Professional Documents
Culture Documents
سينكا
سينكا
خطة البحث:
املقدمة
الخاتمة
قائمة املراجع
1
مقدمة
لقد عرف الفكر السياسي اإلنساني تطورا كبيرا عبر العصور والحضارات املختلفة ،وتطور مع تطور
مراحل املجتمعات ،من مرحلة الالهوت الى امليتافيزيق ،ثم الى املرحلة Eالوضعية ،وتأثر كثيرا بالديانات السماوية
على غرار الحضارات واالمبراطوريات املتعاقبة ،في عملية تراكمية تكاملية ،استفاد منها االنسان ،والفكر السياسي
الشرقي والغربي في آن واحد.
لقد استفادت الحضارة واالمبراطورية الرومانية من هذا الزخم الكبير ،الذي ورثته عن الحضارة اليونانية،
واملدارس التي ظهرت على غرارها ،االبيقورية و الرواقية ،وكذا الديانة املسيحية التي تأثرت Eبها حيال ظهورها،
فاعتبرت وريثة ملقدونيا ومصر واملمالك اآلسيوية ،واإلمبراطوريات التي سبقتها ،على غرار اإلمبراطورية
القرطاجية والفرعونية واالغريقية ،حيث تزعمت السيطرة على جزئ كبير من العالم Eو لقرون عدة ،فاختلطت
فيها ثقافات الشعوب األوروبية وشعوب الشرق ،على نحو أوجد مزيجا فكريا ،عمل عدد من املفكرين منهم
شيشرون على تطويره Eوصبغه بالصبغة الرومانية وحتى تكييفه مع الديانة الجديدة التي اعتنقتها اإلمبراطورية
الرومانية املسيحية كاملفكر والسياسي املرموق سنيكا.
2
الفصل األول
الفكر السياسي عند الرومان
3
املبحث األول
الفكر السياسي عند الرومان قبل املسيحية
ظهرت الحضارة الرومانية منذ أن أنشئت روما سنة 754ق.م .على الضفة اليسرى لنهر التيبر من قوم
يسمون بالالتينيين والذين أغار عليهم االتریسك بسكان ايطاليا واستولوا على املدينة ،وبدا منذ ذلك الوقت
التاريخ الروماني ،ويرجع ازدهار القانون الروماني الذي تأثرت به معظم قوانين دول العالم الى رجال القانون
الشرقيين في القسطنطينية وبيروت واالسكندرية وخاصة في عهد االمبراطور جستنيان الذي حكم
القسطنطينية 527ميالدية الى 565م ،وبعد ذلك بدأت اإلمبراطورية الرومانية الشرقية في االضمحالل عقب
الفتوحات اإلسالمية لبالد الشام سنة 636ميالدية ومصر سنة 641ميالدية ثم استيالء االتراك العثمانيون
1
على القسطنطينية سنة 1453م.
تزعمت روما حركة السيطرة واإلمبراطورية ،فاعتبرت وريثة ملقدونيا ومصر واملمالك اآلسيوية ،بما
أوجد عاملا تتركز فيه الحضارة تحت حكم سياسي واحد ،ولقد ارتبط العصر الروماني بالصورة النمطية عن
ّ
قوة الجيش الروماني ،واتساع اإلمبراطورية الرمانية ،وتعاقب الحكام واألباطرة ،وبكون روما وريثة
لإلمبراطوريات التي سبقتها ،على غرار اإلمبراطورية القرطاجية والفرعونية واالغريقية ،وكذا ثقافات
الشعوب األوروبية وشعوب الشرق األوسط ،على نحو أوجد مزيجا فكريا ،عمل عدد من املفكرين الرومان
على قولبته بمقتضيات الواقع Eالروماني.2
والواقع أن الرومان الذين برعوا في النواحي العسكرية وفي التخطيط الحربي ،أوجدوا منظومة قانونية
متميزة ،كانت عماد التشريعات Eالالحقة ،غير ّأن ذلك ال ينف عددا من االسهامات في مجال الفكر السياسي،
التي تعززت أكثر مع ظهور الدين املسيحي ،الذي بدأ مضطهدا ومطاردا في أرجاء اإلمبراطورية ،ليصير الدين
الرسمي لها ،ويطرح موضوعات فصل الدين عن الدولة ،ودور الكنيسة ،وكذا ادخال القيم االيمانية
واألخالقية في تبرير الفعل السياسي.
ّ
تأث ر الرومان بأفكار الرواقية واألبيقورية وما تضمنته عن مفاهيم العاملية والقانون ،وقد استمر تأثير
الفكEEر السياسي االغEEريقي ملدة ،عEEرفت باملرحلEEة الهلنسEEتية Hellenistic3في التEEاريخ الرومEEاني ،غEEير أن اتسEEاع
حتم تطEEوير منظومEEة قانونيEEة تضEEبط اإلمبراطوريEEة الرومانيEEة ،وكEEذا دور القEEوة العسEEكرية في حفEEظ هEEذا االتسEEاعّ ،
شؤون هذه الدولة ،وتسهر على تنظيم اإليرادات ،وتوزيع املسؤوليات فيها ،وتحديد العقوبEEات وتنفيEEذها ،عEEبر جهEEاز
قانوني وتسلسل سياسي ومؤسساتي.
1د .أبو اليزيد علي المتيت ،تطور الفكر السياسي ،الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ،1980 ،ص 37
2حميداني سليم ،الفكر السياسي في العصور القديمة والوسطى ،مطبوعة بيداغوجية ،جامعة قالمة ،2016 ،ص53
3نفس المكان
4
ولقد مر الحكم الروماني بعدة مراحل قبل اعتناقه الديانة Eاملسيحية من مرحلة امللكية الى الجمهورية:
الرومانية ،فيما أصبح يعرف بقوانين األلواح االثني عشر وهي أقدم مدونة للحقوق الرومانية ،كما حصل العامة
على حق الزواج من األشراف ،ونالوا في عام 367ق.م ،حق تقلد القنصلية وأن يكون أحد القنصلين من العوام،
وأخيرا صارت قرارات مجالس العامة بموجب قانون هورتنسيوس عام 287ق.م ،سارية املفعول على الشعب
4
الروماني بأكمله.
اكتمل كذلك الدستور الجمهوري وهو دستور مختلط يستفيد من حسنات ومزايا األنظمة امللكية
األرستقراطية والديمقراطية ،يرتكز على ثالث دعائم تتمثل في مناصب الحكام ومجلس الشيوخ والجمعياتE
الشعبية ،غير ّأن السلطة الفعلية كانت في الحقيقة بيد مجلس الشيوخ الذي كان يضم كبار رجال الدولة وممثلي
العائالت النبيلة.
اعتمد الرومان مفهوم التسلسل في الوظائف العامة الذي يحدد مناصب الحكام بالتدرج من األدنى إلى
األعلى ،حيث يبدأ الحاكم سيرته باملناصب املالية ،كويستور والبلدية ،ثم يشغل منصب القضاء برايتور،
5
ّ
ويتوجه أخيرا ملنصب القنصل ،وقد سمي هذا التسلسل سلم األمجاد ،أو السلم الوظيفي ،وكانت جميع هذه
الوظائف فخرية وسنوية ،وتتم باالنتخاب ويشغلها على األقل اثنان يتمتع كل منهما بحق االعتراض.
