Professional Documents
Culture Documents
اعتلى الإسكندر الثالث
اعتلى الإسكندر الثالث
واصل اإلسكندر سيره متجها ً صوب الجنوب ،فوصل إلى إسوس ( Issosطرسوس الحالية ) .وفي هذا الموقع دارت رحى معركة
كبيرة ؛ حيث كان الجيش الفارسي ،بقيادة الملك دارا الثالث مرابطا ً عند هذا المكان ،وأحرز اإلسكندر نصراً باهراً ،فر على أثره الملك
دارا الثالث ،تاركا ً والدته وزوجته وبناته ،الالتي وقعن في أسر اإلسكندر فأكرمهن وعاملهن معاملة طيبة .وأمر اإلسكندر ببناء
مدينة في هذا الموقع احتفاال بالنصر ،حملت أسم اإلسكندرية ( اإلسكندرونة فيما بعد( .
عقب الهزيمة فر دارا إلى الشرق ،وكان من المتوقع أن يسير اإلسكندر في إثره ؛ إال أنه رأى أنه من األصوب أن يقوم باالستيالء
على قواعد األسطول الفارسي في البحر المتوسط أوالً ،لذلك قرر السير إلى الجنوب .
فتح مصر
في خريف عام 332ق.م .تقدم اإلسكندر نحو مدينة غزة ،فسلمت له بعد أن حاصرها لمدة شهرين ،وأصبح على مشارف مصر ،فبلغ
مدينة بيلوزيون (Pelosionتل الفرما الحالية ،شرقي بورسعيد) وهي بوابة مصر الشرقية .
ولما كانت مصر تحت االحتالل الفارسي وكانت أنباء إنتصارات اإلسكندر قد سبقته ؛ فسارع الوالي الفارسي باالستسالم للفاتح
المقدوني ،كما رحب به المصريون ترحيبا ً حاراً .خاصة بعد رواج شائعات حول ارتباط اإلسكندر باإلله آمون ،وأنه جاء لكي يحرر
مصر من االحتالل الفارسي .
أبحر اإلسكندر في الفرع البلوزي لنهر النيل ،ووصل مدينة منف مقر عبادة اإلله بتاح ،وحرص على:
توج فرعونا ً طبقا ً
-1إظهار احترامه للديانة المصرية ،فقدم القرابين لإلله ،وحرص على إبداء احترامه للكهنة ومن المرجح أنه ِّ
للطقوس المصرية.
-2أراد أن يؤكد كونه رسول الحضارة اإلغريقية إلى الشرق ؛ فأقام مهرجانا ً رياضيا ً وموسيقيا ً في منف ،على الطريقة اإلغريقية .
وفي أثناء سير اإلسكندر بمحاذاة شاطئ البحر المتوسط ،لفت انتباهه موقع قرية صغيرة يسكنها الصيادون المصريون ،تدعى راقودة
، Rhacotisوتقع قبالتها في البحر جزيرة صغيرة تسمى فاروس Pharos؛ فقرر إقامة مدينة في هذا الموقع .
بعدها قرر االسكندر أن يخترق الصحراء جنوبا ً إلى واحة سيوة ؛ حيث يوجد معبد اإلله آمون .وهو معبد نال شهرة عالمية آنذاك
باعتباره من أشهر معابد الوحي في العالم .وعلى الرغم من أن رحلة اإلسكندر ورفاقه إلى واحة سيوة كانت محفوفة بالمخاطر خاصة
وان اإلغريق لم تكن لديهم خبرة بالسير في دروب الصحراء .
إال أن اإلسكندر أراد من خالل هذه الرحلة أن يحقق عدة أهداف:
أولها :إثبات انتسابه لإلله آمون ،
ثانيهما :سؤال الوحي عن مدى نجاح خططه المستقبلية .
عندما بلغ الركب نهاية الرحلة ،تقدم اإلسكندر نحو معبد اإلله آمون فاستقبله كبير الكهنة قائالً :
" أهالً بابن آمون " ،وكان اإلسكندر يرغب في سماع هذا االعتراف من كبير الكهنة ،ثم دلف بعد ذلك إلى قاعة قدس األقداس بمفرده
.وافهمه كبير الكهنة بأن ما دار داخل قدس األقداس ؛ هو نوع من األسرار ال ينبغي البوح به لآلخرين .
