اختصاصات المحاكم المالية بالمغرب

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 53

‫ماستر قانون المنازعات‬

‫الفوج الثاني‬
‫وحدة المنازعات الضريبية والمالية‬

‫اختصاصات المحاكم المالية بالمغرب على ضوء‬


‫تقريرين المجلس األعلى للحسابات‬

‫من إعداد‪:‬‬
‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫رضى العمراوي‬
‫ذ‪ .‬يونس وحالو‬ ‫شيماء جدي‬
‫خديجة إيداورغ‬
‫حنان الشرادي‬
‫مروان حلة‬
‫محسن قابل‬
‫سليمان كعيبة‬

‫السنة الجامعية ‪:‬‬


‫‪2022/2023‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫يشكل المال الركيزة األساسية والعمود الفقري في بناء الدولة وتكوينها‪ ،‬ووسيلة هامة من‬
‫وسائل الدولة الحديثة للقيام بأنشطتها المختلفة من إنشاء مرافق عامة وتسييرها وتحقيق النفع‬
‫العام في مختلف المجاالت االقتصادية واالجتماعية والتنموية‪.‬‬
‫ولحماية هذا المال العام‪ ،‬عملت جل الدول من خالل دساتيرها وتشريعاتها الداخلية بما فيها‬
‫المغرب إلى إقرار جملة من النظم واآلليات الرقابية بغرض حماية هذا المال والسهر على‬
‫إنفاقه وتخصيصه وفقا للبرامج المحددة له‪.‬‬
‫وقد أجمع علماء وفقهاء االقتصاد والمالية العامة في جميع الدول على اختالف نظامها‬
‫االقتصادي واالجتماعي على أن كل نظام مالي واقتصادي ال يشمل على رقابة مالية حازمة‬
‫‪1‬‬
‫فهو نظام ناقص ومبتور‪.‬‬
‫ولضمان حسن تدبير األموال العمومية المستخدمة في تنفيذ المشاريع العمومية‪ .‬أحدث المشرع‬
‫المغربي عدة أجهزة تمارس مختلف أنواع الرقابة وتقييم منجزات القطاعات الوزارية من‬
‫ضمنها المحاكم المالية‪ .‬فهذه األخيرة بصيغتها الحالية و بوظيفتها األصلية المتمثلة في حماية‬
‫المال العام‪ ،‬هي نتاج لتطور تاريخي ملحوظ ‪ ،‬فباإلضافة إلى والية الحسبة ووالية المظالم‪،‬‬
‫التي ظلت تستمد أحكامها وقواعدها من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حيث كان األمناء مسؤولين أمام‬
‫أمين األمناء‪ ،‬وقد قام السلطان الحسن األول بإصالح حول بموجبه أمين األمناء إلى وزير‬
‫المالية وجعله أول مسؤول عن بيت المال ومصاريف الموظفين بحيث يقدم هذا األخير الئحة‬
‫‪2‬‬
‫إلى أمين السر الذي يقوم بالصرف ‪.‬‬
‫لكن مع ذلك ظلت مشاكل المغرب دون حل في المجال المالي‪ ،‬مما ساهم في فتح المجال أمام‬
‫المستعمر الحتالل البالد‪ ،‬هذا األخير لجأ إلى جباية الضرائب السترداد مستحقاته مباشرة في‬
‫الموانئ واألسواق‪ ،‬ثم أصبح يتحكم في تسيير شؤون المصالح الحيوية مما جعل وزير المالية‬
‫األصلي مهمشا وعديم السلطة‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1924‬تم خلق التأشيرتين وظلت مراقبة األداء ضمن مهمات الخزينة العامة أي‬
‫من اختصاص الخازن العام الذي كان مسؤوال في فرنسا والمغرب معا‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أنه خالل هذه المرحلة عهدت الرقابة العليا على األموال العمومية بالمغرب إلى محكمة‬
‫الحسابات الفرنسية‪ ،‬كما شهدت فترة الحماية ميالد أو وضع مجموعة من النصوص القانونية‬
‫المتعلقة بالنظام الرقابي‪ ،‬وهكذا تم إنشاء اللجنة المحلية للحسابات بمقتضى ظهير ‪ 20‬يوليوز‬

‫‪ 1‬ﺼالح الدﻴن ﻤﺼطفى أﻤﻴن‪ ،‬الرقاﺒة المالية العامة ودﻴوان الرقاﺒة المالية في العراق ﺒﻴن ﻤاﻀﻴه وﻤﺴﺘقﺒله طبعة ‪ 1979‬بغداد‪ ،‬ص‪7:‬‬
‫‪ 2‬للمزيد من التوضيح حول مهام و اختصاصات األمناء يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬نعيمة هراج التوزاني‪ :‬األمناء بالمغرب في عهد السلطان موالي الحسن ‪ 1894-1873‬مساهمة في دراسة النظام المالي بالمغرب‪ ،‬منشورات‬
‫كلية األداب و العلوم اإلنسانية الرباط مطبعة فضالة‪ ،‬يناير ‪،1979‬ص‪.299-241:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ 1932‬إال أن دورها ظل مقتصرا على مراجعة بعض الحسابات الثانوية أما مختلف الحسابات‬
‫فكانت من اختصاص محكمة الحسابات الفرنسية‪.3‬‬
‫وبعد االستقالل اختار المغرب الفعالية التي يتميز بها النظام الرقابي بدال من النظام السابق‬
‫للحماية وحاول تكييف وتعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالنظام الرقابي على األموال‬
‫العمومية وهكذا أصبح ظهير ‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬ينظم اللجنة الوطنية للحسابات عوض اللجنة‬
‫المحلية للحسابات ‪ -‬الهيئة الجديدة المكلفة بالرقابة العليا على األموال العمومية في المغرب‪.‬‬
‫لكن هذه اللجنة لم تستطع القيام بالمهام المنوطة بهما وذلك راجع إلى مجموعة من العوامل‬
‫منها التشريعية والتنظيمية وأخرى بشرية‪ ،‬ذلك بأن اختصاصاتها لكون المراقبة كانت مراقبة‬
‫محاسبية عليا ذات طبيعة إدارية وظلت محدودة في غياب استقالل عضوي ووظيفي ومالي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى غياب أطر كفأة ومؤهلة‪ ،‬فضال عن تبعيتها إداريا وماليا لوزارة المالية‪.‬‬
‫وفي سنة ‪1979‬تم إنشاء المجلس األعلى للحسابات بمقتضى قانون رقم ‪ 12-79‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬باعتباره الهيئة العليا المكلفة برقابة األموال العمومية في المغرب‪،‬‬
‫حيث عهد إليها بالنظر في حسابات المحاسبيين العموميين وممارسة اختصاصات قضائية في‬
‫مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬ثم أخيرا تقويم تسيير األجهزة الخاضعة‬
‫لها‪ ،‬غير أنه اعتبارا لتنوع وتعدد االختصاصات المسندة إليه في غياب إرادة حقيقية واضحة‬
‫لتفعيل دور المجلس األعلى للحسابات وهو ما تزكيه حصيلة تجربة المجلس التي اتسمت‬
‫بالضعف وعدم الفعالية وذلك راجع إلى مجموعة من االكراهات والعراقيل الذاتية‬
‫والموضوعية (داخلية وخارجية) والتي حالت دون تحقيق الجهاز لألهداف أحدث من أجلها‪،‬‬
‫مما كان يستوجب إدخال تعديالت على هذه المؤسسة بصفة خاصة والرقابة على األموال‬
‫‪4‬‬
‫العمومية بصفة عامة‬
‫من هذا المنطلق عمل المشرع المغربي بمناسبة المراجعة الدستورية لسنة ‪ 1996‬على ترقية‬
‫المجلس األعلى للحسابات إلى مستوى هيئة دستورية‪ ،‬وهكذا نص الدستور المغربي وفقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 96‬على أن يقوم المجلس األعلى للحسابات بالمراقبة العليا لتنفيذ قوانين المالية‪،‬‬
‫ويتأكد من عمليات موارد ونفقات الهيئة التي تخضع للمراقبة‪ ،‬والتي يمارس عليها رقابة‬
‫التسيير ويعاقب عند االقتضاء على المخالفات للقواعد التي تحكم هذه العمليات‪ ،‬وأصبح‬
‫المجلس يقدم المساعدة للبرلمان والحكومة في المجاالت التي تدخل في اختصاصه بمقتضى‬
‫القانون‪ ،‬ويقدم بيانا لجاللة الملك حول جميع أنشطته‪ ،‬كما نص الدستور على إحداث وألول‬
‫مرة مجالس جهوية للحسابات وفقا ألحكام الفصل ‪ 98‬منه‪ ،‬وهي من التجديدات األساسية التي‬
‫جاءت بها المراجعة الدستورية في مجال الرقابة المالية وهكذا عهد إلى هذه المجالس بمراقبة‬
‫حسابات الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها‪ ،‬وكذا القيام بمراقبة تسييرها بشكل يقسم‬

‫‪ 3‬أحمد أحميدوش مدني‪ ،‬المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية و تطبيقية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1424‬هجرية ‪ 2003-‬ميالدية‪ ،‬المطبعة‬
‫فضالة‪ -‬المحمدية‪ ،‬ص‪5:‬‬
‫‪ 4‬أحمد أحميدوش مدني‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص‪6:‬‬

‫‪3‬‬
‫االختصاصات واألدوار بين المجلس األعلى للحسابات بصفته هيئة مركزية والمجالس‬
‫الجهوية للحسابات على المستوى المحلي‪.‬‬
‫وبعدها تم إصدار القانون رقم ‪ 62-99‬بمثابة مدونة المحاكم المالية بتاريخ ‪ 13‬يونيو ‪2002‬‬
‫وهذا القانون المتكون من ثالثة كتب طبع مرحلة هامة من مسار المجلس األعلى للحسابات‬
‫نظرا ألنه حدد بوضوح اختصاصات وتنظيمه وتسييره (الكتاب األول) والمجالس الجهوية‬
‫(الكتاب الثاني) وكذا النظام األساسي لقضاة المحاكم المالية (الكتاب الثالث)‪.‬‬
‫وفي األخير صدر الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬وخصص له الباب العاشر من الفصل ‪147‬‬
‫إلى ‪ 150‬وفي حيثياتها عدة مقتضيات جديدة من شأنها تدعيم مكتسبات المحاكم المالية بعد‬
‫عشر سنوات من الممارسة الواسعة لمراقبة التدبير وتعزيز دور هذه المحاكم في المجاالت‬
‫الهامة المتعلقة بالحكامة العمومية‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬تم الرفع من نشاط نشر التقارير المنجزة من طرف المحاكم المالية‪ ،‬إذ سيعمل‬
‫المجلس األعلى للحسابات من اآلن فصاعدا على نشر التقارير الخاصة المتعلقة بالمهمات‬
‫الرقابية المنجزة‪ ،‬فضال عن التقرير السنوي‪ .‬كما تم توسيع مجال المساعدة التي يقدمها‬
‫للشركاء اآلخرين‪ .‬فباإلضافة إلى البرلمان والحكومة‪ ،‬سيتولى المجلس األعلى للحسابات تقديم‬
‫‪5‬‬
‫المساعدة للسلطة القضائية‪.‬‬
‫ولمسايرة هذه المراجعة الدستورية كان من الضروري تتميم وتعديل القانون الذي كان في‬
‫ظل الدستور القديم‪ ،‬واستبداله بقانون جديد‪ ،‬وهذا ما كان بإصدار القانون ‪ 55.16‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 25‬غشت ‪ ،2016‬الذي بدوره تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم ‪ 39.19‬الصادر‬
‫‪6‬‬
‫بتاريخ‪ 6‬مارس ‪2020.‬‬
‫و للموضوع أهمية بالغة على المستوى النظري و العملي األولى تتجلى في كون موضوع‬
‫المحاكم المالية حظي باهتمام من المشرع المغربي إلى جانب الدستور المغربي فقد خصص‬
‫للمحاكم المالية مدونة خاصة بها كما أنه حظي هذا الموضوع باهتمام من قبل مجموعة من‬
‫الفقهاء و الباحثين في مجال القانوني‪ ،‬باإلضافة الى األهمية العملية و التي تتجلى في أن هذه‬
‫المحاكم المالية سواء المجلس األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات له مجموعة‬
‫من االختصاصات من أجل عقلنة التدبير العمومي‪ ،‬ومراقبة مجاالت صرف المال العام‬
‫وتحصينه من عمليات التبذير أو النهب واالختالس أو سوء االستعمال من طرف الموكول‬
‫إليهم مسؤولية حمايته وحسن تدبيره وصرفه أو مراقبة صرفه ‪ ،‬في إطار قواعد الشفافية‬
‫واألمانة والنزاهة‪ ،‬والخضوع للمساءلة عند ثبوت المخالفات ‪.‬‬

‫‪ 5‬الموقع اإللكتروني للمجلس األعلى للحسابات للمملكة المغربية‪ ،‬تم زيارته ‪ 2023/01/27‬على الساعة ‪ 00:30‬ليال‪.‬‬
‫‪http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-6/-‬‬
‫‪ - 6‬القانون رقم ‪ 39.19‬بتنفيذه الظهير رقم ‪ 1.20.20‬الصادر في ‪ 11‬من رجب ‪ 6 ( 1441‬مارس ‪ ) 2020‬المغير و المتمم للقانون رقم ‪62.99‬‬
‫المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6866‬بتاريخ ‪ 24‬رجب ‪ 19( 1441‬مارس‪ )2020‬ص‪.1642:‬‬

‫‪4‬‬
‫وفي هذا اإلطار فإن اإلشكالية المحورية التي سنجيب عنها في صلب الموضوع‬
‫إلى أي حد استطاع المشرع المغربي توفير الحماية الالزمة للمال العام على ضوء‬
‫اختصاصات المحاكم المالية‬
‫وعلى هذا األساس فإن التصميم الذي سنعتمده لمناقشة هذا الموضوع سيكون على الشكل‬
‫التالي ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬هيكلة واختصاصات المجلس األعلى للحسابات ودوره في‬


‫حماية المال العام‬
‫المبحث الثاني‪ :‬هيكلة واختصاصات المجالس الجهوية للحسابات ودورها في‬
‫حماية المال العام‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬هيكلة واختصاصات المجلس األعلى للحسابات ودوره في حماية‬
‫المال العام‪.‬‬
‫تقوم المحاكم المالية بالمغرب بوظيفتها الرقابية على المال العام‪ ،‬وكما هو معلوم تتشكل من‬
‫المجلس األعلى للحسابات كألية رقابية عليا والمجالس الجهوية كآلية رقابية جهوية‪.‬‬
‫وسنقتصر في هذا المبحث حديتنا عن هيكلة المجلس األعلى للحسابات (المطلب االول)‪،‬‬
‫على أن نتناول فيما بعد اختصاصاته (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬هيكلة المجلس االعلى للحسابات‪.‬‬
‫سنحاول في هذا المطلب التطرق إلى مسألتين أساسيتين األولى تتعلق بأجهزة المجلس األعلى‬
‫للحسابات‪( ،‬الفقرة األولى ) ثم نتناول فيما بعد الهيئات التي تشكل البناء التنظيمي ألجهزة‬
‫المجلس األعلى للحسابات ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬أجهزة المجلس االعلى للحسابات‪.‬‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 4‬من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص بصريح العبارة أن المجلس‬
‫األعلى للحسابات يتكون من قضاة يسري عليهم النظام األساسي الخاص المنصوص عليه‬
‫في الكتاب الثالث من هذا القانون وهم ‪:‬‬
‫‪ -‬الرئيس األول‪.‬‬
‫‪ -‬الوكيل العام للملك‪.‬‬
‫‪ -‬المستشارون‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫كما يتوفر المجلس األعلى للحسابات على كتابة عامة وكتابة الضبط‪.‬‬
‫ومن خالل المادة أعاله يتضح أن المجلس األعلى للحسابات يتألف من عدة أجهزة التي تتنوع‬
‫بين أجهزة قضائية تعد العمود الفقري للمحاكم المالية‪ ،‬والتجسيد المؤسساتي لطابعها‬
‫القضائي‪ ،‬المتمثل في جهاز الرئاسة وجهاز النيابة العامة‪ ،‬ومن جهة أخرى نجد األجهزة‬
‫اإلدارية للمجلس األعلى للحسابات التي تشكل ال محال فيه عنصر جوهري في نجاح عمل‬
‫المحاكم المالية وتتمثل هاته األجهزة في الكتابة العامة وكتابة الضبط ‪ ،‬وسنعمل بالتفصيل‬
‫على تناول كل جهاز من أجهزة المجلس االعلى للحسابات بالتفصيل كاالتي ‪:‬‬

‫‪ 7‬ظهير شريف رقم ‪ 124.02.1‬صادر في فاتح ربيع االخر ‪ 13(1423‬يونيو ‪) 2002‬بتنفيذه القانون رقم ‪ 99.62‬المتعلق بمدونة المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5030‬صفحة ‪ ،2294‬كما تتميمه وتغيره بالقانون رقم ‪ 19.39‬بتنفيذه الظهير رقم ‪ 20.20.1‬الصادر في ‪ 11‬من‬
‫رجب ‪ 6 ( 1441‬مارس ‪ , ) 2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6866‬بتاريخ ‪ 24‬رجب ‪ 19(1441‬مارس ‪ )2020‬صفحة ‪ ،1642‬أنضر المادة‬
‫الرابعة منه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أوال ‪ :‬جهاز الرئاسة‬
‫يشكل الرئيس األول للمجلس االعلى للحسابات الشخصية المحورية لهاته المؤسسة‪ ،‬باعتباره‬
‫رئيسا إ داريا ورئيسا لهيئة قضائية متخصصة في آن واحد‪ ،‬إذ يتم تعيينه بظهير شريف من‬
‫‪8‬‬
‫طرف جاللة الملك وتحدد وضعيته اإلدارية في ظهير تعيينه‪.‬‬
‫كما انه يحتل مكانة بارزة وموقعا فعاال في تنظيم وتسير إدارة المجلس‪ ،‬إذ اناطه المشرع‬
‫بسلطة االشراف العام على اشغال المحاكم المالية‪ ،‬كما أعطى له المشرع طبقا للمادة ‪ 5‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية سلطة تعيين موظفين أو أعوانا ينتمون أو كانوا ينتمون إلى هيئات‬
‫تفتيش أو رقابة أو سبق لهم أن مارسوا مهام التسيير بأحد االجهزة العمومية الخاضعة لرقابة‬
‫المحاكم المالية للمشاركة في مأموريات رقابية تدخل في إطار االختصاصات غير القضائية‬
‫‪9‬‬
‫للمجلس والمجـالس الجهوية‪.‬‬
‫كما يتولى الرئيس األول الرئاسة على جميع هيئات المجلس االعلى للحسابات التي حددتها‬
‫المادة ‪ 17‬من مدونة المحاكم المالية باستثناء فروع الغرف‪10 ،‬كما يحدد برنامج اشغال‬
‫المجلس االعلى للحسابات‪ ،‬وذلك بتنسيق مع الوكيل العام للملك فيما يخص المسائل المتعلقة‬
‫باالختصاصات القضائية للمجلس‪ ،‬ويتولى تنسيق اشغال المجالس الجهوية ‪ ،‬كما يحدد تنظيم‬
‫مصالح المحاكم المالية بصفة عامة بقرار يصدره في هذا الشأن وفقا لمقتضيات المادة ‪ 8‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية رقم ‪ ،62.99‬كما يقوم بتسيير الشؤون االدارية للقضاة وباقي الموظفين‬
‫االداريين التابعين للمحاكم المالية‪.‬‬
‫إن الرئيس االول للمجلس االعلى للحسابات له أهمية بالغة إذ يعد اآلمر بالصرف لميزانية‬
‫‪11‬‬
‫المحاكم المالية طبقا للمادة ‪ 9‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫في حالة غياب الرئيس االول أو عاقه عائق ينوب عنه في ممارسة اختصاصاته المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 9‬من هذا القانون أحد رؤساء الغرف الذي يعينه بأمر يصدره في هذا الشأن‬
‫وفقا للمادة ‪ 10‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬جهاز النيابة العامة‬
‫يتوفر النسق القضائي للمجلس االعلى للحسابات على نيابة عامة حقيقية‪ ،‬وذلك لكونه جهاز‬
‫قضائي متخصص في مجال مراقبة األموال العمومية‪ .‬وبهذا الصدد تتدخل النيابة العامة لدى‬
‫المحاكم المالية بطريقة الدعوى أو االقتراح أو المراقبة‪ ،‬الشيء الذي جعل من النيابة العامة‬

‫‪ 8‬أحميدوش مدني‪ ،‬المجلس االعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات التشكيل واالختصاص‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبة‬
‫القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ‪،‬السنة الجامعية ‪..2002-2001‬‬
‫‪ 9‬أنظر المادة ‪ 5‬من مدونة المحاكم المالية ‪.62.99‬‬
‫‪ 10‬عادلة الوردي ‪ ،‬رقابة المجلس االعلى للحسابات على المال العام في المغرب‪ ،‬منشور ات مجلة الحقو ق المغربية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‬
‫الرباط ‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2012،‬صفحة ‪. 78‬‬
‫‪ 11‬أنظر المواد‪ 9‬و‪ 10‬من مدونة المحاكم المالية ‪62.99‬‬

