Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 37

‫شرح‬

‫بهجة قلوب األبرار‬


‫للعالمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪-‬‬
‫المتوىف سنة (‪1376‬هـ)‬

‫لفضيلة الشيخ‬

‫وفقه اهلل‬

‫املـجلس األول‬

‫النُّسخة اإللكرتونيَّة األوىل‬


‫الشيخ مل يراجع التفريغ‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪1‬‬

‫مقدمة فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر ‪-‬حفظه اهلل‪-‬‬

‫الرحيم‬
‫الرحمن َّ‬
‫بسم اهلل َّ‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدً ا عبده ورسوله صلى اهلل وسلم عليه‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫علما‪ ،‬وأصلح لنا إلهنا شأننا كله‪،‬‬
‫اللهم علمنا ما ينفعنا‪ ،‬وانفعنا بما علمتنا‪ ،‬وزدنا ً‬
‫وال تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫ٌ‬
‫ومؤلـ ٌ نــافال‪ ،‬أال وهــو كتــاب‪ ( :‬اــة رلــوب ا بــرار‪ ،‬ورـ ٌـر‬ ‫كتاب مبارك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بين أيدينا‬
‫المفسـر عبــد الــرحمن بــن ناصــر‬
‫ٌ‬ ‫عيون ا خيار‪ ،‬يف شرح جوامال ا خبار) للعالمة الفقيه‬
‫السعدي ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪.-‬‬
‫جمال فيه ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬تسع ًة وتسعين حدي ًثا‪ ،‬وانتقــى مــن ا حاديــا الاوامــال‪ ،‬ونـ ٌـو‬
‫يف مضامينها ودالئلها‪ ،‬فااءت ‪-‬كما رال رحمه اهلل تعالى‪ -‬مشــتمل ًة علــى جميــال العلــو‬
‫النافعة‪ :‬علم التوحيد وا صول والعقائد‪ ،‬وعلم السير والسلوك إلى اهلل‪ ،‬وعلم ا خالق‬
‫واآلداب الدينيــة والدنيويــة واليبيــة وعلــم الفقــه وا حكــا يف كــأ أبــواب الفقــه‪ ،‬مــن‬
‫ـامالت وأنكحـ وـة و يرهــا‪ ،‬وبيــان حكمهــا ومأخــوها وأصــلها‪ ،‬ورواعــدها‪،‬‬
‫و‬ ‫عبـ و‬
‫ـادات ومعـ‬
‫وعلــو االصــالحات المتنوعــة‪ ،‬الموانــيال النافعــة والتوجيهــات إلــى جلــ المنــافال‬
‫الخاصة والعامة‪ ..‬الدينية والدنيوية‪ ،‬ودفال المضار‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪2‬‬
‫كأ ذلك جاء به ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬مستفا ًدا من هوه التسعة والتسعين حدي ًثا التــا انتقاهــا ‪-‬‬
‫رحمه اهلل تعالى‪.-‬‬
‫ورــد فــر ‪-‬رحمــه اهلل‪ -‬مــن تأليفــه يف العاشــر مــن شــهر شــعبان مــن ســنة (‪1371‬هـــ)‬
‫وكانت وفاته ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬سنة (‪1376‬هـ) أي‪ :‬ربأ وفاته بخمس سنوات‪.‬‬
‫وفرا ه منه ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬يف شعبان‪ ،‬وأحد تالميــوه بــادر مباشــر ً يف العــا نفســه‬
‫بنسخه‪ ،‬وفر من نسخه يف السابال والعشرين من شهر رمضان‪ ،‬ففرا الشيخ ‪-‬رحمــه اهلل‬
‫تعالى‪ -‬منه يف هوا الورت‪ :‬العاشر من شعبان‪ ،‬كأنه ‪-‬واهلل تعالى أعلم‪ -‬هتيئ ًة ليكــون زا ًدا‬
‫للمسلم يف شهر رمضان‪ ،‬بحيا ُيحصأ المســلم مــن خــالل هــوا الكتــاب المبـارك أمــور‬
‫الدين عمو ًما‪ ،‬من خــالل التســعة والتســعين حــدي ًثا التــا انتقاهــا ‪-‬رحمــه اهلل تعــالى‪ -‬مــال‬
‫البيان البين‪ ،‬وااليضاح الاميــأ بأســلوب الشــيخ ‪-‬رحمــه اهلل‪ -‬المــاتال النــافال يف الشــرح‬
‫والتونيح والبيان‪.‬‬
‫يسـر لنــا‬
‫ـاب رـ ٌي ٌم نــافال‪ ،‬ونســأل اهلل جــأ يف عــاله الــوي ٌ‬
‫الحاصــأ‪ :‬أن هــوا الكتــاب كتـ ٌ‬
‫الالوس لمدارسته‪ ،‬وتع ٌلم ما فيه من و‬
‫خير ونفال‪ ،‬أن ييســر لنــا حســن االســتفاد ‪ ،‬وحســن‬
‫االنتفا ‪ ،‬وأن ياعأ مــا نتعلمــه مــن هــوا الكتــاب و يــره حاــة لنــا ال علينــا‪ ،‬ويصــلح لنــا‬
‫أجمعين شأننا كله‪ ،‬أال يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين‪.‬‬
‫ونشر يف رراء الكتاب‪ ،‬بقراء ا حاديــا التــا جمــال‪ ،‬ورــراء الشــرح الــوي كتبــه ‪-‬‬
‫أيض ـا التعلي ـ بمــا ييســر اهلل ســبحانه‬
‫رحمــه اهلل تعــالى‪ -‬علــى هــوا الحــديا‪ ،‬ومــن ــم ً‬
‫وتعالى‪ ،‬فنبدأ مستعينين باهلل وحــده‪ ،‬مســتمنحين منــه ســبحانه المــدٌ والمعونــة والتوفيـ ‪،‬‬
‫فال حول وال رو إال باهلل‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪3‬‬
‫الحمد اهلل رب العالمين‪ ،‬وصلى اهلل وســلم وبــارك علـى عبــده ورســوله نبينــا محمـ وـد‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫اللهم ا فر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪:‬‬


‫الحمــد هلل المحمــود علــى مــا لــه مــن ا ســـماء الحســنى والصــفات الكاملــة العظيمــة‬
‫العليا‪ ،‬وعلى آ رها الشاملة لألولى وا خرى‪.‬‬
‫محمد أجمال الخلـ لكــأ وصـ و حميــد‪ ،‬وخلـ و رشــيد‪ ،‬ورـ و‬
‫ـول‬ ‫و‬ ‫وأصلا وأسلم على‬
‫سديد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه وأتباعه من جميال العبيد‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فليس بعد كال اهلل أصدق وال أنفال وال أجمال لخير الدنيا واآلخــر مــن كــال رســوله‬
‫ـحا وإرشــا ًدا‬ ‫و‬
‫وخليلــه محمــد صــلى اهلل عليــه وســلم‪ ،‬إذ هــو أعلــم الخل ـ وأعظمهــم نصـ ً‬
‫تعليما‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتفصيال‪ ،‬وأحسنهم‬
‫ً‬ ‫وتأصيال‬
‫ً‬ ‫وهدايةً‪ ،‬وأبلغهم بيا ًنا‬
‫اختصارا‪ ،‬بحيا كــان‬
‫ً‬ ‫ورد أيت صلى اهلل عليه وسلم جوامال الكلم‪ ،‬واخت ُِصر له الكال‬
‫يتكلم بالكال القليأ لفظه الكثير معانيـه‪ ،‬مــال كمــال الونــوح والبيــان الــوي هــو أعلــى‬
‫رت البيان‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪4‬‬
‫ورــد بــدا لــا أن أذكــر جملــ ًة ص ـالح ًة مــن أحاديثــه الاوامــال يف الموانــيال الكليــة‪،‬‬
‫جنس أو نو و أو و‬
‫باب من أبواب العلم‪ ،‬مال التكلم على مقاصــدها ومــا تــدل‬ ‫و‬ ‫والاوامال يف‬
‫وجه يحصأ به االيضاح والبيان مال االختصار‪ ،‬إذ المقا ال يقتضا البسط‪.‬‬ ‫عليه‪ ،‬على و‬

