Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 30

‫مخطط البحث‪:‬‬

‫املقدمة‬ ‫‪‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬التربية في املجتمعات البدائية‬ ‫‪‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬التربية الهندية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬التربية الصينية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬التربية املصرية (‪ 3500‬ق‪.‬م – ‪ 1100‬ق‪.‬م)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث الخامس‪ :‬التربية القديمة في بالد الرافدين القديمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث السادس‪ :‬التربية اليونانية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث السابع‪ :‬التربية الرومانية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الخاتمة‬ ‫‪‬‬
‫قائمة املراجع‬ ‫‪‬‬
‫المقدمة‬

‫لقد مرت التربية بمراحل عديدة وازمنة وعصور مديدة تطور من خاللها واكتسبت المعنى‬
‫األصلي لها هو وغيره من العلوم والمعارف األخرى التي بدورها تنشأ وتتطور وتكتسب‬
‫الحقائق‪ ,‬تعرف التربية على أنها عملية نقل المعرفة أو اكتسابها‪ ،‬وتطوير طريقة التفكير‬
‫والحكم على األشياء؛ لالستعداد لحياة فكرية ناضجة‪ ،‬وقد كانت التربية في العصور البدائية‬
‫بداية تعتمد على الوالدين‪ 5‬والعائلة‪ ،‬و ‪ ‬التربية في المجتمعات البدائية هو أن يقلد الناشئ‬
‫عادات مجتمعه وطراز حياته تقليداً عبوديا خاصا‪ .‬أي تحقيق التوافق واالنسجام بين‬
‫الفرد وبيئته المادية والروحية‪ .‬أما وسائل التربية في المجتمعات البدائية فهي جملة‬
‫المؤسسات والنظم االجتماعية‪ ،‬أو المجتمع بأسره وال تتولى هذه المهمة بالتالي أية مؤسسة‬
‫تربوية مدرسية خاصة‪ .‬ولذا فإن أثر التربية في المجتمعات البدائية كان غير مباشر يتم عن‬
‫طريق النقل الحي والمتصل للمعتقدات والعادات السائدة في المجتمع‪ .‬وفي معظم األحيان‬
‫يكتسب الناشئة عادات الكبار ويتمرسون بمواقفهم االنفعالية والعقلية عن طريق االسهام‬
‫المباشر في أنشطتهم‪.‬‬

‫وهنا سنسترسل في ذكر التربية و تطورها في العصور البدائية‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬التربية في املجتمعات البدائية‬ ‫‪‬‬
‫مدخل الى املجتمعات البدائية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫املجتمعات البدائية هي املجتمعات التي كانت متواجدة قبل اختراع الكتابة‪ ،‬أي منذ ‪4000‬‬
‫أو ‪ 5000‬سنة قبل امليالد‪.‬‬

‫وإن املجتمعات البدائية وان تباينت في كثير من األمور فإنها تتشابه في كثير من املميزات‬
‫العامة‪ ،‬ومن تلك املميزات نسبة الحياة للجماد أثناء تفسيرهم للبيئة املحيطة بهم‪ ،‬حيث‬
‫كان اإلنسان البدائي يرى أن العالم من حوله خاضع لقوى غير مرئية يظهر نشاطها في‬
‫الظواهر الطبيعية كالليل والنهار واملواسم والرياح والنبات والحيوان‪ ،‬وكان اإلنسان‬
‫البدائي يعتقد أن وراء كل قوة مادية أو حقيقة ظاهرية‪ ،‬قوة أخرى غير مادية هي القوة‬
‫الروحية (القرينة)‪ ،‬واعتقد اإلنسان البدائي أن لجسمه املادي روحا غير مادية تنتقل من‬
‫جسمه أثناء النوم فتقوم باألعمال التي يراها في األحالم وبعد انتهاء تلك األعمال ترجع‬
‫لجسمه‪ ،‬إن ظله أو خياله الذي كان يراه في األيام املقمرة واملشمسة وصورته التي‬
‫كانت تنعكس على صفحة املاء والحلم الذي كان يراه في املنام كل ذلك جعله يعتقد‬
‫بوجود تلك القرينة‪ ،‬واعتقد بوجود ثالثة أنواع من القرائن أو األرواح‪ :‬نوع حيادي‪،‬‬
‫ونوع ضار‪ ،‬ونوع صديق‪ ،‬وقد حاول إرضاء هذه األرواح بالطقوس وتقديم الهدايا‬
‫( فخري رشيد خضر‪ ،1982 ،‬ص‪ )14-13‬لذا كان يؤمن اإلنسان البدائي بهذه األرواح‬
‫وجعلها املسؤولة عن كل ما يحدث في حياته من خير وشر‪ ،‬وكانت الحياة حينها بدائية‬
‫وبسيطة ال تخرج عن تحقيق الحاجات األولى من املأكل وامللبس والحماية من تلك‬
‫األرواح خاصة الشريرة منها‪ .‬وبطبيعة الحال كانت التربية بدورها بسيطة عشوائية‬
‫تخضع لطبيعة تلك املجتمعات‪ ،‬وتعبر عن غاياتها‪،‬‬
‫‪ - 2‬خصائص التربية البدائية‪:‬‬

‫‪ -‬تربية بسيطة تعمل على املحافظة على العادات والتقاليد وطرق املعيشة السائدة في‬

‫املجتمع آنذاك‪.‬‬

‫‪ -‬تلبية متطلبات اإلنسان البدائي وحاجاته األولية من أكل وملبس ومأوى وحماية من‬
‫األرواح الشريرة‪.‬‬

‫‪ -‬تدريب الناشئة على طريقة االحتفاالت والطقوس الدينية‪ ،‬املقامة إلرضاء األرواح‪.‬‬

‫‪ -‬تربية تعتمد على التقليد واملحاكاة وتستعمل طرق ووسائل بسيطة في التعلم‪.‬‬

‫‪ -‬تربية جامدة ال تدعوا للتغيير‪.‬‬

‫‪ -‬تربية عملية اكثر منها نظرية‪.‬‬

‫‪ -‬تنتقل عن طريق الكالم‪.‬‬

‫‪ -‬تعتمد على الخبرة املباشرة‪ ،‬حيث يحاول الكبار اصطحاب الصغار إلى مكان العمل‬

‫(نظام الصبية)‬

‫‪ -‬تربية مستمرة باستمرار حياة الفرد غير مقصودة وغير نظامية تتم بطريقة عشوائية‬

‫وبوسائل بسيطة‪.‬‬

‫‪ -3‬مراحل التربية البدائية‪:‬‬

‫‪ -‬الفترة األولى (ما بعد الوالدة)‪:‬‬


‫يبقى الطفل خاللها في رعاية أمه وتقوم األم بتدريبه على بعض املمارسات البسيطة التي‬
‫تساعده على االندماج بأمثاله من األطفال وال يتم في هذه املرحلة تدريبه على االندماج في‬
‫املجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬الفترة الثانية (مرحلة البلوغ)‪:‬‬

‫وكان الطفل يدرب في هذه املرحلة على طقوس تساعده على االندماج بمجتمعه‪ ،‬وهذه‬
‫الطقوس الجديدة تحدث تغيرا شامال لدى الناشئ و تضوغ وجوده صياغة كاملة‪ ،‬بحيث‬
‫تكون له بمثابة والدة جديدة‪ ،‬وهي طقوس يتم إعدادها طويال‬

‫وتتم من خالل مراقبة دقيقة يقوم بها شيوخ القبيلة أو الجماعة‪ ،‬أولئك الشيوخ الذين‬
‫يتولون في النهاية الحفاظ على املعتقدات والطقوس التقليدية‪ .‬وكانت الطقوس الدينية‬
‫الخطوة األولى في االنتقال من التربية غير املقصودة إلى التربية املقصودة إذ كانت هذه‬
‫الطقوس الدينية تتضمن عملية إدخال الفرد في حياة الجماعة في حفل خاص ويعتبر هذا‬
‫الحفل حجرا أساسيا في حياة الصغار إذ انه كان يحدث في فترة املراهقة تقريبا وبذلك‬
‫كان يميز عملية االنتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الفرد الكامل في املجتمع بما فيها‬
‫من مميزات وما عليها من واجبات وكانت االحتفاالت تستمر في معظم األحيان بضعة أيام‬
‫أو بضعة أسابيع حيث كان هذا املراهق يتلقى األوامر والتعليمات التي تجعل منه شخصا‬
‫بالغا ثم اختباره في كل كذلك ‪ .‬وكانت تلقي إليه األسرار الخاصة بقبيلته‪ ،‬وكان يختبر في‬
‫قدرته على تحمل األلم والجوع والخوف‪ ،‬فإذا ما استطاع هذا املراهق ان يجتاز كل هذه‬
‫االمتحانات وأن يثبت جدارته‪ ،‬فإن النتيجة كانت يحتفل بها بإقامة الوالئم وإحيائها‬
‫بالرقص (محمد حسن العمايرة‪ ، 2000،‬ص‪)35-34‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬التربية الهندية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫تميزت التربية الهندية القديمة بميزتين أساسيتين هما (الجانب االجتماعي والجانب‬
‫الديني)‪ ،‬حيث كان املجتمع الهندي مجتمع طبقي يتسم بطبقية مغلقة‪ ،‬وراثية ال يسمح‬
‫باالرتقاء من إحداها إلى أخرى أو التزاوج بينها وتتمثل هذه الطبقات في‪:‬‬