‫‪7‬‬
‫لدى محاكم القضاء العادي مجال تدخلها واختصاصاتها محدود وضيق أكثر من ما هو عليه‬
‫‪12‬‬
‫الحال لدى هاته األخيرة‪.‬‬
‫باستقراء المادة ‪ 14‬من مدونة المحاكم المالية يمكن القول بأن النيابة العامة تمارس مهامها‬
‫من طرف الوكيل العام للملك‪ ،‬وذلك بوصفه رئيسا لهذا الجهاز وممثال له‪ ،‬ويعين الوكيل العام‬
‫للملك من طرف الملك وتحدد وضعيته اإلدارية في ظهير تعيينه‪ ،‬ويساعده خمسة محامين‬
‫عامين مختارين من بين قضاة المجلس‪ ،‬خاضعين إلشرافه ومراقبته‪ ،‬وينوب عنه في حالة‬
‫‪13‬‬
‫غيابه أو عاقه عائق‪ ،‬أحد المحامين العامين الذي يعينه سنويا لهذا الغرض‪.‬‬
‫وتجدر االشارة إلى أنه في ظل القانون السابق ‪ 12.79‬المحدث للمجلس االعلى للحسابات لم‬
‫يتطرق لحالة غياب الوكيل العام للملك بشكل واضح وصريح‪ ،‬بل اكتفى فقط بالنص على‬
‫التالي " يجوز للوكيل العام للملك حضور جلسات المجلس وأن يقدم مالحظاته شفويا كما‬
‫‪14‬‬
‫يجوز له أن يعين محاميا عاما لتمثيله فيها "‬
‫بخصوص الجانب التنظيمي للنيابة العامة‪ ،‬فتعد هاته األخيرة هيئة مستقلة ومتميزة داخل‬
‫الهيكل القضائي للمجلس ‪ ،‬نظرا للطابع القضائي لهاته المؤسسة‪ ،‬بحيث تنسج عالقات‬
‫‪15‬‬
‫مترابطة ومتقاطعة مع مختلف مكوناتها‪.‬‬
‫وبصفة عامة يشكل الوكيل العام للملك على حد تعبير البعض " مفتاح بدء سريان وتحريك‬
‫المسطرة أمام المجلس االعلى للحسابات"‪ 16.‬إذ ال يمكن تحريك مسطرة التحقيق أمام المجلس‬
‫االعلى للحسابات خاصة في ميدان الرقابة القضائية بنوعيها أي رقابة المحاسبين العمومين‬
‫‪17‬‬
‫ورقابة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية إال بحضور وكيل الملك‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬جهاز الكتابة العامة‬
‫تعد الكتابة العامة بالمجلس األعلى للحسابات مصلحة ادرية تابعة‪ ،‬قانونا وممارسة‪ ،‬للرئيس‬
‫االول للمجلس‪ ،‬ويتولى مهامها كاتب عام يتم اختياره بناء على اقتراح من الرئيس االول بعد‬
‫‪18‬‬
‫موافقة قضاة المحاكم المالية‪.‬‬
‫وبهذا الصدد‪ ،‬يتم تعين الكاتب العام من بين المستشارين المشرفين بالمجلس‪ ،‬وتحدد وضعيته‬
‫اإلدارية بمرسوم‪ ،‬ويعتبر الكاتب العام رئيسا تسلسليا ألربعة أقسام‪ :‬الموارد البشرية‪ ،‬نظم‬

‫‪ 12‬جان فولف ‪ ،‬النيابة العامة ‪ ،‬ترجمة نصر هايل ‪ ،‬دار القصبة للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪، 2006 ،‬صفحة ‪. 80‬‬
‫مع – مكانة النيابة العامة في القضا ء العادي المغربي‪ ،‬يراجع عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلقة بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء‬
‫االول‪ ،‬مطلعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2006،‬صفحة ‪85‬و‪.86‬‬
‫‪ - 13‬أنظر الفقرة األولى من المادة ‪ 14‬من القانون ‪ 62.99‬المتعلقة بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ 14‬أنظر الفصل ‪ 11‬من القانون ‪ 12.79‬المتعلق بتنظيم المجلس االعلى للحسابات‪.‬‬
‫‪ 15‬أحمد حاسون‪ ،‬المجلس االعلى للحسابات بالمغرب ‪ ،‬دراسة سوسيو قانونية‪ ،‬منشورات حوارا ت‪ ،‬مجلة الدراسات الساسية واالجتماعية‪ ،‬سلسلة‬
‫أطروحة وأبحاث‪ ،‬العدد‪ ،1‬مطبعة المعارف الجديدة ‪ -‬الرباط ‪ 2013‬صفحة ‪. 52‬‬
‫‪¹⁰-article 3 troisième et quatrième alinéas, décrit du 11 février 1985 16‬‬
‫‪ 17‬أنضر المادة ‪ 14‬من مدونة المحاكم المالية ‪.62.99‬‬
‫‪ 18‬أحميدوش مدني‪ ،‬مرجع سابق صفحة ‪..230‬‬

‫‪8‬‬
‫المعلومات والتوثيق‪ ،‬قسم الموارد المالية ‪ ،‬قسم الضبط المركزي ‪ ،‬يتولى مهمة تنسيق‬
‫‪19‬‬
‫اشغال الكتاب العامين بالمجالس الجهوية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يتولى الكاتب العام تحت اشراف وسلطة الرئيس االول‪ ،‬مهمة تسيير‬
‫المصالح اإلدارية للمجلس عموما ومصلحة كتابة الضبط خصوصا‪ ،‬فضال عن توليه انجاز‬
‫العديد من المهام في توجيه ودعم عملية الرقابة‪ ،‬إذا باستقراء المادة ‪ 15‬من مدونة المحاكم‬
‫المالية يتضح بجالء دور عنصر الكاتب العامة للمجلس االعلى للحسابات في هيكلة المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬إذ يسهر على تقديم الحسابات والوثائق والمستندات من طرف المعنين باألمر باآلجال‬
‫القانونية المحددة لها‪ ،‬وفي حالة وقوع أي تأخير وفي حالة وقوع تأخير في االدالء بهذه‬
‫الحسابات يتولى إخبار الوكيل العام للملك بذلك‪ ،‬زيادة على مساعدة الكاتب العام للرئيس‬
‫‪20‬‬
‫االول في تنسيق اشغال المجلس‪ ،‬وكذا في تنظيم جلسات الهيئات التابعة له‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬كتابة الضبط‬
‫تعد كتابة الضبط التي يشرف عليها كاتب الضبط‪ ،‬مصلحة إدارية من الدرجة الثانية‪ ،‬إذ تظل‬
‫‪21‬‬
‫تابعة للكتابة العامة‪ ،‬حيت تشتغل تحت سلطة واشراف الكاتب العام‪.‬‬
‫وتجدر االشارة إلى أن المدونة لم تحدد اإلطار القانوني لكاتب الضبط‪ ،‬وال طرق تعينهم‬
‫وتكوينهم بالمجلس‪ ،‬كما لم تربط ذلك على االقل من حيث الوضعية اإلدارية بقانون الوظيفة‬
‫العمومية‪ .‬بل اكتفت بمجرد اإلشارة إلى أن الموظفين االداريين والتقنيين واالعوان يخضعون‬
‫لنظام خاص بهم‪ 22،‬ويتخذ المشتغلون في مصلحة كتابة الضبط وضعية اداريين‪ ،‬ويبدو أن‬
‫هذه الثغرة القانونية تحتاج إلى إعادة النظر‪ ،‬من خالل تمكين كتاب ضبط من نظام خاص‬
‫يشكل ضمانة قانونية لهم في تأدية مهامهم‪ ،‬وكذا تحديد آلية تعيينهم‪ ،‬وطرق تكوينهم‪. 23‬‬
‫بالموازاة مع ذلك يحضر كاتب الضبط في كل هيئة من هيئات المجلس‪ ،‬وكذا جميع جلسات‬
‫الحكم ويتولى تدوين المحاضر كما يوقع القرارات‪ ،‬ويحضر لتدوين جلسات االستماع أثناء‬
‫التحقيق في مجال قضايا التأديب المالي‪ ،‬وكذا استقبال التصريحات كما يتولى كاتب الضبط‬
‫‪24‬‬
‫استقبال التصريحات اإلجبارية للممتلكات والتحقق من صفة المصرح‪.‬‬

‫‪ 19‬أحمد حاسون‪ ،‬المجلس االعلى للحسابات ‪ ،‬دراسة سوسيو قانونية ‪ ،‬مرجع سابق صفحة ‪. 60‬‬
‫‪ 20‬أحمد حاسون ‪ ،‬المجلس االعلى للحسابات ‪ ،‬دراسة سوسيو قانونية ‪ ،‬مرجع سابق صفحة‪.61‬‬
‫‪ 21‬استنادا للمادة ‪ 15‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬يشكل الرئيس االول السلطة الرئاسية لكتابة الضبط ‪ .،‬لكن تأطير لتوجيه يتم من طرف الكاتب‬
‫العام من حيث الممارسة ( هذه المالحظة واردة في كتاب أحمد حاسون ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪)61‬‬
‫‪ 22‬أنظر المادة ‪ 106‬من مدونة المحاكم المالية‪. 62.99‬‬
‫‪ 23‬على خالفا ذلك حدد مرسوم إطار كتاب الضبط بالمحاكم العادية من حيث االختصاص والتعويضات وطرق تعين ‪ ،‬ويتعلق األمر بمرسوم ‪،‬‬
‫‪ 71.08.22‬الصادر بتاريخ ‪ 9‬يوليو ز ‪ 2008‬بشأن النظام األساسي الخاص بموظفي هيئة كتابة الضبط‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 10، -5646‬يوليوز‬
‫‪ ( 2008‬هذه المالحظة واردة في مرجع احمد حاسون ‪ ،‬المجلس االعلى للحسابات بالمغرب ‪،‬دراسة سوسيو قانونية ‪ ،‬صفحة ‪.)62‬‬
‫‪ 24‬أنظر المادة ‪ 96‬مكرر من القانون رقم ‪ 06. 52‬المتعلق بالتصريح اإلجباري الممتلكات ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬هيئات المجلس االعلى للحسابات‪.‬‬
‫إضافة إلى األجهزة القضائية واإلدارية للمجلس االعلى للحسابات‪ ،‬فإن هذا المجلس نفسه‬
‫يتكون من مجموعة من الهيئات التي تشكل البناء التنظيمي لها‪ ،‬إذا ماهي هاته الهيئات المتوفرة‬
‫لدى المجلس االعلى للحسابات ؟ ‪.‬‬
‫باستقراء المادة ‪ 17‬من مدونة المحاكم المالية يتضح بجالء أن المجلس االعلى للحسابات‬
‫يضم الهيئات االتية ‪:‬‬
‫‪ -‬الجلسة الرسمية‬
‫‪ -‬هيئة الغرف المجتمعة ‪.‬‬
‫‪-‬هيئة الغرف المشتركة ‪.‬‬
‫‪ -‬غرفة المشورة ‪.‬‬
‫‪ -‬الغرف ‪.‬‬
‫‪ -‬فروع الغرف ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪-‬لجنة البرامج والتقارير ‪.‬‬
‫ولإلحاطة بكل هاته الهيئات أكثر سنعمل على التفصيل فيها كاآلتي واحدة تلو األخرى‪:‬‬
‫اوال ‪:‬الجلسة الرسمية للمجلس‬
‫تعد الجلسة الرسمية تقليدا برتوكوليا معروفا في العديد من األجهزة العليا للرقابة على األموال‬
‫العمومية‪ 26.‬وتشكل إعالنا الفتتاح السنة القضائية‪ ،‬واستقبال أفواج جديدة من القضاة‪ ،‬وعلى‬
‫هذا المستوى‪ ،‬يعقد المجلس جلسات رسمية علنية للقيام على الخصوص بتنصيب القضاة في‬
‫وظائفهم ومهامهم‪ ،‬وتلقي اداء يمينهم القانونية ويحضر هذه الجلسات الرسمية كل من الرئيس‬
‫االول‪ ،‬والوكيل العام للملك‪ ،‬وجميع القضاة‪ .‬كما يمكن للرئيس االول دعوة شخصيات اخرى‬
‫لحضور الجلسة الرسمية‪ 27 .‬ومن هنا يمكن أن تشكل الجلسة الرسمية فضاء للتواصل بين‬
‫مكونات المحاكم المالية من جهة وبين هؤالء ومكونات الحقل االجتماعي والسياسي من جهة‬
‫ثانية‪ .‬ويالحظ بهذا الخصوص أن التشريع الفرنسي في مجال الرقابة القضائية المالية قد حدد‬
‫الشخصيات التي يمكن دعوتها لحضور الجلسة الرسمية العلنية والعامة‪ ،‬كوزير االقتصاد‬
‫‪28‬‬
‫والمالية ورئيسي مجلسي البرلمان ‪ ،‬والوزير االول‪ ،‬وأحيانا رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪ 25‬أنظر المادة ‪ 17‬من مدونة المحاكم المالية ‪.62.99‬‬


‫‪ 26‬أحمد حاسون مرجع سابق ‪،‬صفخة ‪. 53‬‬
‫‪27‬‬
‫‪²¹-raynaud(j.)la cour des comptes ...,op.cIt , page 34 .‬‬
‫‪28‬‬
‫‪²²- magent (j.) La cour des comptes , les institutions associées et les chambres régionales des comptes ,5èm‬‬
‫‪ed ..,berger- levrault, paris,2001, page.64.‬‬

‫‪10‬‬
‫ثانيا ‪ :‬هيئة الغرفة المجتمعة‬
‫تشكل هيئة الغرفة المجتمعة إحدى الهيئات القضائية األساسية المكونة للمحكمة المالية‪،‬‬
‫وجلساتها تخصص إلبداء الرأي في مسائل االجتهاد القضائي والمسطرة‪.‬‬
‫وتتألف هيئة الغرف المجتمعة من الرئيس االول‪ ،‬والوكيل العام للملك‪ ،‬ورؤساء الغرف‪،‬‬
‫وقاض عن كل غرفة‪ ،‬ينتخبه نظراؤه لمدة سنة‪.‬‬
‫وطبقا للمادة ‪ 19‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬تبت هاته الهيئة في القضية المعروضة على‬
‫انظار المجلس مباشرة من طرف الرئيس االول‪ ،‬أو بناء على ملتمس النيابة العامة‪ ،‬أو المحالة‬
‫عليه بعد نقض قرار سبق وأن أصدره‪ .‬كما يستشير الرئيس االول هذه الهيئة قبل األمر بنشر‬
‫قرارات وأحكام المحاكم المالية‪.‬‬
‫ومن الناحية المسطرية يعين الرئيس االول مستشارا مقررا يتمتع بصوت تقريري داخل‬
‫الغرفة ‪ ،‬في حين يمارس الوكيل العام للملك مهام النيابة عند البت في القضايا المعروضة‬
‫عليها ‪.‬وفي هذا اإلطار ‪ ،‬فال يمكن لهذه الهيئة عقد جلساتها واتخاذ قرارتها إال إذا كانت كل‬
‫غرف المجلس ممثلة فيها ‪ ،‬وحضور ما ال يقل عن نصف اعضائها ‪ ،‬وذلك من أجل ضمان‬
‫تمثيلية كل غرف المجلس داخلها‪ ،‬ومن تم تتخذ قرارتها بأغلبية أصوات أعضائها ‪ ،‬وفي حالة‬
‫‪29‬‬
‫تعادل االصوات ترجح الكفة التي ينتمي لها الرئيس‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬هيئة الغرف المشتركة ‪:‬‬
‫هيئة جديدة جاءت بها مدونة المحاكم المالية‪ ،‬فهي لم تكن موجودة في القانون السابق‪ ،‬واسندت‬
‫مهمة رئاستها إلى أحد رؤساء الغرف‪ ،‬يتم تعيينه سنويا بأمر يصدره الرئيس االول للمجلس‬
‫‪ ،‬إضافة الى الرئيس‪ ،‬تتألف هاته الهيئة من خمسة قضاة من بينهم ثالثة رؤساء غرف على‬
‫االقل وتستكمل عند االقتضاء بمستشارين‪ ،‬وتجدر االشارة إلى أن القضاة الدين اصدروا‬
‫القرار االبتدائي يمنع عليهم أن يكونوا أعضاء في الغرفة المشتركة أو أن يكونوا مقررين‬
‫في نفس القضية عند البت فيها‪.‬‬
‫ويمكن القول أن إنشاء هذا الهيئة الجديدة من ابتكار المشرع المغربي دونما التأثر بأي تجربة‬
‫‪30‬‬
‫اخرى خصوصا التجربة الفرنسية‬
‫رابعا ‪:‬غرفة المشورة ‪:‬‬
‫شكلت غرفة المشورة‪ ،‬طيلة سريان القانون رقم ‪ 12.79‬المنظم للمجلس سابقا الهيئة‬
‫المحورية لهذا االخير‪ ،‬والعمود الفقري ‪ ،‬وقد ظلت موكولة لرئيس المجلس خالل الفترة‬
‫االنتقالية التي ابتدأت يوم ‪ 21‬يناير ‪ ،1981‬وبعد انتهائها‪ ،‬إذ ظل يمارس اختصاصات هذه‬

‫‪ 29‬أنظر المادة ‪ 19‬و‪ 20‬من مدونة المحاكم المالية ‪62.99‬‬


‫‪ - 30‬أحميدوش مدني ‪ ،‬المحاكم المالية بالمغرب ‪ ،‬دراسة نظرية تطبيقية مقارنة ‪،‬الطبعة االولى ‪ 2003،‬مطبعة فضالة المحمدية ‪،‬صفحة ‪.235‬‬

‫‪11‬‬
‫الغرفة على انفراد بواسطة اوامر يصدرها في هذا الشأن ‪ ،31‬التي سنفصل فيها في ما يلي‬
‫من البحث‪ .‬وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 22‬من مدونة المحاكم المالية يمكن للرئيس االول استشارة‬
‫غرفة المشورة في القضايا التي يرى رأيها فيها ضروريا‪ ،‬ويستثنى من هذه القضايا تلك‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 19‬من مدونة المحاكم المالية وهي المتعلقة بمسائل االجتهاد‬
‫القضائي أو المسطرة‪ ،‬فقبل انتخاب قضاء المحاكم المالية‪ ،‬كانت تنعقد غرفة المشورة‪ ،‬ايضا‬
‫بصفتها محكمة تأديبية ألعضاء المحاكم المالية عند مخالفتهم للقوانين‪ ،‬كما سهرت على تطبيق‬
‫النظام األساسي للقاضي المالي‪.‬‬
‫وتتشكل غرفة المشورة من الرئيس االول‪ ،‬رؤساء الغرف‪ ،‬والكاتب العام للمجلس‪ ،‬واقدم‬
‫مستشار في كل غرفة‪ ،‬ويشترط لصحة اجتماع غرفة المشورة أن يحضرها ماال يقل عن‬
‫نصف اعضائها‪ ،‬وتتخذ قراراتها وارائيها بأغلبية أصوات أعضائها‪ ،‬في حالة تعادل االصوات‬
‫‪32‬‬
‫ترجح الكفة التي ينتمي اليها الرئيس‪.‬‬
‫والمالحظ على تركيبة هذه الغرفة هو غياب الوكيل العام للملك‪ ،‬وعلى خالف ذلك تنعقد غرفة‬
‫المشورة في التجربة الفرنسية برئاسة الرئيس االول لمحكمة الحسابات‪ ،‬وبحضور الوكيل‬
‫‪33‬‬
‫العام للملك‪ ،‬والكاتب العام للمحكمة المالية‪.‬‬
‫خامسا ‪:‬الغرف وفروع الغرف ‪:‬‬
‫تعتبر الغرف عموما‪ ،‬من الهيئات األكثر أهمية في العمل الرقابي نظرا لالختصاصات‬
‫القضائية الموكولة بها والتي سنفصل فيها الحقا‪ ،‬يعين رؤساء الغرف من بين المستشارين‬
‫المشرفين‪ ،‬أما رؤساء فروع الغرف يتم اختيارهم من بين المستشارين من الدرجة األولى‪،‬‬
‫ويتم ذلك في كلتا الحالتين باقتراح من الرئيس االول بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية‬
‫في حين يعين رئيس الغرفة في التجربة الفرنسية بمرسوم بعد عرض األمر على مجلس‬
‫‪34‬‬
‫الوزراء‪.‬‬
‫وبالنسبة لمسألة تحديد عدد الغرف وفروعها بالمجلس‪ ،‬فقد ترك المشرع المغربي في ظل‬
‫القانون ‪ 12.79‬األمر لسلطة التقديرية لرئيس المجلس‪ ،‬وذلك لتنظيم هذه المسألة بواسطة‬
‫أمر يصدره في هذا الشأن‪ .‬ويالحظ أن المشرع المغربي لم يتجاوز هذه التغرة القانونية في‬
‫إطار مدونة المحاكم المالية‪ ،‬وضمن هذا السياق‪ ،‬فقد صدر قرار لرئيس االول حدد عدد غرف‬
‫المجلس في ست غرف‪ ،‬وهي غرفة التأديب المالي‪ ،‬وغرفة االستئناف‪ ،‬وغرفة التصريح‬
‫االجباري بالممتلكات‪ ،‬أما بالنسبة للغرف ثالث األخرى‪ ،‬فقد تم توزيع اختصاصاتها على‬

‫‪31‬‬
‫'‪²⁵-Harakat (M.) ,le droit de contrôler supérieur des finances publiques au Maroc : essai sur les techni- d‬‬
‫‪audit à l'heure de l' ajustement structurel ,Tome1 ,Ed .,Babel ,Rabat ,1992, page 231.‬‬
‫‪ 32‬أنظر المادة ‪ 22‬من مدونة المحاكم المالية ‪.62.99‬‬
‫‪33‬‬
‫‪²⁷- art,r112-17 du code des juridictions financières françaises‬‬
‫‪.De mirimonde (A,P) , la cour des comptes ,sirey, Paris , 1974,page 64 -²⁸ 34‬‬

‫‪12‬‬
‫تقديم اساس قطاعي‪ ،‬بما أن كل واحد منها تمارس مهام مخولة للمجلس تجاه عدد من القطاعات‬
‫‪35‬‬
‫الوزارية واألجهزة العمومية التابعة لها‪.‬‬
‫في حين تتوفر محكمة الحسابات الفرنسية على سبع غرف‪ ،‬تتمتع كل غرفة باالستقالل التام‬
‫في التحقيق والحكم على حسابات المحاسبين العمومين للجهات العمومية التي تقع ضمن مجال‬
‫اختصاصها‪ .‬ويمكن تقسيم الغرف الى فروع باقتراح من رؤسائها‪ ،‬بعد استشارة الوكيل العام‬
‫للجمهورية‪ ،‬وذلك بقرار يصدره الرئيس االول لمحكمة الحسابات‪ ،‬ويتضح أن المشرع‬
‫الفرنسي يمنح للرئيس االول سلطة التنظيم في مجال تحديد عدد الفروع داخل كل غرفة‬
‫وعدد القضاة فيها‬
‫من الناحية المسطرية يشترط النعقاد جلسات الغرف وفروعها حضور خمسة قضاة من بينهم‬
‫رئيس غرفة او فرع واذا تغيب رئيس الغرفة أو إذا عاقه عائق فينوب عنه اقدم رئيس فرع‬
‫‪36‬‬
‫بالغرفة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬لجنة البرامج والتقارير‬
‫تتألف من الرئيس االول ورؤساء الغرف‪ ،‬والكاتب العام‪ ،‬يتوفر الرئيس االول على صالحية‬
‫تعين قضاة اخرين سواء من المجلس أو المجالس الجهوية التي سيفصل فيها فيما بعد هذا كله‬
‫بغية المشاركة في أعمال اللجنة‪ ،‬ويعين مقررا عاما من بين اعضائها كم يحدد تنظيم وسير‬
‫‪37‬‬
‫عمل لجنة البرامج والتقارير بموجب أمر‪.‬‬
‫بالمقابل تتكون لجنة التقرير العام والبرامج في التشريع الفرنسي من الرئيس االول والوكيل‬
‫العام للملك‪ ،‬ورؤساء الغرف‪ ،‬ومقرر عام ومساعديه‪ ،‬والمستشارين المشرفين كما يحضرها‬
‫الكاتب العام‪. 38‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اختصاصات المجلس األعلى للحسابات ودوره في حماية المال‬


