Professional Documents
Culture Documents
Definition Pragmatisme
Definition Pragmatisme
البراغماتية هي حركة فلسفية تتضمن أولئك الذين يزعمون أن األيديولوجيا أو االق تراح ص حيح إذا ك ان يعم ل بش كل
م رض ،وأن مع نى االق تراح موج ود في النت ائج العملي ة لقبوله ا ،وأن األفك ار غ ير العملي ة يجب رفض ها .نش أت
البراغماتية في الواليات المتحدة خالل الربع األخير من القرن التاسع عش ر .على ال رغم من أن ه ق د أث ر بش كل كب ير
على غير الفالسفة -ال سيما في مجاالت القانون والتعليم والسياسة وعلم االجتم اع وعلم النفس والنق د األدبي -إال أن
هذا المقال ال يتعامل معه إال كحركة داخل الفلسفة.
تم استخدام مصطلح "البراغماتية" ألول مرة في المطبوعات لتعيين وجهة نظر فلسفية منذ ق رن مض ى عن دما ض غط
ويليام جيمس ( )1910-1842على الكلمة في الخدمة خالل عنوان ع ام 1898بعن وان "المف اهيم الفلس فية والنت ائج
العملية" ،والذي تم تسليمه في جامعة كاليفورنيا (بيركلي) .أقسم جيمس بدقة ،مع ذلك ،أن المصطلح قد ص اغه من ذ
صا على التمييز ما يقرب من ثالثة عقود من قبل مواطنه وصديقه سي إس بيرس (( .)1914-1839كان بيرس حري ً
بين عقائده واآلراء التي أصدرها جيمس ،ثم أعاد تسمية موقفه بـ "البراغماتي ة" -وه و اس م ،كم ا ق ال " ،ق بيح بم ا
يكفي ليكون في مأمن من الخاطفين )".الشخصية الرئيسية الثالثة في البانثيون البراغماتي الكالسيكي هو جون ديوي (
، )1952-1859الذي كان لكتاباته الواسعة ت أثير كب ير على الحي اة الفكري ة األمريكي ة لم دة نص ف ق رن .لكن بع د
ديوي ،فقدت البراغماتية الكثير من زخمها.
ك ان هن اك تج دد االهتم ام م ؤخرً ا بالبراغماتي ة ،حيث ق ام العدي د من الفالس فة الب ارزين باستكش اف الموض وعات
واألفكار وتخصيصها بش كل انتق ائي في التقالي د الغني ة لب يرس وجيمس ودي وي .في حين أن ريتش ارد رورتي أش هر
هؤالء وأكثرهم إثارة للجدل من بين هؤالء "البراغماتيين الجدد" المزعومين ،فإن الفالسفة المعاصرين الت اليين غال ًب ا
م ا يُعت برون براغم اتيين :هيالري بوتن ام ونيك والس ريش ر وي ورجن هابرم اس وس وزان ه اك وروب رت بران دوم
وكورنيل الغرب.
يحت وي القس م األول من المقال ة على م وجز لت اريخ البراغماتي ة .والث اني ،مس ح انتق ائي لمواض يع وأطروح ات
البراغماتيين.
1
لخص ب يرس مس اهماته الخاص ة في اجتماع ات الن ادي الميت افيزيقي في مق التين تعت بران اآلن وث ائق تأسيس ية
للبراغماتية" :تثبيت اإليمان" ( )1877و "كيفية جعل أفكارنا واض حة" ( .)1878تب ع جيمس ب يرس بمقال ه الفلس في
األول " ،مالحظات حول تعريف سبنسر للعقل كمراس لة" ( .)1878بع د ظه ور مب ادئ علم النفس ( ، )1890ذهب
جيمس لنش ر إرادة اإليم ان ومق االت أخ رى في الفلس فة الش عبية ( ، )1896أص ناف التجرب ة الديني ة (، )1902
البراغماتية :اسم جدي د لبعض الط رق القديم ة في الفلس فة .التفك ير ( ، )1907ومع نى الحقيق ة :تكمل ة للبراغماتي ة (
.)1909لسوء الحظ ،لم ينجح بيرس أب ًدا في نشر مؤلفات رائعة تم فيها شرح وجهات نظ ره الفلس فية الدقيق ة بش كل
منهجي .ومع ذلك ،قام بالنشر ،على الرغم من أنه ترك وراءه جباًل من شظايا المخطوطات ،والتي تم طباعة العديد
منها فقط بعد عقود من وفاته.
