Professional Documents
Culture Documents
الاهمية الاستراتيجية لآسيا الوسطى
الاهمية الاستراتيجية لآسيا الوسطى
جامعة تشرين
كلية االقتصاد
إعداد
إشراف
2020-2021
:مقدمة
تعتبر منطقة آسيا الوسطى من أهم المناطق الجيواستراتيجية والتي لها مكانة خاصة في حسابات القوى
العالمية واإلقليمية ،وذلك نظراً للموقع* الجغرافي* الوسيط الذي تتمتع به وباعتبارها صلة وصل بين شرق
آسيا وغربها ،وممر للطريق* األوراسي الذي يربط* القارة األوروبية بالقارة اآلسيوية ،فضالً عن غنى
المنطقة بالثروات كالطاقة والمعادن ،فبعد استقالل جمهوريات آسيا الوسطى* الخمسة عن االتحاد السوفييتي*
السابق عام 1991والتي هي ( كازاخستان ،تركمانستان ،طاجيكستان ،قيرغيستان ،أوزباكستان) سارعت
العديد من القوى العالمية وفي مقدمتها الواليات المتحدة األمريكية والصين وروسيا (والتي تعتبرها مجاالً
جيوسياسي* خاص بها) إلى السعي وراء هذه المنطقة ،وقد جاء ذلك بسبب كونها منطقة رخوة سياسياً
وهي دول حبيسة وبحاجة لالتصال مع الخارج ،ولهذا تسعى الدول لملئ الفراغ الجيوسياسي في هذه
.المنطقة
:أهمية البحث
إن أهمية البحث تنبعث من األهمية االستراتيجية لمنطقة آسيا الوسطى* التي أصبحت تشكل موطئ* قدم
استراتيجي* للعديد من القوى اإلقليمية والدولية ،كما تكمن أهمية البحث في استعراض التنافس وتحديد
.أدوار الالعبين في المنطقة
:إشكالية البحث
رغم مرور ثالثون سنة على تفكك االتحاد السوفييتي ونشوء دول جمهوريات آسيا الوسطى* إال أن هذه
المنطقة ما زالت محل جدل واسع بين مختلف الباحثين واألكاديميين حول األهمية الجيواستراتيجية لهذه
المنطقة ،وحول حدة التنافس الدولي الذي يجري في هذه المنطقة الحيوية ،ومن هذا الجدل تبرز مشكلة
:البحث في محاولة لإلجابة على السؤالين اآلتيين
:أهداف البحث
:يسعى البحث للوصول* إلى أهداف عدة أهمها
:فرضيات البحث
إن االستقرار السياسي* في منطقة آسيا الوسطى يعتبر ركيزة أساسية لتحقيق األمن الطاقوي* نظراً _
.العتبار هذه المنطقة ممراً لعبور وانطالق أنابيب النفط باتجاه أوروبا* وشرق آسيا
إن حدة التنافس الدولي في منطقة آسيا الوسطى ينطلق من وضوح* االستراتيجيات المتناقضة والمختلفة _
.لكل دولة على حدة ،وذلك الختالف المصالح وتعارضها* أكثر من تقاربها
:منهجية البحث
لقد تم االعتماد في هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي وذلك لتحليل استراتيجيات الدول المتنافسة
.على المنطقة والمقارنة بينها
إن الحدود الزمانية لهذا البحث تمتد منذ عام 1991أي من تاريخ استقالل جمهوريات آسيا الوسطى
.وحتى يومنا هذا ،أما الحدود المكانية للبحث فتشمل* دول جمهوريات* آسيا الوسطى*
:مخطط البحث
مقدمة _
أهمية البحث _
إشكالية البحث _
أهداف البحث _
فرضيات البحث _
