Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
Untitled
إعداد الباحث
أنجلو القمص بالمون يواقيم
يناير 2023
1
قائمة المحتويات
رقم الصفحة الموضوع
3 مقدمة
2
مقدمة
يهدف هذا البحث إلى مناقشة قضية هامة قد أ’ثيرت فى األونة األخيرة من
قبل بعض األحباء فى األوساط الكنسيه حول قضية التجسد اإللهى والهدف
الرئيسى من وراء هذا السر.
وقد رمى البعض لفكرة أن الكلمة قد نزل إلينا وظهر فى الجسد كيما
"يؤلهنا" ،بمعنى أن يرفع الطبيعه البشرية إلى مستوى أخر أعلى مما قد
خلقت عليه فى البداية .إلى الحد الذى وصل إليه البعض بالقول أن الكلمة
كان سوف يتجسد على أى حال حتى لو لم يخطىء أدم.
وقد إعتمدت فى هذا البحث على الرجوع لبعض كتابات أعمدة اإليمان
أثناسيوس الرسولى وكيرلس عمود الدين باإلضافة إلى بعض النصوص
الليتورچية بغرض النظر فى هذه القضية والخروج بمفاهيم بسيطة للقارىء
العزيز حول سبب تجسد الكلمة والمعنى السليم للتأله.
كما تعرضت فى هذا البحث إلى بعض األيات الكتابية التى أ’سىء فهمها،
و قد تم إستخدامها بشكل غير سليم فى مفهوم التأله .وذلك فى ضوء كتابات
أعمدة اإليمان أثناسيوس الرسولى وكيرلس عمود الدين.
3
الفصل األول
4
المبحث األول :نعمة مماثلة الصورة اإللهية
لقد جبل هللا أدم من تراب األرض ،ثم نفخ فيه نسمة الحياة .وقد كان من
المنطقى أن يعود ذاك الترابى إلى أصله كسائر المخلوقات ،ولكن لسبب
نعمة مماثلة الصورة اإللهية فقد بقى اإلنسان فى حالة عدم الفساد .يوضح
ذلك القديس أثناسيوس الرسولى فيقول:
"وألنه رأى (أي الكلمة) عدم قدرة اإلنسان أن يبقى دائ ًما على الحالة التي
ُخلق فيها ،أعطاه نعمة إضافية ،فلم يكتف بخلق البشر مثل باقي الكائنات
غير العاقلة على األرض ،بل خلقهم على صورته"2.
-1القمص عبد المسيح المسعودى – الخوالجى المقدس – دير السيدة العذراء البراموس -الطبعة الخامسة 2015صالة الصلح –
القداس الباسيلى.ص 328
-2البابا أثناسيوس الرسولى -تجسد الكلمة -مؤسسة القديس أنطونيوس ،نوڤمبر ٢٠٠٤م ،ترجمة دكتور چوزيف موريس فلتس
الفصل الثالث فقرة – ٣ص٨
.incorruption or immortality -3
5
فماذا أيضا كانت تعنى مماثلة الصورة اإللهية؟
يقول القديس كيرلس الكبير:
“We are rational animals, capable of both mind and
”knowledge, and we participate in the wisdom from God
4
يعلق مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث على هذه المعرفة فيقول:
كما يعطى أيضا القديس أثناسيوس الرسولى بعدا أخر عن مفهوم مماثلة
الصورة اإللهية فيقول:
“thus too has the race made after God’s Image come to
be, namely men; for though Adam only was formed out
of earth, yet in him was involved the succession of the
whole race.”6
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
4- Cyril of Alexandria – Commentary on John – V1 - InterVarsity Press, 2013 by David R
Maxwell, P. 35
-5البابا شنودة الثالث – شخصيات الكتاب المقدس ،أدم وحواء – القمص بطرس السريانى – الطبعة الثانية – 1982ص 16
6- Athanasius the Apostolic – Orationes contra Arianos, Four Discourses Against the Arians P. 793,
this file has been downloaded from http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf204.html.