سافر بيرس وجيمس في مسارات مختلفة ،فلسفيًا وكذلك مهنيًا .أصبح جيمس ،األق ل ص رامة ولكن ه أك ثر ص البة ،
ً
(وأستاذا في جامعة هارفارد) بفض ل نطاق ه الفك ري وتعاطف ه الواس ع وعبقريت ه اإليمرس ونية شخصية عامة محترمة
لتعميمه .لقد أدرك مواهب بيرس اإلبداعية الهائلة وفعل ما في وسعه لتق دم ص ديقه على المس توى المه ني ؛ ولكن في
النهاية دون جدوى .استعصى النجاح المهني داخل األكاديمية على بيرس ؛ بعد إقالته بسبب الفضيحة من جامعة جونز
هوبكنز ( - )1884-1879تعيينه األكاديمي الوحيد -كافح في عزلة في ريف بنسلفانيا .ص حيح أن ب يرس لم ينقط ع
تمامًا :لقد تراسل مع زمالئ ه ،وراج ع الكتب ،وألقى المحاض رة الفردي ة ال تي تمت دعوته ا .وم ع ذل ك ،نم ا عمل ه
الفلسفي بشكل متزايد ،وظل إلى حد كبير غير محل تقدير من قب ل معاص ريه .على النقيض من ذل ك ،اس تمد جيمس
المرتبط جي ًدا اإللهام والتحفيز من مجموعة متنوعة من زمالئه المسافرين والمتعاطفين والنقاد الحادين .وش مل ه ؤالء
أعضاء في مدرسة ش يكاغو للبراغم اتيين ،بقي ادة ج ون دي وي (ومنهم اآلن أك ثر من ذل ك) ؛ األيقون ات الالذع ة في
أكس فورد .F.C.Sش يلر ( ، )1937-1864يص ف نفس ه بروت اجوري و "إنس اني" ؛ جيوف اني ب ابيني (-1881
، )1956زعيم خلي ة من البراغم اتيين اإليط اليين ؛ واث نين من زمالء جيمس األص غر س نا ً في جامع ة هارف ارد ،
المثالي المطلق يوشيا رويس ( )1916-1855وعالم الطبيعة الشعري جورج س انتايانا ( ، )1952-1864وكالهم ا
تحديا البراغماتية أثناء تأثرهما بها( .تجدر اإلشارة ،مع ذلك ،إلى أن رويس تأثر بشكل كبير ببيرس).
العضو األخير في الثالثية البراغماتية الكالسيكية هو جون ديوي ( ، )1952-1859الذي ك ان ط الب دراس ات علي ا
في جامعة جونز هوبكنز خالل فترة بيرس القصيرة هناك .في حياته المهنية الالمعة ال تي امت دت لس بعة عق ود ،فع ل
ً
شخص ا غ ير ديوي الكثير لجعل البراغماتية (أو "الذرائعية" كما أسماها) محترمة بين الفالسفة المحترفين .كان بيرس
مرغوب فيه في العالم األكاديمي ؛ جيمس ،وهو شخص مطلع ولكن ليس متحذلق ،ك ان يمقت "أخطب وط ال دكتوراه"
وكتب عظات بليغة .لكن ديوي كان أستاذاً كتب الفلسفة كما كان من المفترض أن يفعلها أس اتذة -أي ألس اتذة آخ رين.
أعماله الناضجة -إعادة اإلعمار في الفلسفة ( ، )1920التجربة والطبيعة ( ، )1925والبحث عن اليقين (- )1929
تفكك بجرأة الثنائيات واالنقسامات التي ،بش كل أو ب آخر ،ض منت الفلس فة من ذ اإلغري ق .وف ًق ا ل ديوي ،بمج رد أن
يتخلى الفالسفة عن هذه الفروق العريقة -بين المظهر والواقع ،والنظرية والممارس ة ،والمعرف ة والفع ل ،والحقيق ة
والقيمة -سوف يرون من خالل المشاكل غير الموضوعة لنظرية المعرف ة التقليدي ة والميتافيزيقي ا .فب دالً من محاول ة
مسح العالم الفرعي من نوع ، aeternitatisفإن فالسفة ديويان يكتف ون بالحف اظ على أق دامهم مغروس ة في األرض
الثابتة ومعالجة "مشاكل الرجال".
برز ديوي كشخصية رئيسية خالل عق ده في جامع ة ش يكاغو ،حيث ك ان زميل ه البراغم اتي ج .ك ان مي د (-1863
)1931زمياًل ومتعاو ًن ا .بع د مغادرت ه ش يكاغو إلى جامع ة كولومبي ا في ع ام ، 1904أص بح دي وي أك ثر إنتاجً ا
2
وتأثيرً ا .نتيجة لذلك ،أصبحت البراغماتية س مة مهم ة للمش هد الفلس في في ال داخل والخ ارج .ك ان ل ديوي في الواق ع
الكثير من التالميذ والمقلدين .ما كان ينقصه هو خليفة حسن النية -شخص ما ،يمكن أن يق ف أم ام دي وي وه و يق ف
أمام جيمس وبيرس .لذلك ليس من المستغرب أنه بحلول األربعينيات -بعد وقت قصير من نشر منطق ديوي :نظري ة
التحقيق ( - )1938فقدت البراغماتية الكثير من زخمها ومكانتها.
