدة‪ ،‬ن‬ ‫حالة‬ ‫ٌ‬
‫متكامل وليس‬ ‫بناء‬ ‫ي‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫أوالدها‪ ،‬والذي يلزم بذلك هو‬
‫ِ‬ ‫ﲋ) وفيه أيضا ال تلزم المرأة بنفقة نفسها وال‬
‫ﲌ‬ ‫ﲊ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫سواء األب أو الزوج‪ ،‬وهو من ينفق عليها‪ ،‬وال تدفع المرأة شيئا من مهرها ولو‬ ‫وليها؛‬
‫تنقلت ن‬
‫بي األزواج‪.‬‬
‫ُ‬
‫إذن فالمرأة ال تلزم بأية نفقة ن يف أي وقت‪ ،‬بل ُي َلزم الرجل ن يف كل وقت بالنفقة عليها‪.‬‬
‫ن‬ ‫لذلك ر‬
‫نزيه‬
‫متكامل هو أمر غت ٍ‬
‫ٍ‬ ‫بناء‬
‫واحدة يف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫حالة‬
‫ٍ‬ ‫كت َمن يطرحون الشبهات عىل‬‫فت ن‬
‫ً‬
‫ﲋ ) عن البناء‬
‫ﲌ‬ ‫إطالقا؛ ألننا إذا أخرجنا هذه الحالة الواحدة‪( :‬ﲈﲉﲊ‬
‫ن‬
‫الماىل يف اإلسالم) الستغرب الناس‪ ،‬أما لو نظرنا لهذه الحالة داخل البناء‬
‫ي‬ ‫(النظام‬
‫ُ َّ‬
‫لوجدناها ُمنته العدل مع المرأة وزيادة؛ ألنها غت مكلفة بنفقة عىل أي أحد بعكس‬
‫الرجل‪.‬‬
‫ن‬ ‫ومن ر‬ ‫َ‬
‫الماىل يف مجمله‪ ،‬هو بهذا‬
‫ي‬ ‫واحدة‪ ،‬ويرفض النظر للبناء‬ ‫ٍ‬ ‫حالة‬
‫ٍ‬ ‫ينش الشبهات بإخراج‬
‫فناش الشبهات‬‫ر‬ ‫ثبت تجاعيد الوجه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وجه حسن لي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األسلوب كالذي يستل شامة من‬
‫يعمل عىل تكبت هذه الشامة وجعلها كالليل العريض‪ ،‬ثم يقوم بتضخيم األبواق عليها‬
‫حن يستقر نف األذهان قبح الوجه‪)721(.‬‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫وف كد الرجل وسعيه طيلة عمره من‬ ‫ي‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫الرجل‬ ‫به‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫لو نظر الملحد فيما‬
‫مخًط يف طرحه للشبهة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ن‬
‫لتبي أنه‬ ‫أجل طلب الرزق للمرأة‪،‬‬

‫( ‪ (721‬العقلية الليبرالية في رصف العقل ووصف النقل‪ ،‬عبد العزيز الطريفي حفظه هللا‪.‬‬
‫‪779‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬والجواب‪ :‬هنا سبحان هللا! نجد أن متاث األم نف ر‬


‫التكة مثل متاث األب‪ ،‬فليس‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫األ ن‬
‫نثيي‪ ،‬كال!‬ ‫ن‬
‫للذكر يف هذه الحالة مثل حظ‬
‫ُ‬
‫بل يكون ن يف هذه الحالة متاث األم هو نفس متاث األب‪.‬‬
‫فف اآلية نفسها‪:‬ﭐﱡﭐﲜﲝ‬
‫ي‬
‫الن ظن الملحد أن فيها شبهة‪ ،‬ن‬ ‫ر‬
‫وهذا الكالم من اآلية نفسها ي‬
‫ﲞﲟﲠﲡﲢﲣﱠ ﴿‪ ﴾11‬سورة النساء‪.‬‬

‫لألب السدس‪ ،‬ولألم السدس‪.‬‬


‫ر ا‬ ‫ن‬ ‫وهناك حاالت كثتة يكون فيها الذكر مثل ر‬
‫مباشة‪:‬‬ ‫األنن كما يف اآلية التالية‬
‫ﲇ‬
‫ﲈ‬ ‫ﱡ ﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ‬
‫ﱠ ﴿‪ ﴾12‬سورة النساء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬فاألخ الذي ترك أخا وأختا‪ :‬يكون ألخيه السدس وألخته السدس‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫فهنا ر َ‬
‫لألنن من متاث يف هذه الحاالت‪ ،‬ألنه يف السن الكبتة تزداد‬ ‫شع هللا للرجل مثل ما‬
‫متطلبات المرأة فتجد متاثها أعىل‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫ه فقط يف جيل‬ ‫ي‬ ‫وإنما‬ ‫الحاالت‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ﲋ) ليست‬
‫ﲌ‬ ‫إذن قاعدة‪( :‬ﲈﲉﲊ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫األبناء؛ ألن جيل األبناء ر ن‬
‫وتجهت‬ ‫يلتم فيه االبن بنفقات كثتة‪ ،‬وهو الملزم بالصداق‪،‬‬
‫َّ ُ‬
‫شء‪ ،‬أما البنت فمتطلباتها أقل‪ ،‬ووليها ُم َلزم بالنفقة عليها‪.‬‬
‫ي‬
‫العرس وكل ر‬‫الشقة‪ ،‬وتكاليف ُ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫لو تدب ْرنا رشيعتنا يف ضبط وتنظيم كل تفاصيل الحياة‪ ،‬وأعملناها عىل وجهها؛ لسدنا‬
‫فه كلها خت وحكمة من لدن حكيم خبت‪ :‬ﭐﱡﭐﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠ‬ ‫األرض‪ ،‬ي‬
‫﴿‪ ﴾14‬سورة الملك‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪780‬‬
‫والكلب والحما ُر الصالة؟‬
‫ُ‬ ‫‪ -219‬لماذا تقطع المرأ ُة‬

‫ج‪ :‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫فهنا سؤال قد ُيطرح‪ :‬كيف يتم الجمع ن‬


‫بي المرأة والكلب والحمار؟‬
‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫مكتوب عليها‪ :‬ممنوع عبور األطفال والحيوانات‪.‬‬ ‫والجواب‪ :‬لو وجدت الفتة عىل الطريق‬

‫• فالمرأة تقطع الصالة؛ ألنها تشغلك‪ ،‬حيث إن القلب ينشغل بها لو مرت أمامك‪،‬‬
‫وهذه الحيوانات تقطع الصالة؛ ألنها غت‬
‫ُ‬
‫فه تزعجك وتروعك‪.‬‬ ‫طاهرة ومؤذية‪ ،‬ي‬
‫• فتنقص الصالة النشغال القلب بهذه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األمور؛ لذلك يتخذ المسلم ُس رتة لئال ي ُمر‬
‫َ ْ‬ ‫‪َ :‬‬
‫(وي ر‬
‫ف ذلك ِمث ُل‬ ‫يِ‬ ‫المصىل ما يشغله‬
‫ي‬ ‫أمام‬
‫ْ‬
‫ُمؤ ِخ َر ِة الر ْح ِل)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫( ‪ (722‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.511 :‬‬


‫‪781‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬النسوية‬

‫‪ -220‬ما هي النسوية ‪ Feminism‬وهل تُصا ِدم الشرع؟‬


‫ٌ‬
‫ج‪ :‬النسوية ي‬
‫ه فلسفة؛ لتثوير المرأة عىل الرجل‪ ،‬وقد اكتوى بهذه الفلسفة النساء قبل‬
‫الرجال‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫وه نسوية أمريكية ُمتعصبة‬
‫إيىم ماستين ‪ Amy Mastrine‬ي‬
‫خرجت ي‬
‫ن‬
‫الماص‬
‫ي‬ ‫وف العام‬
‫ي‬
‫ر ا‬
‫معتفة‪:‬‬ ‫خرجت لتقول‬

‫"نظام سيادة الرجل على المجتمع يحمي المرأة أكثر من نظام النسوية"‪.‬‬

‫ا‬ ‫ر‬ ‫ُ‬


‫ماستين أنها كانت نسوية متعصبة وداعية لتحطيم منظومة سيادة الرجل‬ ‫• وتقرر‬
‫ا‬
‫عىل المجتمع‪ ،‬ونتيجة لتعصبها للنسوية تركت مدينتها الصغتة‪ ،‬وذهبت إىل سان‬
‫فرانسيسكو حيث عاصمة النسوية‪.‬‬

‫‪782‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫ماستين المفارقة العجيبة‪:‬‬ ‫‪ ‬وهناك يف سان فرانسيسكو تكتشف‬

‫‪ ‬تقول‪:‬‬

‫الجريمة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫• وبالمناسبة سان فرانسيسكو ي‬
‫ه‪ :‬عاصمة‬

‫ائم ن يف كل مكان‪ ،‬وكل إنسان يدافع عن نفسه بقوته العضلية‪.‬‬


‫• نف سان فرانسيسكو جر ُ‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ماستين‪:‬‬ ‫‪ ‬ر‬
‫وتعتف‬

‫‪783‬‬
‫ماستين ن يف نظام سيادة الرجل ذاك النظام الذي أرادت أن تحطمه‪:‬‬
‫ر‬ ‫‪ ‬تقول‬

‫نظام سيادة الرجل يعني‪ :‬حماية المرأة والطفل‪.‬‬

‫‪‬ثم تختم كالمها فتقول‪:‬‬

‫ر‬
‫ماستين أن تسافر ثالثة آالف ميل؛ لتكتشف أن نظام سيادة الرجل‬ ‫• احتاجت‬
‫ُ‬
‫أفضل لها من النسوية‪.‬‬

‫‪784‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫شيعا‪ ،‬وعادت للشعور باألمان يف ظل نظام سيادة الرجل‬ ‫ماستين لبلدتها‬ ‫• عادت‬
‫يحىم المرأة ويحرص عليها‪.‬‬
‫ي‬ ‫الذي‬
‫طيبي ً‬
‫ن‬ ‫ا ن‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫دائما من حولنا‪.‬‬ ‫النوم مطمئنة يف وجود رجال‬ ‫ماستين اآلن‬ ‫• وبإمكان‬

‫❑ مشكلة النسوية أنها فلسفة مليئة باإلشكاالت والكوارث‪ ،‬وال ي‬


‫يع هذه الكوارث إال‬
‫ً‬
‫َمن اكتوى بنارها‪ ،‬ثم صار صادقا مع نفسه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫نن‬


‫بمنارصة‬ ‫ه أيديولوجيا كاملة‪ ،‬وال عالقة لها‬‫ي‬ ‫النسوية‬ ‫أو‬ ‫‪Feminism‬‬ ‫م‬‫فالفيميت‬ ‫❑‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫تصورا كامًل للوجود من منظور ِنسوي‪.‬‬ ‫تعًط‬
‫ي‬ ‫فه أيديولوجيا‬
‫حقوق المرأة‪ ،‬ي‬
‫ر ن‬
‫تأب يف آخر الكلمة‬ ‫❑ وكلمة الفيمينزم ‪ :Feminism‬هذه الالحقة "‪ "ism‬ي‬
‫ه الحقة ي‬
‫ن‬
‫لتعن‪" :‬أيديولوجيا"‪.‬‬
‫ي‬
‫َ ْ‬
‫ه‪.‬‬
‫ي‬ ‫نظرتها‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪ ‬فالنسوية تريد رؤية شمولية للعالم‪ ،‬بل ي‬
‫ه إعادة رؤية العالم و‬

‫‪ ‬لذلك ي‬
‫فه أيديولوجية متكاملة كالشيوعية والنازية والداروينية‪ ،‬إنها تريد إعادة رسم‬
‫شء‬‫ر‬
‫العالم‪ ،‬ورسم االقتصاد‪ ،‬ورسم السياسة‪ ،‬ورسم التعليم‪ ،‬ورسم الثقافة‪ ،‬ورسم كل ي‬
‫ًْ‬
‫َوفقا لأليديولوجيا الخاصة بها!‬

‫شء‪.‬‬ ‫‪ ‬إنها تريد مركزية النسوية نف قراءة كل ر‬


‫ي‬ ‫ي‬

‫إذن أُولى الحقائق التي ال بد أن نعرفها عن النسوية‪ ،‬أنَّ النسوية‬


‫هي‪ :‬أيديولوجيا مكتملة األركان‪.‬‬

‫‪785‬‬
‫أما الحقيقة الثانية يف النسوية‪ ،‬فهي أنَّها‪ :‬ال تعني االنتصار‬
‫ملفهوم األنوثة‪ .‬بل يف الواقع أن النسوية ال عَالقة لها باألنوثة‪.‬‬

‫إن النسوية ىلع العكس تمامًا من األنوثة‪.‬‬

‫فحتى تُحقق النسوية أيديولوجيَّتها املستقلَّة‪ :‬جعلت ما يحققه‬


‫الرجل هو مرادُها‪.‬‬

‫ه تحقيق لمفهوم‬
‫يظن الناس أن النسوية ي‬ ‫‪‬‬
‫األنوثة‪ ،‬لكنها ن يف الواقع تجعل معيار النجاح هو تحقيق ما ُيحققه الرجل‪.‬‬

‫فأصل النسوية وأصل الفيمينزم يقوم على اإلعجاب بالذكورة واحتقار‬


‫األنوثة‪.‬‬

‫غاية الفيمينزم‪ :‬تحقيق ما حقق الرجل‪.‬‬


‫فالفيميتم ليست منارص اة لحقوق المرأة‪ ،‬بل ه‪ْ :‬‬
‫كبت للمرأة‪ ،‬وإخفاء لمعالم المرأة‪،‬‬ ‫نن‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫القيم الذكورية‪.‬‬ ‫ر‬
‫واعتاف بعلو ِ‬
‫نن ن‬
‫الفيميتم يف حقيقته مجرد تيار يدعو‬ ‫• فهذه من أعجب المفارقات أن يكون تيار‬
‫إللغاء المرأة لصالح الرجل‪ ،‬ولصالح القيم الذكورية‪ ،‬والنجاحات الذكورية‪،‬‬
‫واالنتصارات الذكورية‪.‬‬
‫وحن ينصلح هذا‬ ‫ر‬ ‫نن‬
‫الفيميتم استق َّر في وعيه أن المرأة كائن ضعيف‪،‬‬ ‫• وكأن تيار‬
‫ا‬
‫الكائن الضعيف ال بد أن يكون رجًل‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فال بد أن تتقمص النسوية الشخصية الذكورية‪ ،‬وأن تحقق النجاح الذكوري‪.‬‬
‫ن‬ ‫ًّ‬
‫ه تيار يدعو ظاهريا للهجوم عىل الرجل‪ ،‬وكراهية الرجل‪ ،‬لكنها يف الواقع‬ ‫• فالنسوية ي‬
‫حقق الرجل‪.‬‬‫كل ما َّ‬
‫نش ُد َّ‬‫تَ ُ‬
‫• النسوية تريد أن تمحو كل خصائص المرأة‪ ،‬وأن تمحو كل ما ن‬
‫يمت المرأة‪ ،‬وأن تمحو‬
‫طبيعة المرأة‪ ،‬وأن تمسخ ِخلقة المرأة‪ ،‬وأن تمسخ فطرة المرأة‪ ،‬وأن تمسخ نفسية‬
‫ا‬
‫رجًل بجسد ر‬
‫أنن!‬ ‫حن تصبح المرأة ن يف األخت‪:‬‬
‫المرأة‪ ،‬ر‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫• َ‬
‫باألنن‪ ،‬وتكفر بما استقر يف‬ ‫فمن تدبر حال النسوية سيجد أنها تدعو المرأة لتكفر‬
‫فطرتها ر‬
‫كأنن!‬
‫‪786‬‬
‫ا‬
‫• ي‬
‫فه تدعو المرأة لتصبح رجًل بطموحات الرجل‪ ،‬وأمنيات الرجل‪ ،‬وقيم الرجل‪،‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفيميتم‪.‬‬ ‫وهذه قمة‬

‫ن من املرأة أن تعيش بقلبٍ ذكوري‪ ،‬وبطموحاتٍ‬


‫النسويات يُرِد َ‬
‫ذكورية‪.‬‬

‫حن بطبيعة الجسد الذكورية‪،‬‬ ‫بل ووصل األمر ببعضهن أنهن ُيردن من المرأة أن تعيش ر‬
‫فبعضهن ترفض وضع المكياج والتجمل‪ ،‬وبعضهن وصل بهن الحال إىل رفض إزالة الشعر‬
‫ورصن يدعون لذلك‪.‬‬‫من الجسد ِ‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫طبيع لألنوثة!‬
‫ي‬ ‫غريبا‪ ،‬فعندهن احتقار غت‬ ‫الفيمنتم تضخ ًما‬
‫ن‬ ‫َّ‬
‫ضخمة يف‬ ‫فالذكورية مُ‬
‫ر‬
‫األنن‪ ،‬وأن الذكر‬ ‫أن‪ :‬الذكر أقوى من‬ ‫‪‬وتقوم فلسفة النسوية على مقدمة َّ‬
‫وبالتاىل فحقوق الرجل‪ ،‬وعمل الرجل‪،‬‬ ‫ر‬
‫األنن‪،‬‬ ‫ر‬
‫األنن‪ ،‬وأن الذكر أفضل من‬ ‫ن‬
‫متمت عن‬
‫ي‬
‫نن‬
‫الفيميتم‪.‬‬ ‫ه المعيار الذي تريد أن تصل إليه‬
‫وطريقة تفكت الرجل‪ ،‬وميادين عمل الرجل ي‬
‫نن‬
‫فالفيميتم تجعل الرجل هو السوبر مان‪ ،‬والغاية أن تصت مثله!‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الفيميتم هو‪ :‬النموذج المذهل‪.‬‬ ‫• إن الرجل يف‬
‫تقتب فيه من الرجل‪ ،‬ويكون بإلغاء المرأة‬ ‫الفيميتم يكون بالقدر الذي ر‬
‫نن‬ ‫• فانتصار‬
‫لصالح الرجل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫انتصارا لها‪ ...‬هذا تدمت لغريزة المرأة وطبيعة‬ ‫• وهذا يف الحقيقة‪ :‬مسخ للمرأة‪ ،‬وليس‬
‫المرأة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫• وهذا التصور يف الواقع يؤدي إىل قهر المرأة‪ ،‬ويدفعها لتتدي ثوبا غت ِ‬
‫ثوب ها‪.‬‬
‫• والنهاية تدمير نفسيتها‪.‬‬

‫‪787‬‬
‫ً‬
‫بائسة‪ ،‬كما تقول سوزان فنكر ‪،Suzanne Venker‬‬ ‫فالنسوية تجعل المرأة‬
‫فهي تجعل الفتاة في النهاية تكره نفسها وتكره كونها أنثى‪.‬‬
‫ن‬
‫وكلما تعمقت الفتاة يف النسوية استشعرت الدونية‪ ،‬واحتقرت جسدها‪ ،‬واحتقرت‬
‫نفسها‪.‬‬

‫َ‬
‫صىل إىل ما‬
‫ي‬ ‫ت‬ ‫تقدمك هو أن‬
‫ِ‬ ‫انتصارك‪ ،‬ومعيار‬
‫ِ‬ ‫نجاحك‪ ،‬ومعيار‬
‫ِ‬ ‫• فعندما يكون معيار‬
‫ًّ‬
‫ضمنيا التمييز ضد األنثى‪،‬‬ ‫ن‬
‫تمارسي‬ ‫يعن أنك‬ ‫وصل إليه الرجل‪ ،‬فإن هذا ن‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫واحتقار ر‬
‫األنن‪ ،‬وكأنك تقررين دونية األنثى‪.‬‬
‫• لذلك فالنسوية تؤدي لتدمير نفسية المرأة‪ ،‬وتشويه نفسية من يعتنقها‬
‫مع الوقت‪.‬‬

‫‪ ‬إذن الحقيقة الثانية في النسوية أنها‪ :‬تمييز ضد األنثى‪.‬‬

‫أما الحقيقة الثالثة يف النسوية فهي أنَّها‪ :‬تُرسخ يف أذهان النساء‬


‫كل شيءٍ ذكوريًّا‪.‬‬
‫أنَّ الذكور يتآمرون عليهنَّ عبر التاريخ‪ ،‬حتى يكونَ ُّ‬

‫‪ ‬فالرجال يتآمرون عىل ر‬


‫األنن‪.‬‬

‫‪788‬‬
‫وكل‬
‫َّ‬ ‫وأن الناس من حول الفتاة أباها وأخاها‬ ‫َّ‬ ‫وهذه الفكرة فكرة التآمر‪،‬‬
‫ِ‬
‫رجل من حولها يتآمر عليها‪ ،‬هذه الفكرة في األصل هي‪ :‬اضطراب عقلي‬
‫ُسم ِى البارانويا ‪ Paranoia‬أو ُّ‬
‫الذهان أو جنون االرتياب‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫النفش‪ ،‬فهو نمط تفكت يشعر فيه المريض بأن‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬وهذا مرض معروف يف الطب‬
‫المحيطي به يتآمرون عليه‪ ،‬ويقوم المريض بتحليل كل ترصف من ترصفاتهم ا‬
‫بناء عىل‬ ‫ن‬
‫هذا النمط التفكتي‪.‬‬
‫ر َ‬
‫حن تسود ِقيمه الذكورية‪.‬‬ ‫• فالرجل يفعل كذا وكذا‬
‫حن يفرض سيطرته‪.‬‬ ‫يحبن ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫يقنعن أنه‬ ‫• والرجل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ه أحد األمراض النفسية الشهتة‪.‬‬ ‫• وهذه الفكرة التآمرية ي‬
‫ًّ‬
‫نفسيا بمرض البارانويا‪.‬‬ ‫• فالنسوية تريد من كل الفتيات أن تصبحن مريضات‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المحيطي بها تماما‪ ،‬والنسوية تنعت‬ ‫األنن أن تفقد الثقة يف‬ ‫• فالنسوية تطلب من‬
‫ه‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫ه يف كل الحاالت ودائما ي‬ ‫الرجل ب ‪ :‬الكاذب والخائن والغادر‪ ،‬بينما المرأة ي‬
‫الصادقة والتيئة والمضطهدة‪.‬‬
‫حن تتكون حالة التمرد لدى الفتاة‪ ،‬فتثور عىل‬ ‫• إن النسوية تستخدم هذا األسلوب ر‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬ ‫نن‬
‫وىل أمرها‪ ،‬ثم تتمرد عىل أشتها‪ ،‬ثم تثور عىل كل ي‬ ‫الرجل‪ ،‬ثم تتع طاعة ي‬
‫كل‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬واآلن دعونا نستعرض أعراض مرض البارانويا‪ ،‬وسوف تجد‬
‫نسوية أن كل هذه األعراض تعاني منها‪:‬‬

‫‪ ‬أعراض البارانويا‪:‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫المحيطي بها يتآمرون عليها؛‬ ‫فه تستشعر أن‬ ‫‪ -1‬االرتياب والشك من أفعال المحيطي‪ :‬ي‬
‫لتسود قيمهم هم‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم الوثوق باآلخرين‪.‬‬
‫‪ -٣‬تتحول مع الوقت إىل شخصية عدائية‪.‬‬
‫‪ -4‬سهولة الشعور باإلهانة‪ :‬فه تتحسس ً‬
‫دائما ألية كلمة تصدر من الرجل‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ -٥‬تعتقد ً‬
‫دائما أنها عىل صواب‪.‬‬
‫‪ -6‬ال تقبل المسامحة‪ِ :‬صدامية‪.‬‬
‫معان خفية وراء الترصفات العادية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ -7‬تعتقد بوجود‬
‫ن‬
‫المحيطي بها‪.‬‬ ‫‪ -8‬العزلة عن‬

‫النفش الحديث‪.‬‬ ‫ن‬


‫ي‬ ‫هذه أعراض البارانويا يف الطب‬

‫‪789‬‬
‫‪ ‬فهل يوجد َع َر ٌض واح ٌد من هذه األعراض ليس عند النسويات؟‬

‫ًّ‬ ‫‪ ‬فالنسوية ُتولد شخصيات ذهانية‪ ،‬حيث تعيش ً‬


‫عالما تآمريا‪ ،‬فتنخرط الفتاة المتأثرة‬
‫بالخطاب النسوي مع الوقت ن يف العزلة التامة‪ ،‬والعدائية الشديدة للرجل‪.‬‬

‫‪ ‬إذن الحقيقة الثالثة في النسوية أنها‪:‬‬

‫الحقيقة الرابعة يف النسوية أن‪ :‬النسوية ليست ملجرد تحقيق‬


‫مكاسب املرأة‪ ،‬وإنما الهدف املباشر منها هو توسيع رقعة الخالف‬
‫بينها وبين الرجل‪ ،‬ثم يف مرحلة تالية إقصاء الرجل تمامًا من الساحة‪.‬‬

‫‪790‬‬
‫ه فلسفة إقصائية تُثير فئةً من الناس ضد فئةٍ أخرى؛ لتحل‬
‫فالنسوية ي‬
‫محلها ال أكثر‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫• وهذه عادة الفلسفات الشمولية واأليديولوجيات ي‬
‫الن نشأت يف ِمظلة العلمانية‪،‬‬
‫أنها فلسفات إقصائية‪.‬‬
‫• فالشيوعية إقصائية ألصحاب رأس المال لتحل محلهم‪.‬‬
‫ن‬
‫األدب لتحل محلهم‪.‬‬ ‫• والنازية إقصائية لألعراق‬
‫• والنسوية كذلك إقصائية للرجال لتحل محلهم‪.‬‬
‫• فالنسوية تهدف إىل تحقيق ما قام الرجل بتحقيقه‪ ،‬ومن َثم إزاحته من الساحة ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫فه فلسفة إقصائية‪.‬‬‫• ي‬
‫ُ‬
‫شء مدمر لنفسية الرجل والمرأة‪.‬‬ ‫• إن تثوير المرأة عىل الرجل هو ر‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫عداب كاره ُمنفر‪ ،‬تلعن الرجل صباح مساء‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫• هذا التثوير يحول المرأة لكائن‬
‫ُ‬
‫• فالنسوية تشوه صورة الرجل ن يف أذهان المراهقات‪ ،‬وتحطم القدوة ن يف حياتهن‪.‬‬
‫ُ‬
‫• والنسوية تخون أولياء األمور‪.‬‬
‫ن‬
‫• إن غرس كراهية الرجل يف ذهن الفتيات يجعلهن مع الوقت يتمردن بسهولة عىل‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬
‫كل القيم‪ ،‬وعىل كل ي‬
‫ليس من السهل أبدًا تدمير قيمة الرجل في ذهن الفتاة‪ ...‬تدمير قيمة‬
‫األب‪ ...‬تدمير قيمة المُ ربي‪ ...‬تدمير قيمة األخ‪ ...‬تدمير قيمة العالم‪...‬‬
‫ِ‬
‫تدمير قيمة ولي األمر‪ ...‬تدمير قيمة الدعاة إلى هللا‪ ،‬هذا األمر ليس بيسير‬
‫وال هيِّن على اإلطالق ال عند هللا‪ ،‬وال على الفتاة‪ ،‬هذا األمر يُدمِّ ر نفسية‬
‫الفتاة‪ ،‬وأخالق الفتاة‪ ،‬ويؤدي للكفر بالله‪.‬‬

‫حقيقي للرجل والمرأة على‬


‫ٌّ‬ ‫فتدمير قيمة الرجل في ذهن الفتاة هو تدمير‬
‫حدٍّ سواء‪ ،‬ويكتوي بنار هذا التدمير كل أحد‪.‬‬
‫ٍ‬
‫‪791‬‬
‫‪ ‬إذن الحقيقة الرابعة في النسوية أنها‪:‬‬

‫الحقيقة الخامسة يف النسوية‪ ،‬وهي أخطر حقيقة ىلع اإلطالق‪ ،‬وأهمُّ‬


‫إشكالية يف النسوية ىلع اإلطالق‪ ،‬أال وهي أنَّ‪ :‬النسوية تستلزم الردَّة‬
‫عن دين الله عزَّ وجلَّ‪ ،‬وتستلزم الكفر باإلسالم‪ ،‬وتستلزم اإللحاد‪.‬‬
‫َ‬
‫• وهذه من ت ِبعات النسوية وال بد‪.‬‬
‫ر‬
‫األنن‪ ،‬أو تتخذ مرجعيتها من الدين والقرآن‬ ‫• فالنسوية إما أنها تتخذ مرجعيتها من‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬ ‫والوح‬
‫ي‬ ‫والنن‬
‫ي‬
‫• ليس هناك بديل آخر‪.‬‬

‫فإما أن تكون مرجعية النسوية‪ :‬األنثى‪ ،‬وإما أن تكون مرجعيتها‪ :‬الدين‬


‫واإلسالم!‬

‫‪ ‬فأيهما تختار؟‬

‫لو كانت مرجعيتها األنثى‪ ،‬فهي حكمت بنفسِها ىلع نفسِها أن دينَها‬
‫هو‪ :‬النسوية‪ ،‬ولو كان مرجعُها‪ :‬الوحي اإللهي فهذه ليست بنِسوية‪،‬‬
‫وال عَالقة لها بالنسوية‪.‬‬
‫• فالنسوية ال تكون نسوية إال بجعل المرجعية ه‪ :‬ر‬
‫األنن‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫وف التصور‪.‬‬
‫ي‬ ‫السلوك‪،‬‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫القيمة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫• فاألنن ي‬
‫ه مرجع النسوية ي‬

‫وبالتالي تصير النسوية دينًا‪.‬‬

‫‪792‬‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل ‪ :‬ﱡﭐﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮ‬

‫ﲯ ﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷ ﲸﲹ ﲺﲻﲼﲽﲾ‬

‫ﲿﱠ ﴿‪ ﴾٣1‬سورة التوبة‪.‬‬

‫• النصارى ال يعبدون أحبارهم‪ ،‬وال يعبدون رهبانهم‪ ،‬لكنهم لما جعلوا أحبارهم‬
‫ا‬ ‫ُّ‬
‫ومصدرا للتصور‪ ،‬وما أحلوه صار حالًل‪ ،‬وما حرموه صار حر ًاما‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مصدرا للقيمة‪،‬‬
‫فتلك أصبحت عبادتهم إياهم‪.‬‬
‫• وهذا هو تفست اآلية بإجماع المفشين‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫تجته النسوية صار جائزا عند النسويات‪ ،‬وما تمنعه صار ممنوعا‪ ،‬فهذا هو‬ ‫• فما‬
‫الدين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اإلله مرجعك‪ ،‬وإما أن تتخذي النسوية‬
‫ي‬ ‫• فإما أن تتخذي الدين مرجعيتك‪ ،‬والنص‬
‫مرجعك‪.‬‬
‫المسلم‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ‬ ‫الشع مرجعه فهو الوحيد ُ‬
‫ي‬
‫فمن كان النص ر‬

‫ﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷ ﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬
‫ﲾﱠ ﴿‪ ﴾6٥‬سورة النساء‪.‬‬

‫ﱐﭐﱠ‬
‫ﱑ‬ ‫وقال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏ‬
‫﴿‪ ﴾٣6‬سورة األحزاب‪.‬‬

‫‪ ‬فهل النسوية تُس ِّلم لشرع هللا في كل ما أمر ونهي؟‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ا‬
‫ه لنفسها‪.‬‬
‫ي‬ ‫اه‬
‫ر‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫عىل‬ ‫إال‬ ‫أصًل‬ ‫• النسوية ال تقوم‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫شء يسىم‬
‫شء يسىم "نسوية مسلمة"‪ ،‬كما أنه ال يوجد ي‬ ‫• ولذلك ال يوجد ي‬
‫إسالم"‪.‬‬
‫ي‬ ‫"ماركسية مسلمة"‪ ،‬أو "إلحاد‬

‫فاإلسالم دين‪ ،‬والنسوية دين آخر تما ًما‪.‬‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وف غته‪،‬‬
‫ي‬ ‫الزواج‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الرجل‬ ‫والية‬ ‫‪:‬‬ ‫الوالية‬ ‫إسقاط‬ ‫حل‬ ‫وت‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫م‬ ‫حر‬ ‫ما‬ ‫ل‬‫ح‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫‪ ‬النسوية‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتحل الشذوذ‪ ،‬وتحل التتج‪ ،‬وتحل الفواحش‪ ،‬وتحل ً‬ ‫ُ‬
‫كثتا من المحرمات المعلوم من‬
‫بالرصورة تحريمها‪.‬‬ ‫الدين ن‬

‫كثتا مما أحل هللا ك ‪ :‬التعدد للرجل وغت ذلك‪.‬‬‫‪ ‬وه كذلك ُتحرم ً‬
‫ي‬
‫‪793‬‬
‫َّ‬ ‫ا‬
‫‪ ‬فالنسوية ال تكون أصًل نسوية إال لو أحلت بعض ما حرم هللا‪ ،‬وكرهت بعض ما أنزل‬
‫سىم يف اإلسالم إال‪ :‬الردة عن دين هللا ﭐﱡﭐﲵﲶﲷﲸﲹ‬
‫ُ ا ن‬
‫هللا‪ ،‬وهذا ليس له م‬
‫ﲺﲻﲼﱠ ﴿‪ ﴾٩‬سورة محمد‪.‬‬

‫إذن فالحقيقة الخامسة يف النسوية هي أنَّها‪ :‬ال تكون نسوية إال بكراهية بعض ما‬
‫أنزل الله‪ ،‬وتحليل بعض ما حرَّم الله وهي بهذا إلحاد‪ ،‬وكفرٌ أكبرُ‪ ،‬وردَّة عن دين اإلسالم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫خلِقَ مكلَّفًا‪ ،‬وخُلق ليُختبَر‪ ،‬ثم يموت ويُحاسَب ىلع كل‬


‫الحقيقة السادسة أنَّ‪ :‬اإلنسان ُ‬
‫فطِر اإلنسان‪ ،‬وبهذا كُلِّف‪ ،‬وىلع هذا أرسل الله الرسل‪ ،‬وأنزل الكتب‪،‬‬
‫ما قدَّم‪ ،‬هكذا ُ‬
‫وأقام البينات‪.‬‬

‫❑ فمعيار نجاح اإلنسان هو‪ :‬التقوى‪ ،‬وليس المصلحة المادية أو المكاسب الدنيوية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الحقيف هو‪ :‬التسليم لألحكام ر‬
‫الشعية‪ ،‬والتسليم التام هلل يف كل ما أمر‬ ‫❑ معيار النجاح‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫ونه‪.‬‬
‫ر‬
‫المفتض أن يكون حال اإلنسان‪.‬‬ ‫• وهذا هو‬
‫• لكن النسوية لم يكن هذا همها ً‬
‫يوما ما‪.‬‬

‫❑ فالنسوية جعلت النجاحات الدنيوية هي‪:‬‬

‫غاية الوجود‪ ،‬ومنته المراد‪.‬‬

‫❑ إن منته الطرح النسوي هو‪:‬‬


‫ن‬ ‫ا‬
‫سواء اتفقنا مع هذه المصالح أو اختلفنا معها‪ ،‬لكن يف األخت‬ ‫تحقيق مصالح دنيوية؛‬
‫ه‪ :‬الدنيا‪.‬‬ ‫ر‬
‫تبف غاية النسوية ي‬
‫‪‬‬

‫• هذا معيار نجاح‪ ،‬ال وزن له عند هللا‪.‬‬

‫‪794‬‬
‫للرجل والمرأة ليس عمارة الدنيا‪ ،‬وليس تحقيق مصالح دنيوية‪ ،‬وإنما‬ ‫• فمعيار النجاح‬
‫ن‬ ‫ُ ُ‬
‫معيار النجاح كما قلت هو تحقيق االستخالف يف األرض‪ ،‬واستخالف العبودية‬
‫مناح الحياة‪ :‬ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ‬ ‫ي‬
‫هلل‪ ،‬واستخالف ر ن‬
‫التكية اإليمانية لكل‬

‫ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ ﲃ‬
‫ﲄﲅﱠ ﴿‪ ﴾41‬سورة الحج‪.‬‬
‫ا ن‬ ‫ً ن‬
‫وليست عمارة الدنيا‪ ،‬وليس النجاح المادي ممدوحا يف ذاته أو غاية يف ذاته‪ ،‬وإنما فقط‬
‫ُ‬
‫اإلله‪ ،‬وبقدر تطبيق الدين فيه‪ ،‬وبقدر‬ ‫ي‬ ‫بالوح‬
‫ي‬ ‫يمدح النجاح الدنيوي بقدر تزكيته‬
‫أخرويا‪ ،‬وبقدر ما تستخدمينه ن يف نفع الناس وصالح أحوالهم هلل‪.‬‬
‫ًّ‬
‫انتفاعك به‬
‫ِ‬
‫ه نظرة مادية مجردة خالية من أية غاية‬
‫المشكلة أن نظرة النسوية‪ ،‬وغاية النسوية ي‬
‫إيمانية أو تزكية أخالقية‪.‬‬

‫فالنسوية في الواقع هي‪ :‬فلسفة مادية مَ صلحية دون وضع أي اعتبار للقيم‬
‫اإليمانية‪.‬‬

‫وهذه هي الحقيقة السابعة يف النسوية أنها‪ :‬مذهب مصلحيٌّ نفعيٌّ‬


‫ماديٌّ بال أية تزكية إيمانية‪.‬‬

‫الحقيقة الثامنة يف النسوية أنَّها‪ :‬تحالفت مع الشيطان‪ ،‬وتحالفت‬


‫مع كل تعاليم الشيطان‪.‬‬
‫ا‬
‫فه تحالفت مع المثلية الجنسية‪ ،‬وأصبحت اليوم مشغولة بشد ٍة بموضوع‬ ‫• ي‬
‫وه ال بد أن تنشغل بهذا الموضوع‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫جنسيا‪،‬‬ ‫الجنش‪ ،‬والشواذ‬ ‫الشذوذ‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الجنش ن يف المثلية ليس قضية هامشية‪ ،‬بل هو لب النسوية‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فالشذوذ‬
‫تبعات تثوير المرأة عىل الرجل‪ ،‬ومن تبعات إقصاء الرجل من حياة المرأة‪،‬‬‫• ألن من ِ‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ومن تبعات التكت فقط عىل المرأة‪ ،‬من تبعات كل ذلك أن يتم‪ :‬إيجاد بديل‬
‫للرجل‪.‬‬
‫• فيصت الشذوذ ً ُ ي‬
‫الجنش هو البديل المتاح‪.‬‬
‫حن يستغنوا عن ر‬
‫األنن‪.‬‬ ‫• بل والنسوية أيضا تحرض الرجال عىل الشذوذ ر‬
‫‪795‬‬
‫ٌ‬
‫حالل‪ ،‬وليس فيه أي مشكلة‪ ،‬وهذا األمر بحد ذاته‬ ‫• والنسوية ترى أن الشذوذ ٌ‬
‫أمر‬
‫ردة عن اإلسالم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حالل هذه ردة عن اإلسالم‪ ،‬وكفر‬ ‫• فاعتقاد الفتاة النسوية أن الشذوذ الجنش ٌ‬
‫أمر‬ ‫ي‬
‫باهلل عز وجل‪.‬‬
‫ُ‬
‫بالهوية الجنسية والجندر‪.‬‬ ‫• والنسوية ً‬
‫دائما مهمومة‬
‫• فالنسوية تحالفت وآزرت الهوية الجنسية والجندر‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫ودائما تخرج المستات من النسويات يف الغرب‬ ‫• والنسوية تحالفت مع اإلجهاض‪،‬‬
‫لمنع تجريم اإلجهاض‪.‬‬
‫‪ٌّ.‬‬
‫• وتحمل المتظاهرات الفتات‪ :‬اإلجهاض حق‬
‫أنت‪.‬‬ ‫• هذا جسدك ِ‬
‫أنت‪ ،‬هذا اختيارك ِ‬

‫• فالنسوية قامت بتحويل المرأة إىل آلة قتل باردة‪.‬‬


‫بارد‪.‬‬
‫بدم ٍ‬‫• تقتل جنينها ٍ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫الجني الضعيف ال يملك‬ ‫• وهذا منطق إلحادي‪ ...‬منطق القوي يقت ُل الضعيف‪ ،‬فهنا‬
‫مرغوب فيه‪.‬‬ ‫فيقتل طالما كان غت‬ ‫الن يدافع بها عن حقه نف الحياة ُ‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫القوة ي‬
‫الجنش بكل صوره‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• والنسوية تحالفت مع التحرر‬
‫ُ‬
‫• والنسوية تحارب األمومة‪ ،‬وتطالب بتحرير المرأة من األمومة‪.‬‬
‫الصناع‪ ،‬والنيابة ن يف الحمل‪.‬‬ ‫ُ ر ُ‬
‫ي‬ ‫الرحم‬ ‫قضايا‬ ‫ن‬ ‫• والنسوية تش ِع‬

