Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 104

‫الجوهىريـــــت الجسائريــــــت الديوقراطيــــت الشعبيــــــت‬

‫وزارة التعليـــــن العــــالي والبحث العلوـــــي‬


‫جاهعــــــت ‪ 8‬هــــــاي ‪ -5491‬قالوــــت ‪-‬‬
‫كليــــــت العلىم االقتصاديت‪ ،‬التجاريت وعلىم التسيير‬
‫قسن العلـــــىم االقتصاديت‬

‫هطبىعـــت بيداغىجيـت في هقـيــاش‪:‬‬

‫تاريخ الىقائع االقتصاديت‬

‫موجهة لطلبة السنة ألاولى جرع مشترك علوم اقتصادية والتجازية وعلوم التسيير‬

‫إع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداد‪:‬‬
‫ألاست ـ ـ ــاذة‪ :‬آسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا سعدان‬

‫السنة الجـامعية‪8102-8102 :‬‬


‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫المحتــــوى‬

‫أ‬ ‫فهرس المحتويات‬


‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬

‫‪2‬‬ ‫مدخل تمهيدي‬


‫المحور الول‪ -‬الوقائع االقتصادية في الصور القديمة‬
‫‪4‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪4‬‬ ‫أوال‪ -‬النظام البدائي‬

‫‪7‬‬ ‫ثانيا‪ -‬النظام العبودي‬

‫‪9‬‬ ‫ثالثا‪ -‬النظام العبودي عند اليونان‬

‫‪11‬‬ ‫رابعا‪ -‬النظام العبودي عند الرومان‬

‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬


‫‪11‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪12‬‬ ‫أوال‪ -‬النظام اإلقطاعي‬

‫‪14‬‬ ‫ثانيا‪ -‬النظام الحرفي‬

‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬


‫‪17‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪17‬‬ ‫أوال‪ -‬الوقائع االقتصادية في عهد الرسول صمى اهلل عميه وسمم‬

‫‪18‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الوقائع االقتصادية في عهد الخمفاء الراشدين‬

‫‪18‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصر الموي‬

‫‪21‬‬ ‫رابعا‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصر العباسي‬

‫أ‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪23‬‬ ‫خامسا‪ -‬الوقائع االقتصادية في عهد المماليك‬

‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬


‫‪25‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬

‫‪25‬‬ ‫أوال‪ -‬النظام الرأسمالي‬

‫‪28‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الرأسمالية التجارية‬

‫‪31‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الرأسمالية الصناعية‬

‫‪34‬‬ ‫رابعا‪ -‬الرأسمالية المالية‬

‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬


‫‪36‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪36‬‬ ‫أوال‪ -‬معاهدات السالم والمشكمة اللمانية‬

‫‪44‬‬ ‫ثانيا‪ -‬أزمة الكساد ‪( 1929‬الزمة االقتصادية ‪)1929‬‬

‫‪51‬‬ ‫ثالثا‪ -‬النظام االشتراكي‬

‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬


‫‪55‬‬ ‫تمهيد‬

‫‪55‬‬ ‫أوال‪ -‬نظام بريتون وودز‬

‫‪62‬‬ ‫ثانيا‪ -‬بروز االقتصاديات اآلسيوية‬

‫‪67‬‬ ‫ثالثا‪ -‬انهيار المعسكر االشتراكي‬

‫‪71‬‬ ‫رابعا‪ -‬النظام العالمي الجديد‬


‫‪72‬‬ ‫خامسا‪ -‬العولمة االقتصادية‬
‫‪78‬‬ ‫سادسا‪ -‬ال زمة المالية العالمية ‪2118‬‬
‫‪88‬‬ ‫الخاتمة‬

‫ب‬
‫المقدمــــــــــــــــــــــــــة‬

‫إ ن دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية تعد من أىم الدراسات التي يمكن من خالليا التعرف عمى‬
‫التاريخ البشري منذ نشأتو إلى يومنا ىذا‪ ،‬ىذا التاريخ الذي اتسم بمحاولة اإلنسان التكييف بين احتياجاتو‬
‫المتزايدة تدريجيا وموارد بيئتو المحدودة نسبيا‪ ،‬وقد مر خالل ذلك بعدد كبير من األحداث والوقائع التي‬
‫أحدث فارقا كبي ار بعد وقوعيا سواء كان ىذا الفارق إيجابي أو سمبي‪.‬‬
‫والبد لدارس تاريخ الوقائع االقتصادية أن يبين مختمف األنظمة التي مر بيا اإلنسان وصوال إلى‬
‫وقتنا الحاضر مع توضيح مركزتيا ونتائجيا ونقاط القصور فييا لمتمكن من تكوين فكرة حول الماضي‬
‫واالستفادة منو لممستقبل‪ ،‬إضافة إلى توضيح أىم المحطات التي انعكست عمى حياتو االقتصادية وغيرت‬
‫من اتجاىاتيا‪.‬‬
‫وسيتم من خالل ىذه المطبوعة تسميط الضوء عمى أىم الوقائع االقتصادية والتي تتماشى مع‬
‫البرنامج الرسمي الموضوع من قبل الو ازرة‪.‬‬
‫ىذه المطبوعة موجية لطمبة السنة األولى جذع مشترك عموم اقتصادية وتجارية وعموم‬
‫التسيير )‪ ،(LMD‬لتمكينيم من اكتساب مصطمحات اقتصادية ىامة يحتاجونيا طوال مسيرتيم الدراسية‪،‬‬
‫وتعريفيم عمى تطور الحياة االقتصادية خالل فترات متسمسمة بإبراز أىم ما ميزىا‪.‬‬
‫ونظ ار لصعوبة دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية فقد تم اعتماد أسموب بسيط قدر اإلمكان لتسييل‬
‫استيعاب األفكار الواردة ضمن محتويات ىذه المطبوعة‪ ،‬خاصة وأنيا موجية لطمبة سنة أولى‪.‬‬
‫وتضمنت ىذه المطبوعة ست محاور أساسية مرتبة ومرتبطة بطريقة منطقية وفق نطاقيا التاريخي‬
‫إضافة إلى مدخل تمييدي‪ ،‬حيث تعرضنا في المدخل التمييدي لمفيوم الوقائع االقتصادية وأىميتيا‪،‬‬
‫لننتقل في المحور األول إلى عرض الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‪ ،‬وقد جاء المحور الثاني‬
‫ليمخص الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى في الدول األوروبية‪ ،‬أما الوقائع االقتصادية في العالم‬
‫اإلسالمي فقد خصص المحور الثالث لدراستيا‪ ،‬واىتم المحور الرابع بدراسة الوقائع االقتصادية في العالم‬
‫الغرب مرك از عمى النظام الرأسمالي‪ ،‬في حين درسنا في المحور الخامس الوقائع االقتصادية بين الحربين‪،‬‬
‫لنختتم المطبوعة بمحور سادس تعرضنا فيو ألىم الوقائع االقتصادية المعاصرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المحور التمهيــدي‬

‫قبل الخوض في دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية البد من توضيح عنصرين أساسيين ىما‬
‫مفيوميا وأىميتيا‪.‬‬

‫أوال‪ -‬مفهوم تاريخ الوقائع االقتصادية‪:‬‬


‫يعرف تاريخ الوقائع االقتصادية عمى أنو تمك األحداث التي عاشيا اإلنسان في زمان ومكان‬
‫معينين والتي شغمت حي از من التاريخ ومجاال مكانيا واضح المعالم فظيرت النظريات االقتصادية لتفسير‬
‫وتوضيح مجريات ىذه األحداث‪ .1‬ويعرف أيضا عمى أنو دراسة وتحميل الظاىر االقتصادية خالل فترات‬
‫تطور المجتمعات من وجية نظر تاريخية‪.2‬‬

‫ثانيا‪ -‬أهمية تاريخ الوقائع االقتصادية‪:‬‬


‫يمكننا تمخيص أىمية دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية في النقاط التالية‪5‬‬
‫‪ -‬محاولة إيجاد التفسير العممي والموضوعي لمختمف المظاىر االقتصادية واالجتماعية التي عرفيا‬
‫اإلنسان؛‬
‫‪ -‬االستفادة من تجارب وخبرات األجيال الماضية في تحسين أوضاع األجيال الحالية؛‬
‫‪ -‬ضرورة التعرف عمى الوقائع المتعمقة بوفرة الموارد وتحديد الحاجات واختيار ما ينتج إلشباعيا من سمع‬
‫وخدمات متمثمة في‪5‬‬
‫‪ ‬الكمية المنتجة؛‬
‫‪ ‬الطريقة الفنية المستعممة في إنتاجيا؛‬
‫‪ ‬المكان الذي يمكن أن يتم إنتاجيا فيو؛‬
‫‪ ‬أي الموارد يمكن أن تستخدم؛‬
‫‪ ‬في ظل أي نمط لمعالقات بين القوى المنتجة‪.‬‬
‫‪ -‬تتبع حركة المتغيرات التي تمر بيا المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬من وقوف عمى عالقات اإلنتاج التي سادت‬
‫فييا‪ ،‬إلى مستوى تقسيم العمل ودور المنظم في تسيير المشاريع اإلنتاجية‪.3‬‬

‫‪ -1‬إسماعيل بن قانة‪ ،‬الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،7102 ،‬ص ص ‪.01-01‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬الوقائع االقتصادية‪ :‬العولمة االقتصادية‪-‬التنمية المستدامة‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ -3‬إسماعيل بن قانة‪ ،‬مرجع سيق ذكره‪ ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪2‬‬
‫المحور التمهيــدي‬

‫إن دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية في العالم‪ ،‬ال يعني مالحقة ورصد األحداث االقتصادية‬
‫بتفاصيميا العديدة خالل مراحل التطور لممجتمعات البشرية فحسب‪ ،‬وانما يمتد إلى دراسة النظم‬
‫االقتصادية‪ ،‬والتطرق إلى النظريات االقتصادية التي ابتدعيا اإلنسان‪ .‬فضال عن دراسة االتجاىات‬
‫العاممة لمسموك اإلنساني في الميدان االقتصادي‪ ،‬وكيفية مواجيتو لممشكالت االقتصادية عبر تطور‬
‫المجتمعات اإلنسانية كما يتطرق تاريخ الوقائع االقتصادية إلى الكيفية التي تم بيا االنتقال من مرحمة‬
‫تاريخية إلى أخرى ومن نظام إلى آخر‪ ،‬وتحديد القوى الفاعمة في عممية االنتقال ىذه‪ ،‬فضال عن رصد‬
‫وتحميل السياسات االقتصادية عبر المراحل التاريخية‪.1‬‬

‫‪ -1‬نبيل جعفر المرسومي‪ ،‬عدنان فرحان الجوارين‪ ،‬تاريخ الوقائع االقتصادية في العالم‪ ،‬ممخص عن الكتاب‪ ،‬تاريخ االطالع‪57103-10-175‬‬
‫‪https://www.noor-publishing.com‬‬

‫‪3‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يخمق اإلنسان بقدرات فكرية بسيطة إلى أن تطوير ىذه القدرات يتوقف عمى عنصرين أساسيين ىما‬
‫القدرة عمى التعمم واالستفادة من األخطاء‪ ،‬إال أن ذلك ال يمكن أن يحدث إذا استمر اإلنسان في العيش‬
‫وحيدا‪ ،‬لذلك انتبو اإلنسان في بداية النشأة التاريخية إلى ضرورة العيش في جماعة‪ ،‬لقدرة ىذه األخيرة أكثر‬
‫عمى مواجية المخاطر وتعاونيا في أداء أعماليا‪ ،‬وقد مر تطور الحياة االقتصادية واالجتماعية لإلنسان في‬
‫العصور القديمة بنظامين أساسيين ىما النظام البدائي والنظام العبودي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬النظام البدائي‪:‬‬
‫تعرف الحياة االقتصادية في العصور القديمة بالنظام البدائي أو المشاعية البدائية‪ .‬وقد بدأ ىذا‬
‫النظام بظيور اإلنسان واستمر ىذا النظام لفترة زمنية طويمة‪.‬‬
‫‪ -1‬مراحل تطور النظام البدائي‪ :‬م ّر النظام البدائي بثالث مراحل أساسية ىي‪51‬‬
‫‪ -1-1‬مرحمة الوحشية‪ :‬وتنقسم ىذه المرحمة بدورىا إلى ثالث أطوار تبعا لفنون اإلنتاج المستخدمة وتتمثل‬
‫ىذه األطوار في‪5‬‬
‫‪ ‬الطور األول اعتمد عمى الجمع والتقاط الثمار والنباتات الطبيعية الغابية أي أنو في ذلك الطور لم يفرق‬
‫بين اإلنسان والحيوان الوحشي إال في التصرفات اإلنسانية‪ ،‬أما األدوات المستخدمة فكانت العصي والحجارة‪.‬‬
‫‪ ‬الطور الثاني تميز باحتراف اإلنسان لصيد السمك و باستخدام النار المتولدة عن االحتكاك‪.‬‬
‫‪ ‬الطور الثالث اتسم بالتوسع النسبي في الصيد خاصة بعد استخدام القوس و السيم‪.‬‬
‫‪ -2-1‬مرحمة البربرية‪ :‬لقد تطور الفن اإلنتاجي في ىذه المرحمة نسبيا حيث لجأ اإلنسان لتربية الماشية‬
‫وزراعة النباتات ثم تطور بعد ذلك لتربية الحيوانات المنزلية وري الزراعة ثم استخدام اآلجر والحجارة في‬
‫البناء‪ ،‬واتسمت نياية تمك المرحمة باستخدام المحراث والتوسع في الزراعة‪.‬‬
‫‪ -3-1‬مرحمة التمهيد الحضاري‪ :‬وتعتبر ىذه المرحمة ىي الحد الفاصل بين النظام البدائي والنظام المدني‬
‫أي نظام الرق كنظام أولي من النظم المدنية‪.‬‬
‫وقد انتقل اإلنسان خالل ىذا التطور من حياة الترحال والعيش في مناطق متفرقة تسمح لو بتوفير‬
‫غذائو إلى حياة االستقرار‪.2‬‬

‫‪-1‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -2‬زينب صالح األشوح‪ ،‬االقتصاد الوضعي واالقتصاد اإلسالمي‪ :‬نظرة تاريخية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عين لمدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪4‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫‪ -2‬خصائص النظام البدائي‪ :‬تتمثل أىم خصائص النظام البدائي فيما يمي‪5‬‬
‫‪ -1-2‬مستوى القوى المنتجة‪ :‬عرفت أدوات اإلنتاج وفنونو تطو ار تدريجيا منذ ظيور اإلنسان وخالل حقبة‬
‫المشاعية البدائية انعكست ايجابيا عمى عممو الذي أصبح أكثر إنتاجية‪ ،‬و تتمثل أىم أدوات العصر البدائي‬
‫في‪51‬‬
‫‪ ‬النار‪ :‬استفاد اإلنسان من النار في بداية األمر عند استغالليا و لكنو تمكن فيما بعد من إشعاليا عن‬
‫طريق احتكاك الحصى واستغالليا في حياتو اليومية كوسيمة فعالة لمدفاع عن النفس‪ ،‬الوقاية من البرد‪ ،‬تييئة‬
‫الطعام وصنع أدوات العمل‪.‬‬
‫‪ ‬اكتشاف القوس والنشاب‪ :‬يعتبر اكتشاف القوس والنشاب نقطة تحول كبيرة في العصر البدائي ألنو أتاح‬
‫لإلنسان فرصة الحصول عمى كميات إضافية من مردوده الناتج عن الصيد فاقت احتياجاتو الغذائية‪ ،‬مما‬
‫جعمو يفكر في االحتفاظ بالحيوانات في أماكن معينة لفترات مستقبمية‪ ،‬وتعمم تبعا لذلك تأىيل و تدجين ىاتو‬
‫الحيوانات‪ ،‬وقد وفرت تربية الحيوانات لإلنسان‪ ،‬عالوة عمى المنتجات الغذائية‪ ،‬الصوف والجمود ومواد أخرى‬
‫ضرورية لمحياة‪.‬‬
‫‪ ‬بروز ظاهرة بذر الحبوب‪ :‬سمح االنتقال إلى الحياة الحضرية لمبشرية بالتحول تدريجيا إلى بذر الحبوب‬
‫عمى مقربة من القرية بدل البحث عنيا وقطفيا‪ .‬وكانت الذرة البيضاء والشعير والحنطة أولى المزروعات التي‬
‫زرعيا االنسان‪ .‬و قد ظيرت األشكال البدائية لمزراعة أول ما ظيرت في األقاليم المناخية المالئمة في بالد‬
‫ما بين النيرين‪ ،‬وادي النيل‪ ،‬اليند وايران‪.‬‬
‫‪ -2-2‬األسس االقتصادية لمنظام البدائي وتنظيمه االجتماعي‪ :‬وتتمثل أساسا فيما يمي‪52‬‬
‫‪ ‬الممكية المشتركة ‪:‬كانت الممكية جماعية لوسائل اإلنتاج‪ ،‬عدا وسائل الدفاع لضرورة استعماليا فرديا‪.‬‬
‫‪ ‬العمل الجماعي‪ :‬من خالل التعاون البسيط في أداء األعمال باستخدام قوة العمل بصورة مشتركة وفي‬
‫وقت واحد إلنجاز أعمال من نوع واحد‪.‬‬
‫‪ ‬وكان التقسيم الوحيد لمعمل ىو التقسيم الطبيعي أي تبعا لمجنس (رجال ونساء) والسن‪ ،‬فمثال كان الصيد‬
‫من اختصاص الرجال وجني النباتات واالىتمام بشؤون المنزل من اختصاص النساء‪ ،‬مما أدى إلى زيادة‬
‫إنتاجية العمل‪.‬‬

‫‪ -1‬حسين بن طاىر‪ ،‬مدخل إلى الوقائع االقتصادية‪ ،‬دار بياء الدين‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،7101 ،‬ص ص ‪.77-70‬‬
‫‪ -2‬إبراىيم كبة‪ ،‬دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة اإلرشاد‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،0421 ،‬ص ص ‪–002‬‬
‫‪.004‬‬
‫‪5‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫‪ ‬المساواة في توزيع المنتجات‪ :‬ويعود ذلك إلى أن تأدية العمل تمت بشكل جماعي ومشترك إضافة إلى‬
‫االنخفاض البالغ في قوى اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ ‬التنظيم االجتماعي – نظام العشيرة‪ :-‬انتظم المجتمع في وحدات عشائرية‪ ،‬وتمثل العشيرة وحدات‬
‫جماعية تربطيا رابطة الدم واحتمت المرأة دو ار ىاما في المرحمة األولى من النظام العشيري بسبب شروط‬
‫الحياة المادية نفسيا اذ كانت الزراعة البدائية والتدجين من اختصاصيا والمذان يعدان أىم من الصيد من‬
‫الناحية االقتصادية‪ ،‬وليذا لعبت المرأة الدور الرئيسي في المجتمع العشيري في البداية وأصبح النسل ينسب‬
‫إلييا من دون الرجل وىو ما يعرف بنظام العشيرة األمومية‪.‬‬
‫إال أن تطور القوى المنتجة وظيور التدجين المتطور (المراعي) والزراعة المتطورة (زراعة الحبوب) والمذان‬
‫كانا من اختصاص الرجال أدوا إلى إحالل نظام العشيرة األبوية محل العشيرة األمومية‪ ،‬وكان العرف وحده‬
‫ىو وسيمة الرقابة االجتماعية وأساس ىيبة رؤساء العشائر‪.‬‬
‫‪ -3‬أسباب اضمحالل النظام البدائي‪ :‬أدى تجمع ثمة من العوامل إلى االضمحالل التدريجي لمنظام البدائي‬
‫زمن أىميا مايمي‪5‬‬
‫‪ -1-3‬التقسيم االجتماعي المستمر لمعمل‪ 5‬ارتبط التقسيم االجتماعي لمعمل بظيور كل من الزراعة‬
‫والرعي‪ ،‬حيث حصل تخصص في العمل (تقسيم العمل) عمى أساس المشاعيات‪ ،‬وكان أول تقسيم اجتماعي‬
‫كبير لمعمل بين المشاعيات بتأليف قبائل الرعاة وقبائل الزراعة وىو ما زاد من إنتاجية العمل لحد كبير‪.‬‬
‫سمح التنظيم االجتماعي لمعمل بقيام وتطور ما يسمى بالتبادل بين قبائل الزراعة وغيرىا‪ .‬وقد بدأ نطاق‬
‫التبادل باالتساع مع ظيور تقسيمات اجتماعية أخرى لمعمل نتيجة تطور أدوات اإلنتاج فظيرت مينة صنع‬
‫األواني الفخارية والحياكة اليدوية ومع ظيور الحديد أصبح من الممكن صنع األدوات الحديدية (المحراث‬
‫الفأس والسيف) وبيذا تميد الطريق النقسام ىام جديد في المجتمع وىو التخصص الحرفي أو الميني داخل‬
‫المشاعية نفسيا وىو ما أدى إلى توسع نطاق المبادالت وتجدر اإلشارة ىنا أن التبادل كان في البداية قيم‬
‫عمى أساس عشائري بين رؤساء العشائر ثم تحول بعد ظيور التممك الخاص إلى تبادل بين األفراد وقد كان‬
‫ىذا التحول تدريجيا إلى أن أصبح التبادل الفردي ىو الشكل الوحيد لمتبادل‪.‬‬
‫‪ -2-3‬ظهور التممك الخاص والطبقات‪ :‬وكان ذلك في أواخر النظام البدائي فبعد التطور الحاصل عمى‬
‫أدوات العمل أصبح العمل أكثر إنتاجية وىو ما أدى إلى االستغناء عمى العمل الجماعي عمى مستوى‬
‫العشيرة‪ ،‬وانتقل اإلنتاج إلى نطاق أضيق وىو األسرة التي باتت تمثل الوحدة االقتصادية واالجتماعية الجديدة‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫وقد بدأت الممكية الخاصة بالماشية‪ ،‬فقد بدأ زعماء العشائر بامتالكيا بعدما كانت ممكية جماعية‬
‫ألفراد العشيرة‪ ،‬ثم امتدت لجميع أدوات اإلنتاج وكانت األرض آخر ما دخل في نطاق التممك الخاص‪.‬‬
‫أدى ظيور الممكية الخاصة إلى تغيير البنيان االجتماعي لممجتمع البدائي بانفصال مالكي وسائل اإلنتاج‬
‫عن عامة أفراد المجتمع وأصبحوا يتولون المناصب االجتماعية و السياسية‪.1‬‬
‫‪ -3-3‬الحروب بين العشائر‪ :‬حيث تواجد أسرى الحرب الذين كانوا يكمفون بالعمل اإلنتاجي وخاصة أن‬
‫قيمة العمل البشري كانت في حاجة ضرورية لزيادة اإلنتاج‪ ،2‬وفي ظل تطور أدوات اإلنتاج أصبح االحتفاظ‬
‫بيؤالء األسرى مجدي من الناحية االقتصادية‪ ،‬اذ باتوا يحققون فائضا من المنتجات يفوق احتياجاتيم وىو ما‬
‫برر عدم قتل ىؤالء األسرى واالكتفاء باستعبادىم حيث توسع نطاق الممكية ليشمل جميع وسائل اإلنتاج بما‬
‫فييا اإلنسان وبيذا ظير نظام الرق وتوسع ليشمل مع التطور التاريخي في أفراد القبيمة نفسيا‪ ،‬وبيذا تكون‬
‫عالقات اإلنتاج المشاعية قد انتيت لتحل محميا عالقات إنتاج جديدة‪.3‬‬

‫ثانيا‪ -‬النظام العبودي‪:‬‬


‫يعتبر نظام الرق النتيجة الحتمية لتطور النظام البدائي‪ ،‬حيث أن أسباب انييار النظام البدائي ىي‬
‫نفسيا أسباب ظيور نظام الرق‪.‬‬
‫‪ -1‬نشأة نظام الرق‪:‬‬
‫بدأ نظام الرق بالتشكل عقب انييار النظام المشاعي حوالي ‪ 2111-0111‬قبل الميالد‪ ،‬واستمر إلى‬
‫غاية القرنين الثالث والرابع الميالدي في شمال إفريقيا وآسيا وازدىر في اليونان وروما إلى غاية القرن‬
‫الخامس الميالدي‪.‬‬
‫لقد شممت عمميات اإلنتاج في ىذه المرحمة كل من الرعي والزراعة والنشاط الحرفي – ظيرت ىذه األعمال‬
‫وتطورت في ظل النظام المشاعي‪ -‬إال أن شروط وظروف اإلنتاج في ىذه المرحمة تختمف عن تمك السائدة‬
‫في النظام المشاعي‪.4‬‬
‫كان اقتصاد الرق اقتصادا عينيا بصفة أساسية‪ ،‬فكان المجتمع ينقسم إلى وحدات اقتصادية متعددة تقوم كل‬
‫منيا بسداد حاجاتيا‪ ،‬وبذلك فان الغرض من اإلنتاج كان إشباع حاجات السادة‪ ،‬ولم يكن اإلنتاج بصفة‬
‫أساسية بغرض المبادلة‪ ،‬لذلك كانت األسواق وفي ذلك العيد ضيقة‪ ،‬ومع الزمن اضطر الفالحون إلى بيع‬

‫‪ -1‬أحمد بركات‪ ،‬تاريخ الوقائع االقتصادية المعاصرة‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار بمقيس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ص ‪.3-2‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬المرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -3‬أحمد بركات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.4-3‬‬
‫‪ -4‬أحمد بركات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪7‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫منتجاتيم لشراء ما يمزميم من منتجات الحرفيين ولدفع الضرائب‪ .‬ولقد ساىم تقسيم العمل في اتساع نظام‬
‫المبادلة‪.1‬‬
‫‪ -2‬عناصر نظام الرق‪ :‬تتمثل أىم عناصر نظام الرق في النقاط التالية‪5‬‬
‫‪ -1-2‬ماهية القوى المنتجة (أدوات اإلنتاج وفنونه) والقانون االقتصادي األساسي‪ :‬كانت أدوات اإلنتاج‬
‫في نظام الرق أكثر تقدما منيا في النظام البدائي وكان تقسيم العمل أبعد مدى‪ ،‬وازدادت أىمية دور الرقيق‬
‫في النشاط االقتصادي زيادة ممموسة‪ ،‬حتى أن رب العمل لم يكن ييتم بتحسين أدوات اإلنتاج قدر دأبو عمى‬
‫زيادة عدد الرقيق الممموكين لو‪.2‬‬
‫وكان التقسيم االجتماعي لمعمل يتمثل في‪5‬‬
‫‪ -‬عمل فكري يقوم بو األسياد‪.‬‬
‫‪ -‬عمل جسدي يقوم بو العبيد‪.‬‬
‫ويغدو بذلك القانون األساسي الذي يميز إنتاج المجتمع العبودي ىو‪« 5‬أن إنتاج الخيرات المادية‬
‫موجو لسد مختمف حاجات مالكي العبيد المتزايدة باستمرار وكان يتم عن طريق االستثمار في العبيد»‪.3‬‬
‫ويمكن القول أن العبيد كانوا يمارسون مختمف األنشطة لصالح األسياد في شكل عالقة (سيد‪ -‬عبد)‬
‫وكانت المنتجات توزع بين السادة والعبيد وكان من حق السادة تحديد الكيفية التي يتم بواسطتيا توزيع المنتوج‬
‫والذي عادة ما كان يتم تقسيمو إلى جزأين‪5‬‬
‫* المنتوج الضروري‪ :‬وىي كمية من المنتوج موجو لسد الحاجات األساسية لمعبيد من أجل القيام بعممية‬
‫تجديد قوة العمل واالستمرار في اإلنتاج‪.‬‬
‫* المنتوج الفائض‪ :‬يمثل القسم األعظم من المنتوج ويستخدم من قبل السادة إلشباع الحاجة االستيالكية‬
‫وبناء القصور وغيرىا‪.4‬‬
‫‪ -2-2‬اإلطار السياسي‪ ،‬القانوني واالجتماعي‪ :‬ويمكن توضيحو من خالل النقاط التالية‪5‬‬
‫‪ ‬الدولة‪ 5‬لم درك النظام البدائي مفيوم الدولة‪ ،‬حيث أدى تطوره التدريجي وتقسم العمل فيو وانقسام المجتمع‬
‫إلى طبقات إلى ظيور مفيوم الدولة والتي حمت محل العشيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،7112 ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪ -2‬محمد إسماعيل صبري‪ ،‬تطور النظم االقتصادية ما بين الماضي والحاضر‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،7100 ،‬ص‬
‫‪.00‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل ساقور‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،7112 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -4‬أحمد بركات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪8‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫‪ ‬الممكية‪ 5‬يقوم نظام الرق عمى أساس الممكية الخاصة ألدوات اإلنتاج بما فييا الرقيق‪.‬‬
‫‪ ‬الطبقات االجتماعية‪ :‬أدى تقدم تقسيم العمل واتساع المبادلة إلى حدوث تفاوت في الثروات انتيى بنشأة‬
‫طبقة جديدة ممثمة في التجار ورجال األعمال واتساع اليوة تدريجيا بين أفراد المجتمع وانقسامو إلى طبقات‪.1‬‬
‫‪ -3‬أسباب انهيار نظام الرق‪ :‬أسيمت عدة عوامل في انحالل النظام العبودي من بينيا‪52‬‬
‫‪ -‬عدم استخدام الفائض الذي يتحقق نتيجة النشاطات االقتصادية عموما والنشاطات اإلنتاجية خصوصا‪،‬‬
‫والذي يذىب إلى األغنياء واألثرياء في القيام بالنشاطات اإلنتاجية‪ ،‬أو في تطوير ىذه النشاطات‪ ،‬بل يتم‬
‫ىدره وتبديده في مجاالت غير إنتاجية مثل بناء القصور الفخمة‪ ،‬إقامة المعابد‪ ،‬واإلنفاق الواسع عمى إقامة‬
‫الحفالت والميرجانات‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف تطور النتاج وانخفاض إنتاجية العبيد نتيجة عدم وجود الحوافز التي تدفعيم إلى زيادة إنتاجيم نظ ار‬
‫ألنيم كانوا يفتقدون كل حقوقيم اإلنسانية‪ ،‬وحتى أن ما يتم توفيره ليم من متطمبات العيش بحدىا األدنى لم‬
‫تكن تكفي في الكثير من الحاالت حتى في الحفاظ عمى حياتيم‪ ،‬وىو األمر الذي يؤدي إلى تناقص أعدادىم‬
‫بسبب الجوع والموت ومن ثم ىروبيم إلى المدن ىربا من ظروف العمل القاسية‪.‬‬
‫‪ -‬إن تراجع إنتاجية العبيد وارتفاع متطمبات اإلنفاق الواسع لألسياد دفعيم إلى االقتراض من المرابين إلى‬
‫جانب تأجير ممتمكاتيم وبالذات األراضي الزراعية‪ ،‬وىو األمر الذي أدى إلى التقميل من عمل العبيد ما أفقد‬
‫النظام العبودي األساس الميم لو وىو عمل العبيد‪ ،‬وأدى بدوره تراجع أىمية عمل العبيد إلى توسع النشاطات‬
‫التجارية وبعض النشاطات الحرفية خاصة في المدن مما أضعف قوة مالك العبيد وسمطتيم االقتصادية‬
‫والعسكرية والسياسية‪.‬‬
‫‪ -‬الغزوات الخارجية خاصة الجرمانية لمعاقل النظام العبودي وبالذات روما‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬النظام العبودي عند اليونان‪:‬‬


‫كانت حاجات الفرد في المجتمع اإلغريقي بسيطة فطرية ال تتجاوز الحاجة إلى المواد الالزمة لمغذاء‬
‫والمباس‪ ،‬وكانت الزراعة ىي المصدر الوحيد واإلنتاج منيا قميل‪ 3‬وخاصة الحبوب‪ ،‬ومن ثم كان االلتجاء إلى‬
‫الخارج وقيام التجارة الخارجية التي تمركزت في المدن وخاصة الموانئ‪ .‬األمر الذي حتم االلتجاء إلى النشاط‬

‫‪ -1‬محمد إسماعيل صبري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.07‬‬


‫‪ -2‬فميح حسن خمف‪ ،‬النظم االقتصادية‪ :‬الرأسمالية‪ ،‬االشتراكية‪ ،‬اإلسالم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عالم الكتب الحديثة وجدا ار لمكتاب العالمي‪ ،‬أربد‪ ،‬ص ص‬
‫‪.20 -27‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم مشورب‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬مبادئ‪ -‬مدارس‪ -‬أنظمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المنيل المبناني ومكتبة رأس النبع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،7117 ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪9‬‬
‫المحور األول‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور القديمة‬

‫الصناعي ليزود التجارة بعدد من السمع‪ .‬ومن ثم كان توسع النشاط الصناعي وما يستمزمو من نشاط‬
‫استخراجي‪ .‬وانتشرت في ىذا االقتصاد المبادلة والمبادلة النقدية‪.‬‬
‫وكان المجتمع اإلغريقي مقسما إلى ثالث طبقات أساسية‪5‬‬
‫‪ -‬طبقة كبار المالك من الريعيين ويرتبط بيا بقية المواطنين لمطبقتين المواليتين‪.‬‬
‫‪ -‬طبقة متوسطة من صغار المالك والحرفيين‪ ،‬وليم حقوق سياسية وحق تولي الوظائف العامة إلى جانب‬
‫األجانب الذين ال يممكون أي حقوق خاصة تممك العقارات ويمارسون التجارة والمين األخرى في المدنية‪.‬‬
‫‪ -‬طبقة العبيد‪ 5‬وتمثل العمود الفقري لعممية اإلنتاج إذ عمييم يقوم اإلنتاج الزراعي والصناعي ونشاط التعدين‬
‫واألشغال العامة لمدولة‪ ،‬باإلضافة إلى األعمال المنزلية وخدمة المحاربين في وقت الحرب‪ ،‬وىو ما يفسر‬
‫ازدىار تجارة العبيد التي باتت إحدى أىم النشاطات االقتصادية المربحة‪.1‬‬

‫رابعا‪ -‬النظام العبودي عند الرومان‪:‬‬


‫يعتبر النظام الروماني أوضح مثال عمى النظام االقتصادي الزراعي القائم عمى الرق‪ ،‬ففيو الزراعة‬
‫ىي النشاط االقتصادي األساسي‪ ،‬وفيو ممكية األرض الزراعية ىي االستثمار الوحيد األقل مخاطرة‪ ،‬وفيو‬
‫الرقيق ىم أساس النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫فمن حيث الرقيق‪ ،‬فقد كونوا الجزء األكبر من المجتمع بسبب الحروب الرومانية واتساع الفتوحات وامكانية‬
‫االستيالء عمى األجانب الذين ال تربطيم باإلمبراطورية أية معاىدات‪.‬‬
‫أما من حيث الزراعة و الممكية الزراعية فقد كانت الحكومة تشجع الممكيات الصغيرة بين مختمف األسر التي‬
‫يتم تقسيم األرض عمييا في أنصبة متساوية وصغيرة‪ ،‬وذلك في عديد من المناطق‪ .‬ثم ما لبث ىذا التوازن‬
‫يختل وذلك بضياع المساواة في توزيع األراضي بين األسر فظيرت الممكية الكبيرة‪.‬‬
‫وبمرور الزمن اتسعت أركان اإلمبراطورية الرومانية وحركة التجارة بين أجزائيا وتحول نمو االقتصاد بيا من‬
‫االقتصاد الزراعي إلى االقتصاد التجاري‪ ،‬وحقق النبالء من التجارة أرباحا طائمة‪ ،‬وأدى ذلك إلى ظيور طبقة‬
‫من كبار التجار وكبار المزارعين وأصحاب رؤوس األموال الضخمة‪ .‬وعاصر ظيور ىذه الطبقة انقراض‬
‫الطبقة المتوسطة المكونة من صغار المالك الذين اضطروا تحت ضغط األزمة االقتصادية إلى بيع أراضييم‬
‫وممتمكاتيم إلى كبار المزارعين‪ .‬وأصبح بذلك المجتمع مقسما إلى طبقتين ىما طبقة النبالء والفرسان وطبقة‬
‫العامة والعبيد‪.2‬‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض‪ ،‬مبادئ عمم االقتصاد‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،0442 ،‬ص ص ‪.11-12‬‬
‫‪ -2‬محمد إسماعيل صبري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.72-71‬‬
‫‪10‬‬
‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫استغرقت العصور الوسطى مدة ألف سنة تقريبا من سقوط روما عمى يد القبائل الجرمانية سنة‬
‫‪ 674‬م إلى سقوط القسطنطينية عمى يد العثمانيين سنة ‪3641‬م‪ .‬وقد عرفت ىذه الحقبة من التاريخ بعصور‬
‫الظالم‪ ،1‬وساد فييا في أوروبا كل من النظام اإلقطاعي والنظام الحرفي إال أنو ىناك من يسمي فترة القرون‬
‫الوسطى بأكمميا بالنظام اإلقطاعي‪ ،‬ثم يقسمو إلى مرحمتين عمى أساس عدة اعتبارات أىميا النشاط الرئيسي‬
‫الممارس في االقتصاد حيث نجد‪:‬‬
‫‪ -‬مرحمة اإلقطاع األولى‪ :‬امتدت من القرن الخامس حتى القرن العاشر‪ ،‬حيث أصبحت اإلقطاعية ىي‬
‫الوحدة االجتماعية واالقتصادية لمنظام االقتصادي‪.‬‬
‫وتحولت المدن الرومانية القديمة بمجرد سقوطيا في أيدي السادة اإلقطاعيين إلى ممارسة النشاط الزراعي‬
‫وأرغم سكانيا عمى فالحة األرض المحيطة بيا‪ .‬وقد أدى ذلك التطور إلى اندثار بعض المدن وتحول البعض‬
‫اآلخر إلى قرى‪ ،‬لذا يمكن القول بأن مرحمة اإلقطاع األولى كانت تتميز باندثار معالم المدنية واتساع رقعة‬
‫الريف الزراعي‪ .2‬وكان االقتصاد في ىذه الفترة مغمقا يستيمك فيو األفراد ما ينتجون وينتجون ما يستيمكون‪.3‬‬
‫‪ -‬مرحمة اإلقطاع الثانية‪ :‬امتدت من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر‪ .‬وقد حدث تطور كبير‬
‫في ىيكل االقتصاد اإلقطاعي إبان تمك المرحمة‪ ،‬إذ تحول من اقتصاد يقوم أساسا عمى الزراعة إلى اقتصاد‬
‫يقوم أساسا عمى النشاط الحرفي‪ ،‬ومن اقتصاد مغمق إلى اقتصاد مفتوح بتوطيد العالقات التجارية فيما بين‬
‫مدن غرب أوروبا وفيما بينيا وبين العالم الخارجي‪ ،‬ومن اقتصاد عيني إلى اقتصاد نقدي باستخدام النقود‬
‫كوسيط في المبادالت‪.4‬‬
‫وأيا كان تقسيم ىذه المرحمة في التاريخ سوف نتعرض إلى قسمييا‪ ،‬النظام اإلقطاعي عمى أساس‬
‫ارتكازه عمى الزراعة و النظام الحرفي عمى أساس ارتكازه عمى ممارسة الحرف‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عمر أبو عيدة‪ ،‬عبد الحميد شعبان‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬الشركة العربية المتحدة لمتسويق والتوريدات‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،9009 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -2‬حسين عمر‪ ،‬موسوعة الفكر االقتصادي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -3‬فميح حسن خمف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ -4‬حسين عمر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪11‬‬
‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬

‫أوال‪ -‬النظام اإلقطاعي‪:‬‬


‫يعتبر النظام اإلقطاعي ترجمة لما أطمق عميو إبان وبعد الثورة الفرنسية عمى النظام السابق بوصف ـو‬
‫‪ Feudal System‬أو ‪ ،1Feudalism‬وسنحاول من خالل ماسيتقدم توضيح المفاىيم الخاصة بيذا النظام‪.‬‬
‫‪ -1‬ماهية النظام اإلقطاعي (المفهوم‪ ،‬النشأة والتطور)‪:‬‬
‫النظام اإلقطاعي ىو تكوين اجتماعي يرتكز عمى طريقة لإلنتاج يكون فييا من يزرع األرض خاضعا‬
‫لكل أنواع القيود غير االقتصادية التي تحد من حريتو وممكيتو الشخصية عمى نحو ال يكون معو ال إنتاج‬
‫عممو وال قدرتو عمى العمل محال لممبادلة الحرة‪ .2‬وقد نشأ ىذا النظام نتيجة تظافر عاممين أساسيين ىما‬
‫نفسيما عوامل انحالل النظام العبودي و يتمخصان أساسا في‪:‬‬
‫‪ -1-1‬عوامل داخمية‪ :‬لم يعد إنتاج العمل في المراحل األخيرة من النظام العبودي‪ ،‬وخاصة في روما‪ ،‬كاف‬
‫لسد مطالب الدولة واحتياجاتيا حيث زادت دولة روما النفقات البذخية بدرجة كبيرة إلى جانب ضعف الطبقة‬
‫الحاكمة وعدم قدرتيا عمى حل المشكالت االقتصادية التي تواجييا‪.3‬‬
‫‪ -2-1‬عوامل خارجية‪ :‬الغزو الخارجي والذي تمثل في غزو القبائل الجرمانية إلمبراطورية روما سنة‬
‫‪674‬م‪.‬‬
‫وقد نتج عن ضعف اإلمبراطورية الرومانية وسقوطيا بيد الغزو الجرماني انتشار جو من القرصنة‬
‫وقطع الطرق‪ ،‬وظيرت العوائق أمام التبادل التجاري فازدادت بذلك ظاىرة االكتفاء الذاتي‪ ،‬وانتشر نظام‬
‫اإلقطاع في الريف ونظام الطوائف بالمدن األوروبية حيث أخذت الوحدات االقتصادية الريفية شكل‬
‫اإلقطاعيات وىي مزارع محصنة تشمل كل منيا عمى قرية أو أكثر يتوسطيا قصر المالك لألراضي ووسائل‬
‫اإلنتاج‪ ،‬فأصبح معظم سكان الريف أقنانا مرتبطين باألرض وتابعين لممالك ويقومون بالعمل مقابل رزقيم‬
‫وحمايتيم‪.4‬‬
‫أدى توسع اإلمبراطور في منح األمراء اإلقطاعيين الكثير من صالحياتو واختصاصاتو إلى استقالل‬
‫اإلقطاعيات وتحوليا إلى وحدات اجتماعية وسياسية واقتصادية مستقمة‪ ،5‬وزوال السمطة المركزية من الناحية‬

‫‪ -1‬عبد العزيز عمي السديس‪ ،‬تطور النظم االقتصادية‪ :‬تحول أوروبا من نظام اإلقطاع إلى النظام الرأسمالي‪ ،‬بحث منشور عمى االنترنيت‪:‬‬
‫‪https://fac.ksu.edu.sa/sites/default/files/_tTwr_lnZm_lqtSdy_-_tHwl_wrwb_mn_nZm_lqT_l_lnZm_lrsmly_0.pdf‬‬
‫‪ -2‬محمد دويدار‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،3991 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -3‬فميح حسن خمف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ -4‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬مدخل لدراسة االقتصاد السياسي‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪ ،9006 ،‬ص ص ‪.903-900‬‬
‫‪ -5‬سعيد سعد مرطان‪ ،‬مدخل لمفكر االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،9006 ،‬ص ص ‪.99-93‬‬
‫‪12‬‬
‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬

‫الواقعية رغم بقائيا من الناحية النظرية والقانونية‪ .‬وزادت األمور سوءا عندما انتشرت الحروب والعداوات بين‬
‫اإلقطاعيات والتي انعزلت بسبب ذلك عن بعضيا تدريجيا‪.1‬‬
‫وقسم تبعا لذلك المجتمع اإلقطاعي إلى ثالث طبقات‪:‬‬
‫‪ -‬طبقة كبار اإلقطاعيين وتضم طبقة النبالء الحاكمة وطبقة كبار رجال الكنيسة‪.‬‬
‫‪ -‬طبقة عموم الفالحين‪.‬‬
‫‪ -‬طبقة األقنان‪.‬‬
‫كما قسمت األراضي اإلقطاعية إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬أراضي السيد اإلقطاعي‪ :‬وىي األراضي التي تتم زراعتيا فعميا أقنان من قبل أقنان األرض‪.‬‬
‫‪ -‬أراضي األقنان وىي قطع صغيرة جدا‪ ،‬تتم زراعتيا من قبل األقنان مقابل دفع ريع لمسيد االقطاعي‪.‬‬
‫‪ -‬المراعي‪ :‬تمنح من السيد االقطاعي لالنتفاع من قبل عامة األفراد في أوقات معينة‪.2‬‬
‫‪ -2‬خصائص النظام اإلقطاعي‪ :‬يتسم النظام اإلقطاعي بجممة من الخصائص أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬تمثل كل إقطاعية وحدة اقتصادية مستقمة ومنفصمة‪ ،‬وكان اقتصاد كل إقطاعية "اقتصادا مغمقا" ال‬
‫مبادالت بينو وبين اإلقطاعيات األخرى‪ ،‬مما يؤدي إلى غياب حافز الربح‪.‬‬
‫‪ -‬تمثل الزراعة النشاط المييمن عمى االقتصاد والمميز لو‪.3‬‬
‫‪ -‬ظيور ما يسمى باألقنان وىم عبيد األرض حيث يرتبطون بصفة أبدية بأرض السيد ويدفعون لو ضرائب‬
‫تسمى الريع ويقدمون لو خدمات شخصية وعمل يسمى سخرة‪ ،‬ويختمفون عن العبيد في كونيم لدييم بعض‬
‫الحقوق فيم يعممون جزءا من الوقت لحسابيم الخاص ومن ثم زيادة اإلنتاج‪.4‬‬
‫‪ -‬ترتكز زراعة األرض عمى نظام الحقمين أو الثالث حقول‪ ،‬فاألرض الزراعية الخاصة بالقرية كانت تقسم‬
‫إلى حقمين أو ثالث حقول كبيرة بيدف تحقيق راحة األرض كل سنة‪ ،‬واتبع الفالحون نظام الدورة الزراعية‬
‫الثالثية في الحقول الخصبة والدورة الثنائية في الحقول األقل خصوبة‪.5‬‬

‫‪ -1‬فميح حسن خمف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪67‬‬


‫‪ -2‬فميح حسن خمف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.40-69‬‬
‫‪ -3‬زينب صالح األشوح‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -4‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.903‬‬
‫‪ -5‬نيفين ظافر حسيب الكردي‪ ،‬األوضاع البيئي ة والسياسية واالقتصادية واالجتماعية في الغرب األوروبي من القرن التاسع حتى القرن الحادي‬
‫عشر‪ ،‬الجامعة اإلسالمية بغزة‪ ،‬فمسطين‪ ،9033 ،‬ص ‪.380‬‬
‫‪13‬‬
‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬

