Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫الفصل الثاني‪ :‬أثار التدبير األمني ألزمة كورونا على حقوق اإلنسان‬

‫يشهد العالم مع بداية سنة ‪ 2020‬وقائع انتشار سريع وتمدد واسع _فيروس كورونا‬
‫المستجد كوفيد ‪_ 19‬تم اإلعالن عنه ألول مرة في مدينة وهان الصينية في دجنبر ‪ ،2019‬لتشمل بعد‬
‫ذالك أثاره ونتائجه الكريتية والمدمرة المجتمعات البشرية كافة ‪،‬حيث سجلت اإلحصائيات التي تالحق‬
‫هذا الفيروس‪ 9‬إصابة العديد من األشخاص ووفاة الكثير منهم ‪،‬وأرقامهم تتزايد بشكل مهول ‪،‬وأعلنت‬
‫منضمة الصحة العالمية أن عدد اإلصابات تشكل حالة طوارئ صحية عالمية تثير القلق الدولي ودعت‬
‫إلى إعالن حالة الطوارئ عالمية الحد منتفشي الفيروس عبر الحدود ‪ ،‬أو الحد منه مع تجنب التدخل غير‬
‫الضروري في التجارة والسفر وهو ما كان له انعكاس سلبي على مختلف الجوانب االقتصادية و‬
‫االجتماعية‪ ،‬حيث توقفت مظاهر الحياة أو تكاد فيكل أرجاء المعمور‪.‬‬

‫على المستوى المغرب فقد بادرت الحكومة وبتوجيهات من صاحب الجاللة الملك محمد‬
‫السادس ‪،‬إلى اتخاذ مجموعة من اإلجراءات اإلست باقية لحماية صحة المواطنين وضمان‬
‫سالمتهم ‪،‬حيث تقرر الحد من تنقالت المواطنين ‪ ،‬وتجنب االختالط االجتماعي ‪،‬حفاظا على حياتهم‬
‫والحيلولة دون اتساع نطاق الكارثة‪ ،‬كما تالحقت التدابير االحترازية التي اتخذتها الدولة المغربية‪ ،‬بدءا‬
‫من إغالق حدودها البرية والجوية والبحرية ‪ ،‬وتنفيذ الحجر الصحي وحضر التجول الكلي‬
‫‪1‬‬
‫والجزئي ‪،‬وإعالن حالة الطوارئ الصحية التي نضمها المغربي بموجب مرسوم رقم ‪2.20.292‬‬
‫مرسوم ‪. 22.20.293‬‬

‫اعتمدت الحكومة المغربية على الحجر الصحي كتدبير استعجالي غايته التقليص من انتشار الوباء‬
‫والحفاظ على األمن الصحي والسالمة الجسدية للمواطنين‪ .‬فإذا كان االختالط باألمس غاية فقط أصبح‬
‫في هذه الظروف الصحية الصعبة وقاية ‪،‬تطلب تعبئة الجهود إلنهاء هذه األزمة وإذا كان الحجر الصحي‬
‫لها انعكاسات على مختلف الجوانب منها الجانب االقتصادي والنفسي واالجتماعي فاه جوانب إيجابية‬
‫تحت الفرد على ترتيب أولويته وضبط معامالته في جو هادئ ومريح ‪،‬فقد اتخذت الحكومة المغربية‬

‫مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬صادر ‪23‬مارس ‪ 2020‬يتعلق بسنن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬م‪ ،‬رقم ‪ 2.20.293‬صادر في ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي الوباء‬ ‫‪2‬‬
‫مجموعة من التدابير االحترازية والوقائية للحفاظ على األمن والصحة والحفاظ على السالمة الجسدية‬
‫للمواطنين‪.‬‬

‫والسؤال المطروح ما هي التدابير التي اتخذتها الحكومة المغربية لمواجهة هذا الوباء ؟‬

‫وما هي التحديات التي وجهتها؟ وللتفصيل في هذه اإلشكالية سنقسم هدا الفصل إلى مبحثين المبحث‬
‫األول اآلثار االيجابية لحالة الطوارئ الصحية ‪،‬المبحث الثاني اآلثار السلبية لحالة الطوارئ الصحية ‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اآلثار االيجابية لحالة الطوارئ الصحية‬

‫ال شك أن تدابير االحتواء التي اتخذها المغرب كغيره من الدول‪ ،‬لها تأثير كبير على‬
‫مجموعة من الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها خصوصا بموجب العهد الدولي‬
‫الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‪ .‬ومن الجدير بالذكر ‪،‬أن بعض الحقوق مثل حق‬
‫التحرر من التعذيب والعبودية والحق في الحياة ‪،‬هي حقوق مطلقة ال تسمح بأية قيود ال يمكن‬
‫الخروج عنها في حالة الطوارئ االستثنائية العامة‪ ،‬والهدف من ذالك هو سالمة األفراد‬
‫وكرامتهم ‪ ،‬وال يجوز التذرع بأي مبررات أو ظروف مختلفة كتبرير النتهاك أو انتقاص من‬
‫هده الحقوق ألي أسباب كانت‪.‬‬