إلى جانب هذه الوظائف النظامية ،كان هناك وظائف استثنائية تتمثل في منصب الدكتاتور وترابنة العامة
ومراقبي اإلحصاء واألخالق العامة ،وكان أولئك الحكام ينتخبون من قبل الشعب الروماني الذي كان ينتظم في
ً
مجالس شعبية أهمها الجمعيات Eاملئوية وهي خاليا عسكرية تقسم املواطنين إلى خمس طبقات تبعا لثروتهم حيث
تستأثر الطبقة األولى بغالبية األصوات .وكان يوجد إلى جانبها الجمعيات Eالقبلية التي التحمت معها جمعيات Eالعوام.
لقد شهد هذا العصر Eاتساع الدولة الرومانية إقليميا نتيجة الغزو ،لتشمل أغلب حوض البحر األبيض
املتوسط ،وأول أثار هذا التوسع أن أجهزة الحكم الجمهوري لم تعد قادرة على استيعاب هذا التوسع الذي أدى
الى النظام االمبراطوري.
6
املبحث الثاني
من بين األحEEداث الهامEEة في التEEاريخ السياس ي لإلمبراطوريEEة الرومانيEEة؛ ظهEEور املسEEيحية واعتنEEاق االمEEبراطور
قسEEطنطين لهEEا سEEنة 314م ،واعتبارهEEا دينEEا لإلمبراطوريEEة ،خصوصEEا بعEEد أن جEEرى اجبEEار النEEاس على اعتناقهEEا سEEنة
379م ،بEEأمر من االمEEبراطور ثيودوسEEيوس األول والEEتي شEEهدت فيهEEا أكEEثر األحEEداث تEEأثيرا في العصEEر االمEEبراطوري ،و
هو انقسام اإلمبراطورية إلى قسمين ،شرقية و غربية.
توطدت دعائم االمبراطورية الرومانية الشرقية على أسس جديدة ،بعاصمة جديدة هي القسطنطينية ،في
حين أن االمبراطورية الغربية وعاصمتها روما ،تراجعت أهميتها Eوعانت الحروب وغزوات القبائل الجرمانية ،الذين
ً
نجحوا في السيطرة على روما عام 476م ،ليشكل ذلك منعطفا لعصر جديد في تاريخ أوربا ،ويكون بداية العصور
الوسطى.
،والفكرة السياسية الجديدة التي جاء بها الرومان ،هي فكرة السيادة وهي العالقة Eاملميزة EللمجتمعE
وهي اكتمال السلطة في الدولة ،وأطلقوا على فكرة السيادة املطلقة تسمية (.)Imperium
ويالحEE Eظ ّأن الحركEE Eة الفكريEE Eة الرومانيEE Eة تمثلت في اتجEE Eاهين رئيسEE Eيين ،نسEE Eتطيع أن نخلص منهEE Eا إلى طبيعEE Eة الفكEE Eر
الروماني:
-اسEEتمرار للفلسEEفة الرواقيEEة ،وأهم نتائجهEEا بلEEورة فكEEرة القEEانون الطEEبيعي ،الEEذي اتخEEذه الفكEEر الرومEEاني محEEورا لهEEا
5
وصبغه بصبغة قانونية.
-السEEير في خEEط األفكEEار الدينيEEة ،حيث نظEEر الرومEEان إلى القEEانون والحكومEEة على أنهمEEا مسEEألة مقدسEEة ،تبتغي الخEEير
للناس.
7
إن فك EEرة اعتب EEار الدول EEة نتيج EEة للق EEانون ،والنظ EEر إليه EEا على أنه EEا في إط EEار الق EEانون والحق EEوق ،دون النظ EEر إلى البيئ EEة
االجتماعيEEة والحقEEائق الخلقيEEة والسياسEEية هEEو منطEEق اتجEEاه القEEانون الEEذي هEEو طEEابع الفكEEر الرومEEاني السياسي ،وهEEو
6
طابع يعرف باالتجاه القانوني الديني.
الفصل الثاني
الفيلسوف شيشرون
6نفس المكان
8
املبحث األول
السيرة الذاتية لشيشرون
حياة شيشرونX:
ولد سنة " Marcus" tullius cicéronهو فيلسوف و سياسي و خطيب روماني اسمه الكامل ماركوس
تيليوس شيشرون 106قبل امليالد بروما بالضبط في مدينة تدعى اربينوم من عائلة أرستقراطية و توفي سنة 43
قبل امليالد ،و لكنه مع ذلك ترك تراثا Eكبيرا باملقارنة مع عمره القصير 63سنة و اشتهر شيشرون ببالغته العالية
و الخطابة ،مارس مهنة املحاماة و برا فيها براعة ال نظير لها كما كان سياسيا محنكا و من طراز الكبار ،اهتم
شيشرون بدراسة الدستور و القانون و الروماني و احتك بالشخصيات Eالسياسية الرومانية و توصل إلى أن يشغل
وظيفة القنصل العام 7و مكنته وظيفته هذه من اكتساب قيمة كبيرة مكنته من تعقيبه على اآلراء املتناقضة التي
كانت تدلى بها العناصر املتنافسة على السلطة و النفوذ ،و كان هدفه هو محاولة املوافقة بين هذه األطراف و
حماية الجمهورية من التفكك و االنحالل ،و كان متعلق بسياسة االعتدال و املساواة و إتباع النظم الدستورية ،
لكن ما زاد في قلقة هو بروز الديكتاتورية و اقتناعه بزوال روما و نفوذها مالم نتدارك األمر قبل فوات األوان و
العودة إلى أصالتها Eو نظام سلطاتها املتعددة ،الشيء الذي جلب الكراهية له من طرف اليساريين و لقي حتفه بعد
سنة واحدة من اغتيال يوليوس قيصر و قامت بعده سلطة ثالثية ،وكان شيشرون ضمن قائمة املطلوبين Eلينفذ
فيه حكم اإلعدام سنة 43قبل امليالد .
ت EEأثر شيش EEرون ب EEأفالطون وأرس EEطو واملدرس EEة الرواقي EEة وك EEذا ب EEاملفكر الروم EEاني بوليب EEوس ال EEذي م EEدح في EEه
8
دستور روما املختلط والذي مزج بين ثالثة أنواع من أنظمة الحكم وهي امللكية واألرستقراطية والديمقراطية.
9
أعماله
مؤلفات شيشرون السياسية: .1
يعد شيشرون أكبر خطيب روماني تميز بالبالغة والفصاحة العالية ،وكان له الفضل األكبر في نقل كل ما
جاء في الفلسفة اليونانية إلى الالتينية ،وأهم ما خلفه لنا من آثاره تلك :الخطب السياسية وكتاب الجمهورية
وكتاب في القوانين ،إذ حاول أن يجمع فيها أهم املذاهب اليونانية في السياسة ،فأصبحت تلك املؤلفات بمثابة
ً
مكرسا لها نفسه حتى تم قتله عام 43ق.م ،وقد السجل Eلألفكار السياسية في روما ،وهذه املهمة Eظل شيشرون
ّ
عب رت كتابات شيشرون عن كل من آراء أفالطون وأرسطو والرواقيين وبوليبوس.
10
كتاب القوانين:
هو الكتاب الذي تولى إصداره عام 51ق.م ،ويبدو أنه العمل Eاألخير لشيشرون ،وفيه يرى ّأن القانون
اإللهي هو القانون ذو الطبيعة Eالخالدة Eوهو بمثابة العقل والبداهة والتفكير السليم القادر على الحد من جموع
البشر ومن تصرفاتهم الخاطئة ،والقانون اإللهي قانون ال يتخلله الخطأ أو السهو ،والسبب في ذلك أنه يمتاز
بصفتين أساسيتين ،األولى هي الثبات والثانية هي اإللزام ،ويترتب على تلك الصفتين نتائج إيجابية تنعكس على حياة
ُ
البشر تتمثل في عدة أمور :تجعلهم سواسية أمام القانون ،تحافظ على حقوقهم األساسية .تضع العقاب Eالرادع
لكل من يخرج عنها.
