جلال الدين السيوطي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫جالل الدين السيوطي‬

‫جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين‬
‫الخضيري السيوطي المشهور باسم جالل الدين السيوطي‪( ،‬القاهرة‬
‫‪ 849‬هـ‪1445/‬م ‪ -‬القاهرة ‪ 911‬هـ‪1505/‬م)[‪ ]3‬إمام حافظ‪،‬‬
‫ومفسر‪ ،‬ومؤرخ‪ ،‬وأديب‪ ،‬وفقيه شافعي‪ .‬له نحو ‪ 600‬مصنف‪ .‬نشأ‬
‫في القاهرة يتيماً؛ إذ مات والده وعمره خمس سنوات‪ ،‬ولما بلغ‬
‫أربعين سنة اعتزل الناس‪ ،‬وخال بنفسه في روضة المقياس‪ ،‬على‬
‫النيل‪ ،‬منزويا ً عن أصحابه جميعاً‪ ،‬كأنه ال يعرف أحداً منهم‪ ،‬فألف‬
‫أكثر كتبه‪ .‬وكان األغنياء واألمراء يزورونه ويعرضون عليه‬
‫األموال والهدايا فيردها‪ .‬وطلبه السلطان مراراً فلم يحضر إليه‪،‬‬
‫وأرسل إليه هدايا فردها‪ ،‬وبقي على ذلك إلى أن توفي‪ .‬وكان يلقب‬
‫بـ«ابن الكتب»؛ ألن أباه طلب من أمه أن تأتيه بكتاب‪ ،‬ففاجأها‬
‫المخاض‪ ،‬فولدته وهي بين الكتب]‪.[4‬‬

‫اعتزال السيوطي الحياة العامة‬


‫قضى السيوطي فترة غير قصيرة في خصومات مع عدد من علماء عصره‪ ،‬كان ميدانها الحمالت الشرسة في النقد الالذع في‬
‫الترجمة المتبادلة‪ ،‬ومن خصومه‪ :‬البرهان الكركي‪ ،‬وأحمد بن محمد القسطالني‪ ،‬والشمس الجوجري‪ ،‬غير أن أشد خصوماته‬
‫وأعنفها كانت مع شمس الدين السخاوي‪ ،‬الذي أتهم السيوطي بسرقة بعض مؤلفاته‪ ،‬واغتصاب الكتب القديمة التي ال عهد‬
‫للناس بها ونسبتها إلى نفسه‪.‬‬
‫لم يقف السيوطي مكتوف األيدي في هذه الحمالت‪ ،‬بل دافع عن نفسه بحماسة بالغة وكان من عادته أن يدعم موقفه وقراره‬
‫بوثيقة ذات طابع أدبي‪ ،‬فألف رسالة في الرد على السخاوي‪ ،‬اسمها «مقامة الكاوي في الرد على السخاوي» نسب إليه فيها‬
‫تزوير التاريخ‪ ،‬وأكل لحوم العلماء والقضاة ومشايخ اإلسالم‪ .‬وكان لهذه العالقة المضطربة بينه وبين بعض علماء عصره‪،‬‬
‫وما تعرض له من اعتداء في الخانقاه البيبرسية أثر في اعتزال اإلفتاء والتدريس والحياة العامة ولزوم بيته في روضة المقياس‬
‫على النيل‪ ،‬وهو في األ ربعين من عمره‪ ،‬وألف بمناسبة اعتزاله رسالة أسماها المقامة اللؤلؤية‪ ،‬ورسالة «التنفيس في االعتذار‬
‫عن ترك اإلفتاء والتدريس»‪.‬‬
‫تنبه بعض خصوم السيوطي إلى خطئهم فيما صوبوه إلى هذا العالم الجليل من سهام في النقد والتجريح وخصومات ظالمة‪،‬‬
‫فأعلنوا عن خطئهم‪ ،‬وفي مقدمته م الشيخ القسطالني الذي أراد أن يسترضي هذا العالم الجليل الذي لزم بيته وعزف عن لقاء‬
‫معتذرا‪ ،‬غير أن هذا األمر لم يجعل السيوطي يقطع عزلته ويعود إلى الناس‪ ،‬ولكنه استمر في تفرغه‬
‫ً‬ ‫الناس‪ ،‬فتوجه إليه حافيًا‬
‫للعبادة والتأليف‪.‬‬