‫لقد برزت مسألة حقوق اإلنسان خالل هده األزمة‪ ،‬دور الدولة وقدرات السلطات على‬
‫خلق التوازن بين مقتضيات حالة الطوارئ الصحية و االلتزامات‪ 9‬الدستورية‪ ،‬وعلى وجه‬
‫‪3‬‬
‫الخصوص مراعاة الفصل‪ 21 9‬من الدستور‪.‬‬

‫فيما يتعلق باحترام الحقوق والحريات‪ 9‬في حالة إدا قامت السلطات العمومية باتخاذ قرارات‬
‫ذات طبيعة استثنائية ‪.‬فمن الناحية العلمية أعطيت األولية للبعد الصحي وحماية الحق في‬
‫والسؤال‬ ‫‪4‬‬
‫الحياة ‪،‬بوصفه أول حق إنساني كما صرح عليه الفصل ‪ 20‬من الدستور ‪.‬‬
‫المطروح إلى أي حد استطاعت الحكومة المغربية الحفاظ على صحة المواطنين دون‬

‫‪_ 3‬الفصل ‪ 21‬من الدستور المغربي لكل فرد الحق في سالمة شخصه وأقربائه‪ ،‬وحماية ممتلكاته‪.‬‬
‫‪ 4‬الفصل ‪ 20‬من الدستور المغربي الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان‪ .‬ويحمي القانون هدا الحق‪.‬‬
‫المساس بصحتهم و كرامتهم؟ و للتفصيل في هذا السؤال سنتحدث في)الفقرة األولى‬
‫حماية الصحة والحق في الحياة ‪)،‬الفقرة الثانية( حماية الصحة والسالمة الجسدية للمواطنين‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حماية الحق في الصحة والسالمة الجسدية للمواطنين‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حماية الصحة والحق في الحياة‬


‫‪ /1‬الحق في الصحة‪:‬‬
‫يشكل الحق في الصحة عنصرا أساسيا من عناصر حقوق اإلنسان والحياة الكريمة‪ ،‬و تتمثل‬
‫الجوانب الرئيسية للحق في الصحة في كونه حقا شامال يشمل إضافة إلى العناية الصحية‬
‫وبناء المستشفيات‪ 9،‬عدادا كبيرا من العوامل التي يمكن أن تساعد على عيش حياة سليمة‪ ،‬و‬
‫يتعلق األمر حسب لجنة الحقوق االقتصادية واالجتماعية و الثقافية‪ ،‬بإمدادات مياه الشرب‬
‫والصرف الصحي‪ 9،‬والغداء الصحي الطافي والسكن الالئق‪ ،‬ظروف عمل وبيئة صحية‪،‬‬
‫التربية الصحية ونشر المعلومات والمساواة بين الجنسين‪.‬‬
‫وإذا كان من واجب الحكومات استخدام سلطات الطوارئ‪ .‬و لتحقيق أهداف الصحة‬
‫المشروعة‪ ،‬فال يجب أن تستخدم كأساس للحد من ممارسة الحقوق أو من عمل المدافعين عن‬
‫حقوق اإلنسان أو الصحفيين‪ 9،‬أو اتخاذ أي إجراء غير ضروري لعالج الصحة‪ .‬و يجب على‬
‫الحكومات إبالغ السكان المتأثرين بما تعنيه حالة الطوارئ‪ ،‬في مجال تطبيقها‪ ،‬وآجال‬
‫سريانها‪ ،‬مع تعين هده المعلومات بانتظام‪.‬‬
‫يمكن للمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان والمجتمع المدني المساعدة في تحديد األشخاص أو‬
‫الجماعات لمهمشة )كما في ذالك كبار السن والمشردين( الذين قد يتم تهميشهم أو استبعادهم‬
‫ودعم تدفق المعلومات وسط هذه الفئات وإبالغ السلطات بتأثير التدابير المتخذة عليها‪ ،‬كما‬
‫أثارت المفوضة االنتباه إلى أعلى تدابير الحجر الصحي‪ 9،‬مثل البعد الجسدي و العزلة‪ ،‬أن‬
‫تأخذ في االعتبار احتياجات أولئك الذين يعتمدون على دعم اآلخرين لألكل وارتداء المالبس‬
‫و االستحمام‪.‬‬
‫تتضمن المراقبة الصحية مجموعة من األدوات التي تتعقب وترصد سلوك وحركات األفراد‪.‬‬
‫ومن ثمة يجب ربط هذا الرصد والتتبع واستخدامها ألغراض صحية عامة ‪ ،‬ويجب أن يكون‬
‫محدودا من حيث المدة والنطاق ‪ ،‬كما يجب توفير ضمانات قوية بحيث ال تستخدم الحكومات‬
‫أو الشركات هذه التدابير لجمع معلومات خاصة وسرية ألغراض ال تتعلق باألزمة‬
‫‪5‬‬
‫الصحية ‪.‬‬