بعد أن فرغ اإلسكندر من زيارة سيوة ،عاد إلى وادي النيل ،وقام بعدد من اإلجراءات :
-اإلعالن للجميع عن دخول الحضارة اإلغريقية إلى مصر
اإلبقاء على النظم اإلدارية المصرية القديمة . -
عهد ب اإلدارة المالية إلى اإلغريق ،وجعل على رأس هذه اإلدارة مواطن إغريقي من مدينة نقراطيس ،ويدعى كليومينيس -
. cleomenes
التقي جيش اإلسكندر مع الجيش الفارسي في عام 331ق.م .عند جاو جميال Gaugamela -
( بالقرب من أربيل عند الموصل الحإلي ة ) .وفي هذه المعركة أحرز اإلسكندر نصرا باهراً على الملك دارا الثالث ،الذي ولى -
األدبار صوب الشرق ،ويعتبر المؤرخون هذه المعركة واحدة من أهم المعارك في تاريخ البشرية .
أدرك اإلسكندر أن هذا النصر ليس كافيا ً إلعالن سقوط اإلمبراطورية الفارسية ،ما دام دارا الثالث على قيد الحياة ،فقرر أن -
يتتبعه إللقاء القبض علي ه ،إال أن رجال دارا تخلو عنه ،وطعنه أحدهم تاركين إياه وحيداً يعاني آالم الموت والذل ،وعثر
عليه جنود اإلسكندر وهو ُي ْح َت ضر في عربته الملكية ،فطلب منهم أن يشكروا اإلسكندر للمعاملة الطبية التي قدمها ألسرته
التي وقعت في األسر بعد معركة أسوس.
وعندما وصل اإلسكندر إلى الموقع كان الملك الفارسي قد فارق الحياة ،فحرص على إظهار احترامه لعدوه حتى اللحظات -
األخيرة ،وألقى عباءته الملكية على جثمان دارا ،وأمر بدفنه بطريقة تليق بالملوك ،كما أمر بإلقاء القبض على القتلة
لمعاقبتهم.
هكذا سقطت اإلمبراطورية الفارسية ،ودخل اإلسكندر مدن الفرس العظيمة مثل سوسة وبرسبوليس . Perspolisوصار -
وهو في سن السادسة والعشرين سيداً على العالم ،ولم ينس اإلسكندر وهو في غمرة انتصاراته الهدف الذي خرج من أجله
من بالد اإلغريق ،وهو :
االنتقام لشرف اإلغريق الذي دنسه الفرس عند غزوهم لبالد اليونان وإحراقهم لمدينة أثينا أعظم مدن اإلغريق ،فأمر -
بإضرام النار في مدينة برسبوليس.
واصل اإلسكندر تقدمه في اإلمبراطورية الفارسية ،التي كانت حدودها تمتد إلى الهند شرقا ً . -
وفي إقليم باكتريا ( أفغانستان الحإلية ) تزوج من روكسانا Roxanaابنة حاكم هذا اإلقليم ،ثم واصل سيره حتى وصل إلى -
إقليم البنجاب ووادي نهر السند ،وعند هذا الحد أدركت رجاله حالة من الملل واإلعياء ؛ فرفضوا أن يطيعوا قائدهم ،
وطالبوه بالعودة لبالدهم .
وعلى الرغم من حالة اإلحباط التي سيطرت على اإلسكندر من جراء طلب رجاله ؛ فإنه اضطر إلى اإلذعان لهم .وقرر -
تقسيم قواته في طريق العودة إلى قسمين :
-1األول يعود عن طريق البر تحت قيادته . -
-2الثاني يعود بحراً ،وعهد إلى أحد رجاله ويدعى نيارخوس Nearchosبمهمة قيادة األسطول الذي أعد لهذا الغرض . -
وجعل الهدف الرئيسي لهذه المهمة اكتشاف طريق للربط بين الغرب والشرق عن طريق البحر . -
ولم تكن أهداف اإلسكندر تقتصر على إيجاد طرق اإلتصال بين الشرق والغرب فقط؛ بل كان يهدف إلى إقامة جسور المحبة -
والتفاهم بين الشعوب ؛ فتزوج من سيدة شرقية ،وأمر رجاله بالزواج من سيدات فارسيات .
