Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
Untitled
ثالثا ً :الﺗعريف اﻻصطﻼحي لﻸمن اﻻجﺗماعي :ﺗﺗعدد ﺗعريفاﺗه ونكﺗفي بذكر اﻵﺗي :
عرفه اﻟبعض بأنه "الطمأنينة الﺗي ﺗنفي الخوف والفزع عن اﻹنسان فردا ً أو جماعة في س ائر مي ادين العم ران
الدنيوي ،بل وأيضا ً في المعاد اﻷخروي فيما وراء هذه الحياة الدنيا".
وعرفه آخر بأنه "اﻷمن الذي ينعم به مجموع اﻷفراد ف ي مجﺗم ع مع ين وه ذا يش مل اﻻس ﺗقرار وع دم الخ وف
من ناحية وإشراك جميع أفراد المجﺗمع بهذا الشعور المطمئن من ناحية أخرى".
وعرفه اﻟمؤﻟف بأنه "اﻷمن الشامل لكل جوانب حياة الفرد والجماع ة والمجﺗم ع اقﺗص اديا ً واجﺗماعي ا ً وسياس يا ً
..إل خ ،وه ذه الجوان ب ﺗُعﺗب ر منظوم ة مﺗكامل ة ومﺗرابط ة اﻷج زاء ﺗ ؤثر وﺗﺗ أثر فيم ا بينه ا وله ا انعكاس اﺗها
اﻻيجابية أو السلبية على اﻷمن اﻻجﺗماعي سوا ًء كانت منفردة أو مجﺗمعة".
رابعا ً :مفهوم اﻷمن اﻻجﺗماعي العام والخاص :اﻷم ن اﻻجﺗم اعي أح د ض روريات الحي اة لﻺنس ان بش كل
فردي وللمجﺗمع ككل ،وﻻ يﺗحقق اﻷمن للمجﺗمع إﻻ بعد ﺗحقق اﻷمن الفردي ،فإن اﻷمن على المسﺗوى الخاص
والعام مﺗكامﻼن وﻻ يمكن ﺗحقيق أحدهما إﻻ بﺗحقق اﻵخر.
فاﻷمن بمفهومه اﻟخاص كما قال الماوردي هو "أمن اﻹنسان على نفسه وأهله وماله".
أما اﻷمن بمفهومه اﻟعام فهو "اﻷمن الشامل المطلق الذي يعم الناس ويشمل جميع اﻷحوال ويسعدوا بنعمﺗه".
من خﻼل العرض في الفصل السابق ﺗبين أن اﻷمن شامل لكل جوانب الحياة الفردية والمجﺗمعية ،بل ومنظومة
مﺗكاملة ﻻ يﺗجزأ فأمن الفرد من أمن المجﺗمع والدولة فﻼ غنى ﻷحدهما عن اﻵخر ،وكذلك ﺗرﺗبط أنواع اﻷم ن
فيما بينهما فﻼ أمن صحي من دون أمن غذائي ،وﻻ أمن اقﺗصادي من دون أمن سياسي...الخ.
ومفه وم اﻷم ن اﻻجﺗم اعي م ن المف اهيم الحديث ة الﺗ ي نال ت عناي ة بالغ ة بع د الح رب العالمي ة اﻷول ى ،إﻻ أن
مضمونه قديم قدم المجﺗمع اﻹنساني ،وكل عصر ل ه ظروف ه ومﺗغيراﺗ ه ،فالع الم مجموع ة مﺗغي رات ﺗ ﺗحكم ب ه
بصورة دائمة ،وﻻ يمكن أن يبقى أي مجﺗمع قوي ومزدهر إذا لم يﺗحقق له اﻷمن اﻻجﺗم اعي ،وب ذلك س نﺗناول
بع ض النظري ات عن د قلي ل م ن المفك رين الق دامى ،ونس ﺗخلص اﻷفك ار النظري ة لﻸم ن اﻻجﺗم اعي م ن خ ﻼل
الﺗصورات الفكرية الﺗي قدموها ،وهم كما يلي :
أوﻻ ً :أفــﻼطون
مفك ر يون اني ع اش ف ي الفﺗ رة ) ٣٤٧ – ٤٢٧ق.م( ش هد ف ي بداي ة عص ره جوان ب مظلم ة وه ي الح رب
المسﺗمرة بين كثير من المدن اليونانية على رأسها أثينا وإسبرطة وغيرها.
كما شهد الفساد السياسي في السلوك وانهيار الﺗقاليد والمبادئ الﺗي كانت موضع احﺗرام وسند للمجﺗمع ،وانﺗفى
كل دافع أخﻼقي وأصبح قانون بﻼده المصلحة ﻻ العدل وعمادها القوة ﻻ العقل.
اﻷمر الذي دفعه إلى أن يﺗخيل نظام ﻷثين ا وأن ي رد أعم ال البش ر وس لوكهم إل ى مق اييس م ن الخي ر والجم ال،
حيث أراد رؤية العالم كما يجب أن يكون ﻻ كما هو سائد فعﻼً.
وف ي كﺗاب ه اﻟجمهوري ﺔ ال ذي اعﺗب ره اﻷمث ل لقي ام جمهوري ة مثالي ة أو مدين ﺔ فاض لﺔ ﺗنﺗف ي فيه ا ك ل الش رور
واﻵثام الﺗي ﺗزخر بها المجﺗمعات ،ﺗخيل مدينة فاضلة ﺗقوم على الفضيلة وﺗظلها العدالة.
وقد شبه افﻼطون المدينة الفاضلة بالفرد أي أنها مكونة من أجزاء كما يتكون جسم اﻹنس ان م ن أعض اء وك ل
جزء يؤدي وظيفة خاصة ،ﺗرﺗبط كلها في مرك ز واح د ،وﺗس عى جميعه ا إل ى ﺗحقي ق غاي ة مش ﺗركة ،فالﺗكام ل
والﺗعاون فيما بينهم وعدم كفاية الفرد بنفسه يكفل لهم ﺗحقيق الكمال المادي والروحي.