‫‪ /2‬الحق‪ 9‬في الحياة ‪:‬‬


‫يعد الحق في الحياة أسمى الحقوق األساسية وأهمها بين حقوق اإلنسان ‪ ،‬فال يمكن الحديث‬
‫عن باقي الحقوق إذ ما ثم إهداره ‪ ،‬بحيث يعتبر من أوائل الحقوق المنصوص عليها في‬
‫المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان ؛ ومن دالك ما نصت عليه المادة ‪ 3‬من اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان على أنه‪) ‬لكل فرد الحق الحياة(‪ ،‬ثم أعيد التأكيد على هذا الحق في الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 6‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بتنصيصها على أن )الحق في‬
‫الحياة حق مالزم لكل إنسان ‪ .‬وعلى القانون أن يحمي هذا الحق وال يجوز حرمان أحد من‬
‫حباته تعسفا كما أن المغرب عمل على ضمان الحق األساسي وذالك بتخصيص الفصل ‪20‬‬
‫من الدستور لهذا الحق حيث جاء في هذا الفصل أن )أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل‬
‫إنسان ويحمي القانون هذا الحق (‪ ،‬ثم إن تخصيص فصل بأكمله لحق واحد يظهر أهمية هذا‬
‫الحق ‪،‬إذ يعتبر الحق في الحياة األساسي الذي تتأسس عليه باقي الحقوق والحريات التي‬
‫يتمتع الفرد بباقي حقوقه دون ضمان حقه في الحياة‪.‬‬
‫إن الهدف من إعالن المغرب حالة الطوارئ الصحية هو ضمان عدم انتشار فيروس كورونا‬
‫المستجد وبالتالي تفادي إصابة المواطنين بهذا المرض الذي يؤدي إلى وفاة العديد منهم ؛‬
‫خاصة أن هذا الفيروس يؤدي حياة األفراد ويمس حقهم في الحياة ‪ ،‬لذالك عملت السلطات‬
‫الحكومية عل اتخاذ‪" ‬حالة الطوارئ الصحية " كآلية لتقيد حركة المواطنين والحد من حريتهم‬
‫في التنقل ‪ .‬وفي هذا الصدد تجدر اإلشارة إلى أن الدستور المغربي جعل حرية التنقل تخضع‬
‫تقرير‪ ،‬الحاكمة األمنية وحقوق اإلنسان‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪81،79،‬‬ ‫‪5‬‬
‫لمقتضيات يؤطرها القانون‪ .‬و ذالك بتنصيصه في الفصل‪ 9‬على أن "حرية التنقل عبر التراب‬
‫الوطني واالستقرار فيه‪ ،‬والخروج منه والعودة إليه مضمونه للجميع وفق القانون " بمعنى‬
‫آخر أن القانون الذي حرية التنقل في هذه الفترة هو المرسوم رقم ‪ 2.20.293‬المتعلق‬
‫بإعالن حالة الطوارئ بسائر أرجاء المملكة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد‪ ،‬حيث‬
‫ثم تقيد هده الحرية بموجب مقتضيات الفقرة الثانية والثالثة من المرسوم‪ ،‬واللتان تنصصان‬
‫على ما يلي "‬
‫أ‪-‬عدم مغادرة األشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ االحتياطات الوقاية الالزمة ‪،‬طبقا‬
‫للتوجيهات السلطات الصحية‪.‬‬
‫ب‪ -‬منع أي تنقل لكل شخص محل سكناه ‪،‬إال في الحاالت الضرورة القصوى ‪.‬‬

‫كل هذه المقتضيات و التدابير و اإلجراءات التي اتخذها المغرب تهدف إلى ضمان الحق‬
‫األسمى ‪ ،‬أال و هو حق الحياة المنصوص عليه في الفصل‪ ،20‬وكذا الحق السالمة )الفصل‪9‬‬
‫‪ ،(21‬والحق في الصحة) الفصل ‪ ،( 31‬وفي هذا اإلطار حدد المرسوم بقانون‬
‫مجموعة من العقوبات في حق كل من خلف أحكام حالة الطوارئ الصحية المعلن‬
‫عنها من خالل المادة الرابعة التي قد تصل فيها العقوبة إلى الحبس ‪.‬‬

‫كما أن المغرب بإصداره‪ 9‬لمرسومين )مرسوم بقانون رقم ‪ 622.20.29‬و مرسوم‬


‫رقم ‪ ( 2.20.293‬اللذان‪ 9‬يؤطران "حالة الطوارئ الصحية " والذي حدد فيهما‬
‫كيفيان و إجراءات اإلعالن عن حالة الطوارئ الصحية والعقوبات المتعلقة‬
‫بمخالفيها ‪.‬قد تالفى وجود ثغرة قانونية وقام بملء هدا الفراغ التشريعي ليكون‬