‫‪ -‬تقدم الفن اإلنتاجي عن ذلك الذي كان سائدا في األنظمة السابقة‪ ،‬فقد عم استخدام المحراث الحديدي‬
‫واألدوات األخرى لمزراعة فضال عن التوسع في استخدام قوى الحيوان في اإلنتاج واستخدام بعض قوى‬
‫الطبيعة كطواحين الماء واليواء‪.1‬‬
‫‪ -‬السمطة الكبيرة لمكنيسة حيث ازدادت ممتمكات الكنيسة من األرض وأصبحت تمتمك سمطة دنيوية كبيرة‬
‫إضافة إلى سمطتيا الدينية‪ ،‬إلى جانب إخضاع كافة أوجو النشاط والفكر اإلنساني بما فييا النشاط‬
‫االقتصادي لمبادئ الدين‪.2‬‬

‫ثانيا‪ -‬النظام الحرفي‪:‬‬


‫ساد النظام الحرفي في النصف الثاني من القرون الوسطى نتيجة تراجع النظام اإلقطاعي حيث‬
‫لجأت المدن إلى تحقيق استقالليا عن طريق كافة السبل‪.‬‬
‫‪ -1‬نشأة وتطور النظام الحرفي‪:‬‬
‫ارتبط ظيور النظام الحرفي باستعادة المدنية لدورىا الرئيسي في االقتصاد والذي ما كان ليحدث لوال‬
‫تظافر جممة من األسباب أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة عدد سكان المدن بسبب ىجرة األقنان إلييا ومن ثم زيادة الطمب من جانبيم عمى منتجات الحرفيين‬
‫والمينيين‪.3‬‬
‫‪ -‬اتساع التجارة وزيادة الثروة المتاحة في الوقت الذي تزايدت فيو حاجة األمراء إلى األموال لمواجية نفقاتيم‬
‫المستمرة والمتزايدة‪.‬‬
‫‪ -‬الحروب الصميبية والتي أدت بدورىا إلى إضعاف سمطة أمراء اإلقطاع من ناحية وتشجيع التجارة بين‬
‫الغرب والشرق من ناحية أخرى‪.4‬‬
‫‪ -‬إن ازدياد عدد الحرفيين والمينيين دفعيم إلى تكوين نقابات طائفية تدافع عن حقوقيم وترعى مصالحيم‬
‫المشتركة‪ .‬وبالرغم من أن ىذا النظام قام عمى أساس الدفاع عن حقوق العمال والمينيين‪ ،‬إال أنو لم يكن‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.369‬‬
‫‪ -2‬مدحت القريشي‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،9008 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -3‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سيير محمد السيد حسن‪ ،‬تطور الفكر والوقائع االقتصادية ‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،9000 ،‬‬
‫ص ص ‪.99-98‬‬
‫‪ -4‬محمد بن براك الفوزان‪ ،‬المنافسة في المممكة العربية السعودية‪ :‬األحكام والمبادئ عم ى ضوء نظام المنافسة الصادر بالمرسوم الممكي رقم م‪،22/‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القانون واالقتصاد‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،9034 ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪14‬‬
‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬

‫ينطوي بعد عمى حرية التجارة والصناعة حيث كان يحكم تمك األنشطة ق اررات تحكمية من قبل السمطات‬
‫الحاكمة‪.1‬‬
‫وقد ركزت النقابات الطائفية في الدفاع عن مصالح أعضائيا باالعتماد عمى الوسائل التالية‪:2‬‬
‫‪ -‬المحافظة عمى مستويات أسعار السمع‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد عدد الحرفيين و العمال ومنع دخول أفراد جدد‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة جودة اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬وضع جممة من الشروط لمعضوية في النقابات‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص النظام الحرفي‪ :‬تميز النظام الحرفي بعدة خصائص أىميا‪:3‬‬
‫‪ -‬تجمع أرباب الحرفة الواحدة في طائفة مينية واحدة يرأسيا شيخ أو رئيس يتم انتخابو‪ ،‬وكانت ىناك قواعد‬
‫تحدد تدرج األفراد في العمل وقواعد أخرى تحدد بدقة طرق صنع المنتجات بحيث كان من المستحيل األخذ‬
‫باختراع جديد لم توافق عميو الطائفة‪.‬‬
‫‪ -‬تجمع عناصر اإلنتاج من عمل ورأس مال وموارد طبيعية في يد شخص واحد ىم أرباب العمل المستقمين‪.‬‬
‫ولم يكن العامل مجرد أجير بل كان أقرب إلى فرد من أفراد العائمة‪ .‬وكان اإلنتاج ال يتم إال إذا كان ىناك‬
‫طمب سابق عميو‪ ،‬فال ينتج صاحب الحرفة لعمالء مجيولين لو بل ينتج لمجموعة من المستيمكين يعرفيم‪،‬‬
‫وبذلك كانت مخاطره االقتصادية محدودة‪.‬‬
‫‪ -‬تميز الفن اإلنتاجي بالبساطة القتصاره عمى استخدام األدوات اليدوية‪ ،‬مما أدى إلى عدم تطوره وبطئ‬
‫التقدم التكنولوجي‪ .‬وقد ساعد عمى ىذه الظاىرة األخيرة تدخل الطوائف المينية لتحديد الكميات المنتجة‬
‫وأساليب الصناعة‪.‬‬
‫وقد أخذ ىذا النظام الحرفي يتطور إلى نظام المشروع إذ أخذ الحرفي يشتغل لحساب الوسيط الذي‬
‫يقدم لو المادة األولية وأدوات العمل‪ .‬وعندما فقد الحرفي ممكية المواد األولية والمنتجات التي يصنعيا‪ ،‬أضاع‬
‫صفتو كمنتج مستقل وأصبح أجي ار يعمل لدى الوسيط الذي أصبح رب عمل‪ ،‬وتطور بالتالي نظام الحرفة إلى‬
‫نظام المشروع‪ ،‬وقد ظل ىذا النظام قائما حتى القرن الثامن عشر‪.4‬‬

‫‪ -1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سيير محمد السيد حسن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.99-98‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -3‬زينب حسين عوض‪ ،‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.343-340‬‬
‫‪ -4‬نفسو‪ ،‬ص ‪.343‬‬
‫‪15‬‬
‫المحور الثاني‪ -‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى‬

‫‪ -3‬أسباب انحالل النظام اإلقطاعي والحرفي‪:‬‬


‫ساىمت عدة أسباب في تفسخ أسموبي اإلنتاج اإلقطاعي والحرفي في االنييار منيا‪:‬‬
‫‪ -‬عدم االنسجام في العالقات اإلنتاجية اإلقطاعية حيث صار التنظيم الحرفي اإلقطاعي عقبة في وجو كل‬
‫تطور جديد إلنتاج البضائع وتصريفيا‪.‬‬
‫‪ -‬تطور القوى المنتجة في نياية العيد اإلقطاعي كاستخدام الدوالب المائي وصير المعادن وصناعة النسيج‬
‫وبناء السفن وتحسين أدوات العمل الزراعية وزيادة أنواع المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية‪.‬‬
‫‪ -‬االنفصال التام بين المدينة والقرية‪ ،‬حيث ترتب عنو تطور في التبادل السمعي وزيادة تقسيم العمل‬
‫االجتماعي مما خمق سوقا اقتصادية عمى المستوى القطري‪.‬‬
‫‪ -‬لم تعد الحرفة الضيقة في المجتمع اإلقطاعي تستجيب لضرورات التطور لتمبية طمبات السوق االقتصادية‪.‬‬
‫وىو ما ساعد باإلسراع في إنشاء الصناعات الرأسمالية‪ .‬وظيرت إلى الوجود المانيفاكتورة والمتمثمة في نظام‬
‫المصنع اليدوي الذي يجمع فيو التاجر عددا من الحرفيين تحت سقف واحد ويزودىم بالمواد األولية وأدوات‬
‫اإلنتاج ليعمموا عنده كأجراء‪ ،‬كما شيدت أوروبا اإلقطاعية انتفاضات الفالحين المتعاقبة حيث نشبت حرب‬
‫الفالحين في فرنسا وانجمت ار وألمانيا‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل ساقور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.41-49‬‬


‫‪16‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫في الوقت الذي كانت تعيش فيو الدول األوروبية في ظل النظام اإلقطاعي وما رافقو من تردي في‬
‫أوضاعيا االقتصادية والسياسية والثقافية‪ ،‬عاش العالم اإلسالمي فترة من االزدىار عمى جميع األصعدة‬
‫خاصة الجانب االقتصادي الذي مكنو من احتالل مكانة مرموقة في العالم باعتباره قوة اقتصادية ال يستيان‬
‫بيا فرضت نفسيا من خالل اتساع مساحتيا وسيطرتيا عمى أقاليم كبيرة في العالم‪ ،‬إن تطور العالم اإلسالمي‬
‫لم يكن محظ صدفة وانما كان نتيجة لمجموعة من السياسات التي اتبعيا مؤسسوه والتي بدأت من سياسات‬
‫سيدنا محمد صمى اهلل عميو وسمم ومن تبعوه‪.‬‬
‫أوال‪ ‬األوضاع االقتصادية في عهد الرسول صمى اهلل عميه وسمم‪:‬‬
‫ك ان الرسول (ص) حريصا عمى تفجير كافة الطاقات اإلنتاجية فـي جميـع القطاعات االقتصادية‪ ،‬فقد‬
‫حث أصحابو عمـى االىتمـام بالز ارعـة واسـتقالل األراضي وقام بتنظيم عممية الري وأيد مبدأ االستفادة من‬
‫الخبرة القديمة والنشاط اإلنتاجي لغير المسممين وكذلك أقر نظام المساقاة‪ ،‬وقد اسـتخدم المـسممون األدوات‬
‫الحديديـة والخـشبية فـي ز ارعــتيم‪ .‬وانتشر الرعي في األرياف والقرى وخارج المدن ومارسو الخدم واألحرار من‬
‫الرجال والنساء واألطفال فالنساء كن يرعين باألغنام خاصة حول المـساكن‪.‬‬
‫واىتم الرسول (ص) بالصناعة وشجع المسممين عمييا فتعمم بعضيم صناعة السيوف بالمدينة كما ابتعث من‬
‫يتعمم صناعة المجانيق والدبابات بجرش‪.‬‬
‫إال أن المسممين في عيد الرسول (ص) بصفة عامة لم ييتمـوا بالـصناعة اىتماما كبي ار العتمادىم بالدرجة‬
‫األولى عمى التجارة وتربية المواشي والز ارعـة ولكنيم مع ذلك صنعوا ما يحتاجون إليو من نـسيج الثيـاب‬
‫والخيـام واألسـمحة واألواني وغيرىا من الصناعات الخفيفة‬
‫أما التجارة ف تعتبر التجارة من أىم األنـشطة االقتصادية في جزيرة العرب وقد مارسيا المسممون منذ أن كانوا‬
‫بمكة قبل اليجرة حيث كانت امتدادا لسابق أنشطتيم‪ ،‬وتمتعت األسواق في عيد النبي (ص) بالحرية الكاممة‬
‫في األسعار‪ ،‬وقد سعي بعض الصحابة إلى تحديد األسعار إذ اشتكوا لمرسول (ص) غالء السعر وطمبـوا منو‬
‫التسعير ولكنو رفض وىذا يعني أن األسواق قد خضعت لقوي العرض والطمب‪.1‬‬

‫‪ -1‬األمين معاذ عثمان صالح‪ ،‬األحوال االقتصادية في عصر الرسول (ص) والخمفاء الراشدين‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كمية الدراسات العميا‪،‬‬
‫جامعة الخرطوم‪ ،‬السودان‪ ،2003 ،‬ص ص ‪.98-93‬‬
‫‪17‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫ثانيا‪ ‬األوضاع االقتصادية في عهد الخمفاء الراشدين‪:‬‬


‫قام الخمفاء الراشدون بمتابعة عمل الرسول صمى اهلل عميو وسمم مع إدخال بعض اإلضافات التي‬
‫تطمبتيا مرحمة والية كل منيم‪ ،‬ونمخص أىم أعماليم االقتصادية في النقاط التالية‪.‬‬
‫‪ -1‬خالفة أبي بكر رضي اهلل عنه ‪ :‬لم يختمف النظام االقتصادي في عيد أبي بكر عنو في عيد رسول‬
‫اهلل‪ ،‬حيث نجده اعتمد عمى نفس الموارد المالية (الزكاة‪ ،‬الغنائم‪ ،‬الفيء‪ ،‬الجزية)‪ ،‬ونفس السياسة المالية‬
‫(اتخاذ ق اررات اإلنفاق)‪.1‬‬
‫‪ -2‬خالفة عمر رضي اهلل عنه‪ :‬ساىم عمر بن الخطاب في إرساء بعض من األفكار والوقائع االقتصادية‬
‫خاصة بما يتعمق بالمجال المالي واإلدارة المالية‪ ،‬حيث قام بإنشاء الدواوين‪ ،‬وانشاء بيت المال‪.2‬‬
‫إن عمر رتب شئون الدولة‪ ،‬وأحكم مواردىا‪ ،‬وكثرت األموال في عيده (خراج ‪ ،‬جزية)‪ ،‬لم يكن ىدف عمر‬
‫جمع المال فحسب‪ ،‬بل كانت ىناك سياسة حكيمة في اإلنفاق تعود عمى ما ينفع المسممين‪.‬‬
‫واىتم عمر بتعمير البالد واصالحيا (حفر الترع – إقامة الجسور‪ -‬تشجيع الزراعة)‪ .‬كما يعتبر عمر أول من‬
‫أمر بسك النقود‪ ،‬ولكنيا لم تأخذ الشكل الرسمي إال في عيد عبد الممك بن مروان (الخالفة األموية)‪.3‬‬
‫‪ -3‬خالفة عثمان رضي اهلل عنه ‪ :‬ظمت الوقائع االقتصادية في عيد عثمان عمى ما كانت عميو في عيد‬
‫عمر بن الخطاب خاصة في المجال المالي‪ ،‬حيث ورث نظاما ماليا متكامال ومحكما غنيا بالموارد نظ ار‬
‫لتزايد اإليرادات في عيد عمر نتيجة توسع الدولة اإلسالمية عن طريق الفتوحات وأصبحت تشمل أغنى‬
‫األقاليم شرقا وغربا‪.4‬‬
‫‪ -4‬خالفة عمي رضي اهلل عنه‪ :‬كان عمي أقرب إلى عمر في سياستو المالية من شدة تقتيره عمى نفسو‬
‫وعمى أقرب الناس لو‪ ،‬كما كانت سياستو تشتمل عمى أسس عظيمة في فرض الضرائب وتنظيميا‪ ،‬وتدعيم‬
‫النظام المالي لمدولة بقواعد متينة تزيد من عمرانيا‪ ،‬وحفظ أمواليا‪ ،‬وتحول دون خرابيا أو إفالسيا‪.5‬‬
‫ثالثا‪ ‬األوضاع االقتصادية في العصر األموي‪:‬‬
‫تميزت األوضاع في العصر األموي بمجموعة من السمات التي ميزت األنشطة االقتصادية الرئيسية‪،‬‬
‫ونذكر منيا‪:‬‬

‫‪ -1‬عمي فيصل عمي األنصاري‪ ،‬الفروق الجوهرية بين االقتصاد اإلسالمي والرأسمالية‪ ،‬كمية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة الكويت‪-2008 ،‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.7‬‬
‫‪ -2‬محمود سحنون‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي‪ :‬الوقائع واألفكار االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفجر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -3‬عمي فيصل عمي األنصاري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬محمود سحنون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ -5‬عمي فيصل عمي األنصاري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪18‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫‪ -1‬الزراعة‪ :‬شيد العصر األموي اىتماما كبي ار بالنشاط الزراعي‪ ،‬أدى إلى توسيع حركة استصالح األراضي‬
‫ومنيا حركة استصالح لألراضي في منطقة البطائح‪ ،‬عمى يد الخمفاء األمويين‪ ،‬وذلك لزيادة رقعة األراضي‬
‫التي بحوزتيم‪ ،‬فاستخرجوا منيا أر ٍ‬
‫اض وضياعاً‪ ،‬جمبت ليم إيرادات سنوية كبيرة‪ .‬ولعل أبرز شخصية أموية‬
‫استفادت من عممية تجفيف البطائح‪ ،‬واستصالح أراضييا واعدادىا لالستثمار الزراعي‪ ،‬ىو األمير مسممة بن‬
‫عبد الممك‪ ،‬واىتم األمويون باستصالح األراضي الزراعية حتى يزيد اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي يزيد الخراج وينمو دخل‬
‫الدولة‪.‬‬
‫واتسم نظام ممكية األراضي في الخالفة األموية بتقسيميا عمى الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ظيور الممكيات الكبيرة‪ ،‬فقد أدرك رؤساء القبائل وأشرافيا‪ ،‬أىمية ممكية األراضي الزراعية واستثمارىا‪،‬‬
‫فسارعوا إلى امتالكيا‪ ،‬سالكين طرقاً مختمفة‪ ،‬ووسائل متعددة لتحقيق غاياتيم؛‬
‫خاص باسم الخميفة‪ ،‬فقد اعتبر الخمفاء األمويون أن مال األمة ممكاً ليم‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫‪ -‬تحول أرض الصوافي إلى ممك‬
‫أن يتصرفوا فيو كما لو كان حقاً خالصاً ليم‪ .‬وبذلك تركزت الثروات في أيدييم‪ ،‬وصاروا ينتزعون‬
‫وتعودوا ْ‬
‫قسماً من األراضي العامة ليحولوىا إلى ممكية خاصة بيم‪.1‬‬
‫‪ -2‬الصناعة‪ :‬تأثرت الحرف والصناعات في العصر األموي بالبيئة االقتصادية المحيطة بيا‪ ،‬كما تأثرت‬
‫الصناعات والحرف بطبيعة االقتصاد األموي‪ ،‬حيث كان النشاط الزراعي ىو النشاط الرئيسي فيو‪ ،‬فظيرت‬
‫وتطورت صناعات تعتمد في موادىا الخام عمى القطاع الزراعي‪ ،‬مثل صناعة النسيج والمطاحن‪ ،‬كما واكبت‬
‫الصناعة حركة التطور العمراني بالدولة األموية‪ ،‬فظيرت وتطورت صناعة مستمزمات البناء‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تأثر الصناعة بالجو العسكري السائد في معظم فترات العصر األموي‪ ،‬حيث تطورت صناعة السفن الحربية‬
‫ومن ثم التجارية‪.2‬‬
‫‪ -3‬التجارة‪ :‬ازدىرت حركة التجارة الداخمية بعد تولي معاوية بن أبي سفيان الخالفة ‪ ،‬حيث اىتم بمصالح‬
‫التجار وعمل عمى توسيع نطاق التجارة‪ ،‬وتميز أىل الشام في حرفة التجارة وفتحوا عالقات تجارية مع غربي‬
‫أوروبا واستفادوا من األسطول اإلسالمي ومن بين العوامل التي ساعدت عمى نشاط حركة التجارة الثراء‬
‫الكبير الذي تم يزت بو طبقة الحكم وحاشيتيم‪ ،‬حيث نما لدييم الميل القتناء المنتوجات الكمالية‪ ،‬فأقبموا عمى‬
‫شراء السمع التجارية الباىضة الثمن‪ ،‬مما زاد في فعالية التجار وازدىار التجارة‪ .‬وكان التجار يحتمون مكانة‬

‫‪ -1‬مبارك محمد فرج‪ ،‬تطور نظام ممكية األراضي في اإلسالم (‪132 -1‬هـ‪747-622/‬م)‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كمية اآلداب‪ ،‬جامعة‬
‫الخرطوم‪ ،‬السودان‪ ،2007 ،‬ص ص ‪.8-7‬‬
‫‪ -2‬عمي محمد محمد الصالبي‪ ،‬الدولة األموية عوامل االزدهار وتداعيات االنهيار‪ ،‬الموسوعة الشاممة‪ ،‬تاريخ االطالع‪:2018-02-05 :‬‬
‫‪http://islamport.com/w/tkh/Web/3696/411.htm‬‬
‫‪19‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫اجتماعية مرموقة في العصر األموي وكانوا يقومون بتأسيس الشركات في سبيل زيادة فعالية التجارة‪ ،‬حيث‬
‫كانوا يساىمون في الشركة بتقديم المال وممارسة العمل كذلك‪ ،‬أو بواحد منيما من خالل المضاربة‪،‬‬
‫وأصبحت بذلك دمشق عاصمة الدولة مرك از تجاريا ميما‪ ، 1‬ومحطا لمتجارة الشرقية‪ ،‬وبالتالي مرك از لتوزيع‬
‫البضائع إلى الجيات المختمفة حيث كانت تتكدس في أسواقيا البضائع المتنوعة‪ ،‬المنتجة محميا والمستوردة‪.2‬‬
‫‪ -4‬وضعية بيت المال‪ :‬من األمور الميمة التي يمكن اإلشارة إلييا أيضا ىو زيادة نفقات بيت المال في‬
‫العصر األموي‪ ،‬خاصة في مجال اإلنفاق السياسي والمتمثِّل في بذل األموال من أجل توطيد دعائم الدولة‬
‫أيضا في مجال المنشآت والمرافق العامة‪ ،‬حيث كانت الدولة‬
‫وجذب المعارضين ليا‪ ،‬كما زادت النفقات ً‬
‫ِّ‬
‫وشق الطرق وحفر اآلبار‪.‬‬ ‫تصرف أمواالً كثيرة عمى إنشاء المساجد والسدود واألسواق‪،‬‬
‫وقد اتَّضح ىذا األمر في خالفة الوليد بن عبد الممك الذي كان يصرف األموال الكثيرة عمى تمك المرافق‪،‬‬
‫أيضا في عيد الوليد بن عبد الممك في مجال الرعاية االجتماعية‪ ،‬حيث كان يصرف‬
‫كما زادت النفقات ً‬
‫األموال والكساء واألرزاق عمى المسنين والمقعدين‪.‬‬
‫كذلك في عيد عمر بن عبد العزيز زادت نفقات الرعاية االجتماعية‪ ،‬حيث كان يعين َّ‬
‫كل من أراد الحج أو‬
‫الزواج‪ ،‬إضافة إلى قضائو الدين عن الغارمين من بيت المال‪.‬‬
‫تفوق الدولة‬ ‫ِّ‬
‫وسك العممة قد أسيمت في إظيار ُّ‬ ‫وقد بدل عبد الممك بن مروان جيود في تعريب النقود‬
‫النمو‬ ‫تفوقيا السياسي العسكري‪ ،‬إضافةً إلى خمق ِّ‬
‫متغيرات اقتصادية جديدة سيَّمت عممية ِّ‬ ‫االقتصادي بجانب ُّ‬
‫االقتصادي لمدولة‪.3‬‬
‫رابعا‪ ‬األوضاع االقتصادية في العصر العباسي‪:‬‬
‫تأسست ثاني أكبر خالفة في التاريخ اإلسالمي الخالفة العباسية عام (‪132‬ه‪750/‬م) عمى يدي‬
‫أبو العباس (‪136-132‬ه)‪ ،‬وجاءت الخالفة العباسية كنقطة تحول في الدولة والمجتمع في التاريخ‬
‫اإلسالمي إذ صاحبيا تحوالت جذرية عمى المستوى السياسي واالجتماعي‪.‬‬
‫وشيدت الدولة فترة استقرار نسبي إلى عام ‪218‬ه ترسخ فييا النظام الوزاري وتحققت نيضة عممية وفكرية‬
‫وثقافية غير مسبوقة عالمياً وتوسع النشاط الزراعي والتجاري والحرفي بشكل كبير إلى أن أُدخل األتراك بعدىا‬
‫إلى الجيش ليتجاو از ذلك الدور حتى أصبحوا جزءا رئيسيا من التركيبة السياسية فواجيت بذلك الدولة أزمات‬

‫‪ -1‬إيناس محمد البييجي‪ ،‬تاريخ الدولة األموية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2017 ،‬ص ص ‪.271-270‬‬
‫‪ -2‬عمي محمد محمد الصالبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪ -3‬جوعان راشد سعيد الظاىري‪ ،‬الحياة االقتصادية في بالد الشام في العصر األموي (‪132 -44‬هـ‪754-661/‬م)‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪،‬‬
‫كمية اآلداب‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،1992 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪20‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫عدة منيا ما ىو سياسي ومنيا ما ىو اجتماعي‪ ،‬ونتيجة لتمك األزمات والتحوالت أخذت تضعف مؤسسة‬
‫الخالفة تدريجيا إلى أن تفككت الدولة في فترتيا األخيرة عندما سيطر البويييون عمى الخالفة ومن بعدىم‬
‫السالجقة‪ .1‬ويمكن تمخيص أىم األوضاع االقتصادية واالجتماعية في تمك الفترة في النقاط التالية‪:2‬‬
‫‪ -1‬الزراعة‪ :‬كانت األراضي الزراعية مقسمة من حيث الممكية عام النحو التالي‪ :‬الصوافي (أراضي قابمة‬
‫لالستغالل فو اًر) وىي األرض الممموكة لبيت المال ولمخميفة حق التصرف بيا‪ ،‬واألراضي الموات (قابمة‬
‫لالستغالل بعد االستصالح) وىي ممك لبيت المال لكنيا تتحول إلى الممكية الخاصة في حال استصالحيا‪،‬‬
‫واألراضي الخراجية ‪-‬األكثر شيوعاً‪ -‬وىي في األصل فيء وتزرع مقابل دفع الخراج كإيجار لألرض‪،‬‬
‫واألراضي السمطانية وىي ممموكة لمخميفة‪ .‬استخدمت الدولة إقطاع األراضي‪ ،‬تحويل ممكية األراضي العامة‬
‫إلى الممكية الخاصة بشكل دائم (إقطاع تمميك) أو موقت (إقطاع استغالل)‪ ،‬كسياسة غير معمنة إلعادة‬
‫التوزيع ولدفع المستحقات‪.‬‬
‫وفي فترة الحقة توسع البويييون في استخدام إقطاع االستغالل ليشمل الجنود مقابل رواتبيم‪ ،‬حيث‬
‫سمي باإلقطاع العسكري‪ .‬انعكس عن تطبيق سياسة اإلقطاع بشكل عام‪ ،‬واإلقطاع العسكري بشكل خاص‬
‫سمبيات كبيرة عمى الدولة واالقتصاد حيث ضعفت اإلدارة بشكل عام‪ ،‬واإلدارة المالية بشكل خاص وأىممت‬
‫الكثير من األراضي وتدىور نظام الري وتردت إيرادات الدولة بشكل ممحوظ وتدىورت أحوال الفالحين بشكل‬
‫كبير‪.‬‬
‫وأدركت الدولة من البداية أىمية النشاط الزراعي كونو المصدر األساسي لرزق المواطنين ومصدر‬
‫اإلنتاج الغذائي لمجميع واىم مصدر لإليرادات الدولة (الخراج والعشر) ليذا وجيت الدولة اىتماما خاصا نحو‬
‫ىذا القطاع ممثمة بحجم اإلنفاق الكبير عمى النظام العام لمري‪ ،‬وعمى إصالح المزارع الميجورة واألراضي بعد‬
‫الفيضانات واصالح الطرق الزراعية وحمايتيا‪ ،‬وقدمت الحكومة أحيانا المساعدات لممزارعين بشكل نقدي‬
‫ممثمة بمساىمة الدولة في المشاريع العامة أو المشتركة مع المواطنين باإلضافة إلى تقديم السماد واألدوات‬
‫الزراعية والمواشي‪.‬‬
‫تطور القطاع الزراعي بشكل كبير حيث توسعت الممكيات وظيرت الزراعة المركزية األمر الذي مكن‬
‫الدولة من توفير امنيا الغذائي معتمدة عمى إنتاجيا الخاص‪ ،‬استعمل المالكون الفالحين والرقيق بأعداد‬

‫‪ -1‬احمد فراس العوران‪ ،‬غيداء عادل‪ ،‬النظام االقتصادي في ظل الدولة العباسية‪ ،‬ص ‪ ،4‬تاريخ االطالع‪:2018-03-10 :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/profile/Ahmad_Oran/publication/274638081_alnzam_alaqtsady_fy_zl_aldwlt_albasyt/‬‬
‫‪links/552440790cf2b123c51738ed/alnzam-alaqtsady-fy-zl-aldwlt-albasyt.pdf‬‬
‫‪ -2‬نفسو‪ ،‬ص ص ‪.16-10‬‬
‫‪21‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫كبيرة الستصالح األراضي وزراعتيا‪ ،‬حيث ظير ما يشبو اإلقطاع الزراعي الذي كان ألثرياء التجار دور‬
‫فيو‪.‬‬
‫‪ -2‬الصناعة‪ :‬تطورت الصناعة لكنيا بقيت محدودة اإلمكانيات ومعتمدة عمى العمل الفردي او المشترك بين‬
‫عدد محدود مـن األفراد‪ .‬وكانت ىناك مصانع كبيرة نسبياً مثل مصانع الزجاج والنسيج والصابون والمالبس‬
‫واألحذية والخزف والسكر والصياغة‪ ،‬فضالً عن الحدادة والنجارة لصنع األدوات المنزلية واألسمحة والسفن‬
‫وغيرىا‪ .‬ومع ىذا لم تصل الصناعة إلى المستوى الذي يجعل منيا مصد اًر قوياً لمثراء مثل التجارة والصيرفة‪.‬‬
‫‪ -3‬التجارة الداخمية‪ :‬شيدت التجارة الداخمية بين العاصمة وبين األقاليم من ناحية وبين األقاليم بعضيا‬
‫ببعض نشاطاً بشكل كبير يتم من خاللو تبادل كميات كبيرة من عدد كبير ممن السمع من‪ :‬الحبوب والفواكو‬
‫والخضر والتمور والسكر وزيت الزيتون واألرز والعسل والمالبس القطنية والصوفية والحريرية‪.‬‬
‫اتبعت الدولة العباسية انسجاما مع مبادئ الشريعة مبدا حرية التجارة الداخمية والخارجية ولم تضع قيودا عمى‬
‫تنقل السمع واليد العاممة بين مختمف أقاليم الدولة‪ ،‬ولم تتدخل في عممية التبادل وما ينجم عنيا من أسعار إال‬
‫في حاالت استثنائية محدودة حيث تدخمت لصالح الطبقات الفقيرة في أسعار بعض السمع الغذائية األساسية‬
‫كالقمح والدقيق والشعير نتيجة الحتكار تمك السمع من قبل بعض التجار‪ .‬وليس ىناك ما يشير إلى تدخل‬
‫الدولة في أي من أسعار السمع الحرفية أو الصناعية‪ ،‬حيث كانت األسعار ناجمة عن محصمة التعامل الحر‬
‫ضمن الضوابط الشرعية بين المنتجين والمستيمكين‪.‬‬
‫‪-4‬التجــارة الخارجيـة‪ :‬كان العامل االقتصـادي وطرق المواصالت من بين أىم العوامـل المحـ ـددة لموقع بغداد‬
‫العاصمة الجديدة لمخالفة ومركز الثقل االقتصادي المستقبمي لمدولة بل والعالم أجمع‪ .‬فاىتمت الدولة بشكل‬
‫ممحوظ بإنشاء الطرق وصيانتيا وحمايتيا لتتمكن من ربط عاصمتيا بأنحاء الدولة المختمفة وبالعالم الخارجي‬
‫عمى حد سواء‪.‬‬
‫طبقت الدولة العباسية سياسة التجارة الحرة عمى التجارة الخارجية‪ ،‬مع المعاممة بالمثل من حيث الضريبة‪،‬‬
‫وغطت مناطق عديدة ومتفرقة من العالم‪ ،‬ولم يكن ىناك صعوبات في استيراد السمع حيث كان المحيط‬
‫اليندي بح ار آمنا إذ كان تحت سيطرة أسطول الدولة العباسية‪ .‬تدفقت السمع من كل مكان حيث كان التعامل‬
‫إما مقايضة أو بالنقد المباشر‪.‬‬
‫‪ -5‬النقود‪ :‬استخدمت الدولة العباسية أساسا نظاماً نقدياً مزدوجاً مكوناً من الدراىم وأجزائيا‪ ،‬عممة فضية‬
‫العممة الرئيسية في األقاليم الشرقية‪ ،‬والدنانير وأجزائيا‪ ،‬عممة ذىبية‪ ،‬العممة الرئيسية في األقاليم الغربية‪،‬‬
‫وكالىما مقبول في كامل األقاليم إذا كانت ذات أوزان شرعية‪ .‬استخدمت أيضا نقود الصالت و ىي نقود‬

‫‪22‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫ذات أوزان غير متداولة تضرب خصيصاً لمخمفاء واحياناً لبعض كبار رجاالت الدولة‪ ،‬لتوزع في مناسبات‬
‫خاصة‪ .‬كانت عممية ضرب النقود مقتصرة عمى السمطة القائمة وتحت اإلشراف المباشر لمخميفة‪ ،‬العتبارىا‬
‫من األمور السيادية لمدولة‪.‬‬
‫‪ -6‬الصيرفة‪ :‬ظير العمل المصرفي بشكل محدود في بداية األمر لكن اخذ في التوسع خالل القرن الثالث‬
‫ىجري‪ ،‬وجاء التوسع في العمل المصرفي وعمميات االئتمان استجابة لمتوسع الكبير في النشاط التجاري‪ ،‬بين‬
‫األطراف المترامية لمدولة ومع الدول األخرى‪ ،‬ولمحاجة لوجود مكان آمن إليداع األموال مع ضمان سرية‬
‫التعامل‪.‬‬
‫أصبح العمل المصرفي من الممارسات الضرورية في األسواق اإلسالمية ومن أىم العوامل التي أدت إلى‬
‫سيولة التبادل ومن ثم إلى المزيد من التوسع في النشاط التجاري‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمجانب االجتماعي فتتضمن المصادر التاريخية الكثير من المعمومات عن المستوى‬
‫المعيشي لمخمفاء والذي كان مرتفعا جدا لكنيا ال تقدم الكثير عن المستوى المعيشي لمعامة‪ .‬بشكل عام كان‬
‫ىناك تفاوت كبير في الدخل والثروة يقل ويكثر حسب األوضاع العامة‪ ،‬لكن يبدو ان الدولة خففت من حدة‬
‫ذلك عن طريق تقديم بعض الخدمات األساسية المجانية مثل التعميم المجاني لمفقراء والخدمات الصحية‬
‫المجانية‪.‬‬
‫خامسا‪ ‬األوضاع االقتصادية في عهد الخالفة المماليك‪:‬‬
‫شيد الوضع االقتصادي في ىذه المرحمة تباينا من منطقة ألخرى‪ ،‬فكانت الحالة االقتصادية في‬
‫بعض األقاليم كمصر والشام والعراق وبالد المغرب مزدىرة ينما كان الوضع سيئا في أقاليم أخرى‪ ،‬فازدىرت‬
‫بعض الصناعات في المدن المتطورة فامتازت الشام ومصر بصناعة األسمحة والصناعات الغذائية‪ ،‬والعراق‬
‫بصناعة الخشب‪ ،‬بينما اشتيرت بالد األندلس بصناعات النسيج والحرير والزجاج وصناعة السفن‪.‬‬
‫تعمق االنقسام الكبير بين األقاليم مما أضعف االقتصاد اإلسالمي كمو وأفقده التكامل االقتصادي الذي كان‬
‫عميو سابقا‪ ،‬فانخفض مستوى التجارة البينية بين مناطق البالد اإلسالمية كثيرا‪ ،‬وىو ما أثر سمبا عمى األحوال‬
‫المعيشية لألفراد‪.‬‬
‫تراجعت التجارة الخارجية ووقعت بيد الغرب خاصة بعد الحروب الصميبية واحتالليا لمموانئ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فازدىرت التجارة بإيطاليا خالل القرنين ‪ 13‬و‪ 14‬ميالدي‪ ،‬وزاد الوضع سوءا باجتياح التتار الذين‬
‫خربوا البنية التحتية االقتصادية بما فييا من شبكات الطرق والري وأغمب المباني العامة التي مروا بيا‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫المحور الثالث‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم اإلسالمي‬

‫فعانت المنطقة بذلك ركودا اقتصاديا طويال وارتفاعا كبي ار في األسعار‪ ،‬وانكمشت التجارة والزراعة وساد‬
‫الالأمن‪.‬‬
‫وظيرت بعد ذلك الدولة العثمانية والتي اىتمت في بدايتيا بأساليب الجباية والمالية العامة‪ ،‬لكنيا لم‬
‫تيتم بأحوال الناس اقتصاديا بسبب تركيزىا عمى الشأن العسكري وزيادة إنفاقيا عميو‪ ،‬فتدىورت ماليتيا مع‬
‫مرور الوقت وزادت مديونتيا‪ ،‬وبداية من النصف الثاني من القرن ‪ 15‬تمكنت الدولة العثمانية من إحداث‬
‫نيضة اقتصادية قوية شممت الصناعة والتجارة والزراعة‪ ،‬وقامت خالل الحرب العالمية الثانية أوراقا نقدية‬
‫ألول مرة في تاريخ البالد اإلسالمية‪ ،‬إال أن بدأت تتفكك تدريجيا بعد ذلك وتفقد قوتيا السياسية والعسكرية‬
‫واالقتصادية‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبد الحميد روالمي‪ ،‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى عند العرب والمسممين‪ ،‬مدونة شخصية باألستاذ‪ ،‬تاريخ االطالع‪:2018-04-06 :‬‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/0B0xIy6EszXNeT0ZGSnN1X01ieXM/view‬‬
‫‪24‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫دفعت األوضاع االقتصادية المتردية التي سادت في أوروبا في ظل النظام اإلقطاعي‪ ،‬إلى تبني‬
‫نظام جديد من شأنو أن يعيد القوة االقتصادية ليذه المنطقة‪ ،‬ويعرف ىذا النظام بالنظام الرأسمالي الذي تمكن‬
‫خالل فترة وجيزة من تحسين أوضاع الدول األوروبية‪ .‬واتخذ النظام الرأسمالي عدة صور بدأت بالرأسمالية‬
‫التجارية التي كان محور النشاط فييا ىو النشاط التجاري‪ ،‬لينتقل فيما بعد إلى الرأسمالية الصناعية والتي‬
‫أعطت اىتماما أكبر لمنشاط الصناعي منتييا بالرأسمالية المالية والتي لعب فييا رأس المال دو ار بارزا‪.‬‬
‫إن الصور التي اتخذتيا الرأسمالية مكنتيا من أن تجدد نفسيا وان تتأقمم مع احتياجات ومتطمبات الفترة التي‬
‫عاشتيا وأن تحافظ عمى وجودىا وتفرض نفسيا بقوة إلى وقتنا الحالي‪.‬‬

‫أوال‪ -‬النظام الرأسمالي‪:‬‬

‫تمكن النظام الرأسمالي من أن يفرض نفسو عمى الساحة الدولية فاتخذتو معظم دول العام كركيزة‬
‫أساسية لتسيير وادارة اقتصادياتيا‪ ،‬المر الذي يستدعي تحديد ألىم النقاط األساسية المتعمقة بو من تعريف‬
‫وخصائص‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم النظام الرأسمالي‪ :‬ىو نظام اقتصادي ذو فمسفة اجتماعية وسياسية يقوم عمى أساس إشباع‬
‫حاجات اإلنسان الضرورية والكمالية‪ ،‬وتنمية الممكية الفردية والمحافظة عمييا‪ ،‬متوسعا في مفيوم الحرية‪.1‬‬
‫وتعرف الرأسمالية أيضا عمى أنيا نظام إنتاج اجتماعي يتميز بتمركز أدوات ووسائل اإلنتاج ومجموع‬
‫الثروات بأيدي عدد قميل جدا من الناس يعرفون تحت اسم "طبقة الرأسماليين"‪ ،‬بينما تصبح األكثرية من‬
‫الناس مضطرة لمعمل كأجراء لدى الرأسماليين‪ .‬ولذلك نميز بين طبقتين‪:‬‬
‫‪ -‬الطبقة البرجوازية‪ :‬وىي مجموعة قميمة جدا من األفراد تتمركز وتتراكم لدييا الثروة‪.‬‬
‫‪ -‬طبقة واسعة جدا من األفراد مضطرة لمعمل لدى الطبقة البرجوازية‪.2‬‬
‫‪ -2‬خصائص النظام الرأسمالي‪ :‬يتسم النظام الرأسمالي بجممة من الخصائص ندرجيا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1-2‬الممكية الخاصة (الممكية الفردية)‪ :‬تعتبر الممكية الخاصة لجميع وسائل اإلنتاج أىم مظير من‬
‫مظاىر النظام الرأسمالي حيث أن معظم وسائل اإلنتاج تكون ذات ممكية خاصة من قبل األفراد و الشركات‬
‫ال من قبل الحكومة‪ ،‬كما أن القانون يحمي تمك الممكية ويؤمن حرية التصرف بيا‪ ،‬لكن ىذا النظام ال ينفي‬

‫‪ -1‬عماد عمر خمف اهلل أحمد‪ ،‬الموازنة بين االقتصاد اإلسالمي وغيره من النظريات االقتصادية الوضعية‪ ،‬الممتقى الدولي حول االقتصاد اإلسالمي‪-‬‬
‫الوقائع ورىانات المستقبل‪ ،-‬المركز الجامعي بغرداية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل ساقور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.44-45‬‬
‫‪25‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫وجود الممكية العامة والخاصة في بعض المجاالت المحدودة التي ال يرغب أحيانا القطاع الخاص بالعمل‬
‫واالستثمار فييا‪ ،‬إما ألنيا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة أو أن درجة المخاطرة فييا عالية أو أنيا تحتاج لفترة‬
‫استرداد الرأس المال العامل طويمة نسبيا وىي نشاطات ضرورية والزمة مثل بناء الموانئ وطرق المواصالت‬
‫وانشاء الجسور وشبكات الري‪.1‬‬
‫‪ -2-2‬حافز الربح‪ :‬يعد حافز الربح في النظام الرأسمالي ىو الدافع األساسي لزيادة اإلنتاج‪ ،‬وىو المحرك‬
‫الرئيس ألي قرار يتخذه المنتجون‪ ،‬فكل فرد في ىذا النظام إنما يتصرف بما تمميو عميو مصمحتو الشخصية‬
‫بما يتفق مع تحقيق أىدافو الخاصة‪ ،‬وبما أن الربح ىو الفرق بين اإليرادات والتكاليف‪ ،‬فإن المنتجين في‬
‫النظام ال رأسمالي يختارون النشاط االقتصادي المالئم الستغالل الموارد بأفضل طريقة ممكنة‪ ،‬وحين يحدث‬
‫ذلك في جميع األنشطة االقتصادية فإن كل الموارد االقتصادية تكون قد استخدمت ونظمت بحيث تعطي‬
‫أقصى أرباح ممكنة‪ ،‬وبالتالي يحصل المجتمع عمى أقصى دخل ممكن من موارده‪.‬‬
‫وىذا الربح في النظام الرأسمالي يسمى عائد المخاطرة‪ ،‬ألن الشخص صاحب المشروع يخاطر ويغامر‪ ،‬فقد‬
‫يربح أو يخسر‪ ،‬ىذا‪ ،‬وقد أشار آدم سميث إلى وجود يد خفية توقف بين المصمحة الخاصة لمفرد وبين‬
‫المصمحة العامة لممجتمع‪ ،‬فالفرد الذي يسعى لتحقيق أقصى ربح ممكن إنما يقوم بإنتاج السمع التي يزداد‬
‫الطمب عمييا‪ ،‬وبذلك فيو يمبي حاجة المجتمع ليذه السمعة‪ .‬كما أنو يحقق المزيد من األرباح‪ ,‬وىكذا نجد أن‬
‫أيضا أحد العناصر‬
‫الربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عميو المنظمون فحسب‪ ،‬ولكنو يعتبر ً‬
‫يدا من األرباح يعني في النياية‬
‫دائما عمى تنميتو‪ ،‬حيث أن مز ً‬
‫األساسية المسيرة لمنظام االقتصادي وتعمل ً‬
‫يدا من اإلنتاج‪.2‬‬
‫مز ً‬
‫‪ -3-2‬المنافسة‪ :‬من خالل حرية الشركات في دخول األسواق والخروج منيا مما يؤدي إلى الرفاىية‬
‫االجتماعية‪ ،‬أي الرفاىية المشتركة لممنتجين والمستيمكين‪.‬‬
‫‪ -4-2‬آلية السوق‪ :‬التي تحدد األسعار عمى نحو ال مركزي من خالل العالقات التفاعمية بين البائع‬
‫والمشتري‪ .‬فتقوم األسعار بدورىا بتخصيص الموارد‪ ،‬التي تسعى بطبيعة الحال لتحقيق أعمى عائد والتي ال‬
‫تقتصر عمى السمع والخدمات وانما تشمل األجور أيضا‪.3‬‬
‫‪ -5-2‬عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪ :‬والذي يؤدي إلى حرية السوق دون فرض أية قيود عميو‬
‫وقد صاغ آدم سميث ذلك وفق شعار "دعو يعمل واتركو يمر"‪.1‬‬

