Professional Documents
Culture Documents
اختصاصات المحاكم المالية بالمغرب
اختصاصات المحاكم المالية بالمغرب
اختصاصات المحاكم المالية بالمغرب
الفوج الثاني
وحدة المنازعات الضريبية والمالية
من إعداد:
تحت إشراف: رضى العمراوي
ذ .يونس وحالو شيماء جدي
خديجة إيداورغ
حنان الشرادي
مروان حلة
محسن قابل
سليمان كعيبة
1
مقدمة :
يشكل المال الركيزة األساسية والعمود الفقري في بناء الدولة وتكوينها ،ووسيلة هامة من
وسائل الدولة الحديثة للقيام بأنشطتها المختلفة من إنشاء مرافق عامة وتسييرها وتحقيق النفع
العام في مختلف المجاالت االقتصادية واالجتماعية والتنموية.
ولحماية هذا المال العام ،عملت جل الدول من خالل دساتيرها وتشريعاتها الداخلية بما فيها
المغرب إلى إقرار جملة من النظم واآلليات الرقابية بغرض حماية هذا المال والسهر على
إنفاقه وتخصيصه وفقا للبرامج المحددة له.
وقد أجمع علماء وفقهاء االقتصاد والمالية العامة في جميع الدول على اختالف نظامها
االقتصادي واالجتماعي على أن كل نظام مالي واقتصادي ال يشمل على رقابة مالية حازمة
1
فهو نظام ناقص ومبتور.
ولضمان حسن تدبير األموال العمومية المستخدمة في تنفيذ المشاريع العمومية .أحدث المشرع
المغربي عدة أجهزة تمارس مختلف أنواع الرقابة وتقييم منجزات القطاعات الوزارية من
ضمنها المحاكم المالية .فهذه األخيرة بصيغتها الحالية و بوظيفتها األصلية المتمثلة في حماية
المال العام ،هي نتاج لتطور تاريخي ملحوظ ،فباإلضافة إلى والية الحسبة ووالية المظالم،
التي ظلت تستمد أحكامها وقواعدها من الشريعة اإلسالمية ،حيث كان األمناء مسؤولين أمام
أمين األمناء ،وقد قام السلطان الحسن األول بإصالح حول بموجبه أمين األمناء إلى وزير
المالية وجعله أول مسؤول عن بيت المال ومصاريف الموظفين بحيث يقدم هذا األخير الئحة
2
إلى أمين السر الذي يقوم بالصرف .
لكن مع ذلك ظلت مشاكل المغرب دون حل في المجال المالي ،مما ساهم في فتح المجال أمام
المستعمر الحتالل البالد ،هذا األخير لجأ إلى جباية الضرائب السترداد مستحقاته مباشرة في
الموانئ واألسواق ،ثم أصبح يتحكم في تسيير شؤون المصالح الحيوية مما جعل وزير المالية
األصلي مهمشا وعديم السلطة.
وفي سنة 1924تم خلق التأشيرتين وظلت مراقبة األداء ضمن مهمات الخزينة العامة أي
من اختصاص الخازن العام الذي كان مسؤوال في فرنسا والمغرب معا .وتجدر اإلشارة إلى
أنه خالل هذه المرحلة عهدت الرقابة العليا على األموال العمومية بالمغرب إلى محكمة
الحسابات الفرنسية ،كما شهدت فترة الحماية ميالد أو وضع مجموعة من النصوص القانونية
المتعلقة بالنظام الرقابي ،وهكذا تم إنشاء اللجنة المحلية للحسابات بمقتضى ظهير 20يوليوز
1ﺼالح الدﻴن ﻤﺼطفى أﻤﻴن ،الرقاﺒة المالية العامة ودﻴوان الرقاﺒة المالية في العراق ﺒﻴن ﻤاﻀﻴه وﻤﺴﺘقﺒله طبعة 1979بغداد ،ص7:
2للمزيد من التوضيح حول مهام و اختصاصات األمناء يراجع:
-نعيمة هراج التوزاني :األمناء بالمغرب في عهد السلطان موالي الحسن 1894-1873مساهمة في دراسة النظام المالي بالمغرب ،منشورات
كلية األداب و العلوم اإلنسانية الرباط مطبعة فضالة ،يناير ،1979ص.299-241:
2
1932إال أن دورها ظل مقتصرا على مراجعة بعض الحسابات الثانوية أما مختلف الحسابات
فكانت من اختصاص محكمة الحسابات الفرنسية.3
وبعد االستقالل اختار المغرب الفعالية التي يتميز بها النظام الرقابي بدال من النظام السابق
للحماية وحاول تكييف وتعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالنظام الرقابي على األموال
العمومية وهكذا أصبح ظهير 14أبريل 1960ينظم اللجنة الوطنية للحسابات عوض اللجنة
المحلية للحسابات -الهيئة الجديدة المكلفة بالرقابة العليا على األموال العمومية في المغرب.
لكن هذه اللجنة لم تستطع القيام بالمهام المنوطة بهما وذلك راجع إلى مجموعة من العوامل
منها التشريعية والتنظيمية وأخرى بشرية ،ذلك بأن اختصاصاتها لكون المراقبة كانت مراقبة
محاسبية عليا ذات طبيعة إدارية وظلت محدودة في غياب استقالل عضوي ووظيفي ومالي،
باإلضافة إلى غياب أطر كفأة ومؤهلة ،فضال عن تبعيتها إداريا وماليا لوزارة المالية.
وفي سنة 1979تم إنشاء المجلس األعلى للحسابات بمقتضى قانون رقم 12-79الصادر
بتاريخ 14شتنبر 1979باعتباره الهيئة العليا المكلفة برقابة األموال العمومية في المغرب،
حيث عهد إليها بالنظر في حسابات المحاسبيين العموميين وممارسة اختصاصات قضائية في
مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،ثم أخيرا تقويم تسيير األجهزة الخاضعة
لها ،غير أنه اعتبارا لتنوع وتعدد االختصاصات المسندة إليه في غياب إرادة حقيقية واضحة
لتفعيل دور المجلس األعلى للحسابات وهو ما تزكيه حصيلة تجربة المجلس التي اتسمت
بالضعف وعدم الفعالية وذلك راجع إلى مجموعة من االكراهات والعراقيل الذاتية
والموضوعية (داخلية وخارجية) والتي حالت دون تحقيق الجهاز لألهداف أحدث من أجلها،
مما كان يستوجب إدخال تعديالت على هذه المؤسسة بصفة خاصة والرقابة على األموال
4
العمومية بصفة عامة
من هذا المنطلق عمل المشرع المغربي بمناسبة المراجعة الدستورية لسنة 1996على ترقية
المجلس األعلى للحسابات إلى مستوى هيئة دستورية ،وهكذا نص الدستور المغربي وفقا
ألحكام الفصل 96على أن يقوم المجلس األعلى للحسابات بالمراقبة العليا لتنفيذ قوانين المالية،
ويتأكد من عمليات موارد ونفقات الهيئة التي تخضع للمراقبة ،والتي يمارس عليها رقابة
التسيير ويعاقب عند االقتضاء على المخالفات للقواعد التي تحكم هذه العمليات ،وأصبح
المجلس يقدم المساعدة للبرلمان والحكومة في المجاالت التي تدخل في اختصاصه بمقتضى
القانون ،ويقدم بيانا لجاللة الملك حول جميع أنشطته ،كما نص الدستور على إحداث وألول
مرة مجالس جهوية للحسابات وفقا ألحكام الفصل 98منه ،وهي من التجديدات األساسية التي
جاءت بها المراجعة الدستورية في مجال الرقابة المالية وهكذا عهد إلى هذه المجالس بمراقبة
حسابات الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها ،وكذا القيام بمراقبة تسييرها بشكل يقسم
3أحمد أحميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية و تطبيقية مقارنة ،الطبعة األولى 1424هجرية 2003-ميالدية ،المطبعة
فضالة -المحمدية ،ص5:
4أحمد أحميدوش مدني ،المرجع السابق .ص6:
3
االختصاصات واألدوار بين المجلس األعلى للحسابات بصفته هيئة مركزية والمجالس
الجهوية للحسابات على المستوى المحلي.
وبعدها تم إصدار القانون رقم 62-99بمثابة مدونة المحاكم المالية بتاريخ 13يونيو 2002
وهذا القانون المتكون من ثالثة كتب طبع مرحلة هامة من مسار المجلس األعلى للحسابات
نظرا ألنه حدد بوضوح اختصاصات وتنظيمه وتسييره (الكتاب األول) والمجالس الجهوية
(الكتاب الثاني) وكذا النظام األساسي لقضاة المحاكم المالية (الكتاب الثالث).
وفي األخير صدر الدستور الجديد لسنة 2011وخصص له الباب العاشر من الفصل 147
إلى 150وفي حيثياتها عدة مقتضيات جديدة من شأنها تدعيم مكتسبات المحاكم المالية بعد
عشر سنوات من الممارسة الواسعة لمراقبة التدبير وتعزيز دور هذه المحاكم في المجاالت
الهامة المتعلقة بالحكامة العمومية.
في هذا السياق ،تم الرفع من نشاط نشر التقارير المنجزة من طرف المحاكم المالية ،إذ سيعمل
المجلس األعلى للحسابات من اآلن فصاعدا على نشر التقارير الخاصة المتعلقة بالمهمات
الرقابية المنجزة ،فضال عن التقرير السنوي .كما تم توسيع مجال المساعدة التي يقدمها
للشركاء اآلخرين .فباإلضافة إلى البرلمان والحكومة ،سيتولى المجلس األعلى للحسابات تقديم
5
المساعدة للسلطة القضائية.
ولمسايرة هذه المراجعة الدستورية كان من الضروري تتميم وتعديل القانون الذي كان في
ظل الدستور القديم ،واستبداله بقانون جديد ،وهذا ما كان بإصدار القانون 55.16الصادر
بتاريخ 25غشت ،2016الذي بدوره تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم 39.19الصادر
6
بتاريخ 6مارس 2020.
و للموضوع أهمية بالغة على المستوى النظري و العملي األولى تتجلى في كون موضوع
المحاكم المالية حظي باهتمام من المشرع المغربي إلى جانب الدستور المغربي فقد خصص
للمحاكم المالية مدونة خاصة بها كما أنه حظي هذا الموضوع باهتمام من قبل مجموعة من
الفقهاء و الباحثين في مجال القانوني ،باإلضافة الى األهمية العملية و التي تتجلى في أن هذه
المحاكم المالية سواء المجلس األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات له مجموعة
من االختصاصات من أجل عقلنة التدبير العمومي ،ومراقبة مجاالت صرف المال العام
وتحصينه من عمليات التبذير أو النهب واالختالس أو سوء االستعمال من طرف الموكول
إليهم مسؤولية حمايته وحسن تدبيره وصرفه أو مراقبة صرفه ،في إطار قواعد الشفافية
واألمانة والنزاهة ،والخضوع للمساءلة عند ثبوت المخالفات .
5الموقع اإللكتروني للمجلس األعلى للحسابات للمملكة المغربية ،تم زيارته 2023/01/27على الساعة 00:30ليال.
http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-6/-
- 6القانون رقم 39.19بتنفيذه الظهير رقم 1.20.20الصادر في 11من رجب 6 ( 1441مارس ) 2020المغير و المتمم للقانون رقم 62.99
المتعلق بمدونة المحاكم المالية .الجريدة الرسمية عدد 6866بتاريخ 24رجب 19( 1441مارس )2020ص.1642:
4
وفي هذا اإلطار فإن اإلشكالية المحورية التي سنجيب عنها في صلب الموضوع
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي توفير الحماية الالزمة للمال العام على ضوء
اختصاصات المحاكم المالية
وعلى هذا األساس فإن التصميم الذي سنعتمده لمناقشة هذا الموضوع سيكون على الشكل
التالي :
5
المبحث األول :هيكلة واختصاصات المجلس األعلى للحسابات ودوره في حماية
المال العام.
تقوم المحاكم المالية بالمغرب بوظيفتها الرقابية على المال العام ،وكما هو معلوم تتشكل من
المجلس األعلى للحسابات كألية رقابية عليا والمجالس الجهوية كآلية رقابية جهوية.
وسنقتصر في هذا المبحث حديتنا عن هيكلة المجلس األعلى للحسابات (المطلب االول)،
على أن نتناول فيما بعد اختصاصاته (المطلب الثاني).
المطلب األول :هيكلة المجلس االعلى للحسابات.
سنحاول في هذا المطلب التطرق إلى مسألتين أساسيتين األولى تتعلق بأجهزة المجلس األعلى
للحسابات( ،الفقرة األولى ) ثم نتناول فيما بعد الهيئات التي تشكل البناء التنظيمي ألجهزة
المجلس األعلى للحسابات ( الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :أجهزة المجلس االعلى للحسابات.
بالرجوع إلى المادة 4من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص بصريح العبارة أن المجلس
األعلى للحسابات يتكون من قضاة يسري عليهم النظام األساسي الخاص المنصوص عليه
في الكتاب الثالث من هذا القانون وهم :
-الرئيس األول.
-الوكيل العام للملك.
-المستشارون.
7
كما يتوفر المجلس األعلى للحسابات على كتابة عامة وكتابة الضبط.
ومن خالل المادة أعاله يتضح أن المجلس األعلى للحسابات يتألف من عدة أجهزة التي تتنوع
بين أجهزة قضائية تعد العمود الفقري للمحاكم المالية ،والتجسيد المؤسساتي لطابعها
القضائي ،المتمثل في جهاز الرئاسة وجهاز النيابة العامة ،ومن جهة أخرى نجد األجهزة
اإلدارية للمجلس األعلى للحسابات التي تشكل ال محال فيه عنصر جوهري في نجاح عمل
المحاكم المالية وتتمثل هاته األجهزة في الكتابة العامة وكتابة الضبط ،وسنعمل بالتفصيل
على تناول كل جهاز من أجهزة المجلس االعلى للحسابات بالتفصيل كاالتي :
7ظهير شريف رقم 124.02.1صادر في فاتح ربيع االخر 13(1423يونيو ) 2002بتنفيذه القانون رقم 99.62المتعلق بمدونة المحاكم
المالية ،الجريدة الرسمية عدد 5030صفحة ،2294كما تتميمه وتغيره بالقانون رقم 19.39بتنفيذه الظهير رقم 20.20.1الصادر في 11من
رجب 6 ( 1441مارس , ) 2020الجريدة الرسمية عدد 6866بتاريخ 24رجب 19(1441مارس )2020صفحة ،1642أنضر المادة
الرابعة منه.
6
أوال :جهاز الرئاسة
يشكل الرئيس األول للمجلس االعلى للحسابات الشخصية المحورية لهاته المؤسسة ،باعتباره
رئيسا إ داريا ورئيسا لهيئة قضائية متخصصة في آن واحد ،إذ يتم تعيينه بظهير شريف من
8
طرف جاللة الملك وتحدد وضعيته اإلدارية في ظهير تعيينه.
كما انه يحتل مكانة بارزة وموقعا فعاال في تنظيم وتسير إدارة المجلس ،إذ اناطه المشرع
بسلطة االشراف العام على اشغال المحاكم المالية ،كما أعطى له المشرع طبقا للمادة 5من
مدونة المحاكم المالية سلطة تعيين موظفين أو أعوانا ينتمون أو كانوا ينتمون إلى هيئات
تفتيش أو رقابة أو سبق لهم أن مارسوا مهام التسيير بأحد االجهزة العمومية الخاضعة لرقابة
المحاكم المالية للمشاركة في مأموريات رقابية تدخل في إطار االختصاصات غير القضائية
9
للمجلس والمجـالس الجهوية.
كما يتولى الرئيس األول الرئاسة على جميع هيئات المجلس االعلى للحسابات التي حددتها
المادة 17من مدونة المحاكم المالية باستثناء فروع الغرف10 ،كما يحدد برنامج اشغال
المجلس االعلى للحسابات ،وذلك بتنسيق مع الوكيل العام للملك فيما يخص المسائل المتعلقة
باالختصاصات القضائية للمجلس ،ويتولى تنسيق اشغال المجالس الجهوية ،كما يحدد تنظيم
مصالح المحاكم المالية بصفة عامة بقرار يصدره في هذا الشأن وفقا لمقتضيات المادة 8من
مدونة المحاكم المالية رقم ،62.99كما يقوم بتسيير الشؤون االدارية للقضاة وباقي الموظفين
االداريين التابعين للمحاكم المالية.
إن الرئيس االول للمجلس االعلى للحسابات له أهمية بالغة إذ يعد اآلمر بالصرف لميزانية
11
المحاكم المالية طبقا للمادة 9من مدونة المحاكم المالية.
في حالة غياب الرئيس االول أو عاقه عائق ينوب عنه في ممارسة اختصاصاته المنصوص
عليها في المادة 9من هذا القانون أحد رؤساء الغرف الذي يعينه بأمر يصدره في هذا الشأن
وفقا للمادة 10من مدونة المحاكم المالية.
