Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 16

‫‪ 

‬‬

‫العقيدة الطحاوية‬

‫أليب جعفر أمحد بن حممد الطحاوي رمحه اهلل‬


‫املتوىف ‪321‬ـه‬
‫قال العالمة حجة اإلسالم‬
‫أبو جعفر‪ 1‬الوراق الطحاوي‬
‫بمرص رمحه اهلل‬

‫هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة واجلماعة ىلع مذهب فقهاء أه ل املل ة‬
‫أيب حنيف ة انلعم ان بن ث ابت الك ويف‪ ،‬وأيب يوس ف يعق وب بن إب راهيم‬
‫األنص اري‪ ،‬وأيب عب د اهلل حمم د بن احلس ن الش يباين رض وان اهلل عليهم‬
‫أمجعني‪ ،‬وما يعتقدون من أصول ادلين‪ ،‬ويدينون به َّ‬
‫رب العاملني‪:‬‬

‫نقول يف توحيد اهلل معتقدين بتوفيق اهلل‪:‬‬

‫إن اهلل‪ ‬واحد ال رشيك‪ ‬هل‪.‬‬

‫وال يشء يعجزه‪.‬‬

‫وال هلإ غريه‪.‬‬

‫قديم بال ابتداء‪.‬‬

‫دائم بال انتهاء‪.‬‬

‫ال يفىن وال يبيد‪.‬‬

‫وال يكون إال ما يريد‪.‬‬


‫ال تبلغه األوهام‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وال تدركه األفهام‪.‬‬

‫وال يشبه األنام‪.‬‬

‫يح ال يموت‪.‬‬

‫قيوم‪ ‬ال ينام‪.‬‬

‫خالق بال حاجة‪.‬‬

‫رازق بال مؤنة‪.‬‬

‫مميت بال خمافة‪.‬‬

‫باعث بال مشقة‪.‬‬

‫ما زال بصفاته قديما قبل خلقه‪.‬‬

‫لم يزدد بكونهم شيًئا لم يكن قبلهم من صفته‪.‬‬

‫أزيلا كذلك ال يزال عليها أبديًّا‪.‬‬


‫وكما اكن بصفاته ًّ‬

‫ليس بعد خلق اخللق استفاد اسم اخلالق‪.‬‬

‫وال بإحداث الربية استفاد اسم ابلاري‪.‬‬

‫هل معىن الربوبية وال مربوب‪.‬‬

‫‪ ‬ومعىن اخلالق وال خملوق‪.‬‬

‫وكما أنه حميي املوىت بعد ما أحيا‪ ،‬اس تحق ه ذا االس م قب ل إحي ائهم‪،‬‬
‫كذلك استحق اسم اخلالق قبل إنشائهم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ذلك بأنه ىلع لك يشء قدير‪ ،‬ولك يشء إيله فقري‪ ،‬ولك أمر عليه يسري‪.‬‬

‫ال حيتاج إىل يشء ﴿ليس كمثله يشء وهو السميع ابلص‪11‬ري﴾ [الش ورى‪:‬‬
‫‪.]11‬‬
‫خَي ْ َ‬ ‫اًل‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫أقدارا‪ ،‬ورضب هلم آجا ‪ ،‬ولم ف علي ه‬ ‫خلق اخللق بعلمه‪ ،‬وقدر هلم‬
‫ٌ‬
‫يشء قبل أن خيلقهم‪ ،‬وعلم ما هم اعملون قبل أن خيلقهم‪.‬‬

‫‪ ‬أمرهم بطاعته‪ ،‬ونهاهم عن معصيته‪.‬‬

‫ولك يشء جيري بتقديره ومشيئته‪ ،‬ومشيئته تنفذ‪ ،‬ال مشيئة للعب اد إال‬
‫ما شاء هلم‪ ،‬فما شاء اكن وما لم يشأ لم يكن‪.‬‬
‫اًل‬
‫يهدي من يشاء‪ ،‬ويعصم ويعايف فض ‪ ،‬ويضل من يش اء‪ ،‬وخيذل ويبتيل‬
‫اًل‬
‫عد ‪ ،‬ولكهم متقلبون يف مشيئته‪ ،‬بني فضله وعدهل‪.‬‬