رأى أفﻼطون بأن الحياة اﻻجﺗماعية بحاجة إلى ﺗنظيما ً داخليا ً محوره اﻟفض يلﺔ واﻟعداﻟ ﺔ ،فاﻟفض يلﺔ ه ي حس ن
أداء الوظائف والﺗعفف كما ﺗكون الشجاعة والسخاء والعدل واﻷخﻼق المرضية م ن الفض ائل ،أم ا أول ﺗجس يد
ﻟلعداﻟﺔ هو ﺗوزيع العمل بحيث يقوم كل فرد بوظيفة محددة.
اﻟمدينﺔ اﻟفاضلﺔ هي ﺗلك الﺗي تقوم على اﻟعدل واﻟفضيلﺔ وكﻼهما يُكتس ب ب الﺗعلم والﺗربي ة ،وه ي الﺗ ي يع يش
سكانها في أمن وأمان واسﺗقرار سياسي واجﺗماعي ،وهكذا ﺗبلورت في ذهن أفﻼطون المدين ة اﻵمن ة ،فه ي م ا
يُقصد به ﺗحقيق اﻷمن اﻻجﺗماعي بالمفهوم الحديث.
وقد ربط الفارابي الفضائل كلها بمذهبه السياسي ،إﻻ أن تحصيل الفضائل يﺗم بطريقﺗين هم ا اﻟتعل يم واﻟتأدي ب،
ف اﻟتعليم ه و إيج اد اﻟفض ائل اﻟنظري ﺔ ف ي اﻷم م والم دن ،واﻟت دريب ه و طري ق إيج اد اﻟفض ائل اﻟخلقي ﺔ
واﻟصناعات العملية في اﻷمم ،من أشهر مؤلفاﺗه )آراء أه ل المدين ة الفاض لة( وغايﺗ ه ﺗك وين مجﺗم ع فاض ل أو
جمهورية مثالية على غرار جمهورية أفﻼطون.
وأوض ح ف ي دراس ﺗه لطبيع ة المجﺗم ع ض رورة اﻻجتم اع اﻹنس اني ،وأن اﻹنس ان بفطرﺗ ه محﺗ اج إلي ه مادي ا ً
ومعنويا ً ،ﻷن اﻹنسان ﻻ يسﺗطيع أن يفي بحاجاﺗه كلها بمفرده ،بل يحﺗاج إلى قوم ،يقوم ك ل واح د م نهم بش يء
)مﺗخصص فيه( حﺗى يبلغ الكمال ،والكمال الذي يقصده هو اﻟسعادة أي )الخير المطلق(.
وبعد ذلك انﺗقل إلى تقسيم المجﺗمعات اﻹنسانية إلى نوعان :
-١مجتمعات كاملﺔ ،الﺗي يﺗحقق فيها الﺗعاون اﻻجﺗماعي بأكمل وأرقى صوره ،ولها ثﻼث مسﺗويات:
أ -عظمى ،وهي اجﺗماعات الجماعة كلها في المعمورة )العالم(.
ب -اﻟوسطى ،اجﺗماع أمة في جزء من المعمورة )محلي أو إقليم أو دولة(.
ت -اﻟصﻐرى ،اجﺗماع أهل مدينة في جزء من مسكن أمة ،ويرى في هذا المسﺗوى )المدين ة( أن ه أكم ل
الﺗجمعات وأميزها ،وهي نقطة البداية في صﻼح اﻹنسانية ،ويرى بأن ﺗحقي ق الس عادة كله ا يك ون
أوﻻً في المدينة ثم اﻷمة ثم المعمورة ،كما يرى بأن أي اجﺗماعات أقل منها ﺗُعﺗبر ناقصة.
-٢مجتمعات ناقصﺔ )غير كاملﺔ( ،وهي الﺗي ﻻ ﺗسﺗطيع أن ﺗكفي نفسها بنفسها وﻻ ﺗحقق ﻷفرادها الس عادة،
ويصنفها إلى ثﻼثة مسﺗويات هي :
أ -اجتماع أهل اﻟقريﺔ/اﻟمحلﺔ ،وهي أكملها اجﺗماعا ً ،ويرى أنها خادمة للمدينة ﺗمدها بالضروريات.
ب -اجتماع في سكﺔ ،اجﺗماع في الشارع.
ت -اجتماع في منزل ،أفراد اﻷسرة.
والﺗقس يم الس ابق يج ب أن يﺗحق ق في ه مظه ر الﺗع اون والﺗكام ل والﺗواف ق ف ي س د الحاج ات ،حاج ة الﺗجمع ات
بعضها للبعض اﻵخر ،بشكل جماعي وشكل فردي أيضا ً وذلك بأن يخ ﺗص ك ل ف رد م ن أفراده ا بالعم ل ال ذي
يﺗقنه ويجيده )أحدهم طبيب واﻵخر معلم والثالث مزارع وآخر جندي ...إلخ(.
وشبه الفارابي المجﺗمع بالكائن الح ي )جس م اﻹنس ان( ال ذي ﺗﺗع اون أعض اؤه كله ا عل ى ﺗﺗم يم الحي اة وحفظه ا
واسﺗمرارها ،وقال أن الجسم أعضاؤه مخﺗلفة الفطرة والقوى إشارة إلى أن كل فرد في المجﺗمع يجب أن ﺗكون
له وظيفة مخﺗلفة عن اﻵخرين ،ويكون كل فرد مكمﻼً لﻶخر ومﺗوافقا ً معه.
