Professional Documents
Culture Documents
الاجتهاد القضاءي
الاجتهاد القضاءي
الاجتهاد القضاءي
ُك ّتاب وآراء 2.
من المعروف أن االجتهاد القضائي يعد إلى جانب التشريع مصدرا من مصادر القانون بصفة عامة ،وعلى
هذا األساس فإنه يعد أحد القنوات الهامة التي تصنع فيه القاعدة أو القواعد المتعلقة بنظام اإلعفاء أو الفصل9،
وذلك في الحاالت التي يكون فيها النص التشريعي أو النظامي أو االتفاقي غامضا أو منعدما بالمرة ،فيتدخل
القاضي باجتهاده لكي يسد الفراغ .وسنرى – وفي وقت الحق – بمناسبة الحديث عن الرقابة القضائية على
اإلعفاء أو الفصل كيف أن العديد من قواعد اإلعفاء أو الفصل ألسباب تأديبية أو اقتصادية تجد مصدرها في
االجتهاد القضائي وليس في القانون أو االتفاق أو النظام الداخلي للمقاولة ،ومن ذلك على سبيل المثال ال
الحصر إصدار محكمة النقض لقرار حديث الحظت فيه ثغرة أو فراغا في نظام الفصل 9التأديبي في ضوء
المادة 62وما بعدها من مدونة الشغل ،تتجلى في عدم تحديد مشرع هذه المدونة األجل الذي يتخذ فيه
المشغل مقرر الفصل؛ وبعد أن أقرت بذلك المحكمة اجتهدت وسدت الفراغ بأنه يتعين على صاحب العمل أن
يتخذ قرار الفصل داخل أجل معقول ( م .ن ،غ .إ ج ،.قرار بتاريخ 16/5/2017رقم 530ملف عدد /
،5/2016 /1202/1مجلة قضاء محكمة النقض /المجلس األعلى عدد ،84ص + 203 .م .ن ،غ .إ
ج ،.قرار بتاريخ 4/7/2017رقم 659ملف عدد ، 1575/5/1/2016مجلة قضاء محكمة النقض /
المجلس األعلى عدد ،84ص ،) 210 .فما هو هذا األجل؟ هل هو محدد في يوم..في شهر..في سنة…؟
.كما يقول المرحوم عبد الحليم حافظ
:ماهية األجل المعقول التخاذ مقرر الفصل عن العمل ومن خصائصه الفورية – 2
كل واحد منا ومن منطلق ذاتي له تصوره عن األجل المعقول 9،في حين أن المشرع في المادتين 62و63
من م.ش نص وبكل موضوعية ومنطق على إجراءات قانونية تمهد التخاذ مقرر الفصل تتراوح آجالها ما
بين 48ساعة و 8أيام ،ما يدل على طابع الفورية في اتخاذ قرار الفصل ،وبمجرد االنتهاء من االستماع إلى
األجير من طرف المشغل .ومما يؤكد ذلك أن المادة 61من المدونة تسمح للمشغل بفصل األجير فورا ودون
انتظار مهلة اإلخطار المحددة مثال فقط في 8أيام بموجب المرسوم التطبيقي للمدونة والمؤرخ في 29
ديسمبر .2004وبإعادة قراءة المادة 62من المدونة بمفهوم المخالفة ،أو في حالة إعادة كتابتها ،يجب أن
نفهمها بأنه ((بمجرد ارتكاب األجير لخطأ جسيم تأكد منه المشغل يجب فصله فورا ،وفي تاريخ محدد ،ال
يفصله عنه إال إجراء االستماع إلى األجير لكي تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه)) .وهذه الصبغة الفورية في
اتخاذ قرار الفصل كانت صريحة في الفصل 6 9من النظام النموذجي لسنة ،1948ولكن تستخلص ضمنيا
من المواد 61و 62و 63من مدونة الشغل ،فالفصل 6من النظام النموذجي كان ينص على الفصل الفوري