‫‪ -‬طبقة البراهمة أو الكهان‪ :‬وهي أعلى طبقة في املجتمع‪ ،‬وتشمل املعلمون واملشرعون‪.‬‬

‫‪ -‬طبقة الكشاتريا (املحاربين)‪ :‬وهم كبار العسكريين يهتمون بأمور الحكم والجيش‬
‫والحرب‪.‬‬

‫‪ -‬طبقة الفايزا أو الصناع ‪ :‬وهم التجار وأصحاب املال‪.‬‬

‫‪ -‬طبقة الشودرا (العبيد)‪ :‬ويقومون بخدمة الطبقات الثالثة السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬طبقة الباريا (املنبوذين)‪ :‬وهم من أسرى الحرب من السكان األصليين الذين تحولوا إلى‬

‫عبيد وخدم عقابا لهم‪.‬‬

‫كما كان للدين تأثير كبير على املجتمع الهندي وعلى النظام التربوي‪.‬‬

‫ومن هنا فإن للتربية هدفان هما‪:‬‬

‫‪ -‬إعداد الفرد للحياة املستقبلية أكثر من إعداده للحياة الحاضرة‪.‬‬

‫‪ -‬املحافظة على النظام الطبقي السائد في املجتمع الهندي‪.‬‬

‫‪ -1‬أنماط التربية الهندية‬

‫أ‪ -‬التربية البراهمانية‪:‬‬

‫لم يخضع تسيير شؤون التربية والتعليم للدولة‪ ،‬وإنما كان خاضع للنظام الطبقي والدين‬
‫هذا األخير الذي كان له دور كبير فيه‪ ،‬حيث أن رجال الدين من البرهمان وغيرهم كانت‬
‫لهم سلطتهم الكبرى عليهما‪ ،‬كما كانت لهم السلطة في احتكار الكتابة وتعليمها‪ ،‬وحصرها‬
‫لدى فئة قليلة منهم‪ ،‬حتى يضمنوا حفظ أسرار النصوص املقدسة‪ ،‬وعدم تعميمها لدى‬
‫عامة الناس‪ .‬لكن فيما بعد تنازل البراهمة عن ذلك وسمحوا لبعض الطبقات تعليمها‬
‫عدا طبقة املنبوذين‪ .‬وكان التعليم مجانيا‪ ،‬بالرغم من أن اغلب املدارس كانت غير‬
‫حكومية‪ ،‬فقد حرمت كتبهم املقدسة فرض أي نفقات أو رسوم ‪ ،‬حيث كانوا يعتبرون‬
‫ذلك ضد تعاليم السماء ‪ .‬وكان التعليم يمول من طرف هدايا التالميذ‪ ،‬أو من األموال‬
‫التي يجمعونها من التسول‪ .‬في حين كان املعلمون يحصلون على أجورهم من تالميذهم‪.‬‬
‫وكان لكل قرية مدرسة ومعلميها‪ ،‬وهناك من املعلمين من يدرسون في الهواء الطلق أو في‬
‫منازلهم‪.‬‬

‫ويمر التعليم بثالث مراحل‬

‫املرحلة األولى‪ :‬في سن الخامسة وحتى سن الثامنة‬

‫يتعلم الحساب والكتابة‪ ،‬وكذا تعليم الدين‪ ،‬بعض نصوص (الفيدا)‪ ،‬كما يحرص‬
‫املعلمين على تكوينهم على عادات السلوك الصالح‪.‬‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬والتي تبدأ بعد سن الثامنة‬

‫يرافق كل رجل دين متعلم ويعلمه (الشاسترات) الخمس وهي (النحو‪ -‬الفنون ‪ -‬الطب ‪-‬‬
‫املنطق‪ -‬الفلسفة)‪ ،‬وكان املتعلم يقوم بكل أعمال معلمه‪ .‬يلتحق املتعلم‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬بعد سن السادسة عشر‬

‫والتي يتم خاللها االنضمام إلى إحدى الجامعات التي كانت مسموحة فقط ألبناء‬
‫الطبقتين األولى والثانية من املجتمع‪ ،‬حيث يتالقون فيها العلوم والقانون والرياضيات و‬
‫الطب والشعر والفلسفة باإلضافة إلى تعليم النصوص الدينية املقدسة‪ .‬وكان املعلمين‬
‫يخضعون لشروط قاسية قبل تعليمهم كما كان عليهم أن يتصفوا بصفات من أهمها‪:‬‬
‫الثقافة‪ ،‬طهارة النفس‪ ،‬العفة‪ ،‬العقيدة‪ ،‬طالقة اللسان وحسن الحديث‪ ،‬الحكمة ‪..‬الخ‪.‬‬
‫وقد أخذت مدارس البراهمة أشكال عديدة منها (مدارس الجوروس‪ -‬مدارس الباريشاد‪-‬‬
‫مدارس التول‪ -‬مدارس االديرة ‪ -‬املدارس الخاصة‪ -‬جامعات البرهمان)‬

‫ب‪ -‬التربية البوذية‪:‬‬

‫ال تختلف التربية البوذية في خطتها العامة وروحها عن البراهمانية إال في االختالف حول‬
‫الدين واإليديولوجية االجتماعية‪ ،‬ونوع املدارس‪ ،‬وتعليم البنات‪ ،‬وتتفق البوذية‬
‫والبراهمانية في االهتمام باملثل العليا الدينية والخلقية‪ ،‬كما رفض بوذا الفيدا وتعاليمها‬
‫واعتبارها السلطة العليا على السلوك االجتماعي‪ ،‬كما رفض نظام الطبقات العتباره‬
‫نظاما اجتماعيا غير عادل‪ ،‬وهكذا حلت اآلداب البوذية محل الفيدا كمصدر للحكمة‬
‫واألخالق ( عبد هللا زاهي رشدان‪ ،2002 ،‬ص ‪ )62‬وتبدأ مرحلة التعليم األولى في سن‬
‫السادسة من عمر املتعلم‪ ،‬وتنتهي في حوالي العشرين من عمره‪ ،‬ولغة التعليم هي‬
‫السكنسكريتيه‪ ،‬وتبدأ بدراسة النحو والذي يشمل على دراسة اآلداب البوذية‪ ،‬ويتدرج‬
‫الطفل بمراحل التعليم حتى يصبح راهبا مارا بسلسلة من االحتفاالت الدينية من سن‬
‫ثمن سنوات حتى سن العشرين‪ .‬ويلتحق املتعلم باملرحلة التعليمية العليا بعد نجاحه في‬
‫امتحانات القبول الصعبة جدا ليبدأ دراسته العليا في الشعر واإلنشاء النثري واملنطق‬
‫والفلسفة وامليتافيزيقا والطب ومن اشهر الجامعات أنداك جامعة ناال ندا ‪ ،‬وكانت ذات‬
‫مستوى عالي أنشئت بعد وفاة بوذا‪.‬‬

‫ويتضح مما سبق ان التعليم في الهند قديم تعليما تقليدية يعتمد على التلقين والحفظ‬
‫واالستظهار‪ ،‬ثم تأتي بعد ذلك مرحلة املناقشة والتناظر واملجادلة في ما تعلمه‪.‬‬

‫أما تعليم املرأة فكان في البيت‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬التربية الصينية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ارتبطت عملية التربية والتعليم في اإلمبراطورية القديمة بمجموعة من العوامل‬


‫والظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية التي كانت سائدة في تلك‬
‫البلدان‪ ،‬وأسهمت في تكوين حضارة عريقة التزال تؤثر في الحضارات البشرية الحديثة‪.‬‬
‫وقد أشار ماكس فيبر إلى العالقة املتبادلة بين النظام السياسي واإلداري والتنظيمي‪،‬‬
‫وأيضا طبيعة الطبقات االجتماعية التي وجدت في املجتمع الصيني القديم‪ ،‬وبين أنماط‬
‫الفكر التربوي والتعليمي الذي كرس أساسا من أجل املحافظة على النظام الطبقي‬
‫واالقتصادي‬

