Professional Documents
Culture Documents
الأزمات المالية الدولية
الأزمات المالية الدولية
:مقدمة
لقد كان لألزمات المالية وقع و أثر كبيرين على اقتصاديات البلدان ،إذ أنها غالبا ما سببت
تدهورا حادا في األسواق المالية ،نظرا لفشل األنظمة المصرفية المحلية في أداء مهامها الرئيسية و
الذي ينعكس في تدهور كبير في قيمة العملة و في أسعار األسهم .وبالتالي التأثير السلبي على
قطاعات اإلنتاج والعمالة ،وما ينتج عنه من إعادة توزيع للدخول و الثروات فيما بين األسواق
.المالية الدولية ككل
:ولمناقشة هذه القضية طرحنا األسئلة التالية
-ما المقصود باألزمات المالية ؟.
-ما هي أسباب ظهور تلك األزمات ؟.
-ما هي أهم األزمات التي عرفتها دول العالم في السابق ؟.
-كيف حدثت األزمة اآلسيوية ؟ وماذا نتج عنها ؟وكيف كانت تأثيراتها؟
-ما هي الدروس التي أمكن استخالصها من األزمات السابقة ؟
:الخطة
.المبحث األول :ماهية األزمات المالية
.المطلب األول :مفهوم األزمة المالية
:المطلب الثاني :تصنيف األزمات المالية
.المطلب الثالث :أسباب حدوث األزمات
)?(1
- Barthalon Eric, Crises financières: Revue problèmes économiques, n° 2595 , 1998
_ مجلة التمويل و التنمية ،ديسمبر ، 2002ص 06 )?(2
4 األزمات المالية بحث حول:
و قد ترتبط أزمة الديون بدين تجاري (خاص) ،أو دين سيادي (عام) ،كما أن المخاطر
المتوقعة بأن يتوقف القطاع العام عن سداد التزاماته ،قد تؤدي إلى هبوط حاد في تدفقات رأس
المال الخاص إلى الداخل ،و إلى أزمة في الصرف األجنبي.
المطلب الثالث :أسباب حدوث األزمات.
()1
و قد تحدث األزمات ألسباب عديدة يمكن التنبؤ ببعضها ،و البعض اآلخر يصعب قياسه بدقة،
و تفيد الخبرات المتراكمة في تقدير اإلتجاهات البورصيةـ ( مثال :مؤشر داو جونز ،كما حدث في
األسبوع الماضي ألزمة نيويورك ، 1929و قد ترجع أسباب األزمات إلى :
-التغيرات الدولية ،من الكوارث و الحروب و األزمات االقتصادية و الحروب التجارية.
-المتغيرات المحلية في معدل التضخم (أسواق السندات ) ،و أسعار الصرف ( أسواق
العمالت الحرة) ،و أسعار األسهم ،و تغير أسعار الفائدة.
-التغيرات التكنولوجية مثل المنتجات الجديدة و االختراعات ،و تحول الطلب على
المنتجات و الخدمات و هياكل محفظة االستثمار.
-اإلشاعات و المعلومات الملوثة غير الحقيقية.
-المضاربة غير المحسوبة.
و يترتب على األزمات تدهور في األسعار و الخسائر ،و تدهور التداول في البورصة،ـ و
فقدان الثقة في بعض األوراق المالية ،لذا يفيد اإلفصاح المالي في الكشف عن حقيقة التغيرات في
البورصات و يمكن مواجهة األزمات البورصية إما باالنتظار أو باالنسحاب ،أو بتطبيق التخطيط
االستراتيجي الفعال كما هو موضح في الشكل ،حيث يوضح الشكل أساليب التعامل مع األزمات،
و تشغيل آليات البورصةـ سواء من حيث االنفراد بالقرارات أو التشاور ،أو تحقيق درجة عالية
من قبول العاملين و المتعاملين في البو رصة ،أو عدم تحقيق ذلك.
