Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
موجهة لطلبة السنة ألاولى جرع مشترك علوم اقتصادية والتجازية وعلوم التسيير
إع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداد:
ألاست ـ ـ ــاذة :آسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا سعدان
الصفحة المحتــــوى
17 أوال -الوقائع االقتصادية في عهد الرسول صمى اهلل عميه وسمم
أ
فهرس المحتويات
ب
المقدمــــــــــــــــــــــــــة
إ ن دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية تعد من أىم الدراسات التي يمكن من خالليا التعرف عمى
التاريخ البشري منذ نشأتو إلى يومنا ىذا ،ىذا التاريخ الذي اتسم بمحاولة اإلنسان التكييف بين احتياجاتو
المتزايدة تدريجيا وموارد بيئتو المحدودة نسبيا ،وقد مر خالل ذلك بعدد كبير من األحداث والوقائع التي
أحدث فارقا كبي ار بعد وقوعيا سواء كان ىذا الفارق إيجابي أو سمبي.
والبد لدارس تاريخ الوقائع االقتصادية أن يبين مختمف األنظمة التي مر بيا اإلنسان وصوال إلى
وقتنا الحاضر مع توضيح مركزتيا ونتائجيا ونقاط القصور فييا لمتمكن من تكوين فكرة حول الماضي
واالستفادة منو لممستقبل ،إضافة إلى توضيح أىم المحطات التي انعكست عمى حياتو االقتصادية وغيرت
من اتجاىاتيا.
وسيتم من خالل ىذه المطبوعة تسميط الضوء عمى أىم الوقائع االقتصادية والتي تتماشى مع
البرنامج الرسمي الموضوع من قبل الو ازرة.
ىذه المطبوعة موجية لطمبة السنة األولى جذع مشترك عموم اقتصادية وتجارية وعموم
التسيير ) ،(LMDلتمكينيم من اكتساب مصطمحات اقتصادية ىامة يحتاجونيا طوال مسيرتيم الدراسية،
وتعريفيم عمى تطور الحياة االقتصادية خالل فترات متسمسمة بإبراز أىم ما ميزىا.
ونظ ار لصعوبة دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية فقد تم اعتماد أسموب بسيط قدر اإلمكان لتسييل
استيعاب األفكار الواردة ضمن محتويات ىذه المطبوعة ،خاصة وأنيا موجية لطمبة سنة أولى.
وتضمنت ىذه المطبوعة ست محاور أساسية مرتبة ومرتبطة بطريقة منطقية وفق نطاقيا التاريخي
إضافة إلى مدخل تمييدي ،حيث تعرضنا في المدخل التمييدي لمفيوم الوقائع االقتصادية وأىميتيا،
لننتقل في المحور األول إلى عرض الوقائع االقتصادية في العصور القديمة ،وقد جاء المحور الثاني
ليمخص الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى في الدول األوروبية ،أما الوقائع االقتصادية في العالم
اإلسالمي فقد خصص المحور الثالث لدراستيا ،واىتم المحور الرابع بدراسة الوقائع االقتصادية في العالم
الغرب مرك از عمى النظام الرأسمالي ،في حين درسنا في المحور الخامس الوقائع االقتصادية بين الحربين،
لنختتم المطبوعة بمحور سادس تعرضنا فيو ألىم الوقائع االقتصادية المعاصرة.
1
المحور التمهيــدي
قبل الخوض في دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية البد من توضيح عنصرين أساسيين ىما
مفيوميا وأىميتيا.
-1إسماعيل بن قانة ،الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار الحامد ،عمان ،األردن ،7102 ،ص ص .01-01
-2عبد اهلل خبابة ،رابح بوقرة ،الوقائع االقتصادية :العولمة االقتصادية-التنمية المستدامة ،دون طبعة ،مؤسسة شباب الجامعة ،اإلسكندرية،
مصر ،ص.4
-3إسماعيل بن قانة ،مرجع سيق ذكره ،ص .01
2
المحور التمهيــدي
إن دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية في العالم ،ال يعني مالحقة ورصد األحداث االقتصادية
بتفاصيميا العديدة خالل مراحل التطور لممجتمعات البشرية فحسب ،وانما يمتد إلى دراسة النظم
االقتصادية ،والتطرق إلى النظريات االقتصادية التي ابتدعيا اإلنسان .فضال عن دراسة االتجاىات
العاممة لمسموك اإلنساني في الميدان االقتصادي ،وكيفية مواجيتو لممشكالت االقتصادية عبر تطور
المجتمعات اإلنسانية كما يتطرق تاريخ الوقائع االقتصادية إلى الكيفية التي تم بيا االنتقال من مرحمة
تاريخية إلى أخرى ومن نظام إلى آخر ،وتحديد القوى الفاعمة في عممية االنتقال ىذه ،فضال عن رصد
وتحميل السياسات االقتصادية عبر المراحل التاريخية.1
-1نبيل جعفر المرسومي ،عدنان فرحان الجوارين ،تاريخ الوقائع االقتصادية في العالم ،ممخص عن الكتاب ،تاريخ االطالع57103-10-175
https://www.noor-publishing.com
3
المحور األول -الوقائع االقتصادية في العصور القديمة
تمهيد:
يخمق اإلنسان بقدرات فكرية بسيطة إلى أن تطوير ىذه القدرات يتوقف عمى عنصرين أساسيين ىما
القدرة عمى التعمم واالستفادة من األخطاء ،إال أن ذلك ال يمكن أن يحدث إذا استمر اإلنسان في العيش
وحيدا ،لذلك انتبو اإلنسان في بداية النشأة التاريخية إلى ضرورة العيش في جماعة ،لقدرة ىذه األخيرة أكثر
عمى مواجية المخاطر وتعاونيا في أداء أعماليا ،وقد مر تطور الحياة االقتصادية واالجتماعية لإلنسان في
العصور القديمة بنظامين أساسيين ىما النظام البدائي والنظام العبودي.
أوال -النظام البدائي:
تعرف الحياة االقتصادية في العصور القديمة بالنظام البدائي أو المشاعية البدائية .وقد بدأ ىذا
النظام بظيور اإلنسان واستمر ىذا النظام لفترة زمنية طويمة.
-1مراحل تطور النظام البدائي :م ّر النظام البدائي بثالث مراحل أساسية ىي51
-1-1مرحمة الوحشية :وتنقسم ىذه المرحمة بدورىا إلى ثالث أطوار تبعا لفنون اإلنتاج المستخدمة وتتمثل
ىذه األطوار في5
الطور األول اعتمد عمى الجمع والتقاط الثمار والنباتات الطبيعية الغابية أي أنو في ذلك الطور لم يفرق
بين اإلنسان والحيوان الوحشي إال في التصرفات اإلنسانية ،أما األدوات المستخدمة فكانت العصي والحجارة.
الطور الثاني تميز باحتراف اإلنسان لصيد السمك و باستخدام النار المتولدة عن االحتكاك.
الطور الثالث اتسم بالتوسع النسبي في الصيد خاصة بعد استخدام القوس و السيم.
-2-1مرحمة البربرية :لقد تطور الفن اإلنتاجي في ىذه المرحمة نسبيا حيث لجأ اإلنسان لتربية الماشية
وزراعة النباتات ثم تطور بعد ذلك لتربية الحيوانات المنزلية وري الزراعة ثم استخدام اآلجر والحجارة في
البناء ،واتسمت نياية تمك المرحمة باستخدام المحراث والتوسع في الزراعة.
-3-1مرحمة التمهيد الحضاري :وتعتبر ىذه المرحمة ىي الحد الفاصل بين النظام البدائي والنظام المدني
أي نظام الرق كنظام أولي من النظم المدنية.
وقد انتقل اإلنسان خالل ىذا التطور من حياة الترحال والعيش في مناطق متفرقة تسمح لو بتوفير
غذائو إلى حياة االستقرار.2
-1عبد اهلل خبابة ،رابح بوقرة ،مرجع سبق ذكره ،ص .01
-2زينب صالح األشوح ،االقتصاد الوضعي واالقتصاد اإلسالمي :نظرة تاريخية مقارنة ،الطبعة األولى ،عين لمدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية،
القاىرة ،مصر ،ص.72
4
المحور األول -الوقائع االقتصادية في العصور القديمة
-2خصائص النظام البدائي :تتمثل أىم خصائص النظام البدائي فيما يمي5
-1-2مستوى القوى المنتجة :عرفت أدوات اإلنتاج وفنونو تطو ار تدريجيا منذ ظيور اإلنسان وخالل حقبة
المشاعية البدائية انعكست ايجابيا عمى عممو الذي أصبح أكثر إنتاجية ،و تتمثل أىم أدوات العصر البدائي
في51
النار :استفاد اإلنسان من النار في بداية األمر عند استغالليا و لكنو تمكن فيما بعد من إشعاليا عن
طريق احتكاك الحصى واستغالليا في حياتو اليومية كوسيمة فعالة لمدفاع عن النفس ،الوقاية من البرد ،تييئة
الطعام وصنع أدوات العمل.
اكتشاف القوس والنشاب :يعتبر اكتشاف القوس والنشاب نقطة تحول كبيرة في العصر البدائي ألنو أتاح
لإلنسان فرصة الحصول عمى كميات إضافية من مردوده الناتج عن الصيد فاقت احتياجاتو الغذائية ،مما
جعمو يفكر في االحتفاظ بالحيوانات في أماكن معينة لفترات مستقبمية ،وتعمم تبعا لذلك تأىيل و تدجين ىاتو
الحيوانات ،وقد وفرت تربية الحيوانات لإلنسان ،عالوة عمى المنتجات الغذائية ،الصوف والجمود ومواد أخرى
ضرورية لمحياة.
بروز ظاهرة بذر الحبوب :سمح االنتقال إلى الحياة الحضرية لمبشرية بالتحول تدريجيا إلى بذر الحبوب
عمى مقربة من القرية بدل البحث عنيا وقطفيا .وكانت الذرة البيضاء والشعير والحنطة أولى المزروعات التي
زرعيا االنسان .و قد ظيرت األشكال البدائية لمزراعة أول ما ظيرت في األقاليم المناخية المالئمة في بالد
ما بين النيرين ،وادي النيل ،اليند وايران.
-2-2األسس االقتصادية لمنظام البدائي وتنظيمه االجتماعي :وتتمثل أساسا فيما يمي52
الممكية المشتركة :كانت الممكية جماعية لوسائل اإلنتاج ،عدا وسائل الدفاع لضرورة استعماليا فرديا.
العمل الجماعي :من خالل التعاون البسيط في أداء األعمال باستخدام قوة العمل بصورة مشتركة وفي
وقت واحد إلنجاز أعمال من نوع واحد.
وكان التقسيم الوحيد لمعمل ىو التقسيم الطبيعي أي تبعا لمجنس (رجال ونساء) والسن ،فمثال كان الصيد
من اختصاص الرجال وجني النباتات واالىتمام بشؤون المنزل من اختصاص النساء ،مما أدى إلى زيادة
إنتاجية العمل.
-1حسين بن طاىر ،مدخل إلى الوقائع االقتصادية ،دار بياء الدين ،قسنطينة ،الجزائر ،7101 ،ص ص .77-70
-2إبراىيم كبة ،دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي ،الطبعة األولى ،الجزء األول ،مطبعة اإلرشاد ،بغداد ،العراق ،0421 ،ص ص –002
.004
5
المحور األول -الوقائع االقتصادية في العصور القديمة
المساواة في توزيع المنتجات :ويعود ذلك إلى أن تأدية العمل تمت بشكل جماعي ومشترك إضافة إلى
االنخفاض البالغ في قوى اإلنتاج.
التنظيم االجتماعي – نظام العشيرة :-انتظم المجتمع في وحدات عشائرية ،وتمثل العشيرة وحدات
جماعية تربطيا رابطة الدم واحتمت المرأة دو ار ىاما في المرحمة األولى من النظام العشيري بسبب شروط
الحياة المادية نفسيا اذ كانت الزراعة البدائية والتدجين من اختصاصيا والمذان يعدان أىم من الصيد من
الناحية االقتصادية ،وليذا لعبت المرأة الدور الرئيسي في المجتمع العشيري في البداية وأصبح النسل ينسب
إلييا من دون الرجل وىو ما يعرف بنظام العشيرة األمومية.
إال أن تطور القوى المنتجة وظيور التدجين المتطور (المراعي) والزراعة المتطورة (زراعة الحبوب) والمذان
كانا من اختصاص الرجال أدوا إلى إحالل نظام العشيرة األبوية محل العشيرة األمومية ،وكان العرف وحده
ىو وسيمة الرقابة االجتماعية وأساس ىيبة رؤساء العشائر.
-3أسباب اضمحالل النظام البدائي :أدى تجمع ثمة من العوامل إلى االضمحالل التدريجي لمنظام البدائي
زمن أىميا مايمي5
-1-3التقسيم االجتماعي المستمر لمعمل 5ارتبط التقسيم االجتماعي لمعمل بظيور كل من الزراعة
والرعي ،حيث حصل تخصص في العمل (تقسيم العمل) عمى أساس المشاعيات ،وكان أول تقسيم اجتماعي
كبير لمعمل بين المشاعيات بتأليف قبائل الرعاة وقبائل الزراعة وىو ما زاد من إنتاجية العمل لحد كبير.
سمح التنظيم االجتماعي لمعمل بقيام وتطور ما يسمى بالتبادل بين قبائل الزراعة وغيرىا .وقد بدأ نطاق
التبادل باالتساع مع ظيور تقسيمات اجتماعية أخرى لمعمل نتيجة تطور أدوات اإلنتاج فظيرت مينة صنع
األواني الفخارية والحياكة اليدوية ومع ظيور الحديد أصبح من الممكن صنع األدوات الحديدية (المحراث
الفأس والسيف) وبيذا تميد الطريق النقسام ىام جديد في المجتمع وىو التخصص الحرفي أو الميني داخل
المشاعية نفسيا وىو ما أدى إلى توسع نطاق المبادالت وتجدر اإلشارة ىنا أن التبادل كان في البداية قيم
عمى أساس عشائري بين رؤساء العشائر ثم تحول بعد ظيور التممك الخاص إلى تبادل بين األفراد وقد كان
ىذا التحول تدريجيا إلى أن أصبح التبادل الفردي ىو الشكل الوحيد لمتبادل.
-2-3ظهور التممك الخاص والطبقات :وكان ذلك في أواخر النظام البدائي فبعد التطور الحاصل عمى
أدوات العمل أصبح العمل أكثر إنتاجية وىو ما أدى إلى االستغناء عمى العمل الجماعي عمى مستوى
العشيرة ،وانتقل اإلنتاج إلى نطاق أضيق وىو األسرة التي باتت تمثل الوحدة االقتصادية واالجتماعية الجديدة
في المجتمع.
6
المحور األول -الوقائع االقتصادية في العصور القديمة
وقد بدأت الممكية الخاصة بالماشية ،فقد بدأ زعماء العشائر بامتالكيا بعدما كانت ممكية جماعية
ألفراد العشيرة ،ثم امتدت لجميع أدوات اإلنتاج وكانت األرض آخر ما دخل في نطاق التممك الخاص.
أدى ظيور الممكية الخاصة إلى تغيير البنيان االجتماعي لممجتمع البدائي بانفصال مالكي وسائل اإلنتاج
عن عامة أفراد المجتمع وأصبحوا يتولون المناصب االجتماعية و السياسية.1
-3-3الحروب بين العشائر :حيث تواجد أسرى الحرب الذين كانوا يكمفون بالعمل اإلنتاجي وخاصة أن
قيمة العمل البشري كانت في حاجة ضرورية لزيادة اإلنتاج ،2وفي ظل تطور أدوات اإلنتاج أصبح االحتفاظ
بيؤالء األسرى مجدي من الناحية االقتصادية ،اذ باتوا يحققون فائضا من المنتجات يفوق احتياجاتيم وىو ما
برر عدم قتل ىؤالء األسرى واالكتفاء باستعبادىم حيث توسع نطاق الممكية ليشمل جميع وسائل اإلنتاج بما
فييا اإلنسان وبيذا ظير نظام الرق وتوسع ليشمل مع التطور التاريخي في أفراد القبيمة نفسيا ،وبيذا تكون
عالقات اإلنتاج المشاعية قد انتيت لتحل محميا عالقات إنتاج جديدة.3
-1أحمد بركات ،تاريخ الوقائع االقتصادية المعاصرة ،دون طبعة ،دار بمقيس ،الجزائر ،ص ص .3-2
-2عبد اهلل خبابة ،رابح بوقرة ،المرجع سبق ذكره ،ص .02
-3أحمد بركات ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .4-3
-4أحمد بركات ،مرجع سبق ذكره ،ص .4
7
المحور األول -الوقائع االقتصادية في العصور القديمة
منتجاتيم لشراء ما يمزميم من منتجات الحرفيين ولدفع الضرائب .ولقد ساىم تقسيم العمل في اتساع نظام
المبادلة.1
-2عناصر نظام الرق :تتمثل أىم عناصر نظام الرق في النقاط التالية5
-1-2ماهية القوى المنتجة (أدوات اإلنتاج وفنونه) والقانون االقتصادي األساسي :كانت أدوات اإلنتاج
في نظام الرق أكثر تقدما منيا في النظام البدائي وكان تقسيم العمل أبعد مدى ،وازدادت أىمية دور الرقيق
في النشاط االقتصادي زيادة ممموسة ،حتى أن رب العمل لم يكن ييتم بتحسين أدوات اإلنتاج قدر دأبو عمى
زيادة عدد الرقيق الممموكين لو.2
وكان التقسيم االجتماعي لمعمل يتمثل في5
-عمل فكري يقوم بو األسياد.
-عمل جسدي يقوم بو العبيد.
ويغدو بذلك القانون األساسي الذي يميز إنتاج المجتمع العبودي ىو« 5أن إنتاج الخيرات المادية
موجو لسد مختمف حاجات مالكي العبيد المتزايدة باستمرار وكان يتم عن طريق االستثمار في العبيد».3
ويمكن القول أن العبيد كانوا يمارسون مختمف األنشطة لصالح األسياد في شكل عالقة (سيد -عبد)
وكانت المنتجات توزع بين السادة والعبيد وكان من حق السادة تحديد الكيفية التي يتم بواسطتيا توزيع المنتوج
والذي عادة ما كان يتم تقسيمو إلى جزأين5
* المنتوج الضروري :وىي كمية من المنتوج موجو لسد الحاجات األساسية لمعبيد من أجل القيام بعممية
تجديد قوة العمل واالستمرار في اإلنتاج.
* المنتوج الفائض :يمثل القسم األعظم من المنتوج ويستخدم من قبل السادة إلشباع الحاجة االستيالكية
وبناء القصور وغيرىا.4
-2-2اإلطار السياسي ،القانوني واالجتماعي :ويمكن توضيحو من خالل النقاط التالية5
الدولة 5لم درك النظام البدائي مفيوم الدولة ،حيث أدى تطوره التدريجي وتقسم العمل فيو وانقسام المجتمع
إلى طبقات إلى ظيور مفيوم الدولة والتي حمت محل العشيرة.
-1زينب حسين عوض اهلل ،سوزي عدلي ناشد ،مبادئ االقتصاد السياسي ،دون طبعة ،منشورات الحمبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،7112 ،ص .022
-2محمد إسماعيل صبري ،تطور النظم االقتصادية ما بين الماضي والحاضر ،دون طبعة ،المكتب العربي الحديث ،اإلسكندرية ،مصر ،7100 ،ص
.00
-3عبد اهلل ساقور ،االقتصاد السياسي ،دون طبعة ،عنابة ،الجزائر ،7112 ،ص .22
-4أحمد بركات ،مرجع سبق ذكره ،ص .01
8
المحور األول -الوقائع االقتصادية في العصور القديمة
الممكية 5يقوم نظام الرق عمى أساس الممكية الخاصة ألدوات اإلنتاج بما فييا الرقيق.
الطبقات االجتماعية :أدى تقدم تقسيم العمل واتساع المبادلة إلى حدوث تفاوت في الثروات انتيى بنشأة
طبقة جديدة ممثمة في التجار ورجال األعمال واتساع اليوة تدريجيا بين أفراد المجتمع وانقسامو إلى طبقات.1
-3أسباب انهيار نظام الرق :أسيمت عدة عوامل في انحالل النظام العبودي من بينيا52
-عدم استخدام الفائض الذي يتحقق نتيجة النشاطات االقتصادية عموما والنشاطات اإلنتاجية خصوصا،
والذي يذىب إلى األغنياء واألثرياء في القيام بالنشاطات اإلنتاجية ،أو في تطوير ىذه النشاطات ،بل يتم
ىدره وتبديده في مجاالت غير إنتاجية مثل بناء القصور الفخمة ،إقامة المعابد ،واإلنفاق الواسع عمى إقامة
الحفالت والميرجانات.
-ضعف تطور النتاج وانخفاض إنتاجية العبيد نتيجة عدم وجود الحوافز التي تدفعيم إلى زيادة إنتاجيم نظ ار
ألنيم كانوا يفتقدون كل حقوقيم اإلنسانية ،وحتى أن ما يتم توفيره ليم من متطمبات العيش بحدىا األدنى لم
تكن تكفي في الكثير من الحاالت حتى في الحفاظ عمى حياتيم ،وىو األمر الذي يؤدي إلى تناقص أعدادىم
بسبب الجوع والموت ومن ثم ىروبيم إلى المدن ىربا من ظروف العمل القاسية.
-إن تراجع إنتاجية العبيد وارتفاع متطمبات اإلنفاق الواسع لألسياد دفعيم إلى االقتراض من المرابين إلى
جانب تأجير ممتمكاتيم وبالذات األراضي الزراعية ،وىو األمر الذي أدى إلى التقميل من عمل العبيد ما أفقد
النظام العبودي األساس الميم لو وىو عمل العبيد ،وأدى بدوره تراجع أىمية عمل العبيد إلى توسع النشاطات
التجارية وبعض النشاطات الحرفية خاصة في المدن مما أضعف قوة مالك العبيد وسمطتيم االقتصادية
والعسكرية والسياسية.
-الغزوات الخارجية خاصة الجرمانية لمعاقل النظام العبودي وبالذات روما.
الصناعي ليزود التجارة بعدد من السمع .ومن ثم كان توسع النشاط الصناعي وما يستمزمو من نشاط
استخراجي .وانتشرت في ىذا االقتصاد المبادلة والمبادلة النقدية.
وكان المجتمع اإلغريقي مقسما إلى ثالث طبقات أساسية5
-طبقة كبار المالك من الريعيين ويرتبط بيا بقية المواطنين لمطبقتين المواليتين.
-طبقة متوسطة من صغار المالك والحرفيين ،وليم حقوق سياسية وحق تولي الوظائف العامة إلى جانب
األجانب الذين ال يممكون أي حقوق خاصة تممك العقارات ويمارسون التجارة والمين األخرى في المدنية.
-طبقة العبيد 5وتمثل العمود الفقري لعممية اإلنتاج إذ عمييم يقوم اإلنتاج الزراعي والصناعي ونشاط التعدين
واألشغال العامة لمدولة ،باإلضافة إلى األعمال المنزلية وخدمة المحاربين في وقت الحرب ،وىو ما يفسر
ازدىار تجارة العبيد التي باتت إحدى أىم النشاطات االقتصادية المربحة.1
-1زينب حسين عوض ،مبادئ عمم االقتصاد ،دون طبعة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،0442 ،ص ص .11-12
-2محمد إسماعيل صبري ،مرجع سبق ذكره ،ص ص.72-71
10
المحور الثاني -الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى
تمهيد:
استغرقت العصور الوسطى مدة ألف سنة تقريبا من سقوط روما عمى يد القبائل الجرمانية سنة
674م إلى سقوط القسطنطينية عمى يد العثمانيين سنة 3641م .وقد عرفت ىذه الحقبة من التاريخ بعصور
الظالم ،1وساد فييا في أوروبا كل من النظام اإلقطاعي والنظام الحرفي إال أنو ىناك من يسمي فترة القرون
الوسطى بأكمميا بالنظام اإلقطاعي ،ثم يقسمو إلى مرحمتين عمى أساس عدة اعتبارات أىميا النشاط الرئيسي
الممارس في االقتصاد حيث نجد:
-مرحمة اإلقطاع األولى :امتدت من القرن الخامس حتى القرن العاشر ،حيث أصبحت اإلقطاعية ىي
الوحدة االجتماعية واالقتصادية لمنظام االقتصادي.
وتحولت المدن الرومانية القديمة بمجرد سقوطيا في أيدي السادة اإلقطاعيين إلى ممارسة النشاط الزراعي
وأرغم سكانيا عمى فالحة األرض المحيطة بيا .وقد أدى ذلك التطور إلى اندثار بعض المدن وتحول البعض
اآلخر إلى قرى ،لذا يمكن القول بأن مرحمة اإلقطاع األولى كانت تتميز باندثار معالم المدنية واتساع رقعة
الريف الزراعي .2وكان االقتصاد في ىذه الفترة مغمقا يستيمك فيو األفراد ما ينتجون وينتجون ما يستيمكون.3
-مرحمة اإلقطاع الثانية :امتدت من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر .وقد حدث تطور كبير
في ىيكل االقتصاد اإلقطاعي إبان تمك المرحمة ،إذ تحول من اقتصاد يقوم أساسا عمى الزراعة إلى اقتصاد
يقوم أساسا عمى النشاط الحرفي ،ومن اقتصاد مغمق إلى اقتصاد مفتوح بتوطيد العالقات التجارية فيما بين
مدن غرب أوروبا وفيما بينيا وبين العالم الخارجي ،ومن اقتصاد عيني إلى اقتصاد نقدي باستخدام النقود
كوسيط في المبادالت.4
وأيا كان تقسيم ىذه المرحمة في التاريخ سوف نتعرض إلى قسمييا ،النظام اإلقطاعي عمى أساس
ارتكازه عمى الزراعة و النظام الحرفي عمى أساس ارتكازه عمى ممارسة الحرف.
-1محمد عمر أبو عيدة ،عبد الحميد شعبان ،تاريخ الفكر االقتصادي ،الشركة العربية المتحدة لمتسويق والتوريدات ،القاىرة ،مصر ،9009 ،ص .99
-2حسين عمر ،موسوعة الفكر االقتصادي ،الجزء األول ،دون طبعة ،دار الكتاب الحديث ،القاىرة ،مصر ،ص .46
-3فميح حسن خمف ،مرجع سبق ذكره ،ص .64
-4حسين عمر ،مرجع سبق ذكره ،ص .44
11
المحور الثاني -الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى
-1عبد العزيز عمي السديس ،تطور النظم االقتصادية :تحول أوروبا من نظام اإلقطاع إلى النظام الرأسمالي ،بحث منشور عمى االنترنيت:
https://fac.ksu.edu.sa/sites/default/files/_tTwr_lnZm_lqtSdy_-_tHwl_wrwb_mn_nZm_lqT_l_lnZm_lrsmly_0.pdf
-2محمد دويدار ،مبادئ االقتصاد السياسي ،الجزء األول ،اإلسكندرية ،مصر ،3991 ،ص .71
-3فميح حسن خمف ،مرجع سبق ذكره ،ص .64
-4محمود الطنطاوي الباز ،مدخل لدراسة االقتصاد السياسي ،مؤسسة الثقافة الجامعية ،9006 ،ص ص .903-900
-5سعيد سعد مرطان ،مدخل لمفكر االقتصادي في اإلسالم ،الطبعة الثانية ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،لبنان ،9006 ،ص ص .99-93
12
المحور الثاني -الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى
الواقعية رغم بقائيا من الناحية النظرية والقانونية .وزادت األمور سوءا عندما انتشرت الحروب والعداوات بين
اإلقطاعيات والتي انعزلت بسبب ذلك عن بعضيا تدريجيا.1
وقسم تبعا لذلك المجتمع اإلقطاعي إلى ثالث طبقات:
-طبقة كبار اإلقطاعيين وتضم طبقة النبالء الحاكمة وطبقة كبار رجال الكنيسة.
-طبقة عموم الفالحين.
-طبقة األقنان.
كما قسمت األراضي اإلقطاعية إلى ثالثة أنواع:
-أراضي السيد اإلقطاعي :وىي األراضي التي تتم زراعتيا فعميا أقنان من قبل أقنان األرض.
-أراضي األقنان وىي قطع صغيرة جدا ،تتم زراعتيا من قبل األقنان مقابل دفع ريع لمسيد االقطاعي.
-المراعي :تمنح من السيد االقطاعي لالنتفاع من قبل عامة األفراد في أوقات معينة.2
-2خصائص النظام اإلقطاعي :يتسم النظام اإلقطاعي بجممة من الخصائص أىميا:
-تمثل كل إقطاعية وحدة اقتصادية مستقمة ومنفصمة ،وكان اقتصاد كل إقطاعية "اقتصادا مغمقا" ال
مبادالت بينو وبين اإلقطاعيات األخرى ،مما يؤدي إلى غياب حافز الربح.
-تمثل الزراعة النشاط المييمن عمى االقتصاد والمميز لو.3
-ظيور ما يسمى باألقنان وىم عبيد األرض حيث يرتبطون بصفة أبدية بأرض السيد ويدفعون لو ضرائب
تسمى الريع ويقدمون لو خدمات شخصية وعمل يسمى سخرة ،ويختمفون عن العبيد في كونيم لدييم بعض
الحقوق فيم يعممون جزءا من الوقت لحسابيم الخاص ومن ثم زيادة اإلنتاج.4
-ترتكز زراعة األرض عمى نظام الحقمين أو الثالث حقول ،فاألرض الزراعية الخاصة بالقرية كانت تقسم
إلى حقمين أو ثالث حقول كبيرة بيدف تحقيق راحة األرض كل سنة ،واتبع الفالحون نظام الدورة الزراعية
الثالثية في الحقول الخصبة والدورة الثنائية في الحقول األقل خصوبة.5
-تقدم الفن اإلنتاجي عن ذلك الذي كان سائدا في األنظمة السابقة ،فقد عم استخدام المحراث الحديدي
واألدوات األخرى لمزراعة فضال عن التوسع في استخدام قوى الحيوان في اإلنتاج واستخدام بعض قوى
الطبيعة كطواحين الماء واليواء.1
-السمطة الكبيرة لمكنيسة حيث ازدادت ممتمكات الكنيسة من األرض وأصبحت تمتمك سمطة دنيوية كبيرة
إضافة إلى سمطتيا الدينية ،إلى جانب إخضاع كافة أوجو النشاط والفكر اإلنساني بما فييا النشاط
االقتصادي لمبادئ الدين.2
-1زينب حسين عوض اهلل ،سوزي عدلي ناشد ،مرجع سبق ذكره ،ص .369
-2مدحت القريشي ،تطور الفكر االقتصادي ،الطبعة األولى ،دار وائل ،عمان ،األردن ،9008 ،ص .41
-3أحمد فريد مصطفى ،سيير محمد السيد حسن ،تطور الفكر والوقائع االقتصادية ،دون طبعة ،مؤسسة شباب الجامعة ،اإلسكندرية ،مصر،9000 ،
ص ص .99-98
-4محمد بن براك الفوزان ،المنافسة في المممكة العربية السعودية :األحكام والمبادئ عم ى ضوء نظام المنافسة الصادر بالمرسوم الممكي رقم م،22/
الطبعة األولى ،مكتبة القانون واالقتصاد ،الرياض ،السعودية ،9034 ،ص .91
14
المحور الثاني -الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى
ينطوي بعد عمى حرية التجارة والصناعة حيث كان يحكم تمك األنشطة ق اررات تحكمية من قبل السمطات
الحاكمة.1
وقد ركزت النقابات الطائفية في الدفاع عن مصالح أعضائيا باالعتماد عمى الوسائل التالية:2
-المحافظة عمى مستويات أسعار السمع.
-تحديد عدد الحرفيين و العمال ومنع دخول أفراد جدد.
-مراقبة جودة اإلنتاج.
-وضع جممة من الشروط لمعضوية في النقابات.
-2خصائص النظام الحرفي :تميز النظام الحرفي بعدة خصائص أىميا:3
-تجمع أرباب الحرفة الواحدة في طائفة مينية واحدة يرأسيا شيخ أو رئيس يتم انتخابو ،وكانت ىناك قواعد
تحدد تدرج األفراد في العمل وقواعد أخرى تحدد بدقة طرق صنع المنتجات بحيث كان من المستحيل األخذ
باختراع جديد لم توافق عميو الطائفة.
-تجمع عناصر اإلنتاج من عمل ورأس مال وموارد طبيعية في يد شخص واحد ىم أرباب العمل المستقمين.
ولم يكن العامل مجرد أجير بل كان أقرب إلى فرد من أفراد العائمة .وكان اإلنتاج ال يتم إال إذا كان ىناك
طمب سابق عميو ،فال ينتج صاحب الحرفة لعمالء مجيولين لو بل ينتج لمجموعة من المستيمكين يعرفيم،
وبذلك كانت مخاطره االقتصادية محدودة.
-تميز الفن اإلنتاجي بالبساطة القتصاره عمى استخدام األدوات اليدوية ،مما أدى إلى عدم تطوره وبطئ
التقدم التكنولوجي .وقد ساعد عمى ىذه الظاىرة األخيرة تدخل الطوائف المينية لتحديد الكميات المنتجة
وأساليب الصناعة.