مكث اإلسكندر في بابل التي كان يخطط ل جعلها عاصمة إلمبراطوريته ،وأخذ يتطلع إلى سماع أخبار األسطول ،وكانت -
االتصاالت مع نيارخوس ورجاله قد انقطعت تماما ً ،وظن اإلسكندر أن األسطول قد هلك في غياهب المحيط الهندي .
ولكنه فوجئ بوصول نيارخوس إلى بابل ،وفرح بهذا النبأ فرحا ً غامراً ،واستقبل نيارخوس بحفاوة بالغة ،وراح يستمع -
باهتمام إلى المعلومات التي جمعها األسطول خالل الرحلة .وشجعه ذلك على االستمرار في استكشاف المزيد من المناطق .
وكانت بالد العرب على رأس البالد التي حظيت باهتمام اإلسكندر .فقد أسهبت بعض المصادر في الحديث عن ثروة هذه -
البالد .
كما جاء ذكر الخليج العربي عند المؤرخ هيكاتيه في حوإلى عام 500ق.م.؛ إال أن فكرة اإلغريق عن هذا الخليج ظلت -
محدودة ،وكانوا يطلقون عليه اسم " الخليج الفارسي" ، Persikos Kolposنظراً لخضوع هذا الخليج للنفوذ الفارسي في
تلك اآلونة .
وقد قام االسكندر في عامه األخير بإعداد خطة لاكتشاف بالد العرب،ولتحقيق هذا الهدف : -
-1أمر ببناء أسطول في قبرص وفينيقيا ،و تم نقل السفن براً إلى ثابساكوس ( Thapsacusبالقرب من دير الزور -
الحإلية ) ،في طريقها إلى بابل .
-2أمر بإقامة ميناء في بابل التخاذه قاعدة للعمليات .وكان هذا الميناء من الضخامة بحيث أنه كان يتسع لما يقرب من ألف -
سفينة .
-3إيفاد ثالث حمالت استكشافية في عام 324ق.م .من بابل وكان هدف هذه الحمالت جمع المعلومات عن شواطئ بالد -
العرب و الجزر المتاخمة لها وذلك على النحو التالي:
أ -الحملة األولى بقيادة أرخياس ، Archiasوهو أحد رجال حملة نيارخوس .والذي وصل حتى جزيرة تيلوس Tylos -
(البحرين) .
ب -الحملة الثانية بقيادة أندروسثينس ،Androthenesوقطعت هذه البعثة شوطا ً أطول من سابقتها ،فوصلت إلى تيلوس -
وأرادوس ، Aradosوأعد قائدها كتابا ً ظل يشكل مرجعا ً أساسيا ً للبحارة على نطاق واسع .
جـ -الحملة الثالثة بقيادة ” هيرون“ وبدأت هذه الحملة رحلتها من جنوب بابل وتمكنت من الطواف حول الجزيرة العربية -
والوصول إلى ميناء هيروبوليس في مصر حيث استدارت عائدة لتقديم التقارير إلى االسكندر.
د -أمر االسكندر بقيام حملة من االتجاه المقابل بقيادة اناكسيسكراتيس من ميناء هيروبوليس في مصر للدوران حول بالد -
العرب ،إال أن هذه الحملة لم تتجاوز باب المندب في مدخل البحر األحمر ،إال أنها تمكنت من جمع معلومات ال بأس بها عن
الشواطئ الغربية لبالد العرب.
هـ -إنشاء مستعمرة في شمال شرق الجزيرة العربية ،على حدود بالد الرافدين ،وحسب رواية اثنان من الكتاب القدماء -
أن اإلسكندر دخل إلى بالد العرب ،وأقام مدينة حصينة أعدها لسكنى جنوده الذين انتهت من خدمتهم .إال أننا ال نستطيع
تحديد موقع هذه المدينة ،و من المرجح أنه أطلق عليها اسم اإلسكندرية.
