Professional Documents
Culture Documents
ماهية ماقبل التاريخ
ماهية ماقبل التاريخ
(1ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ :ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ وﺿﻊ ﺗﺤﺪﯾﺪ دﻗﯿﻖ ﻟﻌﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ )،(préhistoireﻓﮭﻮ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﺑﯿﻦ ﻣﻨﺎطﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ
أن ﻧﮭﺎﯾﺔ ھﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ظﮭﻮر اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺎوت ﺗﻮارﯾﺦ ظﮭﻮرھﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﻐﺮاﻓﯿﺔ
إﻟﻰ أﺧﺮى ،ﻓﺄول ظﮭﻮر ﻟﮭﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺮق اﻷدﻧﻰ ﻛﻤﺼﺮ واﻟﻌﺮاق ﻗﺒﯿﻞ ﻋﺎم
3000ق.م،ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﻟﻢ ﺗﻌﺮف ﻓﻲ ﻛﺮﯾﺖ وﺑﻼد اﻹﻏﺮﯾﻖ إﻻ أﺛﻨﺎء اﻷﻟﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ق.م،أﻣﺎ إﯾﻄﺎﻟﯿﺎ
ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺮﻓﮭﺎ إﻻ ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ق.م ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ وﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺮﻓﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ إﻻ ﻓﻲ
اﻟﻘﺮن اﻷول ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد ،ﺑﻞ ﻻ ﺗﺰال ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﻮب ﺗﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺣﺘﻰ
اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻛﺎﻟﺸﻌﻮب اﻷﺳﺘﺮاﻟﯿﺔ اﻷﺻﻠﯿﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﺒﻮﺷﻤﻦ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب إﻓﺮﯾﻘﯿﺎ .وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ
ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﻧﮭﺎﯾﺔ ھﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺤﺪدة ﻓﺈن ﺑﺪاﯾﺘﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،وإن ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﯾﻌﺘﺒﺮ
ھﺬه اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪت ظﮭﻮر اﻹﻧﺴﺎن ،وان اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻵراء ﺣﻮل ﻧﻮع اﻹﻧﺴﺎن ،أو
ﺑﻈﮭﻮر أول ﻣﺨﻠﻔﺎت أﺛﺮﯾﺔ ﻟﮫ ﻣﻦ أدوات وآﻻت ﺻﻨﻌﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاد ﻟﻢ ﺗﺒﻞ ﻛﺎﻟﺤﺠﺮ وﻻ ﺳﯿﻤﺎ
اﻟﻈﺮان أو اﻟﺼﻮان ،وﯾﻤﯿﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺤﺎث إﻟﻰ أن ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺟﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ
ﺑﻌﺼﺮ اﻟﺒﻠﯿﺴﺘﻮﺳﯿﻦ.
وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﯿﻤﻜﻦ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻋﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺑﺄﻧﮭﺎ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﺘﻌﺎرف ﻓﯿﮭﺎ
إﻧﺴﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺎت ﻛﺘﺎﺑﯿﺔ ﺗﻤﻜﻨﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻟﯿﺴﺠﻞ ﻣﺎ ﯾﮭﻤﮫ ﻣﻦ
أﻣﻮر وﯾﺘﺮﺟﻢ ﺑﮭﺎ ﻣﺎ ﻟﺪﯾﮫ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ،ﻓﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺤﺪ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﯿﻦ ﻋﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وﺑﯿﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ.
وﻻ ﯾﻌﺘﻨﻲ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﻌﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ
واﻟﺘﻐﯿﯿﺮات اﻟﺘﻲ طﺮأت ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺸﺮة اﻷرﺿﯿﺔ وﻣﺎ دب ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﻮان وﻣﺎ ﻧﻤﺎ ﻣﻦ
ﻧﺒﺎت،وإﻧﻤﺎ ﻧﻘﺘﺼﺮ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ھﻮ ﺻﺎﻧﻊ ھﺬا
اﻟﺘﺎرﯾﺦ واﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻧﺘﺠﮫ ﻣﻦ ﺣﻀﺎرات إﻟﻰ أن ﺗﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ دون ﺑﮭﺎ
ﺗﺎرﯾﺨﮫ.
وﺑﮭﺬا ﺗﻌﺘﻤﺪ دراﺳﺔ ﻋﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺧﻠﻔﮫ ﻟﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أدوات
وأﺳﻠﺤﺔ و أواﻧﻲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﺎ أﺑﻘﺎه ﻟﻨﺎ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ أطﻼل ﻣﻨﺎزل و ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻣﻘﺎﺑﺮ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﮫ .أي ﻋﻦ
طﺮﯾﻖ اﺳﺘﻘﺮاء )أي اﺳﺘﺨﻼص اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻦ( آﺛﺎر اﻹﻧﺴﺎن وﺣﺪھﺎ.
(2ﻧﺸﺄة ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ:
ﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ آﺛﺎر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﺟﻮد ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻈﺮان أو اﻟﺼﻮان ﻣﺸﻜﻠﺔ
ﺑﻄﺮق ﺧﺎﺻﺔ ﯾﺴﺘﺤﯿﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﻷن أﺛﺮ اﻟﻌﻘﻞ واﻹرادة واﺿﺢ ﻓﻲ أﺷﻜﺎﻟﮭﺎ.
ﻓﺄﺧﺬ ھﻮاة اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ھﺬه اﻟﻘﻄﻊ ،وﻋﻜﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﯾﺤﺘﻤﻞ أن
ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺻﻨﻌﺖ ﻓﯿﮫ .وﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻘﻄﻊ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ أدوات وآﻻت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ
اﻟﺼﻮان .وﻗﺪ اﺗﻀﺢ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎن ﯾﺼﻨﻊ أدواﺗﮫ وآﻻﺗﮫ ﻣﻦ اﻷﺣﺠﺎر ﻗﺒﻞ أن ﯾﻌﺮف اﺳﺘﺨﺪام
اﻟﻤﻌﺎدن.
