Professional Documents
Culture Documents
انقضاء الالتزتام
انقضاء الالتزتام
عنوان البحث
انقضاء االلتزام في القانون الجزائري
2022-2023
تمهيد :
إن االلتزام باعتباره رابطة قانونية تترتب عنها آثار قانونية فان هذا االلتزام مهما كان مصدره فانه يلزم
أطرافه ،فبحكم أن اإلنسان اجتماعي بطبعه ذلك ما يجعله يرتبط مع أشخاص آخرين داخل مجتمعه و
أحيانا ما يكون هدا االرتباط متمثل في العقد ؛ يعتبر هدا األخير من أهم مصادر االلتزامات التي تربط
الفرد في معامالته مع غيره فتعامل األفراد فيما بينهم يستند في جل األوقات إلى إبرام عقود مختلفة تنشئ
عنها التزامات متقابلة لكال الطرفين المتعاقدين .
و لقد شرعت العقود في مجال المعامالت من أجل إشباع حاجات األفراد و تحقيق رغباتهم باعتبار أن
العقد هو الوسيلة الفعالة التي يستطيع الفرد أن يحقق بها بعض مصالحه االقتصادية و االجتماعية ما دامت
مصلحته ال تتعارض مع النظام العام و اآلداب العامة بل و يتصدى ليصل إلى المصلحة العامة كالصفقات
العمومية .
و لما كان االلتزام يعرف على أنه رابطة قانونية بين الدائن و المدين فإن مصيره حتما هو الزوال ألن بقاء
االلتزام على عاتق المدين يثقل كاهله؛ و أن تأييد رابطة االلتزام يتعارض مع الحرية الشخصية للمدين
فأي التزام مهما كان مصدره ينتهي بزواله .
و المعلوم أن النهاية الطبيعية ألي التزام أو حتى شخص هي االنقضاء إذ ال يمكن أن يكون االلتزام أبديا
على أن انقضاء االلتزام يرجع لعدة أسباب ،فقد ينقضي االلتزام بتنفيذه اي بالوفاء به و قد ينقضي الوفاء
بشيء آخر يقوم مقام الوفاء األصلي ،وقد ينقضي دون الوفاء به أصال .
االلتزام أو الحق الشخصي مآله االنقضاء ،إذ ال يمكن للحق الشخصي أو االلتزام أن يكون أبديا والنقضاء
أسبابا يمكن تصنيفها كاآلتي:
-فقد ينقضي االلتزام بتنفيذه ،وفي هذه الحالة نجد سبب االنقضاء الوفاء.
-وقد ينقضي االلتزام عن طريق الوفاء بشيء آخر يقوم مقام الوفاء األصلي ،وأسباب االنقضاء هنا هي
الوفاء ،والتجديد ،و اإلنابة في الوفاء ،والمقاصة واتحاد الذمة.
-وقد ينقضي االلتزام دون الوفاء به أصال ونجد في هذه الحالة اإلبراء و استحالة التنفيذ والتقادم المسقط.
- 1األستاذ دربال عبد الرزاق ،الوجيز في أحكام االلتزام في القانون المدني الجزائري ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،الجزائر.2004 ،
ب) صفات الموفى له :
قد يتم الوفاء للدائن أو لنائبه أو لشخص أخر غير الدائن.
1-الوفاء للدائن أو لنائبه :
األصل في الوفاء أن يتم للدائن ذاته ،لكن يجوز أيضا الوفاء لنائبه (سواء كانت نيابته اتفاقية (كوكيل
بقبض الدين) أو قانونية (كحال الولي والوصي والقيم) أو قضائية (كوكيل التفليسة (
2-الوفاء لغير الدائن :
يكون الوفاء صحيحا متى تم لشخص آخر غير الدائن أو نائبه ،وهذا متى أقر الدائن ذلك الوفاء ،وفي هذه
الحالة يصبح ذلك اإلقرار بمثابة توكيل بقبض الدين ،وحتى في غياب اإلقرار ،يكون الوفاء صحيحا لكن
بشرط أن يعود ذلك الوفاء بالمنفعة على الدائن وفي حدود تلك المنفعة فقط ،وتتصور هذه الحالة فيمن
يوفي لدائن الدائن مثال.