ثم أشار إلى أن الجسم فيه عضو بمثابة ال رئيس وه و القل ب ،ك ذلك ح ال المدين ة الفاض لة يج ب أن يك ون فيه ا
إنسان يرأسها ويرأس أفرادها ،ليكون زعيمها ومصدر حياﺗها ودعامة نسقها ونظامها.
ولم يغفل الفارابي عن المدن غير الفاضلة ،وهي المدن الجاهلة والفاسقة والض الة ،الﺗ ي غي رت معﺗق داﺗها ول م
ﺗﺗبع العقيدة الصحيحة في ﷲ والعقل الفعال ،وهي الفاسقة الﺗي ﺗعلم دون أن ﺗعمل بما علمﺗه ،والﺗ ي ل م يع رف
أهلها السعادة ،وما يهمها هو سﻼمة اﻷبدان والﺗمﺗع بالملذات والشهوات ...إلخ.
الصفحة ٤من ٢٩
ثاﻟثا ً :ابن مسكويه
هو أبو علي أحمد بن يعقوب بن مسكويه )١٠٣٠ - ٩٣٢م( وقد ﺗحدث في كﺗابه )ﺗهذيب اﻷخﻼق( أن اﻷخﻼق
قابلة للﺗغيير وأنها ﺗ ُعﺗبر مصدر لﻸفعال اﻹنسانية وأنها ﺗابعة أو ﺗنبع عن ال نفس ﻻ ع ن الجس د ،و ي رى أن ه ﻻ
يمكن أن ﺗحصل الفضائل إﻻ بعد إزالة الرذائل من النفس.
ويرى بأن اﻟفضائل أربع )اﻟعفﺔ واﻟشجاعﺔ واﻟسخاء واﻟع دل( وه ي ت ُكتس ب إم ا ب الﺗعلم أو م ن خ ﻼل الﺗنش ئة
اﻻجﺗماعية ومن خﻼل عملية ﺗقليد اﻷبناء لﻶباء ،ويركز على ﺗربية اﻷطفال على اﻷفع ال الجميل ة ف ي المطع م
والمجالسة والعادات ،ويجب أن يُبعد اﻷطفال عن مجالس أهل اللهو القبيح وأهل السخافات.
ويﺗفق مع غيره بأن اﻻجتماع اﻹنساني ضرورة اجتماعيﺔ ولكنه اعﺗبر اﻷخﻼق هي عم اد ذﻟ ك اﻻجتم اع ،ﻷن
اﻹنسان ﻻ يبلغ الكمال إﻻ مع أبناء جنسه وبمع ونﺗهم ،وخاص ية اﻻجﺗم اع ﺗرﺗك ز ف ي قوامه ا عل ى ق يم أخﻼقي ة
أهمها اﻟتعاون واﻟمحبﺔ واﻟصداقﺔ ،فﻼ يسﺗقيم أمر المجﺗمع إﻻ إذا ارﺗكز على هذه القيم.
ويركز ابن مسكويه على الﺗعاون بين أفراد المجﺗمع ،وشبه المجﺗمع بالكائن العضوي )مﺗأثرا ً بالفارابي( ،كائن
حي ﺗﺗماسك وﺗﺗضامن أعضاؤه لﺗحقيق الخير والسعادة ،وذلك الﺗضامن يرﺗكز على عاملين هما:
-١اﻟدين ،فالدين اﻹسﻼمي ي ؤدي إل ى ﺗقوي ة الش عور اﻻجﺗم اعي ،فص ﻼة الجماع ة أي ا ً كان ت والح ج كله ا
ﺗجمع الناس ﻷداء الفرائض ،وﺗقوى لديهم مشاعر اﻹخاء واﻹيثار والمحبة والﺗعاون وأن إقامة الشعائر
الدينية مما يُكسب اﻷفراد أخﻼق حميدة وﺗنميها لديهم ،فهي رياضة خلقية للنفوس اﻵدمية.
-٢اﻟعداﻟﺔ ،ﺗرﺗك ز الحي اة اﻻجﺗم اعي ف ي نظ ره عل ى العدال ة باعﺗباره ا الس بيل إل ى المس اواة ب ين الن اس،
وﺗرﺗكز أساس ا ً عل ى الص داقة واﻷلف ة وص لة ال رحم والمكاف أة وحس ن الش ركة وحس ن القض اء والﺗ ودد
والعبادة ،حيث أنه ذكر عوامل ت ُساعد على تحقيق اﻟعداﻟﺔ وهي كما يلي :
أ -اﻟعامل اﻟساكت ،وهو اﻟدينار باعﺗب اره أساس ا ً للمع امﻼت والﺗب ادل ب ين أف راد المجﺗم ع ف ي اﻷج ر
والحقوق وعملية البيع والشراء ،فيجب المساواة بين الناس في الحقوق ،واسﺗخدامه بعدل.
ب -اﻟحاكم اﻟعادل ،وهو الذي يحسن اسﺗغﻼل ق وة الق انون ومظ اهر الس لطة ،فينبغ ي أن يحق ق الع دل
وﻻ يﺗجاوز حدود الشرع ،وأن يساوي بين اﻷفراد فﻼ يسﺗغل أحدهم اﻵخر ،فهو عدل ناطق.
ت -تحقيق اﻟعدل ،بﺗطبيق قوانين ﷲ عز وجل المﺗمثلة بأوامره ونواهيه وشرائعه ،فهي أكم ل الق وانين،
ولهذا يجب أن يخضع لها الحاكم في ﺗشريعه والدينار في قيمﺗه والناس جميعا ً في معامﻼﺗهم.
ويعﺗب ر اب ن مس كويه اﻟع دل ض رورة اجتماعي ﺔ لص ﻼح الف رد والمجﺗم ع ،ويج ب أن يلﺗ زم بﺗحقيق ه الحك ام
والمحكومين على السواء ،وأكد رأيه بأن عدم ﺗطبيق الع دل ي ؤدي إل ى فس اد الحي اة اﻻجﺗماعي ة وانح ﻼل الق يم
وحصول خلل في البناء اﻻجﺗماعي.