حاول شيشرون من خالل هذه املؤلفات أن يبعث مجد روما من جديد و بلقي باللوم على القادة العسكريين
الذين قضوا على التوازن املوجود بين الهيئات السياسية ،و بذلك أراد شيشرون من خالل هذا أن يجد نظام
سياسي يقوم على الدستور املختلط و يوفر لروما االستقرار السياسي ،و هو الذي كان القاعدة األساسية لقيام
الحضارة الرومانية ،كما يرى بأن الدولة ال تضمن إستمراريتها و بقائدها و هيبتها إال إذا اعترفت بحقوق
املواطنين ألنها تمثل مصلحة الناس املشتركة ،و سلطتها تنبثق من قوة األفراد أجمعين لذلك يجب عليها أن
تستعمل هذه السلطة بصورة صحيحة و عقالنية ،و الدولة في حد ذاتها تخضع لقانون سماوي و أخالقي و القانون
الطبيعي العام متعادل مع العقل البشري و حتى القانون الوضعي حسبه و الذي هو من صنع البشر منطلقه
القانون اإلالهي حيث ال يتعارض معه __.
املبحث الثاني
آراء وأفكار شيشرون السياسية
11
امللكية:
في بادئ األمر اعتقد شيشرون أن أفضل نظام هو نظام امللكية ،لكنه وجد فيما بعد أن امللك ممكن أن
يتحول إلى طاغية مستبد وفاسد ال يهتم بمن هم حوله من الرعية ،وهو األمر الذي من شأنه أن يثير الشعب الذي
يرى شيشرون أنه هو املصدر الحقيقي ملا يتمتع به امللوك من سلطة ،فال يكون أمام الشعب إلى الثورة ضد هذا
الحكم الظالم ،وبحدوث الثورة فإنها لن تأتي بنظام أفضل من سابقه ،بل على العكس ً
غالبا ما تأتي الثورات في
هذه الحالة بنظام دكتاتوري مستبد
االرستقراطية:
ّ
يرى أن األرستقراطية نظام يتمتع بالكثير من االستقرار والثبات ،حيث إنه نظام يحكمه أفضل الرجال،
غالبا ما يتملكون Eالخبرة والحكمة التي تمكنهم من القدرة على إدارة الدولة بشكل سليم ،ولكنه ً
غالبا والسبب أنهم ً
ما يكون عرضة للمؤامرات Eوالدسائس من قبل أشخاص يخططون من أجل االستيالء على السلطة األوليغارشية،
وبالتالي فاألرستقراطية كنظام حكم هو حاله حال امللكية قد ينتهي به األمر بالتغير ،وهو األمر الذي يفسح املجال
للمنتفعين والطامعين بالحكم للوصول إلى السلطة.
الديمقراطية:
رأى شيشرون أن الديمقراطية كنظام حكم جيد طاملا كان الحاكم يقود الدولة بصورة جيدة ويتصرف
بشكل سليم ،وقادر على الحسم في حال حدوث حالة طارئة ،كما رأى شيشرون أن الناس في ظل النظام
الديمقراطي Eيتمتعون بالحرية وبالحقوق املتساوية ،حيث يشارك الناس جميعهم في إدارة الحكم ،ولكن ما لبث أن
ّ
ديمقراطي ألنه في حالة فساد ّ
غي ر رأيه فذهب إلى القول إن أسوأ الدول الجيدة هي تلك التي كانت ذات نظام
الحاكم لن يصل إلى الحكم إال الغوغاء والرعاع.
نظام الحكم املختلط:
ذهب شيشرون إلى خطوة أبعد ّ
مما ذهب إليها املؤرخ والسياسي اليوناني بوليبيوس في وصفه لعملية Eانتقال
الحكم أو السلطة ،حين كتب هكذا تتجاذب الحكومة مثل الكرة ،يتلقونها من امللوك Eوالطغاة Eاألرستقراطيين أو
الشعب ،ومن الشعب إلى األوليغارشية أو الرعاع ،وبالتالي خلص إلى أن أنظمة الحكم الثالث هي في الحقيقة أنظمة
ً ً ً
نظاما ثالثا مختلط ا رأى فيه أن الحكومة املثالية هي تلك الحكومة التي تتشكل من معيبة وغير مستقرة ،واقترح
توازن ومزج متساو بين خصائص النظام امللكي Eوالديمقراطي واألرستقراطي ً
معا ،واقترح على الرومان إعادة ٍ
النظام الجمهوري إلى شكله السابق ،من خالل تقوية األرستقراطيين ومجلس الشيوخ على حساب املجالس
الديمقراطية.
12
القوة والسلطة:
فيما يتعلق بالسلطة يرى شيشرون ّأن سلطة الدولة تنبثق من قوة األفراد ،فهؤالء بمثابة منظمة تحكم
نفسها بنفسها ،ويملكون Eبالضرورة القوة الالزمة لحفظ كيان الدولة ،ويعملون على استمراريتها Eوبقائها ،ويرى
ًّ
وقانونيا ،وهو في حقيقة األمر استخدام لقوة سليما ً
استخداما ً كذلك أنه من الضروري استخدام القوة السياسية
الناس مجتمعين ،وما املوظف الحكومي سوى شخص يمارس ويستخدم صالحياته ً
بناء على ما لديه من سلطة
منحها له الناس والقانون والدولة ذاتها تخضع لقانون إلهي طبيعي وأخالقي وهو قانون يسمو بطبيعة الحال على
القانون الذي يضعه البشر.
القانون والدستور:
طبيعي ّ
عام ينبثق من واقع حكم العناية اإللهية للعالم Eككل ،وهو القانون ذاته ّ يقر شيشرون بوجود قانون
الذي ينبثق من الطبيعة العقلية واالجتماعية للبشر ،كما ذهب شيشرون لالعتقاد بوجود قانون له طبيعة ثابتة
وخالدة موافق لقانون الطبيعة وللعقل وينطبق على جميع البشر ،وأهم مميزات هذا القانون أنه ال يتغير بتغير
الزمان أو املكان Eوهو قانون عالمي ،وقد كان يطلق عليه في ذلك العصر قانون الشعوب.أما فيما يتعلق بالدستور
فيرى شيشرون أن فكرة وجود الدستور في الدولة من األفكار الصالحة لتنظيم شؤون الدولة والشعب ،خاصة
عندما تتولى الدولة القيام بمهامها ،كما يأخذ شيشيرون بفكرة سمو وعلو الدستور على غيره من التشريعاتE
القانونية ،وهي من األفكار التي ما تزال سارية املفعول لغاية يومنا هذا ،وعليه ّ
فإن كل تشريع أو قانون يأتي
بأحكام تخالف أحكام الدستور النافذ في البالد ال يستحق أن يطلق عليه تسمية قانون من األصل.9
الدولة و الشعب:
يرى شيشرون ّأن الدولة نشأت في زمنه نتيجة غريزة اإلنسان الطبيعية التي تميل إلى تنظيم األمور
وبمساهمة الشعب ككل ،فالدولة ً
وفق ا له ما هي إلى كيان يملكه جميع املواطنين ،وقد ذهب إلى تعريف Eالدولة بأنها
عبارة عن جماعة معنوية ،وبعبارة أخرى ّإن الدولة ما هي إال مجموعة من األشخاص يتملكونها Eباملشاع فيما بينهم،
وال بد لهذا الكيان من قانون ينظمها وينظم عالقتها بأفراد الشعب ،كما يرى أن الدولة تقوم في األساس من أجل
تمثيل مصالح الناس املشركة وتقديم املساعدة لهم ،وهي في الوقت ذاته تمثل الحكم العادل بين أفراد الشعب
فيما لو حصل خالف بينهمّ .مي ز شيشرون بين الدولة والشعب ،فالدولة في نظره يجب أن تمثل الشعب في القيام
قسم حكومات الدول إلى ثالثة أنواع :ملكية وديمقراطية وأرستقراطية وحكومات ذات بالنشاطات Eالعامة ،كما ّ
نظام مختلطّ ،
وفض ل األخير على األنواع الثالثة األولى ،كما نادى بالدستور ذي الطبيعة Eاملختلطة من أجل تحقيق
10
ذلك األمر.