‫‪ ‬كل هذه األمور تعرفها كل نسوية جي ًدا‪.‬‬

‫‪796‬‬
‫ُ‬ ‫كلها أمور ليست نف مصلحتها‪ ،‬ر‬ ‫ُّ‬
‫فحن عىل المستوى الدنيوي هذه األمور تدمر‬ ‫ي‬ ‫وهذه وهللا‬
‫َّ ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المرأة‪ ،‬وتدمر طبيعة المرأة‪ ،‬وتجعلها سلعة مستغلة يف يد الرأسمالية الغربية‪ ،‬وأسواق‬
‫اإلباحية العالمية‪.‬‬

‫• النسوية تؤدي إىل اختفاء مفهوم ر‬


‫األنن!‬
‫ن‬
‫إذن الحقيقة السابعة يف النسوية أنها‪ :‬تحالفت مع كل صور الشذوذ والفاحشة‪ ،‬وبررت‬
‫لها‪ ،‬وبررت لقتل األجنة بدم بارد‪.‬‬

‫‪ -1‬القتل‪ :‬قتل األجنة‪.‬‬

‫‪ -2‬الفاحشة‪ :‬كل صور الزنا والشذوذ‪.‬‬

‫‪ -٣‬الكفر‪ :‬تحليل ما حرم هللا‪.‬‬

‫وهذا مثلث الشيطان الذي هو ُمنته طموح الشيطان من اإلنسان‪.‬‬

‫‪797‬‬
‫‪ ‬ماذا يريد الشيطان أكثر من هذا من ابن آدم؟‬

‫• اليجتمع إسالم ونسوية ن يف قلب امرأة مسلمة‪.‬‬


‫ٌ‬
‫دين‪ ،‬وال يحتمل التنازالت‪.‬‬ ‫ُ‬
‫األمر‬ ‫• نف القضايا َ‬
‫العقدية‬ ‫ي‬
‫• إما إيمان أو كفر‪ ...‬إما جنة أو نار‪.‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫• إما تسليم ر‬
‫بوحيه‪ ،‬أو كفر وردة وتمرد عىل دين هللا‪.‬‬ ‫لشع هللا ورضا‬

‫اإلسالم يعني‪ :‬التمركز حول التسليم لشرع الله‪.‬‬

‫النسوية تعني‪ :‬التمركز حول األنثى‪.‬‬


‫َ‬
‫العقيدت ن‬ ‫ي‪ ...‬اختاري ن‬ ‫َ‬
‫الديانت ن‬ ‫• فاختاري ن‬
‫ي‪.‬‬‫ِ‬ ‫بي‬ ‫ِ‬ ‫بي‬
‫ه دين الشيطان بمثلث الردة‪ ،‬وإباحة القتل‪ ،‬والفواحش‪.‬‬ ‫• النسوية ي‬
‫• النسوية حولت البيوت الهادئة إىل حلبة رصاع ن‬
‫بي الرجل والمرأة‪.‬‬
‫بي بناتنا بصور مختلفة خبيثة كصورة‪ :‬النسوية‬ ‫تنتش ن‬‫• النسوية فلسفة ُيراد لها أن ر‬
‫ن‬
‫المتأسلمة‪ ،‬وتعتمد النسوية يف هذه الحالة عىل تضخيم حاالت اضطهاد وإيذاء‬
‫ُ‬
‫وه حاالت يحارب ها الرجل قبل المرأة‪ ،‬فتستغل‬ ‫وظلم تحصل لبعض النساء‪ ،‬ي‬ ‫ٍ‬
‫النسوية هذه الحاالت ر‬
‫لتنش أفكارها الكفرية ن‬
‫بي البنات‪.‬‬
‫نع خطورة هذه الحركة‪ ،‬وإجرام هذه الحركة‪ ،‬وتبعات هذه الحركة‪.‬‬ ‫• ال بد أن ي‬
‫‪798‬‬
‫• اإلسالم قيد العالقات الجنسية‪ ،‬وهذا ضد هوى الرجل‪.‬‬
‫• اإلسالم حمل الرجل مسؤولية النفقة‪.‬‬
‫• اإلسالم أوجب أن يكون رشط الزواج هو‪ :‬االستقرار‪ ،‬وهذا ضد هوى الرجل‪.‬‬
‫• اإلسالم حمل الرجل المسؤولية تجاه المرأة طيلة عمره بعقد الزواج‪ ،‬وهذا ضد‬
‫هوى الرجل‪.‬‬
‫• اإلسالم جعل الجنة تحت أقدام المرأة‪.‬‬
‫ر‬
‫النن ﷺ‪:‬‬
‫النن ﷺ فقال له ي‬ ‫‪ ‬أب رجل ليجاهد مع ي‬

‫ن يف اإلسالم‪ :‬ثالثة أرباع االهتمام يكون بالمرأة‪ ،‬والرب ع للرجل‪.‬‬


‫ﷺ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬


‫عابرة‪ ،‬ت رتك المرأة بعدها محطمة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫نزوة‬
‫ٍ‬ ‫عالقة الرجل بالمرأة يف اإلسالم ليست عالقة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عهد من الرجل للمرأة طيلة عمره‪ ،‬وميثاق غليظ سيسأل عنه لو قرص‬ ‫ه عالقة ٍ‬ ‫وإنما ي‬
‫فيه‪ :‬ﭐ‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱛﱜﱝﱞﱠ ﴿‪ ﴾21‬سورة النساء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فالنساء أخذن من الرجال عهدا شديدا بالقيام بحقوقهن والرعاية والحماية واإلحاطة من‬
‫كل سوء‪.‬‬
‫ﲲﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ﲳ‬ ‫‪ ‬وقال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲱ‬
‫ُ‬
‫النن ﷺ‪:‬‬
‫ي‬ ‫قال‬ ‫أة‪،‬‬
‫ر‬ ‫الم‬ ‫عن‬ ‫دافع‬ ‫لو‬ ‫الرجل‬ ‫ها‬ ‫ينال‬ ‫بل إن درجة الشهادة‬

‫ﷺ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (723‬صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬ح‪.2259 :‬‬


‫(‪ (724‬متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...5971 :‬وصحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2548 :‬‬
‫(‪ (725‬صحيح سنن النسائي‪ ،‬ح‪.4105 :‬‬
‫)‪ (726‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫( ‪ (727‬مسند أحمد‪ ،‬م‪ 2‬ص‪ ،472‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪799‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الشذوذ الجنسي‬

‫‪ -221‬ما هي حقيقة المثلية الجنسية‪ ،‬وكيف انتشرت مؤخ ًرا بهذه الصورة؟‬
‫ا‬
‫ج‪ :‬تقوم المثلية الجنسية عىل عدة دعاوى‪ ،‬سنقوم بتفكيك هذه الدعاوى واحدة بعد‬
‫أخرى إن شاء هللا‪.‬‬

‫أن‪ :‬هناك سلو ًكا جنسيًّا مثليًّا في الحيوانات‬ ‫ُ‬


‫وأولى هذه الدعاوي هي َّ‬

‫والواقع أن السلوك المثىل نف الحيوانات‪ ،‬والذي هو قضية نادرة‪ ،‬ال ُي َ‬


‫مارس بدافع الشهوة‬ ‫ي ي‬
‫أو الرغبة الجنسية‪.‬‬

‫‪ ‬فالسلوك املثلي عند هذه الحيوانات هو‪:‬‬

‫سيطرة‪ ،‬كما يحصل مع قردة البونوبو‪ ،‬حيث إن التنافس عىل الطعام‬


‫ٍ‬ ‫• إما إعالن‬
‫يؤدي إىل السلوك المثىل عند هذه الحيوانات‪)728(.‬‬
‫ي‬

‫• أو يكون بسبب مشكلة نف حاسة الشم‪ ،‬وعدم التعرف عىل ر‬


‫األنن‪.‬‬ ‫ي‬

‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ‬


‫األنن ِمن‬ ‫ه المسؤولة عن التقاط الرسائل الجنسية يف تحديد‬
‫ي‬ ‫الشم‬ ‫وحاسة‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫الذكر‪ ،‬واضطراب هذه الحاسة؛ نتيجة لمبيدات أو ملوثات‪ ،‬قد يحدث يف بعض‬
‫الحيوانات‪.‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬


‫وف دراسة شهتة ن رشت يف المجلة األكاديمية الوطنية للعلوم ‪ ،PNAS‬الحظ‬ ‫• ي‬
‫ن‬
‫وه مادة تدخل يف تركيب المبيدات‪،‬‬ ‫الباحثون أن مادة األترازين ‪ Atrazine‬ي‬
‫مثىل عند الضفادع‪ ،‬حيث تؤدي هذه المادة إلحداث‬
‫الحظوا أنها تؤدي لسلوك ي‬
‫ن ن‬
‫هرموب يف بعض الذكور‪ ،‬فتتحول هذه الذكور لشكل عام أنثوي‪ ،‬وهذا‬
‫ي‬ ‫خلل‬
‫ن‬
‫يحصل يف ‪ %1٠‬من الذكور الذين يتعرضون لهذه المادة‪ ،‬وهنا تحصل المثلية‬
‫الجنسية‪.‬‬

‫)‪(728‬‬ ‫‪Bonobo Sex and Society, By Frans B. M. De Waal.‬‬


‫‪800‬‬
‫ُ‬
‫مثىل عند بعض الحيوانات‪.‬‬ ‫• فهناك أسباب متنوعة تؤدي لسلوك ً ي‬
‫ه‪ :‬إما إعالن‬ ‫قلت‬ ‫كما‬ ‫وإنما‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ًّ‬
‫فعلي‬ ‫ا‬ ‫• لكن ال َعالقة لهذه األسباب بكونها سلوكا ًّ‬
‫مثلي‬
‫ي ا‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫سيطرة‪ ،‬أو خلل يف حاسة الشم‪ ،‬أو خلل عام يف وظائف الجسم؛ نتيجة للتعرض‬ ‫ٍ‬
‫للمبيدات‪.‬‬
‫بالمعن الذي يفهمه ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫البش من المثلية‪.‬‬ ‫• فال توجد مثلية جنسية يف الحيوانات‬

‫سلوكا معينًا‬
‫ً‬ ‫لكن األهم من كل هذا‪ :‬منذ متى يستخدم البشر ُحجة أن‬
‫عند الحيوان ُيبرر لنا ممارسة نفس هذا السلوك؟‬

‫‪‬ما هذه ال ُحجة الحيوانية العجيبة؟‬


‫ن‬
‫مثليي!‬ ‫بما أن نسبة نادرة من الحيوانات تمارس المثلية‪ ،‬إذن يجوز ر‬
‫للبش أن يصتوا‬
‫أبدا السلوك ر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫البشي‪.‬‬ ‫الحيواب ال يقاس عليه‬
‫ي‬ ‫إن السلوك‬
‫ا‬
‫أحياء‪.‬‬ ‫وإال فبعض إناث العناكب تأكل الذكور‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫يجت لنا أن نأكل لحوم ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تتناول ر‬
‫أحياء؟‬ ‫البش‬ ‫شاء‪ ،‬فهل هذا‬
‫أنن العناكب أزواجها كوجبة ع ٍ‬

‫‪801‬‬
‫‪ ‬هل هذا يجيز للمرأة أن تقتل زوجها؟‬

‫للبش أن‬ ‫ن‬


‫يجت ر‬ ‫• وبعض الحيوانات تقتل البعض اآلخر من الفصيلة نفسها‪ ،‬فهل هذا‬
‫َ‬
‫يقتلوا بعضهم البعض بحجة أن الحيوانات تقوم بنفس هذا السلوك؟‬
‫لمجرم قام بقتل ابنه أن ريتافع‬
‫ٍ‬
‫• بل إن ً‬
‫كثتا من الحيوانات تقتل أوالدها‪ ،‬فهل يجوز‬
‫أمام قاض بأن جريمته تقوم بها بعض الحيوانات؟‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫لمستشف األمراض العقلية فورا‪.‬‬ ‫• سيتم تحويل المجرم‬
‫• ألن هذه ُحجة ال يستخدمها إال مجنون‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ ن‬
‫ماليي نوع‬ ‫• فال يجت وجود سلوك ي‬
‫مثىل نادر يف ‪ ٥٠٠‬نوع من الحيوانات من أصل ‪٣‬‬
‫أن نمارس نحن هذا األمر‪.‬‬

‫‪802‬‬
‫ثم السؤال األهم الذي أطر ُح ُه على مروجي الشذوذ الجنسي‪ :‬ال يخفى على أحد أن‬
‫الحيوانات تمارس تعدُّد الزوجات‪ ،‬وهذا موجود في كل أنواع الحيوانات تقريبًا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫بيولوجيا‪ ،‬ومسألة الزوجة الواحدة‬ ‫البش أنف َسهم يحملون بصمة تعدد الزوجات‬
‫بل إن ر‬
‫طبيع بالمرة ‪ ،Unnatural‬فالسؤال هنا‪ :‬لماذا يتم منع‬
‫ي‬ ‫ه أمر غت‬ ‫بالنسبة لإلنسان ي‬
‫ن‬
‫تعدد الزوجات يف الغرب إذا كان األمر كذلك؟‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫بدعوى وجوده يف الحيوانات‪ ،‬وتجريم تعدد الزوجات يف‬ ‫فإباحة‬
‫هوى ونزوة ومزاج ال ر‬
‫أكت‪.‬‬ ‫المقابل‪ ،‬هو دليل أن القضية ا‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبالتاىل يتم نسج أية دعاوى‬
‫ي‬ ‫معها‪،‬‬ ‫يع‬ ‫التطب‬ ‫اد‬ ‫ر‬‫وي‬ ‫بالقوة‪،‬‬ ‫ها‬ ‫فرض‬ ‫اد‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫إن المثلية الجنسية‬
‫مهما كانت سخيفة لتتير التطبيع معها‪.‬‬

‫طبيع‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫بل إن الضغط الذي تمارسه لوبيات الشذوذ اليوم يف الغرب صار غت‬

‫الجنش من‬ ‫الشذوذ‬ ‫عن‬ ‫الحظر‬ ‫"رفع‬ ‫‪:‬‬ ‫بعنوان‬ ‫مقال‬ ‫وتحت‬ ‫للشواذ‬ ‫وب‬‫إلكت ن‬
‫وعىل موقع ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫النفش"‪ ،‬يقرر الموقع أن‪ :‬الرابطة األمريكية للطب‬ ‫ي‬ ‫ِقبل الجمعية األمريكية للطب‬
‫الرسىم لالضطرابات العقلية ‪DSM‬‬
‫ي‬ ‫الجنش من تشخيصها‬ ‫النفش ‪ APA‬أزالت الشذوذ‬
‫ن‬ ‫ي ر ُ‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫الن تطالب بحقوق الشواذ يف أمريكا‪ ،‬وليس بدافع‬ ‫ي‬ ‫لالحتجاجات‬ ‫نتيجة‬ ‫م؛‬ ‫‪1٩7٣‬‬ ‫عام‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫طن‪.‬‬
‫علىم أو ي‬
‫ي‬
‫‪803‬‬
‫ُ‬
‫الجنش من األمراض‬
‫ي‬ ‫الشذوذ‬ ‫حذف‬ ‫عىل‬ ‫ت‬‫جت‬ ‫أ‬ ‫النفش‬
‫ي‬ ‫فالرابطة األمريكية للطب‬
‫العقلية‪.‬‬

‫ولم يتوقف ضغط اللوبيات عند هذا الحد‪ ،‬بل إنها اليوم تحارب من أجل منع أي عالج‬
‫للمثلية‪ .‬نعم كما قرأتم!‬
‫ً‬
‫الجنش‪ ،‬وطبقا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية‬
‫ي‬ ‫هناك محاوالت لمنع عالج الشذوذ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫نف بريطانيا ‪ NHS‬ر‬
‫والن يعمل بها أكت من مليون شخص‪ ،‬وتقدم عالجا معرفيا وعالجا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ن ن‬ ‫ًّ‬
‫الجنش تتعاف يف الهيئة‪ ،‬طبقا‬
‫ي‬ ‫سلوكيا للشواذ منذ سنوات‪ ،‬وكثت من حاالت الشذوذ‬
‫الجنش‪.‬‬
‫ي‬ ‫محاوالت لمنع وتجريم عالج الشذوذ‬
‫ٍ‬ ‫للهيئة فإن هناك‬

‫‪804‬‬
‫لتاىل تزداد أعدادهم‪ ،‬ويتم‬ ‫ُ‬ ‫• فهدف لوبيات الشذوذ‬
‫الجنش تجريم عالج الشواذ‪ ،‬وبا ي‬ ‫ي‬
‫التعامل معهم بطريقة طبيعية‪.‬‬
‫ن‬
‫النفش ‪ ،APA‬والذي‬
‫ي‬ ‫• العجيب يف األمر أن الرئيس السابق للرابطة األمريكية للطب‬
‫اعتف بعد‬‫قاد عملية إزالة الشذوذ من دليل االضطرابات العقلية سنة ‪ 1٩7٣‬ر‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫فالمثىل من الممكن أن يعود‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ج‬ ‫عال‬‫ي‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫الجنش‬
‫ي‬ ‫الشذوذ‬ ‫‪:‬‬ ‫أن‬ ‫سنة‬ ‫أربعي‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫طبيعيا‪.‬‬ ‫إنسانا‬
‫النفش أن‪ %2٠ :‬من‬
‫ي‬ ‫• بل ويقرر الرئيس السابق نفسه للرابطة األمريكية للطب‬
‫الشواذ الذين كان يعالجهم تغتوا‪.‬‬

‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬


‫بحثيا‪ ،‬بل هو‬ ‫علميا أو ضغطا‬ ‫الجنش ليس ضغطا‬
‫ي‬ ‫• فالضغط إللغاء عالج الشذوذ‬
‫ن‬
‫ضغط لوبيات عمالقة للشواذ يف الغرب اليوم‪.‬‬

‫أما ثاني الدعاوى التي تقوم عليها المثلية الجنسية‪ ،‬فهي َّ‬
‫أن‪ :‬هناك‬
‫عوامل جينية تؤدي للمثلية!‬

‫نشت قبل أقل من‬‫• ومن العجيب أن المجلة العلمية األشهر نف العالم ‪ Nature‬ر َ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫عامي ورقة علمية‪ ،‬وأنا أتصور أن هذه الورقة أكت صدمة يف تاري خ الشواذ‪.‬‬
‫إنسان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• وهذه الورقة قد صدرت بعد دراسة نصف مليون‬
‫• صدرت الورقة لتقول‪ :‬ال يوجد جين للمثليين ‪.NO GAY GENE‬‬

‫‪805‬‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫المثليي‪.‬‬ ‫• مثلت الورقة صدمة كبتة لمجتمع‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ثماب دراسات ُموسعة عىل التوائم‬ ‫ي‬ ‫جريت‬ ‫أ‬ ‫قليلة‬
‫ٍ‬ ‫بسنوات‬
‫ٍ‬ ‫• وقبل هذه الورقة‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫المتماثلة‪ ،‬ر‬
‫الن تتطابق جيناتها‪ ،‬وقد أجريت هذه الدراسات يف أمريكا وأوروبا‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫جنسيا‪.‬‬ ‫طبيعيا وتوأمه شاذا‬ ‫وتبي أن التوأم المتماثل قد يكون‬ ‫وأستاليا‪،‬‬
‫ن‬
‫• فإذا كانت الجينات متطابقة يف التوأم المتماثل‪ ،‬وكان الشذوذ قضية جينية‪ ،‬فمن‬
‫ً‬
‫البديه أن تتطابق سلوكيات التوأم‪ ،‬لكن لم تكن هذه أبدا نتيجة الدراسات‪.‬‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ا‬
‫• فقد كانت هذه الدراسات دليًل قويا عىل أن القضية ال عالقة لها بالجينات‪.‬‬

‫ا‬ ‫ُ‬
‫نيتش كانت كافية ن يف بيان سخافة هذه الدعوى‪.‬‬
‫فورقة مجلة ر‬ ‫وعىل كل حال‪،‬‬
‫‪806‬‬
‫•‬

‫‪Pedophilia‬‬ ‫•‬

‫ً‬
‫ن‬
‫"جي‬ ‫جي ُيدع‪:‬‬
‫أيضا جينات لها َعالقة بإدمان المواد الكحولية‪ ،‬فهناك ن‬ ‫• وهناك‬
‫رَ‬ ‫َ‬
‫إدمان الكحوليات"‪ ،‬فهل هذا يتر عدم األخذ عىل يد من يشب الخمور؟‬
‫ًّ‬
‫قانونيا؟‬ ‫• هل هذا يتر عدم مؤاخذة المدمن‬

‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫رُ‬


‫حياب؛ ألن رشب الخمور ليس يف ثقافتنا‪ ،‬وقد‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ً ي‬ ‫الخمور‬ ‫ب‬‫ش‬ ‫أنا كمسلم ما اشتهيت‬
‫شفرب الوراثية بدرجة كافية‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫يكون ن‬
‫ي‬ ‫جي إدمان الكحوليات جاهزا يف‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫باىل بها أصًل‪.‬‬
‫حياب‪ ،‬وال ي‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫أشته رشب الخمور‬
‫ِ‬ ‫ومع ذلك لم‬

‫‪807‬‬
‫بيئن‪ ،‬وأصبح رشب الخمور ً‬
‫جزءا‬ ‫لكن نف حال ال قدر هللا تم التطبيع مع رشب الخمور نف ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫بين تطالب بحرية اإلدمان‪ ،‬ساعتها‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫مدينن‪ ،‬وصارت تخرج المظاهرات أمام ي‬ ‫ي‬ ‫من ثقافة‬
‫ر‬ ‫ن ن‬ ‫ُ‬
‫شفرب الوراثية بدرجة كافية‪ ،‬فأبدأ‬
‫ي‬ ‫قد تشتعل عندي هذه الشهوة‪ ،‬وينشط هذا الجي يف‬
‫ن يف الحاجة لمقاومة هذه الشهوة‪.‬‬
‫ُ‬
‫يحص ُل مع ملف المثلية الجنسية‪ ،‬فالتطبيع مع المثلية والكالم الكثت‬ ‫وهذا بالضبط ما‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫عنها‪ ،‬والزيادة من مشاهد المثلية يف اإلعالم‪ ،‬كل هذا يولد حب تجربة المثلية عند‬
‫كثتا عن الشذوذ هو‬‫أشخاص ربما ما خطرت المثلية عىل بالهم ولو للحظة‪ ،‬فالحديث ً‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫أحد أسباب انتشاره‪.‬‬
‫حن ن‬
‫بي األطفال‪،‬‬ ‫لنش ثقافة الشذوذ الجنش ر‬ ‫وهناك محاوالت من مجتمع الشواذ ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫جرب االنتحار لمجرد أنه سمع به ً‬ ‫وهذه جريمة كتى‪ ،‬فالطفل قد ُي ا‬
‫كثتا‪ ،‬أو شاهده يف‬
‫جرب ارتكاب جريمة من باب المحاكاة‪ ،‬فالحديث عن‬ ‫اإللكتونية‪ ،‬وقد ُي ا‬
‫ر‬ ‫إحدى اللعب‬
‫قواني صارمة اليوم بخصوص‬‫نُ‬ ‫المثلية أمام األطفال هو جريمة بالفعل؛ وألجل هذا هناك‬
‫ن ُ‬ ‫المحتوى ُ‬
‫قواني تجرم الحديث عن المثلية الجنسية أمام‬ ‫المقدم للطفل‪ ،‬وصارت هناك‬
‫ر‬
‫وإنجلتا‪)72٩(.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫األطفال يف عدد من المناطق يف أمريكا‬
‫محاوالت من مجتمع الشواذ إللغاء هذه القوا ن‬
‫ني‪ ،‬بل‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬
‫يقي من أن هناك‬ ‫وأنا عىل‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ومحاكمة من قام بسنها‪.‬‬

‫فكرة الشذوذ الجنش ليست مجرد ثقافة منحلة‪ ،‬أو خلل نف تصوير َ‬
‫العالقة ن‬
‫بي الرجل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫فه باإلضافة إىل أنها إحدى‬
‫والرجل‪ ،‬والمرأة والمرأة‪ ،‬إنها أبعد وأخطر من ذلك بكثت‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫أكت الكبائر نف ر‬
‫أخالف عىل كل‬
‫ي‬ ‫وخلل‬ ‫ظاهر‪،‬‬ ‫د‬‫تمر‬ ‫ها‬ ‫أن‬ ‫إىل‬ ‫وباإلضافة‬ ‫‪،‬‬ ‫العالمي‬ ‫رب‬ ‫يعة‬
‫ش‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المستويات‪ ،‬إال أنها أيضا تمثل خطرا عىل اإلنسانية ككل‪.‬‬

‫بل إن اإليدز ًّ‬


‫طبيا هو‪ :‬مرض المثلية ‪ ،Gay-related immune deficiency‬وقد كان‬
‫ُيسىم فيما قبل ب "طاعون المثلية ‪." Gay Plague‬‬

‫)‪(729‬‬
‫‪Anti-LGBT curriculum laws‬‬
‫‪Section 28 of the British Local Government Act 1988.‬‬
‫‪808‬‬
%

(730)
According to UNAIDS, in 2018, MSM globally have 22 times higher risk of acquiring
HIV compared to all adult men.
809
‫بل إن هناك أزمات طبية تحصل ن يف كثت من المدن األمريكية بسبب انتشار الشذوذ فيها‪.‬‬

‫‪810‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫فحسب‪ ،‬بل هو حرب عىل اإلنسان‪.‬‬ ‫ن‬
‫العالمي‬ ‫فالتوي ج للشذوذ ليس حربا عىل رشع رب‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫الجنش‪ ،‬أود أن‬
‫ي‬ ‫بالشذوذ‬ ‫ربطها‬ ‫ومحاولة‬ ‫الجينات‪،‬‬ ‫قضية‬ ‫عن‬ ‫الحديث‬ ‫غلق‬ ‫أ‬ ‫وقبل أن‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫البش ر‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫أقول إنهم اكتشفوا جينا له عالقة بالسلوك اإلجرام عند ر‬
‫"جي‬ ‫حن أسموه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫الجي نشطا عند َمن لديهم نزعة إجرامية‪ ،‬فهل هذا يتر ارتكاب‬
‫ن‬ ‫اإلجرام"‪ ،‬ويكون هذا‬
‫الجرائم؟‬
‫ً‬
‫ذريعة‬ ‫‪ ‬هل هناك محكمة في العالم تأخذ نشاط هذا الجين‬
‫إلسقاط عقوبة عن مجرم؟‬

‫الجنش!‬
‫ي‬ ‫• فال أدري لماذا استخدم الشواذ حجة الجينات مع الشذوذ‬
‫ا‬ ‫• ال يوجد نف الطب‪ ،‬وال نف العقل‪ ،‬وال نف ر‬
‫الشع تت ٌير لجريمة لكونها نتيجة لنشاط‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫جين معي‪.‬‬ ‫ن‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫صالحا‪ ،‬أو آخر يجعل منك فاسدا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• وليس هناك ن‬
‫جي يجعل منك‬
‫جنسيا أو ً‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫• وليس هناك ن‬
‫إماما‪.‬‬ ‫مجرما أو مدمنا أو شاذا‬ ‫جي يجعلك‬
‫الن تمثل قواعد ر‬ ‫ر‬ ‫ن ن‬
‫نيتوجينية داخل‬ ‫• الجي يف األساس هو‪ :‬مجموعة من الحروف ي‬
‫الجي‪ ،‬فإن التوتينات الوظيفية‬‫ن‬ ‫الشفرة الوراثية‪ ،‬وحيث يتم فك جزء من هذا‬
‫تبدأ ن يف الظهور‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫معي‪ ،‬وإيقاف ن‬
‫جي‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫بسلوكياب أقوم بتنشيط ن‬
‫جي‬ ‫بينما أنا‬
‫ي‬
‫آخر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ه عالقة تزامنية‪،‬‬
‫فالعالقة بي الجي وبي السلوكيات ي‬
‫وليست َعالقة مسببية‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهذه النقطة َمن يستوعبها‪ ،‬يتفهم أ كذوبة حجة الجينات‬
‫ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ ا‬
‫القة ن‬ ‫فحن لو ر‬
‫ر‬
‫فه ستكون‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫الجنش‬
‫ي‬ ‫الشذوذ‬ ‫وبي‬ ‫الجينات‬ ‫بي‬ ‫افتضنا أن هناك ع‬
‫َعالقة تزامنية‪ ،‬وليست َعالقة مسببية‪.‬‬
‫ن‬
‫معي‪،‬‬ ‫ن‬
‫جي‬ ‫اإلعالم لقضايا الشذوذ‪ ،‬ينشط‬ ‫ًّ‬
‫جنسيا‪ ،‬ومع التهييج‬ ‫فمع السلوك الشاذ‬
‫ي‬
‫الجنش!‬ ‫ن‬
‫الجي هو الذي أدى للسلوك‬ ‫وليس أن نشاط هذا‬
‫ي‬

‫ٌ ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫يحص ُل ر ن‬
‫معي نشاط يف أحد الجينات‪ ،‬وليس أن نشاط هذا‬ ‫بالتامن مع سلوك‬ ‫حيث‬
‫ن‬
‫سببا يف هذا السلوك!‬‫الجي كان ً‬
‫ن‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وليس هناك عاقل اليوم يقول إن الجينات تولد بذاتها سلوكا‪.‬‬
‫بي الجينات ن‬
‫وبي السلوك‬ ‫وهناك علم كامل اليوم يقوم نف أحد فروعه بدراسة َ‬
‫العالقة ن‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ن ُ‬ ‫ر‬
‫البشي‪ ،‬ويسىم بعلم ال ‪ Epigenetics‬ومن أحد أسس هذا العلم أن نشاط الجي يبن‬
‫عىل سلوكك أنت‪)7٣1(.‬‬

‫فالجي ينشط بنشاط السلوك‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬‫ن‬ ‫•‬


‫ن‬
‫بالتحفت للشذوذ‪.‬‬ ‫افتضنا وجوده ينشط‬ ‫فجي الشذوذ لو ر‬
‫ن‬ ‫•‬
‫هوى‪.‬‬‫• إذن فالفاحشة صناعة ا‬
‫هوى‪.‬‬‫• واإلدمان صناعة ا‬
‫هوى‪.‬‬‫• والشذوذ الجنش صناعة ا‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ه المسؤولة عن سلوكك‪ ،‬وليس جيناتك‪.‬‬ ‫• فنوازع النفس البشية ي‬
‫• فاإلنسان مسؤول بإرادته الكاملة عن كل ما يفعل‪.‬‬

‫)‪(731‬‬
‫‪Epigenetics is the study of how your behaviors and environment can cause changes that affect the‬‬
‫‪way your genes work.‬‬
‫‪812‬‬
‫ٌ ن‬ ‫حن ر‬ ‫وليس للجينات أو ر‬
‫دور يف اتخاذ القرارات األخالقية أو الالأخالقية‬ ‫التبية أو البيئة‬
‫َّ‬
‫عند اإلنسان المكلف‪)7٣2(.‬‬

‫ُ ْ‬ ‫ن‬
‫تعد مجرد محاولة ارتكاب فاحشة الشذوذ‪،‬‬ ‫الجنش يف الغرب اليوم لم‬
‫ي‬ ‫وثقافة الشذوذ‬
‫ن‬
‫فه تعيد رؤية الوجود‪ ،‬وتعيد رسم الحياة يف نظر الشاذ‬ ‫وإنما صارت فلسفة حياة‪ ،‬ي‬
‫ن‬
‫والمعاب األخالقية‪ ،‬وتتغت عنده الكثت من المفاهيم‪ ،‬فال‬ ‫ًّ‬
‫جنسيا‪ ،‬فتتغت عنده القيم‬
‫ي‬
‫أخالقية ال حرص لها تتسمم بها‬
‫ٍ‬ ‫يتوقف األمر عىل مجرد الشذوذ‪ ،‬وإنما يتمدد لنطاقات‬
‫الجنش‪.‬‬ ‫ن‬
‫المعاب بسبب ثقافة الشذوذ‬ ‫كثت من‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ ‬لكن قد يقول قائل‪ :‬أنا أشعر أني مدفوع نحو الشذوذ الجنسي‪،‬‬
‫في حين َّ‬
‫أن الشذوذ ليس في ثقافتنا‪ ،‬فهذا مثال ال يستقيم مع ما‬
‫قلت!‬

‫والجواب‪ :‬نعم!‬

‫الجنش وهذا أمر ال ننكره‪.‬‬


‫ي‬ ‫هناك حاالت لديها بالفعل ميول للشذوذ‬

‫الجنش‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫لكن هذا ال يتر ارتكاب فاحشة الشذوذ‬

‫‪ ‬وأغلب الرجال لديهم ميول للزنا‪ ،‬فهل هذا يبرر ارتكاب هذه‬
‫الكبيرة؟‬
‫فالميول ه أهواء النفس اإلنسانية‪ ،‬وقد تزداد بتأثت الثقافة المحيطة‪ ،‬وقد تظهر ًّ‬
‫ذاتيا‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫كهوى نفس‪ ،‬لكن يف كل األحوال ال يجري اإلنسان خلف هذا الميول ويصدقها إال بإرادته‬
‫ر‬
‫االستسال معه‪.‬‬ ‫الكاملة‪ ،‬فاإلنسان يميل لكنه يستطيع إيقاف هذا الميل‪ ،‬أو‬
‫ُ َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العالمي ال يؤاخذ اإلنسان بمجرد الميول‪ ،‬بل إن مقاومة هذه‬ ‫دين رب‬
‫ِ‬ ‫اإلسالم‬ ‫وف‬
‫ي‬
‫الميول فيه األجر الكبت من هللا عز وجل‪.‬‬

‫فه للفعل ذاته‪.‬‬ ‫ن‬


‫أما المؤاخذة يف اإلسالم ي‬

‫( ‪ (732‬وقد أفاض علي عزت بيجوفيتش رحمه هللا في هذا الموضوع‪ ،‬وفي بيان أنه ال علقة بين التنشئة والتربية وبين‬
‫السلوك األخلقي في كتابه اإلسلم بين الشرق والغرب‪.‬‬
‫‪813‬‬
‫‪ ‬قال ي‬
‫النن ﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬وقال ﷺ ‪:‬‬

‫اإلله‪:‬ﱡﭐﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ‬
‫ي‬ ‫‪ ‬فهذه فاحشة تستحق المقت‬
‫ﲸﲹ‪..‬ﱠ ﴿‪ ﴾81‬سورة األعراف‪.‬‬

‫والنتيجة‪ :‬ﱡﭐﱒﱓﱔ ﱠ ﴿‪ ﴾74‬سورة الحجر‪.‬‬


‫‪..‬‬

‫ر‬
‫شء فيها‪ ،‬أما تصديق الميول‪ ،‬وارتكاب الفاحشة‪ ،‬فهذه كبتة من‬ ‫• فمجرد الميول ال ي‬
‫أكت الكبائر‪.‬‬
‫النفش الحديث يتعامل مع هذه الميول‪ ،‬وهناك عالجات معرفية‬ ‫ي‬ ‫• والطب‬
‫الجنش‪ ،‬فهناك عالج تنفتي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وسلوكية تقوم بتغيت المسار للمبتىل بالشذوذ‬
‫ي‬
‫بش ٍء‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫حيث يتم ربط االرتباطات الشطية بي المثت الشاذ وبي الشعور باللذة ي‬
‫المبتىل بهذه الميول مع‬ ‫ُمنفر كلسعة كهرباء‪ ،‬أو نرصبة مؤلمة‪ ،‬أو إلزام ماىل يدفعه ُ‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫جنش شاذ وهكذا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل شعور باللذة؛ نتيجة مثت‬
‫• فهذا األمر مع الوقت ُيولد نفرة من المثت الشاذ‪.‬‬
‫معن الذكورة واألنوثة‪ ،‬وتعزيز التمايز بينهما ن يف ذهن اإلنسان‪.‬‬ ‫• ويتم بالتوازي تعزيز ن‬
‫• فهناك كثت من العالجات المتاحة اليوم إىل أن يصل المبتىل بالميول الشاذة لحالة‬
‫حن يتجاوزها إن شاء هللا‪.‬‬ ‫من السالم النفش والصت عىل هذه الميول ر‬
‫ي‬
‫• واإلنسان ن يف كل األحوال قادر عىل إيقاف شيطانه يف أية لحظة يريد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ٌ‬
‫الن‬ ‫تماما عن كل ما ُيرتكب‪ ،‬ويستطيع أن يوقف الدوافع األولية ر‬ ‫• وكل إنسان مسؤول ً‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫توصله يف مرحلة تالية لالندفاع الشديد نحو الفاحشة‪ ،‬فكل إنسان عىل نفسه‬
‫ألف معاذيره‪.‬‬ ‫بصتة ولو ر‬

‫‪ ‬ﱡﭐﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﱠ سورة القيامة‪.‬‬

‫صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.5891:‬‬ ‫(‪(733‬‬

‫صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4462 :‬‬ ‫(‪(734‬‬

‫‪814‬‬
‫َّ‬ ‫وكل إنسان حر ً‬
‫تماما‪ ،‬وكل إنسان مكلف‪ ،‬والحرية مع التكليف هما جوهر القضاء‪ ،‬والحكم‬
‫نف كل دساتت العالم‪ ،‬وهما جوهر الحساب األخروي ن‬
‫بي يدي هللا عز وجل‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲥﲦﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷ‬
‫ﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﱠ سورة النازعات‪.‬‬

‫أن إنسانًا سوَّ لت له نفسه ارتكاب هذه الفاحشة‪،‬‬ ‫ْ‬


‫لنفترض َّ‬ ‫‪ ‬لكن‬
‫فهل َّ‬
‫توقفت الدنيا؟‬

‫• ال وهللا!‬
‫• فباب التوبة لن ُيغلق إال بطلوع الشمس من مغرب ها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫وعزما أكيدا عىل عدم الرجوع إىل الذنب‪.‬‬ ‫المهم أن تكون توبة صادقة عاجلة‬
‫‪‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬
‫ﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯ ﱰﱱﱲﱳﱴﱵ‬
‫ﲀﲂﲃﲄ‬
‫ﱶﱷ ﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿ ﲁ‬
‫ﲅﱠ سورة آل عمران‪.‬‬

‫قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬

‫بشي‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬
‫إذن فهناك ميول للشذوذ ال ننكرها‪ ،‬وهناك ضعف ر‬

‫ﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱠ سورة الشمس‪.‬‬

‫وليس ثمة إنسان عىل وجه األرض ليست عنده ميول للمعصية‪.‬‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة العنكبوت‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱖﱠ﴿‪ ﴾2‬سورة الملك‪.‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2661 :‬‬ ‫(‪(735‬‬

‫‪815‬‬
‫اَّلل‪َ ،‬‬
‫ومن‬ ‫"ومن َي ْس َت ْعف ْ‬
‫ف ُيعف ُه َّ ُ‬ ‫‪ ‬لكن الميول ال تتر لإلنسان أن يفعل المعصية‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن َي َت َص ْت ُي َص ْت ُه َّ ُ‬
‫اَّلل"‪)7٣6(.‬‬ ‫َي ْس َت ْغن ُي ْغنه َّ ُ‬
‫اَّلل‪َ ،‬‬
‫ِ ِِ‬
‫‪ ‬فالمسلم يتعامل مع الميول الشاذة كما يتعامل أي إنسان مع أية شهوة‪ :‬بالمقاومة‬
‫تنته‪.‬‬
‫ي‬ ‫والصت والتجاهل وسوف‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬ما تريده لوبيات الشذوذ يف الغرب أن يتعامل اإلنسان مع ميوله كالحيوان‪ ،‬فكلما‬
‫َ‬
‫اشته ف َعل‪.‬‬
‫ر ن‬ ‫ُ‬
‫ترتف يف ُسلم اإليمان‪ ،‬إال بضبط‬
‫ي‬ ‫‪ ‬بينما الدين يقول لك‪ :‬لن تعرف أنك إنسان‪ ،‬ولن‬
‫نفسك‪ ،‬وتمحيص قلبك‪ ،‬ر ن‬
‫والتام ذاتك داخل دائرة‪ :‬قال هللا‪ ...‬قال رسوله‪.‬‬
‫خارج هذه الدائرة‪ ،‬فلن تجد إال قيم الحيوانات‪ :‬ﱡﭐﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞ‬ ‫َ‬
‫أما‬
‫ﲟﱠ ﴿‪ ﴾4٠‬سورة النور‪.‬‬