كما فرق ابن مسكويه بين الخير والسعادة ،فاﻟخير قيمﺔ عامﺔ ﻻب د أن يع م اﻟن اس جميع ا ً ،بينم ا اﻟس عادة قيم ﺔ
خاصﺔ تخص اﻹنسان نفسه ،وﺗخﺗلف من إنسان إلى آخر.
ويرى ب أن ﺗحقي ق الخي ر والس عادة ﻻ ﺗ ﺗم إﻻ بﺗع اون الن اس جميع ا ً ،ﻷن ك ل ف رد ف ي المجﺗم ع محﺗ اج لﻶخ ر،
فيكون إذا ً كل واحد في المجﺗمع بمنزلة عضو من أعضاء البدن وقوام اﻹنسان بﺗمام أعضائه.
هناك عدة ﺗهديدات لﻸمن الشخصي وهي خوف اﻹنس ان م ن الجريم ة أي ا ً ك ان نوعه ا مث ل اﻻعﺗ داء عل ى
)ال نفس ،الع رض ،الس رق ،الس لب ،النه ب ،اﻻخﺗط اف ،الﺗقط ع ،ح وادث النق ل ،ح وادث الحرائ ق ،الح وادث
الصناعية ،المخدرات ،العنف ،اﻹرهاب... ،إلخ( ،ك ل ﺗل ك أص بحت مص در خ وف عل ى اﻷم ن الشخص ي ،وأم ن
اﻻنسان يعني ﺗوازن شخصيﺗه واسﺗقرارها وعدم الخوف من أي مصدر.
هن اك وجه ين ﻷم ن اﻹنس ان )داخل ي وخ ارجي( ،ويص عب الفص ل بينهم ا ،ﻷن نس يج الشخص ية اﻹنس انية
مﺗماسك ومﺗ رابط ،فيج ب ﺗ وازن أمن ه ال داخلي والخ ارجي ﻻس ﺗقراره ،وإذا اخﺗ ل ذل ك جعل ه فريس ه للخ وف والﺗ وﺗر
واﻻنفعال ،فالسﻼم الداخلي والﺗوازن النفسي هم ا دعام ة اﻷم ن ال ذاﺗي ،حي ث ينب ع الس ﻼم م ن أعم اق ال نفس الس وية،
المﺗغذية بمفاهيم صحيحة يكﺗسبها اﻻنسان منذ نعومة أظافره وﺗُدعمها الﺗربية اﻷسرية والمدرسية واﻻجﺗماعية.
فانع دام اﻷم ن النفس ي يُع د م ن المش اكل الﺗ ي ﺗحﺗ اج إل ى معالج ة لم ا له ا م ن آث ار س لبية عل ى المجﺗم ع،
ومعاﻟجتها ﺗكون من خﻼل قيم أساسها القناعة واﻻعﺗماد على الذات ،عندها يص ل إل ى اطمئن ان بأن ه ﻻ رازق وﻻ
ممي ت إﻻ ﷲ ،فحال ة اﻻطمئن ان ﺗح ول دون الﺗفكي ر ف ي اﻻنح راف ،فاﻻس ﺗقامة واج ب دين ي ﺗقﺗض يه المص لحة
اﻻجﺗماعية بالدرجة اﻷولى ،فاﻹنسان ﻻ يخشى إﻻ ﷲ سبحانه وﺗعالى وﻻ يسأل إﻻ ﷲ وحده.
يبدأ اﻻنسان بإصﻼح نفس ه ،يب دأ بإص ﻼح قلب ه فه و اﻷس اس ،فع ن رس ول ﷲ )ص( أن ه ق ال) :أﻻ وإن ف ي
اﻟجسد مضﻐﺔ إذا صلحت صلح اﻟجسد كله ،وإذا فسدت فسد اﻟجسد كله ،أﻻ وهي اﻟقلب( ،ويكون ذلك عن طري ق
اﻻﺗصال با عز وجل ،الذي يؤدي لﻼسﺗقامة في السلوك ،وفيه وقاية وعﻼج من اﻻنحراف والمرض النفسي.
صﻼح الفرد يعني صﻼح المجﺗمع ،فالفرد هو اللبنة اﻷساسية للمجﺗمع ،وصﻼح المجﺗم ع يعن ي ش عور
الفرد باﻷمن في الجماعة ،وذلك من اﻷسباب المهمة للش عور بالس عادة واﻻطمئن ان ،أم ا حال ة الم رض النفس ي
ﺗجعل صاحبها يعيش في حالة قلق دائم وخوف من اﻵخرين.
الصفحة ٩من ٢٩
ثانيا ً :اﻷمن اﻻقتصادي
يﺗمثل اﻷمن اﻻقﺗصادي ف ي ﺗ أمين الغ ذاء والكس اء والم أوى وﺗ أمين حاج ات المجﺗم ع ،بمن ع اﻻحﺗك ار
واﻻس ﺗغﻼل ،وزي ادة اﻻنﺗ اج وﺗنمي ة الم وارد وﺗوزيعه ا بع دل ،والح د م ن نس بة البطال ة وحماي ة الم ال الع ام،
فالعﻼقة بين اﻷمن واﻻقﺗصاد وثيقة ،كما أن اﻻقﺗصاد أحد مقوماﺗها الحياة اﻻجﺗماعية ،حيث اعﺗبره الم اوردي
من الست القواعد الﺗي ﺗصلح بها الدنيا وﺗنﺗظم بها اﻷحوال ،وذل ك م ا س ماه ب ـ)خصب دار( ،فم ن يمل ك الم ال
يسﺗطيع بناء منزل ويسﺗطيع ﺗ وفير الغ ذاء والكس اء وك ل احﺗياجاﺗ ه ك الﺗعليم والص حة ..إل خ ،وبالم ال يس ﺗطيع
المجﺗمع ﺗنمية العنصر البشري بدنيا ً وعلمي ا ً ،ويس ﺗطيع إيج اد المؤسس ات الﺗعليمي ة والص حية والبحثي ة ..إل خ،
فاﻻقﺗصاد هو مركز البناء اﻻجﺗماعي وبانﺗظامه يكون اﻻسﺗقرار.