13
العدالة:
طاملا كان شيشرون وغيره من الفالسفة يبحثون عن جوهر العدالة ،متمنيين أن يسود أي مجتمع إنساني
مصيبا ً
تماما عندما تجاوز ً العدالة الحقيقة ،ألن اإلنسان جدير بأن يحيا حياة يسودها العدل ،كما كان شيشرون
ً
مؤكدا أنالعدالة الحقيقية ال االختالف في اآلراء حول املعنى الحقيقي للعدالة ،وحول كيفية تطبيقها في املجتمع،
تبنى على آراء الناس بل هي تبنى على أحكام الطبيعة ،فتلك اآلراء واملعتقدات الزائفة التي يتبناها بعض البشر ما
هي إال نتيجة انحراف بعض العقول الضعيفة ،وهي ذاتها التي سارت بهم على غير هدى ،ولوال هذا االنحراف في
الفكر واملعتقد لكان جميع الناس متشابين وسواسية.
14
الفصل الثالث
15
املبحث الثاني :أفكار سنيكا السياسية
املبحث األول
السيرة الذاتية لسنيكا Seneca -
"الوكيوس أنایوس سنیکا ،" Lucius Annaeus Senecaرجل دولة ،واملستشار األول لإلمبراطور الروماني
الشهير نيرون ،شخصية بارزة في عصره ،ذو تجارب سياسية وفلسفية عديدة ،مرفوع الهامة وسامق بين
معاصريه ،ورجل سياسة بناء ،ذا أصالة وحيوية وقوة .
سنيكا ،واحد من حکماء الدنيا كما يسميه جومیر " ،11 Guminereصاحب البصيرة العميقة النافذة ،حرية
مقدسة للفرد ،احتراما بالغا للمرأة ،رفضه التام ملبدأ العبودية ،وصراع املتصارعين الوحشي ،القدرة على العمل
الفلسفي ،الحاجة إلى نشر اآلراء الشخصية في الحياة العامة" ،...إن كل هذه األشياء مجتمعة تجسد تفوق سنيكا
على سابقيه ومعاصريه على السواء.
16
ُ
ولد لوكيوس أنايوس سنيكا امللقب بسنيكا األصغر في قرطبة (إسبانيا) سنة 4ق.م وتوفي سنة 65م في روما
(إيطاليا) ،وهو فيلسوف وسياسي وخطيب ومؤلف تراجيدي روماني ،ومن أبرز املثقفين الرومان.
ثاني أكبر أوالدها ،من عائلة غنية وكان أبوه (سينيكا األكبر) معلم خطابة في روما ،وتمتعت أمه هيلفا
بشخصية رائعة وتعليم راق ،أخوه األكبر غاليو ،أما أخوه األصغر فهو والد الشاعر لوكان ،الذي تم فيه حكم
اإلعدام مع سنيكا األكبر كما سنرى.
تدرب وتعلم في روما على الخطابة والفلسفة في مدرسة سكستي ( )Sextiiالتي مزجت مناهجها بين الفلسفة
الرواقية Eونسكية الفلسفة الفيثاغورية الجديدة ،12وملا ساءت صحته ،ذهب إلى مصر حيث عاشت خالته وزوجها
الوالي الروماني غايوس غالريوس بقصد النقاهة ،ولم يعد سينيكا إلى روما إال في سنة 31م طبقا لرغبات والده
وحينها دخل مجال السياسة والقانون ،13وقد تم تعيينه كوايستور " .14"Quaestor
في س EEنة 41نفى اإلم EEبراطور «كلودي EEوس» س EEينيكا إلى كورس EEيكا بتهم EEة الفاحش EEة م EEع ابن EEة أخت اإلم EEبراطور ك EEاليجوال
األمEيرة جوليEا ليفيال الEتي نفيت هي األخEرى ،15وفي تلEك البيئEة غEير املناسEبة اسEتطاع سEينيكا دراسEة العلEوم الطبيعيEة
والفلس EE Eفة وكتب ثالث أطروح EE Eات بعن EE Eوان «التع EE Eازي « E E ،»Consolationesإلى مارس EE Eيا»«إلى بولي EE Eبيوس» و «إلى األم
هيلفيا» حيث كان من أصدق أعماله و أرقاها.16
ً
مجددا سنة 49ليكون معلما تخلص من منفاه بعد أن استدعته زوجة اإلمبراطور جوليا أغريبينا إلى روما
ومربيا لإلمبراطور القادم نيرون.
معلما لإلمبراطور املستقبلي نيرون ،وتزوج من الثرية ً
"قاضيا "Praetorسنة 50م ،إضافة إلى عمله ً أصبح سينيكا
بومبيا باولينا ونجح في بناء مجموعة قوية من األصدقاء تضمنت رئيس الحرس الجديد سيكستوس أفرانيوس
بوروس ،.Sextus Afranius Burrusأين سطع نجم سينيكا.
بعد تولي "لوكيوس دوميتيوس" امللقب بنيرون الحكم أصبح سينيكا املستشار األول حيث كتب مسودة
خطبته األولى التي وعد فيها مجلس الشيوخ بالحرية ووعد الشعب بوضع حد للسلطة على العبيد املعتقين
والنساء ،واقترح إصالحا ضريبيا وقضائيا وتوجها أكثر إنسانية مع العبيد ،و استطاع سنيكا توجيه الحاكم ملدة
خمس سنوات قامت على العدل والحكمة ،مع هذا كانت والدة نيرون «أغريبينا» Eعدوة لإلصالحات Eعلى غرار
آخرين وعزمت على عدم التخلي عن نفوذه ،و بعد نزاع معها ،عمل االمبراطور بقتل أمه أغريبينا Eسنة ،59حيث
أمر هذا األخير بتنفيذ العملية Eخالل رحلة في البحر بإغراق السفينة التي كانت على متنها.
ماذا تنتظر Eمن شخص يقتل والدته ،قد يفعل ما يشاء دون مراعات ملبدأ أو أخالق أو عاطفة ،فقد انقلب
االمبراطور على اإلصالحات وحل محلها االستبداد والظلم Eوقهر الرعية وحتى املقربين.
ومع موت بوروس بعدها بثالث سنوات عرف سنيكا أنه لن يستطيع االستمرار لوحده فانسحب من الحياة
السياسية والعامة وطلب إعفاؤه من منصبه ،وقضى سنواته الباقية في كتابة بعض أفضل أعماله الفلسفية ،حتى
سنة 65حين أدانه االمبراطور وأعداؤه باملشاركة في مؤامرة بيزو لقتل نيرون وحكم عليه باالنتحار ،بقطع شرايين
يديه ،فقابل املوت برباطة جأش وشجاعة.