وكان اإلسكندر يرمي من خالل إقامة هذه المدينة ،إلى تحقيق عدة أهداف : -
-1إقامة مركز دفاعي ضد إغارات العرب . -
-2إقامة ميناء يمكن اتخاذه قاعدة للعمليات لألسطول الكبير ،الذي كان يجري بنائه لغزو بالد العرب . -
-3خلق مركز تجاري على رأس الخليج العربي الستقبال البضائع الوافدة من الشرق . -
وعلى الرغم من أن غزو اإلسكندر لبالد العرب لم يتم ،إال أننا نجد إصراراً من بعض ال ُك ّتاب القدامى على وقوع هذا الغزو ، -
وربما جاء هذا الخلط بسبب :
الغزوة الخاطفة التي قام بها اإلسكندر أثناء حصاره لمدينة صور ،وأرسل بعدها هدية إلى معلمة ليونيداس من بخور بالد -
العرب .
و بينما كانت االستعدادات إلرسال الحملة الكبرى لبالد العرب تجري على قدم وساق ،جرى إقامة حفل كبير في شهر يونيه / -
حزيران من عام 322ق.م .على شرف نيارخوس ،الذي تقرر إسناد قيادة الحملة إليه .
و في اليوم التالى للحفل أصيب اإلسكندر بالحمى، -
وعلى الرغم من هذا لم تتوقف االستعدادات إلرسال الحملة ،وحرص اإلسكندر على الرغم من مرضه على مناقشة تفاصيل -
الخطة مع نيارخوس.
وفي مساء إليوم العاشر من شهر يونيه /حزيران عام 322ق.م .توفى االسكندر و لم يكن قد بلغ الثالثة والثالثين من -
عمره ،بعد أن حكم لمدة اثني عشر عاما ً ونصف ،تعد بحق من أخصب سنوات تاريخ البشرية .
-
اإلسكندر الثالث المقدونيـ
المعروف بأسماء عديدة اإلسكندر األكبر واإلسكندر المقدوني .وُ لد اإلسكندر في مدينة پيال قرابة سنة 356ق.م ،وتتلمذ على يد
الفيلسوف والعالم الشهير أرسطو حتى بلغ ربيعه السادس عشر .وبحلول عامه 7الثالثين ،كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم
اإلمبراطوريات التي عرفها 7العالم القديم ،والتي امتدت من سواحل البحر األيوني غر ًبا 7وصوالً إلى سلسلة جبال الهيمااليا شرقا .يُعد
ً
أحد أنجح القادة العسكريين في مسيرتهم ،إذ لم يحصل أن هُزم في أي معركة 7خاضها على اإلطالق.
الحملة البلقانية
انطلق اإلسكندر من مدينة «آمفيپوليس» في ربيع سنة 335ق.م متجهًا شر ًقا إلى بالد «التراقيين المستقلين» ،وعلى سفوح جبال
البلقان 7هزم قواتهم ،ثم تابع طريقه إلى مناطق قبائل التريباليين 7،وتغلب عليهم بالقرب من نهر اليگينوس .ثم اتجه إلى الفرع
الرئيسي للنهر حيث لقي قبيلة الغيتيون على الضفة المقابلة ،فأمر اإلسكندر رجاله بالعبور ليالً تحت جنح الظالم ،فُأخذ الغيتيون
على حين غرّ ة وأجبرهم على التراجع بعد أوّ ل مناوشة بين الفرسان 7.بعد ذلك وصله أن كليتوس ملك أليريا ،وگلوكياس ملك
التولنتيين قد أشهرا العصيان 7عليه ،فحوّ ل اإلسكندر سير جيشه غربًا ناحية أليريا ،حيث هزم الملكان تبا ًعا 7وفرق جيوشهما ،وبتمام
هذا النصر كان 7اإلسكندر قد أمّن الحدود الشمالية لمملكته.