‫تعال عن األضداد واألنداد‪.‬‬ ‫ُ‬


‫وهو م ٍ‬
‫َّ‬
‫ال راد لقضائه وال معقب حلكمه وال اغلب ألمره‪.‬‬
‫َّ اًّلك‬ ‫ِّ‬
‫آمنا بذلك لكه وأيقنا أن من عنده‪.‬‬
‫هُل‬ ‫ً‬
‫حممدا ُ‬
‫عبده املصطىف‪ُّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫ونبيه املجتىب‪ ،‬ورسو املرتىض‪.‬‬ ‫وإن‬

‫وأنه خاتم األنبياء‪ ،‬وإمام األتقياء‪ ،‬وسيد املرسلني‪ ،‬وحبيب رب العاملني‪.‬‬


‫َ يَغ‬ ‫ُّ‬
‫ولك دعوى انلبو ِة بعده ف ٌّ وهوى‪ ،‬وه و املبع وث إىل اعم ة اجلن واكف ة‬
‫الورى‪ ،‬باحلق واهلدى‪ ،‬وبانلور والضياء‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اًل‬ ‫َّ‬
‫وإن القرآن الكم اهلل‪ ،‬منه بدا‪ ،‬بال كيفية قو ‪ ،‬وأنزهل ىلع رسوهل وحيًا‪،‬‬
‫ًّ‬
‫وصدقه املؤمنون ىلع ذلك حقا‪ ،‬وأيقنوا أنه الكم اهلل تع اىل باحلقيق ة‪ ،‬ليس‬
‫بمخلوق كالكم الربية‪.‬‬

‫‪ ‬فمن سمعه ف زعم أن ه الكم البرش فق د كف ر‪ ،‬وق د ذم ه اهلل واعب ه‬


‫وأوعده بسقر‪ ،‬حيث قال تعاىل‪﴿ :‬سأصليه سقر﴾ [املدثر‪ ،]26 :‬فلما أوعد اهلل‬
‫َّ‬
‫بسقر ملن قال‪﴿ :‬إن هذا إال قول البرش﴾ [املدثر‪ ،]25 :‬علمنا وأيقنا أن ه ق ول‬
‫خالق البرش‪ ،‬وال يشبه قول البرش‪.‬‬

‫ومن وصف اهلل بمعىن من معاين البرش فقد كفر‪.‬‬


‫ْ‬
‫قول الكفار انزجر‪ ،‬وعلم أن ه بص فاته‬
‫فمن أبرص هذا اعترب‪ ،‬وعن ِمث ِل ِ‬
‫ليس اكلبرش‪.‬‬

‫ربنا‪:‬‬ ‫ُ‬
‫كتاب ِّ‬ ‫والرؤية حق ألهل اجلنة بغري إحاطة وال كيفية كما نطق به‬
‫﴿وجوه يومئذ نارضة‪ ،‬إىل ربه‪11‬ا ن‪11‬اظرة﴾ [القيام ة‪ ،]23-22 :‬وتفس ريه ىلع م ا‬
‫أراده اهلل تع اىل وعلم ه‪ ،‬ولك م ا ج اء يف ذل ك من احلديث الص حيح عن‬
‫الرسول صىل اهلل عليه وسلم فهو كما قال‪ ،‬ومعناه ىلع م ا أراد‪ ،‬ال ن دخل يف‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫ذلك متأولني بآرائنا‪ ،‬وال ُمتَ َوه ِمني بأهوائنا‪ ،‬فإنه ما سلم يف دينه إال َمن سلم‬
‫ور َّد َ‬
‫علم م ا اش تبه علي ه إىل‬ ‫هلل عز وجل ولرسوهل صىل اهلل علي ه وس لم‪َ ،‬‬