‫العام‬
‫على غرار األجهزة العليا للرقابة على المالية العامة في الدول التي تعتمد النموذج القضائي‪،‬‬
‫أسند إلى المحاكم المالية بموجب دستور المملكة‪ ،‬نوعان من اإلختصاصات‪ ،‬ينظمها القانون‬
‫رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬وهي اختصاصات قضائية تتجلى في التدقيق‬
‫والبت في حسابات األجهزة العمومية المدلى بها من طرف المحاسبين العموميين أو المحاسبين‬
‫بحكم الواقع‪ ،‬والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ( الفرع األول )‪ ،‬واختصاصات‬

‫‪ 35‬أحمد حاسون مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪56‬‬


‫‪³⁰- voir a ce propos : l' organigramme de la cour des comptes française In rapport d' activité 2006 , 36‬‬
‫‪rapport activité -2008 page 6.‬‬
‫‪ 37‬أنظر المواد ‪ 23‬و‪ 24‬من مدونة المحاكم المالية ‪.26.99‬‬
‫‪38‬‬
‫‪³² -art.R112- 24 et art.r112-17 de code des juridictions financières françaises‬‬

‫‪13‬‬
‫غير قضائية تتمثل في مراقبة تسيير مرافق الدولة والمؤسسات واألجهزة العمومية االخرى‬
‫ألجل تقديره من حيث الكيف واقتراح الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته‬
‫ومردوديته ومستوى أدائه‪ ،‬وكذا مراقبة استخدام األموال العمومية ( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬اإلختصاصات القضائية للمجلس األعلى للحسابات‬
‫فثنائية اإلختصاصات القضائية الموكولة للمجلس األعلى للحسابات تعكس أهمية مبدأ الفصل‬
‫بين مهام اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي في التنظيم المالي والمحاسبي لألجهزة‬
‫العمومية‪ .‬فإذا كان البت في الحسابات يعتبر اختصاصا رقابيا ذا طبيعة قضائية‪ ،‬يهدف إلى‬
‫ضمان مبدأ حصرية مهام المحاسب العمومي في مجال قبض األموال العمومية‪ ،‬من خالل‬
‫البت في المسؤولية المالية والشخصية للمحاسبين العموميين‪ ،‬والمحاسبين بحكم الواقع‪ ،‬عند‬
‫االقتضاء‪ ،‬فإن الوظيفة العقابية للمجلس‪ ،‬والتي يجسدها بشكل أساسي اختصاص التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬تسعى إلى حماية القانون العام المالي والتسيير الجيد في‬
‫تدبير الشأن العام‪ ،‬وكذا مصالح الجهاز موضوع المراقبة‪ ،‬من خالل إثارة المسؤولية‬
‫الشخصية لمختلف المتدخلين في تنفيذ العمليات المالية‪ ،‬الذين يرتكبون مخالفات مستوجبة‬
‫للمسؤولية في هذا المجال‪ ،‬وجبر الضرر الذي قد يلحق الجهاز المعني بسبب ارتكاب هذه‬
‫المخالفات‪.39‬‬
‫والجديد بالذكر أن المشرع وضع ضمانات أكثر فعالة للمحاسب عن طريق توفير وسائل‬
‫قانونية رهن إشارته‪ ،‬إذ تمكن لهذا األخير أن يعترض على الحكم الصادر بشأنه إما بطلب‬
‫اإلستئناف أو المراجعة أو الطعن بالنقض في الحكم‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬سنتناول في اإلطار مهمة التدقيق والبت في الحسابات وطرق الطعن الممكنة بشأن‬
‫القرارات أو األ حكام الصادرة عن المجلس (الفقرة األولى)‪ ،‬وكذا مهمة التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية وطرق الطعن في هذا المجال (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التدقيق والبت في الحسابات وطرق الطعن‬
‫نظرا ألهمية هذا االختصاص تطلب منا إعطائه حيزا مهما في هذه الفقرة لنتناوله بنوع من‬
‫التفصيل ( أوال )‪ ،‬في حين سنخصص ( ثانيا )للحديث عن طرق الطعن بالنسبة للقرارات‬
‫الصادرة عن المجلس في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ 39‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 7073‬مكرر‪ 11 ،‬شعبان ‪ 14( 1443‬مارس‬
‫‪ .) 2022‬ص ‪1252‬‬

‫‪14‬‬
‫أوال ‪ :‬التدقيق والبت في الحسابات‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬نجد أن‬
‫المجلس األعلى للحسابات يمارس رقابته على المحاسبين العموميين الذين يباشرون بإسم‬
‫مرافق الدولة والمؤسسات العمومية وكذا المقاوالت التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية‬
‫رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪.‬‬
‫ويلزم المحاسبين العموميين لمصالح الدولة بتقديم حسابات هذه المصالح سنويا ً إلى المجلس‪.‬‬
‫ويسري نفس االلتزام كذلك على محاسبو األجهزة العمومية االخرى‪ ،‬حيث يتوجب عليهم‬
‫تقديم بيان محاسبي على عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون‬
‫تنفيذها سنويا إلى المجلس‪.‬‬
‫ويتكون الحساب الذي يقدمه المحاسب العمومي من وثائق عامة ومستندات مثبتة‪ .‬حيث يجب‬
‫أن توجه هذه المستندات المثبتة للمداخيل والنفقات إلى المجلس األعلى للحسابات كل ثالثة‬
‫أشهر بالنسبة لمرافق الدولة‪ .‬أما بالنسبة لألجهزة العمومية األخرى‪ ،‬يمكن تدقيق هذه‬
‫المستندات بعين المكان‪.40‬‬
‫وهكذا نجد أن قد بلغ عدد الحسابات المدلى بها من طرف المحاسبين العموميين إلى المجلس‬
‫األعلى للحسابات خالل سنة ‪ 2018‬بما قدره ‪ 589‬حساب‪ ،‬وسنة ‪ 2019‬بما قدره ‪583‬‬
‫حساب موزعة على مختلف المراكز المحاسبية‪.41‬‬

‫والجديد بالذكر أنه في حالة إذ لم يقدم المحاسب العمومي الحسابات أو البيانات المحاسبية أو‬
‫المستندات المثبتة إلى المجلس في اآلجال المقررة‪ ،‬جاز للرئيس األول بالتماس من الوكيل‬
‫العام للملك أن يوجه إلى المحاسب العمومي أوامر بتقديم الوثائق وأن يحكم عليه في حالة‬
‫عدم تقديمها‪ ،‬بغرامة قد يبلغ حدها االقصى إلى ‪ 1000‬درهم‪ .‬كما يجوز للرئيس األول‬
‫باإلضافة إلى ذلك أن يحكم عليه بغرامة تهديدية اقصاها ‪ 500‬درهم عن كل شهر من‬
‫التأخير‪.42‬‬

‫‪ 40‬المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‬


‫‪ 41‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص ‪1263‬‬
‫‪ 42‬المادة ‪ 29‬من مدونة المحاكم المالية‬

‫‪15‬‬
‫و لإلشارة هنا أنه خالل سنتي ‪ 2018‬و ‪ 2019‬لم تكن أي حالة على المستوى الوطني‬
‫تستدعي تطبيق المادة ‪ 29‬أعاله‪ ،‬على عكس المجالس الجهوية للحسابات التي لم يتجاوز فيها‬
‫عدد الحاالت خمس حاالت همت المجلسين الجهويين للحسابات لجهتي الشرق وسوس‬
‫ماسة‪.43‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬أن رقابة المجلس األ على للحسابات ال تشمل فقط المحاسبين العموميين‪ ،‬وإنما‬
‫تشمل أيضا نوع آخر من األشخاص‪ ،‬ويتعلق األمر بالمحاسبين الفعليين أو المحاسبين بحكم‬
‫الواقع‪ ،‬وهم أولئك الذين يقومون بعمليات قبض الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال‬
‫أو قيم في ملك األجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المجلس‪ ،‬دون تفويض من أي جهة‪ .‬بحيث‬
‫يكون المحاسب العمومي هو المكلف أصال بإنجاز هذه العمليات‪ .‬باإلضافة إلى ذلك يمكن‬
‫بوجه خاص أن يعتبر مشاركا مسؤوال عن التسيير بحكم الواقع كل موظف أو عون وكذا كل‬
‫من هو مؤهل للقيام بالطلبيات العمومية‪ ،‬والذي يكون بموافقته أو تشجيعه إما على المبالغة‬
‫في بيانات األثمان أو الفاتورات أو على تحريف البيانات الواردة بهذه الوثائق‪ ،‬قد عمد على‬
‫علم إلى تحرير أوامر باألداء أو حواالت أو تبريرات أو أصول صورية‪.44‬‬
‫أما بخصوص إجراءات التحقيق والتدقيق في الحسابات‪ ،‬فإن المادة ‪ 30‬من المدونة تخول‬
‫للمستشارين المقررين القيام بالتدقيق والتحقيق في الحسابات والبيانات المحاسبية المسندة إليهم‬
‫من قبل رئيس الغرفة‪.‬‬
‫فأثناء مرحلة التحقيق يمكن للمستشار المقرر االستعانة بمدققين‪ ،‬وذلك في كل األحوال التي‬
‫يرغب فيها التأكد من جاهزية الحساب للتدقيق والبحث‪ ،‬وال سيما فيما يخص الجوانب‬
‫الحسابية‪ .‬وبعد أن يستوفي المستشار مراقبته للحساب من حيث الشكل فإنه ينتقل إلى مراقبته‬
‫من حيث المضمون‪.45‬‬
‫ومنه‪ ،‬فإنه بعد االنتهاء من مسطرة التدقيق‪ ،‬تنطلق مسطرة التحقيق‪ ،‬والتي تكون كتابية‬
‫وتواجهية‪ ،‬ويتحتم فيها مشاركة األطراف المعنية بالتحقيق وتخويلها حق الدفاع‪ .‬وخالل هذه‬
‫المرحلة فإن المستشار المقرر يلزم أي طرف آخر معني بالتحقيق سواء اآلمر بالصرف أو‬
‫المراقب المالي أو المحاسب العمومي بتقديم جميع التوضيحات والتبريرات التي يراها‬
‫ضرورية تحت طائلة تطبيق الغرامة والغرامة التهديدية المنصوص عليها في المادة ‪ 29‬من‬
‫المدونة‪ ،‬إلنجاز التحقيق‪ ،‬كما يجوز له إجراء جميع التحريات التي يراها ضرورية في عين‬
‫المكان‪.46‬‬

‫‪ 43‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص ‪1264‬‬
‫‪ 44‬راجع في هذا الشأن المواد من ‪ 41‬إلى ‪ 44‬من مدونة المحاكم المالية‪ .‬أيضا أحميدوش مدني‪ ،‬المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية‬
‫وتطبيقية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة فضالة بالمحمدية‪ ،‬سنة ‪ .2003‬ص ‪ 301‬و‪302‬‬
‫‪ 45‬رشيد قاعدة‪ ،‬المحاكم المالية ومسؤولية المحاسب العمومي في ظل القانون رقم ‪ 62.99‬المنظم لها‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات‬
‫القانونية واإلدارية‪ ،‬المجلد عدد ‪ .10/2015‬ص ‪18‬‬
‫‪ 46‬المادة ‪ 30‬من مدونة المحاكم المالية‬

‫‪16‬‬
‫وفي هذا السياق يوجه المستشار المقرر وحسب مدلول المادة ‪ 31‬مالحظاته بحسب األحوال‪،‬‬
‫إلى كل من اآلمر بالصرف أو المراقب المالي أو المحاسب العمومي أو أي مسؤول آخر‪،‬‬
‫ويتعين على هؤالء اإلجابة على هذه المالحظات داخل اجل شهرين إال إذا قرر رئيس الغرفة‬
‫غير ذلك‪.47‬‬
‫وبعد االنتهاء من التدقيق والتحقيق في الحسابات‪ ،‬يعد المستشار المقرر تقريرين اثنين‪ ،‬األول‬
‫يعرض فيه نتائج التحقيق المتعلقة بالحساب أو البيان المحاسبي المقدم من طرف المحاسب‬
‫العمومي‪ ،‬ويبرز‪ ،‬عند االقتضاء المالحظات المتعلقة بالوقائع التي من شأنها أن تثبت على‬
‫الخصوص مسؤولية االمر بالصرف والمراقب المالي والمحاسب العمومي في نطاق‬
‫اختصاصات المجلس القضائية‪ ،‬أما الثاني يعرض فيه المالحظات المتعلقة بتسيير المرفق أو‬
‫المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية والخاضعة الختصاصات المجلس في مراقبة التسيير‪.48‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذا التقرير والمستندات المثبتة يتم تقديمها إلى المستشار المراجع الذي‬
‫يتم تعيينه من قبل رئيس الغرفة من بين قضاة المجلس ومن نفس رتبة المستشار المقرر أو‬
‫من رتبة أعلى‪ .‬وذلك من أجل اإلدالء برأيه حول التقرير األول‪ .‬وبعد ذلك يتم توجيه الملف‬
‫كامال إلى الوكيل العام للملك من أجل وضع مستنتجاته داخل أجل شهر واحد من تاريخ إحالة‬
‫الملف عليه‪ ،‬وهذا األخير بدوره يعيد الملف إلى رئيس الغرفة قصد البت فيه‪.49‬‬
‫أما بخصوص البت في الحساب المقدم من قبل المحاسب العمومي فإنه يتم على مرحلتين‬
‫تمهيدية ونهائية‪ .‬وفي حالة ما إذا ثبت للمجلس وجود مخالفات ناتجة عن عدم اتخاذ اإلجراءات‬
‫التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام بها في مجال تحصيل الموارد أو عدم قيامه بأعمال‬
‫مراقبة صحة النفقة‪ ،‬فإن المجلس يوجه أمرا للمحاسب العمومي بواسطة قرار تمهيدي بتقديم‬
‫تبريراته كتابة‪ ،‬أو عند عدم تقديمها بإرجاع المبالغ الناقصة التي يصرح بها المجلس‬
‫كمستحقات للجهاز العمومي المعني‪ ،‬وذلك داخل اجل تحدده الهيئة على أال يقل عن ثالثة‬
‫أشهر ابت داء من تاريخ تبليغ القرار التمهيدي‪ .‬وعند انصرام هذا األجل‪ ،‬يتخذ المجلس كل‬
‫إجراء يراه مناسبا في انتظار أن يبت في القضية بقرار نهائي داخل أجل أقصاه سنة ابتداء‬
‫من تاريخ صدور القرار التمهيدي‪ .‬أما إذا لم يثبت المجلس اي مخالفة على المحاسب العمومي‪،‬‬
‫يتم البت في الحساب أو الوضعية المحاسبية بقرار نهائي‪.50‬‬
‫وهكذا تثبت القرارات ما إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة‪ ،‬أو في حسابه فائض أو‬
‫عجز‪.‬‬

‫‪ 47‬المادة ‪ 31‬من نفس المدونة‬


‫‪ 48‬المادة ‪ 32‬من نفس المدونة‬
‫‪ 49‬المواد ‪ 33‬و ‪ 34‬و ‪ 35‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫‪ 50‬راجع في هذا اإلطار المادة ‪ 37‬من المدونة‪ ،‬باإلضافة الى التقرير السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص ‪1264‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬في الحالة األولى إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة حينه يكون الحساب السنوي خاليا‬
‫من األخطاء ولم تبد الهيئة أي مالحظات عندها يؤدن عند االقتضاء بإرجاع الضمانة المالية‬
‫ورفع اليد عن التقييدات المترتبة على أمواله إذا ما انقطع المحاسب عن القيام بمهامه‪.51‬‬
‫‪ -‬وفي الحالة الثانية إذا كان في حساب المحاسب فائض وفي هذه الحالة يكون قد دفع مبالغ‬
‫مالية لسد عجز ظنه موجودا‪ .‬فالقرار يأذن له بااللتجاء إلى السلطات اإلدارية السترجاع‬
‫المبالغ المذكورة بعد تقديم المبررات الالزمة‪.‬‬
‫‪ -‬أما الحالة الثالثة إذا وجد في حسابه عجز‪ ،‬بمعنى أن هذا العجز أو النقص ترتب عن دفع‬
‫نفقة غير مثبتة أو أن مشروعيتها ناقصة وفي نطاق المداخيل لم يقم المحاسب بجمع أو‬
‫تحصيل جميل األم وال‪ .‬وفي هذه الحالة يكون المحاسب مطالبا باألداء من ماله الخاص مبالغ‬
‫تعادل العجز المسجل في حسابه‪.52‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أصدر المجلس األعلى للحسابات خالل سنة ‪ ،2019‬ما مجموعه ‪ 12‬قرار‬
‫تمهيديا و ‪ 108‬قرارات نهائية‪ ،‬بمقتضاها تم التصريح بعجز بمبلغ إجمالي ‪6.623.803,71‬‬
‫دراهم‪ ،‬في حين أصدر خالل سنة ‪ 2020‬ما مجموعه ‪ 27‬قرار تمهيديا و ‪ 95‬قرارا نهائيا‬
‫صرح بموجبها بعجز في الحسابات المعنية بمبلغ إجمالي قدره ‪ .425.451,2053‬كما يوضح‬
‫ذلك الجدول التالي ‪:‬‬

‫وقد أبانت الممارسة القضائية على أن المخالفات التي شكلت موضوع أحكام وقرارات بالعجز‪،‬‬
‫خالل الفترة المعنية‪ ،‬تتعلق بحاالت عدم اتخاذ المحاسبين العموميين لإلجراءات الواجبة في‬
‫مجال تحصيل المداخيل‪ ،‬والمنصوص عليها في القانون رقم ‪ 15.97‬المتعلق بمدونة تحصيل‬
‫الديون العمومية‪ ،‬وترتب عن هذا اإلغفال تقادم هذه الديون أو عدم قابليتها للتحصيل‪.‬‬
‫أما في مجال أداء النفقات‪ ،‬فإن أغلب الحاالت التي تم الحكم في إطارها بالعجز في حسابات‬
‫المحاسبين العموميين تتعلق بشكل أساسي بعدم مراقبة صحة حسابات تصفية مبالغ بعض‬
‫النفقات المؤداة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة الحتساب أتعاب المهندس المعماري في إطار صفقات‬

‫‪ 51‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 40‬من المدونة‪ .‬أحميدوش مدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪308‬‬
‫‪ 52‬الفقرة الخامسة من المادة ‪ 40‬من الدونة‪ .‬أحميدوش مدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪309‬‬
‫‪ 53‬التقرير السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص‪1265‬‬

‫‪18‬‬
‫األشغال أو عدم خصم غرامات التأخير أو أخطاء مرتبطة بعدم احتساب النسبة الصحيحة‬
‫المطبقة برسم الضريبة على القيمة المضافة‪.54‬‬

‫ثانيا ‪ :‬طرق الطعن فيما يتعلق بالبت في الحسابات‪:‬‬


‫‪ -1‬استئناف القرارات الصادرة عن المجلس ابتدائيا ‪:‬‬
‫يمكن استئناف القرارات النهائية الصادرة ابتدائيا عن الغرف وفروع الغرف أمام هيئة الغرف‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫ويحق للمحاسب العمومي أو لذوي حقوقه الطعن باالستئناف بصفة شخصية أو بواسطة وكيل‪.‬‬

‫ويخول نفس الحق إلى الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني باألمر والوكيل العام للملك‬
‫والخازن العام للمملكة والممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية‪.‬‬
‫ويوقف االستئناف التنفيذ‪ ،‬ما لم يكن قرار المجلس مشموال بالنفاذ المعجل‪.‬‬
‫وعليه تودع عريضة اال ستئناف لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل الثالثين يوما الموالية لتاريخ‬
‫تبليغ القرار النهائي‪ ،‬وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف يعين الرئيس األول مستشارا مقررا‬
‫مكلفا بالتحقيق‪.‬‬

‫بطلب من المستشار المقرر‪ ،‬تبلغ نسخة من عريضة االستئناف إلى األطراف المعنية األخرى‬
‫التي يمكنه ا أن تودع مذكرتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل الثالثين يوما الموالية‬
‫لتاريخ تبليغها‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬كل المستندات المقدمة لدعمها‪.‬‬
‫ويمكن المستشار المقرر أن يلزم األطراف المعنية بتقديم جميع التوضيحات والتبريرات‪،‬‬
‫ويحق له على الخصوص القيام بجميع التحريات التي يراها مفيدة من خالل المستندات‬
‫‪55‬‬
‫وباالنتقال إلى عين المكان ‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 46‬من مدونة المحاكم المالية على انه يقوم المستشار المقرر بتحرير تقريره‬
‫الذي يوجهه مرفقا بالمستندات المثبتة ومذكرات األطراف المعنية إلى رئيس هيئة الغرف‬
‫المشتركة‪.‬‬

‫ويسلم رئيس هذه الهيئة الملف إلى مستشار مراجع يعينه من بين القضاة المنتمين إلى درجة‬
‫المستشار المقرر أو إلى درجة اعلى‪ ،‬وتتم باقي اإلجراءات والحكم وفقا لمقتضيات المادتين‬
‫‪ 34‬و‪ 35‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪ 54‬التقرير السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص ‪1266‬‬