‫‪ -1‬داليا عادل الزيادي‪ ،‬النظم االقتصادية المقارنة‪ ،‬كمية التجارة‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -2‬عمي فيصل عمي األنصاري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.02-99‬‬
‫‪ -3‬ساروت جاىان‪ ،‬أحمد صابر محمود‪ ،‬ما المقصود بالرأسمالية‪ ،‬مجمة التمويل والتنمية‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪ ،‬جوان ‪ ،0294‬ص ‪.55‬‬
‫‪26‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ -3‬ظروف نشأة النظام الرأسمالي‪ :‬تتمخص أىم الظروف الذي نشأ في ظميا النظام الرأسمالي في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1-3‬انهيار مرتكزات النظام اإلقطاعي والحرفي‪ :‬من العوامل التي ترتب عنيا اختالل وانييار النظام‬
‫اإلقطاعي والحرفي نجد‪:‬‬
‫‪ -‬نمو المدن وازدىارىا‪.‬‬
‫‪ -‬ىروب األقنان إلى المدن مما تسبب في قطع تبعية اإلنسان لؤلرض‪.‬‬
‫‪ -‬التحول من االقتصاد العيني إلى االقتصاد النقدي والذي ترتب عنو تحول الريع العيني الذي كان يتقاضاه‬
‫السيد من أتباعو إلى ريع نقدي‪ ،‬وىو ما أدى إلى تغيرات عميقة في طبيعة النظام اإلقطاعي نفسو‪ ،‬حيث‬
‫أصبح بإمكان الفالحين التخمص من أعمال السخرة لدى الشريف واحالليا بمدفوعات نقدية‪ ،‬وبالتالي انييار‬
‫مرتكز آخر قام عميو النظام اإلقطاعي وىي السخرة‪ ،‬وبانتياء السخرة تغيرت العالقة بين السيد وتابعيو (والتي‬
‫تتمثل بشكل كبير في عالقة تبعية شخصية إلى عالقة تقترب كثي ار من تمك التي تقوم بين مالك األرض‬
‫ومستأجرييا)‪.2‬‬
‫‪ -2-3‬نشوء الدولة القومية‪ :‬أدت التطورات السياسية التي رافقت انييار النظام اإلقطاعي إلى نشوء الدولة‬
‫بمعناىا الحديث‪ ،‬حيث قامت حكومات مركزية تفرض سمطتيا عمى كل المقيمين في إقميميا‪ ،‬وقد أدى ذلك‬
‫إلى اضمحالل سمطة األمراء اإلقطاعيين وتنظيم العالقة بين الدولة والكنيسة بحيث تستقل األولى بأمور‬
‫الدنيا وتمتزم الثانية بحدود األمور الروحية‪.3‬‬
‫‪ -3-3‬ازدياد أهمية التجارة الخارجية‪ :‬شيد القرن الخامس عشر تحرر العبيد والفالحين من سطوة النظام‬
‫اإلقطاعي في أوروبا نتيجة لعوامل عديدة اختمفت في درجاتيا وقوتيا من دولة إلى أخرى‪ ،‬واتجو معظم‬
‫المحررين خارج النشاط الزراعي ليعمموا بالتجارة‪ ،‬مما أدى إلى نمو التجارة الخارجية بصورة قوية أدت بدورىا‬
‫إلى ثراء التجار العاممين فييا‪ ،‬فزادت تبعا لذلك أىميتيم في النشاط االقتصادي بدرجة ممحوظة‪ ،‬وظيورىم‬
‫كطبقة اجتماعية قوية داخل بالدىم‪ ، 4‬ومن بين األسباب التي ساعدت عمى نمو التجارة الخارجية ىو‬
‫االكتشافات الجغرافية في أواخر القرن الخامس عشر والتي جاءت إليجاد طرق تجارية تربط أوروبا بالشرق‬
‫بعيدا عن الطرق التي كانت تستخدميا سابقا والتي أصبحت تحت السيطرة التركية‪ ،‬ففي عام ‪ 9590‬وصل‬

‫‪ -1‬منذر محمد راضي‪ ،‬النظم االقتصادية في القرن العشرين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجنادرية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،0292 ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -2‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.032-009‬‬
‫‪ -3‬سعيد النجار‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي من التجاريين إلى نهاية التقميديين‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،9993 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ -4‬محمد الطاىر قادري‪ ،‬مدارس الفكر في االقتصاد السياسي‪ -‬المستقبل إبداع الماضي–‪ ،‬مكتبة حسن العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،0293 ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪27‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫كريستوف كولومبس إلى سواحل أمريكا وأعمنت جميع األراضي التي اكتشفتيا ممتمكات لممممكة االسبانية‪،‬‬
‫وفي عام ‪ 9591‬اكتشف فاسكو دي كاما الطريق إلى اليند‪ ،‬وقد ساىمت ىذه االكتشافات الجغرافية وغيرىا‬
‫في‪:‬‬
‫‪ -‬ايجاد أسواق جديدة وتوسيع السوق أمام البضائع األوروبية التي أخذت بالتزايد‪.‬‬
‫‪ -‬استغالل المستعمرات باالستيالء عمى ثرواتيا ونيبيا‪ ،1‬خاصة المعادن النفيسة و المواد األولية‪.‬‬
‫‪ -4-3‬انتشار حركتي اإلصالح الفكري والديني‪ :‬والتي أدت إلى تحرير العقول من سيطرة الكنيسة‪ ،‬وزعزعة‬
‫مركزىا‪ ،‬واحياء روح المبادرة لدى األفراد واعطاء حافز الربح أىمية من ممارسة النشاط االقتصادي‪.2‬‬

‫ثانيا‪ -‬مرحمة الرأسمالية التجارية‪:‬‬


‫اشتق اسم الرأسمالية التجارية من االيطالية (التاجر)‪ ،‬وىي أول شكل من أشكال الرأسمالية وقد‬
‫عبرت ىذه الرأسمالية أساسا عن مصمحة فئة التجار‪،‬‬
‫ونشأت الرأسمالية التجارية في الثمث األخير من القرن الخامس عشر‪ ،‬وكانت تيدف إلى اجتذاب‬
‫أكبر كمية من الذىب والفضة إلى داخل البالد‪.3‬‬
‫‪ -1‬مبادئ الرأسمالية التجارية‪:‬‬
‫وتتمخص أىم المبادئ والتي بنيت عمييا الرأسمالية التجارية في‪:‬‬
‫‪ -‬تمجيد المعدن النفيس لدرجة اعتباره مصد ار لمثروة‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق فائض في الميزان التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬تدخل الدولة في الحياة االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬ترتيب أوجو النشاط االقتصادي وجعل التجارة الخارجية في القمة فيي مصدر المعدن النفيس‪ ،‬تمييا‬
‫الصناعة باعتبارىا أساس الصادرات‪ ،‬أما الزراعة فمم يولوىا عناية كبيرة إذ لم يجدوا فييا مجاال بار از‬
‫لمتصدير‪.4‬‬
‫‪ -‬زيادة عدد السكان‪ :‬حيث أن زيادة حجم السكان يؤدي إلى توفير اليد العاممة الرخيصة‪ ،‬األمر الذي يساعد‬
‫بدوره عمى نمو الصناعة‪.5‬‬

‫‪ -1‬عبد عمي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ األفكار االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،0290 ،‬ص ص ‪.031-039‬‬
‫‪ -2‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم مشورب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -4‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.039-031‬‬
‫‪ -5‬حازم البنى‪ ،‬المبادئ واألسس االقتصادية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪ ،‬طرابمس‪ ،‬لبنان‪ ،9999 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪28‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ -2‬أهم نماذج السياسات التجارية‪:‬‬


‫يمكن التمييز بين ثالثة صيغ أساسية في تطبيق السياسات التجارية في ظل الرأسمالية التجارية‬
‫تتوافق مع مقومات كل دولة وىي‪:‬‬
‫‪ -1-2‬السياسة المعدنية في اسبانيا والبرتغال‪:‬‬
‫يعتبر البرتغاليين واالسبان من أوائل الدول األوروبية التي استطاعت الحصول عمى الذىب الوارد من القارة‬
‫الجديدة (أمريكا) نظ ار التساع تجارتيا ووجود مستعمراتيا في أمريكا الجنوبية التي يسرت ليا زيادة معدالت‬
‫التبادل وتسويق منتجاتيا في السوق الجديدة‪ .‬وقد كانت اسبانيا في خالل تمك الفترة من أقوى دول العالم‬
‫اقتصاديا وسياسيا‪ ،‬لذا حاولت الدولة الحفاظ بيذا الوضع المتميز عن باقي دول العالم‪.1‬‬
‫ولتحقيق ذلك اتبعت أيضا اسبانيا سياسة تتمخص في تصدير المعادن النفيسة واشتراط استفاء ثمن البضائع‬
‫المصدرة بالمعادن النفيسة‪ .‬توجب تدخل الدولة في عقود التجارة المبرمة بين رعاياىا واألجانب وفي حالة إذا‬
‫وقع استيراد البضائع األجنبية‪ ،‬تشترط المقايضة بالبضائع الوطنية‪ .‬ويعود الفضل في ظيور فكرة الماركنتيمية‬
‫إلى االسبان والبرتغال إال أنيم لم يتمكنوا من تطويرىا‪ ،‬واىتموا أكثر بكيفية االحتفاظ بالمعادن الثمينة من‬
‫خالل‪:‬‬
‫‪ -‬منع تصديرىا إلى الخارج ميما كانت المغريات‪.‬‬
‫‪ -‬إتباع سياسة المقايضة في عمميات االستيراد‪.‬‬
‫‪ -‬فرض التكافؤ في المبادالت مع الخارج تجنبا لموقوع في مشكمة الديون التي قد تضطر الدولة تسديدىا‬
‫بالمعادن الثمينة‪.‬‬
‫‪ -2-2‬السياسة الصناعية في فرنسا‪:‬‬
‫يختمف في تمك الحقبة الوضع االقتصادي لفرنسا عنو إلسبانيا والبرتغال حيث لم يكن لفرنسا الذىب‬
‫والفضة نظ ار لعدم وجود مستعمرات ليا تمددىا بالمعدنين والمواد الخام‪ ،‬ولم تكن بعد قد دخمت في مرحمة‬
‫االستعمار السياسي االقتصادي أو التجارة االستعمارية النشغاليا بشؤونيا الداخمية‪.2‬‬
‫دفع كل من سبق فرنسا إلى العمل عمى زيادة السمع الصناعية القابمة لمتصدير إلى األسواق الخارجية‬
‫واستيفاء أثمانيا بالذىب والفضة‪ .‬ولتحقيق ذلك اتخذت جممة من اإلجراءات الوقائية من أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬تشجيع الصناعات المحمية بشتى الوسائل‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد الطاىر القادري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.03-00‬‬


‫‪ -2‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سيير محمد السيد حسن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪29‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ -‬العمل عمى حمايتيا وتنظيميا خوفا من المضاربة الخارجية‪.‬‬


‫اتخاذ التدابير الالزمة لتنشيط حركة التبادل مع الدول األخرى لغاية تأمين تصريف المنتجات الصناعية‪.‬‬
‫طبقت ىذه السياسة من قبل كولبير الوزير لمممك الرابع عشر‪.1‬‬
‫‪ -3-2‬السياسة التجارية في بريطانيا‪:‬‬
‫تيدف ىذه السياسة إلى زيادة الصادرات والحد من الواردات عن طريق التجارة وتنظيم العقود التجارية‬
‫وعقود النقل البحري لصالح انجمت ار وأسطوليا التجاري وذلك لمحصول عمى أكبر كمية ممكنة من المعادن‬
‫النفيسة‪ .‬وقد وضع ىذه السياسة رجل الدولة البريطاني المعروف كرومويل‪ ،2‬وكان شعارىم األساسي في تمك‬
‫الفترة "فمنبع أكثر مما نشتري"‪ .‬كما ساعد نظام العيد االستعماري في زيادة قوة بريطانيا وتدعيم تجارتيا من‬
‫خالل إتباع األساليب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة تصدير السمع من الدول المستعمرة إلى بريطانيا وبواسطة أسطوليا البحري‪.‬‬
‫‪ -‬االمتناع عن إقامة مشاريع صناعية في المستعمرات‪.‬‬
‫‪ -‬تتمتع الدولة بحق االحتكار في جميع عمميات البيع والشراء‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬الرأسمالية الصناعية‪:‬‬


‫ارتكزت الرأسمالية التجارية عمى التجارة باعتبارىا مركز النشاط االقتصادي‪ ،‬وكانت الصناعة قائمة‬
‫غير من موازين القوى وباتت الصناعة أكثر‬
‫لخدمة التجارة إال أن تطور اإلنتاج الصناعي وتوسع حجمو ّ‬
‫أىمية من التجارة حيث سخرت ىذه األخيرة لخدمتيا وتحويل النظام االقتصادي بذلك من الرأسمالية التجارية‬
‫إلى الرأسمالية الصناعية‪.‬‬
‫‪ -1‬نشأة الرأسمالية الصناعية ومفهومها‪:‬‬
‫بدأت مرحمة الرأسمالية الصناعية ابتداءا من منتصف القرن الثامن عشر‪ ،‬وقد تميزت بتغيير الييكل‬
‫األساسي لالقتصاديات األوروبية‪ ،‬فبالرغم من أن التجاريين قد أسيموا فغال في تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫بصورة نسبية في المجتمعات األوروبية‪ ،‬إال أنيا أسفرت عن ظيور موجة من االستياء العام بالنسبة لمطبقات‬
‫ا لعاممة وجميور المستيمكين‪ ،‬ولذا رأت الحكومة ضرورة تدخميا لتبني المشروعات الصناعية من أجل إنعاش‬

‫‪ -1‬سكينة بن حمودة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪ -2‬سكينة بن حمودة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪30‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫االقتصاد الوطني وزيادة الناتج الوطني بما يكفل تحسين أسموب توزيعو‪ ،‬إال أن تمك القيود المفروضة كبحت‬
‫النشاط االقتصادي وارتدت عميو سمبا مما استدعى العودة إلى الحرية االقتصادية من جديد‪.1‬‬
‫وتمثل الرأسمالية الصناعية ذلك البناء الذي يقوم بصفة أساسية عمى االستخدام الواسع لآلالت الحديثة في‬
‫العممية اإلنتاجية مع سيطرة رأس المال الخاص عمى مختمف أوجو النشاط االقتصادي في ظل سيادة الحرية‬
‫االقتصادية‪.2‬‬
‫ومن أىم العوامل التي أدت إلى ظيور الرأسمالية الصناعية ىي الثورة الصناعية والتي بدأت في سنة ‪9992‬‬
‫وتصاعدت مع الزمن‪ ،‬حيث أن نمو الصناعة قاد إلى زيادة التأكيد عمى الجانب الصناعي في الحياة‬
‫االقتصادية‪.3‬‬
‫‪ -2‬مفهوم الثورة الصناعية‪:‬‬
‫يعرف االقتصادي ‪ Clough‬الثورة الصناعية بأنيا التغير المفاجئ في وسائل إنتاج السمع الصناعية‬
‫من الطرق اليدوية إلى الطرق الميكانيكية‪.‬‬
‫وال يقصد بيذا التغير المفاجئ والجوىري بأن االستعانة بالطرق الميكانيكية والتي تتمثل أساسا في أن اآلالت‬
‫مجرد تركيب مادي يساعد عمى اختصار وتسييل العمل اإلنساني وانما يقصد باآللة تركيب مادي يحتوي‬
‫عمى أدوات تؤدي تمقائيا نفس العممية الفنية التي كان يؤدييا العامل قبل اختراع اآللة‪.4‬‬
‫وتعرف الثورة الصناعية أيضا عمى ّأنيا‪" :‬التحول الكبير الذي شكل نقمة نوعية في االنتقال من‬
‫اإلنتاج اليدوي إلى اإلنتاج اآللي عن طريق االستخدام المنظم لآلالت في اإلنتاج‪ ،‬ىذا جانب‪ ،‬ومن جانب‬
‫آخر لوحظ أن طرق التنظيم الصناعي قد شيدت تحوال كيفيا في االنتقال إلى نظام المصنع القائم عمى‬
‫التقسيم الفني لمعمل"‪.5‬‬
‫‪ -3‬عوامل قيام الثورة الصناعية‪ :‬لم تحدث الثورة الصناعية في دول أوروبا في وقت واحد بسبب اختالف‬
‫األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية في تمك الدول‪ ،‬إال أن ىناك جممة من العوامل ساىمت في‬
‫قياميا نمخصيا فيما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سيير محمد السيد حسن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -2‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -3‬مدحت القريشي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.992‬‬
‫‪ -4‬فيصل محمد البحيري‪ ،‬أثر النهضة العممية الحديثة عمى الفكر القانوني‪ :‬دراسة في فمسفة القانون‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الدراسات العربية‪،‬‬
‫الجيزة‪ ،‬مصر‪ ،0294 ،‬ص ‪.942‬‬
‫‪ -5‬صباح قاسم األمامي‪ ،‬عباس كاظم جياد الفياض‪ ،‬الخصخصة وتأثيرها عمى االقتصاد الوطني ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،0294 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪31‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ –1-3‬التقدم العممي‪ :‬إن قيام النيضة العممية في أوروبا سمح لمعمم بأن يخطو خطوات سريعة‪ ،‬أفسحت‬
‫المجال لظيور االختراعات الحديثة مثل السفن التجارية التي تعبر البحار والمحيطات‪ ،‬كذلك مد طرق السكك‬
‫الحديدية بين بعض الدول الصناعية لتسييل التنقل فيما بينيا‪.‬‬
‫‪ 2-3‬العامل السكاني‪ :‬أدى تحسن الظروف المعيشية في أوروبا إلى زيادة عدد السكان وما رافقو من كثرة‬
‫متطمباتيم الحياتية وزيادتيا‪ ،‬وقد دفعت تمك الحاجات إلى التفكير بإيجاد أساليب جديدة ومتطورة في اإلنتاج‬
‫لكي تمبي رغبات السكان واحتياجاتيم المتزايدة‪.‬‬
‫‪ –3-3‬رأس المال‪ :‬لقد كان التساع القارة األوروبية وامتدادىا ألقطار العالم أثر ايجابي ألصحاب المصانع‬
‫وشركات النقل‪ ،‬والمؤسسات المالية‪ ،‬وذلك ألن أرباحيم كانت في تزايد مستمر مما مكنيم من تكوين أموال‬
‫طائمة سمحت بتمويل الصناعة‪.‬‬
‫فقد استخدمت رؤوس األموال في مجال تحسين أساليب اإلنتاج عن طريق تمويل االختراعات العممية التي‬
‫استفاد منيا اإلنسان في مجال إنتاجو الصناعي والزراعي‪.‬‬
‫‪ –4-3‬سياسة الحرية وعدم التدخل‪ :‬إعطاء الفرصة لمبادرة األفراد‪ ،‬كما عممت الدولة عمى تخفيض‬
‫الضرائب عمى رؤوس األموال الموظفة في الصناعة من أجل تشجيعيا‪ ،‬وعممت عمى حماية حقوق‬
‫االختراع‪.1‬‬
‫‪ -4‬مظاهر الثورة الصناعية‪ :‬من أىم مظاىر الثورة الصناعية نجد‪:‬‬
‫‪ -1-4‬نظام المصانع‪ :‬حل نظام المصانع محل الحرفة والورش الصغيرة والصناعات المنزلية‪ ،‬وصاحب ىذا‬
‫النظام توطن الصناعة بالقرب من منحدرات المياه ومناجم الفحم‪.‬‬
‫‪ -2-4‬تركز السكان في المدن‪ :‬أدى ارتفاع معدل النمو السكاني إلى زيادة نسبة سكان المدن بنسبة كبيرة‪،‬‬
‫كما أدى تركيز الصناعات بالقرب من مساقط المياه أو مصادر الطاقة أو المواد األولية إلى تركيز السكان‬
‫بدرجة أكبر في تمك المناطق‪.‬‬
‫‪ -3-4‬كبر حجم المشروعات‪ :‬إن تزايد عدد العمال أدى إلى تطبيق مبدأ التخصص وتقسيم العمل وسمح‬
‫بقيام التكامل وقيام المشروع بكل أو معظم مراحل اإلنتاج الخاصة بسمعة معينة مما أدى إلى قيام مشروعات‬
‫كبيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.91-99‬‬


‫‪32‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ -4-4‬نمو النزعات االحتكارية في الصناعة‪ :‬أدى ميل المشروعات نحو الكبر إلى قمة عددىا خاصة فيما‬
‫يتعمق بممارسة نفس النشاط‪ ،‬وىذا مكنيا من االتفاق عمى تنسيق سياستيا وتحقيق قدر من االتحاد بينيا مما‬
‫أدى إلى ظيور النزعات االحتكارية‪.1‬‬
‫‪ -5-4‬نمو التجارة الخارجية‪ :‬أدت المنافسة الكبيرة التي قامت بين الدول األوروبية لمسيطرة عمى السوق‬
‫الخارجية إلى التوسع االستعماري وبالتالي االحتكارات التجارية‪ ،‬وكانت الدولة ذات القوى البحرية ىي‬
‫المسيطرة‪ ،‬واستطاعت بريطانيا بفضل قوتيا البحرية أن تسيطر عمى أىم األسواق الدولية‪.2‬‬
‫‪ -5‬نتائج الثورة الصناعية‪:‬‬
‫ساىمت الثورة الصناعية في تنشيط الحياة االقتصادية فظير نظام اقتصادي جديد كان لو بالغ األثر‬
‫عمى المجتمع األوروبي‪ .‬وقد أدت الثروة الكبيرة إلى تقدم انجمت ار وجعميا من أغنى دول العالم‪ .‬وقد أسفرت‬
‫الثورة الصناعية عن عدة نتائج تمس كافة الجوانب الحياتية وىي‪:3‬‬
‫‪ -1-5‬النتائج االقتصادية‪ :‬أدت الثورة الصناعية إلى قيام نظام اقتصادي رأسمالي يرتكز عمى حرية العمل‬
‫والمبادالت فبرز دور المؤسسات اإلنتاجية الكبرى في تنمية االقتصاد وتحسنت األوضاع المعيشية لؤلفراد‬
‫وازدىرت حركة العمران‪ ،‬كما ازداد اإلنتاج الصناعي بشكل كبير بفضل تطور المعدات واآلالت واعتماد‬
‫التقنيات الجديدة‪.‬‬
‫فانخفضت كمفة اإلنتاج وظيرت صناعات جديدة واتسع االستثمار في الزراعة فقد أدى االستعمال‬
‫المكثف لآلالت واألسمدة إلى تحول اإلنتاج الزراعي من إنتاج معيشي مخصص أساسا الستيالك المزارع‬
‫وعائمتو إلى نتاج تجاري موجو إلى السوق‪.‬‬
‫لذا تحولت الزراعة إلى عنصر فعال في تطور القطاع الصناعي بعد أن وفرت لو حاجاتو من المواد‬
‫األولية مما زاد من مستوى اإلنتاج واستوجب تأمين أسواق خارجية لترويج فوائضو كما تطمبت التجارة الدولية‬
‫تطوير المعامالت المالية فأنشأت البنوك المتخصصة واعتمد الذىب كقاعدة في المعامالت‪.‬‬
‫‪ -2-5‬النتائج االجتماعية‪ :‬أقيم تبعا لمثورة الصناعية مجتمعا جديدا تميز ببروز طبقتين‪ ،‬طبقة أرباب العمل‬
‫المنسبين إلى البرجوازية‪ ،‬وطبقة العمال التي تضم سكان المدن واألرياف الباحثين عن فرص عمل وفرتيا‬
‫المصانع‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.99-91‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.93-90‬‬
‫‪ -3‬اسماعيل بن قانة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.39-32‬‬
‫‪33‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ -3-5‬النتائج السياسية والثقافية‪ :‬كان لمثورة الصناعية عدة نتائج عمى المستوى الثقافي والسياسي تمثمت‬
‫أساسا في‪:‬‬
‫‪ -‬بروز أحزاب سياسية تدافع عن مصالح العمال وتشارك في الحياة السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬احتدام التنافس بين الدول الصناعية لمسيطرة عمى المواد األولية واألسواق الخارجية مما نتج عنو تفاقم‬
‫االستعمار وانقسام العالم إلى جزأين‪ ،‬جزء مييمن تمثمو البمدان الصناعية وجزء مستغل تمثمو بمدان إفريقيا‬
‫وآسيا وأمريكا الجنوبية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمجوانب الثقافية فتمثمت أساسا في زيادة الوعي بعد انتعاش حياة المدنية التي وفرت‬
‫لؤلفراد كافة وسائل التعميم والثقافة‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬الرأسمالية المالية‪:‬‬


‫إ ن النظام الرأسمالي ومن خالل الثورة الصناعية التي تضمنت حصول تطور صناعي واسع‪،‬‬
‫واستمرار ىذا التطور‪ ،‬وما رافقو من زيادة في التخصص وتقسيم العمل واتساع المبادالت التجارية‪ ،‬وزيادة‬
‫استخدام رؤوس األموال في القيام بالنشاطات االقتصادية وكنتيجة لمسعي لتحقيق أكبر قدر ممكن من األرباح‬
‫التي أعيد استخداميا في القيام بيذه النشاطات وتوسعيا المستمر‪ ،‬أدى إلى تكوين رؤوس أموال ضخمة‪،‬‬
‫ومن ثم تركز رؤوس األموال ىذه‪ ،‬وىنا برزت أىمية رأس المال المالي وسيطرتو عمى النشاطات االقتصادية‬
‫كافة‪ ،‬وبالذات الصناعية والتجارية‪ ،‬وبحيث أصبحت المؤسسات المالية التي تتجمع وتتركز فييا رؤوس‬
‫األموال الضخمة‪ .‬إضافة إلى قدرة بعض المؤسسات المالية‪ ،‬وبالذات البنوك التجارية عمى توليد التمويل من‬
‫خالل ما تولده من ائتمان‪ ،‬وىو األمر الذي تضمن بروز المؤسسات التحويمية والبنكية كأساس لمقيام‬
‫باالستثمار واإلنتاج في المجاالت المختمفة‪ ،‬وبالشكل الذي أدى إلى ممكية ىذه المؤسسات لمعظم المشروعات‬
‫التي تؤدي من خالليا النشاطات االقتصادية‪.1‬‬
‫‪ -1‬مفهوم الرأسمالية المالية‪ :‬شكل جديد من أشكال الرأسمالية تم خاللو سيطرة البنوك عمى تمويل‬
‫المشروعات الصناعية القديمة والجديدة في معظم االقتصاديات الرأسمالية‪.‬‬
‫والرأسمالية المالية تميزت بعدة مميزات أساسية ىي‪:‬‬
‫‪ -‬ظيور المشروعات الكبيرة‪ ،‬ونمو االتجاىات االحتكارية‪ ،‬أدى إلى ظيور مشكمة التمويل وتعبئة المدخرات‬
‫الالزمة ليذه المشروعات الضخمة حيث وجدت ىذه المشكمة حميا في األخذ بنظام الشركات المساىمة التي‬
‫تضم عددا كبي ار من المساىمين من ذوي المسؤولية المحدودة‪.‬‬

‫‪ -1‬فميح حسن خمف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.93‬‬


‫‪34‬‬
‫المحور الرابع‪ -‬الوقائع االقتصادية في العالم الغربي‬

‫‪ -‬تحول تنظيم الصناعة من ممكية األفراد إلى الممكية المساىمة‪ ،‬مما أدى إلى سرعة انتشار نظام الشركات‬
‫المساىمة في كافة دول أوروبا‪ ،‬وتداول أسيم ىذه الشركات وسنداتيا في األسواق لمحصول عمى المال الالزم‬
‫لتمويل المشروعات الكبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬الدور األساسي الذي لعبتو البنوك في تمويل المشاريع الصناعية حيث كانت احدى الوظائف الرئيسية‬
‫لمبنوك ىي إنشاء وادارة المشاريع الصناعية‪.1‬‬
‫‪ -‬اندماج الرأس البنكي بالرأسمال الصناعي ونشوء الرأسمال المالي‪.‬‬
‫‪ -‬تشكل اتحادات احتكارية عالمية بين الرأسماليين‪ ،‬وانجاز تقسيم العالم بين الدول الرأسمالية الكبرى‪.2‬‬
‫‪ -‬إ ن انخفاض األرباح التي تحققيا رؤوس األموال من خالل استخداميا في الداخل‪ ،‬إضافة إلى محدودية‬
‫مجاالت ىذا االستخدام‪ ،‬وبالذات في الدول المتقدمة‪ ،‬أدى إلى البحث عن مجاالت استخدام مريحة في‬
‫الخارج‪ ،‬ومن خالل الشركات المتعددة الجنسيات وكذلك من خالل التعامالت المالية الدولية واسعة النطاق‬
‫والتي تتم عن طريق األسواق المالية والنقدية‪.3‬‬
‫‪ -2‬أنواع االحتكارات‪ :‬اتخذت االحتكارات عدة أشكال وىي‪:4‬‬
‫‪ -‬الكارتل‪ :‬ىو أحد أشكال االتحادات االحتكارية التي يتم االتفاق بين أعضائيا عمى عقد اتفاقات حول‬
‫األسعار وأسواق التصريف وتبادل براءات االختراع‪ ،‬عمى أن تبقى كل مؤسسة منضوية في ىذا االتحاد‬
‫االحتكاري متمتعة باستقالليا التجاري واإلنتاجي‪ ،‬وييدف إلى السيطرة عمى األسواق وتحقيق أرباح ضخمة‪.‬‬
‫‪ -‬الترست‪ :‬يقوم عمى اتحاد أو اندماج عدة مشاريع في مشروع واحد وتكون الغاية منو الحصول عمى وضع‬
‫احتكاري‪ .‬في إطار الترست تفقد المؤسسات اإلنتاجية استقالليا المالي واإلداري والقانوني‪.‬‬
‫‪ -‬الكونسرن‪ :‬عبارة عن توحيد عدد من المؤسسات المختمفة في الصناعة والتجارة والبنوك وشركات النقل‬
‫والتأمين عمى أساس من التبعية المالية لفئة من كبار الرأسماليين الذين يفرضون رقابتيم عمى المؤسسات‬
‫المنظمة إلى الكونسرن‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد إسماعيل صبري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.932-934‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -3‬فميح حسن خمف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -4‬إبراىيم مشورب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.909-902‬‬
‫‪35‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫شيدت الفترة ما بيف الحربيف العالميتيف الكثير مف التغيرات االقتصادية‪ ،‬بحيث حدث تغير في‬
‫موازيف القوى االقتصادية العالمية مف خالؿ ظيور قوى اقتصادية جديدة أىميا الواليات المتحدة األمريكية‬
‫وتراجع نسبي لقوى اقتصادية أخرى أىميا ألمانيا‪ ،‬ناىيؾ عف التحوالت الجذرية التي شيدتيا روسيا بتبني‬
‫نظاـ اقتصادي جديد ىو النظاـ االشتراكي سنة ‪ 9391‬والتحوؿ إلى االتحاد السوفياتي‪ ،‬والذي يعتبر قوة‬
‫جديدة تنافس الواليات المتحدة األمريكية عمى الصدارة‪.‬‬

‫كما شيدت ىذه الفترة أيضا حدوث أكبر وأعمؽ أزمة شيدىا العالـ وىي أزمة الكساد العظيـ ‪ 9393‬والتي‬
‫كادت تعصؼ بالنظاـ الرأسمالي وباقتصاد الواليات المتحد األمريكية والدوؿ المرتبطة بيا‪.‬‬

‫أوال‪ -‬معاهدات السالم والمشكمة األلمانية‪:‬‬


‫ارتبطت الحرب العالمية األولى بالدولة األلمانية باعتبارىا مف تسبب في حدوثيا‪ ،‬األمر الذي نتج‬
‫عنو تغير وضعية االقتصاد األلماني قبؿ وبعد الحرب‪ ،‬حيث كانت ألمانيا قوة اقتصادية عظمى تحولت بعد‬
‫الحرب وانيزاميا فييا إلى دولة تعاني مف عدة اختالالت اقتصادية‪.‬‬
‫‪ -1‬أوضاع ألمانيا قبل الحرب العالمية األولى‪:‬‬
‫كانت ألمانيا قبؿ الحرب العالمية األولى دولة عظمى بكؿ معنى الكممة‪ ،‬وأقوى دوؿ القارة األوروبية‪،‬‬
‫حيث كانت عمى درجة واسعة مف النمو االقتصادي والسكاني‪ ،‬فقد كاف النمو االقتصادي فييا عظيماً وأفضؿ‬
‫مف بريطانيا‪ ،‬ألف ألمانيا حققتو دوف القضاء عمى الزراعة بؿ طورتيا‪ .‬وكانت أوؿ دولة أوروبا في استخراج‬
‫الفحـ الحجري‪ ،‬واألولى في الصناعات التحويمية المعدنية‪ ،‬وكذلؾ الكيميائية والكيربائية‪ ،‬وفي صناعة النسيج‬
‫تأتي مباشرة بعد بريطانيا‪ .‬يضاؼ إلى ذلؾ ما عرؼ عف األلماف مف روح المبادرة في المشاريع‪ ،‬وحب النظاـ‬
‫واالندفاع في العمؿ‪ ،1‬ويمكف تمخيص وضعية االقتصاد األلماني في النقاط التالية‪4‬‬
‫‪ -‬تعد ألمانيا مف بيف أىـ الدوؿ في إنتاج الحديد ويعدد الفضؿ في ذلؾ إلى منطقة الرور حيث كاف إنتاجيا‬
‫في عاـ ‪ 9391‬أكثر مف ‪ 93‬مميوف طف‪ ،‬بينما لـ يزد إنتاج فرنسا عف ‪ 4.4‬مميوف طف‪ ،‬أما إنتاج بريطانيا‬
‫فكاف حوالي ‪ 1.1‬مميوف طف‪.2‬‬

‫‪ -1‬منذر الحايؾ‪ ،‬المعجزة األلمانية بين الحربين‪ ،‬ديواف العرب‪ 91 ،‬أفريؿ ‪ ،9191‬تاريخ االطالع‪49192-11-92 4‬‬
‫‪http://www.diwanalarab.com/spip.php?article22880‬‬
‫‪ -2‬يوسؼ مصطفى الحاروني‪ ،‬قصة الحديد‪ ،‬دوف طبعة‪ ،‬المطبعة العالمية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،9311 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪36‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -‬ارتفاع حجـ رأس الماؿ األلماني المستثمر في الخارج بمقدار ثالث مرات ونصؼ المرة خالؿ فترة زمنية‬
‫قياسية مف عاـ ‪ 9319‬إلى عاـ ‪ ،9394‬وأصبح حوالي نصؼ مجموع رأس الماؿ البريطاني المستثمر في‬
‫الخارج بعد أف كاف خمسو فقط في عاـ ‪ ،9319‬وصار يشكؿ أكثر مف ثمثي رأس الماؿ الفرنسي المستثمر‬
‫في الخارج بعد أف كاف أقؿ منو بمرتيف في نفس العاـ‪.1‬‬
‫‪ -‬نمو التجارة الخارجية في كثير مف أسواؽ العالـ مثؿ بمجيكا وىولندا وأمريكا الالتينية والدولة العثمانية‬
‫ومنافستيا في ذلؾ لبريطانيا‪ ،2‬حيث باتت التجارة األلمانية الخارجية تحتؿ نسبة ‪ %91‬في الميزاف التجاري‬
‫العالمي‪.3‬‬
‫‪ -2‬لمحة عن الحرب العالمية األولى ودور ألمانيا فيها‪:‬‬
‫‪ -1-2‬أسباب اندالع الحرب العالمية األولى‪ :‬يمكف إجماليا في أسباب غير المباشرة وأخرى مباشرة‬
‫نمخصيا فيما يمي‪4‬‬
‫أ‪ -‬األسباب غير المباشرة‪ :‬وتتمثؿ في‪4‬‬
‫‪ ‬توتر العالقات الدولية عند مطمع القرف ‪ ،91‬بسبب توالي األزمات كأزمة البمقاف والصراع الفرنسي‬
‫األلماني حوؿ الحدود باإلضافة إلى نمو النزعة القومية داخؿ أوربا و تطمع بعض األقميات إلى االستقالؿ‪.‬‬
‫‪ ‬تزايد التنافس االقتصادي والتجاري بيف الدوؿ اإلمبريالية القتساـ النفوذ عبر العالـ والسيطرة عمى األسواؽ‬
‫لتصريؼ فائض اإلنتاج الصناعي والمالي والتزود بالمواد األولية‪.‬‬
‫‪ ‬دخوؿ الدوؿ اإلمبريالية في تحالفات سياسية وعسكرية متنافسة‪ ،‬ومنيا دوؿ المحور‪ 4‬ألمانيا‪ ،‬إيطاليا‪،‬‬
‫النمسا‪ ،‬المجر‪ ،‬بمغاريا‪ ،‬اإلمبراطورية العثمانية‪ .‬ودوؿ الوفاؽ (الحمفاء)‪ 4‬فرنسا‪ ،‬انجمترا‪ ،‬روسيا ‪ ،‬والواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪ ‬السباؽ نحو التسمح بيف الدوؿ المتنافسة التي رفعت مف نفقاتيا العسكرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬األسباب المباشرة‪ 4‬اغتياؿ ولي عيد النمسا فرنسوا فردناند ‪ François-Ferdinand‬وزوجتو في ‪92‬‬
‫جواف ‪ 49394‬عمى يد طالب صربي‪ ،‬واعالف اإلمبراطورية النمساوية المجرية الحرب عمى صربيا‪ ،‬كما أدى‬

‫‪ -1‬كماؿ مظير أحمد‪ ،‬ترجمة محمد المال عبدالكريـ‪ ،‬كردستان في سنوات الحرب العالمية األولى‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪،9199 ،‬‬
‫ص ‪.941‬‬
‫‪ -2‬عمر عبد العزيز عمر‪ ،‬تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر (‪ ،)1919-1815‬دار المعرفة الجامعية‪ ،9111 ،‬ص ‪.942‬‬
‫‪ -3‬كماؿ مظير أحمد‪ ،‬مرجع سيؽ ذكره‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- François Cochet, 1ère Guerre mondiale: dates, thèmes, noms, Studyrama Eds, Paris, France, Mars 2001,‬‬
‫‪P10.‬‬
‫‪37‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫تدخؿ روسيا لمدفاع عف حميفتيا صربيا إلى إعالف الحرب عمى النمسا‪ .‬وبذلؾ بدأت الدوؿ في دخوؿ الحرب‬
‫تباعا إلى أف تحولت إلى حرب عالمية‪.1‬‬
‫‪ -2-2‬مراحل الحرب العالمية األولى‪:‬‬
‫مرت الحرب العالمية األولى بمرحمتيف أساسيتيف ىما‪42‬‬
‫أ‪ -‬المرحمة األولى (‪ :)1916-1914‬انتيت لصالح دوؿ المحور‪ ،‬حيث انتصرت فييا ألمانيا في الجبية‬
‫الشرقية عمى الروس خاصة عندما دعمتيا تركيا‪ ،‬وفي الجبية الغربية عمى كؿ مف فرنسا وبمجيكا إلى جانب‬
‫اختالؿ رومانيا ووقوع حقوؿ البتروؿ الغنية في يد ألمانيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬المرحمة الثانية (من ‪ 1917‬إلى نهاية الحرب ‪ :)1918‬بدأت ىذه المرحمة بفرض حصار عمى‬
‫شواطئ ألمانيا مما أدى إلى أزمة في المواد الغذائية فييا‪ ،‬وردت ألمانيا عمى ذلؾ بمحاولة فرض حصار عمى‬
‫بريطانيا بغواصاتيا ثـ شف حرب الغواصات دوف قيود عمى مراكب الدوؿ المحايدة التي تتعامؿ تجاريا مع‬
‫الحمفاء إلى أف دخمت الواليات المتحدة األمريكية الحرب في مارس ‪ 9391‬والذي شكؿ نقطة تحوؿ فييا‪ ،‬فقد‬
‫أمدت دوؿ الحمفاء بقوة مادية وبشرية كبيرة‪.‬‬
‫كما تـ انسحاب روسيا مف الحرب بسبب قياـ الثورة البمشفية وعقدت معاىدة برست ليتوفسؾ في مارس‬
‫‪ 9392‬مع ألمانيا التي تفرغت بعدىا لمحرب في الجبية الغربية‪ ،‬إال أف توالي االنيزامات عمى ألمانيا وحالة‬
‫عدـ االستقرار الداخمي واالستنزاؼ لمواردىا المالية والبشرية خالؿ الحرب دفعيا إلى إعالف قبوؿ اليدنة‬
‫ووقؼ القتاؿ في ‪ 99‬نوفمبر‪.9392‬‬
‫‪ -3-2‬نتائج الحرب العالمية األولى‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحصيمة البشرية‪ :‬بمغ عدد قتمى الحرب الكبرى ‪ 3‬مالييف وعدد الجرحى ‪ 91‬مميوف‪ .‬وتعتبر أوروبا أكبر‬
‫متضرر ‪ 2‬مميوف قتيؿ وتأتي ألمانيا وروسيا في المرتبة األولى تمييا فرنسا والنمسا في حيف كانت الواليات‬
‫ّ‬
‫المتحدة أؽّ ؿ المتضرريف‪ .‬ساىـ ذلؾ في اختالالت البنية الديمغرافية لمسكاف مثؿ ارتفاع نسب اإلناث‬
‫والشيوخ وتقمص نسب السكاف النشيطيف‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيد لعتيؾ‪ ،‬الحرب العالمية األولى‪ ،‬تاريخ االطالع‪49192-11-91 4‬‬


‫‪https://s8484e6f7fc7c46f8.jimcontent.com/download/version/1481234410/module/10671834894/name/‬الحرب‪91%‬ال‬
‫عالمية‪91%‬األولى‪.pdf‬‬
‫‪ -2‬شوقي عطا اهلل الجمؿ‪ ،‬عبد اهلل عبد الرازؽ‪ ،‬تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة‪ ،‬دوف طبعة‪ ،‬المكتب المصري‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪،9111 ،‬‬
‫ص ص ‪.914 -911‬‬
‫‪38‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫ب‪ -‬الحصيمة االقتصادية وتغير موازين القوى في العالم‪ :‬تعددت النتائج االقتصادية لمحرب العالمية األولى‬
‫وتتمثؿ أساسا في‪4‬‬
‫‪ ‬أفضت الحرب إلى دمار كبير في االقتصاد األوروبي إذ انيار اإلنتاج الزراعي بنسبة ‪ %91‬ونجـ عف‬
‫تدمير المنشآت الصناعية والبنى التحتية تدىور في اإلنتاج الصناعي فاؽ ‪ .%11‬كما اضطربت المبادالت‬
‫التجارية وفقدت أوروبا أسواقيا في آسيا وأمريكا وارتفعت ديونيا تجاه الواليات المتحدة واضطرت إلى إتباع‬
‫سياسة التضخـ المالي فتراجعت عمالتيا مقارنة بالدوالر‪.‬‬
‫‪ ‬عمى صعيد آخر استفادت الياباف وكندا واألرجنتيف والب ارزيؿ مف تراجع تجارة الدوؿ األوروبية وحمت محميا‬
‫في تزويد أقطار العالـ بمنتجاتيا الصناعية والفالحية‪.‬‬
‫‪ ‬أما خارج أوروبا فقد أعطت الحرب دفعا لالقتصاد األمريكي إذ كانت مف أبرز المستفيديف حيث أتاحت‬
‫ليا الحرب مضاعفة إنتاجيا الزراعي والصناعي ولعبت دور أوؿ مزود ومقرض لمحمفاء ومع نياية الحرب‬
‫أصبحت تممؾ نصؼ المخزوف العالمي لمذىب وأصبح الدوالر عممة عالمية تنافس الجنيو اإلسترليني‬
‫وتحولت نيويورؾ إلى أوؿ مركز مالي في العالـ عوض لندف‪ ، 1‬وذلػؾ بعػد ٔاف كانػت السػيادة في أوروبا‬
‫لبريطانيػا وفرنسػا وألمانيا حيػث بمغػت اسػتثمارات الػدوؿ الػثالث في العالـ قبيؿ الحرب ‪ %91‬مف جممة‬
‫االستثمارات العالميػة‪.2‬‬
‫‪ -3‬معاهدات السالم إنهاء الحرب العالمية األولى‪ :‬وتتمثؿ في‪4‬‬
‫‪ -1-3‬معاهدة فرساي‪:‬‬
‫تـ توقيع االتفاقية في ‪ 92‬جانفي ‪ 9393‬بعد الحرب العالمية األولى في بيو المرايا بقصر فرساي‬
‫في العاصمة باريس وىو نفس البيو الذي شيد في ‪ 92‬جانفي ‪ 9219‬مولد اإلمبراطورية األلمانية‪ ،3‬تضمنت‬
‫شروط مجحفة فرضتيا الدوؿ المنتصرة عمى ألمانيا ورغـ احتجاج ىذه الخيرة إلى أنيا اضطرت لمتوقيع ألنو‬
‫السبيؿ الوحيد أماميا‪ ،‬وتتمثؿ بنود اتفاقية فرساي أساسا في‪4‬‬
‫‪ -‬تأسيس عصبة األمـ المتحدة وميثاقيا ووظائفيا‪.4‬‬

‫‪ -1‬جماؿ عبودي‪ ،‬الحرب العالمية األولى‪ ،‬معيد بوعرقوب‪ ،‬تونس‪ ،‬تاريخ االطالع‪49192-11-93 4‬‬
‫‪-.pdf‬درس‪-‬الحرب‪-‬العالمية‪-‬االولى‪http://www.ecolenumerique.tn/wp-content/uploads/2011/11/‬‬
‫‪ -2‬عبد المطيؼ الصباغ‪ ،‬تاريخ أوروبا المعاصر‪ ،‬ص ‪ 412‬تاريخ االطالع‪49192-11-93 4‬‬
‫‪https://download-pdf-ebooks.org/files/download-pdf-ebooks.org-1522599647Sk0J3.pdf‬‬
‫‪ -3‬عمر عبد العزيز عمر‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ -4‬شوقي عطا اهلل الجمؿ‪ ،‬عبد اهلل عبد الرزاؽ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.949‬‬
‫‪39‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -‬إعادة مقاطعة األلزاس والموريف إلى السادة الفرنسية‪.‬‬


‫‪ -‬وضع إقميـ السار تحت اإلدارة الفرنسية لمدة ‪ 91‬سنة ينظر بعدىا بمصيره في استفتاء شعبي‪.‬‬
‫‪ -‬تعديؿ الحدود األلمانية مع بمجيكا بمنحيا أراضي ألمانية‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة الحياة لدولة بولندا بإعطائيا منفذا بحريا وىو ميناء داينزؾ األلماني ويكوف تحت اإلدارة الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الجيش األلماني ب ػ ‪ 911‬ألؼ جندي إلى جانب منع ألمانيا مف إنتاج أو امتالؾ األسمحة الثقيمة‬
‫كالمدفعية والدبابات والطائرات والسفف البحرية ومصادرة الموجود مف األسمحة‪.1‬‬
‫‪ -2-3‬معاهدات السالم األخرى‪:‬‬
‫فرضت عمى الدوؿ المسببة لمحرب العالمية األولى والمنيزمة جممة مف االتفاقيات التي لـ تختمؼ‬
‫كثي ار عف معاىدة فرساي‪ ،‬وتتمثؿ في‪42‬‬
‫‪ ‬معاهدة سان جرمان مع النمسا‪ :‬وقعت معاىدة ساف جرماف في ‪ 91‬سبتمبر ‪ ،9393‬وقد اعترفت النمسا‬
‫فييا بمسؤوليتيا في قياـ الحرب العالمية األولى‪ ،‬وكاف لزاما عمييا بالتالي أف تدفع غرامة حربية‪ ،‬كما حدد‬
‫جيشيا بما ال يزيد عمى ‪ 111111‬جندي‪ ،‬ومنعت مف االتحاد مع ألمانيا‪ ،‬وقد نصت المعاىدة عمى تنازؿ‬
‫النمسا عف مناطؽ واسعة إلى إيطاليا ورومانيا وبولندا وغيرىا‪ ،‬وبيذه التنازالت تقمصت اإلمبراطورية‬
‫النمساوية إلى ربع مساحتيا تقريباً‪ ،‬وما يزيد عف خمس سكانيا بقميؿ‪ ،‬فضالً عف تعيداتيا والتزاماتيا‬
‫لتعويضات المالية مدة ثالثيف سنة‪.‬‬
‫‪ ‬معاهدة نويي مع بمغاريا‪ :‬التي وقعت في يوـ ‪ 91‬نوفمبر ‪ 9393‬حيث كاف عمى بمغاريا أف تدفع ثمف‬
‫دخوليا الحرب‪ ،‬وقد ىدفت دوؿ الحمفاء إلى تجريد بمغاريا مف المناطؽ ذات األىمية االستراتيجية‪ ،‬ليصبح مف‬
‫الصعب عمييا مستقبالً شف أي حرب ىجومية أخرى‪ ،‬وبذلؾ فإف معاىدة نويي أعطيت أقاليـ لرومانيا‪،‬‬
‫واليوناف‪ ،‬وأعطت يوغسالفيا أربعة مناطؽ استراتيجية صغيرة‪ ،‬وفرضت عمييا عقوبات مالية قدرت ب ػ ‪441‬‬
‫مميوف دوالر‪ ،‬وعسكرية بتخفيض عدد أفراد جيشيا وتسميـ عتادىا الحربي‪.‬‬