6
وهذا البعد الذي قدمه القديس أثناسيوس الرسولي في مقالته الثالثة ضد
األريوسيين هو في الواقع يعبر عن جانب هام من جوانب مماثلة
الصورة اإللهية أال وهو "الوحدة مع التعدد" .فكما أن هللا هو واحد في
جوهره مثلث في أقانيمه ،ومع كون التعدد في األقانيم ال يلغى الوحدانية
في الجوهر ،فهكذا خلق هللا إنسان واحد فقط وهو أدم كرأس وجزر للبشر
بأجمعهم ،فتحققت صورة هللا الواحد المتعدد األقانيم .وهذه العقيدة أيضا
يطلق عليها عقيدة وحدة الجنس البشرى7 .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-7األنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة – محاضرة بعنوان تجسد ابن هللا وتأليه اإلنسان – مركز البابا ديوسقوروس
للدراسات الالهوتيه بتاريخ 2022/7/8
7
المبحث الثانى :السقوط وتشوه الصورة اإللهية
هلل ع َِارفَ ْي ِن "بَ ِل هللاُ عَا ِل ٌم أَنَّهُ َي ْو َم تَأ ْ ُكالَ ِن ِم ْنهُ تَ ْنفَ ِت ُح أَ ْعيُنُ ُك َما َوتَكُونَ ِ
ان كَا ِ
ا ْل َخ ْي َر َوالشَّر" َ“ )تك (5 :3
دخلت الحية إلى حواء البريئة بمنهج وسالح ،وكان المنهج هو التشكيك
في كالم هللا» :أَ َحقًّا قَا َل هللاُ الَ تَأ ْ ُكالَ ِم ْن ُك ِل َ
ش َج ِر ْال َجنَّ ِة؟« )تك (1 :3
وإستخدمت الحية سالحآ معهودا لديها قد نال منها قديما ،كان هذا السالح
هو شهوة األلوهية "تصيران مثل هللا".
يعلق البابا شنودة الثالث على ذلك فيقول :
"يوم تأكالن منها تتفتح أعينكما وتصيران مثل هللا ."..هنا اإلغراء الجبار
"تصيران مثل هللا" أو تصيران إلهين !!..إن كان األمر هكذا ،فلماذا نرضى
ونكتفي بالمستوى البشري؟! ولماذا نأخذ من هللا موقف الطاعةً ،
بدال من
موقف المساواة؟! وعصفت شهوة األلوهية بهذه اإلنسانة المسكينة
فدخلها الكبرياء8 ".
ويضيف البابا شنودة الثالث على تشابه سيناريو السقوط بين الشيطان
واإلنسان فيقول:
"واستطاعت هذه الكبرياء أن تحطمها ،كما حطمت الشيطان من قبل ألنه
أراد أن يقع اإلنسان في نفس السقطة التي وقع فيها ..وماذا كانت سقطته؟
يحكيها سفر أشعياء النبي فيقول:
"كيف قطعت إلى األرض يا قاهر األمم؟ وأنت قلت في قلبك :أصعد إلى
السموات ،أرفع كرسي فوق كواكب هللا ..أصعد فوق مرتفعات السحاب،
أصير مثل العلي .ولكنك انحدرت إلى الهاوية ،إلى أسافل الجب "(أش :14
8 )15 – 12
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-8البابا شنودة الثالث – شخصيات الكتاب المقدس ،أدم وحواء – القمص بطرس السريانى – الطبعة الثانية – 1982ص 23
8
حقا ما أشبه اليوم بالبارحة ،لعله كان يوما ً حزينا ً على األرض كلها ،يوم
سقط فيه سيد الخليقة ،يوم اسودت فيه طبيعته المضيئة وتغيرت فيه معالم
الصورة حيث لم تعد األمور كسابق عهدها.