وﻗﺪ ﺗﻢ ﻣﻮﻟﺪ "ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ" ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻣﻦ
طﺮف ﺑﻮﺷﯿﮫ دي ﺑﺮت )1840-1860) (Boucher de Perthesم( وإدوارد ﻻرﺗﯿﮫ
)1861-1871) (E.Lartetم( ،اﻟﻠﺬان ﯾﻌﺘﺒﺮان ﻣﺆﺳﺴﯿﻦ ﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ .وﻗﺪ أﺻﺒﺢ ھﺬا
اﻟﻌﻠﻢ ﻣﯿﺪاﻧﺎ ﺧﺼﺒﺎ ﯾﺴﺘﮭﻮي ﻋﺪدا ﻛﺒﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ .وﺻﺎﺣﺐ ذﻟﻚ اﻋﺘﺮاف اﻟﮭﯿﺌﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ
ﺑﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ ﻋﺼﺮ اﻟﺒﻼﯾﺴﺘﻮﺳﯿﻦ أي ﻣﻨﺬ ﺣﻮاﻟﻲ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﯿﻮن ﺳﻨﺔ أو أﻛﺜﺮ .وظﻞ ﻋﻠﻢ
ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻮﻟﺪه ﯾﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﺣﻀﺎﻧﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺸﺒﺎب ،وﻣﻦ أﺟﻞ ھﺬا ﻧﺠﺪ
أﺳﻤﺎء ﺣﻀﺎرات ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺘﻲ أﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪاﻣﮭﺎ ﻛﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء ھﻲ أﺳﻤﺎء ﻓﺮﻧﺴﯿﺔ
ﺑﺤﺘﺔ .وﻛﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﺎﺑﺮﯾﯿﻞ دي ﻣﻮرﺗﯿﯿﮫ ) (Gabriel de Mortilletﺳﻨﺔ 1871م
ھﻮ أول ﻣﻦ ﺻﻨﻒ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ ﻟﻠﻌﺼﺮ اﻟﺤﺠﺮي اﻟﻘﺪﯾﻢ )أﺳﻔﻞ – أوﺳﻂ – أﻋﻠﻰ( ،وﻣﺎ
ﯾﺰال ھﺬا اﻟﺘﺼﻨﯿﻒ ﻣﺘﺒﻌﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﯾﻼت .وإﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﻓﺮﻧﺴﻲ آﺧﺮ ھﻮ ﺟﻮزﯾﻒ دي
ﺷﯿﻠﯿﺖ ) (Joseph Decheletteﯾﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀﻞ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ إﺧﺮاج أول دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ
ﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺒﺮوﻧﺰ واﻟﺤﺪﯾﺪ .وﺑﻌﺪ ھﺬا أدﺧﻠﺖ دراﺳﺔ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت
وﻋﻘﺪت ﻟﮫ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،وظﮭﺮت ﻟﮫ دورﯾﺎت )ﻣﺠﻼت ﻋﻠﻤﯿﺔ( ،ﯾﻌﻨﻲ أﻧﮫ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ
ﻋﻠﻤﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺤﺪ ذاﺗﮫ.
(3ﻣﻨﮭﺞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ :ﯾﺠﻤﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﮫ ﻣﻦ
ﻣﺼﺪرﯾﻦ:
-1ﺑﻘﺎﯾﺎ ھﯿﺎﻛﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻤﻨﮭﺎ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﺳﻼﻟﺘﮫ وﯾﻌﺮف ھﻞ ھﻮ أﺻﯿﻞ ﻓﻲ ھﺬه
اﻟﺠﮭﺔ أو واﻓﺪا إﻟﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ.
-2ﺻﻨﺎﻋﺎت ھﺬا اﻹﻧﺴﺎن )أدواﺗﮫ وآﻻﺗﮫ( وﻣﺨﻠﻔﺎﺗﮫ وطﻌﺎﻣﮫ وﺑﻘﺎﯾﺎ ﻣﺴﺎﻛﻨﮫ وﻣﻮاﻗﺪه
...اﻟﺦ.
وﺑﻌﺪ أن ﯾﺠﻤﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﮫ ﻣﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﻤﺼﺪرﯾﻦ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أﺳﺲ ﻓﻲ
إﺑﺮاز اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﮭﺎﺋﯿﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻋﺼﺮھﺎ و درﺟﺔ رﻗﯿﮭﺎ وﺻﻠﺘﮭﺎ ﺑﻐﯿﺮھﺎ ﻣﻦ
اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ أو اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ .أﻣﺎ ھﺬه اﻷﺳﺲ اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﮭﻲ:
-1ﻣﻮﺿﻊ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺎت .
-2ﺷﻜﻞ اﻷﺛﺮ وطﺮﯾﻘﺔ ﺻﻨﺎﻋﺘﮫ ووظﯿﻔﺘﮫ.
-3ﻋﻼﻗﺔ ھﺬا اﻷﺛﺮ ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻌﮫ.
-4درﺟﺔ اﺣﺘﻔﺎظ اﻷﺛﺮ ﺑﺠﺪﺗﮫ.