منقرض ا ؛ س ي آي ل ويس ( )1964-1883وس يدني ه وك (-1902 ً ه ذا ال يع ني أن البراغم اتيين أص بحوا نوعً ا
، )1989على سبيل المثال ،ظلوا بارزين ومنتجين .لكن بالنسبة للكثيرين ،ال بد أنه بدا أنه لم يعد هن اك ج دوى من
وصف المرء نفسه بأن ه براغم اتي -خاص ة م ع وص ول تل ك الفلس فة التحليلي ة الص ارمة الواعي ة ب ذاتها .بينم ا ق رأ
الفالسفة األمريكيون المزيد والمزيد من مور ،ورسل ،وفتجنشتاين ،ودائرة فيينا ،وج د العدي د منهم دي وي وجيمس
استفزازا في السابق غامضًا وضبابيًا بشكل مثير للغضب .كان عصر الفلسفة السينوبتيكية الكبرى يق ترب بس رعة من ً
نهايته .كان عصر حل المشكالت الجزئي والحجج العنيفة في طريقه.
ب .براغماتية ما بعد ديويان :من كوين إلى رورتي
وهكذا تراجعت ق وة ديوي ان عن نفس ها من خالل الق وة ال تي اس تطاعت أن تحاف ظ عليه ا ،أي االح تراف الت دريجي
للفلس فة كنظ ام أك اديمي متخص ص .البراغماتي ة ،ال تي وُ ص فت ذات م رة على أنه ا هدي ة أمريك ا المم يزة للفلس فة
الغربية ،سرعان ما سخرت ظلما من قبل العديد من المحللين الع اديين على أنه ا قديم ة .من بين الثالثي ة البراغماتي ة
األصلية ،كان بيرس األفضل على اإلطالق .في الواقع ،أعجب بعض الفالسفة التحليليين بإسهاماته الفنية في المنطق
وفلسفة العلم لدرجة أنهم دفعوا له مجامل ة (مش كوك فيه ا) إلع ادة ص نعه على ص ورتهم الخاص ة .لكن س معة جيمس
وديوي ع انت بش دة وتض اءل ت أثير البراغماتي ة كفص يل .ص حيح .W.V.O ،تح دت مقال ة كوي نز ()2000-1908
التاريخية "عقيدتان من التجريبية" ( )1951العقيدة الوضعية باالعتماد على تراث البراغماتية .ومع ذلك ،على الرغم
من حماس كواين المؤهل ألج زاء من ه ذا اإلرث -حم اس مش ترك ب درجات متفاوت ة من قب ل ل ودفيج فيتجنش تاين (
، )1951-1889رودولف كارناب ( ، )1970-1891ه انز ريتش ينباخ ( ، )1953-1891ك ارل ب وبر (-1902
، )1994ف .رمزي ( ، )1930-1903ونيلسون جودمان ( ، )1999-1906وويلفريد سيالرز ()1989-1912
،وتوماس كون ( - )1996-1922مال الفالسفة التحليليون الرئيسيون إلى تجاهل البراغماتية حتى أوائل الثمانينيات.
ما جعل الفالسفة يتحدثون عن البراغماتية مرة أخرى هو نشر فلسفة ريتشارد رورتي ومرآة الطبيعة ( - )1979وهو
كتاب مثير للجدل رفض االفتراضات األساسية للفلسفة الحديثة بحماسة وحيوية وتعلم .بعد أن أعلن أن نظرية المعرفة
قضية خاسرة ،وجد رورتي اإللهام والتشجيع في ديوي .بالنسبة إلى ديوي ،قال رورتي ،كان ق د رأى بص راحة أن
الفلسفة يجب أن تصبح أقل أفالطوني ة وأق ل كانطي ة -أق ل اهتما ًم ا ،أي بالكش ف عن األس س المعياري ة الض رورية
وغير التاريخية لممارسات ثقافتنا .بمجرد أن نفهم ثقافتنا ليس كصرح ثابت ولكن كمحادث ة مس تمرة ،يتغ ير الوص ف
ال وظيفي الرس مي للفيلس وف من طبق ة أساس ية إلى م ترجم ف وري .في غي اب نقط ة أرخمي دس ،يمكن للفلس فة أن
تستكشف ممارساتنا ومفرداتنا فقط من الداخل ؛ ال يمكن أن تؤسس هم على ش يء خ ارجي وال تق ييمهم من أج ل الدق ة
التمثيلية .وبالتالي تصبح فلسفة ما بعد المعرفية هي فن الفهم .إنه يستكشف الطرق التي ترتبط بها تلك األص وات ال تي
تشكل تلك المحادثة المتغيرة التي نطلق عليها ثقافتنا -أصوات العلم والفن واألخالق والدين وما شابه.