‫ئ‬ ‫ر‬
‫عىل عزت‬
‫مبدب هائل‪ ،‬كما يقول ي‬
‫ي‬ ‫أخالف‬
‫ي‬ ‫فقد دخل اإلنسان إىل هذه الطبيعة برأس مال‬
‫بيجوفيتش رحمه هللا‪)7٣7(.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ً‬
‫كلفا‪ ،‬وتلك ه اللحظة ر‬
‫عرصا جديدا‪.‬‬ ‫الن صنعت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فاإلنسان دخل إىل هذا العالم م‬
‫حن ولو ن‬ ‫ً‬
‫حيوانا ر‬
‫تمن ذلك من كل قلبه‪.‬‬ ‫لذلك فاإلنسان ال يستطيع أن يكون‬
‫إنسان‪)7٣8(.‬‬
‫ً‬
‫خياره الوحيد أن يكون إنسانا أو ال‬

‫فالحيوان بريء من الناحية األخالقية‪ ،‬فال يوجد حيوان خت‪ ،‬وحيوان رشير‪ ،‬لكن‬
‫اإلنسان ليس هكذا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫تطورا وفقا لنظرية التطور لو صحت‪ ،‬ال يحمل ولو صورة بدائية للقيم‬ ‫وأرف الكائنات‬
‫المعن أو الغاية‪ ،‬بل هو يدور ن يف دائرة الغريزة واالستجابة‪.‬‬
‫ن‬ ‫األخالقية أو‬

‫• أما اإلنسان فهو يحمل‪ :‬كل القيم األخالقية منذ اللحظة األوىل‪.‬‬
‫• والقيم األخالقية عند اإلنسان مطلقة‪ ،‬فالخت خت عن الخت ر‬
‫والشير‪.‬‬
‫ش عند الخت ر‬
‫والشير‪.‬‬ ‫والش ر ٌّ‬
‫• ر‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.1469:‬‬ ‫(‪(736‬‬

‫اإلسلم بين الشرق والغرب‪ ،‬علي عزت بيجوفيتش‪ ،‬مؤسسة بافاريا‪.‬‬ ‫(‪(737‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪(738‬‬

‫‪816‬‬
‫تنتىم للتكليف‬
‫ي‬ ‫تنتىم للطبيعة وال لعالم الحيوان‪ ،‬ولكنها فقط‬
‫ي‬ ‫• فالقيم األخالقية ال‬
‫اإلله‪.‬‬
‫ي‬
‫والش‪ ،‬ويعلم أن بداخله شعوراً‬
‫معاب الخت ر‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫• وأشد الناس إلحادا ال ينكر أن بداخله‬
‫ًّ‬
‫تكليفيا بفعل الخت وترك ر‬
‫الش‪.‬‬
‫ر‬
‫األخالف‪.‬‬
‫ي‬ ‫• فهو يستشعر وخز الضمت‬

‫وال طريق إلنقاذ اإلنسان‪ ،‬وإنقاذ قيم اإلنسان سوى عودته إلنسانيته‪ ،‬وال طريق لذلك‬
‫إال بالدين‪.‬‬

‫اإلله فلن تجد إال أفعال قردة البونوبو‪.‬‬


‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫أما بدون‬
‫يعاب من ميول مثلية‪ :‬ابدأ نف العالج ً‬
‫فورا عند ُمتخصص‪.‬‬ ‫وف األخت أقول لمن ن‬‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫إيماب مع هللا ‪-‬عز وجل‪ً -‬‬
‫فورا‪.‬‬ ‫مشوع تزكية إيمانية وارتقاء‬‫• وابدأ نف ر‬
‫ي‬ ‫ْ ي‬
‫• حافظ عىل صالتك بخشوع‪.‬‬
‫ْ‬
‫• حافظ عىل القرآن بتدبر‪.‬‬
‫ْ‬
‫• حافظ عىل األعمال الصالحة‪.‬‬
‫أقلع عن أي ذنب‪.‬‬ ‫• ْ‬
‫ْ‬
‫• حافظ عىل توبة نصوح هلل ‪-‬عز وجل‪ -‬بعد كل ذنب‪.‬‬
‫نش اإللحاد وإشاعة الفاحشة والشذوذ‪ :‬ﭐﱡﭐﳅﳆﳇﳈﳉ‬
‫وأقول لمن يدعم ر‬

‫ﳊﳋﳌﳍﳎﳏﳐﳑﳒﱠ ﴿‪ ﴾42‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪(739‬‬

‫‪817‬‬
‫‪ -222‬هل المخ ُيشرِّع القيمة والمعنى؟‬

‫ج‪ :‬المخ هو مجموعة من األسالك العصبية متجمعة‪ ،‬وكل ما‬


‫ن‬
‫يجري يف المخ هو تبادل أليونات الصوديوم والبوتاسيوم عىل‬
‫جدران الخاليا العصبية؛ لنقل النبضات ال ر‬
‫أكت‪.‬‬

‫سيبف مجرد أسالك عصبية‪ ،‬ونواقل‬ ‫ر‬ ‫فالمخ مهما تعقد‬


‫ن‬ ‫ُ‬
‫وتبادل أيونات‪ ،‬هذا كل ما يجري يف المخ‪.‬‬ ‫كيميائية‪،‬‬

‫تش ًّ‬ ‫ً‬


‫جهازا ر‬
‫يعيا‪.‬‬ ‫• إذن فالمخ جهاز تنفيذي‪ ،‬وليس‬
‫الوع‪.‬‬ ‫ن‬
‫المعن‪ ،‬وال يفرز‬ ‫يشع القيمة‪ ،‬وال‬‫• فالمخ ال ر‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الماص‪ ،‬مثال عىل ذلك‬ ‫علميا بتجارب كثتة منذ بدايات القرن‬ ‫ًّ‬ ‫وهذا األمر جرى إثباته‬
‫ي‬
‫حي كان يضغط‬‫ن‬ ‫تجارب عالم األعصاب الشهت‪ِ :‬ويلدر بنفيلد ‪Wilder Penfield‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫بإلكتود يف يده عىل جزء محدد من مخ المريض الذي أمامه أثناء قيامه بجراحات المخ‪،‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫فمثًل يضغط بنفيلد عىل جزء تحريك اليد يف مخ المريض فتتحرك يد المريض‪ ،‬حيث‬
‫تخرج إشارة من المخ لتحريك يد المريض فتتحرك‪ ،‬فالمخ جهاز تنفيذي‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقف يده عن الحركة أثناء الضغط‬ ‫وهنا يطلب الدكتور بنفيلد من المريض أن ي ِ‬
‫ر‬
‫باإللكتود‪ ،‬وإذا بالمفاجأة الكتى تحصل!‬
‫ْ‬
‫ال يستطيع المريض أن يوقف يده عن الحركة‪.‬‬
‫ر‬
‫باإللكتود تتحرك يد المريض‪ ،‬ومهما‬ ‫فطالما صدرت اإلشارة من المخ بعد الضغط عليه‬
‫حاول المريض أن يوقف حركة يده فال يستطيع‪.‬‬
‫‪ ‬وهنا تظهر المفارقة المدهشة‪:‬‬
‫• اتخذ المخ القرار‪ ،‬واتخذ المريض قر ًارا آخر‪.‬‬
‫يعن أن الوع واإلرادة رشء‪ ،‬والمخ المادي رش ٌء آخر ً‬ ‫ن‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• وهذا ي‬
‫شء مختلف‪.‬‬ ‫• فالقرار الذي يريده المريض رشء‪ ،‬والنشاط ن ر‬
‫المح ي‬‫ي‬ ‫ي‬
‫للوع أو اإلرادة أو اتخاذ القرار‪.‬‬ ‫ً‬
‫• فالمخ مجرد جهاز تنفيذي‪ ،‬وليس مصدرا‬
‫ي‬
‫َ‬
‫وقد كتب بنفيلد كتابه "ش العقل ‪ "Mystery of the Mind‬فأودع فيه نتائج تجاربه‬
‫المدهشة تلك‪.‬‬

‫‪818‬‬
‫‪ ‬وعندما ُ‬
‫سئل الملحد ليونارد ملودينوف ‪ Leonard mlodinow‬الفيزيائي‬
‫الذي اشترك مع ستيفن هاوكنج في كتابة كتاب "التصميم العظيم ‪the‬‬
‫‪ :"Grand Design‬هل يوجد تفسير مادي فيزيائي للوعي؟‬
‫للوع‪)74٠(.‬‬ ‫ن ئ‬
‫ي‬ ‫أجاب‪ :‬ال يوجد تفست مادي فت ي‬
‫ياب‬

‫كهرب‪ ،‬وال نتاج المخ‪.‬‬


‫ي‬ ‫ات‪ ،‬وال نتاج دماغ‪ ،‬وال نتاج نشاط‬ ‫فالوع ليس نتاج ذر ٍ‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫‪ ‬وهنا قد يظهر سؤال‪ :‬لماذا لو أصيب اإلنسان بصدمة في رأسه‪،‬‬
‫أو تم تخديره‪ ،‬أو قام بتعاطي بعض العقاقير‪ ،‬فإنه يفقد الوعي أو يتغير‬
‫وعيه؟‬
‫عالج‬ ‫ُ‬ ‫‪ :‬المخ أشبه ما يكون بجهاز التلفاز‪ ،‬فهو مجرد‬ ‫‪‬‬
‫مستقبل للمعلومة‪ ،‬وم ِ‬
‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وحي يتم قطع األسالك عن جهاز التلفاز‪ ،‬أو عن المخ‪ ،‬كما يحدث يف الصدمات أو‬ ‫لها‪،‬‬
‫العمليات الجراحية أو التخدير أو تناول العقاقت المهلوسة‪ ،‬فإن اإلرسال يتوقف‪ ،‬لكن‬
‫ابتداء‪ ،‬وإنما هو مجرد ناقل لها‪ ،‬كذلك مخك‪741.‬‬ ‫ا‬ ‫التلفاز ال يخزن المعلومة‬
‫فالمخ جهاز تنفيذي يستقبل المعلومات‪ ،‬والعقل يستخدم المخ كآلة‪.‬‬
‫ن‬ ‫َّ‬
‫وهذا الكالم أكد عليه د‪ .‬روجر ستي ‪ Roger Sperry‬الحائز عىل نوبل يف وظائف المخ؛‬
‫أكد عىل أنه ال َعالقة ن‬ ‫َّ‬
‫الوع والمخ‪.‬‬
‫ي‬ ‫بي‬ ‫إذ‬
‫الوع بالمخ‪ ،‬وهم بهذا‬ ‫كثتا ربط‬‫ويحاول المالحدة ً‬
‫ي‬
‫وافتاض‬‫يهدفون إىل ننف حرية اإلرادة عن اإلنسان‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫أن اإلنسان ليست له إرادة حرة‪ ،‬هذه فكرة سامة‪ ،‬كما‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫فه فكرة تتر لكل جريمة‪،‬‬ ‫سابق‪ ،‬ي‬ ‫ٍ‬ ‫باب‬‫شحت يف ٍ‬
‫ونف اإلرادة الحرة ال يتفق وكرامة‬ ‫وألية جريمة‪ ،‬ن‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫اإلنسان‪ ،‬واإلنسان بفطرته يعلم يقينا أنه مكلف‪ ،‬وأن‬
‫وبناء عىل اإلرادة الحرة هناك دستور وقانون وقضاء ومحاكم ومحاماة‬ ‫ا‬ ‫لديه إرادة حرة‪،‬‬
‫وتشي ع وعقوبة ومكافأة‪ ،‬فكل هذه األمور مبنية عىل أن لإلنسان إرادة حرة‪.‬‬ ‫وأحكام ر‬
‫َّ‬
‫ومبنية عىل أن اإلنسان ُمكلف ومسؤول عن قراراته‪.‬‬
‫ن‬
‫لنف اإلرادة الحرة ال يمكنه أن يحلل ظاهرة اإلنسان‪.‬‬
‫لذلك فاإللحاد بتبنيه ي‬

‫)‪(740‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=S5OXzP-5KMs‬‬
‫من ‪00:00‬‬
‫إلى ‪00:13‬‬
‫أنا تتحدث عن نفسها‪ ،‬عمرو شريف‪ ،‬نيوبوك للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫(‪(741‬‬

‫‪819‬‬
‫‪ -223‬هل الحب والكراهية هي مجرد أمور هرمونية؟‬

‫ج‪ :‬لو افترضنا أنَّ األمر بهذه الصورة‪ ،‬فهل‬


‫لو وضعنا هذه الهرمونات ىلع ورقة‬
‫ترشيح يف معمل‪ ،‬هل ورقة الترشيح‬
‫ستُحِبُّ أو ستَك َرهُ؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه عالقة‬ ‫ي‬ ‫المخ‬ ‫بكيمياء‬ ‫العاطفة‬ ‫القة‬ ‫ع‬ ‫•‬
‫تزامنية‪ ،‬وهذا األمر قد أوضحناه قبل قليل‪.‬‬
‫اإلندورفي ُي َ‬
‫فرز‪ ،‬وليس أن هرمون‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫شخصا ما‪ ،‬فإن هرمون‬ ‫• فعندما يحب اإلنسان‬
‫اإلندورفي ُيفرز فيقع ن يف حب فالن‪.‬‬
‫ن‬
‫• َ‬
‫فالعالقة تزامنية‪ ،‬وليست سببية‪.‬‬
‫ن‬
‫اإلندورفي‪.‬‬ ‫• وعندما يتصل بك شخص تحبه‪ ،‬فإن جسدك يفرز هرمون الحب‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫الكورتتول‪.‬‬ ‫شخصا تكرهه‪ ،‬فإن جسدك يف المقابل يفرز هرمون‬ ‫• بينما عندما ترى‬

‫‪‬‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫فف الزمن نفسه الذي أحببت فيه فالنا ظهر هرمون الحب‪ ،‬وليس أن هرمون‬‫• ي‬
‫الحب كان وراء تحابكما‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫الن تؤدي‬
‫ه ي‬ ‫• ولوكانت العالقة بي الهرمونات والمشاعر سببية‪ ،‬وكانت الهرمونات ي‬
‫قليلة أن نحقن هرمون‬
‫ٍ‬ ‫ات‬
‫للحب والبغض كما يصور المالحدة‪ ،‬الستطعنا بدوالر ٍ‬
‫أسي ن يف الحالل‪.‬‬
‫الحب‪ ،‬ونوفق أي ر ن‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪820‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫‪821‬‬
‫‪ -224‬هل النباتية وتحريم أكل الحيوانات هي رحمة بالحيوان؟‬

‫ُ‬
‫تحريم ما أحل هللا تعاىل‪ ،‬فاهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬أحل أكل الحيوان‪ ،‬لكن‬ ‫ُ‬
‫حاصل هذا القول‬ ‫ج‪:‬‬
‫دعاة النباتية يحرمونه‪ ،‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﲃﲄﲅ ﲇ‬
‫ﲆ ﲈ ﲉ ﲊﲋ‬

‫ﲔﲖﲗﲘﲙ ﲚﲛﲜ‬
‫ﲌﲍﲎ ﲏﲐﲑﲒﲓ ﲕ‬

‫ﲠﲢﲣﲤﲥﱠ﴿‪ ﴾4‬سورة المائدة‪.‬‬


‫ﲝﲟ ﲡ‬
‫ﲞ‬

‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ‬

‫ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ‬
‫ﱠﱠ﴿‪ ﴾11٩‬سورة األنعام‪.‬‬

‫وقال عز من قائل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ‬


‫ﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﱠ﴿‪ ﴾142‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪ ‬وقال عز وجل‪ :‬ﱡﭐﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳ‬

‫ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ‬ ‫ﲴ ﲵﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬

‫ﲿﱠ﴿‪ ﴾14‬سورة النحل‪.‬‬


‫َّ‬
‫‪ ‬فما أحله هللا ال يحرمه إنسان قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲀﲁﲂﲃﱠ﴿‪ ﴾1‬سورة‬
‫المائدة‪.‬‬
‫‪ ‬ويقول سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ‬

‫ﲑ ﲒ ﲓ ﲔﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠ﴿‪ ﴾28‬سورة‬
‫الحج‪.‬‬
‫‪ ‬ويقول ‪-‬عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﲖﲗﲘ ﲙﲚ ﲛﲜ ﲝﲞﲟﲠ ﲡﲢﲣ‬

‫ﲤﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬

‫ﲳﱠ ﴿‪ ﴾٣6‬سورة الحج‪.‬‬

‫‪822‬‬
‫َّ‬ ‫فإباحة أكل لحوم الحيوانات ر‬ ‫ُ‬
‫الن أحلها هللا هو من المعلوم من دين اإلسالم‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬
‫ن‬
‫بالرصورة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬ومن اعتقد أن هللا تعاىل أحل شيئا رتتجح ِكفة نرصه عىل نفعه مطلقا‪ ،‬فهو طاعن عىل‬
‫ن‬
‫العالمي‪ ،‬وهو ُمت ِه ٌم هلل سبحانه بالجهل أو الكذب‪ ،‬وهذا رشك يف الربوبية واأللوهية‬
‫ن‬ ‫رب‬
‫جميعا‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱠ﴿‪ ﴾1٥7‬سورة‬ ‫ً‬

‫األعراف‪.‬‬
‫َّ‬
‫أحله هللا هو ً‬
‫قطعا من الطيبات‪.‬‬ ‫‪ ‬فما‬

‫‪ ‬وال يجوز تحريم ما أحل هللا‪ :‬ﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ‬


‫ﱵﱷﱸﱹﱺﱻﱠ ﴿‪ ﴾87‬سورة المائدة‪.‬‬
‫ﱶ‬ ‫ﱳﱴ‬

‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬

‫ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱠ ﴿‪ ﴾٣2‬سورة األعراف‪.‬‬

‫الن أحل هللا أكلها؟ ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅ‬


‫ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬فمن هذا الذي يحرم أكل الحيوانات ي‬
‫ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ‬
‫ﱘﱙﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱠ﴿‪ ﴾11٩‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪ ‬فتحريم ما أحل هللا من الحيوان هو من أعمال الجاهلية‪ :‬ﭐﱡﭐ ﭐ ﭐ ﭐﱁﱂﱃﱄ‬

‫ﱅﱆﱇﱈﱉ ﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑ ﱒ‬
‫ﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱠ ﴿‪ ﴾1٣8‬سورة األنعام‪.‬‬

‫ﱡﱣﱤ ﱥﱦﱧﱨﱩ‬
‫ﱢ‬ ‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ‬
‫ﱴﱶ ﱷﱸﱹ‬
‫ﱵ‬ ‫ﱬ ﱮ ﱯﱰﱱﱲﱳ‬
‫ﱭ‬ ‫ﱪﱫ‬
‫ﲀ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﱠ ﴿‪﴾144‬‬
‫ﱺﱻﱼﱽﱾﱿ ﲁ‬
‫سورة األنعام‪.‬‬

‫‪823‬‬
‫َّ‬
‫‪ ‬فما أحله هللا من لحوم الحيوان والطت والسمك ال يجوز تحريمه عىل الناس‪ :‬ﭐﱡﭐﲉ‬
‫ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﲑ ﲒﲓﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﲚ ﲛ ﲜ‬
‫ﲥﲧﲨﲩﲪﲫﲬ ﲭ ﲮﲯ‬
‫ﲝﲞﲟﲠ ﲡﲢﲣﲤ ﲦ‬
‫ﲰﱠ ﴿‪ ﴾14٥‬سورة األنعام‪.‬‬
‫وافت ٌاء عليه‪ :‬ﭐ‬
‫العالمي ر‬
‫ن‬ ‫والتحريم إن لم يقم عليه دليل من ر‬
‫الشع‪ ،‬فهو كذب عىل رب‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﲑ ﲒ‬

‫ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ‬

‫ﲞﱠ﴿‪ ﴾1٥٠‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ا‬
‫العلىم أن للنبات حياة‪ ،‬وله إحساس وشعور إىل درجة أن سويشا‬
‫ي‬ ‫وقد ثبت بالدليل‬
‫ن‬
‫قواني لتجريم إذالل النبات‪)742(.‬‬ ‫سنت‬

‫‪ ‬فبأي سلطان استحللتم يا دعاة النباتية النبات‪ ،‬وحرَّمتم قتل الحيوان؟‬


‫ٍ‬
‫عصن وحركة‪،‬‬ ‫بي النبات والحيوان‪ ،‬أن الحيوان يتمتع بمخ وجهاز‬ ‫• غاية التفاوت ن‬
‫ي‬
‫لكن النبات ال يحتاج ما يحتاج إليه الحيوان‪ ،‬فاهلل سبحانه ر ن‬
‫يمي عىل الكائن بما‬
‫الح الذي يتحرك ليحصل عىل‬ ‫ي‬ ‫يحتاجه بحكمته وقدرته عز وجل‪ ،‬فالكائن‬
‫الطعام‪ ،‬وي هرب من أعدائه‪ ،‬يتمتع ببنية تتناسب مع ما يحتاج‪.‬‬
‫ا‬
‫دليًل عىل أن النبات ال يع‪ ،‬أو أنه ن‬
‫أدب من الحيوان‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• وهذا ليس بمجرده‬
‫الحشة بمجرد وقوفها عليها‪.‬‬‫ر‬ ‫ن‬
‫الفكي تقبض عىل‬ ‫• وهناك نباتات كنبتة الصبار ذات‬

‫)‪(742‬‬ ‫‪http://planetsave.com/2008/10/18/switzerland-places-ban-on-the-humiliation-of-plants.‬‬
‫‪824‬‬
‫ُ‬
‫فنبتة الميموزا ‪ Mimosa pudica‬ر‬ ‫َّ‬ ‫بل ن‬
‫الن تغلق‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫الوقت‬ ‫مع‬ ‫م‬ ‫تتعل‬ ‫نباتات‬
‫ٍ‬ ‫تبي أن هناك‬
‫تبي للعلماء أنه لو تكرر اللمس أو تكررت‬‫أوراقها بمجرد تعرضها للمس أو الصدمة‪ ،‬ن‬
‫ً‬
‫مجددا‪.‬‬ ‫الصدمة بالقوة نفسها فإن النبتة ال تنكمش‬
‫ن‬
‫‪ ‬فالشعور بما يف الخارج من مؤثر ٍ‬
‫ات‪،‬‬
‫يشتك فيه كل نبات وحيوان‪ ،‬وال‬ ‫ر‬ ‫هذا‬
‫عصن‪.‬‬
‫ي‬ ‫يلزم منه مخ وال جهاز‬

‫الن‬ ‫ر‬
‫الكائن وحيد الخلية ي‬ ‫ً‬
‫بل إن األميبا ذاك‬
‫ًّ‬
‫وع‬ ‫ًّ‬
‫مخا وال جهازا عصبيا‪ ،‬لديها ٌ‬ ‫ال تملك‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫فإذا ر‬
‫اقتبت من طعام ساكن كحبيبة نشا‬
‫طعاما‬‫ً‬ ‫تقتب منها بغت حذر‪ ،‬بينما إذا كان‬ ‫ر‬
‫تقتب منه بحذر‪.‬‬ ‫متحرًكا ر‬

‫ر‬
‫الحشات تحسب عدد‬ ‫وبعض النباتات آكلة‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬
‫الحشات لتغلق فكيها عىل أكت عدد‬
‫ممكن‪)74٣(.‬‬

‫ٌ ن‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ن‬


‫وف اإلسالم كل‬
‫ه أمور ثابتة‪ ،‬ي‬
‫وف الكائنات وحيدة الخلية ي‬
‫الوع يف النبات‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫‪ ‬فقضية‬
‫ُ‬
‫الكائنات تسبح‪ :‬ﭐﱡﭐﲂﲃﲄ ﲅﲆﲇﲈﲉ ﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ ﲑ‬
‫ﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﱠ﴿‪ ﴾44‬سورة اإلشاء‪.‬‬

‫‪ ‬فتحريم أكل الحيوان؛ ألنه يع‪ ،‬هذا يستتبع ن‬


‫بالرصورة تحريم أكل النبات‪.‬‬ ‫ي‬
‫األساش ن يف جسم اإلنسان هو لحوم الحيوانات‪ ،‬وليس النبات‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬ثم إن مصدر الحديد‬
‫نُ‬
‫األوكسجي لكل خلية‬ ‫‪ ‬والحديد هو رئة األنسجة والخاليا‪ ،‬فهو الذي ُي َ‬
‫حمل عىل ذراته‬
‫من خالياك‪.‬‬
‫ن‬
‫فيتامي ب‪ 12‬الذي يمثل غذاء الجهاز‬ ‫ن‬
‫النباتيي يعانون من نقص‬ ‫ْ‬
‫أضف إىل ذلك أن‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫الفيتامي ن‬
‫ن‬
‫الحيواب‪.‬‬
‫ي‬ ‫الرصوري جدا إال يف الغذاء‬ ‫صن‪ ،‬فال يوجد هذا‬
‫الع ي‬

‫)‪ (743‬هذه األمثلة أوردها الدكتور أبو الفداء ابن مسعود في حلقة‪ :‬النباتية فلسفة شركية وليست نظا ًما غذائيًّا على هذا الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=Dpx-d182Org‬‬
‫‪825‬‬
‫ً ن‬ ‫فيتامي ب‪ 12‬هو ر‬
‫ن‬
‫أكت الفيتامينات وصفا يف مستشفيات العالم؛ لحاجة‬ ‫ومن المعلوم أن‬
‫الناس باستمرار إليه‪ ،‬وهو ال يوجد إال ن يف الحيوانات‪.‬‬
‫ن‬
‫النباتيي أنهم تأخذهم شفقة ُمبالغ فيها يف ذبح الحيوانات‪ ،‬والعلمانيون‬
‫ن‬ ‫مشكلة‬
‫فتوجون لهذه القضية‪.‬‬‫والمالحدة يجمعون بطبيعتهم األفكار الشاذة ُ‬

‫ُ‬ ‫لكن ال يعلم النباتيون أن شعور الحيوان يختلف ً‬


‫تماما عما نتصور‪ ،‬فالحيوان يساق للذبح‬
‫"كشاة‬
‫ٍ‬ ‫مرصب المثل ن يف الوداعة‪:‬‬
‫حن صارت سكينته لحظة الذبح ن‬
‫وسكينة ر‬
‫ٍ‬ ‫هدوء‬
‫ٍ‬ ‫يف‬
‫ن‬
‫ُ‬
‫تساق للذبح"‪.‬‬
‫ً‬
‫توجعا‬ ‫آىل بسيط ال يحمل‬ ‫ن‬
‫انقباص ي‬
‫ي‬ ‫وشكل االستجابة لأللم عند الحيوان هو شكل‬
‫ا‬
‫تأمًل ر‬
‫است ًّ‬
‫جاعيا لأللم فيما بعد‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫مستقبليا وال‬ ‫شعوريا‬
‫بل المدهش الذي كشفه لنا علم دراسة سلوك الحيوانات أن ر‬
‫افتاس الحيوانات بعضها‬
‫لبعض غت مؤلم كما نتخيل‪ ،‬بالقياس عىل طبيعتنا نحن ر‬
‫البش‪.‬‬
‫‪ ‬تقول عالمة ر‬
‫األنتولوجيا التيطانية ن‬
‫جي غودال ‪ Jane Goodall‬إن‪:‬‬

‫ً‬
‫بل وتقطيع أجزاء ضخمة من سمك القرش أثناء اشتباكاته قد يكون لطيفا وغت مؤلم‬
‫خطرا ً‬
‫كبتا أصابهم‪)74٥(.‬‬ ‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫ن‬
‫يعاب اضطرابا يذكر‪ ،‬وال يدركون أن‬‫وأغلبهم ال ي‬ ‫بالمرة‪،‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فهذه حقيقة يسجلها العلم‪ ،‬فالحيوان ال ير ِاكم األلم‪ ،‬وال يستجعه‪ ،‬وال يتأمله‪.‬‬
‫وألم الحيوان َ ُ‬
‫أيش بكثت مما نتخيل‪.‬‬
‫ً ن‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫يستا يف ذاكرته‪ ،‬يجعله‬ ‫وتجارب الحيوان مع األلم آنية وقتية‪ ،‬لكنه يوفر إدراكا الشعوريا‬
‫يتفادى التعرض للخطر نف المستقبل‪)746(.‬‬
‫ي‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫شء جوهري أودعه هللا يف الحيوان كآلية لتوليد إدراك‬
‫البسيط هو ي‬ ‫كما قلت‪ :‬األلم‬
‫ا‬
‫شعوري يحميه مستقبًل من تكرار الحادث نفسه‪ ،‬ومن تعريض نفسه للخطر‪.‬‬

‫‪(744) Innocent‬‬ ‫‪killers, P.13.‬‬


‫‪(745) H.‬‬‫‪David Baldrige, shark attack, p.222.‬‬
‫‪(746) Leslie Pearce Williams, a life in natural history, p.245.‬‬

‫هذه االقتباسات من كتاب‪ :‬مشكلة الشر‪ ،‬للدكتور سامي عامري‪ ،‬من إصدارات تكوين‪.‬‬
‫‪826‬‬
‫يقتب منها مر اة أخرى‪ ،‬والذي يقع نف حفرة سيكون ً‬
‫حذرا‬ ‫فالحيوان الذي تلسعه النار لن ر‬
‫ي‬
‫ن يف المرات القادمة‪.‬‬

‫• جاء اإلسالم ونادى بالرحمة مع الطت والحيوان والشجر والنبات‪.‬‬


‫ن‬
‫• فال يجوز تعذيب الحيوان يف اإلسالم وال تجويعه‪ ،‬وال تكليفه ما ال يطيق‪ ،‬وال‬
‫ً ُ‬
‫يجوز اتخاذه هدفا يرم عليه بالنبل أو الرصاص‪ ،‬بل وورد النص بتحريم لعن‬
‫ر ن‬ ‫ن‬ ‫ترق إليها ر‬ ‫َ‬
‫حن يف‬ ‫وقت من األوقات‪ ،‬وال‬‫ٍ‬ ‫البشية يف أي‬ ‫الحيوان‪ ،‬وهذه أمور لم‬
‫ن‬
‫الحارص‪.‬‬ ‫عرصنا‬
‫ً‬
‫غرضا؛ ُ‬ ‫ر‬
‫الرم‪ ،‬عن عبد هللا‬
‫ي‬ ‫فيه‬ ‫تعلم‬ ‫لي‬ ‫النن ﷺ عن اتخاذ ي‬
‫شء فيه الروح‬ ‫‪ ‬فقد نه ي‬
‫ن‬
‫رص هللا عنهما قال‪:‬‬
‫بن عمر ي‬

‫بي حيوان أو طت ن‬
‫وبي ولده‪ ،‬يقول عبد هللا‬ ‫‪ ‬ومن رحمته ﷺ أنه نه أن يحول أحد ن‬
‫ن‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬
‫بن مسعود ‪ -‬ي‬

‫ح‪َ ،‬‬
‫ولعن من فعل‬ ‫الم ْثلة بالحيوان‪ ،‬وهو قطع جزء من أطرافه وهو ٌّ‬
‫‪ ‬ونه ﷺ عن ُ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫رص هللا عنهما قال‪:‬‬
‫ذلك‪ ،‬عن عبد هللا بن عمر ي‬
‫ﷺ‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1958:‬‬ ‫(‪(747‬‬

‫صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.5268 :‬‬ ‫(‪(748‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.5515 :‬‬ ‫(‪(749‬‬

‫‪827‬‬
‫‪ ‬بل لقد نه ي‬
‫النن ﷺ عن قطع الشجر من غت حاجة‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫ن‬
‫العالمي عىل رعاية الحيوان‪ ،‬وحذر أشد التحذير من إيذاء‬ ‫تشي ع رب‬‫‪ ‬وقد حض ر‬
‫النن ﷺ‪:‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫قال‬ ‫أجاعتها‪،‬‬ ‫ة‬‫ر‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ف‬
‫الحيوان‪ ،‬فقد دخلت امرأة النار ي‬

‫ْ‬
‫بن إشائيل الجنة ن يف كلب سقت ُه‪ ،‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬
‫ن‬ ‫وف المقابل دخلت َب ن ٌّ‬
‫ع من بغايا ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫‪ ‬ي‬

‫‪‬‬

‫‪ ‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫(‪ (750‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،5239:‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫)‪ (751‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...3482:‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2242:‬‬
‫( ‪ (752‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...3467:‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2245:‬‬
‫(‪ )753‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.1955:‬‬
‫‪828‬‬
‫رص هللا عنه‪:‬‬‫‪ ‬وعن معاوية بن ُقرة عن أبيه ‪ -‬ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫‪ ‬وعن ابن عباس ي‬
‫رص هللا عنهما‪:‬‬

‫ن‬
‫رص هللا عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللاﷺ ‪:‬‬
‫أب أمامة ‪ -‬ي‬
‫وعن ي‬

‫ورحمة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عدل‬
‫ٍ‬ ‫فه رشيعة‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫• فهذه رحمة تشي ع رب العالمي بالكائنات الحية‪ ،‬ي‬
‫ينتىم لعقل‪ ،‬وال بصتة‪ ،‬ونهايته هالك الحيوان واإلنسان‪.‬‬ ‫ن‬
‫النباتيي فال‬ ‫• أما ر‬
‫تشي ع‬
‫ي‬
‫مأكول؛ ألن كل مأكول‬ ‫فسيحرم عىل نفسه كل‬‫النباتيي ُ‬
‫ن‬ ‫• ولو سار اإلنسان خلف هراء‬
‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫الن تموت‬ ‫نتاج حياة واعية‪ ،‬وسيحرم عىل نفسه التتز؛ لئال يقتل الطفيليات ي‬
‫بالتتز؟‬
‫ر‬
‫الن تحيا عىل‬‫• وسيحرم عىل نفسه االغتسال؛ لئال يقتل المستعمرات البكتتية ي‬
‫جلده‪.‬‬
‫حي تخالف الدين الحق ينهار عليك سقف العقل!‬ ‫• ن‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ (754‬أخرجه الحاكم‪ ،‬ح‪ ،7570:‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫(‪ (755‬الجامع الصغير‪ ،‬ح‪ ،8678:‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪829‬‬
‫الفصل السادس‬

‫‪830‬‬
‫‪ -225‬ما معنى قانون الجذب؟‬
‫ُ‬
‫انتشت ن يف الغرب‪ ،‬وأصلها ديانات رشق آسيا الوثنية‪.‬‬
‫هو فكرة ر‬

‫‪ ‬وقانون الجذب يعني أن‪:‬‬

‫تضبط ذبذبتك ىلع ذبذبة ما تريد من الكون من حولك؛ فيأتيك ‪-‬‬


‫بزعمهم‪.‬‬

‫ُ‬
‫• تطلب ما تريد من الكون‪ ،‬والكون ً ي ي‬
‫لن طلبك!‬
‫• والطلب من الكون إن لم يكن رشكا أكت فما هو ر‬
‫الشك؟‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﲪﲫﲬﲭﲮﲯﱠ ﴿‪ ﴾22‬سورة البقرة‪.‬‬
‫َ‬
‫وتطلب منه‪ ،‬فهذا ن‬ ‫ًّ‬
‫العقىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫والجنون‬ ‫الكفر‬ ‫عي‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ند‬ ‫• فأن تجعل هلل‬

‫أكت من أخذ باألسباب‪ ،‬وأن هذه الطريقة ‪-‬طريقة ضبط الذبذبة‪-‬‬ ‫ولو قالوا إن هذا ليس ر‬
‫ا‬
‫المضار‪،‬‬ ‫ه طريقة فقط لألخذ باألسباب ر‬
‫الن قدرها هللا؛ الستجالب المنافع‪ ،‬ودفع‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫شء يف الكون بإذن هللا؛ لو قالوا ذلك‪ ،‬فهذا شك أصغر يسىم شك األسباب؛ ألن‬ ‫وكل ي‬
‫ً‬
‫أسبابا‪.‬‬ ‫ر‬
‫الن جعلها الشارع‬
‫هذه الطريقة ‪-‬قانون الجذب‪ -‬ليست من جملة األسباب ي‬
‫‪‬‬

‫أسباب رشعية نص عليها الشارع‪.‬‬ ‫❑‬

‫التجرين من جملة‬ ‫بالعلم‬ ‫ها‬ ‫نفع‬ ‫أسباب َق َدرية ر‬


‫كالن ثبت ُ‬ ‫❑‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الن سخرها هللا لعباده‪.‬‬
‫النواميس ي‬
‫َ‬ ‫الن لم ُيج ْزها ر‬
‫الشع ًّ‬
‫نصا أو قد ًرا‪ ،‬فاألخذ بها رشك أصغر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬
‫• أما غت ذلك من األسباب ي‬
‫ختا أو يدفع نُ ًّ‬
‫رصا‪.‬‬ ‫• فالشارع لم ُيخت أن ضبط الذبذبة يجلب ً‬

‫َّ‬
‫المسمى بـ"قانون الجذب"‪،‬‬ ‫والعلم التجريبي ليس فيه هذا الهراء‬

‫‪831‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫❑ ي‬
‫يكف أن الباحث المتخصص يف فضح العلوم الزائفة "مايكل شتمر" كتب بحثا مطوًل‬
‫ن‬
‫العلىم" ‪ Scientific American‬ينع فيه هذه السخافة المسماة‬‫ُي‬ ‫"األمريك‬
‫ي‬ ‫يف مجلة‬
‫"قانون الجذب" وينع دعاتها بشدة‪ ،‬فهم أقرب للمخابيل‪)7٥6(.‬‬

‫ً‬
‫بسيطا؛ لنفهم الفرق بين األخذ باألسباب‪،‬‬ ‫‪ ‬واآلن لنضرب مثالًا‬
‫والشرك األصغر‪ ،‬والشرك األكبر‪:‬‬

‫أ‪ -‬عمل ُرقية لنفسه ببعض اآليات القرآنية‪ ...‬هنا نقول‪ :‬هذا أمر رشعه هللا تعاىل‪.‬‬

‫اصا دوائية؛ لتخفيف الوجع‪ ...‬هنا نقول‪ :‬األقراص الدوائية جعلها هللا‬ ‫ب‪ -‬تعاط أقر ً‬
‫سببا‪ ،‬وقدرها لذلك‪ ،‬فال حرج عليه ن يف التداوي‪.‬‬
‫ً‬

‫ج‪ -‬قام برسم ِطل ْسمات عىل موضع األلم للتداوي بها‪ ...‬هنا نقول‪ :‬هذا من ر‬
‫الشك؛ ألنه‬
‫َّ‬
‫يشعه هللا‪ ،‬ولم ُيقد ْر ُه كوسيلة عالج‪.‬‬
‫تعلق بما لم ر‬
‫ُ‬
‫سبب‪ ،‬والشفاء من هللا‪ ،‬فهذا رشك أصغر يسىم‬ ‫ٍ‬ ‫• ولو ظن أن هذا الطلسم مجرد‬
‫رشك األسباب‪.‬‬
‫شف بذاته‪ ،‬فهنا وقع نف ر‬‫َ ن‬
‫الشك األكت‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• أما لو اعتقد أن هذا الطلسم ي ي‬
‫والشك األكت‪ ،‬ر‬
‫والشك األصغر‪.‬‬ ‫بي األخذ باألسباب‪ ،‬ر‬ ‫• فهذا مثال للتفريق ن‬
‫الرص بضبط الذبذبة نف قانون الجذب‪ :‬هذا يدور ن‬
‫بي‬ ‫• إذن اعتقاد جلب النفع أو دفع ن‬
‫ي‬
‫الشك األكت‪ ،‬ر‬
‫والشك األصغر‪.‬‬ ‫ر‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬لكن لألسف دعاة العالج بالطاقة يف بالدنا‪ ،‬ودعاة قانون الجذب يعطون هذه‬
‫حن تدخل عىل العوام والجهلة‪ :‬مسحة رشعية‪ ،‬ومسحة‬ ‫تي" ر‬ ‫الممارسات " َم ْس َح ن‬
‫ِ‬
‫علمية‪.‬‬

‫فيقولون إن‪ :‬قانون الجذب هو من باب إحسان الظن‬ ‫‪ ‬أما‬


‫ن‬
‫القدش‪" :‬أنا عند ظن عبدي يب"؟‬
‫ي‬ ‫باهلل‪ ،‬ألم يقل هللا تعاىل يف الحديث‬

‫‪ ‬لكن تدليس هؤالء هنا أن قانون الجذب يعتمد عىل إحسان الظن بالطاقة الكونية‬
‫ر‬
‫الن تنطلق من البدن‪ ...‬إحسان الظن بقوة ونفع‬
‫ال باهلل‪ ...‬إحسان الظن بقوة الطاقة ي‬
‫وصالحية قانون الجذب‪.‬‬

‫)‪(756‬‬ ‫‪https://www.scientificamerican.com/article/the-other-secret/‬‬
‫‪832‬‬
‫‪ ‬فهل هذا من باب إحسان الظن باهلل؟ أم من باب إحسان الظن بقانون الجذب‬
‫الخرافي؟‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫ويستدلون أيضا بقوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦ ﱠ‬

‫ومن المعلوم أن تغيت ما بنفسك يكون بصالح العمل‪ ،‬وترك الكفر‪ ،‬وليس بضبط الذبذبة‬
‫كما ر‬
‫يفتون‪.‬‬