‫سائال منه التيسير التسهيأ‪.‬‬


‫فأرول مستعينًا باهلل‪ً ،‬‬
‫│‬

‫‪-‬رحمــه اهلل تعــالى‪ -‬للكتــاب‪ ،‬مب ٌي ـًنـا فيــه الغــري مــن تأليفــه‪،‬‬ ‫هوا استهالل المصــن‬
‫والقصد من تصنيفه‪.‬‬
‫ومثنيـا‬
‫ً‬ ‫بدأ بحمد اهلل سبحانه والثناء عليه بما هو أهأ‪ ،‬مثن ًيا على اهلل بأسمائه وصــفاته‪،‬‬
‫على آ ار أسمائه وصفاته يف الخل ‪.‬‬
‫وهوا فيه‪ :‬أن اهلل سبحانه وتعالى ُيحمد على ا سماء والصفات‪ ،‬و ُيحمد علــى آ ارهــا‬
‫حمد على العيايا والمــنن‪،‬‬
‫يف خلقه سبحانه وتعالى‪ ،‬فيحمد على ا سماء والصفات‪ ،‬و ُي َ‬
‫واآلالء والهبات‪.‬‬
‫مبينـا كمالــه عليــه الصــال‬ ‫م نَّى بالصال والسال على رسوله صلى اهلل عليــه وســلم ـً‬
‫والسال يف ُخلقه وتع ُّبده لر ٌبه ســبحانه وتعــالى‪ ،‬فكــان أســو ً للعــالمين‪ ،‬ورــدو ً لعبــاد اهلل‬
‫ول اهللِ ُأ ْس َو ٌ َح َسـنَ ٌة ل ِ َمـ ْن َكـ َ‬
‫ان َي ْر ُجـو‬ ‫َان َل ُكم فِا رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫أجمعين‪ ،‬كما رال اهلل تعالى‪َ ﴿ :‬ل َقدْ ك َ ْ‬
‫اهلل كَثِ ًيرا﴾[ا حزاب‪.]21:‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل َوا ْل َي ْو َ اآلخ َر َو َذك ََر َ‬
‫َ‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪5‬‬
‫عــن‬ ‫وأشــار ‪-‬رحمــه اهلل تعــالى‪ -‬أن أحاديــا النبــا عليــه الصــال والســال تختل ـ‬
‫أحاديا يره‪ ،‬حتى من البالغين المبلغ العظيم يف الحكمة والبال ة وحسن التعبيــر‪ ،‬فـ ن‬
‫عــن كــال‬ ‫ال أحد يبلغ شي ًئا من مكانة أحاديا النبا عليه الصال والسال ‪ ،‬هنا تختلـ‬
‫يـــره‪ ،‬فهـــو عليـــه الصـــال والســـال ‪﴿ :‬ومـ ـا ين ِ‬
‫ْيـ ـ ُ َعـ ـ ِن ا ْل َهـ ـ َوى * إِ ْن ُهـ ـ َو إِ َّال َو ْحـ ـ ٌا‬ ‫َ َ َ‬
‫وحى﴾[النام‪.]4-3:‬‬
‫ُي َ‬
‫والسنة وحا ُم ٌنزل من اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو عليه الصال والســال إنمــا هــو ٌ‬
‫مبلـغ‬ ‫ٌ‬
‫لكال مرسله‪ ،‬كما رال اهلل تعالى‪َ ﴿ :‬وما َع َلى الرس ِ‬
‫ول إِ َّال ا ْل َبال ُ ﴾[النور‪ ،]54:‬وأحاديثــه‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬
‫أتت جامعةً‪ ..‬وافيةً‪ ..‬مشتمل ًة على كأ خير‪.‬‬
‫ورد أويت عليه الصال والسال جوامال ال َكلِم‪ ،‬وبدائال الحكــم صــلى اهلل عليــه وســلم‪،‬‬
‫رحمه اهلل‪ -‬صلى اهلل عليه وســلم يــتكلم بــالكال القليــأ لفظــه‬ ‫فكان ‪-‬كما ذكر المصن‬
‫الكثير معانيه‪ ،‬نــه أويت جوامــال الكلــم‪ ،‬وهــوا معنــى جوامــال الكلــم‪ :‬أن تكــون ا لفــا‬
‫رليلة‪ ،‬والمعاين المستنبية من هوه ا لفا القليلة كثير جدً ا‪.‬‬
‫رال‪" :‬مال كمال الونوح والبيان"‪ ،‬يعنا‪ :‬مال كون الكلمات التا يقولها عليه الصــال‬
‫والســال رليل ـ ًة مشــتمل ًة علــى أعظــم المعــاين‪ ،‬فهــا يف الورــت نفســه ليســت مغلقــة‪ ،‬بــأ‬
‫وانحة‪ ..‬ب ٌينة‪ ..‬ظاهر ‪ ،‬بأكمأ الونوح وأتم البيان‪ ،‬الوي هو أعلى رت البيان‪.‬‬
‫وأشار ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬أن ذلك دفعه إلى أن يامال عد ًدا مــن ا حاديــا‪ ،‬أشــار يف‬
‫خاتمة الكتاب أن ماموعة تسع ًة وتسعين حدي ًثا‪ ،‬عن رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وسـلم‪،‬‬
‫متنوعة‪ ،‬فها من الاوامــال يف الموانــيال الكليــة‪ ،‬يف جـ و‬
‫ـنس أو‬ ‫أتى ا ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ٌ -‬‬
‫نو و أو و‬
‫باب من أبواب الفقه‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪6‬‬
‫لـما نقرأ يف ا حاديا‪ ،‬ياد الميــالال أنــه ٌ‬
‫يتنقـأ يف هــوا الكتــاب يف أنــوا فنــون‬ ‫ولهوا َّ‬
‫الشريعة‪ ،‬يعنا‪ :‬يدخأ يف العقيد ‪ ،‬والعبادات‪ ،‬والسلوك‪ ،‬وا خــالق‪ ،‬واآلداب‪ ،‬واليـ‬
‫النبوي‪ ،‬و ير ذلك من المعاين العظيمة التــا جــاءت أحاديــا رســول اهلل صــلى اهلل عليـه‬
‫وسلم منتظم ًة لها‪ ..‬مشتمل ًة عليها‪.‬‬
‫وراعى ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬يف شرحه لهوه ا حاديا االختصار مال االيضاح والبيان‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪7‬‬

‫‪ -1‬الحديا ا ول‪ :‬عن عمر بــن الخيــاب رنــا اهلل عنـه‪ ،‬رــال‪ :‬ســمعت رســول اهلل‬
‫ٍ‬
‫امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانن‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم يقول‪« :‬إنّما األعمال بالن ّيات وإنّما لكل‬
‫ننيبها و‬ ‫هجرته إلى اهلل ورسوله فهجرتننه إلننى اهلل ورسننوله‪ ،‬ومن كانن هجرتننه لنندنيا‬
‫امر ٍة نكحها‪ ،‬فهجرته إلى ما هاجر إليه»‪.‬‬
‫متف ٌ عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬الحديا الثاين‪ :‬عن عائشة رنا اهلل عنهــا رالــت‪ :‬رــال رســول اهلل صــلى اهلل عليــه‬
‫وسلم‪« :‬م حدث يف مرنا هذا مننا لننيه منننه»‪ ،‬ويف روايـ وـة‪« :‬من عمننل عمن ع لننيه عليننه‬
‫مرنا فهو ر ّد»‪.‬‬
‫متف ٌ عليه‪.‬‬
‫│‬