أﻣﺎ اﻷﺳﺎس اﻷول وھﻮ ﻣﻮﺿﻊ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻓﮭﻮ ﯾﺨﻀﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﻲ
اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ ﻗﺎﻧﻮن اﻹرﺳﺎب ،ﻓﺈذا ﺗﻜﻮﻧﺖ طﺒﻘﺎت ﺑﻔﻌﻞ اﻹرﺳﺎب أو اﻟﺘﺮاﻛﻢ وﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮض
ﻟﻼﺿﻄﺮاﺑﺎت ،ﻓﺈن اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺴﻔﻠﻰ ﺗﻜﻮن أﻗﺪم ﻣﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻮھﺎ .ﻓﺈذا وﺟﺪت ﻣﺨﻠﻔﺎت أﺛﺮﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻄﺒﻘﺎت ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺮﺗﯿﺒﮭﺎ ﺗﺮﺗﯿﺒﺎ طﺒﺎﻗﯿﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻔﻞ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ واﺗﺨﺎذ ھﺬا اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ اﻟﻄﺒﻘﻲ ﻣﻘﯿﺎﺳﺎ
زﻣﻨﯿﺎ،ﻓﺈن اﻷﺳﻔﻞ ﯾﻜﻮن ھﻮ اﻷﻗﺪم وﯾﻜﻮن اﻷﻋﻠﻰ ھﻮ اﻷﺣﺪث .وﻟﺬﻟﻚ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻸﺛﺮي ﻓﻲ
ﻋﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ أن ﯾﺰﯾﻞ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﺛﺮﯾﺔ طﺒﻘﺔ طﺒﻘﺔ ﺑﻤﻘﯿﺎس ﻣﻨﺘﻈﻢ ﯾﺘﺨﺬه ﻟﻨﻔﺴﮫ ،ﻓﯿﺘﺒﻊ
ﻓﻲ ﺣﻔﺎﺋﺮه ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ ﻣﻘﯿﺎﺳﺎ وﻟﯿﻜﻦ 30ﺳﻢ،ﻓﺘﺰال ھﺬه اﻟﺴﻨﺘﻤﯿﺘﺮات اﻟﻌﻠﯿﺎ وﺗﺴﺠﻞ ﻣﺤﺘﻮﯾﺎﺗﮭﺎ
اﻷﺛﺮﯾﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺰال اﻟـ30ﺳﻢ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ وﺗﺴﺠﻞ ﻣﺤﺘﻮﯾﺎﺗﮭﺎ اﻷﺛﺮﯾﺔ ﻛﺬﻟﻚ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ اﻟﺤﻔﺎر إﻟﻰ
اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻷﺻﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻜﻨﮭﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻷول ﻣﺮة .وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺗﯿﺐ طﺒﺎﻗﻲ ﻟﻤﺨﻠﻔﺎت
اﻹﻧﺴﺎن .ﺛﻢ ﯾﻘﺎرن ﻣﺤﺘﻮﯾﺎت اﻟﻄﺒﻘﺎت ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ .ھﺬا ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ أن ﺗﺮﺗﯿﺐ
اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻗﺪ ﻻ ﯾﺪﻟﻨﺎ وﺣﺪه ﻋﻠﻰ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﺤﻀﺎرات ﺑﻞ ﻗﺪ ﯾﺴﺘﻠﺰم ذﻟﻚ دراﺳﺔ
ﺣﻔﺎﺋﺮ ﻋﺪة ﻣﻨﺎطﻖ وﻋﻘﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯿﻦ ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﺎ .
وﺑﻌﺪﺋﺬ ﯾﻠﺠﺄ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ إﻟﻰ اﻷﺳﺎس اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﮭﺠﮫ وھﻮ دراﺳﺔ ﺷﻜﻞ اﻵﺛﺎر
اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ وطﺮﯾﻘﺔ ﺻﻨﺎﻋﺘﮭﺎ ووظﯿﻔﺘﮭﺎ .وﯾﺼﻨﻔﮭﺎ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻼت ﺣﺴﺐ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻌﺎم وطﺮﯾﻘﺔ
اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﺣﺴﺐ اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﯾﻌﺘﻘﺪ أﻧﮭﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﮫ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﯾﺘﻨﺎول ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﯿﻒ اﻵﻻت
اﻟﺤﺠﺮﯾﺔ ﻣﺜﻼ ،ﯾﻀﻊ اﻵﻻت اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاة) أي ﻣﻦ ﻧﻮاة اﻟﺼﻮان( ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯿﺔ
واﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻈﺎﯾﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ أﺧﺮى ،ﺛﻢ ﯾﻀﻊ اﻵﻻت اﻟﻤﺜﻠﺜﺔ اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ
واﻵﻻت اﻟﻤﺴﺘﻄﯿﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ،و اﻵﻻت اﻟﻤﺼﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯿﺔ وﻏﯿﺮ اﻟﻤﺼﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ
ﻧﺎﺣﯿﺔ أﺧﺮى ،وﺑﻌﺪﺋﺬ ﯾﻀﻊ اﻟﻔﺆوس ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ واﻟﻤﺜﺎﻗﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ وھﻜﺬا،...
وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺤﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت أو اﻟﻌﺎﺋﻼت ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﮭﺎ وطﺮﯾﻘﺔ
ﺻﻨﺎﻋﺘﮭﺎ ووظﯿﻔﺘﮭﺎ .وﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ ﯾﺼﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﺳﮭﻼ آﻟﯿﺎ ،ﻓﺒﻤﺠﺮد أن ﯾﻠﺘﻘﻂ اﻷداة أو اﻵﻟﺔ
اﻟﺤﺠﺮﯾﺔ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻀﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ،وﻗﺪ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ أن أدوات اﻹﻧﺴﺎن
اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺪودة.
أﻣﺎ اﻷﺳﺎس اﻟﺜﺎﻟﺚ وھﻮ دراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻷﺛﺮ ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﺮاﻓﻘﺔ ﻟﮫ ﻓﺎﻟﻘﺼﺪ ﻣﻨﮫ ﻣﺮاﺟﻌﺔ
اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﻋﺎﻟﻢ اﻵﺛﺎر ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ اﻷﺳﺎﺳﯿﻦ اﻷوﻟﯿﻦ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ .ﻓﮭﻮ
ﻻ ﯾﻌﻄﻲ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺟﺪﯾﺪة وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﯾﻄﻤﺌﻦ إﻟﻰ ﺻﺤﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻞ
إﻟﯿﮭﺎ .وﯾﺼﺒﺢ ھﺬا اﻷﺳﺎس ﻋﺪﯾﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺢ ﻷن ﻣﻌﻈﻢ آﺛﺎر
ھﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ إﻣﺎ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ أو ﺑﻔﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻟﮭﺬا ﻗﺪ ﻧﺠﺪ
أﺷﯿﺎء ﻗﺪﯾﻤﺔ ﺟﺪا ﺑﺠﻮار أﺷﯿﺎء ﺣﺪﯾﺜﺔ ﺟﺪا .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻐﯿﺮ ﺳﻄﺤﯿﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﮭﻮف
واﻟﺮواﺳﺐ اﻟﻨﮭﺮﯾﺔ واﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﺛﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺒﺚ ﺑﮭﺎ ﺑﺪ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ اﻻطﻤﺌﻨﺎن
إﻟﻰ ﻗﯿﻤﺔ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﺮاﻓﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻋﻤﺮ اﻷﺛﺮ وﻧﻮع اﻟﻤﻨﺎخ ﻓﻲ ﻋﮭﺪه وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ.
وﯾﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻘﺎرن ﺑﯿﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻌﺪ دراﺳﺘﮭﺎ دراﺳﺔ
ﻓﺎﺣﺼﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺼﺒﺢ ﻓﻲ اﻹﻣﻜﺎن اﺳﺘﻨﺘﺎج ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﻠﻚ اﻵﺛﺎر وﺻﻠﺔ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﺎﻵﺧﺮ .
وﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إﺟﻤﺎﻻ أن ﺑﺄن ﺗﺸﺎﺑﮫ آﺛﺎر ﺟﮭﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺎت ﻵﺛﺎر ﻣﻨﻄﻘﺔ أﺧﺮى ﯾﻮﺣﻲ ﺑﺄن
اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻌﺎﺻﺮة .
واﻷﺳﺎس اﻟﺮاﺑﻊ ھﻮ درﺟﺔ إﺣﺘﻔﺎظ اﻷﺛﺮ ﺑﺠﺪﺗﮫ ،ﻓﻨﺠﺪ أن آﺛﺎر ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ ﻧﻈﺮا ﻟﻘﺪﻣﮭﺎ
ﻗﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﯾﺔ ﻣﻦ رﯾﺎح وﻣﯿﺎه ﺟﺎرﯾﺔ وﺗﺪل درﺟﺔ ﺗﺂﻛﻞ اﻵﻟﺔ أو اﻷداة ﻋﻠﻰ ﻣﺪى
ﺗﻌﺮﺿﮭﺎ ﻟﮭﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻻ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻗﺪم اﻵﻟﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻗﺎطﻌﺔ .وﻣﻦ ھﺬا ﯾﻨﺒﻐﻲ أﻻ
ﯾﻨﺨﺪع اﻷﺛﺮي ﺑﻤﻈﮭﺮھﺎ ،ﻓﻜﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﻓﻲ آﺛﺎر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ أن اﻵﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﺟﺪﯾﺪة
ﻓﻲ ﻣﻈﮭﺮھﺎ ﺗﻜﻮن ھﻲ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻓﻌﻼ ،وأن اﻵﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﺑﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻈﮭﺮھﺎ ﺗﻜﻮن ھﻲ
اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻓﻌﻼ)وھﺬا ﻟﻌﺪم ﺗﻌﺮض اﻷوﻟﻰ ﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻌﺮﯾﺔ واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﻌﻜﺲ(.
(4اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ:
ﯾﺸﺘﺮك ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻊ ﻋﻠﻮم طﺒﯿﻌﯿﺔ واﻧﺴﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎھﻢ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ
ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ واﻗﻊ ﺣﯿﺎة اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻓﻲ إطﺎر ﺑﯿﺌﺘﮭﺎ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ .وﻣﻦ
ھﺬه اﻟﻌﻠﻮم:
-1اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ):(Geologyﻋﻠﻢ اﻷرض وﺑﺨﺎﺻﺔ دراﺳﺔ طﺒﻘﺎت اﻷرض ﺑﻘﺼﺪ ﺗﺄرﯾﺨﮭﺎ،
وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻘﺪﯾﺮ ﻋﻤﺮ اﻟﺒﻘﺎﯾﺎ واﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﮭﺎ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﯾﺐ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﯾﻌﺘﺒﺮ أﺣﺪ ﻓﺮوع اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﺟﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺮاﺑﻊ أو ﻋﺼﺮ
اﻟﺒﻼﯾﺴﺘﻮﺳﯿﻦ.
-2ﻋﻠﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﻄﺒﻘﺎت ):(Stratigraphyوھﻮ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ وﯾﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن
اﻹرﺳﺎب) ، (superpositionاﻟﺬي ﯾﻘﻮل ﺑﺄن اﻷﻋﻠﻰ ھﻮ اﻷﺣﺪث ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺎت
ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ.
-3ﻋﻠﻢ اﻟﺤﻔﺮﯾﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ) :(Paleontologyوھﻮ دراﺳﺔ اﻟﺒﻘﺎﯾﺎ اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ )اﻟﻨﺒﺎﺗﯿﺔ
واﻟﺤﯿﻮاﻧﯿﺔ( اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ،أي اﻟﻤﺘﺤﺠﺮة) ،(fossilsوﻗﺪ أﻣﻜﻦ اﺗﺨﺎذ اﻟﺤﻔﺮﯾﺎت أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺘﺄرﯾﺦ طﺒﻘﺎت
اﻷرض ،وﺑﺬﻟﻚ ﻗﺎم ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻋﻠﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﻄﺒﻘﺎت .وﯾﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻢ اﻟﺤﻔﺮﯾﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﮭﻢ
اﻟﻤﺴﺮح اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﻋﻠﯿﮫ اﻻﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺒﻼﯾﺴﺘﻮﺳﯿﻦ.