في الكتابات الالحقة -النتائج البراغماتي ة ( ، )1982الط وارئ ،الس خرية ،والتض امن ( ، )1989تحقي ق بالدن ا (
، )1998الفلسفة واألمل االجتماعي ( ، )1999وثالثة مجلدات من األوراق الفلسفية ()1998 ، 1991 ، 1991
3
-ع ّرف رورتي نفسه بحماس بأنه براغماتي .باإلضافة إلى ذلك ،فق د حث على أن ه ذه الص فة يمكن أن ُتمنح بش كل
مفيد لمجموعة من الفالسفة المشهورين اآلخرين -وال س يما دونال د ديفيدس ون ( .)2003-1917على ال رغم من أن
رورتي هو البطل المعاصر األك ثر وض وحً ا وص و ًتا للبراغماتي ة ،إال أن العدي د من الشخص يات المعروف ة األخ رى
ساهمت بشكل كبير في عودة هذه الحركة متعددة الجوانب .من بين أنصار اإلحياء البارزين ك ارل أوت و أبي ل (موالي د
، )1922إس رائيل ش يفلر (موالي د ، )1923جوزي ف م ارغوليس (موالي د ، )1924هيالري بوتن ام (موالي د
، )1926نيك والس ريش ر (موالي د ، )1928ي ورغن هابرم اس (ب ، )1929 .وريتش ارد بيرنش تاين (موالي د
، )1932وستيفن ستيتش (مواليد ، )1944وسوزان هاك (مواليد ، )1945وروبرت بران دوم (موالي د ، )1950
وكورنيل ويس ت (موالي د ، )1953وش يريل ميس اك (موالي د .) )1961وم ع ذل ك ،هن اك الكث ير من الخالف بين
هؤالء الكتاب ،لذلك سيكون من المضلل بشكل كبير تقديمهم كأعضاء موقعين لبيان من طائفة أو زمرة واحدة.
4
مسألة قوتها في حل المشكالت ؛ يجب أال يُعادل التأقلم البراغماتي مع ما يقدم ع زاءًا عاطف ًي ا أو راح ة ذاتي ة .م ا ه و
أساسي هو أن تدفع النظريات طريقها على المدى الطويل -بحيث يمكن االعتماد عليها مرارً ا وتكرارً ا لحل المشكالت
الملحة وتوضيح الصعوبات الكبيرة التي تواجه المستفسرين .إلى الحد الذي تعمل فيه النظري ة أو "تعم ل" عمل ًي ا به ذه
الطريقة ،فمن المنطقي االستمرار في استخدامها -على الرغم من أنه يجب علينا دائمًا السماح بإمكاني ة اس تبدالها في
النهاية بنظرية تعمل بشكل أفضل( .انظر القسم 2ب أدناه ،لمزيد من المعلومات عن عدم الخطأ ).يمكن العث ور على
متغير مثير لالهتمام حول هذا الموضوع في فلسفة بوبر الكاذبة للعلم :على الرغم من عدم تبريرها بشكل إيجابي ،إال
أن النظريات (التي ُتفهم على أنها تخمينات أو تخمين ات جريئ ة) ق د تظ ل مقبول ة منطق ًي ا بش رط تكراره ا .مح اوالت
تزويرها باءت بالفشل.
ضا أن "البحث عن اليقين" الديكارتي خيالي .بيس ديكارت ،ال يوجد بيان أو حكم عن العالم مؤكد يجد البراغماتيون أي ً
تما ًم ا أو ال يمكن إصالحه .يتم التعامل مع جميع المعتقدات والنظريات بشكل أفضل على أنها فرضيات عمل قد تحتاج
إلى تعديل -صقلها أو تنقيحها أو رفضها -في ضوء االستفسار والتجربة المستقبلية .لقد داف ع البراغم اتيون عن مث ل
هذه الظواهر الخاطئة عن طريق الحجج المختلفة .هنا اسكتشات من خمسة )1( :هن اك حج ة من ت اريخ البحث :ح تى
أفضل نظرياتنا وأكثرها إثارة لإلعجاب -الهندس ة اإلقليدي ة والفيزي اء النيوتوني ة ،على س بيل المث ال -احت اجت إلى
مراجعات مهمة وغير متوقعة )2( .إذا كانت النظريات العلمي ة مقي دة بش كل كب ير بالبيان ات ،فهن اك نظري ات بديل ة
تناسب البيانات المذكورة .كيف إذن يمكننا أن نكون متأكدين تمامًا من أننا اخترنا النظرية الصحيحة؟ ( )3إذا قلنا (مع
بيرس) أن الحقيقة هي ما سيتم قبوله في نهاية التحقي ق ،فيب دو أنن ا ال نس تطيع أن نك ون متأك دين تما ًم ا من أن رأين ا
صحيح ما لم نعلم يقي ًنا أننا وصلنا إلى نهاية سؤال .لكن كيف لنا أن نعرف ذل ك؟ (انظ ر القس م 2هـ أدن اه لمزي د من
المعلومات حول نظرية بيرس للحقيقة )4( ).هناك حجة منهجية أيضً ا :تعوق وصفات اليقين طريق التحقيق ،ألنها قد
تمنعنا من إحراز تقدم (أي العثور على رؤية أفضل أو النظرية) يجب أن يكون التقدم ممك ًنا )5( .أخيرً ا ،هن اك حج ة
سياسية .يقال إن النزعة الخاطئة هي البديل العقالني الوحيد لعقيدة الدوغماتية ،وللتعصب وعدم التسامح والعنف الذي
يمكن أن تؤدي إليه مثل هذه الدوغمائية بسهولة.