ثانيا :جهاز النيابة العامة
يتوفر النسق القضائي للمجلس االعلى للحسابات على نيابة عامة حقيقية ،وذلك لكونه جهاز
قضائي متخصص في مجال مراقبة األموال العمومية .وبهذا الصدد تتدخل النيابة العامة لدى
المحاكم المالية بطريقة الدعوى أو االقتراح أو المراقبة ،الشيء الذي جعل من النيابة العامة
8أحميدوش مدني ،المجلس االعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات التشكيل واالختصاص ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبة
القانون العام ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،السنة الجامعية ..2002-2001
9أنظر المادة 5من مدونة المحاكم المالية .62.99
10عادلة الوردي ،رقابة المجلس االعلى للحسابات على المال العام في المغرب ،منشور ات مجلة الحقو ق المغربية ،مطبعة المعارف الجديدة
الرباط ،الطبعة األولى ، 2012،صفحة . 78
11أنظر المواد 9و 10من مدونة المحاكم المالية 62.99
7
لدى محاكم القضاء العادي مجال تدخلها واختصاصاتها محدود وضيق أكثر من ما هو عليه
12
الحال لدى هاته األخيرة.
باستقراء المادة 14من مدونة المحاكم المالية يمكن القول بأن النيابة العامة تمارس مهامها
من طرف الوكيل العام للملك ،وذلك بوصفه رئيسا لهذا الجهاز وممثال له ،ويعين الوكيل العام
للملك من طرف الملك وتحدد وضعيته اإلدارية في ظهير تعيينه ،ويساعده خمسة محامين
عامين مختارين من بين قضاة المجلس ،خاضعين إلشرافه ومراقبته ،وينوب عنه في حالة
13
غيابه أو عاقه عائق ،أحد المحامين العامين الذي يعينه سنويا لهذا الغرض.
وتجدر االشارة إلى أنه في ظل القانون السابق 12.79المحدث للمجلس االعلى للحسابات لم
يتطرق لحالة غياب الوكيل العام للملك بشكل واضح وصريح ،بل اكتفى فقط بالنص على
التالي " يجوز للوكيل العام للملك حضور جلسات المجلس وأن يقدم مالحظاته شفويا كما
14
يجوز له أن يعين محاميا عاما لتمثيله فيها "
بخصوص الجانب التنظيمي للنيابة العامة ،فتعد هاته األخيرة هيئة مستقلة ومتميزة داخل
الهيكل القضائي للمجلس ،نظرا للطابع القضائي لهاته المؤسسة ،بحيث تنسج عالقات
15
مترابطة ومتقاطعة مع مختلف مكوناتها.
وبصفة عامة يشكل الوكيل العام للملك على حد تعبير البعض " مفتاح بدء سريان وتحريك
المسطرة أمام المجلس االعلى للحسابات" 16.إذ ال يمكن تحريك مسطرة التحقيق أمام المجلس
االعلى للحسابات خاصة في ميدان الرقابة القضائية بنوعيها أي رقابة المحاسبين العمومين
17
ورقابة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية إال بحضور وكيل الملك.
ثالثا :جهاز الكتابة العامة
تعد الكتابة العامة بالمجلس األعلى للحسابات مصلحة ادرية تابعة ،قانونا وممارسة ،للرئيس
االول للمجلس ،ويتولى مهامها كاتب عام يتم اختياره بناء على اقتراح من الرئيس االول بعد
18
موافقة قضاة المحاكم المالية.
وبهذا الصدد ،يتم تعين الكاتب العام من بين المستشارين المشرفين بالمجلس ،وتحدد وضعيته
اإلدارية بمرسوم ،ويعتبر الكاتب العام رئيسا تسلسليا ألربعة أقسام :الموارد البشرية ،نظم
12جان فولف ،النيابة العامة ،ترجمة نصر هايل ،دار القصبة للنشر ،الجزائر ، 2006 ،صفحة . 80
مع – مكانة النيابة العامة في القضا ء العادي المغربي ،يراجع عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلقة بالمسطرة الجنائية ،الجزء
االول ،مطلعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2006،صفحة 85و.86
- 13أنظر الفقرة األولى من المادة 14من القانون 62.99المتعلقة بمدونة المحاكم المالية.
14أنظر الفصل 11من القانون 12.79المتعلق بتنظيم المجلس االعلى للحسابات.
15أحمد حاسون ،المجلس االعلى للحسابات بالمغرب ،دراسة سوسيو قانونية ،منشورات حوارا ت ،مجلة الدراسات الساسية واالجتماعية ،سلسلة
أطروحة وأبحاث ،العدد ،1مطبعة المعارف الجديدة -الرباط 2013صفحة . 52
¹⁰-article 3 troisième et quatrième alinéas, décrit du 11 février 1985 16
17أنضر المادة 14من مدونة المحاكم المالية .62.99
18أحميدوش مدني ،مرجع سابق صفحة ..230
8
المعلومات والتوثيق ،قسم الموارد المالية ،قسم الضبط المركزي ،يتولى مهمة تنسيق
19
اشغال الكتاب العامين بالمجالس الجهوية.
وفي هذا اإلطار ،يتولى الكاتب العام تحت اشراف وسلطة الرئيس االول ،مهمة تسيير
المصالح اإلدارية للمجلس عموما ومصلحة كتابة الضبط خصوصا ،فضال عن توليه انجاز
العديد من المهام في توجيه ودعم عملية الرقابة ،إذا باستقراء المادة 15من مدونة المحاكم
المالية يتضح بجالء دور عنصر الكاتب العامة للمجلس االعلى للحسابات في هيكلة المحاكم
المالية ،إذ يسهر على تقديم الحسابات والوثائق والمستندات من طرف المعنين باألمر باآلجال
القانونية المحددة لها ،وفي حالة وقوع أي تأخير وفي حالة وقوع تأخير في االدالء بهذه
الحسابات يتولى إخبار الوكيل العام للملك بذلك ،زيادة على مساعدة الكاتب العام للرئيس
20
االول في تنسيق اشغال المجلس ،وكذا في تنظيم جلسات الهيئات التابعة له.
رابعا :كتابة الضبط
تعد كتابة الضبط التي يشرف عليها كاتب الضبط ،مصلحة إدارية من الدرجة الثانية ،إذ تظل
21
تابعة للكتابة العامة ،حيت تشتغل تحت سلطة واشراف الكاتب العام.
وتجدر االشارة إلى أن المدونة لم تحدد اإلطار القانوني لكاتب الضبط ،وال طرق تعينهم
وتكوينهم بالمجلس ،كما لم تربط ذلك على االقل من حيث الوضعية اإلدارية بقانون الوظيفة
العمومية .بل اكتفت بمجرد اإلشارة إلى أن الموظفين االداريين والتقنيين واالعوان يخضعون
لنظام خاص بهم 22،ويتخذ المشتغلون في مصلحة كتابة الضبط وضعية اداريين ،ويبدو أن
هذه الثغرة القانونية تحتاج إلى إعادة النظر ،من خالل تمكين كتاب ضبط من نظام خاص
يشكل ضمانة قانونية لهم في تأدية مهامهم ،وكذا تحديد آلية تعيينهم ،وطرق تكوينهم. 23
بالموازاة مع ذلك يحضر كاتب الضبط في كل هيئة من هيئات المجلس ،وكذا جميع جلسات
الحكم ويتولى تدوين المحاضر كما يوقع القرارات ،ويحضر لتدوين جلسات االستماع أثناء
التحقيق في مجال قضايا التأديب المالي ،وكذا استقبال التصريحات كما يتولى كاتب الضبط
24
استقبال التصريحات اإلجبارية للممتلكات والتحقق من صفة المصرح.
19أحمد حاسون ،المجلس االعلى للحسابات ،دراسة سوسيو قانونية ،مرجع سابق صفحة . 60
20أحمد حاسون ،المجلس االعلى للحسابات ،دراسة سوسيو قانونية ،مرجع سابق صفحة.61
21استنادا للمادة 15من مدونة المحاكم المالية ،يشكل الرئيس االول السلطة الرئاسية لكتابة الضبط .،لكن تأطير لتوجيه يتم من طرف الكاتب
العام من حيث الممارسة ( هذه المالحظة واردة في كتاب أحمد حاسون ،مرجع سابق ،صفحة )61
22أنظر المادة 106من مدونة المحاكم المالية. 62.99
23على خالفا ذلك حدد مرسوم إطار كتاب الضبط بالمحاكم العادية من حيث االختصاص والتعويضات وطرق تعين ،ويتعلق األمر بمرسوم ،
71.08.22الصادر بتاريخ 9يوليو ز 2008بشأن النظام األساسي الخاص بموظفي هيئة كتابة الضبط ،الجريدة الرسمية عدد 10، -5646يوليوز
( 2008هذه المالحظة واردة في مرجع احمد حاسون ،المجلس االعلى للحسابات بالمغرب ،دراسة سوسيو قانونية ،صفحة .)62
24أنظر المادة 96مكرر من القانون رقم 06. 52المتعلق بالتصريح اإلجباري الممتلكات .
9
الفقرة الثانية :هيئات المجلس االعلى للحسابات.
إضافة إلى األجهزة القضائية واإلدارية للمجلس االعلى للحسابات ،فإن هذا المجلس نفسه
يتكون من مجموعة من الهيئات التي تشكل البناء التنظيمي لها ،إذا ماهي هاته الهيئات المتوفرة
لدى المجلس االعلى للحسابات ؟ .
باستقراء المادة 17من مدونة المحاكم المالية يتضح بجالء أن المجلس االعلى للحسابات
يضم الهيئات االتية :
-الجلسة الرسمية
-هيئة الغرف المجتمعة .
-هيئة الغرف المشتركة .
-غرفة المشورة .
-الغرف .
-فروع الغرف .
25
-لجنة البرامج والتقارير .
ولإلحاطة بكل هاته الهيئات أكثر سنعمل على التفصيل فيها كاآلتي واحدة تلو األخرى:
اوال :الجلسة الرسمية للمجلس
تعد الجلسة الرسمية تقليدا برتوكوليا معروفا في العديد من األجهزة العليا للرقابة على األموال
العمومية 26.وتشكل إعالنا الفتتاح السنة القضائية ،واستقبال أفواج جديدة من القضاة ،وعلى
هذا المستوى ،يعقد المجلس جلسات رسمية علنية للقيام على الخصوص بتنصيب القضاة في
وظائفهم ومهامهم ،وتلقي اداء يمينهم القانونية ويحضر هذه الجلسات الرسمية كل من الرئيس
االول ،والوكيل العام للملك ،وجميع القضاة .كما يمكن للرئيس االول دعوة شخصيات اخرى
لحضور الجلسة الرسمية 27 .ومن هنا يمكن أن تشكل الجلسة الرسمية فضاء للتواصل بين
مكونات المحاكم المالية من جهة وبين هؤالء ومكونات الحقل االجتماعي والسياسي من جهة
ثانية .ويالحظ بهذا الخصوص أن التشريع الفرنسي في مجال الرقابة القضائية المالية قد حدد
الشخصيات التي يمكن دعوتها لحضور الجلسة الرسمية العلنية والعامة ،كوزير االقتصاد
28
والمالية ورئيسي مجلسي البرلمان ،والوزير االول ،وأحيانا رئيس الجمهورية.
10
ثانيا :هيئة الغرفة المجتمعة
تشكل هيئة الغرفة المجتمعة إحدى الهيئات القضائية األساسية المكونة للمحكمة المالية،
وجلساتها تخصص إلبداء الرأي في مسائل االجتهاد القضائي والمسطرة.
وتتألف هيئة الغرف المجتمعة من الرئيس االول ،والوكيل العام للملك ،ورؤساء الغرف،
وقاض عن كل غرفة ،ينتخبه نظراؤه لمدة سنة.
وطبقا للمادة 19من مدونة المحاكم المالية ،تبت هاته الهيئة في القضية المعروضة على
انظار المجلس مباشرة من طرف الرئيس االول ،أو بناء على ملتمس النيابة العامة ،أو المحالة
عليه بعد نقض قرار سبق وأن أصدره .كما يستشير الرئيس االول هذه الهيئة قبل األمر بنشر
قرارات وأحكام المحاكم المالية.
ومن الناحية المسطرية يعين الرئيس االول مستشارا مقررا يتمتع بصوت تقريري داخل
الغرفة ،في حين يمارس الوكيل العام للملك مهام النيابة عند البت في القضايا المعروضة
عليها .وفي هذا اإلطار ،فال يمكن لهذه الهيئة عقد جلساتها واتخاذ قرارتها إال إذا كانت كل
غرف المجلس ممثلة فيها ،وحضور ما ال يقل عن نصف اعضائها ،وذلك من أجل ضمان
تمثيلية كل غرف المجلس داخلها ،ومن تم تتخذ قرارتها بأغلبية أصوات أعضائها ،وفي حالة
29
تعادل االصوات ترجح الكفة التي ينتمي لها الرئيس.
ثالثا :هيئة الغرف المشتركة :
هيئة جديدة جاءت بها مدونة المحاكم المالية ،فهي لم تكن موجودة في القانون السابق ،واسندت
مهمة رئاستها إلى أحد رؤساء الغرف ،يتم تعيينه سنويا بأمر يصدره الرئيس االول للمجلس
،إضافة الى الرئيس ،تتألف هاته الهيئة من خمسة قضاة من بينهم ثالثة رؤساء غرف على
االقل وتستكمل عند االقتضاء بمستشارين ،وتجدر االشارة إلى أن القضاة الدين اصدروا
القرار االبتدائي يمنع عليهم أن يكونوا أعضاء في الغرفة المشتركة أو أن يكونوا مقررين
في نفس القضية عند البت فيها.
ويمكن القول أن إنشاء هذا الهيئة الجديدة من ابتكار المشرع المغربي دونما التأثر بأي تجربة
30
اخرى خصوصا التجربة الفرنسية
رابعا :غرفة المشورة :
شكلت غرفة المشورة ،طيلة سريان القانون رقم 12.79المنظم للمجلس سابقا الهيئة
المحورية لهذا االخير ،والعمود الفقري ،وقد ظلت موكولة لرئيس المجلس خالل الفترة
االنتقالية التي ابتدأت يوم 21يناير ،1981وبعد انتهائها ،إذ ظل يمارس اختصاصات هذه
11
الغرفة على انفراد بواسطة اوامر يصدرها في هذا الشأن ،31التي سنفصل فيها في ما يلي
من البحث .وطبقا لمقتضيات المادة 22من مدونة المحاكم المالية يمكن للرئيس االول استشارة
غرفة المشورة في القضايا التي يرى رأيها فيها ضروريا ،ويستثنى من هذه القضايا تلك
المنصوص عليها في المادة 19من مدونة المحاكم المالية وهي المتعلقة بمسائل االجتهاد
القضائي أو المسطرة ،فقبل انتخاب قضاء المحاكم المالية ،كانت تنعقد غرفة المشورة ،ايضا
بصفتها محكمة تأديبية ألعضاء المحاكم المالية عند مخالفتهم للقوانين ،كما سهرت على تطبيق
النظام األساسي للقاضي المالي.
وتتشكل غرفة المشورة من الرئيس االول ،رؤساء الغرف ،والكاتب العام للمجلس ،واقدم
مستشار في كل غرفة ،ويشترط لصحة اجتماع غرفة المشورة أن يحضرها ماال يقل عن
نصف اعضائها ،وتتخذ قراراتها وارائيها بأغلبية أصوات أعضائها ،في حالة تعادل االصوات
32
ترجح الكفة التي ينتمي اليها الرئيس.
والمالحظ على تركيبة هذه الغرفة هو غياب الوكيل العام للملك ،وعلى خالف ذلك تنعقد غرفة
المشورة في التجربة الفرنسية برئاسة الرئيس االول لمحكمة الحسابات ،وبحضور الوكيل
33
العام للملك ،والكاتب العام للمحكمة المالية.
خامسا :الغرف وفروع الغرف :
تعتبر الغرف عموما ،من الهيئات األكثر أهمية في العمل الرقابي نظرا لالختصاصات
القضائية الموكولة بها والتي سنفصل فيها الحقا ،يعين رؤساء الغرف من بين المستشارين
المشرفين ،أما رؤساء فروع الغرف يتم اختيارهم من بين المستشارين من الدرجة األولى،
ويتم ذلك في كلتا الحالتين باقتراح من الرئيس االول بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية
في حين يعين رئيس الغرفة في التجربة الفرنسية بمرسوم بعد عرض األمر على مجلس
34
الوزراء.
وبالنسبة لمسألة تحديد عدد الغرف وفروعها بالمجلس ،فقد ترك المشرع المغربي في ظل
القانون 12.79األمر لسلطة التقديرية لرئيس المجلس ،وذلك لتنظيم هذه المسألة بواسطة
أمر يصدره في هذا الشأن .ويالحظ أن المشرع المغربي لم يتجاوز هذه التغرة القانونية في
إطار مدونة المحاكم المالية ،وضمن هذا السياق ،فقد صدر قرار لرئيس االول حدد عدد غرف
المجلس في ست غرف ،وهي غرفة التأديب المالي ،وغرفة االستئناف ،وغرفة التصريح
االجباري بالممتلكات ،أما بالنسبة للغرف ثالث األخرى ،فقد تم توزيع اختصاصاتها على
31
'²⁵-Harakat (M.) ,le droit de contrôler supérieur des finances publiques au Maroc : essai sur les techni- d
audit à l'heure de l' ajustement structurel ,Tome1 ,Ed .,Babel ,Rabat ,1992, page 231.