المضاربة اإلشاعات التغيرات المتغيرات المتغيرات أسباب
التكنولوجية و المعلومات و المعلومات المحلية األزمة الدولية
المحسوبة الملوثة و دورات االقتصادية نتائج
األعمال و السياسية الكوارث األزمة
والحروب
" تدهو
األسعار
"انخفاض
التداول
"البيع بأقل
األسعار
" الشراء
بأسعار غير
واقعية
"توقف
المعامالت
"خسائر فادحة
"فقدان الثقة في
السوق
- ) )1فريد النجار ،البورصات و الهندسة المالية ،مؤسسة شباب الجامعة للنشر ، 1999 – 1998 ،ص . 207
5 األزمات المالية بحث حول:
الصدمات و التأقلم التراجع االنسحاب الصدمات السياسات
د .فريد النجار ،البورصات و الهندسة المالية ،مرجع سابق ،ص 208 المصدر:
6 األزمات المالية بحث حول:
- )?(1ستاد نيجنكو ،األزمة النقدية في النظام الرأسمالي :أصلها و تطورها ،ترجمة محمد عبد العزيز ،مطبعة جامعة بغداد،
بغداد ، 1979 ،ص 106 -104
7 األزمات المالية بحث حول:
)?(1
-مروان عطون ،األسواق النقدية و المالية (البورصات و مشكالتها في عالم النقد والمال ) ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية=،
الجزائر ، 1993 ،ص ص 101 -100
)?(2
-محمد لخضر بن حسين ،األزمات االقتصادية ،فعلها و وظائفها في البلدان الرأسمالية المتطورة و البلدان النامية ،ترجمة أحمين شفير،
الجزائر ،المعهد الوطني للثقافة العمالية وبحوث العمل ، 1995 ،ص ص 74 -73
8 األزمات المالية بحث حول:
_ 4اعتماد األسواق المالية على أجهزة الكمبيوتر ،حيث تبرمج هذه األجهزة على أساس
أوامر الشراء و البيع ،كما تحتوي على برامج تعطي مؤشر إنذار مبكر بمجرد هبوط األسعار إلى
حد معين ،فيقوم الكمبيوتر بإصدار أوامر بالبيع ،كما أن التغيرات في أسعار العمالت ،و األسهم،
زادت من عرض األسهم و انخفاض الطلب عليها مما أحدث فوضى أدت إلى المزيد من االنهيار.
.1اإلنخفاض الحاد في قيمة الـ(-)Bhatالعملة الوطنية التايلندية -بعد فترة طويلة من اإلعتماد
على نظام سعر الصرف الثابت ،وهذا ما حفز على اإلقتراض الخارجي وعرّض قطاع
األعمال و المال إلى المخاطر.
.2فشل السلطات العامة في تقليل الضغوط التضخمية الجامحة و المتجسدة بحاالت العجز
الخارجي الواسع و اضطراب أسواق المال.
.3ضعف اإلشراف و الرقابة الحكومية و بالتالي تصاعد الشكوك السياسية حول التزامات
الحكومة ،و مدى مقدرتها على إجراء اإلصالحات المناسبة لمواجهة األزمة.
.4إضافة إلى ما سبق ،فقد ساهمت التطورات الخارجية في تفاقم األزمة ،وأهمها:
-1التدفقات الضخمة لرؤوس األموال إلى تايلندا وبقية دول المنطقة ،في
منتصف التسعينيات ،بسبب انخفاض أسعار الفائدة لدى الدول الصناعية في تلك
الفترة.
-2أدى اإلنخفاض في قيمة الدوالر األمريكي إلى منافسة العمالت اآلسيوية
التي ترتبط به بشكل أو بآخر ،ثم إلى تضاءل درجة منافسة الدول اآلسيوية في
األسواق العالمية.
كما أن الدول التي تعرضت لألزمة ،كانت تعاني من اختالالت اقتصادية داخلية ،وذلك
ما ساعد على تف ّشي األزمة ،ومن تلك االختالالت:
)1االعتماد المفرط على التصدير لتحقيق النمو.
)2االعتماد الكبير على التدفقات المالية من الخارج ،سواء في شكل قروض أو استثمار أجنبي
مباشر ،إلى جانب اإلقتراض الخارجي غير المغطى من قبل القطاع الخاص المحلي.
)3اإلنخفاض الحاد في قيمة العمالت المحلية.
)4ضعف الثقة باألنظمة اإلقتصادية و المالية نتيجة لضعف الثقة باألنظمة السياسية القائمة
أساسا.
)5نقص الشفافية ،ويقصد بها عدم كفاية ودقة البيانات و المعلومات عن أداء الكثير من الشركات
و المؤسسات العامة و الخاصة ،خاصة فيما يتعلق بالكشف عن الحجم الحقيقي لإلحتياطات
الدولية للبلدان المعنية من النقد األجنبي ،مما تسبب في فقدان كبير للثقة ،وهروب رأس المال
للخارج.