ويكون الوفاء صحيحا إذا ما تم لشخص يظهر أمام الغير على أنه الدائن ،وهذا ما يحدث فيمن ينفذ وصية
بإعطاء مبلغ إلى الموصى له ثم يظهر فيما بعد أن الوصية باطلة أو تم الرجوع فيها ،وكمن يوفي بدينه
إلى وارث معين ،ثم يتبين أنه محجوب بغيره ،أو كمن بوفي لمحال إليه (في حوالة الحق) ثم يظهر أن
الحوالة باطلة ،على أن صحة الوفاء للدائن الظاهر مشروطة بكون الموفي ذاته حسن النية ،أي ال يعلم بأنه
2
يوفي لغير الدائن.
- 6د خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ،مصادر االلتزام ،الطبعة الرابعة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2010 ،
الدائن ،أما مصدر دين المدين الجديد فعقد اإلنابة هذا والدفوع التي يجوز للمدين الجديد أن يدفع
بها هي نفسها التي سبق ذكرها بصدد اإلنابة الكاملة.
المقاصة ( م 297إلى 303مدني( -2
أوال :تعريفها وأنواعها
يقصد بالمقاصة أن يكون لمدين دائنا لدائنه في نفس الوقت ،فيترتب عن ذلك أن يعتبر الدائن قد
استوفى ماله عند مدينه ،بما عند مدينه تجاهه هو وعلى هذا تعد المقاصة أداة وفاء بالدين ،ثم هي
ضمان للدائن العادي ،إذ بالمقاصة يستوفي دينه قبل غيره من الدائنين ودون منافستهم له.
والمقاصة إما أن تكون قانونية وإما أن تكون قضائية أو اتفاقية.
ثاينا :المقاصة القانونية
وسميث بذلك ألنه متى توافرت شروطها التي نص عليها المشرع وقعت بقوة القانون بمجرد أن
يتمسك بها أحد المدينين.
أ -شروطها
)1تقابل الدينان
ويقصد بذلك أن يكون كل من طرفي المقاصة دائنا ومدينا لآلخر بصفتيهما الشخصية وهذا ما
يفسر عدم إمكان وقوع لمقاصة عندما يكون أحد أطرافها دائنا أو مدينا لكن بصفته وليا على
قاصر أو بصفته شريكا في شركة أو وارثا.
)2تماثل محل الدينين
ويقصد بهذا أن المقاصة ال تقع إال بين محال متماثلة أو مثيلة وهذا كالنقود مثال وباقي األشياء
المثلية متى كانت من نوع واحد وجودة واحدة (كالقمح أو األرز .)...وعلى هذا ال تقع مقاصة بين
أشياء معينة بذاتها ،وال بين نقود وأشياء مثلية كقمح ،وال بين التزامات محلها القيام بعمل أو
7
االمتناع عنه.
)3خلو الدينين من النزاع
وال يكون الدين كذلك إال أن يكون محدد المقدار من جهة ،وثابت في ذمة المدين من جهة أخرى
بحيث ال تقوم بشأنه منازعة جدية في ثبوته ،وال يكون الدين معلوم المقدار إذا كان متعلقا
بتعويض ترتب على عمل ضار مثال ،أو مبلغ توقف تحديده على خبرة ،أو على تصفية تركة ولم
يقع أيا من ذلك .والمنازعة في الدين تحصل حينما يرفع النزاع إلى القضاء ،لكن ليس هذا شرطا
الزما.
)4أن يكون الدينان مستحقي الوفاء
لما كانت المقاصة نوع من الوفاء اإلجباري ،ولما كانت القاعدة أن ال يجبر المدين على الوفاء
بدين لم يستحق بعد ،فإنه يشترط في الدين المراد المقاصة فيه أن يكون واجب األداء – وتبعا لما
قيل ال تجوز المقاصة بين دين حال األداء وآخر مؤجل ،أجال قانونيا أو اتفاقيا ،أما األجل القضائي
(نظرة الميسرة (م 210مدني) فال يمنع المقاصة.
ثانيا – موانعها :
تمتنع المقاصة أحيانا ألسباب قد تعود إلى المحافظة على مصلحة أحد الطرفين فيها أو مصلحة
الغير ،فهي ممتنعة بسبب أحد الطرفين متى تعلق األمر بأموال غير قابلة للحجز عليها (كدين
النفقات أو المعاشات وأجور العمال) أو دين تمثل في رد عارية أو وديعة أو شيء أخر أنتزع من
يد مالكه دون وجه حق ،خاصة وأنه في مثل هذه الحاالت ال تكون الديون المراد إجراء المقاصة
بشأنها متماثلة وال خالية من النزاع.
ونفس الحكم ينطبق أيضا (أي امتناع المقاصة) ولو هلكت تلك األشياء فترتب في ذمة المدين
- 7د محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني ،التأمينات العينية و الشخصية ،عقد الكفالة ،دار الكتاب الحديث.2005 ،
بردها دينا تمثل في تعويض ما أتلفه.