5
لقد انتقد البراغماتيون أيضً ا الفكرة الديكارتية القائلة بأن الفلسفة يجب أن تبدأ بشك عالمي جريء -أي أن الش ك ق ادر
على هدم كل معتقداتنا القديمة .بيرس ،وجيمس ،وديوي ،وكواين ،وبوبر ،ورورتي ،على سبيل المث ال ،أنك روا
جمي ًعا بشكل قاطع أنه يجب علينا مسح الصفحة وإيجاد نقطة انطالق محايدة أو ض رورية أو غ ير مفترض ة للتحقي ق.
التحقيق ،البراغماتيون مقتنعون ،ال يمكن أن يبدأ إال عندما يكون هناك بعض الشك الفعلي أو الحي ؛ لكنهم يش يرون
إلى أنه ال يمكننا أن نشك بصدق في كل شيء دفعة واحدة (على الرغم من أنهم يسمحون ،كما يجب أن يكون مخطئو
الخطأ الجيدون ،أنه ال يوجد شيء قد ال نشكك فيه في سياق تحقيقاتنا) .يتلخص هذا الموقف المن اهض لل ديكارتي في
االستعارة الشهيرة ألوتو نيورات للمخطط المفاهيمي كطوف :المستفسرون هم البحارة الذين يجب أن يصلحوا ألواحهم
الخش بية عن طري ق الل وح الخش بي ،ويهرب ون ط وال ال وقت في ع رض البح ر ؛ ألنهم ال يس تطيعون أب ًدا ال نزول
والتدقيق في مركبتهم في الحوض الجاف من وجهة نظر خارجية .باختصار ،يجب أن نب دأ في الدق ة اإلعالمي ة -في
منتصف األشياء -ونعترف ب أن نق اط البداي ة ل دينا هي موروث ات مش روطة ومش روطة تاريخ ًي ا .ك ان أح د األخالق
الفوقية الفلسفية التي رسمها ديوي (وأعاره كواين) هو أننا يجب أن نتب نى الم ذهب الط بيعي :فك رة أن الفلس فة ليس ت
سابقة على العلم ،ولكنها مستمرة معها .وبالتالي ال توج د طريق ة خاص ة ومم يزة يمكن للفالس فة كطبق ة أن يفتخ روا
بها ؛ ال توجد هيئة تدريس متعالية للعقل البحت أو الحدس ؛ ال توجد حقيق ة (غ ير قابل ة للتغي ير أو غ ير ذل ك) يتع ذر
الوصول إليها للعلم بالنسبة للفلسفة .عالوة على ذلك ،ال يخترع الفالسفة المعايير أو يش ّرعونها من األعلى ؛ ب دالً من
ذلك ،فإنها توضح القواعد واألساليب المتضمنة في أفضل ممارساتنا الحالية.
أخيرً ا ،تجدر اإلشارة إلى أن البراغماتيين غير خائفين من المشككين الديكارتيين العالميين -أي نوع المش ككين ال ذين
يؤكدون أننا ال نستطيع معرفة أي شيء عن العالم الخارجي ألننا ال نستطيع أب ًدا أن نع رف أنن ا لس نا مج رد حلم .لق د
حثوا على أن مثل هذا الشك
ج .الوراثة الكانطية
يعتم د نق د البراغماتي ة للديكارتيزمي ة والتجريبي ة بش كل كب ير -وإن لم يكن بش كل غ ير نق دي -على كان ط .يعتق د
البراغماتيون ،على سبيل المثال ،أن كانط ك ان مح ًق ا في قول ه إن ه يجب تفس ير الع الم بمس اعدة مخط ط من الفئ ات
األساسية ؛ لكنهم يضيفون أنه كان مخطًئ ا للغاية عندما اقترح أن هذا اإلطار مقدس أو غير قابل للتغيير أو ض روري.