منهجية البحث _
مخطط البحث _
نتائج _
المبحث األول
تعد منطقة آسيا الوسطى* من المناطق التي اكتسبت أهمية بالغة على صعيد السياسة الدولية ،ال سيما وأن
البعض عدها بمثابة المرتكز* الجيواستراتيجي* للسيطرة على العالم ،فالمنطقة التي بقيت لردح من الزمن
()1
تحت سيطرة روسيا القيصرية ،ثم عاشت فترة ما يقرب تحت سيطرة الحكم الشيوعي في االتحاد
السوفييتي* أصبحت محط اهتمام وتنافس القوى الدولية ،فهي تحتل موقعاً جغرافياً مهماً وحساساً ،إذ تقع
.بين الصين وروسيا وأفغانستان* وإ يران وعلى مقربة من الخليج العربي وتركيا*
()2
وتمتاز المنطقة بأهمية استراتيجية من خالل موقعها* الجغرافي* وموارد* الطاقة المهمة ،فهي تشكل عقدة
طرق برية وممر ألنابيب الغاز والنفط من بحر قزوين باتجاه الصين وباتجاه البحر األسود وتركيا والبحر
المتوسط ،ومن األخيرة باتجاه الخليج العربي عبر إيران وأفغانستان وباكستان باتجاه المحيط الهندي ،ومن
جهة أخرى فالمنطقة تشاطئ* بحر قزوين الغني بالموارد* وتحتل المنطقة مساحة كبيرة ،حيث يبلغ إجمالي
()3
مساحة الدول الخمسة في منطقة آسيا الوسطى أكثر من أربعة ماليين كيلو متر مربع ،مع اختالف مساحة
.البلدان الداخلية
لقد شكلت منطقة آسيا الوسطى* وانطالقاً من أهميتها الجيوبوليتيكية منطقة صراع للمصالح الحيوية للقوى
المتنافسة عليها ،فروسيا تعدها مجاالً حيوياً والمحور األساسي لنفوذها ،ال بل إنها تعد حدود تلك الدول
حدود أمنية لها ،أما الصين فتوسع نفوذها في هذه المنطقة يشكل محور أساسي لتوجهاتها* تجاه المنطقة،
فاألهمية الجيوبوليتيكية للمنطقة بالنسبة للصين تنحصر* في الخشية من تغلغل القوى المنافسة وانكشاف*
حدودها الغربية فضالً عن موضوع تسوية حدودها المشتركة حيث تسعى الصين لعقد سلسلة اتفاقيات
إلدارة رسم الحدود المشتركة مع دول المنطقة .كما أن الواليات المتحدة األمريكية أدركت أهمية المنطقة
()4
في تحقيق مكاسب جيويوليتيكية تتيح لها القرب األكثر سهولة واألقل تكلفة باتجاه العمق الحيوي الروسي*
باتجاه الشمال والعمق الحيوي لشبه القارة الهندية وباكستان وأفغانستان* باتجاه الجنوب والعمق الحيوي*
()5
.اإليراني* باتجاه الجنوب الغربي والعمق* الحيوي لكامل منطقة بحر قزوين بما فيها تركيا باتجاه الغرب
واقتصادياً فإن للمنطقة أهمية كبيرة ،فمعظم المنطقة تطل على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز ،وحسب
وزارة النفط األميركية فإن هذه المنطقة وبحر قزوين تحتويان على ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم
بعد منطقة الخليج العربي والشرق* األوسط ،وتشير أغلب الدراسات إلى أن نسبة االحتياطات النفطية
للمنطقة تشكل حوالي %15من إجمالي االحتياطات العالمية ،وبالنسبة للغاز الطبيعي فإن المنطقة تحتوي