‫واالجتماعي في هذه اإلمبراطورية القديمة‪ .‬وسعى فيبر أيضا لتوضيح طبيعة التعاليم‬
‫الكنفوشسية القديمة‪ ،‬وخاصة تلك التعاليم األخالقية والروحانية‪ ،‬التي تؤكد مجموعة‬
‫من العادات والتقاليد واألحداث التي تعكس مدى حرص الشعب الصيني القديم على‬
‫حب التعلم والتعليم‪ ،‬وإنشاء املدارس املتخصصة املختلفة لتعليم النشء سواء من أبناء‬
‫الطبقات الحاكمة أو الحاشية أو رجال الدين‪ .‬عالوة على وجود نظام تعليمي وتربوي‬
‫يكرس أساسا للتعليم العسكري ولتنظيم الجيوش وإدارتها‪ ،‬أو إلى إنشاء قوات نظامية‬
‫للحفاظ على األرض الداخلي وحماية األفراد من القالقل الداخلية‪ .‬وقد كان لألسرة‬
‫مكانة كبيرة في املجتمع الصيني‪ ،‬وكان لالب السلطة الكبيرة فيها‪ .‬حيث كانت املسؤولة عن‬
‫تطبيق تعليمات ومبادئ تربية األطفال قبل ذهابهم إلى املدرسة‪ ،‬عن طريق تلقينهم‬
‫العقائد الدينية‪ ،‬وتبجيل اآلباء وخدمتهم وطاعتهم‪ .‬وقد سادت‬

‫ديانات الدولة الصينية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫أ‪ -‬الكنفوشسية‪:‬‬

‫وهي مذهب فلسفي اجتماعي سياسي ديني‪ ،‬يدين بها أهل الصين‪ ،‬وهي تعود إلى الحكيم‬
‫والفيلسوف كونفشيوس الذي ظهر في ق ‪ 6‬ق م‪ ،‬داعيا إلى إحياء الطقوس والعادات‬
‫والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم‪ ،‬كما حاول إثرائها بفلسفته وأفكاره‬
‫األخالقية حول تنظيم املعامالت و واملمارسات الحياتية‪ ،‬والتي نشئت على تقديس وعبادة‬
‫أرواح اآلباء واألجداد‪ ،‬وعبادة إله السماء ‪ .‬وقد كان لتعاليم كونفوشيوس تأثير كبير في‬
‫املجتمع الصيني‪ ،‬حيث حاول االهتمام بقضاياه ومشكالته‪ ،‬من جميع الجوانب التي لها‬
‫عالقة بحياة الفرد الصيني‪ ،‬وسمح له ذلك بتقديم مشروعه اإلصالحي الذي يبدأ‬
‫باإلنسان ثم ينتقل إلى املجتمع‪ .‬وقد ركز كونفوشيوس على التربية والتعليم‪ ،‬وأشار‬
‫لدورهم الكبير في إعداد الناشئة وتربيتهم‪ ،‬إذ يرى ان للتربية دور كبير في غرس القيم‬
‫السمحة كالشعور باملسؤولية وروح العمل الجماعي‪ ،‬ويعتبر التعليم عنده معيار لالنتماء‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫ب – الطاوية‬

‫مجموعة مبادئ تنقسم لفلسفة وعقيدة دينية‪ ،‬مشتقة من املعتقدات الصينية الراسخة‬
‫القدم من بين كل املدارس العقلية التي عرفتها بالد الصين‪ ،‬ويعد هذا املذهب الثانية‬
‫تأثيرا في املجتمع الصيني بعد الكونفوشيوسية‪ ،‬وتعود ملؤسسها (ال وتسي) وتعني الطاوية‬
‫الهدي أو الطريقة التي يتبعها اتباع هذه الديانة‪ .‬وتدعوا إلى انعزال الحياة العامة‪ ،‬تفرعت‬
‫هذه املبادئ عن التقاليد الصينية القديمة للتصوف والعبادة التأملية والتي لها عالقة‬
‫باليوغا‪.‬‬

‫ج‪ -‬البوذية‪:‬‬

‫مذهب ديني مؤسسه (بوذا) وهي عبارة عن تعاليم دينية ميتافزيقية‪ ،‬تدعوا للزهد‬
‫والخالص للنفوس‪ ،‬ولها اتباع كثيرين وهي تتكون من أربع حقائق نبيلة هي‪ :‬الوجود شقاء‬
‫– يمكن تدمير الرغبات األنانية‪ -‬يتسبب الشقاء من الرغبات األنانية‪ -‬يتم التدمير وفق‬
‫طريق ذي ثماني شعب وخطواته هي‪ :‬الفهم السليم‪ ،‬الغرض الصحيح‪ ،‬القول الصح‪،‬‬
‫السلوك القويم‪ ،‬املهنة املناسبة‪ ،‬املحاولة الجادة‪ ،‬اليقظة الواعية‪ ،‬الترميز الصادق)‪ .‬وقد‬
‫تعايشت هذه الديانات جنبا لجنب‪ ،‬وانفصل الدين عن الدولة‪ ،‬كما انفصلت التربية‬
‫والتعليم عن الدين‪ ،‬ولم تنفق الدولة على التعليم‪ ،‬ولم تكون هناك مدارس حكومية‪ ،‬أو‬
‫نظام تعليمي حكومي‪.‬‬
‫‪ -2‬أهداف التربية الصينية‪:‬‬

‫‪ -‬خدمة النظام القائم وإعداد املوظفين للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬تنشئة الفرد على العادات الفكرية والعملية‪ ،‬كعادات املاضي‬

‫تدريب األفراد على صراط الواجب الحاوي على جميع أعمال الحياة وعالقة هذه‬

‫األعمال بعضها ببعض‪.‬‬

‫ويعتبر نظام االمتحانات في الصين الظاهرة األساسية في التربية والتعليم‪ ،‬حيث كانت‬
‫تمثل القوة املسيطرة على التربية‪ ،‬إضافة إلى أنها الوسيلة التي تؤدي إلى صيانة الكتاب‬
‫الحكومي واالجتماعي‪ ،‬وبواسطته يتم اختيار املوظفين الالزمين إلدارة شؤون الدولة‪،‬‬

‫‪ -3‬أنواع من االمتحانات التربية الصينية‪:‬‬

‫‪ -‬امتحان الدرجة األولى‪:‬‬

‫وتتم خالل ثالث سنوات في عاصمة املقاطعة‪ ،‬يقوم املمتحن فيها بإعداد ثالث رسائل في‬
‫موضوعات مختارة من كتاب كونفشيوس‪ ،‬حيث يوضع في غرفة منفصلة طيلة ‪24‬‬
‫ساعة‪ ،‬نسبة النجاح فيها ضئيلة‪ ،‬ويحصل الناجحون على درجة تسمى بـ "امللكة الزهراء"‪.‬‬

‫‪ -‬امتحان الدرجة الثانية‪:‬‬

‫ويقام بعد مرور ‪ 4‬أشهر من امتحانات الدرجة األولى‪ ،‬وتجرى مرة كل ثالث سنوات‪ ،‬وهي‬
‫أكثر صعوبة وتعقيد‪ ،‬نسبة النجاح فيها ال تتجاوز ‪ .1%‬الناجحون فيها يعينون في وظائف‬
‫الحكومة الصغرى‪.‬‬

‫‪ -‬امتحانات الدرجة الثالثة‪:‬‬


‫تقام في العاصمة وتدوم ‪ 13‬يوما ونسبة النجاح فيها اقل من سابقتها ويتضح مما سبق أن‬
‫التربية الصينية‪ ،‬تربية تقليدية جامدة تعتمد على التلقين والحفظ‪ ،‬وتهدف إلى املحافظة‬
‫على عادات اآلباء واألجداد وتمجيدهم فقط‪ ،‬ال تهدف إلى التغيير‪.‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬التربية املصرية (‪ 3500‬ق‪.‬م – ‪ 1100‬ق‪.‬م)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كان املجتمع املصري قديما مجتمعا تسوده الطبقية املفتوحة‪ ،‬أي بإمكان الفرد أن ينتقل‬
‫من طبقة ألخرى بعد تحسين وضعه االجتماعي‪ ،‬عن طريق التعليم‪ ،‬باستثناء الوصول إلى‬
‫طبقة الفرعون‪ ،‬وكان املجتمع املصري يتكون من أربع طبقات‪ ،‬الطبقة األولى وتضم‬
‫الفرعون وعائلته وكبار رجال البالط‪ ،‬بينما تشمل الطبقة الثانية الكهنة وبعض النبالء‬
‫والقادة العسكريين‪ ،‬أما الطبقة الثالثة وتشمل كبار التجار‪ ،‬وأصحاب املهن واألغنياء‪،‬‬
‫وتأتي في األخير الطبقة التي تضم أكبر سكان مصر القديمة‪ ،‬والذين يمثلون الحرفيون‬
‫والفالحون والرعاة‪.‬‬