‫‪ -1‬موسى محمد آؿ طويرش‪ ‎،‎‬العالم المعاصر بين حربين من الحرب العالمية األولى إلي الحرب الباردة ‪ ،1975 -1914‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة مصر‬
‫ودار المرتضى‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراؽ‪ ،9199 ،‬ص ص ‪.15-11‬‬
‫‪ -2‬صباح كريـ رياح الفتالوي‪ ،‬باحث إيماف نصيؼ جاسـ‪ ،‬مقررات مؤتمر الصمح لإلمبراطورية األلمانية في عام ‪– 1919‬دراسة تحميمية‪ ،-‬مجمة‬
‫مركز الدراسات الكوفة‪ ،‬العدد ‪ ،5‬جامعة الكوفة‪ ،‬العراؽ‪ ،9111 ،‬ص ص ‪.911-919‬‬
‫‪40‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ ‬معاهدة تريانون مع هنغاريا‪ :‬وقعت في ‪ 4‬جواف ‪ ،9391‬وتنازلت بموجبيا ىنغاريا إلى يوغسالفيا‬
‫ورومانيا وجيكوسموفاكيا وحتى النمسا‪ ،‬وبذلؾ فقدت ىنغاريا ثمثي مساحتيا الجغرافية‪ ،‬وفقدت مناطؽ فييا‬
‫مناجـ الذىب والفضة والنحاس وسكؾ الحديد ومصانع وحقوؿ زراعية وخمس مدف كبرى‪.‬‬
‫‪ ‬معاهدة سيفر مع الدولة العثمانية‪ :‬وقعت في ‪ 91‬أوت ‪ 9391‬اضطرت الدولة العثمانية إلى توقيع‬
‫المعاىدة بعد أف ىدد الحمفاء بإخراجيا مف أوربا كميا‪ ،‬أخذت بريطانيا وفرنسا كؿ مف العراؽ وفمسطيف‬
‫وسوريا‪ ،‬لتصبح دوالً خاضعة لالنتداب كما نصت االتفاقية عمى وضع البوسفور والدردنيؿ تحت إدارة دولية‪،‬‬
‫وجزءا معتب ار لكؿ مف إيطاليا واليوناف مما أدى إلى تفكيؾ جزء كبير مف الدولة العثمانية‪.‬‬
‫‪ -4‬االقتصاد األلماني بعد الحرب العالمية األولى‪:‬‬
‫أصبحت ألمانيا في عاـ ‪ 9393‬عمى حافة اإلفالس بسبب النفقات الضخمة التي تكبدتيا خالؿ‬
‫الحرب‪ ،‬وأضافت معاىدة فرساي أعباء جديدة عمى ألمانيا‪ ،‬حيث خسرت ‪ %11‬مف مساحتيا الجغرافية‬
‫وحوالي ‪ %99‬مف تعداد سكانيا وما يقارب مف ‪ %91‬مف إنتاجيا الزراعي‪ ،‬وحوالي ‪ %91‬مف إنتاجيا‬
‫الصناعي وما يقارب ‪ %11‬مف إنتاجيا مف خاـ الحديد‪ ،‬إلى جانب إلزاميا بدفع تعويضات كبيرة لمحمفاء مما‬
‫جعميا تتحوؿ بسرعة مف دولة دائنة إلى دولة مدنية‪ ، 1‬وقد عانت ألمانيا بعد الحرب العالمية األولى مف‬
‫مشكمتيف أساسيتيف ىما‪4‬‬
‫‪ -1-4‬مشكمة التعويضات‪ :‬فرضت معاىدة فرساي كما سبؽ االشارة عمى ألمانيا دفع تعويضات إلى الدوؿ‬
‫المتضررة مف الحرب‪ ،‬وكانت فرنسا أكثر حرصا وتشددا في ىذه المسألة حيث اجتمعت لجنة التعويضات في‬
‫لندف في ‪ 1‬ماي ‪ 9399‬وحددت مبمغ التعويضات ب ػ ‪ 919‬مميار مارؾ ووضعت جدوال بمواعيد تسديده‪.‬‬
‫ودفعت ألمانيا في آخر ماي مف العاـ نفسو مميار مارؾ كدفعة أولى مف القسط السنوي البالغ ‪ 1‬مميارات‬
‫مارؾ‪ .‬ثـ توقفت عف الدفع بحجة أف وضعيا المالي ال يسمح ليا في االستمرار بالدفع‪ ،‬سيما وأف جزءا مف‬
‫أراضييا الغنية بالمواد األولية قد ضـ إلى بولندا في مارس ‪ .9399‬وقد لقي ىذا المطمب عطفا مف الحكومة‬
‫البريطانية إال أف الحكومة الفرنسية وبيدؼ قطع الطريؽ عمى الحكومة البريطانية سارعت إلى توقيع اتفاؽ‬
‫مع الحكومة األلمانية عرؼ باتفاؽ لوشور‪-‬راثنو(‪ )Loucheur- Rathenau‬في أكتوبر ‪ 9399‬يقضي بأف‬
‫تسدد ألمانيا حصة فرنسا مف التعويضات عمى شكؿ سمع ومواد أولية بدال مف الماركات الذىبية‪.‬‬

‫‪ -1‬عصاـ عبد الفتاح‪ ،‬أطمس الحربين (األرض والحرب والسالم) الحرب العالمية األولى والثانية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار الدولية لالستثمارات الثقافية‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،9199 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪41‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫فدخمت فرنسا وبريطانيا في خالفات مما دفع ألمانيا إلى االستفادة مف ذلؾ واإلعالف عف توقفيا عف دفع‬
‫التعويضات‪ .‬فعرضت بذلؾ مسألة التعويضات في مؤتمرات دولية أىميا مؤتمر جنوا في أفريؿ ‪ 9399‬والذي‬
‫اشترطت فيو فرنسا عمى تمديد أجؿ التعويضات األلمانية مقابؿ تسميـ مناجـ الرور إلى الحمفاء‪ .‬وفي ‪99‬‬
‫جانفي ‪ ،9391‬أرسمت فرنسا باالتفاؽ مع الحكومة البمجيكية لجنة لمرقابة عمى المصانع والمناجـ األلمانية‬
‫في الرور مرفوقة بقوات نظامية لتأمينيا ما أثار غضب ألمانيا‪ ،‬أدى بيا إلى سحب سفيرىا مف باريس وايقاؼ‬
‫العماؿ عف العمؿ مع حصوليـ عمى أجورىـ‪ ،‬فوجدت فرنسا نفسيا في إضراب عاـ جعميا تستعيف بعماؿ مف‬
‫فرنسا وبمجيكا واستولت فرنسا نيائيا عمى إقميـ الرور وطردت عددا كبي ار مف األلماف منو‪ .‬وانعكس ذلؾ سمبا‬
‫عمى االقتصاد األلماني الذي أثقؿ عاتقو بدفع رواتب العماؿ الموقوفيف عف العمؿ إضافة إلى عدـ االستفادة‬
‫مف اإلقميـ ومف مناجـ الفحـ‪.‬‬
‫ووسط ىذا الوضع المتأزـ بيف الدوؿ طالبت الحكومة األلمانية سنة ‪ 9391‬بإرساؿ لجنة إلى ألمانيا لدراسة‬
‫إمكانياتيا االقتصادية وتحديد مبمغ التعويضات التي تدفعيا‪ ،‬وبالفعؿ قانت لجنة داوز ‪ ˝ Dawes Plan‬في‬
‫جواف ‪ 9394‬بعد د ارسة إمكانيات ألمانيا االقتصادية بإعداد مشروع ينص عمى أف تدفع ألمانيا مبمغ مميار‬
‫مارؾ في السنة األولى ومف ثـ يرتفع ىذا المبمغ ليصؿ إلى ممياريف ونصؼ مميار مارؾ في السنة الخامسة‪.‬‬
‫وأف تمنح ألمانيا قروضا ضخمة لتمكينيا مف دفع التعويضات بضمانة السكؾ الحديدية وبعض الصناعات‬
‫األلمانية‪ ،‬وتحسنت األوضاع السياسية بيف ألمانيا وبقية الدوؿ األوروبية مما أدى إلى تخفيض المبمغ الكمي‬
‫لمتعويضات في مؤتمر الىاي في أوت ‪ ،9393‬إضافة إلى الجالء عف منطقة الرايف في موعد أقصاه شير‬
‫جواف مف سنة ‪ 9311‬الذي كاف مقر ار أف يتـ في عاـ ‪ 9314‬وفقا لمعاىدة فرساي‪.1‬‬
‫‪ -2-4‬مشكمة التضخم الجامح في ألمانيا‪:‬‬
‫اجتاح ألمانيا تضخـ كبير بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬وبمغ أقصاه سنة ‪ .9391‬وارتفعت األسعار‬
‫أكثر مف مائة مميوف مرة عف مستواىا قبؿ الحرب وفقد المارؾ األلماني قيمتو تماما‪ ،‬ورفض األفراد التعامؿ‬
‫بو‪ ،‬ويمكف تمخيص أسباب التضخـ فيما يمي‪4‬‬
‫‪ -‬التوسع الكبير في إصدار النقود‪ 4‬لجأت الحكومة األلمانية إلى اإلصدار النقدي لتمويؿ نفقات الحرب‪ ،‬وما‬
‫أف حجـ اإلنتاج اتجو نحو االنخفاض نتيجة الدمار الذي لحؽ بيا بسبب الحرب اختؿ التوازف بيف التيار‬

‫‪ -1‬محمد حمزة حسيف الدليمي‪ ،‬لبنى رياض الرفاعي‪ ،‬تاريخ العالم المعاصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار غيداء‪ ،‬الموصؿ‪ ،‬العراؽ‪ ،9191 ،‬ص ص ‪-915‬‬
‫‪.949‬‬
‫‪42‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫النقدي والتيار السمعي وحدث التضخـ‪ ،1‬وكاف تدىور المارؾ جد سريع‪ ،‬فبينما كاف الدوالر يعادؿ ‪93992‬‬
‫ماركا عاـ ‪ ،9399‬صار يعادؿ‪ 951.111‬ماركا في جويمية ‪ ،9391‬ليصؿ إلى ‪ 4911.111‬ماركا في‬
‫نياية نوفمبر مف نفس السنة‪.2‬‬
‫‪ -‬ارتفاع أسعار السمع األلمانية بالمقارنة مع غيرىا مف الدوؿ األخرى المنافسة انعكس سمبا عمى الصادرات‬
‫األلمانية‪ ،‬ناىيؾ عف انخفاض حجـ الفائض المتاح لمتصدير في ألمانيا‪ ،‬إلى جانب الزيادة الكبيرة في‬
‫الواردات مما أدى إلى حدوث عجز كبير في ميزاف المدفوعات األلماني‪ ،‬والذي صحبو انخفاض في قيمة‬
‫العممة وارتفاع غي أسعار السمع المستوردة‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع األجور نظ ار لقوة نقابات العماؿ‪ ،‬وكاف ذلؾ يحدث بصفة مستمرة ويؤدي إلى زيادة التكاليؼ بالنسبة‬
‫لممنظميف وزيادة أسعار المنتجات تبعا لذلؾ‪ ،‬حتى أصبح السباؽ رىيبا بيف مستويات األسعار واألجور‪.3‬‬
‫ألحؽ تدىور المارؾ األلماني أضرار بالغة عمى االقتصاد‪ ،‬حيث توقفت التجارة‪ ،‬و اقفمت العديد مف المحالت‬
‫التجارية‪ ،‬وامتنع المزارعوف عف نقؿ محاصيميـ إلى المدف‪ ،‬وأصبح األلماف يتخمصوف مف المارؾ األلماني‬
‫فور الحصوؿ عميو لتدىور قيمتو المستمر وفقداف الثقة فيو‪ ،‬ولـ ينجو مف األزمة إال مالؾ األراضي وأرباب‬
‫الصناعات والذيف احتفظوا بثرواتيـ المادية كاألراضي الزراعية الخصبة والمناجـ والمصانع‪.‬‬
‫دفع الوضع االقتصادي المتدىور إلى اتخاذ جممة مف اإلجراءات تمثمت أساسا في ضغط النفقات مف خالؿ‬
‫االستغناء عف خدمات أعداد كبيرة مف الموظفيف بمغ عددىـ حوالي ‪ 121‬ألؼ موظؼ وعامؿ دوف دفع‬
‫التعويضات ليـ‪ ،‬وتخفيض رواتب أعداد أخرى منيـ‪ .‬كما أصدرت ماركا جديدا عوضا عف المارؾ القديـ‬
‫حددت قيمتو بما يعادؿ بميوف مارؾ قديـ‪ .‬وبدأت في تغطية المارؾ الجديد برصيد مف الذىب إلى جانب‬
‫استئناؼ دفع التعويضات إلى الحمفاء‪.4‬‬
‫وتمكنت ألمانيا سنة ‪ 9394‬بعد مواجية التضخـ مف العودة مجددا لقاعدة الذىب التي كانت قد استغنت عنيا‬
‫سابقا مف خالؿ قانوف اإلصالح النقدي الصادر في ‪ 11‬أوت ‪.59394‬‬
‫ازدىرت الصناعة األلمانية وشيدت السنوات األخيرة قبؿ حدوث أزمة ‪ 9393‬تشكؿ كارتيالت صناعية كبيرة‬
‫ودخوؿ تكنولوجيا جديدة‪ .‬ولـ تكتؼ ألمانيا فقط لتمويؿ ىذا التحديث باجتذاب القروض مف الواليات المتحدة‬

‫‪ -1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.999‬‬


‫‪ -2‬محمد حمزة حسيف الدليمي‪ ،‬لبنى رياض الرفاعي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.912‬‬
‫‪ -3‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪.‬‬
‫‪ -4‬محمد حمزة حسيف الدليمي‪ ،‬لبنى رياض الرفاعي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.912‬‬
‫‪ -5‬رمزي زكري‪ ،‬التاريخ النقدي لمتخمف‪ ،‬عالـ المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬أكتوبر‪ ،9321 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪43‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫األمريكية بؿ أنيا دفعت كامؿ التعويضات مف القروض تقريبا‪ ،‬وقامت بتمويؿ مشروعات أخرى بتمؾ‬
‫القروض التي كاف مجمميا قصير األجؿ وبأسعار فائدة عالية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ -‬أزمة الكساد ‪( 1929‬األزمة االقتصادية ‪:)1929‬‬


‫شيد العالـ في بداية القرف العشرية أزمة اقتصادية جد عنيفة أثارت الكثير مف التساؤالت حوؿ مدى‬
‫سالمة االقتصاد األمريكي مف جية‪ ،‬ومدى نجاعة النظاـ الرأسمالي وقدرتو معالجة األزمات االقتصادية‬
‫وامتصاص أثارىا‪.‬‬
‫‪ -1‬مدخل مفاهيمي لألزمة االقتصادية‪:‬‬
‫قبؿ الخوض في أزمة ‪ 9393‬وخصوصياتيا يجب توضيح أىـ العناصر الخاصة باألزمة االقتصادية‬
‫بصفة عامة مف الجانب النظري‪.‬‬
‫‪ -1-1‬مفهوم األزمة االقتصادية‪ :‬تعددت تعريفات األزمة االقتصادية ومف أىميا‪4‬‬
‫‪ -‬ىي تغيير مفاجئ يط أر عمى التوازف االقتصادي في بمد ما أو عدة بمداف‪ ،‬وىي تطمؽ عمى االضطراب‬
‫الناشئ عف اختالؿ التوازف بيف اإلنتاج واالستيالؾ‪ .‬كما تعرؼ األزمة االقتصادية بأنيا ظاىرة‪ ،‬وىي بيذا‬
‫المعنى تعرؼ بنتائجيا ومف مظاىرىا انييار البورصة وحدوث مضاربات نقدية كبيرة ومتقاربة‪ ،‬وبطالة‬
‫دائمة‪...‬إلخ‪.2‬‬
‫‪ -‬ىي حالة حادة مف المسار السيئ لمحالة االقتصادية لبمد أو إقميـ أو العالـ تبدأ مف جراء انييار أسواؽ‬
‫الماؿ‪ ،‬وترافقيا ظاىرة جمود أو تدىور في النشاط االقتصادي تتميز بالبطالة‪ ،‬واإلفالس‪ ،‬والتوترات‬
‫االجتماعية وانخفاض القدرة الشرائية‪.3‬‬
‫‪ -‬مرحمة تباطؤ لمنشاط االقتصادي تأتي بعد مرحمة توسع اقتصادي‪ ،‬وتتميز عادة بانخفاض عنيؼ لإلنتاج‬
‫وبمعدؿ النمو‪ ،‬وبارتفاع معدؿ البطالة‪.‬‬
‫ويقسـ االقتصاديوف دورات اإلنتاج وفؽ أربع مراحؿ متتالية‪:‬‬
‫‪ -‬مرحمة النمو أو التوسع يتبعيا ارتفاع اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -1‬ج‪.‬آ‪.‬س غرنفيؿ‪ ،‬ترجمة ومراجعة عمي مقمد‪ ،‬الموسوعة التاريخية العسكرية ألحداث القرن العشرين‪ ،‬المجمد األوؿ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار العربية‬
‫لمموسوعات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪ ،9199 ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ -2‬سميـ مجمخ‪ ،‬األزمة المالية واالقتصادية العالمية لسنة ‪ 2008‬وآثارها عمى الدول النامية‪ -‬دراسة حالة الجزائر‪ ،-‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الجامعي‪ ،‬العيف‪ ،‬اإلمارات‪ ،9191 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزؽ سعيد بمعباس‪ ،‬ما معنى األزمة؟ ‪ ،‬مقاؿ منشور ضمف مؤلؼ بعنواف األزمة المالية العالمية‪ 4‬أسباب وحموؿ مف منظور إسالمي‪ ،‬الطبعة‬
‫األ ولى‪ ،‬مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة الممؾ عبد العزيز‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪ ،9113 ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪44‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -‬مرحمة األزمة‪ ،‬وتمتاز بانخفاض عنيؼ الرتفاع اإلنتاج‪.‬‬


‫‪ -‬مرحمة الكساد‪ ،‬وتمتاز بانخفاض اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬مرحمة عودة النشاط االقتصادي‪.1‬‬
‫‪ -2-1‬أنواع األزمات االقتصادية‪:‬‬
‫يمكف تمييز ثالثة أنواع مف األزمات االقتصادية التي يتعرض ليا االقتصاد الرأسمالي وىي‪42‬‬
‫أ‪ -‬األزمة الدورية (أزمة فيض اإلنتاج)‪ :‬التي تدعى أحياناً «األزمة العامة» فتصيب تكرار اإلنتاج‪ ،‬وتشمؿ‬
‫كؿ عممية تكرار لإلنتاج‪ ،‬أو الجوانب الرئيسة فييا‪ 4‬اإلنتاج والتداوؿ‪ ،‬االستيالؾ والتراكـ‪ .‬وىذا يعني أف‬
‫اليزات التي تتولد عف األزمة الدورية تكوف أكثر عمقاً إذا ما ووزنت بغيرىا مف األزمات‪.‬‬
‫ب‪ -‬األزمة الوسيطة‪ :‬فأقؿ اتساعاً وشموالً‪ ،‬ولكنيا مع ذلؾ تمس جوانب ومجاالت كثيرة في االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وتحدث ىذه األزمات نتيجة الختالالت وتناقضات جزئية في عممية تكرار اإلنتاج الرأسمالي‪،‬‬
‫فاألزمات الوسيطة ال يمكف أف تحمؿ طابعاً عالمياً عمى النحو الذي يميز األزمات الدورية العالمية لفيض‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫ج‪ -‬األزمة الهيكمية‪ :‬فتشمؿ في العادة مجاالت معينة أو قطاعات كبيرة مف االقتصاد العالمي‪ ،‬منيا‪ ،‬عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ‪ ،‬أزمة الطاقة‪ ،‬وأزمة المواد الخاـ‪ ،‬وأزمة الغذاء‪ ،‬وغيرىا‪ .‬واذا كانت األزمة الييكمية تقتصر عمى‬
‫قطاع واحد مف قطاعات االقتصاد فإنو البد أف يكوف قطاعاً ميماً‪ ،‬وأساسياً‪ ،‬كمصادر الطاقة‪ ،‬أو صناعة‬
‫الحديد والصمب‪ ،‬أو أزمة الغذاء وما إلى ذلؾ‪ .‬فاألزمات في الفروع الصغيرة‪ ،‬ولو استمرت مدة طويمة‪ ،‬ال‬
‫يمكف أف تصبح أزمات دورية‪ ،‬ألنيا ال تمس جميع جوانب االقتصاد األخرى وقطاعاتيا‪.‬‬
‫‪ -2‬أزمة الكساد العظيم ‪:1929‬‬
‫تعتبر أزمة ‪ 9393‬أكبر وأعمؽ تدىور اقتصادي عالمي عرفو التاريخ في القرف العشريف مف حيث‬
‫آثارىا السمبية البالغة في جميع المجاالت‪ ،‬إذ باتت مؤش ار ميما لقياس العمؽ الذي يمكف أف ييوي إليو‬
‫االقتصاد ليتحوؿ إلى أزمة اقتصادية عميقة تأخذ أبعادا عالمية‪ .‬وقد مثمت ىذه األزمة نقطة تحوؿ ىامة‬
‫وجوىرية في تاريخ النظاـ الرأسمالي بعد أف ىزت مف األعماؽ كياف النسؽ الرأسمالي العالمي ومكوناتو‪.3‬‬

‫‪ -1‬نفسو‪ ،‬ص ص ‪.91–94‬‬


‫‪ -2‬جميؿ محمد خالد‪ ،‬أساسيات االقتصاد الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬األكاديميوف لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،9194 ،‬ص ص ‪.959-951‬‬
‫‪ -3‬عبد الوىاب محمد جواد الموسوي‪ ،‬الميبرالية واألزمات‪-‬دراسة في الوقائع االقتصادية لمبمدان المتحولة‪ ،-‬دار اليازوري‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪،9195 ،‬‬
‫ص ‪.919‬‬
‫‪45‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -1-2‬أسباب أزمة الكساد العظيم ‪ :1929‬حدثت أزمة الكساد العظيـ نتيجة تظافر جممة مف السباب نورد‬
‫أىميا فيما يمي‪4‬‬
‫أ‪ -‬االنتعاش المسجل في االقتصاد األمريكي‪ :‬حقؽ االقتصاد األمريكي انتعاشا في فترة الحرب العالمية‬
‫األولى وفي السنوات األولى التي تبعتيا نتيجة لتدىور االقتصاد األوربي مف جية‪ ،‬وازدىار الصناعة‬
‫األمريكية بسبب إتباع األساليب العممية في اإلنتاج (المكننة الحديثة‪ ،‬خطوط اإلنتاج التجميعية‪ ،‬تنميط‬
‫اإلنتاج وغيرىا)‪ ،‬وكذلؾ بسبب توفر رؤوس األمواؿ والثروات الطبيعية والسوؽ االستيالكية الواسعة‪ ،1‬ولكف‬
‫تمؾ األسواؽ أغمقت تقريباً في وجو المنتجات األمريكية منذ عاـ ‪ 9391‬بعد أف تمكنت الدوؿ األوربية مف‬
‫استعادة قدرتيا اإلنتاجية التي كانت عمييا قبؿ الحرب‪ ،‬مما أدى إلى انخفاض نسبة الصادرات األمريكية‬
‫فصار االقتصاد األمريكي يعاني مف آثار االنكماش االقتصادي (وىو ظاىرة اقتصادية يمر بيا نظاـ‬
‫االقتصاد الرأسمالي ويتميز بانخفاض اإلنتاج وتدىور األجور واألسعار وانتشار البطالة) ‪ ،‬وحاولت الواليات‬
‫المتحدة األمريكية معالجة ىذا الوضع عف طريؽ توسع االئتماف‪ ،‬فوضعت البنوؾ األمريكية اعتمادات‬
‫ضخمة تحت تصرؼ المنتجيف والمستيمكيف األمريكييف وبفضؿ ىذه االعتمادات استطاعت الواليات المتحدة‬
‫األمريكية إزاحة آثار االنكماش ظرفيا‪ ،‬كما أوقفت تحويؿ رؤوس األمواؿ تجاه الدوؿ األوربية لمساعدتيا في‬
‫عممية اإلصالح االقتصادي شريطة أف تشتري مف الواليات المتحدة المواد والسمع األولية التي تحتاجيا‪ ،‬ولكف‬
‫أدى ذلؾ فيما بعد إلى ارتفاع مؤشر سوؽ األسيـ والذي لـ يكف متناسبا مع واقع النشاط االقتصادي‪.2‬‬
‫ب‪ -‬االرتفاع الكبير في أسعار األسهم‪ :‬حيث بمغ تصاعد أسعار األسيـ بيف جواف ‪ 9392‬وسبتمبر ‪9393‬‬
‫حوالي ‪ % 15‬في بورصة نيويورؾ بسبب‪4‬‬
‫‪ ‬التصريحات المتفائمة‪ :‬وىي صادرة عف صناعييف‪ ،‬مثؿ المدير العاـ لشركة جنراؿ موتورز سنة ‪،9392‬‬
‫أو عف رجاؿ سياسة كوليدج (‪ )Coolidge‬رئيس الواليات المتحدة األمريكية حتى مارس ‪ ،9393‬وحتى‬
‫ىوفر (‪ )Hoover‬الذي جاء مف بعده‪ ،‬وعف اقتصادييف مثؿ ايرفنج فيشر (‪ ،)Irving Fisher‬أما شركة‬
‫ىارقرد االقتصادية فقد استمرت في تفاؤليا حتى بعد االنييار‪ ،‬فقد صرح مدراؤىا في ديسمبر ‪ 9393‬بأف‬
‫األزمة بعيدة االحتماؿ؛‬

‫‪ -1‬ماجد محمد الفرا‪ ،‬األزمة المالية واالقتصادية األمريكية وتبعاتها‪ ،‬تاريخ االطالع‪49192-14-92 4‬‬
‫‪http://site.iugaza.edu.ps/melfarra/files/2010/02/financial_crises_in_US.doc‬‬
‫‪ -2‬أ حمد محمد جاسـ الدايني‪ ،‬األزمة االقتصادية العالمية (‪ ،)1933-1929‬جامعة ديالي‪ ،‬العراؽ‪ ،‬تاريخ االطالع‪49192-14-92 4‬‬
‫‪http://www.basicedu.uodiyala.edu.iq/PageViewer.aspx?id=412‬‬
‫‪46‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ ‬وفرة االدخار وسهولة االقتراض‪ :‬أتاحت وفرة االدخار بعد عدة سنوات مف الرخاء وسيولة الحصوؿ عمى‬
‫القروض إلى تمويؿ المشروعات نقدا والمشتريات الحدية عمى أساس تقنية ىامش الضماف؛‬
‫‪ ‬إنشاء وتأثير الشركات االستثمارية المتعددة‪ :‬ىذه الشركات ممولة مف االستعانة باالدخار العاـ وخاصة‬
‫االدخار الصغير‪ ،‬وتستعمؿ الرساميؿ المحصمة لمحصوؿ عمى األوراؽ المالية؛‬
‫‪ ‬تسامح السمطات النقدية‪ :‬لـ تستطع السمطات النقدية األمريكية أو لـ ترغب بالوقوؼ في وجو حركة‬
‫االرتفاع عندما بدا واضحا أنيا تتجاوز المألوؼ‪ ،‬خاصة أف ارتفاع معدؿ الخصـ مف قبؿ البنؾ الفدرالي‬
‫االحتياطي لنيويورؾ مف ‪ 1‬إلى ‪ %5‬في أوت ‪ 9393‬كاف متأخ ار‪.1‬‬
‫‪ -2-2‬حدوث األزمة‪:‬‬
‫بدأت بوادر األزمة تظير في سبتمبر ‪ 9393‬بعد ىدوء عمميات الشراء لألسيـ مقارنة بالفترات‬
‫السابقة‪ ،‬وتعمقت أكثر في ‪ 92‬أكتوبر مف نقس السنة‪ ،‬حيث بدأت الشكوؾ تراود المضاربيف فيما يتعمؽ‬
‫بمواصمة ارتفاع أسعار األسيـ وحوؿ وجود مف يرغب في شراء أوراؽ مالية مبالغ في تقييميا‪ ،‬وفعال انتشر‬
‫الذعر بيف حاممي األسيـ مما جعميـ يعرضوف لمبيع يوـ الخميس ‪ 94‬أكتوبر ‪ ( 29393‬الخميس األسود) ما‬
‫يقارب ‪ 91‬مميوف سيـ دفعة واحدة‪ ،‬فخسر تبعا لذلؾ مؤشر داو جونز حوالي ‪ %9995‬مف قيمتو خالؿ‬
‫الصباح‪ ،‬في نفس اليوـ وجد أالؼ المساىميف أنفسيـ مفمسيف‪ ،‬واستكممت األزمة تأثيرىا في يوـ الثالثاء ‪93‬‬
‫أكتوبر ‪ ،9393‬وانيارت البورصة مسجمة خسائر قدرت ب ػ ‪ 11‬مميار دوالر لمفترة مف اندالعيا حتى ‪91‬‬
‫نوفمبر ‪ .39393‬أدى انييار أسعار األسيـ‪ ،‬إلى عجز المضاربيف والمستثمريف عف تسديد ديونيـ فأفمست‬
‫البنوؾ تبع لذلؾ‪ ،‬واجتاحت موجات الذعر أفرادا آخريف وىـ المودعوف الذيف فقدوا الثقة في البنوؾ وطالبوىا‬
‫بدفع ودائعيـ مما أدى إلى إفالس ىذه األخيرة وعجزىا عف دفع مستحقات المودعيف التي ال تممؾ إال جزءا‬
‫صغي ار منيا في شكؿ احتياطات نقدية‪ .4‬وسرعاف ما تحولت األزمة المالية إلى أزمة اقتصادية عندما انخفض‬
‫الطمب عمى السمع بسبب إفالس الكثير مف األفراد وخوؼ اآلخريف عمى مدخراتيـ المالية إضافة إلى البطالة‬

‫‪ -1‬وداف بو عبد اهلل‪ ،‬آليات المؤسسات النقدية في التوقي ومواجهة األزمات المالية الدولية‪ -‬دراسة حالة األزمة المالية العالمية‪ ،-‬أطروحة دكتوراه‬
‫غير منشورة‪ ،‬كمية العموـ االقتصادية وعموـ التسيير والعموـ التجارية‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪ ،‬تممساف‪ ،‬الجزائر‪ ،9191 -9194 ،‬ص ص ‪.34-31‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Le Krach de 1929 (1926-1933), petite histoire de la crise, 23/11/2015, consulter le 91-14-2018:‬‬
‫‪http://www.dejonghe-finance.com/wp-content/uploads/2017/07/Krach-de-1929.pdf‬‬
‫‪ -3‬وليد أحمد صافي‪ ،‬األزمة المالية العالمية ‪ :2008‬طبيعتها‪ ،‬أسبابها‪ ،‬وتأثيراتها المستقبمية عمى االقتصاد العالمي‪ ،‬ممتقى دولي حوؿ األزمة‬
‫المالية الراىنة والبدائؿ المالية والمصرفية المنعقد يومي ‪ 1‬و‪ 5‬ماي ‪ ،9113‬المركز الجامعي بخميس مميانة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Le Krach de 1929 (1926-1933), op cit.‬‬
‫‪47‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫التي مست عددا كبي ار مف األمريكييف بسبب إلفالس المؤسسات وغمقيا‪ ،‬إف اجتماع ىذه األسباب ولّد خمال‬
‫بيف الطمب عمى السمع والخدمات وعرضيا فنتج عنو كساد السمع وانخفاض أسعارىا‪.‬‬
‫‪ -3-2‬خصائص األزمة‪ :‬تميزت ىذه األزمة بجممة مف الخصائص أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬تسببت في زعزعة االستقرار في النظاـ الرأسمالي بكاممو؛‬
‫‪ -‬كاف ليا صفة دورية انطالقا مػف ارتباطيا الوثيؽ باألزمات االقتصادية الدورية في النظاـ الرأسمالي؛‬
‫‪ -‬استمرار ىذه األزمة لفترة طويمة نسبيا حيث استغرقت حوالي أربع سنوات؛‬
‫‪ -‬عمؽ وحدة ىذه األزمة بشكؿ استثنائي‪ ،‬ففي الواليات المتحدة األمريكية مثال انخفضت الودائػع لدى البنوؾ‬
‫بمقدار ‪ ،% 11‬وانخفضت عمميات الخصـ واإلقراض بمقدار مرتيف‪ ،‬وكاف عدد البنوؾ المفمسة منذ بداية عاـ‬
‫‪ 9393‬حتػى منتصػؼ ‪ 9311‬أكثػر مػف ‪ 91111‬بنؾ أي حوالي ‪ %41‬مف إجمالي عدد البنوؾ األمريكية‪.‬‬
‫مما أدى إلى ضياع الكثيػر مف مدخرات المودعيف‪ ،‬خاصة الصغيرة منيـ‪ .‬وكاف ظيور ىذه األزمة في‬
‫األسػواؽ الماليػة مف خالؿ انييار أسعار األوراؽ المالية التي انخفضػت بنسػبة ‪ % 55‬في ألمانيا و‪% 31‬فػي‬
‫الواليػات المتحدة؛‬
‫‪ -‬االنخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة‪ ،‬فخػالؿ الفترة ‪ 9311-9311‬كاف سعر الخصـ في بنؾ‬
‫انجمتػ ار بحدود ‪ %1.9‬مقابؿ ‪ %1.1‬في عاـ ‪ ،9393‬ولدى البنػؾ المركػزي بنيويورؾ ‪ %9.5‬مقابؿ ‪.%1.9‬‬
‫في بداية األزمة كاف االرتفاع في أسعار الفائدة ناتجػا عػف تزايد الطمب عمى النقود لسداد القروض السابقة‪،‬‬
‫ولكف مع استمرار األزمة انخفض الطمب عمى القروض بشكؿ حاد بسبب انخفاض اإلنتاج الصناعي‬
‫والمبادالت‪ ،‬وأيضا زيادة عرض رؤوس األمواؿ ىذا باإلضافة إلى أف سياسة النقود الرخيصة التي اتبعتيا‬
‫البنػوؾ المركزيػة بيػدؼ معالجة األزمة ورفع مستوى النشاط في االقتصاد قد ساىمت إلى حد بعيد في‬
‫انخفاض أسػعار الفائدة‪ .‬وتسببت إف المستويات المتدنية ألسعار الفائدة في إطالة أمد األزمة‪ ،‬كمػا أف‬
‫المقرضػيف كانوا يغالوف في طمب الضمانات عمى القروض مما كاف يؤدي إلى انخفػاض الطمػب عمػى‬
‫االقتراض؛‬
‫‪ -‬اختالؼ أمد ودرجة حدة األزمة مف بمد آلخر بشكؿ كبير؛‬
‫‪ -‬ترافقت األزمة بتقمبات حادة في أسعار صرؼ العمالت‪ ،‬مما نتج عنو انييار النظاـ الذىبي في معظـ‬
‫الدوؿ‪ ،‬وفي نفس الوقت تدىورت القوة الشرائية لمعظـ العمالت بسبب تزايد العجز فػي الموازنة العامة‬
‫وموازيف المدفوعات وانخفاض حجـ االحتياطات الذىبية الرسمية؛‬

‫‪48‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -‬نتج عف أزمة االئتماف الدولي طويؿ األجؿ توقؼ ‪ 91‬دولة عف سداد قروضيا الخارجية منيػا ألمانيػا‬
‫والنمسا‪.1‬‬

‫‪ -4-2‬انتشار األزمة ونتائجها عمى الواليات المتحدة األمريكية‪:‬‬


‫انتشرت األزمة االقتصادية بسرعة بيف دوؿ العالـ ولـ يسمـ منيا سوى االتحاد السوفياتي‪ ،‬ويتضح‬
‫ذلؾ مف خالؿ مايمي‪4‬‬
‫‪ -‬عمت األزمة ما بيف ‪ 9393‬و‪ 9311‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وكندا‪ ،‬ثـ أمريكا الجنوبية‪.‬‬
‫‪ 9319 -‬انتقمت األزمة إلى أوربا (فرنسا‪ ،‬انجمترا‪ ،‬ألمانيا)‪ ،‬ثـ أجزاء مف إفريقيا الشرقية‪ ،‬إضافة إلى المشرؽ‬
‫العربي وأستراليا والياباف‪.‬‬
‫‪ 9319 -‬انتقمت إلى باقي أوربا‪ ،‬كما عمت باقي الدوؿ اإلفريقية الشمالية منيا والغربية‪.‬‬
‫ويفسر انتقاؿ األزمة نحو الدوؿ األخرى بالعالقات الوثيقة بيف القطاعات االقتصادية في النظاـ‬
‫الرأسمالي مف جية‪ ،‬وبالعالقات التي تربط بيف األنظمة الرأسمالية عبر العالـ‪ ،‬إال أف السبب الرئيسي ىو‬
‫سحب الواليات المتحدة األمريكية لرؤوس أمواليا المستثمرة بالدوؿ األوربية‪ ،‬وغيرىا مف البمداف التي لحقتيا‬
‫األزمة‪ .‬إذف يمكف أف نقوؿ لقد ساىمت عوامؿ متعددة في تدويؿ األزمة االقتصادية‪ ،‬ومف أىميا‪4‬‬
‫‪ -‬ارتباط أوروبا بالرأسماؿ األمريكي‪ 4‬فاألزمة مست أوال البمداف األوربية المرتبطة بالسوؽ المالية األمريكية‪،‬‬
‫وىكذا انتقمت األزمة سنة ‪ 9319‬إلى كؿ مف النمسا وألمانيا بسبب سحب رؤوس األمواؿ وتوقؼ اإلعانات‬
‫األمريكية‪ ،‬إضافة إلى استيراد القروض‪ ،‬فتأثر االقتصاد األوروبي وانعكس ذلؾ سمبا عمى مستعمراتو؛‬
‫‪ -‬تدىور المبادالت التجارية‪ 4‬انتقمت األزمة إلى كؿ مف بريطانيا والياباف بفعؿ انييار التجارة الدولية‪ ،‬بسبب‬
‫تطبيؽ السياسة الحمائية‪ ،‬أما فرنسا فعاشت المشكؿ بدرجة أقؿ نظ ار لضعؼ ارتباطيا باالقتصاد األمريكي‪2‬؛‬
‫‪ -‬تخفيض الواليات المتحدة األمريكية استيراد المواد األولية مما سمح بانتقاليا إلى دوؿ أمريكا الجنوبية‪.‬‬
‫ولقد انعكست ىذه األزمة سمبيا عمى االقتصاد األمريكي حيث أدت إلى‪:‬‬

‫‪ -1‬مرواف عطوف‪ ،‬األسواق النقدية والمالية (البورصات ومشكالتها في عالم النقد والمال) ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،9111‬ص ص ‪.914-911‬‬
‫‪ -2‬رفيقة صباغ‪ ،‬األزمات المالية العالمية وأثرها عمى الدول النامية –دراسة تحميمية ألثر أزمة الرهن العقاري عمى اقتصاديات دول مجمس التعاون‬
‫لدول الخميج العربية‪ ،-‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة أبو بكر قايد‪ ،‬تممساف‪ ،‬الجزائر‪ ،9194 -9191 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪49‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -‬إفالس البنوؾ األمريكية حيث أعمف إفالس ‪ 1111‬بنؾ‪ ،‬وخسر المودعوف ما يعادؿ ‪3‬مميار دوالر؛‬
‫‪ -‬إفالس شركات المقاوالت نتيجة ضعؼ االستثمارات ومحدودية القروض؛‬
‫‪ -‬انخفاض اإلنتاج واالستيالؾ فارتفعت نسب البطالة وتضررت الفالحة بعد انخفاض أسعار منتجاتيا‪،‬‬
‫وتواترت اليجرة القروية وتضخـ عدد العاطميف فازداد البؤس االجتماعي؛‬
‫‪ -‬إغالؽ أالؼ الشركات أبوابيا وسرحت أالؼ العماؿ في فترة زمنية قصيرة لـ تتجاوز ‪ 5‬شيور حيث أصبح‬
‫أكثر مف ‪ %11‬مف القوى العاممة بال عمؿ‪.1‬‬
‫‪ -5-2‬طـرق مـعالجـة أزمـة ‪:1929‬‬
‫سنتعرض ألىـ اإلجراءات التي قامت بيا الدوؿ الصناعية الكبرى آنذاؾ‪ ،‬لمخروج مف األزمة وىي‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬انجمترا‪ ،‬فرنسا وألمانيا‪ ،‬والتي تتمثؿ في‪42‬‬
‫أ‪ -‬خطة التحرك الجديد لمواليات المتحدة األمريكية (‪ 4)New Deal‬ىي خطة إجراءات تيدؼ لمخروج‬
‫السريع مف الكساد‪ ،‬مف خالؿ‪4‬‬
‫‪ ‬األولوية األولى لمحاربة البطالة‪ 4‬عبر إنشاء مجموعة مف الوكاالت الفدرالية لتشغيؿ البطاليف في نشاطات‬
‫المنفعة العامة‪ .‬كما أطمقت الحكومة عدد مف المشاريع العمومية الضخمة بما قيمتو ‪ 1.1‬مميار دوالر‪ ،‬إضافة‬
‫إلى إنشاء وكاالت محمية إلدارة وتوجيو األشغاؿ عمى المستوى الجيوي‪ .‬مف جية أخرى‪ ،‬تدعيـ اإلعانات‬
‫المقدمة لمبطاليف باحتساب أفراد عائالتيـ‪ ،‬حيث قدمت مساعدات الدولة لػ‪ 91‬مميوف شخص سنة ‪.9314‬‬
‫‪ ‬األولوية الثانية لمحاربة فائض اإلنتاج وانخفاض األسعار‪ 4‬استيدفت الحكومة الرفع السريع لألسعار‪،‬‬
‫كشرط لتجديد قدرة المؤسسات عمى تحقيؽ األرباح‪.‬‬
‫وتمثؿ سياسة األسعار الجوىر األصمي لمخطة‪ ،‬وفي ىذا المجاؿ تـ سف قانونيف أساسييف يعمالف‬
‫عمى الحد مف انخفاض األسعار‪ .‬األوؿ‪ ،‬متعمؽ بمحاولة إنعاش أسعار السمع الزراعية‪ ،‬مف خالؿ تشجيع‬
‫المزارعيف عمى اإلنتاج بتقديـ منح مادية‪ .‬الثاني‪ ،‬متعمؽ بمحاولة رفع أسعار السمع الصناعية‪ ،‬بحيث اقترحت‬
‫الحكومة عمى الصناعييف والنقابات العاممة في نفس القطاع إبراـ اتفاقات 'منافسة قانونية' تحدد األجر‬

‫‪ -1‬ماجد محمد الفرا‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪.‬‬


‫‪ -2‬بولعيد بعموج‪ ،‬وردة جاب الخير‪ ،‬من األزمة المالية ‪ 1929‬إلى األزمة المالية ‪ :2008‬مقارنة واستخالص العبر‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ أزمة النظاـ‬
‫المالي والمصرفي الدولي وبديؿ البنوؾ اإلسالمية المنعقد يومي ‪ 5‬و‪ 1‬أفريؿ ‪ ،9113‬كمية اآلداب والعموـ اإلنسانية‪ ،‬جامعة األمير عبد القادر لمعموـ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ص ‪.3-2‬‬

‫‪50‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫األدنى‪ ،‬تمتزـ بتخفيض ساعات العمؿ‪ ،‬الحد األقصى لإلنتاج‪ ،‬والحد األدنى ألسعار السمع‪ .‬وفي المقابؿ تقدـ‬
‫مساحات إعالنية مجانا لممؤسسات الصناعية لتحفيز المستيمكيف عمى شراء منتجاتيـ‪.‬‬
‫وبالفعؿ‪ ،‬ارتفعت أسعار السمع الزراعية ب ػ ‪ %91‬مف ‪9319‬إلى ‪ ،9314‬فيما زاد اإلنتاج الصناعي بػ‬
‫‪ %51‬مف ‪ 9319‬إلى ‪ ،9311‬أما عدد البطاليف فقد انخفض إلى ‪ 1.1‬مميوف شخص‪.‬‬
‫ب‪ -‬تخفيض قيمة العممة في انجمترا‪ :‬عند بداية األزمة وانحسار التجارة الخارجية انخفضت الصادرات بػ‬
‫‪ %45‬بيف ‪ 9393‬و‪ ،9319‬حاولت انجمت ار أوال دعـ عممتيا باالقتراض مف الواليات المتحدة األمريكية‬
‫وفرنسا‪ .‬لكف في سبتمبر ‪ 9319‬قامت بتعويـ الجنيو اإلسترليني ولـ يستقر انخفاضو إال نياية السنة بعد أف‬
‫تدنى بنسبة ‪ ،%19‬ورافؽ ىذا التدني انخفاض كبير ألسعار الفائدة (وصمت إلى ‪.)%9‬‬
‫قادت ىذه السياسة إلى نتائج فورية‪ .‬فابتداءا مف ‪ 9319‬ارتفع اإلنتاج الصناعي بػ ‪،%91‬‬
‫كما انخفض معدؿ البطالة ب ػ‪.%1‬‬
‫ج‪ -‬االقتصاد األلماني في يد النازية‪ 4‬اعتمد الحزب النازي عمى سياسة إنعاش طوعية مؤسسة عمى الطمب‬
‫الداخمي بدؿ االستيراد‪ .‬فتبنت خطة أولية لإلنعاش سنة ‪ 9311‬بضخ النقود في االقتصاد في شكؿ مساعدات‬
‫مالية لبناء المساكف واألشغاؿ العمومية الكبرى خاصة الطرؽ‪ .‬وقد تزايدت ىاتو اإلعانات مف ‪ 9.1‬مميار‬
‫مارؾ سنة ‪ 9311‬إلى ‪ 91.1‬مميار مارؾ سنة ‪ .9312‬وقد سمحت ىذه السياسة بتخفيض معدالت البطالة‬
‫إلى ‪ 1‬مالييف سنة ‪ .9311‬وابتداءا مف ‪ 9311‬تبنت خطة رباعية(لمدة أربع سنوات) واستيدفت‪4‬‬
‫تشكيؿ مخزوف مف المواد األولية االستراتيجية؛‬ ‫‪‬‬
‫رفع إنتاج الصناعات الثقيمة والصناعات الحربية؛‬ ‫‪‬‬
‫تكثيؼ سياسة اإلحالؿ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أدى ىذا البرنامج إلى نتائج معتبرة‪ ،‬فارتفع إنتاج الصمب ومعو الناتج المحمي الوطني ب ػ ‪%4.4‬‬
‫سنويا‪ ،‬وفي ‪ 9313‬زالت البطالة تماما‪.‬‬
‫د‪ -‬برنامج اليسار الفرنسي‪ 4‬تبنت الحكومة برنامجا إلنعاش االقتصاد‪ ،‬يعتمد عمى ثالث نقاط رئيسية‪4‬‬
‫إنعاش اإلنتاج عبر رفع المداخيؿ والقياـ بالمشاريع الضخمة؛‬ ‫‪‬‬
‫تخفيض ىاـ في ساعات العمؿ (دوف تخفيض األجور)؛‬ ‫‪‬‬
‫رفض خفض قيمة العممة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪51‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫كانت نتائج البرنامج مقبولة‪ ،‬فقد ارتفع اإلنتاج الصناعي بػ ‪ % 95‬في سنة واحدة‪ ،‬وانخفضت‬
‫البطالة بػ ‪ %92‬بيف ‪.9312-9311‬‬

