Professional Documents
Culture Documents
E Kutub
E Kutub
ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ ﺍﻟﺠﻴﺪﺓ
ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ
(
(
E-KUTUB
الحكامة الجيدة
في النظام الدستوري المغربي
د .عبد العزيز غوردو
1
2
الحكامة الجيدة
في النظام الدستوري المغربي
إصدارات إي-كتب
لندن ،نوفمبر 2015
3
Good Governance in Moroccan Constitutional Order
By: Abdelaziz Ghourdou
Copyright E-kutub Ltd 2015
Published by E-Kutub.com
ISBN: 9781780581835
*****
الطبعة األولى ،لندن ،تشرين االول-نوفمبر 2015
المؤلف :د .عبد العزيز غوردو
الناشر ،E-kutub Ltd :شركة بريطانية مسجلة في انجلترا برقم:
7513024
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف.
ال تجوز إعادة طباعة أي جزء من هذا الكتاب ألكترونيا أو على ورق .كما
ال يجوز االقتباس من دون اإلشارة الى المصدر.
أي محاولة للنسخ أو إعادة النشر تعرض صاحبها الى المسؤولية القانونية.
إذا عثرت على نسخة عبر أي وسيلة اخرى غير موقع الناشر (إي -كتب)
أو غوغل بوكس ،نرجو اشعارنا بوجود نسخة غير مشروعة بالكتابة الينا:
ekutub.info@gmail.com
يمكنك الكتابة الى المؤلف على العنوان التالي:
ghourdou.abdelaziz@voila.fr
4
الفهرس
مقدمة11....
الفصل األول :المفاهيم واألصول21....
المبحث األول :النظام الدستوري المغربي23....
المطلب األول" :النظام الدستوري" والمفاهيم المجاورة23....
الفرع األول :في الفصل بين "النظام السياسي" و"النظام الدستوري"24....
الفرع الثاني :جدلية العالقة بين "النظام الدستوري" و"القانون
الدستوري"32....
المطلب الثاني :طبيعة النظام الدستوري المغربي38....
الفرع األول :قبل :2011نظام دستوري تقليداني39....
الفرع الثاني :دستور 2011والتأسيس لنظام دستوري جديد49....
الفقرة األولى :المضمون الجديد للمؤسسة الملكية"/إمارة المؤمنين"53....
الفقرة الثانية :عالقة المؤسسة الملكية بالسلطتين التشريعية والتنفيذية57....
أوال :الوظيفة التشريعية :الملك؛ البرلمان؛ الحكومة68....
ثانيا :سلطة تنفيذية برأسين59....
ثالثا :اختراق الطابق العلوي للسلطة61....
المبحث الثاني :الحكامة الجيدة :مفهومها؛ أركانها؛ حركيتها في
التاريخ68....
المطلب األول :إيتيمولوجيا الحكامة الجيدة وأركانها69....
الفرع األول :الحكامة :المفهوم ومكوناته69....
الفقرة األولى :رصد المفهوم69....
الفقرة الثانية :الحكامة الجيدة :المعايير؛ المبادئ؛ الخصائص77....
أوال :المبادئ العامة للحكامة الجيدة78....
ثانيا :خصائص الحكامة ومعاييرها79....
الفرع الثاني :الحكامة الجيدة :متابعة تاريخية81....
الفقرة األولى :مصادفة القرنين 6و 5ق .م :الصين واإلغريق81....
أوال :الصين الكونفوشية82....
ثانيا :اإلغريق :فيتاغورس؛ سقراط؛ واآلخرين85....
5
الفقرة الثانية :اإلسالم والطموح إلى الحكم الرشيد88....
المطلب الثاني :الحكامة الجيدة في المغرب قبل دستور92....2011
الفرع األول :قبل تداول المفهوم92....
الفرع الثاني :ظهور المفهوم وانتشاره99....
أوال :نهج سياسة االنفتاح103....
ثانيا :مالءمة النصوص القانونية والتشريعية103....
خاتمة الفصل األول108....
الفصل الثاني :محورية الحكامة الجيدة في النظام الدستوري
المغربي111....
المبحث األول :دسترة الحكامة الجيدة (112.... )2011
المطلب األول :موقع الحكامة الجيدة من الهندسة الدستورية112....
الفرع األول :وصف مورفولوجي :السياق والهيكلة113....
الفقرة األولى :سياق دسترة الحكامة من سياق التعديل الدستوري113....
الفقرة الثانية :الحكامة الجيدة في دستور :2011مقاربة إحصائية116....
الفرع الثاني :انتظام مؤسسات وهيئات الحكامة الجيدة ضمن المتن
الدستوري121....
الفقرة األولى :الطرح الفقهي المتداول ومناقشته122....
أوال :الطرح الفقهي122....
ثانيا :مناقشة الطرح الفقهي وتقويمه125....
الفقرة الثانية :اقتراح نموذج بديل132....
أوال :التحديد الدستوري الضيق132....
ثانيا :التحديد الدستوري الواسع132....
المطلب الثاني :الغاية من دسترة الحكامة الجيدة والديمقراطية
المنشودة137....
الفرع األول :الغاية من دسترة الحكامة الجيدة :تحليل المضمون138....
الفرع الثاني :الحكامة الجيدة :آفاق مستقبلية لتثوير النظام الدستوري
المغربي147....
الفقرة األولى :الحكامة الجيدة من مقدمات التحديث الدستوري147...
أوال :اعتماد المقاربة التشاركية148....
ثانيا :الحكامة مبدأ يعني الجميع149....
الفقرة الثانية :إرساء نظام دستوري انتقالي151....
6
المبحث الثاني :في طبيعة العالقة بين الحكامة الجيدة والنظام الدستوري
المغربي163....
المطلب األول :المؤسسة الملكية والسلطة التنفيذية164....
الفرع األول :المؤسسة الملكية164....
الفقرة األولى :تداخل األدوار في شخص الملك /أمير المؤمنين165....
أوال :السلطة التنفيذية وقيادة الجيش165....
ثانيا :االختصاص التشريعي والقضائي167....
الفقرة الثانية :تغيير تدريجي على أدوار المؤسسة الملكية169....
الفرع الثاني :السلطة التنفيذية/الحكومة174....
الفقرة األولى :النصوص المؤطرة للحكامة الجيدة175....
الفقرة الثانية :وزارة الشؤون العامة والحكامة185....
أوال :على المستوى الشكلي187....
ثانيا :على مستوى المضمون189....
المطلب الثاني :السلطتان التشريعية والقضائية193....
الفرع األول :السلطة التشريعية193....
الفقرة األولى :مبدأ االستقاللية194....
الفقرة الثانية :مبدأ التمثيلية والمشاركة؛ ومبدأ األداء والنزاهة202....
أوال :مبدأ التمثيلية والمشاركة202....
ثانيا :مبدأ األداء والنزاهة206....
الفرع الثاني :السلطة القضائية214....
الفقرة األولى :الواقع والطموحات قبل التعديل الدستوري األخير215....
أوال :استقالل القضاء215....
ثانيا :النزاهة218....
الفقرة الثانية :مستجدات الوثيقة الدستورية 219....2011
أوال :تجليات الحكامة القضائية من خالل الدستور219....
ثانيا :شروط التنزيل السليم لمبادئ الحكامة القضائية التي جاء بها
الدستور225....
خاتمة الفصل الثاني231....
خاتمة عامة233....
قائمة المراجع المعتمدة237....
7
8
تصدير
«ال ينبغي النظر إلى اضطرابات الحاضر فقط ،ولكن إلى ما
سيقع منها في المستقبل ،والتأهب له قبل وقوعه .فما يمكن
التنبؤ به يمكن عالجه بسهولة ،أما إذا انتظرنا إلى أن تداهمنا
المخاطر ،فسيصبح العالج متأخرا عن موعده وتستعصي
العلة؛ ويحدث هنا مثلما يحدث في ال ُح ّميات غير المستقرة،
فاألطباء يقولون إنها في بدايتها تكون صعبة التشخيص
وسهلة العالج ،بينما تكون سهلة التشخيص وصعبة العالج
وهي في نهايتها.
1
وهذا هو الحال في أمور الدولة».
مكيافيللي Nicolas MACHIAVEL
-1نيقوال مكيافيللي :األمير ،ترجمة أكرم مؤمن ،مكتبة ابن سينا ،القاهرة،
،2004ص.28 – 27 .
9
10
مقدمة
دخل مفهوم "الحكامة" – أو "الحكامة الجيدة"– مؤخرا
قاموسنا السياسي واالجتماعي واالقتصادي ...وقد تداولته أقالم
كثيرة ،وتم الزج به ،بمناسبة ومن دون مناسبة ،في الكتابات
الصحفية ،والدراسات األكاديمية ،والخطب السياسية...
وفي نظرنا إن لجدة كل مفهوم دخيل سحرا وإغراء يجعل
االختيار يقع عليه ،ويوقع به ،في أحيان كثيرة ،خاصة عندما ال
يتم حصر إطاره الذي نشأ فيه ،وحقله المفهومي الدال عليه،
وسياقه التداولي المناسب له.
والحكامة ،أو الحكامة الجيدة ،مفهوم أشكل على الباحثين
إيجاد تعريف جامع مانع له ،حيث يرد تارة بمعنى «الرقابة
على المنظمات والهيئات من طرف الذين أوكلوا إليهم
إدارتها»2؛ ويرد تارة أخرى بوصفه تعبيرا «عن ممارسة
السلطة السياسية وإدارتها لشؤون المجتمع وموارده المادية
والمالية والبشرية»3؛ بينما يرد تارة ثالثة بمعنى الحكم الذي
«تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية كفؤة لتحسين
وتجويد نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم وتأمينهم من
الرباط ،بتاريخ 06دجنبر 2013؛ وأطروحة الباحث عادل غفال" :الحكامة الجيدة
ورهانات التنمية المحلية بالمغرب" ،التي نوقشت بكلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،بتاريخ 28دجنبر
.2013
-11النظام الدستوري المغربي الحالي موضوع يحتاج بدوره إلى إعادة بحث،
ومن ثم تصنيف ،في ضوء مستجدات الوثيقة الدستورية لفاتح يوليو ،2011وهو
ما حاولنا تدشينه هنا ،على أن يبقى مفتوحا أمام القراءة وبالذات النقدية منها.
-12دستور فاتح يوليو ،2011صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91
بتاريخ 27شعبان 29( 1432يوليو ،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد
5964مكرر ،بتاريخ 28شعبان 30( 1432يوليو .)2011والمبادئ المشار
إليها ،في هذا الفصل ،هي التي تشكل مرتكزات النظام الدستوري المغربي الحالي.
15
وعليه فهذا الموضوع ال يكتسب أهميته فقط من جدته ،أي
من حيث قيمته العلمية ،بما يمكن أن يقدمه من إضافات نوعية
للبحث الدستوري والعلوم السياسية عامة ،وبما أن مجال البحث
فيه – على ضوء المستجدات الدستورية – ما زال خصبا؛ لكن
أيضا من حيث األهمية العملية :حيث بات ضروريا حضور،
وتفعيل ،آليات الحكامة الجيدة بما هي ركيزة من ركائز
المؤسسات الدستورية المكونة للدولة.
غير أن الحديث عن الحكامة الجيدة كإحدى ركائز هذا النسق
يستوجب استدعاء شبكة من المفاهيم المرتبطة به ،منها:
الشفافية؛ والنجاعة؛ وربط المسؤولية بالمحاسبة؛ وتكريس دولة
الحق والقانون ...ويستوجب قبل ذلك كله توفير مناخ ديمقراطي
لتفعيل مضامين هذه المفاهيم ،وتنزيلها تنزيال سليما؛ بينما نعلم
بأن النظام الدستوري ،والسياسي ،المغربي جرى توصيفه منذ
مدة طويلة بأنه تقليداني !13فكيف يمكن استنبات الحكامة الجيدة
في نظام دستوري بهذا الوصف؟
-13نظام دستوري تقليداني هي الخالصة التي انتهت إليها كتابات عدد من
الباحثين المغاربة مثل :محمد معتصم ومصطفى قلوش وعبد اللطيف أكنوش
ومحمد ضريف .انظر محمد معتصم :النظام السياسي الدستوري المغربي ،مؤسسة
إيزيس للنشر ،الدار البيضاء ،1992 ،ص 24 .وما يليها؛ وكذا :التطور التقليداني
للقانون الدستوري المغربي ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،1988 ،وحيث العنوان
خير معبر عن مثل هذه الخالصة؛ وكذا مصطفى قلوش :النظام الدستوري
المغربي – المؤسسة الملكية ،شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط،
،1997ص14-13 .؛ وكذا عبد اللطيف أكنوش :تاريخ المؤسسات والوقائع
االجتماعية بالمغرب ،دار أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،1987 ،ص 154 .وما
بعدها؛ ومحمد ضريف :قراءة أولية في النسق السياسي المغربي المعاصر ،المجلة
16
إن الحديث عن الحكامة في هذا المستوى ،وفي الظرفية التي
نعيشها راهنا ،يجعلنا نقف على مشارف فقدان الثقة بين الحكام
والمحكومين ،بمعنى أن الحديث يجري هنا ليس عن مستوى
سطحي من باب الترف الفكري و"الكماليات" الدستورية ،بل
عن جوهر السلطة في عالقتها بالشرعية والمشروعية :إذ إن
تآكل مؤسسات النظام الدستوري (كمقدمة لتآكل النظام السياسي
عموما) يعني أنها لم تعد قادرة على استيعاب تمثالت المواطنين
للسلطة وانتظاراتهم منها ...وبالتالي تتزعزع ثقتهم في
مؤسسات الدولة مما قد يفضي إلى الوضع الذي انتهت إليه
مجموعة من األنظمة السياسية العربية (تونس؛ مصر؛ ليبيا؛
سوريا )...فهل تتدخل الحكامة الجيدة لتصلح بعض ما أفسدته
الممارسة السياسية طيلة عقود؟
قطعا يتطلب فحص ،وتحليل ،هذه اإلشكالية تحديد مفهوم
الحكامة الجيدة (حصر مضامينه ونموذج الحكم الذي يقترحه) ثم
مقاربة ذلك في ضوء النظام الدستوري المغربي ،ومضارعته
مع ما يجري في المغرب (بعد التعديل الدستوري األخير) ،مما
تثار معه مجموعة من التساؤالت:
هل أسس دستور فاتح يوليو 2011لتعديل حقيقي في النظام
الدستوري المغربي بالقدر الكافي الذي يمكنه من تجاوز مرحلة
التقليدانية ويجعله بالتالي مستعدا لتبني نظام في الحكم وفق ما
17
يقترحه نموذج الحكامة الجيدة؟ وإذا لم يكن األمر كذلك فلماذا
تمت هذه الدسترة 14أصال؟
ماذا تعني دسترة الحكامة الجيدة؟ وإلى أين يمكن أن تفضي؟
وما هي اآلليات التي وفرها المشرع الدستوري لتنزيل حكامة
جيدة للمؤسسات الدستورية الكبرى (أو السلط الثالث)؟
فأما شبكة األسئلة المرتبطة بالسؤال المحوري :لماذا عمد
المشرع الدستوري المغربي إلى دسترة الحكامة الجيدة؟ فإنها
تجعلنا نقف على األهداف والغايات؛ فيما تردنا األسئلة المرتبطة
بكيفية التنصيص عليها في المتن الدستوري؛ إلى طرائق
الصياغة وكيفية االشتغال والعمل ،وتجعلنا نلج إلى باب
الوظيفة ،وبالتالي مقاربة موضوع الحكامة الجيدة في أبعاده
المختلفة المرتبطة بمجموع مؤسسات النظام الدستوري،
المفترض فيها أن تنضبط لمعاييرها ومؤشراتها ،مما يتطلب
متابعة وفحص كل مؤسسة على حدة ،في ضوء ما تستلزمه
الحكامة الجيدة من مبادئ ،ومعايير ،ومؤشرات.
على المستوى المنهجي تطلبت منا مقاربة إشكالية الحكامة
الجيدة في النظام الدستوري المغربي ،أوال ،استحضار المنهج
التاريخي ،خاصة التاريخ المقارن – مع الذات ومع اآلخر –
لتفكيك مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالمفهومين معا (الحكامة
الجيدة والنظام الدستوري المغربي) ،واستكشاف حركيتهما في
-14سنقصد بـ"دسترة" الحكامة الجيدة في هذه الدراسة تخصيص باب مستقل لها
ضمن دستور فاتح يوليوز ،2011مع التنبيه إلى أن الدساتير المغربية السابقة قد
تكون تضمنت إشارات ضمنية لبعض مضامين ومفاهيم الحكامة الجيدة ،دون أن
تتبني المفهوم ودون أن تخصص له بابا مستقال.
18
الزمن وفي المكان ،إلى أن وصل الوضع إلى ما استقر عليه
أخيرا مع مرحلة الدسترة.
ثم تطلب األمر ،ثانيا ،االستنجاد بالمنهج االستداللي ،عند
فحص السياسة التشريعية المغربية المفضية إلى دسترة الحكامة
الجيدة ،أو المتولّدة عنها ،انطالقا من فلسفة النظام االجتماعي
والسياسي القائم ،والتي تؤطر توجهات الدولة وتلزمها بمحدداتها
عند رسم هذه السياسة ومالمحها المستقبلية.
كما تم اللجوء ،ثالثا ،إلى مناهج أخرى كالمنهج
االستقرائي ،15والمنهج الجدلي ،16والمنهج البنيوي ،17وغيرها
من المناهج كلما كان ذلك ضروريا ،أو مناسبا ،لتطوير النقاش
حول قضية من القضايا المعروضة للتحليل ،وحيث كان
استدعاء هذا المنهج ،أو ذاك ،مناسبا أكثر من غيره لبسط
الحديث حولها أو تفسيرها أو نقدها...
واجتهد البحث ،قدر اإلمكان ،لصياغة ذلك كله في تحليل
يحترم طبيعة الدراسات القانونية عند معالجة كل ظاهرة ،أو
قضية ،بعرضها على النصوص التشريعية والقانونية المنظمة
لها للخروج بتصورات أو استنتاجات نأمل أن تكون قد حققت
الحد األدنى من الوضوح ،وخرجت في النهاية كما رجوناه.
-15مثال أثناء القيام بمقاربة ورود مفهوم الحكامة الجيدة في المتن الدستوري،
حيث تم االعتماد باألساس على مقاربة استقرائية إحصائية.
-16تم اللجوء للمنهج الجدلي في عدة مناسبات أبرز مثال عنها أثناء مناقشة
أطروحة األستاذ كريم لحرش بخصوص اعتماده على تصنيف المؤسسات
الدستورية المعنية بالحكامة وفق مقاربة التحديد الضيق والتحديد الواسع.
-17الشا ِهدُ على ذلك ما تم تقديمه كاقتراح للتحديد الواسع المقارب لمؤسسات
وهيئات الحكامة الجيدة في النظام الدستوري المغربي.
19
إن إدماج الحكامة الجيدة ضمن النظام الدستوري المغربي
لما بعد 2011يؤشر ضمنيا على قصور ،وعطب ،نظامنا
الدستوري والسياسي 18السابق ،وبالتالي ضرورة إعادة تأهيله،
مما يستدعي المرور عبر تفكيك وتحليل مكوناته ،للكشف عن
عمق أو ضحالة التعديالت التي طرأت عليه في المتن
الدستوري الجديد ،قبل المرور لفحص فرضية إمكانية استيعابه
لمضامين الحكامة الجيدة ،مع ما يستلزمه ذلك من تفكيك هذه
المضامين أيضا (الفصل األول من هذه الدراسة).
وإعادة التأهيل هذه راهنّا عليها حتى تفتح أمامنا الباب إلتمام
تحليل مؤسسات النظام الدستوري المغربي ،وتعميق النقاش
حول سيرورتها نحو الديمقراطية المنشودة ،عبر تطبيقات
الحكامة الجيدة – القائمة والممكنة – على مكونات هذا النظام،
وأساسا السلط الثالثة فيه :التشريعية والتنفيذية والقضائية ،وهو
ما يؤلف الفصل الثاني من هذا الموضوع.
-18رسم موضوع هذه الدراسة لنفسه حدودا تتوقف عند "النظام الدستوري"،
رغم التداخل الوارد بينه وبين النظام السياسي بل واالجتماعي أيضا.
20
الفصل األول
المفاهيم واألصول
تستدعي دراسة وفحص إشكالية الحكامة الجيدة في النظام
تعرف ماهية
الدستوري المغربي بداية تمهيد أرضية النقاش ب ّ
المفاهيم الكبرى المؤطرة لها ،وأساسا مفهومي :النظام
الدستوري المغربي والحكامة الجيدة؛ مع ما يتطلبه ذلك من
تفكيك لمجموعة من المفاهيم المرتبطة بهما ،واستكشاف
حركيتهما في الزمن وفي المكان ،إلى أن وصل الوضع إلى ما
استقر عليه أخيرا مع مرحلة الدسترة في المغرب.
فالكتابات التي كتبت حولهما كثيرة ،واآلراء مختلفة وتصل
حد التضارب أحيانا ،وسنحاول من خالل استعراض جملة منها
إرساء ضوابط محددة للمفهومين ،كما انتهينا إلى استخالصها،
وهذه الضوابط هي التي سنعتمدها في موضوعنا هنا.
ذلك أنه دون تدقيق مجال اشتغال "النظام الدستوري"
عموما ،ودون تدقيق المضمون الجديد "للنظام الدستوري"
المغربي الذي حاول دستور 2011إرساء قواعده ،فإنه يصبح
من المتعذر فحص اإلشكالية التي تم اقتراحها في مقدمة هذا
العمل.
21
فتحديد مفهوم "النظام الدستوري" سيحدد مجال اشتغال هذه
الدراسة حتى ال تنزلق إلى مجاالت مجاورة.
وتحديد المضمون الجديد للنظام الدستوري المغربي لما بعد
فاتح يوليو 2011سيمكن من توفير أرضية تسمح بفحص ما
إن كان قد جرى تطور على النظام الدستوري السابق
الموصوف بالتقليداني ،بما يسمح بتطبيق مفردات الحكامة الجيدة
على مؤسساته الكبرى.
كما أن متابعة مفهوم "الحكامة الجيدة" إيتيمولوجيا وتاريخيا
ستسمح بالحكم إن كان تضمينها ضمن النص الدستوري الجديد
يشكل قطيعة فعلية مع ما سبق ،أم أنها قفزة نوعية كبيرة لكن
ضمن تراكمات سابقة .وفي الحالتين فإن ضبط مبادئها
ومعاييرها ومؤشراتها يبقى ضروريا إلجراء قراءة تجريبية
على النظام الدستوري المغربي الجديد.
وعليه فإننا نقترح تقسيم الفصل األول إلى مبحثين يتناول
األول منهما موضوع النظام الدستوري المغربي ،فيما ينصرف
الثاني إلى محاصرة مفهوم الحكامة الجيدة.
22
المبحث األول :النظام الدستوري المغربي
23
والواقع أن المفاهيم الثالثة متداخلة فعال إلى درجة كبيرة،
لكن ذلك ال يمنع من وجود اختالفات جوهرية بينها ،وهو ما
سنحاول االشتغال عليه من خالل فرع أول نخصصه للتمييز
بين "النظام السياسي" و"النظام الدستوري"؛ قبل أن نعمل على
رصد حدود التداخل بين مفهومي "النظام الدستوري" و"القانون
الدستوري" في فرع ثان.
-19ابن منظور :لسان العرب ،أعاد بناءه يوسف خياط ،دار الجيل -دار لسان
العرب ،بيروت ،دون تاريخ ،مادة :نظم.
24
سيده نسق الشيء ينسقه نسقا ،ونسقه نظمه على السواء...
20
واالسم النسق ...والتنسيق التنظيم».
النظام بهذا المعنى يفترض وجود عدة عناصر ينبغي التنظيم
بينها ،والناظم بينها هو النظام أو النسق؛ لكن وبما أن بحثنا
يتجاوز االستقصاء اللغوي إلى ما هو اصطالحي فإن النعت
"السياسي" هو ما يميز هذا النظام الذي نبحث له عن معنى؛ فما
"النظام السياسي"؟
يرى دافيد إستون David EASTONبأن "النظام
السياسي" ليس إال جزءا من نظام أشمل هو النظام االجتماعي،
وأن هناك عالقة تفاعل متبادلة (تأثير وتأثر) قائمة بين
النظامين ،علما بأن محور النظام االجتماعي هو النظام السياسي
21
الذي يعتبر أكثر األجزاء تطورا وتأثيرا في حياة كل دولة.
ويعرف روبرت دال " Robert DAHLالنظام السياسي" بأنه
«نمط مستمر للعالقات اإلنسانية يتضمن التحكم والنفوذ،
والقوة ،أو السلطة بدرجة عالية»22؛ وهذا التعريف كما هو
مالحظ يغلب عليه طابع العمومية ألن أنظمة أخرى دينية
واقتصادية واجتماعية ...تعمل أيضا على تنظيم العالقات
31
الفرع الثاني :جدلية العالقة بين "النظام الدستوري"
و"القانون الدستوري"
35
لكن يالحظ بأن والدة الدساتير ،أو تعديلها ،يأتي دائما في
إطار سياق اجتماعي – سياسي معين ،يقع على األرض ،مما
يثير انتباهنا إلى ضرورة إبداء المالحظات المنهجية التالية حول
طبيعة العالقة بين "النظام الدستوري" و"القانون الدستوري":
النظام الدستوري يفترض وجود عناصر ومؤسسات متعددة،
مما يستدعي تنظيم كل عنصر أو مؤسسة على حدة داخليا ،ثم
تنظيم العالقة البينية (بين مؤسسة وأخرى) ،أوال.
النظام الدستوري ،ثانيا ،هو الطريقة التي تمكن من تحويل
المتصور (عند أمة معينة وفي زمان
َّ "الحكم" من إطاره النظري
ومكان معينين) إلى ممارسة واقعية فعلية داخل المجتمع الذي
أفرزه عبر عوامل متداخلة تاريخيا.
بهذا نكون ،ثالثا ،أمام نتيجتين جوهريتين :نظام دستوري
بمعناه القانوني ،على المستوى النظري المجرد (أو بناء فوقي)،
ونظام دستوري واقعي أو ملموس ،يمارس فعال داخل المجتمع
(على مستوى البناء التحتي) ،والعالقة بين البناءين جدلية
تفاعلية ،حيث إنه بالقدر الذي يعمل فيه البناء األول/الفوقي على
تنظيم ،وضبط ،آليات الممارسة على مستوى البناء
التحتي/الواقعي ،بقدر ما يعمل الثاني ،عبر مستويات الحراك
االجتماعي ،على التأثير في األول وتغييره ،أو على األقل تعديله
في مناسبات معينة ،إلى درجة أنه قد يغيره جذريا مع االنقالبات
والثورات وغيرها...
النظام الدستوري ،بمعنى البناء التحتي الذي أوردناه ،أي
المؤسسات واألنساق الدستورية القائمة فعال ،ينضبط لقواعد
القانون الدستوري حتى لو كانت هذه القواعد ال تؤدي مباشرة
36
إلى توقيع جزاء مادي على المؤسسات العليا في الدولة ،فالدولة
– كما يقول العميد ليون دوغي –Léon Duguit 49ال
يمكنها أن توقع جزاء ماديا ،بمعنى اإلكراه ،على نفسها ،لكن
ذلك ال يعني إفالتها عند مخالفتها للقواعد الدستورية من رد
الفعل االجتماعي ،Réaction socialeعلى األقل ،ناهيك عن
الجزاءات األخرى التي تترتب عن تنظيم العالقة بين السلطات:
كالمسؤولية السياسية للحكومة ،وحق حل البرلمان ،والعقوبات
المترتبة عن إهدار الحقوق والحريات العامة ...وصوال إلى
الحكامة الجيدة وما باتت تفرضه على السلطات العامة من
قواعد والتزامات لتدبير الشأن العام.
فبما أن القانون الدستوري هو الذي يؤسس ،وينظم ،السلطة
في الدولة ويحدد آليات ممارستها وكيفية انتقالها ،وطبيعة العالقة
بين مكوناتها بغض النظر عن النظام السياسي القائم فيها50؛
وبما أن موضوع ممارسة السلطة يتقاطع دائما مع موضوع
الحقوق والحريات العامة ،فإن القانون الدستوري يصبح عندها
معنيا بهذا الموضوع أيضا ،بل يتحول إلى تقنية ومهارة للحرية
،La technique de la libertéأي متابعة إنجازها واقعيا،
51
وضمان حمايتها دستوريا (دون أن تنقلب إلى فوضى).
