Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 464

‫لكّ ّية احلقوق والعلوم الس ياس ية‬

‫مبدأ حسن النّية يف العقود‬


‫‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه يف العلوم‬
‫ختصص‪ :‬القانون اخلاص‬
‫إشراف‬ ‫إعداد الطّالب‬
‫أ‪.‬د‪ .‬دنوني هجرية‬ ‫زيتوني فاطمة الزهراء‬
‫أعضاء جلنة املناقشة‬
‫رئيساً‬ ‫جامعة تلمسان‬ ‫أستاذة التّعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬يوسف فتيحة‬
‫مشرفاً ومقرّراً‬ ‫جامعة تلمسان‬ ‫أستاذة التّعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬دنوني هجرية‬
‫عضواً مناقشاً‬ ‫جامعة وهران‬ ‫أستاذة التّعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬زناقي دليلة‬
‫عضواً مناقشاً‬ ‫جامعة وهران‬ ‫أستاذة التّعليم العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬ناصر فتيحة‬

‫السّنة اجلامعيّة‪ 1021 – 1027 :‬م‬


‫بسم هللا الرحامن الرحمي‬
‫﴿قَالُوا ُس ْب َحان ََك َال ِع ْ َْل لَنَا االَّ َما عَل َّ ْم َتنَا‬
‫ِ‬
‫ِان ََّك َأنْ َت الْ َع ِل ُمي الْ َح ِك ُمي﴾‬
‫ِ‬
‫صدق هللا العظمي‬
‫الآية ‪ 23‬من سورة البقرة‬
‫يت أن ّه ما َك َت َب أ َحدُ ُُه يف يَو ِم ِه ِكتا اب‬
‫ا ّّن رأ ُ‬
‫اكن َأحسن‬ ‫اال قا َل يف غَ ِد ِه‪ ،‬لو غُ ّ َّي هذا لَ َ‬
‫اكن ي ُس َتحسن‪ ،‬ولَو قُ ِّد َم هذا‬ ‫ذاك لَ َ‬ ‫ولَو ُزِي ّدَ َ‬
‫ذاك لَ َ‬
‫اكن أمجل‪ ،‬وهذا‬ ‫لاكن أفضل‪ ،‬ولو تُ ِر َك َ‬
‫َ‬
‫عظ ِم ال ِعرب‪ ،‬وهو َدلي ٌل عىل استيال ِء النّ ْق ِص‬
‫ِمن أ َ‬
‫عىل ُمج َ َِل البَرش‪.‬‬
‫عبد الرحمي البيساّن‬
‫االهــــــــــــــــــــــداء‬

‫اىل أيب وأيم ّبرا هبام واعرتافا بفضلهام أهدي معيل هذا‪،‬‬
‫واذلي هو مثرة نتاهجام‪.‬‬

‫اىل من جشعين دوما عىل مواصَل مسّييت العلمية‬


‫رفيق دريب زويج الكرمي‪.‬‬

‫اىل قرة عيين ورايحني حيايت ‪".....‬أالء ودمحم اسالم ودعاء"‬


‫حفظهم هللا‪.‬‬

‫اىل اخويت وأخوايت خفرا واعزتازا‪.‬‬

‫اىل لك أحبايئ يف هللا أهدي هذا العمل املتواضع ‪.‬‬

‫زيتوّن فاطمة الزهراء‬


‫لكمة شكر وتقدير‬
‫امحلد هلل اذلي هداان لهذا وما كنا لهنتدي لوال أن هداان هللا‪،‬‬
‫والصالة والسالم عىل س يدان دمحم خامت النبياء واملرسلني‪ ...‬وبعد‪.‬‬
‫يسعدّن وقد وفقين هللا س بحانه وتعاىل الجناز هذا العمل‪ ،‬أن أتوجه بوافر‬
‫الشكر وعظمي الامتنان والتقدير اىل الس تاذة الفاضَل ادلكتورة دنوّن هجّية‬
‫عىل ما قدمته يل من توجهيات سديدة‪ ،‬ومالحظات قيّمة اكن لها أثر يف امتام‬
‫هذا العمل‪.‬‬
‫وشكري أيضا لعضاء نجنة املناقشة‪:‬‬
‫الس تاذة ادلكتورة يوسف فتيحة اليت رشفتين برتأس نجنة املناقشة‪.‬‬
‫الس تاذة ادلكتورة انرص فتيحة والس تاذة ادلكتورة زانيق دليَل‪،‬‬
‫عىل ترشيفي بقبول مناقشة هذه الرساةل‪ ،‬جفازاُه هللا عين خّي انجزاء‪.‬‬
‫وأخّيا شكري للك من أعانين حتفزيا يل الجناز هذا العمل‪.‬‬

‫هلم مجيعا مين مزيد من الشكر والتقدير ‪.‬‬

‫وال يسعين يف الخّي االّ أن أسأل هللا الجر والثّواب‪.‬‬


‫ق ائمة المختصرات‬
‫ق ائمة المختصرات‬

‫قائمة المختصرات‬

‫أوال‪ :‬قامئة اخملترصات بللغة العربية‬


‫= القانون املدّن انجزائري‪.‬‬ ‫قمج‬
‫= القانون املدّن املرصي‪.‬‬ ‫قمم‬
‫= القانون املدّن الفرنيس‪.‬‬ ‫قمف‬
‫= قانون الاس هتالك الفرنيس‪.‬‬ ‫قاف‬
‫= انجريدة رمسية للجمهورية انجزائرية‪.‬‬ ‫ج‪.‬ر‬
‫= انجزء‪.‬‬ ‫ج‬
‫= الصفحة‪.‬‬ ‫ص‬
‫= مدونة أخالقيات همنة الطب‪.‬‬ ‫مأمط‬
‫= قانون الصحة العمويم الفرنيس‪.‬‬ ‫قصعف‬
‫= العدد‪.‬‬ ‫ع‬
‫= الطبعة‪.‬‬ ‫ط‬
‫= دون طبعة‪.‬‬ ‫د‪.‬ط‬
‫= دون ذكر س نة النرش‪.‬‬ ‫د‪.‬س‪.‬ن‬
‫= دون ذكر بدل النرش‪.‬‬ ‫د‪.‬ب‪.‬ن‬

‫أ‬
‫ق ائمة المختصرات‬

‫ قامئة اخملترصات بللغة الفرنس ية‬:‫اثنيا‬

P =Page.
Op.cit = Ouvrage précité.
N° = Numéro.
C.Cons .F = Code de la consommation français.
ART = Article.
Bull.civ. =Bulletin des arrêts de cassation civile.
Cass.civ = chambre civile de la Cour de Cassation.
Cass.com = chambre commerciale Cour de Cassation .
C.civ.f. = Code civil Français.
Ch = Chambre.
D = Dalloz.
éd = édition.
L.G.D.J = Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence.
T = Tome.
R .T.D.C = Revue Trimestrielle de droit civil.

‫ب‬
‫مق دّم ة‬
‫مق دّم ة‬

‫مقدمة‬
‫يريم القانون اىل حتقيق المن الاجامتعي و اس تقرار التعامل‪ ،‬فغايته واقعية نفعيـة‪.‬‬
‫يف حني هتدف الخالق اىل حتقيق الكامل اذلايت وراحة الضمّي‪ ،‬مقترصة عىل الواجبات‬
‫تـودل حقـا يقابـل هـذا الواجـب لصـار الآخـر لن غايهتـا‬ ‫جتاه الـنف و الغـّي‪ ،‬دون أن ّ‬
‫مثالية‪.‬‬
‫وتنتقل الاعتبارات الخالقية‪ ،‬من حزي السلوك الخـاليق املعنـوي املسـ تحب اىل‬
‫ورة أخالقيـة لسـب ‪ ،‬بـل الزتامـا‬ ‫امليدان القـانوّن‪ ،‬عنـدما يصـبل التق َيـد هبـا لـي‬
‫يرتتب عىل خمالفته جزاء‪ .‬فيصبل لتحول قواعد الخالق اىل قواعد قانونيـة ‪ ،‬فادـدة كبـّية‬
‫‪1‬‬
‫لتطوير العالقات الاجامتعية ‪ ،‬والاقتصادية وتقدم االنسانية‪.‬‬
‫ذلكل فــان القــاء الضــوء عــىل القواعــد الخالقيــة يف ميــدان القـانون أمــر يف غايــة‬
‫المهية ‪ .‬فالقاعدة الخالقية يه احدى راكئز القاعدة القانونية ‪ ،‬هممهتا احلـد مـن التجريـد‬
‫‪2‬‬
‫اذلي تمتزي به القاعدة القانونية ‪ ،‬واحلد من المتسك بلشلكيات أو بظاهر النصوص‪.‬‬
‫وعادة ما تعهد النظمة القانونية محلاية أخالقيات التعاقد ‪ ،‬يف التعامل بني أطـراف‬
‫العقد حامية لتطلعاهتم املرشوعة اىل مبادئ قانونية عامة‪ ،‬ويف طليعهتا مبـدأ حسـن النيـة‬
‫يف العقود‪ .‬هذا املبدأ اذلي جيمع بني الواجـب الخـاليق والالـزتام القـانوّن‪ ،‬واذلي يعـد‬
‫‪3‬‬
‫تدخهل يف العالقات العقدية أمرا حمتيا‪ ،‬العادة العالقات اىل مسارها املس تقمي‪.‬‬
‫ذلكل جند أن من ثوابت اجملمتع القانوّن احلديث‪ ،‬تكري مجَل من املبادئ والقمي‪،‬‬
‫نظـرا دلورهـا ارـوري يف ضــامن حتهرضـه وصـون اسـ تقراره ‪.‬فضــال عـن تصـويب مســار‬
‫‪ -1‬محمود محمود املغريب‪ ،‬االس توبل يف قانون التحكمي‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪ ،3202 ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ -2‬رشيزاد عزيز سلامين‪ ،‬حسن النية يف ابرام العقود‪ ،‬دراسة يف ضوء القوانني واالتفاقيات ادلولية‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار‬
‫دجَل‪ ،‬الردن‪ ،3222 ،‬ص ‪.061‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- GEORGES Ripert , La règle morale dans les obligations civiles, 4ème éd, LGDJ. ,‬‬
‫‪paris,1949 ,p22‬‬

‫‪1‬‬
‫مق دّم ة‬

‫العالقــات عــىل الوجــه المثــل‪ ،‬فالوفــاء‪ ،‬الصــدق‪ ،‬ال‪،‬اهــة‪ ،‬االخــالص‪ ،‬الاس ـ تقامة‪،‬‬
‫والتعاون لكها مسميات تدخل حتت اطار حسن النية‪.‬‬
‫من مث يعد مبدأ حسن النية‪ ،‬من أكرث املبادئ القانونية أمهية يف العلـوم القانونيـة‪.‬اذ‬
‫نصت عليه العديد من النصوص الترشيعية‪ ،‬وسلط عليه الفقه والقضـاء الفرنيسـ الضـوء‬
‫يف كثّي من الحيان‪ .‬تتجسد أمهيته يف أنه حيقق أهداف القانون‪ ،‬املمتثَل برافظـة عـىل‬
‫اس تقرار التعامل وحتقيق العـداةل‪ ،‬والتففيـف مـن اخملـاطر الاقتصـادية الـيت قـد تصـيب‬
‫أطراف العالقة العقدية‪.‬‬
‫و يف هذا الصدد يقول ‪" 1:Ripert‬القواعد القانونيـة ال ككـن أن تنشـأ ان ر ترعهـا‬
‫الخالق وأن حسن النية هو احدى الوسادل اليت اسـ تددهما املرشـع‪ ،‬الدخـال القاعـدة‬
‫الخالقية اىل اجملـال القـانوّن"‪ .‬وأيـده ‪ 2Cornu‬اذلي اعتـرب أن‪" :‬الثقـة املرشـوعة يه‬
‫روح العقد"‪ .‬مث تعزز هذا املنحى فامي أعلن الفقيه ‪ 3،Denis Mazeaud‬بشعار جديـد‬
‫ينظم العالقات القانونية‪" :‬اخالص تضامن اخاء"‪.‬‬
‫يلعب املبدأ دورا همام يف العالقة العقدية‪ ،‬سواء عنـد ابـرام العقـد أو عنـد تنفيـذه‪.‬‬
‫حيث أشار اليه املرشع انجزائري من خالل املادة ‪ 021‬ق م ج‪ 4.‬واملرشـع املرصـي مـن‬
‫‪1‬‬
‫‪-Georges Ripert.op.cit, P31‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-GERARD Cornu. Note sur l’arrêt de principe rendu par l’assemblée plénière civile le‬‬
‫‪13 décembre,1962, RTD.civ.1963. P 574‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Denis Mazeaud, loyauté, solidarité, fraternité , la nouvelle devise contractuelle,‬‬
‫‪éditions du; juris- classeur, paris, 1999, p 603‬‬
‫يف نف املعىن انظر‪:‬‬
‫‪Jacques. Ghestin, Traité de droit civil, T II, Les obligations, Le contrat, 2ème ed,‬‬
‫‪L.G.D.J, paris, 1988, p 185.‬‬
‫‪ -4‬حيث جاء فهيا‪" :‬جيب تنفيذ العقد طبقا ملا اش متل عليه وحبسن نية"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مق دّم ة‬

‫خالل املادة ‪ 148‬ق م م‪ ،‬وكذا املرشع الفرنيس من خالل نص املادة ‪ 0021‬ق م ف ‪،‬‬
‫بعد تعديل القانون املدّن مبوجب المر رمق ‪ 020-06‬املتعلـق بصـالح العقـود و النظـام‬
‫‪1‬‬
‫العام و اثبات الالزتامات ‪.‬‬
‫وممــا ال شــك فيــه أنــه وان اكن قاعــدة أخالقيــه اال أنــه نتيجــة التحــول اىل قاعــدة‬
‫قانونية‪ ،‬يكتسب صفته القانونية املمتزية بلعموميـة والتجريـد‪ ،‬وااللزاميـة املفروضـة أحيـاان‬
‫حتت طادَل انجزاء‪ .‬اما من خالل الزتام القضاء بتفسـّي العقـد وتنفيـذها حبسـن نيـة وامـا‬
‫مبنع التعسف يف اس تعامل احلق لتجاوز حسن النية‪ ،‬والغرض اذلي مـن أجـهل مـنل هـذا‬
‫احلق‪ .‬ذكل أن حسن النية مبدأ عام تمتحـور يف هلـهل خمتلـف املعـامالت القانونيـة‪ ،‬عـىل‬
‫اختالف أشاكلها وأوهجها‪ ،‬وفضاؤه يتسع ليشمل العديد من النظرايت الساددة يف عاملنا‬
‫القانوّن‪ ،‬كنظرية التعسف‪ ،‬ونظرية الوضاع الظاهرة‪.‬‬
‫ان مبــدأ حســن النيــة هــو جــوهر العالقــات الاقتصــادية والقانونيــة‪ ،‬ينــدر أن ال‬
‫نتلم وجوده نصا أو اجهتادا‪ ،‬وتكل يه احلقيقـة الوىل‪ .‬أمـا احلقيقـة الثانيـة أن القـانون‬
‫يدرك من خالل أوجه احليـاة‪ ،‬يسـ متد مضـمونه ال مـن ذاتـه بـل مـن الظـروف الواقعيـة‬
‫اريطة‪ ،‬يس توعهبا حىت يصل اىل أقىص درجة مـن الفادـدة‪ ،‬والفعاليـة املرجـوة يف تنظـمي‬

‫‪1‬‬
‫‪-Modifié par: Ordonnance n° 2016 -131 du 10 Février 2016portant réforme du droit‬‬
‫‪des contrats, du régime général et de la preuve des obligations‬‬
‫وقد أاثر اهامتم املرشع الكندي القلمي كيبك‪ .‬فنص عليه يف املادة ‪ 0211‬يف تعديل القانون املدّن الصادر يف‬
‫‪ ،0991‬وتطلبت أن حيمك حسن النية سلوك الفراد يف حلظة نشوء الالزتام ويف تنفيذه‪ ،‬واهامتم املرشع الايطايل‬
‫يف املادة ‪ 0221‬من القانون املدّن‪" :‬يلزتم الطراف أثناء التفاوض وابرام العقد بلتفاصيل مبا يتفق وحسن النية"‪،‬‬
‫واملرشع الملاّن من خالل املادة ‪ 011‬واملادة ‪ 242‬من القانون املدّن‬
‫كام اهمتت املبادئ املرتبطة بعقود التجارة ادلولية مببدأ حسن النية‪ ،‬من خالل القانون املوحد ‪UNI DROIT‬‬
‫يف نص املادة الوىل يف فقرهتا ‪ 1‬حيث أشارت اىل ورة أن يلزتم الطراف يف العقد‪ ،‬بأن تتالءم الزتاماهتم مع‬
‫متطلبات حسن النية يف التجارة ادلولية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مق دّم ة‬

‫العالقـات يف اجملمتــع‪ .‬واثلــث هــذه احلقــادق أن قواعــد القـانون بأساســها قواعــد ســلوك و‬
‫‪1‬‬
‫أخالق ‪ ،‬هتدف اىل حتقيق خّي اجملمتع والسمو بالنسانية اىل مس توى أفضل‪.‬‬
‫وملــا اكنــت العقــود ممــا ال يسـ تغين عهنــا أحــد‪ ،‬فهـ ي العمــود الفقــري حلركــة احليــاة‬
‫الاجامتعيـة و الاقتصـادية وتـكل يه ق هتـا وأمهيهتــا‪ .‬فـان النظـام اذلي حاهـا يكتســب‬
‫أمهية قصوى يف حياة المم‪ ،‬ذلكل اكن ال بـد مـن الرتكـزي عـىل أخالقيـات التعاقـد‪ .‬ولن‬
‫نظريــة العقــد تطــورت مــع تطــور احليــاة الاقتصــادية عــرب احلقــب املاضــية اىل عرصــان‬
‫احلا ‪ ،‬بفعل التغّيات الس ياس ية والاقتصادية وحىت اخللقيـة الـيت أحاطـت هبـا‪ ،‬فقـد‬
‫‪2‬‬
‫تطور تبعا ذلكل دور مبدأ حسن النية‪.‬‬
‫أما بلنس بة للرشيعة االسالمية فاهنا ال تفصل بني ادلين والخالق والقـانون‪ 3.‬وقـد‬
‫أوجبت مراعاة حسن النية يف التعاقد‪ ،‬ويس تدل عىل ذكل بأآايت قرأآنيـة كثـّية‪ ،‬مشـ بعة‬
‫‪4‬‬
‫اَّلل يَأْ ُم ُرُ ُْك َأ ْن تُ َؤ ُّدوا ْ َال َماانَ ِت ا َىل َأ ْه ِلهَا﴾‪،‬‬
‫مبفهوم حسن النية نذكر مهنا قوهل تعاىل‪﴿ :‬ا َّن َّ َ‬
‫ِْ‬ ‫ِ‬
‫وقوهل تعاىل‪َ ﴿ :‬اي َأُّيُّ َا َّ ِاذل َين َأ آ َمنُوا َأ ْوفُوا ِبلْ ُع ُقو ِد﴾‪ 5،‬وقوهل تعاىل‪َ ﴿ :‬و َأ ْوفُوا الك ْي َل َوال ِم َـزي َان‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِبلْ ِق ْسطِ‪ 6.﴾...‬وكذا قوهل تعـاىل‪َ ﴿ :‬و َأ ْوفُـوا ِبلْ َعهْـ ِد ا َّن الْ َعهْـدَ َاك َن َم ْسـ ُ اوال﴾‪ 7.‬وقـوهل عـز‬
‫ِ‬

‫‪ -1‬محمود محمود املغريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪32‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ -3‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬حسن النية يف العقود‪ ،‬جمَل العلوم القانونية‪ ،‬لكية احلقوق‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬مرص‪ ،‬ع الول‪،‬‬
‫‪ ،0926‬ص ‪.169‬‬
‫‪-4‬سورة النساء أآية رمق ‪12‬‬
‫‪ -5‬سورة املاددة الآية الوىل‬
‫‪ -6‬سورة النعام الآية ‪013‬‬
‫‪ -7‬سورة االرساء أآية ‪21‬‬

‫‪4‬‬
‫مق دّم ة‬
‫‪1‬‬
‫ـون ِب َعهْـ ِد ِ ُْه ا َذا‬ ‫ـون﴾‪ .‬وقــوهل تعــاىل‪َ ﴿ :‬والْ ُموفُـ َ‬ ‫وجــل‪َ ﴿ :‬و َّ ِاذليـ َـن ُ ُْه ِ َل َمــاانَ هتِ ِ ْم َو َعهْـ ِد ِ ُْه َرا ُعـ َ‬
‫ِ‬
‫عَا َهدُ وا﴾‪ 2.‬وقوهل أيضا‪َ ﴿ :‬اي َأُّيُّ َا َّ ِاذل َين َأ آ َمنُوا َال َ َُتونُوا ََّ‬
‫اَّلل َو َّالر ُسو َل َو َ َُتونُوا َأ َماانَ ِت ُ ْمك َو َأن ُ ْْـم‬
‫ون﴾‪ 3.‬والوفاء وااليفاء هو االتيان بليشء وافيا اتما ال نقص فيه‪.‬‬ ‫تَ ْعلَ ُم َ‬
‫هذا وقد هن ى الرسول ملسو هيلع هللا ىلص عن التغرير أي التدلي ‪ ،‬وهن ى عن النجش‪ ،‬وهو‬
‫نوع من التدلي ‪ ،‬كام هن ى عن اخلالبة أي اخلديعة‪ .‬والنجش واخلالبة والتغرير لكها‬
‫مسميات تشّي لهرضورة مراعاة مبدأ حسن النية يف املعامالت‪ .‬كام أوىص بهرضورة الوفاء‬
‫بلوعد بقوهل ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أآية املنافق ثالث‪ :‬اذا حدث كذب‪ ،‬واذا وعد أخلف‪ ،‬واذا ائمتن‬
‫‪5‬‬
‫خان‪ 4،‬وقوهل أيضا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ال اكان ملن ال أمانة هل‪ ،‬وال دين ملن ال عهد هل‪.‬‬
‫وقوهل‪ :‬امضنوا يل س تا من أنفسمك أمضن لمك انجنة‪ :‬اصدقوا اذا حدثم‪ ،‬وأوفوا اذا‬
‫‪6‬‬
‫وعدمت‪ ،‬وأدوا اذا ائمتنم‪.....‬‬
‫ذلكل جند أن الفقه االساليم ال يتجاهل النية فه ي أساس العامل وقواهما‪ ،‬كام أنه‬
‫ال يتجاهل مفهوم حسن النية يف العقود‪ ،‬بعتبار أنه يغلـب ق ـة العـداةل يف العقـود عـىل‬
‫أي ق ــة اجامتعيــة أخــرى‪ .‬وذكل لن العــداةل مقصــد أســاق مــن مقاصــد الرشـ ـيعة‬
‫االسالمية‪ 7.‬ويف هذا الشأن يقول ادلكتور صبحي محمصاّن‪" :‬ان العقود مبنية يف الصل‬

‫‪ -1‬سورة املؤمنون أآية ‪2‬‬


‫‪ -2‬سورة البقرة أآية ‪.011‬‬
‫‪ -3‬سورة النفال أآية ‪.31‬‬
‫‪ -4‬حصيل البداري‪ ،‬ص‪6291‬‬
‫‪ -5‬حصيل الرتغيب‪ ،‬ص ‪.2221‬‬
‫‪ -6‬حصيل انجامع‪ ،‬ص ‪.0202‬‬
‫‪ -7‬دمحم جامل عيىس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪5‬‬
‫مق دّم ة‬

‫عىل الاس تقامة مبعناها الخاليق الواسع‪ ،‬فالوفاء بلعقـود اكلوفـاء بلعهـود والوعـود‪ ،‬ويه‬
‫‪1‬‬
‫مجيعها من نتاجئ المانة والصدق"‪.‬‬
‫و تعترب بيوع المانة من أبرز البيوع اليت تس تلزم حسن النية‪ .‬ومسيت كذكل لنه‬
‫يؤمتن فهيا البادع يف اخباره بمثن السلعة اذلي اشرتى به‪ ،‬من هذه البيوع بيع التولية‪ ،‬بيع‬
‫املراحبة‪ ،‬بيع الوضيعة‪ ،‬وبيع الاسرتسال‪2.‬ويعد هذا الخّي من البيوع اليت تشلك ميداان‬
‫خصبا العامل مبدأ حسن النية‪ .‬اذ يفرتض فيه هجل أحد املتعاقدين بسعر السوق‪ ،‬مث‬
‫يسْل أمره اىل املتعاقد الآخر اذلي يفرتض فيه علمه وخربته بلسوق وسعرها‪ .‬ومن مث‬
‫جيب أن يكون أمينا‪ ،‬يف نصحه وتعامهل مع املتعاقد‪ ،‬انجاهل بسعر السوق‪ ،‬والعدمي‬
‫‪3‬‬
‫اخلربة بلبيع والرشاء‪ .‬واال عد غشا من جانبه‪ ،‬واخالال منه حبسن النية والمانة ‪.‬‬
‫فاملسرتسل اذا رصح بأنه ال عْل هل بق ة السلع واستنصل البادع يف ذكل‪ ،‬فكنه اشرتط‬
‫عدم اخلديعة والغنب يف البيع والرشاء‪ ،‬فاذا ما شاب العقد خديعة أو أي شادبة يف‬
‫‪4‬‬
‫الرضا‪ ،‬يثبت للمسرتسل حين ذ خيار فسخ العقد‪.‬‬
‫واحلقيقة أن مبدأ حسن النية ر يكن حبي حقبة زمنيــة معينة‪ ،‬بل عرفتــــه‬
‫خمتلف النظم القانونيـــــــة ‪ 5.‬وحماوةل الجالء بعض الغموض عن املبدأ‪ ،‬حناول بجياز‬
‫‪ -1‬رأي صبحي ارمصاّن مشار اليه يف ‪:‬‬
‫أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬القوامس املشرتكة لعيوب الرضا‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬منشورات الزين احلقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،3226 ،‬ص‬
‫‪.003‬‬
‫‪ -2‬دمحم جامل عيىس‪ ،‬حسن النية يف العقود‪ ،‬جمَل لكية احلقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬ع ‪ ،3222 ،32‬ص‪.70‬‬
‫ويقصد ببيع التولية البيع بأصل المثن‪ ،‬أما بيع املبارحة فهو البيع بأصل المثن مع اضافة الرحب‪ ،‬أما بيع الوضيعة هو البيع‬
‫بأقل من أصل المثن‪ ،‬أما بيع الاسرتسال فهو البيع لشفص ال يعْل ولي هل دراية بسعر السوق‪ ،‬فيسْل أمره لشفص‬
‫دليه خربة بأسعار السوق‪ .‬ومسيت ببيوع المانة لن البادع ال بد أن يكون أمينا مع املشرتي يف مقدار المثن‪.‬‬
‫‪ -3‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 061‬‬
‫‪ -4‬مسْل يوسف‪ ،‬بيع املسرتسل يف الفقه االساليم ‪www.kantakji.com‬‬
‫‪ -5‬محمود محمود املغريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.2‬‬

‫‪6‬‬
‫مق دّم ة‬

‫تتبع أصهل التارخيي‪ ،‬ومساره انطالقا من القانون الروماّن‪ ،‬مرورا بلقانون الكنيس‪،‬‬
‫لثرهام الكبّي يف وضع هذا املبدأ‪ .‬مث القانون املدّن الفرنيس القدمي‪ .‬حيث تطورت‬
‫الفكرة أكرث فأكرث‪ ،‬عىل يد فقهاء القانون الفرنيس القدمي مثل دوما وبواتييه‪ ،‬والذلان تأثر‬
‫‪1‬‬
‫هبام القانون املدّن الفرنيس احلايل‪.‬‬
‫حلسن النية جذور اترخيية معيقة‪ ،‬فقد أواله القانون الروماّن‪ ،‬ومن بعده القانون‬
‫الكنيس أمهية كبّية‪،‬عند تنظ هم للعالقات التعاقدية‪ .‬كام حوهل قانون انبليون من فكرة‬
‫أخالقية واجامتعية اىل مبدأ قانوّن‪.‬‬
‫هلهرت فكرة حسن النية بداية يف القانون الروماّن كقاعدة أخالقيه مث حتولت مع‬
‫مرور الوقت اىل قاعدة قانونية‪ .‬ذكل أن املبدأ يف القوانني القدكة‪ ،‬ر يكن رشطا وراي‬
‫عند ابرام أي اتفاق بل اكن الزتاما أخالقيا فقط‪ 2.‬حيث أن الشلكية اليت طغت عىل‬
‫القانون الروماّن‪ ،‬واليت ر يلعب فيه الرضا أي دور‪ ،‬جعلت هذا املبدأ ضيقا‪ ،‬وفتحت‬
‫اجملال للمتعاقد قء النية للتعامل كيف شاء طاملا أنه ال خيالف الشلكية املفروضة‪ .‬فاكن‬
‫عىل املتعاقد قء النية أن يصوغ عقد البيع أو الرشاء لعقار‪ ،‬وفق الشلك اذلي يضمن‬
‫=جتدر االشارة اىل أن خمتلف النظم القانونية‪ ،‬ركزت عىل أخالقيات التعاقد‪ ،‬واختلفت يف اللية اليت تعمتدها‪ .‬فدلى‬
‫الرسة الالتينية انجرمانية‪ ،‬تتأمن امحلاية عرب مبادئ قانونية عامة‪ ،‬ويأيت يف صدارهتا مبدأ حسن النية‪ .‬أما الرسة‬
‫النلكوسكسونية فأوجدت مؤسسة فريدة ذات صور متنوعة‪ ،‬ونطاق متغّي حبسب ادلول‪ ،‬يه مؤسسة االس توبل أو‬
‫ما كاثلها‪ .‬ويه قاعدة من قواعد حسن النية تطبق يف القوانني النلكوسكسونية‪.‬‬
‫‪ -1‬دمحم جامل عيىس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Romain Loir ; les fondements de l’exigence de bonne foi en droit français des‬‬
‫‪contrats ;,2001/2002,p41. www.edpctorale74 .univ-lille 2.fr.‬‬
‫و يرجع الفضل يف حتريك مجود اجملمتع الروماّن اىل فقهاء العرص العلممي حيث اكن هلم الفضل يف تفعيل مبدأ حسن النية يف‬
‫القانون الروماّن ‪.‬لكرث تفصيل أنظر ‪:‬‬
‫الس يد عبد امحليد فودة ‪،‬مبدأ حسن النية يف القانون الروماّن ‪ ،‬ط الوىل ‪ ،‬دار الفكر القانوّن ‪ ،‬االسكندرية ‪، 3221 ،‬‬
‫ص ‪.222‬‬

‫‪7‬‬
‫مق دّم ة‬

‫هل مصاحله‪ ،‬يف حني يضطر املتعاقد الآخر اىل الرضوخ اليه‪ ،‬ولو اكن بيّنا سوء نية‬
‫الطرف الول‪.‬‬
‫فاحنرص مبدأ حسن النية يف هذا القانون يف حيازة العقار‪ ،‬مما أفسل اجملال للك‬
‫خشص عاجز عن تربير حيازته لعقار بواسطة صك أو س ند‪ ،‬أن يتشبّث فقط حبسن‬
‫‪1‬‬
‫نيته يف حيازة هذا العقار‪.‬‬
‫غّي أن هذا القانون الشلكي اذلي اكن صاحلا جملمتع فاليح منغلق عىل نفسه‪،‬‬
‫أصبل بعد توسع االمرباطورية وتاكثر املعامالت التجارية غّي مالمئ‪ ،‬مما دفع بملرشع‬
‫الروماّن اىل الرتاجع عن الشلكية يف كثّي من املعامالت‪ ،‬من بيع واجيار وغّيها من‬
‫العقود اليت انترشت يف ذكل الوقت‪ ،‬ليحل حملها حسن النية ‪ bona fides‬كوس يَل‬
‫‪2‬‬
‫للمراقبة الخالقية لسالمة هذه العقود وتنفيذها‪.‬‬
‫من مث فقد ارتبط حسن النية يف هلهوره ويف تطوره يف القانون الروماّن بتطور‬
‫دور االرادة يف العقود‪ ،‬ما يؤكد ذكل أن حسن النية ر يكن موجودا يف القانون‬
‫الروماّن‪ ،‬يف الفرتة اليت قامت فهيا العقود عىل أساس الشلكية دون الاعتداد بالرادة‪.‬‬
‫ويه الفرتة اليت اكنت ال تنعقد فهيا العقود اال اذا اتبعت مراس مي واجراءات خاصة‪ ،‬واكن‬
‫العقد ينعقد اذا مت افراغه يف القالب اردد هل‪ ،‬أما حيامن أصبل يعتد بالرادة يف ابرام‬

‫‪ -1‬الس يد عبد امحليد فودة ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ -2‬ولقد اعتنق رشاح القانون الروماّن‪ ،‬مذاهب خمتلفة يف تفسّيُه ملعىن حسن النية‪ .‬مفهنم من رأى قرصه عىل مقتضيات‬
‫العداةل البحثة‪ ،‬ومهنم من رأى انرصافه اىل وجوب انتفاء الغدر واخلديعة‪ ،‬ومهنم من يدخل يف هذا املعىن‪ ،‬حاةل انجهل‬
‫واخلطأ املغتفر‪ .‬لسن النية حسب هذا القانون يشلك مبدأ نفس يا ادراكيا‪ ،‬يتجسد بملعرفة أو انجهل‪ ،‬وأآخر نفيس أديب‬
‫يدل عىل حاةل تنفي الغش واخلداع‪ ،‬وأخّيا يشلك مبدأ قانونيا هل كيانه وأصوهل اخلاصة به‪.‬‬
‫أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬

‫‪8‬‬
‫مق دّم ة‬

‫العقود ‪ ،‬بدأ يظهر دور حسن النية يف ابرام العقود‪ ،‬ويتطور تبعا لتطور دور االرادة يف‬
‫‪1‬‬
‫ابرام العقود‪.‬‬
‫ووفقا ذلكل فان العوامل اليت أدت اىل الاعرتاف بالرادة يف ابرام العقود‪،‬‬
‫والاعتداد هبا يف نطاق العقود‪ ،‬يه نفسها العوامل اليت أدت اىل هلهور حسن النية يف‬
‫العقود والاعتداد به‪ .‬ووفقا ذلكل اكنت عبارة حسن النية‪ ،‬تطلق عىل العقود اليت يتحم‬
‫أن تراعى فهيا نوااي املتعاقدين واخالصهم‪ ،‬والثقة املتبادةل بيهنم‪ .‬حيث هلهرت العقود‬
‫انجديدة اىل جانب العقود الشلكية‪ ،‬مبنية عىل حسن النية يف التعامل حوايل س نة‬
‫‪ 012‬قبل امليالد‪ ،‬حتت تأثّي التطور الاقتصادي اذلي شهده اجملمتع الروماّن‪ ،‬ويه‬
‫العقود الرضادية و عينية ‪ ،‬واكنت تسمى بعقود حسن النية يف حني مسيت العقود‬
‫‪2‬‬
‫الشلكية بعقود القانون الضيق‪.‬‬
‫و متثلت العقود الرضادية يف عقد البيع واالجيار وعقد الرشكة وعقد الواكةل ‪،‬أما‬
‫العقود العينية و اليت يشرتط فهيا أن يكون الرتايض مصحوب بلتسلمي كعقد االدامتن و‬
‫العارية و الوديعةو الرهن‪ .‬هذه العقود يمتتع بصددها القايض حبرية التقدير‪ ،‬اذ أنه يفرس‬
‫الالزتامات الناش ة عهنا مبا يقتضيه حسن النية والرشف يف املعامالت‪ ،‬ويتقيد يف‬
‫تفسّي العقد بنية املتعاقدين‪ ،‬ال بلعبارات اليت قيلت أو كتبت يف العقد‪ .‬ووفقا ذلكل‬
‫‪3‬‬
‫سادت قاعدة أن العربة يف العقود بملقاصد واملعاّن ال بللفاظ واملباّن‪.‬‬

‫‪ -1‬الس يد عبد امحليد فودة ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪311‬‬


‫‪ -2‬نواف حازم خادل‪ ،‬مدى الاعتداد مببدأ سلطان االرادة يف تنفيذ العقد‪ ،‬دراسة حتليلية مقارنة‪ ،‬جمَل جامعة تكريت للعلوم‬
‫االنسانية‪ ،‬ع الول‪ ،‬اجملدل‪ ،3221 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬عبد امحليد فوده‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ .226‬فقد اكن الرومان يأخذون قدكا مببدأ الشلكية‪ ،‬كساس البرام العقود‬
‫وترتيب أآاثرها‪ .‬واكنت هذه الشلكية اليت تس تتبع نوعا من امجلود‪ ،‬مالمئة لظروف جممتع يقوم اقتصاده عىل الزراعة‪،‬‬
‫وتضيق فيه دائرة املعامالت املالية ‪.‬اال أنه مع تطور الاقتصاد الروماّن‪ ،‬حيث أصبحت التجارة يه أساس النشاط‬
‫الاقتصادي‪ ،‬حتول اجملمتع الروماّن من جممتع زراعي اىل جممتع جتاري‪ ،‬تكرث فيه املعامالت املالية‪ ،‬وأدى المر اىل‬
‫ورة وجود نوع من املرونة يف املعامالت‪ .‬محمود جامل عيىس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪9‬‬
‫مق دّم ة‬

‫مبدأ حسن النية اذلي لعب دورا هاما يف القانون الروماّن‪ ،‬وجد ماكنه أيضا يف‬
‫القوانني الالحقة وأولها حسب الرتتيب الزمين القانون الكنيس‪ .‬غّي أن هذا الخّي ر‬
‫ينظم املعامالت التعاقدية بني الناس‪ ،‬وأمام هذا الوضع اكن من الهرضوري الاعامتد عىل‬
‫القانون الروماّن‪ .‬ومبا أن شلكية العقود تراجعت بشلك كبّي يف املعامالت التجارية‪ ،‬كام‬
‫تو ّجه الاهامتم حنو امتالك الرايض والعقارات واحلفاظ علهيا‪ ،‬ف ِانصب الترشيع أآنذاك‬
‫عىل وضع القوانني املالمئة محلاية حق امللكية‪ .‬وقد وجد ضالته يف فكرة حيازة العقار‬
‫حبسن نية‪ ،‬واليت اس تددهما سالحا ملواهجة النظام العقاري االقطاعي‪ ،‬اذلي اكن منترشا‬
‫يف القرون الوسطى‪ ،‬واذلي اكن يس تويل عىل لك عقار ال يتوفر مالكه عىل س ند‬
‫امللكية‪ 1.‬مما ساُه يف حتول فكرة حسن النية من فكرة أخالقية دينية ‪،‬اىل فكرة اجامتعية‬
‫أساس ية يف اجملمتع‪ ،‬تتأس عليه احلياة داخهل‪ ،‬ويعمتد عليه رجال القانون حلل ال‪،‬اعات‬
‫بني املتعاقدين‪ .‬مع ذكل ر تتبلور تكل الفكرة بعد لتصبل مبدأ قانونيا‪ ،‬غّي أن أمهيته قد‬
‫حتررت العقود‬‫تأكدت مع اتساع رقعة التجارة ادلولية يف هناية القرون الوسطى‪ ،‬حيث ّ‬
‫من الشلكية اليت ال تضمن للمتعاقد حامية من سوء نية املتعاقد الآخر‪ .‬ومن أُه املبادئ‬
‫اليت تضمهنا القانون الكنيس‪ ،‬واليت تعد تطبيقا ملبدأ حسن النية يف العقود‪ :‬وجوب‬
‫الوفاء بلتعهدات‪ ،‬وأن يكون هناك تعادل يف الالزتامات الناش ة يف ذمة املتعاقدين‪،‬‬
‫و ورة أن يكون الباعث عىل الترصفات مرشوعا‪.2‬‬

‫‪ -1‬يعقويب ادري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬اكن للكنيسة سلطات قضادية واسعة‪ ،‬واكنت اراُك الكنس ية تصدر أحاكهما يف القضااي اليت تعرض علهيا يف مسادل‬
‫الحوال الشفصية‪ ،‬واكفة املسادل املدنية الخرى واكنت اراُك البابوية مبثابة حماة اس تئناف عليا تس تأنف أماهما القضااي‬
‫يف خمتلف بدلان غرب أورب‪ ،‬وقد بدأ القانون الكنيس تأثّيه يف جمال العقود منذ بداية القرن السادس عرش يف فرنسا‪،‬‬
‫وازدهرت يف هلهل الرضادية‪ ،‬اال أهنا اكنت رضادية قامئة عىل أساس ادلين والخالق ‪.‬‬
‫دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬مبدأ حسن النية يف قانون العقوبت‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص ‪.03‬‬
‫أنظر أيضا ‪ :‬يعقويب ادري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪11‬‬
‫مق دّم ة‬

‫غّي أن حسن النية عرف حتوال كبّيا بعد تطور الواقع الفرنيس ‪،‬حيث منحت‬
‫للفرد حرية التعاقد‪ .‬فأدى بروز دور االرادة يف الترصفات القانونية اىل تقدم وتطور دور‬
‫البواعث والنيات يف الترصفات القانونية الس امي يف هلل النظرية احلديثة للسبب‪ .‬هذا‬
‫التطور ر يكن واحدا وامنا تطور تبعا لتطور الواقع الفرنيس‪ ،‬والاقتصادي والاجامتعي‬
‫والس ياق‪ ،‬وتطور دور االرادة وتطور ادلور املمنوح للقايض‪.‬و نتيجة ذلكل اكن عىل‬
‫املرشع الفرنيس أآنذاك التدخل‪ ،‬لوضع أس قانونية مالمئة للوضع انجديد‪ ،‬وذكل بوضعه‬
‫لقانون انبليون اذلي أىت بقواعد مدنية قامئة عىل فكرة حرية الفرد اليت اكنت عامد‬
‫‪1‬‬
‫الثورة‪.‬‬
‫وهكذا اكن صدور هذا القانون بداية العرص اذلهيب لنظرية العقد‪ ،‬فقد اكن‬
‫املرشع الفرنيس أآنذاك يرى أن عالقات الفراد االقتصادية ال ككن أن تنظم اال برادهتم‪،‬‬
‫أي عن طريق العقد اذلي تعترب االرادة العنرص الوحيد يف تكوينه‪ .‬فأوجب استبعاد‬
‫لك ما حيد من احلرية التعاقدية لتشجيع املعامالت واستامثر الموال الذلان يعتربان‬
‫وراين للتطور الاقتصادي‪ .‬فأصبحت االرادة يه مصدر ومقياس احلقوق‪ ،‬وهجازا‬
‫منش ا للقانون‪ ،‬و لها قوة ملزمة ال َتتلف عن القوة امللزمة للقانون‪.‬مفا انعقد عىل الوجه‬
‫‪2‬‬
‫الصحيل يقوم مقام القانون ويكون رشيعة املتعاقدين‬
‫و قد أشار واضعوا قانون انبليون لفكرة حسن النية كحل مناسب لضبط‬
‫العالقات التعاقدية‪ ،‬حىت ال يغاىل يف الخذ بحلرية املطلقة ‪.‬من مث أشار املرشع الفرنيس‬
‫اىل املبدأ يف نصوص عديدة من ذكل املادة ‪ 0021‬فقرة اثلثة‪ ،‬اليت نصت عىل أن‬
‫االتفاقات جيب أن تنفذ حبسن نية‪ ،‬كام و أقر حامية للحائز حسن النية يف املواد ‪3319‬‬

‫‪ -1‬رمزي رشاد عبد الرمحن الش يخ‪ ،‬أثر سوء النية عىل عقود املعاوضات‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ، ،‬االسكندرية‪،3201 ،‬‬
‫ص ‪.2‬‬
‫‪ -2‬دمحم جامل عيىس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫‪11‬‬
‫مق دّم ة‬

‫و‪ 3322‬والباّن يف مكل الغّي حسن النية املادة ‪ ،111‬وغّيها من النصوص الكثّية‪ .‬كام‬
‫أشار اىل مبدأ حسن النية من خالل عيوب االرادة‪ ،‬هذا وأن بعض القواعد املتعلقة‬
‫بتنفيذ العقد كتفسّي العقد‪ ،‬والفسخ واحنالل العقد لعدم التنفيذ‪ ،‬تأخذ مصدرها من‬
‫فكرة حسن النية‪.‬‬
‫أما الفقه الفرنيس فبالرمغ من أنه حلظة وضع القانون املدّن الفرنيس س نة ‪0221‬‬
‫اعتربه فكرة أساس ية يف قانون العقود‪ ،‬ويف املناقشة املبددية اس تطاع الفقيه الفرنيس‬
‫"بوراتلي " ‪ 1Portalis‬وهو أحد واضعي القانون املدّن‪ ،‬أن يكتب أنه جيب أن يكون‬
‫حسن النية هو أساس التاكفؤ واملساواة يف العقود‪ .‬غّي أن هذا الوضع ر يدم مع فقهاء‬
‫حتول سلطان االرادة اىل عقيدة‬ ‫القانون من انجيل التايل‪ ،‬حتت تأثّي س ببني‪ :‬الول ّ‬
‫مطلقة تمتثل يف العقد رشيعة املتعاقدين‪ ،‬الثاّن اخلوف من تعسف القايض حيث أصبل‬
‫يبدو لفقهاء القانون املدّن‪ ،‬كوس يَل معطاة للقايض للتدخل يف العقود‪.‬‬
‫ما جعل الفقه خيتلف يف تقي ه فاعتربه البعض فكرة غامضة ككن الاس تغناء‬
‫عهنا‪ ،‬والاعامتد عىل تفسّي العقد ملعرفة ما أراده املتعاقدان‪ ،‬واجبارهام عىل تنفيذ ما‬
‫الزتما به‪.‬بيامن اعترب البعض الآخر أن هذا املبدأ‪ ،‬فقد أمهيته أمام تزايد دور سلطان‬
‫االرادة‪ ،‬وه نة فكرة العقد رشيعة املتعاقدين‪ .‬حبيث أصبحت ارادة طريف العقد يه‬
‫القوة امللزمة‪ ،‬اليت توجب عىل لك مهنام تنفيذ الزتاماته حسب ما ُاتفق عليه‪ .‬وبلتايل ال‬
‫حاجة ملبدأ أآخر للقيام هبذا ادلور‪ .‬يف حني أكد جانب أآخر من هذا الفقه عىل أمهية‬

‫‪ - 1‬حيث أن اخلطاب المتهيدي اذلي كتبه بوراتلي يف والدة القانون املدّن‪ .‬واحد من أمجل النصوص يف القانون‬
‫الفرنيس‪ .‬لكرث تفصيل حول أآراء بوراتلي أنظر ‪:‬‬

‫‪- Léa Amic. La loyauté dans les rapports de travail, Droit, Thèse pour obtenir le grade‬‬
‫‪Docteur en Droit ni ersit e d’ ignon, 2014, Français,p28.‬‬

‫‪12‬‬
‫مق دّم ة‬

‫حسن النية واذلي يعترب روح العالقات الاجامتعية‪ ،‬حيث تطورت الفكرة أكرث وأكرث‬
‫‪1‬‬
‫عىل يد فقهاء القانون الفرنيس القدمي‪ ،‬مثل دوما وبواتييه‪.‬‬
‫من مث وعىل الرمغ من أمهية املبدأ‪ ،‬فقد أمهل رشاح القانون املدّن الفرنيس عىل‬
‫مدار القرن التاسع عرش‪ ،‬نص املادة ‪ 2/0021‬ق م ف‪ 2‬املقابَل للامدة ‪ 021‬ق م ج‪.‬‬
‫واكتفوا بعطاهئا تفسّيا اترخييا‪ ،‬وهو أن النص هل هدف وحيد وهو استناكر التقس مي‬
‫الروماّن للعقود‪ ،‬اىل عقود القانون انجامد وعقود حسن النية‪ .‬ومن الس باب أيضا أنه‬
‫مبدأ غامض‪ ،‬ويصعب حرص ما يفرضه بشلك دقيق‪ ،‬مما يؤدي اىل ابعاد المن القانوّن‪.‬‬
‫وعىل الرمغ من اختالف الفقه الفرنيس حول أمهية املبدأ خالل القرن التاسع‬
‫عرش‪ ،‬غّي أنه يف هناية هذا القرن‪ ،‬طالب بعض الفقهاء مثل الفقيه فرانسوا جيين‬
‫بلسلطة االنشادية اخلالقة للقضاء‪ ،‬ليسمل بذكل للقايض مبواكبة املس تجدات اليت قد‬
‫ال جتد قواعد تنظمها‪ ،‬اعامتدا عىل مبدأ حسن النية‪ 3.‬ولكن عىل الرمغ من ذكل اس متر‬
‫حسن النية كام هو يف الظل‪ ،‬عىل الرمغ من املناقشات الفقهية‪ .‬اىل أن هلهر اجتاه‬
‫الفقه ي يف بداية القرن العرشين‪ 4،‬واذلي اكن هل دور برز اللقاء الضوء عىل املبدأ‪ ،‬بعد‬
‫صدور قرار حماة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 32‬مارس ‪ 50921‬ليصبل بعد ذكل مفهوما‬
‫‪ -1‬دمحم جامل عيىس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪17‬‬
‫‪ -2‬تقابلها حاليا يف املادة ‪ 0021‬ق م فرنيس‬
‫‪ -3‬دمحم جامل عيىس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Romain Loir , op cit,p104.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Ch.Civ.1er.20mars 1985, Bull, 1985, n°109 « une compagnie d’assurance n’est pas de‬‬
‫‪bonne foi si elle refuse de payer l’indemnité pour ol d’un éhicule sous le prétexte que‬‬
‫‪l’anti ol n’était pas d’un modèle agréé alors qu’elle n’établit pas qu’elle a ait indiquée à‬‬
‫» ‪l’assuré les types et qu’elle a ait encaissés les primes pendant trois ans.‬‬
‫مقتب عن يعقويب ادري ‪ ،‬املرجع السابق‪.11 ،‬‬
‫مشار اليه أيضا يف ‪:‬‬
‫‪- Léa Amic.op.cit, 2014,p12.‬‬

‫‪13‬‬
‫مق دّم ة‬

‫أساس يا يف نظرية العقد‪ ،‬ور يعد قارصا عىل فرتة تنفيذ العقد‪ .‬بل أن أحاكم القضاء‬
‫الفرنيس مد نطاقه لفرتة ابرام العقد‪.‬‬
‫ان أمهية مبدأ حسن النية تظهر يف أنه حيقق أهداف القانون‪ ،‬املمتثَل يف ارافظة‬
‫عىل اس تقرار التعامل‪ ،‬وحتقيق العداةل‪ ،‬وحامية احلقوق‪ ،‬وارافظة عىل التوازن بني‬
‫املصار‪ ،‬والتففيف من اخملاطر الاقتصادية اليت قد تصيب أطراف العالقة العقدية‪.‬‬
‫فالترشيع همام اكن مفصال ال ككنه االحاطة جبميع انجزديات‪.1‬‬
‫و يف هذا الصدد يذهب دكوج‪ 2‬اىل أن القواعد القانونية الصلبة اليت تسود‬
‫مؤسسة العقد‪ ،‬البد أن تلني وتنصهر بملعطيات الاجامتعية احلديثة‪ .‬مفؤسسة العقد‬
‫ليست شيئا صلبا وجامدا امنا يه مؤسسة حية قابَل للتطور‪ .‬فاذا اكن الثبات القانوّن‬
‫هو السبيل اىل اس تقرار التعامل‪ ،‬فان التحرك يف النصوص هو السبيل لبقاهئا‪.‬‬
‫ذلكل يرتك املرشع للقايض جماال يسمل هل بس تددام سلطته التقديرية لتحقيق‬
‫العداةل يف العقود‪.‬من هنا تظهر العالقة بني تطور دور مبدأ حسن النية‪ ،‬وتطور دور‬
‫القايض‪ ،‬أو مبعىن السلطات املمنوحة للقايض‪ .‬اذ كثل املبدأ انفذة للقضاء يتدخل مبوجبه‬
‫يف العقد‪ ،‬لكام تطلب المر مراعاة ما هو أخاليق‪ .‬ويف هذا الصدد يرى ‪ 3 Ripert‬أن‬
‫رجل القانون ال ينبغي أن يكون رجل تقنية جمردة‪ ،‬هدفه تطبيق النصوص القانونية‪،‬‬
‫والعمل عىل تفسّيها لسب‪ .‬وامنا أيضا أن يدخل فكرة الخالق يف حتقيق هممته‪.‬‬
‫والنظرة اىل أية عالقة انسانية‪ ،‬البد أن يم عىل أساس أهنا ارتباط بني خشصني ولي‬
‫جمرد رابطة بني ذمتني‪.‬‬

‫‪ - 1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪01‬‬


‫‪ -2‬رأي دكوح‪ ،‬مشار اليه يف ‪ :‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬حسن النية يف العقود‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬منشورات الزين‬
‫احلقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،3226 ،‬ص ‪. 013‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Georges Ripert, op cit ,p29‬‬

‫‪14‬‬
‫مق دّم ة‬

‫ويقول جورسان‪" 1:‬أن القانون نفسه أدار وهجه عن القايض‪ ،‬اىل حسن النية‬
‫واالنصاف‪ ،‬واىل العرف والعادة‪ ،‬ودعا القايض اىل الغوص يف أعامق حمتوى العقد‪،‬‬
‫الكتشاف الزتامات جديدة‪ ،‬من شأهنا أن تتنوع وتتعدد عرب الجيال حتت ضغط‬
‫العوامل الفردية والاقتصادية والاجامتعية"‪.‬‬
‫من مث فان دراسة ما يفرضه املبدأ‪ ،‬مرتبط بشلك مبارش بدور القايض يف اقرار‬
‫العداةل يف العقد‪ .‬وقد استند القضاء الفرنيس اىل مبدأ حسن النية‪ ،‬يف كثّي من الحيان‬
‫معوقات‪ ،‬تؤدي اىل اختالل التوازن يف العقد‪ .‬وقد أيد‬ ‫ليجد حلوال ملا يعرتي العقد من ّ‬
‫الكثّي من الفقه الفرنيس أآنذاك موقف القضاء الفرنيس‪ .‬بل أن القضاء الفرنيس مدعام من‬
‫الفقه اكن هل الفضل الول يف اقرار الزتامات جديدة‪ ،‬مستندا يف كثّي من الحيان اىل‬
‫مبدأ حسن النية يف العقود‪ ،‬عىل الرمغ من اختالف الفقه حول أمهية املبدأ‪ ،‬وقول‬
‫جانب من هذا الفقه بأنه مفهوم غامض‪ .‬فاملبدأ هل فعالية ونشاط قضايئ شديد فهو كاثل‬
‫‪2‬‬
‫ويقابل العمل الترشيعي املتجدد واختفاءه يؤدي اىل ابعاد المن القضايئ للمتعاقدين‪.‬‬
‫من مث يلعب املبدأ دور يف حتقيق التوازن بني طريف العالقة العقدية‪ ،‬وبشلك أو‬
‫بأآخر ال ككن جتنب الخذ به‪ ،‬لنه حيقق العداةل العقدية لكام اتسعت الهوة بني طريف‬
‫العقد‪ ،‬طرف يْل باكفة هلروف التعاقد‪ ،‬أي همين حمرتف وهو الطرف القوي‪ ،‬وطرف‬
‫ضعيف ال حييط بظروف التعاقد بشلك اكمل‪ .‬فالقانون عند وضعه من قبل املرشع وان‬
‫اكن حيقق العدل‪ ،‬اال أنه ال حيقق العداةل يف مجيع احلاالت‪ ،‬فيعد مبدأ حسن النية بذكل‬
‫نظرا ملرونته واتساع معناه وس يَل لتحقيق العداةل العقدية‪.‬‬
‫ان مبدأ حسن النية هو من أُه املبادئ القانونية عىل االطالق‪ ،‬حيث أن اللجوء‬
‫اليه خيفف الكثّي من رصامة بعض النصوص القانونية‪ ،‬واليت قد يؤدي التق َيد حبرفية‬

‫‪ -1‬رأي جورسان‪ ،‬مقتب عن‪ :‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪ -2‬محمود محمود املغريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪15‬‬
‫مق دّم ة‬

‫تطبيقها اىل ما خيالف روح العداةل وجوهرها‪ .‬لهذا فهناك مسؤولية كربى تقع عىل عاتق‬
‫القضاء خبصوص تطبيقات املبدأ‪ ،‬سواء يف مرحَل تنفيذ العقد أو يف مرحَل املفاوضات‬
‫العقدية‪ ،‬حيث أن الخذ بملبدأ وبشلك واسع‪ ،‬قد كنع الترشيع من أن يكون ترشيعا‬
‫مغلقا‪ ،‬ال يس تجيب ملتطلبات العداةل خبصوص وقادع قد تتطلب ذكل‪.‬‬
‫وعالوة عىل ذكل فهو وس يَل الحرتام أخالقيات التعاقد‪ ،‬فالزتامات املتعاقدين قد‬
‫تكون متعادةل هلاهراي ‪،‬غّي أن ما يبحث عنه يف اطار العالقات العقدية‪ ،‬س امي يف‬
‫العقود اليت تربط بني حمرتف يْل بظروف التعاقد و طرف ضعيف جاهل لتكل‬
‫الظروف ‪،‬العداةل احلقيقية و اليت تتطلب أن يكون سلوك املتعاقد نزيه‪ .‬وال‪،‬اهة‬
‫والتعاون مفاهمي أخالقية‪ ،‬متثل جتس يدا ملبدأ حسن النية يف شلك الزتام قانوّن عام‪،‬‬
‫أكد العديد من الفقه الفرنيس متبوع بلفقه العريب‪ ،‬عىل ورة مراعاهتا من الك‬
‫املتعاقدين يف مثل هذه العقود‪ ،‬يف حماوةل منه لبعث نظرة جديدة لقانون العقود‪ ،‬كقانون‬
‫مش بع بلخالقيات والسلوكيات االجيابية‪ ،‬واملتبادةل من الك طريف العالقة العقدية‪ .‬وقد‬
‫سار عىل هذا الهنج القضاء الفرنيس يف العديد من الحاكم‪ ،‬عىل الرمغ من صعوبة‬
‫تسلمي جانب من الفقه بلزامية القاعدة الخالقية كقاعة قانونية‪.‬‬
‫ان مبدأ حسن النية قاعدة مرنة وهذا يفيد أن دوره ّ‬
‫تغّي عام اكن عليه سابقا‪.‬‬
‫الس امي مع هلهور عقود حتتاج اىل التفاوض لالتفاق عىل مضموهنا قبل االقدام عىل ابرام‬
‫العقد‪ ،‬وكذا يف عقود الاس هتالك اليت يوصف أحد طرفهيا أي املس هتكل بأنه الطرف‬
‫ضعيف‪ ،‬ويوصف فهيا الطرف الآخر اررتف بلطرف القوي‪.‬ومركزه القوى ّ‬
‫خيوهل مكنة‬
‫فرض رشوط قد تكون تعسفية يف حق املس هتكل‪ .‬من مث مفبدأ حسن النية أصبل‬
‫وس يَل فعاةل الستبعاد مثل هذه الرشوط‪ ،‬فهل دور وقايئ من مثل هذه الرشوط‪ ،‬لن‬
‫مرونته جتاري مرونة الرشوط التعسفية اليت يصعب حرصها‪ .‬وكثل ألية فعاةل يف يد‬
‫القايض الستبعاد مثل هذه الرشوط‪ ،‬دلى اهمتت بعض الترشيعات بربط فكرة‬
‫‪16‬‬
‫مق دّم ة‬

‫الرشوط التعسفية مببدأ حسن النية اكلترشيع الملاّن والتوجيه الوريب‪ ،‬لتوفّي حامية‬
‫فعاةل من الرشوط التعسفية‪.‬‬
‫ان الهدف من هذه ادلراسة هو حماوةل تصويب دور املبدأ يف العالقات العقدية‪.‬‬
‫مفبدأ حسن النية ذي الصفة ادليناميكية‪ ،‬مفهوم متغّي ال ككن ضبطه‪ ،‬وما يفرضه‬
‫خيتلف من حقبة زمنية اىل أخرى‪ ،‬ومن نظام ترشيعي اىل نظام أآخر‪ ،‬حبسب ما توليه‬
‫تكل النظمة لقواعد الخالق من حزي قد يضيق وقد يتسع‪.‬‬
‫ذلا فالسؤال املطروح‪ :‬مايه ماكنة مبدأ حسن النية يف نظرية العقد ؟‬
‫يف اطار دراستنا التفصيلية لهذا املوضوع انهتجنا املهنج الوصفي التحلييل‬
‫للنصوص القانونية‪ ،‬متبوعة أحياان بأآراء الفقه الفرنيس والعريب والقضاء الس امي الصادرة‬
‫عن القضاء الفرنيس ذات الصَل بملوضوع‪ ،‬وملا اكنت ادلراسة تتطلب املقارنة بني‬
‫الترشيعات اخملتلفة‪ ،‬فقد اتبعنا املهنج املقارن بني الترشيع انجزائري والفرنيس واملرصي‪،‬‬
‫وأحياان الترشيع الملاّن لكام تطلب المر ذكل الس امي خبصوص الرشوط التعسفية‪.‬‬
‫ويف اطار ادلراسة قسمنا املوضوع اىل ببني‪ ،‬تناولنا يف (الباب الول) مضمون‬
‫مبدأ حسن النية يف العقد‪،‬‬
‫ويف الباب الثاّن فقد حاولنا من خالهل القاء الضوء عىل دور مبدأ حسن النية‬
‫عىل ضوء بعض العقود اليت تربط ما بني حمرتف يْل بظروف التعاقد وطرف ضعيف‬
‫خيضع لرشوط التعاقد‪ ،‬اذ جساان دورا فعاال ملبدأ حسن النية بعامتده كساس الستبعاد‬
‫الرشوط التعسفية يف عقود الاس هتالك‪.‬‬
‫أو بعامتده كساس اللزتامات أخرى فرضها املرشع نتيجة تزايد اختالل التوازن‬
‫يف العالقة العقدية‪،‬حيث يساعد مبدا حسن النية كفكرة مطاطية يف حتديد مداها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مق دّم ة‬

‫ولن دوره يف هذه العقود يربز أنه حقيق اة ُمتغّي‪ ،‬ودوره مزتايد وحريك‪ ،‬فقد عنوان‬
‫(الباب الثاّن) اكلآيت‪ :‬فعالية و ديناميكية مبدأ حسن النية يف نظرية العقد‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الباب األول‬
‫مضمون مبدأ حسن النية‬
‫في العقد‬
‫مضمون مبدأ حسن النية في العقد‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫الباب الول‪ :‬مضمون مبدأ حسن النية يف العقد‬


‫ينطلق الفقه من صعوبة وضع تعريف جامع مانع للمبدأ‪ ،‬ويعلل ذكل بعدة أس باب‪:‬‬
‫السبب الول أن معناه يتحدد حبسب ادلور اذلي يلعبه‪ ،‬اذ حلسن النية أدوار عديدة‬
‫ومتباينة‪ ،‬مما يؤدي اىل اختالف املعىن املقصود من حاةل لخرى ‪.‬فهو ذو طبيعة مرنة‬
‫يتشلك وفقا للك حاةل عىل حدة ‪.‬ففي اطار تنفيذ العقد يعين الاس تقامة والمانة وانتفاء‬
‫الغش‪ ،‬ومراعاة ما جيب أن يكون من اخالص يف تنفيذ ما الزتم به املتعاقد‪ .‬ويف كسب‬
‫‪1‬‬
‫احلقوق يعين عدم العْل بلعيب اذلي يشوب الترصف‪.‬‬
‫ويف تكوين العقد فيعين الالزتام بتوجيه االرادة يف حتقيق الغرض املبارش من ابرام‬
‫العقد‪ ،‬حبيث ينسجم مع املصار املربرة املرشوعة للطرف املقاب ل‪ 2‬و ّ‬
‫يعرب الفقيه‬
‫‪ 3J.Ghestin‬عن ذكل بلقول أن‪" :‬مبدأ حسن النية بخرتاقه التقنية القانونية يفقد‬
‫وحدته‪ ،‬وال ككن بتفاعهل مع القواعد القانونية اليت يعدل اجتاهها اال أن يعرف وفقا لهذه‬
‫التقنية اليت يندمج فهيا‪ ،‬وبلتايل لي هناك تعريف عام وحمدد حلسن النية‪ .‬وبصورة‬
‫أحص هناك تعاريف بقدر التطبيقات اخلاصة لهذا املفهوم"‪.‬‬
‫أما السبب الثاّن فيمتثل يف أن الفقه مبناس بة احلديث عن حسن النية يتحدث‬
‫عن انجهل‪ ،‬الغلـط واخلطأ‪ .‬ومجيع هذه الفاكر تنبع من ذات االنسان‪ ،‬أي أهنا ذاتية‬
‫قياسها لي ه ّينا الرتباطها بعواطف وأفاكر االنسان‪ .‬فتظهر مشلكة حقيقة مضمون‬
‫‪ - 1‬الهادي السعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬
‫‪ - 2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.011‬‬
‫‪ - 3‬رأي ‪ :J.Ghestin‬مشار اليه يف‪ :‬أكرم محمود حسني البدو‪ ،‬دمحم صديق دمحم عبد هللا‪ ،‬أثر موضوعية االرادة التعاقدية يف‬
‫مرحَل املفاوضات‪ ،‬جمَل الرافدين للحقوق‪ ،‬اجملدل ‪ ،02‬ع ‪ ،3201 ،19‬ص ‪.122‬‬

‫‪21‬‬
‫مضمون مبدأ حسن النية في العقد‬ ‫الباب األول‪:‬‬

‫املبدأ‪ ،‬ملعرفة نطاق وأثر حسن النية يف نظرية العقد‪ .‬مفداه الخاليق ال يعين أن لي هل‬
‫معىن قانوّن‪ ،‬وادلليل أن املبدأ ر يبقى عىل الصعيد اخللقي لسب‪ ،‬بل تعداه اىل‬
‫الصعيد القانوّن‪.‬‬
‫ولتحديد مضمون املبدأ تعرضنا اىل حسن النية الساكنة يف (الفصل الول)‪ ،‬ويه‬
‫احلاةل اليت تفيد تقرير امحلاية للمتعاقد اذا ما ثبت أنه حسن النية ‪ .‬مث حبثنا عىل ضوء‬
‫نصوص القانون املدّن أثر مبدأ حسن النية يف العقد‪ ،‬ببحث أثر حسن النية يف‬
‫الوضاع الظاهرة‪ .‬وأثر حسن النية عىل رجوع املشرتي بلضامن‪ .‬فعنوان (الفصل الثاّن)‪:‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة يف العقد‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‬
‫حسن النية الساكنة‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬حسـن النية الساكنة‬
‫رجوعا لحاكم القانون املدّن‪ ،‬جند نصوص عديدة نصت عىل مبدأ حسن النية‬
‫بشلك غّي مبارش‪ ،‬كتكل املتعلقة بحليازة والالتصاق‪ ،‬والوضاع الظاهرة‪ ،‬وعدم‬
‫التعسف يف اس تعامل احلق ‪...‬اخل‪ .‬أما يف نظرية العقد فقد أشار املرشع للمبدأ يف‬
‫نصوص عديدة بشلك غّي مبارش كنظرية عيوب االرادة‪ ،‬ويبقى نص املادة ‪ 021‬ق م ج‬
‫النص الوحيد اذلي يشّي اىل مبدأ حسن النية بشلك مبارش يف نظرية العقد‪ .‬المر‬
‫اذلي يفيد أمهيته يف تكل النظرية‪.‬‬
‫غّي أن املرشع ر حيدد مضمون املبدأ يف نظرية العقد‪ ،‬بيامن تشّي أحاكم احليازة‬
‫والالتصاق اىل حاةل انجهل والاعتقاد املرشوع‪ ،‬واليت اذا ما ثبت توافرها يف الشفص‬
‫تتقرر امحلاية ملصلحته‪ ،‬ويبقى العامل املشرتك ما بني تكل النصوص والنص املتعلق‬
‫بنظرية العقد أن حسن النية يف تكل النصوص ساكن‪ ،‬مبعىن أن مضمونه اثبت ال يتغّي‬
‫فهو قاعدة للسلوك كام وأنه مفرتض‪.‬‬
‫ويف حماوةل منا الجالء الغموض عن املبدأ حاولنا حتديد مضمونه يف نظرية العقد‪،‬‬
‫واكن لزاما علينا الرجوع اىل أحاكم القانون املدّن واس تعراض املفاهمي اليت ساقها الفقه‬
‫القانوّن‪ ،‬حماولني يف نف الوقت اخراجه من حاةل السكون اىل احلاةل احلركية‬
‫ادليناميكية‪ ،‬أي من املضمون الثابت اذلي ال يتغّي اىل املضمون املتغّي والف ّعال‪ ،‬عىل‬
‫ضوء تطور الفقه والقضاء الفرنيس الس امي يف العقود اليت تربط بني حمرتف ومس هتكل‬
‫يوصف بأنه الطرف الضعيف يف العالقة‪ ،‬فعنوان (املبحث الول)‪ :‬مفهوم مبدأ حسن‬
‫النية يف العقد‪ ،‬مث اس تعرضنا يف (املبحث الثاّن) دور مبدأ حسن النية يف العقد‪ ،‬أي يف‬
‫مرحَل ما قبل ابرامه‪ ،‬مث يف مرحَل تنفيذه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املبحث الول‪:‬‬
‫مفهوم مبدأ حسن النية‬
‫عىل الرمغ من كرثة النصوص اليت تتناول أثر حسن النية‪ 1‬يف املعامالت املدنية‪،‬‬
‫فان املرشع ر يضع تعريفا للمبدأ‪ .‬فاجته جانب من الفقه اىل اس تددام تعاير عامة براقة‪،‬‬
‫من صدق وأمانة ونزاهة واس تقامة‪ .‬يف حماوةل لوضع تعريف قانوّن ملبدأ حسن النية‪،‬‬
‫نظرا الختالطه مبفاهمي أخالقية‪ .‬يف حني يرفض جانب أآخر من الفقه هذه املفاهمي‪،‬‬
‫ويرى أن هذه التعابّي غّي اكفية لتحديد معناه القانوّن‪ ،‬اذ أهنا يف ذاهتا حتتاج اىل‬
‫حتديد‪ ،‬لهنا تتسم بعدم الوضوح وادلقة‪.‬‬
‫وان اكنت دائرة الخالق تتسع لتشمل أعامال وترصفات ر يتناولها القانون‪ ،‬مع‬
‫ذكل ال ككن الفصل بني القانون والخالق‪ ،‬وال ككن اناكر وجود البعد الخاليق يف‬
‫قواعد القانون بشلك عام‪ .‬ومبدأ حسن النية يشلك نقطة امزتاج بيهنام‪ ،‬والاعتداد به‬
‫يكفل موافقة القانون لقواعد الخالق عىل حنو أفضل‪ ،‬كام أنه يعد وس يَل هممة لتطبيق‬
‫القاعدة القانونية‪.‬‬
‫ان ما كزي مبدأ حسن النية كقاعدة مرنة أن هل مضمون مزدوج خشيص وأآخر‬
‫موضوع (املطلب الول)‪ ،‬كام وأن مرونته تطرح تساؤال حول ما اذا اكن ككن أن كزتج‬
‫بأفاكر أخرى مرنة‪ ،‬كفكرة العداةل وفكرة النظام العام ونظرية الثقة‪ ،‬ومن مث اماكنية‬
‫ارجاع أساسه اىل هذه الفاكر‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬حسن النية وأثره يف الترصفات يف الفقه االساليم والقانون املدّن‪ ،‬دار املطبوعات‬
‫انجامعية‪ ،‬االسكندرية ‪ .3202‬ص ‪.26‬‬
‫ويرى عبد احللمي القوّن أن مصطلل حسن النية خيتلف عن النية وعن احلسن اذا ما جزء هذا املصطلل‪ ،‬فالنية ليست‬
‫اال يقينا بلغ العزم‪ .‬فالنية مع العزم ارادة بطنة‪ ،‬والنية مع العزم مع املظهر اخلاريج ارادة هلاهرة‪ ،‬وطاملا بقيت النية اكمنة يف‬
‫النف ور َترج اىل العار اخلاريج بالفصاح عهنا‪ ،‬فاهنا ال ترتب أي أثر قانوّن ‪.‬أما احلسن فه ي لكمة تدل عىل ما هو‬
‫أخاليق ومحمود‪ ،‬وجبمع احلسن والنية يف مصلل حسن النية مكبدأ قانوّن‪ ،‬يتغّي معناه ومدلوهل‪.‬‬
‫بيامن يرى شّيزاد عزيز سلامين أن هناك خلطا بني النية واالرادة‪ ،‬من قبل بعض الفقه القانوّن‪ ،‬يف حني أهنام خمتلفان‪.‬‬
‫فالنية لها طبيعة ذاتية حبثة ال حاجة الهلهارها‪ ،‬بيامن االرادة وان اكنت هلاهرة نفس ية حبسب الصل‪ ،‬اال أهنا جيب أن تكون‬
‫هلاهرة اىل العار اخلاريج‪ ،‬ليرتتب علهيا أآاثر قانونية ‪.‬فان اكن هناك تعارض بني االرادة الظاهرة والباطنة‪ ،‬مفا ذكل اال نتيجة‬
‫عدم الفالح يف التعبّي عن االرادة احلقيقية‪ ،‬اليت تودلت عن النية‪ .‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.026‬‬
‫‪24‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ولنه قاعدة مرنة فاما أنه يقاس مبعيار خشيص أو مادي موضوعي (املطلب الثاّن)‪.‬‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫حسن النية مبفهوم مزدوج‬

‫تعاريف عديدة ساقها الفقه القانوّن ال تفي مبتطلبات البحث العلمي‪ ،‬فيعرفه جانب‬
‫من الفقه‪ 1‬بأنه "هو اليقني القامئ عىل اعتقاد غّي حصيل يف أن ترصفا ما يطابق ما يتطلبه‬
‫القانون فيه‪ ،‬فترتتب عىل ذكل أاثر قانونية‪ ،‬من شأهنا حامية لك ذي مصلحة من‬
‫ال ار اليت يسبهبا التطبيق انجامد للقواعد القانونية"‪ .‬ويعرب عنه أآخرون بأنه "تصوير‬
‫لتكل النوااي املت دة اخلالية من الرصامة والعنف‪ ،‬وذكل الاجتاه الرصني املقرتن بالعتدال‬
‫‪2‬‬
‫والعطف"‪.‬‬
‫عىل أنه بعيدا عن هذه التعاريف الغامضة‪ ،‬يتضل من خالل اس تقراء نصوص‬
‫القانون املدّن وتعاريف الفقه للمبدأ‪ ،‬أن مبدأ حسن النية يدخل حزي القانون مبفهوم‬
‫خشيص (الفرع الول) وأآخر موضوعي (الفرع الثاّن) تدور حوهلام سائر التطبيقات‬
‫القانونية‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫املفهوم الشفيص للمبدأ‬
‫يعمتد هذا املفهوم عىل نفس ية املتعامل‪ ،‬ويم تقدير حسن أو سوء نيته‪ ،‬بلرجوع‬
‫اىل ما اعتقده الشفص حقيقة‪ ،‬ودار يف ماكمن نفسه‪ ،‬فيفتلف تقدير حسن أو سوء‬
‫النية تبعا ذلكل من خشص لخر‪ .‬فنتعرض لتعريف مبدأ حسن النية وفق هذا املفهوم‬
‫الشفيص (الفقرة الوىل)‪ ،‬مث حناول تقيمي هذا املفهوم ببحث اماكنية الخذ به يف نظرية‬
‫العقد من عدم اماكنية ذكل (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫‪ -1‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -2‬دمحم حسني منصور‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،3226 ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪25‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫تعريف مبدأ حسن النية‬
‫يأخذ القانون بملفهوم الشفيص عندما يعتد حبسن النية‪ ،‬بعتباره حاةل نفس ية أو‬
‫ذهنية تمتثل يف انجهل بواقعة أو هلرف ما‪ ،‬أو يف الاعتقاد اخلطأ أو املغلوط اذلي يتودل‬
‫يف ذهن خشص ما‪ .‬وهبذا املفهوم فان فكرة حسن النية تبدوا فكرة خشصية ذاتية تتسم‬
‫بطابع سليب حمض‪ ،‬وجيري تعريفها عىل هذا النحو بعتبارها نوعا من انجهل أو عدم العْل‬
‫يرتب القانون علهيا أثرا قانونيا‪ ،‬خيتلف بختالف حتقق انجهل أو العْل بتكل الواقعة أو‬
‫الظرف‪ .‬هذا املفهوم الشفيص هو املقصود حبسن النية يف اطار قواعد احليازة‬
‫‪1‬‬
‫والالتصاق ودفع غّي املس تحق‪.‬‬
‫اال أنه يف اطار املفهوم الشفيص اختلف الفقه حول تعريف املبدأ‪ .‬فذهب جانب‬
‫للقول بأنه "انجهل املربر بواقعة معينة يرتب علهيا الشارع أثرا قانونيا"‪ .‬بعبارة أخرى هو‬
‫اعتقاد اخللف بأنه تلقى احلق من صاحبه الفعيل‪ .‬ويفرتض حسن النية وفقا لهذا الرأي‬
‫غلطا وقع فيه الغّي‪ ،‬وهو أمر نفيس ذايت‪ ،‬وهو مفرتض‪ ،‬لنه يتعلق بواقعة سلبية يقع‬
‫عئب االثبات عىل من يدعي خالفها‪.‬‬
‫واذا اكن هو معىن حسن النية حسب هذا الرأي فسوء النية هو عبارة عن الغش‬
‫وسوء القصد‪ ،‬فهو يطابق اخلطأ وفقا لقواعد الخالق‪ ،‬وهو اذلي ينحرص يف تعمد‬
‫وقصد اال ار بلغّي‪ ،‬أي أن سوء النية هو حتقق يقني العْل بتكل الواقعة عىل وجه‬
‫احلقيقة‪ .‬أي العْل باكفة عنارص الواقعة القانونية أو الترصف وما يمتفض عنه من نتاجئ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فضال عن ارادة الفعل والنتيجة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أكرم محمود حسني البدو‪ ،‬دمحم صديق دمحم عبد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ - 2‬الهادي السعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫أنظر أيضا شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.031‬‬

‫‪26‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫لي ببعيد عن هذا الاجتاه الفقه ي ‪1‬برز اجتاه أآخر يرفض هذا املعىن حلسن النية‬
‫اذلي قوامه انجهل بلعيب‪ ،‬فّيى أن حسن النية هو "الغلط املربر املرشوع""‪ ،‬اذلي‬
‫يتحقق بنتفاء اخلطأ من جانب املتعاقد أو الغّي بنوعيه العمدي وغّي العمدي‪ .‬حيث‬
‫يعترب س ئي النية من يقصد اال ار بلغّي ومن يصيب الغّي بهرضر نتيجة اهامهل وعدم‬
‫احتياطه‪ .‬والقول بأن حسن النية هو الغلط املبين عىل انجهل يعين أن من يتعامل خبفة‬
‫ورعونة أو عدم احتياط يس تحق امحلاية‪ ،‬وبذكل يعمل القانون عىل حمابة وماكفأة‬
‫املهملني‪.‬‬
‫وان اكن البعض يرى بأن هذا التعريف الخّي لي تعريفا اكمال للمبدأ‪ ،‬لكنه‬
‫يقرتب من مفهوم حسن النية يف العقد‪.‬كام وأنه اعترب االهامل يفيد سوء النية‪ ،‬عىل‬
‫خالف التعريف السابق اذلي قرصه عىل تعمد اال ار أي عىل اخلطأ العمدي‪ .2‬اال أنه‬
‫يُرى أن الك التعريفني ينظر اىل املبدأ عىل أنه موقف سليب‪ .‬وهذا خيالف واقع املبدأ‬
‫اذلي يتعدى كونه موقفا سلبيا‪ ،‬لنه يتطلب مواقف تتسم بالجيابية‪ ،‬فهو يتطلب سلواك‬
‫ولي امتناعا عن سلوك فقط‪ ،‬أو حاةل ذهنية حبثة حىت ولو اكنت مصاحبة لعنارص‬
‫االهامل والرعونة وعدم اَتاذ احليطة الالزمة‪.‬‬
‫هذا وأنه يصعب الخذ بأحد الاجتاهني يف حتديد مفهوم حسن النية‪ .‬اذ يصعب‬
‫قرص معناه عىل انجهل بلعيب‪ ،‬أو عىل الغلط املربر املرشوع‪ .‬فانجهل هو انتفاء العْل‪،‬‬
‫بيامن الغلط هو العْل مبا خيالف احلقيقة‪،‬بيامن اخلطأ هو سلوك مدان ومعيب خملالفته‬
‫للصواب‪ ،‬وما جيب أن يكون عليه الشفص املعتاد‪ ،‬خملالفته أحد الواجبات اليت يلزتم‬
‫‪3‬‬
‫هبا هذا الشفص املعتاد‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي محمود جامل ادلين زيك‪ ،‬مشار اليه يف‪ :‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.039‬‬
‫‪ -2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪039‬‬
‫‪ -3‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪22‬‬

‫‪27‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويبدو أن التعاريف السابق ذكرها يصلحان لتعريف حسن النية‪ ،‬يف جمال احليازة‬
‫والالتصاق وادلفع غّي املس تحق‪ 1.‬ففي اطار قواعد احليازة يعترب احلائز حسن النية‪ ،‬اذا‬
‫اكن جيهل أنه يتعدى عىل حق الغّي طبقا لنص املادة ‪ 231‬ق‪.‬م ج‪ .‬املقابَل للامدة ‪961‬‬
‫ق م مرصي واملادة ‪ 112‬ق‪.‬م ف‪ .‬برشط أن ال يكون هجل احلائز انش ا عن خطأ‬
‫جس مي‪ .‬ويفرتض حسن نية احلائز ما ر يقم ادلليل عىل خالف ذكل‪ .‬وال تزول صفة‬
‫حسن النية حسب املادة ‪ 231‬ق م ج اال من الوقت اذلي يصبل فيه عاملا أن حيازته‬
‫اعتداء عىل حق الغّي‪.‬‬
‫نف املعىن جنده متبىن من قبل املرشع يف املادة ‪ 3/101‬ق م ج‪ ،‬اذ منل املرشع‬
‫للمشرتي اماكنية ابطال الس ند‪ ،‬اذا اكن جيهل عدم ملكية البادع وهو ماكل عىل الش يوع‬
‫للعني املترصف فهيا مفرزة‪ .‬فاعتقاد املشرتي أنه تلقى حقه من صاحب العني‪ ،‬جيعل منه‬
‫حسن النية‪ ،‬أما اذا اكن املشرتي جيهل أن البادع ال ككل انجزء املبيع مفرزا‪ .‬فال ككن‬
‫‪2‬‬
‫اعتباره راضيا برشاء غّي انجزء املعني يف العقد‪.‬‬
‫وخبصوص البناء عىل أرض الغّي‪ ،‬فقد عربت املادة ‪ 121‬ق م ج املقابَل للامدة‬
‫‪ 936‬ق م م واملادة ‪ 111‬ق م ف‪ ،‬عن أن صاحب البناء اذا اكن يعتقد أن هل احلق يف‬
‫اقامة هذه املنشأآت‪ ،‬عد حسن نية‪ .‬عىل أن الباّن يكون حسن النية اما العتقاده بأنه‬
‫ماكل أو بلرمغ من علمه بأنه ال ككل الرض‪ ،‬اذا اكن يعتقد أن هل احلق يف اقامة البناء‬
‫علهيا نتيجة حلصوهل عىل ترخيص من صاحب الرض‪ ،‬دون اتفاق عىل مصّي الرض‬
‫املنتفع هبا‪ ،‬أو بعتباره مس تأجرا خوهل املؤجر اقامة البناء عىل الرض املؤجرة‪.3‬‬
‫‪ -1‬أكرم محمود حسني البدو‪ ،‬دمحم صديق دمحم عبد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ -2‬حلسن بن ش يخ أآيت ملواي‪ ،‬املنتقى يف عقد البيع‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬انجزائر‪ ،3226 ،‬ص‪.66‬‬
‫خيتلف حمك هذه املادة عن حمك بيع مكل الغّي‪ ،‬يف بيع مكل الغّي جيوز للمشرتي طلب ابطال البيع‪ ،‬بغض النظر عن علمه‬
‫أو عدم علمه بأن املبيع مملوك للبادع‪.‬‬
‫‪ -3‬جامل خليل النشار‪ ،‬النية وأثرها يف البناء يف مكل الغّي‪ ،‬دار انجامع انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،0999 ،‬ص‪.20‬‬

‫‪28‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يظهر حسن النية الشفيص أيضا يف جمال ادلفع غّي املس تحق حبسن نية‪ .‬كام يف‬
‫حال املس تأجر اذلي يقوم بدلفع املس بق ملؤجر ر يعد مالاك للعني املؤجرة‪ ،‬وهو يعتقد‬
‫أنه يدفع للامكل‪ .‬وهو ما يس تنتج مبفهوم اخملالفة من املادة ‪ 169‬مكرر‪ 1‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬فيكون‬
‫للامكل انجديد الرجوع عىل املؤجر السابق بأحاكم ادلفع غّي املس تحق‪ ،‬حلسن نية‬
‫املس تأجر بسبب عدم علمه وقت ادلفع بنتقال امللكية‪ .‬ويتدخل حسن النية أيضا من‬
‫أجل عدم ارهاق املؤجر السابق اذلي تسْل غّي املس تحق‪ ،‬وهو يعتقد أن ما تسلمه‬
‫حق هل‪ .‬اذ ال يطالب اال برد ما تسْل‪ ،‬دون الفوادد اليت جناها طبقا لنص املادة ‪011‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج وتقابلها يف ذكل املادة ‪ 021‬ق م مرصي‪.‬‬
‫والصل أن يلزتم من تسْل غّي املس تحق برد ما يؤدى اليه‪ ،‬وهذا تطبيقا للقواعد‬
‫العامة يف االثراء بال سبب‪ .‬ولكن فامي يتعلق بامثر اليشء‪ ،‬مفىت اكن من تسْل غّي‬
‫املس تحق حسن النية‪ ،‬ال يلزتم برد المثرات والفوادد اال من وقت رفع ادلعوى أو‬
‫املطالبة‪ .‬أما اذا اكن س ئي النية ففي هذه احلاةل يلزم برد الفوادد أو الربح اليت حصل‬
‫علهيا‪ ،‬أو اكن يف وسعه احلصول علهيا من اليشء‪ .‬من وقت القبض أو من الوقت اذلي‬
‫‪1‬‬
‫أصبل فيه س ئي النية‪.‬‬
‫ويف نف الس ياق يلزتم احلائز برد اليشء دون الامثر اليت جناها من اليشء ما‬
‫‪2‬‬
‫دام حسن النية حسب املادة ‪ 221‬ق م ج‪.‬‬
‫كذكل فامي بينته املادة ‪ 362‬ق م ج املقابَل املادة ‪ 222‬ق م مرصي‪ ،‬عن حمك‬
‫الوفاء لغّي ادلائن أو اندبه‪ ،‬اليت جاء فهيا أنه اذا أوىف املدين للغّي‪ ،‬فان ذمته تربأ اذا‬
‫اكن حسن النية بأن اعتقد أنه دادنه احلقيقي مىت اكن ذكل الغّي حائزا لدلين‪.‬‬

‫‪ - 1‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪36‬‬


‫‪ -2‬تقابلها يف نف املعىن املادة ‪ 912‬ق م م‪ ،‬واملادة ‪ 119‬ق م ف‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويذهب عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ 1،‬يف هذا الصدد اىل أن وصف الشفص‬
‫بأنه حسن النية أو س ئي النية وفق املفهوم الشفيص‪ ،‬يتطلب البحث يف حقيقة الاجتاه‬
‫االرادي‪ ،‬وحتديد حتقق أحد الوصفني(أي احلسن أو السوء)‪ ،‬تبعا ملا تشّي اليه قرادنه‬
‫ادلاةل عليه‪ .‬وهذا لي أمرا عسّيا‪ ،‬اذ كام تقوم قرائن عىل وجود النية أو عدم وجودها‪،‬‬
‫تقوم كذكل عىل وصفها بحلسن أو السوء‪ .‬وغالبا ما تكون القرائن ادلاةل عىل الوصف‪،‬‬
‫أسهل من القرائن ادلاةل عىل الوجود‪ .‬لن النية موجودة ور يبقى سوى قدر من الفطنة‬
‫واذلاكء يف ادراك وصفها مفىت اكن مناط الوصف ممتثال يف حتقق العْل أو انجهل الفعيل‬
‫بلواقعة أو الترصف حمل التعويل الترشيعي يف ترتيب احلمك‪ ،‬حتقق الطابع اذلايت لوصف‬
‫الشفص أنه حسن النية أم س ئي النية‪ .‬أما حيث يكون مناط الوصف هو اماكن العْل‪،‬‬
‫فلي من شك يف أهنا ال تتحقق يف تكل احلاةل الطبيعة اذلاتية للوصف‪ ،‬حيث ال يقوم‬
‫اماكن العْل عىل طابع ذايت‪.‬‬
‫وجتدر االشارة يف هذا املقام اىل أن جانب من الفقه‪ 2،‬يذهب العطاء حسن النية‬
‫مفهوما قانونيا بالضافة اىل مفهومه الشفيص واملوضوعي‪ ،‬فّيى أنه "قصد الالزتام‬
‫بحلدود اليت يفرضها القانون"‪.‬و يضيف البعض بأنه "ارادة مطاوعة القانون"‪ 3‬وتطبيق‬
‫ذكل جنده يف نقل ملكية العقار‪ ،‬حيث أن الزتام البادع بنقل امللكية اذا اكن حمهل عقارا ال‬
‫ينفذ اال بتسجيل عقد البيع‪ ،‬ومن مث يكون الشفص حسن النية اذا قصد الالزتام‬
‫حبدود القانون بتسجيل العقار حمل العقد‪ ،‬فاذا ر يقم بتسجيهل أعترب س ئي النية يف نظر‬
‫القانون الهامهل وتقصّيه‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪391‬‬


‫‪ -2‬رمزي رشاد عبد الرمحن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫لن حسن النية يرتكز عىل قواعد الخالق‪ ،‬حبث رجال القانون عن معىن قانوّن حىت ولو اكن خمالفا ملعناه الخاليق‪.‬‬
‫‪ -3‬رأي عدانن ابراهمي رسحان‪ ،‬مشار اليه يف ‪ :‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.036‬‬

‫‪31‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫بيامن يذهب البعض الآخر‪ 1‬اىل القول أن حسن النية يتحقق بوجوب الالزتام‬
‫بلقانون عند القيام بلترصفات‪ ،‬وال يكفي قصد الالزتام‪ .‬وبلتايل مفهوم حسن النية تبعا‬
‫ذلكل هو الالزتام بلقواعد القانونية عند القيام بلترصفات‪ ،‬فتعد خمالفهتا سوء نية بغض‬
‫النظر عن العْل أو انجهل بخملالفة‪.‬‬
‫من مث أقام هذا الاجتاه سوء النية عىل عدم اتباع ما فرضه القانون بشأن ترصف‬
‫معني‪ ،‬ومىت مت البيع لشفصني فاملشرتي الثاّن اذلي جسل عقده يعد حسن النية‪ ،‬حىت‬
‫وان اكن يعْل أن البادع قد بعه ملشرت ر يسجل عقده‪ .‬اذ القانون قد اعترب املشرتي‬
‫‪2‬‬
‫الول اذلي ر يسجل عقده مقرصا وهممال‪ ،‬وهذا ي‪،‬هل م‪،‬ةل املشرتي س ئي النية‪.‬‬
‫وقد طبقت حماة النقض املرصية هذا املفهوم حلسن النية يف حاها الصادر يف‬
‫‪ 02‬ماي س نة ‪ 0911‬اذ قضت ‪":‬بأن الغّي اذا تعامل مع بدع ر يثبت أنه س بق أن‬
‫ترصف يف عقد البيع ترصفا انتقلت به امللكية فال يعترب س ئي النية يف معىن املادة‬
‫املذكورة‪ ،‬لنه يكون يف هذه احلاةل قد تعامل مع ماكل حقيقي ال تشوب ملكيته شادبة‪.‬‬
‫ولو اكن يعْل وقت تعاقده معه‪ ،‬أنه س بق أن بع نف العقار ملشرت سابق ر يسجل‬
‫عقده"‪.‬‬
‫وحمك حماة النقض هذا ر يعتد بلتواطؤ‪ ،‬ويرى أنه ال يفسد العقد املسجل‪ .‬كام‬
‫أنه يرى أن املشرتي الثاّن يعترب حسن النية‪ ،‬ولو اكن يعْل أن البادع أو مورثه س بق أن‬
‫ترصف يف املبيع ذاته ملشرت أآخر ر يسجل عقده‪ .‬بل أنه ر يقف عند ذكل احلد‪ ،‬فاعتد‬
‫بلعقد املسجل حىت ولو اكن هناك تواطؤ بني املشرتي الثاّن اذلي جسل عقده وبني‬
‫‪3‬‬
‫البادع هل‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي ‪ V.Pipert :‬مشار اليه يف ‪ :‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ -3‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.011‬‬

‫‪31‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫غّي أنه وعند النظر اىل املشرتي الثاّن اذلي جسل عقده‪ ،‬وهو يعْل أن العقار‬
‫مباع لغّي ر يسجل عقده‪ ،‬يعترب مداان من زاوية الخالق‪ .‬لنه تواطأ مع البادع وس بق‬
‫اىل التسجيل مقتنصا حقا س بق أن تنازل عنه نف البادع لشفص أآخر‪ .‬لكن عند‬
‫النظر من زاوية القانون جنده غّي مدان‪ ،‬لنه اشرتى العقار من ماكل حقيقي‪ .‬وقام‬
‫بتباع ما فرضه القانون بشأن نقل ملكية العقارات‪ .‬فْل يقصد اخلروج عن أحاكم‬
‫القانون‪ ،‬ور يقرص يف اتباع ما فرضه من اجراءات‪ ،‬ذلكل أعترب حسن النية يف نظر‬
‫‪1‬‬
‫القانون‪.‬‬
‫فيقر هذا انجانب بأن التعريف القانوّن حلسن النية يفصل بني حسن النية ومعناه‬
‫الخاليق‪ ،‬حيث أن الزتام الشفص بحلدود اليت يفرضها القانون‪ ،‬ال يتعارض مع‬
‫اس تغالل الشفص للثغرات املوجودة يف القانون‪ ،‬واليت تسمل هل بحلصول عىل مزااي‬
‫عىل حساب غّيه أو تضيع من غّيه بسبب حصوهل هو علهيا‪ ،‬ولك ذكل النفصال حسن‬
‫‪2‬‬
‫النية يف القانون عن حسن النية يف الخالق‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫تقييـم املفهوم الشفيص‬
‫ان الخذ بملفهوم الشفيص لفكرة حسن النية جيعلها تتصف بعدم الثبات‪،‬‬
‫الرتباطها بنية اخملاطب هبا‪ ،‬فيقال أن الشفص حسن النية اذا وقع يف غلط أو هجل‬
‫العيوب اليت جتعل من ترصفه معال انقصا ال يقره القانون‪ ،‬أو ال جيعل منه سببا اكفيا‬
‫‪3‬‬
‫لرتتيب أثره القانوّن‪.‬‬
‫‪ -1‬الهادي السعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.016‬‬
‫يفصل هذا املفهوم املبدأ عن معناه الخاليق ‪.‬و يرى أن الخالق ال تسمل بقتناص فرصة أوشكت أن تتحقق للغّي بيامن‬
‫القانون يسمل هبا‪ ،‬طاملا أن ذكل يم يف حدود أحاكمه‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪.022 ،‬‬
‫‪ -3‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫‪32‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كام يقترص هذا التعريف عىل جانب من جوانب املعامالت‪ ،‬اذ يصلحان لتعريف‬
‫حسن النية يف جمال احليازة والوضاع الظاهرة‪ ،‬والالتصاق وادلفع غّي املس تحق‪ ،‬وال‬
‫يفيانه حقه يف جمال العالقات التعاقدية‪ ،‬لنه ينظر اليه عىل أنه موقف سليب‪ .‬يف حني‬
‫أن حسن النية ال يقترص عىل فكرة انجهل فقط‪ ،‬بل يفرض عىل املتعاقد السعي اىل‬
‫مراعاة مصار الطرف املقابل وارافظة عىل توقعاته املعقوةل‪ ،‬ومراعاة الثقة املرشوعة اليت‬
‫‪1‬‬
‫تودلت مهنا‪.‬‬
‫هذا وأن الواقع ليس تا فكرات انجهل والغلط والاعتقاد املرشوع‪ ،‬وحدها اليت تطل‬
‫من س ياق الترشيعات تعرب عن املفهوم الشفيص حلسن النية‪ .‬وامنا هناك أفاكر أخرى‬
‫غّيهام‪ ،‬اكلغش ونية اال ار حبقوق الغّي‪ .‬كام وأن مجيع هذه الفاكر السالفة اذلكر‬
‫متداخَل فامي بيهنا اذ يصعب قرص معناه عىل انجهل بلعيب‪ ،‬أو الغلط املربر املرشوع‪.‬‬
‫لن هذه العنارص وان اكن ككن أن ال تلتقي يف بعض الظروف‪ ،‬اال أن التطابق بيهنا‬
‫‪2‬‬
‫غّي اكمل‪ .‬فانجهل هو انتفاء العْل بيامن الغلط هو العْل مبا خيالف احلقيقة‪.‬‬
‫وحىت وان اكن حسن النية مرتبط بنجهل أو الاعتقاد املرشوع أو عدم العْل‪،‬‬
‫حبيث يفرتض يف من وقع فيه أنه حسن النية‪ .‬اال أنه يف عقود الاس هتالك‪ ،‬فاررتف‬
‫اذلي جيهل عيوب منتجاته أو ال يعْل مبا يعرتُّيا من خماطر‪ ،‬ال ككن اعتباره حسن النية‪،‬‬
‫فيفرتض فيه العْل دامئا ويفرتض فيه أيضا سوء النية‪ ،‬ويفرتض حسن النية املس هتكل يف‬
‫مقابل ذكل لكـونه الطرف الضعيف يف العالقة العقدية‪ .‬فال جمال للمنتج المتسك حبسن‬
‫نيته وعدم علمه بلعيب‪ .‬وترتتب مسؤوليته عىل أساس ثبوت سوء النية يف جانبه‪ ،‬حىت‬
‫ولو أثبت أن أصل العيب يان يف سبب ال ككن كشفه وفقا للوضع العادي ‪،‬وأن‬

‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.020‬‬


‫‪ -2‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪33‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كشف العيب حيتاج اىل لص دقيق‪ ،‬كام ال جيديه نفعا أن يقدم مستندا يس تدل به عىل‬
‫‪1‬‬
‫حسن نيته‪.‬‬
‫وان اكن جانب من الفقه أعطى مفهوما قانونيا حلسن النية خمالف للمفهوم‬
‫الشفيص‪ ،‬اال أن ما هو مالحظ أنه ال يوجد فرق بني املفـــــهوم القانـــوّن والشفيص‪،‬‬
‫اذ أن الشفص اذلي يترصف وهو جيهل أنه يعتدي عىل حقوق الغّي‪ ،‬هو خشص قصد‬
‫الزتام حدود القانون‪ ،‬ور يقصد اخلروج علهيا‪ .‬وبناءا عىل ذكل يكون انجهل صادر عن‬
‫خشص قصد الزتام حدود القانون‪ .‬ومن مث ال خيرج هذا املفهوم عن حسن النية مبفهومه‬
‫الشفيص‪ .‬والقول بوجود حسن النية القانوّن ُّيدف اىل فصل املبدأ عن معناه‬
‫الخاليق‪ ،‬هذا الفصل ان حدث فيكون العتبارات يرى القانون أهنا أوىل للمحافظة عىل‬
‫‪2‬‬
‫اس تقرار التعامل لي اال‪ ،‬ومن مث فالمر ال يعدو أن يكون اس تنناء‪.‬‬
‫هذا وأنه كتعقيب عىل هذا الاجتاه الفقه ي‪ ،‬ان اكن حسن النية هو قصد الالزتام‬
‫بحلدود اليت يفرضها القانون‪ ،‬فان سوء النية عكسه‪ ،‬أي قصد عدم الالزتام بحلدود‬
‫اليت يفرضها القانون‪ ،‬مبعىن أآخر هو قصد خمالفة القانون واخلروج عىل أحاكمه‪ ،‬وبلتايل‬
‫فهو موقف معدي فيدخل فيه الغش وقصد اال ار بلآخرين‪ ،‬ولكن ال يدخل فيه‬
‫حدوث الهرضر للآخرين نتيجة االهامل وعدم الاحتياط‪ .‬فكيف أن هذا املفهوم جيعل‬
‫من املشرتي الول س ئي النية لنه مقرص وهممل‪ ،‬يف حني أنه ر يقصد اخلروج عن‬
‫أحاكم القانون ور يقصد اال ار بلآخرين‪ ،‬أي كيف ينظر للمشرتي الول بأنه قء‬
‫النية يف حال اكن هممال‪ ،‬عىل الرمغ من أن هذا الرأي يعترب سوء النية يفيد الغش‬
‫وقصد اال ار بلآخرين‪ 3.‬لسن النية بملعىن القانوّن جيايف قواعد العداةل والخالق‪.‬‬

‫‪ -1‬أمحد شويق دمحم عبد الرمحن‪ ،‬ادلراسات البحثية يف نظرية العقد منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،3226 ،‬ص‪.231‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -3‬الهادي السعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬

‫‪34‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫املفهوم املوضوعي للمبدأ‬
‫خبالف املفهوم الشفيص ملبدأ حسن النية اذلي يعين حاةل انجهل دلى الشفص‪،‬‬
‫يرتب القانون علهيا أثرا قانونيا‪ .‬يوجد مفهوم موضوعي للمبدأ أشار اليه الفقه‪ ،‬يعرف‬
‫املبدأ بلرجوع دلوره يف العالقة العقدية بعتباره قاعدة سلوك‪.‬فنتعرض بداية لتعريف‬
‫املبدأ وفق املفهوم املوضوعي (الفقرة الوىل)‪ ،‬مث حناول تقيمي املفهوم املوضوعي‪ ،‬ومدى‬
‫انطباقه عىل مضمون مبدأ حسن النية يف العقود(الفقرة اثنية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫تعريف مبدأ حسن النية‬
‫ان املفهوم املوضوعي لفكرة حسن النية هو املفهوم املعمتد يف جمال العالقات‬
‫العقدية‪ .‬يمتثل بأن تكون حسن النية فكرة أخالقية خالصة‪ ،‬تشلك قاعدة للسلوك‪.‬‬
‫تتطلب من الشداص مراعاة ال‪،‬اهة والمانة يف معامالهتم‪ .‬وهبذا املعىن تصبل هذه‬
‫الفكرة فكرة موضوعية ال خشصية‪ ،‬فه ي ضابط أخاليق للسلوك‪ ،‬جيري تقديره عىل حنو‬
‫موضوعي جمرد‪ ،‬وفقا للسلوك احلسن اذلي تقتضيه احلياة يف اجملمتع‪.‬‬
‫أي أن حسن النية بملفهوم املوضوعي يرتبط مبدى مراعاة مقتضيات هذه الفكرة‬
‫من عدهما‪ .‬وتقوم مقتضيات حسن النية عىل دعامئ أخالقية‪ ،‬تتصف بلعموم والتجريد‬
‫حىت ولو ر يتضمهنا نص ترشيعي اكلوفاء بلعهد المانة الثقة املرشوعة‪ ،‬رشف التعامل‬
‫وخمالفة مقتضيات حسن النية‪ ،‬تتحقق جملرد صدور الترصف عىل خالف ما تقب به‬
‫تكل املقتضيات‪ .‬دون النظر ملا اذا اكن اخملالف يعْل بملقتىض اذلي خالفه أو ال يعلمه‪.‬‬
‫فاماكن العْل يفيد سوء النية‪ ،‬ومن مث املفهوم املوضوعي يتعدى حاةل انجهل اىل العْل‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والعْل املقصود هو اماكنية العْل‪ ،‬ال العْل احلقيقي‪ ،‬وهذا ما جيعل املبدأ قاعدة سلوك‪.‬‬

‫‪ -1‬أكرم محمود حسني البدو‪ ،‬دمحم صديق دمحم عبد هللا‪ ،‬أثر موضوعية االرادة التعاقدية يف مرحَل املفاوضات‪ ،‬جمَل الرافدين‬
‫للحقوق‪ ،‬اجملدل ‪ ،02‬ع ‪ ،3206 ،19‬ص ‪.129 .121‬‬

‫‪35‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يف اطار املفهوم املوضوعي عرفه البعض بأنه‪ " :‬ورة مراعاة االخالص والمانة يف‬
‫الوفاء مبا يوجبه العقد من أآداء"‪ 1.‬يف نف الس ياق يعرفه البعض بأنه‪" .‬تويخ المانة‬
‫ورشف التعامل واالخالص يف تنفيذ الالزتام "‪ 2‬أو هو "التعامل بصدق واس تقامة‬
‫ورشف مع الغّي‪ ،‬بصورة تبقي ممارسة احلق مضن الغاية املفيدة والعادةل اليت أنشئ من‬
‫أجلها والزتم هبا لك من طريف العقد‪ ،‬حبيث ال تؤدي هذه املامرسة اىل اال ار بلغّي‬
‫‪3‬‬
‫دون مسوغ مرشوع بل توصل لك ذي حق حقه بأمانة"‪.‬‬
‫بيامن عرفه أآخرون بأنه‪" :‬موجب االخالص التعاقدي اذلي يفرض عىل املتعاقد‬
‫الزتام سلوك مس تقمي‪ ،‬اتقاء لي ر قد يلحق بملتعاقد الآخر‪ 4" .‬ويعرفه‬
‫‪ 5P.Jourdain‬بأنه "قاعدة سلوك تلزم الطراف بل‪،‬اهة واالخالص والابتعاد عن‬
‫اخلبث"‪.‬‬
‫يفرض املرشع هذا املفهوم لتقدير حسن النية يف املادة‪ 000‬ق م ج اخلاصة‬
‫بتفسّي العقد‪ ،‬حيث جيب الاس هتداء مبا جيب أن يتوافر من أمانة وثقة بني املتعاقدين‪.‬‬
‫وهذه اشارة اىل مبدأ حسن النية اذلي يس تلزم مثل هذه المانة والثقة‪ .‬ويف نظرية‬
‫الغلط يف بيان جوهرية الصفة حسب املادة ‪ 23‬ق م ج فقرة اثنية "يعترب الغلط جوهراي‬
‫عىل الخص اذا وقع يف صفة لليشء يراها املتعاقدان جوهرية‪ ،‬أو جيب اعتبارها كذكل‬
‫نظرا لرشوط العقد وحلسن النية "‪ .‬ويف بيان نطاق المتسك بلغلط حسب املادة ‪21‬‬
‫ق م ج‪ ،‬تقابلها يف ذكل املادة ‪ 031‬ق م م حيث جاء فهيا لي ملن وقع يف غلط أن‬
‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.039‬‬
‫‪ -2‬دمحم حسني منصور‪،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -3‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬العقد‪ ،‬ج الول‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،3221 ،‬ص‪.001‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Lyoen – Caen.De l’é olution de la notion de bonne foi ,R.T.D , civ, 1946,p83.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Léa Amic. La loyauté dans les rapports de travail. Droit. Thèse pour obtenir le grade‬‬
‫‪Docteur en Droit ni ersit e d’ ignon, 2014. Français‬‬

‫‪36‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يمتسك به عىل وجه يتعارض مع ما يقب به حسن النية‪ ،‬وتضيف الفقرة الثانية ويبقى‬
‫بلخص ملزما بلعقد قصد ابرامه‪ ،‬اذا أهلهر الطرف الآخر اس تعداده لتنفيذ هذا العقد‪.‬‬
‫ويف تنفيذ العقد حسب املادة ‪ 021‬ق م ج واملادة ‪ 0021‬ق م ف‪ 1.‬مفا يعترب‬
‫رشيعة املتعاقدين هو روح العقد ولي حرفيته‪ ،‬فالقايض يف تفسّيه للعقد يأخذ‬
‫بلعبارات الواحضة برشط أن تتفق مع حقيقة القصد املشرتك للمتعاقدين‪ ،‬مفىت ثبت هل‬
‫العك تعني عليه اخلروج عن املعىن احلريف والبحث عام يامتىش وروح العقد‪ .‬فان تعذر‬
‫عليه معرفة حقيقة قصد املتعاقدين‪ ،‬تعني عليه اعامل قواعد العداةل بتفسّي الشك‬
‫ملصلحة املدين‪ ،‬أما يف عقد االذعان ملصلحة الطرف الضعيف أي الطرف املذعن‪ .‬ويف‬
‫تنفيذ العقد يتعني عىل املتعاقد تنفيذ الالزتامات عىل أحسن وجه دون غش‪،‬دون‬
‫ارهاق أحد املتعاقدين بلتقيد حبرفية النصوص‪ .‬فالبد من الخذ بعني الاعتبار الظروف‬
‫املتغّية‪ ،‬فتغّي الظروف يلزم عىل املدين باللزتام أن يكون مسلكه يتالءم مع الظروف‬
‫انجديدة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫تقيمي املفهوم املوضوعي‬
‫يبدو من خالل اس تقراء العديد من نصوص القانون املدّن‪ ،‬أن املفهوم املوضوعي‬
‫هو املعمتد يف جمال التعاقد من قبل املرشع انجزائري كغّيه من الترشيعات املقارنة‪ .‬ففي‬
‫التدلي الصادر من غّي املتعاقدين‪ ،‬أخذ املرشع بملفهوم املوضوعي‪ .‬حيث جاء يف‬
‫املادة ‪ 21‬من ق م ج أنه ال ككن للمتعاقد املدل عليه أن يطلب ابطال العقد‪ ،‬اال مىت‬
‫أثبت أن املتعاقد الآخر اكن يعْل‪ ،‬أو اكن من املفروض حامت أن يعْل هبذا التدلي ‪.‬‬

‫‪ -1‬جتدر االشارة اىل أن املادة ‪ 0021‬ق م ف واليت تنص عىل مبدأ حسن النية يف العقود‪ ،‬مدت نطاق املبدأ ليشمل‬
‫مرحَل ما قبل ابرام العقد مبا يف ذكل مرحَل املفاوضات‪ .‬عىل خالف املادة ‪ 0021‬واليت أشارت للمبدأ يف مرحَل تنفيذ العقد‪.‬‬
‫مما اكن قد طرح تساؤالت حول نطاق اعامل املبدأ‪ ،‬عام اذا اكن يقترص فقط عىل تكل املرحَل‪ ،‬أم يتعداه اىل املراحل‬
‫السابقة البرام العقد‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وكذا املرشع املرصي يف الغلط حيث جاء يف املادة ‪032‬ق م م حيث جاء فهيا‪:‬‬
‫"اذا وقع املتعاقد يف غلط جوهري جاز هل أن يطلب ابطال العقد‪ ،‬اذا اكن املتعاقد‬
‫الآخر قد وقع مثهل يف هذا الغلط أو اكن عىل عْل به أو اكن من السهل عليه أن يتبينه"‪.‬‬
‫فهو يف حاةل الوىل حسن النية‪ ،‬ولكن مقتىض حسن نيته أن يسْل ببطال العقد‪.‬وهو‬
‫يف الثانية قء النية واالبطال جزاء لسوء نيته‪.‬وهو يف الثالثة مقرص وتعويض التقصّي‬
‫‪1‬‬
‫بالبطال‪.‬‬
‫كام توجب املادة ‪ 213‬ق م ج أن يكون املشرتي عاملا بملبيع علام اكفيا‪ .‬ويعترب العْل‬
‫اكفيا اذا اش متل العقد عىل بيان املبيع وأوصافه الساس ية‪ ،‬فاماكن العْل يفيد اعتناق‬
‫املرشع للمفهوم املوضوعي‪.‬‬
‫ان ال‪،‬اهة والمانة والاس تقامة ورشف التعامل يعربان عن مبدأ حسن لنية‬
‫بملفهوم املوضوعي‪ ،‬وهبذا املعىن هو وس يَل يف يد القايض‪ ،‬يتدخل من خاللها لضامن‬
‫توازن العالقة العقدية‪ ،‬ولضامن الزتام طريف التعاقد بلصدق والمانة‪ 2.‬ف‪،‬اهة التعامل‬
‫والاس تقامة والرشف واليت يه من مقتضيات حسن النية يه مسادل غّي قابَل للضبط‬
‫تتسم بلغموض وعدم التحديد‪ ،‬تتغّي من زمان اىل زمان ومن ماكن اىل ماكن‪ ،‬فه ي‬
‫أفاكر مطاطية يلعب القايض يف حتديدها دورا ملموسا‪ ،‬ويه تقع مضن نطاق سلطته‬
‫التقديرية‪ ،‬وهو اذلي يقرر توافر هذه الاعتبارات يف تقي ه لبنود العقد وكيفية تنفيذه‪.‬‬
‫اذ يرى يف هذا الصدد الفقيه االجنلزيي ‪ 3Robert Summers‬أن لهذا املبدأ‬
‫مبفهومه املوضوعي ال الشفيص‪ ،‬دور أساق يف متكني القايض من مراقبة وضامن حتقيق‬
‫العداةل العقدية‪ ،‬عن طريق احلفاظ عىل حاةل التوازن العقدي بني طريف العقد‪ ،‬من‬

‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬الوضع الظاهر يف القانون املدّن‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،3201 ،‬ص‪021.‬‬
‫‪ - 2‬محمود فياض‪ ،‬مدى الزتام النظمة القانونية املقارنة مببدأ حسن النية يف مرحَل التفاوض عىل العقد‪ ،‬جمَل الرشيعة‬
‫والقانون‪ ،‬ع ‪ ،11‬جامعة االمارات العربية املتحدة‪ ،3202 ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ - 3‬رأي ‪ ،Robert Summers‬مشار اليه يف ‪ :‬محمود فياض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.323‬‬
‫‪38‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫خالل افرتاض نزاهة العالقة التعاقدية وضامن حقوق الطرف املقابل‪.‬ف‪،‬اهة التعامل هو‬
‫مفهوم موضوعي يشّي اىل سلوك الرجل العادي‪.‬‬
‫اذ أن الهدف من املبدأ احلفاظ عىل التوازن يف العقد‪ ،‬وفرض معايّي ال‪،‬اهة‬
‫للتغلب عىل االشاكالت اليت قد تعرتي التنفيذ ادلقيق لبعض املبادئ القانونية الخرى‬
‫مكبدأ سلطان االرادة ومبدأ احلرية التعاقدية‪.‬واحلد من اس تددام الرشوط التعسفية اليت‬
‫قد تظهر الس امي يف عقود الاس هتالك‪.‬‬
‫ذلكل ال يقف حسن النية بملفهوم املوضوعي عند انجهل‪ ،‬أو انتفاء العْل بل يتعداه‬
‫اىل اماكنية العْل‪ ،‬من مث فهو ال يقف عند انتفاء الغش أو عدم اال ار بلآخرين‪ ،‬بل‬
‫وعدم احلاق الهرضر بلآخرين نتيجة االهامل وعدم الاحتياط‪ ،‬فاماكنية العْل تفيد عدم‬
‫صدور اهامل‪ .‬اذ أن القانون يس توجب السعي حنو التحري والاس تعالم والاس تقصاء‪،‬‬
‫وهو الزتام قانوّن ي‪،‬ل االخالل به م‪،‬ل سوء النية‪.‬‬
‫كام أن االهامل أو عدم الاحتياط وان اكن يشلك موقفا سلبيا‪ ،‬اال أنه كي فعل‬
‫أو ترك يتحرك بنية قد تكون حس نة وقد تكون سيئة‪ ،‬رمغ أن هذه النية ر تتجه اىل‬
‫اال ار بلغّي بشلك معدي‪ ،‬اال أهنا قرصت وأمهلت حني اكن جيب أن تتدذ موقفا‬
‫اجيابيا‪ ،‬ذلكل تتدذ صفة السوء‪.‬‬
‫فاملتعاقد حىت يكون حسن النية ال يكفي منه أن تنتفي نية اال ار دليه‪ ،‬بل‬
‫جيب أن يتيقظ ويتبرص‪ ،‬حبيث ال يهرض بملتعاقد الآخر دون قصد‪ .‬فالعربة عند البحث‬
‫يف حسن النية لي حسن النية اذلاتية‪ ،‬بل ما يرتتب عىل املبدأ من تطبيقات معلية يف‬
‫‪1‬‬
‫نطاق العقد‪.‬‬
‫كام أن هذا املفهوم هو املعتنق من قبل القضاء الفرنيس يف العديد من أحاكمه‪،‬‬
‫نذكر مهنا قرار صادر عن الغرفة املدنية الوىل راة المتيزي الفرنس ية‪ ،‬القايض بتحميل‬

‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬


‫‪39‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املرصف املسؤولية خبط ه‪ ،‬عرب اهامل موجيب النصيحة والاس تعالم يف توضيل حقيقة‬
‫مضمون‪ ،‬ونطاق بنود عقد التأمني انجاري مع الطراف املعنية‪ ،‬حيث حتصل زوجني‬
‫من مرصف حميل عىل قريض تأمني مشرتك‪ ،‬يتناوالن ضامن العاهة والوفاة‪ .‬فوقع الزوج‬
‫عىل عدد من البياانت املطلوبة مث توفيت زوجته‪ ،‬اال أنه توقف عن دفع القساط‬
‫املرتتبة عن القرضني بسبب اجحام املرصف عن تنفيذ الزتاماته املالية‪ ،‬س ندا لبعض البنود‬
‫واالجراءات‪ ،‬مهنا أن الـتأمني وان اكن مشرتاك اال أن الزوج وقّع مبفرده عىل بياانت‬
‫بمسه دون الزوجة‪ .‬فقاىض الزوج املرصف محمال املرصف مسؤولية التقصّي يف توضيل‬
‫بعض املعطيات العقدية املتذرع هبا‪ ،‬مطالبا بلتعويض بلعطل والهرضر بسبب سوء نية‬
‫‪1‬‬
‫املرصف عن املس تحقات غّي املدفوعة عقب وفاة زوجته‪.‬‬
‫و احلقيقة أن املفهوم املوضوعي هو القرب لتحديد مفهوم حسن النية‪ ،‬اذ أن أكرث‬
‫ما يبحث عنه املتعاقدان يف نطاق العالقة العقدية‪ ،‬هو أن يفي املتعاقد بلزتاماته مبراعاة‬
‫مقتضيات املبدأ‪ ،‬ومن مث فأي خطأ ولو بالهامل قد يفيد سوء نية املتعاقد املهمل‪.‬‬
‫ذلكل جند أن املرشع يف اطار قواعد احليازة‪ ،‬خفف من النتاجئ السلبية اليت ككن‬
‫أن حتدث من تطبيق املفهوم الشفيص ملبدأ حسن النية‪ ،‬فأضاف اليه املفهوم‬
‫املوضوعي‪ ،‬حيامن اعترب احلائز س ئي النية بلرمغ من هجهل أنه يعتدي عىل حق الغّي‪ ،‬اذا‬
‫اكن هجهل انش ا عن خطأ جس مي‪.‬‬
‫وفكرة اخلطأ انجس مي يه فكرة موضوعية حبثة ال يعتد فهيا مبا اعتاد احلائز ذاته أن‬
‫يبذهل من يقظة‪ ،‬وامنا مبسكل خشيص جمرد هو الشفص املهمل ال انجاهل‪ ،‬وعىل ذكل‬
‫مفن يشرتي عقارا من خشص ر يقدم هل أي مستندات تؤكد ملكيته للعقار‪ ،‬يكون قد‬
‫ارتكب خطأ جس امي‪ ،‬ومن مث يعترب س ئي النية بلرمغ من أنه قد يكون جاهال فعال أنه‬