‫ثالثا‪ -‬النظام االشتراكي‪:‬‬


‫يعتبر النظاـ االشتراكي مف الناحية النظرية نظاما اقتصاديا معاكسا لمنظاـ الرأسمالي‪ ،‬وقد ظير ىذا‬
‫النظاـ قبؿ تطبيقو بكثير مف قبؿ االتحاد السوفياتي سنة ‪.9391‬‬
‫‪ -1‬تعريف النظام االشتراكي‪ :‬يطمؽ لفظ االشتراكية لمتعبير عف الكثير مف المعاني المختمفة‪ ،‬فأحيانا يطمؽ‬
‫عمى مجرد تدخؿ الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وبذلؾ تكوف االشتراكية نقيضا لسياسة الحرية االقتصادية‪،‬‬
‫كما يطمؽ‪ ،‬أحيانا‪ ،‬لمتعبير عف تدخؿ الدولة في حياة العماؿ والطبقات الفقيرة‪ ،‬بيدؼ سف التشريعات‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬التي تخفؼ معاناتيـ وتمنحيـ بعض المزايا‪.‬‬
‫إال أف االشتراكية مف الناحية العممية‪ ،‬تعني النظاـ الذي تؤوؿ فيو ممكية مواد اإلنتاج‪ ،‬واألراضي‪،‬‬
‫واآلالت والمصانع لمدولة‪ ،1‬وتتخذ جميع الق اررات االقتصادية فيو مف خالؿ جياز التخطيط‪ ،‬ومف ىنا جاءت‬
‫تسمية ىذا النظاـ بنظاـ التخطيط المركزي‪.‬‬
‫واتخذت االشتراكية عدة صور أىميا‪4‬‬
‫‪ -‬االشتراكية الخيالية‪ :‬قامت عمى انتقاد النظاـ الرأسمالي وكشؼ عيوبو ودع مؤسسوىا إلى تنظيـ المجتمع‬
‫الرأسمالي مف جديد وتوزيع الثروة توزيعا عادال بيف أفراد المجتمع‪ ، 2‬وبدأت في انجمت ار وفرنسا‪ ،‬إال أنيا‬
‫اتسمت بالخيالية كوف مفكرييا وضعوا تنظيما جديدا لممجتمع في خياليـ‪ ،‬فكؿ مفكر وضع لممجتمع صورة‬
‫معينة تخيؿ أنيا أصمح الصور محاوال أف يحققيا في الواقع‪.‬‬
‫‪ -‬االشتراكية العممية‪ :‬صاحبيا كارؿ ماركس وقد عاب عمى أصحاب المذاىب االشتراكية الخيالية أنيـ لـ‬
‫يعمدوا إلى التحميؿ العممي لممجتمع وظروفو االقتصادية‪ ،‬ليستخمصوا مف ىذا التحميؿ القوانيف التي تسمح‬
‫بالتغمب عمى التناقضات الموجودة في القطاع الرأسمالي‪.3‬‬
‫‪ -2‬خصائص النظام االشتراكي‪ :‬مف أبرز خصائص النظاـ االشتراكي نجد‪4‬‬

‫‪ -1‬منذر محمد راضي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ -2‬يحي بنياف‪ ،‬معجم مصطمحات التاريخ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار يافا‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،9112 ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -3‬إ ميؿ فيمي شنودة‪ ،‬سامح جميؿ عبد الرحيـ‪ ،‬عصاـ توفيؽ قمر‪ ،‬تعميم حقوق اإلنسان‪ :‬الفمسفة والواقع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبناف‪ ،9113 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪52‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -1-2‬الممكية العامة لوسائل اإلنتاج‪ :‬تعتبر الممكية العامة لوسائؿ اإلنتاج األساس االقتصادي لمنظاـ‬
‫االشتراكي‪ .‬وىذا يعني أف جميع أفراد المجتمع متساووف فيما بينيـ حياؿ ممكية وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬بحيث تصبح‬
‫معظـ الموارد االقتصادية ممكا لممجتمع‪ ،‬بما في ذلؾ األرض والصناعات والبنوؾ وقطاع الماؿ والتجارة‪.1‬‬
‫‪ -2-2‬إشباع احتياجات المجتمع المتنامية‪ :‬ييدؼ النظاـ االشتراكي باألساس إلشباع حاجات غالبية أفراد‬
‫المجتمع االشتراكي‪ .‬أي أف الخطة االقتصادية تسجؿ بيا وتحدد الحاجات االجتماعية الواجب إشباعيا في‬
‫فترة زمنية معينة عمى المدى القصير والمتوسط والبعيد‪ ،‬مع إيالء جانب ترتيب ىذه الحاجات لتخضع ىي‬
‫األخرى إلى الزمف الحاضر والمستقبؿ وفي أولوية إشباعيا‪.2‬‬
‫‪ -3-2‬التخطيط المركزي‪ :‬يعتمد النظاـ االشتراكي عمى جياز التخطيط المركزي‪ ،‬بدال مف جياز األثماف‬
‫الذي تعتمد عميو الرأسمالية‪ ،‬والتخطيط المركزي في الدوؿ االشتراكية يعني تنظيـ اإلنتاج والتبادؿ والتوزيع‬
‫واالستيالؾ‪ ،‬فمثال يتـ تنظيـ اإلنتاج في النظاـ االشتراكي مف حيث كمية السمع المراد إنتاجيا وأنواعيا‬
‫والمواد التي تستخدـ في ذلؾ عف طريؽ جياز التخطيط المركزي الذي يعد الجية الوحيدة لتحديد العرض‬
‫والطمب في ظؿ ىذا النظاـ‪.3‬‬
‫‪ -4-2‬توزيع الناتج االجتماعي‪ :‬لكؿ حسب عممو‪ -‬لكؿ حسب حاجتو‪ 4‬حيث يتـ توزيع الناتج االجتماعي‬
‫عمى أساس أف نصيب كؿ فرد منو يتحدد وفقا لمدى مساىمتو الحقيقية في النشاط االقتصادي‪ .‬وأساس‬
‫المساىمة الحقيقية ىو العمؿ‪ ،‬فالدخؿ يوزع طبقا لمبدأ "لكؿ بحسب عممو"‪ ،‬ولكؿ ىذا المبدأ ليس معيا ار‬
‫مطمقا‪ .‬بؿ يكممو معيار آخر وىو "لكؿ بحسب حاجتو" وىذا األخير يعبر عف الدخؿ العيني أو الخدمات التي‬
‫يجب أف تقدـ لجميع األفراد في المجتمع االشتراكي‪ .‬بصرؼ النظر عف قدراتيـ وخبراتيـ المتمايزة‪ ،‬وبصرؼ‬
‫النظر عف مقدار ما ساىموا بو في اإلنتاج وتقدـ المجتمع‪ ،‬ومف أىـ صور ىذه الخدمات التعميـ والصحة‬
‫والتأميف االجتماعي واعانات األسرة‪.4‬‬
‫‪ -4‬عيوب النظام االقتصادي االشتراكي‪ :‬تتمثؿ أىـ عيوب النظاـ االقتصادي االشتراكي بما يمي‪45‬‬
‫‪ -‬فقداف الحافز لدى أفراد المجتمع لسببيف أحدىما عدـ السماح بالممكية ثانييما عدـ السماح بالمشاركة‬
‫باألرباح‪ ،‬وىذاف األمراف ىما أىـ دعامتاف في اإلنتاجية والتنمية‪.‬‬

‫‪ -1‬خمفاف حمد عيسى‪ ،‬النظرية اإلسالمية في االقتصاد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجنادرية‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،9195 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل ساقور‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -3‬خمفاف حمد عيسى‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ص ‪.19-19‬‬
‫‪ -4‬زينب حسيف عوض اهلل‪ ،‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.952‬‬
‫‪ -5‬عامر محمد سعيد طوقاف‪ ،‬النظام االقتصادي االسالمي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار البيروني‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪53‬‬
‫المحور الخامس‪ -‬الوقائع االقتصادية بين الحربين‬

‫‪ -‬انخفاض إنتاجية العامؿ‪ 4‬حيث أف غياب الحافز يفقد العامؿ الدافع إلى تجويد عممو ورفع مستوى إنتاجيتو‪.‬‬
‫‪ -‬ضعؼ الكفاءة في توظيؼ الموارد المتاحة ألف اإلدارة ىي الدولة‪ ،‬والذي يقوـ بإدارة الموارد ىي الفئة‬
‫الحاكمة في دولة النظاـ االشتراكي بغض النظر عف كفاءتيا‪.‬‬
‫‪ -‬سيادة وانتشار البيروقراطية في كافة مؤسسات الدولة‪ ،‬وتعقيد اإلجراءات وتطويميا‪.‬‬
‫‪ -‬ضعؼ تحقؽ العدالة بيف أفراد المجتمع حيث قد تحصؿ الفئة األكثر قربا مف الحكاـ عمى ميزات أكثر‬
‫وأفضؿ‪.‬‬
‫‪ -‬انعداـ وسائؿ حياة الرفاىية بيف معظـ أفراد المجتمع‪ ،‬وربما يستثنى مف ذلؾ بغض أفراد الفئة الحاكمة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫تمييد‪:‬‬
‫أدت المشاكؿ التي شيدىا العالـ في بداية القرف العشريف والتي تتمثؿ أساسا في الحربيف العالميتيف‬
‫وأزمة الكساد العظيـ إلى خمؽ جو مف عدـ االستقرار االقتصادي وباتت ىناؾ فوضى كبيرة تسيطر عمى‬
‫العالقات االقتصادية الدولية وعمى النظاـ االقتصادي العالمي بصفة عامة‪ ،‬األمر الذي استدعى ضرورة‬
‫العمؿ عمى إعادة التوازف االقتصادي مف خالؿ وضع قواعد تضبط العالقات الدولية وتنظميا وذلؾ في إطار‬
‫ما عرؼ بنظاـ بريتوف وودز‪.‬‬
‫شيد االقتصاد العالمي بعد نظاـ بريتوف وودز نوعا مف االستقرار والتحسف‪ ،‬إال أف خريطة العالـ‬
‫االقتصادية بدأت بالتغير تدريجيا لصالح بعض الدوؿ كاالقتصاديات اآلسيوية التي برزت كقوى اقتصادية‬
‫جديدة عمى الساحة الدولية‪ ،‬وعمى حساب دوؿ أخرى كاالتحاد السوفياتي الذي تفكؾ وانيار معو معسك ار‬
‫كامال كاف ينتيج النظاـ االشتراكي وبالتالي اختفاء الثنائية القطبية التي كانت تجمعو مع الواليات المتحدة‬
‫األمريكية والتحوؿ إلى القطبية األحادية بقيادة ىذه األخيرة‪ ،‬التي لـ تتأخر كثي ار في اإلعالف عف نظاـ‬
‫اقتصادي عالمي جديد كاف مقدمة لما عرؼ فيما بعد بالعولمة االقتصادية وزيادة الترابط بيف دوؿ العالـ‪،‬‬
‫والتحوؿ التدريجي لسيطرة النظاـ الرأسمالي‪.‬‬
‫ولطالما ارتبط النظاـ الرأسمالي منذ نشأتو باألزمات االقتصادية‪ ،‬إال أف ىذه األزمات تختمؼ مف‬
‫حيث قوتيا ومدتيا مف فترة ألخرى‪ ،‬وكانت أزمة ‪ 1929‬أعنؼ أزمة شيدىا النظاـ الرأسمالي إلى أف حدثت‬
‫أزمة ‪ 2008‬والتي كانت أشد بكثير مف سابقتيا‪.‬‬

‫أوال‪ -‬نظام بريتون وودز‬


‫قاـ النظاـ النقدي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية عمى أسس محددة ومبادئ معينة صاغيا مؤتمر‬
‫األمـ المتحدة الذي انعقد في مدينة بريتوف وودز في الواليات المتحدة األمريكية‪.1‬‬
‫‪ -1‬مفيوم النظام النقدي الدولي وخصائصو‪:‬‬
‫يشير النظاـ النقدي الدولي إلى القواعد واألعراؼ واألدوات والتسييالت والمنظمات لمتأثير عمى‬
‫المدفوعات الدولية‪ .‬فالنظاـ النقدي الدولي ال ييتـ بالعرض النقدي فقط‪ ،‬وانما بالعالقات الموجودة بيف مختمؼ‬
‫العمالت كالتغيرات في ميزاف المدفوعات والطريقة التي أنشأ وسوي بيا‪.‬‬

‫‪ -1‬زينب حسيف عوض اهلل‪ ،‬العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬دوف طبعة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪ ،1995 ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪55‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫ويتضح مف التعريؼ أف النظاـ النقدي الدولي ييتـ أساسا بالعالقات النقدية الدولية وتسيير وتسييؿ التجارة‬
‫الدولية والعالقات االقتصادية‪.1‬‬
‫كما يعرؼ النظاـ النقدي الدولي أيضا عمى أنو اإلطار المؤسسي لممبادالت الدولية ويتكوف مف‬
‫مجموعة مف القواعد واآلليات التي تيدؼ إلى إصدار ورقابة النقد الدولي‪ ،‬ويسعى في اإلجماؿ إلى تأميف‬
‫تطور متوازف لممبادالت الدولية‪ ،‬ومف ثـ نمو االقتصاديات الوطنية‪.2‬‬
‫ويعرؼ أيضا عمى أنو مجموعة القواعد واآلليات والتنظيمات التي تتكفؿ بتسوية المدفوعات الدولية‬
‫وتصريؼ أمور العالقات النقدية بيف الدوؿ عمى نحو يدعـ فعالية التجارة الخارجية الدولية متعددة األطراؼ‪.3‬‬
‫ويتميز النظاـ النقدي الدولي بجممة مف الخصائص التي إذا ما تكاممت وتفاعمت فيما بينيا أدت إلى‬
‫ضماف كفاءة وفعالية أدائو‪ ،‬وتتمثؿ ىذه الخصائص أساسا في‪:4‬‬
‫‪ -‬وجود مؤسسات تنظيمية تتولى إدارة وتوجيو ىذا النظاـ‪ ،‬كصندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬توفير آلية يتـ مف خالليا عمؿ النظاـ‪ ،‬ويمكف أف تتمثؿ في وسائؿ تسوية المبادالت الدولية كالذىب‬
‫والعمالت األجنبية وحقوؽ السحب الخاصة وما إلى ذلؾ مف األشكاؿ المقبولة كوسائؿ لتسوية المبادالت‬
‫والمعامالت عمى النطاؽ الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬توفير إجراءات يتـ مف خالليا تسيير التدفقات النقدية‪ ،‬لتسييؿ المبادالت الدولية وتسويتيا وتطويرىا‬
‫واستقرارىا‪.‬‬
‫‪ -2‬نشأة وتطور نظام بريتون وودز‪:‬‬
‫في نياية عاـ ‪ 1942‬فكرت كؿ الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا في تعديؿ النظاـ النقدي‬
‫الدولي‪ ،‬نتيجة االضطرابات النقدية خالؿ الحربيف العالميتيف‪ ،‬والتي خمفت بدورىا نوعا مف الفوضى‬
‫االقتصادية‪ ،‬وقدتـ في إطار ذلؾ تحضير مشروعيف أساسييف أوليما تقدـ بو جوف مينارد كينز ممثال‬
‫لبريطانيا‪ ،‬وثانييما تقدـ بو ىاري وايت ممثال لمواليات المتحدة األمريكية‪.5‬‬

‫‪ -1‬فاطمة الزىراء خبازي‪ ،‬النظام النقدي الدولي( المنافسة أورو‪ -‬دوالر )‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2013 ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪ -2‬عبد الكريـ عبيدات‪ ،‬النظام النقدي الدولي المعاصر وىيمنة الدوالر األمريكي‪ ،‬مجمة معارؼ‪ ،‬العدد ‪ ،19‬ديسمبر ‪ ،2015‬ص ‪.441‬‬
‫‪ -3‬لقماف معزوز‪ ،‬شريؼ بودري‪ ،‬المنافسة بين الدوالر واألورو في ظل استقرار النظام النقدي الدولي‪ ،‬مجمة الباحث‪ ،‬العدد ‪ ،2011 ،09‬ص‪.74‬‬
‫‪ -4‬فاطمة الزىراء خبازي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Yves Carsalade, Les grandes étapes de l'histoire économique: revisiter le passé pour comprendre le‬‬
‫‪présent et anticiper l'avenir, éditions de l’école polytechnique, France, Mars 2004, P 194.‬‬
‫‪56‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وبغرض دراسة المشروعيف وابراـ اتفاقية دولية تسمح بإنشاء نظاـ دفع قادر عمى خمؽ االستقرار‬
‫الدولي اجتمعت ‪ 44‬دولة مدينة بريتوف وودز بوالية نيوىامبشير بالواليات المتحدة في شير جويمية ‪1944‬‬
‫ووقعت االتفاقية رسميا في ‪ 22‬مف الشير نفسو‪.1‬‬
‫تضمف مشروع كينز إيجاد مؤسسة دولية تتمتع بسمطة إصدار عممة خاصة بيا سميت البانكور (‪le‬‬
‫‪ )Bancor‬قابمة لمتحويؿ إلى ذىب‪ ،‬مع تمتع ىذه المؤسسة بشيء مف السمطة تفرضيا عمى االقتصاديات‬
‫الوطنية لمدوؿ األعضاء في ىذه المؤسسة‪.‬‬
‫واقترح كينز فرض عقوبات عمى الدوؿ األعضاء التي تتمتع بفوائض في موازيف مدفوعاتيا‪ ،‬وكذلؾ‬
‫عمى الدوؿ األعضاء التي تعاني مف عجز في موازينيا إضافة إلى تقديـ قروض لمدوؿ األعضاء حسب‬
‫أىمية كؿ دولة في التجارة الدولية‪ ،‬ويبدو أف االقتراحات التي قدميا كينز ترتبط بموقع انجمت ار في االقتصاد‬
‫العالمي‪ ،‬إذ كانت انجمت ار وحتى ذلؾ الوقت تمعب دو ار كبي ار في التجارة الدولية وذلؾ لكثرة مستعمراتيا إال أف‬
‫األمريكييف رفضوا اقتراح كينز الداعي إلى فرض عقوبات عمى الدوؿ الدائنة والمدينة عمى حد سواء‪ ،‬خاصة‬
‫وأف أمريكا تتمتع بفائض في ميزات مدفوعاتيا‪ ،‬كما رفضوا اقتراح منح القروض حسب أىمية كؿ دولة في‬
‫التجارة الدولية‪ ،‬وبدال مف ذلؾ اقترحوا أف تمنح القروض حسب حصص األعضاء في المؤسسة الدولية‬
‫المنشودة‪.‬‬
‫أما المشروع األمريكي ليوايت فقد استيدؼ إيجاد مؤسسة دولية تعمؿ عمى الحيمولة دوف تكرار‬
‫المشاكؿ التي واجييا نظاـ النقد الدولي خالؿ حقبة الثالثينات في القرف‪ ،‬والتي تمثمت في تخفيض قيمة‬
‫العممة عمى صعيد تنافسي بيف الدوؿ‪ ،‬ورفع القيود المفروضة عمى عمميات الصرؼ الخارجية وعمى التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬ولمتخمص مف النقص في االحتياطات الدولي ة‪ . 2‬كما اقترح أف تكوف وحدة التعامؿ ىي‬
‫اليونيتاس ̏‪ ˝Unitas‬التي ترتبط قيمتيا بوزف معيف مف الذىب‪ ،‬وعمى الدوؿ أف تحدد قيمة عممتيا بالذىب أو‬
‫اليونيتاس‪ ،‬وليس ليا الحؽ في تغيير ىذه القيمة إال بعد موافقة أربعة أخماس أصوات الدوؿ األعضاء في‬
‫المؤسسة‪ .‬وستفتح المؤسسات حسابات دائنة ومدينة تقيد فييا األرصدة ‪ ،Unitas‬ويمكف سحب العممة‬
‫بالذىب بالعمالت األخرى‪ .‬كما اقترح ىاري أف يكوف حجـ الحصة ألي دولة عمى أساس حجـ ما في حوزة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Saâd Dhif, Le régime monétaire de Bretton Woods: origines, fondements et critiques, mémoire de‬‬
‫‪licence, faculté des sciences économique et sociales, Université de Fribourg, Suisse, 2017, P9.‬‬
‫‪ -2‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬أسس عمم االقتصاد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص ص ‪.216-213‬‬
‫‪57‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫الدولة مف ذىب ونقد أجنبي وحجـ دخميا الوطني‪ ،‬وىو بيذا الشكؿ كاف بعبر عف مصمحة الواليات المتحدة‬
‫األمريكية التي كانت آنذاؾ تممؾ أكبر كمية مف الذىب العالمي وتحقؽ أعمى دخؿ في العالـ‪.1‬‬
‫وعموما تشابو المشروعاف مف حيث المبادئ األساسية‪ ،‬فقد تضمف كؿ منيما‪:‬‬
‫‪ -‬إيجاد مؤسسة مركزية نقدية دولية‪.‬‬
‫‪ -‬السعي وراء تحقيؽ التوازف في موازيف المدفوعات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬توفير ائتماف دولي لألعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬العمؿ عمى استقرار أسعار الصرؼ‪.‬‬
‫وقد جاء اتفاؽ المؤتمروف متأث ار بالمشروع األمريكي أكثر مف تأثره بالمشروع االنجميزي‪ ،‬وذلؾ بفضؿ‬
‫ثراء أمريكا وقوتيا العسكرية ووقوؼ دوؿ أمريكا الالتينية إلى جانبيا وبيذا استطاعت التغمب عمى معارضييا‬
‫في مؤتمر بريتوف وودز‪ ،2‬وتمخض عف ىذا المؤتمر ارساء نظاـ نقدي عالمي جديد‪ ،‬إلى جانب إنشاء كؿ‬
‫مف صندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير‪.‬‬
‫‪ -3‬أسس النظام النقدي الجديد‪ :‬ارتكز نظاـ بريتوف وودز عمى األسس التالية‪:3‬‬
‫‪ -‬إنشاء مركز نقدي دولي يتولى اإلشراؼ والعمؿ عمى تحقيؽ األىداؼ األساسية لمنظاـ النقدي الدولي‪،‬‬
‫ويمثؿ صندوؽ النقد الدولي ىذا المركز‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء نظاـ نقدي مبني عمى قاعدة الذىب‪ /‬الدوالر‪ .‬وأصبح الدوالر العممة الرئيسية لمنظاـ النقدي الدولي‪،‬‬
‫وتـ تحديده عمى أساس أف كؿ أونس مف الذىب يعادؿ ‪ 35‬دوالرا‪ ،‬وبما أف جميع العمالت كاف ليا سعر‬
‫تعادؿ مع الذىب‪ ،‬أصبحت جميعيا – بالتالي – مرتبطة بنظاـ نقدي ذي أسعار تعادؿ ثابتة‪ ،‬وسمح لمدوالر‬
‫وحده بقابمية التبديؿ بالذىب بالنسبة إلى األرصدة الخارجية‪ ...‬وقد تعيدت الواليات المتحدة األمريكية بتبديؿ‬
‫الدوالر بالذىب‪ ،‬رغبة منيا في تعزيز الثقة بالدوالر واالطمئناف إليو كقاعدة لنظاـ النقد الدولي الجديد‪.‬‬
‫‪ -‬التزاـ الدوؿ األعضاء باالتفاقية بتثبيت أسعار صرؼ عمالتيا بالنسبة لمعمالت األخرى‪ ،‬بحيث ال تتغير‬
‫إال في حدود ىوامش ال تزيد عف (‪ )%1‬صعودا أو ىبوطا عف األسعار الرسمية التي تـ تحديدىا‪ .‬وال‬
‫يستثنى مف ذلؾ إال حالة تصحيح اختالالت خطيرة أو مزمنة في موازيف المدفوعات عمى أف يكوف ذلؾ بعد‬
‫موافقة الصندوؽ‪.‬‬

‫‪ -1‬جياد عودة‪ ،‬مقدمة في العالقات الدولية المتقدمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المكتب العربي لممعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،2013 ،‬ص ‪. 303‬‬
‫‪ -2‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -3‬ميا رياض عبد اهلل‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪ -‬تقدير اقتصادي إسالمي‪ ،-‬الطبعة األولى‪ ،‬المعيد العربي لمفكر اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪،2012 ،‬‬
‫ص ص ‪.31-30‬‬
‫‪58‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -‬إزالة كافة المعوقات أماـ التجارة الدولية‪.‬‬


‫‪ -‬إبقاء الرقابة عمى انتقاؿ رؤوس األمواؿ‪ ،‬عمى أف ال يؤثر ذلؾ في المدفوعات الناتجة مف العمميات‬
‫الجارية‪ ،‬أو لتسديد التزامات مختمفة‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء ىيئة ثانية ىي البنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير‪.‬‬
‫‪ -4‬مؤسسات بريتون وودز‪ :‬انبثؽ عف اتفاقية بريتوف وودز مؤسستيف أساسيتاف ىما‪:‬‬
‫‪ -1-4‬صندوق النقد الدولي‪:‬‬
‫يعتبر صندوؽ النقد الدولي أوؿ مؤسسة دولية تنشئ إثر إمضاء اتفاقية بريتوف وودز‪ ،‬وسنحاوؿ مف‬
‫خالؿ ما سيتقدـ توضيح مفيوـ الصندوؽ وميامو‪.‬‬
‫أ‪ -‬مفيوم صندوق النقد الدولي‪ :‬ىو مؤسسة نقدية اعتمدت في المؤتمر النقدي والمالي الذي انعقد في‬
‫بريتوف وودز في ‪ 22‬جويمية ‪ .11944‬ودخؿ حيز التنفيذ في ‪ 27‬ديسمبر ‪ 1945‬بعد أف وقعت عمى ميثاقو‬
‫‪ 29‬دولة وبدأ ممارسة عممو في ‪ 1‬مارس ‪ ،21947‬يقوـ عمى إدارة النظاـ النقدي الدولي‪ .‬وتطبيؽ السياسات‬
‫النقدية الكفيمة بتحقيؽ االستقرار وعالج العجز المؤقت في موازيف المدفوعات لمدوؿ األعضاء فيو‪.3‬‬
‫ب‪ -‬ميام صندوق النقد الدولي‪ :‬تتمثؿ أىداؼ صندوؽ النقد الدولي فيما يمي‪:4‬‬
‫‪ ‬تشجيع التعاوف النقدي الدولي عف طريؽ ىيئة دائمة تييئ سبؿ التشاور والتعاوف بشأف المشكالت‬
‫النقدية الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬تيسير التوسع والنمو المتوازف في التجارة الدولية‪ ،‬مما يسيـ في زيادة فرص العمؿ ورفع مستوى الدخؿ‬
‫الحقيقي بصفة مستمرة وتنمية الموارد اإلنتاجية لجميع البمداف األعضاء باعتبارىا أىداؼ أساسية لمسياسة‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬العمؿ عمى تحقيؽ استقرار أسعار الصرؼ‪ ،‬والحفاظ عمى ترتيبات منظمة لمصرؼ بيف عمالت البمداف‬
‫األعضاء‪ ،‬وتجنب التنافس في تخفيض قيـ العمالت‪.‬‬
‫‪ ‬المساعدة عمى إقامة نظاـ مدفوعات متعدد األطراؼ بالنسبة لممعامالت الجارية بيف البمداف األعضاء‬
‫والغاء قيود الصرؼ األجنبي التي تعيؽ نمو التجارة العالمية‪.‬‬

‫‪ -1‬إسماعيؿ محمد سمطاف‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الراية‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2012 ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Sabine Dammasch, The System of Bretton Woods A lesson from history, consulter le 6-03-2018:‬‬
‫‪http://www.ww.uni-magdeburg.de/fwwdeka/student/arbeiten/006.pdf‬‬
‫‪ -3‬محمد شاىيف‪ ،‬االقتصاد المعرفي وأثره عمى التنمية االقتصادية لمدول العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار حميثرا‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪ ،2018 ،‬ص ‪.264‬‬
‫‪ -4‬المادة األولى‪ ،‬اتفاقية تأسيس صندوؽ النقد الدولي‪ ،‬الطبعة العربية‪ ،‬صندوؽ النقد الدولي‪ ،‬واشنطف‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪59‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ ‬توفير الثقة بيف البمداف األعضاء عف طريؽ إتاحة موارد الصندوؽ العامة ليا بصفة مؤقتة وبضمانات‬
‫كافية‪ ،‬ومف ثـ إعطاؤىا الفرصة لتصحيح االختالالت التي تصيب موازيف مدفوعاتيا دوف المجوء إلى تدابير‬
‫مف شأنيا اإلضرار بالرخاء عمى المستوى الوطني أو الدولي‪.‬‬
‫‪ ‬تقصير أمد االحتالؿ في موازيف المدفوعات الدولية لمبمداف األعضاء وتخفيؼ حدتو‪ ،‬وفقا لما ورد آنفا‪.‬‬
‫‪ -2-4‬البنك الدولي‪:‬‬
‫إف مصطمح البنؾ الدولي يمثؿ التسمية الحالية لمجموعة مف المؤسسات التمويمية والتي تضـ بينيا‬
‫البنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير والذي يمثؿ المؤسسة الثانية التي تمخضت عف اتفاقية بريتوف وودز سنة‬
‫‪ ،1944‬وبدأ عممو رسميا في ‪ 25‬جويمية ‪ ،11946‬وأنشئ أساسا مف أجؿ إعادة بناء اقتصاديات الدوؿ التي‬
‫تـ تدميرىا خالؿ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ولقد كاف أوؿ قرض قدمو البنؾ في نياية عقد األربعينات مف القرف‬
‫العشريف مف أجؿ إعمار الدوؿ األوروبية‪.2‬‬
‫أ‪ -‬مفيوم البنك الدولي‪ :‬ىو المؤسسة االقتصادية العالمية المسؤولة عف إدارة النظاـ المالي الدولي واالىتماـ‬
‫بتطبيؽ السياسات االقتصادية الكفيمة بتحقيؽ التنمية االقتصادية لمدوؿ األعضاء‪ .‬ولذلؾ فاف مسؤوليتو‬
‫تنصب أساسا عمى سياسات التنمية واالستثمارات‪ ،‬وسياسات اإلصالح الييكمي وسياسات تخصيص الموارد‬
‫في القطاعيف العاـ والخاص‪ ،‬وكذلؾ ييتـ البنؾ الدولي بصفة رئيسية بالجدارة االئتمانية ألنو يعتمد في تمويمو‬
‫عمى االقتراض مف أسواؽ الماؿ‪ ،‬ولكي تكوف الدولة عضوا في البنؾ الدولي البد أف تكوف عضوا في‬
‫صندوؽ النقد الدولي قبؿ ذلؾ‪ ،‬بؿ أف اكتتاب الدوؿ األعضاء في رأسماؿ البنؾ يتحدد وفقا لحصة كؿ دولة‬
‫في الصندوؽ‪.3‬‬
‫وتضـ مجموعة البنؾ الدولي خمس مؤسسات ىي‪:4‬‬
‫‪ -‬البنؾ الدولي لإلنشاء والتعمير أنشأ سنة ‪.1944‬‬
‫‪ -‬مؤسسة التمويؿ الدولية أنشأت سنة ‪ 1956‬بيدؼ تشجيع استثمارات القطاع الخاص في البمداف النامية‪.‬‬

‫‪ -1‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.225‬‬


‫‪ -2‬مصطفى يوسؼ كافي‪ ،‬إدارة األعمال الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار األكاديميوف‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2017 ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪ -3‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العولمة االقتصادية( منظماتيا‪ -‬شركاتيا‪ -‬تداعياتيا)‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ص ‪.81-80‬‬
‫‪ -4‬العديد مف المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬حاتـ كريـ القريني‪ ،‬رشا خالد شييب‪ ،‬فاتف سعيد حميد‪ ،‬ثالثية العولمة وتأثيرىا في واقع االقتصاد العراقي‪ ،‬مجمة الكوت لمعموـ االقتصادية واإلدارية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،22‬جامعة واسط‪ ،‬العراؽ‪ ،2016 ،‬ص ص ‪.152-151‬‬
‫‪-QUE FAIRE DU FMI ET DE LA BANQUE MONDIALE?, Les cahiers de solidarité, consulter le 05-03-2018:‬‬
‫‪https://www.crid.asso.fr/IMG/pdf/cahier09_fmi_bm.pdf‬‬
‫‪60‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -‬المؤسسة الدولية لمتنمية أنشأت سنة ‪ ،1960‬تيدؼ إلى دفع المستوى االقتصادي العالمي ومستوى‬
‫المعيشة لدى الدوؿ األكثر فق ار في العالـ عف طريؽ تقديـ الدعـ المالي لسد الحاجات األساسية الالزمة لمبدء‬
‫في عممية التطوير والتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬الوكالة الدولية لضماف االستثمار‪ ،‬أنشأت سنة ‪ 1988‬لمعمؿ عمى رفع مستوى االستثمار األجنبي‪.‬‬
‫‪ -‬المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار‪ ،‬أنشأ سنة ‪ ،1986‬مختص في حؿ النزاعات والخالفات بيف‬
‫الحكومات والمستثمريف عمى أساس أف حؿ مثؿ ىذه النزاعات سيسيؿ مف تدفؽ االستثمارات األجنبية‪.‬‬
‫ب‪ -‬أىداف البنك الدولي‪ :‬تتمثؿ أىداؼ البنؾ الدولي في النقاط التالية‪:1‬‬
‫‪ -‬ترسيخ قواعد السموؾ لمنظاـ المالي الدولي في كؿ ما يتعمؽ بالتحركات الدولية لرؤوس األمواؿ‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة مستويات التنمية االقتصادية ورفع معدالت النمو االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬عالج االختالؿ الييكمي وخاصة لمدوؿ النامية لممساعدة في عالج الخمؿ في ميزاف المدفوعات‪.‬‬
‫‪ -‬تقديـ المعونة لمدوؿ األعضاء ذات االقتصاديات المختمفة‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع االستثمار الخاص لتحقيؽ النمو وتوسيع القطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬العمؿ عمى إنياء النزاعات المالية بيف الدوؿ األعضاء‪.2‬‬
‫‪ -5‬انييار نظام بريتون وودز‪:‬‬
‫سجؿ ميزاف المدفوعات األمريكي خالؿ الفترة ‪ 1949-1946‬فائضا منتظما‪ ،‬إال أف االنتعاش‬
‫االقتصادي ا لذي شيدتو الدوؿ األوروبية في نياية األربعينيات انعكس سمبا عمى وضعية ميزاف المدفوعات‬
‫حيث بدأت الفوائض في التناقص التدريجي وتحوؿ الفائض إلى عجز سنة ‪.1950‬‬
‫نتج عف العجز في ميزاف المدفوعات األمريكي تدفقا صافيا في أرصدة الدوالر إلى الدوؿ األوروبية‬
‫التي زادت احتياطاتيا منو‪ . 3‬األمر الذي دفع الواليات المتحدة األمريكية إلى طمب تعديؿ أسعار تعادؿ‬
‫العمالت‪ ،‬ولكف الدوؿ التي حققت موازيف مدفوعاتيا فوائض ضخمة خاصة ألمانيا والياباف رفضوا رفع سعر‬
‫عمالتيـ‪.4‬‬

‫‪ -1‬حسف أحمد شحاتة‪ ،‬محمد حساف عوض‪ ،‬قضية المناخ‪...‬وتحديات العولمة البيئية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬األكاديمية الحديثة لمكتاب الجامعي‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،2018،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -2‬رمضاف زبيري‪ ،‬العولمة والبنى الوظائفية الجديدة لمدولة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2015 ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -3‬زينب حسيف عوض‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪ -4‬جياد عودة‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪61‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وبحموؿ عاـ ‪ 1959‬واجو ميزاف المدفوعات األمريكي عج از حادا‪ ،‬ووجدت البنوؾ المركزية األجنبية‬
‫أف تراكـ الدوالر يسير بسرعة أكبر مما ترغب فيو‪ ،‬وبدأت بذلؾ ترفع معدؿ تحويؿ الدوالرات إلى ذىب مف‬
‫و ازرة الخزانة األمريكية‪ .‬وبحموؿ عاـ ‪ 1960‬وصمت المستحقات األجنبية الرسمية عمى مخزوف الذىب تقريبا‬
‫حجـ مخزوف الواليات المتحدة مف الذىب جميعو‪ .‬إلى جانب تحويؿ حاممي األصوؿ السائمة أرصدتيـ مف‬
‫دوالر إلى ذىب وعمالت أجنبية‪ ،‬ناىيؾ عف النزوح الكبير لرؤوس األمواؿ مف الواليات المتحدة إلى أوروبا‬
‫بسبب اتساع الفجوة في سعر الفائدة بيف المنطقتيف حيث كاف مرتفعا بأوروبا‪ ،‬وكاف واضحا أنو إذا استمر‬
‫ىذا االتجاه سيصبح ما بحوزة أمريكا مف الذىب غير كاؼ لتغطية المستحقات المحتممة‪ ،‬ونتج عف عمميات‬
‫التحويؿ ارتفاع أسعار الذىب في األسواؽ الخاصة‪.‬‬
‫وما زاد المشكمة ىو تصاعد الحرب الفيتنامية عاـ ‪ 1965‬وزيادة اإلنفاؽ العسكري وما تبعو مف ارتفاع في‬
‫معدالت التضخـ في الواليات المتحدة األمريكية‪ .1‬ورغـ المحاوالت العديدة إلنقاذ الوضع كتشكيؿ مجمع ذىب‬
‫لندف عاـ ‪ 1961‬إال أف الوضع لـ يتحسف‪ ،‬وىكذا اضطر الرئيس األمريكي آنذاؾ نيكسوف إلى تعميؽ قابمية‬
‫تحويؿ الدوالر األمريكي إلى ذىب‪ ،‬معمنا بذلؾ عف نياية نظاـ بريتوف وودز في ‪ 15‬أوت ‪.1971‬‬
‫وكاف مف بيف اإلجراءات التي اتخذىا الرئيس نيكسوف‪:‬‬
‫‪ -‬إيقاؼ تحويؿ الدوالر الممموؾ لمحكومات والبنوؾ المركزية األجنبية إلى ذىب أو إلى أصوؿ احتياطية‪.‬‬
‫‪ -‬خفض اإلنفاؽ الفيدرالي والمساعدات االقتصادية الخارجية بنسبة ‪.%10‬‬
‫‪ -‬فرض ضريبة إضافية قدرىا ‪ %10‬عمى الواردات األمريكية‪.2‬‬

‫ثانيا‪ -‬بروز االقتصاديات اآلسيوية‬


‫تعتبر االقتصاديات اآلسيوية مف التجارب الرائدة في تحقيؽ ازدىار اقتصادي كبير‪ ،‬والذي اصطمح‬
‫عمى تسميتيا بالمعجزة االقتصادية‪ ،‬وىي تحوي اآلف أقوى االقتصاديات النامية وأسرعيا نموا (الصيف‪ ،‬ىونج‬
‫كونج‪ ،‬كوريا الجنوبية‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬أندونيسيا‪ ،‬سنغافورة‪ ،‬تايالند‪ ،‬فيتناـ‪ ،‬الفمبيف‪ ،)...‬وقد تمتعت ىذه الدوؿ‬
‫بديناميكية اقتصادية مفاجئة رغـ النظرة المتشائمة لمكثير مف االقتصادييف والتي كانت ترى أنيا ال يمكف أف‬

‫‪ -1‬زينب حسيف عوض‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ص ‪.171-170‬‬


‫‪ -2‬فاطمة الزىراء خبازي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪62‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫تنجح لسببيف أساسييف ىما عدد السكاف الكبير الذي يثقؿ كاىميا‪ ،‬وعدـ قدرتيا عمى مساير التقدـ التقني‬
‫المتسارع في الدوؿ المتقدمة‪.1‬‬
‫‪ -1‬تعريف االقتصاديات اآلسيوية‪:‬‬
‫إف االقتصاديات اآلسيوية مف القوى الصاعدة والتي تعرؼ عمى أنيا‪" :‬تمؾ القوى التي تشيد نسب‬
‫عالية مف النمو االقتصادي وتُحسف توظيؼ متغيراتيا في سبيؿ تحقيؽ أىدافيا القطاعية ضمف نطاؽ معيف‪،‬‬
‫ومف يبف ىذه القوى نذكر الياباف‪ ،‬الصيف‪ ،‬كوريا الجنوبية‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬سنغافورة‪ ،‬اليند‪ ،‬باكستاف‪ ،‬الصيف‬
‫والب ارزيؿ"‪ ،‬وسميت بذلؾ لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تحقيؽ خطوات إيجابية وتنمية ناجحة نظ اًر الرتفاع نسب النمو االقتصادي كارتفاع مؤشرات التنمية‬
‫البشرية‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة عمى التكيؼ مختمؼ التغيرات الحاصمة في النظاـ الدولي الميبرالية وعولمة النظاـ الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬سرعة انفتاحيا واستيعابيا لمتكنولوجيا‪.2‬‬
‫‪ -2‬عوامل بروز االقتصاديات اآلسيوية‪:‬‬
‫عمى الرغـ مف ىذه االختالفات البنيوية الموجودة بيف ىذه الدوؿ حيث تتميز كؿ واحدة منيا بصفة‬
‫أساسية محددة‪ ،‬إال أنو إذا ما تـ النظر إلييا معا فإنيا تساعدنا عمى فيـ النمو الذي حصؿ فييا عقدا بعد‬
‫عقد‪ ،‬والذي ارتكز عمى مجموعة مف السياسات أىميا‪:‬‬
‫‪ -1-2‬االىتمام بالتعميم وتنمية رأس المال البشري‪ :‬اىتمت الدوؿ اآلسيوية بتنمية رأس الماؿ البشري الذي‬
‫احتؿ مركز الصدارة بيف األىداؼ التنموية األخرى‪ ،‬ومف أىـ مالمح ىذه التنمية تركيز التمويؿ العاـ المحدود‬
‫لمرحمة فوؽ الثانوي عمى الميارات الفنية‪ ،3‬ففي تايواف يتـ اختيار الثمث المتفوؽ فقط مف بيف ‪110000‬‬
‫طالب الذيف يمروف في امتحاف دخوؿ الجامعات الوطنية وذلؾ لمتأكيد عمى أىمية التعميـ الجامعي‪ .‬وربما‬
‫كاف أكثر ما يوضح ىذا التأكيد عمى التعميـ الحقيقة القائمة بأف لدى كوريا ‪ 4.1‬مميوف طالب يدرسوف في‬
‫مؤسسات التعميـ العالي أو مف الحقيقة األخرى التي تقوؿ بأنو مع عاـ ‪ 1980‬كاف يتخرج مف الطمبة‬
‫الميندسيف مف الجامعات الكورية عددا يساوي عدد مف تخرج مف الجامعات في المممكة المتحدة األمريكية‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪jean-raphaël chaponnière, marc lautier, le modèle de développement de l’asie de l’est, Recherches‬‬
‫‪internationales, n° 98, l'Association Paul Langevin, France, janvier-mars 2014, P 123.‬‬
‫‪ -2‬عادؿ جارش‪ ،‬القوى الصاعدة‪ :‬دراسة في أبرز المضامين والدالالت‪ ،‬المركز الديمقراطى العربى لمدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬االقتصادية والسياسية‪23 ،‬‬
‫‪https://democraticac.de/?p=38993‬‬ ‫أكتوبر ‪ ،2016‬تاريخ االطالع‪:2018-04-12 :‬‬
‫‪ -3‬مصطفى يوسؼ كافي‪ ،‬التعميم االلكتروني في عصر االقتصاد المعرفي‪ ،‬دوف طبعة‪ ،‬دار رسالف‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬سوريا‪ ،2017 ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪63‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وألمانيا الغربية والسويد معا ويرتبط بمؤشر التعميـ مؤشر آخر ىو ما تميزت بو تمؾ البمداف وىو االىتماـ‬
‫بالتجويد واإلتقاف في العمؿ‪.1‬‬
‫‪ -2-2‬تعبئة الموارد المحمية‪ :‬إف العامؿ الرئيسي وراء تحقيؽ النمو السريع في دوؿ شرؽ وجنوب آسيا تمثؿ‬
‫في تمكف المنطقة مف تعبئة معدالت مرتفعة مف االدخار اإلجمالي والتي استطاعت تغذية ودعـ معدالت‬
‫االستثمار المرتفعة‪ ،‬فبمداف مثؿ الياباف‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬سنغافورة‪ ،‬إضافة إلى الصيف و اليند عرفت زيادات ىائمة أو‬
‫حافظت عمى مستويات عالية مف االدخار عمى مدى العقود الثالثة الماضية‪ ،‬ويعود سبب االرتفاع الكبير في‬
‫مستويات االدخار في جزء منو إلى السياسات الحكومية التي تشجع االدخار‪ ،‬مف خالؿ تطبيؽ التدابير‬
‫الرامية لمحفاظ عمى معدالت ايجابية لسعر الفائدة الحقيقية عمى الودائع في النظاـ المالي‪.‬‬
‫‪ -3-2‬السياسات الصناعية‪ :‬إف اليدؼ الرئيسي وراء تصميـ اقتصاديات شرؽ آسيا لمسياسات الصناعية‬
‫ىو تغذية وتطوير الصناعات المختارة لرفع الرفاىية في تمؾ البمداف‪ ،‬وتحقيؽ ميزات نسبية ديناميكية لتمؾ‬
‫الصناعات عف طريؽ استخداـ جياز الدولة في تخصيص الموارد‪ .‬وعمى ىذا األساس‪ ،‬قامت حكومات شرؽ‬
‫آسيا باختيار الصناعات عمى أساس أىم يتيا لتحقيؽ النمو في المستقبؿ‪ .‬فعمى قامت الحكومة الكورية بتغذية‬
‫الصناعات الثقيمة والكيماوية في الخمسينات بيدؼ إنشاء قاعدة صناعية في المستقبؿ‪ ،‬فبناءا عمى مبدأ‬
‫االختيار تتمقى الصناعات الفائزة عموما في البداية الحماية والدعـ الكبيريف مف طرؼ الحكومة‪ .‬لكف بمجرد‬
‫بموغ مركز تنافسي ىاـ‪ ،‬يتـ فتحيا أماـ المنافسة األجنبية‪.2‬‬
‫‪ -4-2‬سياسات التوجو نحو الخارج‪ :‬تتمثؿ إحدى أبرز المالمح التي ميزت اقتصاديات شرؽ آسيا في‬
‫أىمية نمو الصادرات في عممية التنمية االقتصادية فييا‪ .‬فبالفعؿ‪ ،‬مثمت التجارة حقا محركا رئيسيا لمنمو في‬
‫المنطقة‪ .‬فعمى مدار سنوات السبعينات‪ ،‬شيد حجـ الصادرات نموا عاليا بنسبة ‪ % 27‬في كوريا‪ ،‬وبأزيد مف‬
‫‪ %03‬في الفمبيف‪ ،‬سنغافورة وتايالند‪ .‬أما في سنوات الثمانينات‪ ،‬وعمى الرغـ مف نمو حجـ التجارة العالمية‬
‫بنحو ‪ %2‬سنويا‪ ،‬إال أف ماليزيا وتايالند شيدتا نموا كبي ار لمصادرات بأكثر مف ‪%01‬سنويا‪ ،‬في حيف أنو‬
‫تجاوز ‪ %6‬سنويا في كؿ مف اندونيسيا والفمبيف‪.3‬‬