-52كما هو الشأن عند األستاذ معتصم ،مثال ،حيث يرد مفهوم "النظام
الدستوري" كمرادف لمفهوم "القانون الدستوري" ،على اعتبار أنهما يحيالن على
مضمون واحد .انظر محمد معتصم :النظام السياسي الدستوري المغربي ،مرجع
سابق ،ص...19 ،15 ،11 ،10 .
38
دستور 2011بإجراءات كثيرة متقدمة على الدساتير المغربية
السابقة ،مما يستوجب فحص هذه اإلجراءات قبل الحكم إن كنا
قد انتقلنا إلى نظام دستوري جديد أم ال ،وهذا سيكون موضوع
الفرع الثاني.
-53حول تقليدانيية النظام الدستوري المغربي يراجع على سبيل العد ال الحصر:
محمد معتصم سواء في كتابه :النظام السياسي الدستوري المغربي ،مرجع سابق،
ص 24 .وما يليها؛ أو في أطروحته :التطور التقليداني للقانون الدستوري
المغربي ،مرجع سابق ،حيث العنوان خير معبر عن مثل هذه الخالصة؛ وكذا
مصطفى قلوش :النظام الدستوري المغربي – المؤسسة الملكية ،مرجع سابق ،ص.
14-13؛ وعبد اللطيف أكنوش :تاريخ المؤسسات والوقائع االجتماعية بالمغرب،
مرجع سابق ،ص 154 .وما بعدها؛ ومحمد ضريف :قراءة أولية في النسق
السياسي المغربي المعاصر ،مرجع سابق ،ص 82 .وما بعدها...
-54محمد ضريف :قراءة أولية في النسق السياسي المغربي المعاصر ،مرجع
سابق ،ص.92 .
39
56
اإلسالمية ،55كان ميشال روسي Michel ROUSSET
يتحدث عن ملكية معتدلة ،أقامها دستور 7دجنبر ،571962لم
تلبث أن تحولت إلى ملكية حصرية Monarchie exclusive
بعد تعليق الدستور سنة 1965؛ فهل كان دستور ،1962ثم
الدساتير التي أعقبته ،تلخص فعال نظاما دستوريا ملكيا معتدال،
أم أن "إمارة المؤمنين" 58احتكرت وحدها ممارسة السلطة
خالل العقود الخمسة التي أعقبت دستور 1962؟
لقد كانت إمارة المؤمنين دائما في التاريخ اإلسالمي،
والمغربي ،أحادية المرجعية ،بما أنها كانت تستند إلى
الدين/الشريعة؛ ولذلك لم يثر حولها نقاش سياسي نظري بهذا
الصدد ،ألن السلطة والمجتمع كانا دائما متطابقين حول ذلك .أما
بعد صدمة الحداثة الناتجة عن االستعمار فقد اختلف األمر
جذريا بعد أن أصبحت هناك مشروعية مناقضة للدين ،وتنادي
-59يميز ماكس فيبر بين ثالثة أنواع من المشروعيات :المشروعية التقليدية (كما
هو الحال في األنظمة الملكية التقليدية)؛ والمشروعية الكارزماتية (القائمة على
أساس الزعامة السياسية)؛ والمشروعية العقالنية (المستندة إلى القواعد القانونية).
WEBER (Max): Le savant et la politique, Paris, Plon, 2ème
édit. 1997, p. 10-18.
-60كان ذلك سنة 1924عندما وضع أتاتورك حدا للخالفة العثمانية واستعاض
عنها بدولة تركيا الالئيكية.
-61يمكن اعتبار فترة االستعمار بأنها كانت من طبيعة خاصة بما أنها لم تحافظ
على شكل السلطة التقليدي ،لكنها لم تقطع معه بالمرة لتؤسس للمشروع الحداثي
بمعناه الغربي ،أي كما طبق في المركز/فرنسا.
-62محمد معتصم :الحياة السياسية المغربية ( ،)1991 – 1962مؤسسة إيزيس
للنشر ،الدار البيضاء .1992 ،ص.13 .
41
األساسي)؛ ثم االتحاد الوطني للقوات الشعبية (غداة إقالة حكومة
عبد هللا إبراهيم سنة )1960؛ أما حزبا الحركة الشعبية
والشورى واالستقالل فقد جاء انضمامهما لهذا التيار على خلفية
قطع الطريق أمام احتكار حزب االستقالل للحياة السياسية
المغربية «وسرعان ما سيتخليان عن هذا الموقف التكتيكي
لينضما للمجلس الدستوري المعين سنة .63»1960أما
الموقف االستقاللي فكان «يقترب من موقف محمد الخامس
الرافض النتخاب جمعية تأسيسية ،والميال لتعيين مجلس
تمثيلي يضع دستورا بموافقته على أن يعرض على االستفتاء،
لكي ال يكون منحة».64
وقد كان الملك الراحل الحسن الثاني أكثر حسما عندما
اعتبر أن وضع الدستور ال ينبغي أن يعود للسيادة الوطنية ،أو
السيادة الشعبية ،بل إلى «سيادة األمة ،بما تعنيه في المفهوم
اإلسالمي ،من تفويض للملك عن طريق البيعة ،وبما تنطق به،
على الصعيد الدستوري ،من ممارستها لها مباشرة
باالستفتاء ...وبصفة غير مباشرة عن طريق المؤسسات
65
الدستورية ،التي تعد الملكية أسماها».
فدستور 1962لم يكن يشكل قطيعة مع اإلرث التقليدي،
ألنه لم يقم بتنصيب العقالنية الحداثية على النظام الدستوري
-63محمد معتصم :الحياة السياسية المغربية ،مرجع سابق ،ص .14 .وقد انسحب
حزبا الحركة الشعبية والشورى واالستقالل من المجلس الدستوري بعد سيطرة
حزب االستقالل على رئاسته وأجهزته.
-64محمد معتصم :الحياة السياسية المغربية ،المرجع نفسه ،ص.15 – 14 .
-65محمد معتصم :الحياة السياسية المغربية ،المرجع نفسه ،ص.15 .
42
المقترح ،ومن اعتقد غير ذلك كان واهما 66.أما األحزاب
فاكتفت بلعب دور ال يختلف كثيرا عن جماعات المصالح
،groupes d'intérêtsحيث ظلت تخدم السلطة وال تمارسها،
أو باألحرى ال يمكنها أن تمارسها ،ألن «السلطة ال توجد في
حقل "الملكية الدستورية" ،بل توجد في حقل "إمارة
67
المؤمنين"».
وهكذا فـ"الملكية الدستورية" ،التي تم إلحاقها بدستور
،1962لم ت ْع ُد أن تكون تحديثا شكليا على المستوى السياسي،
ومعروف أن الدستور هو منتوج غريب عن الثقافة العربية
اإلسالمية ،وتم استيراده من أوربا بعد الفترة االستعمارية،
وفوق ذلك هو غير ذي معنى إذا لم يعمل على الحد من سلطات
الحكام ،على رأي جورج بيردو ،68Georges BURDEAU
وبما أن "أمير المؤمنين" كان يعلو على جميع المؤسسات ،جاز
القول باالستتباع بأن "الملكية الدستورية" كانت مجرد ظل
"إلمارة المؤمنين" ،ليس فقط ألن هذه هي األصل ،وهي
المترسخة تاريخيا ووجدانيا ،وإنما ،وهذا هو األهم ،ألن مجالها
48
الفرع الثاني :دستور 2011والتأسيس لنظام دستوري
جديد
إن النظام الدستوري الحالي لم تتم دراسته بعد بالعمق والقدر
الكافيين ،والكتابات القليلة المتناثرة حوله – والتي يغلب عليها
الطابع الصحفي أو الحزبي السجالي – ال تكاد تستقر على رأي
واحد بخصوص توصيفه ،وهو انعكاس طبيعي للجدل الذي
رافق الدستور في مراحل وسياق إعداده وإقراره ،وما زال حتى
اليوم لم يحسم بعد.
ضمن هذا السجال يرى محمد الساسي بأن الوثيقة الجديدة
حملت مستجدا تجسد على مستوى تنظيم السلط لكنه رجح
السلطة الملكية؛ وهو ما يتوافق إلى حد بعيد مع ما ذهب إليه
أحمد بوز الذي خلص إلى أننا «إزاء دستور وضع لعبة
مفتوحة ظاهريا باعتبارها قواعد الديمقراطية البرلمانية ،التي
ترتكز على االقتراع العام ،لكنها قواعد تحتفظ باألوراق
الحاسمة في يد العب واحد غير خاضع للمحاسبة»؛ أما المنار
اسليمي فيعتقد بأننا ما زلنا أمام دستور سنة 1996الذي ال
يريد أن يموت مقابل دستور 2011الذي ال يريد أن يولد،
معتبرا أن الدستور أكبر من الفاعلين السياسيين؛ بينما تساءل
عبد العالي حامي الدين حول العوائق التي تقف وراء تنزيل
الدستور بنفس ديمقراطي :هل يتعلق األمر بأزمة نص؟ أم
بأزمة فاعلين؟ معتبرا أن مسألة التأويل الديمقراطي للدستور تم
توظيفها لمأل الفراغات الحاصلة في الوثيقة التي ال ترقى
لالستجابة لجميع التطلعات الديمقراطية؛ أما موقف رقية
لمصدق فقد كان أكثر تطرفا ،وتشاؤما ،عندما اعتبرت دستور
49
2011وثيقة غير "جيدة" – كما يتم الترويج لها من طرف
الطبقة السياسية – وأنها تمثل تراجعا عن المسار الديمقراطي
الحقيقي ،وأبدت تأسفها النخراط األحزاب في متاهتها ،بل
وذهبت إلى اعتبار الدستور الجديد وثيقة ألغام لم تتم مناقشتها
بشكل سليم في أولها ويتم تجاوزها اليوم عبر ما يسمى "التأويل
الديمقراطي".89
مثل هذا النقاش هو الذي يجعلنا ننتهي إلى صياغة عناوين
مفارقة من النوع الذي يبحث في جدلية الثابت والمتحول في
دستور 2011؛ أو البحث عن مفهوم الملكية البرلمانية في
النظام السياسي المغربي ...90وهي عناوين توحي ،من دون
شك ،بأن النظام الدستوري المغربي الذي يؤسس له دستور
2011يختلف عن الملكيات البرلمانية في دول أخرى ،حيث
تحضر بطريقة مبطنة المقارنة مع الملكيات في أوربا
المعاصرة.
ويغلب على الظن بأن مرد ذلك ال يرجع فقط إلى نوعية هذه
الكتابات بل ألن مالمح هذا النظام لم تتشكل بعد ،وألن الذي
يساهم في تشكلها ليس المتن الدستوري وحده بل تأويله أيضا،
-89هذه الفقرة تركيب لمجموعة من اآلراء التي وردت في ندوة لمرصد تحليل
السياسات ،بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس،
أكدال ،الرباط ،على هامش تقديم كتاب "الدستور والديمقراطية :قراءة في
التوترات المهيكلة لوثيقة "2011لمؤلفه حسن طارق ،بتاريخ 15 :نوفمبر .2013
-90ينظر بخصوص هذه العناوين :محمد الغالي :جدلية الثابت والمتحول في
دستور 2011في ضوء قراءة السياق والركائز واألهداف ،ضمن :دستور 2011
بالمغرب – مقاربات متعددة ،منشورات مجلة الحقوق ،سلسلة األعداد الخاصة،
رقم ،2012 ،5ص63 – 55 .؛ والعشوري محمد فؤاد :مفهوم الملكية البرلمانية
في النظام السياسي المغربي من خالل دستور ،2011ضمن :دستور 2011
بالمغرب – مقاربات متعددة ،المعطيات السابقة ،ص.109 – 95 .
50
والتأويل ال يتحكم فيه الفقه الدستوري ،وال حتى نظام السلطة،
فقط ،بل للشارع السياسي أيضا رأي في رسم مسار توجهه
وحدوده؛ وبما أن الظرفية التي يمر منها المغرب ،كما باقي
الدول العربية ،ظرفية لم تستقر بعد ،فإن الممارسة وحدها هي
القادرة على تحديد طبيعة "التأويل الدستوري" ،وبالتالي النظام
الذي سيستقر في نهاية المطاف ،وبما أن النظام السياسي القائم
قارئ جيد للظروف المحيطة فإن تأويل الدستور ،وبالتالي
ممارسة السلطة (تشددا أو ارتخاء) ،ستتحدد بناء على هذه
القراءة.
مع ذلك ،وبالعودة إلى الوثيقة الدستورية (لسنة )2011فإننا
نجدها تتحدث عن مفهوم "النظام الدستوري المغربي"،
بالحرف ،في مناسبة واحدة يتيمة ،هي التي وردت في فصله
األول ،ثم نعبر باقي فصول الدستور إلى فصله األخير،180/
فال نجد ذكرا آخر للمفهوم ،وكأن المشرع الدستوري يريد أن
ينبهنا إلى أن كل ما تم التأسيس له بين الفصلين ،األول
واألخير ،ما هو إال بسط لمضامين هذا "النظام الدستوري" الذي
يجري الحديث عنه؛ علما بأن الفصل 180ورد فيه« :يُنسخ
91
نص الدستور المراجع »...مما يفيد بأننا بصدد دستور جديد،
فهل عبرنا نحو "نظام دستوري" جديد فعال؟
نقرأ في الفصل األول من دستور 2011ما يلي ...« :يقوم
النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ،وتوازنها
وتعاونها ،والديمقراطية المواطنة والتشاركية ،وعلى مبادئ
-91علما بأن الخطاب الملكي ( 9مارس )2011أشار إلى مجرد تعديل للدستور
وليس إنتاج دستور جديد.
51
الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة»؛ حيث نالحظ بأن
السياق الدستوري هنا قد حشد مفاهيم سياسية مكثفة بشكل
متداخل ،أما السياق العلمي فيستلزم التدخل إلعادة ترتيبها بشكل
مختلف بغية الفهم ،ومن ثم الدراسة.
فالديمقراطية تحيل بالضرورة على توفير شروط المواطنة
واعتماد المقاربة التشاركية ،كما أن اقتران المسؤولية بالمحاسبة
ما هو في الواقع إال مبدأ من مبادئ "الحكامة الجيدة" التي تعتبر
بدورها مجرد مبدأ من مبادئ الديمقراطية ،تماما كمبدأ الفصل
بين السلط (الذي اختار منه المغرب النموذج المرن) ،92علما
بأن الفصل بين السلط ،ومن ثم الديمقراطية نفسها ،ال يمكنها أن
تشتغل بشكل سليم بمعزل عن "الحكامة الجيدة"؛ فالمفاهيم
الواردة إذن تحيل على بعضها إحالة تفاعل وبناء وليس مجرد
صفات ونعوت.
93
ال شك أن كل نسق دستوري هو نتاج ثقافة سياسية معينة
تختزنها الذاكرة الجمعية ،وهي تتأسس على موروث تاريخي
يتم إغناؤه بالتدريج مع مرور الزمن وتطور المجتمع
ومؤسساته .وفي الحالة المغربية فإن هذا النسق ارتبط بثقافة
تداخلت فيها الشريعة والشرافة والمقاومة ،ثم مقارعة
المعارضة ...عبر مسار تاريخي طويل ،انتهى إلى تعايش
هجين بين "التقليدانية" و"الحداثة" حيث هيمنت األولى على
الثانية ،وسمت على جميع مؤسساتها؛ لكن السؤال الذي حان
53
باقي مؤسسات النظام الدستوري الجديد ،خاصة السلطتين:
التشريعية والتنفيذية.
الفصل :41يحيل على إمارة المؤمنين +المجلس العلمي
األعلى.
الفصل :42يجعل للملك سلطات دستورية محددة ،بما هو
ضامن للسير الديمقراطي للمؤسسات ،ويمارس سلطاته بموجب
ظهائر توقع بالعطف من طرف الوزير األول 94،وهي نقلة
نوعية تخرج بالمغرب من الصورة النمطية للفصل .19
نعلم بأن مشروع الحكم الحداثي عموما يميز دائما بين الديني
والسياسي؛ وفي الفصلين 41و 42وقف المشرع على
المستويين :الزمني/الديني (من خالل إمارة المؤمنين)؛
والمدني/الدنيوي ( Profaneباعتبار الملك رئيس دولة)؛ لكن
إلى أي حد؟
في السابق كانت "إمارة المؤمنين" – موحدة جسم المؤسسة
الملكية – تخترق جميع المؤسسات الحداثية الديمقراطية المدنية؛
أما اآلن فظاهر النص الدستوري ،على األقل ،قد يؤشر على
الفصل بين الفضاءين الدنيوي والزمني .أما في مسألة القدسية
Le sacréالتي ظلت مطروحة في كل نقاش دستوري سابقا،
فعلينا أن نسجل أوال بأن المقدس يظل خارج المساءلة ،وهو ما
كان حاصال منذ أول دستور انعقد بالمغرب؛ أما االتجاه الذي
طرحه الدستور الجديد فهو أنه أحال كثيرا من االختصاصات
-94استثنى منها المشرع الدستوري عددا من الفصول حددها صراحة الفصل 42
من دستور .2011
54
95
على سلطات أخرى؛ وبالتالي فبعد أن كان القديم"/المقدس"
يحيل على الديني والالهوتي ،أصبح اآلن الجديد/المحترم يحيل
على الديونطولوجي واألخالقي :الملك– المواطن96؛ لكن هل
أدخله المشرع الدستوري نطاق المساءلة ،97بما أنه قد أزاح عنه
هالة المقدس ،وبما أن القاعدة الفقهية الدستورية تنص على أن
"كل من يمتلك السلطة يتحمل مسؤوليته عنها" ،وبما أن الفصل
األول من الدستور نفسه قرن المسؤولية بالمحاسبة؟ وعلما بأن
المسؤولية والمحاسبة وجهان لعملة واحدة ،بل إن الدستور يعتبر
غير ذي معنى إذا لم يعمل على الحد من سلطات الحكام
ومحاسبتهم ،على رأي جورج بوردو.98
قطعا ال يأتي الجواب على هذا السؤال ،كما يدل على ذلك
النظام الدستوري (نظرية وممارسة) إال نفيا ،يذكرنا بأنه ما زال
مشدودا إلى "التقليدانية"؛ ومع ذلك فعندما ننصرف إلى رصد
مؤشرات الحداثة فإنها تبدو قوية جدا ،في التصدير الدستوري
وفي البابين األول والثاني منه حيث التشديد على :المساواة؛
-95الفصل 23من دستور المملكة المغربية للثالث عشر من سبتمبر ،1996
صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.157بتاريخ 23من جمادى
األولى 7( 1427أكتوبر ،)1996صادر بالجريدة الرسمية عدد ،4420بتاريخ
26من جمادى األولى 10( 1417أكتوبر .)1996
-96له واجب التوقير واالحترام وال تنتهك حرمته ،كما جاء في الفصل 46من
دستور فاتح يوليو .2011
-97للمقارنة :نصت الفقرة 3من الفصل 56من الدستور اإلسباني (لـ 27ديسمبر
)1978على أن شخص الملك ال تنتهك حرمته وال يساءل؛ لكننا نعلم بأن الملك في
إسبانيا ،كما في باقي ملكيات أوربا (بريطانيا؛ هولندا؛ بلجيكا ،)...يسود وال يحكم؛
وهو موضوع سنعود لمناقشته الحقا ضمن الفصل الثاني من هذا البحث.
98 - BURDEAU (Georges) : Méthode de la science politique,
Dalloz, Paris, 1959, p. 435.
ومحمد ضريف :قراءة أولية في النسق السياسي المغربي ،مرجع سابق ،ص.91 .
55
الحرية؛ الديمقراطية؛ االعتراف بالفرد كقيمة حضارية؛ سمو
المعاهدات الدولية على التشريعات الوطنية (بعد المصادقة عليها
وتحت طائلة القيود التي ترد عليها) ...مما يدل على أن الدستور
الجديد قد اقترب كثيرا من هذه القيم والمسها من دون لبس أو
مواربة .فالتنصيص على أن الحريات مكفولة للمواطن ،وقرينة
البراءة ،والمحاكمة العادلة ،والمساواة بين الجنسين ،وحق
الحصول على المعلومات ،وربط المسؤولية بالمحاسبة،
والحكامة الجيدة ...كل هذا يدل على المكانة التي أصبح يتمتع
بها الفرد ،ضمن مؤسساته وبنياته االجتماعية ،والتي أفرد لها
المشرع بابا كامال في الدستور الجديد يضاهي نظراءه في
الديمقراطيات العريقة؛ لكن ما يفجأنا في النهاية هو أننا لم نبتعد
كثيرا عن "الهندسة" الكالسيكية التي ظلت حاضرة في كل
الدساتير المغربية ،فهنا أيضا ،وبعد أن يتم استعراض جميع
المكتسبات من حقوق وحريات ،يأتي الفصل/الضامن ،الذي
انتقل من الرتبة ،19سابقا ،إلى الرتبة ،42حاليا ،بعد أن
أضيف إلى الدستور باب جديد/الثاني( :الحقوق والحريات
األساسية) ،فهل أصبح محتوى هذا الباب أهم من محتوى الباب
الذي يليه/الملكية99؟ أم أن األمر ال يعدو أن يكون صيغة
هندسية ال مفر منها بما أن هذين البابين/األول والثاني ،يصبحان
مجرد مقدمة ضرورية للباب الذي يليهما ،بما أن الفصل 42
منه هو ضامن كل ما يحمالنه من محتوى ،والساهر على
تنزيله ،والحكم األسمى بين مؤسساته؟
-99ألنه من المعروف أن ترتيب أبواب الدساتير ،عامة ،ال يكون بريئا بل يحيل
على أهميتها في ذهن المشرع الدستوري.
56
الفقرة الثانية :عالقة المؤسسة الملكية بالسلطتين
التشريعية والتنفيذية
كان الفصل 19يرمز للطابع السلطوي للحكم في المغرب،
وكان يثير مشكال في الممارسة الدستورية حيث كان بإمكانه
التدخل في كل شيء؛ على اعتبار أن الملك/أمير المؤمنين هو
الممثل األسمى لألمة ،وبالتالي فهو رمز السيادة العليا ،من هنا
تقدمه على أي سلطة تأسيسية أخرى قد تطمح ألن تنازعه الحكم
أو التشريع ...أما الدستور الجديد فقد جعل «السيادة لألمة
تمارسها مباشرة باالستفتاء ،وبصفة غير مباشرة بواسطة
ممثليها 100».وعندما نبحث عن معنى "ممثليها" نجد تتمة
الفصل الثاني تشير إلى ما نصه« :تختار األمة ممثليها في
المؤسسات المنتخبة باالقتراع الحر والنزيه والمنتظم»؛ لكن
هل هؤالء هم كل ممثلي "األمة"؟
ظاهر النص أن الملك لم يعد كما كان في الدستور القديم
ممثال أسمى لألمة ،بل – وحسب الفصل « – 42رئيس
الدولة ،وممثلها األسمى ،ورمز وحدة األمة 101»...لكن باطن
النص ،أو مساحته القابلة للتأويل ،تثير مشكال ينعقد عندما نعلم
-105حيث انتقل العدد من 9مجاالت ،في الفصل 46من دستور ،1996إلى 30
مجاال ،في الفصل 71من دستور .2011
-106بما أن الملك هو « ...ضامن دوام الدولة واستمرارها ،والحكم األسمى بين
مؤسساتها ،يسهر على احترام الدستور ،وحسن سير المؤسسات الدستورية»...
(الفصل )42؛ وله حق تعيينها وإعفائها من مهامها (الفصل )47من دستور
.2011
59
)24؛ وما جاء به دستور 2011من جديد هو فقط إلزامية
اختيار رئيسها من الحزب الفائز في انتخابات الغرفة األولى.107
–2من خالل الرئاسة الفعلية للمجلس الوزاري :فكلما
تطرقنا لمسألة المجلس الوزاري بالنظام الدستوري المغربي إال
وبدت ثنائية الجهاز التنفيذي واضحة المعالم أكثر ،فالملك من
جهة يرأس المجلس الوزاري ،108الذي يعتبر بمثابة حكومة
تحت الرئاسة الفعلية للملك؛ ومن جهة أخرى ،فإن الحكومة -
تعمل تحت سلطة رئيسها -على تنفيذ برنامجها وعلى ضمان
تنفيذ القوانين ،كما تمارس اإلشراف والوصاية على المؤسسات
والمقاوالت العمومية ،فضال عن وظيفتها التشريعية (المجال
التنظيمي).
يظل الملك إذن – وكما كان منذ دستور – 1962هو الذي
يرأس المجلس الوزاري( ،مع مالحظة أن الدستور الحالي أتاح
له إمكانية تفويض رئيس الحكومة هذه الرئاسة بناء على جدول
أعمال محدد) .109وعليه فهو/الملك ،رئيس الدولة وممثلها
األسمى ،يعد رئيس الجهاز التنفيذي المباشر ،وهو ما يتيح له أن
110
يكون على علم بنشاطات الحكومة في مختلف المجاالت،
وبالتالي تبقى أعمال الحكومة األخرى التي تكون تحت رئاسة
رئيسها (أي رئيس الحكومة المسؤول أمام الملك) مجرد مشاريع
تحضيرية لن ترى النور إال بعد أن يؤشر عليها المجلس
61
جرى استحداث بعضها (الحكامة الجيدة والمحكمة
الدستورية )...وتوسيع مجال اشتغال بعضها اآلخر (السلطة
التشريعية ومؤسسة رئاسة الحكومة...)...؛ لكن هل جرى فعال
اختراق جدي لبنية السلطة في النظام الدستوري السياسي الذي
يؤسس له الدستور الحالي؟
يُطرح هذا السؤال ألن جوهر ممارسة الحكم في
الديمقراطيات العريقة – التي تستند إلى المنظور الحداثي
المعاصر – تتأسس على مبدأ التمثيلية ،الذي يتأسس بدوره على
النظم االنتخابية ومن ورائها اشتغال األحزاب السياسية؛ فما
الذي يمكن أن نالحظه من خالل قراءة تركيبية سريعة للعالقة:
األحزاب – السلطة في ضوء مستجدات الوثيقة الدستورية
الراهنة؟
جاء في تعريف القانون التنظيمي رقم 29.11المتعلق
باألحزاب السياسية ،111المادة الثانية ،ما يلي« :الحزب
السياسي هو تنظيم سياسي دائم ،يتمتع بالشخصية االعتبارية،
يؤسس ،طبقا للقانون ،بمقتضى اتفاق بين أشخاص ذاتيين،
يتقاسمون نفس المبادئ ،ويتمتعون بحقوقهم المدنية
والسياسية ،وأنه يعمل ،طبقا ألحكام الفصل 7من الدستور،
على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي ،وتعزيز
انخراطهم في الحياة الوطنية ،وفي تدبير الشأن العام ،ويساهم
62
في التعبير عن إرادة الناخبين ،ويشارك في ممارسة السلطة،
على أساس التعددية والتناوب ،بالوسائل الديمقراطية ،وفي
نطاق المؤسسات الدستورية».
هذا التعريف يتكئ كما هو مالحظ على الفصل 7من دستور
،2011وبالذات الفقرة 1منه ،حيث ورد بأن األحزاب
السياسية تعمل «على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم
السياسي ،وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية ،وفي تدبير
الشأن العام ،وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين،
والمشاركة في ممارسة السلطة ،على أساس التعددية
والتناوب ،بالوسائل الديمقراطية ،وفي نطاق المؤسسات
الدستورية».
وواضح أن المشرع الدستوري قد قام هنا بنقلة نوعية كبيرة
مقارنة مع دستور ،1996الذي كان ينص في فصله الثالث
على أن« :األحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات
المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم.
ونظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع».
وهكذا نجد بأن تعريف دستور 2011يتقاطع بشكل كبير مع
التعريفات األكاديمية الفقهية الدستورية -السياسية المعروفة،
التي تناولت الظاهرة الحزبية بالدراسة.