32أنظر المادة 22من مدونة المحاكم المالية .62.99
33
²⁷- art,r112-17 du code des juridictions financières françaises
.De mirimonde (A,P) , la cour des comptes ,sirey, Paris , 1974,page 64 -²⁸ 34
12
تقديم اساس قطاعي ،بما أن كل واحد منها تمارس مهام مخولة للمجلس تجاه عدد من القطاعات
35
الوزارية واألجهزة العمومية التابعة لها.
في حين تتوفر محكمة الحسابات الفرنسية على سبع غرف ،تتمتع كل غرفة باالستقالل التام
في التحقيق والحكم على حسابات المحاسبين العمومين للجهات العمومية التي تقع ضمن مجال
اختصاصها .ويمكن تقسيم الغرف الى فروع باقتراح من رؤسائها ،بعد استشارة الوكيل العام
للجمهورية ،وذلك بقرار يصدره الرئيس االول لمحكمة الحسابات ،ويتضح أن المشرع
الفرنسي يمنح للرئيس االول سلطة التنظيم في مجال تحديد عدد الفروع داخل كل غرفة
وعدد القضاة فيها
من الناحية المسطرية يشترط النعقاد جلسات الغرف وفروعها حضور خمسة قضاة من بينهم
رئيس غرفة او فرع واذا تغيب رئيس الغرفة أو إذا عاقه عائق فينوب عنه اقدم رئيس فرع
36
بالغرفة.
سادسا :لجنة البرامج والتقارير
تتألف من الرئيس االول ورؤساء الغرف ،والكاتب العام ،يتوفر الرئيس االول على صالحية
تعين قضاة اخرين سواء من المجلس أو المجالس الجهوية التي سيفصل فيها فيما بعد هذا كله
بغية المشاركة في أعمال اللجنة ،ويعين مقررا عاما من بين اعضائها كم يحدد تنظيم وسير
37
عمل لجنة البرامج والتقارير بموجب أمر.
بالمقابل تتكون لجنة التقرير العام والبرامج في التشريع الفرنسي من الرئيس االول والوكيل
العام للملك ،ورؤساء الغرف ،ومقرر عام ومساعديه ،والمستشارين المشرفين كما يحضرها
الكاتب العام. 38
13
غير قضائية تتمثل في مراقبة تسيير مرافق الدولة والمؤسسات واألجهزة العمومية االخرى
ألجل تقديره من حيث الكيف واقتراح الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته
ومردوديته ومستوى أدائه ،وكذا مراقبة استخدام األموال العمومية ( الفرع الثاني).
الفرع االول :اإلختصاصات القضائية للمجلس األعلى للحسابات
فثنائية اإلختصاصات القضائية الموكولة للمجلس األعلى للحسابات تعكس أهمية مبدأ الفصل
بين مهام اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي في التنظيم المالي والمحاسبي لألجهزة
العمومية .فإذا كان البت في الحسابات يعتبر اختصاصا رقابيا ذا طبيعة قضائية ،يهدف إلى
ضمان مبدأ حصرية مهام المحاسب العمومي في مجال قبض األموال العمومية ،من خالل
البت في المسؤولية المالية والشخصية للمحاسبين العموميين ،والمحاسبين بحكم الواقع ،عند
االقتضاء ،فإن الوظيفة العقابية للمجلس ،والتي يجسدها بشكل أساسي اختصاص التأديب
المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،تسعى إلى حماية القانون العام المالي والتسيير الجيد في
تدبير الشأن العام ،وكذا مصالح الجهاز موضوع المراقبة ،من خالل إثارة المسؤولية
الشخصية لمختلف المتدخلين في تنفيذ العمليات المالية ،الذين يرتكبون مخالفات مستوجبة
للمسؤولية في هذا المجال ،وجبر الضرر الذي قد يلحق الجهاز المعني بسبب ارتكاب هذه
المخالفات.39
والجديد بالذكر أن المشرع وضع ضمانات أكثر فعالة للمحاسب عن طريق توفير وسائل
قانونية رهن إشارته ،إذ تمكن لهذا األخير أن يعترض على الحكم الصادر بشأنه إما بطلب
اإلستئناف أو المراجعة أو الطعن بالنقض في الحكم.
وهكذا ،سنتناول في اإلطار مهمة التدقيق والبت في الحسابات وطرق الطعن الممكنة بشأن
القرارات أو األ حكام الصادرة عن المجلس (الفقرة األولى) ،وكذا مهمة التأديب المتعلق
بالميزانية والشؤون المالية وطرق الطعن في هذا المجال (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :التدقيق والبت في الحسابات وطرق الطعن
نظرا ألهمية هذا االختصاص تطلب منا إعطائه حيزا مهما في هذه الفقرة لنتناوله بنوع من
التفصيل ( أوال ) ،في حين سنخصص ( ثانيا )للحديث عن طرق الطعن بالنسبة للقرارات
الصادرة عن المجلس في هذا المجال.
39تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020الجريدة الرسمية عدد 7073مكرر 11 ،شعبان 14( 1443مارس
.) 2022ص 1252
14
أوال :التدقيق والبت في الحسابات
بالرجوع إلى المادة 25من القانون رقم 62.99المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،نجد أن
المجلس األعلى للحسابات يمارس رقابته على المحاسبين العموميين الذين يباشرون بإسم
مرافق الدولة والمؤسسات العمومية وكذا المقاوالت التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية
رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.
ويلزم المحاسبين العموميين لمصالح الدولة بتقديم حسابات هذه المصالح سنويا ً إلى المجلس.
ويسري نفس االلتزام كذلك على محاسبو األجهزة العمومية االخرى ،حيث يتوجب عليهم
تقديم بيان محاسبي على عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون
تنفيذها سنويا إلى المجلس.
ويتكون الحساب الذي يقدمه المحاسب العمومي من وثائق عامة ومستندات مثبتة .حيث يجب
أن توجه هذه المستندات المثبتة للمداخيل والنفقات إلى المجلس األعلى للحسابات كل ثالثة
أشهر بالنسبة لمرافق الدولة .أما بالنسبة لألجهزة العمومية األخرى ،يمكن تدقيق هذه
المستندات بعين المكان.40
وهكذا نجد أن قد بلغ عدد الحسابات المدلى بها من طرف المحاسبين العموميين إلى المجلس
األعلى للحسابات خالل سنة 2018بما قدره 589حساب ،وسنة 2019بما قدره 583
حساب موزعة على مختلف المراكز المحاسبية.41
والجديد بالذكر أنه في حالة إذ لم يقدم المحاسب العمومي الحسابات أو البيانات المحاسبية أو
المستندات المثبتة إلى المجلس في اآلجال المقررة ،جاز للرئيس األول بالتماس من الوكيل
العام للملك أن يوجه إلى المحاسب العمومي أوامر بتقديم الوثائق وأن يحكم عليه في حالة
عدم تقديمها ،بغرامة قد يبلغ حدها االقصى إلى 1000درهم .كما يجوز للرئيس األول
باإلضافة إلى ذلك أن يحكم عليه بغرامة تهديدية اقصاها 500درهم عن كل شهر من
التأخير.42
15
و لإلشارة هنا أنه خالل سنتي 2018و 2019لم تكن أي حالة على المستوى الوطني
تستدعي تطبيق المادة 29أعاله ،على عكس المجالس الجهوية للحسابات التي لم يتجاوز فيها
عدد الحاالت خمس حاالت همت المجلسين الجهويين للحسابات لجهتي الشرق وسوس
ماسة.43
وبناء عليه ،أن رقابة المجلس األ على للحسابات ال تشمل فقط المحاسبين العموميين ،وإنما
تشمل أيضا نوع آخر من األشخاص ،ويتعلق األمر بالمحاسبين الفعليين أو المحاسبين بحكم
الواقع ،وهم أولئك الذين يقومون بعمليات قبض الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال
أو قيم في ملك األجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المجلس ،دون تفويض من أي جهة .بحيث
يكون المحاسب العمومي هو المكلف أصال بإنجاز هذه العمليات .باإلضافة إلى ذلك يمكن
بوجه خاص أن يعتبر مشاركا مسؤوال عن التسيير بحكم الواقع كل موظف أو عون وكذا كل
من هو مؤهل للقيام بالطلبيات العمومية ،والذي يكون بموافقته أو تشجيعه إما على المبالغة
في بيانات األثمان أو الفاتورات أو على تحريف البيانات الواردة بهذه الوثائق ،قد عمد على
علم إلى تحرير أوامر باألداء أو حواالت أو تبريرات أو أصول صورية.44
أما بخصوص إجراءات التحقيق والتدقيق في الحسابات ،فإن المادة 30من المدونة تخول
للمستشارين المقررين القيام بالتدقيق والتحقيق في الحسابات والبيانات المحاسبية المسندة إليهم
من قبل رئيس الغرفة.
فأثناء مرحلة التحقيق يمكن للمستشار المقرر االستعانة بمدققين ،وذلك في كل األحوال التي
يرغب فيها التأكد من جاهزية الحساب للتدقيق والبحث ،وال سيما فيما يخص الجوانب
الحسابية .وبعد أن يستوفي المستشار مراقبته للحساب من حيث الشكل فإنه ينتقل إلى مراقبته
من حيث المضمون.45
ومنه ،فإنه بعد االنتهاء من مسطرة التدقيق ،تنطلق مسطرة التحقيق ،والتي تكون كتابية
وتواجهية ،ويتحتم فيها مشاركة األطراف المعنية بالتحقيق وتخويلها حق الدفاع .وخالل هذه
المرحلة فإن المستشار المقرر يلزم أي طرف آخر معني بالتحقيق سواء اآلمر بالصرف أو
المراقب المالي أو المحاسب العمومي بتقديم جميع التوضيحات والتبريرات التي يراها
ضرورية تحت طائلة تطبيق الغرامة والغرامة التهديدية المنصوص عليها في المادة 29من
المدونة ،إلنجاز التحقيق ،كما يجوز له إجراء جميع التحريات التي يراها ضرورية في عين
المكان.46
43التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020م س ،ص 1264
44راجع في هذا الشأن المواد من 41إلى 44من مدونة المحاكم المالية .أيضا أحميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية
وتطبيقية مقارنة ،الطبعة األولى ،مطبعة فضالة بالمحمدية ،سنة .2003ص 301و302
45رشيد قاعدة ،المحاكم المالية ومسؤولية المحاسب العمومي في ظل القانون رقم 62.99المنظم لها ،مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات
القانونية واإلدارية ،المجلد عدد .10/2015ص 18
46المادة 30من مدونة المحاكم المالية
16
وفي هذا السياق يوجه المستشار المقرر وحسب مدلول المادة 31مالحظاته بحسب األحوال،
إلى كل من اآلمر بالصرف أو المراقب المالي أو المحاسب العمومي أو أي مسؤول آخر،
ويتعين على هؤالء اإلجابة على هذه المالحظات داخل اجل شهرين إال إذا قرر رئيس الغرفة
غير ذلك.47
وبعد االنتهاء من التدقيق والتحقيق في الحسابات ،يعد المستشار المقرر تقريرين اثنين ،األول
يعرض فيه نتائج التحقيق المتعلقة بالحساب أو البيان المحاسبي المقدم من طرف المحاسب
العمومي ،ويبرز ،عند االقتضاء المالحظات المتعلقة بالوقائع التي من شأنها أن تثبت على
الخصوص مسؤولية االمر بالصرف والمراقب المالي والمحاسب العمومي في نطاق
اختصاصات المجلس القضائية ،أما الثاني يعرض فيه المالحظات المتعلقة بتسيير المرفق أو
المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية والخاضعة الختصاصات المجلس في مراقبة التسيير.48
وتجدر اإلشارة إلى أن هذا التقرير والمستندات المثبتة يتم تقديمها إلى المستشار المراجع الذي
يتم تعيينه من قبل رئيس الغرفة من بين قضاة المجلس ومن نفس رتبة المستشار المقرر أو
من رتبة أعلى .وذلك من أجل اإلدالء برأيه حول التقرير األول .وبعد ذلك يتم توجيه الملف
كامال إلى الوكيل العام للملك من أجل وضع مستنتجاته داخل أجل شهر واحد من تاريخ إحالة
الملف عليه ،وهذا األخير بدوره يعيد الملف إلى رئيس الغرفة قصد البت فيه.49
أما بخصوص البت في الحساب المقدم من قبل المحاسب العمومي فإنه يتم على مرحلتين
تمهيدية ونهائية .وفي حالة ما إذا ثبت للمجلس وجود مخالفات ناتجة عن عدم اتخاذ اإلجراءات
التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام بها في مجال تحصيل الموارد أو عدم قيامه بأعمال
مراقبة صحة النفقة ،فإن المجلس يوجه أمرا للمحاسب العمومي بواسطة قرار تمهيدي بتقديم
تبريراته كتابة ،أو عند عدم تقديمها بإرجاع المبالغ الناقصة التي يصرح بها المجلس
كمستحقات للجهاز العمومي المعني ،وذلك داخل اجل تحدده الهيئة على أال يقل عن ثالثة
أشهر ابت داء من تاريخ تبليغ القرار التمهيدي .وعند انصرام هذا األجل ،يتخذ المجلس كل
إجراء يراه مناسبا في انتظار أن يبت في القضية بقرار نهائي داخل أجل أقصاه سنة ابتداء
من تاريخ صدور القرار التمهيدي .أما إذا لم يثبت المجلس اي مخالفة على المحاسب العمومي،
يتم البت في الحساب أو الوضعية المحاسبية بقرار نهائي.50
وهكذا تثبت القرارات ما إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة ،أو في حسابه فائض أو
عجز.
17
-في الحالة األولى إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة حينه يكون الحساب السنوي خاليا
من األخطاء ولم تبد الهيئة أي مالحظات عندها يؤدن عند االقتضاء بإرجاع الضمانة المالية
ورفع اليد عن التقييدات المترتبة على أمواله إذا ما انقطع المحاسب عن القيام بمهامه.51
-وفي الحالة الثانية إذا كان في حساب المحاسب فائض وفي هذه الحالة يكون قد دفع مبالغ
مالية لسد عجز ظنه موجودا .فالقرار يأذن له بااللتجاء إلى السلطات اإلدارية السترجاع
المبالغ المذكورة بعد تقديم المبررات الالزمة.
-أما الحالة الثالثة إذا وجد في حسابه عجز ،بمعنى أن هذا العجز أو النقص ترتب عن دفع
نفقة غير مثبتة أو أن مشروعيتها ناقصة وفي نطاق المداخيل لم يقم المحاسب بجمع أو
تحصيل جميل األم وال .وفي هذه الحالة يكون المحاسب مطالبا باألداء من ماله الخاص مبالغ
تعادل العجز المسجل في حسابه.52
وفي هذا اإلطار ،أصدر المجلس األعلى للحسابات خالل سنة ،2019ما مجموعه 12قرار
تمهيديا و 108قرارات نهائية ،بمقتضاها تم التصريح بعجز بمبلغ إجمالي 6.623.803,71
دراهم ،في حين أصدر خالل سنة 2020ما مجموعه 27قرار تمهيديا و 95قرارا نهائيا
صرح بموجبها بعجز في الحسابات المعنية بمبلغ إجمالي قدره .425.451,2053كما يوضح
ذلك الجدول التالي :
وقد أبانت الممارسة القضائية على أن المخالفات التي شكلت موضوع أحكام وقرارات بالعجز،
خالل الفترة المعنية ،تتعلق بحاالت عدم اتخاذ المحاسبين العموميين لإلجراءات الواجبة في
مجال تحصيل المداخيل ،والمنصوص عليها في القانون رقم 15.97المتعلق بمدونة تحصيل
الديون العمومية ،وترتب عن هذا اإلغفال تقادم هذه الديون أو عدم قابليتها للتحصيل.
أما في مجال أداء النفقات ،فإن أغلب الحاالت التي تم الحكم في إطارها بالعجز في حسابات
المحاسبين العموميين تتعلق بشكل أساسي بعدم مراقبة صحة حسابات تصفية مبالغ بعض
النفقات المؤداة ،كما هو الشأن بالنسبة الحتساب أتعاب المهندس المعماري في إطار صفقات
51الفقرة الثالثة من المادة 40من المدونة .أحميدوش مدني ،م س ،ص 308
52الفقرة الخامسة من المادة 40من الدونة .أحميدوش مدني ،م س ،ص 309
53التقرير السنوي برسم سنتي 2019و ،2020م س ،ص1265
18
األشغال أو عدم خصم غرامات التأخير أو أخطاء مرتبطة بعدم احتساب النسبة الصحيحة
المطبقة برسم الضريبة على القيمة المضافة.54
ويخول نفس الحق إلى الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني باألمر والوكيل العام للملك
والخازن العام للمملكة والممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية.
ويوقف االستئناف التنفيذ ،ما لم يكن قرار المجلس مشموال بالنفاذ المعجل.
وعليه تودع عريضة اال ستئناف لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل الثالثين يوما الموالية لتاريخ
تبليغ القرار النهائي ،وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف يعين الرئيس األول مستشارا مقررا
مكلفا بالتحقيق.