12د.عثمان أمين ،الفلسفة الرواقية ،لجة التأليف والترجمة و النشر ،القاهرة ،1945،ص 185
13ميديا-فايدرا-أجاممنون ،ص7
14مرجع سابق ،ص 12
15المكان نفسه
16مرجع سابق ص 13
17
أعماله الفلسفية والتراجيدية
ُ
غالبية أعماله تقسم إلى أعمال فلسفية وأخرى تراجيدية.
فأما األعمال الفلسفية فهي نسخة منتقاة من الرواقية الوسيطة ،حيث أخذ بأرائها التي أقتنع بها ،وقد
تكون رغبته في التوفيق بين الرواقية Eوبين نزعته وميوله سببا لكثير من التناقض الذي يؤخذ عليه من طرف
خصومه.17
صبر فيه سيدة على فقدان ابنها، أما بالنسبة إلى أعماله بعنوان« :التعازي» ،كتب سينيكا «إلى مارسيا» ُي ّ
وكتب «إلى األم هيلفيا» إلى أمه من منفاه ،و«إلى بوليبيوس» وهو عبد قوي معتوق يواسيه على فقدان ابنه
ويستعطفه بتملق ليستدعيه من كورسيكا.
"حول الغضب" هو عمل كتبه سينيكا ويناقش فيه بإسهاب مسألة العاطفة املتقدة وعواقبها Eوكيفية التحكم
بها.
"حول الرحمة"" ،حول الحياة السعيدة"" ،حول األعمال الخيرة" عمال وعظيا وجهه إلى نيرون يحثه فيه على
الرحمة Eواالعمال الخيرة بوصفها خصلة ملكية يجدر باإلمبراطور الروماني تعلمها والتحلي بها.
«حول طمأنينة العقل» و«حول صمود الحكيم» و«حول الحياة السعيدة» و«حول الرفاهية» Eفكلها أعمال
تتناول مختلف نواحي حياة ومميزات الفيلسوف الرواقي.
ً
مستفيضا للمنافع Eكما يراها كل من املعطي Eواملتلقي. ً
استعراضاE «حول ال ِن َعم»
ص ر الحياة» أن مدة حياة اإلنسان طويلة بما فيه الكفاية إن أحسن املرء توظيف وقته ،وقلما «حول ق َ
ِ
ُيفعل ذلك.
اًل ً
سحرا كان «رسائل أخالقية إلى لوسيليوس» املكون من 124مقا لكن أحسن ما كتب سينيكا وأكثره
عبقري ا تتناول مدى واسعا من املشاكل األخالقية التي يصعب اختزالها في صيغة مفردة. ً
ُ
ت نسب إلى سينيكا عشر مسرحيات تراجيدية ،منها مسرحية «أوكتافيا» ،مسرحية «هرقل أويتايوس»،
«تيتوس أندرونيكوس»« ،دوقة مالفي» و «مأساة املنتقمين» ،وأخر يعالج فيها مواضيع إغريقية مأساوية شائعة،
قدم في عرض عام حتى يكون إيقاعها شديد الرتابة وإبراز فيها كل أمرحيث أراد سنيكا أن ُتقرأ على املسرح ال أن ُت َّ
رهيب وخارق للطبيعة.
أربعين كتابا ،منها كتابا علميا بعنوان Naturales quaestiones و :
املآسي 10في املجموع ،جنون هرقل ،هرقل اوتيوس ،فيدرا ،عقدة نفسية ،أجاممنون ،Thyestes ،املديةTroades ،
،، Phoenissaeوغيرها.
و حوارات ،أبرزها:
و دي فيتا بياتا.
18
وهذا أحد أقواله " :عزيزي مارکيللينوس ،التعذب نفسك وكأنك تفكر في قضيةعظمى ،فالحياة ليست
قضية عظمى ،فجميع عبيدك يعيشون ،وكذلك جميع الحيوانات ،القضية العظمي هي أن تموت كريما حكيما
شجاعا ،فكر كم من الزمن تقضيه في القيام بنفس األعمال ،األكل ،النوم ،الجنس ،تلك هي الدائرة التي نتحرك
داخلها ،إن الرغبة في املوت ال تصدر عن شخص حكيم أو شجاع أو تعس ،بل إنها قد تصدر عن شخص يائس».18
أهميته وتأثيره
َ
كانت آلراء سينيكا حول امل لكية وواجباتها ساهمت في ميول أنطونيو بيوس وماركوس أوريليوس (180-138
م) نحو الليبرالية واإلنسانية.
ُ ُ ً
حافظ انتشار الرواقية على فلسفة سينيكا حية ،ثم فتح أمامها أفق جديد حين و ِجد أن لها تشابهات مع
األفكار املسيحية ،حيث درس القديس أوغسطين والقديس جيروم أعمال سنيكا التي ساهمت كذلك في تسلية
الفيلسوف املسيحي بوثيوس في سجنه.
ً
كانت أفكار سينيكا امتدادا ملبادئ مدرسته الرواقية حاضرة في ثقافة العصور الوسطى الالتينية ،فكانتE
ً
وأسلوبا -اآلداب املكتوبة باللهجات العامية بوصفه ً
-مضمونا من املختارات األدبية في زمانه ،حيث خدم نثر سينيكا
اًل
مث ُي حتذى به في كتابة املقاالت والخطب والعظات ،واستمر ذلك حتى القرن الثامن عشر امليالدي ،وشمل ذلك
مفكرين مثل جون كالفن وميشيل دي مونتين وجان جاك روسو إضافة إلى املفكرين اإلسبان األوائل ،ويجدر
بالذكر أن تأثير سينيكا كان ً
قويا في إسبانيا على الدوام. ِ
ّ
في الذكرى األلفية الثانية لوفاته في إسبانيا سنة 1965م فبشرت األعمال البحثية الالحقة بإعادة إحياء
أعماله منذ عقود القرن العشرين األخيرة.