فبالعودة إلى التعريف الشهير ،لموريس دوفيرجيه
،Maurice DUVERGERلألحزاب السياسية نجده قد اعتمد
فيه على تتبع الهدف من ظهورها تاريخيا ،حيث الحظ في هذا
اإلطار بأن الهدف المباشر الذي كان وراء قيام األحزاب
السياسية ،في البلدان التي توجهت نحو رسم معالم ديمقراطية
63
ألنظمتها ،كان هو السعي إلى االستيالء على السلطة ،أو على
األقل المشاركة فيها ،بما أنها تشكل الوسيلة المثلى لتنزيل مبدأ
التمثيلية عمليا ،بعد أن بات يصعب اعتماد التمثيلية المباشرة.112
وهو في هذا يتقاطع بشكل كبير مع الفقهاء الدستوريين
والسياسيين اآلخرين – أمثال هانز كيلسن Hans KELSEN
ومارسيل بريلو Marcel PRELOTوليون دوغي Léon
–DUGUITالذين رأوا بأن األحزاب السياسية تشكل داخل
الديمقراطيات البرلمانية وسيلة حاسمة للتعبير عن اإلرادة
الشعبية113؛ بل ال مجال للحديث عن تمثيلية وال عن مسؤولية
سياسية في غياب األحزاب114؛ حيث بات من الصعوبة بمكان
الحديث عن تمثيلية لألمة خارج األحزاب ،ضمن مفهوم األمة
بمعناه المعاصر ،رغم أن الظاهرة الحزبية ليست نهائية وال
115
مطلقة في الفكر ،والتاريخ ،السياسي البشري.
67
لكنها توقفت في منتصف الطريق بين "التقليدانية" و"الحداثة"،
مما يدعونا إلعادة التف ّكر بشكل جدي في إنتاج مفهوم ( َم ْف َه َمة)
Conceptualisationيستوعب هذا النظام الدستوري
"الجديد" الذي يرنو إلى الحداثة بقدر ما هو مشدود إلى
التقليدانية ،ولذلك بات يحسن نعته بـ"التقليداثي
."Traderniste
68
المطلب األول :إيتيمولوجيا الحكامة الجيدة وأركانها
لم يكن مفهوم "الحكامة" متداوال دائما ،بل هو نتاج ظرفية
تاريخية معينة ساهمت في نحته وتشكله ،قبل أن يشيع استعماله
تدريجيا مع الزمن ،ينتشر تارة ويضمر ويختفي تارة أخرى.
وعليه فالمفهوم يحتاج إلى تفكيك مكوناته (الفرع األول)؛
فيما إرساؤه عمليا يتطلب متابعته تاريخيا (الفرع الثاني).
69
ظل النظام القديم ،وبهذا المضمون ظل مستعمال إلى أن تالشى
مطلع العصر الحديث .أما إسقاطنا لكلمة "جيدة" في بعض
محطات هذا البحث فإنما جاء لتالفي التكرار أو مراعاة
لألسلوب أو األمانة في النقل من بعض المراجع...
وفائض عن الحاجة القول بأنه ال داعي الستقصاء أصول
لفظ الحكامة في القواميس والمعاجم العربية الكالسيكية ،كون
اللفظ←المفهوم دخيل على اللغة العربية ،حيث إنه يحيل على
مضمون واحد لغة واصطالحا ،ويُع ّد في األصل ترجمة لكلمة
،Gouvernanceلذا فإن كان ضروريا استقصاء أصله
اإليتميمولوجي فيجدر القيام بذلك في اللغات األجنبية.
إن مثل هذا االستقصاء يعود بنا إلى الكلمة اإلغريقية
Kubernan؛ التي انتقلت إلى الالتينية باشتقاق اللفظة
،Gubernareبمعنى توجيه وقيادة السفن ،ومنها دخلت اللغة
الفرنسية القديمة في صيغة Governerوالتي تطورت في اللغة
الحالية إلى Gouverner؛ ثم انتقلت منها إلى االنجليزية
118
.Governance
ففي فرنسا – التي أعيد فيها إحياء مفهوم الحكامة منذ القرن
13م – ارتبط استعمال المفهوم بطريقة إدارة الحكومات لتدبير
-134علما بأن هناك تعريفات مؤسساتية كثيرة تطرقت لبعضها وثيقة السياسات
العامة التي أصدرتها األمم المتحدة بعنوان :إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية
المستدامة ،برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،يناير ،1997 ،ص.11 – 8 .
75
وعادال ،وشفافا ،ويقدم الحساب عن األعمال التي تم القيام
بها»135؛
تعريف منظمة التعاون االقتصادي والتنمية Organisation
de Coopération et de Développement Economiques
) :(OCDEالتي ترى بأن الحكامة ما هي إال وسيلة إلضفاء
الشرعية على الحكومة والعناصر السياسية فيها ،واحترام حقوق
اإلنسان وحكم القانون.136
فنكون قد انتهينا هنا ،كما ابتدأنا ،إلى أن التعريف األول ،كما
الثاني ،يظالن معيبين أيضا لثالثة أسباب:
ألنهما أقصيا القطاع الخاص ودور المجتمع المدني ،أوال؛
وألنهما جعال الحكامة قضية الحكومة وحسب ،ثانيا؛
ولم ينتبها إلى أن مفهوم الحكامة ليس هو الحكومة الجيدة،
ثالثا.
أما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فنظرا إلى الحكامة
من زاوية اقتصادية صرف ،فهي بحسب المؤسسة األولى/البنك
الدولي :الحالة التي من خاللها تتم إدارة الموارد االقتصادية
واالجتماعية للمجتمع بهدف التنمية.137
-135أشرقي :الحكامة الجيدة ،مرجع سابق ،ص33-32 .؛ ويراجع أيضا في نفس
النقطة كريم لحرش :مغرب الحكامة ،مرجع سابق ،ص26 .؛ وسعيد جفري:
الحكامة وأخواتها ،مرجع سابق ،ص .30 – 29 .علما بأن المقاربة المؤسساتية
لمفهوم الحكامة تعكس وجهة نظر الجهة التي أصدرتها ،وبالتالي تتبنى التصور
األيديولوجي لهذه المؤسسات والمنظمات الدولية والوطنية .انظر بهذا الصدد :كريم
لحرش :مغرب الحكامة ،مرجع سابق ،ص.34 .
-136ورد عند المهدي بنمير :الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية،
مرجع سابق ،ص.10 .
-137ورد عند المهدي بنمير :الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية،
مرجع سابق ،ص.10 .
76
وهي حسب المؤسسة الثانية/صندوق النقد الدولي :طريقة في
التسيير االقتصادي حيث تراعى معايير الشفافية والفعالية
138
واستقرار البيئة التنظيمية لنشاطات القطاع الخاص...
هكذا ،وأمام صعوبة وضع تعريف دقيق ومتكامل للحكامة،
فإنه يتم اللجوء عادة إلى تبني مقاربة تستحضر المفهوم من
خالل مبادئه وخصائصه والمعايير المحددة له ،وهو ما
سنعرض له في الفقرة الموالية.
-138ورد عند المهدي بنمير :الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية،
مرجع سابق ،ص .نفسها.
-139محمد المصطفى اإلدريسي :في الحاجة إلى الحكامة الجيدة ،مرجع سابق،
ص.21 .
-140وضعها كريم لحرش (في كتابه :مغرب الحكامة ،مرجع سابق ،ص– 39 .
)52تحت عنوان مؤشرات الحكامة؛ ووضعها مصطفى اإلدريسي في صيغة
77
أوال :المبادئ العامة للحكامة الجيدة ،نذكر من بينها:
–1مبدأ العالمية :ويعني االعتراف العالمي بحقوق اإلنسان
والحريات األساسية ،بما هي حق لإلنسانية جمعاء ،وبحيث
تلتزم الدول بحمايتها وتطويرها.
–2المواطنة :وهو مبدأ يرتبط بانتعاش الحرية والمسؤولية
وممارستها على أرض الواقع ،ضمن اإلطار الذي ينظم عالقة
الفرد بالدولة كما يحددها القانون ،فالمواطنة إذ تُم ِّ ّكن المواطن
من التمتع بحقوقه المختلفة ،تُذ ِّ ّكره بأن عليه التزامات يتحملها
تجاه دولته.
–3الديمقراطية :بما يحيل عليه المبدأ من تعددية حزبية
وتمثيلية شعبية وتداول على السلطة وانتخابات حرة وشفافة
ونزيهة...
–4الشمولية :أي تذويب السيادة "المقدسة" للدولة الوطنية،
وخضوع حكامها لاللتزام والتنافسية في إطار يسعى إلى تحقيق
مؤشرات (انظر :في الحاجة إلى الحكامة الجيدة ،مرجع سابق ،ص 21 .وما
بعدها)؛ ووضعها أشرقي (في كتابه :الحكامة الجيدة ،مرجع سابق ،ص– 37 .
)68تحت مسميات :معايير ومبادئ وخصائص؛ غير أنه إذ يفصل في هذه
الخصائص (ص )68 – 63 .ال يقوم إال بإعادة ما كتبه تحت عنوان معايير
الحكامة الجيدة (ص)57 - 55 .؛ وما يسميه أشرقي بالمبادئ يسميه سعيد جفري
بالمرتكزات (انظر :الحكامة وأخواتها ،ص 49 .وما بعدها) لكنه أعادها علينا
تحت عنوان :معايير ،تارة ،وتحت عنوان :مؤشرات ،تارة أخرى ،فالرؤية
االستراتيجية ذكرها ضمن المرتكزات (الحكامة وأخواتها ،ص ،)62 .ثم ذكرها
ضمن المعايير (الحكامة وأخواتها ،ص )69 .وذكرها مرة ثالثة ضمن المؤشرات
(الحكامة وأخواتها ،ص)71 .؟ أما وثيقة السياسات العامة التي أصدرتها األمم
المتحدة (مرجع سابق ،ص 9 .وما بعدها) فقد اختزلت ذلك كله تحت عنوان:
سمات الحكم الرشيد.
78
التعاون الدولي ويفتح الحدود االقتصادية واإلعالمية والتجمعات
اإلقليمية وتنمية المؤسسات الدولية...
80
الفرع الثاني :الحكامة الجيدة:
متابعة تاريخية
بغض النظر عن تداول مفهوم "الحكامة" كمفهوم ،هل عرفت
الشعوب القديمة مضمونه حتى وإن لم تستعمله بلفظه
بالضرورة ،وما مستويات هذا التداول بينها؟ سؤال نحاول
مقاربته من خالل فقرتين ،نخصص األولى لنموذجي الصين
وبالد اإلغريق ،بينما نفرد الثانية للتجربة اإلسالمية من خالل
الحكم الرشيد.
81
صياغته األولى ،وأساسا التجربة الصينية ،أوال ،ثم اإلغريقية
التي ابتدعت مفهوم الحكامة ،ثانيا.
أوال :الصين الكونفوشية
قدم الشرق األقصى القديم تجربتين روحيتين متميزتين هما:
البوذية والكونفوشية؛ لكن إذا كان النموذج الروحي للهند "بوذا
567( "BUDDHAق.م – 487ق.م) قد ترفع عن الحياة
السياسية ،فإن معاصره األصغر سنا كونفوشيوس
551( CONFUCIUSق.م – 479ق.م) «كان يرحب بأي
عمل سياسي يتاح له»142؛ بل ستصبح الفلسفة الكونفوشية بعد
وفاته ،بـ 350سنة ،جوازا للتعيين في الوظائف العامة.143
فمنذ بداية عهد أسرة "تشو 1122 – "CHOUق .م –
انتشرت فكرة البحث عن الحكام الذين يعملون لمصلحة األمة،
والتي سيتأثر بها كونفوشيوس CONFUCIUSالحقا144؛ إال
أنه كان على يقين بأن أفكاره ستبقى دون تنزيل إذا لم ينجح في
الوصول إلى منصب عال في الدولة ،وهو ما يفسر كثرة تجواله
بين المقاطعات الصينية وتوليه بعض المناصب كالقضاء
واألشغال العمومية ...لكنها انتهت كلها إلى الفشل ،مما أدى به
إلى اعتزال السياسة واالنصراف للتربية والتعليم :المدخل
الحقيقي لكل إصالح سياسي في رأيه145؛ مخلفا في ذلك تراثا
-142أرنولد توينبي :تاريخ البشرية ،ترجمة نقوال زيادة ،األهلية للنشر والتوزيع،
بيروت ،1988 ،ج ،1 .ص.234 .
-143أرنولد توينبي :تاريخ البشرية ،المرجع نفسه ،ص .نفسها.
-144هالة أبو الفتوح أحمد :فلسفة األخالق والسياسة – المدينة الفاضلة عند
كونفوشيوس ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،2000 ،ص.19 .
-145هالة أبو الفتوح أحمد :فلسفة األخالق ،مرجع سابق ،ص.28-25 .
82
فكريا غنيا جدا ،يهمنا منه الجزء المعروف بالتعليمات من كتاب
التاريخ 146نظرا لتقاطعه مع مضمون الحكامة الجيدة ،حيث تم
تخصيصه ألمور السياسة ومبادئ الحكم الرشيد وتنظيم العالقة
بين الحكام والمحكومين.147
وتتلخص هذه المبادئ في الخصال الحميدة التي ينبغي أن
يتمتع بها األباطرة ،وفي ضرورة البحث عن األشخاص األكفاء
لتسيير شؤون الحكم والدولة ،148مع التشديد على أن القوانين ال
يجب أن توضع لتلبية األهواء والنزوات بل "لتحقيق
العدالة" ،149وذلك تحت قيادة الرجل الفاضل الشريف المحتد
الـ"تشن تسو"150؛ علما بأن كونفوشيوس CONFUCIUSكان
يرفض توريث الحكم ،ألن ال ُملك يجب أن يقوم على أساس
الجدارة151؛ لكن وبما أن العادة درجت ،في المجتمع الصيني
إذاك ،على الوراثة فينبغي أن تسند أمور الدولة والحكم إلى
الوزراء وليس إلى الملوك152؛ وهكذا فالملك ينبغي أن يسود وال
يحكم( ،كما لو أننا نتحدث عن نظام برلماني أوربي بالمعايير
المعاصرة)؛ أما الحكومة فال تستمد ضرورتها من تنظيم
العالقات االجتماعية فقط بل وكذلك من حيث تحقيقها لمبدأين
-169قائمة البيبليوغرافيا حول تاريخ الخالفة الراشدة رحبة جدا ،لكن من ناحية
السياسة الشرعية يمكن اعتماد المصادر الكالسيكية في الموضوع وهي:
الماوردي :األحكام السلطانية ،تنسيق علي بن حمزة الشامي ،مركز الشرق العربي
للدراسات الحضارية واالستراتيجية ،لندن ،دون تاريخ؛ وابن خلدون :المقدمة ،دار
الكتب العلمية ،بيروت1992 ،؛ والفراء :األحكام السلطانية ،صححه وعلق عليه
محمد حامد الفقي ،دار الكتب العلمية ،بيروت.2000 ،
-170تعني الحاكمية «أن مصدر األحكام في الشريعة اإلسالمية هو هللا تعالى
وحده ».انظر عبد الكريم زيدان :الوجيز في أصول الفقه ،مؤسسة قرطبة ،ط،6 .
،1976ص.69 .
-171نشير إلى أن الضمير في التراث اإلسالمي هو الذي يقصد به "النفس
اللوامة"؛ قال تعالى( :ال أقسم بالنفس اللوامة) (القيامة )2 /وقد كتب ابن القيم في
ذلك فصال خاصا؛ انظر كتابه :الروح ،تحقيق وتقديم محمد اسكندر يلدا ،دار الكتب
العلمية ،بيروت ،1982 ،ص 302 .وما بعدها.
-172مصداقا لقوله تعالى( :قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء
89
ومال ،وغيره؛ والخالفة نوعان :عامة (خالفة اإلنسان في
األرض) ،وخاصة (بالمعنى المعبر عن الحكم والسلطان ،وقد
ترد بلفظ اإلمامة الكبرى)؛ ومصدرها جميعا هو
الشرع/الشارع.173
فالحاكمية بهذا المعنى حاكميتان :واحدة ترد في إطار
المفهوم الواسع لمبدأ االستخالف في األرض ،أي أنها موجهة
لإلنسان عامة في إطاره الكوني ،بمعنى أن عمارة األرض
محكومة بقواعد وشروط تنظمها ،وعلى اإلنسان أن يتحرك
داخلها حتى تتحقق هذه العمارة على الوجه السليم الذي أراده هللا
لها؛ أما الثانية فيراد منها تدبير أمور الحكم والدولة ،وهي أيضا
مقيدة بأحكام الشريعة ،وتتأسس على مبادئ عديدة فصلت فيها
كتب السياسة الشرعية ،ومن أهمها :الشورى؛ فاالختيار من
طرف أهل الحل والعقد؛ ثم البيعة (الخاصة والعامة)؛ وتطبيق
الشريعة...
أما الحكامة بمفهومها الغربي المعاصر فتتكئ على البعد
الحداثي ،الذي قام أصال على أساس الخصومة مع الدين ،والذي
قدير) (آل عمران .)26 /لمزيد من االطالع حول مفهوم الحاكمية (نشأته وتطوره
ومضامينه )...يراجع حسن لحساسنة :الحاكمية في الفكر اإلسالمي ،ضمن سلسلة
كتاب األمة رقم ،117منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ،قطر ،يناير
.2007
-173ابن خلدون :المقدمة ،مصدر سابق ،ص239 .؛ الماوردي :األحكام
السلطانية ،مصدر سابق ،ص71 .؛ الفراء :األحكام السلطانية ،مصدر سابق،
ص.20 -19 .
90
تشكل الالئيكية إحدى زواياه الحادة ،بدعواها لفصل الدين عن
الدولة.174
واضح إذن أن الفهمين (الغربي واإلسالمي) لمسألة
الحكامة/الحكم الراشد يختلفان من حيث الجوهر واألصول ،أي
من حيث موقفهما من الدين؛ لكن ذلك ال يمنع من تقاطعهما في
عدة مفاصل كالبحث عن تحقيق العدالة من خالل تطبيق
القانون/الشريعة؛ ومبدأ المساءلة (وإن أضاف الحكم الراشد
للمساءلة الدنيوية مساءلة أخروية أيضا)؛ والمساواة في األحكام؛
والنزاهة؛ والشفافية؛ والعمل على تحقيق المصلحة العامة...
فتكون الحضارة اإلسالمية قد أضافت إضافات نوعية مائزة
لمفهوم "الحكامة" ،خاصة في العصور الوسطى التي تراجعت
فيها أوربا ،وتراجعت معها تجاربها الديمقراطية على عالّتها،
بينما كانت الحضارة اإلسالمية تؤسس لنمط من الحكم (الراشد)
أبدعت فيه صيغا جديدة للرقابة على السلطة ،وضبط
ممارساتها ،وإن كانت تجربة لم تعمر طويال هي أيضا.175
-174مع وضع سؤال كبير حول ما إذا كانت الالئيكية تعني فعال فصل الدين عن
الدولة ،أم أنها اجتهدت فقط كي تفصل المؤسسة الكنسية ،بمضمونها القروسطي،
عن الدولة؟
-175استمرت الخالفة الراشدة كما هو معروف حوالي 30سنة فقط (من 11
هـ633/م إلى 40هـ653/م) ،ليصير الحكم بعدها وراثيا في الدول اإلسالمية
المتعاقبة؛ التي وإن زعمت جميعا بأنها كانت تستند إلى الشريعة ،إال أن فترة
"الخالفة الراشدة" ظلت راسخة في الوجدان الجمعي والذاكرة الجماعية اإلسالمية
باعتبارها نموذج الحكم الذي ينبغي االقتداء به ،وإعادة إحيائه ،وهو ما نالحظه
حتى لدى عدد كبير من التيارات والحركات اإلسالمية المعاصرة.
91
المطلب الثاني:
الحكامة الجيدة في المغرب قبل دستور2011
إذا كانت الدولة المغربية اإلسالمية في تاريخها الطويل،
الذي امتد ألزيد من 12قرنا ،قد عرفت بعض مظاهر "الحكامة
الجيدة" ،من خالل تجليات الخالفة فيها (أي من خالل تطبيقات
الشريعة واستحضار نموذج الخالفة الراشدة في الوعي
الجمعي) ،فإن المفهوم بمضمونه المعاصر لم يدخل المغرب إال
أواخر القرن العشرين ،وبالذات في ثمانينيات القرن الماضي،
مع التأكيد على أن انخراط المغرب في استعمال أدوات الحكامة
الجيدة مر بمرحلتين ،قبل دسترته نهائيا سنة .2011
وهكذا تم استخدام هذه األدوات مقترنة بمسلسل الخوصصة
وبرنامج التقويم الهيكلي ،أول األمر ،دون استخدام المفهوم
صراحة ،وهذا ما سنعرض له في فرع أول؛ ثم مرحلة ثانية ذاع
فيها المفهوم وانتشر ،داخل المقاوالت والمؤسسات (في
القطاعين :العام والخاص) ،وفي مختلف النصوص التشريعية
والقانونية والكتابات الموازية لهذا االنتشار ،وهو ما سنتطرق
إليه في فرع ثان.
وأعمال الندوة الدولية التي انعقدت بكلية اآلداب ،جامعة محمد األول:
Interv. De SAHIB EDDINE (Abdelhak) et KOUBAA (Salah):
L’entrepreneuriat migratoire, 11/11/2010, 14h. in : colloque
international sous thème : Migration et développement des
régions Maghrébines et sud – sahariennes, 11 – 12 Novembre
2010, Université Mohammed I, Centre d’études des
mouvements migratoires Maghrébins.
177 - BELKADI (Hicham): Le gouvernement d’entreprise au
Maroc, Mémoire du Diplôme d’Etudes Supérieures
Spécialisées en Ingénierie Financière, Université de Bretagne
Occidentale, France, Année Universitaire 2002-2003, p. 9.
93
)."LC" London Clubمما ساعد على إعادة التوازن
لالقتصاد الوطني وتخفيض حجم المديونية.178
وكان ضروريا أن يصاحب هذه التحوالت التي طرأت على
بنية االقتصاد الوطني تحوالت على مستوى تسيير المقاوالت
التي تمت خوصصتها ،حيث لم يعد المسيرون ،الذين يتم تعيينهم
لتدبير مرافقها ،يتمتعون بنفس االمتيازات السابقة ،من سلطة
ونفوذ وصالحيات انفرادية واسعة في اتخاذ القرارات
وتنفيذها ...بل أصبحوا خاضعين لقواعد حكامة المقاوالت
الخاصة.179
إن هذه السياسة كانت تستدعي تنسيقا بين القطاعين العام
والخاص ،مع مراعاة الظرفية الداخلية والخارجية التي ميزها
تباطؤ النمو ،وعولمة األسواق ،وتنامي المنافسة على المستويين
الداخلي والخارجي ...مما كان يستدعي تكثيف الحاجة إلى
التضامن؛ 180مع المراهنة على أن تطوير المجال االقتصادي
يشكل رافعة أساسا لتطوير المجال االجتماعي ،لكن في إطار
-181البريسترويكا كلمة روسية تعني حرفيا إعادة البناء ،وتقترن بها بعض
التعابير المجاورة مثل :الشفافية (الكالسنوست)؛ والعلنية؛ والصراحة ...يقول
غورباتشوف « :إن كلمة البيريسترويكا كلمة متعددة المعاني ،ولكننا إذا أردنا
= انتقاء كلمة مرادفة واحدة أكثر تعبيرا النتقينا كلمة "الثورة" ...إنها برنامج
إصالحي متكامل للحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية ».انظر ميخائيل
غورباتشوف :البريسترويكا والتفكير الجديد لبالدنا والعالم ،ترجمة عدد من
الكتاب ،دار الفارابي ،بيروت ،1988 ،ص.6 .
182 - KORENEV (Léonid): L’Economie de l’URSS au
carrefour de la perestroïka, édit. Agence Novosti, Moscou,
1990, p.19. et SOBOLEV (Léonid): URSS Recensement
1989, édit. Agence Novosti, Moscou, 1990, p. 9.
95
بتأهيل اقتصاده إلدماجه في المنظومة العالمية عن طريق
التخلي عن اإلدارة المركزية وتحديد األولويات وإصالح نظام
األجور والسماح للقطاع الخاص باالنخراط في المشاريع
االقتصادية وتنظيم المنافسة وإصالح النظام النقدي ومناقشة
قضايا التعليم واالهتمام بالحريات العامة ،183وفتح نقاش
عمومي حول العالقات بين القوميات التي كانت تعتبر مناقشتها
سابقا من المحظورات ...وتوجت هذه اإلصالحات بالسماح بقيام
نظام حزبي تعددي ظهرت على إثره أحزاب جديدة ،إلى جانب
184
الحزب الشيوعي السوفياتي.
إن تداعيات اإلصالحات التي دشنها ميخائيل غورباتشوف
Mikhaïl GORBATCHEVداخل االتحاد السوفياتي ،سرعان
ما تجاوزت حدودها السياسية لتخترق مجاالت متعددة في العالم،
ومع هذا االختراق دخلت مفردات :إعادة البناء ،والشفافية،
والصراحة ،والفاعلية ،والمشاركة ...القاموس االقتصادي
والسياسي واالجتماعي لدول العالم عامة ،ومن ضمنها المغرب،
الذي كان إذاك في قلب برنامج التقويم الهيكلي.
ورغم أن المغرب – كما تمت اإلشارة إلى ذلك من قبل –
كان قد نحا منذ البداية نحو التوجه الليبرالي ،وآمن بالتعددية
-183تجلى ذلك في إطالق سراح المنشق السياسي أندريه زاخاروف والسماح له
بالحديث للتلفزة األمريكية.
-184منها :حزب الديمقراطيين األحرار؛ واتحاد الديمقراطيين الدستوريين؛
واالتحاد الديمقراطي المسيحي ...لمزيد من التفاصيل حول هذه اإلصالحات
يراجعSTANKOVIC (Sergey): La perestroïka vue par un :
député du peuple, édit. Agence Novosti, Moscou, 1990, p.
…27؛ والمصطفى اجماهري :سياسة اإلصالح الغورباتشوفية وأثرها في
المؤسسات السياسية السوفياتية ،ضمن مجلة دراسات عربية ،عدد .1991 ،8- 7
96
الحزبية ،إال أنه عرف مع ذلك عدة انتكاسات في تحقيق تجربة
تنموية ناجحة ،مما يعني أنه كان مدعوا ،حتى يسرع من وتيرة
اإلصالحات ،ألن يتخذ مجموعة من التدابير إلصالح المنظومة
القانونية ،والتي شملت في البداية تأهيل قطاع المقاوالت
والشركات المحدودة المسؤولية Société à responsabilité
)SARL( limitéeعلى وجه الخصوص ،قبل أن يتم تعميمها،
تدريجيا ،على باقي المقاوالت والمؤسسات ،ومن ضمنها
مؤسسات القطاع العمومي.
وفي هذا اإلطار تم اتخاذ تدابير عديدة ومتنوعة ،وإصدار
مجموعة من التشريعات والقوانين ،منها :إحداث المحاكم
التجارية185؛ والمحاكم اإلدارية186؛ وإصدار القانون رقم
17.95المتعلق بالشركات المجهولة الهوية؛ 187وغيرها من
القوانين...188
-189قانون رقم 39.89بتحويل المنشآت العامة إلى القطاع الخاص كما تم تغييره
وتتميمه بمقتضى القانون ،34.98صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.99.131بتاريخ 26من محرم 13( 1420ماي ،)1999صادر بالجريدة
الرسمية عدد 4692بتاريخ 4صفر 20( 1420ماي ،)1999ص.1111 .
-190قانون رقم 77.03متعلق باالتصال السمعي البصري ،صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.04.257بتاريخ 25من ذي القعدة 7( 1425يناير
،)2005صادر بالجريدة الرسمية عدد 5288بتاريخ 23ذي الحجة 3( 1425
فبراير ،)2005ص.404 .