وقد أخذ ىذا النظام الحرفي يتطور إلى نظام المشروع إذ أخذ الحرفي يشتغل لحساب الوسيط الذي
يقدم لو المادة األولية وأدوات العمل .وعندما فقد الحرفي ممكية المواد األولية والمنتجات التي يصنعيا ،أضاع
صفتو كمنتج مستقل وأصبح أجي ار يعمل لدى الوسيط الذي أصبح رب عمل ،وتطور بالتالي نظام الحرفة إلى
نظام المشروع ،وقد ظل ىذا النظام قائما حتى القرن الثامن عشر.4
-1أحمد فريد مصطفى ،سيير محمد السيد حسن ،مرجع سبق ذكره ،ص .99-98
-2عبد اهلل خبابة ،رابح بوقرة ،مرجع سبق ذكره ،ص .44
-3زينب حسين عوض ،سوزي عدلي ناشد ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .343-340
-4نفسو ،ص .343
15
المحور الثاني -الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى
تمهيد:
في الوقت الذي كانت تعيش فيو الدول األوروبية في ظل النظام اإلقطاعي وما رافقو من تردي في
أوضاعيا االقتصادية والسياسية والثقافية ،عاش العالم اإلسالمي فترة من االزدىار عمى جميع األصعدة
خاصة الجانب االقتصادي الذي مكنو من احتالل مكانة مرموقة في العالم باعتباره قوة اقتصادية ال يستيان
بيا فرضت نفسيا من خالل اتساع مساحتيا وسيطرتيا عمى أقاليم كبيرة في العالم ،إن تطور العالم اإلسالمي
لم يكن محظ صدفة وانما كان نتيجة لمجموعة من السياسات التي اتبعيا مؤسسوه والتي بدأت من سياسات
سيدنا محمد صمى اهلل عميو وسمم ومن تبعوه.
أوال األوضاع االقتصادية في عهد الرسول صمى اهلل عميه وسمم:
ك ان الرسول (ص) حريصا عمى تفجير كافة الطاقات اإلنتاجية فـي جميـع القطاعات االقتصادية ،فقد
حث أصحابو عمـى االىتمـام بالز ارعـة واسـتقالل األراضي وقام بتنظيم عممية الري وأيد مبدأ االستفادة من
الخبرة القديمة والنشاط اإلنتاجي لغير المسممين وكذلك أقر نظام المساقاة ،وقد اسـتخدم المـسممون األدوات
الحديديـة والخـشبية فـي ز ارعــتيم .وانتشر الرعي في األرياف والقرى وخارج المدن ومارسو الخدم واألحرار من
الرجال والنساء واألطفال فالنساء كن يرعين باألغنام خاصة حول المـساكن.
واىتم الرسول (ص) بالصناعة وشجع المسممين عمييا فتعمم بعضيم صناعة السيوف بالمدينة كما ابتعث من
يتعمم صناعة المجانيق والدبابات بجرش.
إال أن المسممين في عيد الرسول (ص) بصفة عامة لم ييتمـوا بالـصناعة اىتماما كبي ار العتمادىم بالدرجة
األولى عمى التجارة وتربية المواشي والز ارعـة ولكنيم مع ذلك صنعوا ما يحتاجون إليو من نـسيج الثيـاب
والخيـام واألسـمحة واألواني وغيرىا من الصناعات الخفيفة
أما التجارة ف تعتبر التجارة من أىم األنـشطة االقتصادية في جزيرة العرب وقد مارسيا المسممون منذ أن كانوا
بمكة قبل اليجرة حيث كانت امتدادا لسابق أنشطتيم ،وتمتعت األسواق في عيد النبي (ص) بالحرية الكاممة
في األسعار ،وقد سعي بعض الصحابة إلى تحديد األسعار إذ اشتكوا لمرسول (ص) غالء السعر وطمبـوا منو
التسعير ولكنو رفض وىذا يعني أن األسواق قد خضعت لقوي العرض والطمب.1
-1األمين معاذ عثمان صالح ،األحوال االقتصادية في عصر الرسول (ص) والخمفاء الراشدين ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كمية الدراسات العميا،
جامعة الخرطوم ،السودان ،2003 ،ص ص .98-93
17
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
-1عمي فيصل عمي األنصاري ،الفروق الجوهرية بين االقتصاد اإلسالمي والرأسمالية ،كمية الشريعة والدراسات اإلسالمية ،جامعة الكويت-2008 ،
،2009ص.7
-2محمود سحنون ،االقتصاد اإلسالمي :الوقائع واألفكار االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار الفجر ،القاىرة ،مصر ،2006 ،ص .113
-3عمي فيصل عمي األنصاري ،مرجع سبق ذكره ،ص.8
4
-محمود سحنون ،مرجع سبق ذكره ،ص .132
-5عمي فيصل عمي األنصاري ،مرجع سبق ذكره ،ص .9
18
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
-1الزراعة :شيد العصر األموي اىتماما كبي ار بالنشاط الزراعي ،أدى إلى توسيع حركة استصالح األراضي
ومنيا حركة استصالح لألراضي في منطقة البطائح ،عمى يد الخمفاء األمويين ،وذلك لزيادة رقعة األراضي
التي بحوزتيم ،فاستخرجوا منيا أر ٍ
اض وضياعاً ،جمبت ليم إيرادات سنوية كبيرة .ولعل أبرز شخصية أموية
استفادت من عممية تجفيف البطائح ،واستصالح أراضييا واعدادىا لالستثمار الزراعي ،ىو األمير مسممة بن
عبد الممك ،واىتم األمويون باستصالح األراضي الزراعية حتى يزيد اإلنتاج ،وبالتالي يزيد الخراج وينمو دخل
الدولة.
واتسم نظام ممكية األراضي في الخالفة األموية بتقسيميا عمى الشكل التالي:
-ظيور الممكيات الكبيرة ،فقد أدرك رؤساء القبائل وأشرافيا ،أىمية ممكية األراضي الزراعية واستثمارىا،
فسارعوا إلى امتالكيا ،سالكين طرقاً مختمفة ،ووسائل متعددة لتحقيق غاياتيم؛
خاص باسم الخميفة ،فقد اعتبر الخمفاء األمويون أن مال األمة ممكاً ليم،
ٍّ -تحول أرض الصوافي إلى ممك
أن يتصرفوا فيو كما لو كان حقاً خالصاً ليم .وبذلك تركزت الثروات في أيدييم ،وصاروا ينتزعون
وتعودوا ْ
قسماً من األراضي العامة ليحولوىا إلى ممكية خاصة بيم.1
-2الصناعة :تأثرت الحرف والصناعات في العصر األموي بالبيئة االقتصادية المحيطة بيا ،كما تأثرت
الصناعات والحرف بطبيعة االقتصاد األموي ،حيث كان النشاط الزراعي ىو النشاط الرئيسي فيو ،فظيرت
وتطورت صناعات تعتمد في موادىا الخام عمى القطاع الزراعي ،مثل صناعة النسيج والمطاحن ،كما واكبت
الصناعة حركة التطور العمراني بالدولة األموية ،فظيرت وتطورت صناعة مستمزمات البناء ،إضافة إلى
تأثر الصناعة بالجو العسكري السائد في معظم فترات العصر األموي ،حيث تطورت صناعة السفن الحربية
ومن ثم التجارية.2
-3التجارة :ازدىرت حركة التجارة الداخمية بعد تولي معاوية بن أبي سفيان الخالفة ،حيث اىتم بمصالح
التجار وعمل عمى توسيع نطاق التجارة ،وتميز أىل الشام في حرفة التجارة وفتحوا عالقات تجارية مع غربي
أوروبا واستفادوا من األسطول اإلسالمي ومن بين العوامل التي ساعدت عمى نشاط حركة التجارة الثراء
الكبير الذي تم يزت بو طبقة الحكم وحاشيتيم ،حيث نما لدييم الميل القتناء المنتوجات الكمالية ،فأقبموا عمى
شراء السمع التجارية الباىضة الثمن ،مما زاد في فعالية التجار وازدىار التجارة .وكان التجار يحتمون مكانة
-1مبارك محمد فرج ،تطور نظام ممكية األراضي في اإلسالم (132 -1هـ747-622/م) ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كمية اآلداب ،جامعة
الخرطوم ،السودان ،2007 ،ص ص .8-7
-2عمي محمد محمد الصالبي ،الدولة األموية عوامل االزدهار وتداعيات االنهيار ،الموسوعة الشاممة ،تاريخ االطالع:2018-02-05 :
http://islamport.com/w/tkh/Web/3696/411.htm
19
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
اجتماعية مرموقة في العصر األموي وكانوا يقومون بتأسيس الشركات في سبيل زيادة فعالية التجارة ،حيث
كانوا يساىمون في الشركة بتقديم المال وممارسة العمل كذلك ،أو بواحد منيما من خالل المضاربة،
وأصبحت بذلك دمشق عاصمة الدولة مرك از تجاريا ميما ، 1ومحطا لمتجارة الشرقية ،وبالتالي مرك از لتوزيع
البضائع إلى الجيات المختمفة حيث كانت تتكدس في أسواقيا البضائع المتنوعة ،المنتجة محميا والمستوردة.2
-4وضعية بيت المال :من األمور الميمة التي يمكن اإلشارة إلييا أيضا ىو زيادة نفقات بيت المال في
العصر األموي ،خاصة في مجال اإلنفاق السياسي والمتمثِّل في بذل األموال من أجل توطيد دعائم الدولة
أيضا في مجال المنشآت والمرافق العامة ،حيث كانت الدولة
وجذب المعارضين ليا ،كما زادت النفقات ً
ِّ
وشق الطرق وحفر اآلبار. تصرف أمواالً كثيرة عمى إنشاء المساجد والسدود واألسواق،
وقد اتَّضح ىذا األمر في خالفة الوليد بن عبد الممك الذي كان يصرف األموال الكثيرة عمى تمك المرافق،
أيضا في عيد الوليد بن عبد الممك في مجال الرعاية االجتماعية ،حيث كان يصرف
كما زادت النفقات ً
األموال والكساء واألرزاق عمى المسنين والمقعدين.
كذلك في عيد عمر بن عبد العزيز زادت نفقات الرعاية االجتماعية ،حيث كان يعين َّ
كل من أراد الحج أو
الزواج ،إضافة إلى قضائو الدين عن الغارمين من بيت المال.
تفوق الدولة ِّ
وسك العممة قد أسيمت في إظيار ُّ وقد بدل عبد الممك بن مروان جيود في تعريب النقود
النمو تفوقيا السياسي العسكري ،إضافةً إلى خمق ِّ
متغيرات اقتصادية جديدة سيَّمت عممية ِّ االقتصادي بجانب ُّ
االقتصادي لمدولة.3
رابعا األوضاع االقتصادية في العصر العباسي:
تأسست ثاني أكبر خالفة في التاريخ اإلسالمي الخالفة العباسية عام (132ه750/م) عمى يدي
أبو العباس (136-132ه) ،وجاءت الخالفة العباسية كنقطة تحول في الدولة والمجتمع في التاريخ
اإلسالمي إذ صاحبيا تحوالت جذرية عمى المستوى السياسي واالجتماعي.
وشيدت الدولة فترة استقرار نسبي إلى عام 218ه ترسخ فييا النظام الوزاري وتحققت نيضة عممية وفكرية
وثقافية غير مسبوقة عالمياً وتوسع النشاط الزراعي والتجاري والحرفي بشكل كبير إلى أن أُدخل األتراك بعدىا
إلى الجيش ليتجاو از ذلك الدور حتى أصبحوا جزءا رئيسيا من التركيبة السياسية فواجيت بذلك الدولة أزمات
-1إيناس محمد البييجي ،تاريخ الدولة األموية ،الطبعة األولى ،مركز الكتاب األكاديمي ،عمان ،األردن ،2017 ،ص ص .271-270
-2عمي محمد محمد الصالبي ،مرجع سبق ذكره.
-3جوعان راشد سعيد الظاىري ،الحياة االقتصادية في بالد الشام في العصر األموي (132 -44هـ754-661/م) ،أطروحة دكتوراه غير منشورة،
كمية اآلداب ،جامعة القاىرة ،مصر ،1992 ،ص .34
20
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
عدة منيا ما ىو سياسي ومنيا ما ىو اجتماعي ،ونتيجة لتمك األزمات والتحوالت أخذت تضعف مؤسسة
الخالفة تدريجيا إلى أن تفككت الدولة في فترتيا األخيرة عندما سيطر البويييون عمى الخالفة ومن بعدىم
السالجقة .1ويمكن تمخيص أىم األوضاع االقتصادية واالجتماعية في تمك الفترة في النقاط التالية:2
-1الزراعة :كانت األراضي الزراعية مقسمة من حيث الممكية عام النحو التالي :الصوافي (أراضي قابمة
لالستغالل فو اًر) وىي األرض الممموكة لبيت المال ولمخميفة حق التصرف بيا ،واألراضي الموات (قابمة
لالستغالل بعد االستصالح) وىي ممك لبيت المال لكنيا تتحول إلى الممكية الخاصة في حال استصالحيا،
واألراضي الخراجية -األكثر شيوعاً -وىي في األصل فيء وتزرع مقابل دفع الخراج كإيجار لألرض،
واألراضي السمطانية وىي ممموكة لمخميفة .استخدمت الدولة إقطاع األراضي ،تحويل ممكية األراضي العامة
إلى الممكية الخاصة بشكل دائم (إقطاع تمميك) أو موقت (إقطاع استغالل) ،كسياسة غير معمنة إلعادة
التوزيع ولدفع المستحقات.
وفي فترة الحقة توسع البويييون في استخدام إقطاع االستغالل ليشمل الجنود مقابل رواتبيم ،حيث
سمي باإلقطاع العسكري .انعكس عن تطبيق سياسة اإلقطاع بشكل عام ،واإلقطاع العسكري بشكل خاص
سمبيات كبيرة عمى الدولة واالقتصاد حيث ضعفت اإلدارة بشكل عام ،واإلدارة المالية بشكل خاص وأىممت
الكثير من األراضي وتدىور نظام الري وتردت إيرادات الدولة بشكل ممحوظ وتدىورت أحوال الفالحين بشكل
كبير.
وأدركت الدولة من البداية أىمية النشاط الزراعي كونو المصدر األساسي لرزق المواطنين ومصدر
اإلنتاج الغذائي لمجميع واىم مصدر لإليرادات الدولة (الخراج والعشر) ليذا وجيت الدولة اىتماما خاصا نحو
ىذا القطاع ممثمة بحجم اإلنفاق الكبير عمى النظام العام لمري ،وعمى إصالح المزارع الميجورة واألراضي بعد
الفيضانات واصالح الطرق الزراعية وحمايتيا ،وقدمت الحكومة أحيانا المساعدات لممزارعين بشكل نقدي
ممثمة بمساىمة الدولة في المشاريع العامة أو المشتركة مع المواطنين باإلضافة إلى تقديم السماد واألدوات
الزراعية والمواشي.
تطور القطاع الزراعي بشكل كبير حيث توسعت الممكيات وظيرت الزراعة المركزية األمر الذي مكن
الدولة من توفير امنيا الغذائي معتمدة عمى إنتاجيا الخاص ،استعمل المالكون الفالحين والرقيق بأعداد
-1احمد فراس العوران ،غيداء عادل ،النظام االقتصادي في ظل الدولة العباسية ،ص ،4تاريخ االطالع:2018-03-10 :
https://www.researchgate.net/profile/Ahmad_Oran/publication/274638081_alnzam_alaqtsady_fy_zl_aldwlt_albasyt/
links/552440790cf2b123c51738ed/alnzam-alaqtsady-fy-zl-aldwlt-albasyt.pdf
-2نفسو ،ص ص .16-10
21
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
كبيرة الستصالح األراضي وزراعتيا ،حيث ظير ما يشبو اإلقطاع الزراعي الذي كان ألثرياء التجار دور
فيو.
-2الصناعة :تطورت الصناعة لكنيا بقيت محدودة اإلمكانيات ومعتمدة عمى العمل الفردي او المشترك بين
عدد محدود مـن األفراد .وكانت ىناك مصانع كبيرة نسبياً مثل مصانع الزجاج والنسيج والصابون والمالبس
واألحذية والخزف والسكر والصياغة ،فضالً عن الحدادة والنجارة لصنع األدوات المنزلية واألسمحة والسفن
وغيرىا .ومع ىذا لم تصل الصناعة إلى المستوى الذي يجعل منيا مصد اًر قوياً لمثراء مثل التجارة والصيرفة.
-3التجارة الداخمية :شيدت التجارة الداخمية بين العاصمة وبين األقاليم من ناحية وبين األقاليم بعضيا
ببعض نشاطاً بشكل كبير يتم من خاللو تبادل كميات كبيرة من عدد كبير ممن السمع من :الحبوب والفواكو
والخضر والتمور والسكر وزيت الزيتون واألرز والعسل والمالبس القطنية والصوفية والحريرية.
اتبعت الدولة العباسية انسجاما مع مبادئ الشريعة مبدا حرية التجارة الداخمية والخارجية ولم تضع قيودا عمى
تنقل السمع واليد العاممة بين مختمف أقاليم الدولة ،ولم تتدخل في عممية التبادل وما ينجم عنيا من أسعار إال
في حاالت استثنائية محدودة حيث تدخمت لصالح الطبقات الفقيرة في أسعار بعض السمع الغذائية األساسية
كالقمح والدقيق والشعير نتيجة الحتكار تمك السمع من قبل بعض التجار .وليس ىناك ما يشير إلى تدخل
الدولة في أي من أسعار السمع الحرفية أو الصناعية ،حيث كانت األسعار ناجمة عن محصمة التعامل الحر
ضمن الضوابط الشرعية بين المنتجين والمستيمكين.
-4التجــارة الخارجيـة :كان العامل االقتصـادي وطرق المواصالت من بين أىم العوامـل المحـ ـددة لموقع بغداد
العاصمة الجديدة لمخالفة ومركز الثقل االقتصادي المستقبمي لمدولة بل والعالم أجمع .فاىتمت الدولة بشكل
ممحوظ بإنشاء الطرق وصيانتيا وحمايتيا لتتمكن من ربط عاصمتيا بأنحاء الدولة المختمفة وبالعالم الخارجي
عمى حد سواء.
طبقت الدولة العباسية سياسة التجارة الحرة عمى التجارة الخارجية ،مع المعاممة بالمثل من حيث الضريبة،
وغطت مناطق عديدة ومتفرقة من العالم ،ولم يكن ىناك صعوبات في استيراد السمع حيث كان المحيط
اليندي بح ار آمنا إذ كان تحت سيطرة أسطول الدولة العباسية .تدفقت السمع من كل مكان حيث كان التعامل
إما مقايضة أو بالنقد المباشر.
-5النقود :استخدمت الدولة العباسية أساسا نظاماً نقدياً مزدوجاً مكوناً من الدراىم وأجزائيا ،عممة فضية
العممة الرئيسية في األقاليم الشرقية ،والدنانير وأجزائيا ،عممة ذىبية ،العممة الرئيسية في األقاليم الغربية،
وكالىما مقبول في كامل األقاليم إذا كانت ذات أوزان شرعية .استخدمت أيضا نقود الصالت و ىي نقود
22
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
ذات أوزان غير متداولة تضرب خصيصاً لمخمفاء واحياناً لبعض كبار رجاالت الدولة ،لتوزع في مناسبات
خاصة .كانت عممية ضرب النقود مقتصرة عمى السمطة القائمة وتحت اإلشراف المباشر لمخميفة ،العتبارىا
من األمور السيادية لمدولة.
-6الصيرفة :ظير العمل المصرفي بشكل محدود في بداية األمر لكن اخذ في التوسع خالل القرن الثالث
ىجري ،وجاء التوسع في العمل المصرفي وعمميات االئتمان استجابة لمتوسع الكبير في النشاط التجاري ،بين
األطراف المترامية لمدولة ومع الدول األخرى ،ولمحاجة لوجود مكان آمن إليداع األموال مع ضمان سرية
التعامل.
أصبح العمل المصرفي من الممارسات الضرورية في األسواق اإلسالمية ومن أىم العوامل التي أدت إلى
سيولة التبادل ومن ثم إلى المزيد من التوسع في النشاط التجاري.
أما بالنسبة لمجانب االجتماعي فتتضمن المصادر التاريخية الكثير من المعمومات عن المستوى
المعيشي لمخمفاء والذي كان مرتفعا جدا لكنيا ال تقدم الكثير عن المستوى المعيشي لمعامة .بشكل عام كان
ىناك تفاوت كبير في الدخل والثروة يقل ويكثر حسب األوضاع العامة ،لكن يبدو ان الدولة خففت من حدة
ذلك عن طريق تقديم بعض الخدمات األساسية المجانية مثل التعميم المجاني لمفقراء والخدمات الصحية
المجانية.
خامسا األوضاع االقتصادية في عهد الخالفة المماليك:
شيد الوضع االقتصادي في ىذه المرحمة تباينا من منطقة ألخرى ،فكانت الحالة االقتصادية في
بعض األقاليم كمصر والشام والعراق وبالد المغرب مزدىرة ينما كان الوضع سيئا في أقاليم أخرى ،فازدىرت
بعض الصناعات في المدن المتطورة فامتازت الشام ومصر بصناعة األسمحة والصناعات الغذائية ،والعراق
بصناعة الخشب ،بينما اشتيرت بالد األندلس بصناعات النسيج والحرير والزجاج وصناعة السفن.
تعمق االنقسام الكبير بين األقاليم مما أضعف االقتصاد اإلسالمي كمو وأفقده التكامل االقتصادي الذي كان
عميو سابقا ،فانخفض مستوى التجارة البينية بين مناطق البالد اإلسالمية كثيرا ،وىو ما أثر سمبا عمى األحوال
المعيشية لألفراد.
تراجعت التجارة الخارجية ووقعت بيد الغرب خاصة بعد الحروب الصميبية واحتالليا لمموانئ
اإلسالمية ،فازدىرت التجارة بإيطاليا خالل القرنين 13و 14ميالدي ،وزاد الوضع سوءا باجتياح التتار الذين
خربوا البنية التحتية االقتصادية بما فييا من شبكات الطرق والري وأغمب المباني العامة التي مروا بيا،
23
المحور الثالث -الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي
فعانت المنطقة بذلك ركودا اقتصاديا طويال وارتفاعا كبي ار في األسعار ،وانكمشت التجارة والزراعة وساد
الالأمن.
وظيرت بعد ذلك الدولة العثمانية والتي اىتمت في بدايتيا بأساليب الجباية والمالية العامة ،لكنيا لم
تيتم بأحوال الناس اقتصاديا بسبب تركيزىا عمى الشأن العسكري وزيادة إنفاقيا عميو ،فتدىورت ماليتيا مع
مرور الوقت وزادت مديونتيا ،وبداية من النصف الثاني من القرن 15تمكنت الدولة العثمانية من إحداث
نيضة اقتصادية قوية شممت الصناعة والتجارة والزراعة ،وقامت خالل الحرب العالمية الثانية أوراقا نقدية
ألول مرة في تاريخ البالد اإلسالمية ،إال أن بدأت تتفكك تدريجيا بعد ذلك وتفقد قوتيا السياسية والعسكرية
واالقتصادية.1
-1عبد الحميد روالمي ،الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى عند العرب والمسممين ،مدونة شخصية باألستاذ ،تاريخ االطالع:2018-04-06 :
https://drive.google.com/file/d/0B0xIy6EszXNeT0ZGSnN1X01ieXM/view
24
المحور الرابع -الوقائع االقتصادية في العالم الغربي
تمهيد:
دفعت األوضاع االقتصادية المتردية التي سادت في أوروبا في ظل النظام اإلقطاعي ،إلى تبني
نظام جديد من شأنو أن يعيد القوة االقتصادية ليذه المنطقة ،ويعرف ىذا النظام بالنظام الرأسمالي الذي تمكن
خالل فترة وجيزة من تحسين أوضاع الدول األوروبية .واتخذ النظام الرأسمالي عدة صور بدأت بالرأسمالية
التجارية التي كان محور النشاط فييا ىو النشاط التجاري ،لينتقل فيما بعد إلى الرأسمالية الصناعية والتي
أعطت اىتماما أكبر لمنشاط الصناعي منتييا بالرأسمالية المالية والتي لعب فييا رأس المال دو ار بارزا.
إن الصور التي اتخذتيا الرأسمالية مكنتيا من أن تجدد نفسيا وان تتأقمم مع احتياجات ومتطمبات الفترة التي
عاشتيا وأن تحافظ عمى وجودىا وتفرض نفسيا بقوة إلى وقتنا الحالي.
تمكن النظام الرأسمالي من أن يفرض نفسو عمى الساحة الدولية فاتخذتو معظم دول العام كركيزة
أساسية لتسيير وادارة اقتصادياتيا ،المر الذي يستدعي تحديد ألىم النقاط األساسية المتعمقة بو من تعريف
وخصائص.
-1مفهوم النظام الرأسمالي :ىو نظام اقتصادي ذو فمسفة اجتماعية وسياسية يقوم عمى أساس إشباع
حاجات اإلنسان الضرورية والكمالية ،وتنمية الممكية الفردية والمحافظة عمييا ،متوسعا في مفيوم الحرية.1
وتعرف الرأسمالية أيضا عمى أنيا نظام إنتاج اجتماعي يتميز بتمركز أدوات ووسائل اإلنتاج ومجموع
الثروات بأيدي عدد قميل جدا من الناس يعرفون تحت اسم "طبقة الرأسماليين" ،بينما تصبح األكثرية من
الناس مضطرة لمعمل كأجراء لدى الرأسماليين .ولذلك نميز بين طبقتين:
-الطبقة البرجوازية :وىي مجموعة قميمة جدا من األفراد تتمركز وتتراكم لدييا الثروة.
-طبقة واسعة جدا من األفراد مضطرة لمعمل لدى الطبقة البرجوازية.2
-2خصائص النظام الرأسمالي :يتسم النظام الرأسمالي بجممة من الخصائص ندرجيا فيما يمي:
-1-2الممكية الخاصة (الممكية الفردية) :تعتبر الممكية الخاصة لجميع وسائل اإلنتاج أىم مظير من
مظاىر النظام الرأسمالي حيث أن معظم وسائل اإلنتاج تكون ذات ممكية خاصة من قبل األفراد و الشركات
ال من قبل الحكومة ،كما أن القانون يحمي تمك الممكية ويؤمن حرية التصرف بيا ،لكن ىذا النظام ال ينفي
-1عماد عمر خمف اهلل أحمد ،الموازنة بين االقتصاد اإلسالمي وغيره من النظريات االقتصادية الوضعية ،الممتقى الدولي حول االقتصاد اإلسالمي-
الوقائع ورىانات المستقبل ،-المركز الجامعي بغرداية ،الجزائر ،ص .9
-2عبد اهلل ساقور ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .44-45
25
المحور الرابع -الوقائع االقتصادية في العالم الغربي
وجود الممكية العامة والخاصة في بعض المجاالت المحدودة التي ال يرغب أحيانا القطاع الخاص بالعمل
واالستثمار فييا ،إما ألنيا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة أو أن درجة المخاطرة فييا عالية أو أنيا تحتاج لفترة
استرداد الرأس المال العامل طويمة نسبيا وىي نشاطات ضرورية والزمة مثل بناء الموانئ وطرق المواصالت
وانشاء الجسور وشبكات الري.1
-2-2حافز الربح :يعد حافز الربح في النظام الرأسمالي ىو الدافع األساسي لزيادة اإلنتاج ،وىو المحرك
الرئيس ألي قرار يتخذه المنتجون ،فكل فرد في ىذا النظام إنما يتصرف بما تمميو عميو مصمحتو الشخصية
بما يتفق مع تحقيق أىدافو الخاصة ،وبما أن الربح ىو الفرق بين اإليرادات والتكاليف ،فإن المنتجين في
النظام ال رأسمالي يختارون النشاط االقتصادي المالئم الستغالل الموارد بأفضل طريقة ممكنة ،وحين يحدث
ذلك في جميع األنشطة االقتصادية فإن كل الموارد االقتصادية تكون قد استخدمت ونظمت بحيث تعطي
أقصى أرباح ممكنة ،وبالتالي يحصل المجتمع عمى أقصى دخل ممكن من موارده.
وىذا الربح في النظام الرأسمالي يسمى عائد المخاطرة ،ألن الشخص صاحب المشروع يخاطر ويغامر ،فقد
يربح أو يخسر ،ىذا ،وقد أشار آدم سميث إلى وجود يد خفية توقف بين المصمحة الخاصة لمفرد وبين
المصمحة العامة لممجتمع ،فالفرد الذي يسعى لتحقيق أقصى ربح ممكن إنما يقوم بإنتاج السمع التي يزداد
الطمب عمييا ،وبذلك فيو يمبي حاجة المجتمع ليذه السمعة .كما أنو يحقق المزيد من األرباح ,وىكذا نجد أن
أيضا أحد العناصر
الربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عميو المنظمون فحسب ،ولكنو يعتبر ً
يدا من األرباح يعني في النياية
دائما عمى تنميتو ،حيث أن مز ً
األساسية المسيرة لمنظام االقتصادي وتعمل ً
يدا من اإلنتاج.2
مز ً
-3-2المنافسة :من خالل حرية الشركات في دخول األسواق والخروج منيا مما يؤدي إلى الرفاىية
االجتماعية ،أي الرفاىية المشتركة لممنتجين والمستيمكين.
-4-2آلية السوق :التي تحدد األسعار عمى نحو ال مركزي من خالل العالقات التفاعمية بين البائع
والمشتري .فتقوم األسعار بدورىا بتخصيص الموارد ،التي تسعى بطبيعة الحال لتحقيق أعمى عائد والتي ال
تقتصر عمى السمع والخدمات وانما تشمل األجور أيضا.3
-5-2عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي :والذي يؤدي إلى حرية السوق دون فرض أية قيود عميو
وقد صاغ آدم سميث ذلك وفق شعار "دعو يعمل واتركو يمر".1
-1داليا عادل الزيادي ،النظم االقتصادية المقارنة ،كمية التجارة ،جامعة عين شمس ،القاىرة ،مصر ،دون سنة نشر ،ص .55
-2عمي فيصل عمي األنصاري ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .02-99
-3ساروت جاىان ،أحمد صابر محمود ،ما المقصود بالرأسمالية ،مجمة التمويل والتنمية ،صندوق النقد الدولي ،جوان ،0294ص .55
26
المحور الرابع -الوقائع االقتصادية في العالم الغربي
-3ظروف نشأة النظام الرأسمالي :تتمخص أىم الظروف الذي نشأ في ظميا النظام الرأسمالي في النقاط
التالية:
-1-3انهيار مرتكزات النظام اإلقطاعي والحرفي :من العوامل التي ترتب عنيا اختالل وانييار النظام
اإلقطاعي والحرفي نجد:
-نمو المدن وازدىارىا.
-ىروب األقنان إلى المدن مما تسبب في قطع تبعية اإلنسان لؤلرض.
-التحول من االقتصاد العيني إلى االقتصاد النقدي والذي ترتب عنو تحول الريع العيني الذي كان يتقاضاه
السيد من أتباعو إلى ريع نقدي ،وىو ما أدى إلى تغيرات عميقة في طبيعة النظام اإلقطاعي نفسو ،حيث
أصبح بإمكان الفالحين التخمص من أعمال السخرة لدى الشريف واحالليا بمدفوعات نقدية ،وبالتالي انييار
مرتكز آخر قام عميو النظام اإلقطاعي وىي السخرة ،وبانتياء السخرة تغيرت العالقة بين السيد وتابعيو (والتي
تتمثل بشكل كبير في عالقة تبعية شخصية إلى عالقة تقترب كثي ار من تمك التي تقوم بين مالك األرض
ومستأجرييا).2
-2-3نشوء الدولة القومية :أدت التطورات السياسية التي رافقت انييار النظام اإلقطاعي إلى نشوء الدولة
بمعناىا الحديث ،حيث قامت حكومات مركزية تفرض سمطتيا عمى كل المقيمين في إقميميا ،وقد أدى ذلك
إلى اضمحالل سمطة األمراء اإلقطاعيين وتنظيم العالقة بين الدولة والكنيسة بحيث تستقل األولى بأمور
الدنيا وتمتزم الثانية بحدود األمور الروحية.3
-3-3ازدياد أهمية التجارة الخارجية :شيد القرن الخامس عشر تحرر العبيد والفالحين من سطوة النظام
اإلقطاعي في أوروبا نتيجة لعوامل عديدة اختمفت في درجاتيا وقوتيا من دولة إلى أخرى ،واتجو معظم
المحررين خارج النشاط الزراعي ليعمموا بالتجارة ،مما أدى إلى نمو التجارة الخارجية بصورة قوية أدت بدورىا
إلى ثراء التجار العاممين فييا ،فزادت تبعا لذلك أىميتيم في النشاط االقتصادي بدرجة ممحوظة ،وظيورىم
كطبقة اجتماعية قوية داخل بالدىم ، 4ومن بين األسباب التي ساعدت عمى نمو التجارة الخارجية ىو
االكتشافات الجغرافية في أواخر القرن الخامس عشر والتي جاءت إليجاد طرق تجارية تربط أوروبا بالشرق
بعيدا عن الطرق التي كانت تستخدميا سابقا والتي أصبحت تحت السيطرة التركية ،ففي عام 9590وصل
-1منذر محمد راضي ،النظم االقتصادية في القرن العشرين ،الطبعة األولى ،دار الجنادرية ،عمان ،األردن ،0292 ،ص .59
-2محمود الطنطاوي الباز ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .032-009
-3سعيد النجار ،تاريخ الفكر االقتصادي من التجاريين إلى نهاية التقميديين ،دار النيضة العربية ،9993 ،ص .03
-4محمد الطاىر قادري ،مدارس الفكر في االقتصاد السياسي -المستقبل إبداع الماضي– ،مكتبة حسن العصرية ،بيروت ،لبنان ،0293 ،ص .94
27
المحور الرابع -الوقائع االقتصادية في العالم الغربي
كريستوف كولومبس إلى سواحل أمريكا وأعمنت جميع األراضي التي اكتشفتيا ممتمكات لممممكة االسبانية،
وفي عام 9591اكتشف فاسكو دي كاما الطريق إلى اليند ،وقد ساىمت ىذه االكتشافات الجغرافية وغيرىا
في:
-ايجاد أسواق جديدة وتوسيع السوق أمام البضائع األوروبية التي أخذت بالتزايد.
