Professional Documents
Culture Documents
الاستهلال
الاستهلال
فإن األطفال تلك الزهرات الندية ,والبراعم الطرية ،التي خلقها هللا من رحم الحياة الزوجية التي تكون سكنا ً ورحمة بين األبوين،
وليتمم لهما هذه السعادة ,فيخلفهما من بعدهما ،ويبر بهما إذا كبرا ،وهم زينة الدنيا وبرائتها التي يهفو لها كل حي ،وهم النواة الحقيقة
للمجتمع الناشئ الذي يكفل استمرار األمة المسلمة .وتصحيح بناء هذا المجتمع الناشئ وتشكيله بشكل قويم هو مساهمة كبيرة نحو تصحيح
الكتلة الكبرى والرقي بها ..إن مسئولية األطفال عظيمة ،وقد ح َملها هللا تعالى لألبوين ,ورتب أحكاما ً كثيرة متعلقة بهم ترعى وتضمن لهم
حقوقهم كالرضاعة والحضانة وحسن التربية ،وقد شددت الشريعة الغرى على التربية والنشأة ..ولعل ما جاءت به السنة المطهرة من
هديه صلى هللا عليه وسلم مع األطفال منذ والدتهم إشارة لبداية ربطهم بالدين والتنشئة عليه ،فأمرنا باألذان في أذنه وتحنيكه ،كذلك حض
صلى هللا عليه وسلم على تربية االبن تربية على الصدق؛ فال يمد أحدنا يده لطفله كأن بها شيئا ً وهو كاذب كما جاء النهي عن ذلك في
.حديث عبد هللا بن عامر
ولعل من أهم الطرق التي يمكن بها إيصال األخالق والتصرفات الحميدة إلى أطفالنا "القدوة" ،فال ينبغي أن يرى الطفل إال ما يحسن
من أبويه؛ فالطفل يفتح عينيه وأذنيه وقلبه على ما يشاهده ويسمعه منهما M،ولذا تنعكس على شخصيته كل األشياء التي يستقبلها منهما بوله
وشغف في هذا السن ،وقد تعود عليه سلبا ً وإيجابا ً بحسب طبيعتها فإن كانت األسرة خيّرة نشأ الطفل على حب الخير وإن كانت عكس ذلك
بدا ذلك على الطفل وسلوكه ،ولذا فقد ينشأ الطفل بعيداً عن طاعة هللا إذا كان والداه أو أحدهما كذلك ،وقد يتعلم كل صفة وخلق ذميم وقد
ينزلق في لجج الدخان والمخدرات ورفقة السوء كذلك ..فشخصية Mالطفل كما أسلفنا انعكاس Mلنوع التربية التي تلقاها في صغره ،ويكفي أن
نعرف أن أغلب سمات الشخصية لدى األطفال تتكون خالل الخمس سنوات األولى والتي قد يهملها الكثير من اآلباء ..وليس من الحسن
..أبداً أن يستمع الطفل إلى نقاش األبوين الحاد؛ ألن هذا قد يؤثر عليه ويسبب له شخصية مضطربة وغير هادئة
وعلى اآلباء أن يراعوا النمو العقلي لدى الطفل خاصة في سن السابعة حيث يكون أكثر إدراكا ً لما يرى ويسمع .ولعل لغة الحوار هي
من أنجح الوسائل إليصال المفاهيم السليمة إلى عقل األطفال .ومن المهم أن يجد االبن مع والديه فرصة ليتجاوب فكريا ً معهما ،ويتعلم
الحديث منهما والقدرة على المشاركة في الموضوعات والحوارات ،ومن الخطأ الشائع أن بعض اآلباء يظن أن األطفال ال يدركون
األمور وال يعقلونها؛ فيكبر االبن في ظل هذه القيود وال يجد الحوار إال مع رفقته الصغار وهم عندما يتحاورون يتشاجرون فال يكبر
.عقله ,ولذا كان على األبوين تعويد أنفسهم على الحوار مع أبنائهم دائما ً وخصوصا ً عند وقوع األبناء أو أحدهم في الخطأ
ومن الحسن أن نبيّن أن االرتكازات التي تقوم عليها عملية التربية السليمة قد ال تتوفر لدى بعض اآلباء ،ومن هنا ربما يرى بعض
المختصين من األفضل ألولئك اآلباء توصية من يعلمون فيه الخير واكتمال صفات المربين ،ليكفل لهم تربية أنبائهم وتوجيههم ،وهذا ال
ينزع عن األبوين مهمتهما Mاألولى بالتمام ،إذ يبقى بعد ذلك شيء يقدر عليه كل أحد من البشر وال يصح إال أن يكون من األبوين .وفي
.العموم أعتقد أن الصفات المطلوبة في المربي هي صفات يسيرة غير معجزة للمتوسطين من الناس
مشكلة البحث
الحظت الباحثة من خالل قراءتها ان هناك قلة في البحوث التربويه التي تتناول تربية األطفال في اإلسالم ،بالمفدقارنة بنظيرتها في
.التربيه الحديثه ،في عصر نعتبر فيه بأمس الحاجة إلى منهج تربوي متوازن وتكامل
ونظرا التساع رقعة البحث عند تناول جميع النواحي األساسيه لتربية الطفل كالناحية الجسديه ،والعقليه ،والنفسيه ،والجماليه ،والخلقية،
والعقديه ،واالجتماعية فإن الباحثة ستتناول الخلقي والجسدي فقط باعتبارها جزئين من مكونات المنهج التربوي المتكامل والمتوازن
.لتربية الطفل
.