على احتياطي* يعد األول على مستوى* العالم بنسبة تصل إلى %50من اجمالي احتياطي الغاز العالمي
()6
.والتي تقدر بأكثر من 75ألف مليار متر مكعب
وتشكل خطوط* أنابيب النفط والغاز أحد أهم الدوافع الرئيسية لزيادة االهتمام االقتصادي بمنطقة آسيا
الوسطى ،ال سيما االستثمارات* في إنشاء خطوط* األنابيب او في التنقيب أو التطوير في حقول النفط
.والغاز*
أما على صعيد األهمية األمنية للمنطقة فهي تنحصر* باألساس في التنافس بين القوى العالمية ال سيما
روسيا والواليات المتحدة األمريكية على مناطق نفوذ في المنطقة من خالل التواجد العسكري* وبناء
القواعد العسكرية وعقد االتفاقات األمنية ،وقد* تجلت أبرز مطاهر التنافس العسكري الروسي األمريكي في
.المنطقة ببدء الحملة األمريكية لمكافحة اإلرهاب واحتالل أفغانستان بعد أحداث 11أيلول 2001
()7
المبحث الثاني
وفي مجال آخر يعود التغلغل العسكري األمريكي* في آسيا الوسطى* منذ مطلع التسعينات ففي عام
1994تم توقيع مذكرة للتعاون العسكري* بين أمريكا* وكازاخستان ،وتم ارفاقها باتفاقية أخرى
للتعاون في مجال التدريب العسكري* في عام ،1997وكما تم توقيع اتفاقية أخرى مماثلة مع
أوزباكستان في نفس العام ،وبعد أجداث 11أيلول 2001وتحت غطاء حرب أمريكا على
اإلرهاب واحتالل أفغانستان ،أتيحت الفرصة للواليات المتحدة األمريكية لتعزيز الوجود بإقامة
()9
:قواعد عسكرية في المنطقة وأهم هذه القواعد هي
.قاعدة خان أباد في أوزباكستان _1
.قاعدة ماناس في قيرغيزستان* _2
ولكن جرى رسمياً إغالق هذه القواعد العسكرية في السنوات السابقة ألسباب عدة أهمها هو انتهاء
الحرب على طالبان في أفغانستان وأيضاً بسبب مطالب حكومات آسيا الوسطى بضرورة خروج
القوات األمريكية حتى ال تكون بالدها هدفاً لقوى خارجية او حركات إسالمية متطرفة ،وإ ن تأثير
الحضور الروسي والصيني في المنطقة قد عزز من موقف حكومات جمهوريات* آسيا الوسطى*
وخاصة عبر منظمة شنغهاي* للتعاون ،ومن جانب آخر خلص تقرير أعده مركز بحوث البرلمان
األوروبي* إلى أن التراجع الحاصل في نفوذ الواليات المتحدة األمريكية في آسيا الوسطى* إنما
.سببه استمرار روسيا في استعادة مواقعها* في هذه المنطقة الجيوسياسية
وأما على الصعيد االقتصادي* لقد ركزت الواليات المتحدة على أن الخيار االستراتيجي* لتطورات
الصراع الدولي على موارد الطاقة في آسيا الوسطى ،يتمثل بإنشاء خط أنابيب في قاع بحر
قزوين انطالقاً* من كازاخستان وتركمانستان ،وينتهي على شواطئ* البحر األسود* في جورجيا*،
ويهدف هذا الخيار االستراتيجي* إلى منع اشتراك إيران او حتى روسيا في أي مشروع إمداد
()10
.للطاقة ،وبالتالي تقويض الدور الروسي* المتزايد اقتصادياً* وسياسياً* في آسيا الوسطى
()11