‫‪ 55‬المادة ‪ 45‬من قانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وعليه صدرت مجموعة من األحكام والقرارات في هذا الشأن ويمكن استخالصها في ما يلي‪:‬‬

‫القرار األول ‪ :‬ان الظروف واإلكراهات الموضوعية المحيطة بالمخالفات ال تؤخذ بعين‬
‫االعتبار في ميدان التدقيق والبت في الحسابات ‪.‬‬

‫‪-‬ان الدفع بتوجيه انذارات قانونية الى الملزمين المتماطلين عن أداء ديون عمومية من اجل‬
‫استخالصها بعد تقادم اجراءات التحصيل وسقوط حق المحاسب العمومي في االستخالص‬
‫ال يمكن االخذ به على اعتبار ان هذه االنذارات لم تعد ذي جدوى‪56.‬‬

‫القرار الثاني ‪ :‬إن المحاسب العمومي ‪ ،‬بأدائه لنفقات تتعلق بصفقة عمومية في غياب وثائق‬
‫مترابطة ومتناسقة تثبت إنجاز الخدمة بأكملها ‪ ،‬يكون قد أخل بواجبه في مراقبة صحة‬
‫حسابات التصفية ‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بإثبات حقيقة الدين ‪57.‬‬

‫وعليه إذا رأت هيئة الغرف المشتركة ان طلب االستئناف ال يستوفي جميع الشروط الشكلية‬
‫المطلوبة‪ ،‬أصدرت قرارا نهائيا بعدم القبول‪.‬‬
‫وإذا قبلت الهيئة طلب االستئناف‪ ،‬بتت في الجوهر‪ ،‬وأصدرت قرارا نهائيا في حالة تأكيدها‬
‫للقرار المطعون فيه‪ .‬وإذا كان قرار الهيئة مخالفا للقرار المستأنف‪ ،‬طبقت المسطرة‬
‫‪58‬‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ -2‬استئناف قرارات المجلس الجهوي للحسابات ‪:‬‬

‫لقد أصبح المجلس االعلى للحسابات بمثابة محكمة االستئناف على غرار محكمة الحسابات‬
‫الفرنسية ‪ 59،‬إذ ينظر في شأن استئناف االحكام او القرارات النهائية التي تصدرها المجالس‬
‫الجهوية للحسابات المتعلقة بالمحاسبين ‪.‬‬
‫ويقدم االستئناف بناء على عريضة يتقدم بها المحاسب العمومي او ذوو حقوقه بصفة شخصية‬
‫أو بواسطة وكيل او وزير الداخلية او الوالي – الذي تم إضافته وتداركه بعد مناقشة المشروع‬
‫امام لجنة العدل و التشريع بمجلس المستشارين – او العامل في حدود االختصاصات المخولة‬
‫لهم في مجال الوصاية تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل أو الوزير‬
‫المكلف بالمالية او الخازن بالجهة او العمالة او اإلقليم او وكيل الملك او الممثل‪ .‬القانوني‬
‫الجماعة المحلية أو الهيئة او المؤسسة او المقاولة العمومية المعنية‪.‬‬

‫ويوجه ملف الطعن من طرف كاتب الضبط بالمجلس الجهوي إلى كتابة الضبط بالمجلس‬
‫ويجوز للمجلس أن يأمر بإرسال الحساب المتعلق بالقرار موضوع طلب االستئناف وكذا‬
‫‪ 56‬قرار عدد ‪ 2011/07‬صادر بتاريخ ‪ ,10‬فبراير ‪ 2011‬ملف استئناف عدد ‪. 2010/07‬‬
‫‪ 57‬قرار عدد ‪ 2011/08‬صادر بتاريخ ‪ 03‬مارس ‪ 2011‬ملف استئناف عدد ‪.2010/08‬‬
‫‪ 58‬المادة ‪ 46‬مرجع سابق مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ 59‬للمزيد من التعمق حول اجراءات االستئناف في إطار التجربة الفرنسية تحيل على مرجع متخصص في هذا المجال ‪:‬‬
‫‪Gérard Ducher : la cour des comptes juge d'appel , Ed berger – levrault paris 1994 .‬‬

‫‪20‬‬
‫جميع المستندات التي يراها ضرورية ‪ ،‬وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف يوجه الرئيس‬
‫األول الملف إلى رئيس الغرفة المختصة الذي يعين مستشارا مقررا مكلفا بمهنة التحقيق وفقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 48‬من القانون ‪ ،‬أما مختلف إجراءات المسطرة فتجري وفق المقتضيات‬
‫‪60‬‬
‫القانونية المنصوص عليها في المادتين ‪ 46‬و‪ 47‬من القانون ‪.‬‬
‫‪ -3‬طلب المراجعة ‪:‬‬
‫كان يستهدف طلب المراجعة في ظل القانون ‪ 12-79‬حالتين ‪ :‬األولى تتعلق بمقررات الخازن‬
‫العام ‪ ،‬أما الثانية فتتعلق بأحكام المجلس األعلى للحسابات ‪.‬‬
‫بالنسبة لألولى ‪ ،‬فإن طلب المراجعة كانت ممكنة بعد انصرام األجل المحدد بطلب التعديل‬
‫على إثرها يطلب المعني باألمر مراجعة مقررات الخازن العام أمام المجلس االعلى للحسابات‬
‫‪ ،‬وهذه الحالة لم يعد لها أثر في القانون الجديد بما أنها كانت مرتبطة بطلب تعديل مقررات‬
‫الخازن العام حيث تم تجاوز هذه الوسيلة بدورها ‪.‬‬

‫اما الحالة الثانية ‪ ،‬والتي اقرها القانون بدوره في المادة ‪ ، 50‬حيث يحق للمحاسب ان يطلب‬
‫مراجعة االحكام النهائية الصادرة عن المجلس في حالة اكتشاف عنصر جديد مراعيا في ذلك‬
‫الشروط التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يوجه المحاسب طلب المراجعة الرئيس األول للمجلس بواسطة رسالة مضمونة‬
‫مع االعالم باالستالم ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتضمن الطلب عرض الوقائع والوسائل التي يحتج بها الطالب‬
‫‪ -‬ان يكون الطلب مرفقا بنسخة من الحكم المطعون فيه وباإلثباتات التي يستند إليها‬
‫الطلب ‪.‬‬

‫كان يخول حق طلب المراجعة في إطار القانون رقم ‪ 12-79‬للمحاسب والوكيل العام للملك‬
‫‪ ،‬إال ان قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية اصبح يخول نفس الحق لهذا االخير‬
‫الذي يتقدم به من تلقاء نفسه او بطلب من الوزير المكلف بالمالية او الوزير المعني باألمر او‬
‫الخازن العام للمملكة ‪ ،‬إذا لم يقدم هذا الطلب لصالح المحاسب العمومي ال يمكن ان يمارس‬
‫حق تقديمه إال في اجل اربع سنوات تبتدئ من تاريخ التبليغ ‪61‬قرار المجلس ‪، 62‬وفي الحاالت‬
‫االخرى يمدد إلى عشر سنوات ‪ ،‬وقد احسن المشرع صنعا حين اقدم على تعويض كلمة "‬

‫‪ 60‬تنص المادة ‪ , 46‬على ما يلي ‪ " :‬يقوم المستشار المقرر بتحرير تقريره الذي يوجهه مرفقا بالمستندات المثبتة ومذكرات االطراف المعنية إلى‬
‫رئيس هيئة الغرف المشتركة‪ .‬ويسلم رئيس هذه الهيئة الملف إلى المستشار المراجع الذي يعينه من بين القضاة المنتمين إلى نفس الدرجة المستشار‬
‫المقرر او إلى درجة اعلى ‪ ،‬وييتم إجراء باقي المسطرة التحقيق والحكم وفقا لمقتضيات المادتين ‪ 34‬و ‪ 35‬اعاله‪.‬‬
‫في حين تنص المادة ‪ 47‬على التالي ‪ ":‬إذا رأت هيئة الغرف المشتركة االستئناف غير مقبول أصدرت قرارا نهائيا ‪ ،‬وإذا قبلت الهيئة طلب‬
‫االستئناف ‪ ،‬بنت في الجوهر واصدرت قرارا نهائيا في حالة تاكيدها للحكم المطعون فيه ‪ ،‬وإذا كان قرار الهيئة مخالفا للحكم المستأنف طبقت‬
‫المسطرة المنصوص عليها في المادة ‪ 37‬اعاله ‪.‬‬
‫‪ 61‬اما طلب المراجعة في ظل القانون رقم ‪ 12-79‬إذا لم يقدم لصالح المحاسب فإنه ال يمكن أن يمارسه إال في اجل اربع سنوات تبتدئ من تاريخ‬
‫صدور الحكم النهائي ‪.‬‬
‫‪ 62‬المادة ‪ 48‬من قانون رقم ظ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫صدور " ب " تبليغ" الحكم ألن التبليغ هي القاعدة في القرارات واألحكام ‪ 63‬وهي تؤكد إعالم‬
‫وإخبار المعني باألمر بصدور الحكم وليس االقتصار على صدورهم فقط‪.‬‬
‫‪-3‬الطعن بالنقض‪:‬‬

‫تستعمل هذه الوسيلة القانونية ضد احكام المجلس األعلى للحسابات بسبب عدم االختصاص‬
‫او خرق القانون او ع يب في الشكل او انعدام تعليل ‪ ،‬يقدم طلب الطعن بالنقض إلى الغرفة‬
‫اإلدارية بالمجلس االعلى ‪ ،‬وهو حق مفتوح أمام المحاسب العمومي او لذوي حقوقه بصفة‬
‫شخصية او بواسطة وكيل ‪ ،‬كما يخول نفس الحق للوزير المكلف بالمالية والوزير المعني‬
‫باالمر والخازن العام للمملكة والممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية ‪ ،‬كما تنص على‬
‫ذلك المادة ‪ 49‬من قانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية ‪ .‬ويتم تقديم طلب‬
‫النقض داخل اجل الستين يوما الموالية لتاريخ تبيع الحكم النهائي الذي تم استئنافه ‪64‬امام‬
‫المجلس األعلى للحسابات‪ .‬كما ان التحقيق وهللا في طلب النقض تجري طبقا لمقتضيات‬
‫الفصول ‪ 354‬إلى ‪ 385‬من مدونة المسطرة المدنية غير ان االستعانة بالمحاميد فهي مسألة‬
‫تبقى اختيارية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وطرق الطعن فيها‬
‫يعتبر اختصاص الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬الوجه‬
‫الثاني "لرقابة المشروعية" أو " المطابقة"‪ 65،‬وذلك لكونه ينصب أساسا على تصرفات كافة‬
‫المتدخلين في العمليات المالية والمحاسبية‪.66‬‬
‫في هذا اإلطار نتساءل عن األشخاص واألجهزة الخاضعة لهذه الرقابة وكذا طبيعة ونوعية‬
‫المخالفات التي يمكن أن تثير مسؤوليتهم‪ ،‬ناهيك عن المسطرة المتبعة لمتابعة المخالفين‬
‫والعقوبات المقررة لهم‪ ،‬وكذا طرق الطعن فيها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬األشخاص واألجهزة الخاضعة لرقابة المجلس في ميدان التأديب‬
‫إن االختصاص المرتبط بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية هو أعم و أشمل من‬
‫الرقابة السابقة ‪-‬البت والتدقيق‪ -‬من حيث األشخاص المخاطبين بأحكامها‪.67‬‬

‫‪ 63‬وال يعتبر التبليغ بالبريد المضمون صحيحا إال إذا كان مرفقا بشهادة اإلشعار بالتسليم موقعا عليها من طرف المرسل إليه وإال اعتبر التبليغ‬
‫الغيا " انظر ‪ -:‬عبد هللا حداد القضاء اإلداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم اإلدارية ‪ 1994‬ص‪.101‬‬
‫‪ 64‬تجدر اإلشارة ان استئناف قرارات او احكام المجلس وسيلة قانونية جديدة لم تكن واردة في ظل القانون رقم ‪ 12-79‬وتناولها القانون الجديد في‬
‫المواد ‪.48/45‬‬
‫‪ 65‬أحميدوش مدني‪ ،‬المحاكم المالية في المغرب‪-‬دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪ ،-‬م س‪ ،‬ص ‪317‬‬
‫‪ 66‬مريم بداه‪ ،‬دور المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في العلوم اإلدارية والمالية‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالسويسي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2019/2020‬ص ‪35‬‬
‫‪ 67‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪36‬‬

‫‪22‬‬
‫ونشير إلى أن القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪ ،‬قد توسع وأضاف أشخاصا‬
‫أ خرى يمكن مقاضاتهم أمام المجلس في إطار ممارسة هذا األخير لرقابة التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪.68‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فإن المشرع قد حدد األشخاص الخاضعين للتأديب في ثالث فئات من المسؤولين‬
‫المتدخلين في عمليات تنفيذ المداخيل والنفقات العمومية‪.‬‬
‫باإل ضافة إلى اآلمر بالصرف أو اآلمر المساعد بالصرف أو كل مسؤول‪ ،‬وكذا كل موظف‪،‬‬
‫أو عون يعمل تحت سلطتهم أو لحسابهم‪ 69،‬يخضع لهذا االختصاص كل مراقب أو مراقب‬
‫مالي أ و محاسب عمومي وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت إمرته أو يعمل لحسابه في‬
‫إطار مراقبة الوثائق المتعلقة بااللتزام بالنفقات‪ 70،‬وكل محاسب عمومي وكذا كل موظف أو‬
‫‪71‬‬
‫عون يوجد تحت إمرته أو يعمل لحسابه‪.‬‬
‫والمالحظ هنا‪ ،‬أن اختصاص المجلس االعلى للحسابات في هذا المجال يمتد إلى كل مسؤول‬
‫باألجهزة الخاضعة لرقابته‪ ،‬أي كل شخص يتولى فيها منصبا للمسؤولية‪.‬‬
‫ومن الناحية العملية‪ ،‬نجد أنه قد بلغت فئات األشخاص المعنيين بالقضايا الرائجة والتي بت‬
‫فيها المجلس األعلى للحسابات خالل سنتي ‪ 2019‬و ‪ ،2020‬نسبة ‪ ٪30‬بالنسبة لآلمرين‬
‫بالصرف‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمدراء المركزيين بالوزرات أو المدراء العامين للمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬وكذا اآلمرين بالصرف المساعدين السيما رؤساء المصالح الخارجية للوزارات‪.‬‬
‫في حن تشكل المستويات الوظيفية التنفيذية غالبية األشخاص الذين كانوا موضوع متابعة في‬
‫إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لرؤساء األقسام‬
‫والمصالح بنسبة ‪ ٪44‬والموظفين واألعوان نسبة ‪ .٪23‬كما ال تتجاوز الحاالت التي بت‬
‫‪72‬‬
‫فيها المجلس في مسؤولية المراقبين أو المحاسبين العموميين في هذا المجال نسبة ‪.٪3‬‬
‫أما بالنسبة لألجهزة الخاضعة لرقابة المجلس في هذا الميدان فهي تشمل طبقا للمادة ‪ 51‬من‬
‫المدونة‪ ،‬كل من مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والشركات والمقاوالت التي تملك الدولة‬
‫أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية‬
‫األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪ ،‬والشركات أو المقاوالت التي تملك‬
‫فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية أغلبية األسهم في‬
‫الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫وال يخضع الختصاص المجلس في هذا الميدان أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب‬
‫ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة طبقا للمادة ‪ 52‬من المدونة‪.‬‬

‫‪ 68‬أحميدوش مدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪318‬‬


‫‪ 69‬المادة ‪ 54‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫‪ 70‬المادة ‪ 55‬من المدونة‬
‫‪ 71‬المادة ‪ 56‬من نفس المدونة‬
‫‪ 72‬التقرير السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص ‪1254‬‬

‫‪23‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المخالفات المستوجبة للمسؤولية في هذا المجال‬
‫إن المخالفات المالية ترتبط ارتباطا وثيقا باالختصاصات القضائية الموكولة إلى المجلس‪،‬‬
‫ويقصد بها تلك األفعال التي تشكل خرقا لألحكام التشريعية أو التنظيمية المتعلقة سواء بتنفيذ‬
‫عمليات اإليرادات أو النفقات أو بتسيير األموال العمومية والوسائل المادية وممتلكات األجهزة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫وهكذا سنحاول التطرق للمخالفات المرتبطة باآلمرين بالصرف ثم المخالفات المرتبطة‬
‫بالمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬
‫أ‪ -‬المخالفات المرتبطة باآلمرين بالصرف‬
‫باعتبار أن اآلمر بالصرف هو أول فئة تتدخل في تنفيذ الميزانية في مرحلتها اإلدارية‪ ،‬نجد‬
‫أن المشرع من خالل المادة ‪ 54‬من مدونة المحاكم المالية حدد نوع المخالفات التي يمكن أن‬
‫يرتكبها أثناء مزاولة مهامه كل من اآلمر بالصرف أو اآلمر بالصرف المساعد‪ ،‬أو‬
‫المسؤولون‪ ،‬وكذا كل موظف أو كل عون يعمل تحت إمرتهم وسلطتهم أو لحسابهم‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يمكن تقسيم هذه المخالفات إلى مخالفات مرتبطة بقواعد االنضباط المالي والمحاسبي‪،‬‬
‫وأخرى مرتبطة بقواعد التسيير واالنضباط المهني‪.‬‬
‫✓ المخالفات المرتبطة بقواعد االنضباط المالي والمحاسبي‬
‫ويمكن إجمال هذه المخالفات طبقا للمادة ‪ 54‬على التوالي ‪:‬‬
‫‪ -‬مخالفة قواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها؛‬
‫‪ -‬عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية؛‬
‫‪ -‬مخالفة القواعد المتعلقة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها؛‬
‫‪ -‬مخالفة قواعد تحصيل الديون العمومية الذي قد يعهد به إليهم عمال بالنصوص التشريعية‬
‫الجاري بها العمل؛‬
‫‪ -‬التقييد غير القانوني لنفقة بهدف التمكن من تجاوز االعتمادات؛‬
‫✓ المخالفات المرتبطة بقواعد التسيير واالنضباط المهني‬
‫وهي كذلك منصوص عليها في المادة ‪ 54‬من المدونة ويتعلق األمر ب ‪:‬‬
‫‪ -‬مخالفة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بتدبير شؤون الموظفين واألعوان؛‬
‫‪ -‬مخالفة قواعد تدبير ممتلكات األجهزة الخاضعة لرقابة المجلس؛‬
‫‪ -‬إخفاء المستندات أو اإلدالء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة؛‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬عدم الوفاء تجاهال أو خرقا للنصوص الضريبية الجاري بها العمل بالواجبات المترتبة عليها‬
‫قصد تقديم امتياز بصفة غير قانونية لبعض الملزمين بالضريبة؛‬
‫‪ -‬حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية؛‬
‫‪ -‬إلحاق ضرر بجهاز عمومي يتحملون داخله مسؤوليات‪ ،‬وذلك بسبب اإلخالل الخطير في‬
‫المراقبة التي هم ملزمون بممارستها أو من خالل اإلغفال أو التقصير المتكرر في القيام‬
‫بمهامهم االشرافية؛‬
‫وعموما‪ ،‬تتعلق أغلب األفعال والمؤاخذات موضوع القضايا الرائجة التي بتت فيها المحاكم‬
‫المالية خالل سنتي ‪ 2019‬و ‪ 2020‬بحاالت عدم التقيد بالنصوص القانونية المطبقة على‬
‫تنفيذ عمليات الموارد والنفقات العمومية في مختلف مراحل تنفيذها‪ ،‬سواء في مجال المداخيل‬
‫أو الصفقات العمومية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لفرض وتحصيل الرسوم الجماعية واللجوء إلى‬
‫صفقات التسوية ( استالم أشغال أو خدمات قبل التأشير على الصفقات )‪ ،‬وكذا بحاالت عدم‬
‫تطبيق غرامات التأخير وتغيير المواصفات التقنية أثناء التنفيذ دون اتباع المساطر القانونية‬
‫واإلشهاد غير الصحيح على استالم األشغال أو الموارد‪ .‬كما يالحظ تنامي المخالفات ذات‬
‫الصلة بتدبير الممتلكات والحصول على امتيازات نقدية أو عينية غير مبررة‪ ،‬كانعكاس‬
‫لتصاعد عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم المالية والمتعلقة بالمؤسسات والمقاوالت والشركات‬
‫العمومية وكذا إبرام عقود التدبير المفوض‪.73‬‬
‫ويوضح الجدول التالي نسب المخالفات المستوجبة للمسؤولية حسب نوعيتها ‪:‬‬

‫ب ‪ -‬المخالفات المرتبطة بالمراقبين والمحاسبين العموميين‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 55‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬نجد أن كل مراقب أو محاسب عمومي‪،‬‬
‫وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت إمرته أو يعمل لحسابه‪ ،‬يتعرض للعقوبات المنصوص‬
‫عليها في ميدان التأديب‪ ،‬إذا لم يقوموا بالمراقبات الالزمة على الوثائق المتعلقة بااللتزام‬
‫بالنفقات‪ ،‬كالتأكد من أن مقترحات االلتزام بنفقات الدولة مشروعة بالنظر إلى الترخيص‬

‫‪ 73‬التقرير السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ ،‬ص ‪1254‬‬