‫بدأ ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬أحاديا هوا الكتاب وين الحديثين العظيمين‪ ،‬اللوين يقــو‬
‫و‬
‫عظيم يقــو عليــه‬ ‫عليهما دين اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ن الحديا ا ول اشتمأ على أص وأ‬
‫أيضا اشتمأ على أص وأ آخر يقو عليــه الــدين‪ ،‬بــأ ال ريــا لــدين‬
‫الدين‪ ،‬والحديا الثاين ً‬
‫اهلل سبحانه وتعالى إال على هوين ا صلين اللوين اشتمأ عليهما هوين الحديثين‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪8‬‬
‫أمــا ا ول‪ :‬فاــاء يف بيــان النيــة والتأكيــد عليهــا‪ ،‬وبيــان وجــوب إخالصــها هلل ســبحانه‬
‫وتعــالى‪ ،‬وأن ا عمــال إنمــا هــا معت ـ ٌ ‪-‬أي‪ :‬يف الثــواب عليهــا‪ ،‬وا جــر‪ -‬بنياهتــا‪ ،‬أي‪:‬‬
‫بحس النية التا رامت يف رل العبد‪.‬‬
‫ولهوا‪ :‬النية لها أ ر إن كانت صالحة يف تكثير القليأ‪ ،‬وإن كانت على خــالذ ذلــك يف‬
‫رب‬
‫‪-‬رحمهم اهلل تعالى‪ -‬وهــو ابــن المبــارك‪ ،‬رــال‪ٌ " :‬‬ ‫تقليأ الكثير‪ ،‬كما رال أحد السل‬
‫النيـة"‪ ،‬فالنيــة لهــا أ ــر‪ ،‬وا عمــال إنمــا‬ ‫ورب عم وأ و‬
‫كبير تصــغره َّ‬ ‫عم وأ صغير تع ٌظمه النية‪ٌ ،‬‬
‫ها معت ٌ بنياهتا‪.‬‬
‫ولـما كانت النية هوا شأهنا‪ ،‬وهوا أ رها؛ بدأ ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬أحاديا هوا الكتاب‬
‫َّ‬
‫بحــديا النيــة‪ ..‬حــديا‪« :‬إنـــما ا عمــال بالنيــات»‪ ،‬وهــوا الصــنيال فعلــه كثيـ ٌـر مــن أئمــة‬
‫فمثال‪ :‬االما البخاري ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬بدأ كتابه الصحيح ــوا‬
‫يف مصنفاهتم‪ً ،‬‬ ‫السل‬
‫الحديا‪ ،‬والبغوي ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬يف (شرح السنة) و(مصابيح السنة) بــدأ هــوين الكتــابين‬
‫ــوا الحــديا‪ ،‬والنــووي ‪-‬رحمــه اهلل تعــالى‪ -‬يف كتابــه‪( :‬ريــاي الصــالحين)‪ ،‬وكتابــه‪:‬‬
‫(ا ربعين) بدأ وا الحديا‪.‬‬
‫تنبيهـا ليالـ العلــم علــى أهميــة‬
‫وكثير من أهأ العلم بدأوا مصنفاهتم ــوا الحــديا ً‬
‫إصالح النية‪ ،‬سواء يف طل العلم‪ ،‬أو يف عمو العبــادات التــا يتقـ ٌـرب ــا العبــد إلــى اهلل‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫مثال‪ :-‬حظ االنسان منــه يف الثــواب عنــد اهلل عــز وجــأ بحسـ‬
‫ف ذا نظرنا إلى العلم ‪ً -‬‬
‫علمـا زيـ ًـرا ال ياــد عليــه‬
‫حصـأ ً‬ ‫و‬
‫علم ٌ‬ ‫فرب طال‬
‫بن ٌياهتا‪ٌ ،‬‬ ‫الن َّية‪ ،‬ن ا عمال إنما معت‬
‫وابـا‬
‫ـيرا‪ ،‬وياــد عليــه ً‬
‫ـيال يسـ ً‬
‫علمـا رلـ ً‬
‫حصـأ ً‬
‫ورب آخــر ٌ‬
‫شي ًئا عند اهلل؛ لعد صــحة ن َّيتــه‪ٌ ،‬‬
‫عظيما عند اهلل لصالح ن ٌيته‪.‬‬
‫ً‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪9‬‬
‫يتنبـه يف طلبــه للعلــم‪ ،‬ورراءتــه لكتـ العلــم‪ ،‬وحضــوره‬
‫ولهوا طال العلــم ينبغــا أن َّ‬
‫تصــدير مؤلفــاهتم بــه؛‬ ‫لماالس العلم‪ ،‬إلى هوا ا صأ الوي يعمد كثير من أئمــة الســل‬
‫تنبيها على أهمية النية وإصالحها‪.‬‬
‫ً‬
‫رال صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إنمــا ا عمــال بالنيــات»‪ :‬هــوا الحــديا يف الصــحيحين يف‬
‫بعض روايات الحديا‪ ،‬الراوي للحديا عن عمر بن الخياب يقول‪" :‬سمعت عمر بن‬
‫الخياب رنا اهلل عنــه يخيـ علــى المنـ ‪ ،‬يقــول‪ :‬ســمعت رســول اهلل صــلى اهلل عليــه‬
‫وسلم يقول‪« :‬أيها الناس! إنما ا عمال بالن َّيات»‪.‬‬
‫هوا اللفظ للحديا ‪-‬وهو يف البخاري‪ -‬يفيد أن النبا صلى اهلل عليه وسلم رال ذلــك‬
‫أيضـا رالــه يف خيابـ وـة‪ ،‬وهــوا يســتفاد منــه‪ :‬أن هــوا الحــديا‬
‫يف َخ َيابة‪ :‬أيها الناس‪ ،‬وعمر ً‬
‫يحتــاا النــاس إلــى أن ُيـو َّكروا بــه علــى المنــابر‪ ،‬ويف الــدروس‪ ،‬ويف المــواعظ‪ً ،‬‬
‫وأيضـا يف‬
‫تنبيها على النية وأهميتها‪ ،‬وعظيم شأهنا‪.‬‬
‫وا الحديا ً‬ ‫الكت أن ُتصدٌ ر الكت‬
‫رــال عليــه الصــال والســال ‪« :‬إنمــا ا عمــال بالنيــات»‪ ،‬وإنمــا‪ :‬أدا حصـ وـر ورصــر‪،‬‬
‫بالن ٌية مــن حيــا‬ ‫يف الثواب عليها بن َّياهتا‪ ،‬فالع‬ ‫والمعنى «ا عمال بالنيات»‪ ،‬أي‪ :‬معت‬
‫راجال إلى النية التــا‬
‫ٌ‬ ‫أيضا عظم الثواب ونعفه‪ ،‬هوا كله‬ ‫العمأ ً‬
‫ربوال له ورد‪ ،‬ومن حيا ً‬
‫المتقرب إلى اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تقو يف رل العبد‬
‫و‬
‫امرئ يف عملــه مــا نــواه يف عملــه‪ ،‬وال يصــلح لــه مــن‬ ‫و‬
‫امرئ ما نوى»‪ :‬لكأ‬ ‫«وإنما لكأ‬
‫عمله إال ما نوى به ورصد به وجه اهلل‪ ،‬متقر ًبا به إليه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫مبينـا‪ ..‬نــرب مثـ ً‬
‫ـاال بــالهار ‪ ،‬رــال‪« :‬فمــن كانــت‬ ‫ً‬
‫مثاال ـً‬ ‫م ذكر عليه الصال والسال‬
‫هارته إلى اهلل ورســوله؛ فهارتــه إلــى اهلل ورســوله»‪ :‬هــوا لــيس مــن التكــرار‪ ،‬ن ا ول‬
‫العمأ والثاين الازاء‪ ،‬فا ول‪« :‬مــن كانــت هارتــه إلــى اهلل ورســوله»‪ ،‬أي‪ٌ :‬نيـ ًة ورصــدً ا‪،‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪10‬‬
‫وابـا وأجـ ًـرا علــى العمــأ الــوي‬
‫«فهارته إلــى اهلل ورســوله صــلى اهلل عليــه وســلم»‪ ،‬أي‪ً :‬‬
‫تقرب به إلى اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ٌ‬
‫«ومــن كانــت هارتــه لــدنيا يصــيبها‪ ،‬أو امــرأ و ينكحهــا؛ فهارتــه إلــى مــا هــاجر إليــه»‪:‬‬
‫ـاال يصــيبه‪ ،‬أو امــرأ و ينكحهــا‪ ،‬فهارتــه لمــا هــاجر إليــه‪،‬‬
‫من كان رصــد بــالهار مـ ً‬
‫ا ول تاجر‪ ،‬والثاين خاط ‪ ،‬ولكأ منهما ما نواه‪ ،‬وإنما يصح من العمأ ما ُر ِصد به وجه‬
‫المتقرب وجه اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اهلل‪ ،‬ونوى به‬
‫الحديا الثاين‪ :‬حــديا أ المــؤمنين عائشــة رنــا اهلل عنهــا‪ :‬أن رســول اهلل صــلى اهلل‬
‫عليه وسلم رال‪« :‬من أحدث يف أمرنا هوا مــا لــيس منــه فهــو رد»‪ ،‬ويف روايـ وـة‪« :‬مــن عمــأ‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد»‪ ،‬أي‪ :‬سوا ًء كان العمأ المحدث أحد ه االنسان لنفســه‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫وجده ُمحدَ ً ا فعمأ به‪ ،‬فهو على أي الحالين مردو ٌد عليه‪ ،‬ومعنــى رولــه‪« :‬فهــو رد»‪ ،‬أي‪:‬‬
‫و‬
‫مقبول منه‪.‬‬ ‫مردود على صاحبه‪ ،‬ير‬
‫إ ًذا‪ :‬هوا الحــديا يفيــد أن ا عمــال ال تكــون مقبولـ ًة إال إذا كانــت علــى الســنة‪ ،‬علــى‬
‫وف هدي الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫والحــديا ا ول يفيــد‪ :‬أن ا عمــال ال تكــون مقبول ـ ًة إال إذا كانــت خالصــة هلل جــأ‬
‫وعــال‪ُ ..‬ر ِص ـد ــا وجــه اهلل ســبحانه‪ ،‬ولهــوا جــاء يف الحــديا القدســا‪« :‬أن اهلل تبــارك‬
‫وتعالى يقول‪ :‬أنا أ نى الشركاء عن الشرك‪ ،‬مــن عمــأ عمـ ًـال أشــرك معــا فيــه يــر تركتــه‬
‫و‬
‫مقبول منه‪.‬‬ ‫وشركه»‪ ،‬وهوا فيه‪ :‬أن العمأ ير الخالص مردود على صاحبه‪ ،‬ير‬
‫فا عمال عمو ًما‪ :‬طل العلم‪ ..‬الصال ‪ ..‬الصيا ‪ ..‬الصــدرة‪ ..‬الحــا‪ ..‬العمــر ‪ ..‬إلــى‬
‫ير ذلك من ا عمال‪ ،‬كلهــا ال يقبلهــا اهلل ســبحانه وتعــالى‪ ،‬إال إذا ُأخلِ َصـت هلل‪ ،‬وكانــت‬
‫على هدي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪11‬‬
‫رال ال ُفضيأ بن عيــاي ‪-‬رحمــه اهلل‪ -‬يف معنــى رولــه تعــالى‪﴿ :‬ل ِ َي ْب ُلـ َوك ُْم َأ ُّي ُكـ ْم َأ ْح َسـ ُن‬
‫َع َم ًال﴾[هود‪ ،]7:‬رال‪" :‬أخلصه وأصوبه"‪ ،‬ريأ‪ :‬يا أبا علا! وما أخلصه وأصوبه؟ رــال‪:‬‬
‫خالصـا‬
‫ً‬ ‫خالصا ولم يكن صوا ًبا لـم يقبــأ‪ ،‬وإذا كــان صــوا ًبا ولــم يكــن‬
‫ً‬ ‫"إن العمأ إذا كان‬
‫خالصـا صــوا ًبا‪ ،‬والخــالص‪ :‬مــا كــان اهلل‪ ،‬والصــواب‪ :‬مــا كــان علــى‬
‫ً‬ ‫لم يقبأ‪ ،‬حتى يكون‬
‫السنة"‪ ..‬سنة النبا الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫الحديا ا ول‪ :‬حديا‪« :‬إنما ا عمال بالنيات»‪ ،‬وصفه االما الشافعا ‪-‬رحمــه اهلل‬
‫تعالى‪ -‬بأنه لا العلم‪ ،‬ما معنــى‪ :‬لــا العلــم؟ أي‪ :‬لــا العلــم المــأ ور عــن نبينــا عليــه‬
‫يونحه كلمة لإلما أحمد ‪-‬رحمــه اهلل‪ -‬يقــول‬
‫الصال والسال ‪ ،‬روله هوا ‪-‬رحمه اهلل‪ٌ -‬‬
‫فيهــا‪" :‬أصــول االســال تــدور علــى ال ــة أحاديــا‪ :‬حــديا‪« :‬إنمــا ا عمــال بالنيــات»‪،‬‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد»‪ ،‬وحــديا النعمــان بــن بشــير ‪-‬ولعلــه‬
‫وحديا‪« :‬من عمأ ً‬
‫سيأيت‪« :-‬إن الحالل ب ٌين وإن الحرا ب َّين»"‪ ،‬فعلــم الشــريعة يــدور علــى هــوه ا حاديــا‬
‫الثال ة‪ ..‬لماذا؟‬
‫مبينـا يف حــديا النعمــان‪ ،‬وهــوه‬ ‫ن دين اهلل هو فعأ أوامر وترك نــواها‪ ،‬وهــوا جــاء ـً‬
‫ا وامر والنواها ال بد فيها من إصالح الظاهر وإصــالح البــاطن‪ ،‬فاــاء حــديا عمــر يف‬
‫إصــالح البــاطن‪ ،‬وجــاء حــديا عائشــة يف إصــالح الظــاهر‪ ،‬أمــا البــاطن فيكــون بالنيــة‬
‫ً‬
‫موافقـا لهــدي الرســول الكــريم‬ ‫الصــحيحة الخالصــة هلل‪ ،‬وأمــا الظــاهر فــأن يكــون العمــأ‬
‫صلوات اهلل وسالمه وبركاته عليه‪.‬‬
‫إ ًذا‪ :‬حديا عمــر بــن الخيــاب‪ ،‬وحــديا ً‬
‫أيضـا عائشــة‪ :‬يف أي بــاب مــن أبــواب الفقــه‬
‫يكونا داخلين‪ :‬بــاب الصــال ‪ ،‬أو بــاب الصــيا ‪ ،‬أو بــاب الحــا‪ ،‬أو بــاب الصــدرة‪ ..‬يف أي‬
‫باب؟‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪12‬‬
‫االما الشافعا ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬يقول‪ :‬يدخأ هوا الحديا‪ ..‬حديا عمر ‪-‬ومثله‬
‫أيضا يف حديا عائشة‪ -‬يدخأ هوا الحديا يف سبعين با ًبا مــن أبــواب الفقــه‪ ،‬ســبعين‬
‫رأ ً‬
‫با ًبا ما يقصد العدد تحديدً ا‪ ،‬وإنما يقصد أبواب الفقه عمو ًما‪ ،‬يدخأ فيها هوا الحديا‪.‬‬
‫أيها المسلم! هوا تستفيد منه فائد مهمة‪ :‬أن هوين الحديثين‪ :‬حديا «إنـــما ا عمــال‬
‫عمال ليس عليه أمرنــا فهـو رد»‪ ،‬هــوان الحــديثان ينبغــا أن‬
‫بالنيات»‪ ،‬وحديا «من عمأ ً‬
‫يكونا يف صحبتك يف كأ أعمالك‪ :‬يف صالتك‪ ..‬يف صــيامك‪ ..‬يف حاــك‪ ..‬يف عمرتــك‪..‬‬
‫يف صدرتك‪ ..‬يف سائر أعمالك‪ ..‬يف برك لوالــديك‪ ..‬يف صــلتك لرحمــك‪ ،‬إلــى يــر ذلــك‬
‫تحقي ما دال عليه هوان الحديثان‪.‬‬ ‫من ا عمال‪ ،‬يف كأ ذلك تكون مستصح ًبا‬
‫وظيفة الحديا ا ول‪ :‬أنه يصلح لك الباطن‪ ..‬القلـ ‪ ،‬ووظيفــة الحــديا الثــاين ‪-‬أو‬
‫أ ره عليك‪ :-‬أنه يصلح لك الظاهر‪ ،‬فيكــون باطنــك إذا حققــت العمــأ بالحــديا ا ول‬
‫على صالح‪ ،‬ب خالص النية هلل‪ ،‬ويكون ظاهرك إذا حققــت الحــديا الثــاين علــى صــالحو‬
‫بمتابعتــك للرســول الكــريم عليــه الصــال والســال ‪ ،‬إذا أخـ ٌـأ االنســان بمضــمون هــوين‬
‫الحديثين‪ ،‬أو بمضمون أحدهما؛ ر َّد عليه عمله‪ ،‬ولم يقبأ منه‪.‬‬
‫أردت أن تنظر إلى رسمة حوال الناس مال الحديثين‪ ،‬الحديا ا ول يــدل علــى‬
‫َّ‬ ‫ولو‬
‫االخــالص‪ ،‬والحـــديا الثــاين يـــدل علــى المتابعـــة‪ :‬مــا حـــال النــاس مـــال االخـــالص‬
‫والمتابعة؟! هوا مهم أن نعرفه!‬
‫الناس ينقسمون من حيا االخالص والمتابعة يف ا عمال إلى أربعة أرسا ‪:‬‬
‫‪ -1‬القســم ا ول‪ :‬أخلـــص يف عملــه هلل واتبـــال فيــه الرســـول الكــريم عليـــه الصـــال‬
‫والسال ‪ ،‬وهوا وحده هو المقبول من هؤالء‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪13‬‬
‫‪ -2‬عمله خالص هلل‪ ،‬ال يبتغا به إال وجه اهلل‪ ،‬ليس عنده نية أخرى‪ ،‬لكــن عملــه علــى‬
‫خلصا دينه هلل يف هــوه البــد ‪ ..‬ال يريــد إال وجــه اهلل‪ ،‬مــا عنــده‬
‫ير السنة‪ ،‬يعبد اهلل ببد ‪ ،‬م ً‬
‫شاء آخر‪ ،‬لكن عمله ليس على السنة‪.‬‬ ‫و‬ ‫رياء‪ ،‬وال عنده أي‬
‫‪ -3‬الثالا‪ :‬عمله على السنة‪ ،‬يعنــا‪ :‬يــأيت يف ا عمــال بظاهرهــا علــى الســنة‪ ،‬لكــن يف‬
‫الداخأ رلبه ليس صاف ًيا‪ ،‬عنده رياء‪ ..‬عنده سمعة‪ ..‬عنده خلأ يف النية‪.‬‬
‫‪ -4‬القسم الرابال‪ :‬الوي ال إخالص وال متابعة‪.‬‬
‫إ ًذا‪ :‬القسمة رباعية‪:‬‬
‫القسم ا ول‪ :‬أهأ االخالص والمتابعة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أهأ االخالص بال متابعة‪.‬‬
‫والثالا‪ :‬أهأ المتابعة بال إخالص‪.‬‬
‫والرابال‪ :‬الوي ال إخالص وال متابعة‪.‬‬
‫ا رسا الثال ة ا خير كلها مردود على العاملين‪ ،‬ليست مقبولــة مــنهم‪ ،‬ال يقبــأ اهلل‬
‫ً‬
‫موافقـا لهــدي الرســول عليــه‬ ‫خالصـا هلل‪..‬‬
‫ً‬ ‫سبحانه وتعــالى مــن العامــأ إال إذا كــان عملــه‬
‫الصال والسال ‪ ،‬ولهوا‪ :‬إذا ٌ‬
‫أخأ بأحدهما أو ما م ًعا؛ ُر ٌد عليه العمأ ولم ُيقبأ‪.‬‬
‫نسأل اهلل أن ياعأ أعمالنا جمي ًعا له خالصة‪ ،‬ولسنة نبيه صلى اهلل عليه وسلم موافقة‪،‬‬
‫و‬
‫حد فيها شي ًئا‪ ،‬وهوا كان من دعاء عمر بن الخياب رنا اهلل عنه‪.‬‬ ‫وأال ياعأ‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪14‬‬