‫‪ ‬ويعتمدون عىل حديث ي‬


‫للنن ﷺ يروون أنه قال‪:‬‬

‫"تفاءلوا بالخت تجدوه"‪ ،‬وهو أثر موضوع مكذوب ال يصح!‬


‫ر‬
‫شء فيها‪ ،‬فالتفاؤل يدفع للنشاط واألخذ باألسباب‪ ،‬وليس‬ ‫• والدعوة للتفاؤل ال ي‬
‫أن مجرد التفاؤل يجذب النفع أو يدفع ن‬
‫الرص!‬
‫َ‬
‫• ويعتمدون عىل قول ا ي‬
‫لنن ﷺ‪" :‬إنما األعمال بالنيات"‪ ،‬وال أدري ما عالقة الحديث‬
‫بضبط الذبذبة؟‬
‫• فالنية عمل قلن‪ ،‬والثواب يكون ا‬
‫بناء عىل النية‪ ،‬هذا منطوق الحديث!‬ ‫ي‬
‫الذهن ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬ويبدو أنه كما قال‬

‫ُ‬ ‫ن‬
‫فه أنهم يروجون لألمر عىل أنه قضية‬
‫يف قانون الجذب ي‬ ‫‪ ‬أما‬
‫ن‬
‫للفتياء‪ ،‬وهذا من أكت الدجل الذي ما سمعنا به من قبل‪،‬‬ ‫علمية‪ ،‬وأن الموضوع يخضع‬
‫الن عرفها ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫البش عت‬ ‫فقانون الجذب وضبط الذبذبة ال عالقة لهما بكل قواني الفتياء ي‬
‫كل عصورهم‪.‬‬

‫ُّ‬
‫تهتز المادة‬ ‫بل والفيزياء دائ ًما تشرح عكس قانون الجذب تما ًما‪ ،‬ففي الفيزياء حين‬
‫فإنها ال يمكن أن تهتز إال َو ْفق ترددات محددة تعتمد على كتلة ومرونة الجسم‪،‬‬
‫وليس لك أن تزيد االهتزاز أو تنقصه إال َو ْفق قوانين فيزيائية مثل أن‪ :‬تُغير من‬
‫كتلة المادة‪.‬‬

‫(‪ )757‬ميزان االعتدال –بتصرف‪ ،-‬الذهبي‪ ،‬م‪ 5‬ص‪.173‬‬


‫‪833‬‬
‫• وهذه االهتزازات التي تقوم بها المادة ليس لها خاصية الجذب ً‬
‫أصال‪.‬‬
‫• فال يوجد ما ُيعرف بالجذب من خالل الذبذبة‪ ،‬هذا دجل فيزيائي‪.‬‬
‫• بل والمادة عند درجة الصفر المطلق ال ر ن‬
‫تهت بأية صورة؛ ألن طاقة حركتها عند‬
‫الصفر المطلق تكون مساوية للصفر‪.‬‬
‫ا‬ ‫• ثم إن جسم اإلنسان ليست له كتلة معتتة تستطيع جذب أي ر‬
‫شء أصًل‪.‬‬‫ي‬
‫ً‬
‫• واألعجب من ذلك أن شحنة اإلنسان الكلية متعادلة‪ ،‬فال هو يجذب شيئا‬
‫وال يطرد‪.‬‬
‫علىم وهراء عىل أعىل‬
‫ي‬ ‫• إذن الدجل المسىم ب "قانون الجذب" هو محض كذب‬
‫مستوى‪.‬‬
‫لها خاصية الجذب‪ ،‬وال الطاقة من خواصها‬ ‫• فال‬
‫الجذب‪ ،‬وال كتلة اإلنسان تسمح بأن يكون له خاصية جذب‪ ،‬وفوق ذلك شحنته‬
‫الكهربية متعادلة فال هو يجذب وال يطرد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫• والنية والتفكت ر‬
‫والت ن‬
‫كت الشعوري يف ضبط الذبذبة يف قانون الجذب هذه األمور ال‬
‫فف واحدة من‬ ‫تؤثر نف العالم المادي عىل عكس ما ُيروج دعاة قانون الجذب‪ ،‬ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كورنل‬
‫ِ‬ ‫األبحاث العلمية لتأثت النية عىل العالم من حولنا‪ ،‬أجرى علماء من جامعة‬
‫الشهتة ‪ Cornell University‬تجربة عن ارتباط النية والتفكت بإحداث تغتات‬
‫‪)758(.‬‬ ‫َ‬
‫وت ن‬
‫بي أن هذه الفكرة محض وهم‬ ‫مادية‪،‬‬

‫َ‬
‫قانون الجذب كأحد العلوم‬ ‫صنفت مجلة "اليف ساينس العلمية"‬ ‫َّ‬ ‫وقد‬
‫الزائفة المنتشرة في الثقافة الشعبية‪.‬‬

‫• ولألسف ما زال هناك َمن يحاول نف بالدنا تلبيس هذا القانون لبوس العلم؛ ر‬
‫حن‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫والحمف!‬ ‫ُ‬
‫يدخلها عىل الجهلة‬
‫ن‬
‫المرص والفقراء باعتبارهم‬ ‫• ومن مزيد باليا هذا القانون "قانون الجذب" أنه يتهم‬
‫نَ ن‬
‫متسببي يف فقرهم ومرضهم؛ ألنهم يجذبون الفقر والمرض ألنفسهم؛ وهنا‬
‫السؤال‪ :‬األنبياء الذين ابتُلوا‪ ،‬هل كانوا متسببينَ يف ذلك؟‬

‫)‪(758‬‬ ‫‪http://science.sciencemag.org/content/189/4201/478‬‬
‫ً‬
‫(نقل عن نقد علجات الطاقة‪ ...‬مقاالت موقع د‪ .‬فوز كردي)‬
‫‪(759) https://www.livescience.com/5303-pseudoscience-secret.html‬‬

‫‪834‬‬
‫َْ ُ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ه أهدى ِمن ِمل ِة األنبياء ْأو أنهم ُمفت ِتحو‬ ‫• إن دعاة قانون الجذب إما أنهم عىل ِمل ٍة يِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اب ضًلل ٍة وكفر!‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫تجريبيا‪ ،‬فهو ال‬ ‫• والمضحك أنهم يسمونه قانونا مع عدم إمكانية إثباته وال نقضه‬
‫حن‬‫علميا‪ ،‬لكن ال بد من المصطلحات العلمية ر‬ ‫ًّ‬ ‫وشوط القانون‬ ‫َعالقة له بأركان ر‬
‫َيدخلوا عىل البسطاء‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ر‬
‫فمشوع قانون‬ ‫األماب‪،‬‬
‫ي‬ ‫• ي َعظم الدنيا‪ ،‬ويجعل شهواتها منته الرغبات‪ ،‬وغاية‬
‫الجذب تحصيل رغبات الدنيا ال ر‬
‫أكت‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ً‬
‫• تقديس النفس اإلنسانية باعتبارها إلها يحقق ما يريد‪ ،‬وليس للخالق سبحانه إرادة‬
‫وال قيومية ‪-‬حاشاه سبحانه وتعاىل ‪ -‬فهو يستجيب لك ما تطلب‪ ،‬وال ن‬
‫يمت ن‬
‫بي ما‬
‫تطلب‪ ،‬فالمهم هو أن تضبط ذبذبتك لتحصل عىل ما تطلب ‪-‬تعاىل هللا عما‬
‫يقولون‪.‬‬
‫‪‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱠ ﴿‪ ﴾7٣‬سورة‬
‫النحل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪)760‬‬
‫موقع الشيخ محمد صالح المنجد حفظه هللا‪https://almunajjid.com/9700 :‬‬
‫‪835‬‬
‫ضالال من فرقة القدرية؟‬
‫أشد ً‬‫‪ -226‬لماذا دعاة قانون الجذب ُّ‬

‫‪ ‬عقيدة أهل السنة والجماعة أن اهلل خلق كل شيء‪ ،‬وكتب كل شيء‪ ،‬و َعلِم كل‬
‫شيء‪ ،‬وقدر كل شيء‪.‬‬

‫❑ وأن هللا خلق أفعال العباد‪ ،‬وما شاء كان‪ ،‬وما لم يشأ لم يكن‪.‬‬

‫❑ هذه عقيدة أهل السنة والجماعة وسلف األمة‪.‬‬


‫َّ‬
‫❑ ثم بعد زمن ظهرت أول فرقة ضالة ن يف اإلسالم‪" :‬فرقة القدرية"‪.‬‬

‫‪ ‬وقد قالت القدرية‪:‬‬


‫ا‬ ‫َ‬
‫إن العباد يخلقون أقدار أنفسهم بالكسب‪ ،‬فما تفعله أنت هو قدرك الذي أنت قدرته‬
‫لنفسك‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫فحسب‪ ،‬بل أقدار كل‬ ‫ثم جاء دعاة قانون الجذب فقالوا‪ :‬إن اإلنسان ال يخلق قدره هو‬
‫الوجود من حوله‪ ،‬حيث يعتقدون أن الفكر يصنع الواقع‪ ،‬وأن تر ن‬
‫كتك وتأملك تستطيع‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ‬
‫بهما أن تغت الكون من حولك‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وهذا القول بأن ر‬


‫الت ن‬
‫يصنعان قدر الكون أخطر من قول القدرية‪ ،‬نفاة القدر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫كت والتأمل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فالقدرية جعلوا منته قدرة اإلنسان خلق أفعال نفسه‪ ،‬أما هؤالء فيجعلون اإلنسان‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫فألهوا اإلنسان‪ ،‬ووضعوه نف ن ن‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫متلة الخالق ‪-‬عياذا باهلل من الضالل‪.‬‬ ‫ي‬ ‫حوله‪،‬‬ ‫ما‬ ‫ار‬‫ألقد‬ ‫ا‬ ‫خالق‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪836‬‬
‫إلها خال ًقا؟‬
‫‪ -227‬كيف جعل دعاة علوم الطاقة وقانون الجذب اإلنسان ً‬
‫ًّ‬
‫حرفيا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان عندهم يغت أقدار الكون كله من حوله‪ ،‬ويخلق هذه األقدار بنفسه‬
‫حن نف األفالم الكارتونية؛ شاهدت ً‬
‫فيلما‬ ‫ولألسف أصبحت الدعاية لهذه األفكار الكفرية ر‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫كارتونيا هنديا مدبلجا للعربية‪ ،‬وموجها ألطفالنا يصور كيف أن اإلنسان يتحول بجلسات‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫سكوب وتركت إىل كائن آخر عمالق يتجاوز العالم المادي‪ ...‬كائن نور ي‬
‫اب خالد يبدأ يف‬ ‫ي‬ ‫تأمل‬
‫تغيت أقدار العالم من حوله‪.‬‬

‫‪ ‬فهل في ذلك شيء من عقيدتنا التي تقرر أن اإلنسان يولد عب ًدا‪ ،‬ويموت عب ًدا؟‬

‫يخضغ لعبودية القهر والتسخت‪ ،‬وعبودية التأله هلل سبحانه‪.‬‬


‫قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲾﲿﳀ ﳁ ﳂﳃﳄﳅﳆﳇ ﱠ﴿‪ ﴾٩٣‬سورة‬
‫مريم‪.‬‬
‫فاإلنسان بطبيعته وأصله ضعيف‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱕﱖﱗﱠ﴿‪ ﴾28‬سورة‬
‫النساء‪.‬‬

‫وأصل اإليمان بالقضاء والقدر عند أهل السنة والجماعة هو التسليم هلل والرضا بقضائه‪،‬‬
‫وأن اإلنسان ضعيف‪ ،‬وال يملك إال األخذ باألسباب ال ر‬
‫أكت‪.‬‬
‫قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ‬
‫ﱖﱠ ﴿‪ ﴾٣‬سورة الفرقان‪.‬‬
‫ن‬
‫اإلنساب‪ ،‬هذه‬ ‫فنحن لن نكون أسياد مصائرنا‪ ،‬والتسليم هلل هو نهاية قصة المصت‬
‫ي‬
‫وشه"(‪ُ )761‬‬
‫وروي‬ ‫عقيدتنا وه أصل من أصول اإليمان الستة‪" :‬وتؤمن بالقدر خته ر‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫لو ِه ومر ِه"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫بزيادة "ح ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يرصه؛ لذلك رشعت االستخارة‪ ،‬وفيها‪" :‬واقد ْر ي َىل‬
‫واإلنسان ال يعرف ما ينفعه وال ما ن‬
‫َ‬
‫الخت حيث كان‪ ،‬ثم أرض نن به"‪)762(.‬‬
‫ِ ي‬
‫هذا هو أصل اإليمان بالقضاء والقدر‪.‬‬

‫(‪ )761‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.8 :‬‬


‫(‪ )762‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.1162:‬‬
‫‪837‬‬
‫‪ ‬ومن لم يؤمن بالقضاء والقدر فهو من أهل النار‪ ،‬قال ي‬
‫الننﷺ ‪:‬‬

‫فاإليمان بالقضاء والقدر هو دين المسلم!‬


‫ُّ‬ ‫ً‬
‫الننﷺ‪:‬‬
‫ي‬ ‫قال‬ ‫عليها‪،‬‬ ‫ل‬‫والتوك‬ ‫نفسه‬ ‫عىل‬ ‫االعتماد‬ ‫لإلنسان‬ ‫يجوز‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫سخافات أفكار‪ ،‬ونريد من الناس أن يطبقوها؟‬


‫ِ‬ ‫هذه عقيدتنا‪ ،‬وهذا ديننا‪ ،‬فما بالنا نستورد‬

‫‪ ‬وإذا قلنا لهم‪ :‬هذه أفكار وثنية هندوسية وبوذية رشكية كفرية‪ ،‬قالوا لنا‪ :‬أنتم ال‬
‫ً‬
‫تفهمون أبعاد هذه األمور‪ ،‬وال تقرؤون جيدا ما نقصد‪.‬‬

‫يبف لهم جمهور‬ ‫المعاب الرمزية نف هذه الكفريات ر‬


‫حن ر‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫دائما يتهموننا أننا ال نستوعب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫ويجن هؤالء من ورائهم األموال‪.‬‬ ‫يستمعون إليهم‪،‬‬
‫ي‬
‫ومن أشهر دعاة علوم الطاقة وقانون الجذب ن يف عرصنا ديباك شوبرا‪ ،‬وصالح الراشد‪،‬‬
‫وأحمد عمارة‪ ،‬ومريم نور‪ ،‬وروبرت شيلدراك ‪ Robert Sheldrake‬وغتهم نسأل هللا‬
‫أن يهديهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الكىل؛‬
‫ي‬ ‫بالوع‬
‫ي‬ ‫عرف‬ ‫ي‬ ‫لما‬ ‫بشدة‬ ‫جان‬
‫ِ‬ ‫رو‬‫ي‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫شوب‬ ‫وديباك‬ ‫‪،‬‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫شيلد‬ ‫روبرت‬ ‫أن‬ ‫إىل‬ ‫ه‬‫أنو‬ ‫أن‬ ‫وأود‬
‫ً‬
‫الكىل هنا نوعا من اإلدراك لدى الكائنات الحية‪ ،‬وإنما يريدون‬ ‫ي‬ ‫بالوع‬
‫ي‬ ‫وليس المقصود‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬
‫جوهر واحد‪.‬‬ ‫بذلك وحدة الوجود‪ ،‬وأن كل ما يف الوجود‬

‫(‪ )763‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،4699 :‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫(‪ )764‬صحيح الترغيب والترهيب‪ ،‬ح‪.661:‬‬
‫(‪ )765‬أخرجه الترمذي‪ ،‬ح‪ ،2072:‬درجة الحديث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪838‬‬
‫‪ -228‬هل دعاة العالج بالطاقة وقانون الجذب يبيعون بالفعل تمائم الستجالب الطاقة الكونية؟‬

‫نعم وهللا!‬

‫يأتون بأحجار كريمة‪ ،‬وأشكال هندسية‪ ،‬ورموز هندوسية وبوذية‪ ،‬ويقولون‪ :‬هذه تجلب‬
‫السعادة‪ ،‬وتجلب الرزق‪ ،‬وتلك تجلب ر‬
‫الشيك‪ ،‬وتجلب الزوج‪.‬‬
‫تجارة التمائم والطالسم والوثنيات تجارة رائجة نف أزمنة ر‬
‫ينتش فيها الجهل‪ ،‬ويبتعد فيها‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫العالمي‪.‬‬ ‫الناس عن دين رب‬

‫‪‬‬
‫أ‪ -‬الضفدع ذو األرجل الثالث؛ لعالج الفقر وجلب ر‬
‫التوة‪.‬‬

‫الخشن؛ لجلب الحظ والحب‪.‬‬


‫ي‬ ‫ب‪ -‬زوج البط‬

‫ج‪ -‬سوار الطاقة‪ ،‬وقالدة الطاقة‪ ،‬وقرص الطاقة الحيوي‪ ،‬وقلم الطاقة‪ ،‬وسلسلة الطاقة؛‬
‫لرفع مستوى الطاقة اإليجابية نف ن ن‬
‫متلك ومكان عملك‪.‬‬ ‫ي‬
‫د‪ -‬البندول‪.‬‬

‫ه ‪ -‬األشكال الهرمية؛ لزيادة الصحة‪.‬‬

‫و‪ -‬األحجار الكريمة‪.‬‬


‫ن‬
‫المغفلي‬ ‫ز‪ -‬العالج باأللوان‪ :‬عت عمل سلسلة من الفحوص الطبية ‪-‬من باب التلفيق عىل‬
‫والحمف‪ -‬ثم تحديد اللون المناسب لزيادة صحتك‪ ،‬وبيع الحجر الكريم ذي اللون‬‫ر‬
‫األنسب لك‪.‬‬

‫الننﷺ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عدنا إىل األوثان كما أخت ي‬

‫‪‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬كيف عادت األمة اإلسالمية إلى عبادة األوثان بهذه السهولة؟‬

‫(‪ )766‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.4252:‬‬


‫‪839‬‬
‫التدي نف ُمستنقع الوثنيات‪ ،‬عجيب اتقاء ر‬
‫الش‪ ،‬واستجالب الخت باألحجار‬ ‫عجيب هذا ر‬
‫ي‬
‫ن‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫ن‬
‫والطالسم يف بالد الموحدين بالد‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ا ن‬
‫الواهنة قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وف يده حلقة من ُصفر فقال‪ :‬ما هذا؟ قال‪ِ :‬من‬ ‫‪ ‬إذا كان ي‬
‫الننﷺ رأى رجًل ي‬

‫ن‬
‫‪ ‬ي‬
‫وف رواية‪:‬‬

‫هذا ن يف قالدة تدفع عنه الواهنة‪.‬‬


‫ن ٍّ ُ َ‬ ‫بمن يزعم أن الطاقة الكونية تجلب كل ر‬ ‫فكيف َ‬
‫رص‪ ،‬وتلبس القالئد؛‬ ‫شء‪ ،‬وتدفع كل‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫وت ر‬
‫شتى األحجار الكريمة‪،‬‬ ‫الستجالبها‪ ،‬ويجلس الناس داخل أشكال هرمية لالنتفاع بها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والبندوالت‪ ،‬واأللوان الخاصة رلت ن‬
‫وه‬
‫ي‬ ‫أجلها‪،‬‬ ‫من‬ ‫ورياضات‬ ‫ممارسات‬ ‫ق‬ ‫طب‬‫وت‬ ‫ها‪،‬‬‫كت‬
‫الرص عنهم‪ ،‬فما توصيف كل هذا باهلل‬ ‫مصدر زيادة الصحة‪ ،‬ووفرة المال‪ ،‬ودفع ن‬

‫عليكم؟‬
‫‪ ‬أليس هذا عين الكفر والوثنية والضالل والشرك األكبر؟‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٥6‬سورة اإلشاء‪.‬‬
‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲪﲫﲬﲭﲮﲯﱠ ﴿‪ ﴾22‬سورة البقرة‪.‬‬

‫‪ ‬وقال عز من قائل‪ :‬ﭐﱡﭐ‪ ..‬ﱷﱸﱹﱺﱻ‪ ..‬ﱠ﴿‪ ﴾٣1‬سورة الرعد‪.‬‬

‫‪ ‬وقال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫‪ ‬وقال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫صحيح ابن حبان‪ ،‬ح‪.6085:‬‬ ‫(‪)767‬‬

‫صحيح من رواية الهيتمي المكي‪ ،‬الزواجر‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.166‬‬ ‫(‪)768‬‬

‫سنن الترمذي‪ ،‬ح‪ ،2516:‬صحيح‪.‬‬ ‫(‪(769‬‬

‫صحيح الجامع‪ ،‬ح‪.1632:‬‬ ‫(‪)770‬‬

‫‪840‬‬
‫‪ -229‬ما معنى الطاقة السلبية والطاقة اإليجابية‪ ،‬وهل هي تُستجلب ً‬
‫فعال؟‬

‫شء ن يف العلم المادي ُيسىم طاقة إيجابية وطاقة سلبية‪.‬‬‫ر‬


‫‪ ‬ال يوجد ي‬
‫والطاقة السالبة والطاقة املوجبة يف الفيزياء املعاصرة ال عَالقة بها بالسلبية‬
‫أو اإليجابية‪ ،‬فهذا من أغرب ما سمعنا من تدليس!‬

‫ر ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ه‬ ‫اص؛ فلو قلنا إن أيونات "س" ي‬ ‫• فالسالب والموجب يف الفتياء هو تقسيم افت ي‬
‫ر ن ن‬
‫اص يف‬ ‫ه أيونات سالبة‪ ،‬فهذا تقرير افت ي‬ ‫أيونات موجبة‪ ،‬بينما أيونات "ص" ي‬
‫أكت‪ ،‬ولو عكسنا هذا التقرير وقلنا إن أيونات "س"‬ ‫الفتياء؛ لتسهيل المعادالت ال ر‬ ‫ن‬
‫اص‬ ‫ر ن‬
‫ه الموجبة فال إشكال‪ ،‬فاألمر فقط افت ي‬ ‫ه السالبة‪ ،‬بينما أيونات "ص" ي‬ ‫ي‬
‫الفتيائية‪)771(.‬‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫للتميت والتفريق وست المعادلة‬ ‫ن‬
‫• وهنا رأب دعاة فلسفات العالج بالطاقة وأعجبتهم الكلمة "سالب وموجب"‪ ،‬فقالوا‬
‫السن أو‬‫ئ‬ ‫بالطاقة السلبية والطاقة اإليجابية بمعناهما المادي‪ ،‬وقالوا إن الفكر‬
‫السلىم يطلق طاقة إيجابية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫طلق طاقة سلبية‪ ،‬بينما الفكر الجيد أو النافع أو‬ ‫الضار ي ِ‬
‫• وهذا تلفيق من أعجب العجب عىل العلم!‬
‫من والفكر يفرز طاقات؟‬ ‫• ثم منذ ر‬
‫ُ‬
‫• وكيف قمتم بتحديدها؟‬
‫• ووفق أي تقسيم قلتم إن هذه سلبية وتلك إيجابية؟‬
‫ن‬
‫تعن الخطأ؟‬ ‫• وعىل أي أساس اعتتتم أن السلبية ي‬
‫لفًط‪ ،‬فيأخذون لفظة أيون‬ ‫مشتك ن‬ ‫ر‬ ‫العلىم ألي‬ ‫دائما يستخدمون التلفيق‬ ‫• لألسف ً‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء‪ ،‬ويقولون‪ :‬ها هو العلم يتحدث عن المفاهيم‬ ‫سالب وأيون موجب يف‬
‫السلبية واإليجابية‪.‬‬
‫ن‬ ‫• المضحك ر‬
‫أكت مما سبق أن بعضهم يقول لك‪ :‬ال تجلس يف مكان تشعر فيه بطاقة‬
‫شء ُيسىم مكان به طاقة سلبية‪ ،‬ومكان به طاقة إيجابية!‬ ‫ر‬
‫سلبية‪ ،‬فنقول لهؤالء‪ :‬ال يوجد ي‬
‫تمتىل بالطاقة اإليجابية‪ ،‬والواقع أن دور العبادة‬ ‫ئ‬ ‫‪ ‬ويقول آخرون‪ :‬إن دور العبادة‬
‫متعادلة الشحنة ال تفرز طاقة سالبة وال طاقة موجبة‪.‬‬
‫ئ‬
‫ممتىل‬ ‫ممتىل بالطاقة اإليجابية‪ ،‬وال مكان‬‫ئ‬ ‫• فاألماكن متعادلة الشحنة ال يوجد مكان‬
‫بالطاقة السلبية‪.‬‬

‫❑ والشحنة الموجبة أو الشحنة السالبة كما قلت ال تعنيان الفهم الذي‬


‫يريدونه لإليجابية والسلبية‪.‬‬

‫مقاالت موقع د‪ .‬فوز كردي‪.‬‬ ‫(‪)771‬‬

‫‪841‬‬
‫الفصل السابع‬

‫‪842‬‬
‫‪ -230‬كيف نشأ علم الفيزياء الفلكية؟‬

‫• والمشكلة هنا أن اإللحاد بدأ يستخدم بعض فرضيات هذا العلم؛ لتتير بعض‬
‫التصورات اإللحادية‪.‬‬
‫ر‬
‫الن خلقت‬
‫ه ي‬ ‫• ولإلنسان أن يتعجب كيف لملحد يؤمن أن األحجار ‪-‬الطبيعة‪ -‬ي‬
‫الن خلقت اإلنسان بسمعه وبرصه وعقله‬ ‫نفسها‪ ،‬ثم خلقت العالم‪ ،‬وه ر‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الن قدرت الموت والحياة‪ ،‬كيف له أن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫وه ي‬‫الن قدرت أرزاقنا‪ ،‬ي‬ ‫وه ي‬‫وجوارحه‪ ،‬ي‬
‫يستخدم فرضيات هذا العلم لتتير هذا الجنون؟‬
‫ْ‬
‫• اإللحاد الذي يحاول أن يقنعك بالمحاالت‪ ،‬فال وجود له إال باإليمان بالمحاالت‪،‬‬
‫ن‬
‫الفتياء الفلكية؛ لتتير إيمانه بالمحاالت‪.‬‬ ‫يستخدم فرضيات علم‬

‫ا‬ ‫َّ‬
‫لقد صار اإللحاد اليوم يتكلف أسخف صور االستدالل ن يف مقابل إيهامك بأن له وجاهة‪.‬‬

‫‪ ‬مثال على ذلك‪:‬‬

‫ن‬
‫يقرر اإللحاد طبقًا لفرضية أنَّ‪ :‬مجموع الطاقة الموجبة والطاقة السالبة يف الكون‬
‫لشء‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ا‬
‫قريبة من الصفر‪ ،‬يقرر بناء عىل ذلك أنه ال وجود ي‬

‫‪843‬‬
‫‪ ‬ر‬
‫حن قال أحد الملحدين بالحرف‪:‬‬

‫ٍّ‬
‫• فتخي ْل إىل أي حد وصلوا!‬
‫• وصلوا إلنكار وجود العالم الذي يعيشون فيه‪.‬‬
‫يىل‪:‬‬ ‫ما‬ ‫نقول‬ ‫أن‬ ‫قولهم‬ ‫عىل‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫قياس‬ ‫• ونحن نستطيع‬
‫ي‬
‫هناك أرض زراعية قام المهندسون باألكل منها‪ ،‬ثم بهذه الطاقة التي‬
‫حصلوا عليها باألكل‪ ،‬قاموا بحفر المناجم الستخراج المعادن‪ ،‬وصنعوا‬
‫بهذه المعادن طائرة عمالقة‪.‬‬

‫فهل ننفي صانع الطائرة‪ ،‬وصناعة الطائرة‪ ،‬وعملية استخراج المعادن‪ ،‬وعملية تصميم‬
‫استخرجت المعادن َ‬
‫وصممت الطائرة‪ ،‬ن‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫وفتياء أجهزة الطائرة‪ ،‬هل ننكر كل‬ ‫الن‬
‫المعدات ي‬
‫ر‬
‫هذا الصنع والتصميم واإليجاد والتدبت لمجرد أن‪ :‬مجموع الطاقة ي‬
‫الن أخرجها‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الن حصلوا عليها من األرض الزراعية؟‬
‫المهندسون يف تصنيع الطائرة تساوي الطاقة ي‬
‫ر‬
‫هل ننفي َخلق الكون وإبهار الحدود الحرجة ي‬
‫الن بدأ بها لمجرد أن مجموع الطاقة‬
‫السالبة والموجبة قريب من الصفر؟‬

‫فالمالحدة كما ترى يستخدمون أية فرضية‪ ،‬و ُيلبسوها ُمسو ًحا عجيبة؛ ليروجوا‬
‫إللحادهم وإليمانهم بالمحاالت‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪(772‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=NOrlIOm6eGM‬‬
‫من ‪ 2:13‬إلى ‪2:26‬‬
‫‪844‬‬
‫‪ -231‬ما هي مشكلة علم الفيزياء الفلكية‪ ،‬وهل هو علم أم دجل وهراء؟‬

‫ج‪ :‬يقول الملحد الالأدري الشهت برتراند راسل‪:‬‬

‫ن‬ ‫الن يرصد بها العلماء عمر الكون‪ ،‬أو حجم الكون‪ ،‬أو ر‬ ‫ر‬
‫الكوب‬
‫ي‬ ‫حن التعقيد‬ ‫• فاآلليات ي‬
‫ه آليات ن يف منته البدائية‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫كوب معقد للغاية بآليات وأجهزة رصد يف منته البساطة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫• فأنت تتعامل مع نظام ًّ ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ه آليات‬‫الن نستخدمها يف رصده ي‬ ‫الكون ًّمعق ًّد جدا جدا جدا‪ ،‬واآلليات ي‬ ‫• إن نظام‬
‫ًّ‬
‫بدائية جدا جدا جدا؛ ولذلك قال برتراند راسل ما قال‪ ،‬وبالمناسبة برتراند راسل‬
‫الن وصلنا‬‫ر‬ ‫ر‬
‫هو عالم رياضيات ومنطق‪ ،‬فهو يحاول أنً يشح لنا قصور الفرضيات ي‬
‫الفتياء الفلكية؛ ولذلك قال أيضا ن يف موضع آخر‪:‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫لها يف علم‬

‫ًّ‬ ‫ً‬
‫منهجا استقر ًّ‬
‫سطحيا ليس بهذه‬ ‫ائيا‬ ‫• فهنا يقرر برتراند راسل أن منهج جاليليو كان‬
‫الوثوقية‪.‬‬
‫ً‬
‫فلنفتض أن هناك نباتا ً‬ ‫ر‬ ‫وحن تعرف ن‬ ‫• ر‬
‫غريبا (س) بعد أن تناوله أحد‬ ‫معن االستقراء‪:‬‬
‫األشخاص أدى لظهور المرض (ص)‪.‬‬
‫• فهنا يقرر منهج االستقراء أن النبات (س) يؤدي للمرض (ص)‪.‬‬
‫• هذا هو منهج االستقراء‪.‬‬
‫• لكن هذا منهج قارص‪.‬‬
‫ٌ ن‬
‫• فهناك ألف سبب آخر ربما كان لهم دور يف ظهور المرض (ص)‪ ،‬فما الذي يدفعك‬
‫وبي ظهور هذا المرض‪.‬‬ ‫بي هذا النبات ن‬ ‫ر‬
‫المباش ن‬ ‫للربط‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الن أدت لظهور هذا‬ ‫وه ي‬ ‫• ربما كان يف هذا النبات مواد كيماوية تم رشها عليه‪ ،‬ي‬
‫المرض‪.‬‬
‫بالتامن مع تناول هذا النبات‪.‬‬ ‫ر‬
‫• ربما حصل رشء ن‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ئ‬
‫اب أنه يتجاهل آالف المسببات األخرى‪.‬‬ ‫• فمشكلة المنهج االستقر ي‬

‫(‪ )773‬تحليل العقل‪ ،‬برتراند راسل‪ ،‬ص‪.159‬‬


‫( ‪(774‬‬ ‫‪Bertrand Russell, The Scientific Outlook. (George Allen & Unwin, London, 1934) p.33.‬‬
‫‪845‬‬
‫ُ‬
‫وهناك ُمسببات خفية أو متغتات خفية ال تحض وال حرص لها ‪Confounding‬‬
‫‪.variable‬‬

‫فاملنهج االستقرائي يؤدي ملا يعرف ب ‪" :‬االرتباط الزائف" ن‬


‫بي ظاهرة وأثر‪ ،‬فهو‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫يتجاهل المسببات الخفية‪ ،‬ر‬
‫والن من الممكن أن يكون لها دور يف ظهور المرض (ص)‬ ‫ي‬
‫ائف‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫بدائيا ا‬ ‫كمثال؛ لذلك قد يكون ُحكم المنهج االستقر ئاب ُح ً‬
‫ارتباط ز ٍ‬
‫ٍ‬ ‫بناء عىل‬ ‫كما‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫االفتاض الشائع ن‬
‫بي بعض أطباء جراحات المخ يف‬ ‫وخير مثال واقعي ىلع ذلك‪:‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الماص من كون أورام معينة يف المخ‪ ،‬لها دور يف سلوكيات شاذة عند‬
‫ي‬ ‫ثمانينيات القرن‬
‫ن‬
‫المصابي بهذه األورام‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫المرص‬ ‫االفتاض بعد أن بينت النتائج المبدئية أنه بإزالة الورم يف بعض‬ ‫وقد اشتهر هذا‬
‫اختفت هذه السلوكيات الشاذة‪.‬‬

‫يتم النظر لها بمنهج استقرائي أُحادي‬ ‫‪ ‬فهل ُّ‬


‫تصرفات اإلنسان ال ُمعقدة للغاية ُّ‬
‫بدائي؟‬

‫‪ ‬أين آالف المتغيرات وال ُمسبِّبات الخفية التي ال تُحصى؟‬

‫تجاهل ما ال حصر له من األسباب األخرى‪ ،‬والتي قد تكون أدت لتعديل‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬كيف يمكن‬
‫سلوك اإلنسان؟‬
‫ًّ‬
‫فاإلنسان ظاهرة ُمعقدة جدا‪ ،‬وال يمكن تحليل سلوكياته بهذه الرؤية البدائية‪.‬‬
‫اقتاب أجله‪ ،‬ر‬ ‫ا‬
‫مثًل أن يكون المريض قد استشعر ر‬
‫فتاجع عن ممارساته الشاذة؟‬ ‫فما المانع‬
‫بي بعض أطباء جراحات المخ‪ ،‬ر‬
‫حن تم اكتشاف أنه‬ ‫ً‬
‫شائعا ن‬ ‫العجيب أن هذا التصور ظل‬
‫ا‬ ‫بي الورم نف المخ ن‬
‫وبي السلوك ر‬ ‫ال توجد َعالقة ن‬
‫البشي أصًل‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪846‬‬
‫ن‬ ‫لكن لو كنا ندرك قصور المنهج االستقر ئ‬
‫اب من البداية لما سقطنا يف هذا الفخ‪ ،‬ولما‬
‫ي‬
‫العلىم عىل خطأ هذا التصور‪.‬‬
‫ي‬ ‫احتجنا للتوكيد‬

‫حي أننا نعرف‬‫للشياطي‪ ،‬نف ن‬


‫ن‬ ‫ً‬
‫رجوما‬ ‫‪ ‬مثال آخر‪ :‬يقول المالحدة كيف تكون الشهب‬
‫ي‬
‫الن تست بها الشهب؟‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫القواني الفتيائية ي‬
‫ً‬
‫اب ن يف الرصد‪.‬‬
‫ي‬
‫أيضا هو المنهج االستقر ئ‬ ‫ومصدر هذه الشبهة‬
‫ن‬
‫الفتياء ر‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫فنحن ال نرصد إال ُم ً‬
‫الن تست بها الشهب‪ ،‬لكن‬‫ي‬ ‫قواني‬ ‫وهو‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫ا‬‫واحد‬ ‫تغتا‬
‫ًّ ن‬ ‫ر‬
‫فعليا يف عالم‬ ‫والن قد تكون ال حرص لها‬ ‫ي‬ ‫نحن نتجاهل كل المتغتات الخفية‪،‬‬
‫ن‬
‫والشياطي؟‬ ‫المحسوسات‪ ،‬فما بالك بعالم الغيب كعالم الجن‬

‫إذا كنت في عالم المحسوسات منهجك الرصدي‬


‫االستقرائي في منتهى القصور‪ ،‬فما بالك بالعالم غير‬
‫المد َرك‪ ...‬العالم الغيبي؟‬

‫‪847‬‬
‫‪ ‬ألجل كل هذا يقول كارل بوبر وهو فيلسوف العلوم األشهر‪:‬‬

‫ستبقى دو ًما هناك جملة من ال ُمسببات الخفية تثبت خطأ استنتاجك قد تظهر في‬
‫أي وقت‪ ،‬وقد ال تظهر أب ًدا‪.‬‬

‫للنف‬ ‫ومن أجل هذا قام بوبر بتأسيس مبدأ ُعرف نف فلسفة العلم بمبدأ‪" :‬القابلية ن‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ثبت صحة نظرية‬ ‫‪ ،"Falsifiability‬فمهما كررت التجربة لن تستطيع أن ت ِ‬
‫اب‪.‬‬‫ئ‬
‫بالمنهج االستقر ي‬
‫ًّ‬
‫شموليا من‬ ‫المسببات الخفية‪ ،‬فكيف تضع ُح ً‬
‫كما‬ ‫ألنك لن تستطع أن تحيط بكل ُ‬ ‫•‬
‫واحد؟‬
‫ٍ‬ ‫بسيط لمتغت‬ ‫ٍ‬ ‫رصد‬
‫ٍ‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫خدمات كثتة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ونحن هنا ال ننكر أهمية منهج االستقراء‪ ،‬فهو عىل قصوره يقدم‬ ‫•‬
‫البشية‪ ،‬فنحن‬ ‫فبتكرار التجربة نحاول أن نصل ألفضل تصور متاح بحدود قدراتنا ر‬
‫ُ‬
‫دائما نكرر التجارب؛ نلتصد أية متغتات خفية‪ ،‬ونعدل النتائج‪.‬‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫فهنا التكرار يفيد يف زيادة الطمأنينة لنتائج التجربة‪ ،‬لكن ال بد أن نعلم أننا لن نصل‬ ‫•‬
‫العلىم‪.‬‬ ‫ستبف ً‬
‫دائما نسبة شك‪ ،‬وهذه طبيعة البحث‬ ‫ر‬ ‫للوثوقية التامة‪،‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫فتياء الفلك أنه أعقد من عالم الكائنات الحية بمراحل‪:‬ﭐﱡﭐ ﲢ‬
‫‪ ‬مشكلة علم ن‬

‫ﲣﲤﲥﲦ ﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾٥7‬سورة غافر‪.‬‬
‫ن‬
‫فتعقيد عالم الفلك أكت من تعقيد عالم الكائنات الحية‪ ،‬وهناك حواجز يف طبيعة‬ ‫•‬
‫هذا الكون من المحال تجاوزها مهما انفتحت لنا من علوم‪ ،‬مثال عىل ذلك‪ :‬جدران‬
‫بالنك‪.‬‬
‫ْ‬
‫فأنت لن تستطيع أن تعرف ماذا كان قبل الثانية ‪ 46-1٠‬من عمر الكون‪ ،‬فمهما‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫أوتيت من علم يستحيل أن تعرف‪.‬‬

‫(‪(775‬‬‫‪Popper, K R., The Logic of Scientific Discovery, (6th (rev.) impression of the 1959 English‬‬
‫‪translation, Hutchinson, 1972) P. 29.‬‬
‫‪848‬‬
‫‪‬‬

‫ثم إن قضية خلق السماوات واألرض ال تخضع ال لالستقراء وال لالستنباط‪.‬‬

‫❑ فهل سبق ألحد أن شهد بعينيه عملية خلق سماء وأرض حتى يقيس عليها خلق‬
‫سمائِنا وأرضنا؟‬
‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲪﲫﲬﱠ﴿‪ ﴾1٩‬سورة الزخرف‪.‬‬

‫‪ ‬هل رأيت سما ًء تُخلق‪ ،‬ثم تبدأ أنت في ممارسة المنهج االستقرائي في كيفية‬
‫ظهور كوننا؟‬

‫حاضر؟‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬فكيف تقيس غائبًا والذي هو خلق السماوات واألرض على أي شي ٍء‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫لذلك ر‬
‫الفتياء الفلكية عىل دراسة كيفية ظهور الكون‪ ،‬فإنهم‬ ‫حن يقوم الباحثون يف علم‬
‫اب‪ ،‬أال وهو منهج االستنباط‬‫ئ‬
‫يعتمدون عىل منهج أقل دقة بكثت من المنهج االستقر ي‬
‫اص ‪. Hypothetico-Deductivism‬‬ ‫ر‬
‫االفت ن‬
‫ي‬