ثار الطيبيون واألثينيون على الحكم المقدوني مجد ًدا ،أثناء حملة اإلسكندر الشمالية ،ولمّا علم األخير بذلك ،اتجه جنوبًا بأقصى
سرعة إلخماد نار الثورة قبل امتدادها .كما في الثورات السابقة ،ترددت جميع المدن اليونانية في مقارعة 7اإلسكندر لمّا علمت
بقدومه ،إال طيبة ،التي قررت المواجهة .كانت مقاومة الطيبيين غير مجدية على اإلطالق ،فقد اكتسحهم اإلسكندر وجيشه كالعاصفة7
الهوجاء ،وسوّ ى مدينتهم باألرض ،وقسّم أراضيها بين باقي المدن البيوتيّة .كان لنهاية طيبة أثر مروّ ع في نفوس األثينيين،
فخضعوا لمقدونيا خو ًف ا من أن يصيبهم ذات المصير ،األمر الذي كان من شأنه إحالل السالم في جميع بالد اإلغريق ولو
مؤق ًتا .بهذا تفرّ غ اإلسكندر تمامًا لحملته اآلسيوية ،فجمع الجند والعتاد وانطلق شر ًقا ،تار ًكا 7أحد القادة العسكريين ،وهو أنتيپاتر،
وصيًا على العرش.
آسيا الصغرى
عبر اإلسكندر مضيق الدردنيل سنة 334ق.م بجيش قوامه 48,100جندي من المش77اة ،و 6,100من الفرس77ان ، 7وأس77طول س77فن
مكوّ ن من 120سفينة بلغ عدد أفراد طاقمها 38,000نفر،أحضروا من مق77دونيا ومختل7ف الم77دن اليوناني77ة .كم77ا ضّ 7م الجيش ع77دد
من المرتزقة والمحاربين اإلقطاعيين 7من تراقيا ،وپايونيا ،وأليريا .اشتبك المقدونيون مع الفرس في أوّ ل معرك77ة على ض77فاف نه77ر
گرانیکوس ،المعروف حاليًا باسم «نهر بیگا» ،شمال غرب آسيا الصغرى 7بالقرب من موقع مدين77ة ط77روادة ،حيث انه77زم الف77رس ،
ثم تابع تقدمه على طول ساحل البحر األيوني .حاصر اإلسكندر مدينة هاليكارناسوس الواقعة في إقليم كاريا ،لتكون بذلك أوّ ل مدين77ة
يحاصرها ،وقد كان الحصار ناجحً ا لدرجة أن المقيم بالمدينة،مما 7اض77طر قائ77د المرتزق77ة في المدين77ة ،الم77دعو «ممن77ون الرودس7ي»
وح7777اكم اإلقليم الفارس7777ي «ُأران7777دباد» إلى االنس7777حاب منه7777ا عن طري7777ق البح7777ر.ثم اتج7777ه إلى منطق7777ة ليكيا الجبلي7777ة في
جنوب األناضول فسهل پامفيليا ،فاتحً ا كل المدن الساحلية ولمّا وصل مدينة ترمسوس الپيس77يديّة ،ع77دل عن اقتحامه77ا بع77د أن ش77بهها
بعش عقاب ،الطائر المجسد لكبير اآللهة زيوس ،حيث خاف أن يؤدي عمله ذلك إلى غضب زيوس عليه وعدم توفيقه في حملته.بعد
ترمسوس كانت گورديوم المحطة التالية لإلسكندر وجيشه ،وفيها قام بحل العقدة الگوردية.
تابع اإلسكندر وجيشه زحفهم جنوبًا وعبروا بوابات قيليقية سنة 333ق.م ،فالتقوا بالفرس ثانية عند إسوس يقودهم الشاه دارا
الثالث بنفسه،فاشتبك الجيشان في معركة 7حامية الوطيس أسفرت عن تحقيق اإلسكندر لنصر حاسم ،وانكسار الجيش الفارسي وفرار
الشاه ناجيًا بحياته ،ووقعت في األسر زوجته وابنتيه وأمه «سيسيگامبيس» ،وغنم المقدونيون ً
كنزا عظيمًا كان قد حمله معه،
وكميات هائلة من المؤن واألسلحة .عرض الشاه إبرام معاهدة سالم مع اإلسكندر يحتفظ األخير بموجبها بما فتحه من األراضي،
وأن يطلق سراح عائلته مقابل 10,000طالن .ر ّد اإلسكندر على هذا المقترح بأنه هو وحده من لديه الحق بتقسيم أراضي آسيا،
بما أنه استحال سيدها ،فال يحق لدارا أو أي كان 7أن يحدد له ما يحتفظ به وما يتركه.