‫‪ 6‬تنص المادة ‪ 4‬من المرسوم بقانون رقم ‪ 22.20.29‬على ما يلي‪ ’’:‬يعاقب على مخالفة أحكام الفقرة السابقة بالحبس من شهر إلى ثالثة أشهر وغرامة تتراوح بين‬
‫‪300‬و‪ 1300‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ‪،‬وذالك دون اإلخالل بالعقوبة الجنائية األشد‪’’.‬‬
‫بذالك هدا الحظر مؤسس على مبدأ الشرعية التي تتيح معاقبة كل شخص خالف‬
‫‪7‬‬
‫أحكام القانون ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حماية الصحة والسالمة الجسدية للمواطنين تكفل‬
‫المواثيق الدولية والمقتضيات الدستورية عدم المس بالسالمة الجسدية أو المعنوية‬
‫ألي شخص في أي ظرف‪ ،‬و من قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة و يعني ذالك‬
‫عدم تعرض أي شخص ألي ضرر بدني و عقلي‪ 8. ‬وفي حالة الطوارئ ‪.‬ينبغي‬
‫للدول‪ 9‬أن تتخذ تدبير لمنع انتهاكات حقوق اإلنسان المرتبطة بها والتي ترتكبها‬
‫الجهات الحكومية وغر الحكومية ‪ .‬ويجب التحقيق بشكل سريع في ادعاءات مثل‬
‫هده االنتهاكات بهدف وضع لالنتهاك أو اإلساءة وترتيب المسؤوليات وتوفير‬
‫الحماية وسبل االنتصاف الفعالة للضحايا ‪ .‬وتبعا لذالك ‪،‬ال يجوز للمؤولين عن انقاد‬
‫القانون استخدام القوة‪ 9‬إال عند الضرورة القصوى وبشكل متناسب أثناء أدائهم‬
‫لمهامهم‪ ،‬وفقا للمقتضيات الدستورية والمعايير الدولية ذات الصلة‪.‬‬

‫وبخصوص الحجر الصحي رصد المجلس استعماال للعنف بالشارع من قبل‬


‫المكلفين بإنقاذ القانون في حق العديد من األشخاص الذين لم يحترموا إجراءات‬
‫الحجر الصحي المعمول بها في بعض المناطق‪ . 9‬وإصدار المجلس بالغا ‪ 9‬في ‪23‬‬
‫مارس ‪ 2020‬يدعو فيه السلطات العمومية التي تسهر على اتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة من أجل صحة المواطنين ‪،‬إلى الحرص على عدم تجاوز بعض عناصر‬

‫‪ 7‬منصف الكردي باحث بما ستر حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني كلية الحقوق أكدال‪ ،‬حالة الطوارئ الصحية بين الحد من حرية التنقل والحق في‬
‫الحياة ‪،‬مجلة الباحث للدراسات و األبحاث القانونية و القضائية‪،‬العدد ‪ ،20‬يوليوز ‪،2020‬مقال على منشور موقع ‪ . www.essdroit.com‬ص‪276.274.‬‬
‫‪ 8‬التعليق العام رقم ‪ 35‬الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ 9‬بالغ المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشور على صفحته فيسبوك‪ ،‬بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪.2020‬‬
‫‪https:/www .facebook.com.2412126727715310/pots/15215321911350012 /‬‬
‫القوات العمومية لمبدأي الضرورة والتناسب عند استعمال اإلكراه في تنفيذ القانون‬
‫واإلجراءات االستثنائية ‪.‬بخصوص الممارسات غير القانونية ‪ ،‬وأكد على تطبيق‬
‫السليم للقانون خالل فترة الطوارئ التي تستدعي اليقظة والمسؤولية‪ .‬و أ المجلس‬
‫موقفه من أن تنفيذ المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية ينبغي أن يتقيد‬
‫أيضا بالمعايير الدولية‪ 9‬التي تستوجب تدبير هده الحالة في ضوء تقدير دقيق وموضوعي‬
‫لألحداث بحيث تناسب التدابير المتخذة الوضعية القائمة ‪ ،‬وأال تكون حالة الطوارئ‪ ،‬في أي‬
‫حال من األحوال ‪ ،‬ذريعة الترخيص الممارسات ألإلنسانية أو اإلحاطة بالكرامة والمهينة ‪،‬‬
‫ويدعوها إلى نشر نتائج التحقيق وترتيب اإلجراءات‪ 9‬القانونية الالزمة ‪،‬مع إشعار الرأي العام‬
‫بالتدابير المتخذة على ما ستفسر عنه نتائج التحقيق‪ .‬و ينبغي أن تخضع التدابير المتخذة في‬
‫إطار ممارسات السلطات المرتبطة بحالة الطوارئ لرقابة السلطة التشريعية وتحت إشراف‬
‫السلطة القضائية‪ ،‬ضمانا الحترام مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون‪ .‬و في هدا اإلطار‪،‬‬
‫سجل المجلس بإيجابية مساءلة وزير الداخلية في البرلمان حول مالبسات استعمال العنف من‬
‫طرف القوات‪ 9‬العمومية وحول اإلجراءات‪ 9‬القانونية واإلدارية المتخذة في حق من ثبت‬
‫تجاوزه للسلطات الممنوحة له والتعسف في استعمالها في مواجهة المواطنين‪ .‬وأعلنت وزارة‬
‫الداخلية في ‪ 27‬مارس‪ ،‬عن فتح تحقيق في قضية بعض السلوكيات الصادرة عن رجال‬
‫السلطة خالل تعاطيهم مع فرض حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي فيروس كورونا‬
‫المستجد‪.‬‬
‫وعموما يرى المجلس أن اإلصابة بالفيروس شكل أكبر تهديد للحق في السالمة الجسدية وأن‬
‫تدخالت المكلفين بإنقاذ القانون تميزت عموما بالتقيد بالضوابط القانونية ‪،‬مع تسجيل حاالت‬
‫معزولة للتجاوزات‪ 9‬الصادرة عن بعضهم‪ .‬كما يسجل المجلس بإيجابية المساءلة البرلمانية و‬
‫فتتح تحقيق في هده التجاوزات‪ 9‬من طرف السلطات القضائية ‪ ،‬واتخاذ تدابير تأديبية في حق‬
‫‪.‬‬ ‫الموظفين التي ثبت تورطهم في تلك الممارسات المنافية للقانون‬
‫في ما يتعلق بالحق في السالمة الجسدية‪ ،‬يقدم المجلس التوصيات‪ 9‬التالية ‪:‬‬
‫‪ /1‬إعمال المادة ‪ 12‬من اتفاقية مناهضة التعذيب المتعلقة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما‬
‫وجدت أسماء معقولة تفيد ارتكاب جريمة التعذيب‪ ،‬دون الحاجة إلى شكوى كتابية‪. ‬‬