ويعلق شاعر البرية على هذا الموقف فيقول:
"إن خطية الكبرياء هي التي أسقطت الشيطان ،وهى التي أسقطت اإلنسان
األول .وكما قال أحد القديسين :إن حواء اشتهت مجد األلوهية ،ففقدت ما
كان لها من مجد البشرية9 ".
ومع سقوط أبوينا ينتهى فصل جليل من تاريخ البشرية ،ومع تشوه الصورة
اإللهية يبدأ فصل جديد من تدبير الخالص سعيا ً إلستعادة هذه الصورة
الرائعة.
يعلق القديس كيرلس الكبير على مجريات األحداث فيقول:
"The benefactor took back the grace that was given to
him. When, for the first time, the one who came to life
heard, “Earth you are, and to earth you will return,” the
likeness to God was then marked with a false stamp
through the sin that rushed in, and the engraving was no
longer distinct. It became more obscure in him, so to
speak, and darkened by the transgression" 10
وضح القديس كيرلس أن النعمة المضافة التي تحدث عنها أثناسيوس تم
نزعها من قبل الواهب ،والصورة اإللهية أصبحت كما لو كانت مختومة
بختم مزيف ،عالوة على كونها أظلمت نتيجة للخطية .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-9نفس المرجع السابق ص 23
10- Cyril of Alexandria – Commentary on John – V1 - InterVarsity Press, 2013 by David R
Maxwell, P. 81
9
إن سبب تجسد الكلمة وظهوره فى الجسد كان من أجل خالصنا ،يعلق
القديس أثناسيوس الرسولى على ذلك فيقول:
"حتى تستطيع أن تدرك سبب ظهور كلمة األب ،كلي العظمة والرفعة،
في الجسد ،ولكي ال تظن أن مخلصنا كان محتا ًجا بطبيعته أن يلبس جسدًا.
بل لكونه بال جسد بطبيعته ،ولكونه هو الكلمة ،فإنه بسبب صالح أبيه
ومحبته للبشر ،ظهر لنا في جسد بشري .ألجل خالصنا" 11
تجسد الكلمة أيضا ً كان بسبب تعدينا الوصية ،ولم يكن قط أمرا ً حتميا على
الكلمة أن يتجسد ما لم تكن هناك قضية لخالصنا ،وهذا نجده واضح فى
شرح القديس أثناسيوس فيقول:
"من الضروري عندما نتحدث عن ظهور المخلص بيننا ،أن نتحدث عن
بداية خلق البشر ،ولكي تعلم أن نزوله إلينا كان بسببنا ،وأن تع ِدينا استدعى
عا لمعونتنا ،ويظهر بين البشر .فألجل تعطف الكلمة ،لكي يأتي الرب مسر ً
قضيتنا تجسد لكى يخلصنا ،وبسبب محبته للبشر قَ ِب َل أن يتأنس ويظهر في
جسد بشري12 ".
10
نالحظ هنا:
شركاء مخالفة أدم :تفيد بوراثة الخطية األصلية.
من جراء أخطائه عوقبنا :تفيد بوراثة العقوبة نتيجة الخطية.
أن الخالص مرتبط بمحو "عصيان الكل"" ،وعصيان كل واحد على
حده" أي أن خطية آدم الموروثة ُحسبت عصيان الكل ،وخطايانا
الشخصية التي ارتكبناها بإرادتنا الحرة عبر عنها القديس كيرلس
بعصيان كل واحد على حده .ومن هنا نرى أن القديس يفرق ما بين
اإلثنين ببراعة شديدة!.
ولئال يستنتنج أحدهم أن الكلمة ربما كان سيتجسد لسبب أهم من وجهة
نظره وهو أن يؤلهنا ويرفع طبيعتنا البشرية لدرجة المساواة معه فى
األلوهية بحسب زعمهم ،وأن التجسد على هذا الحال كان أمرا ً حتميآ حتى
لو لم يخطئ أدم ،فيرد عليه القديس كيرلس الكبير بكلمات قاطعة:
11
الفصل الثانى
12
المبحث األول :أيات أسىء فهمها عن التأله
مما ال شك فيه أن بعض األحباء ممن يتبنون نظرية التأله كغاية عظمى
لتجسد الكلمة يعتمدون فى مبحثهم على بعض أيات الكتاب المقدس مفسرين
إياها تفسيرا ً خاطئا ً.