-4ﻋﻠﻢ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﻘﺪﯾﻢ) :(Paleo-climatologyوھﻮ ﯾﺪرس اﻟﻤﻨﺎخ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ ،أي
ﯾﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻻﺳﯿﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ
اﻟﺒﻼﯾﺴﺘﻮﺳﯿﻦ ،وھﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ ،وﺑﻌﻠﻢ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ
اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ )ﻛﺎﻟﻨﺒﺎت واﻟﺤﯿﻮان واﻟﺘﺸﺮﯾﺢ( ﻟﺘﺼﻮر اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﻘﺪﯾﻢ ،ﺑﻞ وﯾﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم
اﻟﻔﯿﺰﯾﺎﺋﯿﺔ أﯾﻀﺎ )ﻛﺘﻐﯿﺮ اﻻﺷﻌﺎع اﻟﺸﻤﺴﻲ واﻟﺒﻘﻊ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ وﺗﻐﯿﺮ ﻣﯿﻞ ﻣﺤﻮر اﻷرض(،وﯾﺤﺎول
ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﻘﺪﯾﻢ أن ﯾﺮﺳﻢ ﺻﻮرة ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺤﺪدة ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻷرض،
وھﻲ ظﺮوف ﻣﻨﺎﺧﯿﺔ ﻟﯿﺲ ﻟﮭﺎ وﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻓﻲ دراﺳﺘﮭﺎ اﺳﺘﺨﺪام
اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻣﻨﺎخ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ،وإﻧﻤﺎ ﯾﺴﺘﻌﺎن ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄدﻟﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ أﺧﺮى
ﻛﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺒﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ وﺗﺸﻤﻞ اﻟﺤﻔﺮﯾﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ )أي اﻟﺒﻘﺎﯾﺎ اﻟﻨﺒﺎﺗﯿﺔ واﻟﺤﯿﻮاﻧﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺠﺮة( واﻷدﻟﺔ
اﻟﺼﺨﺮﯾﺔ ﻛﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﺤﺎت واﻟﺘﻌﺮﯾﺔ وﺗﻜﻮﯾﻨﺎت اﻟﺘﺮﺑﺔ واﻻرﺳﺎﺑﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.
-5اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﯿﺎ ) :(Anthropologieوھﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﯾﺪرس ﺗﻄﻮر اﻻﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻘﺮدة
اﻟﻌﻠﯿﺎ واﻷﺟﻨﺎس اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ اﻟﺒﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ذﻟﻚ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﮫ
ﯾﺴﺎﻋﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﻧﺔ أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﺤﯿﺎة ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﺶ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ
اﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮي ﻟﻜﻲ ﯾﺨﺮج ﺑﺼﻮرة واﺿﺤﺔ ﻋﻦ ﺣﯿﺎة
اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻷوﻟﻰ اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ واﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ،وﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى أن دراﺳﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺒﺪاﺋﯿﺔ
اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة) ﻓﻲ أﺳﺘﺮاﻟﯿﺎ وﺟﻨﻮب إﻓﺮﯾﻘﯿﺎ وأﻣﺮﯾﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ وﻏﯿﻨﯿﺎ اﻟﺠﺪﯾﺪة( ﺗﻠﻘﻲ أﺿﻮاء ﻋﻠﻰ
إﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ وأﺳﻠﻮب ﺣﯿﺎﺗﮫ.
-6اﻟﺒﺎﻟﯿﻨﺘﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ):(Paleontologie Humaineاﺻﻄﻼح ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻨﻰ" ﻋﻠﻢ
اﻻﺣﺎﺛﺔ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ" ،وھﻮ ﯾﺪرس اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ﻣﻨﺬ اﻧﻔﺼﺎﻟﮫ )ﺣﺴﺐ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﺘﻄﻮرﯾﯿﻦ( ﻋﻦ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺎت ،أي أﺷﺒﺎه اﻟﺒﺸﺮ،وﯾﺘﺎﺑﻊ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮر اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ
)اﻟﻔﯿﺰﯾﻮﻟﻮﺟﯿﺔ( واﻟﻘﺪرات )اﻟﯿﺪوﯾﺔ واﻟﺬھﻨﯿﺔ( ،وأﺛﺮھﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﻘﺮاض أﻧﻮاع وﺳﻼﻻت وظﮭﻮر
أﺧﺮى إﻟﻰ اﻻﻧﺴﺎن اﻟﻌﺎﻗﻞ اﻟﺬي ﯾﻤﻸ ﺟﻨﺴﮫ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻷرض ﻓﻲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﺿﺮ.
(5طﺮق اﻟﺘﺄرﯾﺦ ﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ :ﺗﻌﺪ ﻧﻘﺺ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺄرﯾﺨﯿﺔ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮫ
اﻟﺪارس ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺘﺮة،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻓﺘﺮة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻻﻧﺴﺎن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻤﺪوﻧﺔ ،وﻋﻠﻰ
ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺗﻘﺪﯾﺮه ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﯾﺮ اﻟﻔﺘﺮات اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ،وﻟﮭﺬا وﺟﺪت ﻋﺪة طﺮق ووﺳﺎﺋﻞ ﯾﺤﺎول
ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﺄرﯾﺦ ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ :
أ-طﺮق اﻟﺘﺄرﯾﺦ اﻟﻨﺴﺒﻲ:
*طﺮﯾﻘﺔ دراﺳﺔ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﺛﺮﯾﺔ:ﯾﻘﻮم اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻼل واﻷﻛﻮام
واﻟﻜﮭﻮف اﻟﺘﻲ ﯾﺴﻜﻨﮭﺎ اﻻﻧﺴﺎن ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮﻧﺖ طﺒﻘﺎت ھﺬه اﻟﺘﻼل ﻛﻨﺘﯿﺠﺔ طﺒﯿﻌﯿﺔ ﻟﺴﻜﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ
ﺑﺸﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺎ ﻟﻤﺪة ﻗﺼﯿﺮة أو طﻮﯾﻠﺔ ﺛﻢ ھﺠﺮﺗﮫ ﻣﻨﮭﺎ ،رﺑﻤﺎ ﻷﺳﺒﺎب اﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ أو ﺑﯿﺌﯿﺔ أو
ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ،وﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﻨﺎھﺎ ﻋﺪة ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺑﺸﺮﯾﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ
ﺗﻜﻮن طﺒﻘﺎت ﺗﻤﺜﻞ آﺛﺎر ﺳﻜﻦ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ،وﺗﺤﺘﻮي طﺒﻘﺎﺗﮫ
اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض اﻟﺒﯿﻮت وﻛﺴﺮ اﻟﻔﺨﺎر واﻟﺤﻠﻲ واﻟﺨﺮز وﻗﻄﻊ ﻣﻦ اﻷﺳﻠﺤﺔ وﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻄﻌﺎم
وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻷدوات ،وﺗﺠﻤﻊ ھﺬه اﻵﺛﺎر ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ أدى إﻟﻰ ﺗﻜﻮﯾﻦ اﻟﺘﻞ أو اﻟﻜﻮم.
وﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻌﺎﻗﺐ اﻟﻌﻤﻮدي ﻟﻸﺛﺎر ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻣﻦ أﻓﻀﻞ طﺮق اﻟﺘﺄرﯾﺦ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﻤﺨﻠﻔﺎت
اﻷﺛﺮﯾﺔ ،وﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺨﺘﺼﻮن ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻌﻤﻮم اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺴﻔﻠﻰ أﻗﺪم ﻋﮭﺪا ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ،
وأھﻢ ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻠﺘﺄرﯾﺦ ﺑﮭﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ھﻮ ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮات واﻟﺘﻄﻮرات ﻓﻲ
طﺮاز اﻟﺒﻨﺎء وطﺮق دﻓﻦ اﻷﻣﻮات واﻟﻄﺮق اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ واﻷﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻔﻨﯿﺔ ﻟﻠﻘﻄﻊ اﻷﺛﺮﯾﺔ.وﯾﻜﻮن
ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻋﻤﻮدﯾﺎ وﻣﺴﺘﻤﺮا ﺑﺪون اﻧﻘﻄﺎع إذا ﻛﺎن اﺳﺘﻘﺮار اﻻﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻊ دورﯾﺎ ﻓﻲ
أزﻣﺎن ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺔ ،أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ظﮭﺮت ﻓﺠﻮات ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ أﻧﻘﺎض ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻻﻧﺴﺎن ﺑﯿﻦ
اﻟﻄﺒﻘﺎت ،ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ھﺠﺮ اﻟﻤﻜﺎن وﻋﺎد إﻟﯿﮫ ﻓﻲ زﻣﻦ آﺧﺮ .وﯾﻘﻮم اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺪراﺳﺔ ھﺬه
اﻵﺛﺎر اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻤﺘﺘﺎﺑﻌﺔ وﻗﯿﺎس ﺳﻤﻚ ھﺬه اﻟﻄﺒﻘﺎت ،أي ﻗﯿﺎس ﻣﺪى ﺑﻘﺎء
اﻻﻧﺴﺎن ﻓﯿﮭﺎ واﺳﺘﻘﺮاره ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ آﺧﺬﯾﻦ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ أﺛﺮت
ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻓﯿﮭﺎ أو رﺣﯿﻠﮭﺎ ﻋﻨﮭﺎ .
وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ھﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻄﺒﺎﻗﯿﺔ إذن اﻟﻤﺆرخ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺮف ﺑﺼﻮرة ﻧﺴﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ
ﻣﺪى ﻋﻤﺮ ھﺬه اﻟﺤﻀﺎرة أو ﺗﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﺘﻮى طﺒﻘﺎت ھﺬه اﻷﻛﻮام أو اﻟﺘﻼل .وﻣﻦ ﺛﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ
ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻄﺮق اﻟﺘﻘﻮﯾﻢ اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻷﺧﺮى ،اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺗﺄرﯾﺦ ھﺬه اﻟﻄﺒﻘﺎت وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﮭﺎ.
*طﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﺄرﯾﺦ اﻟﺘﺘﺎﺑﻌﻲ :اﺑﺘﺪع ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷﺛﺮي اﻹﻧﺠﻠﯿﺰي ﻓﻠﻨﺪرز ﺑﯿﺘﺮي) Flinders
(Petrieﻟـﺘﺄرﯾﺦ ﺣﻀﺎرات ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻷﺳﺮات ﻓﻲ ﻣﺼﺮ)ﻣﻦ4000-3200ق.م( .وﻟﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ اﻷواﻧﻲ اﻟﻔﺨﺎرﯾﺔ ھﻲ أﻛﺜﺮ اﻟﻘﻄﻊ اﻷﺛﺮﯾﺔ ﺷﯿﻮﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻛﺜﺮة ﺗﻨﻮع أﺷﻜﺎﻟﮭﺎ
وزﺧﺎرﻓﮭﺎ وﺻﻨﺎﻋﺘﮭﺎ اﻟﻔﻨﯿﺔ ،ﻓﻘﺪ وﺟﺪ ﺑﯿﺘﺮي ﻓﻲ ھﺬه اﻷواﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﻘﯿﺎس ﻟﺘﺄرﯾﺨﮫ اﻟﺘﺘﺎﺑﻌﻲ.
وأﺧﺬ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﯿﻔﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت أو ﺑﺎﻷﺣﺮى إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻼت،و رﻣﺰ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺑﺤﺮف
ھﺠﺎﺋﻲ ﯾﺮﻣﺰ إﻟﻰ وﺻﻔﮭﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻻﻧﺠﻠﯿﺰﯾﺔ ،ﻓﻤﺜﻼ وﺿﻊ اﻟﺤﺮف Dإﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻷواﻧﻲ
اﻟﻤﺰﺧﺮﻓﺔ ﺑﺮﺳﻮم).(Decoratedوﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﺷﺮع ﺑﯿﺘﺮي ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻷواﻧﻲ زﻣﻨﯿﺎ
ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻄﺮاز.