:وبالمجمل* تتلخص أهداف االستراتيجية األمريكية تجاه آسيا الوسطى بما يلي
.تعزيز* سيادة دول المنطقة وازدهارها ،بما يخدم المصالح األمريكية _1
.تعزيز* الفرص التجارية للشركات األمريكية _2
تدعيم أمن الطاقة بالنسبة للواليات المتحدة وحلفائها ،وضمان استمرار* تدفق الطاقة إلى _3
.األسواق* العالمية
.تخفيف حدة الصراعات اإلقليمية ،وبناء روابط اقتصادية بين دول المنطقة _4
.عدم السماح لهيمنة روسيا* على نفط آسيا الوسطى* _5
الحيلولة دون أن تصبح روسيا* هي المعبر الوحيد إلمداد الطاقة من آسيا الوسطى* إلى أوروبا6_ ،
.بل يجب أن يتم تدفقه عبر خطوط أنابيب لدول أخرى خارجة عن السيطرة الروسية كتركيا مثالً
.تحجيم النفوذ الصيني القادم من الشرق* وبدأ يمتد غرباً في آسيا الوسطى _7
.تحجيم الدور اإليراني* في آسيا الوسطى* وبدأ يمتد من الجنوب _8
وفي النهاية نجد أن الفراغ االستراتيجي* في آسيا الوسطى* بعد الحرب الباردة ،هو الذي جعل
المنطقة ساحة مفعمة بالمخاطر* من حيث التوازن االستراتيجي* الدولي ،وهو ما شكل بؤرة
لالهتمام األمريكي ،حيث يرى صناع القرار في الواليات المتحدة بضرورة التحكم في نبض
ميزان القوى داخ آسيا الوسطى* في المدى القريب ،حتى يتسنى لهم تأمين ساحة المناورة
الدبلوماسية التي قد تحول دون حدوث مواجهة مع قطب ائتالفي* معاد ،فإن العالقات الثنائية بين
االتحاد األوروبي _ روسيا ،ألمانيا _ روسيا ،االتحاد األوروبي* _ اليابان ،الصين _ روسيا،
الصين _ اليابان ،روسيا* _ اليابان ،وما قد يسفر عنه من اتفاقيات قصيرة المدى ،تقوم على
المصلحة أو توازنات* جديدة ،سيؤثر مباشرةً في الوضع العالمي للواليات المتحدة األمريكية ،وهو
()12
.ما يستلزم منها رسم سياسة خارجية وفق* ميزان خاص تجاه آسيا الوسطى
سعى الرئيس الروسي* فالديمير* بوتين منذ وصوله إلى السلطة عام ،2000إلى العمل على استعادة مكانة
روسيا كقوة عظمى على الساحة الدولية ،وكان من بين إحدى األدوات الهامة لتحقيق هذا الهدف هو سعي
روسيا إلعادة نفوذها في منطقة آسيا الوسطى التي كانت جزءاً من االتحاد السوفييتي* السابق وتعدها اليوم
عمقاً استراتيجياً* لها ،فاكتسبت* الدبلوماسية الروسية تجاه دول منطقة آسيا الوسطى* أهمية كبرى ،ذلك
()13
.إلدراك روسيا ألهمية المنطقة ودورها في التأثير في التوازنات العالمية
وبالفعل عملت روسيا على صعيد العالقات السياسية مع دول المنطقة على تعزيز* روابطها* السياسية ،وفي
وثيقة السياسة الخارجية التي اعتمدتها روسيا* عام 2000م ،جاءت رابطة الكومنويلث التي أسستها روسيا*
عام 1991م ومن ضمنها دول منطقة آسيا الوسطى* كأولوية أولى لالستراتيجية الروسية ،لتعزز* رؤية
(
مفادها أن روسيا ال تريد خسارة منطقة آسيا الوسطى* كما خسرت قبل ذلك دول القوقاز لصالح منافسيها
.