‫هوان الحديثان العظيمان يدخأ فيهما الــدٌ ين كلــه‪ ،‬أصــوله وفروعــه‪ ،‬ظــاهره وباطنــه‪،‬‬
‫فحــديا عمــر رنــا اهلل عنــه ميـ ٌ‬
‫ـزان لألعمــال الباطنــة‪ ،‬وحــديا عائشــة رنــا اهلل عنهــا‬
‫ميز ٌ‬
‫ان لألعمال الظاهر ‪.‬‬
‫│‬

‫خوها فائد من الشيخ ‪-‬رحمه اهلل‪ :-‬الحديثان ميزانان‪ :‬ا ول ميزان للبــاطن‪ ،‬والثــاين‬
‫ميزان للظاهر‪ ،‬ما معنى ذلك؟‬
‫إذا أردت أن تــزن باطنــك‪ ،‬أو تــزن ظــاهرك‪ ،‬فعنــدك هــوان الميزانــان‪« :‬إنمــا ا عمــال‬
‫بالنيات»‪« ،‬من عمأ عمـ ًـال لــيس عليــه أمرنــا فهــو رد»‪ ،‬انظــر يف باطنــك ونيتــك‪ :‬هــأ هــا‬
‫صافية هلل أو فيها أشياء أخرى‪ ،‬هوا ميزان للباطن‪.‬‬
‫عمال ليس عليــه أمرنــا فهــو رد»‪ :‬إذا كــان العمــأ‬
‫وهناك ميزان آخر للظاهر‪« :‬من عمأ ً‬
‫لصاح العمأ أن عمله مردود‪ ،‬ليس مقبـ ً‬
‫ـوال عنــد‬ ‫على ير السنة‪ ،‬فهوا الميزان يكش‬
‫اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ف ـ ًذا‪ :‬هــوان الحــديثان ميزانــان لألعمــال‪ ،‬ا ول يــوزن بــه البــاطن‪ ،‬والثــاين يــوزن بــه‬
‫الظاهر‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪15‬‬

‫ففيهما االخــالص للمعبــود‪ ،‬والمتابعــة للرســول صــلى اهلل عليــه وســلم‪ٌ ،‬‬
‫اللـوان همــا‬
‫شرط لكأ و‬
‫رول وعم وأ‪ ،‬ظاهر وباطن‪ ،‬فمن أخلص أعمالــه هلل‪ ،‬م ٌت ً‬
‫بعـا يف ذلــك رســول اهلل‬ ‫ٌ‬
‫صلى اهلل عليه وســلم‪ ،‬فهــوا الــوي عملــه مقبــول‪ ،‬ومــن فقــد ا مــرين أو أحــدهما فعملــه‬
‫مــردود‪ ،‬داخـ ٌـأ يف رــول اهلل تعــالى‪َ ﴿ :‬و َر ـ ِد ْمنَا إِ َل ـى َم ـا َع ِم ُل ـوا مِ ـ ْن َع َم ـ وأ َف َا َع ْلنَ ـا ُه َه َب ـا ًء‬

‫َمنْ ُث ً‬
‫ورا﴾[الفرران‪.]23:‬‬
‫والاامال للوصفين داخأ يف روله تعــالى‪َ ﴿ :‬و َمـ ْن َأ ْح َسـ ُن ِد ـًينـا مِ َّمـ ْن َأ ْسـ َل َم َو ْج َهـ ُه ل ِ َّلـ ِه‬
‫َو ُه َو ُم ْح ِس ٌن﴾[النساء‪ ،]125:‬وروله‪َ ﴿ :‬ب َلى َم ْن َأ ْس َل َم َو ْج َه ُه ل ِ َّل ِه َو ُهـ َو ُم ْح ِسـ ٌن َف َلـ ُه َأ ْجـ ُر ُه‬
‫ُون﴾[البقر ‪.]112:‬‬ ‫ِعنْدَ َرب ِه َوال َخ ْو ٌ‬
‫ذ َع َل ْي ِه ْم َوال ُه ْم َي ْح َزن َ‬