المطلب الثاني :انفجار األزمة
لقد أعطى نظام سعر الصرف الثابت في بلدان جنوب شرق آسيا ( تايلندا-إندونيسيا-الفيليبين-
كوريا )....إحساسا زائفا باألمن ،مما شجع هذه البلدان على إبرام ديون ضخمة مقومة بالدوالر،
إضافة إلى هذا فإن صادرات هذه البلدان كانت ضعيفة في منتصف السبعينيات بسبب ارتفاع قيمة
الدوالر األمريكي مقابل الين الياباني و قيام الصين بخفض قيمة عملتها في عام ،1994وقد
انعكست تدفقات رؤوس األموال الضخمة إلى الداخل و ضعف الصادرات في اتساع عجز الحساب
األزمات المالية 11 بحث حول:
الجاري إضافة إلى أن قسما كبيرا من التدفقات كان في صورة اقتراض قصير األجل ،ما جعل هذه
البلدان معرضة للصدمات الخارجية .¹
وبفعل عمليات المضاربة على سعر العملة وتدني األرباح في أسواق األسهم ،اضطرت
السلطات النقدية في تلك األسواق إلى رفع سعر الفائدة بهدف وقف التحويالت من العملة الوطنية
إلى العمالت األجنبية خاصة الدوالر األمريكي و محاولة تشجيع مختلف المستثمرين الحائزين
للدوالر األمريكي على تحويل المبالغ الموجودة لديهم إلى العمالت الوطنية .وعليه فقد ارتفعت
أسعار الفائدة إلى حد 25%في تايلندا ،و 35%في كوريا ،وظلت عند هذا الحد لعدة أيام ،مما
اضطر بالمستثمرين في هذه األسواق إلى التخلي عن األوراق المالية و إيداع قيمتها في البنوك
لإلستفادة من سعر الفائدة المرتفع .مما نتج عنه زيادة المعروض من األوراق المالية في السوق
دون أن يقابله طلبات شراء و هذا ما أدى إلى انخفاض شديد في أسعار األسهم وصل إلى 25%و
50%من األسعار السائدة في السوق .وانفجرت األزمة في تايلندا بعد الهجوم على الـ()BAHT
التايلندي في جويلية 1997من خالل قيام ستة ( )6أفراد من تجار العملة في بانكوك بالمضاربة
على خفض سعر هذه العملة بعرض كميات كبيرة منها للبيع ،أدت إلى انخفاض قيمته بالنسبة
للعمالت األخرى .وتزامن هذا مع فشل الحكومة في الحفاظ على قيمة عملتها بعد تآكل اإلحتياطي
النقدي األجنبي لديها ،مما أدى بها إلى خفض رسمي في قيمة العملة تسبب و بصورة فورية في
تراجع حاد ألسعار األسهم بعد أن قرر األجانب االنسحاب من السوق.
ــــــــــــــــــــ
-دونالد ماشيسون ،األزمات المالية في األسواق الناشئة،مجلة التمويل و التنمية،FMI،المجلد ،36العدد،3جوان ،1999ص
( )1
.29
األزمات المالية 12 بحث حول:
ـــــــــــــــــــ
((-1ظفار احمد،تأثير األزمة المالية في آسيا على كمبوديا و جمهورية الالوس،مجلة التمويل و التنمية،المجلد،36العدد،3سبتمبر
،1999ص43
في كمبوديا: أوالً:
أفضى الجفاف و الصادرات غير القانونية ،الواسعة النطاق لألرز إلى تايلندا و فيتنام -
إلى نقص حاد في األغذية في بعض المناطق ،و باإلضافة إلى هذا قلل اإلنكماش
اإلقتصادي من فرص استكمال األفراد لدخولهم.
زادت الهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية مما زاد الضغوط على البنية األساسية -
و الموارد اإلجتماعية و اإلقتصادية المحدودة ،وتتفشى األمراض المرتبطة باألوضاع
السكنية البائسة ،وعدم كفاية فرص الحصول على مياه نظيفة وسوء التغذية.
-أفضى التضخم السنوي المؤلف من ثالثة أرقام و الزيادات الكبيرة في أسعار السلع
األساسية إلى تقليل الدخول الحقيقية و القدرة الشرائية ،مما فرض إجراء تغيرات في أنماط
االستهالك و االدخار وتم تعديل النظم الغذائية وتخفيض اإلنفاق على الكساء.
-زادت تكلفة اللوازم المدرسية و األدوية بصورة كبيرة فوق طاقة الكثير من األسر الريفية
الفقيرة.