)14
فموسكو* أدركت أنه لزاماً عليها أن تكون قادرة على التوسط واالنفتاح على جيرانها ،وأن تمارس القيادة
السياسية ليس فقط في إطار الكومنويلث ،وإ نما من خالل ربط جمهوريات تلك المنطقة باتفاقيات تصب في
مصلحة روسيا ومصالح هذه الجمهوريات* في آن واحد ،لذلك بادرت إلى إنشاء منظومة أمنية سياسية في
*.المنطقة (منظمة معاهدة األمن الجماعي)
وعلى صعيد التوجهات العسكرية األمنية الروسية في منطقة آسيا الوسطى ،فالمنطقة بالعموم وطبقاً
لإلدراك الروسي* تشكل عمقاً استراتيجياً* إلى جانب كونها تشكل نطاق* أمني جنوبي لها ،لذلك وفي إطار
الترتيبات المتمثلة بمنظمة معاهدة األمن الجماعي تحتفظ روسيا بقواعد عسكرية لها داخل هذه الدول ،كما
أن لروسيا نحو عشرة آالف جندي متواجد* على أراضي* أربع دول هي أوزباكستان وكازاخستان
وقيرغستان وطاجيكستان ،كما استطاعت روسيا بعد أحداث 11أيلول عام 2001أن تخطو خطوة ()15
كبيرة لدعم نفوذها العسكري* في آسيا الوسطى ،ففي أواخر عام 2003وقعت مع قيرغستان اتفاقية تسمح
بموجبها للطائرات الجوية الروسية بالهبوط* في قاعدة (كانت) الجوية ،حيث تعد هذه القاعدة أول قاعدة
()16
.جوية في المنطقة تحتوي على وجود عسكري بري وجوي* روسي* مكثف
وعلى صعيد التوجهات االقتصادية فيمكن القول أن الجانب االقتصادي* كان وال يزال يشكل أهم األسباب
التي تدفع روسيا* لالهتمام بدول آسيا الوسطى ،حيث تحتل الواردات والصادرات* الروسية مكانة كبيرة في
()17
.اقتصاديات دول منطقة آسيا الوسطى
كما أن الخشية الروسية على نفوذها النفطي في سوق الطاقة العالمي وخاصة األسواق األوروبية التي تقوم
روسيا بإمدادها ب %27من احتياجاتها* من النفط ،وأكثر من %50من احتياجاتها* من الغاز يدفعها إلى
زيادة التغلغل االقتصادي* في دول منطقة آسيا الوسطى خاصة في قطاع النفط ،إذ تقع دولتان من دول
آسيا الوسطى ،وهما :كازاخستان وتركمانستان ،إلى جانب أذربيجان القوقازية على بحر قزوين ،وتمتلك
الدول الثالثة أكثر من ثلثي شواطئه ،ومن المعروف* أن منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين* تمثل ثاني أكبر
احتياطي في العالم من النفط والغاز الطبيعي بعد منطقة الشرق األوسط ،وعليه فإن الخشية الروسية تكمن
في توجه المنافسين ،ال سيما الواليات المتحدة ،نحو السيطرة على إمكانات الطاقة في المنطقة ،ودعم نقاط
()18
.االختالف بين هذه الدول وروسيا
ونتيجة للنفوذ النفطي المتزايد لروسيا في سوق الطاقة العالمي ،تعمل روسيا* جاهدةً على احتكار نقل
الطاقة إلى أوروبا عبر روسيا* حصراً ،حيث قام الرئيس الروسي بوتين بتوقيع اتفاقية مع كازاخستان
لزيادة كميات النفط الكازاخي* المصدر عبر روسيا* إلى أوروبا *،كما أنه قام بتوقيع* اتفاقية مع رئيس
()19
.تركمانستان لمد خط غاز جديد من تركمانستان* إلى أوروبا عبر األراضي* الروسية إلى بلغاريا* واليونان
وفي الختام يمكن أن نقتبس قول بريجينسكي حول وضع الدور الروسي في آسيا الوسطى* بقوله " روسيا*
هي أضعف بكثير من أن تستطيع إعادة فرض سيطرتها االمبريالية على آسيا الوسطى ،ولكنها أقوى* بكثير