‫‪1‬‬
‫‪-Cass.civ.28 janvier1992. RTDC1992.p558‬‬
‫مشار اليه يف محمود محمود املغريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪41‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يشرتي من غّي ماكل‪ ،‬فاالقدام عىل ابرام الترصف دون متحيص‪ ،‬يعين ارصار عىل‬
‫التعامل حىت مع احامتل قيام عيب ك صفة املترصف‪.‬‬
‫فاذا اثر دلى احلائز الشك يف أنه قد يكون معتداي عىل حق الغّي‪ ،‬فان هذا‬
‫الشك من شأنه أن ُّيدم املفهوم الشفيص حلسن النية‪ ،‬فاماكن العْل يفيد سوء النية‪.‬‬
‫وعىل ذكل ال يكفي نفي العْل احلقيقي‪ ،‬بل كتد ليشمل نفي التقصّي يف السعي حنو‬
‫معرفة القدر الالزم من املعلومات‪ ،‬عن الترصف اذلي يقبل عليه الشفص‪.‬‬
‫ذكل أن مبدأ حسن النية يفرض عىل الغّي املقبل عىل ابرام العقد واجب‬
‫المتحيص‪ ،‬وحبث الاحامتالت اليت اثر حولها الشك ملعرفة احلقيقة‪ ،‬أما االقدام عىل ابرام‬
‫الترصف دون متحيص‪ ،‬فهذا معناه ارصاره عىل التعامل حىت مع احامتل قيام عيب ك‬
‫صفة املترصف‪ .‬فال ككن للمتعاقد أن يمتسك حبسن نيته‪ ،‬دون أن يسكل سبيل اليقظة‬
‫العادية‪ ،‬واس تقصاء املعلومات‪ .‬لن القانون أقام امحلاية للمترصف اليه اليقظ اذلي خدع‬
‫بشلك مقبول مبجموع املظاهر الاكذبة‪ ،‬بلرمغ من يقظته وحيطته‪.‬‬
‫حسن النية اذن يقتب لص مستندات امللكية للمترصف‪ ،‬وهذا الفحص جيب‬
‫أن يكون جداي‪ ،‬ويفرض عىل املشرتي حبثا أو اس تقصاءا اكمال حىت ال جيهل ما يف‬
‫‪1‬‬
‫مصلحته أن يعْل به‪.‬‬
‫من مث ومن خالل اس تقراء نصوص القانون املدّن جند أن حسن النية قد يعين‬
‫انجهل‪ ،‬وقد يتعداه اىل جمرد عدم اماكنية العْل ‪.‬فقد يشّي القانون يف بعض الترصفات‬
‫القانونية اليت يأتهيا الشفص‪،‬اىل العْل احلقيقي لتقدير حسن النية وهذا هو املفهوم‬
‫الشفيص‪.‬فالشفص يكون س ئي النية وفق هذا املفهوم اذا قصد اال ار بلغّي‪ ،‬حيث‬
‫تتحمك بس ئي النية نزعة حنو احداث ر غّي مرشوع للغّي‪ ،‬فاال ار بلغّي هو‬
‫‪ - 1‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪41‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الهدف‪ .‬أما مىت اكن جاهال فهذا يعين أنه حسن النية‪.‬فربط هذا املفهوم بني سوء النية‬
‫ونية اال ار مع أهنام ليسا متحدين‪.‬‬
‫لكنه يتطلب يف فروض أخرى عدم اماكنية العْل‪ ،‬من مث فان العْل احلاي أي‬
‫اماكن العْل وجمرد التقصّي يف العْل الناجت عن اخلطأ انجس مي جيعل الشفص س ئي النية‪،‬‬
‫وهذا هو املفهوم املوضوعي‪ .‬من مث لسب هذا املفهوم يكون الشفص س ئي النية ان‬
‫هو قصد اال ار بلغّي وأيضا ان أمهل‪.‬‬
‫هذا املفهوم هو املفهوم املعمتد يف اطار نظرية العقد‪ ،‬لسن النية يف التعاقد ال ككن‬
‫قرص مفهومه عىل انجهل‪ .‬فال يعترب املتعاقد حسن النية ان هو أمهل وقرص‪ .‬ويذهب‬
‫جبار انيج أمحد املال صار للقول أن حسن النية اذلايت ال يكفي التصاف املتعاقد‬
‫حبسن النية‪ ،‬بل جيب أن تكون أعامهل مقبوةل يف نظر اجملمتع والترشيع‪ ،‬فليست العربة‬
‫مبا يعتقده املرء يف شأن أفعاهل اذ قد يعتقد بأهنا صاحلة يف الوقت اذلي ال تكون فيه‬
‫كذكل‪ .‬دلى فان حسن النية املطلق‪ ،‬جيب أن يتضمن الك عنرصي حسن النية اذلايت‬
‫‪1‬‬
‫واملوضوعي‪.‬‬
‫ويف احلقيقة فان حسن النية هو نقيض سوء النية‪ ،‬واذلي ال يتوقف عىل توافر نية‬
‫اال ار‪ ،‬بل يتعداه اىل االهامل الناجت عن اخلطأ انجس مي‪.‬فسوء النية هو نقيض حسن‬
‫النية‪ ،‬أي لك معل خمالف ملبادئ الرشف‪ ،‬والاس تقامة‪ ،‬والصدق‪ ،‬امنا ال يشء كنع‬
‫‪2‬‬
‫احتاد سوء النية مع نية اال ار بلغّي‪.‬‬

‫‪ -1‬جبار انيج أمحد املال صار‪ ،‬مبدأ حسن النية يف تنفيذ العقود‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الرساةل للطباعة‪ ،‬بغداد‪،0911 ،‬‬
‫ص‪021‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬أس باب كسب امللكية‪ ،‬انجزء التاسع‪ ،‬دار احياء الرتاث العريب‪ ،‬لبنان‪،0962 ،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.912‬‬

‫‪42‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫من مث فانه ال ككن ترجيل معىن عىل أآخر‪ ،‬فلك تعريف ينظر للمبدأ من زاوية‬
‫معينة‪ ،‬وللك مفهوم جماهل‪ .‬ويف هذا الصدد ذهب ‪ 1Cornu‬اىل امجلع ما بني املفهومني‬
‫فّيى أن املبدأ هل معنيني أوهلام نفيس وهو‪" :‬الاعتقاد اخلاطئ لكن الصادق بوجود وضع‬
‫قانوّن مألوف" والثاّن أخاليق هو‪" :‬الترصف ال‪،‬يه اذلي يتطلبه تنفيذ الالزتام"‪ .‬اال أنه‬
‫يف جمال العقود يبقى تطبيق املفهوم املوضوعي اكفيا‪ ،‬ليحدد عىل ضوءه سلوك‬
‫املتعاقدين‪.‬‬
‫املطلب الث ّاّن‬
‫طبيعة مبدأ حسن النية‬
‫يذهب البعض من الرشاح‪ 2‬اىل القول أن‪" :‬مبدأ حسن النية هو يف احلقيقة وعىل‬
‫غرار املبادئ العامة القانونية الخرى من اس تنباط القضاء‪ ،‬ويس متد أساسه من سلطة‬
‫القايض"‪ .‬ويذهب جيين‪ 3‬اىل القول أن "احلاق حسن النية بأحد املفاهمي الخرى‪،‬‬
‫يفقده ق ته وجدواه يف مادة تنفيذ العقود وذكل عالوة عىل ما يعرتي هذه املفاهمي من‬
‫لب ومغوض"‪ .‬اال أن الكثّي من الفقه ذهب اىل البحث عن أساس املبدأ‪ ،‬فربطه‬
‫بأفاكر أخرى أكرث جتريدا وأكرث معومية‪،‬فنبحث تبعا ذلكل أساس مبدأ حسن النية يف‬
‫(الفرع الول)‪.‬‬
‫كام وأن مبدأ حسن النية الوارد ذكره يف الترشيع يف نصوص متفرقة‪ ،‬ومبناس بة‬
‫تنفيذ العقد‪ .‬مفهوم مرن‪ ،‬يتطلب لقياسه اللجوء اىل فكرة املعيار‪ .‬ذكل أنه مىت اكنت‬
‫العبارة املس تددمة يف القاعدة مرنة ككن أن تتسع لتشمل وقادع مع َينة‪ ،‬أو تضيق فال‬
‫‪1‬‬
‫‪-Ph. Le Tourneau. bonne foi .R.T.D. civ,.T3, 1999 .p1‬‬
‫‪Marie Annik Gregoire, L’impact de l’obligation de bonne foi; étude sur ses roles et‬‬
‫‪sanctions lors de la formation et l’élaboration du contrat, juin 2001,‬‬
‫‪www.memoireonline.com,p 8.‬‬
‫‪ -2‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -3‬رأي جيين مشار اليه يف ‪ :‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.92‬‬

‫‪43‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫تنطبق عىل هذه الوقادع‪ ،‬فانه يتعني اللجوء لفكرة املعيار‪،‬بعتباره جزءا من القاعدة‬
‫‪1‬‬
‫القانونية املرنة‪ ،‬فهو ان وجد يوجد داخل القاعدة القانونية املرنة‪.‬‬
‫ذلكل نتساءل يف هذا املقام مىت يعترب املتعاقد خمط ا ومىت يكون س ئي النية؟‬
‫ولن حسن النية يعترب ذو طبيعة ذاتية‪ 2‬يف أصهل‪ ،‬فيس تدل عليه اما بلرجوع اىل ذات‬
‫الشفص وبصدد واقعة معينة (معيار ذايت)‪ 3‬واما مبا يالبسه من ترصف خاريج‪ ،‬فتم‬
‫معرفته من هذا الترصف وصورته الظاهرة (معيار موضوعي)‪ .‬فنس تعرض معايّي قياس‬
‫حسن النية يف (فرع اثّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫أساس مبدأ حسن النية‬
‫أرجعه جانب من الفقه اىل فكرة العداةل‪ ،‬كفكرة جمردة متثل الهدف من وضع أي‬
‫نص قانوّن (الفقرة الوىل)‪ ،‬وحبث جانب أآخر من الفقه اماكنية ارجاعه اىل نظرية الثقة‬
‫املرشوعة‪.‬هذه النظرية اليت هلهرت مع هلهور عقود الاس هتالك‪ ،‬تربط بني طرف قوي‬
‫حمرتف وطرف ضعيف هو املس هتكل عادة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -1‬مسّي تناغو‪ ،‬الالزتام القضايئ‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬االسكندرية‪،3201 ،‬ص ‪.033‬‬
‫القاعدة القانونية اما أن تكون جامدة أو مرنة‪ .‬واملعيار يدخل عىل القاعدة القانونية املرنة يف مجموعها‪ ،‬لنه يعد العالج‬
‫الهرضوري ملشلكة العقد‪ ،‬بل ملشلكة الترشيع كلك‪.‬‬
‫فالصل أن تكون القواعد القانونية منضبطة وحمددة‪ ،‬اال أهنا توجد حاالت كثّية‪ ،‬ال بد أن تصاغ فهيا القواعد بصورة مرنة‪،‬‬
‫تتجاوب مع الظروف املتغّية‪ ،‬وما قد يس تجد من وقادع‪.‬‬
‫دمحم حسني منصور‪ ،‬املدخل اىل القانون‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬بّيوت‪،2005 ،‬ص‪.012‬‬
‫‪ -2‬اذ أن احلسن والسوء وصفان يلحقان بلنية‪ ،‬والنية خفية مس ترتة يف حاجة اىل ضوابط حتاها‪.‬‬
‫عبد احللمي القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -3‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫املعيار اذلايت ما هو اال نتيجة منطقية ملبدأ سلطان االرادة‪ ،،‬ومبدأ سلطان االرادة يركز عىل القصد والنية‪ ،‬وذكل حمافظة‬
‫عىل االرادة الباطنة وهو تعبّي أصدق عن النية احلقيقية‪ ،‬لنه يعتد بلعنارص اذلاتية والشفصية للفراد‪ .‬فيقمي لها وزان كبّيا‬
‫عند تقيمي سلوكهم اذ الهدف هو حتقيق العداةل‪.‬وما دامت ارادة العاقد يه اليت تنشأ العالقة القانونية‪ ،‬فيجب الخذ هبذه‬
‫االرادة يف حقيقهتا‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫بيامن ذهب رأي أآخر اىل ربطه بفكرة النظام العام بعتبارها الهدف المسى لوضع‬
‫أي قاعدة قانونية‪ ،‬وقد اعتد املرشع الفرنيس بلرأي الخّي واعترب مبدأ حسن النية‬
‫قاعدة من قواعد النظام العام يف املادة ‪ 0021‬ق م ف‪( .‬الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫ارجاع أساس املبدأ اىل فكرة العداةل‬
‫يف حني يرى جانب من الفقه‪ 1‬أن فكرة العداةل ال حتمل يف طياهتا حقيقة حمددة‪،‬‬
‫ويه مبثابة دعوة للقايض لالجهتاد‪ .‬يرى جانب أآخر من الباحثني‪ 2‬أن العداةل يه ما كليه‬
‫العقل السلمي‪ ،‬اس تجابة للمصار الكرث احرتاما‪.‬‬
‫بيامن يرى جانب أآخر‪ 3،‬أن العداةل يف العقد‪ ،‬يه عدم وجود اختالل للتوازن بني‬
‫الالزتامات املتودلة عن العقد‪.‬‬
‫من املعلوم أنه لكام احنرفت االرادة عن حتقيق متطلبات العداةل‪ ،‬تدخل الترشيع‬
‫والفقه والقضاء حرصا عىل حامية الطرف الضعيف‪ ،‬من عنت الطرف القوي‪ .‬فقد أثبت‬
‫الواقع أن املهين قد يضع يف العقد الرشوط والبنود اليت حتقق مصاحله وبصورة مبالغ‬
‫فهيا‪ ،‬غّي عائب بأي أ ار قد تقع عىل الطرف الآخر‪ ،‬اىل احلد اذلي ينال من توازن‬
‫‪ -1‬دمحم حسني منصور‪ ،‬املدخل اىل القانون‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪16‬‬
‫َتتلف فكرة العدل عن العداةل‪ ،‬فالعدل هو املساواة املطلقة بني الفراد‪ .‬سواءا فامي يتقرر هلم من حقوق‪ ،‬أو ما يفرض علهيم‬
‫من قيود‪ .‬فالعدل يتسم بلعمومية والتجريد‪ ،‬لنه مساواة حسابية بني الفراد‪ ،‬دون تفرقة بيهنم لي اعتبارات‪ .‬أما العداةل‬
‫فه ي العدل مطبقا عىل حاالت خاصة‪ ،‬أي أهنا مال لفكرة العدل‪ .‬لهنا تراعي الظروف واملالبسات الواقعية اخلاصة بلك‬
‫حاةل عىل حدة‪ ،‬فالعدل يتحقق عن طريق القواعد نجامدة‪ ،‬بيامن العداةل تتحقق عن طريق القواعد املعيارية مثل مبدأ حسن‬
‫النية‪.‬‬
‫مسّي تناغو‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،0926 ،‬ص ‪.11‬‬
‫والواقع أن القانون الوضعي حباجة اىل نوعني من القواعد يف الوقت ذاته‪ ،‬فالصل أن تكون القواعد القانونية منضبطة وحمددة‪.‬‬
‫اال أنه توجد حاالت كثّية‪ ،‬ال بد وأن تصاغ فهيا القواعد بصورة مرنة‪ ،‬تتجاوب مع الظروف املتغّية وما قد يس تجد من‬
‫وقادع‪ .‬دمحم حسني منصور‪ ،‬املدخل اىل القانون‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬
‫‪ -2‬اسامعيل انمق حسني‪ ،‬العداةل وأثرها يف القاعدة القانونية‪ ،‬دار الكتب اقانونية‪ ،‬دار ش تات للنرش والربجميات‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫‪ ،3200‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬

‫‪45‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫العقد وعدالته‪ 1.‬ذلكل وان اكن يفرتض كصل عام أن العقد اذلي يربمه الفراد الحرار‬
‫مطابق للعداةل‪ ،‬غّي أن المر ال يتعلق اال مبجرد قرينة‪ ،‬فاملتعاقد قد ال يقدّر مصلحته‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫هذا ما قد يدعو اىل ورة التدخل‪ ،‬مع الخذ بحلس بان ورات المن القانوّن‪.‬‬
‫واحلقيقة أن فكرة العداةل تويح بفكرة حسن النية‪ ،‬خاصة أن العداةل بدورها‬
‫مفهوم غامض وغّي واحض‪ ،‬وهو عىل حد قول ديباج‪" 3:‬يس تعيص من حيث املبدأ عن‬
‫أي تعريف‪ ،‬فهو لي فكرة مس تقَل لن مضموهنا يتغّي حسب هلروف الزمان واملاكن‪.‬‬
‫ذلكل يذهب بعض الفقه اكلفقيه دي الفرجن‪ 4‬اىل أن‪" :‬حسن النية هو التابع التارخيي‬
‫لالنصاف"‪.‬‬
‫يف سبيل الربط ما بني مبادئ العداةل وحسن النية‪ ،‬يذهب ديرو اىل القول بأنه‪:‬‬
‫"جيب أن نصلل بمس حسن النية‪ ،‬ونال بمس العداةل"‪ 5.‬فالتصحيل والتنفيذ هو دور‬
‫حسن النية‪ ،‬والتاَل والتمتمي هو دور العداةل‪ 6.‬ويذهب الفقيه الفرنيس ‪ 7Ghestin‬اىل‬
‫القول بأن اذلي يال العداةل هو مبدأ حسن النية‪ ،‬فالعقد ال يكون ملزما اال لنه حيقق‬
‫العدل‪.‬‬
‫والعداةل العقدية املقصودة هنا يه العداةل التبادلية‪ ،‬وليست العداةل التوزيعية‪ ،‬أي‬
‫تكل العداةل اليت ينبغي أن تسود بني الطراف املتعاقدة‪ ،‬بصدد الزتاماهتم املتقابَل عىل‬
‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪010‬‬
‫‪ -2‬جاك غس تان‪ ،‬ترمجة منصور القايض‪ ،‬املطول يف القانون املدّن‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬املؤسسة انجامعية لدلراسات والنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،3222 ،‬ص ‪3122‬‬
‫ويذهب جاك غس تان اىل أن العقد هو قبل أي يشء معل متوقع‪ ،‬يفقد عَل وجوده اذا اكن عدم اليقني حيلق بال انقطاع‬
‫حول حتقيقه‪ .‬فهاج فرض احرتام العداةل وحسن النية‪ ،‬جيب أن ال يعيقا التبادالت اليت ال غىن عهنا للعالقات الاجامتعية‪.‬‬
‫اذ جيب اجياد توازن بني العادل والنافع‪.‬‬
‫‪ -3‬رأي ديباج مشار اليه يف ‪ :‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪90‬‬
‫‪ -4‬رأي ديالفرجن مشار اليه يف ‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪90‬‬
‫‪ -5‬رأي ديرو مشار اليه يف ‪ :‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ -6‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬هبجت‪ ،‬الالزتام بلنصيحة يف نطاق التشييد‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الهنضة العربية‪،0992 ،‬‬
‫ص‪.093‬‬
‫‪7‬‬
‫‪- J.Ghestin,op cit,p 1993 , 188.‬‬
‫‪46‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫أساس املساواة التامة بيهنم‪ .‬وبذكل يتحقق التوازن يف الآداءات العقدية‪ ،‬لن الوهليفة‬
‫الساس ية للعداةل التبادلية تظهر يف الاحتفاظ بلتوازن‪ ،‬أو اعادة التوازن بني احلقوق‬
‫‪1‬‬
‫والالزتامات‪.‬‬
‫ويذهب جاك غس تان للقول أن مبادئ العداةل جيب أن ياهل حسن النية‪2 .‬و يف‬
‫حتليهل لهذا الرأي يذهب شّيزاد اىل أنه ان اكنت فكرة العداةل تعين التوازن يف العالقة‬
‫العقدية‪ ،‬فان حسن النية قاعدة سلوك‪ .‬فاذا اكن سلوك املتعاقد موافقا مع مقتضيات‬
‫حسن النية‪ ،‬قد يؤدي ذكل بلنتيجة اىل أن يتوصل الطرف املقابل اىل مبتغاه من‬
‫التعاقد‪ ،‬وهذا ينتج عنه العداةل يف العقد‪ .‬فاالخالل مبقتضيات حسن النية ككن أن‬
‫يتودل عنه عدم العداةل‪ ،‬من مث حسن النية ألية من أليات حتقيق العداةل يف العقد‪،‬‬
‫جبانب الليات الخرى املقررة يف القانون لسن النية مبدأ مال لفكرة العداةل‪،‬‬
‫وليست العداةل من مقتضياته‪ .‬فلي عىل املتعاقد أن حيرص عىل اجياد توازن بني ما‬
‫يعطيه وما يأخذه‪،‬بقدر ما يتعني عليه مراعاة أخالقيات التعاقد‪ .‬فعندما يقرر املرشع أن‬
‫عىل املدين أن ينفذ الزتامه دون غش‪ ،‬فانه يأىب أو يرفض أن يترصف املدين بطريقة‬
‫غّي أخالقية حىت ولو اكنت عادةل‪.3‬‬

‫‪ -1‬اسامعيل انمق حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.026‬‬


‫فكرة العدل التباديل يه الساس اذلي بنيت عليه العديد من النظرايت يف القانون‪ ،‬مثل نظرية العقد واالثراء بال سبب‪،‬‬
‫والعمل غّي املرشوع‪ .‬فالقاعدة أن العالقات الفردية َتضع لقاعدة العدل التباديل‪ ،‬سواء االرادية أو الالارادية ويسمى العدل‬
‫هنا تبادليا لن معهل يقع مبناس بة تبادل الش ياء‪ ،‬واخلدمات بني الفراد داخل اجملمتع‪ .‬وكذكل يسمى تصحيحيا لن هممته‬
‫تصحيل الاختالل يف اذلمم املالية‪ ،‬الناجت عن انتقال الموال من ذمة اىل أخرى‪ ،‬أو عن معل غّي مرشوع‪ .‬ودور القايض يف‬
‫هذا الصدد ينحرص يف اعادة التوازن بني اذلمم املالية‪ ،‬أو تصحيل عدم التوازن اذلي حلقها‪ ،‬سواءا أاكن ذكل انجتا عن اتفاق‬
‫أو عن فعل ضار‪.‬‬
‫ويرتبط العدل التباديل بملساواة أيضا‪ ،‬ولكن املساواة ليست تناسبية‪ ،‬بل مساواة حسابية مطلقة دون أن تأخذ يف‬
‫احلس بان صفات الفراد واختالف خشصياهتم‪ .‬اذ يقول أرسطو"اذا تسبب معل أو ترصف يف خسارة مادية أو معنوية‬
‫لشفص من الشداص‪ ،‬فان العدل التباديل يقب أن يقوم الشفص اذلي تسبب يف اخلسارة أو اس تفاد مهنا‪ ،‬بأن يرد‬
‫للطرف الآخر ما يعادل هذه اخلسارة‪ ،‬حبيث يصبل لك من الشفصني بعد حدوث هذا الترصف‪ ،‬يف نف املركز اذلي اكن‬
‫عليه من قبل"‬
‫‪ -2‬جاك غس تان ترمجة منصور القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪3122‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪011‬‬
‫‪47‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويذهب اىل أبعد من ذكل بعض الفقه للقول أن حسن النية هو العداةل‪ ،‬وأن‬
‫القايض اذا ما ارتكز عىل حسن النية فهو حيمك بلعداةل‪، ،‬فاالنصاف هو اس تحضار‬
‫حسن النية‪ .1‬وهو حسب مقوةل ديسان ‪" 2:‬أحد العوامل اليت متزتج بفكرة العدل‪،‬‬
‫لمتكن بصورة أفضل من اعطاء لك ذي حق حقه‪ ،‬وحتقيق االنصاف‪ ،‬وأن التنفيذ‬
‫حبسن نية يبدوا وكنه من احداثيات االنصاف اليت كرسها القانون"‪.‬‬
‫غّي أن ما هو مسْل به أن املبدأ فكرة عامة تصلل أن تكون أساسا جملموعة من‬
‫احللول القانونية‪ .‬أما العداةل فكرة أكرب منه بكثّي فه ي أساس املبادئ‪ ،‬اليت تكون أساسا‬
‫للحلول القانونية فال شك أن العداةل أكرب من جمرد أن تكون مبدأ‪ 3.‬غّي أنه ككن القول‬
‫أن املبدأ هو من افرازات العداةل‪ ،‬ويه أساسه‪.‬‬
‫ان ادلور الردييس ملبادئ العداةل تمتثل يف هتذيب القواعد القانونية الصارمة‪ ،‬اليت‬
‫يعرتُّيا النقص والقصور‪ .‬بل أن اقرار العداةل يف كثّي من النصوص‪ ،‬يعين اصدار‬
‫القايض لحاكمه بناءا عىل اعتبارات موضوعية عامة‪ ،‬أي اذلي تقتضيه االرادة املنطقية‬
‫التعاقدية‪ ،‬ال ارادة الطراف املتعاقدة بذلات‪ .‬واملفاهمي اليت تدخل مضن مفهوم العداةل‬
‫متشعبة ومتنوعة وال ككن حرصها أو حتديدها‪ ،‬نذكر مهنا نظرية عدم التعسف اس تعامل‬
‫‪4‬‬
‫احلق‪ ،‬الاس تغالل‪ ،‬والتدلي ‪ ،‬والظروف الطاردة ومراعاة حسن النية يف العقد‬
‫‪1‬‬
‫‪- R. Vouin , La bonne foi ,notion et rôle actuels en droit privé français, L.G.D.J,‬‬
‫‪paris,1939,p89‬‬
‫‪ -2‬رأي ديسان مقتب عن ‪:‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪92‬‬
‫‪ -3‬اسامعيل انمق حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪62‬‬
‫‪ -4‬أسامة أمحد بدر‪ ،‬تايل العقد‪ ،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية والاقتصادية‪ ،‬ع ‪ ،3‬مرص‪ ،3202 ،‬ص‪.306‬‬
‫يذهب بعض الكتاب اىل القول أن الصياغة انجامدة للقاعدة القانونية‪ ،‬ال حتقق اال فكرة العدل اجملرد‪ .‬أما الصياغة املرنة‬
‫فتس هتدف حتقيق العداةل‪ .‬لكن ال ككن التسلمي هبذا الرأي عىل اطالقه‪ ،‬لن الصياغة انجامدة أيضا حتقق العداةل يف احلاالت‬
‫اليت تتفق العداةل مع العدل‪ .‬فاذا متكنت املساواة اجملردة من تلبية متطلبات العداةل‪ ،‬ف كن القول أن العداةل والعدل قد حتققا‬
‫معا‪ .‬فبالتايل الصياغة انجامدة يتحقق فهيا االثنان‪ ،‬معا لن هذه الصياغة مبنية عىل فكرة املساواة اجملردة‪ ،‬أما اذا ر تمتكن‬
‫املساواة اجملردة من تلبية متطلبات العداةل فهنا يتحقق العدل دون العداةل‪ .‬وبلتايل ال ككن القول ان الصياغة انجامدة يف‬
‫احلاةل هذه قد حققت العداةل‪ ،‬من مث فان نس بة حتقيق العداةل يف الصياغة املرنة أكرب بكثّي‪ ،‬من نس بة حتققها يف الصياغة‬
‫انجامدة‪ .‬اسامعيل انمق حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪48‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫واحلقيقة أن لك هذه الفاكر انبعة عن مبدأ حسن النية‪ 1.‬ذلكل اذا اكنت فكرة‬
‫العداةل فكرة عامة جمردة ومضموهنا غامض حمل نقاش‪ ،‬هتدف اىل اقامة التوازن يف‬
‫العقد‪ ،‬فان مبدأ حسن النية كثل وس يَل العادة التوازن للعقد وملراقبة مضمون‬
‫العقد‪.‬ذللك ُّيى أن فكرة العداةل ترتمج عىل مس توى العقد أو تتدخل عن طريق القواعد‬
‫املعيارية‪ ،‬مكبدأ حسن النية اذلي يعترب املصدر املبارش لنشأة الالزتامات انجديدة‪.‬‬
‫وتكون فكرة العداةل تبعا ذلكل أساسا غّي مبارشا لهذه الالزتامات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫احرتام الثقة املرشوعة كساس ملبدأ حسن النية‬
‫ان مبدأ التفصص يف العلوم واملهن‪ ،‬وما أفرزه من رابطة للثقة املرشوعة بني‬
‫املهين املتفصص والطرف الضعيف‪ ،‬اكن هل أثر يف توجه القضاء حنو تعزيز حمتوى‬
‫العقد‪ ،‬بلزتامات تكرس احرتام الثقة‪ ،‬وحتمي الطرف غّي املتفصص يف مواهجة صاحب‬
‫الفن واملعرفة‪ .‬ففكرة التفصص املهين أنشأت رابطة للثقة املرشوعة‪ ،‬مصدرها الاختالل‬
‫املعريف بني أطراف العالقة العقدية‪ ،‬اذلي يفرض عىل املتعاقد غّي املتفصص أن يلجأ‬
‫يكون معه روابط م ّمتزية‪ ،‬من أُه مظاهرها الثقة فامي يتدذه املهين‬
‫اىل املهين املتفصص‪ ،‬و ّ‬
‫من قرارات‪ ،‬يصعب عليه أن يتدذها بنفسه حبمك عدم َتصصه‪.‬‬
‫وجدير بذلكر أن هجل ادلائن يكون مرشوعا‪ ،‬اذا ما اعمتد عىل الثقة املرشوعة يف‬
‫املتعاقد الخر‪ .‬ويه الثقة اليت تفرضها بعض العقود اما بسبب طبيعهتا‪ ،‬اذ أن طبيعة‬
‫العقد تفرض يف كثّي من الحيان قدرا كبّيا من الثقة والمانة بني الطرفني‪ ،‬مما جيعل‬
‫أحدهام يعمتد عىل البياانت واملعلومات اليت يقدهما هل الطرف الآخر‪ ،‬ومثال ذكل‪ :‬عقد‬
‫التأمني و عقد الواكةل‪.‬‬

‫‪ -1‬وهذا ما س نبينه يف املبحث الثاّن عند حبثنا يف دور املبدأ يف مرحَل ابرام العقد ويف مرحَل تنفيذ العقد‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وقد تستند هذه الثقة املرشوعة اىل صفة معينة يف أحد املتعاقدين‪ ،‬متكنه من‬
‫الاس تئثار بلعْل مبسادل كثّية‪ ،‬كن يكون حمرتفا يف جمال َتصصه ف ُيربم عقدا مع خشص‬
‫‪1‬‬
‫عادي غّي حمرتف‪ ،‬اكلبادع اذا اكن منتجا همنيا متفصصا‪.‬‬
‫تقوم رابطة الثقة املرشوعة عىل ركنني أساس يني‪ :‬أوهلام عدم وجود تعادل يف‬
‫املعارف الفنية بني طريف العقد‪ ،‬واثنهيام ثقة الطرف القل معرفة فنية يف فن ومعارف‬
‫الطرف الآخر صاحب املعرفة الفنية‪ ،‬ومن مث فالعميل حيامن يلجأ اىل املتفصص ويضع‬
‫بني يديه أمانة مساعدته واحلرص عىل مصاحله‪ ،‬فان الزتاما بالعالم والنصيحة س ينشأ‬
‫‪2‬‬
‫يف ذمة املتفصص‪ ،‬احرتاما للثقة املرشوعة اليت اس توجهبا التفصص الفين‪.‬‬
‫ووجود حسن نية عقدية وأمانة عقدية‪ ،‬يعين وجود ثقة عقدية تودل الزتامات‬
‫جديدة‪ ،‬وتؤدي اىل خضوع املهين ملسؤولية مشدّ دة‪ .‬ذلكل يرى بعض الرشاح وجود‬
‫رابطة بني حسن النية والثقة‪ ،‬بلقول بأن الثقة حىت تكون مرشوعة يشرتط حسن نية‬
‫‪3‬‬
‫املتعاقد وأن الشك يعين عدم الثقة مما يعين سوء نية صاحبه‪.‬‬
‫غّي أن جانب أآخر من الفقه‪ 4‬يذهب اىل أبعد من هذا التفسّي‪ ،‬بستبعاد حسن‬
‫النية ووضع فكرة الثقة كساس لاللزتامات انجديدة‪ .‬بلقول أن حسن النية ينبع من‬

‫‪ -1‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬العقود المتهيدية‪ ،‬دراسة حتليلية مقارنة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬دار ش تات للنرش‬
‫والربجميات‪ ،،‬مرص‪ ،3202 ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪ -2‬فالعميل (طالب اخلدمة) س يجد نفسه جمربا من الناحية الواقعية يف اللجوء اىل املهين املتفصص‪ ،‬بل أن القانون قد‬
‫يفرض يف بعض الحيان اللجوء اىل صاحب الفن املتفصص يف تقدمي خدمة معينة‪ ،‬مثل احتاكر املعامري وضع الرسومات‬
‫التشييدية واملوصفات الفنية للبناء‪ ،‬فغّي املتفصص ال يسعه اال أن يركن اىل املكتب الفين املتفصص اذلي حيتكر تقدمي‬
‫خدمة فنية مودعا ثقته فيه‪ ،‬عىس أن يش بع حاجته من دون أن تكون هناك معرفة خشصية هبذا املهين‪.‬‬
‫سالم عبد هللا الفتالوي‪ ،‬اكامل العقد ـ املؤسسة احلديثة للكتاب ـ‪ ،‬لبنان‪ 3203 ،‬ص‪002‬‬
‫‪ -3‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪302‬‬
‫‪ -4‬رأي ‪ A.CHIREZ‬مشار اليه يف ‪ :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫و يطلق علهيا هذا انجانب من الفقه مصطلل النظرية بدل املبدأ ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫مقتضيات الثقة‪ ،‬وأن رد الالزتامات انجديدة اىل نظرية الثقة‪ ،‬هو أكرث واقعية من‬
‫الاعامتد عىل فكرة حسن النية‪ ،‬مبفهوم اخملالفة بملعىن السليب اذلي قوامه احليَل القانونية‪.‬‬
‫ويضيف رأي أآخر‪ 1‬أن الثقة العقدية تقدم لنا تفسّيا أفضل من االرادة الضمنية‪،‬‬
‫يف تربير الالزتامات انجديدة لنه يصعب الاقتناع بنرصاف االرادة الضمنية لطراف‬
‫العقد لفرض تكل الالزتامات‪.‬و يضيف (‪ 2)A.Chirez‬أن الثقة العقدية تقدم لنا تفسّيا‬
‫لعقود االذعان أكرث وضوحا‪ ،‬من تفسّيات االرادة الضمنية‪ .‬فعقود االذعان ال جتد لها‬
‫تفسّيا اال يف نطاق الثقة العقدية املرشوعة‪ ،‬وأن افرتاض انرصاف ارادة الطراف اىل‬
‫فرض هذه الالزتامات انجديدة‪ ،‬ال تسعفنا يف دائرة عقود االذعان‪ ،‬حني خيتفي التفاوض‬
‫العقدي‪ ،‬ويكون العميل ازاء اشرتاطات اجاملية موحدة يصعب فهمها بسهوةل‪ .‬فلن‬
‫يكون احلافز وراء التعاقد سوى فكرة الثقة‪ ،‬فالعميل لن جيارس بلتعاقد عىل مضمون‬
‫عقدي جمهول التفاصيل‪،‬اال بناءا عىل وجود ثقة قوية يف نزاهة وفن املهين‪.‬‬
‫ذلكل يرى ‪ 3 A.Chirez‬أن االدعاء أن املدين قد أراد أن يلزتم مضنا هبذه‬
‫الالزتامات‪ ،‬وأنه ان خالف الزتامه اكن س ئي النية واس توجب المر مسؤوليته هو‬
‫افرتاض قانوّن غّي واقعي‪ ،‬والفضل رد تكل الالزتامات عىل أساس الثقة الكرث واقعية‪.‬‬
‫لنه من الصعب افرتاض أن املهين اخملالف اللزتامه‪ ،‬اكن يدبر ادلسائ واملؤامرات‬
‫ضد معيهل غّي املتفصص‪ .‬ويضيف هذا الفقيه أن سلوك الشفص ومؤهالته اخلاصة‪،‬‬
‫وطبيعة العالقة اليت جتمعه بطرف أآخر ّ‬
‫مكونة رابطة الثقة فيه تويح اليه بأن يلزتم‪،‬‬
‫دون أن يكون حباجة للبحث عن تربير أآخر لاللزتامات‪ .‬فالثقة يه اليت جتعل الشفص‬
‫يلزتم‪.‬‬
‫‪ -1‬رأي ‪ B.Starck‬مشار اليه يف‪:‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ A.Chirez‬مشار اليه يف ‪ -‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪332‬‬
‫ويرتتب عىل ذكل أن ادلعاية واالعالانت تلعب يف عقود االذعان كعقد ثقة دورا هاما يفوق يف أثره وأمهيته العقود الرضادية‬
‫فالثقة اذا يف عقود االذعان يه أعىل بطبيعة تكل العقود لتأسي وتربير الزتام املدين اذلاعن عىل أساس ثقة ادلائن املذعن‪.‬‬
‫‪ -3‬رأي ‪ A.Chirez‬مشار اليه يف ‪:‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪51‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ان العقد يقتب أوال الثقة يف االرادة اليت تتعهد باللزتام‪ ،‬وصفات املدين‬
‫الشفصية والفنية واليت تربطه بدلائن تكفي وحدها كساس لاللزتام التلقايئ‪ ،‬اذلي‬
‫يس متد من مقتضيات الثقة السابقة‪،‬عىل وجه ال جيعلنا يف حاجة للبحث عن تربيرات‬
‫لاللزتام‪ .‬واهدار الثقة هو مصدر تشديد مسؤولية املهين‪ ،‬فالعقد يعرب عن وجود‬
‫رابطة ثقة‪" :‬أان أثق يف املتعاقد الآخر اذا أان أقبل التعاقد معه‪،‬فالثقة يه الواقعة املودلة‬
‫‪1‬‬
‫لاللزتام انجديد‪ ،‬حىت ولو ر ينص عليه رصاحة يف العقد‪.‬‬
‫ذلكل يذهب الاجتاه السابق اىل هدم مبدأ حسن النية العقدية‪ ،‬وانتقاده وابراز‬
‫مظاهر تفضيل نظرية الثقة كشلك جديد للمانة العقدية عىل مبدأ حسن النية‪ ،‬واذلي‬
‫هو حسب وهجة نظر هذا الفقه ارادة مفرتضة‪ ،‬ويقدمون يف ذكل أسانيد وجحج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬ان معيار حسن النية ال جييب لنا عن التساؤل املطروح‪ :‬ما هو أساس الالزتام‬
‫بالعالم والنصيحة؟ لن من أجل معرفة اذا ما اكن هناك خمالفة لاللزتام فان‬
‫عىل القايض أن يسأل نفسه أوال ‪:‬هل هناك خرق ملعيار حسن النية العقيدة؟‬
‫اذن فالتساؤل واملشلكة ما زالت قامئة‪ ،‬مفعيار حسن النية العقدية حيتاج بدوره‬
‫اىل معيار أآخر‪ ،‬لتحديد مىت نكون بصدد اهدار املعيار الول‪ ،‬فاملعيار حيتاج‬
‫ملعيار‪ .‬من هذا املنطق بدأ الفقه الفرنيس يبحث عن املعيار املفتقد‪ ،‬واذلي هو‬
‫‪2‬‬
‫معيار الثقة العقدية املرشوعة‪.‬‬
‫‪ ‬ان الثقة يه أساس لاللزتام‪ ،‬ويؤكد بعض الفقه ك ‪ Alisse‬و‪Boyer‬‬
‫و‪ 3Carbonniez‬أن العقود يه ترصفات ثقة‪ ،‬بلقول أن القانون لن يكون هو‬
‫املنشط للثقة املفقودة‪ .‬فعندما يقف القانون عند حدود معينة فان الثقة يه اليت‬
‫جتدد حيوية القانون‪.‬مفبدأ حسن النية ال يربر لنا املسؤولية املهنية‪ ،‬بيامن جند يف‬
‫‪ -1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪309‬‬
‫‪ - 2‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ -3‬رأي ‪ Alisse‬و‪ Boyer‬و‪Carbonniez‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬

‫‪52‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫فكرة الثقة املرشوعة‪ ،‬واالخالل هبا معيارا يقود منطقيا اىل تشديد مسؤولية‬
‫املهنيني‪.‬‬
‫من مث يرى أنصار هذا الرأي أنه يتعني رفض فكرة حسن النية‪ ،‬واستبدالها بفكرة‬
‫الثقة العقدية املرشوعة‪.‬فالثقة املرشوعة يه أساس القوة امللزمة للعقد‪ ،‬وهو ثقة ادلائن‬
‫يف قدرة املدين عىل الوفاء باللزتام‪.‬وأن نظرية الثقة املرشوعة حتل شيئا فشيئا يف القانون‬
‫العقدي احلديث‪ ،‬فثقة ادلائن يف ارادة املدين يه أساس الزتامه‪ ،‬ونشأة العقد بتوافق‬
‫‪1‬‬
‫ارادتني هو أمر افرتايض ونظري‪ ،‬وأن الثقة يه اليت تربر وجود أآاثره‪.‬‬
‫غّي أن جانب من الرشاح‪ 2‬يذهب اىل أن نظرية الثقة أو مبدأ الثقة ال تصلل‬
‫لفرض الالزتامات انجديدة ‪ ،‬ويقدم مجموعة من احلجج دلمع موقفه‪:‬‬
‫‪ ‬مبدأ الثقة املرشوعة أو كام يسميه البعض نظرية الثقة املرشوعة هتدف اىل حامية‬
‫توقعات الطرف الآخر يف العالقة العقدية‪ ،‬أي أهنا هتدف اىل حامية الوضاع‬
‫الظاهرة‪ .‬ونظرية الوضاع الظاهرة وان اكنت تعترب من تطبيقات مبدأ حسن‬
‫النية‪ ،‬اال أهنا هتدف اىل حامية الغّي ال الطرف املتعاقد‪ ،‬ذلكل حيبذ العديد من‬
‫الفقهاء اس تددام مصطلل نظرية الظاهر بدل نظرية الثقة املرشوعة‪.‬‬
‫وحىت وان اكن هذا الاجتاه يشّي اىل أن نظرية الظاهر املقصودة هنا تقوم يف‬
‫اطار نظرية العقد‪ ،‬ويه غّي النظرية املشار الهيا يف خارج اطار العقد‪ ،‬اال أن‬
‫نظرية الوضاع الظاهرة يه يف ذاهتا من تطبيقات مبدأ حسن النية‪ ،‬وبلتايل فهو‬
‫أمشل وجماهل خيتلف‪ .‬دلى يفضل الفقيه ‪ 3Forierts‬الخذ مببدأ حسن النية يف‬
‫نطاق نظرية العقد‪.‬‬

‫‪ - -1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪302‬‬


‫‪ - 2‬من بيهنم ‪ .Vouin . Ghestin :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ -3‬رأي ‪ Forierts‬مشار اليه يف ‪:‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬

‫‪53‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪ ‬فكرة الثقة قواهما فكرة الاختيار‪ ،‬يف حني تنعدم فرصة التفيّي بني املهنيني‬
‫واملفاضَل بيهنم‪ ،‬وتنعدم معها فكرة الثقة‪ .‬كام أن مع هلاهرة الاحتاكر املهين َتتفي‬
‫‪1‬‬
‫الثقة كساس لاللزتام‪.‬‬
‫‪ ‬ونضيف اكنتقاد لهذا الرأي أنه ذهب للقول بأن مبدأ حسن النية هو حمض ارادة‬
‫مضنية‪ ،‬يفيد فقط يف تفسّي العقد دون أن يفيدان لتربير نشأة الالزتام بالعالم‬
‫والنصيحة‪ ،‬غّي أن هذا اكن رأي الفقه الفرنيس القدمي اذلي يرى أن حلسن النية‬
‫معىن تفسّيي فقط‪ ،‬غّي أن الفقه احلديث يرى أن حلسن النية معىن تنفيذي‪،‬‬
‫يتجاوز معناه التفسّيي‪ ،‬يصلل لفرض الزتامات جديدة عىل عاتق طريف العالقة‬
‫‪2‬‬
‫العقدية‪.‬‬
‫ويرى البعض الآخر أن الثقة مرتبطة حبسن النية‪ ،‬لسن النية انجت عن القوة امللزمة‬
‫للعقد‪ ،‬اليت تعك الثقة اليت يضعها لك متعاقد يف الآخر يف تنفيذ الالزتام‪ .‬وأن ال‪،‬اهة‬
‫هتدف اىل بناء الثقة‪ ،‬وأن خيبة المل يه معيار سوء النية ‪ 3.‬ويُؤيد هذا الطرح‬
‫ملنطقيته‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‬
‫فكرة النظام العام كساس ملبدأ حسن النية‬
‫تسعى فكرة النظام العام والآداب العامة‪ ،‬اىل مراعاة انجوانب الخالقية اليت يعد‬
‫انهتاكها‪ ،‬اخالال بملصار العليا الساددة يف اجملمتع‪ .‬وحسن النية يقتب أيضا مراعاة‬
‫الاعتبارات الخالقية‪4.‬وقد أشارت املادة ‪ 021‬ق م ج عبارة " جيب " ‪،‬وهذا يعين أو‬
‫‪ -1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪ -2‬حنيل يف هذا الصدد اىل ما تعرضنا هل يف املبحث الثاّن من هذا الفصل يف دالالت املبدأ ص‪.130‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Philippe Stoffel-Munck , L'abus dans le contrat, Essai d'une théorie, Paris 2000, p. 476‬‬
‫‪« De façon générale on a souligné que "La confiance constitue la justification de la force‬‬
‫» ‪obligatoire de la lettre contractuelle, elle en fixe aussi les limites‬‬
‫هذا وأن القضاء الفرنيس ال كيل اىل اعامتدا يف العالقات التعاقدية‪ ،‬وعادة ما يشّي اىل مبدأ حسن النية بعتبار أنه مشار‬
‫اليه يف نظرية العقد مبارشة‪.‬‬
‫‪ -4‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.303-093‬‬

‫‪54‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يفيد القول أن حسن النية ليست قاعدة مفرسة الرادة الطراف‪ ،‬ما يطرح التساؤل ‪:‬‬
‫هل أنه قاعدة أآمرة ال جيوز االتفاق عىل ما خيالفها برادة الطرفني؟و من مث ال جيوز‬
‫استبعاده عن النظام القانوّن اذلي حيمك العقود؟‬
‫يرى البعض‪ 1‬بأن حسن النية مبدأ قانوّن‪ ،‬واذا اعتربان ذكل كذكل فانه يكون‬
‫مس متدا من الفكرة العامة للوجود يف جممتع معني‪ .‬وهو طبعا لي قاعدة بملعىن الفين‬
‫للقانون‪ ،‬كام ككن اس تقراؤه من القواعد القانونية الوضعية املوجودة يف هذا اجملمتع‪.‬‬
‫فاملبادئ العامة تعرب عن الفكرة الساددة للوجود‪ ،‬وتأيت القواعد القانونية لتعرب جزديا عن‬
‫الفاكر اليت تتضمهنا هذه املبادئ‪ ،‬ما يعين أن املرشع يس توحهيا عند وضع الترشيعات‬
‫أي يس تويح القواعد من تكل املبادئ‪.‬‬
‫ويضيف ذات الرأي السابق أن هناك فرقا جوهراي يتعلق بوهليفة لك من املبدأ‬
‫والقاعدة القانونية من حيث الصفة العمومية يف لك مهنام‪ ،‬فالعمومية يف املبدأ يقصد مشوهل‬
‫مبجموعة ال حرص لها من التطبيقات‪ ،‬وهذا ما جيعل من الصعب حرص املواضيع اليت‬
‫ينساب حنوها مضن نظرية واحدة مس تقَل‪ .‬بلعك من القاعدة القانونية حيث أهنا بلرمغ‬
‫من أهنا تقرر نس بة غّي حمددة من العامل والوقادع‪ ،‬لكهنا من انحية أخرى تمتزي بنوع من‬
‫اخلصوص‪ ،‬من حيث أهنا ال حتمك اال وقادع وأعامل معينة‪.‬‬
‫ويضيف رأي أآخر‪ 2‬أن املبادئ تسهم يف حتديد هذه القوانني كام يف النظام العام‪،‬‬
‫واليت بدورها تقيد احلرية التعاقدية للفراد‪ .‬ومن مث فكيف لهذا النظام العام‪ ،‬واذلي‬
‫يس توىح من املبادئ العامة للقانون‪ ،‬واليت بدورها مس توحاة من الفكرة العامة للوجود‪،‬‬
‫أن حيتوي حسن النية مكبدأ قانوّن‪ ،‬ويكون مصدرا لقوته والزاميته‪.‬‬

‫‪ -1‬هيدلر أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -2‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪92‬‬
‫‪55‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫غّي أن البعض الآخر‪ 1‬يذهب اىل أن حسن النية هل وصفني‪ ،‬فيوصف بأنه الزتام‬
‫قانوّن ويوصف بأنه قاعدة قانونية‪ .‬وكقاعدة قانونية هو من النظام العام وهو قاعدة أآمرة‬
‫ال ككن االتفاق عىل ما خيالفها ‪ .‬غّي أنه بوصفه اكلزتام قانوّن فانه خيتلف عن فكرة‬
‫النظام العام والآداب العامة فامي ييل‪:‬‬
‫‪ -0‬من حيث انجزاء ‪ :‬جفزاء خمالفة النظام العام والآداب العامة هو البطالن يف لك‬
‫احلاالت‪،‬بيامن جزاء االخالل مبقتضيات حسن النية هو التعويض بدلرجة الوىل‪.‬‬
‫‪ -3‬من حيث املصلحة اليت يريم القانون اىل حاميهتا من خالهلام‪ :‬يريم القانون من‬
‫خالل الزتام حسن النية ارافظة عىل املصار اخلاصة للطرف املقابل مبارشة‪ ،‬اذ‬
‫االخالل به من قبل طرف يؤدي اىل زعزعة مصار الطرف الآخر‪ ،‬والنتيجة غّي‬
‫املبارشة لاللزتام مبقتضيات حسن النية‪ ،‬هو حتقيق املصلحة العامة‪ .‬بيامن االخالل بلنظام‬
‫العام والآداب العامة‪ ،‬يؤدي اىل املساس بملصار العليا للمجمتع‪ ،‬أي بملصلحة العامة‬
‫بشلك مبارش‪ .‬وان اكن هناك اخالل بملصلحة اخلاصة لحد الفراد فان المر يكون‬
‫بشلك غّي مبارش‪ ،‬أي أن لك من مبدأ حسن النية وفكرة النظام العام ُّيدف اىل‬
‫غرض معني خيتلف عن الآخر‪ ،‬وال ككن الاس تغناء عن احدى الفكرتني حبجة وجود‬
‫الخرى‪ ،‬فلك واحدة مهنام تعد ألية مس تقَل من أليات تنظمي العالقة التعاقدية‪.‬‬
‫وقد اعترب املرشع الفرنيس مبدأ حسن النية‪ ،‬قاعدة من قواعد النظام العام من‬
‫خالل نص املادة ‪ 0021‬ق م ف ‪ ،2‬بعد تعديهل لحاكم القانون املدّن ‪ .‬حيث جاء يف‬

‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-ART 1104 C C F : « Les contrats doivent être négociés, formés et exécutés de bonne‬‬
‫‪foi. Cette disposition est d'ordre public ».‬‬
‫ويذهب أكرم محمود البدو اىل القول أن املفهوم التقليدي للحرية التعاقدية قد تغّي‪ ،‬غّي أن هذا التغيّي لي السبب‬
‫فيه هو مبدأ حسن النية‪ ،‬وامنا الفكرة أبعد وأكرب من ذكل‪ ،‬اذ تان يف االجتاه حنو موضوعية االرادة التعاقدية‪ ،‬و يه‬
‫ورة اعطاء احلرية العقدية بصورة ال تتقاطع مع املبادئ اليت طرحهتا فكرة املوضوعية‪ ،‬و يه اس تقرار املعامالت والعدل‬
‫وكذكل عدم خمالفة النظام العام والآداب العامة‪ .‬وبعبارة أخرى فان حسن النية هو جزء ممتم لفكرة املوضوعية بعتبار أن‬
‫‪56‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫فقرهتا الوىل أن العقود َتضع للتفاوض‪ ،‬وتربم وتنفذ حبسن نية‪ .‬وأشار يف الفقرة الثانية‬
‫أن هذه القاعدة من النظام العام‪ .‬ما يفيد أنه ال ككن استبعاد مقتضياته برادة الطراف‬
‫من نطاق العقد‪ ،‬سواء يف مرحَل ما قبل ابرام العقد أو أثناء تنفيذه‪ ،‬كام وأنه مفروض‬
‫حىت ولو ر ينص عليه االتفاق‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد نتساءل عن موقف املرشع الفرنيس‪ ،‬هل أن اعتبار مبدأ حسن‬
‫النية قاعدة من قواعد النظام العام‪ ،‬يفيد أن جزاء االخالل به هو البطالن ؟ و هل ككن‬
‫للقايض أن يثّي المر من تلقاء نفسه‪ ،‬يف حال اخالل أحد املتفاوضني مببدأ حسن‬
‫النية؟‪.‬‬
‫يتعني لتحليل موقف املرشع الفرنيس االشارة بداية اىل أن فكرة النظام العام‬
‫عرفت تطورا‪ ،‬فتصنف اىل نظام عام س ياق واىل النظام العام الاقتصادي‪ ،‬تتدخل‬
‫مبوجبه ادلوةل بقواعد تفرض سلواك واجب االتباع يف اطار عالقات التبادل الاقتصادية‬
‫من انتاج وتوزيع واس هتالك‪.‬‬
‫ويصنف النظام العام الاقتصادي بدوره‪ ،‬اىل نظام عام توجهي ي ونظام عام حاميئ‪.‬‬
‫وأحاكم النظام العام التوجهي ي‪ ،‬يرتتب عىل خمالفهتا بطالن العقد بطالن مطلق‪ ،‬أما‬
‫قواعد النظام العام امحلايئ‪ ،‬تتضمن أحاكم محلاية الطرف الضعيف‪ ،‬والبطالن ال خيدم‬
‫مصلحة الطرف الضعيف‪ ،‬بل مصلحة الطرف القوي‪ ،‬وبلتايل تنتفي الغاية من أحاكم‬
‫النظام العام امحلايئ‪ ،‬ذلكل حامية املتعاقد الضعيف تقتب االبقاء عىل العقد ال ابطاهل‪،‬‬
‫فقد يرتتب عىل خمالفة النظام العام امحلايئ ابقاء العقد‪ ،‬أو ابطال الرشط التعسفي‪.‬‬

‫=حسن النية س يقوم القايض بلتحقق من وجوده ومن الالزتامات اليت يفرضها متأثرا مبراعاة املصلحة العامة وبلعادات‬
‫والعراف والقواعد ادلينية والخالقية والظروف الاجامتعية والاقتصادية ‪.‬‬
‫أكرم محمود حسني البدو‪ ،‬دمحم صديق دمحم عبد هللا‪ ،‬أثر موضوعية االرادة التعاقدية يف مرحَل املفاوضات‪ ،‬جمَل الرافدين‬
‫للحقوق‪ ،‬اجملدل ‪ ،02‬ع ‪ ،3206 ،19‬ص ‪.129 .121‬‬
‫‪57‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪.‬اخل‪.1‬ونضيف حىت التعويض قبل ابرام العقد خملالفة مبدأ حسن النية‪ ،‬كقاعدة من قواعد‬
‫النظام العام‪.‬‬
‫دلى ُيرى من خالل اس تقراء نصوص القانون املدّن الفرنيس‪ ،‬أن انجزاء اذلي‬
‫رتبه املرشع الفرنيس قد يقترص عىل التعويض ‪ ،‬وهذا ال يتناىف مع فكرة النظام العام‬
‫امحلايئ‪ ،‬اليت قد تس تدعي مثل هذا انجزاء‪.‬مفثال يف املفاوضات يكون انجزاء عىل سوء‬
‫السلوك يف املفاوضات التعويض طبقا للامدة ‪2 /0003‬ق م ف‪ 2‬اذ ال جند اشارة اىل‬
‫البطالن‪ ،‬ذكل لن لي هناك عقد ليبطل ما ر يربم اتفاق اطار أو عقود متهيدية‪.‬‬
‫غّي أنه وخبصوص اماكنية ااثرة انجزاء‪ ،‬لالخالل مبقتضيات مبدأ حسن النية من‬
‫قبل القايض‪ُ .‬فّيى يف هذا الصدد أن املادة ‪ 0021‬ق م ف ورد فهيا وبشلك رصحي‪ ،‬أن‬
‫مبدأ حسن النية قاعدة من قواعد النظام العام‪ .‬ما يفيد أنه ككن للقايض ااثرته من تلقاء‬
‫نفسه‪ ،‬أثناء النظر يف ال‪،‬اع ‪،‬بغض النظر عن انجزاء ‪.‬ويعتقد أن موقف املرشع الفرنيس‬
‫يف هذا الصدد‪ ،‬لي اال الستبعاد اخلالفات بني الفقه مثلام حصل بصدد الرشوط‬
‫التعسفية‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‬
‫ازدواجية معايّي التقدير‬
‫قد يتطلب مبدأ حسن النية لقياسه اللجوء للمعيار الشفيص‪ ،‬فيستشف من‬
‫خالهل عن حقيقة قصد املتعاقد للقول بأنه قصد اال ار بملتعاقد الآخر أم ال‪ ،‬فيكون‬
‫بذكل املعيار الشفيص وس يَل لقياس اخلطأ العمد (الفقرة الوىل)‪ .‬غّي أنه يف أحيان‬
‫كثّية‪ ،‬قد ال يقصد املتعاقد اال ار بملتعاقد الآخر‪ .‬دلى فاملعيار الشفيص وحده ال‬

‫‪ -1‬فياليل عيل‪ ،‬الالزتامات‪ ،‬النظرية العامة للعقد‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬مومف للنرش‪ ،‬انجزائر‪ ،3221 ،‬ص ‪.332-331‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-ART 1112/2 C C F : « En cas de faute commise dans les négociations, la réparation du‬‬
‫‪préjudice qui en résulte ne peut avoir pour objet de compenser la perte des avantages‬‬
‫» ‪attendus du contrat non conclu.‬‬
‫‪58‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يكفي للقول بأن املتعاقد حسن النية‪ ،‬لن حسن النية ال يقاس من خالل نقيضه‪ ،‬أي‬
‫سوء النية املمتثل يف نية اال ار‪ .‬المر اذلي قد يتطلب يف أحيان أخرى اللجوء‬
‫للمعيار املوضوعي‪ ،‬لقياس سلوكه عىل ضوء سلوك الرجل العادي‪ ،‬للقول بأنه حسن‬
‫النية‪ ،‬حيث أن جمرد التقصّي قد يفيد سوء النية دليه‪ ،‬فيكون املعيار املوضوعي تبعا‬
‫ذلكل وس يَل لقياس السلوك غّي العمدي أي اخلطأ بالهامل(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‬
‫املعيار اذلايت لقياس حسن نية املتعاقد‬
‫يرى بعض الفقه ‪1‬أن حسن النية موقف ذايت خاص بصاحبه‪ ،‬وال ككن تقديره اال‬
‫بلنس بة لشفص معني خبصوص واقعة معينة‪ ،‬مفن غّي املقبول أن نصف خشصا بأنه‬
‫س ئي النية‪ ،‬ما دام ر يثبت حقيقة أنه سيهئا‪ .‬فالنية عنرص نفيس داخيل‪ ،‬ومن الصعب‬
‫فصهل عن بيق العنارص املكونة دلاخل االنسان‪ ،‬وتقي ه خارج هذا النطاق‪ ،‬وأن الخذ‬
‫‪2‬‬
‫بملعيار املوضوعي يف مثل هذه احلاةل‪ ،‬يؤدي اىل نتاجئ خمالفة للواقع وهلاملة‪.‬‬
‫اذ العربة بملتعاقد خشصيا ومبا يعتقده الشفص وما يضمره يف نفسه‪ .‬واثبات‬
‫المور النفس ية لي بلمر السهل‪ ،‬فيعمتد هذا املعيار عىل املقارنة بني ما اكن عليه‬
‫ترصف املتعاقد ووضعه اذلهين مقاران هبذا السلوك‪ .‬فيوصف بالهامل فامي اذا اكن هذا‬
‫‪3‬‬
‫الترصف انجتا عن خروج عن سلوكه املعتاد‪.‬‬
‫يان املعيار اذلايت حلسن النية‪ ،‬يف عدم اال ار‪ ،‬أو عدم التحايل‪ .‬سواء يف‬
‫ابرام العقد أو تنفيذه‪،‬بأن ال يقصد املتعاقد اال ار بملتعاقد الآخر‪ ،‬أو حتقيق مصلحة‬
‫غّي مرشوعة‪ .‬المر اذلي يتطلب البحث يف حقيقة الاجتاه االرادي‪ ،‬لننهت ي اىل وجود‬

‫‪ -1‬وقد ذهب اليه غالبية الفقه الفرنيس سابقا من بيهنم ‪.G.Lyon-Caen . M.Juglard‬‬
‫مشار اليه يف أمحد عبد التواب دمحم هبجت ن املرجع السابق‪ ،‬ص‪302‬‬
‫‪ -2‬شّيزاد عزيز‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬
‫‪ -3‬أمحد دمحم ديب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪59‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫حسن النية أو سوهئا‪ .‬وتمتثل سوء النية وفق هذا املعيار يف الغش‪ ،‬اخلطأ العمد‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫التعسف يف اس تعامل احلق‪.‬‬
‫وقد نجأ الفقه والقضاء اىل قرائن ككن من خاللها معرفة نية املتعاقد وقصده‪،‬‬
‫اكلترصف مع انعدام املصلحة انجدية املرشوعة‪ ،‬الترصف مع العْل بلهرضر اذلي يصيب‬
‫الغّي‪ ،‬وأحياان جمرد العْل بلهرضر اذلي قد يصيب الغّي يفيد سوء النية‪ ،‬برشط أن‬
‫يكون العْل مبين عىل أس باب قوية‪ .‬فالشك أن الترصف قد يصيب الغّي بهرضر‪ ،‬ال‬
‫‪2‬‬
‫يعترب قرينة عىل نية اال ار‪.‬‬
‫وتعرف النية من املظهر أو التعبّي اخلاريج‪ ،‬هذا املظهر أو التعبّي يعد من قبيل‬
‫الوقادع القانونية اليت ككن اثباهتا بلبينة أو القرائن‪.‬و ال بد أن تنصب القرائن عىل‬
‫اس تطالع احلاةل النفس ية للمتعاقد‪ ،‬والنفاذ اىل مضّيه ملعرفة حقيقة النية أو الباعث اذلي‬
‫الب معهل‪ .‬فقياس سلوك املتعاقد وفقا للمعيار اذلايت‪ ،‬يتطلب ورة الرجوع اىل‬
‫املظهر اخلاريج للفعل أو الرتك مىت ثبتت صعوبة يف التعرف عىل حقيقة نية املتعاقد‪،‬‬
‫خاصة أن حسن النية يفرتض كصل عام‪ ،‬حىت يثبت العك ‪. .‬فيقاس هذا السلوك‬
‫بداية‪ ،‬بسلوك الرجل العادي‪ ،‬للقول أوال بأنه فعل أو ترك غّي مرشوع‪ ،‬مث يقاس بعد‬
‫‪3‬‬
‫ذكل مبعيار ذايت بلبحث يف نية الفاعل وقصده‪.‬‬
‫من مث فان القايض يعمتد عىل الوقادع الثابتة أمامه ليك يس تنبط مهنا ما حتمهل‬
‫الواقعة من دالةل‪ ،‬وقد يضطر القايض اىل أن يأخذ يف الاعتبار مدى الاحنراف يف‬
‫السلوك‪ ،‬أو مدى املنفعة اليت تعود عىل الفاعل‪ ،‬أو عدم وجود مربر أو عذر لهذا‬
‫املسكل من جانب الفاعل‪ .‬لكن لك هذه الظواهر لن تكون سوى قرائن أو وسادل‬
‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.029‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬عبد انجبار انيج املال صار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪61‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫اثبات للتوصل اىل سوء النية‪ .‬ويف مجيع الحوال تتوارى أمام وجود دليل قاطع عىل‬
‫حسن نية الفاعل‪ ،‬وعدم تعمده اال ار بلغّي‪.‬‬
‫غّي أن النية السيئة ال تتجسد دامئا يف معل يتدذ مسة عدم املرشوعية‪ .‬فسلوك‬
‫املتعاقد ال يشرتط أن ينطوي عىل طرق احتيالية فقد يكون العمل مرشوعا يف الظاهر‪.‬‬
‫امنا يكفي حتقيق مصلحة غّي مرشوعة‪ ،‬بلرمغ من أن الترصف ال يشلك معال غّي‬
‫مرشوع من وهجة قانونية‪ ،‬بل من وهجة أخالقية‪ .‬ويف هذه احلاةل لي هناك بد اال مبنل‬
‫القايض سلطة تقديرية الس تدالص حتقق حسن النية أو سوءها‪ ،‬من خالل تقيص‬
‫وقادع احلاةل من حيث مدى مرشوعية املصار ارققة‪ ،‬أو ال ار اليت تصيب مصار‬
‫‪1‬‬
‫الطراف املتقابَل‪.‬‬
‫وان اكن الخذ بملعيار الشفيص من شأنه أن حيقق أكرب قدر من العداةل‪ ،‬لنه‬
‫يعامل لك خشص وفقا لظروفه وحالته الاجامتعية وبقدر فطنته‪ ،‬لكنه يؤدي اىل نتاجئ‬
‫سلبية‪ ،‬تمتثل يف عدم احلاق وصف سوء النية مبن يفرتض أن يمتتع بيقظة وفطنة‪ ،‬هذا‬
‫وأنه قد يعد سوء النية قامئا يف حق خشص معني‪ ،‬بيامن ال يعد كذكل يف حق خشص‬
‫‪2‬‬
‫أآخر‪ ،‬مع أن لكهيام ترصفا بطريقة واحدة‪،‬فيؤدي المر اىل عدم اس تقرار املعامالت‪.‬‬
‫كام وأن وصف املتعاقد بأنه حسن النية ال يتوقف عىل انتفاء نية اال ار بلغّي‪،‬‬
‫فقد يتحقق الوصف ولو انتفت نية اال ار يف سلوك املترصف‪ .‬لسن النية أمع ومن مث‬
‫‪3‬‬
‫ال يكفي قياسه بملعيار الشفيص اذلي يفيد نية اال ار‪.‬‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪20‬‬
‫‪ -3‬نية اال ار ان وجدت تزيد سوء النية معقا وجتعهل تدليسا أو غشا أو تواطؤا فاذا وجدت نية اال ار يف تكوين العقد‬
‫جعلت سوء النية تدليسا واذا وجدت يف تنفيذه جعلته غشا واذا اشرتك طرف اثلث يف التدلي أو الغش اكن سوء النية‬
‫تواطؤ ‪.‬‬
‫عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪61‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويف هذا الصدد ذهب جانب من الفقه ‪ 1‬اىل اعطاء حسن النية معىن سليب‬
‫وحيادي‪ ،‬بلقول أن حسن النية لن يوجد اال بغياب سوء النية والغش‪ ،‬وعىل ذكل فان‬
‫توافر حسن النية يفرتض معه عدم وجود سوء النية‪ ،‬ويضيف هذا الرأي أن الصفة‬
‫املعنوية يف نطاق القانون ‪،‬جتعلنا ق ِلقني حنو حقيقة الشعور اذلي جييش بنف املتعاقد‪.‬‬
‫فال يكون أمامنا سوى افرتاض حسن النية العقدية حامية للمتعاقد‪ ،‬ما ر يثبت العك‬
‫بصدور مسكل غيش أو تدلييس من املتعاقد‪ .‬ويف غّي ذكل وازاء غياب السلوك‬
‫التدلييس ال يسعنا اال أن حنرتم ارادة املتعاقد الظاهرة‪.‬‬
‫اال أن بعض الفقه الفرنيس الكرث حداثة‪ 2،‬بدأ يوجه انتقاده للمعيار الشفيص لنه‬
‫سليب بناءا عىل ما ييل ‪:‬‬
‫‪-‬ان املعيار الشفيص واذلي يعين موقف سليب هو معيار غّي يقيين تقرييب‬
‫وافرتايض مبفهوم اخملالفة‪ ،‬برصف النظر عن بساطة تطبيقه من عدمه‪ .‬فغياب حسن‬
‫النية يفرتض معه سوء النية وغياب سوء النية يفرتض معه حسن النية‪ ،‬يه دالةل يغلب‬
‫علهيا الظن أكرث مهنا التثبت واليقني‪.‬‬
‫‪ -‬أن هذا املعيار من شأنه أن يضعف فكرة المانة العقدية‪ ،‬ولي هل اال فاددة‬
‫حمدودة‪ .‬لن تقدير السلوك يتوقف عىل مسكل ارادي تدلييس‪ ،‬ويف هذه احلاةل فقط‬
‫فاذا جنل املتعاقد يف اخفاء هذا املسكل اخلبيث‪ ،‬جنى من جزاء عدم المانة واملسؤولية‪.‬‬
‫‪ -‬ان الاس تدالل السليب مبفهوم اخملالفة معكوس‪ ،‬لسن النية جيب أن يس تدل‬
‫علهيا بضده بغياب حسن النية‪ ،‬واذا سلمنا بذكل اكن لزاما علينا أن نسْل بملفهوم‬

‫‪ -1‬رأي ‪ G.Lyon-Caen‬و‪M.Juglard‬‬
‫مشار اليه يف ‪:‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬الالزتام بلنصيحة يف نطاق التشييد‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الهنضة العربية‪،‬‬
‫‪ ،0991‬ص‪.300‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ Ghestin‬يف مؤلفه املطول يف املسؤولية املدنية‪ .‬ورأي ‪Vouin‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬أمحد عبد التواب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪62‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ادلينامييك املوضوعي وهو املسكل املتيقظ وال‪،‬يه‪ ،‬مثال ذكل املدين حسن النية ال‬
‫اذلي كتنع عن تنفيذ الزتاماته ولكن اذلي ر يدخر هجدا يف سبيل الوفاء بلزتاماته‪.‬‬
‫هذا السلوب السليب هو أسلوب متشامئ وحزين‪ ،‬يف اس تنتاج أمر معنوي‬
‫كحسن النية‪ .‬لنه من الصعب افرتاض أن لك همين يدبر ادلسائ واملؤامرات ضد‬
‫العميل غّي متفصص‪ ،‬فهو يعين أن املعيار السليب السابق يكون أكرث تشاؤما‪.‬‬
‫هذا وأن جانب من الفقه يرى أن اخلطأ العمد يقاس مبعيار موضوعي‪ ،‬شأنه شأن‬
‫االهامل أي اخلطأ انجس مي‪ ،‬اذلي ال يتعمد فيه املدين عدم تنفيذ الالزتام مع ذكل فهذا‬
‫القول ال ينفي ورة الامتدي عىل املعيار اذلايت‪ ،‬فاال ار القصدي ال يُدان اال اذا اكن‬
‫ال يصدر من رجل معتاد‪ ،‬لكن هذا ال ينفي ورة كشف النية الباطنة أ َوال‪ ،‬مث مقارنة‬
‫‪1‬‬
‫سلوك من نوى اال ار بسلوك الرجل املعتاد‪.‬‬
‫من مث فاذا اكن املعيار اذلايت جيد أساسه يف قواعد الخالق‪ ،‬اليت تأىب أن يتعمد‬
‫خشص اال ار بلغّي‪،‬فهذا يعين أنه ربط مبدأ حسن النية بخلطأ العمدي‪ ،‬غّي أن هذا‬
‫الخّي يس تلزم أيضا ربطه بفكرة العداةل‪ ،‬واليت تقتب الاعتداد جبسامة اخلطأ من‬
‫حيث انجزاء‪ ،‬فيجب أن يتحدد انجزاء مبدى ما تعمده املسؤول أو توقعه من ر أو ما‬
‫اكن بالماكن توقعه من ر‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫املعيار املوضوعي لقياس حسن نية املتعاقد‬
‫تقرر اجملموعة املدنية انجرمانية حلسن النية معيارا ماداي موضوعيا اكلترشيع‬
‫الملاّن‪ .2،‬أما اجملموعة الالتينية ر تذكر املعيار اذلي جيب تطبيقه‪ ،‬فذهب البعض اىل‬

‫‪ -1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.300‬‬


‫‪ - 2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.021‬‬
‫بيامن الترشيع السويرسي يفرق بني حسن النية بملعيار املوضوعي‪ ،‬وهو معيار المانة والثقة وحسن النية بملعيار الشفيص‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫أن حسن النية يعين تنفيذ العقد ب‪،‬اهة‪ .‬وهذا يس تدعي حتديد معىن ال‪،‬اهة هل يه‬
‫ال‪،‬اهة الشفصية (أي يف صورهتا السلبية واملمتثَل يف نية اال ار) أم أن املقصود معىن‬
‫أآخر غّي ال‪،‬اهة الشفصية ؟‪.‬‬
‫يذهب بعض الفقه ‪1‬عىل خالف املعيار الشفيص اذلي يرتبط بخلطأ الخاليق‪،‬‬
‫أي عدم اال ار يف نطاق العقد‪ .‬اىل أن املعيار املوضوعي يرتبط بخلطأ القانوّن‪ ،‬واذلي‬
‫يتحقق ولو اكن املتعاقد بليدا‪ ،‬أو رسيع التأثر أو جخوال‪.‬فاخلطأ سلوك خاريج ككن‬
‫اخضاعه ملعيار موضوعي‪ .‬هذا من انحية ومن انحية أخرى فان معيار الرجل املعتاد قد‬
‫هلهر يف جمال اخلطأ‪ ،‬لتحديد الواجبات العامة اليت جيب احرتاهما‪ ،‬وجمال الواجبات‬
‫العامة يكون عند انتفاء قصد اال ار بلغّي‪ ،‬وعند عدم وجود واجب حمدد قانوّن أو‬
‫‪2‬‬
‫عقدي‪.‬‬
‫ان تقدير سلوك املتعاقد أنه حسن النية أو س ئي النية وفق هذا املعيار‪ ،‬يم دون‬
‫النظر اىل حاةل الشفص اذلاتية‪ ،‬بل بلرجوع لظروفه اخلارجية العامة اليت خيضع لها‬
‫الناس اكفة‪ ،‬ولو ر يشلك هذا السلوك احنرافا مألوفا من الناحية الخالقية‪ .‬ان احلاةل‬
‫اذلهنية أمر داخيل ال ككن االطالع عليه أو التحقق منه‪ ،‬امنا ككن لنا أن نتحقق من‬
‫‪3‬‬
‫ممارسة هذه احلاةل اذلهنية‪ ،‬عرب ترصفات واشارات ودالدل موضوعية‪.‬‬
‫لن اجملمتع اس تقر عىل ورة احرتام حد أدىن من الواجبات‪،‬‬ ‫‪ -1‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬
‫اليت جتد مصدرها لي فقط يف قواعد القانون‪ ،‬وامنا أيضا يف قواعد السلوك الخرى‪ ،‬مثل قواعد ادلين والخالق‬
‫واجملامالت الاجامتعية‪ .‬وملا اكنت هذه القواعد تسعى اىل املثالية‪ ،‬من مث لزم معيار الرجل املعتاد‪ ،‬ليقترص الاحرتام عىل‬
‫تكون احلد الدىن الالزم‪ ،‬الس تقرار النظام يف اجملمتع‪.‬‬
‫ال‪2‬واجبات املعقوةل‪ ،‬واليت ّ‬
‫‪ -‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬
‫جدير بملالحظة أن تقدير حسن النية يف القانون الروماّن‪ ،‬اكن يم بطريقة موضوعية للغاية‪ .‬وذكل لي وفقا‬
‫للقدرات الشفصية للمدين أو ادلائن‪ ،‬بل وفقا ملا جرت عليه عادة الشفص العادي من رشفاء الناس‪ .‬ففي صيغة دعوى‬
‫حسن النية يلزتم القايض بتقدير حسن النية‪ ،‬وفقا ملعيار الرجل العادي من الرشفاء‪ ،‬وما جرت عليه العادات والعراف‬
‫التجارية‪ .‬دون الالتفات حلاةل املدين‪.‬أي وفقا ملعيار الرجل العادي اذلي ينفذ الزتاماته بدقة‪.‬‬
‫أمحد ابراهمي حسن‪ ،‬أساس املسؤولية العقدية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار املطبوعات انجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،3223 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫ُّيدف املعيار املوضوعي اىل حتقيق املوازنة‪ ،‬بني فكرة العداةل ودواعي المن والاس تقرار يف اجملمتع‪ ،‬وُّيدف اىل ارافظة‬
‫عىل االرادة الظاهرة للمحافظة عىل اس تقرار التعامل‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ذلكل يذهب البعض اىل حد استبعاد املعيار الشفيص‪ ،‬بلقول أن املعيار‬
‫الشفيص ككن حتويهل اىل معيار موضوعي‪ ،‬حيث أن ال‪،‬اهة الشفصية ال يكون لها أي‬
‫‪1‬‬
‫اعتبار يف احلمك فامي اذا اكن هناك حسن نية أم ال‪.‬‬
‫ويتعلق البعد املوضوعي مبؤرشات خارجية‪ ،‬ككن البناء علهيا عند التعامل مع هذا‬
‫املبدأ‪ ،‬من خالل البحث عن التوازن العقدي بني أطراف العالقة العقدية‪ ،‬يف أثناء‬
‫التفاوض عىل رشوط العقد‪ ،‬وخالل مرحَل تنفيذ العقد‪ .‬مفن الصعب الاس تدالل عىل‬
‫نية املتعاقد‪ ،‬من خالل اعتبارات نفس ية حبتة‪ ،‬بل البد من أن يتبلور ذكل يف سلوك‬
‫يمن عن توافر تكل النية‪ .‬والسلوك ال يم تقديره بلرجوع اىل ذات الشفص فقط‪ ،‬بل مبا‬
‫‪2‬‬
‫تفرضه طبيعة املعامَل وأصول ورشف التعامل‪.‬‬
‫وان اكن جانب من الفقه ‪ 3‬يعرتض عىل اس تددام معيار الرجل املعتاد لقياس‬
‫حسن النية‪ ،‬حيث يرى أن هذا املعيار يصلل لقياس اخلطأ اال أنه ال يصلل لقياس‬
‫حسن النية‪ ،‬وذكل لن اخلطأ سلوك خاريج ككن اخضاعه ملعيار موضوعي‪ ،‬بيامن النية‬
‫عنرص نفيس داخيل‪ ،‬ومن الصعب فصهل عن بيق العنارص املكونة دلاخل االنسان‪،‬‬
‫وتقي ه خارج هذا النطاق‪ .‬وأن الخذ بملعيار املوضوعي يؤدي اىل نتاجئ خمالفة للواقع‬
‫وهلاملة‪ ،‬مفعيار الرجل العادي طبقا لهذا الرأي‪ ،‬هو معيار لقياس السلوك غّي العمدي‪،‬‬
‫حيث ال يوجد واجب حمدد قانوّن‪ ،‬وهذا ال يفيد يف قياس حسن النية أو سوهئا‬
‫العمداين‪ ،‬لن أي مهنام لي سوى قرار داخيل يتدذه صاحبه‪.‬‬
‫اال أن جانبا أآخر من الفقه‪ 4،‬يرى أنه يف حاةل ما اذا هلهرت هذه النية يف صورة‬
‫ترصفات وسلوكيات‪ ،‬يرتب عىل ضوهئا القانون أآاثرا معينة‪ ،‬جيب قياسها مبعيار الرجل‬

‫‪ -1‬محمود جامل ادلين زيك‪ ،‬الوجزي يف نظرية الالزتام يف القانون املدّن املرصي‪ ،‬ج الول‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬القاهرة‪0916 ،‬‬
‫ص‪112‬‬
‫‪ -2‬وليد صالح مرق رمضان‪ ،‬القوة امللزمة للعقد‪،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،3229 ،‬ص‪.361‬‬
‫‪ -3‬رأي نعامن خليل مجعة ‪ .‬مشار اليه يف ‪ :‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪ -4‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.023‬‬
‫‪65‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املعتاد‪ .‬فالوُه اذلي يقع فيه املتعاقد أو انجهل‪ ،‬هو عبارة عن حاةل سلبية نفس ية‬
‫داخلية‪ ،‬يصعب اقامة ادلليل علهيا أو عىل عكسها‪ ،‬مما يس توجب اللجوء اىل معيار‬
‫موضوعي لتقدير سلوك املتعاقد‪ ،‬فاذا تبني أنه ر يتدذ احليطة واحلرص اذلي يلزتم به‬
‫عادة الشفص املعتاد يف نف الظروف‪ ،‬أعترب س ئي النية وحيرم من امحلاية وأن مثل‬
‫هذا املعيار يسهل تطبيقه وتس تقر به املعامالت‪ .‬بدال من ادلخول يف أغوار البحث‬
‫النفيس لشفص املتعاقد‪ .‬وبلتايل مىت اتصف سلوكه بعدم اخلطأ بنوعيه العمدي وغّي‬
‫العمدي اكن حسن النية‪ ،‬فاالهامل يدخل يف نطاق سوء النية ولي حس هنا‪.‬‬
‫ويؤدي تطبيق املعيار املوضوعي تبعا ذلكل اىل انضباط الروابط القانونية‪ ،‬وذكل‬
‫لوحدة الساس اذلي يقاس به سلوك الفراد‪ ،‬ويه درجة عناية الشفص العادي اليت‬
‫جيب أن يبذلها املتعاقد يف الكشف عن احلقيقة‪ ،‬منظورا اليه يف مثل هلروف املتعاقد‬
‫حمل القياس‪ .‬فيحقق بذكل هذا املعيار العدل بني املتقاضني‪ ،‬و ّيوفر الثقة املتبادةل‬
‫‪1‬‬
‫والاس تقرار يف التعامل‪.‬‬
‫من مث حسن النية وفقا للمعيار املوضوعي يس تلزم أن يسعى املتعاقد اىل تنفيذ‬
‫الالزتام جبديه وبصورة تتفق وأحاكم القانون وقمي اجملمتع وأخالقياته‪ 2.‬فيلقي هذا املعيار‬
‫عىل املتعاقد احلرص والتبرص والتحري حىت ال يهرض بلآخرين‪،‬كام يس تلزم منه أن يكون‬
‫أمينا وخملصا يف ابرام الترصفات وتنفيذها‪ .‬فقواعد العداةل وأخالقيات التعاقد كام أهنا ال‬
‫تقر نية اال ار بلغّي ال تقر أيضا االهامل والتقصّي‪3.‬فاملعيار املوضوعي يس تلزم من‬
‫املتعاقد أن يكون يقظا حريصا يف ترصفاته‪ ،‬حىت ال تهرض بلآخرين‪.‬ذكل أن قواعد‬
‫العداةل والخالق كام أهنا ال تقر نية اال ار أي سوء النية اذلايت‪ ،‬ال تقر االهامل‬
‫والتقصّي أي سوء النية املوضوعي‪.‬اذ يقتب املعيار املوضوعي ورة احليطة احلذر يف‬

‫‪ -12‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬اجملدل الول‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ -3‬رمزي رشاد عبد الرمحن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.226‬‬
‫‪66‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الترصفات‪ ،‬أي الانتباه واليقظة عند ابرام العقود وعند تنفيذها‪ 1 .‬هذا القول يفيد أن‬
‫‪2‬‬
‫معيار الرجل العادي هو معيار قياس السلوك غّي العمدي‪.‬‬
‫وما ال شك فيه أن معيار الشفص املعتاد‪ ،‬سوف يؤدي اىل توس يع سلطة‬
‫القايض التقديرية‪،‬بسبب دخول سلوكيات عدة ‪:‬اكلصدق‪ ،‬وال‪،‬اهة‪ ،‬والشفافية‪،‬‬
‫واملعقولية‪ ،‬مضن مفهوم حسن النية‪ .‬ولك ذكل يرجع يف الهناية اجياب‪ ،‬يف املصلحة‬
‫اخلاصة لطراف العالقة العقدية‪ .‬فضال عن حتقيق املصلحة العامة‪ ،‬املمتثَل يف اشاعة‬
‫‪3‬‬
‫الثقة واالدامتن‪ ،‬والاس تقرار يف املعامالت‪.‬‬
‫فاملعيار املوضوعي يوفر مزيتني ‪:‬الوىل أنه يتسم بملوضوعية واالجيابية‪ ،‬وان ر‬
‫خيل لكية من فكرة النسبية‪ ،‬ولكهنا تكون نسبية غّي ارادية خارجة عن مغوض نف‬
‫املتعاقد‪ ،‬وَتتلف بختالف العنارص اخلارجية‪ .‬أما املزية الثانية هو أنه معيار غّي حمدود‪،‬‬
‫خلو االتفاق من ألفاظ حتدد لنا مسكل املتعاقد‪ ،‬حىت ولو أفلل يف‬ ‫يسعفنا يف حاةل ّ‬
‫‪4‬‬
‫اخفاء غشه وتدليسه‪.‬‬
‫جتدر االشارة اىل أن البعض‪ ،5‬قد حدد معيار مراعاة املصار املربرة املرشوعة يف‬
‫قياس نية املتعاقد‪ .‬مفبدأ حسن النية يتطلب من لك طرف‪ ،‬أن يأخذ بعني الاعتبار‬
‫مصلحة الطرف الآخر املعرتف هبا قانوان‪ ،‬وهذا يعين أن حق لك طرف للعمل مبا فيه‬
‫مصلحته اخلاصة‪ ،‬هو حق مقيد حىت ولو اكن القيد ُّيدف اىل تعزيز املصلحة اخلاصة‬
‫بلك طرف‪ .‬وحسن النية عىل هذا الساس هو معيار السلوب السلمي للك طرف‬
‫‪ -1‬عبد احللمي عبد الطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫ويؤكد عبد احللمي القوّن أن الشواهد التارخيية تؤكد ما ذهب اليه‪ ،‬حيث أن املتعاقد يف هلل القانون الروماّن‪ ،‬ر يكن‬
‫ليسأل يف العقود حرفية التنفيذ‪ ،‬اال عن خط ه العمد‪ .‬أما يف عقود حسن النية فقد اكن يسأل عن خط ه العمد وغّي العمد‪.‬‬
‫‪ -2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.021‬‬
‫‪-3‬هدلير أسعد المحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.011‬‬
‫‪-4‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬
‫‪ -5‬رأي ‪ :‬دمحم حسام محمود لطفي مشار اليه يف ‪ :‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق ن ص ‪. 011‬‬
‫‪67‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫لتحقيق غايته من العقد‪ ،‬وقد ّعرف املبدأ بناءا عىل هذا املعيار بأنه‪" :‬توجيه االرادة يف‬
‫حتقيق الغرض املبارش من ابرام العقد‪ ،‬حبيث ينسجم مع املصار املربرة املرشوعة‬
‫للطرف املقابل "‬
‫والبعض الخر‪ 1‬يقرر معيار املعقولية والعداةل لقياس حسن النية‪ ،‬وعىل هذا‬
‫الساس حسن النية هو السلوب السلمي للك طرف‪ ،‬لتحقيق غايته من العقد‪ .‬فاذا‬
‫ترصف الشفص بشلك غّي معقول وغّي عادل‪ ،‬فال ككن هل ادلفاع عن ترصفه‪ ،‬من‬
‫خالل القول أنه اعتقد بصدق بأن ترصفه اكن معقوال‪ .‬وقد أشار اىل هذا املعيار املرشع‬
‫الهولندي يف القانون املدّن فاس تددم اصطالح حسن النية لدلالةل عىل املعيار‬
‫الشفيص‪ ،‬واس تددم معيار املعقولية والعداةل لدلالةل عىل حسن النية بملعيار‬
‫‪2‬‬
‫املوضوعي‪.‬‬
‫يف حني أن البعض الآخر‪ 3‬يقرر أن حسن النية ككن أن يقاس مبعيار عدم‬
‫اال ار بغاية العقد‪.‬حيث يرى هذا الرأي أنه معيار أكرث وضوحا‪ ،‬من معيار فكرة‬
‫العداةل واملعقولية‪ ،‬لهنا أفاكر لي لها معىن اثبت‪ .‬وفقا لهذا املعيار يقاس حسن النية‬
‫مبدى النتاجئ اليت ترتتب عىل ترصف ما‪ ،‬وما ينتج عهنا من ا ار بملنفعة املقصودة من‬
‫العقد وغايته‪ .‬عندما يقوم أحد الطرفني وبال مربرات معقوةل بلترصف بطريقة ما‪ ،‬حبيث‬
‫تكون نتيجة هذا الترصف الغاء الغاية‪ ،‬أو املنفعة اليت حيققها العقد للطرف الثاّن‪ ،‬أو‬
‫التسبب ببعض ال ار للطرف الآخر‪ ،‬بشلك خمالف لهداف العقد أو توقعات‬
‫الطرفني‪.‬‬
‫ويعتقد يف هذا الصدد أن معيار الشفص العادي من العموم‪ ،‬حبيث تدخل مجيع‬
‫السلوكيات االجيابية اليت يفرتض توافرها يف الرجل املعتاد‪ ،‬ومهنا مراعاة املصار املربرة‬
‫املرشوعة‪ ،‬وعدم اال ار بغاية العقد‪ .‬هذا وأن هناك تالزما بني املعيارين الشفيص‬
‫‪-12‬يزيد أني نصّي‪،‬عداةل التعاقد‪ ،‬جمَل احلقوق‪ ،‬الكويت‪ ،‬ع ‪ ،3203 ،2‬ص‪.30‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ .،‬ص‪026‬‬
‫‪-‬يزيد أني نصّي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪30.‬‬
‫‪68‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫واملوضوعي‪ ،‬وهام متاكمالن بعامتدهام معا يتحقق حسن النية مبعناه املطلق‪ ،‬والقول بأن‬
‫حسن النية يقاس بملعيار الشفيص فقط يقتب الوقوف عند نية املدين وقت التنفيذ‬
‫وقد يصعب الكشف عهنا ويس تحيل اس تقصاهئا أحياان‪ ،‬ذلكل قد يس تعني القايض‬
‫بملعيار املادي املمتثل يف نزاهة املعامالت‪ .‬ويضيف عبد انجبار انيج أمحد املال بأن‬
‫حسن النية يف تنفيذ العقود يقاس مبعيارين ذايت وموضوعي فعىل املتعاقد أن يتجنب‬
‫اخلطأ العمد جتاه املتعاقد الآخر فاذا جتنب اخلطأ العمد مفن الواجب عليه ليك يتصف‬
‫حبسن النية متاما أن يتجنب بالضافة اىل ذكل اخلطأ بالهامل س امي اخلطأ انجس مي واذلي‬
‫‪1‬‬
‫يقدر مبعيار موضوعي‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد انجبار انيج املال صار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪69‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املبحث الثاّن‪:‬‬
‫دور مبدأ حسن النية يف العقد‬
‫خيتلف دور مبدأ حسن النية يف مرحَل ابرام العقد عنه يف مرحَل تنفيذ العقد‪ .‬وان‬
‫اكن الترشيع انجزائري واملرصي أشارا اىل دور املبدأ يف تنفيذ العقد وأغفال دور املبدأ يف‬
‫ابرام العقد‪ ،‬اال أن نصوص عديدة أشارت اليه بشلك غّي مبارش‪ ،‬اما من خالل نظرية‬
‫عيوب الرضا‪ ،‬حيث يعترب حسن النية رشطا للمتسك بأي عيب من عيوب االرادة‪.‬‬
‫واما بالشارة اىل نظرية التعسف يف اس تعامل احلق‪ ،‬واليت تعد من تطبيقات املبدأ‪.‬‬
‫ذلكل تطرقنا يف (املطلب الول) مبدأ حسن النية يف ابرام وتنفيذ العقد‪.‬‬
‫ملبدأ حسن النية دور أيضا يف توس يع السلطات املمنوحة للقضاء‪ ،‬حيث جتاوز‬
‫لك املفاهمي التقليدية اليت تفيد أن هل معىن تفسّيي‪ ،‬اىل معىن تنفيذي يفيد ادلور الفعال‬
‫للمبدأ‪.‬هذا وأن للمبدأ دور يف توس يع دائرة اخلطأ‪ ،‬فعىل الرمغ من أن اخلطأ انجس مي‬
‫يصنف مضن الخطاء غّي العمدية‪ ،‬أي اليت تصدر دون قصد‪،‬اال أن ارتاكب املدين‬
‫خلطأ جس مي يشلك قرينة عىل سوء النية‪ ،‬وهذا تشديد من املرشع يفيد ورة مراعاة‬
‫احلرص يف جانب املدين باللزتام يف أآداء الالزتام دون اهامل‪ .‬فتعرضنا يف(املطلب‬
‫الثاّن) دلور القايض وأثر حسن النية عىل املسؤولية املدنية‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية يف ابرام وتنفيذ العقد‬
‫اضافة اىل أن مضمون مبدأ حسن النية‪ ،‬خيتلف حسب طبيعة الترصف‪،‬‬
‫وخيتلف من عقد لخر‪،‬جند أن ما يفرضه خيتلف أيضا بختالف مراحل العقد‪ .‬وان اكن‬
‫الفقه َ‬
‫جهل يتفق عىل ما هو مطلوب من املتعاقد القيام به أثناء تنفيذ العقد‪ ،‬جند عدم‬
‫اس تقراره عىل دور املبدأ خالل مرحَل ما قبل ابرام العقد‪ .‬ويرجع السبب يف ذكل اىل‬
‫أن املرشع ر ينص عىل مراعاة مقتضيات املبدأ بنص رصحي‪ ،‬بل أن دور املبدأ يس تنتج‬
‫بشلك مضين من نصوص حتمي ركن الرضا‪ ،‬أو متنع التعسف يف اس تعامل احلق‪ .‬من مث‬

‫‪71‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫نس تعرض دور املبدأ خالل مرحَل ابرام العقد يف (الفرع الول)‪ ،‬مث دوره خالل مرحَل‬
‫تنفيذ العقد (الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫دور مبدأ حسن النية يف ابرام العقد‬
‫َتتلف العقود فامي بيهنا من حيث مكنة الانعقاد الفوري يف بعضها‪ ،‬من عدم‬
‫اماكنية ذكل يف عقود أخرى‪ ،‬تتطلب تريُّثا لالتفاق عىل مضموهنا قبل ابراهما‪ .‬نظرا‬
‫لكوهنا تتض ّمن رؤوس أموال خضمة قد تكون ذات تأثّي عىل اقتصاد دوةل بأمكهل‪،‬من مث‬
‫خيتلف دور مبدأ حسن النية يف مرحَل التفاوض (الفقرة الوىل)‪ ،‬عنه يف مرحَل ابرام‬
‫العقد‪ .‬حيث يقترص دور مبدأ حسن النية يف هذه العقود عىل حامية ركن الرضا عند‬
‫ابرام العقد (الفقرة الثانية)‪..‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫دور املبدأ يف مرحَل التفاوض عىل العقد‬
‫الصل أن للشفص مطلق احلرية يف أن يتعاقد أو ال يتعاقد‪ ،‬أو يتفاوض أو ال‬
‫يتفاوض‪ .‬كام أن للشفص احلق يف الانسحاب من التفاوض‪ ،‬عىل أن ال يرتتب عىل‬
‫هذا الانسحاب ر للطرف الآخر‪ .‬وملا أصبل التفاوض معلية ملكفة يف كثّي من‬
‫الحيان‪ ،‬فان عقودا متهيدية قد يلجأ الهيا الطرفان الذلان يرغبان يف اجراء عقد ما‪،‬‬
‫لتسهيل معلية التفاوض‪ .‬ان عقد التفاوض حبسن نية هو من أُه هذه العقود حيث أنه‬
‫‪1‬‬
‫يضمن جدية الطرفني يف التفاوض‪.‬‬
‫لهذا فالسؤال اذلي يطرح يف هذا املقام‪ :‬ما هو نطاق مبدأ حسن النية يف هذه‬
‫املرحَل من العقد؟‪.‬فال خيفى أن مثل هذا العقد أي عقد التفاوض حبسن نية هل فوادد‬

‫‪-1‬يزيد أن نصّي‪ ،‬مرحَل ما قبل ابرام العقد‪ ،‬عقد التفاوض حبسن نية‪ ،‬ج الثاّن‪ ،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية‬
‫والاقتصادية‪ ،‬مرص‪ ،‬ع ‪ ،2‬اجملدل ‪ ،9،3222‬ص‪.00‬‬

‫‪71‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫كبّية‪ ،‬تتعدى تأمني جدية التفاوض‪ ،‬فهو ينشئ الزتاما عقداي بلتقيّد مببدأ حسن النية يف‬
‫تنفيذه‪ ،‬حبيث أن أي انسحاب غّي مربر‪ ،‬يعرض الطرف املنسحب للمسؤولية العقدية‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬أمهية مرحَل التفاوض عىل العقود‬
‫َتتلف أمهية التفاوض بختالف العقد املربم‪ ،‬فه ي ليست الزمة يف لك العقود‪ .‬اذ‬
‫قد يم الاس تغناء عهنا تبعا لقَل أمهية العقد‪ .‬مما قد يرتتب عليه الانعقاد الفوري للعقد‬
‫يف جمل العقد‪ ،‬دون ادلخول يف مفاوضات مس بقة‪ 1 .‬ففي العقود ذات المهية‬
‫اردودة‪ ،‬ويه عقود شادعة ومألوفة يف املعامالت اليومية للناس‪ ،‬تتسم بأهنا فورية‬
‫الانعقاد‪،‬ذلكل ال يفكر الطرفان قبل انعقاد العقد بتبادل وتقريب وهجات النظر وتقدمي‬
‫الاستشارات‪ ،‬واملقرتحات الفنية والقانونية والالزتامات اليت س تنشأ‪.‬فهذه العقود عىل‬
‫قدر كبّي من البساطة وحمدودة الق ة‪ ،‬مما جيعل فرتة املفاوضات غّي الزمة يف مثل‬
‫هكذا عقود‪.‬‬
‫فضال عن ذكل فان هناك نوعا من العقود‪ ،‬تدعى بلعقود غّي القابَل للتفاوض‬
‫بشأهنا‪ ،‬اذ ينفرد املوجب فهيا بتحديد رشوط العقد مجَل أو يرفضها‪ ،‬من غّي أن تكون‬
‫هل القدرة عىل مناقشة الرشوط املدرجة فهيا‪ ،‬فاذا ما حصل أن قبل هبذه الرشوط فكنه‬
‫أذعن ملشيئة املوجب‪ .‬ويطلق عىل هذا النوع من العقود "عقود اذعان"‪ 2.‬وقد نص‬
‫املرشع الفرنيس بعد تعديل القانون املدّن مبوجب المر رمق ‪ 020-3206‬املتعلق‬
‫‪-1‬أو قد يس بق جمل العقد فرتة مرشوع يم فهيا ابرام عقود أولية متهد البرام العقد الهنايئ اكلوعد بلتعاقد‪،‬‬
‫يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق ص‪30‬‬
‫فاذا ما ترصف الواعد يف حمل الوعد فال يكون للمشرتي طلب ابطال الترصف‪ ،‬اال أنه مىت ثبت أن وجود غش وتواطؤ‬
‫بني الواعد والغّي ا ارا بملوعود هل‪ ،‬فيكون لهذا الخّي أن يرفع ادلعوى البوليصية ويكون انجزاء يف هذه احلاةل‪ ،‬هو عدم‬
‫الاحتجاج بترصف الواعد مع الغّي يف مواهجة املوعود هل ‪.‬و هذا ما ذهبت اليه حماة النقض الفرنس ية بتارخي‬
‫‪ 3221/02/26‬حيث قررت أنه وان اكن يشرتط لقبول ادلعوى البوليصية زايدة اعسار املدنني‪ ،‬اال أنه ككن االس تعاضة‬
‫عن هذا الرشط يف جمال الوعد بلتعاقد‪.‬‬
‫مقتب عن‪ :‬سعيد الس يد قنديل‪ ،‬الوعد بلعقد‪ ،‬بني اجهتاد الفقه وتطويع القضاء‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار انجامعة‬
‫‪2‬انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.3201 ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪.09 ،‬‬
‫فقد اكن من مثرة التطورات احلديثة أن هلهرت العقود المنوذجية‪ ،‬ويه عبارة عن مناذج مطبوعة لرشوط التعاقد‪ .‬يقترص‬
‫دور الطرفني فهيا عىل ملئ البياانت‪ ،‬فقد أصبحت هذه الامنذج مصدرا حديثا لعقود االذعان‪ ،‬والصفة انجوهرية لهذا النوع‬
‫من العقود أهنا ال تقبل التفاوض مطلقا‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫بصالح قانون العقود يف املادة ‪ 10002‬يف فقرهتا الثانية عىل أن عقد الانضامم هو أحد‬
‫العقود‪ ،‬اذلي تكون رشوطه وأحاكمه معفاة من التفاوض‪ ،‬وحتدد مس بقا من قبل أحد‬
‫املتعاقدين‪.‬‬
‫اذ متفض عن التطور الصناعي والتقين يف العرص احلديث‪ ،‬هلهور أنواع من‬
‫العقود اتسمت بلرتكيب والتعقيد‪ ،‬لكوهنا تتعلق مبرشوعات معالقة تنفذها رشاكت‬
‫كربى‪ ،‬الكثّي مهنا متعددة انجنس يات‪.‬أو ترد عىل معليات مركّبة وملي ة بلتعقيدات‬
‫الفنية والقانونية‪ ،‬ذلكل يكون من الصعب بل من املس تحيل ابراهما مبارشة‪ ،‬دون‬
‫‪2‬‬
‫ادلخول يف مفاوضات قد تس تغرق وقتا طويال‪.‬‬
‫دلى تكتسب املفاوضات أمهية خاصة يف العقود ذات المهية الاقتصادية الكبّية‪،‬‬
‫وكذا املشاريع العمالقة ذات النشاط ادلويل‪ ،‬واليت حيتاج تنفيذها اىل س نوات عديدة‪.‬‬
‫حيث ال يتحقق الرتايض وال يقوم العقد اال بعد مفاوضات قد تس تغرق فرتة طويَل من‬
‫الزمن‪ ،‬كام هو احلال يف العقود املتعلقة بنشاء املصانع والطائرات واملوائن‪ ،‬أو البحث‬
‫عن الرثوات الطبيعية واس تغاللها‪ ،‬أو بندماج الرشاكت‪ ،‬أو رشاء أسهمها‪ ،‬مفثل هذه‬
‫العقود ال ككن أن تربم بجياب وقبول يف حلظات‪.‬فاحلال لي دامئا عىل هذا النحو‪ ،‬اذ‬
‫أن الاقرتان الفوري للقبول واالجياب واذلي يتحقق يف العقود البس يطة املألوفة يف احلياة‬
‫اليومية‪ ،‬واملعامالت الساددة بني الفراد‪ ،‬واليت تقتب رسعة الانعقاد ال يتحقق يف‬
‫العقود املركبة ذات المهية الكبّية‪.‬‬
‫وهكذا يظهر لنا أن فرتة التفاوض السابقة عىل ابرام العقد‪ ،‬ال تقل أمهية عن فرتة‬
‫ما بعد العقد‪ .‬اذ أهنا فرتة اعداد للعقد‪ .‬ولكام اكن االعداد جيدا‪ ،‬لكام اكن العقد حمققا‬
‫ملصلحة املتعاقدين‪ .‬كام أن للمفاوضات تأثّي عىل حياة العقد‪ ،‬لن فهيا تقع العوامل‬
‫‪1‬‬
‫‪- ART 1110/2 C.civ.F: «Le contrat d'adhésion est celui dont les condition générales,‬‬
‫‪soustraites à la négociation, sont déterminées à l'avance par l'une des parties.‬‬
‫‪ -2‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.32‬‬
‫فرتة املفاوضات تعد أوىل فرتات مرحَل ما قبل التعاقد‪ ،‬وقد تكون من أُه فرتات هذه املرحَل وأكرثها خطورة‪ ،‬لن فهيا يم‬
‫حتديد أُه ومعظم الزتامات وحقوق طريف العقد‪ ،‬وما ينشأ عهنا من مشالكت قانونية سواءا ما تعلق مهنا بالخالل‬
‫باللزتامات السابق حتديدها يف هذه املرحَل‪ ،‬أو ما يتعلق مهنا بنطاق وقوع املسؤولية اليت س تنشأ عىل عاتق الطرف‬
‫املتسبب‪ ،‬يف عدم بلوغ الغاية املرجوة من املفاوضات ويه ابرام العقد الهنايئ‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫والحداث اليت من شأهنا تعييب رضا أحد الطراف‪ ،‬اكلتغرير والغلط والاس تغالل‪.‬‬
‫وكذكل تعد بلنس بة للعقد مبثابة العامل التحضّيية بلنس بة للمرشوع‪ ،‬اذ يرجع يف‬
‫‪1‬‬
‫املس تقبل اىل واثدق التفاوض كوس يَل لتفسّي العقد‪ ،‬اذا ما وجدت ورة لتفسّيه‪.‬‬
‫ومن جانب أآخر تتأىت أمهية املفاوضات من أن التوازن الاقتصادي للعقد اذلي‬
‫تسفر عنه املفاوضات‪ ،‬يعمتد بلساس عىل حسن سّيها فلكام اكنت املفاوضات رصينة‬
‫وفنية ودقيقة‪،‬لكام مضنا حسن صياغة نصوص العقد‪ ،‬مما كنع ااثرة املشالك مس تقبال‬
‫‪2‬‬
‫بشأن الالزتامات املتودلة عنه‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬دور حسن النية يف مرحَل التفاوض‬
‫اختلفت الترشيعات املقارنة يف اقرار املبدأ‪ ،‬يف مرحَل ما قبل ابرام العقد‪ ،‬كام يف‬
‫مرحَل تنفيذ العقد‪ .‬فنجد أن بعض الترشيعات تقره رصاحة اكلقانون الملاّن‪ ،‬وااليطايل‪،‬‬
‫والهولندي‪ ،‬ومقاطعة كيوبيك‪ . 3‬ومؤخرا الترشيع الفرنيس يف املادة ‪ 0021‬ق م ف‬
‫السالفة اذلكر بعد أن ركز الكثّي من الفقه الفرنيس عىل ورة فرض املبدأ يف مرحَل ما‬
‫قبل ابرام العقد‪.‬و من بيهنم‪ 4J.Mester‬حيث ذهب اىل أنه يتعني تطبيق املبدأ‪،‬حىت‬
‫وان ر يكن هناك أي نص يشّي اىل ذكل رصاحة‪.‬مضيفا أن مرشوع القانون املدّن‬
‫الفرنيس اكن حيدد بدقة أن االتفاقات جيب أن تعقد وتنفذ حبسن نية‪ ،‬ولكن واضعي‬
‫النص قد قدّروا أن بعض النصوص ارددة يف هذا القانون ككهنا أن جتعل تطلب‬
‫حسن النية غّي جمد‪ ،‬الس امي يف مرحَل تكوين العقد‪ .‬وأن النص الهنايئ للامدة ‪0021‬‬
‫احنرص يف شأن التنفيذ لس باب شلكية لسب‪.‬‬
‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪.،‬ص ‪031‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪. ،‬ص ‪031‬‬
‫انظر يف نف املعىن‪ ،‬بلحاج العريب‪ ،‬مشالكت املرحَل السابقة عىل التعاقد يف ضوء القانون املدّن انجزائري‪ ،‬ديوان‬
‫املطبوعات انجامعية‪ ،‬انجزائر‪ ،3200 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ -3‬نص مرشع القانون املدّن ملقاطعة كيوبك‪ ،‬رصاحة يف القانون املدّن انجديد الصادر س نة ‪0991‬يف املادة ‪ ،0211‬أن عىل‬
‫الطراف الترصف حبسن نية مع بعضهم أثناء تكوين العقد‪ ،‬أو تنفيذه أو انقضاءه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-J.Mester, L’exigence bonne foi dans la conclusion du contrat; R.T.D.C; 1989 ;.p739.‬‬

‫‪74‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫والواقع أن توسع هذا الفقيه يف تفسّي نص املادة ‪ 0021‬ق م ف عىل هذا النحو‪،‬‬
‫يربره أن العقد ينظر اليه بعتباره وحدة واحدة‪ ،‬مبا يعين اس تلزام حسن النية يف‬
‫مرحليت االبرام والتنفيذ عىل حد سواء‪ .‬من مث وحىت وان نص الترشيع وأشار اىل أن‬
‫العقود‪ ،‬جيب أن تفهم وتفرس وتنفذ وفقا حلسن النية‪.‬فان النص وان اكن يندرج حتت‬
‫عنوان تنفيذ العقود‪ ،‬اال أنه ال يقترص تطبيقه عىل مرحَل تنفيذ العقد‪ ،‬لن من املنطقي‬
‫أن العقود تفهم عند انشاءها وتكويهنا‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد يذهب جاك غس تان‪ 1‬اىل القول أن ‪ ":‬ما من فاددة يف فرض‬
‫املبدأ خالل فرتة تنفيذ العقد‪ ،‬اذا ر نفرضه يف مرحَل تكوين العقد ؟ ان العقد يشلك‬
‫جسام واحدا ومن احليوي أن يرويه حسن النية كلك"‪.‬‬
‫وبناءا عىل الانتقادات املوهجة من قبل الفقه الفرنيس‪ ،‬الغفال املرشع الفرنيس‬
‫مرحَل التفاوض عىل العقود‪ ،‬مع أن هذه املرحَل أصبحت ذات أمهية يف نظرية العقد‬
‫عدل املرشع الفرنيس أحاكم القانون املدّن الفرنيس‪ ،‬فأشار من خالل املادة ‪ 0021‬اىل‬
‫أن العقود َتضع للتفاوض‪ ،‬وتربم وتنفذ حبسن نية واعتربها قاعدة من قواعد النظام‬
‫العام‪ ،‬وأضاف يف املادة ‪0/ 0003‬ق م ف‪ 2‬أن الفراد يمتتعون حبرية التفاوض‪ ،‬يف‬
‫املرحَل السابقة البرام العقد ‪ ،‬غّي أنه جيب أن تفي مبتطلبات حسن النية‪.‬‬
‫وما موقف املرشع الفرنيس اال اس تجابة لرأي الفقه الغالب يف هذا الصدد‪.‬هذا وقد‬
‫أضاف يف املادة ‪ 0001‬ق م ف‪ 3‬أن العرض املقدم اذا تضمن مجيع العنارص انجوهرية‪،‬‬
‫فانه يعرب عن ارادة صاحب العرض يف حاةل القبول‪ ،‬واال فانه ال يعد سوى دعوة‬
‫لدلخول يف املفاوضات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪920.‬‬ ‫ص‬ ‫السابق‪،‬‬ ‫املرجع‬ ‫تان‪،‬‬ ‫غس‬ ‫جاك‬ ‫‪-‬‬
‫‪-ART 1112/ 1 C.civ. F: «L'initiative, le déroulement et la rupture des négociations‬‬
‫‪précontractuelles sont libres. Ils doivent impérativement satisfaire aux exigences de la‬‬
‫‪bonne‬‬
‫‪3‬‬
‫»‪foi‬‬
‫‪ART 1114 C.civ.F: «L'offre, faite à personne déterminée ou indéterminée, comprend les‬‬
‫‪éléments essentiels du contrat envisagé et exprime la volonté de son auteur d'être lié en cas‬‬
‫‪d'acceptation. A défaut, il y a seulement invitation à entrer en négociation.‬‬
‫‪75‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويعد الترشيع انجزائري واملرصي‪ ،‬من النظم قانونية اليت قرصت رساين مبدأ‬
‫حسن النية عىل فرتة تنفيذ العقد‪ ،‬دون املرحَل السابقة عىل ابرام العقد‪.‬حيث أغفل‬
‫الترشيع انجزائري تنظمي املرحَل السابقة عىل التعاقد‪ .‬كام وأن القضاء ما زال يعترب مرحَل‬
‫‪1‬‬
‫التفاوض جمرد معل مادي غّي ملزم‪.‬‬
‫عىل الرمغ من ذكل جند غالبية الفقه املرصي ‪ ،2‬يسْل بأن نص املادة ‪ 012‬ق م م‬
‫املقابَل للامدة ‪ 021‬ق م ج‪ ،‬ليست سوى تطبيق ملبدأ قانوّن عام‪ ،‬ال يقترص اعامهل عىل‬
‫مرحَل تنفيذ العقد‪ ،‬بل يتعني تطبيقه ومراعاته منذ مرحَل التفاوض‪ ،‬أي قبل انعقاد‬
‫العقد‪.‬ففي مرحَل املفاوضات جيب عىل لك طرف أن يفهم املوجبات امللقاة عىل عاتقه‬
‫حبسن نية‪ ،‬لن هذه املرحَل الوىل والساس ية ترتكز علهيا املرحَل الثانية‪ ،‬أي مرحَل‬
‫تنفيذ العقد‪ .‬وبقدر ما تفهم العقود حبسن نية أثناء تكويهنا‪ ،‬بقدر ما يأيت تنفيذها‬
‫‪3‬‬
‫وتفسّيها يف املرحَل الالحقة وفقا للمبدأ‪.‬‬
‫بيامن يذهب عبد احللمي القوّن‪ 4‬لتربير فرض املبدأ يف مرحَل ما قبل ابرام العقد‪،‬‬
‫اىل أن الغرض املقصود ال يتحقق كام ينبغي‪ ،‬اال اذا اكن العقد مبنيا عىل حسن النية من‬
‫بدايته‪ .‬اذ كيف يم تنفيذ العقد حبسن نية‪ ،‬واملتعاقدان قد ساءت نيهتام يف املراحل‬
‫السابقة عىل تنفيذ العقد‪ ،‬فالعقد اذا نشأ مريضا ال ككن أن يس تقمي بعد ذكل‪.‬‬
‫ويذهب رأي أآخر من الفقه‪ 5‬اىل القول أن فرض املبدأ يعد من البدُّييات اليت ال‬
‫حتتاج اىل برهان‪ ،‬واستند يف ذكل اىل مفهوم "من بب أوىل"‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫الاس تنتاج يدخل مضن البدُّييات‪ ،‬اليت يعد اناكرها ماكبرة يف عْل انجدل واملناهلرة‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار اراة العليا الصادر بتارخي ‪ 3222/21/31‬ملف رمق ‪ ،332213‬جمَل قضادية ‪ ،3220‬ع‪ ،0‬ص‪.022‬‬
‫‪ -2‬رأي عبد احلي جحازي‪ ،‬واسامعيل غامن وسعد حسني عبد ملحم‪ ،‬معر دمحم عبد البايق‪ ،‬ويؤيدُه يف ذكل هدلير أسعد‬
‫أمحد‪.‬‬
‫هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه ص ‪.011‬‬
‫‪ -4‬عبد احللمي القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -5‬رأي ‪:‬دمحم رشيف أمحد مشار اليه يف ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪76‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وغين عن البيان أن معلية التفاوض ال تس تقمي‪ ،‬من دون توافر النية احلس نة فامي‬
‫بني الطراف املتفاوضة سواء بسواء‪.‬يعد املتفاوض بذكل حسن النية اذا اكن سلوكه‬
‫يتفق مع املألوف يف التعامل‪ ،‬فيس تدل عليه وفق معيار الشفص املعتاد‪ .‬يرتمج عىل‬
‫شلك الزتامات‪ ،‬يتطلب الركون اىل الظروف واملالبسات اليت حتيط بلترصف‪ ،‬أو‬
‫السلوك الصادر أثناء التفاوض‪ .‬واليت قد تثبت منافاته ملقتضيات حسن النية‪ ،‬كام لو‬
‫دلّت الظروف من أن قطع التفاوض جفأة دون مربر‪ ،‬ما اكن ا ّال عىل سبيل الكيد‬
‫والانتقام‪ .‬والالزتام بلتفاوض حبسن نية يفرض عىل املتفاوض أال يلجأ اىل اخلديعة‪ ،‬بأن‬
‫‪1‬‬
‫يتّبع املسكل املألوف واملعتاد يف التفاوض بلك صدق وأمانة‪.‬‬
‫عىل أنه يتعني عدم اخللط بني الالزتام بلتفاوض حبسن نية ومبدأ حرية التعاقد‪.‬‬
‫لن الالزتام بلتفاوض حبسن نية ال يعين أن يلزتم املتفاوض ببرام العقد الهنايئ بلفعل‪،‬‬
‫فاملتفاوض يظل ممتتعا باكمل حريته يف التعاقد من عدمه‪ ،‬وقد يضع حدّ ا للمفاوضات‪،‬‬
‫ف تنع عن ابرام العقد‪ .‬لكن يشرتط أن يكون ذكل استنادا لس باب مرشوعة‪ ،‬دون‬
‫‪2‬‬
‫االخالل مببدأ حسن النية اذلي يتطلب نزاهة ورشفا وموضوعية وصدق‪.‬‬
‫فرفض التعاقد يشلك من حيث املبدأ حقا للك من تلقى عرضا‪ ،‬يامتىش مع مبدأ‬
‫سلطان االرادة‪ ،‬وحرية الارتباط العقدي من عدمه‪.‬مفن وجه العرض يكون يف الساس‬
‫حرا يف الرفض‪ ،‬وال يتحمل تبعة ما بمتناعه عن التعاقد اال اذا اكن متعسفا يف‬ ‫ّ‬
‫اس تعامهل‪ ،‬أو خرج عن حدود حسن النية‪.‬‬