املبحث الثاني
مبادئ وأفكار سنيكا السياسية
ً ً
يعد سنيكا ركنا مهما في مدرسة الفكر ،و واحدا من أهم اثنين من املفكرين الEذين أنجبتهم الدولEة الرومانيEة
على مEEدار امتEEدادها الزمEEني الطويEEل ،مEEع "شيشEEيرون" ،19حيث يعتEEبر سEEينيكا من أبEEرز دعEEاة الفكEEر الEEرواقي ،بEEل كEEان
أح EEد ممثليه EEا ،كم EEا أن EEه ت EEأثر باالتج EEاه ال EEديني بع EEد ظه EEور املس EEيحية ،خاص EEة بع EEد الفوض ى ال EEتي عرفته EEا روم EEا في عه EEد
نيرون ،20و تتمثل مبادئه و أفكاره السياسية في ما يلي:
نظرية العصر الذهبي :اعتبر أن ثمت عصرا ذهبيا للمجتمع Eاإلنساني ،حيث كان البشر األوائل
يتبعون الطبيعة ببساطة ،فقد وصف سنیکا في "رسالته التسعين" Eتلك الحياة الطبيعية Eالفطرية Eالساذجة
بعبارة تشبه في بالغتها وفى حماستها Eعبارات روسو Rousseauالتي استعملها Eفي الحديث عن نفس
املوضوع في القرن الثامن عشر ” إنه لم يكن بالناس ،ما بقوا على طهارتهم حاجة إلى حكومة أو قانون ،إذ
يتطوعون باالمتثال ألوامر أكثر رجالهم قدرة وأعظمهم Eحكمة ،وهؤالء بدورهم لم يكونوا ليلتمسوا
19
تحقيق مآرب شخصية في تصريفهم ألمور ذويهم“ ،21حيث كان مرشدهم وقانونهم رجل هو األفضل بينهم
والذي إلرادته كانوا يفوضون أمرهم ،فالحكم لم يكن يعني السيطرة ،وانما الخدمة ،فالقائد كان يعرف
القيادة والرعية كانت تعرف الطاعة ،أي جيل كان أكثر سعادة ،ففي ذلك العصر الذهبي ،حسب سنيكا،
احتفظ اإلنسان بسعادته وبراءته ،وعشق الحياة البسيطة ،الساذجة ،الخالية من كماليات الحضارة
وتكاليفها ومظاهرها ،فلم يكن اإلنسان حكيما وال كامال معنويا ،و لم يكن قد اكتسب بعد ذلك الحافز
الخطير "الطمع" و "االتجاه إلى امللكية الفردية" ،وواقع األمر أن "الحرص" هو الذي أدى إلى القضاء على
ذلك الطهر البدائي ،في هذا املجال یقول سنيكا:
"إنه لم یك بالناس ،ما بقوا على طيارتهم ،حاجة إلى حكومة أو قانون ،إذ يتطوعون باالمتثال ألوامر أكثر
رجالهم قدرة وأعظمهم حكمة ،وهؤالء بدورهم لم يكونوا ليلتمسوا تحقيق مآرب شخصية في تصريفهم
لألمور ذويهم ،أما حينما استيقظت في نفوس الناس الرغبة في التملك والحيازة ،فقد انقلبوا في البحث
22
عن املنافع الشخصية ،كما انقلب الحكام بدورهم إلى طغاة"...
الس XXلطة :اعت EEبر ان الس EEلطة السياس EEية أفض EEل دواء للفس EEاد ال EEذي استش EEرى ،حيث دع الى الدول EEة العاملي EEة
واملواطن EEة العاملي EEة ،وفض EEل أن تك EEون الرواب EEط الديني EEة أق EEرب من الرواب EEط السياس EEية والقانوني EEة في ه EEذه
الدول EEة ،لم يفص EEل س EEينيكا في وظيف EEة الس EEلطة فهي ليس EEت مس EEؤولة عن مص EEدر س EEعادة الن EEاس ب EEل تح EEدهم
فقEEط من التمEEادي في الشEEر والفسEEاد ،فالحEEل هEEو ايجEEاد امEEبراطور جيEEد يعمEEل للصEEالح العEEام حEEتى وان اعطي
كل الصالحيات.
الدول XXة :خEE Eالف سEE Eينكا شيشEE Eرون وأفالطEE Eون في نظرتEE Eه للدولEE Eة وخEE Eرج عن الفكEE Eر التقليEE Eدي للحضEE Eارتين
اليونانيEE Eة والرومانيEE Eة ،الEE Eداعي بEE Eأن الدولEE Eة هي أسEE Eمى كيEE Eان اجتمEE Eاعي ،وحكمهEE Eا هEE Eو العمEE Eل الEE Eذي سEE Eتطيع
االنسEEان البطEل Eان يظهEEر فيEEه نفسEEه في صEEورة أقEEرب مEEا تكEEون إلى صEEورة اآللهة ،23إذ عEEدها مجEEرد ضEEرورة
عملية ال غير ،بعد أن سادت حالة االضطراب Eوالفوضى باإلنسانية بسEبب عناصEEر اإلفسEEاد الطEبيعي ،ومن
ثم أهمي EE E Eة إيج EE E Eاد آلي EE E Eة سياس EE E Eية للس EE E Eيطرة على املجتمع EE E Eات واألف EE E Eراد من خالل الق EE E Eوانين لكبح الجش EE E Eع
املستشري.
الديمقراطي XX Xة :كم EE Eا أنEE Eه كEE Eان يفضEE Eل الحكم املطل EE Eق على حكم األغلبيEE Eة الغوغائي EE Eة ،حيث يEE Eرى أن فس EE Eاد
األغلبيEة أصEعب من فسEاد الحكم الطEاغي 24على حسEب قولEه ،وكEان يميEل لوجEود السEلطة الحاكمEة حEتى لEو
كEEانت ظاملة فهي أفضEEل من الفوضى وكEEان ضEEد اشEEراك عEEوام النEEاس في صEEنع القEEرار السياسي والحكم ،و
املالحظ أنه سبق فولتير الى هذه الفكرة.
العمXXل السياسي :كEEان يEEدعو الرجEEل املسEEتنير في كتابEEه ” املحXXاورات ،“25كي يبتعEEد عن ممارسEEة السياسEEة في
املجتمع الفاسد ،ألنها أدوات إفساد للخير Eبالنسبة لEه كفEرد ،حيث ارتEأى العEزوف عن املناصEEب السياسEEية،
21جورج سباين ،تطور الفكر السياسي ،ج ،02ترجمة :حسن جالل العروسي ،القاهرة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2010 ،ص 74
22المكان نفسه.
23جورج سباين ،ص 69
24نفس المرجع ،ص 71
25د .سليم قاللة ،النظام السياسي الروماني بوليبوس ،شيشرون ،سينيكا ،محاضرا في الفكر السياسي ،كلية العلوم السياسية ،2014 ،ص20
20
ه EEذا ال يع EEني أن س EEنيكا ي EEدعوا الى االنس EEحاب من املجتم EEع ،على عكس ذل EEك ،فه EEو يص EEر على ال EEدعوة للقي EEام
بEE E Eالواجب في أي ص EE Eورة ك EE Eانت ،وأحس EE Eن لEE E Eه أن يق EE Eوم بتحصEE E Eيل عل EE Eوم الفيزي EE Eاء والطبيع EE Eة وأن ينشEE E Eغل
بالفلسEE Eفة وبتأمالتEE Eه الدينيEE Eة في إطEE Eار من املحبEE Eة واألخEE Eوة اإلنسEE Eانية وهي تعEE Eاليم السEE Eيد املسEE Eيح الEE Eتي من
ال EEواجب علي EEه تلقينهEEا لألجي EEال الجدي EEدة وأن يس EEتبدلها ب EEاالنخراط في العم Eل EاإلنسEEاني لرفع EEة الفEEرد ،حيث
قال":إن بذل الجهد من شيم الكرام ،يعني خاصتهم و صفوتهم".26
الحكومXXة :رفضEEه تحديEEد أنEEواع الحكومEEات ،وأفضEEلها ،مثEEل سEEابقيه من املفكEEرين ،ألن املجتمEEع تم إفسEEاده
بالفع EE Eل ،فأص EE Eبحت املس EE Eألة في النهاي EE Eة مرتبط EE Eة بمن س EE Eيحكم ،ومEE Eدى اس EE Eتبداده أو عدمEE Eه ،وليس نوعي EE Eة
مؤسس EEات الحكم ،فلمح Eإلى ج EEواز االعتم EEاد على ح EEاكم مس EEتبد ألن EEه خ EEير من االعتم EEاد على مجتم EEع س EEيطر
عليEه العنEف والجشEع والبعEد عن اإلنسEانية ،و في الوقEة نفسEه كEان يصEور الحكومEة بحسEبانها عالجEا ناجعEا
للشEEر املتأصEEل في النفEEوس البشEEرية 27،وهي الوسEEيلة اإللهيEEة لحكم الجنس البشEEري ،حيث خيEEار النEEاس فيهEEا
طاعتها و امتثال أوامرها ،وهو قوام العقيدة املسيحية.28
نظXXام الحكم :فضEEل النظEEام امللكي ألنEEه حسEEبه نظEEام طEEبيعي ،فعلى راس هEEذا الكEEون يوجEEد ملEEك واحEEد هEEو
االلEE Eه ،وأن عمEE Eل الحEE Eاكم انم E Eا EهEE Eو محاربEE Eة الفسEE Eاد وتشEE Eجيع عمEE Eل الخEE Eير ،حEE Eتى وان كEE Eانت هEE Eذه امللكيEE Eة
دكتاتوريEEة فEEان فسEEاد وطغيEEان الفEEرد الحEEاكم أهEEون من فسEEاد اغلبيEEة الشEEعب ،وان الحكومEEة املفضEEلة هي
التي يتحلى ابناء الشعب فيها باألخالق الفاضلة وتستند في تسيير الشؤون على التعاليم الدينية املسيحية.