-استغالل المستعمرات باالستيالء عمى ثرواتيا ونيبيا ،1خاصة المعادن النفيسة و المواد األولية.
-4-3انتشار حركتي اإلصالح الفكري والديني :والتي أدت إلى تحرير العقول من سيطرة الكنيسة ،وزعزعة
مركزىا ،واحياء روح المبادرة لدى األفراد واعطاء حافز الربح أىمية من ممارسة النشاط االقتصادي.2
-1عبد عمي كاظم المعموري ،تاريخ األفكار االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار الحامد ،عمان ،األردن ،0290 ،ص ص .031-039
-2زينب حسين عوض اهلل ،مرجع سبق ذكره ،ص .21
-3إبراىيم مشورب ،مرجع سبق ذكره ،ص .39
-4محمود الطنطاوي الباز ،مرجع سبق ذكره ،ص ص .039-031
-5حازم البنى ،المبادئ واألسس االقتصادية ،دون طبعة ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،طرابمس ،لبنان ،9999 ،ص .99
28
المحور الرابع -الوقائع االقتصادية في العالم الغربي
االقتصاد الوطني وزيادة الناتج الوطني بما يكفل تحسين أسموب توزيعو ،إال أن تمك القيود المفروضة كبحت
النشاط االقتصادي وارتدت عميو سمبا مما استدعى العودة إلى الحرية االقتصادية من جديد.1
وتمثل الرأسمالية الصناعية ذلك البناء الذي يقوم بصفة أساسية عمى االستخدام الواسع لآلالت الحديثة في
العممية اإلنتاجية مع سيطرة رأس المال الخاص عمى مختمف أوجو النشاط االقتصادي في ظل سيادة الحرية
االقتصادية.2
ومن أىم العوامل التي أدت إلى ظيور الرأسمالية الصناعية ىي الثورة الصناعية والتي بدأت في سنة 9992
وتصاعدت مع الزمن ،حيث أن نمو الصناعة قاد إلى زيادة التأكيد عمى الجانب الصناعي في الحياة
االقتصادية.3
-2مفهوم الثورة الصناعية:
يعرف االقتصادي Cloughالثورة الصناعية بأنيا التغير المفاجئ في وسائل إنتاج السمع الصناعية
من الطرق اليدوية إلى الطرق الميكانيكية.
وال يقصد بيذا التغير المفاجئ والجوىري بأن االستعانة بالطرق الميكانيكية والتي تتمثل أساسا في أن اآلالت
مجرد تركيب مادي يساعد عمى اختصار وتسييل العمل اإلنساني وانما يقصد باآللة تركيب مادي يحتوي
عمى أدوات تؤدي تمقائيا نفس العممية الفنية التي كان يؤدييا العامل قبل اختراع اآللة.4
وتعرف الثورة الصناعية أيضا عمى ّأنيا" :التحول الكبير الذي شكل نقمة نوعية في االنتقال من
اإلنتاج اليدوي إلى اإلنتاج اآللي عن طريق االستخدام المنظم لآلالت في اإلنتاج ،ىذا جانب ،ومن جانب
آخر لوحظ أن طرق التنظيم الصناعي قد شيدت تحوال كيفيا في االنتقال إلى نظام المصنع القائم عمى
التقسيم الفني لمعمل".5
-3عوامل قيام الثورة الصناعية :لم تحدث الثورة الصناعية في دول أوروبا في وقت واحد بسبب اختالف
األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية في تمك الدول ،إال أن ىناك جممة من العوامل ساىمت في
قياميا نمخصيا فيما يمي:
-1أحمد فريد مصطفى ،سيير محمد السيد حسن ،مرجع سبق ذكره ،ص .14
-2محمود الطنطاوي الباز ،مرجع سبق ذكره ،ص .53
-3مدحت القريشي ،مرجع سبق ذكره ،ص .992
-4فيصل محمد البحيري ،أثر النهضة العممية الحديثة عمى الفكر القانوني :دراسة في فمسفة القانون ،الطبعة األولى ،مركز الدراسات العربية،
الجيزة ،مصر ،0294 ،ص .942
-5صباح قاسم األمامي ،عباس كاظم جياد الفياض ،الخصخصة وتأثيرها عمى االقتصاد الوطني ،الطبعة األولى ،مركز الكتاب األكاديمي ،عمان،
األردن ،0294 ،ص .34
31
المحور الرابع -الوقائع االقتصادية في العالم الغربي
–1-3التقدم العممي :إن قيام النيضة العممية في أوروبا سمح لمعمم بأن يخطو خطوات سريعة ،أفسحت
المجال لظيور االختراعات الحديثة مثل السفن التجارية التي تعبر البحار والمحيطات ،كذلك مد طرق السكك
الحديدية بين بعض الدول الصناعية لتسييل التنقل فيما بينيا.
2-3العامل السكاني :أدى تحسن الظروف المعيشية في أوروبا إلى زيادة عدد السكان وما رافقو من كثرة
متطمباتيم الحياتية وزيادتيا ،وقد دفعت تمك الحاجات إلى التفكير بإيجاد أساليب جديدة ومتطورة في اإلنتاج
لكي تمبي رغبات السكان واحتياجاتيم المتزايدة.
–3-3رأس المال :لقد كان التساع القارة األوروبية وامتدادىا ألقطار العالم أثر ايجابي ألصحاب المصانع
وشركات النقل ،والمؤسسات المالية ،وذلك ألن أرباحيم كانت في تزايد مستمر مما مكنيم من تكوين أموال
طائمة سمحت بتمويل الصناعة.
فقد استخدمت رؤوس األموال في مجال تحسين أساليب اإلنتاج عن طريق تمويل االختراعات العممية التي
استفاد منيا اإلنسان في مجال إنتاجو الصناعي والزراعي.
–4-3سياسة الحرية وعدم التدخل :إعطاء الفرصة لمبادرة األفراد ،كما عممت الدولة عمى تخفيض
الضرائب عمى رؤوس األموال الموظفة في الصناعة من أجل تشجيعيا ،وعممت عمى حماية حقوق
االختراع.1
-4مظاهر الثورة الصناعية :من أىم مظاىر الثورة الصناعية نجد:
-1-4نظام المصانع :حل نظام المصانع محل الحرفة والورش الصغيرة والصناعات المنزلية ،وصاحب ىذا
النظام توطن الصناعة بالقرب من منحدرات المياه ومناجم الفحم.
-2-4تركز السكان في المدن :أدى ارتفاع معدل النمو السكاني إلى زيادة نسبة سكان المدن بنسبة كبيرة،
كما أدى تركيز الصناعات بالقرب من مساقط المياه أو مصادر الطاقة أو المواد األولية إلى تركيز السكان
بدرجة أكبر في تمك المناطق.
-3-4كبر حجم المشروعات :إن تزايد عدد العمال أدى إلى تطبيق مبدأ التخصص وتقسيم العمل وسمح
بقيام التكامل وقيام المشروع بكل أو معظم مراحل اإلنتاج الخاصة بسمعة معينة مما أدى إلى قيام مشروعات
كبيرة.
-4-4نمو النزعات االحتكارية في الصناعة :أدى ميل المشروعات نحو الكبر إلى قمة عددىا خاصة فيما
يتعمق بممارسة نفس النشاط ،وىذا مكنيا من االتفاق عمى تنسيق سياستيا وتحقيق قدر من االتحاد بينيا مما
أدى إلى ظيور النزعات االحتكارية.1
-5-4نمو التجارة الخارجية :أدت المنافسة الكبيرة التي قامت بين الدول األوروبية لمسيطرة عمى السوق
الخارجية إلى التوسع االستعماري وبالتالي االحتكارات التجارية ،وكانت الدولة ذات القوى البحرية ىي
المسيطرة ،واستطاعت بريطانيا بفضل قوتيا البحرية أن تسيطر عمى أىم األسواق الدولية.2
-5نتائج الثورة الصناعية:
ساىمت الثورة الصناعية في تنشيط الحياة االقتصادية فظير نظام اقتصادي جديد كان لو بالغ األثر
عمى المجتمع األوروبي .وقد أدت الثروة الكبيرة إلى تقدم انجمت ار وجعميا من أغنى دول العالم .وقد أسفرت
الثورة الصناعية عن عدة نتائج تمس كافة الجوانب الحياتية وىي:3
-1-5النتائج االقتصادية :أدت الثورة الصناعية إلى قيام نظام اقتصادي رأسمالي يرتكز عمى حرية العمل
والمبادالت فبرز دور المؤسسات اإلنتاجية الكبرى في تنمية االقتصاد وتحسنت األوضاع المعيشية لؤلفراد
وازدىرت حركة العمران ،كما ازداد اإلنتاج الصناعي بشكل كبير بفضل تطور المعدات واآلالت واعتماد
التقنيات الجديدة.
فانخفضت كمفة اإلنتاج وظيرت صناعات جديدة واتسع االستثمار في الزراعة فقد أدى االستعمال
المكثف لآلالت واألسمدة إلى تحول اإلنتاج الزراعي من إنتاج معيشي مخصص أساسا الستيالك المزارع
وعائمتو إلى نتاج تجاري موجو إلى السوق.
لذا تحولت الزراعة إلى عنصر فعال في تطور القطاع الصناعي بعد أن وفرت لو حاجاتو من المواد
األولية مما زاد من مستوى اإلنتاج واستوجب تأمين أسواق خارجية لترويج فوائضو كما تطمبت التجارة الدولية
تطوير المعامالت المالية فأنشأت البنوك المتخصصة واعتمد الذىب كقاعدة في المعامالت.
-2-5النتائج االجتماعية :أقيم تبعا لمثورة الصناعية مجتمعا جديدا تميز ببروز طبقتين ،طبقة أرباب العمل
المنسبين إلى البرجوازية ،وطبقة العمال التي تضم سكان المدن واألرياف الباحثين عن فرص عمل وفرتيا
المصانع.
-3-5النتائج السياسية والثقافية :كان لمثورة الصناعية عدة نتائج عمى المستوى الثقافي والسياسي تمثمت
أساسا في:
-بروز أحزاب سياسية تدافع عن مصالح العمال وتشارك في الحياة السياسية.
-احتدام التنافس بين الدول الصناعية لمسيطرة عمى المواد األولية واألسواق الخارجية مما نتج عنو تفاقم
االستعمار وانقسام العالم إلى جزأين ،جزء مييمن تمثمو البمدان الصناعية وجزء مستغل تمثمو بمدان إفريقيا
وآسيا وأمريكا الجنوبية.
أما بالنسبة لمجوانب الثقافية فتمثمت أساسا في زيادة الوعي بعد انتعاش حياة المدنية التي وفرت
لؤلفراد كافة وسائل التعميم والثقافة.
-تحول تنظيم الصناعة من ممكية األفراد إلى الممكية المساىمة ،مما أدى إلى سرعة انتشار نظام الشركات
المساىمة في كافة دول أوروبا ،وتداول أسيم ىذه الشركات وسنداتيا في األسواق لمحصول عمى المال الالزم
لتمويل المشروعات الكبيرة.
-الدور األساسي الذي لعبتو البنوك في تمويل المشاريع الصناعية حيث كانت احدى الوظائف الرئيسية
لمبنوك ىي إنشاء وادارة المشاريع الصناعية.1
-اندماج الرأس البنكي بالرأسمال الصناعي ونشوء الرأسمال المالي.
-تشكل اتحادات احتكارية عالمية بين الرأسماليين ،وانجاز تقسيم العالم بين الدول الرأسمالية الكبرى.2
-إ ن انخفاض األرباح التي تحققيا رؤوس األموال من خالل استخداميا في الداخل ،إضافة إلى محدودية
مجاالت ىذا االستخدام ،وبالذات في الدول المتقدمة ،أدى إلى البحث عن مجاالت استخدام مريحة في
الخارج ،ومن خالل الشركات المتعددة الجنسيات وكذلك من خالل التعامالت المالية الدولية واسعة النطاق
والتي تتم عن طريق األسواق المالية والنقدية.3
-2أنواع االحتكارات :اتخذت االحتكارات عدة أشكال وىي:4
-الكارتل :ىو أحد أشكال االتحادات االحتكارية التي يتم االتفاق بين أعضائيا عمى عقد اتفاقات حول
األسعار وأسواق التصريف وتبادل براءات االختراع ،عمى أن تبقى كل مؤسسة منضوية في ىذا االتحاد
االحتكاري متمتعة باستقالليا التجاري واإلنتاجي ،وييدف إلى السيطرة عمى األسواق وتحقيق أرباح ضخمة.
-الترست :يقوم عمى اتحاد أو اندماج عدة مشاريع في مشروع واحد وتكون الغاية منو الحصول عمى وضع
احتكاري .في إطار الترست تفقد المؤسسات اإلنتاجية استقالليا المالي واإلداري والقانوني.
-الكونسرن :عبارة عن توحيد عدد من المؤسسات المختمفة في الصناعة والتجارة والبنوك وشركات النقل
والتأمين عمى أساس من التبعية المالية لفئة من كبار الرأسماليين الذين يفرضون رقابتيم عمى المؤسسات
المنظمة إلى الكونسرن.
تمهيد:
شيدت الفترة ما بيف الحربيف العالميتيف الكثير مف التغيرات االقتصادية ،بحيث حدث تغير في
موازيف القوى االقتصادية العالمية مف خالؿ ظيور قوى اقتصادية جديدة أىميا الواليات المتحدة األمريكية
وتراجع نسبي لقوى اقتصادية أخرى أىميا ألمانيا ،ناىيؾ عف التحوالت الجذرية التي شيدتيا روسيا بتبني
نظاـ اقتصادي جديد ىو النظاـ االشتراكي سنة 9391والتحوؿ إلى االتحاد السوفياتي ،والذي يعتبر قوة
جديدة تنافس الواليات المتحدة األمريكية عمى الصدارة.
كما شيدت ىذه الفترة أيضا حدوث أكبر وأعمؽ أزمة شيدىا العالـ وىي أزمة الكساد العظيـ 9393والتي
كادت تعصؼ بالنظاـ الرأسمالي وباقتصاد الواليات المتحد األمريكية والدوؿ المرتبطة بيا.
-1منذر الحايؾ ،المعجزة األلمانية بين الحربين ،ديواف العرب 91 ،أفريؿ ،9191تاريخ االطالع49192-11-92 4
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article22880
-2يوسؼ مصطفى الحاروني ،قصة الحديد ،دوف طبعة ،المطبعة العالمية ،القاىرة ،مصر ،9311 ،ص .39
36
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
-ارتفاع حجـ رأس الماؿ األلماني المستثمر في الخارج بمقدار ثالث مرات ونصؼ المرة خالؿ فترة زمنية
قياسية مف عاـ 9319إلى عاـ ،9394وأصبح حوالي نصؼ مجموع رأس الماؿ البريطاني المستثمر في
الخارج بعد أف كاف خمسو فقط في عاـ ،9319وصار يشكؿ أكثر مف ثمثي رأس الماؿ الفرنسي المستثمر
في الخارج بعد أف كاف أقؿ منو بمرتيف في نفس العاـ.1
-نمو التجارة الخارجية في كثير مف أسواؽ العالـ مثؿ بمجيكا وىولندا وأمريكا الالتينية والدولة العثمانية
ومنافستيا في ذلؾ لبريطانيا ،2حيث باتت التجارة األلمانية الخارجية تحتؿ نسبة %91في الميزاف التجاري
العالمي.3
-2لمحة عن الحرب العالمية األولى ودور ألمانيا فيها:
-1-2أسباب اندالع الحرب العالمية األولى :يمكف إجماليا في أسباب غير المباشرة وأخرى مباشرة
نمخصيا فيما يمي4
أ -األسباب غير المباشرة :وتتمثؿ في4
توتر العالقات الدولية عند مطمع القرف ،91بسبب توالي األزمات كأزمة البمقاف والصراع الفرنسي
األلماني حوؿ الحدود باإلضافة إلى نمو النزعة القومية داخؿ أوربا و تطمع بعض األقميات إلى االستقالؿ.
تزايد التنافس االقتصادي والتجاري بيف الدوؿ اإلمبريالية القتساـ النفوذ عبر العالـ والسيطرة عمى األسواؽ
لتصريؼ فائض اإلنتاج الصناعي والمالي والتزود بالمواد األولية.
دخوؿ الدوؿ اإلمبريالية في تحالفات سياسية وعسكرية متنافسة ،ومنيا دوؿ المحور 4ألمانيا ،إيطاليا،
النمسا ،المجر ،بمغاريا ،اإلمبراطورية العثمانية .ودوؿ الوفاؽ (الحمفاء) 4فرنسا ،انجمترا ،روسيا ،والواليات
المتحدة األمريكية.
السباؽ نحو التسمح بيف الدوؿ المتنافسة التي رفعت مف نفقاتيا العسكرية.
ب -األسباب المباشرة 4اغتياؿ ولي عيد النمسا فرنسوا فردناند François-Ferdinandوزوجتو في 92
جواف 49394عمى يد طالب صربي ،واعالف اإلمبراطورية النمساوية المجرية الحرب عمى صربيا ،كما أدى
-1كماؿ مظير أحمد ،ترجمة محمد المال عبدالكريـ ،كردستان في سنوات الحرب العالمية األولى ،الطبعة الثالثة ،دار الفارابي ،بيروت ،لبناف،9199 ،
ص .941
-2عمر عبد العزيز عمر ،تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر ( ،)1919-1815دار المعرفة الجامعية ،9111 ،ص .942
-3كماؿ مظير أحمد ،مرجع سيؽ ذكره.
4
- François Cochet, 1ère Guerre mondiale: dates, thèmes, noms, Studyrama Eds, Paris, France, Mars 2001,
P10.
37
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
تدخؿ روسيا لمدفاع عف حميفتيا صربيا إلى إعالف الحرب عمى النمسا .وبذلؾ بدأت الدوؿ في دخوؿ الحرب
تباعا إلى أف تحولت إلى حرب عالمية.1
-2-2مراحل الحرب العالمية األولى:
مرت الحرب العالمية األولى بمرحمتيف أساسيتيف ىما42
أ -المرحمة األولى ( :)1916-1914انتيت لصالح دوؿ المحور ،حيث انتصرت فييا ألمانيا في الجبية
الشرقية عمى الروس خاصة عندما دعمتيا تركيا ،وفي الجبية الغربية عمى كؿ مف فرنسا وبمجيكا إلى جانب
اختالؿ رومانيا ووقوع حقوؿ البتروؿ الغنية في يد ألمانيا.
ب -المرحمة الثانية (من 1917إلى نهاية الحرب :)1918بدأت ىذه المرحمة بفرض حصار عمى
شواطئ ألمانيا مما أدى إلى أزمة في المواد الغذائية فييا ،وردت ألمانيا عمى ذلؾ بمحاولة فرض حصار عمى
بريطانيا بغواصاتيا ثـ شف حرب الغواصات دوف قيود عمى مراكب الدوؿ المحايدة التي تتعامؿ تجاريا مع
الحمفاء إلى أف دخمت الواليات المتحدة األمريكية الحرب في مارس 9391والذي شكؿ نقطة تحوؿ فييا ،فقد
أمدت دوؿ الحمفاء بقوة مادية وبشرية كبيرة.
كما تـ انسحاب روسيا مف الحرب بسبب قياـ الثورة البمشفية وعقدت معاىدة برست ليتوفسؾ في مارس
9392مع ألمانيا التي تفرغت بعدىا لمحرب في الجبية الغربية ،إال أف توالي االنيزامات عمى ألمانيا وحالة
عدـ االستقرار الداخمي واالستنزاؼ لمواردىا المالية والبشرية خالؿ الحرب دفعيا إلى إعالف قبوؿ اليدنة
ووقؼ القتاؿ في 99نوفمبر.9392
-3-2نتائج الحرب العالمية األولى:
أ -الحصيمة البشرية :بمغ عدد قتمى الحرب الكبرى 3مالييف وعدد الجرحى 91مميوف .وتعتبر أوروبا أكبر
متضرر 2مميوف قتيؿ وتأتي ألمانيا وروسيا في المرتبة األولى تمييا فرنسا والنمسا في حيف كانت الواليات
ّ
المتحدة أؽّ ؿ المتضرريف .ساىـ ذلؾ في اختالالت البنية الديمغرافية لمسكاف مثؿ ارتفاع نسب اإلناث
والشيوخ وتقمص نسب السكاف النشيطيف.
ب -الحصيمة االقتصادية وتغير موازين القوى في العالم :تعددت النتائج االقتصادية لمحرب العالمية األولى
وتتمثؿ أساسا في4
أفضت الحرب إلى دمار كبير في االقتصاد األوروبي إذ انيار اإلنتاج الزراعي بنسبة %91ونجـ عف
تدمير المنشآت الصناعية والبنى التحتية تدىور في اإلنتاج الصناعي فاؽ .%11كما اضطربت المبادالت
التجارية وفقدت أوروبا أسواقيا في آسيا وأمريكا وارتفعت ديونيا تجاه الواليات المتحدة واضطرت إلى إتباع
سياسة التضخـ المالي فتراجعت عمالتيا مقارنة بالدوالر.
عمى صعيد آخر استفادت الياباف وكندا واألرجنتيف والب ارزيؿ مف تراجع تجارة الدوؿ األوروبية وحمت محميا
في تزويد أقطار العالـ بمنتجاتيا الصناعية والفالحية.
أما خارج أوروبا فقد أعطت الحرب دفعا لالقتصاد األمريكي إذ كانت مف أبرز المستفيديف حيث أتاحت
ليا الحرب مضاعفة إنتاجيا الزراعي والصناعي ولعبت دور أوؿ مزود ومقرض لمحمفاء ومع نياية الحرب
أصبحت تممؾ نصؼ المخزوف العالمي لمذىب وأصبح الدوالر عممة عالمية تنافس الجنيو اإلسترليني
وتحولت نيويورؾ إلى أوؿ مركز مالي في العالـ عوض لندف ، 1وذلػؾ بعػد ٔاف كانػت السػيادة في أوروبا
لبريطانيػا وفرنسػا وألمانيا حيػث بمغػت اسػتثمارات الػدوؿ الػثالث في العالـ قبيؿ الحرب %91مف جممة
االستثمارات العالميػة.2
-3معاهدات السالم إنهاء الحرب العالمية األولى :وتتمثؿ في4
-1-3معاهدة فرساي:
تـ توقيع االتفاقية في 92جانفي 9393بعد الحرب العالمية األولى في بيو المرايا بقصر فرساي
في العاصمة باريس وىو نفس البيو الذي شيد في 92جانفي 9219مولد اإلمبراطورية األلمانية ،3تضمنت
شروط مجحفة فرضتيا الدوؿ المنتصرة عمى ألمانيا ورغـ احتجاج ىذه الخيرة إلى أنيا اضطرت لمتوقيع ألنو
السبيؿ الوحيد أماميا ،وتتمثؿ بنود اتفاقية فرساي أساسا في4
-تأسيس عصبة األمـ المتحدة وميثاقيا ووظائفيا.4
-1جماؿ عبودي ،الحرب العالمية األولى ،معيد بوعرقوب ،تونس ،تاريخ االطالع49192-11-93 4
-.pdfدرس-الحرب-العالمية-االولىhttp://www.ecolenumerique.tn/wp-content/uploads/2011/11/
-2عبد المطيؼ الصباغ ،تاريخ أوروبا المعاصر ،ص 412تاريخ االطالع49192-11-93 4
https://download-pdf-ebooks.org/files/download-pdf-ebooks.org-1522599647Sk0J3.pdf
-3عمر عبد العزيز عمر ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .919
-4شوقي عطا اهلل الجمؿ ،عبد اهلل عبد الرزاؽ إبراىيـ ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .949
39
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
-1موسى محمد آؿ طويرش ،العالم المعاصر بين حربين من الحرب العالمية األولى إلي الحرب الباردة ،1975 -1914الطبعة الثالثة ،مكتبة مصر
ودار المرتضى ،بغداد ،العراؽ ،9199 ،ص ص .15-11
-2صباح كريـ رياح الفتالوي ،باحث إيماف نصيؼ جاسـ ،مقررات مؤتمر الصمح لإلمبراطورية األلمانية في عام – 1919دراسة تحميمية ،-مجمة
مركز الدراسات الكوفة ،العدد ،5جامعة الكوفة ،العراؽ ،9111 ،ص ص .911-919
40
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
معاهدة تريانون مع هنغاريا :وقعت في 4جواف ،9391وتنازلت بموجبيا ىنغاريا إلى يوغسالفيا
ورومانيا وجيكوسموفاكيا وحتى النمسا ،وبذلؾ فقدت ىنغاريا ثمثي مساحتيا الجغرافية ،وفقدت مناطؽ فييا
مناجـ الذىب والفضة والنحاس وسكؾ الحديد ومصانع وحقوؿ زراعية وخمس مدف كبرى.
معاهدة سيفر مع الدولة العثمانية :وقعت في 91أوت 9391اضطرت الدولة العثمانية إلى توقيع
المعاىدة بعد أف ىدد الحمفاء بإخراجيا مف أوربا كميا ،أخذت بريطانيا وفرنسا كؿ مف العراؽ وفمسطيف
وسوريا ،لتصبح دوالً خاضعة لالنتداب كما نصت االتفاقية عمى وضع البوسفور والدردنيؿ تحت إدارة دولية،
وجزءا معتب ار لكؿ مف إيطاليا واليوناف مما أدى إلى تفكيؾ جزء كبير مف الدولة العثمانية.
-4االقتصاد األلماني بعد الحرب العالمية األولى:
أصبحت ألمانيا في عاـ 9393عمى حافة اإلفالس بسبب النفقات الضخمة التي تكبدتيا خالؿ
الحرب ،وأضافت معاىدة فرساي أعباء جديدة عمى ألمانيا ،حيث خسرت %11مف مساحتيا الجغرافية
وحوالي %99مف تعداد سكانيا وما يقارب مف %91مف إنتاجيا الزراعي ،وحوالي %91مف إنتاجيا
الصناعي وما يقارب %11مف إنتاجيا مف خاـ الحديد ،إلى جانب إلزاميا بدفع تعويضات كبيرة لمحمفاء مما
جعميا تتحوؿ بسرعة مف دولة دائنة إلى دولة مدنية ، 1وقد عانت ألمانيا بعد الحرب العالمية األولى مف
مشكمتيف أساسيتيف ىما4
-1-4مشكمة التعويضات :فرضت معاىدة فرساي كما سبؽ االشارة عمى ألمانيا دفع تعويضات إلى الدوؿ
المتضررة مف الحرب ،وكانت فرنسا أكثر حرصا وتشددا في ىذه المسألة حيث اجتمعت لجنة التعويضات في
لندف في 1ماي 9399وحددت مبمغ التعويضات ب ػ 919مميار مارؾ ووضعت جدوال بمواعيد تسديده.
ودفعت ألمانيا في آخر ماي مف العاـ نفسو مميار مارؾ كدفعة أولى مف القسط السنوي البالغ 1مميارات
مارؾ .ثـ توقفت عف الدفع بحجة أف وضعيا المالي ال يسمح ليا في االستمرار بالدفع ،سيما وأف جزءا مف
أراضييا الغنية بالمواد األولية قد ضـ إلى بولندا في مارس .9399وقد لقي ىذا المطمب عطفا مف الحكومة
البريطانية إال أف الحكومة الفرنسية وبيدؼ قطع الطريؽ عمى الحكومة البريطانية سارعت إلى توقيع اتفاؽ
مع الحكومة األلمانية عرؼ باتفاؽ لوشور-راثنو( )Loucheur- Rathenauفي أكتوبر 9399يقضي بأف
تسدد ألمانيا حصة فرنسا مف التعويضات عمى شكؿ سمع ومواد أولية بدال مف الماركات الذىبية.
-1عصاـ عبد الفتاح ،أطمس الحربين (األرض والحرب والسالم) الحرب العالمية األولى والثانية ،الطبعة األولى ،الدار الدولية لالستثمارات الثقافية،
القاىرة ،مصر ،9199 ،ص .11
41
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
فدخمت فرنسا وبريطانيا في خالفات مما دفع ألمانيا إلى االستفادة مف ذلؾ واإلعالف عف توقفيا عف دفع
التعويضات .فعرضت بذلؾ مسألة التعويضات في مؤتمرات دولية أىميا مؤتمر جنوا في أفريؿ 9399والذي
اشترطت فيو فرنسا عمى تمديد أجؿ التعويضات األلمانية مقابؿ تسميـ مناجـ الرور إلى الحمفاء .وفي 99
جانفي ،9391أرسمت فرنسا باالتفاؽ مع الحكومة البمجيكية لجنة لمرقابة عمى المصانع والمناجـ األلمانية
في الرور مرفوقة بقوات نظامية لتأمينيا ما أثار غضب ألمانيا ،أدى بيا إلى سحب سفيرىا مف باريس وايقاؼ
العماؿ عف العمؿ مع حصوليـ عمى أجورىـ ،فوجدت فرنسا نفسيا في إضراب عاـ جعميا تستعيف بعماؿ مف
فرنسا وبمجيكا واستولت فرنسا نيائيا عمى إقميـ الرور وطردت عددا كبي ار مف األلماف منو .وانعكس ذلؾ سمبا
عمى االقتصاد األلماني الذي أثقؿ عاتقو بدفع رواتب العماؿ الموقوفيف عف العمؿ إضافة إلى عدـ االستفادة
مف اإلقميـ ومف مناجـ الفحـ.
ووسط ىذا الوضع المتأزـ بيف الدوؿ طالبت الحكومة األلمانية سنة 9391بإرساؿ لجنة إلى ألمانيا لدراسة
إمكانياتيا االقتصادية وتحديد مبمغ التعويضات التي تدفعيا ،وبالفعؿ قانت لجنة داوز ˝ Dawes Planفي
جواف 9394بعد د ارسة إمكانيات ألمانيا االقتصادية بإعداد مشروع ينص عمى أف تدفع ألمانيا مبمغ مميار
مارؾ في السنة األولى ومف ثـ يرتفع ىذا المبمغ ليصؿ إلى ممياريف ونصؼ مميار مارؾ في السنة الخامسة.
وأف تمنح ألمانيا قروضا ضخمة لتمكينيا مف دفع التعويضات بضمانة السكؾ الحديدية وبعض الصناعات
األلمانية ،وتحسنت األوضاع السياسية بيف ألمانيا وبقية الدوؿ األوروبية مما أدى إلى تخفيض المبمغ الكمي
لمتعويضات في مؤتمر الىاي في أوت ،9393إضافة إلى الجالء عف منطقة الرايف في موعد أقصاه شير
جواف مف سنة 9311الذي كاف مقر ار أف يتـ في عاـ 9314وفقا لمعاىدة فرساي.1
-2-4مشكمة التضخم الجامح في ألمانيا:
اجتاح ألمانيا تضخـ كبير بعد الحرب العالمية األولى ،وبمغ أقصاه سنة .9391وارتفعت األسعار
أكثر مف مائة مميوف مرة عف مستواىا قبؿ الحرب وفقد المارؾ األلماني قيمتو تماما ،ورفض األفراد التعامؿ
بو ،ويمكف تمخيص أسباب التضخـ فيما يمي4
-التوسع الكبير في إصدار النقود 4لجأت الحكومة األلمانية إلى اإلصدار النقدي لتمويؿ نفقات الحرب ،وما
أف حجـ اإلنتاج اتجو نحو االنخفاض نتيجة الدمار الذي لحؽ بيا بسبب الحرب اختؿ التوازف بيف التيار
-1محمد حمزة حسيف الدليمي ،لبنى رياض الرفاعي ،تاريخ العالم المعاصر ،الطبعة األولى ،دار غيداء ،الموصؿ ،العراؽ ،9191 ،ص ص -915
.949
42
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
النقدي والتيار السمعي وحدث التضخـ ،1وكاف تدىور المارؾ جد سريع ،فبينما كاف الدوالر يعادؿ 93992
ماركا عاـ ،9399صار يعادؿ 951.111ماركا في جويمية ،9391ليصؿ إلى 4911.111ماركا في
نياية نوفمبر مف نفس السنة.2
-ارتفاع أسعار السمع األلمانية بالمقارنة مع غيرىا مف الدوؿ األخرى المنافسة انعكس سمبا عمى الصادرات
األلمانية ،ناىيؾ عف انخفاض حجـ الفائض المتاح لمتصدير في ألمانيا ،إلى جانب الزيادة الكبيرة في
الواردات مما أدى إلى حدوث عجز كبير في ميزاف المدفوعات األلماني ،والذي صحبو انخفاض في قيمة
العممة وارتفاع غي أسعار السمع المستوردة.