‫وطبقًا ملنهج االستنباط االفتراضي فـ‪ :‬الباحثون يف علم الفلك‬


‫يقومون بقياس غائب لم يشهدوه‪ ،‬والذي هو خلق السماوات واألرض‬
‫ىلع تأويالت يف أذهانهم‪ ،‬يُحاكونها ىلع مجموعة من النماذج‬
‫الرياضية‪.‬‬

‫ن‬ ‫ا‬
‫وبي‬ ‫فهذا المنهج من أقل مناهج المعرفة العلمية وثوقية‪ ،‬وال يفصل بينه‬ ‫•‬
‫ُ‬
‫الشعوذة إال شعرة البالطو األبيض وشهادة الجامعة كما سأ ن‬
‫بي‪.‬‬

‫‪ ‬لكن الذي يتعجب له اإلنسان‪ :‬كيف لملحد أن يستخدم فرضيات بهذا الضعف في‬
‫تصوراته اإللحادية؟‬
‫طرح ُّ‬
‫ئ‬
‫اب واحد!‬ ‫ر‬ ‫•‬
‫إنها فرضيات ال تملك حن مسحة دليل استقر ي‬

‫‪849‬‬
‫‪ ‬يقول ريتشارد داويد فيلسوف العلوم‪:‬‬

‫اإلله!‬ ‫والوح‬ ‫ر‬


‫يأب ملحد ليعتدي بهذه الفرضيات عىل الغيب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ثم ي‬
‫َمن يفرح بهذه الفرضيات ينطبق عليه قول هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﲹﲺﲻﲼﱠ ﴿‪﴾12‬‬
‫سورة الطور‪.‬‬
‫‪ ‬والنتيجة‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱠ ﴿‪ ﴾42‬سورة‬
‫المعارج‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الن يشتغل عليها آالف العلماء يف‬ ‫‪ ‬انظر ُكمثال ل ‪ :‬نظرية األوتار الفائقة‪ ،‬تلك النظرية ي‬
‫العالم‪ ،‬وأنفقت عليها مليارات الدوالرات‪.‬‬
‫قوام هذه النظرية عىل أية أدلة؟‬
‫تقوم نظرية األوتار الفائقة عىل مجرد تأويالت ذهنية‪ ،‬ونماذج رياضية ال ر‬
‫أكت!‬
‫‪ ‬وعندما تحدث ستيفن هاوكنج عن نظرية األوتار الفائقة ن يف آخر كتبه قال‪:‬‬

‫(‪(776‬‬
‫‪string theory suffered from another awkward issue: There appeared to be at least five different‬‬
‫‪theories and millions of ways the extra dimensions could be curled up‬‬
‫‪The Grand Design, P.174.‬‬
‫‪850‬‬
‫الن ر‬
‫تفتضها‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الذهن ألي حل من هذه الماليي من الحلول ي‬
‫ي‬ ‫ويمكن من خالل التأويل‬
‫نظرية األوتار الفائقة‪ ،‬أن يتم رسم عالم كامل من الخياالت واألوهام (ﲹﲺﲻ)‪.‬‬

‫ن‬
‫الماليي من الحلول أن يطرح أية فرضية من الفرضيات باختيار أي‬ ‫لن يعجز إنسان بهذه‬
‫اإلله‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫حل يعجبه‪ ،‬ويتصور من خالله أي هذيان يف مقابل‬

‫والعجيب أن نظرية األوتار الفائقة نفسها ال يوجد عليها دليل واحد‪ ،‬وال يوجد عالم‬
‫ا‬
‫عتت يستطيع أن يجزم بوجود أوتار فائقة ن يف ِبنية الذرة أصًل!‬ ‫فت ئ‬
‫ياب ُم َ‬
‫ي‬
‫ن‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء الفلكية‪ ،‬كالهما يقوم عىل التأويل‬ ‫فنظرية األوتار الفائقة يف مبناها تشبه علم‬
‫الذهن‪ ،‬وبعض النماذج والمعادالت الرياضية‪.‬‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫‪ ‬يقول ستيفن هاوكنج ن يف خاتمة كتابه موجز تاري خ الزمن‪:‬‬

‫• ر‬
‫تفتض نظرية األوتار الفائقة ‪ ٥٠٠1٠‬كون‪ ،‬أي‪ :‬مليارات األكوان‪.‬‬
‫حن تضبط المعادالت الخاصة بها!‬ ‫• تتخيل هذه النظرية مليارات األكوان ر‬

‫(‪(777‬‬‫‪Both theories lack observational evidence: no one has ever seen a giant tortoise with the earth on‬‬
‫‪its back, but then, no one has seen a superstring either.‬‬
‫‪Stephen Hawking, A Brief History of Time, (Bantam, 1998) Chap 12, 1 of 4 .‬‬
‫‪851‬‬
‫❑‬
‫ن‬
‫الرياص‪.‬‬ ‫• والبعض ينبهر بهذا اإلغراق‬
‫ي‬
‫ر ُ‬
‫كوننا‪ ،‬تخرج لنا‬ ‫• مجموعة من النماذج الرياضية والمعادالت ي‬
‫الن يراد بها تفست ِ‬
‫بمليارات مليارات التصورات ألكوان أخرى؟‬

‫‪‬‬

‫رياضيا ً‬
‫تماما‪ ،‬لكنها ال‬ ‫ًّ‬ ‫• معادالت نظرية األوتار الفائقة معادالت ُمعقدة وصحيحة‬
‫شء عىل أرض الواقع!‬ ‫ر‬
‫تصف أي ي‬
‫الفتياء الفلكية أصبح‬ ‫• لألسف عوام الناس ال يعرفون هذا الكالم‪ ،‬وال يعرفون أن علم ن‬
‫مرتعا لتأويالت ذهنية تعادل بالضبط ما يمارسه المشعوذون!‬ ‫ً‬
‫ُ َ ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العلىم‪،‬‬
‫ي‬ ‫البحث‬ ‫باسم‬ ‫اء‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫ف‬‫• دافعو الرصائب يف الغرب ال يعرفون أن ملياراتهم تنفق ي‬
‫البشي‪.‬‬‫والتقدم ر‬
‫يأب ملحد ليقول لنا‪ :‬هناك طاقة كانت موجودة قبل ظهور كوننا‪ ،‬ا‬ ‫ر‬
‫بناء عىل‬ ‫• ثم ي‬
‫فرضية (س)!‬
‫ن ن‬
‫الباحثي يف علم‬ ‫• لقد خرج ألكسندر فلنكن ‪ Alexander Vilenkin‬وهو من أشهر‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫مديرا لمعهد علم الكونيات‪ ،‬خرج بعد ‪ 2٥‬سنة من البحث‬ ‫الفتياء الفلكية‪ ،‬ويعمل‬
‫ً‬ ‫نف فرضيات نشأة الكون‪ ،‬وأصل الكون‪ ،‬وهو ً‬
‫يوما ما كان واحدا من ُرواد هذا‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫فه مجرد‬ ‫المجال‪ ،‬خرج ليعتف أن كل هذه الفرضيات يف نشأة الكون بال قيمة‪ ،‬ي‬
‫حن عىل مستوى المعادلة الرياضية‪)778(.‬‬ ‫تأويالت ال تعمل ر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ ‬لقد خاضوا يف الغيبيات بالتأويالت الذهنية واألوهام السخيفة‪ ،‬فضيعوا األعمار يف‬
‫الالشء‪ :‬ﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ‬ ‫ي‬
‫ر‬

‫ﱶﱠ ﴿‪ ﴾148‬سورة األنعام‪.‬‬

‫بشي لتخيل الغيب المحض‪:‬ﱡﭐﲐﲑﲒﲓﲔﲕﱠ‬


‫‪ ‬فهو مجرد غرور ر‬

‫﴿‪ ﴾2٩‬سورة الروم‪.‬‬

‫(‪(778‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=NXCQelhKJ7A‬‬
‫من ‪3:02‬‬
‫إلى ‪3:17‬‬
‫‪852‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الدين فسدت كل تأويالته الذهنية يف عالم الغيب‪ ،‬وعاد بالخزي‬
‫ي‬ ‫ومن فسد اعتقاده‬
‫والفشل!‬
‫ر‬
‫الن يمكن االعتماد عليها‬
‫فالمرجعية الموضوعية الوحيدة ‪ Normative Reference‬ي‬
‫اإلله"‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ً ن‬
‫ي‬ ‫"الوح‬
‫ي‬ ‫ه‬
‫ي‬ ‫الغيب‬ ‫عالم‬ ‫ف‬
‫يقينا ي‬
‫اإلله تعرف الحقيقة مطابقة للواقع‪.‬‬
‫ي‬ ‫بالوح‬
‫ي‬
‫وليس بديل الوحي اإللهي إال زباالت التأويالت الذهنية التي يسمونها بـ‪ :‬فرضيات‬
‫أصل الكون‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ن‬ ‫ر‬
‫شء مما ال قياس له عىل عادتنا يف هذا العالم‪ ،‬كيف يقومون بوضع التخيالت‬ ‫• ي‬
‫العقلية فيه؟ ويسمون هذه التخيالت ً‬
‫علما؟‬
‫وأوه أنواع االستنباط‪ ،‬فيما ال سبيل ر‬‫يتكلفون أسخف صور االستدالل‪ْ ،‬‬ ‫َّ‬
‫للبش إىل‬ ‫•‬
‫ا‬
‫تحصيله أصًل!(‪)77٩‬‬

‫التجرين‬ ‫ن‬
‫المسلمي نؤمن بأن طريق معرفة الغيب مما ال سبيل للعلم‬ ‫ر‬
‫معاش‬ ‫• نحن‬
‫ي‬
‫اإلله‪ ،‬وليس من تأويالت الذهن‪.‬‬
‫ي‬ ‫الوح‬
‫ي‬ ‫إليه‪ ،‬ال يكون إال باكتساب العلم من‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫الفتياء الفلكية كدراسة النجوم‪،‬‬ ‫• وبعيدا عن قضية أصل الكون‪ ،‬فبقية فروع علم‬
‫أيضا ن‬‫ً‬ ‫ه وإن لم تكن بنفس سطحية األدلة نف ن‬
‫تعاب من‬ ‫ي‬ ‫فتياء أصل الكون‪ ،‬لكنها‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫عيوب القياس عىل غت مقيس‪.‬‬
‫ن‬
‫الكوب‪،‬‬‫ي‬ ‫فه تعتمد عىل معلومات رصدية شحيحة باهتة بالنسبة لتعقيد النظام‬ ‫• ي‬
‫ً‬
‫فتؤسس عىل هذه المعلومات الباهتة تصورات كلية‪ ،‬وأكواما من الفرضيات‬ ‫ا‬
‫والقياسات والتأويالت‪.‬‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫الفتياء الفلكية نف أصل الكون ال يملك دليًل‪ ،‬ن‬ ‫ن‬
‫وأب له الدليل يف‬ ‫ي‬ ‫• فإذا كان علم‬
‫ن‬ ‫الن يضعها‪ ،‬فإن علم ن‬ ‫ر‬
‫الفتياء الفلكية يف دراسة النجوم يملك أدلة‪ ،‬لكنها‬ ‫فرضياته ي‬
‫شحيحة للغاية‪ ،‬وباهتة بصورة مزعجة‪ ،‬فأنت ال تعرف حجم األسباب الغيبية‬
‫ن‬
‫القواني‪ ،‬وال تعرف كم وتعقيد المسببات الخفية‪.‬‬ ‫الن قدر هللا بها خلق‬ ‫ر‬
‫ي‬

‫(‪ )779‬معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.219‬‬
‫‪853‬‬
‫ن‬
‫• فأنت عندما ترصد الضوء الذي خرج من النجم‪ ،‬وتبدأ يف تحليل كل مكونات النجم‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ئ‬ ‫ا‬
‫قياسا عىل لون الشعلة الذي نراه يف معاملنا‪ ،‬فهذا تحليل‬ ‫الضوب‬
‫ي‬ ‫بناء عىل طيفه‬
‫ئ‬
‫بداب‪)78٠(.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي ُ‬
‫• عندما تقرر أن هذا الضوء الذي خرج من النجم منذ ثالثة ماليي عام ووصلنا للتو‪،‬‬
‫الن ن‬
‫تتبن من خاللها‬ ‫ر‬
‫لم تحصل له متغتات أو مسببات خفية تؤثر عىل قياساتك ي‬
‫تصور عمر النجوم‪ ،‬وعمر الكون فأنت عندك مشكلة!‬
‫• فما المانع كما يقول برتراند راسل من أن يخرج الضوء منذ خمسة دقائق فقط‪ ،‬وبه‬
‫ن‬
‫ماليي عام؟(‪)781‬‬ ‫توح بأن عمره ثالثة‬ ‫آثار ومتغتات خفية‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫اص‪ ،‬والقياس عىل غت مقيس‪ ،‬وتجاهل المتغتات الخفية‬ ‫• فمنهج االستنباط االفت ي‬
‫يعًط أية وثوقية ن يف القياس‪.‬‬‫ي‬ ‫ال‬

‫دائما أننا من الممكن ن يف أية لحظة أن نكتشف أن‪:‬‬


‫‪ ‬ولذلك كان ستيفن هاوكنج يؤكد ً‬
‫فتياء الفلك ه مجرد خرافات أسطورية خاطئة‪)782(.‬‬ ‫كل نتائج قياساتنا نف ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪‬‬

‫النوع األول‪ :‬البحث يف الغيب املحض بالتأويالت الذهنية‪ ،‬كالبحث يف‬


‫أصل الكون‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ووهم كله‪ ،‬وشعوذة كله‪.‬‬ ‫وهذا النوع من البحث هر ٌاء كله‪،‬‬

‫‪ ‬ألم يعترف العلم التجريبي أنه قاصر على رصد الظواهر فقط في حدود الزمكان؟‬

‫فالعلم يرصد الظاهرة ن يف حدود الزمان والمكان فقط!‬

‫العلىم‪.‬‬
‫ي‬ ‫أما ما وراء العالم‪ ،‬وما وراء الزمان والمكان‪ ،‬فهذا خارج نطاق النظر‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.237‬‬ ‫(‪(780‬‬

‫تحليل العقل‪ ،‬برتراند راسل‪ ،‬ص‪.159‬‬ ‫(‪)781‬‬


‫(‪(782‬‬ ‫‪The Grand Design, P.72.‬‬
‫‪854‬‬
‫عندما دخل الباحثون نف علم ن‬
‫الفتياء الفلكية إىل الغيب المحض مألوا األوراق بالتأويالت‬ ‫ي‬
‫الذهنية‪ ،‬وأفسدوا مدرجات الجامعات بأكوام الفرضيات السخيفة!‬
‫ٌ‬
‫ووهم‪.‬‬ ‫إذن فهذا النوع من البحث كله هر ٌاء‬

‫النوع الثاني وهو‪ :‬النظر يف النجوم باالستنباط االفتراضي‪ ،‬وبناء‬


‫فرضيات عمالقة ىلع معطيات شحيحة باهتة‪ ،‬وهذا النوع من البحث‬
‫العلم أغلبه فرضيات‪.‬‬

‫النوع الثالث وهو‪ :‬النظر يف املحسوسات باملنهج االستقرائي‪ ،‬وهو‬


‫علم فيه نفع بقدر عمق البحث واإلنفاق عليه وتكرار التجربة‪ ،‬لكن‬
‫ال تصل فيه أبدًا للوثوقية الكاملة‪.‬‬

‫النوع الرابع من البحث العلمي وهو‪ :‬القائم ىلع الرصد املباشر للعينة‬
‫التي تحت يدك وتحليلها تحليالً تامًّا‪ ،‬وإقامة الحكم بناءً ىلع تلك‬
‫العينة وما يضاهيها يف مادتها‪ ،‬وهذا أغلبه علمٌ نافعٌ‪ ،‬وهو وهو أصل‬
‫منهج البحث العلمي عند علماء املسلمين يف القرون املتقدمة‪.‬‬

‫ن‬
‫النوعي الثالث والرابع من البحث‬ ‫الن ننتفع بها اليوم تقوم عىل‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫وكل العلوم النافعة ي‬
‫العلىم‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الباحثي‬ ‫يعتف غت واحد من‬‫الفتياء الفلكية‪ ،‬كما ر‬
‫ن‬ ‫بش ٍء من كل أبحاث‬ ‫ر‬
‫ولم ينتفع العلم ي‬
‫ن يف هذا المجال‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء‬ ‫• وقد بدأ كثت من علماء الغرب يف الترصي ح ضمنا يف كتبهم بسخافة علم‬
‫ن‬
‫الفلكية يف أصل الكون‪ ،‬ولوال الخوف من االتهام بالتخريف ومعاداة العلم‪ ،‬لكان‬
‫ٌ‬
‫شأن ُ‬ ‫ن‬
‫آخر‪.‬‬ ‫الفتياء الفلكية‬ ‫لهم مع علم‬

‫‪855‬‬
‫ن‬
‫• لألسف يتم شن حمالت سخرية ضد كل َمن ينتقد هذا العلم يف الغرب‪ :‬أنت عدو‬
‫العلم!‬
‫• أنت جاهل!‬
‫ن‬
‫الفتياء‬ ‫• فهذا سوط يرفعه القائمون عىل علم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفلكية ضد كل َمن يسخف فرضياتهم‪ ،‬أو يبدي‬
‫قلقه الزائد من اإلنفاق المبالغ فيه عىل أبحاثهم‪.‬‬

‫عندما خرج بول فتابند ‪ Paul Feyerabend‬وهو أحد‬


‫ر‬ ‫ن‬
‫العشين‪ ،‬وتلميذ كارل بوبر‪ ،‬وصاحب كتاب ضد المنهج‪،‬‬ ‫أكت فالسفة العلم يف القرن‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫الفتياء الفلكية يف أصل الكون‪ ،‬تم اتهامه بأنه عدو‬ ‫عندما خرج ليشكك يف معطيات علم‬
‫العلم‪ ،‬بل وتم وصفه ب "العدو األسوأ للعلم"‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ً ن‬ ‫ُ‬
‫دائما يف وجه َمن يشكك يف هذا‬ ‫فهناك سوط يرفع‬
‫العلم‪.‬‬

‫ولذلك نصيحتي لكل مسلمة ومسلمة‪:‬‬


‫الزموا النصَّ بفهمه الصحيح يف مسائل‬
‫الغيب‪ ،‬وقِفوا عنده‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفلكيي‬ ‫فالعقائد يف الغيب ال نتلقاها من تأويالت‬
‫بالوح‬
‫ي‬ ‫أو فرضيات النماذج الرياضية‪ ،‬وإنما نتلقاها‬
‫ن‬
‫العالمي‪.‬‬ ‫الحق من رب‬
‫ن‬ ‫ومن استقام له االعتقاد الغين بصحة الرسالة فال ن‬
‫يرصه ما تراكم يف متاحف الجامعات‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫االفتاضية‪)78٣(.‬‬ ‫ن‬
‫الذهن والنمذجة الرياضية واالستنباطات‬ ‫من توهمات التأويل‬
‫ي‬
‫أكت ر‬
‫وأكت وننظر كيف يعمل هذا العلم‪.‬‬ ‫الفتياء الفلكية ر‬
‫ن‬ ‫واآلن دعونا ر‬
‫نقتب من علم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء الفلكية يف أصل الكون يقوم عىل مجموعة من الفرضيات‪ ،‬وال وجود لهذا‬ ‫علم‬
‫العلم بدون التسليم بصحة هذه الفرضيات‪.‬‬

‫‪ ‬ومن هذه الفرضيات‪:‬‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 2‬ص‪.228‬‬ ‫)‪(783‬‬

‫‪856‬‬
‫❑ فرضية الوتيرة الواحدة ‪ Uniformitarianism‬هذه الفرضية تقرر أن‪:‬‬

‫القوانين واآلليات الطبيعية التي يعمل بها كونُنا اليوم‪ ،‬هي نفسها القوانين‬
‫واآلليات الطبيعية التي كان يعمل بها الكون قبل عشرة آالف سنة‪ ،‬وقبل مليون‬
‫سنة‪ ،‬وقبل مائة مليون سنة‪ ،‬وقبل مليار سنة‪ ،‬وقبل عشرة مليارات سنة‪ ،‬بل هي‬
‫نفسها القوانين واآلليات الطبيعية التي بدأ بها كونُنا‪.‬‬

‫ن‬
‫الفتياء الفلكية إال بهذه الفرضية‪.‬‬ ‫ال قوام لعلم‬
‫ً‬ ‫فمن المستحيل أن تكون هناك ن‬
‫فتياء فلكية دون التسليم مسبقا لصحة هذه الفرضية‪.‬‬
‫ن‬
‫السني‪ ،‬بل وبدأ ال ‪Planck size‬‬ ‫ن‬
‫والقواني نفسيهما عت مليارات‬ ‫فالكون يعمل باآللية‬
‫ن‬
‫والقواني نفسيهما‪.‬‬ ‫باآللية‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء الفلكية‪ ،‬فكيف للباحث يف‬ ‫لو لم تكن هذه الفرضية صحيحة فال وجود لعلم‬
‫الفتياء الفلكية أن يضع فرضياته نف أصل الكون إن لم تكن ا‬
‫بناء عىل قياسات يقيسها‬ ‫علم ن‬
‫ي‬
‫الن كانت لحظة ظهور الكون؟‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫اليوم‪ ،‬ويفتض أنها القياسات نفسها ي‬

‫‪857‬‬
‫‪ ‬لكن اإلشكال األكبر هنا‪ :‬من أين لكم أن القياسات كما هي منذ لحظة ظهور‬
‫الكون؟‬

‫تخيل وافتراض!‬
‫فرضية الوتيرة الواحدة هي محض ُّ‬

‫فه مجرد ادعاء ال يمكن إثباته ‪.assumption‬‬ ‫• ي‬


‫ن‬ ‫ن ن‬
‫الفتياء الفلكية يضطرون إلثبات هذه الفرضية‪ ،‬وإال ألصبح‬ ‫الباحثي يف علم‬ ‫• لكن‬
‫علمهم كله ً‬
‫وهما‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫السني‪ ،‬معتمدين عىل‬ ‫• فهم يكتبون المعادالت ي‬
‫الن تصف حالة الكون قبل مليارات‬
‫ن‬
‫الن يرصدونها اليوم يف الكون‪ ،‬فهم ُمضطرون للتسليم بهذه الفرضية‬ ‫ر‬
‫اآلليات ي‬
‫ا‬
‫ابتداء‪.‬‬ ‫التخيلية‬

‫‪ ‬والسؤال هنا‪ :‬ما المانع أن تكون قد حصلت تغيرات في اآلليات بمسببات خفية‬
‫‪Confounding variable‬؟‬

‫فبالتاىل ستصبح كل المعادالت الموضوعة‬ ‫ي‬ ‫• إذا حصلت مثل هذه التغتات‪،‬‬
‫معن؛ ألنها تضع قياسات غت صحيحة!‬ ‫نا‬
‫بال‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الرياص الذي‬
‫ي‬ ‫سيعن أن النموذج‬
‫ي‬ ‫• فأي تغت بأقل مقدار يف قيمة أي قياس أو ثابت‬
‫تم بناؤه لوصف نشأة الكون ال يصف كوننا‪.‬‬
‫رياص ال يعمل!‬‫• فهو نموذج ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الرياص اعتمد عىل قياسات اليوم‪ ،‬وهذه القياسات لم تكن بتلك‬ ‫• ألن هذا النموذج‬
‫ي‬
‫الصورة عت تاري خ الكون‪.‬‬
‫• وقد َثبت اليوم بالفعل وجود قياسات كثتة تتغت عت الزمن‪.‬‬
‫ن‬
‫الكوب‪.‬‬ ‫‪ ‬مثال عىل ذلك‪ :‬الثابت‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الكوب يتغت مع الزمن‪.‬‬ ‫• ن‬
‫تبي للعلماء أن الثابت‬
‫ي‬
‫• إذن أية معادلة تصف كيف نشأ الكون ستكون فيها مشكلة خطتة‪.‬‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الكوب الموجود يف معادالت نشأة الكون هو غت ثابت أصًل‪ ،‬بل هو‬
‫ي‬ ‫• ألن الثابت‬
‫متغت‪.‬‬

‫‪858‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الحاىل يف معادالت نشأة الكون‪،‬‬
‫ي‬ ‫بقياسه‬ ‫الكوب‬
‫ي‬ ‫وبالتاىل فعندما تضع يىل قيمة الثابت‬
‫ي‬
‫وه قيمة الثابت‬
‫فأنت بهذا ال تصف كوننا؛ ألن قيمة من قيم معادلتك غت صحيحة‪ ،‬ي‬
‫ن‬
‫الكوب‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الرياص ككل‪ ،‬ذلك النموذج الذي تخيلت به آلية نشأة الكون فيه‬ ‫وبالتاىل فنموذجك‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫مشكلة فعلية‪.‬‬
‫ًّ‬
‫مكانيا‪.‬‬ ‫األعجب من ذلك أن فرضية الوتتة الواحدة ال تصح ر‬
‫حن‬
‫ن‬
‫فما يجري يف قياساتنا عىل األرض‪ ،‬وما نرصده بالقياسات‪ ،‬ال يلزم أن يكون هو الذي‬
‫يجري ن يف كل الكون بالقياسات نفسها‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ ن‬
‫مكان آلخ َر يف الكون‪ ،‬وهذا األمر يولد مشكالت أخطر يف‬
‫ٍ‬ ‫فقد تختلف قيم القياسات من‬
‫ن‬
‫الفتياء الفلكية‪.‬‬ ‫علم‬
‫الفتياء الفلكية ٍّ‬
‫ككل‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫فهذا األمر يتخًط ر‬
‫الفتياء الفلكية يف أصل الكون إىل علم‬ ‫حن علم‬

‫مكان‬ ‫مكانيا‪ ،‬والقياسات قد تختلف من‬ ‫ًّ‬ ‫إذن ففرضية الوتتة الواحدة ال تستقيم ر‬
‫حن‬
‫ٍ‬ ‫ا‬
‫كىل يصف الكون؛ ألن هذا‬ ‫حقيقة ُيضعف وضع نموذج ن‬
‫رياص‬
‫ن‬
‫آلخر يف هذا الكون‪ ،‬وهذا‬
‫ي ي‬ ‫ِ‬
‫نموذجا فيه مشكلة عميقة‪.‬‬‫ً‬ ‫ن‬
‫النموذج يف الواقع سيكون‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فالقياسات ال تصف إال وصفا مرتبطا بزماننا ومكاننا يف الكون‪ ،‬ولو غتنا الزمان أو المكان‬
‫ربما اختلفت القياسات ً‬
‫تماما‪.‬‬

‫‪859‬‬
‫رياضيا ًّ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫كليا يصف يىل آلية ظهور هذا الكون‪ ،‬أو عمر هذا‬ ‫ولذلك عندما تطرح نموذجا‬
‫ن‬ ‫ن ُ ن‬
‫عاب من مشكلة يف قيم القياسات الموضوعة فيه‪ ،‬فهذا‬ ‫الرياص ي ي‬
‫ي‬ ‫الكون‪ ،‬وهذا النموذج‬
‫يجعل نموذجك بال قيمة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬


‫الكوب الذي يوضع يف معادالت نشأة الكون‪ ،‬هو أرصاد الخلفية‬
‫ي‬ ‫مصدر قيمة الثابت‬
‫‪CMB Cosmic Microwave Background.‬الكونية ال‬

‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬
‫معي يف معادلة المجال يف النسبية العامة ألينشتاين‪،‬‬ ‫الكوب هو قيمة لمقدار‬
‫ي‬ ‫فالثابت‬
‫ومصدر هذه القيمة هو أرصاد الخلفية الكونية ‪.CMB‬‬
‫رياص مختلف ً‬
‫قلت سيجعلنا نخرج بنموذج ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫تماما‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫كما‬ ‫المقدار‬ ‫هذا‬ ‫قيمة‬ ‫ف‬
‫أي تغيت ي‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫كوننا الذي نحن فيه أصًل‪.‬‬
‫بمعن أدق سنخرج بصورة كون غت ِ‬
‫الكموم ‪ Quantum Field Thoery‬تقول‪ :‬إن قياسات‬
‫ي‬ ‫العجيب هنا أن نظرية الحقل‬
‫تماما‪.‬‬ ‫ن‬
‫الكوب ه قياسات مختلفة ً‬ ‫الثابت‬
‫ي ي‬
‫ن ر‬
‫الن يقوم بها الكوزمولوجيون تختلف ً‬
‫تماما عن قياسات الثابت‬ ‫الكوب ي‬
‫ي‬ ‫فقياسات الثابت‬
‫الكموم‪.‬‬ ‫ن ن‬
‫ي‬ ‫الحقل‬ ‫نظرية‬ ‫ف‬‫الكوب ي‬
‫ي‬
‫الكموم ‪ Quantum Field Thoery‬مقدار طاقة الفراغ‬ ‫درست نظرية الحقل‬‫فعندما َ‬
‫ي‬
‫الكوب بقياس األطوال الموجية للذبذبات الكمومية‪ ،‬اكتشفت أن‬ ‫ن‬ ‫‪ ...‬مقدار هذا الثابت‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الكوب ليست بالقيمة الموجودة نفسها يف معادلة المجال ألينشتاين‪.‬‬
‫ي‬ ‫قيمة الثابت‬
‫ن ن‬ ‫ن ن‬
‫الكوب يف معادلة‬
‫ي‬ ‫الكموم تساوي قيمة الثابت‬
‫ي‬ ‫الكوب يف نظرية الحقل‬
‫ي‬ ‫إن قيمة الثابت‬
‫ً‬
‫صفرا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫المجال‪ ،‬ن‬
‫واحد وأمامه ‪12٠‬‬
‫ٍ‬ ‫مرصوبة يف‬

‫شء رهيب‪ ،‬وأمر ال ُيتصور‪.‬‬ ‫ر‬


‫هذا ي‬
‫فنحن أمام مليارات مليارات مليارات مليارات مليارات أضعاف القيمة‪.‬‬

‫‪860‬‬
‫‪ ‬فعلى أي قيمة نعتمد؟‬

‫‪ ‬قيمة الثابت الكوني في معادلة المجال‪ ،‬أم قيمته في نظرية الحقل الكمومي؟‬
‫والمشكلة ر‬
‫حن اآلن ليست هنا‪ ،‬المشكلة أننا ال نعرف من فيهما الصحيح‪ ،‬وربما كالهما‬
‫خطأ!‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫جذريا ن‬ ‫ً‬
‫النظريتي‬ ‫نظريتي‪ ،‬كلتا‬ ‫بي‬ ‫واحد‪ ،‬لكن قيمته تختلف اختالفا‬‫ٍ‬ ‫ثابت‬
‫ٍ‬ ‫إننا أمام‬
‫العلىم بالقبول‪.‬‬
‫ي‬ ‫يتلقاهما المجتمع‬
‫ن‬ ‫ن ن‬
‫كوب يف هذه النظرية أصح من قيمته يف‬‫فأنت ال تستطيع أن تقول‪ :‬إن قيمة الثابت ال ي‬
‫ن‬
‫الفتياء المعارصة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫النظريتي نظريات مقبولة يف‬ ‫تلك‪ ،‬فكلتا‬
‫الكوب نف معادالتك بأقل تغيت‪ ،‬فأنت أمام كون مختلف ً‬
‫تماما‪ ،‬فما‬ ‫ن‬ ‫لو غتت قيمة الثابت‬
‫ي ي‬
‫بالك وقيمته تختلف هذا االختالف المدهش؟‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫التخمي‬ ‫الفتياء الفلكية يف أصل الكون يقوم عىل‬ ‫لذلك ال غرابة أن نقول‪ :‬إن علم‬
‫المحض‪ :‬ﱡﭐﲳﲴﲵﲶﱠ ﴿‪ ﴾116‬سورة األنعام‪.‬‬
‫ن‬
‫والعجيب هنا يف إشعاع الخلفية الكونية ‪CMB Cosmic Microwave Background‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفتياء الفلكية يف تصور نشأة الكون يف لحظاته األوىل‪ ،‬العجيب‬ ‫الذي يعتت مستند علم‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫أن هذا اإلشعاع نفسه ال يعود أصًل إىل لحظات الخلق األوىل للكون‪ ،‬بل هو يعود إىل‬
‫مئات اآلالف من األعوام بعد ظهور الكون‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء الفلكية يف أصل الكون يف لحظات الخلق األوىل للكون‪ ،‬عىل إشعاع‬ ‫فمستند علم‬
‫الخلفية الكونية‪ ،‬والذي يعود إىل مئات اآلالف من األعوام بعد نشأة الكون‪.‬‬
‫فال هو إشعاع اللحظة األوىل‪ ،‬وال هو ثابت ن يف قياساته عت الزمن‪.‬‬
‫الفرضية الثانية التي يقوم عليها علم الفيزياء الفلكية يف أصل‬
‫الكون‪ ،‬أال وهي‪ :‬فرضية أنَّ ما تجيزه املعادلة الرياضية هو واقع‬
‫أنطولوجي!‬
‫ُ‬ ‫ْ ن‬ ‫ر‬
‫أنن قمت بعمل مجموعة من المعادالت الرياضية‬
‫وحن نفهم هذه الفرضية‪ ،‬فلنتصور ي‬
‫تماما‪ ،‬فأثبت من خاللها أن هذا الكون شكله مقعر وليس ُمحدب‪ ،‬وأن األرض‬
‫الصحيحة ً‬
‫ه مقعرة‪.‬‬‫ليست محدبة‪ ،‬وإنما ي‬
‫ن‬
‫األرص!‬ ‫ر‬
‫الن نراها تقبع داخل التقعر‬
‫ي‬ ‫والسماوات كلها ي‬
‫ُ‬
‫الن تقول بذلك‪.‬‬ ‫قمت بعمل المعادالت ر‬ ‫أنا‬
‫ي‬

‫‪861‬‬
‫‪ ‬هل بهذه المعادالت يكون الكون مقع ًرا ً‬
‫فعال‪ ،‬واألرض مقعرة؟‬

‫‪ ‬هل بهذه المعادالت تصبح السماوات كلها داخل فلك األرض؟‬


‫ً‬
‫ال إطالقا!‬
‫هذا ال يلزم ر‬
‫حن لو صحت المعادالت‪.‬‬

‫حن ولو كانت معادلة صحيحة ال يلزم عىل اإلطالق أن‬ ‫ن‬
‫تجته المعادلة الرياضية ر‬ ‫فما‬
‫الواقع‪ ...‬عىل المستوى‬
‫ي‬ ‫يكون هو الواقع عىل المستوى المادي‪ ...‬عىل المستوى‬
‫األنطولوح الوجودي‪ ،‬هذا ال يلزم عىل اإلطالق‪.‬‬
‫ي‬ ‫الطبيع‪ ...‬عىل المستوى‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الفتياء!‬ ‫ن ن‬ ‫وهذا األمر ال خالف عليه فيما أعلم ن‬
‫المتخصصي يف‬ ‫بي‬

‫فعندما تضع مجموعة من المعادالت‪ ،‬وتقول بأن الكون نشأ بهذه الصورة‪ ،‬أنت تعلم أن‬
‫تخيىل تصف به لحظة ظهور‬ ‫هذه المعادالت ه محض تخيل‪ ...‬مجرد توصيف ن‬
‫رياص‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الن تفتضه‬ ‫ر‬ ‫نفسه‬ ‫ر‬‫بالتصو‬ ‫كانت‬ ‫الكون‬ ‫نشأة‬ ‫صورة‬ ‫بأن‬ ‫بالتسليم‬ ‫لزمن‬‫الكون‪ ،‬فال ُت ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫معادالتك!‬

‫‪ ‬فتلك اللحظة الفريدة العجيبة التي نشأ فيها هذا العالم المدهش‪ ،‬تضع أنت‬
‫مجموعة من المعادالت تصف بها هذه اللحظة الرهيبة‪ ،‬وتقول لي‪ :‬هذه هي اآلليات‬
‫التي جرت لحظة ظهور الكون؟‬

‫أصال لتصف حد ًثا فري ًدا كلحظة ظهور الكون بمجموعة‬


‫‪َ ‬من أعطاك هذا الحق ً‬
‫من المعادالت؟‬
‫ً‬
‫ذاك الحدث الذي هو يقينا من الغيب المحض!‬

‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲩﲪﲫﲬﲭﲮﱠ ﴿‪ ﴾٥1‬سورة الكهف‪.‬‬

‫بتخرصات رياضية؟‬ ‫‪ ‬فأنت تريد أن تصف هذا الحدث المميز ً‬


‫جدا ُّ‬

‫‪ ‬من أعطاك هذا السلطان؟‬

‫معادالت وتتخيل بنا ًء على هذه المعادالت هذه اللحظة الفريدة؟‬


‫ٍ‬ ‫‪ ‬تضع‬

‫‪862‬‬
‫ماديا‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪ ‬إذا كنت أنت بنفسك تُ ِق ُّر أن ما تُتيحه المعادلة الرياضية ال يلزم ُّ‬
‫تحققه‬
‫فما بالك بتلك اللحظة المميزة؟‬
‫ً‬
‫ه لغة رمزية تجريدية توصف بها الحقائق‪ ،‬لكن أيضا توصف بها‬‫المعادلة الرياضية ي‬
‫فه كأية لغة رمزية أخرى‪.‬‬
‫األوهام‪ ،‬ي‬

‫ه مجرد لغة رمزية بمقدورها وصف الحقيقة‪ ،‬وبمقدورها وصف‬‫فالمعادلة الرياضية ي‬


‫الخيال والدجل والشعوذة‪.‬‬

‫ه‬‫معادالت النظرية إم ‪ ،M theory‬فمعادالت هذه النظرية ي‬


‫ن‬
‫وه غاية يف الدقة والتعقيد والضبط‪ ،‬لكنها ماذا تصف؟‬
‫معادالت رياضية صحيحة‪ ،‬بل ي‬
‫تصف عوالم خيالية ‪!Higher dimensions‬‬
‫ً‬
‫أوهاما‪.‬‬ ‫تصف‬
‫ً‬
‫كثتا من المعادالت الصحيحة‪ ،‬بأنها من قبيل السحر‬ ‫أينشتاين نفسه كان يصف‬
‫األسود‪)784(.‬‬

‫فالمعادالت تصف الهذيان‪ ،‬وتصف الحقائق‪.‬‬

‫‪ ‬فبأي سلطان تقول لي‪ :‬إن الكون نشأ َو ْفق هذه الفرضية أو تلك؟‬

‫عىل الغيب المحض بمعادالتك ونماذجك‬ ‫ر‬


‫من الذي أعطاك هذا السلطان لتقتح ي‬
‫وفرضياتك؟‬
‫ن‬
‫ماليي الحلول‬ ‫‪‬مثال آخر‪ :‬معادالت نظرية األوتار الفائقة‪ ،‬هذه المعادالت لها‬
‫ن‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫الماليي من الحلول‬ ‫رياضيا‪ ،‬لكن كل هذه‬ ‫الرياضية كما قلت قبل قليل‪ ،‬وكلها صحيحة‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ه مجرد وهم؛ ألننا ال نحتاج يف األخت إال إىل معادلة واحدة فقط من‬‫يف الوقت نفسه ي‬
‫ن‬
‫كل هذه المعادالت الصحيحة لتصف عالمنا‪ ،‬هذا يف حال صحت نظرية األوتار الفائقة‬
‫ا‬
‫ابتداء‪)78٥(.‬‬

‫االحتماالت المثيرة للنظرية الكمية‪ ،‬ليونيد بونوماريف‪ ،‬ترجمة‪ :‬إيمان أبو شادي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2007‬ص‪.13‬‬ ‫(‪)784‬‬
‫(‪(785‬‬
‫‪string theory suffered from another awkward issue: There appeared to be at least five different‬‬
‫‪theories and millions of ways the extra dimensions could be curled up‬‬
‫‪The Grand Design, P.174.‬‬
‫‪863‬‬
‫فحن لو صحت المعادلة هذا ال يلزم منه أن يكون ما ر‬
‫تفتضه المعادلة هو الذي حصل‬ ‫ر‬
‫بالفعل عىل أرض الواقع‪.‬‬
‫ا‬
‫نعود لموضوع الكون المقعر‪ ،‬واألرض المقعرة مرة أخرى!‬

‫‪ ‬هل تعلم أن هذه القصة حقيقية وليست ً‬


‫خياال؟‬
‫ن‬
‫بالفعل هناك دراسة علمية بمعادالت صحيحة مائة يف المائة‪ ،‬وباستخدام النسبية‬
‫العامة ألينشتاين‪ ...‬باستخدام معادالت المجال‪ ،‬أثبت العلماء أن الكون ُمقعر‪ ،‬وأن‬
‫األرض مقعرة‪ ،‬وأن كل السماوات موجودة داخل تقعر األرض‪.‬‬