‫‪25‬‬
‫البرلماني‪ ،‬وكذا النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل ( صفة اآلمر بالصرف‪،‬‬
‫توفر االعتمادات‪ ،‬صحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها ‪74،)...‬ويتعرض كذلك‬
‫المحاسبين إلى نفس العقوبات طبقا للمادة ‪ 56‬إذا لم يقوموا بمراقبة مشروعية تحصيل وتنزيل‬
‫المداخيل المرصدة في صناديقهم‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك إذا اخفوا المستندات أو أدلوا إلى المجلس‬
‫بوثائق مزورة أو غير صحيحة؛ وإذا حصلوا ألنفسهم أو لغيرهم على منفعة غير مقررة نقدية‬
‫أو عينية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار الى مالحظتين أساسيتين‪ ،‬األولى أن المراقبين أو المحاسبين‬
‫العموميين إذا تعلق األمر بأعمال المراقبة التي عليهم القيام بها على قرارات االلتزام بالنفقات‪،‬‬
‫وكذا المراقبين الماليين ال يخضعون لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة ‪ 66‬بعده‪ ،‬وذلك طبقا‬
‫الفقرة األخيرة من المادة ‪ 55‬من المدونة‪ .‬أما المالحظة الثانية فإن المحاسب العمومي الذي‬
‫حكم عليه بالعجز طبقا لمقتضيات المواد من ‪ 37‬الى ‪ 40‬اعاله‪ ،‬ال يمكن متابعته لنفس‬
‫األسباب في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬كما أن مقتضيات الفقرة الثالثة‬
‫من المادة ‪ 66‬بعده ال تطبق عليه‪ ،‬وذلك حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪ 56‬من المدونة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المسطرة المتعلقة بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ‪:‬‬
‫يعمل المجلس األعلى للحسابات في مجال التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية كمحكمة‬
‫بكل ما يستلزم من ضمانات لحقوق الدفاع واالستماع ألي شخص يمكن أن تثار مسؤوليته‬
‫بحضوره الفعلي أو بحضور محاميه أثناء جلسة الحكم وذلك فضال عن استدعاء الشهود‪.75‬‬
‫‪ -1‬رفع القضية أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ‪:‬‬
‫على عكس البت في الحسابات الذي يعتبر اختصاصا من النظام العام‪ ،‬فإن قضايا التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ترفع إلى المجلس األعلى للحسابات من طرف الوكيل‬
‫العام للملك إما من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس األول أو من طرف إحدى الهيئات بالمجلس‬
‫وذلك عند اكتشاف أفعال من شأنها أن تشكل مخالفات تستوجب ممارسة المجلس الختصاصاته‬
‫في هذا الميدان‪ .‬ويؤهل كذلك كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس‬
‫المستشارين و الوزير المكلف بالمالية و الوزراء لرفع قضية التأديب المالي أمام المجلس‬
‫بواسطة الوكيل العام للملك‪ ،‬وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش بالوثائق المثبتة‪.76‬‬
‫يجوز للوكيل العام للملك‪ ،‬بناء على الوثائق التي يتوصل بها والمعلومات أو الوثائق األخرى‬
‫التي يمكن أن يطلبها من الجهات المختصة بأن يقرر ‪:‬‬

‫‪ 74‬عسو منصور‪ ،‬قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة بالرباط‪ ،‬سنة ‪ .2017‬ص ‪294‬‬
‫‪ 75‬مقال منشور على الموقع االلكتروني التالي ‪ -/ http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-13:‬بتاريخ ‪ 2023/01/14‬على الساعة‬
‫‪.3:50‬‬
‫‪ 76‬المادة ‪ 57‬من مدونة المحاكم المالية‬

‫‪26‬‬
‫إما متابعة المعني باألمر أو حفظ القضية إذا تبين له أن ال داعي للمتابعة ‪ ،‬ويتخذ بهذا الشأن‬
‫مقررا معلال يبلغ إلى الجهة التي عرضت عليه القضية‪.77‬‬
‫‪ -2‬المسطرة المتبعة أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ‪:‬‬
‫وفي حالة المتابعة يلتمس من الرئيس األول تعيين مستشار مقرر يكلف بالتحقيق ‪ ،‬كما يخبر‬
‫األشخاص المعنيين بأنهم متابعون أمام المجلس وبأن بإمكانهم االستعانة بمحام مقبول لدى‬
‫المجلس األعلى لمؤازرتهم بخصوص ما تبقى من المسطرة‪ .‬ويخبر كذلك بالمتابعة الوزير‬
‫أو السلطة التي ينتمي أو كان ينتمي إليها الموظف أو العون المتابع‪ ،‬والوزير المكلف بالمالية‬
‫وعند االقتضاء‪ ،‬الوزير المعهود إليه بالوصاية‪.78‬‬
‫التحقيق في القضية من طرف المستشار المقرر ‪ :‬بعد تعيينه يتسلم المستشار المقرر كافة‬
‫الوثائق المكونة للملف ويبدأ بمباشرة تحقيقه‪ .‬ولهذه الغاية خول له القانون سلطات واسعة في‬
‫التحقيق بحيث يؤهل للقيام بجميع التحقيقات والتحريات لدى جميع األجهزة العمومية واإلطالع‬
‫على جميع الوثائق واالستماع إلى جميع األشخاص الذين يظهر أن مسؤوليتهم قائمة‪ ،‬وإلى‬
‫جميع الشهود‪.‬‬
‫ويتابع الوكيل العام للملك سير أعمال التحقيق الذي يتميز بسريته‪ .‬ويتعين على المستشار‬
‫المقرر إخباره بمآله وذلك بكيفية مستمرة ومنتظمة‪.79‬‬
‫توجيه التقرير إلى الوكيل العام للملك ‪ :‬عند االنتهاء من التحقيق‪ ،‬يوجه المستشار المقرر ملف‬
‫القضية إلى الوكيل العام للملك مرفقا بالتقرير المتعلق بالتحقيق ليضع مستنتجاته بشأنه‪.80‬‬
‫اطالع المعني باألمر على الملف ‪ :‬يبلغ المعني باألمر بأن من حقه االطالع على الملف الذي‬
‫يهمه في ظرف خمسة عشر (‪ )15‬يوما الموالية للتبليغ‪ .‬وحق االطالع على هذا الملف معترف‬
‫به كذلك لمحامي المعني باألمر يتم بكتابة الضبط بالمجلس وذلك فضال عن إمكانية الحصول‬
‫على نسخ من وثائق الملف‪.‬‬
‫ويجوز للمعني باألمر داخل أجل ثالثين يوما الموالية إلطالعه على الملف‪ ،‬تقديم مذكرة كتابية‬
‫إما شخصيا أو بواسطة محاميه‪ ،‬يتم تبليغها إلى الوكيل العام للملك‪ .81‬كما يجوز له طلب‬
‫االستماع إلى الشهود الذين يختارهم‪.82‬‬

‫‪ 77‬المادة ‪ 58‬من المدونة‬


‫‪ 78‬المادة ‪ 58‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫‪ 79‬المادة ‪ 59‬من المدونة‬
‫‪ 80‬المادة ‪ 60‬من نفس المدونة‬
‫‪ 81‬المادة ‪ 61‬من المدونة‬
‫‪ 82‬المادة ‪ 62‬من المدونة‬

‫‪27‬‬
‫جلسة الحكم ‪ :‬بمجرد ما يتبين للرئيس األول ‪ -‬بعد فحص الملف ‪ -‬بأن القضية جاهزة للبت‪،‬‬
‫يأمر بإدراجها في جدول جلسات الغرفة المختصة بقضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪.83‬‬
‫وفي بداية الجلسة‪ ،‬يتلو المستشار المقرر ملخصا لتقريره ويدعى المعني باألمر شخصيا أو‬
‫بواسطة محاميه لتقديم توضيحاته وتبريراته حول األفعال المنسوبة إليه‪ .‬ثم بعد ذلك يقدم‬
‫الوكيل العام للملك مستنتجاته‪.‬‬
‫ويجوز للمجلس أو النيابة العامة استدعاء أي شخص تبدو شهادته ضرورية‪ .‬ويعترف بنفس‬
‫اإلمكانية للمعني باألمر بإذن من رئيس الهيئة‪ .‬وال يمكن االستماع إلى الشهود الذين تقرر‬
‫إحضارهم إلى الجلسة إال بعد أداء اليمين طبقا للكيفيات والشروط المنصوص عليها في قانون‬
‫المسطرة الجنائية و يقتضي الحفاظ على حقوق الدفاع أن يكون المعني باألمر أو ممثله آخر‬
‫من يتناول الكلمة‪.‬‬
‫ويتم التداول في الملف‪ ،‬من طرف هيئة الحكم التي تتكون من خمسة قضاة بما فيهم رئيس‬
‫الهيئة و المستشار المقرر الذي يتوفر على صوت تداولي‪ .‬ويتخذ القرار بأغلبية األصوات‪.84‬‬
‫ويصدر المجلس قراره في جلسة يستدعى لها المعني باألمر أو من ينوب عنه في أجل أقصاه‬
‫شهران من تاريخ إدراج القضية في المداولة‪.‬‬
‫ويبلغ هذا القرار إلى المعني باألمر والوزير المكلف بالمالية والوزير المعني وإلى الوكيل‬
‫العام للملك وإلى الجهة التي رفعت القضية إلى المجلس‪ ،‬والممثلين القانونيين لألجهزة المعنية‬
‫وذلك داخل أجل شهرين بعد صدوره‪.85‬‬
‫رابعا ‪ :‬العقوبات‬
‫يحكم المجلس على األشخاص الذين ارتكبوا واحدة أو أكثر من المخالفات المشار إليها في‬
‫المواد ‪ 54‬و ‪ 55‬و ‪ 56‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬بغرامة يحدد مبلغها حسب خطورة وتكرار‬
‫المخالفة‪ .‬وال يقل هذا المبلغ عن ألف (‪ )1.000‬درهم عن كل مخالفة كما ال يجوز أن يتجاوز‬
‫مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة‪ ،‬األجرة السنوية الصافية التي كان يتقاضاها المعني‬
‫باألمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة‪ .‬غير أن مجموع مبالغ الغرامات المذكورة ال يمكن أن‬
‫يتجاوز أربع (‪ )4‬مرات مبلغ األجرة السنوية السالفة الذكر‪.‬‬
‫وإذا ثبت للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة ألحد األجهزة الخاضعة لرقابته‪،‬‬
‫قضى على المعني باألمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من رأسمال وفوائد‪،‬‬
‫وتحسب الفوائد على أساس السعر القانوني ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة‪.‬‬

‫‪ 83‬المادة ‪ 63‬من نفس المدونة‬


‫‪ 84‬المادة ‪ 64‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫‪ 85‬المادة ‪ 65‬من المدونة‬

‫‪28‬‬
‫وإذا اكتشف المجلس أفعاال من شأنها أن تستوجب إجراء تأديبيا أو يقوم الوكيل العام للملك‬
‫بإخبار السلطة التي لها الحق التأديب بهذه األفعال‪ .‬وإذا تعلق األمر بأفعال يظهر أنها قد‬
‫تستوجب عقوبة جنائية‪ ،‬رفع الوكيل العام للملك األمر إلى وزارة العدل‪.86‬‬
‫وأخيرا تجدر اإلشارة إلى أن الشخص المعني باألمر وكذا الشهود الذين ال يجيبون في األجل‬
‫المحدد من طرف المجلس عن طلبات تقديم الوثائق و المستندات أو ال يستجيبون لالستدعاءات‬
‫المرسلة إليهم من قبل المجلس أو الذين يرفضون أداء اليمين أو اإلدالء بشهاداتهم‪ ،‬يمكن أن‬
‫يدانوا بأمر للرئيس األول بغرامة تتراوح بين ‪ 500‬درهم و ‪ 2000‬درهم‪.87‬‬
‫خامسا ‪ :‬طرق الطعن في قرارات المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‬
‫يمكن الطعن في أحكام أو قرارات المجلس األعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية بواسطة ثالث وسائل قانونية وهي طلب المراجعة ‪،‬االستئناف‬
‫والطعن بالنقض‪.‬‬
‫‪-1‬استئناف احكام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫إن األحكام أو القرارات التي يصدرها المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية يمكن استئنافها أمام هيئة الغرف المشتركة ‪ ،‬ويوقف االستئناف تنفيذ القرارات ما لم‬
‫‪88‬‬
‫يكن قرار المجلس مشموال بالنفاذ المعجل ‪.‬‬
‫واستئناف قرارات المجلس مفتوح في وجه كل من المعني باألمر والوزير المكلف بالمالية‬
‫والوزير المعني باألمر والوكيل العام للملك وإلى الممثلين القانونيين لألجهزة المعنية ‪.89‬‬
‫ويودع طلب االستئناف لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتبليغ القرار‪،‬‬
‫وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف يخبر الوكيل العام للملك بذلك ‪ .‬ثم يقوم الرئيس األول‬
‫بملتمس من الوكيل العام للملك بتعيين مستشارا مقررا مكلفا بالتحقيق غير المستشار الذي كان‬
‫قد قام بالتحقيق في القضية ابتدائيا ‪.‬‬
‫وبناء على طلب المستشار المقرر تبلغ عريضة الطعن إلى األطراف األخرى التي يمكنها أن‬
‫تودع مذكرتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل أجل ‪ 30‬يوما لتاريخ تبليغها وعند‬
‫االقتضاء كل المستندات المقدمة لدعمها وفقا لمقتضيات المادة ‪ 71‬من القانون ‪ .‬وهنا صدر‬
‫قرار " باعتبار أجل االستئناف مرتبط بأجل محدد وكل ممارسة له خارج هذا األجل مسقطة‬
‫للحق فيه ‪ ،‬وباعتبار اليوم األخير إليداع الطلب من طرف المستأنف ‪ ،‬في نازلة الحال ‪ ،‬لم‬
‫يصادف يوم عطلة من شأنه ان يجعل أجل اإليداع يمتد إلى أول يوم عمل بعده ‪ ،‬فإن إيداعه‬

‫‪ 86‬المادة ‪ 66‬من المدونة‬


‫‪ 87‬المادة ‪ 69‬من مدومة المحاكم المالية‬
‫‪ 88‬المادة ‪ 70‬من قانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية ‪.‬‬
‫‪ 89‬الفقرة األولى من المادة ‪ 71‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫للطلب بعد هذا اليوم االخير يجعله خارج االجل المحدد في ثالثين يوما وبالتالي غير مقبول‬
‫‪90‬‬

‫‪ -2‬استئناف القرارات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التأديب المتعلق‬


‫بالميزانية والشؤون المالية ‪.‬‬
‫وجدت هذه الطريقة الجديدة من الطعن بمناسبة احداث المجالس الجهوية للحسابات ‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن هذه االخيرة تبت في قضايا التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية في دائرة‬
‫اختصاصاتها وتكون قراراتها الصادرة في هذا اإلطار قابلة بدورها لالستئناف أمام الغرفة‬
‫المختصة بالمجلس االعلى للحسابات وفقا للمادة ‪ 72‬من القانون ويوقف االستئناف التنفيذ ما‬
‫لم يكن قرار المجلس الجهوي مشموال بالنفاذ المعجل ‪.91‬‬
‫وبمجرد ما يتوصل الوكيل العام للملك بكافة الطعن الموجه إليه من طرف وكيل الملك ‪،‬‬
‫يلتمس من الرئيس األول تعيين مستشارا مقررا مكلفا بمهمة التحقيق ‪.‬‬
‫وبناء على طلب من المستشار المقرر تبلغ عريضة الطعن إلى األطراف المعنية األخرى‬
‫والتي يمكن لها أن تودع مذكرتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل أجل الثالثين‬
‫يوما الموالية لتاريخ تبليغها وعند االقتضاء كل المستندات المقدمة لدعمها كما هو منصوص‬
‫عاد ذلك في المادة ‪ 72‬من القانون‬
‫اما باقي اجراءات المسطرة و التحقيق فتتم وفقا ألحكام المواد من ‪ 58‬إلى ‪ 65‬من القانون‬
‫‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫وعليه هناك مجموعة من القرارات صدرت بخصوص التأديب المتعلق بالميزانية ومن امثالك‬
‫ذلك نجد ‪:‬‬
‫القرار األول‪ :‬تواتر بعض الممارسات المخالفة للقانون ‪ ،‬كأداء نفقات تتعلق بمساهمات‬
‫الجماعات في اكتراء مقر القباضة الجماعية ‪ ،‬ال يعفي من قيام مسؤولية اآلمرين بالصرف‬
‫بخصوص هذه النفقات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.‬‬
‫يتم إثبات النفقات المخصصة إلكراء بنايات إدارية وجوبا بواسطة عقود أكرية تبرم بشكل‬
‫‪92‬‬
‫مباشر بين المكري والمكتري ‪ ،‬بدل اثباتها باالستناد إلى قرار إداري لآلمر بالصرف‪.‬‬
‫القرار الثاني ‪ :‬ان عدم قيام رئيس المجلس الجماعي الخلف بإبرام عقود كراء المحالت التابعة‬
‫ألمالك الجماعة ال يعفيه في إطار تدبيره لهذه األمالك من مسؤولية عدم العمل على تسوية‬
‫وضعيتها‪.‬‬

‫‪ 90‬قرار عدد ‪ / 2015/27‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬مصادر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 2015‬ملف استئناف عدد ‪/ 2014/311‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‬


‫"‪ 91‬نشير أن صيغة ما لم يكن قرار المجلس االعلى او المجلس الجهوي للحسابات مشموال بالنفاذ المعجل دقيقة ومناسبة ‪ ،‬على عكس الصيغة التي‬
‫كانت واردة قبل مناقشة المشروع أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين والتي كانت عبارتها عامة وفضفاضة "‬
‫‪ 92‬قرار عدد ‪/2012/05‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬صادر بتاريخ ‪ 25‬شتنبر ‪ 2012‬ملف استئناف عدد ‪ 2011/302 :‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ان تنازع االختصاص بين جماعتين ترابيتين ال يعفى رئيس المجلس الجماعي المانح لرخص‬
‫االستغالل من المساءلة التأديبية المترتبة عن عدم العمل على استخالص الرسوم والضرائب‬
‫المستحقة على محال بيع المشروبات والجزاءات المقررة عند تأخر الملزمين في اإلدالء‬
‫‪93‬‬
‫بإقراراتهم داخل اآلجال المحددة لهم قانونا‪.‬‬
‫‪ -3‬طلب المراجعة‬
‫يخول القانون للمعني باألمر الحق في تقديم طلب مراجعة األحكام النهائية الصادرة عن‬
‫المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية في حالة اكتشاف عنصر جديد‪،‬‬
‫والذي من شأنه أن يغير مسار الحكم ‪ .‬ويخول نفس الحق للوزير المكلف بالمالية والوزير‬
‫المعني باألمر والوكيل العام للملك والممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية وينبغي‬
‫اإلشارة ان هذا الحق كان يمارسه في ظل القانون رقم ‪ 12-97‬المعني باألمر والوكيل العام‬
‫للم لك فقط‪ ،‬وهكذا يالحظ أن القانون الجديد عمل على توسيع نطاق ممارسة حق طلب‬
‫المراجعة ‪.‬‬
‫ويوجه طلب المراجعة إلى الرئيس األول ‪ ،‬ويجب أن يتضمن هذا الطلب عرضا للوقائع‬
‫والوسائل التي يحتج بها الطالب وأن يكون مرفقا بنسخة من القرار موضوع طلب المراجعة‬
‫وبالتبريرات المسند إليها في العريضة ‪ .‬وبعدين الرئيس األول بملتمس من الوكيل العام للملك‬
‫مستشارا يكلفه بمهمة التحقيق وفقا ألحكام المادة ‪ 74‬من القانون ‪ ،‬أما مختلف إجراءات‬
‫‪94‬‬
‫المسطرة فتجري وفقا ألحكام المواد ‪ 59‬إلى ‪ 65‬من القانون ‪.‬‬
‫‪ -4‬الطعن بالنقض‪:‬‬
‫يمكن للمعني باألمر ان يقدم طلبا بالنقض أمام المجلس األعلى ضد القرارات النهائية التي‬
‫يصدرها استئنافيا المجلس االعلى للحسابات وفقا لألحكام والكيفيات والشروط المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 49‬من القانون‪.‬‬
‫وقد عمل المشرع على التوسيع من نطاق ممارسة حق الطعن ‪ ،‬إذ أصبح يخول نفس الحق‬
‫لكل من الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني باألمر و الممثلين القانونيين لألجهزة المعنية‬
‫بعدما كان مقتصرا في ظل القانون رقم ‪ 12-79‬على الوكيل العام للملك لدى المجلس والذي‬
‫ال زال يمارس هذا الحق بدوره في إطار القانون الجديد وفقا ألحكام المادة ‪ 73‬منه ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬االختصاصات غير القضائية للمجلس األعلى للحسابات‬
‫يضطلع المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬إلى جانب االختصاصات القضائية السالفة الذكر‪ ،‬بمهام‬
‫غير قضائية تبقى في جوهرها رقابة إدارية العتمادها على مسطرة إدارية ال على إجراءات‬
‫قضائية‪ ،‬حيث ال يتمتع القاضي المالي حين إجرائها بسلطة قضائية على اإلدارة فهو يكتفي‬

‫‪ 93‬قرار عدد ‪/ 2013/02‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪ 05‬فبراير ‪ 2013‬ملف استئناف رقم ‪ / 309‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م ‪.2011 /‬‬
‫‪ 94‬أحميدوش مدني‪ ،‬المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.335‬‬

