Professional Documents
Culture Documents
الأسلوب الحكيم
الأسلوب الحكيم
المصطلح – 1 3
أ -لغة4-
ب -اصطالحا4-
7-3 أغراضه
لهذا يجب على كل دارس للغة العربية تحديدا علم البالغة وقارئ للقرآن الكريم
معرفة هذا األسلوب البالغي خاصة لدوره الكبير في إقناع المستمع وإدهاشه إلى
جانب معرفة األساليب األخرى و دراستها جيد كأسلوب التكرار ،وأسلوب التقديم
.والتأخير ،الذكر والحذف ،واالستفهام وااللفات ...والتي ذكرت في القرآن الكريم
وقد حرصت في هذا البحث على جمع ماقل ودل وأفاد فإن وفقت فمن هللا وحده ال
.شريك له وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان
:نشأة األسلوب الحكيم 2-
نستهل بداية هذا البحث بالحديث عن نشأة هذا األسلوب البالغي وكيف تم التطرق
إليه من طرف المتقدمين في كتبهم ،فكما أشرنا إليه في المقدمة أول من أشار الى
هذا النوع من األساليب البالغية ، 6كان أبو عثمان الجاحظ (255هـ) في كتاب ' البيان
والتبيين' في باب من اللغز في الجواب عندما ذكر قصة الحطيئة عندما كان يرعى
الغنم فمر به رجل فقال :يا راعي الغنم ،ما عندك ؟ قال :عجراء من سلم ، 1فهذا
كان أول لمظهر من مظاهر األسلوب الحكيم للجاحظ وقد أشاره اليه أيضا في باب من
الكالم المحذوف عند حديثه عن " كالم يذهب السامع إلى معاني أهله " ، 2فيعتبر
،الجاحظ أول من لفت أنظار البالغيين 6الى هذا النوع من الكالم وأرشدهم إلى أسسه
لكن أول من تكلم عن هذا األسلوب بالتحديد وخصصه باالسم هو أبو يعقوب
السكاكي في كتابه مفتاح العلوم فهو أول من أطلق عليه اسم األسلوب الحكيم وجعل
له أقسام و مثل عن كل قسم ،وقعد جعل أحد فنون علم الكالم فقد قال ( :ولهذا
النوع أعني 6إخراج الكالم ال على مقتضى الظاهر إذ ما من مقتضى كالم ظاهري إال
ولهذا النوع مدخل فيه بجهة من جهات البالغة ،على ما تنبه على ذلك منذ اعتنينا6
بشأن هذه الصناعة ،وترشد إليه تارة بالتصريح وتارات بالفحوى ،ولكل من تلك
3األساليب عرق في البالغة يتشرب من أفانين سحرها و ال كاألسلوب الحكيم فيها)
1
عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الجاحظ ، 6البيان والتبيين ، 6دار ومكتبة الخانجي ،القاهرة ، 6ص 147مجلد 2
2البيان والتبيين ،ص 278مجلد 2
3يوسف بن أبي بكر السكاكي ،مفتاح العلوم ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ص 327
وقد ُذ كر عبد القاهر الجرجاني مثال عن األسلوب الحكيم في كتابه دالئل اإلعجاز تحت
.اسم المغالطة لكن دون تفصيل في هذا األسلوب او تحديد له
ونخلص من هذا أن أول من تطرق إلى هذا األسلوب كان هو الجاحظ عندما ذكر أمثلة
عديدة تدخل اليوم تحت فن األسلوب الحكيم دون أن يقوم بإعطاء تسمية لهذا الفن
بل اكتفى بذكره تحت باب في اللغز من الجواب كما ذكره عبد القاهر الجرجاني باسم
المغالطة وقد تم ذكر مصطلح " المغالطة المعنوية " 6عند ابن االثير في اشارة الى
التورية وهنالك صلة كبيرة بين التورية و األسلوب الحكيم ،وأخيرا أتى السكاكي
ليضع أسس هذا الفن ويتطرق إليه باستفاضة وأطلق عليه اسم األسلوب الحكيم الذي
.ندرسه اليوم
:المصطلح 3-
كما ذكرنا سابقا فقد أطلق على هذا األسلوب البالغي 6عدة تسميات والتي ذكرنا منها
األسلوب الحكيم عند السكاكي و المغالطة عن عبد القاهر الجرجاني ،كما قد تم تداول
تسميات أخرى لهذا فن من المحدثين منها أسلوب الحكيم والقول بالموجب فاصبح له
:أربع تسميات
المغالطة1-
األسلوب الحكيم2-
القول بالموجب3-
أسلوب الحكيم4-
وسنناقش كل من هذه التسميات على حدى
المغالطة :
ورد هذا المصطلح عند عبد القاهر الجرجاني فالمغالطة من الغلطة والغلطة في اللغة
العربية وهي الخطأ ،غلط في الحساب أي أخطا فيه ولم يعرف وجه الصواب فيه ،
وقد كان المعنى اللغوي المراد منها هو تخطئة أحد المتكلمين لآلخر عن طريق ادعاء
عدم معرفة الجواب واعطاء جواب مخالف او غير متوقع ،لكن هذا المصطلح ال
يصح اطالقه على األسلوب الحكيم وهذا عائد الى عدة أسباب أهمها :استعمال معنى
المغالطة للداللة على أسلوب بالغي آخر وهو التورية وان كانت تسمى المغالطة
المعنوية لكن اطالق اسم المغالطة على فن األسلوب الحكيم يدخل فن المغالطة
المعنوية -التورية -تحت أقسامها وهذا ال يصح ،وأيضا عدم شيوع هذا المصطلح
بين البالغيين 6وهذا بسبب انه ورد مرة واحدة عند الجرجاني بالصدفة ولم يتكلم فيه
تحديدا او يوضحه .