‫الن تصل لسطح األرض‬ ‫ر‬ ‫ن‬


‫ومن خالل معادالت المجال ألينشتاين تبي أن جميع األشعة ي‬
‫ن‬
‫ه نقطة تباطؤ‬ ‫فه ليست مستقيمة‪ ،‬ونقطة مركز األرض المقعرة ي‬ ‫منحنية يف األصل‪ ،‬ي‬
‫وبالتاىل فالذي يرصد الفضاء يحصل تطاول عنده‬
‫ي‬ ‫لجميع الحركات بما فيها حركة الضوء‪،‬‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫توهما وليس حقيقة‪.‬‬ ‫يف المسافات‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫الحقيف‪.‬‬
‫ي‬ ‫مكانها‬ ‫عن‬ ‫بكثت‬ ‫أبعد‬ ‫فأنت عندما ترى النجوم فأنت تراها‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫فمكان النجوم طبقا لنموذج األرض المقعرة قريب جدا من األرض‪ ،‬لكن لتباطؤ جميع‬
‫االقتاب من األرض يجعل المسافات تطول توه ًما؛ لذلك فأنت ترى‬ ‫ر‬ ‫الحركات عند‬
‫ن‬ ‫ئ‬
‫وف الواقع هو ليس كذلك‪ ،‬لكن ألن المسافات يحصل فيها تطاول‬ ‫النهاب‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫الفضاء وكأنه‬
‫ئ‬
‫النهاب‪.‬‬ ‫وهىم كلما ابتعدت بالرصد عن مركز الكرة المقعرة‪ ،‬فتشعر وكأن الفضاء‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ ‬وقد يقول قائل‪ :‬لكن نحن نرى األرض محدبة من الفضاء‪ ،‬أليس كذلك؟‬

‫ا‬
‫‪ ‬والجواب‪ :‬نحن نرى األرض محدبة من خالل المراصد الفلكية ومن الطائرة؛ نتيجة‬
‫النحناء موجة الضوء‪ ،‬وأنها ليست مستقيمة‪ ،‬لكن األرض نف الواقع مقعرة‪)786(.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫طبعا نحن ال نعتقد هذا الكالم‪ ،‬فنحن ال نعتقد أن األرض مقعرة‪ ،‬أو أن الكون مقعر‪،‬‬
‫نحن‬
‫ال نعتقد هذه األمور‪.‬‬

‫‪ ‬لكن الشاهد من كالمي أنَّ‪ :‬معادالت األرض المقعرة ي‬


‫ه معادالت علمية‬
‫صحيحة معتتة‪.‬‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء ابن مسعود‪ ،‬م ‪ 2‬ص‪.544‬‬ ‫(‪)786‬‬

‫‪864‬‬
‫شء!‬‫ر‬
‫فالمعادلة تستطيع أن تصف لك أي ي‬
‫ُ ا‬
‫كتاب منت‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وال‬ ‫ى‬‫د‬ ‫علم وال ه‬
‫وخياالت بال ٍ‬
‫ٍ‬ ‫صات‬
‫فرضيات وتخر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫والكل يمكنه أن يقدم‬
‫التخمي المحض ‪ :Pure Conjecture‬ﭐ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الفتياء الفلكية يف أصل الكون يقوم عىل‬ ‫فعلم‬
‫ﱡﭐﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﱠ ﴿‪ ﴾116‬سورة األنعام‪.‬‬

‫فهذا العالم العظيم المدهش بسماواته وأرضه وأفالكه ونجومه وثوابته وقوانينه‪،‬‬
‫ا‬ ‫ال ُيتصور كيف كان ُ‬
‫قيامه أصًل‪ ،‬ندخل نحن فيه بهذه الخياالت والتخرصات واألوهام‬
‫عشات ْ‬
‫الفرضيات؟‬ ‫والمعادالت المبنية عىل ر‬

‫وهذا يضع فرضية وذاك يحذفها؟‬

‫‪ ‬ثم ندعي أن اهلل خلق هذا العالم بهذه الطريقة‪ ،‬وغي ُرنا يدعي أنه سبحانه خلقه‬
‫بتلك الطريقة؟‬
‫ن‬ ‫قيام سماوات وأرض‪ ،‬هذا ٌ‬
‫أمر ال قياس له عىل عادتنا يف هذا العالم‪ ،‬فنحن لم نر سماوات‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫ً ُ‬
‫العلىم أصًل‪ ،‬وال يخضع‬
‫ي‬ ‫للنظر‬ ‫يخضع‬ ‫ال‬ ‫كهذا‬ ‫أمر‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫فالبحث‬ ‫أمامنا‪،‬‬ ‫خلق‬ ‫ت‬ ‫وأرضا‬
‫للقياس‪.‬‬

‫فكيف نقوم بوضع التخيالت العقلية والفرضيات بمجموعة من المعادالت والنماذج‬


‫الرياضية والتجريدات الهندسية‪ ،‬ثم نقوم بقياس بداية ظهور الكون عليها؟‬
‫ْ َ‬ ‫خلق سماء وأرض ر‬ ‫ْ‬
‫حن يقيس عليها خلق سمائنا‬ ‫هل سبق ألحد أن شهد بعينيه عملية‬
‫وأرضنا بمجموعة من المعادالت والتخيالت والفرضيات؟‬

‫ﲨﲪﲫﲬﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة الزخرف‪.‬‬


‫ﲩ‬ ‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲧ‬

‫‪ ‬ثم ماذا استفدنا من عشرات الفرضيات في أصل الكون؟‬

‫‪ ‬بماذا انتفع الناس من هذه الفرضيات؟‬

‫‪ ‬هل هذه الفرضيات أدت الختراع ً‬


‫مثال؟‬

‫اإلله‪ ،‬هذه‬ ‫للوح‬ ‫للمحء بنموذج بديل‬ ‫بشي؛‬ ‫ن‬


‫فلسف‪ ،‬وغرور ر‬ ‫كلها مجرد استغراق‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫حقيقة األمر‪.‬‬
‫‪865‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإلله‪،‬‬ ‫الوح‬ ‫ن‬
‫• طبعا أنا أقدر أن هناك من المشتغلي بهذا العلم من لديه غتة عىل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫ع يف كيفية‬ ‫بل وقد يستخدم آليات هذا العلم للتأكيد عىل صدق النص الش ي‬
‫الغربيي ممن لديهم بقايا نبوات يستخدمون هذا العلم‬ ‫ن‬ ‫ظهور الكون‪ ،‬وهناك ِمن‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كمستند وحجة يف بيان أن لهذا الكون بداية‪ ،‬وأنه يدعم حقيقة الصنع المتقن‪،‬‬
‫الن بدأ بها الكون‪.‬‬‫ر‬ ‫ن‬
‫ويقطع ُبوجود دقيق الثوابت الفتيائية والحدود الحرجة ي‬
‫ر‬
‫ونحتم كل هذه المشاري ع‪.‬‬ ‫• نعم نحن نقدر كل هذا‪،‬‬
‫• لكن كل هذا ال يجعلنا نعىم عن حقيقة أن قوام هذا العلم عىل الفروض المحضة!‬
‫معن كون هذا العلم يقدم خدمة لحقائق دينية بالتخمينات الرياضية أن‬ ‫• فليس ن‬
‫ُ‬
‫أسلم له!‬
‫طبعا!‬ ‫• ال ً‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫فرضيات‪ ،‬ولن تصبح يقينيات لمجرد‬ ‫ٍ‬ ‫ستبف‬ ‫سيبف تخمينا‪ ،‬والفرضيات‬ ‫التخمي‬ ‫•‬
‫قضين‪.‬‬ ‫ر‬ ‫أنها تدعم‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫الن تدعم موقفه‪.‬‬ ‫نصف حن يف التعامل مع األدلة ي‬ ‫• المسلم م ِ‬
‫بشية‪ ،‬فالدين ال يحتاج إىل فرضيات لتدعمه‪.‬‬ ‫• ثم إن الدين فطرة ر‬
‫وكل َمن نظر إىل آليات هذا العلم‪ ،‬والفرضيات ر‬ ‫ُ‬
‫الن يقوم عليها سيقطع بأنه علم‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫التخمي المحض‪ ،‬وكثت من علماء فلسفة العلم يقررون هذه‬ ‫ن‬ ‫وهىم قوامه‬ ‫ٌّ‬
‫ٌّ‬ ‫ي‬
‫شء اختعناه من عند أنفسنا!‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الحقيقة؛ لئال يظن ظان أن اتهامنا لهذا العلم هو ي‬
‫• كال!‬

‫‪‬‬

‫‪‬مثال عىل ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬توماس كون ‪.Thomas Kuhn‬‬


‫‪ ‬وبول فايرابند ‪.Paul K. Feyerabend‬‬
‫‪ ‬ويالرد كواين ‪.Willard Quine‬‬
‫‪ ‬وغتهم الكثت‪.‬‬
‫• فهذا العلم كل َمن نظر فيه بتجرد خرج بالشك التام ن يف كل معطياته!‬
‫ن‬
‫القائمي عليه!‬ ‫ن‬ ‫• المشكلة ُ‬
‫تكمن فقط يف تعصب‬

‫‪866‬‬
‫‪‬‬
‫‪Martin Gardner‬‬

‫ً‬ ‫ن‬
‫جاردنر‪)787(.‬‬ ‫الفتياء إطالقا كما يقول‬ ‫• فنحن ال نستطيع أن نثبت خطأه من ناحية‬
‫• فهو نموذج صحيح عىل مستوى المعادلة الرياضية‪.‬‬
‫ً‬
‫• ولم يتم اعتماد هذا النموذج كما يقول جاردنر ليس ألنه غت صحيح‪ ...‬إطالقا‪.‬‬
‫• وإنما لم يتم اعتماده؛ ألن معادالته أطول وأعقد بكثت من الالزم!‬
‫ُ‬
‫ه معادالت طويلة وأعقد‬ ‫• فمعادالت نموذج األرض المقعرة‪ ،‬وانحناء شعاع الضوء ي‬
‫والن تصف األرض بأنها محدبة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫بكثت من المعادالت المعتمدة حاليا ي‬
‫تبف ن يف األخت معادالت صحيحة معقدة عميقة تثبت أن األرض مقعرة!‬ ‫• لكنها ر‬
‫ينبع‬‫نظرا لتعقيدها لم يعتمد اعتمادها‪ ،‬فطبقا لشفرة أوكام‪ :‬التعقيد ال ن‬ ‫• لكنها ً‬
‫ي‬
‫اللجوء إليه دون نرصورة؛ لذلك تم رفض نموذج األرض المقعرة‪.‬‬

‫‪ ‬لكن ما المانع أن يسير العالم بالنظام األكثر تعقي ًدا؟‬


‫ن‬ ‫• تخيل لو كنا ر‬
‫افتضنا نموذج األرض المقعرة‪ ،‬وأن األفالك كلها يف فلك األرض‪ ،‬وصار‬
‫الفتياء الحديثة‪ ،‬ساعتها لم تكن ثمة مشكلة من ضبط األرصاد‬ ‫ن‬ ‫هذا توجه‬
‫والمشاهدات لنرصة هذا التوجه‪.‬‬

‫‪‬يقول مارتن جارندر‪:‬‬

‫ن‬
‫الفتياء الحالية‪،‬‬ ‫إن اعتماد نموذج األرض المقعرة يحتاج إىل كلفة باهظة ال تحتملها‬
‫ويحتاج تعديالت جوهرية ن يف معادالت النسبية العامة‪.‬‬

‫(‪(787‬‬‫‪Most mathematicians believe that an inside-out universe, with properly adjusted physical laws, is‬‬
‫‪empirically irrefutable .‬‬
‫‪Martin Gardner, On the Wild Side, Chapter1.‬‬
‫‪788 Martin Gardner, On the Wild Side, P.21.‬‬

‫‪867‬‬
‫‪ ‬وهنا لي وقفة مهمة‪ :‬ينتقد بعض املعاصرين توجُّهًا لدى بعض‬
‫أهل العلم من املسلمين ممَّن قالوا بثبات األرض ودوران الشمس‬
‫حولها‪.‬‬
‫َّ‬
‫• وهذا من وجهة نظري لقلة اطالع المعارصين من المنتقدين عىل طبيعة علم‬
‫الفتياء الفلكية‪ ،‬فهل النماذج الرياضية تمنع ثبات األرض ودوران الشمس حولها؟‬ ‫ن‬
‫• إذا كانت هذه النماذج ال تمنع األرض المقعرة‪ ،‬وال تمنع الكون المقعر‪ ،‬هل ستمنع‬
‫ثبات كرة األرض‪ ،‬ودوران الشمس حولها؟‬
‫رياضيا إثبات أن كرة األرض ثابتة والشمس تدور حولها‪ ،‬فهذا غت ممتنع‬ ‫ًّ‬ ‫• يمكن‬
‫فت ًّ‬
‫يائيا‪.‬‬ ‫ن‬
‫ن‬
‫معي‪.‬‬ ‫ا‬
‫مستوى‬ ‫• وسنواجه فقط مشكلة شعات األجرام فوق‬
‫ٌ‬
‫• فنموذج ثبات األرض ودوران الشمس حولها هو نموذج ال تقبله النماذج الرياضية‬
‫رن‬ ‫ن‬
‫لورنت عىل النسبية الخاصة‪ ،‬لكن بحل هذه‬ ‫الحالية؛ ألن المشكلة يف تحويالت‬
‫رياص جميل مقبول يقول لنا إن كرة‬ ‫ن‬ ‫ًّ‬
‫رياضيا أن نخرج بنموذج‬ ‫المشكلة يمكن‬
‫ي‬
‫األرض ثابتة‪ ،‬وإن الشمس تدور حولها‪)78٩(.‬‬

‫ن‬
‫المدققي فيها‪.‬‬ ‫• فالذي يهاجم القول بثبات األرض هم غت علماء الرياضيات‬

‫واإلنسان كلما تعمق يف هذا العلم كلما بدا له قلة علمه‪ ،‬وقلة إحاطته‪ ،‬وبساطة تصورات ﭐ‬
‫ن‬

‫ﲽﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﱠﭐ﴿‪ ﴾8٥‬سورة‬
‫ﲾ‬ ‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲻﲼ‬
‫اإلشاء‪.‬‬
‫ن‬
‫• فمن نحن يف علم هللا؟‬
‫ن‬
‫وف ملكوت هللا؟‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫رياضيا واحدا لشكل العالم‬ ‫الرياص ال نجد نموذجا‬
‫ي‬ ‫• نحن عىل كل جامعتنا وإغراقنا‬
‫ُ‬
‫ينقذنا من حت ِتنا الراهنة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬يقرر ستيفن هاوكنج يف آخر كتاب كتبه‪ ،‬وهو "التصميم العظيم ‪The Grand‬‬
‫‪ " Design‬أن‪ :‬تغت نظرتنا للكون قد يحصل ن يف أية لحظة‪.‬‬

‫‪ ‬فقال ن يف صفحة ‪ 6٣‬من كتابه‪:‬‬

‫(‪ )789‬معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء ابن مسعود‪ ،‬م ‪ 3‬من صفحة ‪ 253‬إلى صفحة ‪.426‬‬
‫‪868‬‬
‫ا‬
‫‪‬ثم عقب ن يف صفحة ‪ 72‬من الكتاب نفسه قائًل‪:‬‬

‫فنموذج األرض المقعرة غت ُمستبعد‪ ،‬لكن تم رفضه؛ ألنه نموذج معقد وطويل‬
‫المعادالت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأ كرر نحن ال نصدق هذا النموذج وال نعتقده‪ ،‬لكن نحن نحاكم هذا العلم إىل معطياته‪.‬‬

‫‪ ‬وهنا نأتي للفرضية الثالثة التي يقوم عليها علم الفيزياء الفلكية‪ ،‬أََال وهي فرضية‬
‫أنَه‪:‬‬

‫ة وقبوالً يف املجتمع‬
‫كلما كانت املعادلة أقصر وأبسط كانت أكثر صح ً‬
‫العلمي‪.‬‬

‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُ‬


‫االفتاض ‪ ،Parsimony‬حيث يكون النموذج األيش‬ ‫وهذه تسىم بفرضية االقتصاد يف‬
‫الفتياء بوجه ٍّ‬
‫عام‪)7٩٠(.‬‬ ‫ن‬ ‫ا ن‬ ‫ر‬ ‫والمتناسق ًّ‬
‫ٍ‬ ‫األكت قبوًل يف‬ ‫ذاتيا هو‬
‫َ‬
‫وخت مثال عىل ذلك قبول نموذج األرض المحدبة‪ ،‬ورفض نموذج األرض المقعرة‪.‬‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء ابن مسعود‪ ،‬م ‪ 2‬ص‪.393‬‬ ‫(‪)790‬‬

‫‪869‬‬
‫‪َ ‬من أنت وبأي سلطان معرفي تزعم هذا الزعم؟‬
‫• وهناك فروض أخرى كثتة يقوم عليها علم ن‬
‫الفتياء الفلكية‪ ،‬وال بد من التسليم بكل‬
‫بن عىل هذه الفروض التخمينات العقلية‪.‬‬ ‫مسبقا ثم ُت ن‬
‫َ‬
‫تلك الفروض‬
‫ي‬
‫الجماىل للمعادلة ‪!Aesthetic value‬‬
‫ي‬ ‫• فهناك فرضية الشكل‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫جماليا أفضل من غتها‪.‬‬ ‫• فكثت من المعادالت تقبل فقط لمجرد أنها‬
‫‪ ‬ر‬
‫حن يقول بول ديراك‪:‬‬

‫ن‬
‫ونظرية هتمان فايل ‪ Herman Weyl‬يف القياس ُوجد أنها ال تنطبق عىل الجاذبية‪ ،‬لكنها‬
‫ُ‬
‫قبلت ألنها جميلة‪.‬‬

‫‪ ‬وهنا قد يسأل سائل‪ :‬لماذا أنا أقوم بوصف علم الفيزياء الفلكية بأنه علم قائم‬
‫على الشعوذة‪ ،‬أليس األليق أن نقول‪ :‬إن فرضيات هذا العلم هي فرضيات وتخمينات‪،‬‬
‫فلماذا أنا أستخدم لفظة شعوذة؟‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫تخمي قد يتحول لنظرية أو يظل‬ ‫ه‬
‫العلىم ي‬
‫ي‬ ‫‪ :‬ألن الفرضية يف المنهج‬ ‫‪‬‬
‫فرضية أو يثبت خطؤه‪.‬‬
‫ن‬
‫العلىم‪.‬‬
‫ي‬ ‫• هذه طبيعة الفرضية يف المنهج‬
‫َ‬
‫المشاهدة‪ ،‬ويصح نف األمور ر‬ ‫ن‬
‫الن تخضع للتجربة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫• لكن هذا التوصيف يصح يف األمور‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫والقياس‪ ،‬فأنت تقيس حدثا عىل حدث‪ ،‬وتقوم بالتجربة؛ لتتأكد من صحة‬
‫تخمينك‪.‬‬
‫الفتياء الفلكية هو مجرد تخمينات ال تخضع ال للتجربة‪ ،‬وال للقياس؛‬ ‫ن‬ ‫• لكن علم‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫شء آخر‪ ،‬وال يرصد‬ ‫لطبيعة العلم نفسه‪ .‬فحدث ظهور الكون ال يقاس عليه ي‬
‫بالتجربة بالبداهة‪ ،‬فأنت مهما وضعت من فرضيات وتخمينات ليس لديك أي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫للتميت ن‬ ‫ن‬
‫بي الباطل والصواب يف الموضوع‪ ،‬وليس لديك ال آليات‬ ‫معرف‬
‫ي‬ ‫سلطان‬
‫َّ‬
‫القياس‪ ،‬وال آليات التجريب؛ لتتأكد من صحة فرضياتك أو بطالنها‪.‬‬
‫ً‬
‫• ألن هذه اآلليات تتغت مع الزمن طبقا لمبدأ الوتتة الواحدة كما فصلنا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ه فرضيات ال تخضع‬ ‫وبالتاىل ففرضيات علم الفتياء الفلكية يف أصل الكون ْ ي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫العلىم‪ ،‬وال تخضع للقياس وال التجريب‪ ،‬إذن فتوصيفها باعتبارها‬ ‫ي‬ ‫للمنهج‬

‫(‪ )791‬العلم في منظوره الجديد‪ ،‬روبرت م‪ .‬أغروس وجورج ن‪ .‬ستانسيو‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪870‬‬
‫فه‬ ‫ر‬
‫فرضيات‪ ،‬هذا شعنة لها وصبغ لها بصبغة علمية‪ ،‬وهذا الصبغ ال تستحقه ي‬
‫العلىم‪.‬‬
‫ي‬ ‫ليست بعلم‪ ،‬وال تخضع للمنهج‬
‫ُّ‬ ‫ا‬
‫• فكل ما ال يملك دليًل‪ ،‬وال يمكن برهنته‪ ،‬وال سبيل للتأكد من صحته‪ ،‬ال يمكن أن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العلىم‪ ،‬أو بتوصيفات "الفرضية والنظرية"‪.‬‬
‫ي‬ ‫المنهج‬ ‫بتوصيفات‬ ‫فه‬ ‫وص‬ ‫ن‬
‫المحتم هو العلم القائم عىل الدليل والبينة‪ ،‬وهو العلم الخاضع للرصد‬ ‫ر‬ ‫• فالعلم‬
‫والنظر‪ ،‬وهو العلم الذي يمكن برهنته أو تكذيبه‪ ،‬هذا هو العلم‪.‬‬
‫والتخمي المحض فهذا ليس بعلم‪ ،‬ولو قال به كل ر‬
‫البش‪.‬‬ ‫ن‬ ‫• أما التخرص‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫معتتا‬ ‫والن تدفعهم لقبول هذا العلم واعتباره ً‬
‫علما‬ ‫• المشكلة عند كثت من الناس‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ه‪ :‬التسليم للسائد‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫• وهذا خطأ تماما‪ ،‬وإال لسلمنا ألصحاب الملل الباطلة؛ لكتة عددهم‪.‬‬
‫• نحن أتباع الحق بالدليل‪.‬‬
‫• نحن أتباع الحق بالبينة‪.‬‬

‫البشية‪ :‬ﱡﭐﳄﳅﳆﳇﳈﳉﱠ‬
‫‪ ‬ولسنا أتباع الحق بالتجمعات ر‬

‫﴿‪ ﴾111‬سورة البقرة‪.‬‬

‫❑ فهذا هو معيارنا‪.‬‬
‫‪ ‬فالتسليم للسائد لمجرد أنه سائد هذا ما عاب هللا عليه كفار األرض‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂ‬

‫ﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌ ﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔ‬
‫ﱕﱠ ﴿‪ ﴾2٣‬سورة الزخرف‪.‬‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﲮﲯﲰﲱﱠ ﴿‪ ﴾7٠‬سورة الصافات‪.‬‬

‫فالمسلم يتبع الحق بدليله‪ ...‬يتبع التهان الظاهر وليس السائد‪.‬‬


‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬
‫ﲺﱠ ﴿‪ ﴾116‬سورة األنعام‪.‬‬

‫الفتياء األخرى‪ ،‬وأية نظريات ن‬


‫فتيائية مدعومة بالتجربة‬ ‫ن‬ ‫❑ ولذلك فنحن ر‬
‫نحتم فروع‬
‫أو الرصد أو القياس‪.‬‬
‫ر‬ ‫ينبع أن ن‬ ‫ن‬
‫النف‪ ،‬ن‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ر‬
‫االحتام‪.‬‬ ‫تحًط ببعض‬ ‫ي‬ ‫❑ وحن الفرضيات ي‬
‫الن تحتمل اإلثبات أو ي‬
‫‪871‬‬
‫الن تحتمل أن تكون صحيحة أو خطأ‪ ،‬هذه ُت ر‬ ‫ر‬
‫حتم كفرضية طالما‬ ‫‪ ‬فالفرضية ي‬
‫ن‬
‫النف‪ ،‬أما إذا كان من غت الممكن أن نعرف صحة الفرضية أو خطأها‪،‬‬
‫احتملت اإلثبات أو ي‬
‫فه بهذا ليست بعلم تجرين‪ ،‬وال َينتظر منا أحد أن ر‬
‫نحتمها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫والفتياء الفلكية روجر نبتوز ‪Roger‬‬
‫ن‬ ‫‪ ‬قبل أعوام قليلة خرج عالم الرياضيات‬
‫‪ Penrose‬والذي أنا أتصور أنه أكت عالم رياضيات اليوم‪ ،‬وهو حاصل عىل جائزة نوبل‬
‫الفتياء الفلكية ن يف أصل الكون مجرد خيال‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫عامي فقط‪ ،‬خرج ليقرر أن أغلب علم‬ ‫منذ‬

‫واضع النماذج الرياضية والفرضيات ن يف هذا العلم‪.‬‬


‫ي‬
‫مع أنه ً‬
‫يوما ما كان أحد أشهر‬
‫مؤخرا أن أغلب هذا العلم ٌ‬
‫وهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫❑ لكنه خرج ر‬
‫ليعتف‬

‫‪ ‬فقد ُسئل في حوار مع أحد المذيعين العلميين‪ ،‬فقال له المذيع‪ :‬سير روجر يبدو‬
‫أن لديك حفن ًة كامل ًة من المشاكل مع الفيزياء الفلكية الحديثة‪ ،‬هل هذا صحيح؟‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫فأجاب نبتوز قائًل‪ :‬حسنا!‬

‫‪ -‬يوجد العديد‪ ..‬نعم!‬


‫‪ -‬أنا ال أوفق مع أغلبها!‬

‫المحاور‪ :‬دعنا نتحدث عما ال تتفق معه‪ ،‬عىل سبيل المثال أنت تصف نظرية التضخم‬
‫بأنها خيال "فنتازيا"؟‬
‫ً‬
‫‪ -‬أجاب نبتوز‪ :‬حسنا!‬
‫عش سنوات لجامعة برنستون‪ ،‬بعنوان‪" :‬السائد‬ ‫‪ -‬أنا أحاول كتابة كتاب من ر‬
‫ن‬
‫الفتياء الكونية المعارصة"‪.‬‬ ‫ن‬
‫واإليمان والخيال يف‬
‫‪ -‬والخيال بالتأكيد يعود لنظرية التضخم هذا صحيح‪)7٩2(.‬‬

‫ْ‬
‫‪ ‬فروجر نبتوز ال يتفق مع أغلب هذا العلم بعد أن كان أحد أعمدته‪ ،‬وقد أصدر بالفعل‬
‫ن‬
‫الفتياء الفلكية المعارصة"‪.‬‬ ‫ن‬
‫بعد ذلك كتاب‪" :‬السائد واإليمان والخيال يف‬

‫(‪(792‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=PAdh70yeLmM‬‬
‫من ‪ 1:22‬إلى ‪1:59‬‬
‫‪872‬‬
‫‪‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫يف أغلب‬ ‫ن‬
‫الفتياء‪،‬‬ ‫‪ ‬روجر نبتوز الحائز عىل نوبل يف‬
‫الفتياء الفلكية ن يف أصل الكون!‬
‫ن‬ ‫علم‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫المشتغلي فيه‪ ،‬وله أبحاث‬ ‫مع أنه كما قلت كان من أكت‬
‫مطولة مع هاوكنج‪ ،‬وفاز مع هاوكنج بجوائز عالمية‪ ،‬لكنه لم‬
‫يعد يثق ن يف هذا العلم‪.‬‬
‫ً‬
‫المذيع روجر نبتوز مجددا‪ :‬هل نحن اليوم نحتاج‬
‫ُ‬ ‫وعندما سأل‬
‫إىل ن‬
‫فتياء جديدة؟‬
‫أجاب‪ :‬نعم‪ ،‬نحن نحتاج إىل ن‬
‫فتياء جديدة‪ ،‬نعم بكل‬
‫تأكيد‪)7٩4(.‬‬

‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫فريق ينكر العلوم المادية بالكلية‪ ،‬وينكر ن‬
‫العلىم‪ ،‬ويقول بنظرية‬
‫ي‬ ‫الفتياء‪ ،‬ويكذب البحث‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫املؤامرة الشمولية‪ ،‬وفريق آخر يصدق أية فذلكة رياضية ال تملك دليًل لمجرد أنها‬
‫مكتوبة نف مجلة علمية أو صادرة عن عالم ن‬
‫فتياء فلكية‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫فنحن نحتاج لعقلية إسالمية علمية نقدية‪ ،‬ونحتاج لكشف اإلشكاالت يف العلوم‬
‫المعارصة بوضوح‪ ،‬وبال مداهنة‪ ،‬أو خوف‪.‬‬
‫ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱠ ﴿‪ ﴾1٣٥‬سورة‬
‫النساء‪.‬‬
‫ْ‬
‫ونحن لم نشهد خلق السماوات واألرض‪ ،‬وال نستطيع بالبداهة إجر َاء تجربة مشابهة‪،‬‬
‫وال نملك القياس‪.‬‬

‫فأنت ليس عندك‪ :‬ال رصد‪ ،‬وال تجربة‪ ،‬وال قياس!‬

‫(‪(793‬‬ ‫‪Most of the current fantastical ideas about the origins of the universe cannot be true .‬‬
‫(‪(794‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=PAdh70yeLmM‬‬
‫‪ 12:11‬إلى ‪12:19‬‬
‫‪873‬‬
‫ه مفقودة من األساس‪.‬‬ ‫• إذن فاآللية نفسها للبحث عن أدلة ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫• وأضف إىل ذلك أننا‪ :‬ال نعرف قيم القياسات ي‬
‫الن كان عليها الكون يف بدايته‪.‬‬

‫إذن أنت ال تملك اآللية التي تبحث بها عن أدلة ترجح بها صحة نموذجك الرياضي‪،‬‬
‫وال تعرف قيم القياسات‪ ،‬فعن أي شي ٍء تبحث؟‬

‫‪ ‬وفي أي شي ٍء تخوض؟‬
‫ً‬
‫‪ ‬من شهور قليلة أصدرت ناسا بيانا تقول فيه إن‪:‬‬

‫أعداد املجرات هي أقلُّ بكثير مما كنا نعتقد‪ ،‬وهذا طبقًا ألحدث بيانات‬
‫وصلت إلينا من املركبة الفضائية نيوهورايزنز‪.‬‬

‫يبدو أننا وحدنا ن يف هذا الكون‪ .‬والكالم لفوكس نيوز!‬

‫‪874‬‬
‫بسيط اختلفت كثت من النتائج السابقة بصورة جذرية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ببحث‬
‫ٍ‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫مهيب‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫• نحن يف الواقع نلعب بمعادالت بدائية يف ٍ‬
‫كون‬
‫الفتياء الفلكية ال ينكرها باحث!‬ ‫ن‬ ‫• مشكالت علم‬
‫ُ‬
‫• والشكل األخت لمكاننا ن يف العالم لم يقل العلم كلمته األختة فيه بعد‪.‬‬
‫صورا مختلفة‪ ،‬وتستطيع من خالل هذه النماذج أن تخرج‬‫ً‬ ‫• والنماذج الرياضية تتيح‬
‫ر‬
‫حن بنموذج األرض المقعرة‪.‬‬
‫• إن كشف أحد العلوم الزائفة المتلبسة بالعلوم الحقيقية‪ ،‬هذا ليس ضد العلم‪ ،‬بل‬
‫هو ُيحسن من مستة العلم‪.‬‬
‫أرص ر‬ ‫ً‬
‫خوفا من التهمة بعداوة العلم‪ ،‬هو ن‬
‫شء بالعلم‬
‫ي‬ ‫• فالسكوت عن العلوم الزائفة؛‬
‫التجرين‪.‬‬
‫ي‬
‫• إن السوط الذي يرفعه المدافعون عن العلوم الزائفة ضد َمن ينتقد هذه العلوم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫علميا سيجعلنا ن يف تبعية أبدا إذا وجلنا منهم‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫نقدا‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪875‬‬
‫الباب الحادي ر‬
‫عش‬

‫‪876‬‬
‫‪ -232‬لماذا أنا مسلم؟‬
‫ً‬
‫مسلما‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫لكوب‬
‫ي‬ ‫فف الواقع هناك أسباب عدة‬ ‫ج‪ :‬بعد فضل هللا ورحمته وج ِ‬
‫ود ِه ونعمته‪ ،‬ي‬
‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫السبب ن‬
‫ان يف النفس اإلنسانية‪ ،‬ال أحد ينكر أيا‬
‫ان فطري ِ‬
‫سببان ذاتي ِ‬
‫ِ‬ ‫األساسيي هما‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫لكن‬
‫منهما إال بالكذب والمكابرة والجحود‪:‬‬

‫‪ ‬السبب األول‪ :‬أنني ككل إنسان على وجه األرض مفطور على أن لي‬
‫ربًا‪ ...‬لي خالق خلقني‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ن‬
‫مقتدر خلقه بالغيب وكلفه‬ ‫• كل إنسان مفطور‪ ،‬ويعلم يف فطرته أنه له رب مليك‬
‫مدبر كل رشء‪ ،‬ومالك كل ر‬
‫ُ‬ ‫ٌّ‬
‫شء وأن ذلك الرب هو‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫رب‬ ‫ورزقه‪ ...‬مفطور عىل أنه له‬
‫المستحق وحده للعبادة‪ ،‬اإلنسان مفطور عىل ذلك‪)7٩٥(.‬‬

‫• ولذلك قال هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬يف كتابه العزيز‪ :‬ﱡﭐ ﱖ ﱗﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱝ‬
‫ن‬

‫ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬

‫ﱮﱯﱰﱱﱠ ﴿‪ ﴾172‬سورة األعراف‪.‬‬


‫ً‬ ‫ُ‬
‫• فنحن قبل أن نولد فطرنا عىل أن لنا خالقا خلقنا‪.‬‬
‫َ َ‬
‫وأشهدنا هللا عىل أنفسنا أنه ربنا ونحن شهدنا بذلك‪( :‬ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫ‬ ‫•‬

‫ﱬﱭﱮﱯﱰﱱ)‪.‬‬

‫ﲭﱠ‬
‫ﲦﲨﲩﲪﲫﲬ ﲮ‬
‫ﲧ‬ ‫• وقال عز من قائل‪ :‬ﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ‬
‫﴿‪ ﴾٣٠‬سورة الروم‪.‬‬
‫ر‬
‫ُ‬ ‫• فاالتجاه هلل بالعبادة هو فطرة هللا ي‬
‫الن فطر الناس عليها‪.‬‬
‫رقبن له‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫مفطور عىل أن هللا هو المستحق للعبادة‪ ،‬وهو المستحق ألن أخضع ر‬ ‫• فأنا‬
‫ي‬
‫ٌ‬
‫• أنا مفطور عىل ذلك‪.‬‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.96‬‬ ‫(‪)795‬‬

‫‪877‬‬
‫النن ﷺ ن يف الحديث المتفق عىل صح ِت ِه‪:‬‬
‫‪ ‬يقول ي‬

‫جميعا مفطورون عىل ذلك‪.‬‬‫ً‬ ‫• فنحن‬


‫ٌ‬
‫وريا بأنه عبد ٍّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫زعم أنه ال يجد ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫لرب‬ ‫علما فطريا نرص‬ ‫• واإلنسان يكذب عىل نفسه إن‬
‫وكلفه‪ ،‬وخلق كل رشء‪ ،‬ويملك أمر كل ر‬ ‫َّ‬
‫شء؛ فيجريه كله عىل ما‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫خلقه بالغيب‬
‫يشاء‪.‬‬
‫الرصوري‪.‬‬ ‫• اإلنسان يكذب إن زعم أنه ال يجد نف نفسه هذا العلم الفطري ن‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الرصوري ما أيش أن يصل اإلنسان للحق‪ ،‬وما أيش أن‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫• وبسبب هذا العلم الفطري ن‬
‫ُ‬
‫مقدمات فطرية تسهل‬ ‫ٍ‬ ‫يستدل عىل الحق‪ ،‬وأن يعرف الحق إذا ظهر له؛ ألن لديه‬
‫عليه معرفة الحق‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫• وبسبب هذا العلم الفطري ن‬
‫الرصوري أيضا تجد كل الناس يلجؤون إىل هللا يف أوقات‬
‫يشكون‪ :‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋ‬ ‫َ‬
‫وينسون ما ر‬ ‫الشدائد‪،‬‬
‫ﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕﱠ﴿‪ ﴾67‬سورة اإلشاء‪.‬‬
‫• فإذا كنت ن يف البحر وشعرت بالهالك لن تدعو إال هللا‪.‬‬

‫‪ ‬فلماذا اإلنسان مدفوع في أوقات الشدائد لدعاء اهلل وحده؟‬

‫‪ ‬الدافع هو‪ :‬الفطرة السليمة الموجودة بداخله‪.‬‬


‫وف أثناء هذه المحرقة الدموية ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الن لم يشهد لها التاري خ‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫الثانية‬ ‫العالمية‬ ‫الحرب‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ي ا‬
‫مثيًل‪ ،‬الحظ قائد القوات األمريكية إيزنهاور والذي أصبح رئيسا ألمريكا فيما بعد‪ ،‬أن كل‬
‫الجنود ِمن كل األطراف يعودون هلل بمجرد نزول أرض المعركة‪ ،‬كما ذكرت هذا الموضوع‬
‫ً‬
‫سابقا‪.‬‬
‫‪ ‬فالجندي ولو كان من دول المحور المالحدة‪ ،‬ما أن ن ن‬
‫يتل إىل أرض المعركة ر‬
‫حن يعود‬
‫هلل‪ ،‬فقال إيزنهاور كلمته الشهتة‪:‬‬

‫"ال يوجد مالحدة في الخنادق"‪.‬‬

‫متفق عليه‪ ...‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪ ...6600:‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2658 :‬‬ ‫(‪)796‬‬

‫‪878‬‬
‫❑ ففي الخندق وقت الحرب ال يوجد مالحدة‪ ...‬الكل‬
‫يعود هلل‪.‬‬

‫• فهذه طبيعة النفس اإلنسانية‪ ،‬وطبيعة الفطرة‬


‫أنها فطرة توحيدية نقية‪.‬‬
‫ر‬
‫بفطرب‪.‬‬ ‫• فأنا مسلم هلل‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫• فهذا سبب ي‬
‫ذاب يف النفس اإلنسانية‪.‬‬

‫وهذا البرهان‪ :‬برهان اإليمان الفطري‪ ،‬من‬


‫أقوى البراهين ىلع اإلطالق؛ ألنه ال يحتاج شاهدًا من خارجك‪ ،‬بل هو‬
‫م لك يف قرارة نفسك‪.‬‬
‫ملزِ ٌ‬

‫ولو أردت شواهد من خارجك عىل اإليمان‪ ،‬فالشواهد ال حرص لها‪.‬‬

‫❑ مثال على ذلك‪ ،‬قال ربك سبحانه‪ :‬ﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱠ ﴿‪﴾٣٥‬‬


‫سورة الطور‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪ ‬األول‪ :‬أن نكون خلقنا من غت خالق‪ :‬ﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﭐﱠوهذا مستحيل‪.‬‬
‫ُ‬
‫كيف نخلق من غت خالق؟‬
‫ً‬
‫‪‬الثاني‪ :‬أن نكون قد خلقنا أنفسنا‪ :‬ﱡ ﱟﱠﱡﱠ وهذا محال أيضا‪.‬‬