‫‪ -1‬بلحاج العريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.69‬‬

‫‪77‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وقد أشار املرشع الفرنيس اىل ذكل يف املادة ‪1 1102‬ق م ف بلقول أن حرية‬
‫التعاقد ال مت بلقواعد املتعلقة بلنظام العام‪ .‬وقد أرشان أن التفاوض عىل العقود حبسن‬
‫نية قاعدة من قواعد النظام العام مبوجب املادة ‪ 0021‬ق م ف‪.‬‬
‫ولن املفاوضات جيب أن تفي مبتطلبات حسن النية‪ ،‬فيطرح التساؤل عن‬
‫طبيعة املسؤولية املرتتبة عن قطع املفاوضات‪،‬أو بعبارة أخرى ‪:‬هل أن االخالل مببدأ‬
‫حسن النية يف مرحَل التفاوض عن العقد‪ ،‬كقطعها دون مربر ترتتب عنه املسؤولية‬
‫العقدية أم التقصّيية ؟‬
‫ان الاجتاه احلايل يف الفقه الفرنيس ‪2‬والقضاء الفرنيس‪ 3‬واذلي يسعى اىل ضامن أمن‬
‫املفاوضات‪ ،‬يذهب معوما اىل التفرقة بني صورتني من صور املفاوضات فاذا اكنت‬
‫املفاوضات غّي مصحوبة بتفاق تفاوض رصحي‪ ،‬عدت جمرد معل مادي غّي ملزم‪ ،‬حبيث‬
‫ال يرتتب علهيا أي أثر قانوّن‪ ،‬مفجرد ادلخول يف املفاوضات ال ينشئ عىل عاتق الطرفني‬
‫أي الزتام ‪ ،‬ويكون للك متفاوض مطلق احلرية يف العدول عن املفاوضات يف أي وقت‬
‫شاء رشيطة أن ال يكون العدول دون مربر‪ ،‬فاذا ما حدث ذكل فان مسؤوليته‬
‫التقصّيية تهنض لن عدوهل غّي املربر خيل مبقتضيات حسن النية ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-ART 1102 C.civ.F : « Chacun est libre de contracter ou de ne pas contracter, de choisir‬‬
‫‪son cocontractant et de déterminer le contenu et la forme du contrat dans les limites fixées‬‬
‫‪par la loi.‬‬
‫» ‪La liberté contractuelle ne permet pas de déroger aux règles qui intéressent l'ordre public.‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪,Joanna SChmidt , H.L.J.Mazeaud , A.Tunc , Jacques Ghestin‬‬
‫‪3‬‬
‫مشار اليه يف يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪-CASS.COM.20 MARS 1972..‬‬
‫‪CASS.COM.18 OCT.1994‬‬
‫‪CASS .CIV. 1er 12 AVRIL.1976 BULL.CIV.1.NO 122‬‬
‫‪CASS.CIV.3ème,3 octobre1972 bull.civ.lll.no.491‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪12‬‬

‫‪78‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫أما اذا اكنت املفاوضات مصحوبة بتفاق تفاوض رصحي‪ ،‬فعنددذ تعد هذه‬
‫ترصفا قانونيا لوجود عالقة تعاقدية بني الطرفني ويذهب هذا الرأي يف تربير‬
‫املفاوضات َ‬
‫هذا الطرح اىل أن القانون يأخذ مببدأ الرضادية يف العقود‪ ،‬فيعتد بأي اتفاق مىت مت‬
‫الرضاء به‪ ،‬وقد ريض الطرفان املتفاوضان بتفاقهام عىل التفاوض رصاحة فيعترب هذا‬
‫االتفاق اتفاقا حصيحا اذ لي فيه ما خيالف النظام العام والآداب ‪.1‬‬
‫يف حني يرى جانب من الفقه املرصي أن قطع املفاوضات يرتتب عنه املسؤولية‬
‫التقصّيية‪ ،‬فتبقى جمرد معل مادي ال يرتب أي أثر ويبقى لك متعاقد حر يف قطع‬
‫املفاوضات يف أي وقت‪ ،‬اال اذا اقرتن العدول خبطأ أحلق را بلطرف الآخر‪ ،‬لينئذ‬
‫‪2‬‬
‫تهنض مسؤولية العادل التقصّيية‪.‬‬
‫غّي أن الفقه املرصي احلديث ر يرتدد يف الاعرتاف بتفاق تفاوض‪ ،‬وبأنه ينشأ‬
‫عىل عاتق الطرفني املتفاوضني الزتاما عقداي بلتفاوض‪ ،‬يتوجب تنفيذه بطريقة تتفق مع‬
‫‪3‬‬
‫مبدأ حسن النية‪ ،‬ويرتتب عن االخالل به قيام املسؤولية العقدية‪.‬‬
‫بيامن يذهب بلحاج العريب‪ 4‬اىل أنه ‪:‬اذا توصل الطراف خارج أي اطار عقدي‪ ،‬اىل‬
‫االتفاق عىل العنارص انجوهرية للعقد الهنايئ حمل التفاوض‪ ،‬اتركني العنارص الخرى‬

‫‪ -1‬يون صالح ادلين عيل املرجع السابق ص‪.61‬‬


‫‪ -2‬رأي لك من‪ :‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬دمحم جامل ادلين زيك‪ ،‬رمضان أبو السعود‪ ،‬عز ادلين ادلانموري‪ ،‬عبد امحليد‬
‫الشواريب‪.‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬يون صالح ادلين عيل املرجع السابق ص‪.62‬‬
‫رأي دمحم حسني عبد العال‪ ،‬دمحم حسام محمود لطفي‪ ،‬دمحم عبد الظاهر حسني‪.‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪012‬‬
‫‪ -3‬رأي دمحم حسني عبد العال‪ ،‬ابراهمي دسويق‪ ،‬دمحم دمحم أبو زيد‪ ،‬هامم دمحم محمود زهران‪ ،‬جامل عبد الرمحن دمحم عيل‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق ن ص ‪61‬‬
‫‪ -4‬بلحاج العريب ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.021‬‬
‫‪79‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫التفاق الحق‪ ،‬فان مثل هذا االتفاق انجزيئ ينشئ عىل عاتق طرفيه الزتاما تعاقداي‬
‫بلتفاوض عىل العنارص املؤجَل‪.‬‬
‫من مث فبنشوء عقد التفاوض مثال واذلي هو من العقود المتهيدية ترتتب أآاثر‬
‫قانونية‪ ،‬تمتثل بنشوء عدد من الالزتامات عىل عاتق الطرفني املتفاوضني‪.‬و تتجسد هذه‬
‫الالزتامات باللزتام بلتفاوض اذلي يتجزأ اىل‪ :‬الالزتام بدلخول يف املفاوضات‪،‬‬
‫والالزتام بالس مترار يف املفاوضات حبسن نية‪ ،‬وما يتفرع عنه من الزتامات أخرى‪ ،‬ولو‬
‫‪1‬‬
‫ر ينص عليه عقد التفاوض‪.‬‬
‫يفرض الالزتام بلتفاوض حبسن نية عىل املتفاوض‪ ،‬أ ّال يلجأ يف تفاوضه اىل الغش‬
‫واخلديعة‪ ،‬والالزتام بلصدق والمانة وانجدية والتعاون‪.‬واالمتناع عن افشاء أرسار‬
‫املفاوضات أي ضامن الرسية يف اطار حسن النية‪ ،‬والالزتام بالعالم وعدم االنسحاب‬
‫مهنا عىل حنو مفاجئ دون مربر مرشوع‪ .‬كام وأن قطع املفاوضات يف وقت غّي مالمئ أو‬
‫دون مربر مقبول أو معقول‪ ،‬أو التفاوض جملرد التسلية أو ادلعاية أو اس تطالع السوق‬
‫دون نية حقيقية يف التعاقد‪ ،‬أو الشاعة أآمال اكذبة تبعث ثقة زادفة دلى الطرف الآخر‬
‫تتناىف مع مبدأ حسن النية يف سّي املفاوضات‪ .‬وتعد اخالال واحضا بلثقة املرشوعة اليت‬
‫‪2‬‬
‫تودلت دلى لك من املتفاوضني‪.‬‬
‫معوما فان التفاوض سواء بوجود اتفاق أو خارج أي اتفاق تفاوض فانه جيب أن‬
‫يكون بنية حس نة‪ ،‬وال شك أن اثبات سوء نية املتفاوض يكون يسّيا ‪،‬يف حال اعامل‬
‫قواعد املسؤولية العقدية يف هذه املرحَل اذا ما مت ابرام عقود متهيدية‪ .‬فاعامل تكل‬
‫القواعد يسهل اثبات سوء نية الطرف العادل‪ 3‬بيامن اثبات االخالل بملبدأ من جانب‬
‫املهرضور يبدو عسّيا اذا ما قامت املسؤولية التقصّيية ‪.‬‬

‫‪-1‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬بلحاج العريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪032‬‬
‫‪-3‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.092‬‬
‫‪81‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫هذا وأشار املرشع الفرنيس يف املادة ‪ 0003‬ق م ف أن املبادرة والتقدم اررز‬
‫واهنيار املفاوضات جيب أن تفي مبتطلبات حسن النية‪ ،‬ويف حاةل سوء السلوك يف‬
‫املفاوضات فانه يتعني اصالح الا ار النامجة عن ذكل‪ .‬وال ككن أن يكون هناك حمل‬
‫للتعويض عن فقدان الفوادد املتوقعة لعقد ر يربم ‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫دور املبدأ يف مرحَل ما قبل انعقاد العقد‬
‫ان التقنينات املدنية اكنت وما تزال جتسد الصورة املبسطة للعملية التعاقدية‪،‬‬
‫وتكل البساطة اكنت تعك املعطيات الاجامتعية‪ ،‬اليت اكنت قامئة أآنذاك‪ .‬حيث اكنت‬
‫تفرض وضعا مثاليا هو وجود طرفني متساويني يف املراكز الفعلية والقانونية‪ ،‬متساويني‬
‫يف القوة ويف احلاجة اىل التعاقد‪ .‬مع ذكل توجد مضن نصوصه ما يوفر حامية للمقدم عىل‬
‫التعاقد حسن النية‪ ،‬من سوء نية الطرف املقابل‪ ،‬كتكل املتعلقة بنظرية التعسف يف‬
‫اس تعامل احلق وبعيوب االرادة‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬حسن النية واعامل نظرية التعسف يف اس تعامل احلق‬
‫ملا اكنت ممارسة احلقوق وتنفيذ الالزتامات حماط بطار من حسن النية‪ ،‬فان لك‬
‫تعسف يف اس تعامل حق انجت عن العقد‪ ،‬من قبل ادلائن باللزتام يعد اخالال مببدأ‬
‫حسن النية‪ .‬من مث لسن نية ادلائن يف املطالبة بتنفيذ الالزتامات العقدية‪ ،‬دليل عىل‬

‫‪ - 1‬ويبدو أن املرشع الفرنيس ساير ما وصلت اليه مؤخرا حماة النقض الفرنس ية بشأ التعويض عن فوات فرصة ابرام العقد‬
‫حيث قررت‪:‬‬
‫‪Cass.com 26 novembre 2003 « qu'en l'absence d'accord ferme et définitif, le préjudice subi‬‬
‫‪par une société ayant engagé avec les actionnaires d'une autre société des négociations en‬‬
‫‪vue de la cession des actions composant le capital de cette dernière n'incluait que les frais‬‬
‫‪occasionnés par la négociation et les études préalables auxquelles elle avait fait procéder et‬‬
‫‪non les gains qu'elle pouvait, en cas de conclusion du contrat, espérer tirer de l'exploitation‬‬
‫‪du fonds de commerce ni même la perte d'une chance d'obtenir ces gains ».‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪81‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫توافر حاةل اس تعامل احلق الاس تعامل املرشوع‪ ،‬واالخالل به يؤدي اىل قيام حاةل‬
‫‪1‬‬
‫التعسف يف اس تعامهل‪.‬‬
‫من مث تلتقي نظرية التعسف يف اس تعامل احلق مع مبدأ حسن النية يف العقود‪ ،‬يف‬
‫أن الكهام يقيّد حقوقا‪ .‬غّي أن مبدأ حسن النية مفهوم واسع ومرن ج ّدا‪ ،‬يقاس مبعيار‬
‫خشيص وموضوعي‪ ،‬تس توعب املعايّي اليت حددها املرشع لقيام حاةل التعسف‪.‬‬
‫فالتعسف يف اس تعامل احلق ما هو اال تطبيق من تطبيقات املبدأ‪ ،‬حيث أن مبدأ‬
‫حسن النية أ ّمع من التعسف‪ ،‬لنه يشمل حاالت أخرى ال تنحرص يف املعايّي املوضوعة‬
‫‪2‬‬
‫من قبل املرشع لتحديد التعسف‪ ،‬واليت وردت عىل سبيل احلرص‪.‬‬
‫ان مقتضيات حسن النية أمشل‪ ،‬فال تقف عند حد عدم التعسف يف اس تعامل‬
‫احلق‪ ،‬بل أن عدم التعسف يف اس تعامل احلق يقع مضن مقتضيات حسن النية‪ 3.‬لسن‬
‫النية من هجة يفرض الزتامات ويقيد حقوقا‪ ،‬فهو أمشل وجماهل واسع‪.‬‬
‫من هجة أخرى قد يلتقي وقد يفرتق مبدأ حسن النية‪ ،‬مع نظرية التعسف يف‬
‫اس تعامل احلق‪،‬فالشفص اذا اس تعمل حقه بقصد اال ار بلغّي يكون متعسفا‪ ،‬اال أنه‬
‫حىت يكون املتعاقد حسن النية ال يكفي منه أن تنتفي نية اال ار دليه‪ ،‬بل يتعني عليه‬
‫أن ال ُّيمل‪ ،‬وأن يتيقظ ويتبرص واال عد س ئي النية‪ 4.‬ومن مث فاعتبار نظرية التعسف‬
‫يف اس تعامل احلق عنرصا من عنارص حسن النية‪ ،‬يربر عدم نص املرشع انجزائري علهيا‬
‫‪ -1‬ر تتعرض جل الترشيعات لتعريف نظرية التعسف يف اس تعامل احلق‪ ،‬بيامن ذهب الفقه اىل وضع تعاريف متعددة‪ ،‬من‬
‫بيهنا أهنا ‪ ":‬ممارسة للحق بنية اال ار بلغّي‪ ،‬من أجل منفعة قليَل ال تتناسب وجحم هدا الهرضر‪ ،‬عىل حنو تكون فيه الفاددة‬
‫غّي مرشوعة"‪.‬‬
‫ماكل جابر محدي اخلزاعي‪ ،‬اساءة اس تعامل احلق‪ ،‬جمَل ببل للعلوم االنسانية‪ ،‬ج‪ ،17‬ع‪،2009 ،2‬‬
‫ص ‪.396‬‬
‫‪ -2‬عيل فياليل‪ ،‬الالزتامات‪ ،‬النظرية العامة للعقد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،،‬ص‪.622‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫‪ -4‬ان الترصف القانوّن قد يكون مصدره العقد أو االرادة املنفردة‪ ،‬وأُه مزية هل أنه ينتج أثرا قانونيا‪ .‬فهو رابطة قانونية تنشأ‬
‫برادة مترصف واحد أو أكرث‪ ،‬اذا نظران الهيا من انحية ادلائن متثل حقا‪ ،‬واذا نظران الهيا من انحية املدين متثل الزتاما‪.‬‬
‫مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬املسؤولية املدنية‪ ،‬انجزء الثاّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.912‬‬
‫‪82‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يف فرتة تنفيــــذ العقد‪ ،‬لنه أشار اىل وجوب تنفيذ العقد وحبسن نية‪ ،‬وهذا املبدأ يغين‬
‫‪1‬‬
‫عن اللجوء اىل نظرية التعسف يف اس تعامل احلق يف فرتة تنفيذ العقد‪.‬‬
‫يف مقابل ذكل جند القضاء الفرنيس يف كثّي من الحيان توسع يف نظرية التعسف‬
‫يف اس تعامل احلق‪ ،‬واعترب أنه يعترب خروجا عن حسن النية‪ ،‬لي فقط ممارسة احلق‬
‫بنية اال ار بلغّي‪ ،‬بل أيضا ممارسة احلق دون أي منفعة تذكر جملرد هذه املامرسة‪ ،‬وان‬
‫ر يكن صاحب احلق يقصد احلاق الهرضر بلغّي‪ .‬حىت أنه من خالل قراءة بعض‬
‫الحاكم الصادرة عن اراُك الفرنس ية‪ ،‬اشرتطت أحياان فقط توفر سوء النية بدل نية‬
‫‪2‬‬
‫اال ار‪.‬‬
‫وسوء النية هو يف احلقيقة نقيض حسن النية‪ ،‬أي لك معل خمالف ملبادئ‬
‫الاس تقامة والصدق والترصف برشف‪ ،‬أي أنه أوسع نطاقا‪ .‬بيامن نية اال ار بلغّي‪،‬‬
‫تفرتض توجه ارادة الفاعل حنو احداث ر غّي مرشوع بلغّي‪ .‬فان اكن القضاء‬
‫الفرنيس يذهب يف أحيان كثّية‪ ،‬اىل ترتيب املسؤولية عىل أساس سوء اس تعامل احلق‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫امنا السْل هو ترتيب املسؤولية واقامهتا عىل أساس اخلطأ خملالفة مبدأ حسن النية‪.‬‬
‫وقصد اال ار بلغّي يقاس بملعيار الشفيص أو اذلايت‪ ،‬اذلي يقتب البحث يف‬
‫مضّي الشفص ودخيَل نفسه‪ .‬وقد يقاس يف بعض الحيان بملعيار املوضوعي‪.‬أما حاةل‬
‫انعدام التناسب أو التوازن‪ ،‬بني الفاددة اليت يريم صاحب احلق للحصول علهيا‪ ،‬وبني‬
‫الهرضر اذلي يلحق بلغّي‪ ،‬فاملعيار لتحقق هذه احلاةل هو املعيار املوضوعي‪ ،‬وهو معيار‬
‫ال شأن هل بلنية‪ .‬فال يستند اىل مضّي ونفس ية صاحب احلق‪ ،‬بل يقوم عىل التفاوت‬
‫بني الهرضر الالحق بلغّي‪ ،‬واملنفعة العاددة عىل املاكل نتيجة اس تعامل حقه‪.‬‬

‫‪ -1‬هذا عىل خالف املرشع املرصي اذلي رتهبا يف الباب المتهيدي من خالل املادة ‪21‬و ‪ 21‬وجعلها نظرية عامة‪.‬‬
‫‪ -2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ -3‬مصطفى العويج‪،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الثاّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.232‬‬

‫‪83‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫اال أنه حىت يكون الشفص حسن النية‪ ،‬ال يكفي منه أن تنتفي نية اال ار‬
‫دليه‪ ،‬بل عليه أن ال ُّيمل وأن يتيقظ ويتبرص واال اكن س ئي النية‪ .‬لسن النية يتطلب‬
‫من الشفص أال يغش أو يتواطأ‪ ،‬بل عليه أن يتعاون مع الطرف الآخر‪ ،‬وأن ال‬
‫يتعسف وأن ال خيل بلتوازن العقدي وأن ال ُّيمل‪ .‬ما يعين أن سوء النية لي متحدا‬
‫مع نية اال ار‪ ،‬بل هو نقيض حسن النية أي لك معل خمالف ملبادئ الرشف‬
‫والاس تقامة والصدق‪ ،‬بيامن نية اال ار تفرتض توجه االرادة حنو احداث ر غّي‬
‫‪1‬‬
‫مرشوع‪.‬‬
‫وعىل الرمغ من أمهية مبدأ حسن النية يف جمال العقود‪ ،‬اال أن الفقه والقضاء‬
‫الفرنيس عند حماولته اجياد حلول يف جمال العقد‪ ،‬ر كنحه ا ّال حزيا ضيقا من الاهامتم‪ ،‬مع‬
‫أن مبدأ حسن النية القدمي جدّ ا اكن اكفيا حلل االشاكالت املطروحة‪.2‬‬
‫هذا وأن اعامل نظرية التعسف يف اس تعامل احلق قبل ابرام العقد‪ ،‬بشأن رفض‬
‫التعاقد أو العدول عن التعاقد حمل خالف بني الفقه‪ ،‬حيث تثور االشاكلية حول‬
‫اماكنية اعامل هذه النظرية بصدد ممارسة احلرية أي حرية التعاقد ورفض التعاقد‪ ،‬وحول‬
‫اماكنية اعتبار العدول عن ابرام العقد تعسفا يف هذا الصدد برز اجتاهان ‪:‬‬
‫اجتاه مضيق ‪ :‬يرى أ ّن هذه النظرية ال ترد ا ّال عىل احلقوق بملعىن الفين ادلقيق‬
‫دون ممارسة احلرايت‪،‬فاحلق مزية معينة يس تأثر هبا خشص معني‪َ ،‬توهل القيام بأعامل‬
‫معينة حتقيقا ملصلحة هل حيمهيا القانون‪ ،‬كحق امللكية واحلق يف املّياث‪ .‬أما الرخصة فه ي‬
‫حيرمه القانون‪ ،‬كحرية المتكل والاجتار‬ ‫ابحة عامة تبيل للك خشص حرية القيام مبا ال ّ‬
‫والتعاقد‪ ،‬وما اىل ذكل من احلرايت العامة اليت كفلهتا ادلساتّي للفراد‪.3‬‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪912‬‬


‫‪ -2‬يعقويب ادري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬شّياد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪84‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫فامللكية حق والمتكل رخصة‪ ،‬ذكل أن القانون كفل مجليع الناس احلرية يف أن‬
‫يمتلكوا طبقا للقواعد اليت قررها القانون املدّن‪ .‬فهو حيمي الشداص يف ممارسة‬
‫حرايهتم‪ ،‬ويعاقب املعتدي علهيا‪ .‬فالمتكل كام ّمر رخصة‪ ،‬أما اذا كسب الشفص ملكية‬
‫‪1‬‬
‫يشء معني انتقل من الرخصة اىل احلق‪ ،‬ويه مصلحة حيمهيا القانون‪.‬‬
‫اجتاه موسع‪ :‬يرى أن هذه النظرية كتد نطاقها لي للحق بملعىن الفين دلقيق‪ ،‬بل‬
‫يتجاوزه اىل احلرايت والرخص العامة‪ .‬وأنه لي يف جوهر فكرة الرخصة أو احلرية‬
‫العامة ما جيعلها مس تعصية عىل التعسف‪ .‬فالقول بأن ال مسؤولية عىل الشفص اذلي‬
‫كارس حرية من حرايته‪ ،‬قول مرسل ال يستند اىل دليل منطقي‪ ،‬فقد تتحقق املسؤولية‬
‫مبناس بة اس تعامل حق معني‪ ،‬دون أن يدور خبدل أحد أن يس تعني بنظرية التعسف‪.‬‬
‫مفثال الشفص اذلي ككل سالحا‪ ،‬تتحقق مسؤوليته اذا اس تددمه يف قتل أآخر دون‬
‫حـاجة لنظرية التعسف بداهة‪ ،‬فال يتصور أن حيمتي هذا القاتل من املسؤولية‪ ،‬بلقول‬
‫انه امنا اس تعمل حقه يف ملكية السالح‪ ،‬فال يقال أنه تعسف يف اس تعامل حقه يف‬
‫امللكية‪.‬‬
‫ونف اليشء بلنس بة للحرية مفن السهل االتيان بأمثَل‪ ،‬تعترب تعسفا يف اس تعامل‬
‫احلرية أو الرخصة‪ ،‬كام يتصور يف نطاق اس تعامل احلق‪ .‬فالتاجر اذلي يناف اتجرا أآخرا‬
‫واس تعمل وسادل مباحة يف املنافسة‪ ،‬ولكنه اكن ال يقصد هبا سوى احلاق الهرضر مبن‬
‫ينافسه‪،‬يكون هدفه حتقيق مصلحة غّي مرشوعة‪ ،‬ومن مث يعد متعسفا يف اس تعامل‬
‫حرية املنافسة‪.‬‬
‫فالخذ بالجتاه املضيق يؤدي بنا اىل نتيجة مفادها‪ ،‬أن نظرية التعسف يف‬
‫اس تعامل احلق ال تطبق قبل ابرام العقد‪ ،‬لهنا تقترص عىل احلقوق بملعىن الفين ادلقيق‪،‬‬

‫‪ -1‬ماكل جابر محدي اخلزاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.295‬‬


‫‪85‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وعليه فه ي ال تنطبق عىل حاالت رفض التعاقد ولو حتققت رشوطه‪ ،‬لهنا تقع يف نطاق‬
‫‪1‬‬
‫احلرايت العامة‪ ،‬اليت َترج عن نطاق نظرية التعسف يف اس تعامل احلق‪.‬‬
‫من هجة أخرى فالخذ بالجتاه املوسع‪ ،‬يعين أن النظرية تنطبق عىل احلرايت‬
‫العامة‪ .‬وبلتايل هناك جمال العاملها يف املرحَل السابقة البرام العقد‪ ،‬وهبذا تلتقي مع مبدأ‬
‫حسن النية يف ابرام العقود فتقع مضن مقتضياته‪ ،‬ولو أن هذا الخّي قيد وارد عىل‬
‫احلرية‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد هناك من يرى أن الاجتاه املوسع أكرث حصة واقناعا‪ ،‬جحته يف‬
‫ذكل أن القانون ويف سبيل تطوره كر مبراحل‪.‬فنظرية التعسف اكنت يف الوقت اذلي ر‬
‫يكن من املقبول الاستناد اىل حسن النية يف القرارات القضادية‪ ،‬لعدم ش يوع اس تعامهل‬
‫دلى الفقه والقضاء‪ ،‬خمرجا قضاديا ملعانجة بعض احلاالت‪ ،‬اليت تؤدي اىل اال ار‬
‫‪2‬‬
‫بلطراف املتفاوضة نتيجة القطع غّي املربر للمفاوضات‪.‬‬
‫ومن مث فان الخذ مببدأ حسن النية يف ابرام العقود‪ ،‬مكبدأ مس تقل ومعرتف به‬
‫يف الكثّي من القوانني املعارصة الآن اكلترشيع الملاّن‪ ،‬يغنينا عن اللجوء اىل نظرية‬
‫التعسف يف اس تعامل احلق حلسم القضااي العالقة ذات الشأن‪ .‬غّي أنه يبقى جمال اعامل‬
‫هذه النظرية مفيدا‪ ،‬بلنس بة للبدلان اليت ال تقر رصاحة الالزتام حبسن النية يف ابرام‬
‫العقود‪ .‬فتبقى وس يَل نجرب الهرضر الناشئ يف مرحَل التفاوض‪ ،‬اذ أنه بذكل عىل القل‬
‫‪3‬‬
‫سوف تطبق جزءا مما يقتضيه حسن النية يف هذه املراحل‪.‬‬
‫وهذا ما ينطبق عىل الترشيع انجزائري‪ ،‬فقد صنف التعسف يف اس تعامل احلق‪،‬‬
‫يف اطار الفعل املس تحق للتعويض واعتربه خطأ تقصّياي‪ .‬يف حني أنه ر يقر مبدأ حسن‬
‫النية يف ابرام العقد‪ .‬ذلكل فيبقى جمال اعاملها يف هذه املرحَل من العقد قامئا‪ .‬واعتبار‬

‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.251‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.252‬‬
‫‪86‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫نظرية التعسف يف اس تعامل احلق عنرصا من عنارص مبدأ حسن لنية‪ ،‬يربر عدم نص‬
‫املرشع انجزائري علهيا يف تنفيذ العقد‪ ،‬لنه أشار اىل وجوب تنفيذ العقد وحبسن نية‪.‬‬
‫هذا الخّي اذلي ال يقف عند حدود املعايّي اليت أشار الهيا املرشع‪ ،‬لتحقق نظرية‬
‫التعسف يف اس تعامل احلق‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬حسن النية كرشط للمتسك بعيوب الرضا‬
‫تُظهر لنا نظرية عيوب الرضا ادلور امحلايئ اذلي يلعبه مبدأ حسن النية‪ ،‬واذلي‬
‫يساُه يف اس تقرار التعامل واس تقرار احلياة العقدية‪ .‬فاملتعاقد الآخر مىت اكن حسن‬
‫النية ال حيتج يف مواهجته ببطال العقد‪.‬ذلكل يتدخل مبدأ حسن النية يف نظرية عيوب‬
‫الرضا بشلك غّي مبارش‪ .‬حيث أن املرشع يعترب حسن النية أحد الرشوط الساس ية‪،‬‬
‫للمتسك بأي عيب من عيوب الرضا‪ ،‬سواء يف الغلط أو التدلي أو االكراه‪ ،‬أو حىت‬
‫الاس تغالل‪.‬‬
‫بناءا عىل ذكل قرر جزاءا عىل قء النية جبواز ابطال العقد من قبل املتعاقد‬
‫الآخر حسن النية‪.‬اضافة حلق املتعاقد حسن النية يف املطالبة بلتعويض‪ ،‬حيث تنعقد‬
‫املسؤولية التقصّيية للمتعاقد قء النية يف التدلي واالكراه ‪،‬ذلا فاهنام ال ينتجان أآثرا‬
‫عىل أهنام عيب من عيوب الرضا‪ ،‬وامنا كوهنام يشالكن معال غّي مرشوع‪ ،‬أي خطأ‬
‫يوجب التعويض عليه وفقا لحاكم املسؤولية التقصّيية‪.‬‬
‫أ‪:‬حسن النية ونظرية الغلط‬
‫يعد الغلط عيبا من عيوب الرضا‪ ،‬ويعرف بأنه وُه يقوم يف ذهن املتعاقد‪ّ ،‬‬
‫فيصور‬
‫هل المر عىل غّي حقيقته ويكون هو ادلافع اىل التعاقد‪ .‬ويمتزي عن التدلي بأنه غلط‬
‫‪1‬‬
‫تلقايئ‪ ،‬عك التدلي اذلي يمتزي بأنه غلط مستثار‪.‬‬

‫‪ -1‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪012‬‬
‫حسب املادة ‪ 030‬ق م م واملادة ‪ 0002‬ق م ف واملادة ‪ 26‬ق م ج‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وتظهر العالقة بني مبدأ حسن النية ونظرية الغلط‪ ،‬من خالل الرشوط الواجب‬
‫توافرها ليك يمتسك من وقع فيه ببطالن العقد‪ ،‬فباالضافة اىل كون الغلط جوهري‬
‫حيث ورد يف املادة ‪ 23‬ق م ج أن الغلط يكون جوهراي بلخص اذا وقع يف صفة‬
‫لليشء يراها املتعاقدان جوهرية‪ ،‬أو جيب اعتبارها جوهرية نظرا لرشوط العقد وحلسن‬
‫النية‪ ،‬ال بد أن يتصل الغلط بملتعاقد الآخر‪ .‬ولعل هذا الرشط يوحض مدى صَل‬
‫بطالن العقد للغلط ومبدأ حسن النية‪ .‬غّي أن الفقه يف هذا الصدد جاء بتفسّيان‬
‫لقاعدة حسن النية‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -0‬التفسّي الول‬
‫أنه يشرتط لصحة المتسك بلغلط أن يتصل املتعاقد الآخر بلغلط‪ ،‬وحاالت‬
‫اتصال املتعاقد الآخر بلغلط أيضا يه‪:‬‬
‫حاةل الغلط املشرتك بني املتعاقدين فاذا فرضنا أن خشصا بع لآخر صورة‪ ،‬عىل‬
‫أهنا من صنع مصور مشهور‪ ،‬واكن البادع يعتقد أن الصورة يه من صنع هذا املصور‪،‬‬
‫فانه يكون حسن النية ومقتىض حسن نيته التسلمي للمشرتي حبقه يف االبطال و ان اكن‬
‫هذا الرشط يس تنتج بشلك مضين من نص املادة ‪ 23‬من خالل عبارة "يراها املتعاقدان‬
‫"‪ ،‬اليت تفيد معىن الغلط املشرتك‪ ،‬فان الترشيع املرصي جاء النص فيه رصحي‪ ،‬حيث‬
‫أن املادة ‪ 032‬ورد فهيا بشلك رصحي " ان اكن املتعاقد الآخر وقع مثهل يف هذا الغلط "‬
‫غّي أن هذا التفسّي وان اكن ممكن الخذ به يف الترشيع انجزائري‪ ،‬لنه بشأن‬
‫حاالت اتصال املتعاقد الآخر بلغلط ذكر حاةل الغلط املشرتك فقط‪ ،‬فان املرشع املرصي‬
‫وسع وعدد حاالت اتصال املتعاقد الآخر بلغلط‪ .‬ومن مث حق الطرف اذلي وقع يف‬

‫‪ -1‬جاء هبذا التفسّي عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪010 ،‬‬
‫‪88‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫غلط طلب ابطال العقد‪ ،‬ويه حاةل اذا ما عْل املتعاقد الآخر بلغلط أو اكن من السهل‬
‫‪1‬‬
‫عليه أن يتبينه‪.‬‬
‫ففي حاةل الغلط املشرتك يكون البادع حسن النية‪ ،‬أما يف حاةل العْل واماكن أو‬
‫سهوةل العْل فانه يكون س ئي النية‪ .‬من مث نرى أن الخذ هبذا التفسّي ال يفيدان يف‬
‫معرفة أثر حسن النية عىل نظرية الغلط‪ ،‬لنه سواء اكن املتعاقد حسن النية بأن اكن‬
‫الغلط مشرتك‪ ،‬أو قء النية بأن اكن يعْل أو بماكنه العْل‪ ،‬فانه يكون للمتعاقد الآخر‬
‫احلق يف طلب االبطال‪.‬‬
‫‪ -3‬التفسّي الثاّن‪:‬‬
‫يُرى أن هذا التفسّي هو التفسّي السلمي‪ ،‬اذ أن حاليت عْل البادع أو سهوةل علمه‬
‫بلغلط اذلي وقع فيه املتعاقد الآخر‪ ،‬واليت ذكرها املرشع املرصي تفيد أنه س ئي النية‪،‬‬
‫ومن مث ال جيرب املتعاقد الواقع يف الغلط عىل الاس مترار يف التعاقد مع خشص قء النية‪،‬‬
‫حيث أخل هذا الشفص باللزتام برافظة عىل الثقة والمانة العقدية‪ ،‬ومن مث فيجب‬
‫أال حيرم املتعاقد الآخر من حقه يف االبطال يف هاتني احلالتني‪.‬ومبا أن قوانني الاس هتالك‬
‫تفرض الزتامات عىل عاتق املهين أي اررتف جتاه املس هتكل‪ ،‬وأمهها الالزتام بالعالم‬
‫والاس تعالم فاذا وىف اررتف بلزتاماته‪ ،‬اكن من السهل عليه أن يعرف أن املشرتي قد‬
‫وقع يف غلط‪ ،‬وان أخل بلزتاماته اكن قء النية‪ 2 ،‬وانجزاء هو البطالن حماربة لسوء‬
‫النية‪.‬‬
‫أما مىت اكن املتعاقد الآخر قد وقع يف نف الغلط‪ ،‬فيكون الغلط مشرتاك وهو ما‬
‫أخذ به املرشع انجزائري‪ ،‬ويف هذه احلاةل فانه ال جيوز للمتعاقد الواقع يف الغلط أن‬

‫‪ - 1‬حيث جاء يف املادة ‪ " 032‬اذا وقع املتعاقد يف غلط جوهري جاز هل طلب ابطال العقد ان اكن املتعاقد الآخر قد وقع‬
‫مثهل يف هذا الغلط‪ ،‬أو اكن عىل عْل به أو اكن من السهل عليه أن يتبينه"‪.‬‬
‫‪ -2‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪013‬‬
‫‪89‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يتعسف يف حقه يف طلب االبطال‪ ،‬فتعد نظرية الغلط بذكل من تطبيقات مبدأ حسن‬
‫‪1‬‬
‫النية‪.‬‬
‫من مث فاذا عرض عليه املتعاقد الآخر حسن النية اس تعداده لتنفيذ العقد‪ ،‬فال‬
‫حيق هل طلب ابطال العقد‪ ،‬لن ذكل يتعارض مع مبدأ حسن النية‪ 2.‬وهذا التفسّي بناءا‬
‫عىل ما ورد ذكره يف املادة ‪ 21‬ق م ج واملادة ‪ 031‬ق م م‪.‬اذ أنه يبقى يف هذه احلاةل‬
‫ملزما بلعقد ان أهلهر املتعاقد الآخر اس تعداده لتنفيذ العقد‪.‬‬
‫ويعلَل هذا النص أنه اذا اكن ملن وقع يف غلط جوهري‪ ،‬أن يطلب ابطال العقد‪،‬‬
‫لنه ما اكن ليتعاقد لو تبني وجه المور وقدرها تقديرا حصيحا‪ .‬فهذه يه عَل تقدير احلق‬
‫يف طلب ابطال العقد‪ ،‬ويه ذاهتا مرجع حدوده‪ .‬مفىت اكن من املؤكد أن املتعاقد قد‬
‫قصد ابرام العقد‪ ،‬مفن الواجب أن يلزتم هبذا العقد بغض النظر عن الغلط‪ ،‬ما دام‬
‫الطرف الآخر قد أهلهر اس تعداده لتنفيذه‪ .‬هذا ما يعين أن حق المتسك بالبطال‪،‬‬
‫خيضع للنظرية العامة للتعسف يف اس تعامل احلق ‪.3‬‬
‫ومن مث اذا شاب طلب االبطال تعسف‪ ،‬فلن جياب املتعاقد اىل طلبه‪ .‬اذ يعد‬
‫يف هذه احلاةل ممتساك بلغلط‪ ،‬عىل حنو يتعارض مع ما يقب به حسن النية‪ ،‬وبلتايل‬
‫يعد متعسفا يف اس تعامل طلب االبطال‪ .‬لق طلب االبطال لي مطلقا‪ ،‬فهو يتحدد مبا‬
‫ال يتناىف مع حسن النية‪ .‬فالغلط وُه وقع فيه املتعاقد من تلقاء نفسه‪ ،‬دون أن يدفعه‬
‫اليه املتعاقد الآخر‪ ،‬أو عىل القل دون أن يدفعه اليه‪،‬مبا يصل اىل مرتبة احليَل‬
‫واخلداع‪ .‬من مث وجب أن ال يكون متسكه به عىل حنو جياىف ما يفرضه مبدأ حسن‬
‫النية‪.‬‬

‫‪ -1‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬


‫‪-2‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬
‫‪ -3‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.033‬‬
‫‪91‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫عىل أنه جتدر االشارة اىل أنه ال يوجد نص مماثل يف القانون املدّن الفرنيس‪ ،‬غّي‬
‫أن الفقه يرى أن النصوص املتعلقة بتفسّي وتنفيذ العقود وفقا حلسن النية‪ ،‬وعدم جواز‬
‫التعسف يف اس تعامل احلق‪ ،‬نصوص معطوفة عىل بعضها‪ ،‬وقياسا عىل الصالحية‬
‫‪1‬‬
‫الواسعة املمنوحة للقايض‪ ،‬يف تقرير ابطال العقد من عدمه مضن الرشوط القانونية‪.‬‬
‫وجتدر االشارة يف هذا املقام‪ ،‬اىل اجامع الفقه‪ 2‬حول الغلط اذلي يشلك سببا‬
‫لالبطال‪ ،‬حيث يشرتط أن ال يكون غّي معذور‪ .‬فاملتعاقد اذلي يس تطيع أن يثبت أن‬
‫رضاه قد تعيب‪ ،‬ال يس تطيع املطالبة ببطال العقد عىل أساس هذا الغلط اذلي وقع فيه‬
‫من تلقاء نفسه‪ ،‬ويم الاحتفاظ بلعقد يف هذه احلاةل‪ ،‬لن الغلط اذلي عاب رضاه اكن‬
‫غّي معذور‪ ،‬لن املتعاقد اذلي ككن أن ينسب اليه خطأ خالل معلية انشاء العقد‪ ،‬ال‬
‫يس تطيع الانتفاع من امحلاية القانونية‪.‬‬
‫غّي أنه رمغ اجامع الفقه حول أن خطأ طالب االبطال‪ ،‬من شأنه أن جيعل غلطه‬
‫غّي معذور‪ ،‬اال أهنم قد اختلفوا حول درجة هذا اخلطأ‪ ،‬مفهنم من تطلب أن يكون هذا‬
‫اخلطأ جس امي‪ ،‬أما البعض الآخر يرى أنه يكفي جمرد االهامل اليسّي‪ ،‬لن الغلط اذلي‬
‫يرتكبه همنيون حمرتفون يف جمال يتعلق بنشاطهم املتفصص يسهل احلمك عليه بأنه غّي‬
‫معذور‪ .‬ويعزز هذا الرأي موقفه هذا‪ ،‬بأن الغلط كام يف العيوب اخلفية يعامل بلطريقة‬
‫ذاهتا‪ ،‬من اكن يعْل أو اكن عليه أن يعْل أنه خمطئ يف هجهل‪.3‬‬
‫ويلعب الغلط غّي املعذور دورا كبّيا يف حتديد مسكل املدعي‪ ،‬من أجل أخذه‬
‫بعني الاعتبار عند تقرير االبطال لعَل الغلط‪ .‬فغالبا ما ينبثق اخلطأ اذلي يعطي للغلط‬
‫طابعه غّي املعذور‪ ،‬من انهتاك الالزتام بالس تعالم اذلي يثقل اكهل لك متعاقد‪ .‬فاذا‬
‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.031‬‬
‫‪ -2‬رأي لك من‪J.Ghestin.Mazeaude. Flour ET Aubert. Malaurie Esmein :‬‬
‫عاطف النقيب‪ ،‬مصطفى العويج‬
‫مشار اليه يف ‪:‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.006‬‬
‫‪ -3‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.006‬‬
‫‪91‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وصف الغلط بغّي املعذور‪ ،‬فذكل غالبا لن الضحية اكنت متكل الوسادل الالزمة‬
‫للوصول اىل املعلومة‪ ،‬اليت تلوم رشيكها يف التعاقد عىل عدم نقلها الهيا‪ ،‬وبلتايل فان‬
‫هجلها غّي املرشوع هو اذلي جيعل غلطها غّي معذور‪.‬‬
‫من مث ال ككن أن يتجاهل القايض سلوك املدعي‪ ،‬رمغ العيب اذلي يصيب‬
‫رضاه‪ ،‬لنه اكن يفرتض به أن يس تعْل عن ماهية وطبيعة عقد ينوي االقدام عليه‪.‬‬
‫وبلتايل اذا اكنت عدم معرفته نتيجة خلفة أو رعونة أو اهامل‪ ،‬فانه يتعني عليه عنددذ‬
‫حتمل مسؤولية هذا االهامل‪.‬‬
‫وما استبعاد امحلاية القانونية يف هذه احلاةل اال لس باب أخالقية‪ ،‬لن واجب‬
‫ال‪،‬اهة والاس تقامة يف التعامل يوجب علينا عدم الانتفاع من خط نا اخلاص السابق‬
‫‪1‬‬
‫للعقد‪ ،‬للتحلل من الزتاماتنا التعاقدية‪.‬‬
‫لن االبطال يلحق را برشيك املتعاقد املفرتض أنه حسن النية‪ ،‬فيحق عنددذ‬
‫لهذا الخّي الوقاية من هذا الهرضر بطلب رفض دعوى االبطال أمام قبل القايض‪ .‬وهذا‬
‫يظهر أن مبدأ حسن النية لي عدوا للعملية التعاقدية‪،‬حيث وان اكن الغلط جيزي‬
‫المتسك ببطال العقد‪ ،‬فانه ال جيوز المتسك به عىل وجه يتعارض مع حسن النية‪.‬‬
‫ويالحظ أن الفقه أخذ يتوسع شيئا فشيئا يف الغلط غّي املعذور حامية لخالقيات‬
‫‪2‬‬
‫التعاقد‪ ،‬حىت ال يضار املتعاقد الآخر حسن النية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ب‪ :‬حسن النية والتدلي‬

‫‪ -1‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.032‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- D.Mazeaud, op cit,p 606.‬‬
‫أنظر أيضا ‪ :‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.030‬‬
‫‪ -3‬نص عىل التدلي كعيب من عيوب االرادة املرشع انجزائري يف املادة ‪ 26‬ق م ج‪ ،‬املرصي يف املادة ‪ 031‬ق م م‪،‬‬
‫املادة ‪ 0021‬ق م ف‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يذهب جاك غس تان ‪ 1‬اىل اهلهار الصَل الوثيقة بني التدلي وسوء النية‬
‫بقوهل‪":‬ان دور التدلي بعتباره معال يصدر بسوء نية‪ ،‬ال يقترص عىل تسهيل اثبات‬
‫الغلط‪ ،‬بل يسهّل أيضا يف الوقت عينه اثبات المهية الساس ية لهذا الغلط يف ابرام‬
‫العقد‪.‬فيسهم سوء النية اذن يف اهلهار تأثّي ادلافع اىل الغلط"‪.‬‬
‫فاذا اكن التدلي هو اس تعامل طـــرق احتيالية‪ ،‬بقصد ايقــاع املتعاقد يف غلط‬
‫يدفعه اىل التعـــــاقد‪.‬فان ذكل يفيد نية التضليل ويه اليت جتعل املتعاقد املدل ّ قء‬
‫النية‪ ،‬وال يقترص المر عىل اقدام املتعاقد عىل اس تعامل الطرق الاحتيالية فقط‪ ،‬بل أن‬
‫الكامتن أو السكوت قد يعترب من الطرق الاحتيالية‪ ،‬اذا تعلق المر بواقعة هامة اكن‬
‫جيب الترصحي هبا‪ ،‬ور يكن يف وسع املدل عليه معرفهتا من طريق أآخر‪ ،‬وما اكن‬
‫املدل عليه ليربم العقد لو عْل بتكل الواقعة ‪.2‬كام كتد ليشمل جمرد علمه بلتدلي‬
‫الصادر من غّيه‪ ،‬حسب نص املادة ‪ 21‬ق م ج املقابَل للامدة ‪ 036‬ق م م‪.‬‬
‫واملبدأ أن صدور اخلداع عن خشص اثلث ال يؤدي اىل ابطال العقد‪،‬اال اذا اكن‬
‫الفريق املس تفيد منه عاملا به عند انشاء العقد‪ .‬وما ذكل اال تطبيقا ملبدأ حسن النية يف‬
‫التعامل‪ ،‬اذلي كنع اال ار بملتعاقد حسن النية اذلي ر يصدر عنه أي خطأ ليك‬
‫يعاقب عليه‪3.‬ففي هذه احلاةل اذا صدر التدلي عن الغّي دون أن يعْل به املتعاقد الآخر‬
‫اذلي اكن حسن النية‪ ،‬ور يكن هل ضلع يف الغلط اذلي وقع فيه املتعاقد الآخر‪ ،‬ال بد‬
‫أن يبقى العقد قامئا‪ .‬ذكل أنه بعيد عن املناورات الاحتيالية اخلادعة اليت قام هبا الغّي‪،‬‬
‫وحفاهلا عىل اس تقرار التعامل والسالمة التعاقدية‪ ،‬ال بد من حامية هذا املتعاقد الربيء‬
‫اذلي ر يرتكب أي خطأ‪ ،‬أو حىت ر يساُه به ‪.4‬و ما ذكل اال تطبيقا ملبدأ ال‪،‬اهة‬

‫‪ -1‬جاك غس تان‪ ،‬املوجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ -23‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪011‬‬
‫‪ -‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪.031 ،‬‬
‫ويفرس هذا احلل بلعودة اىل أصهل التارخيي‪ ،‬اذ أن اخلداع اكن يعترب جرما يعاقب عليه‪ ،‬وان هذا العقاب ال ككن أن يطال‬
‫‪4‬سوى مرتكبه‪.‬‬
‫‪ -‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ .031‬أنظر أيضا عبد الرزاق الس هنوري ‪ ،‬مصادر الالزتام ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪ 209‬و ما بعدها‬
‫‪93‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫والاس تقامة يف التعامل‪ ،‬واهلهارا لدلور امحلايئ اذلي يلعبه حسن النية يف اس تقرار‬
‫احلياة التعاقدية‪ ،‬ويف هذه احلاةل ينتج اخلداع أثره فقط‪ ،‬كعمل غّي مرشوع ال كعيب‬
‫‪1‬‬
‫من عيوب الرضا‪.‬‬
‫من مث اذا اكن املتعاقد عاملا بلتدلي الصادر من الغّي اكن قء النية‪ .‬واذا اكن‬
‫عدم علمه راجع اىل خطأ جس مي واهامل شديد‪ ،‬حبيث اكن من املفروض عليه أن يعْل‪،‬‬
‫يف هذه احلاةل أيضا يكون قء النية‪ ،‬وحيق للطرف الآخر أن يطلب ابطال العقد‪ .‬دلى‬
‫جند أن القضاء الفرنيس غالبا ما يعامل املهين عندما يرتكب خطأ جس امي‪ ،‬معامَل املتعمد‬
‫قء النية‪ .‬وغالبا ما يعترب السكوت أو الكامتن نوعا من أنواع التدلي ‪ ،‬وهذا ما يفيد‬
‫‪2‬‬
‫أن حسن النية ال يعين عدم اال ار‪ ،‬بل وحىت معد االهامل الناجت عن اخلطأ انجس مي‪.‬‬
‫والسبب يف اماكنية ابطال العقد يف هذه احلاةل‪ ،‬أن املتعاقد الآخر ارتكب خطأ‬
‫مبسامهته يف اخلداع الصادر عن الغّي‪ ،‬أو مبجرد علمه به والسكوت عنه اس تفادة منه‪.‬‬
‫وبلتايل يعترب يف هذه احلاةل قء النية‪ ،‬وعندها يفقد لك حامية قانونية من تكل اليت‬
‫يوفرها القانون‪ .‬وحاةل الاشرتاك أو التواطؤ تظهر بصور وأساليب خمتلفة‪ ،‬فقد تظهر‬
‫مبسامهة املتعاقد املتواطئ‪ ،‬يف تنفيذ احدى الترصفات الاحتيالية بالشرتاك مع الشفص‬
‫الثالث‪ ،‬أو بلتحريض علهيا أو العْل هبا‪ ،‬وحماوةل الاس تفادة مهنا بتكمته عن اعالم‬
‫‪3‬‬
‫املتعاقد الآخر حبقيقة المر‪.‬‬
‫ذكل أن الاس تفادة من أعامل غّي مرشوعة منسوبة اىل خشص اثلث عىل‬
‫حساب املتعاقد الآخر‪،‬امنا يوازي متاما الاشرتاك يف تنفيذ هذه العامل غّي املرشوعة‪.‬‬
‫من مث فابطال العقد للتدلي هو جزاء رتبه القانون عىل املتعاقد قء النية‪ ،‬ملصلحة‬

‫‪ -12‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.039‬‬


‫‪ -‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪011‬‬
‫‪ - 3‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.031‬‬
‫‪94‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫عليه أي حسن النية‪ ،‬اضافة نجواز املطالبة بلتعويض اذا جنم عن‬ ‫املتعاقد املدل‬
‫ر‪.‬‬ ‫التدلي‬
‫ويتحقق التدلي بس تعامل وسادل احتيالية اجيابية‪ ،‬كام ككن أن ينتج كذكل عن‬
‫جمرد الاحتفاظ بملعلومات‪ ،‬فالكامتن يعادل التدلي ‪ ،‬وهذا حسب املادة ‪ 3/031‬ق م‬
‫م واملادة ‪ 3/ 26‬ق م ج وكذا املادة ‪ 3/0021‬ق م ف ‪ .1‬ومن مت ككن القول أن ابطال‬
‫العقد عىل أساس كامتن أو سكوت املدل ‪ ،‬يعد جزاء مبارشا عىل خرق الالزتام‬
‫بلتبصّي‪.‬‬
‫ولكن جتب االشارة أوال اىل أن الكامتن ال يعد دامئا طريقا احتياليا‪ ،‬لننا لو فرضنا‬
‫أنه عىل املتعاقدين االدالء بلك ما دلُّيم من بياانت‪ ،‬لاكن يف ذكل احراج شديد هلم‪،‬‬
‫ولكن الكامتن يعد طريقا احتياليا اذا اكن ا ارا بملتعاقد‪،‬سواء أاكن مصدر هذا الالزتام‬
‫القانون أو طبيعة العقد‪ ،‬فاذا كم أحد املتعاقدين عىل الآخر واقعة جوهرية ور يكن‬
‫بس تطاعة املدل عليه أن يعرفها عن طريق أآخر‪ ،‬اكن هذا الكامتن تدليسا‪ ،‬كام اذا كم‬
‫املؤمن عىل حياته مرضا خطّيا هو مصاب به اكلسل أو الرسطان‪.‬‬
‫كام جتدر االشارة اثنيا‪ ،‬اىل أن التدلي عن طريق الكامتن اذلي جيعل العقد قابال‬
‫لالبطال‪ ،‬هو التدلي ادلافع‪ ،‬أما اذا ر يكن هو ادلافع الوحيد حبيث اكن س يربم العقد‬
‫‪2‬‬
‫عىل رشوط خمتلفة‪ ،‬فال يسمل هل ببطال العقد بل املطالبة بلتعويض فقط‪.‬‬
‫والشك أن التدلي قد يم بطرق احتيالية اجيابية‪ ،‬تمتثل يف ادالء املتعاقد‬
‫املدل ببياانت خاط ة خمالفة للحقيقة والواقع‪ ،‬وقد يلجأ اىل وسادل سلبية تمتثل يف‬
‫‪1‬‬
‫‪-ART 1137 C.civ.F « Le dol est le fait pour un contractant d'obtenir le consentement de‬‬
‫‪l'autre par des manœu res ou des mensonges.‬‬
‫‪Constitue également un dol la dissimulation intentionnelle par l'un des contractants d'une‬‬
‫» ‪information dont il sait le caractère déterminant pour l'autre partie.‬‬
‫‪ -2‬يزيد ن نصّي‪ ،‬عداةل التعاقد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.366‬‬

‫‪95‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫سكوته عن االدالء للمتعاقد معه ببعض املعلومات املهمة عن اليشء حمل التعاقد‪ ،‬وهذا‬
‫الخّي يسمى بلكامتن املدل أو السكوت‪.‬‬
‫ويعترب تكري املرشع للتدلي عن طريق الكامتن اعرتافا مبارشا باللزتام‬
‫بلتبصّي‪ ،‬لن الكامتن‪ ،‬بشلك عام‪ ،‬يطابق الاحتفاظ اخلاطئ بملعلومات‪ ،‬مبعىن أنه‬
‫يوازي خرق الالزتام بالعالم‪ ،‬أو خرق الالزتام بلالكم‪ ،‬مفن يلزتم الصمت أو يعمد اىل‬
‫كامتن واقعة هامة‪ ،‬اكن جيب االفضاء هبا‪ ،‬ور يكن بوسع الطرف الآخر معرفهتا من‬
‫مصدر أآخر أو بطريقة أخرى‪ ،‬يعد خمال باللزتام امللقى عىل عاتقه بالدالء بملعلومات‬
‫املتعلقة بلعملية التعاقدية‪ ،‬أي خمال باللزتام بالعالم‪ ،‬فالكامتن يعد خرقا مبارشا لاللزتام‬
‫بالعالم املؤثر قبل ابرام العقد‪ ،‬فاملشرتي بلطبع لو عْل مبدديا بعدم صالحية اليشء‬
‫لالس تعامل فامي أعد هل‪ ،‬ملا أقدم عىل رشاده‪1.‬من مث القول بوجود الزتام بالعالم‪ ،‬يغين‬
‫عن البحث عن نية التضليل الواجب توافرها واثباهتا يف التدلي ‪.‬‬
‫جـــ ‪:‬حسن النية واالكراه‬
‫ان االكراه اذلي يعيب الرضا يعرف بأنه ضغط تتأثر به ارادة الشفص‪ ،‬فيودل يف‬
‫نفسه رهبة تدفعه اىل التعاقد‪ .‬واذلي يعيب الرضا يف االكراه يه الرهبة اليت تبعث يف‬
‫‪2‬‬
‫نفس ية املتعاقد‪ ،‬فتدفعه البرام العقد‪.‬‬
‫ان رشوط حصة المتسك بالكراه تمتثل أوال يف الهتديد خبطر جس مي حمدق‪ ،‬سواء‬
‫بوسادل هتديد مرشوعة أم غّي مرشوعة اذ ال عربة بذكل‪ ،‬واثنيا يف رهبة تبعث عىل‬
‫التعاقد‪ ،‬واثلثا اتصال املتعاقد الآخر بالكراه‪ .‬وهذا الرشط الخّي هو اذلي يبني الصَل‬
‫‪ -1‬اسالم هامش عبد املقصود سعد‪ ،‬امحلاية القانونية للمس هتكل بني القانون املدّن والفقه االساليم‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪،‬‬
‫االسكندرية‪.116 ،3201 ،‬‬
‫فقد اكن الفقه الفرنيس عىل خالف يف الاعتداد بلكامتن‪ ،‬اىل أن قضت حماة النقض الفرنس ية يف ‪ 09‬ماي ‪ 0912‬بعتبار‬
‫السكوت والكامتن من أنواع التدلي ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر يف هذا املعىن ‪ :‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪261‬‬
‫‪96‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫بني مبدأ حسن النية واالكراه‪ ،‬فالقانون حيارب سوء نية املتعاقد‪ ،‬وجيعل ملن تعاقد معه‬
‫‪1‬‬
‫احلق يف طلب ابطال العقد‪ ،‬مىت اكن هو مصدر االكراه‪.‬‬
‫أما اذا اكن مصدر االكراه من الغّي‪ ،‬فيجب للمتسك ببطال العقد لالكراه‪ ،‬أن يعْل‬
‫به املتعاقد الآخر‪ ،‬أو اكن يتحم عليه أن يعْل هبذا االكراه الصادر من الغّي‪ .‬وهذا ما‬
‫أشارت اليه واملادة ‪ 032‬ق م م واملادة ‪ 29‬ق م ج بقولها ‪ ":‬اذا صدر االكراه من غّي‬
‫املتعاقدين‪ ،‬فلي للمتعاقد املكره لن يطلب ابطال العقد‪ ،‬اال اذا اكن املتعاقد الآخر‬
‫يعْل أو اكن من املفروض حامت أن يعْل هبذا االكراه"‪.‬‬
‫ما يدمع هذا الطرح أن املرشوع المتهيدي للقانون املدّن املرصي‪ ،‬قد اش متل عىل‬
‫نص رصحي عن االكراه الصادر عن هلروف هتيأت مصادفة (أي حاةل الهرضورة)‪ .‬حيث‬
‫مزي بني ما اذا اكن املتعاقد حسن النية ر يقصد أن يس تغل املتعاقد املهدد خبطر هتيأت‬
‫هلروفه مصادفة‪ ،‬أو قء النية وأراد اس تغالل هذه الظروف‪ ،‬ففي احلاةل الوىل وحدها‬
‫ال يكون للمتعاقد املكره حق ابطال العقد‪ ،‬ما يعين مبفهوم اخملالفة‪ ،‬أن االكراه يكون سببا‬
‫‪2‬‬
‫البطال العقد يف حاةل سوء النية‪.‬‬
‫غّي أنه اذا اكن مصدر االكراه أجنبيا عن العقد‪ ،‬ور يكن املتعاقد عىل عْل هبذا‬
‫االكراه حقيقة أو فرضا‪ ،‬فلي أمام املتعاقد املكره سوى احلق يف املطالبة بلتعويض‪ ،‬من‬
‫الشفص اذلي وقع منه االكراه عىل أساس الفعل الضار‪ .‬لن احرتام حسن النية‬
‫واس تقرار التعامل يقتب أن ال ُّيدر العقد ا ارا مبصار املتعاقد الآخر‪ .‬وتقدير مدى‬
‫عْل املتعاقد الآخر بالكراه الصادر عن غّي املتعاقدين‪ ،‬هو من المور املوضوعية اليت‬

‫‪ -1‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪012‬‬


‫‪ -2‬رمزي رشاد عبد الرحامن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.010‬‬
‫حيث نصت الفقرة الثانية من املادة ‪ 012‬من املرشوع المتهيدي وقد حذفت من املرشوع الهنايئ اكتفاء بلقواعد العامة‪ ،‬عىل‬
‫أنه "اذا أبرم خشص عقد للدالص من خطر جس مي حال‪ُّ ،‬يدده هو أو أحد أقاربه‪ ،‬فال يعترب هذا العقد قابال لالبطال‬
‫بسبب االكراه‪ ،‬اذا اكن الطرف الآخر حسن النية‪ ،‬ور يقصد أن يس تغل الطرف املهدد"‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يس تقل هبا قايض املوضوع‪ ،‬بغّي رقابة من حماة النقض مىت أقام قضاءه عىل أس باب‬
‫‪1‬‬
‫صادغة‪.‬‬
‫بعك التقنني املدّن الفرنيس اذلي وحفاهلا عىل ركن الرضا يف العقد‪ ،‬أجاز‬
‫ابطال العقد حىت ولو صدر االكراه من خشص أآخر‪ ،‬غّي من أبرم العقد ملصلحته‪ ،‬وذكل‬
‫يف نص املادة ‪ 0013‬ق م ف ‪ 2.‬فْل يشرتط يف صدور االكراه عن الغّي عْل أحد‬
‫املتعاقدين به‪ ،‬ور ينظر املرشع الفرنيس اىل سوء نية املتعاقد الآخر‪ ،‬بل اكتفى بختالل‬
‫‪3‬‬
‫ركن الرضا للقضاء ببطالن العقد لصار من اختل رضاه‪.‬‬
‫د‪ :‬حسن النية والاس تغالل‬
‫يعرف هذا الخّي بأنه اس تغالل ضعف املتعاقد من قبل املتعاقد معه بغنب‪ .‬وال‬
‫شك أن الاس تغالل يفيد سوء نية صاحبه‪ .‬وقد أشار اليه املرشع انجزائري يف املادة‬
‫‪ 92‬ق م ج‪4 .‬اذ يقوم الاس تغالل عىل عنرصين‪ ،‬مادي يمتثل يف التفاوت بني الزتامات‬
‫املتعاقدين‪ ،‬وعنرص نفيس يمتثل يف انهتاز ضعف املتعاقد‪ .‬ويتحقق ضعف املتعاقد يف‬
‫حالتني حاةل الاس هتانة الشديدة بعواقب الترصف‪ ،‬وهو ما يسمى بلطيش البني‪ ،‬وحاةل‬
‫الرغبة الشديدة أو الشعور العنيف‪ ،‬اذلي يفقد الشفص سالمة احلمك عىل ما يتصل‬
‫مبوضوع الرغبة‪ ،‬وهو الهوى انجامل‪ ،‬وتوفر العنرص النفيس يفيد سوء النية املتعاقد‬
‫الآخر اذلي اس تغل هذا الضعف ‪.5‬‬

‫‪ -1‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪..023‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- ART 1142 C.civ.F : « La violence est une cause de nullité qu'elle ait été exercée par une‬‬
‫‪partie ou par un tiers.».‬‬
‫مزي املرشع الفرنيس بني االكراه الصادر عن الغّي عن التدلي الصادر عن الغّي‪ ،‬فالول ر يشرتط فيه العْل‬ ‫‪ -3‬من مث ّ‬
‫والثاّن اشرتط فيه العْل‪.‬‬
‫دمحم سعيد جعفور‪ ،‬نظرية عيوب االرادة يف القانون املدّن انجزائري والفقه االساليم‪ ،‬دار هومة‪ ،‬انجزائر‪ ،3223 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -4‬تقابلها يف الترشيع املرصي املادة ‪ 039‬ق م م‪.‬‬
‫‪ -5‬رمزي رشاد عبد الرمحن الش يخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.011‬‬
‫‪98‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫جتدر االشارة اىل أن املرشوع المتهيدي‪ ،‬والهنايئ للقانون املدّن املرصي يوسعان‬
‫من احلاالت اليت يتحقق هبا العنرص النفيس‪ ،‬حيث اكان يش متالن عىل احلاجة والطيش‪،‬‬
‫وعدم اخلربة وضعف االدراك‪ ،‬وال شك أن التوسعة يف العنرص النفيس اكنت راربة‬
‫املتعاقد قء النية‪ ،‬ولكن نجنة جمل الش يوخ أآثرت عدم التوسع يف هذا العيب‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وقرصته عىل الطيش البني والهوى انجامل‪.‬‬
‫نشّي أخّيا أن نظرية عيوب االرادة‪ ،‬ال تغنينا عن مبدأ حسن النية يف مرحَل‬
‫ابرام العقد‪ ،‬ذكل أن عيوب االرادة لك عيب فهيا حيتاج اىل رشوط يلزم توافرها فيه‬
‫حىت يكون مؤثرا‪ .‬غّي أنه قد توجد حاالت يكون املتعاقد فهيا قء النية‪ ،‬لكن يصعب‬
‫حامية الغّي أو الطرف الآخر عن طريق أي عيب من عيوب االرادة‪ ،‬لعدم توافر‬
‫رشوطه‪ .‬لسن النية يغطي مساحة تعجز عيوب االرادة عن تغطيهتا‪ ،‬فيعترب املبدأ‬
‫ماال لنظرية عيوب االرادة‪2 .‬اليت ال غىن عهنا لتجدرها يف نظرية العقد‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫دور مبدأ حسن النية يف تنفيذ العقد‬
‫يعود للقايض مراقبة حسن تنفيذ العقود‪ ،‬فالعقود جيب أن تنفذ وتفرس وتفهم وفقا‬
‫حلسن النية‪ .‬ويذهب جبار انيج املال صار‪ 3‬وغّيه‪ ،‬اىل أن مبدأ حسن النية يقيّد‬
‫املدين وادلائن معا‪ .‬فيقّيد ادلائن يف مطالبته بتنفيذ الالزتام‪ ،‬فلي لدلائن أن يتعسف‬
‫= غّي أنه وان اكن املرشع قد نظر اىل تعييب ارادة املغبون اذلي اس تغهل املتعاقد الآخر‪ ،‬وجعل هل احلق يف االبطال أو‬
‫انقاص الزتاماته‪ .‬غّي أنه يكون للقايض السلطة التقديرية يف احلمك بالبطال‪ ،‬فاذا رأى أن الاس تغالل عاب رضاء املتعاقد‬
‫املغبون اىل حد أن أفسد هذا الرضاء‪ ،‬وأن املتعاقد ر يكن ليربم العقد أصال لو ال الاس تغالل حمك بلبطال‪ ،‬أما اذا رأى‬
‫القايض أنه ر يفسد الرضا‪ ،‬وأن املتعاقد املغبون اكن س يربم العقد لو أن الزتاماته ر تكن بهظة‪ ،‬حمك بنقاص الزتامات‬
‫املتعاقد املغبون‪ ،‬ويه مسأةل من مسادل الواقع‪ ،‬وال معقب عليه من حماة النقض‪.‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ -1‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬اجملدل الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫‪ -3‬عبد انجبار انيج املال صار‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.231‬‬
‫‪99‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يف اس تعامل حقه العقدي اضـــرارا بملدين باللزتام‪ .‬من مث ال ككن لدلائن المتسك حبرفية‬
‫ما جاء يف العقد‪ ،‬وال أن يغايل يف المتسك حبقوقه يف العقد (الفقرة الوىل)‪ .‬ويقيّد املدين‬
‫يف تنفيذه لاللزتام وطريقة تنفيذه هل‪ ،‬حبيث ال يصدر منه أي غش يف طريقة تنفيذه‬
‫لاللزتام (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫ورة عدم تعسف ادلائن يف اس تعامل حقه‬
‫حىت يكون ادلائن قد أوىف باللزتام حبسن نية‪ ،‬فانه يفرتض عدم ارهاق املدين‪،‬‬
‫والنظر بروح التسامل واالنصاف اليه‪ ،‬فال يس تعمل حقا ال منفعة من وراءه سوى‬
‫احلاق الهرضر بلغّي‪ .‬لن من مقومات حسن النية‪ ،‬أن ال يكون من شأن املطالبة‬
‫بلتنفيذ العيين‪ ،‬احلاق ر كبّي بملنفذ عليه دون فاددة تذكر ملصلحة طالب التنفيذ‪.‬‬
‫ويعود للقايض النظر يف الفاددة اليت جينهيا طالب التنفيذ العيين‪ ،‬والهرضر الالحق بملنفذ‬
‫عليه‪ .‬حىت اذا وجد أن الفاددة طفيفة ال تتناسب مع الهرضر الالحق بملنفذ قىض بعدم‬
‫وجوب التنفيذ‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬عدم تعسف ادلائن يف طلب التنفيذ العيين‬
‫اذا اكن من املسْل به أن من حق ادلائن أن يطلب التنفيذ الاكمل للعقد‪ ،‬اال أن ّه‬
‫يتعني عليه أن ال ينظر اىل مصاحله فقط‪ ،‬بطلب التنفيذ الاكمل وادلقيق للعقد‪ ،‬وامنا‬
‫جيب عليه أن يراعي مصار املدين بأن يكون متساحما معه‪ .‬وعدم تسامل ادلائن يظهر‬
‫يف انحيتني ‪ :‬عندما ي ّدعي أو يثّي عدم التنفيذ همام اكن قدره ض يال‪ ،‬حىت يتدلص من‬
‫الزتاماته‪ .‬وحيامن يضحي مبصار مدينه وجيين مثار اخفاق هذا الخّي‪ ،‬فيطالب مبارشة‬

‫‪111‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫بفسخ العقد‪ .‬وقد تبىن الفقه خبصوص سلوك ادلائن نظريتان‪ ،‬جفانب اعتنق نظرية‬
‫التنفيذ الفعال‪ ،‬بيامن تبىن جانب أآخر نظرية التنفيذ الاكيف‪.‬‬
‫أ‪ :‬نظرية عدم التنفيذ الفعال‬
‫ُّيدف أنصارها من وراءها اىل التشكيك يف القواعد انجزادية املنصوص علهيا يف‬
‫قانون العقود‪ ،‬خاصة ادلفع بعدم التنفيذ واملطالبة بفسخ العقد‪ ،‬وتربير عدم تنفيذ العقد‬
‫من قبل ادلائن‪ .‬فاملتعاقد العقالّن يسعى وُّيدف من ابرام العقد‪ ،‬اىل احلصول عىل أآداء‬
‫أعىل أو عىل القل مساو ملا يبذهل من أداء اىل من سيتعاقد معه‪ ،‬وعند ذكل يبدو‬
‫العقد فعاال بلنس بة هل‪ ،‬بيد أنه قد جيد أحد أطراف العقد عند تنفيذه هل‪ ،‬وس يَل أفضل‬
‫لتوهليف واستامثر أمواهل ومصادره‪ ،‬فتكون الفاددة املرجوة من ابطال العقد‪ ،‬أكرب من‬
‫الفاددة املنتظرة واملتوقعة من تنفيذه‪ .‬هذا اىل جانب أن التعويضات اليت س يدفعها‬
‫الطرف العازف عن تنفيذ العقد‪ ،‬قليَل وحمدودة بلنظر اىل الفاددة املنتظرة عند عدم‬
‫التنفيذ ‪.1‬‬
‫تكل يه النتيجة املؤسفة لنظرية عدم التنفيذ الفعال‪،‬اليت اندى هبا الفقيه‬
‫المرييك‪ 2، Posner‬واليت ذهب أنصارها اىل ادلفاع عهنا بوصفها النتيجة الفعاةل‬
‫اقتصاداي‪ ،‬واليت يتعني أن يأخذ هبا القانون‪ .‬لن ذكل سوف يؤدي اىل رفع املنفعة اىل‬
‫حدها القىص بلنس بة لحد الطرفني‪ ،‬يف ذات الوقت اذلي تكون فيه املنفعة‪ ،‬اثبتة ال‬
‫تتغّي بلنس بة للطرف الآخر‪ ،‬هذا فضال عن اس تفادة اجملمتع بصفة عامة‪ .‬ويمتىن هذا‬
‫الفقيه أن يتدخل القانون حمددا بدقة التعويضات املس تحقة عند عدم التنفيذ‪ ،‬مببلغ من‬

‫‪ -1‬خادل جامل أمحد‪ ،‬الالزتام بالعالم قبل التعاقد‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪ ،3222،‬ص ‪.322‬‬
‫ادلفع بعدم التنفيذ يشلك وس يَل ضغط عىل الفريق‪ ،‬يف العقد املتدلف عن القيام بتنفيذ الزتامه حىت يقدم عىل ذكل‪ ،‬وهو‬
‫أيضا وس يَل دفاع ممتثَل مبوقف سليب من قبل من يتذرع هبا‪.‬‬
‫‪2‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪622‬‬
‫‪ -‬خادل جامل أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪111‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املال يتناسب مع اخلسارة اليت سيتكبدها الطرف اذلي أضّي من جراء عدم التنفيذ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وذكل لكه رغبة يف عدم اعاقة اعامل نظرية عدم التنفيذ الفعال‪.‬‬
‫غّي أن هذه النظرية تعرضت لالنتقاد الشديد من قبل جانب كبّي من الفقه‪،‬‬
‫وذكل لتعارضها الصارخ مع املفاهمي الخالقية‪ ،‬و ُأستبعد أن يكون لها وزن أو ق ة يف‬
‫القانون الفرنيس‪.‬و ككن تلفيص مجَل الانتقادات املوهجة لهذه النظرية فامي ييل ‪:‬‬
‫‪ -0‬ان هذه النظرية هتدد اس تقرار املراكز القانونية يف العقود‪ ،‬اليت تنشأ بعد التعاقد‬
‫وقبل التنفيذ‪ ،‬نظرا ملا تتيحه من اماكنية التحلل من تنفيذ العقد‪ .‬المر اذلي جيعل مهنا‬
‫وس يَل لهدم العقود قبل تنفيذها والتحلل من أآاثرها والزتاماهتا‪.‬‬
‫‪ -3‬ان هذه النظرية تتجاىف مع أبسط القواعد الخالقية‪ ،‬اليت متيل عىل املتعاقدين انفاذ‬
‫واحرتام ما مت ابرامه فامي بيهنم من عقود‪.‬‬
‫‪ -2‬لقد جتاهلت هذه النظرية الآاثر اخلارجية‪ ،‬اليت ككن أن ترتتب عىل عدم تنفيذ العقد‬
‫بلنس بة للغّي‪ ،‬واذلي قد تكون هل مصلحة يف امضاء العقد وتنفيذه‪.‬‬
‫‪ -1‬جتاهلت هذه النظرية صعوبة تقدير املنافع‪ ،‬ملعرفة ما اذا اكنت املنفعة من عدم‬
‫التنفيذ أكرب‪ ،‬أو أقل منفعة من تنفيذ العقد‪ .‬هذا فضال عن جتاهلها لتاكليف ونفقات‬
‫حساب هذه املنافع عىل فرض املقدرة عىل اجراهئا‪.‬‬
‫‪ -1‬ان الاعرتاف هبذه النظرية من شأنه أن يشجع عىل معليات التواطؤ‪ ،‬اليت قد حتدث‬
‫بني املدينني وغّيُه‪ ،‬اذلين يظهرون بعد التعاقد وقبل التنفيذ‪ ،‬للتحلل من التنفيذ‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪ .322‬ولقد ب الفقيه الفرنيس المرييك ‪ Posner‬مثاال يرشح فيه فكرته‪ ،‬يقول فيه أننا لو فرضنا‬
‫أن "زيدا" أبرم عقدا مع "معر " ليبيع هل مكية من البضاعة‪ ،‬مث يف حلظة تنفيذ العقد حهرض خشص اثلث يسمى "أمحد" متثل‬
‫هل البضاعة فاددة كربى تفوق تكل املنفعة اليت تتحقق لعمر من تنفيذ العقد‪ ،‬فوفقا لفكر ‪ Posner‬وأتباع هذه النظرية‬
‫س يكون من الفضل للمنفعة العامة أال ينفذ زيد العقد حلساب معر‪ ،‬وأن يربم عقدا جديدا مع أمحد عىل أساس أن احتياج‬
‫أمحد لهذه البضاعة أشد‪ ،‬كام أنه سوف يدفع سعرا أكرب من السعر اذلي ارتضاه معر‪ ،‬ومن مث سوف حيقق زيد فاددة ومغامن‬
‫تغطي ما قد يتحمهل من خسارة من جراء عدم تنفيذه للعقد مع معر‪.‬‬
‫مث يتابع هذا الفقيه تربير نظريته قادال‪ ،‬انه وان اكن من املمكن أن نتفيل أن زيدا بس تطاعته أن ينفذ العقد مع معر‪ ،‬ويسلمه‬
‫البضاعة مث ككن لمحد أن يربم العقد مع معر‪ ،‬اال أنه يرى أن هذا احلل س يكون ملكفا جدا لنه س يرتتب عليه وجود مرحَل‬
‫اضافية‪ ،‬س يرتتب علهيا تاكليف مرتفعة لتعاقد جديد‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫بثبات أن هؤالء الغيار‪ ،‬هلم منافع أكرب من جراء عدم تنفيذ العقد‪ .‬المر اذلي يساعد‬
‫عىل ش يوع الساليب أال أخالقية يف جمال التعامل بني الفراد‪.‬‬
‫‪ -6‬ان الاعرتاف هبذه النظرية س يكون من شأنه أن يغري ادلادنني‪ ،‬عىل ادراج رشوط‬
‫جزادية مغاىل فهيا محلل املدينني عىل التنفيذ‪ ،‬لتاليف الآاثر السيئة القرار هذه النظرية‪.‬‬
‫‪ -1‬ان هذه النظرية تتسم بلظْل وعدم العدل‪ ،‬لهنا تنظر يف فكرها اىل مصلحة أحد‬
‫طريف العقد‪ ،‬اليت تتحقق من جراء عدم التنفيذ‪ ،‬وتغفل عن مصلحة الطرف اذلي‬
‫يضار من جراء حرمانه من التنفيذ‪ .‬وقد ال جيرب ره ما يقدم هل من تعويض عن عدم‬
‫‪1‬‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -2‬ان القول هبذه النظرية واعاملها يف جمال العقود‪ ،‬سوف يسلب العقد أحد وهلادفه‬
‫الرديس ية‪ ،‬بوصفه أداة هامة و ورية لتحقيق أآمال الفراد‪ ،‬ومقاصدُه من وراء‬
‫تعاقدُه‪.‬ذكل أن لك متعاقد ينشد من تعاقده حتقيق أهداف معينة‪ ،‬وال شك أن وجود‬
‫هذه النظرية س يكون همددا لحالم املتعاقدين‪ ،‬فال يقدرون عىل حساب مصاحلهم يف‬
‫العقود‪ ،‬خش ية زوالها بعد متاهما وقبل تنفيذها‪ ،‬من جراء هذه النظرية والعمل هبا يف‬
‫جمال العقود‪.‬‬
‫‪ -9‬افراط هذه النظرية يف تبعات احلل البديل عن عدم التنفيذ‪ ،‬احلل املمتثل يف امضاء‬
‫العقد وتنفيذه بني طرفيه‪ ،‬مث بعد ذكل ابرام عقد جديد لجل حتقيق منافع الشفص‬
‫الثالث‪ ،‬اليت من أجلها يراد هدم البناء العقدي‪ ،‬حتت امس نظرية عدم التنفيذ‬
‫الفعال‪.‬فتاكليف ابرام عقد جديد لتفادي عدم التنفيذ‪ ،‬ال ينبغي االرساف يف تقديرها لهنا‬
‫همام بلغت هذه التاكليف‪ ،‬فلن تصل اىل مقدار ال ار اليت تنجم عن اقرار مثل هذه‬
‫النظرية‪ ،‬اليت هتدد لك بناء عقدي مبجرد قيامه وقبل تنفيذه‪ ،‬بدعوى عدم فعالية تنفيذه‪.‬‬

‫‪ -1‬خادل جامل أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪323‬‬


‫‪113‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫مما يساعد عىل ش يوع الاضطراب وعدم الاس تقرار للمراكز القانونية اليت تتودل من ابرام‬
‫‪1‬‬
‫العقود‪.‬‬
‫ب‪ :‬نظرية التنفيذ الاكيف‬
‫يذهب أنصارها مثل الفقيه ‪ 2 Ph.Simler‬اىل بلقول بأن عىل ادلائن أن يثبت‬
‫مصلحة حقيقية يف متسكه بدلفع‪ ،‬وأنه ر خيالف مبدأ حسن النية الواجب أخذه بعني‬
‫الاعتبار عند مبارشة تنفيذ العقود‪ .‬من مث فان عىل القايض أن يقدر لك حاةل عىل حدا‪،‬‬
‫فّيى ان اكن التنفيذ يكفي يف ذاته بلنظر جملموع الالزتامات املشرتطة‪ ،‬بلرمغ من عدم‬
‫كامهل أم ال‪ .‬و ّيقرب هذا الفقيه هذا التفسّي بلنظرية القضادية االجنلزيية القادَل بلتنفيذ‬
‫الاكيف‪.‬‬
‫من مث فانه يتعني عىل ادلائن أال يس تعني بوسادل التنفيذ‪ ،‬اكدلفع بعدم التنفيذ وال‬
‫بلفسخ اال اذا اكن حقه مس تحق الداء‪ .‬بل أن الفقه والقضاء اندى بهرضورة أن يظهر‬
‫ادلائن قدرا من التسامل‪ ،‬ازاء مدينه اخملفق أو العاجز عن التنفيذ الاكمل اللزتاماته‪.‬‬
‫بهلهار حد أدىن من التضامن اس تجابة لواجب المانة‪ ،‬وتدعامي للثقة الواجب توافرها يف‬
‫العالقات العقدية‪ ،‬واملمتثَل يف عدم جين مصلحة أاننية من العقد‪ ،‬وعدم التضحية مبصار‬
‫املتعاقد معه‪.‬‬
‫من مث فان ادلائن ال يس تطيع أن يثّي أقل قدر من عدم التنفيذ من قبل مدينه‪،‬‬
‫لجل طلب التنفيذ احلريف لالتفاق‪ ،‬اذا توافرت دليه الس باب اليت جتعهل راضيا أو‬
‫قانعا‪ .‬ذلكل من الفضل أن يكون تقدير تنفيذ املدين للداء املطلوب‪ ،‬موضوعي‬
‫استنادا للمانة العقدية‪ ،‬وان اكن اثبات املدين يف مثل هذه احلاةل صعبا خاصة أن‬
‫حسن النية مفرتض‪ ،‬اال أن القضاء الفرنيس يذهب اىل أن نية اال ار‪ ،‬تفرتض ابتداء‬
‫من الوقت اذلي يكون التنفيذ الاكمل للعقد غّي انفع‪.‬‬

‫‪ -12‬رأي‪ Ph.Simler‬مقتب عن ‪ :‬خادل جامل أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪323‬‬


‫‪ -‬خادل جامل أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪114‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويف الواقع من النادر أن يتو ّجه ادلائن اىل القايض طالبا من مدينه التنفيذ الاكمل‬
‫للعقد‪ ،‬يف الوقت اذلي يكون فيه قد حصل عىل جوهر العقد‪ .‬وأنه يس تفيد من أقل‬
‫القليل من عدم التنفيذ هبدف حل الرابطة العقدية‪ ،‬وبصفة خاصة رفض تنفيذ الداء‬
‫‪1‬‬
‫املطلوب منه‪.‬‬
‫وان اكن هناك اجامع من قبل الفقه بماكنية املتعاقد ااثرة ادلفع بعدم التنفيذ‪ ،‬ردا‬
‫عىل التنفيذ انجزيئ أو الناقص‪ ،‬كام هو احلال يف حاةل عدم التنفيذ اللكي‪ .‬وأن التنفيذ‬
‫انجزيئ من الناحية القانونية ال يسمى تنفيذا‪ ،‬لن الوفاء للك جزء من دين املدعي‬
‫مضمون بلك دين املدعى عليه‪ ،‬وبملقابل فان لك جزء من دين املدعى عليه‪ ،‬يضمن‬
‫لك ادليون اليت ككن أن تنشأ عن العقد لصاحله‪ .‬هذا عندما يكون التنفيذ منصبا عىل‬
‫‪2‬‬
‫جزء بس يط بملقارنة بجملموع‪.‬‬
‫اال أن جانب أآخر من الفقه يرى أنه نظرا خلطورة ادلفع بعدم التنفيذ‪ ،‬فانه ال ككن‬
‫أن يط ّبق تلقاديا‪ ،‬وأن تطبيق العداةل عىل هذا النحو من قبل أحد املتعاقدين‪ ،‬غّي ممكن‬
‫اال اذا اكن ذكل يتوافق مع الهرضورات الخالقية ملوقفه‪ .‬فيجب أن يكون عدم التنفيذ‬
‫همام بلقدر الاكيف‪ ،‬حىت يهنض دليال عىل حسن النية يف اس تددام ادلفع‪ .‬كام أنه جيب‬
‫أن ال يكون مأل ادلفع التضحية مبصار املتعاقد معه‪ ،‬حتت غطاء نفعية أو مرشوعية‬
‫‪3‬‬
‫ادلفع‪.‬‬
‫ويذهب ‪4 Cassin‬اىل أن سلوك املتعاقد جيب أن يكون موافقا حلسن النية‪،‬‬
‫عندما يس تددم حقه يف رفض التنفيذ‪ .‬فالمانة العقدية تلزمه بأال يعترب أن أقل القليل‬
‫من عدم التنفيذ‪ ،‬من شأنه السامح هل بلتدلص من الالزتامات اليت تقع عىل عاتقه‪.‬‬
‫فالمانة العقدية توجب عىل عاتق الطراف سلوك التسامل‪ ،‬وفكرة التسامل‬
‫ورية بني املتعاقدين‪ .‬فه ي تطبق حس به حيامن ر يوف املتعاقد بلداء امللقى عىل‬
‫‪1‬‬
‫‪-Y.Picod,Le devoir de loyauté dans l’exécution du contrat ,L.G.D.J,1989,P168‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬‫‪11‬‬ ‫ص‬ ‫ن‪،‬‬ ‫‪.‬‬‫س‬ ‫‪.‬‬ ‫د‬ ‫القاهرة‪،‬‬ ‫بية‪،‬‬
‫ر‬ ‫الع‬ ‫الهنضة‬ ‫دار‬ ‫بلتسامل‪،‬‬ ‫ام‬
‫زت‬‫ل‬‫الا‬ ‫فاعي‪،‬‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫دمحم‬ ‫محد‬‫أ‬ ‫‪-‬‬
‫‪-Y.Picod ,op.cit,p168‬‬
‫‪ -4‬رأي‪ CASSIN‬مقتب عن ‪:‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪115‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫عاتقه‪ ،‬بشلك اتم أو اكمل مقاران بجملموع‪ ،‬ولكن العيوب اليت تعيب أو تشني أداءه أو‬
‫عدم الكفاية اليت تنقص أو تقلل من الداء املطلوب‪ ،‬تكون أقل أمهية بملقارنة بجملموع‪.‬‬
‫ويكون من شأن رفض التنفيذ يف هذه الظروف اتساع الفارق‪ ،‬اذلي هو يف الصل ال‬
‫ق ة هل أي بس يط‪.‬‬
‫أيد القضاء الفرنيس يف ما ذهب اليه الفقه الفرنيس يف تفسّياته‪ ،‬فْل تغب عنه‬
‫يف العديد من الحاكم القضادية النظرية املسامة بلتنفيذ الاكيف‪ ،‬واليت طبقها القضاء‬
‫االجنلزيي‪ .‬واليت مؤداها أنه بدال من البدء من عدم التنفيذ الثابت املوصوف بنجسامة‬
‫أو البساطة‪ ،‬فان القايض يعتد بلتنفيذ يف مجمهل‪ ،‬هبدف حتديد ما اذا اكن التنفيذ اكفيا‬
‫يف جوهره‪ ،‬بلنس بة جملموع الالزتامات املشرتطة بلرمغ من عدم متامه‪.‬‬
‫مبعىن أنه يعود لقضاة املوضوع التقدير ملا اذا اكنت طبيعة التنفيذ جتزي للطرف‬
‫الخر‪ ،‬أن يتحلل من الزتاماته املتقابَل‪.‬حيث ذهبت حماة النقض الفرنس ية اىل القول‬
‫أن "القصور الثابت لي اكفيا نجعل رفض التنفيذ مرشوعا‪ ،‬حىت لو اكن ذكل حاداث‬
‫بعد فرتة طويَل من الصعوبت "‪.‬وذكل خبصوص مرشوع يعمل يف جمال معانجة‬
‫املعلومات‪ ،‬واذلي اس تأجر وحدات متذرعا بأن املادة ال تسمل بوضوح النتاجئ بيامن‬
‫‪1‬‬
‫الرشكة املس تأجرة اس تددمهتا س نني عديدة‪.‬‬
‫أيضا خبصوص رشكة اضاءة كهربدية‪ ،‬بدون حق أوقفت االمداد بلكهربء عن‬
‫أحد املشرتكني‪ ،‬بذريعة أن هذا املشرتك بعد أن دفع انجانب الكرب من فاتورة شهرية‬
‫مببلغ مرتفع جدا‪ ،‬رفعت وأاثرت نزاعا بسبب مبلغ قليل المهية‪.‬فذهبت حماة النقض اىل‬
‫أن رشكة االضاءة ال ككهنا وقف اخلدمة عن أحد املشرتكني‪ ،‬اذلي ر يرفض دفع التلكفة‬
‫‪2‬‬
‫بعد خطابت موىص علهيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Cass.com 30/01/1979 , Bull.civ , N°41,1979.317.‬‬
‫مقتب عن‪ :‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪601‬‬
‫‪2‬‬
‫مقتب عن‪ :‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪- Cass.civ.12/05/1905 ..601‬‬
‫‪116‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وقد أيد القضاء الفرنيس هذا املوقف يف العديد من الحاكم‪ ،‬دون أن يسمي‬
‫رصاحة رشط حسن النية‪ .‬فاعترب أنه يعود اىل قايض املوضوع التقدير الهنايئ‪ ،‬ملا اذا‬
‫اكن عدم التنفيذ اللزتامات أحد الطراف‪ ،‬كبّيا بلقدر الاكيف حىت يعفى املتعاقد من‬
‫الزتاماته‪ 1.‬وتكشف هذه الحاكم عن الزتام بلتسامل‪ 2‬جيب أن يظهره لك متعاقد‪ ،‬ازاء‬
‫عدم تنفيذ قليل بلنظر لللك وللغرض املنشود‪ .‬فينظر القايض يف أمهية ما بقي من‬
‫العقد‪ ،‬فان اكن اثنواي ألزم الطرف املمتنع بلتنفيذ بقدر ما نفذ من العقد‪ .‬فيجب أن‬
‫‪3‬‬
‫يكون عدم التنفيذ من المهية حبيث يربر امتناع الطرف الآخر عن التنفيذ‪.‬‬
‫واحلقيقة أنه يؤيّد هذا املوقف‪ ،‬لن ادلائن اذلي يثّي ادلفع جيب أن يقدّم ادلليل‬
‫عىل وجود نقص يف التنفيذ‪ ،‬لي أي نقص وامنا اخفاق جس مي بلقدر الاكيف‪ ،‬يربر‬
‫رفض هذا الداء من املتعاقد الخر‪.‬هذا وأن واجب المانة وحسن النية يقب بأن‬
‫املتعاقد ال يس تطيع اس تددام وس يَل ضغط قد تؤدي اىل عدم توازن لكي لالداءات‪.‬‬
‫فال ككن ااثرة ادلفع بعدم التنفيذ اذا بلغ حد التضحية بملتعاقد الخر‪ ،‬واستبدال عدم‬
‫التوازن النامج عن عدم التنفيذ بعدم توازن كبّي جدا‪.‬‬
‫فادلائن اذلي يكون حضية تنفيذ معيب من جانب املتعاقد معه‪ ،‬لن يكون بوسعه‬
‫اجبار هذا الخّي عىل امتام بعض العامل‪ ،‬واليت رمبا تكون تلكفهتا كبّية مقارنة بلهدف‬
‫املنشود‪ ،‬بيامن يكون العدول عهنا بتعويض للطرف الآخر اكفيا‪4.‬خالصة القول أنه ينبغي‬
‫‪ -1‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪13.‬‬
‫‪ -2‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.01‬‬
‫خيتلف الالزتام بلتسامل عن الالزتام بلتعاون‪ ،‬فااللزتام بلتعاون يفرض عىل املتعاقد االسهام أو التدخل بفعالية يف العقد‪،‬‬
‫هبدف تسهيل هممة الطرف الآخر‪ .‬بيامن يفرض الالزتام بلتسامل أن كتنع ادلائن عن حتميل املدين فوق طاقته‪ ،‬وأن ال يزيد‬
‫يف لكفة تنفيذه اللزتامه‪ ،‬بجياد حد أدىن من التضامن بني طريف العقد‪ ،‬وأن يراعي لك مهنام هلروف الآخر‪.‬‬
‫‪ -3‬فتتشدد اراُك يف قبول ادلفع بعدم التنفيذ‪ ،‬بلنظر اىل أنه حق كارسه ادلائن مبارشة دون الرجوع للقايض‪ ،‬مما يشلك‬
‫وس يَل فردية يف استيفاء احلق‪َ ،‬ترج عىل القاعدة القادَل بعدم جواز استيفاء احلق مبارشة من قبل ادلائن‬
‫مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬انجزء الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪603‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Georges Ripert , op.cit, 454.‬‬
‫‪117‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫عىل ادلائن أن يأخذ يف اعتباره مصار مدينه ومصاحه املرجو حتقيقها من العقد املربم‬
‫‪1‬‬
‫للمتسك بدلفع‪.‬‬
‫ويبدو أن املرشع الفرنيس يف املادة ‪ 20301‬ق م ف منل خيارات لدلائن بلنس بة‬
‫للجزء اذلي ر ينفذ من قبل املدين باللزتام‪ ،‬ومن بني هذه اخليارات ما ورد يف الفقرة‬
‫الثانية والثالثة‪ ،‬تمتثل يف اماكنية التنفيذ القرصي لاللزتام‪ ،‬أو أن يطلب الطرف الآخر‬
‫َتفيض السعار‪ .‬كام وأنه يف املادة ‪ 30309‬ق م ف نص عىل أنه جيوز لحد طريف‬
‫العقد رفض تنفيذ الالزتام مع أنه أصبل مس تحقا اذا اكن الطرف الآخر ر ينفذ واكن‬
‫عدم التنفيذ مبا فيه الكفاية أي لي اكفيا ‪.‬ما يعين أنه تبىن نظرية التنفيذ الاكيف‪ ،‬وبذكل‬
‫يكون قد أخذ مبا ذهب اليه الفقه والقضاء الفرنيس يف هذا الصدد‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬ورة أن تكون مطالبة ادلائن بفسخ العقد مربرة‬
‫قد ينكث أحد املتعاقدين بلزتاماته فيلجأ املتعاقد الخر بدال من متابعة التنفيذ‪ ،‬أو‬
‫طلب التعويض عن عدم التنفيذ اىل تفضيل فسخ العقد‪ .‬فاذا تبني أثناء تنفيذ العقد أن‬
‫أحد املتعاقدين أخل بلزتاماته‪ ،‬سواء ر يتابع العمل امللزتم بمتامه أو أساء تنفيذه‪ ،‬حق‬
‫للمتعاقد الآخر فسخ العقد‪ ،‬وأهن ى العالقة العقدية مع الطرف الآخر اخملل بلزتامه‪ .‬كام‬
‫حيق هل طلب التعويض عن ال ار اليت تسبب هبا املتعاقد الآخر‪ ،‬ومبا أن تقرير‬
‫‪ -1‬عىل أن أفضل وس يَل بيد ادلائن هو رفض التنفيذ انجزيئ من هجته يف مواهجة املتعاقد الآخر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-ART 1217 C.C.F : « a partie envers laquelle l'engagement n'a pas été exécuté, ou l'a été‬‬
‫‪imparfaitement, peut :‬‬
‫; ‪-refuser d'exécuter ou suspendre l'exécution de sa propre obligation‬‬
‫; ‪-poursuivre l'exécution forcée en nature de l'obligation‬‬
‫; ‪-solliciter une réduction du prix‬‬
‫; ‪-provoquer la résolution du contrat‬‬
‫‪-demander réparation des conséquences de l'inexécution.‬‬
‫‪Les sanctions qui ne sont pas incompatibles peuvent être cumulées ; des dommages et‬‬
‫» ‪intérêts peuvent toujours s'y ajouter.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- ART 1219 C.civ F : « Une partie peut refuser d'exécuter son obligation, alors même que‬‬
‫‪celle-ci est exigible, si l'autre n'exécute pas la sienne et si cette inexécution est‬‬
‫» ‪suffisamment grave‬‬
‫‪118‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفسخ أمر مرتوك للقايض بعد طلب الطرف املتهرضر عند عدم تنفيذ الالزتام‪ ،‬فهل ان‬
‫وجد أن الفسخ ر يكون مربرا قانوان أن حي ّمل املطالب بلفسخ مسؤولية الفسخ‪.‬‬
‫ويعترب حسن النية رشط أساق للمطالبة بفسخ العقد‪ ،‬حيث يشرتط للمتسك به‬
‫أن ال يكون لجل اال ار بملدين‪ .‬اذ أن حسن النية رشط أساق ملامرسة احلقوق‪،‬‬
‫فاذا شعر القايض أن طلب الفسخ صدر عن سوء نية وأن طالبه ييسء اس تعامهل رفض‬
‫الطلب‪ 1 .‬وال شك أن فسخ العقد حيقق فاددة لدلائن‪ ،‬أفضل من حصوهل عىل‬
‫التعويض اذلي يبقى رهنا مبالءة املدين وحسن نيته‪.‬فالفسخ كنل ادلائن االمتياز عىل‬
‫اليشء موضوع العقد ف ُيعاد هل‪.‬‬
‫غّي أن الفسخ يعد أشد جزاءات القانون املدّن خطورة‪ ،‬من حيث أنه يدمر‬
‫املراكز القانونية املس تقرة بأثر رجعي‪ ،‬ويتناىف واملقصود الصيل من العقود‪ ،‬ذلكل فان‬
‫مراعاة مبدأ حسن النية يف تنفيذ العقود حيصن العقود من الفسخ بطريق غّي مبارش‪.‬‬
‫ان احلق يف املطالبة بلفسخ يقوم عىل اعتبارات العداةل ‪ 2.‬فهذا احلق مقيد‬
‫بس تعامهل يف حدود حسن النية‪ ،‬بناءا عىل ذكل فان القايض خبصوص طلب الفسخ‪،‬‬
‫يبحث ما اذا اكن التنفيذ انجزيئ مربرا اللغاء العقد‪ ،‬وما اذا اكن النقص يف التنفيذ يربر‬
‫طلب الفسخ بل يتعداه اىل عدم التنفيذ اللكي‪.‬و حىت مع عدم التنفيذ ككن أن كنل‬
‫املدين أجال مىت اكن حسن النية‪.‬ويف تقديره هذا ينظر القايض فامي اذا اكن الالزتام ما‬
‫زال قابال للتنفيذ العيين‪ ،‬أم أنه أصبل مس تحيال أو مرهقا‪ ،‬دلرجة ال تتفق مع مبادئ‬
‫حسن النية واالنصاف يف تنفيذ العقود‪ .‬فاذا اكنت فاددة ادلائن من التنفيذ العيين ض يَل‬
‫وغّي جمدية‪ ،‬أو أن طلب التنفيذ حاصل عىل سبيل الناكية أو اال ار بملدين‪ ،‬اعتربه‬
‫مشوب بسوء النية فّيفضه‪ .‬ويرفض طلب االلغاء أيضا اذا ر حيدث التأخّي يف التنفيذ‬

‫‪ -1‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.639‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.636‬‬
‫‪119‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫را للمدعي‪ ،‬أو ر يكن ذا أمهية تؤثر يف جدوى العقد‪ ،‬كام لو حصلت زايدة طفيفة‬
‫‪1‬‬
‫يف السعار‪.‬‬
‫ذلكل لي للقايض الاس تجابة لطلب الفسخ اذا ر جيد مربرا قانونيا هل‪ ،‬وككنه‬
‫تبعا ذلكل أن يأمر امللزتم مبتابعة الشغال اذا اكنت متوافقة مع أحاكم العقد‪ ،‬وأن يصلل‬
‫اخللل احلاصل اذا اكن اصالحه ممكنا‪ ،‬وأن يلزم البادع بتسجيل العقار املبيع بمس‬
‫الشاري اذا تتبني أن الشاري ر خيل بأي من رشوط العقد‪ .‬وهل بلتايل أن كنل املدين‬
‫همَل لتنفيذ تعهده‪ ،‬أو يلزمه بتقدمي ضامنة حلسن تنفيذه‪.‬فيبحث يف التنفيذ انجزيئ عام اذا‬
‫‪2‬‬
‫اكن النقض يف هذا التنفيذ هل من المهية ما يربر الغاء العقد‪.‬‬
‫من مث بس تطاعة القايض أن يرد طلب فسخ العقد‪ ،‬لي فقط يف حال التنفيذ‬
‫انجزيئ للعقد‪ ،‬بل وأيضا يف حال عدم التنفيذ اللكي‪ ،‬اذا رأى اعطاء املدين همَل‪ .‬فاملبدأ‬
‫هو ارافظة عىل العقد قدر املس تطاع‪ ،‬وعدم السامح بلتدلص منه عندما يكون التنفيذ‬
‫ممكنا‪ .‬فينظر القايض عند طلب الفسخ من قبل ادلائن يف أس باب تأخر املدين‪ ،‬ومدى‬
‫اس تعداده ملتابعة التنفيذ‪ .‬فاذا وجد أن املدين حسن النية وأن عدم التنفيذ هل ما يربره‬
‫رد دعوى الفسخ‪ ،‬وألزم املدين مبتابعة التنفيذ مع حتميهل عند الاقتضاء التعويض عن‬
‫‪3‬‬
‫التأخّي يف التنفيذ‪.‬‬
‫وقد نص املرشع الفرنيس يف هذا الصدد أن املانع اذا اكن مؤقتا‪ ،‬فانه ال يربر‬
‫‪4‬‬
‫فسخ العقد طبقا للامدة ‪ 0302‬ق م ف‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.622‬‬


‫‪ -2‬مصطفى العويج ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.610‬‬
‫‪ -3‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.610‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-ART 1218 c.civ.f « Si l'empêchement est temporaire, l'exécution de l'obligation est‬‬
‫‪suspendue à moins que le retard qui en résulterait ne justifie la résolution du contrat. Si‬‬
‫‪l'empêchement est définitif, le contrat est résolu de plein droit et les parties sont libérées de‬‬
‫‪leurs obligations dans les conditions prévues aux articles 1351 et 1351-1 ».‬‬
‫‪111‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫غّي أنه واذا اكن للقايض أثناء نظر دعوى االلغاء‪ ،‬تقدير وضع املدين اذلي تأخر‬
‫يف تنفيذ الزتاماته أو امتنع عهنا‪ ،‬وكذكل تقدير حسن أو سوء نيته ليقرر يف ضوء ذكل‬
‫مصّي العقد‪ .‬اال أنه كتنع عليه ذكل اذا تضمن العقد رشطا اتفاقيا‪ ،‬بعتبار العقد مفسوخ‬
‫يف حال عدم التنفيذ‪ .‬فال ينظر من مث اىل ارتاكب املدين خطأ مثال‪ .‬غّي أن اراُك‬
‫الفرنس ية متيل مع ذكل يف الوقت احلا ‪ ،‬اىل الخذ يف الاعتبار حسن نية ادلائن‬
‫‪1‬‬
‫واملدين‪ ،‬حبيث تقدر قبول دعوى االلغاء أو رفضها يف ضوء موقف لك مهنام من العقد‪.‬‬
‫اذ مسحت للمدين اذلي ألغي العقد جتاهه أن يقوم بملراجعة القضادية‪ ،‬الثبات أن‬
‫االلغاء ر يكن مربرا قانوان‪ ،‬وأنه قام بتنفيذ الزتاماته الساس ية‪ ،‬وأن ادلائن يتذرع بعدم‬
‫تنفيذ الزتامات اثنوية‪ ،‬أو أن دليه من العذار ما يربر تأخره يف التنفيذ‪.‬فعىل الرمغ من‬
‫أن رشط االلغاء املنصوص عليه يف العقد يعرب عن مشيئة املتعاقدين‪ ،‬اال أن القضاء‬
‫الفرنيس اكن ينظر اليه بعني احلذر الشديد‪ ،‬للحلول دون اساءة اس تعامهل‪ .‬اذ يشلك‬
‫وس يَل خطرة هتدد العقد‪ ،‬وكهنا عقوبة مدنية كارسها الفراد يف عالقاهتم التعاقدية‪،‬‬
‫فاملادة ‪0021‬ق م ف تفرض أن تنفذ العقود وتفرس حبسن نية‪ ،‬ما يعين ورة تفسّي‬
‫البند االتفايق باللغاء حبسن نية‪ ،‬وتقدير ذكل يعود لقايض املوضوع‪.‬‬
‫وهذا يعين أن بند االلغاء احلاي اتفاق خيضع يف تفسّيه لرقابة القايض اذا وجد‬
‫مغوض يف مضمونه‪ ،‬وتقومي اعامهل من قبل من ر تنفذ حقوقه‪ ،‬فيبحث القايض عن‬
‫مدى توافقه مع حسن النية‪ .‬فالتفسّي املعرب عن نية الفرقاء يف االتفاق‪ ،‬وحسن نية‬
‫املمتسك بند االلغاء احلاي‪ ،‬هام صامم المان يف اس تعامل الرشط االتفايق باللغاء‪ 2.‬عىل‬
‫أن تدخل القايض يف تقدير استيفاء رشط الفسخ احلاي لرشوطه ويف تفسّيه‪ ،‬حيصل‬
‫‪3‬‬
‫بعد اعامل هذا البند ولي قبهل‪ ،‬ويكون بناءا عىل طلب من املدين‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.612‬‬


‫‪ -2‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق ص‪.611‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.619‬‬
‫‪111‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ومن الحاكم القضادية اليت مارست رقابهتا عىل حسن اس تعامل البند االتفايق‬
‫باللغاء‪ ،‬حبيث اذا وجدت أن الالزتامات غّي املنفذة ال تؤثر يف اقتصادايت العقد‪ ،‬ور‬
‫تكن ذات أمهية رفضت دعوى االلغاء‪ ،‬قرار راة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 30‬جوان‬
‫‪1 0910‬حيث ذهب اىل أن‪ :‬انذار املؤجر للمس تأجر أثناء العطَل الصيفية‪ ،‬حني تكون‬
‫املصانع مقفَل بجراء اصطالحات يف املأجور‪ ،‬يف همَل شهر حتت طادَل اعامل الرشط‬
‫االتفايق باللغاء احلاي صادر عن سوء نية‪ .‬واكنت حماة الاس تئناف قد اعتربت أن‬
‫املس تأجر‪ ،‬وضع يف موضع عدم متكنه من تنفيذ املوجب‪ ،‬وعىل هذا سار اجهتاد حماة‬
‫النقض الفرنس ية‪ .‬كام اعتربت ذات اراة يف قرار أآخر بتارخي ‪ 31‬مــــــاي ‪2 0921‬أن‬
‫الغاء عقد اجارة جتاري يرفض‪ ،‬عندما ال يكون اعامل بند االلغاء احلاي حاصال عن‬
‫حسن نية‪ ،‬وهذا يربر حقيقة ورة خضوع التذرع هبذا البند لقواعد حسن النية‪.‬‬
‫عىل أنه وان اكن ال بد من مراعاة قاعدة حسن النية‪ ،‬واعطاهئا ماكنهتا ليكون‬
‫العقد عادال‪ .‬فان عىل القضاء أن يتأكد اذا ما اكن حسن نية املدين‪ ،‬يشلك حقيقة حادال‬
‫دون اعامل الرشط االتفايق باللغاء‪ .‬ففي قرار حديث نسبيا راة النقض الفرنس ية‬
‫بتارخي ‪ 02‬مارس ‪ 0992‬أخذت عىل حماة الاس تئناف خمالفهتا للامدة ‪ ،0021‬عندما‬
‫استندت اىل حسن نية املدين لرد دعوى املؤجر بعامل بند االلغاء احلاي‪ ،‬بيامن ثبت‬
‫لها َتلف املس تأجر عن دفع البدالت املطالب هبا‪ ،‬مما يعين أنه ر يكن عىل اراة أن‬
‫تأخذ يف الاعتبار حسن النية‪ ،‬بل اكن جيب أن يقترص دورها عىل التثبت من توافر‬
‫‪3‬‬
‫رشوط بند االلغاء‪.‬‬

‫‪ -1‬مقتب عن ‪ :‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪619‬‬
‫‪ - 2‬مقتب عن ‪ :‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪619‬‬
‫‪ -3‬يف هذه القضية أصيب املس تأجر بعاهة مقعدة بنس بة ‪ ،%92‬فأخذت حماة الاس تئناف يف الاعتبار هذا الوضع‪،‬‬
‫واعتربت املس تأجر حسن النية‪ ،‬لن ما يتقاضاه لن يسعفه يف دفع املتأخر عليه‪ ،‬ور تعمل البند احلاي‪.‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪612‬‬
‫‪112‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫من مث مفوقف حماة النقض اكن متأرحجا‪ ،‬بني التوقف عند سوء نية ادلائن‬
‫وحسن نية املدين‪ .‬وذكل بغية ضبط اس تعامل رشط االلغاء احلاي‪ ،‬مضن احلدود‬
‫الخالقية وحسن النية اليت تعين الاس تقامة يف التعامل وعدم الا ار بلغّي‪،‬‬
‫بلتعسف يف اس تعامل احلق‪ ،‬وعدم اخلداع ومباغتة املدين لاليقاع به‪ ،‬والاس تفادة من‬
‫موقفه الضعيف أو املتعرث‪ ،‬وااللزتام مببادئ العدل والانصاف وعدم جتاوز ما كنحه احلق‬
‫من سلطة واس تئثار‪.‬‬
‫ولكها عىل ما بيناه ضوابط يف اس تعامل احلق‪ ،‬حىت يؤدّي وهليفته االجامتعية‬
‫والاقتصادية بعيدا عن الاس تغالل‪ ،‬وعن حتقيق املنافع بصورة غّي مرشوعة‪ .‬ولكن‬
‫الاجتاه العام يف الاجهتاد املتأثر دوما مببادئ أخالقيات التعامل‪ ،‬هو الخذ حبسن نية‬
‫املدين للحلول دون اعامل بند الالغاء احلاي‪ ،‬اذا ثبت أن التنفيذ اكن مس تحيال مضن‬
‫‪1‬‬
‫املهَل ارددة هل‪.‬‬
‫ولكن ومع ذكل فالمر يقتب دامئا ابراز عنارص سوء النية دلى ادلائن‪ ،‬لن من‬
‫حق هذا الخّي املطالبة بعامل بند الالغاء احلاي‪ ،‬يف حال َتلف املدين عن تنفيذ‬
‫الزتاماته‪ .‬فال بد من اقامة ادلليل عىل أنه اكن س ئي النية‪ ،‬فالقايض ينظر يف هلروف‬
‫لك قضية‪ ،‬ويقوم بدور الرقيب عىل أخالقية التعامل موازان بني املواقف‪ ،‬ومرحجا حسن‬
‫النية حيامث تبني سوء النية دلى أحد الطرفني‪.‬‬
‫اذ أن بند االلغاء مىت حتققت رشوطه اقتىض المر اعامهل‪ ،‬وال ككن للقضاء‬
‫التدخل فيه اال يف حاالت مع ّينة‪ ،‬حيث يظهر هل سوء اس تعامل احلق أو حسن نية‬
‫املدين‪ .‬ولكن مضن التحفظ الشديد ل ال يعطل العمل به‪ ،‬لكام أبدى املدين حسن نيته‪.‬‬
‫فالتذرع حبسن النية ال يعفي املدين من الزتاماته‪2 .‬ذلكل يتعني عىل القايض أن يضع‬
‫نفسه يف موقع وسط‪ ،‬بني اعامل البند من هجة لنه رشيعة املتعاقدين‪ ،‬وبني عدم أعامهل‬
‫‪ -1‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.612‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.613‬‬
‫‪113‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫عند هلهور بوادر سوء النية يف اس تعامهل‪ ،‬أو حسن النية دلى املدين مع التحفظ الالزم‬
‫حىت ال تتأثر الزامية العقود‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية وتنفيذ املدين‬
‫لن ملبدأ حسن النية عالقة وطيدة مع مبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬اذلي حيمك العقد‬
‫يف مرحَل التنفيذ‪ .‬جند أن الترشيعات املقارنة أتبعت مبدأ القوة امللزمة للعقد مببدأ حسن‬
‫النية‪ .‬فيكون من المهية يف هذا الصدد حبث طبيعة هذه العالقة ما بني املبدأين‬
‫(أوال)‪ ،‬مث حبث الطريقة اليت يتعني عىل املدين اتباعها لتنفيذ العقد‪ ،‬عىل ضوء ما كليه‬
‫مبدأ حسن النية (اثنيا)‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬عالقة مبدأ حسن النية مببدأ القوة امللزمة للعقد‬
‫يف خمتلف الترشيعات املدنية الالتينية املقارنة‪ ،‬يقترص تطبيق مبدأ حسن النية‬
‫عىل مرحَل تنفيذ العقد‪ .‬وقد ربط املرشع بني هذا املبدأ ومبدأ القوة امللزم للعقد برتتيهبام‬
‫عىل التوايل من خالل املادة ‪ 026‬ومن املادة ‪ 021‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬وال شك أن العالقة بني‬
‫املبدأين وثيقة‪ ،‬مفبدأ حسن النية فرضته الترشيعات احلديثة ليففف من حدّة قاعدة‬
‫العقد رشيعة املتعاقدين‪ .‬من مث فااللزتام حبسن النية يف تنفيذ العقد جيد أساسه وحدوده‬
‫يف القوة امللزمة للعقد‪ ،‬واليت تعين أن الالزتام اذلي ينشأ عن العقد هل قوة الالزتام‬
‫الناشئ عن القانون‪.‬‬
‫غّي أن التطور الاقتصادي اذلي أثّر بشلك مبارش عىل نظرية العقد جعل الفقه‬
‫يلتف حول مبدأ حسن النية ملراعاة أخالقيات التعاقد‪ ،‬جفعل املبدأ‬ ‫والقضاء الفرنس يني ّ‬
‫أساسا لاللزتام ‪.‬فاذا اكن مبدأ القوة امللزمة للعقد يفرض احرتام الالزتامات املتفق علهيا‬
‫بني املتعاقدين‪ ،‬فهل أن اس تنباط الفقه والقضاء اللزتامات مرجعها مبدأ حسن النية‬
‫الواجب مراعاة يف العقد‪ ،‬أدى اىل أن ابتلع مبدأ القوة امللزمة للعقد ؟‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ان القوة امللزمة للعقد ال تفرض تنفيذ الالزتامات املرتتبة عن العقد بشلك حريف‪،‬‬
‫أي أنه ال يفرض التقيد هبذه الالزتامات اذا ر تكن تعرب عن روح العقد‪ ،‬أو مبعىن أآخر‬
‫ال حتقق مصلحة الطرفني‪.‬فالقوة امللزمة ال تفرض عىل املتعاقد أداء الالزتام كواقعة مادية‬
‫فقط‪ ،‬بل أن هناك أصوال فنية قانونية وأخالقية تتفرع عن القوة امللزمة للعقد‪ ،‬يتعني‬
‫عىل املتعاقد مراعاةها اذا أراد أن يكون تنفيذه لاللزتام قانونيا يتفق وحسن النية‪.‬‬
‫وبلزتامه هبذه الصول يكون قد نفذ الزتامه حبسن نية‪ .‬فسبب الالزتام حبسن النية هو‬
‫الرابطة العقدية اليت حيمهيا مبدأ القوة امللزمة للعقد‪.‬‬
‫تتكون بني الفراد حول قياهمم بتنفيذ الزتاماهتم اخملتلفة‪،‬‬‫ذكل أن العالقات اليت ّ‬
‫تتكون مضن اطار القواعد الخالقية‪ ،‬حىت اذا ما جاءت النصوص القانونية لتنظم‬ ‫امنا ّ‬
‫هذه العالقات وترعاها‪ ،‬الزتمت هبذه القواعد وال تتجاهلها‪ .‬بل أن هذه القواعد تتحمك‬
‫اىل حد بعيد بلنصوص القانونية‪ ،‬مما يسمل بلقول بأن للقاعدة القانونية بعدا أخالقيا‬
‫‪1‬‬
‫ابتداءا من والدهتا‪ ،‬مرورا بتطبيقها وتفسّيها‪.‬‬
‫ان العالقة القانونية بني الفراد ليست فقط عالقة بني ذمتني ماليتني فقط‪ ،‬بل‬
‫يه قبل لك ش ئي عالقة بني خشصني ال تشلك اذلمة املالية بلنس بة الهيم اال صفة‬
‫مالزمة لشفصهيا‪.‬من مث فالقوة امللزمة للعقد واليت تعين أن الالزتام اذلي ينشأ عن‬
‫العقد‪ ،‬هل قوة الالزتام الناشئ عن القانون‪ ،‬تفرض حىت يكون تنفيذ املتعاقد اللزتامه‬
‫مقبوال من وهجة نظر القانون‪ ،‬أن يكون التنفيذ مضن الصول الفنية‪،‬قانونية اكنت‬
‫كوجوب تنفيذ الالزتام باكمل ملحقاته ومس تلزماته‪ ،‬أو أخالقية بالمتناع عن خمالفة أي‬
‫قواعد أخالقية أقرها اجملمتع والقانون‪ ،‬أي مراعاة مقتضيات حسن النية ‪:‬اكلمانة والصدق‬
‫‪2‬‬
‫وال‪،‬اهة‪.‬‬

‫‪ - 1‬محدي عبد الرمحن‪ ،‬الوس يط يف النظرية العامة لاللزتامات‪ ،‬املصادر االرادية لاللزتام‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الهنضة‬
‫العربية‪،‬القاهرة‪ ،0999 ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ -2‬نواف حازم خادل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪115‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫و يذهب أيضا ‪1 Pascal Ancel‬القواعد القانونية تفرض احرتام العقد ‪ ،‬وتنشأ اىل‬
‫جانهبا قواعد سلوكية أخالقية تفرض الاس تقامة ‪ .‬أي أنه عالوة عىل الفعل املادي يف‬
‫تنفيذ الالزتام‪ ،‬يلزتم املتعاقد مبراعاة الصول القانونية والخالقية‪ ،‬ويقصد هبا تكل‬
‫الصول اليت حتمك وتاّل قيام املتعاقد بلزتامه بطريقة حتقق حسن التنفيذ‪ ،‬حىت يكون‬
‫تنفيذه اكمال وحصيحا‪ .‬بأن ال يهرض بملتعاقد الآخر سواء تع ّمد ذكل‪ ،‬أو أمهل فأوقع‬
‫الهرضر بملتعاقد الآخر‪ ،‬وهو يف احلالتني ر يلزتم مبا توجبه عليه القوة امللزمة للعقد‪ ،‬ور‬
‫يراعي مقتضيات حسن النية‪.‬‬
‫والزتام املتعاقد مبراعاة تكل الصول القانونية والخالقية‪ ،‬جتعل التنفيذ العيين‬
‫لاللزتام اكمال وحصيحا ويتفق وحسن النية‪.‬فان ر يراعي مقتضيات حسن النية يف‬
‫‪2‬‬
‫التنفيذ اكن قء النية‪.‬‬
‫وعندما يلزتم طرفا العقد مبوجبات معينة‪ ،‬امنا يسعيان اىل حتقيق غاية مفيدة للك‬
‫مهنام‪ ،‬وقد ارتضيا هبذه الغاية وبلوسادل املؤدية اىل حتقيقها‪ ،‬فيلزتمان هبذه الوسادل‪.‬‬
‫وبلتايل فان الزتاهمام يكون مصدر القوة التنفيذية للعقد‪ ،‬لهنا انبعة من ارادة التنفيذ‬
‫حتقيقا للغاية املفيدة للك من طرفيه‪ .‬فاذا جنحت ارادة التنفيذ عن غايهتا‪ ،‬اتسمت بسوء‬
‫اس تعامل الوس يَل لغاية َتتلف حقيقة عن تكل اليت اكنت مرجتاة عند ابرام العقد‪،‬‬
‫فتكون الوس يَل غّي أخالقية‪ .‬بل وككن القول أن القوة التنفيذية للعقد تنبع من حسن‬
‫النية اذلي جيب أن تقوم عليه العالقة التعاقدية‪ ،‬فيكون هذا املبدأ مبدأ قانونيا يف صلب‬
‫النظام القانوّن للعقد‪ ،‬ولي فقط واقعا متغّيا ال ككن ضبطه لتغّيه مع هلروف لك‬
‫‪3‬‬
‫قضية‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي ‪ Pascal Ancel‬مشار اليه يف ‪:‬‬