خلّد اإلسكندر نصره هذا ،الذي فتح له أبواب الشام على مصراعيها ،بأن أنشأ مدينة في شمال البالد على حدود األناضول،
هي« اإلسكندرونة » .وكان أمام اإلسكندر ،اآلن ،أن يختار إحدى خطتين :إما أن يتعقب الفرس إلى بالدهم نفسها ،وإما أن يزحف
جنوبًا لفتح المدن الفينيقية ومصر قبل أن ينقض على فارس .وقد وقع اختيار اإلسكندر على الخطة الثانية لكي يصون خطوط
مواصالته ،ولكي يُحبط كل محاولة قد يقوم بها األسطول الفارسي لتحريك اليونان إلى الثورة عليه .وكانت المدن الفينيقية رازحة
تحت نير االستعمار 7الفارسي الثقيل ،ففتحت أبوابها لإلسكندر واستقبلته كمنقذ مخلّص.
ورغب اإلسكندر في أن يُقدّم الذبائح إلله صور« ملقارت» ،فأبى الصوريّون عليه ذلك ،إذ كانوا يعتبرون هذا العمل ح ًقا من حقوق
ملكهم دون غيره .فع ّد اإلسكندر رفضهم هذا إهانة شخصية له ،وعزم على تأديب المدينة العنيدة ]81[.وكانت صور تنقسم آنذاك إلى
قسمين :صور البرية وصور الجزيرة .فارتأى اإلسكندر أن يفتح المدينة البرية أوالً ،ثم يبني س ًدا يربطها بالجزيرة فيعبر البحر
عليه ،ويحاصر الجزيرة فتسقط في يديه .وهكذا استولى في سهولة فائقة على صور البرية ،ثم أمر رجاله بهدم مبانيها 7وإلقاء
أنقاضها في البحر ،وبقطع األشجار من الغابات 7المجاورة الستخدامها في أعمال الطمر الجبّارة ]81[.ولكن الصوريّون قاوموا الفاتح
ببسالة عجيبة ،حتى كاد اليأس يتسرب إلى فؤاده .وأخيرً ا استطاع اإلسكندر أن يجمع قوة بحرية هائلة حاصر بها الجزيرة فسقطت
في يده ،في شهر يوليو سنة 332ق.م ،بعد حصار دام سبعة أشهر وانتقم اإلسكندر من صور ،فقتل ستة آالف من
أهلها ،وصلب ألفين ،وسبى ثالثين أل ًفا ]84[.ثم دخل هيكل ملقارت وق ّدم الذبائح إلى إله صور ،وأقام حفلة ألعاب ابتهاجً ا بنصره
بعد تدمير صور ،خضعت معظم المدن والبلدات الشامية لإلسكندر دون قتال ،أثناء مروره بها متج ًها 7إلى مصر ،إال غزة ،فقد
رفض حاكم المدينة الفارسي فتح أبوابها للقائد المقدوني ،وأعلن عزمه مقاومته .وكانت غزة من أكثر مدن الشام تحصي ًنا ،وكان
موقعها على تلة يفرض على أي جيش ضرب الحصار عليها كي يتمكن من فتحها ]85[.حاول المقدونيون اقتحام المدينة ثالث مرات
متتالية ،فلم ينجحوا ]86[،وفي المرة الرابعة وفقوا بعد أن استخدموا أدوات حصار أحضروها خصي ً
صا من صور ،غير أن اإلسكندر
دفع ثمن الحصار غال ًي ا ،فقد أصيب بجرح خطير في كتفه .وكما فعل في صور ،انتقم اإلسكندر من أهل المدينة شر انتقام،
فطال سيفه رقاب كل الرجال القادرين على حمل السالح ،وبيعت النساء واألوالد عبي ًدا ،كما جعل الحاكم عبرة 7لمن ال يعتبر ،فربط
[]87
قائمتيه بعربة ثم جرّ ه تحت أسوار المدينة ،واستمر يجرّ ه حتى مات متأثرً ا بجراحه.