‫اعل ِمه‪.‬‬
‫وال تَثْبُ ْ‬
‫ت قَ َد ُم اإلسالم إال ىلع َظ ْهر التسليم واالستسالم‪َ ،‬‬
‫فمن رام علم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ما حظر عنه علمه‪ ،‬ولم يقنع بالتس ليم فهم ه‪ ،‬حجب ه مرام ه عن خ الص‬

‫‪6‬‬
‫اتلوحيد‪ ،‬وصايف املعرفة‪ ،‬وصحيح اإليمان‪ ،‬فيتذبذب بني الكفر واإليم ان‪،‬‬
‫اًّك‬ ‫ً‬
‫موسوس ا تائهًا ش ا ال مؤمنًا‬ ‫واتلصديق واتلكذيب‪ ،‬واإلقرار واإلنكار‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ ً‬
‫جاحدا مكذبًا‪.‬‬ ‫مصدقا وال‬

‫وال يصح اإليمان بالرؤية ألهل دار السالم ملن اعتربه ا منهم ب وهم‪ ،‬أو‬
‫تأوهلا بفهم‪ ،‬إذ اكن تأويل الرؤية وتأويل لك معىن يضاف إىل الربوبي ة ب رتك‬
‫اتلأويل ولزوم التسليم‪ ،‬وعليه دين املسلمني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ومن لم يتوق انليف والتشبيه‪ ،‬زل ولم يصب اتلزنيه‪ ،‬فإن ربنا جل وعال‬
‫موصوف بصفات الوحدانية‪ ،‬منعوت بنعوت الفردانية‪ ،‬ليس يف معن اه أح د‬
‫من الربية‪.‬‬

‫وتع اىل اهلل عن احلدود والغاي ات‪ ،‬واألراكن واألعض اء واألدوات‪ ،‬ال‬


‫حتويه اجلهات الست‬

‫كسائر املبتداعت‪.‬‬
‫ُأ‬
‫واملعراج ح ق‪ ،‬وق د رسي ب انليب ص ىل اهلل علي ه وس لم بشخصه يف‬
‫ايلقظة إىل السماء‪ ،‬ثم إىل حيث ش اء اهلل من العال‪ ،‬وأكرم ه اهلل بم ا ش اء‪،‬‬
‫وأوىح إيله ما أوىح‪﴿ :‬ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ [انلجم‪ ،]11 :‬فصىل اهلل عليه‬
‫وسلم يف اآلخرة واألوىل‪.‬‬
‫ً‬
‫واحلوض اذلي أكرمه اهلل تعاىل به غياثا ألمته حق‪.‬‬

‫والشفاعة اليت ادخرها هلم حق‪ ،‬كما روي يف األخبار‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وامليثاق اذلي أخذه اهلل تعاىل من آدم وذريته حق‪.‬‬

‫وقد علم اهلل تعاىل فيما لم يزل عدد َمن يدخل اجلنة‪ ،‬وعدد َمن يدخل‬
‫انلار مجلة واحدة‪ ،‬فال يُزاد يف ذلك العدد وال ينقص منه‪.‬‬