‫‪ -1‬مبارؾ بوعشة‪ ،‬لخضر ديممي‪ ،‬األقممة في جنوب شرق آسيا في إطار نموذج اإلوز الطائر‪ ،‬مجمة العموـ اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،10‬جامعة محمد‬
‫خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2006‬ص ص ‪.294 -293‬‬
‫‪ -2‬أميف حواس‪ ،‬المعجزات اآلسيوية‪ :‬بعض الدروس المستفادة لمبمدان النامية‪ ،‬مجمة اإلستراتيجية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،4‬كمية العموـ االقتصادية والتجارية‬
‫وعموـ التسيير‪ ،‬جامعة عبد الحميد بف باديس‪ ،‬مستغانـ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ص ‪.118-117‬‬
‫‪ -3‬أميف حواس‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪64‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وتظير المالمح المميزة لمتجربة اآلسيوية في اعتماد استراتيجية التصنيع ألجؿ التصدير‪ ،‬وليس‬
‫استراتيجية إحالؿ الواردات‪ ،‬التي غمبت عمى استراتيجيات التنمية في معظـ دوؿ النامية‪ .1‬وتجدر ىنا اإلشارة‬
‫إلى أنو بعد انتياج بعض بمداف شرؽ آسيا سياسات إحالؿ الواردات في المراحؿ األولى بشكؿ مؤقت‪ ،‬شرعت‬
‫فيما بعد بتبني استراتيجية التوجو نحو الصادرات إبتداءا مف الستينات‪ ،‬والتي تجمت في االنخفاض المحسوس‬
‫في معدالت الرسوـ الجمركية و الضرائب عمى الصادرات‪ ،‬إزالة القيود الكمية عمى التجارة‪ ،‬وتقميؿ الحواجز‬
‫أماـ تدفقات االستثمار الدولي‪ .‬وخالؿ السبعينات‪ ،‬قامت العديد مف البمداف اآلسيوية إلى جانب ىونغ كونغ‪،‬‬
‫الصيف‪ ،‬وسنغافورة بتخفيض الحواجز الجمركية‪ .‬كما سجمت كؿ مف كوريا‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬وتايالند معدالت لرسوـ‬
‫جمركية تقدر بػ ‪ %13,99‬عمى التوالي‪ ،‬وىي أقؿ بكثير مف نظيرتيا في العامؿ النامي ككؿ والتي تقدر ب ػ‬
‫‪.2%23‬‬
‫‪ -5-2‬تنمية الزراعة الغذائية‪ :‬تعتبر تنمية الزراعة الغذائية ىي نقطة االنطالؽ بالنسبة لالقتصاديات‬
‫اآلسيوية‪ ،‬سواء كاف ذلؾ مف خالؿ التحديث الذي يسمح بتكثيؼ غمة األرز والقمح كما ىو الشأف في كوريا‬
‫وتايواف والصيف واندونيسيا واليند وباكستاف‪ ،‬أو عف طريؽ التوسع البسيط لممحاصيؿ التقميدية والذي يتبعو‬
‫تنويع في اإلنتاج كما ىو الحاؿ في تايالند‪ ،‬ورافؽ ىذا التطور األولي لمقاعدة الزراعية سرعة تنويع االقتصاد‬
‫الريفي في مجاؿ ما يسمى بأنشطة "خارج المزرعة"‪ ،‬بدءا مف تعبئة المنتجات وتخزينيا وحتى إصالح‬
‫المعدات وتصنيع قطع الغيار‪ .‬وقد ساىـ ىذا التنوع في االقتصاد الريفي في إنشاء المشاريع الصغيرة‬
‫والمتوسطة الحجـ التي لعبت دو ار رئيسيا في كثير مف األحياف في دعـ عممية التنمية‪.3‬‬
‫‪ -6-2‬تبني النظام الرأسمالي مع دعم دور الدولة فيو‪ :‬في ستينيات وسبعينيات القرف الماضي‪ ،‬أخذت‬
‫اقتصاديات المنطقة اآلسيوية بنظاـ السوؽ دوف تراجع دور الدولة في االقتصاد‪ ،‬عف طريؽ استخداـ أدوات‬
‫تحوؿ دوف استبعاد وظيفة الدولة في تنظيـ اإلنتاج واألسواؽ‪ ،‬مما ميز تجربة االنفتاح االقتصادي وتجربة‬
‫التوجو نحو اعتماد آليات اقتصاد السوؽ في ىذه الدوؿ‪ ،‬األمر الذي أوجد نوعا مف التفاعؿ بيف أنشطة الدولة‬
‫االقتصادية واألنشطة في باقي القطاعات االقتصادية‪ ،‬السيما القطاع الخاص المحمي واألجنبي‪.4‬‬

‫‪ -1‬عائشة بف عطا اهلل‪ ،‬قراءة في نموذج النمو القائم عمى التصدير في عينة من االقتصاديات اآلسيوية‪ ،‬مجمة اقتصاديات شماؿ إفريقيا‪ ،‬العدد ‪،15‬‬
‫مخبر العولمة و اقتصاديات شماؿ إفريقيا‪ ،‬جامعة حسيبة بف بوعمي‪ ،‬الشمؼ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2016‬ص ص ‪.54-53‬‬
‫‪ -2‬أميف حواس‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jean-Luc Maurer, Le réveil économique de l’Asie: Un défi et une chance pour l’Europe et la Suisse,‬‬
‫‪Annuaire suisse de politique de développement, N°8, Institut de hautes études internationales et du‬‬
‫‪développement, la Suisse, décembre 1988, P 130.‬‬
‫‪ -4‬عائشة بف عطا ااهلل‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -7-2‬التحكم المالي بالتضخم والموازنة والديون الخارجية وأسعار الصرف‪ :‬فعمى الرغـ مف اختالؼ‬
‫التضخـ والموازنات والديوف الخارجية مف بمد ألخر‪ ،‬إال أنو تـ السيطرة عمى ىذه المتغيرات ضمف حدود‬
‫وضعت مف قبؿ الحكومة‪.1‬‬
‫‪ -3‬الصعود اآلسيوي والتراجع األمريكي األوروبي‪:‬‬
‫يرى واضعو التقرير "العالـ في ‪ :2050‬ىؿ يستمر التحوؿ في القوى االقتصادية العالمية؟*" أف ىذا‬
‫التحوؿ في ميزاف القوى االقتصادية العالمية باتجاه آسيا سيحدث ويستمر‪ ،‬سواء بمعدؿ أسرع أو أبطأ مما تـ‬
‫تقديره‪ ،‬وىو ما يتفؽ مع الخط العاـ لمنتائج ولمطبيعة التاريخية لمتحوؿ؛ فقد سبؽ أف ىيمنت اليند والصيف‬
‫عمى الناتج المحمي العالمي في مرحمة ما قبؿ الثورة الصناعية‪ ،‬نظ اًر لتعدادىما السكاني الضخـ‪ ،‬وقطاعيما‬
‫الزراعي الكؼء نسبياً‪.‬‬
‫وفي مقابؿ ذلؾ‪ ،‬سيضعؼ أداء وقوة االقتصاد األوروبي واألمريكي‪ ،‬فثمة توقعات بانخفاض حصة كؿ مف‬
‫الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي مف الناتج المحمي اإلجمالي العالمي مف ‪ %33‬في عاـ ‪ 2014‬إلى‬
‫‪ %25‬فقط في عاـ ‪.2050‬‬
‫ويالحظ في ىذا الصدد أنو مف ضمف أكبر ‪ 10‬دوؿ نمواً‪ ،‬فإف ‪ 7‬منيا ستكوف في جنوب آسيا وجنوب شرؽ‬
‫ُ‬
‫آسيا‪ ،‬ولف تكوف الريادة اآلسيوية خالؿ القرف الحالي قائمة عمى اقتصاديات الصيف واليند فقط‪ ،‬بؿ عمى أداء‬
‫نخبة مف ألمع االقتصاديات اآلسيوية المتميزة مثؿ إندونيسيا وماليزيا وفيتناـ‪.2‬‬
‫‪ -4‬العراقيل التي تواجو االقتصاديات اآلسيوية الناشئة‪:‬‬
‫الزالت االقتصاديات اآلسيوية الناشئة في مرحمة تحتاج الكثير مف العمؿ عمى تحسيف أوضاعيا‬
‫االقتصادية لمعب دور بارز عمى المستوى اإلقميمي والدولي نظ اًر لعدة نقاط أبرزىا ما يمي‪:3‬‬

‫‪ -1‬إيياب عمي النواب‪ ،‬النموذج اآلسيوي في النمو االقتصادي‪ ،‬شبكة النبأ المعموماتية‪ 16 ،‬سبتمبر ‪ ،2017‬تاريخ االطالع‪:2018-04-13 :‬‬
‫‪https://annabaa.org/arabic/economicarticles/12492‬‬
‫*‪ -‬الصادر في فبراير ‪ 2015‬عف شركة برايس ووتر ىاوس كوبرز (‪ ) pwc‬البريطانية المتخصصة في األبحاث والدراسات االقتصادية ويعد مف بيف‬
‫أىـ التقارير وأكثرىا شموالً فيما يتعمؽ بالتنبؤات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -2‬محمد أحمد عبدالمعطي‪ ،‬اقتصاد العالم ‪ :2252‬الصعود اآلسيوي وتحوالت ميزان القوى االقتصادية‪ ،‬مركز المستقبؿ لألبحاث والدراسات المتقدمة‪،‬‬
‫‪https://futureuae.com/ar-‬‬ ‫دبي‪ ،‬اإلمارات‪ 21 ،‬أوت ‪ ،2015‬تاريخ االطالع‪:2018-04-15 :‬‬
‫‪AE/Home/Index/2/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9 9‬‬
‫‪ -3‬عادؿ جارش‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -‬نقص التأثير السياسي والعسكري مقارنة بالقوى الكبرى كفرنسا وبريطانيا والواليات المتحد األمريكية‪،‬‬
‫وتنطبؽ ىذه الحالة مثالً عمى ماليزيا‪ ،‬أندونيسيا‪ ،‬ىونغ كونغ‪ ،‬تايواف وغيرىا‪ ،‬في حيف تتواجد لدى قوى‬
‫صاعدة أخرى ووزف وثقؿ سياسي كبير مثؿ الصيف خاصة عمى المستوى اإلقميمي‪.‬‬
‫‪ -‬تعزز طرح المسار التعددي مستقبالً نظ اًر لنسب النمو المرتفعة بالقوى الصاعدة يعزز التنافس‪ ،‬وقد يؤدي‬
‫إلى تطور مسار السموؾ النزاعي بيف ىذه القوى السيما إذا تعمؽ األمر بالطاقة‪.‬‬
‫‪ -‬تضارب المصالح والمشاريع وما تحممو مف أبعاد بيف القوى الصاعدة والكبرى‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬انييار المعسكر االشتراكي‪:‬‬


‫شيد العالـ سنة ‪ 1991‬انييار إحدى أىـ القوى السياسية واالقتصادية أال وىي االتحاد السوفياتي‪،‬‬
‫والذي يمثؿ الركيزة األساسية لمنظاـ االشتراكي‪ ،‬وزواؿ ما يسمى بالثنائية القطبية التي كانت الواليات المتحدة‬
‫األمريكية تشكؿ الطرؼ الثاني فييا‪ ،‬األمر الذي يستدعي دراسة أىـ أسباب ونتائج انييار االتحاد السوفياتي‪.‬‬
‫‪ -1‬أسباب انييار المعسكر االشتراكي‪:‬‬
‫تعددت التفسيرات لعممية انييار المعسكر االشتراكي أحد ركنػي القطبيػة الثنائيػة (ممثال أساسا‬
‫باالتحػاد السوفياتي والدوؿ التابعة لو)‪ ،‬فيناؾ مف يرجعيا إلى الحالة االقتصادية المنيارة التػي كػاف عمييػا‬
‫االتحاد السوفياتي في السنوات األخيرة قبؿ انيياره‪ ،‬في حيف يرجعيا البعض اآلخػر إلى القوة األمريكية‬
‫وقدرتيا عمي بسط النفوذ والحفاظ عمى مناطقيا وسيطرتيا فػي أنحاء مختمفة مف العالـ‪ ،‬ويمكف تمخيص أىـ‬
‫األسباب في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -1-1‬أسباب اقتصادية‪ :‬وتتمثؿ في‪:‬‬
‫‪ -‬االستنزاؼ االقتصادي الذي عانت منو الدولة جراء سباؽ التسمح النووي الذي كاف ييدؼ إلى إحداث نوع‬
‫مف التوازف مع أمريكا‪ ،‬إضافة إلى فشؿ االتحاد السوفياتي في المحاؽ بالتطورات التقنية التي وصؿ إلييا‬
‫الغرب‪ ،‬وخاصة في مجاؿ المعموماتية واالتصاالت‪.1‬‬
‫ويدخؿ ىذا السباؽ ضمف استراتيجية الواليات المتحدة األمريكية إلى جػر االتحػاد السوفياتي إلى‬
‫معركة تؤدي إلى استنزاؼ قدراتو المادية‪ ،‬وبالتالي يقمؿ مف فرصػة معارضة سياسة أمريكا‪ ،‬كؿ ذلؾ أدى إلى‬

‫‪ -1‬فوزي حسف حسيف‪ ،‬الصين واليابان ومقومات القطبية العالمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار المنيؿ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبناف‪ ،2009 ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪67‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫تآكؿ وت ارجػع االشتراكية فػي معظـ مراكزىا الرئيسػية‪ ،‬و إلى تفكػؾ بمػداف اتحاديػة أخػرى كيوغسػالفيا‬
‫وتشيكوسموفاكيا‪.1‬‬
‫‪ -‬فشؿ كؿ اإلصالحات اليادفة إلى تحسيف األوضاع االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي قاـ بيا‬
‫االتحاد السوفياتي مف ‪ 1991-1985‬والمتمثمة في برنامج البيروسترويكا الذي كاف ييدؼ إلى التحوؿ‬
‫التدريجي مف سياسة االقتصاد الموجو إلى سياسة االقتصاد الحر‪ ،‬مع جممة مف اإلصالحات في البنى‬
‫التحتية لالقتصاد السوفياتي‪ ،‬إضافة إلى إعتماد مبدأ الشفافية (الغالسنوست) لمسعي إلى دمقرطة المجتمع‬
‫السوفياتي‪.2‬‬
‫‪ -2-1‬أسباب سياسية‪ :‬وتتمثؿ في‬
‫‪ -‬طريقة إلحاؽ بعض جميوريات اإلتحاد السوفياتي‪ ،‬و دوؿ أوروبا الشرقية بالكتمة الشيوعية‪ ،‬فقد كانت بالقوة‬
‫ضميا نظاـ موسكو سنة ‪ 1940‬أثناء‬
‫والتيديد كدوؿ البمطيؽ الثالث (استونيا‪ ،‬ليتونيا‪ ،‬ليتوانيا) التي احتميا و ّ‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وكالمجر وتشيكوسموفاكيا وألمانيا ال ّشرقية‪ ...‬ىي األخرى أجبرت عمى االلتحاؽ عنوةً‬
‫بالكتمة ال ّشرقية دوف استشارة و استفتاء شعوبيا‪.‬‬
‫السوفياتي وحمؼ وارسو لمحيمولة دوف تحقيؽ آماؿ شعوب‬
‫القمعية التي انتيجيا الجيش األحمر ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسة‬
‫‪ّ -‬‬
‫المعسكر في االنفصاؿ‪ ،‬و إقامة حكومات ديمقراطية منتخبة‪ ،‬و التي مورست في برليف بألمانيا ال ّشرقية‬
‫‪ ،1953‬بودابست في المجر ‪ ، 1956‬وبراغ التشيكوسموفاكية ‪.1968‬‬
‫الصيف‬
‫ياسية بػيف دوؿ المعػسكر مػع اإلتحاد السوفياتي كيوغوسالفيا في سنة ‪ ،1948‬و ّ‬
‫الس ّ‬‫‪-‬اشتداد الخالفات ّ‬
‫الشعبية ‪ 1959‬أثناء حكػـ ماوتسي تونغ‪ ،‬وألبانيا سنة ‪.31962‬‬
‫‪ -3-1‬أسباب أخرى‪ :‬مف أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬تفاقـ مشكمة القوميات في االتحاد السوفياتي حيث كاف يشكؿ إمبراطورية مترامية األطراؼ تنقسـ إلى‬
‫العديد مف القوميات والمغات واألجناس التي لـ تكف متشابية مف حيث التاريخ والثقافة والمغة واألوضاع‬

‫‪ -1‬أبو القاسـ أحمد أبو ىديمة‪ ،‬عبد الحكيـ عمار نابي‪ ،‬المتغيرات الدولية وأثرىا عمى الوطن العربي‪ ،‬مجمة العموـ القانونية والشرعية‪ ،‬العدد ‪ ،8‬جامعة‬
‫الزاوية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬جواف ‪ ،2016‬ص ص ‪.112-111‬‬
‫‪ -2‬فوزي حسف حسيف‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -3‬من الثنائية القطبية إلى الحادية القطبية ‪ ،‬الديواف الوطني لمتعميـ والتكويف عف بعد‪ ،‬و ازرة التربية والتعميـ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬تاريخ االطالع‪-05-02 :‬‬
‫‪http://www.djalia-algerie.dz/HISTOIRE/NIVEAU%2010/env1/ev1_histoire005.pdf‬‬ ‫‪:2018‬‬
‫‪68‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫االجتماعية والتي حاوؿ حكاـ االتحاد السوفياتي فرض المغة الروسية والنمط المعيشي الروسي عمييـ لكف لـ‬
‫ينجح ذلؾ‪.1‬‬
‫‪ -‬تأزـ األوضاع االقتصادية واالجتماعية في دوؿ أوروبا الشرقية‪.‬‬
‫‪ -‬تزايد الحركات االنفصالية في االتحاد السوفياتي وباقي دوؿ أوروبا الشرقية‪.‬‬
‫‪ -‬تخمي االتحاد السوفياتي عف مساندة األنظمة الشيوعية بأوروبا الشرقية التي واجيت تصاعد المعارضة‪.‬‬
‫‪ -‬فؾ االرتباط بيف األحزاب االشتراكية في العالـ‪ ،‬وبيف االتحاد السوفياتي حيث بدأت ىذه األحزاب في إعادة‬
‫تكييؼ لعمميا وعقيدتيا‪ ،‬تبعا لمظروؼ االجتماعية ولتجاربيا الخاصة في إطار بيئتيا الداخمية واإلقميمية‬
‫والدولية‪ ،‬ومحاولتيا التكيؼ مع ىذه التغيرات الجديدة‪.2‬‬
‫‪ -2‬مظاىر انييار المعسكر االشتراكي‪ :‬وتتمثؿ أساسا في‪:‬‬
‫‪ -‬تحطيـ جدار برليف ‪ 1989‬بعد أف كاف يفصؿ بيف شطري المدينة‪ ،‬وتوحيد األلمانيتيف في دولة واحدة دولة‬
‫ألمانيا الموحدة ‪.1990‬‬
‫‪ -‬سقوط أنظمة الحكـ االشتراكية بأوربا الشرقية وحمت محميا أنظمة حكـ ليبرالية تعددية قائمة عمى الدستور‬
‫واالنتخابات بدؿ نظاـ الحزب الواحد في كؿ مف ىنغاريا وتشيكوسموفاكيا وبولونيا وبمغاريا‪. ...‬‬
‫‪ -‬تقسيـ تشيكوسموفاكيا إلى دولتيف مستقمتيف ىما دولة التشيؾ ودولة سموفاكيا ‪.‬‬
‫‪ -‬حؿ حمؼ وارسو* العسكري ومنظمة الكومكوف االقتصادية بعد قمة مالطا ديسمبر ‪ ،1989‬والتحاؽ دوؿ‬
‫حمؼ وارسو بحمؼ الشماؿ األطمسي‪.‬‬
‫‪ -‬تفكؾ االتحاد السوفياتي بعد تقديـ غورباتشوؼ استقالتو ‪1991‬واعالنو نياية االتحاد السوفياتي ومعو‬
‫الحرب الباردة بيف المعسكريف وتحولو إلى رابطة الدوؿ المستقمة بعد إعالف الجميوريات ‪ 15‬المكونة لإلتحاد‬
‫السوفياتي استقالليا‪ .‬وقد عاد القسـ األكبر مف االتحاد السوفياتي مساحة وسكانا وتسميحا إلى جانب حؽ‬

‫‪ -1‬حسيف توفيؽ إبراىيـ‪ ،‬النظام الدولي الجديد في الفكر العربي‪ ،‬مجمة عالـ الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،4-3‬المجمس الوطني لمثقافة والفنوف واآلداب‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪1‬جانفي ‪ ،1995‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -2‬سامر نصر‪ ،‬انييار االتحاد السوفيتي ودوؿ أوروبا الشرقية و أثرىا عمى عممية اإلصالح السياسي داخؿ سوريا‪ ،‬الحوار المتمدف‪ ،‬العدد‪،2360 :‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=142370‬‬ ‫‪ ،2008/8/1‬تاريخ االطالع‪:2018-05-06 :‬‬
‫*‬
‫قاـ خروتشوؼ بولونيا بعد توليو لمسمطة في سنة ‪ 1955‬إلى عقد مؤتمر في وارسو عاصمة بولونيا وكاف ذلؾ مف ‪ 11‬إلى ‪ 14‬ماي ‪ 1955‬والذي‬
‫حضره كؿ مف االتحاد السوفياتي‪ ،‬بولونيا ‪،‬تشيكوسموفاكيا‪ ،‬ألمانيا الشرقية‪ ،‬رومانيا‪ ،‬بمغاريا‪ ،‬ألمانيا والمجر وكانت مف ابرز نتائج ىذا المؤتمر إنشاء‬
‫حمؼ وارسو الذي يضـ مجموعة دوؿ الكتمة الشرقية ذات النيج الشيوعي‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫الفيتو باألمـ المتحدة لروسيا االتحادية وبانييار المعسكر االشتراكي أصبح المجاؿ مفتوحا أماـ ىيمنة‬
‫المعسكر الرأسمالي في إطار القطب الواحد أو ما يعرؼ بالنظاـ العالمي الجديد‪.1‬‬

‫ثالثا‪ -‬النظام العالمي الجديد‪:‬‬


‫استخدـ مصطمح النظاـ العالمي الجديد مف قبؿ الرئيس األمريكي جورج بوش األب في خطابو الذي‬
‫وجيو إلى األمة األمريكية في حرب الخميج األولى بعد أسبوع مف نشوبيا في أوت ‪ ،1990‬حيث صرح‬
‫قائال‪" :‬إف أىداؼ الواليات المتحدة األمريكية إقامة نظاـ عالمي جديد"‪.‬‬
‫‪ -1‬مفيوم النظام العالمي الجديد‪:‬‬
‫يعرؼ النظاـ العالمي الجديد عمى أنو‪ " :‬مجموعة القواعد واألسس واالتفاقيات والمعاىدات التي يراد‬
‫مف خ الليا تسيير العالـ بعد الحرب الباردة‪ ،‬وىذا بغية تحقيؽ السمـ واألمف الدولييف مف جية‪ ،‬ومف جية‬
‫أخرى تجسيد وتدعيـ الديمقراطية وحقوؽ اإلنساف والمبادئ اإلنسانية داخؿ الدوؿ ذاتيا ولو عمى حساب‬
‫سيادتيا الوطنية"‪.2‬‬
‫ويعرؼ أيضا بذلؾ النظاـ الذي يتميز ببروز شبكة مف المؤسسات المالية والتجارية العالمية الضخمة‬
‫المترابطة والتي تظـ باإلضافة لمدوؿ الرأسمالية الكبرى بقيادة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬الشركات المتعددة‬
‫الجنسيات والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬التي تعمؿ كميا مف أجؿ إعادة صياغة النظاـ العالمي طبقا لمصالح‬
‫الدوؿ الفاعمة في ذات النظاـ‪ ،‬وتوجياتيا لمقيـ السائدة فييا‪.3‬‬
‫‪ -2‬خصائص النظام العالمي الجديد‪ :‬يتميز النظاـ العالمي الجيد بجممة مف الخصائص أىميا ‪:‬‬
‫‪ -‬الدعوة إلى االنتقاؿ إلى اقتصاديات السوؽ‪ ،‬انطالقا مف تصور أمريكي يرى أف االقتصاد الرأسمالي ىو‬
‫األفضؿ وأنو يصمح لجميع دوؿ العالـ؛‬
‫‪ -‬الييمنة األمريكية عمى المنظمات الدولية وِفي مقدمتيا منظمة األمـ المتحدة‪ ،‬إضافة إلى التقميؿ مف أىمية‬
‫دور األمـ المتحدة مف قبؿ أمريكا عبر الحديث عف دور أمريكي مباشر في تأديب أو مكافأة الدوؿ اقتصاديا‬
‫وعسكريا‪ .‬وتعاممت الواليات المتحدة مع المنظمة عبر أسموبيف أوليما الضغوط المالية واالمتناع عف دفع‬

‫‪ -1‬رشيد حمايمي‪ ،‬النظام العالمي الجد يد و القطبية الواحدة ‪ ،‬مدونة لمدروس االجتماعيات‪ ،‬تاريخ االطالع‪:2018-05-06 :‬‬

‫‪http://rachidgeopage.blogspot.com/2017/05/blog-post_8.html‬‬
‫‪ -2‬رابح باريؾ‪ ،‬النظام القانوني الجديد‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كمية الحقوؽ‪ ،‬جامعة يوسؼ بف خذة‪ ،‬الجزائر‪ ،2014-2013 ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ -3‬نفسو‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪70‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫المستحقات الواجبة عمييا والتي بمغت مميارات الدوالرات‪ ،‬ومف جية أخرى عممت عمى تطويع مجمس األمف‬
‫ليصبح أداة مف أدوات السياسة األمريكية الخارجية؛‬
‫‪ -‬التأكيد عمى دور الواليات المتحدة كقائد لممجتمع الدولي عبر انفرادىا بعناصر القوة والنفوذ‪ ،‬بفعؿ التمركز‬
‫الشديد لإلمكانيات االقتصادية والعسكرية والسياسية‪ ،‬مما يمنحيا ميزة التفوؽ عمى بقية الوحدات في النظاـ‬
‫الدولي؛‬
‫‪ -‬ظيور صراع اقتصادي بيف ثالثة أقطاب (أمريكا الشمالية‪ ،‬االتحاد األوروبي‪ ،‬الياباف وحميفاتيا األسيوية)‬
‫بدؿ مف الصراع العسكري؛‬
‫‪ -‬التدخؿ األمريكي في الشؤوف الداخمية لمدوؿ والشعوب تحت شعار حقوؽ اإلنساف وحماية األقميات‬
‫والديمقراطية وذرائع أخرى‪ ،‬واستخداـ القوة العسكرية دوف ضوابط؛‬
‫‪ -‬النظاـ الدولي الجديد يدير أزمات العالـ الثالث بدال مف حميا‪.1‬‬
‫‪ -3‬وضع الدول النامية في النظام العالمي الجديد‪:‬‬
‫إف النظاـ العالمي الجديد يخدـ بصفة أساسية الدوؿ المتقدمة واف كاف ما أعمف عنو غير ذلؾ‪،‬‬
‫وسيزيد مف تبعية الدوؿ النامية التي كانت تسعى إلى إنشاء نظاـ اقتصادي يساعدىا عمى تحسيف أوضاعيا‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويعمؿ عمى تضييؽ اليوة بينيا وبيف الدوؿ المتقدمة والذي أعمف عنو مف قبؿ‬
‫الجمعية العامة لألمـ المتحدة في دورتيا الخاصة لسنة ‪ ،1974‬والمخصصة لمناقشة قضايا التنمية والمواد‬
‫األولية‪ ،‬المنعقدة بناءا عمى طمب مف الجزائر‪ ،‬واتخذت خاللو الجمعية ق ارريف‪ ،‬يتعمؽ األوؿ بشأف إقامة نظاـ‬
‫اقتصادي دولي جديد والقرار الثاني يتعمؽ ببرنامج العمؿ إلقامة نظاـ اقتصادي دولي جديد‪.‬‬
‫وقد جاء في اإلعالف بشأف إقامة نظاـ اقتصادي دولي جديد‪ ":‬نعمف رسميا تصميما موحدا عمى‬
‫نظاـ اقتصادي دولي جديد‪ ،‬قائـ عمى العدالة‪ ،‬والمساواة والترابط‪،‬‬ ‫العمؿ دوف إبطاء مف أجؿ إقامة‬
‫والمصمحة المشتركة والتعاوف بيف الدوؿ بغض النظر عف نظميا االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬نظاـ يعالج‬
‫التفاوت ويصحح مظاىر الظمـ الحالية‪ ،‬ويجعؿ مف الممكف تصفية اليوة المتزايدة بيف الدوؿ المتقدمة والدوؿ‬
‫النامية‪ ،‬ويؤمف التنمية االقتصادية واالجتماعية المطردة‪ ،‬والسمـ والعدؿ لألجياؿ الحالية والمقبمة‪.2"...‬‬

‫‪ -1‬كوثر عباس الربيعي‪ ،‬مرواف سالـ العمي‪ ،‬مستقبل النظام الدولي الجديد في ظل بروز القوى الصاعدة وأثره عمى المنطقة العربية – اإلتحاد‬
‫األوروبي أنموذجا‪ ،-‬مجمة قضايا سياسية‪ ،‬العدد ‪ ، 26‬جامعة النيريف‪ ،‬العراؽ‪ ،2012 ،‬ص ص ‪.104-103‬‬
‫‪ -2‬محمد عبد اهلل شاىيف محمد‪ ،‬التجارة االلكترونية العربية بين التحديات وفرص النمو‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار حميثرا‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،2017 ،‬ص‬
‫‪.87‬‬
‫‪71‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫خامسا‪ -‬العولمة االقتصادية‪:‬‬

‫تعد العولمة االقتصادية مف أبرز وأىـ الظاىر االقتصادية وأكثر المصطمحات تداوال منذ تسعينات‬
‫القرف الماضي‪ ،‬حيث غيرت مف مفيوـ العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬مف خالؿ جعؿ اقتصاديات الدوؿ أكثر‬
‫ترابطا وتكامال‪ ،‬غير أف ىذا الترابط حمؿ معو الكثير مف التأثيرات اإليجابية والسمبية غمى اقتصاديات الدوؿ‬
‫المعولمة خاصة النامية منيا‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف العولمة االقتصادية‪:‬‬
‫لـ يتفؽ المختصوف والباحثوف حوؿ وضع تعريؼ واحد جامع ومانع لمعولمة االقتصادية‪ ،‬حيث‬
‫ظيرت عدة مفاىيـ ليذا المصطمح سنحاوؿ إدراج بعضا منيا‪.‬‬
‫تعرؼ العولمة االقتصادية عمى أنيا‪« :‬تسييؿ انتقاؿ القوى العاممة والمعمومات والسمع واألمواؿ بيف‬
‫مختمؼ دوؿ العالـ‪ ،‬وتخطي الحدود اإلقميمية‪ ،‬واندماج األسواؽ في حقوؿ التجارة واالستثمارات المباشرة»‪.1‬‬
‫ويمكف تعريؼ العولمة االقتصادية أيضا عمى أنيا‪ « :‬تحرير العالقات االقتصادية القائمة بيف الدوؿ‬
‫مف السياسات والمؤسسات الوطنية واالتفاقيات المنظمة ليا بخضوعيا التمقائي لقوى جديدة أفرزتيا التطورات‬
‫التقنية واالقتصادية تعيد تشكيميا وتنظيميا وتنشيطيا بشكؿ طبيعي عمى مستوى العالـ بأكممو كوحدة‬
‫واحدة»‪.2‬‬
‫كما تعرؼ عمى أنيا عممية تعميؽ مبدأ االعتماد المتبادؿ بيف الفاعميف في االقتصاد العالمي‪ ،‬بحيث‬
‫تزداد نسبة المشاركة في التبادؿ الدولي‪ ،‬والعالقات االقتصادية الدولية ليؤالء مف حيث المستوى والحجـ‬
‫والوزف في مجاالت متعددة وأىميا السمع والخدمات وعناصر اإلنتاج‪ ،‬بحيث تنمو عممية التبادؿ التجاري‬
‫الدولي لتشكؿ نسبة ىامة مف النشاط االقتصادي الكمي وتكوف أشكاال جديدة لمعالقات االقتصادية الدولية في‬
‫االقتصاد العالمي‪.3‬‬
‫وقد نتجت العولمة االقتصادية نتيجة ترابط مجموعة مف األسباب والعوامؿ ىي‪:4‬‬
‫‪ -‬عولمة النشاط اإلنتاجي عف طريؽ إعادة التقسيـ الدولي لمعمؿ بواسطة شركات متعددة الجنسيات‪.‬‬

‫‪ -1‬طارؽ عثماف الحسوف‪ ،‬العولمة والتنمية االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار أمجد‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2015 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -2‬عبد المطيؼ مصطفى‪ ،‬محمد بف بوزياف‪ ،‬أساسيات النظام المالي واقتصاديات األسواق المالية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة حسف العصرية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبناف‪ ،2015 ،‬ص‪.305‬‬
‫‪ -3‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2001 ،‬ص ص ‪.18-17‬‬
‫‪ -4‬لخضر طوير‪ ،‬العولمة االقتصادية‪ :‬دوافعيا وأبعادىا‪ ،‬مجمة دراسات وأبحاث‪ ،‬المجمد ‪ ،5‬العدد ‪ ،11‬جامعة زياف عاشور‪ ،‬الجمفة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جواف‬
‫‪ ،2013‬ص‪.247‬‬
‫‪72‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -‬عولمة النشاط المالي واندماج أسواؽ العالـ‪ ،‬عف طريؽ تحرير أسعار الصرؼ وحرية انتقاؿ رؤوس‬
‫األمواؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تغير مركز القوة العالمية مف القطبية الثنائية إلى أحادية القطب‪.‬‬
‫‪ -‬تغير ىيكؿ االقتصاد العالمي وسياسات التنمية‪.‬‬
‫‪ -2‬أنواع العولمة االقتصادية‪:‬‬
‫تحدث العولمة االقتصادية عمى نطاقيف رئيسييف فيي تتبمور بقوة فيما يطمؽ عميو بعولمة اإلنتاج‬
‫إضافة إلى العولمة المالية‪.‬‬
‫‪ -1-2‬عولمة اإلنتاج‪ :‬تتحقؽ بدرجة كبيرة مف خالؿ الشركات المتعددة الجنسيات‪ ،‬وتتـ بدوف وجود أزمات‬
‫مأساوية كتمؾ المترتبة عف العولمة المالية‪ ،‬وتتجسد مف خالؿ اتجاىيف رئيسييف ىما‪:1‬‬
‫أ‪ -‬االتجاه الخاص بعولمة التجارة الدولية‪ :‬والذي يستدؿ عميو بالمؤثرات الخاصة بالتجارة الدولية‪ ،‬حيث‬
‫لوحظ أنيا زادت بدرجة كبيرة خالؿ عقد التسعينيات مف القرف العشريف‪ ،‬حيث بمغ معدؿ نمو التجارة العامية‬
‫ضعفي معدؿ نمو الناتج المحمي اإلجمالي العالمي‪ ،‬حيث يالحظ انو في عاـ ‪ 1995‬زاد معدؿ نمو التجارة‬
‫العالمية بحوالي ‪ ،%9‬بينما زاد الناتج المحمي اإلجمالي العالمي بنسبة ‪ %5‬فقط‪ ،‬كما بمغ متوسط معدؿ نمو‬
‫التجارة الدولية في السمع والخدمات ‪ %11,2‬عاـ ‪ 2000‬بالمقارنة بعاـ ‪ 1999‬وبقيمة بمغت ‪ 7759‬مميار‬
‫دوالر بينما الناتج المحمي اإلجمالي العالمي عاـ ‪ 2000‬ما قيمتو ‪ 31171‬مميار دوالر وبمعدؿ نمو بمغ‬
‫‪ %4,7‬في عاـ ‪ 2000‬بالمقارنة بعاـ ‪.1999‬‬
‫ويالحظ مف خالؿ المؤشرات السابقة أف التجارة العالمية يزداد تحريرىا بشكؿ متزايد وتكتمؿ تمؾ‬
‫العمميات الخاصة بالتحرير مف سنة ألخرى‪.‬‬
‫ب‪ -‬االتجاه الثاني والخاص باالستثمار األجنبي المباشر‪ :‬وتقود ىذا االتجاه الشركات المتعددة الجنسيات‪،‬‬
‫حيث لوحظ أف معدؿ نمو االستثمار األجنبي المباشر زاد بمعدؿ أسرع وأكبر مف معدؿ نمو التجارة العالمية‬
‫حيث كاف معدؿ نمو االستثمار األجنبي المباشر يصؿ في المتوسط إلى ‪ %12‬حتى منتصؼ التسعينات مف‬
‫القرف العشريف‪ ،‬ووصؿ االستثمار األجنبي المباشر إلى ‪ 1088‬مميار دوالر عاـ ‪ 1999‬والى ‪ 1495‬مميار‬
‫دوالر سنة ‪ 2000‬بنسبة زيادة بمغت ‪.%37‬‬

‫‪ -1‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العولمة االقتصادية( منظماتيا‪ -‬شركاتيا‪ -‬تداعياتيا)‪ ،‬دوف طبعة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ص‬
‫‪.47-44‬‬
‫‪73‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وبمقارنة المستوى الذي وصؿ إليو االستثمار األجنبي المباشر عاـ ‪ 2000‬بالمستوى الذي كاف عميو في‬
‫المتوسط في منتصؼ التسعينات فإننا نجده قد تضاعؼ بحوالي ‪ 6,6‬مرة‪ ،‬وىذا تطور ىائؿ يشير إلى تزايد‬
‫أىمية ىذا االتجاه نحو تعميؽ عولمة اإلنتاج بكؿ أبعادىا وجوانبيا‪.‬‬
‫‪ -2-2‬العولمة المالية‪ :‬ىي فتح األسواؽ المالية المحمية وربطيا باألسواؽ المالية العالمية مف خالؿ إلغاء‬
‫القيود عمى رؤوس األمواؿ والتي أخذت تتدفؽ عبر الحدود لتصب في أسواؽ الماؿ العالمية التي أصبحت‬
‫أكثر ارتباطا وتكامال‪ .‬ويمكف االستدالؿ عمى العولمة المالية بمؤشريف أساسييف ىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬المؤشر األول‪ :‬الخاص بتطور حجـ المبادالت عبر الحدود في األسيـ والسندات في الدوؿ الصناعية‬
‫المتقدمة‪ ،‬وتشير اإلحصائيات إلى أف المعامالت الخارجية في األسيـ والسندات كانت تمثؿ أقؿ مف ‪%10‬‬
‫مف الناتج المحمي في الدوؿ ستة ‪ ،1980‬بينما وصمت إلى ‪ %100‬سنة ‪ 1996‬في كؿ مف الواليات‬
‫المتحدة األمريكية وألمانيا والى ما يزيد عف ‪ %200‬في فرنسا وكندا وايطاليا في نفس العاـ‪ ،‬أما اآلف فقد‬
‫تضاعفت ىذه السنة عشرات المرات‪.‬‬
‫ب‪ -‬المؤشر الثاني‪ :‬ويتمثؿ في تطور تداوؿ النقد األجنبي أي حجـ التداوؿ في أسواؽ رأس الماؿ عمى‬
‫الصعيد العالمي‪ .‬حيث شيد عقد التسعينات ارتفاعا في التعامؿ اليومي ألسواؽ الصرؼ األجنبي‪ ،‬حيث تشير‬
‫اإلحصائيات إلى أف متوسط حجـ التعامؿ اليومي في أسواؽ الصرؼ األجنبي قد ارتفعت مف ‪ 200‬مميار‬
‫دوالر أمريكي في منتصؼ الثمانينات إلى حوالي ‪ 1,2‬تريميوف دوالر أمريكي سنة ‪ 1995‬وىو ما يزيد غف‬
‫‪ %84‬مف االحتياطات الدولية لجميع بمداف العالـ في نفس العاـ‪.1‬‬
‫‪ -3‬أدوات العولمة االقتصادية‪ :‬وتتمثؿ في‪:‬‬
‫‪ -1-3‬المنظمات االقتصادية الدولية‪ :‬نشأت ىذه المنظمات في أعقاب الحرب العالمية الثانية مؤسستيف‬
‫ىامتيف ىما‪ :‬صندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي*‪ ،‬ومف ثـ إنشاء منظمة التجارة العالمية ليستكمؿ بيا اإلطار‬
‫المؤسسي الدولي عمى الصعيد االقتصادي وىذه المنظمات تسيطر عمييا الدوؿ الصناعية وتوجييا لتحقيؽ‬
‫مصالحيا وعمى رأسيا عولمة االقتصاد الدولي‪.‬‬
‫وتجدر بنا ىنا إعطاء لمحة عف منظمة التجارة العالمية مف خالؿ تحديد‪:‬‬
‫‪ -‬تعريف المنظمة العالمية لمتجارة‪ :‬ىي منظمة اقتصادية عالمية النشاط ذات شخصية قانونية مستقمة‬
‫وتعمؿ ضمف منظومة االقتصاد المعولـ عمى إدارة واقامة دعائـ النظاـ التجاري الدولي وتقويتو في مجاؿ‬

‫‪ -1‬مبروؾ رايس‪ ،‬انعكاسات العولمة المالية عمى الجياز المصرفي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجناف‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2016 ،‬ص ص ‪.128-127‬‬
‫*‪ -‬سبؽ اإلشارة إلييا في مؤسسات بريتوف وودز‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫تحرير التجارة الدولية وزيادة التبادؿ الدولي والنشاط االقتصادي العالمي‪ .‬وىي تقؼ عمى قدـ المساواة مع‬
‫صندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي في رسـ وتوجيو السياسيات االقتصادية الدولية المؤثرة عمى األطراؼ‬
‫المختمفة في العالـ لموصوؿ إلى إدارة أكثر كفاءة وأفضؿ لمنظاـ االقتصادي العالمي‪.‬‬
‫وقد أنشأت منظمة التجارة العالمية لتحؿ محؿ سكرتارية االتفاقية العامة لمتعريفة الجمركية والتجارة (الجات)‬
‫بعد توقيع االتفاقية في مراكش ‪ 1994‬بعد انتياء جولة األرغواي‪ ،‬وضمت المنظمة وقت إنشائيا في عاـ‬
‫‪ 1995‬حوالي ‪ 110‬دولة منيـ ‪ 85‬دولة نامية‪.1‬‬
‫‪ -‬ميام المنظمة العالمية لمتجارة‪ :‬تتحدد مياـ المنظمة العالمية لمتجارة وفقا لممادة ‪ 3‬مف اتفاقية األرغواي‪،‬‬
‫والتي تتمثؿ في‪:2‬‬
‫‪ -‬اإلشراؼ عمى تنفيذ االتفاقيات التجارية المتعددة األطراؼ‪ ،‬التي تنظـ العالقات التجارية بيف الدوؿ‬
‫األعضاء‪ ،‬وتسييؿ تنفيذ وادارة االتفاقيات المنبثقة عف جولة األرغواي‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة المفاوضات الدولية لتحرير التجارة الدولية متعددة األطراؼ‪.‬‬
‫‪ -‬فض المنازعات الدولية فيما يتعمؽ بالمعامالت التجارية وتسويتيا وفؽ األسس التي حددتيا اتفاقية الجات‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة السياسات التجارية الدولية األخرى كصندوؽ النقد الدولي والبنؾ الدولي والوكاالت التابعة ليما‬
‫بيدؼ تحقيؽ أكبر قدر ممكف مف االنسجاـ والتوازف في عممية صنع السياسات االقتصادية الدولية‪.‬‬
‫‪ -2-3‬تداول األسيم والسندات والعمالت‪ :‬وغيرىا مف أدوات االستثمار األجنبي غير المباشر الذي ينساب‬
‫مف والى األسواؽ المالية‪ ،‬حيث ينتقؿ رأس الماؿ مف دولة إلى أخرى في العالـ ببيع تمؾ األدوات أو شرائيا‬
‫بقرار مف المضاربيف العالمييف ومديري الشركات متعددة الجنسيات وقد تخرج تمؾ األمواؿ فجأة مف دولة ما‬
‫فتسبب أزمات مالية واقتصادية كبيرة مثؿ ما حدث في دوؿ جنوب شرقي آسيا سنة ‪.31997‬‬
‫‪ -3-3‬الشركات المتعددة الجنسيات‪ :‬تعد الشركات المتعددة الجنسيات مف أكثر األنماط تعبي ار عف عولمة‬
‫االقتصاد لما تممكو مف إمكانيات مادية وبشرية ىائمة تمتد إلى مختمؼ دوؿ العالـ‪ ،‬وتنوع نشاطاتيا لتشمؿ‬
‫قطاعات اإلنتاج والتجارة والماؿ‪ ،‬بغية توزيع المخاطر وتنويع مصادر الربح‪ ،‬وسعييا إلى تحويؿ العالـ إلى‬