‫‪ ‬فكيف أَخلُ ُق نفسي قبل أن أُخلق؟‬

‫ن‬
‫مقتض العقل‬ ‫يبف االحتمال الثالث‪ ،‬وهو الذي سكتت عنه اآلية الكريمة؛ ألنه‬‫‪ ‬إذن ر‬
‫ً‬
‫وهو‪ :‬أن لنا خالقا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫خلقن‪ ،‬وليس فقط شاهد الفطرة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫خالق‬ ‫خارح أن يىل‬
‫ي‬ ‫قطع من‬
‫ي‬ ‫عقىل‬
‫ي‬ ‫فهذا شاهد‬
‫‪879‬‬
‫ن‬
‫والرئتي‬ ‫ن‬
‫والعي والكىل والطحال‬ ‫مثال آخر‪ :‬تخي ْل أن كل معلومات أعضائك ك ‪ :‬الكبد‬
‫والقلب‪ ،‬كل أعضائك توجد مشفرة مكتوبة ن يف كل خلية من خالياك قبل أن تظهر‪.‬‬
‫ن‬
‫فشفرة تصنيع الكبد توجد يف كل خلية من خالياك جسدك‪ ،‬ويتم فك الشفرة فتظهر‬
‫الخاليا الكبدية‪.‬‬
‫ن‬
‫• األمر نفسه بالنسبة للرئة ولكل أعضائك‪ ،‬فشفرة تصنيعها توجد يف كل خلية من‬
‫تتل من‬‫خالياك‪ ،‬وأنت نف بطن أمك‪ ،‬والعجيب أنك ال تحتاج للرئة إال بعد أن ن ن‬
‫ي‬
‫بطن أمك‪ ،‬لكن هللا؛ ألنه عليم حكيم قدير خلقها قبل أن تحتاج إليها‪.‬‬
‫برصورة اإليمان بالرب الخالق المليك المقتدر‬ ‫• فهذه كلها شواهد قطعية تقطع ن‬
‫الحكيم العليم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قديرا‪.‬‬ ‫حكيما‬ ‫• إذن بالفطرة والعقل والنظر تقطع أن لك خالقا‬
‫ً‬
‫• وأيضا بالفطرة تعلم أنك ُمكلف‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تفعل‪ :‬افعل كذا وال تفعل كذا‪...‬‬ ‫افعل وال‬ ‫• فأنت بداخلك تكليف ي‬
‫إله‪ ...‬بداخلك‬
‫الش‪ ...‬افعل ما يمليه عليك ضمتك‪ ،‬وليس مصلحتك‪.‬‬ ‫افعل الخت وال تفعل ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معن التكليف ال ينكره عاقل!‬ ‫• ن‬
‫اإلله‪ ،‬وأحد صور هذا التكليف‪ :‬رصاع الواجب‬ ‫ي‬ ‫• فكل إنسان بداخله شعور التكليف‬
‫نفش؟‬ ‫ي‬ ‫والشهوة‪ ...‬أقوم بفعل الواجب أم ما تشتهيه‬
‫االلتام بالحق ورصاعه مع رغبات النفس هو شعور فطري ال ينكره‬ ‫• فشعور نرصورة ر ن‬
‫َّ‬
‫إال مكابر‪ ،‬فاإلنسان يعلم بفطرته أنه ُمكلف‪.‬‬
‫الرصوري أن‬‫الرصوري‪ :‬العلم الفطري ن‬ ‫• فكيف ىل أن ُأ كذب بكل هذا العلم الفطري ن‬
‫ن ُ َّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يً‬
‫أنن مكلف؟‬ ‫خلقن بالغيب والعلم الفطري الرصوري ي‬ ‫ي‬ ‫يىل خالقا‬

‫‪‬‬

‫ا‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬


‫‪ ‬والجواب‪ :‬دعاة مذهب الربوبية لو أثبتوا يف الغيب ربا فلن يجعلوه إال ُمعطًل عن‬
‫صفات الربوبية‪ ،‬فالخالق نف المذهب الربوب مفتقر كالطبيعة ً‬
‫تماما‪ ،‬فهو مفتقر لغته‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫• وليس هذا هو الرب المليك المقتدر رب العالمي‪ ،‬خالق كل ي‬
‫شء‪ ،‬المترصف يف كل‬
‫رشء الحكيم العليم‪)7٩7(.‬‬
‫ي‬
‫فالربوب يجعل ربه كالطبيعة أو هو الطبيعة كما عند سبينوزا‪.‬‬
‫ي‬ ‫•‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.33-32‬‬ ‫)‪(797‬‬

‫‪880‬‬
‫ر‬
‫الن تخلق‪.‬‬
‫ه ي‬ ‫• فالطبيعة عند سبينوزا ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫الربوب يف األصل يعطلون صفات الرب وينسبونها للطبيعة‪ ،‬هذا‬ ‫ي‬ ‫• فدعاة المذهب‬
‫مذهبه ْم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ملخص‬
‫ً‬
‫مفتقرا كالطبيعة‪.‬‬ ‫• فالربوبية تنسب للطبيعة صفات الرب أو تجعل الرب‬
‫• لذلك الربوبية عند التأصيل ليسوا ر‬
‫أكت من مالحدة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الن تخلق وتصو ُر!‬ ‫ر‬
‫ه ي‬‫• فهم يضعون التأصيالت اإللحادية نفسها‪ :‬الطبيعة ي‬

‫ولذلك يُسمِّ ي ريتشارد داوكينز مذهب الربوبية بـ‪" :‬اإللحاد المبالغ فيه‬
‫(‪)798‬‬
‫‪."sexed-up atheism‬‬

‫• فالربوبية ي‬
‫ه مذهب إلحادي‪.‬‬
‫• والرب نف الربوبية وجوده كعدمه‪ ،‬تعاىل هللا عن كفرهم وتعاىل عما يصفون ًّ‬
‫علوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫كبتا‪ ،‬فالربوبية معطلة لصفات الرب بالرصورة‪ ،‬فهم ال يثبتون ربا حيا قيوما‪ ،‬له‬
‫َ َ‬
‫إرادة وتدبت وتقدير‪ ،‬خلق خلقه بالحق والحكمة‪ ،‬وإنما ينسبون صفات الباري‬
‫للطبيعة أو ا‬
‫لقوى عظيمة مخلوقة مفتقرة‪ ،‬فالربوبية مالحدة بلفظ القرآن الكريم‪:‬‬
‫ﱡﭐﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱠ﴿‪ ﴾18٠‬سورة األعراف‪.‬‬
‫َ َ ُ َّ َ ْ ُ َ‬
‫ين ُيل ِحدون ِ ن يف أ ْس َم ِائ ِه‪ :‬الذين ُيعطلون أسماء هللا‪.‬‬ ‫• وذروا ال ِذ‬
‫فمن ُيعطل األسماء والصفات اإللهية هو ملحد‪.‬‬ ‫• َ‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫لحد قوًل واحدا‪ :‬ﱡﭐﱩﱪﱫﱬ‬ ‫ُ‬ ‫َ نن‬
‫• من يتع صفات هللا وينسبها للطبيعة هو م ِ‬
‫ﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱠ﴿‪ ﴾18٠‬سورة األعراف‪.‬‬
‫أهوائهم وتصوراتهم عن هللا كيفما اتفقت‪ ،‬بال علم‬
‫ِ‬ ‫• فالربوبية مالحدة يجرون وراء‬
‫ﲖ ﱠ﴿‪ ﴾2٩‬سورة‬
‫وال برهان عىل كفرهم‪ :‬ﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲗ‬
‫الروم‪.‬‬
‫شهد بعينيه عملية خلق العوالم بسماواتها وأرضها‪،‬‬‫• فهل سبق ألحد الربوبية أن ِ‬
‫كيف تجري‪ ،‬وكيف تكون‪ ،‬ر‬
‫حن يقرر أن عالمنا أنشأ نفسه بنفسه‪ ،‬وأن الطبيعة‬
‫ﲨﲪ ﲫ ﲬﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة‬
‫ﲩ‬ ‫ه الرب الخالق‪ :‬ﭐﱡﭐﲧ‬
‫ي‬
‫الزخرف‪.‬‬

‫‪ ‬كيف تضربون الفرضيات واألقيسة في عالم الغيب المحض؟‬

‫‪(798( god‬‬ ‫‪delusion, p.19.‬‬


‫‪881‬‬
‫‪ ‬هل رأيتم كونًا آخر ُّ‬
‫يحل إلهه فيه؟‬

‫‪ ‬ثم بأي شيء حكمتم أن خالق العالم ال يتدخل فيه‪ ،‬وأنه منعزل عنا؟‬

‫ﭐﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾148‬سورة األنعام‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫الربوب‪ ،‬وأيها الملحد‪ ،‬أنت سفساط مكابر جاحد‪ ،‬تكذب عىل نفسك إن‬ ‫ي‬ ‫صدقن أيها‬
‫ي‬
‫ٌ‬
‫عبد ٍّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫زعمت أنك ال تجد نف نفسك ً‬
‫مليك مقتدر‪ ،‬خلقك‬
‫ٍ‬ ‫لرب‬ ‫علما فطريا نرصوريا بأنك‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬فيجريه كله عىل ما يشاء‪،‬‬ ‫كل‬ ‫وأمر‬ ‫أمرك‪،‬‬ ‫يملك‬ ‫ء‪،‬‬ ‫ش‬ ‫كل‬ ‫وخلق‬ ‫فك‬ ‫وكل‬ ‫بالغيب‪،‬‬
‫ن‬ ‫يْ ُ‬ ‫ي‬
‫وأن ذلك الرب هو المستحق وحده للعبادة‪ ،‬المستحق أن تخضع له نفسك يف كل أمر‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫وجحودا‪)7٩٩(.‬‬ ‫ونه‪ ،‬فأنت يف فطرتك هذه البديهيات مهما عاندتها ِك ًتا‬ ‫ي‬
‫فما الطبيعة إال شيء مفتقر مثلك‪ ،‬فهي شيء ُمسخر ليس بيده شيء‪ ،‬فلماذا تتكبر‬
‫على فطرتك وتعاندها؟‬

‫‪َ ‬من تحسب نفسك أيها الكافر بربك‪ ،‬يا َمن خرجت من نطفة؟‬
‫ر ُ‬
‫اإلله‪ ،‬وتحارب دين‬
‫ي‬ ‫والتكليف‬ ‫والحساب‬ ‫والبعث‬ ‫والنبوات‬ ‫الفطرة‬ ‫ب‬‫كذ‬‫ت‬ ‫َمن أنت حن‬
‫هللا بالفروض السخيفة واألساطت ر‬
‫الشكية؟‬
‫ن‬
‫فليس يف الوجود أسطورة تخالف العقل‪ ،‬مثل أن‪ :‬الطبيعة خلقت نفسها بنفسها‬
‫شء‪.‬‬ ‫أو ُخلقت من غت ر‬
‫ي‬
‫َ‬
‫بالك ْت أن يخضع لرسل هللا‪ ،‬وأن ينقاد ويستسلم‬
‫• تأب عىل الملحد نفسه المريضة ِ‬
‫هلل‪ ،‬فأخضع نفسه للطبيعة واألحجار‪.‬‬
‫ُ‬
‫• إن اإلنسان قارص ضعيف ال محالة‪ ،‬فهو بفطرته عابد متأله مربوب‪ ،‬يخضع رقبته‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لمن أوجده‪ ،‬وقدر رزقه وحياته وموته‪.‬‬
‫ه الخالق والمصور‪.‬‬ ‫• لكن الربوبي يعبد وثن الطبيعة‪ ،‬ويعتتها ي‬
‫ً‬
‫حجما‪.‬‬ ‫• إن وثن الطبيعة هو أكت وثن اتخذ من دون هللا‬
‫الربوب رقبته للمادة الميتة‪.‬‬
‫ي‬ ‫• أخضع‬

‫‪ ‬فهل عندكم من حجة على هذا الكفر األكبر والسب المبين لرب العالمين؟‬

‫معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.96‬‬ ‫(‪)799‬‬

‫‪882‬‬
‫ﱡﭐﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﱠ﴿‪ ﴾68‬سورة‬
‫يونس‪.‬‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫الن يوجب‬ ‫عندما رفضوا التسليم للخالق اضطروا لوصف الطبيعة بصفات الخالق ي‬
‫شء؛‬ ‫العقل تخصيصه بها‪ ،‬وليست غايتهم من كل ذلك إال ننف صفات الباري رب كل ر‬
‫ي‬ ‫يا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ألنهم يعلمون أنه ال يخلق شيئا عبثا‪ ،‬ولن ريتك الخلق همًل‪ ،‬ولن يتكهم‪ ،‬وأنه قيوم عىل‬
‫ر‬
‫خلقه نف كل ن‬
‫حي‪ ،‬بيده ملكوت كل رشء‪ ،‬وهو السميع العليم‪)8٠٠(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ﭐﱡﭐﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﱠ﴿‪ ﴾11٥‬سورة المؤمنون‬
‫ا‬
‫فهو سبحانه قدر الموت والحياة؛ ليبلوكم أيكم أحسن عمًل‪ :‬ﭐﱡﭐﱋﱌﱍﱎ‬
‫ﱏﱐﱑﱒﱓﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الملك‪.‬‬

‫ﲨ‬
‫ﲩ‬ ‫وافتضتم أن الطبيعة خلقت وقدرت‪ :‬ﱡﭐﲧ‬
‫فاختعتم األوهام من أكياسهم ر‬
‫ر‬

‫ﲪﲫﲬﱠ ﴿‪ ﴾1٩‬سورة الزخرف‪.‬‬


‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫قود‪.‬‬ ‫يفعلون كل هذا ليمضوا يف أهواء عقولهم كيفما شاءوا من غت رشع يلزم أو دين ي‬

‫‪ ‬أما السبب الثاني لكوني مسل ًما‪ ،‬وهو ً‬


‫أيضا سبب فطري ذاتي‪:‬‬
‫ُ‬
‫الفطرة والنظر وتعقل األمور‪ ،‬سيسلم بنبوة محمد بن عبد هللا‬ ‫• فاإلنسان لو أعمل ِ‬
‫ً‬
‫قطعا‪.‬‬ ‫ﷺ‬
‫ر‬
‫فطرب‪.‬‬
‫ي‬ ‫النن الذي دعا لتوحيد ربه‪ ،‬ذلك التوحيد المتفق مع‬ ‫• فهو ي‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫افتقارا نرصوريا‪ ،‬وعبادة‬ ‫ر‬
‫النن ﷺ لعبادة هللا‪ ،‬تلك العبادة ي‬
‫الن أفتقر إليها‬ ‫• فقد دعا ي‬
‫يبق عليها عىل وجه األرض سوى اإلسالم‪.‬‬ ‫َ‬
‫هللا وحده لم‬
‫رُ‬ ‫ن‬ ‫• بقية الديانات صار لها من ر‬
‫العالمي نصيب قل أو كت‪.‬‬ ‫الشك ونقص التسليم لرب‬
‫أشكت ن يف عبادة هللا‪.‬‬ ‫• فبقية الديانات ر‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ن نا‬
‫العالمي‪،‬‬ ‫يته الخالق ويقدسه‪ ،‬ويأمر بالتسليم الكامل لرب‬ ‫• واليوم ال يوجد دين‬
‫ويأمر بالتوحيد والتصديق بالرسل والحث عىل الصالحات الباقيات مثل اإلسالم‪.‬‬
‫• وال يوجد كتاب يخاطب الفطرة‪ ،‬ويخاطب اإلنسان‪ ،‬ويقرأ اإلنسان مثل القرآن‪.‬‬

‫المصدر السابق‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.152‬‬ ‫(‪)800‬‬

‫‪883‬‬
‫تبشتا بقدومه قبل أن ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتمكينا نف األرض ر‬ ‫ا‬
‫يأب بآالف‬
‫ي‬ ‫وأكت‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫نن أعظم ست‬ ‫• وال يوجد ي‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫السني‪ ،‬وأفضل تأييدا بالمعجزات مثل محمد بن عبد هللا ﷺ‪.‬‬
‫ر ُ‬
‫وفطرب أسلم بنبوته ﷺ‪.‬‬
‫ي‬ ‫وعقىل‬
‫ي‬ ‫• فأنا بنظري‬
‫ُ‬
‫النن الذي أخت موش فتاه أنه سيظهر بعد أن يدفن موش‬ ‫والنن محمد ﷺ هو ي‬ ‫ي‬ ‫•‬
‫وخمسي ً‬
‫عاما‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ائة‬ ‫َ ْ‬
‫بألف وسب ِع ِم ٍ‬
‫ٍ‬

‫• وقد أخت موش فتاه بهذا ي‬


‫النن الذي ستكون رسالته للناس كافة‪ ،‬وسينترص عىل‬
‫ُعباد األوثان‪.‬‬

‫عاما بالتمام ُبعث محمد بن عبد هللاﷺ‪.‬‬


‫• وبعد ‪ً 17٥٠‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫• ومحمد بن عبد هللا ﷺ هو الذي رآه إبراهيم عليه السالم يف رؤياه‪ ،‬فقد رأى أنه‬
‫ً‬ ‫اثن ر‬‫ن‬ ‫ُ‬
‫عش قرنا من خراب الهيكل؛ ليعيد الناس للتوحيد‪.‬‬ ‫سيبعث بعد ي‬
‫‪884‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ ُ َ‬
‫والنن ﷺ ب ِعث يف القرن السادس‬
‫ي‬ ‫الميالد‪،‬‬ ‫قبل‬ ‫السادس‬ ‫القرن‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫الهيكل‬ ‫ب‬ ‫• وقد خر‬
‫ً‬ ‫اثن ر‬‫ن‬ ‫ُ‬
‫عش قرنا من خراب الهيكل بالضبط‪ ،‬كما رأى‬ ‫بعد الميالد‪ ،‬فقد بعث بعد ي‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫إبراهيم يف رؤياه‪ ،‬تلك الرؤيا أخت بها أهل الكتاب‪ ،‬ويروونها يف كتبهم‪ ،‬وليس يف‬
‫ُ‬
‫كتبنا‪)8٠1(.‬‬

‫ن‬
‫والنن محمد بن عبد هللا ﷺ هو الذي رآه ي‬
‫النن دانيال يف رؤياه‪ ،‬ورأى أنه سوف‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫قسطنطي الكبت‬ ‫سيظهر بعد ظهور أربعة ممالك تحكم األرض‪ ،‬وتحديدا بعد ظهور‬
‫ُ‬
‫خاتم الرسل‪.‬‬ ‫عاما‪ ،‬وسوف ر‬
‫تبف رشيعته إىل قيام الساعة‪ ،‬فهو‬ ‫وخمسي ً‬
‫ن‬ ‫بثالثمائة‬

‫ن‬
‫قسطنطي‬ ‫النن القادم ستملك مملكة‬ ‫ُ‬
‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل رأى دانيال أن أمة هذا ي‬
‫الكبت نفسها‪ ...‬القسطنطينية‪.‬‬

‫(‪)801‬هذا البحث قام به الباحث في كتب األبوكريفا‪ :‬هشام محمد طلبة‪ ،‬وقد راجعت الكتب والنصوص بنفسي فأدهشني ما‬
‫رأيت‪.‬‬
‫‪885‬‬
‫ن‬
‫قسطنطي‬ ‫عاما من ميالد‬ ‫وخمسي ً‬
‫ن‬ ‫• فجاء محمد بن عبد هللا ﷺ بعد ثالثمائة‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫واحدة من أعظم‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫القسطنطينية‬ ‫تحت‬ ‫وف‬ ‫األربعة‪،‬‬ ‫الممالك‬ ‫ه‬ ‫الكبت‪ ،‬وملكت أمت‬
‫ر‬
‫الن قال عنها قسيس إرميا السابق عبد‬‫وه البشارة ي‬ ‫البشارات بنبوة محمد ﷺ ‪ ،‬ي‬
‫األحد داود‪:‬‬

‫الرسل"‪)8٠2(.‬‬ ‫"لعلها أروع وأوضح نبوءة عن البعثة النبوية ألعظم ر‬


‫البش وخاتم‬
‫ن‬
‫سابق‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بحث‬
‫ٍ‬ ‫• وهذه البشارات أنا رشحتها بالتفصيل يف‬
‫بالنن محمد ﷺ وباسمه وصفته ومكان بعثته‪.‬‬ ‫عشات البشارات‬‫• فه ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كتب أهل الكتاب باسمه "محمد"‪.‬‬‫بشت ُ‬ ‫• لقد ر‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫• فهو ُ‬


‫الم ر‬
‫السني‪ ،‬وهو المؤيد من عند ربه‪،‬‬ ‫بش به من أنبياء ربه قبل أن يبعث بآالف‬
‫ُ ُ‬
‫وحن نزل قوله تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ‬ ‫ر‬ ‫حن أتم ر‬
‫الشيعة‪،‬‬ ‫ر‬

‫ﱵﱠ﴿‪ ﴾٣‬سورة المائدة‪.‬‬


‫ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱶ‬
‫• فاإلسالم تم وك ُم َل‪.‬‬

‫(‪ )802‬قسيس إرميا السابق عبد األحد داود‪ ،‬محمد ﷺ كما ورد في كتاب اليهود والنصارى‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪886‬‬
‫• إن اإلسالم هو الدين المعصوم‪ ،‬ولم يستطع المالحدة عىل شدة حرب هم عىل‬
‫ن‬ ‫ٍّ‬
‫واحد رصي ح يف كتاب‬
‫ٍ‬ ‫بنص‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وعىل شدة حرصهم عىل تكذيبه‪ ،‬أن يأتوا‬
‫هللا أو ن يف ُسنة نبيه ﷺ يخالف قضية علمية واحدة صحيحة ثابتة‪.‬‬
‫• وهذا محال لو كان من عند غت هللا!‬
‫• محال أن يكون هناك كتاب مكتوب منذ ‪ 14٠٠‬عام‪ ،‬وفيه مئات النصوص المتعلقة‬
‫بقضايا علمية‪ ،‬ثم نكتشف أنه ال يخالف قضية علمية مثبتة صحيحة واحدة‪.‬‬
‫وح به من عند هللا‪.‬‬‫• هذا محال‪ ،‬إال لو كان ُم ا‬

‫والنبي محمد بن عبد اهلل ﷺ هو الذي أُيد بالمعجزات‪،‬‬


‫وأَخبر بالمغيبات التي وقعت كما أخبر‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫• والنظر يف ستته ﷺ بحد ذاته يقطع بنبوته‪ ،‬فمن نظر يف ستته ﷺ يعلم أنه أمام‬
‫أعظم إنسان ظهر ن يف التاري خ‪.‬‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫المشكون العروض السخية‪ :‬المال والرياسة‪ ،‬ليس من أجل أن‬ ‫• وقد عرض عليه‬
‫وحيا يوح‪،‬‬‫ً‬ ‫يتوقف عن دعوته‪ ،‬وإنما فقط ر‬
‫ليتكهم وآلهتهم‪ ،‬لكن دعوته كانت‬
‫حن ريتكها ألفضل العروض المتاحة!‬
‫ليست ِمن ِق َبل نفسه ر‬

‫• ﭐﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﱠ﴿‪ ﴾1٠٩‬سورة‬


‫يونس‬
‫عش ً‬
‫عاما ن‬ ‫قليلة من أصحابه ثالثة ر‬ ‫ا‬
‫بي‬ ‫ٍ‬ ‫• فلم يزدد ﷺ إال محاربة لكفرهم‪ ،‬وأقام ٍ‬
‫بقلة‬
‫قوم يريدون قتله هو وأتباعه بأي ثمن‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ن‬
‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫جيل‬
‫ٍ‬ ‫وف خالل‬ ‫• وبعد هذا الصت ْوالثبات عىل الحق وعىل الدعوة إىل هللا‪ ،‬ي‬
‫ُ‬
‫فقط استطاع أن يعيد الناس إىل التوحيد‪ ،‬ذلك التوحيد الذي دعا له كل األنبياء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫وأيقظ ﷺ بدعوته من الهباء أمة عظيمة فتحت لها ممالك األرض‪ ،‬وسادت العالم‬
‫كما ر‬
‫بش األنبياء من قبل‪.‬‬
‫ن‬
‫واليقي التام‪.‬‬ ‫• فتعدد دالئل اإلعجاز يفيد التواتر المعنوي‬
‫ن ٍّ‬
‫فلسف أجراه‪.‬‬ ‫تحليل‬ ‫بجملة قالها أو‬
‫ٍ‬ ‫• وأرسطو فيلسوف بمجموع أعماله وليس‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫• وأبو قراط طبيب بمجموع مشاريعه الطبية وليس بجر ٍ‬
‫احة قام بها‪.‬‬
‫ن‬
‫واليقي‬ ‫النن ﷺ تفيد التواتر المعنوي‬ ‫• وكذلك تعدد دالئل اإلعجاز المنقولة عن ي‬
‫التام أنه ٌّ‬
‫نن‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪887‬‬
‫صادقا‪ ،‬وقد اشتهر بالصدق ر‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫باعتاف أشد الناس‬ ‫• فإذا نظرت يف ستته ﷺ ووجدته‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫عداوة‪ ،‬ولم ُي َ‬
‫ه‪ ،‬وقبل‬ ‫ي‬ ‫كما‬ ‫فتقع‬ ‫بالمغيبات‬ ‫خت‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫هو‬ ‫ثم‬ ‫‪،‬‬‫فجور‬ ‫وال‬ ‫بكذب‬
‫ٍ‬ ‫رم‬ ‫له‬
‫ً‬
‫جميعا‪ ،‬ثم هو الذي‬ ‫الن دعا لها من أول يوم مع عقيدة األنبياء‬ ‫ر‬
‫ذلك تتفق عقيدته ي‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ ر‬
‫السني‪ ،‬فكل هذا يفيد التواتر‬ ‫يبش األنبياء بقدومه ﷺ قبل أن ي‬
‫يأب بمئات‬
‫ن‬
‫واليقي التام عىل صحة الرسالة‪.‬‬ ‫المعنوي‬

‫‪‬‬

‫بسورة منه‪ ،‬فما فعلوا‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫القرآن الذي تحدى هللا به أهل البيان‪ ،‬أن يأتوا بمثله أو‬
‫‪ ‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﭐﱡﭐﳆﳇﳈﳉﳊﱠ ﴿‪ ﴾24‬سورة البقرة‪.‬‬
‫َ‬
‫• فما فعلوا‪ ،‬وال قدروا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫المش ن‬ ‫ُ‬
‫كي‪ ،‬وأهل الفصاحة‪ ،‬وهم يف كل هذا‬ ‫• ولم يزل القرآن الكريم يتحدى بلغاء‬
‫ناكصون عن معارضته‪ ،‬محجمون عن مماثلته‪.‬‬

‫‪‬يقول د‪ .‬عبد هللا دراز ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬


‫ﷺ‬

‫( ‪ (803‬النبأ العظيم‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا دراز رحمه هللا‪ ،‬ص‪ .45-44‬وقد ذكرت هذا االقتباس في بح ٍ‬
‫ث سابق‪ ،‬لكني أعيده هنا توكيدًا‬
‫على أهميته‪.‬‬
‫‪888‬‬
‫• لقد رأى هؤالء ر‬
‫المشكون أن تجميع الجيوش وتحزيب األحزاب لمحاربة رسول هللا‬
‫ُ‬
‫وأيش من معارضة القرآن وقبول التحدي‪ ،‬فهذا بالغ جهدهم ‪ :‬ﱡﭐﲞ‬
‫ُ‬ ‫ﷺ أهون‬

‫ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﱠ ﴿‪ ﴾26‬سورة‬
‫فصلت‪.‬‬
‫بشء ر‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫يستي ح له المالحدة‬ ‫الن ن ِقل لها التحدي ر ي ٍ‬ ‫• فلم ِ‬
‫يأت العرب جميعا وال األمم ي‬
‫ويريحون به غتهم‪.‬‬

‫األلوش ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬


‫ي‬ ‫‪ ‬يقول‬

‫َْ َُ ن َ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ور‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بالط‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫ِ ِ‬ ‫غ‬ ‫الم‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ﷺ‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫الن‬ ‫ت‬ ‫‪ ‬قال جبت بن ُمطعم ولم يكن قد أسلم بعد‪ :‬س ِمع‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫هذه اآلية‪:‬ﭐﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤ ﱥﱦﱧ‬ ‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ف‬

‫ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱠ سورة الطور‪.‬‬

‫َيط َ‬‫ْ‬ ‫َ َ َْ‬


‫ت"‪)8٠4(.‬‬
‫‪ ‬قال‪ :‬كاد قل ِ ين أن ِ‬
‫• فالقرآن فيه أشار عجيبة تصل للنفس اإلنسانية‪.‬‬
‫َ‬
‫يزدحمن حول بيت أب بكر ن‬
‫حي يقرأ القرآن من‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫المش ن‬
‫كي كن‬ ‫• تأم ْل كيف أن نساء‬
‫حن أفزع ذلك رجال قريش‪)805(.‬‬ ‫فرط انجذابهن وتأثرهن به‪ ،‬ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سمعوه أهليهم‪،‬‬‫• ولذلك اجتمعت كلمة وفود العرب عىل أًل يسمعوا للقرآن‪ ،‬وال ي ِ‬
‫فهذا هو السبيل الوحيد للبقاء عىل الكفر‪.‬‬
‫ر‬
‫‪ ‬ومن عجائب القرآن الكريم وعجائبه ي‬
‫الن ال تنفد ما ذكره د‪ .‬عبد هللا دراز ‪-‬رحمه هللا‪-‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫النن ﷺ إىل وضع بعض اآليات‬ ‫يف قضية نزول آيات القرآن يف أوقات متفاوتة‪ ،‬ثم يشت ي‬
‫ن‬ ‫بي السور وآيات أخرى ن‬ ‫نف أماكن محددة ن‬
‫بي سور أخرى‪ ،‬ثم تظهر يف األخت كل سورة‬ ‫ي‬
‫كبناء مستقل‪.‬‬

‫(‪ (804‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4854 :‬‬


‫(‪ (805‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.3905 :‬‬
‫‪889‬‬
‫‪ ‬يقول ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ﷺ‬

‫َّ‬
‫• فالقرآن معجزة مستقلة عىل صدق نبوته ﷺ‪.‬‬

‫(‪ (806‬كتاب مدخل إلى القرآن الكريم‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا دراز‪.‬‬
‫‪890‬‬
‫ٌ‬ ‫ر‬
‫الن جرت عىل يديه كثتة‪ ،‬تزيد عىل األلف بكثت‪ ،‬والعهد بها قريب‬ ‫• ومعجزاته ﷺ ي‬
‫وناقلوها هم أصدق الخلق وأبرهم‪.‬‬
‫يجتون الكذب فيما دق‪،‬‬ ‫ن‬ ‫• وهؤالء الرواة الذين نقلوا إلينا هذه المعجزات كانوا ال‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫فكيف يكذبون عليه‪ ،‬وهم يعلمون أن من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من‬
‫النار‪ ،‬كما حذر هو ﷺ‪.‬‬
‫العشات منهم‪ ،‬فكيف‬‫• وبعض معجزاته ﷺ شهدها آالف الصحابة‪ ،‬وبعضها رواه ر‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫يجمعون عىل الكذب يف كل هذا؟‬

‫ن‬
‫حني‬ ‫❑ ومثال ىلع معجزاته التي حضرها جمع كبير من الناس‪ :‬حديث‬
‫النن ﷺ يخطب عىل جذع‪ ،‬فلما ُص ِنع له‬‫الجذع‪ ،‬وهو حديث مشهور متواتر حيث كان ي‬
‫يي ويحن ر‬‫أني الصن‪ ،‬ولم يزل ئ ن‬ ‫ر‬
‫ورف عليه وخطب حن الجذع‪ ،‬وأن ن‬
‫حن ضمه‬ ‫ي‬ ‫المنت‪ ،‬ي‬
‫النن ﷺ فسكت‪.‬‬
‫ي‬
‫هذا الحديث رواه من الصحابة‪ :‬أنس بن مالك‪ ،‬وجابر بن عبد هللا‪ ،‬وعبد هللا بن عباس‪،‬‬
‫ُ‬
‫أب بكر‪،‬‬
‫ي‬ ‫بنت‬ ‫وعائشة‬ ‫سعد‪،‬‬ ‫بن‬ ‫وسهل‬ ‫سعيد‪،‬‬ ‫وأبو‬ ‫كعب‪،‬‬ ‫بن‬ ‫ب‬
‫وعبد هللا بن عمر‪ ،‬ي‬
‫وأ‬
‫وأم سلمة‪.‬‬

‫‪ ‬فهل مثل هذا العدد من الصحابة ُيج ِمع على الكذب في رواية ٍ‬
‫خبر كهذا؟‬
‫بي أصابعه ر‬
‫الشيفة‬ ‫بل إن بعض معجزاته شهدها آالف الصحابة مثل‪ :‬نبع الماء من ن‬
‫صحاب‪ ،‬والحديث متواتر‪ ،‬ورواه البخاري‬ ‫وشب ألف وخمسمائة‬ ‫حن توضأ منه ر‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ ُ‬
‫سابق‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مبحث‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫األحاديث‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫جملة‬ ‫كرت‬ ‫وقد ذ‬
‫ً‬
‫ومن أمثلة هذه األحاديث أيضا‪ :‬تكثت الطعام اليست؛ َليطعم منه الجيش العظيم‪ ،‬وهذا‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫أيضا جاءت به األخبار المتواترة عن الصحابة‪ ،‬وقد ذكر البخاري وحده معجزات تكثت‬
‫الطعام عىل يد النن ﷺ نف خمسة مواضع من صحيحه‪)8٠7(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ ‬فإذا كانت أدلة الصدق ثابت ًة‪ ،‬والمعجزات حافل ًة على نبوته ﷺ ‪ ،‬فأنى لعاقل أن‬
‫ُيكذب بكل هذا؟‬

‫)‪ (807‬البخاري )‪ ،(1217‬البخاري )‪ ،(2618‬البخاري )‪ ،(3578‬البخاري )‪ ،(4101‬البخاري )‪ .(6452‬وكلها أحداث‬


‫ووقائع مختلفة متباينة‪ ،‬وهذا في البخاري وحده!‬
‫‪891‬‬
‫‪ ‬وهذه أمثلة أخرى يسيرة من معجزاته ﷺ أُعيدها هنا للتوكيد‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫اللياىل بأن ريحا شديدة ستهب‪ ،‬ونه الناس عن القيام‪ ،‬فقام رجل‬ ‫ي‬ ‫ليلة من‬ ‫أخت ﷺ يف ٍ‬
‫فحملته الري ح وألقته نف مكان بعيد عن مكانه‪)8٠8(.‬‬
‫ي‬
‫النجاش نف اليوم الذي مات فيه‪ ،‬وكت عليه ً‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫أربعا‪)8٠٩(.‬‬
‫ي ي‬ ‫بموت‬ ‫ﷺ‬ ‫خت‬ ‫وأ‬

‫ن‬ ‫وعثمان وعىل وطلحة والزبت ن‬‫َ‬ ‫وأخت النن ﷺ بشهادة َ‬


‫أجمعي‪ ،‬وأنهم‬ ‫رص هللا عنهم‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫عمر‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لن يموتوا عىل فر ِشهم كما يموت الناس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وعىل وطلحة‬ ‫ي‬ ‫وعثمان‬ ‫وعمر‬ ‫يوم هو وأبو بكر‬‫فقد صعد رسول هللا ﷺ الجبل ذات ٍ‬
‫والزبت‪ ،‬فتحركت الصخرة‪ ،‬فقال رسول هللا صىل هللا عليه وسلم للجبل‪:‬‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫ن‬
‫وللباقي بأنهم سيكونون شهداء‪ ،‬وحصل‬ ‫وألب بكر بالصديقية‪،‬‬‫ي‬ ‫فحكم لنفسه بالنبوة‪،‬‬
‫ما أخت به صىل هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫• وهناك ‪ 1٥٠‬حديثا دعا فيهم النن ﷺ ربه‪ ،‬وأجيب نف الحال‪ ،‬والناس يشهدون!(‪)811‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫ري ُهم َآية‪ ،‬فأراه ُم َ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ َ‬
‫حن ر ْأوا‬ ‫القم َر ِشق ن‬
‫ي‪ ،‬ر‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ﷺ‬ ‫هللا‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫ة‬ ‫• وحيث سأل أهل مك‬
‫متواتر‪ ،‬أي‪ :‬أنه ن يف أعىل درجات الصحة‪.‬‬‫ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫ِحراء بينهما‪ ،‬وهذا الحديث‬
‫ن‬ ‫ر‬
‫الن فيها معجزة شق القمر يف المجامع الكبار‬ ‫النن ﷺ يقرأ سورة القمر ي‬ ‫• وقد كان ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كالج َمع واألعياد؛ ليسمع الناس ما فيها من معجزاته ﷺ ‪ ،‬وكان يستدل بها عىل‬
‫صدق نبوته‪.‬‬
‫‪ ‬ثم إخبار النن ﷺ بأن آدم هو ُ‬
‫آخر الخلق من الكائنات الحية‪:‬‬ ‫ي‬

‫(‪ (808‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.3319 :‬‬


‫(‪ (809‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.1333:‬‬
‫(‪ (810‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2417:‬‬
‫(‪(811‬جمع هذه األحاديث سعيد ب ن عبد القادر باشنفر‪ ،‬في كتابه دالئل النبوة‪ ،‬والكتاب من إصدارات دار ابن حزم‪.‬‬
‫(‪ (812‬صحيح الجامع‪.8188 ،‬‬
‫‪892‬‬
‫‪ ‬وهذه الحقيقة العلمية صارت اآلن ثابتة‪ ،‬فكيف َعلِم ﷺ بأن آدم عليه السالم‬
‫آخر الكائنات ظهو ًرا على األرض بعد ظهور النبات والحيوان؟‬

‫‪ ‬وانظر لقول هللا ‪-‬عز وجل‪ :‬ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ‬

‫ﱾﱿﱠﭐ﴿‪ ﴾12‬سورة اإلشاء‪.‬‬

‫ً‬
‫مضيئا ثم ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َّ‬
‫الل ْ‬
‫ح ضوؤه‪.‬‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫كان‬ ‫الليل‬ ‫آية‬ ‫وهو‬ ‫القمر‬ ‫أن‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬فمحونا آية‬
‫ن‬
‫‪ ‬وهذا بالفعل ما فش به الصحابة اآلية الكريمة‪ ،‬فقد روى اإلمام ابن كثت يف تفسته‬
‫رص هللا عنهما قال‪:‬‬‫ن‬
‫أن عبد هللا بن عباس ي‬

‫والعجيب أنَّ هذا ما انتهى إليه العلم اليوم‪ ،‬فقد نشرت ناسا ىلع‬
‫موقعها الرسمي وقناتها الرسمية‪ :‬الحقبة األولى من عمر القمر‪ ،‬وكان‬
‫(‪)813‬‬
‫فيها مضيئًا متوهجًا‪.‬‬
‫ُ‬
‫• فقد ثبت بالتواتر وقوع اآليات واإلخبار بالمغيبات ودقائق أشار األرض والسماوات‬
‫واحد ﷺ ‪ ،‬ونزول القرآن عليه‪ ،‬وجاء بما عليه النبيون‬ ‫رجل‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫الن ال حرص لها عىل يد ٍ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫مؤيدا من عند هللا‪ ،‬ولم َي ُمت ر‬
‫الشيعة وك ُملت‪.‬‬
‫حن تمت ر‬ ‫من قبله‪ ،‬وكان‬
‫• فالقطع بأنه ٌّ‬
‫نن هو رشاد العقل!‬ ‫ي‬
‫• فآياته ﷺ الغيبية تزيد عىل األلف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫• ونقلة المعجزات هم صحابته أصدق الخلق وأبرهم بعده‪.‬‬

‫والعجيب أن كبار الصحابة أسلموا قبل أن يروا المعجزات‪ ،‬فهم أسلموا؛ ألنهم يعلمون‬
‫النن محمد ﷺ صادق‪ ،‬وأنه لم يكذب قط‪.‬‬ ‫أن ي‬
‫‪‬‬
‫ﷺ‬

‫)‪(813‬‬
‫‪http://www.nasa.gov/mission_pages/LRO/news/vid-tour.html‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=UIKmSQqp8wY‬‬
‫‪893‬‬
‫❑❑‬

‫‪ ‬أصدق الناس؛ ألنه نبيٌّ‪ ...‬فالنبي هو أصدق الناس‪.‬‬

‫ب الناس؛ ألنه يفتري كذبًا يف أعظم األمور شأنًا‪.‬‬


‫‪ ‬وإما أن يكون‪ :‬أكذَ َ‬

‫(‪)814‬‬
‫وال يختلط أصدق الناس بأكذب الناس إال ىلع أجهل الناس‪.‬‬
‫• فما أيش أن يستطيع العاقل أن ُي ن‬
‫مت ن‬
‫بي أصدق الناس‪ ،‬وأكذب الناس‪.‬‬

‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬


‫يوم من بعثته ﷺ أنه لم يكذب قط‪ ،‬فقالوا له‪" :‬ما‬
‫‪ ‬وقد اعتف المشكون يف أول ٍ‬
‫ذبًا"‪)81٥(.‬‬
‫كَ ِ‬ ‫علَيكَ‬
‫جَرَّبنَا َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كنتم تتهمونه بالكذب َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫يقول‬ ‫قبل أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫"هل‬ ‫‪:‬‬ ‫سلم‬ ‫ي‬ ‫هرقل أبا سفيان قبل أن‬ ‫وحي سأل‬ ‫‪‬‬
‫ما قال؟"‪.‬‬

‫‪ ‬فقال أبو سفيان‪" :‬ال"‪.‬‬

‫هللا"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يكن ل َي َذ َ‬


‫ُ‬
‫‪ ‬فقال هرقل‪" :‬لم‬
‫ويكذب عىل ِ‬
‫ِ‬ ‫الناس‬
‫ِ‬ ‫عىل‬ ‫الكذب‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬ثم أكمل هرقل فقال قولته الشهتة‪:‬‬

‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫واحدة يف كل حياته ﷺ؛ ولذلك أنكر القرآن عليهم‬
‫ٍ‬ ‫بة‬
‫ِ ٍ‬‫ذ‬‫ك‬ ‫إظهار‬ ‫عن‬ ‫فار‬ ‫الك‬ ‫‪ ‬فقد عجز‬
‫كفرهم مع علمهم بحاله هذا قبل بعثته فقال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﲝﲞﲟﲠﲡﲢ‬