القانون :ان الصراعات Eأدت إلى حاجة اإلنسان للدولة وللقانون ،وتطبيق القانون معEززا بEEالقوة قEد يكEEون
ضروريا ال سبيل لالستغناء عنه ،ويعتبر عالجا للشر.
املواطنة واإلنسانية :فرق هذا املفكر بين مفهومي «املواطنة» و«اإلنسانية» ،فاألولى من صناعة الدولة،
تحكمها قوانين Eالسياسة والحكومة ،بينما الثانية من صناعة القوى الطبيعية ،ويحكمها مفهوم إنسانية
الفرد ورفعة األخالق والفضائل األخرى .وبالطبع ،كان يميل املفهوم الثاني.
ً
اإلنسانية :لقد كان إيمان« Eسينيكا» باإلنسانية وعظمتها Eعميقا ،شأنه في ذلك شأن من سEEبقوه ولحقEEوه من
الروائEE Eيين ،فلقEE Eد رأى أن مفEE Eاهيم األخالق والسEE Eماحة هي أسEE Eاس القEE Eانون الطEE Eبيعي لإلنسEE Eانية كلها ،29فال
نحتاج ألي تفسير أو وسيط إلدراك هذه الطبيعة ألنه يمكن إدراكها بالحدس لكوننا ننتمي لإلنسانية.
حيث كEEان يتغEEنى بالرحمEEة واإلخEEاء ،ويقEEول " :ملا كEEان النEEاس إخEEوة فقEEد وجب عليهم أن يتعEEاونوا جميعEEا على
الEEبر وفي السEEراء والضEEراء وحين البEEأس" ،وهEEو يEEرى من الEEواجب إطعEEام املسEEكين ،وانتشEEال الغريEEق ،وإغاثEEة
املله EEوف ،وهدايEEة الضEEال ،وسEEنيكا يفضEEل طيبEEة القلب ،واإلحس EEان في السEEر ،على سEEائر ضEEروب اإلحس EEان
الظEEاهر ،ونجEEده لEEذلك يسEEتنكر « ألعEEاب Eاملدرجات » الEEتي ألفهEEا الرومEEان ،ويتكلم عن الرقيEEق بنغمEEة مشEEبعة
بروح العطف والرغبة في إنصاف طبقة من الناس مغلوبة على أمرها.30
26د .عثمان أمين ،ص189
27جورج سباين ،ص76
28المكان نفسه
29حميداني سليم ،ص62
30عثمان أمين ،ص 192
21
املسيحية X:لقد دعا سينكا ،متأثرا باملسيحية ،إلى قيم جديدة يكون فيها البشر متساوون جميعهم أمام قوة
روحيEة تفتح ذراعيهEEا لإلنسEانية وتEرفعهم Eإلى عEEالم املثاليEEة ، ،وكEان يEEرى أن عبEEادة الخEالق هي في ذاتهEا خدمEة
إنسانية صادقة.
الفXXرد :اعتEEبر ان الفEEرد ال يصEEل الى راحEEة النفس اال بتفانيEEه في اداء اعمالEEه وواجباتEEه ،فEEان لم يكن الفEEرد
فعاال فانه سيقع ضحية الهوائه ،وان كل االدوار في املجتمع متناسقة مع بعضها البعض.
شيشرون وسنيكا :كالهما متأثر بفلسفة رواقية كهنوتية تلتمس في الطبيعة Eأسس تقEويم مسEEتويات الخEEير
والحكمEE Eة وكالهمEE Eا مEE Eؤمن بEE Eأن عصEE Eر الجمهوريEE Eة األعظم هEE Eو املرحلEE Eة الEE Eتي بلغت فيهEE Eا رومEE Eا أوج نضEE Eجها،
وبالرغم من وجود هذا التماثل القوي بين الرجلين إال انه هناك فارقا هاما بينهما ،فقد خيEEل إلى شيشEEرون
أن تلEEك الEEذروة املزدهEEرة .أي عصEEر الجمهوريEEة في رومEEا ،قEEد تسEEتعاد في يEEوم من األيEEام ،في حين آمن سEEنیكا،
وزی EEر ن EEیرون ،ب EEأن زم EEان مث EEل ه EEذا ال EEوهم ق EEد ف EEات ،وأن روم EEا ق EEد س EEقطت في أحض EEان الش EEيخوخة فعمه EEا
الفساد ،وعدا قيام الحكم املطلق فيها ضرورة ليس فيها شك.
التشXXاؤم :قEEد أبEEدى سEEنيكا من ضEEروب التشEEاؤم واليEEأس في كEEل مEEا اتصEEل باملسEEائل السياسEEية واالجتماعيEEة،
فقEEد ذهب إلى أن األمEEر قEEد سEEاء إلى حEEد لم يعEEد معEEه موضEEع التسEEاؤل ،وهEEو الEEوزير واملستشEEار املقEEرب من
دواليب الحكم ،حيث اقتنEEع بقيEEام الحكم املطلEEق ،ومن هEEو عسEEاه أن يكEEون الطاغيEEة الحEEاكم ،بEEل أكEEثر من
ذلك أنه بلغ به التشاؤم إلى حد الزعم بEأن االعتمEاد على الطاغيEة أفضEل من االعتمEاد على الجمEاهير ،إذ أن
جمهرة الشعب من الشر والفساد قد تغدو أكثر قسوة من الحاكم الطاغية.
التعليم :الرج EEل ال EEذي يس EEتطيع أن يعلم البش EEرية ش EEيئا من خبرت EEه وعلم EEه وآرائ EEه ،انم EEا يك EEون في مجتمع EEه
بمنزل EEة أنب EEل من منزل EEة الح EEاكم السياس ي ،وأك EEثر أث EEرا ،حيث ن EEاقش مس EEألة وج EEود اآلله EEة معت EEبرا الحكيم في
مرتبة اإلله.31
الرجXX X X Xل الصXX X X Xالح :على خالف شيش EE E E Eرون ،ب EE E E Eل على خالف ك EE E E Eل من سEE E E Eبقوه من الفالسEE E E Eفة السياس EE E E Eيين
واالجتماعيين ،كان يتصور وجود وظيفة اجتماعيEEة ال تتطلب منصEبا من مناصEب الدولEEة وال عمال ذا طEEابع
سیاسي ،وهEEذا النظEEر بنحEEو بغEEير شEEك نحEEوا جديEEدا باملذهب الEEرواقي ،حيث يEEرى سEEنيكا أن الرجEEل الصEEالح
قادر على ان يؤدي خدمة لإلنسانية دون ان يكون له منصبا أو سلطة سياسية.