-ارتفاع األجور نظ ار لقوة نقابات العماؿ ،وكاف ذلؾ يحدث بصفة مستمرة ويؤدي إلى زيادة التكاليؼ بالنسبة
لممنظميف وزيادة أسعار المنتجات تبعا لذلؾ ،حتى أصبح السباؽ رىيبا بيف مستويات األسعار واألجور.3
ألحؽ تدىور المارؾ األلماني أضرار بالغة عمى االقتصاد ،حيث توقفت التجارة ،و اقفمت العديد مف المحالت
التجارية ،وامتنع المزارعوف عف نقؿ محاصيميـ إلى المدف ،وأصبح األلماف يتخمصوف مف المارؾ األلماني
فور الحصوؿ عميو لتدىور قيمتو المستمر وفقداف الثقة فيو ،ولـ ينجو مف األزمة إال مالؾ األراضي وأرباب
الصناعات والذيف احتفظوا بثرواتيـ المادية كاألراضي الزراعية الخصبة والمناجـ والمصانع.
دفع الوضع االقتصادي المتدىور إلى اتخاذ جممة مف اإلجراءات تمثمت أساسا في ضغط النفقات مف خالؿ
االستغناء عف خدمات أعداد كبيرة مف الموظفيف بمغ عددىـ حوالي 121ألؼ موظؼ وعامؿ دوف دفع
التعويضات ليـ ،وتخفيض رواتب أعداد أخرى منيـ .كما أصدرت ماركا جديدا عوضا عف المارؾ القديـ
حددت قيمتو بما يعادؿ بميوف مارؾ قديـ .وبدأت في تغطية المارؾ الجديد برصيد مف الذىب إلى جانب
استئناؼ دفع التعويضات إلى الحمفاء.4
وتمكنت ألمانيا سنة 9394بعد مواجية التضخـ مف العودة مجددا لقاعدة الذىب التي كانت قد استغنت عنيا
سابقا مف خالؿ قانوف اإلصالح النقدي الصادر في 11أوت .59394
ازدىرت الصناعة األلمانية وشيدت السنوات األخيرة قبؿ حدوث أزمة 9393تشكؿ كارتيالت صناعية كبيرة
ودخوؿ تكنولوجيا جديدة .ولـ تكتؼ ألمانيا فقط لتمويؿ ىذا التحديث باجتذاب القروض مف الواليات المتحدة
األمريكية بؿ أنيا دفعت كامؿ التعويضات مف القروض تقريبا ،وقامت بتمويؿ مشروعات أخرى بتمؾ
القروض التي كاف مجمميا قصير األجؿ وبأسعار فائدة عالية.1
-1ج.آ.س غرنفيؿ ،ترجمة ومراجعة عمي مقمد ،الموسوعة التاريخية العسكرية ألحداث القرن العشرين ،المجمد األوؿ ،الطبعة األولى ،الدار العربية
لمموسوعات ،بيروت ،لبناف ،9199 ،ص .919
-2سميـ مجمخ ،األزمة المالية واالقتصادية العالمية لسنة 2008وآثارها عمى الدول النامية -دراسة حالة الجزائر ،-الطبعة األولى ،دار الكتاب
الجامعي ،العيف ،اإلمارات ،9191 ،ص .49
-3عبد الرزؽ سعيد بمعباس ،ما معنى األزمة؟ ،مقاؿ منشور ضمف مؤلؼ بعنواف األزمة المالية العالمية 4أسباب وحموؿ مف منظور إسالمي ،الطبعة
األ ولى ،مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي ،جامعة الممؾ عبد العزيز ،جدة ،السعودية ،9113 ،ص .91
44
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
-1-2أسباب أزمة الكساد العظيم :1929حدثت أزمة الكساد العظيـ نتيجة تظافر جممة مف السباب نورد
أىميا فيما يمي4
أ -االنتعاش المسجل في االقتصاد األمريكي :حقؽ االقتصاد األمريكي انتعاشا في فترة الحرب العالمية
األولى وفي السنوات األولى التي تبعتيا نتيجة لتدىور االقتصاد األوربي مف جية ،وازدىار الصناعة
األمريكية بسبب إتباع األساليب العممية في اإلنتاج (المكننة الحديثة ،خطوط اإلنتاج التجميعية ،تنميط
اإلنتاج وغيرىا) ،وكذلؾ بسبب توفر رؤوس األمواؿ والثروات الطبيعية والسوؽ االستيالكية الواسعة ،1ولكف
تمؾ األسواؽ أغمقت تقريباً في وجو المنتجات األمريكية منذ عاـ 9391بعد أف تمكنت الدوؿ األوربية مف
استعادة قدرتيا اإلنتاجية التي كانت عمييا قبؿ الحرب ،مما أدى إلى انخفاض نسبة الصادرات األمريكية
فصار االقتصاد األمريكي يعاني مف آثار االنكماش االقتصادي (وىو ظاىرة اقتصادية يمر بيا نظاـ
االقتصاد الرأسمالي ويتميز بانخفاض اإلنتاج وتدىور األجور واألسعار وانتشار البطالة) ،وحاولت الواليات
المتحدة األمريكية معالجة ىذا الوضع عف طريؽ توسع االئتماف ،فوضعت البنوؾ األمريكية اعتمادات
ضخمة تحت تصرؼ المنتجيف والمستيمكيف األمريكييف وبفضؿ ىذه االعتمادات استطاعت الواليات المتحدة
األمريكية إزاحة آثار االنكماش ظرفيا ،كما أوقفت تحويؿ رؤوس األمواؿ تجاه الدوؿ األوربية لمساعدتيا في
عممية اإلصالح االقتصادي شريطة أف تشتري مف الواليات المتحدة المواد والسمع األولية التي تحتاجيا ،ولكف
أدى ذلؾ فيما بعد إلى ارتفاع مؤشر سوؽ األسيـ والذي لـ يكف متناسبا مع واقع النشاط االقتصادي.2
ب -االرتفاع الكبير في أسعار األسهم :حيث بمغ تصاعد أسعار األسيـ بيف جواف 9392وسبتمبر 9393
حوالي % 15في بورصة نيويورؾ بسبب4
التصريحات المتفائمة :وىي صادرة عف صناعييف ،مثؿ المدير العاـ لشركة جنراؿ موتورز سنة ،9392
أو عف رجاؿ سياسة كوليدج ( )Coolidgeرئيس الواليات المتحدة األمريكية حتى مارس ،9393وحتى
ىوفر ( )Hooverالذي جاء مف بعده ،وعف اقتصادييف مثؿ ايرفنج فيشر ( ،)Irving Fisherأما شركة
ىارقرد االقتصادية فقد استمرت في تفاؤليا حتى بعد االنييار ،فقد صرح مدراؤىا في ديسمبر 9393بأف
األزمة بعيدة االحتماؿ؛
-1ماجد محمد الفرا ،األزمة المالية واالقتصادية األمريكية وتبعاتها ،تاريخ االطالع49192-14-92 4
http://site.iugaza.edu.ps/melfarra/files/2010/02/financial_crises_in_US.doc
-2أ حمد محمد جاسـ الدايني ،األزمة االقتصادية العالمية ( ،)1933-1929جامعة ديالي ،العراؽ ،تاريخ االطالع49192-14-92 4
http://www.basicedu.uodiyala.edu.iq/PageViewer.aspx?id=412
46
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
وفرة االدخار وسهولة االقتراض :أتاحت وفرة االدخار بعد عدة سنوات مف الرخاء وسيولة الحصوؿ عمى
القروض إلى تمويؿ المشروعات نقدا والمشتريات الحدية عمى أساس تقنية ىامش الضماف؛
إنشاء وتأثير الشركات االستثمارية المتعددة :ىذه الشركات ممولة مف االستعانة باالدخار العاـ وخاصة
االدخار الصغير ،وتستعمؿ الرساميؿ المحصمة لمحصوؿ عمى األوراؽ المالية؛
تسامح السمطات النقدية :لـ تستطع السمطات النقدية األمريكية أو لـ ترغب بالوقوؼ في وجو حركة
االرتفاع عندما بدا واضحا أنيا تتجاوز المألوؼ ،خاصة أف ارتفاع معدؿ الخصـ مف قبؿ البنؾ الفدرالي
االحتياطي لنيويورؾ مف 1إلى %5في أوت 9393كاف متأخ ار.1
-2-2حدوث األزمة:
بدأت بوادر األزمة تظير في سبتمبر 9393بعد ىدوء عمميات الشراء لألسيـ مقارنة بالفترات
السابقة ،وتعمقت أكثر في 92أكتوبر مف نقس السنة ،حيث بدأت الشكوؾ تراود المضاربيف فيما يتعمؽ
بمواصمة ارتفاع أسعار األسيـ وحوؿ وجود مف يرغب في شراء أوراؽ مالية مبالغ في تقييميا ،وفعال انتشر
الذعر بيف حاممي األسيـ مما جعميـ يعرضوف لمبيع يوـ الخميس 94أكتوبر ( 29393الخميس األسود) ما
يقارب 91مميوف سيـ دفعة واحدة ،فخسر تبعا لذلؾ مؤشر داو جونز حوالي %9995مف قيمتو خالؿ
الصباح ،في نفس اليوـ وجد أالؼ المساىميف أنفسيـ مفمسيف ،واستكممت األزمة تأثيرىا في يوـ الثالثاء 93
أكتوبر ،9393وانيارت البورصة مسجمة خسائر قدرت ب ػ 11مميار دوالر لمفترة مف اندالعيا حتى 91
نوفمبر .39393أدى انييار أسعار األسيـ ،إلى عجز المضاربيف والمستثمريف عف تسديد ديونيـ فأفمست
البنوؾ تبع لذلؾ ،واجتاحت موجات الذعر أفرادا آخريف وىـ المودعوف الذيف فقدوا الثقة في البنوؾ وطالبوىا
بدفع ودائعيـ مما أدى إلى إفالس ىذه األخيرة وعجزىا عف دفع مستحقات المودعيف التي ال تممؾ إال جزءا
صغي ار منيا في شكؿ احتياطات نقدية .4وسرعاف ما تحولت األزمة المالية إلى أزمة اقتصادية عندما انخفض
الطمب عمى السمع بسبب إفالس الكثير مف األفراد وخوؼ اآلخريف عمى مدخراتيـ المالية إضافة إلى البطالة
-1وداف بو عبد اهلل ،آليات المؤسسات النقدية في التوقي ومواجهة األزمات المالية الدولية -دراسة حالة األزمة المالية العالمية ،-أطروحة دكتوراه
غير منشورة ،كمية العموـ االقتصادية وعموـ التسيير والعموـ التجارية ،جامعة أبو بكر بمقايد ،تممساف ،الجزائر ،9191 -9194 ،ص ص .34-31
2
- Le Krach de 1929 (1926-1933), petite histoire de la crise, 23/11/2015, consulter le 91-14-2018:
http://www.dejonghe-finance.com/wp-content/uploads/2017/07/Krach-de-1929.pdf
-3وليد أحمد صافي ،األزمة المالية العالمية :2008طبيعتها ،أسبابها ،وتأثيراتها المستقبمية عمى االقتصاد العالمي ،ممتقى دولي حوؿ األزمة
المالية الراىنة والبدائؿ المالية والمصرفية المنعقد يومي 1و 5ماي ،9113المركز الجامعي بخميس مميانة ،الجزائر ،ص .2
4
- Le Krach de 1929 (1926-1933), op cit.
47
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
التي مست عددا كبي ار مف األمريكييف بسبب إلفالس المؤسسات وغمقيا ،إف اجتماع ىذه األسباب ولّد خمال
بيف الطمب عمى السمع والخدمات وعرضيا فنتج عنو كساد السمع وانخفاض أسعارىا.
-3-2خصائص األزمة :تميزت ىذه األزمة بجممة مف الخصائص أىميا:
-تسببت في زعزعة االستقرار في النظاـ الرأسمالي بكاممو؛
-كاف ليا صفة دورية انطالقا مػف ارتباطيا الوثيؽ باألزمات االقتصادية الدورية في النظاـ الرأسمالي؛
-استمرار ىذه األزمة لفترة طويمة نسبيا حيث استغرقت حوالي أربع سنوات؛
-عمؽ وحدة ىذه األزمة بشكؿ استثنائي ،ففي الواليات المتحدة األمريكية مثال انخفضت الودائػع لدى البنوؾ
بمقدار ،% 11وانخفضت عمميات الخصـ واإلقراض بمقدار مرتيف ،وكاف عدد البنوؾ المفمسة منذ بداية عاـ
9393حتػى منتصػؼ 9311أكثػر مػف 91111بنؾ أي حوالي %41مف إجمالي عدد البنوؾ األمريكية.
مما أدى إلى ضياع الكثيػر مف مدخرات المودعيف ،خاصة الصغيرة منيـ .وكاف ظيور ىذه األزمة في
األسػواؽ الماليػة مف خالؿ انييار أسعار األوراؽ المالية التي انخفضػت بنسػبة % 55في ألمانيا و% 31فػي
الواليػات المتحدة؛
-االنخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة ،فخػالؿ الفترة 9311-9311كاف سعر الخصـ في بنؾ
انجمتػ ار بحدود %1.9مقابؿ %1.1في عاـ ،9393ولدى البنػؾ المركػزي بنيويورؾ %9.5مقابؿ .%1.9
في بداية األزمة كاف االرتفاع في أسعار الفائدة ناتجػا عػف تزايد الطمب عمى النقود لسداد القروض السابقة،
ولكف مع استمرار األزمة انخفض الطمب عمى القروض بشكؿ حاد بسبب انخفاض اإلنتاج الصناعي
والمبادالت ،وأيضا زيادة عرض رؤوس األمواؿ ىذا باإلضافة إلى أف سياسة النقود الرخيصة التي اتبعتيا
البنػوؾ المركزيػة بيػدؼ معالجة األزمة ورفع مستوى النشاط في االقتصاد قد ساىمت إلى حد بعيد في
انخفاض أسػعار الفائدة .وتسببت إف المستويات المتدنية ألسعار الفائدة في إطالة أمد األزمة ،كمػا أف
المقرضػيف كانوا يغالوف في طمب الضمانات عمى القروض مما كاف يؤدي إلى انخفػاض الطمػب عمػى
االقتراض؛
-اختالؼ أمد ودرجة حدة األزمة مف بمد آلخر بشكؿ كبير؛
-ترافقت األزمة بتقمبات حادة في أسعار صرؼ العمالت ،مما نتج عنو انييار النظاـ الذىبي في معظـ
الدوؿ ،وفي نفس الوقت تدىورت القوة الشرائية لمعظـ العمالت بسبب تزايد العجز فػي الموازنة العامة
وموازيف المدفوعات وانخفاض حجـ االحتياطات الذىبية الرسمية؛
48
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
-نتج عف أزمة االئتماف الدولي طويؿ األجؿ توقؼ 91دولة عف سداد قروضيا الخارجية منيػا ألمانيػا
والنمسا.1
-1مرواف عطوف ،األسواق النقدية والمالية (البورصات ومشكالتها في عالم النقد والمال) ،الجزء الثاني ،ديواف المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
،9111ص ص .914-911
-2رفيقة صباغ ،األزمات المالية العالمية وأثرها عمى الدول النامية –دراسة تحميمية ألثر أزمة الرهن العقاري عمى اقتصاديات دول مجمس التعاون
لدول الخميج العربية ،-أطروحة دكتوراه غير منشورة ،جامعة أبو بكر قايد ،تممساف ،الجزائر ،9194 -9191 ،ص .12
49
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
-إفالس البنوؾ األمريكية حيث أعمف إفالس 1111بنؾ ،وخسر المودعوف ما يعادؿ 3مميار دوالر؛
-إفالس شركات المقاوالت نتيجة ضعؼ االستثمارات ومحدودية القروض؛
-انخفاض اإلنتاج واالستيالؾ فارتفعت نسب البطالة وتضررت الفالحة بعد انخفاض أسعار منتجاتيا،
وتواترت اليجرة القروية وتضخـ عدد العاطميف فازداد البؤس االجتماعي؛
-إغالؽ أالؼ الشركات أبوابيا وسرحت أالؼ العماؿ في فترة زمنية قصيرة لـ تتجاوز 5شيور حيث أصبح
أكثر مف %11مف القوى العاممة بال عمؿ.1
-5-2طـرق مـعالجـة أزمـة :1929
سنتعرض ألىـ اإلجراءات التي قامت بيا الدوؿ الصناعية الكبرى آنذاؾ ،لمخروج مف األزمة وىي
الواليات المتحدة األمريكية ،انجمترا ،فرنسا وألمانيا ،والتي تتمثؿ في42
أ -خطة التحرك الجديد لمواليات المتحدة األمريكية ( 4)New Dealىي خطة إجراءات تيدؼ لمخروج
السريع مف الكساد ،مف خالؿ4
األولوية األولى لمحاربة البطالة 4عبر إنشاء مجموعة مف الوكاالت الفدرالية لتشغيؿ البطاليف في نشاطات
المنفعة العامة .كما أطمقت الحكومة عدد مف المشاريع العمومية الضخمة بما قيمتو 1.1مميار دوالر ،إضافة
إلى إنشاء وكاالت محمية إلدارة وتوجيو األشغاؿ عمى المستوى الجيوي .مف جية أخرى ،تدعيـ اإلعانات
المقدمة لمبطاليف باحتساب أفراد عائالتيـ ،حيث قدمت مساعدات الدولة لػ 91مميوف شخص سنة .9314
األولوية الثانية لمحاربة فائض اإلنتاج وانخفاض األسعار 4استيدفت الحكومة الرفع السريع لألسعار،
كشرط لتجديد قدرة المؤسسات عمى تحقيؽ األرباح.
وتمثؿ سياسة األسعار الجوىر األصمي لمخطة ،وفي ىذا المجاؿ تـ سف قانونيف أساسييف يعمالف
عمى الحد مف انخفاض األسعار .األوؿ ،متعمؽ بمحاولة إنعاش أسعار السمع الزراعية ،مف خالؿ تشجيع
المزارعيف عمى اإلنتاج بتقديـ منح مادية .الثاني ،متعمؽ بمحاولة رفع أسعار السمع الصناعية ،بحيث اقترحت
الحكومة عمى الصناعييف والنقابات العاممة في نفس القطاع إبراـ اتفاقات 'منافسة قانونية' تحدد األجر
50
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
األدنى ،تمتزـ بتخفيض ساعات العمؿ ،الحد األقصى لإلنتاج ،والحد األدنى ألسعار السمع .وفي المقابؿ تقدـ
مساحات إعالنية مجانا لممؤسسات الصناعية لتحفيز المستيمكيف عمى شراء منتجاتيـ.
وبالفعؿ ،ارتفعت أسعار السمع الزراعية ب ػ %91مف 9319إلى ،9314فيما زاد اإلنتاج الصناعي بػ
%51مف 9319إلى ،9311أما عدد البطاليف فقد انخفض إلى 1.1مميوف شخص.
ب -تخفيض قيمة العممة في انجمترا :عند بداية األزمة وانحسار التجارة الخارجية انخفضت الصادرات بػ
%45بيف 9393و ،9319حاولت انجمت ار أوال دعـ عممتيا باالقتراض مف الواليات المتحدة األمريكية
وفرنسا .لكف في سبتمبر 9319قامت بتعويـ الجنيو اإلسترليني ولـ يستقر انخفاضو إال نياية السنة بعد أف
تدنى بنسبة ،%19ورافؽ ىذا التدني انخفاض كبير ألسعار الفائدة (وصمت إلى .)%9
قادت ىذه السياسة إلى نتائج فورية .فابتداءا مف 9319ارتفع اإلنتاج الصناعي بػ ،%91
كما انخفض معدؿ البطالة ب ػ.%1
ج -االقتصاد األلماني في يد النازية 4اعتمد الحزب النازي عمى سياسة إنعاش طوعية مؤسسة عمى الطمب
الداخمي بدؿ االستيراد .فتبنت خطة أولية لإلنعاش سنة 9311بضخ النقود في االقتصاد في شكؿ مساعدات
مالية لبناء المساكف واألشغاؿ العمومية الكبرى خاصة الطرؽ .وقد تزايدت ىاتو اإلعانات مف 9.1مميار
مارؾ سنة 9311إلى 91.1مميار مارؾ سنة .9312وقد سمحت ىذه السياسة بتخفيض معدالت البطالة
إلى 1مالييف سنة .9311وابتداءا مف 9311تبنت خطة رباعية(لمدة أربع سنوات) واستيدفت4
تشكيؿ مخزوف مف المواد األولية االستراتيجية؛
رفع إنتاج الصناعات الثقيمة والصناعات الحربية؛
تكثيؼ سياسة اإلحالؿ.
أدى ىذا البرنامج إلى نتائج معتبرة ،فارتفع إنتاج الصمب ومعو الناتج المحمي الوطني ب ػ %4.4
سنويا ،وفي 9313زالت البطالة تماما.
د -برنامج اليسار الفرنسي 4تبنت الحكومة برنامجا إلنعاش االقتصاد ،يعتمد عمى ثالث نقاط رئيسية4
إنعاش اإلنتاج عبر رفع المداخيؿ والقياـ بالمشاريع الضخمة؛
تخفيض ىاـ في ساعات العمؿ (دوف تخفيض األجور)؛
رفض خفض قيمة العممة.
51
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
كانت نتائج البرنامج مقبولة ،فقد ارتفع اإلنتاج الصناعي بػ % 95في سنة واحدة ،وانخفضت
البطالة بػ %92بيف .9312-9311
-1-2الممكية العامة لوسائل اإلنتاج :تعتبر الممكية العامة لوسائؿ اإلنتاج األساس االقتصادي لمنظاـ
االشتراكي .وىذا يعني أف جميع أفراد المجتمع متساووف فيما بينيـ حياؿ ممكية وسائؿ اإلنتاج ،بحيث تصبح
معظـ الموارد االقتصادية ممكا لممجتمع ،بما في ذلؾ األرض والصناعات والبنوؾ وقطاع الماؿ والتجارة.1
-2-2إشباع احتياجات المجتمع المتنامية :ييدؼ النظاـ االشتراكي باألساس إلشباع حاجات غالبية أفراد
المجتمع االشتراكي .أي أف الخطة االقتصادية تسجؿ بيا وتحدد الحاجات االجتماعية الواجب إشباعيا في
فترة زمنية معينة عمى المدى القصير والمتوسط والبعيد ،مع إيالء جانب ترتيب ىذه الحاجات لتخضع ىي
األخرى إلى الزمف الحاضر والمستقبؿ وفي أولوية إشباعيا.2
-3-2التخطيط المركزي :يعتمد النظاـ االشتراكي عمى جياز التخطيط المركزي ،بدال مف جياز األثماف
الذي تعتمد عميو الرأسمالية ،والتخطيط المركزي في الدوؿ االشتراكية يعني تنظيـ اإلنتاج والتبادؿ والتوزيع
واالستيالؾ ،فمثال يتـ تنظيـ اإلنتاج في النظاـ االشتراكي مف حيث كمية السمع المراد إنتاجيا وأنواعيا
والمواد التي تستخدـ في ذلؾ عف طريؽ جياز التخطيط المركزي الذي يعد الجية الوحيدة لتحديد العرض
والطمب في ظؿ ىذا النظاـ.3
-4-2توزيع الناتج االجتماعي :لكؿ حسب عممو -لكؿ حسب حاجتو 4حيث يتـ توزيع الناتج االجتماعي
عمى أساس أف نصيب كؿ فرد منو يتحدد وفقا لمدى مساىمتو الحقيقية في النشاط االقتصادي .وأساس
المساىمة الحقيقية ىو العمؿ ،فالدخؿ يوزع طبقا لمبدأ "لكؿ بحسب عممو" ،ولكؿ ىذا المبدأ ليس معيا ار
مطمقا .بؿ يكممو معيار آخر وىو "لكؿ بحسب حاجتو" وىذا األخير يعبر عف الدخؿ العيني أو الخدمات التي
يجب أف تقدـ لجميع األفراد في المجتمع االشتراكي .بصرؼ النظر عف قدراتيـ وخبراتيـ المتمايزة ،وبصرؼ
النظر عف مقدار ما ساىموا بو في اإلنتاج وتقدـ المجتمع ،ومف أىـ صور ىذه الخدمات التعميـ والصحة
والتأميف االجتماعي واعانات األسرة.4
-4عيوب النظام االقتصادي االشتراكي :تتمثؿ أىـ عيوب النظاـ االقتصادي االشتراكي بما يمي45
-فقداف الحافز لدى أفراد المجتمع لسببيف أحدىما عدـ السماح بالممكية ثانييما عدـ السماح بالمشاركة
باألرباح ،وىذاف األمراف ىما أىـ دعامتاف في اإلنتاجية والتنمية.
-1خمفاف حمد عيسى ،النظرية اإلسالمية في االقتصاد ،الطبعة األولى ،دار الجنادرية ،عماف ،األردف ،9195 ،ص .19
-2عبد اهلل ساقور ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .19
-3خمفاف حمد عيسى ،مرجع سبؽ ذكره ،ص ص .19-19
-4زينب حسيف عوض اهلل ،سوزي عدلي ناشد ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .952
-5عامر محمد سعيد طوقاف ،النظام االقتصادي االسالمي بين النظرية والتطبيق ،الطبعة األولى ،دار البيروني ،عماف ،األردف ،ص .11
53
المحور الخامس -الوقائع االقتصادية بين الحربين
-انخفاض إنتاجية العامؿ 4حيث أف غياب الحافز يفقد العامؿ الدافع إلى تجويد عممو ورفع مستوى إنتاجيتو.
-ضعؼ الكفاءة في توظيؼ الموارد المتاحة ألف اإلدارة ىي الدولة ،والذي يقوـ بإدارة الموارد ىي الفئة
الحاكمة في دولة النظاـ االشتراكي بغض النظر عف كفاءتيا.
-سيادة وانتشار البيروقراطية في كافة مؤسسات الدولة ،وتعقيد اإلجراءات وتطويميا.
-ضعؼ تحقؽ العدالة بيف أفراد المجتمع حيث قد تحصؿ الفئة األكثر قربا مف الحكاـ عمى ميزات أكثر
وأفضؿ.
-انعداـ وسائؿ حياة الرفاىية بيف معظـ أفراد المجتمع ،وربما يستثنى مف ذلؾ بغض أفراد الفئة الحاكمة.
54
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
تمييد:
أدت المشاكؿ التي شيدىا العالـ في بداية القرف العشريف والتي تتمثؿ أساسا في الحربيف العالميتيف
وأزمة الكساد العظيـ إلى خمؽ جو مف عدـ االستقرار االقتصادي وباتت ىناؾ فوضى كبيرة تسيطر عمى
العالقات االقتصادية الدولية وعمى النظاـ االقتصادي العالمي بصفة عامة ،األمر الذي استدعى ضرورة
العمؿ عمى إعادة التوازف االقتصادي مف خالؿ وضع قواعد تضبط العالقات الدولية وتنظميا وذلؾ في إطار
ما عرؼ بنظاـ بريتوف وودز.
شيد االقتصاد العالمي بعد نظاـ بريتوف وودز نوعا مف االستقرار والتحسف ،إال أف خريطة العالـ
االقتصادية بدأت بالتغير تدريجيا لصالح بعض الدوؿ كاالقتصاديات اآلسيوية التي برزت كقوى اقتصادية
جديدة عمى الساحة الدولية ،وعمى حساب دوؿ أخرى كاالتحاد السوفياتي الذي تفكؾ وانيار معو معسك ار
كامال كاف ينتيج النظاـ االشتراكي وبالتالي اختفاء الثنائية القطبية التي كانت تجمعو مع الواليات المتحدة
األمريكية والتحوؿ إلى القطبية األحادية بقيادة ىذه األخيرة ،التي لـ تتأخر كثي ار في اإلعالف عف نظاـ
اقتصادي عالمي جديد كاف مقدمة لما عرؼ فيما بعد بالعولمة االقتصادية وزيادة الترابط بيف دوؿ العالـ،
والتحوؿ التدريجي لسيطرة النظاـ الرأسمالي.
ولطالما ارتبط النظاـ الرأسمالي منذ نشأتو باألزمات االقتصادية ،إال أف ىذه األزمات تختمؼ مف
حيث قوتيا ومدتيا مف فترة ألخرى ،وكانت أزمة 1929أعنؼ أزمة شيدىا النظاـ الرأسمالي إلى أف حدثت
أزمة 2008والتي كانت أشد بكثير مف سابقتيا.
-1زينب حسيف عوض اهلل ،العالقات االقتصادية الدولية ،دوف طبعة ،الدار الجامعية ،بيروت ،لبناف ،1995 ،ص .151
55
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
ويتضح مف التعريؼ أف النظاـ النقدي الدولي ييتـ أساسا بالعالقات النقدية الدولية وتسيير وتسييؿ التجارة
الدولية والعالقات االقتصادية.1
كما يعرؼ النظاـ النقدي الدولي أيضا عمى أنو اإلطار المؤسسي لممبادالت الدولية ويتكوف مف
مجموعة مف القواعد واآلليات التي تيدؼ إلى إصدار ورقابة النقد الدولي ،ويسعى في اإلجماؿ إلى تأميف
تطور متوازف لممبادالت الدولية ،ومف ثـ نمو االقتصاديات الوطنية.2
ويعرؼ أيضا عمى أنو مجموعة القواعد واآلليات والتنظيمات التي تتكفؿ بتسوية المدفوعات الدولية
وتصريؼ أمور العالقات النقدية بيف الدوؿ عمى نحو يدعـ فعالية التجارة الخارجية الدولية متعددة األطراؼ.3
ويتميز النظاـ النقدي الدولي بجممة مف الخصائص التي إذا ما تكاممت وتفاعمت فيما بينيا أدت إلى
ضماف كفاءة وفعالية أدائو ،وتتمثؿ ىذه الخصائص أساسا في:4
-وجود مؤسسات تنظيمية تتولى إدارة وتوجيو ىذا النظاـ ،كصندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي.
-توفير آلية يتـ مف خالليا عمؿ النظاـ ،ويمكف أف تتمثؿ في وسائؿ تسوية المبادالت الدولية كالذىب
والعمالت األجنبية وحقوؽ السحب الخاصة وما إلى ذلؾ مف األشكاؿ المقبولة كوسائؿ لتسوية المبادالت
والمعامالت عمى النطاؽ الدولي.
-توفير إجراءات يتـ مف خالليا تسيير التدفقات النقدية ،لتسييؿ المبادالت الدولية وتسويتيا وتطويرىا
واستقرارىا.
-2نشأة وتطور نظام بريتون وودز:
في نياية عاـ 1942فكرت كؿ الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا في تعديؿ النظاـ النقدي
الدولي ،نتيجة االضطرابات النقدية خالؿ الحربيف العالميتيف ،والتي خمفت بدورىا نوعا مف الفوضى
االقتصادية ،وقدتـ في إطار ذلؾ تحضير مشروعيف أساسييف أوليما تقدـ بو جوف مينارد كينز ممثال
لبريطانيا ،وثانييما تقدـ بو ىاري وايت ممثال لمواليات المتحدة األمريكية.5
-1فاطمة الزىراء خبازي ،النظام النقدي الدولي( المنافسة أورو -دوالر ) ،الطبعة األولى ،دار اليازوري ،عماف ،األردف ،2013 ،ص .09
-2عبد الكريـ عبيدات ،النظام النقدي الدولي المعاصر وىيمنة الدوالر األمريكي ،مجمة معارؼ ،العدد ،19ديسمبر ،2015ص .441
-3لقماف معزوز ،شريؼ بودري ،المنافسة بين الدوالر واألورو في ظل استقرار النظام النقدي الدولي ،مجمة الباحث ،العدد ،2011 ،09ص.74
-4فاطمة الزىراء خبازي ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .10
5
- Yves Carsalade, Les grandes étapes de l'histoire économique: revisiter le passé pour comprendre le
présent et anticiper l'avenir, éditions de l’école polytechnique, France, Mars 2004, P 194.
56
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وبغرض دراسة المشروعيف وابراـ اتفاقية دولية تسمح بإنشاء نظاـ دفع قادر عمى خمؽ االستقرار
الدولي اجتمعت 44دولة مدينة بريتوف وودز بوالية نيوىامبشير بالواليات المتحدة في شير جويمية 1944
ووقعت االتفاقية رسميا في 22مف الشير نفسو.1
تضمف مشروع كينز إيجاد مؤسسة دولية تتمتع بسمطة إصدار عممة خاصة بيا سميت البانكور (le
)Bancorقابمة لمتحويؿ إلى ذىب ،مع تمتع ىذه المؤسسة بشيء مف السمطة تفرضيا عمى االقتصاديات
الوطنية لمدوؿ األعضاء في ىذه المؤسسة.
