Professional Documents
Culture Documents
العقيدة الطحاوية
العقيدة الطحاوية
العقيدة الطحاوية
هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة واجلماعة ىلع مذهب فقهاء أه ل املل ة
أيب حنيف ة انلعم ان بن ث ابت الك ويف ،وأيب يوس ف يعق وب بن إب راهيم
األنص اري ،وأيب عب د اهلل حمم د بن احلس ن الش يباين رض وان اهلل عليهم
أمجعني ،وما يعتقدون من أصول ادلين ،ويدينون به َّ
رب العاملني:
3
وال تدركه األفهام.
يح ال يموت.
قيوم ال ينام.
وكما أنه حميي املوىت بعد ما أحيا ،اس تحق ه ذا االس م قب ل إحي ائهم،
كذلك استحق اسم اخلالق قبل إنشائهم.
4
ذلك بأنه ىلع لك يشء قدير ،ولك يشء إيله فقري ،ولك أمر عليه يسري.
ال حيتاج إىل يشء ﴿ليس كمثله يشء وهو السميع ابلص11ري﴾ [الش ورى:
.]11
خَي ْ َ اًل ً َّ
أقدارا ،ورضب هلم آجا ،ولم ف علي ه خلق اخللق بعلمه ،وقدر هلم
ٌ
يشء قبل أن خيلقهم ،وعلم ما هم اعملون قبل أن خيلقهم.
ولك يشء جيري بتقديره ومشيئته ،ومشيئته تنفذ ،ال مشيئة للعب اد إال
ما شاء هلم ،فما شاء اكن وما لم يشأ لم يكن.
اًل
يهدي من يشاء ،ويعصم ويعايف فض ،ويضل من يش اء ،وخيذل ويبتيل
اًل
عد ،ولكهم متقلبون يف مشيئته ،بني فضله وعدهل.
5
اًل َّ
وإن القرآن الكم اهلل ،منه بدا ،بال كيفية قو ،وأنزهل ىلع رسوهل وحيًا،
ًّ
وصدقه املؤمنون ىلع ذلك حقا ،وأيقنوا أنه الكم اهلل تع اىل باحلقيق ة ،ليس
بمخلوق كالكم الربية.
ربنا: ُ
كتاب ِّ والرؤية حق ألهل اجلنة بغري إحاطة وال كيفية كما نطق به
﴿وجوه يومئذ نارضة ،إىل ربه11ا ن11اظرة﴾ [القيام ة ،]23-22 :وتفس ريه ىلع م ا
أراده اهلل تع اىل وعلم ه ،ولك م ا ج اء يف ذل ك من احلديث الص حيح عن
الرسول صىل اهلل عليه وسلم فهو كما قال ،ومعناه ىلع م ا أراد ،ال ن دخل يف
ّ ِّ
ذلك متأولني بآرائنا ،وال ُمتَ َوه ِمني بأهوائنا ،فإنه ما سلم يف دينه إال َمن سلم
ور َّد َ
علم م ا اش تبه علي ه إىل هلل عز وجل ولرسوهل صىل اهلل علي ه وس لمَ ،
اعل ِمه.
وال تَثْبُ ْ
ت قَ َد ُم اإلسالم إال ىلع َظ ْهر التسليم واالستسالمَ ،
فمن رام علم ِ ِ
ما حظر عنه علمه ،ولم يقنع بالتس ليم فهم ه ،حجب ه مرام ه عن خ الص
6
اتلوحيد ،وصايف املعرفة ،وصحيح اإليمان ،فيتذبذب بني الكفر واإليم ان،
اًّك ً
موسوس ا تائهًا ش ا ال مؤمنًا واتلصديق واتلكذيب ،واإلقرار واإلنكار،
ِّ ً ِّ ً
جاحدا مكذبًا. مصدقا وال
وال يصح اإليمان بالرؤية ألهل دار السالم ملن اعتربه ا منهم ب وهم ،أو
تأوهلا بفهم ،إذ اكن تأويل الرؤية وتأويل لك معىن يضاف إىل الربوبي ة ب رتك
اتلأويل ولزوم التسليم ،وعليه دين املسلمني.
ّ َّ َ
ومن لم يتوق انليف والتشبيه ،زل ولم يصب اتلزنيه ،فإن ربنا جل وعال
موصوف بصفات الوحدانية ،منعوت بنعوت الفردانية ،ليس يف معن اه أح د
من الربية.
كسائر املبتداعت.
ُأ
واملعراج ح ق ،وق د رسي ب انليب ص ىل اهلل علي ه وس لم بشخصه يف
ايلقظة إىل السماء ،ثم إىل حيث ش اء اهلل من العال ،وأكرم ه اهلل بم ا ش اء،
وأوىح إيله ما أوىح﴿ :ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ [انلجم ،]11 :فصىل اهلل عليه
وسلم يف اآلخرة واألوىل.
ً
واحلوض اذلي أكرمه اهلل تعاىل به غياثا ألمته حق.
7
وامليثاق اذلي أخذه اهلل تعاىل من آدم وذريته حق.
وقد علم اهلل تعاىل فيما لم يزل عدد َمن يدخل اجلنة ،وعدد َمن يدخل
انلار مجلة واحدة ،فال يُزاد يف ذلك العدد وال ينقص منه.
وكذلك أفعاهلم فيما علم منهم أن يفعلوه ،ولك ميرس ملا خلق هل.
واألعمال باخلواتيم.
والعرش والكريس حق ،وهو مستغن عن العرش وما دونه ،حميط بكل
يشء وفوقه ،وقد أعجز عن اإلحاطة خلقه.