‫وفيما يخص الدين فقد كان املصريون يعبدون الكثير من اآللهة‪ ،‬من الكواكب‬
‫والحيوانات واألنسان‪.‬‬

‫أما عن التربية فقد كانت التربية املصرية في نظامها وأهدافها استجابة لألوضاع‬
‫االجتماعية والدينية‪ ،‬حيث كانت التربية تهدف إلى تأكيد سيطرة الحاكم ورجال الدين‬
‫وإعداد الفرد ليوم الحساب‪ ،‬وتعليم األفراد الذين يستطيعون القيام باألنشطة املختلفة‬
‫لخدمة الحكومة أو املعابد‪ ،‬أو القيام باألنشطة املهنية والفنية املختلفة‪ ،‬بمعنى أن هدف‬
‫التربية كان ثقافيا ودينيا ومهنيا‪ ،‬وكان هدف التربية من وجهة نظر الشعب هو الطمع في‬
‫الحصول على املزايا املختلفة املادية الكبيرة التي تتأتى عن طريق التعليم‪ ،‬أو بعبارة أخرى‬
‫الرغبة الشديدة في رفع املستوى املادي للفرد وتحسين حالته االجتماعية (محمد حسن‬
‫العمايرة‪ ، 2000،‬ص‪)52‬‬
‫وعليه فقد أولى املصريين أهمية كبيرة لتعليم أبنائهم "فاآلباء بمصر القديمة غرسوا في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أبنائهم مختلف املبادئ التربوية‪ ،‬وكان أبناء الفالحين يتلقون تعليما رسميا أدنى يقتصر‬
‫على كيفية زرع البذور وجني الثمار وجمع املحصول‪ ،‬فيما كان الحرفيون يعلمون‬
‫أطفالهم مبادئ حرفهم وصناعتهم‪ ،‬أما الطبقة العليا‪ ،‬فقد اعتمدت على مدرسين‬
‫متخصصين في تعليم أبنائها‪.‬‬

‫ويضيف أن أبناء الطبقة املتوسطة كانوا يذهبون إلى املعابد لتلقي تعليمهم تحت رعاية‬
‫معلم بعينه‪ ،‬وشملت املناهج التربية والقراءة والكتابة وحفظ النصوص األدبية‬
‫والحكايات‪ ،‬وإعادة كتابة النصوص‪ ،‬وأداء التمارين على ألواح خشبية أو حجرية‪،‬‬
‫واستمر التعليم على نفس النمط إلى عصر خالفة و والية املسلمين مع اختالف بسيط في‬
‫مكان التعلم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن التعليم في مصر القديمة كان ضروريا لالرتقاء في السلم االجتماعي‪ ،‬وكان هذا واضحا‬
‫من الفجوة القائمة في مصر بين املتعلمين واألميين عبر كل العصور التاريخية‪ ،‬وكان‬
‫الفنانون والنحاتون من املتعلمين إذ كان عليهم تحويل النصوص املختصرة واملدونة على‬
‫ورق البردي أو على كسر الفخار إلى كتابة هيروغليفية على جدران املقابر واملعابد‬
‫ونقشها أيضا على التماثيل‪ ،‬وهو ما يتطلب معرفة ودراية بالكتابتين ويكشف عامر أن‬
‫غالبية الطبقة البيروقراطية في مصر القديمة كانت تتشكل من الكتبة الذين أسهموا‬
‫بأدوار بارزة في املشروعات الحكومية‪ ،‬حيث لم يكن موقع الكاتب في املجتمع املصري‬
‫القديم يقتصر على مهام تدوين النصوص والوثائق فقط‪ .‬وقال إنه بقدر االهتمام‬
‫بالتربية الجسمانية للطفل‪ ،‬كان هناك اهتمام بالتربية الروحية والعقلية له كما اتضح من‬
‫نصائح الحكيم "آني"‪ ،‬ويمكن اعتبار مدرسة "آني" أشبه بروضة أطفال لكن الحقيقة أن‬
‫ً‬
‫الدراسة الجادة لم تكن دائما تبدأ في هذه السن املبكرة‪ ،‬كما فعل "آني"‪ ،‬فقد كان يتعلم‬
‫القراءة والكتابة على أيدي والديه قبل دخول املدرسة‪ ،‬وكان الوالدان حريصين على دفع‬
‫أبنائهما إلى التعليم‪ ،‬ناصحين لهم بأن يصبحوا كتابا وعلى طلب املزيد من العلم ومالزمة‬
‫الكتب‪.‬‬

‫ويقول لقد كان التالميذ أو الطلبة يبدؤون في تلقي العلم والدراسة عندما يصلون لسن‬
‫الثالثة عشرة‪ ،‬وحتى التاسعة عشرة وينهلون العلم على أيدي مدرسين قساة (أشرف عبد‬
‫الحميد‪)https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt،‬‬

‫املبحث الخامس‪ :‬التربية القديمة في بالد الرافدين القديمة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫أنواع التربية في بالد الرافدين‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -‬التربية عند الكلدانيين‪:‬‬

‫الكلدانيون شعب من أصل آسيوي كانوا يسكنون بين نهري دجلة والفرات وقد عرفوا‬
‫املدراس‪ ،‬وكان السحرة معلميها‪ ،‬وكانت املعابد املراكز الرئيسية للنشاط الفكري كانت‬
‫لغتهم لغة ميتة‪ ،‬اهتموا أكثر بالتربية الفنية والعملية‪ ،‬وكانوا يهدفون من وراء التعليم إلى‬
‫إعداد تجار وكتاب‪ ،‬والى جانب ذلك اهتموا بتعليم الدين والفلك والتنجيم والتاريخ‬
‫وعلوم التجارة واملحاسبة‪ ،‬بينما دراسة الطب اقل اهتماما منهم‪ ،‬بسبب تفسيرهم‬
‫لألمراض باألرواح الشريرة‪ .‬وتشتمل شرائح الكلدانيين على قوانين حكيمة قائمة على‬
‫العدل واالستقامة‪.‬‬

‫‪ -‬التربية البابلية واألشورية‪:‬‬

‫البابليين هم الذين كانوا يسكنون في أسفل حوض نهري دجلة والفرات‪ ،‬في حين سكنا‬
‫األشوريين الجزء العلوي من النهرين‪ " ،‬وال نملك معلومات دقيقة عن تنظيم املدارس‬
‫لدى اآلشوريين والبابليين‪ ،‬غير أن ما بلغته حضارتهم من شأن‪ ،‬يتيح لنا أن نفترض انهم‬
‫عرفوا العديد من املدارس‪ .‬فلقد كانت املعرفة ضرورية لهم يوفرون بفضلها الهناء‬
‫والرفاهية لشعبهم‪ ،‬ويحتفظون بواسطتها بسمعة وطنهم أمام سواهم‪ .‬وكانت التربية‬
‫العالية مقصورة على الطبقات العليا‪ ،‬غير أن الطفل الذكي يستطيع أن يبلغ شأنا عاليا‬
‫من الثقافة يتيح له أن يصل إلى وظائف الدولة‪ ،‬وكان التعليم فنيا وعمليا بالدرجة األولى‬
‫هدفه تكوين تجار وكتاب‪ ،‬ومع ذلك سادت فترة من الفترات الدراسات التي تدعى‬
‫بالحرة‪ ،‬فوجد اختصاصيون في األدب الديني وفي الفلك والتنجيم والتاريخ‪ ،‬وتم التعمق‬
‫خاصة في علوم التجارة وعرف القوم نظاما بارعا في املحاسبة‪ ،‬واملدن الكبرى ضمت‬
‫مكتبات كتبها رقاع أو أسطوانات حفرت عليها الحروف املسمارية‪ ،‬وقد سمح اكتشاف‬
‫بعض هذه الكتب املدرسية املكتوبة للطالب بالتعرف الدقيق على حضارة تلك الشعوب‪،‬‬
‫وكان منهج الدراسة يشمل الدين والنحو والحساب والتاريخ والجغرافيا‪ ،‬وكانت كتب‬
‫الجغرافيا خاصة منظمة منهجية‪ ،‬وكان جدول الضرب يستخدم في املدارس‪ .‬وقد عرف‬
‫القوم نظام العشري في العد‪ ،‬ومبادئ القراءة تعلم عن طريق املقاطع التي تجمع لتكون‬
‫الكلمات‪ ،‬وفي ذلك بداية السير نحو األبجدية ( عبدهللا عبد الدائم‪ ، 1984،‬ص ‪.)41-40‬‬