‫ركا فرج ميك‪ ،‬تصحيل العقد‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط الوىل‪،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪،‬لبنان‪.3200،‬ص‪311‬‬
‫‪ -2‬نواف حازم خادل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج الول‪ ،،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.009‬‬
‫‪116‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫من هنا يتضل مدى التاكمل أقهل من النطاق العميل‪ ،‬بني مبدأ حسن النية‬
‫والقوة االلزامية للعقد‪.‬غّي أنه عندما يعرتي بنود العقد نقص أو مغوض‪ ،‬يصعب تقيمي‬
‫مدى احرتام الطراف ملبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬فيس تعان مببدأ حسن النية اذلي حيدد "‬
‫منحى السلوك املفرتض اتباعه"من طريف العقد‪ ،‬لتحقيق التجان الفعيل مع مبدأ القوة‬
‫امللزمة للعقد‪ .‬فاعامهل يف مسأةل نزاعية يتيل معرفة لي مدى أوىف املتعاقدان بلزتاماهتام‬
‫العقدية‪ ،‬وبلتايل احرتموا قوت ّه االلزامية‪.‬ذلكل جند أن املرشع ربط بني املادتني ‪026‬‬
‫و‪ 021‬من ق م ج اذ يتعني قراءة املادتني معا‪ ،‬لنه ال ككن أن يكون للعقد املربم قوة‬
‫الزامية ان اكن قد نفذ بسوء نية‪.‬‬
‫ويذهب ‪ 1M.Cornelis‬اىل حد القول أن‪ :‬ما يفرضه مبدأ حسن النية يسود‬
‫عىل ما تفرضه ارادة طريف العالقة العقدية‪.‬وهذا يشء منطقي لن مبدأ حسن النية‬
‫يتفوق عىل ارادة طريف العقد‪.‬‬
‫ّ‬
‫اثني اا‪ :‬مبدأ حسن النية وطريقة تنفيذ املدين‬
‫ان البحث عن أحسن تنفيذ للعقد وتأمني الفعالية الاقتصادية لالتفاقات‬
‫وأخالقيات التعاقد يكون بحرتام مبدأ حسن النية‪ .‬ويف اطار تنفيذ العقد يذهب جانب‬
‫من الفقه‪ ،‬اىل أنه ال بد من المتيزي بني حسن النية يف تنفيذ العقد وحسن نية املتعاقد‪.‬‬
‫لسن النية يف تنفيذ العقد تفرض طريقة معينة‪ ،‬ال تشوهبا العوادق يف تنفيذ الالزتامات‬
‫الناش ة عن العقد بيامن حسن نية املتعاقد تفرض عليه أن ينفذ ما كليه روح العقد‬
‫وعباراته‪.2‬‬
‫أول ما يفرضه مبدأ حسن النية‪ ،‬تنفيذ الالزتام الناشئ عن العقد مضن الصول‬
‫الفنية والخالقية للتنفيذ‪.‬لن تنفيذ الالزتام ال يقترص عىل القيام بعمل أو الامتناع عن‬
‫معل‪ ،‬أو اعطاء يشء‪ .‬مفثال يف عقد البيع ينقل البادع اىل املشرتي امللحقات‬
‫‪1‬‬
‫‪- Brigitte Lefebvre ,La bonne foi :notion protéiforme, www.usherbrooke.ca,p 348.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Y ves. Picod ,op.cit ,p18.‬‬
‫‪117‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الهرضورية‪1.‬اليت تس تقل عن احلق الصيل ولكهنا تلحقه وتنتقل بنتقاهل‪ ،‬ال طبقا لطبيعة‬
‫احلق الصيل ولكن طبقا ملبدأ وجوب تنفيذ العقد حبسن نية‪.‬فامللحقات اليت جيري‬
‫تسل ها يه تكل امللحقات الهرضورية لليشء املبيع‪ ،‬واليت تلزم اليشء املبيع وتكون انفعة‬
‫للمشرتي يف اس تعامهل اايه‪ ،‬ولكهنا يف ذات الوقت عدكة النفع للبادع اذا اس مترت يف‬
‫حوزته‪ .‬اذ يتعني أن يشمل التسلمي ملحقات اليشء ولك ما أعد بصفة دامئة الس تعامل‬
‫هذا اليشء‪ ،‬طبقا ملا تقب به طبيعة الش ياء‪.‬‬
‫واثّن ما يفرضه املبدأ عىل املدين‪ ،‬أن يقوم بتنفيذ الالزتام الناشئ عن العقد‪،‬‬
‫بلكيفية والطريقة اليت يمتىن أن تؤدى اليه لو اكن يف ماكن املتعاقد الآخر‪ .‬فاملطلوب منه‬
‫وىف باللزتام اال اذا وصل العقد اىل هنايته‪،‬‬ ‫المانة واالخالص فال يقال أن املتعاقد قد ّ‬
‫وحقق الداء امللزتم به لصاحبه‪ 2.‬فالناقل اذلي ينفذ الزتامه الصيل املمتثل بفعل النقل‪،‬‬
‫جيب عليه أن يراعي يف أثناء قيامه بذكل الصول الفنية‪،‬اليت تقتب منه أن يكون‬
‫أمينا‪ ،‬بأن ال يسكل طريقا وعرة قد تلحق را مبحل العقد‪ ،‬وبلتايل مبصلحة املتعاقد‬
‫الآخر‪ .‬وهو يتصف بسوء النية سواء أحلق الهرضر بملتعاقد الآخر متعمدا‪ ،‬أم أنه ّقرص‬
‫‪3‬‬
‫يف اَتاذ الاحتياطات الالزمة لضامن حسن التنفيذ‪ ،‬وعدم اال ار بملتعاقد الآخر‪.‬‬
‫و قد ذهبت اراة العليا اىل أنه من املقرر أن العقد رشيعة املتعاقدين ينفذ طبقا‬
‫‪4‬‬
‫ملا اش متل عليه وحبسن نية‪ ،‬ومن مث القضاء مبا خيالف هذا املبدأ يعد خمالفة للقانون‪.‬‬
‫من مث يقتب مبدأ حسن النية من املدين أن خيتار يف تنفيذ العقد‪ ،‬الطريقة اليت‬
‫تفرضها المانة وال‪،‬اهة يف التعامل‪ .‬والزتام املتعاقد مبراعاة حسن النية يف تنفيذ العقد‬

‫‪ -1‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.020‬‬


‫فكرة امللحقات تشمل امللحقات الهرضورية وامللحقات القانونية‪ ،‬ويه تكل اليت ال تس تقل عن اليشء وتنتقل بنتقاهل اكحلق‬
‫يف الرهن والكفاةل اذ يلحقان احلق يف ادلين وكحق الارتفاق يلحق احلق يف امللكية وهذا النوع يلحق حبسب طبيعة احلق‬
‫يف اليشء وينتقل بنتقاهل طبقا لقواعد انتقال احلقوق‪.‬‬
‫‪ -2‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬الهادي سعيد عرفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.062‬‬
‫‪ -4‬قرار اراة العليا‪ ،‬غ م‪،1990-01-15 ،‬ملف رمق ‪ ،52061‬جمَل قضادية الصادرة يف ‪ ،1993‬ع ‪ ،1‬ص‪113‬‬
‫‪118‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الزتام يفرضه العقد‪ ،‬اذ يوجب عىل املتعاقد أال حييد عىل حسن النية يف تنفيذه االلزتام‪،‬‬
‫ويف مطالبته حبقه‪ .‬فيسأل عن االخالل هبذا الالزتام مسؤولية عقدية‪ .‬فلك معل يقوم به‬
‫املتعاقد يف سبيل تنفيذ العقد‪ ،‬ويكون خمالفا ملقتضيات حسن النية‪ ،‬يعترب خطأ عقداي‪،‬‬
‫ويشغل مسؤولية صاحبه عىل هذا الساس‪ ،‬حىت لو اكن يتعارض مع حرفية ما يتضمنه‬
‫العقد من أحاكم‪.‬‬
‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬
‫دور القايض وأثر حسن النية عىل املسؤولية املدنية‬
‫يرتبط مبدأ حسن النية بلسلطة القضادية ويؤدي اىل توس يع دور القايض‪ ،‬حيث‬
‫ككنه من اعادة النظر يف مضمون العقد‪ ،‬سواء بلخذ بنظرية الظروف الطاردة أو‬
‫نظرية امليرسة‪ ،‬أو بمتكينه من اعادة النظر يف الرشط انجزايئ املتفق عليه بني املتعاقدين‪.‬‬
‫عىل أنه ولجل اطالق يد القايض خللق الزتامات جديدة انقسم الفقه الفرنيس يف دالةل‬
‫املبدأ بني معىن تفسّيي ومعىن تنفيذي‪ .‬خفصصنا بناءا عىل ذكل (الفرع الول) دلور‬
‫القايض يف تطبيق مبدأ حسن النية‪.‬‬
‫كام ورأينا أن حسن النية هو نقيض سوء النية واذلي ال يقف عند اخلطأ العمد‪،‬‬
‫من مث يلعب مبدأ حسن النية دورا هاما يف تشديد املسؤولية وتوس يع دائرة الغش‪،‬‬
‫س امي اخلطأ انجس مي اذلي يدخل مضن ترتيبات اخلطأ بالهامل‪ ،‬واذلي يصنف مضن‬
‫الخطاء غّي العمدية‪ ،‬واليت ومع ذكل أحلقها املرشع من حيث الثر بلغش‪( .‬الفرع‬
‫الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫دور القايض يف تطبيق مبدأ حسن النية‬
‫مىت اكنت القاعدة القانونية مرنة فاهنا متنل القايض سلطات واسعة يف تطبيقها‪،‬‬
‫ومن ذكل مبدأ حسن النية اذلي يشلك أآداة‪ ،‬أو وس يَل وانفذة يف يد القايض‪ ،‬يتدخل‬
‫مبوجهبا يف العقود لكام دعت احلاجة اىل ذكل‪ .‬سواء بلخذ بلظروف الطاردة‪ ،‬أو اعادة‬
‫‪119‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫النظر يف الرشط انجزايئ‪ ،‬أو منل املدين حسن النية قء احلظ أجال لتعديل بنود‬
‫العقد (الفقرة الوىل)‪ .‬أو بعطاء املبدأ دالةل تنفيذية تتجاوز داللته التفسّيية (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫تعديل القايض لبنود العقد‬
‫أو اال‪ :‬الخذ بنظرية الظروف الطاردة‬
‫قد تطرأ بعد ابرام العقد هلروف خارجة عن ارادة الطرفني‪ ،‬حتول دون تنفيذه‬
‫بدون أن يتكبد املدين خسارة كبّية‪ ،‬تقلب التوازن العقدي اذلي قام عليه العقد أصال‪.‬‬
‫ذلكل جتاوبت الترشيعات مع حمك هذه احلاةل فنصت عىل نظرية الظروف الطاردة‪ ،‬اليت‬
‫جتزي للقايض اذا ما طرأت هلروف اس تننادية عامة غّي متوقعة‪ ،‬بسبهبا يصبل تنفيذ‬
‫الالزتام مرهقا للمدين ولي مس تحيال‪ُّ ،‬يدده خبسارة فادحة أن يرد الالزتام املرهق اىل‬
‫احلد املعقول‪ .‬طبقا للامدة ‪ 2/021‬ق م ج‪.‬‬
‫والفكرة أن الالزتام اذلي يصبل مرهقا للمدين‪ ،‬أمر يرفضه العدل واالنصاف‪.‬‬
‫فيصبل العقد خاضعا لرقابة القايض‪ ،‬لن الساس يف التعاقد هو حسن النية‪ .‬فاذا اكن‬
‫حتقيق الرحب وحصول اخلسارة هو من أآاثر لك عقد‪ ،‬اال أن حتقيق رحب فادح مقابل‬
‫خسارة فادحة‪ ،‬ال يقتب أن يكون أثرا لي عقد‪ ،‬فاالس تقامة العقدية ويه الرتمجة‬
‫العملية حلسن النية يف التعامل‪ ،‬ترفض لك اختالل يف التوازن العقدي عندما يتجاوز‬
‫ذكل الاختالل‪ ،‬حدود ما هو مقبول ومعقول يف التعامل‪.‬‬
‫ويالحظ أن املرشع الفرنيس اكن قد أصدر ترشيعات خاصة ببعض العقود‪ ،‬وكرس‬
‫فهيا نظرية الظروف الطاردة‪ ،‬كعقد ادلخل مدى احلياة‪ ،‬عقد الضامن وامللكية الدبية‬
‫والفنية‪ ،‬ولكنه ر يكرس النظرية كقاعدة عامة يف نظرية العقد‪ ،‬فأخذ هبا اس تنناءا يف‬
‫بعض العقود‪ ،‬والاس تنناء ال يتوسع فيه‪.‬وقد اعتربت حماة النقض الفرنس ية ‪1‬يف قرار‬
‫‪1‬‬
‫‪- Cass. civ.06 /03/1876. https://www.courdecassation.fr‬‬
‫‪121‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫مشهور يتعلق بقناة ‪Canal de Craponne,‬و منذ زمن بعيد تعديل بنود العقد من‬
‫قبل القايض‪ ،‬تعداي عىل مبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬حيث أن املادة ‪ 0/0021‬من ق م ف‬
‫متنع أي تعديل لبنود العقد دون توافق االرادتني‪.‬‬
‫غّي أنه ويف تعديهل الخّي لحاكم قانون العقود مبوجب المر رمق ‪ ،020-06‬نص‬
‫‪1‬‬
‫عىل نظرية الظروف الطاردة بشلك مبارش من خالل نص املادة ‪ 0091‬ق م ف‬
‫وما يالحظ حول هذا النص أن املرشع الفرنيس‪ ،‬أشار اىل أنه يف حاةل ّ‬
‫تغّي‬
‫الظروف اليت ر يكن بالماكن التنبؤ هبا عند ابرام العقد‪ ،‬ككن للطرف اذلي ال يرغب‬
‫يف حتمل اخملاطر‪ ،‬أن يطلب اعادة التفاوض عىل العقد‪ ،‬مع مواصَل تنفيذ العقد يف نف‬
‫الوقت‪ .‬ويف حاةل رفض التفاوض أو فشهل ف كن للمتعاقدان أن يتفقا عىل فسخ‬
‫العقد‪.‬وككن أن يطلب بالتفاق من القايض القيام بذكل‪ .‬ومىت تعذر التوصل اىل اتفاق‬
‫خالل فرتة زمنية معقوةل‪ ،‬جيوز للقايض بناءا عىل طلب أحد الطراف أن يعيد النظر‬
‫يف العقد‪ ،‬أو يهنيه يف التارخي والرشوط اليت حيددها‪ .‬وهذا يعين أن التفاوض عىل‬
‫تغّيت الظروف الاقتصادية‪.‬‬‫رشوط العقد أصبل ممكنا‪ ،‬حىت بعد ابرام العقد مىت ّ‬
‫اثني اا‪ :‬ادخال املرونة عىل الرشط انجزايئ واعامل نظرة امليرسة‬
‫الرشط انجزايئ قد يكون تعويضا عن عدم التنفيذ‪ ،‬أو الاخالل به أو التأخر يف‬
‫التنفيذ‪ .‬غّي أن املرشع قرر يف املادة ‪ 021‬ق م ج بأن التعويض ال يكون مس تحقا‪ ،‬اذا‬

‫‪1‬‬
‫‪- ART 1195 C.civ.F : « Si un changement de circonstances imprévisible lors de la‬‬
‫‪conclusion du contrat rend l'exécution excessivement onéreuse pour une partie qui n'avait‬‬
‫‪pas accepté d'en assumer le risque, celle-ci peut demander une renégociation du contrat à‬‬
‫‪son cocontractant. Elle continue à exécuter ses obligations durant la renégociation.‬‬
‫‪En cas de refus ou d'échec de la renégociation, les parties peuvent convenir de la résolution‬‬
‫‪du contrat, à la date et aux conditions qu'elles déterminent, ou demander d'un commun‬‬
‫‪accord au juge de procéder à son adaptation. A défaut d'accord dans un délai raisonnable,‬‬
‫‪le juge peut, à la demande d'une partie, réviser le contrat ou y mettre fin, à la date et aux‬‬
‫» ‪conditions qu'il fixe.‬‬
‫‪121‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫أثبت املدين أن ادلائن ر يلحقه أي ر‪ ،‬كام أجاز َتفيض التعويض اذا أثبت املدين‬
‫أن التقدير اكن مبالغا فيه أو أن الالزتام قد نفذ يف جزء منه‪.‬‬
‫خول اراة‬ ‫من مث جند أن املرشع انجزائري حرم ادلائن من التعويض املس تحق و ّ‬
‫أن تقرر َتفيض التعويض االتفايق مبجرد اثبات عدم وجود ر‪.‬يف حني جند املادة‬
‫‪021‬ق م ج تشّي اىل أنه ‪ ":‬اذا تسبب ادلائن بسوء نيته وهو يطالب حبقه يف اطاةل‬
‫أمد ال‪،‬اع فيكون للقايض أن خيفض مبلغ التعويض اردد يف االتفاق أو ال يقب به‬
‫اطالقا عن املدة اليت طال فهيا ال‪،‬اع بال مربر "‪1.‬يف حني أن املادة ‪ 021‬ق م ج ال‬
‫جتزي لدلائن املطالبة بأكرث من ق ة التعويض االتفايق اردد اال اذا ارتكب املدين غشا أو‬
‫خطأ جس امي‪.‬‬
‫ويرى البعض حول موقف املرشع املرصي املطابق ملوقف املرشع انجزاءري ‪ 2‬أنه‬
‫ال مربر لهذا التشدد جتاه ادلائن‪ ،‬خاصة أن الكهام يصيبه الهرضر من جراء خطأ الآخر‪.‬‬
‫مفن غّي الانصاف تطلب سوء النية يف أحدهام لرتت ّب مسؤوليته (ادلائن)‪ ،‬ويف الآخر‬
‫ورة اثبات الغش واخلطأ انجس مي قبهل (املدين)‪ .‬فاكن من الجدر تاكفؤ امحلاية‬
‫للطرفني‪ ،‬ومن مث مسادَل ادلائن أيضا عن غشه أو خطاه انجس مي ولي دون ذكل‪.‬‬
‫وقد أشار املرشع الفرنيس يف املادة ‪ 1-0320‬ق م ف‪ 3‬أنه بماكن القايض اعادة‬
‫النظر يف الرشط انجزايئ بتففيضه مىت اكن مفرطا‪ ،‬أو الزايدة فيه ورفعه اذا اكن ض يال‬
‫جدا واذا اكن الالزتام قد نفذ يف جزء منه‪ ،‬ف كن للقايض أن خيفض التعويض‪.‬‬
‫أما بشأن اعامل نظرة امليرسة‪4 ،‬فان القاعدة يف تنفيذ العقود امللزمة نجانبني‪ ،‬أنه اذا‬
‫ر يوف أحد املتعاقدين مبا وجب عليه مبقتىض بنود العقد‪ ،‬جاز للمتعاقد الآخر بعد‬
‫‪ -21‬املقابَل للامدة ‪ 320‬ق م م‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪- ART 1231-5 C.civ. F: «Néanmoins, le juge peut, même d'office, modérer ou augmenter‬‬
‫‪la pénalité ainsi convenue si elle est manifestement excessive ou dérisoire. Lorsque‬‬
‫‪l'engagement a été exécuté en partie, la pénalité convenue peut être diminuée par le juge,‬‬
‫‪même d'office, à proportion de l'intérêt que l'exécution partielle a procuré au créancier,‬‬
‫» ‪sans préjudice de l'application de l'alinéa précédent.‬‬
‫‪4‬‬
‫ُرس ٍة‬
‫‪ -‬وقد اكنت الرشيعة االسالمية س باقة‪ ،‬حيث رشعت نظرة امليرسة‪ .‬ويظهر ذكل يف قوهل تعاىل‪ {:‬وا ْن َاك َن ُذو ع ْ َ‬
‫فنظرة اىل ميرسة وأن تصدقوا خّي لمك ان كنم تعلمون}‪ .‬الآية رمق ‪322‬من سورة البقرة‪ .‬من القرأآن الكرمي ِ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫اعذاره أن يطلب فسخ العقد‪ ،‬مع التعويض ان اكن هل مقتىض‪ .‬عىل أنه جيوز للمحاة‬
‫أن تنظر املدين اىل أجل‪ ،‬كام جيوز لها أن ترفض طلب الفسخ‪ ،‬اذا اكن ما ر ّ‬
‫يوف به‬
‫املدين قليال بلنس بة لاللزتام يف مجلته‪.‬‬
‫نظرة امليرسة يه همَل زمنية متنل للمدين ملواهجة صعوبت تطرح بعد ابرام العقد‪،‬‬
‫نص علهيا املرشع انجزائري يف املادة ‪320‬فقرة اثنية من ق م ج عىل غرار نظّيه املرصي‬
‫املادة ‪ 216‬ق م م‪ ،‬حيث جاء فهيا ‪ ":‬غّي أنه جيوز للقضاء نظرا ملركز املدين ومراعاة‬
‫للحاةل الاقتصادية‪ ،‬أن كنحوا أآجاال مالمئة للظروف دون أن تتجاوز هذه املدة س نة‪،‬‬
‫وأن يوقفوا التنفيذ مع ابقاء مجيع المور عىل حالها‪ .‬أما الترشيع الفرنيس فقد أشار اىل‬
‫نظرة امليرسة يف املادة ‪ 1-0212‬ق م ف‪1‬حيث مكّن القايض عىل ضوء حاةل املدين‪،‬‬
‫وبلنظر اىل احتياجات ادلائن تأجيل دفع املبالغ املس تحقة يف حدود س نتني‪.‬‬
‫من مث لسن النية رشط ملنل املدين قء احلظ أجال‪ ،‬مىت اكن عدم تنفيذه‬
‫لاللزتام يرجع لظروف خارجة عن ارادته‪ .‬كن تكون هناك هلروف اقتصادية سيئة‪ ،‬أو‬
‫لكون ما ر ينفذه قليل المهية بلنس بة لاللزتام يف مجلته‪ ،‬أو حىت لكون أن ادلائن ر‬
‫يصبه ر كبّي من جراء هذا التأخر‪ .‬أما مىت اكن املدين قء النية‪ ،‬أو أن طلبه لهذا‬
‫الجل عىل سبيل املامطَل متهيدا للتدلص من تنفيذ العقد‪ ،‬فيلزم بلتنفيذ الفوري‪.‬‬
‫ويالحظ أن املرشع انجزائري ر يشرتط أن ال يلحق ادلائن را جس امي‪ ،‬عىل‬
‫خالف املرشع املرصي ف نل املدين أجال برشط أن ال يلحق بدلائن ر‬
‫جس مي‪.‬حسب املادة ‪ 219‬ق م م‪ 2.‬أما املرشع الفرنيس فيم منل الجل مع الخذ بعني‬
‫االعتبار احتياجات ادلائن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- ART 1343-5 C.C.F : « Le juge peut, compte tenu de la situation du débiteur et en‬‬
‫‪considération des besoins du créancier, reporter ou échelonner, dans la limite de deux‬‬
‫» ‪années, le paiement des sommes dues.‬‬
‫‪ -2‬دمحم صربي السعدي‪ ،‬الواحض يف رشح القانون املدّن‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬أحاكم الالزتام‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫انجزائر‪،3202 ،‬ص‪.302‬‬
‫عبد احلمك فودة‪ ،‬اخلطأ يف نطاق املسؤولية التقصّيية‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.09‬‬
‫‪123‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ويس تفاد مما س بق ذكره أن املبدأ املأخوذ به يف نظرية العقد‪ ،‬هو ارافظة قدر‬
‫املس تطاع عىل العقد حىت يؤدي غايته لطرفيه‪ .‬ذلكل حيرص القضاء عىل االبقاء عىل‬
‫العقد‪ ،‬طاملا أن فرصة تنفيذه تبدو جدية‪ ،‬وأن العقبات اليت برزت يف وهجه ككن‬
‫جتاوزها مضن همَل معقوةل ومعتدةل‪ ،‬حبيث ال يفقد العقد فاددته جتاه املتعاقد اذلي ر‬
‫تنفّذ الالزتامات قبهل‪ .‬ذلكل أعطى املرشع للقايض حرية تقدير ما اذا اكنت الاس تجابة‬
‫لطلب فسخ العقد ورية‪ ،‬يف حني يكون من املمكن انقاذ العقد اذا أعطي املدين همَل‬
‫ذلكل‪ ،‬برشط أن ال يضار ادلائن من جراء التنفيذ املؤجل‪ ،‬وهذا ما يس تدعيه املنطق‬
‫‪1‬‬
‫ولو ر ينص املرشع رصاحة عىل ذكل‪.‬‬
‫من مث تعد نظرة امليرسة همَل قضادية متنل للمدين‪ ،‬مكزية يس تفيد مهنا البعاد ش بل‬
‫فسخ للعقد‪ ،‬وما ينتج عهنا من أآاثر ملكفة عىل عاتق املدين‪ 2 .‬وللقايض اذا اعرتضت‬
‫املدين يف تنفيذه لاللزتام هلروف طاردة‪ ،‬أن يقوم بوقف تنفيذ الزتام املدين حسن النية‬
‫اذا اكنت الظروف الطاردة مؤقتة ولن تطول‪ .‬اذا ر يكن يف وقف التنفيذ ر س يلحق‬
‫ادلائن‪ ،‬ويعد ذكل نوعا من نظرة امليرسة برشط أن ال تتجاوز الجل املمنوح أي مدة‬
‫س نة‪.3‬‬
‫هذا وأن اعطاء القايض همَل للمدين للوفاء باللزتام أمر جوازي‪ ،‬فهل أن يقبل اذا‬
‫رأى أن هلروف املدين تس تدعي ذكل‪ ،‬كام هل أن يرفض اذا رأى عك ذكل‪ ،‬أو اثر‬
‫دليه شك حول حسن أو سوء نية املدين‪.4‬وخالصة القول أن عىل القايض أن ينظر‬
‫بعني الاعتبار حاةل املدين‪ ،‬بأنه س ئي النية أم حسن النية‪ ،‬ويف ضوء ذكل يقرر اهمال‬
‫املدين أو فسخ العقد‪.‬‬
‫‪ -1‬مصطفى العويج القانون املدّن‪،‬انجزء الول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪602‬‬
‫‪ -2‬هدلير أسعد أمحد‪،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -3‬عيل عيل سلامين‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬مصادر الالزتام يف القانون املدّن انجزائري‪ ،‬ط السابعة‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫انجامعية‪ ،‬انجزائر‪ .3221 ،‬ص‪020‬‬
‫منذر الفضل‪ ،‬مصادر الالزتامات وأحاكهما‪ ،‬الطبعة الوىل‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الردن‪ ،3203 ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ -4‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.033‬‬
‫‪124‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫توس يع دور القايض بعطاء املبدأ دالةل لتفسّي وتاَل العقد‬
‫يربط الفقه التقليدي بني مبدأ حسن النية وتفسّي العقد‪ ،‬ويرفض اعطاء املبدأ‬
‫دالةل أكرث من داللته التفسّيية‪ ،‬غّي أن الفقه احلديث نسبيا يرفض هذا الطرح‪ ،‬بلقول‬
‫أن حلسن النية دالةل لتنفيذ العقد تتجاوز التفسّي لبنود العقد‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬رأي الفقه التقليدي (اعطاء املبدأ دالةل لتفسّي العقد)‬
‫بدأ يظهر الرتكزي من قبل الفقه الفرنيس عىل مبدأ حسن النية وفكرة العداةل‪ ،‬عىل‬
‫أنقاض مبدأ سلطان االرادة‪ ،‬بعتبار أن احلرية العقدية ال ككن أن تكون التربير الوحيد‬
‫حتولت تكل احلرية اىل مصدر لعدم العداةل العقدية‪ .‬اذ اكن ال‬ ‫والساق لاللزتام‪ ،‬واال َ‬
‫بد من البحث عن فكرة بديَل‪ ،‬تكفل لنا احرتام بعض القواعد املعنوية املسْل هبا معوما‬
‫يف امجلاعة‪ ،‬من بيهنا حسن النية وأمانة املتعاقد والعداةل‪ ،‬بعتبارها وسادل مفيدة‬
‫يس تددهما لك من املرشع والقايض عىل السواء‪ ،‬وهو ما يربر وجود بعض الالزتامات‬
‫املعنوية انجديدة ‪ :‬مثل الالزتام بلتعاون والمانة واالعالم ‪.1‬‬
‫وقد أثّي خالف بني الفقه حول موقع املادة ‪ 2/0021‬من بيق نصوص القانون‪،‬‬
‫وقد جعز الفقه عن حسم تكل املسأةل‪.‬فاكن الفقه التقليدي يرى أن حلسن النية دورا‬
‫تفسّياي لبنود العقد الناقصة أو الغامضة‪ .‬حيث ذهب يف هذا الصدد ‪ 2Capitant‬أن‬
‫حسن النية ال تسمل سوى بلبحث عن تفسّي العقد‪ ،‬والنية املشرتكة ال أكرث من‬
‫ذكل‪ .‬فيكون هل بناءا عىل ذكل دور حمدود‪ ،‬فهو وس يَل محلاية املقصد املشرتك‬

‫‪ -1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪323‬‬


‫‪ -2‬رأي ‪ Capitant‬مشار اليه يف ‪ :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪323‬‬

‫‪125‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫للطراف‪ .‬ويذهب ‪ 1 Aubry et Rau‬اىل أن املادة ‪ ،0021‬يه ترديد لنصوص‬
‫التفسّي الواردة يف املواد من ‪ 0016‬اىل ‪2 0061‬أو تلفيصا لها‪.‬‬
‫كام ذهب أآخرون اىل أن القول بغّي ذكل‪ ،‬أي بأن ملبدأ حسن الينة معىن يتجاوز‬
‫املعىن التفسّيي فيه تعارض بني الفقرة الوىل بشأن العقد رشيعة املتعاقدين‪ ،‬والفقرة‬
‫الثالثة اليت توجب تنفيذ العقد حبسن النية‪ ،‬من مث فلن يسمل مبدأ حسن النية سوى‬
‫بلبحث عن تفسّي العقد‪ 3 .‬ويضيف أآخرون أن حسن النية ال ككن أن يكون هل معىن‬
‫‪4‬‬
‫يتجاوز املعىن التفسّيي‪ ،‬بعتبار أن لي هل مفهوم حمدد فلي هل فاعلية قانونية معينة‪.‬‬
‫حسن النية بملعىن السابق لن يكون هل سوى وهليفة تفسّيية‪ ،‬أو تأويلية‬
‫للنصوص القامئة أو الغامضة أو الناقصة‪ ،‬دون البحث فامي وراء تكل النصوص‪ .‬وهذا‬
‫اكن مذهب أغلب الفقه الفرنيس التقليدي‪ ،‬ويقصد بدلالةل التفسّيية حلسن النية أن‬
‫معلية التفسّي متر مبرحلتني ‪:‬‬
‫‪ ‬املرحَل الوىل‪ :‬التفسّي ارض لبنود العقد وألفاهله‪ ،‬فهو رشيعة املتعاقدين‪.‬‬
‫‪ ‬املرحَل الثانية‪ :‬أن التنفيذ لن يكون حبي اللفاظ العقدية‪ ،‬فاذا وجد لفظ غامض أو‬
‫مهبم‪ ،‬فلن يقترص التفسّي عىل جمرد املعىن القاموق‪ ،‬ولكن يبحث عن روح العقد‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ويعطي لللفاظ احلرفية ثراءا يف مضموهنا‪ ،‬دون الوقوف عند بنوده‪.‬‬
‫واحلقيقة أن العالقة بني املتعاقدين ليست سوى تأكيد الحرتام الالزتام املربم نفسه‬
‫ـ ومبعىن أخر لي مثة تعارض بني ارادة الطراف وفكرة حسن النية‪ ،‬فاعامل فكرة‬
‫حتراي لالرادة احلقيقية للطراف لتاَل ارادة املتعاقدين‪ ،‬أو‬ ‫حسن النية ما هو اال ّ‬
‫لتغليب االرادة القرب اىل نية املتعاقدين‪ .‬ولي يف ذكل ما يتعارض مع االرادة‪ ،‬بل هو‬
‫‪ -1‬رأي ‪ Aubry et Rau‬مقتب عن ‪ :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪ -2‬وقد نص املرشع الفرنيس عىل قواعد تفسّي العقد يف تعديهل الخّي يف املواد من ‪ 0022‬اىل ‪0093‬‬
‫قمف‬
‫‪ -3‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪323‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪321‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪323‬‬
‫‪126‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫وس يَل الحرتام نف االرادة وعدم اخلروج عهنا واس تكاملها‪. 1‬فتفسّي العقد يتطلب‬
‫البحث عن حقيقة ما أراده املتعاقدان‪ ،‬أي البحث عن النية املشرتكة للمتعاقدين وهذا‬
‫ما جاء يف نص املادة ‪ 000‬ق م ج املقابَل للامدة ‪ 3/012‬ق م م دون الوقوف عند‬
‫املعىن احلريف لللفاظ‪ ،‬مع الاس هتداء يف ذكل بطبيعة التعامل‪ ،‬ومبا ينبغي أن يتوافر من‬
‫أمانة وثقة بني املتعاقدين‪ ،‬وفقا للعرف انجاري يف املعامالت‪.‬‬
‫من مث فالعالقة بني مبدأ حسن النية وتفسّي العقد عالقة وطيدة‪ ،‬ذكل أن‬
‫املرشع جعل من املعايّي اليت ُّيتدي هبا القايض لتفسّي العقد المانة والثقة وفقا للعرف‬
‫انجاري يف املعامالت‪ ،‬وهذه الخّية يه يف احلقيقة من مقتضيات حسن النية‪ ،‬بل أن‬
‫بعض الفقه كام أرشان يف دراستنا سابقا ّعرف املبدأ بناءا عىل ما يتطلبه العقد من أمانة‬
‫وثقة‪.‬‬
‫من مث مفبدأ حسن النية منصوص عليه بشلك مضين من خالل نص املادة ‪000‬‬
‫ق م ج‪،‬يساعد عىل تفسّي ارادة املتعاقدين‪ ،‬والقول خبالف ذكل ال أساس هل من‬
‫الصحة‪ .‬وهو وس يَل القايض للتعرف عىل حقيقة ما قصده املتعاقدان‪ ،‬مع مراعاة ما متليه‬
‫روح العقد ‪.2‬‬

‫‪ -1‬عىل اثر النقد املوجه للمذهب الفردي‪ ،‬سعى البعض اىل التعديل من طبيعته يف قالب أخر‪ ،‬أقل مبالغة مع ارافظة‬
‫عىل نظريته‪ ،‬فتحول عن التشبت بفكرة االرادة الظاهرة والرصحية‪ ،‬اىل فكرة االرادة الباطنة‪.‬وبتاَل االرادة بتفسّي النوااي‬
‫الضمنية مبنل القايض سلطة وحرية تفسّي بنود العقد‪ ،‬اال أن نظرية االرادة الضنية ر تكن أفضل حظا من نظرية االرادة‬
‫الظاهرة‪ ،‬ووجه الفقة الكثّي من الانتقادات مهنا ‪:‬‬
‫‪-‬أهنا حيَل قانونية تصبغ االرادة بطابع ومهي‪ ،‬حيث أن تكل االرادة املسامة بالرادة الضمنية‪ ،‬اما أهنا ارادة غّي موجودة أصال‪،‬‬
‫واما أن االرادة موجودة ولكهنا ال تتالءم مع النتيجة املصبو الهيا‪.‬‬
‫‪ -‬ان َتويل القايض مكنة اللجوء اىل االرادة الومهية أو املصطنعة‪ ،‬تنطوي عىل خماطر جس ة‪ .‬بزتويد القايض يف الواقع‬
‫بسلطة استبدادية‪ ،‬قد يس تلهمها من ارادة ال تعرب عن احلقيقة الفعلية‪.‬من مث بدأ الفقه يبحث عن فكرة بديَل فاكن مبدأ‬
‫حسن النية‪،‬بعتبار أن فكرة احلرية العقدية‪ ،‬ال ككن أن تكون التربير الوحيد‪ ،‬وال حىت الساس لاللزتام‪ .‬واال حتولت تكل‬
‫احلرية اىل مصدر لعدم العداةل العقدية‪.‬‬
‫أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Aubry et Rau, droit civil français, tome VIII, les régimes matrimoniaux, librairies‬‬
‫‪techniques , 7ème édition, paris, 1973.p223‬‬
‫أنظر أيضا يف ‪ :‬يعقويب ادري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪127‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يؤدي اعامهل اىل حسن تطبيق القانون‪ ،‬ممتثال يف حسن تفسّي العقود‪1 .‬فالبحث‬
‫عن النية املشرتكة للمتعاقدين‪ ،‬ال يقصد به البحث عن االرادة الباطنة اليت تس تدلص‬
‫مبعايّي ذاتية‪ ،‬بل االرادة الباطنة املوضوعية اليت تس تدلص مبعايّي موضوعية‪ ،‬يه‬
‫طبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بني املتعاقدين‪ .‬فيقتب مبدأ حسن‬
‫النية يف التفسّي‪ ،‬عدم التقيّد بلعبارات الواردة يف العقد مىت اكنت ال تعرب عن حقيقة‬
‫قصد املتعاقدين‪.‬‬
‫ما يعين أن مراعاة مبدأ حسن النية للبحث عن قصد املتعاقدين يتطلب مرونة يف‬
‫التفسّي‪ ،‬وعدم التقيد احلريف بلعبارات الواردة يف العقد‪ ،‬حىت مع وضوهحا يف بعض‬
‫الحيان‪ ،‬مىت اكنت ال تعرب عن حقيقة ما قصده املتعاقدان‪ ،‬وخبصوص العبارات‬
‫الغامضة فالقايض يفرسها‪ ،‬مبا ال يتناىف مع حسن النية والمانة والثقة‪ ،‬مفىت اكنت ارادة‬
‫املتعاقد احلقيقية تنرصف اىل غش املتعاقد الآخر‪ ،‬واكنت العبارة غامضة حتمل أكرث من‬
‫تأويل‪ّ ،‬‬
‫تعني عليه اعامل التأويل اذلي خيدم مصلحة املدين‪.‬‬
‫أما يف عقود االذعان فقاعدة حسن النية لها دور هام يف تفسّي عقود االذعان‪،‬‬
‫تعني أن يفرس ملصلحة املدين بلرشط‪ ،‬وهذا مراعاة للمانة‬‫فالرشط مىت اكن غامضا‪ّ ،‬‬
‫والثقة الواجب توافرها بني املتعاقدين‪ ،‬طبقا ملا بينته املادة ‪ 0/003‬ق م ج اذا قام شك‬
‫يف مدى الالزتام فوجب تفسّي الشك وفق مصلحة املدين‪ .‬فال جيب أن يلزم املدين اال‬
‫بقدر ما عْل به من مضمون الرشط‪ ،‬فقد يتعمد ادلائن ذكر الرشط هبذا الغموض‪ ،‬حىت‬
‫ال يتبني املدين حقيقة مضمونه اذلي قد يزيد من الزتام املدين‪ ،‬من مث فيكون س ئي‬
‫النية‪ .‬وحسن النية يفرض عىل عاتقه أن تكون بنود العقد واحضة‪ ،‬ويف حال عدم‬
‫وضوح العبارات تعني اعامل قاعدة حسن النية يف التفسّي‪ ،‬بتفسّي الشك ملصلحة‬
‫املدين باللزتام‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪110‬‬
‫‪128‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫أما خبصوص عقود االذعان فنجد أن املادة ‪ 003‬ق م ج ‪1‬يف فقرهتا الثانية تكرس‬
‫قاعدة حسن النية بشلك جيل‪ ،‬حيث أن تفسّي الشك يكون دامئا يف مصلحة الطرف‬
‫املذعن دادنا اكن أم مدين‪ ،‬لنه الطرف الضعف اقتصاداي‪ ،‬وغالبا ما متىل عليه رشوط‬
‫العقد من الطرف الآخر‪.‬‬
‫غّي أن مراعاة حسن النية يف تفسّي العقد‪ ،‬مرهون وفقا ملا س بق ذكره بأن ال‬
‫يؤدي اىل حتريف العقد‪ .‬ومن مث تظهر اشاكلية اعامل املعىن التفسّيي حلسن النية‪ ،‬اذا‬
‫اكن النص غامضا‪ ،‬اذ يصعب القول يف هذه احلاةل بتفسّي عبارات العقد‪ ،‬دون تدخل‬
‫عنارص خارجية عن العقد‪ .‬وهذه الرؤية َتفي بأن التفسّي ادلقيق لنية املتعاقدين‪ ،‬يتعلق‬
‫‪2‬‬
‫يف الواقع بقراءة القايض‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬رأي الفقه احلديث (اعطاء املبدأ دالةل لتنفيذ العقد)‬
‫يرى الفقه الفرنيس احلديث أن حسن النية مبفهومه التفسّيي‪ ،‬ال يعترب سوى‬
‫ترديدا لنظرية االرادة‪ ،‬ولكن يف ثوب جديد مضين أي االرادة الضمنية‪ ،‬واليت وجه لها‬
‫أنصار مبدأ حسن النية النقد‪ .‬من هنا بدأ الفقه الفرنيس احلديث نسبيا يقدم لها معىن‬
‫جديدا‪ ،‬هو معىن تنفيذي يتجاوز االرادة اىل ما وراءها‪.‬ويعلق هذا الفقه احلديث عىل‬
‫رؤية الفقه التقليدي‪ ،‬بأنه املبدأ لي وس يَل للتفسّي بقدر ما هو وس يَل أو معيار لتنفيذ‬
‫الالزتام‪ ،‬وأن مواد التفسّي الواردة يف املواد ‪0016‬اىل ‪0061‬ق م ف‪ ،‬ر تنص عىل‬
‫مبدأ حسن النية يف التفسّي‪ ،3‬من مث القول بغّي ذكل يفرض التساؤل الآيت ‪:‬هل أن‬
‫املادة ‪ 2/0021‬تتضمن الغاءا مضنيا ملواد التفسّي السالفة اذلكر‪ ،‬واال مفا هو جدوى تكل‬
‫املواد اذا ؟‪.‬‬

‫‪ -1‬تقابلها املادة ‪ 3/0092‬ق م ف‬


‫‪ -2‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪093‬‬
‫‪ -3‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪092‬‬
‫‪129‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ان اعطاء حسن النية معىن تفسّياي من قبل الفقه والقضاء‪، ،‬بلقول أن حسن‬
‫النية املقصود هبا لي هدم االرادة العقدية بل تأكيدها بلبحث عن االرادة والنية‬
‫املشرتكة للطراف‪ .‬أدى اىل اخللط بني معىن حسن النية يف املادة ‪ ،2/ 0021‬أي‬
‫املعىن التنفيذي واملعىن التفسّيي‪ .‬ويرجع ذكل بلساس اىل اخللط بني فكرة حسن‬
‫النية والعداةل يف املادة ‪ ،0021‬واس تعامهلام لفرتة طويَل بعتبارهام فكرتني متطابقتني‪ ،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫عىل القل متاكملتني يف نظر الفقه‪.‬‬
‫غّي أنه ملا بدأ الفقه الفرنيس‪ 2‬يتنبه اىل أن حلسن النية معىن يغاير املعىن‬
‫التفسّيي‪ ،‬والتاييل لفكرة العداةل‪ ،‬بدأ الفصل بيهنام يظهر ويس تقل‪ .‬وعىل اثر اس تقرار‬
‫تكل التفرقة بدأ الفقه الفرنيس احلديث مؤخرا‪ ،‬يستبعد فكرة العداةل كساس مقبول‬
‫لاللزتام بالعالم والسالمة‪ ،‬قارصا اعامتده عىل فكرة حسن النية‪ .‬مفن انحية أوىل دور‬
‫العداةل يف املادة ‪ 0021‬دور تاييل للنصوص القل فنية أو وضوحا‪ ،‬ال يسعفنا لتأصيل‬
‫الزتام جديد‪ ،‬ومن انحية اثنية فكرة العداةل فكرة مثالية تتجاوز حدود املادة ‪0021‬‬
‫ونصوص القانون باللغاء املطلق حلرية وارادات املتعاقدين بلعقد‪ .‬ذلا فه ي أقل يقينية‬
‫من فكرة حسن النية الكرث قرب للطبيعة القانونية‪ ،‬وصاحلة لالعامتد علهيا كساس‬
‫‪3‬‬
‫لاللزتام‪.‬‬
‫من مث أصبل لفكرة حسن النية كفكرة ممتزية عن فكرة العداةل‪ ،‬معىن تنفيذي‬
‫مس تقل عن املعىن التفسّيي الرادة الطراف ذات نشأة فقهية حديثة‪ ،‬وأصبل هل دالةل‬
‫قصدية أو ارادية‪ .‬ور يعد قارصا عىل انجهل اذلي يفيد حسن نية صاحبه‪ .‬هذه ادلالةل‬
‫القصدية تعين بأال يسكل املتعاقد مسكل قء القصد‪ ،‬بأن ال يصدر منه سلوك تدلييس‬
‫‪ -1‬وقد أرشان اىل ذكل يف حديننا عن أساس حسن النية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Philippe Jacgues , Regards sur l’article 1135 du Code ci il, Paris, D, 2005, p157‬‬
‫‪ -3‬يف حني انتقد جانب أآخر من الفقه الفرنيس من بيهنم الفقيه ‪ ،Benabent‬اعتبار أساس الالزتام بالعالم مبدأ حسن‬
‫النية‪ ،‬اذلي هل معىن تنفيذي‪ .‬حيث ذهب هذا الفقه اىل أن الالزتام بالعالم هو الزتام تاييل ال عالقة هل بتنفيذ العقد‪ .‬دلى‬
‫يرى هذا انجانب من الفقه أن أساس الالزتام بالعالم والسالمة‪ ،‬يرجع اىل فكرة العداةل اليت لها دور تاييل‪.‬‬
‫أسامة أمحد بدر‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.011‬‬
‫‪131‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫أو غيش‪ ،‬وهذا هو املعىن السليب حلسن النية‪ .‬وهو ما سامه جانب من الفقه بواجب‬
‫المانة وأحياان الالزتام بل‪،‬اهة‪ .‬وأن يبذل ما يف وسعه لتحقيق مجيع املنافع اليت اكن‬
‫يتوخاها املتعاقد الآخر من العقد‪ ،‬وهذا هو املعىن االجيايب للمبدأ أي واجب أو الالزتام‬
‫بلتعاون‪.‬‬
‫وقد مزي الفقه احلديث س امي الفقيه ‪ 1 Y.Picod‬تبعا ذلكل‪ ،‬بني أمانة املتعاقد أي‬
‫حسن النية الشفصية‪ ،‬والمانة العقدية أي حسن النية املوضوعية‪ .‬فأطلق تعبّي أمانة‬
‫املتعاقد عىل مبدأ حسن النية بملعىن التقليدي الواسع ذات ادلالةل التفسّيية‪ ،‬والمانة‬
‫العقدية عىل مبدأ حسن النية بملعىن الضيق احلديث‪ ،‬ذات ادلالةل التنفيذية‬
‫والتصحيحية‪.‬‬
‫هذا اضافة اىل أن اعطاء املادة ‪ 2/0021‬معىن تفسّياي فيه خلط بني مرحلتني‪،‬‬
‫مرحَل تفسّي العقد ومرحَل تنفيذه بعد تفسّيه‪ .‬وأن الفقرة الثالثة والخّية متثل الاجابة‬
‫عىل التساؤل بكيف ينفذ العقد الواحض بعد تفسّيه ؟ ال بالجابة عن التساؤل ‪:‬ما هو‬
‫مضمون العقد الغّي واحض قبل تفسّيه؟‪.‬‬
‫ما يعين أن املادة السابقة اذلكر خاصة بلتنفيذ ال بلتفسّي‪ ،‬والقول بغّي ذكل‬
‫يؤدي اىل تكرار ال داعي منه‪ ،‬مما يفرتض ت‪،‬ه الشارع عنه ابتداءا‪2.‬لسن النية يف املادة‬
‫السالفة اذلكر هل دور معياري يلجؤ اليه القايض للتأكد من مصداقية التفسّي لالرادة‬
‫وحقيقة النية املشرتكة‪ .‬لسن النية لي أآداة للتفسّي بل أآداة رقابة وتنفيذ لتحديد‬
‫‪3‬‬
‫املضمون االجباري للعقد‪.‬‬
‫هذا وأن املعىن التفسّيي مؤداه احرتام مبدأ سلطان االرادة‪ ،‬وهذا مقتضاه أن‬
‫الفقرة الثالثة س تكون امتدادا طبيعيا للفقرة الوىل اخلاصة بلزامية بنود العقد‪ ،‬واحرتام‬

‫‪ -1‬رأي ‪ Picod‬مشار اليه يف ‪ :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪092 ،‬‬
‫‪ -2‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.321‬‬
‫‪ -3‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.326‬‬
‫‪131‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ارادة املتعاقدين‪ .‬يف حني أن الفقرة الثالثة تسقط يف الواقع أسطورة مبدأ سلطان‬
‫‪1‬‬
‫االرادة‪ ،‬لنه اذا تعارضت بنود العقد مع القمي االجامتعية يف امجلاعة‪،‬‬
‫حسن النية أحضى اليوم قيد موضوعي للحرية‪ ،‬وفكرة معنوية عليا تسمو عىل ارادة‬
‫الفراد‪ .‬واذا اكن حلسن النية هذا ادلور املقيد لالرادة نفسها‪ ،‬فكيف يتصور أن حلسن‬
‫النية معىن تفسّياي لتكل االرادة املقيّدة‪.‬‬
‫هذا واذا اكن ما دفع أنصار املدرسة التفسّيية اىل اعطاء معىن تفسّيي حلسن‬
‫النية‪ ،‬هو رغبة موامئة الفقرة الثالثة اليت تنص عىل التنفيذ حبسن نية‪ ،‬واليت تظهر‬
‫متعارضة مع الفقرة الوىل اليت تنص عىل الزامية الارادة العقدية‪ ،‬واذلين ر جيدو وقهتا‬
‫سبيل الزاةل هذا التعارض سوى بعطاء الفقرة الثالثة معىن تفسّيي حمض‪ ،‬بتأويل‬
‫االرادة حبسن نية وبلتايل زوال لك تعارض بني الفقرة الوىل( العقد رشيعة املتعاقدين‬
‫)‪ ،‬والفقرة الثانية (تنفيذ العقد حبسن نية)‪ ،‬بعتبار أن املعىن التأوييل حلسن النية هو‬
‫تأكيد لسلطان االرادة نفسها يف الفقرة الوىل‪ .‬فان هذا التوافق بني الفقرتني يبقى حمافظا‬
‫عليه يف نظر أنصار املعىن التنفيذي حلسن النية‪ ،‬لن تعطيل االرادة قبل السامح بتنفيذ‬
‫العقد لي فيه اهدار الرادة الطراف‪ ،‬بقدر ما فيه من هتذيب لتكل االرادة والقمي‬
‫ساددة يف امجلاعة‪ ،‬فال تتعارض الفقرة الثالثة مع الفقرة الوىل‪ ،‬ولكهنا تكون ماَل لها‪.‬‬
‫ما يعين أن القايض وهو بصدد تطبيق نص املادة ‪ ،0021‬ال يكون هل أن ينكر‬
‫العداةل‪ ،‬وال أن يبالغ يف حبثه عن ارادة املتعاقدين بلتفسّي التنج ي‪ ،‬ولكن يس تعني‬
‫بلفقرة الخّية لالجابة عن التساؤل الآيت ‪ :‬هل نفذ املتعاقد الالزتام حبسن نية ؟‬

‫‪ -1‬فّيى ‪ Y.Picod‬أن الالزتامات ر توجد بصورة عشوادية يف ذاهتا‪ ،‬ولكن لهدف وحيد مفيد واجامتعي هو ارافظة عىل‬
‫القمي الاجامتعية‪ ،‬كق ة العداةل والنظام العام‪ ،‬وعدم التعسف يف اس تعامل احلق‪ .‬لسن النية أداة مرنة لتنفيذ العقد‪ ،‬والتوفيق‬
‫بينه وبني الترشيع‪.‬‬
‫أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.326‬‬
‫‪132‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫واحلقيقة أن املعىن التنفيذي حلسن النية أحضى اليوم مبدأ مس تقال هل ذاتيته يف‬
‫الفقه والقضاء الفرنيس‪ ،‬يلجأ اليه لتربير الالزتامات انجديدة اكاللزتام بالعالم والنصيحة‪.‬‬
‫وملامرس ته دور تاييل مرثي للمضمون العقدي‪ .‬وهو ما يطلق عليه اليوم بواجب المانة‬
‫‪1‬‬
‫العقدية‪ ،‬واذلي تطور اىل واجب التعاون‪ ،‬أي املعىن التنفيذي حلسن النية‪.‬‬
‫ويذهب الفقه الفرنيس احلديث نسبيا اكلفقيه ‪ 2 J.Ghestin‬اىل أن حسن النية‬
‫اليوم‪ ،‬أصبل قاعدة موضوعية ومصدر جديد لاللزتام‪ .‬وأطلق عليه تعبّي وثيقة تأمني‬
‫العقود‪ ،‬أو النظام العام العقدي‪.‬‬
‫وقد تبىن املرشع الفرنيس رأي الفقه احلديث‪ ،‬ويظهر ذكل يف أنه نص عىل مبدأ‬
‫حسن النية يف القسم املتعلق بتكوين العقد‪ ،‬بل ومده كام ذكران سابقا اىل مرحَل‬
‫املفاوضات‪.‬جتنبا للدلط بني مبدأ حسن النية كقاعدة من قواعد تنفيذ العقد واليت يتعني‬
‫مراعاةها‪ ،‬وبني نصوص التفسّي الوارد ذكرها يف املواد من ‪ 0022‬اىل ‪ 0093‬ق م ف‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫واليت يس تعان هبا للبحث عن ارادة املتعاقدين‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫أثر حسن النية عىل تشديد املسؤوةل املدنية‬
‫عىل الرمغ من أن نظرية تدرج اخلطأ أصبحت نظرية همجورة‪ 4 ،‬مع ذكل اجته الفقه‬
‫املقارن لبحث وحتديد درجة اخلطأ اذلي يعد ارتاكبه اخالال مببدأ حسن النية‪.‬وبيامن ربطه‬
‫رأي أول بفكرة اخلطأ انجس مي‪ ،‬وربط تبعا ذلكل اخلطأ بفكرة التوقع‪ ،‬وتوسع تبعا ذلكل‬
‫يف الخطاء اليت يعد ارتاكهبا أخطاء معدية‪ ،‬واليت يعد ارتاكهبا أخطاء جس ة‪ ،‬ومن مث‬
‫‪ -1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ J.Ghestin‬مشار اليه يف ‪ :‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫‪ -3‬عىل أنه جتدر االشارة اىل أن املرشع الفرنيس يف املادة ‪ 0022‬ق م ف‪ ،‬نص عىل أن تفسّي بنود العقد يكون وفقا‬
‫للمعىن اذلي أراده املتعاقدان‪ ،‬واال وفقا للمعىن اذلي يعطيه الرجل العادي‪ .‬ال االرادة املنطقية‪.‬‬
‫‪ -4‬اال أهنا ال َتلو من الفاددة العملية‪ .‬لنه غالبا ما يتأثر القايض بدرجة اخلطأ‪ ،‬اذ كثّيا ما ُّيم بوضعية الضحية يف حاةل‬
‫اخلطأ العمدي‪ ،‬بيامن يراعي الوضع الاجامتعي للمسؤول يف حاةل ارتاكبه خطأ يسّيا أو اتفها‪.‬‬
‫فياليل عيل‪ ،‬الالزتامات‪ ،‬الفعل املس تحق للتعويض‪ ،‬انجزء الثاّن‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مومف للنرش‪ ،‬انجزائر‪ .2002 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪133‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫تشلك اخالال مببدأ حسن النية‪ .‬اعترب جانب أآخر من الفقه أن االخالل مببدأ حسن‬
‫النية هو خطأ ارادي يفوق اخلطأ انجس مي‪.‬تبعا ذلكل نتعرض يف (الفقرة الوىل)حسن‬
‫النية وتشديد املسؤولية املدنية ‪.‬‬
‫عىل أنه وعىل الرمغ من َتبط الفقه يف درجة اخلطأ اذلي يعد ارتاكبه اخالال مببدأ‬
‫حسن النية‪،‬اال أنه س بق وأن أرشان يف حبثنا هذا اىل أن اخلطأ انجس مي يشلك اخالال‬
‫مببدأ حسن النية‪ ،‬وتبعا ذلكل تعرضنا يف (الفقرة الثانية) حسن النية وتوس يع قرينة‬
‫الغش‪ ،‬حيث أحلق املرشع اخلطأ انجس مي بلغش من حيث الثر‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫حسن النية وتشديد املسؤولية املدنية‬
‫اخلطأ بصورة عامة نوعان خطأ معدي وخطأ غّي معدي‪ ،‬يامتيزان من حيث نية‬
‫الفاعل أو سوء نيته‪ ،‬ودرجة قصده حنو ارتاكب اخلطأ أو حتقيق غاايت اقرتافه‪ .‬فان اكن‬
‫االخالل مببدأ حسن النية يشلك خطأ‪ ،‬فقد تساءل الفقه عام اذا اكن يدخل مضن‬
‫ترتيبات النوع الول فقط‪ ،‬فيعد خطأ معدي ؟ أم أنه يكفي لالخالل به توفر اخلطأ غّي‬
‫معدي ؟‬
‫تتضمن الخطاء القصدية حبسب جسامة لك مهنا ‪ :‬الغش وهو أعىل درجات‬
‫‪1‬‬
‫الخطاء العمدية‪ ،‬اخلطأ العمدي البس يط‪ ،‬اخلطأ غّي املغتفر (الهتور)‪ ،‬اخلطأ االرادي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بيامن يرى البعض الآخر أن اخلطأ االرادي يقع بني اخلطأ العمد و اخلطأ غّي املغتفر‪.‬‬
‫يقصد بخلطأ معدي ‪ ":‬انرصاف النية اىل اال ار بلغّي "‪ 3.‬أي هو الامتناع‬
‫معدا عن تنفيذ الالزتام الناشئ عىل الوجه املتفق عليه‪ .‬اذ نكون أمام احنراف واحض عن‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬شّيزاد عزيز سلامين ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬
‫‪134‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫السلوك السوي‪ ،‬حبيث ال يبقى جمال للتشكيك يف مسؤولية هذا الفاعل‪ .‬والفرق بني‬
‫الغش واخلطأ العمد‪ ،‬هو أن الغش يف نظرية الالزتام العقدي يعترب مرادفا الصطالح‬
‫سوء النية‪ ،‬أي يشرتط فيه توافر قصد التضليل بملكر واخلديعة‪ .‬فقواعد الخالق تنظر‬
‫للغش عىل أنه معل من أعامل اخلبث واملكر‪.‬‬
‫واخلطأ العمد يتفق مع الغش يف ارادة الفعل وارادة النتيجة‪ ،‬اال أن اخلطأ العمد ال‬
‫يشرتط فيه توافر قصد التضليل‪.‬فلك غش هو خطأ معد‪ ،‬ولكن اخلطأ العمد لي غشا‬
‫دامئا‪ 1 .‬والفارق بني الغش واخلطأ العمد يف مرحَل تنفيذ العقد مثال هو أن يوجد تنفيذ‬
‫‪2‬‬
‫هلاهري للعقد يف حاةل الغش‪ ،‬أما يف حاةل اخلطأ العمد فال يوجد أي تنفيذ هل‪.‬‬
‫ويقصد بلخطاء غّي معدية الخطاء اليت ال تنرصف فهيا النية اىل اال ار‬
‫بلغّي‪ ،‬فهو خطأ غّي قصدي‪ ،‬تتضمن حبسب جسامة لك مهنا ‪:‬اخلطأ انجس مي وهو أعىل‬
‫درجات اخلطأ غّي القصدي‪ ،‬مث اخلطأ اليسّي مث التافه‪.‬‬
‫أول ما يتبادر لذلهن أن اخلطأ اذلي يشلك اخالال مبقتضيات حسن النية هو‬
‫الغش واخلطأ العمدي‪ ،‬لكن قد يعمل املتعاقد خبالف مقتضيات حسن النية‪ .‬فيقع‬
‫الهرضر بملتعاقد الآخر دون قصد اال ار به‪.‬فتساءل الفقه ان اكن ذكل يشلك خطأ يف‬
‫جانب املتعاقد ؟ مبعىن أآخر ان اكن ارتاكب الخطاء غّي العمدية س امي اخلطأ انجس مي من‬
‫قبل أحد املتعاقدين‪ ،‬يشلك اخالال مببدأ حسن النية؟‬
‫وقد اختلف الفقه القانوّن يف ذكل‪ ،‬حيث ذهب رأي اىل ربط فكرة اخلطأ بفكرة‬
‫التوقع‪ ،‬وتبعا ذلكل توسع يف الفعال اليت تعد معدية‪ ،‬والفعال اليت يشلك ارتاكهبا‬
‫أخطاء جس ة لتوفّي حامية أفضل من سوء النية (أوال)‪ ،‬بيامن ذهب جانب أآخر اىل‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫عبد احلمك فودة‪ ،‬اخلطأ يف نطاق املسؤولية التقصّيية‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الفكر انجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،3201 ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -2‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪135‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫القول بأن االخالل مببدأ حسن النية هو خطأ ارادي يفوق اخلطأ انجس مي (اثنيا) ‪،‬يف‬
‫حني يرى اجتاه أخّي أن حسن النية يقاس أيضا برتاكب اخلطأ انجس مي(اثلثا)‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬ربط فكرة اخلطأ بفكرة التوقع‬
‫لجل تشديد املسؤولية ربط هذا الرأي فكرة اخلطأ بفكرة التوقع ‪-‬فالنتيجة ‪.-‬‬
‫حيث يذهب هذا انجانب من الفقه القانوّن اىل القول‪ ،‬أنه يكفي لتوفر نية اال ار أن‬
‫يكون الفاعل قد " توقع" وقت ارتاكب الفعل الضار النتاجئ املرتتبة عليه‪.‬وقد تزمع هذه‬
‫النظرية الفقيه الملاّن (فون ليســــــــت‪ .1)Von list‬وذهب أنصارها اىل أن التوقع‬
‫وحده يكفي لتوافر اخلطأ العمد‪ ،‬حىت ولو اكن ادلافع اىل القيام بلعمل الضار ينطوي‬
‫عىل مصلحة خشصية هل‪ ،‬وال ينطوي عىل نية اال ار‪.‬‬
‫وملعرفة ما اذا اكن حدوث الهرضر متوقعا أم ال‪ ،‬فباالماكن المتيزي بني عدة فروض‪،‬‬
‫فالهرضر ككن أن يكون ‪:‬‬
‫‪ ‬مرغوب فيه مبعىن أن حمدثه اكن عىل بينة من أنه حمقق الوقوع‪ ،‬فواجه وقوعه بوصفه‬
‫نتيجة حمتية لفعهل‪.‬‬
‫‪ ‬ككن أن يكون حممتل الوقوع‪ ،‬مبعىن أن حمدثه قد واجه وقوعه بعتباره نتيجة حممتَل لفعهل‪.‬‬
‫‪ ‬أن ال يكون حمقق الوقوع وال حممتال وامنا ممكن الوقوع‪ ،‬مبعىن أن حمدثه قد واجه وقوعه‬
‫كنتيجة ممكنة لفعهل‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬ككن أن ال يكون متوقعا بأي حال من الحوال‪.‬‬
‫ففي احلاةل الوىل نواجه حاليت الغش واخلطأ العمد‪ .‬أما يف الثانية فيتوافر اخلطأ‬
‫انجس مي‪ ،‬ويف الثالثة يكون اخلطأ يسّيا‪ ،‬ويف احلاةل الرابعة نكون أمام قوة قاهرة‪ .‬ليث‬
‫يكون الهرضر حمقق الوقوع كنتيجة حمتية لالمتناع عن تنفيذ الالزتام‪ ،‬ويعمد املدين رمغ‬
‫ذكل اىل الامتناع نكون بصدد الغش‪ ،‬وحيث يكون الهرضر حممتل الوقوع‪ ،‬حيث يكون‬
‫‪ -1‬رأي فون ليست‪ Von list‬مشار اليه يف ‪ :‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.320‬‬
‫‪ -2‬أنظر لك من ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫عبد احلمك فودة‪ ،‬أآاثر الظروف الطاردة والقوة القاهرة عىل العامل القانونية‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪،0999،‬‬
‫ص‪202‬‬
‫‪136‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املدين قد واجه احامتل وقوع الهرضر كنتيجة حممتَل لفعهل دون أن يكرتث بذكل‪ ،‬نكون‬
‫بصدد اخلطأ انجس مي‪.‬‬
‫أما حني ال يكون الهرضر حممتال وان اكن ممكن الوقوع‪ ،‬مبعىن أن املدين ر يتوقع‬
‫وقوع الهرضر‪ ،‬وان اكن ر يستبعد اماكن حصوهل‪ ،‬نكون بصدد اخلطأ اليسّي‪،‬وحني ال‬
‫يكون الهرضر حممتال وال ممكن الوقوع‪ ،‬مبعىن أن املدين ر يتوقع حصول الهرضر‪ ،‬ور‬
‫‪1‬‬
‫يتصور كذكل اماكن حصوهل‪ ،‬فاننا نكون بصدد القوة القاهرة‪.‬‬
‫وعرف اخلطأ بناءا عىل هذا الرأي بأنه " االحنراف يف السلوك املقرون بتوقع‬
‫‪2‬‬
‫الهرضر "‬
‫نقد هذا الرأي ‪:‬‬
‫‪ُ ‬أنتقد هذا الرأي العامتده عىل معيار التوقع‪ .‬فربط فكرة اخلطأ بفكرة الهرضر عن طريق‬
‫توقع الهرضر أمر منتقد‪ ،‬لنه يس تلزم أن ينسب الاحنراف يف السلوك اىل فاعهل وفق‬
‫املعيار اذلايت‪ ،‬فننظر اليه ونكشف عام فيه من يقظة‪ ،‬وما خلص من فطنة وما درج‬
‫عليه من عادات‪ .‬وهذا صعب املنال يف أغلب الحيان‪ ،‬فضال عىل أنه يؤدي اىل نتاجئ‬
‫غّي مقبوةل وجمحفة‪ ،‬فعندما يكون توقع الهرضر دلى خشص ذي فطنة أو خشص عادي‬
‫حمققا أو حممتال‪ ،‬ال يكون كذكل بلنس بة اىل خشص دون االثنني يف الفطنة‪ ،‬فعنددذ‬
‫يتوافر اخلطأ انجس مي يف جانب الفئة الوىل والثانية دون الفئة الخّية‪.‬‬
‫وهذا يؤدي اىل تباين يف النتاجئ القانونية‪ ،‬ال س امي أن الغرض من اضفاء وصف‬
‫انجسامة عىل اخلطأ لي اال لتشديد املسؤولية‪ .‬ففي هذه احلاةل فان الشفص دون‬
‫العادي سيسأل وان ر ينسب اليه اخلطأ‪ ،‬وذكل وفقا للحامية املوضوعية عام ككن توقعه‬

‫‪ -1‬عبد احلمك فودة‪ ،‬أآاثر الظروف الطاردة والقوة القاهرة عىل العامل القانونية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪202‬‬
‫‪ -2‬رأي حمي ادلين اسامعيل عْل ادلين‪ ،‬يؤيده يف هذا التعريف أيضا عبد اجمليد احلكمي ‪.‬‬
‫مشار اليه يف هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪137‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫من أ ار فقط‪.‬أما لو اكن الشفص عادي أو حاد اذلاكء‪ ،‬فانه يسأل عن ال ار‬
‫‪1‬‬
‫املتوقعة وغّي املتوقعة‪.‬‬
‫‪ ‬ال يتالءم هذا الاجتاه مع اجتاه فقه القانون املدّن‪ ،‬فالقانون عندما يشرتط أن يكون‬
‫دلى الفاعل نية احداث الهرضر‪ ،‬فانه ال يكفي لتوافر هذا الرشط أن يكون الفاعل قد‬
‫توقع حدوث الهرضر‪ ،‬فالتوقع والرغبة أو االرادة لفظان خمتلفان‪ ،‬للك مهنام معناه اخلاص‬
‫ومدلوهل‪ .‬فالرغبة واالرادة تدل لغة واصطالحا عىل انرصاف االرادة اىل حتقيق غرض‬
‫‪2‬‬
‫خاص معني‪ ،‬وهو معىن ال يدل عليه لفظ التوقع‪.‬‬
‫يفتقر هذا املعيار اىل ادلقة فكيف منزي بني اماكن وقوع الهرضر واحامتل وقوعه؟‬
‫يف هذا الصدد يرى عبد احلمك فودة يرى أنه لتقدير مدى احامتل وقوع الهرضر‪،‬‬
‫ال يرجع اىل ارادة املدين اذلاتية ارضة‪،‬ملعرفة ما اذا اكن قد واجه الهرضر عىل أنه حمقق‬
‫أو حممتل أو ممكن‪ ،‬بل يرجع اىل قاعدة جمردة (الشفص املعتاد)‪.‬بلخذ بلظروف‬
‫اريطة بلواقعة‪ ،‬كتكرار وقوع الهرضر‪ ،‬أو كتنبيه املدين اىل احامتل وقوع الهرضر قبل‬
‫‪3‬‬
‫حدوثه‪.‬‬
‫غّي أن شّيزاد عزيز سلامين يذهب اىل أنه اذا اكن اماكن الوقوع‪ ،‬س يعمتد‬
‫معيار الشفص املعتاد‪ ،‬لكن احامتل الوقوع خيتلف من خشص لآخر‪ ،‬ويُؤيد هذا الرأي‬
‫ملنطقيته‪،‬لن الاحامتلية تدخل يف ادرااكت النف وتوقعات العقل‪ ،‬وهو لي سواي‬
‫دلى مجيع الناس‪ ،‬مما يس تلزم الخذ بملعيار اذلايت أو الشفيص‪ .‬وال خيفى ما س يرتتب‬
‫من نتاجئ غّي صادبة لو أخذ بذكل املعيار نتيجة التالعب والتحايل اليت ككن أن كارسها‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪ -2‬الىق هذا املعيار رواجا وتأييدا يف جمال القانون انجنايئ‪ ،‬اال أنه ر يالق مثل هذا النجاح يف اطار القانون اخلاص‪.‬‬
‫شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫‪ -3‬عبد احلمك فودة‪ ،‬أآاثر الظروف الطاردة والقوة القاهرة عىل العامل القانونية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪202‬‬
‫‪138‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املتعسف عىل القايض‪ ،‬كن يأخذ مظهرا يدل عىل حسن نيته للتدلص من وطأة‬
‫‪1‬‬
‫املسؤولية‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬اعتبار االخالل مببدأ حسن النية خطأ ارادي‬
‫يرى شّيزاد عزيز سلامين أن االخالل مبقتضيات حسن النية هو خطأ ارادي‪،2‬‬
‫ولي من الهرضوري أن يكون معداي أي متضمنا قصد اال ار بلطرف املقابل‪ ،‬وقد‬
‫أخذ هبذا النوع الخّي من الخطاء الترشيع الفرنيس يف املادة ‪ 30-113‬من املرسوم‬
‫املتعلق بقانون الضامن الاجامتعي‪ ،‬كام أخذ به املرشع انجزائري يف املادة ‪ 11‬من قانون‬
‫‪ 01/22‬املؤرخ يف ‪ 0922/21/23‬املتعلق بملنازعات يف جمال الضامن الاجامتعي‪ .4‬غّي‬
‫يعرف املقصود بلتسمية‪.‬‬‫أنه ر ّ‬
‫عىل أن ما هو مس تقر عليه فقها وقضاءا‪ ،‬هو أن اخلطأ غّي املغتفر هو خطأ ذي‬
‫جسامة غّي عادية‪ .‬يصدر اما عىل شلك فعل أو عىل شلك امتناع ارادي مع ادراك‬
‫الفاعل لنتاجئ هذا الفعل أو الامتناع‪ ،‬وانتفاء لك سبب يربر ذكل‪ .‬وهو يمتزي عن اخلطأ‬
‫العمد بنتفاء القصد‪.‬‬
‫فاخلطأ غّي املغتفر لي من الهرضوري حلدوثه‪ ،‬توافر عْل الفاعل مبا يرتتب عىل‬
‫الفعل أو الرتك‪ ،‬وامنا يكفي بأن يكون قد تبادر خبدل مرتكبه‪ ،‬اماكن وقوع اخلطر اذلي‬
‫اس تددم ارادته يف توقيعه‪.‬اذ يتطلب اخلطأ العمد انرصاف االرادة اىل احداث الفعل‬
‫الضار‪ ،‬وانرصاف النية اىل احداث النتيجة الضارة‪ .‬بيامن اخلطأ اذلي ال يغتفر هو خطأ ال‬

‫‪ -12‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪.320 ،‬‬
‫‪-ART 452-1 Décret n° 85-1353 du 17 décembre 1985 relatif au code de la sécurité sociale‬‬
‫‪« Lorsque l'accident est dû à la faute inexcusable de l'employeur ou de ceux qu'il s'est‬‬
‫‪substitués dans la direction, la victime ou ses ayants droit ont droit à une indemnisation‬‬
‫‪complémentaire dans les conditions définies aux articles suivants ».‬‬
‫‪ -4‬ج ر عدد ‪ ،32‬صادر يف ‪.0922/21/21‬‬
‫‪139‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ينرصف نية فاعهل اىل احداث النتاجئ الضارة‪ ،‬ولكنه يتسم بقدر من انجسامة يفوق اخلطأ‬
‫انجس مي‪.1‬‬
‫واخلطأ االرادي خيتلف عن اخلطأ غّي املغتفر‪ ،‬يف أنه لي بلهرضورة أن يكون‬
‫خطأ جس امي‪ .‬فقد يكون غّي جس مي أو حىت اتفه‪ .‬كام أنه خيتلف عن اخلطأ العمدي‪،‬‬
‫فاخلطأ االرادي ال يس تلزم سوى انرصاف النية اىل احداث الفعل الضار‪ ،‬دون أن‬
‫تتطلب انرصاف النية اىل احداث النتيجة الضارة‪ .‬بل أهنا حدثت عن الفعل كنتيجة‬
‫حممتَل هل‪ ،‬ور تدخل يف قصد الفاعل وتقديره‪ .‬ويقول (رواس‪ )Rouast‬اذا قصد مرتكب‬
‫اخلطأ احداث النتاجئ اليت تنجم عنه‪ ،‬اكن اخلطأ معدي‪ .‬أما اذا اكن مرتكب اخلطأ‬
‫يس تطيع ادراك جسامة النتاجئ اليت تنجم عنه‪ ،‬اكن اخلطأ ارادي‪ ،‬عىل الرمغ من أن هذه‬
‫‪2‬‬
‫النتاجئ ر تكن يه ادلافع اىل ارتاكب هذا اخلطأ‪.‬‬
‫غّي أن حماة النقض الفرنس ية تبنت مفهوما أآخر لفكرة اخلطأ غّي املغتفر‪ ،‬حيث‬
‫اشرتطت أن يتوافر العْل بلفعل‪ ،‬ما يؤدي اىل صعوبة التفرقة بينه وبني اخلطأ االرادي‬
‫اذلي يعتربه شّيزاد عزيز سلامين خطأ ارادي ممتزي عن اخلطأ غّي املغتفر‪ .‬حيث ذهبت‬
‫حماة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 3223/23/32‬للقول أن ‪ ":‬ان صاحب العمل ملزم‬
‫بتوفّي المن اكلزتام بنتيجة جتاه الجّي‪ ،‬الس امي فامي يتعلق حبوادث العمل والمراض‬
‫املهنية اليت تسبهبا املنتوجات املصنعة أو املس تعمَل من طرف املقاوةل‪ .‬ان التقصّي وعدم‬
‫التقيد هبذا االلزتام يأخذ طابع اخلطأ غّي املغتفر‪ ،‬عندما يكون صاحب العمل عاملا أو‬

‫‪ -1‬حيث قضت ادلوائر اجملمتعة مبحاة النقض الفرنس ية يف حاها الصادر بتارخي ‪ 01‬يوليو ‪ ،0910‬بأن اخلطأ غّي املغتفر‬
‫ذكل اخلطأ اذلي يبلغ من انجسامة حدا غّي عادي‪ ،‬وينجم عن فعل أو ترك ارادي‪ .‬مع انعدام أية دواع تربره وهذا اخلطأ‬
‫تنعدم فيه نية اال ار‪ ،‬وهذا ما كزيه عن اخلطأ العمدي اذلي يتطلب توافر نية اال ار‪ .‬من مث اخلطأ اذلي ال يغتفر من‬
‫جانب رب العمل‪ ،‬لي معناه ما يكون قد صدر منه من اهامل ولو اكن جس امي‪ ،‬وما بدا منه بغفاهل الاحتياطات الواجبة‬
‫لكفاةل السالمة‪ ،‬امنا هو ذكل الهتاون املطلق وعدم املباالة مبا يويح من التعويض للفطر‪ ،‬بنحو تنعدم فيه أية دواع لوقوعه‬
‫أو ما يربر ذكل السلوك‪.‬‬
‫عبد احلمك فودة‪ ،‬اخلطأ يف نطاق املسؤولية التقصّيية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ Rouast‬مشار اليه يف ‪ :‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪322 ،‬‬
‫‪141‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫من املفروض أن يكون عاملا‪ ،‬أو واعيا بخلطر اذلي اكن يتعرض هل الجّي‪ ،‬ور يتدذ مع‬
‫‪1‬‬
‫ذكل التدابّي الهرضورية محلايته "‪.‬‬
‫هذا ونتساءل عن الفرق بني اخلطأ انجس مي واخلطأ االرادي اذلي يعد ارتاكبه‬
‫اخالال مبقتضيات حسن النية حسب هذا الرأي ؟‬
‫اخلطأ انجس مي هو نوع من أنواع خطأ االهامل‪ ،‬وخطأ االهامل من حيث ترتب‬
‫نتاجئه قد يكون جس امي وقد يكون يسّيا‪ ،‬فهو خطأ غّي قصدي يرتكبه صاحبه اما‬
‫لسوء تقديره للمور‪ ،‬أو لسوء اختياره لالجتاه الصحيل يف تنفيذ الزتامه ‪.2‬فال تنرصف‬
‫االرادة يف ارتاكب اخلطأ انجس مي اىل احداث النتيجة‪ ،‬اليت خلصت ويه تهرضر الغّي‪،‬‬
‫وال اىل احداث الفعل أيضا‪ .‬بل أن الفعل يكون واقعا نتيجة خلطأ فادح غّي مقصود‪،‬‬
‫فهو نوع من خطأ االهامل من حيث ترتب النتاجئ عليه‪ .‬ويعين عدم بذل العناية واحليطة‬
‫يف شؤون الغّي‪ ،‬بقدر ال ككن لقل الناس عناية أو أقلهم ذاكءا أن يغفهل يف شؤون‬
‫نفسه‪.‬ف تاز بصفتني أنه خطأ فادح ولكنه غّي قصدي‪.‬‬
‫كذكل اخلطأ االرادي خيلوا أيضا من معىن الغش‪ ،‬غّي أنه خيتلف عن اخلطأ‬
‫انجس مي يف أن اخلطأ االرادي‪ ،‬االرادة تتجه فيه اىل احداث الفعل‪ ،‬ولكن ال تتجه اىل‬
‫‪3‬‬
‫احداث النتيجة‪ ،‬اذ أن الفعل يأيت متوافقا مع االرادة ولكن النتيجة ال تأيت كذكل‪.‬‬
‫اثلث اا‪ :‬عدم اماكنية استبعاد فكرة اخلطأ انجس مي‬
‫ان اكن الفقه والقضاء املقارن لي مجمعا عىل أن اخلطأ انجس مي يشلك اخالال‬
‫مبقتضيات حسن النية‪ ،‬اال أنه ال ككن اغفال أمهية اخلطأ انجس مي‪.‬اذ أن قصد اال ار‬
‫اذلي هو العنرص انجوهري املمزي للفطأ القصدي ككن اس تنتاجه يف كثّي من الحوال‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass.sos.28 /02/2002.‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬فليب لوتورنو‪ ،‬ترمجة العيد سعدانة‪ ،‬املسؤولية املدنية املهنية‪ ،ITCIS ،‬انجزائر‪.32 ،3202 ،‬‬
‫‪ -2‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.026‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.326‬‬
‫‪141‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫من مدى جسامة اخلطأ‪1.‬اذ يدخل اخلطأ انجس مي يف عداد اخلطأ العمدي‪ ،‬اال اذا أثبت‬
‫املسؤول انعدام نية الا ار دليه‪ .‬وعىل هذا االعتبار يكون املعيار يف اخلطأ العمد‬
‫خشصيا‪ ،‬يبحث فيه عن ارادة الفاعل ونيته يف احداث الهرضر‪ .‬كام يقاس أيضا ما وقع من‬
‫اخالل يف ذاته‪ ،‬بملقياس املادي املوضوعي‪.2‬‬
‫وقد أرشان يف دراستنا سابقا اىل أن حسن النية يقاس مبعيارين‪ ،‬خشيص وأآخر‬
‫موضوعي‪ ،‬فاملتعاقد قد يكون خمال مبقتضيات حسن النية بملعيار اذلايت املمتثل بنرصاف‬
‫ارادته اىل اال ار بلغّي‪ ،‬وهذا ما يسمى يف اصطالح الفقهاء بسوء النية واخلطأ يف‬
‫هذه احلاةل معدي كحاالت اللجوء اىل الاس تغالل والتدلي والغنب مع التغرير االكراه‪،‬‬
‫وغّيها من احلاالت اليت تنرصف فهيا نية الشفص اىل اال ار بلغّي‪ ،‬أي مبصار‬
‫الطرف الآخر ترجيحا ملصلحته‪ ،‬أو لباعث أآخر اكملساس بسمعته أو اضعاف مركزه‬
‫الاقتصادي ‪ 3.‬أو حىت انرصاف ارادته اىل الفعل دون النتيجة أي ما يسمى بخلطأ‬
‫االرادي‪ ،‬اال أنه يسأل بملعيار املوضوعي واذلي هو معيار الرجل املعتاد‪.‬‬
‫فالهرضورات العملية اس تحدثت هذا املعيار‪ ،‬لن حسن النية أمر خشيص من‬
‫حيث الطبيعة‪ ،‬ويس توجب ادلخول يف ماكمن نف االنسان‪ ،‬اذلي يُدّعى قبهل بأنه‬
‫أخل حبسن النية‪ .‬ذلكل وتيسّيا لالثبات وحتقيقا للعداةل‪ ،‬يس تدل عىل وجود اخلطأ‬
‫‪4‬‬
‫املرتب لالخالل مبقتضيات حسن النية من خالل تلم وجود اخلطأ انجس مي‪.‬‬
‫ومن الالفت يف هذا املقام أنه بلرمغ من أن اخلطأ انجس مي يعد من الخطاء غّي‬
‫العمدية‪ ،‬جند أن املرشع يف كثّي من احلاالت أحلقه من حيث الآاثر بلغش‪ ،‬اذلي يعد‬
‫ذروة الخطاء العمدية‪ .‬بل أن املرشع اعترب خطأ املدين انجس مي قرينة واحضة عىل سوء‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪321‬‬


‫‪ -2‬عبد احلمك فودة‪ ،‬اخلطأ يف نطاق املسؤولية التقصّيية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -3‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪320‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪026‬‬
‫‪142‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫النية‪ ،‬فساوى بينه وبني الغش الصادر عن املدين ورتب أحاكما خاصة عىل سوء نيته‪.‬‬
‫ذكل أن الترشيعات املدنية احلديثة متسكت بفكرة اخلطأ انجس مي وأعطته ميداان واسعا‬
‫يف التطبيق‪ ،‬بعتباره مظهرا محلاية القاعدة الخالقية يف اطار املسؤولية املدنية‪ ،‬فأرست‬
‫مبدأ الربط بني اخلطأ املوصوف والتعويض الاكمل عن الهرضر‪.‬‬
‫اذ يرى اكربونيي‪ 1‬أن اخلطأ انجس مي‪ ،‬وان اكنت ال توجد فيه نية أو قصد التضليل‬
‫وال سوء النية‪ ،‬لكن سوء الترصف وكنه يرتكبه عن قصد‪ .‬ويضيف عبد انجبار انيج‬
‫املال صار ‪2‬أنه وان اكن سوء النية يطبع اخلطأ بلعمدية‪ ،‬فان انتفاء اخلطأ العمد ال يكفي‬
‫للقول بتوفر حسن النية املطلق‪ ،‬اذا اكن الشفص اذلي جيري التساؤل عن سلوكه قد‬
‫اتصف بالهامل يف عالقته مع الغّي واذلي أ هبذا الخّي‪ ،‬وأن املبدأ ما دام يفرض‬
‫سلواك يقضا فهذا يعين أو يفيد جتنب االهامل بش ىت أنواعه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫حسن النية وتوس يع قرينة الغش‬
‫ساوى املرشع بني الغش واخلطأ انجس مي من حيث الثر وطبق علهيام أحاكما‬
‫مشرتكة‪ ،‬فاعترب املدين املرتكب خلطئ جس مي س ئي النية‪ ،‬لن ارتاكب مثل هذا اخلطأ‬
‫دليل أو قرينة واحضة عىل سوء نيته‪ ،‬يف اال ار بملتعاقد الآخر ادلائن باللزتام‪ .‬من مث‬
‫فانه ال يس تحق امحلاية‪ ،‬حاهل حال املدين اذلي ارتكب غشا‪ ،‬يف حاالت نذكرها‪:‬‬
‫‪-‬التعويض عن ال ار املبارشة املتوقعة وغّي املتوقعة‪ ،‬وهذا حسب ما جاء يف‬
‫لوى املادة ‪ 3/ 023‬ق م املقابَل للامدة ‪ 3/330‬ق م م حيث جاء فهيا ‪ ":‬غّي أنه اذا‬
‫اكن الالزتام مصدره العقد‪ ،‬فال يلزتم املدين اذلي ر يرتكب غشا أو خطأ جس امي‪ ،‬اال‬
‫بتعويض الهرضر اذلي اكن ككن توقعه عادة وقت التعاقد‪" .‬ما يعين مبفهوم اخملالفة أن‬

‫‪ -1‬رأي اكربونيي مشار اليه يف ‪ :‬فليب لوتورنو‪ ،‬ترمجة العيد سعادنة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -2‬عبد انجبار انيج املال صار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.026‬‬
‫‪143‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫يعوض عن ال ار املبارشة املتوقعة وغّي‬ ‫املدين اذلي يرتكب غشا أو خطأ جس امي‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫املتوقعة‪.‬‬
‫ذكل أن قواعد العداةل واملنطق القانوّن‪ ،‬تقتضيان عدم التففيف والهتاون مع‬
‫ترصفوا يف هلل النطاق العقدي‪ ،‬بنية التضليل بملتعاقد الآخر واحلاق الهرضر‬ ‫أشداص ّ‬
‫به‪ .‬ويظهر ذكل يف الزتام املتعاقد اذلي صدر منه غش بتعويض اكفة ال ار الناجتة‪،‬‬
‫حىت مهنا ما ر يتوقعاه عند ابرام العقد‪ .‬ومن مث متكني املتعاقد املتهرضر‪ ،‬من سوء نية‬
‫الطرف الآخر‪ ،‬من احلصول عىل حقه اكمال‪ ،‬دون االكتفاء بلهرضر املتوقع‪ .‬وهو ما اعتد‬
‫به املرشع انجزائري رصاحة‪.‬‬
‫وقد أشار املرشع الفرنيس من خالل املادة ‪ 22-1231‬اىل أن ادلائن ال يضمن اال‬
‫الخطار اليت حصلت فعال أو اليت نص علهيا العقد أي ال ار املتوقعة ‪ ،‬وتضيف‬
‫املادة‪ 1-1231‬ق م ف‪ .3‬أنه يف حاةل ارتاكب خطأ جس مي أو غش فانه ال يم التعويض‬
‫اال عن ال ار الفورية واملبارشة لعدم التنفيذ‪.‬‬
‫‪-‬امتناع اهمال املدين يف حاةل ارتاكبه غشا أو خطا جس امي‪ ،‬لن نظرة امليرسة متنل‬
‫للمدين حسن النية عاثر احلظ‪.‬أما املدين قء النية واذلي كاطل بأعذار واهية أو ُّيمل‬
‫يف تنفيذه لاللزتام اهامال جس امي‪ ،‬ال كنل هل أجل للوفاء بلزتامه‪ .‬لن القايض يف سلطته‬

‫‪ -1‬ان الثر املرتتب يف حاةل ارتاكب الغش أو اخلطأ انجس مي‪ ،‬يقترص عىل مدّ نطاق التعويض دون اشارة من املرشع اىل‬
‫احالل قواعد املسؤولية التقصّيية حمل العقدية‪ ،‬ويضيف دمحم سلامين المحد بأنه ال مربر مقنع الحالل قواعد املسؤولية‬
‫التقصّيية‪ ،‬يف هذه احلاةل حمل قواعد املسؤولية العقدية‪ ،‬اذ لي من املعقول أن ياكئف اخملل بلزتام عقدي‪ ،‬فامي لو جتاوزت‬
‫جسامة خط ه اىل الغش أو حىت اىل اخلطأ انجس مي‪ ،‬بأن يم زايدة ثقل عبء االثبات عىل عاتق الطرف املقابل املتهرضر‬
‫اخملدوع‪.‬‬
‫هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪126‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-ART 1231-3 C.civ.F « Le débiteur n'est tenu que des dommages et intérêts qui ont été‬‬
‫‪prévus ou qui pouvaient être prévus lors de la conclusion du contrat, sauf lorsque‬‬
‫‪l'inexécution‬‬
‫‪3‬‬
‫» ‪est due à une faute lourde ou dolosive.‬‬
‫‪- ART 1231-4 C.civ.F : « Dans le cas même où l'inexécution du contrat résulte d'une‬‬
‫‪faute lourde ou dolosive, les dommages et intérêts ne comprennent que ce qui est une suite‬‬
‫‪immédiate et directe de l'inexécution ».‬‬
‫‪144‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫التقديرية يأخذ بعني الاعتبار نية املدين احلس نة ف نحه أجال واال فال‪ ،‬اذا ثبت أن نية‬
‫‪1‬‬
‫املدين سيئة‪.‬‬
‫‪-‬بطالن االتفاق عىل اعفاء املدين عن غشه أو خط ه انجس مي‪ ،‬حيث أجازت املادة‬
‫‪012‬ق م ج االتفاق عىل اعفاء املدين من أيّة مسؤولية‪ ،‬ما ر يرتكب غشا أو خطأ‬
‫جس امي‪ .‬ما عدى رشط الاعفاء من املسؤولية النامجة عن الغش أو اخلطأ انجس مي‪ ،‬اليت‬
‫يرتكهبا أشداص يس تددهمم املدين حيث يبقى الرشط حصيحا‪.‬‬
‫‪-‬عدم جواز التأمني من املسؤولية النامجة عن الغش الصادر من املؤمن هل‪ ،‬وعدم جواز‬
‫التأمني من اخلطأ انجس مي طبقا للامدة ‪ 023‬من قانون التأمينات رمق ‪ ،21-91‬وهذا‬
‫خبالف حاةل ما اذا ارتكب املدين خطأ غّي معدي ‪،‬حيث يلزتم املؤمن بتأمني اخلسائر‬
‫وال ار اليت تلحق املؤمن هل‪،‬وهذا حسب املادة ‪ 03‬من نف القانون السالف اذلكر‪.‬‬
‫ومن املنطقي اقرار قاعدة تقب بعدم جبواز التأمني ضد الخطار الناش ة عن الغش أو‬
‫اخلطأ انجس مي‪ ،‬بل واعتباره من النظام العام أيضا‪ ،‬ومفاد ذكل أنه ال جيوز للمؤمن هل أن‬
‫يؤمن نفسه من خطر يس تطيع حتقيقه مبحض ارادته‪ .‬فيكفي أن حيققه حىت يس تحق‬
‫مبلغ التعويض يف أي وقت شاء‪ ،‬ولي هذا فقط اذ أنه من هجة أخرى فان نظام‬
‫التأمني من املسؤولية‪ ،‬نظام يتشابه مع بطالن االتفاق عىل الاعفاء أو التففيف من‬
‫املسؤولية‪ ،‬اذا اكن انجام عن الغش أو اخلطأ انجس مي‪.‬‬
‫غّي أن البعض يرى أنه يف حاةل ارتاكب املؤمن هل خطأ جس امي‪ ،‬فانه ال يقصد حتقيق‬
‫اخلطر ذاته‪.‬فتحقيق اخلطر حصل نتيجة عوامل أخرى غّي ارادة املؤمن هل ارضة‪ ،‬ومن‬
‫مث ال ّخيل مببدأ عدم جواز تعلّق اخلطر عىل حمض ارادة املؤمن هل‪ .‬ومن مث ال يس تتبع‬
‫‪2‬‬
‫حرمانه من التعويض‪ .‬فالغش وحده يلغي عنرص االحامتل من احلادثة املؤمن ضدها‪.‬‬
‫‪-‬بقاء املدين مسؤوال عن غشه أو خط ه انجس مي حىت ولو اكن الزتامه ببذل عناية يف‬
‫الالزتام بلقيام بعمل‪ ،‬فقد ورد يف املادة ‪013‬ق م ج "يف الالزتام بعمل‪ ،‬اذا اكن‬
‫‪ -12‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪145‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫املطلوب من املدين أن حيافظ عىل اليشء‪ ،‬أو أن يقوم بدارته أو أن يتوىخ احليطة يف‬
‫تنفيذ الزتامه فان املدين يكون قد وىف باللزتام اذا بذل يف تنفيذه من العناية لك ما‬
‫يبذهل الشفص العادي ولو ر يتحقق الغرض املقصود‪ ،‬هذا ما ر ينص القانون أو‬
‫االتفاق عىل خالف ذكل‪ ،‬وعىل لك حال يبقى املدين مسؤوال عن غشه أو خط ه‬
‫انجس مي"‪.‬‬
‫‪-‬من الحاكم املشرتكة أيضا بني الغش واخلطأ انجس مي‪ ،‬جواز مطالبة املدين اذلي‬
‫ارتكب غشا أو خطأ جس امي بأكرث من ق ة التعويض االتفايق‪ ،‬وهذا حبسب ما جاء يف‬
‫املادة ‪ 021‬ق م ج ‪ ":‬اذا جاوز الهرضر ق ة التعويض اردّ د يف االتفاق‪ ،‬فال جيوز‬
‫لدلائن أن يطالب بأكرث من هذه الق ة‪ ،‬اال اذا أثبت أن املدين قد ارتكب غشا أو خطأ‬
‫جس امي "‪ .‬فالصل هو عدم جواز مطالبة ادلائن بأكرث من ق ة التعويض االتفايق‪ ،‬ولو‬
‫جاوز الهرضر املبلغ املعني يف االتفاق وذكل اعامال للقاعدة العامة يف أثر القوة امللزمة‬
‫للعقد‪ ،‬ما عدى يف حاةل ارتاكب غش أو خطأ جس مي من قبل املدين ‪.1‬‬
‫أما عن املرشع الفرنيس فقد أرشان سابقا يف املادة ‪ 1-0320‬ق م ف اىل أن املدين ال‬
‫يضمن اال الخطار اليت ترتبت عن عدم التنفيذ أي املتوقعة ‪،‬ماعدى يف حاةل ارتاكب‬
‫املدين خطأ جس مي أو غش و يف مجيع احلاالت يعوض فقط عن الهرضر املبارش دون‬
‫ال ار غّي املبارشة‪.‬‬
‫واحلقيقة أن الغش واخلطأ انجس مي خيتلطان يف العمل‪ ،‬فتصعب التفرقة بيهنام‪ ،‬كام‬
‫أنه يتعذر معرفة نية الفاعل‪ ،‬ذلا جند أن املرشع شدّ د من مسؤولية الفاعل يف حال‬
‫ارتاكبه خطأ جس امي‪ ،‬وطبق أحاكما مشرتكة بني من صدر منه اخلطأ انجس مي ومن صدر‬
‫عنه غش‪ .‬وقد هلهرت عدة اجتاهات تربر املوقف اذلي اَتذته الترشيعات يف هذا‬
‫الصدد‪ .‬فذهب جانب‪ 2‬لتربير ذكل املوقف برجاعه اىل القاعدة الرومانية "الصل أن‬

‫‪ -1‬وبيامن أشار املرشع انجزائري أشار اىل الغش واخلطأ انجس مي يف هذه املادة جند أنه أشار يف املادة ‪ 213‬ق م ج اىل‬
‫‪2‬التدلي واخلطأ انجس مي‪.‬‬
‫‪ -‬رأي حسن عيل اذلنوب مشار اليه يف ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫‪146‬‬
‫حسن الني ة الساكن ة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫اخلطأ انجس مي يعادل الغش"‪ ،‬واجتاه اثن ‪1‬يؤيد التشابه بني الغش واخلطأ انجس مي عن‬
‫طريق الافرتاض القابل الثبات العك ‪ ،‬واجتاه اثلث وأخّي واذلي يبدو أنه الاجتاه‬
‫املسْل به من قبل غالبية الفقهاء‪ ،‬فال يؤيد التشابه بيهنام اال من حيث الآاثر‪ ،‬مقرا يف‬
‫الوقت ذاته بوجود متايز بيهنام من حيث الطبيعة والصفات وهو الاجتاه املسْل به عند‬
‫‪2‬‬
‫غالبية الفقه ‪.‬‬
‫يف حني يرى هدلير أسعد أمحد ‪ 3‬أنه من غّي املعقول أن يكوان خمتلفني يف‬
‫الطبيعة والصفات‪ ،‬ويف الوقت ذاته يتعادالن يف الآاثر‪ ،‬دلى يرى أن احلاالت اليت‬
‫يشرتك فهيا اخلطأ انجس مي مع الغش من حيث الآاثر‪ ،‬يه حاالت يكفي فهيا توفر اخلطأ‬
‫انجس مي كحد أدىن لرتتيب املسؤولية‪ ،‬وبلتايل النتاجئ القانونية اليت تمتفض عهنا‪ ،‬ذلكل‬
‫يه حاالت ال تس تدعي بلهرضورة توافر الغش‪ ،‬بل أدىن ما تتطلبه تكل احلاالت من‬
‫درجات اخلطأ‪ ،‬اخلطأ انجس مي‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي عبد امحليد عامر‪ ،‬اسامعيل غامن مشار اليه يف ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪0212‬‬
‫‪ - 3‬رأي دمحم ابراهمي ادلسويق مشار اليه يف هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫‪ -‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫‪147‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أثر حسن النية‬
‫الساكنة في العقد‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أثر حسن النية الساكنة في العقد‬

‫انطالقا من وهليفة املبدأ املمتثَل يف حامية املتعامل مىت اكن حسن النية‪ ،‬ضامان‬
‫الس تقرار املعامالت‪ .‬تتحدد أاثره سواء بلخذ بنظرية الوضاع الظاهرة‪ ،‬أو الخذ بعني‬
‫الاعتبار حسن نية املشرتي يف رجوعه بلضامن‪ ،‬فاما أن أثره ينرصف اىل‪:‬‬
‫‪ ‬حامية الغّي الخنداعه بوضع هلاهر خمالف للحقيقة القانونية‪ ،‬واذلي قد يكون مركزه‬
‫انش ا بصورة حصيحة وفقا لحاكم القانون‪ ،‬فيم الاعتداد هبذا املركز بصورة اس تننادية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ضامان الس تقرار املعامالت لثقة الغّي يف حصة هذا الوضع الظاهر‪.‬‬
‫ونطاق التعامل بني صاحب الظاهر والغّي أمر تتعدد فيه الفروض‪ ،‬سواء يف اطار‬
‫قواعد احليازة‪ ،‬الواكةل الظاهرة‪ ،‬وحىت يف العقد الصوري‪ ،‬اال أن العالقة بني صاحب‬
‫احلق اذلي تعامل صاحب الظاهر بدال منه‪ ،‬مع الغّي املراد حاميته نظرا لثبوت حسن‬
‫النية يف جانبه ليست عالقة عقدية‪ .‬وهذا ما س نوحضه تباعا‪.‬‬
‫دلى السؤال املطروح هو ‪:‬ما هو أثر حسن النية يف الوضاع الظاهر عىل نظرية‬
‫العقد؟ فعنوانّ (املبحث الول) أثر حسن النية يف الوضاع الظاهرة‪.‬‬
‫‪ ‬و اما أن أثر حسن النية ينرصف اىل الضامن املفروض عىل البادع‪ ،‬حيث يرتب أثرا‬
‫خيتلف بختالف حسن نية املشرتي أو سوء نيته‪ ،‬أي علمه أو عدم علمه بأس باب‬
‫الضامن‪ .‬فهل أن العْل بوجود سبب من أس باب الضامن يشلك قرينة عىل سوء النية؟‪،‬‬
‫وان اكن كذكل فهل أن اس تطاعة العْل يف جانب املشرتي تفيد سوء النية‪.‬ومن مث يتحمل‬
‫نتاجئ اهامهل يف لص املبيع؟‬
‫حناول االجابة عن هذه التساؤالت يف (املبحث الثاّن) حيث عنوانه اكلآيت‪ :‬أثر‬
‫حسن النية عىل رجوع املشرتي بلضامن‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬العقود الواردة عىل العمل ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪149‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫املبحث الول‪:‬‬
‫أثر مبدأ حسن النية يف الوضاع الظاهرة‬

‫الصل أن القانون حيمي الوضاع املتفقة مع حصيل حاه‪ ،‬غّي أنه قد خيرج عىل‬
‫هذه القاعدة يف حاالت معينة‪ ،‬حامية لوضع فعيل خمالف للحقيقة القانونية‪ .‬تكل احلقيقة‬
‫اليت يقرها القانون وحيمهيا‪ ،‬عىل سبيل الاس تنناء حامية للمتعامل حسن النية‪ .‬وهذا ما‬
‫يسمى بلوضع الظاهر اذلي يع ّد الخذ به ورة متلهيا اعتبارات العداةل‪ ،‬وحامية‬
‫مصلحة التعامل‪.‬‬
‫وقد اكن للفقه الفرنيس أكرب الثر يف الخذ بلظاهر مكصدر للحق‪ 2.‬ويف صياغة‬
‫هذه النظرية ويف تطويرها‪ ،‬وابراز ماكنهتا ودورها يف اس تقرار املعامالت‪ .‬ويف اانرة‬
‫السبيل للقضاء للخذ هبا وتطبيقها يف مواضع متعددة مثل‪:‬الوارث الظاهر‪ 3،‬املاكل‬
‫الظاهر‪ ،‬والوكيل الظاهر‪ .4‬اذ هتدف هذه النظرية اىل حامية الغّي حسن النية‪ ،‬املتعامل‬
‫مع صاحب الوضع الظاهر‪ .‬ذلا تثور اشاكلية حول عالقة املبدأ هبذه النظرية وأثر ذكل‬

‫‪ -1‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬نظرية الظاهر بني الرشيعة والقانون‪ ،‬جمَل العلوم القانونية والس ياس ية‪ ،‬جمدل ‪ ،2‬العراق‪ ،‬ع ‪،1‬‬
‫‪،3202‬ص‪.203‬‬
‫الواقع أن نظرية الظاهر ليست وليدة الم ‪ ،‬أو كام قال البعض بأهنا نظرية فقهية وقضادية تعود نشأهتا اىل هناية القرن ‪09‬‬
‫ومطلع القرن ‪ .32‬بل يه نظرية متجدرة يف القدم فقد طبقها الرومان‪ ،‬حيث صاغوا القاعدة الشهّية اليت تفيد بأن الغلط‬
‫الشادع يودل احلق‪ ،‬وعهنم انتقلت هذه النظرية اىل الفقه الفرنيس‪ ،‬حيث صاغها الفقيه مازوا واعتربها الساس القانوّن‬
‫‪2‬الوحيد لنظرية الظاهر‪.‬‬
‫‪ -‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫الوضع الظاهر ال ينحرص جماهل يف نوع معني من املراكز دون غّيها‪ ،‬أي مركز سواءا اكن حقا أو والية أو سلطة كنل‬
‫امتيازات ومكنات‪ ،‬فان حازها ذو صفة كنا بصدد مركز قانوّن‪ ،‬وان حازها مغتصب أو عىل القل غّي ذي صفة كنا بصدد‬
‫‪3‬وضع هلاهر‬
‫‪ -‬الوارث الظاهر هو وارث حيوز الرتكة بعد موت مورثه‪ ،‬بناءا عىل س ند خيوهل صفة التظاهر بأنه الوارث احلقيقي‪ ،‬بيامن‬
‫هو جمرد وارث هلاهر لوجود وصية الحقة مثال تبطل وصيته‪ ،‬أو لظهور وارث حقيقي بعد مب فرتة من الزمن‪ ،‬اعتقد فهيا‬
‫امجليع بأن الوارث الظاهر هو الوارث احلقيقي‪ ،‬وتعاملوا معه عىل هذا الساس‪ .‬حيث حمك القضاء يف كثّي من الحيان‬
‫ب‪4‬قرار حصة الترصفات اليت يربهما الوارث الظاهر مع الغّي حسن النية‪ .‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫يؤخذ بنظرية الوضاع الظاهرة أيضا خبصوص الوراق التجارية‪ ،‬والرشكة الفعلية واملوهلف الفعيل‪ .‬لامل الورقة التجارية‬
‫ينتقل اليه احلق املثبت فهيا جمردا عن السبب اذلي يربط الطراف ذوي العالقة الصلية‪ .‬كام تعد نظرية املوهلف الفعيل‬
‫نظرية من خلق الاجهتاد القضايئ‪ ،‬اذلي طبقها من أجل سّي املرافق العامة‪ .‬أما بشأن الرشكة الفعلية فاالعرتاف بوجودها‬
‫هو لجل ترتيب أآاثرها القانونية يف مواهجة الغّي حسن النية‪ ،‬رمغ عيب البطالن اذلي يشوهبا وذكل تعطيال ملبدأ الثر‬
‫الرجعي للبطالن‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عىل نظرية العقد‪ ،‬هل أهنا ليست سوى تطبيق ملبدأ حسن النية‪ ،‬كام ذهب اىل ذكل‬
‫بعض الفقه‪1‬؟ (املطلب الول)‬
‫ولن العالقة بني املبدأ ونظرية الوضاع الظاهرة وأثره عىل نظرية العقد‪ ،‬تتضل‬
‫بشلك خاص يف الواكةل الظاهرة‪ .‬فقد حاولنا بناءا عىل ذكل حبث أثر حسن النية يف‬
‫الواكةل الظاهرة‪ ،‬كتطبيق من تطبيقات الوضع الظاهر (املطلب الثاّن)‪.‬‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫مضمون النظرية وعالقهتا مببدأ حسن النية‬
‫اعتد املرشع بلوضع الظاهر العتبارات توجهبا العداةل واس تقرار املعامالت‪ .‬ومؤدى‬
‫ذكل أنه تتقرر امحلاية للغّي حسن النية اذا أبرم عقدا مع أآخر‪ ،‬يظهر بصفته صاحب‬
‫احلق‪،‬واكن صاحب احلق الصيل قد أسهم خبط ه سلبا أو اجياب‪ ،‬يف هلهور املترصف‬
‫أي املتعاقد مع الغّي مبظهر صاحبه‪ .‬واكنت الشواهد اريطة هبذا املركز‪ ،‬من شأهنا أن‬
‫تودل الاعتقاد الشادع مبطابقة هذا املظهر للحقيقة‪.‬‬
‫ولن نظرية الوضاع الظاهرة تتسم بغموضها نوعا ما‪ ،‬فانه يتعني بداية حتديد‬
‫مضمون تكل النظرية (الفرع الول)‪ ،‬مث وتباعا حبثنا مبدأ حسن النية كرشط للخذ‬
‫بلظاهر وأساس الظاهر (الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫مضمون نظرية الوضاع الظاهرة‬
‫تثّي نظرية الوضاع الظاهرة تنازعا بني صاحب احلق‪ ،‬اذلي يمتزي مركزه بأنه‬
‫قانوّن‪ ،‬وبني الغّي حسن النية اذلي أبرم ترصفا مع صاحب الظاهر‪ ،‬ر يكن لصاحب‬
‫احلق أي يد يف نشأته‪ ،‬أي ال دخل الرادته يف نشأته‪.‬مفن هجة أن الغّي حسن النية‪،‬‬
‫ومن هجة أخرى أن مركز صاحب احلق قانوّن‪ ،‬مع ذكل متنل امحلاية لهذا الغّي‪ .‬مفا‬

‫‪ -1‬عبد انجبار انيج املال صار‪ ،‬مبدأ حسن النية يف تنفيذ العقود‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬مطبعة الّيموك‪ ،‬بغداد ‪ ،0921‬ص ‪.023‬‬

‫‪151‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املقصود بلوضاع الظاهرة اليت تقرر حامية اس تننادية للغّي مىت اكن حسن النية؟ (الفقرة‬
‫الوىل)‪ .‬وما يه احلاالت اليت اعتد فهيا املرشع بلوضاع الظاهرة؟ (الفقرة الثانية)‪ .‬لن‬
‫اس تقرار املعامالت اذلي يربر الخذ بلنظرية‪ ،‬ال ككن الخذ به بشلك مطلق‪ ،‬امنا عىل‬
‫سبيل الاس تنناء‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫تعريف الوضاع الظاهرة‬
‫يعرف الظاهر بأنه حيازة صفة بغّي أساس من القانون‪1 .‬كام يعرفه البعض بأنه لك‬ ‫ّ‬
‫حاةل أو وضعية هلاهرة‪ ،‬ولكهنا خمالفة للحقيقة القانونية‪ ،‬جعلت الغّي حسن النية يعتقد‬
‫مبطابقة احلاةل الظاهرة للحاةل القانونية‪ ،‬مما يرتب أآاثره القانونية ملصلحة هذا الغّي‪2.‬كام‬
‫‪3‬‬
‫يعرفه أآخرون بأنه ارسوس اخملالف للحقيقة‪ ،‬واذلي يوُه الغّي بأن مركز حيميه القانون‪.‬‬
‫والوضاع الظاهرة تؤدي اىل تنازع بني حمك القانون والواقع املس تقر‪ ،‬وال يقصد‬
‫بلتنازع املوجود املواهجة بني صاحب الظاهر وبني صاحب احلق‪ ،‬بل يقصد به التنازع‬
‫اذلي يقوم بني صاحب احلق من هجة‪ ،‬وبني الغّي حسن النية اذلي تعامل مع صاحب‬
‫الظاهر من هجة أخرى‪.4‬‬
‫ان الوضع الظاهر هو حيازة الشفص ملركز لي هل‪ ،‬مبعىن أنه غّي ذي صفة يف‬
‫حيازة هذا املركز‪ 5.‬أي هو وجود مركز عىل الساحة القانونية بطريقة غّي حصيحة‪ ،‬تدعوا‬
‫اعتبارات المن والاس تقرار القانوّن اىل ترتيب الآاثر الصحيحة عليه‪ 6.‬فيقوم تنازع بني‬

‫‪ -1‬فتيحة قرة‪ ،‬الوضاع الظاهرة‪ ،‬نظرية قضادية مس تحدثة‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،3220 ،‬ص ‪02‬‬
‫أنظر أيضا ‪:‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -2‬ماجد راغب احللو‪ ،‬نظرية الظاهر يف القانون االداري‪ ،‬جمَل احلقوق والرشيعة‪ ،‬جمَل دورية تصدرها جامعة الكويت‪،‬‬
‫لكية احلقوق والرشيعة‪ ،‬ع الول‪ ،‬يناير‪ ،0922،‬ص‪11‬‬
‫‪ -3‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -4‬رشيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ -5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ -6‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪152‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مظهرين‪ ،‬فهو اترة تنازع بني حق صاحب احلق املستند اىل مركز قانوّن‪ ،‬وحق الغّي‬
‫حسن النية املستند اىل مركز واقعي اكحليازة حبسن نية‪ ،‬واترة أخرى تنازع بني مركز‬
‫صاحب احلق القانوّن‪ ،‬ومركز الغّي حسن النية القانوّن أيضا ويف لكتا احلالتني تنازع‬
‫بني مركز قانوّن ومركز فعيل (قد يكون قانوّن أو واقعي )‪. 1‬لن للوضع الظاهر‬
‫مصدرين‪ ،‬اما أن يكون مصدره العمل القانوّن الومهي‪ ،‬اذلي يدفع الغّي اىل الاعتقاد‬
‫بوجود ذكل الترصف‪ ،‬حقيقة اكلعقد الصوري‪ ،‬واما مصدره احلاةل الواقعية اكلرشكة‬
‫الفعلية والواكةل الظاهرة‪.‬‬
‫وصاحب املركز الفعيل لي حامت س ئي النية‪ ،‬ففي كثّي من الحيان هو بلقطع‬
‫حسن النية‪ ،‬أي يعتقد بأن الوضع الظاهر هو عني احلقيقة‪ .‬هذه احلاةل القانونية الظاهرة‬
‫قد تدفعه اىل التعاقد‪ ،‬مما يرتب أآاثرا ملصلحة هذا الغّي حامية للثقة املرشوعة‪ ،‬وتوخيا‬
‫ملبدأ اس تقرار املعامالت اذلي جيب أن يسود‪2 .‬ذكل أن الغّي اذلي تلقى حقا من‬
‫صاحب الوضع الظاهر تكون ارادته مرشوعة‪ ،‬أي أن الظاهر يويح بلثقة املرشوعة‬
‫‪3‬‬
‫أي املقبوةل موضوعيا‪ ،‬اليت ينددع هبا الرجل العادي‪.‬‬
‫فيؤدي تطبيق هذه النظرية عنددذ اىل رساين أآاثر الترصف‪ ،‬اذلي اكن الغّي حسن‬
‫النية طرفا فيه يف مواهجة صاحب احلق‪ ،‬عىل الرمغ من كونه أجنبيا عنه أو ر تتجه اليه‬
‫ارادته احلقيقية‪.‬لن اقدام الشفص عىل ابرام ترصف قانوّن مع صاحب الوضع الظاهر‪،‬‬
‫رمغ العْل بنعدام صفته يفيد أنه س ئي النية‪ .‬ويرتب الوضع الظاهر اكتساب الغّي‬
‫للحق‪ ،‬اذلي يكون اما ملكية أو اجارة أو براءة ذمة‪ ،‬من دين معني أو غّيه من احلقوق‬
‫املكتس بة‪ 4.‬لن الهدف من الوضع الظاهر هو حامية مركز الغّي حسن النية اذلي تعامل‬
‫مع صاحب الظاهر ‪،‬اذلي تدعو اعتبارات العداةل والاس تقرار القانوّن محلاية مركزه‪.‬‬
‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫‪ -3‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪062‬‬

‫‪153‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من مث فان الوضع الظاهر يودل دلى الغّي اعتقادا شادعا بقانونية مركز صاحبه‪،‬‬
‫بسبب الظروف واملؤثرات اخلارجية اريطة به‪ .‬مما جيعل الغّي حسن النية ومن مث‬
‫يس تحق امحلاية الخنداعه بلوضع الظاهر‪ .‬فالوضع الظاهر يمثر عالقة ثالثية الشداص‬
‫بني صاحب احلق‪ ،‬وهو صاحب املركز القانوّن اذلي يتفق مع حدود القانون‪ ،‬وصاحب‬
‫الظاهر وهو الشفص اذلي ترصف يف هذا احلق بعتباره صاحب مركز فعيل‪ ،‬والغّي‬
‫وهو املتعامل حسن النية مع صاحب الظاهر‪ ،‬وكن هذا الخّي هو صاحب حق بعد‬
‫‪1‬‬
‫تيقّنه بقانونية مركزه‪.‬‬
‫بناءا عىل ذكل فان نظرية الظاهر تقوم بتصحيل ترصفات اكن جيب أن تبطل‪،‬‬
‫فه ي مقيّدة النطاق بقيود من شأهنا حتقيق التوازن‪ ،‬بني مصلحة الغّي حسن النية وبني‬
‫مصلحة صاحب احلق انجديرة بمحلاية‪ .‬وتمتثل تكل القيود يف قيد موضوعي‪ ،‬يتعلق‬
‫بطبيعة الترصف املربم بني الغّي وصاحب الظاهر‪ ،‬حيث جيب أن يكون ترصف بعوض‬
‫ليك يمتتع الغّي حبامية القانون‪ ،‬وبرشط أن ال يكون الغّي س ئي النية أي يعْل حبقيقة‬
‫الوضع‪ .2‬وقيد تنس يقي يتعلق بنتفاء أي خطأ أو اهامل‪ ،‬أو عدم الاحتياط يف جانب‬
‫الغّي‪ ،‬وهو ما ينطوي حتت معىن الغلط املرشوع‪ .‬اذ جيب أن يثبت الغّي أنه بذل‬
‫احلرص املطلوب‪ ،‬اذلي يبذهل الرجل املعتاد يف مثل هلروفه ومن نف طادفته حىت‬
‫‪3‬‬
‫يكون جديرا بمحلاية‪.‬‬