‫‪31‬‬
‫بمراقبة نتائج ومناهج تسييرها وطرق صرفها للمال العام وإبداء مالحظاته ومقترحاته بشأن‬
‫تحسين وسائل العمل دون الحق في زجر المخالفات‪.95‬‬
‫ومن بين هذه المهام مراقبة التسيير‪ ،‬ومراقبة استعمال األموال العمومية‪ ،‬ومراقبة استخدام‬
‫األموال التي يتم جمعها عن طريق التماس االحسان العمومي‪ ،‬وبذل المساعدة للبرلمان‬
‫والهيئات القضائية والحكومة‪ ،‬وتفتيش المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬ووضع التقرير السنوي‪.‬‬
‫كما أسند إلى المجلس‪ ،‬بموجب الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 147‬من الدستور اختصاصات‬
‫جديدة‪ ،‬ذات طابع تخليقي‪ ،‬تتمثل في مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات‪ ،‬وتدقيق حسابات‬
‫االحزاب السياسية‪ ،‬وفحص العمليات المتعلق بالعمليات االنتخابية‪.96‬‬
‫وسنكتفي في هذا اإلطار بالحديث عن مراقبة التسيير ( الفقرة األولى )‪ ،‬ومراقبة استخدام‬
‫األموال العمومية ( الفقرة الثانية )‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مراقبة التسيير‬
‫إن مهمة مراقبة التسيير من أهم االختصاصات التي تمارسها المحاكم المالية‪ ،‬فهي تتميز‬
‫بوظيفة مزدوجة تجمع بين مراقبة المشروعية ومراقبة تقييمية لتدبير المنشأة‪ ،‬وتعتبر أيضا‬
‫امتداد لمراقبة الحساب‪ ،‬باعتبارها كأداة لمراقبة المشروعية‪.97‬‬
‫وتكمن خصوصية هذه الرقابة في كون القرارات واآلراء والمالحظات المعبر في إطارها ال‬
‫تكتسي صبغة إلزامية وليس لها آثار جزائية‪ ،‬ذلك أن رقابة التسيير ال تسعى إلى معاقبة‬
‫المسؤولين عن األخطاء والتجاوزات التي يرتكبونها‪ ،‬بل يتم االكتفاء فقط بتوجيههم إلى مدى‬
‫واقعية الخطط وطرق تنفيذها‪ .‬ومن تم فإن دور الهيئات العليا للرقابة على األموال العمومية‬
‫ال يتعدى تقدير وتقويم أداء التسيير من حيث الكيف واإلدالء عند االقتضاء باقتراحات حول‬
‫الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه وأساليبه والزيادة في فعاليته ومردوده والكشف عن النقص‬
‫والضعف الذي يعتزي المنظمات واألجهزة العمومية في ميدان التسيير‪.98‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فإن األجهزة المعنية بهذه الرقابة هي تلك المنصوص عليها في المادة ‪ 76‬من المدونة‬
‫ويتعلق األمر‪ ،‬بمرافق الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬والمقاوالت المخولة االمتياز في مرفق‬
‫عام أو المعهود إليها بتسييره‪ ،‬باستثناء تلك التي تخضع لرقابة المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫الشركات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة‬
‫مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬الشرك ات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة‬
‫مع الجماعات الترابية أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪ ،‬و أجهزة‬
‫‪ 95‬تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب‪ ،‬تندرج هذه الدراسة في إطار برنامج الشراكة بين جمعية عدالة من أجل الحق في‬
‫المحاكمة العادلة والسفارة الهولندية‪ ،‬منشور في الموقع ‪ .Marocdroit.com‬ص ‪23‬‬
‫‪ 96‬عسو منصور‪ ،‬م س‪ .‬ص ‪336‬‬
‫‪ 97‬الزباخ عبد الودود‪ ،‬دور المحاكم المالية في تحسين التدبير العمومي‪-‬مراقبة التسيير‪ ،-‬مقال منشور في كتاب "المالية العامة ‪ 10‬سنوات من‬
‫اإلصالح"‪ ،‬طبعة ‪ ،2018‬مطبعة اسبارطيل بطنجة‪ .‬ص‪67‬‬
‫‪ 98‬أحميدوش مدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ – 336‬المادة ‪ 75‬من مدونة المحاكم المالية‬

‫‪32‬‬
‫الضمان االجتماعي كيفما كان شكلها‪ ،‬التي تتلقى من أحد األجهزة السابقة مساعدات مالية في‬
‫شكل مساهمات من أرباب العمل أو في شكل إعانات‪.‬‬
‫وتسمح مراقبة التسيير للمجلس األعلى للحسابات بتسطير مجموعة من التوصيات التي تمكن‬
‫األجهزة المراقبة إن هي أخذت بها باالرتقاء بتسييرها وتدبيرها لشؤونها‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫فإن قضاة المجلس األعلى للحسابات وبعد مضي فترة زمنية على وضع وتوجيه هذه‬
‫التوصيات يعاودون الحضور إلى نفس الهيئات للتأكد من أنها قامت بتنزيل هذه التوصيات‬
‫وتأخذ بها في تسييرها اليومي‪.99‬‬
‫ومنه‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات خالل سنتي ‪ 2019‬و ‪ 2020‬في إطار مهمة مراقبة‬
‫التسيير‪ ،‬خصوصا غرفة المجلس ذات االختصاص القضائي بإنجاز ما مجموعه ‪ 41‬مهمة‬
‫رقابية‪ ،‬تضاف إليها ‪ 11‬مهمة رقابية أنجزتها غرفة التدقيق والبت في الحسابات تبعا لتدقيق‬
‫حسابات المحاسبين العموميين لقطاع وزاري واحد ولعشرة مديريات جهوية وإقليمية‬
‫وتقسيمات الضرائب‪.100‬‬
‫وانطالقا من هذا المهمات الرقابية المنجزة خالل سنتي ‪ 2019‬و ‪ 2020‬قام المجلس بتحضير‬
‫‪ 35‬خالصة أدرجت بالتقرير السنوي لسنة ‪ 2019‬و ‪ 2020‬والتي همت مختلف القطاعات‬
‫المعنية بمراقبة التسيير‪.‬‬
‫وال يفوتنا في هذا اإلطار من أخذ نموذجا أو عينة من هذه القطاعات‪ ،‬ويتعلق األمر بالقطاعات‬
‫المرتبطة بالمجال المالي واإلداري‪ ،‬وسنركز خصوصا على تدبير قباضات الضرائب‪ .‬حيث‬
‫قام المجلس األعلى للحسابات بإنجاز ‪ 10‬مهمات لمراقبة التسيير ويتعلق األمر بالمديريات‬
‫الجهوية واإل قليمية للضرائب لكل من مراكش وفاس وطنجة وأكادير ووجدة‪ ،‬وكذا تقسيمات‬
‫الضرائب بكل من تمارة وتيفلت وسال وآسفي والجديدة‪.‬‬
‫وقد تم التركيز خالل هذه المهمات على مجموعة من المحاور كتدبير الوعاء الضريبي‬
‫واالتفاقات والتكفل والتبليغ والتحصيل وغيرها‪.‬‬
‫سنحاول في هذا الصدد الوقوف على أبرز المالحظات والتوصيات التي أصدرها المجلس‬
‫خاصة في إطار تدبير الوعاء الضريبي‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن عمليات تدقيق الحسابات التي قام بها المجلس فهي متعلقة بالفترة الممتدة‬
‫من ‪ 2009‬إلى ‪.2018‬‬
‫وهكذا سجل المجلس مجموعة من المالحظات سواء حول إحصاء الملزمين أو حول إقرارات‬
‫الملزمين‪.101‬‬

‫‪ 99‬تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب‪ ،‬م س‪ .‬ص ‪23‬‬
‫‪ 100‬التقرير السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬م س‪ .‬ص ‪1272‬‬
‫‪ 101‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪1301‬و ‪1302‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ 1‬بخصوص إحصاء الملزمين ‪:‬‬
‫✓ ضرورة القيام بعمليات اإلحصاء السنوي؛‬
‫✓ ضرورة العمل على التأكد من حقيقة الشركات غير النشيطة؛‬
‫✓ ضرورة تفعيل التنسيق مع المحافظات العقارية؛‬
‫‪ 2‬بخصوص اقرارات الملزمين ‪:‬‬
‫✓ تأخر في المطالبة بتقديم اإلقرارات الضريبية؛‬
‫✓ نقص في تفعيل مسطرة الفرض التلقائي للضريبة في حق الملزمين المتخلفين عن اإلدالء‬
‫بإقراراتهم الضريبية؛‬
‫✓ ضرورة الحرص على مسك مصالح الوعاء لوضعية شاملة للملزمين المتخلفين عن‬
‫اإلقرار الضريبي؛‬
‫✓ ضرورة مالئمة دورية اإلدالء باإلقرار مع رقم المعامالت الخاضع للضريبة؛‬
‫وتبعا لما سلف يوصي المجلس االعلى للحسابات بما يلي ‪:‬‬
‫❖ وضع حلول قانونية لمعالجة وضعية الشركات غير النشيطة؛‬
‫❖ أهمية اإلحصاء السنوي وضرورة القيام به؛‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مراقبة استخدام األموال العمومية‬
‫باإلضافة إلى االختصاص السابق هناك اختصاص اخر يمارسه المجلس االعلى للحسابات‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بمهمة مراقبة استخدام األموال العمومية والمنصوص عليها في المواد من ‪86‬‬
‫الى ‪ 88‬من المدونة‪ ،‬وكذلك مراقبة استخدام األموال العمومية التي يتم جمعها عن طريق‬
‫التماس اإلحسان العمومي والمنصوص عليها في المواد من ‪ 89‬الى ‪ 91‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫ومنه‪ ،‬فإن هذه الرقابة تنصب أساسا على األموال المقدمة من طرف األجهزة الخاضعة لرقابة‬
‫المجلس إلى الجمعيات أو المقاوالت غير الخاضعة لمراقبة التسيير‪ ،‬على شكل مساعدة أو‬
‫مساهمة في الرأسمال‪ ،‬بحيث تهدف إلى التأكد من استخدام هذه األموال التي تم تلقيها يطابق‬
‫األهداف المتوخاة من المساهمة أو المساعدة‪ 102،‬وكذا التأكد من أن استعمال الموارد التي تم‬
‫جمعها يطابق األهداف المتوخاة بالنسبة للجمعيات التي تلتمس االحسان العمومي‪.103‬‬

‫‪ 102‬تنص المادة ‪ 86‬من مدونة المحاكم المالية " يراقب المجلس إستخدام األموال العمومية التي تتلقاها المقاوالت‪ ،‬باستثناء المقاوالت المشار إليها‬
‫في المادة ‪ 76‬أعاله‪ ،‬أو الجمعيات أو كل األجهزة األخرى التي تستفيد من مساهمة في الرأسمال أو من مساعدة كيفما كان شكلها من طرف الدولة‬
‫أو مؤسسة عمومية أو من أحد األجهزة األخرى الخاضعة لرقابة المجلس‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.376‬الصادر في ‪3‬‬
‫جمادى األولى ‪ 15 ( 1378‬نوفمبر ‪ )1958‬بتنظيم الحق في تأسيس الجمعيات‪ ،‬كنا وقع تغييره وتتميمه‪"...‬‬
‫‪ 103‬تنص المادة ‪ 89‬من مدونة المحاكم المالية " يمكن لرئيس الحكومة أن تشمل مراقبة المجلس الحسابات المتعلقة باستعمال الموارد التي يتم‬
‫جمعها من طرف الجمعيات التي تلتمس االحسان العمومي‪"...‬‬

‫‪34‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يجب على هذه المقاوالت أو الجمعيات أن تقدم إلى المجلس الحسابات المتعلقة‬
‫باستخدام األموال والمساعدات العمومية‪ 104‬أو المتعلقة بالموارد التي تم جمعها عن طريق‬
‫التماس االحسان العمومي‪ ،105‬وذلك وفق الكيفيات والشروط المنصوص عليها في النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإنه يتم تعين مستشارين من قبل رئيس الغرفة للقيام بمراقبة استخدام األموال العمومية‬
‫التي تلقتها األجهزة المدرجة في برنامج أشغال الغرفة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن إجراءات هذه المراقبة وكذا تبليغ المالحظات وتحرير التقارير‪ ،‬فإنه‬
‫يتم بالكيفية التي تتم فيها مراقبة التسيير أي طبقا لمقتضيات المواد من ‪ 80‬إلى ‪ 85‬اعاله‪.106‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المجالس الجهوية للحسابات ودوره في حماية المال العام‬
‫تعتبر المجالس الجهوية للحسابات مؤسسة دستورية تم إحداثها للقيام بمراقبة المال العام على‬
‫الصعيد الجهوي‪ ،‬وعليه سنحاول في هذا المبحث الحديث عن هيكلة وتنظيم المجالس الجهوية‬
‫للحسابات في مطلب أول ثم نتكلم عن اختصاصات المجالس الجهوية للحسابات في مطلب‬
‫ثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬هيكلة وتنظيم المجالس الجهوية للحسابات‬
‫سنحاول التطرق في هذا المطلب لمسألتين أساسيتين األولى تتعلق باألجهزة القضائية المجالس‬
‫الجهوية للحسابات (الفقرة األولى)‪ ،‬والثانية تهم األجهزة اإلدارية للمجالس الجهوية للحسابات‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األجهزة القضائية للمجالس الجهوية للحسابات‬
‫تشكل األجهزة القضائية العمود الفقري للمحاكم المالية_ سواء تعلق األمر بالمجلس األعلى‬
‫للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات _والتجسيد المؤسساتي لطابعه القضائي من هنا‬
‫سنتوقف في هذه الفقرة على جهاز الرئاسة (أوال) وأيضا على جهاز النيابة العامة للمجالس‬
‫الجهوية للحسابات (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬جهاز الرئاسة‬
‫والمستشارين‪107‬‬ ‫في هذا الصدد فإن هذا الجهاز يضم كل من رئيس المجلس الجهوي للحسابات‬
‫بهذا المجلس‪ ،‬وهذا ما سنتناوله تباعا على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬رئيس المجلس الجهوي للحسابات‪:‬‬

‫‪ 104‬المادة ‪ 87‬من المدونة‬


‫‪ 105‬المادة ‪ 90‬من المدونة‬
‫‪ 106‬المادتين ‪ 88‬و ‪ 91‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫‪ 107‬أنظر المادة ‪119‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫سنتطرق هنا لنقطتين مهمتين نوردهما اتباعا‪:‬‬
‫➢ على مستوى تعيين رئيس المجلس الجهوي للحسابات‪:‬‬
‫طبقا لمقتضيات المادة ‪166‬من مدونة المحاكم المالية فإن رؤساء المجالس الجهوية للحسابات‬
‫يتم تعيينهم من بين المستشارين المشرفين بناء على اقتراح من الرئيس األول للمجلس األعلى‬
‫للحسابات هذا بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية إال أنه استثناء يجوز تعيين رؤساء‬
‫المجالس الجهوية للحسابات من بين المستشارين من الدرجة األولى في حالة عدم وجود‬
‫مستشارين مشرفين‪ ،‬وهذا االستثناء ال يمكن تحققه إال في المرحلة االنتقالية التي حددها‬
‫المشرع في مدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ نشر القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية حيث‬
‫يتم هذا التعيين كذلك بناء على اقتراح من الرئيس األول وبعد موافقة مجلس قضاء المحاكم‬
‫المالية‪.‬‬
‫➢ على مستوى مهام رئيس المجلس الجهوي للحسابات‪:‬‬
‫طبقا للمادة ‪ 120‬من مدونة المحاكم المالية فإن ورؤساء المجالس الجهوية للحسابات يقومون‬
‫بالعديد من المهام ندكر منها‪:‬‬
‫_اإلشراف العام على المجلس الجهوي وتنظيم أشغال؛‬
‫_ ويترأس جلسات المجلس الجهوي كما يجوز له أن يترأس جلسات فروعه؛‬
‫_ ويحدد البرنامج السنوي ألشغال المجلس الجهوي بمشاركة رؤساء الفروع وبتنسيق مع‬
‫وكيل الملك فيما يخص المسائل المتعلقة باالختصاصات القضائية للمجلس الجهوي ويقوم‬
‫بتوزيع األشغال على المستشارين؛‬
‫وجدير بالذكر هنا أن هؤالء الرؤساء يمارسون مهامهم طبقا لنفس المادة بواسطة مقررات أو‬
‫أوامر‪.‬‬
‫‪ .2‬المستشارين بالمجالس الجهوية للحسابات‪:‬‬
‫➢ على مستوى التعيين‪:‬‬
‫طبقا للمادة ‪166‬من القانون رقم ‪ 62.99‬فإن قضاة المحاكم المالية يعينون بناء على اقتراح‬
‫من الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية‪ ،‬هذا‬
‫من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن تعيين رؤساء الغرف يتم من خالل اختيارهم من بين‬
‫المستشارين المشرفين‪ .‬أما فيما يتعلق بتعيين رؤساء فروع المجالس الجهوية فإنه يتم اختيارهم‬
‫من بين المستشارين من الدرجة الثانية ‪.‬‬
‫وجدير بالذكر هنا أن قضاة المحاكم المالية يعينون من بين الملحقين القضائيين وفق الشروط‬
‫المنصوص عليها في الكتاب الثالث من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬وذلك حسب المادة ‪. 169‬‬
‫➢ على مستوى مهامهم‪:‬‬
‫‪36‬‬
‫يقوم المستشارون بالمهام الموكلة إليهم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها‬
‫العمل وخصوصا في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.108‬‬
‫ثانيا ‪ :‬جهاز النيابة العامة بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات‪:‬‬
‫في هذا اإلطار فإن النيابة العامة فيما يخص الشق القضائي تضم وكيل الملك ونائب لوكيل‬
‫الملك أو عدة نواب‪ .‬وسنتناول اتباعا كل من مسألة تعيينهم (أ) وصالحياتهم (ب)‬
‫أ_ تعيين وكيل الملك ونوابه‪:‬‬
‫طبقا للفقرة األخيرة من المادة ‪166‬من مدونة المحاكم المالية فإن وكيل الملك يتم تعيينه من‬
‫بين المستشارين من الدرجتين الثانية واألولى‪ ،‬وذلك بموجب أمر يتخذه الرئيس األول بناء‬
‫على اقتراح الوكيل العام للملك وبعد موافقة مجلس قضاء المحاكم المالية‪.‬‬
‫وطبقا للفقرة األخيرة من المادة ‪121‬من القانون رقم ‪62.99‬المتعلق بالمحاكم المالية فإن‬
‫نواب وكيل الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات يتم تعيينهم وفقا لنفس الشروط المطبقة‬
‫على وكيل الملك‪.‬‬
‫ب_ صالحيات وكيل الملك ونوابه‪:‬‬
‫يمارس وكيل الملك مهام النيابة العامة بإيداع مستنتجات وملتمسات‪ ،‬وال يقوم بمهام النيابة‬
‫العامة إال في المسائل القضائية المسند النظر فيها إلى المجلس الجهوي للحسابات وتبلغ إليه‬
‫التقارير المتعلقة بالميادين القضائية للمجلس‪ ،‬كما يحيل إلى هذا األخير العمليات التي قد تشكل‬
‫تسييرا بحكم الواقع‪ ،‬ويلتمس من رئيس المجلس الجهوي للحسابات فيما إذا حصل تأخير في‬
‫تقديم الحسابات بتطبيق الغرامة المقررة في المادة ‪ 29‬من القانون المتعلق بمدونة المحاكم‬
‫المالية‪.‬‬
‫ويجوز له أن يحضر جلسات المجلس الجهوي للحسابات ويقدم بالمناسبة مالحظات جديدة‪،‬‬
‫ويمكن أن يعين نائبا لتمثيله فيها‪ ،‬كما يمكن له أن يبلغ المجلس الجهوي للحسابات إذا ما‬
‫اكتشف أفعاال تدخل في اختصاص المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية وفقا لمقتضيات المادة ‪ 138‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫ويقوم باطالع الوكيل العام للملك لدى المجلس على سير أعمال النيابة العامة بواسطة‬
‫تقارير‪.109‬‬
‫وجدير بالذكر أن وكيل الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات يساعده نائب أو عدة نواب‪.110‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة اإلدارية للمجالس الجهوية للحسابات‬

‫‪ 108‬أنظر الفقرة الثانية من المادة ‪168‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬


‫‪ 109‬أنظر المادة ‪122‬من القانون رقم ‪62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ 110‬أنظر الفقرة األخيرة من المادة ‪121‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫في هذا الفقرة سنتطرق لألجهزة اإلدارية للمجالس الجهوية للحسابات ويتعلق األمر بكل من‬
‫الكتابة العامة (أوال ) وجهاز كتابة الضبط (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬جهاز الكتابة العامة‬
‫يتم تعيين واختيار الكاتب العام للمجلس الجهوي للحسابات بناء على اقتراح من الرئيس األول‬
‫للمجلس األعلى للحسابات من بين المستشارين من الدرجة األولى بعد موافقة مجلس قضاء‬
‫المحاكم المالية‪.111‬‬
‫ومن اختصاصات الكاتب العام للمجلس الجهوي للحسابات السهر على أن تقم الحسابات في‬
‫اآلجال القانونية‪ ،‬ويخبر وكيل الملك بكل تأخير في الشأن ‪ ،‬و يساعد كذلك رئيس المجلس في‬
‫تحضير البرامج وتنسيق أشغال المجلس الجهوي وتنظيم جلسات الهيئات التابعة له‪ ،‬ويتولى‬
‫تحت سلطة الرئيس تسيير كتابة الضبط و المصالح اإلدارية للمجلس وفقا ألحكام المادة ‪123‬‬
‫من القانون‪ ،‬أما في حالة غياب الكاتب العام أو إذا عاقه عائق يكلف رئيس المجلس أو من‬
‫ينوب عنه مؤقتا‪112.‬‬

‫ثانيا ‪:‬جهاز كتابة الضبط‬


‫يؤدي كاتب الضبط القسم أو اليمين المهني قبل الشروع في مباشرة مهامه وفقا للمقتضيات‬
‫القانونية أو التنظيمية المعمول بها‪.113‬‬
‫ومن اختصاصاته تسجيل الحسابات وجمع الوثائق الحسابية التي ترد إلى المجلس الجهوي‬
‫للحسابات كما يضمن ويتولى توزيع برنامج أعمال وأشغال المجلس كما هو الشأن بالنسبة‬
‫إلى نظيره بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ويقوم أيضا بمهمة توثيق الحسابات والوثائق السالفة‬
‫الذكر‪ ،‬كما تسند إليه مهمة تبليغ قرارات أو أحكام المجلس ويشهد بصحة نسخ وملخصات‬
‫األحكام القضائية الصادرة عليه‪ ،‬ونشير أخيرا إلى أنه يجوز له حضور جميع تشكيالت‬
‫المجلس الجهوي للحسابات‪ ،‬أما تنظيم وتسيير كتابة الضبط فتحدد بواسطة أمر بصدره الرئيس‬
‫األول المجلس األعلى للحسابات‪.114‬‬
‫وحسب مقتضيات الفقرة األخيرة من المادة ‪124‬من مدونة المحاكم المالية فإن كاتب للضبط‬
‫يحضر في كل هيئة من هيئات المجلس الجهوي‪.‬‬
‫وجدير بالذكر في ختام هذا المطلب أن نتطرق لمسألة مهمة وتتعلق بهيئات المجالس الجهوية‬
‫للحسابات وعليه فإنه يمكن تقسيم كل مجلس جهوي للحسابات إلى فروع بأمر من الرئيس‬
‫األول للمجلس األعلى للحسابات يعرض من أجل التأشير عليه على أنظار الوزير المكلف‬
‫بالوظيفة العمومية والوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫‪ 111‬أنظر المادة ‪166‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬


‫‪ 112‬أنظر المادة ‪123‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ 113‬الفقرة الثانية من المادة ‪124‬من القانون رقم ‪. 62.99‬‬
‫‪ 114‬المادة ‪124‬الفقرة األولى من القانون رقم ‪. 62.99‬‬

‫‪38‬‬
‫ولم ينص القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية على عدد هذه الفروع وتعتبر هذه األخيرة‬
‫من أهم الهيئات المكونة للمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وبذلك فإن المشرع اقتصر على إمكانية‬
‫إنشاء الفروع فقط‪ ،‬ألن األمر ال يتطلب تكوين غرف وهيئات أخرى كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للمجلس األعلى للحسابات وما يبرر ذلك هو طبيعة التكوين واالختصاص إذ يقتصر‬
‫اختصاص المجالس الجهوية للحسابات على نطاق جغرافي محدد ومحلي‪.115‬‬
‫وال يمكن لفروع المجالس الجهوية للحسابات عقد جلساتها إال بحضور خمسة قضاة بمن فيهم‬
‫رئيس المجلس أو رئيس الفرع وفقا لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 125‬من قانون المتعلق‬
‫بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬في حين اكتفت الغرف الجهوية الفرنسية في إطار عقد جلسات فروعها‬
‫بحضور ثالثة قضاة على األقل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاصات المجلس الجهوي للحسابات ودوره في حماية المال‬
‫العام‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 149‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬نجده ينص على أنه‬
‫"تتولى المجالس الجهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية األخرى‬
‫و هيئاتها‪ ،‬وكيفية قيامها بتدبير شؤونها ‪.‬‬
‫وتعاقب عند االقتضاء‪ ،‬عن كل إخالل بالقواعد السارية على العمليات المذكورة"‪.116‬‬
‫بناء عليه سنحاول دراسة االختصاصات القضائية وغير القضائية للمجالس الجهوية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى التطرق للمساطر المتبعة أمامها وطرق الطعن الممكنة‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االختصاصات القضائية‬
‫يتولى ا لمجلس الجهوي للحسابات مهام تدقيق والتحقيق والبت في الحسابات‪ ،‬كما ينظر أيضا‬
‫في عمليات التسيير بحكم الواقع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التدقيق والتحقيق والبت في الحسابات‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 126‬من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه "يقوم المجلس‬
‫الجهوي في حدود دائرة اختصاصه بالتدقيق والبت في حسابات الجماعات الترابية‬
‫ومجموعاتها وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاوالت التي تملك رأسمالها كليا‬
‫الجماعات الترابية ومجموعاتها ومؤسسات عمومية تخضع لوصاية الجماعات الترابية‬
‫ومجموعاتها‪ ،‬والتي تتوفر على محاسب عمومي‪ .‬ويلزم المحاسبون العموميون الجماعات‬
‫الترابية ومجموعاتها بتقديم حسابات هذه األجهزة سنويا إلى المجلس الجهوي‪ ،‬وذلك وفق‬

‫‪ 115‬أحميدوش مدني‪،‬المحاكم المالية في المغرب _ دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى ‪2003‬الموافق ل ‪1424‬ه‪،‬مطبعة فضالة _‬
‫المحمدية‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫‪ 116‬دستور ‪ ،2011‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( 1432‬يوليو ‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 30 1432‬يوليو (‪ )2011‬ص ‪..3600‬‬

‫‪39‬‬
‫الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل‪ .‬ويلزم محاسبو األجهزة األخرى‬
‫الخاضعة لرقابة المجلس الجهوي بأن يقدموا سنويا إلى المجلس الجهوي بيانا محاسبيا عن‬
‫عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها‪ ،‬وذلك وفق الكيفيات‬
‫المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل"‪.117‬‬
‫من خالل هذه المادة يجب على المحاسبون العموميون للجماعات الترابية و األجهزة األخرى‬
‫الخاضعة لها بتقديم الحسابات التي يشرفون عليها‪ ،‬و ذلك بصفة سنوية‪ ،‬من أجل أن يمد‬
‫المجلس الجهوي رقابته عليها و يدقق في حساباتها‪ ،‬ذلك بناء على المساطر المقررة في‬
‫القانون و التي سنتطرق لها بالتفصيل الحقا‪.‬‬
‫كما أنه باالطالع على عمليات اإلدالء بالحسابات التي تمت في سنتي ‪ 2019‬و ‪ 2020‬نجد‬
‫بأنه على صعيد المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬قد بلغ عدد الحسابات المدلى بها إلى هذه‬
‫المجالس ما مجموعه ‪ 2.723‬حسابا خالل سنتي ‪ 2019‬و ‪ ،2020‬منها ‪ 1.145‬برسم سنة‬
‫‪ 2018‬و ‪ 1.578‬برسم سنة ‪.1182019‬‬
‫بالتالي قد حققت نسبة اإلدالء بالحسابات ارتفاع بسيط سنة ‪ 2019‬مقارنة مع سنة ‪،2018‬‬
‫هذا على خالف الحسابات المدلى بها أمام المجلس األعلى للحسابات الذي عرف شبه استقرار‬
‫في العدد حيث بلغ عدد الحسابات المدلى بها سنة ‪ 2018‬ما مجموعه ‪ 589‬بينما في سنة‬
‫‪ 2019‬بلغ ‪.119583‬‬
‫كما أن رقابة المجالس الجهوية ال تقتصر على المحاسبين القانونيين فحسب بل تمتد لتشمل‬
‫صنف آخر و هو ما يسمى بالمحاسب بحكم الواقع‪" ،‬وهم أولئك الذين يقومون بعمليات قبض‬
‫الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك األجهزة العمومية الخاضعة‬
‫لرقابة المجلس‪ ،‬دون تفويض من أية جهة‪ .‬بحيث يكون المحاسب العمومي هو المكلف أصال‬
‫بإنجاز هذه العمليات‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك يمكن بوجه خاص أن يعتبر مشاركا مسؤوال عن‬
‫التسيير بحكم الواقع كل موظف أو عون وكذا كل من هو مؤهل للقيام بالطلبات العمومية‪،‬‬
‫والذي يكون بموافقته أو تشجيعه إما على المبالغة في بيانات األثمان أو الفاتورات أو على‬
‫تحريف البيانات الواردة بهذه الوثائق‪ ،‬قد عمد على علم إلى تحرير أوامر باألداء أو حواالت‬
‫أو تبريرات أو أصول صورية‪ .‬وقد خصص القانون فرعا خاصا للمحاسب الفعلي أو بحكم‬
‫الواقع‪ .‬فمن خالل المواد رقم ‪ 43 41‬و ‪ 44‬من القانون يتضح أن صفة المحاسب امتدت‬
‫لتشمل المحاسب بحكم الواقع"‪.120‬‬

‫‪ 117‬القانون رقم ‪ 99.62‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ 124.02.1‬صادر في فاتح ربيع اآلخر ‪ 13(1423‬يونيو ‪،) 2002‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5030‬بتاريخ ‪ 6‬جمادى اآلخرة ‪ 15 (1423‬أغسطس ‪) 2002‬ص ‪.2294‬‬
‫‪ 118‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 7073‬مكرر – ‪ 11‬شعبان ‪14 (1443‬‬
‫مارس ‪ ،2022‬ص ‪.1244‬‬
‫‪ 119‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1263‬‬
‫‪ 120‬أحميدوش مدني‪ ،‬المحاكم المالية في المغرب‪ ،‬مطبعة فضالة المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2003‬ص ‪.301‬‬

‫‪40‬‬
‫وبالرغم من أن دعوى التسيير بحكم الواقع تندرج في إطار البت في الحسابات‪ ،‬إال أنها ليست‬
‫دعوى تلقائية‪ ،‬بل تتم إحالتها على المحكمة المالية المختصة من طرف النيابة العامة‪.121‬‬
‫فبالرجوع إلى المادة ‪ 132‬من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه " يحيل وكيل الملك‬
‫إلى المجلس الجهوي في حدود اختصاصاته العمليات التي قد تشكل تسييرا بحكم الواقع من‬
‫تلقاء نفسه أو بطلب من وزير الداخلية أو الوالي أو العامل‪ ،‬وذلك في حدود االختصاصات‬
‫المخولة لهم تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬والوزير المكلف‬
‫بالمالية أو الخازن بالجهة أو العمالة أو اإلقليم أو الممثل القانوني للجماعات الترابية أو‬
‫مجموعاتها أو المحاسبين العموميين‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن حق المجلس الجهوي في‬
‫التصدي للنظر فيها بصفة مباشرة استنادا إلى اإلثباتات المنجزة خاصة بمناسبة التدقيق في‬
‫الحسابات" و قد بلغت القضايا الرائجة أمام المجلس الجهوي و المتعلقة بالتسيير بحكم الواقع‬
‫ما مجموعه ‪ 7‬ملفات‪.122‬‬
‫كما أصدر المجلس الجهوي للحسابات لجهة درعة تافياللت الحكم النهائي عدد ‪01/2019‬‬
‫بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ ،2019‬والذي صرح بمقتضاه بحالة التسيير بحكم الواقع في إطار اإلعانة‬
‫الممنوحة لجمعية "أ‪.‬أ" بمبلغ قدره ‪ 76,000,00‬درهم‪ ،‬التي سبق للنيابة العامة لدى المجلس‬
‫الجهوي للحسابات المذكور أن أحالتها عليه خالل سنة ‪ 2018‬وتتعلق هذه الحالة باستنفاد‬
‫المكتب المسير للجمعية صالحيته دون عقد الجمع العام لتجديد هياكل الجمعية كما ينص على‬
‫ذلك قانونها األساسي‪ ،‬وكذا بعدم التصريح بكل تغيير يطرأ على التسيير أو اإلدارة أو‬
‫التصريح بعدم وقوع التغيير المذكور في التاريخ المقرر له بموجب القانون األساسي‪ ،‬عمال‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 5‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.376‬بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما‬
‫تم تغييره وتتميمه‪ ،‬األمر الذي أفقد رئيس الجمعية أهلية التصرف في اإلعانات العمومية‪،‬‬
‫طبقا ألحكام الفصل ‪ 6‬من الظهير الشريف سالف الذكر‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬اعتبرت الهيئة أن حيازة واستعمال رئيس الجمعية ألموال متأتية من‬
‫الدعم العمومي الممنوح من طرف الجماعة‪ ،‬والتي هو في نفس الوقت رئيسها (أي الجماعة‬
‫واالمر بصرف نفقاتها‪ ،‬دون تنفيذ الهدف المتوخى من الدعم العمومي (الهدف المتعاقد بشأنه‬
‫مع الجمعية‪ ،‬إضافة إلى فقدانه لصفة التمثيل القانوني للجمعية بعد انقضاء صالحية مكتبها‬
‫المسير دون تجديد هياكلها تجعله مستوفيا لشروط تعريف المحاسب بحكم الواقع الواردة في‬
‫‪123‬‬
‫المادة ‪ 41‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫باإلضافة إلى اختصاص البت والتدقيق في الحسابات‪ ،‬فإن المجلس الجهوي يمارس اختصاص‬
‫قضائي آخر وهو التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬فبالرجوع إلى المادة ‪ 136‬من‬
‫‪ 121‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1266‬‬
‫‪ 122‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1266‬‬
‫‪ 123‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1266‬‬

‫‪41‬‬
‫مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه "يمارس المجلس الجهوي مهمة قضائية في ميدان‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة إلى األشخاص الوارد بيانهم في الفقرة‬
‫الرابعة من المادة ‪ 118‬أعاله‪ ،‬والذين يرتكبون إحدى المخالفات المنصوص عليها فـي المواد‬
‫‪ 54‬و‪ 55‬و‪ 56‬أعاله"‪.‬‬
‫بالتالي فالمجالس الجهوية تمارس مهمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة‬
‫لكل مسؤول أو موظف أو مستخدم يعمل في‪: 124‬‬
‫‪ -‬الجماعات الترابية ومجموعاتها؛‬
‫‪ -‬المؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والمجموعات؛‬
‫‪ -‬كل الشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الجماعات الترابية أو المجموعات أو الهيئات‬
‫على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال‬
‫أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار؛‬
‫وال تقوم مسؤولية هؤالء األشخاص إال إذا ارتكبوا إحدى المخالفات المنصوص عليها في‬
‫المواد ‪ 54‬و ‪ 55‬و ‪ ،56‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬مخالفة قواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها؛‬
‫‪ -‬عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية ؛‬
‫‪ -‬مخالفة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بتدبير شؤون الموظفين واألعوان؛‬
‫وغيرهم من المخالفات المنصوص عليها في المواد أعاله‪.‬‬
‫❖ أما فيما يخص الجهات المخول لها رفع القضية إلى المجلس الجهوي‪ :‬فقد حددتها‬
‫لنا المادة ‪ 138‬من مدونة المحاكم المالية حيث نصت على أنه " يرفع القضية إلى‬
‫المجلس الجهوي وكيل الملك من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس‪ .‬ويؤهل كذلك لرفع‬
‫القضية إلى المجلس الجهوي بواسطة وكيل الملك وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش‬
‫مشفوعة بالوثائق المثبتة وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية"‪.‬‬
‫إال أنه من خالل تحليلنا لتقرير المجلس األعلى للحسابات وجدنا بأنه عاب على مسطرة‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية‪ ،‬بأن الجهات الداخلية هي التي تحوز نصيب‬
‫األسد في إحالة القضايا على المجلس‪ ،‬فعلى صعيد المجالس الجهوية للحسابات قد توزعت‬
‫طلبات رفع القضايا الموجهة إلى السادة وكالء الملك لدى هذه المجالس بين تلك الصادرة عن‬
‫رؤساء المجالس الجهوية للحسابات على إثر مداوالت هيئات هذه المجالس سواء في إطار‬
‫التدقيق والبت في الحسابات أو مراقبة التسيير بنسبة ‪ %68‬وتلك الصادرة عن وزير الداخلية‬
‫استنادا إلى تقارير المفتشية العامة لإلدارة الترابية بنسبة ‪.125%32‬‬

‫‪ 124‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 118‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 125‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1253‬‬

‫‪42‬‬
‫بينما عرفت نسب الفئات المتابعة أمام المجلس تنوعا حيث شكلت فئة األمرين بالصرف‬
‫واالمرين بالصرف المساعدين نسبة ‪ ٪31‬من األشخاص المتابعين فيما شكل رؤساء األقسام‬
‫والمصالح نسبة ‪ %51‬والموظفون واألعوان نسبة ‪ ،%15‬في حين لم تتجاوز نسبة المحاسبين‬
‫‪126‬‬
‫والمراقبين ‪.%1‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسطرة المتبعة أمام المجالس الجهوية للحسابات‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 128‬من مدونة المحاكم المالية نجدها تنص على أنه "تطبق مقتضيات‬
‫المواد من ‪ 27‬إلى ‪ 40‬من الكتاب األول من هذا القانون المتعلقة بالتدقيق والتحقيق والبت في‬
‫الحسابات على المجلس الجهوي‪ ،‬ويتولى مهام الهيئة المجلس الجـهوي أو الفرع‪ ،‬ومهام‬
‫الرئيس األول ورئيس الغرفة الرئيس‪ ،‬ومهام الوكيل العام للملك وكيل الملك‪ .‬ويكون البرنامج‬
‫السنوي المشار إليه في المادة ‪ 30‬أعاله هو البرنامـج السنوي المنصوص عليه في المادة‬
‫‪ 120‬من هذا القانون"‪.127‬‬
‫بالتالي فالمقتضيات التي أشرنا لها سابقا فيما يخص مسطرة التدقيق والتحقيق الذي يقوم به‬
‫المجلس األعلى للحسابات هي نفسها التي تطبق أمام المجالس الجهوية‪ ،‬االختالف الوحيد‬
‫يتعلق بمن يتولى القيام بتلك المهام و ذلك وفق الشكل التالي‪:‬‬

‫أمام المجالس الجهوية‬ ‫أمام المجلس األعلى للحسابات‬


‫المجلس الجهوي أو الفرع‬ ‫مهام الهيئة‬
‫الرئيس‬ ‫مهام الرئيس األول و رئيس الغرفة‬
‫وكيل الملك‬ ‫مهام الوكيل العام للملك‬

‫ويتـولى المستشــار المقــرر مهمـة تحريــر القــرار أو الحكــم ويوقعــه كــل مـن رئــيس‬
‫الهيئــة وكاتــب الضبط‪ ،‬أمـا إذا عـاق الـرئيس عـائق عـن التوقيـع فيقـوم بهذه المهمـة أقـدم‬
‫المستشـارين األعضـاء في الهيئـة طبقا ألحكام المادة ‪ 129‬من القانون‪.128‬‬
‫ويــتم تبليــغ الحكــم التمهيــدي إلى المحاســب العمــومي‪ ،‬ويبلــغ الحكــم النهــائي باإلضــافة‬
‫إلى المحاسـب العمـو مي إلى سـلطة الوصـاية ووكيـل الملـك والخـازن بالجهـة أو العمالـة أو‬
‫اإلقلـيم وإلى الممثلـين القـانونيين لألجهـزة العموميـة المعنيـة كمـا تـنص علـى ذلـك المـادة‬
‫‪ 130‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪ 126‬تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1254‬‬
‫‪ 127‬القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 128‬القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مسطرة الطعن أمام المجالس الجهوية للحسابات‬
‫يمكن االعتراض على القرارات النهائية التي تصدرها المجالس الجهوية للحسابات إما بطلب‬
‫استئنافها أمام المجلس األعلى للحسابات (أوال) أو بتقديم طلب مراجعتها (ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬طلب االستئناف‬
‫تعتبر القرارات أو االحكام النهائية الصادرة عن المجلس الجهوي للحسابات قابلة لالستئناف‬
‫أمام المجلس األعلى للحسابات وفقا ما نصت عليه مقتضيات المادة ‪ 134‬من القانون ‪62.99‬‬
‫المتعلق بمدونة المحاكم المالية ‪.129‬‬
‫وقد أم ِن َحت هذه االمكانية إلى كل من المحاسب العمومي أو لذوي حقوقه إما بصفة شخصية‬
‫أو بواسطة وكيل؛ نفس الحق مخول كذلك إلى وزير الداخلية أو الوالي أو العامل في حدود‬
‫االختصاصات المخولة لهم تطبيقا للنصوص التشريعية أو الجاري بها العمل‪ ،‬وكذا لوزير‬
‫المكلف بالمالية أو الخازن الجهة أو العمالة أو اإلقليم أو وكيل الملك والممثل القانوني‬
‫للجماعات الترابية أو مجموعاتها أو المؤسسة العمومية المعنية ‪.130‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن االستئناف ي التنظيمية وقف التنفيذ‪ ،‬ما لم يكن حكم المجلس الجهوي‬
‫مشموال بالنفاذ المعجل‪ ،‬كما يجب على طالب االستئناف إيداع عريضة االستئناف لدى كتابة‬
‫الضبط بالمدلس الجهوي خالل أجل ثالثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ الحكم النهائي‪ ،‬وتقدم‬
‫عريضة االستئناف طبقا للكيفيات واإلجراءات المنصوص عليها في الفصل ‪141‬و ‪ 142‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وكاستثناء ال تطبق مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل ‪ .142‬ويوجه‬
‫كاتب الضبط بالمجلس الجهوي ملف الطعن إلى كتابة الضبط لدى المجلس األعلى للحسابات‪،‬‬
‫ويمكن بطلب من المجلس أن يضاف إلى ملف الطعن الحساب موضوع الحكم المطعون فيه‬
‫كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫هكذا فحق االستئناف يتيح الفرصة أمام الطاعنين من أجل الدفع بوسائل جديدة واإلدالء بوثائق‬
‫إضافية‪ ،‬وعرض الملف على هيئة درجة ثانية في سلم التقاضي ليتم النظر فيه من جديد‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن من المبادئ القارة في مجال االستئناف‪ ،‬الرجوع باألطراف المتقاضين الى وضع‬
‫م ا قبل الحكم المستأنف‪ ،‬وبالتالي فحص الوقائع وتحليلها وإعادة تكييفها عند االقتضاء‪ ،‬إذا ما‬
‫تبين من خالل الحكم المستأنف أنه لم يتم إنزاله على الواقعة‪.‬‬
‫إن مهام قاضي االستئناف ليست مطلقة‪ ،‬إذ أن عريضة االستئناف هي التي تحدد النطاق الذي‬
‫ينبغي أن يتقيد به في إطار قاعدة األمر الناقل لالستئناف‪ ،‬بحيث ال يجوز له أن ينظر في أية‬
‫وسائل أو ملتمسات أخرى غير تلك التي تضمنتها هذه العريضة‪.‬‬