-191قانون رقم 54.05بالتدبير المفوض للمرافق العامة ،صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.06.15بتاريخ 15من محرم 14( 1427فبراير ،)2006
صادر بالجريدة الرسمية عدد 5404بتاريخ 15صفر 16( 1427مارس
،)2006ص744 .؛ أعيد نشره ضمن كتاب :المديرية العامة للجماعات المحلية،
وزارة الداخلية ،منشورات مركز االتصال والنشر ،الرباط.2009 ،
-192مرسوم رقم 2.98.482متعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة
وكذا بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها ،صادر بالجريدة الجريدة
الرسمية عدد 4654بتاريخ 19رمضان .)1999/01/07( 1419ونشير إلى أن
هذا المرسوم سيتم نسخه في مناسبتين :األولى سنة 2007والثانية سنة ،2013
98
صفقات األشغال المنجزة لحساب الدولة؛ 193والقانون رقم
69.00المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة
وهيئات أخرى؛ 194والقانون رقم 15.97بمثابة مدونة تحصيل
الديون العمومية...195
وسنعود لإلشارة إلى ذلك الحقا؛ لكننا نكتفي هنا باإلشارة إلى صيغته األولى التي
صدرت سنة 1999ألن موضوع فقرتنا هنا يتوقف عند القوانين التي صدرت قبل
ظهور مفهوم "الحكامة الجيدة" وتداوله ،وسنعيد إثارة الموضوع في حينه (انظر
الهامش 204الحقا).
-193مرسوم رقم 2.99.1087بالمصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة
المطبقة على صفقات األشغال المنجزة لحساب الدولة ،صادر في 29من محرم
4( 1421ماي ،)2000صادر بالجريدة الرسمية عدد 4800بتاريخ 28صفر
( 1421فاتح يونيو ،)2000ص.1280 .
-194قانون رقم 69.00بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات
أخرى ،صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.195بتاريخ 16من
رمضان 11( 1424نوفمبر ،)2003صادر بالجريدة رسمية عدد 5170بتاريخ
23شوال 18( 1424ديسمبر ،)2003ص.4240 .
-195قانون رقم 15.97بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية ،صادر األمر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.175بتاريخ 28من محرم 3( 1421ماي
،)2000صادر بالجريدة الرسمية عدد 4800بتاريخ 28صفر ( 1421فاتح
يونيو ،)2000ص.1256 .
99
التدفق ،في المعنى ودالالته ومحوريته ،التي أصبح يكتسيها في
التداول اليومي على المستويين :النظري والملموس.
ورغم أنه من الصعب الجزم بتحديد تاريخ دقيق لظهور
مفهوم الحكامة بالمغرب ،إال أنه يمكن القول بأنه ما إن حل
"العهد الجديد" 196حتى كان المفهوم قد عرف طريقه إلى
االستعمال والتداول ،انطالقا من المبادئ التي حملتها بعض
النصوص القانونية -سواء لتسيير المؤسسات والهيئات
العمومية أو لتدبير المؤسسات والمقاوالت الخاصة – والتي
كانت مقدمة لهذا التداول ،قبيل ذلك بسنوات.
فقد حملت القوانين التي صدرت في تسعينيات القرن
الماضي ،بخصوص األنشطة المقاوالتية» ،كثيرا من مالمح
حكامة المقاوالت بالمغرب ،كما دعت الجميع إلى احترام
معاييرها واالنخراط في تطبيق مبادئها ،بما أن حكامة جيدة
للمقاولة تعني التأسيس لقدرة كبيرة على المنافسة ،وتهيئ
197
بالتالي فرصة لتطوير األداء االقتصادي«.
وقع ذلك بتزامن مع تقارير عدد من المؤسسات الدولية (منها
تقرير البنك الدولي "BM" Banque mondialeحول التنمية
" -196العهد الجديد" :مفهوم شاع تداوله مباشرة بعد وفاة الراحل الحسن الثاني،
واعتالء الملك محمد السادس حكم المغرب ،سنة 1999م؛ وقد تزامن ذلك مع بداية
التداول الفعلي لمفهوم "الحكامة الجيدة" ،حيث تتبعنا – على سبيل المثال -أعداد
مجلة ريمالد ،منذ سنة ،1993فوجدنا أن أول مقال حمل عنوانه إشارة للحكامة
الجيدة ،كان باللغة الفرنسية ،ضمن العدد رقم 34لسنة 2000؛ انظر:
BIROUK (Mohamed): Rationalisation des structures et bonne
gouvernance, REMALD, N° 34 (Septembre – Octobre 2000),
p. 11 – 30.
197 - BELKADI (Hicham): Le gouvernement d’entreprise au
Maroc, op. cit., p. 23.
100
Le في المغرب ،وتقرير برنامج األمم المتحدة للتنمية
Programme des Nations unies pour le
"PNUD" développementسنة )2000التي الحظت بأن ما
بذل من جهود خالل العشرية األخيرة (أي تسعينيات القرن
الماضي) لم يكن كافيا لتحقيق التنمية المرجوة ،ومن ثم دعت
الدولة المغربية إلى مزيد من العمل ،واالنخراط الجدي إلرساء
وتفعيل إستراتيجية عميقة تهدف أساسا إلى إجراء إصالحات
بنيوية -خاصة على مستوى البنية التحتية واألداء اإلداري -
تكون موجهة لتدعيم االقتصاد وتطوير آليات التضامن
االجتماعي.198
كما أن المفوضية السامية للتخطيط سلطت الضوء ،في أحد
تقاريرها ،على العالقة القوية القائمة بين النمو االقتصادي
والتنمية البشريةL'Indice de Développement Humain
" ،"IDHونصت بالحرف على أن العراقيل الكبرى التي تواجه
التنمية الحقيقية تتلخص أساسا في التعثر الحاصل في تطبيق
ميكنزمات (إواليات) الحكامة ،وضعف مستوى الرأسمال
البشري في مجال التعليم والصحة ،199على وجه الخصوص.
وقبلها كان برنامج األمم المتحدة للتنمية Programme des
)PNUD( Nations Unies pour le Développementسنة
2003قد قام بإعداد تقرير تحت عنوان" :الحكامة وتسريع
208
مدونة تحصيل الديون العمومية؛
مدونة المحاكم المالية وقانون تحديد مسؤولية اآلمرين
209
بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين؛
210
مجلس القيم المنقولة؛
قانون المراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات
211
أخرى...
108
الجيدة ،التي تتطلب حدا أدنى من الشروط لتنزيل معاييرها
ومؤشراتها على مستويي القانون والممارسة :فإلى أي حد يمكن
الحديث عن هذين المستويين في ضوء مالمح النظام الدستوري
الجديد؟
الجواب على هذا السؤال ال ينبغي أن يتم خارج استحضار
سيرورة النظام الدستوري الراهن ،والتحوالت الحاصلة عليه؛
ويحضر معها باالستتباع أن الحكامة الجيدة جاءت لالرتقاء
بالنظام الدستوري المغربي السابق وتجاوز أعطابه ،وعلى
مؤسسات هذا النظام – وفي مقدمتها السلطات الثالث – أن
تتعامل مع الدستور الجديد في أفق هذا التصور ،أي أن ترتقي
بالنظام الموصوف بالتقليداني إلى نظام أكثر تطورا ،ال أن
تنزلق بالدستور إلى تأويل تقليداني جاء أصال إلصالحه ،وهذا
ما سنحاول تحليله في الفصل الثاني من هذه الدراسة.
109
110
الفصل الثاني
111
المبحث األول :دسترة الحكامة الجيدة ()2011
يعتبر المغرب ،فيما نعلم ،أول بلد قام بتضمين دستوره مبدأ
الحكامة الجيدة ،215واعتبرها ركيزة من ركائز نظامه
الدستوري .وقد جاءت هذه الدسترة في سياق تاريخي اجتماعي
حافل بالمتغيرات الوطنية واإلقليمية ،جعلت المشرع الدستوري
يقتنع بضرورة اعتبارها مدخال من مداخل اإلصالح الدستوري
األساس ،لذلك سنعالج هذا المبحث ببسط الموقع الذي تحتله
الحكامة الجيدة من الهندسة الدستورية ،في مطلب أول ،فيما
سينصرف المطلب الثاني لفحص الغاية من دسترة الحكامة
الجيدة والبحث فيها كدينامية لتفعيل النظام الدستوري المغربي
والعبور به نحو شكل الديمقراطية التي ينشدها.
المطلب األول:
موقع الحكامة الجيدة من الهندسة الدستورية
الحديث عن موقع الحكامة الجيدة من الهندسة الدستورية
يقتضي تحليلها من خالل مستويين :األول من حيث الهيكل
العام ،والثاني من حيث انتظام المضامين؛ لهذا ارتأينا أن نتناول
هذا المطلب من خالل فرعين :األول منهما بمثابة وصف
مورفولوجي يبحث في السياق والهيكلة ،التي انتهت بدسترة
- 215وقد قامت تونس بعد ذلك في دستورها الذي أعقب ثورة الياسمين ،لسنة
26( 2014جانفي) ،بإدراج الحكم الرشيد منذ التوطئة ،حيث جاء" :وتأسيسا
لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي ...بواسطة االنتخابات الحرة ...والحكم
الرشيد"...؛ ثم خصص القسم الخامس من الباب السادس لما سماه :هيئة الحوكمة
الرشيدة ومكافحة الفساد.
112
الحكامة الجيدة ،مع مقاربة إحصائية للمفهوم كما تبناه دستور
2011؛ بينما يبحث الثاني في الكيفية التي انتظمت بها
مؤسسات وهيئات الحكامة الجيدة ضمن هذا الدستور ،لتشكيل
أرضية النظام الدستوري المغربي.
113
فيما عرف بـ"الربيع العربي" ،إشارة إلى الثورات التي عمت
المنطقة انطالقا من تونس قبل أن تشمل باقي الدول؛ ونجحت
في اإلطاحة بعدد من أنظمتها ،والالئحة ما زالت مفتوحة.
فالمغرب إذن لم يكن بمعزل عن مجريات األحداث المحيطة،
وقد تبنت االحتجاج فيه حركة 20فبراير 216التي قادت الحراك
االجتماعي ،وهي حركة ضمت مختلف أطياف االنتماءات
السياسية والفكرية واالجتماعية والثقافية والنقابية ...التي اتفقت
جميعا على مطلب اإلصالح السياسي ،وبالذات الدستوري ،وإن
اختلفت حدّة ودرجة المطالب من طيف إلى آخر.
ويبدو أن النظام المغربي ،عبر إنصاته الواقعي لنبض
الشارع وقراءته الحصيفة لمجريات األحداث في الواقع العربي،
قد جنب المغرب الدخول في حالة من الفتنة أو الفوضى أو حتى
االقتتال ...عندما سارع إلى تقديم مجموعة من اإلصالحات
السياسية واالجتماعية شكل التعديل الدستوري مدخلها الطبيعي
ومحورها األساس.
وككل ورش إصالحي من هذا النوع فقد فتحت حوله
محطات للمناقشة ،بما أن اآلراء قد تباينت واختلفت حول المتن
الدستوري بعد نشر مسودته ،ما بين آراء مؤيدة للمشروع ،رأت
فيه نقلة نوعية كبيرة على طريق الديمقراطية ،وأخرى معارضة
الفقرة الثانية:
الحكامة الجيدة في دستور :2011مقاربة إحصائية
إذا أردنا أن نقوم بمقاربة إحصائية لورود عبارة
"الحكامة/الحكامة الجيدة" ،في المتن الدستوري ،فإننا نجدها
ترددت في ست ( )6مناسبات ،إضافة للباب الثاني عشر الذي
تم تخصيصه بالكامل لهذا المبدأ ومؤسساته وهيئاته؛ وهكذا
وردت اللفظة/الحكامة مقترنة ب"الجيدة" في أربع مناسبات:
116
األولى في التصدير الدستوري219؛ ومرتين ضمن الباب األول
المخصص لألحكام العامة (في الفصل األول؛ 220وفي الفصل
الثامن عشر)221؛ ثم مرة رابعة في الفقرة الثانية من الفصل
( 222147ضمن الباب العاشر المنظم للمجلس األعلى
للحسابات).
ووردت الحكامة مقترنة بالمجال األمني في مناسبة
واحدة 223،هي التي أشارت إليها الفقرة األولى من الفصل 54
المحدث للمجلس األعلى لألمن؛ كما وردت في مناسبة يتيمة
أخرى عارية من كل إضافة ،في آخر فقرة من الفصل ،146
الذي حدد شروط واختصاصات الجهات والجماعات الترابية
224
األخرى.
« -219إن المملكة المغربية ...تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات
دولة حديثة ،مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة»...
-220حيث نقرأ في الفقرة الثانية منه« :يقوم النظام الدستوري للمملكة على
أساس فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها ،والديمقراطية المواطنة والتشاركية،
وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة».
صه« :تعمل السلطات العمومية على ضمان أوسع مشاركة ممكنة -221ون ّ
للمغاربة المقيمين في الخارج ،في المؤسسات االستشارية ،وهيئات الحكامة
الجيدة ،التي يحدثها الدستور أو القانون».
« -222يمارس المجلس األعلى للحسابات مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم
الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة ،بالنسبة للدولة واألجهزة العمومية».
-223تقول الفقرة األولى من الفصل ،54ما يلي« :يحدث مجلس أعلى لألمن،
بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات األمن الداخلي والخارجي للبالد ،وتدبير
حاالت األزمات ،والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة األمنية الجيدة».
-224حيث جاء في هذه الفقرة« :قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ
التدبير الحر ،وكذا مراقبة تدبير الصناديق والبرامج وتقييم األعمال وإجراءات
المحاسبة».
117
وأخيرا وجب التنبيه إلى الصيغة التي وردت بها الحكامة
مضمرة في الفصل ،179من الباب األخير (الرابع عشر) من
الدستور ،حيث لم تتم إثارتها لفظا ،لكنها تفهم من خالل السياق،
225
وذلك ألن هذا الفصل أحال على الباب الثاني عشر،
ومعروف بأن الباب الثاني عشر قد تم تخصيصه بالكامل لمبادئ
وهيئات الحكامة الجيدة ،من خالل توزيعه إلى أربعة محاور
كبرى:
المحور األول :وشمل سبعة فصول ،من الفصل 154إلى
226
الفصل ،160تحت عنوان" :مبادئ عامة".
-230وهو الموضوع الذي نشر ضمن مؤلف جماعي بعنوان :الحكامة الجيدة
بالمغرب ،سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية ،رقم ،20توزيع مكتبة الرشاد،
سطات ،2013 ،ص.56 - 7 .
122
أو سلطة زجرية عقابية تحصينا للقوانين المنظمة للقطاع أو
231
المجال الذي تشتغل فيه».
وبما أن هذه الهيئات جاءت متفرقة على فصول المتن
الدستوري فقد جاز ،حسب رأيه ،تقسيمها وفق معيار التحديدين:
الضيق والواسع.
فأما "التحديد الدستوري الضيق" فقد أدرج فيه كل المؤسسات
والهيئات – المعنية بالحكامة – التي وردت داخل الباب الثاني
عشر ،من الدستور.232
بينما أدرج ضمن "التحديد الدستوري الواسع" كل ما ورد
233
خارج هذا الباب من هيئات ومؤسسات.
أيضا وسع لحرش من مضمون "مؤسسات وهيئات الحكامة
الجيدة" حيث أصبح باإلمكان مثال اعتبار "المجلس العلمي
األعلى" و"المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية" من ضمن
هذه المؤسسات ،وبناء عليه أصبح من الجائز الحديث عما سماه
123
«حكامة الشأن الديني بالمغرب»234؛ وحكامة «المسألة
اللغوية التي تستمد قوتها وشرعيتها من بعدها الثقافي»!235؟
124
ثانيا :مناقشة هذا الطرح وتقويمه
–1في مدلول "التحديد الدستوري الواسع"
فهم لحرش بأن المقصود بـ"التحديد الدستوري الواسع" فقط
ما يوجد خارج الباب الثاني عشر من الدستور ،والحال أن
التحديد الواسع وجب أن يستوعب جميع المؤسسات والهيئات
المعنية بالحكامة الجيدة ،سواء تلك التي وردت داخل الباب
الثاني عشر أو تلك التي وردت خارجه.
فورود هذه المؤسسة ،أو الهيئة ،داخل الباب الثاني عشر ،ال
يضيف لها ،أو ينقص منها ،أي ميزة أو قيمة عن مؤسسة أو
هيئة أخرى ،وردت خارجه؛ فكلها هيئات ُمدسترة في النهاية،
والمشرع إن كان يريد أن يميز إحداها عن األخرى فإنه
سيميزها من خالل اختصاصاتها وصالحياتها ،وليس من حيث
تبويبها داخل المتن الدستوري.
أيضا لم ينتبه لحرش إلى أن هيئات الحكامة الجيدة،
المنصوص عليها في دستور ،2011هي ليست فقط تلك التي
ذكرت بالحرف ضمن فصول هذا الدستور؛ بما أن فصوال
أخرى منه أشارت إلى إمكانية إحداث هيئات أخرى بموجب
قوانين236؛ وبالتالي فإن الباب يبقى مفتوحا أمام "القانون"
صه« :تعمل السلطات العمومية على -236جاء في الفصل ،18من الدستور ،ما ن ّ
ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج ،في المؤسسات
االستشارية ،وهيئات الحكامة الجيدة ،التي يحدثها الدستور أو القانون ».وجاء
في الفصل 159ما يلي« :تكون الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة مستقلة؛
وتستفيد من دعم أجهزة الدولة؛ ويمكن للقانون أن يُحدث عند الضرورة ،هيئات
أخرى للضبط والحكامة الجيدة».
125
إلحداث هيئات تعنى بالحكامة ،متى رأى المشرع ضرورة
لذلك ،بما أن الدستور لم يضع على ذلك أي قيد.
عند لحرش إن "التحديد الواسع" هو ما خرج عن الباب
الثاني عشر فقط ،وهو بهذا يكون قد أقصى المؤسسات
الدستورية الكبرى ،بما أن الحديث يمكن أن يجري عن "حكامة
برلمانية" أو "حكامة قضائية" الخ .فهذه المؤسسات يمكنها أن
تنضبط لقواعد الحكامة الجيدة من خالل آليات يمكنها أن
تحدثها ،هي نفسها ،لتنظيم عملها الخاص ،أو حتى من خالل
آليات أو هيئات تتقاطع فيما بينها من حيث االختصاص.
كما أنه ،في اعتقادنا ،وفي إطار التحديد الواسع دائما ،ال
يجب أن نتحدث عن الهيئات والمؤسسات وترتيبها فقط كما
جاءت في الدستور ،بل يجب أن يتم ربطها بالمؤسسات
الدستورية التي تنتمي إليها ،أو التي يمكن أن تؤثر فيها من حيث
طبيعة اشتغالها ،بما أننا نتحدث عن نظام دستوري ،وهكذا
فالحديث عن "المحكمة الدستورية" أو "المجلس األعلى للسلطة
القضائية" ،مثال ،ال يجب أن ينظر إليه فقط من خالل ترتيب
وروده في النص الدستوري ،بل يجب أن يرتبط ارتباطا عضويا
بالحديث عن السلطة القضائية ،وبالتالي الحكامة القضائية،
بالدرجة األولى.
–2في مدلول "الهيئات الدستورية" المعنية بالحكامة الجيدة
بمناقشة التعريف الذي ذكره كريم لحرش ،ومطابقته مع
نصوص الدستور ،نجد أنه قد أقصى تماما مفهوم "المؤسسات"
من هذا التعريف ،واكتفى بتعريف "الهيئات"؛ ومعلوم أن دستور
2011لم يأت فقط لمقاربة الهيئات الوطنية العمومية في ضوء
126
الحكامة الجيدة ،بل تكلم أيضا عن بعض المؤسسات (مؤسسة
الوسيط مثال) ،بل هناك مؤسسات غيرها ال يمكن إدراجها حتى
ضمن مفهوم النظام الدستوري ألنها تندرج ضمن مجال أوسع
منه ،رغم أنه يتقاطع معه ،ويتعلق األمر هنا بـ "األحزاب
السياسية" و"التنظيمات النقابية" وغيرها ...مما يفترض أنه
ينضبط لقواعد الحكامة الجيدة ،لكنه يندرج ضمن "النظام
السياسي" ككل.
لذلك فإننا ال نفهم كيف أغفل الباحث تماما إدراج مفهوم
"المؤسسات" في تعريفه؟ كما ال نفهم لماذا أقحم "المجلس
العلمي األعلى" ضمن ما سماه "حكامة الشأن الديني"؟ والحال
أن هذا المجلس ،إن كان معنيا بالحكامة من خالل التدبير الرشيد
له بما هو مرفق عمومي ،فإن ذلك ال يسمح لنا بتعميم القول
لتنسحب الحكامة الجيدة على الشأن الديني كممارسة حياتية
تختلط ،وتتداخل ،فيها الطقوس العقدية مع المذهبية مع
الطرقية...
فسحب مفهوم "الحكامة الجيدة" على الشأن الديني بإطالق –
انطالقا من مجرد التنصيص دستوريا على "المجلس العلمي
األعلى" – يبدو لنا مبالغا فيه ،ذلك أن الحديث عن حكامة في
هذا المستوى يمكن أن يشمل هذا المجلس ،كما يمكن أن يشمل
إدارات أخرى تعمل على تدبير بعض المرافق ،أو األمالك،
الدينية مثل "النظارات" أو "مندوبيات الشؤون اإلسالمية" أو
غيرها ...بما هي جزء من "وزارة األوقاف والشؤون
اإلسالمية" ،أي باعتبارها جزءا من السلطة التنفيذية ،وليس
127
باعتبار الجانب الديني ،الروحي العقدي ،في أبعاده المركبة
والمعقدة.
فهذه الهيئات إن كان بإمكانها أن تنظم الجانب المادي ،أو
الملموس ،من الحقل الديني اإلسالمي (من حيث التدبير اليومي
للمرافق المعنية بتسييرها) فإنها ال تنظم ،وال يمكنها أن تنظم،
الشأن الديني كله.
فضال عن ذلك فإن القول "بحكامة الشأن الديني" على إطالقه
قد يفهم منه أنه ينسحب حتى على الديانات األخرى ،غير
اإلسالمية ،التي قد يدين بها بعض المغاربة ،بما أن الفصل 3
من الدستور قد نص على أن «اإلسالم دين الدولة ،والدولة
تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية»؛ والحال أن
المجلس العلمي األعلى ،بالصيغة التي جاء بها دستوريا ،ال
يمكنه أن ينظم إال ما هو متعلق بالدين اإلسالمي ،وبالطريقة
التي بيناها أعاله ،أي ضمن ما هو مادي أو ملموس.
وما ينسحب على "المجلس العلمي األعلى" يمكن أن ينسحب
أيضا على "المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية" ،حيث إن
إخضاعه لتطبيقات معايير ومؤشرات الحكامة الجيدة يبدو
صعب التحقق ،بما أن األمر يرتبط بمجاالت غير ملموسة ،اللهم
إال في الشق اإلداري أو المادي المحسوس.
والواقع أنه بإمكان دارس المتن الدستوري أن يالحظ بأن
الصيغة التي وردت بها المجالس ،المعنية بالحكامة الجيدة في
دستور ،2011صيغة موسعة ،إذ غطت في معظمها عددا من
128
الفصول ،وبعضها غطى بابا بكامله ،237يستثنى من ذلك
المجلس األمني الذي تطرق له فصل واحد ،لكنه تكون من عدة
فقرات محددة وواضحة؛ بينما نالحظ بالنسبة للمجلس العلمي
األعلى 238والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية ،239أنهما
وردا بشكل مقتضب في فقرة أو فقرتين؟
لذلك نرى أنه ال يكفي تنصيص الدستور على هيئة ما حتى
نعتبرها معنية بصورة مباشرة بالحكامة الجيدة ،بل ال بد من
آلية ،دقيقة وواضحة ،تمكن من ربطها فعال بمبادئ ومعايير
الحكامة ...إذ يمكن للناظر هنا أن يسأل :كيف يمكن إخضاع
الشأن الديني أو المسألة الثقافية ،بما هما ممارسة يومية ،لمعايير
من مثل :الفعالية أو النجاعة أو الشفافية أو المناصفة...؟!
ولحرش نفسه ،الذي اقترح علينا "حكامة دينية" و"حكامة
ثقافية" ،لم يجبنا كيف يمكن أن نطبق معايير ومؤشرات الحكامة
الجيدة على هذين الحقلين ،واكتفى بذكر مجال اشتغال
131
الفقرة الثانية :اقتراح نموذج بديل
-246في سياق االستجابة لمقتضيات اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد التي
صادقت عليها المملكة المغربية بتاريخ 9ماي ،2007تم إحداث الهيئة المركزية
للوقاية من الرشوة بمقتضى مرسوم للوزير األول في 13مارس ،2007والتي
أصبحت تحمل حاليا اسم الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها .ويعرض
حاليا مشروع قانون على البرلمان للمصادقة عليه بشأن هذه الهيئة يؤكد المشروع
على أن «مهام االستشارة واالقتراح والتقييم والتنسيق والتعاون تصطدم إجماال
بصعوبة الحصول على المعلومات الالزمة ،وبمحدودية االنخراط اإلرادي
لإلدارات والهيئات المعنية ،وبهشاشة موقع الهيئة في مسار تنفيذ المقترحات
والتوصيات ،وكذا بصعوبة الحصول على الوسائل المادية الكافية للتمكن من
توظيف الكفاءات النوعية المطلوبة"؛ أما عوامل نجاح هيئات مكافحة الفساد
فتظل "رهينة بوضوح المهام واإلطار الهيكلي وآليات اتخاذ القرار ،مع التأكيد
على استقاللية التدبير واالنفتاح المتواصل على الجمهور ،واعتماد حكامة
عمومية مترسخة».
-247المخطط التشريعي برسم الوالية التشريعية التاسعة ،مرجع سابق ،ص31 .
– .33
-248المخطط التشريعي برسم الوالية التشريعية التاسعة ،المرجع نفسه ،ص.
.34
134
الدستورية الكبرى (نورد أسفله نموذج السلطة القضائية) ،وفي
عالقة تفاعلية مع مجموع الحكامات المكونة لبنية النظام
الدستوري.
135
نظام دستوري مؤسس على الحكامة الجيدة
نماذج عن حكامات مكونة لبنية النظام الدستوري
136
فنظام دستوري مؤسس على الحكامة الجيدة مدخل أساس
وضروري لنجاح جميع الحكامات األخرى – التي تؤلف جزءا
من البناء السياسي الذي يؤلف بدوره جزءا من البناء المجتمعي
ككل – حيث إن ذلك من شأنه أن يبني جسور الثقة بين الحكام
والمحكومين ،بين الدولة والمجتمع ،بين أجهزة الدولة فيما بينها،
وبينها وبين القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني...
وإذ تتأسس هذه العالقة على قواعد دستورية سليمة فإنها
تهيئ األرضية لباقي الحكامات األخرى لالشتغال في حقولها
المختلفة بآلية التدبير الجيد للشأن العام ،وفي أفق تنمية هذه
الحقول أو القطاعات في نظام بنيوي يفضي في النهاية إلى تنمية
شاملة؛ والحصيلة أن انضباط النظام الدستوري لقواعد الحكامة
الجيدة يجب أن يستشعره المواطن العادي في معيشه اليومي .فال
معنى للحديث عن حكامة قضائية مثال ،إذا لم ير المواطن
تجلياتها في المحاكم واإلدارات التي تعنى بتدبير منظومة العدالة
في جميع مستوياتها ،وال مجال للحديث عن حكامة برلمانية إذا
لم تعبر مؤسسة البرلمان عن رغبات المواطنين وتترجم
تطلعاتهم وانتظاراتهم...
المطلب الثاني:
الغاية من دسترة الحكامة الجيدة والديمقراطية المنشودة
ترافق التعديل الدستوري األخير ،ومن ثم دسترة الحكامة
الجيدة ،مع طموحات على مستويات عدة لالرتقاء بالمتن
الدستوري ،مما يطرح عدة تساؤالت حول موقع الحكامة الجيدة
من هذه الغايات والمطامح (الفرع األول)؛ وهذا التعديل ،بهذا
137
الطموح ،يشكل مدخال لمناقشة اآلفاق المستقبلية المنفتحة أمام
النظام الدستوري المغربي وإمكانية تثويره في ضوء اآلليات
التي تقترحها الحكامة الجيدة (الفرع الثاني).