لذلك حرصت فى هذا الفصل على إستعراض بعض من األيات التى أسيء
إستخدامها فى مفهوم التأله بحسب أقوال القديسين أثناسيوس وكيرلس مع
تقديمها بكال اللغتين اإلنجليزية والعربية إليضاح المعنى.
ي َوأَنَا فِ َ
يكِ ،ليَكُونُوا اآلب فِ َّ
ُ احدًاَ ،ك َما أَنَّ َك أَ ْنتَ أَيُّ َها ُون ا ْل َج ِمي ُع َو ِ
ِ " -1ليَك َ
س ْلتَنِي( ".يو )21 :17 احدًا فِينَاِ ،ليُ ْؤ ِم َن ا ْلعَالَ ُم أَنَّ َك أَ ْر َ ُه ْم أَ ْيضًا َو ِ
13
Thus, hearing that men are called sons, they thought
themselves equal to the True Son by nature such2924.
And now again hearing from the Saviour, ‘that they may
be one as We are2925,’ they deceive themselves, and
are arrogant enough to think that they may be such as
the Son is in the Father and the Father in the Son; not
considering the fall of their ‘father the devil2926,’ which
happened upon such an imagination." 17
"إنهم يقولون مثلما قال الشيطان "نصعد إلى السموات ونصير مثل العلى"
ألن ما يُعطى لإلنسان بالنعمة هذا يجعلونه مساويا ً أللوهية ال ُمعطى ألنهم
إذ سمعوا أن البشر سيصيرون أبناء هلل ،ظنوا أنفسهم مساويين لالبن
الحقيقى بالطبيعة واآلن أيضا ً إذ يسمعون من المخلص قوله" :لكى يكونوا
واحداً ،كما نحن" ،يخدعون أنفسهم وتصل بهم الوقاحة لدرجة أنهم يظنون
أنهم سيوجدون مثلما االبن هو كائن فى اآلب واآلب فى االبن ،غير
معتبرين بسقوط أبيهم الشيطان ،الذى سقط نتيجة لمثل هذا التحايل
والخداع18 “.
ومما سبق يتبين بوضوح أن ما يعطى لإلنسان بالنعمة هو مختلف تماما مع
مع ألوهية المعطى (هللا) .فبنوتنا هلل هي بالنعمة نأخذها بالروح القدس ،أما
والدة اإلبن الوحيد من هللا األب فهى والدة فريدة بالطبيعة.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
17- Athanasius the Apostolic – Orationes contra Arianos, Four Discourses Against the Arians, Third
Discourse - page 847-848, this file has been downloaded from
http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf204.html
-18القس الدكتور بافلى موريس -محاضرة عن الهدوئيين – مركز البابا ديوسقورس للدراسات الالهوتية نوفمبر .2022
14
(6 :82 )مز." ِإنَّ ُك ْم آ ِل َهةٌ َوبَنُو ا ْلعَ ِلي ِ ُكلُّ ُك ْم: ُ “أَنَا قُ ْلت-2