‫وكذلك أفعاهلم فيما علم منهم أن يفعلوه‪ ،‬ولك ميرس ملا خلق هل‪.‬‬

‫واألعمال باخلواتيم‪.‬‬

‫والسعيد من سعد بقضاء اهلل‪ ،‬والشيق من شيق بقضاء اهلل‪.‬‬


‫َ َ ٌ‬
‫قر ٌب وال‬
‫ك ُم َّ‬ ‫وأصل القدر رس اهلل تعاىل يف خلقه‪ ،‬لم َّ‬
‫يطلع ىلع ذلك مل‬
‫ُ ّ‬
‫وس لم للحرم ان‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واتلعمق وانلظ ر يف ذل ك ذريع ة للخ ذالن‪،‬‬ ‫نيب ُمرسل‪،‬‬
‫ٌّ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ودرجة الطغيان‪ ،‬فاحلذر لك احلذر من ذلك نظ ًرا وفِك ًرا ووسوس ة‪ ،‬ف إن اهلل‬
‫تعاىل طوى علم القدر عن أنام ه‪ ،‬ونه اهم عن مرام ه‪ ،‬كم ا ق ال تع اىل يف‬
‫كتابه‪﴿ :‬ال يُسأل عما يفعل وهم يُسألون﴾ [األنبياء‪َ ،]23 :‬‬
‫فمن سأل‪ :‬ل ِ َم فع ل؟‬
‫َ َّ‬ ‫َّ‬
‫ومن رد حكم الكتاب اكن من الاكفرين‪.‬‬ ‫فقد رد حكم الكتاب‪،‬‬

‫فهذا مجلة ما حيتاج إيله من هو من ور قلب ه من أويلاء اهلل تع اىل‪ ،‬ويه‬


‫درجة الراسخني يف العلم‪ ،‬ألن العلم علمان‪ ،‬علم يف اخللق موجود‪ ،‬وعلم يف‬
‫اخللق مفقود‪ ،‬فإنكار العلم املوجود كفر‪ ،‬واداعء العلم املفقود كفر‪ ،‬وال‬
‫يثبت اإليمان إال بقبول العلم املوجود وترك طلب العلم املفقود‪.‬‬
‫ُ ُّ‬
‫اخللق لكهم ىلع‬ ‫ونؤمن باللوح والقلم وجبميع ما فيه قد ُرقِم‪ ،‬فلو اجتمع‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫القلم بما‬ ‫يشء لم يكتبه اهلل تعاىل فيه يلجعلوه اكئنًا لم يقدروا عليه‪َ ،‬جف‬
‫َ‬
‫العبد لم يكن يلص يبه‪ ،‬وم ا أص ابه لم‬ ‫هو اكئن إىل يوم القيامة‪ ،‬وما أخطأ‬
‫‪8‬‬
‫يكن يلخطئه‪.‬‬
‫َّ‬
‫وىلع العبد أن يعلم أن اهلل قد َسبَ َق يف لك اكئن من خلقه‪ ،‬فق در ذل ك‬
‫مربما‪ ،‬ليس فيه ناقض وال معقب‪ ،‬وال مزي ل وال مغ ري‪ ،‬وال‬‫ً‬ ‫ً‬
‫حمكما‬ ‫ً‬
‫تقديرا‬
‫ناقص وال زائ د من خلق ه يف س ماواته وأرض ه‪ ،‬وذل ك من عق د اإليم ان‬
‫وأصول املعرفة واالعرتاف بتوحيد اهلل تعاىل وبربوبيته‪ ،‬كم ا ق ال تع اىل يف‬
‫ً‬
‫تقديرا﴾ [الفرقان‪ ،]2:‬وقال تعاىل‪﴿ :‬واكن أم‪11‬ر‬ ‫كتابه‪﴿ :‬وخلق لك يشء فقدره‬
‫ً‬
‫مقدورا﴾ [األحزاب‪.]38:‬‬ ‫اهلل ً‬
‫قدرا‬

‫يما‪ ،‬وأحرض للنظ ر في ه قلبًا‬‫فويل ملن صار هلل تع اىل يف الق در خص ً‬


‫سقيما‪ ،‬لقد اتلمس بوهمه يف فحص الغيب ًّ‬
‫رسا كتيمًا‪ ،‬واعد بم ا ق ال في ه‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫أفااًك ً‬
‫أثيما‪.‬‬

‫والعرش والكريس حق‪ ،‬وهو مستغن عن العرش وما دونه‪ ،‬حميط بكل‬
‫يشء وفوقه‪ ،‬وقد أعجز عن اإلحاطة خلقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اًل‬
‫ونق ول إن اهلل اختذ إب راهيم خلي ‪ ،‬ولكم موىس تكليمًا‪ ،‬إيمانًا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتسليما‪.‬‬ ‫وتصديقا‬