‫‪ /2‬تقوية آليات مكافحة إفالت مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة من العقاب نظرا لخطورة‬
‫جريمة التعذيب ‪ ،‬خاصة وأنها ترتكب غالبا من طرف مرؤوس تحت الرقابة الفعلية لرئيس‬
‫أو من يقوم مقامه ؛‬

‫‪ /3‬التنصيص على مقتضيات إجرائية خاصة بالبحث والتحقيق في إدعاءات التعذيب‬


‫والمعاملة القاسية و الالإنسانية والمهنية وتحميل النيابة العامة عبء اإلثبات في هذه‬
‫االدعاءات‪ 9‬؛‬

‫‪ /4‬نشر نتائج األبحاث التي قامت بها السلطات العمومية لمساءلة المتورطين في انتهاكات‬
‫تمس بالحق في السالمة الجسدية؛‬

‫‪ / 5‬تعزيز قدرات المسئولين عن انقاد القانون وتدريبهم على احترام معاير حقوق اإلنسان ‪،‬‬
‫بما في ذالك خالل فترة األزمة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسؤولية الدولة واألفراد والجماعات في حالة الطوارئ‬


‫الصحية‬
‫يعتبر قانون حقوق اإلنسان مدونة شاملة من أعظم انجازات األمم المتحدة‪ ،‬حيث‬
‫أنشأت لها آليات لتعزيزها وحمايتها ‪ ،‬وتحمل هذه اآلليات مسؤولية انتهاكها ‪ .‬غير‬
‫أن المثير لالهتمام أن كال من صكوك حقوق اإلنسان للبلدان األمريكية و اإلفريقية‪،‬‬
‫تشير إلى الواجبات‪ 9‬الفردية سواء بصفة عامة أو بصبغ محددة على السواء‪ ،‬فهي‬
‫أوال تحاول التوفيق بين الحقوق والواجبات الفردية‪ ،‬وثانيا تنص هذه الصكوك على‬
‫العديد من الوجبات الفردية المحددة ‪ 10‬فالعالقة بين الحقوق والوجبات هي عالقة‬
‫تفاعلية تحكمها أسس أخالقية وقانونية ‪ ،‬تفرض أداء الوجبات‪ 9‬للتمتع بالحقوق ‪،‬‬
‫وذالك لكي تسير العالقة بين أفراد المجتمع والدولة دون اضطراب ‪ ،‬حيث يمثل‬
‫المصطلحان دائرة تفاعلية متكاملة ‪ ،‬تجعل حصول األفراد على وجباتهم والتي هي‬
‫وجبات الدولة رهين بتقديم وجبات األفراد والتي هي حقوق الدولة ‪ .‬و السؤال‬
‫المطروح‪ :‬فما هي وجبات الدولة و األفراد والجماعات‪ 9‬في حالة الطوارئ الصحية‬
‫دون المساس بصحة المواطنين‪ ‬؟ وللغوص في هده السؤال سنتحدث في الفقرة عن‬
‫وجبات الدولة ‪ ،‬والفقرة الثانية التخفيف من اآلثار االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬وجبات الدولة‬ ‫‪‬‬
‫ما من حكومة إال وتكون مطالبة كدولة وطنية بتسديد " وجباتها الناقصة‬
‫بخصوص الحقوق والمسؤوليات الفردية دون تأخير ‪ ،‬لقطع الحجج أمام المواطنين‬
‫للعصيان واألضرار بالمصالح العامة " فبرغم من إكرهات حالة الطوارئ الصحية‬
‫على خلفية انتشار‪ -‬فيروس كوفيد – ‪ ،19‬تبقى الدول ملتزمة باحترام حقوق اإلنسان‬
‫إلى جانب اتخاذ كل التدابير الالزمة لمكافحة هذا الوباء وحماية الصحة العامة ‪،‬‬
‫والتخفيف من أثار الجائحة وتداعياتها على الصحة العامة واألوضاع االجتماعية‬
‫واالقتصادية ‪.‬‬
‫أ ‪  -‬تعزيز حماية الصحة العامة‬
‫وبعد إعالن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب ‪ ،‬باشرت السلطات المحلية وجميع‬
‫األجهزة األمنية ‪ ،‬ضبط كل التنقالت داخل المدن وخارجها ‪ ،‬وذالك من أجل فرض‬
‫حالة الطوارئ الصحية بشكل أمثل ‪ ،‬ومراقبة مدى التزام المواطنين بمنازلهم وعدم‬
‫مغادرتها إال للضرورة القصوى استثنائية يتم اإلدالء بها عند كل نقطة مراقبة ‪ ،‬وقد‬
‫‪10‬مكتب‪ 9‬المفوض السامي لألمم المتحدة حقوق اإلنسان ووضع الدستور‪ ،‬نيويورك وجنيف ‪ ،2018‬ص ‪.93‬‬
‫شرع رجال األمن في التحقيق من هاته الرخص على الطرقات واألسواق واألحياء‬
