Professional Documents
Culture Documents
المحور الثالث- سلطة المجتمع
المحور الثالث- سلطة المجتمع
.1المستوى المفاهيمي:
-السلطة :قدرة على ممارسة هيمنة أو قوة على شخص بشكل يجعله يقوم بأفعال وسلوكات ال يأتيها بإرادته وبعفوية.
فاستعمال السلطة بشكل غير مشروع يسمى تسلطا.
-السلطة السياسية :هي سلطة تمتلكها مؤسسات الدولة وهي على ثالث أنواع:
oسلطة تشريعية :هي سلطة تشرع القوانين وتنظم سائر النشاطات في الحياة المدنية ،ويمثلها البرلمان.
oسلطة تنفيذية :هي سلطة تقوم بتنفيذ تلك القوانين ،وتحرص على استتباب األمن بواسطة جهاز اإلدارة والشرطة
والجيش ،أي الجهاز الذي يحافظ على األمن الداخلي والخارجي للدولة ،ويحمي بالتالي سيادتها.
oسلطة قضائية :هي سلطة تحرص على تطبيق القانون ،وتتولى الفصل بين المنازعات سواء بين المواطنين
بعضهم مع بعض ،أو بينهم وبين الدولة نفسها ،وكذلك تقوم بمعاقبة كل أشكال خرق القانون (العقوبة الحبسية أو
السجنية ،الغرامة.)... ،
.2تحليل نص جون لوك :الصفحة 50من كتاب منار الفلسفة ،الشعبة العلمية.
أفكار النص: ❖
-إن تأليف جماعة تحكمها سلطة سياسية يقتضي مراعاة حرية األفراد التي كانوا يتمتعون بها في الطور الطبيعي.
-إن الجماعة التي تنشأ باتفاق الناس وإرادتهم تخضع لقرار األكثرية باعتباره قرار المجموع.
الفكرة األساسية: ❖
يؤكد صاحب النص أن الناس في حالة الطبيعة يكونون أحرارا ومتساويين ،لذلك ال يمكن إخضاعهم ألي سلطة إال إذا قامت
على اتفاقهم وعلى عقد اجتماعي .فعلى كل واحد أن يلتزم بتعاقده في ظل حكومة شرعية تخضع لقرار األكثرية.
❖ موضوع النص :نشأة السلطة السياسية.
❖ إشكال النص :هل تقوم السلطة السياسية بالمجتمع على أساس اإلكراه والخضوع أم على أساس الحرية والتعاقد
االجتماعي؟
األساليب الحجاجية: ❖
▪ أسلوب العرض :يبدأ النص بفكرة أساسية مضمونها أن خضوع اإلنسان لسلطة سياسية تم بإرادته وموافقته على
االنضمام لجماعة واحدة.
▪ أسلوب التفسير :يوضح "جون لوك" فكرته األساسية من خالل اعتباره أن التقيد بقرار األكثرية الذي يمثل قرار
المجموع هو أساس التعاقد االجتماعي الذي بموجبه تنشأ سلطة سياسية.
▪ أسلوب االستنتاج :ينتهي النص بفكرة أساسية مضمونها أن المجتمع ينشأ بفعل اتفاق فئة من الناس األحرار الذين
يؤلفون أكثرية على االتحاد ،وبهذا تنشأ حكومة شرعية.
▪ أسلوب التضاد :وظف صاحب النص مفاهيم متعارضة ،وهي :حرية/إكراه ،فرد/جماعة.
▪ أسلوب النفي :استعمل صاحب النص عبارتين منفيتين بغرض توسيع فكرته ...« :ال عقد حيث يكون المرء حرا،»...
« ...ما داموا ال يسيئون إلى حرية اآلخرين.»...