‫ونؤمن ب انلبيني والكتب املزنل ة ىلع املرس لني‪ ،‬ونش هد أنهم اكنوا ىلع‬
‫احلق املبني‪.‬‬

‫ونسيّم أهل قبلتنا مسلمني مؤمنني ما داموا بم ا ج اء ب ه انليب علي ه‬


‫الصالة والسالم معرتفني‪ ،‬وهل بكل ما قال وأخرب مصدقني غري مكذبني‪.‬‬

‫وال خنوض يف اهلل‪ ،‬وال نماري يف دين اهلل تعاىل‪.‬‬


‫‪9‬‬
‫وال جنادل يف القرآن‪ ،‬ونعلم أنه الكم رب العاملني‪ ،‬نزل به الروح األمني‪،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫حممدا صىل اهلل عليه وىلع آهل وص حبه أمجعني‪ ،‬والكم‬ ‫فعلمه سيد املرسلني‪،‬‬
‫اهلل تعاىل ال يساويه يشء من الكم املخلوقني‪.‬‬

‫وال نقول خبلق القرآن وال خنالف مجاعة املسلمني‪.‬‬


‫وال نكفر ً‬
‫أحد ا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله‪ ،‬وال نقول ال يرض‬
‫مع اإلسالم ذنب ملن عمله‪.‬‬

‫ونرجو للمحسنني من املؤمنني أن يعفو عنهم ويدخلهم اجلن ة برمحت ه‪،‬‬


‫وال نأمن عليهم‪ ،‬وال نشهد هلم باجلنة‪ ،‬ونس تغفر ملس يئيهم‪ ،‬وخناف عليهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫وال نقنطهم‪ ،‬واألمن واإلياس ينقالن عن امللة‪ ،‬وس بيل احلق بينهم ا أله ل‬
‫القبلة‪.‬‬

‫وال خيرج العبد من اإليمان إال جبحود ما أدخله فيه‪.‬‬

‫واإليمان هو اإلقرار باللسان واتلصديق باجلنان‪ ،‬وأن مجيع ما أن زل اهلل‬


‫يف القرآن ومجيع ما صح عن انليب صىل اهلل عليه وس لم من الرشع وابلي ان‬
‫لكه حق‪.‬‬

‫واإليمان واحد وأهله يف أصله سواء‪ ،‬واتلفاضل بينهم باتلقوى وخمالفة‬


‫اهلوى‪.‬‬

‫واملؤمنون لكهم أويلاء الرمحن‪ ،‬وأكرمهم وأطوعهم وأتبعهم للقرآن‪.‬‬

‫واإليمان ه و اإليم ان باهلل ومالئكت ه وكتب ه ورس له وايلوم اآلخ ر‬

‫‪10‬‬
‫وابلعث بعد املوت والقدر خريه ورشه حلوه ومره من اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وحنن مؤمنون بذلك لكه‪ ،‬وال ِّ‬
‫نفرق بني أحد من رسله‪ ،‬ونصدقهم لكهم‬
‫ىلع ما جاؤوا به‪.‬‬

‫وأهل الكبائر من أمة حممد صىل اهلل عليه وس لم يف انلار ال خيدلون إذا‬
‫ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبني‪ ،‬بعد أن لقوا اهلل اعرفني مؤمنني‪،‬‬
‫وهم يف مشيئة اهلل وحكمه إن شاء غفر هلم وعفا عنهم بفضله كما قال اهلل‬
‫تعاىل يف كتابه العزيز‪﴿ :‬إن اهلل ال يغفر أن يرشك به ويغفر ما دون ذلك ملن‬
‫يشاء﴾ [النساء‪ ،]48 :‬وإن شاء عذبهم بقدر جن ايتهم بعدهل‪ ،‬ثم خيرجهم منه ا‬
‫برمحته وشفاعة الشافعني من أهل طاعته‪ ،‬ثم يبعثهم إىل جنت ه‪ ،‬وذل ك ب أن‬
‫اهلل موىل أهل معرفته ولم جيعلهم يف ادلارين كأه ل نكرت ه‪ ،‬اذلين خ ابوا‬
‫من هديته ولم ينالوا من واليته‪.‬‬