الفرع األول:
الغاية من دسترة الحكامة الجيدة :تحليل المضمون
يالحظ بأن دستور 2011الذي جعل من الحكامة الجيدة
إحدى مرتكزات النظام الدستوري المغربي منذ التصدير ،ثم أكد
على هذا المبدأ في الفصل األول منه ،لم يخصص له بعد ذلك
إال الباب الثاني عشر ،بحيث لم يبق بعده إال الباب المخصص
لمراجعة الدستور والباب المتعلق باألحكام االنتقالية249؛ فهل
لذلك من داللة في ذهن المشرع الدستوري؟
بمعنى آخر :أال يمكن أن يوحي ذلك بأن المكانة الحقيقية
للحكامة الجيدة هي دون ما يتبادر إلى الذهن عند القراءة األولى
للتصدير ،وللفصل األول من الدستور ،وأن إيرادها ضمن المتن
الدستوري أملته فقط ظرفية مشحونة باألحداث استلزمت
اإلجابة عن بعض األسئلة الكبرى ،لالستهالك اإلعالمي ال
أكثر؟
إن اإلجابة على مثل هذا النوع من األسئلة قد تجعلنا نلج عالم
تقييم النوايا ،وهو أبعد ما يكون عن الدراسة العلمية الرصينة؛
لذلك فنحن مدعوون إلى البحث عن معايير ومؤشرات دالة فعال
على هذا المنحى أو ذاك ،ضمن المتن الدستوري نفسه ،مع
http://www.boe.es/legislacion/enlaces/documentos/Constitucio
nFRANCES.pdf )(مرجع سابق
143
وهل كانت هذه الدسترة ضرورية لتحقيق انتقال ديمقراطي
سليم ،أم أن الديمقراطية مكتفية بذاتها ،ألن جهازها المفاهيمي
يتضمن بالضرورة مبادئ الحكامة الجيدة؟
إن الحديث عن الحكامة في هذا المستوى ،وفي الظرفية التي
نعيشها راهنا ،يجعلنا نقف على مشارف الحديث عن فقدان الثقة
بين الحكام والمحكومين .بمعنى أن الحديث يجري هنا ليس عن
مستوى سطحي من باب الترف و"الكماليات" الدستورية ،بل
عن جوهر السلطة في عالقتها بالشرعية والمشروعية :إذ إن
تآكل مؤسسات النظام الدستوري (كمقدمة لتآكل النظام السياسي
عموما) يعني أنها لم تعد قادرة على استيعاب تمثالت المواطنين
وتطلعاتهم وحاجياتهم ...وبالتالي تتزعزع ثقتهم في مؤسسات
الدولة مما قد يفضي إلى الوضع الذي انتهت إليه مجموعة من
األنظمة السياسية العربية (تونس؛ مصر؛ ليبيا؛ سوريا )...فهل
تتدخل الحكامة الجيدة لتصلح بعض ما أفسدته الممارسة
السياسية طيلة عقود؟
الغاية من إدراج الحكامة الجيدة إذن ،وبالذات في الباب
الثاني عشر ،هي تصحيح مسار النظام الدستوري المغربي،
واختياراته في تنزيل ديمقراطية سليمة .وربط الحكامة مع أسمى
المبادئ الدالة على الديمقراطية يجعلنا ننتهي إلى أنه إذا كانت
الديمقراطية تظل ناقصة من دون فصل حقيقي للسلط ،فإننا نعتقد
بأنها تظل أكثر نقصا من دون حكامة جيدة ،تستدعي في أبسط
مدلوالتها مبادئ الشفافية والفاعلية والنجاعة وتقرن المسؤولية
بالمحاسبة الحقيقية والصارمة ،حتى ال يتم العبث بالشأن العام؛
ذلك أن المحاسبة السياسية وحدها ال تكفي ،بل هي تفتح بابا
144
لالرتزاق السياسي ال أكثر ،ودستور 2011جاء بالضبط ،على
األقل من خالل ما صرح به منطوقه ،لتحقيق هذه الغاية؛ ألن
259
أهم ما فيه الدعوة إلى تطبيق ما فيه.
وهكذا نجد أنفسنا هنا في موقف النقيض تماما من السؤال
االستنكاري ،الذي افتتح موضوع هذا الفرع ،عندما تمت إثارة
موضعة الباب الخاص بالحكامة الجيدة – وهو الباب الثاني
عشر – من الهندسة الدستورية ،260مما قد يوحي بأن المكانة
الحقيقية للحكامة الجيدة هي دون ما يتبادر إلى الذهن عند
القراءة األولى للتصدير ،وللفصل األول من الدستور ،وأن
إيرادها ضمن المتن الدستوري أملته فقط ظرفية مشحونة
باألحداث استلزمت اإلجابة عن بعض األسئلة الكبرى،
لالستهالك اإلعالمي ال أكثر؟
فإدراج الحكامة الجيدة في الموقع المخصص لها ،أي في
الباب الثاني عشر ،يعتبر امتدادا ماديا لجميع األبواب السابقة،
وإسمنتا يمسك بجميع فسيفساء المبادئ األساسية للنظام
الدستوري السياسي المغربي ،بجميع مكوناته :فإذا كانت السيادة
لألمة ،وإذا كان القانون هو التعبير األسمى عن إرادتها،
وبالتأكيد على الحقوق والحريات السياسية ،والفصل بين السلط
وتوازنها وتعاونها ،واستقالل السلطة القضائية ...فإن الباب
الثاني عشر يجيب بأن الحكامة الجيدة هي القيم الحقيقي على
146
كثرة الكالم ،ألن الحكامة ال يمكن استيعابها إال ضمن الفعل
والممارسة ،وموضعتها ضمن الباب الثاني عشر من البناء
الدستوري ،ال يقوم في اعتقادنا دليال على هامشيتها في ذهن
المشرع ،بل على العكس من ذلك تماما هو دليل على أهميتها
الكبرى بما هي تتويج لهذا البناء ،بالنظر إلى دورها المحوري
في تنزيل نظام دستوري سليم.
الفقرة األولى:
الحكامة الجيدة من مقدمات التحديث الدستوري
كيف يمكن للحكامة أن تطبق في ظل نظام دستوري
"تقليداني"؟ سؤال/فرضية كان من أهم منطلقات هذا البحث،
انتهينا في صدد البحث له عن إجابة إلى أن النظام الدستوري
كف عن كونه تقليدانيا ،كما كان يجري توصيفه بهالمغربي قد ّ
منذ مدة ،على األقل من حيث المتن الدستوري الجديد ،لكن :هل
أصبح نظاما حداثيا بالمعنى الوارد في األنظمة البرلمانية
الغربية/األوربية تحديدا؟ قطعا الجواب ال يأتي إال نفيا؛ لذلك
الحظنا بأن نظامنا الدستوري قد توقف عند منتصف الطريق
147
بين "التقليدانية" و"الحداثة" :فكيف يمكن للحكامة الجيدة أن
تعمل على تثوير هذا النظام؟
148
ثانيا :الحكامة مبدأ يعني الجميع
إن الحديث عن تطبيق حكامة جيدة على مستوى مؤسسات
الدولة ،العمومية ،ال يجب أن يعمينا عن ضرورة تفعيلها على
مستوى المؤسسات األخرى (األحزاب؛ الجمعيات؛ المقاوالت؛
النقابات ،)...بل يجب ،من باب أولى ،وقبل مطالبة الدولة
كسلطة عمومية بتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة ،أن يتم تفعيلها
على مستوى المؤسسات ،والهيئات ،األخرى المذكورة؛ إذ بذلك
فقط سيتم بناء جسر الثقة=>المصالحة بين المواطن والمؤسسات
التي تمثله ،سواء أكانت خاصة أم عامة ،وجو الثقة هذا
ضروري لتحقيق أي مشروع تنموي؛ وفضال عن ذلك فإن
العمل بهذه الطريقة سيكون فعاال وناجعا فضال عن كونه يحقق
مبدأ المشروعية ،ألن تفعيل مضامين الحكامة الجيدة على
مستوى الحزب أو النقابة مثال ،قد يرسخ الوعي بهذه المضامين،
فتصبح آلية يتم التعامل بها بصورة طبيعية عندما يصبح الحزب
أو النقابة يباشران الحكم ،داخل مؤسسة تشريعية أو تنفيذية...
أي باعتبارهما جزءا من النظام الدستوري.
بعبارة أخرى ال يجب النظر إلى الحكامة الجيدة على أنها
مبدأ مفروض على السلطة العمومية وحدها ،كما ال ينبغي لهذه
أن تقوم بفرض مفردات الحكامة الجيدة على القطاع الخاص
وجمعيات المجتمع المدني فقط؛ صحيح أن المساطر القانونية
ضرورية ،لكن األمر يحتاج إلى أكثر من مساطر قانونية ،إنه
محتاج إلى ثقافة "حكماتية"؛ إذ كلما كان األمر تعبيرا عن قناعة
ذاتية نابعة من الداخل إال وتم االشتغال في ظروف أيسر
وتحققت المشاريع بطرق أمثل؛ وقطعا يجب دائما استحضار أن
149
هناك من ليس في مصلحته أن تسير األمور على هذا النحو،
ألنه يفكر دائما بطريقة "أ َ ْوكار الفساد".
ولقطع الطريق أمام هذا النوع من التفكير ما علينا إال أن
نعود إلى مبادئ الحكامة نفسها؛ فسواء تعلق األمر بإنتاج نص
قانوني مجرد أو إنجاز بناء مادي ضخم ...فإن المعايير تظل
واحدة:
تحديد شروط "المنتوج" ومواصفاته وزمن إنجازه...؛
تحديد المهام واألدوار والمسؤوليات...؛
ثم ربط ذلك كله بالمحاسبة التي يحصنها القضاء في النهاية،
بما أن الجميع يشتغل ضمن دولة الحق والقانون.
إننا عندما نطالب بحكامة جيدة فإننا بذلك نعيد منطق السلطة
إلى صوابه ،حيث نفرغه من محتواه السلطوي (بالمعنى
التقليدي) الذي يستأثر فيه الحاكم بالسلطة على حساب
المحكومين ،ونستعيض عنه بالمضمون التشاركي بين الحكام
(من خالل المؤسسات الرسمية) والمحكومين (مؤسسات
المجتمع المدني والتنظيمات الحزبية والنقابية وغيرها.)...
من جهة أخرى إن الحكامة تسائل الديمقراطية نفسها –
وبجميع األشكال التي ظهرت بها تاريخيا لحد اآلن – لتعلن بأنها
(أي الديمقراطية) تبقى مجرد شعار مثالي حتى في أعرق
الديمقراطيات المعاصرة (مع تحالف اللوبيات ،وشراء
األصوات ،وتوجيه اإلعالم للكتلة الناخبة ،والتوظيف المكثف،
150
والمخاتل ،آلليات التسويق السياسي 261)...مما يفضي إلى
تداول سخيف على السلطة ،همه األول واألخير تحقيق المصالح
الضيقة لعدد من األشخاص أو األحزاب أو الجماعات ...لنخلص
إلى أن مفهوم "الديمقراطية" ،نفسه ،يبقى غير ذي معنى من
دون حكامة جيدة.
فعندما تنخرط فعاليات المجتمع المدني ،والخواص ،بل
وحتى األفراد ،في هذه المنظومة نتساءل إذاك :من الذي أصبح
يحكم بالفعل؟
بعيدا عن كل جواب يدعي االرتفاع عن النسبية نقول بأن
الحكامة ال يمكنها أن تقضي على جميع عيوب المجتمع،
وخصوصا جميع عيوب السلطة ،لكنها على األقل تنهي احتكار
الدولة (بمضمونها التقليدي) للحكم ،وتعمل على تقليص مساحة
السلطة السياسية للحكام "التقليديين" لصالح المساحة المخصصة
لألفراد والمجتمع المدني ،بحيث أصبح الكل سياسيا ،وال شيء
غير سياسي.
152
التحديث بشكل سليم؛ وهو ما يالحظ من خالل عديد األمثلة على
مستوى السلطتين :التشريعية والتنفيذية بل والممارسات الحزبية.
فحكامة برلمانية 262مثال تقتضي اعتماد مضامينها وآلياتها،
من فعالية ونجاعة وشفافية ...فإذا كان المشرع الدستوري مثال
قد منح للبرلمان (في شخص الغرفة األولى) آلية لتقديم ملتمس
الرقابة (في ظل عقلنة شبيهة إلى حد كبير بما يوجد في النظام
الدستوري الفرنسي) فإننا ال نفهم كيف أن هذه اآللية يتم تفعيلها
بشكل عاد وسلس في فرنسا ،حتى إنها لتبدو من الممارسات
العادية والمألوفة في البرلمان الفرنسي 263،بينما تبدو عندنا كما
لو أنها محطات تاريخية هامة وحاسمة في التاريخ الدستوري
المغربي؛ 264فمن يتحمل المسؤولية هنا :الذات أم الموضوع؟
صحيح أن تمرير ملتمس الرقابة أمر معقد للغاية ،ويجعل
بالتالي من إثارة المسؤولية السياسية للحكومة (بما هي األداة
المقابلة لسالح حل البرلمان الذي تملكه السلطة التنفيذية ،وبما
هما معا ضامنان لتحقيق التوازن داخل النظام السياسي) مجرد
155
فالقانون التنظيمي 268،02.12مثال – وسنعود لمناقشته
بتفصيل الحقا – قد عمل على تمطيط وتوسيع معيار الطبيعة
االستراتيجية ،لعدد من المؤسسات والمقاوالت العمومية ،لكونه
لم يحدد بدقة مؤشرات هذا المعيار ،مما نتج عنه أن جزءا من
الصالحيات ذات العالقة بالمجال الحصري للحكومة انزاح إلى
المجال المشترك 269،وبالتالي انزاح القانون التنظيمي المذكور
عن التأويل الديمقراطي السليم للوثيقة الدستورية ،وتكريس
صالحيات المجلس الوزاري بطبيعة إستراتيجية توجيهية
تحكيمية ،في مقابل جعل الحكومة مسؤولة عن تنفيذ برنامجها،
وعن تدبير السياسات العمومية والقطاعية.270
وهو انزياح يكرسه أيضا مشروع القانون التنظيمي الذي
أعدته وزارة العدل إلخراج المجلس األعلى للسلطة القضائية
إلى الوجود ،حيث أعطى للملك حق تعيين الرئيس المنتدب
للمجلس األعلى للسلطة القضائية271؛ كما أن مشروع القانون
الجديد للهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة خول للملك حق تعيين
-268قانون تنظيمي رقم 02.12يتعلق بالتعيين في المناصب العليا ،صادر األمر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20بتاريخ 27من شعبان 17( 1433يوليو
،)2012صادر بالجريدة الرسمية عدد 6066بتاريخ 29شعبان 19( 1433
يوليو ،)2012ص.4265 .
-269أي بين المجال المحفوظ للملك والحصري للحكومة؛ انظر الهامش 330
الحقا.
-270حسن طارق :السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ،ضمن
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،العدد
،2012 ،92ص 98 .وما بعدها.
-271في دستور ( 1996الفصالن 33و )84كان للملك الحق في تعيين القضاة
باقتراح من المجلس األعلى؛ أما في دستور ( 2011الفصل )57فأصبحت
الصيغة« :يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس األعلى للسلطة
القضائية».
156
رئيس هذه الهيئة ،باقتراح من رئيس الحكومة ،علما بأن هذه
الصالحيات لم ينص عليها القانون 27202.12؛ فلماذا تعجز
الحكومة على اتخاذ مبادرة لتوسيع صالحياتها ،بما جاء به
الدستور نفسه؟
وفي نفس السياق لنا أن نتساءل ،مثال ،في أفق قراءة الفصل
األول من الدستور :273لماذا يتم احترام مبدأ التوازن والتعاون
فيما يتعلق بين الحكومة والبرلمان ،وال يتم ذلك عند الحديث عن
المؤسسة الملكية ،بما أنها مكون أساس من النظام الدستوري
للمملكة؟
ولماذا فصل الدستور ،في بابه السادس ،في الحديث عن
العالقة بين الملك والمؤسسة التشريعية 274،وفصل في الحديث
عن العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ 275ثم صام عن
الحديث فيما ينظم العالقة بين الملك والحكومة؟
ألم يكن من شأن تخصيص فصول لذلك أن يجنب الفقه
الدستوري كثيرا من النقاش؟ فلماذا أحجم المشرع الدستوري
عن ذلك؟ ولماذا ال يتم اختراق نمطية التأويل الدستوري،
الحاصل حتى اآلن ،نحو بنية أكثر تقدمية؟
نعتقد بأن جميع المؤسسات الدستورية المغربية ال بد وأن
تتخذ خطوات أولى ،أكثر جرأة ،في تأويلها للمتن الدستوري،
- 280في الفصول42 :؛ 43؛ 44؛ 46؛ 47؛ 48؛ 49؛ 73؛ ...74انظر الدستور
الهولندي على الرابط:
(مرجع سابق) http://mjp.univ-perp.fr/constit/pb1983.htm
- 281في الفصول3 :؛ 12؛ 13؛ ...14انظر الدستور الدنمركي على الرابط:
(مرجع سابق) http://mjp.univ-perp.fr/constit/dan1953.htm
160
إلى أننا سنكون واهمين إذا اعتقدنا بأن "البرلمانية الحقيقية"
تعطى بمجرد تعديل يرد على نص جامد ،حتى لو كان الدستور
نفسه ،بل يجب أن تبعث الحياة في هذا النص ,ألن الملكية
البرلمانية بكل بساطة ال يمكن «أن تنشأ في مجتمع يعاني من
نقص فادح في الثقافة الديمقراطية في نسيجه العام ...ويعاني
من ثقل المواريث في األفكار والذهنيات وفي البنى
والمؤسسات ...إنها بناء مستمر للسياسة واالجتماع
282
والثقافة»...
وعليه فجميع المؤسسات الدستورية ،والسياسية ،المغربية
وتؤول،
ّ يجب أن تعي جيدا عمق األدوار المنوطة بها؛ وتفهم،
نصوص الدستور في هذا االتجاه ،وليس العكس :إن المجتمع
المتخلف يفهم دستوره فهما متخلفا ،283بينما تُفهم ،وتُؤول،
الدساتير في األنظمة الديمقراطية العريقة دائما في االتجاه الذي
يكرس مزيدا من الحقوق والحريات .ومعروف بأن عالقة
السلطة بين الحكام والمحكومين هي عالقة طردية ،إذ كلما مال
الحكام إلى االستئثار بالحكم إال وتقلص هامش الحقوق
والحريات ،وكلما اتسعت مساحة الحقوق والحريات إال وارتخت
قبضة الحكام عن السلطة.
المبحث الثاني:
في طبيعة العالقة بين الحكامة الجيدة
والنظام الدستوري المغربي
164
نعرض لبسط الحديث عن بعض مالمح التحول الذي طرأ على
هذه الممارسة في فقرة ثانية.
الفقرة األولى:
تداخل األدوار في شخص الملك/أمير المؤمنين
أليماني :الكتائب المسيحية في خدمة الملوك المغاربة ،ترجمة أحمد مدينة ،ضمن
مجلة دعوة الحق ،العدد ،5السنة ،19ماي ،1978ص...37 .
-302هناك اختالف بين المؤرخين حول أول من حمل لقب "أمير المؤمنين" في
التاريخ المغربي ،فمنهم من أرجعه إلى علي بن يوسف بن تاشفين (ابن أبي زرع:
األنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس،
تعليق محمد الهاشمي الفياللي ،المطبعة الوطنية ،الرباط ،1936 ،ج ،2 .ص.
)117؛ وبين من ردّه إلى عبد المؤمن بن علي (ابن خلدون :المقدمة ،ضمن كتاب
العبر ،المجلد ،1دار الكتب العلمية ،بيروت ،ص)242 .؛ أما لقب اإلمامة
فمعروف بأن استعماله ذاع منذ األدارسة (السنوسي :الدرر السنية في أخبار
الساللة اإلدريسية ،دار القلم ،بيروت ،1986 ،ص68 .؛ وابن أبي زرع :األنيس
المطرب ،مصدر سابق ،ج ،1 .ص 16 .وما بعدها).
-303يرى األستاذ بن دورو بأنه إلى غاية أواسط القرن 19م لم يكن السلطان هو
الذي يمارس السلطة القضائية ،بل كان دوره يقتصر على تعيين قاضي القضاة في
فاس الذي يختار كل القضاة العاملين في البالد...
BENDOUROU (Omar): le pouvoir exécutif au Maroc depuis
l'indépendance, p. 30.
-304ابن مرزوق :المسند الصحيح الحسن ،مخطوط رقم 185تاريخ ،مصور
بالميكروفيلم ،الخزانة العامة ،الرباط ،ص( .74 .نقال عن محمد عيسى الحريري:
تاريخ المغرب اإلسالمي واألندلس في العصر المريني ،دار القلم ،الكويت ،ط،2 .
،1987ص.)274 .
-305وذلك على هامش انعقاد مجلس الديوان .انظر الناصري :االستقصا ،مرجع
سابق ،ج ،5 .ص.188 .
168
والثالثاء ...306وقد سبق البن خلدون أن نبه إلى أن القضاء
يعتبر «من الوظائف الداخلة تحت الخالفة ...وكان الخلفاء في
صدر اإلسالم يباشرونه بأنفسهم ...وإنما كانوا يقلدون القضاء
لغيرهم ...لقيامهم بالسياسة العامة وكثرة أشغالها» ،307ولذلك
ال نستغرب عندما نقرأ ،أحيانا ،بأن السلطان كان يحرص على
توفير العدالة بنفسه باعتباره قاضيا أسمى لألمة.308
الفقرة الثانية:
تغيير تدريجي على أدوار المؤسسة الملكية
إننا ونحن نسجل بأن السلطان كان يهيمن على جميع
الصالحيات الدستورية ،ويمارسها فعليا ،علينا أن نسجل أيضا
بأنه قد تخلى عن بعض هذه المهام كليا ،بصفة مباشرة ،309وعن
بعضها اآلخر جزئيا ،بينما ظل متمسكا بقوة ببعضها الثالث،
خاصة في الفترة الممهدة للحماية ،وما تالها بعد ذلك.
-306كان السلطان الحسن األول ،على سبيل المثال ،يقوم بتخصيص يومي األحد
والثالثاء من كل أسبوع من أجل النظر في مثل هذه الشكايات .انظر:
LAROUI (Abdallah) : Les origines sociales et culturelles du
nationalisme marocain, Maspero, Paris, 1980, p.113.
-307ابن خلدون :المقدمة ،مصدر سابق ،ص.233 – 232 .
-308محمد أزواغ :اختصاصات رئيس الدولة في النظام الدستوري المغربي،
مرجع سابق ،ص.85 .
-309ال يسجل التاريخ بأن السالطين الذين خلفوا الحسن األول قد قادوا بأنفسهم
حركات" تأديبية ،أو عمليات جهادية ...ولم ينتصبوا شخصيا للنظر في القضاء." ْ
169
فالمؤسسة الملكية تخلت عن القيادة الميدانية للجيش منذ مدة
طويلة ،رغم أنها ظلت القائد األعلى للقوات المسلحة ،310وبنفس
الطريقة تخلت عن الممارسة الفعلية للقضاء ،رغم أن
صالحياتها في هذا المجال ما زالت واسعة ،311بينما ما تزال
تتمسك جزئيا بحقها في التشريع ،وتتمسك كليا بوظيفتها
التنفيذية؛ فلماذا إذن تجاوزت المؤسسة الملكية وظائفها التاريخية
بسالسة على مستوى قيادة الجيش والقضاء ،بينما تبدو متشبثة
أكثر بحقيها التشريعي والتنفيذي؟
يجب أن نسجل أوال بأن تنازل المؤسسة الملكية عن
الممارسة الفعلية للقضاء وقيادة الجيش ،لم يمس أبدا مكانتها
االعتبارية داخل النظام الدستوري ،والسياسي ،المغربي؛ من
جهة ثانية – ومنذ دستور 1992على األقل – أصبحنا نالحظ
بأن المؤسسة الملكية تنازلت عن تفعيل عدد كبير من أدوارها
التشريعية ،رغم التنصيص عليها دستوريا ،312فضال عما جاء
به دستور 2011الذي اعترف بأن السلطة التشريعية
-315وهو ما ينص عليه الفصل 42من الدستور« :الملك رئيس الدولة ،وممثلها
األسمى ،ورمز وحدة األمة ،وضامن دوام الدولة واستمرارها ،والحكم األسمى
بين مؤسساتها ،ويسهر على احترام الدستور ،وحسن سير المؤسسات
الدستورية ،وعلى صيانة االختيار الديمقراطي ،وحقوق وحريات المواطنين
والمواطنات والجماعات ،وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة».
-316الفصل 23من دستور .1996
-317له واجب التوقير واالحترام وال تنتهك حرمته/الفصل ،46من دستور
.2011
172
وقد أبانت واقعة "دانييل "DANIELالشهيرة ،318بأن بعض
قرارات المؤسسة الملكية نفسها لم تعد محصنة من ردود الفعل
االجتماعية ،319فمعايير الحكامة (من شفافية ومحاسبة ونحوها)
قد تطالها أيضا ،وإن لم يتم ذلك عبر قنوات دستورية ،بل
مباشرة من قبل الشارع ومنظمات المجتمع المدني الذي لم يعد
غير معني بالقرارات التي تتخذ من أعلى سلطة في الدولة ،كما
كان األمر قبل دستور ،2011بل على العكس من ذلك أصبح
مراقبا فعليا لما يجري أمامه من أحداث ،ولئن كان يصمت عن
بعض محطات الفساد السياسي أو الحزبي أو االنتخابي ...فإن
ذلك ال يعني بأنه ال يعي ،وال يقيّم ،ما يجري تحت ناظريه من
أحداث ،وهذا مكسب كبير من مكاسب حراك الربيع العربي،
والذي كرسته الوثيقة الدستورية المغربية األخيرة.
غير أن ما ينبغي التنويه به أن رد فعل المؤسسة الملكية على
االحتجاجات ،التي أعقبت "قضية دانييل" ،كان إيجابيا جدا،
مما رفع من رصيدها ورأسمالها الشعبي ،إذ بقدر ما أشعل العفو
المذكور من غضب لدى المغاربة ،بقدر ما كان تقديرهم كبيرا
-318وهي قضية المجرم "دانييل" الذي توبع ،وأدين ،في قضايا اغتصاب أطفال
بثالثين سنة سجنا سنة 2011؛ ثم استفاد من عفو ملكي ضمن قائمة شملت 48
إسبانيا ،بمناسبة الذكرى 14الحتفاالت عيد العرش ،قبل أن يتم التراجع عن هذا
العفو وإلغاؤه يوم 4غشت .2013
-319يتطابق ذلك تماما مع رأي العميد دوغي الذي أوردناه سابقا ونحن بصدد
تعريف النظام الدستوري .انظر:
DUGUIT (Léon): Traité du droit constitutionnel, 3ème édit.,
Paris, 1927, T.I, p. 710-711.
173
للطريقة التي حاول بها النظام ترميم تبعات هذا العفو 320؛ وهو
ما يؤكد ما ذهبنا إليه من كون تنازل المؤسسة الملكية عن بعض
أدوارها ال يعني بالضرورة المساس بمكانتها االعتبارية داخل
النظام الدستوري ،والسياسي ،المغربي.
ال يقع التصويت إال بعد مضي ثالثة أيام كاملة على إيداع الملتمس؛
وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
إذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة ،فال يقبل بعد ذلك
تقديم أي ملتمس رقابة أمامه ،طيلة سنة».
-328نص الفصل « :102يمكن للجان المعنية في كال المجلسين أن تطلب
االستماع إلى مسؤولي اإلدارات والمؤسسات والمقاوالت العمومية ،بحضور
الوزراء المعنيين ،وتحت مسؤوليتهم».
-329نص الفصل « :104يمكن لرئيس الحكومة حل مجلس النواب ،بعد
استشارة الملك ورئيس المجلس ،ورئيس المحكمة الدستورية ،بمرسوم يتخذ في
مجلس وزاري.
يقدم رئيس الحكومة أمام مجلس النواب تصريحا يتضمن ،بصفة
خاصة ،دوافع قرار الحل وأهدافه».
177
جانب اآلليات األخرى التي تندرج ضمن مكونات الحكامة
الجيدة ،والتي تجد امتدادها في فصول أخرى من الدستور،
نستدعي منها هنا الفصالن 49و ،92لما لهما من عالقة وطيدة
بالسلطة التنفيذية.
فالفقرة األخيرة من الفصل ،49المتعلق بالمجلس الوزاري،
أشارت إلى أن هذا المجلس يتداول في « ...التعيين باقتراح من
رئيس الحكومة ،وبمبادرة من الوزير المعني ،في الوظائف
المدنية التالية :والي بنك المغرب ،والسفراء والوالة والعمال،
والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي،
والمسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية
االستراتيجية .وتحدد بقانون تنظيمي الئحة هذه المؤسسات
والمقاوالت االستراتيجية».