واقترح كينز فرض عقوبات عمى الدوؿ األعضاء التي تتمتع بفوائض في موازيف مدفوعاتيا ،وكذلؾ
عمى الدوؿ األعضاء التي تعاني مف عجز في موازينيا إضافة إلى تقديـ قروض لمدوؿ األعضاء حسب
أىمية كؿ دولة في التجارة الدولية ،ويبدو أف االقتراحات التي قدميا كينز ترتبط بموقع انجمت ار في االقتصاد
العالمي ،إذ كانت انجمت ار وحتى ذلؾ الوقت تمعب دو ار كبي ار في التجارة الدولية وذلؾ لكثرة مستعمراتيا إال أف
األمريكييف رفضوا اقتراح كينز الداعي إلى فرض عقوبات عمى الدوؿ الدائنة والمدينة عمى حد سواء ،خاصة
وأف أمريكا تتمتع بفائض في ميزات مدفوعاتيا ،كما رفضوا اقتراح منح القروض حسب أىمية كؿ دولة في
التجارة الدولية ،وبدال مف ذلؾ اقترحوا أف تمنح القروض حسب حصص األعضاء في المؤسسة الدولية
المنشودة.
أما المشروع األمريكي ليوايت فقد استيدؼ إيجاد مؤسسة دولية تعمؿ عمى الحيمولة دوف تكرار
المشاكؿ التي واجييا نظاـ النقد الدولي خالؿ حقبة الثالثينات في القرف ،والتي تمثمت في تخفيض قيمة
العممة عمى صعيد تنافسي بيف الدوؿ ،ورفع القيود المفروضة عمى عمميات الصرؼ الخارجية وعمى التجارة
الدولية ،ولمتخمص مف النقص في االحتياطات الدولي ة . 2كما اقترح أف تكوف وحدة التعامؿ ىي
اليونيتاس ̏ ˝Unitasالتي ترتبط قيمتيا بوزف معيف مف الذىب ،وعمى الدوؿ أف تحدد قيمة عممتيا بالذىب أو
اليونيتاس ،وليس ليا الحؽ في تغيير ىذه القيمة إال بعد موافقة أربعة أخماس أصوات الدوؿ األعضاء في
المؤسسة .وستفتح المؤسسات حسابات دائنة ومدينة تقيد فييا األرصدة ،Unitasويمكف سحب العممة
بالذىب بالعمالت األخرى .كما اقترح ىاري أف يكوف حجـ الحصة ألي دولة عمى أساس حجـ ما في حوزة
1
- Saâd Dhif, Le régime monétaire de Bretton Woods: origines, fondements et critiques, mémoire de
licence, faculté des sciences économique et sociales, Université de Fribourg, Suisse, 2017, P9.
-2ضياء مجيد الموسوي ،أسس عمم االقتصاد ،الجزء الثاني ،ديواف المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2014 ،ص ص .216-213
57
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
الدولة مف ذىب ونقد أجنبي وحجـ دخميا الوطني ،وىو بيذا الشكؿ كاف بعبر عف مصمحة الواليات المتحدة
األمريكية التي كانت آنذاؾ تممؾ أكبر كمية مف الذىب العالمي وتحقؽ أعمى دخؿ في العالـ.1
وعموما تشابو المشروعاف مف حيث المبادئ األساسية ،فقد تضمف كؿ منيما:
-إيجاد مؤسسة مركزية نقدية دولية.
-السعي وراء تحقيؽ التوازف في موازيف المدفوعات الدولية.
-توفير ائتماف دولي لألعضاء.
-العمؿ عمى استقرار أسعار الصرؼ.
وقد جاء اتفاؽ المؤتمروف متأث ار بالمشروع األمريكي أكثر مف تأثره بالمشروع االنجميزي ،وذلؾ بفضؿ
ثراء أمريكا وقوتيا العسكرية ووقوؼ دوؿ أمريكا الالتينية إلى جانبيا وبيذا استطاعت التغمب عمى معارضييا
في مؤتمر بريتوف وودز ،2وتمخض عف ىذا المؤتمر ارساء نظاـ نقدي عالمي جديد ،إلى جانب إنشاء كؿ
مف صندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير.
-3أسس النظام النقدي الجديد :ارتكز نظاـ بريتوف وودز عمى األسس التالية:3
-إنشاء مركز نقدي دولي يتولى اإلشراؼ والعمؿ عمى تحقيؽ األىداؼ األساسية لمنظاـ النقدي الدولي،
ويمثؿ صندوؽ النقد الدولي ىذا المركز.
-إنشاء نظاـ نقدي مبني عمى قاعدة الذىب /الدوالر .وأصبح الدوالر العممة الرئيسية لمنظاـ النقدي الدولي،
وتـ تحديده عمى أساس أف كؿ أونس مف الذىب يعادؿ 35دوالرا ،وبما أف جميع العمالت كاف ليا سعر
تعادؿ مع الذىب ،أصبحت جميعيا – بالتالي – مرتبطة بنظاـ نقدي ذي أسعار تعادؿ ثابتة ،وسمح لمدوالر
وحده بقابمية التبديؿ بالذىب بالنسبة إلى األرصدة الخارجية ...وقد تعيدت الواليات المتحدة األمريكية بتبديؿ
الدوالر بالذىب ،رغبة منيا في تعزيز الثقة بالدوالر واالطمئناف إليو كقاعدة لنظاـ النقد الدولي الجديد.
-التزاـ الدوؿ األعضاء باالتفاقية بتثبيت أسعار صرؼ عمالتيا بالنسبة لمعمالت األخرى ،بحيث ال تتغير
إال في حدود ىوامش ال تزيد عف ( )%1صعودا أو ىبوطا عف األسعار الرسمية التي تـ تحديدىا .وال
يستثنى مف ذلؾ إال حالة تصحيح اختالالت خطيرة أو مزمنة في موازيف المدفوعات عمى أف يكوف ذلؾ بعد
موافقة الصندوؽ.
-1جياد عودة ،مقدمة في العالقات الدولية المتقدمة ،الطبعة األولى ،المكتب العربي لممعارؼ ،القاىرة ،مصر ،2013 ،ص . 303
-2ضياء مجيد الموسوي ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .216
-3ميا رياض عبد اهلل ،صندوق النقد الدولي -تقدير اقتصادي إسالمي ،-الطبعة األولى ،المعيد العربي لمفكر اإلسالمي ،بيروت ،لبناف،2012 ،
ص ص .31-30
58
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-1إسماعيؿ محمد سمطاف ،االقتصاد السياسي ،الطبعة األولى ،دار الراية ،عماف ،األردف ،2012 ،ص .104
2
- Sabine Dammasch, The System of Bretton Woods A lesson from history, consulter le 6-03-2018:
http://www.ww.uni-magdeburg.de/fwwdeka/student/arbeiten/006.pdf
-3محمد شاىيف ،االقتصاد المعرفي وأثره عمى التنمية االقتصادية لمدول العربية ،الطبعة األولى ،دار حميثرا ،بيروت ،لبناف ،2018 ،ص .264
-4المادة األولى ،اتفاقية تأسيس صندوؽ النقد الدولي ،الطبعة العربية ،صندوؽ النقد الدولي ،واشنطف ،الواليات المتحدة األمريكية ،ص .6
59
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
توفير الثقة بيف البمداف األعضاء عف طريؽ إتاحة موارد الصندوؽ العامة ليا بصفة مؤقتة وبضمانات
كافية ،ومف ثـ إعطاؤىا الفرصة لتصحيح االختالالت التي تصيب موازيف مدفوعاتيا دوف المجوء إلى تدابير
مف شأنيا اإلضرار بالرخاء عمى المستوى الوطني أو الدولي.
تقصير أمد االحتالؿ في موازيف المدفوعات الدولية لمبمداف األعضاء وتخفيؼ حدتو ،وفقا لما ورد آنفا.
-2-4البنك الدولي:
إف مصطمح البنؾ الدولي يمثؿ التسمية الحالية لمجموعة مف المؤسسات التمويمية والتي تضـ بينيا
البنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير والذي يمثؿ المؤسسة الثانية التي تمخضت عف اتفاقية بريتوف وودز سنة
،1944وبدأ عممو رسميا في 25جويمية ،11946وأنشئ أساسا مف أجؿ إعادة بناء اقتصاديات الدوؿ التي
تـ تدميرىا خالؿ الحرب العالمية الثانية ،ولقد كاف أوؿ قرض قدمو البنؾ في نياية عقد األربعينات مف القرف
العشريف مف أجؿ إعمار الدوؿ األوروبية.2
أ -مفيوم البنك الدولي :ىو المؤسسة االقتصادية العالمية المسؤولة عف إدارة النظاـ المالي الدولي واالىتماـ
بتطبيؽ السياسات االقتصادية الكفيمة بتحقيؽ التنمية االقتصادية لمدوؿ األعضاء .ولذلؾ فاف مسؤوليتو
تنصب أساسا عمى سياسات التنمية واالستثمارات ،وسياسات اإلصالح الييكمي وسياسات تخصيص الموارد
في القطاعيف العاـ والخاص ،وكذلؾ ييتـ البنؾ الدولي بصفة رئيسية بالجدارة االئتمانية ألنو يعتمد في تمويمو
عمى االقتراض مف أسواؽ الماؿ ،ولكي تكوف الدولة عضوا في البنؾ الدولي البد أف تكوف عضوا في
صندوؽ النقد الدولي قبؿ ذلؾ ،بؿ أف اكتتاب الدوؿ األعضاء في رأسماؿ البنؾ يتحدد وفقا لحصة كؿ دولة
في الصندوؽ.3
وتضـ مجموعة البنؾ الدولي خمس مؤسسات ىي:4
-البنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير أنشأ سنة .1944
-مؤسسة التمويؿ الدولية أنشأت سنة 1956بيدؼ تشجيع استثمارات القطاع الخاص في البمداف النامية.
-المؤسسة الدولية لمتنمية أنشأت سنة ،1960تيدؼ إلى دفع المستوى االقتصادي العالمي ومستوى
المعيشة لدى الدوؿ األكثر فق ار في العالـ عف طريؽ تقديـ الدعـ المالي لسد الحاجات األساسية الالزمة لمبدء
في عممية التطوير والتنمية.
-الوكالة الدولية لضماف االستثمار ،أنشأت سنة 1988لمعمؿ عمى رفع مستوى االستثمار األجنبي.
-المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار ،أنشأ سنة ،1986مختص في حؿ النزاعات والخالفات بيف
الحكومات والمستثمريف عمى أساس أف حؿ مثؿ ىذه النزاعات سيسيؿ مف تدفؽ االستثمارات األجنبية.
ب -أىداف البنك الدولي :تتمثؿ أىداؼ البنؾ الدولي في النقاط التالية:1
-ترسيخ قواعد السموؾ لمنظاـ المالي الدولي في كؿ ما يتعمؽ بالتحركات الدولية لرؤوس األمواؿ.
-زيادة مستويات التنمية االقتصادية ورفع معدالت النمو االقتصادي.
-عالج االختالؿ الييكمي وخاصة لمدوؿ النامية لممساعدة في عالج الخمؿ في ميزاف المدفوعات.
-تقديـ المعونة لمدوؿ األعضاء ذات االقتصاديات المختمفة.
-تشجيع االستثمار الخاص لتحقيؽ النمو وتوسيع القطاع الخاص.
-العمؿ عمى إنياء النزاعات المالية بيف الدوؿ األعضاء.2
-5انييار نظام بريتون وودز:
سجؿ ميزاف المدفوعات األمريكي خالؿ الفترة 1949-1946فائضا منتظما ،إال أف االنتعاش
االقتصادي ا لذي شيدتو الدوؿ األوروبية في نياية األربعينيات انعكس سمبا عمى وضعية ميزاف المدفوعات
حيث بدأت الفوائض في التناقص التدريجي وتحوؿ الفائض إلى عجز سنة .1950
نتج عف العجز في ميزاف المدفوعات األمريكي تدفقا صافيا في أرصدة الدوالر إلى الدوؿ األوروبية
التي زادت احتياطاتيا منو . 3األمر الذي دفع الواليات المتحدة األمريكية إلى طمب تعديؿ أسعار تعادؿ
العمالت ،ولكف الدوؿ التي حققت موازيف مدفوعاتيا فوائض ضخمة خاصة ألمانيا والياباف رفضوا رفع سعر
عمالتيـ.4
-1حسف أحمد شحاتة ،محمد حساف عوض ،قضية المناخ...وتحديات العولمة البيئية ،الطبعة األولى ،األكاديمية الحديثة لمكتاب الجامعي ،القاىرة،
مصر ،2018،ص .14
-2رمضاف زبيري ،العولمة والبنى الوظائفية الجديدة لمدولة ،الطبعة األولى ،مركز الكتاب األكاديمي ،عماف ،األردف ،2015 ،ص .59
-3زينب حسيف عوض ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .129
-4جياد عودة ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .305
61
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وبحموؿ عاـ 1959واجو ميزاف المدفوعات األمريكي عج از حادا ،ووجدت البنوؾ المركزية األجنبية
أف تراكـ الدوالر يسير بسرعة أكبر مما ترغب فيو ،وبدأت بذلؾ ترفع معدؿ تحويؿ الدوالرات إلى ذىب مف
و ازرة الخزانة األمريكية .وبحموؿ عاـ 1960وصمت المستحقات األجنبية الرسمية عمى مخزوف الذىب تقريبا
حجـ مخزوف الواليات المتحدة مف الذىب جميعو .إلى جانب تحويؿ حاممي األصوؿ السائمة أرصدتيـ مف
دوالر إلى ذىب وعمالت أجنبية ،ناىيؾ عف النزوح الكبير لرؤوس األمواؿ مف الواليات المتحدة إلى أوروبا
بسبب اتساع الفجوة في سعر الفائدة بيف المنطقتيف حيث كاف مرتفعا بأوروبا ،وكاف واضحا أنو إذا استمر
ىذا االتجاه سيصبح ما بحوزة أمريكا مف الذىب غير كاؼ لتغطية المستحقات المحتممة ،ونتج عف عمميات
التحويؿ ارتفاع أسعار الذىب في األسواؽ الخاصة.
وما زاد المشكمة ىو تصاعد الحرب الفيتنامية عاـ 1965وزيادة اإلنفاؽ العسكري وما تبعو مف ارتفاع في
معدالت التضخـ في الواليات المتحدة األمريكية .1ورغـ المحاوالت العديدة إلنقاذ الوضع كتشكيؿ مجمع ذىب
لندف عاـ 1961إال أف الوضع لـ يتحسف ،وىكذا اضطر الرئيس األمريكي آنذاؾ نيكسوف إلى تعميؽ قابمية
تحويؿ الدوالر األمريكي إلى ذىب ،معمنا بذلؾ عف نياية نظاـ بريتوف وودز في 15أوت .1971
وكاف مف بيف اإلجراءات التي اتخذىا الرئيس نيكسوف:
-إيقاؼ تحويؿ الدوالر الممموؾ لمحكومات والبنوؾ المركزية األجنبية إلى ذىب أو إلى أصوؿ احتياطية.
-خفض اإلنفاؽ الفيدرالي والمساعدات االقتصادية الخارجية بنسبة .%10
-فرض ضريبة إضافية قدرىا %10عمى الواردات األمريكية.2
تنجح لسببيف أساسييف ىما عدد السكاف الكبير الذي يثقؿ كاىميا ،وعدـ قدرتيا عمى مساير التقدـ التقني
المتسارع في الدوؿ المتقدمة.1
-1تعريف االقتصاديات اآلسيوية:
إف االقتصاديات اآلسيوية مف القوى الصاعدة والتي تعرؼ عمى أنيا" :تمؾ القوى التي تشيد نسب
عالية مف النمو االقتصادي وتُحسف توظيؼ متغيراتيا في سبيؿ تحقيؽ أىدافيا القطاعية ضمف نطاؽ معيف،
ومف يبف ىذه القوى نذكر الياباف ،الصيف ،كوريا الجنوبية ،ماليزيا ،سنغافورة ،اليند ،باكستاف ،الصيف
والب ارزيؿ" ،وسميت بذلؾ لألسباب التالية:
-تحقيؽ خطوات إيجابية وتنمية ناجحة نظ اًر الرتفاع نسب النمو االقتصادي كارتفاع مؤشرات التنمية
البشرية.
-القدرة عمى التكيؼ مختمؼ التغيرات الحاصمة في النظاـ الدولي الميبرالية وعولمة النظاـ الدولي.
-سرعة انفتاحيا واستيعابيا لمتكنولوجيا.2
-2عوامل بروز االقتصاديات اآلسيوية:
عمى الرغـ مف ىذه االختالفات البنيوية الموجودة بيف ىذه الدوؿ حيث تتميز كؿ واحدة منيا بصفة
أساسية محددة ،إال أنو إذا ما تـ النظر إلييا معا فإنيا تساعدنا عمى فيـ النمو الذي حصؿ فييا عقدا بعد
عقد ،والذي ارتكز عمى مجموعة مف السياسات أىميا:
-1-2االىتمام بالتعميم وتنمية رأس المال البشري :اىتمت الدوؿ اآلسيوية بتنمية رأس الماؿ البشري الذي
احتؿ مركز الصدارة بيف األىداؼ التنموية األخرى ،ومف أىـ مالمح ىذه التنمية تركيز التمويؿ العاـ المحدود
لمرحمة فوؽ الثانوي عمى الميارات الفنية ،3ففي تايواف يتـ اختيار الثمث المتفوؽ فقط مف بيف 110000
طالب الذيف يمروف في امتحاف دخوؿ الجامعات الوطنية وذلؾ لمتأكيد عمى أىمية التعميـ الجامعي .وربما
كاف أكثر ما يوضح ىذا التأكيد عمى التعميـ الحقيقة القائمة بأف لدى كوريا 4.1مميوف طالب يدرسوف في
مؤسسات التعميـ العالي أو مف الحقيقة األخرى التي تقوؿ بأنو مع عاـ 1980كاف يتخرج مف الطمبة
الميندسيف مف الجامعات الكورية عددا يساوي عدد مف تخرج مف الجامعات في المممكة المتحدة األمريكية
1
- jean-raphaël chaponnière, marc lautier, le modèle de développement de l’asie de l’est, Recherches
internationales, n° 98, l'Association Paul Langevin, France, janvier-mars 2014, P 123.
-2عادؿ جارش ،القوى الصاعدة :دراسة في أبرز المضامين والدالالت ،المركز الديمقراطى العربى لمدراسات اإلستراتيجية ،االقتصادية والسياسية23 ،
https://democraticac.de/?p=38993 أكتوبر ،2016تاريخ االطالع:2018-04-12 :
-3مصطفى يوسؼ كافي ،التعميم االلكتروني في عصر االقتصاد المعرفي ،دوف طبعة ،دار رسالف ،دمشؽ ،سوريا ،2017 ،ص .111
63
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وألمانيا الغربية والسويد معا ويرتبط بمؤشر التعميـ مؤشر آخر ىو ما تميزت بو تمؾ البمداف وىو االىتماـ
بالتجويد واإلتقاف في العمؿ.1
-2-2تعبئة الموارد المحمية :إف العامؿ الرئيسي وراء تحقيؽ النمو السريع في دوؿ شرؽ وجنوب آسيا تمثؿ
في تمكف المنطقة مف تعبئة معدالت مرتفعة مف االدخار اإلجمالي والتي استطاعت تغذية ودعـ معدالت
االستثمار المرتفعة ،فبمداف مثؿ الياباف ،ماليزيا ،سنغافورة ،إضافة إلى الصيف و اليند عرفت زيادات ىائمة أو
حافظت عمى مستويات عالية مف االدخار عمى مدى العقود الثالثة الماضية ،ويعود سبب االرتفاع الكبير في
مستويات االدخار في جزء منو إلى السياسات الحكومية التي تشجع االدخار ،مف خالؿ تطبيؽ التدابير
الرامية لمحفاظ عمى معدالت ايجابية لسعر الفائدة الحقيقية عمى الودائع في النظاـ المالي.
-3-2السياسات الصناعية :إف اليدؼ الرئيسي وراء تصميـ اقتصاديات شرؽ آسيا لمسياسات الصناعية
ىو تغذية وتطوير الصناعات المختارة لرفع الرفاىية في تمؾ البمداف ،وتحقيؽ ميزات نسبية ديناميكية لتمؾ
الصناعات عف طريؽ استخداـ جياز الدولة في تخصيص الموارد .وعمى ىذا األساس ،قامت حكومات شرؽ
آسيا باختيار الصناعات عمى أساس أىم يتيا لتحقيؽ النمو في المستقبؿ .فعمى قامت الحكومة الكورية بتغذية
الصناعات الثقيمة والكيماوية في الخمسينات بيدؼ إنشاء قاعدة صناعية في المستقبؿ ،فبناءا عمى مبدأ
االختيار تتمقى الصناعات الفائزة عموما في البداية الحماية والدعـ الكبيريف مف طرؼ الحكومة .لكف بمجرد
بموغ مركز تنافسي ىاـ ،يتـ فتحيا أماـ المنافسة األجنبية.2
-4-2سياسات التوجو نحو الخارج :تتمثؿ إحدى أبرز المالمح التي ميزت اقتصاديات شرؽ آسيا في
أىمية نمو الصادرات في عممية التنمية االقتصادية فييا .فبالفعؿ ،مثمت التجارة حقا محركا رئيسيا لمنمو في
المنطقة .فعمى مدار سنوات السبعينات ،شيد حجـ الصادرات نموا عاليا بنسبة % 27في كوريا ،وبأزيد مف
%03في الفمبيف ،سنغافورة وتايالند .أما في سنوات الثمانينات ،وعمى الرغـ مف نمو حجـ التجارة العالمية
بنحو %2سنويا ،إال أف ماليزيا وتايالند شيدتا نموا كبي ار لمصادرات بأكثر مف %01سنويا ،في حيف أنو
تجاوز %6سنويا في كؿ مف اندونيسيا والفمبيف.3
-1مبارؾ بوعشة ،لخضر ديممي ،األقممة في جنوب شرق آسيا في إطار نموذج اإلوز الطائر ،مجمة العموـ اإلنسانية ،العدد ،10جامعة محمد
خيضر ،بسكرة ،الجزائر ،نوفمبر ،2006ص ص .294 -293
-2أميف حواس ،المعجزات اآلسيوية :بعض الدروس المستفادة لمبمدان النامية ،مجمة اإلستراتيجية والتنمية ،العدد ،4كمية العموـ االقتصادية والتجارية
وعموـ التسيير ،جامعة عبد الحميد بف باديس ،مستغانـ ،الجزائر ،ص ص .118-117
-3أميف حواس ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .123
64
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وتظير المالمح المميزة لمتجربة اآلسيوية في اعتماد استراتيجية التصنيع ألجؿ التصدير ،وليس
استراتيجية إحالؿ الواردات ،التي غمبت عمى استراتيجيات التنمية في معظـ دوؿ النامية .1وتجدر ىنا اإلشارة
إلى أنو بعد انتياج بعض بمداف شرؽ آسيا سياسات إحالؿ الواردات في المراحؿ األولى بشكؿ مؤقت ،شرعت
فيما بعد بتبني استراتيجية التوجو نحو الصادرات إبتداءا مف الستينات ،والتي تجمت في االنخفاض المحسوس
في معدالت الرسوـ الجمركية و الضرائب عمى الصادرات ،إزالة القيود الكمية عمى التجارة ،وتقميؿ الحواجز
أماـ تدفقات االستثمار الدولي .وخالؿ السبعينات ،قامت العديد مف البمداف اآلسيوية إلى جانب ىونغ كونغ،
الصيف ،وسنغافورة بتخفيض الحواجز الجمركية .كما سجمت كؿ مف كوريا ،ماليزيا ،وتايالند معدالت لرسوـ
جمركية تقدر بػ %13,99عمى التوالي ،وىي أقؿ بكثير مف نظيرتيا في العامؿ النامي ككؿ والتي تقدر ب ػ
.2%23
-5-2تنمية الزراعة الغذائية :تعتبر تنمية الزراعة الغذائية ىي نقطة االنطالؽ بالنسبة لالقتصاديات
اآلسيوية ،سواء كاف ذلؾ مف خالؿ التحديث الذي يسمح بتكثيؼ غمة األرز والقمح كما ىو الشأف في كوريا
وتايواف والصيف واندونيسيا واليند وباكستاف ،أو عف طريؽ التوسع البسيط لممحاصيؿ التقميدية والذي يتبعو
تنويع في اإلنتاج كما ىو الحاؿ في تايالند ،ورافؽ ىذا التطور األولي لمقاعدة الزراعية سرعة تنويع االقتصاد
الريفي في مجاؿ ما يسمى بأنشطة "خارج المزرعة" ،بدءا مف تعبئة المنتجات وتخزينيا وحتى إصالح
المعدات وتصنيع قطع الغيار .وقد ساىـ ىذا التنوع في االقتصاد الريفي في إنشاء المشاريع الصغيرة
والمتوسطة الحجـ التي لعبت دو ار رئيسيا في كثير مف األحياف في دعـ عممية التنمية.3
-6-2تبني النظام الرأسمالي مع دعم دور الدولة فيو :في ستينيات وسبعينيات القرف الماضي ،أخذت
اقتصاديات المنطقة اآلسيوية بنظاـ السوؽ دوف تراجع دور الدولة في االقتصاد ،عف طريؽ استخداـ أدوات
تحوؿ دوف استبعاد وظيفة الدولة في تنظيـ اإلنتاج واألسواؽ ،مما ميز تجربة االنفتاح االقتصادي وتجربة
التوجو نحو اعتماد آليات اقتصاد السوؽ في ىذه الدوؿ ،األمر الذي أوجد نوعا مف التفاعؿ بيف أنشطة الدولة
االقتصادية واألنشطة في باقي القطاعات االقتصادية ،السيما القطاع الخاص المحمي واألجنبي.4
-1عائشة بف عطا اهلل ،قراءة في نموذج النمو القائم عمى التصدير في عينة من االقتصاديات اآلسيوية ،مجمة اقتصاديات شماؿ إفريقيا ،العدد ،15
مخبر العولمة و اقتصاديات شماؿ إفريقيا ،جامعة حسيبة بف بوعمي ،الشمؼ ،الجزائر ،ديسمبر ،2016ص ص .54-53
-2أميف حواس ،مرجع سبؽ ذكره.
3
- Jean-Luc Maurer, Le réveil économique de l’Asie: Un défi et une chance pour l’Europe et la Suisse,
Annuaire suisse de politique de développement, N°8, Institut de hautes études internationales et du
développement, la Suisse, décembre 1988, P 130.
-4عائشة بف عطا ااهلل ،مرجع سبؽ ذكره.
65
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-7-2التحكم المالي بالتضخم والموازنة والديون الخارجية وأسعار الصرف :فعمى الرغـ مف اختالؼ
التضخـ والموازنات والديوف الخارجية مف بمد ألخر ،إال أنو تـ السيطرة عمى ىذه المتغيرات ضمف حدود
وضعت مف قبؿ الحكومة.1
-3الصعود اآلسيوي والتراجع األمريكي األوروبي:
يرى واضعو التقرير "العالـ في :2050ىؿ يستمر التحوؿ في القوى االقتصادية العالمية؟*" أف ىذا
التحوؿ في ميزاف القوى االقتصادية العالمية باتجاه آسيا سيحدث ويستمر ،سواء بمعدؿ أسرع أو أبطأ مما تـ
تقديره ،وىو ما يتفؽ مع الخط العاـ لمنتائج ولمطبيعة التاريخية لمتحوؿ؛ فقد سبؽ أف ىيمنت اليند والصيف
عمى الناتج المحمي العالمي في مرحمة ما قبؿ الثورة الصناعية ،نظ اًر لتعدادىما السكاني الضخـ ،وقطاعيما
الزراعي الكؼء نسبياً.
وفي مقابؿ ذلؾ ،سيضعؼ أداء وقوة االقتصاد األوروبي واألمريكي ،فثمة توقعات بانخفاض حصة كؿ مف
الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي مف الناتج المحمي اإلجمالي العالمي مف %33في عاـ 2014إلى
%25فقط في عاـ .2050
ويالحظ في ىذا الصدد أنو مف ضمف أكبر 10دوؿ نمواً ،فإف 7منيا ستكوف في جنوب آسيا وجنوب شرؽ
ُ
آسيا ،ولف تكوف الريادة اآلسيوية خالؿ القرف الحالي قائمة عمى اقتصاديات الصيف واليند فقط ،بؿ عمى أداء
نخبة مف ألمع االقتصاديات اآلسيوية المتميزة مثؿ إندونيسيا وماليزيا وفيتناـ.2
-4العراقيل التي تواجو االقتصاديات اآلسيوية الناشئة:
الزالت االقتصاديات اآلسيوية الناشئة في مرحمة تحتاج الكثير مف العمؿ عمى تحسيف أوضاعيا
االقتصادية لمعب دور بارز عمى المستوى اإلقميمي والدولي نظ اًر لعدة نقاط أبرزىا ما يمي:3
-1إيياب عمي النواب ،النموذج اآلسيوي في النمو االقتصادي ،شبكة النبأ المعموماتية 16 ،سبتمبر ،2017تاريخ االطالع:2018-04-13 :
https://annabaa.org/arabic/economicarticles/12492
* -الصادر في فبراير 2015عف شركة برايس ووتر ىاوس كوبرز ( ) pwcالبريطانية المتخصصة في األبحاث والدراسات االقتصادية ويعد مف بيف
أىـ التقارير وأكثرىا شموالً فيما يتعمؽ بالتنبؤات االقتصادية.
-2محمد أحمد عبدالمعطي ،اقتصاد العالم :2252الصعود اآلسيوي وتحوالت ميزان القوى االقتصادية ،مركز المستقبؿ لألبحاث والدراسات المتقدمة،
https://futureuae.com/ar- دبي ،اإلمارات 21 ،أوت ،2015تاريخ االطالع:2018-04-15 :
AE/Home/Index/2/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9 9
-3عادؿ جارش ،مرجع سبؽ ذكره.
66
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-نقص التأثير السياسي والعسكري مقارنة بالقوى الكبرى كفرنسا وبريطانيا والواليات المتحد األمريكية،
وتنطبؽ ىذه الحالة مثالً عمى ماليزيا ،أندونيسيا ،ىونغ كونغ ،تايواف وغيرىا ،في حيف تتواجد لدى قوى
صاعدة أخرى ووزف وثقؿ سياسي كبير مثؿ الصيف خاصة عمى المستوى اإلقميمي.
-تعزز طرح المسار التعددي مستقبالً نظ اًر لنسب النمو المرتفعة بالقوى الصاعدة يعزز التنافس ،وقد يؤدي
إلى تطور مسار السموؾ النزاعي بيف ىذه القوى السيما إذا تعمؽ األمر بالطاقة.
-تضارب المصالح والمشاريع وما تحممو مف أبعاد بيف القوى الصاعدة والكبرى.
-1فوزي حسف حسيف ،الصين واليابان ومقومات القطبية العالمية ،الطبعة األولى ،دار المنيؿ ،بيروت ،لبناف ،2009 ،ص .35
67
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
تآكؿ وت ارجػع االشتراكية فػي معظـ مراكزىا الرئيسػية ،و إلى تفكػؾ بمػداف اتحاديػة أخػرى كيوغسػالفيا
وتشيكوسموفاكيا.1
-فشؿ كؿ اإلصالحات اليادفة إلى تحسيف األوضاع االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي قاـ بيا
االتحاد السوفياتي مف 1991-1985والمتمثمة في برنامج البيروسترويكا الذي كاف ييدؼ إلى التحوؿ
التدريجي مف سياسة االقتصاد الموجو إلى سياسة االقتصاد الحر ،مع جممة مف اإلصالحات في البنى
التحتية لالقتصاد السوفياتي ،إضافة إلى إعتماد مبدأ الشفافية (الغالسنوست) لمسعي إلى دمقرطة المجتمع
السوفياتي.2
-2-1أسباب سياسية :وتتمثؿ في
-طريقة إلحاؽ بعض جميوريات اإلتحاد السوفياتي ،و دوؿ أوروبا الشرقية بالكتمة الشيوعية ،فقد كانت بالقوة
ضميا نظاـ موسكو سنة 1940أثناء
والتيديد كدوؿ البمطيؽ الثالث (استونيا ،ليتونيا ،ليتوانيا) التي احتميا و ّ
الحرب العالمية الثانية ،وكالمجر وتشيكوسموفاكيا وألمانيا ال ّشرقية ...ىي األخرى أجبرت عمى االلتحاؽ عنوةً
بالكتمة ال ّشرقية دوف استشارة و استفتاء شعوبيا.