‫ويل اإلسالم وأه ِله َم ِّسكنا باإلسالم حىت نلقاك به‪.‬‬


‫امهلل يا َّ‬
‫ِّ‬
‫ونرى الصالة خلف لك بَ ٍّر وفاجر من أهل القبلة‪ ،‬ونصيل ىلع من مات‬
‫ً‬
‫جنة وال ً‬ ‫منهم‪ ،‬وال نزنل ً‬
‫نارا‪ ،‬وال نشهد عليهم بكف ر وال رشك‬ ‫أحدا منهم‬
‫ََ‬
‫َ‬
‫رسائرهم إىل اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫وال نفاق ما لم يظهر منهم من ذلك يشء‪ ،‬ونذ َر‬

‫وال نرى السيف ىلع أحد من أمة حممد ص ىل اهلل علي ه وس لم إال من‬
‫وجب عليه السيف‪.‬‬

‫وال نرى اخلروج ىلع أئمتنا ووالة أمورنا وإن جاروا‪ ،‬وال ندعو ىلع أحد‬
‫منهم‪ ،‬وال نزنع ً‬
‫يدا من طاعتهم‪ ،‬ونرى طاعتهم من طاعة اهلل تعاىل فريضة‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫ما لم يأمروا بمعصية‪ ،‬وندعو هلم بالصالح واملعافاة‪.‬‬

‫ونتبع السنة واجلماعة‪ ،‬وجنتنب الشذوذ واخلالف والفرقة‪ ،‬وحنب أه ل‬


‫العدل واألمانة ونبغض أهل اجلور واخليانة‪.‬‬

‫ونقول‪ :‬اهلل أعلم‪ ،‬فيما اشتبه علينا علمه‪.‬‬

‫ونرى املسح ىلع اخلفني يف السفر واحلرض‪ ،‬كما جاء يف األثر‪.‬‬

‫واحلج واجلهاد فرضان ماضيان مع أويل األمر من أئمة املس لمني ب رهم‬
‫وفاجرهم‪ ،‬ال يبطلهما يشء وال ينقضهما‪.‬‬

‫ونؤمن بالكرام الاكتبني وأن اهلل قد جعلهم حافظني‪.‬‬

‫ونؤمن بملك املوت املولك بقبض أرواح العاملني‪.‬‬


‫اًل‬
‫وبعذاب القرب ملن اكن هل أه ‪.‬‬

‫وبسؤال منكر ونك ري للميت يف ق ربه عن رب ه ودين ه ونبي ه‪ ،‬ىلع م ا‬


‫جاءت به األخبار عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وس لم وعن الص حابة ريض‬
‫اهلل عنهم أمجعني‪.‬‬

‫والقرب روضة من رياض اجلنة أو حفرة من حفر انلار‪.‬‬

‫ونؤمن بابلعث وجبزاء األعمال يوم القيامة‪ ،‬والعرض واحلساب وق راءة‬


‫الكتاب واثلواب والعقاب والرصاط‪.‬‬
‫ِّ‬
‫والرش والطاعة واملعصية‪.‬‬ ‫واملزيان يوزن به أعمال املؤمنني من اخلري‬

‫‪12‬‬
‫واجلنة وانلار خملوقتان ال يفنيان وال يبيدان‪.‬‬
‫اًل‬
‫وإن اهلل خلق اجلنة وانلار وخلق هلما أه ‪ ،‬فمن شاء إىل اجلن ة أدخل ه‬
‫اًل‬ ‫اًل‬
‫فض منه‪ ،‬ومن شاء منهم إىل انلار أدخله عد منه‪ ،‬ولك يعمل ملا قد ف رغ‬
‫منه‪ ،‬وصائر إىل ما خلق هل‪ ،‬واخلري والرش مقدران ىلع العباد‪.‬‬