وفي هذا تقدم القديم عن الجديد ،ثم ما مصلحة : “”IMMEDIATEMENT”،صراحة باستعمال مصطلح
المشغل في عدم اتخاذ مقرر الفصل فورا بعد االستماع إلى األجير؟
وقد تطول فترة انتظار األجير لمقرر الفصل 9ألكثر من أسبوع ،ولو اعتبرنا أن مدة االنتظار هي عقوبة
توقيف عن الشغل فال يجب أن تتعدى 8أيام بنص صريح في المادة 37من مدونة الشغل؛ فكيف يبيح
االجتهاد للمشغل اتخاذ مقرر الفصل داخل أجل معقول 9من غير تحديده بمدة معينة؟ مع أن الطابع الفوري في
اتخاذ مقرر الفصل يستنتج من المادة 61من مدونة الشغل التي تنص على فصل األجير المرتكب لخطأ
جسيم بدون مراعاة أجل اإلخطار ،يعني فورا ! والفورية عبرت عنها المادة 63من م.ش أو حددتها في 48
ساعة كمقياس أو معيار للفورية في تسليم مقرر الفصل عن العمل .وهنا يطرح السؤال ما هو األهم
واألخطر ،هل اتخاذ مقرر الفصل ،أم تسليم مقرر الفصل؟ ونجيب بأن اإلجراء المهم والخطير هو اتخاذ
مقرر الفصل من طرف المشغل ،ولو أن المشرع لم يحدد المدة الزمنية التخاذه وحددها االجتهاد القضائي
لمحكمة النقض في “مدة معقولة” .ويلي هذا اإلجراء من حيث األهمية والخطورة إجراء تسليم مقرر الفصل،
وحدد المشرع أجل تسليمه في “ 48ساعة” من تاريخ اتخاذه ،فهل يعقل أن ينص المشرع على أجل اإلجراء
األقل أهمية أي ((تسليم مقرر الفصل)) ،ويهمل أجل اإلجراء األكثر خطورة واألكثر أهمية وهو إجراء
((اتخاذ مقرر الفصل))؟
رأينا في الموضوع :وجوب اتخاذ مقرر الفصل عن العمل فورا حتى ال يسقط النزاع في االبتذال – 3
لكل األسباب التي ذكرناها آنفا ،نرى أن مقرر الفصل يجب أن يتخذ فورا ،والفورية تعني 48ساعة كحد
أدنى و 8أيام كحد أقصى ،وهي المدد الزمنية نفسها المنصوص عليها في المادتين 62و 63من م .ش.
وعلى هذا األساس يجب فهم وتفسير المادة 62من م .ش ،بعد تحرير محضر االستماع لألجير المنصوص
عليه في المادة 62من م.ش(( ،يصدر المشغل فورا مقرر الفصل عن العمل)) ،وهذه هي الفقرة الغائبة أو
التي سقطت سهوا بين المادتين 62و 63من م.ش ،والفورية تعني مدة تتراوح ما بين 48ساعة و 8أيام
كما أسلفنا؛ أما إذا لم يصدر المشغل مقرر الفصل بالمرة وكلما ذهب األجير إلى المقاولة ليسأل عن وضعيته
ومآل جلسة االستماع إليه يجيبه المشغل بأنه سوف يكلمه بالهاتف ،أو سوف يبعث له بكتاب في الموضوع،
أو يرسل إليه مقرر الفصل ،فيظل ينتظر ساعة الفرج أو هذا المقرر لمدة سنتين ،وبعد أن يمل من طول
االنتظار يقرر رفع دعوى المنازعة في مقرر الفصل ،فقد يدفع المشغل بتقادم دعوى الفصل طبقا للمادة
395من م.ش ،أو يلجا إلى سالحه ((الرهيب واإلستراتيجي)) وهو الدفع والقول بأن األجير لم يتم فصله
عن العمل وإنما فضل طيلة هذه المدة (( مغادرة العمل من تلقاء نفسه)) الشتغاله في نشاط اقتصادي آخر،
.ولما لم ينجح فيه رفع هذه الدعوى ،رجع إليه منتقما وزاعما أنه فصل عن العمل