السوفياتي وحمؼ وارسو لمحيمولة دوف تحقيؽ آماؿ شعوب
القمعية التي انتيجيا الجيش األحمر ّ
ّ السياسة
ّ -
المعسكر في االنفصاؿ ،و إقامة حكومات ديمقراطية منتخبة ،و التي مورست في برليف بألمانيا ال ّشرقية
،1953بودابست في المجر ، 1956وبراغ التشيكوسموفاكية .1968
الصيف
ياسية بػيف دوؿ المعػسكر مػع اإلتحاد السوفياتي كيوغوسالفيا في سنة ،1948و ّ
الس ّ-اشتداد الخالفات ّ
الشعبية 1959أثناء حكػـ ماوتسي تونغ ،وألبانيا سنة .31962
-3-1أسباب أخرى :مف أىميا:
-تفاقـ مشكمة القوميات في االتحاد السوفياتي حيث كاف يشكؿ إمبراطورية مترامية األطراؼ تنقسـ إلى
العديد مف القوميات والمغات واألجناس التي لـ تكف متشابية مف حيث التاريخ والثقافة والمغة واألوضاع
-1أبو القاسـ أحمد أبو ىديمة ،عبد الحكيـ عمار نابي ،المتغيرات الدولية وأثرىا عمى الوطن العربي ،مجمة العموـ القانونية والشرعية ،العدد ،8جامعة
الزاوية ،ليبيا ،جواف ،2016ص ص .112-111
-2فوزي حسف حسيف ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .35
-3من الثنائية القطبية إلى الحادية القطبية ،الديواف الوطني لمتعميـ والتكويف عف بعد ،و ازرة التربية والتعميـ ،الجزائر ،تاريخ االطالع-05-02 :
http://www.djalia-algerie.dz/HISTOIRE/NIVEAU%2010/env1/ev1_histoire005.pdf :2018
68
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
االجتماعية والتي حاوؿ حكاـ االتحاد السوفياتي فرض المغة الروسية والنمط المعيشي الروسي عمييـ لكف لـ
ينجح ذلؾ.1
-تأزـ األوضاع االقتصادية واالجتماعية في دوؿ أوروبا الشرقية.
-تزايد الحركات االنفصالية في االتحاد السوفياتي وباقي دوؿ أوروبا الشرقية.
-تخمي االتحاد السوفياتي عف مساندة األنظمة الشيوعية بأوروبا الشرقية التي واجيت تصاعد المعارضة.
-فؾ االرتباط بيف األحزاب االشتراكية في العالـ ،وبيف االتحاد السوفياتي حيث بدأت ىذه األحزاب في إعادة
تكييؼ لعمميا وعقيدتيا ،تبعا لمظروؼ االجتماعية ولتجاربيا الخاصة في إطار بيئتيا الداخمية واإلقميمية
والدولية ،ومحاولتيا التكيؼ مع ىذه التغيرات الجديدة.2
-2مظاىر انييار المعسكر االشتراكي :وتتمثؿ أساسا في:
-تحطيـ جدار برليف 1989بعد أف كاف يفصؿ بيف شطري المدينة ،وتوحيد األلمانيتيف في دولة واحدة دولة
ألمانيا الموحدة .1990
-سقوط أنظمة الحكـ االشتراكية بأوربا الشرقية وحمت محميا أنظمة حكـ ليبرالية تعددية قائمة عمى الدستور
واالنتخابات بدؿ نظاـ الحزب الواحد في كؿ مف ىنغاريا وتشيكوسموفاكيا وبولونيا وبمغاريا. ...
-تقسيـ تشيكوسموفاكيا إلى دولتيف مستقمتيف ىما دولة التشيؾ ودولة سموفاكيا .
-حؿ حمؼ وارسو* العسكري ومنظمة الكومكوف االقتصادية بعد قمة مالطا ديسمبر ،1989والتحاؽ دوؿ
حمؼ وارسو بحمؼ الشماؿ األطمسي.
-تفكؾ االتحاد السوفياتي بعد تقديـ غورباتشوؼ استقالتو 1991واعالنو نياية االتحاد السوفياتي ومعو
الحرب الباردة بيف المعسكريف وتحولو إلى رابطة الدوؿ المستقمة بعد إعالف الجميوريات 15المكونة لإلتحاد
السوفياتي استقالليا .وقد عاد القسـ األكبر مف االتحاد السوفياتي مساحة وسكانا وتسميحا إلى جانب حؽ
-1حسيف توفيؽ إبراىيـ ،النظام الدولي الجديد في الفكر العربي ،مجمة عالـ الفكر ،العدد ،4-3المجمس الوطني لمثقافة والفنوف واآلداب ،الكويت،
1جانفي ،1995ص .59
-2سامر نصر ،انييار االتحاد السوفيتي ودوؿ أوروبا الشرقية و أثرىا عمى عممية اإلصالح السياسي داخؿ سوريا ،الحوار المتمدف ،العدد،2360 :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=142370 ،2008/8/1تاريخ االطالع:2018-05-06 :
*
قاـ خروتشوؼ بولونيا بعد توليو لمسمطة في سنة 1955إلى عقد مؤتمر في وارسو عاصمة بولونيا وكاف ذلؾ مف 11إلى 14ماي 1955والذي
حضره كؿ مف االتحاد السوفياتي ،بولونيا ،تشيكوسموفاكيا ،ألمانيا الشرقية ،رومانيا ،بمغاريا ،ألمانيا والمجر وكانت مف ابرز نتائج ىذا المؤتمر إنشاء
حمؼ وارسو الذي يضـ مجموعة دوؿ الكتمة الشرقية ذات النيج الشيوعي.
69
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
الفيتو باألمـ المتحدة لروسيا االتحادية وبانييار المعسكر االشتراكي أصبح المجاؿ مفتوحا أماـ ىيمنة
المعسكر الرأسمالي في إطار القطب الواحد أو ما يعرؼ بالنظاـ العالمي الجديد.1
-1رشيد حمايمي ،النظام العالمي الجد يد و القطبية الواحدة ،مدونة لمدروس االجتماعيات ،تاريخ االطالع:2018-05-06 :
http://rachidgeopage.blogspot.com/2017/05/blog-post_8.html
-2رابح باريؾ ،النظام القانوني الجديد ،مذكرة ماجستير غير منشورة ،كمية الحقوؽ ،جامعة يوسؼ بف خذة ،الجزائر ،2014-2013 ،ص .07
-3نفسو ،ص .10
70
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
المستحقات الواجبة عمييا والتي بمغت مميارات الدوالرات ،ومف جية أخرى عممت عمى تطويع مجمس األمف
ليصبح أداة مف أدوات السياسة األمريكية الخارجية؛
-التأكيد عمى دور الواليات المتحدة كقائد لممجتمع الدولي عبر انفرادىا بعناصر القوة والنفوذ ،بفعؿ التمركز
الشديد لإلمكانيات االقتصادية والعسكرية والسياسية ،مما يمنحيا ميزة التفوؽ عمى بقية الوحدات في النظاـ
الدولي؛
-ظيور صراع اقتصادي بيف ثالثة أقطاب (أمريكا الشمالية ،االتحاد األوروبي ،الياباف وحميفاتيا األسيوية)
بدؿ مف الصراع العسكري؛
-التدخؿ األمريكي في الشؤوف الداخمية لمدوؿ والشعوب تحت شعار حقوؽ اإلنساف وحماية األقميات
والديمقراطية وذرائع أخرى ،واستخداـ القوة العسكرية دوف ضوابط؛
-النظاـ الدولي الجديد يدير أزمات العالـ الثالث بدال مف حميا.1
-3وضع الدول النامية في النظام العالمي الجديد:
إف النظاـ العالمي الجديد يخدـ بصفة أساسية الدوؿ المتقدمة واف كاف ما أعمف عنو غير ذلؾ،
وسيزيد مف تبعية الدوؿ النامية التي كانت تسعى إلى إنشاء نظاـ اقتصادي يساعدىا عمى تحسيف أوضاعيا
االقتصادية واالجتماعية ،ويعمؿ عمى تضييؽ اليوة بينيا وبيف الدوؿ المتقدمة والذي أعمف عنو مف قبؿ
الجمعية العامة لألمـ المتحدة في دورتيا الخاصة لسنة ،1974والمخصصة لمناقشة قضايا التنمية والمواد
األولية ،المنعقدة بناءا عمى طمب مف الجزائر ،واتخذت خاللو الجمعية ق ارريف ،يتعمؽ األوؿ بشأف إقامة نظاـ
اقتصادي دولي جديد والقرار الثاني يتعمؽ ببرنامج العمؿ إلقامة نظاـ اقتصادي دولي جديد.
وقد جاء في اإلعالف بشأف إقامة نظاـ اقتصادي دولي جديد ":نعمف رسميا تصميما موحدا عمى
نظاـ اقتصادي دولي جديد ،قائـ عمى العدالة ،والمساواة والترابط، العمؿ دوف إبطاء مف أجؿ إقامة
والمصمحة المشتركة والتعاوف بيف الدوؿ بغض النظر عف نظميا االقتصادية واالجتماعية ،نظاـ يعالج
التفاوت ويصحح مظاىر الظمـ الحالية ،ويجعؿ مف الممكف تصفية اليوة المتزايدة بيف الدوؿ المتقدمة والدوؿ
النامية ،ويؤمف التنمية االقتصادية واالجتماعية المطردة ،والسمـ والعدؿ لألجياؿ الحالية والمقبمة.2"...
-1كوثر عباس الربيعي ،مرواف سالـ العمي ،مستقبل النظام الدولي الجديد في ظل بروز القوى الصاعدة وأثره عمى المنطقة العربية – اإلتحاد
األوروبي أنموذجا ،-مجمة قضايا سياسية ،العدد ، 26جامعة النيريف ،العراؽ ،2012 ،ص ص .104-103
-2محمد عبد اهلل شاىيف محمد ،التجارة االلكترونية العربية بين التحديات وفرص النمو ،الطبعة األولى ،دار حميثرا ،القاىرة ،مصر ،2017 ،ص
.87
71
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
تعد العولمة االقتصادية مف أبرز وأىـ الظاىر االقتصادية وأكثر المصطمحات تداوال منذ تسعينات
القرف الماضي ،حيث غيرت مف مفيوـ العالقات االقتصادية الدولية ،مف خالؿ جعؿ اقتصاديات الدوؿ أكثر
ترابطا وتكامال ،غير أف ىذا الترابط حمؿ معو الكثير مف التأثيرات اإليجابية والسمبية غمى اقتصاديات الدوؿ
المعولمة خاصة النامية منيا.
-1تعريف العولمة االقتصادية:
لـ يتفؽ المختصوف والباحثوف حوؿ وضع تعريؼ واحد جامع ومانع لمعولمة االقتصادية ،حيث
ظيرت عدة مفاىيـ ليذا المصطمح سنحاوؿ إدراج بعضا منيا.
تعرؼ العولمة االقتصادية عمى أنيا« :تسييؿ انتقاؿ القوى العاممة والمعمومات والسمع واألمواؿ بيف
مختمؼ دوؿ العالـ ،وتخطي الحدود اإلقميمية ،واندماج األسواؽ في حقوؿ التجارة واالستثمارات المباشرة».1
ويمكف تعريؼ العولمة االقتصادية أيضا عمى أنيا « :تحرير العالقات االقتصادية القائمة بيف الدوؿ
مف السياسات والمؤسسات الوطنية واالتفاقيات المنظمة ليا بخضوعيا التمقائي لقوى جديدة أفرزتيا التطورات
التقنية واالقتصادية تعيد تشكيميا وتنظيميا وتنشيطيا بشكؿ طبيعي عمى مستوى العالـ بأكممو كوحدة
واحدة».2
كما تعرؼ عمى أنيا عممية تعميؽ مبدأ االعتماد المتبادؿ بيف الفاعميف في االقتصاد العالمي ،بحيث
تزداد نسبة المشاركة في التبادؿ الدولي ،والعالقات االقتصادية الدولية ليؤالء مف حيث المستوى والحجـ
والوزف في مجاالت متعددة وأىميا السمع والخدمات وعناصر اإلنتاج ،بحيث تنمو عممية التبادؿ التجاري
الدولي لتشكؿ نسبة ىامة مف النشاط االقتصادي الكمي وتكوف أشكاال جديدة لمعالقات االقتصادية الدولية في
االقتصاد العالمي.3
وقد نتجت العولمة االقتصادية نتيجة ترابط مجموعة مف األسباب والعوامؿ ىي:4
-عولمة النشاط اإلنتاجي عف طريؽ إعادة التقسيـ الدولي لمعمؿ بواسطة شركات متعددة الجنسيات.
-1طارؽ عثماف الحسوف ،العولمة والتنمية االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار أمجد ،عماف ،األردف ،2015 ،ص .31
-2عبد المطيؼ مصطفى ،محمد بف بوزياف ،أساسيات النظام المالي واقتصاديات األسواق المالية ،الطبعة األولى ،مكتبة حسف العصرية ،بيروت،
لبناف ،2015 ،ص.305
-3عبد المطمب عبد الحميد ،العولمة واقتصاديات البنوك ،الطبعة األولى ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،2001 ،ص ص .18-17
-4لخضر طوير ،العولمة االقتصادية :دوافعيا وأبعادىا ،مجمة دراسات وأبحاث ،المجمد ،5العدد ،11جامعة زياف عاشور ،الجمفة ،الجزائر ،جواف
،2013ص.247
72
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-عولمة النشاط المالي واندماج أسواؽ العالـ ،عف طريؽ تحرير أسعار الصرؼ وحرية انتقاؿ رؤوس
األمواؿ.
-تغير مركز القوة العالمية مف القطبية الثنائية إلى أحادية القطب.
-تغير ىيكؿ االقتصاد العالمي وسياسات التنمية.
-2أنواع العولمة االقتصادية:
تحدث العولمة االقتصادية عمى نطاقيف رئيسييف فيي تتبمور بقوة فيما يطمؽ عميو بعولمة اإلنتاج
إضافة إلى العولمة المالية.
-1-2عولمة اإلنتاج :تتحقؽ بدرجة كبيرة مف خالؿ الشركات المتعددة الجنسيات ،وتتـ بدوف وجود أزمات
مأساوية كتمؾ المترتبة عف العولمة المالية ،وتتجسد مف خالؿ اتجاىيف رئيسييف ىما:1
أ -االتجاه الخاص بعولمة التجارة الدولية :والذي يستدؿ عميو بالمؤثرات الخاصة بالتجارة الدولية ،حيث
لوحظ أنيا زادت بدرجة كبيرة خالؿ عقد التسعينيات مف القرف العشريف ،حيث بمغ معدؿ نمو التجارة العامية
ضعفي معدؿ نمو الناتج المحمي اإلجمالي العالمي ،حيث يالحظ انو في عاـ 1995زاد معدؿ نمو التجارة
العالمية بحوالي ،%9بينما زاد الناتج المحمي اإلجمالي العالمي بنسبة %5فقط ،كما بمغ متوسط معدؿ نمو
التجارة الدولية في السمع والخدمات %11,2عاـ 2000بالمقارنة بعاـ 1999وبقيمة بمغت 7759مميار
دوالر بينما الناتج المحمي اإلجمالي العالمي عاـ 2000ما قيمتو 31171مميار دوالر وبمعدؿ نمو بمغ
%4,7في عاـ 2000بالمقارنة بعاـ .1999
ويالحظ مف خالؿ المؤشرات السابقة أف التجارة العالمية يزداد تحريرىا بشكؿ متزايد وتكتمؿ تمؾ
العمميات الخاصة بالتحرير مف سنة ألخرى.
ب -االتجاه الثاني والخاص باالستثمار األجنبي المباشر :وتقود ىذا االتجاه الشركات المتعددة الجنسيات،
حيث لوحظ أف معدؿ نمو االستثمار األجنبي المباشر زاد بمعدؿ أسرع وأكبر مف معدؿ نمو التجارة العالمية
حيث كاف معدؿ نمو االستثمار األجنبي المباشر يصؿ في المتوسط إلى %12حتى منتصؼ التسعينات مف
القرف العشريف ،ووصؿ االستثمار األجنبي المباشر إلى 1088مميار دوالر عاـ 1999والى 1495مميار
دوالر سنة 2000بنسبة زيادة بمغت .%37
-1عبد المطمب عبد الحميد ،العولمة االقتصادية( منظماتيا -شركاتيا -تداعياتيا) ،دوف طبعة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،2006 ،ص ص
.47-44
73
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وبمقارنة المستوى الذي وصؿ إليو االستثمار األجنبي المباشر عاـ 2000بالمستوى الذي كاف عميو في
المتوسط في منتصؼ التسعينات فإننا نجده قد تضاعؼ بحوالي 6,6مرة ،وىذا تطور ىائؿ يشير إلى تزايد
أىمية ىذا االتجاه نحو تعميؽ عولمة اإلنتاج بكؿ أبعادىا وجوانبيا.
-2-2العولمة المالية :ىي فتح األسواؽ المالية المحمية وربطيا باألسواؽ المالية العالمية مف خالؿ إلغاء
القيود عمى رؤوس األمواؿ والتي أخذت تتدفؽ عبر الحدود لتصب في أسواؽ الماؿ العالمية التي أصبحت
أكثر ارتباطا وتكامال .ويمكف االستدالؿ عمى العولمة المالية بمؤشريف أساسييف ىما:
أ -المؤشر األول :الخاص بتطور حجـ المبادالت عبر الحدود في األسيـ والسندات في الدوؿ الصناعية
المتقدمة ،وتشير اإلحصائيات إلى أف المعامالت الخارجية في األسيـ والسندات كانت تمثؿ أقؿ مف %10
مف الناتج المحمي في الدوؿ ستة ،1980بينما وصمت إلى %100سنة 1996في كؿ مف الواليات
المتحدة األمريكية وألمانيا والى ما يزيد عف %200في فرنسا وكندا وايطاليا في نفس العاـ ،أما اآلف فقد
تضاعفت ىذه السنة عشرات المرات.
ب -المؤشر الثاني :ويتمثؿ في تطور تداوؿ النقد األجنبي أي حجـ التداوؿ في أسواؽ رأس الماؿ عمى
الصعيد العالمي .حيث شيد عقد التسعينات ارتفاعا في التعامؿ اليومي ألسواؽ الصرؼ األجنبي ،حيث تشير
اإلحصائيات إلى أف متوسط حجـ التعامؿ اليومي في أسواؽ الصرؼ األجنبي قد ارتفعت مف 200مميار
دوالر أمريكي في منتصؼ الثمانينات إلى حوالي 1,2تريميوف دوالر أمريكي سنة 1995وىو ما يزيد غف
%84مف االحتياطات الدولية لجميع بمداف العالـ في نفس العاـ.1
-3أدوات العولمة االقتصادية :وتتمثؿ في:
-1-3المنظمات االقتصادية الدولية :نشأت ىذه المنظمات في أعقاب الحرب العالمية الثانية مؤسستيف
ىامتيف ىما :صندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي* ،ومف ثـ إنشاء منظمة التجارة العالمية ليستكمؿ بيا اإلطار
المؤسسي الدولي عمى الصعيد االقتصادي وىذه المنظمات تسيطر عمييا الدوؿ الصناعية وتوجييا لتحقيؽ
مصالحيا وعمى رأسيا عولمة االقتصاد الدولي.
وتجدر بنا ىنا إعطاء لمحة عف منظمة التجارة العالمية مف خالؿ تحديد:
-تعريف المنظمة العالمية لمتجارة :ىي منظمة اقتصادية عالمية النشاط ذات شخصية قانونية مستقمة
وتعمؿ ضمف منظومة االقتصاد المعولـ عمى إدارة واقامة دعائـ النظاـ التجاري الدولي وتقويتو في مجاؿ
-1مبروؾ رايس ،انعكاسات العولمة المالية عمى الجياز المصرفي ،الطبعة األولى ،دار الجناف ،عماف ،األردف ،2016 ،ص ص .128-127
* -سبؽ اإلشارة إلييا في مؤسسات بريتوف وودز.
74
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
تحرير التجارة الدولية وزيادة التبادؿ الدولي والنشاط االقتصادي العالمي .وىي تقؼ عمى قدـ المساواة مع
صندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي في رسـ وتوجيو السياسيات االقتصادية الدولية المؤثرة عمى األطراؼ
المختمفة في العالـ لموصوؿ إلى إدارة أكثر كفاءة وأفضؿ لمنظاـ االقتصادي العالمي.
وقد أنشأت منظمة التجارة العالمية لتحؿ محؿ سكرتارية االتفاقية العامة لمتعريفة الجمركية والتجارة (الجات)
بعد توقيع االتفاقية في مراكش 1994بعد انتياء جولة األرغواي ،وضمت المنظمة وقت إنشائيا في عاـ
1995حوالي 110دولة منيـ 85دولة نامية.1
-ميام المنظمة العالمية لمتجارة :تتحدد مياـ المنظمة العالمية لمتجارة وفقا لممادة 3مف اتفاقية األرغواي،
والتي تتمثؿ في:2
-اإلشراؼ عمى تنفيذ االتفاقيات التجارية المتعددة األطراؼ ،التي تنظـ العالقات التجارية بيف الدوؿ
األعضاء ،وتسييؿ تنفيذ وادارة االتفاقيات المنبثقة عف جولة األرغواي.
-متابعة المفاوضات الدولية لتحرير التجارة الدولية متعددة األطراؼ.
-فض المنازعات الدولية فيما يتعمؽ بالمعامالت التجارية وتسويتيا وفؽ األسس التي حددتيا اتفاقية الجات.
-متابعة السياسات التجارية الدولية األخرى كصندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي والوكاالت التابعة ليما
بيدؼ تحقيؽ أكبر قدر ممكف مف االنسجاـ والتوازف في عممية صنع السياسات االقتصادية الدولية.
-2-3تداول األسيم والسندات والعمالت :وغيرىا مف أدوات االستثمار األجنبي غير المباشر الذي ينساب
مف والى األسواؽ المالية ،حيث ينتقؿ رأس الماؿ مف دولة إلى أخرى في العالـ ببيع تمؾ األدوات أو شرائيا
بقرار مف المضاربيف العالمييف ومديري الشركات متعددة الجنسيات وقد تخرج تمؾ األمواؿ فجأة مف دولة ما
فتسبب أزمات مالية واقتصادية كبيرة مثؿ ما حدث في دوؿ جنوب شرقي آسيا سنة .31997
-3-3الشركات المتعددة الجنسيات :تعد الشركات المتعددة الجنسيات مف أكثر األنماط تعبي ار عف عولمة
االقتصاد لما تممكو مف إمكانيات مادية وبشرية ىائمة تمتد إلى مختمؼ دوؿ العالـ ،وتنوع نشاطاتيا لتشمؿ
قطاعات اإلنتاج والتجارة والماؿ ،بغية توزيع المخاطر وتنويع مصادر الربح ،وسعييا إلى تحويؿ العالـ إلى
-1حسف أحمد شحاتة ،محمد حساف عوض ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .15
-2محمد عبد الو شاىيف محمد ،التجارة الدولية وأثرىا عمى التجارة الخارجية لمدول العربية ،الطبعة األولى ،دار حميثرا ،القاىرة ،مصر ،2018 ،ص
.162
-3فيد خميؿ زايد ،فن إدارة األزمات االقتصادية -العولمة وبداية االنييار ،-الطبعة األولى ،دار يافا ،عماف ،األردف ،2013 ،ص ص .56-55
75
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
ساحة اقتصادية واحدة بغية بسط نفوذىا ،واحكاـ سيطرتيا عمى قطاع األعماؿ في العالـ مستفيدة مف
انجازات التقدـ العممي والتقني األمر الذي أدى إلى تراجع دور الدولة أماـ ىذه الشركات.1
وتعمؿ الشركات المتعددة الجنسيات عمى توفير مصادر تمويؿ وكذا نقؿ التكنولوجيا ،وتوفير مناصب عمؿ
والمساىمة في رفع مستوى المعيشة وكذا جمب خبرات وميارات إدارية وميزات تنافسية لمدوؿ المضيفة.2
-4-3وسائل اإلعالم :أحدث التقدـ التقني في مجاؿ البث اإلعالمي ثورة كبرى في حياة الناس ،فقد أطمؽ
الغرب عددا كبي ار مف األقمار الصناعية تدور حوؿ األرض مرسمة رسائؿ ضمنية عف الحياة العصرية
الغربية ،وتغيير نمط االستيالؾ لألفراد وزيادتو وما يتبع ذلؾ مف زيادة الطمب عمى السمع وبالتالي زيادة
اإلنتاج.3
-5-3التكتالت االقتصادية الدولية واإلقميمية :تقوـ ىذه التكتالت بفرض سياسات اقتصادية رأسمالية عمى
الدوؿ النامية تصب في مصمحتيا ،وتؤدي إلى عولمة اقتصاديات الدوؿ النامية ،ومف أمثمة ىذه التكتالت
االتحاد األوروبي ،ومنظمة التجارة الحرة لدوؿ أمريكا الشمالية (النافتا) التي تضـ الواليات المتحدة األمريكية
وكندا والمكسيؾ ومنظمة أسياف.
إف ىذه التكتالت تعكس درجة عالية مف كثافة االعتماد المتبادؿ وتقسيـ العمؿ اإلقميمي في مجاالت
االستثمار والتجارة وأنواع التبادؿ األخرى ،وينظر البعض إلى ىذه التكتالت عمى أنيا عولمة جزئية تقوـ في
إطار العولمة الش اممة ،وفي نفس الوقت جدار لمواجية نمط العولمة السائد ،أو كوسيمة تتبعيا الدوؿ المختمفة
بيدؼ المواءمة مع مشكالت التكامؿ الكوني التي تدفع إليو العولمة.4
-4أثار العولمة االقتصادية:
تتعدد اآلثار التي يمكف أف تنتج عف العولمة فمنيا ما ىو إيجابي ومنيا ما ىو سمبي ،ونمخص أىـ
ىذه اآلثار في مايمي:5
-1-4اآلثار اإليجابية لمعولمة االقتصادية :وتتمثؿ أساسا في:
-1أحمد عبد العزيز ،جاسـ زكريا ،فراس عبد الجميؿ الطحاف ،الشركات المتعددة الجنسيات وأثرىا عمى الدول النامية ،مجمة اإلدارة واالقتصاد ،العدد
،85جامعة المستنصرية ،العراؽ ،2010 ،ص .113
-2شريفة جعدي ،محمد الخطيب نمر ،محمد بركة ،أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات عمى التنمية المحمية في الجنوب الشرقي الجزائري خالل
الفترة ( ،)2012-2006المجمة الجزائرية لمتنمية االقتصادية ،العدد ،01جامعة قاصدي مرباح ،ورقمة ،الجزائر ،ديسمبر ،2014ص .14
-3فيد خميؿ ازيد ،مرجع سبؽ ذكره ،ص 57
-4أحمد عبد العزيز ،جاسـ زكريا ،فراس عبد الجميؿ الطحاف ،العولمة االقتصادية وتأثيراتيا عمى الدول العربية ،مجمة اإلدارة واالقتصاد ،العدد ،86
الجامعة المستنصرية ،العراؽ ،2011 ،ص .71
-5عبد اهلل غانـ ،تحديات العولمة فرصة لبناء التكامل ،مجمة اإلحياء ،العدد ، 13كمية العموـ اإلسالمية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،الجزائر،
ديسمبر ،2009ص ص .302-300
76
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-تحويؿ العالـ كمو إلى سوؽ مفتوحة بدوف عقبات أو حواجز عمى مستوى اإلنتاج والتوزيع والتسويؽ ،وفتح
باب المنافسة عمى مصراعيو بيف الشركات والمؤسسات والمشروعات االقتصادية عمى مستوى العالـ كمو
وسيادة اقتصاد السوؽ عمى االقتصاد العالمي.
-ساعدت العولمة عمى تقريب نصيب الفرد مف الدخؿ بيف الدوؿ ،فقد زاد ىذا النصيب بمعدالت أسرع في
ال ػدوؿ التي أخػذت بالعولمػة (أي التي خفضػت الحواج ػ ػ ػز القائمػ ػة عمى سبيػؿ التجػارة ) عنيػا في الدوؿ الغني ػة
( )%5-مقابؿ %2,2في التسعينات ،كما حدث تقارب في نصيب الفرد مف الدخؿ بيف االقتصاديات
المتقدمة ،أما الدوؿ النامية التي لـ تأخذ بالعولمة فقد تخمفت عف الدوؿ األخرى.
-االنفتاح االقتصادي والتعاوف التجاري بيف الدوؿ وسيولة حركة رأس الماؿ بعيدا عف القيود التي كانت
تفرضيا الدوؿ.
-زيادة حجـ االستثمارات األجنبية المتدفقة إلى معظـ الدوؿ وخصوصا دوؿ الجنوب ،األمر الذي يتيح لتمؾ
الدوؿ استكماؿ مشروعاتيا التنموية وزيادة قدرتيا التصديرية لباقي دوؿ العالـ ،وامكانية التصدير ألسواؽ
جديدة كانت مغمقة في الماضي أو تتبع مف القيود ما يحوؿ دوف التصدير إلييا.
-زيادة التنافس في مجاؿ السمع واألسعار وزيادة حجـ النشاط التجاري مما يؤدي إلى زيادة النمو االقتصادي
عمى المستوى المحمي والعالمي.
-تتيح لممستيمكيف أف يستيمكوا سمعا وخدمات عديدة ومتنوعة بتكمفة أقؿ وزيادة الفرص االستثمارية وزيادة
درجة المنافسة بيف الشركات.
-2-4اآلثار السمبية لمعولمة االقتصادية :وتتمثؿ أىميا في:
-العولمة تجعؿ االقتصاد العالمي يخضع لمجموعة مف الشركات الكبرى التي يتجاوز نشاطيا الحدود ليطاؿ
العالـ بأسره ،وأف ىذه الشركات والقائميف عمييا سيزدادوف ثراء بالرغـ مف أنيـ ال يبمغوف إال %20مف سكاف
العالـ ،بينما سيتجو الباقوف وىـ نحو %80إلى المزيد مف الفقر.
-لعبت العولمة دو ار ىاما مف األزمة المالية واالقتصادية التي حدثت في آسيا عاـ 1997والتي مازالت
تعاني منيا الدوؿ اآلسيوية وانعكست آثارىا السمبية عمى كثير مف الدوؿ النامية.
-العولمة تعمؿ عمى خمؽ مجتمع يتـ استخداـ %20مف قوة العمؿ المتاحة بو ،في حيف أف الػ %80مف
قوة العمؿ سيكونوف في حالة بطالة بالرغـ مف قدرتيـ عمى العمؿ ،ويرجع ذلؾ إلى استخداـ التقنيات الحديثة
واعادة الييكمة وحدوث فوضى في سوؽ العمؿ يدفع ثمنيا العماؿ ذوي الميارات المتدنية والتحصيؿ العممي
األقؿ.
77
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-العولمة وما تؤدي إليو مف حرية التجارة وازالة القيود عمى حركة السمع والخدمات ورؤوس األمواؿ ،تعمؿ
عمى إضعاؼ مركز الدولة القومية ،ويتـ ذلؾ أيضا مف خالؿ تشجيع الدولة لمقطاع الخاص وترؾ النشاط
االقتصادي بعيدا عف تدخؿ الدولة ليدفع ذلؾ المستثمريف األجانب إلى تممؾ كؿ ما ىو متاح وممكف مف
شركات وأصوؿ إنتاجية.
-العولمة تعمؿ عمى تييئة الساحة االقتصادية لظيور منافسة غير متكافئة بيف منتجات الدوؿ الصناعية
الكبرى ومنتجات الدوؿ النامية ،حيث تستطيع الدوؿ األولى أف تسيطر عمى السوؽ بجودتيا العالية وأسعارىا
الرخيصة مما يضعؼ معو الطمب عمى منتجات الدوؿ النامية في السوؽ األمر الذي مف شأنو أف يؤثر عمى
الوضع االقتصاد لمدوؿ النامية بالسمب.
-1محمد بوىزة ،رفيؽ مرزوقي ،األزمة المالية العالمية وأثارىا عمى االقتصاديات العربية ،ممتقى دولي األزمة المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة
العالمية المنعقد يومي 20و 21أكتوبر ،2009جامعة فرحات عباس ،سطيؼ ،الجزائر ،ص .2
78
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وزادت وفقًا لذلؾ عمميات اإلقراض مف قبؿ البنوؾ ،وازداد التوسع والتساىؿ في منح القروض العقارية لألفراد
م ف ذوى الدخوؿ المنخفضة وغير القادريف عمى السداد ،والمسماة بالقروض " الرديئة" ،وذلؾ دوف التحقؽ مف
قدرتيـ عمى السداد .1ثـ بدأت أسعار الفائدة في االرتفاع التدريجي لتصؿ إلى %1سنة ،22003ومع بداية
عاـ 2006وحدوث حالة مف التشبع التمويمي العقاري ارتفعت أسعار الفائدة لتصؿ إلى ،%5.25وأصبح
األفراد المستفيديف مف القروض متدنية الجودة غير قادريف عمى سداد األقساط المستحقة عمييـ ،وازداد األمر
سوءا بانتياء فترة الفائدة المثبتة المنخفضة لمقروض ،وازدادت معدالت حجز البنوؾ لعقارات مف لـ يستطيعوا
السداد ،لتصؿ إلى حوالي ،%93وفقد أكثر مف 2مميوف أمريكي ممكيتيـ ليذه العقارات وأصبحوا مكبميف
بااللتزامات المالية طيمة حياتيـ .وما زاد الوضع سوءا مايمي:
-قامت البنوؾ وشركات التمويؿ العقاري باالتفاؽ مع مشتري العقارات عمى التأميف عمى سداد القروض في
شركات التأميف مقابؿ أقساط وعندما عجز المشتروف عف دفع األقساط كانت شركة التأميف مطالبة بالسداد،
وعند تفاقـ المشكمة عجزت ىذه الشركات عف توفير السيولة الالزمة لدفع التعويضات فدخمت دائرة التعثر
واإلفالس.