.3موقف ماكس فيبر:
إن الدولة ،في نظر السوسيولوجي األماني "ماكس فيبر" ،تمتلك حق احتكار العنف المشروع .إذ ال يمكن أن توجد دولة إال
بوجود سلطة يطالب بها األسياد ويخضع لها المسودين ،لذلك يجب أن يظهر العنف الذي تحتكره على أنه مشروع .ويميز
"ماكس فيبر" بين ثالث أسس تستمد منها السيطرة مشروعيتها ،أي أسس تبرر وجود هذه السلطة وتجعلها مقبولة
ومعترف بها من طرف المحكومين:
سلطة تقليدية :وتتم طاعة شخص يمتلك سلطة يتم تحديدها عبر التقاليد والمقدسات مثل سلطة رجل إقطاعي أو سلطة
رجل دين.
سلطة كارزمية :هي سلطة مبنية على أساس عاطفي بسبب إعجاب الجماهير بصفات بطولية وخارقة ومقدسة يمتلكها
القائد أو الزعيم فيتبعونه بشكل ال شعوري ،مثل سلطة نبي وسلطة زعيم سياسي.
سلطة شرعية عقالنية :وهي سلطة ذات طابع عقلي تقوم على أساس االعتقاد بصحة وشرعية السيطرة داخل المؤسسات
السياسية ألن من يمارس هذه السلطة يمارسها طبقا للقوانين ،مثل سلطة رجل دولة.
إن كل شكل من أشكال السلطة يمكن أن يتم االعتراض عليها ورفضها إذا لم تتأسس على أساس من أسس المشروعية التي
تم ذكرها.
.4موقف فرويد:
يؤكد فرويد أن المجتمع يمارس نوعا من القهر االجتماعي على األفراد ،ويتم ذلك من خالل حرمان الفرد من إشباع رغباته
وقمعها ،ألن إشباعها بشكل دائم يشكل تهديدا للمجتمع ووجوده ،لهذا يضطر لكبتها .ويتم هذا اإلكراه من خالل آليات
التنشئة االجتماعية المتمثلة في التربية ،عن طريق تدخل النظام األخالقي ،بواسطة نظام جزائي قائم على الثواب والعقاب.
وهذا النظام الجزائي القائم على القهر يجبر الفرد على إبداء استجابات تتناقض مع طبيعته ،وهذا يؤدي إلى تحول الفرد من
كائن أناني إلى كائن منفتح على األخر ،ويخلق لديه نوعا من التوتر والصراع النفسي على نحو يجعله يقبل قيم المجتمع
ويتخلى عن غرائزه.
.5موقف رالف لنتون:
يؤكد "رالف لينتون" أن المجتمع يفرض سلطته بواسطة التنشئة االجتماعية عن طريق التحايل على الفرد عبر إلزامه
باالمتثال للقواعد من أجل الحصول على حاجاته .فعندما يشتد جوع الطفل يصبح حصوله على الطعام مشروطا بالقواعد.
فإن لم يشتد جوعه فليس باإلمكان فرض هذه القواعد .لكن عند الوصول للحد األقصى فهو يصبح مجبرا على االستسالم
إلرادة من يكبرونه سنا .ومن هنا يتضح أن إشباع حاجات الفرد هي الوسيلة التي يستعملها المجتمع لتنشئة الفرد اجتماعيا
وترسيخ أنماط السلوك الثقافية وأنماط التفكير لديه ،فالتنشئة االجتماعية تتم عبر التحايل على الفرد.
