Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
..شبهة شرب معاوية للخمر
الشيخ الدمشقية
حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثنا عبد اهلل بن بريدة قال دخلت أنا وأبي على
معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي
ثم قال :ما شربته منذ حرمه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم .ثم قال معاوية :كنت أجمل سباب
قريش وأجوده ثغرا وما شيء كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن أو إنسان حسن
.الحديث يحدثني
وهي رواية منكرة متنا كما حكم عليها بذلك اإلمام أحمد نفسه « وقال عبد اهلل بن أحمد بن حنبل
عن أبيه قال وكيع يقولون سليمان أصحهما حديثا قال عبد اهلل قال أبي عبد اهلل بن بريدة الذي
روى عنه حسين بن واقد ما أنكرها وأبو المنيب أيضا يقول كأنها من قبل هؤالء» (تهذيب
).الكمال14/331
وهذه الزيادة المشكلة في المتن والتي نجدها في مسند أحمد ال نجدها في مصنف ابن أبي شيبة
.وهي مروية عنده بنفس الطريق
وأما من حيث إسنادها فإنه بالرغم من تحسين البعض لها كالشيخ مقبل الوادعي (الصحيح المسند
).ص185
فإن في السند زيد بن الحباب وهو كما قال الشيخ األلباني « ضعيف .لم يوثقه غير ابن حبان»
().معجم أسامي الرواة 2/75نقال عن ضعيف األدب المفرد77
الحديث يرويه الحسين بن واقد ورواه عنه اثنان ابنه علي وزيد بن الحباب فرواه ابو زرعة
الدمشقي في تاريخه 2/677ومن طريقه ابن عساكر 27/127من طريق علي بن الحسين عن
.أبيه حدثني عبد اهلل بن بريدة قال :دخلت مع أبي على معاوية ..انتهى
.الحديث فيه خطأ ظاهر ويمكن عزو الخطأ فيه إلى زيد بن الحباب فإنه صدوق كثير الخطأ
أما من حيث السند فسند رجاله ثقات في الظاهر إال أنه بهذا السياق معلول بل هو منكر إذ ليس
باإلمكان أن يتفرد راو بحديث مرفوع من طبقة زيد بن الحباب ولو كان أوثق الناس فضال عمن
بعد ذلك .وال سيما أن ابن الحسين بن واقد لم يرو الحديث المرفوع وال رواه عن زيد بن أبي
.شيبة وأغلب الظن أن زيدا قد وهم فيه .وقد ذكرت له أوهام وكذلك شيخه
وزيد بن الحباب من طبقة تابي التابعين .وال يقبل تفرده عن معاوية ألنه مرفوع .ومن يقبل تفرده
يشترط أن يكون تابعي التابعي من كبار الحفاظ إذا تفردوا مثل مالك وشعبة الثوري من واسعي
.الرواية وجبال الحفاظ
. أما بعد هذه الطبقة فال يقبل تفرده أبدا بأي حديث مرفوع
: وقد اختل في زيد شرطان
الثاني :أنه ليس من جبال الحفاظ فضال عن أنه من طبقة بعد أتباع التابعين .ناهيك عن أنه ثبت
.أنه مع ثقته كثير األخطاء
.ومن الواضح أن سياق القصة هكذا ناقص .وهو محذوف اهلل أعلم به
.أما الرواية عند ابن أبي شيبة في المصنف فال إشكال وال خطأ فيها
حدثنا زيد بن الحباب عن الحسين بن واقد قال :حدثنا عبد اهلل بن بريدة قال دخلت أنا وأبي «
على معاوية فأجلس أبي على السرير وأتى بالطعام فأطعمنا وأتى بشراب فشرب فقال معاوية ما
شيء كنت استلذه وأنا شاب فآخذه اللبن إال اللبن فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم والحديث
).الحسن» (9-11/94
:دراية األثر
قوله (ما شربته منذ )..هذا من كالم معاوية وليس من كالم عبد اهلل بن بريدة وهكذا جعله جميع
الحفاظ في مسند معاوية مثل ابن كثير في جامع المسانيد واإلمام أحمد في المسند في مسند
.معاوية
وقوله (ما شربته) يعني المسكر .قلت :وهذا استطراد من معاوية ال عالقة له بما قبله وما بعده.