ال XXروح و الجس XXد :إن التجاه EEات س EEينيكا في ه EEذا الص EEدد أهمي EEة بالغ EEة ،ففلس EEفته (الرواقي EEة) ،تنط EEوي على
عقيEE Eدة دينيEE Eة أصEE Eيلة عميقEE Eة ،وتنحEE Eو كEE Eذلك إلى إطالEE Eة التأمEE Eل في الحيEE Eاة الروحيEE Eة بين املطEE Eالب الدنيويEE Eة
والروحيEEة هEEو أن الجسEEد ليس إال قيEEود الEEروح وظلماتهEEا ،و أنEEه يتعين على الEEروح أن تكEEافح عبء الجسEEد،
بتصريف النظر عن املطالب Eالدنيوية ،و أن يعلي شأن الدور الذي يلعبه الدين .ص72
22
ته XXذيب النفس :حيث ق EEال ":وإن الش EEرف الص EEحيح ه EEو ال EEذي ينال EEه اإلنس EEان بنب EEل قلب EEه وعظم EEة نفس EEه"،
وقولEEه" :إنEEه ينبEEني علينEEا أن نعEEد الكمEEال صEEراعا مسEEتمرا ،وأن تخضEEع أنفسEEنا الختبEEار بEEاطني دقیEEق ،فننظEEر
32
كل مساء كيف أنفقنا ساعات نهارنا"
الدين :كيان مستقل يقف الى جانب الدولة بل في حقيقة االمر فوق الدولة.
املساوات :املساوات العامة بين جميEع النEاس ،بصEرف النظEر عن جنسEهم ،او لEونهم ،او حEالتهم ،على عكس
كل القيم السياسية القديمة ،كمEا كEان آبEاء الكنيسEة متفقEون لحEد كبEير مEع سEنيكا وشيشEرون ،فيمEا يتصEل
بالقانون الطبيعي واملساوات اإلنسانية.
االتج XXاه ال XXديني واملس XXيحية :وج EEود الدول EEة مرتب EEط باملؤسس EEات الديني EEة ،والفلس EEفة السياس EEية ذات عالق EEة
بالفلس EEفة الديني EEة ،كم EEا أن للكهن EEة ورج EEال ال EEدين دور مهم في الحي EEاة االجتماعي EEة والسياس EEية ،33كم EEا دع EEا
سEE Eينكا ،متEE Eأثرا باملسEE Eيحية ،إلى قيم جديEE Eدة يكEE Eون فيهEE Eا البشEE Eر متسEE Eاوون جميعهم أمEE Eام قEE Eوة روحيEE Eة تفتح
ذراعيهEE Eا لإلنسEE Eانية وتEE Eرفعهم إلى عEE Eالم املثاليEE Eة ،وكEE Eان يEE Eرى أن عبEE Eادة الخEE Eالق هي في ذاتهEE Eا خدمEE Eة إنسEE Eانية
صادقة.
كمEEا كEEان آبEEاء الكنيسEEة متفقEEون لحEEد كبEEير مEEع سEEنيكا وشيشEEرون ،فيمEEا يتصEEل بالقEEانون الطEEبيعي واملسEEاوات
اإلنسانية وضرورة توافر العدالة في الدولة ،34وورد أن القديس بولس اعتقد كما اعتقد سنيكا من قبله أن
عمل الحاكم انمEا هEو محاربEة الفسEاد وتشEجيع عمEل الخEير ،كمEا يضEع الوجبEات املدنيEة في املقEام الثEاني امEام
الوجبات الدينية.
الخاتمة
حتى وان كانت املرحلة الرومانية لم تنتج لنا فالسفة وفلسفة سياسية تضاهي ما أنتجه اإلغريق ،فإن
أهميتها Eتكمن في تأثيرها على الفكر السياسي والفكر الديني املسيحي ،وتكيفها مع الدين الجديد ،واستفادتها من
مختلف األفكار السياسية واملدارس الفلسفية وتطويرها للقانون ،وتجسيد الدولة العاملية حيث عملوا على:
يرجع تاريخ الرومان إلى أزيد من ثمانية قرون قبل امليالد ،حيث اعتمدوا على قوة السيف لبسط
سلطانهم على الدول املجاورة.
23
تحولت الجمهورية إلى إمبراطورية العام 21ق.م على يد أوكتافيوس الذي كان أول أباطرة Eروما.
يضمون اآلخرين ويدعون للمساوات.الرومان ال يقسمون العالم إلى برابرة وأسياد بل ّ
سياسية الغزو دليل على ضعف في الجانب السياسي.
السياسية لدى الرومان كانت تطبيقية ال نظرية كما عند اليونان.
اليونان يفكرون فلسفيا وأخالقيا ،الرومان يفكرون قانونيا وواقعيا.
القانون الروماني اختلط في البداية Eبالدين والسحر والعادات ،ثم انفصلت القواعد القانونية
على القواعد الدينية.
قيمة اإلنسان لدى الفالسفة الرومان كجنس بشري وليس كوضع اجتماعي كما عند اليونانE.
اتجه الفكر الروماني إلى كافة الناس وليس إلى سكان املدينة فحسب.
واعتنقت املسيحية مع اإلمبراطور قسطنطين 212ميالدي.
وكان لألفكار الرواقية الداعية إلى نظام عالمي وقانون يحكم جميع البشر األثر الكبير في إعطاء
السند الفكري لقادة روما في فتوحاتهم وضم الدول املتاخمة لها.
وقد ارتبط اسم الرومان بالتشريع ،حيث برعوا في وضع القوانين الكفيلة بتسيير أمور رعاياها
من مختلف املشارب وامللل ،األمر الذي جعلهم ينشرون األفكار الرواقية التي نادت إلى تساوي البشر
في دولة عاملية يحكمها القانون الطبيعي.
أعطى اإلمبراطور كاركاال العام 313ميالدي صفة املواطنة لكل سكان اإلمبراطورية.
قدرتها على التكيف مع خصوصيات كل مدينة من املدن التي دخلتها.
دخلت اإلمبراطورية الرومانية مرحلة الشيخوخة واألفول وسقطت على يد العثمانيين Eسنة 1453م.
قائمة املراجع
ميديا-فايدرا-أجاممنون ، ،سنيكا ،ترجمة د.عبد املعطى Eشعراوي ،مكتبة االنجلو املصرية ،القاهرة،
.2002
د .أمين عثمان ،الفلسفة الرواقية ،لجة التأليف Eوالترجمة و النشر ،القاهرة.1945،
د .محمد عبد الستار البدري" ،سينيكا" وحاضرنا التراجيدي ،جريدة الشرق األوسط ،الثالثاء 26 -
جمادى األولى 1441هـ 21 -يناير 2020مـ رقم العدد [ ،]15029لندن.
24
سليم حميداني ،الفكر السياسي في العصور القديمة Xوالوسطى ،مطبوعة بيداغوجية ،جامعة قاملة،
.2016
جورج سباين ،تطور الفكر السياسي ،ج ،02ترجمة :حسن جالل العروسي ،القاهرة ،الهيئة املصرية
العامة للكتاب.2010 ،
د .سليم قاللة ،النظام السياسي الروماني بوليبوس ،شيشرون ،سينيكا ،محاضرا في الفكر السياسي،
كلية العلوم السياسية.2014 ،
د .أبو اليزيد علي املتيت ،تطور الفكر السياسي ،الهيئة املصرية العامة للتأليف والنشر1980 ،
د .مصطفى النشار ،تطور الفكر السياسي القديم من صولون حتى ابن خلدون ،دار قباء ،القاهرة.1999 ،
25