وبدون اﻻقﺗصاد السليم قد ﺗنﺗش ر الج رائم واﻻعﺗ داء عل ى اﻷم وال ويع م الخ وف والف زع ،ﻷن ه ﻻ أم ن
لجائع وﻻ أمن من الجائع ،فعندما يشعر الف رد بع دم اﻷم ن ف ي العث ور عل ى العم ل بس بب البطال ة أو أن ه يعم ل
ولكن الدخل ﻻ يكفي لسد حاجاﺗه الضرورية له وﻷفراد أس رﺗه ،أو بس بب ارﺗف اع اﻷس عار ،يجعل ه خائف ا ً عل ى
حياﺗه المعيشية ،وقد يكون دافعا ً له ليرﺗكب الج رائم والمحرم ات ف ي س بيل ﺗ وفير م ا يحﺗاج ه ،مم ا ي ؤدي إل ى
خلل في اﻷمن اﻻجﺗماعي ككل ،لذلك فاﻷمن اﻻقﺗصادي جزء ﻻ يﺗجزأ من اﻷمن اﻻجﺗماعي.
ومن حكمة ﷲ عز وجل أن جعل الن اس أغني اء وفق راء ،وم ن العدال ة وج ود تكاف ل ب ين الف ريقين ،م ن
خ ﻼل اﻟزك اة واﻟص دقﺔ واﻟوق ف واﻟكف ارة واﻟهب ﺔ ..إل خ ،فه ي معالج ات وض عها الخ الق ﷻ ليﺗحق ق اﻷم ن
اﻻقﺗصادي ،كما أن من المعالجات حسن استﻐﻼل اﻟموارد اﻟمتاحﺔ بش رية كان ت أو مادي ة )اﻟكف اءة( ،وم ن ث م
ﺗوزيع الثروة والدخل على أفراد المجﺗمع بعدل ،وحسب معايير ﻻ يُظلم من خﻼلها أح د ،م ن المعالج ات أيض ا ً
اﻻهتمام باﻹنتاج واﻻستثمار في شﺗى المجاﻻت الﺗنموية ،كما يجب تعاون المجﺗمع والدولة ﻹيجاد فرص عم ل
للحد من نسبة البطالة ،كما أن على الدولة حث أفراد اﻟمجتمع ﻟلعمل في اﻟزراعﺔ واﻟصناعﺔ وغيرها.
ه ذه المعالج ات ﺗض من الوص ول إل ى مرك ز اقﺗص ادي آم ن للدول ة ،أي يﺗحق ق )اﻷم ن اﻻقﺗص ادي(،
وبﺗأمينه سيشعر اﻹنسان والمجﺗمع بالطمأنينة واﻻسﺗقرار من خﻼل ﺗوفر احﺗياجاﺗهم اﻷساسية والكمالية ،اﻷمر
الذي سيؤدي إلى نهضة في جميع المجاﻻت.
وقال سبحانه وﺗعالى )) ولَنبلُونﱠكُم بِشيء من الْخَوف والْجوعِ ونَقْصٍ من الْأَ موالِ والْأَنفُسِ وال ﱠثمرات وبشرِ الصبِرِين.((
لذا فﺗوفير المواد الغذائية يُعد من الضروريات لﻺنسان س وا ًء م ن خ ﻼل اﻹنﺗ اج أو الق درة الش رائية أو
غي ر ذل ك ،ﻷن ﺗوفره ا وس هولة الحص ول عليه ا ،ﺗجع ل اﻹنس ان يع يش ف ي س ﻼم وطمأنين ة ،مﺗجنب ا ً الخ وف
والقلق واﻻضطراب أو حﺗ ى اﻻنح راف ﻻ س مح ﷲ ،ﻷن ه أص بح آم ن عل ى إش باع احﺗياجاﺗ ه الغذائي ة م ن أي
مصدر مشروع ،وهذا يكون له انعكاساﺗه اﻹيجابية على الصحة والﺗعليم وعلى عملية اﻹنﺗاج ...إلخ.
والواقع إن اﻹنسان لم يسﺗجب لهذه الﺗعاليم الدينية ،حيث يس عى جاه دا ً ويﺗب اهى بإنجازاﺗ ه الﺗكنولوجي ة
الحديثة دون أن يعي أنه يُفسد في اﻷرض بعد إصﻼحها ويهدد عناص ر البيئ ة ويخ ل بأمنه ا وبﺗوازنه ا ،ول ذلك
ﺗفاقمت المخاطر البيئية الﺗي صنعها اﻹنسان ﺗحت مسميات الﺗنمية والﺗقدم مم ا أدى إل ى زي ادة مش كﻼت ﺗل وث
البيئة وانﺗشار اﻷمراض الوبائية الﺗي لم يكن لها وجود في الماضي.
لذا فإن اﻹنسان بقدر ما يسعى إلى اسﺗغﻼل البيئة فإنه ف ي المقاب ل ﻻب د أن يس عى إل ى المحافظ ة عليه ا
من أي إهدار أو ﺗلوث ﻷن العﻼقة بين اﻹنسان والبيئ ة عﻼق ة وثيق ة ،ﻷن ه ل ن يس ﺗطيع الع يش ف ي حال ة ﺗل وث
اﻷرض أو الماء أو الهواء ،فهو بحاجة إلى البيئة الصالحة النقية من أي ﺗلوث يهدد أمنه واسﺗقراره ،لذا فاﻷمن
البيئي جزء ﻻ يﺗجزأ من اﻷمن الفردي واﻷمن اﻻجﺗماعي الشامل.