‫│‬

‫يقــول ‪-‬رحمــه اهلل‪ -‬فيهمــا‪ ،‬أي‪ :‬الحــديثين‪ :‬االخــالص للمعبــود‪ ،‬أي‪ :‬يف الحــديا‬
‫ا ول‪ ،‬والمتابعـــة للرســـول صـ ـ َّلى اهلل عليـــه وسـ ـ َّلم يف الحـــديا الثـــاين‪ ،‬واالخـــالص‬
‫ٌ‬
‫شرط لقبول كأ ا عمال وا روال الظاهر والباطنــة‪ ،‬كلهــا متورـ ٌ ربولهــا‬ ‫والمتابعة هما‬
‫على هوين الشرطين‪ :‬االخالص للمعبود‪ ،‬والمتابعة للرسول ص َّلى اهلل عليه وس َّلم‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪16‬‬
‫متبعـا يف ذلــك رســول اهلل صـ َّلى اهلل عليــه وسـ َّلم‪ ،‬فهــوا الــوي‬
‫فمن أخلــص أعمالــه هلل ً‬
‫عملــه مقبــول‪ ،‬ومــن فقــد ا مــرين أو أحــدهما‪ ،‬فعملــه مــردود‪ ،‬وهنــا تــدخأ تحــت هــوه‬
‫الكلمة أرسا ال ة‪:‬‬
‫‪ -‬من فقد ا مرين‪ :‬ال إخالص وال متابعة‪.‬‬
‫‪ -‬أو فقد أحد ا مرين‪ :‬عنده إخالص بدون متابعة‪.‬‬
‫‪ -‬أو عنده متابعة بدون إخالص‪.‬‬
‫هوه الثال ة أرسا كلها مردود ‪ ،‬وإنما الوي يقبأ اهلل سبحانه وتعالى عملــه المخلــص‬
‫﴿و َر ِد ْمنَا إِ َلى َما َع ِم ُلوا مِ ْن َع َمـ وأ‬
‫هلل‪ ،‬المتبال لرسوله ص َّلى اهلل عليه وس َّلم‪ ،‬رال اهلل تعالى‪َ :‬‬
‫َف َا َع ْلنَا ُه َه َبا ًء َمنْ ُث ً‬
‫ورا﴾[الفرران‪ ،]23:‬أي‪ :‬أعمالهم توه هبا ًء ال ينتفعون ــا‪ :‬إمــا لفقــد‬
‫االخــالص‪ ،‬أو لفقــد المتابعــة‪ ،‬ن النصــوص ٌ‬
‫دل ـت علــى أن العمــأ ال يقبــأ إال مــا‪:‬‬
‫و‬
‫خالص للمعبود‪ ،‬ومتابعة للرسول‪.‬‬ ‫ب‬
‫وهوا هو تحقي ‪ :‬ال إله إال اهلل محمدٌ رســول اهلل صـ َّلى اهلل عليــه وسـ َّلم‪ :‬شــهاد أن ال‬
‫إلــه إال اهلل فيهــا االخــالص‪ ،‬وشــهاد أن محمــدً ا رســول اهلل ص ـ َّلى اهلل عليــه وس ـ َّلم فيهــا‬
‫ول إِ َّال ل ِ ُي َيا َ بِ ِ ْذ ِن اهللِ﴾[النساء‪.]64:‬‬
‫المتابعة‪ ،‬كما رال اهلل تعالى‪َ ﴿ :‬وما َأرس ْلنَا مِ ْن رس و‬
‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫﴿و َمـ ْن‬ ‫رال‪ :‬والاــامال للوصــفين‪ ،‬أي‪ :‬االخــالص والمتابعــة‪ ،‬داخـ ٌـأ يف رولــه تعــالى‪َ :‬‬
‫َأ ْح َس ُن ِدينًا مِ َّم ْن َأ ْس َل َم َو ْج َه ُه ل ِ َّل ِه﴾‪ :‬هوا مخلــص‪َ ﴿ ،‬و ُهـ َو ُم ْح ِس ٌن﴾[النســاء‪ :]125:‬هــوا‬
‫مخلص ـا‪َ ﴿ ،‬و ُه ـ َو‬
‫ً‬ ‫المتــابال‪ ..‬االحســان باالتبــا ‪ ،‬ورولــه‪َ ﴿ :‬ب َل ـى َم ـ ْن َأ ْس ـ َل َم َو ْج َه ـ ُه ل ِ َّل ـ ِه﴾‪:‬‬
‫ذ َع َلــ ـ ْي ِه ْم َوال ُهــ ـ ْم‬‫ُم ْح ِســ ـ ٌن﴾‪ ،‬أي‪ :‬يف االتبــــا ‪َ ﴿ ،‬ف َلــ ـ ُه َأ ْجــ ـ ُر ُه ِع ْنــ ـدَ َربــ ـ ِه َوال َخــ ـ ْو ٌ‬
‫َي ْح َزن َ‬
‫ُون﴾[البقر ‪]112:‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪17‬‬
‫وأيضا من اآليات الاوامال للشرطين‪ ،‬رول اهلل ســبحانه وتعــالى يف اآليــة ا خيــر مــن‬ ‫ً‬
‫َان َي ْر ُجوا ل ِ َقا َء َربـ ِه َف ْل َي ْع َمـ ْأ َع َمـ ًال َصـال ِ ًحا َوال ُي ْشـ ِر ْك بِ ِع َبـا َد ِ َربـ ِه‬
‫سور الكه ‪َ ﴿ :‬ف َم ْن ك َ‬
‫َأ َحدً ا﴾[الكهـ ‪ ،]110:‬العمــأ الصــالح‪ ،‬أي‪ :‬الموافـ للســنة‪َ ﴿ ،‬وال ُي ْشـ ِر ْك بِ ِع َبـا َد ِ َربـ ِه‬
‫مخلصا دينه هلل‪.‬‬
‫ً‬ ‫َأ َحدً ا﴾‪ ،‬أي‪ :‬يكون‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪18‬‬

‫تقر ًبا إلى اهلل‪ ،‬وطل ًبا لمرناته و وابه‪ ،‬فيدخأ يف هــوا َّنيـة‬
‫أما الن َّية‪ :‬فها القصد للعمأ ٌ‬
‫العمأ‪ ،‬ون َّية المعمول به‪.‬‬
‫│‬

‫هنا بيان مهم من الشيخ ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬وهو شرو ٌ منه يف شــرح الحــديا ا ول‪« :‬إنمــا‬
‫ا عمال بالنيات»‪ ،‬ما ها النية؟‬
‫وطلب ـا لمرنــاته و وابــه‪َ ﴿ :‬و َم ـ ْن َأ َرا َد‬ ‫ً‬ ‫تقرب ـا إلــى اهلل‪،‬‬ ‫رــال‪ :‬النيــة هــا القصــد للعمــأ ً‬
‫ورا﴾[االســراء‪،]19:‬‬ ‫اآلخ َر َ َو َس َعى َل َهـا َسـ ْع َي َها َو ُهـ َو ُمـ ْؤمِ ٌن َف ُأ ْو َلئِـ َك َكـ َ‬
‫ان َسـ ْع ُي ُه ْم َم ْشـ ُك ً‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ورا﴾[االنســان‪ ،]9:‬فالنيــة‪ :‬هــا‬ ‫﴿إِن ََّمـا ُن ْيع ُم ُكـ ْم ل َو ْجـه اهلل ال ن ُِريــدُ مـنْ ُك ْم َجـ َزا ًء َوال ُشـ ُك ً‬
‫وطلبـا لمرنــاته و وابــه‪ ،‬يقصــد العامــأ بالعمــأ وجــه اهلل‪..‬‬
‫ً‬ ‫القصد للعمأ تقر ًبا إلــى اهلل‪،‬‬
‫متقر ًبا إلى اهلل‪ ..‬طام ًعا يف الثواب‪ ،‬والناا من العقاب‪.‬‬
‫رال‪ :‬فيدخأ يف هــوا نيــة العمــأ ونيــة المعمــول لــه‪ :‬نيــة العمــأ نفســه‪ ..‬كــأ عمــأ مــن‬
‫ا عمال يحتاا إلى نية‪.‬‬
‫ميـز هــوا‬
‫مثال‪ :‬عندما تصلا الصال المكتوبة‪ ،‬وعندما تصلا النافلــة‪ ،‬مــا الــوي ُي ٌ‬
‫اآلن ً‬
‫العمأ أن هوا فري وهوا نفأ؟‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪19‬‬
‫لمـا انتهــى‪ ،‬رــال‪:‬‬
‫يتقرب ا إلى اهلل عــز وجــأ‪ٌ ،‬‬
‫مثال‪ -‬ك ٌبر إنسان ونوى نافلة ٌ‬
‫اآلن لو ‪ً -‬‬
‫ـثال‪-‬‬
‫أنا ما صليت العصــر‪ ،‬أريــد أن تكــون هــوه صــال العصــر‪ ،‬وهــو كــان علــى ســفر ‪-‬مـ ً‬
‫لـما انتهى رال‪ :‬أنــا مــا صــليت العصــر‪ :‬نويتهــا‬
‫ركعتين‪ ،‬فصلى نافلة متقر ًبا ا إلى اهلل‪ ،‬م َّ‬
‫العصر‪ ..‬هأ يـمكن؟ ما يـمكن‪ ،‬ن ال بد من نية العمأ‪.‬‬
‫الصيا ال بد من نية‪« :‬ال صيا لمن لـم ُيبيت الصيا من الليــأ»‪ ،‬هــوا يف الفــري‪ ،‬أمــا‬
‫صائما لــه ذلــك يف النفــأ‪ ،‬ن‬
‫ً‬ ‫النفأ‪ :‬إذا أصبح االنسان ولم يأكأ شي ًئا وأراد أن يتم يومه‬
‫الصيا ال بد نية من أول العمأ تميز هوا العمأ أنه صيا فريضة هلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫إ ًذا‪ :‬هناك نية العمأ‪ ،‬فائد نية العمأ‪ُ :‬تم ٌيز العمأ عن اآلخر‪ ،‬فالوي ُيم ٌيز العمــأ عــن‬
‫عم وأ آخر هو النية‪ ،‬فهناك نية العمأ وهناك نية المعمــول لــه العمــأ‪ ،‬يعنــا‪ :‬المتقــرب لــه‬
‫بالعمأ‪ ..‬المقصود بالعمأ وهو اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫هوه مسألة مهمة يف العمأ! ال بد من تعلمها‪ ..‬ال بد مــن التفقــه فيهــا‪ ،‬يقــول يحيــى بـن‬
‫النيـة‪ ،‬ف هنــا أبلــغ مــن العمــأ"‪،‬‬
‫أبا كثير اليماما ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬من أئمة السل ‪" :‬تعلمــوا ٌ‬
‫يف ربوله على النية‪ :‬نية العمــأ‪ ،‬ونيــة‬ ‫يعنا‪ :‬شأهنا أبلغ‪ ..‬مكانتها أعظم‪ ،‬بأ العمأ متور‬
‫المعمول له العمأ‪ ..‬كلها‪.‬‬
‫يشر اآلن الشيخ يف نرب ا مثلة المونحة لولك‪:‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪20‬‬