‫واالس تطاعة ال يت جيب به ا الفع ل من حنو اتلوفي ق اذلي ال جيوز أن‬


‫يوصف املخلوق به فيه مع الفعل‪ ،‬وأما االستطاعة من جهة الصحة والوسع‬
‫واتلمكن وسالمة اآلالت فيه قبل الفعل‪ ،‬وبها يتعلق اخلط اب وه و كم ا‬
‫قال اهلل تعاىل‪﴿ :‬ال يكلف اهلل نفسا إال وسعها﴾ [ابلقرة‪. ]286 :‬‬

‫وأفعال العباد خلق هلل وكسب من العباد‪.‬‬

‫‪ ‬ولم يكلفهم اهلل تعاىل إال ما يطيقون وال يطيقون إال ما لكفهم‪ ،‬وه و‬
‫تفسري ﴿ال حول وال قوة إال باهلل﴾ ‪.‬‬
‫نقول‪ :‬ال حيل ة ألح د وال حرك ة وال ُّ‬
‫حتول ألح د عن معص ية اهلل إال‬
‫بمعونة اهلل‪ ،‬وال قوة ألحد ىلع إقامة طاعة اهلل واثلب ات عليه ا إال بتوفي ق‬
‫اهلل‪.‬‬

‫ولك يشء جيري بمش يئة اهلل تع اىل وعلم ه وقض ائه وق دره‪ ،‬غلبت‬
‫مشيئته املشيئات لكها‪ ،‬وغلب قضاؤه احليل لكها‪ ،‬يفعل ما يش اء وه و غ ري‬
‫َ نْي‬ ‫َّ‬ ‫ظالم ً‬
‫وح ٍ ‪ ،‬وتزنه عن لك عيب وش ني‪﴿ ،‬ال يس‪11‬أل‬ ‫أبدا‪ ،‬تقد َس عن لك ُسوء‬
‫عما يفعل وهم يسألون﴾ [األنبياء‪. ]23 :‬‬

‫ويف داعء األحياء وصدقاتهم منفعة لألموات‪.‬‬


‫‪13‬‬
‫واهلل تعاىل يستجيب ادلعوات‪ ،‬ويقيض احلاجات‪ ،‬ويملك لك يشء‪ ،‬وال‬
‫يملكه يشء‪ ،‬وال غىن عن اهلل تعاىل طرفة عني‪ ،‬ومن استغىن عن اهلل طرفة‬
‫نْي‬
‫عني فقد كفر وصار من أهل احل َ ِ ‪.‬‬

‫واهلل يغضب ويرىض‪ ،‬ال كأحد من الورى‪.‬‬


‫ُْ‬
‫وحنب أصحاب رسول اهلل صىل اهلل يلع وسلم‪ ،‬وال نف ِرط يف حب أح د‬
‫منهم‪ ،‬وال ّ‬
‫نتربأ من أحد منهم‪ ،‬ونبغض من يبغضهم‪ ،‬وبغ ري اخلري ي ذكرهم‪،‬‬
‫ً‬
‫حبهم ِدينًا وإيمانًا وإحس انا‪ ،‬وبغض هم كف ًرا‬
‫وال نذكرهم إال خبري‪ ،‬ونرى ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ونفاقا وطغيانا‪.‬‬
‫اًل‬
‫ونثبت اخلالفة بعد رسول اهلل ص ىل اهلل علي ه وس لم أو أليب بك ر‬
‫الصديق ريض اهلل عنه‪ ،‬تفضياًل هل وتق ً‬
‫ديما ىلع مجي ع األم ة‪ ،‬ثم لعم ر بن‬
‫اخلطاب ريض اهلل عنه‪ ،‬ثم لعثمان بن عف ان ريض اهلل عن ه‪ ،‬ثم لعيل بن أيب‬
‫طالب ريض اهلل عنه‪ ،‬وهم اخللفاء الراشدون واألئمة املهديون‪.‬‬