فيما أشارت الفقرة ما قبل األخيرة من الفصل 92إلى أن
المجلس الحكومي يتداول في « ...تعيين الكتاب العامين،
ومديري اإلدارات المركزية باإلدارات العمومية ،ورؤساء
الجامعات والعمداء ،ومديري المدارس والمؤسسات العليا.
وللقانون التنظيمي المشار إليه في الفصل 49من هذا
الدستور ،أن يتمم الئحة الوظائف التي يتم التعيين فيها في
مجلس الحكومة .ويحدد هذا القانون ،على وجه الخصوص،
مبادئ ومعايير التعيين في هذه الوظائف ،السيما منها مبادئ
تكافؤ الفرص واالستحقاق والكفاءة والشفافية».
178
فأحال الفصل 49على المجلس الوزاري ،وبالتالي المجال
المحفوظ للملك ،فيما أحال الفصل 92على المجلس الحكومي،
330
وبالتالي رئيس الحكومة.
ورغم أن القيمة االعتبارية للمجلس الوزاري ال غبار عليها
في النظام الدستوري المغربي ،إال أن دستور 2011جاء بقيمة
مضافة كبيرة عندما أصبح بإمكان رئيس الحكومة ترأس
أشغاله ،أو الدعوة إلى انعقاده ،331وبالتالي عدم تعطيل أشغال
الحكومة أو البرلمان ،كما كان يحدث في التجارب الدستورية
السابقة؛ فضال عن أن المجلس الحكومي أصبح يتمتع
بصالحيات واسعة ،ليس على المستوى التداولي فقط ،بل وعلى
المستوى التقريري أيضا ،ومن بينها اختصاصات ال تعرض
وجوبا على المجلس الوزاري ،كالسياسات العمومية ،والسياسات
القطاعية ،والقضايا الراهنة المرتبطة بحقوق اإلنسان وبالنظام
332
العام...
ولتنزيل مفردات الحكامة الجيدة على اإلدارة العمومية
المغربية العليا ،من حيث األهداف والمبادئ والمحددات
-330من المعلوم في النظام الدستوري المغربي أنه يقيم تمييزا بين ثالث مجاالت
رئيسة هي :المجال المحفوظ للملك ،والذي يتم التداول بشأنه في المجلس الوزاري؛
والمجال الحصري لرئيس الحكومة ،حيث يمتلك المجلس الحكومي حق التداول
والتقرير؛ والمجال المشترك بينهما حيث مساحة مشتركة بين المجلسين وحيث
تتولى الحكومة حق االقتراح والتداول بينما يرجع البت للمجلس الوزاري ،وهو ما
سنعمق النقاش حوله عند تحليل القانون التنظيمي .02.12
-331جاء في الفصل ...« :48ينعقد المجلس الوزاري بمبادرة من الملك ،أو
بطلب من رئيس الحكومة.
للملك أن يفوض لرئيس الحكومة ،بناء على جدول أعمال محدد ،رئاسة مجلس
وزاري».
-332مما نص عليه الفصل .92
179
والمعايير ومسطرة االنتقاء والتعيين ...جاء القانون التنظيمي
رقم 33302.12لتطبيق أحكام الفصلين 49و ،92سابقي
الذكر ،حيث حصر هذا القانون قائمة المؤسسات والمقاوالت
العمومية االستراتيجية في 20مؤسسة و 17مقاولة ،وهو
المجال الذي يتداول فيه المجلس الوزاري ،فيما حدد عدد
المؤسسات والمقاوالت العمومية ،التي تكون موضوع مداولة
في المجلس الحكومي ،في 51مؤسسة ،و 16من المناصب
العليا التي تهم المقاوالت العمومية.
وإذا كان يؤخذ على هذا التصنيف أنه افتقد إلى معيار واضح
لتحديد طبيعة المؤسسة أو المقاولة "اإلستراتيجية" ،حيث إن
المفهوم بدا مطاطا وقابال للتأويل ،334فإن القانون التنظيمي
،02.12والمرسوم الملحق به 335،كانا واضحين على األقل في
تحديد مبادئ وشروط التعيين في المناصب العليا ،بما ينضبط
عموما لقواعد الحكامة الجيدة.
-337ونصها كاآلتي" :من أجل تطبيق أحكام المادة الرابعة أعاله ،تحدد بنص
تنظيمي مسطرة اقتراح المرشحات والمرشحين لشغل المناصب العليا ،من قبل
السلطات المعنية ،وتقديم ملفاتهم وعرضها ،من قبل رئيس الحكومة على مداوالت
مجلس الحكومة".
-338وهو المرسوم رقم 2.12.412بتطبيق أحكام المادتين 4و 5من القانون
التنظيمي رقم ،02.12مرجع سابق.
-339صادر في 25من ذي القعدة 12( 1433أكتوبر )2012بتحديد المطبوع
النموذجي الموحد المنصوص عليه في المادة 3من المرسوم رقم .2.12.412
-340فقد جاءت صيغة هذه المادة كالتالي« :ت ُحدث بمقرر للسلطة الحكومية
المعنية ،بمناسبة كل عملية انتقاء وبعد إطالع رئيس الحكومة ،لجنة لدراسة
الترشيحات»...
182
إن المادة 6تركت هامشا من الصالحيات لرئيس الحكومة
للنظر في تقديم الترشيحات ،341وهو ما يمكن أن يفهم منه فسح
المجال لتدخل الرأي الشخصي ،أو حتى السياسي ،في موضوع
التعيينات.
كما أن المادة 7استثنت من تطبيق المسطرة ،التي نصت
عليها ،عددا من المناصب العليا ،342مما قد يعني تعارضا
صريحا مع بعض فصول الدستور ،أو حتى المبادئ الدستورية
العامة ،حيث المفروض أن كل المغاربة سواء كما أن كل
المناصب العليا سواء ،ليس في األهمية أو الخطورة أو المكانة
االستراتيجية ...ولكن من حيث المعايير والمؤشرات التي يجب
أن تضبط مسطرة الولوج إليها.
تنصيص المادة ،11على إمكانية إعفاء الموظفين حتى بعد
نجاحهم وتعيينهم ،وذلك قبل انقضاء مدة انتدابهم ،باقتراح معلل
من السلطة الحكومية المعنية343؛ وهذه المالحظة يمكن أن
مهامهم ،أو باقتراح معلل من السلطة الحكومية المعنية ،يرفع إلى رئيس
الحكومة للبت فيه».
-344اللجنة الوطنية لحكامة المقاوالت :الميثاق المغربي للممارسات الجيدة
لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة ،منشورات مديرية المنشآت العامة
والخوصصة – وزارة االقتصاد والمالية ،المملكة المغربية ،الرباط ،2012 ،ص.
.5
-345الدولة كموجه استراتيجي (في القطاعات االستراتيجية واالقتصادية الكبرى
والبنيات التحتية )...مما يستلزم خلق مناخ من الثقة وإيجاد الظروف المواتية
للتطور االقتصادي واالجتماعي والتنمية الجهوية ،على أساس تحديد األهداف
وانسجام التدخالت والتتبع الديناميكي والمحاسبة والفعالية والنجاعة ...انظر اللجنة
الوطنية لحكامة المقاوالت ،مرجع سابق ،ص.12 – 11 .
-346الدولة المراقبة خاصة في المجال المالي ،وتقييم الفاعلية واألداء ،في إطار
يتسم بالشفافية والوضوح والمسؤولية ...انظر اللجنة الوطنية لحكامة المقاوالت،
المرجع نفسه ،ص.14 – 12 .
-347الدولة المساهمة في مختلف القطاعات والمنشآت وتمارس حقها في
الملكية ...انظر اللجنة الوطنية لحكامة المقاوالت ،المرجع نفسه ،ص.16 – 15 .
184
وتدبير أدائها وتقييمه ...مما يندرج كله في إطار تفعيل آليات
الحكامة الجيدة.348
لكن هل هذا كله مبرر كاف إلحداث وزارة خاصة بالشؤون
العامة والحكامة؟ أو بصياغة أخرى :هل من الحكامة إحداث
وزارة خاصة بالحكامة؟
188
ثانيا :على مستوى المضمون
بالعودة إلى االختصاصات التي حددها المرسوم 2.02.638
أعاله ،356فإن المادة 2منه عهدت إلى هذه الوزارة باآلتي:
– إعداد برامج لتنمية قطاعي االقتصاد االجتماعي
والمقاوالت الصغرى والمتوسطة وتتبع تنفيذها؛
– العمل على مالءمة اإلطار التشريعي والتنظيمي لهذين
القطاعين ،مع التحوالت االقتصادية واالجتماعية والمؤسساتية
بتشاور مع اإلدارات والفاعلين المعنيين ،وتحديد مناهج تفعيله؛
– تيسير كل أشكال تنظيم القطاعات المعنية وذلك عبر
مختلف أنواع الشبكات ،لتجميع وتعاضد وسائلها المتوفرة قصد
تحسين تنافسيتها وضمان استمراريتها؛
– تحديد سياسة التكوين وتنمية الكفاءات المتوفرة لديها
بتشاور مع القطاعات الوزارية المعنية والمهنيين والفاعلين
اآلخرين والسهر على تنفيذها؛
– تنشيط عمل الشركاء المتدخلين في إنعاشها وتتبعه
وتقييمه؛
– العمل على تعميم اعتماد المواصفات والجودة واالبتكار؛
– إعداد برامج القطاع الوزاري لالقتصاد
االجتماعي والمقاوالت الصغرى والمتوسطة في ميدان التعاون
-357لكن هذه المادة (الثالثة) اشترطت ،تماما كالمادة الثانية (من المرسوم
" ) 2.12.44التعاون مع السلطات الحكومية والهيئات المعنية" ،مما يثير
التساؤالت نفسها التي سبق طرحها أعاله.
190
– البحث في كل قضية من القضايا التي يحيلها إليها رئيس
الحكومة؛
– إعداد وتتبع السياسة الحكومية في مجال المنافسة ،بتنسيق
مع الوزارات والمهيآت المعنية؛
– مزاولة االختصاصات المسندة إلى رئيس الحكومة فيما
يتعلق بصندوق المقاصة ،عمال بالظهير الشريف المشار إليه
أعاله المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.403؛
– تنسيق وتتبع السياسة الحكومية في مجال العالقات مع
المؤسسات التابعة لمجموعة البنك الدولي وهي :البنك الدولي
لإلنشاء والتعمير والشركة المالية الدولية والوكالة المتعددة
األطراف لضمان االستثمارات ووكالة التنمية الدولية؛
– تنسيق وتتبع العالقات مع منظمة التعاون والتنمية
االقتصادية ()OCDE؛
– المساهمة في إعداد اتفاقات التعاون االقتصادي والمالي،
الثنائية والمتعددة األطراف وفي المفاوضات المتعلقة بها؛
– تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة باألسعار
والمدخرات االحتياطية ،مع مراعاة السلط المفوضة إلى وزراء
آخرين؛
– ممارسة الوصاية على مكتب تنمية التعاون؛
– إصدار األوامر بصرف النفقات الخاصة بالمكافآت
والنفقات المتعلقة بالمعدات المنصوص عليها في الجانب المدين
بالحساب الخاص للخزينة المسمى «صندوق الدعم المقدم
191
والمدخرات األسعار ومراقبة المنافسة لمصالح
االحتياطية».358
وإذا استثنينا ما أشرنا إليه من تداخل مهام وزارة الحكامة مع
وزارة سابقة ،إلى حد التساؤل حول الجدوى من تغيير األسماء،
فإن معظم االختصاصات والمهام المنوطة بهذه الوزارة تبقى
غير ذي معنى:
فكثير منها جاءت مشروطة بالتنسيق وبعد استشارة وزارات
أخرى (كما هو الحال بالنسبة للفقرة األولى والثالثة والسابعة
359
والثامنة من المادة الرابعة من المرسوم).
ومنها ما جاء في صيغة اقتراح آليات تشريعية (كالفقرة
السابعة من المادة الرابعة) مما يحيل على التداخل مع مهام
واختصاصات السلطة التشريعية ،أو وزارات أخرى ،ألن كل
وزارة أدرى بشؤونها الخاصة ،وكما يمكن لها أن تقترح
مشاريع قوانين في هذه األمور الخاصة ،فمن حقها أيضا أن
تقترح مشاريعها في مجال الحكامة التي تؤطر إداراتها الداخلية،
وبالتالي فلن يبقى أمام وزارة الحكامة إال اقتراح مشاريع قوانين
لحكامة إداراتها التي تخصها.
ومنها ما جاءت عباراته غامضة وفضفاضة ،أو أقرب إلى
التوجيهات األخالقية ،منها إلى األمور التنفيذية أو حتى القانونية
(كالفقرة األولى من المادة الثالثة).
-358وهو الحساب المحدث بموجب المادة 30من قانون المالية رقم 84.03
للسنة المالية ،2004وذلك تطبيقا ألحكام المرسوم رقم 2.87.608الصادر في
10ربيع اآلخر 2( 1408ديسمبر .)1987
-359ونقصد طبعا المرسوم رقم 2.12.44المشار إليه سابقا.
192
بينما جاءت لتتداخل مع اختصاصات البرلمان الرقابية (لجان
تقصي الحقائق) في فقرات غيرها (كما هو الشأن بالنسبة للفقرة
الثانية من المادة الثالثة).
فهل ما تبقى من اختصاصات يستحق فعال أن تقوم بشأنه
360
361
وزارة خاصة؟
-364رمضان محمد بطيخ :تزايد دور السلطة التنفيذية وأثره على الديمقراطية،
دار الفكر العربي ،القاهرة ،1988 ،ص94؛ ومحمود عاطف البنا :الوسيط في
النظم السياسية ،دار النشر للجامعات؛ القاهرة ،2001-2000 ،ص.477
-365سعيد السيد علي :حقيقة الفصل بين السلطات في النظام السياسي
والدستوري للواليات المتحدة ،أطروحة دكتوراه نوقشت بجامعة عين شمس،
القاهرة ،1999 ،ص.332
-366سعد عصفور :المبادئ األساسية في القانون الدستوري والنظم السياسية،
منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،1980 ،ص.238.
-367مثال الخطاب الذي وجهه الرئيس الحالي باراك أوباما Barak OBAMA
إلى الكونغرس ،والذي تحدث فيه عن أوضاع االتحاد يوم 28يناير ،2010حيث
وجهه فيها إلى عدد من األمور التي تستدعي تغطية تشريعية في مجاالت سياسية
واقتصادية واجتماعية ...انظر :صحيفة الدستور األردنية ،عدد ،1528الجمعة
29يناير .2010
-368سام سليمان دلة :مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية ،مديرية الكتب
والمطبوعات الجامعية ،دمشق ،2002 ،ص.424 .
195
أما في فرنسا فمعروف أن مسؤولية الحكومة أمام البرلمان،
أو العكس ،369تظل حاضرة في النظام الدستوري السياسي
الفرنسي على األقل منذ دستور 1958؛ بعد أن عرفت العالقة
بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ،مرحلة عصيبة من تاريخها
زمن الجمهوريتين :الثالثة والرابعة ،370إلى درجة جعلت فقهاء
القانون والسياسة يطالبون بمراجعتها والدعوة إلى "العقلنة
البرلمانية"371؛ ألن اإلفراط في توسيع صالحيات الجهاز
التشريعي قد يؤدي إلى تغوله في النهاية ،وبالتالي عدم
االستقرار الحكومي؛ وهنا نكون في الواقع أمام مفارقة :إما
تغول الجهاز التشريعي على حساب التنفيذي ،أو العكس؛ والحل
األنسب الذي انتهت إليه عدة دساتير – ومنها الدستور الفرنسي
-372علما بأن الدستور الفرنسي (الباب الرابع) ما زال يحتفظ بلفظ "البرلمان"
(الذي يسمح باستيعاب وظائف متعددة كالرقابة والدبلوماسية) ولم يعوضها بلفظ
السلطة التشريعية؛ فهل أخطأ المشرع الدستوري المغربي عندما غير لفظة
"البرلمان" الواردة في دستور ،1996بعبارة "السلطة التشريعية" في النص
الدستوري الجديد؟
-373منها الفقرة 2من الفصل « :1يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس
فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها»...؛ ثم قام الدستور بتفصيل ذلك في عدد من
فصول األبواب :الرابع ،والخامس ،والسادس.
« -374ال يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ،وال البحث عنه ،وال إلقاء
القبض عليه ،وال اعتقاله ،وال محاكمته ،بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت
خالل مزاولته لمهامه ،ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي
أو الدين اإلسالمي ،أو يتضمن ما يخل باالحترام الواجب للملك».
-375فقد جاء في الفصل « :10يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية حقوقا ،من
شأنها تمكينها من النهوض بمهامها ،على الوجه األكمل ،في العمل البرلماني
والحياة السياسية»...؛ وجاء في الفقرة 2من الفصل « :60المعارضة مكون
أساسي في المجلسين ،وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة»...؛ وفي الفقرة
2من الفصل « :82يخصص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات
القوانين ،ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة»؛ والحظ أنه قد تحدث
حاالت تصبح فيها المعارضة في موقع قوي جدا ،كما حصل بعد انسحاب حزب
االستقالل من الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية في نسختها األولى.
197
وفي هذا اإلطار نُذ ّكر بأن المجلس الدستوري سبق له أن نبه
مجلس النواب – أثناء نظره في النظام الداخلي للغرفة األولى –
إلى عدم مطابقة الفقرة الثانية من المادة 37690من نظامه
الداخلي ألحكام الدستور «لما فيها من إخالل بمبدأ مساواة
الجميع ،بمن فيهم أعضاء البرلمان ،أمام القانون ،وبمبدأ
استقالل السلطة القضائية»377؛ كما أقر بعدم مطابقة المواد من
93إلى ،98المتعلقة بالحصانة ،ألن «الدستور لم يقر
ألعضاء البرلمان سوى حصانة موضوعية بموجب ما ينص
عليه الفصل ،»...64بينما ذهبت هذه المواد إلى إعطاء
أعضاء المجلس صالحيات أوسع مما حدده الدستور.378
في ضوء هذه التحديدات ،التي تؤطر مبدأ االستقاللية،
يمارس البرلمانيون أنشطتهم المعتادة التي منحها إياهم الدستور،
خاصة في مجال التشريع وكذا مراقبة أعمال الحكومة :من
تكوين لجان دائمة ،أو أسئلة كتابية أو شفوية ،وتشكيل لجان
تقصي الحقائق ،أو حتى تقديم ملتمس الثقة أو الرقابة ...مما
-376ونصها ...« :وفي حالة ما إذا ارتكب نائب أو نائبة جريمة داخل بناية
المجلس يرفع الرئيس الجلسة في حال انعقادها ،ويجتمع المكتب ليقترح على
المجلس اإلجراءات التي يرى ضرورة تطبيقها في حق العضو المخالف».
-377انظر قرار المجلس الدستوري رقم ،829/12صادر بتاريخ 11من ربيع
األول 4( 1433فبراير )2012بشأن المادة 90من النظام الداخلي لمجلس
النواب ،الذي تمت المصادقة عليه في ،2012/02/13مرجع سابق.
-378من ذلك ما جاء في المادة « :93تودع طلبات رفع الحصانة لدى رئيس
المجلس من لدن وزير العدل».؛ والمادة « :94يشكل في بداية الفترة النيابية
لجنة تسمى "لجنة الحصانة البرلمانية" ،يعهد إليها بالنظر في طلبات اعتقال
أحد النواب أو التدابير الرامية إلى حرمانه أو الحد من حريته ومتابعته»...؛
والمادة « :95يجب على اللجنة أن تستمع إلى النائبة أو النائب المعني باألمر،
الذي له الحق في أن ينيب عنه أحد النواب لتمثيله وإبداء وجهة نظره أمام
اللجنة...».
198
ضمنه الدستور ،وفصل فيه النظام الداخلي لكل مجلس ،وقد
سبق الحديث عن ذلك ضمن الفرع المخصص للحكومة من هذا
البحث.
مع ذلك يبقى من الضروري اإلشارة إلى أن النظام الداخلي
لمجلس النواب ،قد خصص بابا من أبوابه ،وهو الباب
الثالث ،379للحديث عن عالقة مجلس النواب بمؤسسات وهيئات
حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية
والمستدامة والديمقراطية التشاركية ،يهمنا منه المادة ،182
التي جاء فيها:
«تقدم أمام مجلس النواب وجوبا مرة واحدة على األقل في
السنة تقريرا عن أعمالها ،المؤسسات والهيئات التالية:
-المجلس الوطني لحقوق اإلنسان؛
-مؤسسة الوسيط؛
-مجلس الجالية المغربية بالخارج؛
-الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز؛
-الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري؛
-مجلس المنافسة؛
-الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛
-المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛
-379علما بأن النظام الداخلي لمجلس النواب قد خصص قسما كبيرا من جزئه
الخامس (المعنون ب :مقتضيات عامة) للحديث عن عالقة مجلس النواب مع
بعض المجالس األخرى المعنية بالحكامة الجيدة؛ وهكذا جاء الباب األول منه تحت
عنوان :عالقة مجلس النواب بالمحكمة الدستورية؛ وجاء الباب الثاني بعنوان:
عالقة مجلس النواب بالمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي؛ فيما خصص
الباب الرابع لعالقة مجلس النواب بالمجلس األعلى للحسابات.
199
-المجلس االستشاري لألسرة والطفولة؛
-المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
تودع التقارير لدى مكتب المجلس الذي يحيلها على اللجان
الدائمة المختصة ،التي تتولى مناقشتها بحضور رؤساء
المؤسسات والهيئات المعنية ،وإعداد تقارير تحال على الجلسة
العامة لمناقشتها».
غير أن المجلس الدستوري رأى أن الفقرة األولى ،والفقرة
األخيرة ،من هذا الباب غير مطابقتين للدستور ،380مشيرا في
حيثيته األولى إلى أن الفقرة األولى تنص على أن المؤسسات
والهيئات (المنصوص عليها في الفصول من 161إلى 170
من الدستور) «تقدم أمام مجلس النواب» وجوبا ،مرة واحدة
على األقل في السنة ،تقريرا عن أعمالها ،وتنص الفقرة األخيرة
على أنه «تودع التقارير لدى مكتب المجلس الذي يحيلها على
اللجان الدائمة المختصة التي تتولى مناقشتها بحضور رؤساء
المؤسسات والهيئات المعنية ،وإعداد تقارير تحال على الجلسة
العامة لمناقشتها».
ومنوها في الحيثية الثانية بأن الفصل 160من الدستور إن
ّ
كان يوجب على المؤسسات والهيئات المشار إليها تقديم تقرير
عن أعمالها مرة في السنة على األقل ،فإنه ينص على أن هذا
التقرير يكون «موضوع مناقشة من قبل البرلمان» وال ينص
على أن هذه المؤسسات تقدم تقريرها «أمام مجلس النواب»
كما تقتضي ذلك الفقرة األولى من هذه المادة ،مما يعني أن
-380وذلك في قراره رقم 829/12صادر بتاريخ 11من ربيع األول 4( 1433
فبراير ،)2012في شأن المادة ،182مرجع سابق.
200
مناقشة هذا التقرير ،داخل مجلسي البرلمان ،تكون بين أعضاء
كل منهما فيما بينهم وبمشاركة الحكومة ،وليس مباشرة مع
المسؤولين عن هذه المؤسسات والهيئات.
بينما نبهت الحيثية الثالثة إلى أن المؤسسات والهيئات المعنية
بتقديم تقريرها السنوي ،تعد مؤسسات وهيئات مستقلة ،إما بحكم
ما ينص عليه الفصل 159من الدستور ،381وإما بموجب
الفصول الدستورية الخاصة بها ،مما يجعلها ال تخضع ال
للسلطة الرئاسية لوزير معين وال لوصايته ،األمر الذي يمتنع
معه تطبيق ما ينص عليه الفصل 102من الدستور.382
وعليه فإن العالقة التي رسمها المشرع الدستوري لمجلسي
البرلمان مع هيئات الحكامة الجيدة ،وباقي المؤسسات الدستورية
األخرى المعنية في هذه المادة ،يجب أن تتأسس على احترام
استقاللية هذه المؤسسات ،أوال؛ وأال يفهم من مساءلة البرلمان
لها أنها مساءلة شبيهة بما تنضبط له الحكومة ،ثانيا ،ألن من
طبيعة أدوار مؤسسات وهيئات الحكامة الجيدة أن تجعل من
السلطتين :التشريعية والتنفيذية ،نفسيهما موضوع مساءلة.
-391نُذ ّكر بأن الفصل 3من دستور 1996لم يضف أي جديد إلى الفصل الثالث
من دستور 1992بل أعاده بحذافيره .يراجع دستور 1992صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.92.155بتاريخ 11من ربيع اآلخر 9( 1413أكتوبر
،)1992صادر بالجريدة الرسمية عدد 4172بتاريخ 16ربيع اآلخر ( 14أكتوبر
.)1992
205
المترشحين ومنح التزكية ،وهي أمور ما زال يتحكم فيها النفوذ،
والعالقات الشخصية ،واالنتماءات القبلية ...مما يستدعي مزيدا
من الحزم والصرامة في تطبيق مبادئ الحكامة الجيدة.
207
هنا احترام مبدأ آخر من مبادئ الحكامة الجيدة وهو مبدأ
الشفافية ،وتعميم المعلومة ونشرها؛ فيما نصت المادة 68على
بعض العقوبات المترتبة عن التغيب بدون مبرر ،والتي تتضمن
توجيه تنبيه كتابي واالقتطاع من مبلغ التعويضات الشهرية بما
يتناسب وعدد األيام المتغيب فيها.
جدير بالذكر أن هذه ليست كل العقوبات التي نص عليها
النظام الداخلي لمجلس النواب ،بما أنه قد أفرد بابا كامال ،هو
الباب الرابع ،للتنبيهات والتأديبات توزعت على ستة مواد (من
المادة 86إلى المادة ،)91لكن المجلس الدستوري أقر بعدم
دستورية المادة ،90كما سبق أن حللنا في مناسبة سابقة ،وهكذا
ركزت المادة 86على العقوبات التالية :التذكير بالنظام؛ التنبيه؛
التنبيه مع اإلبعاد المؤقت.
فيما بينت المادة 87حيثيات التذكير بالنظام ،وجعله من
صالحيات رئيس المجلس يوجهه لكل نائبة أو نائب قام بعرقلة،
أو تشويش ،مخل بالنظام ،أو تناول الكلمة بدون إذن الرئيس.
أما التنبيه فيوجه إلى النائبة أو النائب في حالتين (نصت
عليهما المادة :)88إذا ذكر بالنظام مرتين؛ وإذا سب أو قذف أو
هدد عضوا أو أكثر من أعضاء المجلس ،ويترتب عنه اقتطاع
ربع التعويض الممنوح له لمدة شهر واحد.
في حين حصرت المادة 89الحاالت الثالث التي يترتب
عنها تنبيه النائبة أو النائب مع إبعاده مؤقتا :إذا لم يمتثل للعقوبة
المتخذة في حقه؛ أو إذا استخدم العنف أثناء الجلسة؛ أو إذا
صدرت عنه تصرفات مهينة للمجلس أو لرئيسه .ويترتب عن
التنبيه مع اإلبعاد المؤقت اقتطاع نصف التعويض لمدة شهرين.
208
وقد جاءت المادة 91أخيرا لتنظم مسطرة التنبيه مع اإلبعاد
المؤقت ،حيث نصت على أن المجلس يصدرها بالتصويت بدون
مناقشة ،بناء على اقتراح رئيس المجلس ،ومن حق النائب الذي
يتخذ ضده هذا اإلجراء أن يتناول الكلمة للتعبير عن وجهة
نظره ،أو ينيب عنه أحد زمالئه للقيام بذلك ،في حدود عشر
دقائق.
يبدو إذن أن التشريعات الوطنية (دستور؛ قوانين؛ أنظمة
داخلية )...تحاول أن تالمس مبدأ األداء والنزاهة ،لكن هذا المبدأ
ال يرى إال من خالل تجلياته ،وهنا ال بد من استحضار نقطتين
جوهريتين لتقييم هذا المبدأ:
–1مناقشة المعطيات الرقمية
مبدئيا يبدو أن الحصيلة التشريعية إيجابية في مجملها ،بناء
على تصريحات وزير االتصال 394،حيث بلغت هذه الحصيلة
363نصا ما بين القوانين والمراسيم (إلى غاية منتصف
سبتمبر )2013من بينها إخراج 5قوانين تنظيمية إلى الوجود.