‫وقد كان السحرة بارعون في مختلف العلوم‪ ،‬ويعتبرون األوائل السباقين للعلوم الفلك‬
‫والرياضيات‪.‬‬

‫املبحث السادس‪ :‬التربية اليونانية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تباين التربية اليونانية والتربية الشرقية مباينة تامة‪ ،‬فعلى حين نرى أن روح املحافظة‬
‫والجمود والحد من حرية الفرد هي التي تميز التربية الشرقية‪ ،‬نرى أن روح التجديد‬
‫واالبتكار وروح الحرية الفردية‪ ،‬هي التي تميز التربية اليونانية‪ .‬فاليونان قد فسحوا‬
‫املجال لنمو الشخصية الفردية في جميع مظاهرها السياسية منها والخلقية والعلمية‬
‫والفنية‪ ،‬وجعلوا غاية التربية لديهم أن يصل إلى الحياة السعيدة الجميلة‪ .‬فكان التكوين‬
‫الروحي للفرد موضع عيناتهم وتكامله النفسي أو تحقيق االنسجام بين كماله الروحي‬
‫وكماله الجسدي املثل األعلى لهم ( عبدهللا عبد الدائم‪ ،1984 ،‬ص‪ )53‬وكانت بالد‬
‫اإلغريق على اتصال بحضارات قوية مثل الحضارة البابلية‪ ،‬وبالد الفرس‪ ،‬والحضارات‬
‫الهندية والصينية‪ ،‬وكذلك حضارة مصر الفرعونية‪ .‬وعمل ذلك على ازدهار حضارة‬
‫اإلغريق‪ ،‬فتناول فكرهم القضايا واملشكالت املادية أو العقلية البشرية‪ ،‬مثل قضايا‬
‫الحرية‪ ،‬و الديمقراطية اللتان ارتبطتا باألنساق التربوية والثقافية القديمة‪ ،‬والسيما أن‬
‫كل من التعليم والسياسة ارتبطا لحد كبير بطبيعة أهداف الدولة ومصالحها بالرغم من‬
‫التناقض اإليديولوجي لطبيعة الدولة اليونانية القديمة‪ ،‬وخاصة أن استخدام التربية‬
‫وطبيعتها في تكوين املدينة سواء عن طريق األسس الديمقراطية‪ .‬كما حدث في مدينة أو‬
‫دولة أثينا‪ .‬أو قيام اسبرطة على أسس تسلطية وعسكرية بفضل نوعية ونمط التربية‬
‫الفعلية ( حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،2010 ،‬ص ‪)28-27‬‬

‫أنواع التربية اليونانية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪-‬التربية االسبرطية‪:‬‬

‫تختلف التربية في اسبرطة عن التربية االثينية باختالف ظروف عاشتها اسبرطة والتي‬
‫كانت تقع في منطقة جبلية واعرة لذا كان هدفها إعداد أفراد أقويا جسديا باستطاعتهم‬
‫التغلب على الظروف الطبيعية الصعبة التي نتجت عن ذلك املوقع‪ ،‬إضافة رغبتها في‬
‫تحقيق التفوق العسكري لفرض سلطتها على الشعوب‪ ،‬وحماية نفسها داخليا وخارجيا‪.‬‬
‫لذا هدفت التربية إلى إعداد مواطنين يتصفون بالطاعة العمياء والوالء التام لنظام‬
‫الحكم القائم منذ الصغر‪.‬وكان النظام االجتماعي االسبرطي يتسم بالطبقية‪ ،‬حيث كان‬
‫ينقسم إلى طبقات‬

‫ممثلة في‪:‬‬

‫طبقة السادة وهم أعلى طبقة في املجتمع وتظم الطبقة األرستقراطية‬ ‫‪‬‬
‫الطبقة الوسطى وتظم املالك والتجار والصناع‪ ،‬وعليهم دفع الضرائب‬ ‫‪‬‬
‫لالسبرطيين‪.‬‬
‫طبقة العبيد والذين كانوا يقومون بخدمة السادة والقيام بكل شؤونهم بإخالص‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أما فيما يخص مراحل التعليم فكانت كاالتي‪:‬‬


‫املرحلة األولى‪ :‬وتبدأ من السنة األولى إلى غاية سبع سنوات‪ ،‬وكانت مهمة التربية‬ ‫‪‬‬
‫توكل لألسرة التي كان عليها تربية أبنائها على القسوة والتقشف وإبعاده على‬
‫ملذات الحياة حتى يأتي قويا صلبا‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬وتبدأ من سن السابعة إلى غاية سن الثمانية عشر‪ ،‬وتوكل مهمة‬ ‫‪‬‬
‫التربية فيها للدولة‪ ،‬وتقوم في معسكرات عامة‪ ،‬يتدربون ويقومون بتمرينات‬
‫رياضية‪ ،‬وعسكرية كالقفز العالي والرمي‪ ،‬واملصارعة وينقسمون إلى مجموعات‪،‬‬
‫ويخضعون لنظام صارف وتقشف كبير‪ ،‬وكان يتولى األشراف عليهم مدرس يسمى‬
‫(بادوتوموس) ويساعدوه بعض املعاونين‪.‬‬

‫أما تربية الطفل بعد الثانية عشرة من العمر‪ ،‬فقد كان أبرزهم يصبحون رفقاء‬
‫محبين لدى الكبار‪ ،‬كما كان املسنون والشيوخ يتعهدون على الدوام ميادين تدريبهم‬
‫ويراقبون باستمرار تطور شجاعتهم وعقليتهم‪...‬وفي سن السادسة عشرة كان على‬
‫الفتى أن يقتل واحدا من العبيد على األقل حتى يثبت انه انتقل إلى مرحلة الرجولة‪،‬‬
‫وكان ذلك يتم بإرسال الفتيات في مهمات لتدريبهم على حرب العصابات‪ .‬أما البنات‬
‫فكان يجرى عليهم من التدريبات الشاقة ما يجري على الفتيان وذلك تحت إشراف‬
‫أمهاتهن في الساحات العامة دون اإلقامة في معسكرات عامة (محمد حسن العمايرة‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪)66‬‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬والتي تبدأ من سن الثامنة عشر إلى سن العشرين‪ ،‬ويتم فيها‬ ‫‪‬‬
‫تدريب الفتيان على فنون الحرب واستعمال األسلحة‪ ،‬وبعد االنتهاء من هذه‬
‫التدريبات يصبح الفتى معلما‪.‬‬
‫املرحلة الرابعة‪ :‬وتبدأ من سن العشرين إلى غاية سن الثالثين‪ ،‬حيث يتم خاللها‬ ‫‪‬‬
‫التحاق الشباب بصفوف الجيش في حدود اسبرطة ملدة عشرة سنوات‪ ،‬بعد‬
‫اجتياز امتحانات صعبة وشاقة‪ .‬وفي سن الثالثين يلتحق الشباب باملجلس الذي‬
‫يسير اسبرطة ويأخذ مكان فيه‪ .‬ويمنح بعدها قطعة ارض يقوم باستغاللها‪ ،‬ويقدم‬
‫جزء من عائدتها للدولة‪.‬‬

‫وعموما اتسمت التربية في اسبرطة سمات من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬كانت تربية تستهدف الجانب الجسدي وتكوين فرد شجاع قوي صبور مطيع لألوامر‪،‬‬
‫متحكم في نفسه‪ ،‬محتمل للصعاب واملشاق‪.‬‬

‫‪-‬كان التعليم تابعا للدولة‪ ،‬حيث تشرف عليه في مراحله األولى‪ ،‬عدا املرحلة األولى التي‬
‫كانت تشرف عليها األسرة‪ ،‬والتي تقابل مراحل الطفولة األولى‪ .‬وباقي املراحل كانت‬
‫تستهدف تعليم العلوم العسكرية واأللعاب الرياضية‪ ،‬وتهمل املعارف األخرى واملواد‬
‫العقلية‪.‬‬

‫‪-‬استطاعت اسبرطة بفضل تربيتها العسكرية املحافظة على كيانها ونفوذها ودحر‬
‫الثورات الداخلية والعسكرية ملدة من الزمن‪.‬‬

‫‪ -‬استطاعت التربية االسبرطية اإلبقاء على ما هو موجود في املجتمع من تقاليد وعادات‬


