Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
الحمد هلل ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وعلى آله وصحبه ومن وااله.
أما بعد:
فشهر رمضان موسم للطاعات ،وسوق للخيرات ،ورفعة للدرجات ،تفتح فيه أبواب الجنان ،وتغلق
أبواب النيران ،وتصفد مردة الجان ،شهر الصيام والقيام ،شهر الجود والعطاء ،شهر فيه ليلة خير
نز َل ِفي ِه ْالقُرْ ُضانَ الَّ ِذ َ ُأ
آن هُدًى لِّلنَّ ِ
اس ي ِ من ألف شهر ،وهو شهر القرآن ،قال هللا تعالىَ { :ش ْه ُر َر َم َ
ان } [البقرة.]185 V:ت ِّمنَ ْالهُدَى َو ْالفُرْ قَ ِ
َوبَيِّنَا ٍ
فاإلكثار من تالوة القرآن في هذا الشهر أمر مطلوب ومحبب ومرغوب ،وتدبر آياته وإعمال الفكر
فيها ومدارسته أمر مشروع بل مستحب ومسنون؛ فعن ابن عباس رضي هللا عنهما ،قال( :كان
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أجود الناس ،وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل،
وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ،فلرسول هللا صلى هللا عليه وسلم حين
يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة).
متفق عليه.
قال النووي رحمه هللا في ((شرح صحيح مسلم))(( :وفي هذا الحديث فوائد :منها:
بيان عظم جوده صلى هللا عليه و سلم.
ومنها :استحباب إكثار الجود في رمضان.
ومنها :زيادة الجود والخير عند مالقاة الصالحين وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم.
ومنها :استحباب مدارسة القرآن)) اهـ.
وقال ابن حجر رحمه هللا في ((فتح الباري))(( :وفي الحديث من الفوائد غير ما سبق:
تعظيم شهر رمضان الختصاصه بابتداء نزول القرآن فيه ثم معارضته ما نزل منه فيه ويلزم من
ذلك كثرة نزول جبريل فيه وفي كثرة نزوله من توارد الخيرات والبركات ماال يحصى.
ويستفاد منه أن فضل الزمان إنما يحصل بزيادة العبادة.
وفيه أن مداومة التالوة توجب زيادة الخير.
وفيه استحباب تكثير العبادة في آخر العمر.
ومذاكرة الفاضل بالخير والعلم وإن كان هو ال يخفى عليه ذلك لزيادة التذكرة واالتعاظ)) اهـ.
فعلى الخالن االجتماع في ال ِحلق القرآن وعلى موائد الذكر لمدارسة كتاب هللا في شهر القرآن اقتداء
بالنبي العدنان صلى هللا عليه وسلم.
فكل يجتمع بحسب استطاعة ،ولو في السوق أو البيت مع األهل أو األصدقاء أو الجيران ،يأخذون
كتاب من كتب التفسير المعتمدة الميسرة السهلة؛ كمختصر تفسير ابن كثير للعالمة أحمد شاكر أو
تفسير العالمة السعدي أو التفسير الميسر بإشراف العالمة صالح آل الشيخ أو غيرها من كتب
التفسير.
ففي هذه المجالس تحي القلوب ،وتلين األفئدة ،وتنشرح الصدور ،وفيها تعلم العلم ،وتذكير للناسي،
وتنبيه للغافل ،وفيها تنزل السكينة وتحفها المالئكة وتغشاها الرحمة ،ويذكرهم هللا فيمن عنده ،ويقال
لهم قوموا مغفور لكم.
فأين المشمرون عن ساعد الجد ،الراغبين فيما عند هللا عز وجل؟
هذا وهللا أعلم ،وباهلل التوفيق ،وصلى هللا على سيدنا ونبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب :يوم الخميس 29شعبان سنة 1438هـ
الموافق لـ 25 :مايو سنة 2017ف