إصطدم البعض بهذه اآلية واضعين أمالهم عليها للوصول إلى مستوى
ولكن بالرجوع إلى القديس كيرلس نجده يشرحها على النحو،األلوهية
:التالي
: ُ "أَنَا قُ ْلت:"نحن أبناء هللا بل دعينا ألهة فى األسفار اإللهية حسب المكتوب
هل يعنى هذا أن نتخلى عن.)٦ :٨٢ " (مز.ِإنَّ ُك ْم آ ِل َهةٌ َوبَنُو ا ْلعَ ِلي ِ ُكلُّ ُك ْم
كياننا ونرتفع إلى جوهر الالهوت غير المنطوق به وأن ننزل اإلبن الكلمة
ونجعل محبة الذى أكرمنا،من مجد بنوته ونجلس نحن فى مكانه مع األب
أما نحن فبالتبنى صرنا. فاإلبن هو كائن غير متغير.عذرا ً للكفر؟ حاشا هلل
20 " غير جاهلين من نحن،أبناء وألهة بالنعمة
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
19- Cyril of Alexandria – Commentary on John – V1 - InterVarsity Press, 2013 by David R
Maxwell, P. 49
ص، المركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية، مؤسسة القديس أنطونيوس، شرح إنجيل يوحنا، القديس كيرلس عمود الدين-20
٧١ - ٧٠
15
مما سبق نرى القديس كيرلس يستنكر بشدة مجرد فكرة مساواتنا هلل الكلمة
. بل ويؤكد أيضا ً على مفهوم البنوة بالنعمة،فى الجوهر
16
هو يتكلم ليس عن مكان ،بل عن تقدم فى الفضيلة .ألن نفس الخصائص
التى ظهر المسيح متميزا ً بها ،يجب على الذين يتبعونه أن يتميزوا بها
أيضاً .هذا طبعا ً ال يتضمن اإلمتيازات اإللهية ،والفائقة على الطبيعة
البشرية ،ألنه من المستحيل على أى إنسان أن يكون مثل من هو اإلله
الحقيقى ومن هو بطبيعته هللا ،بل أن يتمثل بالخصائص التى يمكن لطبيعة
اإلنسان أن تتصف بها :ليس إسكات البحر وأعمال من هذا القبيل ،بل أن
يكون متواضعا ً ووديعا ويحتمل اإلهانات" 22
لقد قدم القديس كيرلس هنا معنى اإلشتراك فى المجد اإللهى ،فهو ال يعنى
قط إرتفاع طبيعتنا إلى مستوى أسمى مما قد خلقت عليه ،أو بمعنى أخر ال
يعنى هذا بالضروره أن تكون لنا الصفات الخاصة باإللوهية .ولكنه يضع
اإلتضاع والوداعة وتحمل اإلهانات فى مرتبة فضلى لدرجة تصل إلى
اإلشتراك فى المجد اإللهى.
ياله من قول رائع وفهم رزين للكتب المقدسة!.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-22القديس كيرلس عمود الدين ،شرح إنجيل يوحنا ،مؤسسة القديس أنطونيوس ،المركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،اإلصحاح
١٢عدد .٢٦ص ٧٣
17
المبحث الثانى :إستعادة الصورة اإللهية
23 ”فتح باب الفردوس ،وردَّ آدم ،إلى رئاسته ،مرة أخرى“ .