-اتجاه البنوؾ المقدمة ليذه القروض لخصـ الديوف العقارية (تـ ذلؾ مف خالؿ تجميع القروض العقارية
المتشابية في سمة واحدة واعادة بيعيا لممؤسسات ،والشركات المالية والعقارية األخرى ،لتقوـ األخيرة بتجميع
أقساط القروض مف المدينيف) ،وذلؾ في محاولة لمحد مف المخاطر المترتبة عمييا.
-قاـ المقترضوف أصحاب المنازؿ بإعادة رىف العقارات بعد تقويميا بمبالغ أكثر مف قيمتيا األصمية
والحصوؿ عمى قروض مف مؤسسات أخرى التي بدورىا باعت ىذه القروض إلى شركات الخصـ (التوريؽ)
التي أصدرت بموجبيا سندات وطرحتيا في أسواؽ الماؿ والبورصات لمتداوؿ.
-تـ إصدار أدوات مالية (مشتقات) لممضاربة عمى فروؽ أسعار ىذه السندات وتـ طرحيا في األسواؽ ىي
األخرى ويتـ تداوليا منفصمة عف السندات .وىذا ما أدى إلى امتداد آثار األزمة لعدد كبير مف البنوؾ
والشركات في الواليات المتحدة وحوؿ العالـ ،3مف خالؿ ارتباط عدد كبير مف المؤسسات المالية -خاصة
األوروبية واآلسيوية -بالسوؽ المالية األمريكية إلى انتقاؿ األزمة الرىف العقاري مف الواليات المتحدة إلى
-1جميمة الجوزي ،أسباب األزمة المالية وجذورىا ،مؤتمر دولي حوؿ األزمة المالية العالمية وكيفية عالجيا مف منظور النظاـ االقتصادي الغربي
واإلسالمي المنعقد يومي 13و 14مارس ،2009جامعة الجناف ،لبناف ،ص .7
2
- Pascal Salin, la crise financière : causes, conséquences, solutions, consulter le 25-06-2018:
https://www.libinst.ch/publications/IL-Salin-Crise-financiere.pdf
-3جميمة الجوزي ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .8
79
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
القارة اآلسيوية واألوروبية وطالت األزمة شركات القروض العقارية والبنوؾ وصناديؽ التحوط وشركات
االستثمار واألسواؽ المالية لتتطور إلى أزمة أكبر باتت تعرؼ باألزمة المالية العالمية.1
-2أسباب حدوث األزمة :ترجع أسباب األزمة المالية العالمية الراىنة إلى مجموعة مف األسباب لعؿ أىميا
ما يمي:
-1-2ظروف االقتصاد األمريكي :يمكف إبراز أىميا في النقاط التالية :
أ -العجز التجاري :منذ عاـ 1971لـ يسجؿ الميزاف التجاري أي فائض بؿ عجز يزداد سنوياً وصؿ في
عاـ 2006إلى 758مميار دوالر .ويعود السبب األساس إلى عدـ قدرة الجياز اإلنتاجي خاصة السمعي
عمى تمبية االستيالؾ.
ب -عجز الميزانية :ال يزاؿ العجز المالي مرتفعاً حيث قدر في ميزانية عاـ 2008بمبمغ 410مميار دوالر
أي % 9.2مف الناتج المحمي اإلجمالي ،حيث يغمب الطابع العسكري عمى النفقات العامة والطابع السياسي
عمى الضرائب.
ج -المديونية :أظيرت إحصاءات و ازرة الخزانة األميركية ارتفاع الديوف الحكومية (اإلدارة المركزية واإلدارات
المحمية) مف 3.4تريميونات دوالر في عاـ 1990إلى 4.8تريميونات دوالر في عاـ 2003والى 9.8
تريميونات دوالر في عاـ .2007وأصبحت ىذه الديوف العامة تشكؿ %64مف الناتج المحمي اإلجمالي .وال
يتوقؼ ثقؿ المديونية األمريكية عمى اإلدارات الحكومية بؿ يشمؿ األفراد والشركات أيضاً .فقد بمغت الديوف
الفردية 2.9تريميونات دوالر منيا ديوف عقارية بمبمغ 6.6تريميونات دوالر .ىذه الديوف بذاتيا أزمة اقتصادية
خ طيرة .كما تعاني الواليات المتحدة مف مشاكؿ اقتصادية أخرى في مقدمتيا التضخـ الذي تجاوز %4
.2
والبطالة التي تشكؿ %5والصناعة التي تتراجع أىميتيا والفقر
-2-2أسعار الفائدة :حيث أدت االرتفاعات المتتالية ألسعار الفائدة مف قبؿ البنؾ الفيدرالي األمريكي إلى
زيادة أ عباء القروض العقارية ،وعدـ قدرة معظـ المقترضيف عمى السداد ،أو التأخر في السػداد ،مما فرض
-1جبر محمود الفضيالت ،الرىن العقاري وأثره في أزمة االقتصاد العالمية المعاصرة ،المؤتمر الدولي حوؿ األزمة االقتصادية المعاصرة أسبابيا
وتداعياتيا ،وعالجيا المنعقد في الفترة 16-14ديسمبر ،2010جامعة جرش ،األردف ،ص .8
-2كماؿ بف موسى ،األزمة المالية العالمية و تداعياتيا عمى البنوك اإلسالمية ،الممتقى الدولي حوؿ االقتصاد اإلسالمي :الواقع ورىانات المستقبؿ
المنعقد يومي 23و 24فيفري ،2011جامعة غرداية ،الجزائر ،ص .10
80
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
عمييـ أسعار فائدة أعمى ومف ثَـ أعباء إضافية فوؽ أعبائيـ وىكذا ...إلى أف توقؼ أغمبيـ عف السداد
بالكامؿ نتيجة عدـ قدرتيـ عمى دفع ما يستحؽ عمييـ.1
-3-2قروض الرىن العقاري :أدى انخفاض سعر الفائدة األمريكي إلى تشجيع البنوؾ عمى منح قروض
لشراء المنازؿ بفائدة متدنية ،فازداد الطمب عمى العقار مما أدى إلى زيادة كبيرة وسريعة في أسعاره .وقد أدى
ازدىار سوؽ العقار إلى ارتفاع حجـ التمويؿ العقاري األمر الذي مثؿ ضغطا عمى الطمب عمى العقارات
بسبب الوفرة المالية والشروط الميسرة مف البنوؾ والفوائد المنخفضة.2
وأخذ منح القروض العقارية قفزة نوعية ما بيف 2001و 2006إذ ارتفعت قيمة القروض الممنوحة في ىذه
الفترة مف 94مميار دوالر إلى ما يقارب 700مميار دوالر أي بزيادة أكثر مف 7أضعاؼ.3
قامت المؤسسات المالية بطرح ىذه القروض كسندات استثمارية مما أدى إلى وجود سوؽ ثانوية ميمتيا
التجارة في القروض واعادة بيعيا عدة مرات والنتيجة ارتفاع الفجوة بيف األسعار الحقيقية والسوقية ونظ ار
الرتفاع قيمة العقارات بصورة مبالغ فييا فقد لجأ أصحابيا لرىنيا لمحصوؿ عمى قروض مف الدرجة الثانية
(الرىوف األقؿ جودة) وىي تكوف أكثر خطورة في حاؿ انخفاض قيمة العقار وحتى يطمئف المستثمر قامت
الشركات بالتأميف عمى القروض والسندات في حاؿ التعثر وعدـ السداد.
وبيذا أصبح البيت الواحد مرىوف ألكثر مف جية بؿ ومؤمف عميو عند أكثر مف شركة ثـ بدأ انييار األسعار
نتيجة التوقؼ عف السداد وبدأت معو المؤسسات تصاب بالعسر المالي وبدأ انييار سوؽ العقار العالمي
ومعو المؤسسات المالية وشركات التأميف.
-4-2توريق الديون العقارية :يعرؼ التوريؽ عمى أنو تحويؿ الموجودات غير السائمة إلى أوراؽ مالية
قابمة لمتداوؿ ،أي تحويؿ الديوف (التي اقترضيا أصحاب المنازؿ) مف المقرض األساسي (البنؾ أو
المؤسسات المالية) إلى مقترضيف آخريف في شكؿ أوراؽ مالية قابمة لمتداوؿ في األسواؽ المالية ،فكأف البنؾ
لـ يكتؼ باإلقراض األوؿ بؿ أصدر موجة ثانية مف األصوؿ المالية بضماف الرىوف العقارية وتستمر العممية
موجة بعد موجة حيث يولد اإلقراض موجات متتابعة مف اإلقراض بأسماء المؤسسات المالية واحدة بعد
-1محمد محمود ولد محمد عيسى ،آثار وانعكاسات األزمة المالية واالقتصادية عمى االقتصاديات العربية ،ممتقى دولي األزمة المالية واالقتصادية
الدولية والحوكمة العالمية ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .3
-2األزمة المالية العالمية دروس مستفادة ،إدارة الدراسات المالية ،دائرة المالية ،حكومة دبي ،2014 ،ص ص ،7-6تاريخ االطالع-06-08 :
http://www.dof.gov.ae/ar-sa/Pages/Home/Home.aspx :2018
-3عبد القادر بمطاس ،تداعيات األزمات المالية العالمية –أزمة ،-Sub-primeدوف طبعة ،دار األسطورة ،الجزائر ،2009 ،ص .31
81
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
األخرى ،وقد ساىـ التوريؽ في توزيع المخاطر مما أدى إلى ضعؼ الرقابة واالىتماـ بالمخاطر وتضاءلت
دقة تقييـ ىذه األخيرة.1
-5-2التعامل بالمشتقات المالية :اتجيت أسواؽ الماؿ إلى ابتكار أدوات تمويمية جديدة تعرؼ بالمشتقات
المالية* ،ويمكف مف خالليا تحويؿ مخاطر األصوؿ التمويمية مثؿ السندات إلى أدوات قابمة لمتسويؽ في
سوؽ رأس الماؿ ،2وقد سيمت المشتقات المالية التي تـ إصداراىا نقؿ وانتشار المخاطر في نفس الوقت،
خاصة وأنيا لـ تكف خاضعة لرقابة جدية ،3فقد زادت عمميات إصدارىا وتضخمت األصوؿ التمويمية.
-6-2نقص أو انعدام الرقابة واإلشراف عمى المؤسسات واألدوات المالية :في مواجية ىذا التوسع
المحموـ لألصوؿ المالية ،فإف المؤسسات المالية التي تصدر أو تتعامؿ في ىذه األصوؿ خضعت لقميؿ مف
الرقابة واإلشراؼ وأحياناً دوف أي إشراؼ مف السمطات العامة .ونظ اًر ألف معظـ ىذه المؤسسات المالية تتمتع
بدرجة عالية مف الثقة باعتبارىا مؤسسات مالية صمبة تستند إلى دعائـ مالية قوية وكافية ،لذلؾ لـ يكف غريباً
أف ينجذب جميور المستثمريف والمقترضيف بؿ والعديد مف المؤسسات المالية لمتعامؿ فيما يصدر عنيا مف
أدوات مالية متعددة ومتنوعة ،وبعضيا بالغ التعقيد والتركيب بما يصعب عمى المستثمر العادي ،وأحياناً عمى
الخبير المتخصص ،فيـ أبعاد المخاطر التي تشوب ىذه األدوات .وقد استند اإلقباؿ عمى ىذه األدوات ،إلى
حد كبير ،إلى األسماء الكبيرة لممؤسسات المصدرة ليذه األدوات.4
-7-2فساد وكاالت التقويم :ىذه الوكاالت ميمتيا األساس تقويـ الجدارة االئتمانية ،وقد انتشر الفساد
والرشوة في كثير مف ىذه الوكاالت في الواليات المتحدة وبعض الدوؿ األوربية بحيث أصبح التقويـ ال يعبر
-1األزمة المالية العالمية دروس مستفادة ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .8
* -المشتقات المالية :وىي عبارة عف أدوات مالية استحدتث بغية التحوط أوال والمضاربة ثانيا وتشمؿ :المستقبميات والخيارات والعقود اآلجمة
والمبادالت.
-2األزمة التمويمية العالمية وسبل مواجية آثارىا عمى مصر ،سمسمة آراء في السياسة االقتصادية ،المركز المصري لمدراسات االقتصادية ،العدد ،22
القاىرة ،مصر ،ديسمبر ،2008ص.1
3
- Jean-Charles Bricongne, Jean-Marc Fournier, Vincent Lapègue, et Olivier Monso, De la crise financière à la
crise économique L’impact des perturbations financières de 2007 et 2008 sur la croissance de sept pays
industrialisés, revue économie et statistique, L’Institut national de la statistique et des études économiques,
N°438–440, France, 2010, P 48.
-4األزمة المالية العالمية وتداعياتيا عمى االقتصادات العربية ،صندوؽ النقد العربي ،ديسمبر ،2008ص ،7تاريخ االطالع:2018-06-18 :
http://www.amf.org.ae/ar
82
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
عف حقيقة الجدارة االئتمانية لمبنوؾ (استثمارية وتجارية) وشركات التأميف وشركات إعادة التأميف وشركات
التمويؿ العقاري أي القطاع المالي بأكممو.1
-8-2انتشار الفساد األخالقي االقتصادي :ويتمثؿ في االستغالؿ والكذب والشائعات المغرضػة والغش
والتدليس واالحتكار والمعامالت الوىمية.2
-3تأثير األزمة المالية العالمية عمى النظام المالي العالمي :إف آثار األزمة المالية عمى الصعيد المحمي
لـ تتوقؼ عند انييار القطاع المالي الذي كاف مف أبرز مظاىره:3
-1-3آثار األزمة عمى أسواق رأس المال :إف أوؿ تداعيات األزمة المالية عمى البورصة األمريكية إذ
انخفض مؤشر داوجونز الصناعي ألسيـ الشركات األمريكية الكبرى مف 9258نقطة إلى 8579نقطة أي
بمقدار 679نقطة وبمعدؿ .%3.7وقد انتقمت األزمة إلى معظـ األسواؽ المالية ،فبعد ىبوط أسيـ بورصة
ووؿ ستريت انخفض المؤشر العاـ في أىـ البورصات العالمية ،حيث خسرت بورصة طوكيو أكثر مف %51
مف رسممتيا بسبب أزمة البنوؾ األمريكية ،وخاصة أف أكبر احتياطي مف الدوالر في العالـ يوجد في الياباف
وروسيا ،وكاف لدى الصيف أكثر مف 1500مميار دوالر مف األصوؿ اإلجمالية العالمية المقدرة بػ 5أالؼ
مميار دوالر ،في حيف عرؼ مؤشر cac40انييا ار كبي ار مع نياية أكتوبر ،2010حيث انخفض أداء
المؤشر مف 2111نقطة إلى 3211نقطة ،بينما خسر مؤشر داوجونز %32مف قيمتو عمى 10أشير
األولى مف سنة 2008وبورصة ىونغ كونغ خسرت %22مف قيمتيا.
-2-3نقص السيولة النقدية :لقد قدمت المؤسسات المالية األمريكية تسييالت ائتمانية لجميع فئات
المجتمع األمريكي قصد شراء عقارات بالتقسيط وبأسعار فائدة متدنية بمعدؿ %1وبدوف ضمانات سوى
ممكية العقار .مما أدى إلى استنزاؼ خطير لمسيولة النقدية وحصرىا في األصوؿ العقارية ضعيفة السيولة،
وبعد ارتفاع سعر الفائدة إلى %25.5مما أدى إلى عدـ مقدرة األفراد تسديد أقساط القرض وبالتالي رفع مف
-1إيماف محمود عبد المطيؼ ،األزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات ،أطروحة دكتو اره غير منشورة ،جامعة سانت كميمنتس العالمية،
العراؽ ،2011 ،ص .112
-2عمي فالح المناصير ،وصفي عبد الكريـ الكساسبة ،األزمة المالية العالمية "حقيقتيا ،أسبابيا ،تداعياتيا وسبل العالج" ،المؤتمر الدولي حوؿ
تداعيات األزمة االقتصادية العالمية عمى منظمات األعماؿ "التحديات-الفرص-اآلفاؽ" المنعقد يومي 11-10نوفمبر ،2009جامعة الزرقاء الخاصة،
عماف ،ص .16
-3العديد مف المراجع:
-ناصر مراد ،األزمة المالية العالمية :األسباب ،اآلثار و سياسات مواجيتيا ،ممتقى دولي األزمة المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة العالمية ،مرجع
سبؽ ذكره ،ص ص .6-5
-خيرالديف بوزرب ،عبد اهلل منصوري ،تقييم دور الوال يات المتحدة األمريكية في إصالح النظام المالي العالمي بعد األزمة المالية العالمية دراسة
باستخدام نظرية االستقرار بالييمنة ،مجمة العموـ اإلنسانية ،العدد ،44جامعة قسنطينة ،1الجزائر ،ديسمبر ،2015ص ص .120-119
83
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
حدة استرداد العقار لممؤسسات العقارية ،وترتب عمى ذلؾ إغراؽ االقتصاد األمريكي بعقارات منخفضة القيمة
مما نتج عنو امتصاص لمسيولة النقدية بالمؤسسات المالية العالمية ،كما أف فقداف الثقة ما بيف المؤسسات
المالية في مجاؿ التعاوف فيما بينيا في منح االئتماف أدى إلى ندرة واسعة في السيولة النقدية باألسواؽ
العالمية.
-3-3إفالس الكثير من البنوك والمؤسسات العقارية وشركات التأمين وتحول الكثير من البنوك إلى
ممكية حكومية :حيث بمغت خسائر ( )Citigroupحوالي 2000مميار دوالر وتراجعت إيراداتيا إلى ،%52
كما أفمس بنؾ ليماف برادرز( ،)Brothers Lehmannواستحوذت الحكومة األمريكية عمى شركتي فاني
ماي( )Mae Fannieالمختصة في تمويؿ السكاف وفريدي ماؾ ( )Mac Freddieالمختصة بتوفير السيولة
لمجيات الممولة لممساكف ،في حيف اشترى بنؾ أوؼ أمريكا ) (Bank of Americaبنؾ كنتري وايد
) (Countrywideأكبر مموؿ لمرىف العقاري في الواليات المتحدة بقيمة 5مميار دوالر .وتـ تأميـ بنؾ
التسميؼ العقاري وبنؾ برادفور أند بينغمي ( )Bradford and Bingleyمف قبؿ الحكومة البريطانية.
-4-3الركود االقتصادي :أدت األزمة المالية إلى دخوؿ االقتصاد العالمي في ركود اقتصادي نتيجة
انخفاض االستيالؾ وتقميص إنفاؽ الشركات والنشاط اإلسكاني ،وانعكس ذلؾ عمى العجز في الميزاف
التجاري لمدوؿ المتقدمة ،إذ حققت الواليات المتحدة األمريكية عج از قياسيا خالؿ سنة 2008بمغ 455مميار
دوالر وبزيادة قدرىا % 50مقارنة بسنة .2007وحقؽ الميزاف التجاري لدوؿ اإلتحاد األوروبي في سنة
2008عج از بقيمة 2.27مميار أورو (ما يعادؿ 36مميار دوالر) مقارنة ب ػ 1.16مميار أورو سنة .2007
وتفاقـ العجز التجاري في روسيا إلى 8.44مميار أورو مقارنة ب ػ 9.32مميار أورو .فيما بقي العجز ثابتا
مع الصيف بمقدار 86مميار أورو ،بينما تراجع في الياباف بشكؿ طفيؼ إذ بمغ 6.19مميار أورو مقارنة ب ػ
2.20مميار سنة . 2007
ويؤدي ركود االقتصاد العالمي إلى انخفاض االستثمار و تراجع االستثمار األجنبي المباشر خاصة في
الدوؿ النامية ،وبالتالي انخفاض الطمب عمى الطاقة ،ويؤدي إلى انييار أسعار المحروقات مما يؤثر سمبا
عمى الدوؿ التي تصدر البتروؿ ،بحيث تنخفض حصيمة الصادرات ،ما يشكؿ ضغوطا متزايدة عمى
الموازنات العامة ومستوى اإلنفاؽ ومعدالت النمو.
-5-3تفاقم البطالة :يعتبر ارتفاع معدالت البطالة في مختمؼ قطاعات النشاط اإلنتاجي مف أىـ اآلثار
السمبية لألزمة المالية العالمية ،وقد تأثر سوؽ العمؿ بعد الركود االقتصادي وانخفاض الطمب ونقص
التمويؿ ،مما دفع بالمؤسسات بتسريح عدد ىائؿ مف العماؿ ،وفي دراسة صدرت عف مكتب العمؿ الدولي
84
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
فإف عدد األفراد المعرضيف لمبطالة عمى مستوى العالـ وصؿ 210مميوف شخص سنة 2008بعدما كاف
190مميوف شخص سنة .2007
-4أثر األزمة المالية العالمية عمى االقتصاد الجزائري:
ال مما شؾ فيو أف االقتصاد الجزائري كغيره مف االقتصاديات العالمية سوؼ يتأثر باألزمة
االقتصادية العالمية ،واف كاف بنسبة أقؿ مقارنة بالدوؿ األخرى وذلؾ لألسباب التالية:
-عدـ وجود سوؽ مالية بالمعنى الفعمي في الجزائر.
-عدـ وجود ارتباطات مصرفية لمبنوؾ الجزائرية مع البنوؾ العالمية بالشكؿ الذي يؤثر عمييا.
-انغالؽ االقتصاد الجزائري بشكؿ نسبي عمى االقتصاد العالمي ،ذالؾ أف اإلنتاج الجزائري ال يعتمد عمى
التصدير باستثناء المحروقات و ذلؾ ما يجعمو في مأمف مف أي كساد قد يصيب االقتصاد العالمي والكثير
مف الدوؿ التي تعتمد عمى صادرات قد تتأثر بالركود والكساد في الدوؿ المستيمكة لمنتجاتيا.
-اعتماد الحكومة الجزائرية عمى موازنة بسعر مرجعي يقؿ كثي ار عف أسعار السوؽ وىذا ما يجنبيا أي
انعكاسات في حالة انخفاض أسعار البتروؿ.
وباعتبار أف الجزائر مف الدوؿ العربية المصدرة لمبتروؿ والذي ساىـ في ارتفاع المداخيؿ خالؿ
النصؼ األوؿ مف سنة 2008حسب تقرير البنؾ العالمي الذي أشار إلى أف الجزائر حققت نسبة نمو ىذه
السنة ب ػ %9,4مقابؿ %1,3سنة 2007وقدرت نسبة النمو خارج المحروقات ب ػ %6وىي نتاج النفقات
العمومية في قطاعات مثؿ البناء والخدمات المتعمقة بالبنى التحتية واليياكؿ القاعدية ،وأشار تقرير البنؾ
العالمي أف الجزائر تتمتع بوضع مالي مريح إذ قدر احتياطي الصرؼ نياية سبتمبر مف سنة 2007بػ 130
مميار دوالر بزيادة قيمتيا 30مميار دوالر مقارنة بنياية ،2007إال أف تراجع األسعار بدأ يشكؿ بالنسبة
لمدوؿ النفطية عامؿ ضغط مستمر وىو ما يتوقع حسبو إلى أف سنة 2009ىي آخر سنة لمخطط دعـ
النمو االقتصادي الذي جند لو أكثر مف 150إلى 160مميار دوالر ستنتيي بنسبة نمو متواضعة تقدر ب ػ
.%8,3ومع تراجع أسعار البتروؿ إلى أقؿ مف 50دوالر لمبرميؿ واستمرار تدني األسعار وعزوؼ الرأسماؿ
األجنبي عمى االستثمار في الجزائر فمف المتوقع أف تتأثر المشاريع الخاصة باليياكؿ القاعدية والبنى التحتية
التي تموؿ مف قبؿ الدولة تدريجيا فضال عف تأثر المداخيؿ الجبائية أيضا وىو ما مف شأنو أف يؤثر عمى
االقتصاد الجزائري.
85
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
وعف تأثيرات األزمة المالية عمى القطاع بنكي فتشير التقارير االقتصادية بأف الجزائر في منأى مف تداعياتيا
نظ ار لعدـ مخاطرتيا في مجاؿ التوظيؼ المالي ،فضال عف عدـ ارتباط بنوؾ الجزائر بشبكات وتعامالت
خارجية.1
ويتأثر االقتصاد الجزائري أيضا مف خالؿ:
-انخفاض أسعار العديد مف السمع في السوؽ العالمية :فكما يؤدي نمو االقتصاد العالمي إلى زيادة أسعار
السمع فركوده يؤدي إلى انخفاض أسعار السمع في السوؽ العالمية ،وباعتبار الجزائر بمد مستورد لمسمع
فاألزمة نافعة لالقتصاد عمى األمد القريب.
انخفاض تكاليؼ مواد اإلنتاج قد يخمؽ ديناميكية في االقتصاد ،ومثاؿ انييار أسعار الحديد ساعدت قطاع
العقار في الجزائر عمى النيوض بعد تعثره إثر ارتفاع أسعاره في السوؽ العالمية.
اختالؿ التوازنات المالية الكبرى إف استمرت أسعار المحروقات في االنييار.
الركود االقتصادي سيؤدي إلى إفالس الكثير مف الشركات و المؤسسات عبر العالـ ،وبقاء بعض
الشركات الكبرى يؤدي إلى احتكار السوؽ العالمية وبالتالي رفع األسعار مجددا.
األزمة االقتصادية قد تحد مف االستثمارات الخارجية.
تراجع التحويالت المالية بشكؿ ممحوظ.2
-5اإلجراءات التي تم اتخاذىا لمواجية األزمة:
أقرت السمطات المختصة في االقتصاد األمريكي بالتنسيؽ مع السمطات المختصػة فػي الػدوؿ األخػرى
لوضع خطط مماثمة ،مجموعة مف اإلجراءات لمواجية ىذه األزمة ،تتمثؿ أساسا في:3
-1-5أف تستمر البنوؾ المركزية في المحافظة عمى معدؿ السيولة في االقتصاد سػواء مػف خػالؿ تخفػيض
أسػػعار الفائػػدة األساسػػية ،أو مػػف خػػالؿ ضػػخ األم ػواؿ فػػي األس ػواؽ (عمميػػات السػػوؽ المفتػػوح) ،وذلػػؾ لضػػماف
تسػػييؿ عمميػػة المجػػوء إلػػى القػػروض البنكيػػة لالسػػتثمار بمػػا يػػؤدي إلػػى دعػػـ االقتصػػاد األمريكػػي واالقتص ػػاد
العالمي المتعثريف.
-1صالح مفتاح ،فريدة معارفي ،قـراءة في األزمـة المالية العالمية رؤية شرعـية إسالميـة ،الممتقى الدولي حوؿ أزمة النظاـ المالي والمصرفي الدولي
وبديؿ البنوؾ اإلسالمية ،مرجع سبؽ ذكره ،ص ص .9-8
-2دليمة طالب ،سيدي محمد عياد ،كريـ وىراني ،األزمة المالية الراىنة وأثرىا عمى االقتصاد الجزائري ،الممتقى الدولي حوؿ أزمة النظاـ المالي
والمصرفي الدولي وبديؿ البنوؾ اإلسالمية ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .24
-3محمد خميؿ فياض ،خالد عمى الزائدي ،األزمة المالية العالمية وأثرىا عمى أسعار النفط الخام ،الندوة الدولية حوؿ األزمة المالية العالمية وسوؽ
الطاقة المنعقد يوـ 20جانفي ،2009طرابمس ،ليبيا ،ص .7
86
المحور السادس -الوقائع االقتصادية المعاصرة
-2-5أف تقوـ الحكومة األمريكية (و ازرة الخزانة) بشراء الديوف اليالكة المتفشػية فػي األسػواؽ الماليػة وتيػدد
بانييارىا ،وذلؾ مف خالؿ إتباع جممة مف اإلجػراءات أطمػؽ عمييػا أسػـ خطػة اإلنقػاذ ،وقػد صػدر قػانوف بشػأف
إعطػػاء ميمػػة ليػػذه الخطػػة تنتيػػي فػػي ،2009 /12 /31مػػع احتمػػاؿ تمديػػدىا بطمػػب مػػف الجيػػات المختصػػة
لفترة أقصاىا سنتيف اعتبا ار مف تاريخ إقرار الخطة ،ومف أىـ ما جاء بيذه الخطة ما يمي:
الس ػػماح لمحكوم ػػة األمريكي ػػة (الخ ازن ػػة) بشػ ػراء أص ػػوؿ ىالك ػػة بقيم ػػة 700ممي ػػار دوالر مرتبط ػػة ب ػػالرىف
العقاري.
أف يػػتـ تطبيػػؽ الخطػػة عمػػى م ارحػػؿ بإعطػػاء الخزينػػة إمكانيػػة شػراء أصػػوؿ ىالكػػة بقيمػػة تصػػؿ إلػػى 250
ممي ػػار دوالر ف ػػي مرحم ػػة أول ػػى ،م ػػع احتم ػػاؿ رف ػػع ى ػػذا المبم ػػغ إل ػػى 350ممي ػػار دوالر بطم ػػب م ػػف الجي ػػات
المختصة ،ويجػوز المعارضػة عمػى عمميػات الشػراء التػي تتعػدى ىػذا المبمػغ المحػدد سػقفو بمبمػغ 700مميػار
دوالر.
رفع سقؼ الضمانات لممودعيف مف 100ألؼ دوالر إلى 250ألؼ دوالر لمدة عاـ واحد.
منح حوافز مالية لمطبقة الوسطى والشركات ،تتضمف إعفاءات ضريبية لمدة سنتيف ،وبقيمة 150مميار
دوالر ،منيػػا 100مميػػار دوالر لألف ػراد ( الطبقػػة الوسػػطى) ،وذلػػؾ لتشػػجيع اإلنفػػاؽ االسػػتيالكي بمػػا يضػػمف
تنشيط االقتصاد.
تحديد التعويضات لرؤساء الشركات عند االستغناء عنيـ.
منػػع دفػػع تعويضػػات تشػػجع عمػػى مجازفػػات ال فائػػدة منيػػا ،وتحديػػد المكافػػآت الماليػػة لمسػػؤولي الشػػركات
الذيف يستفيدوف مف التخفيضات الضريبية بمبمغ 500ألؼ دوالر ،باإلضافة إلػى اسػتعادة العػالوات التػي تػـ
تقديميا عمى أرباح متوقعة لـ تحقؽ بعد.
والعديد مف اإلجراءات األخرى ،كتعييف مفػتش عػاـ مسػتقؿ لمراقبػة قػ اررات وزيػر الخ ازنػة ،ود ارسػة القضػاء
لمق اررات التي يتخذىا وزير الخزانة ،واتخاذ إجراءات ضد عمميات وضع اليد عمى الشركات ،وغيرىا.
-3-5قياـ العديد مف البنوؾ الدولية بإنشاء صندوؽ لمسيولة برأسماؿ قدره 70مميار دوالر لمواجية أكثر
حاجاتيا إلحاحا.
-4-5قياـ المسؤوليف عف األسواؽ المالية في 20سبتمبر 2008بوقؼ المضاربات قصيرة األجؿ مؤقتا.
87
الخاتمــــــــــــــــــــة
عاش اإلنسان في ظل النظام البدائي عمى ما وفرتو لو الطبيع ـة من غذاء وممبس ،لكن سرعان ما
انتبو أنو بإمكانو تحسين ظروف معيشتو تدريجيا فأصبح يعيش في جماعات تتجو نحو أداء عمل واحد
وتقسيم عوائده بين أفراد الجماعة بالتساوي دون تمييز ،لكن توسع الجماعة وتحسن أدوات العمل أديا إلى
زيادة اإلنتاج وممارسة األفراد ألعمال في أوقات فراغيم فبدأت بذلك أسس النظام البدائي تتغير باتجاه ظيور
الممكية الخاصة التي أفرزت فيما بعد الطبقية والتي نتج عنيا التحول إلى نظام عبودي يقوم عمى العمل
العضمي لمعبيد والعمل الفكري لألسياد الذين انفردوا بغالبية المنتوج واستخدموه في حياة البذخ عوض
استخدامو في تحسين أدوات اإلنتاج فبدأت بوادر الضعف تظير في المناطق التي ساد فييا النظام العبودي
وأىميا اإلمبراطورية الرومانية التي تعرضت أيضا إلى غزوات خارجية.