.مما يدل على سقوط كالم متعلق بالشراب المحرم
ويستفاد من الخبر بيان إكرام معاوية إلخوانه الصحابة ووفادتهم عليه رضي اهلل عنهم أجمعين
كما قصدت دفع اإليهام الذي قد يثيره بعض أهل الهوى ممن تنقلب الفضائل في مخيلتهم إلى
مثالب وأطلت قليال في هذا ألني وجدت بعض محدثي الرافضة النوكى يحرف معنى الخبر
ويحمله ما ال يحتمل مما هو ومشايخه أول به
.ويحمله ما ال يحتمل مما هو ومشايخه أولى به
قال المعلق على المسند ( 38/26طبعة الرسالة) « ولعله قال ذلك لما رأى من الكراهة واإلنكار في
.وجه بريدة .لظنه أنه شراب محرم .واهلل أعلم
قلت :هذا تجويز من قائله ولم يرد في شيء من مصادر الخبر نقل كراهية بريدة أو إنكاره فضال
عن رده وامتناعه عما ناوله معاوية .ولو كان بريدة رضي اهلل عنه يظن ذلك لما جلس هذا
المجلس « من كان يؤمن باهللeولنقل ابنه استفهامه على أقل تقدير .وقد قال رسول اهلل واليوم
».اآلخر فال يجلس على مائدة يدار عليها الخمر
ثم إن مما يتبادر للذهن أن الشراب هو اللبن بدليل أن معاوية في سنه هذه ال يفضل عليه غيره
كما في آخر الخبر .واهلل أعلم
وال يعقل أن ال تتضمن الرواية عدم كرهية بريدة أو إنكاره ذلك لو خمرا كما يزعمون .وإن آخر ما
يمكن أن يفهم هو أن معاوية شرب الخمر .كيف وهو ينص في الخبر ذاته على أنه لم يشربها قط
.منذ أن حرمها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
.ومن شدته في مسألة المسكر أنه أمر بقتل السكران إذا قتل مع أن بعضهم ال يوقعه
.واإلشكال هو أن معاوية لما ناول بريدة الشراب ،قال :ما شربته منذ حرمه النبي
فظن بعضهم أن الضمير هنا يعود على الشراب الذي ناوله لبريدة وهذا غلط شديد جدا ألن الضمير
هنا ال يعود على ذلك الشراب بل هو ضمير في مكان شيء ظاهر يقول فيه النحويون :أضمر في
مقام اإلظهار أي أنه جاء بالضمير عوض أن يأتي باالسم الظاهر ،والعرب تستعمل هذا كثيرا ،إذا
أرادت أن تتكلم عن شيء تستشنعه وتستقذره وتستحيي من التلفظ به ،تأتي بالضمير وال تأتي
.بالظاهر وهذا من جمال لغة العرب
قه أ وكا ه ال ذ ه أ الخ ة ث قال :ا ش ف او ة الش ا وض
وضع معاوية الشراب في يد بريدة ثم قال :ما شربته ،أي الخمر منذ حرمه النبي وكان حقه أن
يقول :ما شربت الخمر منذ حرمه النبي ولكنه جاء بالضمير عوض الظاهر استشناعا للنطق باسم
.الخمر
وهذا دليل على فضله ومبالغته في التحرز من الخمر فالذي يستشنع مجرد النطق باسم الخمر،
كيف يشربه؟
.وقد ابلغ في الغلط من تصور أن الضمير في قوله (ما شربته) يرجع إلى الشراب الذي بين أيديهم
فالجواب :أن هذا من باب االستطراد وهذا جار على عادة العرب
.فاالستطراد :هو ذكر الشيء في غير محله لمناسبة داعية إلى ذلك
مثاله :أن النبي سئل عن طهارة ماء البحر فأجاب عن ذلك ،واستطرد لذكر حكم الميتة التي لم
.يسأل عنها .وهذا من االستطراد المحمود .ولذلك يقولون :الشيء بالشيء يذكر
فمعاوية لما رأى شرابا على مائدته ،ذكره ذلك بالشراب الذي كانوا عليه في الجاهلية ال يفارق
موائدهم أال وهو الخمر وكيف أنهم استبدلوه باللبن فالمناسبة قوية للغاية
حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد قال حدثنا عبد اهلل بن بريدة قال :قال 30560
:دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلس أبي على السرير وأتى بالطعام فأطعمنا ،وأتى بشراب
فشرب ،فقال معاوية ،ما شئ كنت أستلذة وأنا شاب فأخذه اليوم إال اللبن ،فإني آخذه كما كنت
.آخذه قبل اليوم ، والحديث الحسن
مسند اإلمام أحمد بن حنبل المؤلف :أحمد بن حنبل أبو عبد اهلل الشيباني الناشر :مؤسسة
قرطبة – القاهرة عدد األجزاء 6 :األحاديث مذيلة بأحكام شعيب األرنؤوط عليها[ جزء - 5
صفحة ] 347ح 22991( حدثنا عبد اهلل حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب حدثني حسين ثنا عبد
اهلل بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا
ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي ثم قال ما شربته منذ حرمه رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم ثم قال معاوية كنت أجمل شباب قريش وأجوده ثغرا وما شيء كنت أجد له لذة كما