بطلب من المستشار المقرر ،تبلغ نسخة من عريضة االستئناف إلى األطراف المعنية األخرى
التي يمكنه ا أن تودع مذكرتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل الثالثين يوما الموالية
لتاريخ تبليغها ،وعند االقتضاء ،كل المستندات المقدمة لدعمها.
ويمكن المستشار المقرر أن يلزم األطراف المعنية بتقديم جميع التوضيحات والتبريرات،
ويحق له على الخصوص القيام بجميع التحريات التي يراها مفيدة من خالل المستندات
55
وباالنتقال إلى عين المكان .
كما نصت المادة 46من مدونة المحاكم المالية على انه يقوم المستشار المقرر بتحرير تقريره
الذي يوجهه مرفقا بالمستندات المثبتة ومذكرات األطراف المعنية إلى رئيس هيئة الغرف
المشتركة.
ويسلم رئيس هذه الهيئة الملف إلى مستشار مراجع يعينه من بين القضاة المنتمين إلى درجة
المستشار المقرر أو إلى درجة اعلى ،وتتم باقي اإلجراءات والحكم وفقا لمقتضيات المادتين
34و 35من مدونة المحاكم المالية.
19
وعليه صدرت مجموعة من األحكام والقرارات في هذا الشأن ويمكن استخالصها في ما يلي:
القرار األول :ان الظروف واإلكراهات الموضوعية المحيطة بالمخالفات ال تؤخذ بعين
االعتبار في ميدان التدقيق والبت في الحسابات .
-ان الدفع بتوجيه انذارات قانونية الى الملزمين المتماطلين عن أداء ديون عمومية من اجل
استخالصها بعد تقادم اجراءات التحصيل وسقوط حق المحاسب العمومي في االستخالص
ال يمكن االخذ به على اعتبار ان هذه االنذارات لم تعد ذي جدوى56.
القرار الثاني :إن المحاسب العمومي ،بأدائه لنفقات تتعلق بصفقة عمومية في غياب وثائق
مترابطة ومتناسقة تثبت إنجاز الخدمة بأكملها ،يكون قد أخل بواجبه في مراقبة صحة
حسابات التصفية ،خاصة فيما يتعلق بإثبات حقيقة الدين 57.
وعليه إذا رأت هيئة الغرف المشتركة ان طلب االستئناف ال يستوفي جميع الشروط الشكلية
المطلوبة ،أصدرت قرارا نهائيا بعدم القبول.
وإذا قبلت الهيئة طلب االستئناف ،بتت في الجوهر ،وأصدرت قرارا نهائيا في حالة تأكيدها
للقرار المطعون فيه .وإذا كان قرار الهيئة مخالفا للقرار المستأنف ،طبقت المسطرة
58
المنصوص عليها في المادة 37من مدونة المحاكم المالية.
-2استئناف قرارات المجلس الجهوي للحسابات :
لقد أصبح المجلس االعلى للحسابات بمثابة محكمة االستئناف على غرار محكمة الحسابات
الفرنسية 59،إذ ينظر في شأن استئناف االحكام او القرارات النهائية التي تصدرها المجالس
الجهوية للحسابات المتعلقة بالمحاسبين .
ويقدم االستئناف بناء على عريضة يتقدم بها المحاسب العمومي او ذوو حقوقه بصفة شخصية
أو بواسطة وكيل او وزير الداخلية او الوالي – الذي تم إضافته وتداركه بعد مناقشة المشروع
امام لجنة العدل و التشريع بمجلس المستشارين – او العامل في حدود االختصاصات المخولة
لهم في مجال الوصاية تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل أو الوزير
المكلف بالمالية او الخازن بالجهة او العمالة او اإلقليم او وكيل الملك او الممثل .القانوني
الجماعة المحلية أو الهيئة او المؤسسة او المقاولة العمومية المعنية.
ويوجه ملف الطعن من طرف كاتب الضبط بالمجلس الجهوي إلى كتابة الضبط بالمجلس
ويجوز للمجلس أن يأمر بإرسال الحساب المتعلق بالقرار موضوع طلب االستئناف وكذا
56قرار عدد 2011/07صادر بتاريخ ,10فبراير 2011ملف استئناف عدد . 2010/07
57قرار عدد 2011/08صادر بتاريخ 03مارس 2011ملف استئناف عدد .2010/08
58المادة 46مرجع سابق مدونة المحاكم المالية.
59للمزيد من التعمق حول اجراءات االستئناف في إطار التجربة الفرنسية تحيل على مرجع متخصص في هذا المجال :
Gérard Ducher : la cour des comptes juge d'appel , Ed berger – levrault paris 1994 .
20
جميع المستندات التي يراها ضرورية ،وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف يوجه الرئيس
األول الملف إلى رئيس الغرفة المختصة الذي يعين مستشارا مقررا مكلفا بمهنة التحقيق وفقا
ألحكام المادة 48من القانون ،أما مختلف إجراءات المسطرة فتجري وفق المقتضيات
60
القانونية المنصوص عليها في المادتين 46و 47من القانون .
-3طلب المراجعة :
كان يستهدف طلب المراجعة في ظل القانون 12-79حالتين :األولى تتعلق بمقررات الخازن
العام ،أما الثانية فتتعلق بأحكام المجلس األعلى للحسابات .
بالنسبة لألولى ،فإن طلب المراجعة كانت ممكنة بعد انصرام األجل المحدد بطلب التعديل
على إثرها يطلب المعني باألمر مراجعة مقررات الخازن العام أمام المجلس االعلى للحسابات
،وهذه الحالة لم يعد لها أثر في القانون الجديد بما أنها كانت مرتبطة بطلب تعديل مقررات
الخازن العام حيث تم تجاوز هذه الوسيلة بدورها .
اما الحالة الثانية ،والتي اقرها القانون بدوره في المادة ، 50حيث يحق للمحاسب ان يطلب
مراجعة االحكام النهائية الصادرة عن المجلس في حالة اكتشاف عنصر جديد مراعيا في ذلك
الشروط التالية :
-أن يوجه المحاسب طلب المراجعة الرئيس األول للمجلس بواسطة رسالة مضمونة
مع االعالم باالستالم .
-يجب أن يتضمن الطلب عرض الوقائع والوسائل التي يحتج بها الطالب
-ان يكون الطلب مرفقا بنسخة من الحكم المطعون فيه وباإلثباتات التي يستند إليها
الطلب .
كان يخول حق طلب المراجعة في إطار القانون رقم 12-79للمحاسب والوكيل العام للملك
،إال ان قانون 62-99المتعلق بمدونة المحاكم المالية اصبح يخول نفس الحق لهذا االخير
الذي يتقدم به من تلقاء نفسه او بطلب من الوزير المكلف بالمالية او الوزير المعني باألمر او
الخازن العام للمملكة ،إذا لم يقدم هذا الطلب لصالح المحاسب العمومي ال يمكن ان يمارس
حق تقديمه إال في اجل اربع سنوات تبتدئ من تاريخ التبليغ 61قرار المجلس ، 62وفي الحاالت
االخرى يمدد إلى عشر سنوات ،وقد احسن المشرع صنعا حين اقدم على تعويض كلمة "
60تنص المادة , 46على ما يلي " :يقوم المستشار المقرر بتحرير تقريره الذي يوجهه مرفقا بالمستندات المثبتة ومذكرات االطراف المعنية إلى
رئيس هيئة الغرف المشتركة .ويسلم رئيس هذه الهيئة الملف إلى المستشار المراجع الذي يعينه من بين القضاة المنتمين إلى نفس الدرجة المستشار
المقرر او إلى درجة اعلى ،وييتم إجراء باقي المسطرة التحقيق والحكم وفقا لمقتضيات المادتين 34و 35اعاله.
في حين تنص المادة 47على التالي ":إذا رأت هيئة الغرف المشتركة االستئناف غير مقبول أصدرت قرارا نهائيا ،وإذا قبلت الهيئة طلب
االستئناف ،بنت في الجوهر واصدرت قرارا نهائيا في حالة تاكيدها للحكم المطعون فيه ،وإذا كان قرار الهيئة مخالفا للحكم المستأنف طبقت
المسطرة المنصوص عليها في المادة 37اعاله .
61اما طلب المراجعة في ظل القانون رقم 12-79إذا لم يقدم لصالح المحاسب فإنه ال يمكن أن يمارسه إال في اجل اربع سنوات تبتدئ من تاريخ
صدور الحكم النهائي .
62المادة 48من قانون رقم ظ 62-99المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
21
صدور " ب " تبليغ" الحكم ألن التبليغ هي القاعدة في القرارات واألحكام 63وهي تؤكد إعالم
وإخبار المعني باألمر بصدور الحكم وليس االقتصار على صدورهم فقط.
-3الطعن بالنقض:
تستعمل هذه الوسيلة القانونية ضد احكام المجلس األعلى للحسابات بسبب عدم االختصاص
او خرق القانون او ع يب في الشكل او انعدام تعليل ،يقدم طلب الطعن بالنقض إلى الغرفة
اإلدارية بالمجلس االعلى ،وهو حق مفتوح أمام المحاسب العمومي او لذوي حقوقه بصفة
شخصية او بواسطة وكيل ،كما يخول نفس الحق للوزير المكلف بالمالية والوزير المعني
باالمر والخازن العام للمملكة والممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية ،كما تنص على
ذلك المادة 49من قانون رقم 62-99المتعلق بمدونة المحاكم المالية .ويتم تقديم طلب
النقض داخل اجل الستين يوما الموالية لتاريخ تبيع الحكم النهائي الذي تم استئنافه 64امام
المجلس األعلى للحسابات .كما ان التحقيق وهللا في طلب النقض تجري طبقا لمقتضيات
الفصول 354إلى 385من مدونة المسطرة المدنية غير ان االستعانة بالمحاميد فهي مسألة
تبقى اختيارية.
الفقرة الثانية :التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وطرق الطعن فيها
يعتبر اختصاص الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،الوجه
الثاني "لرقابة المشروعية" أو " المطابقة" 65،وذلك لكونه ينصب أساسا على تصرفات كافة
المتدخلين في العمليات المالية والمحاسبية.66
في هذا اإلطار نتساءل عن األشخاص واألجهزة الخاضعة لهذه الرقابة وكذا طبيعة ونوعية
المخالفات التي يمكن أن تثير مسؤوليتهم ،ناهيك عن المسطرة المتبعة لمتابعة المخالفين
والعقوبات المقررة لهم ،وكذا طرق الطعن فيها.
أوال :األشخاص واألجهزة الخاضعة لرقابة المجلس في ميدان التأديب
إن االختصاص المرتبط بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية هو أعم و أشمل من
الرقابة السابقة -البت والتدقيق -من حيث األشخاص المخاطبين بأحكامها.67
63وال يعتبر التبليغ بالبريد المضمون صحيحا إال إذا كان مرفقا بشهادة اإلشعار بالتسليم موقعا عليها من طرف المرسل إليه وإال اعتبر التبليغ
الغيا " انظر -:عبد هللا حداد القضاء اإلداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم اإلدارية 1994ص.101
64تجدر اإلشارة ان استئناف قرارات او احكام المجلس وسيلة قانونية جديدة لم تكن واردة في ظل القانون رقم 12-79وتناولها القانون الجديد في
المواد .48/45
65أحميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب-دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ،-م س ،ص 317
66مريم بداه ،دور المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،رسالة لنيل شهادة الماستر في العلوم اإلدارية والمالية،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالسويسي ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية .2019/2020ص 35
67المرجع السابق ،ص 36
22
ونشير إلى أن القانون رقم 62.99المتعلق بالمحاكم المالية ،قد توسع وأضاف أشخاصا
أ خرى يمكن مقاضاتهم أمام المجلس في إطار ممارسة هذا األخير لرقابة التأديب المتعلق
بالميزانية والشؤون المالية.68
وهكذا ،فإن المشرع قد حدد األشخاص الخاضعين للتأديب في ثالث فئات من المسؤولين
المتدخلين في عمليات تنفيذ المداخيل والنفقات العمومية.
باإل ضافة إلى اآلمر بالصرف أو اآلمر المساعد بالصرف أو كل مسؤول ،وكذا كل موظف،
أو عون يعمل تحت سلطتهم أو لحسابهم 69،يخضع لهذا االختصاص كل مراقب أو مراقب
مالي أ و محاسب عمومي وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت إمرته أو يعمل لحسابه في
إطار مراقبة الوثائق المتعلقة بااللتزام بالنفقات 70،وكل محاسب عمومي وكذا كل موظف أو
71
عون يوجد تحت إمرته أو يعمل لحسابه.
والمالحظ هنا ،أن اختصاص المجلس االعلى للحسابات في هذا المجال يمتد إلى كل مسؤول
باألجهزة الخاضعة لرقابته ،أي كل شخص يتولى فيها منصبا للمسؤولية.
ومن الناحية العملية ،نجد أنه قد بلغت فئات األشخاص المعنيين بالقضايا الرائجة والتي بت
فيها المجلس األعلى للحسابات خالل سنتي 2019و ،2020نسبة ٪30بالنسبة لآلمرين
بالصرف ،كما هو الشأن بالنسبة للمدراء المركزيين بالوزرات أو المدراء العامين للمؤسسات
العمومية ،وكذا اآلمرين بالصرف المساعدين السيما رؤساء المصالح الخارجية للوزارات.
في حن تشكل المستويات الوظيفية التنفيذية غالبية األشخاص الذين كانوا موضوع متابعة في
إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،كما هو الشأن بالنسبة لرؤساء األقسام
والمصالح بنسبة ٪44والموظفين واألعوان نسبة .٪23كما ال تتجاوز الحاالت التي بت
72
فيها المجلس في مسؤولية المراقبين أو المحاسبين العموميين في هذا المجال نسبة .٪3
أما بالنسبة لألجهزة الخاضعة لرقابة المجلس في هذا الميدان فهي تشمل طبقا للمادة 51من
المدونة ،كل من مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والشركات والمقاوالت التي تملك الدولة
أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية
األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار ،والشركات أو المقاوالت التي تملك
فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية أغلبية األسهم في
الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار.
وال يخضع الختصاص المجلس في هذا الميدان أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب
ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة طبقا للمادة 52من المدونة.
23
ثانيا :المخالفات المستوجبة للمسؤولية في هذا المجال
إن المخالفات المالية ترتبط ارتباطا وثيقا باالختصاصات القضائية الموكولة إلى المجلس،
ويقصد بها تلك األفعال التي تشكل خرقا لألحكام التشريعية أو التنظيمية المتعلقة سواء بتنفيذ
عمليات اإليرادات أو النفقات أو بتسيير األموال العمومية والوسائل المادية وممتلكات األجهزة
العمومية.
وهكذا سنحاول التطرق للمخالفات المرتبطة باآلمرين بالصرف ثم المخالفات المرتبطة
بالمراقبين والمحاسبين العموميين.
أ -المخالفات المرتبطة باآلمرين بالصرف
باعتبار أن اآلمر بالصرف هو أول فئة تتدخل في تنفيذ الميزانية في مرحلتها اإلدارية ،نجد
أن المشرع من خالل المادة 54من مدونة المحاكم المالية حدد نوع المخالفات التي يمكن أن
يرتكبها أثناء مزاولة مهامه كل من اآلمر بالصرف أو اآلمر بالصرف المساعد ،أو
المسؤولون ،وكذا كل موظف أو كل عون يعمل تحت إمرتهم وسلطتهم أو لحسابهم.
وهكذا ،يمكن تقسيم هذه المخالفات إلى مخالفات مرتبطة بقواعد االنضباط المالي والمحاسبي،
وأخرى مرتبطة بقواعد التسيير واالنضباط المهني.