‫‪ -12‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.03‬‬


‫‪ -‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫حيث َترج الترصفات التربعية من نطاق امحلاية املقررة مبوجب نظرية الظاهر‪ ،‬اذ ال حمل الضفاء امحلاية عىل من يكتسب‬
‫‪3‬حقا بغّي مقابل‪.‬‬
‫‪ -‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫هذا وأن نظرية الظاهر ال تصحل سوى عيب انعدام صفة املترصف‪ ،‬حيث يعترب احلائز مبثابة املاكل والوكيل الظاهر وكيال‬
‫حقيقة والوارث الظاهر مبثابة الوارث احلقيقي‪ .‬أما العيوب الخرى مثل انعدام الرضا وعيوبه وانعدام ارل أو السبب أو عدم‬
‫مرشوعيهتام‪ ،‬فه ي َتضع للقواعد العامة اليت تقب بلبطالن‪ ،‬أو االبطال حبسب الحوال‪.‬‬
‫جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪154‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والغّي املقصود بمحلاية طبقا لنظرية الوضاع الظاهرة‪ ،‬هو الشفص الجنيب عن‬
‫الظاهر‪ .‬أي اذلي ر يقم ور يساُه يف وجوده واس تقراره ولي خلفا عاما‪ .‬وهو يف‬
‫الوقت ذاته قد تعامل مع صاحب الوضع الظاهر بصفته الظاهرة‪ ،‬وبقصد احلصول عىل‬
‫حق أو مزية ‪.‬أي هو لك من يتعامل معه ويكون أجنبيا عنه‪ ،‬ور يساُه يف الوضع‬
‫الظاهر‪ ،‬وانتقل اليه احلق من صاحب الظاهر بناءا عىل اعتقاد مرشوع منه بقانونية‬
‫مركز صاحب الظاهر‪ ،‬فيكون جديرا بمحلاية برشط حسن نيته يف مواهجة صاحب‬
‫احلق‪ ،‬اذلي يمتسك بعدم نفاذ الترصف املربم بني هذا الغّي حسن النية وصاحب‬
‫‪1‬‬
‫الظاهر‪.‬‬
‫عىل أن العالقة بني صاحب الظاهر والغّي‪ ،‬ال يعد فهيا هذا الخّي غّيا بل طرفا‬
‫فهيا‪ ،‬من حيث الترصف املربم بيهنام‪ .‬فه ي عالقة تعاقدية َتضع لنسبية العقود‪ ،‬والنسبية‬
‫تعين أن للعقد الصحيل قوة تلزم أطرافه فقط دون غّيُه‪ ،‬حيث أن العقد يس متد قوته‬
‫من ارادة أطرافه ولي من القانون‪.‬وبلتايل ال يس تطيع املترصف اليه املتعامل مع‬
‫صاحب الظاهر‪ ،‬أن حيتج حبسن نيته لتنفيذ العقد املربم بيهنام‪ ،‬بلرمغ من بطالنه أو‬
‫قابليته للبطالن لي سبب من أس باب ذكل‪ .‬فاذا شاب الترصف املربم بيهنام أي عيب‬
‫من عيوب الهلية أو الرضا أو غّيه بصفة عامة‪ ،‬فهل أن يمتسك ببطال الترصف ملا‬
‫شابه من عيب‪.‬‬
‫اذ ال يس تطيع الغّي أن يستند اىل الوضع الظاهر لتحصني هذا الترصف الباطل‪.‬‬
‫حيث أنه يقترص دور الظاهر عىل حتصني الترصف الصادر من صاحب الظاهر‪ ،‬ضد‬
‫عيب انعدام صفته يف التعامل‪ ،‬ولي ضد أي عيب أآخر‪ .‬وبلتايل اذا متسك الغّي‬
‫‪2‬‬
‫بلوضع الظاهر‪ ،‬يسقط حقه يف المتسك ببطال الترصف ملا شابه من عيب‪،‬‬

‫‪ -12‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪155‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والثر الوحيد للوضع الظاهر هو تصحيل ترصف غّي حصيل‪ ،‬ترصف اكن جيب أن‬
‫يبطل لصدوره عن غّي ذي صفة يف التعامل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫احلاالت اليت اعتد فهيا املرشع بلوضاع الظاهرة‬
‫لن هذه النظرية تثّي اشاكلية التنازع بني القانون والواقع املس تقر‪ ،‬فه ي ال تعد‬
‫قاعدة عامة يف القانون املدّن‪ ،‬وامنا أدرهجا املرشع يف بعض احلاالت عىل سبيل‬
‫الاس تنناء‪ 1،‬نذكر مهنا‪:‬‬
‫‪ ‬يف الصورية املادة جتزي املادة ‪ 092‬ق م ج املقابَل للامدة ‪ 311‬ق م م لي من دادين‬
‫املتعاقدين أو الكهام‪ ،‬وللدلف اخلاص أن يمتسكوا بلعقد الصوري مىت اكن هؤالء‬
‫حس ين النية‪ .‬اذ للغّي حسن النية حق المتسك بلعقد الظاهر (الصوري )‪ ،‬اذا اكن‬
‫حيقق هلم مصلحة يف ذكل‪ .‬عىل أنه يشرتط بأن يكونوا حس ين النية‪ ،‬ال يعلمون بأن هذا‬
‫العقد صوري‪ .‬فراعى املرشع مصلحة الطادفة اليت تمتسك بلعقد الظاهر لضامن اس تقرار‬
‫املعامالت‪ ،‬ورعاية الغّي حسن النية اذلي اطمأن اىل العقد الظاهر‪.‬‬
‫الصل أنه يتعني الاعتداد بلعقد اخلفي بني املتعاقدين‪ ،‬بعتبار أنه الترصف‬
‫اذلي انعقدت ارادهتام احلقيقية اىل ترتيب أثره القانوّن‪ .‬اال أن الاعتداد بلوضع الظاهر‬
‫جيعل من حامية الغّي حسن النية أمرا حمامت‪ ،‬فضال عىل أن الصورية يه أحد صور‬
‫الغش‪ ،‬من مث فأجازت القوانني املقارنة اثباهتا باكفة طرق االثبات‪ ،‬لن مقتضيات‬
‫=عىل أن للغّي طريقني يف حال ابرام عقد هلاهر‪ ،‬اما أن يمتسك بنفاذ العقد املربم بينه وبني صاحب الوضع الظاهر‪ ،‬يف‬
‫مواهجة صاحب احلق‪ ،‬وذكل تطبيقا لنظرية الوضاع الظاهرة‪ .‬واما المتسك ببطال العقد لغلط جوهري‪ ،‬واذلي وقع فيه‬
‫العتقاده بقانونية مركز املترصف‪ .‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪062‬‬
‫‪ -1‬طبيعهتا الاس تننادية ترد عىل مبدأ الثر الرجعي للبطالن والفسخ‪ ،‬والعقد املوقوف اذلي ر يقرتن بالجازة ممن كلكها‪.‬‬
‫لامية الغّي حسن النية تؤدي اىل تقييد ُالثر الرجعي‪ ،‬لن يف اعامهل ا ار حبقوق هذا الغّي‪ .‬كام أهنا اس تنناءا عىل مبدأ‬
‫سلطان االرادة ومبدأ نسبية أآاثر العقد‪ ،‬ومبدأ عدم رساين الترصف القانوّن‪ .‬اذ تؤدي حامية الغّي حسن النية اىل الاعتداد‬
‫بالرادة احلقيقية لصاحب احلق‪ ،‬فضال عن الزاهما هذا الخّي بأآاثر ترصف ر يكن طرفا فيه‪ .‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬

‫‪156‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اس تقرار املعامالت وقواعد العداةل يتطلبان حامية الغّي‪ ،‬بشلك يكفل هل حامية أوفر‪.‬‬
‫ذكل أن الغّي غالبا ما يكون هو املس هتدف من الترصف الصوري‪ ،‬سواء بال ار به‬
‫‪1‬‬
‫أو المتلّص من الوفاء باللزتامات جتاهه‪.‬‬
‫خمّيا‪ ،‬يف اثبات أي الترصفني وفق‬‫ذلكل جند املرشع رتب هل وضعا خاصا اذ جعهل ّ‬
‫ما تقتضيه مصلحته‪ .‬فهل أن يمتسك بلعقد الصوري الظاهر أو بلعقد احلقيقي املس ترت‪،‬‬
‫مىت اكن ذكل حيقق هل مصلحة وهل أن يثبت ذكل باكفة طرق االثبات‪ .‬لك ذكل لنه‬
‫حسن النية‪.‬‬
‫‪ ‬يف ادلعوى البوليصية أشارت املادة ‪ 093‬ق م ج عىل حمك الترصف اذلي يصدر عن‬
‫املدين بعوض حيث يشرتط غش املدين ويكون الترصف منطواي عىل غش مبجرد أن‬
‫يكون عاملا بعساره‪ ،‬ومزيت بني كون الغّي اذلي تعاقد مع املدين حسن النية أن قء‬
‫النية‪ ،‬فاذا اكن الترصف بعوض فان الغّي يكون قء النية اذا اكن يعْل بعرس املدين‪،‬‬
‫أما اذا ر يكن عاملا فتتقرر هل امحلاية ‪،‬بيامن مىت اكن الترصف تربعي فال حيتج به يف‬
‫مواهجة ادلادنني حىت ولو اكن الغّي حسن النية ‪.‬‬
‫وقد حيدث أن يترصف املدين‪ ،‬مث يترصف املترصف اليه – أي خلف املدين –‬
‫اىل خشص أآخر‪ ،‬أي خلف اخللف معاوضة أو تربع اا‪ ،‬فاذا اكن الترصف الول معاوضة‬
‫والثاّن معاوضة ‪:‬يشرتط لعدم نفاذ الترصف الول – بالضافة اىل رشطي غش املدين‬
‫وعْل اخللف الول هبذا الغش – غش اخللف الثاّن حىت يس تطيع ادلائن المتسك بعدم‬
‫نفاذ الترصف ‪.‬‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.392‬‬
‫ذكل أن الغّي غالبا ما يكون هو املس هتدف من الترصف الصوري‪ ،‬سواءا بال ار به أو المتلص بلوفاء باللزتامات‬
‫جتاهه‪ ،‬ذلكل جند املرشع رتب هل وضعا خاصا‪ ،‬اذ جعهل خمّيا يف اثبات أي الترصفني وفق ما تقتضيه مصلحته‪ .‬فهل أن‬
‫يمتسك بلعقد الصوري الظاهر أو بلعقد احلقيقي املس ترت مىت اكن دكل حيقق هل مصلحة وهل أن يثبت دكل باكفة طرق‬
‫االثبات‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما اذا اكن الترصف الول تربع اا والثاّن معاوضة فيشرتط سوء نية اخللف الثاّن‪،‬‬
‫ويمتثل يف علمه بأن املدين اكن معرس اا وقت ترصفه للدلف الول ‪.‬أما اذا اكن الترصف‬
‫الول معاوضة والثاّن تربع اا فيجب اثبات الغش املدين واملترصف اليه الول‪ .‬وبلنس بة‬
‫للترصف الثاّن أي التربع فال يكون انفذ اا يف حق ادلادنني ‪ ,‬دون احلاجة الثبات سوء‬
‫نية اخللف الثاّن أو علمه‪.‬‬
‫أما اذا اكن لك من الترصف الول والترصف الثاّن تربع اا ‪ :‬فانه جيوز الطعن‬
‫بدلعوى البوليصية يف الترصف الثاّن وال يشرتط أي رشط يتعلق بلغش أو بسوء‬
‫النية‪ ،‬بل يعترب الترصف غّي انفذ ولو اكن لك من املدين واملتربع اليه الول حس ين‬
‫النية‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة القادَل بأن احليازة يف املنقول س ند للملكية‪ ،‬واليت تعترب تطبيقا ترشيعيا رصحيا‬
‫لنظرية الظاهر‪ .‬حيث أشارت املادة ‪ 221‬ق م ج اىل أن احليازة بس ند حصيل ملنقول أو‬
‫حق عيين عىل منقول‪ ،‬جتعل احلائز مالاك هل من وقت احليازة مىت اكن حسن النية‪.‬‬
‫وتضيف الفقرة الثالثة من ذات املادة‪ ،‬أن احليازة يف ذاهتا قرينة عىل وجود الس ند‬
‫الصحيل وحسن النية ما ر يقم ادلليل عىل خالف ذكل‪،‬‬
‫وحسن النية يف احليازة تنتفي بخلطأ انجس مي الصادر عن املشرتي املنقول‪ ،‬فاذا ر‬
‫تقدم هل مستندات ملكية املبيع‪ ،‬يكون قد ارتكب خطأ جس امي‪ ،‬فيعد عنددذ قء‬
‫النية‪ ،‬رمغ اعتقاده أنه يتعامل مع املاكل احلقيقي‪ 1 .‬أما يف العقارات فان نظرية الظاهر ال‬
‫تطبق فال يس تفيد الغّي من امحلاية مبجرد ابرام الترصف مع املاكل الظاهر و امنا ال بد‬
‫من مرور فرتة زمنية معينة أي مدة التقادم القصّي لسن النية ليست رشطا اكيف‪.‬‬

‫‪ -1‬دمحم عيل المني‪ ،‬التقادم املكسب للملكية يف القانون اللبناّن‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بّيوت‪.0992 ،‬ص ‪.163‬‬
‫غّي أنه يف حال كونه قء النية فهذا ال كنع من اماكنية متكل اليشء بلتقادم الطويل ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬يف ميدان الواكةل حيث أقر املرشع نظرية الواكةل الظاهرة‪ ،‬يف حاةل اهناء املولك لواكلته‬
‫مع هجل الوكيل والغّي لواقعة االهناء‪.‬حسب ما جاء يف املادة ‪ 16‬ق م ج واليت‬
‫‪1‬‬
‫حتيل الهيا املادة ‪ 121‬ق م ج‪ ،‬وتقابلها املادة ‪ 021‬ق م م‬
‫‪ ‬ما تقب به املادة ‪ 221‬ق م ج املقابَل للامدة ‪ 0221‬ق م م‪ ،‬اليت تواجه حاةل املرهتن‬
‫حسن النية‪،‬اذلي قيد رهنه مث يصدر بعد ذكل حمك بزوال ملكية الراهن بأثر رجعي‪.‬‬
‫فيبقى الرهن قامئا ملصلحة ادلائن املرهتن حسن النية‪ ،‬وبلتايل ينتقل املال اىل مالكه محمال‬
‫بلرهن‪ ،‬وككن للمرهتن حسن النية أن يتتبع العقار الستيفاء حقه‪.‬‬
‫‪ ‬ما تقب به املادة ‪ 129‬ق م ج حيث أشارت اىل أن أحاكم املادة ‪ 122‬ال ترسي عىل‬
‫الغّي حسن النية‪ ،‬اذا اكن قد كسب بعوض حقا عينيا عىل اليشء املبيع ‪.‬‬

‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية كرشط للخذ بلظاهر وأساس النظرية‬
‫اذا ما أجرى صاحب املركز الواقعي أو الوضع الظاهر ترصفا مع الغّي‪ ،‬واكن هذا‬
‫الغّي حسن النية فانه يتعني حامية هذا الخّي مبراعاة مركزه ‪،‬غّي أن ذكل ال يتحقق اال‬
‫تكون مبجموعها نظرية الوضاع الظاهرة (الفقرة الوىل)‪.‬‬
‫بتوافر رشوط وضوابط‪ّ ،‬‬
‫أما يف اطار البحث يف أساس اقرار نظرية الظاهر‪ ،‬مفهنم من أرجعها اىل نظرية‬
‫اخلطأ‪ ،‬ومهنم يرى كفاية الظاهر كساس قانوّن‪ ،‬ومهنم من أرجعها عىل مبدأ حسن النية‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -1‬فتيحة قرة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪21‬‬


‫يتوسع بعض الكتاب يف هذا الصدد للخذ بلظاهر محلاية الغّي حسن النية‪ .‬فالشفص اذلي يكون عىل اتصال بملفقود‬
‫ويعْل أنه يح بلرمغ من احلمك مبوته‪ ،‬ومع ذكل أقدم عىل التعامل مع ورثته استنادا عىل حمك الوفاة‪ ،‬يكون مرتكبا خلطأ‬
‫معدي أي س ئي النية ال يكون جديرا بمحلاية القانونية‪.،‬‬

‫‪159‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية كرشط للخذ بلظاهر‬
‫ان تطبيق نظرية الوضاع الظاهرة يتطلب توافر ركنني‪ ،‬ركن مادي عبارة عن‬
‫مركز واقعي ساُه يف اجياده صاحب احلق‪ ،‬فيعرب الفقيه ‪1 Robert Patry‬عن ذكل‬
‫بلقول أن املظهر ال بد أن تكون للطرف اذلي يراد الاحتجاج به ضده يد يف‬
‫اجياده‪،‬فالركن املادي يعين توافر شواهد ومظاهر خارجية تبدو مكظهر ملركز قانوّن مما‬
‫يدعو الغّي اىل الاعتقاد بأن صاحب املركز الظاهر هو الصاحب احلقيقي للحق‪ ،‬وذكل‬
‫اذا اكن هذا املظهر من انجسامة حبيث ال يتس ىن للغّي بأن يعْل بعدم مطابقته‬
‫للحقيقة‪.‬وركن معنوي يمتثل يف اعتقاد شادع يتودل دلى غالبية الفراد‪ ،‬أي الغّي‬
‫مبرشوعية ترصف صاحب الوضع الظاهر ‪.2‬هذا الركن هو اذلي يربر امحلاية املقررة‬
‫للغّي‪،‬‬
‫ويذهب ‪.Jaques Leaute‬اىل أن غلط الغّي جيب أن يكون مرشوعا أي توجد‬
‫أس باب جدية تربره ‪ ،3‬بأن ال ينسب للغّي غش أو سوء قصد أو رغبة يف اال ار‬
‫بلآخرين‪ .‬أي أنه يشرتط أن يكون الغّي حسن النية‪ ،‬حىت تعطى هل الفضلية بدال من‬
‫صاحب احلق‪ ،‬وحىت ترتب نظرية الظاهر أآاثرها ملصلحته‪.‬‬
‫أي أن حسن النية يعد أحد الرشوط الالزمة لتطبيق النظرية ‪ .4‬وينبين عىل ذكل‬
‫نفاذ الترصف املربم بعوض بني صاحب الوضع الظاهر والغّي حسن النية‪ ،‬يف مواهجة‬
‫صاحب احلق تأسيسا عىل نظرية الوضاع الظاهرة‪ .‬لسن نية املترصف اليه رشط‬

‫‪ -1‬مشار اليه يف ‪:‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪.229 ،‬‬


‫‪ -2‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬الواكةل يف الترصفات القانونية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬املنصورة‪ ،3229 ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪ -3‬مشار اليه يف ‪ :‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪..229 ،‬‬
‫‪ -4‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪202‬‬
‫غّي أنه ال يكفي وحده اللزام صاحب احلق بلترصف اذلي جيريه احلائز الظاهر‪ ،‬بل ال بد من حتقق رشوط أخرى اكلغلط‬
‫الشادع‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أساق‪ ،‬يفيد عدم علمه بملركز القانوّن للمترصف‪.‬فان أقدم خشص عىل ابرام ترصف‬
‫‪1‬‬
‫قانوّن مع صاحب الوضع الظاهر‪ ،‬رمغ العْل بنعدام صفته فانه يكون خشصا س ئي النية‪.‬‬
‫غّي أن حسن نية الغّي يرتبط وجودا وعدما بلتحري والاس تعالم يف جانب الغّي‪.‬‬
‫فالغّي حىت يس تفيد من امحلاية املقررة هل من خالل نظرية الوضع الظاهر‪ ،‬جيب أن‬
‫يثبت حتقق أراكهنا ورشوطها‪ ،‬من خالل وجود شواهد مادية خارجية أدت اىل غلط‬
‫شادع‪ ،‬واعتقاد بقانونية مركز املترصف‪ ،‬وأن يكون قد قام بلتحري الالزم للتعاقد‪ ،‬واال‬
‫مقرصا‪ .‬فعدم قيامه بواجب الاس تعالم يؤثر عىل حسن نيته‪ ،‬ومن مث يعترب يف حمك‬ ‫عد ّ‬
‫س ئي النية وال يس تحق امحلاية املقررة‪ .‬فقد يتوافر الغلط الشادع ومع ذكل يعْل الغّي‬
‫‪2‬‬
‫بحلقيقة فال يكون حسن النية‪.‬‬
‫ويؤثر الوضع الظاهر عىل صاحب احلق تأثّيا مبارشا‪ ،‬هذا الثر هو فقدانه حلقه‬
‫مقابل اكتساب الغّي حسن النية هل‪ ،‬فينفذ الترصف يف ذمة صاحب احلق‪ .‬اال أن‬
‫الوضع الظاهر ال حيمي سوى الغّي حسن النية‪ ،‬فال ينتج أي أثر يف عالقة صاحب‬
‫الظاهر بصاحب احلق‪ ،‬اذ لصاحب احلق الرجوع عىل صاحب الظاهر بلتعويض‪ ،‬عن‬
‫لك ما أصابه من ر من جراء ترصفه القامئ عىل الظاهر‪ ،‬وهذا التعويض يتوقّف عىل‬
‫‪3‬‬
‫حسن أو سوء نية صاحب الظاهر‪.‬‬
‫وبيامن يرى جانب من الفقه أن نظرية الوضاع الظاهرة ما يه اال نظرية حلسن‬
‫النية‪ 4 .‬يذهب شّيزاد عزيز سلامين‪ 5‬اىل أن حسن النية يف نظرية الوضاع الظاهرة‪،‬‬

‫‪ -1‬ابراهمي س يد أمحد‪ ،‬عقد الواكةل فقها وقضاءا‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مرص‪ ،3221 ،‬ص‪.01‬‬
‫يزيد أني نرصي‪ ،‬مرحَل ما قبل ابرام العقد‪ ،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية الاقتصادية‪ ،‬مرص‪ ،‬ع الول‪ ،0912 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -2‬زواوي محمود‪ ،‬نظرية الظاهر يف القانون اخلاص‪ ،‬رساةل دكتوراه‪ ،‬جامعة بن عكنون‪ ،0992 ،‬ص‪.001‬‬
‫‪ -3‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.022‬‬
‫‪ -4‬عبد انجبار انيج أمحد املال صار‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.023‬‬
‫‪ -5‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬

‫‪161‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خيتلف يف معناه ويف طبيعته ويف من وجه اليه عن حسن النية يف العقد‪ .‬وأنه يمتزي‬
‫خباصيتني‪ :‬أنه متجه اىل الطرف املقابل يف العالقة‪،‬كام أنه لي جمرد حاةل ذهنية بل‬
‫موقف اجيايب يتطلب سلواك‪ ،‬بيامن يف نظرية الوضاع الظاهرة حسن النية أمر جيب‬
‫توافره يف من تعامل مع صاحب الوضع الظاهر‪ ،‬ولكن أآاثر هذه احلاةل ال تتوجه اىل‬
‫املتعاقد معه‪ ،‬بل اىل خشص أآخر اكن حضية هذا الوضع الظاهر وهو صاحب احلق‪ ،‬كام‬
‫أنه حاةل سلبية تمتثل بعدم العْل بلعيب اذلي يشوب مركز املتعامل‪ .‬ما يعين أن حسن‬
‫نية الغّي تقف عند حد الامتناع عن سوء النية‪ ،‬دون أن تتطلب موقفا اجيابيا‪.‬‬
‫وعىل الرمغ من أنه لي هناك عقد مربم بني صاحب احلق والغّي كصل عام يف‬
‫العقد الصوري‪ ،‬وما ر ّيقره الصيل يف عقد الواكةل‪ ،‬غّي أن للوضاع الظاهرة وحلسن‬
‫نية الغّي أثر عىل نظرية العقد بشلك غّي مبارش‪ ،‬مفثال يف الصورية فللغّي حسن النية‬
‫أن يمتسك بلعقد الصوري‪ ،‬بلرمغ من أن ارادة املتعاقدان اجتهت اىل الترصف اخلفي‪،‬‬
‫فالصورية يه اصطناع مظهر اكذب يف تكوين ترصف قانوّن‪ ،‬وما اعتبار املرشع أن‬
‫الترصف الصوري هو امللزم حسب مصلحة الغّي‪ ،‬اال نوع من العقوبة املدنية تقع عىل‬
‫املتعاقدان التفاقهام عىل خديعة‪ ،‬واُّيام الغّي عىل خالف احلقيقة ضامان الس تقرار‬
‫املعامالت‪.‬‬
‫ويف ميدان الواكةل الظاهرة فالغّي املتعامل مع الوكيل الظاهر مىت اكن حسن النية‪،‬‬
‫ال يعْل حبدود سلطات الوكيل‪ ،‬أو ال يعْل بنقضاهئا لعدم اعالمه هبذا الانقضاء‪ ،‬فان‬
‫الترصف ينفذ يف حق الصيل‪ ،‬ذلكل فهو تعدي عىل مبدأ نسبية أثر العقد‪ ،‬وقاعدة أن‬
‫العقود ال نتفع وال تهرض غّي عاقدُّيا‪ .1‬ما يوحض أثر حسن نية الغّي يف الوضع الظاهر عىل‬
‫نظرية العقد‪ ،‬بلرمغ من أن نفاذ الترصف ال يستند اىل العقد ذاته لعدم صدور أي ارادة‬

‫‪ -1‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.201‬‬

‫‪162‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو تفويض من املولك يف كثّي من الحيان‪ .‬ويف أحيان أخرى يتعمد املولك ترك‬
‫سلطات الوكيل واسعة تواط ا مع الوكيل‪ ،‬فيتحمل نتيجة ذكل حبامية الوضع الظاهر‪.‬بل‬
‫يستند اىل نيابة قانونية قامت دون أن تقوم النيابة اذ أن النيابة غّي موجودة يف‬
‫‪1‬‬
‫الصل‪.‬‬
‫وتبقى نظرية الوضاع الظاهرة من تطبيقات حسن النية‪ ،‬اذ ترتب أثرا اذا ما ثبت‬
‫حسن نية املتعاقد‪.‬اال أهنا تفتقد خلاصيتني ممزياتن حلسن النية املتطلب توافره ينب طريف‬
‫العقد‪ ،‬أن يكون متجها اىل الطرف املقابل يف العالقة‪ ،‬كام أنه جمرد حاةل ذهنية سلبية‬
‫أي الاعتقاد اخلاطئ ترتب أثرا وال تشلك الزتاما‪.‬بيامن حسن النية يف نطاق العقد يتسم‬
‫بالجيابية‪ ،‬لنه الزتام والالزتام قد يتطلب معال أو امتناعا عن معل أو نقل حق‬
‫عيين‪.‬لسن النية يف الوضاع الظاهرة أحد الرشوط الالزمة لتطبيق النظرية اضافة‬
‫لرشوط أخرى يتعني حتققها‪،‬فيفتلف يف معناه ويف طبيعته ويف من وجه اليه عن‬
‫‪2‬‬
‫حسن النية يف العقد‪.‬‬
‫غّي أنه يُرى أن نظرية الوضاع الظاهرة‪ ،‬وان اكنت ال تنطبق مع املفهوم املوضوعي‬
‫املعمتد لتعريف حسن النية‪ ،‬واذلي س بق وأن أرشان اىل أنه املفهوم املعمتد يف نظرية‬
‫العقد‪ ،‬اال أن حسن نية الغّي هل أثر عىل العقد هو رساين أثر ترصف‪ ،‬يف حق خشص‬
‫ر يكن طرفا يف العقد‪ .‬وامنا أسهم خبط ه يف وجود املظهر اخلاريج‪ .‬فيتحمل أآاثر هذا‬
‫العقد وهذا ما يتحقق يف الواكةل الظاهرة ‪.‬أو رساين الترصف املبين عىل االرادة الظاهرة‬
‫دون الباطنة كام يف العقد الصوري‪.‬‬
‫اضافة اىل ذكل فان حسن النية يف اطار نظرية العقد مفرتض‪ ،‬مبعىن أن عىل من‬
‫يدعي سوء نية الطرف الآخر أن يثبت ذكل‪ .‬بيامن يف نظرية الوضاع الظاهرة عىل الغّي‬

‫‪ -1‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪.219 ،‬‬


‫‪ -2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬

‫‪163‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أن يثبت حسن نيته‪ ،‬يك تتحقق هل امحلاية املقررة طبقا للنظرية‪ .‬بأن يقمي ادلليل عىل‬
‫‪1‬‬
‫حتريه ادلقة والاس تعالم واَتاذ الس بل الالزمة ذلكل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫أســاس النظـــرية‬
‫ال تستند نظرية الوضاع الظاهرة اىل نظرية العقد‪ ،‬لن صاحب احلق ر تصدر‬
‫عنه أي ارادة البرام الترصف‪ ،‬فصاحب الظاهر قد ينشئ ترصفا بغّي عْل صاحب‬
‫احلق‪ ،‬أو بعْل هذا الخّي وتواط ه‪ .‬وحامية الغّي ليست مبنية عىل الترصف القامئ بينه‬
‫وبني صاحب الظاهر‪ ،‬لن هذا الترصف ال يلزم صاحب احلق‪ ،‬بل أهنا مبنية عىل‬
‫اس تقرار املعامالت‪ .‬فينفذ الترصف بناءا عىل ذكل يف حق صاحب احلق‪ ،‬ال بناءا عىل‬
‫الترصف اذلي أبرمه الغّي مع صاحب الظاهر‪ .‬وقد ُأرجعت نظرية الظاهر اىل عدة‬
‫أس مفهنم من أرجع أساسه لنظرية اخلطأ(أوال)‪ ،‬يف حني يرى جانب من الفقه‬
‫احلديث‪،‬أن الظاهر يكفي يف ذاته كساس قانوّن محلاية الغّي حسن النية(اثنيا)‪.‬و مهنم‬
‫من يرى أن أساسه مبدأ حسن النية(اثلثا)‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬نظرية اخلطأ يف املسؤولية‬
‫تعددت الآراء الفقهية يف هذا الشأن ففي سبيل تأسي الظاهر عىل أساس‬
‫املسؤولية التقصّيية‪ ،‬حاول جانب من الفقه ارجاعها اىل فكرة اخلطأ‪ ،‬فأقام املسؤولية‬
‫عىل أساس العمل الشفيص‪ ،‬ويه النظرية الشفصية‪.‬مث تطور المر ليقمي الفقه بعد‬
‫ذكل املسؤولية عىل فكرة الهرضر وحتمل التبعة‪ ،‬ويه النظرية املوضوعية‪ 2.‬فالنظرية‬
‫الشفصية يتقرر من خاللها أن اس تقرار الوضع الظاهر‪ ،‬غّي متصور اال مبسامهة‬

‫‪-1‬جنوان عبد الس تار عىل مبارك‪ ،‬الوضع الظاهر ص ‪.91‬‬


‫‪-2‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪031‬‬

‫‪164‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫صاحب احلق خبط ه‪ ،‬أو عىل القل بهامهل وعدم احتياطه‪ ،‬أو رعونته‪ .‬مفثال العقد‬
‫الصوري هو من صنع صاحب احلق‪.‬‬
‫وقد اندى بعض الفقه بأفاكر قريبة من فكرة اخلطأ أو تعترب جزءا منه‪ ،‬حيث‬
‫هلهرت نظرية الثقة املرشوعة‪ ،‬مضموهنا أنه يقع عىل صاحب احلق واجب المتسك حبقه‬
‫وادلفاع عنه‪ ،‬وعدم تركه للغّي‪ .‬فان أمهل وخالف هذا الواجب اكن مساهام يف اُّيام‬
‫الغّي وخديعته‪ ،‬ويف ذكل اخالل بثقة الغّي يف الظاهر املس تقر‪ ،‬ويف أآداء لك صاحب‬
‫حق لواجبه يف ارافظة عىل حقه‪ ،‬ويف عدم اس تقرار مظهر خمالف للحقيقة‪ ،‬وهذه‬
‫اخملالفة تربر مساءلته وبلتايل فقدانه حلقه ‪.1‬‬
‫غّي أنه وهجت عدة انتقادات للرأي القادل‪ ،‬بهرضورة أن ينسب خطأ لصاحب احلق‬
‫نذكر مهنا ‪:‬‬
‫‪-‬أن تطلب اخلطأ يف جانب صاحب احلق‪ ،‬يس تقمي يف بعض الفروض دون البعض‬
‫الآخر‪ .‬فاخلطأ ال يتوافر يف لك حاالت الظاهر اذلي ينشئ حقا للغّي‪ ،‬فقد ينتفي اخلطأ‬
‫يف جانب صاحب احلق‪ ،‬كصاحب احلق اذلي عادت اليه ملكيته بأثر رجعي‪ ،‬بعدما‬
‫زالت ملكية املترصف أيضا بأثر رجعي‪.‬‬
‫‪-‬كام وأن اعامتد نظرية الثقة ال ككن أن يس تقمي‪ ،‬مع من مت اغتصاب حقه منه دون علمه‬
‫ودون ارادته‪ .‬فتطلب اخلطأ يف جانب صاحب احلق أو تطلب عالقة س ببية بني فعهل‬
‫وبني الغلط اذلي وقع فيه الغّي‪ ،‬يس تلزم هل وجود ارادة لصاحب احلق يف احداث‬
‫النتيجة‪ .‬سواء اكنت هذه االرادة انجتة عن فعل اجيايب أي مسامهة اجيابية الحداث‬
‫النتيجة‪ ،‬أو اكنت تكل االرادة انجتة عن فعل سليب بالمتناع عن منع وقوع النتيجة‪ ،‬أي‬
‫املسامهة السلبية‪.‬‬

‫‪ -1‬فتيحة قرة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪165‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما النظرية املوضوعية هلهرت نتيجة الصطدام النظرية الشفصية مع املنطق‪ ،‬وعدم‬
‫مالحقهتا للتطور الاقتصادي‪ .‬تقوم هذه النظرية عىل أساس الهرضر‪ ،‬فال يلزتم الغّي‬
‫بثبات وجود اخلطأ‪ ،‬وامنا عليه فقط أن يقمي ادلليل عىل الظاهر املس تقر اخملالف‬
‫للحقيقة‪.‬‬
‫اذ أن مضمون نظرية الظاهر تبعا ذلكل هو أن صاحب احلق يتحمل التبعة‪ ،‬أي‬
‫يتحمل اخملاطر اليت ينطوي علهيا التعامل‪ ،‬ومهنا خمالفة الظاهر للحقيقة‪ .‬حيث تعلو‬
‫مصلحة اجملمتع يف دوام السّي النشط للمعامالت املالية‪ ،‬عىل املصلحة اخلاصة لصاحب‬
‫احلق‪ ،‬فاس تقرار التعامل يوجب أن كنل احلق للمكتسب هل‪.‬‬
‫اال أن هذه النظرية أيضا ر تسْل من النقد‪ ،‬ذكل أن فكرة التبعة ر يقصد هبا‬
‫املساءةل املدنية بغّي قيد أو ضابط‪ ،‬وامنا قصد هبا َتفيف العبء عن املهرضور‪ ،‬بعفاده‬
‫من اثبات اخلطأ يف جانب املسؤول‪ .‬فيظل اخلطأ أساس يا لقيام املسؤولية كون الهرضر‬
‫نتيجة لفعل املسؤول‪ ،‬وبلتايل عند تأسي الظاهر عىل حتمل التبعة‪ ،‬فانه وان اكن ال‬
‫يطلب أن يكون الظاهر قد اس تقر خبطأ صاحب احلق‪ ،‬فعىل القل جيب أن يكون‬
‫اس تقراره بفعل صاحب احلق أو مبسامهته‪ ،‬وبناءا عىل ذكل كيف ينسب الظاهر اىل‬
‫‪1‬‬
‫فعل صاحب احلق‪ ،‬يف الفروض اليت يس تقر فهيا بغّي علمه أو رمغ ارادته‪.‬‬
‫كام وأن املسؤولية املدنية َتتلف يف جوهرها عن الظاهر‪ ،‬وال تصلل أساسا هل‪.‬‬
‫فاملسؤولية تان يف وقوع ر حمقق تسعى لتعويضه‪ ،‬واذا سلمنا بأن املسؤولية يه‬
‫أساس الظاهر فأين الهرضر ارقق؟ وما هو التعويض وما مقداره ؟ مفا اجازة الترصف‬
‫املربم مع الغّي استنادا اىل الظاهر اال تفاداي لهرضر حممتل بلنس بة للغّي‪ ،‬ولي تعويضا‬
‫لهرضر حمقق أصابه‪ .‬من مث هتدف نظرية الظاهر اىل حامية الثقة املرشوعة‪ ،‬ومنع ر‬
‫حممتل ال حمقق‪.‬‬
‫‪-1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪039‬‬

‫‪166‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نشّي اىل أن حماة النقض املرصية مازالت اىل الآن‪ ،‬تشرتط خطأ صاحب احلق‬
‫من مضن رشوط اعامل النظرية‪ ،‬اال أن ذكل ال يعين أهنا تتدذ من ذكل أساسا هل‪.‬‬
‫و هذا عىل خالف القضاء الفرنيس اذلي ر يشرتط خطأ صاحب احلق‪ ،‬واستبدلها‬
‫بشرتاط مسامهة صاحب احلق –سواء االرادية أو غّي االرادية – يف اجياد الوضع‬
‫الظاهر‪ ،‬حىت تشمل مجيع حاالت الظاهر سواء اليت ساُه فهيا صاحب احلق خبط ه –‬
‫‪1‬‬
‫سلبا أو اجياب –‪ ،‬أو اليت ر خيطئ فهيا ويه املسامهة غّي االرادية‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬كفاية الظاهر يف ذاته كساس قانوّن‬
‫ذهب بعض الرشاح ‪ ،2‬اىل أن املظهر املس تقر املربر يصلل أساسا قانونيا اكفيا‬
‫القرار ونفاذ الترصف اذلي أبرمه الغّي مع صاحب الظاهر‪ .‬واحلقيقة أن نظرية الوضاع‬
‫الظاهرة تندرج حتت اطار الوقادع القانونية ولي الترصفات القانونية‪ ،‬وبناءا عىل ذكل‬
‫حاول العديد من الفقه اس نادها اىل نظرية املسؤولية التقصّيية أو االثراء بال سبب‪ ،‬اال‬
‫أن مجيع اراوالت الفقهية تعرضت لالنتقاد لعدم اس تغراقها مجيع حاالت الوضع الظاهر‪.‬‬
‫وملا اكنت نظرية الوضع الظاهر ذات عالقة ثالثية الشداص‪ ،‬صاحب احلق‬
‫وصاحب الظاهر والغّي حسن النية اذلي تعامل مع صاحب الوضع الظاهر‪ ،‬فانه يتودل‬
‫من تكل العالقة أثران الول فقد صاحب احلق حلقه‪ ،‬والثاّن اكتساب الغّي لهذا احلق‪،‬‬
‫وبلتايل فالساس اذلي يوضع لهذه النظرية جيب أن يس تغرق هذان الاثران‪ ،‬فال يكفي‬
‫‪3‬‬
‫أن يكون الساس لثر مهنام دون الآخر‪.‬‬
‫اثلث اا‪ :‬حسن النية كساس للظاهر‬
‫هتدف نظرية الوضع الظاهر اىل حامية الغّي‪ ،‬برشط حسن نيته عند ابرام‬
‫الترصف‪ ،‬فذهب جانب من الفقه‪ 4‬اىل أن حسن النية هو أساس حامية الغّي‪ ،‬اذلي‬

‫‪ -12‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.022‬‬


‫‪-3‬فتيحة قرة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪31‬‬
‫‪-4‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.019‬‬
‫‪ -‬رأي عبد الباسط مجليعي مشار اليه يف ‪ :‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬

‫‪167‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعامل مع صاحب الظاهر‪ ،‬وقام بواجبه يف الاس تعالم والتحري عند ابرام العقد معه‪،‬‬
‫دون الاعتداد بنية صاحب احلق أو صاحب الظاهر‪ ،‬واليت ال تؤثر عىل قيام الظاهر‬
‫بل تؤثر عىل العالقة بيهنام‪ ،‬فامي يتعلق بلرجوع بلتعويض من عدمه يف حاةل سوء النية‬
‫يف جمال الترصفات القانونية‪.‬‬
‫غّي أن البحث عن أساس نظرية الوضع الظاهر طبقا لهذا الاجتاه‪ ،‬يعين البحث‬
‫يف أساس تصحيل الترصف ‪،‬أي يف أساس اكتساب الغّي للحق‪ ،‬وهو يتعامل مع غّي‬
‫ذي صفة‪ .‬واذا سلمنا هبذه الفكرة كساس للظاهر لتربير اكتساب الغّي للحق‪ ،‬فاهنا ال‬
‫‪1‬‬
‫تربر فقد صاحب احلق حلقه‪.‬‬
‫ومن الانتقادات اليت وهجت لفكرة حسن النية كساس للظاهر‪ ،‬أنه أحد رشوط‬
‫حامية الغّي حسن النية‪ ،‬اىل جانب الغلط الشادع‪ ،‬حيث يكوانن الركن املعنوي لنظرية‬
‫الوضاع الظاهرة‪،2‬فيفصل هذا انجانب من الفقه بني الغلط الشادع وحسن النية‪.‬‬
‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية والواكةل الظاهرة‬
‫املعلوم أن التطبيقات الترشيعية يه الطريق الوحيد الثبات نظرية معينة‪ ،‬واخراهجا‬
‫وابرازها‪ .‬ومن تطبيقات نظرية الظاهر‪ ،‬واليت يظهر أثرها بشلك جيل عىل نظرية العقد‬
‫الواكةل الظاهرة‪ ،‬كفكرة صاغها القضاء واتبعه فهيا الفقه‪ ،‬ليواجه هبا الهرضورات العملية‬
‫وليوطد اس تقرار التعامل‪ ،‬ولو خرج يف ذكل عىل املنطق القانوّن‪ ،‬وسار عىل هذا الهنج‬
‫الفقه الفرنيس‪.‬‬

‫‪-12‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬
‫‪ -‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫حيث أن الغلط الشادع هو الاعتقاد اخلطئ بوجود وضع قانوّن‪ ،‬فهو وُه أو خيال يصيب الشفص نتيجة هلروف‬
‫ومالبسات‪ ،‬فهو غلط شادع دلى غالبية الناس‪.‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪10‬‬

‫‪168‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لجل حبث دور املبدأ يف الخذ بلواكةل الظاهرة‪ ،‬عرفنا الواكةل الظاهرة وحددان‬
‫صورها (الفرع الول)‪،‬مث حبثنا يف خصوصية حسن النية كرشط للخذ بلواكةل الظاهرة‬
‫(الفرع الثاّن)‪،‬مث دور الفقه والقضاء يف توس يع حاالت الخذ بلواكةل الظاهرة(الفرع‬
‫الثالث)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫تعريف الواكةل الظاهرة وصورها‬
‫يف حاالت اس تننادية أجاز املرشع انجزائري كغّيه من التقنينات املقارنة‪ ،‬انرصاف‬
‫أثر الترصف اذلي يربمه الوكيل مع الغّي اىل املولك‪ ،‬عىل الرمغ من عدم وجود‬
‫توكيل‪.‬حامية للغّي حسن النية اذلي قد ال يكون عاملا بعدم وجودها‪ ،‬بناءا عىل واكةل‬
‫هلاهرة تظهر عىل أهنا واكةل حقيقية صدرت عن املولك‪ ،‬مفا املقصود بلواكةل الظاهرة ؟و‬
‫ما يه صورها؟‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫تعريف الواكةل الظاهرة‬
‫الصل أنه مىت جتاوز النادب حدود نيابته‪ ،‬فان الترصف ال يرتب أي أثر قانوّن يف‬
‫ذمة الصيل‪ .‬فيبقى عقده موقوفا فال ينفذ العقد يف هذه احلاةل قبل الصيل اال بقراره‪.‬‬
‫حيث ترتتب الآاثر يف مواهجه بأثر رجعي من وقت ابرام العقد‪ ،‬ولي فقط من وقت‬
‫صدور االقرار‪ ،‬برشط أن ال ك هذا االقرار حبقوق الغّي حسن النية‪ ،‬واذلي تلقى‬
‫حقه من الصيل يف الفرتة السابقة عىل االقرار‪ .‬كام لو قام الصيل بتأجّي العني‪ ،‬قبل‬
‫اقراره االجيار الصادر من النادب متجاوزا حدود النيابة ‪.1‬‬
‫‪-1‬أمحد شويق دمحم عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫هذا وأن أآاثر العقد لن يتقيد هبا النادب‪ ،‬وتتحد مسؤوليته يف تعويض من تعاقد معه عام أصابه من ر‪ ،‬ولي للغّي أن‬
‫يرجع عىل الصيل اال مبقدار ما اس تفاد يف حدود الفضاةل أو قواعد االثراء بال سبب‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عىل أنه يشرتط أن يكون الصيل عاملا وقت االقرار بأن الترصف اذلي يقره خرج‬
‫فيه النادب عن حدود سلطته‪ ،‬وأنه أي الصيل قصد بقراره أن تنرصف أآاثر العقد‬
‫‪1‬‬
‫اذلي أبرمه النادب مع الغّي‪ ،‬واذلي جتاوز فيه حدود النيابة اىل ذمته هو‪.‬‬
‫غّي أنه يف حاالت اس تننادية ككن أن ينرصف فهيا أثر الترصف‪ ،‬اىل ذمة املولك‬
‫رمغ اجملاوزة أو اخملالفة‪ .‬اذا أحاطت بلترصف هلروف من شأهنا أن تويح بوجود‬
‫الواكةل‪ ،‬حبيث لو وجد أي خشص عادي يف مثل الظروف اليت مت فهيا التعاقد‪ ،‬القتنع مبا‬
‫تويح به والعتقد أن الوكيل يترصف يف حدود سلطته‪ .‬وقد يقرتن ذكل بعْل الشفص‬
‫اذلي مت الترصف حلسابه هبذه الظروف اخلادعة‪ ،‬وال يقوم بأي معل أو ترصف الهلهار‬
‫احلقيقة‪ ،‬ونفي صفة الواكةل معن يدعي واكلته‪ ،‬عنه أو بيان حدود هذه الواكةل‪ .‬وهذا ما‬
‫يسمى بلواكةل الظاهرة ‪.2‬‬
‫الواكةل الظاهرة اذن يه الواكةل اليت تعمتد عىل مظاهر خارجية‪ ،‬أحاطت ببرام‬
‫الترصف‪ .‬فيسمى من أبرم الترصف بلوكيل الظاهر‪ ،‬من مث عرف الوكيل الظاهر بأنه من‬
‫يربم الترصف بمس خشص أآخر مع انرصاف أآاثره حلساب هذا الخّي‪ ،‬لي استنادا اىل‬
‫واكةل بينه وبني صاحب الشأن‪ ،‬وامنا اىل ش به واكةل بيهنام‪ 3.‬فتقوم هذه الواكةل عىل أساس‬
‫‪4‬‬
‫وجود نيابة قانونية‪ ،‬أي نيابة أقاهما املرشع ال املولك‪.‬‬

‫‪ -1‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ -2‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬مدى مسؤولية الوكيل يف عقد الواكةل‪ ،‬دار الفكر انجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،3202 ،‬ص‪.012‬‬

‫‪ -3‬مضّي حسني املعموري‪ ،،‬الواكةل الظاهرة‪ ،‬جمَل جامعة ببل للعلوم االنسانية‪ ،‬اجملدل ‪ ،02‬ع ‪،3221 ،،3‬ص ‪.222‬‬
‫مشار اليه أيضا يف ‪ :‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬أحاكم الوضع الظاهر يف عقود املعاوضات املالية‪ ،،‬دار انجامعة انجديدة‬
‫للنرش‪ ،‬االسكندرية ‪ 3221‬ص ‪.321‬‬
‫‪ -4‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪011‬‬
‫ويرجع الفضل الكرب يف صياغة هذه النظرية اىل القضاء املرصي والفرنيس اذلي سايره يف ذكل الفقه ليبني أثر التفاعل بني‬
‫القواعد القانونية وبني ورات احلياة العملية أو بني املنطق البحث وبني اعتبار حامية املعامالت‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عرفها أآخرون بأهنا ثبوت صفة الواكةل لشفص عن أآخر‪ ،‬مىت وجد الول برضا الثاّن‬
‫يف وضع من شأنه محل الغّي عىل الاعتقاد‪ ،‬بأن هل مبقتىض القانون مكنة الترصف بمس‬
‫‪1‬‬
‫ذكل الشفص الآخر‪.‬‬
‫أما الفقه الفرنيس فقد عرف الوكيل الظاهر بأنه من يترصف بمس أآخر مع خشص‬
‫‪2‬‬
‫يعتقد بوجود الواكةل مع غياهبا يف احلقيقة‬
‫وقوام مبدأ الواكةل الظاهرة أن نطاق النيابة‪ ،‬ال يتحدد بلنس بة للغّي اذلي يتعامل مع‬
‫الوكيل‪ ،‬جملرد اللفاظ اليت صيغت فهيا االانبة‪ .‬بل أن للظروف اليت حتيط هبا‬
‫والهرضورات اليت تقتضهيا املعامالت‪ ،‬نصيبا يف حتديد مدى سلطات النادب‪ ،‬وتعيني ما‬
‫‪3‬‬
‫يدخل يف مكنته وما خيرج عنـها من ترصفات‪.‬‬
‫وال شك أن من يقدم عىل التعاقد مع الوكيل الظاهر يكون هل عذره‪ ،‬اذ ال ككن‬
‫نس بة أي خطأ اليه لكونه قد اتبع سلوك الشفص املعتاد‪ ،‬اذلي لو وجد يف مثل هذه‬
‫الظروف لقر بوجود الواكةل وبكون الوكيل ر يتجاوز حدودها املرسومة‪ 4 .‬ومن‬
‫يفوض الوكيل بقرتاض مبلغ من خشص فتنهت ي الواكةل بذكل‪ ،‬مث‬ ‫التطبيقات الشادعة أن َّ‬
‫يعود اىل اقرتاض مبلغ أآخر بنف التوكيل من خشص أآخر‪ ،‬ويكون املقرض الثاّن حسن‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط العقود الواردة عىل العمل ‪،‬دار احياء الرتاث العريب ‪،‬لبنان ‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.602‬‬
‫الواكةل عقد مبقتضاه يلزتم الوكيل بأن يقوم بعمل حلساب املولك املادة ‪ 699‬ق م م واملادة ‪ 0921‬ق م ف‪.‬واملادة ‪110‬ق م‬
‫ج‪.‬‬
‫جيب أن حتل ارادة النادب حمل ارادة الصيل وأن يعرب النادب عن ارادته ال عن ارادة الصيل‪ .‬وتكون العربة برادة النادب‬
‫ونيته ال برادة الصيل ونيته‪ ،‬وينبين عىل ذكل أنه فامي يتعلق بعيوب الرضا يعول عىل ارادة النادب ولي ارادة الصيل‪،‬‬
‫وكذكل فامي يتعلق حبسن وسوء النية‪ .‬الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.093‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ H.Ralan :‬مشار اليه يف ‪ :‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪321‬‬
‫‪ -3‬مضّي حسني املعموري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -4‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬

‫‪171‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النية ال يعْل بلقرض الول‪ .‬ففي هذا الفرض يكون املولك ملزتما بلقرض الول بناءا‬
‫‪1‬‬
‫عىل واكةل حقيقية‪ ،‬وبلقرض الثاّن بناءا عىل واكةل هلاهرة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫صور الواكةل الظاهرة‬
‫احلقيقة أن انتفاء الواكةل مع قيام ش هبهتا أمر تتعدد فيه الفروض والصور‪ ،‬سواء يف‬
‫ذكل تكل احلاةل اليت تكون فهيا واكةل يف الصل‪ ،‬ولكهنا تس تددم لتحقيق أغراض نفعية‬
‫تعود عىل الوكيل‪ ،‬واما فامي وراء احلدود اليت رمسها هل الصيل‪ .‬أو بعد أن تكون قد‬
‫انقضت بلعزل أو التنحي أو غّي ذكل من أس باب الانقضاء الخرى‪ .‬بل وأيضا تكل‬
‫احلاةل اليت تنعدم فهيا الواكةل أصال أو ابرام الترصف رمغ بطالهنا‪ ،‬وابرامه استنادا اىل‬
‫واكةل ومهية ال وجود لها‪ 2.‬فالواكةل الظاهرة قد تستند اىل واكةل حقيقية جتاوز فهيا الوكيل‬
‫صالحياته‪ ،‬أو واكهل حقيقية انهتت دون عْل الغّي بذكل‪ ،‬أو الغّي والوكيل معا‪ ،‬وقد ال‬
‫تستند اىل نيابة حقيقية‪.‬‬
‫وقد قرر املرشع مراعاة الغّي حسن النية حامية هل بغرض اس تقرار املعامالت‬
‫برساين الترصفات اليت جيرُّيا الوكيل مع الغّي‪ ،‬يف حق املولك أو ورثته يف حال انهتاء‬
‫الواكةل‪.3‬ذكل أن من يتعامل مع الوكيل قد خيفى عليه ذكل‪ ،‬اذ يكون من العسّي أحياان‬
‫اكتشاف انهتاهئا‪ .‬فيكون من غّي املقبول اعتباره قد تعامل مع غّي ذي صفة‪ ،‬وابطال‬
‫الترصف أو اعتباره غّي انفد يف حق املولك ‪.4‬فنص املرشع يف املادة ‪ 021‬ق م م املقابَل‬

‫‪ -1‬نقض بتارخي ‪ 0990/21/00‬مقتب عن ‪ :‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪093‬‬
‫‪ -2‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪326‬‬
‫‪ -3‬من املعلوم أن الواكةل تنهت ي بأس باب عدة يرجع بعضها اىل خشص املولك اكلعزل أو وفاة املولك وبعضها يرجع اىل خشص‬
‫الوكيل اكلتنازل عن التوكيل أو الوفاة‪ .. .‬وبعضها اىل عقد الواكةل ذاته‪ ،‬اكنهتاء املدة ان اكنت حمددة أو أن يصبل تنفيذ الواكةل‬
‫مس تحيال‪،‬أو بنهتاء املهمة موضوع التفويض ومع ذكل يس متر الوكيل يف نف املهمة‪.‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬العقود الواردة عىل العمل ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.600‬‬
‫‪ -4‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪172‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للامدة ‪ 16‬ق م ج واليت أحالت الهيا املادة ‪ 585‬ق م ج‪ ،‬أنه اذا اكن النادب ومن تعاقد‬
‫معه‪ ،‬جيهالن معا وقت انقضاء النيابة فان أثر العقد اذلي يربمه حقا اكن أو الزتاما‬
‫يضاف اىل الصيل أو خلفاده"‪ .‬فال حيتج بنهتاء الواكةل عىل الغّي اذلي تعاقد مع الوكيل‬
‫قبل علمهام بنهتاهئا‪.‬‬
‫أي أن العزل ال ينتج أثره اال اذا وصل اىل عْل الوكيل‪ ،‬فيجب اعالم الوكيل بلعزل‬
‫واعالم الغّي أيضا‪ .‬وللقايض السلطة التقديرية فامي اَتذه املولك من اجراءات ليعْل الغّي‬
‫بنقضاء الواكةل وهل هذه االجراءات اكفية لنفي انجهاةل عن الغّي أم ال‪ .‬وال يعد هذا‬
‫الزاما عليه‪ ،‬بل حماوةل منه لقطع الطريق أمام لك ترصف يصدر بسوء نية‪ ،‬من جانب‬
‫الوكيل الظاهر والغّي يف مواهجته ‪ 1.‬كام يف حاةل انهتاء الواكةل لعزل الوكيل أو موت‬
‫املولك‪ ،‬ور يقم املولك مبا جيب من اعالن أو اعالم اكف يف الول‪ ،‬ور يتصدى الورثة‬
‫الشاعة نرش خرب وفاة مورهثم (املولك) يف الثانية‪ ،‬فهذا يعد اكفيا خللق أو اجياد العنرص‬
‫املادي للواكةل الظاهرة ‪ .2‬وعىل الغّي أن يثبت وباكفة وسادل االثبات‪ ،‬عن حقيقة هذا‬
‫املظهر وبأنه ر يقرص‪.‬‬
‫فتشّي هذه املادة مبفهوم اخملالفة اىل أن النادب اذا تعاقد مع الغّي‪ ،‬واكان معا يعلامن‬
‫بنقضاء الواكةل أو بتجاوزها‪ ،‬فان أثر العقد ال ينرصف اىل الصيل‪ ،‬لتدلف ركن همم من‬
‫أراكن تطبيق نظرية الظاهر‪ ،‬وهو حسن نية الغّي اذلي تعاقد غّي عار بالنقضاء أو‬
‫التجاوز‪.‬‬
‫كام تشّي اىل أن الترصف ال يضاف اىل الصيل‪ ،‬مىت جتاوز النادب حدود النيابة‬
‫يف حال معرفة أن نيابته عن الصيل انهتت‪ .‬ولو اكن الغّي حسن النية اال مىت اكن‬
‫النادب والغّي معا جيهالن انقضاء النيابة‪ ،‬عنددذ يضاف الترصف اىل الصيل املادة ‪16‬‬

‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪096‬‬
‫‪ -2‬مضّي حسني املعموري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪222‬‬

‫‪173‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ق م بعتبارهام حس ين النية‪.‬تقابلها املادة ‪ 021‬ق م م اليت أحالت الهيا املادة ‪ 102‬ق م‬


‫م‪ .‬وبلتايل مىت اكن النادب والغّي معا يعلامن بنقضاء الواكةل فان أثر العقد ال ينرصف‬
‫اىل الصيل لتدلف ركن همم من أراكن تطبيق نظرية الظاهر وهو حسن النية‪.‬‬
‫ويف احلقيقة جيب االشارة اىل أن النص ر يطبق نظرية الظاهر حرفيا‪ ،‬فامحلاية‬
‫منوطة وفق نص املادة بأن يكون حسن النية مشرتاك بني الغّي والوكيل‪ ،‬أي أن يكون‬
‫الكهام جاهال النقضاء النيابة‪.‬دلى جند جانب من الفقه‪ 1‬يرى أن نص املادة ‪ 021‬ق م م‬
‫ال يعرض حلاةل الواكةل الظاهرة‪ ،‬بل يعرض حلاةل ما اذا اكن النادب حسن النية ال يعْل‬
‫بنقضاء نيابته ‪،‬فتقرر أن أثر ترصفه ينرصف اىل الصيل‪ .‬ولكن يشرتط ذلكل حسن نية‬
‫الغّي‪ ،‬اذ لو اكن الغّي س ئي النية ملا شفع يف سوء نيته حسن نية النادب‪.‬‬
‫غّي أن جانب أآخر من الفقه ‪2‬يرى أنه من الزتيّد اشرتاط حسن نية لك من الوكيل‬
‫والغّي‪ ،‬اذ الصحيل أن يشرتط حسن نية الغّي فقط‪ ،‬واال اكن نص املادة يعرض لعالقة‬
‫الوكيل بملولك‪ .‬فقد تقب الواكةل مثال بتنحي الوكيل عن هممته وال يتصور هجهل‬
‫بنقضاهئا‪ ،‬مع ذكل فيس متر يف أداء املهمة مع ذكل نطبق نص املادة ة‪ 021‬ق م ج‪.‬‬
‫وبلنس بة املرشع الفرنيس فقد جاء يف املادة ‪ 3221‬ق م ف نص عىل أن العزل ال‬
‫حيتج به عىل الغّي اذلين تعاملوا عن هجل به‪ ".‬فْل يرش اىل وجوب توفر حسن النية‬
‫دلى الوكيل أيضا‪ .‬من مث ال أثر لسوء أو حسن نية الوكيل يف انرصاف أثر الترصف اىل‬
‫املولك‪ ،‬اذا توافرت بيق رشوط الواكةل الظاهرة‪ .‬اذ يتحمل ّ‬
‫املولك مجيع الالزتامات‬
‫الناش ة عن ترصف الوكيل الظاهر‪ ،‬ويس تفيد بحلقوق املرتتبة عىل هذا الترصف‪ ،‬سواء‬
‫‪ -1‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬العقود الواردة عىل العمل ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.629‬‬
‫دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ -2‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪092‬‬
‫يف حني يذهب أآخرون اىل القول أن اشرتاط حسن نية الغّي دون حسن نية الوكيل‪ ،‬خيالف املنطق القانوّن وقواعد‬
‫العداةل‪ .‬وهو يف ذكل ينتقد موقف املرشع العرايق اذلي اشرتط حسن نية الغّي دون الوكيل‪.‬‬
‫هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪174‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اكن الوكيل حسن النية أو سيهئا‪ .‬اال أن أثر سوء نية الوكيل يظهر يف حق املولك‪ ،‬يف‬
‫الرجوع عليه بلتعويض عن ال ار اليت حلقت به من جراء ترصفه لجل ذكل يذهب‬
‫جانب أآخر نؤيده‪ ،‬أن تطلب حسن نية لك من الوكيل والغّي ال كنع من كون املادة‬
‫‪ 021‬أحد تطبيقات الظاهر‪ ،‬فالتطبيق الترشيعي اخلاص لفكرة معينة قد خيرج جزديا‬
‫‪1‬‬
‫عهنا‪ ،‬ومع ذكل يعترب تطبيقا لها ما دام حيتفظ جبوهرها‪.‬‬
‫ويف حني جند أن املرشع اعتد بلواكةل الظاهرة يف حال انقضاء الواكةل‪ ،‬اال أنه يف‬
‫حال جتاوز حدود الواكةل ر يطبق نظرية الظاهر‪ ،‬لن الوكيل مىت احنرف بلواكةل عن‬
‫أغراضها‪ ،‬فأساء اس تدداهما لتحقيق أغراض خشصية‪ ،‬فال شك أنه يكون يف هذه احلاةل‬
‫فاقدا لواليته‪ ،‬لنه اذا اكنت الواكةل حمدودة من حيث املوضوع والغرض‪ ،‬فالوكيل اذلي‬
‫يعمل بمس مولكه فامي وراء حدود الواكةل أو عىل خالف أغراضها‪ ،‬فيفرج عن النطاق‬
‫املوضوعي اذلي رمسه الصيل‪ ،‬ر تعد أعامهل ملزمة للصيل ويكون للغّي أن يرجع عليه‪،‬‬
‫لن حدود الواكةل قد بيهنا هل عقد الواكةل‪.‬وما ينطبق عىل جتاوز الوكيل حدود الواكةل‪،‬‬
‫ينطبق عىل اس تغالهل الواكةل لصــاحله الشفيص أي جتاوزه أغراضــــها‪2.‬حيث جاء يف‬
‫املادة ‪ 021‬ق م م املقابَل للامدة ‪ 11‬ق م ج أنه اذا أبرم النادب يف حدود نيابته عقدا‬
‫بمس الصيل‪ ،‬فان ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والزتامات يضاف اىل‬

‫‪ -1‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪ -2‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬
‫ولعل هذا احلمك يستند اىل مبدأ نسبية العقود‪ ،‬وأهنا ال تربط سوى أطرافها وعىل أن الشفص ال ككل أن يعطي والية‬
‫لغّيه‪ ،‬ما ر تكن هذه الوالية هل أصال لن فاقد اليشء ال يعطيه‪ ،‬وعىل ذكل اذا ما تعاقد الوكيل يف حدود هذه الوالية اليت‬
‫زوده هبا مولكه‪ ،‬انرصفت أآاثر تعاقده اىل ذمة ذكل املولك‪ ،‬حىت اذا ما جتاوز تكل احلدود أصبل فاقدا لواليته‪ .‬وبلتايل فان‬
‫العمل اذلي جيريه الوكيل يف هذه احلاةل ال يكون ملزما للصيل‪.‬‬
‫سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪329‬‬

‫‪175‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الصيل‪.‬حيث تشّي هذه املادة مبفهوم اخملالفة اىل أن الشفص اذا أبرم عقدا وجتاوز‬
‫‪1‬‬
‫حدود النيابة‪ ،‬فان الترصف ال يضاف اىل الصيل‪.‬‬
‫يف هذا الصدد يذهب جانب من الرشاح اىل أن املرشع ّفرق بني انقضاء الواكةل‬
‫وجتاوزها‪ ،‬لن الانقضاء ال يوجد غالبا يف س ند الواكةل اال اذا اكن قد ذكر فيه اترخي‬
‫انهتاهئا‪ .‬مما يسهل قيام مظهر الواكةل وييرس اخنداع الغّي يف أمر قياهما ودواهما‪ ،‬بعك‬
‫حاةل التجاوز حيث يتضمن س ند الواكةل يف الغالب بياان ملوضوعها‪ ،‬حيدد نطاقها‬
‫‪2‬‬
‫ويكشف بذاته عام قد حيدث من جتاوز‪.‬‬
‫ويف احلقيقة أن هذا التشدد من املرشع هل غايته‪ ،‬ففي حاةل التجاوز عىل الغّي‬
‫مسؤولية أن يطلع عىل س ند الواكةل واال اعترب مقرصا‪ ،‬والمر لي عسّيا مفن السهل‬
‫أن يكتشف حدود الواكةل بالطالع عىل س ندها‪،‬أما بلنس بة لالنقضاء مفن الصعب عىل‬
‫الغّي يف كثّي من الحيان أن يكتشف ويعْل سبب الانقضاء‪ ،‬حىت ال يقدم عىل‬
‫‪3‬‬
‫التعامل‪ .‬اكنقضاء الواكةل بوفاة املولك أو فقد أهليته أو افالسه أو حسبه للواكةل‪.‬‬
‫هذا وأنه من انحية أخرى حاةل اجملاوزة حلدود الواكةل‪،‬تمتزي بأهنا تتضمن يف الغالب‬
‫من املالبسات ما يسمل بصيانة مصار الغّي استنادا اىل القواعد العامة‪ .‬ففي كثّي من‬
‫الحيان خيفي التجاوز عىل الغّي نتيجة اخلطأ يف جانب املولك‪ ،‬مما ييرس هل الرجوع عليه‬
‫‪4‬‬
‫استنادا اىل قواعد املسؤولية التقصّيية‪.‬‬

‫‪ -1‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪312‬‬


‫ويرى بعض الفقه أن املرشع خفف من حدة هذا املبدأ من خالل نص املادة ‪ 122‬ق م م واملادة ق م ج حيث نصت عىل‬
‫أن خيرج عن تكل احلدود مىت اكن يس تحيل عليه اخطار املولك سلفا واكنت الظروف يغلب علهيا الظن بأن املولك ما اكن‬
‫اال ليوافق عىل هذا الترصف وعىل الوكيل يف هذه احلاةل أن يبادر ببالغ املولك خروجه عن حدود الواكةل‪.‬‬
‫‪ -2‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪ -34‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ -‬نعامن خليل مجعة‪ ،‬أراكن الظاهر مكصدر للحق‪ ،‬ص ‪69‬‬
‫سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪321‬‬

‫‪176‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫حسن النية رشط للخذ بلواكةل الظاهرة‬
‫يعد حسن النية رشطا الزما لتطبيق نظرية الواكةل الظاهرة‪.‬بتحققه ينفذ الترصف‬
‫املربم بعوض بني صاحب الوضع الظاهر‪ ،‬أي الوكيل والغّي حسن النية(الفقرة الوىل)‪،‬‬
‫يف مواهجة صاحب احلق أي املولك‪ ،‬تأسيسا عىل نظرية الوضاع الظاهرة‪ .‬غّي أن‬
‫حلسن نية الغّي حدا‪ ،‬يقف عند ورة الاس تعالم من قبل هذا الخّي‪(.‬الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫املقصود حبسن نية الغّي يف الواكةل الظاهرة‬
‫ويقصد حبسن نية الغّي وحسن نية النادب بأن يعتقدا معا أن الواكةل ر تنهت ي بعد‪،‬‬
‫هذا الاعتقاد جيب أن يكون مبنيا عىل أس معقوةل‪ ،‬وعىل الغّي يقع عئب اثبات‬
‫حسن نيته‪ .‬ويف الغالب يس تعني الغّي اثباات حلسن نيته‪ ،‬بثباته للمظهر اخلاريج‬
‫املنسوب اىل املولك‪ 1 .‬بأن يثبت أنه حني تعاقد مع الوكيل اكن جيهل انعدام واكلته‪.‬‬
‫وينظر اىل حسن نيته وقت التعاقد مع الوكيل‪.2‬‬
‫أي أن حسن النية يعد رشطا الزما لتطبيق النظرية‪ .‬وينبين عىل ذكل نفاذ‬
‫الترصف املربم بني صاحب الوضع الظاهر أي الوكيل الظاهر والغّي حسن النية‪ ،‬يف‬
‫مواهجة صاحب احلق تأسيسا عىل نظرية الوضاع الظاهرة‪ .‬فاذا أقدم خشص عىل ابرام‬
‫ترصف قانوّن مع صاحب الوضع الظاهر‪ ،‬رمغ العْل بنعدام صفته يكون خشصا قء‬
‫النية‪ .‬غّي أن حسن النية ليست الرشط الوحيد‪ ،‬وامنا ال بد من حتقق الغلط الشادع‬
‫دلى الغّي بقانونية مركز الوكيل‪ ،‬وهو رشط يال رشط حسن النية‪.‬‬
‫يفيد الغلط الشادع عدم الشك يف حقيقة هذا املركز‪ ،‬فلو قام أدىن شك دلى هذا‬
‫الغّي فهذا ينفي حسن النية يف جانبه‪ .‬ومن مث هذا الرشط هو رشط مال للرشط‬

‫‪ -12‬مضّي حسني املعموري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.210‬‬


‫‪ -‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬

‫‪177‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الاول‪ .‬واذا توفرت رشوط الواكةل الظاهرة قامت مسؤولية املولك‪ِ ،‬قبل الغّي اذلي‬
‫تعامل معه الوكيل الظاهر‪ .‬ويعترب الوكيل الظاهر اندبا عن املولك يف تعامهل مع الغّي‪،‬‬
‫ومن مث ينرصف أثر ترصف الوكيل الظاهر اىل املولك كام لو اكنت هناك واكةل حقيقية‪.‬‬
‫واذا اكن الوكيل الظاهر حسن النية يف تعامهل مع الغّي‪ ،‬كن يعتقد أن واكلته ال زالت‬
‫قامئة يف الواقع‪ ،‬انتفت مسؤوليته قبل املولك والغّي عىل السواء‪ ،‬وال حيق للمولك أن‬
‫يرجع عليه بأي تعويض‪ .‬أما اذا اكن الوكيل س ئي النية بأن اكن يعْل أن املولك عزهل أو‬
‫مات املولك‪ ،‬ومع ذكل أقدم عىل التعاقد مع الغّي‪ ،‬فانه يكون بذكل ارتكب خطأ يف‬
‫حق املولك يس توجب مسؤوليته التقصّيية‪ .‬وجاز للمولك أن يرجع عليه بلتعويض‪ ،‬عن‬
‫‪1‬‬
‫الهرضر اذلي سببه هل من جراء انرصاف أثر ترصفه اليه‪.‬‬
‫ذلكل فان الوضع الظاهر ال ينتج أي أثر يف عالقة صاحب احلق أي املولك بلوكيل‬
‫الظاهر‪ ،‬اذ لصاحب احلق الرجوع عىل هذا الخّي بلتعويض عام أصابه من ر‪ ،‬من‬
‫جراء ترصفه القامئ عىل الظاهر‪ ،‬وهذا التعويض يتوقف عىل حسن أو سوء نية صاحب‬
‫الظاهر‪ .‬بيامن يؤثر الوضع الظاهر عىل صاحب احلق تأثّيا مبارشا‪ ،‬هذا الثر هو فقدانه‬
‫حلقه مقابل اكتساب الغّي حسن النية هل‪ ،‬فينفذ الترصف يف ذمة صاحب احلق‪.‬‬
‫فعىل الرمغ من عدم انرصاف ارادة املولك اىل ابرام الترصف‪ ،‬يلزم بنتاجئه حامية‬
‫للغّي حسن النية وهذا ما كزي الواكةل الظاهرة عن الواكةل الضمنية‪ ،‬اليت تتجه فهيا ارادة‬
‫املولك وبشلك حر اىل ابرام عقد الواكةل بصورة مضنية‪ .‬عىل خالف الواكةل الظاهرة‬
‫حيث ال تتجه ارادته اىل ذكل‪ ،‬امنا تصدر منه أعامل يتصورها الغّي وحبسن نية عىل أهنا‬
‫‪2‬‬
‫واكةل‪.‬‬

‫‪ -1‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪022‬‬


‫‪ -2‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك املرجع السابق ص ‪.019‬‬

‫‪178‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫حدود حامية الغّي حسن النية‬
‫ان تفضيل حق الغّي حسن النية عىل الرمغ من استناده اىل مركز واقعي‪ ،‬ال بد‬
‫أن يكون مؤسسا عىل أساس قانوّن‪ .‬فيجب عليه عدم التقصّي واالهامل يف الاس تعالم‬
‫عن قانونية مركز الوكيل‪ 1.‬أي أن تتحقق هلروف خارجية تشهد حبسن نية من تعاقد مع‬
‫النادب‪ ،‬حيث يعتقد بناءا عىل أس باب معقوةل‪ ،‬دون تقصّي من جانبه يف حتري احلقيقة‬
‫أن الوكيل يترصف يف حدود واكلته‪ ،‬أي أن نيابته عن الصيل ما زالت قامئة ر تنهت ي‪.2‬‬
‫أي أن ثقة الغّي يف الظاهر رمغ خمالفته للحقيقة جيب أن تكون ثقة مرشوعة‪ ،‬بأن‬
‫يعتقد أن الوكيل يترصف يف اطار احلدود املرسومة هل‪ ،‬وأن يكون الغلط اذلي وقع فيه‬
‫قواي ومس تقرا‪ ،‬حبيث ال يدع جماال للشك يف‬ ‫الغّي غلطا مرشوعا‪ ،‬بأن يكون الظاهر ّ‬
‫خمالفته للحقيقة‪3 .‬و جيب أن يؤخذ بعني االعتبار اكفة الظروف اليت تشهد مبرشوعية‬
‫الاخنداع بلوضع الظاهر‪ ،‬ومن ذكل الصفات الشفصية للمتعاقد ومدى أمهية الترصف‬
‫القانوّن‪ .‬فاحرتاف املتعاقد أو زايدة خطورة الترصف القانوّن‪ ،‬تس تلزم عناية خاصة‬
‫‪4‬‬
‫للتأكد من توافر السلطة النيابية للمتعاقد معه‪.‬‬
‫من مث يقع عىل الغّي واجب الاس تعالم والتحري عند التعاقد مع الوكيل‪ ،‬عن‬
‫اس مترار واكلته حىت يعد حسن النية‪ ،‬ويقع عليه عبء اثبات قيامه هبذا الواجب‬

‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق ص ‪096‬‬


‫‪ - 2‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.021‬‬
‫يمتثل العنرص املادي للواكةل الظاهرة يف أمناط السلوك ومظاهر الترصف اخلارجية الصادرة من املولك أو املنسوبة اليه‪،‬‬
‫وبغض النظر عن درجة تقصّيه‪ ،‬مما يودل اعتقادا يف نف الغّي بأن هذه املظاهر اخلارجية تعك وضعا ينال حامية القانون‪.‬‬
‫أي يعتقد الغّي بأن من تعامل معه وكيل عنه‪ ،‬مع ورة أن يتناسب السلوك اخلاريج مع خطورة وق ة الترصف املربم بني‬
‫الغّي والوكيل‪.‬‬
‫‪ -3‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -4‬أمحد شويق دمحم عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪21‬‬

‫‪179‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القانوّن‪ ،‬دلفع ما يدعيه عليه الصيل من توافر الظروف اليت جتعهل عاملا بنقضاء الواكةل‪.‬‬
‫فاالعتداد بلوضع الظاهر يشرتط هل حسن نية الغّي‪ ،‬وحسن النية ليست س ندا‬
‫للمقرصين املهملني‪ ،‬لسن النية لي هو عدم العْل حبقيقة الظاهر فقط‪ ،‬وامنا هو عدم‬
‫التقصّي أيضا يف الاس تعالم عن اس مترار الواكةل‪ .‬وتقدير ذكل يرجع للسلطة التقديرية‬
‫‪1‬‬
‫للقضاء حسب لك حاةل عىل حدة‪.‬‬
‫وقد مجعت حماة النقض املرصية يف حمك صدر لها عنارص الواكةل الظاهرة بقولها‬
‫‪ " :‬يشرتط العتبار الوكيل الظاهر اندبا عن املولك‪ ،‬قيام مظهر خاريج أسهم فيه املولك‬
‫خبط ه سلبا أو اجياب‪ ،‬يف هلهور الوكيل مبظهر صاحب احلق‪ ،‬يف ترصف من شأنه أن‬
‫خيدع الاكفة‪ ،‬ويوُه الغّي وحيمهل عىل التعاقد معه هبذه الصفة‪ .‬دون أن يرتكب هذا‬
‫الغّي خطأ أو يقرص يف اس تطالع احلقيقة‪ ،‬وذكل للشواهد اريطة هبذا املركز‪ ،‬واليت‬
‫من شأهنا أن تودل الاعتقاد الشادع‪ .‬مفطابقة هذا املركز للحقيقة يقتب نفاذ الترصف‬
‫‪2‬‬
‫اذلي أبرمه الوكيل الظاهر مع الغّي حسن النية يف حق الصيل"‬
‫وعىل الغّي أن يقوم بواجب التحري والتثبيت لغرض الوقوف عىل حقيقة صالحيات‬
‫الوكيل‪ .‬واالطالع عىل س ند واكلته ان أمكن حىت يس تطيع أن حيتج حبسن نيته‪ ،‬ومن‬
‫مث المتسك بلواكةل الظاهرة‪ .‬وخبالف ذكل يتحمل هذا الغّي نتاجئ أفعاهل البعيدة عن‬
‫التبرص والتحري الالزمني‪ ،‬وفق املعتاد من سّي المور‪ .‬أما اذا قام بواجب التحري‬
‫ورمغ ذكل ر يمتكن من الوقوف عىل حقيقة صالحيات الوكيل‪ ،‬ففي مثل هذه احلاةل‬
‫يتحمل الصيل نتاجئ أفعاهل اليت ساُه وساعد يف اجياد مربراهتا‪ ،‬وهلهر من خاللها الغّي‬
‫‪3‬‬
‫وكنه وكيل‪ ،‬فال يس تطيع الصيل الاحتجاج بنعدام الواكةل‪.‬‬

‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪ -2‬حمك بتارخي ‪ 0991/26/09‬مقتب عن ‪:‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪326‬‬
‫‪ -3‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪222‬‬

‫‪181‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ويقع عىل الغّي اذلي تعاقد مع الوكيل عئب اثبات وجود هذا املظهر املضلل‪ ،‬وأن‬
‫يثبت أنه مظهر من شأنه أن جيعهل مطم نا اىل قيام الواكةل‪ ،‬وأن يكون هذا املظهر‬
‫متناس با مع ق ة الترصف اذلي عقده مع الوكيل‪ .‬فاذا اكنت ق ة الترصف كبّية اكن هذا‬
‫التحوط‪ ،‬و اَتاذ ما يتدذه الشفص املعتاد يف مثل هذه الظروف‪،‬‬ ‫مدعاة اىل مزيد من ّ‬
‫من الوسادل للتثبت من قيام الواكةل‪1 .‬ويف هذا قررت حماة النقض املرصية بأن‪" :‬‬
‫الغّي اذلي يتعاقد مع الوكيل عليه أن يتنبت من قيام الواكةل ومن حدودها‪ ،‬وهل يف سبيل‬
‫ذكل أن يطلب من الوكيل اثبات واكلته‪ ،‬فان قرص يف ذكل فعليه تقصّيه"‪2.‬كام قضت‬
‫ذات اراة بقولها ‪ ":‬يشرتط العتبار الوكيل الظاهر اندبا عن املولك قيام مظهر‬
‫خاريج‪ ،‬أسهم فيه املولك خبط ه سلبا أو اجياب يف هلهور الوكيل مبظهر صاحب احلق‪،‬‬
‫يف ترصف من شأنه أن خيدع الاكفة‪ ،‬ويوُه الغّي وحيمهل عىل التعاقد معه هبذه الصفة‪.‬‬
‫دون أن يرتكب هذا الغّي خطأ أو يقرص يف اس تطالع احلقيقة‪ ،‬وذكل للشواهد اريطة‬
‫هبذا املركز‪ ،‬واليت من شأهنا أن تودل الاعتقاد الشادع‪ .‬مفطابقة هذا املركز للحقيقة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫يقتب نفاذ الترصف اذلي أبرمه الوكيل الظاهر مع الغّي حسن النية يف حق الصيل‪".‬‬
‫وال شك أن الغرض من الزام املولك بأثر ترصف الوكيل الظاهر‪ ،‬هو مصلحة الغّي‬
‫حسن النية‪.‬فاذا تراءى للغّي أال يمتسك بلترصف اكن هل أن يعفي املولك منه‪ .‬علام أن‬

‫=وجتدر االشارة اىل أن بعض الفقه ينتقد عبارة الاعتقاد الشادع كركن معنوي للوضع الظاهر‪ ،‬فهذه الفكرة مرادفة لفكرة‬
‫الغلط الشادع ويه تعبّي غّي دقيق‪ .‬فضال عن ذكل أن فكرة أن "الغلط الشادع يودل احلق " لي هل أي قاعدة قانونية‬
‫يستند الهيا‪ ،‬ومن املفروض أن يشرتط للمتسك بلوضع الظاهر‪ ،‬أن يكون الغّي يقظا ومنتهبا وأن يتحرى احلقيقة‪ ،‬والبحث‬
‫عىل هذا النحو ينفي اخلطأ أو التقصّي يف اس تطالع احلقيقة‪.‬‬
‫رأي ‪:‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪.211 ،‬‬
‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪326‬‬
‫‪-2‬نقض مدّن ‪ 0910/20/30‬مقتب عن ‪ :‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪022‬‬
‫‪-3‬حمك حماة النقض املرصية بتارخي ‪.0926/23/06‬‬
‫مقتب عن ابراهمي س يد أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫حمك مماثل أيضا بتارخي ‪.0990/03/03‬ص ‪.92‬‬

‫‪181‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املرشع ر حيدد وقتا معينا للمتسك بلواكةل الظاهرة‪ ،‬ف كن للغّي أن يمتسك هبا اىل أن‬
‫‪1‬‬
‫تنقب الالزتامات املرتتبة عىل ترصف الوكيل الظاهر‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫دور الفقه والقضاء يف توس يع حاالت الخذ بلواكةل الظاهرة‬
‫ذكران أن املرشع اعتد بلواكةل الظاهرة يف حال انقضاء الواكةل دون جتاوز حدود‬
‫الواكةل‪ ،‬واشرتط أن ينسب اىل املولك خطأ يوُه الغّي بوجود واكةل حقيقية‪.‬مع ذكل جند‬
‫أن جانب من الفقه ومؤيدا من قبل القضاء أحياان طبق نظرية الواكةل الظاهرة يف حاةل‬
‫جتاوز الوكيل حدود الواكةل‪ ،‬ويف حاةل انعدام الواكةل أصال لتوفّي حامية أكرب للمتعاقد‬
‫حسن النية أي الغّي اذلي تعامل مع الوكيل الظاهر‪ .‬فوسع بناءا عىل ذكل من حاالت‬
‫الواكةل الظاهرة من هجة (الفقرة الوىل)‪،‬كام أنه وسع من الترصفات اليت تصدر عن‬
‫املولك‪ ،‬وتعد أخطاء صادرة من جانبه تربر حامية الغّي‪ .‬بل أنه يف كثّي من الحيان‬
‫اعترب أن تقييد السلطات اخلارج عن املألوف يربر حامية الغّي دون أن ينسب خطأ‬
‫للمولك (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫توس يع حاالت الخذ بلبلواكةل الظاهرة‬
‫ان جماوزة الوكيل حدود الواكةل تفيد أنه فاقد لواليته‪ ،‬لن ارادة املولك ر تنرصف‬
‫البرام الترصف اذلي جتاوز فيه الوكيل حدود النيابة‪ ،‬اال أنه يف كثّي من الحيان تصعب‬
‫معرفة ذكل من قبل الغّي بلرمغ من اس تعالمه فيتحقق الغلط الشادع يف جانبه‪ ،‬كام يف‬
‫حاةل انهتاء الواكةل من مث يرى الفقه أن ذكل يشلك مربرا محلايته ‪ ،‬ور يقف الفقه عند‬
‫هذا احلد بل أنه يرى تطبيق أحاكم الواكةل الظاهرة يف حال عدم وجود واكةل أصال‪.‬‬

‫‪ -1‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.029‬‬

‫‪182‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬حاةل جتاوز حدود الواكةل‬


‫ان الهرضورات العملية دفعت القضاء اىل تلم حلول تلطف من حدة تطبيق‬
‫النص القانوّن‪ .‬فتقرر حماة النقض املرصية أن" ثبوت الواكةل الظاهرة أمر موضوعي‬
‫يتوقف عىل فهم اراة للواقعة‪ ،‬مىت اكن اس تدالصها ملا اس تدلصته صادغا‪ ،‬ومس متدا‬
‫من وقادع اثبتة لها أصلها الثابت يف الوراق"‪ 1‬وتضيف ذات اراة أن ‪ " :‬حتديد سعة‬
‫الواكةل هو ما خيتص به قايض املوضوع بغّي معقب عليه من حماة النقض‪ ،‬ما دام‬
‫‪2‬‬
‫التفسّي يقع عىل توكيل ر يم الغاءه‪ ،‬ومما حتمهل عباراته بغّي مسخ"‪.‬‬
‫ذلا يرى جانب من الفقه‪ 3‬أن الوكيل اذلي يتجاوز اترخي انهتاء الواكةل‪ ،‬شأنه شأن‬
‫الوكيل اذلي يتجاوز موضوع الواكةل وهدفها‪ .‬فالوكيل اذلي يعمل فامي وراء حدود الواكةل‬
‫أو عىل خالف أغراضها‪ ،‬شأنه شأن من يتعامل مبقتىض واكةل منقضية‪ .‬فلك مهنام يعمل‬
‫خارج مدار الواكةل ذلكل جند أن الفقه توسع يف الخذ بلواكةل الظاهرة‪ ،‬يف حاةل جتاوز‬
‫الوكيل حدود الواكةل‪.‬‬
‫ويستند هذا الرأي اىل أن املرشع خرج عن القاعدة العامة الواردة يف نص املادة ‪11‬‬
‫ق م ج املقابَل للامدة ‪ 021‬ق م م رمغ جماوزة الوكيل حدود الواكةل بنص املادة ‪3/111‬‬
‫ق م ج املقابَل للامدة‪ 122‬ق م م‪ ،‬حيث جاء فهيا بأنه جيوز للوكيل أن يتجاوز حدود‬
‫الواكةل ان تعذر عليه اخطار املولك سلفا‪ ،‬واكنت الظروف يغلب معها الظن بأنه ما اكن‬
‫‪ -1‬حمك بتارخي ‪0990/20/01‬‬
‫مقتب ‪:‬عن ابراهمي س يد أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -2‬حمك حماة النقض املرصية بتارخي ‪.0993/21/22:‬‬
‫و اذا صدرت ورقة مكتوبة من املولك حيدد فهيا صالحيات الوكيل فاهنا تصلل لتكون مبدأ ثبوت بلكتابة‪.‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫مقتب عن‬ ‫حمك صادر عن ادلوائر جممتعة راة النقض‪ ،0926/23/03 ،‬حمك راة النقض بتارخي ‪0991/26/09‬‬
‫سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪310‬‬
‫‪ -3‬دمحم رشيف عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫سالمة عبد الفتاح حليبة ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬

‫‪183‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يسع املولك اال املوافقة عىل هذا الترصف‪.‬و عىل الوكيل يف هذه احلاةل ان خيرب املولك‬
‫‪1‬‬
‫حاال بتجاوز حدود الواكةل‪.‬‬
‫وبناءا عىل هذا القول مىت قام الغّي بلتحري عن حقيقة صالحيات الوكيل‪ ،‬ورمغ‬
‫ذكل ر يمتكن من الوقوف عىل حقيقة هذه الصالحيات‪ ،‬ففي مثل هذه احلاةل يس تطيع‬
‫أن حيتج حبسن نيته‪ ،‬ومن مث المتسك بلواكةل الظاهرة‪ .‬فيتحمل الصيل نتاجئ أفعاهل اليت‬
‫ساُه يف اجياد مربراهتا‪ ،‬وهلهر من خاللها الغّي وكنه وكيل‪ ،‬وال يس تطيع الصيل‬
‫الاحتجاج بنعدام الواكةل‪ .‬وخبالف ذكل يتحمل هذا الغّي نتاجئ أفعاهل البعيدة عن‬
‫التبرص والتحري الالزمني‪ ،‬وفق املعتاد من سّي المور‪.‬‬
‫غّي أن جانب من الرشاح‪ 2‬يذهب اىل أنه يف حال جتاوز حدود النيابة فانه يتعني‬
‫توفر رشطني‪ :‬الول اس تحاةل اخطار املولك سلفا بلرغبة يف التجاوز لضيق املهَل مثال‪،‬‬
‫أما الرشط الثاّن أن تكون الظروف يغلب معها الضن بأم املولك ما اكن اال ليوافق عىل‬
‫هذا الترصف ‪.‬و يه رشوط أدرهجا املرشع بنص رصحي ‪.‬و يضيف أنه بعد توافر‬
‫الرشطني عىل الوكيل أن يبادر ببالغ املولك مىت تيرس ذكل ‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬حاةل انعدام الواكةل‬
‫يرى جانب من الرشاح ‪ 3‬أن حامية الغّي مربرة مىت اكن حسن النية ‪،‬يف حاةل‬
‫انعدام الواكةل أصال بلرمغ من خطورة هذا احلمك ‪،‬لن صاحب الشأن ر يصدر عنه أي‬
‫ارادة أو تفويض‪ ،‬حبيث يترصف الوكيل كن املولك خوهل سلطات للترصف بمسه‪،‬‬
‫فيقوم الركن املادي أي الترصف الظاهري للواكةل الظاهرة بغّي عْل صاحب الشأن‪،‬‬
‫‪ -1‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪.310 ،‬‬
‫يرى جانب من الفقه أن املرشع بذكل يكون قد قرر نيابة قانونية‪ ،‬مستندة اىل ارادة مفرتضة من جانب املولك‪ ،‬بقبول هذا‬
‫التجاوز برشطني اس تحاةل اخطار املولك‪ ،‬وأن تكون الظروف يغلب معها الظن بأن املولك ما اكن اال ليوافق عىل هدا‬
‫الترصف‪.‬‬
‫‪ -2‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫‪ -3‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪184‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وبدون أن يصدر عنه أي خطأ‪ .‬والمثَل عىل ذكل عديدة‪.‬فقد يدعي مثال خشص بأنه‬
‫حمصل عن رشكة من رشاكت الكهربء أو الغاز أو املياه‪ ،‬وحيصل من املشرتكني ق ة‬
‫الفواتّي‪ ،‬بيصاالت بمس الرشكة قد حتصل علهيا بأي طريق اكالختالس أو عرث علهيا‬
‫بعد فقدها من ارصل احلقيقي‪ ،‬مث يتبني للغّي اذلي دفع ق ة هذه الفواتّي بعد ذكل‪،‬بأنه‬
‫لي هل عالقة بلرشكة‪ ،‬ولي وكيال عهنا يف التحصيل‬
‫ويستند هذا الرأي يف هذا الطرح اىل أنه يف حاةل ادارة املال الشادع مبعرفة أحد‬
‫الرشاكء‪ ،‬دون اعرتاض من الرشاكء الآخرين‪ ،‬تنشأ عالقات فامي بني هؤالء مجيعا أي‬
‫الرشاكء مردها الواكةل‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 716‬ق م ج يف فقرهتا ‪ ،2‬حبيث اذا‬
‫توىل أحد الرشاكء االدارة دون اعرتاض من الباقني عد وكيال عهنم‪.‬‬
‫وقد قضت حماة النقض املرصية يف هذا الشأن بتارخي ‪ 3200/29/00‬بأنه اذا‬
‫توىل أحد الرشاكء االدارة‪ ،‬دون اعرتاض من الباقني عد وكيال عهنم‪.‬ذلكل جند أن القضاء‬
‫قد أقر نفاد ترصف الوكيل الظاهر يف حق الصيل‪ ،‬بتوافر رشوط من شأهنا أن جتعل‬
‫‪1‬‬
‫املتعاقد مع الوكيل الظاهر يعتقد أنه يتعاقد مع وكيل حقيقي‪.‬‬
‫اال أنه ُيرى يف هذه احلاةل ال نكون أمام واكةل هلاهرة‪ ،‬وامنا أمام واكةل مضنية وافق علهيا‬
‫الرشاكء يف الش يوع بشلك مضين‪ ،‬لن اس مترار الرشيك يف ادارة املال الشادع دون‬
‫اعرتاض مهنم يفيد قبوهلم للواكةل الصادرة نيابة عهنم‪.‬‬
‫عىل أن املرشع ويف حاةل الوفاء بدلين لشفص غّي ادلائن‪ ،‬وان تطلب أن يقدم‬
‫الوكيل ادلليل عىل صفته وفقا للحاكم الواردة يف عقد الواكةل‪ .‬اال أنه جعل من التقدم‬
‫مبدالصة صادرة من ادلائن وهو املولك قرينة اكفية يف ثبوت الصفة يف استيفاء ادلين‪،‬‬
‫ملن حيمل تكل اخملالصة فيعد وكيال عنه‪.‬ما ر يتفق ادلائن واملدين عىل أن يكون الوفاء‬

‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪323‬‬

‫‪185‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لدلائن خشصيا‪ .1‬فاملرشع أجاز يف املادة ‪ 362‬ق م ج واملادة ‪ 222‬ق م م‪ 2-0213،‬ق‬


‫م ف‪ 2‬أن يم الوفاء بدلين من جانب املدين لشفص اكن س ند ادلين يف حيازته‪،‬‬
‫برشط أن يكون الوفاء حبسن نية‪ .‬وهذا يفيد بأنه وحىت مع انعدام الواكةل يكون الوفاء‬
‫حصيحا من جانب املدين‪.‬‬
‫ويرى البعض أن الواكةل قد تنعدم لكوهنا بطَل بطالان مطلقا‪ ،‬مفىت اكن الغّي ال يعْل‬
‫وال يس تطيع أن يعْل هبذا السبب‪ ،‬فانه يس تطيع أن يلزم املولك بلعقد فترصف اليه أآاثر‬
‫‪3‬‬
‫العقد‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مدى الاعتداد خبطأ املولك يف حال جتاوز حدود الواكةل‬
‫يف حني تغافل املرشع عن مدى الاعتداد خبطأ املولك يف اعامل الواكةل الظاهرة‪،‬‬
‫جند أن الفقه والقضاء يف أحيان كثّية‪ ،‬اشرتط أن يصدر خطأ عن املولك يوُه الغّي‬
‫بوجود الواكةل‪ ،‬أو عدم جتاوز حدودها حىت يرسي أثر الترصف يف مواهجته‪ ،‬فلي من‬
‫املعقول أن ينرصف أثر ترصف اىل املولك دون أن ينسب هل أي خطأ‪ .‬وتوسع الفقه تبعا‬
‫ذلكل يف الخطاء اليت تنسب للمولك يف حال اجملاوزة‪ ،‬بل أنه يف حاالت أخرى ر يعتد‬
‫بخلطأ الصادر من املولك‪ ،‬وقرر حامية الغّي اذا اكن تقييد السلطات خارج عن املألوف‬
‫يف التعامل‪.‬‬

‫‪ -1‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫و قد أجاز املرشع أن يكون الوفاء من املدين أو اندبه أو خشص هل مصلحة يف الوفاء‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- ART 1342-3 C.civ. F : « Le paiement fait de bonne foi à un créancier apparent est‬‬
‫» ‪valable.‬‬
‫‪ -3‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪186‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬توس يع الخطاء الصادرة عن املولك‬


‫يرى بعض الرشاح ‪1‬أنه يتعني محلاية الغّي حسن النية‪ ،‬أن ال ينسب أي خطأ‬
‫للمولك‪ .‬أي أن ال يتسبب من جانبه بسلوك‪ ،‬يؤدي اىل اخنداع الغّي بلوضع الظاهر‪.‬‬
‫فاذا اكنت مظاهر الترصف اخلارجية الصادرة من املولك أو املنسوبة اليه‪ .‬تودل اعتقادا‬
‫يف نف الغّي بأن هذه املظاهر اخلارجية تعك وضعا ينال حامية القانون‪ ،‬فان اعتقاد‬
‫الغّي يكون مرشوعا مىت اكن مبين عىل أس باب معقوةل‪ ،‬مع ورة أن يتناسب‬
‫السلوك اخلاريج مع خطورة وق ة الترصف املربم بني الغّي والوكيل‪.‬‬
‫أي أن الواكةل الظاهرة تنشأ من خالل حتقق مظهر خاريج للواكةل الصادرة من‬
‫املولك‪ ،‬حيمل الغّي عىل الاعتقاد بقيام الواكةل‪ .‬فالترصفات اليت يعقدها الوكيل خارج‬
‫حدود الواكةل‪ ،‬الصل عدم نفادها يف حق الصيل اال بجازته‪ .‬فعىل الغّي اذلي يتعاقد‬
‫مع الوكيل التحري عن صفة الوكيل‪ ،‬وحدود الواكةل وانرصاف أثرها اىل الصيل‪ .‬غّي أن‬
‫اسهام الصيل خبط ه يف خلق مظهر خاريج‪ ،‬من شأنه اُّيام الغّي حسن النية‪ ،‬بتساع‬
‫الواكةل لهذه الترصفات‪ .‬فيكون للغّي احلق يف المتسك بنرصاف أثرها اىل الصيل‪ ،‬مىت‬
‫‪2‬‬
‫سكل يف تعامهل سلواك مألوفا ال يشوبه خطأ غّي مغتفر‪.‬‬
‫فعندما يتجاوز الوكيل حدود الواكةل‪ ،‬جيب لتحقق الواكةل الظاهرة أن تكون‬
‫مالبسات نشاط املولك‪ ،‬تساعد عىل الاعتقاد وبشلك معقول أن هذا الشفص وكيل‬
‫عن الصيل‪ .‬كن تكون الواكةل قد صيغت بعبارات غامضة تضفي الغموض علهيا‪ ،‬مما‬
‫جيعل الغّي حمقا بعتقاده بأن الوكيل يترصف وفق صالحياته اخملوةل‪ .‬أو أن يتجاوز‬
‫الوكيل حدود واكلته دون اعرتاض من املولك‪ .‬فيشرتط لنفاذ الترصف يف حق الصيل‬
‫أن يكون هذا الخّي قد أسهم خبط ه سلبا أو اجياب يف هلهور املترصف مبظهر‬

‫‪ -1‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪.311 ،‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.312‬‬

‫‪187‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫صاحبه‪.‬فاملظهر اخلاريج للواكةل املنسوب للمولك يكون من شأنه أن جيعل الغّي دليه‬
‫العذر الاكيف يف أن يعتقد أن هناك واكةل قامئة‪ .‬ولعل هذا الرشط هو اذلي حيدد‬
‫‪1‬‬
‫الساس القانوّن اذلي تقوم عليه الواكةل الظاهرة‪.‬‬
‫وقد ذهب الفقه ومؤيدا من القضاء أحياان اىل رساين الترصف‪ ،‬اذلي جيريه‬
‫الوكيل املتجاوز حدود صالحياته يف احلاالت الآتية ‪:‬‬
‫أ‪:‬عبارات الواكةل غامضة ومهبمة تثّي الشك يف معناها‪ ،‬أو واسعة املدى ولكهنا مقيدة‬
‫بقيود وحتفظات ال عْل للغّي هبا‪ .‬يف هذه احلاةل يلزتم الصيل بتحمل نتاجئ أفعاهل اليت‬
‫ساُه وساعد يف اجياد مربراهتا‪ ،‬فال يس تطيع الصيل الاحتجاج بنعدام الواكةل‪2 .‬عىل‬
‫أن الفقه يرى أن خطأ املولك يف اعطاء عبارات غامضة أو فضفاضة‪ ،‬ال يكفي وحده بل‬
‫‪3‬‬
‫ال بد من حسن نية الغّي‪ ،‬أي عدم علمه بتجاوز الوكيل حدود الواكةل‪.‬‬
‫وهذا ما طبقه القضاء املرصي‪ ،‬حيث ذهبت حماة النقض املرصية اىل القول‬
‫أنه‪ ":‬اذا اكنت السلطات اخملوةل للوكيل مبقتىض عقد الواكةل سلطات واسعة‪ ،‬من شأهنا‬
‫وبطبيعهتا أن جتعل الغّي ممن يتعاملون معه يعتقدون حبسن نية دخول هذه العامل يف‬
‫نطاق الواكةل‪ ،‬فان من حقهم أن يعولوا عىل هذه املظاهر‪ ،‬دون أن يلكفوا بلتحقيق يف‬
‫مدى سلطاته التوكيلية‪ 4" .‬فالقضاء جعل الزام املولك يف هذه الفروض جزاءا خلط ه‬
‫ومؤسسا عىل مسؤوليته التقصّيية نظرا لرعونته يف االدالء بعبارات واسعة فضفاضة أو‬
‫غامضة مهبمة‪ .‬خصوصا اذا أمهل املولك مراقبة تنفيذ وكيهل‪ ،‬مما يؤدي اىل اعتقاد الغّي‬
‫‪5‬‬
‫حبسن نية بأن الوكيل اكن مزودا بسلطان ر يكن يف نية املولك أن خيوهل هل‪.‬‬

‫‪ -1‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.210‬‬


‫‪-2‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -3‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪ -4‬نقض مدّن رمق ‪ 0122‬بتارخي ‪ .0990/21/00‬مقتب عن‪ :‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ -5‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬

‫‪188‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪ :‬يف التوكيل عىل بياض ‪ :‬ذهب بعض الرأي يف هذا الصدد اىل أن املولك قد يقوم‬
‫بعطاء توكيل‪ ،‬يرتك فيه بياضا خمصصا المس الوكيل‪ .‬أو قد يوقع املولك عىل س ند الواكةل‬
‫ويتفق مع الوكيل عىل حدودها اتراك هل حترير س ندها‪ ،‬مث حيرره الوكيل وكنل لنفسه‬
‫سلطات أوسع من تكل املتفق علهيا‪ ،‬فيكون الوكيل بذكل قد أساء اس تعامل الس ند‬
‫‪1‬‬
‫املوقع هل‪ ،‬وجتاوز حدود الواكةل‪.‬‬
‫ويرى البعض يف هذا الصدد ‪2‬بأنه يتعني الزام املولك بلك ما أجراه الوكيل من‬
‫أعامل يف هذه احلاةل‪ ،‬حىت لو جتاوز حدود الواكةل‪ .‬وحىت ولو اس تغل الوكيل ذكل‬
‫التوكيل املعطى هل عىل بياض لتحقيق فاددة خشصية هل‪ ،‬وذكل تطبيقا لنظرية الظاهر‬
‫حىت ال يضار الغّي حسن النية‪ ،‬فينفذ الترصف يف حق املولك ولي للوكيل اال أن‬
‫يرجع عىل الوكيل‪ ،‬الساءته ملئ البياض مبا ال يطابق الواقع فالس ند املوقع من املولك‬
‫يعترب عنرصا صاحلا لتكوين الركن الول للظاهر‪ ،‬واملمتثل يف الشواهد املادية اريطة‬
‫بلظاهر‪.‬وال شك يف أن حامية الغّي هنا ورة تفرضها العداةل واملنطق السلمي‪،‬‬
‫والطريق لتوفّي هذه امحلاية يكون بنفاد الترصف اذلي أبرمه الوكيل بصفته هذه يف‬
‫‪3‬‬
‫مواهجة املولك‪.‬‬
‫ج‪:‬الصياغة غّي املنضبطة ان الصياغة مىت اكنت غّي مضبوطة فاهنا تسهم يف اساءة‬
‫اس تعامل الوكيل للواكةل‪ ،‬واملتصور هنا أن املولك قد حرر س ند الواكةل اكمال‪ ،‬اال أنه‬

‫‪ - 1‬ويكون ذكل عادة عندما يكون الوكيل فيه حمدود المهية‪ ،‬وال يعىن املولك من يكون وكيهل فيه فأي خشص يصلل أن‬
‫يكون وكيال‪.‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬العقود الواردة عىل العمل ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ -2‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪311‬‬
‫دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.212‬‬
‫‪ -3‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪092‬‬
‫أما عن التجاوز واالساءة وخيانة المانة فهده المور ال تتصل بلغّي‪ ،‬وامنا تظل حمصورة يف العالقة بني املولك ووكيهل‪.‬‬
‫فيكون الوكيل مس وال مدنيا عن التعويض للمولك‪ ،‬عن ال ار اليت تصيبه نتيجة اساءة الس تعامل الس ند املوقع عىل بياض‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اس تددم ألفاهلا غامضة أو مرنة فضفاضة واسعة‪ ،‬حبيث تتسع لكرث من‬
‫معىن‪.‬فيس تددهما الوكيل البرام ترصفات تتجاوز احلدود اليت أرادها املولك‪ ،‬وقد يم‬
‫االتفاق بني املولك ووكيهل الُّيام الغّي بسلطات للوكيل‪ ،‬أوسع من تكل املمنوحة هل‬
‫بلفعل‪.‬دلى يرى جانب من الرشاح أن للغّي حسن النية أن يمتسك بلسلطات املعلنة‬
‫‪1‬‬
‫للوكيل‪ ،‬واليت تتسع لها اللفاظ اليت حترر هبا س ند الواكةل‪.‬‬
‫مع الخذ بعني الاعتبار أن املرشع يقرر أن الواكةل بألفاظ عامة‪ ،‬ال ّ‬
‫َتول الوكيل‬
‫صفة اال يف أعامل االدارة طبقا للامدة ‪ 0-120‬ق م م واملادة ‪573‬م ج‪.‬‬
‫د‪ :‬تقييد السلطة اذلي ال يصل اىل عْل الغّي ‪:‬يرى البعض‪ 2‬أنه ينرصف أثر العقد أيضا‬
‫مىت اكن الغّي حسن النية‪ ،‬ور يصل تقييد سلطات الوكيل اىل عْل الغّي‪ .‬وأن نظرية‬
‫الظاهر تبدو واحضة يف هذا الفرض‪ ،‬غّي أن جانبا أآخر من الفقه‪ 3‬يفرق بني تقييد‬
‫السلطات املعارص والالحق‪ ،‬فهو يرى أن التقييد املعارص يلزتم فيه املولك عىل أساس‬
‫الصورية‪ ،‬ومبا أبرم عىل أساس الواكةل املعلنة‪ .‬أما لو تعلق المر بتقييد الحق ور يعلن‬
‫اىل الغّي مفن حق الغّي أن يمتسك برادة املولك الوىل‪ ،‬حيث ر يصل اىل علمه ما‬
‫يعدلها‪.‬‬
‫ويضيف ذات الفقه بأن املشلكة تبدو أكرث حدة لو أن املولك أعلن عن تقييده‬
‫لسلطات وكيهل‪ ،‬ومت هذا التقييد يف س ند الواكةل ذاته أو أشهر بلطريق القانوّن‪ .‬ففي‬
‫هذه احلاةل املولك ر يرتكب أي خطأ‪ ،‬وال ككن أن ينسب اليه اهامل أو عدم احتياط‪،‬‬
‫والغّي اما أنه س ئي النية يعْل حبدود الواكةل يف صورهتا الخّية‪ ،‬واما أنه هممل لنه ر‬
‫‪ -1‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪311‬‬
‫عىل أن حسم املشلكة يكون بلرجوع لقواعد تفسّي العقد‪ ،‬ويه مسأةل مرتوكة لتقدير قايض املوضوع‪ .‬والزتام املولك أمر‬
‫يستند اىل القواعد العامة اليت تفرض عىل الشفص حتمل نتاجئ فعهل الشفيص‪ .‬وان اكن الزتامه أمر بلغ الصعوبة لن‬
‫اس تددام املولك بغّي قصد للفظ دون أآخر ال ككن أن يوصف بأنه خطأ يسأل عنه‪.‬‬
‫‪ - 2‬رأي عبد الباسط مجليعي‪ ،‬مشار اليه يف سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪316‬‬
‫‪ -3‬رأي نعامن خليل مجعة مشار اليه يف سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪311‬‬

‫‪191‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يطلع عىل س ند الواكةل يف احلاةل اليت يكون التقييد فهيا قد أثبت فهبذا الس ند‪ .‬وسواء‬
‫ثبتت النية السيئة أم االهامل يف جانب الغّي‪ ،‬فلي هل أن يرجع عىل املولك اللزامه‬
‫بترصف خمالف للقيود اليت وضعها للوكيل‪ ،‬ولي أمامه اال الرجوع عىل الوكيل عىل‬
‫أساس قواعد املسؤولية املدنية‪ ،‬أو يرجع عىل املولك عىل أساس قواعد االثراء بال‬
‫‪1‬‬
‫سبب‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬تقييد السلطات خارج عن املألوف يف التعامل‬
‫يرى جانب من الفقه‪ 2‬أن هناك حاالت يلزتم فهيا املولك بلترصف موضوع التجاوز‪،‬‬
‫بلرمغ من اعالنه عن تقييد سلطات وكيهل‪.‬اذا اكنت هذه القيود غّي معتادة خارجة عن‬
‫حدود املألوف‪.‬‬
‫*يف حاةل ما اذا اكنت الظروف تتطلب من الغّي بأن يتلطف‪ ،‬وال يتحرى يف نطاق‬
‫الواكةل اىل أكرث من اطالعه الرسيع‪ ،‬فيكتفي مبظاهر الواكةل والشهرة العامة‪.‬‬
‫*يف حاةل اطالع الغّي عىل س ند الواكةل بداية‪ ،‬فبعد ذكل ال يتصور مطالبة الوكيل بس ند‬
‫‪3‬‬
‫الواكةل يف لك مرة يقدم فهيا عىل التعامل معه‪.‬‬
‫*القيود الواردة عىل خالف املألوف يف التعامل ويكون ذكل عادة يف حال الواكةل ادلامئة‬
‫ويف أوجه النشاط اليت يكون المتثيل فهيا وفقا لقواعد مس تقرة س امي يف النيابة عن‬
‫الشداص املعنوية ففي هذه احلاالت السابقة يقع عىل املولك ورة اعالم الغّي بطريقة‬
‫مؤكدة بلقيود اليت فرضها عىل سلطات وكيهل خاصة أن هلروف احلال قد متنع من‬
‫التدقيق يف س ند الواكةل من انحية الغّي أو قد متنع من ابراز س ند الواكةل أصال لوجود‬

‫‪ -1‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪311‬‬


‫‪ -2‬رأي نعامن خليل مجعة ويؤيده سالمة عبد الفتاح‪ ،‬مشار اليه يف سالمة عبد الفتاح حليبة ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.319‬‬
‫رأي أيضا عبد الباسط مجيعي مشار اليه يف جنوان عبد الس تار عيل مبارك ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪321‬‬
‫‪ -3‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪012‬‬

‫‪191‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مانع أديب من التحقيق يف س ند الواكةل كواكةل مدير ادارة بنك مثال للثقة املفروضة يف‬
‫‪1‬‬
‫هذا التعامل‬
‫مثال ذكل أن يكون مدير الرشكة اذلي جتاوز حدود اختصاصه امنا برش يف الواقع‬
‫معال يدخل يف املألوف من اختصاصات مديري الرشاكت فْل جيد الغّي اذلي تعامل‬
‫معه ما يدعو اىل مزيد من التحري والتثبت ‪2‬غّي أن جانب من الفقه يرى أن القيود مىت‬
‫‪3‬‬
‫وردت يف العقود املربمة مع الغّي والوكيل فان الغّي يكون خمطئ ادا ر يلتفت الهيا‪.‬‬
‫أما حاةل اساءة اس تعامل الوكيل لسلطاته بس تدداهما لتحقيق مصاحله اخلاصة‪،‬‬
‫فهذا الفرض خيالف اجملاوزة لن الترصف اذلي أبرمه الوكيل يدخل يف نطاق سلطاته يف‬
‫هذه احلاةل‪ .‬فّيى جانب من الفقه أن هذه الغراض ال تدخل مضن عنارص تكوين‬
‫الترصف بل خارجة عنه متاما‪ ،‬وبلتايل فال شأن للغّي هبا س امي أنه اطلع عىل س ند‬
‫الواكةل‪ ،‬وتثبّت من أن الترصف اذلي يربمه مع الوكيل يدخل يف حدود السلطات اخملوةل‬
‫هل‪4.‬مبعىن أن هذه الصورة ال تدخل حتت نطاق الواكةل الظاهرة‪ ،‬وامنا يه واكةل حقيقية‪.‬‬
‫وللمولك الرجوع عىل الوكيل اذلي أساء اس تعامل السلطات اخملوةل هل‪ ،‬مبوجب س ند‬
‫‪5‬‬
‫الواكةل حني جتاوز غرضها‪.‬‬

‫‪ -1‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.029‬‬
‫‪ 2‬املرجع نفسه ص ‪321‬‬
‫‪ -3‬سالمة عبد حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ -4‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪310‬‬
‫‪ -5‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪090‬‬

‫‪192‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املبحث الثاّن‪:‬‬
‫أثر حسن النية عىل رجوع املشرتي بلضامن‬
‫يلزتم البادع يف عقد البيع بعد نقل ملكية اليشء املبيع‪ ،‬بمتكني املشرتي من حيازة‬
‫املبيع حيازة هاددة‪ ،‬حبيث كتنع عن التعرض الشفيص للمشرتي املادي والقانوّن‪،‬‬
‫وضامن العيوب اخلفية‪ ،‬وضامن تعرض الغّي القانوّن‪ .‬اذ أن التعرض املادي الصادر عن‬
‫الغّي ال يضمنه البادع‪.1‬ويلزتم البادع بلضامن يف مجيع احلاالت برصف النظر عن حسن‬
‫نيته أو سوهئا‪ ،‬ذكل أنه اذا ما حتقق سبب الضامن فانه وبلرمغ من حسن نيته أي هجهل‬
‫لتكل الس باب‪ ،‬يكون قد أخل بلزتامه بنقل امللكية‪.‬ذكل أن يف أحاكم الضامن لس نا‬
‫بصدد احلديث عن خطأ البادع‪ ،‬همام بلغت حسن نيته أو حرصه‪.‬‬
‫خيول‬
‫عىل أن الضامن قامئ بلطبع بأكرث رصامة يف نتاجئه‪ ،‬حبيث أن سوء نية البادع ّ‬
‫املشرتي املطالبة باكفة التعويضات كام س نبني ذكل الحقا‪ .‬اذ تبقى أمهية المتيزي بني البادع‬
‫حسن النية وس ئي النية‪ ،‬تظهر فقط يف حق املشرتي يف اسرتداد املصاريف النافعة‬
‫والكاملية‪ .‬حبيث ال حيق هل الرجوع هبا عىل البادع اال اذا اكن س ئي النية‪ ،‬مبوجب نص‬
‫املادة ‪ 1/211‬ق م ج‪ 2‬املقابَل للامدة ‪ 2/112‬ق م م واملادة ‪ 0621‬ق م ف‪ .‬ف‪.‬‬
‫ويبقى السؤال مطروحا حول موقف املرشع بلنس بة لثر عْل املشرتي بوجود عيب‬
‫خفي‪ ،‬أو بوجود سبب من أس باب الضامن أو هجهل لها‪ .‬فهل يشرتط أن ال يكون عاملا‬
‫بسبب التعرض الصادر عن الغّي وقت البيع‪ ،‬حىت يتس ىن هل الرجوع عىل البادع‬
‫بلضامن؟ أم أنه يشرتط عدم علمه بسبب التعرض عند ابرام العقد واال عد س ئي النية‪،‬‬
‫‪ -1‬واذا اكن الزتام البادع بضامن التعرض القانوّن الصادر عن الغّي الزتاما أساس يا‪ ،‬فانه جيب عىل املشرتي أن ككنه من ذكل‬
‫بخطاره بلتعرض يف الوقت املناسب‪ ،‬وهذا هو التعاون املطلوب مكقتىض من مقتضيات حسن النية‪.‬‬
‫محمود شعبان البكري خليل‪ ،‬مبدأ حسن النية وأثره يف عقد البيع‪ ،‬رساةل دكتوراه‪ ،‬لكية احلقوق‪ ،‬جامعة املنوفية‪2012 ،‬‬
‫ص‪77‬‬
‫‪ -2‬حيث جاء فهيا ‪ ":‬يف حاةل نزع اليد اللكي عن املبيع فللمشرتي أن يطلب من البادع‪:‬‬
‫املصاريف النافعة اليت ككنه أن يطالهبا من صاحب املبيع‪ ،‬وكذكل املصاريف الكاملية اذا اكن البادع س ئي النية"‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ومن مث حيرم من الضامن؟ بعبارة أخر هل يس تلزم حسن نية املشرتي للرجوع‬
‫بلضامن؟(املطلب الول)‪.‬‬
‫كام ويطرح السؤال حول أثر حسن النية يف حال عْل املشرتي بأس باب اس تحقاق‬
‫املبيع‪ ،‬عىل نطاق ما حيمك به هل؟(املطلب الثاّن)‪.‬‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫أثر حسن النية يف حال هلهور عيب خفي أو تلكيف أو حق ارتفاق‬
‫يتدخل حسن النية يف نظرية العقد بعد ابرام العقد‪ ،‬لجل اقرار حامية للمتعاقد‬
‫حسن النية‪ ،‬وبصفة خاصة يف عقد البيع‪.‬حيث خيتلف نطاق الضامن يف حال حسن نية‬
‫املشرتي‪ ،‬عنه يف حال سوء نيته‪ .‬وخيتلف أثر حسن النية بوجود أو هلهور عيب خفي‬
‫يف املبيع‪ ،‬عنه يف وجود تلكيف أو حق ارتفاق‪ .‬فقد رتب املرشع حكام خمتلفا يف لك‬
‫حاةل عىل حدا‪ .‬فنتعرض بناءا عىل ذكل لثر حسن النية‪ ،‬يف حال هلهور عيب خفي أو‬
‫تلكيف يف (الفرع الول)‪ ،‬مث لثر حسن النية املشرتي يف حال هلهور ارتفاق عىل املبيع‬
‫(الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫حاةل هلهور عيب خفي أو تلكيف عىل املبيع‬
‫يلزم لرفع دعوى ضامن العيوب اخلفية توفر رشوط معينة‪ ،‬أن يكون العيب مؤثرا‪،‬‬
‫وأن يكون قدكا وأن يكون خفيا‪ .‬هذا الرشط الخّي هو اذلي يظهر أثر حسن النية‬
‫عىل اماكنية الرجوع بدعوى الضامن‪.‬لن حسن النية يرتبط بلعْل‪ ،‬فان العْل بلعيب‬
‫يفرتض معه هلهور العيب‪ ،‬ومن مث عدم الضامن‪.‬من مث حسن النية يعترب رشطا الزما‬
‫للرجوع بلضامن‪ ،‬يف حاةل هلهور عيب بملبيع‪ .‬مفىت يكون املشرتي عاملا بملبيع علام اكفيا‪،‬‬
‫ومىت يكون غّي ذكل؟الفقرة الوىل)‪.‬و هل أن العْل بلتاكليف اليت قد تثقل اليشء‬
‫املبيع‪ ،‬يأخذ نف حمك العيب اخلفي‪ ،‬فيفرتض معها عدم الضامن‪(.‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫حاةل هلهور عيب خفي‬
‫يلزم لرجوع املشرتي يف حاةل ضامن العيوب‪ ،‬أن يكون العيب خفيا‪،‬ذكل أن‬
‫العيب الظاهر ال يتحقق معه الضامن‪ .‬كام يلزم أن يكون العيب غّي معلوم هل‪ ،‬لنه اذا‬
‫اكن العيب خفيا وعْل به املشرتي‪ ،‬فال يكون هل الرجوع بلضامن أيضا‪.‬فعْل املشرتي‬
‫بوضع املبيع وحالته عند التعاقد‪ ،‬ال جتعل هل احلق بعد ذكل يف الرجوع عىل البادع‬
‫بلضامن‪ .‬اذ ال يكون هل أن يشكو بعد متام العقد من أمر عْل به سلفا‪.‬‬
‫ان رشط حسن النية بلنس بة للمشرتي‪ ،‬يعترب رشطا الزما للرجوع بلضامن يف‬
‫حاةل هلهور عيب يف املبيع‪ .‬غّي أن الصعوبت تثور حول حتديد‪ ،‬مىت يعترب العيب‬
‫معلوما أو غّي معلوم من املشرتي ؟‪.‬هل أن أي عيب خفي هو عيب غّي معلوم‬
‫للمشرتي‪ ،‬والعيب الظاهر هو عيب معلوم بلهرضورة ؟ وهل يكفي اماكن تبني العْل‪،‬‬
‫ليعترب املشرتي س ئي النية أم يشرتط العْل احلقيقي؟‬
‫أو اال‪ :‬عْل املشرتي بلعيب أو هجهل به‬
‫ال يسأل البادع عن العيوب الظاهرة لن املشرتي‪ ،‬وقد رأى العيب هلاهرا دون أن‬
‫يعرتض يكون قد ارتضاه واسقط حقه يف المتسك بلضامن‪ ،‬ويبقى الزتامه بلضامن قامئا‬
‫فقط بلنس بة للعيوب اخلفية‪ ،‬ويعترب العيب خفيا اذا اكن ال يظهر بلفحص العادي‬
‫للمبيع‪ ،‬فاملعيار ملعرفة العيب معيار جمرد‪.‬اذ يكون عىل املشرتي أن يلجأ اىل لص املبيع‬
‫بلوسادل العادية املألوفة‪ .‬وال يتحم أن يكون ذكل بنفسه‪ ،‬فقد ال تتوافر دليه املقدرة‬
‫عىل اكتشاف العيب‪ ،‬عنددذ ككن أن يم لص املبيع بواسطة خشص أآخر تتوافر دليه‬
‫املقدرة عىل معرفة العيب‪ .‬فاذا اكن العيب ال يظهر للرجل العادي‪،‬كام اذا اقتىض اللجوء‬
‫‪1‬‬
‫اىل أهل اخلربة لكشفه‪ ،‬فانه يعترب عيبا خفيا‪ ،‬ويكون هل الرجوع عىل البادع بلضامن‪.‬‬
‫‪ -1‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،3222 ،‬ص ‪.221‬‬