غير أننا ال نطمئن لهذا التصريح اطمئنانا كامال ألن المتتبع
للمعطيات يعرف بأن أربعة من هذه القوانين التنظيمية 395قد
صدرت في نهاية والية حكومة عباس الفاسي ،بل وقبل
انتخابات الغرفة األولى التي جرت في 25نونبر ،2011مما
يعني أن المخطط التشريعي ما زال يتسم بالبطء الشديد ،خاصة
-394بناء على تصريحات السيد وزير االتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة
لصحيفة هسبريس االلكترونية ،يوم االثنين .2013/09/16
- 395وهي المتعلقة ب :مجلس النواب؛ ومجلس المستشارين؛ واألحزاب
السياسية؛ وانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ،وقد تم تفصيل الحديث
حولها في مناسبة سابقة.
209
إذا علمنا بأن عدد القوانين التنظيمية التي حددها الدستور الحالي
يصل حوالي 20قانونا ،لهذا فإن البرلمان ،كما الحكومة،
مدعوان لتسريع أدائهما.
إن تسريع وتيرة المخطط التشريعي تستدعي بالضرورة
استحضار مبادئ الحكامة الجيدة ومنها تدبير الموارد
واإلمكانات المتاحة – المطبوعة أصال بالندرة – تدبيرا رشيدا
وعقالنيا حتى تؤدي اللجان البرلمانية عملها على أحسن
وجه.396
وإذا كنا نسجل ،في هذا اإلطار ،بأن عدد اللجان الدائمة يبدو
لنا معقوال جدا ( 8لجان بالنسبة للغرفة السفلى و 6لجان بالنسبة
للغرفة العليا) ،397كما أن المشرع وضع بين أيديها صالحيات
عديدة في مجال المبادرة التشريعية أو مناقشة القوانين أو الرقابة
على السلطة التنفيذية...
فإننا نسجل ،مع ذلك ،أنه يجب االنتباه عند تشكيل هذه اللجان
إلى مراعاة نوع من العدالة ،حتى ال يصبح عمل بعضها ظرفيا
فقط ،في حين يشتغل بعضها اآلخر دون انقطاع؛ كما يجب
استحضار إمكانات األعضاء ،عند تشكيل اللجان ،خاصة تلك
التي تحتاج إلى القدرة على اإلبداع والمبادرة االقتراحية ،فضال
-398نعيمة البوزيدي :الحكامة البرلمانية بالمغرب ،رسالة لنيل شهادة الماستر في
القانون العام ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
وجدة ،2012 – 2011 ،ص.47 – 46 .
-399نعيمة البوزيدي :الحكامة البرلمانية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.14 .
211
األحزاب على عقوبات في حال اإلخالل بمبادئ الحكامة الجيدة،
وبحيث تلتزم األحزاب بتطبيقها فعال.400
http://www.parlement.ma/_sitenation.php?filename=20121218
( 0921297716تاريخ الزيارة يوم .)2013/09/12
-403التعبير هنا لمحمد حنين (القيادي في حزب التجمع الوطني لألحرار) ضمن
المؤتمر الذي نظمته مؤسسة الشركاء الدوليين للحكامة Governance Global
،Partnersاألردن ،يومي 13و 14دجنبر ،2013ضمن موقع هسبريس
الرابط على ()2013/12/16
(تاريخ الزيارة يوم http://hespress.com/politique/96522.html
.)2013/12/19
-404شكلت "مدونة السلوك واألخالق البرلمانية" الجزء السادس من النظام
الداخلي لمجلس النواب ،وتكونت من ثالثة أبواب :الباب األول بعنوان :المبادئ
األخالقية العامة؛ والباب الثاني :قواعد السلوك واألخالقيات البرلمانية؛ والباب
الثالث :مقتضيات إجرائية .انظر النظام الداخلي لمجلس النواب ،مرجع سابق،
ص.74-72 .
213
،2013/10/14عن اتهامات وجهتها النقابة المستقلة لموظفي
مجلس المستشارين ،في مراسلة إلى رئيس المجلس ،بخرق
سافر لإلجراءات والمساطر المعمول بها في المؤسسات
العمومية ،على إثر عدم إعالن المباراة في الموقع العمومي
(الوظيفة العمومية) ،وال بالموقع الرسمي للمجلس .مضيفة أن
المباراة تم تهريبها في يوم عطلة ،بإعالن مجهول الهوية ،وذلك
في مباراة شملت 20منصب شغل ،قالت النقابة إن بعض
أعضاء المجلس المقربين من صناع القرار في الغرفة الثانية
يبحثون عن ضمان فرص شغل لمقربيهم ،خارج إطار النزاهة
والشفافية؛ مما يضع عالمة استفهام كبيرة حول "الحكامة
البرلمانية" ،بين ما يؤسس له الدستور وينظمه القانون ،من
جهة ،وما يجري على أرض الواقع والممارسة ،من جهة ثانية؟
214
الفقرة األولى:
الواقع والطموحات قبل التعديل الدستوري األخير
-406فقد جاء في الفقرة الثالثة من هذا الفصل« :وال يجوز تكوين لجان تقصي
الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ،ما دامت هذه المتابعات
جارية؛ وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق ،سبق تكوينها ،فور فتح تحقيق
قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها».
216
وفي المستويين معا يثار طبعا السؤال عن الكيفية التي تمكن
من تحقيق ذلك؟ وسؤال الكيفية يشير بالضرورة إلى الشروط
والضمانات الدستورية والقانونية لضمان المحاكمة العادلة؛ إذ
في النهاية فالغاية أو المطلب هو تحقيق العدالة حتى ال تضيع
الحقوق والواجبات.
وقد الحظ األستاذ لحرش بأن القضاء المغربي كان يعاني
من عدد كبير من المعوقات التي كانت تقف دون تحقيق
المحاكمة العادلة ،407قبل اإلصالح الدستوري الحالي ،منها:
– احتكار المؤسسة الملكية للتعيين في المناصب القضائية،
خارج رأي المجلس األعلى للقضاء؛
– تدخل الملك في األحكام القضائية ،أو حتى إيقاف المسلسل
القضائي ،عن طريق ممارسة حق العفو؛
– افتقار المجلس األعلى للقضاء ألي استقالل إداري أو
مالي عن وزارة العدل؛
– اكتفاؤه بلعب الدور االستشاري دون تحديد أدوار حقيقية؛
– يلعب وزير العدل دورا حاسما في كل القرارات المتعلقة
بأوضاع القضاة؛
– مشاكل كثيرة في سير المحاكم ،منها :ضعف كفاءة عدد
من القضاة في بعض المجاالت (كالتجارة الدولية ،والحقوق
والحريات)...؛ والوضعية المزرية التي يعيشها كتاب الضبط،
ونقص في عدد القضاة مما يؤدي إلى تراكم القضايا وتأخر
صدور األحكام...
ثانيا :النزاهة
رغم أنه يصعب التأكد من مبدأ النزاهة ،نظرا الرتباطه
بمنظومة القيم واألخالقيات ،إال أنه يمكن مع ذلك وضع
مجموعة من المعايير والمؤشرات ألجرأة هذا المبدأ ومراقبته،
منها مثال:
– وضع حدود للحصانة القضائية؛
– التمييز ،في ممارسات القاضي ،بين تلك التي يتصرف
فيها باعتباره يمثل العدالة ،واألخرى التي تجعل منه
اإلنسان/المواطن؛
– ضمان حق القضاة في تكوين جمعيات خاصة بهم ،تكون
بمثابة قنوات للتعبير عن آرائهم؛
– التصريح بالممتلكات؛
218
– الشفافية :ويقصد بها علنية الجلسات والحق في الحصول
على المعلومات وتداولها؛
– إمكانية الطعن في األحكام القضائية.
مع التنصيص على أن مثل هذه األمور ،يجب أن تكون
مؤطرة بنصوص قانونية وتنظيمية واضحة ،تبين للقاضي ما
هو له وما هو عليه.
الفقرة الثانية:
مستجدات الوثيقة الدستورية 2011
-408إما بسبب تأخر صدور نصوص منظمة (مثال القانون التنظيمي الخاص
بالنظام األساسي للقضاة ،والقانون التنظيمي الخاص بالمجلس األعلى للقضاء) ،أو
بطبيعة تداخل المجال المحفوظ للملك مع تنظيم واختصاصات السلطة القضائية؛ أو
حتى بفعل طبيعة البنية الذهنية المجتمعية الحاضنة للمؤسسات الدستورية ،ومن
ضمنها السلطة القضائية...
-409تنص الفقرة 1من الفصل 107على أن «السلطة القضائية مستقلة عن
السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية».
219
ثم توسع صالحيات المجلس األعلى للقضاء410؛ فضال عن
الباب الثاني المكرس للحقوق والحريات في مطلع دستور
.2011
فقد سعى الدستور الجديد إلى توفير أرضية قوية للتشريعات
القانونية التي ستصدر بعده ،لضمان شروط استقالل القضاء،
من خالل ضمان حقوق وحريات القضاة ،وفي مقدمة ذلك نقلهم
وعزلهم ،فقد جاء في الفصل 108من الدستور« :ال يعزل
قضاة األحكام وال ينقلون إال بمقتضى القانون" ،مما "يعني
عدم ترك الفصل في عزل القاضي من عدمه بيد السلطة
التنفيذية .وذلك ال يعني عصمة القاضي لكن يضمن إحاطة
عزله بضمانات تكفل له أداء مهامه بأمان واطمئنان ،علما بأن
هذا المبدأ ال يتعارض تماما مع مبدأ إمكانية مساءلة القاضي
411
تأديبيا أو حتى جزائيا».
كما أن المشرع الدستوري ذهب إلى حد تجريم أي تدخل من
شأنه أن يؤثر على مسار العدالة ،من خالل التأثير في مسار
القضايا المعروضة على القضاء ،حيث جاء في الفصل 109
منه« :يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ وال
يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات وال
يخضع ألي ضغط.
-412الميثاق العالمي للقضاة الذي وافق عليه باإلجماع المجلس المركزي لالتحاد
الدولي للقضاة في 17تشرين الثاني/نوفمبر ،1999المعروف ب :المبادئ الدولية
المتعلقة باستقالل ومسؤولية القضاة والمحامين وممثلي النيابة العامة – دليل
الممارسين ،منشورات اللجنة الدولية للحقوقيين ،جنيف ،2007 ،ص 15 .وما
بعدها.
221
الذاتي للقضاة" من داللة قوية على حياد القاضي واستقالله
413
ونزاهته...
وفي إطار احترام مبادئ الحياد والتجرد واالستقاللية ...قام
المشرع الدستوري المغربي بدسترة حق القضاة في التعبير
وحقهم في تشكيل جمعيات مهنية «بما أنهم جزء ال يتجزأ من
المجتمع القانوني ،ويتوجب أن تتاح لهم الفرصة الكاملة
للمشاركة في المناقشات حول اإلصالحات القانونية
والقضائية 414».لكن دون أن ينزاح األمر إلى درجة االنخراط
في األحزاب السياسية والمنظمات النقابية؛ جاء في الفصل 111
من الدستور« :للقضاة الحق في حرية التعبير ،بما يتالءم مع
واجب التحفظ واألخالقيات القضائية.
يمكن للقضاة االنخراط في جمعيات ،أو إنشاء جمعيات
مهنية ،مع احترام واجبات التجرد واستقالل القضاء ،وطبقا
للشروط المنصوص عليها في القانون.
يمنع على القضاة االنخراط في األحزاب السياسية
والمنظمات النقابية».
فإذا كان قد تقرر بموجب النص الدستوري إعطاء مجموعة
من الحقوق للقضاة ،في التعبير وفي تنظيم أنفسهم في جمعيات،
فإنه قد تقرر أيضا كما نالحظ بأن هذه الحقوق محاطة بمجموعة
من القيود والضوابط التي تفرضها طبيعة الوظيفة القضائية،
«ألن ممارسة القضاة لهذا الحق بدون قيود قد يعرض أو ينال
-429وقد فصل فيها الميثاق العالمي للقضاة ،مرجع سابق ،ص 116 .وما بعدها.
-430بوخروف :استقاللية السلطة القضائية ،المرجع نفسه ،ص.191 .
228
الترجمة الفعلية لهذه االستقاللية ،وعنها يمكن للمواطن أن يلمسه
بصورة مباشرة.
فتغير واقع العدالة يقتضي العمل وفق مقاربة تضع في أفقها
مبادئ الحكامة الجيدة ،وفي مقدمتها :الفعالية والنجاعة والشفافية
والحياد ...وتسعى إلى تطبيقها ،مستحضرة في نفس اآلن
الضمير المهني وأخالقيات المهنة من جهة ،واقتران المسؤولية
بالمحاسبة ،من جهة ثانية.431
-431ففي سابقة من نوعها ،أقدمت وزارة العدل والحريات ،من على بوابتها
الرقمية ،على نشر األسباب الكامنة وراء تأديب عدد من القضاة بعقوبات تصل إلى
اإلحالة على التقاعد وكذا العزل ،وذلك يوم االثنين .213/09/02
الالئحة التي ت ّم الكشف عنها ضمت 9من القضاة مشتغلين بـ 6من المحاكم
المغربيّة ،وقد طال العزل قاضيّين في الحين ،بينما عُزل اثنان آخران مقابل اإلبقاء
على حقوقهم في التقاعد ،والبقية أحيلت على التقاعد بشكل مباشر.
أقرت بكون أسباب التأديبات التي خلص إليها المجلس األعلى للقضاء ذات الالئحة ّ
تنبني على أفعال منها تلك التي صنفت ماسة بسمعة القضاء وشرفه ،وأخرى ذات
صلة باالرتشاء والنصب واستغالل النفوذ.
229
230
خاتمة الفصل الثاني
إلدراج الحكامة الجيدة ضمن الباب الثاني عشر من الدستور
ما يبرره ،أال وهو تصحيح مسار النظام الدستوري المغربي،
واختياراته في تنزيل ديمقراطية سليمة.
ولئن كان االنتقال بالحكامة من مجال التداول العادي ،قبل
،2011إلى مستوى الدسترة جعلها تضغط بقوة على جميع
مؤسسات النظام الدستوري لتنضبط إلى قواعدها ،بحيث بتنا
نالحظ على مستوى الممارسة مدى تردد هذه المفردة في
الخطاب المتداول يوميا؛ فإننا نعتقد مع ذلك بأن هذه المؤسسات
مدعوة التخاذ خطوات أكثر جرأة ،في تأويلها للمتن الدستوري،
يسرع الوتيرة نحو إرساء الديمقراطية ،قياسا على ما ّ باتجاه
جرى في األنظمة الملكية األوربية.
فالقراءة األولية للمعطيات التي أفرزها دستور ،2011على
مستوى النصوص القانونية وعلى مستوى التداول اليومي للسلط
الثالث – مع تحفظنا على تخصيص وزارة خاصة بالحكامة –
تؤشر بقوة على حضور الحكامة الجيدة في هذه الممارسة.
صحيح ليس بمستوى الطموح الذي يأمله الجميع -ليس لقيود
قانونية أو موضوعية دائما – لكن ذلك ال ينبغي أن يعمينا عن
التقدم الحاصل في الواقع ،وهو ما ينبغي تكريسه للتسريع بجعل
المرحلة االنتقالية التي يعبر منها المغرب تمر في أقصر مدة
ممكنة ،حيث يتم القطع مع جميع سلبيات تقليدانية نظامه
231
الدستوري ،وحيث يصبح االشتغال بمبادئ الحكامة مندمجا
ضمن الممارسة اليومية العادية للمؤسسات الدستورية ،ومن
خاللها لباقي المؤسسات والهيئات.
232
خاتمة عامة
يحدث حاليا نوع من التراكم األولي على مستوى التداول –
على األقل بين النخبة السياسية والمعنيين بالشأن الدستوري
المغربي على المستويين النظري والملموس – حول مفهوم
"النظام البرلماني" الذي يمكن للمغرب أن ينتقل إليه ،علما بأن
الوثيقة الدستورية أدخلت تعديال جوهريا على الفصل األول
الذي كان نصه في دستور « :1996نظام الحكم بالمغرب نظام
ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية» ،من خالل إضافة كلمة
"برلمانية" على هذا الفصل ليصبح في دستور 2011كما يلي:
«نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ،برلمانية
ديمقراطية واجتماعية» ،وال يمكن للكلمة المضافة هنا أن تكون
إال مقصودة لغاية معينة؛ فكيف تساهم الحكامة الجيدة في تشكيل
مالمح هذا النظام؟ وهل دسترتها تفترض انضباط جميع
مؤسسات النظام الدستوري المغربي ،بما في ذلك المؤسسة
الملكية ،لمبادئها؟
الجواب نفيا لن يردنا إال إلى خانة النموذج التقليداني في
الحكم ،وبالتالي إعادة جميع األسئلة إلى المربع األول :ما الفائدة
من إدراج الحكامة الجيدة في المتن الدستوري إذا لم ينضبط لها
الجميع؟
نعتقد بأن جوهر عملنا يكمن في الجواب على السؤال أعاله،
وهو جواب ال يمكنه أن يتعارض مع المنطقي والضروري
233
لدستور يزعم أنه يطمح إلى تعديل نظامه الدستوري ،وبالتالي ال
يمكن أن يكون إال إيجابا ،مما يعني أن جميع مؤسسات النظام
الدستوري – بما فيها المؤسسة الملكية – باتت معنية بمبادئ
الحكامة ألسباب ثالث:
األول :ألن الدستور بما هو نص قانوني هو ملزم للجميع،
وفي مقدمة هذا الجميع المؤسسة الملكية التي تعتبر طرفا أساسا
في الحكم والسلطة ،بل هي مفتاح النظام الدستوري والسياسي
المغربي ،وعليه فالدستور يجب أن يجري عليها كما يجري على
غيرها من المؤسسات الدستورية (بل والسياسية أيضا).
الثاني :ألن المؤسسة الملكية ذاتها – من خالل الممارسة
التي ترجع في الواقع إلى ما قبل التعديل الدستوري األخير –
تطمح إلى االرتقاء بالنظام الدستوري نحو إرساء قواعد
ديمقراطية -لم يكتمل تشكل مالمحها النهائية بعد -يتم الترويج
لها حاليا على أنها جزء من "االستثناء" المغربي"/التقليداثي"،
لكن ما ينبغي التنبيه إليه هو أن هذا االستثناء ذاته ال بد وأن
يلتزم بالحد األدنى المتعارف عليه في األعراف الديمقراطية
حتى لو تم تلقيحه بما يميز خصوصيات الهوية الوطنية (تمثيلية
حقيقية؛ وشفافية؛ ونزاهة؛ واقتران المسؤولية بالمحاسبة)...
وهي كلها أمور تتقاطع كما هو مالحظ مع مبادئ الحكامة
الجيدة ومعاييرها ومؤشراتها.
الثالث :ألن إرساء قواعد الحكامة الجيدة على مستوى
المؤسسة الملكية (بثقلها في الوعي والجدان الجمعي العام)
سيجعل باقي مؤسسات النظام الدستوري تنضبط بالضرورة لهذه
المبادئ ،وكل ما يبقى إنجازه هو تفتيت ،وتذويب ،اإلرسابات
234
الذاتية التي اقترنت بالممارسة طيلة عقود ومحوها تدريجيا،
لتحل محلها ممارسة تشريعية وتنفيذية وقضائية تنضبط تلقائيا
إلى مبادئ الحكامة الجيدة.
إن الحديث عن تطبيق حكامة جيدة على مستوى المؤسسات
الدستورية الكبرى ،ال يجب أن يعمينا عن ضرورة تفعيلها على
مستوى باقي المؤسسات األخرى (األحزاب؛ الجمعيات؛
المقاوالت؛ النقابات ،)...بل يجب ،من باب أولى ،وقبل مطالبة
الدولة كسلطة عامة بتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة ،أن يتم تفعيلها
على مستوى المؤسسات ،والهيئات ،األخرى المذكورة؛ إذ بذلك
فقط سيتم بناء جسر الثقة←المصالحة بين المواطن والمؤسسات
التي تمثله ،سواء أكانت خاصة أم عامة ،وجو الثقة هذا
ضروري لتحقيق أي مشروع تنموي؛ وفضال عن ذلك فإن
العمل بهذه الطريقة سيكون فعاال وناجعا فضال عن كونه يحقق
مبدأ المشروعية ،ألن تفعيل مضامين الحكامة الجيدة على
مستوى الحزب أو النقابة مثال ،قد يرسخ الوعي بهذه المضامين،
فتصبح آلية يتم التعامل بها بصورة طبيعية عندما يصبح الحزب
أو النقابة يباشران الحكم ،داخل المؤسسات الدستورية الكبرى،
أي باعتبارهما جزءا من النظام الدستوري.
هكذا وإذا كان الحديث يجري ابتداء ،من خالل هذه الدراسة،
عن عالقة الحكامة الجيدة بالنظام الدستوري المغربي – في
محاولة تركيبية للجمع بين الماكروسكوبي والميكروسكوبي –
فإن هذا الحديث ال يمكنه أن يرسو انتهاء إال عند اعتبار مبادئ
الحكامة الجيدة تتجاوز مؤسسات النظام الدستوري ،لتؤسس
لقناعة يفترض أن تحكم سلوك المؤسسات السياسية واالجتماعية
235
عامة ،مما يجعلنا ننفتح على أعمال أخرى تبحث في مدى
جاهزية هذه المؤسسات الستيعاب مفردات الحكامة الجيدة،
أوال؛ ثم ما يستدعيه ذلك من إنجاز بحوث واجتهادات دستورية
وسياسية تتجاوز األطاريح التي ابتدعت مفهوم "التقليدانية"
بالتنظير أو "المفهمة" La conceptualisation
لمضامين أطروحتنا "الجديدة/التقليداثية" ،بما يستوعب النظام
الدستوري الذي يعيشه المغرب راهنا ،في ضوء دستور
،2011ثانيا؛ والطموح للتسريع بإرساء القواعد المؤسساتية
كاملة كما تفترضه الحكامة الجيدة ،أي أال تطول الفترة
االنتقالية/التقليداثية ،واألهم أال تحدث ردة رجعية نحو
التقليدانية ،ثالثا.
236
قائمة المراجع المعتمدة
أوال :باللغة العربية
المصادر والمراجع العامة
-ابن أبي زرع أبو الحسن علي :األنيس المطرب بروض القرطاس في
أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس ،تعليق محمد الهاشمي الفياللي ،المطبعة
الوطنية ،الرباط.1936 ،
-ابن األحمر إسماعيل بن يوسف :بيوتات فاس الكبرى ،دار المنصور
للطباعة والوراقة ،الرباط.1972 ،
-ابن خلدون عبد الرحمن :المقدمة ،دار الكتب العلمية ،بيروت.1992 ،
-ابن زيدان عبد الرحمن :العز والصولة في معالم نظم الدولة ،تحقيق عبد
الوهاب بن منصور ،المطبعة الملكية ،الرباط.1961 ،
-ابن زيدان عبد الرحمن :إتحاف أعالم الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس،
الرباط.1933-1929 ،
-ابن القيم الجوزية محمد بن أبي بكر :الروح ،تحقيق وتقديم محمد اسكندر
يلدا ،دار الكتب العلمية ،بيروت.1982 ،
-ابن منظور محمد بن مكرم :لسان العرب ،أعاد بناءه يوسف خياط ،دار
الجيل -دار لسان العرب ،بيروت ،دون تاريخ.
-أرسطو :السياسة ،ترجمة أحمد لطفي السيد ،دار الكتب المصرية ،القاهرة،
.1947
-أفالطون :الجمهورية ،ترجمة حنا خباز ،دار القلم ،بيروت ،د .ت.
-أكنوش عبد اللطيف :تاريخ المؤسسات والوقائع االجتماعية بالمغرب ،الدار
البيضاء ،دار أفريقيا الشرق.1987 ،
-أبو الفتوح هالة أحمد :فلسفة األخالق والسياسة – المدينة الفاضلة عند
كونفوشيوس ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة.2000 ،
-باالست جريج :أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراءها ،ترجمة مركز
التعريب والترجمة ،بيروت.2004 ،
237
-بدوي ثروت :النظم السياسية -النظرية العامة للنظم السياسية ،القاهرة ،دار
النهضة العربية.1964 ،
-بدوي ثروت :القانون الدستوري وتطور األنظمة الدستورية في مصر ،دون
ناشر.1971 ،
-بسيوني عبد الغني :النظم السياسية -أسس التنظيم السياسي :الدولة -
الحكومة -الحقوق والحريات العامة ،اإلسكندرية ،الدار الجامعية.1985 ،
-ﺒطﻴخ رﻤﻀان ﻤﺤﻤد :ﺘزاﻴد دور الﺴلطة الﺘﻨفﻴذﻴة وأﺜره على الدﻴﻤقراطﻴة،
دار الفﻜر العرﺒي ،القاهرة.1988 ،
-بلقزيز عبد اإلله :ثورات وخيبات – في التغيير الذي لم يكتمل ،منتدى
المعارف ،بيروت.2012 ،
-الﺒﻨا ﻤﺤﻤود عاطف :الوﺴﻴط في الﻨظم الﺴﻴاﺴﻴة ،دار الﻨﺸر للﺠاﻤعات،
القاهرة.2000 ،
-بن حماد محمد رضا :المبادئ األساسية للقانون الدستوري واألنظمة
السياسية ،تونس ،ط .2010 ،2
-بنعلة مصطفى :مجموعة ظهائر ورسائل السعديين ،مطبعة الرباط نيت،
الرباط.2011 ،
-توينبي أرنولد :تاريخ البشرية ،ترجمة نقوال زيادة ،األهلية للنشر والتوزيع،
بيروت.1988 ،
-الجمل يحي :األنظمة السياسية المعاصرة ،دار النهضة العربية للطباعة
والنشر ،بيروت.1969 ،
-الحريري محمد عيسى :تاريخ المغرب اإلسالمي واألندلس في العصر
المريني ،دار القلم ،الكويت ،ط.1987 ،2 .
-الخزرجي ثامر كامل محمد :النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة ،دار
مجدالوي ،عمان – األردن.2004 ،
-دال روبرت :التحليل السياسي الحديث ،ترجمة عالء أبو زيد ،مركز
األهرام للترجمة والنشر ،القاهرة ،ط.1993 ،1 .
-دلة سام سليمان :مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية ،مديرية الكتب
والمطبوعات الجامعية ،دمشق.2002 ،
-دوفيرجي موريس :المؤسسات السياسية والقانون الدستوري – األنظمة
السياسية الكبرى ،ترجمة جورج سعد ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع ،بيروت.1992 ،
238
-زيدان عبد الكريم :الوجيز في أصول الفقه ،مؤسسة قرطبة ،ط،6 .
.1976
-السائح الحسن :الحضارة اإلسالمية في المغرب ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،الدار البيضاء.1986 ،
-السنوسي محمد بن علي :الدرر السنية في أخبار الساللة اإلدريسية ،دار
القلم ،بيروت.1986 ،
-الشابي مصطفى :النخبة المخزنية في مغرب القرن التاسع عشر ،منشورات
كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط ،رقم ،26مطبعة فضالة ،المحمدية،
.1995
-شبل فؤاد :حكمة الصين ،دار المعارف ،القاهرة.1967 ،
-الشرقاوي سعاد :النظم السياسية في العالم المعاصر ،دار النهضة العربية،
بيروت ،ط.1988 ،3 .
-عجيلة عاصم أحمد ومحمد رفعت عبد الوهاب :النظم السياسية ،ط،4 .
( ،1991دون مكان للنشر) أعادت نشره مؤسسة األهرام للنشر والتوزيع،
القاهرة.1998 ،
-العروي عبد هللا :مجمل تاريخ المغرب ،المركز الثقافي العربي ،الدار
البيضاء ،د .ت.