.6خالصة المحور:
تعتبر السلطة أحد أسس المجتمع البشري .وهي تطبق استنادا إلى قوة اجتماعية معينة ،قد تكون قوة فعلية (كالتهديد
بالحبس) ،وهذا ما يسمى باإلكراه ،وقد تنبع من الشرعية التي يمنحها الخاضع للسلطة ألصحابها (مثل :االعتراف
بمرجعيات النبالء) ،ومن وجود جهاز تنظيمي يقوم على الصالحيات .فكيف يفرض المجتمع سلطته على الفرد؟ وهل تقوم
سلطة المجتمع على القمع واالغتراب أم على الحرية وتلبية حاجيات الفرد؟
إن السلطة هي قدرة شخص معين أو منظمة على فرض أنماط سلوكية لدى شخص ما ،وهي ضرورية وال بد منها لتحقيق
التوازن واالستقرار داخل البناء االجتماعي ،فهي جزء ال يتجزأ من اي نظام اجتماعي .فالسلطة هي نوع من القيادة تعمل
إليجاد طاعة او ائتمار عند أشخاص معينين ،ويعرفها ’‘ أندري الالند ’‘ بكونها قوة تفرض إما باإلكراه أو تتم بااللتزام،
وهي بطبيعتها ليست جزءا من ذات من يمارسها ،وإنما يستمدها من خارجها .فهي فعل إلزام يمارسه المجتمع على الفرد
بهدف إخضاعه لقواعده.
وعلى هذا األساس ،يؤكد الفيلسوف اإلنجليزي "جون لوك" أنه لما كان الناس في حالة الطبيعة يتمتعون بالمساواة
والحرية ،فإنهم يختارون بإرادتهم الحرة التنازل عن بعض من حقوقهم الطبيعية من أجل قيام سلطة عامة تقوم بوظائفها
اتجاه كل األفراد .فإذا كان الناس يتفقون فيما بينهم على تنظيم حياة اجتماعية ،فإن كل واحد منهم يقبل العيش مع غيره في
ظل سلطة توفق بين مصالح األفراد باالعتماد على قرار األكثرية .وبالتالي ،يقتضي التعاقد االجتماعي أن يلتزم األفراد
بإرادتهم الحرة بالخضوع لسلطة الدولة واحترام قرار األكثرية ،الذي يعتبر بمثابة قرار المجموع في ظل حكومة واحدة.
وفي هذا الصدد يذهب األنثروبولوجي األمريكي "رالف لنتون" إلى أن المجتمع يعمل على االستجابة لحاجيات األفراد
وترسيخ النماذج الثقافية من خالل عملية التنشئة االجتماعية ،ذلك أن المشرفين على التربية يقدمون للفرد إشباعا مباشرا
لغرائزه وحاجاته ،وفي الوقت نفسه يبررون له العادات والسلوكات والمعتقدات.
على خالف ذلك يعتقد السيكولوجي النمساوي "سيغموند فرويد" أن المجتمع يمارس على الفرد ضغوطات وإكراهات تجبره
على كبت الدوافع الغريزية والعدوانية التي تهدد الحضارة اإلنسانية باالنهيار ،وذلك يتم من خالل اعتماد نظام جزائي ينتزع
من الفرد سلوكات جيدة وخيرة .إال أن هذا القمع المتواصل للغريزة تكون له آثار نفسية غير مرضية على البنية النفسية
للفرد ،يظهر ذلك في توترات وتشوهات في الشخصية .ولذلك يرى السوسيولوجي األلماني "ماكس فيبر" أن كل سلطة
سياسية تسعى المتالك القوة والنفوذ ،من خالل احتكار العنف المشروع الذي يشكل ماهية الدولة والمؤسسات التي تشتمل
عليها .ويميز "ماكس فيبر" بين ثالث أنواع من السيطرة المشروعة :وهي سلطة العادات والتقاليد في المجتمع ،وسلطة
تتأسس على السحر الشخصي لفرد ما يمتلك صفات بطولية ونسميها سلطة كاريزمية .وأخيرا سلطة شرعية قائمة على
قوانين تستوجب الطاعة.
نستنتج من خالل ما سبق أن المجتمع وإن كان يعمل على إخضاع األفراد لسلطته ،وذلك بممارسته لمجموعة من الضغوط
واإلكراهات ومحاولة دمج الفرد في هوية الجماعة ،فإنه مع ذلك يحاول أن يلبي حاجيات األفراد ويستجيب لها وكذلك
تعليمهم المبادئ األساسية واألولية التي تجعلهم ينسجمون وينصهرون داخل المجموعة.