‫‪ 129‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.124‬صادر في فاتح ربيع اآلخر‪13( 1423‬يونيو‪ )2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪26.11‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪1111‬بتاريخ ‪5‬جمادى اآلخرة ‪15 (1423‬أغسطس ‪.)2002‬ص ‪2294‬‬
‫‪ 130‬الفقرتان ‪2‬و ‪ 3‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫‪44‬‬
‫ولإلشارة فإن عدم احترام الشروط الواجب توفرها في عريضة االستئناف يؤدي إلى عدم‬
‫قبول الطلب؛ وهذا ما جاء في حيثيات إحدى القرارات الصادرة عن المجلس األعلى‬
‫للحسابات‪:‬‬
‫" وحيث توصل المجلس األعلى للحسابات بتاريخ ‪ 2011/03/14‬بطلب االستئناف المودع‬
‫من طرف الطاعن المذكور بكتابة الضبط لدى المجلس الجهوي للحسابات بوجدة بتاريخ‬
‫‪ 22‬فبراير ‪ ،2011‬وذلك في احترام تام لآلجال المحددة بالمادة ‪ 134‬المشار إليه أعاله؛‬
‫وحيث تنص نفس المادة ‪ 134‬على أن عريضة االستئناف يجب أن تقدم طبقا للكيفيات‬
‫واإلجراءات المنصوص عليها في الفصلين ‪ 141‬و ‪ 142‬من قانون المسطرة المدنية؛‬
‫وحيث يجب أن يتضمن المقال ـ حسب الفصل ‪ 142‬المذكورـ االسم الشخصي والعائلي‬
‫وصفة أو مهمة وموطن أو محل إقامة كل من المستأنف والمستأنف عليه ‪ ...‬وأن يتضمن‬
‫كذلك موضوع الطلب والوقائع والوسائل المثارة وترفق المستندات التي يريد الطالب‬
‫استعمالها بالمقال؛‬
‫لكن‪ ،‬حيث تبين للمجلس أن المقال المقدم من طرف الطاعن المذكور جاء محال بشكل واضح‬
‫بالكيفيات واإلجراءات الضرورية الواجب احترامها سواء بمقتضى القانون المتعلق بمدونة‬
‫المحاكم المالية أو بموجب المقتضيات الصريحة للفصل ‪ 142‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫المذكور‪ ،‬ومن ذلك على الخصوص‪:‬‬
‫‪ -1‬أن طلب االستئناف تم توجيهه إلى رئيس المجلس الجهوي للحسابات بوجدة وليس‬
‫إلى الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات صاحب االختصاص في الموضوع‪،‬‬
‫وذلك خالفا ألحكام المادة ‪ 48‬من مدونة المحاكم المالية التي تنص على أن المجلس‬
‫األعلى للحسابات يبت في طلبات استئناف االحكام الصادرة عن المجالس الجهوية؛‬
‫‪ -2‬أن المقال اقتصر على ذكر االسم الشخصي والعائلي للمحاسب المستأنف‪ ،‬ولم‬
‫يتضمن ال صفته‪ ،‬وال محل اقامته أو عنوانا قارا لمخابرته‪ ،‬خاصة وأن المعني باألمر‬
‫محال على التقاعد كما صرح بذلك بنفسه في ذات المقال ؛‬
‫‪ -3‬أن المقال ـ فضال عن كونه لم يتضمن وسائل متينةـ ولم يرفق بأي مستند يؤكد‬
‫حقيقة ما دفع به المستأنف وما أثاره من وسائل وما احتج به من تبريرات‪ ،‬بل إنه‬
‫لم يرفق بأي وثيقة على اإلطالق؛‬
‫‪ -4‬أن طلب االستئناف ـ مع كونه لم يوجه إلى الجهة المختصة ـ تم تذييله بصيغة‬
‫استعطاف مبهمة وخالية من أية مطالب قانونية واضحة ومحددة تعكس الغرض‬
‫الحقيقي من العريضة المقدمة بحيث تكون منسجمة مع موضوع الطلب من جهة‪،‬‬
‫ومتالئمة مع جملة الدفوع والعناصر المضمنة في المقال من جهة أخرى؛‬
‫بناء على ما تقدم فإن المجلس يصرح بعدم قبول الطلب الذي تقدم به المحاسب السيد (‪)..‬‬
‫الستئناف الحكم رقم ‪ 110/10‬ن الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات بوجدة بشأن‬
‫‪45‬‬
‫حساب الجماعة الحضرية بني انصار لسنة ‪ ،2004‬وذلك طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 47‬و‬
‫‪ 48‬من مدونة المحاكم المالية‪131".‬‬

‫جدير بالذكر نجد من والية قاضي االستئناف كذلك واجب االلتزام بقاعدة " ال يضار أحد‬
‫باستئنافه"‪ ،‬إذ ال يجيز للهيئة الرفع من مبلغ العجز أو الغرامة أو اإلرجاع المحكوم به من‬
‫طرف المجلس الجهوي‪ ،‬في الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه هو المستأنف األصلي‬
‫الوحيد‪.‬‬
‫وال غرو أن المجلس األعلى للحسابات يمارس مهامه في مجال االستئناف تحت رقابة محكمة‬
‫النقض باعتبارها الجهة القضائية المختصة بالبت في طلبات النقض ضد القرارات الصادرة‬
‫عن المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬وكذلك باعتبارها الجهة الساهرة على التطبيق السليم للقانون‪،‬‬
‫ومن تم ترسيخ ثقافة االجتهاد وتوحيد وجهات النظر لدى محاكم المملكة بمختلف درجاتها‬
‫وتصنيفاتها‪.‬‬
‫إن المجلس األعلى للحسابات عند بته في طلبات االستئناف المعروضة عليه من طرف‬
‫المجالس الجهوية يلجأ في كثير من الحاالت إلى استلهام بعض القواعد اإلجرائية العامة‬
‫الواردة في قانون المسطرة المدنية حتى يتسنى له البت في هذه الطلبات نظرا لكون المشرع‬
‫لم يحدد للمحاكم المالية قانونا مسطريا خاصا ينظم ممارسة االختصاصات القضائية على‬
‫غرار قانوني المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية‪ ،‬ذلك أن القواعد المسطرية الواردة في‬
‫قانون ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية جاءت مختزلة‪ ،‬السيما حين يتعلق االمر بالمهام‬
‫القضائية االستئنافية‪ ،‬حيث يشير في أحايين كثيرة لمقتضيات قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬طلب المراجعة‬
‫يمكـن للمحاسـب العمـومي أو لـذوي حقوقـه بصـفة شخصـية أو بواسـطة وكيـل أن يتقـدموا‬
‫بطلب مراجعة القرارات النهائيـة الصـادرة‪-‬بعـد انصـرام األجـل المحـدد لالسـتئناف‪ -‬عـن‬
‫المجلـس الجهـوي للحسابات في حالة اكتشاف عنصر جديد‪.‬‬
‫وطلب المراجعة مفتوح أيضا أمام كل من وكيل الملك وإلى وزير الداخلية أو الوالي أو العامل‬
‫في حــدود االختصاصــات المفوضــة إلــيهم تطبيقــا للنصــوص التشــريعية والتنظيميــة‬
‫الجــاري بها العمــل‪ ،‬والوزير المكلف بالماليـة أو الخـازن بالجهـة أو العمالـة أو اإلقلـيم أو‬
‫الممثـل القـانوني للجماعـات المحليـة أو الهيئات أو المؤسسات العمومية المعنية‪.‬‬
‫وفي هـذا االطار يـتم وضـع طلـب المراجعـة بكتابـة الضـبط لـدى المجلس‪ ،‬ويجـب أن‬
‫يتضـمن عرضـا للوقـائع والوسـائل الـتي يحـتج بها الطالـب وأن يكـون مرفقـا بنسـخة مـن‬
‫الحكـم موضـوع طلـب المراجعة وبالتبريرات المستند إليها في العريضة‪.‬‬
‫ويبت المجلس في القضية بحكم تمهيدي يبلغ إلى األطـراف المعنيـة الـتي يضـرب لهـا أجـل‬
‫لتقـديم مالحظاتها أو تبريراتها وإثباتاتها ‪ .‬ويقوم المجلس عنـد االقتضـاء بمراجعـة القـرار‬

‫‪ 131‬قرار عدد ‪ 2011/12‬صادر بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ ،2011‬ملف استئنافي عدد ‪2011/06‬‬


‫‪46‬‬
‫وبفحـص الوسـائل المقدمـة واالطالع على مستنتجات النيابة العامة‪.‬‬
‫ويحدد أجل تقديم طلب المراجعة في عشر ‪10‬سنوات يبتدئ من تاريخ تبليغ حكم المجلس‬
‫الجهوي وفي حالة تقديمه لغير صالح المحاسب المعني باألمر يحدد هذا األجل في أربع‬
‫‪132‬‬
‫‪4‬سنوات‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬االختصاصات غير القضائية للمجلس الجهوي‬
‫تعتبر مراقبة التسيير ومراقبة استخدام األموال العمومية اختصاصين غير قضائيين للمجلس‬
‫الجهوي للحسابات‪ ،‬ويمارس هذين االختصاصين السالف الذكر من المواد ‪ 147‬إلى ‪153‬‬
‫من القانون ‪ 62.99‬بالنسبة لمراقبة التسيير‪ ،‬والمواد من ‪ 154‬إلى ‪ 156‬بالنسبة لمراقبة‬
‫استعمال األموال العمومية‪.‬‬
‫وعليه سنتناول رقابة استخدام األموال العمومية (أوال) على أن نعرج إلى مراقبة تسيير‬
‫المجالس الجهوية ( ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬رقابة استخدام األموال العمومية‬
‫يتولى المجلس الجهوي للحسابات اختصاص مراقبة استخدام األموال العمومية في حدود‬
‫اختصاصه التي تتلقاها المقاوالت‪ ،‬باستثناء تلك المذكورة في المادة ‪ 148‬من القانون‪،‬‬
‫والجمعيات وكل األجهزة األخرى التي تستفيد من مساهمة في الرأسمال أو مساعدة كيفما كان‬
‫نوعها من طرف جماعة محلية أو هيئة‪ ،‬أو من أي جهاز أخر يخضع لرقابة المجلس الجهوي‪.‬‬
‫ويهدف المجلس من وراء إعمال هذا المراقبة إلى التأكد من أن استخدام األموال العمومية‬
‫التي تم تلقيها يطابق األهداف المتوخاة من المساهمة أو المساعدة‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس تكون األجهزة المومأ اليها ملزمة بتقديم حساباتها إلى المجلس والمتعلقة‬
‫باستخدام األموال العمومية والمساعدات األخرى التي تلقتها‪ ،‬وذلك حسب الكيفيات والشروط‬
‫المقررة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ‪133‬وفقا لمقتضيات المادة ‪155‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية‪.134‬‬
‫جدير بالذكر أن رئيس المجلس الجهوي يعين المستشارين المقررين الذين يقومون بمراقبة‬
‫استخدام األموال العمومية التي تلقتها األجهزة المدرجة في برنامج أشغال المجلس الجهوي‪.‬‬
‫كما يؤهل المستشارون لالضطالع على كافة الوثائق والمستندات المثبتة الكفيلة بتزويدهم‬
‫بمعلومات حول تسيير هذه األجهزة‪.‬‬

‫‪ 132‬أحميدوش مدني‪ " ،‬المحاكم المالية في المغرب ـ دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ـ "‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪347‬‬
‫‪ 133‬أحميدوش مدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪355‬‬
‫‪ 134‬تنص المادة ‪ 156‬من القانون ‪ ": 62.99‬تلزم األجهزة المشار إليها في المادة السابقة بأن تقدم إلى المجلس الجهوي‪ ،‬الحسابات‬
‫المتعلقة باستخدام األموال والمساعدات العمومية األخرى التي تلقتها‪ ،‬وذلك حسب الكيفيات والشروط المقررة في النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل"‬
‫‪47‬‬
‫وتتم إجراءات المراقبة وطرق تبليغ المالحظات وتحرير التقارير طبقا لمقتضيات المواد من‬
‫‪ 80‬إلى ‪ 84‬والمادة ‪ 152‬من نفس القانون ‪.135‬‬
‫ومن أجل أن تعرف هذه الرقابة نجاحا وفعالية يستحسن أن يتم توظيف مناهج وطرق ووسائل‬
‫متنوعة كاالستعانة بالمناهج الحديثة في التدقيق والمراقبة الداخلية من أجل بلوغ األهداف‬
‫المتوخاة وتحقيق الجودة في ذلك‪.‬‬
‫غير أن هذه الرقابة ربما عرفت حدودا من حيث الممارسة إذا لم تشارك كل القوى والطاقات‬
‫المحلية في مساعدة المجالس الجهوية للحسابات على اكتشاف مظاهر التبذير والتبديد‬
‫والخروقات التي تشوب التدبير المحلي‪ ،‬لذا يجب أن تعمل المجالس الجهوية على اخبار الرأي‬
‫العام والمواطنين بكل األنشطة وبحوثها ودراساتها‪.‬‬
‫وقد أحسن المشرع المغربي صنعا حينما تبنى المجالس الجهوية للحسابات ودمجها ضمن‬
‫التقرير السنوي العام الذي أصبح ينشر في الجريدة الرسمية وفقا لمقتضيات المادة ‪ 100‬من‬
‫القانون المذكور‪.‬‬
‫والجدول ادناه يبين عدد المهام المرتبطة باستخدام األموال العمومية برسم رنتي ‪ 2019‬و‬
‫‪:2020‬‬
‫عدد المهام رسم سنة ‪2020‬‬ ‫عدد المهام برسم سنة ‪2019‬‬
‫المنجزة‬ ‫المبرمجة‬ ‫المنجزة‬ ‫المبرمجة‬
‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪136‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مراقبة التسيير للمجالس الجهوية‬


‫نظم المشرع المغربي هذا االختصاص من الفصل ‪ 147‬إلى ‪ 153‬من مدونة المحاكم المالية؛‬
‫ويعد هذا االختصاص اختصاصا إداريا محضا‪ ،‬ويدف المجلس الجهوي للحسابات إلى تقويم‬
‫مدى تحقيق األهداف المحددة والنتائج المحققة‪ ،‬وكذا تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل‬
‫المستعملة‪.‬‬
‫وتشمل كذلك مراقبة استخدام المجلس الجهوي للحسابات المشروعية وصدقية االعمال‬
‫المنجزة وكذا حقيقة الخدمات المقدمة والتوريدات المسلمة واالشغال المنجزة‪.‬‬

‫‪ 135‬تنص المادة ‪ 156‬من مدونة المحاكم المالية على‪ :‬يعين رئيس المجلس الجهوي المستشارين المقررين الذين يقومون بمراقبة‬
‫استخدام األموال العمومية التي تلقتها األجـهزة المدرجة في برنامج أشغال المجلس الجهوي‪.‬‬
‫ويؤهل المستشارون لالطالع على كافة الوثائق والمستندات المثبتة الكفيلة بتزويدهم بمعلومات حول تسيير هذه األجهزة‪.‬‬
‫وتتم إجراءات المراقبة وطرق تبليغ المالحظات وتحرير التقارير طبقا لمقتضيات المواد من ‪11‬إلى ‪13‬والمادة ‪511‬من هذا القانون‪.‬‬
‫‪ 136‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ ،2019.2020‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪1275‬‬
‫‪48‬‬
‫كما يمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهام تقييم األجهزة الخاضعة لمراقبته بهدف التأكد من‬
‫مدى تحقيق األهداف المحددة لكل مشروع انطالقا مما تم إنجازه وبالنظر في الوسائل‬
‫المستعملة وفقا لمقتضيات المادة ‪ 147‬من مدونة المحاكم المالية التي تنص على ‪:‬‬
‫"يراقب المجلس الجهوي تسيير األجهزة المشار إليها في المادة ‪148‬بعده‪ ،‬ألجل تقديره‬
‫من حيث الكيف واإلدالء عند االقتضاء باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه‬
‫والزيادة في فعاليته ومردوديته‪.‬‬
‫وتشمل مراقبة المجلس الجهوي جميع أوجه التسيير‪ ،‬ويقيم المجلس لهذا الغرض مدى‬
‫تحقيق األهداف المحددة والنتائج المحققة وكذا تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل‬
‫المستعملة‪.‬‬
‫وتش مل مراقبة المجلس الجهوي كذلك مشروعية وصدق العمليات المنجزة وكذا حقيقة‬
‫الخدمات المقدمة والتوريدات المسلمة واألشغال المنجزة‪.‬‬
‫ويتأكد المجلس الجهوي من أن األنظمة واإلجراءات المطبقة داخل األجهزة الخاضعة لرقابته‬
‫تضمن التسيير األمثل لمواردها واستخداماتها‪ ،‬وحماية ممتلكاتها وتسجيل كافة العمليات‬
‫المنجزة‪.‬‬
‫ويمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهـام تقييم مشاريع األجهزة الخاضعة لمراقبته قصد‬
‫التأكد من مدى تحقيق األهداف المحددة لكل مشروع انطالقا مما تم إنجازه وبالنظر إلى‬
‫الوسائل المستعملة‪".‬‬
‫جدير بالذكر أن في اطار تحديد البرنامج السنوي االشغال المجلس الجهوي يعين الرئيس‬
‫بالمناسبة المستشارين المقررين الذين يتولون مهمة مراقبة تسيير األجهزة المدرجة في هذا‬
‫البرنامج‪ ،‬ويكونون مؤهلين لالضطالع على كافة الوثائق أو المستندات المثبتة التي من شأنها‬
‫تزويدهم بمعلومات حول تسيير هذه األجهزة‪.‬‬
‫أما مختلف اإلجراءات المسطرية فتتم وفقا األحكام المواد من ‪ 80‬إلى ‪ 84‬من قانون المحاكم‬
‫المالية على المجالس الجهوية‪.137‬‬

‫‪ 137‬لإلشارة فإن اإلجـراءات المسـطرة المتبعة أمـام المجـالس الجهويـة للحسـابات فـي إطـار رقابـة التسـيير هـي نفسـها المعتمـدة فـي‬
‫إطار المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫نخلص على أن تطور وظيفة الدولة أدى إلى ارتقاء حماية المال العام إلى المرتبة‬
‫التي نص عليها الدستور فأصبحت نتيجة لذلك مبدأ دستوريا تبنته الكثير من‬
‫التشريعات والدساتير المعاصرة‪ ،‬وذلك يعكس األهمية التي تحظى بها األموال‬
‫العامة‪ ،‬باعتبارها أداة الدولة ووسيلتها األساسية في مباشرة نشاطاتها االقتصادية‪،‬‬
‫و قد أدى ذلك التطور إلى انعكاساته البينة على صعيد التشريع العادي السيما‬
‫التشريع الجنائي نظرا لخطورة التعدي على األموال العامة ومساسها بكيان الدولة‪.‬‬

‫وتقديرا ألهمية األموال العامة وحمايتها في المغرب وخاصة في المرحلة الراهنة‬


‫التي وصفت بأنها مرحلة انتقالية‪ ،‬وهي التي تأتي في ظل التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ ،2011‬وسياسة األوراش الكبرى التي أعطت للمغرب مكانة متميزة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫• الكتب‬
‫✓ أحميدوش مدني‪ ،‬المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة فضالة بالمحمدية‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫✓ عسو منصور‪ ،‬قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة بالرباط‪ ،‬سنة ‪.2017‬‬

‫✓ أحمد حاسون‪ ،‬المجلس االعلى للحسابات بالمغرب‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة ‪-‬‬
‫الرباط ‪.2013‬‬

‫✓ ﺼالح الدﻴن ﻤﺼطفى أﻤﻴن‪ ،‬الرقاﺒة المالية العامة ودﻴوان الرقاﺒة المالية في‬
‫العراق ﺒﻴن ﻤاﻀﻴه وﻤﺴﺘقﺒله طبعة ‪ 1979‬بغداد‪.‬‬

‫✓ عادلة الوردي ‪ ،‬رقابة المجلس االعلى للحسابات على المال العام في المغرب‪،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة الرباط ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2012،‬‬

‫الرسائل‬ ‫•‬
‫✓ مريم بداه‪ ،‬دور المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل شهادة الماستر في العلوم اإلدارية والمالية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بالسويسي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪2019/2020‬‬

‫• المقاالت‬
‫✓ رشيد قاعدة‪ ،‬المحاكم المالية ومسؤولية المحاسب العمومي في ظل القانون رقم ‪ 62.99‬المنظم‬
‫لها‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬المجلد عدد ‪.10/2015‬‬
‫✓ الزباخ عبد الودود‪ ،‬دور المحاكم المالية في تحسين التدبير العمومي‪-‬مراقبة التسيير‪ ،-‬مقال‬
‫منشور في كتاب "المالية العامة ‪ 10‬سنوات من اإلصالح"‪ ،‬طبعة ‪ ،2018‬مطبعة اسبارطيل‬
‫بطنجة‪.‬‬

‫• التقارير‬
‫✓ تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 7073‬مكرر‪ 11 ،‬شعبان ‪ 14( 1443‬مارس ‪.) 2022‬‬

‫‪51‬‬
‫✓ تقرير تركيبي حول تقييم عمل المحاكم المالية بالمغرب‪ ،‬تندرج هذه الدراسة في إطار برنامج‬
‫الشراكة بين جمعية عدالة من أجل الحق في المحاكمة العادلة والسفارة الهولندية‪ ،‬منشور في‬
‫الموقع ‪Marocdroit.com‬‬

‫• القرارات‬
‫✓ قرار عدد ‪ 2011/07‬صادر بتاريخ ‪ ,10‬فبراير ‪ 2011‬ملف استئناف عدد ‪. 2010/07‬‬
‫✓ قرار عدد ‪ 2011/08‬صادر بتاريخ ‪ 03‬مارس ‪ 2011‬ملف استئناف عدد ‪.2010/08‬‬
‫✓ قرار عدد ‪ / 2015/27‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬مصادر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 2015‬ملف استئناف عدد ‪2014/311‬‬
‫‪/‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‬
‫✓ قرار عدد ‪/2012/05‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬صادر بتاريخ ‪ 25‬شتنبر ‪ 2012‬ملف استئناف عدد ‪2011/302 :‬‬
‫ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‬
‫✓ قرار عدد ‪/ 2013/02‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪ 05‬فبراير ‪ 2013‬ملف استئناف رقم ‪/ 309‬‬
‫ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م ‪2011 /‬‬
‫✓ قرار عدد ‪ 2011/12‬صادر بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ ،2011‬ملف استئنافي عدد ‪2011/06‬‬

‫• القوانين‬
‫✓ دستور ‪ ،2011‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( 1432‬يوليو ‪)2011‬‬
‫بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪30 1432‬‬
‫يوليو (‪ )2011‬ص ‪3600‬‬
‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 124.02.1‬صادر في فاتح ربيع االخر ‪ 13(1423‬يونيو ‪) 2002‬بتنفيذه‬
‫القانون رقم ‪ 99.62‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5030‬صفحة‬
‫‪ ،2294‬كما تتميمه وتغيره بالقانون رقم ‪ 19.39‬بتنفيذه الظهير رقم ‪ 20.20.1‬الصادر في ‪11‬‬
‫من رجب ‪ 6 ( 1441‬مارس ‪ , ) 2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6866‬بتاريخ ‪ 24‬رجب ‪19(1441‬‬
‫مارس ‪ )2020‬صفحة ‪.1642‬‬

‫• المواقع االلكترونية‬
‫✓ الموقع اإللكتروني للمجلس األعلى للحسابات للمملكة المغربية‪ ،‬تم زيارته ‪ 2023/01/27‬على الساعة‬
‫‪ 00:30‬ليال‪.‬‬
‫‪http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-6/‬‬

‫مقال منشور على الموقع االلكتروني التالي ‪-/ http://www.courdescomptes.ma/ar/Page-13:‬‬ ‫✓‬


‫بتاريخ ‪ 2023/01/14‬على الساعة ‪.3:50‬‬

‫‪52‬‬
53

You might also like