-تبدلت األنماط التقليدية لهجرة العمل ،وتناقص عدد العمال الصينيينـ الذين كانوا يهاجرون
من قبل جنوبا ً إلى أودوماكسي للعمل في صناعة التشييد مع ازدياد ضعف الـ(كيب) ،مما
وفر وظائف في هذه الصناعة لعمال الوس وفي نفس الوقت تعرض عمال الوس في تايلندا
المجاورة لضغط العودة إلى وطنهم.
ــــــــــــــــــ
-)1أندريا بيكويز،اآلثار اإلجتماعية ألزمة شرق آسيا،مجلة التمويل و التنمية،مرجع سابق،ص.44
األزمات المالية 14 بحث حول:
وإدراكا ً باآلثار المحتملة لألزمة اآلسيوية على حركة التجارة و المال الدولي ،بادرت بعض
المؤسسات المالية إلى معالجة األزمة لتضيق نطاقها إلى الدول األخرى ،حيث قام صندوق النقد
الدولي و البنك الدولي بالتنسيق مع بعض الدول المتقدمة بتقديم تسهيالت مالية إلى الدول المعنية
بعد أن فرض مشروطيته التي تضمنت إجراء جملة من التغييرات الهيكلية على اإلستراتيجيات
اإلنمائية التي تبنتها هذه الدول في السنوات السابقة و خاصة في الميدانين التاليين:
-إعادة تقييم العمالت اآلسيوية.
-إغالق عدد من البنوك اآلسيوية.
األزمات المالية 15 بحث حول:
الخاتمة:
وأخيرا ،وبعد تطرقنا لألزمات المالية السابقة ،خاصة أزمة دول جنوب شرق آسيا،
ارتأينا استخالص عدد من الدروس أو النقاط بغية تفادي مثل تلك األزمات مستقبال:
الدرس األول :ضرورة اإلهتمام المبكر بتصحيح اإلختالالت اإلقتصادية الكلية ،بمجرد
ظهورها ،وهذا لم يحدث في إندونيسيا و تايلندا بالرغم من التحذيرات المتكررة في هذا
الصدد.
الدرس الثاني :بمقدور الدول المجاورة التي تعرضت إلى األزمة ذاتها أن تأخذ جانب الحذر
مقدما وذلك من خالل تعزيز سياساتها اإلقتصادية.
الدرس الثالث :لقد تجلى من األزمة اآلسيوية صعوبة تجديد الثقة لدى الجمهور ،وهو ما
يستدعي بالضرورة التزاما رسميا صارما بإجراء اإلصالحات االقتصادية حتى و إن تطلب
ذلك بعض النتائج المؤلمة.
الدرس الرابع :إن معدالت النمو االقتصادي التي حققتها دول األزمة إنما كانت تخفي بعض
المشاكل ،ومنها العجز الكبير في الحساب الجاري و تدفق االستثمارات األجنبية عبر نظم
اقتصادية اعتمدت على نحو واسع على تقديم قروض بالعمالت الصعبة بأسعار فائدة
منخفضة للغاية لصالح قطاعات غير منتجة.
الدرس الخامس :إن التطورات األخيرة ألسواق رأس المال اآلسيوية ال تكشف النقاب عن
مخاطر األسواق العالمية فحسب ،بل في كيفية التعامل معها بصورة مسئولة من خالل إتباع
سياسات اقتصادية تقوم على أسس متينة من اإلصالحات الهيكلية التي يمكن أن تقود إلى
تجديد الثقة ،وبالتالي تساعد على تخصيص الموارد بصورة كفوءة.
األزمات المالية 16 بحث حول:
المراجع:
-منيرـ ابرهيم هندي،األوراق المالية و أسواق رأس المال ،توزيعـ منشأة المعارف اإلسكندرية،ـ
مصر .1997
-مروان عطون ،األسواق النقدية و المالية (البورصات و مشكالتها في عالم النقد والمال ) ،
الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.1993 ،
-فريد النجار ،البورصات و الهندسة المالية ،مؤسسة شباب الجامعة للنشر.1999 – 1998 ،
-ستاد نيجنكو ،األزمة النقدية في النظام الرأسمالي :أصلها و تطورها ،ترجمة محمد عبد
بغداد.1979 ، العزيز ،مطبعة جامعة بغداد،
-الصافي وليد أحمد ،سوق األوراق المالية و دورها في التنميةـ االقتصادية ،رسالة ماجيستيرـ
علوم اقتصادية ،معهد العلوم االقتصادية.1997 ،