‫أمــا َّني ـة العمــأ‪ :‬فــال تصــح اليهــار بأنواعهــا‪ ،‬وال الصــال والزكــا والصــو والحــا‬
‫وجميــال العبــادات إال بقصــدها ونيتهــا‪ ،‬فينــوي تلــك العبــاد المع ٌينــة‪ .‬وإذا كانــت العبــاد‬
‫و‬
‫أجناس وأنوا و كالصال ‪ :‬منها الفري‪ ،‬والنفأ المع ٌين‪ ،‬والنفأ الميل ‪.‬‬ ‫تحتوي على‬
‫فري أو نفـ وأ معـ ٌي ون ‪ -‬كـ و‬
‫ـوتر‬ ‫و‬ ‫فالميل منه يكفا فيه أن ينوي الصال ‪ ،‬وأما المع َّين من‬
‫أو و‬
‫راتبة‪ ،‬فال بد مال ن َّية الصال أن ينوي ذلك المع َّين‪ ،‬وهكوا بقية العبادات‪.‬‬
‫فمثال‪ :‬اال تسال يقال نظاف ًة أو ت ٌ ًدا‪ ،‬ويقال عن‬
‫أيضا أن ُيم ٌيز العاد عن العباد ‪ً ،‬‬
‫وال بد ً‬
‫الحدث ا ك ‪ ،‬وعن سأ الميت‪ ،‬وللامعة ونحوها‪ ،‬فال بد أن ينوي فيه رفال الحدث‪،‬‬
‫أو ذلك الغسأ المستح ‪.‬‬
‫وكولك ُي ِ‬
‫خرا االنســان الــدراهم ‪-‬مــثال‪ -‬للزكــا ‪ ،‬أو ٌ‬
‫للكفـار ‪ ،‬أو للنـور‪ ،‬أو للصــدرة‬
‫يف ذلك كله على النية‪.‬‬ ‫المستحبة‪ ،‬أو هدي ًة‪ ،‬فالع‬
‫ومن هوا‪ :‬حيأ المعامالت إذا عامأ معامل ًة ظاهرها وصورهتا الصحة‪ ،‬ولكنــه يقصــد‬
‫و‬ ‫و‬
‫ربويـة‪ ،‬أو يقصــد ــا إســقاط واجـ و ‪ ،‬أو ٌ‬
‫توسـ ًال إلــى محـ ٌـر ‪ ،‬فـ ن‬ ‫التوسأ إلى معاملة ٌ‬
‫ُّ‬ ‫ا‬
‫ـم إلــى أحــد‬
‫بنيته ورصده ال بظاهر لفظــه‪ ،‬ف نمــا ا عمــال بالنيــات‪ .‬وذلــك بــأن يضـ ٌ‬
‫الع‬
‫يضم إلى العقد عقدً ا ير مقصود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الع َونين ما ليس بمقصود‪ ،‬أو ٌ‬
‫راله شيخ االسال ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬
‫│‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪21‬‬

‫ً‬
‫احتياال على الربا‪ ،‬يعنا‪ :‬يضال يف ظــاهر العقــد شــي ًئا لــيس مقصــو ًدا‪،‬‬ ‫يعنا‪ :‬يفعأ ذلك‬
‫ربويـا‪ ،‬فقــال لــه‪:‬‬
‫ررنـا ً‬
‫شخصـا ً‬
‫ً‬ ‫ـثال‪ :‬أراد أن يقــري‬
‫من أجــأ أن يحتــال‪ ،‬يعنــا لــو أنــه مـ ً‬
‫ريـ ً‬
‫ـاال‪،‬‬ ‫مثال‪ -‬عشر آالذ ريال‪ ،‬وتسددها لا علــى شــهور خمســة عشــر ألـ‬
‫أررنك ‪ً -‬‬
‫هوا ربا وانح‪.‬‬
‫ف ذا أراد أن يحتال‪ ،‬وجعأ شي ًئا ليس مقصو ًدا يف البيــال‪ ،‬وإنـــما مــن أجــأ يحتــال علــى‬
‫شاء آخر‪ ،‬يعنا‪ :‬يف عين مــن ا عيــان‪ :‬ســيار ً‬ ‫و‬ ‫هوا العمأ الربوي‪ ،‬فاعأ صور العقد يف‬
‫أو شي ًئا من ا شياء ليس مقصو ًدا‪ ،‬وإنـما المقصود هو أصــال ًة القــري الربــوي‪ :‬أن يضــم‬
‫إلى أحد العونين ما ليس بمقصود‪ ،‬أو يضم إلى العقد عقدً ا يــر مقصــود‪ ،‬مــن أجــأ أن‬
‫ياعله ذريع ًة له ‪-‬أو حيل ًة له‪ -‬لهوه المعاملة الربوية التا حرمها اهلل‪ ،‬إذا كــان هــوا رصــده‬
‫االحتيال على الربا‪ ،‬فا عمال إنما ها بنياهتا‪ ،‬كما رال عليه الصال والسال ‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪22‬‬

‫ـار ‪،‬‬
‫الرج َع ـة ويف الوصــية‪ :‬أال يقصــد العبــد فيهمــا المضـ َّ‬
‫وكــولك شــرط اهلل تعــالى يف ْ‬
‫ويدخأ يف ذلك جميال الوسائأ التا ُيتوسأ ا إلى مقاصدها‪ ،‬فـ ن الوســائأ لهــا أحكــا‬
‫المقاصد‪ ،‬صالح ًة أو فاسد ً ‪ ،‬واهلل يعلم المصلح من المفسد‪.‬‬
‫│‬

‫هوه يا أن ينتبه لهــا كــأ مســلم‪ :‬واهلل يعلــم المصــلح مــن المفســد‪ ،‬اهلل ميلــال علــى‬
‫القلوب وخفايا الصدور‪ ،‬ال تخفى عليه سبحانه وتعالى خافية‪ ،‬رد يحتال االنســان حيلـ ًة‬
‫ميلال على الصــدور وخفايــا‬
‫ٌ‬ ‫تمشا على الناس‪ ،‬ويمشا أمرها عليهم‪ ،‬لكن اهلل عز وجأ‬
‫عالم بالمقاصد‪ ،‬ال تخفى عليه سبحانه وتعالى خافية‪.‬‬
‫ا مور‪ ،‬ونيات العباد‪ٌ ..‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪23‬‬

‫وأما ن ٌية المعمول له‪ :‬فهو االخالص هلل يف كأ ما يأيت العبد وما يور‪ ،‬ويف كأ مــا يقــول‬
‫اهلل ُم ْخلِ ِصـي َن َلـ ُه الــدي َن﴾[البينــة‪ ،]5:‬ورــال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويفعأ‪ ،‬رال تعالى‪َ ﴿ :‬و َمـا ُأمـ ُروا إِ َّال ل َي ْع ُبـدُ وا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كليـ ًة‬
‫ص﴾[الزمــر‪ ،]3:‬وذلــك أن علــى العبــد أن ينــوي نيـ ًة ٌ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬أال ل َّله الدي ُن ا ْل َخال ُ‬
‫وابه‪ ،‬واحتساب أجــره‪،‬‬ ‫والتقرب إليه‪ ،‬وطل‬
‫ُّ‬ ‫شامل ًة موره كلها‪ ،‬مقصو ًدا ا وجه اهلل‪،‬‬
‫والخوذ من عقابه‪.‬‬
‫حريصـا‬ ‫م يستصح هوه النية يف كأ و‬
‫فرد من أفراد أعماله وأرواله‪ ،‬وجميال أحوالــه‪،‬‬
‫ً‬
‫فيه على تحقي االخالص وتكميله‪ ،‬ودفال كــأ مــا يضــاده‪ :‬مــن الريــاء والســمعة‪ ،‬ورصــد‬
‫المحمد عند الخل ‪ ،‬ورجاء تعظيمهم‪ ،‬بأ إن حصأ شا ٌء مــن ذلــك؛ فــال ياعلــه العبــد‬
‫رصده و اية مراده‪ ،‬بأ يكون القصد ا صيأ منه وجه اهلل وطل وابه‪ ،‬مــن يــر التفـ و‬
‫ـات‬
‫للخلـ ‪ ،‬وال رجـ و‬
‫ـاء لــنفعهم أو مــدحهم‪ .‬فـ ن حصــأ شــا ٌء مــن ذلــك مــن دون رصـ وـد مــن‬
‫يضره شي ًئا‪ ،‬بأ رد يكون من عاجأ بشرى المؤمن‪.‬‬
‫العبد؛ لم ٌ‬
‫│‬

‫الشيخ ُينبه هنا على مسألة يف باب النية واالخالص‪.‬‬


‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪24‬‬
‫يقول‪ :‬ينبغا أن يكون عند العبد نية شاملة مــوره كلهــا‪ :‬عباداتــه‪ ،‬وطاعاتــه‪ ،‬وجميــال‬
‫أعماله‪ ،‬أن تكون خالصة هلل‪ُ ،‬يبت َغى بـها وجه اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ولهوا المسلم يف دعائــه‬
‫يقول‪" :‬اللهم اجعأ أعمالا كلها لك خالصة"‪ ،‬مثأ دعاء عمر الوي تقد االشار إليه‪.‬‬
‫يدعو اهلل أن ياعأ أعماله خالصة‪ ،‬فينوي نيـ ًة شــاملة أن تكــون أعمالــه خالصــة كلهــا‪،‬‬
‫ــراي؛ أعادهــا‬ ‫م يأيت يف التفاصيأ يادٌ د هوه النية ويقويها‪ ،‬وإن تف ٌلتت منــه لــبعض ا‬
‫وعالاها‪.‬‬
‫ولهوا يقول ســفيان الثــوري ‪-‬رحمــه اهلل‪ -‬مــن أئمــة الســل ‪" :‬مــا عالاــت شــي ًئا أشــدَّ‬
‫علا من ن ٌيتا"‪ ،‬أي‪ :‬أن النية تحتاا إلى عالا ومداوا مستمر ‪.‬‬
‫َّ‬
‫إ ًذا‪ :‬العبد يكون عنده نية شاملة خالصة‪ :‬أن تكون أعمالــه كلهــا خالصــة هلل‪ ،‬ويف أفــراد‬
‫ا عمال وآحادها يااهد نفسه يف كأ عمــأ علــى تحقيـ هــوا االخــالص وتتميمــه‪ ،‬فـ ن‬
‫ـاء مــن الريــاء‪ ،‬أو شـ و‬
‫ـاء مــن الســمعة‪ ،‬أو يــر ذلــك مــن‬ ‫تفلتت نفسه منه‪ ،‬ودخلــت يف شـ و‬

‫القوادح يف النية‪ ،‬يحرص على معالاتها ومداواهتا وإرجاعها إلى جاد االخالص هلل‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪25‬‬