والواقع أن الدفع بمغادرة العمل ال يكون صحيحا إال بنسبة تتراوح بين % 10و ،% 20وما دونها ما هو
إال تحايل على القانون وعلى مدونة الشغل وعلى ما احتوت عليه من ضمانات قانونية من الفصل التأديبي
والعشوائي ،بل هو بكل بساطة إجهاض للدور الحمائي لألجير الذي تلعبه هذه المدونة ونتيجة لتفسير األحكام
القضائية االجتماعية لقواعد عبء اإلثبات في منازعات المغادرة التلقائية لصالح المقاولة وليس األجير،
.ونتيجة كذلك لعدم تكييف القضاء واقعة المغادرة التكييف القانوني 9الصحيح
فمثال لو أن حارس المقاولة – وبأمر من المشغل – منع األجير من دخولها ،ورفع دعوى الفصل التعسفي
ورد المشغل بأن األجير هو الذي غادر العمل تلقائيا ،فيعقب عليه بأنه جاء إلى باب المقاولة ،ومنعه الحارس
من الدخول ،يجيبه االجتهاد القضائي بكل بساطة :كان عليك أن تحضر مفوضا قضائيا إلثبات واقعة المنع،
وبما أنه لم يفعل يكون الحكم صارما برفض الطلب .ونسي االجتهاد القضائي أنه حتى على فرض صحة
المغادرة التلقائية فهي في الواقع تغيب عن العمل بشكل غير مبرر أو غير مرخص به ،وكان على المحكمة
أن تكيف واقعة المغادرة بأنها خطا جسيم ،وكان على المشغل أن يحرك بشأنها مسطرة التأديب طبقا للمادة
62وما بعدها من مدونة الشغل ،وبما أنه لم يفعل كل ذلك فاإلعفاء أو الفصل تعسفي ،وهو ما ال يميل إليه
.قضاة الموضوع حاليا في المادة االجتماعية
وال نفقد األمل في تطور االجتهاد القضائي حول هذا الموضوع 9،أو بعد أن يتدخل المشرع لتقنين واقعة
“المغادرة التلقائية” ،وفك ألغازها المحيرة ،فكم من أجير قيل إنه غادر المقاولة تلقائيا وهو في الواقع لم
…!.يغادر وفي أحسن األحوال أجبر على المغادرة ..عودا على بدء
دكتور في الحقوق*
في مادة الشغل هناك اجتهاد قضائي قار لمحكمة النقض غريب وعجيب :تقول محكمة النقض أنه ال يلتفت
لمناقشة مدى جسامة خطأ األجير من عدمه إذا لم يحترم المشغل مسطرة الفصل المنصوص عليها في
الفصول 62 9وما يليها من مدونة الشغل …بمعني يمكن أن يسرق األجير ،وأن يخرب مقاولة مشغله ،وأن
يقدف بها للتصفية القضائية وأن يسب هذا المشغل ويقدفه و يفعل ما يحلو له … وإذا قام هذا المشغل بفصله
ولم يحترم ا مسطرة الفصل أي مثال لم يسلمه مقرر الفصل بإحدى الطرق التي حددها القانون ،فإن هذا
الفصل يعتبر تعسفيا ويستحق األجير االستفادة من تعويضات الفصل …بالعربية تاعرابت اخرب هذا األجير
المقاولة ،وتكرفس على المشغل ،ويسرق ويدير لي بغا وفوق ذلك يأخد تعويض لماذا ؟ فقط ألن المشغل لم
يحترف إحدى الشكليات المنصوص عليها في مسطرة الفصل… 9دبا ذخلت عليكم باهلل :واش هذا اجتهاد
قضائي افتخر به الواحد …؟ هذا اجتهاد يكرس الظلم بعينه ،وأرجو من االستاذ الكريم أن يفيدنا في مغزى
هذا االجتهاد والعلة من ورائه ،ألنه حقيقة حاولت أن استخلص أين يكمن منطق العدالة واالنصاف في هذا
االجتهاد فلم أجده …شكرا لكم استاذي الكريم
..