أنور الربيع في أنواع البديع ،ابن معصوم المدني مجلد 2ص 198 6
السابق 7
معناه ،واألسلوب الحكيم هو تلقي المخاطب بغير ما يترقب ،بحمل كالمه على خالف
مراده تنبيها 6على أنه األولى بحاله أو المهم له ) .8
وقد ذكر الخطيب القزويني األسلوب الحكيم في علم المعاني متبعا السكاكي ،وذكر
القول بالموجب مع فنون البديع ، 9وتبعه في ذلك جمهرة من البالغيين ، 6ولهذا يمكن
يمكننا التأكيد على أن القول بالموجب نوع آخر غير األسلوب الحكيم وإنما يسمى به
لتشابه خصائصه وال يصح أن يكون مصطلحا مرادفا له .
الحكيم لغة :وهي بمعنى الحاكم أو العالم 13وهي من حكم وهو المنع ،وأول ذلك
الحكم ،وهو المنع من الظلم ،وسميت حكمة الدابة ألنها تمنعها ،يقال حكمت الدابة
14
وأحكمتها ويقال :حكمت السفينة وأحكمته ،اذا أخذت على يديه
أبو الحسن أحمد بن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،ج 3ص93 10
اصطالحا :
عرف أحمد الهاشمي األسلوب الحكيم على أنه تلقي المخاطب بغير ما يترقبه ،إما
بترك سؤال واإلجابة عن سؤال لم يسئله أو بحمل كالم المتكلم على غير ما كان يقصد
ويريد ،تنبيها على أنه كان ينبغي 6له أن يسأل هذا السؤال ّ ،أو يقصد هذا المعنى . 17
18
وعرفه الجرجاني بأنه عبارة عن ذكر األهم تعريضا للمتكلم على تركه األهم .
وقال أبو البقاء الحنفي :األسلوب الحكيم هو تلقي المخاطب بغير ما يترقب بحمل
كالمه على خالف مراده تنبيها له على أنه األولى بالقصد ،أو إجابة السائل بغير ما
يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيرها تنبيها له على أنه األولى بحاله أو المهم له . 19
وقال ابن كمال باشا :األسلوب الحكيم مرجعه الى العدول في الجواب عن موجب
الخطاب لحكمة شريفة يقتضيها المقام ،أو نكتة لطيفة يرتضيها ذوو األفهام ،سواء
20
كان ذلك العدول لصرف الكالم عن مراد المتكلم الى معنى آخر يحتمله أيضا بدونه
ومما سبق نستنج أن األسلوب الحكيم يقول على 3مراحل أو أسس :
َ
ومخاطب أو سائال ومجيبا -1المجاورة بين اثنينُ 6مخاطِ ب
-2إجابته بغيره ما يتقرب او العدول عن الجواب إلى شيء أهم و أولى
أبو البقاء الحنفي ،مؤسسة الرسالة ،ط 2ص 111 15
أحمد الهاشمي ،جوهر البالغي في علم المعاني والبيان والبديع ،ص 319 17
عبد القادر عبد الجليل ،األسلوبية وثالثية الدوائر البالغية ،ص560 21
5أنواع األسلوب الحكيم :
يمكن استخراج نوعين لألسلوب الحكيم من تعريف السكاكي له تلقي المخاطب بغير
ما يترقب ،أو السائل بغير ما يتطلب :
عبد العزيز عتيق ،علم المعاني والبديع والبيان ،ص 601 25
لكن المسئول يجيبه :أنا بصحة وعافية ،في إشارة الى أهمية الصحة وأنها أولى من
المال .
- 2التخلص :وهذا النوع قد نكون نستعمله أنفسنا وهو يهدف الى دفع الحرج عن
المسئول أو تفادي اإلجابة كأن يسئلك الشخص :أين كنت -قصده التطفل على مكان
في زمن معين – وتجيبه أنت :كنت أتمشي ،بعيدا عن ذكر المكان
-3التعريض :وهو خالف التصريح أي ان تقول كالم ال تصرح فيه بمرادك منه لكن
قد يشير إلى إشارة خفية .
-4التلطف :يراد به الوصول للمراد بلفق ولين
- 5التأدب :تكون عند التحدث مع أشخاص الكالم الظاهر ال ينزلهم منزلتهم فتضطر
الى الخروج عن مقتضاه .