كنت أجده وأنا شاب غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثني تعليق شعيب األرنؤوط :إسناده
) قوي
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد المؤلف :نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي الناشر :دار الفكر ،بيروت
1412 -هـ عدد األجزاء : 10 [ جزء - 5صفحة ] 54ح ( 8022عن عبد اهلل بن بريدة
قال : دخلت مع أبي على معاوية فأجلسنا على الفراش ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب
فشرب معاوية ثم ناول أبي [ ثم قال :ما شربته منذ حرمه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ثم
قال معاوية :كنت أجمل شباب قريش وأجوده ثغرا وما من شيء أجد له لذة كما كنت أجده وأنا
شاب غير اللبن وإنسان حسن الحديث يحدثني رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وفي كالم
معاوية شيء تركته ) وتاريخ دمشق[ جزء - 27صفحة ] 127ومختصر تاريخ دمشق[ جزء - 1
] صفحة 1633
تاريخ اإلسالم [ جزء - 1صفحة ]( 872وقال أحمد في مسنده :ثنا زيد بن الحباب حدثني
حسسين حدثني ابن بريدة قال :دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أكلنا ثم
شرب معاوية فناول أبي ثم قال : ما شربته مند حرمه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ثم قال
معاوية :كنت أجمل شباب قريش وأجودهم ثغرا وما شيء كنت أجد له لذة وأنا شاب يجده
( اليوم غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثني
حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثنا عبد اهلل بن بريدة قال دخلت أنا وأبي على
معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي
ثم قال :ما شربته منذ حرمه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم .ثم قال معاوية :كنت أجمل سباب
قريش وأجوده ثغرا وما شيء كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن أو إنسان حسن
.الحديث يحدثني
وهي رواية منكرة متنا كما حكم عليها بذلك اإلمام أحمد نفسه « وقال عبد اهلل بن أحمد بن حنبل
عن أبيه قال وكيع يقولون سليمان أصحهما حديثا قال عبد اهلل قال أبي عبد اهلل بن بريدة الذي
روى عنه حسين بن واقد ما أنكرها وأبو المنيب أيضا يقول كأنها من قبل هؤالء» (تهذيب
). الكمال14/331
وهذه الزيادة المشكلة في المتن والتي نجدها في مسند أحمد ال نجدها في مصنف ابن أبي شيبة
.وهي مروية عنده بنفس الطريق
وأما من حيث إسنادها فإنه بالرغم من تحسين البعض لها كالشيخ مقبل الوادعي (الصحيح المسند
).ص185
فإن في السند زيد بن الحباب وهو كما قال الشيخ األلباني « ضعيف .لم يوثقه غير ابن حبان»
().معجم أسامي الرواة 2/75نقال عن ضعيف األدب المفرد77
الحديث يرويه الحسين بن واقد ورواه عنه اثنان ابنه علي وزيد بن الحباب فرواه ابو زرعة
الدمشقي في تاريخه 2/677ومن طريقه ابن عساكر 27/127من طريق علي بن الحسين عن
.أبيه حدثني عبد اهلل بن بريدة قال :دخلت مع أبي على معاوية ..انتهى
.الحديث فيه خطأ ظاهر ويمكن عزو الخطأ فيه إلى زيد بن الحباب فإنه صدوق كثير الخطأ
أما من حيث السند فسند رجاله ثقات في الظاهر إال أنه بهذا السياق معلول بل هو منكر إذ ليس
باإلمكان أن يتفرد راو بحديث مرفوع من طبقة زيد بن الحباب ولو كان أوثق الناس فضال عمن
بعد ذلك .وال سيما أن ابن الحسين بن واقد لم يرو الحديث المرفوع وال رواه عن زيد بن أبي
. شيبة وأغلب الظن أن زيدا قد وهم فيه .وقد ذكرت له أوهام وكذلك شيخه
وزيد بن الحباب من طبقة تابي التابعين .وال يقبل تفرده عن معاوية ألنه مرفوع .ومن يقبل تفرده
يشترط أن يكون تابعي التابعي من كبار الحفاظ إذا تفردوا مثل مالك وشعبة الثوري من واسعي
. الرواية وجبال الحفاظ
. أما بعد هذه الطبقة فال يقبل تفرده أبدا بأي حديث مرفوع
الثاني :أنه ليس من جبال الحفاظ فضال عن أنه من طبقة بعد أتباع التابعين .ناهيك عن أنه ثبت
.أنه مع ثقته كثير األخطاء