‫‪ -1‬حسف أحمد شحاتة‪ ،‬محمد حساف عوض‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -2‬محمد عبد الو شاىيف محمد‪ ،‬التجارة الدولية وأثرىا عمى التجارة الخارجية لمدول العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار حميثرا‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،2018 ،‬ص‬
‫‪.162‬‬
‫‪ -3‬فيد خميؿ زايد‪ ،‬فن إدارة األزمات االقتصادية‪ -‬العولمة وبداية االنييار‪ ،-‬الطبعة األولى‪ ،‬دار يافا‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،2013 ،‬ص ص ‪.56-55‬‬
‫‪75‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫ساحة اقتصادية واحدة بغية بسط نفوذىا‪ ،‬واحكاـ سيطرتيا عمى قطاع األعماؿ في العالـ مستفيدة مف‬
‫انجازات التقدـ العممي والتقني األمر الذي أدى إلى تراجع دور الدولة أماـ ىذه الشركات‪.1‬‬
‫وتعمؿ الشركات المتعددة الجنسيات عمى توفير مصادر تمويؿ وكذا نقؿ التكنولوجيا‪ ،‬وتوفير مناصب عمؿ‬
‫والمساىمة في رفع مستوى المعيشة وكذا جمب خبرات وميارات إدارية وميزات تنافسية لمدوؿ المضيفة‪.2‬‬
‫‪ -4-3‬وسائل اإلعالم‪ :‬أحدث التقدـ التقني في مجاؿ البث اإلعالمي ثورة كبرى في حياة الناس‪ ،‬فقد أطمؽ‬
‫الغرب عددا كبي ار مف األقمار الصناعية تدور حوؿ األرض مرسمة رسائؿ ضمنية عف الحياة العصرية‬
‫الغربية‪ ،‬وتغيير نمط االستيالؾ لألفراد وزيادتو وما يتبع ذلؾ مف زيادة الطمب عمى السمع وبالتالي زيادة‬
‫اإلنتاج‪.3‬‬
‫‪ -5-3‬التكتالت االقتصادية الدولية واإلقميمية‪ :‬تقوـ ىذه التكتالت بفرض سياسات اقتصادية رأسمالية عمى‬
‫الدوؿ النامية تصب في مصمحتيا‪ ،‬وتؤدي إلى عولمة اقتصاديات الدوؿ النامية‪ ،‬ومف أمثمة ىذه التكتالت‬
‫االتحاد األوروبي‪ ،‬ومنظمة التجارة الحرة لدوؿ أمريكا الشمالية (النافتا) التي تضـ الواليات المتحدة األمريكية‬
‫وكندا والمكسيؾ ومنظمة أسياف‪.‬‬
‫إف ىذه التكتالت تعكس درجة عالية مف كثافة االعتماد المتبادؿ وتقسيـ العمؿ اإلقميمي في مجاالت‬
‫االستثمار والتجارة وأنواع التبادؿ األخرى‪ ،‬وينظر البعض إلى ىذه التكتالت عمى أنيا عولمة جزئية تقوـ في‬
‫إطار العولمة الش اممة‪ ،‬وفي نفس الوقت جدار لمواجية نمط العولمة السائد‪ ،‬أو كوسيمة تتبعيا الدوؿ المختمفة‬
‫بيدؼ المواءمة مع مشكالت التكامؿ الكوني التي تدفع إليو العولمة‪.4‬‬
‫‪ -4‬أثار العولمة االقتصادية‪:‬‬
‫تتعدد اآلثار التي يمكف أف تنتج عف العولمة فمنيا ما ىو إيجابي ومنيا ما ىو سمبي‪ ،‬ونمخص أىـ‬
‫ىذه اآلثار في مايمي‪:5‬‬
‫‪ -1-4‬اآلثار اإليجابية لمعولمة االقتصادية‪ :‬وتتمثؿ أساسا في‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد عبد العزيز‪ ،‬جاسـ زكريا‪ ،‬فراس عبد الجميؿ الطحاف‪ ،‬الشركات المتعددة الجنسيات وأثرىا عمى الدول النامية‪ ،‬مجمة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،85‬جامعة المستنصرية‪ ،‬العراؽ‪ ،2010 ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -2‬شريفة جعدي‪ ،‬محمد الخطيب نمر‪ ،‬محمد بركة‪ ،‬أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات عمى التنمية المحمية في الجنوب الشرقي الجزائري خالل‬
‫الفترة (‪ ،)2012-2006‬المجمة الجزائرية لمتنمية االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،01‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2014‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -3‬فيد خميؿ ازيد‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪57‬‬
‫‪ -4‬أحمد عبد العزيز‪ ،‬جاسـ زكريا‪ ،‬فراس عبد الجميؿ الطحاف‪ ،‬العولمة االقتصادية وتأثيراتيا عمى الدول العربية‪ ،‬مجمة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪،86‬‬
‫الجامعة المستنصرية‪ ،‬العراؽ‪ ،2011 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -5‬عبد اهلل غانـ‪ ،‬تحديات العولمة فرصة لبناء التكامل‪ ،‬مجمة اإلحياء‪ ،‬العدد ‪ ، 13‬كمية العموـ اإلسالمية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2009‬ص ص ‪.302-300‬‬
‫‪76‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -‬تحويؿ العالـ كمو إلى سوؽ مفتوحة بدوف عقبات أو حواجز عمى مستوى اإلنتاج والتوزيع والتسويؽ‪ ،‬وفتح‬
‫باب المنافسة عمى مصراعيو بيف الشركات والمؤسسات والمشروعات االقتصادية عمى مستوى العالـ كمو‬
‫وسيادة اقتصاد السوؽ عمى االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫‪ -‬ساعدت العولمة عمى تقريب نصيب الفرد مف الدخؿ بيف الدوؿ‪ ،‬فقد زاد ىذا النصيب بمعدالت أسرع في‬
‫ال ػدوؿ التي أخػذت بالعولمػة (أي التي خفضػت الحواج ػ ػ ػز القائمػ ػة عمى سبيػؿ التجػارة ) عنيػا في الدوؿ الغني ػة‬
‫(‪ )%5-‬مقابؿ ‪ %2,2‬في التسعينات‪ ،‬كما حدث تقارب في نصيب الفرد مف الدخؿ بيف االقتصاديات‬
‫المتقدمة‪ ،‬أما الدوؿ النامية التي لـ تأخذ بالعولمة فقد تخمفت عف الدوؿ األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬االنفتاح االقتصادي والتعاوف التجاري بيف الدوؿ وسيولة حركة رأس الماؿ بعيدا عف القيود التي كانت‬
‫تفرضيا الدوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة حجـ االستثمارات األجنبية المتدفقة إلى معظـ الدوؿ وخصوصا دوؿ الجنوب‪ ،‬األمر الذي يتيح لتمؾ‬
‫الدوؿ استكماؿ مشروعاتيا التنموية وزيادة قدرتيا التصديرية لباقي دوؿ العالـ‪ ،‬وامكانية التصدير ألسواؽ‬
‫جديدة كانت مغمقة في الماضي أو تتبع مف القيود ما يحوؿ دوف التصدير إلييا‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة التنافس في مجاؿ السمع واألسعار وزيادة حجـ النشاط التجاري مما يؤدي إلى زيادة النمو االقتصادي‬
‫عمى المستوى المحمي والعالمي‪.‬‬
‫‪ -‬تتيح لممستيمكيف أف يستيمكوا سمعا وخدمات عديدة ومتنوعة بتكمفة أقؿ وزيادة الفرص االستثمارية وزيادة‬
‫درجة المنافسة بيف الشركات‪.‬‬
‫‪ -2-4‬اآلثار السمبية لمعولمة االقتصادية‪ :‬وتتمثؿ أىميا في‪:‬‬
‫‪ -‬العولمة تجعؿ االقتصاد العالمي يخضع لمجموعة مف الشركات الكبرى التي يتجاوز نشاطيا الحدود ليطاؿ‬
‫العالـ بأسره‪ ،‬وأف ىذه الشركات والقائميف عمييا سيزدادوف ثراء بالرغـ مف أنيـ ال يبمغوف إال ‪ %20‬مف سكاف‬
‫العالـ‪ ،‬بينما سيتجو الباقوف وىـ نحو ‪ %80‬إلى المزيد مف الفقر‪.‬‬
‫‪ -‬لعبت العولمة دو ار ىاما مف األزمة المالية واالقتصادية التي حدثت في آسيا عاـ ‪ 1997‬والتي مازالت‬
‫تعاني منيا الدوؿ اآلسيوية وانعكست آثارىا السمبية عمى كثير مف الدوؿ النامية‪.‬‬
‫‪ -‬العولمة تعمؿ عمى خمؽ مجتمع يتـ استخداـ ‪ %20‬مف قوة العمؿ المتاحة بو‪ ،‬في حيف أف الػ ‪ %80‬مف‬
‫قوة العمؿ سيكونوف في حالة بطالة بالرغـ مف قدرتيـ عمى العمؿ‪ ،‬ويرجع ذلؾ إلى استخداـ التقنيات الحديثة‬
‫واعادة الييكمة وحدوث فوضى في سوؽ العمؿ يدفع ثمنيا العماؿ ذوي الميارات المتدنية والتحصيؿ العممي‬
‫األقؿ‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -‬العولمة وما تؤدي إليو مف حرية التجارة وازالة القيود عمى حركة السمع والخدمات ورؤوس األمواؿ‪ ،‬تعمؿ‬
‫عمى إضعاؼ مركز الدولة القومية‪ ،‬ويتـ ذلؾ أيضا مف خالؿ تشجيع الدولة لمقطاع الخاص وترؾ النشاط‬
‫االقتصادي بعيدا عف تدخؿ الدولة ليدفع ذلؾ المستثمريف األجانب إلى تممؾ كؿ ما ىو متاح وممكف مف‬
‫شركات وأصوؿ إنتاجية‪.‬‬
‫‪ -‬العولمة تعمؿ عمى تييئة الساحة االقتصادية لظيور منافسة غير متكافئة بيف منتجات الدوؿ الصناعية‬
‫الكبرى ومنتجات الدوؿ النامية‪ ،‬حيث تستطيع الدوؿ األولى أف تسيطر عمى السوؽ بجودتيا العالية وأسعارىا‬
‫الرخيصة مما يضعؼ معو الطمب عمى منتجات الدوؿ النامية في السوؽ األمر الذي مف شأنو أف يؤثر عمى‬
‫الوضع االقتصاد لمدوؿ النامية بالسمب‪.‬‬

‫سادسا‪ -‬األزمة المالية ‪:2228‬‬


‫شيد االقتصاد العالمي منذ أوت ‪ 2007‬أسوأ األزمات عمى مر التاريخ ‪ ،‬انطمقت ش اررتيا مف‬
‫االقتصاد األمريكي‪ ،‬عمى اعتبار أف ىذا األخير يمثؿ قاطرة النمو في االقتصاد العالمي‪ ،‬والدليؿ عمى ذلؾ‬
‫أف نسبة الناتج المحمي اإلجمالي األمريكي عاـ ‪ 2006‬كاف يشكؿ أكثر مف ربع الناتج المحمي اإلجمالي‬
‫لمعالـ أي ما نسبتو ‪ %4.27‬ىذا وتمثؿ الصادرات األمريكية حوالي‪ %6.08‬مف الصادرات العالمية‪ ،‬وفي‬
‫المقابؿ فإف وارداتيا مف العالـ فقد بمغت ‪ %6.15‬في نفس العاـ‪ ،‬عالوة عمى ذلؾ فإف نصيب أمريكا مف‬
‫تدفقات رؤوس األمواؿ األجنبية بمغ ‪ %2.12‬عاـ ‪ ،2007‬وتحتؿ السوؽ األمريكية موقع الصدارة مف بيف‬
‫أسواؽ العالـ‪ ،‬ولذلؾ فاف أي مخاطر تتعرض ليا ىذه السوؽ سوؼ تنعكس سمبا عمى باقي األسواؽ في‬
‫العالـ‪.1‬‬
‫‪ -1‬تشخيص األزمة وجذورىا‪:‬‬
‫رغـ أف األزمة المالية الحالية لـ تظير بشكؿ واضح حتى سنة ‪ ،2008‬إال أنيا بدأت تتكوف داخؿ‬
‫االقتصاد األمريكي منذ عاـ ‪ ،2000‬حيث انخفضت أسعار الفائدة بشكؿ كبير لتصؿ إلى أقؿ مف ‪ ،%1‬كما‬
‫تزامف ذلؾ مع انفجار فقاعة شركات االنترنت‪ ،‬ثـ أخذت قيمة العقارات ترتفع‪ ،‬وارتفعت معيا أسيـ الشركات‬
‫العقارية المسجمة بالبورصة بشكؿ مستمر‪ ،‬سواء في الواليات المتحدة أو في غيرىا مف دوؿ العالـ مقابؿ‬
‫انخفاض األسيـ في القطاعات االقتصادية األخرى بما فييا قطاعات التكنولوجيا واالتصاالت الحديثة‪ ،‬األمر‬
‫الذي أدى إلى إقباؿ األمريكييف أفرادا وشركات عمى شراء المساكف والعقارات بيدؼ االستثمار طويؿ األجؿ‪،‬‬

‫‪ -1‬محمد بوىزة‪ ،‬رفيؽ مرزوقي‪ ،‬األزمة المالية العالمية وأثارىا عمى االقتصاديات العربية‪ ،‬ممتقى دولي األزمة المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة‬
‫العالمية المنعقد يومي ‪ 20‬و‪ 21‬أكتوبر ‪ ،2009‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطيؼ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪78‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وزادت وفقًا لذلؾ عمميات اإلقراض مف قبؿ البنوؾ‪ ،‬وازداد التوسع والتساىؿ في منح القروض العقارية لألفراد‬
‫م ف ذوى الدخوؿ المنخفضة وغير القادريف عمى السداد‪ ،‬والمسماة بالقروض " الرديئة"‪ ،‬وذلؾ دوف التحقؽ مف‬
‫قدرتيـ عمى السداد‪ .1‬ثـ بدأت أسعار الفائدة في االرتفاع التدريجي لتصؿ إلى ‪ %1‬سنة ‪ ،22003‬ومع بداية‬
‫عاـ ‪ 2006‬وحدوث حالة مف التشبع التمويمي العقاري ارتفعت أسعار الفائدة لتصؿ إلى ‪ ،%5.25‬وأصبح‬
‫األفراد المستفيديف مف القروض متدنية الجودة غير قادريف عمى سداد األقساط المستحقة عمييـ‪ ،‬وازداد األمر‬
‫سوءا بانتياء فترة الفائدة المثبتة المنخفضة لمقروض‪ ،‬وازدادت معدالت حجز البنوؾ لعقارات مف لـ يستطيعوا‬
‫السداد‪ ،‬لتصؿ إلى حوالي ‪ ،%93‬وفقد أكثر مف ‪ 2‬مميوف أمريكي ممكيتيـ ليذه العقارات وأصبحوا مكبميف‬
‫بااللتزامات المالية طيمة حياتيـ‪ .‬وما زاد الوضع سوءا مايمي‪:‬‬
‫‪ -‬قامت البنوؾ وشركات التمويؿ العقاري باالتفاؽ مع مشتري العقارات عمى التأميف عمى سداد القروض في‬
‫شركات التأميف مقابؿ أقساط وعندما عجز المشتروف عف دفع األقساط كانت شركة التأميف مطالبة بالسداد‪،‬‬
‫وعند تفاقـ المشكمة عجزت ىذه الشركات عف توفير السيولة الالزمة لدفع التعويضات فدخمت دائرة التعثر‬
‫واإلفالس‪.‬‬
‫‪ -‬اتجاه البنوؾ المقدمة ليذه القروض لخصـ الديوف العقارية (تـ ذلؾ مف خالؿ تجميع القروض العقارية‬
‫المتشابية في سمة واحدة واعادة بيعيا لممؤسسات‪ ،‬والشركات المالية والعقارية األخرى‪ ،‬لتقوـ األخيرة بتجميع‬
‫أقساط القروض مف المدينيف)‪ ،‬وذلؾ في محاولة لمحد مف المخاطر المترتبة عمييا‪.‬‬
‫‪ -‬قاـ المقترضوف أصحاب المنازؿ بإعادة رىف العقارات بعد تقويميا بمبالغ أكثر مف قيمتيا األصمية‬
‫والحصوؿ عمى قروض مف مؤسسات أخرى التي بدورىا باعت ىذه القروض إلى شركات الخصـ (التوريؽ)‬
‫التي أصدرت بموجبيا سندات وطرحتيا في أسواؽ الماؿ والبورصات لمتداوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تـ إصدار أدوات مالية (مشتقات) لممضاربة عمى فروؽ أسعار ىذه السندات وتـ طرحيا في األسواؽ ىي‬
‫األخرى ويتـ تداوليا منفصمة عف السندات‪ .‬وىذا ما أدى إلى امتداد آثار األزمة لعدد كبير مف البنوؾ‬
‫والشركات في الواليات المتحدة وحوؿ العالـ‪ ،3‬مف خالؿ ارتباط عدد كبير مف المؤسسات المالية ‪-‬خاصة‬
‫األوروبية واآلسيوية‪ -‬بالسوؽ المالية األمريكية إلى انتقاؿ األزمة الرىف العقاري مف الواليات المتحدة إلى‬

‫‪ -1‬جميمة الجوزي‪ ،‬أسباب األزمة المالية وجذورىا‪ ،‬مؤتمر دولي حوؿ األزمة المالية العالمية وكيفية عالجيا مف منظور النظاـ االقتصادي الغربي‬
‫واإلسالمي المنعقد يومي ‪ 13‬و‪ 14‬مارس ‪ ،2009‬جامعة الجناف‪ ،‬لبناف‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Pascal Salin, la crise financière : causes, conséquences, solutions, consulter le 25-06-2018:‬‬
‫‪https://www.libinst.ch/publications/IL-Salin-Crise-financiere.pdf‬‬
‫‪ -3‬جميمة الجوزي‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪79‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫القارة اآلسيوية واألوروبية وطالت األزمة شركات القروض العقارية والبنوؾ وصناديؽ التحوط وشركات‬
‫االستثمار واألسواؽ المالية لتتطور إلى أزمة أكبر باتت تعرؼ باألزمة المالية العالمية‪.1‬‬
‫‪ -2‬أسباب حدوث األزمة‪ :‬ترجع أسباب األزمة المالية العالمية الراىنة إلى مجموعة مف األسباب لعؿ أىميا‬
‫ما يمي‪:‬‬
‫‪ -1-2‬ظروف االقتصاد األمريكي‪ :‬يمكف إبراز أىميا في النقاط التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬العجز التجاري‪ :‬منذ عاـ ‪ 1971‬لـ يسجؿ الميزاف التجاري أي فائض بؿ عجز يزداد سنوياً وصؿ في‬
‫عاـ ‪ 2006‬إلى ‪ 758‬مميار دوالر‪ .‬ويعود السبب األساس إلى عدـ قدرة الجياز اإلنتاجي خاصة السمعي‬
‫عمى تمبية االستيالؾ‪.‬‬
‫ب‪ -‬عجز الميزانية‪ :‬ال يزاؿ العجز المالي مرتفعاً حيث قدر في ميزانية عاـ ‪ 2008‬بمبمغ ‪ 410‬مميار دوالر‬
‫أي ‪ % 9.2‬مف الناتج المحمي اإلجمالي‪ ،‬حيث يغمب الطابع العسكري عمى النفقات العامة والطابع السياسي‬
‫عمى الضرائب‪.‬‬
‫ج‪ -‬المديونية‪ :‬أظيرت إحصاءات و ازرة الخزانة األميركية ارتفاع الديوف الحكومية (اإلدارة المركزية واإلدارات‬
‫المحمية) مف ‪ 3.4‬تريميونات دوالر في عاـ ‪ 1990‬إلى ‪ 4.8‬تريميونات دوالر في عاـ ‪ 2003‬والى ‪9.8‬‬
‫تريميونات دوالر في عاـ ‪ .2007‬وأصبحت ىذه الديوف العامة تشكؿ ‪ %64‬مف الناتج المحمي اإلجمالي‪ .‬وال‬
‫يتوقؼ ثقؿ المديونية األمريكية عمى اإلدارات الحكومية بؿ يشمؿ األفراد والشركات أيضاً‪ .‬فقد بمغت الديوف‬
‫الفردية ‪ 2.9‬تريميونات دوالر منيا ديوف عقارية بمبمغ ‪ 6.6‬تريميونات دوالر‪ .‬ىذه الديوف بذاتيا أزمة اقتصادية‬
‫خ طيرة‪ .‬كما تعاني الواليات المتحدة مف مشاكؿ اقتصادية أخرى في مقدمتيا التضخـ الذي تجاوز ‪%4‬‬
‫‪.2‬‬
‫والبطالة التي تشكؿ ‪ %5‬والصناعة التي تتراجع أىميتيا والفقر‬
‫‪ -2-2‬أسعار الفائدة‪ :‬حيث أدت االرتفاعات المتتالية ألسعار الفائدة مف قبؿ البنؾ الفيدرالي األمريكي إلى‬
‫زيادة أ عباء القروض العقارية‪ ،‬وعدـ قدرة معظـ المقترضيف عمى السداد‪ ،‬أو التأخر في السػداد‪ ،‬مما فرض‬

‫‪ -1‬جبر محمود الفضيالت‪ ،‬الرىن العقاري وأثره في أزمة االقتصاد العالمية المعاصرة‪ ،‬المؤتمر الدولي حوؿ األزمة االقتصادية المعاصرة أسبابيا‬
‫وتداعياتيا‪ ،‬وعالجيا المنعقد في الفترة ‪ 16-14‬ديسمبر ‪ ،2010‬جامعة جرش‪ ،‬األردف‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -2‬كماؿ بف موسى‪ ،‬األزمة المالية العالمية و تداعياتيا عمى البنوك اإلسالمية‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ االقتصاد اإلسالمي‪ :‬الواقع ورىانات المستقبؿ‬
‫المنعقد يومي ‪ 23‬و‪ 24‬فيفري ‪ ،2011‬جامعة غرداية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪80‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫عمييـ أسعار فائدة أعمى ومف ثَـ أعباء إضافية فوؽ أعبائيـ وىكذا‪ ...‬إلى أف توقؼ أغمبيـ عف السداد‬
‫بالكامؿ نتيجة عدـ قدرتيـ عمى دفع ما يستحؽ عمييـ‪.1‬‬
‫‪ -3-2‬قروض الرىن العقاري‪ :‬أدى انخفاض سعر الفائدة األمريكي إلى تشجيع البنوؾ عمى منح قروض‬
‫لشراء المنازؿ بفائدة متدنية‪ ،‬فازداد الطمب عمى العقار مما أدى إلى زيادة كبيرة وسريعة في أسعاره‪ .‬وقد أدى‬
‫ازدىار سوؽ العقار إلى ارتفاع حجـ التمويؿ العقاري األمر الذي مثؿ ضغطا عمى الطمب عمى العقارات‬
‫بسبب الوفرة المالية والشروط الميسرة مف البنوؾ والفوائد المنخفضة‪.2‬‬
‫وأخذ منح القروض العقارية قفزة نوعية ما بيف ‪ 2001‬و‪ 2006‬إذ ارتفعت قيمة القروض الممنوحة في ىذه‬
‫الفترة مف ‪ 94‬مميار دوالر إلى ما يقارب ‪ 700‬مميار دوالر أي بزيادة أكثر مف ‪ 7‬أضعاؼ‪.3‬‬
‫قامت المؤسسات المالية بطرح ىذه القروض كسندات استثمارية مما أدى إلى وجود سوؽ ثانوية ميمتيا‬
‫التجارة في القروض واعادة بيعيا عدة مرات والنتيجة ارتفاع الفجوة بيف األسعار الحقيقية والسوقية ونظ ار‬
‫الرتفاع قيمة العقارات بصورة مبالغ فييا فقد لجأ أصحابيا لرىنيا لمحصوؿ عمى قروض مف الدرجة الثانية‬
‫(الرىوف األقؿ جودة) وىي تكوف أكثر خطورة في حاؿ انخفاض قيمة العقار وحتى يطمئف المستثمر قامت‬
‫الشركات بالتأميف عمى القروض والسندات في حاؿ التعثر وعدـ السداد‪.‬‬
‫وبيذا أصبح البيت الواحد مرىوف ألكثر مف جية بؿ ومؤمف عميو عند أكثر مف شركة ثـ بدأ انييار األسعار‬
‫نتيجة التوقؼ عف السداد وبدأت معو المؤسسات تصاب بالعسر المالي وبدأ انييار سوؽ العقار العالمي‬
‫ومعو المؤسسات المالية وشركات التأميف‪.‬‬
‫‪ -4-2‬توريق الديون العقارية‪ :‬يعرؼ التوريؽ عمى أنو تحويؿ الموجودات غير السائمة إلى أوراؽ مالية‬
‫قابمة لمتداوؿ‪ ،‬أي تحويؿ الديوف (التي اقترضيا أصحاب المنازؿ) مف المقرض األساسي (البنؾ أو‬
‫المؤسسات المالية) إلى مقترضيف آخريف في شكؿ أوراؽ مالية قابمة لمتداوؿ في األسواؽ المالية‪ ،‬فكأف البنؾ‬
‫لـ يكتؼ باإلقراض األوؿ بؿ أصدر موجة ثانية مف األصوؿ المالية بضماف الرىوف العقارية وتستمر العممية‬
‫موجة بعد موجة حيث يولد اإلقراض موجات متتابعة مف اإلقراض بأسماء المؤسسات المالية واحدة بعد‬

‫‪ -1‬محمد محمود ولد محمد عيسى‪ ،‬آثار وانعكاسات األزمة المالية واالقتصادية عمى االقتصاديات العربية‪ ،‬ممتقى دولي األزمة المالية واالقتصادية‬
‫الدولية والحوكمة العالمية‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ -2‬األزمة المالية العالمية دروس مستفادة‪ ،‬إدارة الدراسات المالية‪ ،‬دائرة المالية‪ ،‬حكومة دبي‪ ،2014 ،‬ص ص ‪ ،7-6‬تاريخ االطالع‪-06-08 :‬‬
‫‪http://www.dof.gov.ae/ar-sa/Pages/Home/Home.aspx‬‬ ‫‪:2018‬‬
‫‪ -3‬عبد القادر بمطاس‪ ،‬تداعيات األزمات المالية العالمية –أزمة ‪ ،-Sub-prime‬دوف طبعة‪ ،‬دار األسطورة‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪81‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫األخرى‪ ،‬وقد ساىـ التوريؽ في توزيع المخاطر مما أدى إلى ضعؼ الرقابة واالىتماـ بالمخاطر وتضاءلت‬
‫دقة تقييـ ىذه األخيرة‪.1‬‬
‫‪ -5-2‬التعامل بالمشتقات المالية‪ :‬اتجيت أسواؽ الماؿ إلى ابتكار أدوات تمويمية جديدة تعرؼ بالمشتقات‬
‫المالية*‪ ،‬ويمكف مف خالليا تحويؿ مخاطر األصوؿ التمويمية مثؿ السندات إلى أدوات قابمة لمتسويؽ في‬
‫سوؽ رأس الماؿ‪ ،2‬وقد سيمت المشتقات المالية التي تـ إصداراىا نقؿ وانتشار المخاطر في نفس الوقت‪،‬‬
‫خاصة وأنيا لـ تكف خاضعة لرقابة جدية‪ ،3‬فقد زادت عمميات إصدارىا وتضخمت األصوؿ التمويمية‪.‬‬
‫‪ -6-2‬نقص أو انعدام الرقابة واإلشراف عمى المؤسسات واألدوات المالية‪ :‬في مواجية ىذا التوسع‬
‫المحموـ لألصوؿ المالية‪ ،‬فإف المؤسسات المالية التي تصدر أو تتعامؿ في ىذه األصوؿ خضعت لقميؿ مف‬
‫الرقابة واإلشراؼ وأحياناً دوف أي إشراؼ مف السمطات العامة ‪.‬ونظ اًر ألف معظـ ىذه المؤسسات المالية تتمتع‬

‫بدرجة عالية مف الثقة باعتبارىا مؤسسات مالية صمبة تستند إلى دعائـ مالية قوية وكافية‪ ،‬لذلؾ لـ يكف غريباً‬
‫أف ينجذب جميور المستثمريف والمقترضيف بؿ والعديد مف المؤسسات المالية لمتعامؿ فيما يصدر عنيا مف‬
‫أدوات مالية متعددة ومتنوعة‪ ،‬وبعضيا بالغ التعقيد والتركيب بما يصعب عمى المستثمر العادي‪ ،‬وأحياناً عمى‬
‫الخبير المتخصص‪ ،‬فيـ أبعاد المخاطر التي تشوب ىذه األدوات‪ .‬وقد استند اإلقباؿ عمى ىذه األدوات‪ ،‬إلى‬
‫حد كبير‪ ،‬إلى األسماء الكبيرة لممؤسسات المصدرة ليذه األدوات‪.4‬‬
‫‪ -7-2‬فساد وكاالت التقويم‪ :‬ىذه الوكاالت ميمتيا األساس تقويـ الجدارة االئتمانية‪ ،‬وقد انتشر الفساد‬
‫والرشوة في كثير مف ىذه الوكاالت في الواليات المتحدة وبعض الدوؿ األوربية بحيث أصبح التقويـ ال يعبر‬

‫‪ -1‬األزمة المالية العالمية دروس مستفادة‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫*‪ -‬المشتقات المالية‪ :‬وىي عبارة عف أدوات مالية استحدتث بغية التحوط أوال والمضاربة ثانيا وتشمؿ‪ :‬المستقبميات والخيارات والعقود اآلجمة‬
‫والمبادالت‪.‬‬
‫‪ -2‬األزمة التمويمية العالمية وسبل مواجية آثارىا عمى مصر‪ ،‬سمسمة آراء في السياسة االقتصادية‪ ،‬المركز المصري لمدراسات االقتصادية‪ ،‬العدد ‪،22‬‬
‫القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2008‬ص‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jean-Charles Bricongne, Jean-Marc Fournier, Vincent Lapègue, et Olivier Monso, De la crise financière à la‬‬
‫‪crise économique L’impact des perturbations financières de 2007 et 2008 sur la croissance de sept pays‬‬
‫‪industrialisés, revue économie et statistique, L’Institut national de la statistique et des études économiques,‬‬
‫‪N°438–440, France, 2010, P 48.‬‬
‫‪ -4‬األزمة المالية العالمية وتداعياتيا عمى االقتصادات العربية‪ ،‬صندوؽ النقد العربي‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2008‬ص ‪ ،7‬تاريخ االطالع‪:2018-06-18 :‬‬
‫‪http://www.amf.org.ae/ar‬‬
‫‪82‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫عف حقيقة الجدارة االئتمانية لمبنوؾ (استثمارية وتجارية) وشركات التأميف وشركات إعادة التأميف وشركات‬
‫التمويؿ العقاري أي القطاع المالي بأكممو‪.1‬‬
‫‪ -8-2‬انتشار الفساد األخالقي االقتصادي‪ :‬ويتمثؿ في االستغالؿ والكذب والشائعات المغرضػة والغش‬
‫والتدليس واالحتكار والمعامالت الوىمية‪.2‬‬
‫‪ -3‬تأثير األزمة المالية العالمية عمى النظام المالي العالمي‪ :‬إف آثار األزمة المالية عمى الصعيد المحمي‬
‫لـ تتوقؼ عند انييار القطاع المالي الذي كاف مف أبرز مظاىره‪:3‬‬
‫‪ -1-3‬آثار األزمة عمى أسواق رأس المال‪ :‬إف أوؿ تداعيات األزمة المالية عمى البورصة األمريكية إذ‬
‫انخفض مؤشر داوجونز الصناعي ألسيـ الشركات األمريكية الكبرى مف ‪ 9258‬نقطة إلى ‪ 8579‬نقطة أي‬
‫بمقدار ‪ 679‬نقطة وبمعدؿ ‪ .%3.7‬وقد انتقمت األزمة إلى معظـ األسواؽ المالية‪ ،‬فبعد ىبوط أسيـ بورصة‬
‫ووؿ ستريت انخفض المؤشر العاـ في أىـ البورصات العالمية‪ ،‬حيث خسرت بورصة طوكيو أكثر مف ‪%51‬‬
‫مف رسممتيا بسبب أزمة البنوؾ األمريكية‪ ،‬وخاصة أف أكبر احتياطي مف الدوالر في العالـ يوجد في الياباف‬
‫وروسيا‪ ،‬وكاف لدى الصيف أكثر مف ‪ 1500‬مميار دوالر مف األصوؿ اإلجمالية العالمية المقدرة بػ ‪ 5‬أالؼ‬
‫مميار دوالر‪ ،‬في حيف عرؼ مؤشر ‪ cac40‬انييا ار كبي ار مع نياية أكتوبر ‪ ،2010‬حيث انخفض أداء‬
‫المؤشر مف ‪ 2111‬نقطة إلى ‪ 3211‬نقطة‪ ،‬بينما خسر مؤشر داوجونز ‪ %32‬مف قيمتو عمى ‪ 10‬أشير‬
‫األولى مف سنة ‪ 2008‬وبورصة ىونغ كونغ خسرت ‪ %22‬مف قيمتيا‪.‬‬
‫‪ -2-3‬نقص السيولة النقدية‪ :‬لقد قدمت المؤسسات المالية األمريكية تسييالت ائتمانية لجميع فئات‬
‫المجتمع األمريكي قصد شراء عقارات بالتقسيط وبأسعار فائدة متدنية بمعدؿ ‪ %1‬وبدوف ضمانات سوى‬
‫ممكية العقار‪ .‬مما أدى إلى استنزاؼ خطير لمسيولة النقدية وحصرىا في األصوؿ العقارية ضعيفة السيولة‪،‬‬
‫وبعد ارتفاع سعر الفائدة إلى ‪ %25.5‬مما أدى إلى عدـ مقدرة األفراد تسديد أقساط القرض وبالتالي رفع مف‬

‫‪ -1‬إيماف محمود عبد المطيؼ‪ ،‬األزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬أطروحة دكتو اره غير منشورة‪ ،‬جامعة سانت كميمنتس العالمية‪،‬‬
‫العراؽ‪ ،2011 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -2‬عمي فالح المناصير‪ ،‬وصفي عبد الكريـ الكساسبة‪ ،‬األزمة المالية العالمية "حقيقتيا‪ ،‬أسبابيا‪ ،‬تداعياتيا وسبل العالج"‪ ،‬المؤتمر الدولي حوؿ‬
‫تداعيات األزمة االقتصادية العالمية عمى منظمات األعماؿ "التحديات‪-‬الفرص‪-‬اآلفاؽ" المنعقد يومي ‪ 11-10‬نوفمبر ‪ ،2009‬جامعة الزرقاء الخاصة‪،‬‬
‫عماف‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬العديد مف المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬ناصر مراد‪ ،‬األزمة المالية العالمية‪ :‬األسباب‪ ،‬اآلثار و سياسات مواجيتيا‪ ،‬ممتقى دولي األزمة المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة العالمية‪ ،‬مرجع‬
‫سبؽ ذكره‪ ،‬ص ص ‪.6-5‬‬
‫‪ -‬خيرالديف بوزرب‪ ،‬عبد اهلل منصوري‪ ،‬تقييم دور الوال يات المتحدة األمريكية في إصالح النظام المالي العالمي بعد األزمة المالية العالمية دراسة‬
‫باستخدام نظرية االستقرار بالييمنة‪ ،‬مجمة العموـ اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،44‬جامعة قسنطينة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2015‬ص ص ‪.120-119‬‬
‫‪83‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫حدة استرداد العقار لممؤسسات العقارية‪ ،‬وترتب عمى ذلؾ إغراؽ االقتصاد األمريكي بعقارات منخفضة القيمة‬
‫مما نتج عنو امتصاص لمسيولة النقدية بالمؤسسات المالية العالمية‪ ،‬كما أف فقداف الثقة ما بيف المؤسسات‬
‫المالية في مجاؿ التعاوف فيما بينيا في منح االئتماف أدى إلى ندرة واسعة في السيولة النقدية باألسواؽ‬
‫العالمية‪.‬‬
‫‪ -3-3‬إفالس الكثير من البنوك والمؤسسات العقارية وشركات التأمين وتحول الكثير من البنوك إلى‬
‫ممكية حكومية‪ :‬حيث بمغت خسائر (‪ )Citigroup‬حوالي ‪ 2000‬مميار دوالر وتراجعت إيراداتيا إلى ‪،%52‬‬
‫كما أفمس بنؾ ليماف برادرز(‪ ،)Brothers Lehmann‬واستحوذت الحكومة األمريكية عمى شركتي فاني‬
‫ماي(‪ )Mae Fannie‬المختصة في تمويؿ السكاف وفريدي ماؾ (‪ )Mac Freddie‬المختصة بتوفير السيولة‬
‫لمجيات الممولة لممساكف‪ ،‬في حيف اشترى بنؾ أوؼ أمريكا )‪ (Bank of America‬بنؾ كنتري وايد‬
‫)‪ (Countrywide‬أكبر مموؿ لمرىف العقاري في الواليات المتحدة بقيمة ‪ 5‬مميار دوالر‪ .‬وتـ تأميـ بنؾ‬
‫التسميؼ العقاري وبنؾ برادفور أند بينغمي (‪ )Bradford and Bingley‬مف قبؿ الحكومة البريطانية‪.‬‬
‫‪ -4-3‬الركود االقتصادي‪ :‬أدت األزمة المالية إلى دخوؿ االقتصاد العالمي في ركود اقتصادي نتيجة‬
‫انخفاض االستيالؾ وتقميص إنفاؽ الشركات والنشاط اإلسكاني‪ ،‬وانعكس ذلؾ عمى العجز في الميزاف‬
‫التجاري لمدوؿ المتقدمة‪ ،‬إذ حققت الواليات المتحدة األمريكية عج از قياسيا خالؿ سنة ‪ 2008‬بمغ ‪ 455‬مميار‬
‫دوالر وبزيادة قدرىا ‪ % 50‬مقارنة بسنة ‪ .2007‬وحقؽ الميزاف التجاري لدوؿ اإلتحاد األوروبي في سنة‬
‫‪ 2008‬عج از بقيمة ‪ 2.27‬مميار أورو (ما يعادؿ ‪ 36‬مميار دوالر) مقارنة ب ػ ‪ 1.16‬مميار أورو سنة ‪.2007‬‬
‫وتفاقـ العجز التجاري في روسيا إلى ‪ 8.44‬مميار أورو مقارنة ب ػ ‪ 9.32‬مميار أورو‪ .‬فيما بقي العجز ثابتا‬
‫مع الصيف بمقدار ‪ 86‬مميار أورو‪ ،‬بينما تراجع في الياباف بشكؿ طفيؼ إذ بمغ ‪ 6.19‬مميار أورو مقارنة ب ػ‬
‫‪ 2.20‬مميار سنة ‪. 2007‬‬
‫ويؤدي ركود االقتصاد العالمي إلى انخفاض االستثمار و تراجع االستثمار األجنبي المباشر خاصة في‬
‫الدوؿ النامية‪ ،‬وبالتالي انخفاض الطمب عمى الطاقة‪ ،‬ويؤدي إلى انييار أسعار المحروقات مما يؤثر سمبا‬
‫عمى الدوؿ التي تصدر البتروؿ‪ ،‬بحيث تنخفض حصيمة الصادرات‪ ،‬ما يشكؿ ضغوطا متزايدة عمى‬
‫الموازنات العامة ومستوى اإلنفاؽ ومعدالت النمو‪.‬‬
‫‪ -5-3‬تفاقم البطالة‪ :‬يعتبر ارتفاع معدالت البطالة في مختمؼ قطاعات النشاط اإلنتاجي مف أىـ اآلثار‬
‫السمبية لألزمة المالية العالمية‪ ،‬وقد تأثر سوؽ العمؿ بعد الركود االقتصادي وانخفاض الطمب ونقص‬
‫التمويؿ‪ ،‬مما دفع بالمؤسسات بتسريح عدد ىائؿ مف العماؿ‪ ،‬وفي دراسة صدرت عف مكتب العمؿ الدولي‬
‫‪84‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫فإف عدد األفراد المعرضيف لمبطالة عمى مستوى العالـ وصؿ ‪ 210‬مميوف شخص سنة ‪ 2008‬بعدما كاف‬
‫‪ 190‬مميوف شخص سنة ‪.2007‬‬
‫‪ -4‬أثر األزمة المالية العالمية عمى االقتصاد الجزائري‪:‬‬
‫ال مما شؾ فيو أف االقتصاد الجزائري كغيره مف االقتصاديات العالمية سوؼ يتأثر باألزمة‬
‫االقتصادية العالمية‪ ،‬واف كاف بنسبة أقؿ مقارنة بالدوؿ األخرى وذلؾ لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عدـ وجود سوؽ مالية بالمعنى الفعمي في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ وجود ارتباطات مصرفية لمبنوؾ الجزائرية مع البنوؾ العالمية بالشكؿ الذي يؤثر عمييا‪.‬‬
‫‪ -‬انغالؽ االقتصاد الجزائري بشكؿ نسبي عمى االقتصاد العالمي‪ ،‬ذالؾ أف اإلنتاج الجزائري ال يعتمد عمى‬
‫التصدير باستثناء المحروقات و ذلؾ ما يجعمو في مأمف مف أي كساد قد يصيب االقتصاد العالمي والكثير‬
‫مف الدوؿ التي تعتمد عمى صادرات قد تتأثر بالركود والكساد في الدوؿ المستيمكة لمنتجاتيا‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد الحكومة الجزائرية عمى موازنة بسعر مرجعي يقؿ كثي ار عف أسعار السوؽ وىذا ما يجنبيا أي‬
‫انعكاسات في حالة انخفاض أسعار البتروؿ‪.‬‬
‫وباعتبار أف الجزائر مف الدوؿ العربية المصدرة لمبتروؿ والذي ساىـ في ارتفاع المداخيؿ خالؿ‬
‫النصؼ األوؿ مف سنة ‪ 2008‬حسب تقرير البنؾ العالمي الذي أشار إلى أف الجزائر حققت نسبة نمو ىذه‬
‫السنة ب ػ ‪ %9,4‬مقابؿ ‪ %1,3‬سنة ‪ 2007‬وقدرت نسبة النمو خارج المحروقات ب ػ ‪ %6‬وىي نتاج النفقات‬
‫العمومية في قطاعات مثؿ البناء والخدمات المتعمقة بالبنى التحتية واليياكؿ القاعدية‪ ،‬وأشار تقرير البنؾ‬
‫العالمي أف الجزائر تتمتع بوضع مالي مريح إذ قدر احتياطي الصرؼ نياية سبتمبر مف سنة ‪ 2007‬بػ ‪130‬‬
‫مميار دوالر بزيادة قيمتيا ‪ 30‬مميار دوالر مقارنة بنياية ‪ ،2007‬إال أف تراجع األسعار بدأ يشكؿ بالنسبة‬
‫لمدوؿ النفطية عامؿ ضغط مستمر وىو ما يتوقع حسبو إلى أف سنة ‪ 2009‬ىي آخر سنة لمخطط دعـ‬
‫النمو االقتصادي الذي جند لو أكثر مف ‪ 150‬إلى ‪ 160‬مميار دوالر ستنتيي بنسبة نمو متواضعة تقدر ب ػ‬
‫‪ .%8,3‬ومع تراجع أسعار البتروؿ إلى أقؿ مف ‪ 50‬دوالر لمبرميؿ واستمرار تدني األسعار وعزوؼ الرأسماؿ‬
‫األجنبي عمى االستثمار في الجزائر فمف المتوقع أف تتأثر المشاريع الخاصة باليياكؿ القاعدية والبنى التحتية‬
‫التي تموؿ مف قبؿ الدولة تدريجيا فضال عف تأثر المداخيؿ الجبائية أيضا وىو ما مف شأنو أف يؤثر عمى‬
‫االقتصاد الجزائري‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫وعف تأثيرات األزمة المالية عمى القطاع بنكي فتشير التقارير االقتصادية بأف الجزائر في منأى مف تداعياتيا‬
‫نظ ار لعدـ مخاطرتيا في مجاؿ التوظيؼ المالي‪ ،‬فضال عف عدـ ارتباط بنوؾ الجزائر بشبكات وتعامالت‬
‫خارجية‪.1‬‬
‫ويتأثر االقتصاد الجزائري أيضا مف خالؿ‪:‬‬
‫‪ -‬انخفاض أسعار العديد مف السمع في السوؽ العالمية‪ :‬فكما يؤدي نمو االقتصاد العالمي إلى زيادة أسعار‬
‫السمع فركوده يؤدي إلى انخفاض أسعار السمع في السوؽ العالمية‪ ،‬وباعتبار الجزائر بمد مستورد لمسمع‬
‫فاألزمة نافعة لالقتصاد عمى األمد القريب‪.‬‬
‫‪ ‬انخفاض تكاليؼ مواد اإلنتاج قد يخمؽ ديناميكية في االقتصاد‪ ،‬ومثاؿ انييار أسعار الحديد ساعدت قطاع‬
‫العقار في الجزائر عمى النيوض بعد تعثره إثر ارتفاع أسعاره في السوؽ العالمية‪.‬‬
‫‪ ‬اختالؿ التوازنات المالية الكبرى إف استمرت أسعار المحروقات في االنييار‪.‬‬
‫‪ ‬الركود االقتصادي سيؤدي إلى إفالس الكثير مف الشركات و المؤسسات عبر العالـ‪ ،‬وبقاء بعض‬
‫الشركات الكبرى يؤدي إلى احتكار السوؽ العالمية وبالتالي رفع األسعار مجددا‪.‬‬
‫‪ ‬األزمة االقتصادية قد تحد مف االستثمارات الخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬تراجع التحويالت المالية بشكؿ ممحوظ‪.2‬‬
‫‪ -5‬اإلجراءات التي تم اتخاذىا لمواجية األزمة‪:‬‬
‫أقرت السمطات المختصة في االقتصاد األمريكي بالتنسيؽ مع السمطات المختصػة فػي الػدوؿ األخػرى‬
‫لوضع خطط مماثمة‪ ،‬مجموعة مف اإلجراءات لمواجية ىذه األزمة‪ ،‬تتمثؿ أساسا في‪:3‬‬
‫‪ -1-5‬أف تستمر البنوؾ المركزية في المحافظة عمى معدؿ السيولة في االقتصاد سػواء مػف خػالؿ تخفػيض‬
‫أسػػعار الفائػػدة األساسػػية‪ ،‬أو مػػف خػػالؿ ضػػخ األم ػواؿ فػػي األس ػواؽ (عمميػػات السػػوؽ المفتػػوح)‪ ،‬وذلػػؾ لضػػماف‬
‫تسػػييؿ عمميػػة المجػػوء إلػػى القػػروض البنكيػػة لالسػػتثمار بمػػا يػػؤدي إلػػى دعػػـ االقتصػػاد األمريكػػي واالقتص ػػاد‬
‫العالمي المتعثريف‪.‬‬