✓ المخالفات المرتبطة بقواعد االنضباط المالي والمحاسبي
ويمكن إجمال هذه المخالفات طبقا للمادة 54على التوالي :
-مخالفة قواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها؛
-عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية؛
-مخالفة القواعد المتعلقة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها؛
-مخالفة قواعد تحصيل الديون العمومية الذي قد يعهد به إليهم عمال بالنصوص التشريعية
الجاري بها العمل؛
-التقييد غير القانوني لنفقة بهدف التمكن من تجاوز االعتمادات؛
✓ المخالفات المرتبطة بقواعد التسيير واالنضباط المهني
وهي كذلك منصوص عليها في المادة 54من المدونة ويتعلق األمر ب :
-مخالفة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بتدبير شؤون الموظفين واألعوان؛
-مخالفة قواعد تدبير ممتلكات األجهزة الخاضعة لرقابة المجلس؛
-إخفاء المستندات أو اإلدالء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة؛
24
-عدم الوفاء تجاهال أو خرقا للنصوص الضريبية الجاري بها العمل بالواجبات المترتبة عليها
قصد تقديم امتياز بصفة غير قانونية لبعض الملزمين بالضريبة؛
-حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية؛
-إلحاق ضرر بجهاز عمومي يتحملون داخله مسؤوليات ،وذلك بسبب اإلخالل الخطير في
المراقبة التي هم ملزمون بممارستها أو من خالل اإلغفال أو التقصير المتكرر في القيام
بمهامهم االشرافية؛
وعموما ،تتعلق أغلب األفعال والمؤاخذات موضوع القضايا الرائجة التي بتت فيها المحاكم
المالية خالل سنتي 2019و 2020بحاالت عدم التقيد بالنصوص القانونية المطبقة على
تنفيذ عمليات الموارد والنفقات العمومية في مختلف مراحل تنفيذها ،سواء في مجال المداخيل
أو الصفقات العمومية ،كما هو الشأن بالنسبة لفرض وتحصيل الرسوم الجماعية واللجوء إلى
صفقات التسوية ( استالم أشغال أو خدمات قبل التأشير على الصفقات ) ،وكذا بحاالت عدم
تطبيق غرامات التأخير وتغيير المواصفات التقنية أثناء التنفيذ دون اتباع المساطر القانونية
واإلشهاد غير الصحيح على استالم األشغال أو الموارد .كما يالحظ تنامي المخالفات ذات
الصلة بتدبير الممتلكات والحصول على امتيازات نقدية أو عينية غير مبررة ،كانعكاس
لتصاعد عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم المالية والمتعلقة بالمؤسسات والمقاوالت والشركات
العمومية وكذا إبرام عقود التدبير المفوض.73
ويوضح الجدول التالي نسب المخالفات المستوجبة للمسؤولية حسب نوعيتها :
25
البرلماني ،وكذا النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل ( صفة اآلمر بالصرف،
توفر االعتمادات ،صحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها 74،)...ويتعرض كذلك
المحاسبين إلى نفس العقوبات طبقا للمادة 56إذا لم يقوموا بمراقبة مشروعية تحصيل وتنزيل
المداخيل المرصدة في صناديقهم ،باإلضافة إلى ذلك إذا اخفوا المستندات أو أدلوا إلى المجلس
بوثائق مزورة أو غير صحيحة؛ وإذا حصلوا ألنفسهم أو لغيرهم على منفعة غير مقررة نقدية
أو عينية.
وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار الى مالحظتين أساسيتين ،األولى أن المراقبين أو المحاسبين
العموميين إذا تعلق األمر بأعمال المراقبة التي عليهم القيام بها على قرارات االلتزام بالنفقات،
وكذا المراقبين الماليين ال يخضعون لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 66بعده ،وذلك طبقا
الفقرة األخيرة من المادة 55من المدونة .أما المالحظة الثانية فإن المحاسب العمومي الذي
حكم عليه بالعجز طبقا لمقتضيات المواد من 37الى 40اعاله ،ال يمكن متابعته لنفس
األسباب في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،كما أن مقتضيات الفقرة الثالثة
من المادة 66بعده ال تطبق عليه ،وذلك حسب الفقرة األخيرة من المادة 56من المدونة.
ثالثا :المسطرة المتعلقة بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية :
يعمل المجلس األعلى للحسابات في مجال التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية كمحكمة
بكل ما يستلزم من ضمانات لحقوق الدفاع واالستماع ألي شخص يمكن أن تثار مسؤوليته
بحضوره الفعلي أو بحضور محاميه أثناء جلسة الحكم وذلك فضال عن استدعاء الشهود.75
-1رفع القضية أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية :
على عكس البت في الحسابات الذي يعتبر اختصاصا من النظام العام ،فإن قضايا التأديب
المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ترفع إلى المجلس األعلى للحسابات من طرف الوكيل
العام للملك إما من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس األول أو من طرف إحدى الهيئات بالمجلس
وذلك عند اكتشاف أفعال من شأنها أن تشكل مخالفات تستوجب ممارسة المجلس الختصاصاته
في هذا الميدان .ويؤهل كذلك كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس
المستشارين و الوزير المكلف بالمالية و الوزراء لرفع قضية التأديب المالي أمام المجلس
بواسطة الوكيل العام للملك ،وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش بالوثائق المثبتة.76
يجوز للوكيل العام للملك ،بناء على الوثائق التي يتوصل بها والمعلومات أو الوثائق األخرى
التي يمكن أن يطلبها من الجهات المختصة بأن يقرر :
74عسو منصور ،قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة ،الطبعة األولى ،مطبعة المعارف الجديدة بالرباط ،سنة .2017ص 294
75مقال منشور على الموقع االلكتروني التالي -/ http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-13:بتاريخ 2023/01/14على الساعة
.3:50
76المادة 57من مدونة المحاكم المالية
26
إما متابعة المعني باألمر أو حفظ القضية إذا تبين له أن ال داعي للمتابعة ،ويتخذ بهذا الشأن
مقررا معلال يبلغ إلى الجهة التي عرضت عليه القضية.77
-2المسطرة المتبعة أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية :
وفي حالة المتابعة يلتمس من الرئيس األول تعيين مستشار مقرر يكلف بالتحقيق ،كما يخبر
األشخاص المعنيين بأنهم متابعون أمام المجلس وبأن بإمكانهم االستعانة بمحام مقبول لدى
المجلس األعلى لمؤازرتهم بخصوص ما تبقى من المسطرة .ويخبر كذلك بالمتابعة الوزير
أو السلطة التي ينتمي أو كان ينتمي إليها الموظف أو العون المتابع ،والوزير المكلف بالمالية
وعند االقتضاء ،الوزير المعهود إليه بالوصاية.78
التحقيق في القضية من طرف المستشار المقرر :بعد تعيينه يتسلم المستشار المقرر كافة
الوثائق المكونة للملف ويبدأ بمباشرة تحقيقه .ولهذه الغاية خول له القانون سلطات واسعة في
التحقيق بحيث يؤهل للقيام بجميع التحقيقات والتحريات لدى جميع األجهزة العمومية واإلطالع
على جميع الوثائق واالستماع إلى جميع األشخاص الذين يظهر أن مسؤوليتهم قائمة ،وإلى
جميع الشهود.
ويتابع الوكيل العام للملك سير أعمال التحقيق الذي يتميز بسريته .ويتعين على المستشار
المقرر إخباره بمآله وذلك بكيفية مستمرة ومنتظمة.79
توجيه التقرير إلى الوكيل العام للملك :عند االنتهاء من التحقيق ،يوجه المستشار المقرر ملف
القضية إلى الوكيل العام للملك مرفقا بالتقرير المتعلق بالتحقيق ليضع مستنتجاته بشأنه.80
اطالع المعني باألمر على الملف :يبلغ المعني باألمر بأن من حقه االطالع على الملف الذي
يهمه في ظرف خمسة عشر ( )15يوما الموالية للتبليغ .وحق االطالع على هذا الملف معترف
به كذلك لمحامي المعني باألمر يتم بكتابة الضبط بالمجلس وذلك فضال عن إمكانية الحصول
على نسخ من وثائق الملف.
ويجوز للمعني باألمر داخل أجل ثالثين يوما الموالية إلطالعه على الملف ،تقديم مذكرة كتابية
إما شخصيا أو بواسطة محاميه ،يتم تبليغها إلى الوكيل العام للملك .81كما يجوز له طلب
االستماع إلى الشهود الذين يختارهم.82
27
جلسة الحكم :بمجرد ما يتبين للرئيس األول -بعد فحص الملف -بأن القضية جاهزة للبت،
يأمر بإدراجها في جدول جلسات الغرفة المختصة بقضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون
المالية.83
وفي بداية الجلسة ،يتلو المستشار المقرر ملخصا لتقريره ويدعى المعني باألمر شخصيا أو
بواسطة محاميه لتقديم توضيحاته وتبريراته حول األفعال المنسوبة إليه .ثم بعد ذلك يقدم
الوكيل العام للملك مستنتجاته.
ويجوز للمجلس أو النيابة العامة استدعاء أي شخص تبدو شهادته ضرورية .ويعترف بنفس
اإلمكانية للمعني باألمر بإذن من رئيس الهيئة .وال يمكن االستماع إلى الشهود الذين تقرر
إحضارهم إلى الجلسة إال بعد أداء اليمين طبقا للكيفيات والشروط المنصوص عليها في قانون
المسطرة الجنائية و يقتضي الحفاظ على حقوق الدفاع أن يكون المعني باألمر أو ممثله آخر
من يتناول الكلمة.
ويتم التداول في الملف ،من طرف هيئة الحكم التي تتكون من خمسة قضاة بما فيهم رئيس
الهيئة و المستشار المقرر الذي يتوفر على صوت تداولي .ويتخذ القرار بأغلبية األصوات.84
ويصدر المجلس قراره في جلسة يستدعى لها المعني باألمر أو من ينوب عنه في أجل أقصاه
شهران من تاريخ إدراج القضية في المداولة.
ويبلغ هذا القرار إلى المعني باألمر والوزير المكلف بالمالية والوزير المعني وإلى الوكيل
العام للملك وإلى الجهة التي رفعت القضية إلى المجلس ،والممثلين القانونيين لألجهزة المعنية
وذلك داخل أجل شهرين بعد صدوره.85
رابعا :العقوبات
يحكم المجلس على األشخاص الذين ارتكبوا واحدة أو أكثر من المخالفات المشار إليها في
المواد 54و 55و 56من مدونة المحاكم المالية ،بغرامة يحدد مبلغها حسب خطورة وتكرار
المخالفة .وال يقل هذا المبلغ عن ألف ( )1.000درهم عن كل مخالفة كما ال يجوز أن يتجاوز
مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة ،األجرة السنوية الصافية التي كان يتقاضاها المعني
باألمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة .غير أن مجموع مبالغ الغرامات المذكورة ال يمكن أن
يتجاوز أربع ( )4مرات مبلغ األجرة السنوية السالفة الذكر.
وإذا ثبت للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة ألحد األجهزة الخاضعة لرقابته،
قضى على المعني باألمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من رأسمال وفوائد،
وتحسب الفوائد على أساس السعر القانوني ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة.
28
وإذا اكتشف المجلس أفعاال من شأنها أن تستوجب إجراء تأديبيا أو يقوم الوكيل العام للملك
بإخبار السلطة التي لها الحق التأديب بهذه األفعال .وإذا تعلق األمر بأفعال يظهر أنها قد
تستوجب عقوبة جنائية ،رفع الوكيل العام للملك األمر إلى وزارة العدل.86
وأخيرا تجدر اإلشارة إلى أن الشخص المعني باألمر وكذا الشهود الذين ال يجيبون في األجل
المحدد من طرف المجلس عن طلبات تقديم الوثائق و المستندات أو ال يستجيبون لالستدعاءات
المرسلة إليهم من قبل المجلس أو الذين يرفضون أداء اليمين أو اإلدالء بشهاداتهم ،يمكن أن
يدانوا بأمر للرئيس األول بغرامة تتراوح بين 500درهم و 2000درهم.87
خامسا :طرق الطعن في قرارات المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون
المالية
يمكن الطعن في أحكام أو قرارات المجلس األعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق
بالميزانية والشؤون المالية بواسطة ثالث وسائل قانونية وهي طلب المراجعة ،االستئناف
والطعن بالنقض.
-1استئناف احكام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية
إن األحكام أو القرارات التي يصدرها المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون
المالية يمكن استئنافها أمام هيئة الغرف المشتركة ،ويوقف االستئناف تنفيذ القرارات ما لم
88
يكن قرار المجلس مشموال بالنفاذ المعجل .
واستئناف قرارات المجلس مفتوح في وجه كل من المعني باألمر والوزير المكلف بالمالية
والوزير المعني باألمر والوكيل العام للملك وإلى الممثلين القانونيين لألجهزة المعنية .89
ويودع طلب االستئناف لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل أجل 30يوما الموالية لتبليغ القرار،
وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف يخبر الوكيل العام للملك بذلك .ثم يقوم الرئيس األول
بملتمس من الوكيل العام للملك بتعيين مستشارا مقررا مكلفا بالتحقيق غير المستشار الذي كان
قد قام بالتحقيق في القضية ابتدائيا .
وبناء على طلب المستشار المقرر تبلغ عريضة الطعن إلى األطراف األخرى التي يمكنها أن
تودع مذكرتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل أجل 30يوما لتاريخ تبليغها وعند
االقتضاء كل المستندات المقدمة لدعمها وفقا لمقتضيات المادة 71من القانون .وهنا صدر
قرار " باعتبار أجل االستئناف مرتبط بأجل محدد وكل ممارسة له خارج هذا األجل مسقطة
للحق فيه ،وباعتبار اليوم األخير إليداع الطلب من طرف المستأنف ،في نازلة الحال ،لم
يصادف يوم عطلة من شأنه ان يجعل أجل اإليداع يمتد إلى أول يوم عمل بعده ،فإن إيداعه
29
للطلب بعد هذا اليوم االخير يجعله خارج االجل المحدد في ثالثين يوما وبالتالي غير مقبول
90
30
ان تنازع االختصاص بين جماعتين ترابيتين ال يعفى رئيس المجلس الجماعي المانح لرخص
االستغالل من المساءلة التأديبية المترتبة عن عدم العمل على استخالص الرسوم والضرائب
المستحقة على محال بيع المشروبات والجزاءات المقررة عند تأخر الملزمين في اإلدالء
93
بإقراراتهم داخل اآلجال المحددة لهم قانونا.
-3طلب المراجعة
يخول القانون للمعني باألمر الحق في تقديم طلب مراجعة األحكام النهائية الصادرة عن
المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية في حالة اكتشاف عنصر جديد،
والذي من شأنه أن يغير مسار الحكم .ويخول نفس الحق للوزير المكلف بالمالية والوزير
المعني باألمر والوكيل العام للملك والممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية وينبغي
اإلشارة ان هذا الحق كان يمارسه في ظل القانون رقم 12-97المعني باألمر والوكيل العام
للم لك فقط ،وهكذا يالحظ أن القانون الجديد عمل على توسيع نطاق ممارسة حق طلب
المراجعة .
ويوجه طلب المراجعة إلى الرئيس األول ،ويجب أن يتضمن هذا الطلب عرضا للوقائع
والوسائل التي يحتج بها الطالب وأن يكون مرفقا بنسخة من القرار موضوع طلب المراجعة
وبالتبريرات المسند إليها في العريضة .وبعدين الرئيس األول بملتمس من الوكيل العام للملك
مستشارا يكلفه بمهمة التحقيق وفقا ألحكام المادة 74من القانون ،أما مختلف إجراءات
94
المسطرة فتجري وفقا ألحكام المواد 59إلى 65من القانون .
-4الطعن بالنقض:
يمكن للمعني باألمر ان يقدم طلبا بالنقض أمام المجلس األعلى ضد القرارات النهائية التي
يصدرها استئنافيا المجلس االعلى للحسابات وفقا لألحكام والكيفيات والشروط المنصوص
عليها في المادة 49من القانون.
وقد عمل المشرع على التوسيع من نطاق ممارسة حق الطعن ،إذ أصبح يخول نفس الحق
لكل من الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني باألمر و الممثلين القانونيين لألجهزة المعنية
بعدما كان مقتصرا في ظل القانون رقم 12-79على الوكيل العام للملك لدى المجلس والذي
ال زال يمارس هذا الحق بدوره في إطار القانون الجديد وفقا ألحكام المادة 73منه .
الفرع الثاني :االختصاصات غير القضائية للمجلس األعلى للحسابات
يضطلع المجلس األعلى للحسابات ،إلى جانب االختصاصات القضائية السالفة الذكر ،بمهام
غير قضائية تبقى في جوهرها رقابة إدارية العتمادها على مسطرة إدارية ال على إجراءات
قضائية ،حيث ال يتمتع القاضي المالي حين إجرائها بسلطة قضائية على اإلدارة فهو يكتفي
93قرار عدد / 2013/02ت.م.ش.م صادر بتاريخ 05فبراير 2013ملف استئناف رقم / 309ت.م.ش.م .2011 /
94أحميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ،م س ،ص .335
31
بمراقبة نتائج ومناهج تسييرها وطرق صرفها للمال العام وإبداء مالحظاته ومقترحاته بشأن
تحسين وسائل العمل دون الحق في زجر المخالفات.95
ومن بين هذه المهام مراقبة التسيير ،ومراقبة استعمال األموال العمومية ،ومراقبة استخدام
األموال التي يتم جمعها عن طريق التماس االحسان العمومي ،وبذل المساعدة للبرلمان
والهيئات القضائية والحكومة ،وتفتيش المجالس الجهوية للحسابات ،ووضع التقرير السنوي.