‫ﲣﱠ ﴿‪ ﴾6٩‬سورة المؤمنون‪.‬‬

‫ٌّ‬
‫مستقل عىل أنه ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫نن ﷺ‪.‬‬‫ي‬ ‫دليل‬ ‫• فحال ي‬
‫النن وستته‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫متعاضدة عىل نبوته ﷺ ‪ ،‬ن‬ ‫ا‬
‫فأب لعاقل أن يكذب بكل هذا؟‬ ‫دواع الصدق عامة‬
‫ي‬ ‫فإذا كانت‬

‫عقل ً‬
‫ونقل‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬ص‪ ،573‬وبمعناه في نفس المصدر ص‪.318‬‬ ‫(‪ )814‬ثبوت النبوات ً‬
‫(‪ )815‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.4971:‬‬
‫(‪ (816‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.7:‬‬
‫‪894‬‬
‫‪ ‬أما السبب الثالث لكوني مسل ًما‪:‬‬
‫ا‬
‫أصًل بينه ن‬ ‫ٌ‬
‫وبي اإلسالم‪.‬‬ ‫خواء‪ ،‬بل ال وجه للمقارنة‬ ‫فهو ببساطة أن كل ما خال اإلسالم‬
‫َ‬
‫يبق إال اإللحاد ومجموعة من الديانات ر‬
‫الشكية‪.‬‬ ‫فلم‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴﱠ‬
‫﴿‪ ﴾4٩‬سورة القصص‪.‬‬
‫ً رُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ه‬‫• تخيل شخصا يتك عبادة هللا‪ ،‬والتسليم لرسله‪ ،‬ويؤمن بأن الطبيعة واألحجار ي‬
‫الن تدير العالم‪ ،‬وتخلق العالم!‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫الن بعقلك وفطرتك تعلم أنها رش ٌء ُم ٌ‬ ‫ر‬
‫شء مسخر ليس‬ ‫فتقر مثلك‪ ...‬ي‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫• تلك الطبيعة ا ي‬
‫شء أصًل‪.‬‬ ‫ر‬
‫بيده ي‬
‫بشية كيسوع‪ ،‬أو آلهة أرضية‬ ‫شخصا ريتك عبادة هللا الواحد‪ ،‬ويلجأ آللهة ر‬ ‫ً‬ ‫• أو تخيل‬
‫كآلهة الهندوس‪.‬‬
‫ً‬
‫مسلما‪.‬‬ ‫العقىل أن أكون‬ ‫ً‬
‫مسلما‪ ،‬ومن‬ ‫• فأنا من الفطري أن أكون‬
‫ي‬
‫حن شبهة التهان‪.‬‬ ‫لخلو اآلخر من التهان‪ ،‬أو ر‬ ‫ا‬ ‫• وأنا مسلم‬
‫يبق إال اإلسالم‪ ،‬واإللحاد العدم‪ ،‬وبقايا ديانات امتألت ر‬ ‫َ‬
‫بالشكيات‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• فلم‬

‫ﳅ ﳇﳈﳉ ﱠ ﴿‪﴾8‬‬
‫‪‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲺﲻﲼ ﲽ ﲾﲿﳀﳁ ﳂﳃﳄ ﳆ‬
‫سورة آل عمران‪.‬‬

‫َ ْ َْ‬ ‫َ ُ َ َ ُُْ‬
‫وب ثبت قلوبنا َعىل ِد ِين َك‪.‬‬
‫يا مقلب الق ِ‬
‫ل‬
‫ن‬
‫آمي‪.‬‬ ‫اللهم‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪895‬‬
‫اإلسالم؟‬
‫ُ‬ ‫‪ -233‬ما هو‬

‫ج‪ :‬اإلسالم هو‪ :‬االستسالم والخضوع واالنقياد هلل تعاىل ‪.‬‬


‫‪ ‬قال جل شأنه‪ :‬ﱡﭐﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋ‬
‫ﲌﲎﲏﲐﲑﱠ ﴿‪ ﴾12٥‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ﲍ‬
‫ن ْ َ َ ْ َ ُ َّ‬
‫‪ ‬ومعن أسلم وجهه ِلل ِه‪ ،‬أي‪ :‬استسلم هلل‪ ،‬وانقاد له سبحانه تعاىل‪ ،‬وتقدس ربنا‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬
‫أحسن الناس دينا‪.‬‬
‫‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﱠ ﴿‪ ﴾٣4‬سورة الحج‪.‬‬
‫ن َ‬
‫ومعن فل ُه أ ْس ِل ُموا‪ ،‬أي‪ :‬استسلموا لحكمه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫• فهذه اآليات تفيد أن ن‬
‫معن اإلسالم هو االستسالم المطلق هلل تعاىل‪ ،‬واالنقياد له‬
‫ً‬ ‫جل نف عاله‪ ،‬واالمتثال ر‬
‫وقبول‪ ،‬وهذا هو جوهر اإلسالم‬‫ٍ‬ ‫لشعه ومنهجه برضا‬ ‫ي‬
‫وحقيقته‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫‪ ‬فاإلسالم هو االستسالم هلل يف قضائه وشعه‪.‬‬
‫ﱬﱠ﴿‪﴾1٩‬‬ ‫ﱭ‬ ‫البش‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱨﱩﱪ ﱫ‬ ‫‪ ‬واإلسالم هو دين هللا لجميع ر‬
‫سورة آل عمران‪.‬‬
‫‪ ‬فاإلسالم هو الدين الذي ال يقبل هللا غته من األديان‪ :‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ‬
‫ﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱠ ﴿‪ ﴾8٥‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ُ‬
‫• واإلسالم هو الدين الذي أرسل هللا به جميع األنبياء والرسل‪ ،‬فدين األنبياء واحد‬
‫وهو اإلسالم‪ ،‬وكل األنبياء أتوا بالتوحيد وإن اختلفت رشائعهم‪.‬‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱠ‬
‫﴿‪ ﴾2٥‬سورة األنبياء‪.‬‬
‫َ‬
‫يبق عىل هذا التوحيد دين سوى اإلسالم‪.‬‬ ‫• ولم‬
‫• اإلسالم هو الدين التوحيدي األوحد اليوم عىل األرض‪.‬‬
‫ٌ‬
‫نصيب‪ ،‬فبعد موت‬ ‫للشائع األخرى أصبح لهم من ر‬
‫الشك‬ ‫المنتسبي ر‬
‫ن‬ ‫• بينما كل‬
‫األنبياء‪ ،‬وبعد أن تركوا الناس عىل التوحيد اتخذ الناس مع الوقت ر‬
‫الشكيات‪ ،‬ولم‬
‫َ‬
‫يبق اليوم عىل التوحيد ر‬
‫النف الذي جاء به األنبياء دين سوى اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪896‬‬
‫‪ -234‬ما هي العبادة؟‬

‫ج‪ :‬العبادة هي‪ :‬اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبُّهُ الله ويرضاه من األقوال واألفعال‬
‫الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ر ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ‬
‫عادة‬
‫ٍ‬ ‫وكل‬ ‫‪،‬‬ ‫عبادة‬ ‫ه‬ ‫ك‬‫فت‬ ‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫نه‬
‫ي‬ ‫وكل‬ ‫‪،‬‬ ‫عبادة‬ ‫ه‬ ‫عل‬ ‫• فكل أمر أمر هللا به ِ‬
‫فف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫والشب والنوم تصبح عبادة إذا قصدت بها امتثال أمر هللا‪،‬‬ ‫مباحة مثل‪ :‬األكل‬
‫ٍ‬
‫واالستعانة بها عىل طاعته سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ومهمة جميع الرسل دعوة الناس إىل عبادة هللا‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱤﱥﱦﱧ‬

‫ﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱠ ﴿‪ ﴾٣6‬سورة النحل‪.‬‬


‫ٌّ‬
‫حق هللا عىل عبيده‪ :‬ﱡﭐﲟﲠﲡﲢﲣﲤﱠ﴿‪ ﴾22‬سورة يس‪.‬‬ ‫‪ ‬فالعبادة ي‬
‫ه‬

‫ﷺ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬فالعبادة ي‬
‫ه حق هللا الخالص عىل العباد‪.‬‬

‫• والعبادة شاملة لكل أفعال المسلم الظاهرة والباطنة‪ :‬كالصالة والصوم والزكاة‬
‫ر‬
‫وحن العادات‬ ‫واألمر بالمعروف والنه عن المنكر‪ ،‬والذكر ر‬
‫وشن أنواع الطاعات‪،‬‬ ‫ي‬
‫الن يفعلها المسلم هلل تصبح عبادة‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲢﲣﲤﲥﲦﲧ‬ ‫ي‬
‫ر‬

‫ﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵﱠ سورة األنعام‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )817‬متفق عليه‪ ...‬أخرجه البخاري‪ ،‬ح‪ 5967:‬ومسلم‪ ،‬ح‪.30:‬‬


‫‪897‬‬
‫‪ -235‬ما هي حقيق ُة العبادة وأركانُها؟‬

‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬


‫العالمي‪.‬‬ ‫تتمثل في‪ :‬الخضوع والتذلل وإظهار العجز والذل لرب‬ ‫ج‪ :‬حقيقة العبادة‬

‫ونعمة‬
‫ٍ‬ ‫رن‬
‫والممي عليك بكل ِمن ٍة‬ ‫ن‬
‫وتترصع لخالقك ورازقك‬ ‫فأنت تخضع هلل‪ ،‬وتتذلل‬
‫ن‬
‫العالمي‪.‬‬ ‫ن‬
‫وتترصع لمالك يوم الدين رب‬ ‫وهداية‪ ...‬تخضع‬
‫ٍ‬

‫‪‬ﭐﱡﭐﲙﲚﲛﲜﲝﱠ ﴿‪ ﴾٥٥‬سورة األعراف‪.‬‬

‫‪ ‬ﱡﭐﲱﲲﲳﲴﲵﲶﱠ ﴿‪ ﴾2٠٥‬سورة األعراف‪.‬‬

‫بي يديه هو حقيقة العبادة هلل‪ :‬ﭐﱡﭐﳉﳊﳋﳌ‬ ‫ن‬


‫والترصع هلل واالنكسار ن‬ ‫‪ ‬ﭐفالخوف‬

‫ﳍﳎﳏﱠ ﴿‪ ﴾٥7‬سورة المؤمنون‪.‬‬

‫والترصع هلل ‪-‬عز وجل‪ -‬تحب ُه سبحانه‪.‬‬


‫ن‬ ‫• ومع هذا الخوف‬
‫ا‬
‫تختىل بنفسك ساعة تذكره فيها‪،‬‬
‫ي‬ ‫• تحب مناجاته‪ ،‬وتحب القرب منه‪ ،‬وتحب أن‬
‫ﱽ ﱠ﴿‪﴾16٥‬‬
‫تصىل بخشوع ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱾ‬ ‫ي‬ ‫أو تقرأ القرآن بتدبر‪ ،‬أو‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ ‬فعبادتك لربك تشمل‪ :‬الخشوع والتذلل مع المحبة يف الوقت نفسه‪ :‬ﭐﱡﭐﲵ‬
‫ن‬

‫ﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﱠ ﴿‪ ﴾٩٠‬سورة األنبياء‪.‬‬

‫‪ ‬ﲻﲼﲽ‪ :‬رغبة ورهبة‪.‬‬

‫وجل‪ -‬عبادة خشية ومحبة وتعظيم له سبحانه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فالمسلم يعبد هللا ‪َّ -‬‬
‫عز‬
‫َّ‬
‫الحقة‬ ‫َّ‬
‫ويتمثل العبودية‬ ‫فيُحقق بهذا حقيقة العبادة التي أرادها هللا منه‪،‬‬
‫التي ُخلق من أجلها‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪898‬‬
‫‪ -236‬ما هي شروط العبادة؟ أو‪ :‬ما هي الشروط التي يقبل اهلل بها العبادة؟‬

‫ج‪ :‬العبادة ال تكون صحيحة إال إذا توافر فيها شرطانِ‪:‬‬


‫الشرط األول‪ :‬اإلخالص‪ ،‬وهو أن يَقصد العبدُ بعبادته وجه الله تعالى دون‬
‫سواه‪.‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲬﲭﲮﲯﲰﲱﲲﲳﱠ ﴿‪ ﴾٥‬سورة البينة‪.‬‬

‫األجر والذ َ‬
‫كر‪ ،‬أي‪ :‬يلتمس األجر من هللا‪ ،‬والذكر ن‬
‫بي الناس‪ :‬بالمديح والشهرة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يلتمس‬
‫ٌ‬
‫مردود؛ إذ ال بد من إخالص العبادة هلل‪ ،‬وهذا هو ر‬
‫الشط األول لقبول العبادة‪.‬‬ ‫فهذا عمله‬
‫أما الشرط الثاني‪ :‬فهو شرط املتابعة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫شع‪ ،‬فعندما رشع هللا الظهر أرب ع ركعات‪ ،‬إذن تصليه‬
‫ومعن المتابعة أن تعبد هللا بما ر َ‬
‫ن‬
‫أجعل الظهر ست ركعات‪ ،‬فهذا ر‬
‫أكت عبادة‪ ،‬ال‪ ...‬هذا إفساد‬ ‫ُ‬ ‫أرب ع ركعات‪ ،‬وال تقول‪:‬‬
‫للعبادة‪.‬‬
‫النن ﷺ‪ ،‬ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱞﱟ‬
‫ه أن تفعل العبادة كما أمرك هللا بها‪ ،‬وكما فعلها ي‬
‫فالمتابعة ي‬
‫ﱨ ﱪ ﱫ ﱬ ﱠ ﴿‪﴾٣1‬‬
‫ﱩ‬ ‫ﱠﱡﱢ ﱣﱤﱥﱦﱧ‬
‫سورة آل عمران‪.‬‬
‫اإلله ن يف طريقة أداء العبادة‪ ،‬وال تبتدع من عند نفسك‪.‬‬
‫ي‬
‫فأنت تتبع ر‬
‫الشع‬

‫‪‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتفعل ما أمرك هللا به‪.‬‬ ‫فأنت تخلص هلل‪،‬‬

‫(‪ )818‬صحيح سنن النسائي‪ ،‬ح‪.3140:‬‬


‫(‪ )819‬متفق عليه‪ ...‬أخرجه البخاري‪ ،‬ح‪ 2697:‬ومسلم‪ ،‬ح‪.1718 :‬‬
‫‪899‬‬
‫ثمرات عباد ِة اهلل سبحانه وتعالى؟‬
‫ُ‬ ‫‪ -237‬ما هي‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ئن‬ ‫َ ُ‬
‫تطمي روحه‪ ،‬وال تهدأ وحشة قلبه إال بعبادة‬ ‫ج‪ :‬اإلنسان بفطرته ال يعرف ذاته‪ ،‬وال‬
‫هللا‪:‬‬
‫‪ ‬ﱡﭐﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﳠﳡ ﱠ﴿‪ ﴾28‬سورة الرعد‪.‬‬

‫يطمي الصدر‪ :‬ﭐﱡﭐﱣﱤ ﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭ‬


‫ئن‬ ‫‪ ‬فبالعبادة‬
‫ﱮﱯﱰﱱﭐﱲﱳﱠ سورة الحجر‪.‬‬
‫ُ‬
‫صدرك‪.‬‬ ‫ئن‬
‫فيطمي‬ ‫‪ ‬ﱲ ﱳ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ن‬
‫تفعالن يف النفس اإلنسانية ما ال تفعل ساعات من‬
‫ِ‬ ‫• ولذلك ركعتان بخشوع وتدبر‬
‫جلسات التهدئة النفسية‪.‬‬
‫ُ‬
‫بعيد عن ذكر هللا يضيق صدره‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫• فالعبادة فيها طمأنينة النفس اإلنسانية‪ ،‬وكل‬
‫يطمي‪ :‬ﭐﱡﭐ ﳂ ﳃ ﳄ‬ ‫ئن‬ ‫ً‬
‫دائما يتلهف عىل الدنيا‪ ،‬فال هو يشبع وال‬ ‫فتجده‬

‫ﳅﳆﳇﳈﳉﱠ﴿‪ ﴾124‬سورة طه‪.‬‬


‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف سباق‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬
‫ٍ‬ ‫ضن‬ ‫سعة من الرزق إال أنه بدون اإليمان يحيا يف‬
‫ٍ‬ ‫• ومهما كان اإلنسان يف‬
‫ً ً‬ ‫ر‬
‫قلقا‪.‬‬
‫ينته مع المجهول فتاه دائما ِ‬
‫ي‬ ‫محموم ال‬
‫ٍ‬

‫‪‬قال ي‬
‫الننﷺ‪:‬‬

‫فالعبادة تحرر المسلم من الخضوع للدنيا‪ ،‬وتجعله ُح ًّرا‪.‬‬


‫معن الحياة‪ ،‬وفهم قيمة الدنيا‪ ،‬وفهم‬ ‫بحق هو إنسان َفهم ن‬‫ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫المسلم الذي يعبد هللا َ‬
‫ن‬
‫ولذلك‬
‫غاية وجوده يف هذا العالم‪ ،‬وف ِهم أنه يف هذا العالم؛ ليختت‪ ،‬وليعبد ربه حق العبادة‪،‬‬
‫وليس ليعيش يف قلق بال طائل تحته‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﱋﱌﱍﱎﱏ‬
‫ن‬

‫ﱐﱑﱒﱓﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الملك‪.‬‬

‫(‪ )820‬صحيح سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.2465:‬‬


‫‪900‬‬
‫‪ -238‬ما هي مظاهر التسليم هلل تعالى؟‬

‫كامال؟‬
‫ً‬ ‫أو بصيغ ٍة أخرى‪ :‬كيف تعرف أنك مستسلم هلل استسال ًما‬
‫ُ‬
‫تعن أن‪ :‬ي ْسلم العبد نفسه هلل‪ ،‬فيخضع هلل‪ ،‬وينقاد له بالطاعة‪،‬‬
‫ن‬
‫ج‪ :‬عبودية االستسالم ي‬
‫ُ‬
‫ويذعن لخالقه ومواله‪.‬‬
‫ﲃ ﲅﲆ‬
‫ﲄ‬ ‫قال هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂ‬
‫ﲇﲈﱠ﴿‪ ﴾22‬سورة لقمان‪.‬‬
‫ُ‬
‫• تسلم وجهك هلل‪ ،‬أي‪ :‬تنقاد له‪ ،‬فهو الذي رزقك‪ ،‬وتفضل عليك‪ ،‬فقد رزقك هللا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫نىم أنسجتك بال نقص وال زيادة‪ ،‬وأنت بال حول‬ ‫ي‬ ‫وي‬ ‫يقويك‬ ‫بما‬ ‫مك‬‫أ‬ ‫وأنت يف بطن‬
‫وال قوة‪.‬‬
‫ن‬
‫• وهو سبحانه يرزق النبات‪ ،‬مع أن النبات يف مكانه ال يغادره‪ ،‬ومع ذلك يأتيه رزقه‬
‫بمقدار‪.‬‬
‫ُ‬
‫• وهو ‪-‬عز وجل‪ -‬يرزق الدواب والطت‪ ،‬ويدبر أمر كل هذا العالم بكل ما فيه منذ‬
‫شء‪.‬‬ ‫ويدبر كل رشء‪ ،‬وله ُملك كل ر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫أمرك‪،‬‬ ‫دبر‬‫وي‬ ‫خلقه‪،‬‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫الن‬
‫شء يف العالم يست وفق النواميس ي‬ ‫• فالعالم كله مستسلم هلل ِملك هلل‪ ،‬وكل ي‬
‫أودعها هللا فيه‪.‬‬

‫‪ ‬اقرأ هذه اآلية‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﱠ ﴿‪ ﴾8٣‬سورة آل‬


‫عمران‪.‬‬
‫ٌ‬
‫خاضع له سبحانه‪.‬‬ ‫سل ٌم هلل‬ ‫ُ‬
‫فالكون كله م ِ‬

‫واإلنسان خُلِق ووُجد يف هذا العالم؛ ليُكلف ويُختبر ويُمتحن‪ ،‬هل يخضع‬
‫ع له وأسلَمَ كلُّ شيء‪ ،‬أم سيعاند ويستكبر؟‬
‫لله كما خض َ‬
‫ً‬
‫مسلما هلل ككل ما‬ ‫ن‬
‫فمعن االستسالم هلل‪ :‬الخضوع التام له وحده‪ ،‬بهذا يكون اإلنسان‬ ‫‪‬‬
‫حوله من الكائنات‪.‬‬

‫ادة منه‪ ،‬فالحجر والشجر‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬


‫لكن الذي يمت اإلنسان عما حوله‪ ،‬أن كل ما حوله مسلم بال إر ٍ‬
‫ٌ‬
‫فمسلم هلل بإرادتك‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫مسلم هلل بغت إرادة‪ ،‬أما أنت‬ ‫والدواب الكل‬

‫‪901‬‬
‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فكل ر‬
‫مستسلم هلل‪ ،‬منقاد لذي الجتوت واإلنعام سبحانه‪ ،‬فكن أنت أيضا‬ ‫خاضع‬ ‫ش ٍء‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫منقادا هلل‪.‬‬ ‫ً‬
‫مستسلما‬
‫َ‬
‫ال تجعل األحجار والجبال والدواب أفض َل منك عند هللا‪.‬‬

‫لو أنت استسلمت هلل كنت أفضل ما ن يف خلقه؛ ألنك أسلمت هلل بإرادتك‪.‬‬
‫َ‬
‫والحشات والحيوانات أفض َل منك عند‬
‫ر‬ ‫ولو لم تستسلم هلل لصارت األحجار والصخور‬
‫فه كلها مسلمة خاضعة له‪.‬‬
‫هللا‪ ،‬ي‬
‫ٌ‬
‫خاضع هلل‪.‬‬ ‫ن‬
‫كون كله‬
‫فال تكن أنت الكائن الوحيد الجاحد المتمرد يف ٍ‬

‫‪ ‬وعالمات االستسالم لله تعالى أربع وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬العبودية هلل في كل صغيرة وكبيرة في حياتك‪،‬‬


‫ً‬

‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬

‫ﲳﲴﲵﱠ سورة األنعام‪.‬‬

‫ﱡﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪﭐﱠ‪ :‬كل ي‬
‫أصىل هلل‪ ،‬وأطيع‬ ‫شء أفعله هلل‪ ،‬فأنا‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫حن أنفع الناس هلل‪ ،‬وأنام ر‬
‫والدي هلل‪ ،‬وأذاكر وأتعلم ر‬
‫حن أكون أقوى يف الغد عىل ِفعل ما‬
‫ن‬
‫أمرب هللا به‪.‬‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫فه عبودية هلل ن يف كل عمل‪ ،‬وهذه أوىل مظاهر وعالمات التسليم هلل‪.‬‬ ‫ي‬

‫العالمة الثانية حتى تكون مستسل ًما هلل تمام االستسالم‬

‫هي اتباع ما أمر الله به‪ ،‬واجتناب ما نهى عنه‪ ،‬قال ربنا سبحانه‪:‬ﭐﱡﭐﱻ‬

‫ﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﱠ﴿‪ ﴾2٠‬سورة األنفال‪.‬‬

‫‪‬وقال عز وجل‪ :‬ﱡﭐﲝﲞﲟﲠﲡﲢﱠ ﴿‪ ﴾2٠8‬سورة البقرة‪.‬‬


‫ْ‬
‫‪ ِ ‬ن يف السل ِم‪ ،‬أي‪ :‬ن يف اإلسالم‪.‬‬
‫‪902‬‬
‫‪ْ ‬اد ُخ ُلوا نف الس ْلم كاف اة‪ ،‬أي‪ :‬ر ن‬
‫التموا بكل ما أمر به هللا‪ ،‬وانتهوا عما نه عنه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِي‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫أنته عنه‪ ،‬فهذا هو تمام االستسالم واالنقياد‬
‫ي‬ ‫شء‬ ‫بشء أفعله‪ ....‬ي‬
‫نهاب عن ي‬ ‫أمرب هللا ي‬
‫ي‬
‫هلل‪.‬‬

‫‪ ‬العالمة الثالثة على التسليم هلل هي أن‪:‬‬

‫نُسلِّم بتحكيم ما شرع الله‪ ،‬فنرضى بشرعه ونقبل به‪.‬‬

‫نقبل بكل تشريع إلهي‪ ،‬وال ننكر مثالً العقوبات التي شرعها الله‪ ،‬بل‬
‫ال بد أن نرضى بشرع الله؛ ألنَّ الله يعلم ما يُصلِح خلقه‪ ،‬ويعلم أنَّ يف‬
‫هذه العقوبات طهارة للمجتمع‪ :‬ﱡﭐﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠ﴿‪ ﴾14‬سورة‬
‫الملك‪.‬‬

‫‪ ‬وقال سبحانه‪ :‬ﱡﭐﳑﳒﳓﳔﳕﱠ ﴿‪ ﴾٥٠‬سورة المائدة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫وف آخرتهم‪.‬‬ ‫• فاهلل هو الذي يعلم ما يصلح الناس يف دنياهم ي‬
‫• وتطبيق رشع هللا ُيطهر الناس‪ ،‬ويجعلهم يعيشون ن يف أمان‪.‬‬
‫مؤمن باهلل وبما ُأنزل إىل النن ﷺ إىل كعب بن ر‬
‫األشف‬
‫ٌ‬
‫• ذهب رجل يزعم أنه‬
‫ي‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫اليهودي؛ ليحكم له يف قضية من القضايا‪ ،‬بدًل من أن يذهب إىل رسول هللا صىل‬
‫ً‬
‫بحكم ال يعجبه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫هللا عليه وسلم؛ خوفا من أن يحكم الرسول صىل هللا عليه وسلم‬
‫ا‬
‫فتل قول هللا تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐﱁﱂﱃﱄ‬ ‫أمًل نف حكم يعجبه‪ ،‬ن ن‬
‫ي‬ ‫فذهب لليهودي‬

‫ﱅﱆﱇﱈﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒ‬

‫ﱘﱚﱛﱜ ﱝﱞﱟﱠﱠ‬
‫ﱓ ﱔﱕﱖﱗ ﱙ‬
‫﴿‪ ﴾6٠‬سورة النساء‪.‬‬
‫ُ‬
‫بحكم هللا ولو أبر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫منقادا هلل فعليك أن ر ن‬
‫تلتم ر‬ ‫ً‬
‫بشع هللا‪ ،‬وأن تسلم‬ ‫مسلما‬ ‫• فإذا كنت‬
‫ن‬
‫حكم هللا عىل غت هواك‪ ،‬ال أن رتتك رشع هللا وتذهب ليهودي؛ ليحكم لك يف‬ ‫ُ‬
‫قضيتك من أجل أن يرضيك‪.‬‬

‫‪903‬‬
‫‪ ‬وقال هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬يف اآليات التالية‪ :‬ﭐﱡﭐﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙ‬
‫ن‬

‫ﲚﱠ﴿‪ ﴾64‬سورة النساء‪.‬‬


‫ﲛ‬

‫حن رنتكهم ونحتكم إىل رشع غتهم‪.‬‬


‫‪ -‬فاهلل لم يرسل الرسل ر‬

‫بآية مهمة ُت ا ن‬
‫بي نرصورة‬ ‫‪‬ثم يختم هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬الدرس من هذه الحادثة وأشباهها ٍ‬
‫لشع هللا‪ ،‬قال ربنا ‪-‬عز وجل‪:‬ﱡﭐﲬﲭﲮﲯﲰﲱ‬ ‫الخضوع لالحتكام ر‬

‫ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ‬

‫ﲾﱠ﴿‪ ﴾6٥‬سورة النساء‪.‬‬

‫ال بد من التسليم التام لما رشع هللا‪ ،‬فالتسليم ر‬


‫لشع هللا من عالمات االنقياد لإلسالم!‬

‫‪ ‬أما العالمة الرابعة على التسليم لله تعالى‪،‬‬

‫فهي‪ :‬التسليم ألقدار الله‪ ،‬فكل شيء قدَّره الله سبحانه بحكمته‪،‬‬
‫وبالتالي فاملسلم يستسلم لله يف كل أقداره ‪ ...‬يف الخير والشر‪.‬‬
‫َ‬
‫إن أصابت المسلم ش ُاء شك َر‪ ،‬وإن أصابته نرص ُاء َص َ َت‪.‬‬
‫ا ن‬ ‫ً ن‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫طعاما أو رزقا حسنا أو بيتا جميًل أو نجاحا يف الدراسة أو صحة يف البدن‬ ‫لو رزقك هللا‬
‫ن‬ ‫ا‬
‫طيبي تشكر هللا‪.‬‬ ‫أو أهًل‬
‫ولو أصابت المسلم نرص ُاء من مرض أو فقر أو خوف أو بالء أو َه ٍّم‪َ ،‬ص َ َت عىل هذه ن‬
‫الرصاء‬
‫واستعان باهلل‪ ،‬فهذا حال المسلم المنقاد المستسلم لربه سبحانه‪.‬‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫ش ٍء بتقدير هللا عز وجل‪ :‬الصحة والمرض والغن والفقر‪ ...‬كل ي‬
‫شء بتقديره‬ ‫فكل ي‬
‫وحكمته‪ ،‬وعىل المسلم الرضا باألقدار؛ ألن هللا هو الذي ُيقدرها‪.‬‬
‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﭐﱡﭐﳛﳜﳝﳞﳟ ﱠ ﴿‪ ﴾4٩‬سورة القمر‪.‬‬

‫‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱠ ﴿‪ ﴾٥1‬سورة التوبة‪.‬‬

‫لن يصيبنا إال ما قدر هللا لنا‪.‬‬


‫‪904‬‬
‫قائل‪ :‬ﭐﱡﭐﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﱠ﴿‪ ﴾14٥‬سورة آل‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬وقال عز من‬
‫عمران‪.‬‬
‫اآلجال قدرها هللا‪.‬‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫شء يحصل يف الكون‪ ،‬وكل ذرة تست يف العالم‪ ،‬وكل حادث يحدث‪ ،‬إنما يحدث‬ ‫وكل ي‬
‫بعلم هللا‪ ،‬ومشيئة هللا‪ ،‬وبتقدير هللا‪ ،‬وبحكمة هللا‪ ،‬وبقدرة هللا‪.‬‬

‫‪ ‬قال ربنا سبحانه‪ :‬ﱡﭐﲻﲼﲽﲾﲿﱠ ﴿‪ ﴾2‬سورة الفرقان‪.‬‬

‫فهو سبحانه خلق كل شي ٍء‪ ،‬وقدر كل شي ٍء‪ ،‬وما شاء كان‪ ،‬وما لم يشأ لم يكن‪.‬‬

‫فأنا كمسلم ُمطالب بالتسليم بكل أقدار اهلل عز وجل‪.‬‬

‫وبهذا يصبح اإلنسان مسل ًما هلل‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪905‬‬
‫اإللحاد موقف عجيب‪...‬‬

‫‪ ‬فهو موقف يعتمد على إنكار البديهيات العقلية‪ ،‬كـ‪:‬‬


‫ا‬
‫فهذا العالم بكل نواميسه‪ ،‬وبكل حدوده الحرجة ظهر فجأة‪ ،‬إذن‬
‫وجد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ال بد له من م ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وف‬
‫يف جسدك‪ ،‬ي‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫طعامك‪ ،‬ن ر‬
‫وف كل ما حولك‪ ،‬إذن ال بد لهذا اإلتقان‬
‫وف األرض‪ ،‬ي‬
‫وف السماء‪ ،‬ي‬
‫وف شابك‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫وم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫من مدبر قي ٍ‬
‫ﭐﱡﭐﱚﱛﱜﱝﱞﱟﱠﱡ‬
‫ﱢﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱠ سورة الطور‪.‬‬

‫فأنت تعلم بفطرتك‪ ،‬وبضمتك‬


‫الفطري أنه يجب أن تفعل كذا‪ ،‬وال يجب أن تفعل كذا‪.‬‬

‫• بديهيات عقلية كثتة ال يستطيع الملحد أن يستمر عىل إلحاده إال بإنكارها‪،‬‬
‫والتظاهر بأنه ال يهتم‪.‬‬
‫• فاإللحاد موقف عجيب‪.‬‬
‫اهي عىل صحة النبوة‪ ،‬وه بر ن‬
‫اهي ال حرص لها‪.‬‬ ‫• اإللحاد يعتمد عىل القفز فوق الت ن‬
‫ي‬
‫• تلك النبوة المتفقة مع فطرتك ومع حاجتك‪.‬‬
‫ً‬
‫• الملحد ينكر كل ذلك‪ ،‬معتمدا عىل ماذا؟‬

‫‪ ‬هل توجد أدلة مستقلة على إلحاده ً‬


‫مثال؟‬
‫ا‬
‫• ليس هناك ما ُيسىم‪ :‬أدلة عىل اإللحاد أصًل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ومنتهاه‪.‬‬ ‫شبهات يف الدين‪ ،‬هذا هو مبتدأ اإللحاد‬ ‫ٍ‬ ‫• فاإللحاد فقط يعتمد عىل أن هناك‬
‫ا‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫عقليا مستقًل‪ ،‬بل هو ردة فعل‪.‬‬ ‫• فاإللحاد ليس موقفا ِفطريا أو موقفا‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫فعل نفسية تجاه مشكلة أشية‬ ‫ٌّ‬ ‫• فاإللحاد يف كثت من أحواله هو‪ :‬موقف‬
‫نفش‪ ،‬وردة ٍ‬ ‫ي‬
‫أو مجتمعية‪.‬‬
‫‪906‬‬
‫جملة من التخمينات العقلية‪ُ ،‬يقد ُمها عىل النص ر‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ع‪ ،‬ويكفر‬
‫ي‬ ‫الش‬ ‫فيتبن الملحد‬ ‫•‬
‫ن‬
‫العالمي وبأنبياء هللا وكتبه واليوم اآلخر‪.‬‬ ‫بسببها برب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫موقف يمكن أن يتبناه إنسان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وأعجب‬ ‫• فاإللحاد هو أغرب‬

‫‪ ‬يقول الغز ي‬
‫اىل ‪-‬رحمه هللا‪:‬‬

‫ن‬
‫• إن الشهادة والتسليم هلل الخالق الرازق المنفرد بالملك والسلطان عىل جميع ما يف‬
‫ْ‬
‫الوجود‪ ،‬اليحتاج إىل طويل كالم‪ ،‬بل هو قلب الفطرة‪ ،‬وعنوان البديهة‪ ،‬وما أطلنا‬
‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ا ن‬ ‫ن‬
‫يف هذا الكتاب إال رغبة يف تطهت قلوب تعلقت بأدران اإللحاد‪ ،‬فأردنا غسلها مرة‬
‫بعد مرة‪ ،‬ونرجو أن نكون ُوفقنا ن يف ذلك‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫• إن اإليمان باهلل والخضوع واإلذعان التام للمليك المقتدر اليوجد إال يف دين محمد‬
‫َ‬
‫يبق عىل وجه األرض عىل كمال اإليمان‪ ،‬وتمام التسليم هلل سوى اإلسالم‪.‬‬ ‫ﷺ فلم‬

‫‪ ‬ﭐﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ‬

‫ﲽﲿﳀﳁﳂﳃﳄ ﳅ‬
‫ﲾ‬ ‫ﲶﲷﲸﲹﲺ ﲻﲼ‬

‫ﳇﳉ ﳊ ﳋﳌﳍﳎﳏ ﱁﱂ ﱃﱄﱅﱆﱇ‬


‫ﳆ ﳈ‬
‫ﱈﱠ سورة القصص‪.‬‬

‫أب حول هذه اآلية‪ :‬ﭐﱡﭐﱣﱤﱥﱦ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬


‫إنسان؛ سواء شاء أم ي‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬إن محور حياة كل‬
‫ﱧﱨﱠ﴿‪ ﴾٥6‬سورة الذاريات‪.‬‬

‫ً‬
‫وتكذيبا‪.‬‬ ‫كفرا‬ ‫ً‬
‫استسالما‪ ،‬وإما ً‬ ‫• فالكل يدور حول العبودية هلل؛ إما‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫يستغن عن التفكت فيه‪،‬‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫الخليقة‪،‬‬ ‫بدء‬ ‫منذ‬ ‫الشاغل‬ ‫اإلنسان‬ ‫غل‬‫ش‬ ‫• فالدين هو‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫فاإلنسان مفطور عىل العبودية هلل‪ ،‬فإما أن يتعبد لباريه‪ ،‬وإما أن يصنع يف كل‬
‫ٌ‬
‫مشغول!‬ ‫لحظة مترات كفره بباريه‪ ...‬فكلهم‬
‫‪‬ﭐﱡﭐﲽﲾﲿﳀﳁﱠ ﴿‪ ﴾14‬سورة القيامة‪.‬‬

‫‪907‬‬
‫إنَّ اإليمان بالله هو املنزلة الالئقة بك أيها اإلنسان الضعيف‪ ،‬فأنت‬
‫ال يخرج من صدرك نَفَسٌ إال كنت مفتقرًا إلى مَن يُمكِّنكَ مِن استنشاق‬
‫غيره من بعده‪ ،‬وال تدقُّ يف قلبك دقَّة إال كنت مفتقرًا ملن يمُنُّ عليك‬
‫بالدقة التي تليها‪ ،‬فأنت مفتقر إلى خالقك افتقارًا ضروريًّا الزمًا‪)821(.‬‬

‫ﲛﲝﲞﲟﲠﱠ ﴿‪ ﴾1٥‬سورة فاطر‪.‬‬ ‫‪ ‬ﭐﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚ ﲜ‬


‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫حقيقيا يزداد‬ ‫• وهللا سبحانه يحب أن يرى عبده المكلف المخاطب بالرسالة عبدا‬
‫ً‬
‫إيمانا مع إيمانه‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مطلوب ن يف الوجود‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ألعظم‬ ‫نكر‬ ‫عبد للدنيا‪ُ ،‬‬
‫وم ٌ‬ ‫َ‬
‫• أما من تكت عىل باريه‪ ،‬فهو‬
‫العابثي بسفينة ر‬
‫البشية‬ ‫ن‬ ‫‪ ‬وما َرجونا ‪-‬وهللا رجاؤنا‪ -‬بهذا الكتاب إال محاولة يستة لمنع‬
‫من الغرق‪ ،‬قال رسول هللاﷺ‪:‬‬

‫م استَهَمُوا ىلعَ‬
‫ل قَو ٍ‬
‫مثَ ِ‬
‫مثَلُ القائِمِ ىلعَ حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها‪ ،‬كَ َ‬
‫"َ‬
‫فلَها‪ ،‬فَكانَ الَّذِينَ يف‬
‫سَفِينَةٍ‪ ،‬فأصابَ بَعضُهُم أعالها وبَعضُهُم أس َ‬
‫فلِها إذا استَقَوا مِنَ املاءِ مَرُّوا ىلعَ مَن فَوقَهُم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنَّا خَرَقنا‬
‫أس َ‬
‫هلَكُوا‬
‫يف نَصِيبِنا خَرقًا ولَم نُؤذِ مَن فَوقَنا‪ ،‬فإن يَترُكُوهُم وما أرادُوا َ‬
‫( ‪)822‬‬
‫جَمِيعًا‪ ،‬وإن أخَذُوا ىلعَ أيدِيهِم نَجَوا‪ ،‬و َنجَوا جَمِيعًا"‪.‬‬

‫ُ ُ‬ ‫ر‬
‫أختمه‬ ‫وع هذا بدعوة الناس إىل تدبر كتاب هللا‪ ،‬فها أنا‬ ‫وفي األخير وكما بدأت مش ي‬
‫ْ‬
‫آية‬
‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫فيها‬ ‫ر‬‫تتدب‬ ‫للناس‪،‬‬ ‫الفاتحة‬ ‫من‬ ‫هللا‬ ‫لكتاب‬ ‫ر‬‫تدب‬ ‫بختمة‬ ‫تقوم‬ ‫فأن‬ ‫بالدعوة نفسها‪،‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫وتتفكر فيها‪ٌ ،‬‬
‫اليقي‪ ،‬وزيادة اإليمان‪،‬‬ ‫خت من آالف المطوالت‪ ،‬وأكداس الكتب يف تعزيز‬
‫ورد الشبهات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فتدبر كتاب هللا فيه ِوقاية ذاتية من العدمية والعبثية والخواء والزلل‪ ،‬وفيه جواب كل‬
‫ووسوسة‪ ،‬وفيه اطمئنان كل نفس‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫شبهة‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وحصن اإلنسانية األ ْو يىل واألعظم‪:‬ﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ‬ ‫اليقي األيش‪ِ ،‬‬‫ن‬ ‫فهذا وهللا باب‬

‫ﲹ ﱠ﴿‪ ﴾174‬سورة النساء‪.‬‬

‫(‪ (821‬معيار النظر عند أهل السنة واألثر‪ ،‬د‪ .‬أبو الفداء حسام بن مسعود‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.174‬‬
‫(‪ (822‬صحيح البخاري‪ ،‬ح‪.2493:‬‬
‫‪908‬‬

You might also like