‫فقوله صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إ ّنمننا األعمننال بالنينات»‪ ،‬أي‪ :‬إهنــا ال تحصــأ وال تكــون‬
‫إال بالن َّية‪ ،‬وأن مدارها على النية‪ ،‬ــم رــال‪« :‬وإ ّنمننا لكننل امن ٍ‬
‫نرئ مننا نننوى»‪ ،‬أي‪ :‬إهنــا تكــون‬
‫بحس نية العبد صحتها أو فسادها‪ ،‬كمالها أو نقصاهنا‪ ،‬فمن نوى فعأ الخيــر ورصــد بــه‬
‫المقاصد العليا ‪-‬وها ما يقرب إلى اهلل‪ -‬فله من الثواب والازاء الازاء الكامــأ ا وىف‪،‬‬
‫ومن نقصت نيته ورصده نقص وابه‪.‬‬
‫توجهت ن ٌيته إلى ير هوا المقصد الاليأ فاته الخير‪ ،‬وحصأ على مــا نــوى مــن‬
‫ومن ٌ‬
‫المقاصد الدنيئة النارصة‪.‬‬
‫ولهــوا نــرب النبــا صــلى اهلل عليــه وســلم مثـ ً‬
‫ـاال ل ُيقــاس علـى جميــال ا مــور‪ ،‬فقــال‪:‬‬
‫«فم كان هجرته إلى اهلل ورسوله‪ ،‬فهجرته إلى اهلل ورسوله»‪ ،‬أي‪ :‬حصــأ لــه مــا نــوى‪،‬‬
‫يبها و امر ة نكحها‪ ،‬فهجرتننه إلننى مننا‬ ‫وورال أجره على اهلل‪« ،‬وم كان هجرته لدنيا‬
‫ـم جميــال ا مــور الدنيويــة؛ لبيــان أن‬
‫خص فيه المرأ التــا يتزوجهــا بعــدما عـ ٌ‬
‫هاجر إليه»‪ٌ :‬‬
‫ايات دنيئة‪ ،‬ومقاصد ير نافعة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫جميال ذلك‬
‫وكولك حين سئأ صلى اهلل عليه وسلم عن الرجأ يقاتأ شااع ًة‪ ،‬أو حمية‪ ،‬أو ُليـرى‬
‫القتال‪ :‬أي ذلك يف سبيأ اهلل؟ فقال‪« :‬م قاتل لتكون كلمة اهلل هننا اليليننا‬ ‫مقامه يف ص‬
‫فهو يف سبيل اهلل»‪.‬‬
‫│‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪26‬‬

‫اآلن الكال على الهار نفسها التا ها عباد ‪ ،‬ف ذا كان لـم ينو بالهار إال هــوا‪ ،‬أمــا‬
‫سفر االنسان لتاار ‪ ،‬أو سفره لنكاح هوه ال تدخأ يف الباب‪ ،‬وال يدخأ يف رول الشــيخ‪:‬‬
‫المقاصــد الدنيئــة‪ ،‬والغايــات الدنيئــة‪ ،‬وإنـــما الكــال اآلن علــى الهاــر التــا هــا عبــاد‬
‫وتقرب إلى اهلل عز وجــأ‪ ،‬هاــر مــن دار الكفــر إلــى دار االســال ‪ ،‬فـ ذا كــان لـــم يهــاجر‬
‫ٌ‬
‫نكاحا‪ ،‬أو رصد تاــار ً‪ ،‬مــا رــا يف رلبــه هــوه النيــة وهــوا‬
‫ً‬ ‫راصدً ا هوا المعنى‪ ،‬وإنـما رصد‬
‫فوت على نفسه حسن المقصد يف هارتــه‪ ،‬التــا هــا هلل‬
‫المقصد من الهار ‪ ،‬فهوا الوي ٌ‬
‫إخالصا‪ ،‬وللرسول عليه الصال والسال اتبا ًعا‪.‬‬
‫ً‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪27‬‬

‫ون َأ ْمـ َوا َل ُه ُم ا ْبتِ َغـا َء‬


‫ورال تعالى يف اختالذ االنفاق بحس النيات‪َ ﴿ :‬و َم َث ُأ ا َّل ِوي َن ُي ِنف ُق َ‬
‫َم ْر َنا ِ اهللِ َو َت ْثبِيتًا مِ ْن َأ ْن ُف ِس ِه ْم ك ََم َث ِأ َجن وَّة بِ َر ْب َو و﴾[البقــر ‪ ،]265:‬ورــال تعــالى‪َ ﴿ :‬و َّالـ ِوي َن‬
‫اآلخر﴾[النســاء‪ ،]38:‬وهكــوا‬ ‫ون بِـاهللِ وال بِـا ْليو ِ ِ‬‫اس َوال ُي ْؤمِ ـُنـ َ‬
‫النـ ِ‬ ‫ُي ِنف ُق َ‬
‫ون َأ ْمـ َوا َل ُه ْم ِر َئـا َء ـَّ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫جميال ا عمال‪.‬‬
‫وا عمــال إنمــا تتفانــأ ويعظــم وا ــا بحسـ مــا يقــو بقلـ العامــأ مــن االيمــان‬
‫وخصوصا إذا اررتن ا مــا يقــدر عليــه مــن‬ ‫ً‬ ‫واالخالص‪ ،‬حتى إن صاح النية الصادرة ‪-‬‬
‫اجرا إِ َلـى اهللِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫العمأ‪ -‬يلتحـ صــاحبها بالعامــأ‪ ،‬رــال تعــالى‪َ ﴿ :‬و َمـ ْن َي ْخـ ُر ْا مـ ْن َب ْيتـه ُم َهـ ً‬
‫هلل َ ُفـــ ـ ً‬
‫ورا‬ ‫ت َف َقـــ ـدْ َو َرـــ ـ َال َأ ْجـــ ـ ُر ُه َع َلـــ ـى اهللِ َو َكـــ ـ َ‬
‫ان ا ُ‬ ‫َو َر ُســـ ـول ِ ِه ُ ـــ ـ َّم ُيدْ ِر ْكـــ ـ ُه ا ْل َمـــ ـ ْو ُ‬
‫يما﴾[النساء‪.]100:‬‬ ‫ِ‬
‫َرح ً‬
‫│‬

‫ِ‬
‫ُذك ـر يف ســب نزولهــا ‪-‬وإن كــان يف ســنده مقــال‪ :-‬أن رجـ ًـال خــرا مهـ ً‬
‫ـاجرا إلــى اهلل‬
‫مخل ًصــا‪ ،‬وإلــى رســوله صــلى اهلل عليــه وســلم راصــدً ا إتيانــه عليــه الصــال والســال ‪،‬‬
‫ومالزمتــه صــلى اهلل عليــه وســلم‪ ،‬واالنتفــا بماالســته وســما أحاديثــه عليــه الصــال‬
‫﴿و َمـ ْن‬
‫والسال ‪ ،‬لكنه يف اليري لد ته ح َّية فمات‪ ،‬فيقال‪ :‬إن اآلية نزلت يف هوا الرجأ‪َ :‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪28‬‬
‫ت َف َقدْ َو َر َال َأ ْج ُر ُه َع َلى اهللِ﴾‪ :‬لــه مــا‬
‫اج ًرا إِ َلى اهللِ َو َر ُسول ِ ِه ُ َّم ُيدْ ِر ْك ُه ا ْل َم ْو ُ‬
‫َي ْخر ْا مِ ْن َب ْيتِ ِه م َه ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نوى‪ ،‬وإن لـم يتحق العمأ‪.‬‬
‫وهوا فيه‪ :‬أن النية يبلغ بـها االنسان عمأ العامأ‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪29‬‬

‫نحيحا»‪،‬‬
‫ويف الصحيح مرفو ًعا‪« :‬إذا مننرا اليبنند و سننافر كتنب لننه مننا كننان يمننل ن ع‬
‫نيرا وال قطيننتي واد ع نا‪ ،‬إال كننانوا ميكنني ‪ -‬ي‪ :‬يف‬
‫قوامنا مننا سننرتي م ن ع‬
‫ع‬ ‫وروله‪« :‬إن بالمد نة‬
‫بقلوبهي وثوابهي‪ -‬حب هي اليذر»‪.‬‬
‫│‬

‫يعنا ا ول‪« :‬إذا مري العبد أو سافر»‪ :‬هو من نيتــه أن يفعــأ هــوه العبــاد ‪ ،‬إن كانــت‬
‫ثال‪ ،‬ومــن نيتــه أن يعمــأ؛‬
‫صيا ًما أو ريا ليأ‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬لكــن منعــه العــور‪ ،‬المــري مـ ً‬
‫مقيما؛ للنية التا رامت يف رلبه‪.‬‬
‫صحيحا ً‬
‫ً‬ ‫ف ُيكت له ما كان يعمأ‬
‫ـيرا‬
‫أروامـا مــا ســرتم مسـ ً‬
‫ً‬ ‫ويف الحديا اآلخر‪ :‬رال عليه الصال والسال ‪« :‬إن بالمدينــة‬
‫وال ريعتم واد ًيا‪ ،‬إال كانوا معكم ‪-‬أي‪ :‬يف نياهتم ورلو م و وا م‪ -‬حبسهم العور»‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪30‬‬

‫همته ونيته له حسنة كاملة‪.‬‬


‫هم العبد بالخير م لم ُيقدَّ ر له العمأ‪ ،‬كتبت ٌ‬
‫وإذا ٌ‬
‫واب عند اهلل‪ ،‬ولكنه يعظــم‬ ‫وأجر و ٌ‬
‫ٌ‬ ‫خير‬
‫واالحسان إلى الخل بالمال والقول والفعأ ٌ‬
‫وذ َأ ْو‬‫وابه بالنية‪ ،‬رال تعالى‪﴿ :‬ال َخير فِا كَثِ وير مِن نَاو ُاهم إِ َّال مـن َأمـر بِصـدَ َر وة َأو معـر و‬
‫ْ َْ ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬ ‫ْ ْ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬
‫َّاس﴾[النســاء‪ ،]114:‬أي‪ :‬ف نــه خيــر‪ ،‬ــم رــال‪َ ﴿ :‬و َمـ ْن َي ْف َعـ ْأ َذل ِـ َك ا ْبتِ َغـا َء‬ ‫إِ ْصالحو َب ْي َن الن ِ‬
‫ِ‬ ‫مر َنا ِ اهللِ َفسو َ ِ ِ‬
‫فرتـ ا جــر العظــيم علــى فعــأ‬ ‫يما﴾[النســاء‪ٌ ،]114:‬‬ ‫ذ ن ُْؤتيه َأ ْجـ ًرا َعظ ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ذلك ابتغاء مرناته‪.‬‬
‫ويف البخاري مرفو ًعا‪« :‬م خذ موال الناس ر د داءها ّداهننا اهلل عنننه‪ ،‬ومن خننذها‬
‫رويـا للــرزق وأداء اهلل عنــه‪،‬‬
‫جعأ النية الصــالحة ســب ًبا ً‬ ‫ر د إت فها تلفه اهلل»‪ ،‬فانظر كي‬
‫واالتالذ‪.‬‬ ‫وجعأ النية السيئة سب ًبا للتل‬
‫│‬