وقد تمتنع المقاصة أيضا حفاظا على حقوق الغير ،من ذلك أن يوقع الغير حجزا تحت يد المدين،
ثم يصبح هذا المدين دائنا لدائنه بعد أن وقع الحجز ،فليس لهذا المدين أن يتمسك تجاه الحاجز
بالمقاصة بينه وبين دائنه ،ونفس الشيء يقال عن الحالة التي تتم فيها حوالة حق ،ويقبل المدين
(المحال عليه) الحوالة دون تحفظ ،فليس له بعدها أن يتمسك تجاه المحال له بالمقاصة بين دينه
ودين المحيل على اعتبار أن قبوله للحوالة فيه إقرار بعدم وجود المقاصة أو فيه معنى التنازل عن
التمسك بها.
ج– آثارها :
يترتب على توافر شروط المقاصة القانونية انقضاء الدينين لكن بقدر األقل منهما متى كان مقدار
أحدهما أكبر من اآلخر ،ومتى انقضى الدينان انقضت معه توابعه أو ضماناته كالرهن والكفالة
وغيرها ،وبالرغم من أن المقاصة (أي انقضاء الدينين) تقع بقوة القانون إال أن المشرع يقرر أنها
ال تقع إال إذا تمسك بها من له مصلحة فيها ،وليس للقاضي بالتالي أن يثيرها من تلقاء نفسه ،لكن
يجوز لمن له الحق في التمسك بها أن ينزل عنها صراحة أو ضمنا بعد أن تكون قد توفرت
شروطها ،ويترتب على هذا النزول زوال انقضاء الدينين بأثر رجعي.
ثالثا :المقاصة القضائية :
يتم اللجوء إلى هذه المقاصة حينما ال يتوافر أحد شرطي المقاصة القانونية :الخال من النزاع
ومعلومية المقدار أو هما معا ،أما باقي الشروط فيجب توافرها حتما ،وتتم هذه المقاصة بمعرفة
القضاء ومنه استمدت تسميتها ،بحيث يثيرها المدعي عليه الذي يطالب بدين معين ،في شكل طلب
8
عارض يرد به دعوى المدعي ،بحيث يطلب من القضاء أن يسقط الدين المدعي به قصاصا.
مثال ذلك أن يرفع مؤجر دعوى ضد مستأجر يطالبه فيها بأداء مبلغ اإليجار ،فيرد هذا طلبه
مدعيا من جهته أن له تعويضا في جانب المؤجر كون أن أحد تابعي المؤجر قد سبه أو شتمه،
فدين التعويض هذا غير خال من النزاع وكان يجب عدم االستجابة لطلب المقاصة ،إال أن القضاء
يتولى ذلك متى رأي القاضي أن المستأجر محق في دعواه ،وبالتالي يتولى تقدير التعويض
ويجري مقاصة بينه وبين دين المؤجر ،وهذا المثال يبين أن القاضي يستطيع دائما أن ال يستجيب
لطلب المقاصة متى لم تقنعه أدلة المدعي عليه أو قدر أن الفصل في طلب المقاصة يؤخر الفصل
في الدعوى األصلية.
ومتى قضى القاضي بالمقاصة انقضى الدينان بقدر األقل منهما مع تأميناتهما ،أما أثرها فيرتد إلى
وقت نشوء الدينين عند البعض وإلى صدور حكم القاضي عند البعض اآلخر من الفقه والقضاء
أيضا.
رابعا :المقاصة االتفاقية :
وهذه تتم باختيار أطرافها حينما ال تتوفر شروط المقاصة القانونية ،وعلى هذا األساس تجوز هذه
المقاصة ولو تخلف شرط التماثل بين الديون (نقود بقمح) أو الخلو من النزاع أو االستحقاق (دين
حال وأخر مؤجل) أو التقابل (بين كفيل المدين ودائن المدين) ..على أن هذه المقاصة متى وقعت
فإنها تسري من تاريخ االتفاق عليها ،وتطبق بشأنها باقي أثار المقاصة كانقضاء الدينين بقدر
األقل منهما مع تأميناتهما.