ورﻏﻢ أن ھﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻗﺪ ﻣﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻌﺼﺮ
اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ،إﻻ أﻧﮫ اﺗﻀﺢ أﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻵﺛﺎر اﻷﺧﺮى .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻲ
اﺗﺒﻌﮭﺎ ﺑﯿﺘﺮي ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻟﺘﺄرﯾﺨﮫ اﻟﺘﺘﺎﺑﻌﻲ ﻣﻌﻘﺪة وﻛﺜﯿﺮة اﻟﻌﺪد،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻔﺤﺺ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ
واﻟﻔﻨﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻘﺪﯾﺮﯾﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻧﺘﯿﺠﺘﮫ ﺑﺎﺧﺘﻼف أذواق ﻋﻠﻤﺎء اﻷﺛﺎر ووﺟﮭﺎت ﻧﻈﺮھﻢ،وﻟﻌﻞ
أﺧﻄﺮ ﻧﻘﺪ وﺟﮫ ﻟﮭﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ھﻮ اﺣﺘﻤﺎل أن ﺗﻜﻮن ﺑﻌﺾ اﻷواﻧﻲ ﻓﻲ أي ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺠﮭﻮﻟﺔ اﻷﺻﻞ
أو ﻣﺸﺘﺮاة وﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﻤﻘﺒﺮة اﻟﺘﻲ أﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﮭﺎ.
*طﺮﯾﻘﺔ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ:ﺗﻘﻮم ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻷدﻟﺔ اﻷﺛﺮﯾﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ
اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ،وﯾﺘﻄﻠﺐ ذﻟﻚ إﻟﻤﺎﻣﺎ واﺳﻌﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻷﺛﺮي ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺣﺪا ،وﻓﻲ
ﻣﺮاﻛﺰ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ،ﺣﺘﻰ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺳﻠﯿﻢ واﻟﻮﺻﻮل ﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﯾﺮ ﻣﻌﺎﺻﺮة أو
أﺳﺒﻘﯿﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻀﺎرات ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺮى.وﺗﺴﺘﻠﺰم ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﺗﺼﻨﯿﻒ اﻟﻤﻮاد اﻷﺛﺮﯾﺔ ﺣﺴﺐ
ﺗﻄﻮر ﻧﻮع اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﺛﺮﯾﺔ واﻟﺘﻐﯿﯿﺮات اﻟﺘﻲ طﺮأت ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ،
وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﯾﺮ اﻟﺘﺄرﯾﺦ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﻘﻄﻊ اﻷﺛﺮﯾﺔ
اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺎ وﺗﺄرﯾﺦ ﻗﻄﻊ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ أﺧﺮى ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ
ﺑﺎﻟﻨﻮع .وأﺣﺴﻦ اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻷﺛﺮﯾﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎرﻧﺔ ھﻲ اﻷواﻧﻲ اﻟﻔﺨﺎرﯾﺔ ورؤوس اﻟﺴﮭﺎم
واﻵﻻت اﻟﻌﻈﻤﯿﺔ.
ب -طﺮق اﻟﺘﺄرﯾﺦ اﻟﻤﻄﻠﻖ:
*طﺮﯾﻘﺔ اﻟﻜﺮﺑﻮن 14اﻟﻤﺸﻊ ) :(C-14وھﻲ ﻣﻦ أھﻢ وأﺣﺪث اﻟﻄﺮق اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ
ﻋﻤﺮ اﻟﻤﻮاد اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ ،وﯾﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ اﻛﺘﺸﺎﻓﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻟﯿﺒﻲ )– (W.F.Libbyوھﻮ
ﻣﻦ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ -ﻋﺎم 1947م .وﯾﺪﺧﻞ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺮﺑﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻣﻦ ﻏﺎز ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﯿﺪ
اﻟﻜﺮﺑﻮن ،ﺛﻢ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻟﺤﯿﻮان واﻻﻧﺴﺎن ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﯿﺔ اﻟﻨﺒﺎﺗﯿﺔ واﻟﺤﯿﻮاﻧﯿﺔ،
وﯾﺒﻘﻰ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﯿﺘﮫ ﻣﺎ دام اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻟﻌﻀﻮي ﺣﯿﺎ ،ﻓﺈذا ﻣﺎت ﺗﺒﺪأ ذرات اﻟﻜﺮﺑﻮن 14
ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻛﺮﺑﻮن 12اﻟﻌﺎدي اﻟﻐﯿﺮ ﻣﺸﻊ ،ﺑﻤﻌﺪل ﻧﺼﻒ ﻛﻤﯿﺘﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ
)5568ﺑﺰﯾﺎدة أو ﻧﻘﺺ (30ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ،وﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻘﺪار ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻮات ﯾﻔﻘﺪ اﻟﻨﺼﻒ
اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻧﺼﻔﮫ.وﺑﻤﺎ أن اﻷﺷﻌﺔ اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮﯾﮭﺎ اﻟﻤﺎدة اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ أﺛﻨﺎء ﺣﯿﺎﺗﮭﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ،
وأن اﻟﺘﻨﺎﻗﺺ ﯾﺤﺪث ﻓﻲ ﻧﺴﺒﺔ زﻣﻨﯿﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ أﯾﻀﺎ،ﻟﺬا ﻓﺈن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺎدة اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﻮﺗﮭﺎ
ﯾﻜﻮن ﺑﺎﺣﺘﺴﺎب اﻟﻜﻤﯿﺔ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺔ .وﺗﺴﻤﺢ ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﺑﺘﺤﺪﯾﺪ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﻮاد اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ
ﻓﻲ ﺣﺪود 80أﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻻ ﺗﺘﻌﺪى 40أﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ.
*طﺮﯾﻘﺔ ﺗﺤﻠﯿﻞ ﺣﻠﻘﺎت اﻷﺷﺠﺎر :وﺗﻌﺮف ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ أﯾﻀﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﻘﻮﯾﻢ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ
) ،(Dendrochronologyوھﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻋﺪد اﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻨﮭﺎ ﺟﺬوع
اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻤﻌﻤﺮة اﻟﻀﺨﻤﺔ ،ﻛﺎﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ وإﺳﻜﻨﺪﯾﻨﺎوة .وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف أن ﺣﻠﻘﺎت
اﻷﺷﺠﺎر ﺗﻨﻤﻮ ﻧﻤﻮا طﺒﯿﻌﯿﺎ ﺑﻤﻌﺪل ﺣﻠﻘﺔ واﺣﺪة أو أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،ﺣﺴﺐ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﻨﻤﻮ.