ّ اًل
ونق ول إن اهلل اختذ إب راهيم خلي ،ولكم موىس تكليمًا ،إيمانًا
ً ً
وتسليما. وتصديقا
ونؤمن ب انلبيني والكتب املزنل ة ىلع املرس لني ،ونش هد أنهم اكنوا ىلع
احلق املبني.
10
وابلعث بعد املوت والقدر خريه ورشه حلوه ومره من اهلل تعاىل.
وحنن مؤمنون بذلك لكه ،وال ِّ
نفرق بني أحد من رسله ،ونصدقهم لكهم
ىلع ما جاؤوا به.
وأهل الكبائر من أمة حممد صىل اهلل عليه وس لم يف انلار ال خيدلون إذا
ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبني ،بعد أن لقوا اهلل اعرفني مؤمنني،
وهم يف مشيئة اهلل وحكمه إن شاء غفر هلم وعفا عنهم بفضله كما قال اهلل
تعاىل يف كتابه العزيز﴿ :إن اهلل ال يغفر أن يرشك به ويغفر ما دون ذلك ملن
يشاء﴾ [النساء ،]48 :وإن شاء عذبهم بقدر جن ايتهم بعدهل ،ثم خيرجهم منه ا
برمحته وشفاعة الشافعني من أهل طاعته ،ثم يبعثهم إىل جنت ه ،وذل ك ب أن
اهلل موىل أهل معرفته ولم جيعلهم يف ادلارين كأه ل نكرت ه ،اذلين خ ابوا
من هديته ولم ينالوا من واليته.
وال نرى السيف ىلع أحد من أمة حممد ص ىل اهلل علي ه وس لم إال من
وجب عليه السيف.
وال نرى اخلروج ىلع أئمتنا ووالة أمورنا وإن جاروا ،وال ندعو ىلع أحد
منهم ،وال نزنع ً
يدا من طاعتهم ،ونرى طاعتهم من طاعة اهلل تعاىل فريضة،
11
ما لم يأمروا بمعصية ،وندعو هلم بالصالح واملعافاة.
واحلج واجلهاد فرضان ماضيان مع أويل األمر من أئمة املس لمني ب رهم
وفاجرهم ،ال يبطلهما يشء وال ينقضهما.
12
واجلنة وانلار خملوقتان ال يفنيان وال يبيدان.
اًل
وإن اهلل خلق اجلنة وانلار وخلق هلما أه ،فمن شاء إىل اجلن ة أدخل ه
اًل اًل
فض منه ،ومن شاء منهم إىل انلار أدخله عد منه ،ولك يعمل ملا قد ف رغ
منه ،وصائر إىل ما خلق هل ،واخلري والرش مقدران ىلع العباد.
ولم يكلفهم اهلل تعاىل إال ما يطيقون وال يطيقون إال ما لكفهم ،وه و
تفسري ﴿ال حول وال قوة إال باهلل﴾ .
نقول :ال حيل ة ألح د وال حرك ة وال ُّ
حتول ألح د عن معص ية اهلل إال
بمعونة اهلل ،وال قوة ألحد ىلع إقامة طاعة اهلل واثلب ات عليه ا إال بتوفي ق
اهلل.
ولك يشء جيري بمش يئة اهلل تع اىل وعلم ه وقض ائه وق دره ،غلبت
مشيئته املشيئات لكها ،وغلب قضاؤه احليل لكها ،يفعل ما يش اء وه و غ ري
َ نْي َّ ظالم ً
وح ٍ ،وتزنه عن لك عيب وش ني﴿ ،ال يس11أل أبدا ،تقد َس عن لك ُسوء
عما يفعل وهم يسألون﴾ [األنبياء. ]23 :
14
انلفاق.
وعلم اء الس لف من الس ابقني َ
ومن بع دهم من اتلابعني ،أه ل اخلري
ْ َ َ
واألثر ،وأهل الفقه وانلظر ،ال يُذك ُرون إال باجلميل ومن ذكرهم بس وء فه و
ىلع غري السبيل.
ِّ
وال نفض ل أح ًدا من األويلاء ىلع أح د من األنبي اء عليهم الس الم،
ونقول نيب واحد أفضل من مجيع األويلاء.
ونؤمن بأرشاط الساعة :من خ روج ادلجال ،ون زول عيىس ابن م ريم
عليه السالم من السماء ،ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها ،وخ روج داب ة
األرض من موضعها.
َّ ً ِّ
وال نصدق اكهنًا وال عرافا ،وال َمن يديع شيًئا خيالف الكتاب والس نة
وإمجاع األمة.
ً ُ ًّ
ونرى اجلماعة حقا وصوابًا ،والفرقة زيغا وعذابًا.
ودين اهلل يف األرض والسماء واحد ،وهو دين اإلسالم ،ق ال اهلل تع اىل:
﴿إن ادلين عند اهلل اإلسالم﴾ [آل عمران ،]19 :وقال تعاىل﴿ :ورض11يت لكم
ً
اإلسالم دينا﴾ [املائدة ،]3 :وهو بني الغلو واتلقصري ،وبني التشبيه واتلعطيل،
وبني اجلرب والقدر ،وبني األمن وايلأس.
15
خالف اذلي ذكرناه وبيَّناه.
َ
وخيتم نلا ب ه ،ويعص َمنا من
َ ونسأل اهلل تع اىل أن يُثبِّتن ا ىلع اإليم ان،
الر ِديَّة ،مثل املش بهة واملعزتل ة
األهواء املختلفة ،واآلراء املتفرقة ،واملذاهب َّ
واجلهمية واجلربية والقدرية ،وغ ريهم من اذلين خ الفوا الس نة واجلماع ة،
وح الفوا الض اللة ،وحنن منهم ب رآء ،وهم عن دنا ض الل وأردي اء ،وباهلل
العصمة واتلوفيق.
16