.ومن الواضح أن سياق القصة هكذا ناقص .وهو محذوف اهلل أعلم به
.أما الرواية عند ابن أبي شيبة في المصنف فال إشكال وال خطأ فيها
حدثنا زيد بن الحباب عن الحسين بن واقد قال :حدثنا عبد اهلل بن بريدة قال دخلت أنا وأبي«
على معاوية فأجلس أبي على السرير وأتى بالطعام فأطعمنا وأتى بشراب فشرب فقال معاوية ما
شيء كنت استلذه وأنا شاب فآخذه اللبن إال اللبن فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم والحديث
).الحسن» (9-11/94
:دراية األثر
قوله( ما شربته منذ..) هذا من كالم معاوية وليس من كالم عبد اهلل بن بريدة وهكذا جعله جميع
الحفاظ في مسند معاوية مثل ابن كثير في جامع المسانيد واإلمام أحمد في المسند في مسند
.معاوية
ويستفاد من الخبر بيان إكرام معاوية إلخوانه الصحابة ووفادتهم عليه رضي اهلل عنهم أجمعين
كما قصدت دفع اإليهام الذي قد يثيره بعض أهل الهوى ممن تنقلب الفضائل في مخيلتهم إلى
مثالب وأطلت قليال في هذا ألني وجدت بعض محدثي الرافضة النوكى يحرف معنى الخبر
.ويحمله ما ال يحتمل مما هو ومشايخه أولى به
قال المعلق على المسند ( 38/26طبعة الرسالة) « ولعله قال ذلك لما رأى من الكراهة واإلنكار في
.وجه بريدة .لظنه أنه شراب محرم .واهلل أعلم
قلت :هذا تجويز من قائله ولم يرد في شيء من مصادر الخبر نقل كراهية بريدة أو إنكاره فضال
عن رده وامتناعه عما ناوله معاوية .ولو كان بريدة رضي اهلل عنه يظن ذلك لما جلس هذا
المجلس « من كان يؤمن باهللeولنقل ابنه استفهامه على أقل تقدير .وقد قال رسول اهلل واليوم
».اآلخر فال يجلس على مائدة يدار عليها الخمر
ثم إن مما يتبادر للذهن أن الشراب هو اللبن بدليل أن معاوية في سنه هذه ال يفضل عليه غيره
كما في آخر الخبر .واهلل أعلم
وال يعقل أن ال تتضمن الرواية عدم كرهية بريدة أو إنكاره ذلك لو خمرا كما يزعمون .وإن آخر ما
يمكن أن يفهم هو أن معاوية شرب الخمر .كيف وهو ينص في الخبر ذاته على أنه لم يشربها قط
. منذ أن حرمها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
.ومن شدته في مسألة المسكر أنه أمر بقتل السكران إذا قتل مع أن بعضهم ال يوقعه
.واإلشكال هو أن معاوية لما ناول بريدة الشراب ،قال :ما شربته منذ حرمه النبي
أ
فظن بعضهم أن الضمير هنا يعود على الشراب الذي ناوله لبريدة وهذا غلط شديد جدا ألن الضمير
هنا ال يعود على ذلك الشراب بل هو ضمير في مكان شيء ظاهر يقول فيه النحويون :أضمر في
مقام اإلظهار أي أنه جاء بالضمير عوض أن يأتي باالسم الظاهر ،والعرب تستعمل هذا كثيرا ،إذا
أرادت أن تتكلم عن شيء تستشنعه وتستقذره وتستحيي من التلفظ به ،تأتي بالضمير وال تأتي
. بالظاهر وهذا من جمال لغة العرب
وضع معاوية الشراب في يد بريدة ثم قال :ما شربته ،أي الخمر منذ حرمه النبي وكان حقه أن
يقول :ما شربت الخمر منذ حرمه النبي ولكنه جاء بالضمير عوض الظاهر استشناعا للنطق باسم
.الخمر
وهذا دليل على فضله ومبالغته في التحرز من الخمر فالذي يستشنع مجرد النطق باسم الخمر،
كيف يشربه؟
.وقد ابلغ في الغلط من تصور أن الضمير في قوله (ما شربته) يرجع إلى الشراب الذي بين أيديهم
مثاله :أن النبي سئل عن طهارة ماء البحر فأجاب عن ذلك ،واستطرد لذكر حكم الميتة التي لم
.يسأل عنها .وهذا من االستطراد المحمود .ولذلك يقولون :الشيء بالشيء يذكر
فمعاوية لما رأى شرابا على مائدته ،ذكره ذلك بالشراب الذي كانوا عليه في الجاهلية ال يفارق
موائدهم أال وهو الخمر وكيف أنهم استبدلوه باللبن فالمناسبة قوية للغاية
حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد قال حدثنا عبد اهلل بن بريدة قال قال دخلت أنا30560
وأبي على معاوية فأجلس أبي على السرير وأتى بالطعام فأطعمنا وأتى بشراب فشرب فقال
معاوية ما شيء وأنا شاب فآخذه اليوم إال اللبن فأني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم والحديث
الحسن
هذه الرواية ال تترك شكا ألحد .فإن معاوية يقول إنه ال يشرب في يومه ذاك إال اللبن .فالشراب
.كان لبنا ال غير .فلو نظر الناظر في الروايتين ،تبين له صدق ما قلت