"إذ أن الرب يسوع المسيح ،هو صورة هللا] ،[107واإلنسان مخلوق على
جديرا به
ً صورة هللا ،وقد تشوهت هذه الصورة بسبب خطية آدم ،فكان
وحده ،أن يأتي إلينا؛ ليعيد لنا الصورة اإللهية ،باتحادنا به ،وبفعل الروح
القدس في حياتنا ،إلى أن نكون مثله في األبدية السعيدة؛ ألننا سنراه كما هو،
في مجيئه الثاني" 24
وهذا يشرحه جيدا القديس أثناسيوس الرسولى فى كتابه الشهير تجسد الكلمة،
فيقول:
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-23اإلبصلمودية المقدسة السنوية – مطرانية األقباط األرثوذكس بالجيزة – الطبعة الرابعة 2015القطعة 15من ثيوطكية األحد،
ص 145
-24األنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة -كتاب وأردت أن تجدده – استعادة الصورة اإللهية في اإلنسان – موقع األنبا تكال
هيمانوت .بتاريخ 2023/01/12
https://st-takla.org/books/anba-raphael/you-desired-to-renew-him/human-image.html
18
فقد تورط البشر في ذلك الفساد الذى كان،"أما اآلن بعد أن حدث التعدي
فما هى الخطوة التى،هو طبيعتهم ونزعت منهم نعمة مماثلة صورة هللا
يحتاجها األمر بعد ذلك؟ أو َمن ذا الذي يستطيع أن يُعيد لإلنسان تلك
البدء كل شئ2 النعمة ويرده إلى حالته األولى إال كلمة هللا الذي خلق في
25 "من العدم؟
مما سبق يتضح من شرح البابا أثناسيوس أن مجىء الكلمة كان الغرض
.منه إستعادة الصورة اإللهية التى تم نزعها من اإلنسان قبيل حدوث التعدى
ويشرح هذا الكالم بعينه البابا كيرلس عمود الدين فى شرحه إنجيل يوحنا
:فيقول
19
and the engraving was no longer distinct. It became
more obscure in him, so to speak, and darkened by the
transgression.” 27
مما سبق نجد القديس كيرلس يشرح أن النعمة المعطاه ألدم قد إنتزعت منه
نتيجة للخطية كحكم هللا" :أنت تراب وإلى التراب تعود" .كما أنه يؤكد أن
الصورة اسودت بسبب الخطية.
"وأَ َّما ُك ُّل الَّذِينَ قَبِلُوهُ
كما نجد شرح القديس كيرلس لهذه األية الجميلة؛ َ
يروا أَ ْوالَدَ هللاِ ،أَي ِ ْال ُمؤْ ِمنُونَ بِا ْس ِم ِه( ".يو ،)١٢ :١
ص ُ س ْل َ
طانًا أ َ ْن يَ ِ فَأ َ ْع َ
طا ُه ْم ُ
فيقول:
“We became participants in him through the Spirit.
We were sealed into his likeness, and we ascend to the
archetypal form of the image according to which Holy
Scripture says we were also made.” 28
"ألننا عندما نشترك فيه بالروح القدس ،نختم لنكون مثله ونرتفع إلى
الصورة األولى التى أخبرتنا الكتب المقدسة أننا خلقنا عليها"29 .
وهذا يعنى أننا باإلشتراك فيه (أى بالمعمودية) بواسطة الروح القدس نختم
بشبهه ،ثم أننا نصعد من خالله إلى تلك الصورة األصلية التى خلقنا عليها
سلفاً .وهذا كالم راقى وواضح من القديس كيرلس أننا بنوالنا نعمة البنوة هلل
نستعيد تلك الصورة البهية الجميله التى خلقنا عليها فى البداية قبل
السقوط ،وال مجال للكالم هنا عن حالة أفضل مما خلقنا عليها ،أو ما يدعوه
البعض بالتأله بمفهومه الخاطىء كما ذكرنا سلفا فى مقدمة البحث.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
27- Cyril of Alexandria – Commentary on John – V1- InterVarsity Press, 2013 by David R
Maxwell, P. 81
28- Same previous reference. P. 60