‫الشعبية وإرجاع كل من ال يتوفر على تصريح بالتنقل ‪ ،‬وإيقاف كل من ال يرتدي‬
‫الكمامة الطبية في إطار فرض تطبيق القانون‪.‬‬
‫وقد عمل المخطط الوطني للرصد والتصدي لفيروس كورونا المستجد ‪ ،‬على تقديم‬
‫المعلومات المتاحة عن هذا الوباء بالتنسيق مع منضمة الصحة العالمية وذالك عن‬
‫طريق البالغات الرسمية ‪ ،‬والدعائم الورقية‪ ،‬والوصالت السمعية البصرية ‪،‬‬
‫والعروض والدوريات ‪ ،‬وربورطاجات ذات الصلة على قناة يوثوب الخاصة‬
‫بوزارة الصحة ‪ .‬كما أمر الملك محمد السادس الجيش باستخدام المستشفيات‬
‫الميدانية العسكرية للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا ومن اجل تحسين البنية‬
‫األساسية الصحية والتخفيف من التبعات االجتماعية و االقتصادية لجائحة كورونا‪،‬‬
‫فقد أحدث صندوق خاص تجاوزت قيمة التبرعات فيه مليار دوالر من شريكات‬
‫رئيسية مملوكة للدولة وشركات خاصة وبنوك وأفراد واقتطاعات من األجور ‪،‬‬
‫وفيما يتعلق بضمان توفير مواد التطهير األسواق المالية ‪ ،‬فقد قررت وزارة‬
‫التجارة والصناعة وقف تصدير الكحول ومشتقاته والكمامات الطبية ‪.‬‬
‫وإثر إعالن إصابة أول حالة بفيروس كوفيد ‪ 19‬بالمغرب ‪ ،‬ثم إعالن الخدمة‬
‫العامة رسميا بشأن فيروس كورونا من طرف الحكومة‪ ،‬وخصصت‪ 9‬أجنحة خاصة‬
‫بمستشفيات المملكة للمصابين تحت إجراء وقاية صارمة ‪ ،‬أربكت المستشفيات‬
‫والمرضى من غير الوباء‪ ،‬و أصبح المواطنين يتخوفون من التردد على‬
‫المستشفيات‪ ،‬وهو ما حدا بالسلطة العامة بقرار مشترك لوزارة الداخلية والصحة‪،‬‬
‫بتجمع الحاالت‪ 9‬النشيطة لكوفيد ‪ ، 19‬والحاالت اإليجابية الممكن اكتشافها مستقبال ‪،‬‬
‫في مؤسستين صحيتين متخصصتين في كل من بن سليمان وبن جرير ‪ ،‬بإدارة‬
‫مشتركة من قبل األطباء المدنيين والعسكريين ‪ ،‬ودالك بعد التطورات المتحكم فيها‬
‫للوضع الوبائي ‪ ،‬لفتح المجال بمستشفيات‬
‫المملكة لعالج المرضى اآلخر‪.‬‬
‫ب‪ -‬التخفيف من اآلثار االقتصادية واالجتماعية للوباء‬
‫في ضل إعالن معظم الدول حالة الطوارئ الصحية وفرض حجر صحي غبر‬
‫مسبوق‪ ،‬تحولت اتجاهات‪ 9‬السياسات العمومية للدول للعمل من أجل التنمية‬
‫المستدامة إلى العمل العاجل‪ 9‬من أجل انقاد األرواح وإصالح سبل العيش لدى‬
‫المتضررين ‪ .‬فقد أعلنت أزمة فيروس كورونا إلى األذهان بأن النظم القوية هي‬
‫خط الدفاع األول ضد المخاطر التي تهدد حياة األمة‪ .‬هذا‪ ،‬وقد انتشر الوباء القاتل ‪،‬‬
‫في ظروف يرزح فيها االقتصاد لضغوط مالية متأزمة و صراعات متعددة خاصة‬
‫في العالم العربي ودل إفريقيا وآسيا ‪.‬‬
‫وقد ظهرت بالمغرب عدة تخوفات بشأن التبعات االقتصادية المترتبة عن هذا‬
‫الوباء‪ ،‬ما حدا بالحكومة المغربية إلى أن بعثت رسالة إلى وافد " االتحاد األوروبي‬
‫" في ‪ 26‬مارس ‪ ،20202‬حيث " توقت خسائر ملحوظة في قطاعات السياحة‬
‫والسيارات واألقمشة في عام ‪ .2020‬وتسلط الرسالة الضوء على تشكيل" "االتحاد‬
‫األوروبي " أكثر من ‪ 58‬في المئة من صادرات المغرب ‪ ،‬و‪ 59‬في المئة من‬
‫‪11‬‬
‫االستثمارات األجنبية المباشرة ‪ ،‬و‪ 70‬في المئة من قطاع السياحة بالمغرب "‬
‫وفي مواجهة التهديدات التي طالت على معظم الدول بشكل متفاوت ‪ ،‬والحتوائها‬
‫عمدت الحكومات إلى اتخاذ استجابات عاجلة تباينت هي األخرى على مستوى‬
‫السياسة العمومية ترمي إلى التخفيف من تداعياتها‪.‬‬