‫‪195‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما اذا قرص املشرتي يف بذل عناية الرجل العادي‪ ،‬ور يقم بفحص املبيع فال يكون هل‬
‫أن حيتج جبههل‪ ،‬وعدم مقدرته كشف العيب ليك يرجع بلضامن‪ .‬وجيب أن ال يعمتد فقط‬
‫عىل البياانت واملعلومات اليت يقدهما هل الطرف الآخر‪ ،‬بل يس تعْل من خالل الشهر‬
‫‪1‬‬
‫العقاري والسجل العيين مثال‪ ،‬حيث يم تسجيل الترصفات الواقعة عىل العقارات‪.‬‬
‫ويكون العيب هلاهرا مىت اكن من السهل تبينه طبقا للوضاع العادية‪ ،‬حبيث ال‬
‫يس تلزم المر أية خربة فنية أو تدقيق أو لص‪ .‬مفجرد اماكن اكتشافه بلفحص العادي‬
‫يكفي العتباره غّي خفي‪ ،‬فال يلزم أن يكون املشرتي عاملا بلعيب‪ ،‬وامنا يكفي أن يكون‬
‫يف اس تطاعته أن يعْل به‪.‬ومن السهل عليه أن يعْل به حىت حيرم من الرجوع بلضامن‪،‬‬
‫لنه اذا اكن بس تطاعته العْل بلعيب‪ ،‬فانه يكون مقرصا يف حق نفسه‪ ،‬ومن مث ال‬
‫يكون هل أن حيمل البادع نتيجة تقصّيه ‪.2‬أما اذا اكن كشف العيب حيتاج اىل بذل جمهود‬
‫غّي عادي‪ ،‬أو اىل لص خاص من قبل خبّي‪ ،‬أو حيتاج اللجوء اىل طرق علمية‬
‫خاصة‪ ،‬فانه عنددذ يعترب عيبا خفيا يتحقق معه الضامن ‪.3‬اذ أن العيب يكون هلاهرا اذا‬
‫اكن كشفه يتطلب فقط اس تعانة املشرتي بقدراته الشفصية‪ ،‬ال بالس تعانة خببّي‪.‬‬

‫‪-1‬حيث يعد نظام الشهر العقاري والسجل العيين من أُه وسادل الاس تعالم القانوّن‪ ،‬ملا تمتزي به من ادلقة يف املعلومات‬
‫املوثقة عن العقار حمل التعاقد‪.‬‬
‫جن‪2‬وان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.026‬‬
‫‪ -‬أنور العمروق‪ ،‬العقود الواردة عىل امللكية يف القانون املدّن‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الفكر انجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،3223 ،‬ص‬
‫‪.0933‬‬
‫‪ -‬توفيق حسن فرج‪ ،،‬أثر حسن نية املشرتي عىل رجوعه بلضامن‪ ،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية والاقتصادية‪ ،‬ع‬
‫الول‪ ،0922 ،‬ص ‪.021‬‬
‫وتقدير ما اذا اكن العيب هلاهرا أو خفيا‪ ،‬هو من املسادل املوضوعية اليت يفصل فهيا قايض املوضوع‪ ،‬دون رقابة عليه من‬
‫حماة النقض‪ .‬واملرجع يف التفرقة بني ما يعترب عيبا خفيا أو هلاهرا هو طبيعة املبيع‪ ،‬وعرف انجهة وهلروف التعاقد‪ .‬واملعيار‬
‫العام هو أن العيب جيوز عىل املشرتي‪ ،‬فال يكتشفه بلرمغ من لصه املبيع لص الرجل املعتاد‪.‬‬
‫أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.091‬‬

‫‪196‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد يكون العيب خفيا مبعىن أنه ال يظهر بلفحص العادي للمبيع وغّي معلوم‬
‫للمشرتي‪ ،‬ولي بس تطاعة هذا الخّي أن يعلمه‪1 ،‬غّي أنه قد يكون العيب خفيا لي‬
‫هلاهرا اال أنه معلوم للمشرتي‪،‬من مث حىت ولو اكن العيب خفيا فانه ال يكون عيبا موجبا‬
‫للضامن‪ ،‬اذا ثبت أن املشرتي اكن يعلمه بلفعل وقت تسْل املبيع بلرمغ من خفاءه‪2 .‬يف‬
‫هذا الصدد تقب املادة ‪ 3/219‬ق م ج ‪3‬بأنه‪" :‬غّي أن البادع ال يكون ضامنا للعيوب‬
‫اليت اكن املشرتي عاملا هبا وقت البيع‪ ،‬أو اكن يف اس تطاعته أن يطلع علهيا لو أنه لص‬
‫املبيع بعناية الرجل العادي "‪.‬‬
‫وملا اكن حسن النية يرتبط بلعْل واماكنية العْل‪ ،‬فاذا سكت املشرتي رمغ علمه‬
‫بلعيب أو رمغ اس تطاعة العْل‪ ،‬وأقدم عىل الرشاء مث طالب بلضامن من البادع اكن س ئي‬
‫النية‪ ،‬اذ أنه تبني العيب أو اكن بماكنه أن يعْل به‪ ،‬وأقدم رمغ ذكل عىل ابرام العقد‪،‬‬
‫وبلتايل ال يكون هل الرجوع عىل البادع بلضامن‪.‬لن علمه بوجود العيب عند ابرام العقد‬
‫يفيد أنه قد تنازل عن الرجوع بلضامن‪،‬خاصة أن وجود العيب يدخل يف الاعتبار عند‬
‫تقدير المثن‪.4‬‬
‫واملشرتي قد ال يعْل بلعيب عْل اليقني‪ ،‬اال أن هجهل به ينبغي أن يكون مرشوعا‬
‫ومربرا‪.‬فاذا اكن العيب هلاهرا أي بس تطاعة الرجل العادي أن يتبينه لو اكن يف ماكنه‪،‬‬

‫‪ -1‬ينظر يف لص املبيع يف لك حاةل بلخذ بعني الاعتبار‪ ،‬ان اكن بماكن خشص عادي اكتشاف العيب بللجوء اىل طرق‬
‫الفحص الولية‪ ،‬عنددذ يعترب العيب هلاهرا‪ .‬أما اذا اكن العيب حيتاج اىل جمهود غّي عادي‪ ،‬ال جيري به العرف أو لص‬
‫خاص أو طرق علمية خاصة للكشف عنه‪ ،‬اكن العيب خفيا‪.‬‬
‫توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.029‬‬
‫أضاف هذه التفصيالت مرشوع القانون املدّن‪ ،‬اليت أغفلها التقنني املدّن‬
‫أنور العمروق‪ ،‬العقود الواردة عىل امللكية يف القانون املدّن‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الفكر انجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،3223 ،‬ص‬
‫‪.026‬‬
‫‪ -2‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -3‬تقابلها يف نف املعىن املادة ‪ 3/111‬ق م م واملادة ‪ 0610‬ق م ف‬
‫‪ -4‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.026‬‬

‫‪197‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فال يكون للمشرتي أن يمتسك جبههل بلعيب‪ ،‬دلى ال يس تلزم القانون أن يكون‬
‫املشرتي عاملا فعال بلعيب‪ ،‬امنا يكفي اس تطاعة العْل حىت حيرم املشرتي من الرجوع‬
‫بلضامن‪.‬و معىن ذكل أن العيب اخلفي مىت اكن معلوما للمشرتي‪ ،‬يأخذ حمك العيب‬
‫الظاهر‪.‬و هذا يعين أن العيب الظاهر هو العيب املعلوم ولو اكن خفيا‪ ،‬والعيب اخلفي‬
‫هو العيب غّي املعلوم‪.‬بل أن املشرتي حيرم من الضامن أيضا اذا عْل بلعيب عن طريق‬
‫البادع‪ ،‬أي اذا ما رصح البادع خلو املبيع من الصفات املطلوبة‪ ،‬وأقدم مع ذكل عىل‬
‫‪1‬‬
‫الرشاء‪ ،‬لن ذكل يعين تنازهل عن الرجوع بلضامن أو الصفات‪.‬‬
‫اال أنه لي من السهل دامئا التقدير ان اكن العيب خفيا أو هلاهرا‪ ،‬حىت ولو اكن‬
‫وجوده معلوما للمشرتي‪ ،‬مىت ر يكن مبقدور هذا الخّي تقدير أمهيته ونتاجئه‪ .‬فال يقال‬
‫أن عيبا ما هلاهر اال اذا اكن معروفا يف سببه ومدى جسامته‪ ،‬وهذا ما ذهبت اليه‬
‫حماة النقض الفرنس ية ‪.2‬‬
‫ويقع عىل املشرتي عئب اثبات وجود العيب اخلفي وتوفر رشوطه‪ ،‬فيثبت أن‬
‫العيب اكن موجودا قبل التسلمي‪ ،‬وبأنه اكن خفيا‪ .‬فاذا اثبت ذكل اس تطاع البادع يف‬
‫سبيل التدلص من الضامن‪ ،‬اثبات عْل املشرتي بلعيب‪ 3 .‬أي أن يثبت سوء نية‬
‫املشرتي أي علمه بلعيب أو سهوةل علمه به‪ ،‬ليك يتدلص من الضامن‪ .‬ذكل أن الصل‬
‫هو حسن النية‪ ،‬ولهذا يعترب املشرتي حسن النية ال يعْل بلعيب‪ ،‬فاذا ادعى البادع‬
‫العك اكن عليه عئب االثبات‪.‬فيثبت أن املشرتي قد عْل بلعيب أو يثبت خلو املبيع‬
‫من الصفات املطلوبة عن طريق ترصحيه (البادع) بذكل‪.‬و يعني عىل هذا االثبات أن‬

‫‪2‬‬
‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجعع السابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬
‫‪- Cass.civ ; 3éme chambre ; 14 juillet ; 1989‬‬
‫‪3‬مقتب عن ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجعع السابق‪ ،‬ص ‪092‬‬
‫‪ -‬أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.096‬‬

‫‪198‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المثن غالبا ما يكون ض يال‪ ،‬ال يتفق اال مع ق ة مبيع به عيب‪ ،‬كام يعني عىل ذكل كون‬
‫‪1‬‬
‫املشرتي نفسه من أحصاب املهن الفنية‪.‬‬
‫وقد يكون العيب موجودا وقت البيع واملشرتي ال يعْل به‪ ،‬ولكنه اذا عْل به وقت‬
‫التسلمي ور يعرتض سقط ضامن البادع‪ .‬فالعيب املوجود يف املبيع وقت البيع‪ ،‬جيب اذن‬
‫حىت يضمنه البادع أن يكون املشرتي ال يعلمه ال وقت البيع وال وقت التسلمي ‪.2‬فاذا‬
‫أثبت البادع أن املشرتي اكن يلعمه‪ ،‬يف أي وقت من هذين الوقتني ر يكن ضامنا‪ .‬أما‬
‫العيب اذلي حدث ما بني البيع والتسلمي‪ ،‬فيجب أن يثبت البادع حىت يسقط الضامن‬
‫عنه‪ ،‬أن املشرتي اكن عاملا به وقت التسلمي‪ ،‬فاذا ر يثبت ذكل افرتض أن املشرتي اكن‬
‫‪3‬‬
‫وقت تسلمي املبيع غّي عار به‪ ،‬ووجب الضامن‪.‬‬
‫ويراعى أن العْل اذلي يتحقق معه عدم الضامن‪ ،‬ينبغي أن يتوافر وقت البيع يف‬
‫حاةل املبيع املعني بذلات‪ ،‬فاذا عْل املشرتي بلعيب بعد ذكل ال حيرم من الرجوع‬
‫بلضامن‪ .‬أما يف حاةل املبيع املعني بلنوع فال يتصور ذكل‪ ،‬حيث ال تتحدد ذاتية املبيع‬
‫‪4‬‬
‫وقت العقد‪ ،‬وامنا تتحدد بالفراز اذلي يم عادة عند التسلمي‪.‬‬
‫غّي أنه ال يكفي يف هذا الصدد ليك يسقط الضامن عن البادع‪ ،‬جمرد اقرار املشرتي‬
‫يف العقد بأنه عاين املبيع‪ ،‬معاينة انفية للجهاةل‪ .‬ذكل أن هذا االقرار وان اكن حيول دون‬
‫طلب ابطال العقد‪،‬عىل أساس عدم العْل الاكيف بملبيع‪ .‬فانه ال يعترب دليال اكفيا عىل عْل‬

‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬


‫‪ -2‬ملا اكن هجل املشرتي للعيب وقت التسلمي رشطا للضامن‪ ،‬فانه يغلب أن يكون املشرتي وقد هجل العيب الالحق‬
‫بملبيع‪ ،‬قد وقع يف غلط جوهري‪ .‬فتتالىق دعوى ضامن العيوب اخلفية مع دعوى الغلط‪ ،‬ويكون للمشرتي أن خيتار بني‬
‫ادلعويني‪.‬‬
‫دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -3‬دمحم ش تا أبو سعد‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪222‬‬
‫‪ -4‬توفيق حسن فرج‪ ،‬أثر حسن النية عىل رجوع املشرتي بلضامن‪ ،‬املرحع السابق ص ‪093‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪ ،‬دار احياء الرتاث العريب‪ ،‬لبنان ‪ ،،0962‬ص ‪.136‬‬

‫‪199‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املشرتي بلعيب‪ ،‬علام حيول دون رجوعه بلضامن وهذا ما اس تقر عليه قضاء النقض‬
‫‪1‬‬
‫املرصي‪.‬‬
‫من مث فالعيب ال يعترب خفيا جملرد أن املشرتي ر يره‪ ،‬أو جملرد أنه ر يفحصه لصا‬
‫عاداي‪ ،‬ولكنه اكتفى بفحص سطحي فقط‪ .‬فاذا أمكن الشفص متوسط احلرص‬
‫اكتشاف العيب‪ ،‬باللتجاء اىل طرق لص أولية اكن العيب هلاهرا‪ ،‬أما اذا اكن العيب‬
‫من العيوب اخلفية اليت ال ككن الكشف عهنا بلطرق العادية‪ ،‬ولكنه يكون معلوما‬
‫للمشرتي‪ ،‬وسكت رمغ علمه بلعيب اكن س ئي النية‪.‬وبلتايل ال يكون هل الرجوع عىل‬
‫البادع بلضامن‪.‬ذكل أن العيب املعلوم يأخذ حمك العيب الظاهر‪ ،‬وال يعترب من العيوب‬
‫اخلفية‪ 2 .‬ويس توي يف ذكل احلمك اذا ما عْل املشرتي بلعيب من طريق البادع أو بطريق‬
‫أآخر ذكل أن عْل املشرتي بلعيب اذلي كنعه من رجوعه بلضامن ال يشرتط فيه أن‬
‫يكون انجتا عن اخبار البادع هل ‪.3‬‬
‫من مث يسقط عن البادع الضامن يف حاةل قدرة املشرتي عىل كشف العيب‪ ،‬بيشء‬
‫من احليطة واحلذر من خالل الاس تعالم والتحري‪ .‬وأن عدم هلهور العيب ككن نفيه‬
‫بأحد المرين‪ :‬اما بعلمه به أو بس تطاعته هذا العْل‪ .‬ولي مقصودا بالس تطاعة أن‬
‫يكون يف اماكن املشرتي مبعلوماته الشفصية كشف العيب‪ ،‬بل املقصود أن يكون يف‬
‫‪4‬‬
‫وسعه القيام بذكل بوسادهل اخلاصة‪ ،‬دون احلاجة ملعاونة البادع‪.‬‬
‫عىل أن البادع يسأل عن العيب اخلفي‪ ،‬بغض النظر عن علمه أو هجهل للعيب‬
‫اخلفي املوجود بملبيع‪.‬حيث أشارت املادة ‪ 219‬ق م ج ‪ ":‬يكون البادع ضامنا لهذه‬
‫‪-1‬نقض مدّن مرصي بتارخي ‪.0963/26/01‬‬
‫مقتب عن ‪:‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.092‬‬
‫مشار اليه أيضا يف ‪ :‬أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق‪.091 ،‬‬
‫‪ -2‬توفيق حسن فرج‪ ،‬أثر حسن النية عىل رجوع املشرتي بلضامن‪ ،‬املرجع السابق ص ‪093‬‬
‫‪ -3‬أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.093‬‬
‫‪ -4‬سلامين مرقص‪ ،‬الوايف يف رشح القانون املدّن‪ ،‬ج الثالث‪ ،‬اجملدل الول‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬مرص‪ ،0992 ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪211‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫العيوب ولو ر يكن عاملا بوجودها"‪.‬هذا عىل خالف املرشع الفرنيس حيث جاء يف املادة‬
‫‪ 0616‬ق م ف أن البادع اذا اكن جيهل عيوب اليشء ال يكون ملزما اال برد المثن‪،‬‬
‫وتعويض املشرتي عن املصاريف اليت أنفقها مبناس بة البيع‪ ،‬واملمتثَل يف مصاريف النقل‬
‫وامجلركة وتسجيل العقد واشهاره‪.‬أي أن أحاكم ضامن عن العيب اخلفي ال تنطبق يف‬
‫الترشيع الفرنيس‪ ،‬اذا اكن البادع جيهل وجود العيب يف املبيع‪.‬فال يلزتم البادع مىت اكن‬
‫حسن النية اال برد المثن ومصاريف البيع‪ ،‬دون التعويض والفوادد‪ .‬لسن نية البادع عذر‬
‫يقلص من تبعات املسؤولية‪.‬‬
‫غّي أن السؤال يطرح بشأن تطبيق أحاكم ضامن العيوب اخلفية عىل البيوع ما‬
‫بني حمرتفني ‪:‬فهل أن املشرتي مىت اكن حمرتفا يكتفي بفحص سطحي؟‪ ،‬فيفرتض أنه غّي‬
‫خمتص يف الش ياء اليت يشرتُّيا‪ ،‬ومن مث يكون غّي ملزم بلقيام بلتحرايت قصد كشف‬
‫العيب‪ ،‬وال الاس تعانة خببّي لكام اشرتى شيئا معقدا؟‪.‬‬
‫يرى بعض الفقه ‪1‬يف هذا الصدد أن ورة اخلربة لتحديد العيب‪ ،‬دليل وتأكيد‬
‫عىل أن العيب خفي‪ ،‬عىل أنه مىت اكن املشرتي حمرتفا قامت قرينة اماكنية اكتشاف‬
‫العيب من قبهل‪.‬ففي البيوع اليت تم بني حمرتفني‪ ،‬اذا اكن املشرتي حمرتفا متفصصا‪ ،‬فانه‬
‫ال يقبل منه أن يدعي بوجود عيب خفي‪،‬اذ أن العيب اخلفي بلنس بة للرجل العادي‬
‫اذلي لي هل أي خربة‪ ،‬ال يعترب كذكل بلنس بة للمحرتف‪،‬فيعترب عيبا هلاهرا بلنس بة‬
‫هل‪ ،‬لكن عىل عك القرينة املنصبة عىل عاتق البادع اررتف‪ ،‬واليت ال تقبل اثبات‬
‫عك مدلولها‪ ،‬فان هذه القرينة املتعلقة بملشرتي اررتف ليست قاطعة بل أهنا قرينة‬
‫بس يطة‪ .‬بماكن املشرتي اررتف أن يثبت عكسها‪ ،‬أي بأن يثبت عدم قابلية العيب‬
‫لالكتشاف من طرفه بلرمغ من صفته مكحرتف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Alain Benabent , Droit civil , Les contrats spéciaux civils et commerciaux, 5ème édition ,‬‬
‫‪Montchrestien ,2001,p154.‬‬

‫‪211‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما بلنس بة للبادع مفىت اكن حمرتفا‪ ،‬فانه وان كنا قد ارشان سابقا اىل أن البادع ويف‬
‫الترشيع الفرنيس‪ ،‬وعىل خالف الترشيع انجزائري‪ ،‬ال يسأل عن العيب اذا اكن جيههل‪.‬‬
‫اال أنه مىت اكن حمرتفا يفرتض فيه العْل ال انجهل‪ .‬ويذهب الفقه اىل أن قرينة العْل دليه‬
‫قاطعة ال تقبل اثبات عك مدلول‪.1‬و يذهب ‪ 2 Alain Benabent‬لتربير المتيزي بني‬
‫البادع اررتف واملشرتي اررتف‪ ،‬بأن البادع حيوز عىل اليشء املبيع منذ وقت معني‪ ،‬بيامن‬
‫ال يقوم املشرتي اال بفحصه حلظة البيع‪ ،‬كام وأن البادع جيين مثنا يكون الضامن مقابال هل‪،‬‬
‫وهذا ما ال يتحقق بلنس بة للمشرتي‪.‬‬
‫وجتدر االشارة أيضا اىل أنه وحىت يف حاةل االتفاق‪ ،‬عىل تعديل أحاكم ضامن‬
‫العيوب اخلفية بالنقاص أو االعفاء مهنا‪ ،‬فان هذا االتفاق غّي ذي ق ة اذا اكن البادع‬
‫حمرتفا‪ .‬فصفة الاحرتاف تفرتض أن البادع العْل بعيوب اليشء‪ ،‬وهذا ما جيعل تكل‬
‫الرشوط حمال لاللغاء‪ .‬وهذا طبقا لنصوص املتعلقة بلرشوط التعسفية‪ ،‬سواء يف‬
‫مواهجة املس هتكل العادي أو يف مواهجة اررتف‪ ،‬مىت ر يكن يتعاقد يف جمال َتصصه‪.‬و‬
‫هذا ما جيعل الرشوط املقلصة للضامن ال تصل اال يف حالتني ‪ :‬مىت اكن البادع غّي‬
‫حمرتف‪ ،‬ومىت مت البيع بني حمرتفني من الاختصاص نفسه‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬تأكيد البادع خلو املبيع من العيب أو اخفاءه غشا‬
‫وان اكن البادع ال يضمن العيوب الظاهرة‪ ،‬أو تكل اليت عْل هبا املشرتي‪ ،‬أو اكن‬
‫من السهل عليه أن يعْل هبا‪ .‬فانه اذا أثبت املشرتي أن البادع قد أكد هل خلو املبيع من‬
‫عيب معني‪ ،‬أو أنه قد تعمد اخفاء العيب غشا منه‪ ،‬اكن هل أن يرجع عليه بلضامن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- CASS.CIV.16 AVRIL 1996‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬أسامة أمحد بدر‪ ،‬الالزتام ببذل عناية والالزتام بتحقيق نتيجة بني املسؤوليتني الشفصية واملوضوعية‪ ،‬دار‬
‫انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،3200 ،‬ص‪21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- AlainLAIN Benabent , op cit, p 155‬‬

‫‪212‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غّي أنه جيب المتيزي يف هذا الصدد بني حالتني‪:‬‬


‫‪ ‬حاةل ما اذا اكن املشرتي يعْل بلعيب من قبل‪ ،‬ال ككن للمشرتي الرجوع بلضامن عىل‬
‫البادع‪ ،‬مىت عْل فعال بوجود العيب من قبل‪ ،‬حىت ولو أكد هل البادع خلوه منه‪ .1‬اذ ال أثر‬
‫لترصحي البادع بعدم وجود العيب‪.‬‬
‫‪ ‬أما يف حاةل ما اذا اكن ال يعْل بلعيب‪ ،‬وامنا اكن من السهل عليه أن يعْل لو أنه لص‬
‫املبيع لصا عاداي‪ ،‬ففي هذه احلاةل اذا ما أكد البادع تأكيدا رصحيا خلو املبيع من العيب‪،‬‬
‫فان املشرتي سّيكن اىل ذكل اعامتدا عىل هذا التأكيد‪ ،‬ويكون هل أن يرجع عىل البادع‬
‫‪2‬‬
‫بلضامن‪.‬‬
‫ولي لهذا الخّي أن يدفع دعوى املشرتي بأنه ر يفحص املبيع‪ ،‬وان اكن من‬
‫السهل عليه أن يتبينه‪ ،‬ذكل أنه لو ال ترصحي البادع خبلو املبيع من العيب‪ ،‬لقام املشرتي‬
‫بفحصه بلطريق املعتاد وتأكيد البادع يف هذه احلاةل خبلو املبيع من العيب‪ ،‬يعترب مبثابة‬
‫اتفاق مضين عىل حتمهل ضامن العيب‪ ،‬اذلي أكد خلو املبيع منه‪.‬من مث اذا اكن البادع ال‬
‫يضمن العيوب الظاهرة‪ ،‬أو اليت عْل هبا املشرتي أو اكن من السهل عليه أن يعْل هبا‪،‬‬
‫فانه حسب نص املادة ‪ 219‬فقرة ‪ 3‬ق م ج يلزتم بلضامن ‪ ":‬اذا اثبت املشرتي أن‬
‫البادع قد أكد هل خلو املبيع من تكل العيوب‪ ،‬أو أنه أخفاها غشا منه"‪.‬‬
‫كام وأنه ويف حاةل ما اذا أثبت املشرتي أن البادع قد أخفى العيب غشا منه‪ ،‬فان‬
‫هذا الخّي يكون ضامنا‪ .‬ويتحقق الضامن يف هذه احلاةل أيضا حىت ال يس تفيد البادع من‬
‫غشه‪ .‬ويتعني أيضا يف هذه احلاةل توافر رشوط الضامن‪ ،‬وبصفة خاصة يلزم أال يعْل‬
‫املشرتي بلعيب‪ ،‬فاذا اكن عاملا به ال يكون هل أن يرجع بلضامن‪.‬ذكل أن اقدام املشرتي‬
‫‪ -1‬يلزم أن يأيت تأكيد البادع خلو املبيع من العيب يف عبارات خاصة‪ ،‬تنرصف اىل عيب بذاته‪ .‬فال يكفي جمرد عبارات عامة‬
‫يقصد من وراهئا الرتوجي للمبيع‪ ،‬ومحل املشرتي عىل الرشاء‪.‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ -2‬أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬

‫‪213‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عىل الرشاء رمغ علمه بلعيب‪ ،‬يكشف عن أنه يريد أن حيصل عليه حبالته‪.‬أما اذا اكن‬
‫من السهل عليه أن يعْل به لو أنه مت بلفحص العادي‪ ،‬ولكنه ر يفعل فان هل الرجوع‬
‫بلضامن‪ ،‬مىت اكن البادع قد تعمد اخفاء العيب غشا منه‪ ،‬اذ عىل الرمغ من اهامل‬
‫املشرتي معرفة العيب‪ ،‬اال أنه أوىل بلرعاية ممن يرتكب غشا‪ ،‬ولهذا يكون هل الرجوع‬
‫بلضامن‪.‬‬
‫خالصة القول أن املشرتي يكون حسن النية اذا اكن العيب خفيا غّي معلوم‪ ،‬أو‬
‫ال يس تطاع العْل به لو أنه نجأ اىل الفحص العادي للمبيع‪ ،‬أو أنه ر يعْل به مىت اكن من‬
‫السهل عليه اكتشاف العيب‪ ،‬ولكنه ر يفعل اعامتدا عىل تأكيد البادع خلو املبيع منه‪ ،‬أو‬
‫لن البادع أخفى العيب غشا منه‪ .‬أما اذا اكن يعْل بوجود العيب فال يكون هل الرجوع‬
‫بلضامن‪ ،‬حىت ولو أكد هل البادع خلو املبيع من العيب‪ ،‬وحىت ولو اكن البادع قد أخفي‬
‫العيب غشا منه‪ .‬مفىت اكن من السهل عليه أن يعْل بلعيب فال يكون هل الرجوع‬
‫بلضامن‪ ،‬اذ يكون العيب هلاهرا يف هذه احلاةل‪ ،‬ما ر يؤكد هل البادع خلو املبيع من أي‬
‫عيب‪ ،‬أو ما ر يكن قد تعمد اخفاء هذا العيب غشا منه‪ ،‬عنددذ يكون حسن النية‬
‫ويكون هل الرجوع بلضامن‪1.‬و هذا ما قضت به حماة النقض املرصية يف حمك لها قضت‬
‫فيه بأنه‪ ":‬يعترب عيبا خفيا مىت اكن املشرتي غّي عار به وغّي مس تطيع أن يعلمه‪ ،‬أو اذا‬
‫ر يكن من املمكن اكتشافه بلفحص املعتاد‪ ،‬اذلي تعارف الناس عىل القيام به بل اكن‬
‫يتطلب خربة خاصة‪ ،‬أو اكن من السهل اكتشافه بلفحص املعتاد‪ ،‬وأثبت املشرتي أن‬
‫البادع قد أكد هل خلو املبيع من هذا العيب‪ ،‬أو أثبت أنه قد تعمد اخفاء العيب غشا‬
‫‪2‬‬
‫منه‪.‬‬

‫‪ -1‬يراعى يف هذا الصدد أن للمشرتي رفع دعوى التدلي ‪ ،‬يف حاةل قيام البادع بخفاء العيب غشا منه‪ .‬اذا اكن ما قام به‬
‫البادع يكون حيال تدليس ية توقع املشرتي‪ ،‬حبيث لو عْل هبا ملا أقدم عىل التعاقد‪.‬‬
‫توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.096‬‬
‫‪ -2‬نقض مدّن مرصي بتارخي ‪ 0963/26/21 :‬مقتب عن توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬

‫‪214‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من مثة معيار حسن النية دلى املشرتي هو العْل‪ ،‬واس تطاعة العْل بفحص املبيع‬
‫بعناية الرجل العادي‪ .‬ومىت اكن املشرتي عاملا بلعيب أو هممال عد س ئي النية‪ ،‬وتقع‬
‫عليه تبعة اهامهل بغض النظر عن تأكيد البادع خلو املبيع من العيب‪ ،‬وحىت يف حال اخفاء‬
‫البادع العيب غشا منه‪ .‬غّي أنه يعد حسن النية مىت اكن بس تطاعته العْل وأمهل ذكل‪،‬‬
‫لتأكيد البادع خلو املبيع من العيب‪ ،‬أو الخفاء البادع العيب غشا منه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫حاةل هلهور تاكليف جديدة‬
‫قد تظهر بعد ابرام عقد البيع أعباء وتاكليف تثقل املبيع‪ ،‬فيؤدي المر اىل الانتقاص‬
‫من الانتفاع به‪ .‬فهل جيب أن يكون املشرتي جاهال وقت التعاقد بوجودها‪ ،‬حىت‬
‫يتس ىن هل الرجوع عىل البادع بلضامن؟‬
‫أو اال‪ :‬املقصود بلعباء والتاكليف‬
‫يذهب الفقه يف حتديده للمقصود بلعباء والتاكليف‪ ،‬بأهنا لك ما من شأنه أن‬
‫يفرض عىل املشرتي الزتاما بتحمل نقص يف الانتفاع بملبيع‪ ،‬دون أن يشلك ذكل‬
‫اعتداءا عىل حق امللكية لكه أو بعضه ‪.1‬و يذهب جانب أآخر اىل أن املقصود بلتلكيف‬
‫‪2‬‬
‫اكتشاف املشرتي بعد البيع‪ ،‬حلق ال ك ملكية العني وامنا يقيّد انتفاعه هبا‪.‬‬
‫ويس توي أن يكون التلكيف يف صورة حق عيين عىل املبيع‪ ،‬أو يف صورة حق‬
‫خشيص‪ .‬اذ ر يشرتط املرشع يف املادة ‪ 210‬ق م ج املقابَل املادة ‪ 129‬ق م م‪ ،‬واملادة‬
‫‪ 0636‬ق م ف أن يكون حق الغّي مستندا اىل حق عيين‪ .‬فيس توي أن يكون‬
‫التلكيف حق عيين كوجود حق انتفاع‪ ،‬حيث تظل للمشرتي يف هذه احلاةل ملكية‬

‫‪Hamel et Planiol Ripert -1‬‬


‫توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪300‬‬
‫‪ -2‬أنور سلطان‪ ،‬رشح عقدي البيع واملقايضة‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،3221 ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪215‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الرقبة‪ ،‬مع حتمهل مبارشة بنقص يف الانتفاع‪ .‬أو حق اس تعامل أو حق سكىن‪ ،‬أو حق‬
‫ارتفاق يتقرر للغّي عىل العقار املبيع‪ 1 ،‬أو يف صورة حق خشيص اكالجيار‪.‬‬
‫وان اكنت ال تظهر صعوبة يف المتيزي بني الاس تحقاق اللكي‪ ،‬وهلهور تلكيف عىل‬
‫املبيع‪ ،‬كون أن الاس تحقاق اللكي تثبت ملكية املبيع للغّي‪ ،‬فيحرم املشرتي من لك مزااي‬
‫املبيع‪.‬بسبب اسرتداد املاكل احلقيقي للمبيع اكمال‪.‬بيامن وجود تلكيف عىل املبيع حيرم‬
‫املشرتي من بعض مزااي املبيع فقط‪.‬اال أنه يثور اخلالف حول معيار المتيزي بني التلكيف‬
‫والاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬فالتلكيف ال يعد اس تحقاقا جزديا‪.‬ففي الاس تحقاق انجزيئ حيرم‬
‫املشرتي من بعض مزااي املبيع‪،‬فيشلك ذكل اعتداءا جزيئ عىل حق امللكية‪2 .‬و ان اكن‬
‫يدق المتيزي بني التلكيف والاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬اال أن معيار المتيزي بني التاكليف‬
‫وحاالت الاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬أن التلكيف مبجرد اكتشافه من قبل املشرتي يؤدي اىل‬
‫نقص حال يف الانتفاع‪ ،‬اذ تظل ملكية الرقبة للمشرتي‪،‬بعبارة أخرى هو لك ما يفرض‬
‫عىل املشرتي‪ ،‬الزتاما بتحمل نقص يف الانتفاع بملبيع‪ ،‬دون أن يشلك ذكل تعداي عىل‬
‫حق امللكية لكه أو بعضه‪.‬فوجود تلكيف يفيد عدم اماكنية املشرتي الاحتفاظ بملبيع‬
‫عىل حالته‪ ،‬بسبب حق الانتفاع اذلي ثبت للغّي‪ ،‬واذلي ككن لهذا الخّي أن حيتج به‬
‫يف مواهجة املشرتي‪.‬‬
‫ويف مقابل ذكل خيول املشرتي احلق يف الضامن‪ ،‬مىت اكن حسن النية جيهل‬
‫بوجود هذا التلكيف‪ .‬أما يف الاس تحقاق انجزيئ ال ككن اللجوء اىل دعوى الضامن‪ ،‬اال‬
‫اذا صار التعرض حاال قامئا‪ .‬ان هلهور تلكيف عىل املبيع جيعل من التعرض سببا حاال‬
‫‪ -1‬ان َتلف حقوق الارتفاق الاجيابية اليت تتقرر للعقار املبيع عىل عقار أآخر‪ ،‬تعترب اس تحقاق جزديا أما حتمل العقار املبيع‬
‫حبقوق ارتفاق لصار عقار جماور يعترب تلكيفا‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬رشح عقدي البيع واملقايضة‪ ،،‬ص ‪311‬‬
‫‪ -2‬قد يقع الاس تحقاق انجزيئ عىل حصة مفرزة أآو شادعة‪ ،‬وقد يتحقق الرهن أو يف حاةل عدم وجود حق ارتفاق اجيايب‪،‬‬
‫يعول عىل‬‫مقرر للعقار املبيع عىل عقار أآخر‪ ،‬اكن قد تأكد وجوده عند العقد‪ ،‬أو اكن من الظهور حبيث أمكن للمشرتي أن ّ‬
‫هذا الوجود‪.‬‬
‫توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪302‬‬

‫‪216‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫قامئا‪ ،‬حىت ولو ر تكن هناك منازعة قضادية‪ ،‬وخيول للمشرتي الرجوع بلضامن مبارشة‪،‬‬
‫مىت اكن حسن النية جيهل وجود هذا التلكيف عند البيع‪،‬ذكل أن جمرد اكتشاف‬
‫‪1‬‬
‫التلكيف يعترب نقصا حاال مبارشا يف الانتفاع‪ ،‬وخيول احلق يف الضامن‪.‬‬
‫غّي أن يف كثّي من احلاالت يثور اخلالف‪ ،‬حول تكييف ما اذا اكن المر يتعلق‬
‫بتلكيف عىل املبيع‪ ،‬أو اس تحقاق جزيئ هل‪ .‬س امي أن ذكل ويف الترشيع الفرنيس وعىل‬
‫خالف الترشيع انجزائري‪ ،‬يرتب نتاجئ خمتلفة من حيث عْل أو هجل املشرتي بسبب‬
‫التعرض‪ ،‬ويبقى تكييف ذكل مرتواك لسلطة القايض التقديرية‪ .‬من ذكل ما ذهب اليه‬
‫القضاء الفرنيس خبصوص معود كهربيئ‪ ،‬اكن قامئا يف العقار املبيع اكن مملواك الحدى‬
‫رشاكت توزيع الكهربء‪ ،‬بأنه اس تحقاق جزيئ أكرث منه تلكيف‪ 2 .‬ففي الاس تحقاق‬
‫انجزيئ يفقد املشرتي جزءا من املبيع‪ ،‬وحيرم من بعض مزااي اليشء املبيع‪.‬‬
‫ويذهب الفقه الفرنيس اىل انه يعترب من التاكليف اليت توجد عىل املبيع‪ ،‬وجود ايراد‬
‫دامئ متعلق بلعقار لصار ملجأ‪ .‬ذكل أن الالزتام بدفع ايراد يف هذه احلاةل‪ ،‬ينتقص من‬
‫‪3‬‬
‫الانتفاع بلعني املبيعة‪.‬‬
‫وخبصوص الرهن اذلي يثقل اليشء املبيع‪ ،‬فان اكن البعض يرى أنه تلكيف عىل‬
‫املبيع‪4 ،‬اال أن رأاي أآخر يرى أن وجود رهن عىل املبيع‪ ،‬ال يعرض املشرتي لنقص يف‬
‫‪5‬‬
‫الانتفاع بلعني املبيعة مبارشة‪ ،‬وامنا يعرضه خلطر الاس تحقاق‪ ،‬من مث ال يعد تلكيفا‪.‬‬
‫مفجرد وجود الرهن ال خيول الرجوع عىل البادع بلضامن‪ ،‬اذ لي هناك خطر تعرض‬
‫حال‪ ،‬فاذا حتقق هذا اخلطر اكن للمشرتي احلق يف الضامن‪ .‬أما جمرد اكتشاف وجود‬
‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪302‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪ -4‬دمحم لبيب شنب وجمدي صبحي خليل‪ ،‬رشح أحاكم عقد البيع‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،0962 ،‬ص‪.021‬‬
‫‪ -5‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.301‬‬

‫‪217‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رهن عىل العني املبيعة‪ ،‬دون حصول معارضة من صاحب الرهن للمشرتي‪ ،‬ومع احامتل‬
‫حصول تكل املعارضة يف املس تقبل‪ ،‬فال يبيل قانوان للمشرتي رفع دعوى الضامن‪ ،‬نجواز‬
‫التعرض فامي بعد من صاحب حق الرهن‪.‬‬ ‫عدم حصول ّ‬
‫وقد يكون من العسّي أيضا المتيزي بني التلكيف والعيب اخلفي‪ ،‬خاصة أن وجود‬
‫عيب يف املبيع ينقص من ق ته أيضا‪ .‬هذا التشابه من حيث أثر عْل املشرتي هبا يف‬
‫الترشيع الفرنيس‪ ،‬أدى اىل أن القضاء اكن يستند اىل النصوص اخلاصة بلك مهنام يف أآن‬
‫واحد‪.‬اال أن احلد الفاصل بيهنام أنه يف حاةل وجود تاكليف أو أعباء عىل املبيع‪ ،‬يوجد‬
‫حق للغّي يثقل املبيع‪ .‬فاملبيع سلمي ال عيب فيه ولكنه حيمل بتلكيف هو حق للغّي‪ ،‬أما‬
‫يف حاةل العيب فان املبيع ال يوجد عليه حق للغّي‪ ،‬ولكنه يكون معيبا بعيب ينقص من‬
‫‪1‬‬
‫ق ته‪ ،‬أو نفعه حبسب الغاية املقصودة‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬أثر عْل املشرتي بوجود تلكيف عىل املبيع‬
‫ر يفرق الترشيع انجزائري بني الاس تحقاق انجزيئ ووجود تلكيف عىل املبيع‪ .‬فعىل‬
‫الرمغ من اختالف التاكليف عن الاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬أي اختالف مفهوم لك مهنام‪،‬‬
‫جند أن املرشع سوى يف احلمك بيهنام من حيث عْل املشرتي هبام‪ .‬فقد جاء يف نص املادة‬
‫‪ 2 0/216‬أنه ‪ ":‬يف حاةل نزع اليد انجزيئ عن املبيع‪ ،‬أو يف حاةل وجود تاكليف عليه‪،‬‬
‫واكنت خسارة املشرتي قد بلغت قدرا لو علمه املشرتي ملا أمت البيع‪ ،‬اكن هل أن يطالب‬
‫البادع بملبالغ املبينة بملادة ‪ ،211‬مقابل رد املبيع مع الانتفاع اذلي حصل عليه منه"‪.‬‬

‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬


‫‪ -2‬يرى توفيق حسن فرج أن املرشع املرصي قد أورد يف نص املادة ‪ 0/111‬املقابَل للامدة ‪ 3/211‬ق م ج أن عبارة " أو‬
‫وجد مثقال بتلكيف" حتمل يف طياهتا معىن املفاجئة للمشرتي‪ ،‬اذ وجود املبيع مثقال بتلكيف يعين أنه ر يكن يعْل بذكل‬
‫وقت البيع أي اكن حسن النية‪ ،‬وبلتايل يكون هل الرجوع بلضامن دون حتديد ملصدر هذا العْل‪.‬‬
‫توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.321‬‬

‫‪218‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فأعطى املرشع للتاكليف حمك الاس تحقاق انجزيئ للمبيع‪ ،‬ومعىن ذكل أن‬
‫املشرتي يس تطيع أن يرجع عىل البادع بلضامن‪ ،‬اذا ما هلهر تلكيف عىل املبيع‪ .‬كام يرجع‬
‫يف حاةل الاس تحقاق انجزيئ للمبيع‪ ،‬وذكل بغض النظر عام اذا اكن يعْل بوجود تلكيف‬
‫عىل املبيع أم ال‪ .‬شأنه شأن الاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬حيث ال أثر لعْل املشرتي بأس باب‬
‫الاس تحقاق يف سقوط الضامن‪.‬فالنص ر يرتب عىل عْل املشرتي بوجود تلكيف سقوط‬
‫الضامن‪ .‬فسواء اكن املشرتي حسن النية ال يعْل بوجود تلكيف عىل املبيع أو قء النية‬
‫يعْل بوجوده‪ ،‬يكون هل الرجوع بلضامن عىل البادع‪ .‬والرشط الوحيد يف حاةل الاس تحقاق‬
‫انجزيئ أو يف حاةل اكتشاف وجود تلكيف يثقل املبيع فان املرشع ال جيزي للمشرتي‬
‫الرجوع بلضامن واملطالبة بملبالغ املبينة يف املادة ‪ 211‬ق م ج‪ ،‬اال اذا اكنت اخلسارة‬
‫الالحقة به جس ة‪ ،‬أي بلغت درجة من المهية حبيث لو عْل هبا ملا أبرم العقد طبقا‬
‫للامدة ‪ 216‬ق م ج‪.‬‬
‫واذا اكن املرشع انجزائري عىل غرار نظّيه املرصي‪ ،‬ر يفرق بني التاكليف اليت قد‬
‫تثقل املبيع وبني الاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬من حيث أثر عْل املشرتي بوجودها أو عدم‬
‫علمه‪ ،‬أي بني املشرتي حسن النية اذلي ال يعْل بوجود التلكيف واملشرتي قء النية‬
‫اذلي يعْل بوجوده‪.‬جند أن املرشع الفرنيس يف نص املادة ‪ 10636‬فرق بني الاس تحقاق‬
‫انجزيئ واللكي للمبيع‪ ،‬وبني العباء اليت يدعى هبا عىل املبيع‪ .‬ففي احلاةل الوىل ال يلزم‬
‫لرجوع املشرتي عىل البادع بلضامن‪ ،‬أن يكون حسن النية‪ ،‬عىل عك حاةل وجود‬
‫أعباء أو تاكليف عىل املبيع‪ ،‬اليت يتعني فهيا أن يكون املشرتي جاهال هبا عند التعاقد‪،‬‬
‫فاذا اكن عاملا هبا فقد حقه يف الضامن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-ART 1626 C.civ.F : «. Quoique lors de la vente il n'ait été fait aucune stipulation sur la‬‬
‫‪garantie, le vendeur est obligé de droit à garantir l'acquéreur de l'éviction qu'il souffre dans‬‬
‫‪la totalité ou partie de l'objet vendu, ou des charges prétendues sur cet objet, et non‬‬
‫‪déclarées lors de la vente ».‬‬

‫‪219‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أي أن الترشيع الفرنيس اشرتط بالضافة اىل الرشوط املتعلقة بضامن‬


‫الاس تحقاق‪ ،‬من حيث أن يكون التعرض الصادر عن الغّي قانونيا‪ ،‬يستند فيه حق‬
‫الغّي اىل حق سابق عىل البيع‪ ،‬أو الحق عليه لكنه نشأ بفعل البادع‪ ،‬أن يكون حاال‬
‫وقامئا‪ ،‬رشط أن ال تكون العباء والتاكليف اليت تظهر عىل املبيع معروفة من طرف‬
‫املشرتي عند البيع‪ .‬فيلزتم البادع بضامن العباء والتاكليف املدعى هبا عىل املبيع‪ ،‬اليت ر‬
‫يرصح هبا عند البيع‪ .‬فاذا هلهر تعرض للغّي مثال يف صورة تلكيف عىل املبيع‪ ،‬كام لو‬
‫ادعى وجود حق ارتفاق أو حق انتفاع‪ ،‬أو حق اس تعامل أو حق اجيار‪ ،‬ال يكون‬
‫للمشرتي الرجوع بلضامن عىل البادع مىت اكن عاملا بوجود هذا التلكيف‪.‬‬
‫أي أن املرشع الفرنيس رتب عىل العْل هبذه التاكليف‪ ،‬سقوط الضامن من عىل‬
‫عاتق البادع‪ ،‬أما يف حاةل الاس تحقاق فال يسقط الضامن‪ ،‬اال اذا اشرتط البادع عدم‬
‫الضامن‪ ،‬واكن املشرتي يعْل وقت البيع سبب الاس تحقاق‪ ،‬أو اكن قد اشرتى عىل‬
‫مسؤوليته‪ .‬بيامن يف الترشيع انجزائري وعىل خالف الترشيع الفرنيس اذا اكن املشرتي عاملا‬
‫بوجود تلكيف عىل املبيع‪ ،‬فانه يس تطيع مع ذكل الرجوع بلضامن عىل البادع‪ .‬ويعلل‬
‫توفيق حسن فرج ‪1‬موقف املرشع املرصي املامثل ملوقف املرشع انجزائري ذكل‪ ،‬بأن‬
‫املشرتي اذلي يعْل بوجود سبب من أس باب الاس تحقاق عىل العني املبيعة‪ ،‬ومع ذكل‬
‫يتعاقد فانه يأمل أن البادع سيتدذ لك الاحتياطات اليت جتنبه خطر الاس تحقاق‪ .‬فاذا‬
‫ر يقم البادع بذكل اكن للمشرتي اذلي أخطأ التقدير‪ ،‬أن يدعي عدم تنفيذ البادع اللزتامه‪.‬‬
‫ويؤيد جل الفقه الفرنيس‪ 2‬موقف املرشع الفرنيس يف هذا الصدد‪ ،‬حيث يتجه‬
‫الرأي السادد اىل أن التعرض مىت اكن راجعا لظهور تاكليف أو أعباء عىل املبيع‪ ،‬فانه‬
‫يلزم لرجوع املشرتي بلضامن أن يكون حسن النية جيهل وجود تكل العباء‪ .‬ويربر‬
‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫‪ -2‬رأي‪Josserand et Hamel Planiol-Ripert et Baudry et Saignat‬‬
‫مقتب عن توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬

‫‪211‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقه الفرنيس التفرقة بني الاس تحقاق انجزيئ والتاكليف‪ ،‬بأنه اذا اكن يفرتض أن‬
‫املشرتي قد قبل املبيع مع ما عليه من تاكليف يعْل هبا‪ ،‬فانه ال ككن القول أنه قد قبل‬
‫سلفا خطر الاس تحقاق‪ ،‬حىت ولو عْل به ما ر يتفق عىل خالفه‪.‬‬
‫ويضيف ذات الفقه اىل هذا أنه اذا عْل املشرتي بلتلكيف اذلي يقع عىل املبيع‪ ،‬فان‬
‫هذا يؤدي اىل الاعتقاد بأنه قد قبل أن حيصل عليه‪ ،‬مع ما يتحمل به من نقص يف‬
‫الانتفاع‪ .‬وهذا يعترب فارقا هاما بني هذا النوع من التعرض‪ ،‬وبني التعرض يف لك املبيع‬
‫أو بعضه‪ .‬ويرتتب عن ذكل أن سوء النية اليت تلعب دورا هاما يف الآاثر اليت ترتتب‬
‫عىل الاس تحقاق‪ ،‬أي التعويضات اليت يرجع هبا املشرتي عىل البادع يف حاةل اس تحقاق‬
‫املبيع للغّي‪ ،‬واليت يفرق يف صددها بني املشرتي حسن النية وقء النية‪ ،‬ال تؤدي اىل‬
‫‪1‬‬
‫سقوط الضامن اال يف حاةل التاكليف والعباء فقط‪.‬‬
‫ويرى ذات الفقه السابق أن وجود تلكيف عىل املبيع‪ ،‬من شأنه أن يؤثر عىل ق ة‬
‫املبيع أو عىل الانتفاع به‪ .‬فاملشرتي حيق هل أن يعتقد أنه يشرتي امللكية التامة الاكمَل‪،‬‬
‫اليت ال يرد علهيا قيد أو تلكيف‪ .‬فاذا اكن الواقع عىل خالف ذكل اكن عىل البادع أن‬
‫خيطر املشرتي به‪ ،‬حىت يدخل ذكل يف تقديره للمثن‪ ،‬بل وملالمئة املبيع حلاجته‪ .‬فاذا ر‬
‫يفعل البادع ذكل فاما أنه خرج عىل مقتىض حسن النية لكامتنه هذا المر انجوهري‪ ،‬واما‬
‫أنه اكن ال يعْل به‪ ،‬فهو مقرص‪.‬ويف احلالتني جيب أن يكون مسؤوال عام يفاجأ املشرتي‬
‫‪2‬‬
‫به بعد البيع‪ ،‬من حقوق أو تاكليف‬

‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬


‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.326‬‬

‫‪211‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫حاةل هلهور حقوق ارتفاق‬
‫أفرد الترشيع انجزائري واملرصي حلقوق الارتفاق حكام خمتلفا عن التاكليف‬
‫والعباء‪ ،‬ورتب عىل العْل هبا سقوط الضامن‪ .‬وعىل خالف املرشع انجزائري جند أن‬
‫املرشع الفرنيس ساوى بني حقوق الارتفاق والتاكليف من حيث أثر عْل املشرتي‬
‫بوجودها‪ ،‬ورتب عىل العْل بوجودها سقوط الضامن‪ ،‬ولن حلقوق الارتفاق حمك‬
‫خمتلف عن التاكليف‪ ،‬فنبحث أثر وجود حقوق الارتفاق وعْل املشرتي هبا عىل رجوعه‬
‫بلضامن (الفقرة الوىل)‪ ،‬مث ولن العْل قد يكون مصدره البادع أو حيصل من أي سبيل‬
‫أآخر‪ ،‬فاننا نبحث يف (الفقرة الثانية) مدى ورة اس تلزام أن يعْل املشرتي بوجود حق‬
‫الارتفاق من البادع نفسه‪ ،‬ومدى كفاية العْل املس متد من التسجيل‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫أثر عْل املشرتي بوجود حق ارتفاق عىل رجوعه بلضامن‬
‫تصنف حقوق الارتفاق اىل حقوق ارتفاق اجيابية وأخرى سلبية‪ ،‬ويقصد حبقوق‬
‫الارتفاق االجيابية ذكل الارتفاق اذلي جيزي ملاكل العقار املرتفق‪ ،‬القيام بأعامل اجيابية‬
‫كحق املرور من الرايض اجملاورة‪ ،‬ويقصد بالرتفاقات السلبية منع ماكل العقار من‬
‫القيام بأعامل يف عقاره‪ ،‬كعدم البناء أو عدم تعلية البناء‪.‬ويف عقد البيع حقوق الارتفاق‬
‫االجيابية تكون مقررة للعقار املبيع عىل عقار الغّي‪ ،‬فاذا ما اعمتد املشرتي عىل أن للعقار‬
‫حق ارتفاق عىل العقار اجملاور‪ ،‬بأن اكن هذا احلق قيّد يف العقد أو أنه اكن هلاهرا‪،‬‬
‫حبيث ككن القول أنه اعمتد عىل وجوده مث تبني أنه غّي موجود‪ ،‬أو أنه لي اال معال‬
‫من أعامل التسامل من جانب انجار‪ .‬يف هذه احلاةل يكون للمشرتي أن يرجع عىل البادع‬

‫‪ -1‬عرفته املادة ‪ 261‬ق م ج حيث جاء فهيا أن‪":‬الارتفاق حق جيعل حدا ملنفعة عقار لفاددة عقار أآخر لشفص أآخر‪"... .‬‬

‫‪212‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بلضامن‪ ،‬عىل أساس وجود اس تحقاق جزيئ‪ .‬ويف هذه احلاةل تطبق القواعد العامة اليت‬
‫ترسي يف حاةل رجوع املشرتي عىل البادع عند الاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬من حيث حسن‬
‫‪1‬‬
‫النية أو سوهئا‪.‬‬
‫أما الارتفاقات السلبية فوجودها يؤدي اىل الانتقاص من الانتفاع بلعقار املبيع‬
‫لكه‪ ،‬فتحمل العقار املبيع حلقوق ارتفاق لصار عقار جماور يعترب تلكيفا أو أعباء عىل‬
‫املبيع‪.2‬‬
‫وعىل خالف الترشيع الفرنيس اذلي ساوى بني حقوق الارتفاق‪ ،‬والتاكليف والعباء‬
‫الخرى اليت تثقل املبيع‪ .‬ورتب عىل العْل هبا من قبل املشرتي عدم الضامن من خالل‬
‫نص املادة ‪ 0636‬ق م ف‪ .‬فان الترشيع انجزائري أعطى حلقوق الارتفاق حكام خمتلفا‬
‫عن التاكليف الخرى‪ ،‬اليت قد تثقل املبيع‪ .‬حيث تقب املادة ‪ 3/211‬ق م ج ‪3‬بأنه‪":‬‬
‫يفرتض يف حق الارتفاق أن البادع قد اشرتط عدم الضامن‪ ،‬اذا اكن هذا حقا هلاهرا أو‬
‫اكن البادع قد أعْل به املشرتي‪" .‬‬
‫أي أن املرشع يف هذا النص فرق بني حقوق الارتفاق‪ ،‬وبني التاكليف الخرى من‬
‫حيث عْل املشرتي هبا‪.‬اذ اشرتط لرجوع املشرتي عىل البادع يف حاةل وجود حق ارتفاق‬
‫يثقل املبيع‪ ،‬أن يكون هذا احلق غّي هلاهر أو أن يكون البادع ر يبينه للمشرتي‪ ،‬فيعد‬
‫عْل املشرتي بسبب الضامن قرينة عىل أن البادع اشرتط عدم الضامن‪.‬‬
‫فعْل املشرتي بوجود حق ارتفاق يعطي احلق للبادع بلمتسك جتاهه بعدم الضامن‪ ،‬أما‬
‫عْل املشرتي أو عدم علمه بوجود تلكيف‪ ،‬يرتتب عنه الضامن كام يف الاس تحقاق انجزيئ‬
‫‪ -1‬رأي ‪ :‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫أنظر أيضا رأي ‪Bodry et Saignat‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ -2‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪301‬‬
‫‪ -3‬وأخذ املرشع املرصي بنف احلمك من خالل نص املادة ‪ 111‬ق م م‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للمبيع‪ ،‬فاملرشع بلرمغ من ذكره عبارة" لو علمه‪ ،". .‬اال أنه أتبعها بعبارة " ملا أمت البيع"‪.‬‬
‫أما يف حق الارتفاق اذلي يثقل املبيع‪ ،‬اذا أعْل البادع املشرتي بوجوده فيفرتض عدم‬
‫الضامن‪ ،‬أي يسقط حق املشرتي يف الضامن‪.‬أي أن أثر العْل خيتلف يف التلكيف عنه‬
‫‪1‬‬
‫يف حق الارتفاق‪.‬‬
‫فالبادع ال يضمن تعرض الغّي املستند اىل وجود حق ارتفاق‪ ،‬اذا اكن هلاهرا أي‬
‫غّي خفي‪ ،‬واليت يكشف عهنا البادع للمشرتي‪ ،‬أو اليت يكون يف مقدور املشرتي وهو‬
‫يعاين املبيع وقت البيع‪ ،‬أن يرى معار حق الارتفاق‪ .‬وجمرد هلهور حق الارتفاق يكفي‬
‫السقاط الضامن عىل البادع‪ ،‬سواء عْل به املشرتي فعال أو ر يعْل به‪ ،‬طاملا اكن يف‬
‫اس تطاعته ذكل‪.‬‬
‫وعىل الرمغ من أن املرشع اجته اىل التفرقة ما بني حقوق الارتفاق والتاكليف‬
‫الخرى‪ ،‬فأعطى حكام خمتلفا للك مهنام‪ ،‬فامي يتعلق بأثر حسن أو سوء نية املشرتي يف‬
‫رجوعه عىل البادع بلضامن‪،‬فان كثّيا من الفقه‪ 2‬ينادي مبد احلمك اخلاص حبقوق الارتفاق‬
‫ليشمل مجيع التاكليف‪ ،‬اليت قد تثقل املبيع‪ .‬ومقتىض ذكل أنه اذا أعْل البادع املشرتي‬
‫بوجودها أو اكنت هلاهرة‪ ،‬فيفرتض أنه اشرتط عدم الضامن‪ .‬وجحهتم يف ذكل أنه ال يوجد‬
‫مربر للتفرقة ما بيهنام‪ ،‬فالتاكليف تؤثر عىل ق ة املبيع أو الانتفاع هبا‪ ،‬كام هو الشأن يف‬
‫حقوق الارتفاق‪ .‬اذ ال َتتلف التاكليف عن حقوق الارتفاق اال من انحية هلهورها أو‬
‫عدم هلهورها‪ ،‬وهذا ما يربر وجود نص خاص هبا‪ .‬أما فامي عدى ذكل فان من املسْل به‬
‫أن حقوق الارتفاق‪ ،‬ما يه اال تاكليف عىل العني املبيعة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.309‬‬

‫‪214‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بيد أن هناك فريق أآخر من الفقه‪ ،1‬يرى عدم جواز مد احلمك اخلاص املتعلق‬
‫حبقوق الارتفاق‪ ،‬اىل اكفة التاكليف الخرى‪ .‬وأن الضامن يقوم يف التاكليف الخرى‬
‫دون حقوق الارتفاق‪ ،‬حىت ولو اكن املشرتي عاملا هبذه التاكليف وقت البيع‪.‬‬
‫معىن ذكل أن رجوع املشرتي بلضامن يتوقف عىل عدم علمه حبق الارتفاق‪.‬‬
‫عنددذ يكون حسن النية‪ ،‬سواء اكن عدم علمه حبق الارتفاق راجعا اىل كونه غّي‬
‫هلاهر‪ ،‬أم اىل عدم ابنة البادع عنه‪ .‬كام وأن املرشع الفرنيس يف نص املادة ‪،20622‬‬
‫اشرتط اذا تبني أن عىل املبيع حقوق ارتفاق غّي هلاهرة‪ ،‬ور حيصل االعالم هبا‪ ،‬واكنت‬
‫بلغة يف المهية حبيث ككن الظن أنه لو عْل هبا املشرتي عند ابرام العقد المتنع عن‬
‫الرشاء‪ ،‬حيق هل أن يطلب فسخ العقد اذا ر يكتف بلتعويض‪3.‬و تكون حقوق الارتفاق‬
‫ذات أمهية اذا اكن من شأهنا أن تلحق ار كبّيا بملشرتي‪ ،‬حبيث لو عْل هبا المتنع‬
‫عن الرشاء‪ .‬أي أن يكون المر من انجسامة اىل حد ككن معه القول والتقدير‪ ،‬أن‬
‫املشرتي ما اكن ليقدم عىل الرشاء لو عْل حقيقة المر‪ ،‬وتقدير جسامة تكل احلقوق من‬
‫املسادل الواقعية اليت يس تقل بتقديرها قايض املوضوع ‪.4‬‬
‫جتدر االشارة يف هذا املقام أن جانب من الفقه‪5 ،‬يرى أن نص املادة ‪ 3/ 111‬ق م‬
‫م يقترص تطبيقها‪ ،‬عىل حقوق الارتفاق الناجتة عن الارتفاقات بني مالك العقارات‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪126‬‬ ‫السابق‪،‬‬ ‫املرجع‬ ‫سلطان‪،‬‬ ‫نور‬‫أ‬ ‫‪-‬‬
‫‪- ART 1638 C.civ.F : « Si l'héritage vendu se trouve grevé, sans qu'il en ait été fait de‬‬
‫‪déclaration, de servitudes non apparentes, et qu'elles soient de telle importance qu'il y ait‬‬
‫‪lieu de présumer que l'acquéreur n'aurait pas acheté s'il en avait été instruit, il peut‬‬
‫‪demander la résiliation du contrat, si mieux il n'aime se contenter d'une indemnité ».‬‬
‫‪ -3‬يقصد بالرتفاقات الظاهرة الارتفاقات اليت يرتبط وجودها بأعامل خارجية‪ ،‬كفتل بب او فتل انفذة‪ ،‬أما الارتفاقات غّي‬
‫الظاهرة‪ ،‬فهو الارتفاق اذلي ليست هل عالمة خارجية تمن عن وجوده‪ ،‬اكالرتفاق بعدم البناء أو عدم التعلية‪.‬‬
‫جعة انجياليل‪ ،‬مدخل للعلوم القانونية‪ ،‬نظرية احلق‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ج الثاّن‪ ،،‬بريت للنرش‪ ،‬انجزائر‪،3229 ،‬ص ‪.221‬‬
‫و مسأةل كون الارتفاق هلاهرا أو غّي هلاهر يه مسأةل وقادع‪َ ،‬تضع لرقابة القايض‪ .‬وجيوز للمشرتي أن يثبت ان الارتفاق‬
‫غّي هلاهر‪.‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.0391‬‬
‫‪ -4‬توفيق حسن فرج ن املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ -5‬نبيل ابراهمي سعد‪ ،‬احلقوق العينية الصلية‪ ،‬أحاكهما ومصادرها‪ ،‬دار املعرفة انجامعية‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪ ،0999 ،‬ص ‪.11‬‬
‫أيضا رأي جانب من الفقه الفرنيس ‪BAUDRY et SAIGNAT, AUBRY et RAU :‬‬

‫‪215‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املتجاورة‪ ،‬أي الارتفاقات اليت حيدهثا الشداص ويه الارتفاقات الناش ة عن اتفاقات‬
‫أحصاب العقارات‪ ،‬دون الارتفاقات اليت تنشأ عن الزتامات يفرضها القانون‪ .‬أو ما يسمى‬
‫بلقيود القانونية الواردة عىل امللكية‪ ،‬كحق املرور وقيد الري والقيود الناش ة عن‬
‫التالصق يف انجوار‪.. .‬اخل‪ .‬حيث يرى هذا انجانب من الفقه‪ 1‬بأهنا ليست ارتفاقات‬
‫بملعىن ادلقيق‪ ،‬بل قيود عىل حق امللكية‪ .‬لهذا فانه اذا ترصف البادع يف املبيع‪ ،‬فانه‬
‫يترصف يف ملكية حدد القانون نطاقها‪ ،‬متاش يا مع الهرضورات الاجامتعية‪ .‬فال يكون‬
‫للمشرتي أن يرجع عىل البادع اذا اكن القيد قانوّن‪ ،‬حيث أن البادع ال يس تطيع أن ينقل‬
‫للمشرتي ملكية مطلقة ال وجود لها‪.‬‬
‫هذه القيود أوردها املرشع انجزائري واملرصي يف القسم املتعلق بلقيود اليت تلحق‬
‫حق امللكية‪ ،‬فتعترب هذه القيود حدودا عامة للك ملكية توجد يف هلروف معينة‪ .‬حبيث‬
‫يكون من شأهنا أن حتدد الوضع العادي حلق امللكية يف هذه الظروف‪ ،‬أما حق‬
‫االرتفاق كثل فكرة اخلروج عىل هذا الوضع العادي‪ ،‬فهو عئب اس تننايئ يتقرر بفعل‬
‫االنسان عىل ملكية معينة‪.‬‬
‫من مث وملا اكنت الارتفاقات القانونية لها صفة العمومية بلنس بة للعقارات اليت‬
‫توجد يف هلروف معينة‪ ،‬فانه ال يقوم بشأهنا ضامن سواء اكنت هلاهرة أو مس ترتة‪،‬‬
‫وسواء عْل هبا املشرتي أو ر يعْل‪.‬اذ ال يعذر أحد جبههل لتلكيف يفرضه القانون‪ ،‬ولهذا‬
‫‪2‬‬
‫السبب ال جيرب البادع عىل الكشف عهنا للمشرتي‪.‬‬
‫وبناءا عىل ذكل ال يكون للمشرتي أن يرجع عىل البادع بلضامن‪ ،‬استنادا اىل‬
‫ارتفاق أو قيد قانوّن‪ .‬كثل الوضع العادي حلق امللكية يف هلروف معينة‪ .‬حيث توجد‬
‫=مقتب عن ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.321‬‬
‫‪ -1‬نبيل ابراهمي سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق نص ‪.321‬‬

‫‪216‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هذه امللكية هكذا طبقا للتنظمي القانوّن‪ ،‬ولهذا السبب ال جمال اللزام البادع بضامن خلو‬
‫املبيع مهنا‪ ،‬عْل هبا املشرتي أو ر يعْل‪ ،‬أي سواء اكن املشرتي حسن النية ال يعْل هبا أم‬
‫قء النية يعْل بوجودها‪ .‬وحىت ولو اشرتط املشرتي يف العقد أن تكون العني املبيعة‬
‫‪1‬‬
‫خالية من أي ارتفاق يثقلها‪.‬‬
‫غّي أن جانب من الفقه ‪2‬يرى أن القول بعدم ضامن الارتفاقات القانونية‪ ،‬لكوهنا‬
‫مقررة عىل مجيع العقارات اليت توجد يف هلروف معينة الكم غّي دقيق‪ .‬فلي معىن‬
‫كون االرتفاق قانونيا أنه يوجد مبجرد النص عليه قانوان‪ ،‬ولكن ال ككن أن ينشأ اال اذا‬
‫طالب به من يريد أن يقرره‪ .‬فليست مجيع الرايض محمَل حبقوق مرور أو جمرى أو‬
‫رشب لصار البعض‪ ،‬حىت يقال أن هذا الوضع هو الوضع االعتيادي لهذه الرض‪ .‬ان‬
‫هذه القيود مرتبة عىل البعض مهنا فقط‪ ،‬لهنا وان استندت يف وجودها اىل نص‬
‫قانوّن‪ ،‬فاهنا ال توجد اال اذا توافرت رشوطها بناءا عىل صاحب املصلحة فهيا‪ ،‬ولهذا‬
‫لكه وجب أال يس تنىن من ضامن البادع هذا النوع من الارتفاقات القانونية‪ ،‬فالبادع يضمهنا‬
‫ما ر خيطر بتا املشرتي أو اكنت هلاهرة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مدى ورة اس تلزام عْل املشرتي بوجود حق ارتفاق عن طريق البادع‪ ،‬ومدى كفاية‬
‫العْل املس متد من التسجيل‬
‫مىت اكن حق االرتفاق هلاهرا سقط حق املشرتي يف الضامن‪ ،‬غّي أنه مىت اكن‬
‫هذا احلق خفيا فيفرتض أن املشرتي حسن النية اذا ر يكون عاملا بوجوده‪ ،‬أما اذا اكن‬
‫كذكل فان هذا العْل اما أن يصدر من البادع أو حيصل من سبيل أآخر‪.‬فاذا حصل العْل‬
‫من البادع فيفرتض عدم الضامن طبقا لنص املادة ‪ 3/211‬ق م ج‪ .‬غّي أنه يبقى السؤال‬
‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 321‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬البدراوي عبد املنعم‪،‬الوجزي يف عقد البيع‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪ ،0912 ،‬ص ‪.202‬‬

‫‪217‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مطروحا يف حاةل عْل املشرتي بوجود حق االرتفاق من سبيل أآخر غّي البادع‪ ،‬واذا ما‬
‫اكن يرتتب عنه سقوط الضامن أم ال؟‬
‫ويطرح التساؤل أيضا خبصوص حق االرتفاق املسجل يف السجل العقاري‪ ،‬اذا ما‬
‫اكن يؤخذ عىل أنه حق ارتفاق هلاهر‪ ،‬فيعفى تبعا ذلكل البادع من تبيانه للمشرتي ؟أم‬
‫أنه يبقى خفيا يتعني عىل البادع االفصاح عنه بنفسه للمشرتي؟‬
‫أو اال‪ :‬مدى ورة اس تلزام عْل املشرتي بوجود حق ارتفاق عن طريق البادع‬
‫ان حق الارتفاق اما أن يكون هلاهرا أو خفيا‪ ،‬فاذا اكن هلاهرا فال يكون‬
‫للمشرتي الرجوع بلضامن عىل البادع‪ ،‬أما اذا اكن خفيا فاما أن يكون املشرتي جاهال‬
‫لوجوده ويف هذه احلاةل يكون حسن النية ويكون هل الرجوع بلضامن عىل البادع‪ ،‬واما‬
‫يكون عاملا بوجوده بلرمغ من خفاءه‪ ،‬ويف هذه احلاةل الخّية جند أن املرشع اعتد فقط‬
‫بلعْل عن طريق البادع‪ ،‬أما عْل املشرتي بوجود حق الارتفاق من سبيل أآخر غّي البادع‬
‫فال يسقط الضامن‪.‬‬
‫أي أن عْل املشرتي بالرتفاق وفقا للترشيع انجزائري حيصل بأحد الطريقتني‪ :‬اما من‬
‫كون احلق هلاهرا‪ ،‬واما من اعالم البادع به مىت اكن خفيا‪ ،‬ويف هذه احلاةل يفرتض أن‬
‫البادع قد اشرتط عدم الضامن‪ .‬فاذا ما اكن عاملا بوجوده ومع ذكل متسك املشرتي‬
‫بلضامن‪ ،‬بلرمغ من علمه بوجود الارتفاق اكن قء النية‪.‬فقد اس تلزم املرشع انجزائري‬
‫يف املادة ‪ 3/211‬ق م ج عىل غرار نظّيه املرصي يف املادة ‪ 111‬ق م م‪ ،‬اذا ما اكن‬
‫االرتفاق غّي هلاهر‪ ،‬أن يكون اعالم املشرتي بوجود حق ارتفاق عن طريق البادع‬
‫نفسه‪،‬ال من أي سبيل أآخر‪.‬‬
‫ويذهب عبد الرزاق الس هنوري‪ 1‬يف تربيره ملوقف املرشع املرصي اىل أنه ال يكفي‬
‫أن يكون املشرتي عاملا حبق الارتفاق من طريق أآخر غّي البادع‪ ،‬أو أن يعْل بوجوده من‬
‫‪ -1‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬االبيع واملقايضة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪218‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تلقاء نفسه‪ ،‬بل ال بد أن يكون مصدر العْل البادع نفسه‪.‬فالعْل اذلي يعتد به الفرتاض‬
‫عدم ضامن البادع لالرتفاقات غّي الظاهرة هو "العْل التعاقدي"‪ ،‬أي العْل اذلي مصدره‬
‫ترصحي البادع نفسه‪ .‬اذ أن سكوت املشرتي يف هذه احلاةل واقباهل رمغ ذكل علىى الرشاء‪،‬‬
‫يعترب من غّي شك مبثابة قبول مضين العفاء البادع من ضامن تكل الارتفاقات اليت تثقل‬
‫املبيع‪ .‬فاالعالم من البادع يفرتض معه أنه قد اشرتط عدم الضامن‪ .‬وال يشرتط شالك‬
‫خاصا لالعالم فيصل أن يكون شفواي أو مكتوب‪ ،‬ويقع عىل البادع عبء اثبات أنه أعْل‬
‫املشرتي بوجود ذكل احلق يف حاةل قيام نزاع‪ .‬أما العْل اجملرد اذلي يس متده املشرتي من‬
‫هلرف أآخر أو من خشص أآخر غّي البادع‪ ،‬فال أثر هل يف تفسّي أحاكم الضامن ال‬
‫بستبعادها وال حىت بلتففيف مهنا‪ .‬وال ككن أن يكون بذاته رشطا مضنيا بعدم‬
‫الضامن‪.‬‬
‫ويذهب جانب أآخر من الفقه‪ 1‬اىل أبعد من ذكل بأن عْل املشرتي حبق االرتفاق‪،‬‬
‫جيب أن يكون علام ينطوي فيه معىن اسقاط الضامن‪ ،‬لىت ولو اكن حق االرتفاق‬
‫هلاهرا‪ ،‬فان ذكل ال يكفي نجعل البادع يعتقد بأن املشرتي يعْل بوجود حق االرتفاق‪،‬‬
‫ويرىض فيه بسقاط الضامن‪ .‬هذا من هجة‪ ،‬ومن هجة أخرى فان قيام البادع بنفسه‬
‫بعالم املشرتي به‪ ،‬اكف وحده الفرتاض أن هذا العْل مبثابة اتفاق مضين عىل عدم‬
‫الضامن‪ ،‬وعىل خالف ذكل ال يتوافر هذا املعىن يف حاةل عْل املشرتي حبقوق االرتفاق‬
‫من طريق أآخر‪ ،‬فعْل املشرتي حبق االرتفاق بطريق غّي البادع ال أثر هل‪ ،‬وال يعفيه من‬
‫مسؤوليته عن الضامن‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي ‪ :‬عبد املنعم البدراوي‪ ،‬اسامعيل غامن‬


‫مشار اليه يف ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫البدراوي عبد املنعم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.326‬‬

‫‪219‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اال أن بعض الفقه‪ 1‬يرى بأنه يكفي أن يكون املشرتي س ئي النية‪ ،‬حىت حيرم من‬
‫الرجوع بلضامن‪ .‬أي يكفي أن يعْل عند البيع بوجود حق الارتفاق‪ ،‬حىت حيرم من‬
‫الرجوع بلضامن‪ .‬برصف النظر عن مصدر العْل‪ ،‬وحىت ولو اكن العْل عن غّي طريق‬
‫البادع نفسه‪ .‬ذكل أن العْل الفعيل حبق الارتفاق غّي الظاهر‪ ،‬أو اخلفي من أي سبيل‬
‫أآخر ينبغي أن يأخذ نف احلمك‪ ،‬من حيث اسقاط الضامن من البادع‪.‬و هذا الطرح‬
‫‪2‬‬
‫يؤيده ايضا الفقه الفرنيس ‪.‬‬
‫ويستند أحصاب هذا الرأي اىل أن املرشع اشرتط من خالل نص املادة ‪ 3/111‬ق‬
‫م م‪ ،‬واليت ال خيتلف مضموهنا عن نص املادة ‪ 3/211‬ق م ج‪ ،‬السقاط الضامن عن‬
‫البادع أن يكون حق االرتفاق هلاهرا‪ ،‬أو أن يعْل به املشرتي عن طريق البادع‪ .‬فقد‬
‫سوى املرشع مبوجب هذه املادة بني عْل املشرتي املس متد من جمرد هلهور حق االرتفاق‬
‫وبني اعالم البادع للمشرتي به يف حاةل عدم هلهوره أي مىت اكن خفيا‪ .‬من مث فاذا اكن‬
‫العْل من جمرد هلهور حق االرتفاق ي‪،‬ل م‪،‬ةل اعالم البادع للمشرتي به يف حاةل خفاءه‪.‬‬
‫فان عْل املشرتي الفعيل حبق االرتفاق غّي الظاهر ولو من طريق غّي البادع‪ ،‬ينبغي أن‬
‫يأخذ نف احلمك من حيث اسقاط الضامن عن البادع‪ .‬فاذا اكن البادع يعْل أن املشرتي‬
‫عىل بينة من حق االرتفاق‪ ،‬فان هذا أيضا اكف نجعهل يعتقد أن هذا املشرتي يرىض‬
‫بسقاط الضامن‪ ،‬لنه اشرتى واكن عىل بينة من أمره وقت البيع‪.‬‬
‫ويبقى الرشط الوحيد السقاط الضامن‪ ،‬أن يكون املشرتي قد عْل فعال بوجود هذا‬
‫احلق‪ ،‬وال يكفي أن يكون يف اماكنه العْل به لو أنه اَتذ قدرا من احليطة والتبرص‪.‬‬
‫فالعربة بلعْل احلقيقي ويقع عىل البادع عند ال‪،‬اع اثبات أن املشرتي اكن يعْل به فعال‪.‬‬
‫ذكل أن املرشع ر يس تلزم أن يعْل البادع املشرتي‪ ،‬مبا يثقل املبيع من حقوق ارتفاق‪ .‬فاذا‬
‫‪ -12‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪ -‬رأي ‪Aubry et Rau . Baudry et Saignat .Josserand. Ripert. Capitan‬‬
‫مشار اليه يف توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬

‫‪221‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تيقّن البادع أن املشرتي قد أقدم عىل الرشاء عاملا بوجود الارتفاق‪ ،‬ال يصل أن نلزمه‬
‫بلضامن بعد ذكل‪ ،‬ونلزمه بخطار املشرتي بنفسه بوجود الارتفاق حىت يعفى من‬
‫الضامن‪ .‬فال جمال محلاية املشرتي مىت ر يكن حسن النية عند التعاقد‪ ،‬أي ر يكن جيهل‬
‫‪1‬‬
‫ما عىل املبيع من حقوق ارتفاق‪.‬‬
‫ما يؤكد ذكل أن املرشع بلنس بة حلق الارتفاق الظاهر‪ ،‬ر يس تلزم أن يكون العْل‬
‫به عن طريق البادع حىت يفرتض عدم الضامن‪ ،‬بل يكفي العْل به من جمرد هلهور احلق‪.‬‬
‫واذا اكن العْل من جمرد هلهور احلق ي‪،‬ل م‪،‬ةل العْل عن طريق البادع من حيث احلمك‪،‬‬
‫فان العْل الفعيل حبق الارتفاق غّي الظاهر ينبغي أن يأخذ نف احلمك‪ ،‬من حيث‬
‫اسقاط الضامن عن البادع‪.‬‬
‫غّي أنه ُيرى يف هذا الصدد أن حق االرتفاق مىت ر يكن هلاهرا أي خفيا‪ ،‬ينبغي أن‬
‫حيصل العْل عن طريق البادع‪ ،‬واذا ما عْل املشرتي بوجوده من سبيل أآخر غّي البادع‪،‬‬
‫فانه يتعني أن يكون البادع عاملا به وقت البيع‪ ،‬وهذا ما أخذ به الترشيع الفرنيس‪ .‬فقد‬
‫اشرتط مبوجب املادة ‪ 0622‬السقاط الضامن عن البادع‪ ،‬أن يكون حق الارتفاق‬
‫هلاهرا‪ ،‬أما مىت اكن هذا احلق خفيا فيلزم أن يكون البادع عاملا به وقت البيع‪ .‬من مث ر‬
‫يشرتط املرشع الفرنيس أن يكون املشرتي قد عْل بوجود حق االرتفاق عن طريق‬
‫البادع‪ ،‬والرشط الوحيد أنه مىت اكن حق االرتفاق غّي هلاهر أن يكون البادع عاملا‬
‫بوجوده‪ ،‬حىت يكون للمشرتي الرجوع بلضامن عليه‪ .‬وعْل املشرتي ككن أن حيصل من‬
‫أي سبيل أآخر‪ ،‬ويقع عىل البادع اثبات عْل املشرتي بوجود حق االرتفاق‪ ،‬بلرمغ من‬
‫خفاءه العفاءه من الضامن‪.‬‬

‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪312‬‬


‫عبد الرزاق الس هنوري ‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪221‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اثني اا‪ :‬مدى كفاية العْل املس متد من التسجيل العفاء البادع من الضامن‬
‫يعد التسجيل أو نظام الشهر وس يَل العالم الغّي بلترصفات س امي الواردة عىل‬
‫العقارات‪ .‬وككن أن يُقيّد بلسجل العقاري س امي يف هلل نظام السجل العيين حقوق‬
‫الارتفاق الواردة عىل العقار‪ .‬غّي أن الفقه انقسم حول ما اذا اكن تسجيل حق‬
‫االرتفاق‪ ،‬يعفي البادع من ورة اعالم املشرتي بوجود هذا احلق أم ال‪ ،‬واذا ما اكن‬
‫تسجيل حق االرتفاق يفيد أنه ارتفاق هلاهرا أم ال‪.1‬‬
‫ذهب رأي أول‪ 2‬اىل أن االرتفاق املسجل يعترب اكالرتفاق الظاهر أو اكالرتفاق‬
‫اذلي أعلن عنه البادع‪ .‬فال حمل الخطار املشرتي هبذه احلقوق اذا اكن يعْل هبا وقت‬
‫التعاقد‪ .‬ومن مث ال يكون للمشرتي الرجوع بلضامن‪ ،‬لن البادع ال يضمن ارتفاق مسجال‬
‫يف دائرة السجل العقاري‪ .‬ذكل أن شهر حق االرتفاق عن طريق التسجيل يف السجل‬
‫العقاري يفرتض عْل املشرتي به‪ ،‬حىت ولو ر يعْل به حقيقة‪.‬‬
‫وذهب بعض أنصار هذا الرأي‪ 3‬اىل التفرقة بني حق االرتفاق املسجل وقت البيع‪،‬‬
‫وذكل املسجل بعد البيع ولكن قبل تسجيل املشرتي‪ .‬ففي احلاةل الوىل يفرتض عْل‬
‫املشرتي حبق االرتفاق فال يضمنه البادع‪ .‬أما يف احلاةل الثانية فالتسجيل ال يقوم مقام‬
‫اخطار البادع للمشرتي بوجود حق االرتفاق‪ .‬اذ ال ككن الزام املشرتي بالطالع عىل‬
‫دفاتر التسجيل بعد ابرام عقد البيع‪ ،‬لن ذكل يتطلب منه املرابطة أمام ماكتب الشهر‬
‫العقاري ملعرفة ما يقع من تسجيالت عىل العقار املبيع‪.‬‬

‫‪ -1‬وقد نصت املادة ‪ 22‬من املرسوم رمق ‪ 62-16‬مؤرخ يف ‪ 31‬ربيع أول عام ‪ 0296‬املوافق ‪ 31‬مارس ‪ 0916‬يتعلق‬
‫بعداد مسل الرايض العام ج ر ع ‪ 196‬عىل أن " لك اشهار لعقود أو قرارات قضادية تتضمن انشاء أو تعديل أو اهناء‬
‫ارتفاقات جيب أن يكون موضوع تأشّي عىل بطاقة لك عقار "‬
‫‪ -23‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪ -‬جالل ادلين محمود صربة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪012‬‬

‫‪222‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بيامن يذهب رأي اثن‪ 1‬خالفا للرأي الول اىل أن تسجيل حق االرتفاق‪ ،‬ال يعين‬
‫اعالم البادع املشرتي بوجود حق االرتفاق غّي الظاهر عىل املبيع‪ ،‬وال يعفيه من الضامن‪.‬‬
‫فقصد املرشع من اسقاط الضامن عن البادع يف حاةل اعالمه للمشرتي بوجود حق ارتفاق‬
‫خفي‪ ،‬أن يكون العْل حقيقيا وواقعيا‪ ،‬ال قانونيا لسب‪ .‬من مث ال ككن افرتاض عْل‬
‫املشرتي حبق االرتفاق من جمرد تسجيهل‪ ،‬لن املشرتي قد ال يطلع عىل دفرت‬
‫التسجيالت‪ .‬وهو ال يعترب يف الوقت ذاته مقرصا‪ ،‬لن القانون ال يوجب عليه أن‬
‫يتحرى عن العباء والتاكليف اليت تثقل املبيع‪ .‬وامنا يتعني عىل البادع نفسه أن يعلن عهنا‬
‫للمشرتي‪.‬هذا وأن التسجيل قد رشع ملصلحة املشرتي ال ملصلحة البادع‪ ،‬وعليه يتعني أن‬
‫ال يس تفيد البادع منه لجل التدلص من الضامن‪.‬‬
‫غّي أنه وان اكن تسجيل حق الارتفاق ال يغين عن اعالم البادع للمشرتي بوجود‬
‫احلق‪.‬وأن جمرد عْل املشرتي ال يقمي قرينة قانونية عىل وجود اتفاق عىل االعفاء من‬
‫الضامن‪ .‬اال أن عْل املشرتي يصلل أساسا تس تدلص منه اراة‪ ،‬قرينة قضادية عىل‬
‫وجود اتفاق بعدم الضامن‪ ،‬ال س امي اذا اقرتن بظروف أخرى‪.‬كن يأخذا وجود حق‬
‫االرتفاق بعني االعتبار عند حتديد المثن‪،‬مع عْل املشرتي بأن املبيع مثقل حبق االرتفاق‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وعْل الطرف الآخر أي البادع بأن املشرتي عار بوجود حق االرتفاق اذلي يثقل املبيع‪.‬‬
‫ويذهب أنور سلطان تأييدا لهذا الرأي اىل أن التسجيل‪ ،‬وان اكن وحده ال يكفي‬
‫لدلالةل عىل هذا العْل‪ ،‬اال أنه يعترب قرينة يس تطيع القايض أن يستند علهيا‪ ،‬بالضافة اىل‬
‫قرائن أخرى الس تدالص عْل املشرتي حبق االرتفاق‪ 3 .‬فعْل املشرتي حبق االرتفاق ال‬
‫يؤخذ من جمرد التسجيل‪ ،‬ال س امي أن نظام السجل الشفيص ال زال معموال به س امي يف‬

‫‪-1‬رأي ‪Mazeaud‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪ -2‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ -3‬أنور سلطان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬

‫‪223‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الترشيع الفرنيس ‪.1‬عىل عك نظام السجل العيين املطبق يف الترشيع انجزائري‪2 ،‬فانه‬
‫يعطي صورة واحضة عن حاةل العقار حمل عقد البيع‪ ،‬وما يثقهل من حقوق واجبة الشهر‪.‬‬
‫فيتس ىن للمشرتي من خالهل معرفة حاةل العقار عىل وجه ادلقة عند ابرام العقد‪.‬فيعد‬
‫مقرصا وخمط ا اذا ر جيهتد يف حتري حقيقة العقار اذلي س يقبل عىل رشاءه‪.‬وبلتايل ال‬
‫‪3‬‬
‫يس تفيد من خط ه هذا‪.‬‬
‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬
‫أثر مبدأ حسن النية يف حال اس تحقاق املبيع‬
‫يضمن البادع للمشرتي التعرض القانوّن الصادر عن الغّي ‪،4‬لكن يشرتط أن يكون‬
‫احلق اذلي يدعيه الغّي سابقا عىل البيع أو الحقا هل مىت اكن بفعل البادع‪ ،‬وأن يكون‬
‫التعرض حاال قامئا‪ ،‬حيث ال يكفي جمرد خش ية حصول التعرض‪ .‬ومىت حصل التعرض‬
‫واس تطاع البادع دفعه يكون قد نفذ الزتامه تنفيذا عينيا‪ ،‬فان فشل يف ذكل وأس تحق‬
‫املبيع لكه أو بعضه‪ ،‬فانه يلزم حين ذ بتعويض املشرتي عن اخالهل بلزتامه‪ ،‬وهذا هو‬
‫ضامن الاس تحقاق‪ .‬وال يعفى البادع من ضامن االس تحقاق اذا اكن املشرتي عاملا بسبب‬
‫الاس تحقاق عند ابرام العقد‪ .‬اذ ال يشرتط لقيام هذا الضامن أن يكون املشرتي وقت‬
‫البيع غّي عار بحلق اذلي يدعيه الغّي‪.‬‬

‫‪ -1‬يعمتد يف اعالن الترصفات يف هذا النظام عىل أسامء من صدرت عهنم‪ ،‬أخذ هبذا النظام الترشيع الفرنيس من خالل‬
‫مرسوم ‪ 31‬يوليو ‪.0919‬‬
‫لكرث تفصيل أنظر ‪:‬حلسن بن ش يخ أآث ملواي‪ ،‬املنتقى يف عقد البيع‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬انجزائر‪،3226 ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ -2‬نصت عىل ورة اشهار العقود والترصفات الواردة عىل العقارات املادة ‪ 192‬ق م ج‪ ،‬ونصت عىل نظام الشهر العيين‬
‫املادة ‪ 01‬من المر رمق ‪ 11/11‬املؤرخ يف ‪ 03‬نومفرب ‪ 0911‬املتضمن اعداد مسل الرايض العام وتأسي السجل العقاري‪.‬‬
‫‪ -3‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق نص ‪.262‬‬
‫‪ - 4‬أما التعرض الصادر عن البادع فتقب املادة ‪ 212‬ق م ج املقابَل للامدة ‪ 116‬ق م م ‪ ":‬يبقى البادع مسؤوال عن لك نزع‬
‫يد ينشأ عن فعهل‪ ،‬ولو وقع االتفاق عىل عدم الضامن‪ ،‬ويقع بطال لك اتفاق عىل خالف ذكل‪ .‬من مث فال أثر حلسن أو سوء‬
‫نية املشرتي اذا اكن التعرض صادرا عن البادع‪ ،‬لنه يكون يف هذه احلاةل قد اخل بلزتامه بنقل امللكية‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فنحاول تبيان أثر حسن نية املشرتي عىل رجوعه بلضامن‪ ،‬وعىل سقوط ضامن‬
‫االس تحقاق‪(.‬الفرع الول)‪ .‬أثر عْل املشرتي بأس باب الاس تحقاق عىل نطاق ما حيمك هل‬
‫به(الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫أثر حسن نية املشرتي عىل رجوعه بلضامن وعىل سقوط ضامن الاس تحقاق‬
‫مكرسا حبمك قضايئ‪،‬‬ ‫ان التعرض املنهت ي اىل ثبوت حق الغّي عىل املبيع‪ ،‬قد يكون ّ‬
‫وقد يسْل به املشرتي لوضوحه قبل صدور احلمك القضايئ‪ .‬وكصل عام مىت ر يعرتف‬
‫املشرتي حبق الغّي‪ ،‬فاذا ما اس تحق املبيع من الغّي مبوجب حمك قضايئ تقوم مسؤولية‬
‫البادع مىت تدخل البادع بعد ما قام املشرتي بعالمه يف الوقت املناسب‪ .‬عنددذ ال أثر‬
‫حلسن نية املشرتي أو سوء نيته عىل رجوعه بلضامن كصل عام‪.‬‬
‫غّي أنه ال ينطبق نف احلمك اذا ر يتدخل البادع بلرمغ من اعالمه بخلصومة‪ ،‬أو‬
‫مىت اعرتف املشرتي حبق الغّي قبل صدور حمك قضايئ‪ ،‬حيث جيب المتيزي يف هذا‬
‫الصدد بني ما اذا اكن املشرتي حسن النية أم سيهئا‪.‬ذكل أن املشرتي جيب أن يكون‬
‫حسن النية يف حتريكه دلعوى الضامن من مث نتعرض لثر حسن النية عىل رجوع‬
‫املشرتي بلضامن (الفقرة الوىل)‬
‫هذا ويسقط الزتام البادع بلضامن‪ ،‬مىت اكن املشرتي عاملا بسبب نزع اليد‪ ،‬غّي أن‬
‫الفقه اختلف حول مدى ورة ارتباط العْل بوجود اتفاق عىل عدم الضامن ومدى‬
‫اس تلزام العْل يف الترصحي بلرشاء عىل مسؤوليته السقاط الضامن‪( .‬الفقرة الثانية)‬

‫‪225‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫أثر حسن نية املشرتي عىل رجوعه بلضامن‬
‫اذا رفعت دعوى ضامن اس تحقاق املبيع عىل املشرتي‪ ،‬فانه يتعني عليه اعالم البادع‬
‫بخلصومة‪ 1.‬فاما أن البادع سيتدخل فهيا واما أن حيجم عن ذكل‪ ،‬فاذا أعْل البادع وتدخل‬
‫يف اخلصومة وحمك برفض دعوى الغّي املتعرض‪ ،‬فان البادع يكون قد نفذ الزتامه بلضامن‬
‫تنفيذا عينيا‪ .2‬أما اذا ر يتدخل يف اخلصومة بلرمغ من اعالمه من قبل املشرتي‪ ،‬وصدر‬
‫يف ذكل حمك قضايئ لصار الغّي‪ ،‬فانه يسأل عن نزع اليد‪ .‬هذا ما ر يثبت أن احلمك‬
‫الصادر اكن نتيجة تدلي ‪ ،‬أو خطأ جس مي من املشرتي طبقا لنص املادة ‪ 213‬ق م ج‪،‬‬
‫أي ما ر يكن املشرتي قء النية اس تعمل طرق احتيالية قصد متكني الغّي من رحب‬
‫القضية‪ ،‬كن خيفي واثدق هممة يف ال‪،‬اع بتواطء مع الغّي‪ .‬أو أن يكون خطؤه جس امي‪،‬‬
‫كن ال يقدم للمحاة االثبااتت الهرضورية لكسب القضية‪.‬‬
‫عىل أن البادع قد ال يتدخل يف اخلصومة بلرمغ من اعالمه‪ ،‬فيعرتف املشرتي حبق‬
‫الغّي دون أن ينتظر صدور حمك قضايئ‪ .‬ويف هذه احلاةل فانه بناءا عىل ما جاء يف املادة‬
‫‪ 212‬ق م ج ‪":‬يثبت حق املشرتي يف الضامن‪ ،‬ولو اعرتف وهو حسن النية للجنيب‬
‫حبقه وتسامل معه عىل هذا احلق‪،‬دون أن ينتظر يف ذكل صدور حمك قضايئ‪ ،‬مىت اكن‬
‫قد أخطر البادع بدلعوى يف الوقت املالمئ‪ ،‬ودعاه أن حيل حمهل فهيا فْل يفعل‪ ،‬لك ذكل‬
‫ما ر يثبت البادع أن الجنيب ر يكن عىل حق يف دعواه"‪ .‬مفىت اعرتف املشرتي حبق‬
‫الغّي فانه يتعني المتيزي بني فرضني ‪:‬‬
‫‪ -1‬واذا اكن الزتام البادع بضامن التعرض القانوّن الصادر عن الغّي الزتاما أساس يا‪ ،‬فانه جيب عىل املشرتي أن ككنه من ذكل‬
‫بخطاره بلتعرض يف الوقت املناسب‪ ،‬وهذا هو التعاون املطلوب مكقتىض من مقتضيات حسن النية‪.‬‬
‫محمود شعبان البكري خليل‪ ،‬مبدأ حسن النية وأثره يف عقد البيع‪ ،‬رساةل دكتوراه‪ ،‬لكية احلقوق‪ ،‬جامعة املنوفية‪2012 ،‬‬
‫ص‪77‬‬
‫‪ -2‬أما اذا ر يعْل املشرتي البادع بخلصومة يف الوقت املناسب‪ ،‬فانه يفقد حقه يف حقه يف الرجوع بلضامن‪ ،‬اذا أثبت البادع‬
‫بأنه لو تدخل يف اخلصومة لنجل يف حتقيق رفض ادلعوى طبقا للامدة ‪ 2/213‬ق م ج‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬يف حاةل اعرتاف املشرتي حبق الغّي قبل صدور حمك قضايئ‪ ،‬مث ثبت أن الغّي اكن عىل‬
‫حق يف دعواه‪ ،‬يف هذه احلاةل الرجوع بلضامن هو حق اثبت للمشرتي‪ ،‬ولو اعرتف‬
‫املشرتي عن حسن نية حبق الغّي وتصار معه عىل هذا احلق‪ ،‬دون أن ينتظر حكام‬
‫قضاديا‪ .‬وهذا ما أكدته املادة ‪ 212‬ق م ج‪ ،‬واملادة ‪ 110‬ق م م‪ .‬فاعرتاف املشرتي عن‬
‫حسن نية حبق الغّي مىت اكن واحضا‪ ،‬واذلي يرتتب عليه اس تحقاق املبيع للغّي‪ ،‬يرتتب‬
‫عليه ضامن االس تحقاق اللكي أو انجزيئ حسب لك حاةل‪.‬‬
‫وقد جاء هذا التفسّي يف املذكرة االيضاحية للقانون املدّن املرصي للامدة ‪ 110‬ق م‬
‫م‪،‬حيث وأنه يف حاةل صدور حمك قضايئ‪ ،‬اذا ما أس تحق املبيع دون اقرار من املشرتي‬
‫وصدر حمك ثبت فيه حق للغّي عىل املبيع‪ ،‬واكن املشرتي قد أخطر البادع يف امليعاد‬
‫املالمئ‪ ،‬اكن املشرتي غّي مسؤول عن صدور احلمك بالس تحقاق‪ .‬فهو ر يقر حبق‬
‫الجنيب ور يعمد اىل الصلل معه‪،‬يف هذه احلاةل يكون هل الرجوع عىل البادع بلضامن‪ ،‬وال‬
‫يكون للبادع الرجوع عىل املشرتي اال مىت ارتكب هذا الخّي تدليسا أو خطأ جس امي أي‬
‫مىت اكن قء النية‪.‬‬
‫‪ -‬أما يف حاةل اذا ما صدر اقرار من املشرتي حبق الغّي‪ ،‬واكن قد أخطر البادع يف‬
‫الوقت املالمئ قبل صدور احلمك لصار الغّي‪ ،‬ور يثبت حق للغّي عىل املبيع‪ .‬فيكون‬
‫املشرتي قد أخطأ االس تنتاج والتقدير‪ ،‬فال يكون هل عنددذ الرجوع عىل البادع بلضامن‪،‬‬
‫اذ يفقد حقه فيتحمل مسؤولية االقرار أو الصلل مع الغّي‪ ،‬ويف هذه احلاةل لي من‬
‫الهرضوري أن يثبت البادع أن املشرتي قد ارتكب تدليسا أو خطأ جس امي‪ .‬أي سواء اكن‬
‫املشرتي حسن النية أو قء النية‪ ،‬فانه يتحمل خطأه يف التقدير اذا ر يثبت حق‬
‫‪1‬‬
‫للغّي‪.‬‬

‫‪ -1‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪،3222 ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪227‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أي أن املشرتي قد خيطر البادع بدعوى االس تحقاق مبجرد رفعها عليه‪ ،‬ولكن البادع ال‬
‫يتدخل فهيا فيرتك املشرتي يتوىل ادلفاع فهيا وحده‪ .‬يف هذه احلاةل يتحمل البادع ما ينجم‬
‫عن تقصّيه بعدم ادلخول يف ادلعوى من خماطر‪ .‬وال حيول دون رجوع املشرتي عليه‬
‫بلضامن‪ ،‬اال أن يكون احلمك للغّي بالس تحقاق نتيجة تدلي أو خطأ جس مي من‬
‫املشرتي‪.‬‬
‫وقد جيد املشرتي أن ادعاء الغّي قبهل هلاهر الصحة‪ ،‬كام قد يأخذ من امتناع البادع‬
‫عن التدخل محلايته‪ ،‬قرينة عىل أنه ال ككل دفاعا مؤثرا يس تطيع أن يرد به دعوى الغّي‪.‬‬
‫ويرغب ذلكل يف جتنب النفقات واملشاق اليت تصحب االس مترار يف ال‪،‬اع‪ .‬فيبادر‬
‫بالعرتاف حبق الغّي أو يهن ي املنازعة بيهنام بصلل ي‪،‬ل لك مهنام به عن جانب من‬
‫ادعاءاته‪ ،‬دون االنتظار لصدور حمك ضده بالس تحقاق‪ .‬ففي هذه احلاةل ال تظل خماطر‬
‫انفراد املشرتي يف ادلفاع بقية عىل عاتق البادع‪.‬‬
‫مبعىن ال يظل البادع ملزما بلضامن يف مواهجة املشرتي‪ ،‬حىت ولو اكن املشرتي ر‬
‫يرتكب غشا أو خطا جس امي‪ .‬بل تنتقل اخملاطر اىل عاتق املشرتي‪ ،‬اذلي يعرتف حبق‬
‫الغّي‪ .‬فيكون معرضا لفقدان حقه يف مطالبة البادع بضامن الاس تحقاق‪ ،‬اذا ثبت أن ر‬
‫يكن حمقا يف دعواه بالس تحقاق‪.‬أي أن املشرتي يتحمل نتيجة ثبوت حق الغّي أو‬
‫رحجانه‪ ،‬من امتناع البادع عن التدخل يف ادلعوى بعد اخطاره هبا‪ .‬فيحرم من الرجوع‬
‫بلضامن اذا تبني خطأ هذا االس تنتاج‪ .‬يف حني أنه ما اكن ليحرم من حقه يف الضامن لو‬
‫انتظر حبىت صدر حمك ضده بالس تحقاق ملصلحة الغّي‪ ،‬ولو اس تطاع البادع بعد ذكل أن‬
‫يثبت عدم احقية الغّي‪ ،‬ما دام املشرتي ر يرتكب غشا أو خطأ جس امي يف متابعة ادلفاع‬
‫‪1‬‬
‫يف ادلعوى‪.‬‬

‫‪ -1‬أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.061‬‬


‫أنظر أيضا ‪ :‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ .،‬ص ‪.222‬‬

‫‪228‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مدى ورة اس تلزام العْل يف حاالت سقوط ضامن الاس تحقاق‬
‫عدا حاةل اقرار املشرتي حبق الغّي قبل صدور حمك قضايئ‪ ،‬واليت يتعني فهيا المتيزي‬
‫بني حالتني س بق ذكرهام‪ .‬فانه ويف حاةل عدم اقرار املشرتي حلق الغّي وصدور حمك‬
‫قضايئ لصار الغّي‪ ،‬فانه يكون للمشرتي الرجوع عىل البادع بلضامن‪،‬حيث يبقى هذا‬
‫الخّي مطالبا قبل املشرتي برد ق ة املبيع وقت نزع اليد‪ .‬اال اذا أثبت أن املشرتي اكن‬
‫يعْل وقت البيع سبب نزع اليد‪ ،‬أو أنه اشرتى حتت مسؤوليته‪ ،‬وهذا ما جاء يف املادة‬
‫‪ 3/212‬ق م ج املقابَل للامدة ‪ 116‬ق م م واملادة ‪ 0639‬ق م ف‪ .‬وبطبيعة احلال فاذا‬
‫ما تعمد البادع اخفاء حق الغّي‪ ،‬فانه يكون قد دل عىل املشرتي ومن مث فلك اتفاق‬
‫بعدم الضامن يقع بطال طبقا للامدة ‪ 2/211‬ق م ج‪.‬‬
‫غّي أن نصوص املواد السالفة اذلكر‪ ،‬ر تشرتط ورة ارتباط عْل املشرتي بسبب‬
‫الاس تحقاق بوجود اتفاق عىل عدم الضامن‪ ،‬اال أن تفسّيات الفقه اختلفت يف هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يف حاةل عْل املشرتي بسبب الاس تحقاق عنه يف حاةل ترصحي املشرتي بلرشاء‬
‫عىل مسؤوليته‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬مدى ورة ارتباط العْل بوجود اتفاق عىل عدم الضامن‬
‫يسْل غالبية الفقه ‪1‬يف تفسّيه للامدة ‪ 116‬ق م م املقابَل للامدة ‪ 212‬ق م ج‪ ،‬بأنه ال‬
‫يكفي أن يكون املشرتي عاملا عند البيع هبذا اخلطر‪ ،‬بل يلزم أن يقرتن المر بوجود‬
‫رشط عدم الضامن‪ ،‬ليك يعفى البادع من الضامن‪ .‬فعْل املشرتي عند البيع خبطر اس تحقاق‬
‫املبيع للغّي وحده‪ ،‬ال أثر هل عىل الزتام البادع بلضامن‪،‬لىت يعفى البادع من أية مبالغ اكن‬
‫ككن للمشرتي الرجوع هبا عليه‪،‬يلزم أن يكون هناك رشط عدم الضامن‪.‬‬
‫‪ -1‬أنور سلطان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫أيضا سلامين مرقص ‪.‬عبد املنعم البدراوي ‪ .‬اسامعيل غامن عبد الرزاق الس هنوري ‪.‬جالل العدوي‬
‫مشار اليه يف توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪312‬‬

‫‪229‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وان اكن بعض الفقه الفرنيس‪ 1،‬يذهب اىل أنه اذا اكن املشرتي يعْل عند البيع‬
‫خبطر اس تحقاق الغّي للمبيع‪ ،‬أو يعْل سبب التعرض اذلي يستند اليه هذا الغّي‪ .‬فانه‬
‫يكون عىل بينة من المر ويعترب أنه قد قبل حتمل اخملاطر‪ ،‬وتبعا ذلكل يكون قد أبرم‬
‫عقدا احامتليا‪ .‬وأن عْل املشرتي بسبب االس تحقاق عند البيع يدل عىل قبوهل حتمل‬
‫اخملاطرة‪ .‬وال ُّيم واحلال هذه اشرتاط االعفاء من الضامن يف العقد حىت يسقط الضامن‬
‫عن البادع‪ .‬ذكل أن املشرتي أبرم عقدا احامتليا‪ ،‬وتبعا ذلكل قد تنازل عن حقه يف‬
‫الرجوع عىل البادع بلضامن‪.‬‬
‫غّي أن القول بوجود عقد من عقوق الغرر يف هذه احلاةل‪ ،‬يرتتب عليه أنه ال يكون‬
‫للمشرتي الرجوع حىت بلمثن‪ ،‬وهذا يتعارض مع ما تقب به املادة ‪ 0639‬ق م‬
‫ف‪2‬املقابَل للامدة ‪3/ 212‬ق م ج واملادة ‪ 116‬ق م م‪ .‬حيث تقب بأنه اذا ما اس تحق‬
‫املبيع من الغّي واكن متفقا عىل عدم الضامن‪ ،‬فان البادع يكون مسؤوال عن رد ق ة املبيع‬
‫وقت الاس تحقاق‪ ،‬اال اذا أثبت أن املشرتي اكن يعْل وقت البيع سبب الاس تحقاق‪،‬‬
‫أو أنه اشرتى حتت مسؤوليته‪ .‬غّي أنه وان اكن ترصحي املشرتي بأنه يشرتي عىل‬
‫مسؤوليته‪ ،‬يعين بلهرضورة أنه يربم عقدا احامتليا‪ ،‬لكن حاةل عْل املشرتي بسبب‬
‫الاس تحقاق ال تس تلزم بلهرضورة أنه يربم عقدا احامتليا‪ ،‬لنه يأمل أن خطر هذا‬
‫الاس تحقاق لن يم‪ ،‬واذا ما مت فانه يعمتد عىل ما يلزتم به البادع من ضامن‪ .‬ومن مث يلزم‬
‫أن يرصح البادع بأنه لي ضامنا‪ ،‬ويف هذه احلاةل حيث جيمتع عْل املشرتي بسبب‬
‫الاس تحقاق واشرتاط البادع عدم الضامن‪ ،‬يكون من اليسّي اس تنتاج أن البيع عقد‬

‫‪-1‬رأي ‪Laurent‬‬
‫مشار اليه يف توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- ART 1629 C civ F « Dans le même cas de stipulation de non-garantie, le vendeur, en cas‬‬
‫‪d'éviction, est tenu à la restitution du prix, à moins que l'acquéreur n'ait connu lors de la‬‬
‫» ‪vente le danger de l'éviction ou qu'il n'ait acheté à ses périls et risques.‬‬

‫‪231‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫احامتيل‪ .‬ذكل أن املشرتي يعْل أنه همدد خبطر الاس تحقاق‪ ،‬واذا مت ذكل ال يكون هل‬
‫أي رجوع عىل البادع‪ 1 .‬فيعفى هذا الخّي من أية مبالغ من المثن‪ ،‬حسب موقف املرشع‬
‫الفرنيس‪ ،‬أو من ق ة املبيع وقت الاس تحقاق حسب ما ذهب اليه املرشع انجزائري‬
‫واملرصي‪.‬‬
‫والواقع أن من يشرتي وهو يعْل خبطر الاس تحقاق‪ ،‬مث يشرتط يف الوقت ذاته عدم‬
‫الضامن‪ ،‬يكون عىل بينة من أنه اذا حتقق اخلطر‪ ،‬لن يكون هل الرجوع عىل البادع‪ .‬وهذا‬
‫خبالف ما اذا اشرتى وهو يعْل خبطر الاس تحقاق دون أن يشرتط عدم الضامن‪ ،‬اذ أنه‬
‫يف هذه احلاةل يأمل أن اخلطر لن يتحقق‪ ،‬وأن البادع سيتدذ من الاحتياطات ما كنع‬
‫حتقق هذا اخلطر أو ما جينبه الوقوع فيه‪ .‬وأنه اذا حتقق فانه يعمتد عىل ما يلزتم به البادع‬
‫من ضامن‪ .‬دلى اذا اجمتع الظرفان معا العْل ورشط عدم الضامن‪ ،‬يصعب التسلمي بعدم‬
‫وجود عقد احامتيل‪ .‬وهذا ما قضت به حماة النقض الفرنس ية حيث رصحت أنه عند‬
‫َتلف رشط رصحي بعدم الضامن‪ ،‬يظل البادع ملزتما برد المثن‪ ،‬حىت يف حاةل ما اذا أثبت‬
‫أن املشرتي اكن قد عْل عند البيع مبا يتعرض هل من خماطر‪ ،‬هذا ما ر يكن قد اشرتط‬
‫أنه يشرتي عىل مسؤوليته‪.2‬‬
‫هذا ما يقرره أيضا الفقه املرصي‪3 ،‬حيث أنه جيمع عىل أن عْل املشرتي بسبب‬
‫الاس تحقاق ال يؤدي اىل اسقاط الضامن لكية‪ ،‬اال اذا اقرتن برشط عدم الضامن‪ .‬وعلمه‬

‫‪ -1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬


‫فيعفى هذا الخّي من أية مبالغ من المثن حسب ما ذهب اليه املرشع الفرنيس‪ ،‬أو من ق ة املبيع وقت الاس تحقاق حسب‬
‫ما ذهب اليه املرشع انجزائري واملرصي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cass civ 9 mars 1937‬‬
‫مقتب عن توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬
‫‪ -3‬سلامين مرقص‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪،216‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪122‬‬
‫أنور سلطان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪222‬‬

‫‪231‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بسبب الاس تحقاق يعين أنه اشرتى خماطرا وال يكون ذكل اال يف حاةل قيام شك دليه‬
‫يف حتقق السبب‪ ،‬وأنه قد يتحقق وقد ال يتحقق‪ .‬ويف هذه احلاةل يتحدد المثن عىل ضوء‬
‫الظروف اريطة بعتبار أن املشرتي خماطر وأن العقد من عقود الغرر‪ ،‬فاذا ما اس تحق‬
‫املبيع حتت يد املشرتي ال يكون البادع مسؤوال عن يشء قبل هذا املشرتي‪ .‬ما يعين أن‬
‫حسن نية املشرتي جبههل لسبب الاس تحقاق أو سوء نيته بعلمه به‪ ،‬ال يؤدي اىل‬
‫سقوط الضامن‪ ،‬اال اذا اقرتن هذا الخّي برشط عدم الضامن يف العقد‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬مدى اس تلزام العْل يف ترصحي املشرتي ببللرشاء عىل مسؤوليته السقاط الضامن‬
‫ان قبول املشرتي حتمل اخملاطر واملضار اليت تنجم يف حاةل اس تحقاق املبيع من الغّي‪،‬‬
‫يفيد أن ال أثر حلسن نيته أو سوء نيته عىل رجوعه بلضامن‪ ،‬فسواء اكن املشرتي عاملا‬
‫بسبب االس تحقاق أو جاهال به ال يكون هل الرجوع بلضامن‪ .‬وبذكل يتحرر البادع من‬
‫املسؤولية اذا أقدم املشرتي عىل الرشاء حتت مسؤوليته‪ ،‬حسب ما ورد يف املادة‬
‫‪ 3/212‬ق م ج‪.‬‬
‫وبيامن اس تددم املرشع انجزائري عبارة "الرشاء حتت مسؤوليته "‪ ،‬استبدل املرشع‬
‫املرصي عبارة حتت مسؤوليته بعبارة "ساقط اخليار " يف املادة ‪ 116‬ق م م املقابَل‬
‫للامدة‪ 212‬ق م ج‪ ،‬حيث جاء فهيا " فان البادع يكون مسؤوال عن رد ق ة املبيع وقت‬
‫الاس تحقاق‪ ،‬اال اذا أثبت أن املشرتي اكن يعْل وقت البيع سبب الاس تحقاق‪ ،‬أو أنه‬
‫اشرتى ساقط اخليار "‪.‬يف حني اس تددم املرشع الفرنيس عبارة "حتمل املشرتي وقوع‬
‫املضار واخملاطر"‪،‬يف املادة ‪ 0639‬ق م ف ‪.1‬‬

‫‪ -1‬بيامن اس تددم املرشع اللبناّن يف قانون املوجبات والعقود عبارة أخرى‪ ،‬ويه " أخذ عىل نفسه ما ككن وقوعه من املضار‬
‫واخملاطر "‪ .‬ويه ترمجة للعبارة الفرنس ية الواردة يف املادة ‪ 0639‬ق م ف » ‪ « à ses risques et périls‬ويه عبارة أدق‪.‬‬

‫و يالحظ أن نص املادة ‪ 212‬ق م ج مطابقة للامدة ‪ 0639‬ق م ف حيث ورد فهيا لفظ حتمل املشرتي املضار واخملاطر‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غّي أن جانب من الفقه يرى يف هذه احلاةل أنه يلزم ليك يتحرر البادع من لك‬
‫مسؤولية عن اس تحقاق املبيع‪ ،‬أن يقرتن ترصحي املشرتي بتحمهل ما ككن أن يقع من‬
‫مضار وخماطر برشط عدم الضامن‪ ،‬وال بد من اجامتع المرين معا‪ ،‬ويف هذه احلاةل‬
‫نكون بصدد عقد احامتيل‪ .‬وهذا ما أكدته املذكرة االيضاحية للمرشوع المتهيدي للقانون‬
‫املدّن املرصي بلقول‪" :‬يكون البادع غّي مسؤول عن رد يشء ما اذا حصب رشط عدم‬
‫الضامن أحد المرين‪ ،‬عْل املشرتي بسبب الاس تحقاق‪ ،‬أو رشاؤه ساقط اخليار لن‬
‫‪1‬‬
‫البيع يف هذه احلاةل يكون عقدا احامتليا"‪.‬‬
‫و الواقع أن البيع يف حاةل رشاء املشرتي عىل خماطره يأخذ طابع العقود الاحامتلية‪،‬‬
‫ومن انجائز تبعا ذلكل أن يم الرشاء بمثن منففض‪ ،‬فال يكون هل الرجوع حىت بلمثن‪.‬‬
‫سواء يف حاةل الاس تحقاق اللكي أم يف حاةل الاس تحقاق انجزيئ‪.‬‬
‫عىل أنه وان اكن يلزم أن يكون هناك رشط عدم الضامن‪ ،‬حىت يعفى البادع من أية‬
‫مبالغ اكن ككن الرجوع هبا عليه‪ ،‬وهذا حسب نص املادة‪ 212‬ق م ج وهذا ما يسْل به‬
‫الفقه‪.‬مع ذكل جند أن الفقه الفرنيس‪ 2‬بصفة عامة يكتفي يف هذا الصدد بأن يرصح‬
‫املشرتي أنه يشرتي عىل مسؤوليته‪ ،‬اذ هو بذكل يأخذ عىل عاتقه لك اخملاطر‪ ،‬ويربم‬
‫عقدا احامتليا يعفى فيه البادع يف حاةل اس تحقاق املبيع من الغّي حىت من أداء المثن‪ .‬لن‬
‫فكرة الغرر واحضة واس تلزام رشط عدم الضامن اىل جانب ذكل ال يفيد يف يشء‪.‬عىل‬
‫خالف حاةل عْل املشرتي بسبب الاس تحقاق‪ ،‬اذ ال بد من اشرتاط عدم الضامن اىل‬
‫جانب العْل‪ ،‬لن العْل وحده ال يكفي للقول بأننا أمام عقد احامتيل‪.‬‬