فالعقيدة اﻹسﻼمية ،ﺗغرس في النفس اﻷمن والطمأنين ة بم ا ﺗبث ه فيه ا م ن ﺗص ور ش امل لل دنيا واﻵخ رة
والحياة والموت ،لذلك رك ز الم اوردي عل ى ه ذا اﻷث ر كقاع دة جعله ا اﻷول ى لص ﻼح ال دين حي ث ق ال )دي ٌن
مﺗبع( ،كما أن العقيدة اﻹس ﻼمية ﺗ ُع د المق وم اﻷساس ي ﻷم ن المجﺗم ع المعيش ي والسياس ي واﻻجﺗم اعي ..إل خ،
ﻷنها ﺗأمر بالﺗقوى والعدل واﻹحس ان والﺗ راحم والﺗع اطف والﺗع اون ...إل خ ،فه ي ﺗح رر اﻹنس ان م ن الخ وف
وﺗهبه نعمة اﻷمن ليعيش سعيدا ً ومطمئنا ً.
ثانيا ً :اﻟعدل
العدل عك س الظل م والع دل ف ي اللغ ة ض د الج ور والع دل م ا ق ام ف ي النف وس أن ه مس ﺗقيم ،والع دل ف ي
الش رع اﻻس ﻼمي فريض ة واجب ة وض رورة اجﺗماعي ة وإنس انية ،وق د أثبﺗ ت ﺗج ارب الﺗ اريخ أن ﺗع دد مع ايير
العدال ة كان ت س ببا ً مباش را ً ف ي ه ﻼك أم م وس قوط حض ارات ،ل ذلك ك ان خط اب ﷲ س بحانه وﺗع الى واض حا ً
وصريحا ً في دعوﺗه لرعاية العدالة المطلقة ،وأن القرابات والمحسوبيات اﻻجﺗماعية ﻻ يجوز أن ﺗخل بموازين
العدالة ،وإﻻ فقد القانون مصداقيﺗه وهيبﺗه ويﺗجرأ الناس على اﻻسﺗهانة به ومخالفﺗه ،فاﻹسﻼم يأمر بالعدل ف ي
اﻷقوال واﻷفعال واﻷحكام واﻷخﻼق ،فبالعدل ﺗصلح شؤون الناس ،فهو ركن من أركان العمران وأساس الملك
قال ﺗعالى ). ..وإِذَا حكَمتُم بين النّاسِ أَن تَحكُموا بِالْعدلِ ،(...وقال جل شأنه ) إِن ّاللَّه يأمر بِالعدلِ واﻹِحسانِ.(..
والعدل يبدأ بعدل اﻹنس ان ف ي نفس ه ،ث م بعدل ه م ع غي ره ،فع دل اﻹنس ان ف ي نفس ه يك ون بحمله ا عل ى
المصالح وكفها عن القبائح ،ثم بالوقوف في أحوالها على أعدل اﻷمرين فﻼ تتجاوز أو تقصر فإن الﺗجاوز فيها
جور والﺗقصير فيه ظلم ،ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم ،ومن جار عليها فهو لغيره أج ور ،أم ا ع دل اﻹنس ان
مع غيره فهو عدل اﻹنسان فيمن دونه ،كالسلطان في رعيﺗه والرئيس مع صحابﺗه.
وقد ﺗحدث المفكرون المسلمون عن العدل وأهميﺗ ه ،ﻷن ه يُعﺗب ر م ن الق يم العلي ا ف ي اﻹس ﻼم وب ه يكث ر
المال والعمارة وبه يصلح الراعي والرعية فيقول ابن خلدون )إن العدل ه و المي زان المنص وب( ،كم ا اعﺗب ره
الماوردي أحد قواعد صﻼح الدنيا الست ،الﺗي ﻻ ﺗنﺗظم الحياة إﻻ به ا وفيه ا وق ال )ع دل ش امل( ،ول يس ش يء
أسرع في خراب اﻷرض وﻻ أفسد لضمائر الخلق من الجور ،والعدل أشرف منزلة ،وما من أمة سبقت مسلمة
كانت أو مسيحية أو يهودية إﻻ وﺗحدثت عن فضله وثماره ،وكانت وﺗوصي من بعدها به.
واﻷم ن اﻻجﺗم اعي ي رﺗبط ارﺗباط ا وثيق ا ً بالع دل ،ف اﻷجهزة القض ائية ﺗ ُطب ق اﻷنظم ة والق وانين بح ق
المخالفين وﺗقرر لهم ما يسﺗحقونه من العقاب ،فالقضاء يقوم بالدور الوقائي واﻹصﻼحي وهو من أركان اﻷمن
اﻻجﺗماعي ،فعن اب ن عم ر أن رس ول ﷲ )ص( ق ال )إن الس لطان ظ ل ﷲ ف ي اﻷرض ي أوي إلي ه ك ل مظل وم(،
وغياب العدل يؤدي للظلم ،ومن نﺗائج الظلم انﺗشار الفس اد ب ين اﻷم ة ،وﺗﺗمث ل ص ور الفس اد ف ي انﺗه اك حري ة
اﻹنسان والرشوة والعموﻻت وسرقة المال العام ومحاباة اﻷنصار وأخ ذ أم وال الن اس بغي ر ح ق ...إل خ ،وه ذا
من نﺗائج غياب اﻷمن المﺗمثل بالظلم ،قال ﺗعالى ) ومن لَم يحكُم بِما أَنْزلَ اللَّه فَأُولَئك هم الظَّالمون.(
فأي مجﺗمع لن يسوده الﺗقدم والﺗطور مالم يسود العدل بين أفراده ،العدل الذي يوج د اﻹخ اء والعﻼق ات
الطيبة والﺗكافل والﺗعاون الذي يسهم في إنشاء ما يسد احﺗياجاﺗهم م ن المأك ل والمش رب والمل بس ،فالدول ة ف ي
ظل بسط العدل على جميع أراض يها ،ﺗﺗج ه نح و ﺗحقي ق مش اريع الﺗنمي ة اﻻقﺗص ادية واﻻجﺗماعي ة الﺗ ي ﺗه دف
للﺗقدم واﻻزدهار ،لذا فإن العدل ركن أساسي في بناء المجﺗمع واسﺗقرار.