‫‪ 11‬محمد اشتاتو‪ ،‬مقال بعنوان‪ :‬فيروس كورونا في المغرب‪ :‬التبعات االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬شواهد على الموقع‬
‫‪ ،http.//arbne.ws/ 3fxQAXS‬بتاريخ ‪.26/04/2020‬‬
‫في المغرب عالوة على تقديم المعونات العينة تقرر تقديم دعم مالي ثم منحه من‬
‫كموارد صندوق محاربة جائحة كورونا ‪ ،‬وتراوحت قيمة الدعم (‪_1000_1200‬‬
‫‪ )800‬درهم ‪ ،‬لألسر التي تتوفر على بطاقات )رميد( وألسر العاملة في القطاعات‪9‬‬
‫المتضررة من انتشار فيروس كورونا وكل من توقف عمله بسبب حالة الطوارئ‬
‫الصحية منهم الحرفيون ‪ ،‬والعاملون في المقاهي والصناعات‪ 9‬التقليدية والمحالت‬
‫التجارية وغيرهم ‪.‬حيث " يساهم قطاع العاملين غير النظامين بما يزيد عن‬
‫‪  %11.5‬من النتاج الداخلي ‪ ،‬وتبلغ عدد وحدات اإلنتاج غير المهيكلة ‪1.68‬‬
‫مليون وحدة ‪ ،‬ويوظف القطاع غير المهيكل حاولي ‪ 2.4‬مليون شخص ‪ ،‬يشكلون‬
‫‪12‬‬
‫‪ %36‬من العاملين في المملكة باستثناء قطاع الزراعة‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الوجبات القانونية الفردية والجماعية‬
‫يندرج مفهوم الواجبات القانونية الفردية الجماعية أو المسؤولية القانونية‬
‫في القدرة على تحمل نتائج األفعال التي يقوم بها األفراد والجماعات ‪ ،‬بناء‬
‫على حرية واختيار كيف ما كنت حسنة أو سيئة‪ ،‬إن حرية االختيار ال‬
‫تعني العبث والفوضى‪ ،‬بل يفهم منها تمكين األفراد أو الجماعات من اتخاذ‬
‫القرارات التي ال تضر باآلخرين‪ ،‬فالحرية تنتهي عندما تمس بحرية‬
‫اآلخرين وحقوقهم‪ ،‬التي تربط بمصالح مشتركة وتفرض نوعا من التعاون‬
‫وتقاسم المسؤولية على نحو يضمن سالمة البيئة االجتماعية ‪ .‬فالمواطنون‬
‫بهذا المعنى إلى جانب تمتعهم بحقوقهم مطالبون بتسديد " واجباتهم الناقصة‬
‫تجاه الحكومة ‪ /‬الدولة‪ 9‬الوطنية‪ 9‬ومؤسساتها المدنية فوريا‪ ،‬وفي حال التأخير‬