كانت مدينة القدس قد فتحت أبوابها سل ًم ا لإلسكندر ،فدخلها دون مقاومة ،ويذكر المؤرخ اليهودي الروماني ،المدعو يوسف بن
ماتيتياهو ،والشهير باسم يوسيفوس فالڤيوس ،أن األحبار عرضوا على اإلسكندر اإلصحاح الثامن من سفر دانيال ،الذي يتحدث عن
ما أخبره النبي دانيال من أن مل ًكا إغريقيًا عظيمًا سوف يغزو أراضي االمبراطورية الفارسية 7وأن شاه فارس صاحب القرنين 7عظيم
ض َو َل ْم ب َعلَى َوجْ ِه ُك ِّل اَألرْ ِ ْس م َِن ْال َمعْ ِز َجا َء م َِن ْال َم ْغ ِر ِ ت ُم َتَأ ِّمالً ِإ َذا ب َتي ٍ الشأن لن يقوى على الوقوف في دربهَ :و َب ْي َن َما ُك ْن ُ
ض ِإلَ ْي ِهْن الَّذِي َرَأ ْي ُت ُه َواقِ ًفا عِ ْندَ ال َّنه ِْر َو َر َك َ ب ْال َقرْ َني ِ
صا ِح ِْش َ ْس َقرْ نٌ مُعْ َت َب ٌر َبي َْن َع ْي َن ْيهَِ .و َجا َء ِإلَى ْال َكب ِ ضَ ،ولِل َّتي ِ َيمَسَّ اَألرْ َ
ْش َو َك َس َر َقرْ َن ْيهَِ ،فلَ ْم َت ُكنْ ل ِْل َكب ِ
ْش قُوَّ ةٌ َعلَى ب ْال َكب َ ض َر َ ْشَ ،فاسْ َت َش َ
اط َعلَ ْي ِه َو َ ب ْال َكب ِ ص َل ِإلَى َجا ِن ِ ِبشِ َّد ِة قُوَّ ِتهَِ .و َرَأ ْي ُت ُه َق ْد َو َ
ْش ُم ْنق ٌِذ مِنْ َي ِد ِه[.دانيال ]8 ويظهر بأن اإلسكندر طرب عند سماعه7 اسهَُ ،و َل ْم َي ُكنْ ل ِْل َكب ِ ض َودَ َ ْالوُ ُقوفِ َأ َما َمهَُ ،و َط َر َح ُه َع َلى اَألرْ ِ
نبوءة تتعلق به ،فأكرم المقدسيين ،ومكث فترة في المدينة زار خاللها هيكل حيرود ،ثم غادر وتابع طريقه جنوبًا.
وصل اإلسكندر إلى الفرما ،بوابة مصر الشرقية ،في خريف عام 332ق.م ،ولم يجد أي مقاومة من المصريين 7وال من الحامية
الفارسية 7عند الحدود ففتحها بسهولة ،ثم عبر النيل ووصل إلى العاصمة منف ،فاستقبله أهلها كمحرر 7منتصرثم أقام مهرجا ًنا 7ثقافيًا
ترفيهيًا على النمط اإلغريقي احتفاالً بهذا الفوز العظيم .بعد ذلك سار بقواته بحذاء الفرع الكانوبي للنيل ،متجهًا إلى ساحل البحر
المتوسط ،وحط رحاله بالقرب من بحيرة مريوط ،وراعه أهمية المكان 7المحصور بين البحيرة والبحر المتوسط ،خاصة إن المكان
قريب من نهر النيل الذي يمده بالمياه العذبة .لقد وجد في المكان 7جزيرة صغيرة قريبة من الشاطيء ُتسمى «فاروس» ،ومن ثم
كلف أحد معاونيه ويدعى «دينوقراطيس» لكي يشرف على بناء مدينة في هذا ووصل الشاطيء بالجزيرة بطريق من الحجارة
والرمل ،على أن تحمل المدينة الجديدة اسم القائد المقدوني ،أال وهي اإلسكندرية؛ التي قُدّر لها أن تصبح عاصمة مصر الح ًقا
خالل عهد البطالمة خلفاء اإلسكندر .بعد ذلك رجع اإلسكندر إلى منف ،وقبل مغادرته مصر حرص على أن ينظم البالد تنظيمًا
دقي ًقا .فقد حرص على اإلبقاء 7على النظم المصرية 7القديمة ،وتنويع الحكم بين المصريين واإلغريق الذين وضع بين أيديهم السلطة
العسكرية 7والمالية ،وأبقى للمصريين 7السلطة اإلدارية ،ووزع السلطات بالتساوي ،ثم ش ّد الرحال واتجه بجيشه شر ًقا مجد ًدا.