‫وأعراف ومثل عليا‪.‬‬

‫‪ -‬أدت التربية االسبرطية إلى جذب وقحط في التراث الفكري‪ ،‬وانهيار لحرية الطفل‪،‬‬
‫وعدم قدرة االسبرطيين على تكييف انفسهم تبعا لتغير الظروف وهذا مخالف لطبيعة‬
‫األشياء إذ أن الحياة متطورة دائمة التطور وال يمكن الوقوف في سبيل هذا التطور‪،‬‬
‫لذلك ظهر فشل األفراد في عدم قدرتهم على التكيف مع الظروف واملستجدات التي‬
‫طرأت‪ ،‬وفي عدم قدرتهم على تحمل املسؤولية‪ ،‬ألن الدولة قد رسمت لهم طريق حياتهم‬
‫رسما محددا ال يقبل التعديل أو االجتهاد‪ .‬وقد ظهر ذلك بشكل واضح‪ ،‬عندما تعرضت‬
‫الدولة للضعف وعدم أحكام السلطة على املواطنين (محمد حسن العمايرة‪ ، 2000،‬ص‬
‫‪.)70‬‬
‫‪ -‬كان إلهمال التربية الخلقية والفكرية في التربية االسبرطية‪ ،‬تأثير كبير على املجتمع‬
‫االسبرطي الذي ساد فيه وخاصة بعد االنهزام في الحروب الرذيلة واالنحالل الخلقي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬وكان سبب في ضعف الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬ما ميز املجتمع االسبرطي ونتيجة الهتمام التربية عنده بالجانب الجسدي‪ ،‬إلى فشلها في‬
‫تكوين وإعداد فالسفة ومفكرين وأدباء كما هو الحال في التربية االثينية‪.‬‬

‫‪ -‬التربية االثينية ‪:‬‬

‫هناك أشكال من التربية االثينية لكل منها خصائصها‪ ،‬بناء على طبيعة النظام االجتماعي‬
‫والظروف السائدة وتمثلت في‪:‬‬

‫أ‪ -‬التربية االثينية املبكرة‪ 776( :‬ق‪.‬م ‪ 479 -‬ق‪.‬م)‬

‫هدفت التربية االثينية في هذه املرحلة إلى خدمة صالح الدولة وجعله فوق الصالح‬
‫الفردي وكانت مصلحة األفراد ال تذكر بجانب مصلحة الدولة‪ ،‬أو حماية معابدها‬
‫ومرافقها واحترام أحكامها وقوانينها وتقديس تقاليدها الدينية واالجتماعية‪ ،‬بمعنى أن‬
‫التربية في هذه املرحلة كانت مبنية على التقاليد االثينية‪ ،‬حيث امتازت الحياة باالبتعاد‬
‫عن حياة الترف واالنغماس في امللذات الشخصية واالبتعاد عن املصالح الشخصية‪،‬‬
‫وأصبحت الدولة وجميع الحياة االجتماعية مدرسة اهتمت اهتماما عظيما بتربية النشء‬
‫خلقيا وعقليا وان كانت لم تهمل االهتمام بالناحية الجسمية‪ ،‬وبذلك تكونت في املواطن‬
‫االثيني اعلى عناصر صفات النبل والفضيلة‪ .‬ولم يكن التعليم في أثينا إجباريا وكانت‬
‫األسرة تتولى مهمة تربية النشء وتهذيبه وتشرف على تربيته من الناحيتين الخلقية‬
‫الجسمية حتى سن دخول املدرسة األولية وكانت جميع املدراس األولية في أثينا أهلية‪،‬‬
‫وكان من مسؤولية األسرة (األب) الكشف عن األطفال وتقدير مدى صالحيتهم للحياة‪،‬‬
‫بعكس نظام اسبرطة إذ كانت الحكومة تقوم بهذه املهمة والحكم باإلعدام على األطفال‬
‫الضعفاء (محمد حسن العمايرة‪ ، 2000 ،‬ص‪.)71-70‬‬
‫ولم يكن التعليم إجباريا‪ ،‬وال ينفق عليه من طرف الدولة إال ألبناء الشهداء‪ ،‬ويعود إلى‬
‫األسر‪ ،‬لذا فاغلب أبناء الفقراء يتركون التعليم في املراحل األولى‪ .‬وهذا يعني ان للنظام‬
‫الطبقي السائد أن ذاك كان له تأثير على التعليم‪ ،‬والذي كان مقسم إلى طبقات‬
‫(املواطنين‪ ،‬األحرار‪ ،‬األجانب‪ ،‬العبيد)‪ .‬وتنقسم الدراسة إلى املراحل التالية‪:‬‬

‫‪ -‬املرحلة األولى‪:‬‬

‫وتشرف عليها األسرة وتبدأ منذ والدة الطفل حتى سن السابعة‪ ،‬وتقوم بتربيته وإعداده‬
‫من الناحية الخلقية والجسدية‪.‬‬

‫‪ -‬املرحلة الثانية‪:‬‬

‫والتي تبدأ من سن سبع سنوات إلى غاية ستة عشر سنة‪ ،‬حيث يلتحق الفتى باملدارس‬
‫األولية‪ ،‬ويرافقه العبد الذي يشرف على تربيته وتوجيهه إلى السلوك السليم‪ ،‬والعادات‬
‫الحسنة‪ ،‬وحسن التصرف‪ ،‬إضافة إلى التحاقه بمدرسة املوسيقى التي يتعلم فيها القراءة‬
‫والكتابة واملوسيقى‪ .‬وبعدها يلتحق بمدرسة الرياضة‪ ،‬والتي يمارس فيها تدريبات رياضية‬
‫لبناء جسمه‪.‬‬

‫‪ -‬املرحلة الثالثة‪:‬‬

‫وتبدأ من سن ستة عشر سنة إلى غاية ثمانية عشر سنة‪ ،‬ويدرب خاللها من طرف‬
‫موظف خاص هو "مروض الغلمان" وحينها تكون مراقبة الطفل من مهام الحكومة‪.‬‬

‫املرحلة الرابعة‪:‬‬
‫وتبدأ من سن الثامنة عشر إلى غاية سن العشرين‪ ،‬ويسمى فيها بالشاب‪ ،‬وتتم في املرة‬
‫األولى ثكنات عسكرية بجوار املدينة‪ ،‬يتلقى خاللها تدريبات عسكرية صارمة‪ ،‬وتعلم‬
‫فنون الحرب واستخدام األسلحة باإلضافة إلى إعداده على تسيير شؤون الدولة‪.‬‬

‫أما في املرة الثانية فيلتحق باملعسكرات البعيدة‪ ،‬بهدف تدريبه على معرفة حدود الدولة‬
‫وطرقها وتضاريسها‪ .‬حتى يصبح له حق في ان يكون مواطنا أثنيا‪ .‬ومن أهم املواد التي كان‬
‫يحرص االثينين في هذه املرحلة تدريسها ألبنائهم ‪ :‬القراءة والكتابة والحساب‪ ،‬إضافة إلى‬
‫حفظ الشعر وكذا التربية املوسيقية والتربية الرياضية والتربية الدينية‪ ،‬والخطابة‬
‫واملواد املهنية وخاصة للطالب الذين لم يسعفهم الحظ في متابعة دراستهم بسبب‬
‫ظروفهم املادية ويطمحون ملمارسة التجارة مستقبال‪ .‬كما كان الطالب عموما يتعلمون‬
‫املواد العقلية والقانونية الالزمة لتوجيه سلوكه‪.‬‬

‫ب‪ -‬التربية االثينية الحديثة‪:‬‬

‫تميزت التربية االثينية في هذا العصر بما يلي (محمد حسن العمايرة‪، 2000 ،‬ص‪)71-70‬‬

‫‪ -‬بدأت األخالق وفلسفة الحياة الخلقية تنفصل عن مظاهر النشاط السياسي‪ ،‬وانضمت‬
‫تحت تأثير اتصالها بالشرق‪ ،‬وال سيما باليهود إلى الحياة الدينية وترتب على ذلك ابتعاد‬
‫كل من الحياة العقلية والحياة الدينية في كل ما يتعلق بالدولة وارتباط كل منهما‬
‫باألخرى‪ ،‬ونتج عن ذلك كله ظاهرة عاملية في الحياة العقلية هي ظاهرة اإلنسانية في‬
‫العادات واألخالق‪.‬‬