‫‪ 12‬قناة الجزيرة‪ ،‬ماذا قدمت الحكومات‪ 9‬العربية ؟ تحقيق‪ 9‬الجزيرة نت عن األوضاع المالية للعمل في ظل كورونا شوهد على الموقع‬
‫‪ ، http.//bit.ly/37Bei2X‬بتاريخ ‪.02/04/2020‬‬
‫يكون لهذه الجهات الرسمية الحق في محاسباتهم حسبما تسمح بها النظم‬
‫والقوانين‪ 9‬الدستورية المعمول بها في المجتمع "‬
‫‪ ‬المساهمة و التضامن‬
‫إن تدبير حالة الطوارئ كما يقتضي مواجهة الوباء والحد من انتشاره ‪،‬‬
‫يقتضي أيضا تحديا أكبر يتمثل في التخفيف من آثاره االجتماعية‬
‫واالقتصادية على الفئات‪ 9‬الهاشة من المجتمع‪ ،‬والمتضررة من قرار اإلغالق‬
‫الذي شمل معظم المجاالت ‪ ،‬حيث عصفت آثاره السلبية وتكاليفه الباهظة‬
‫بكافة القطاعات وخاصة غير المهيكلة منه‪ ،‬وأضرت أيضا بكبريات‬
‫الشركات الوطنية والدولية ‪ ،‬األمر الذي يستدعي مسؤولية الجميع في‬
‫االلتزام بمقتضيات حالة الطوارئ الصحية ‪ ،‬وانخراط جميع المواطنين‬
‫والتعاون مع السلطات المعنية وتحمل مسؤوليتهم الفردية ‪ ،‬وأيضا التحلي‬
‫بالوعي الجماعي المشترك للتصدي لمرحلة ما بعد كورونا‪ ،‬التي لن تكون‬
‫حتما مثل ما كنت عليه من قبل ‪.‬‬
‫وال شك أن الدول ستعاني بدرجات متفاوتة من مخلفات هذه األزمة؛ فبعضها‬
‫معرض لمخاطر وهزات أكثر من غيرها بحكم مستوى الموارد‬
‫واإلمكانيات‪ ،‬وبالتالي لن تتخطى الدول هده األزمة دون تضامن قوي على‬
‫المستوين الصحي االقتصادي‪ .‬وفي هذه الصدد ‪ ،‬فقد اتخذ المغرب مجموعة‬
‫من التدابير المتعلقة بعم األسر المتضررة ‪ ،‬كما بين المواطنون أفرادا‬
‫وجماعات عن تضامنهم في هذه الظروف العصبية ‪ ،‬وأظهروا استجابة‬
‫فورية وحسا وطنيا كبيرا ‪ ،‬أبان عن وعيهم الكامل بالمسؤولية الملقاة على‬
‫عاتقهم كل حسب موقعه ‪ ،‬للمساهمة في الحد من تفشي فيروس كورونا‬
‫المستجد كوفيد ‪. 19 -‬‬
‫حيث أتيح للجميع المساهمة في الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة وباء‬
‫فيروس كورونا ‪ ،‬الذي رصدت له من الميزانية العامة للدولة اعت مادات‬
‫مالية بمبلغ ‪ 10‬مليارات درهم بشكل رئيسي من أجل‪:‬‬
‫‪ -‬تحمل تكاليف تأهيل اآلليات والرسائل الصحية ‪ ،‬سواء فيما يتعلق بتوفير‬
‫البنية التحتية المالئمة والمعدات والوسائل اإلضافية التي يتعين اقتناؤها بكل‬
‫استعجال ‪ ،‬وذالك من أجل عالج المصابين بالفيروس في ظروف جيدة؛‬
‫‪ -‬دعم االقتصاد الوطني لموجهات التداعيات هدا الوباء من خالل التدابير‬
‫التي ستقترحها لجنة اليقظة االقتصادية (‪ )SVE‬وذالك للتخفيف من الدعيات‬
‫على مستوى االجتماعي أساسا‪.13‬‬
‫و باإلضافة إلى الميزانية العامة للدولة‪ ،‬فقد تم تمويل الحساب أيضا من‬
‫خالل مساهمة العديد من الهيئات والمؤسسات‪ ،‬حيث ساهم‪:‬‬
‫‪ -‬صندوق الحسن الثاني بغالف مالي بقيمة مليار درهم‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية إلفريقيا بمليار درهم‬
‫‪ -‬شركة أفريقيا بمليار درهم‬
‫‪ -‬المفتش العام ومدراء اإلدارة المركزية بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة‬
‫بنصف راتب شهر ‪.‬‬
‫وأضح المساهمون أفرادا وجماعات‪ ،‬أن مبادرتهم تأتي في إطار التعبئة‬
‫الوطنية الشاملة التي تعيشها المملكة للحد من آثار وتبعات وباء كورونا‬
‫المستجد كوفيد ‪ ،19-‬وانخراطها منهم في هذه الدينامية الوطنية ‪ ،‬وترسيخا‬
‫لقيم التكفل والتضامن المنبثقة من روح المجتمع المغربي وتقاليده‬
‫‪14‬‬
‫األصلية ‪.‬‬
‫‪ 13‬وزارة االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬إحداث صندوق تدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا‪ ،‬شوهد على الموقع‬
‫‪، https.//Bit.ly/3dhzg7L‬بتاريخ ‪.2020-03 -16‬‬
‫‪ 14‬نفس المرجع آثار قانون الطوارئ الصحية بالمغرب‪،‬ص‪116،115،114،112،110،109،108،107،106 ،‬‬

You might also like