كما أسند إلى المجلس ،بموجب الفقرة الرابعة من الفصل 147من الدستور اختصاصات
جديدة ،ذات طابع تخليقي ،تتمثل في مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات ،وتدقيق حسابات
االحزاب السياسية ،وفحص العمليات المتعلق بالعمليات االنتخابية.96
وسنكتفي في هذا اإلطار بالحديث عن مراقبة التسيير ( الفقرة األولى ) ،ومراقبة استخدام
األموال العمومية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة األولى :مراقبة التسيير
إن مهمة مراقبة التسيير من أهم االختصاصات التي تمارسها المحاكم المالية ،فهي تتميز
بوظيفة مزدوجة تجمع بين مراقبة المشروعية ومراقبة تقييمية لتدبير المنشأة ،وتعتبر أيضا
امتداد لمراقبة الحساب ،باعتبارها كأداة لمراقبة المشروعية.97
وتكمن خصوصية هذه الرقابة في كون القرارات واآلراء والمالحظات المعبر في إطارها ال
تكتسي صبغة إلزامية وليس لها آثار جزائية ،ذلك أن رقابة التسيير ال تسعى إلى معاقبة
المسؤولين عن األخطاء والتجاوزات التي يرتكبونها ،بل يتم االكتفاء فقط بتوجيههم إلى مدى
واقعية الخطط وطرق تنفيذها .ومن تم فإن دور الهيئات العليا للرقابة على األموال العمومية
ال يتعدى تقدير وتقويم أداء التسيير من حيث الكيف واإلدالء عند االقتضاء باقتراحات حول
الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه وأساليبه والزيادة في فعاليته ومردوده والكشف عن النقص
والضعف الذي يعتزي المنظمات واألجهزة العمومية في ميدان التسيير.98
وهكذا ،فإن األجهزة المعنية بهذه الرقابة هي تلك المنصوص عليها في المادة 76من المدونة
ويتعلق األمر ،بمرافق الدولة والمؤسسات العمومية ،والمقاوالت المخولة االمتياز في مرفق
عام أو المعهود إليها بتسييره ،باستثناء تلك التي تخضع لرقابة المجالس الجهوية للحسابات،
الشركات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة
مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ
القرار ،الشرك ات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة
مع الجماعات الترابية أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار ،و أجهزة
95تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب ،تندرج هذه الدراسة في إطار برنامج الشراكة بين جمعية عدالة من أجل الحق في
المحاكمة العادلة والسفارة الهولندية ،منشور في الموقع .Marocdroit.comص 23
96عسو منصور ،م س .ص 336
97الزباخ عبد الودود ،دور المحاكم المالية في تحسين التدبير العمومي-مراقبة التسيير ،-مقال منشور في كتاب "المالية العامة 10سنوات من
اإلصالح" ،طبعة ،2018مطبعة اسبارطيل بطنجة .ص67
98أحميدوش مدني ،م س ،ص – 336المادة 75من مدونة المحاكم المالية
32
الضمان االجتماعي كيفما كان شكلها ،التي تتلقى من أحد األجهزة السابقة مساعدات مالية في
شكل مساهمات من أرباب العمل أو في شكل إعانات.
وتسمح مراقبة التسيير للمجلس األعلى للحسابات بتسطير مجموعة من التوصيات التي تمكن
األجهزة المراقبة إن هي أخذت بها باالرتقاء بتسييرها وتدبيرها لشؤونها ،وفي هذا اإلطار
فإن قضاة المجلس األعلى للحسابات وبعد مضي فترة زمنية على وضع وتوجيه هذه
التوصيات يعاودون الحضور إلى نفس الهيئات للتأكد من أنها قامت بتنزيل هذه التوصيات
وتأخذ بها في تسييرها اليومي.99
ومنه ،قام المجلس األعلى للحسابات خالل سنتي 2019و 2020في إطار مهمة مراقبة
التسيير ،خصوصا غرفة المجلس ذات االختصاص القضائي بإنجاز ما مجموعه 41مهمة
رقابية ،تضاف إليها 11مهمة رقابية أنجزتها غرفة التدقيق والبت في الحسابات تبعا لتدقيق
حسابات المحاسبين العموميين لقطاع وزاري واحد ولعشرة مديريات جهوية وإقليمية
وتقسيمات الضرائب.100
وانطالقا من هذا المهمات الرقابية المنجزة خالل سنتي 2019و 2020قام المجلس بتحضير
35خالصة أدرجت بالتقرير السنوي لسنة 2019و 2020والتي همت مختلف القطاعات
المعنية بمراقبة التسيير.
وال يفوتنا في هذا اإلطار من أخذ نموذجا أو عينة من هذه القطاعات ،ويتعلق األمر بالقطاعات
المرتبطة بالمجال المالي واإلداري ،وسنركز خصوصا على تدبير قباضات الضرائب .حيث
قام المجلس األعلى للحسابات بإنجاز 10مهمات لمراقبة التسيير ويتعلق األمر بالمديريات
الجهوية واإل قليمية للضرائب لكل من مراكش وفاس وطنجة وأكادير ووجدة ،وكذا تقسيمات
الضرائب بكل من تمارة وتيفلت وسال وآسفي والجديدة.
وقد تم التركيز خالل هذه المهمات على مجموعة من المحاور كتدبير الوعاء الضريبي
واالتفاقات والتكفل والتبليغ والتحصيل وغيرها.
سنحاول في هذا الصدد الوقوف على أبرز المالحظات والتوصيات التي أصدرها المجلس
خاصة في إطار تدبير الوعاء الضريبي.
والجدير بالذكر أن عمليات تدقيق الحسابات التي قام بها المجلس فهي متعلقة بالفترة الممتدة
من 2009إلى .2018
وهكذا سجل المجلس مجموعة من المالحظات سواء حول إحصاء الملزمين أو حول إقرارات
الملزمين.101
99تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب ،م س .ص 23
100التقرير السنوي برسم سنتي 2019و ،2020م س .ص 1272
101المرجع السابق ،ص 1301و 1302
33
1بخصوص إحصاء الملزمين :
✓ ضرورة القيام بعمليات اإلحصاء السنوي؛
✓ ضرورة العمل على التأكد من حقيقة الشركات غير النشيطة؛
✓ ضرورة تفعيل التنسيق مع المحافظات العقارية؛
2بخصوص اقرارات الملزمين :
✓ تأخر في المطالبة بتقديم اإلقرارات الضريبية؛
✓ نقص في تفعيل مسطرة الفرض التلقائي للضريبة في حق الملزمين المتخلفين عن اإلدالء
بإقراراتهم الضريبية؛
✓ ضرورة الحرص على مسك مصالح الوعاء لوضعية شاملة للملزمين المتخلفين عن
اإلقرار الضريبي؛
✓ ضرورة مالئمة دورية اإلدالء باإلقرار مع رقم المعامالت الخاضع للضريبة؛
وتبعا لما سلف يوصي المجلس االعلى للحسابات بما يلي :
❖ وضع حلول قانونية لمعالجة وضعية الشركات غير النشيطة؛
❖ أهمية اإلحصاء السنوي وضرورة القيام به؛
الفقرة الثانية :مراقبة استخدام األموال العمومية
باإلضافة إلى االختصاص السابق هناك اختصاص اخر يمارسه المجلس االعلى للحسابات،
ويتعلق األمر بمهمة مراقبة استخدام األموال العمومية والمنصوص عليها في المواد من 86
الى 88من المدونة ،وكذلك مراقبة استخدام األموال العمومية التي يتم جمعها عن طريق
التماس اإلحسان العمومي والمنصوص عليها في المواد من 89الى 91من نفس المدونة.
ومنه ،فإن هذه الرقابة تنصب أساسا على األموال المقدمة من طرف األجهزة الخاضعة لرقابة
المجلس إلى الجمعيات أو المقاوالت غير الخاضعة لمراقبة التسيير ،على شكل مساعدة أو
مساهمة في الرأسمال ،بحيث تهدف إلى التأكد من استخدام هذه األموال التي تم تلقيها يطابق
األهداف المتوخاة من المساهمة أو المساعدة 102،وكذا التأكد من أن استعمال الموارد التي تم
جمعها يطابق األهداف المتوخاة بالنسبة للجمعيات التي تلتمس االحسان العمومي.103
102تنص المادة 86من مدونة المحاكم المالية " يراقب المجلس إستخدام األموال العمومية التي تتلقاها المقاوالت ،باستثناء المقاوالت المشار إليها
في المادة 76أعاله ،أو الجمعيات أو كل األجهزة األخرى التي تستفيد من مساهمة في الرأسمال أو من مساعدة كيفما كان شكلها من طرف الدولة
أو مؤسسة عمومية أو من أحد األجهزة األخرى الخاضعة لرقابة المجلس ،مع مراعاة مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.376الصادر في 3
جمادى األولى 15 ( 1378نوفمبر )1958بتنظيم الحق في تأسيس الجمعيات ،كنا وقع تغييره وتتميمه"...
103تنص المادة 89من مدونة المحاكم المالية " يمكن لرئيس الحكومة أن تشمل مراقبة المجلس الحسابات المتعلقة باستعمال الموارد التي يتم
جمعها من طرف الجمعيات التي تلتمس االحسان العمومي"...
34
وهكذا ،يجب على هذه المقاوالت أو الجمعيات أن تقدم إلى المجلس الحسابات المتعلقة
باستخدام األموال والمساعدات العمومية 104أو المتعلقة بالموارد التي تم جمعها عن طريق
التماس االحسان العمومي ،105وذلك وفق الكيفيات والشروط المنصوص عليها في النصوص
التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وعليه ،فإنه يتم تعين مستشارين من قبل رئيس الغرفة للقيام بمراقبة استخدام األموال العمومية
التي تلقتها األجهزة المدرجة في برنامج أشغال الغرفة.
وتجدر اإلشارة إلى أن إجراءات هذه المراقبة وكذا تبليغ المالحظات وتحرير التقارير ،فإنه
يتم بالكيفية التي تتم فيها مراقبة التسيير أي طبقا لمقتضيات المواد من 80إلى 85اعاله.106
المبحث الثاني :المجالس الجهوية للحسابات ودوره في حماية المال العام
تعتبر المجالس الجهوية للحسابات مؤسسة دستورية تم إحداثها للقيام بمراقبة المال العام على
الصعيد الجهوي ،وعليه سنحاول في هذا المبحث الحديث عن هيكلة وتنظيم المجالس الجهوية
للحسابات في مطلب أول ثم نتكلم عن اختصاصات المجالس الجهوية للحسابات في مطلب
ثاني.
المطلب األول :هيكلة وتنظيم المجالس الجهوية للحسابات
سنحاول التطرق في هذا المطلب لمسألتين أساسيتين األولى تتعلق باألجهزة القضائية المجالس
الجهوية للحسابات (الفقرة األولى) ،والثانية تهم األجهزة اإلدارية للمجالس الجهوية للحسابات
(الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :األجهزة القضائية للمجالس الجهوية للحسابات
تشكل األجهزة القضائية العمود الفقري للمحاكم المالية_ سواء تعلق األمر بالمجلس األعلى
للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات _والتجسيد المؤسساتي لطابعه القضائي من هنا
سنتوقف في هذه الفقرة على جهاز الرئاسة (أوال) وأيضا على جهاز النيابة العامة للمجالس
الجهوية للحسابات (ثانيا).
أوال :جهاز الرئاسة
والمستشارين107 في هذا الصدد فإن هذا الجهاز يضم كل من رئيس المجلس الجهوي للحسابات
بهذا المجلس ،وهذا ما سنتناوله تباعا على النحو التالي:
.1رئيس المجلس الجهوي للحسابات:
35
سنتطرق هنا لنقطتين مهمتين نوردهما اتباعا:
➢ على مستوى تعيين رئيس المجلس الجهوي للحسابات:
طبقا لمقتضيات المادة 166من مدونة المحاكم المالية فإن رؤساء المجالس الجهوية للحسابات
يتم تعيينهم من بين المستشارين المشرفين بناء على اقتراح من الرئيس األول للمجلس األعلى
للحسابات هذا بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية إال أنه استثناء يجوز تعيين رؤساء
المجالس الجهوية للحسابات من بين المستشارين من الدرجة األولى في حالة عدم وجود
مستشارين مشرفين ،وهذا االستثناء ال يمكن تحققه إال في المرحلة االنتقالية التي حددها
المشرع في مدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ نشر القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية حيث
يتم هذا التعيين كذلك بناء على اقتراح من الرئيس األول وبعد موافقة مجلس قضاء المحاكم
المالية.
➢ على مستوى مهام رئيس المجلس الجهوي للحسابات:
طبقا للمادة 120من مدونة المحاكم المالية فإن ورؤساء المجالس الجهوية للحسابات يقومون
بالعديد من المهام ندكر منها:
_اإلشراف العام على المجلس الجهوي وتنظيم أشغال؛
_ ويترأس جلسات المجلس الجهوي كما يجوز له أن يترأس جلسات فروعه؛
_ ويحدد البرنامج السنوي ألشغال المجلس الجهوي بمشاركة رؤساء الفروع وبتنسيق مع
وكيل الملك فيما يخص المسائل المتعلقة باالختصاصات القضائية للمجلس الجهوي ويقوم
بتوزيع األشغال على المستشارين؛
وجدير بالذكر هنا أن هؤالء الرؤساء يمارسون مهامهم طبقا لنفس المادة بواسطة مقررات أو
أوامر.
.2المستشارين بالمجالس الجهوية للحسابات:
➢ على مستوى التعيين:
طبقا للمادة 166من القانون رقم 62.99فإن قضاة المحاكم المالية يعينون بناء على اقتراح
من الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية ،هذا
من جهة ،ومن جهة أخرى فإن تعيين رؤساء الغرف يتم من خالل اختيارهم من بين
المستشارين المشرفين .أما فيما يتعلق بتعيين رؤساء فروع المجالس الجهوية فإنه يتم اختيارهم
من بين المستشارين من الدرجة الثانية .
وجدير بالذكر هنا أن قضاة المحاكم المالية يعينون من بين الملحقين القضائيين وفق الشروط
المنصوص عليها في الكتاب الثالث من مدونة المحاكم المالية ،وذلك حسب المادة . 169
➢ على مستوى مهامهم:
36
يقوم المستشارون بالمهام الموكلة إليهم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها
العمل وخصوصا في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.108
ثانيا :جهاز النيابة العامة بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات:
في هذا اإلطار فإن النيابة العامة فيما يخص الشق القضائي تضم وكيل الملك ونائب لوكيل
الملك أو عدة نواب .وسنتناول اتباعا كل من مسألة تعيينهم (أ) وصالحياتهم (ب)
أ_ تعيين وكيل الملك ونوابه:
طبقا للفقرة األخيرة من المادة 166من مدونة المحاكم المالية فإن وكيل الملك يتم تعيينه من
بين المستشارين من الدرجتين الثانية واألولى ،وذلك بموجب أمر يتخذه الرئيس األول بناء
على اقتراح الوكيل العام للملك وبعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية.
وطبقا للفقرة األخيرة من المادة 121من القانون رقم 62.99المتعلق بالمحاكم المالية فإن
نواب وكيل الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات يتم تعيينهم وفقا لنفس الشروط المطبقة
على وكيل الملك.
ب_ صالحيات وكيل الملك ونوابه:
يمارس وكيل الملك مهام النيابة العامة بإيداع مستنتجات وملتمسات ،وال يقوم بمهام النيابة
العامة إال في المسائل القضائية المسند النظر فيها إلى المجلس الجهوي للحسابات وتبلغ إليه
التقارير المتعلقة بالميادين القضائية للمجلس ،كما يحيل إلى هذا األخير العمليات التي قد تشكل
تسييرا بحكم الواقع ،ويلتمس من رئيس المجلس الجهوي للحسابات فيما إذا حصل تأخير في
تقديم الحسابات بتطبيق الغرامة المقررة في المادة 29من القانون المتعلق بمدونة المحاكم
المالية.
ويجوز له أن يحضر جلسات المجلس الجهوي للحسابات ويقدم بالمناسبة مالحظات جديدة،
ويمكن أن يعين نائبا لتمثيله فيها ،كما يمكن له أن يبلغ المجلس الجهوي للحسابات إذا ما
اكتشف أفعاال تدخل في اختصاص المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون
المالية وفقا لمقتضيات المادة 138من مدونة المحاكم المالية.
ويقوم باطالع الوكيل العام للملك لدى المجلس على سير أعمال النيابة العامة بواسطة
تقارير.109
وجدير بالذكر أن وكيل الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات يساعده نائب أو عدة نواب.110
الفقرة الثانية :األجهزة اإلدارية للمجالس الجهوية للحسابات
37
في هذا الفقرة سنتطرق لألجهزة اإلدارية للمجالس الجهوية للحسابات ويتعلق األمر بكل من
الكتابة العامة (أوال ) وجهاز كتابة الضبط (ثانيا).
أوال :جهاز الكتابة العامة
يتم تعيين واختيار الكاتب العام للمجلس الجهوي للحسابات بناء على اقتراح من الرئيس األول
للمجلس األعلى للحسابات من بين المستشارين من الدرجة األولى بعد موافقة مجلس قضاء
المحاكم المالية.111
ومن اختصاصات الكاتب العام للمجلس الجهوي للحسابات السهر على أن تقم الحسابات في
اآلجال القانونية ،ويخبر وكيل الملك بكل تأخير في الشأن ،و يساعد كذلك رئيس المجلس في
تحضير البرامج وتنسيق أشغال المجلس الجهوي وتنظيم جلسات الهيئات التابعة له ،ويتولى
تحت سلطة الرئيس تسيير كتابة الضبط و المصالح اإلدارية للمجلس وفقا ألحكام المادة 123
من القانون ،أما في حالة غياب الكاتب العام أو إذا عاقه عائق يكلف رئيس المجلس أو من
ينوب عنه مؤقتا112.