اتحاد الذمة (م 304 :مدني). -3
يقصد باتحاد الذمة أن تجتمع في شخص وفي ذات الدين صفتا الدائن والمدين ،فيترتب عن ذلك أن
ينقضي الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة ،وغالبا ما يقع اتحاد الذمة بسبب الميراث بحيث يكون
لوارث دائنا أو مدينا :فمتى كان الوارث مدينا ،فمعنى ذلك أنه صار دائنا لنفسه بمقدرا الدين،
- 8د خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري :عقد البيع ديوان المطبوعات الجامعية2003 ,
فينقضي بالتالي دينه باتحاد الذمة وهذا إذا كان وارثا وحيدا ،أما إن كان معه وارثا آخر فإنه يرث
نصف الدين وينقضي نصف الدين باتحاد الذمة ،ويبقى مدينا بالنصف الثاني للوارث اآلخر ،ثم
يرث نصف التركة الباقية.
أما إن كان الوارث دائنا ،فبالميراث يصير دائنا للتركة ومدينا لنفسه ،ولما كانت التركة مدينة ،فإن
الوارث ال يرثها حتى تقضى ديونها وبالتالي ينقضي دين هذا الوارث بالوفاء من التركة ،ثم
يستوفي الوارث نصيبه من التركة ،ويالحظ في هذه الصورة الثانية أنه لم تجتمع في الوارث
صفتا الدائن والمدين بسبب القاعدة الفقهية " ال تركة إال بعد سداد الديون " ولذلك لم يتحقق إتحاد
الذمة.
وقد تتحد الذمة ال بفعل الميراث بل بسبب تصرف قانوني ،وخير مثال على ذلك ما نصت عليه (م
400مدني) بصدد بيع الحقوق المتنازع فيها ،فالدائن قد يختار التنازل عن دينه الذي في ذمة
مدينه لشخص معين مقابل مبلغ مالي ،فيعمد لمدين – بموجب دعوى قضائية – إلى استرداد الذي
تم التنازل عنه وهذا بدفع المقابل الذي دفعه المتنازل له للدائن ،ومتى تحقق ذلك يكون المدين قد
اجتمعت فيه صفة الدائن أيضا وبالتالي صار دائنا ومدينا لنفسه فينقضي دينه باتحاد الذمة.
ويترتب على اتحاد الذمة انقضاء الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة ومعه الضمانات التي كانت
تكلفه ،هذا ومتى زال السبب الذي كان وراء اتحاد الذمة (كالميراث أو الوصية أو االسترداد أو
تصرف آخر) فإن الدين الذي انقضى باتحاد الذمة يعود من جديد بفعل األثر الرجعي متى كان
لزوال ذلك السبب أثرا رجعيا وتعود مع الدين التأمينات التي كانت تضمنه.
في مثل هذه الحالة فإن الدائن ال يستوفى حقه تماما ،إما ألنه لم يرد ذلك اختيارا عن طريق إبرام
ذمة مدينة ،أو ألن االلتزام استحال تنفيذه وال تكليف عندئذ بمستحيل ،أو ألن قواعد القانون هي
9
التي حالت دون حصول الدائن على حقه وهذا بسبب التقادم المسقط.
المراجع والمصادر
-القوانين :
األمر رقم 58-75 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة ،1975 المتضمن القانون
المدني المعدل و المتمم.
-الكتب :
-1األستاذ دربال عبد الرزاق ،الوجيز في أحكام االلتزام في القانون المدني الجزائري ،دار العلوم للنشر
والتوزيع ،الجزائر.2004 ،
-2د علي فياللي " ،االلتزامات الفعل المستحق للتعويض" ،الطبعة الثانية ،موفر للنشر ،الجزائر.2007 ،
-3د محمد شريف أحمد ، مصادر االلتزام في القانون المدني – دراسة مقارنة بالفقه اإلسالمي ،دار
الثقافة للنشر و التوزيع لبنان.1999،
-4د عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام ،مصادر االلتزام،
الجزء األول ،منشأة المعارف اإلسكندرية2004 ،
-5د سي يوسف زاهية حورية الوجيز في عقد البيع ،دراسة مقارنة و مدعمة باجتهادات قضائية و
فقهية ،دار األمل للطباعة و النشر و التوزيع ،تيزي وزو الجزائر.2008 ،
6- د خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ،مصادر االلتزام ،الطبعة
الرابعة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.2010 ،
-7د محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني ،التأمينات العينية و الشخصية ،عقد الكفالة ،دار الكتاب
الحديث.2005 ،
-8د خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري :عقد البيع ديوان المطبوعات
الجامعية2003 ,
-9دعلي علي سليمان ،النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الطبعة السادسة2005 ،
-10د محفوظ لعشب ،المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري ،الطبعة الرابعة ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر.2009 ،