( )20
.من إمكانية قيام أي قوة أخرى بإخراجها منها"
وأما فيما يخص إطار االستراتيجية الصينية تجاه دول آسيا الوسطى *،فقد طرح الرئيس الصيني " شي
جين بينغ " خالل زيارته إلى أندونيسيا وأربع دول من آسيا الوسطى* وهي تركمانستان ،كازاخستان،
أوزباكستان وقيرغيرستان عام ،2013استراتيجية بناء " الحزام االقتصادي* لطريق الحرير " المعروف*
اختصاراً ب "الحزام" ،و" طريق الحرير* البحري للقرن الحادي والعشرين " والمعروف اختصاراً ب
"".الطريق
ونظراً لما تمثله استراتيجية "الحزام* والطريق" من أهمية استراتيجية كبيرة للرفع من مستوى االقتصاد
الصيني المنفتح ،فقد دعت الصين إلى ضرورة توسيع* التعاون ،وتعزيز* التواصل مع دول الجوار ،حيث
ينقسم الحزام االقتصادي لطريق الحرير إلى ثالث مستويات* من حيث النطاق المكاني أال وهي :مناطق*
.محورية ،مناطق* توسعية ،مناطق تشعبية
وتضم المناطق المحورية كالً من الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى* الخمسة ،في حين تشمل المناطق
التوسعية الدول األعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون واالتحاد االقتصادي األوراسي ،وهي الدول التسعة
اآلتية :الهند ،باكستان ،إيران ،أفغانستان ،منغوليا ،روسيا* البيضاء ،أرمينيا ،أوكرانيا ومولدافيا ،وأما الدول
التشعبية فتشمل دول غرب آسيا ودول* االتحاد األوروبي ،وتمتد أيضاً إلى اليابان وكوريا* الجنوبية وغيرها
()21
.من دول شرق آسيا
إضافة إلى استراتيجية "الحزام والطريق"* نجد بأن الصين تمتلك مصالح أمنية واقتصادية في آسيا
الوسطى ،فعلى الصعيد االقتصادي اتخذت الصين خطوات متسارعة في تعزيز حضورها في آسيا
الوسطى من خالل خطوط الطاقة والتجارة واالستثمار* وتطوير البنية التحتية ،وقد برزت الصين كأكبر
شريك تجاري* لدول آسيا الوسطى* متجاوزة حتى روسيا وهي القوة التقليدية في المنطقة .وأما في إطار
مصالحها األمنية اتخذت الصين المبادرة بإنشاء "مجموعة شنغهاي الخماسية" ،حيث وقعت الصين
معاهدات مع روسيا* وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وباكستان بهدف تأمين حدود سلمية والتقليل
من الوجود العسكري على الحدود ،وأصبحت فيما بعد "منظمة شنغهاي* للتعاون" بعد انضمام* أوزباكستان
()22
.عام 2001م
وتسعى الصين أيضاً إلى تأمين الحصول على مصادر الطاقة على أساس أن وجود دول تمتلك احتياطيات
مؤكدة من النفط والغاز مجاورة لها أو على مقربة منها سيكون كفيالً بضمان حصول الصين على
احتياجاتها من مصادر الطاقة هذه ،حيث أنجزت الصين اثنين من خطوط األنابيب الكبيرة بينها وبين دول
آسيا الوسطى؛ األول هو خط غاز تركمانستان_ الصين ،والثاني* هو خط نفط كازاخستان_ الصين ،الذي
()23
.يمتد بطول ساحل قزوين من كازاخستان إلى إقليم سنجان في الصين
:النتائج
شكلت آسيا الوسطى مسرحاً* للتنافس الجيوسياسي* بين مختلف القوى الدولية واإلقليمية ،وإ ن األهمية _1
الجيواستراتيجية تزداد يوماً بعد يوم ،وذلك بسبب أهمية مصادر الطاقة الكامنة فيها ،وفضالً* عن كونها