‫اآلن‪ :‬من يقرتي من شخص‪ ،‬رجعــت اآلن مســألة القــدر علــى الســداد إلــى صــالح‬
‫النية عند االررتاي‪ ،‬وهوه مسألة تخفى على كثير من الناس‪ ،‬أو يهملها كثير مــن النــاس‪:‬‬
‫شخص يقرتي ورد را يف رلبه صدق مال اهلل سبحانه وتعالى أن يســدد هــوا الــدٌ ين‬
‫ٌ‬ ‫هناك‬
‫هما‪ ،‬وآخر يقرتي وهو ورت االررتاي من نيتــه أال يســدٌ د وأن‬
‫متى ما تيسر له‪ ،‬ويحمأ ًّ‬
‫يماطأ‪ ،‬ا ول يعان‪ ،‬واآلخر ُيوكَأ إلى نفسه‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪31‬‬
‫جــاءت‪ ،‬يرزرــه اهلل مــن حيــا ال‬ ‫ا ول يعــان‪ :‬تأتيــه أبــواب للســداد مــا يــدري كي ـ‬
‫يحتسـ ‪« ،‬أ ٌدى اهلل عنــه»‪ ،‬كمــا يف الحــديا‪ ،‬وأمــا اآلخــر تمحـ ال كــة‪ ،‬حتــى يف المــال‬
‫الوي اررتنه‪ ،‬وهو لـم ينو السداد‪ ،‬رال‪« :‬ومن أخوها يريد إتالفها أتلفه اهلل»‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪32‬‬

‫وكولك تاري النية يف المباحــات وا مــور الدنيويــة‪ ،‬فـ ن مــن رصــد بكســبه وأعمالــه‬
‫الدنيوية والعادية االستعانة بولك على القيا بح اهلل‪ ،‬وريامه بالواجبات والمســتحبات‪،‬‬
‫واستصح هوه الن ٌية الصالحة يف أكله وشربه ونومه وراحاته ومكاســبه؛ انقلبــت عاداتــه‬
‫أمــورا ال‬
‫ً‬ ‫عبــادات‪ ،‬وبــارك اهلل للعبــد يف أعمالــه‪ ،‬وفــتح لــه مــن أبــواب الخيــر والــرزق‬
‫النيـة الصــالحة لاهلــه أو هتاونــه‪ ،‬فــال‬
‫يحتسبها‪ ،‬وال تخير له على بــال‪ ،‬ومــن فاتتــه هــوه َّ‬
‫يلوم َّن إال نفسه‪.‬‬
‫ويف الصحيح عنه صلى اهلل عليه وسلم أنه رال‪« :‬إ ّنك ل تيمننل عمن ع تبتغننا بننه وجننه‬
‫ـامال‬
‫اهلل إال جرت عليه‪ ،‬حتى مننا تجيلننه يف يفِّ امر تننك»‪ ،‬فعلــم ــوا‪ :‬أن هــوا الحــديا جـ ٌ‬
‫مور الخير كلها‪ ،‬فحقي بالمؤمن الــوي يريــد ناــا نفســه ونف َعهــا‪ ،‬أن يفهــم معنــى هــوا‬
‫الحديا‪ ،‬وأن يكون العمأ به نص عينيه يف جميال أحواله وأوراته‪.‬‬
‫وأما حديا عائشة رنا اهلل عنها‪ :‬فـ ن رولــه صــلى اهلل عليــه وسـلم‪« :‬من حنندث يف‬
‫مرنا هذا مننا لننيه منننه فهننو رد»‪ ،‬أو‪« :‬من عمننل عمن ع لننيه عليننه مرنننا فهننو رد»‪ ،‬فيــدل‬
‫بالمنيوق وبالمفهو ‪.‬‬
‫أن كأ بدعـ وـة ُأحــد ت يف الــدٌ ين لــيس لهــا أصـ ٌـأ يف الكتــاب‬
‫أما منيوره‪ :‬ف نه يدل على َّ‬
‫ـالتاهم والــرفض واالعتــزال‬
‫ُّ‬ ‫وال يف الســنة‪ ،‬ســوا ًء كانــت مــن البــد القوليــة الكالميــة‪ ،‬كـ‬
‫و يرها‪ ،‬أو من البد العملية كالتعبـد اهلل بعبـ و‬
‫ـادات لــم يشــرعها اهلل وال رســوله صــلى اهلل‬ ‫ُّ‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫│‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪33‬‬

‫البــد القوليــة الكالميــة هــوا يتعل ـ بالعقائــد‪ ،‬والبــد العمليــة هــوه تتعل ـ با عمــال‬
‫والعبادات‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪34‬‬

‫ف ن ذلك كلــه مــردو ٌد علــى أصــحابه‪ ،‬وأهلــه مــومومون بحسـ بــدعهم وبعــدها عــن‬
‫الدين‪ ،‬فمن أخ بغير ما أخ اهلل به ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫│‬

‫روله‪ :‬بعدها عن الدين‪ :‬البد من حيا بعدها عن الدين ورر ا تختل ‪.‬‬
‫اآلن يونح لكم ذلك الخط المستقيم الوي رسمه النبا صـ َّلى اهلل عليــه وسـ َّلم علــى‬
‫َّ‬
‫وخط على جنبتا خيوط‪ ،‬إذا خرا االنسان مال الخط المنحرذ هوا الوي هــو‬ ‫ا ري‪،‬‬
‫بدعــة‪ ،‬ومشــى فيــه‪ ،‬أول مــا يخــرا‪ :‬كــم المســافة التــا بينــه وبــين الســنة؟ رليلــة‪ ،‬حتــى يف‬
‫خي ـا من ً‬
‫حرف ـا ويمتــد‪ ،‬كلمــا زاد‬ ‫ـتقيما‪ ،‬ــم رســمت ً‬ ‫الرســم‪ :‬لــو رســمت اآلن ً‬
‫خي ـا مسـ ً‬
‫االمتداد‪ ،‬أي‪ :‬التو أ يف البدعــة؛ زاد البعــد عــن الســنة‪ ،‬فـأول مــا يكــون البعــد عــن الســنة‬
‫ش ‪ ،‬م يكون ذرا ‪ ،‬م يمتد إلى ما شاء اهلل‪.‬‬
‫فالحاصأ‪ :‬أن االنسان يا عليه أن يحرص أن يز ٌ نفسه بزمــا الســنة‪ ،‬وأن ياانـ‬
‫البد ‪ ،‬وأن يحور منها أشد الحور‪ ،‬ف ن أهــأ البــد مــومومون بحسـ البــد ‪ ،‬وبحسـ‬
‫بعد بدعهم عن الدين‪.‬‬
‫شرح بهجة قلوب األبرار وق ّرة عيون األخيار‬
‫‪35‬‬

‫فمن أخ بغير ما أخ اهلل به ورسوله صلى اهلل عليــه وســلم‪ ،‬أو تعبـد بشـ و‬
‫ـاء لــم يــأذن‬ ‫َّ‬
‫اهلل به ورسوله صلى اهلل عليه وسلم ولم يشــرعه؛ فهــو مبتــد ‪ ،‬ومــن حـ ٌـر المباحــات‪ ،‬أو‬
‫تع َّبد بغير الشرعيات فهو مبتد ‪.‬‬
‫وأما مفهو هوا الحديا‪ :‬ف ٌن مــن عمــأ عمـ ًـال عليــه أمــر اهلل ورســوله صــلى اهلل عليــه‬
‫وسلم ‪-‬وهو التع ُّبد اهلل بالعقائد الصحيحة‪ ،‬وا عمال الصالحة من واجـ ومســتح ‪-‬‬
‫فعمله مقبول وسعيه مشكور‪.‬‬
‫أن كــأ عبــاد ُفعلــت علــى وجـ وـه منهــا عنــه ف هنــا فاســد ;‬
‫ويستدل وا الحديا علــى ٌ‬
‫أمر للشار ‪ ،‬وأن النها يقتضا الفســاد‪ ،‬وكــأ معاملـ وـة هنــى الشــار عنهــا‬‫هنا ليس عليها ٌ‬
‫ف هنا ال ية ال يعتد ا‪.‬‬
‫│‬

‫نفعنا اهلل أجمعين بـما ع ٌلمنا وزادنا ً‬


‫علما وتوفي ًقا‪ ،‬وأصلح لنا شــأننا كلــه‪ ،‬وهــدانا إليــه‬
‫مستقيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫صرا ًطا‬
‫وذريــاهتم ولمشــايخنا‪ ،‬ولــوال أمرنــا‪ ،‬وللمســلمين‬
‫اللهم ا فر لنا ولوالدينا ووالديهم ٌ‬
‫والمسلمات‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر‬
‫‪36‬‬
‫اللهم آت نفوسنا تقواها زكهــا أنــت خيــر مــن زكاهــا‪ ،‬أنــت وليهــا وموالهــا‪ ،‬اللهــم إنــا‬
‫ٌ‬
‫والعفـة والغنــى‪ ،‬اللهــم اصــلح لنــا ديننــا الــوي هــو عصــمة أمرنــا‪،‬‬ ‫نسألك الهــدى والتقــى‬
‫وأصلح ال دنيانا التا فيها معاشنا‪ ،‬وأصلح لنــا آخرتنــا التــا فيهــا معادنــا‪ ،‬واجعــأ الحيــا‬
‫زياد ً لنا يف كأ خير‪ ،‬والموت راح ًة لنا من كأ شر‪.‬‬
‫اللهم فرا هم المهمومين من المسلمين‪ ،‬ون ٌفس كرب المكروبين‪ ،‬وارض الدين عــن‬
‫مرنانا ومرنى المسلمين‪ ،‬وارحم موتانا وموتى المسلمين‪.‬‬ ‫المدينين‪ ،‬واش‬
‫بــين رلوبنــا‪ ،‬واهــدنا ســبأ الســال ‪ ،‬وأخرجنــا مــن‬ ‫اللهــم أصــلح ذات بيننــا‪ ،‬وألــ‬
‫الظلمات إلى النور‪ ،‬وأعونا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بين‪.‬‬
‫اللهم ارسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصــيك‪ ،‬ومــن طاعتــك مــا تبلغنــا بــه‬
‫جنتك‪ ،‬ومــن اليقــين مــا هتـ ٌـون بــه علينــا مصــائ الــدنيا‪ ،‬اللهــم متعنــا بأســماعنا وأبصــارنا‬
‫وروتنا ما أحييتنا‪ ،‬واجعله الوارث منا‪ ،‬واجعأ أرنا علــى مــن ظلمنــا‪ ،‬وانصــرنا علــى مــن‬
‫عادنــا‪ ،‬وال تاعــأ مصــيبتنا يف ديننــا‪ ،‬وال تاعــأ الــدنيا أك ـ همنــا وال مبلــغ علمنــا‪ ،‬واال‬
‫ُتس ٌلط علينا من ال يرحمنا‪..‬‬
‫اللهم أصلح لنا أجمعين النية والورية والعمأ‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬أشهد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬
‫اللهم صأ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬

You might also like