مقوالتن ا ونظرياتن ا هي في الواق ع إب داعاتنا .إنه ا تعكس دس تورنا وتاريخن ا المم يزين ،وال يتم قراءته ا ببس اطة من
العالم .لكن يمكن تغيير األطر واستبدالها .وكما أن هناك أكثر من طريق ة لجل د قط ة ،فهن اك أك ثر من طريق ة س ليمة
لتصور العالم ومحت واه .أي إط ار أو مف ردات تفس يرية يجب أن نس تخدمها -مث ل الفيزي اء ،على س بيل المث ال ،أو
الفطرة السليمة -ستعتمد على أغراضنا واهتماماتنا في سياق معين.
حصيلة كل هذا هو أن العالم ال يفرض علين ا بعض الوص ف الفري د ؛ ب ل نحن من نخت ار كيفي ة وص ف الع الم .على
الرغم من أن هذه الفكرة موجودة بقوة في جيمس ،إال أنه ا ب ارزة ً
أيض ا في البراغماتي ة الالحق ة .إن ه يوض ح تمي يز
كارن اب بين األس ئلة الداخلي ة والخارجي ة ،وادع اء رورتي ب أن الطبيع ة ليس له ا وص ف مفض ل لنفس ها ،وح ديث
غودمان عن صنع العالم وعن النسخ العالمي ة الص حيحة ولكن غ ير المتوافق ة ،وإص رار بوتن ام على وج ود األش ياء
بالنسبة إلى المخططات أو األطر المفاهيمية.
ثم هناك مسألة مناشدة التجربة الخام كمصدر للدليل على معتقداتنا .وف ًقا لتقليد التجريبية السائدة من لوك إلى آير ،ف إن
معتقداتنا حول الع الم تس تمد في النهاي ة تبريره ا من اإلدراك .م ا ال ذي ي برر بع د ذل ك اعتق اد الم رء أن القط ة على
السجادة؟ ليس اعتقا ًدا أو حكمًا آخر ،ولكن ببساطة تجربة بصرية للمرء :يرى الم رء قط ة ق ال تتماي ل على الس جادة
المذكورة -وهذا كل شيء .نظرً ا ألن التجربة ببساطة " ُتعطى" للعقل من الخارج ،فيمكنها تبرير المعتقدات األساس ية
للف رد (أي ،المعتق دات الم بررة ولكن تبريره ا ال ينب ع من أي معتق دات أخ رى) .ربم ا يك ون س يالرز ورورتي
6
وديفيدسون وبوتنام وجودمان أشهر المعارضين البراغماتيين لهذه الصورة التأسيسية .استلهامًا من مقولة كان ط القائل ة
بأن "الحدس بدون مفاهيم عمياء" ،فهم يعتقدون أن اإلدراك هو في الحقيقة تفس ير وبالت الي تص نيف .ولكن إذا ك انت
المالحظة محملة بالنظرية -إذا كان الوصول المعرفي إلى الواقع يتم بالض رورة بواس طة المف اهيم واألوص اف -فال
يمكننا التحقق من النظريات أو وجهات النظر العالمية من خالل مقارنتها ببعض "المعطى" الحسي الخام غير الملوث.
ومن ثم فإن التجريبيين القدامى كانوا مخطئين بشكل أساسي :ال يمكن أن تكون التجرب ة مص درً ا أساس يًا ومس تقاًل عن
المعتقد للتبرير.
بشكل أكثر عمومية ،كان البراغماتيون من بيرس إلى رورتي يشككون في النظريات التأسيسية للتبرير التي وف ًق ا له ا
تستند المعرفة التجريبية في نهاية المطاف على أساس امتياز معرفي -أي على فئة من المعتقدات التأسيسية التي تبرر
أو تدعم جميع المعتقدات األخ رى ولكنه ا ال تعتم د على أي .معتق دات أخ رى لتبريره ا .اعتراض اتهم على مث ل ه ذه
النظريات كثيرة :أن ما يسمى بالمعرفة "الفورية" (أو غ ير االس تنتاجية) هي خي ال مش وش .أن المعرف ة تش به ش بكة
متماسكة أكثر من كونها مب نى منظم بش كل ه رمي ؛ أن ه ال توج د أس س معين ة للمعرف ة (بم ا أن الخط أ في الخطيئ ة
صحيح) ؛ أن المعتقدات األساسية ال يمكن تبريره ا من خالل مناش دة التجرب ة اإلدراكي ة (ألن "المعطى" أس طورة) ؛
وهذه المعرفة ليس لها هيكل شامل أو غير سياقي على اإلطالق.