والﺗعاون بين اﻷجهزة اﻷمنية وأفراد المجﺗمع ﻻ يﺗم إﻻ من خﻼل الﺗنسيق ونشر الﺗوعية وإرش اد أف راد
المجﺗمع ف ي إيج اد دور فع ال للوق وف أم ام المنح رفين والمج رمين ،وم ن ناحي ة أخ رى لوقاي ة أف راد المجﺗم ع
بﺗوضيح مخاطر الﺗعرض لﻼنحراف والجريمة والفساد وﺗوعيﺗهم ببعض أنماط السلوك الذي ي ؤدي لﻼنح راف
والجريم ة ،وك ذا ﺗ وعيﺗهم كي ف يحم ون أنفس هم م ن الﺗع رض ﻷي ع دوان أو انح راف وك ذلك ﺗ وعيﺗهم كي ف
يحم ون من ازلهم وأم والهم م ن اﻻعﺗ داء عليه ا ،وﺗك ون الﺗوعي ة واﻹرش اد م ن خ ﻼل إلق اء المحاض رات ف ي
المؤسسات المخﺗلفة كالمدارس والجامعات وغيره ا م ن المؤسس ات الحكومي ة واﻷهلي ة ،فب الوعي اﻷمن ي ل دى
الفرد والمجﺗمع ﺗسﺗطيع اﻷجهزة اﻷمنية أن ﺗحقق الكثير من مهامها بمساعدة المجﺗمع مثل :
-١قيام الفرد والمجﺗمع بالﺗعاون مع رجال اﻷمن بإبﻼغهم عن أي معلومات ﺗفيد في كش ف الجريم ة وك ذا
عند حدوث أي انحراف أو سلوك شاذ عن القيم والمعايير واﻷنظمة اﻻجﺗماعية.
-٢ش عور الف رد والمجﺗم ع بال دور ال ذي ﺗق وم ب ه اﻷجه زة اﻷمني ة ف ي الحف اظ عل ى حي اﺗهم وأرواحه م
وأعراضهم وأموالهم ..إلخ يجعلهم يبذلون كل ما في وسعهم في سبيل ﺗحقيق اﻷمن واﻻسﺗقرار.
فاﻷمن أساس كل مجﺗمع صالح ول وﻻه لم ا ﺗحقق ت النش اطات اﻻجﺗماعي ة والثقافي ة واﻻقﺗص ادية وغيره ا،
فهو حجر الزاوية الﺗي ﺗ ُبنى عليها المجﺗمعات واﻷمم ففي ظل اﻷمن ﺗﺗوضح الهوية الثقافية والحضارية للوطن
واﻷم ة وف ي ال وعي اﻷمن ي الش امل ﺗﺗض اعف ق درات البل د وطاقاﺗ ه اﻹنﺗاجي ة واﻷم ن مس ؤولية ك ل ف رد ف ي
المجﺗمع ،وليس الشرطة فقط ،فكﻼً يعمل حسب قدرﺗه واسﺗطاعﺗه.
-١اﻷسرة
هي الخلية واللبنة اﻷولى في المجﺗمع وهي الﺗي يقوم عليها المجﺗمع فمنها ﺗﺗشكل مخﺗلف الﺗجمع ات وه ي
المسؤولة عن ﺗوحيد المجﺗمع وﺗنظيم سلوك الفرد بما يﺗﻼءم مع القيم السائدة ،فاﻷسرة هي البيئة اﻷولى لﺗربي ة
اﻹنسان ،فيها يﺗلقى معارفه ودينه وعاداﺗه وﺗقاليده ،فه ي رم ز الﺗ رابط أو الﺗفك ك ورم ز البن اء أو اله دم ،وله ا
دور مهم في ﺗحقيق اﻷمن اﻻجﺗماعي الذي يُعد من أهم اﻷمور في اﻹسﻼم ،فالبيت المسلم يُعﺗبر قلعة من ق ﻼع
العقيدة ،فمن المهم ﺗعليم اﻷبناء العبادات وﺗعليمهم الﺗمييز بين الخير والشر والحﻼل والحرام.
فاﻷسرة هي خط الدفاع اﻷول عن أمن المجﺗمع حيث ﺗوفر اﻻسﺗقرار النفسي وﺗشبع الجوع العاطفي ال ذي
ﻻ يقل أهمية عن الغذاء الجسدي ،كما أن اﻷسرة ﺗوثق صلة الف رد بمجﺗمع ه ،وح ين ﺗﺗع رض اﻷس رة للص راع
ﺗنفﺗح على المجﺗمع أبواب الشر والفساد ﻷنها نواة المجﺗمع ،وﻷن خبرات الطفولة ﺗﺗرك بصمﺗها في الشخصية
لباقي العمر ،لذلك يجب غرس القيم الدينية واﻷخﻼقية السليمة واﻹيجابي ة ومنه ا ح ب ال وطن والمحافظ ة عل ى
الﺗقاليد والﺗعاليم السوية وعدم اﻻعﺗداء على أعراض ودماء الغير وك ذا ﺗربي ة الش باب عل ى الش ورى والح وار
الصفحة ٢١من ٢٩
وشغل أوقاﺗهم بما يفيد ،فعن رسول ﷲ )ص( أنه قال )كل مولود يولد عل ى الفط رة ،ف أبواه يهودان ه أو ينص رانه
أو يمجسانه( ،لذا فالمسؤولية كبيرة على عاﺗق اﻷسرة ،وأي خلل قد يؤدي إلى خلل في اﻷمن اﻻجﺗماعي.