‫‪ -‬أصبح طلب العلم أمرا دوليا شائعا‪ ،‬ولم يعد مقصورا على شعب بعينه‪ ،‬أو وفقا على‬
‫مكان أو زمان وذلك نتيجة الفالسفة الذين عملوا على ترقية العقل عندما عملوا على‬
‫تنمية قوة التفكير لدى الفرد‪ ،‬ذلك أن العقل يقضي في كل األزمنة ان يعين الفرد غايته‬
‫في حياته‪ ،‬فبهذه الصورة عملوا على انتشار فكرة الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام بإعداد العقول املشبعة بروح البحث واالطالع‪ ،‬بروح البحث واالطالع‪ ،‬وذلك‬
‫بتوفير املعامل واملكتبات واإلمكانيات الالزمة للبحث‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور أنواع خاصة من املدارس واملعاهد العلمية مثل مدارس الفلسفة والخطابة‬
‫والبالغة والجامعات‪ - .‬لم تعد الفلسفة أداة للبحث عن السبب‪ ،‬بل كانت مجاال للبحث‬
‫عما ذكره الفيلسوف‪ ،‬ولم يعد العلماء يبحثون في األمور ويحكمون عقولهم فيها ولكنهم‬
‫أصبحوا يبحثون عن أقوال املعلم األول‪ -‬أرسطو‪ -‬ويشيرون بموجبها والفضل كله‬
‫ألرسطو الذي ابقى لهم مادة يتناقشون بها ويشرحونها‪ ،‬ولكن ال يشكون في صحتها‪ ،‬بل‬
‫يسلمون بها تسليما مطلقا ‪.‬‬

‫‪ -‬أصبحت الدراسات النظرية في هذه الفترة أكبر قيمة‪ ،‬وأدخلت تجديدات على‬
‫املوسيقى‪ ،‬جعلها اكثر لباقة لتكون هواية للتسلية‪ .‬وأصبحت التربية على وجه العموم‬
‫تعنى بجميع النواحي الكمالية التي تساعد على شغل أوقات الفراغ والتمتع بالحياة‪.‬‬

‫‪-‬امتاز العصر بتقدم األبحاث التي عملت لقياس قطر الكرة األرضية ومحيطها وقياس‬
‫أبعاد الشمس والقمر وتحديد زمن االعتدالين‬

‫‪ -‬كانت املرأة مستبعدة من الناحيتين االجتماعية واالقتصادية ولم يكن لها سلطات على‬
‫حياتها وكان املنزل هو مجال املرأة األثنية الحرة‪.‬‬

‫أما عن املراحل التعليمية فقد كانت تنقسم إلى املراحل التالية‪:‬‬

‫‪ -‬املرحلة األولية‪:‬‬

‫خضعت التربية في هذه املرحلة للنفس التنظيم القائم في الفترات التاريخية السابقة‪،‬‬
‫حيث انحصر التعليم فيها على مدارس الرياضة واملوسيقى كما في السابق‪ ،‬وكانت من‬
‫اهتمام األفراد‪ ،‬أضيف عليها املنهج والقراءة والكتابة والحساب‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التعليم الثانوي‪ :‬اهتم اليونانيون في هذه املرحلة بتعليم الهندسة والفلك‬
‫والرسم والنحو والخطابة إضافة القراءة والحساب والكتابة واملوسيقى والشعر‪ ،‬أي‬
‫محالت الدراسات النظرية مكان التدريب الرياضي الذي كان سائد‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة التعليم العالي‪:‬‬

‫شهدت هذه املرحلة ظهور مدارس الفلسفة والخطابة واملعاهد والجامعات وكانت تتميز‬
‫بـ‪ - :‬مدارس الفلسفة‪:‬‬

‫وكانت تسمى باألكاديمية‪ ،‬يرجع الفضل في إنشائها إلى الفيلسوف أفالطون‪ ،‬وكانت‬
‫وظيفتها تنحصر في تعليم الفلسفة واملنطق وامليتافيزيقا‪ ،‬إضافة التعليم الفلك واملوسيقى‬
‫والطبيعة‪ ،‬واستمرت لقرون طويلة‪ ،‬ويرجع الفضل لها في انتقال فلسفته عبر أزمنة‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫والحال نفسه بالنسبة ألرسطو الذي أسس ما يسمى بـ(الليسيوم) ولكن هذه املدارس‬
‫كانت تهتم بتدريس العلوم الطبيعية والنبات والحيوان والتشريح والطب ‪ ،‬إضافة إلى‬
‫جانب الجيولوجيا والجغرافيا وامليكانيك‪.‬‬

‫‪ -‬مدارس الخطابة‪:‬‬

‫والتي أقام بإنشائها سقراط وكان لها تأثير عميق على التربية اليونانية‪ ،‬واعتبر سقراط أن‬
‫الخطابة وسيلة لتنمية الديمقراطية والتربية على املواطنة الصالحة في املجتمع‬
‫الديمقراطي‪ - .‬جامعة أثينا‪:‬‬

‫وتأسست من اتحاد كل من مدارس أفالطون ومدارس أرسطو ومدرسة زينوفون‬


‫ومدرسة ابيقور‪ ،‬وبقيت هذه الجامعات حتى انتشار الدين املسيحي‪ .‬وتدوم الدراسة بها‬
‫اربع سنوات‪ ،‬والقت دعما كبيرا من قياصرة الروم في أول مرة‪ ،‬ولكن على اثر انتشار‬
‫املسيحية في عهد جو ستنيان‪ ،‬وألنها كانت ضد هذا الدين باعتبارها مركز للمدينة‬
‫اليونانية االثينية الوثنية فعمل القياصرة على مهاجمتها ما اثر على مكانتها والقضاء عليها‪.‬‬

‫‪ -‬جامعة اإلسكندرية‪:‬‬

‫ورث البطارسة مصر بعد اإلسكندر املقدوني (ت ‪323‬ق‪.‬م)‪ ،‬وأسسوا جامعة اإلسكندرية‬
‫عام ‪ 32‬ق‪.‬م‪ ،‬وبقيت زاهرة إلى أيام الفتوحات اإلسالمية وسقوط اإلسكندرية على يد‬
‫عمرو بن العاص عام ‪640‬م‪ ،‬أي بعد مرور نحو ألف عام على وفاة الفاتح الكبير‪ ،‬ويكفي‬
‫إلثبات ذلك أننا نجد بعد عشرة قرون في مدينة اإلسكندرية التي خلدت اسمه‪ ،‬مكتبة‬
‫تضم ‪700.000‬مجلد‪ ،‬ونجد‪4.000‬حمام‪ 400 ،‬قصر‪ ،‬و‪ 400‬للتمثيل وقد أدت جامعة‬
‫اإلسكندرية خدمات جليلة للتقدم العلمي والثقافي‪ ،‬فقد مسرح قامت بإعداد وتدريب‬
‫الدارسين والباحثين‪ ،‬وتخرج األساتذة لعدة الدول وفي ذلك يقول "ساندز" أنها مألت‬
‫مدن العالم وجزره بعلماء النحو والفالسفة وعلماء الهندسة واملوسيقيين والرسامين‬
‫واملدربين واألطباء وأفراد يهتمون مهنا أخرى كثيرة‪ .‬وقد اشتهرت جامعة اإلسكندرية‬
‫بمكتبها وتقدمها في دراسة الفلسفة والعلوم والرياضيات واشتغل فيها إقليدس (حوالي‬
‫عام ‪ 290‬ق م) مؤسس الهندسة اإلقليدية‪ ،‬والذي نشر كتابه املعروف "مبادئ علم‬
‫الهندسة" وأرخميدس (حوالي ‪100‬ق‪.‬م) صاحب قانون الطفولة"‪.‬‬

‫املبحث السابع‪ :‬التربية الرومانية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تنقسم التربية الرومانية إلى عصرين كبيرين‪:‬‬

‫‪ -1-7‬التربية الرومانية القديمة (‪ 50-753‬ق م)‪:‬‬

‫ويعني بها األساليب والطرق التهذيبية في األجيال التي سبقت دخول املدينة اليونانية‬
‫وانتشارها بصورة عامة في اإلمبراطورية الرومانية التي تكونت بعد انتشار اإلغريق في‬
‫روما وهي بدورها تنقسم إلى مرحلتين هما‪:‬‬
‫‪ -‬العصر القديم األول (‪250 -753‬ق م)‪:‬‬

‫عصر املواطنين أو عصر التربية الرومانية األولى‪ ،‬وقد كانت األسرة عماد التربية‪ ،‬وكانت‬
‫التربية حينها متأثر بشكل كبير بنمط الحياة اليومية والواقع االجتماعي املعاش‪ ،‬حيث‬
‫كانت األم في السنوات السبع من عمر الفتي تقوم بالسهر على تربيته وتعليمه إذ كانت‬
‫تلقنه الخصال والعادات الحسنة كما كانت تعلمه اللغة والقراءة والكتابة والحساب أم‬
‫الفتاة فكانت تعلمها شؤون إدارة البيت‪ .‬كما كان لالب دور كبير في األسر ويرجع له األمر‬
‫في تقرير مصير األبناء‪ ،‬وهذه السلطة خولتها له القوانين االثني عشر‪ ،‬وتبدأ مهمته في‬
‫التربية بعد سن السابعة‪ ،‬والتي تتم عن طريق املحاكاة والتقليد عن طريق اصطحابه إلى‬
‫مكان العمل أو في الحياة العامة‪ ،‬وفي منصة الخطابة أو في املعسكر‪ ،‬ويحدث هذا بسبب‬
‫عدم وجود مدارس نظامية تقوم بالتربية‪ .‬وكانت التربية في هذه الفترة قاسية وجامدة‬
‫وتهتم بالجانب الخلقي‬