سار اإلسكندر بجيشه متجهًا إلى عقر دار الفرس معتز ًما 7القضاء 7على قوتهم العسكرية ،فوصل بالد ما بين النهرين ،حيث كان
الشاه دارا الثالث قد حشد جي ًشا جرّ ارً ا وصل تعداد أفراده بحسب المصادر القديمة إلى ما بين 200,000و 250,000جندي ،
بينما وصل عدد أفراد الجيش المقدوني إلى 47,000جندي فقط .اختار الشاه موقع المعركة الفاصلة بعناية 7مدروسة ،فجعله سهالً
مكشو ًفا مسطحً ا بحيث يتمكن من إفراز كامل قواته المتفوقة عدديًا بحيث يضمن النصر .اتجه الجيش المقدوني إلى ساحة المعركة
ليجدوا الفرس مصطفين 7وبانتظارهم ،وقد ظهر بين صفوفهم الكثير من العجالت الحربية وخمسة عشرة فيالً حربيًا أحضرت
خصيصًا من الهند .أظهر اإلسكندر نبوغه العسكري عند بداية المعركة ،فقام بالعدو على موازاة الجناح األيمن للجيش الفارسي،
يرافقه ثلّ ة من أفضل فرسانه ،فتبعه قسم من الجيش ،حتى إذا ظهرت فجوة بين صفوفهم ،دخلها اإلسكندر بسرعة فائقة ووصل إلى
حيث تخفق راية الشاه ،الذي راعه رؤية المقدونيين وقد اخترقوا صفوف جيشه ،ففر هاربًا مع بعض قادته ،تار ًكا جيشه يتضعضع
تحت وطأة ضربات اإلسكندر وجيشه ..الحق اإلسكندر فلول الجيش الفارسي رغبة منه بالقبض على الشاه ،فتتبعه
حتى أربالء شماالً ،لكنه لم يتمكن من اإلمساك به ،بسبب عبوره جبال زاغروس ولجوئه إلى همدان .بعد ذلك دخل اإلسكندر بابل،
عاصمة 7الفرس ،مكلالً بالظفر ،واستقبله أهلها بالترحاب ،وأعطى األمان للناس ومنع جنوده من دخول البيوت دون إذن أصحابها أو
أن يسلبوا شيًئ ا.
بعد فتحه بابل ،انطلق اإلسكندر باتجاه مدينة سوسة ،إحدى العواصم األخمينية المهمة ،ف7دخلها واس7تولى على خزائنه7ا .ثم س7ار م7ع
القسم األعظم من جيشه إلى پرسپولیس ،العاصمة 7الدينية للفرس ،عبر الطريق الملكي ،ويُقال أنه انتقى الجنود شخصيًا ،كٌ 7ل باس77مه،
ً
جيش7ا ص7غيرً ا بانتظ7ارهم يق7وده ح7اكم اإلقليم الم7دعو للقيام بهذه المهمة ،ولمّا وصل المقدونيون إلى معبر «بوابات فارس» وج7دوا
«آریوبرزن» ،فهزموه وشتتوه ،ثم أسرعوا إلى المدينة قبل أن تقوم حاميتها بالسطو على خزينتها والفرار .س77مح اإلس77كندر لرجال77ه
أن ينهب77وا پرس77پوليس طيل77ة أيّ77ام ع77دّة بع77د أن دخله77ا،ومكث فيه77ا خمس77ة أش77هر .وخالل ف77ترة إقامت77ه ،ش77بّ حري77ق هائ77ل في
يع م77ا يفع77ل ،أو أن
قصر خشايارشا 7الشرقي ،وانتشر إلى باقي أنحاء المدينة ،ويُحتمل أن يكون هذا الحادث سبّبه شخص مخمور لم ِ
أحدهم أشعل النار عم ًدا بقصد إحراق معلم فارسي مهم ،ر ًدا على حرق الفرس ألكروپوليس أثينا خالل الحرب الفارسية الثانية.