.معبراً لمرور الطاقة عبر أراضيها*
إن االستراتيجيات* التي تتبعها القوى العالمية تتميز باالختالف* والتعارض ،وذلك بسبب اختالف _2
.المصالح أكثر من تقاربها
إن التأثير األكبر من بين استراتيجيات* القوى العالمية يعود للدور الروسي والدور الصيني ،وذلك _3
.نتيجة إلمكانات البلدين االقتصادية والعسكرية وميزات القرب الجغرافي*
أما بالنسبة للواليات المتحدة األمريكية فقد تراجع دورها وخاصة بعد إغالق قواعد عسكرية تابعة لها _4
.كانت موجودة في آسيا الوسطى
من الواضح أنه ليس هناك من يسيطر بشكل كامل على هذه المنطقة ،وإ ن أي مشروع* أوراسي* جديد _5
.مرتبط* بالمرور* بمنطقة آسيا الوسطى والتي هي قلب العالم وقلب آسيا النابض
:الهوامش
تتألف منطقة آسيا الوسطى من خمس دول هي (كازاخستان ،أوزباكستان ،تركمانستان ،قيرغيزستان* ،
.وطاجيكستان)
بريجينسكي *،زبغنيو ،رقعة الشطرنج الكبرى ،ترجمة آمال الشرقي ،عمان ،األهلية للنشر1_ ،1997 ،
.ص47
عبد الباقي ،مصباح اهلل ،آسيا الوسطى* والقوقاز ...األهمية االستراتيجية والواقع* السياسي* _2
.واالجتماعي2014 ،
حمد السعدون ،حميد ،روسيا ومتغيرات فضائها اآلسيوي *،مجلة دراسات دولية ،العدد ،89مركز* _3
.الدراسات الدولية ،جامعة بغداد ،2005 ،ص 35-34
أبو سكين ،حنان ،بين الصراع والتعاون :التنافس الدولي في آسيا الوسطى ،المركز العربي للبحوث _4
.والدراسات2014 ،
.السعد ،محمد نجيب ،آسيا الوسطى ....ساحة صراع وتنافس* دولي ،صحيفة الوطن العمانية6_ 2015 ،
.أبو سكين ،حنان ،بين الصراع والتعاون ،مصدر سبق ذكره _7
العضايلة ،عبد اهلل فالح ،التنافس الدولي في آسيا الوسطى* ،2010-1991رسالة ماجستير ،جامعة _8
.الشرق األوسط ،عمان ،األردن ،2011 ،ص36-35
دحمان ،قاسم ،السياسة الخارجية الروسية في آسيا الوسطى* والقوقاز *،لندن ،الطبعة األولى9_ ،2016 ،
.ص132
حمد ،بالل طالل ،السياسة الروسية تجاه المشرق* العربي بعد عام 2000م ،أطروحة دوكتوراه ،كلية _14
.العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،2016 ،ص184
عبد اللطيف ،نزار ،روسيا* وخيار* نظام أمني إقليمي ،نشرة قضايا الدولة ،مركز الدراسات القانونية15_ ،
.جامعة بغداد ،2000 ،ص30
حمزة ،بسمة ،استراتيجيات التنافس السياسي واالقتصادي العالمي على مصادر* الطاقة ،أطروحة _16
.دوكتوراه ،كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،2015 ،ص150
النعماني ،محمد ،آسيا الوسطى والقوقاز* والصراع* القادم في العالم ،موقع الحوار المتمدن ،العدد _18
2013 ،245.
.دحمان ،قاسم ،السياسة الخارجية الروسية في آسيا الوسطى والقوقاز ،مرجع سابق ،ص19_ 116-115
جانغ يونغ لينغ ،ترجمة :آية محمد الغازي ،الحزام والطريق تحوالت الدبلوماسية الصينية في القرن _21
.الحادي والعشرين ،دار صفصافة للنشر والتوزيع ،مصر ،2017 ،ص436-435
جفال ،عمار ،التنافس التركي اإليراني في آسيا الوسطى* والقوقاز *،مركز اإلمارات للبحوث _22
.والدراسات* االستراتيجية ،أبو ظبي ،الطبعة األولى ،2005 ،ص78