د .ضد نظرية المتفرج للمعرفة
يشبه البراغماتيون كانط من ناحية أخرى :فهم أي ً
ضا يرفضون بش دة فك رة لوكي ان القائل ة ب أن العق ل يش به إم ا لوح ة
فارغة (تؤثر عليها الطبيعة نفسها) أو غرفة مظلمة (يتدفق فيها ضوء التجربة) .ما يب دو أن ه ذه االس تعارات المهيب ة
تهدف إلى نقله (من بين أشياء أخرى) هو فكرة أن المالحظة هي استقبال خالص ،وأن العقل بشكل أساس ي س لبي في
اإلدراك .من وجه ة النظ ر البراغماتي ة ،ه ذا مج رد تجس يد مؤس ف آخ ر لم ا أطل ق علي ه دي وي "نظري ة المش اهد
للمعرفة" .وف ًقا لمنظري المتفرجين (الذين يتراوحون من أفالطون إلى التجريبيين المعاص رين) ،ف إن المعرف ة أق رب
إلى الرؤية أو النظر .هنا ،بعبارة أخرى ،يُنظر إلى العارف على أنه نوع غريب من المتلصص :هدفه ه و عكس أو
تكرار العالم دون تغييره -لمسح األشياء أو التفكير فيها من وجهة نظر عمليا غير مهتمة وغير مهتمة.
ليس األمر كذلك ،كما يقول ديوي .بالنسبة إلى ديوي ،وبيرس ،والبراغماتيين المتشابهين في التفكير ،ف إن المعرف ة
(أو التأكيد المبرر) هي نتاج التحقيق ،وهي عملية حل المشكالت التي ننتق ل بواس طتها من الش ك إلى االعتق اد .وم ع
ذلك ،ال يمكن أن يستمر التحقيق بشكل فع ال م ا لم نج رب -أي ،التالعب ب الواقع أو تغي يره بط رق معين ة .بم ا أن
المعرفة تنمو بهذه الطريقة من خالل محاوالتنا لدفع العالم حول العالم (ومعرفة ما سيحدث نتيجة لذلك) ،فإن ه ي ترتب
على ذلك أن يكون العلماء على هذا النحو وكالء ؛ نتيجة لذلك ،يجب أن تم ر الثنائي ة القديم ة بين النظري ة والتط بيق
من قبل المجلس .هذه البصيرة هي مركزية "للنظرية التجريبية للمعرفة" ،وهي بديل ديوي لمفهوم المتفرج المشوه.
هذا التنصل من سلبية المالحظة هو موضوع رئيسي في نظرية المعرفة البراغماتية .وف ًقا لجيمس وديوي ،على سبيل
متيقظا لشيء ما ،سواء ك ان ذل ك إلب رة في كوم ة قش أو وج ه ودود في ً المثال ،المالحظة هي االختيار -أن تكون
حشد من الناس .ومن ثم فإن تصوراتنا ومالحظاتنا ال تعكس الطبيع ة بحيادي ة س لبية ؛ أوالً ،ألن المراق بين ملزم ون
بالتمييز ،مسترشدين باالهتمام والتوقع والنظرية ؛ ثانيا ً ،ألننا ال نستطيع أن نالح ظ م ا لم نتص رف .ولكن إذا ك انت
التجربة ال يمكن تصورها بصرف النظر عن المصالح البشرية والفاعلية ،فإن الم دركين هم ح ًق ا مستكش فين للع الم -
وليسوا مرآة إلعادة إنتاجه بشكل زائد عن الحد .وإذا كان قبول نظرية ما أو غيرها يسبق المالحظ ة ويوجهه ا دائ ًم ا ،
يجب أن نقطع عن االفتراض التجريبي الكالسيكي القائ ل ب أن النظري ات مش تقة من بيان ات أو حق ائق مكتش فة بش كل
مستقل.
7
مرة أخرى ،من المقبول أن الحقائق أشياء مستعصية .إذا أردنا معرف ة كي ف تس ير األم ور ح ًق ا ،فإنن ا ننص ح ب الحس
الس ليم الك ئيب لفتح أعينن ا (ب المعنى الح رفي والمج ازي) والترك يز على الع الم؛ الحق ائق ال تي يمكن الوص ول إليه ا
للمالحظة ستثير إعجابنا بعد ذلك ،وتشق طريقها إلى أذهاننا سواء كنا مستعدين لتقديمها ترحي ًب ا ح ارً ا أم ال .الحق ائق،
المفهومة على هذا النحو ،هي ترياق التحيز وعالج التحيز ؛ سلطتهم المعرفي ة قوي ة لدرج ة أن ه ال يمكن تجاوزه ا أو
مقاومتها .هذه الفكرة قوية ومطمئنة ،لكنها عرضة للتضليل .وف ًق ا لمؤم ني الكلي ات مث ل جيمس وش يلر ،ف إن الوض ع
التبريري للمعتقدات هو جزئيًا وظيفة لمدى انسجامها أو مالءمته ا للمعتق دات أو النظري ة الراس خة .نظ رً ا ألن نط اق
"الحقائق" الذي يمكننا قبوله أو االعتراف به مقيد وف ًقا ل ذلك من قب ل جس دنا من المعتق دات المكتس بة س اب ًقا ،فال يمكن
قبول أي "حقيقة" في أذهاننا ما لم يتم استيعابها بشكل متماس ك أو مواءمته ا م ع المعتق دات ال تي نتمس ك به ا بالفع ل.