‫وفي أواخر العصر ظهرت املدارس األولية والتي انحصرت مهمتها في تعليم القراءة بهدف‬
‫حفظ األلواح االثني عشر‪ ،‬وكذا تعليم الكتابة والحساب وحفظ األلواح االثني العشر‪.‬‬

‫‪ -‬العصر القديم الثاني (عصر االنتقال) ‪250‬ق م‪ 50 -‬ق م‪:‬‬

‫شهدت هذه الفترة تغلغل للثقافة اليونانية‪ ،‬التي أدخلت معها املبادئ واألفكار والعادات‬
‫اليونانية إلى روما تدريجيا ‪ ،‬حيث تميزت هذا العصر بانتشار املدارس األولية‪ ،‬كما حلت‬
‫االوديسا لهوميروس والتي ترجمت لالتينية محل األلواح االثني عشر‪ ،‬وكانت املادة التي‬
‫يتعلم الناس بها القراءة والكتابة‪ ،‬ثم دخلت مدارس النحو ومدارس الخطابة اليونانية إلى‬
‫روما‪ ،‬ولكنها لم تنتشر االنتشار الكافي‪ ،‬وأخيرا تحولت هذه املدارس إلى مدارس التينية‪،‬‬
‫إال أن مجالس الشيوخاصدر قرار بتوقيفها‪.‬‬
‫‪ -2-7‬التربية الرومانية الجديدة ‪:‬‬

‫تنقسم بدورها إلى عصرين هما‪:‬‬

‫العصر اإلمبراطوري (‪ 50‬قم‪200 -‬م)‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫انتشرت الثقافة اليونانية بهذا العصر بشكل كبير‪ ،‬وسادت مبادئها روما والعالم القديم‪،‬‬
‫واصبح نظام املعاهد ذا قيمة‪ ،‬كما بقيت املدارس األولية على حالها ولم تتطور‪ ،‬أما‬
‫مدارس النحو التي أوقفها مجلس الشيوخ في العصر املاضي فقد أصبحت رسمية وكانت‬
‫على نوعين أحدهما النحو اليوناني‪ ،‬والثاني لتعلم النحو الالتيني‪.‬‬

‫أما مدارس الخطابة عند الرومان‪ ،‬فكانت بمثابة مدارس السفسطائيين لليونان‪ ،‬وحظيت‬
‫بدعم من الحكومة‪ ،‬ما شجعها على االنتشار بشكل كبير‪ ،‬كما اعتنت الحكومة باملعلمين‬
‫وأعطتهم امتيازات خاصة‪ ،‬وأعفتهم من دفع الضرائب والرسوم‪ ،‬باإلضافة إلى التدريب‬
‫على الخطابة‪.‬‬

‫وقد اهتم القياصرة بإنشاء املدارس في العصور القديمة‪ ،‬وأنشأوا نظام تربوي يضاهي‬
‫أرقى األمم وكانت مراحل التعليم ومناهجه كالتالي‪:‬‬

‫‪-‬التعليم األولي‪ :‬يتم في املدارس األولية وتبدأ من سن ‪ 7‬سنوات إلى غاية االثني عشر‬
‫سنة يدرس فيها القراءة والكتابة والحساب‪.‬‬

‫– التعليم الثانوي‪ :‬يبدأ من سن الثانية عشر إلى غاية السادسة عشر‪ ،‬ويضم مدارس‬
‫النحو يتعلم فيها املتعلم الصرف والنحو واألدبيات‪.‬‬

‫‪ -‬التعليم العلمي‪ :‬ويبدأ من سن السادسة عشر إلى غاية الثامنة عشر‪ ،‬يضم مدار س‬
‫الخطابة أو البالغة‪ ،‬يدرس بها النحو والخطابة والجدل والحقوق‪.‬‬
‫التعليم العالي‪ :‬ويتمثل في الجامعات ويبدا من سن العشرين إلى غاية سن الخامسة‬
‫والعشرون‪ ،‬ويدرس فيها الحقوق والطب باإلضافة إلى فن البناء والرياضيات وكذا‬
‫الخطابة والنحو‪.‬‬

‫وبعد انتشار املسيحية‪ ،‬ظهر نوع جديد من املدارس املسيحية‪ ،‬يلتحق بها الطالب ما بين‬
‫‪ 18‬و‪ 20‬سنة‪ ،‬ويتعلمون فيها تعليما عاليا في املعتقدات والالهوت املسيحي‪.‬‬

‫عصر التدهور واالنحطاط (‪529-200‬م)‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ساد هذا العصر الفساد واالنحالل نتيجة للعوامل التالية‪ - :‬استبداد الحكومة امللكية‬
‫واستنزافها لثروات الشعب‪ - .‬فساد طبقة املوظفين إلى ابعد مدى‪ ،‬وتحديهم لسلطة‬
‫اإلمبراطورية بشكل علني‪.‬‬

‫‪ -‬فساد طبقة القضاة وانتشار الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬ازدياد أعداد أفراد الطبقة األرستقراطية الفاسدة‪ ،‬وتقلص أعداد الطبقة الوسطى‪،‬‬
‫وقل‬

‫عدد املزارعين‪.‬‬

‫‪ -‬االضمحالل السياسي الذي نتج من إدخال الجنود املأسورين‪ .‬وبطبيعة الحال تأثرت‬
‫التربية تأثرا كبيرا بهذا الوضع‪ ،‬وأصبحت مقصورة على الطبقة األرستقراطية وحدها‪،‬‬
‫وصارت تقوم على أساس أنها تدليل ملجتمع سطحي فاسد‪ ،‬وأصبحت شكلية ليس لها ادنى‬
‫تأثير على املجتمع‪ .‬ومن أشهر مربي الرومان‪ :‬شيشرون‪ -‬سنيكا‪ -‬بلورتاك‪ -‬فلوطارخس‪-‬‬
‫مارك أوريل ‪ -‬كونتليان‪.‬‬
‫الخاتمة‬

‫تأتي أهمية دراسة التاريخ التربوي في إلقاء الضوء على العديد من التجارب اإلنسانية‬
‫وخبراتها عبر العصور واألزمنة السابقة‪ ،‬ويكشف لنا أهداف الشعوب السابقة ومثلها العليا‬
‫وآمالها‪ ،‬ويوضح لنا اختالف وتعد دراسة تاريخ التربية هي الطريق والوسيلة المثلى لكي‬
‫نفهم في العصر الوقت الحاليين بصورة عميقة وواضحة؛ وذلك الن دراسة تاريخ التربية‬
‫في واقع األمر هو عبارة عن دراسة لتاريخ الحضارة ككل‪ ،‬إذ إن النظم التربوية ألي‬
‫مجتمع كان هو الشاهد الوحيد على مدى ما وصل إليه من الحضارة والتقدم‬
‫ومع تكاثر الجنس البشري وزيادة حاجاته اليومية‪ ،‬وتعقيد شؤونه الحياتية ظهرت في‬
‫العصور البدائية وحضاراتها أساليب تربوية مختلفة ومتباينة وفق المجتمعات البشرية‬
‫السائدة فيه كما ذكرنا في بحثنا هذا و شكرا‪.‬‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫محمد حسن العمايرة (‪ ،)2000‬أصول التربية (التاريخية واالجتماعية والنفسية‬ ‫‪-1‬‬
‫والفلسفية)‪ ،‬ط‪ ،2‬دار امليسرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫عبد هللا زاهي رشدان (‪ ،)2002‬تاريخ التربية‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عبد هللا عبد الدائم (‪ ،)1984‬التربية عبر التاريخ من العصور القديمة حتى أوائل‬ ‫‪-3‬‬
‫القرن العشرين‪ ،‬ط‪ ،5‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫عمر محمد التومي الشيباني (‪ ،)1982‬تطور النظريات واألفكار التربوية‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫فخري لرشيد خضر(‪ ،)1982‬تطور الفكر التربوي‪ ،‬دار الرشيد للنشر و التوزيع‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اإلحياء‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫حسين عبد الحميد أحمد رشوان (‪ ،)2010‬التربية واملجتمع ‪ -‬دراسة في علم‬ ‫‪-6‬‬
‫اجتماع التربية‪-‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

You might also like