‫أحداث زمانه‬
‫سقطت الخالفة العباسية في بغداد عام ‪ 656‬هـ‪ ،‬الموافق عام‬
‫‪1258‬م في أيدي المغول وتحطم معها كل شيء بد ًءا من النظام‬
‫السياسي الذي سقط‪ ،‬والخليفة الذي قُتل هو والعلماء والرعية –‬
‫إال القليل‪ -‬وانتها ًء بالمكتبة العربية الضخمة التي أُلقيت في نهر‬
‫دجلة‪ .‬وفي أقصى الغرب زالت دولة اإلسالم باألندلس بعد‬
‫سقوط غرناطة عام ‪ 897‬هـ‪ ،‬الموافق عام ‪1492‬م‪ ،‬ثم جاءت‬
‫معها محاكم التفتيش لتقضي على البقية الباقية من المسلمين‬
‫هناك‪ ،‬ويحرق رهبان هذه المحاكم مكتبة اإلسالم العامرة هناك‪،‬‬
‫وبدا المشهد وكأن المغول والمسيحيين يطوون سجادة اإلسالم‬
‫من خريطة العالم‪ ،‬غير أن هذه الهزة السياسية العنيفة واكبها صعود ثقافي وعلمي للمسلمين حيث ظهر عصر الموسوعات‬
‫الضخمة في العلوم والفنون واآلداب‪ ،‬والذي استمر أكثر من قرن ونصف‪ .‬ومن أصحاب هذه الموسوعات الضخمة‬

‫شيوخه‬
‫عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء األعالم الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها‪ ،‬وتوفروا على علوم اللغة‬
‫بمختلف فروعها‪ ،‬وأسهموا في ميدان اإلبداع األدبي‪ ،‬فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء‪ ،‬فابتدأ في طلب‬
‫العلم سنة ‪ 864‬هـ‪1459 ،‬م‪ ،‬ودرس الفقه والنحو والفرائض‪ ،‬ولم يمض عامان حتى أجيز بتدريس اللغة العربية‪ ،‬وألف في تلك‬
‫السن ة أول كتبه وهو في سن السابعة عشرة‪ ،‬فألف «شرح االستعاذة والبسملة» فأثنى عليه شيخه «علم الدين البلقيني»‪ .‬وكان‬
‫منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شي ًخا واحدًا يجلس إليه‪ ،‬فإذا ما توفي انتقل إلى غيره‪ ،‬وكان عمدة‬
‫شيوخه «محيي الدين الكافيجي» الذي الزمه السيوطي أربعة عشر عا ًما كاملة وأخذ منه أغلب علمه‪ ،‬وأطلق عليه لقب «أستاذ‬
‫الوجود»‪ ،‬ومن شيوخه «شرف الدين المناوي» وأخذ عنه القرآن والفقه‪ ،‬و«تقي الدين الشبلي» وأخذ عنه الحديث أربع سنين‬
‫فلما مات لزم «الكافيجي» أربعة عشر عا ًما وأخذ عنه التفسير واألصول والعربية والمعاني‪ ،‬وأخذ العلم أيضًا عن شيخ الحنفية‬
‫«األقصرائي» و«العز الحنبلي»‪ ،‬و«المرزباني» «وجالل الدين المحلي» و«تقي الدين الشمني» وغيرهم كثير‪ ،‬حيث أخذ‬
‫علم الحديث فقط عن (‪ )150‬شي ًخا من النابهين في هذا العلم‪ .‬ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال‪ ،‬بل‬
‫كان له شيوخ من النساء الالتي بلغن الغاية في العلم‪ ،‬منهن «آسية بنت جار هللا بن صالح»‪ ،‬و«كمالية بنت محمد الهاشمية»‬
‫و«أم هانئ بنت أبي الحسن الهرويني»‪ ،‬و«أم الفضل بنت محمد المقدسي» وغيرهن كثير‪.‬‬

‫وفاته‬
‫توفي اإلمام السيوطي في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في ‪ 19‬جمادى األولى سنة ‪ 911‬هـ‪ ،‬الموافق ‪20‬‬
‫أكتوبر ‪ 1505‬م‪ ،‬ودفن خارج باب القرافة في القاهرة‪ ،‬ومنطقة مدفنه تعرف اآلن بمقابر سيدي جالل نسبة إليه‪،‬‬
‫وقبره معروف هناك‪.‬‬

You might also like