‫‪ -1‬صالح مفتاح‪ ،‬فريدة معارفي‪ ،‬قـراءة في األزمـة المالية العالمية رؤية شرعـية إسالميـة‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ أزمة النظاـ المالي والمصرفي الدولي‬
‫وبديؿ البنوؾ اإلسالمية‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ص ‪.9-8‬‬
‫‪ -2‬دليمة طالب‪ ،‬سيدي محمد عياد‪ ،‬كريـ وىراني‪ ،‬األزمة المالية الراىنة وأثرىا عمى االقتصاد الجزائري‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ أزمة النظاـ المالي‬
‫والمصرفي الدولي وبديؿ البنوؾ اإلسالمية‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -3‬محمد خميؿ فياض‪ ،‬خالد عمى الزائدي‪ ،‬األزمة المالية العالمية وأثرىا عمى أسعار النفط الخام‪ ،‬الندوة الدولية حوؿ األزمة المالية العالمية وسوؽ‬
‫الطاقة المنعقد يوـ ‪ 20‬جانفي ‪ ،2009‬طرابمس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪86‬‬
‫المحور السادس‪ -‬الوقائع االقتصادية المعاصرة‬

‫‪ -2-5‬أف تقوـ الحكومة األمريكية (و ازرة الخزانة) بشراء الديوف اليالكة المتفشػية فػي األسػواؽ الماليػة وتيػدد‬
‫بانييارىا‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ إتباع جممة مف اإلجػراءات أطمػؽ عمييػا أسػـ خطػة اإلنقػاذ‪ ،‬وقػد صػدر قػانوف بشػأف‬
‫إعطػػاء ميمػػة ليػػذه الخطػػة تنتيػػي فػػي ‪ ،2009 /12 /31‬مػػع احتمػػاؿ تمديػػدىا بطمػػب مػػف الجيػػات المختصػػة‬
‫لفترة أقصاىا سنتيف اعتبا ار مف تاريخ إقرار الخطة‪ ،‬ومف أىـ ما جاء بيذه الخطة ما يمي‪:‬‬
‫‪ ‬الس ػػماح لمحكوم ػػة األمريكي ػػة (الخ ازن ػػة) بشػ ػراء أص ػػوؿ ىالك ػػة بقيم ػػة ‪ 700‬ممي ػػار دوالر مرتبط ػػة ب ػػالرىف‬
‫العقاري‪.‬‬
‫‪ ‬أف يػػتـ تطبيػػؽ الخطػػة عمػػى م ارحػػؿ بإعطػػاء الخزينػػة إمكانيػػة شػراء أصػػوؿ ىالكػػة بقيمػػة تصػػؿ إلػػى ‪250‬‬
‫ممي ػػار دوالر ف ػػي مرحم ػػة أول ػػى‪ ،‬م ػػع احتم ػػاؿ رف ػػع ى ػػذا المبم ػػغ إل ػػى ‪ 350‬ممي ػػار دوالر بطم ػػب م ػػف الجي ػػات‬
‫المختصة‪ ،‬ويجػوز المعارضػة عمػى عمميػات الشػراء التػي تتعػدى ىػذا المبمػغ المحػدد سػقفو بمبمػغ ‪ 700‬مميػار‬
‫دوالر‪.‬‬
‫‪ ‬رفع سقؼ الضمانات لممودعيف مف ‪ 100‬ألؼ دوالر إلى ‪ 250‬ألؼ دوالر لمدة عاـ واحد‪.‬‬
‫‪ ‬منح حوافز مالية لمطبقة الوسطى والشركات‪ ،‬تتضمف إعفاءات ضريبية لمدة سنتيف‪ ،‬وبقيمة ‪ 150‬مميار‬
‫دوالر‪ ،‬منيػػا ‪ 100‬مميػػار دوالر لألف ػراد ( الطبقػػة الوسػػطى)‪ ،‬وذلػػؾ لتشػػجيع اإلنفػػاؽ االسػػتيالكي بمػػا يضػػمف‬
‫تنشيط االقتصاد‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد التعويضات لرؤساء الشركات عند االستغناء عنيـ‪.‬‬
‫‪ ‬منػػع دفػػع تعويضػػات تشػػجع عمػػى مجازفػػات ال فائػػدة منيػػا‪ ،‬وتحديػػد المكافػػآت الماليػػة لمسػػؤولي الشػػركات‬
‫الذيف يستفيدوف مف التخفيضات الضريبية بمبمغ ‪ 500‬ألؼ دوالر‪ ،‬باإلضافة إلػى اسػتعادة العػالوات التػي تػـ‬
‫تقديميا عمى أرباح متوقعة لـ تحقؽ بعد‪.‬‬
‫‪ ‬والعديد مف اإلجراءات األخرى‪ ،‬كتعييف مفػتش عػاـ مسػتقؿ لمراقبػة قػ اررات وزيػر الخ ازنػة‪ ،‬ود ارسػة القضػاء‬
‫لمق اررات التي يتخذىا وزير الخزانة‪ ،‬واتخاذ إجراءات ضد عمميات وضع اليد عمى الشركات‪ ،‬وغيرىا‪.‬‬
‫‪ -3-5‬قياـ العديد مف البنوؾ الدولية بإنشاء صندوؽ لمسيولة برأسماؿ قدره ‪ 70‬مميار دوالر لمواجية أكثر‬
‫حاجاتيا إلحاحا‪.‬‬
‫‪ -4-5‬قياـ المسؤوليف عف األسواؽ المالية في ‪ 20‬سبتمبر ‪ 2008‬بوقؼ المضاربات قصيرة األجؿ مؤقتا‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الخاتمــــــــــــــــــــة‬

‫عاش اإلنسان في ظل النظام البدائي عمى ما وفرتو لو الطبيع ـة من غذاء وممبس‪ ،‬لكن سرعان ما‬
‫انتبو أنو بإمكانو تحسين ظروف معيشتو تدريجيا فأصبح يعيش في جماعات تتجو نحو أداء عمل واحد‬
‫وتقسيم عوائده بين أفراد الجماعة بالتساوي دون تمييز‪ ،‬لكن توسع الجماعة وتحسن أدوات العمل أديا إلى‬
‫زيادة اإلنتاج وممارسة األفراد ألعمال في أوقات فراغيم فبدأت بذلك أسس النظام البدائي تتغير باتجاه ظيور‬
‫الممكية الخاصة التي أفرزت فيما بعد الطبقية والتي نتج عنيا التحول إلى نظام عبودي يقوم عمى العمل‬
‫العضمي لمعبيد والعمل الفكري لألسياد الذين انفردوا بغالبية المنتوج واستخدموه في حياة البذخ عوض‬
‫استخدامو في تحسين أدوات اإلنتاج فبدأت بوادر الضعف تظير في المناطق التي ساد فييا النظام العبودي‬
‫وأىميا اإلمبراطورية الرومانية التي تعرضت أيضا إلى غزوات خارجية‪.‬‬
‫تظافرت العوامل الداخميـة والخارجيـة وانيار النظام العبودي في أوروبا لتنتقل بعده إلى نظام إقطاعي يرتكز‬
‫عمى النشاط الزراعي ودخمت بذلك أوروبا في حالة من التدىور عمى جميع المستويات‪ ،‬وبازدياد الضغط عمى‬
‫األقنان ( الشخاص الذين كانوا يزرعون األرض) وىروبيم نحو المدن بدأ النشاط الحرفي يزدىر وانعكس‬
‫ذلك إيجابيا الدول األوروبية التي انتقمت تدريجيا نحو النظام الحرف ـي فازدىرت التجارة التي ميدت بدورىـا إلى‬
‫الدخول فيما يعرف بالرأسمالية التجارية والتي ارتكزت عمى النشاط التجاري وتمكنت من خالليا الدول من‬
‫تحقيق تراكم رأسمالي كبير مولت بو فيما بعد المجال الصناعي بعد الثورة التي شيدىا ىذا المجال والتي‬
‫تعرف بالثورة الصناعية وزادت بذلك الثروة الحقيقية والمالية لمدول األوروبية وبات رأس المال يمعب دو ار كبي ار‬
‫في النشاط الصناعي وأطمق عمى ىذا الترابط برأس المال المالي واتخذت بذلك الرأسمالية صورة جديدة تعرف‬
‫بالرأسمالية المالية‪ ،‬وفي نفس الفترة التي كانت تعيش فييا أوروبا في العصور الوسطى كان العالم اإلسالمي‬
‫في أوج حضارتو التي مست جميع الميادين السيما االقتصادية منيا‪.‬‬
‫دفع تطـور األوضاع االقتصاديـة لمدول األوروبيـة إلى زيادة أطماعيـا لمسيطرة عمى العالـم خاصـة من‬
‫خالل موجات االستعمار لمدول الضعيفة إلى أن اصطدمت مصالحيا‪ ،‬فدخمت في الحرب العالمية األولى‬
‫والتي انعكست إيجابيا عمى بعض الدول خاصة الواليات المتحدة األمريكية وسمبيا عمى دول أخرى في‬
‫مقدمتيا ألمانيا والنمسا‪ ،‬وتغيرت بذلك موازين القوى االقتصادية‪.‬‬
‫إن بروز الواليات المتحدة األمريكية كقوة اقتصادية في عالم ما بعد الحرب جعميا توطد عالقاتيا مع‬
‫الكثير من الدول‪ ،‬لذا نجد أنو عند حدوث أزمة الكساد العظيم في الواليات المتحدة األمريكية انتقمت بسرعة‬
‫إلى بقية دول العالم‪ ،‬وتعد ىذه األزمة من أعنف أزمات النظام الرأسمالي فقد استمرت أربع سنوات وخمفت‬
‫نتائج وخيمة عمى االقتصاد األمريكي وعمى االقتصاديات المرتبطة بو‪ ،‬ولم ينجو منيا تقريبا سوى االتحاد‬

‫‪88‬‬
‫الخاتمــــــــــــــــــــة‬

‫السوفياتي نتيجة إتباعو نظاما اقتصاديا مناقضا لمنظام الرأسمالي وىو النظام االشتراكي وعدم وجود عالقات‬
‫تربطو بالواليات المتحد األمريكية‪.‬‬
‫وبانتياء أزمة الكساد سنة ‪ 3311‬وبداية عودة االنتعاش االقتصادي دخمت دول العالم في حرب‬
‫عالمية ثانية أفقدت العالم االقتصادي توازنو من جديد ليدخل خالليا في فوضى كبرى‪ ،‬ما دفع الدول المتقدمة‬
‫وعمى رأسيا الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا إلى المناداة إلقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يعيد حالة‬
‫التوازن ويدعم اقتصاديات الدول‪ ،‬وتحقق ذلك من خالل ما يعرف بنظام بريتون وودز سنة ‪ ،3311‬وعاد‬
‫االستقرار االقتصادي من جديد ورافقو نوع من االستقرار السياسي تدعم بانتشار حركات التحرر التي أفرزت‬
‫مجموعة من الدول التي تبحث عن تطوير اقتصادياتيا ومن أبرز ىذه الدول االقتصاديات اآلسيوية والتي‬
‫تمكنت في فترة وجيزة من أن تصبح من بين أىم القوى االقتصادية الدولية وناح عممية التنمية التي اعتمدتيا‪.‬‬
‫وأصبح العالم االقتصادي يضم مجموعة من القوى االقتصادية التي تقودىا الواليات المتحدة األمريكية‬
‫واالتحاد السوفياتي‪ ،‬إال أن ىذا األخير لم يتمكن من الصمود أمام قوة الواليات المتحدة األمريكية من جية‪،‬‬
‫وأمام المشاكل الداخمية التي بات يتخبط فييا ناىيك عن تخمي العديد من الدول التي كانت تنطوي تحت لوائو‬
‫عنو وعن النظام االشتراكي ككل ما ميد لسقوط المعسكر االشتراكي‪ ،‬وبقاء العالم تحت قيادة الواليات المتحدة‬
‫التي فرضت بدورىا عميو االندماج في العولمة االقتصادية‪ ،‬والتي باتت بدورىا السمة الرئيسية لتسعينات القرن‬
‫العشرين‪ ،‬وزاد تبعا لذلك ارتباط اقتصاديات الدول ببعضيا البعض وباالقتصاد األمريكي بصفة أساسية‪ ،‬حمل‬
‫ىذا االرتباط معو خط ار جديدا ىو سيولة وسرعة التأثر بما يحدث في اقتصاد الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫وتجسد ذلك بشكل واضح خالل األزمة المالية ‪ 8002‬التي مست االقتصاد األمريكي وتركت آثارىا السمبية‬
‫عميو والتي انعكست بدورىا عمى جميع دول العالم‪ ،‬وأدخمتيا في حاالت اضطرابات اقتصادية واسعة‬
‫النطاق‪.‬‬
‫إن دراسة كل ىذه المحطات التي مر بيا اإلنسان منذ وجوده إلى يومنا ىذا يكسبنا القدرة عمى فيم ما‬
‫حدث واستنتاج العبر منو وبناء توقعات مستقبمية لألوضاع االقتصادية العالمية‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫أوال‪ -‬الكتـــــب‪:‬‬
‫بالمغة العربية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪ .1‬إبراىيم كبة‪ ،‬دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة‬
‫اإلرشاد‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪.1970 ،‬‬
‫‪ .2‬إبراىيم مشورب‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬مبادئ‪ -‬مدارس‪ -‬أنظمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المنيل المبناني ومكتبة‬
‫رأس النبع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2002 ،‬‬
‫‪ .3‬أحمد بركات‪ ،‬تاريخ الوقائع االقتصادية المعاصرة‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار بمقيس‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .4‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سيير محمد السيد حسن‪ ،‬تطور الفكر والوقائع االقتصادية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬مؤسسة‬
‫شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫‪ .5‬إسماعيل بن قانة‪ ،‬الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ .6‬إسماعيل محمد سمطان‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الراية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2012 ،‬‬
‫‪ .7‬إميل فيمي شنودة‪ ،‬سامح جميل عبد الرحيم‪ ،‬عصام توفيق قمر‪ ،‬تعميم حقوق اإلنسان‪ :‬الفمسفة‬
‫والواقع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2009 ،‬‬
‫‪ .8‬إيناس محمد البييجي‪ ،‬تاريخ الدولة األموية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ .9‬ج‪.‬آ‪.‬س غرنفيل‪ ،‬ترجمة ومراجعة عمي مقمد‪ ،‬الموسوعة التاريخية العسكرية ألحداث القرن العشرين‪،‬‬
‫المجمد األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار العربية لمموسوعات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫‪ .10‬جميل محمد خالد‪ ،‬أساسيات االقتصاد الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬األكاديميون لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪2014 ،‬‬
‫‪ .11‬جياد عودة‪ ،‬مقدمة في العالقات الدولية المتقدمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المكتب العربي لممعارف‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫مصر‪.2013 ،‬‬
‫‪ .12‬حازم البنى‪ ،‬المبادئ واألسس االقتصادية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬المؤسسة الحديثة لمكتاب‪ ،‬طرابمس‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪ .13‬حسن أحمد شحاتة‪ ،‬محمد حسان عوض‪ ،‬قضية المناخ‪ ..‬وتحديات العولمة البيئية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫األكاديمية الحديثة لمكتاب الجامعي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2018 ،‬‬
‫‪90‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .14‬حسين بن طاىر‪ ،‬مدخل إلى الوقائع االقتصادية‪ ،‬دار بياء الدين‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .15‬حسين عمر‪ ،‬موسوعة الفكر االقتصادي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫‪ .16‬خمفان حمد عيسى‪ ،‬النظرية اإلسالمية في االقتصاد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجنادرية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ .17‬داليا عادل الزيادي‪ ،‬النظم االقتصادية المقارنة‪ ،‬كمية التجارة‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دون‬
‫سنة نشر‪.‬‬
‫‪ .18‬رمزي زكري‪ ،‬التاريخ النقدي لمتخمف‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬أكتوبر‪.1987 ،‬‬
‫‪ .19‬رمضان زبيري‪ ،‬العولمة والبنى الوظائفية الجديدة لمدولة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪.2015 ،‬‬
‫‪ .20‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.1995‬‬
‫‪ .21‬زينب حسين عوض‪ ،‬مبادئ عمم االقتصاد‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1997 ،‬‬
‫‪ .22‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬منشورات الحمبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2007 ،‬‬
‫‪ .23‬زينب صالح األشوح‪ ،‬االقتصاد الوضعي واالقتصاد اإلسالمي‪ :‬نظرة تاريخية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫عين لمدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .24‬سعيد النجار‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي من التجاريين إلى نهاية التقميديين‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫‪.1973‬‬
‫‪ .25‬سعيد سعد مرطان‪ ،‬مدخل لمفكر االقتصادي في االسالم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.2004 ،‬‬
‫‪ .26‬سميم مجمخ‪ ،‬األزمة المالية واالقتصادية العالمية لسنة ‪ 2008‬وآثارها عمى الدول النامية‪ -‬دراسة‬
‫حالة الجزائر‪ ،-‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العين‪ ،‬اإلمارات‪.2017 ،‬‬
‫‪ .27‬شوقي عطا اهلل الجمل‪ ،‬عبد اهلل عبد الرازق‪ ،‬تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة‪ ،‬دون‬
‫طبعة‪ ،‬المكتب المصري‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬

‫‪91‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .28‬صباح قاسم األمامي‪ ،‬عباس كاظم جياد الفياض‪ ،‬الخصخصة وتأثيرها عمى االقتصاد الوطني‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2015 ،‬‬
‫‪ .29‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬أسس عمم االقتصاد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ .30‬طارق عثمان الحسون‪ ،‬العولمة والتنمية االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار أمجد‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ .31‬عامر محمد سعيد طوقان‪ ،‬النظام االقتصادي االسالمي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫البيروني‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ .32‬عبد الرزق سعيد بمعباس‪ ،‬ما معنى األزمة؟‪ ،‬مقال منشور ضمن مؤلف بعنوان األزمة المالية العالمية‪:‬‬
‫أسباب وحمول من منظور إسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة الممك عبد‬
‫العزيز‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪.2009 ،‬‬
‫‪ .33‬عبد القادر بمطاس‪ ،‬تداعيات األزمات المالية العالمية –أزمة ‪ ،-Sub-prime‬دون طبعة‪ ،‬دار‬
‫األسطورة‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ .34‬عبد المطيف مصطفى‪ ،‬محمد بن بوزيان‪ ،‬أساسيات النظام المالي واقتصاديات األسواق المالية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة حسن العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2015 ،‬‬
‫‪ .35‬عبد اهلل خبابة‪ ،‬رابح بوقرة‪ ،‬الوقائع االقتصادية‪ :‬العولمة االقتصادية‪-‬التنمية المستدامة‪ ،‬دون طبعة‪،‬‬
‫مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ .36‬عبد اهلل ساقور‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫‪ .37‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العولمة االقتصادية( منظماتها‪ -‬شركاتها‪ -‬تداعياتها)‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .38‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬العولمة واقتصاديات البنوك‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪.2001 ،‬‬
‫‪ .39‬عبد الوىاب محمد جواد الموسوي‪ ،‬الميبرالية واألزمات‪-‬دراسة في الوقائع االقتصادية لمبمدان‬
‫المتحولة‪ ،-‬دار اليازوري‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2016 ،‬‬
‫‪ .40‬عبد عمي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ األفكار االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪92‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .41‬عصام عبد الفتاح‪ ،‬أطمس الحربين (األرض والحرب والسالم) الحرب العالمية األولى والثانية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬الدار الدولية لالستثمارات الثقافية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .42‬عمر عبد العزيز عمر‪ ،‬تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر (‪ ،)1919-1815‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ .43‬فاطمة الزىراء خبازي‪ ،‬النظام النقدي الدولي( المنافسة أورو‪ -‬دوالر )‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار اليازوري‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪.2013 ،‬‬
‫‪ .44‬فميح حسن خمف‪ ،‬النظم االقتصادية‪ :‬الرأسمالية‪ ،‬االشتراكية‪ ،‬اإلسالم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عالم الكتب‬
‫الحديثة وجدا ار لمكتاب العالمي‪ ،‬أربد‪.‬‬
‫‪ .45‬فيد خميل زايد‪ ،‬فن إدارة األزمات االقتصادية‪ -‬العولمة وبداية االنهيار‪ ،-‬الطبعة األولى‪ ،‬دار يافا‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪.2013 ،‬‬
‫‪ .46‬فوزي حسن حسين‪ ،‬الصين واليابان ومقومات القطبية العالمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار المنيل‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.2009 ،‬‬
‫‪ .47‬فيصل محمد البحيري‪ ،‬أثر النيضة العممية الحديثة عمى الفكر القانوني‪ :‬دراسة في فمسفة القانون‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬مركز الدراسات العربية‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مصر‪.2015 ،‬‬
‫‪ .48‬كمال مظير أحمد‪ ،‬ترجمة محمد المال عبدالكريم‪ ،‬كردستان في سنوات الحرب العالمية األولى‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫‪ .49‬مبروك رايس‪ ،‬انعكاسات العولمة المالية عمى الجهاز المصرفي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجنان‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪.2016 ،‬‬
‫‪ .50‬محمد إسماعيل صبري‪ ،‬تطور النظم االقتصادية مابين الماضي والحاضر‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬المكتب العربي‬
‫الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .51‬محمد الطاىر قادري‪ ،‬مدارس الفكر في االقتصاد السياسي‪ -‬المستقبل إبداع الماضي–‪ ،‬مكتبة حسن‬
‫العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2013 ،‬‬
‫‪ .52‬محمد بن براك الفوزان‪ ،‬المنافسة في المممكة العربية السعودية‪ :‬األحكام والمبادئ عمى ضوء نظام‬
‫المنافسة الصادر بالمرسوم الممكي رقم م‪ ،25/‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القانون واالقتصاد‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫السعودية‪.2015 ،‬‬

‫‪93‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .53‬محمد حمزة حسين الدليمي‪ ،‬لبنى رياض الرفاعي‪ ،‬تاريخ العالم المعاصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار غيداء‪،‬‬
‫الموصل‪ ،‬العراق‪.2015 ،‬‬
‫‪ .54‬محمد دويدار‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1993 ،‬‬
‫‪ .55‬محمد شاىين‪ ،‬االقتصاد المعرفي وأثره عمى التنمية االقتصادية لمدول العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫حميثرا‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2018 ،‬‬
‫‪ .56‬محمد عبد اهلل شاىين محمد‪ ،‬التجارة االلكترونية العربية بين التحديات وفرص النمو‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار حميثرا‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2017 ،‬‬
‫‪ .57‬محمد عبد الو شاىين محمد‪ ،‬التجارة الدولية وأثرها عمى التجارة الخارجية لمدول العربية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار حميثرا‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2018 ،‬‬
‫‪ .58‬محمد عمر أبو عيدة‪ ،‬عبد الحميد شعبان‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬الشركة العربية المتحدة لمتسويق‬
‫والتوريدات‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪ .59‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬مدخل لدراسة االقتصاد السياسي‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪.2004 ،‬‬
‫‪ .60‬محمود سحنون‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي‪ :‬الوقائع واألفكار االقتصادية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفجر‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .61‬مدحت القريشي‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2008 ،‬‬
‫‪ .62‬مروان عطون‪ ،‬األسواق النقدية والمالية (البورصات ومشكالتها في عالم النقد والمال)‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2000 ،‬‬
‫‪ .63‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬إدارة األعمال الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار األكاديميون‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ .64‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬التعميم االلكتروني في عصر االقتصاد المعرفي‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار رسالن‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬سوريا‪.2017 ،‬‬
‫‪ .65‬منذر محمد راضي‪ ،‬النظم االقتصادية في القرن العشرين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجنادرية‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪.2016 ،‬‬
‫‪ .66‬ميا رياض عبد اهلل‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪ -‬تقدير اقتصادي إسالمي‪ ،-‬الطبعة األولى‪ ،‬المعيد العربي‬
‫لمفكر اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬

‫‪94‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .67‬موسى محمد آل طويرش‪‎،‎‬العالم المعاصر بين حربين من الحرب العالمية األولى إلي الحرب الباردة‬
‫‪ ،1975 -1914‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة مصر ودار المرتضى‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪.2012 ،‬‬
‫‪ .68‬نيفين ظافر حسيب الكردي‪ ،‬األوضاع البيئية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية في الغرب األوروبي‬
‫من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،‬فمسطين‪.2011 ،‬‬
‫‪ .69‬يحي بنيان‪ ،‬معجم مصطمحات التاريخ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار يافا‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2008 ،‬‬
‫‪ .70‬يوسف مصطفى الحاروني‪ ،‬قصة الحديد‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬المطبعة العالمية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪.1955 ،‬‬
‫بالمغة األجنبية‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪1. Yves Carsalade, Les grandes étapes de l'histoire économique: revisiter le passé pour‬‬
‫‪comprendre le présent et anticiper l'avenir, éditions de l’école polytechnique, France, Mars‬‬
‫‪2004.‬‬
‫‪2. François Cochet, 1ère Guerre mondiale: dates, thèmes, noms, Studyrama Eds, Paris,‬‬
‫‪France, Mars 2001.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرسائل الجامعية‪:‬‬


‫بالمغة العربية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪ .1‬األمين معاذ عثمان صالح‪ ،‬األحوال االقتصادية في عصر الرسول (ص) والخمفاء الراشدين‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كمية الدراسات العميا‪ ،‬جامعة الخرطوم‪ ،‬السودان‪.2003 ،‬‬
‫‪ .2‬إيمان محمود عبد المطيف‪ ،‬األزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير‬
‫منشورة‪ ،‬جامعة سانت كميمنتس العالمية‪ ،‬العراق‪.2011 ،‬‬
‫‪ .3‬جوعان راشد سعيد الظاىري‪ ،‬الحياة االقتصادية في بالد الشام في العصر األموي (‪-40‬‬
‫‪132‬هـ‪750-661/‬م)‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كمية اآلداب‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬مصر‪.1992 ،‬‬
‫‪ .4‬رابح باريك‪ ،‬النظام القانوني الجديد‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة يوسف بن‬
‫خذة‪ ،‬الجزائر‪.2014-2013 ،‬‬
‫‪ .5‬رفيقة صباغ‪ ،‬األزمات المالية العالمية وأثرها عمى الدول النامية –دراسة تحميمية ألثر أزمة الرهن‬
‫العقاري عمى اقتصاديات دول مجمس التعاون لدول الخميج العربية‪ ،-‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة‬
‫أبو بكر قايد‪ ،‬تممسان‪ ،‬الجزائر‪.2014 -2013 ،‬‬

‫‪95‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .6‬عمي فيصل عمي األنصاري‪ ،‬الفروق الجوهرية بين االقتصاد اإلسالمي والرأسمالية‪ ،‬كمية الشريعة‬
‫والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة الكويت‪.‬‬
‫‪ .7‬مبارك محمد فرج‪ ،‬تطور نظام ممكية األراضي في اإلسالم (‪132 -1‬هـ‪749-622/‬م)‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كمية اآلداب‪ ،‬جامعة الخرطوم‪ ،‬السودان‪.2007 ،‬‬
‫‪ .8‬ودان بو عبد اهلل‪ ،‬آليات المؤسسات النقدية في التوقي ومواجهة األزمات المالية الدولية‪ -‬دراسة حالة‬
‫األزمة المالية العالمية‪ ،-‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كمية العموم االقتصادية وعموم التسيير والعموم‬
‫التجارية‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪ ،‬تممسان‪ ،‬الجزائر‪.2015 -2014 ،‬‬
‫بالمغة العربية‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪- Saâd Dhif, Le régime monétaire de Bretton Woods: origines, fondements et critiques,‬‬
‫‪mémoire de licence, faculté des sciences économique et sociales, Université de Fribourg,‬‬
‫‪Suisse, 2017.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المقاالت والدوريات‬
‫بالمغة العربية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪ .1‬أبو القاسم أحمد أبو ىديمة‪ ،‬عبد الحكيم عمار نابي‪ ،‬المتغيرات الدولية وأثرها عمى الوطن العربي‪ ،‬مجمة‬
‫العموم القانونية والشرعية‪ ،‬العدد ‪ ،8‬جامعة الزاوية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬جوان ‪.2016‬‬
‫‪ .2‬أحمد عبد العزيز‪ ،‬جاسم زكريا‪ ،‬فراس عبد الجميل الطحان‪ ،‬الشركات المتعددة الجنسيات وأثرها عمى‬
‫الدول النامية‪ ،‬مجمة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،85‬جامعة المستنصرية‪ ،‬العراق‪.2010 ،‬‬
‫‪ .3‬أحمد عبد العزيز‪ ،‬جاسم زكريا‪ ،‬فراس عبد الجميل الطحان‪ ،‬العولمة االقتصادية وتأثيراتها عمى الدول‬
‫العربية‪ ،‬مجمة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،86‬الجامعة المستنصرية‪ ،‬العراق‪.2011 ،‬‬
‫‪ .4‬األزمة التمويمية العالمية وسبل مواجهة آثارها عمى مصر‪ ،‬سمسمة آراء في السياسة االقتصادية‪ ،‬المركز‬
‫المصري لمدراسات االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،22‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ديسمبر ‪.2008‬‬
‫‪ .5‬أمين حواس‪ ،‬المعجزات اآلسيوية‪ :‬بعض الدروس المستفادة لمبمدان النامية‪ ،‬مجمة اإلستراتيجية والتنمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،4‬كمية العموم االقتصادية والتجارية وعموم التسيير‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .6‬حاتم كريم القريني‪ ،‬رشا خالد شييب‪ ،‬فاتن سعيد حميد‪ ،‬ثالثية العولمة وتأثيرها في واقع االقتصاد‬
‫العراقي‪ ،‬مجمة الكوت لمعموم االقتصادية واإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،22‬جامعة واسط‪ ،‬العراق‪.2016 ،‬‬

‫‪96‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .7‬حسين توفيق ابراىيم‪ ،‬النظام الدولي الجديد في الفكر العربي‪ ،‬مجمة عالم الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،4-3‬المجمس‬
‫الوطني لمثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ 1 ،‬جانفي ‪.1995‬‬
‫‪ .8‬خيرالدين بوزرب‪ ،‬عبد اهلل منصوري‪ ،‬تقييم دور الواليات المتحدة األمريكية في إصالح النظام المالي‬
‫العالمي بعد األزمة المالية العالمية دراسة باستخدام نظرية االستقرار بالهيمنة‪ ،‬مجمة العموم اإلنسانية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،44‬جامعة قسنطينة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪.2015‬‬
‫‪ .9‬ساروت جاىان‪ ،‬أحمد صابر محمود‪ ،‬ما المقصود بالرأسمالية‪ ،‬مجمة التمويل والتنمية‪ ،‬صندوق النقد‬
‫الدولي‪ ،‬جوان ‪.2015‬‬
‫‪ .10‬شريفة جعدي‪ ،‬محمد الخطيب نمر‪ ،‬محمد بركة‪ ،‬أثر استثمار الشركات المتعددة الجنسيات عمى‬
‫التنمية المحمية في الجنوب الشرقي الجزائري خالل الفترة (‪ ،)2012-2006‬المجمة الجزائرية لمتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،01‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .11‬صباح كريم رياح الفتالوي‪ ،‬باحث إيمان نصيف جاسم‪ ،‬مقررات مؤتمر الصمح لإلمبراطورية األلمانية‬
‫في عام ‪– 1919‬دراسة تحميمية‪ ،-‬مجمة مركز الدراسات الكوفة‪ ،‬العدد ‪ ،6‬جامعة الكوفة‪ ،‬العراق‪.2007 ،‬‬
‫‪ .12‬عائشة بن عطا اهلل‪ ،‬قراءة في نموذج النمو القائم عمى التصدير في عينة من االقتصاديات اآلسيوية‪،‬‬
‫مجمة اقتصاديات شمال إفريقيا‪ ،‬العدد ‪ ،15‬مخبر العولمة واقتصاديات شمال إفريقيا‪ ،‬جامعة حسيبة بن‬
‫بوعمي‪ ،‬الشمف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪.2016‬‬
‫‪ .13‬عبد الكريم عبيدات‪ ،‬النظام النقدي الدولي المعاصر وهيمنة الدوالر األمريكي‪ ،‬مجمة معارف‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،19‬ديسمبر ‪.2015‬‬
‫‪ .14‬عبد اهلل غانم‪ ،‬تحديات العولمة فرصة لبناء التكامل‪ ،‬مجمة اإلحياء‪ ،‬العدد ‪ ،13‬كمية العموم اإلسالمية‪،‬‬
‫جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر ‪.2009‬‬
‫‪ .15‬كوثر عباس الربيعي‪ ،‬مروان سالم العمي‪ ،‬مستقبل النظام الدولي الجديد في ظل بروز القوى الصاعدة‬
‫وأثره عمى المنطقة العربية – االتحاد األوروبي أنموذجا‪ ،-‬مجمة قضايا سياسية‪ ،‬العدد ‪ ،26‬جامعة النيرين‪،‬‬
‫العراق‪.2012 ،‬‬
‫‪ .16‬لخضر طوير‪ ،‬العولمة االقتصادية‪ :‬دوافعها وأبعادها‪ ،‬مجمة دراسات وأبحاث‪ ،‬المجمد ‪ ،5‬العدد ‪،11‬‬
‫جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجمفة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جوان ‪.2013‬‬
‫‪ .17‬لقمان معزوز‪ ،‬شريف بودري‪ ،‬المنافسة بين الدوالر واألورو في ظل استقرار النظام النقدي الدولي‪،‬‬
‫مجمة الباحث‪ ،‬العدد ‪.2011 ،09‬‬
‫‪97‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .18‬مبارك بوعشة‪ ،‬لخضر ديممي‪ ،‬األقممة في جنوب شرق آسيا في إطار نموذج اإلوز الطائر‪ ،‬مجمة‬
‫العموم اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،10‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬نوفمبر ‪.2006‬‬
‫بالمغة العربية‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪1. Jean-Charles Bricongne, Jean-Marc Fournier, Vincent Lapègue, et Olivier Monso, De la‬‬
‫‪crise financière à la crise économique L’impact des perturbations financières de 2007 et‬‬
‫‪2008 sur la croissance de sept pays industrialisés, revue économie et statistique, L’Institut‬‬
‫‪national de la statistique et des études économiques, N°438–440, France, 2010, P 48.‬‬
‫‪2. Jean-Luc Maurer, Le réveil économique de l’Asie: Un défi et une chance pour l’Europe‬‬
‫‪et la Suisse, Annuaire suisse de politique de développement, N°8, Institut de hautes études‬‬
‫‪internationales et du développement, la Suisse, décembre 1988.‬‬
‫‪3. Jean-raphaël chaponnière, marc lautier, le modèle de développement de l’asie de l’est,‬‬
‫‪Recherches internationales, n° 98, l'Association Paul Langevin, France, janvier-mars 2014.‬‬

‫رابعا‪ :‬المـداخـالت‪ ،‬المؤتمرات والممتقيــات‪:‬‬


‫‪ .1‬بولعيد بعموج‪ ،‬وردة جاب الخير‪ ،‬من األزمة المالية ‪ 1929‬إلى األزمة المالية ‪ :2008‬مقارنة‬
‫واستخالص العبر‪ ،‬الممتقى الدولي حول أزمة النظام المالي والمصرفي الدولي وبديل البنوك اإلسالمية المنعقد‬
‫يومي ‪ 6‬و‪ 7‬أفريل ‪ ،2009‬كمية اآلداب والعموم اإلنسانية‪ ،‬جامعة األمير عبد القادر لمعموم اإلسالمية‪،‬‬
‫قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .2‬جبر محمود الفضيالت‪ ،‬الرهن العقاري وأثره في أزمة االقتصاد العالمية المعاصرة‪ ،‬المؤتمر الدولي حول‬
‫األزمة االقتصادية المعاصرة أسبابيا وتداعياتيا‪ ،‬وعالجيا المنعقد في الفترة ‪ 16-14‬ديسمبر ‪ ،2010‬جامعة‬
‫جرش‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ .3‬جميمة الجوزي‪ ،‬أسباب األزمة المالية وجذورها‪ ،‬مؤتمر دولي حول األزمة المالية العالمية وكيفية عالجيا‬
‫من منظور النظام االقتصادي الغربي واإلسالمي المنعقد يومي ‪ 13‬و‪ 14‬مارس ‪ ،2009‬جامعة الجنان‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ .4‬دليمة طالب‪ ،‬سيدي محمد عياد‪ ،‬كريم وىراني‪ ،‬األزمة المالية الراهنة وأثرها عمى االقتصاد الجزائري‪،‬‬
‫الممتقى الدولي حول أزمة النظام المالي والمصرفي الدولي وبديل البنوك اإلسالمية المنعقد يومي ‪ 6‬و‪ 7‬أفريل‬
‫‪ ،2009‬كمية اآلداب والعموم اإلنسانية‪ ،‬جامعة األمير عبد القادر لمعموم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ .5‬صالح مفتاح‪ ،‬فريدة معارفي‪ ،‬قـراءة في األزمـة المالية العالمية رؤية شرعـية إسالميـة‪ ،‬الممتقى الدولي‬
‫حول أزمة النظام المالي والمصرفي الدولي وبديل البنوك اإلسالمية المنعقد يومي ‪ 6‬و‪ 7‬أفريل ‪ ،2009‬كمية‬
‫اآلداب والعموم اإلنسانية‪ ،‬جامعة األمير عبد القادر لمعموم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .6‬عمي فالح المناصير‪ ،‬وصفي عبد الكريم الكساسبة‪ ،‬األزمة المالية العالمية "حقيقتها‪ ،‬أسبابها‪،‬‬
‫تداعياتها وسبل العالج"‪ ،‬المؤتمر الدولي حول تداعيات األزمة االقتصادية العالمية عمى منظمات األعمال‬
‫"التحديات‪-‬الفرص‪-‬اآلفاق" المنعقد يومي ‪ 11-10‬نوفمبر ‪ ،2009‬جامعة الزرقاء الخاصة‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .7‬عماد عمر خمف اهلل أحمد‪ ،‬الموازنة بين االقتصاد اإلسالمي وغيره من النظريات االقتصادية الوضعية‪،‬‬
‫الممتقى الدولي حول االقتصاد اإلسالمي‪ -‬الوقائع ورىانات المستقبل‪ ،-‬المركز الجامعي بغرداية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .8‬كمال بن موسى‪ ،‬األزمة المالية العالمية و تداعياتها عمى البنوك اإلسالمية‪ ،‬الممتقى الدولي حول‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ :‬الواقع ورىانات المستقبل المنعقد يومي ‪ 23‬و‪ 24‬فيفري ‪ ،2011‬جامعة غرداية‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ .9‬محمد بوىزة‪ ،‬رفيق مرزوقي‪ ،‬األزمة المالية العالمية وأثارها عمى االقتصاديات العربية‪ ،‬ممتقى دولي‬
‫األزمة المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة العالمية المنعقد يومي ‪ 20‬و‪ 21‬أكتوبر ‪ ،2009‬جامعة فرحات‬
‫عباس‪ ،‬سطيف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .10‬محمد خميل فياض‪ ،‬خالد عمى الزائدي‪ ،‬األزمة المالية العالمية وأثرها عمى أسعار النفط الخام‪ ،‬الندوة‬
‫الدولية حول األزمة المالية العالمية وسوق الطاقة المنعقد يوم ‪ 20‬جانفي ‪ ،2009‬طرابمس‪ ،‬ليبيا‪.‬‬
‫‪ .11‬ناصر مراد‪ ،‬األزمة المالية العالمية‪ :‬األسباب‪ ،‬اآلثار و سياسات مواجهتها‪ ،‬ممتقى دولي األزمة‬
‫المالية واالقتصادية الدولية والحوكمة العالمية المنعقد يومي ‪ 20‬و‪ 21‬أكتوبر ‪ ،2009‬جامعة فرحات عباس‪،‬‬
‫سطيف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .12‬وليد أحمد صافي‪ ،‬األزمة المالية العالمية ‪ :2008‬طبيعتها‪ ،‬أسبابها‪ ،‬وتأثيراتها المستقبمية عمى‬
‫االقتصاد العالمي‪ ،‬ممتقى دولي حول األزمة المالية الراىنة والبدائل المالية والمصرفية المنعقد يومي ‪ 5‬و‪6‬‬
‫ماي ‪ ،2009‬المركز الجامعي بخميس مميانة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مواقـع األنتـرنت‪:‬‬
‫مقاالت ودروس المغة العربية‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪ .1‬أحمد محمد جاسم الدايني‪ ،‬األزمة االقتصادية العالمية (‪ ،)1933-1929‬جامعة ديالي‪ ،‬العراق‪:‬‬
‫‪http://www.basicedu.uodiyala.edu.iq/PageViewer.aspx?id=412‬‬
‫‪99‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

‫‪ٔ .2‬احمد فراس العوران‪ ،‬غيداء عادل‪ ،‬النظام االقتصادي في ظل الدولة العباسية‪:‬‬
‫_‪https://www.researchgate.net/profile/Ahmad_Oran/publication/274638081_alnzam_alaqtsady_fy‬‬
‫‪zl_aldwlt_albasyt/links/552440790cf2b123c51738ed/alnzam-alaqtsady-fy-zl-aldwlt-albasyt.pdf‬‬

‫‪ .3‬األزمة المالية العالمية دروس مستفادة‪ ،‬إدارة الدراسات المالية‪ ،‬دائرة المالية‪ ،‬حكومة دبي‪:2014 ،‬‬
‫‪http://www.dof.gov.ae/ar-sa/Pages/Home/Home.aspx‬‬

‫‪ .4‬األزمة المالية العالمية وتداعياتها عمى االقتصادات العربية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬ديسمبر ‪:2008‬‬
‫‪http://www.amf.org.ae/ar‬‬

‫‪ .5‬إيياب عمي النواب‪ ،‬النموذج اآلسيوي في النمو االقتصادي‪ ،‬شبكة النبأ المعموماتية‪ 16 ،‬سبتمبر‬
‫‪https://annabaa.org/arabic/economicarticles/12492‬‬ ‫‪:2017‬‬
‫‪ .6‬جمال عبودي‪ ،‬الحرب العالمية األولى‪ ،‬معيد بوعرقوب‪ ،‬تونس‪:‬‬
‫‪-.pdf‬درس‪-‬الحرب‪-‬العالمية‪-‬االولى‪http://www.ecolenumerique.tn/wp-content/uploads/2011/11/‬‬

‫‪ .7‬رشيد حمايمي‪ ،‬النظام العالمي الجديد و القطبية الواحدة ‪ ،‬مدونة لمدروس االجتماعيات‪:‬‬
‫‪http://rachidgeopage.blogspot.com/2017/05/blog-post_8.html‬‬

‫‪ .8‬رشيد لعتيك‪ ،‬الحرب العالمية األولى‪:‬‬


‫‪https://s8484e6f7fc7c46f8.jimcontent.com/download/version/1481234410/module/1067‬‬
‫‪.pdf‬الحرب‪20%‬العالمية‪20%‬األولى‪1834894/name/‬‬

‫‪ .9‬سامر نصر‪ ،‬انهيار االتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية و أثرها عمى عممية اإلصالح السياسي‬
‫داخل سوريا‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪:2008 /8/1 ،2360 :‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=142370‬‬

‫‪ .10‬عادل جارش‪ ،‬القوى الصاعدة‪ :‬دراسة في أبرز المضامين والدالالت‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‬
‫لمدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬االقتصادية والسياسية‪ 23 ،‬أكتوبر ‪:2016‬‬
‫‪https://democraticac.de/?p=38993‬‬

‫‪ .11‬عبد الحميد روالمي‪ ،‬الوقائع االقتصادية في العصور الوسطى عند العرب والمسممين‪ ،‬مدونة شخصية‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/0B0xIy6EszXNeT0ZGSnN1X01ieXM/view‬‬ ‫باألستاذ‪:‬‬
‫‪ .12‬عبد العزيز عمي السديس‪ ،‬تطور النظم االقتصادية‪ :‬تحول أوروبا من نظام اإلقطاع إلى النظام‬
‫‪https://fac.ksu.edu.sa/sites/default/files/_tTwr_lnZm_lqtSdy_-‬‬ ‫الرأسمالي‪:‬‬
‫‪_tHwl_wrwb_mn_nZm_lqT_l_lnZm_lrsmly_0.pdf‬‬

‫‪100‬‬
‫قائمة المراجــــــــــــــــــــــع‬

:‫ تاريخ أوروبا المعاصر‬،‫ عبد المطيف الصباغ‬.13


https://download-pdf-ebooks.org/files/download-pdf-ebooks.org-
1522599647Sk0J3.pdf

:‫ الموسوعة الشاممة‬،‫ الدولة األموية عوامل االزدهار وتداعيات االنهيار‬،‫ عمي محمد محمد الصالبي‬.14
http://islamport.com/w/tkh/Web/3696/411.htm

:‫ األزمة المالية واالقتصادية األمريكية وتبعاتها‬،‫ ماجد محمد الفرا‬.15


http://site.iugaza.edu.ps/melfarra/files/2010/02/financial_crises_in_US.doc

،‫ الصعود اآلسيوي وتحوالت ميزان القوى االقتصادية‬:2050 ‫ اقتصاد العالم‬،‫ محمد أحمد عبد المعطي‬.16
:2015 ‫ أوت‬21 ،‫ اإلمارات‬،‫ دبي‬،‫مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‬
https://futureuae.com/ar-
AE/Home/Index/2/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9 9

‫ و ازرة التربية‬،‫ الديوان الوطني لمتعميم والتكوين عن بعد‬،‫ من الثنائية القطبية إلى الحادية القطبية‬.17
:‫ الجزائر‬،‫والتعميم‬
http://www.djalia-algerie.dz/HISTOIRE/NIVEAU%2010/env1/ev1_histoire005.pdf

:2010 ‫ أفريل‬10 ،‫ ديوان العرب‬،‫ المعجزة األلمانية بين الحربين‬،‫ منذر الحايك‬.18
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article22880

‫ ممخص عن‬،‫ تاريخ الوقائع االقتصادية في العالم‬،‫ عدنان فرحان الجوارين‬،‫ نبيل جعفر المرسومي‬.19
https://www.noor-publishing.com :‫الكتاب‬
:‫مقاالت بالمغة األجنبية‬ .‫ب‬
1. Le Krach de 1929 (1926-1933), petite histoire de la crise, 23/11/2015:
http://www.dejonghe-finance.com/wp-content/uploads/2017/07/Krach-de-1929.pdf
2. Sabine Dammasch, The System of Bretton Woods A lesson from history:
http://www.ww.uni-magdeburg.de/fwwdeka/student/arbeiten/006.pdf
3. Pascal Salin, la crise financière : causes, conséquences, solutions:
https://www.libinst.ch/publications/IL-Salin-Crise-financiere.pdf
4. QUE FAIRE DU FMI ET DE LA BANQUE MONDIALE?, Les cahiers de solidarité:
https://www.crid.asso.fr/IMG/pdf/cahier09_fmi_bm.pdf

101

You might also like