وﯾﺸﯿﺮ ﻋﺪدھﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﻘﻄﻮﻋﺔ إﻟﻰ ﻋﻤﺮھﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻄﻌﺖ ،وﯾﻤﻜﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺘﮭﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺸﺠﺮة ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﻘﺪ،وذﻟﻚ ﺑﻤﻄﺎﺑﻘﺔ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺠﮭﻮﻟﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻊ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺸﺠﺮة
اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺸﻜﻞ واﻟﻌﺪد .ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻧﻤﻮ ھﺬه اﻟﺤﻠﻘﺎت ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮة
اﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻦ ﻋﺎم ﻵﺧﺮ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ،اﻷول أن ﺳﻤﻚ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﻨﻤﻮ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻋﻤﺮ
اﻟﺸﺠﺮة ،ﻓﮭﻮ ﯾﻀﯿﻖ ﻣﻊ ﺗﻘﺪم ﻋﻤﺮ اﻟﺸﺠﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﻦ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ أن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻟﻠﺸﺠﺮة ﻟﯿﺲ
ﻣﻨﺘﻈﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﺧﺘﻼف اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﺔ ﻣﻦ ﻓﺼﻞ إﻟﻰ آﺧﺮ وﻣﻦ ﻋﺎم ﻵﺧﺮ ،ﻓﺎﻟﻔﺼﻞ اﻟﻤﻄﯿﺮ
ﯾﻀﯿﻒ ﺣﻠﻘﺔ ﺳﻤﯿﻜﺔ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺠﺎف ﯾﻀﯿﻒ ﺣﻠﻘﺔ رﻗﯿﻘﺔ.واﻟﺠﺪﯾﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن دﻗﺔ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻗﺪ
ﺗﺰاﯾﺪت ﺣﺎﻟﯿﺎ ﺑﻔﻀﻞ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﯿﻜﺮوﺳﻜﻮب واﻟﺤﺎﺳﻮب ﻣﻤﺎ ﺳﻤﺢ ﺑﻘﯿﺎس زﻣﻦ ﯾﻘﺪر ﺑـ
8300ﺳﻨﺔ ق.م ،ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎن أﻗﺪم ﺗﺎرﯾﺦ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﮫ ﺑﮭﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ھﻮ ﻓﻲ ﺣﺪود ﺛﻼﺛﺔ
آﻻف ﺳﻨﺔ.
*طﺮﯾﻘﺔ اﻟﺒﻮﺗﺎﺳﯿﻮم أرﻏﻮن:وھﻲ أﺣﺪث طﺮﯾﻘﺔ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻟﺘﺄرﯾﺦ اﻵﺛﺎر وﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻗﺪم اﻟﮭﯿﺎﻛﻞ
اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ،وﺗﻤﺘﺎز ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄرﯾﺦ ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﻗﺪﯾﻤﺎ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻤﻼﯾﯿﻦ،ﻓﺒﻔﻀﻠﮭﺎ
ﺗﻢ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﺗﺎرﯾﺦ اﻧﺴﺎن أوﻟﺪﻓﺎي اﻟﺬي أﻛﺘﺸﻔﺖ ﺑﻘﺎﯾﺎه اﻟﻤﺘﺤﺠﺮة ﺳﻨﺔ 1960م ﻓﻲ ﺗﻨﺰاﻧﯿﺎ ﺑﺸﺮق
إﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻗﺪرت ﺑﻔﺘﺮة ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻤﻠﯿﻮن و750أﻟﻒ ﺳﻨﺔ .وﺗﺴﺘﺨﺪم ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻓﻲ
اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺒﺮﻛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﺎ ﺗﺤﺘﻮﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﯿﺔ ھﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻮﺗﺎﺳﯿﻮم-أرﻏﻮن اﻟﻤﺘﺮﺳﺒﺔ ﺑﻤﺮور
اﻟﺰﻣﻦ،وزﻧﮭﻤﺎ اﻟﺬري ) ،(40وﻗﺪ ﺗﺸﻜﻞ اﻷرﻏﻮن 40ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺘﺪرﯾﺠﻲ واﻟﺒﻄﯿﺊ ﻟﻌﻨﺼﺮ
اﻟﺒﻮﺗﺎﺳﯿﻮم .40وﺗﺒﺪأ ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﺑﺄﺧﺬ ﻋﯿﻨﺔ ﺻﻐﯿﺮة ﺟﺪا ﻣﻦ ﺻﺨﻮر ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎطﻖ ،وﯾﺴﺘﺨﺪم
ﺟﮭﺎز ﺣﺴﺎس ﺟﺪا ﻟﻔﺼﻞ ذرات اﻷرﻏﻮن ، 40ﺛﻢ ﺗﺠﺮى ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻋﺪة ﻋﻤﻠﯿﺎت ﻓﯿﺰﯾﺎﺋﯿﺔ ﺣﺘﻰ
ﯾﺘﻮﺻﻠﻮن إﻟﻰ ﻗﯿﺎس ﻧﺴﺒﺘﮫ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺨﻮر
اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ.
وھﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻜﻮن ھﻨﺎك ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺸﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺄرﯾﺦ ﻟﻌﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وﺟﺐ
ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻻﻧﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ طﺮﯾﻘﺔ واﺣﺪة ﻣﻨﮭﺎ ،ﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ طﺮﯾﻘﺔ
ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ أزﻣﻨﺔ اﻷدﻟﺔ اﻷﺛﺮﯾﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن ھﺬه اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﺗﻌﺎون
ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ ذﻟﻚ.