‫‪ -1‬أنور العمروق‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.031‬‬


‫‪-2‬رأي ‪Laurent . Planiol .Aubery et Rau‬‬
‫توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬

‫‪233‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫أثر عْل املشرتي بأس باب الاس تحقاق عىل نطاق ما حيمك هل به‬
‫ر يفرق املرشع خبصوص رجوع املشرتي بلضامن‪ ،‬بني ما اذا اكن هذا الخّي‬
‫حسن النية أو قء النية‪ .‬حيث يكون للمشرتي الرجوع بلضامن سواء اكن عاملا حبق‬
‫الغّي‪ ،‬أو ر يكن كذكل وال ينظر اىل حسن نيته اال يف حتريكه دلعوى الضامن‪.‬ذكل أنه‬
‫اذا ما حتقق سبب الضامن‪ ،‬فان البادع يكون قد أخل بلزتامه بنقل امللكية‪.‬‬
‫غّي أنه وعن نطاق ما حيمك هل به اذا ما ثبت حقيقة اس تحقاق املبيع للغّي فان‬
‫الترشيع وان اكن ال يعتد حبسن أو سوء نية املشرتي يف رجوعه بلضامن اال فامي يتعلق‬
‫بملصاريف النافعة والكاملية وهذا ما نتعرض هل يف (الفقرة الوىل)‪ ،‬فان رأاي للفقه يرى‬
‫ورة المتيزي فامي يتعلق بلتعويضات اليت يرجع هبا املشرتي بني ما اذا اكن حسن النية‬
‫أو قء النية (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫موقف الترشيع خبصوص املصاريف اليت يكون للمشرتي الرجوع هبا‬
‫يرى غالبية الرشاح يف م رص‪ ، 1‬أن للمشرتي أن يرجع عىل البادع يف حاةل‬
‫الاس تحقاق اللكي باكفة عنارص التعويض‪ ،‬برصف النظر عام اذا اكن حسن النية أم‬
‫قء النية عند البيع‪ ،‬فلي حلسن النية أو سوهئا أي أثر يف رجوعه عىل البادع بتكل‬
‫التعويضات‪ .‬وهبذا خيتلف رجوع املشرتي عىل أساس الضامن عن رجوعه عىل أساس‬
‫بطالن بيع مكل الغّي‪ .‬ويستند هذا الاجتاه اىل نص املادة ‪ 112‬ق م م السابق االشارة‬
‫الهيا وردت عامة‪ .‬ففي حاةل اس تحقاق املبيع يرجع املشرتي عىل البادع باكفة املبالغ املبينة‬

‫‪ -1‬من بيهنم ‪ :‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط‪ ،‬البيع واملقايضة‪ ،‬املرجع السابق‪621 ،‬‬
‫دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬املرجع السابق‪.222 ،‬‬

‫‪234‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فهيا دون متيزي بني حاةل حسن النية أو سوء النية‪ ،‬أي سواء عْل بسبب الاس تحقاق أو‬
‫ر يعْل‪.‬‬
‫وهذا ما متليه القواعد العامة‪ ،‬لن ضامن الاس تحقاق هو الزتام يف ذمة البادع ينشأ‬
‫من عقد البيع‪ ،‬واذا ما طالب املشرتي به قامت مطالبته عىل أساس هذا العقد‪.‬‬
‫واملشرتي يف رجوعه بلضامن عىل البادع امنا يطلب منه تنفيذ الزتامه بنقل ملكية املبيع‪،‬‬
‫وملا اكن املبيع قد أس تحق واس تحال بذكل التنفيذ العيين لاللزتام طبقا للقواعد العامة‪،‬‬
‫فان تكل القواعد ال تفرق بني ما اذا اكن مس تحق التعويض حسن النية أم قء النية‪،‬‬
‫اذ ال خيتلف مقدار ما حيمك به من تعويض تبعا الختالف نية ادلائن‪ ،‬أي املشرتي يف‬
‫هذه احلاةل‪ .‬من مث يكون للمشرتي أن يرجع بق ة املبيع وقت نزع اليد ‪1‬ال فقط بلمثن‬
‫هذا طبقا للامدة ‪ 211‬ق م ج واملادة ‪ 112‬ق م م‪ ،‬فضال عن املبالغ الخرى اليت عددها‬
‫املرشع‪ ،‬وهو يس تطيع أن يرجع بتكل املبالغ ولو اكن قء النية‪ ،‬يعْل سبب‬
‫الاس تحقاق‪ .‬فّيجع طبقا لحاكم التنفيذ مبقابل نظرا لقيام العقد‪ .‬وال ينظر حلسن أو‬
‫سوء نية املشرتي‪.‬‬
‫عىل أنه بلنس بة للمرصوفات الكاملية للمشرتي أن يطلهبا من البادع برشط أن يكون‬
‫البادع قء النية‪ ،‬أي عاملا بسبب االس تحقاق وقت البيع‪ ،‬ويف عالقته بملس تحق فهل‬
‫احلق يف ازالهتا مع اعادة اليشء اىل حالته الوىل‪ ،‬اال اذا اختار املس تحق أن يستبقهيا‬
‫مقابل دفع ق ة مس تحق االزاةل‪.2‬‬

‫‪ -1‬ويف ذكل خيتلف الترشيع انجزائري عن الترشيع املرصي‪ ،‬حيث أنه ال يكون للمشرتي ان يرجع بلفوادد عىل البادع يف‬
‫الترشيع انجزائري فّيجع بق ة املبيع وقت نزع اليد فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪235‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫رأي الفقه و ورة المتيزي بني حسن وسوء نية املشرتي‬
‫ساير جانب من الفقه املرصي ‪،1‬ما هو سادد يف هلل القانون الفرنيس‪ ،‬مستندا اىل‬
‫ما هو وارد يف املادة ‪ 162‬ق م م املتعلقة ببيع مكل الغّي املقابَل للامدة ‪ 299‬ق م ج‬
‫حيث جاء فهيا ‪ ":‬اذا أبطل البيع‪ ،.. .‬واكن املشرتي جيهل أن املبيع غّي مملوك للبادع فهل‬
‫أن يطالب بلتعويض‪ ،‬ولو اكن البادع حسن النية "‪.‬وتبعا ذلكل مىت اكن املشرتي جاهال‬
‫أن البادع ال ككل املبيع فيكون هل أن يرجع عىل البادع بالضافة اىل المثن‪ ،‬بلتعويض عام‬
‫حلقه من خسارة لنه حسن النية‪ ،‬أما مىت اكن قء النية يعْل أن البادع ال ككل‬
‫املبيع‪،‬فال يكون هل الرجوع بأي تعويض‪.‬‬
‫وطبقا للرأي الغالب يف هلل القانون الفرنيس ‪2‬ال يكون للمشرتي قء النية‪ ،‬اذلي‬
‫يعْل عند البيع خبطر الاس تحقاق اال الرجوع بلمثن فقط‪ ،‬دون غّيه من الآداءات‬
‫الخرى اليت عددهتا املادة ‪ 0622‬ق م ف‪ 3‬واليت تنطوي حتت التضمينات بصفة عامة‪،‬‬
‫وهو ما يتعلق بلامثر واملرصوفات‪ .‬فليك تس تحق تكل املبالغ الخرى ينبغي أن يكون‬
‫املشرتي حسن النية وقت البيع‪ ،‬جيهل خطر الاس تحقاق اذلي يتعرض هل‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى أن أثر سوء النية يمتثل يف حرمان املشرتي من التعويضات بصفة عامة‪ ،‬وأن‬
‫الزتام البادع يوقف بلنس بة للمبالغ الخرى‪.‬‬
‫‪ -1‬رأي أنور سلطان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.206‬‬
‫‪2‬عبد املنعم البدراوي مشار اليه يف ‪ :‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪319‬‬
‫‪ -‬رأي ‪Rau et Aubry et PlaniolL-Ripert et Hamel et Mazeaud‬‬
‫‪3‬‬
‫مقتب عن توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪319‬‬
‫‪- ART 1630 C.civ. F : « Lorsque la garantie a été promise, ou qu'il n'a rien été stipulé à ce‬‬
‫‪sujet, si l'acquéreur est évincé, il a droit de demander contre le vendeur :‬‬
‫‪0 -La restitution du prix‬‬
‫‪2-Celle des fruits, lorsqu'il est obligé de les rendre au propriétaire qui l'évince‬‬
‫‪3-Les frais faits sur la demande en garantie de l'acheteur, et ceux faits par le demandeur‬‬
‫‪originaire.‬‬
‫‪4-Enfin les dommages et intérêts, ainsi que les frais et loyaux coûts du contrat.‬‬

‫‪236‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واحلقيقة أن هذا احلل ال يقوم عىل حمك مبارش يف شأن أحاكم الضامن‪ ،‬ولكنه‬
‫يستند اىل ما أورده املرشع يف شأن بيع مكل الغّي عندما يقع الاس تحقاق من املاكل‬
‫احلقيقي للمبيع‪ .‬ذكل أن املادة ‪ 0199‬ق م ف يف شأن بيع مكل الغّي ال َتول للمشرتي‬
‫احلق يف التعويض‪ ،‬اال اذا اكن جيهل أن املبيع مملوك للغّي‪ .‬أي اال اذا اكن جيهل خطر‬
‫الاس تحقاق‪.‬‬
‫ويف انتقاده لهذا الرأي يرى توفيق حسن فرج‪ ،‬أن هذا الاجتاه يربط بني أحاكم‬
‫الضامن وأحاكم بيع مكل الغّي‪ ،‬مع أنه ينبغي أن ننظر اىل أحاكم الضامن اس تقالال عن‬
‫أحاكم بيع مكل الغّي‪ ،‬لنه وان اكن الغالب عند اس تحقاق املبيع اس تحقاقا لكيا‪ ،‬أن‬
‫يكون املبيع مملواك للغّي وقت البيع‪ ،‬ولكن هذا لي الزما يف مجيع احلاالت‪ .‬فقد يقع‬
‫الاس تحقاق اللكي استنادا اىل سبب أآخر‪ ،‬اذ قد يقوم البادع بلترصف يف املبيع اىل‬
‫مشرت اثن يفضل عىل املشرتي الول‪ ،‬يف هذه احلاةل يكون للمشرتي الول الرجوع عىل‬
‫البادع طبقا لحاكم الضامن‪ .‬أيضا قد يبيع البادع ما ككل حقا ولكن قبل أن تنتقل امللكية‬
‫اىل املشرتي يقوم أحد دادين البادع بحلجز والتنفيذ عىل املبيع‪ ،‬ويف هذه احلاةل أيضا‬
‫يكون للمشرتي أن يرجع عىل البادع بلضامن‪1 .‬كام وأن النص خاص حباةل ما اذا اكن‬
‫سبب االس تحقاق عدم ملكية البادع للمبيع‪ ،‬ويُثّي الشك فامي اذا اكن من املمكن تطبيقه‬
‫‪2‬‬
‫يف غّي هذه احلاةل‪.‬‬
‫واحلقيقة أنه ينبغي أن يفرق يف هذا الصدد بني حسن وسوء نية املشرتي‪ ،‬أي بني‬
‫علمه أو هجهل وقت البيع بسبب الاس تحقاق عىل نطاق ما يرجع به املشرتي عىل البادع‪،‬‬
‫حىت ينسجم بذكل مع ما يقب به املرشع يف حاةل بيع مكل الغّي‪ .‬وينبغي أن يبني يف‬
‫هذا الصدد أن املشرتي ال يكون هل احلق يف التعويضات‪ ،‬اال اذا اكن حسن النية وقت‬
‫البيع جيهل سبب الاس تحقاق‪ ،‬دون حاجة لقياس حمك هذه احلاةل عىل حاةل بيع مكل‬
‫‪ -1‬توفيق حسن فرج ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪312‬‬
‫‪ -2‬أنور سلطان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.399‬‬

‫‪237‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الغّي‪ 1.‬ويُعتقد أنه اذا اكن املشرتي قء النية يعْل عند البيع خبطر الاس تحقاق‪ ،‬فانه‬
‫ينبغي أن يقترص حقه عىل اسرتداد المثن فقط ال ق ة املبيع وقت نزع اليد‪ ،‬أما اذا اكن‬
‫حسن النية جيهل عند البيع سبب الاس تحقاق‪ ،‬فان هل الرجوع عالوة عىل المثن‬
‫بلتعويضات‪،‬فيعوض عن لك ر حاق به جراء عدم تنفيذ العقد‪.‬‬
‫فاملبدأ القانوّن املعمول به بشأن بيع مكل الغّي‪ ،‬واذلي مفاده أن املشرتي اذلي يعْل‬
‫أن املبيع مملوك للغّي حيرم من الرجوع بلتعويض‪ ،‬جيب اعامهل يف مجيع احلاالت املامثَل كام‬
‫يف حاةل الاس تحقاق اللكي‪ .‬ومقتىض هذا املبدأ أن "لك متعاقد يعْل عند التعاقد حاةل‬
‫الش ياء‪ ،‬ال يكون هل أن يشكو بعد ذكل من ر تسبب هل "‪ .‬وعىل ذكل اذا اكن‬
‫املشرتي يعْل أن املبيع اكن همددا خبطر الاس تحقاق مث حتقق هذا اخلطر‪ ،‬وترتب عىل‬
‫ذكل أن حلق به ر‪ ،‬يتجاوز المثن اذلي دفعه واذلي ينبغي أن يرده البادع‪ ،‬اكن عليه‬
‫أن يتحمل بذكل‪ .‬اذ اكن ينبغي أن يتوقع ذكل عندما أقدم عىل ابرام العقد‪ ،‬فهو ر يقع‬
‫‪2‬‬
‫يف غلط بسبب انشئ من البادع‪ ،‬كام أن هذا الهرضر ر ي‪،‬هل به البادع‪.‬‬
‫يفرق بني حسن وسوء نية املشرتي‪ ،‬حىت ينسجم هذا احلمك مع‬ ‫كام وأنه ينبغي أن ّ‬
‫ما تقب به املواد املتعلقة بحلائز حسن النية‪ ،‬وبأحاكم البناء يف أرض الغّي‪ .‬واليت‬

‫‪ -1‬يرى توفيق حسن فرج أن النص جيب أن يقوم عىل أساس فكرة زوال العقد‪ ،‬ال عىل أساس بقاء العقد والتنفيذ بطريق‬
‫التعويض‪.‬فيكون للمشرتي يف حاةل الاس تحقاق الرجوع بلمثن فقط‪ ،‬ال بق ته عند الاس تحقاق‪ .‬لن بيع مكل الغّي يقوم عىل‬
‫أ ‪2‬ساس فكرة زوال العقد عن طريق البطالن‪.‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪316‬‬
‫‪ -‬توفيق حسن فرج‪ ،‬املرجع السابق‪311 ،‬‬
‫وخيتلف الفقه حول مسأةل عْل احلائز بعيب يشوب س ند حيازته‪ ،‬وهل ككن اعتباره قء النية فيذهب جانب مهنم اىل أن‬
‫العربة يف سوء النية بعلمه بأنه يتلقى احليازة من خشص غّي ماكل‪ ،‬وال أمهية بعد ذكل لكونه عاملا بعيب يشوب الس ند اذلي‬
‫اكتسب مبوجبه احليازة من سلفه ‪.‬‬
‫بيامن يذهب فريق أآخر اىل أن احلائز يكون قء النية اذا اكن عاملا بعيب أخر يشوب س ند ملكيته ‪.‬و يذهب رأي أخّي اىل‬
‫تبين موقف وسط بني كون العيب الالحق بس ند احلائز يؤدي اىل بطالن مطلق أم نس يب‪ ،‬ففي حاةل البطالن النس يب‬
‫يعترب حسن النية حىت ولو اكن عاملا هبذا العيب‪ ،‬أما مىت اكن الس ند بطال بطالان مطلقا فيعترب قء النية اذا اكن يعْل‬
‫بعيب س نده‪ .‬عبد الرزاق الس هنوري‪ .‬الوس يط‪ ،‬أس باب كسب امللكية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .0022‬مصطفى أمحد عبد‬
‫انجواد جحازي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪238‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يفرق بصددها بني الباّن حسن النية وقء النية‪ .‬ففي قواعد احليازة يبقى احلائز حسن‬
‫‪1‬‬
‫النية ما دام يعتقد أن من تلقى منه العني هو املاكل لها ‪.‬‬
‫هذا وأن احلائز س ئي النية ال يمتكل بلتقادم ال العقار وال املنقول‪ ،‬اال مبقتىض‬
‫التقادم الطويل‪ ،‬وهو مخسة عرش س نة‪.‬بيامن احلائز حسن النية بماكنه أن يمتكل العقار‬
‫بلتقادم القصّي أي ‪ 02‬س نوات حسب املادة ‪ 232‬ق‪.‬م ج‪ ،‬كام يمتكل املنقول يف احلال‬
‫مبجرد احليازة‪.‬فاذا بع خشص منقول ملشرت مث بع نف املنقول ملشرت اثن أو سلمه‬
‫املبيع‪ ،‬واكن هذا الخّي حسن النية‪ ،‬فانه يمتكل املبيع لي مبقتىض عقد البيع‪ ،‬ولكن‬
‫مبقتىض احليازة يف املنقول حبسن نية س ند للملكية‪.‬‬
‫كام أن احلائز س ئي النية يكون مسؤوال عن هالك اليشء أو تلفه‪ ،‬ولو اكن انش ا‬
‫عن حادث مفاجئ حسب املادة ‪ 212‬ق م ج‪.‬‬
‫عىل أن الشفص اذلي يشرتي قطعة أرض‪ ،‬وهو جيهل أنه يشرتُّيا من غّي ذي‬
‫صفة‪ ،‬يس تفيد من امحلاية القانونية‪ ،‬حىت ولو اكن املتعامل معه أيضا جيهل عدم ملكيته‬
‫للمبيع‪ .‬وهذا ما ورد يف املادة‪ 299‬ق‪.‬م ج اذا حمك للمشرتي ببطال البيع‪ ،‬واكن جيهل‬
‫أن املبيع غّي مملوك للبادع‪ ،‬فهل أن يطالب بلتعويض ولو اكن البادع حسن النية‪ ،‬اذ رحج‬
‫املرشع حسن نية املشرتي عىل حسن نية البادع‪.‬‬

‫‪ -1‬مفثال يف عقد البيع الصادر من غّي ماكل‪ ،‬اذا تعاقد هبذه الصفة أي بعتباره مالاك(أي بيع مكل الغّي) مفشرتي العقار اذا‬
‫اكن حسن النية يمتكل العقار بلتقادم املكسب القصّي اذا دامت حيازته ‪ 02‬س نوات‪ ،‬ويف املنقول بحليازة‪.‬فاذا اكن البادع‬
‫قارصا أو ارادته مشوبة بغلط أو تدلي ‪ ،‬فالمر ال ينفي حسن نية احلائز‬
‫هذا وأن حسن النية دلى احلائز‪ ،‬جيب أن يتوافر يف الوقت اذلي يتلقى فيه امللكية أو احلق‪ .‬فاذا اشرتى احلائز العقار من‬
‫غّي ماكل جيب أن يكون قد اعتقد‪ ،‬وقت تسجيل عقد البيع أنه يشرتيه من مالكه الصيل‪ .‬واذا اكن بيع العقار معلقا عىل‬
‫رشط واقف‪ .‬جيب أن يتوافر حسن النية عند التسجيل‪ ،‬ولي عند حتقق الرشط‪ .‬واذا اكن السبب الصحيل عقد رهن‬
‫حيازي‪ ،‬وجب أن يتوافر حسن النية عند انعقاد عقد الرهن احليازي‪ .‬واذا اكن السبب الصحيل وصية‪ ،‬وجب أن يتوافر‬
‫حسن النية وقت موت املويص‪ ،‬وال يلزم بقاء حسن النية طوال مد التقادم القصّي‪ .‬فاذا عْل احلائز بعد ذكل وقبل انقضاء‬
‫مدة ‪ 02‬س نوات أنه تلقى احلق من غّي مالكه الفعيل‪ ،‬فال أثر لعلمه هذا يف توافر حسن النية عنده‪.‬‬
‫عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬أس باب كسب امللكية‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.0222‬‬

‫‪239‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فاذا اكن الصل أن يلزتم من تسْل غّي املس تحق برد ما يؤدى اليه‪ ،‬وهذا تطبيقا‬
‫للقواعد العامة يف االثراء بال سبب‪ .‬ولكن فامي يتعلق بامثر اليشء‪ ،‬مفىت اكن من تسْل‬
‫غّي املس تحق حسن النية‪ ،‬ال يلزتم برد المثرات والفوادد اال من وقت رفع ادلعوى أو‬
‫املطالبة‪ .‬أما اذا اكن س ئي النية ففي هذه احلاةل يلزم برد الفوادد أو الربح اليت حصل‬
‫علهيا‪ ،‬أو اكن يف وسعه احلصول علهيا من اليشء‪ .‬من وقت القبض أو من الوقت اذلي‬
‫أصبل فيه س ئي النية‪1 .‬و يف نف الس ياق يلزتم احلائز برد اليشء دون الامثر اليت جناها‬
‫‪2‬‬
‫من اليشء ما دام حسن النية حسب املادة ‪ 221‬ق م ج‬
‫كام وأنه ويف أحاكم احليازة فاملشرتي بعتباره حائزا‪ ،‬وان اكن يلزتم برد ق ة الامثر ملن‬
‫اس تحق املبيع‪.‬فالصل أن املشرتي ال يلزتم بردها للامكل احلقيقي‪ ،‬اال اذا اكن قء النية‬
‫طبقا للامدة ‪ 3/021‬ق م م املقابَل للامدة ‪ 222‬ق م ج‪ .‬أما اذا اكن حسن النية فيمتلكها‪،‬‬
‫وال حيمك عليه بردها طبقا للامدة ‪ 221‬ق م ج‪ .‬وحسن النية الالزم لمتكل الامثر جيب أن‬
‫يتوافر وقت القبض‪ ،‬واملفروض يف ذكل أن املشرتي اكن يعْل حبق الغّي قبل رفع‬
‫دعوى الاس تحقاق‪ ،‬فوجب أن يرد الامثر للمس تحق من وقت علمه بذكل‪ ،‬مث يرجع هبا‬
‫عىل البادع استيفاءا حلقه يف التعويض‪.‬‬
‫عىل أنه جتدر االشارة اىل اختالف الترشيع انجزائري عن الترشيع املرصي‪ ،‬خبصوص‬
‫الامثر مىت اكن قء النية‪ .‬حيث أن مثار املبيع اليت ردها املشرتي للمس تحق من وقت‬
‫علمه حبق الغّي يف الترشيع املرصي يرجع هبا عىل البادع‪ ،‬أما مثار املبيع من وقت رفع‬
‫ادلعوى (اذلي يفرتض فهيا أن املشرتي عار حبق الغّي)اىل صدور حمك يثبت حق‬
‫الغّي‪ ،‬فال يكون للمشرتي الرجوع هبا عىل البادع‪ .‬لن املرشع املرصي اس تعاض عهنا‬
‫بلفوادد القانونية‪ ،‬واليت يلزتم البادع بدفعها للمشرتي بالضافة اىل ق ة املبيع طبقا للامدة‬

‫‪- 1‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪36‬‬


‫‪ -2‬تقابلها يف نف املعىن املادة ‪ 912‬ق م م‪ ،‬واملادة‪ 119‬ق م ف‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 0/ 112‬ق م م ‪ ":‬ق ة املبيع وقت االس تحقاق مع الفوادد القانونية‪ " .‬أما يف الترشيع‬
‫انجزائري فيكون للمشرتي أن يرجع بق ة الامثر عىل البادع‪ ،‬من وقت اعالمه بعريضة‬
‫افتتاح ادلعوى حبق الغّي طبقا للامدة ‪ 3/ 231‬ق م ج‪ ،‬اىل حني صدور حمك‬
‫بس تحقاق املبيع للغّي‪ .‬لن املرشع انجزائري ر يأخذ بلفوادد القانونية كام ذكران سابقا‪.‬‬
‫وبلنس بة للمصاريف النافعة اكلبناء يف الرض املبيعة‪ ،‬للمشرتي الرجوع هبا عىل‬
‫املس تحق ال عىل البادع يف حدود ما تقب به املادتني ‪ 931 ،931‬ق م م‪ ،‬املقابَل‬
‫للامدتني ‪ 121 ،121‬ق م ج واملادة ‪ 111‬ق م ف‪ .‬وحبسب هاتني املادتني خيتلف‬
‫مدى حق املشرتي يف مواهجة املس تحق بختالف ما اذا اكن حسن النية أو قء‬
‫النية‪ .‬فاذا اكن قء النية‪ ،‬فللمس تحق أن يلزمه بزاةل البناء عىل نفقته مع التعويض‪ ،‬ان‬
‫اكن هل وجه يف أجل س نة‪ .‬أو ترك البناء مع دفع ق هتا أو ق هتا يف حاةل الهدم‪ ،‬أو دفع‬
‫مبلغ يساوي ما زاد يف ق ة الرض بسبب البناء‪ ،‬ولن البادع لن يدفع اال أقل الق تني‪،‬‬
‫اما ق ة املنشأآت يف حاةل الهدم أو مبلغ يساوي ما زاد يف مثن الرض بسبب وجود‬
‫املنشأآت علهيا‪ ،‬فان بس تطاعة املشرتي الرجوع عىل البادع بخلسارة الالحقة به‪ ،‬أي‬
‫بلفارق ما بني ما أنفقه وما حصل عليه من البادع عىل أساس املادة ‪ 211‬ق م ج‪،‬‬
‫حيث جاء فهيا‪ ":‬وبوجه عام تعويضه عن اخلسائر الالحقة به‪ ،‬وما فاته من كسب‬
‫بسبب نزع اليد "‪.‬‬
‫أما اذا اكن الباّن س ئي النية وهو املشرتي يف هذا الفرض‪ ،‬جاز لصاحب الرض‬
‫أن يطلب ازالهتا وهل أن يطلب ابقاءها ليمتلكها باللتصاق‪ ،‬عىل أن يدفع التعويض‬
‫لصاحب املنشأآت‪ .‬هذا وككن للباّن أن يطلب نزع املنشأآت من الرض‪ ،‬برشط أن‬
‫يعيدها اىل أصلها مع تعويض صاحب الرض‪ ،‬عام يصيهبا من أ ار جراء ال‪،‬ع‪ ،‬فان‬
‫اكن ال‪،‬ع من شأنه أن يهرض بلرض را جس امي‪ ،‬فال حيق لصاحب املنشأآت طلب‬
‫ازالهتا‪ ،‬واال عد متعسفا يف اس تعامل احلق‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫أثر حسن النية الساكنة في العقد‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما اذا اكن املشرتي حسن النية فال جيوز للمس تحق طلب ازاةل البناء‪ ،‬بل يلزتم‬
‫بالحتفاظ به مع دفع ق ة املواد وأجرة العمل‪ ،‬أو دفع مبلغ يساوي ما زاد يف مثن الارض‬
‫بسبب تكل املنشأآت‪ 1.‬أما اذا اكن تسديد هذه املنشأآت مرهقا لصاحب الرض بأن‬
‫جعز عن دفع التعويض املس تحق ملقمي هذه املنشأآت‪ .‬جاز هل أن يطلب متليكها ملن أقام‬
‫هذه املنشأآت‪ ،‬نظّي تعويض عادل عن الرض يلزتم به صاحب املنشأآت قبل املاكل‪.‬‬
‫أما بلنس بة للمرصوفات الهرضورية‪ ،‬ال يكون للمشرتي أن يرجع هبا عىل البادع ‪،‬لن‬
‫هل أن يلزم هبا املس تحق طبقا للامدة ‪ 0/922‬ق م م واملادة ‪ 229‬ق م ج‪ ،‬وال أثر‬
‫حلسن أو سوء النية بصددها لهنا ورية للحفاظ عىل املبيع‪.‬‬

‫‪ -1‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪242‬‬
‫الباب الثاني‬
‫فعالية و ديناميكية مبدأ‬
‫حسن النية في نظرية العقد‬
‫الباب الثاني‪ :‬فعالية و ديناميكية مبدأ حسن النية في نظرية العقد‬

‫الباب الثاني‪ :‬حسن النية الديناميكية مبدأ قانوني عام يضبط نظرية العقد‬

‫اذا اكنت التقنينات املدنية مازالت جتسد الصورة املبسطة للعملية التعاقدية ‪،‬فلن‬
‫تكل البساطة اكنت تعك املعطيات الاجامتعية اليت اكنت قامئة أآنذاك ‪.‬حيث اكنت‬
‫تفرض وضعا مثاليا هو وجود طرفني متساويني يف املراكز القانونية والفعلية‪ ،‬متساوين‬
‫يف القوة واحلاجة اىل التعاقد‪ .‬اال أن هلهور التقنيات احلديثة غّي املتيرسة الفهم من قبل‬
‫املس هتكل العادي‪ ،‬سبب اختالال يف هذا الوضع‪.‬فبات من الظْل القول بأن العقد رشيعة‬
‫املتعاقدين ‪.‬و بتت القواعد العامة غّي كفيَل بتأمني امحلاية الفاعَل للمس هتكل ‪.‬‬
‫من مث تضافرت انجهود يف اس تحداث قواعد وترشيعات خاصة حبامية الطرف‬
‫الضعيف يف التعاقد ‪،‬المر اذلي أفىض اىل ورة فرض رقابة عىل رشوط العقد من‬
‫قبل املرشع ‪،‬منل فهيا القايض دورا هاما الستبعادها‪.‬و التوجه ملنل القايض سلطة‬
‫واسعة الستبعاد تكل الرشوط يفيد اعامتده عىل مبدأ حسن النية ‪،‬كوس يَل فعاةل للقول‬
‫بأن رشطا ما تعسفي‪،‬لن مرونة وديناميكية أي حركية مبدأ حسن النية جتاري مرونة‬
‫الرشط التعسفي‪ ،‬واليت ال ككن حرصها مضن قوامئ ‪.‬فيكون من المهية حبث ‪:‬دور‬
‫مبدأ حسن النية يف استبعاد الرشوط التعسفية‪(.‬الفصل الول)‬
‫ر يقف الفقه الفرنيس عند هذا احلد ‪،‬بل أنه أضاف واندى بهرضورة فرض الزتامات‬
‫عامة جتسد أخالقيات التعاقد ‪ ،‬وأيده جانب من الفقه العريب وأيضا القضاء الفرنيس يف‬
‫كثّي من الحاكم يف ذكل ‪.‬و هذا التطور بال شك ينسجم وحرص املرشع عىل مراعاة‬
‫مقتضيات مبدأ حسن النية ‪ .‬أرجعها وأسسها الفقه قبل ذكل يف كثّي من الحيان عىل‬
‫مبدأ حسن النية ‪.‬فقد حاولنا ربط تكل الالزتامات املفروضة من قبل املرشع اكاللزتام‬
‫ارافظة عىل الرسار‪ ،‬االعالم ‪ ،‬وعدم املنافسة بلزتامات عامة ال‪،‬اهة والتعاون‪ ،‬واليت‬
‫رأى الفقه الفرنيس أهنا جتسد املبدأ يف شلك الزتام قانوّن‪ ،‬يف حماوةل منا لتصويب مسار‬
‫املبدأ فعنوان (الفصل الثاّن)‪ :‬الالزتام العام بل‪،‬اهة والتعاون يف العقود‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫الفصل األول‬
‫دور مبدأ حسن النية في‬
‫استبعاد الشروط التعسفية‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬

‫ان التطور الرسيع اذلي متر به اجملمتعات وما ينتج عنه من تفاوت كبّي وعىل لك‬
‫الصعدة بني الطراف التعاقدية ‪،‬ال بد أن يواجه أو يصطدم بقصور القواعد القانونية أو‬
‫عدم اتفاقها ومقتضيات هذا التطور‪ ،‬يف هلل التغّي الاقتصادي احلديث‪ ،‬وما جنم عنه‬
‫من تر َكز قوى االنتاج بشلك احتاكري بيد عدد حمدود من الشداص ‪ .‬فضال عن‬
‫التقدم والتعقيد يف الطابع الفين للسلع واخلدمات‪ ،‬حبيث أصبل املس هتكل جيهل كيفية‬
‫اس تعاملها وارافظة علهيا وادراك خماطرها‪.‬‬
‫هذا وأن هلهور صيغ جديدة ر تكن مألوفة يف املعامالت التجارية من قبل اكلعقود‬
‫المنوذجية‪،‬ساعد عىل ابراز جوانب الاختالل يف التوازن يف العالقة ما بني اررتف‬
‫واملس هتكل‪ ،‬حبيث أصبحت العقود تربم دون س بق مساومة أو مفاوضة ‪،‬بعقود ينفرد‬
‫أحد الطراف بصياغهتا‪ ،‬بعيدا عن أي نوع من أنواع الرقابة‪ ،‬مما أدى اىل فرض‬
‫الرشوط التعسفية عىل الطرف الضعيف يف العالقة العقدية وهو املس هتكل‪.‬‬
‫وهذا كيل علينا النظر اىل املبادئ العامة للقانون بهامتم أكرب‪ ،‬ملا لها من أمهية من‬
‫الناحيتني النظرية والعملية‪ ،‬مكصدر خصب لنشأة القواعد القانونية ‪ ،‬ومن هذه املبادئ‬
‫حسن النية ‪.‬و من هنا تظهر ورة حبث‪ :‬مقومات ربط فكرة الرشوط التعسفية مببدأ‬
‫حسن النية (املبحث الول)‪.‬مث توس يع دور القايض وانجزاء املرتتب عىل ادراج الرشوط‬
‫التعسفية (املبحث الثاّن)‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املبحث الول‪:‬‬
‫مقومات ربط فكرة الرشوط التعسفية مببدأ حسن النية‬
‫ان النصوص القانونية املتعلقة حبامية املس هتكل من الرشوط التعسفية‪ ،‬تطورت‬
‫وتبلورت خالل أعوام تبعا لتطور موقف القضاء الس امي القضاء الفرنيس يف هذا الصدد‪.‬‬
‫ذلكل فدراسة تطور مفهوم البند التعسفي ذا أمهية اما عىل صعيد الترشيع أو عىل صعيد‬
‫القضاء‪ ،‬ملا من شأنه اهلهار كيفية تطور السلطة الترشيعية‪ ،‬وكيفية اس تقالل السلطة‬
‫القضادية يف مواهجة الرشوط التعسفية ‪.‬و من مث معرفة مدى ادلور اذلي يلعبه مبدأ‬
‫حسن النية يف استبعاد الرشوط التعسفية ‪،‬بعتباره وس يَل يف يد القايض للقول أن‬
‫رشطا ما تعسفي‪.‬‬
‫نتعرض تبياان لمهية ربط مفهوم الرشط التعسفي مببدأ حسن النية يف (املطلب‬
‫الول)‪ :‬التباين يف تعريف الرشوط التعسفية ونطاق امحلاية‪ ،‬مث نس تعرض‪ :‬مبدأ حسن‬
‫النية كساس ممتاز الستبعاد الرشوط التعسفية ‪(.‬املطلب الثاّن)‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫التباين يف تعريف الرشوط التعسفية ونطاق امحلاية‬
‫اس تجابة لرأي كثّي من الفقه بهرضورة وضع تعريف للرشط التعسفي‪ ،‬ووضع قوانني‬
‫خاصة حتاه بعتباره فكرة حديثة النشأة حتتاج لرفع اللب عهنا ‪،‬بلتدخل لتنظمي‬
‫أحاكهما بصورة دقيقة‪ .‬تدخلت الترشيعات املقارنة لوضع تعريف لها‪ .‬غّي أن جانب أآخر‬
‫من الفقه اندى بهرضورة جتنب الترشيع وضع تعريف للرشط التعسفي‪،‬حبجة أن التعريف‬
‫لي هممة الترشيع‪ .‬بل يدخل يف نطاق اختصاص الفقه وساق بناءا عىل ذكل مجموعة‬

‫‪247‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من التعاريف للرشط التعسفي ‪.‬غّي أن ما هو مسجل أنه سواء بلنس بة للتعريفات اليت‬
‫أتت هبا الترشيعات املقارنة ‪،‬أو بلنس بة لتكل اليت جاء هبا الفقه القانوّن أتت متباينة‬
‫‪،‬مما يصعب معه وضع تعريف دقيق للرشوط التعسفية ‪،‬فنتعرض تبعا ذلكل يف (الفرع‬
‫الول) عدم ضبط فكرة الرشوط التعسفية ‪.‬‬
‫ولن امحلاية من الرشوط التعسفية متتد من حيث الشداص‪ ،‬ومن حيث طبيعة‬
‫العقد ومن حيث املوضوع ‪،‬فانه يتعني علينا حتديد نطاق امحلاية من هذه الرشوط‬
‫اخملالفة ملقتضيات حسن النية فتعرضنا يف (الفرع الثاّن) المتداد نطاق امحلاية من‬
‫الرشوط التعسفية‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫عدم ضبط فكرة الرشوط التعسفي‬
‫ان المهية يف تبيان التعاريف اليت جاء هبا الترشيع والفقه للرشط التعسفي‪ ،‬تفيدان‬
‫يف تبيان أمهية مبدأ حسن النية يف حتديد مضمون الرشط التعسفي‪ .‬حيث يضفي عليه‬
‫طابعا مران ‪،،‬يؤدي الستبعاد الرشط التعسفي لكام اس تدعى المر ذكل‪ ،‬س امي أن‬
‫الرشوط املدرجة يف العقود دامئا يف تطور‪ .‬فيكون من المهية منل القايض سلطة يف‬
‫استبعادها ‪،‬عن طريق اعامل مبدأ حسن النية كقاعدة مرنة‪ .‬فنتعرض يف (الفقرة الوىل)‬
‫تعريف املرشع للرشط التعسفي ‪ ،‬ويف (الفقرة الثانية)‪ :‬تعريف الفقه املقارن للرشط‬
‫التعسفي‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫تعريف املرشع للرشط التعسفي‬
‫عرفها املرشع الفرنيس يف املادة ‪ 21‬من القانون رمق ‪ 32-12‬امللغى‪،‬الصادر يف ‪02‬‬
‫جانفي ‪ 0912‬اخلاص حبامية واعالم املس هتلكني بلسلع واخلدمات اليت جاء هبا ‪ ":‬يف‬
‫العقود املربمة بني اررتفني وغّي اررتفني أو املس هتلكني‪ ،‬قد تكون حمظورة‪ ،‬أو حمددة‪،‬‬
‫أو منظمة ‪ ...‬الرشوط املتعلقة ب‪ ...‬مىت يظهر أن هذه الرشوط مفروضة عىل غّي‬
‫اررتفني أو املس هتلكني‪ ،‬بواسطة اس تعامل التفرق الاقتصادي للطرف الآخر واذلي‬
‫‪1‬‬
‫كنل لهذا الخّي مزية فاحشة "‪.‬‬
‫وتضيف هذه املادة بأن وضع هذه امحلاية موضع التنفيذ مرتبط بلسلطة التنفيذية‬
‫‪.‬فقد خول جمل ادلوةل الفرنيس بعد أخذ رأي نجنة الرشوط التعسفية ‪،‬مبنع أو تعديل‬
‫‪2‬‬
‫أو حتديد البنود التعسفية مبفهوهما الوارد يف املادة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- ART 35 de loi n° 78-23 du 10 jan 1978 sur la protection et l’information des‬‬
‫‪consommateurs de produits et de services. «Dans les contrats conclus entre professionnels‬‬
‫‪et non-professionnels ou consommateurs ,peuvent être interdites, limitées ou réglementées‬‬
‫‪…,les clauses relati es au…,lorsque de telles clauses apparaissent imposées au non-‬‬
‫‪professionnels ou consommateur par un abus de la puissance économique de l’autre partie‬‬
‫» ‪et confèrent à cette dernière un avantage excessif‬‬
‫الرجوع لهذا القانون يفيدان يف تتبع مسار امحلاية من الرشوط التعسفية يف الترشيع الفرنيس‪. .‬‬
‫‪ -2‬نجنة الرشوط التعسفية أنشأها املرشع الفرنيس‪ ،‬ويه ترتبط بوزارة الاقتصاد واملال والصناعة ‪.‬تتألف من اثنا عرش‬
‫عضوا ( ثالثة قضاة‪ ،‬متفصصان بقانون العقود‪ ،‬أربعة ممثلني عن اررتفني‪ ،‬وأربعة ممثلني عن املس هتلكني )‪ .‬ويه جتمتع من‬
‫تلقاء نفسها أو بناءا عىل طلب احلكومة‪ ،‬أو وزارة الاقتصاد أو نقابة اررتفني أو مجعيات املس هتلكني‪ ،‬أو بناءا عىل طلب‬
‫السلطة القضادية البداء رأُّيا يف الطابع التعسفي لبنود عقد موضوع نزاع أماهما‪ ،‬حسب نص املادة ‪ 6-023‬ق م ف ‪.‬‬
‫وقد خولت نجنة الرشوط التعسفية القيام بثالث همام‪-:‬اعطاء رأُّيا حول مشاريع املراس مي اليت يكون موضوعها منع أو احلد‬
‫أو تنظمي البنود التعسفية ‪ -‬البحث يف مناذج العقود املتداوةل معليا عن البنود اليت ككن أن تظهر صفة تعسفية‪ ،‬والعمل‬
‫عَل اصدار توصيات بشأهنا ذات صفة غّي ملزمة‪.‬‬
‫ركا فرج ميك‪ ،‬تصحيل العقد‪،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬لبنان‪ ،3200 ،‬ص ‪21‬‬

‫‪249‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اال أن اعامتد املرشع الفرنيس عىل معياري التعسف يف اس تعامل القوة‬


‫الاقتصادية ‪ ،‬ومعيار املنفعة املبالغ فهيا لتقدير الطابع التعسفي للرشط ‪،‬جعهل يتعرض‬
‫للنقد من قبل الفقه ‪.‬المر اذلي دفعه اىل تعديل مفهوم الرشط التعسفي مبوجب الفقرة‬
‫الوىل من املادة ‪ 0/ 023‬من القانون رمق ‪ 96-91‬الصادر يف ‪ 20‬فيفري ‪10991‬املتعلق‬
‫بلرشوط التعسفية ‪.‬و هو املضمون املطابق ملا جاء يف الفقرة الوىل من املادة ‪0/ 212‬‬
‫من ق ا ف الساري املفعول اليت جاء فهيا ‪ ":‬يف العقود املربمة ما بني اررتفني وغّي‬
‫اررتفني أو املس هتلكني‪ ،‬تكون تعسفية الرشوط اليت حيدث موضوعها أو أآاثرها ا ارا‬
‫‪2‬‬
‫بغّي اررتفني أو املس هتكل ‪،‬عدم توازن هلاهر بني حقوق والزتامات أطراف العقد"‪.‬‬
‫فنقل بذكل املرشع الفرنيس نص املادة ‪ 2‬من التوجيه الوريب رمق ‪3،02-92‬اليت‬
‫عرفت الرشط التعسفي يف املادة الثالثة يف فقرهتا الوىل‪ ،‬واليت نصت عىل أن ‪":‬‬
‫الرشط يف العقد اذلي ر يكن حمال للمناقشة الفردية يعترب تعسفيا عندما خيالف‬
‫مقتضيات حسن النية‪ ،‬ويرتب را بملس هتكل ‪،‬يمتثل يف عدم توازن هلاهر بني‬
‫‪4‬‬
‫احلقوق والالزتامات النامجة عن العقد‪ ،‬بني أطرافه"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Loi n°95-96 du 1 février 1995 Loi n°95-96 du 1 février 1995 concernant les clauses‬‬
‫‪abusives et la présentation des contrats et régissant diverses activités d'ordre économique et‬‬
‫‪commercial‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- ART 212 -1 C.Cons. F « dans les contrats conclus entre professionnels et non-‬‬
‫‪professionnels ou consommateur sont abusives les clauses qui ont pour objet ou pour effet‬‬
‫‪de créer ,au détriment du non-professionnel ou du consommateur , un déséquilibre‬‬
‫» ‪significatif entre les droits et obligation des parties au contrat‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- CONSEIL EUROPEENNE N °93/13 CONCERNANT : Les clauses abusives dans les‬‬
‫‪contrats conclus avec les consommateurs.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- «en dépit de l’exigence de bonne foi, crée au détriment du consommateur un‬‬
‫‪déséquilibre significatif entre les droit et les obligations des parties découlant du contrat ».‬‬

‫‪251‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هذا وتعرض املرشع الفرنيس للرشوط التعسفية يف القانون املدّن‪ ،‬يف املادة ‪ 0010‬ق م‬
‫ف‪1‬فربطها بلعقود المنوذجية‪ ،‬وأعمتد معيار عدم التوازن بني حقوق والزتامات طريف‬
‫العقد‪.‬‬
‫بناءا عىل ما س بق ذكره جند أن التوجيه الورويب وسع من مفهوم الرشط‬
‫التعسفي‪ ،‬حيث يس تدل التعسف من خالل غياب حسن النية ‪.‬فقىض ببطالن‬
‫الرشط التعسفي مىت خالف مقتضيات حسن النية ‪،‬خبلق حاةل من عدم التوازن‬
‫العقدي بني حقوق والزتامات أطراف العقد ‪.‬‬
‫ونف التوجه جنده متبىن من قبل الترشيع الملاّن ‪،‬فقد عرفها وهو بصدد‬
‫احلديث عن الرشوط العامة يف العقد ‪،‬يف املادة الوىل من قانون ‪ 0916‬الصادر يف ‪9‬‬
‫ديسمرب املتعلق بلرشوط العامة للعقود ‪،‬حيث جاء فهيا أن الرشط التعسفي ‪" :‬ذكل‬
‫الرشط الوارد يف العقود ارررة مس بقا ‪ ،‬واليت يفرضها املشرتط عىل الطرف الآخر مبا ال‬
‫يهرض هبذا الخّي بصفة مفرطة "‪ .‬فْل يقرص امحلاية عىل فئة املس هتكل بل مد نطاقها اىل‬
‫املهين‪.‬‬
‫كام أشارت املادة ‪ 29‬من نف القانون بلقول ‪":‬تعترب الرشوط العامة الغية‬
‫حيامن تكون النصوص ضارة وجمحفة بلرشيك يف العقد مع املشرتط بطريقة غّي معقوةل‪،‬‬
‫ويكون ذكل بطريقة مناقضة ملقتضيات حسن النية"‪.‬حيث أحالت هذه املادة القايض‬
‫اىل املادة ‪ 313‬ق م أملاّن ‪،‬ملراعاة مبدأ حسن النية لتقيمي الرشط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-« Dans un contrat d'adhésion, toute clause qui crée un déséquilibre significatif entre les‬‬
‫‪droits et obligations des parties au contrat est réputée non écrite.‬‬
‫‪L'appréciation du déséquilibre significatif ne porte ni sur l'objet principal du contrat ni sur‬‬
‫»‪l'adéquation du prix à la prestation.‬‬

‫‪251‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما عن املرشع انجزائري فقد أدرج لفظ الرشوط التعسفية يف نص املادة ‪ 002‬ق م‬
‫ج ‪ .‬حيث جاء فهيا‪ :‬اذا مت العقد بطريق االذعان واكن قد تضمن رشوطا تعسفية‪ ،‬جاز‬
‫للقايض أن يعدل هذه الرشوط أو أن يعفي الطرف املذعن مهنا‪ ،‬وذكل وفقا ملا تقب ‬
‫به العداةل ويقع بطال لك اتفاق عىل خالف ذكل "‪ .‬اال أنه جتنب وضع تعريف لها‬
‫وربطها بفكرة العداةل ‪ .‬وبناءا عىل ذكل فهو لك رشط جيعل العقد غّي متوازن ‪.‬‬
‫مث ما لبث وعرفها مبناس بة اصداره للقانون رمق ‪ 23-21‬املؤرخ يف ‪ 32‬جوان س نة‬
‫‪ 1،3221‬اذلي حيدد القواعد املطبقة عىل املامرسات التجارية ‪.‬فعرفها يف الفقرة اخلامسة‬
‫من املادة الثالثة بقوهل ‪ " :‬رشط تعسفي ‪ :‬لك بند أو رشط مبفرده أو مشرتاك مع بند‬
‫واحد أو عدة بنود أو رشوط أخرى‪ ،‬من شأنه االخالل الظاهر بلتوازن بني حقوق‬
‫وواجبات أطراف العقد "‪.‬‬
‫يف حني أن املرشع املرصي فباالضافة اىل نص املادة ‪ 019‬ق م م اليت نصت عىل‬
‫نف حمك املادة ‪ 002‬ق م ج ‪ .‬جند أن املادة ‪ 02‬من قانون حامية املس هتكل الصادر‬
‫بتارخي ‪ 61-26‬الصادر يف ‪ 09‬ماي ‪ 3226‬املتعلق حبامية املس هتكل‪":‬لك رشط يرد يف‬
‫عقد أو وثيقة أو مستند وغّي ذكل‪ ،‬يتعلق بلتعاقد مع املس هتكل‪ ،‬اذا اكن من شأن هذا‬
‫الرشط اعفاء مورد السلعة أو مقدم اخلدمة من الزتاماته الواردة هبذا القانون"‪.‬‬

‫‪ - 1‬الصادر بتارخي ‪ 32‬يوليو ‪ 3221‬اردد للقواعد املطبقة عىل املامرسات التجارية‪ ،‬ج ر عدد ‪.10‬‬

‫‪252‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫تعريف الفقه املقارن للرشط التعسفي‬
‫يرتبط تعريف الرشط التعسفي يف عقود الاس هتالك‪ ،‬بلتفاوت يف القدرة الفنية‬
‫والاقتصادية بني أطراف العقد‪ .‬من هنا تعددت تعريفات الفقه للرشوط التعسفية‬
‫واختلفت بختالف زاوية الرؤية للرشط التعسفي ‪،‬مفن حيث أطراف العالقة العقدية‬
‫يعرفه البعض بأنه‪ " :‬الرشط اذلي يفرض عىل غّي املهين أو عىل املس هتكل من قبل‬
‫‪1‬‬
‫املهين ‪،‬يف اس تعامل هذا الخّي لسلطته الاقتصادية بغرض احلصول عىل مزية جمحفة‪".‬‬
‫ومن حيث طريقة فرضه عرف بأنه‪" :‬الرشط اررر مس بقا من جانب الطرف ذو النفوذ‬
‫الاقتصادي القوي‪ ،‬واذلي خيوهل مزية فاحشة عن الطرف الآخر"‪ .2‬ومن حيث أثره‬
‫عىل العالقة العقدية وتوازهنا عرف بأنه ‪ ":‬رشط يف العقد يرتتب عليه عدم توازن واحض‬
‫بني حقوق والزتامات لك من املهين واملس هتكل‪ ،‬واملرتتبة عىل عقد الاس هتالك‪ ،‬تمتثل‬
‫مباكفأة هذا املهين مبزية نتيجة اس تددامه لقوته الاقتصادية ‪،‬يف مواهجة املتعاقد الآخر‬
‫‪3‬‬
‫وهو املس هتكل "‪.‬‬
‫ويعرفه الس تاذ بودايل بأنه ‪ ":‬الرشط اذلي يورده اررتف يف تعاقده مع املس هتكل‬
‫واذلي يؤدي اعامهل اىل عدم التوازن الفاحش بني حقوق والزتامات الطرفني ‪ ،‬وهو يقدر‬
‫وقت ابرام العقد بلرجوع اىل هلروف التعاقد وموضوعه‪ ،‬وحاةل طرفيه وفقا ملا تقب به‬
‫‪4‬‬
‫العداةل ‪".‬‬
‫‪ -1‬الس يد دمحم الس يد معران‪ ،‬حامية املس هتكل أثناء تكوين العقد‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص ‪23‬‬
‫‪ -2‬سعيد سعد عبد السالم‪ ،‬التوازن العقدي يف نطاق عقود االذعان‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0922 ،‬ص ‪.12‬‬
‫ويف نف املعىن‪ :‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬العقد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ -3‬معر دمحم عبد البايق‪ ،‬امحلاية العقدية للمس هتكل‪ ،‬منشاة املعارف االسكندرية ‪3221‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -4‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود دار الفجر للنرش والتوزيع انجزائر ‪ 3221‬ص‪12‬‬

‫‪253‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن الفقه من عرفه عىل أنه‪" :‬الرشط اذلي يأيت متناقضا مع النظام العام املتعلق حبامية‬
‫‪1‬‬
‫املس هتكل‪ ،‬وخمال بلثقة اليت وضعها أحد أطراف العقد بلطرف الآخر"‪.‬‬
‫بيامن عرفه البعض الآخر‪ ":‬الرشط اذلي يفرضه املهين عىل املس هتكل مس تددما‬
‫نفوذه الاقتصادي‪ ،‬بطريقة تؤدي اىل حصوهل عىل مزية فاحشة ‪،‬ما يؤدي اىل حدوث‬
‫خلل يف التوازن العقدي من جراء هذا الرشط اررر مس بقا من طرف واحد بواسطة‬
‫املهين‪ .‬ويقترص دور املس هتكل فيه عىل القبول أو الرفض‪ ،‬وسواء اكنت هذه املزية‬
‫‪2‬‬
‫الفاحشة متعلقة مبوضوع العقد أو اكنت أثرا من أآاثره "‪.‬‬
‫فاذا أردان أن نعرف الرشوط التعسفية بربطها مببدأ حسن النية فاننا نورد التعريف‬
‫الآيت ‪:‬بأهنا الرشوط اليت تتناقض مع ما ينبغي أن يسود التعامل ما بني املهين واملس هتكل‬
‫من نزاهة‪ ،‬ومن مث مناقض ملا تس توجبه مقتضيات حسن النية ‪.‬‬
‫ويضيف البعض أن الرشط التعسفي ال يرتب الزتاما لن الالزتام ال حيتاج اىل‬
‫رشط‪3 .‬و امنا هو ما زاد عن مقتىض العقد ويؤدي اىل تغيّي أآاثره ‪.‬يوضع من أحد‬
‫املتعاقدين أما الطرف الثاّن يف العقد وهو الطرف الضعيف ‪،‬فانه خيضع للرشط سواء‬
‫اكنت مناقشة بنوده غّي متاحة كام يف عقود االذعان‪ ،‬أو اكنت متاحة لكهنا جمرد فرض‬
‫نظري ومهي‪ ،‬ال يتحقق لن الطرف الضعيف يكون جمربا عىل عدم الالتفات اىل‬
‫الرشوط اليت فرضت عليه كعقود الاس هتالك‪ .‬وقد يكون الرشط مكتوب أو ملفوهلا‪.‬‬

‫‪ -1‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬الرقابة القضادية عىل عقود االذعان‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط الوىل‪،3201 ،‬‬
‫ص‪.026‬‬
‫‪ -2‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬امحلاية املدنية للمس هتكل ازاء املضمون العقدي‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬مرص‪،0991 ،‬ص‪211‬‬
‫‪ -3‬من هنا ال بد من المتيزي بني الرشط املقرتن بلعقد والعقد املعلق عىل رشط‪ ،‬فالول منعقد أما الثاّن فال ينعقد اال بتحقق‬
‫الرشط‪ ،‬وهو أمر مس تقبيل غّي حمقق الوقوع يرتتب عىل وقوعه وجود االلزتام أو زواهل ‪.‬‬
‫دمحم حسني منصور ‪ :‬الرشط الرصحي الفاخس‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬مرص‪ ، 2007،‬ص ‪.01‬‬

‫‪254‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويعود سبب فرض الرشط التعسفي اىل اختالل يف املراكز التعاقدية ‪،‬نتيجة‬
‫تعسف أحد املتعاقدين عىل الآخر يف اس تعامل تفوقه‪ .‬وال ُّيم طبيعة هذا التفوق سواء‬
‫اكن اقتصاداي أو فنيا أو قانونيا ‪،‬مما يؤثر عىل حقوق والزتامات أطراف العقد ‪.‬و العربة يف‬
‫حتديد مفهوم الرشط التعسفي‪ ،‬لي جمرد عدم التوازن الظاهر يف احلقوق والالزتامات‪،‬‬
‫بل عدم التوازن الناجت عن تعسف أحد طريف العقد يف اس تعامل حقه التعاقدي ‪،‬نتيجة‬
‫تفوقه عىل الطرف الآخر لن عدم التوازن ملحوظ يف عدة عقود‪ ،‬دون اش امتلها عىل‬
‫رشط تعسفي ‪ .‬ففي حاةل الرشط التعسفي عدم التوازن ينتج عن فعل املتعاقد بضحيته‬
‫الكرث ضعفا‪ ،‬اذلي ال يس تطيع املقاومة أمام ارادة املتعاقد الآخر ‪،‬اذلي يس تفيد من‬
‫‪1‬‬
‫مركز جيعهل يتعسف ويفرض الرشط اذلي يراه مناس با ملصلحته‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫امتداد نطاق امحلاية من الرشوط التعسفية‬
‫متتد امحلاية من الرشوط التعسفية اىل املس هتكل‪ ،‬وهو الطرف اذلي يصنف بأنه‬
‫الطرف الضعيف يف العالقة العقدية‪ .‬غّي أن حتديد مفهوم املس هتكل ومن مث لفظ‬
‫اررتف خمتلف فيه لتباين الترشيعات املنظمة لعقود الاس هتالك يف حتديد املقصود به‬
‫‪،‬فتارة متد امحلاية اىل لك من يتعامل خارج التفصص املهين ‪ ،‬واترة اىل املس هتكل اذلي‬
‫يقتين السلعة لالس هتالك الهنايئ ‪.‬فنتعرض المتداد نطاق امحلاية من حيث الشداص‬
‫‪(.‬الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫ولن الرشوط التعسفية غالبا ما ترد يف عقود االذعان ‪،‬غّي أنه لي اجملال الوحيد‬
‫لفرض هذه الرشوط ‪،‬من مث يتعني علينا حتيد نطاق امحلاية من حيث طبيعة‬

‫‪ - 1‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.021‬‬

‫‪255‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العقد(الفقرة الثانية)‪،‬مث من حيث موضوع العقد‪ ،‬لن مثل هذه الرشوط ترد يف عقود‬
‫الاس هتالك‪ ،‬حملها منتوج أو خدمة (الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫نطاق امحلاية من حيث الشداص‬
‫الصل أن متتد امحلاية من الرشوط التعسفية اىل لك طرف يف عقد االذعان‬
‫‪،‬سواء اكن حمرتفا يف مواهجة حمرتف أآخر أو مس هتكل يف مواهجة حمرتف ‪ .‬اال أننا جند‬
‫اختالف الترشيعات يف مدّ هذه امحلاية ‪ .‬وكذا اختالف الفقه والقضاء حول حتديد‬
‫مدلول لفظ املس هتكل ‪،‬حيث برز يف هذا الشأن اجتاهان ‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬الاجتاه املوسع ملفهوم املس هتكل‬
‫يطلق لفظ املس هتكل عىل لك خشص يتعاقد هبدف الاس هتالك ‪،‬فيعترب مس هتلاك‬
‫‪1‬‬
‫من يقتين أو يس تعمل ماال أو خدمة ‪،‬سواء الس تعامهل الشفيص أو الس تعامهل املهين‪.‬‬
‫فيرتتب عىل ذكل نتيجة مفادها توس يع نطاق تطبيق القواعد امحلادية اليت تتضمهنا قوانني‬
‫الاس هتالك ‪،‬من خالل بسط مفهوم املس هتكل ليشمل املهين اذلي يتعاقد خارج نطاق‬
‫َتصصه ‪ ،‬ولو خلدمة أغراض همنته‪.2‬‬
‫فيأخذ هذا الاجتاه مبعياري انجهل وعدم الكفاءة أي التفصص ‪.‬ذكل أن املهين اذلي‬
‫يترصف خارج جمال َتصصه يكون يف حمك انجاهل للمور ‪،‬مثهل مثل املس هتكل‬
‫العادي‪ .‬كام أن العقد املربم بينه وبني حمرتف أآخر واخلارج عن جمال َتصصه ال خيضع‬

‫‪ -1‬الس يد دمحم الس يد معران‪ ،‬حامية املس هتكل أثناء تكوين العقد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ - 2‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪31‬‬

‫‪256‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لكفاءته املهنية ‪،‬دلرجة أنه يتطلب وجود حمرتف أآخر‪.‬و يذهب أنصار هذا الاجتاه اىل‬
‫أبعد من هذا احلد بلقول أن امحلاية‪ ،‬تشمل مجيع املتعاقدين الضعف اقتصاداي‪.‬‬
‫غّي أن ما يؤخذ عىل هذا الاجتاه أن التقريب بني مفهويم املس هتكل واررتف ‪،‬من‬
‫شأنه أن يفسل جماال واسعا أمام القايض للتدخل‪ ،‬لتوقيع العقود حتت غطاء امحلاية من‬
‫الرشوط التعسفية ‪.‬مما قد يؤدي بملتعاقدين اىل تغيّي صفهتم يف العقود من حمرتفني أثناء‬
‫التعاقد‪ ،‬اىل مس هتلكني أثناء تنفيذ العقد‪.‬و ذكل قصد الهترب من بند ال حيتوي عىل‬
‫تعسف يف العقد املوقع بينه وبني حمرتف أآخر‪ ،‬ما دام س يصبل تعسفيا يف العقد املوقّع مع‬
‫املس هتلكني ‪.1‬هذا وأن الاعتداد بملؤهالت اخلاصة بلك مس هتكل من شأنه أن يثّي‬
‫‪2‬‬
‫نزاعات ال هناية لها‪ ،‬كام أنه ي‪،‬ع عن قانون الاس هتالك فعاليته‪.‬‬
‫وقد أخذ املرشع الملاّن بالجتاه املوسع مبقتىض قانون ‪ 9‬ديسمرب ‪ 0916‬املتعلق‬
‫بلرشوط العامة للعقد‪ ،‬مفد قواعد امحلاية اىل لك طرف يف عقد االذعان ‪،‬سواء حمرتف‬
‫‪3‬‬
‫يف مواهجة حمرتف أآخر أو حمرتف يف مواهجة مس هتكل ‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬الاجتاه املضيق ملفهوم املس هتكل‬
‫تبىن أغلب الفقه‪ 4‬مفهوما ضيقا للمس هتكل بعتبار أنه املعيار القرب لبيان ذاتية‬
‫املس هتكل‪ ،‬يأخذ مبعيار الغرض من الترصف ‪.‬فيطلق لفظ املس هتكل عىل لك من يقتين‬
‫‪1‬‬
‫‪- D.Mazeaud, Le juge face aux clauses abusives, in Le juge et l'exécution du contrat,‬‬
‫‪PUAM, 1993.p26‬‬
‫‪ -2‬بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪32‬‬
‫‪ -3‬بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬املرجع السابق ص‪.032‬‬
‫‪ -4‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪22‬‬
‫حسن عبد الباسط مجليعي‪ ،‬حامية املس هتكل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪00‬‬
‫مرفت عبد املنعم صادق‪ ،‬امحلاية انجنادية للمس هتكل‪ ،‬النرس اذلهيب للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،0999 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪257‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أو يس تعمل ماال أو خدمة لغرض غّي همين أي الش باع حاجاته الشفصية أو العادلية‪.‬‬
‫واحلقيقة أن اعامتد هذا املفهوم ال يثّي صعوبت يف التطبيق ملا يتسم به من البساطة‬
‫وادلقة ‪.1‬و ترتيبا عىل ذكل ال يعترب مس هتلاك‪:‬‬
‫‪-‬املهين اذلي يتعاقد للحصول عىل سلع وخدمات تتعلق بنشاطه املهين‪ ،‬لن احلاة من‬
‫امحلاية الترشيعية لفئة املس هتلكني تنتفي يف هذا الفرض ‪،‬بلنظر اىل أن املهين تتوافر دليه‬
‫عادة القدرة عىل حامية مصاحله‪ ،‬مما قد يتعرض هل من غش وخداع أثناء التعاقد‬
‫‪.‬فالشفص اذلي ُّيدف اىل تلبية حاجاته املهنية س يكون ال حماةل‪ ،‬أكرث حذرا من‬
‫الشفص اذلي يسعى لتحقيق أهدافه الشفصية‪ 2 .‬وكذكل من يقتين أو يس تعمل ماال‬
‫أو خدمة لغرض مزدوج ‪،‬همين وأآخر غّي همين‪.3‬‬
‫‪-‬املهين اذلي اذلي يتعاقد للحصول عىل سلعة أو خدمة خارج نطاق َتصصه‪ ،‬ولو‬
‫خلدمة نشاطه املهين ‪.‬و ان تصادف ووجد حمرتف يف مركز ضعف فان ذكل يس تدعي‬
‫‪4‬‬
‫حاميته بقواعد خاصة‪ ،‬ال بقانون حامية املس هتكل‪.‬‬
‫‪-‬الشفص اذلي حيرتف رشاء السلع بقصد اعادة بيعها ‪،‬أو املواد اخلام بقصد تصنيعها‬
‫وحتويلها من مواد أولية اىل سلع‪ .‬لنه ال خيرج عن كونه همنيا يف غّي حاجة اىل حامية‬
‫خاصة‪ ،‬حبمك مركزه االقتصادي وخربته الفنية ‪.5‬‬

‫‪ .-1‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬الالزتام بعالم املس هتكل عن املنتجات‪،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ 3202 ،‬ص‪01‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-J.Calais-Auloy, F .Steinmetz, Droit de la consommation ;5 èmeéd, D, Paris, 2000, p12.‬‬
‫‪ - 3‬بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪31‬‬
‫‪ -4‬بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ -5‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬الالزتام بعالم املس هتكل عن املنتجات‪،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ 3202 ،‬ص‪01‬‬

‫‪258‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فال يعترب مس هتلاك من يترصف داخل جمال َتصصه ‪،‬بيامن يكتيس صفة املس هتكل‬
‫املهين اذلي يقتين ماال أو خدمة لسد حاجاته الشفصية أو العادلية‪.‬‬
‫غّي أن العقبة يف اعامتد هذا املعيار يه عندما ال يتضمن العقد أي اختصاص معني‬
‫‪،‬اذ أن هناك بنودا ال تقوم عىل مدى اختصاص اررتف اكلبنود اليت حتدد اراة‬
‫‪1‬‬
‫اخملتصة ماكنيا أو تكل اليت تعدل يف همل معينة ‪،‬يف حال اعتربت تعسفية ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ويبدو أن املرشع الفرنيس مبوجب نص املادة ‪ 21‬من قانون ‪ 02‬جانفي ‪،0912‬‬
‫تغاىض عن حتديد املقصود بملس هتكل وغّي اررتف ‪،‬ما جعل القضاء يتفبط بني الخذ‬
‫بالجتاه املضيق اترة‪ ،‬وبالجتاه املوسع اترة أخرى ‪.‬فذهبت حماة النقض الفرنس ية بداية‬
‫اىل تبين الاجتاه الضيق يف قرار لها بتارخي ‪ 01‬أفريل ‪، 0926‬لرمت وكيال عقاراي من‬
‫‪3‬‬
‫امحلاية املقررة للمس هتكل بوصفه حمرتفا‪.‬‬
‫غّي أن القضاء الفرنيس طبق أيضا املفهوم املوسع‪ ،‬فذهبت حماة النقض الفرنس ية‬
‫بتارخي ‪ 0921/1/32‬اىل أن املهين اذلي يربم ترصفا جتاراي يتعلق بتجارته ‪ ،‬ولكن خارج‬
‫نطاق َتصصه ادلقيق‪ ،‬يتشابه مع املس هتكل عدمي اخلربة والتجربة ‪4.‬و بتارخي ‪ 32‬جوان‬

‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪62‬‬


‫‪ - 2‬اال أن مجموعة العامل التحضّيية لهذا القانون‪ ،‬واليت أعدهتا نجنة )‪ (Refont‬عرفت املس هتلكني بأهنم الشداص‬
‫الطبيعيون أو املعنويون اذلين ينمتون للقانون اخلاص‪ ،‬واذلين يكتس بون أو يس تعملون الموال أو اخلدمات لغرض غّي‬
‫همين‪ ،‬أما اررتف فقد عرف عىل أنه الشفص اذلي يتعاقد لتلبية أغراض همنية‪ .‬واملهنة تتوسع لتشمل مجيع اجملاالت اليت‬
‫تدور فهيا احللقة الاقتصادية‪ ،‬سواءا اكنت داخَل يف االنتاج أو التوزيع أو تقدمي اخلدمات‪ ،‬و أي شلك يتدذه املرشوع‬
‫املهين سواءا أاكن صناعيا أم جتاراي أم حرفيا أم همنيا ‪...‬و سواءا اكن املمهتن خشصا طبيعيا أو معنواي‪.‬‬
‫هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪321‬‬
‫‪ -3‬مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪ -4‬مقتب عن ‪ :‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬

‫‪259‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 0921‬وبصدد قضية مشاهبة للسابقة تبنت فيه الاجتاه املوسع أيضا ‪،‬جاء فيه ‪ ":‬أن‬
‫الوكيل العقاري اذلي يربم عقدا هبدف وضع نظام انذار يف أحد البناايت ‪،‬يس تفيد من‬
‫قواعد حامية املس هتكل‪ .‬ذكل أن جمال معهل خيتلف متاما عن التقنية اخلاصة بأهجزة‬
‫‪1‬‬
‫االنذار"‪.‬‬
‫كام ذهبت يف قرار أآخر بتارخي ‪ 31‬ماي ‪ 0993‬اىل القول ‪ ":‬بتطبيق قانون ‪02‬‬
‫جانفي ‪ 0912‬عىل املهين اذا وجد يف نف حاةل انجهل ‪ ،‬وعدم العْل اليت يمتتع هبا‬
‫املس هتكل"‪ ،2‬المر اذلي يعين أهنا اعتنقت الاجتاه املوسع يف هذين احلاني أيضا‪.‬‬
‫غّي أنه ابتداء من س نة ‪ 0991‬وبتارخي ‪ 31‬جانفي ‪ 0991‬أصدرت حماة النقض‬
‫الفرنس ية قرارا تضمن صيغة جديدة‪ ،‬لرمت اتجرا قام ببرام عقد توريد كهربء من‬
‫الاس تفادة من قواعد حامية املس هتكل ‪،‬لنه وعىل حسب تعبّيها‪ ":‬هل صَل مبارشة مع‬
‫نشاطه املهين ‪ ".‬من مث فان اررتف اذلي كارس نشاطا عرضيا لي هل سوى صَل غّي‬
‫‪3‬‬
‫مبارشة بلنشاط الصيل ‪،‬ككن للقايض أن يقرر حاميته بقواعد حامية املس هتكل‪.‬‬
‫وحىت بعد قانون ‪ 96-91‬فان املرشع الفرنيس ر يتعرض لتحديد املقصود بلفظ غّي‬
‫اررتف‪ .‬فرددت اراة نف العبارة أي الصَل املبارشة بلنشاط يف قرار لها بتارخي ‪22‬‬
‫جانفي ‪ .0996‬حيث جاء فيه‪":‬أن الرشكة ال تس تفيد من قانون حامية املس هتكل‪ ،‬لن‬

‫‪1‬‬
‫‪- D.Mazeaud , Le juge face aux clauses abusives, op.cit,.p26.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- J.Mester ,Vingt ans de lutte contre les clauses abusi es, l’a enir du droit ,mélange en‬‬
‫‪hommage a François terre ,D , paris, 1999 ,,p682.‬‬
‫‪Vermelle ,Droit civil, Les contrats spéciaux,3ème éd ,D, Paris,2000,p58.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- J.Calais-Auloy ,F .Steinmetz ,Droit de la consommation ;5 ème éd ,D,Paris,2000,p11.‬‬

‫‪261‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العقد املوقع بيهنا وبني البدلية هل عالقة مبارشة بنشاطها"‪ 1.‬فأعترب معيار الصَل املبارشة‬
‫أو غّي املبارشة اذلي اعتنقته حماة النقض يف هذه القرارات‪ ،‬من قبل العديد من الفقه‬
‫الفرنيس معيار غّي حامس‪ ،‬لنه ال يعرف مىت يكون العقد املربم هل صَل بنشاط مبارشة‬
‫بنشاط املهين أو العك ‪ 2.‬مفحاة النقض الفرنس ية ر تعرف بشلك دقيق هذا املعيار‬
‫‪،‬فالنشاط غّي املبارش ككن أن يسمل للمحرتف بحلصول عىل سلعة أو خدمة‪ ،‬ككن‬
‫‪3‬‬
‫أن َتدم يف وقت الحق نشاط مؤسس ته‪.‬‬
‫هذا ما جعل اراُك الفرنس ية َتتلف يف تفسّيها لهذا املعيار ‪.‬فبعض اراُك اعتربت‬
‫أن لك العقود اليت من شأهنا أو اليت تسمل بتطوير نشاط اررتف‪ ،‬ال َتضع للحامية‬
‫املقررة قانوان للبنود التعسفية‪ ،‬همام اكنت درجة انجهل دلى اررتف بتقنية العقد املربم ‪.‬و‬
‫البعض الآخر من اراُك ربط وجود الرابط املبارش بملهنة ‪،‬بلهدف اذلي من أجهل أنشئ‬
‫العقد‪ ،‬وبملنفعة اليت انتظرها ادلائن من العقد اذلي أبرمه ‪،‬أثناء ممارسة نشاطه وملصلحة‬
‫مؤسس ته‪ .‬حيث بتارخي ‪ 1‬مارس ‪ 3223‬ذهبت حماة النقض للقول أن ‪ ":‬املس هتكل‬
‫هو لك خشص طبيعي أو معنوي يتعاقد خارج جمال َتصصه " ما يعين أهنا اعتنقت‬
‫املفهوم املوسع ‪. 4‬‬

‫‪ -1‬تتلفص وقادع هذه القضية يف أن رشكة انتاج قارورات زجاجية‪ ،‬ر تمتكن من مقاومة حريق نشب بسبب أن الزتويد‬
‫بملياه‪ ،‬انقطع من قبل البدلية لجل اصالح ترسب مايئ ‪.‬و عليه رفعت الرشكة دعوى ضد البدلية اليت اس تددمت بندا‬
‫يعفهيا من املسؤولية ‪.‬‬
‫‪Cass.civ 30 janvier 1996 https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪-2‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ -3‬مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪61‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Cass civ 5 mars 2002‬‬
‫‪-B.Bouloc, Ventes ,Transports et autres contrats commerciaux ,D, Paris , 2002, p716.‬‬

‫‪261‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يف حني بدت بعض القرارات الخرى أكرث تشددا ‪،‬عندما ربطت وجود معيار‬
‫الرابط املبارش مبجرد تعاقد اررتف بصفته املهنية ‪ .‬يف قرارات عدة من بيهنا قرار بتارخي‬
‫‪1‬‬
‫‪ 33‬ماي ‪. 3223‬‬
‫واحلقيقة أن املهين اذلي يتعاقد خارج نطاق َتصصه يسهل االيقاع به‪ ،‬مثهل مثل‬
‫املس هتكل لعدم كفاءته الفعلية أو القانونية ‪،‬كام أن عدم خربته القانونية ال تسمل هل مبعرفة‬
‫النتاجئ ‪،‬اليت قد ترتتب عن تنفيذ بنود العقد التعسفية ‪.‬من هنا اكنت هذه الفئة من‬
‫‪2‬‬
‫الشداص مشموةل بمحلاية القضادية يف كثّي من الحيان ‪.‬‬
‫ذلكل حيرم االجتاه املضيق عددا كبّيا من الشداص من االس تفادة من النصوص‬
‫امحلادية ‪،‬لنه ركز عىل الربط بني املفهوم االقتصادي للمس هتكل ومفهومه القانوّن ‪.‬يف‬
‫حني أنه يف اجملال القانوّن لي املهم هو فعل االس هتالك بل الُه هو الترصف القانوّن‬
‫اذلي يربمه الشفص الش باع حاجاته املتنوعة ‪،‬أي الغرض اذا اكن همين أم ال ‪ .‬وهبذا‬
‫‪3‬‬
‫يمتزي املفهوم القانوّن لالس هتالك عن مفهومه الاقتصادي ‪.‬‬
‫وقد توىل التوجيه الورويب الصادر يف ‪ 0992/21/21‬تعريف املس هتكل‪ ،‬فقرصه‬
‫عىل الشداص الطبيعيني فقط ‪،‬دون الشداص الاعتباريني يف املادة الوىل منه‪ ،‬وكذا‬
‫بلتوجيه الوريب رمق ‪ 1/91‬الصادر يف ‪4 0991/1/32‬و املتعلق حبامية املس هتكل‪ .‬فنص‬
‫يف املادة الثانية منه فقرة اثنية عىل أن املس هتكل ‪،‬هو لك خشص طبيعي يترصف‬

‫‪ -1‬مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫‪-2‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪300‬‬
‫‪ -3‬فاملس هتكل وفق املفهوم الاقتصادي هو الفرد اذلي يشرتي سلعا وخدمات‪ ،‬بغرض الاس تعامل الشفيص ‪.‬حبيث ينتج‬
‫عن هذه العملية انهتاء منفعة السلعة ‪.‬‬
‫مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪01‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Directive 97/7 du Parlement européen et du Conseil du 20 mai 1997 concernant la‬‬
‫‪protection des consommateurs‬‬

‫‪262‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الش باع حاجات ال تدخل يف اطار نشاطه املهين والتجاري ‪،‬ما يعين أن التوجيه‬
‫اعتنق املفهوم الضيق للمس هتكل وقرصه عىل الشفص الطبيعي فقط‪.‬غّي أن التوجيه‬
‫الوريب الصادر رمق ‪ 20/3222‬الصادر يف ‪ 2‬جوان ‪ 3222‬اخلاص بلتجارة االلكرتونية‪،‬‬
‫عرف املس هتكل يف املادة ‪ 3‬بأنه لك خشص طبيعي يربم ترصفا يتعلق بأغراض ال تدخل‬
‫يف اطار نشاطه املهين‪ ،‬ما يعين أنه تبىن االجتاه املوسع وان اكن قد قرصه عىل الشفص‬
‫‪1‬‬
‫الطبيعي فقط ‪.‬‬
‫أما بلنس بة للمرشع انجزائري فعىل الرمغ من أن املادة ‪ 2‬من قانون ‪، 23-21‬تنص‬
‫عىل أن امحلاية تنرصف اىل لك طرف ضعيف يف عقد االذعان‪ .‬اال أننا جند أنه يف املادة‬
‫‪ 39‬من نف القانون ر ينص سوى عىل البنود اليت تعترب تعسفية بني البادع واملس هتكل‪.‬‬
‫كام وأنه يف ذات القانون تبىن مفهوما ضيقا للمس هتكل يف املادة ‪ ،3/2‬حيث جاء فهيا أن‬
‫املس هتكل هو ‪ :‬لك خشص طبيعي أو معنوي يقتين سلعا قدمت للبيع ‪،‬أو يس تفيد من‬
‫خدمات عرضت وجمردة من لك طابع همين ‪.‬عىل الرمغ من التعريف الواسع للمس هتكل‬
‫‪،‬الوارد يف املادة ‪ 2‬من املرسوم التنفيذي رمق ‪ 29-92‬املتعلق برقابة انجودة ومقع الغش ‪،‬‬
‫واليت جاء فهيا أن املس هتكل هو ‪ " :‬لك خشص يقتين بمثن أو جماان منتوجا أو خدمة‬
‫معدين لالس تعامل الوس يطي أو الهنايئ‪ ،‬لسد حاجته الشفصية أو حاجة خشص أآخر أو‬
‫‪2‬‬
‫حيوان يتكفل به‪" .‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Directive 2000/31 du Parlement européen et du Conseil du 8 juin 2000 directive sur le‬‬
‫‪commerce électronique ART 2 : « consommateur": toute personne physique agissant à des‬‬
‫» ‪fins qui n'entrent pas dans le cadre de son activité professionnelle ou commerciale‬‬
‫‪ -2‬ما يؤخذ عىل هذا التعريف أن لفظ املس هتكل يشمل فقط من يقتين سلعا‪ ،‬أما املس تعمل فال يشمهل اللفظ وال قواعد‬
‫امحلاية‪ ،‬رمغ تسلمي مجيع القوانني املقارنة بدخول املس تعمل يف مفهوم املس هتكل ‪.‬‬
‫بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪263‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما خبصوص لفظ غّي اررتف أو غّي املهين الوارد ذكره يف قانون الاس هتالك‬
‫الفرنيس واملادة ‪ 0-023‬من قانون رمق ‪ 96-91‬السابق الاشارة اليه‪،‬فقد اثر اخلالف‬
‫حول ما اذا اكن مصطلحا مرادفا ملصطلل املس هتكل ‪،‬أم أنه يقصد به طادفة مغايرة‬
‫لطادفة املس هتلكني‪ .‬ذكل أن املرشع الفرنيس قد وضع طادفة املهين يف هجة‪ ،‬وطادفة‬
‫املس هتكل وغّي املهين يف هجة أخرى ‪.‬و قد انقسم الفقه بصدد االجابة عىل هذا التساؤل‬
‫اىل اجتاهني أو تفسّيين ‪،‬بني مؤيد ومعارض ‪:‬‬
‫التفسّي الول يعين بغّي املهين اررتف اذلي يربم عقدا‪ ،‬خيرج عن اختصاصه يف‬
‫اطار همنته ‪ .‬وهو املفهوم املعمتد بصفة خاصة من حماة النقض الفرنس ية ‪،‬يف العديد من‬
‫الحاكم الصادرة عهنا‪.‬أما التفسّي الثاّن فهو الضيق لنه يش به غّي اررتف بملس هتكل‬
‫‪ ،‬وهو املتعاقد اذلي يتعاقد هبدف احلصول عىل خدمة أو منتج‪ ،‬حلاجاته اخلاصة أو‬
‫‪1‬‬
‫حلاجة أقاربه ولي حلاجاته املهنية ‪.‬‬
‫اال أن الفقه ‪ 2‬يؤكد عىل ورة توس يع نطاق امحلاية ‪،‬لتشمل اررتفني اذلين‬
‫يتعاقدون خارج نطاق اختصاصهم‪ .‬فذهبوا اىل أن املرشع قصد بوضوح المتيزي بني غّي‬
‫اررتف واملس هتكل ‪،‬لّيى يف غّي اررتف حمرتفا خاضعا للحامية ‪.‬و أن املرشع الفرنيس‬
‫قد تبىن املفهوم الواسع للمس هتكل يف العديد من املواضع ‪،‬مهنا قانون ‪ 33‬ديسمرب ‪0913‬‬
‫اخلاص بلتسويق والبيع يف حمل االقامة‪ ،‬وقانون ‪ 30‬جويلية ‪ 0922‬بشأن أمان وسالمة‬
‫املس هتلكني‪ .‬مبا يعين أن نص املادة ‪ 21‬من القانون السالف اذلكر‪ ،‬اذا وضع بني القوانني‬
‫الخرى اليت صدرت هبدف حامية املس هتكل ‪،‬لن يظهر كنص منفرد يعرب عن موقف‬

‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬


‫‪ -2‬رأي لك من ‪ :‬أسامة أمحد بدر‪ ،‬معر عبد البايق خليفة‪ ،‬كيالّن عبد الرايض محمود‪ ،‬يف رأُّيم حول موقف املرشع‬
‫الفرنيس‪.‬‬
‫مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪264‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اس تننايئ للمرشع‪ ،‬وامنا كنص مضن نصوص تشّي يف مجملها اىل موقف عام للمرشع‬
‫الفرنيس يف تبين مفهوم واسع للمس هتكل‪.‬‬
‫أما فامي يتعلق مبدى اعتبار الشفص املعنوي مس هتلاك ‪،‬فنجد أن التوجيه الورويب‬
‫وكذا القانون الفرنيس ‪،‬استبعدا من نطاق امحلاية الشداص املعنويني‪ .‬غّي أن ما هو‬
‫واحض من خالل القرارات الصادرة عن حماة النقض الفرنسيية أن عبارة غّي اررتف‪،‬‬
‫تسمل بمتداد امحلاية اىل الشداص املعنويني‪ ،‬ان توفرت فهيم رشوط امحلاية املقررة‬
‫للشداص الطبيعيني ‪.‬حيث ذهبت حماة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 01‬مارس ‪3221‬‬
‫اىل أن "الشفص املعنوي ال يس تفيد من امحلاية املنصوص علهيا يف قانون الاس هتالك‪،‬‬
‫لنه تعاقد بصفته املهنية"‪.‬ما يعين أن الشفص املعنوي لو فرضنا أنه تعاقد بصفته غّي‬
‫همين ‪،‬لخذ حمك املس هتكل والس تفاد من امحلاية ‪.‬و لكن تبقى احلاجة اىل تكري نص‬
‫‪1‬‬
‫قانوّن رصحي ‪،‬حبيث تشمل امحلاية الشفص املعنوي أيضا‪.‬‬
‫وقد أشار املرشع انجزائري يف املادة ‪ 2‬من املرسوم التنفيذي ‪ 22-29‬اىل أن لفظ‬
‫‪2‬‬
‫املس هتكل يشمل لك خشص طبيعي أو معنوي ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫نطاق امحلاية من حيث طبيعة العقد‬
‫من منطلق أن غالبية العقود اليت حتتوي عىل رشوط تعسفية حتتوي عىل صفة‬
‫االذعان‪ ،‬وهذه الخّية نظرا لمهية املعامالت اليت تقع علهيا من حيث احلجم واملدة‪،‬‬
‫غالبا ما تكون يف صورة عقد مكتوب‪ .‬جند أن جل الترشيعات ان ر نقل لكها قرصت‬
‫امحلاية من الرشوط التعسفية‪ ،‬عىل العقود ارررة مس بقا واملسامة بلعقود‬
‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪ -2‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 22-29‬املتعلق حبامية املس هتكل ومقع الغش املؤرخ يف ‪ 39‬صفر عام ‪ 0122‬املوافق ‪ 31‬فرباير‬
‫‪ ،3229‬ج ر‪ ،‬ع ‪.01‬‬

‫‪265‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المنوذجية‪1.‬فنصوص الترشيع الفرنيس رصحية يف أن النصوص املتعلقة بلرشوط التعسفية‬


‫ترسي عىل مجيع العالقات التعاقدية‪ ،‬كعقد البيع‪ ،‬االجيار والتأمني ‪...‬اخل‪ ،‬ما دام مت‬
‫حتريرها مس بقا‪.‬فقرص بذكل امحلاية من الرشوط التعسفية عىل صورة من صور عقود‬
‫االذعان أي العقود المنوذجية‪ ،‬ور يشرتط أن تكون الكتابة رمسية‪ ،‬فقد تكون قد متت‬
‫‪2‬‬
‫يف شلك فاتورة أو وصل ضامن‪ ،‬أم وصل تسلمي أو تذاكر‪...‬‬
‫ويبدوا أن املرشع الملاّن قد تبىن نف الطرح‪ ،‬وكذا املرشع انجزائري حيث جاء يف‬
‫املادة ‪ 2‬فقرة ‪ 2‬من ق ‪ 23-21‬أن العقد هو ‪":‬لك اتفاق أو اتفاقية هتدف اىل بيع سلعة‬
‫أو تأدية خدمة‪ ،‬حرر مس بقا من أحد أطراف االتفاق مع اذعان الطرف الآخر‪ ،‬حبيث‬
‫ال ككن لهذا الخّي احداث تغّي حقيقي فيه"‪.‬أما عن املرشع املرصي فبالرجوع للامدة‬
‫‪ 02‬من قانون رمق ‪ 61-26‬لس نة ‪ 3226‬وقع يف صياغة خاط ة ر تكن موفقة‪ ،‬حيث‬
‫نصت املادة عىل أنه‪ ":‬يقع بطال لك رشط يرد يف عقد أو وثيقة أو مستند أو غّي ذكل‬
‫مما يتعلق بلتعاقد مع املس هتكل‪ ،‬اذا اكن من شأن هذا الرشط اعفاء مورد السلعة أو‬
‫مقدم اخلدمة‪ ،‬من أي من الزتاماته الواردة هبذا القانون "فالرشط يرد يف العقد بصفة‬
‫عامة سواء اكن يف شلك طلبية أو فاتورة ‪....‬‬
‫بيد أنه وان اكنت الترشيعات مجَل قد قرصت امحلاية من الرشوط التعسفية عىل‬
‫العقود المنوذجية‪ ،‬فان الصور احلديثة لعقود الاس هتالك تدل عىل أن خضوع املس هتكل‪،‬‬
‫ال يتحقق بصدد عقد معني من العقود‪ ،‬وامنا يف معظم الصور املعارصة للتعاقد ‪.‬فقد يم‬

‫‪ -1‬يعرف العقد المنوذيج بأنه ذكل العقد اذلي يعده اررتف بصفة منفردة‪ ،‬واذلي ال ككل فيه من يرغب يف التعاقد معه من‬
‫مناقشة رشوطه أو املفاوضة بشأهنا يتدذ عدة صور عىل شلك واثدق مطبوعة أو يف صورة اعالانت أو ملصقات أو‬
‫مطبوعات توضع يف جمالت اس تقبال امجلهور‪.‬‬
‫بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪02‬‬
‫‪ -2‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪02‬‬
‫أنظر يف ذكل أحاكم قانون الاس هتالك الفرنيس ‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التعاقد يف هلل اختالل التوازن بني الالزتامات مع غياب الاحتاكر‪ ،‬ويف هلل اماكنية‬
‫مناقشة بنود العقد ‪.‬اال أن ما حيدث حقيقة هو أن عدم كفاءة املس هتكل الفنية والقانونية‪،‬‬
‫ال متكنه من مناقشة بنود العقد‪ .‬كام أن عدم خربته القانونية ال تسمل هل بتقدير أآاثر هذه‬
‫البنود‪ ،‬عىل مركزه القانوّن أو عىل مركزه املايل ‪.‬‬
‫من هجة أخرى فاذا اكن عقد االذعان يشلك امليدان اخلصب للرشوط التعسفية‪،‬‬
‫فانه ال يرتتب عىل ذكل بأن يتضمن بلهرضورة رشوطا تعسفية‪ .‬فقد حيرص الطرف‬
‫‪1‬‬
‫القوى عىل توفّي السلع واخلدمات بأقل تلكفة وأفضل جودة‪.‬‬
‫هذا بالضافة اىل أن العقود المنوذجية قد ترتك حرية التفاوض‪ ،‬فامي يتعلق مبجموعة‬
‫من الزتامات الطرفني‪ .‬تتالءم مع حاجات وأغراض طريف العقد‪ ،‬مما جيعلها يف هذه احلاةل‬
‫مزجيا من العقود التفاوضية وعقود االذعان‪ 2 .‬كام وأنه لي هناك من جدوى تذكر من‬
‫حامية املس هتكل من البنود التعسفية‪ ،‬اذا اكن بماكن اررتف أن يتجاوزها عن طريق‬
‫التفاوض اذلي يكتيس طابعا جائرا وممنوعا ‪.‬فنكون بصدد عقد مساومة حيتوي عىل‬
‫رشوط تعسفية‪ ،‬المر اذلي قد يؤدي اىل استبعاد تدخل القايض اللغاء الرشط‪ ،‬ذكل‬
‫أن املس هتكل هجال وخوفا من تعقيدات املسار القضايئ‪ ،‬ينفذه بلرمغ من وجود بند‬
‫تعسفي فيه ‪.‬‬
‫خالصة القول أن عقد الاس هتالك عقد اذعان من نوع خاص‪ ،‬خيضع فيه املس هتكل‬
‫لرشوط اررتف نتيجة تفوقه الفين‪ .‬فْل تعد عقود الاذعان الآن تقوم عىل الاحتاكر‬
‫الفعيل أو القانوّن لسلعة أو خدمة معينة‪ ،‬بل امتدت ليشمل العقود اليت تعد من قبل‬

‫‪ -1‬عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪ -2‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪002‬‬

‫‪267‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أحد املتعاقدين سلفا‪ ،‬دون أن ككل الطرف الآخر مناقش هتا فأصبل لعقذ الاذعان‬
‫مفهوم موسع‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫نطاق امحلاية من حيث موضوع العقد‬
‫تشمل امحلاية من الرشوط التعسفية املنتجات واخلدمات ‪.‬و قد عرف املرشع‬
‫الفرنيس املنتوج يف نص املادة ‪ 0226‬من القانون رمق ‪ 229-92‬اخلاص بملسؤولية عن‬
‫فعل املنتجات املعيبة‪ ،‬حيث جاء فهيا ‪ ":‬لك مال منقول حىت ولو ارتبط بعقار ويرسي‬
‫هذا احلمك عىل منتوجات الرض‪ ،‬وتربية املوايش وادلواجن والصيد البحري‪ ،‬وتعترب‬
‫‪1‬‬
‫الكهربء منتوجا"‪.‬فاس تنىن بذكل العقارات من مفهوم املنتوج وأيضا اخلدمة‪.‬‬
‫ونف املعىن رددته املادة ‪ 012‬مكرر ق م ج يف فقرهتا الثانية‪ ،‬حبيث يعترب منتوجا‬
‫لك مال منقول ولو اكن متصال بعقار‪ ،‬ال س امي املنتوج الزراعي والصناعي وتربية‬
‫احليواانت والصناعة الغذادية والصيد البحري والطاقة الكهربدية‪ .‬مما يعين أنه يدخل يف‬
‫معىن املنتوج املنقول بصفة عامة‪ ،‬سواء اكن مادي أو معنوي ولو اكن متصال بعقار ‪.‬يف‬
‫حني أن العقار ال يعترب منتوجا وعليه فاملتعامل يف العقارات ال يس تفيد من امحلاية‪ ،‬يف‬
‫حني أن العقارات بلتفصيص تعترب منتوجا‪ ،‬اذا مت التعامل فهيا بصفة منفردة ومس تقَل‬
‫‪2‬‬
‫عن العقار اذلي وضعت خلدمته ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art. 1386-3. Loi n°98-389 du 19 mai 1998 relative à la responsabilité du fait des produits‬‬
‫‪défectueux « Est un produit tout bien meuble, même s'il est incorporé dans un immeuble,‬‬
‫‪y compris les produits du sol, de l'élevage, de la chasse et de la pêche. L'électricité est‬‬
‫» ‪considérée comme un produit.‬‬
‫لكرث تفصيل أنظر ‪ :‬شهيدة قادة‪ ،‬املسؤولية املدنية للمنتج‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رساةل دكتوراه‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬جامعة‬
‫أبو بكر بلقايد‪ 3221 ،‬ص ‪21‬‬
‫‪ -2‬شهيدة قادة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪268‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بيامن جند املرشع املرصي عرف املنتوج يف املادة الاوىل من القانون رمق ‪61-26‬‬
‫ويشمل املصطلل السلع واخلدمات املقدمة من أشداص القانون العام أو اخلاص وتشمل‬
‫السلع املس تعمَل اليت يم التعاقد علهيا من خالل املورد‪.‬‬
‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية كساس ممتاز الستبعاد الرشوط التعسفية‬
‫تعددت الس اليت قيلت لتربير الغاء الرشط التعسفي‪ ،‬فأرجع جانب من الفقه‬
‫أساس الغاء الرشط التعسفي اىل نظرية التعسف يف اس تعامل احلق‪، 1‬يف حني ذهب‬
‫رأي أآخر‪ 2‬اىل ترجيل مبدأ حسن النية كساس اللغاء الرشوط التعسفية ‪.‬و يرحج هذا‬
‫الرأي الاخّي لعدة أس باب‪،‬من هجة عدم وضوح تعريف الرشط التعسفي (الفرع الول)‪،‬‬
‫ومن هجة اثنية عدم كفاية املعايّي اليت يسرتشد هبا القايض (الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫عدم وضوح تعريف الرشط التعسفي‬
‫أشارت جل الترشيعات اىل مجَل من الرشوط اليت تعترب تعسفية وحاولت حرصهتا‬
‫يف قوامئ‪ .‬فالترشيع الفرنيس وضع قامئة سوداء عدد فهيا وحرص الرشوط اليت تعد‬
‫تعسفية‪ ،‬مبا ال يقبل اثبات العك ‪ .‬حيث يرتتب عىل وجودها يف عقد مربم بني همين‬
‫ومس هتكل وجوب احلمك ببطالهنا ‪.‬فال ككن للمهين اثبات انتفاء الطابع التعسفي عن هذا‬
‫الرشط‪ ،‬كام ال يمتتع القايض بأي سلطة تقديرية يف احلمك ببطالنه من عدمه ‪.‬‬
‫ويسهل التعرف عىل الرشوط التعسفية يف هذه القامئة‪ ،‬حيث تكون مظاهر‬
‫التعسف جس ة فتصبل بطَل بقوة القانون ‪.‬فتؤدي القامئة السوداء دورا وقاديا مانعا‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -1‬حسني عبد هللا عبد الرضا الالكيب‪ ،‬اختالل التوازن العقدي النامج عن الرشوط التعسفية‪ ،‬ص ‪311‬‬
‫‪www.iasj.net‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬رأي ‪ Auloy‬مشار إليه في المرجع نفسه ‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهذا يؤدي اىل االس تقرار القانوّن يف العالقات بني املهنيني واملس هتلكني‪ ،‬حيث حيجم‬
‫املهنيني عن ادراهجا وتوفّر حامية ومركزا قواي للمس هتكل‪.‬و لكن ما يؤخذ عىل هذه القامئة‬
‫أهنا تقف عاجزة‪ ،‬أمام الرشوط اليت تتوافر فهيا خصادص الرشوط التعسفية‪ ،‬دون أن‬
‫ترد يف القامئة ‪.‬حيث أن حرص املرشوعات االقتصادية عىل حامية مصاحلها‪ ،‬يؤدي‬
‫بس مترار اىل هلهور رشوط عقدية جديدة تتصف بلتعسف‪ ،‬غّي واردة يف القامئة المر‬
‫‪1‬‬
‫اذلي يقتب مراجعة القامئة بصفة مس مترة‪.‬‬
‫أما القامئة الرمادية فتتضمن رشوطا واردة عىل سبيل املثال ال احلرص‪ ،‬وتعرف بلقامئة‬
‫الاسرتشادية‪،‬فيفرتض أهنا تعسفية‪ ،‬وللمهين اثبات العك بثبات انتفاء الطابع التعسفي‬
‫‪.‬و قد أخذ التوجيه الوريب الصادر يف ‪5‬افريل ‪ 1993‬بنظام القامئة الرمادية‪ ،‬فأورد‬
‫قامئة بلرشوط اليت تعترب تعسفية‪ ،‬فنصت املادة ‪ 3-3‬من التوجيه عىل أن امللحق‬
‫يتضمن قامئة اسرتشادية ال حرصية‪ ،‬بلرشوط اليت ككن اعتبارها تعسفية ‪.‬‬
‫عىل أنه خبصوص الترشيع الفرنيس فدعام للحامية املرجوة ملصار املس هتلكني‪ ،‬أنشأ‬
‫نجنة الرشوط التعسفية سواء مبوجب قانون ‪ 1978‬أو قانون ‪. 0991‬تمتثل اختصاصات‬
‫هذا انجهاز الاستشاري يف اصدار توصيات بتعديل أو الغاء الرشوط التعسفية ‪.‬ـو يه‬
‫ال تصدر قرارات ملزمة بل توصيات للقضاء أو للسلطة التنفيذية‪ ،‬وهتتدي اللجنة يف‬
‫‪2‬‬
‫ممارسة اختصاصها بملعيار العام للرشط التعسفي‪.‬‬
‫غّي أن حتديد الرشوط املعتربة تعسفية ال بد أن يكون مبوجب مرسوم بعد أخذ‬
‫رأي نجنة الرشوط التعسفية‪ .‬فْل يعطي املرشع الفرنيس للقضاء أي مرونة للتدخل‬

‫‪ -1‬أن دمحم عبد الغفار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪101‬‬


‫‪-2‬و قد أصدرت اللجنة العديد من التوصيات بلغت أكرث من ثالثني توصية‪.‬‬
‫موفق حامد عبد‪ ،‬امحلاية املدنية للمس هتكل يف التجارة الالكرتونية‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬مكتبة زين احلقوقية‪ ،‬الردن‪ ،2011 ،‬ص‬
‫‪278‬‬

‫‪271‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لتحديد الرشوط التعسفية ‪ .‬وال شك أن هذه السلطة املمنوحة لالدارة يف حرص‬


‫الرشوط التعسفية‪ ،‬خلقت م‪،‬ةل وسطى بني السلطتني الترشيعية والقضادية‪ ،‬واكن من‬
‫شأن ذكل أن أصبحت هذه السلطة مصدر تعقيدات‪ ،‬وسببا يف عدم فعالية ما بذل‬
‫من جمهود ملواهجة الرشوط التعسفية‪ ،‬يدل عىل ذكل أنه ر يصدر اال مرسوم واحد يف‬
‫‪24‬مارس ‪. 10912‬‬
‫ان حرص الرشوط التعسفية يف قامئة حمدودة‪ ،‬يؤدي اىل حرص امحلاية الواجب‬
‫توافرها للمتعاقد املتهرضر من تكل الرشوط‪ ،‬كام أن حرص الرشوط التعسفية اليت قد‬
‫ترد يف العقود بشلك مطلق‪ ،‬يعد أمرا مس تحيال لن احلرية التعاقدية تسمل دامئا‬
‫مبامرسة املزيد من التحايل والتعسف ‪.‬‬
‫كام أن الطابع التعسفي للرشط حيدد بلرجوع اىل مجيع الظروف اريطة ببرام العقد‪،‬‬
‫واىل مجيع الرشوط الخرى الواردة يف العقد‪ ،‬ويقدر كذكل بلنظر اىل الرشوط الواردة‬
‫يف عقد أآخر‪،‬عندما يكون تنفيذ العقدين املذكورين مرتبطني بعضهام البعض من الوهجة‬
‫القانونية ‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫عدم كفاية املعايّي اليت يسرتشد هبا القايض‬
‫لتحديد الطابع التعسفي للرشوط‪ ،‬ال بد من توافر هذا الرشط عىل معايّي جتعل‬
‫العالقة التعاقدة غّي املتوازنة بني أطرافها‪ ،‬طرف قوي يس تأثر جبميع ممزيات القوة‪،‬‬
‫وطرف ضعيف مذعن‪ .‬وقد حاول الترشيع املقارن الاعامتد عىل معيار حمدد‪،‬من أجل‬
‫ضبط الرشوط اليت تعترب تعسفية وتس تدعي التدخل من أجل حامية املس هتكل‪ ،‬غّي‬
‫أن املعايّي املعمتدة اكنت حمل انتقاد شديد من قبل الفقه‪.‬‬

‫‪ -1‬موفق حامد عبد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪283‬‬

‫‪271‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ذلكل فالهدف من حبث املعايّي اليت نصت علهيا الترشيعات‪ ،‬هو القول أن مبدأ‬
‫حسن النية مبفهومه املرن يس توعب تكل املعايّي‪ ،‬وكنل سلطة واسعة للقضاء اللغاء‬
‫الرشوط التعسفية‪ .‬فنتعرض ملعايّي قياس الرشط التعسفي (الفقرة الوىل)‪.‬مث بعض‬
‫تطبيقات القضاء الفرنيس‪(.‬الفقرة الثانية )و اليت اعمتد فهيا عىل مبدأ حسن النية‬
‫الستبعاد الرشط مىت ثبت أنه تعسفي‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫حتديد معايّي قياس الرشط التعسفي‬
‫تضمنت القواعد املس تحدثة محلاية املس هتكل من الرشوط التعسفية‪ ،‬عدة معايّي‬
‫يتحدد وفقها الطابع التعسفي للرشط‪ .‬تمتثل هذه املعايّي يف ‪:‬معيار التعسف يف اس تعامل‬
‫القوة الاقتصادية‪ ،‬ومعيار املزية املفرطة‪ ،‬ومعيار االخالل الظاهر بتوازن الالزتامات‪ .‬و‬
‫دور القايض ازاء تقدير الصفة التعسفية للرشط تاكد تنطق به صياغة النصوص اليت‬
‫تعرف البند التعسفي ‪.‬‬‫َ‬
‫أو اال‪ :‬معيار التعسف يف اس تعامل القوة الاقتصادية‬
‫حمتوى هذا املعيار أنه مىت اكن املرشوع الاقتصادي خضام‪ ،‬فانه س يؤدي بررتف‬
‫اىل اس تغالل ما كلكه من قوة اقتصادية‪ ،‬لفرض رشوطه عىل املس هتكل من أجل‬
‫احلصول عىل مزية مفرطة‪ 1.‬وقد اعمتده املرشع الفرنيس بداية يف قانون رمق ‪ 32-12‬يف‬
‫نص املادة ‪ 21‬حيث ورد فيه يكون هذا الرشط مفروض عىل املس هتلكني أو غّي‬
‫‪2‬‬
‫اررتفني‪ ،‬بسبب تعسف اررتف يف اس تددام نفوذه الاقتصادي‪.‬‬

‫‪ -1‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.039‬‬


‫‪ -2‬عامر قامس امحد القييس ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪140‬‬

‫‪272‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهو معيار خشيص يس تنتج من الصفة اخلاصة بأطراف العقد‪1،‬و لن هذا املعيار‬
‫تعرض لالنتقاد الشديد من الفقه خبصوص كيفية الكشف عن النفوذ الاقتصادي‪ ،‬ذهب‬
‫الفقه اىل القول خبصوص املؤرشات والوسادل اليت يس تدل مهنا عىل النفوذ الاقتصادي‬
‫لواضع العقد‪ ،‬الوضع املس يطر للممهتن يف السوق‪ ،‬وحاةل السوق وحملها‪ ،‬وما اذا اكن‬
‫مركز السوق حميل أو عىل مس توى ادلوةل‪ ،‬وكذكل النظر اىل وضع رشوط اررتف يف‬
‫تكل السوق ومدى تأثّيه فيه‪ ،‬ويؤخذ أيضا بعني الاعتبار وضع املتعاقد أي املس هتكل‬
‫نفسه اذلي ال ككل اال املوافقة واالقدام عىل التعاقد أو الرفض‪ ،‬وهو يف معظم الحيان‬
‫ال يكون قادرا عىل مناقشة العنارص الساس ية لالتفاق ‪.‬و غّيها من املؤرشات اليت‬
‫تدل عىل أن رىض الطرف املذعن اكن موضع شك‪ ،‬لكونه يف مركز ضعيف يسمل‬
‫‪2‬‬
‫للطرف الآخر بفرض رشوطه عليه ‪.‬‬
‫هذا وأن مؤرش القوة الاقتصادية للمحرتف يظهر منذ اللحظة اليت كثل فهيا الرشط‬
‫‪3‬‬
‫عدم تعادل جس مي‪ ،‬وهذا يعد اكفيا العتبار الرشط غّي فعال‪.‬‬
‫غّي أن هذا املعيار هلل مع ذكل يف نظر الفقه مهبم وغّي واحض‪ ،‬لنه ر يرش اىل‬
‫املقصود بلتعسف‪ ،‬وان اكن من الهرضورة اقرتانه بلنفوذ الاقتصادي ‪.‬فذهب جانب من‬
‫الفقه خبصوص املقصود بلتعسف أن املقصود هو تعسف املوقف‪ ،‬اذلي يسمل لحد‬
‫الطراف بفرض رشوطه عىل الطرف الآخر أي ذكل التعسف اذلي يقرتب من‬
‫التدلي ‪ .‬مبعىن أن تعسف املوقف املس تددم يف نطاق ابرام الترصفات القانونية‪ ،‬يطلق‬
‫عىل سلوك املتعاقد اذلي من خالل اس تددامه لوسادل غّي أمينة والاس تغالل لوضع‬
‫‪ -1‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 090‬‬
‫‪ -2‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 090‬‬
‫أيضا سعيد عبد السالم‪ ،‬التوازن العقدي يف نطاق عقود االذعان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -3‬أمحد دمحم الرفاعي ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫أيضا معر دمحم عبد البايق‪ ،‬امحلاية العقدية للمس هتكل‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬الاسكندرية‪ ،3221 ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪273‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الضعف للطرف الآخر‪ ،‬قد أدى هبذا الخّي البرام ترصف قانوّن‪ ،‬واذلي حيصل منه‬
‫‪1‬‬
‫هذا املتعاقد عىل مزية فاحشة‪.‬‬
‫يف حني ذهب جانب أآخر اىل أن املقصود بلتعسف هنا‪ ،‬هو التعسف يف‬
‫اس تددام احلق املعروف يف القواعد العامة‪. 2‬و يف هذا الصدد تدق مسأةل ما اذا اكن‬
‫انفراد اررتف بوضع رشوط العقد يعترب مبثابة حق خشيص أم ال ؟ غّي أن ما هو‬
‫مالحظ أن التحرير الحادي انجانب للعقود المنوذجية أحضى اليوم ورة يف املعامالت‬
‫احلديثة‪ ،‬كام أنه قد يكون خالصة خربة فنية وقانونية ورمبا خربة معلية ‪.‬و بلتايل فان‬
‫وضع هذه العقود هل أمهية من جانب توفّي الوقت يف اعداد العقد يف هلل التطورات‬
‫احلديثة اليت أحضت تتسم بلرسعة والوفرة‪3 .‬و عىل هذا يظهر أن التحرير املس بق للعقد‬
‫‪4‬‬
‫من قبل أحد املتعاقدين‪ ،‬يمتثل يف املامرسة لسلطة الواقع ولي حلق خشيص‬
‫كام وأن مصطلل التعسف يف الرشط التعسفي‪ ،‬خيتلف مدلوهل عن مدلوهل يف نظرية‬
‫التعسف يف اس تددام احلق‪ ،‬ذكل أن وجود رشط خيل حبقوق الطرف الضعيف دليل‬
‫بذاته عىل وجود التعسف أو افرتاضه‪ ،‬سواء انطوت نية املشرتط اىل احلاق الهرضر‬
‫بلطرف الضعيف أم ال‪.‬و ال يشفع للمشرتط اررتف حسن نيته‪ ،‬لننا بصدد حامية‬
‫املس هتك واثبات التعسف يكون بفرتاضه‪،‬من خالل وجود املنفعة اليت خولها الرشط‬
‫للمحرتف‪.‬فيفرتض فيه سوء النية ونية اال ار بملس هتكل ‪ .‬يف حني أن التعسف يف‬

‫‪ -1‬أمحد دمحم الرافعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪306‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- J.Ghestin ,Traité de droit civil., la formation du contrat . L.G.D.J ;3ème éd ;1980 ;p73.‬‬
‫مرد هذا الرأي أن أحد النواب يف الربملان الفرنيس‪ ،‬وهو بصدد مناقشة مرشوع قانون الاس هتالك الفرنيس لس نة ‪0912‬‬
‫أشار اىل أن املرشوع املطروح للنقاش كنع اررتف اذلي ينفرد بوضع رشوط العقد‪ ،‬أن يتجاوز حدوده التعاقدية ا ارا‬
‫بملس هتكل لن هذا التجاوز ال يعين سوى التعسف يف اس تعامل احلق‪ ،‬اذلي يعين جتاوز الغادية للحقوق الشفصية ‪.‬‬
‫أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- J.Ghestin , Traité de droit civil., la formation du contrat ,op.cit, p73‬‬
‫‪ -4‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬

‫‪274‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اس تعامل احلق مقرون بأن ينوي صاحبه اال ار بلغّي‪ ،‬وعىل من يدعي هذا التعسف‬
‫أن يثبته لن الصل هو حسن النية ‪.‬هذا وأن التعسف يف اس تعامل احلق ينحرص يف‬
‫ثالث حاالت‪ ،‬وهذا يؤدي اىل جتميد فكرة الرشوط التعسفية اليت ال ينبغي حرص‬
‫دائرهتا يف صور معدودة‪ ،‬لن المر يؤدي اىل حرص امحلاية الواجب توافرها للمتعاقد‬
‫املتهرضر من تكل الرشوط‪.‬‬
‫أما خبصوص ورة اقرتان التعسف بلنفوذ الاقتصادي‪ ،‬مفن الناحية النظرية يبدو‬
‫أنه ال ورة القرتان التعسف بلنفوذ الاقتصادي‪ ،‬غّي أن ما هو مؤكد أن خضوع‬
‫املس هتكل لضغوط معلية هو اذلي جيعهل يقبل مبثل هذه الرشوط‪ ،‬وهو أمر سهل‬
‫‪1‬‬
‫االثبات لن مثل هذه العقود يم طباعهتا واعدادها مس بقا‪.‬‬
‫ذلكل يرى البعض أن معيار التعسف يف اس تددام التفوق الاقتصادي معيار جد‬
‫غامض‪ ،‬اذ ان اررتف بقصد احلصول عىل املزية الفاحشة‪ ،‬ال بد هل من أن يس تددم‬
‫تفوقه الاقتصادي‪ .‬مما حيمل عىل الاعتقاد بأن التفوق الاقتصادي يكون مرادفا للقوة‪،‬‬
‫يف الوقت اذلي ككن لتاجر صغّي أو حريف بس يط أن يس تددم نفوذه ويفرض ما يشاء‬
‫من الرشوط‪ ،‬قد ال ككن لصاحب مرشوع كبّي عىل املس توى الوطين أن يقوم بذكل‪،‬‬
‫لنه خيىش عىل مسعته ‪.‬ذلكل ال ككن حلجم املرشوع وخضامته أن يكون حمددا ملعيار‬
‫التفوق الاقتصادي ‪2 .‬فضدامة املرشوع ال تعين دامئا القوة الاقتصادية‪ ،‬فقد يكون‬
‫املرشوع الصغّي اذلي يمتلكه اتجر ما يمتتع بحتاكر كاثل مرشوعا وطنيا ‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبد الباسط مجيعي‪ ،‬أثر عدم التاكفؤ بني املتعاقدين عىل رشوط العقد‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0996 ،‬ص‪312‬‬
‫أيضا عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬
‫‪ -2‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫أنظر أيضا عاطف عبد امحليد حسن‪ ،‬حامية املس هتكل‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0996 ،‬ص ‪99‬‬
‫وهانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪093‬‬
‫‪ -3‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.039‬‬

‫‪275‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كام أن اررتف يفرض ارادته لي لنه القوى اقتصاداي‪ ،‬وامنا قوته تان يف قوة‬
‫الس يطرة الفنية والتقنية أكرث مهنا اقتصادية‪ ،‬وأن هذا التفوق هو اذلي ككنه من‬
‫متعود عىل ابرام العقود والصفقات‪ ،‬ويعرف جيدا الالزتامات‬
‫فرض رشوطه ‪.‬ذكل أنه ّ‬
‫واحلقوق الناش ة عن العقد‪ ،‬ويعرف ما جيري به العمل يف همنته‪ ،‬كام يفرض الرشوط‬
‫‪1‬‬
‫اليت يراها مناس بة ملصلحته عىل حساب املتعاقد معه‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬معيار املزية املفرطة‬
‫بلرجوع لقانون ‪ 0912‬املشار اليه سابقا فان معايّي الرشوط التعسفية أربعة ويه‪:‬‬
‫تعسف اررتف يف اس تعامل تفوقه الاقتصادي‪ ،‬وحصوهل من جراء ذكل عىل مزية‬
‫مفرطة‪ .‬ويرتبط هذا املعيار بملعيار السابق‪ ،‬وقد أشار اليه نف القانون أي قانون‬
‫اخلاص حبامية واعالم املس هتلكني بلسلع واخلدمات الصادر يف ‪ 0912‬يف املادة ‪،21‬‬
‫فليك يعترب الرشط املدرج يف عقد الاس هتالك تعسفا فانه جيب أن يكون مفروضا‬
‫بواسطة اس تعامل النفوذ الاقتصادي‪ ،‬اذلي كلكه املهين من هجة‪ ،‬عىل أن كنل هذا‬
‫الرشط املفروض مزية مفرطة من هجة أخرى لصار املتدخل‪ ،‬ذلكل يبدو من الوهَل‬
‫الوىل أن هذا املعار الثاّن يعترب نتيجة للمعيار الول‪ ،‬أي أن املزية الفاحشة يه النتيجة‬
‫الس تددام النفو ذ الاقتصادي بطريقة تعسفية‪.‬‬
‫غّي أن هذا املعيار أاثر عدة اشاكالت قانونية ومعلية من طرف الفقه‪ ،‬لنه معيار‬
‫غامض ر يتضمن ما يستشف من خالهل عن طبيعة املزية‪ ،‬أيه ذات طابع مايل فقط ؟‬
‫ذكل أنه بلرجوع اىل نصوص هذا القانون جند أنه وان اكنت هناك الكثّي من الرشوط‬
‫ذات الطابع املايل‪ ،‬اال أنه ال خيلو من رشوط أخرى لي لها طابع مايل مثل الرشوط‬
‫املتعلقة بتسلمي املبيع ‪.‬‬

‫‪ -1‬عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪276‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫والقول أن الرشط كنل مزية مادية فاحشة تؤدي اىل تعسف النفوذ الاقتصادي من‬
‫املتدخل‪ ،‬ويعين منحها نف معىن الغنب تقريبا ‪.‬ما جيعهل يقرتب من فكرة الغنب يف‬
‫نظريته املادية من حيث تسل ه بفكرة عدم التاكفؤ بني الآداءات املتقابَل‪ ،‬غّي أن‬
‫الاختالف بني فكريت الغنب واملزية الفاحشة يان يف حمل التعسف‪ ،‬ففي الغنب‬
‫ينصب عىل المثن أي عىل املزااي املالية‪ ،‬بيامن املزية الفاحشة تنصب عىل رشوط التبعية‬
‫تتعلق بتنفيذ العقد بصفة خاصة‪ ،‬اذ أن هذه الرشوط ال تنصب عىل المثن فقط‪ ،‬وامنا‬
‫‪1‬‬
‫تتعدى ذكل اىل الرشوط اليت ليست ذات طابع مايل‪.‬‬
‫هذا وأن من االشاكالت اليت يطرهحا معيار املزية الفاحشة فهو االشاكل املتعلق‬
‫بكيفية تقدير املزية‪ ،‬وهل جيب النظر للرشط اذلي أعطى مزية فاحشة للمهين‪ ،‬منعزال‬
‫عن غّيه من الرشوط اليت يتضمهنا عقد اس هتالك‪ ،‬أم أنه جيب النظر اىل رشوط العقد‬
‫يف مجموعها ؟‬
‫ال ككن القول بأن الرشط تعسفي جملرد أن كنل بعض املزااي للمهين‪ ،‬اذ أنه من‬
‫املمكن أن يكون أحد رشوط العقد الخرى موهجة العطاء املس هتكل من املزااي‪ ،‬ما‬
‫يعيد التوازن اىل العقد يف مجمهل‪.2‬فتقدير الطابع التعسفي للرشط يفرض عىل القايض أن‬
‫يقدر وجود منفعة مبالغ فهيا يوفرها البند للمحرتف‪ ،‬وحتديد املنفعة املبالغ فهيا حيصل‬
‫بملقارنة بني مضمون العقد الوارد فيه البند ومضمونه يف حال خلوه من هذا البند‪،‬‬
‫فاملنفعة تنتج اذن عن ما ككن أن يسبب البند موضوع ال‪،‬اع من حتسني وضع اررتف‬
‫يف حال مت تنفيذ العقد‪ ،‬بملقارنة مع وضعه عند عدم وجود البند املذكور ‪.‬فعىل سبيل‬