-٢اﻟمؤسسات اﻟتربويﺔ اﻟتعليميﺔ
ﺗ ُعد المدرسة المؤسسة الثاني ة بع د اﻷس رة ف ي ﺗربي ة وﺗعل يم اﻹنس ان ،أسس ها المجﺗم ع لﺗربي ة أبنائ ه
فهي ﺗقوم بﺗنمية شخصية الطف ل م ن جمي ع جوانبه ا الجس دية والعقلي ة والفكري ة واﻻجﺗماعي ة والعقائدي ة
وﺗطهي ر الﺗ راث الثق افي م ن الش وائب الﺗ ي علق ت ب ه كالخراف ات واﻷس اطير ،فمن اهج الﺗعل يم ﺗق وم ببن اء
شخصية اﻹنسان وﺗنشئﺗه على قيم اﻻسﺗقامة وروح المسؤولية وقيم الحب وكراهية الش ر والفس اد ،كم ا ﺗغ رس
فيه احﺗرام حقوق الغير والرقابة الذاﺗية ليكون مؤهﻼً ﻷداء واجباﺗه في ميادين الحياة.
لهذا فالمدارس والجامعات والمعاهد وغيرها م ن المؤسس ات الﺗربوي ة ﺗغ رس مب ادئ الش رف واﻷمان ة
وﺗحمل مسؤولية غرس قيم اﻻخاء والمساواة في اﻷشخاص ،كما ﺗقوم بﺗنمية اﻷبناء منذ نعومة أظافرهم نفسي ـا ً
وجسديا ً وعقليا ً ،وﺗقوم هذه المؤسسات وخاصة الجامع ات عل ى غ رس الثقاف ة والﺗوعي ة اﻷمني ة ل دى الط ﻼب،
ويﺗحقق ذلك بإلقاء المﺗخصصون في اﻷجهزة اﻷمنية بعض المحاضرات ذات العﻼق ة بالثقاف ة اﻷمني ة وعﻼق ة
الفرد مع المؤسسات اﻷمنية وعقد الندوات والمؤﺗمرات اﻷمنية والحث على احﺗرام القوانين واللوائح واﻷنظمة
وحثهم على الوقاية من الجريم ة ،له ذا ف إن المؤسس ات الﺗعليمي ة له ا دور كبي ر ف ي الﺗنش ئة والﺗحص ين ال ذاﺗي
للفرد من اﻻنحراف والﺗطرف والﺗشدد من خﻼل غرس القيم النبيلة.
-٣اﻟمؤسسات اﻟدينيﺔ
لقد جعل اﻹسﻼم المساجد بيوت ﷲ في اﻷرض ،وخصصها لعبادﺗه ،يﺗم فيها إرشاد وﺗوعي ة وﺗربي ة
اﻹنسان ليكون صالحا ً في المجﺗمع ،فالمسجد هو الجامعة لكل معاني الحياة ،من مح راب للعب ادة ومن ارة
للعلم والمعرفة ،إلى دار للقضاء والصلح والدفاع عن اﻷم ة وكرامﺗه ا ،له ذا ف إن للمس اجد دورا ً كبي ر وفع ال
في إقامة بنيان المجﺗمع ،بنيانا ً قويا ً على ﺗقوى من ﷲ وفي إشاعة اﻷمن.
ولهذا الدور العظيم في حياة اﻷمة كان أول عمل قام به الرسول بعد هجرﺗه من مكة إلى المدينة هو بناء مسجد
قباء ،ليلفت اﻷنظار ويوجه القلوب إلى أهمية هذا المكان.
ﺗرشيد اﻹنفاق قال ﺗعالى )وكُلُوا واشربوا ولَا تُسرِفُوا إِنﱠه لَا يحب ا ْلمسرِفﲔ.(
وقد حث اﻹسﻼم اﻹنسان على عدم اﻹسراف في اﻹنفاق ويدعو إلى الﺗوسط واﻻعﺗدال في اﻹنفاق عم ﻼً
بقوله ﺗعالى ) ولَا تَ جعلْ يدكَ مغْلُولَةً إِلَى عنقك ولَا نَبسطها كُلﱠ الْبسط ،( ... وقال ﺗعالى ) والﱠذين إِذَا أَنفَقُ وا لَم يسرِقُوا ولَـم يقْتُـروا ( ،
واﻹسراف ليس مﺗعلق بالمال فقط بل في كل ش يء حﺗ ى اﻻقﺗص اد بالم اء ف ي الوض وء ﻷداء الص ﻼة ،كم ا ق د
وضع اﻻسﻼم حلول ﺗشريعية لﺗجنب مشكلة الفقر ووضع الحلول العﻼجية للفقراء والوقائية للمجﺗمع من خ ﻼل
نظام اﻷجور ومصارف الزكاة وح رم اﻻحﺗك ار والرب ا واﻻكﺗن از واﻹس راف ،ف الفقر ع ائق م ن عوائ ق اﻷم ن
الفردي والمجﺗمعي ،وحصول الفرد على الدخل اﻻقﺗصادي الك افي يش عره ب اﻷمن والطمأنين ة وي ؤدي لﺗحس ين
اﻷوضاع في شﺗى المجاﻻت ،صحي وﺗعليمي وثقافي ...إلخ