‫وأن العرشة اذلين س ماهم رس ول اهلل ص ىل اهلل علي ه وس لم وبرشهم‬


‫باجلنة نشهد هلم باجلنة ىلع ما شهد هلم رس ول اهلل ص ىل اهلل علي ه وس لم‪،‬‬
‫وقوهل احلق‪ ،‬وهم‪ :‬أبو بكر وعمر وعثمان ّ‬
‫ويلع وطلحة والزبري وسعد وسعيد‬
‫وعبد الرمحن بن عوف وأبو عبيدة بن اجلراح وهو أمني هذه األمة‪ ،‬ريض اهلل‬
‫عنهم أمجعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َأ ْ‬
‫وم ْن ح َس َن القول يف أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وأزواجه‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬
‫الط اهرات من لك دن ٍس‪ ،‬وذرياتِ ه املقدس ني من لك ِرجس‪ ،‬فق د ب رئ من‬

‫‪14‬‬
‫انلفاق‪.‬‬
‫وعلم اء الس لف من الس ابقني َ‬
‫ومن بع دهم من اتلابعني‪ ،‬أه ل اخلري‬
‫ْ َ َ‬
‫واألثر‪ ،‬وأهل الفقه وانلظر‪ ،‬ال يُذك ُرون إال باجلميل ومن ذكرهم بس وء فه و‬
‫ىلع غري السبيل‪.‬‬
‫ِّ‬
‫وال نفض ل أح ًدا من األويلاء ىلع أح د من األنبي اء عليهم الس الم‪،‬‬
‫ونقول نيب واحد أفضل من مجيع األويلاء‪.‬‬

‫ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن اثلقات من رواياتهم‪.‬‬

‫ونؤمن بأرشاط الساعة‪ :‬من خ روج ادلجال‪ ،‬ون زول عيىس ابن م ريم‬
‫عليه السالم من السماء‪ ،‬ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها‪ ،‬وخ روج داب ة‬
‫األرض من موضعها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫وال نصدق اكهنًا وال عرافا‪ ،‬وال َمن يديع شيًئا خيالف الكتاب والس نة‬
‫وإمجاع األمة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫ونرى اجلماعة حقا وصوابًا‪ ،‬والفرقة زيغا وعذابًا‪.‬‬

‫ودين اهلل يف األرض والسماء واحد‪ ،‬وهو دين اإلسالم‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل‪:‬‬
‫﴿إن ادلين عند اهلل اإلسالم﴾ [آل عمران‪ ،]19 :‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ورض‪11‬يت لكم‬
‫ً‬
‫اإلسالم دينا﴾ [املائدة‪ ،]3 :‬وهو بني الغلو واتلقصري‪ ،‬وبني التشبيه واتلعطيل‪،‬‬
‫وبني اجلرب والقدر‪ ،‬وبني األمن وايلأس‪.‬‬

‫اهرا وباطنًا‪ ،‬وحنن ب رآء إىل اهلل ِمن لك َمن‬


‫فه ذا دينن ا واعتقادن ا ظ ً‬

‫‪15‬‬
‫خالف اذلي ذكرناه وبيَّناه‪.‬‬
‫َ‬
‫وخيتم نلا ب ه‪ ،‬ويعص َمنا من‬
‫َ‬ ‫ونسأل اهلل تع اىل أن يُثبِّتن ا ىلع اإليم ان‪،‬‬
‫الر ِديَّة‪ ،‬مثل املش بهة واملعزتل ة‬
‫األهواء املختلفة‪ ،‬واآلراء املتفرقة‪ ،‬واملذاهب َّ‬

‫واجلهمية واجلربية والقدرية‪ ،‬وغ ريهم من اذلين خ الفوا الس نة واجلماع ة‪،‬‬
‫وح الفوا الض اللة‪ ،‬وحنن منهم ب رآء‪ ،‬وهم عن دنا ض الل وأردي اء‪ ،‬وباهلل‬
‫العصمة واتلوفيق‪.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like