تظافرت العوامل الداخميـة والخارجيـة وانيار النظام العبودي في أوروبا لتنتقل بعده إلى نظام إقطاعي يرتكز
عمى النشاط الزراعي ودخمت بذلك أوروبا في حالة من التدىور عمى جميع المستويات ،وبازدياد الضغط عمى
األقنان ( الشخاص الذين كانوا يزرعون األرض) وىروبيم نحو المدن بدأ النشاط الحرفي يزدىر وانعكس
ذلك إيجابيا الدول األوروبية التي انتقمت تدريجيا نحو النظام الحرف ـي فازدىرت التجارة التي ميدت بدورىـا إلى
الدخول فيما يعرف بالرأسمالية التجارية والتي ارتكزت عمى النشاط التجاري وتمكنت من خالليا الدول من
تحقيق تراكم رأسمالي كبير مولت بو فيما بعد المجال الصناعي بعد الثورة التي شيدىا ىذا المجال والتي
تعرف بالثورة الصناعية وزادت بذلك الثروة الحقيقية والمالية لمدول األوروبية وبات رأس المال يمعب دو ار كبي ار
في النشاط الصناعي وأطمق عمى ىذا الترابط برأس المال المالي واتخذت بذلك الرأسمالية صورة جديدة تعرف
بالرأسمالية المالية ،وفي نفس الفترة التي كانت تعيش فييا أوروبا في العصور الوسطى كان العالم اإلسالمي
في أوج حضارتو التي مست جميع الميادين السيما االقتصادية منيا.
دفع تطـور األوضاع االقتصاديـة لمدول األوروبيـة إلى زيادة أطماعيـا لمسيطرة عمى العالـم خاصـة من
خالل موجات االستعمار لمدول الضعيفة إلى أن اصطدمت مصالحيا ،فدخمت في الحرب العالمية األولى
والتي انعكست إيجابيا عمى بعض الدول خاصة الواليات المتحدة األمريكية وسمبيا عمى دول أخرى في
مقدمتيا ألمانيا والنمسا ،وتغيرت بذلك موازين القوى االقتصادية.
إن بروز الواليات المتحدة األمريكية كقوة اقتصادية في عالم ما بعد الحرب جعميا توطد عالقاتيا مع
الكثير من الدول ،لذا نجد أنو عند حدوث أزمة الكساد العظيم في الواليات المتحدة األمريكية انتقمت بسرعة
إلى بقية دول العالم ،وتعد ىذه األزمة من أعنف أزمات النظام الرأسمالي فقد استمرت أربع سنوات وخمفت
نتائج وخيمة عمى االقتصاد األمريكي وعمى االقتصاديات المرتبطة بو ،ولم ينجو منيا تقريبا سوى االتحاد
88
الخاتمــــــــــــــــــــة
السوفياتي نتيجة إتباعو نظاما اقتصاديا مناقضا لمنظام الرأسمالي وىو النظام االشتراكي وعدم وجود عالقات
تربطو بالواليات المتحد األمريكية.
وبانتياء أزمة الكساد سنة 3311وبداية عودة االنتعاش االقتصادي دخمت دول العالم في حرب
عالمية ثانية أفقدت العالم االقتصادي توازنو من جديد ليدخل خالليا في فوضى كبرى ،ما دفع الدول المتقدمة
وعمى رأسيا الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا إلى المناداة إلقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يعيد حالة
التوازن ويدعم اقتصاديات الدول ،وتحقق ذلك من خالل ما يعرف بنظام بريتون وودز سنة ،3311وعاد
االستقرار االقتصادي من جديد ورافقو نوع من االستقرار السياسي تدعم بانتشار حركات التحرر التي أفرزت
مجموعة من الدول التي تبحث عن تطوير اقتصادياتيا ومن أبرز ىذه الدول االقتصاديات اآلسيوية والتي
تمكنت في فترة وجيزة من أن تصبح من بين أىم القوى االقتصادية الدولية وناح عممية التنمية التي اعتمدتيا.
وأصبح العالم االقتصادي يضم مجموعة من القوى االقتصادية التي تقودىا الواليات المتحدة األمريكية
واالتحاد السوفياتي ،إال أن ىذا األخير لم يتمكن من الصمود أمام قوة الواليات المتحدة األمريكية من جية،
وأمام المشاكل الداخمية التي بات يتخبط فييا ناىيك عن تخمي العديد من الدول التي كانت تنطوي تحت لوائو
عنو وعن النظام االشتراكي ككل ما ميد لسقوط المعسكر االشتراكي ،وبقاء العالم تحت قيادة الواليات المتحدة
التي فرضت بدورىا عميو االندماج في العولمة االقتصادية ،والتي باتت بدورىا السمة الرئيسية لتسعينات القرن
العشرين ،وزاد تبعا لذلك ارتباط اقتصاديات الدول ببعضيا البعض وباالقتصاد األمريكي بصفة أساسية ،حمل
ىذا االرتباط معو خط ار جديدا ىو سيولة وسرعة التأثر بما يحدث في اقتصاد الواليات المتحدة األمريكية،
وتجسد ذلك بشكل واضح خالل األزمة المالية 8002التي مست االقتصاد األمريكي وتركت آثارىا السمبية
عميو والتي انعكست بدورىا عمى جميع دول العالم ،وأدخمتيا في حاالت اضطرابات اقتصادية واسعة
النطاق.
إن دراسة كل ىذه المحطات التي مر بيا اإلنسان منذ وجوده إلى يومنا ىذا يكسبنا القدرة عمى فيم ما
حدث واستنتاج العبر منو وبناء توقعات مستقبمية لألوضاع االقتصادية العالمية.
89
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
أوال -الكتـــــب:
بالمغة العربية: أ.
.1إبراىيم كبة ،دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي ،الطبعة األولى ،الجزء األول ،مطبعة
اإلرشاد ،بغداد ،العراق.1970 ،
.2إبراىيم مشورب ،االقتصاد السياسي :مبادئ -مدارس -أنظمة ،الطبعة األولى ،المنيل المبناني ومكتبة
رأس النبع ،بيروت ،لبنان.2002 ،
.3أحمد بركات ،تاريخ الوقائع االقتصادية المعاصرة ،دون طبعة ،دار بمقيس ،الجزائر.
.4أحمد فريد مصطفى ،سيير محمد السيد حسن ،تطور الفكر والوقائع االقتصادية ،دون طبعة ،مؤسسة
شباب الجامعة ،اإلسكندرية ،مصر.2000 ،
.5إسماعيل بن قانة ،الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار الحامد ،عمان ،األردن،
.2017
.6إسماعيل محمد سمطان ،االقتصاد السياسي ،الطبعة األولى ،دار الراية ،عمان ،األردن.2012 ،
.7إميل فيمي شنودة ،سامح جميل عبد الرحيم ،عصام توفيق قمر ،تعميم حقوق اإلنسان :الفمسفة
والواقع ،الطبعة األولى ،المكتبة العصرية ،بيروت ،لبنان.2009 ،
.8إيناس محمد البييجي ،تاريخ الدولة األموية ،الطبعة األولى ،مركز الكتاب األكاديمي ،عمان ،األردن،
.2017
.9ج.آ.س غرنفيل ،ترجمة ومراجعة عمي مقمد ،الموسوعة التاريخية العسكرية ألحداث القرن العشرين،
المجمد األول ،الطبعة األولى ،الدار العربية لمموسوعات ،بيروت ،لبنان.2012 ،
.10جميل محمد خالد ،أساسيات االقتصاد الدولي ،الطبعة األولى ،األكاديميون لمنشر والتوزيع ،عمان،
األردن2014 ،
.11جياد عودة ،مقدمة في العالقات الدولية المتقدمة ،الطبعة األولى ،المكتب العربي لممعارف ،القاىرة،
مصر.2013 ،
.12حازم البنى ،المبادئ واألسس االقتصادية ،دون طبعة ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،طرابمس ،لبنان،
.1997
.13حسن أحمد شحاتة ،محمد حسان عوض ،قضية المناخ ..وتحديات العولمة البيئية ،الطبعة األولى،
األكاديمية الحديثة لمكتاب الجامعي ،القاىرة ،مصر.2018 ،
90
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.14حسين بن طاىر ،مدخل إلى الوقائع االقتصادية ،دار بياء الدين ،قسنطينة ،الجزائر.2010 ،
.15حسين عمر ،موسوعة الفكر االقتصادي ،الجزء األول ،دون طبعة ،دار الكتاب الحديث ،القاىرة،
مصر.
.16خمفان حمد عيسى ،النظرية اإلسالمية في االقتصاد ،الطبعة األولى ،دار الجنادرية ،عمان ،األردن،
.2016
.17داليا عادل الزيادي ،النظم االقتصادية المقارنة ،كمية التجارة ،جامعة عين شمس ،القاىرة ،مصر ،دون
سنة نشر.
.18رمزي زكري ،التاريخ النقدي لمتخمف ،عالم المعرفة ،الكويت ،أكتوبر.1987 ،
.19رمضان زبيري ،العولمة والبنى الوظائفية الجديدة لمدولة ،الطبعة األولى ،مركز الكتاب األكاديمي،
عمان ،األردن.2015 ،
.20زينب حسين عوض اهلل ،العالقات االقتصادية الدولية ،دون طبعة ،الدار الجامعية ،بيروت ،لبنان،
.1995
.21زينب حسين عوض ،مبادئ عمم االقتصاد ،دون طبعة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر.1997 ،
.22زينب حسين عوض اهلل ،سوزي عدلي ناشد ،مبادئ االقتصاد السياسي ،دون طبعة ،منشورات الحمبي
الحقوقية ،بيروت ،لبنان.2007 ،
.23زينب صالح األشوح ،االقتصاد الوضعي واالقتصاد اإلسالمي :نظرة تاريخية مقارنة ،الطبعة األولى،
عين لمدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ،القاىرة ،مصر.
.24سعيد النجار ،تاريخ الفكر االقتصادي من التجاريين إلى نهاية التقميديين ،دار النيضة العربية،
.1973
.25سعيد سعد مرطان ،مدخل لمفكر االقتصادي في االسالم ،الطبعة الثانية ،مؤسسة الرسالة ،بيروت،
لبنان.2004 ،
.26سميم مجمخ ،األزمة المالية واالقتصادية العالمية لسنة 2008وآثارها عمى الدول النامية -دراسة
حالة الجزائر ،-الطبعة األولى ،دار الكتاب الجامعي ،العين ،اإلمارات.2017 ،
.27شوقي عطا اهلل الجمل ،عبد اهلل عبد الرازق ،تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة ،دون
طبعة ،المكتب المصري ،القاىرة ،مصر.2000 ،
91
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.28صباح قاسم األمامي ،عباس كاظم جياد الفياض ،الخصخصة وتأثيرها عمى االقتصاد الوطني ،الطبعة
األولى ،مركز الكتاب األكاديمي ،عمان ،األردن.2015 ،
.29ضياء مجيد الموسوي ،أسس عمم االقتصاد ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
.2014
.30طارق عثمان الحسون ،العولمة والتنمية االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار أمجد ،عمان ،األردن،
.2015
.31عامر محمد سعيد طوقان ،النظام االقتصادي االسالمي بين النظرية والتطبيق ،الطبعة األولى ،دار
البيروني ،عمان ،األردن.
.32عبد الرزق سعيد بمعباس ،ما معنى األزمة؟ ،مقال منشور ضمن مؤلف بعنوان األزمة المالية العالمية:
أسباب وحمول من منظور إسالمي ،الطبعة األولى ،مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي ،جامعة الممك عبد
العزيز ،جدة ،السعودية.2009 ،
.33عبد القادر بمطاس ،تداعيات األزمات المالية العالمية –أزمة ،-Sub-primeدون طبعة ،دار
األسطورة ،الجزائر.2009 ،
.34عبد المطيف مصطفى ،محمد بن بوزيان ،أساسيات النظام المالي واقتصاديات األسواق المالية،
الطبعة األولى ،مكتبة حسن العصرية ،بيروت ،لبنان.2015 ،
.35عبد اهلل خبابة ،رابح بوقرة ،الوقائع االقتصادية :العولمة االقتصادية-التنمية المستدامة ،دون طبعة،
مؤسسة شباب الجامعة ،اإلسكندرية ،مصر.
.36عبد اهلل ساقور ،االقتصاد السياسي ،دون طبعة ،عنابة ،الجزائر.2004 ،
.37عبد المطمب عبد الحميد ،العولمة االقتصادية( منظماتها -شركاتها -تداعياتها) ،دون طبعة ،الدار
الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر.2006 ،
.38عبد المطمب عبد الحميد ،العولمة واقتصاديات البنوك ،الطبعة األولى ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية،
مصر.2001 ،
.39عبد الوىاب محمد جواد الموسوي ،الميبرالية واألزمات-دراسة في الوقائع االقتصادية لمبمدان
المتحولة ،-دار اليازوري ،عمان ،األردن.2016 ،
.40عبد عمي كاظم المعموري ،تاريخ األفكار االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار الحامد ،عمان ،األردن،
.2012
92
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.41عصام عبد الفتاح ،أطمس الحربين (األرض والحرب والسالم) الحرب العالمية األولى والثانية ،الطبعة
األولى ،الدار الدولية لالستثمارات الثقافية ،القاىرة ،مصر.2011 ،
.42عمر عبد العزيز عمر ،تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر ( ،)1919-1815دار المعرفة الجامعية،
.2000
.43فاطمة الزىراء خبازي ،النظام النقدي الدولي( المنافسة أورو -دوالر ) ،الطبعة األولى ،دار اليازوري،
عمان ،األردن.2013 ،
.44فميح حسن خمف ،النظم االقتصادية :الرأسمالية ،االشتراكية ،اإلسالم ،الطبعة األولى ،عالم الكتب
الحديثة وجدا ار لمكتاب العالمي ،أربد.
.45فيد خميل زايد ،فن إدارة األزمات االقتصادية -العولمة وبداية االنهيار ،-الطبعة األولى ،دار يافا،
عمان ،األردن.2013 ،
.46فوزي حسن حسين ،الصين واليابان ومقومات القطبية العالمية ،الطبعة األولى ،دار المنيل ،بيروت،
لبنان.2009 ،
.47فيصل محمد البحيري ،أثر النيضة العممية الحديثة عمى الفكر القانوني :دراسة في فمسفة القانون،
الطبعة األولى ،مركز الدراسات العربية ،الجيزة ،مصر.2015 ،
.48كمال مظير أحمد ،ترجمة محمد المال عبدالكريم ،كردستان في سنوات الحرب العالمية األولى ،الطبعة
الثالثة ،دار الفارابي ،بيروت ،لبنان.2012 ،
.49مبروك رايس ،انعكاسات العولمة المالية عمى الجهاز المصرفي ،الطبعة األولى ،دار الجنان ،عمان،
األردن.2016 ،
.50محمد إسماعيل صبري ،تطور النظم االقتصادية مابين الماضي والحاضر ،دون طبعة ،المكتب العربي
الحديث ،اإلسكندرية ،مصر.2011 ،
.51محمد الطاىر قادري ،مدارس الفكر في االقتصاد السياسي -المستقبل إبداع الماضي– ،مكتبة حسن
العصرية ،بيروت ،لبنان.2013 ،
.52محمد بن براك الفوزان ،المنافسة في المممكة العربية السعودية :األحكام والمبادئ عمى ضوء نظام
المنافسة الصادر بالمرسوم الممكي رقم م ،25/الطبعة األولى ،مكتبة القانون واالقتصاد ،الرياض،
السعودية.2015 ،
93
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.53محمد حمزة حسين الدليمي ،لبنى رياض الرفاعي ،تاريخ العالم المعاصر ،الطبعة األولى ،دار غيداء،
الموصل ،العراق.2015 ،
.54محمد دويدار ،مبادئ االقتصاد السياسي ،الجزء األول ،اإلسكندرية ،مصر.1993 ،
.55محمد شاىين ،االقتصاد المعرفي وأثره عمى التنمية االقتصادية لمدول العربية ،الطبعة األولى ،دار
حميثرا ،بيروت ،لبنان.2018 ،
.56محمد عبد اهلل شاىين محمد ،التجارة االلكترونية العربية بين التحديات وفرص النمو ،الطبعة األولى،
دار حميثرا ،القاىرة ،مصر.2017 ،
.57محمد عبد الو شاىين محمد ،التجارة الدولية وأثرها عمى التجارة الخارجية لمدول العربية ،الطبعة
األولى ،دار حميثرا ،القاىرة ،مصر.2018 ،
.58محمد عمر أبو عيدة ،عبد الحميد شعبان ،تاريخ الفكر االقتصادي ،الشركة العربية المتحدة لمتسويق
والتوريدات ،القاىرة ،مصر.2009 ،
.59محمود الطنطاوي الباز ،مدخل لدراسة االقتصاد السياسي ،مؤسسة الثقافة الجامعية.2004 ،
.60محمود سحنون ،االقتصاد اإلسالمي :الوقائع واألفكار االقتصادية ،الطبعة األولى ،دار الفجر ،القاىرة،
مصر.2006 ،
.61مدحت القريشي ،تطور الفكر االقتصادي ،الطبعة األولى ،دار وائل ،عمان ،األردن.2008 ،
.62مروان عطون ،األسواق النقدية والمالية (البورصات ومشكالتها في عالم النقد والمال) ،الجزء الثاني،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2000 ،
.63مصطفى يوسف كافي ،إدارة األعمال الدولية ،الطبعة األولى ،دار األكاديميون ،عمان ،األردن،
.2017
.64مصطفى يوسف كافي ،التعميم االلكتروني في عصر االقتصاد المعرفي ،دون طبعة ،دار رسالن،
دمشق ،سوريا.2017 ،
.65منذر محمد راضي ،النظم االقتصادية في القرن العشرين ،الطبعة األولى ،دار الجنادرية ،عمان،
األردن.2016 ،
.66ميا رياض عبد اهلل ،صندوق النقد الدولي -تقدير اقتصادي إسالمي ،-الطبعة األولى ،المعيد العربي
لمفكر اإلسالمي ،بيروت ،لبنان.2012 ،
94
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.67موسى محمد آل طويرش،العالم المعاصر بين حربين من الحرب العالمية األولى إلي الحرب الباردة
،1975 -1914الطبعة الثالثة ،مكتبة مصر ودار المرتضى ،بغداد ،العراق.2012 ،
.68نيفين ظافر حسيب الكردي ،األوضاع البيئية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية في الغرب األوروبي
من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر ،الجامعة اإلسالمية ،غزة ،فمسطين.2011 ،
.69يحي بنيان ،معجم مصطمحات التاريخ ،الطبعة األولى ،دار يافا ،عمان ،األردن.2008 ،
.70يوسف مصطفى الحاروني ،قصة الحديد ،دون طبعة ،المطبعة العالمية ،القاىرة ،مصر.1955 ،
بالمغة األجنبية: ب.
1. Yves Carsalade, Les grandes étapes de l'histoire économique: revisiter le passé pour
comprendre le présent et anticiper l'avenir, éditions de l’école polytechnique, France, Mars
2004.
2. François Cochet, 1ère Guerre mondiale: dates, thèmes, noms, Studyrama Eds, Paris,
France, Mars 2001.
95
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.6عمي فيصل عمي األنصاري ،الفروق الجوهرية بين االقتصاد اإلسالمي والرأسمالية ،كمية الشريعة
والدراسات اإلسالمية ،جامعة الكويت.
.7مبارك محمد فرج ،تطور نظام ممكية األراضي في اإلسالم (132 -1هـ749-622/م) ،أطروحة
دكتوراه غير منشورة ،كمية اآلداب ،جامعة الخرطوم ،السودان.2007 ،
.8ودان بو عبد اهلل ،آليات المؤسسات النقدية في التوقي ومواجهة األزمات المالية الدولية -دراسة حالة
األزمة المالية العالمية ،-أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كمية العموم االقتصادية وعموم التسيير والعموم
التجارية ،جامعة أبو بكر بمقايد ،تممسان ،الجزائر.2015 -2014 ،
بالمغة العربية: ب.
- Saâd Dhif, Le régime monétaire de Bretton Woods: origines, fondements et critiques,
mémoire de licence, faculté des sciences économique et sociales, Université de Fribourg,
Suisse, 2017.
ثالثا :المقاالت والدوريات
بالمغة العربية: أ.
.1أبو القاسم أحمد أبو ىديمة ،عبد الحكيم عمار نابي ،المتغيرات الدولية وأثرها عمى الوطن العربي ،مجمة
العموم القانونية والشرعية ،العدد ،8جامعة الزاوية ،ليبيا ،جوان .2016
.2أحمد عبد العزيز ،جاسم زكريا ،فراس عبد الجميل الطحان ،الشركات المتعددة الجنسيات وأثرها عمى
الدول النامية ،مجمة اإلدارة واالقتصاد ،العدد ،85جامعة المستنصرية ،العراق.2010 ،
.3أحمد عبد العزيز ،جاسم زكريا ،فراس عبد الجميل الطحان ،العولمة االقتصادية وتأثيراتها عمى الدول
العربية ،مجمة اإلدارة واالقتصاد ،العدد ،86الجامعة المستنصرية ،العراق.2011 ،
.4األزمة التمويمية العالمية وسبل مواجهة آثارها عمى مصر ،سمسمة آراء في السياسة االقتصادية ،المركز
المصري لمدراسات االقتصادية ،العدد ،22القاىرة ،مصر ،ديسمبر .2008
.5أمين حواس ،المعجزات اآلسيوية :بعض الدروس المستفادة لمبمدان النامية ،مجمة اإلستراتيجية والتنمية،
العدد ،4كمية العموم االقتصادية والتجارية وعموم التسيير ،جامعة عبد الحميد بن باديس ،مستغانم ،الجزائر.
.6حاتم كريم القريني ،رشا خالد شييب ،فاتن سعيد حميد ،ثالثية العولمة وتأثيرها في واقع االقتصاد
العراقي ،مجمة الكوت لمعموم االقتصادية واإلدارية ،العدد ،22جامعة واسط ،العراق.2016 ،
96
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.7حسين توفيق ابراىيم ،النظام الدولي الجديد في الفكر العربي ،مجمة عالم الفكر ،العدد ،4-3المجمس
الوطني لمثقافة والفنون واآلداب ،الكويت 1 ،جانفي .1995
.8خيرالدين بوزرب ،عبد اهلل منصوري ،تقييم دور الواليات المتحدة األمريكية في إصالح النظام المالي
العالمي بعد األزمة المالية العالمية دراسة باستخدام نظرية االستقرار بالهيمنة ،مجمة العموم اإلنسانية ،العدد
،44جامعة قسنطينة ،1الجزائر ،ديسمبر .2015
.9ساروت جاىان ،أحمد صابر محمود ،ما المقصود بالرأسمالية ،مجمة التمويل والتنمية ،صندوق النقد
الدولي ،جوان .2015
.10شريفة جعدي ،محمد الخطيب نمر ،محمد بركة ،أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات عمى
التنمية المحمية في الجنوب الشرقي الجزائري خالل الفترة ( ،)2012-2006المجمة الجزائرية لمتنمية
االقتصادية ،العدد ،01جامعة قاصدي مرباح ،ورقمة ،الجزائر ،ديسمبر .2014
.11صباح كريم رياح الفتالوي ،باحث إيمان نصيف جاسم ،مقررات مؤتمر الصمح لإلمبراطورية األلمانية
في عام – 1919دراسة تحميمية ،-مجمة مركز الدراسات الكوفة ،العدد ،6جامعة الكوفة ،العراق.2007 ،
.12عائشة بن عطا اهلل ،قراءة في نموذج النمو القائم عمى التصدير في عينة من االقتصاديات اآلسيوية،
مجمة اقتصاديات شمال إفريقيا ،العدد ،15مخبر العولمة واقتصاديات شمال إفريقيا ،جامعة حسيبة بن
بوعمي ،الشمف ،الجزائر ،ديسمبر .2016
.13عبد الكريم عبيدات ،النظام النقدي الدولي المعاصر وهيمنة الدوالر األمريكي ،مجمة معارف ،العدد
،19ديسمبر .2015
.14عبد اهلل غانم ،تحديات العولمة فرصة لبناء التكامل ،مجمة اإلحياء ،العدد ،13كمية العموم اإلسالمية،
جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،الجزائر ،ديسمبر .2009
.15كوثر عباس الربيعي ،مروان سالم العمي ،مستقبل النظام الدولي الجديد في ظل بروز القوى الصاعدة
وأثره عمى المنطقة العربية – االتحاد األوروبي أنموذجا ،-مجمة قضايا سياسية ،العدد ،26جامعة النيرين،
العراق.2012 ،
.16لخضر طوير ،العولمة االقتصادية :دوافعها وأبعادها ،مجمة دراسات وأبحاث ،المجمد ،5العدد ،11
جامعة زيان عاشور ،الجمفة ،الجزائر ،جوان .2013
.17لقمان معزوز ،شريف بودري ،المنافسة بين الدوالر واألورو في ظل استقرار النظام النقدي الدولي،
مجمة الباحث ،العدد .2011 ،09
97
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.18مبارك بوعشة ،لخضر ديممي ،األقممة في جنوب شرق آسيا في إطار نموذج اإلوز الطائر ،مجمة
العموم اإلنسانية ،العدد ،10جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،الجزائر ،نوفمبر .2006
بالمغة العربية: ب.
1. Jean-Charles Bricongne, Jean-Marc Fournier, Vincent Lapègue, et Olivier Monso, De la
crise financière à la crise économique L’impact des perturbations financières de 2007 et
2008 sur la croissance de sept pays industrialisés, revue économie et statistique, L’Institut
national de la statistique et des études économiques, N°438–440, France, 2010, P 48.
2. Jean-Luc Maurer, Le réveil économique de l’Asie: Un défi et une chance pour l’Europe
et la Suisse, Annuaire suisse de politique de développement, N°8, Institut de hautes études
internationales et du développement, la Suisse, décembre 1988.
3. Jean-raphaël chaponnière, marc lautier, le modèle de développement de l’asie de l’est,
Recherches internationales, n° 98, l'Association Paul Langevin, France, janvier-mars 2014.
98
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
.5صالح مفتاح ،فريدة معارفي ،قـراءة في األزمـة المالية العالمية رؤية شرعـية إسالميـة ،الممتقى الدولي
حول أزمة النظام المالي والمصرفي الدولي وبديل البنوك اإلسالمية المنعقد يومي 6و 7أفريل ،2009كمية
اآلداب والعموم اإلنسانية ،جامعة األمير عبد القادر لمعموم اإلسالمية ،قسنطينة ،الجزائر.
.6عمي فالح المناصير ،وصفي عبد الكريم الكساسبة ،األزمة المالية العالمية "حقيقتها ،أسبابها،
تداعياتها وسبل العالج" ،المؤتمر الدولي حول تداعيات األزمة االقتصادية العالمية عمى منظمات األعمال
"التحديات-الفرص-اآلفاق" المنعقد يومي 11-10نوفمبر ،2009جامعة الزرقاء الخاصة ،عمان.
.7عماد عمر خمف اهلل أحمد ،الموازنة بين االقتصاد اإلسالمي وغيره من النظريات االقتصادية الوضعية،
الممتقى الدولي حول االقتصاد اإلسالمي -الوقائع ورىانات المستقبل ،-المركز الجامعي بغرداية ،الجزائر.
.8كمال بن موسى ،األزمة المالية العالمية و تداعياتها عمى البنوك اإلسالمية ،الممتقى الدولي حول
االقتصاد اإلسالمي :الواقع ورىانات المستقبل المنعقد يومي 23و 24فيفري ،2011جامعة غرداية،
الجزائر.
.9محمد بوىزة ،رفيق مرزوقي ،األزمة المالية العالمية وأثارها عمى االقتصاديات العربية ،ممتقى دولي
األزمة المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة العالمية المنعقد يومي 20و 21أكتوبر ،2009جامعة فرحات
عباس ،سطيف ،الجزائر.
.10محمد خميل فياض ،خالد عمى الزائدي ،األزمة المالية العالمية وأثرها عمى أسعار النفط الخام ،الندوة
الدولية حول األزمة المالية العالمية وسوق الطاقة المنعقد يوم 20جانفي ،2009طرابمس ،ليبيا.
.11ناصر مراد ،األزمة المالية العالمية :األسباب ،اآلثار و سياسات مواجهتها ،ممتقى دولي األزمة
المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة العالمية المنعقد يومي 20و 21أكتوبر ،2009جامعة فرحات عباس،
سطيف ،الجزائر.
.12وليد أحمد صافي ،األزمة المالية العالمية :2008طبيعتها ،أسبابها ،وتأثيراتها المستقبمية عمى
االقتصاد العالمي ،ممتقى دولي حول األزمة المالية الراىنة والبدائل المالية والمصرفية المنعقد يومي 5و6
ماي ،2009المركز الجامعي بخميس مميانة ،الجزائر.
خامسا :مواقـع األنتـرنت:
مقاالت ودروس المغة العربية: أ.
.1أحمد محمد جاسم الدايني ،األزمة االقتصادية العالمية ( ،)1933-1929جامعة ديالي ،العراق:
http://www.basicedu.uodiyala.edu.iq/PageViewer.aspx?id=412
99
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
ٔ .2احمد فراس العوران ،غيداء عادل ،النظام االقتصادي في ظل الدولة العباسية:
_https://www.researchgate.net/profile/Ahmad_Oran/publication/274638081_alnzam_alaqtsady_fy
zl_aldwlt_albasyt/links/552440790cf2b123c51738ed/alnzam-alaqtsady-fy-zl-aldwlt-albasyt.pdf
.3األزمة المالية العالمية دروس مستفادة ،إدارة الدراسات المالية ،دائرة المالية ،حكومة دبي:2014 ،
http://www.dof.gov.ae/ar-sa/Pages/Home/Home.aspx
.4األزمة المالية العالمية وتداعياتها عمى االقتصادات العربية ،صندوق النقد العربي ،ديسمبر :2008
http://www.amf.org.ae/ar
.5إيياب عمي النواب ،النموذج اآلسيوي في النمو االقتصادي ،شبكة النبأ المعموماتية 16 ،سبتمبر
https://annabaa.org/arabic/economicarticles/12492 :2017
.6جمال عبودي ،الحرب العالمية األولى ،معيد بوعرقوب ،تونس:
-.pdfدرس-الحرب-العالمية-االولىhttp://www.ecolenumerique.tn/wp-content/uploads/2011/11/
.7رشيد حمايمي ،النظام العالمي الجديد و القطبية الواحدة ،مدونة لمدروس االجتماعيات:
http://rachidgeopage.blogspot.com/2017/05/blog-post_8.html
.9سامر نصر ،انهيار االتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية و أثرها عمى عممية اإلصالح السياسي
داخل سوريا ،الحوار المتمدن ،العدد:2008 /8/1 ،2360 :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=142370
.10عادل جارش ،القوى الصاعدة :دراسة في أبرز المضامين والدالالت ،المركز الديمقراطي العربي
لمدراسات اإلستراتيجية ،االقتصادية والسياسية 23 ،أكتوبر :2016
https://democraticac.de/?p=38993
.11عبد الحميد روالمي ،الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى عند العرب والمسممين ،مدونة شخصية
https://drive.google.com/file/d/0B0xIy6EszXNeT0ZGSnN1X01ieXM/view باألستاذ:
.12عبد العزيز عمي السديس ،تطور النظم االقتصادية :تحول أوروبا من نظام اإلقطاع إلى النظام
https://fac.ksu.edu.sa/sites/default/files/_tTwr_lnZm_lqtSdy_- الرأسمالي:
_tHwl_wrwb_mn_nZm_lqT_l_lnZm_lrsmly_0.pdf
100
قائمة المراجــــــــــــــــــــــع
: الموسوعة الشاممة، الدولة األموية عوامل االزدهار وتداعيات االنهيار، عمي محمد محمد الصالبي.14
http://islamport.com/w/tkh/Web/3696/411.htm
، الصعود اآلسيوي وتحوالت ميزان القوى االقتصادية:2050 اقتصاد العالم، محمد أحمد عبد المعطي.16
:2015 أوت21 ، اإلمارات، دبي،مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة
https://futureuae.com/ar-
AE/Home/Index/2/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9 9
و ازرة التربية، الديوان الوطني لمتعميم والتكوين عن بعد، من الثنائية القطبية إلى الحادية القطبية.17
: الجزائر،والتعميم
http://www.djalia-algerie.dz/HISTOIRE/NIVEAU%2010/env1/ev1_histoire005.pdf
:2010 أفريل10 ، ديوان العرب، المعجزة األلمانية بين الحربين، منذر الحايك.18
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article22880
ممخص عن، تاريخ الوقائع االقتصادية في العالم، عدنان فرحان الجوارين، نبيل جعفر المرسومي.19
https://www.noor-publishing.com :الكتاب
:مقاالت بالمغة األجنبية .ب
1. Le Krach de 1929 (1926-1933), petite histoire de la crise, 23/11/2015:
http://www.dejonghe-finance.com/wp-content/uploads/2017/07/Krach-de-1929.pdf
2. Sabine Dammasch, The System of Bretton Woods A lesson from history:
http://www.ww.uni-magdeburg.de/fwwdeka/student/arbeiten/006.pdf
3. Pascal Salin, la crise financière : causes, conséquences, solutions:
https://www.libinst.ch/publications/IL-Salin-Crise-financiere.pdf
4. QUE FAIRE DU FMI ET DE LA BANQUE MONDIALE?, Les cahiers de solidarité:
https://www.crid.asso.fr/IMG/pdf/cahier09_fmi_bm.pdf
101