-29القديس كيرلس عمود الدين ،شرح إنجيل يوحنا ،مؤسسة القديس أنطونيوس ،المركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،اإلصحاح
1عدد .12ص 87
20
أخيرا ،فى تفنيده لبدعة النساطرة ،30يعلق القديس كيرلس الكبير على
الفرق ما بين اإلتحاد األقنومى للكلمة بالناسوت ،وبين إتحادنا نحن
باهلل بالنعمة فيقول:
"ياليت لهؤالء عقال صاحيا يدرك هذه األمور إدراكا ً سليما ،كيف ال
يؤدى قولهم هذا إلى اإليمان بوجود إبنين؟! ،ألنهم يفصلون الواحد
عن األخر ،الالهوت عن الناسوت؟ .وكيف يكون الواحد بذاته له بنوة
حقيقية طبيعية فيه ،ولألخر بنوة بالنعمة ونالها بسبب كرامة حلول هللا
الكلمة فيه؟ .وكيف يصبح المسيح أعظم منا إذا كانت له بنوة
بالنعمة؟ وكيف يتحقق حلول هللا فينا؟ إن الرسول يثبتنا فى اإليمان
ي بالتجسد الذى يؤدى إلى حلول المسيح فينا بقوله "لذلك أنا أَ ْحنِي ُر ْكبَتَ َّ
ضِ ،ل َك ْي يُ ْع ِطيَ ُك ْم ت واأل َ ْر ِ س َّمى منه ُك ُّل أسرة فِي ال َّ
س َم َاوا ِ لألب الَّذِي ت ُ َ
ان فِي وح ِهِ ،ليَ ِح َّل ْال َم ِسي ُح ِب ِ
اإلي َم ِ ب ِغنَاه فى ال َم ْجدِ ،أَ ْن تَتَقوا بِقُ َّوةِ ُر ِ س ِ
َح َ
قُلُو ِب ُك ْم( "،أف .)17-14 :3وهو فينا بالروح ولذلك نصرخ "أبا أيها
األب" (رو .)١٥: ٨فإذن نحن لسنا فى وضع أقل من اإلبن إذا كان
قد وهب لنا نفس النعمة التى وهبت له ،حتى أننا ندعى أبناء وألهه
مثله .ولكننا نعلم أننا أخذنا هذه الكرامة الفائقة بسبب حلول هللا
الكلمة اإلبن الوحيد فينا .وهل يوجد إعوجاج ودنس أكثر من اإلدعاء
بأن يسوع نال البنوة وكسب المجد كعطية"31 .
وهكذا يتضح جليا ً فى شرح عمود الدين أن حلول هللا فينا هو حلول
بالنعمة ،فهو أيضا ً يستنكر أى شبهة مساواة لنا باهلل ،فكيف يكون
المسيح أعظم منا إذا كانت له نفس البنوة التى لنا بالنعمة؟! .حقا إن
لفى ذلك لكفر وخطية عظيمة .ومن الجنون وغير الالئق إطالقا ً القول
بالتساوى مع المسيح فى البنوة واأللوهية.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-30يؤمن النساطرة بوجود إبنين أو شخصين (الكلمة والمسيح) بينهما عالقة مصاحبة ،وال يؤمنوا باإلتحاد األقنومى فى شخص
المسيح الواحد بين الطبيعتين الالهوتية والناسوتية.
-31كيرلس اإلسكندرى -المسيح واحد -مركز دراسات األباء ،يناير - ١٩٨٧ترجمة د/چورچ حبيب بباوى ،الفصل التاسع -
ص ٥٤-٥٣
21
الخاتمة
مما سبق قد تبين لنا بالبحث أن اإلنسان كان قد خلق على صورة هللا فى
البداية ،ونال نعمة مماثلة الصورة اإللهية كنعمة عظمى إضافية لم ينلها أى
من المخلوقات.
وأن اإلنسان فقد هذه النعمة نتيجة التعدى ،فتشوهت الصورة اإللهية التى
خلق عليها فى البداية.
إستدعى ذلك تعطف محب البشر ،فأتانا متجسدا ليعيد لنا مجد وبهاء تلك
الصورة األصلية ،وهذا هو الفهم السليم للتأله ،أى إستعادة الصورة اإللهية
ليس أكثر.
22
قائمة المراجع والمصادر
23
Cyril of Alexandria – Commentary on John – V1 -
InterVarsity Press, 2013 by David R Maxwell
Cyril of Alexandria – Commentary on John – V2 -
InterVarsity Press, 2013 by David R Maxwell
األنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة -كتاب وأردت أن تجدده ––
موقع األنبا تكال هيمانوت .بتاريخ 2023/01/12
https://st-takla.org/books/anba-raphael/you-desired-to-renew-him/human-image.html
24