-عﺼفور ﺴعد :الﻤﺒادئ األﺴاﺴﻴة في القاﻨون الدﺴﺘوري والﻨظم الﺴﻴاﺴﻴة،
ﻤﻨﺸأة الﻤعارف ،اإلﺴﻜﻨدرﻴة.1980 ،
-غورباتشوف ميخائيل :البريسترويكا والتفكير الجديد لبالدنا والعالم ،ترجمة
عدد من الكتاب ،دار الفارابي ،بيروت.1988 ،
-الفراء أبو يعلى :األحكام السلطانية ،صححه وعلق عليه محمد حامد الفقي،
بيروت ،دار الكتب العلمية.2000 ،
-قلوش مصطفى :المبادئ العامة للقانون الدستوري ،شركة بابل للطباعة
والنشر والتوزيع ،الرباط ،الطبعة .1995 ،4
-كوﭭي ستيـﭭن :العادات السبع للناس األكثر فعالية ،ترجمة مكتبة جرير،
الرياض ،ط.2003 ،5 .
-لحساسنة حسن :الحاكمية في الفكر اإلسالمي ،ضمن سلسلة كتاب األمة
رقم ،117منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ،قطر ،يناير .2007
239
-الماوردي أبو الحسن علي :األحكام السلطانية ،تنسيق علي بن حمزة
الشامي ،لندن ،مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية واالستراتيجية ،دون
تاريخ.
-المتيت علي :النظم السياسية والحريات العامة ،منشورات المكتب الجامعي
الحديث ،اإلسكندرية ،ط.1984 ،4 .
-محمود خيري عيسى :النظم السياسية المقارنة ،مكتبة األنجلو المصرية،
القاهرة.1963 ،
-مسعد نيفين :النظم السياسية ،سلسلة المعارف رقم ،5المكتب العربي
للمعارف ،القاهرة.1995 ،
-معتصم محمد :الحياة السياسية المغربية ( ،)1991 – 1962الدار
البيضاء ،مؤسسة إيزيس للنشر.1992 ،
-الناصري أحمد بن خالد :االستقصا ألخبار دول المغرب األقصى ،تحقيق
وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري ،دار الكتاب ،الدار البيضاء.1954 ،
المراجع المتخصصة
-أشرقي عبد العزيز :الحكامة الجيدة (الدولية -الوطنية -الجماعية)
ومتطلبات اإلدارة المواطنة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء.2009 ،
-أشركي محمد :الظهير الشريف في القانون العام المغربي ,دار الثقافة ,الدار
البيضاء.1983 ,
-بنمير المهدي :الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية ،من
إصدارات المجلة المغربية لإلدارة والقانون والتنمية ،دار وليلي للطباعة والنشر،
.2010
-بوخروف توفيق :استقاللية السلطة القضائية في التجربة المغربية ،ضمن
الحكامة الجيدة بالمغرب ،سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية ،رقم ،20توزيع
مكتبة الرشاد ،سطات.2013 ،
-جفري سعيد :الحكامة وأخواتها – مقاربة في المفهوم ورهان الطموح
المغربي ،الشركة المغربية لتوزيع الكتاب ،الدار البيضاء.2010 ،
-غوردو عبد العزيز :إمارة المؤمنين – التاريخ السياسي والثقافة الدستورية،
مطبوعات الهالل ،وجدة.2013 ،
-قلوش مصطفى :النظام الدستوري المغربي – المؤسسة الملكية ،شركة بابل
للطباعة والنشر والتوزيع.1997 ،
240
-لحرش كريم :مغرب الحكامة – التطورات ،المقاربات والرهانات ،الطبعة
،2طوب بريس ،الرباط.2011 ،
-لحرش كريم :مؤسسات الحكامة الجيدة في ضوء الدستور الجديد للمملكة
المغربية ،ضمن الحكامة الجيدة بالمغرب ،سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية،
رقم ،20توزيع مكتبة الرشاد ،سطات.2013 ،
-معتصم محمد :النظام السياسي الدستوري المغربي ،مؤسسة إيزيس للنشر،
الدار البيضاء.1992 ،
-األمم المتحدة :وثيقة السياسات العامة التي أصدرتها بعنوان :إدارة الحكم
لخدمة التنمية البشرية المستدامة ،برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،يناير.1997 ،
-اللجنة الوطنية لحكامة المقاوالت :الميثاق المغربي للممارسات الجيدة
لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة ،منشورات مديرية المنشآت العامة
والخوصصة – وزارة االقتصاد والمالية ،المملكة المغربية ،الرباط.2012 ،
-المجلس المركزي لالتحاد الدولي للقضاة :الميثاق العالمي للقضاة
المعروف بالمبادئ الدولية المتعلقة باستقالل ومسؤولية القضاة والمحامين وممثلي
النيابة العامة – دليل الممارسين ،منشورات اللجنة الدولية للحقوقيين ،طبعة ،1
جنيف .2007
-منظمة الشفافية الدولية :تقرير تحت عنوان :دراسة حول النظام الوطني
للنزاهة – المغرب.2009 ،
األطاريح والرسائل
-الحديكي عبد الكريم :التأثير المتبادل بين الحكومة والبرلمان في النظام
الدستوري المغربي – دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال ،الرباط،
.2003 – 2002
-الﺴﻴد علي ﺴعﻴد :ﺤقﻴقة الفﺼل ﺒﻴن الﺴلطات في الﻨظام الﺴﻴاﺴي
والدﺴﺘوري للوالﻴات الﻤﺘﺤدة ،أطروحة دكتوراه نوقشت بكلية الحقوق ،جامعة
عين شمس ،القاهرة.1999 ،
-غفال عادل :الحكامة الجيدة ورهانات التنمية المحلية بالمغرب ،أطروحة
دكتوراه نوقشت بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي
عياض ،مراكش ،بتاريخ 28دجنبر .2013
241
-معتصم محمد :التطور التقليداني للقانون الدستوري المغربي ،أطروحة لنيل
دكتوراه الدولة في القانون العام ،كلية الحقوق ،الدار البيضاء.1988 ،
-أزواغ محمد :اختصاصات رئيس الدولة في النظام الدستوري المغربي،
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ،جامعة محمد الخامس كلية
الحقوق ،الرباط ،يونيو.1984 ،
-البوزيدي نعيمة :الحكامة البرلمانية بالمغرب ،رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون العام ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،وجدة.2012 – 2011 ،
242
-الغالي محمد :جدلية الثابت والمتحول في دستور 2011في ضوء قراءة
السياق والركائز واألهداف ،ضمن :دستور 2011بالمغرب – مقاربات متعددة،
منشورات مجلة الحقوق ،سلسلة األعداد الخاصة ،رقم ،2012 ،5دار اآلفاق
المغربية للنشر والتوزيع.
-المنوني عبد اللطيف :اللجوء للفصل -19قراءة جديدة في الدستور،
ترجمة االتحاد االشتراكي (ضمن ملف العدد) جريدة االتحاد االشتراكي ،ع.
9735بتاريخ 20 – 19مارس .2011
-جريدة أخبار اليوم في عددها الصادر يوم الجمعة 28يونيو .2013
-جريدة الصباح في عددها الصادر يوم .2013/10/14
-صحيفة الدستور األردنية ،عدد ،1528الجمعة 29يناير .2010
243
( 7أكتوبر ،)1996صادر بالجريدة الرسمية عدد ،4420بتاريخ 26من
جمادى األولى 10( 1417أكتوبر .)1996
-دستور المملكة المغربية لفاتح يوليوز ،2011صادر األمر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.11.91بتاريخ 27من شعبان 29( 1432يوليو ،)2011
صادر بالجريدة الرسمية عدد 5964مكرر ،بتاريخ 28شعبان 30( 1432
يوليو .)2011
-الدستور التونسي لـ 26جانفي ،2014المطبعة الرسمية للجمهورية
التونسية.2014 ،
-قانون تنظيمي رقم 27.11المتعلق بمجلس النواب ،صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.11.165بتاريخ 16من ذي القعدة 14( 1432أكتوبر
،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد 5987بتاريخ 19ذو القعدة 1432
( 17أكتوبر ،)2011ص.5053 .
-قانون تنظيمي رقم 29.11المتعلق باألحزاب السياسية ،صادر األمر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166بتاريخ 24من ذي القعدة 22( 1432
أكتوبر ،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد 5989بتاريخ 26ذو القعدة
24( 1432أكتوبر ،)2011ص.5172 .
-قانون تنظيمي رقم 28.11المتعلق بمجلس المستشارين ،صادر األمر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172بتاريخ 24من ذي الحجة 22( 1432
نوفمبر ،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد 9597مكرر بتاريخ 25ذو
الحجة 22( 1432نوفمبر ،)2011ص.5520.
-قانون تنظيمي رقم 59.11المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات
الترابية ،صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.173بتاريخ 24من
ذي الحجة 21( 1432نوفمبر ،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد 5997
مكرر بتاريخ 25ذو الحجة 22( 1432نوفمبر ،)2011ص.5537 .
-قانون تنظيمي رقم 02.12المتعلق بالتعيين في المناصب العليا ،صادر
األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20بتاريخ 27من شعبان 17( 1433
يوليو ،)2012صادر بالجريدة الرسمية عدد 6066بتاريخ 29شعبان 1433
( 19يوليو ،)2012ص.4265 .
-قانون رقم 41.90محدث بموجبه محاكم إدارية ،صادر بشأنه الظهير
الشريف رقم 1.91.225بتاريخ 22ربيع األول 10( 1414سبتمبر ،)1993
244
صادر بالجريدة الرسمية عدد 4227بتاريخ 18جمادى األولى 3( 1414
نوفمبر ،)1993ص.2168 .
-قانون رقم 17.95بشأن الشركات المجهولة الهوية ،صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.96.124بتاريخ 14من ربيع اآلخر 1417
(30أغسطس ،)1996صادر بالجريدة الرسمية عدد 4422بتاريخ 4جمادى
اآلخرة 17( 1417أكتوبر ،)1996ص.3220 .
-قانون رقم 9.97بمثابة مدونة االنتخابات ،صادر األمر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.97.83بتاريخ 23من ذي القعدة 2( 1417أبريل ،)1997
صادر بالجريدة الرسمية عدد ،4470بتاريخ 24ذي القعدة 3( 1417أبريل
،)1997ص.570 .
-قانون رقم 53.95محدث بموجبه محاكم تجارية ،صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.97.65بتاريخ 4شوال 12( 1417فبراير ،)1997
صادر بالجريدة الرسمية عدد 4482بتاريخ 8محرم 15( 1418ماي
،)1997ص.1141 .
-قانون رقم 39.89بتحويل المنشآت العامة إلى القطاع الخاص كما تم
تغييره وتتميمه بمقتضى القانون ،34.98صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1.99.131بتاريخ 26من محرم 13( 1420ماي ،)1999صادر
بالجريدة الرسمية عدد 4692بتاريخ 4صفر 20( 1420ماي ،)1999ص.
.1111
-قانون رقم 15.97بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية ،صادر األمر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.175بتاريخ 28من محرم 3( 1421ماي
،)2000صادر بالجريدة الرسمية عدد 4800بتاريخ 28صفر ( 1421فاتح
يونيو ،)2000ص.1256 .
-قانون رقم 61.99في شأن تحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين
والمحاسبين العموميين ،صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.25
بتاريخ 19من محرم 3( 1423أبريل ،)2002صادر بالجريدة الرسمية عدد
4999بتاريخ 15صفر 29( 1423أبريل ،)2002ص.1168 .
-قانون رقم 65.99بمثابة مدونة الشغل ،صادر األمر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.03.194بتاريخ 14من رجب 11( 1424سبتمبر ،)2003
صادر بالجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13شوال 8( 1424ديسمبر
،)2003ص.3969 .
245
-قانون رقم 69.00بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات
أخرى ،صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.195بتاريخ 16من
رمضان 11( 1424نوفمبر ،)2003صادر بالجريدة رسمية عدد 5170
بتاريخ 23شوال 18( 1424ديسمبر ،)2003ص.4240 .
-القانون رقم 77.03المتعلق باالتصال السمعي البصري ،صادر األمر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.257بتاريخ 25من ذي القعدة 7( 1425
يناير ،)2005صادر بالجريدة الرسمية عدد 5288بتاريخ 23ذي الحجة
3( 1425فبراير ،)2005ص.404 .
-قانون مجلس القيم المنقولة صادر بشأنه ظهير شريف ،معتبر بمثابة قانون،
رقم 1.93.212في 4ربيع اآلخر 21( 1414سبتمبر ،)1993صادر
بالجريدة الرسمية عدد 4223بتاريخ 19ربيع اآلخر 6( 1414أكتوبر
)1993؛ وتم تعديلهه ونشر بالجريدة الرسمية عدد 5207بتاريخ 26أبريل
عدّل مرة ثانية وصدر األمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 2004؛ و ُ
1.07.05بتاريخ 28من ربيع األول 17( 1428أبريل ،)2007صادر
بالجريدة الرسمية عدد 5519بتاريخ 5ربيع اآلخر 23( 1424أبريل
،)2007ص.1286 .
-قانون رقم 54.05بالتدبير المفوض للمرافق العامة ،صادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.06.15بتاريخ 15من محرم 14( 1427فبراير
،)2006صادر بالجريدة الرسمية عدد 5404بتاريخ 15صفر 16( 1427
مارس ،)2006ص744 .؛ أعيد نشره ضمن كتاب :المديرية العامة للجماعات
المحلية ،وزارة الداخلية ،منشورات مركز االتصال والنشر ،الرباط.2009 ،
-قانون رقم 30.11بتحديد شروط وكيفيات المالحظة المستقلة والمحايدة
لالنتخابات ،صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.162بتاريخ فاتح
ذي القعدة 29( 1432سبتمبر ،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد ،5984
بتاريخ 8ذي القعدة 6( 1432أكتوبر ،)2011ص.4931 .
-قانون رقم 15.95بمثابة مدونة التجارة ،صادر بالجريدة الرسمية عدد
4418بتاريخ 19جمادى األولى 3( 1417أكتوبر .)1996وقد تم تعديله
بموجب القانون ( 24.04صادر بالجريدة الرسمية عدد 5480بتاريخ 15ذو
القعدة 7 /1427ديسمبر )2006؛ ثم بموجب القانون رقم ،32.10صادر
األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.147بتاريخ 16من رمضان 1432
246
( 17أغسطس ،)2011صادر بالجريدة الرسمية عدد 5984بتاريخ 8ذو
القعدة 6( 1432أكتوبر ،)2011ص.4930 .
-قانون المالية لسنة ،2013صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.12.57بتاريخ 14من صفر 28( 1434ديسمبر ،)2012صادر بالجريدة
الرسمية ،عدد 6113بتاريخ 17صفر 31( 1434ديسمبر .6635 ،)2012
-مرسوم رقم 2.99.1087بالمصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة
المطبقة على صفقات األشغال المنجزة لحساب الدولة ،صادر في 29من محرم
4( 1421ماي ،)2000صادر بالجريدة الرسمية عدد 4800بتاريخ 28
صفر ( 1421فاتح يونيو ،)2000ص.1280 .
-مرسوم رقم 2.02.638بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد
االجتماعي والمقاوالت الصغرى والمتوسطة والصناعة التقليدية ،صادر في 9
رجب 17( 1423سبتمبر ،)2002صادر بالجريدة الرسمية عدد 5044
الصادرة بتاريخ 25رجب 3( 1423أكتوبر ،)2002ص.2831 .
-مرسوم رقم 2.98.482بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا
بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها ،صادر في 11من رمضان
30( 1419ديسمبر ،)1998صادر بالجريدة الرسمية عدد 4654بتاريخ 19
رمضان 7( 1419يناير )1999؛ وقد تم تعديله بناء على المرسوم رقم
،2.06.388صادر في 16من محرم 5( 1428فبراير ،)2007صادر
بالجريدة الرسمية عدد 5518بتاريخ فاتح ربيع اآلخرة 19( 1428أبريل
،)2007ص.1235 .
-مرسوم رقم 2.12.412بتطبيق أحكام المادتين 4و 5من القانون
التنظيمي رقم 02.12فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم
التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة ،صادر في 24من ذي القعدة
11( 1433أكتوبر ،)2012صادر بالجريدة الرسمية ،عدد 6091بتاريخ 28
ذو القعدة 15( 1433أكتوبر ،)2012ص.5404 .
-مرسوم رقم 2.12.349يتعلق بالصفقات العمومية ،صادر في 8جمادى
األولى 20( 1434مارس ،)2013صادر بالجريدة الرسمية عدد 6140
بتاريخ 23جمادى األولى 4( 1434أبريل ،)2013ص.3023 .
-مرسوم رقم 2.13.253بشأن تحديد اختصاصات ومهام وزارة الشؤون
العامة والحكامة ،صادر في 11من شعبان 20( 1434يونيو ،)2013صادر
247
بالجريدة الرسمية عدد ،6164بتاريخ في 18شعبان 27( 1434يونيو
،)2013ص.4843 .
-قرار رقم 3448.12بشأن تحديد المطبوع النموذجي الموحد المنصوص
عليه في المادة 3من المرسوم رقم ،2.12.412صادر في 25من ذي القعدة
12( 1433أكتوبر .)2012
248
باللغات األجنبية:ثانيا
Ouvrages généraux
- BURDEAU Georges : Méthode de la science
politique, Dalloz, Paris, 1959.
- BURDEAU G. : Droit constitutionnel et institutions
politiques, Paris, Libr. Générale de droit et de
jurisprudence, 19ème édit., 1980.
- DOEBLIN Alfred : The living thoughts of Cofucius,
Cassell and Company, University Press, 1989.
- DUGUIT Léon : Traité du droit constitutionnel, 3ème
édit., Paris, T. I, 1927 et T. II, 1928.
- DUVERGER Maurice : Introduction à la politique,
Paris, Gallimard, 1964.
- EASTON David : The Political System- an inquiry
into the state of political science, New York: Alfred A.
Knopf, 1953.
- HAURIOU Maurice : Précis élémentaire de droit
constitutionnel, 2ème édition, librairie du Recueil Sirey,
Paris, 1930.
- HAURIOU André et GICQUEL Jean : droit
constitutionnel et institutions politiques, Paris, 1975.
- KELSEN Hans : Théorie générale du droit et de
l’Etat, Trad. Par Béatrice Laroche, L.G.D.J, Paris, 1997.
- KORENEV Léonid : L’Economie de l’URSS au
carrefour de la perestroïka, édit. Agence Novosti,
Moscou, 1990.
- LEVEQUE Pierre : L’aventure Grecque, 3ème édit.,
Armand Colin, Paris, S. D.
- MILLER Eugene F. : DAVID EASTON’S POLITICAL
THEORY, close associates of Easton at
249
the University of Chicago and later at the Mental Health
Research Institute of the University of Michigan 22.
- ONDO Télesphore : Plaidoyer pour un nouveau
régime politique au Gabon, édit. Publibook, Paris, 2012.
- PRELOT Marcel : Sociologie politique, Précis
DALLOZ, Toulouse, 1973.
- QUERMONNE Jean-Louis : Les Régimes
politiques occidentaux, Paris, 5ème édit., Seuil, 2006.
- SOBOLEV Léonid : URSS Recensement 1989,
édit. Agence Novosti, Moscou, 1990.
- STANKOVIC Sergey : La perestroïka vue par un
député du peuple, édit. Agence Novosti, Moscou, 1990.
- WEBER Max : Le savant et la politique, Paris, Plon,
2ème édit. 1997.
Ouvrages spécialisés
- BENDOUROU Omar : le pouvoir Exécutif au Maroc
depuis l'indépendance, Editions Publisud, Paris, 1986.
- El AOUADI Ahmed : Les stratégies d’enracinement
des dirigeants d’entreprises : Le cas marocain, Working
Paper n° 599, CEROG, IAE Aix En province, mai 2001.
- LAGHRISSI Awatif : Gouvernance au Maroc –
Approche d’action publique, Imprimerie EL Watanya,
Marrakech, 2010.
- LAHBABI Mohamed : Le gouvernement marocain
à l’aube du XXéme siècle, les éditions maghrébines,
Casablanca, 1975.
- Laroui Abdallah : Les origines sociales et
culturelles du nationalisme marocain, Maspero, 1980.
250
- LAVOREL Sabine : Les constitutions Arabes et
l’islam- les enjeux du pluralisme juridique, Presses de
l’université du Québec, 1977.
- PALAZZOLI Claude : Existe-t-il une spécifité du
pouvoir dans les pays arabes, in: Mélanges offerts à G.
Burdeau: "Le pouvoir", L.G.D.J, Paris, 1977.
Thèses et mémoires
- BELKADI Hicham : Le gouvernement d’entreprise
au Maroc, Mémoire du Diplôme d’Etudes Supérieures
Spécialisées en Ingénierie Financière, Université de
Bretagne Occidentale, France, Année Universitaire
2002-2003.
- MORTIER Poline : Les métamorphoses de la
souveraineté, Thèse de doctorat en droit public, Ecole
doctorale Pierre Couvrat, Université d’Angers, France,
Année 2011.
- SAHIB EDDINE Abdelhak : Investissement
Etranger et Privatisation au Maroc, Thèse de doctorat
en Sciences économiques de l’Université de
Bourgogne, Dijon, 1996-1997.
- SHIMI Mostapha : La notion de constitution, Thèse
Science politique, Faculté des Sciences Juridiques,
Économiques et Sociales, Univ. Mohamed V, Rabat,
1984.
Articles
- ATLANI Laetitia : Les ONG à l’heure de la bonne
gouvernance, institut de recherche pour le
développement, n° 35, 2005.
251
- BAIL Christophe : Environmental governance
reducing risks in democratic societies, EEC, Future
studies unit, 1996.
- BARON Catherine : La gouvernance: débats autour
d’un concept polysémique, CAIRN, Droit et société, n°
54, 2003/2.
- BENDOUROU Omar : Le parlement et la
démocratie, in REMALD, série Actuel, N° 23, 2000.
- BETH Alodie et HRUBI Aniko : Renforcer l’intégrité
dans les marches publics : Etude d’apprentissage
mutuel au Maroc, direction de la gouvernance publique
et de développement territorial, OCDE, Paris, 2008.
- BIROUK Mohamed : Rationalisation des structures
et bonne gouvernance, REMALD, N° 34 (Septembre –
Octobre 2000).
- BOUAZZA Abdelatif : Gouvernance, économie
sociale et développement durable au Maroc, REMALD
N° 65 (Novembre - Décembre 2005).
- DJAOUAHDOU Reda et BENOSMANE Mahfoud :
Gouvernance corporate et processus de privatisation en
Algérie, REMALD, N° 54-55, (Janvier - Avril 2004).
- GUIBAL Michel : La suprématie constitutionnelle au
Maroc, R.J.I.PC, N° 3, juil.- sept. 1978.
- M’HAMDI Mohamed : Gouvernance territoriale et
environnement, REMALD N° 65 (Novembre - Décembre
2005).
- KIM Pan Suk : Rapport introductif : Développement
de la gouvernance démocratique dans le cyberespace et
modelage de la gouvernance pour la qualité de vie,
REMALD, N° 56 (Mai - Juin 2004).
252
- ROUSSET Michel : Changements institutionnels et
équilibre des forces politiques au Maroc – un essai
d'interprétation, A.A.N, XVI, 1977, Edit. C.N.R.S, Paris,
1978.
- PAYES Olivier : La gouvernance – d’une notion
polysémique à un concept politologique, in études
internationales, vol. 36, 2005.
- WOLFF Jürgen H. : La pensée politique dans
l’Islam, La légitimation du pouvoir et la démocratie
moderne – le cas du Maroc, Trad. Irène Von Strachwitz,
in : Annuaire de l’Afrique du nord, Tome XXXII, 1993,
CNRS éditions.
- ZARROUK Najat : A propos de l'article 28 de la
charte communale (loi n° 78-00) ou de la difficulté de
concilier entre la démocratie et les exigences de la
bonne gouvernance, REMALD, N° 57-58 (Juillet -
Octobre 2004).
- ZACRAOUI Mokhtar : Gouvernance et démocratie,
REMALD, N° 57-58 (Juillet - Octobre 2004).
Colloques
- SAHIB EDDINE Abdelhak et KOUBAA Salah :
L’entrepreneuriat migratoire, 11/11/2010, 14h. in
Université Mohammed I Oujda, Centre d’études des
mouvements migratoires Maghrébins, colloque
international sous thème : Migration et développement
des régions Maghrébines et sud – sahariennes, 11 – 12
Novembre 2010.
- Rapport du Haut Commissariat au Plan, Croissance
économique et développement humain – éléments pour
une planification stratégique 2007-2015.
253
- World Bank : The manner in wich is exercised in
the management of a country’s economic and social
resources for development, in governance and
development, World Bank publication, Washington DC,
1992.
- World Bank : Governance and development, World
Bank publication, Washington DC, 1994.
254
http://www.sgg.gov.ma/arabe/L%C3%A9gislations/Bul
letinsOfficielsAns.aspx
بشأن النظر في النظام الداخلي829/12 قرار المجلس الدستوري رقم-
)2012 فبراير4( 1433 من ربيع األول11 صادر بتاريخ،لمجلس النواب
:على الرابط
http://www.parlement.ma/_sitenation.php?filename=2
01212180921297716
على، مجموعة القانون الجنائي: وزارة العدل والحريات، مديرية التشريع-
:الرابط
http://adala.justice.gov.ma/production/legislation/ar/N
ouveautes/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%
86%D9%88%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%
D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A.pdf
على، قانون المسطرة المدنية: وزارة العدل والحريات، مديرية التشريع-
:الرابط
http://adala.justice.gov.ma/production/legislation/ar/N
ouveautes/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%
86%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%B7%
D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8
%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9%20.pdf
صادر عن رئاسة، المخطط التشريعي برسم الوالية التشريعية التاسعة-
: ضمن موقع مجلس النواب على الرابط،2013 الحكومة في يناير
http://www.parlement.ma/images/2011_2016/plan_leg
islatif.pdf
: موقع الجمعية الوطنية الفرنسية على الرابط-
http://www.assemblee-nationale.fr/#
رابط الدستور.2008 يوليو23 المعدل في1958 الدستور الفرنسي لعام-
:الفرنسي على الرابط
http://www.conseilconstitutionnel.fr/conseilconstitution
nel/root/bank_mm/arabe/constitution_arabe_version_mai
2009.pdf
255
: الرابط على النت، الدستور الهولندي-
http://mjp.univ-perp.fr/constit/pb1983.htm
: الرابط على النت،1953 مارس27 الدستور الدانمركي لـ-
http://mjp.univ-perp.fr/constit/dan1953.htm.
: الرابط على النت،1974 فبراير28 الدستور السويدي لـ-
http://mjp.univ-perp.fr/constit/se1974.htm
: الرابط على النت،1906 يونيو30 لـ، الدستور النرويجي-
http://mjp.univ-perp.fr/constit/no1905.htm
: الرابط على النت،1994 فبراير17 لـ، الدستور البلجيكي-
https://www.uclouvain.be/cps/ucl/doc/drt/documents/Con
stitution_belge
:النت على الرابط ،اإلسباني الدستور -
http://www.boe.es/legislacion/enlaces/documentos/Const
itucionFRANCES.pdf
: موقع مجلس النواب المغربي على الرابط، النظام الداخلي لمجلس النواب-
http://www.parlement.ma/_sitenation.php?filename=201
212180921297716
- MyEtymology.com – A universal etymology
dictionary
http://www.myetymology.com/greek/kubernan.html
:على الرابط
- Programme des Nations Unies pour le
développement – Rapport de développement humain
2003, gouvernance et accélération du développement
humain. (http//www.pnud.org)
256
257
258
ﻫﺬﺍ ﻋﻤﻞ ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻧﻪ ﺭﺍﻓﻌﺔ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻋﻠﻤﻴﺔ،
ﺗﺰﻳﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ،ﻭﺗﺆﺩﻱ ﺩﻭﺭﺍ ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺎ ﻓﺎﺋﻖ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ،
ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍ
ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ،
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ ﺍﻟﺠﻴﺪﺓ،
ﻭﻣﻦ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ،ﺷﺄﻧﺎ ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻪ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ،
ﻭﻳﻌﻨﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ.
ﻭﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺟﺎﻧﺐ ﻏﻴﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ،
ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻌﺘﺮﻙ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻭﺣﺪﻩ،
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺘﺮﻙ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ،
ﻳﺨﺪﻡ ﻛﻞ ﻣﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣﺘﺤﻀﺮﺓ ،ﺗﻔﻬﻢ ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ،
ﻭﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮﻩ ،ﻟﺘﺴﻌﻰ ﻧﺤﻮ ﺍﻷﻓﻀﻞ.
ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩﻩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ.
ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ
UU