38
ولم ينص القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية على عدد هذه الفروع وتعتبر هذه األخيرة
من أهم الهيئات المكونة للمجالس الجهوية للحسابات ،وبذلك فإن المشرع اقتصر على إمكانية
إنشاء الفروع فقط ،ألن األمر ال يتطلب تكوين غرف وهيئات أخرى كما هو الشأن بالنسبة
للمجلس األعلى للحسابات وما يبرر ذلك هو طبيعة التكوين واالختصاص إذ يقتصر
اختصاص المجالس الجهوية للحسابات على نطاق جغرافي محدد ومحلي.115
وال يمكن لفروع المجالس الجهوية للحسابات عقد جلساتها إال بحضور خمسة قضاة بمن فيهم
رئيس المجلس أو رئيس الفرع وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 125من قانون المتعلق
بمدونة المحاكم المالية ،في حين اكتفت الغرف الجهوية الفرنسية في إطار عقد جلسات فروعها
بحضور ثالثة قضاة على األقل.
المطلب الثاني :اختصاصات المجلس الجهوي للحسابات ودوره في حماية المال
العام
بالرجوع إلى الفصل 149من دستور المملكة المغربية لسنة 2011نجده ينص على أنه
"تتولى المجالس الجهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية األخرى
و هيئاتها ،وكيفية قيامها بتدبير شؤونها .
وتعاقب عند االقتضاء ،عن كل إخالل بالقواعد السارية على العمليات المذكورة".116
بناء عليه سنحاول دراسة االختصاصات القضائية وغير القضائية للمجالس الجهوية ،باإلضافة
إلى التطرق للمساطر المتبعة أمامها وطرق الطعن الممكنة.
الفقرة األولى :االختصاصات القضائية
يتولى ا لمجلس الجهوي للحسابات مهام تدقيق والتحقيق والبت في الحسابات ،كما ينظر أيضا
في عمليات التسيير بحكم الواقع.
أوال :التدقيق والتحقيق والبت في الحسابات
بالرجوع إلى المادة 126من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه "يقوم المجلس
الجهوي في حدود دائرة اختصاصه بالتدقيق والبت في حسابات الجماعات الترابية
ومجموعاتها وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاوالت التي تملك رأسمالها كليا
الجماعات الترابية ومجموعاتها ومؤسسات عمومية تخضع لوصاية الجماعات الترابية
ومجموعاتها ،والتي تتوفر على محاسب عمومي .ويلزم المحاسبون العموميون الجماعات
الترابية ومجموعاتها بتقديم حسابات هذه األجهزة سنويا إلى المجلس الجهوي ،وذلك وفق
115أحميدوش مدني،المحاكم المالية في المغرب _ دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ،الطبعة األولى 2003الموافق ل 1424ه،مطبعة فضالة _
المحمدية ،ص.244
116دستور ،2011ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 27من شعبان 29( 1432يوليو )2011بتنفيذ نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد
5964مكرر الصادرة بتاريخ 28شعبان 30 1432يوليو ( )2011ص ..3600
39
الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل .ويلزم محاسبو األجهزة األخرى
الخاضعة لرقابة المجلس الجهوي بأن يقدموا سنويا إلى المجلس الجهوي بيانا محاسبيا عن
عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها ،وذلك وفق الكيفيات
المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل".117
من خالل هذه المادة يجب على المحاسبون العموميون للجماعات الترابية و األجهزة األخرى
الخاضعة لها بتقديم الحسابات التي يشرفون عليها ،و ذلك بصفة سنوية ،من أجل أن يمد
المجلس الجهوي رقابته عليها و يدقق في حساباتها ،ذلك بناء على المساطر المقررة في
القانون و التي سنتطرق لها بالتفصيل الحقا.
كما أنه باالطالع على عمليات اإلدالء بالحسابات التي تمت في سنتي 2019و 2020نجد
بأنه على صعيد المجالس الجهوية للحسابات ،قد بلغ عدد الحسابات المدلى بها إلى هذه
المجالس ما مجموعه 2.723حسابا خالل سنتي 2019و ،2020منها 1.145برسم سنة
2018و 1.578برسم سنة .1182019
بالتالي قد حققت نسبة اإلدالء بالحسابات ارتفاع بسيط سنة 2019مقارنة مع سنة ،2018
هذا على خالف الحسابات المدلى بها أمام المجلس األعلى للحسابات الذي عرف شبه استقرار
في العدد حيث بلغ عدد الحسابات المدلى بها سنة 2018ما مجموعه 589بينما في سنة
2019بلغ .119583
كما أن رقابة المجالس الجهوية ال تقتصر على المحاسبين القانونيين فحسب بل تمتد لتشمل
صنف آخر و هو ما يسمى بالمحاسب بحكم الواقع" ،وهم أولئك الذين يقومون بعمليات قبض
الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك األجهزة العمومية الخاضعة
لرقابة المجلس ،دون تفويض من أية جهة .بحيث يكون المحاسب العمومي هو المكلف أصال
بإنجاز هذه العمليات .وباإلضافة إلى ذلك يمكن بوجه خاص أن يعتبر مشاركا مسؤوال عن
التسيير بحكم الواقع كل موظف أو عون وكذا كل من هو مؤهل للقيام بالطلبات العمومية،
والذي يكون بموافقته أو تشجيعه إما على المبالغة في بيانات األثمان أو الفاتورات أو على
تحريف البيانات الواردة بهذه الوثائق ،قد عمد على علم إلى تحرير أوامر باألداء أو حواالت
أو تبريرات أو أصول صورية .وقد خصص القانون فرعا خاصا للمحاسب الفعلي أو بحكم
الواقع .فمن خالل المواد رقم 43 41و 44من القانون يتضح أن صفة المحاسب امتدت
لتشمل المحاسب بحكم الواقع".120
117القانون رقم 99.62المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،ظهير شريف رقم 124.02.1صادر في فاتح ربيع اآلخر 13(1423يونيو ،) 2002
الجريدة الرسمية عدد 5030بتاريخ 6جمادى اآلخرة 15 (1423أغسطس ) 2002ص .2294
118تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020الجريدة الرسمية عدد 7073مكرر – 11شعبان 14 (1443
مارس ،2022ص .1244
119تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020مرجع سابق ،ص .1263
120أحميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب ،مطبعة فضالة المحمدية ،الطبعة األولى ،2003ص .301
40
وبالرغم من أن دعوى التسيير بحكم الواقع تندرج في إطار البت في الحسابات ،إال أنها ليست
دعوى تلقائية ،بل تتم إحالتها على المحكمة المالية المختصة من طرف النيابة العامة.121
فبالرجوع إلى المادة 132من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه " يحيل وكيل الملك
إلى المجلس الجهوي في حدود اختصاصاته العمليات التي قد تشكل تسييرا بحكم الواقع من
تلقاء نفسه أو بطلب من وزير الداخلية أو الوالي أو العامل ،وذلك في حدود االختصاصات
المخولة لهم تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،والوزير المكلف
بالمالية أو الخازن بالجهة أو العمالة أو اإلقليم أو الممثل القانوني للجماعات الترابية أو
مجموعاتها أو المحاسبين العموميين ،وذلك بصرف النظر عن حق المجلس الجهوي في
التصدي للنظر فيها بصفة مباشرة استنادا إلى اإلثباتات المنجزة خاصة بمناسبة التدقيق في
الحسابات" و قد بلغت القضايا الرائجة أمام المجلس الجهوي و المتعلقة بالتسيير بحكم الواقع
ما مجموعه 7ملفات.122
كما أصدر المجلس الجهوي للحسابات لجهة درعة تافياللت الحكم النهائي عدد 01/2019
بتاريخ 12مارس ،2019والذي صرح بمقتضاه بحالة التسيير بحكم الواقع في إطار اإلعانة
الممنوحة لجمعية "أ.أ" بمبلغ قدره 76,000,00درهم ،التي سبق للنيابة العامة لدى المجلس
الجهوي للحسابات المذكور أن أحالتها عليه خالل سنة 2018وتتعلق هذه الحالة باستنفاد
المكتب المسير للجمعية صالحيته دون عقد الجمع العام لتجديد هياكل الجمعية كما ينص على
ذلك قانونها األساسي ،وكذا بعدم التصريح بكل تغيير يطرأ على التسيير أو اإلدارة أو
التصريح بعدم وقوع التغيير المذكور في التاريخ المقرر له بموجب القانون األساسي ،عمال
بمقتضيات الفصل 5من الظهير الشريف رقم 1.58.376بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما
تم تغييره وتتميمه ،األمر الذي أفقد رئيس الجمعية أهلية التصرف في اإلعانات العمومية،
طبقا ألحكام الفصل 6من الظهير الشريف سالف الذكر.
وعلى هذا األساس ،اعتبرت الهيئة أن حيازة واستعمال رئيس الجمعية ألموال متأتية من
الدعم العمومي الممنوح من طرف الجماعة ،والتي هو في نفس الوقت رئيسها (أي الجماعة
واالمر بصرف نفقاتها ،دون تنفيذ الهدف المتوخى من الدعم العمومي (الهدف المتعاقد بشأنه
مع الجمعية ،إضافة إلى فقدانه لصفة التمثيل القانوني للجمعية بعد انقضاء صالحية مكتبها
المسير دون تجديد هياكلها تجعله مستوفيا لشروط تعريف المحاسب بحكم الواقع الواردة في
123
المادة 41من مدونة المحاكم المالية.
ثانيا :التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية
باإلضافة إلى اختصاص البت والتدقيق في الحسابات ،فإن المجلس الجهوي يمارس اختصاص
قضائي آخر وهو التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،فبالرجوع إلى المادة 136من
121تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020مرجع سابق ،ص .1266
122تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020مرجع سابق ،ص .1266
123تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020مرجع سابق ،ص .1266
41
مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه "يمارس المجلس الجهوي مهمة قضائية في ميدان
التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة إلى األشخاص الوارد بيانهم في الفقرة
الرابعة من المادة 118أعاله ،والذين يرتكبون إحدى المخالفات المنصوص عليها فـي المواد
54و 55و 56أعاله".
بالتالي فالمجالس الجهوية تمارس مهمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة
لكل مسؤول أو موظف أو مستخدم يعمل في: 124
-الجماعات الترابية ومجموعاتها؛
-المؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والمجموعات؛
-كل الشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الجماعات الترابية أو المجموعات أو الهيئات
على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال
أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار؛
وال تقوم مسؤولية هؤالء األشخاص إال إذا ارتكبوا إحدى المخالفات المنصوص عليها في
المواد 54و 55و ،56مثل:
-مخالفة قواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها؛
-عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية ؛
-مخالفة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بتدبير شؤون الموظفين واألعوان؛
وغيرهم من المخالفات المنصوص عليها في المواد أعاله.
❖ أما فيما يخص الجهات المخول لها رفع القضية إلى المجلس الجهوي :فقد حددتها
لنا المادة 138من مدونة المحاكم المالية حيث نصت على أنه " يرفع القضية إلى
المجلس الجهوي وكيل الملك من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس .ويؤهل كذلك لرفع
القضية إلى المجلس الجهوي بواسطة وكيل الملك وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش
مشفوعة بالوثائق المثبتة وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية".
إال أنه من خالل تحليلنا لتقرير المجلس األعلى للحسابات وجدنا بأنه عاب على مسطرة
التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ،بأن الجهات الداخلية هي التي تحوز نصيب
األسد في إحالة القضايا على المجلس ،فعلى صعيد المجالس الجهوية للحسابات قد توزعت
طلبات رفع القضايا الموجهة إلى السادة وكالء الملك لدى هذه المجالس بين تلك الصادرة عن
رؤساء المجالس الجهوية للحسابات على إثر مداوالت هيئات هذه المجالس سواء في إطار
التدقيق والبت في الحسابات أو مراقبة التسيير بنسبة %68وتلك الصادرة عن وزير الداخلية
استنادا إلى تقارير المفتشية العامة لإلدارة الترابية بنسبة .125%32
124الفقرة الرابعة من المادة 118من القانون رقم 62.99المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،مرجع سابق.
125تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020مرجع سابق ،ص .1253
42
بينما عرفت نسب الفئات المتابعة أمام المجلس تنوعا حيث شكلت فئة األمرين بالصرف
واالمرين بالصرف المساعدين نسبة ٪31من األشخاص المتابعين فيما شكل رؤساء األقسام
والمصالح نسبة %51والموظفون واألعوان نسبة ،%15في حين لم تتجاوز نسبة المحاسبين
126
والمراقبين .%1
الفقرة الثانية :المسطرة المتبعة أمام المجالس الجهوية للحسابات
بالرجوع إلى المادة 128من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه "تطبق مقتضيات
المواد من 27إلى 40من الكتاب األول من هذا القانون المتعلقة بالتدقيق والتحقيق والبت في
الحسابات على المجلس الجهوي ،ويتولى مهام الهيئة المجلس الجـهوي أو الفرع ،ومهام
الرئيس األول ورئيس الغرفة الرئيس ،ومهام الوكيل العام للملك وكيل الملك .ويكون البرنامج
السنوي المشار إليه في المادة 30أعاله هو البرنامـج السنوي المنصوص عليه في المادة
120من هذا القانون".127
بالتالي فالمقتضيات التي أشرنا لها سابقا فيما يخص مسطرة التدقيق والتحقيق الذي يقوم به
المجلس األعلى للحسابات هي نفسها التي تطبق أمام المجالس الجهوية ،االختالف الوحيد
يتعلق بمن يتولى القيام بتلك المهام و ذلك وفق الشكل التالي:
ويتـولى المستشــار المقــرر مهمـة تحريــر القــرار أو الحكــم ويوقعــه كــل مـن رئــيس
الهيئــة وكاتــب الضبط ،أمـا إذا عـاق الـرئيس عـائق عـن التوقيـع فيقـوم بهذه المهمـة أقـدم
المستشـارين األعضـاء في الهيئـة طبقا ألحكام المادة 129من القانون.128
ويــتم تبليــغ الحكــم التمهيــدي إلى المحاســب العمــومي ،ويبلــغ الحكــم النهــائي باإلضــافة
إلى المحاسـب العمـو مي إلى سـلطة الوصـاية ووكيـل الملـك والخـازن بالجهـة أو العمالـة أو
اإلقلـيم وإلى الممثلـين القـانونيين لألجهـزة العموميـة المعنيـة كمـا تـنص علـى ذلـك المـادة
130من مدونة المحاكم المالية.
126تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020مرجع سابق ،ص .1254
127القانون رقم 62.99المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،مرجع سابق.
128القانون رقم 62.99المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،مرجع سابق.
43
الفقرة الثالثة :مسطرة الطعن أمام المجالس الجهوية للحسابات
يمكن االعتراض على القرارات النهائية التي تصدرها المجالس الجهوية للحسابات إما بطلب
استئنافها أمام المجلس األعلى للحسابات (أوال) أو بتقديم طلب مراجعتها (ثانيا)
أوال :طلب االستئناف
تعتبر القرارات أو االحكام النهائية الصادرة عن المجلس الجهوي للحسابات قابلة لالستئناف
أمام المجلس األعلى للحسابات وفقا ما نصت عليه مقتضيات المادة 134من القانون 62.99
المتعلق بمدونة المحاكم المالية .129
وقد أم ِن َحت هذه االمكانية إلى كل من المحاسب العمومي أو لذوي حقوقه إما بصفة شخصية
أو بواسطة وكيل؛ نفس الحق مخول كذلك إلى وزير الداخلية أو الوالي أو العامل في حدود
االختصاصات المخولة لهم تطبيقا للنصوص التشريعية أو الجاري بها العمل ،وكذا لوزير
المكلف بالمالية أو الخازن الجهة أو العمالة أو اإلقليم أو وكيل الملك والممثل القانوني
للجماعات الترابية أو مجموعاتها أو المؤسسة العمومية المعنية .130
وتجدر اإلشارة إلى أن االستئناف ي التنظيمية وقف التنفيذ ،ما لم يكن حكم المجلس الجهوي
مشموال بالنفاذ المعجل ،كما يجب على طالب االستئناف إيداع عريضة االستئناف لدى كتابة
الضبط بالمدلس الجهوي خالل أجل ثالثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ الحكم النهائي ،وتقدم
عريضة االستئناف طبقا للكيفيات واإلجراءات المنصوص عليها في الفصل 141و 142من
قانون المسطرة المدنية ،وكاستثناء ال تطبق مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل .142ويوجه
كاتب الضبط بالمجلس الجهوي ملف الطعن إلى كتابة الضبط لدى المجلس األعلى للحسابات،
ويمكن بطلب من المجلس أن يضاف إلى ملف الطعن الحساب موضوع الحكم المطعون فيه
كليا أو جزئيا.
هكذا فحق االستئناف يتيح الفرصة أمام الطاعنين من أجل الدفع بوسائل جديدة واإلدالء بوثائق
إضافية ،وعرض الملف على هيئة درجة ثانية في سلم التقاضي ليتم النظر فيه من جديد ،على
اعتبار أن من المبادئ القارة في مجال االستئناف ،الرجوع باألطراف المتقاضين الى وضع
م ا قبل الحكم المستأنف ،وبالتالي فحص الوقائع وتحليلها وإعادة تكييفها عند االقتضاء ،إذا ما
تبين من خالل الحكم المستأنف أنه لم يتم إنزاله على الواقعة.