يرقى هذا إلى رفض اقتراح لوك بأن العقل هو لوحة بيضاء ،أي أنه يتقبل الصبر والصبر بحتة.
بصرف النظر عن انتقاد نظرية التطابق ،ما الذي قاله البراغماتيون عن الحقيقة؟ هنا يجب ذك ر ثالث وجه ات نظ ر:
( )1غالبًا ما يقال إن جيمس وديوي قد تمسك بالرأي القائل بأن الحقيقة هي م ا "يعم ل" :الفرض يات الحقيقي ة مفي دة ،
والعكس صحيح .من السهل رسم هذه النظرة الكاريكاتورية والت داول فيه ا — ح تى ينتب ه الق ارئ بعناي ة إلى التأوي ل
البراغماتي الخفي للمنفعة( .ما ك ان ي دور في ذهن جيمس ودي وي هن ا تمت مناقش ته أعاله في القس م 2أ )2( ).وف ًق ا
لب يرس ،ف إن اآلراء الحقيقي ة هي تل ك ال تي س يقبلها المستفس رون في نهاي ة التحقي ق (أي اآلراء ال تي لم نتمكن من
تحس ينها ،ال بغض النظ ر عن م دى الض غط على االستفس ار ح ول ه ذا الموض وع أو دفع ه) .لق د ألهم نهج ب يرس
األساسي البراغماتيين في وقت الح ق مث ل بوتن ام (ال ذي تخفي "الواقعي ة الداخلي ة" الحقيق ة باعتباره ا قب واًل عقالن ًي ا
مثاليًا) وكذلك أبيل وهابرماس (الذين ساوىوا الحقيقة مع ما يمكن أن يقبله الجميع في حالة الكالم المثالية) )3 ( .بحسب
رورتي ،الحقيقة ليس لها طبيعة أو ج وهر ؛ ومن ثم كلم ا ق ل الح ديث عن ه ،ك ان ذل ك أفض ل .إن تس مية معتق د أو
نظرية ما بـ "صحيح" ال يعني إسناد أي خاص ية له ا ؛ ه و مج رد أداء بعض الكالم (على س بيل المث ال ،للتوص ية ،
والحذر ،وما إلى ذلك) .وكما يرى رورتي ،فإن زمالئه البراغم اتيين -جيمس ودي وي وب يرس وبوتن ام وهابرم اس
وأبل -يخطئون جمي ًعا في االعتقاد بأن الحقيقة يمكن توضيحها أو تفسيرها.
8
- 3الخالصة
بالنسبة للجزء األكبر ،اعتبر البراغم اتيون أنفس هم على أنهم يص لحون تقلي د التجريبي ة -على ال رغم من أن البعض
ذهب إلى أبعد من ذلك وأوصى بإلغاء هذا التقليد .كما يوحي هذا االختالف في الرأي ،فإن البراغم اتيين ال يص وتون
في كتلة واحدة .ال يوجد شيء مثل الخط الحزبي البراغماتي :لم يقتصر األمر على اتخ اذ البراغم اتيين وجه ات نظ ر
مختلفة حول القضايا الرئيس ية (على س بيل المث ال ،الحقيق ة والواقعي ة والش ك واإلدراك والت برير والخط أ والواقعي ة
والمخططات المفاهيمية ووظيفة الفلسفة ،إلخ ، ) .فقد اختلف وا ً
أيض ا ح ول ماهي ة القض ايا الرئيس ية .في حين أن ه ذا
التنوع قد يبدو جديرً ا بالثناء تمشيا مع التزام البراغماتية المعلن بالتعددي ة ،إال أن المنتق دين ق د حث وا على أن ه ي ذهب
فقط إلظهار أن البراغماتية تعني القليل أو ال شيء على وجه الخصوص .يؤدي هذا إلى طرح سؤال مح رج بق در م ا
ال مفر منه -أي ما مدى فائدة مصطلح "البراغماتية"؟ هذا السؤال مفتوح على مصراعيه.
9