إن مهام قاضي االستئناف ليست مطلقة ،إذ أن عريضة االستئناف هي التي تحدد النطاق الذي
ينبغي أن يتقيد به في إطار قاعدة األمر الناقل لالستئناف ،بحيث ال يجوز له أن ينظر في أية
وسائل أو ملتمسات أخرى غير تلك التي تضمنتها هذه العريضة.
129ظهير شريف رقم 1.02.124صادر في فاتح ربيع اآلخر13( 1423يونيو )2002بتنفيذ القانون رقم 26.11المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
الجريدة الرسمية عدد 1111بتاريخ 5جمادى اآلخرة 15 (1423أغسطس .)2002ص 2294
130الفقرتان 2و 3من مدونة المحاكم المالية
44
ولإلشارة فإن عدم احترام الشروط الواجب توفرها في عريضة االستئناف يؤدي إلى عدم
قبول الطلب؛ وهذا ما جاء في حيثيات إحدى القرارات الصادرة عن المجلس األعلى
للحسابات:
" وحيث توصل المجلس األعلى للحسابات بتاريخ 2011/03/14بطلب االستئناف المودع
من طرف الطاعن المذكور بكتابة الضبط لدى المجلس الجهوي للحسابات بوجدة بتاريخ
22فبراير ،2011وذلك في احترام تام لآلجال المحددة بالمادة 134المشار إليه أعاله؛
وحيث تنص نفس المادة 134على أن عريضة االستئناف يجب أن تقدم طبقا للكيفيات
واإلجراءات المنصوص عليها في الفصلين 141و 142من قانون المسطرة المدنية؛
وحيث يجب أن يتضمن المقال ـ حسب الفصل 142المذكورـ االسم الشخصي والعائلي
وصفة أو مهمة وموطن أو محل إقامة كل من المستأنف والمستأنف عليه ...وأن يتضمن
كذلك موضوع الطلب والوقائع والوسائل المثارة وترفق المستندات التي يريد الطالب
استعمالها بالمقال؛
لكن ،حيث تبين للمجلس أن المقال المقدم من طرف الطاعن المذكور جاء محال بشكل واضح
بالكيفيات واإلجراءات الضرورية الواجب احترامها سواء بمقتضى القانون المتعلق بمدونة
المحاكم المالية أو بموجب المقتضيات الصريحة للفصل 142من قانون المسطرة المدنية
المذكور ،ومن ذلك على الخصوص:
-1أن طلب االستئناف تم توجيهه إلى رئيس المجلس الجهوي للحسابات بوجدة وليس
إلى الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات صاحب االختصاص في الموضوع،
وذلك خالفا ألحكام المادة 48من مدونة المحاكم المالية التي تنص على أن المجلس
األعلى للحسابات يبت في طلبات استئناف االحكام الصادرة عن المجالس الجهوية؛
-2أن المقال اقتصر على ذكر االسم الشخصي والعائلي للمحاسب المستأنف ،ولم
يتضمن ال صفته ،وال محل اقامته أو عنوانا قارا لمخابرته ،خاصة وأن المعني باألمر
محال على التقاعد كما صرح بذلك بنفسه في ذات المقال ؛
-3أن المقال ـ فضال عن كونه لم يتضمن وسائل متينةـ ولم يرفق بأي مستند يؤكد
حقيقة ما دفع به المستأنف وما أثاره من وسائل وما احتج به من تبريرات ،بل إنه
لم يرفق بأي وثيقة على اإلطالق؛
-4أن طلب االستئناف ـ مع كونه لم يوجه إلى الجهة المختصة ـ تم تذييله بصيغة
استعطاف مبهمة وخالية من أية مطالب قانونية واضحة ومحددة تعكس الغرض
الحقيقي من العريضة المقدمة بحيث تكون منسجمة مع موضوع الطلب من جهة،
ومتالئمة مع جملة الدفوع والعناصر المضمنة في المقال من جهة أخرى؛
بناء على ما تقدم فإن المجلس يصرح بعدم قبول الطلب الذي تقدم به المحاسب السيد ()..
الستئناف الحكم رقم 110/10ن الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات بوجدة بشأن
45
حساب الجماعة الحضرية بني انصار لسنة ،2004وذلك طبقا لمقتضيات المادتين 47و
48من مدونة المحاكم المالية131".
جدير بالذكر نجد من والية قاضي االستئناف كذلك واجب االلتزام بقاعدة " ال يضار أحد
باستئنافه" ،إذ ال يجيز للهيئة الرفع من مبلغ العجز أو الغرامة أو اإلرجاع المحكوم به من
طرف المجلس الجهوي ،في الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه هو المستأنف األصلي
الوحيد.
وال غرو أن المجلس األعلى للحسابات يمارس مهامه في مجال االستئناف تحت رقابة محكمة
النقض باعتبارها الجهة القضائية المختصة بالبت في طلبات النقض ضد القرارات الصادرة
عن المجلس األعلى للحسابات ،وكذلك باعتبارها الجهة الساهرة على التطبيق السليم للقانون،
ومن تم ترسيخ ثقافة االجتهاد وتوحيد وجهات النظر لدى محاكم المملكة بمختلف درجاتها
وتصنيفاتها.
إن المجلس األعلى للحسابات عند بته في طلبات االستئناف المعروضة عليه من طرف
المجالس الجهوية يلجأ في كثير من الحاالت إلى استلهام بعض القواعد اإلجرائية العامة
الواردة في قانون المسطرة المدنية حتى يتسنى له البت في هذه الطلبات نظرا لكون المشرع
لم يحدد للمحاكم المالية قانونا مسطريا خاصا ينظم ممارسة االختصاصات القضائية على
غرار قانوني المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية ،ذلك أن القواعد المسطرية الواردة في
قانون 62.99المتعلق بمدونة المحاكم المالية جاءت مختزلة ،السيما حين يتعلق االمر بالمهام
القضائية االستئنافية ،حيث يشير في أحايين كثيرة لمقتضيات قانون المسطرة المدنية.
ثانيا :طلب المراجعة
يمكـن للمحاسـب العمـومي أو لـذوي حقوقـه بصـفة شخصـية أو بواسـطة وكيـل أن يتقـدموا
بطلب مراجعة القرارات النهائيـة الصـادرة-بعـد انصـرام األجـل المحـدد لالسـتئناف -عـن
المجلـس الجهـوي للحسابات في حالة اكتشاف عنصر جديد.
وطلب المراجعة مفتوح أيضا أمام كل من وكيل الملك وإلى وزير الداخلية أو الوالي أو العامل
في حــدود االختصاصــات المفوضــة إلــيهم تطبيقــا للنصــوص التشــريعية والتنظيميــة
الجــاري بها العمــل ،والوزير المكلف بالماليـة أو الخـازن بالجهـة أو العمالـة أو اإلقلـيم أو
الممثـل القـانوني للجماعـات المحليـة أو الهيئات أو المؤسسات العمومية المعنية.
وفي هـذا االطار يـتم وضـع طلـب المراجعـة بكتابـة الضـبط لـدى المجلس ،ويجـب أن
يتضـمن عرضـا للوقـائع والوسـائل الـتي يحـتج بها الطالـب وأن يكـون مرفقـا بنسـخة مـن
الحكـم موضـوع طلـب المراجعة وبالتبريرات المستند إليها في العريضة.
ويبت المجلس في القضية بحكم تمهيدي يبلغ إلى األطـراف المعنيـة الـتي يضـرب لهـا أجـل
لتقـديم مالحظاتها أو تبريراتها وإثباتاتها .ويقوم المجلس عنـد االقتضـاء بمراجعـة القـرار
132أحميدوش مدني " ،المحاكم المالية في المغرب ـ دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ـ " ،م س ،ص 347
133أحميدوش مدني ،مرجع سابق ،ص 355
134تنص المادة 156من القانون ": 62.99تلزم األجهزة المشار إليها في المادة السابقة بأن تقدم إلى المجلس الجهوي ،الحسابات
المتعلقة باستخدام األموال والمساعدات العمومية األخرى التي تلقتها ،وذلك حسب الكيفيات والشروط المقررة في النصوص التشريعية
والتنظيمية الجاري بها العمل"
47
وتتم إجراءات المراقبة وطرق تبليغ المالحظات وتحرير التقارير طبقا لمقتضيات المواد من
80إلى 84والمادة 152من نفس القانون .135
ومن أجل أن تعرف هذه الرقابة نجاحا وفعالية يستحسن أن يتم توظيف مناهج وطرق ووسائل
متنوعة كاالستعانة بالمناهج الحديثة في التدقيق والمراقبة الداخلية من أجل بلوغ األهداف
المتوخاة وتحقيق الجودة في ذلك.
غير أن هذه الرقابة ربما عرفت حدودا من حيث الممارسة إذا لم تشارك كل القوى والطاقات
المحلية في مساعدة المجالس الجهوية للحسابات على اكتشاف مظاهر التبذير والتبديد
والخروقات التي تشوب التدبير المحلي ،لذا يجب أن تعمل المجالس الجهوية على اخبار الرأي
العام والمواطنين بكل األنشطة وبحوثها ودراساتها.
وقد أحسن المشرع المغربي صنعا حينما تبنى المجالس الجهوية للحسابات ودمجها ضمن
التقرير السنوي العام الذي أصبح ينشر في الجريدة الرسمية وفقا لمقتضيات المادة 100من
القانون المذكور.
والجدول ادناه يبين عدد المهام المرتبطة باستخدام األموال العمومية برسم رنتي 2019و
:2020
عدد المهام رسم سنة 2020 عدد المهام برسم سنة 2019
المنجزة المبرمجة المنجزة المبرمجة
5 6 2 4
136
135تنص المادة 156من مدونة المحاكم المالية على :يعين رئيس المجلس الجهوي المستشارين المقررين الذين يقومون بمراقبة
استخدام األموال العمومية التي تلقتها األجـهزة المدرجة في برنامج أشغال المجلس الجهوي.
ويؤهل المستشارون لالطالع على كافة الوثائق والمستندات المثبتة الكفيلة بتزويدهم بمعلومات حول تسيير هذه األجهزة.
وتتم إجراءات المراقبة وطرق تبليغ المالحظات وتحرير التقارير طبقا لمقتضيات المواد من 11إلى 13والمادة 511من هذا القانون.
136تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ،2019.2020مرجع سابق ،ص 1275
48
كما يمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهام تقييم األجهزة الخاضعة لمراقبته بهدف التأكد من
مدى تحقيق األهداف المحددة لكل مشروع انطالقا مما تم إنجازه وبالنظر في الوسائل
المستعملة وفقا لمقتضيات المادة 147من مدونة المحاكم المالية التي تنص على :
"يراقب المجلس الجهوي تسيير األجهزة المشار إليها في المادة 148بعده ،ألجل تقديره
من حيث الكيف واإلدالء عند االقتضاء باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه
والزيادة في فعاليته ومردوديته.
وتشمل مراقبة المجلس الجهوي جميع أوجه التسيير ،ويقيم المجلس لهذا الغرض مدى
تحقيق األهداف المحددة والنتائج المحققة وكذا تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل
المستعملة.
وتش مل مراقبة المجلس الجهوي كذلك مشروعية وصدق العمليات المنجزة وكذا حقيقة
الخدمات المقدمة والتوريدات المسلمة واألشغال المنجزة.
ويتأكد المجلس الجهوي من أن األنظمة واإلجراءات المطبقة داخل األجهزة الخاضعة لرقابته
تضمن التسيير األمثل لمواردها واستخداماتها ،وحماية ممتلكاتها وتسجيل كافة العمليات
المنجزة.
ويمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهـام تقييم مشاريع األجهزة الخاضعة لمراقبته قصد
التأكد من مدى تحقيق األهداف المحددة لكل مشروع انطالقا مما تم إنجازه وبالنظر إلى
الوسائل المستعملة".
جدير بالذكر أن في اطار تحديد البرنامج السنوي االشغال المجلس الجهوي يعين الرئيس
بالمناسبة المستشارين المقررين الذين يتولون مهمة مراقبة تسيير األجهزة المدرجة في هذا
البرنامج ،ويكونون مؤهلين لالضطالع على كافة الوثائق أو المستندات المثبتة التي من شأنها
تزويدهم بمعلومات حول تسيير هذه األجهزة.
أما مختلف اإلجراءات المسطرية فتتم وفقا األحكام المواد من 80إلى 84من قانون المحاكم
المالية على المجالس الجهوية.137
137لإلشارة فإن اإلجـراءات المسـطرة المتبعة أمـام المجـالس الجهويـة للحسـابات فـي إطـار رقابـة التسـيير هـي نفسـها المعتمـدة فـي
إطار المجلس األعلى للحسابات.
49
خاتمة :
نخلص على أن تطور وظيفة الدولة أدى إلى ارتقاء حماية المال العام إلى المرتبة
التي نص عليها الدستور فأصبحت نتيجة لذلك مبدأ دستوريا تبنته الكثير من
التشريعات والدساتير المعاصرة ،وذلك يعكس األهمية التي تحظى بها األموال
العامة ،باعتبارها أداة الدولة ووسيلتها األساسية في مباشرة نشاطاتها االقتصادية،
و قد أدى ذلك التطور إلى انعكاساته البينة على صعيد التشريع العادي السيما
التشريع الجنائي نظرا لخطورة التعدي على األموال العامة ومساسها بكيان الدولة.
50
الئحة المراجع
• الكتب
✓ أحميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة،
الطبعة األولى ،مطبعة فضالة بالمحمدية ،سنة .2003
✓ عسو منصور ،قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة ،الطبعة
األولى ،مطبعة المعارف الجديدة بالرباط ،سنة .2017
✓ أحمد حاسون ،المجلس االعلى للحسابات بالمغرب ،مطبعة المعارف الجديدة -
الرباط .2013
✓ ﺼالح الدﻴن ﻤﺼطفى أﻤﻴن ،الرقاﺒة المالية العامة ودﻴوان الرقاﺒة المالية في
العراق ﺒﻴن ﻤاﻀﻴه وﻤﺴﺘقﺒله طبعة 1979بغداد.
✓ عادلة الوردي ،رقابة المجلس االعلى للحسابات على المال العام في المغرب،
مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة األولى .2012،
الرسائل •
✓ مريم بداه ،دور المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ،رسالة
لنيل شهادة الماستر في العلوم اإلدارية والمالية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
بالسويسي ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية 2019/2020
• المقاالت
✓ رشيد قاعدة ،المحاكم المالية ومسؤولية المحاسب العمومي في ظل القانون رقم 62.99المنظم
لها ،مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،المجلد عدد .10/2015
✓ الزباخ عبد الودود ،دور المحاكم المالية في تحسين التدبير العمومي-مراقبة التسيير ،-مقال
منشور في كتاب "المالية العامة 10سنوات من اإلصالح" ،طبعة ،2018مطبعة اسبارطيل
بطنجة.
• التقارير
✓ تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي 2019و ،2020الجريدة الرسمية
عدد 7073مكرر 11 ،شعبان 14( 1443مارس .) 2022
51
✓ تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب ،تندرج هذه الدراسة في إطار برنامج
الشراكة بين جمعية عدالة من أجل الحق في المحاكمة العادلة والسفارة الهولندية ،منشور في
الموقع Marocdroit.com
• القرارات
✓ قرار عدد 2011/07صادر بتاريخ ,10فبراير 2011ملف استئناف عدد . 2010/07
✓ قرار عدد 2011/08صادر بتاريخ 03مارس 2011ملف استئناف عدد .2010/08
✓ قرار عدد / 2015/27ت.م.ش.مصادر بتاريخ 30شتنبر 2015ملف استئناف عدد 2014/311
/ت.م.ش.م
✓ قرار عدد /2012/05ت.م.ش.صادر بتاريخ 25شتنبر 2012ملف استئناف عدد 2011/302 :
ت.م.ش.م
✓ قرار عدد / 2013/02ت.م.ش.م صادر بتاريخ 05فبراير 2013ملف استئناف رقم / 309
ت.م.ش.م 2011 /
✓ قرار عدد 2011/12صادر بتاريخ 17يونيو ،2011ملف استئنافي عدد 2011/06
• القوانين
✓ دستور ،2011ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 27من شعبان 29( 1432يوليو )2011
بتنفيذ نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر الصادرة بتاريخ 28شعبان 30 1432
يوليو ( )2011ص 3600
✓ ظهير شريف رقم 124.02.1صادر في فاتح ربيع االخر 13(1423يونيو ) 2002بتنفيذه
القانون رقم 99.62المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،الجريدة الرسمية عدد 5030صفحة
،2294كما تتميمه وتغيره بالقانون رقم 19.39بتنفيذه الظهير رقم 20.20.1الصادر في 11
من رجب 6 ( 1441مارس , ) 2020الجريدة الرسمية عدد 6866بتاريخ 24رجب 19(1441
مارس )2020صفحة .1642
• المواقع االلكترونية
✓ الموقع اإللكتروني للمجلس األعلى للحسابات للمملكة المغربية ،تم زيارته 2023/01/27على الساعة
00:30ليال.
http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-6/
52
53