‫‪-1‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.021‬‬


‫أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪330‬‬
‫‪ -2‬عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪012‬‬

‫‪277‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املثال ككن أن تعترب بنودا تعسفية البنود اليت تقلب عبء االثبات‪ ،‬أو اليت تعك‬
‫نظرية اخملاطر ملصلحة اررتف ‪.‬‬
‫ولكن يف املقابل ان اس تفادة اررتف وحده من املنفعة‪ ،‬ال ككن أن يوصف‬
‫بلتعسف يف مجيع احلاالت‪ ،‬اذا اكن ككن تربير هذه املنفعة بشلك مرشوع‪ ،‬فاملنفعة قد‬
‫تكون مربرة جتاه اقتصادايت العقد ‪ 1.‬لهذا يرى البعض بأنه جيب النظر يف تقدير عدم‬
‫التوازن اىل مجموع رشوط العقد‪ ،‬أي وجوب النظر اىل مجيع الرشوط املدرجة يف العقد‬
‫الواحد لتقدير عدم التوازن العقدي‪ ،‬لن الرشط مبفرده قد يبدو تعسفيا اال أنه يكون‬
‫مربرا اذا نظران اليه من خالل مجموع رشوط العقد‪ ،‬كام هو احلال بلنس بة لرشط حتديد‬
‫مسؤولية اررتف‪ ،‬اذلي يقابهل رشط أآخر يتناول َتفيضا يف مثن السلعة لفاددة‬
‫‪2‬‬
‫املس هتكل‪.‬‬
‫وان اكن الترشيع قد أشار اىل أن الرشط التعسفي ال ينظر اليه وهو منفرد‪ ،‬بل‬
‫ينظر اليه بلنس بة جملموع رشوط العقد‪ ،‬وهو ما نص عليه يف املادة ‪ 3‬فقرة ‪ 5‬من‬
‫قانون‪02-04‬املعدل واملمتم بقوهل "‪ :‬لك بند أو رشط مبفرده أو مشرتاك مع بند واحد أو‬
‫عدة بنود أو رشوط أخرى‪ ،‬من شأنه االخالل الظاهر بلتوازن بني حقوق وواجبات‬
‫أطراف العقد ‪" .‬واملادة ‪ 3- 212‬حيث ذهبت اىل أن الطابع التعسفي للرشط يقدر‬
‫بالستناد اىل وقت ابرام العقد واىل مجيع الظروف اريطة ببرامه وكذكل بلنس بة‬
‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ -2‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص‪19‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- « Sans préjudice des règles d'interprétation prévues aux articles 1188, 1189, 1191 et 1192‬‬
‫‪du code civil, le caractère abusif d'une clause s'apprécie en se référant, au moment de la‬‬
‫‪conclusion du contrat, à toutes les circonstances qui entourent sa conclusion, de même‬‬
‫‪qu'à toutes les autres clauses du contrat. Il s'apprécie également au regard de celles‬‬
‫‪contenues dans un autre contrat lorsque les deux contrats sont juridiquement liés dans leur‬‬
‫» ‪conclusion ou leur exécution.‬‬

‫‪278‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫للرشوط الخرى للعقد‪ .‬ويقدر أيضا بلنظر لرشوط قد يتضمهنا عقد أآخر‪ ،‬عندما‬
‫يكون ابرام أو تنفيذ هاذين العقدين خيضع فهيا أحد العقدين اىل قانون أآخر‪ ،‬كام هو‬
‫احلال بلنس بة للقرض املقرتن بلبيع‬
‫اال أن هذا احلل وان اكن يبدو معقوال من الناحية النظرية‪ ،‬فانه يواجه صعوبت‬
‫معلية‪ ،‬فكيف يم حساب التوازن بني عقدين من طبيعة خمتلفة ؟ وهل يتوازن العقد‬
‫اذلي ورد به تقييد مسؤولية املتدخل لنه يعطي املس هتكل احلق يف الفسخ برادته‬
‫‪1‬‬
‫املنفردة ؟ واىل أي مدى يم حساب التوازن بني هذه الالزتامات‪.‬‬
‫اثلث اا‪ :‬معيار االخالل الظاهر بتوازن الالزتامات‬
‫َتىل املرشع الفرنيس من خالل نص املادة ‪ 0-303‬من ق ا ف الساري املفعول‬
‫حاليا‪ ،‬عن معيار التعسف يف اس تعامل التفوق الاقتصادي ومعيار حصول اررتف عىل‬
‫مزية فاحشة‪ ،‬وأخذ مبعيار جديد هو معيار االخالل الظاهر بلتوازن‪.‬و الهدف من هذا‬
‫التعديل هو جعل القانون الفرنيس متناسقا مع التوجيه الوريب رمق ‪ 02-92‬الصادر يف‬
‫‪ ،0992-21-21‬املتعلق بلرشوط التعسفية يف العقود املربمة مع املس هتلكني يف املادة‬
‫الثالثة‪ ،‬فقانون ‪ 0912‬ر يتالءم مع التعريف املوضوع من قبل التوجيه الوريب اذلي ر‬
‫يورد هذا املعيار ‪.‬لكن ما هو مالحظ أن املرشع الفرنيس ر يأخذ بعني الاعتبار‪ ،‬مجيع‬
‫العنارص املكونة لتعريف الرشط التعسفي مكبدأ حسن النية ‪.‬‬
‫من مث ما هو مالحظ أن معيار اخللل يف التوازن معيار موضوعي‪ ،‬فيأخذ يف‬
‫الاعتبار بنود العقد ولي صفة املتعاقدين‪ ،‬مستبعدا بذكل املعيار الشفيص اذلي‬
‫يستند اىل تعسف الفريق القوى اقتصاداي يف العقد‪ ،‬وبلنتيجة ان تطور قانون البنود‬
‫التعسفية يظهر موضوعية املعايّي اليت جيب أن يعمتدها القايض‪ ،‬لبطالن البند التعسفي‬
‫‪ -1‬عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬

‫‪279‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هبدف تصحيل العقد ‪.‬اال أن البعض يرى يف هذا الصدد أن املعيار انجديد لي سوى‬
‫ترديدا ملعيار املزية املفرطة‪ ،‬أي أن مفهوم معيار االخالل الظاهر بلتوازن هو نفسه‬
‫‪1‬‬
‫معيار املزية املفرطة من حيث املوضوع‪،‬‬
‫اال أن البعض من الفقه يرى أن مفهوم البند التعسفي‪ ،‬كبند يعطي منفعة مبالغ فهيا‬
‫اىل اررتف هتدد اقتصادايت العقد‪ ،‬هو مفهوم قدمي نسبيا لن احرتام اقتصادايت العقد‬
‫يفرض ضامن التحقق الفعيل للتوازن اذلي يرغب فيه الفرقاء‪ ،‬ولك بند ُّيدد التحقق‬
‫الفعيل للتوازن العقدي ال بد أن يعترب بندا تعسفيا‪ ،‬فاالقتصاد والتوازن العقدي‬
‫‪2‬‬
‫يشالكن مفهومني ياالن بعضهام بعضا‪ ،‬وحيددان الكهام مضمون العقد ‪.‬‬
‫غّي أنه ال ككن انجزم أن املعيارين متغايران‪ ،‬فأثر الرشط التعسفي يؤدي اىل‬
‫حصول أحد املتعاقدين عىل مزية فاحشة مقارنة بملتعاقد الآخر‪ ،‬وتتجسد هذه املزية يف‬
‫عدم التوازن بني احلقوق والالزتامات املرتتبة عن العقد ‪.‬‬
‫ونالحظ أن املرشع انجزائري ر يعمتد عىل معيار التفوق الاقتصادي‪ ،‬وال معيار‬
‫املزية الفاحشة اليت حيصل علهيا اررتف من جراء ادراجه للرشط التعسفي‪ ،‬فاعمتد عىل‬
‫معيار عدم التوازن الظاهر بني حقوق والزتامات أطراف العقد ‪ .‬ويظهر ذكل من خالل‬
‫نص املادة ‪ 3‬فقرة ‪ 5‬من قانون‪ 02-04‬بقوهل ‪ :‬رشط تعسفي ‪ :‬لك بند أو رشط مبفرده أو‬
‫مشرتاك مع بند واحد أو عدة بنود أو رشوط أخرى من شأنه االخالل الظاهر بلتوازن‬
‫بني حقوق وواجبات أطراف العقد"‪.‬‬
‫و ملا اكن معيار االخالل الظاهر بلتوازن جمرد ترديد ملعيار املزية املفرطة‪ ،‬فّيى أن‬
‫مبدأ حسن يصلل أساسا ممتازا الستبعاد الرشوط التعسفية‪.‬‬
‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- F. Terre, Ph. Simler, Y. Lequette, Droit civil, Les obligations, D, 2013,p 324.‬‬

‫‪281‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫بعض تطبيقات القضاء الفرنيس‬
‫اعترب بعض الفقه اكلفقيه ‪ 1Ph. Delebecque‬أن الترشيعات املتعلقة بلبنود‬
‫التعسفية جتد مصدرها يف حسن النية العقدية‪ ،‬فاذلي يفرض مثل هذه البنود يف العقد‬
‫ال يكون حسن النية‪ ،‬وأن حسن النية يسمل بحلد من البنود التعاقدية اليت توضع يف‬
‫هلروف تظهر تعسفا‪ ،‬فيكون للقايض أن يعلن بطالن العقد أو البند التعسفي اذلي‬
‫خيل بلتوازن العقدي‪ ،‬ليصبل بذكل دون أي أثر‪ .‬ويذهب (‪ 2)Ghestin‬اىل أن رفض‬
‫سوء النية واخلداع والتحايل والغش دليل عىل المهية الخالقية للنية وأثرها الواحض يف‬
‫انشاء الالزتامات ويف تنفيذها ويف انقضاهئا ‪.‬و يذهب رأي أآخر‪ 3‬أيضا أن مبدأ حسن‬
‫النية يفرض رد التوازن العقدي اىل حده املعقول‪.‬‬
‫ان تطبيقات مبدأ حسن النية عديدة ومتنوعة‪ ،‬مفن املمكن اجياد حلول ما يعرتي‬
‫العقد من عوادق يف خمتلف مراحل العقد‪ ،‬فيلزتم طرفا العقد بتوجيه ارادهتام وفق ما‬
‫تفرضه قاعدة حسن النية‪ ،‬والوفاء مبا توجبه هذه القاعدة يوجب تنوير رضاء املتعاقد‪،‬‬
‫وتبصّيه لتحقيق املساواة الفعلية املسلوبة من املتعاقد الضعيف‪ ،‬بضامن دخوهل يف‬
‫التعاقد برضا سلمي ومس تنّي ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-«La bonne foi est une limite de l’efficacité des clauses contractuelles, lorsqu’une clause‬‬
‫» ‪est invoquée des circonstances qui recèlent un abus, elle est inefficace‬‬
‫رأي ‪ Ph.Delebecque :‬مشار اليه يف ‪ :‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪012‬‬
‫يف حني جند جانب من الفقه الفرنيس ‪ Neumayer‬يرى أن مبدأ حسن النية ال ككن الاستناد اليه ملواهجة انعدام‬
‫التوازن اذلي قد يصيب العقد لنه مفهوم غّي حمدد بدقة‪ ،‬ومرونته تؤدي اىل تفسّيات متناقضة‪ ،‬ما ُّيدد الاس تقرار‬
‫القانوّن يف العقود ‪.‬‬
‫مشار اليه يف‪ :‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.022‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jacques Ghestin , Traité de droit civil, les obligations , le contrat, LG.D.J , paris, 1980,‬‬
‫‪p184.‬‬
‫‪ -3‬رأي سايم منصور مشار اليه يف هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬

‫‪281‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ولن قاعدة حسن النية توصف بأهنا الزتام قانوّن‪ ،‬فه ي يف مواهجة الرشوط‬
‫التعسفية الزتام وقايئ‪ ،‬حيفظ املصار اخلاصة للمتعاقد عند ابرامه للعقد وجينبه الوقوع يف‬
‫ال ار‪. 1‬غّي أنه وان اكن حسن النية الزتام متبادل بني طريف العالقة العقدية‪،‬‬
‫والصل أنه لي الزتاما مفروضا عىل طرف لصار الطرف الآخر بل عىل املدين أن‬
‫كتنع عن أي فعل أو ترصف من شأنه حرمان ادلائن من الاس تفادة من مزااي تعاقده‪،‬‬
‫وكذكل عىل ادلائن أن كتنع عام جيعل تنفيذ الالزتام بلنس بة للمدين مرهقا‬
‫ومس تحيال‪.‬فان هل خصوصية يف ميدان الرشوط التعسفية‪ ،‬اذ أنه يف العقود املربمة ما‬
‫بني اررتف واملس هتكل جند أن الالزتام مبا تقتضيه قاعدة حسن النية مطلوب بصفة‬
‫خاصة من جانب اررتف أكرث منه من جانب املس هتكل ‪.‬‬
‫فاملس هتكل لنه الطرف الضعيف يف العالقة العقدية‪ ،‬فانه ال ككل من املقومات ما‬
‫ككنه من ابرام العقد مع اررتف مبا خيالف مقتضيات حسن النية ‪.‬‬
‫واملس هتكل معوما جيد نفسه عاجزا بقدراته واماكنياته يف حتديد رشوط التعاقد‪،‬‬
‫واررتف يتلم هذا العجز ‪.‬هذا فضال عن عامل الرسعة يف مثل هذه املعامالت‪،‬‬
‫وعدم توفر الوقت الاكيف عند الفحص وادلراسة‪ ،‬واالملام بلك النتاجئ املرتتبة عن العقد‬
‫‪.‬مما يساُه يف قَل احرتازه من الرشوط التعسفية اليت تتضمهنا العقود ارررة مس بقا من‬
‫الطرف القوي‪ ،‬مبا حيقق مصاحله مس تفيدا من مركزه املتفوق وسابق خربته‪ ،‬ذلكل من‬
‫أُه الالزتامات اليت يفرضها حسن النية يف مثل هذه العقود أي عقود الاس هتالك‪ ،‬عدم‬
‫ادراج الرشوط التعسفية ‪.‬‬
‫من مث خنلص اىل أن أساس عدم ادراج الرشوط التعسفية‪ ،‬يه الالزتام العام‬
‫حبسن النية يف مرحَل ابرام العقد‪.‬ذلكل جند أن الترشيع الملاّن يف املادة التاسعة من‬
‫‪ -1‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪1‬‬

‫‪282‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القانون اخلاص مبقاومة عدم التوازن يف العقود وحامية الطرف املذعن‪ ،‬أكدت املادة ‪29‬‬
‫منه عىل احاةل المر للامدة ‪ 313‬من القانون املدّن الملاّن‪ ،‬واليت تقب بهرضورة مراعاة‬
‫حسن النية لتقومي مدى عداةل رشوط العقد‪ ،‬برشط أن ال ك ذكل بس تقرار‬
‫املعامالت ‪.‬‬
‫وأطراف العقد جيب أن يتعاملوا طبقا لهذا املبدأ‪ ،‬بأن ال يس تغل أحد الطراف‬
‫هلروف ووضعية الطرف الآخر الرهاقه واالحجاف حبقوقه‪ ،‬ذلكل فاملهين جيب أن يراعي‬
‫ذكل يف وضعه املس بق لرشوط العقد‪ ،‬وان اكن البعض من الفقه مثل الفقيه ‪Auloy‬‬
‫يرى أن هذا املبدأ ال يشلك تقنية قانونية مس تقَل للتوازن العقدي‪1 ،‬غّي أن أس‬
‫العداةل ومنطقها السلمي يتطلب اعامل حسن النية ذكل أن مبدأ سلطان االرادة مقيد‬
‫مببدأ العداةل‪ ،‬اذلي يفرض بدوره عدة مبادئ كحسن النية كقيد نفيس أخاليق‪ ،‬يضمن‬
‫حامية التوازن بني احلقوق والزتامات املتعاقدين‪.‬‬
‫وقد اكن القضاء والزال ُّيم حبسن نية أو سوء نية الطرف املذعن يف العقد‪ ،‬بغية‬
‫احلمك برساين أو عدم رساين الرشط التعسفي حبقه ‪.‬فاذا ما ثبت للقضاء خمالفة الطرف‬
‫املذعن لرشوط العقد‪ ،‬اليت وافق علهيا عن حسن نية قىض حين ذ بعدم رسايهنا يف‬
‫حقه‪ .‬ومن الحاكم القضادية اليت اعمتدت حسن النية مكعيار الستبعاد الرشوط‬
‫التعسفية‪ ،‬متغافَل موقف املرشع الفرنيس اذلي اكن يرفض تدخل القايض أآن ذاك‬
‫بشلك مبارش‪ ،‬قرار راة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 06‬جويلية ‪ 0921‬حيث ذهبت فيه‬
‫‪2.‬ذات اراة للقول أنه‪ ":‬جيوز للقايض يف غياب قانون جيزي هل العقاب عىل التعسف‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أن يصدر جزاءا يف العقود بالستناد اىل نص املادة ‪ 0021‬من ق م ف "‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- J.Calais-Auloy et F.Steinmation , Droit de la consommation, D, 4ème éd,1996,p169.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- D.Mazeaud, Le juge face aux clauses abusives. op.cit ,p19.‬‬

‫‪283‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كام ذهبت ذات اراة يف قرار لها بتارخي ‪ 6‬ديسمرب ‪ 0929‬اىل نقض حمك قضايئ‬
‫ألزم تلميذا بدفع مصاريف الس نة ادلراس ية بلقول أن ‪ ":‬مغادرة التلميذ ملدرس ته اكنت‬
‫لقوة قاهرة وأن القايض ملا ألزم التلميذ بدفع املصاريف خرق نص املادة ‪0021‬ق م‬
‫‪1‬‬
‫ف"‪.‬‬
‫عىل أنه يف الترشيع انجزائري ال يشء كنع من استبعاد الرشط مىت اكن تعسفيا‪،‬‬
‫بالعامتد عىل مبدأ حسن النية الوارد يف املادة ‪ 021‬ق م ج اليت توجب تنفيذ العقود‬
‫حبسن نية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- J.Mester . Vingt ans de lutte contre les clauses abusives, op.cit.p680.‬‬

‫‪284‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املبحث الثاّن‪:‬‬
‫توس يع دور القايض وانجزاء املرتتب عىل ادراج الرشوط التعسفية‬
‫ال شك أن اعامل مبدأ حسن النية يف ميدان الرشوط التعسفية هل صَل وثيقة‬
‫بدور القايض‪ ،‬فتوس يع دور القايض للتدخل للقول بأن رشطا ما تعسفي‪ ،‬يس تتبع منحه‬
‫أليات للتدخل ‪.‬وكثل مبدأ حسن النية أُه تكل الليات‪ ،‬لنه يفيد عدم التعسف‪ ،‬عدم‬
‫اال ار‪ ،‬عدم االخالل بلتوازن العقدي‪.‬غّي أن المر قد أاثر َتوفا من قبل جانب من‬
‫الفقه‪ ،‬خوفا من الالءمن يف العقود المر اذلي انعك عىل موقف الترشيعات ‪.‬‬
‫غّي أنه نتيجة لعجز خمتلف الترشيعات عن حرص الرشوط املعتربة تعسفية‪ ،‬مقابل‬
‫تزايد تكل الرشوط‪ .‬ر جتد هذه الخّية ذلكل سوى منل سلطة واسعة للقايض‪ ،‬للقول‬
‫بتوافر الصفة التعسفية يف رشط ما ‪.‬و ال شك أن توس يع تكل السلطات‪ ،‬من شأنه أن‬
‫جيعل مبدأ حسن النية أكرث فعالية يف ميدان استبعاد الرشوط التعسفية‪.‬دلى عنوان‬
‫(املطلب الول )‪:‬رقابة القايض عىل الرشوط التعسفية‪.‬‬
‫أما عن جزاء ادراج الرشوط التعسفية فياكد يكون هناك اجامع حول انجزاء‬
‫املرتتب‪ ،‬ولن الرشط قد يثور حوهل الشك يف معناه‪ ،‬واذا ما اكن حيتوي عىل صفة‬
‫التعسف أم ال ‪.‬فاىل جانب انجزاء املبارش ككن اعامل قاعدة تفسّي الشك ملصلحة‬
‫الطرف املذعن كجزاء غّي مبارش‪.‬و اليت تعد من تطبيقات مبدأ حسن النية يف العقود‪.‬‬
‫من مث تعرضنا نجزاء ادراج الرشوط التعسفية‪ ،‬مث حبثنا صفة التعسف يف الرشط‬
‫انجزايئ وان اكن بالماكن استبعاده (املطلب الثاّن )‪ .‬وقد رأينا سابقا أن اعادة النظر يف‬
‫الرشط انجزايئ قاعدة كلهيا مبدأ حسن النية يف العقود ‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املطلب الول‪:‬‬
‫رقابة القايض عىل الرشوط التعسفية‬
‫خوفا من تدخل القضاء بصفة مس مترة الستبعاد الرشوط اليت يرى أهنا تعسفية‪،‬‬
‫اجته جانب من الفقه اىل رفض هذا التدخل ‪.‬بيامن اجته جانب أآخر اىل القول بهرضورة‬
‫فسل اجملال للقايض‪ ،‬لن سلطة استبعاد الرشوط التعسفية ال ككن تفويضها ال للسلطة‬
‫التنفيذية وال للسلطة الترشيعية (الفرع الول)‪ .‬لن المر خيضع لسلطة القايض‬
‫التقديرية وقد أثبت الواقع حقيقة هذا املوقف‪ ،‬ما جعل املرشع يتدخل لتفويض سلطة‬
‫استبعاد الرشوط التعسفية للقايض(الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫موقف الفقه من تدخل القايض‬
‫بعد صدور قانون ‪ 32-0912‬السالف اذلكر اختلفت مواقف الفقه الفرنيس حول‬
‫سلطة القضاء يف الرقابة عىل الرشوط التعسفية‪ ،‬وال س امي مع ثبوت تقصّي أو جعز‬
‫السلطة عن ممارسة سلطاهتا الرقابية‪.‬س امي أن هذا القانون منل االدارة وحدها‪ ،‬احلق يف‬
‫تقرير ما اذا اكن الرشط حيمل طابع التعسف أم ال ‪.‬فاجته جانب منه اىل رفض هذا‬
‫التدخل (الفقرة الوىل)‪ ،‬بيامن اجته جانب أآخر اىل تأييد هذا التدخل (الفقرة الثانية )‬
‫وللك من هذين الرأيني جحجه‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫الاجتاه الرافض لتدخل القايض‬
‫يرفض بعض الفقه تدخل القايض الستبعاد الرشط التعسفي‪ ،‬ويرى أن هناك عدة‬
‫أس باب تدفعنا اىل استبعاد تدخل القايض اللغاء الرشط التعسفي‪ ،‬نوردها فامي ييل‪:‬‬
‫‪ -‬أن مفهوم الرشط التعسفي غّي واحض بشلك اكف‪ ،‬فهو لي صفة خاصة وامنا‬
‫خاصية ككن أن يتلون هبا أي بند‪ .‬وبلتايل فال ككن لحد أن حيتج عىل تدخل‬
‫القايض‪1 ،‬خاصة أن املادة ‪ 21‬من القانون ‪ 32-12‬السالف اذلكر قد مكنته من‬
‫الاعامتد عىل ما تصدره نجنة الرشوط التعسفية من توصيات‪،‬حول الرشوط اليت‬
‫تعترب تعسفية يف مناذج العقود املعتاد اقرتاهحا من اررتفني عىل املس هتلكني‪.2‬‬
‫ذلكل فان منل القايض هذه السلطة يشلك جمازفة ال ككن غض النظر عهنا‪ ،‬ذكل‬
‫أن اعطاءه سلطة الغاء الرشوط التعسفية هبذه الطريقة‪ ،‬يعين أنه كنعها دون‬
‫الاستناد اىل مرسوم تطبيقي وهذا ما قد يثّي اررتفني ‪.‬‬
‫هذا وأن المر يؤدي اىل تنايم تدخل القضاء ‪.‬و حىت ولو اكن دور القايض من‬
‫منظور ادلس تور هو اقامة العداةل بني الفراد‪ ،‬اال أن هذا ادلور جيب أن يستبعد يف‬
‫جمال الرشوط التعسفية‪ ،‬فاصدار حمك يعترب الرشط تعسفي يف حني أنه ر يصدر‬
‫بشأنه مرسوم يعتربه كذكل‪ ،‬جيعل حاه غّي مؤس ويعرضه للنقض‪.‬‬
‫‪ -‬ان العقد يرتكز أساسا عىل دعاميت الثبات والتوقع‪ ،‬واماكنية الغاء البنود الواردة به‬
‫يؤدي اىل عدم ثباته ‪.‬و عليه فأخطار الانزالق أثناء ممارسة القايض لسلطاته‪ ،‬فامي‬
‫يتعلق بلبنود التعسفية ال ككن اهاملها طاملا أن مفهوم التعسف مفهوم متغّي‪ ،‬ومن‬

‫‪1‬‬
‫‪- D.Mazeaud. Le juge face aux clauses abusives ,op.cit ,p24.‬‬
‫‪ -2‬أنشأت نجنة الرشوط التعسفية مبوجب قانون ‪ 02‬جانفي ‪0912‬‬

‫‪287‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الصعب عىل اررتفني أن حيددوا اذا ما اكن البند تعسفي أم ال‪ ،‬لن ذكل خيضع يف‬
‫‪1‬‬
‫نطاق واسع للسلطة التقديرية للقايض‪ ،‬وهذا ما قد يؤدي اىل زايدة هشاشة العقد‪.‬‬
‫‪ -‬كام أن منل القايض سلطة تقدير الصبغة التعسفية للرشط‪ ،‬قد يؤدي اىل تعارض يف‬
‫الحاكم القضادية‪ ،‬فقد يتجه البعض من القضاة البطالها يف حني يتجه البعض الآخر‬
‫اىل اعتبارها حصيحة ‪.‬ذلكل فان تقييد سلطة القايض من شأنه أن يساعد عىل توحيد‬
‫القرارات الصادرة عن انجهات القضادية ‪.‬فتدخل القايض سزييد من ادلعاوى ويؤدي‬
‫اىل عدم الاس تقرار يف الاجهتاد‪ ،‬كام يصعب عىل حماة النقض بسط رقابهتا عىل‬
‫قضاء‪.2‬‬
‫‪ -‬هذا وأن استبعاد تدخل القايض اللغاء الرشط التعسفي‪ ،‬مىت ثبت أنه كذكل ككن‬
‫تفسّيه بلهرضورة الاقتصادية ‪.‬خفوف املرشع من احقام القايض يف العقود يعترب‬
‫مرشوعا‪ ،‬ذكل أن القضاة اذا ما تركوا قد يستسلمون لرغبهتم يف امحلاية املفرطة‬
‫للمس هتلكني ‪.‬ذلكل من املالمئ أن تتوىل تطبيقه السلطة اخملوةل بذكل‪ ،‬واملنوط هبا‬
‫‪3‬‬
‫رمس الس ياسة الاقتصادية ويه السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫اعامتدا عىل ما ذهب اليه هذا الاجتاه الفقه ي‪ ،‬اجتهت بعض الحاكم القضادية اىل‬
‫التفسّي الضيق‪،‬فرفضت ابطال الرشوط اليت ر يرد بشأهنا مرسوم تطبيقي ‪.‬و من‬
‫الحاكم القضادية يف هذا الشأن حمك بتارخي ‪32‬مارس ‪ ،0922‬حيث رفضت حماة‬
‫‪ Aix-en-provence‬ابطال الرشط رمغ أن هذا الرشط اكن ينطوي عىل التعسف يف‬
‫بندين‪ ،‬البند الول اكن ينص عىل مدة اجيار طويَل ‪ 01‬عاما لةل تلفون‪ ،‬والبند الثاّن‬
‫اكن ينطوي عىل صيغة رايضية للمراجعة لالجيار صعبة وغّي مفهومة بلنس بة‬
‫‪1‬‬
‫‪-D.Mazeaud. Le juge face aux clauses abusives op .cit ,p25.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-J.Mester, Vingt ans de lutte contre les clauses abusives op,cit,p679.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- D.MAZEAUD.op.cit ,p26.‬‬

‫‪288‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫للمس هتكل‪ ،‬فرفضت اعتباره تعسفيا حبجة أن قانون ‪ 02‬جانفي ومرسوم ‪ 31‬مارس‬
‫املطبق هل ال حيمتالن سوى التفسّي الضيق‪ ،‬وأن البنود الواردة بلعقد ر يرش الهيا‬
‫مرسوم تطبيقي‪.‬و أن القانون حيتفظ للسلطة التنظ ية وحدها بلتقدير للصفة التعسفية‬
‫‪1‬‬
‫للرشوط‪.‬‬
‫ومن القرارات أيضا اليت أهلهرت جعز قانون حامية املس هتكل من البنود التعسفية‪،‬‬
‫قرار صادر عن حماة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 01‬جويلية ‪ 0992‬يف وقادع قرار يتعلق‬
‫ببرام عقد تظهّي فيْل تصوير مشيس وقد أدرج يف العقد بندا ينص عىل أنه يف حال‬
‫يعوض اررتف عىل املس هتكل بفيْل جديد ‪.‬فقررت حماة النقض‪":‬أن البند‬ ‫ضياع الفيْل ّ‬
‫اردد للتعويض حصيل لن املمهتن ر يفرضه عىل املس هتكل‪ ،‬ولكنه بلعك خوهل‬
‫الاختيار بني البند املذكور وبند أآخر يعوض عليه فيه مببلغ نقدي ذلكل يعترب البند‬
‫املذكور حصيحا ومنتجا أآاثره القانونية‪ ،‬بعد أن اكن موضعا ملفاوضات حرة متت بني‬
‫‪2‬‬
‫الطرفني "‪.‬‬
‫وقد بني الفقه الفرنيس اكلفقيه‪ Paisant‬خماطر تفسّي هذا القرار من قبل‬
‫اررتفني‪ ،‬لنه يعطهيم فرصة التنصل من تطبيق الترشيع اخلاص بلبنود التعسفية يف‬
‫حني أنه تضمن حقيقة بندا تعسفيا عندما قدم خيارا مغلوطا للمس هتكل‪ ،‬ذلكل ما من‬
‫فاددة من حامية املس هتكل من البنود التعسفية‪ ،‬اذا اس تطاع اررتف التنصل من تطبيق‬
‫‪3‬‬
‫بنوده عن طريق مفاوضات هلاهرة غّي مرشوعة‪.‬‬
‫ومن الحاكم أيضا اليت أهلهرت جعز القضاء عن حتديد الصفة التعسفية للرشط‬
‫حمك صدر عن حماة اس تئناف بري بتارخي ‪ 33‬مارس ‪ 0926‬حيث جاء فيه‪":‬ان‬

‫‪ -1‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.316‬‬


‫‪-2‬مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫‪ -3‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪12‬‬

‫‪289‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫قانون حامية املس هتكل الصادر يف ‪ 02‬فيفري ‪ 0912‬ومرسوم ‪ 31‬مارس ‪ 0912‬ال‬


‫حيمتالن سوى التفسّي الضيق‪ ،‬وأن هذا املرسوم حيتفظ للجنة الرشوط التعسفية بتقرير‬
‫الصفة التعسفية للبند وبتنظ ها ومنع ادراهجا يف القعود‪ ،‬وخصوصا أن العالقة القانونية‬
‫اليت تربط املصور مبفترب التظهّي ال تعترب عقد بيع ‪.‬بلنتيجة اعتربت اراة أنه طاملا ر‬
‫يصدر مرسوم عن السلطة التنظ ية يعترب هذا البند تعسفيا‪ ،‬فال جيوز للقضاء اعتباره‬
‫‪1‬‬
‫كذكل "‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫الاجتاه املؤيد لتدخل القايض‬
‫يرى هذا انجانب من الفقه‪ ،‬أنه حىت ولو ر يعرتف املرشع للقايض هبذه السلطة‪ ،‬اال‬
‫أنه ال ككن االس تغناء عن دور القايض يف هذا الصدد ‪.‬ذكل أن القضاء هو وحده اذلي‬
‫حيقق رقابة املالمئة‪ ،‬بني النصوص القانونية ارددة ملفهوم الرشط التعسفي‪ ،‬وبني ما‬
‫يفرزه الواقع من معطيات موضوعية متعلقة بل‪،‬اع املعروض أمامه‪ 2.‬ويرى البعض أيضا‬
‫‪3‬‬
‫أن امحلاية ال ككن أن تتحقق اال بالعرتاف للقايض باثرة الطابع التعسفي للرشط‪.‬‬
‫وقد ذهب هذا الاجتاه من الفقه اىل أن أنصار الاجتاه الرافض لتدخل القايض‪ ،‬قد‬
‫بلغوا من التفوف من الالأمن يف العقود‪ ،‬وللتففيف من ذكل أورد هذا االجتاه مجموعة‬
‫من احلجج عىل النحو الآيت ‪:‬‬
‫‪ -1‬وتعود وقادع هذا القرار اىل أن مصور سْل خمترب تظهّي عددا من أفالم نيغاتيف بعد عودته من السفر هبدف تظهّيها‪،‬‬
‫فقدت الفالم‪ ،‬عرض صاحب اخملترب كتعويض عن فقداهنا عدد من الفالم انجديدة لها اخلصادص نفسها الواردة يف ايصال‬
‫التسلمي اعامال للبند املدرج عىل هلهر االيصال ‪.‬رفض املصور وأقام دعوى طالب فهيا صاحب اخملترب مببلغ نقدي كتعويض‬
‫عن الهرضر اذلي حلق به ‪.‬رفضت اراة طلبه وأصدرت حاها السابق اذلكر ‪.‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -2‬موفق حامد عبد‪ ،‬امحلاية املدنية للمس هتكل يف التجارة الالكرتونية‪ ،‬منشورات زين احلقوقية‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬بغداد ‪،3200‬‬
‫ص ‪.321‬‬
‫‪ -3‬رأي ‪ S.Hourdeau‬مشار اليه يف ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪291‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪-‬يلل هذا الاجتاه عىل احلاة اليت يتحىل هبا القضاة‪ ،‬ويقدمون مكثال عىل ذكل احلذر‬
‫اذلي يتعاملون به‪ ،‬عند مراجعة الرشوط انجزادية املفرطة ‪.‬غّي أن أنصار الاجتاه‬
‫الرافض لتدخل القايض‪ ،‬يرون أن هذه احلجة غّي اكفية‪ ،‬اذ يكفي النظر اىل قضااي‬
‫الاس تئناف العديدة املطروحة أمام اراُك‪ ،‬ويف جمال امحلاية القضادية ر يكن القضاة‬
‫بنف احلاة اليت يفرتض أن يتحلوا هبا ‪.‬‬
‫كام وأن القول حبذر القضاة يف ممارسة سلطة مراجعة الرشط انجزايئ‪ ،‬ال تبدوا‬
‫مقنعة‪ .‬ذكل أنه ال ككن املقارنة بني الرشوط التعسفية والبنود انجزادية‪ ،‬ففي ميدان‬
‫البنود انجزادية مت تنظمي السلطة القضادية املتعلقة بملراجعة من قبل املرشع‪ ،‬بصورة‬
‫جتعل ممارسة تكل السلطة حمددة بصورة دقيقة جتنبا لي انزالق‪.‬‬
‫‪ -‬يثّي أنصار هذا الاجتاه ادلور الهام اذلي تلعبه نجنة الرشوط التعسفية‪ ،‬اذ تعترب‬
‫توصياهتا مبثابة نقاط اس ناد دلى القضاة‪ ،‬وبلتايل فه ي تساُه يف انسجام القرارات‬
‫القضادية يف هذا اجملال‪.‬‬
‫‪ -‬لجل تبديد خماوف املعارضني اخلاصة بلالأمن يف العقود‪ ،‬يرتكز املؤيدون لهذا الاجتاه‬
‫عىل ادلور املوحد راة النقض‪ ،‬اليت متارس رقابهتا فامي يتعلق بتحديد مفهوم التعسف‪،‬‬
‫وحتديد البنود اليت تعترب تعسفية ‪.‬متوخية من وراء ذكل توحيد معايّي التقدير‪ ،‬وحتقيق‬
‫‪1‬‬
‫المن القانوّن واس تقرار املعامالت ‪.‬‬
‫‪ -‬ومعوما فان أسلوب اعداد قامئة بلرشوط التعسفية‪ ،‬أكرث مجودا من السلوب القضايئ‪،‬‬
‫اذلي كنل القايض سلطة ابطال الرشوط ‪.‬كام أنه ال يسمل ببطال بعض الرشوط رمغ‬
‫توافرها عىل خصادص الرشوط التعسفية لهنا ر تذكر بلقامئة الواردة عىل سبيل احلرص‬
‫‪.‬هذا وأن هذا السلوب يفرض عىل السلطات العامة‪ ،‬أن حترص دوما عىل امتام قامئة‬
‫الرشوط املعتربة تعسفية من وقت لآخر‪ ،‬بعدما يتبني قصور الرشوط الواردة هبا وفقا‬
‫‪1‬‬
‫‪-D.Mazeaud, Le juge face aux clauses abusives op,cit,p27.‬‬

‫‪291‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ملس تجدات الوضع الاقتصادي‪ ،‬وهذا أمر صعب يف غالب الحيان ‪1.‬فالقضاء وحده‬
‫اذلي حيقق رقابة املالمئة‪ ،‬بني النصوص القانونية ارددة ملفهوم الرشط التعسفي‪ ،‬وبني ما‬
‫يفرزه الواقع من معطيات موضوعية متعلقة بل‪،‬اع املعروض أمامه ‪.‬ذلا جيمع الفقه‬
‫الفرنيس عىل أن مفهوم الرشط التعسفي يكتنفه الغموض‪ ،‬ذلا ال بد أن جيهتد القضاء‬
‫برأيه لتحديد هذا املفهوم‪.‬‬
‫ومن الحاكم القضادية اليت سايرت هذا الاجتاه الفقه ي‪ ،‬وأخذت من مث بلتفسّي‬
‫املوسع اذلي كنل القايض سلطة ابطال الرشوط‪ ،‬اليت يرى أهنا تعسفية ولو ر يصدر‬
‫بشأهنا مرسوم تنفيذي‪ ،‬قرار صادر بتارخي ‪ 06‬جوان ‪ 0912‬صادر عن حماة النقض‬
‫الفرنس ية ‪ .‬حيث نقضت حمك حماة مونبيليه اليت أصدرت حاها يف ‪ 31‬سبمترب‬
‫‪ ،0921‬برفض طلب املس هتكل مسببة ذكل بأن الرشط حمل ال‪،‬اع ر يكن تعسفيا‪.‬‬
‫فذهبت حماة النقض اىل القول أنه ‪":‬بلنظر للامدة ‪ 21‬من قانون ‪ 02‬جانفي ‪0912‬‬
‫حول امحلاية واالعالم للمس هتلكني للسلع واخلدمات من الرشوط التعسفية‪ ،‬واملواد ‪3‬‬
‫و‪ 2‬من مرسوم ‪ 31‬مارس ‪ 0912‬الصادر بلتطبيق لهذه املادة‪ ،‬ينتج عن املادة الوىل‬
‫أهنا تعترب حمرمة ومعتربة كن ر تكن‪ ،‬الرشوط املتعلقة خاصة بلتسلمي لليشء‪،‬‬
‫وبرشوط الفسخ لالتفاق‪ ،‬حيامن تبدوا أهنا مفروضة عىل غّي املهنيني أو املس هتلكني‪،‬‬
‫بواسطة تعسف النفوذ الاقتصادي للطرف الآخر‪ ،‬ومتنل هذا الخّي مزية فاحشة ‪.‬‬
‫و ينتج عن املادة الثانية أنه يكون تعسفيا الرشط اذلي من شأن موضوعه‪ ،‬أو‬
‫أثره انقاص حق غّي املهين يف التعويض‪ ،‬يف حاةل عدم الوفاء املهين بأحد الزتاماته أاي‬
‫‪2‬‬
‫اكنت‪.‬‬

‫‪ -1‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬تتلفص وقادع القضية يف بيع أاثث حيث أن املشرتي اكن قد وقع عىل طلب بضاعة ( س ند) واكن هذا الس ند يشّي‬
‫حبروف مطبوعة واحضة يف وجه الس ند اىل مدة للتسلمي ويه شهران مث يشّي حبروف صغّية عىل أن ذكل "منصوص عليه‬
‫بصفة ارشادية "‪ ،‬ويف هلهر الس ند اكن مدرجا من بني رشوط أخرى عديدة مادة مفادها أن "توارخي التسلمي اليت نلزتم‬
‫بحرتاهما دامئا ليست معطاة اال عىل سبيل االرشاد وأن يكون واحضا أن التأخّي يف التسلمي ال ككن أن يشلك سببا للفسخ‬
‫للطلب احلايل‪ ،‬وال يعطي احلق يف تعويضات‪ ،‬اال أن املشرتي س يكون بوسعه طلب االلغاء لطلبه‪ ،‬والاسرتداد بدون‬

‫‪292‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهذا يفرس اجتاه اراة اىل اعطاء القايض بصفة مضنية‪ ،‬سلطة حبث الصفة‬
‫التعسفية للرشط‪ ،‬رمغ كونه لي حمل أي مرسوم تطبيقي‪ ،‬بعامتده عىل معايّي حتديد‬
‫الطابع التعسفي للرشط ‪.‬و ذهبت اراة أيضا اىل أن الرشط حمل ال‪،‬اع تعسفي‪ ،‬لنه‬
‫كنل البادع املهين مزية فاحشة اذ ترك هل رخصة التقدير ملدة التسلمي‪ ،‬وخمصصا احلق يف‬
‫التعويض الوارد بملادة ‪ 0602‬من القانون املدّن لصار املشرتي غّي املهين‪ ،‬يف حاةل‬
‫عدم وفاء البادع بلزتامه الساق بلتسلمي يف الوقت املتفق عليه ‪.‬فرصحت اراة أن‬
‫هذا الرشط جيب أن يعد غّي مكتوب‪ ،‬ولهذا نقضت قرار الاس تئناف خملالفته للنصوص‬
‫‪1‬‬
‫املعنية ‪.‬‬
‫مث ما لبنت حماة النقض الفرنس ية أن حسمت تأرحج الاجهتاد الفرنيس‪ ،‬حيث‬
‫اعرتفت بشلك رصحي بسلطة القايض يف الرقابة عىل الرشوط التعسفية‪ ،‬ولو ر تكن‬
‫موضوع مرسوم تطبيقي يف قرار ‪ Lorthior‬الشهّي صادر بتارخي ‪ 01‬ماي ‪،0990‬‬
‫حيث تعلق المر برشط اعفاء من املسؤولية وارد يف عقد وديعة‪ ،‬مبقتضاه يستبعد‬
‫املهين ويه رشكة "‪ ،"M.F‬من املسؤولية يف حاةل ضياع الفيْل املسْل لها ‪ .‬واكن أحد‬
‫العمالء قد سْل لها أحد الفالم العادة طبعها عىل الورق‪ ،‬وقد اعتربته حماة املوضوع‬
‫تعسفيا‪ ،‬وبلتايل ال حيتج به عىل العميل حسن النية ‪.‬رفضت حماة النقض طعن املودع‬
‫دليه‪ ،‬وذهبت اىل أن حماة املوضوع أبنت أن الرشط املدرج يف نرشة االيداع‪ ،‬اذلي‬
‫اكن يعفي املعمل من لك مسؤولية عن فقد الصور‪ ،‬هو رشط كنل مزية فاحشة للمودع‬
‫دليه‪ ،‬اذلي من واقع وضعه الاقتصادي اكن يف وضع مكنه من فرضه عىل العميل‪.‬‬
‫=فوادد أخرى ‪.‬غّي تكل املنصوص علهيا بلقانون‪ ،‬للمبالغ املدفوعة يف حاةل عدم التسلمي للبضاعة يف خالل ‪ 92‬يوما من‬
‫االعذار‪ ،‬وبعد انتظار ‪ 1‬أشهر ولعدم التسلمي أعذر املس هتكل البادع بلتسلمي وبعد مب شهر و‪ 2‬أايم أخرى عرض البادع‬
‫التسلمي‪ ،‬لكن املشرتي رفض وطلب االبطال للعقد متذرعا بلتأخّي الكبّي يف التسلمي‪ ،‬وذكل ملدة ‪ 1‬شهور ومثانية أايم بعد‬
‫توقيع الطلب ‪.‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫‪J.Mester, Vingt ans de lutte contre les clauses abusives ,op,cit,p001‬‬
‫‪ -1‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪293‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فقررت اراة أن هذا الرشط يتضمن صفة تعسفية وجيب أن يعد غّي مكتوب أي كن‬
‫ر يكن‪ . 1‬ما يعين مضنا أن القضاء صار للنظر يف هذه البنود‪ ،‬ولو ر تكن ممنوعة سابقا‬
‫مبوجب مرسوم‪ .‬وبذكل تكون اراة قد كرست وأكدت بوضوح‪ ،‬بعض املواقف اليت‬
‫صدرت عهنا سابقا ‪.‬‬
‫وقد أعترب قرار ‪ Lorthior‬من أُه القرارات اليت صدرت عن حماة النقض‬
‫الفرنس ية‪ ،‬اليت كرست رصاحة سلطة القضاء املس تقَل يف اعالن البنود التعسفية‪ ،‬مبا أن‬
‫تقصّي السلطة التنظ ية فامي يتعلق هبذه املسأةل‪ ،‬جعل من حامية املس هتكل جتاه البنود‬
‫التعسفية املدرجة‪ ،‬يف العقود املوقعة بينه وبني اررتف مسأةل غّي جمدية ‪ .‬وهذا ما أكد‬
‫احلاجة اىل ورة تدخل ترشيعي جديد‪ ،‬هبدف تكري اس تقاللية القضاء‪ ،‬يف النظر‬
‫يف العقود املتضمنة تعسفا‪.‬‬
‫لكن ما يؤخذ عىل هذا القرار أنه ر يأخذ كساس قانوّن أي نص خاص‪ ،‬كنصوص‬
‫حامية املس هتكل‪ ،‬أو أي نص كعام كنص املادة ‪ .0021‬ولكنه يف الوقت ذاته يستشهد‬
‫برشوط البند التعسفي املنصوص علهيا يف قانون ‪ ،0912‬كون البند فرض من الفريق‬
‫القوى اقتصاداي‪ ،‬وأنه وفر منفعة مبالغا فهيا هل ‪ .‬من مث أوجد هذا القرار الشعور دلى‬
‫املعلّقني أن حماة المتيزي هدفت هبذا القرار اىل اقرار مبدأ عام‪ ،‬وهو صالحية القايض‬
‫للنظر يف طلب ابطال البنود التعسفية‪ ،‬من دون أن يكون هذا الطلب مستندا اىل‬
‫‪2‬‬
‫احلاالت اليت عددها هذا القانون‪.‬‬

‫‪ -1‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.310‬‬


‫‪- H.Capitant, F.Terre, Y.Lequette, Les grands arrêts de la jurisprudence civile , obligation‬‬
‫‪,contrats spéciaux ,T. 211éme éd , D, paris,2000,p96.‬‬
‫‪D.Mazeaud, Le juge face aux clauses abusives op,cit,p21.‬‬
‫‪ -2‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬العقد‪ ،‬ج الول‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،3222 ،‬ص ‪.619‬‬

‫‪294‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وجتدر االشارة أيضا يف هذا املقام‪ ،‬أن املادة ‪ 1‬من قانون ‪ 1‬جانفي ‪ 0922‬املتعلق‬
‫بمجلعيات املعمتدة للمس هتلكني‪ ،‬نصت عىل أنه بماكن امجلعيات أن تطلب من القضاء‬
‫املدّن والمر يف حاةل ذكل‪ ،‬بلغاء الرشوط التعسفية يف العقود اليت يقرتهحا اررتفون‬
‫عىل املس هتلكني ‪ .‬ما يعين أن القايض ال يلغي فقط البنود يف العقود اليت أبرمت‪ ،‬وامنا‬
‫متتد صالحياته لتشمل مس تقبال لك العقود اليت يقرتهحا املهنيون عىل زبئهنم‪ ،‬والنتيجة‬
‫أن القايض يلغي البنود التعسفية سواء اكن هناك مرسوم كنعها أم ال‪ ،‬وسواء يف العقود‬
‫املربمة أم يف العقود املقرتحة لالكتتاب ‪.‬‬
‫و حىت وان اكن القانون منل هذه امجلعيات أن تصدر توصيات حول الرشوط اليت‬
‫تعترب تعسفية ‪.‬اال أن هذه التوصيات غّي ذات أمهية‪ ،‬لهنا ال تمتتع بأية قوة الزامية‪،‬‬
‫ف كن للقايض أن يعمتد يف تدخهل عىل طلب من هذه امجلعيات‪ ،‬ويف نف الوقت‬
‫يتجاهل توصيات هذه الخّية‪ ،‬والنتيجة أن ينفرد لوحده بضفاء الصفة التعسفية‬
‫‪1‬‬
‫للرشط ‪.‬‬
‫وعن موقف القضاء املرصي فقد أكدت حماة النقض املرصية يف قرار لها بتارخي‬
‫‪ 03‬ديسمرب ‪ 0929‬بقولها‪ ":‬للقايض طبقا لنص املادة ‪ 019‬أن يعدل الرشوط التعسفية‪،‬‬
‫اذا تضمهنا عقد االذعان وفقا ملا تقب به قواعد العداةل‪ ،‬وأن حماة املوضوع متكل سلطة‬
‫‪2‬‬
‫تقدير ما اذا اكن الرشط تعسفيا أو ال"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-D.Mazeaud, Le juge face aux clauses abusives, op,cit,p22.‬‬
‫‪ -2‬مقتب عن ‪:‬سعيد أمحد شعَل‪ ،‬قضاء النقض يف التأمني‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ 0991،‬ص ‪022‬‬

‫‪295‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫موقف الترشيع املقارن من تدخل القايض‬
‫يف الواقع نظر املرشع الفرنيس لنظام الرشوط التعسفية بعني احلذر‪ ،‬متحفظا فامي‬
‫يتعلق بتحديد الطابع التعسفي للبند من القضاء ‪.‬فأعطى هذه املبادرة للسلطة التنظ ية‪،‬‬
‫فشلك المر قيدا عىل سلطة القايض واس تقالليته يف البث يف حتديد البنود التعسفية‬
‫وابطالها‪.‬من مث اقترص دور القايض يف هلل قانون ‪ 0912‬عىل ما ييل ‪:‬‬
‫‪-‬اما أن يضع يده عىل بند تعسفي منع من السلطة التنظ ية‪ ،‬مبقتىض مرسوم صادر‬
‫عهنا‪ ،‬فيعلنه بندا غّي مكتوب ‪.‬و يف هذه احلاةل ال يمتتع القايض بأية سلطة لتحديده‪ ،‬فهو‬
‫ال يس تطيع أن يبحث يف مضمون البند‪ ،‬ومدى توفر رشوطه العتباره تعسفيا حسب‬
‫نص املادة ‪ 21‬السابقة اذلكر‪.‬‬
‫‪-‬و اما أن يضع يده عىل بند تعسفي استنادا للامدة ‪ 21‬ولكنه ر كنع مبرسوم‪ ،‬فيكون من‬
‫املس تحيل عليه أن حيذف هذا البند من العقد ‪.‬و قلّام ُّيم هبذه احلاةل اذا اكنت نجنة‬
‫‪1‬‬
‫الرشوط التعسفية‪ ،‬قد اعتربت البند املذكور تعسفيا لعدم الزامية رأُّيا ‪.‬‬
‫وبلنتيجة ذلكل دور القايض اكن يعترب اثنواي‪ ،‬فامي يتعلق بلبث مبسأةل وجود البند‬
‫التعسفي‪ ،‬فالسلطة التنظ ية اكنت تقرر والقايض اكن يطبق ‪.‬و الواقع أن َتوف املرشع‬
‫الفرنيس يف قانون ‪ 0912‬من اعطاء القايض السلطة املبارشة يف البث مبسأةل البنود‬
‫التعسفية‪ ،‬مرده كام يرى البعض حرصه عىل الصفة الآمرة للنظام الاقتصادي‪ ،‬مبا أن‬
‫وضع قانون حامية املس هتكل موضع التطبيق يرتتب عليه عدة نتاجئ اقتصادية هامة ‪.‬فاكن‬

‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪22‬‬

‫‪296‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من املنطقي أن تتحمل مسؤولية تطبيقه السلطة ذاهتا‪ ،‬اليت من شأهنا أن حتدد‬
‫‪1‬‬
‫الس ياسة االقتصادية ويه السلطة التنفيذية ‪.‬‬
‫اضافة ذلكل فدليل جعز القانون السابق صدور مرسوم وحيد بتارخي ‪ 31‬مارس‬
‫‪ 0912‬عن السلطة التنظ ية‪ ،‬يوسع من صالحيات القضاء الفرنيس‪ ،‬ولكن بشلك‬
‫جخول بعد اقرتاح نجنة الرشوط التعسفية وقد منعت مبقتضاه ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬البنود املدرجة يف عقود البيع‪ ،‬اليت َتول اررتف تعديل خصادص السلعة الواجبة‬
‫التسلمي أو اخلدمة املقدمة ‪.‬عندما تفرض عىل غّي اررتف أو املس هتكل بواسطة تعسف‬
‫النفوذ الاقتصادي‪ ،‬للطرف الآخر ومتنحه منفعة مبالغ فهيا‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬البنود اليت من شأن موضوعها أو أثرها أن حتذف أو تنقص حق املس هتكل يف‬
‫تعويضه‪ ،‬عند عدم تنفيذ العقد املربم مع اررتف‪ ،‬أو اليت تعفي هذا الخّي من‬
‫‪2‬‬
‫املسؤولية ‪.‬‬
‫اال أنه صدور قانون ‪ 96-91‬نصت املادة ‪ 02/0-023‬عىل قامئة طويَل من البنود‬
‫التعسفية واليت تبقى مع ذكل واردة عىل سبيل املثال ‪ 3‬واليت وسعت بعض اليشء من‬
‫سلطات القايض ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- J.MESTRE ,Vingt ans de lutte contre les clauses abusives,,op,cit,p22.‬‬
‫ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪29‬‬
‫‪ -2‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- « Clauses ayant pour objet ou pour effet :‬‬
‫‪a) D'exclure ou de limiter la responsabilité légale du professionnel en cas de mort d'un‬‬
‫‪consommateur ou de dommages corporels causés à celui-ci, résultant d'un acte ou d'une‬‬
‫; ‪omission de ce professionnel‬‬

‫‪297‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من مث فاس تجابة للتطورات استشعر املرشع الفرنيس‪ ،‬أمهية مالمئة النصوص‬
‫اخلاصة حبامية املس هتكل للواقع العميل‪ .‬وبدا واحضا أمهية الاعرتاف للقايض بتقدير وجود‬
‫الصفة التعسفية يف الرشط‪ ،‬خاصة يف هلل غياب نص حيظر مثل هذا الرشط‪ .‬وسع‬
‫الترشيع الفرنيس يف قانون الاس هتالك احلايل سلطة القايض يف تقدير الطابع التعسفي‬
‫للرشط بصورة مضنية‪ ،‬سواء بلرجوع اىل املراس مي اليت تصدرها السلطة التنفيذية‪ ،‬أو‬
‫لرأي نجنة الرشوط التعسفية‪ .‬أو بلرجوع اىل مواد التفسّي حيث منحت املادة ‪1-303‬‬
‫ق ا ف ‪ 1‬القايض سلطات واسعة حيث خولته اماكنية اللجوء اىل املواد من‬
‫‪0022،0029‬و املواد ‪ 0090‬و‪0093‬من ق م ف لتقدير الطابع التعسفي للرشط‪ ،‬مما‬
‫يعين أن املرشع اعرتف مضنا بسلطة القايض التقديرية‪.‬‬

‫‪=b) D'exclure ou de limiter de façon inappropriée les droits légaux du consommateur vis-à-‬‬
‫‪vis du professionnel ou d'une autre partie en cas de non-exécution totale ou partielle ou‬‬
‫‪d'exécution défectueuse par le professionnel d'une quelconque des obligations‬‬
‫‪contractuelles, y compris la possibilité de compenser une dette envers le professionnel avec‬‬
‫; ‪une créance qu'il aurait contre lui‬‬
‫‪c) De prévoir un engagement ferme du consommateur, alors que l'exécution des‬‬
‫‪prestations du professionnel est assujettie à une condition dont la réalisation dépend de sa‬‬
‫»‪seule olonté……………..‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- « Sans préjudice des règles d'interprétation prévues aux articles 1188, 1189, 1191 et 1192‬‬
‫» ‪du code civil‬‬

‫‪298‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعن املرشع انجزائري فقد نصت املادة ‪ 39‬من القانون رمق ‪ ،23-21‬عىل مجموعة من‬
‫الرشوط املعتربة تعسفية‪ ،‬يف العقود املربمة بني البادع واملس هتكل ‪.1‬و يه قامئة واردة عىل‬
‫سبيل املثال ال احلرص‪ ،‬واال ملا أتبعها املرشع بقامئة أخرى من الرشوط التعسفية‪ ،‬واليت‬
‫نصت علهيا املادة ‪ 1‬من املرسوم التنفيذي رمق‪ .2 226-26‬ما يعين أن املرشع ر كنع‬
‫القايض من استبعاد الرشوط اليت يرى أهنا تعسفية‪ ،‬اذا ر يرد بشأهنا نص قانوّن ‪.‬‬

‫‪ -1‬حيث جاء يف املادة ‪ ": 39‬تعترب بنودا ورشوطا تعسفية يف العقود بني املس هتكل والبادع ال س امي البنود اليت متنل هذا‬
‫الخّي ‪:‬‬
‫‪ -0‬أخذ حقوق و‪/‬أو امتيازات ال تقابلها حقوق و‪/‬أو امتيازات مماثَل معرتف بتا للمس هتكل‬
‫‪ - 3‬فرض الزتامات فردية وهنادية عىل املس هتكل يف العقود يف حني أنه يتعاقد هو برشوط حيققها مىت أراد‬
‫‪ 2‬امتالك حق تعديل عنارص العقد الساس ية أو ممزيات املنتوج املسْل أو اخلدمة املقدمة دون موافقة املس هتكل‬
‫‪ -1‬التفرد حبق تفسّي رشط أو عدة رشوط من العقد أو التفرد يف اَتاذ قرار البث يف مطابقة العملية التجارية‬
‫للرشوط التعاقدية‬
‫‪ -1‬الزتام املس هتكل بتنفيذ الزتاماته دون أن يلزم نفسه بتا‪.‬‬
‫‪ -6‬رفض حق املس هتكل يف فسخ العقد اذا أخل هو باللزتام أو عدة الزتامات يف ذمته ‪.‬‬
‫‪ -1‬التفرد بتغيّي أآجال تسلمي املنتوج أو أآجال تنفيذ اخلدمة ‪.‬‬
‫‪ -2‬هتديد املس هتكل بقطع العالقة العقدية جملرد رفض املس هتكل اخلضوع لرشوط جتارية جديدة غّي متاكفئة‪.‬‬
‫‪ -2‬حيث جاء فهيا ‪ ":‬تعترب تعسفية البنود اليت يقوم من خاللها العون الاقتصادي مبا ييل ‪:‬‬
‫‪-‬تقليص العنارص الساس ية للعقود‬
‫‪ -‬الاحتفاظ حبق تعديل العقد أو فسده بصفة منفردة بدون تعويض للمس هتكل‬
‫‪ -‬عدم السامح للمس هتكل يف حاةل القوة القاهرة بفسخ العقد اال مبقابل دفع تعويض ‪.‬‬
‫‪ -‬التديل عن مسؤوليته بصفة منفردة بدون تعويض املس هتكل يف حاةل عدم التنفيذ اللكي أو انجزيئ أو التنفيذ غّي‬
‫الصحيل لواجباته ‪.‬‬
‫‪ -‬النص يف حاةل اخلالف مع املس هتكل عىل َتيل هذا الخّي عن اللجوء اىل أيه وس يَل طعن ضده‪.‬‬
‫‪ -‬فرض بنود ر يكن املس هتكل عىل عْل بتا قبل ابرام العقد‬
‫‪ -‬الاحتفاظ بملبالغ املدفوعة من طرف املس هتكل يف حاةل ما اذا امتنع هذا الخّي عن تنفيذ العقد أو قام بفسده دون‬
‫اعطاده احلق يف التعويض يف حاةل ما اذا َتىل العون الاقتصادي هو بنفسه عن تنفيذ العقد أو قام بفسده ‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد مبلغ التعويض الواجب دفعه من طرف املس هتكل اذلي ال يقوم بتنفيذ واجباته دون أن حيدد مقابل ذكل‬
‫تعويض يدفعه العون الاقتصادي اذلي ال يقوم بتنفيذ واجباته‬
‫‪ -‬فرض واجبات اضافية غّي مربرة عىل املس هتكل ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتشلك املادة ‪ 002‬ق م ج أآداة قوية يف يد القايض حيمي هبا املس هتكل من‬
‫الرشوط التعسفية اليت تفرضها عليه رشاكت الاحتاكر ‪.‬و القايض هو اذلي ككل حق‬
‫تقدير ما اذا اكن الرشط تعسفيا‪ ،‬وال معقب عىل تقديره ما دامت عبارة العقد حتمتل‬
‫املعىن اذلي أخذ به‪ ،‬ور يرمس املرشع هل حدودا يف ذكل اال ما تقتضيه العداةل ‪.‬فاعامل‬
‫معايّي التقدير اليت تضمنهتا النصوص‪ ،‬ال ككن تصوره اال بفرتاض دور القايض يف هذا‬
‫‪1‬‬
‫الصدد ‪.‬‬
‫هذا وأن القاعدة املقررة لسلطة القايض سلطة أصيَل لتعلقها بلنظام العام‪ ،‬اذلي ال‬
‫ككن االتفاق عىل خالفه ‪.‬و من مث فان ذكل يعفيه من الرجوع اىل القوامئ الواردة‬
‫بقانون‪ 23-21‬واملادة ‪ 1‬من املرسوم التنفيذي رمق‪ ،226-26‬اال ان اكن المر عىل سبيل‬
‫الاس تئناس فقط ‪.‬‬
‫وبلنس بة للمرشع املرصي فقد نصت املادة ‪ 019‬من ق م م‪ ،‬عىل نف احلمك الوارد‬
‫يف املادة ‪ 002‬ق م ج‪ .‬مفنل القايض سلطة تقدير الطابع التعسفي للرشط يف عقود‬
‫االذعان‪.‬‬

‫=‪ -‬الاحتفاظ حبق اجبار املس هتكل عىل تعويض املصاريف والتعاب املس تحقة بغرض التنفيذ االجباري للعقد دون أن‬
‫كنحه نف احلق‬
‫‪ -‬يعفي نفسه من الواجبات املرتتبة عن ممارسة نشاطاته ‪.‬‬
‫‪ -‬حيمل املس هتكل عئب الواجبات اليت تعترب من مسؤوليته ‪".‬‬
‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪26‬‬

‫‪311‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬


‫جزاء ادراج الرشوط التعسفية وحبث صفة التعسف يف الرشط انجزايئ‬
‫يعترب املس هتكل دوما أضعف طرف يف العالقة التعاقدية بصفة عامة‪ ،‬ذلا فان‬
‫اعتبارات العداةل تقب اعتبار هذه العقود مبثابة عقود اذعان‪ ،‬حىت يكون للمس هتكل‬
‫المتسك ببطالهنا‪ .‬والعَل يف ذكل ترجع اىل أن هذه العقود يصعب التفاوض بشأهنا‪.‬‬
‫ان تنفيذ العقد يفرض مراعاة حسن النية‪ ،‬دلى مىت تبني للقايض أن رشطا مدرجا‬
‫يف العقد تعسفي‪،‬تعني عليه أن يوقع انجزاء املناسب‪ .‬هذا انجزاء قد يكون مبارشا وهو‬
‫اما البطالن أو الابقاء عىل العقد مع التعديل أو ا العفاء من الرشط‪ ،‬واما غّي مبارش‬
‫ويكون بتفسّي الشك يف مدلول الرشط‪ ،‬ملصلحة الطرف املذعن‪.‬ذكل أن التفسّي‬
‫لعبارات العقد يفرتض فيه مراعاة ما تقتضيه المانة‪ ،‬ويف ذكل دالةل عىل ورة مراعاة‬
‫حسن النية ‪.‬من مث تعرضنا يف (الفرع الول) نجزاء ادراج الرشوط التعسفية‪.‬‬
‫اذا ما ثبت أن رشط ما مدرج يف عقود الاس هتالك هو رشط تعسفي‪،‬‬
‫اس تطاع املس هتكل املطالبة ببطالنه‪ ،‬مىت أثبت الصفة التعسفية للرشط لنه كثل‬
‫اعتداء عىل مصاحله‪ .‬وتعترب الرشوط التعسفية من أُه ما يثقل الزتام املس هتكل يف‬
‫العقود االس هتالكية بعتبارها رشوطا جمحفة تنال من رضاه‪.‬و هذا ما جيران للتساؤل‬
‫حول الرشوط انجزادية يف حال انطبق علهيا وصف صفة التعسف هل أن مصّيها‬
‫البطالن ؟فتعرضنا يف (الفرع الثاّن) صفة التعسف يف الرشط انجزايئ‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الول‪:‬‬
‫جزاء ادراج الرشوط التعسفية‬
‫اىل جانب انجزاء املبارش واملمتثل يف االلغاء للرشط مىت ثبت للقايض أنه تعسفي‪،‬‬
‫واذلي تضمنته نصوص قوانني االس هتالك (فقرة أوىل ) ‪.‬تضمن القانون املدّن جزاءا غّي‬
‫مبارش‪ ،‬يف حال ما اذا أاثر رشط ما الشك حول ما اذا اكن تعسفيا أم ال‪ ،‬بتفسّي هذا‬
‫الشك ملصلحة الطرف املذعن واذلي هو عادة املس هتكل‪( .‬الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫انجــــزاء املبــاشـــر‬
‫اختلفت الترشيعات الوضعية حول طبيعة انجزاء‪ ،‬فبعض هذه النظمة قررت‬
‫البطالن كجزاء مناسب‪ ،‬يف حني جند أن أنظمة أخرى رحجت مصّي الرشوط التعسفية‬
‫بني االلغاء والتعديل‪.‬عىل أن احلديث عىل طبيعة انجزاء يثّي مسأةل أخرى تتعلق بنطاق‬
‫انجزاء‪ ،‬اذا ما اكن يشمل الرشط فقط أم يشمل العقد برمته‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬طبيعة انجزاء‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 2‬من الترشيع الملاّن الصادر يف ‪ 9‬ديسمرب ‪ ،0916‬فانه يرتتب‬
‫عىل ادراج الرشوط العامة غّي االعتيادية‪ ،‬يف العقود ارررة مس بقا عدم اعتبارها جزءا‬
‫من العقد أي احلمك ببطالهنا ‪.‬و للقايض طبقا لنص املادة ‪ 6‬من نف القانون يف حال‬
‫احلمك ببطالن الرشط‪ ،‬اما أن يبقي عىل العقد دون الرشوط العامة اذا أمكن‪ ،‬واما أن‬
‫حيمك ببطالن العقد اذا اكن من شأن التعديالت ارمتَل‪ ،‬أن تنشئ عىل عاتق أحد طرفيه‬
‫‪1‬‬
‫الزتاما جمحفا‪ ،‬يؤدي اىل اختالل التوازن العقدي‪.‬‬

‫‪ -1‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪312‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ورتب املرشع الفرنيس مبقتىض املادة ‪ 21‬من قانون ‪ ،0912‬عىل ادراج الرشط‬
‫التعسفي يف العقود بني اررتف واملس هتكل أو غّي اررتف اعتبار الرشط غّي مكتوب‪،‬‬
‫وتفسّي ذكل دلى غالبية الفقه أهنا بطَل ‪ .‬نف انجزاء نصت عليه املادة ‪ 0/6-023‬من‬
‫ق ا ف ‪.1‬و أيضا يف قانون الاس هتالك الساري املفعول فقد أشار املرشع الفرنيس يف‬
‫املادة ‪ 2-303‬من ق ا ف‪2‬اىل أن أحاكم املادة ‪ 0-303‬من النظام العام‪ ،‬ما يفيد أن‬
‫ادراج رشط تعسفي يؤدي اىل البطالن‪.‬غّي أن املرشع الفرنيس ر يرش اىل نوع البطالن‬
‫هل البطالن النس يب أم املطلق ؟‪.‬ذلكل اختلف الفقه حول طبيعة هذا البطالن‪.‬‬
‫ويف حني ذهب رأي من الفقه ‪3‬اىل أن البطالن املقرر يف نص املادة ‪ 0-303‬هو‬
‫البطالن النس يب‪،‬مقرر ملصلحة املس هتكل أي يتعلق حبامية مصلحة فردية ‪ .‬ذهب رأي‬
‫أآخر ‪4‬اىل القول أن البطالن املقرر هو البطالن املطلق‪ ،‬واستندوا يف ذكل اىل املرشوع‬
‫المتهيدي لقانون حامية املس هتكل‪ ،‬حيث ورد فيه أن‪ " :‬بطالن البند التعسفي هو‬
‫بطالن مطلق‪ ،‬فهو بطالن يتعلق بلنظام العام‪ ،‬اذلي ككن ااثرته من لك صاحب‬
‫مصلحة‪ ،‬وبلتايل يس تطيع القايض ااثرته بنفسه"‪،‬لن من شأن اعامهل أن كثل جزاءا‬
‫فعاال للمس هتكل ‪.‬كام وأنه لو ترك للمس هتكل رفع دعوى االبطال لتقاع عن رفعها‬
‫لس باب عدة‪ ،‬مهنا طول االجراءات وكرثة املصاريف بملقارنة مع ق ة السلعة أو اخلدمة‬
‫ارصل علهيا ‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-ART 132 « les clauses abusives sont réputées non écrites ».‬‬
‫‪2‬‬
‫» ‪-ART212-3 C.Cons.f: « Les dispositions du présent chapitre sont d'ordre public.‬‬
‫‪ -3‬رأي ‪ V .CH.Giaume‬مشار اليه يف ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫‪ -4‬رأي ‪J.Calais-Auloy , D.N.Bourgeais :‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫‪ -5‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪13‬‬

‫‪313‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويف هذا الصدد يرى الس تاذ بودايل دمحم أن الرأي الول هو الرأي الصادب‪ ،‬عىل‬
‫أساس أن البطالن النس يب يتالءم ومصلحة املس هتكل‪ ،‬لن البطالن املطلق يؤدي اىل‬
‫حرمان املس هتكل من الاس تفادة من السلعة‪ ،‬أو اخلدمة موضوع العقد الباطل ‪.‬كام وأن‬
‫من شأن اعامل البطالن النس يب االبقاء عىل العقد قامئا‪ ،‬وبلتايل االفادة من السلعة أو‬
‫‪1‬‬
‫اخلدمة‪.‬‬
‫ويضيف البعض أن الهدف هو حامية املس هتكل من اخللل يف التوازن اذلي يصيب‬
‫مضمون العقد‪ .‬اذ يعترب أن موضوع امحلاية يقع عىل التوازن املوضوعي للعقد وال يقع‬
‫عىل ضعف املس هتكل اذلهين ‪.‬فامحلاية تقع عىل وضعه يف العقد‪ ،‬فاخللل اذلي قصدته‬
‫املادة ‪ 0-303‬هو خلل نظايم يف الوضاع التعاقدية‪ ،‬ونظام امحلاية ال ككن أن يتحقق‬
‫اال بتدخل اجيايب من القايض‪ ،‬خارج عن ارادة الطراف يف العقد‪ ،‬باثرة الطابع‬
‫التعسفي للرشط من تلقاء نفسه ‪.‬و جمرد وجود البند التعسفي حىت ولو ر ينفذ‪ ،‬يشلك‬
‫‪2‬‬
‫حبد ذاته خمالفة قانونية ‪.‬تبيل للقايض حذفه حىت ولو ر يطلب املس هتكل ذكل‪.‬‬
‫غّي أن رأي أآخر يف الفقه‪ 3‬يرى أن املسأةل ليست هبذه البساطة‪ ،‬لن المر‬
‫يتوقف عىل مدى ارتباط قوانني حامية املس هتكل بلنظام العام‪ ،‬وحتديدا النظام العام‬
‫االقتصادي‪ .‬فاملادة ‪ 2-303‬أشارت اىل ذكل مضنا أي اىل ارتباطها بلنظام العام ‪.‬غّي‬
‫أن قواعد النظام العام ليست لكها قواعد متعلقة بلنظام العام‪ ،‬وأنه عالوة عىل ذكل‬
‫ليست لك القواعد الباطَل بطالان مطلقا‪ ،‬تعطي احلق للقايض يف ااثرهتا من تلقاء نفسه‪.‬‬

‫‪ -1‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -2‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫‪ -3‬رأي ‪PH.Malinvand :‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪314‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويضيف هذا الرأي الخّي أن النظام العام املقصود يف قانون حامية املس هتكل‪ ،‬هو‬
‫النظام العام الاقتصادي‪ .‬لن املرشع هدف اىل حامية فئة من املتعاقدين يف مس توى‬
‫أدىن‪ ،‬ويه فئة املس هتلكني جتاه الطرف القوى وهو اررتف‪ ،‬عند تنظ ه خملتلف العقود‬
‫‪.‬و أن الهدف من امحلاية هو احالل املساواة يف الروابط التعاقدية‪ ،‬عندما تكون‬
‫مصلحة أحد الفرقاء همددة‪ ،‬ويه يف هذه احلاةل مصلحة املس هتكل‪.‬‬
‫ولكن هناك نوعني من النظام العام الاقتصادي ‪:‬نظام عام اقتصادي حاميئ ونظام عام‬
‫اقتصادي توجهي ي‪ ،‬فالول ُّيدف اىل حامية الطرف الضعيف اقتصاداي يف بعض العقود‪،‬‬
‫واىل حامية احلرايت املعرتف هبا كحرية التجارة والصناعة‪ ،‬ويكون انجزاء املرتتب عىل‬
‫خمالفته وفقا لهذا الاجتاه الفقه ي هو البطالن النس يب‪ ،‬لنه يعترب هذه القواعد مقررة‬
‫ملصلحة املس هتكل أي للمصلحة الفردية ‪.‬و هذا الرأي وجد هل صدى يف قرارات عديدة‬
‫صدرت عن حماُك المتيزي الفرنس ية‪.‬‬
‫بيامن النظام العام االقتصادي التوجهي ي‪ ،‬فهيدف اىل املسامهة يف توجيه الاقتصاد‬
‫الوطين‪ ،‬عن طريق حذف ما يعارض هذا التوجيه من العقود اخلاصة ‪ .‬اكلترشيعات‬
‫املتعلقة بلس ياسة النقدية‪ ،‬وبعض العمليات الاقتصادية اليت تتدخل ادلوةل هبدف‬
‫تنظ ها‪ .‬فهو حيمي املصلحة العامة اليت تعلو عىل مصلحة الفراد‪ ،‬ولك عقد خيالف هذا‬
‫النظام يرتتب عليه جزاء البطالن املطلق‪ ،‬وبلتايل حيق للك صاحب مصلحة أن يطلب‬
‫ابطاهل‪ ،‬وكذكل جيوز للقايص ااثرة البطالن من تلقاء نفسه ‪.1‬‬

‫‪ -1‬ويف احلقيقة المتيزي بني نوعي النظام العام ال يعين الانفصال بيهنام‪ ،‬اذ يف حاالت كثّية يكون أحدهام ذا مفعول توجهي ي‬
‫وحاميئ يف أآن واحد ‪.‬مفىت محيت املصلحة العامة محيت معها أحياان املصلحة اخلاصة للفراد‪ ،‬وان حصل ذكل بصورة غّي‬
‫مبارشة والعك حصيل أحياان ‪ .‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪315‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وقد أكدت حماة النقض الفرنس ية يف قرار صدر لها يف ‪ 01‬فيفري ‪ 3222‬ذكل‪،‬‬
‫معتربة أن‪ ":‬انجهل مبتطلبات نصوص معينة من قانون حامية املس هتكل حىت اذا اكنت‬
‫من النظام العام‪ ،‬ال ككن أن يثار اال من قبل الشداص ارميني مبقتىض هذه النصوص‬
‫‪".‬من مث اعتربت أنه ال ككن لقضاة الساس أن يثّيوا من تلقاء نفسهم سبب بطالن‬
‫‪1‬‬
‫عقد قرض اس هتالك‪ ،‬بسبب عدم مراعاة هذه النصوص‪.‬‬
‫ويشّي جانب أآخر من الفقه‪ 2‬اىل أن هناك قواعد تتوسط القواعد املتعلقة بلنظام‬
‫العام الاقتصادي امحلايئ والتوجهي ي‪ ،‬ويه قواعد تتعلق بلنظام العام الاقتصادي امحلايئ‬
‫للمصلحة امجلاعية‪ ،‬اليت هتم فئة معينة من املتعاقدين كفئة من املس هتلكني مثال‪ ،‬مبعىن‬
‫أن هناك نظام عام حاميئ اقتصادي حيمي مصلحة جامعية‪ ،‬مثل ادلعاوى اليت تق ها‬
‫النقابت أو مجعيات حامية املس هتكل ‪.‬‬
‫وقد قضت حماة النقض الفرنس ية يف قرار لها بتارخي ‪ 0‬فيفري ‪ 3221‬أنه‪ ":‬اذا‬
‫تضمن العقد بنودا تعسفية جفمعية حامية املس هتلكني لها احلق يف احلصول عىل تعويض‪،‬‬
‫لن ادراج الرشط التعسفي بذاته يشلك خطأ من شأنه أن ك املصلحة امجلاعية‬
‫‪3‬‬
‫للمس هتلكني‪".‬‬

‫= أنظر أيضا يف نف املعىن ‪ :‬مصطفى العويج القانون املدّن العقد‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬ج الول‪ ،‬لبنان‪،3221،‬‬
‫ص ‪116‬‬
‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪G.Farjat :‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫‪ -3‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫أيضا هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.361‬‬

‫‪316‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومفهوم املصلحة امجلاعية‪ ،‬ككن أن يكون هل نتاجئ تقنية خاصة فامي يتعلق بتنظمي‬
‫البطالن ‪ .‬حبيث جيوز ااثرته لي فقط من قبل ارمي مبارشة وهو املس هتكل‪ ،‬ولكن‬
‫جيوز أيضا ااثرته من أشداص أآخرين‪ ،‬أحصاب مصار كجمعيات حامية املس هتكل مثال‪.‬‬
‫فالقواعد املتعلقة بلنظام العام امحلايئ للمصلحة امجلاعية يه قواعد تفرض عىل الفراد‪،‬‬
‫خبالف القواعد امحلادية للمصلحة الفردية‪ ،‬حيث أهنا تُقرتح عىل هؤالء وال تلزهمم بلتقيد‬
‫هبا ‪.‬‬
‫من مث يف حال تضمن عقد معني وخاصة يف جمال العقود المنوذجية بنودا تعسفية‪،‬‬
‫ويف حال توفرت املصلحة امجلاعية يف ادلعوى املقامة‪ ،‬جاز للقضاء ااثرة الطابع التعسفي‬
‫للبند من تلقاء نفسه‪ ،‬ولكن مع مراعاة مبدأ وجاهية ارامكة ‪.‬فالنظام العام امحلايئ‬
‫للمصلحة الفردية أي مصلحة املس هتكل ال ككن ااثرته من القضاء تلقاديا‪ ،‬بس تنناء قواعد‬
‫‪1‬‬
‫امحلاية امجلاعية حيث يفرتض أن يثّيها القايض تلقاديا‪.‬‬
‫وجتدر الاشارة اىل أن الاجتاه الغالب ‪2‬هو مع النظام العام امحلايئ املشدد‪ ،‬مبعىن أنه‬
‫يستبعد لك تنازل من املس هتكل كام هو مقرر هل قانوان‪ ،‬حىت بعد موافقته عىل العقد‪ .‬اذ‬
‫يقتب يف لك مرة يكون فهيا املس هتكل خاضعا لضغوطات خارجية‪ ،‬وجمردا عن ارادته‬
‫احلرة الواعية استبعاد حقه يف التنازل عن امحلاية املقررة هل قانوان ‪3.‬ذلكل جند أن التوجه‬
‫اليوم هو حنو توس يع صالحيات القضاء‪ ،‬وذكل بعطاءه احلق يف ااثرة الطابع التعسفي‬
‫للرشط من تلقاء نفسه ‪.‬فاملس هتكل ال يس تطيع يف حاالت كثّية أن يقدر مدى خطورة‬
‫السلعة املس هتلكة من جانبه‪ ،‬ذلكل يتعني تفعيل حق القضاء فامي يتعلق بلمر‪.‬‬
‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪G.Paisant. M.Carballo . J .Mester . B Fages. :‬‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -3‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬

‫‪317‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هذا وأن منل سلطة القضاء يف ااثرة الطابع التعسفي للرشط‪ ،‬يف عقود الاس هتالك‬
‫من تلقاء نفسه تأكد أيضا بصدور قرار ‪ Oceano‬بتارخي ‪ 31‬جوان ‪ 3222‬عن حماة‬
‫العدل الوروبية حيث أهلهر هذا القرار‪ ،‬أن امحلاية الفعاةل للمس هتكل ال ككن التوصل‬
‫الهيا‪ ،‬اال اذا اعرتف للقايض الوطين بتحديد الطابع التعسفي للبند تلقاديا‪ ،‬يف عقد وضع‬
‫يده عليه يف معرض ال‪،‬اع املقدم أمامه‪ .‬فذهبت اراة اىل أنه ‪ ":‬من الصعب تقبل‬
‫عدم اماكنية ااثرة القايض الوطين للطابع التعسفي للبند‪ ،‬وبلتايل استبعاد تطبيقه لسبب‬
‫وحيد وهو أن املس هتكل ر يرث طابعه التعسفي‪ ،‬خاصة مع الاجتاه احلايل يف وضع موضع‬
‫التنفيذ الهداف الوقادية لدلعاوى امجلاعية‪ ،‬اليت هتدف اىل وضع حد للتعسف اذلي‬
‫‪1‬‬
‫يهرض مبصار املس هتلكني" ‪.‬‬
‫ذلكل فان تقرير امحلاية للمس هتكل من رشوط جائرة ال يقدر مضموهنا يقتب تفعيل‬
‫دور القايض ‪.‬‬
‫أما عن الترشيع انجزائري فعىل الرمغ من أن املادة ‪ 39‬من القانون رمق ‪ 23-21‬واملادة‬
‫‪ 1‬من املرسوم التنفيذي رمق‪ ،226-26‬نصت عىل مجموعة من الرشوط املعتربة تعسفية‪،‬‬
‫اال أهنا ال تتضمن سوى جزاءا جناديا خيتص به القايض انجنايئ‪ .‬وبلتايل مفا عىل القايض‬
‫سوى الرجوع للامدة ‪ 002‬ق م ج‪ ،‬اليت يكون هل بصددها سلطة تقديرية واسعة‪ ،‬تمتثل‬
‫يف تعديل الرشط التعسفي مع االبقاء عليه أو اعفاء الطرف املذعن من اخلضوع لهذا‬
‫الرشط‪ ،‬ويه سلطة جوازية وليست وجوبية‪ ،‬فيجوز للقايض أن ال يس تعمل الرخصة‬
‫اخملوةل هل من املرشع‪ ،‬بلرمغ من اماكنية وجود رشط تعسفي يف عقود االذعان‪.‬هذا‬
‫وتنص نف املادة عىل بطالن أي أتفاق يقب بستبعاد سلطة القايض يف تعديل أو‬
‫الغاء الرشط التعسفي‪.‬‬

‫‪ -1‬ركا فرج ميك ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪12‬‬

‫‪318‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما رشط عدم الضامن فقد رتب عليه املرشع البطالن وبصورة رصحية بلرجوع للامدة‬
‫‪ 02‬من املرسوم التنفيذي رمق ‪ 366-92‬حيث جاء فهيا ‪ ":‬يبطل لك رشط بعدم الضامن‬
‫ويبطل مفعوهل‪ ،‬ويعترب رشط عدم الضامن لك رشط حيد من الزتامات اررتف القانونية‬
‫أو يستبعدها "‪.‬‬
‫وبلغة مطابقة للامدة ‪ 002‬ق م ج رحج املرشع املرصي مصّي الرشوط التعسفية بني‬
‫االلغاء والتعديل مبوجب نص املادة ‪ 019‬ق م م‪ ،‬يف حني نصت املادة ‪ 6/61‬من قانون‬
‫التجارة املرصي رمق ‪ 01-99‬عىل بطالن ‪ ":‬لك رشط أو بيان يكون من شأنه اعفاء‬
‫املنتج أو املوزع من املسؤولية أو حتديدها أو َتفيض مدة تقادهما"‪ .‬وكذا املادة ‪ 02‬من‬
‫قانون حامية املس هتكل رمق ‪ 61-26‬حيث جاء فهيا‪ ":‬يبطل لك رشط يرد يف عقد أو‬
‫وثيقة أو مستند أو غّي ذكل مما يتعلق بلتعاقد مع املس هتكل‪ ،‬اذا اكن من شأن هذا‬
‫الرشط اعفاء مورد السلعة أو مقدم اخلدمة‪ ،‬من أي من الزتاماته الواردة هبذا القانون"‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬نطاق البطالن‬
‫أما فامي يتعلق بنطاق البطالن ان اكن ك الرشط فقط أو يؤدي اىل بطالن العقد‬
‫برمته‪ ،‬ذهب رأي أول‪ 1‬اىل القول أن بطالن الرشط يؤدي اىل بطالن العقد برمته‪،‬‬
‫حيث أن بطالن اللك يشمل بطالن انجزء ‪ .‬ولتربير رأُّيم اس تدلوا بنصوص من القانون‬
‫املدّن الفرنيس اليت تنص عىل ابطال العقد بأمكهل‪ ،‬اذا ما تضمن رشوط معينة‪ ،‬كام هو‬
‫احلال بلنس بة للرشط االرادي ارض ‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي ‪ J.Calais-Auloy‬مشار اليه يف‪ ،‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪13‬‬

‫‪319‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما الرأي الثاّن‪ 1‬فذهب اىل القول أن البطالن جزيئ ك الرشوط ال العقد‪ ،‬وهذا‬
‫ما يعد تطبيقا لنظرية انقاص العقد‪ ،‬اليت أخذ هبا املرشع الفرنيس يف العديد من نصوصه‬
‫كنص املادة ‪ 0612‬ق م ف‪ ،‬اليت تنص عىل بطالن الرشوط الرامية اىل الغاء وَتفيف‬
‫الضامن الواجب عىل البادع‪ ،‬يف حاةل وجود عيب خفي بلش ئي املبيع‪ .‬وما ال شك فيه‬
‫أن بنود العقد ال تمتتع بدرجة المهية نفسها‪ ،‬وأن الق ة احلقيقية للك بند ككن أن يم‬
‫حتديدها بشلك موضوعي‪ ،‬ومن مث يعود للقايض حتديد مدى أمهية البند غّي املرشوع‪،‬‬
‫ودرجة احداثه للدل يف التوازن‪ ،‬فاذا بدى هل أن وجود البند يعدم التوازن يف العقد‬
‫يبطل العقد باكمهل‪ ،‬واذا بدا هل العك أي أن البند املذكور ال حيدث خلل يف العقد‬
‫‪2‬‬
‫يبطل العقد بطالان جزديا‪،‬أي حيمك ببطال البند التعسفي وحده ‪.‬‬
‫وهذا ما أخذ به املرشع الفرنيس يف املادة ‪ 1-310‬ق ا ف الساري املفعول فنصت‬
‫عىل أن الرشوط غّي العادةل غّي مكتوبة ‪.‬ويظل العقد ساري املفعول يف مجيع أحاكمه‬
‫غّي تكل اليت يثبت أهنا تعسفية اذا اس تطاعت أن تبقى دون هذه الرشوط‪.‬و أن‬
‫‪3‬‬
‫أحاكم هذه املادة يه من النظام العام‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي ‪ V.CH Glaume‬مشار اليه يف‪ ،‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪ -2‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪21‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- « Les clauses abusives sont réputées non écrites.‬‬
‫‪Le contrat reste applicable dans toutes ses dispositions autres que celles jugées abusives s'il‬‬
‫‪peut subsister sans ces clauses.‬‬
‫‪Les dispositions du présent article sont d'ordre public ».‬‬

‫‪311‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وخبصوص الترشيع انجزائري فباماكن للقايض استنادا اىل نص املادة ‪ 002‬ق م ج‪،‬‬
‫اما أن يعدل الرشط أو أن يعفي الطرف املذعن منه ‪.‬و ما هذا اال تطبيق رصحي لنظرية‬
‫‪1‬‬
‫انقاص العقد‪ ،‬اليت هتدف اىل اس تقرار املعامالت‪.‬‬
‫هذا وأنه خبصوص عئب اثبات الطابع التعسفي فنجد أن يف املادة ‪ 39‬من القانون‬
‫رمق‪ 23-21‬افرتاض للطابع التعسفي للرشط‪ ،‬والنتيجة أن املتعاقد املهرضور يعفى من‬
‫اثبات ذكل مىت اكن الرشط من قبيل الرشوط ارددة يف املادة ‪. 39‬أما اذا تعلق‬
‫المر برشوط أخرى غّي تكل اليت ورد ذكرها يف املادة‪ ،‬فان املتعاقد املهرضور يقع عليه‬
‫عئب اثبات الطابع التعسفي للرشط‪ ،‬وفقا لقاعدة البينة عىل من ادعى‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫انجـــزاء غـّي املبــاشــر‬
‫اذا اكنت القاعدة طبقا لنص املادة ‪ 003‬فقرة أوىل ق م ج‪ ،‬تنص عىل أن الشك‬
‫يف معىن العبارة يفرس ملصلحة املدين يف حاةل مغوضها ‪.‬فان القايض اذا تبني هل مغوض‬
‫أحد بنود عقد االذعان‪ ،‬فانه يلزتم بتفسّي الشك يف مصلحة الطرف املذعن دادنا اكن‬
‫أو مدينا‪ .‬وهذا ما ذهبت اليه املادة السابقة يف فقرهتا الثانية حيث جاء فهيا أنه‪ ":‬غّي‬
‫‪ -1‬وقد اشرتط املرشع لتطبيقها ‪:‬‬
‫أن يكون العقد بطال يف شق منه فقط‪ ،‬أما مىت اكن حصيحا يف لك بنوده أو بطال يف لك بنوده فال حاجة لالنقاص ‪.‬‬
‫قابلية العقد لالنقسام ويكون كذكل اذا اكن سقوط انجزء الباطل منه ال ينال من تكييف العقد‪ ،‬فال َ‬
‫يغّي من طبيعته‬
‫القانونية أما اذا اكن كذكل فيكون غّي قابل لالنقسام‪.‬‬
‫أن يكون الشق الباطل غّي مؤثر‪ ،‬أي أن ال يكون هو ادلافع للتعاقد ‪.‬فاذا اكن هذا الشق الباطل هو اذلي محل املتعاقد‬
‫عىل ابرام العقد‪ ،‬فال جيوز انقاص العقد‪ ،‬وال ينقص انجزء الباطل من العقد دون انجزء الآخر‪ ،‬اال اذا اكن ذكل ال يؤثر عىل‬
‫رضا املتعاقد يف ابرام العقد‪.‬‬
‫فياليل عيل‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬

‫‪311‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أنه ال جيوز أن يكون تأويل العبارات الغامضة يف عقود االذعان ضارا مبصلحة الطرف‬
‫املذعن"‪.‬‬
‫وتعترب هذه القاعدة الواردة يف املادة ‪ 003‬ماَل للقاعدة الواردة يف املادة ‪ 002‬ق م‬
‫ج‪ ،‬واليت تعطي للقايض حق اعادة النظر يف الرشوط التعسفية يف العقد‪ ،‬بتعديلها أو‬
‫الغاهئا مبارشة‪.‬مفنل املرشع للقايض بالضافة ذلكل سلطة الرقابة عىل الرشوط التعسفية‬
‫بطريقة غّي مبارشة‪ ،‬فعن طريق التفسّي ككنه أن يستبعد بعض الرشوط التعسفية أو‬
‫خيفف من تعسفها‪ ،‬وذكل بتفسّي الشك ملصلحة الطرف املذعن عىل اعتبار أن ذكل‬
‫يوافق االرادة الضمنية للمتعاقدين ‪.‬خاصة أن عقود االذعان غالبا ما حتتوي عىل رشوط‬
‫تعسفية‪ ،‬تطبق يف صورة عقود عامة ال يعْل هبا املتعاقد أو عىل القل ال يكون مدراك‬
‫بصورة جيدة لآاثرها احلقيقية والكرث من ذكل أهنا غّي قابَل للنقاش‪ ،‬وهذا ما أكدته‬
‫املادة ‪ 12‬ق م ج ‪.‬‬
‫يرى بعض الفقه‪ 1‬بشأن املادة ‪ 010‬فقرة اثنية ق م م املطابقة للامدة ‪ ،003‬أن‬
‫املرشع قد قيد بال مربر سلطة القايض يف تفسّي الرشوط الواردة يف عقود الاذعان‪،‬‬
‫حيامن حدد ممارسة هذه السلطة يف حدود الرشوط الغامضة ‪.‬ذكل أن تفسّي عبارات‬
‫العقد ال يقترص عىل تفسّي الرشوط الغامضة‪ ،‬وامنا كتد ليشمل لك رشوط التعاقد‬
‫حىت مبا اكن مهنا واحضا‪ ،‬ما دام بماكن القايض اس تنباط عدم توافق هذه الرشوط مع‬
‫االرادة احلقيقية املشرتكة للمتعاقدين ‪.‬‬
‫غّي أن ما هو مالحظ أن املرشع وان اكن قد قرص قاعدة تفسّي الشك ملصلحة‬
‫الطرف املذعن‪ ،‬عىل احلاةل اليت تكون فهيا عبارات العقد غامضة ‪.‬اال أنه ويف املقابل‬

‫‪ -1‬عبد احلمك فودة‪ ،‬تفسّي العقد يف القانون املدّن املرصي واملقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪312‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫منحه يف حاةل وضوح العبارات اماكنية تعديل هذه الرشوط‪ ،‬أو الغاءها طبقا لنص‬
‫املادة ‪002‬ق م ج‪.‬‬
‫واحلقيقة أنه توجد عدة أسانيد لقاعدة تفسّي الشك ملصلحة الطرف املذعن‪ ،‬أولها أن‬
‫هذا الخّي هو الضعف اقتصاداي وأن رضاءه بلعقد أقرب اىل معىن التسلمي منه اىل‬
‫معىن القبول الاختياري‪.‬ذلكل فان التعسف يف هذه العقود يؤدي اىل استبعاد المتيزي بني‬
‫ادلائن واملدين يف الرشط ‪.‬اضافة اىل ذكل فان الطرف القوي هو اذلي يس تقل بتحرير‬
‫العقد ووضع رشوطه‪ ،‬ومن مث اذا ما شاب مغوض أحد بنود العقد‪ ،‬وجب أن ال يفيد‬
‫من هذا الغموض‪ ،‬أي وجب أال يفيد من تقصّيه يف تضمني العقد رشوطا واحضة‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬فيتحمل تبعة عدم صياغة بنود العقد بشلك واحض ال مغوض فيه‪.‬‬
‫هذا وأن اعتبارات العداةل متثل س ندا قواي لتربير الخذ هبذه القاعدة‪ ،‬ذكل أن عقد‬
‫االذعان عىل نقيض عقد املساومة يفتقد عنرص املناقشة لرشوط العقد‪ ،‬فيقترص دور‬
‫القابل فيه عىل التسلمي مبا كيل عليه من اجياب يف صورة رشوط مكتوبة عادة ‪.‬و من مث‬
‫فأحد املتعاقدين هو س َيد العقد يف الواقع‪ ،‬بيامن الآخر هو املذعن هل سواء اكن االذعان‬
‫قانونيا أو فعليا‪ ،‬فلي مثة ارادة حقيقية مشرتكة بملفهوم اذلي نلمسه يف عقود املساومة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫بل يكون رضاء القابل برشوط التعاقد أش به بلتسلمي بلمر الواقع ‪.‬‬
‫لجل ذكل فان القضاء ر يدخر هجدا محلاية الطرف املذعن يف العقود‪ ،‬بتحميل من‬
‫يس تقل بتحرير رشوط العقد‪ ،‬مسؤولية عدم حتريرها بشلك واحض ال يثّي أي لب‬
‫‪.‬حيث ذهبت اراة العليا بتارخي ‪ 03‬مارس ‪ 0922‬للقول بأن ‪ :‬املفروض أن الطرف‬

‫‪ -1‬أنور سلطان‪ ،‬الوجزي يف النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬د ط‪ ،‬دار املطبوعات انجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫د‪.‬س‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪ -2‬عبد احلمك فودة‪ ،‬تفسّي العقد يف القانون املدّن املرصي واملقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪313‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الآخر هو اذلي يس تقل بتحرير العقد ورشوطه‪ ،‬فاذا ما مغضت عبارات عقد هو‬
‫‪1‬‬
‫صانعه وجب أال يفيد من مغوض تسبب فيه "‪.‬‬
‫عىل أن مرد الغموض يف العقد يرجع لس باب عدة مهنا‪ ،‬اذا اكن الرشط غّي‬
‫متوافق أو مناقض لرشوط أخرى‪ ،‬أو عند تعارض نص عام مطبوع مع نص خاص أخر‬
‫أضيف بليد‪ ،‬أو ينشأ الغموض عند تضمني العقد عبارات حتمتل أكرث من معىن أو‬
‫تأويل ‪.‬كذكل قد ينشأ الغموض عن هجل الطرف املذعن بلغة حترير العقد‪ ،‬وعند‬
‫اس تددام مصطلحات فنية أو تقنية جديدة يصعب عىل الطرف املذعن االملام هبا‪،‬‬
‫بلنظر اىل مركزه ووضعه كشفص غّي ممهتن أو متفصص‪ .‬وقد يرتتب الغموض أيضا‬
‫عىل تضمني العقد رشوطا غّي مألوفة تنطوي عىل التعسف‪ ،‬تم كتابهتا بصورة غّي‬
‫‪2‬‬
‫واحضة أو مهبمة‪.‬‬
‫وتطبيقا ذلكل اذا حدث تعارض بني نسخ وثيقة التأمني فيؤخذ مبا تقرره النسدة‬
‫اليت حتت يد املؤمن هل‪ ،‬بعتبار أن املؤمن هو اذلي أعد تكل الوثيقة‪ ،‬فعليه أن يتحمل‬
‫مسؤولية ما يوجد من تعارض بني النسخ العديدة لوثيقة التأمني‪ ،‬ويرتتب عىل ذكل اذا‬
‫خلت النسدة اليت سلمت اىل املؤمن هل من رشط‪ ،‬ورد به البيان بلنسخ الخرى‪ ،‬فال‬
‫‪3‬‬
‫حيتج به عىل املؤمن هل ‪.‬‬
‫واحلقيقة أن االرادة املشرتكة اليت يفرس العقد استنادا لها‪ ،‬ترتبط ارتباطا وثيقا مببدأ‬
‫حسن النية يف العقود‪ .‬لن مبدأ سلطان االرادة وان اكن يعطي الولوية للقصد املشرتك‬
‫‪ -1‬مقتب عن بلحاج العريب‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام يف القانون املدّن انجزائري‪ ،‬ج الول‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫انجامعية‪ ،‬انجزائر‪ ،0991 ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ -2‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫أنظر أيضا سعيد عبد السالم‪ ،‬التوازن العقدي يف نطاق عقود االذعان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬أمحد رشف ادلين‪ ،‬أحاكم التأمني‪ ،‬دراسة يف القانون والقضاء املقارننني‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬بدون دار نرش‪ ،‬مرص‪،0990 ،‬‬
‫ص‪.92‬‬

‫‪314‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫للمتعاقدين‪ ،‬فان هذا القصد يف عقود االذعان غّي موجود‪ .‬ذلكل اكن ال بد للقايض‬
‫اللجوء اىل طرق تفسّي‪ ،‬تصب يف مصلحة الطرف املذعن دادنا اكن أو مدينا‪ ،‬اعامال‬
‫ملبدأ حسن النية اذلي يعطي الولوية لروح العقد‪ ،‬وبلجوء القايض اىل تفسّي الشك‬
‫ملصلحة الطرف املذعن دادنا اكن أو مدينا‪ ،‬يؤمن حل العديد من من ال‪،‬اعات‪ ،‬اليت قد‬
‫تنجم عن التعسف يف اس تعامل سلطة التحرير املنفرد ملثل هذه العقود ‪.‬‬
‫والفكرة أن البنود اليت ترد بصورة صغّية أو غّي هلاهرة‪ ،‬وغّي ممزية بلنس بة ملا قد‬
‫حتتويه من انتقاص للمسؤولية أو حقوق الطرف املذعن‪ ،‬عن بيق البنود اليت قد‬
‫يتضمهنا العقد تتعارض ومبدأ حسن النية العقدية ‪.‬مفحرر بنود عقد التأمني يقصد جعلها‬
‫غّي واحضة‪ ،‬وغّي مقروءة أو موضوعة يف ماكن هاميش أو خمبأ يف العقد‪ ،‬وبلتايل فان‬
‫نيته اجتهت اىل تضليل املتعاقد‪ ،‬ومحهل عىل الوقوع يف الغلط ‪.‬المر اذلي ككن التصدي‬
‫هل عرب تدخل القايض استنادا ملبدأ حسن النية يف التعاقد‪ ،‬البطال البنود املطبوعة‬
‫بأحرف صغّية ‪.‬و هذا ما ذهب اليه الترشيع المرييك عندما قىض بأن توفر مثل هذه‬
‫‪1‬‬
‫البنود بشلك هاميش أو خمبأ‪ ،‬هو دليل عىل احامتل اجتاه النية اىل الغاهئا ‪.‬‬
‫ويف عقد التأمني اذلي اعتربه الكثّي من الرشاح من عقود منهت ى حسن النية‪،‬‬
‫ذكل أن املؤمن يرتكز يف قبوهل عىل حصة البياانت اليت يديل هبا املؤمن هل‪ ،‬عن ماهية‬
‫اخلطر والظروف اريطة به‪ .‬ذلكل فان مبدأ حسن النية يفرض نوعا من الصدق‬
‫وال‪،‬اهة عند االدالء بتكل البياانت‪ ،‬لمتكني املؤمن من تقدير اخلطر موضوع الضامن‬
‫وجسامته ‪.‬‬

‫‪ - 1‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪010‬‬

‫‪315‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويف املقابل فان االلزتام بقاعدة حسن النية ال يقع فقط عىل املؤمن هل‪ ،‬وامنا يفرض‬
‫عىل الضامن أن كتنع عن اخفاء بياانت أو معلومات من شأهنا ايقاع الطرف الضعيف‬
‫يف العقد يف غلط أو خداع‪ ،‬ذلكل يعد االعالم ألية قانونية وقادية محلاية الرىض من‬
‫‪1‬‬
‫العيوب ‪.‬‬
‫وعليه فالطرف اذلي س يوقع عىل عقد االذعان اندرا ما يقوم بقراءته‪ .‬فهو يف غالب‬
‫الحيان ال يكون دليه الوقت الاكيف لقراءته‪ ،‬وأحياان قراءته لن جتديه نفعا لهنا يف‬
‫الغالب قد حتتاج اىل رجل قانون يك يفهمها ‪.‬لسن النية يف التعاقد يفرتض قبل ابرام‬
‫العقد اعالم الطرف الآخر هبا‪ ،‬وجعلها وحددة وواحضة ومقروءة وهلاهرة يف عقد‬
‫االذعان‪ ،‬حتت طادَل عدم االحتجاج هبا جتاه الطرف املذعن‪.‬‬
‫وتؤكد املادة ‪0-303‬ق ا ف عىل ورة والزامية حترير بوضوح رشوط العقود‬
‫املقرتحة‪ ،‬من طرف اررتفني عىل املس هتلكني أو غّي اررتفني حىت يتس ىن لهؤالء فهمها‬
‫‪.‬فألزمت املادة القايض بتفسّي الشك أثناء البحث عن النية املشرتكة للمتعاقدين‪ ،‬مبا‬
‫حيقق مصلحة املس هتكل أو غّي اررتف‪.‬و هذا ما تضمنه أيضا التوجيه الورويب رمق ‪-92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 02‬بأنه‪":‬عىل أنه يف حاةل الشك يف معىن رشط ما يفرس الشك ملصلحة املس هتكل "‪.‬‬

‫‪ -1‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪011‬‬


‫فذهبت حماة الاس تئناف املدنية يف لبنان بتارخي ‪ 3222/21/01‬اىل أن العقود املنشأة عىل الوجه القانوّن تلزم املتعاقدين‪،‬‬
‫وجيب أن تفهم وتنفذ وتفرس وفقا ملبدأ حسن النية واالنصاف‪ ،‬وعىل فرض أن الرسقة حصلت بلكرس أو بواسطة مفتاح‬
‫مس تعار أو مصنع‪ ،‬فالنية الضمنية يه أن هناك رسقة مشموةل بلعقد‪ ،‬وان ر يرد النص علهيا رصاحة‪ .‬فاملرشع ساوى بني‬
‫الرسقة احلاصَل بواسطة الكرس واخللع‪ ،‬وتكل احلاصَل بس تعامل مفاتيل مصنعة أو مس تعارة‪ ،‬ومن مث فالقصد أن يشمل عقد‬
‫التأمني الرسقة احلاصَل بأي طريق غّي مألوف ‪ .‬فاس تعانت اراة مببدأ حسن النية لتفسّي عقد التأمني‬
‫هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪306‬‬
‫‪ -2‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬

‫‪316‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كام ألزم املرشع انجزائري مبوجب نص املادة ‪ 1‬من المر رمق ‪ 21-91‬أن حيرر عقد‬
‫التأمني كتابيا وحبروف واحضة‪ ،‬فورد فهيا ‪ ":‬حيرر عقد التأمني كتابيا وحبروف‬
‫‪1‬‬
‫واحضة‪."...‬‬
‫خالصة القول أنه يف مرحَل حتضّي العقد من املفروض أن كتنع الطرف القوي يف‬
‫عقد االذعان ادراج بنود تعسفية خمالفة ملبدأ حسن النية ‪ .‬ولن من يدرج مثل هذه‬
‫الرشوط يفرتض فيه حامت سوء النية لنه حمرتف يْل بظروف التعاقد ‪.‬و يف مقابل ذكل‬
‫يفرتض حسن نية املس هتكل لنه جيهل تكل الظروف ‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‬
‫صفة التعسف يف الرشط انجزايئ‬
‫للقايض سلطة اعادة النظر يف الرشط انجزايئ‪ ،‬بتعديهل مىت اكن مبالغا فيه أو حىت اتفها‬
‫‪.‬غّي أن السؤال املطروح ‪:‬هل جيوز اخضاع البنود انجزادية اىل الحاكم املتعلقة بلبنود‬
‫التعسفية؟‪ ،‬ومن مث القول بعتباره غّي مكتوب‪ ،‬أي بطل بدال من تعديهل‪ ،‬مىت توفَرت‬
‫فيه الرشوط املطلوبة العتبار البند بندا تعسفيا ؟لجل ذكل تعرضنا يف (الفقرة الوىل )‬
‫للتقريب بني مفهوم الرشط انجزايئ والرشط التعسفي‪ ،‬ويف (الفقرة الثانية ) نجزاء ادراج‬
‫رشط جزايئ تعسفي‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫التقريب بني مفهوم الرشط انجزايئ والرشط التعسفي‬
‫قد يتفق املتعاقدان سلفا سواء يف العقد أو يف وثيقة مس تقَل‪ ،‬عىل حتديد ق ة‬
‫التعويض املتوجب للمتعاقد اذلي ر ينفذ الالزتام العادد هل‪ ،‬أو اذلي حصل تأخّي يف‬
‫تنفيذه وهذا ما يسمى بلبند انجزايئ ‪ .‬والفاددة من ادراج مثل هذا البند تمتثل يف أنه‬
‫‪ -1‬المر رمق ‪ 21-91‬الصادر يف ‪ 31‬جانفي ‪ 0991‬املتعلق بلتأمينات‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يغين عن اثبات الهرضر أمام القضاء‪ ،‬غّي أن البند انجزايئ قد يكون مبالغا فيه‪ ،‬بتحديد‬
‫تعويض زهيد دلرجة يعترب معها انفيا للمسؤولية‪ ،‬أو مرهقا بشلك كبّي حبيث يتجاوز‬
‫ق ة العقد ذاته‪ .‬من مث هذا الواقع يصطدم بلشعور بلعداةل‪ 1،‬فيقدر القايض أن أحد‬
‫الفرقاء يف العقد اس تغل حاجة الآخر ففرض عليه مثل هذا البند‪ ،‬فيكون هل بناءا عىل‬
‫ذكل ممارسة رقابته عىل هذا البند‪ ،‬اما بلتففيض أو الزايدة طبقا املادة ‪ 1-0320‬ق م‬
‫ف‪ .‬واملادة ‪184‬ق م ج ‪.‬‬
‫حاول جانب من الفقه الفرنيس‪ 2‬التقريب بني الرشوط اليت يقتب توافرها يف البنود‬
‫انجزادية‪ ،‬وتكل اليت يقتب توافرها يف البنود التعسفية‪ ،‬معتربا أن رشط التجاوز الظاهر‬
‫يف الرشط انجزايئ‪ ،‬يقرتب من رشط اخللل املؤثر يف التوازن العقدي اذلي أشارت اليه‬
‫املادة ‪ 0-303‬من ق ا ف ‪ .‬ما يفيد اماكنية حذف تكل البنود انجزادية التعسفية يف‬
‫عقود الاس هتالك‪ .‬ذكل أن املادة ‪ 1-0320‬ق م ف ويه نص عام حتيل مضنا اىل املادة‬
‫‪ 0-303‬ويه نص خاص‪،‬فيصبل البند موضوع ال‪،‬اع بندا غّي مكتوب‪ ،‬مع احتفاظ‬
‫ادلائن بطلب تعويضه عن الهرضر اذلي حلق به‪ ،‬استنادا اىل القواعد العامة يف القانون‬
‫املدّن ‪.‬‬
‫وقد عدد املرشع الفرنيس بعض البنود انجزادية من بني البنود التعسفية‪ ،‬فاملادة‬
‫الثانية من مرسوم ‪ 31‬مارس‪ 0912‬أشارت اىل البنود اليت حتذف أو َتفض احلق يف‬
‫التعويض لغّي اررتف أو املس هتكل‪ ،‬عندما يتدلف اررتف عن تنفيذ أحد الزتاماته‬

‫‪ -1‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬العقد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪123‬‬


‫‪ G.Paisant -2‬مشار اليه ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪92‬‬

‫‪318‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪.‬فمبقتىض هذا املرسوم حتذف لي فقط البنود ارددة أو املعفية من املسؤولية‪ ،‬امنا‬
‫أيضا البنود انجزادية اليت حتدد جزاء أقل من الهرضر احلقيقي‪.‬‬
‫كام أن نجنة الرشوط التعسفية قد اعتربت العديد من البنود انجزادية بنودا تعسفية‪،‬‬
‫وقد استند القضاء اىل التوصية رمق ‪ 21-22‬الصادرة عن هذه اللجنة‪ ،‬حيث قضت‬
‫حماة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 30‬ديسمرب ‪ 0991‬أنه بالستناد اىل التوصية املذكورة‬
‫واملتعلقة بلبنود اليت تعترب تعسفية‪ ،‬يعترب بندا تعسفيا البند انجزايئ املدرج من الرشكة‬
‫يف عقد اشرتاك يف اند راييض وهو عقد اذعان‪ ،‬وبلتايل حذفه من العقد ودفع مبلغ عىل‬
‫سبيل التعويض مجلعية املس هتلكني‪ ،‬كتعويض عن الهرضر امجلاعي اذلي حلق هبا ‪.‬‬
‫خالصة القول أنه عىل الصعيد العميل ككن للمدين اذلي يقمي دعوى بوجه ادلائن‬
‫مطالبا بدفع التعويض االتفايق‪،‬ف كن أن يس ند دفاعه اما بالستناد اىل النصوص القانوينة‬
‫للبنود انجزادية‪ ،‬أو بالستناد اىل النصوص القانونية للبنود التعسفية وذكل حبسب‬
‫‪1‬‬
‫مصلحته ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫جزاء ادراج رشط جزايئ تعسفي‬
‫ان القول السابق أو الطرح السابق‪ ،‬يعين أن القايض أمام هذه البنود ككل اما‬
‫حذف هذه البنود لهنا تضمنت جزاءا مبالغا فيه‪ ،‬فه ي بذكل رشوط تعسفية واما‬
‫يبقي علهيا لهنا ليست كذكل ‪ .‬من مث يقوم القايض بتطبيقها كام وردت يف العقد ‪.‬و‬
‫تبعا ذلكل فان المر يعين زوال الطرح اذلي يتوسط الطرحني السابقني وهو اماكنية‬
‫َتفيض أو زايدة البند قضاديا ‪.‬و هذا يعين تضييق نطاق تطبيق املادة‪ 0320‬ق م ف‬

‫‪ -1‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪92‬‬

‫‪319‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مع احلفاظ عىل نطاق تطبيقها كام هو منصوص عليه أي التففيض انجزيئ للبند انجزايئ‬
‫عند التنفيذ انجزيئ لاللزتام ‪.‬‬
‫وقد ذهب جانب أآخر من الفقه‪ 1‬للبحث عن التقارب بني هذين البندين‪ ،‬اذ أن‬
‫تدخل القايض حلذف البنود انجزادية‪ ،‬س يكون بالستناد اىل حامية الفريق الضعيف يف‬
‫العقد من تعسف الفريق القوى اقتصاداي‪ ،‬كام أن َتفيض البند انجزايئ كجزاء يطبق من‬
‫القايض عندما يكون قد حدد يف العقد بشلك مبالغ فيه‪ ،‬هو جزاء غّي اكف ملاكلة‬
‫التعسف‪ .‬ذلكل يقتب أن يعلن بطالن هذا البند يف لك مرة تتوفر فهيا رشوط‬
‫التعسف يف البنود انجزادية ‪.‬‬
‫ويبدو أن الاجهتاد الفرنيس ر يأخذ يف الاعتبار‪ ،‬مدى توفر رشطي البنود انجزادية‪،‬‬
‫وهام عدم تنفيذ املوجب من املدين والطابع الاكرايه للبند‪ ،‬فاجته اىل حامية الطرف‬
‫الضعف اقتصاداي يف العقد‪ ،‬من تعسف الطرف القوي من البنود انجزادية التعسفية‪،‬‬
‫بتطبيق انجزاء املرتتب عىل البنود التعسفية أي حذفها أو اعتبارها غّي غّي مكتوبة ‪.‬‬
‫وقد صدرت قرارات عدة من حماة النقض الفرنس ية‪ ،‬أهلهرت أنه يف العقود املربمة‬
‫بني اررتفني واملس هتلكني‪ ،‬فان البنود انجزادية َتضع لحاكم املادة ‪ 023‬السابق‬
‫االشارة الهيا‪ ،‬اليت متنع ادراج البنود التعسفية يف هذه العقود‪ ،‬لكام اكن من شأهنا أن‬
‫تؤدي اىل حدوث خلل مؤثر يف توازن الروابط العقدية ‪ .‬فوصفت الغرفة الاجامتعية‬
‫راة المتييزي الفرنس ية ‪" ،2‬البند اذلي حيدد تعويضا عن الرصف من اخلدمة املدرج يف‬
‫عقد معل بلبند انجزايئ‪ ،‬بلرمغ من أن املسأةل ال تتعلق بتعويض حمدد عن عدم تنفيذ‬

‫‪ -1‬رأي‪G.Paisant :‬‬
‫أنظر ‪ :‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬مقتب عن ‪:‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.26‬‬
‫‪CASS .SOC ;27/02/1986.‬‬ ‫أنظر أيضا يف نف املرجع ‪:‬‬

‫‪321‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الالزتام‪ ،‬لن الجّي حيتفظ دامئا حبقه يف فسخ العقد غّي اردد املدة" ‪.‬فاعتربت اراة‬
‫أن الهدف هو احلصول عىل منافع مبالغ فهيا من قبل رب العمل ‪.‬‬
‫ولكن يف املقابل هناك العديد من القرارات‪ ،‬اليت قررت عدم وجود طابع تعسفي‬
‫للبند انجزايئ‪ ،‬واستبعدت تطبيق املادة ‪ 023‬السابق االشارة الهيا‪ ،‬واكتفت بخضاع‬
‫الرشط لحاكم املواد املتعلقة بلبند انجزايئ س امي املادة ‪1-0320‬ق م ف ‪.‬فعىل سبيل‬
‫‪1‬‬
‫املثال اعتربت حماة اس تئناف بري املدنية يف قرار لها صادر بتارخي ‪32‬سبمترب ‪0990‬‬
‫أن البند املدرج يف عقد اجيار س يارة ملدة حمددة‪ ،‬واذلي يفرض عىل املس تأجر اذلي‬
‫يلغي العقد منفردا قبل املوعد اردد‪ ،‬بأن يدفع اىل املؤجر تعويضا عن االلغاء املذكور‪،‬‬
‫لي من شأنه تأمني منفعة مبالغ فهيا للمؤجر‪ ،‬وال يظهر تعسف الفريق القوى اقتصاداي‬
‫أي املؤجر‪ ،‬وبلتايل فان البند موضوع ال‪،‬اع ال يرتدي طابعا تعسفيا بملعىن اردد يف‬
‫املادة ‪ 21‬من قانون ‪ ،0912‬حىت ولو اكن االجيار الهنايئ اذلي حدد يف العقد يتجاوز‬
‫مثن الس يارة ‪.‬‬
‫لكن من هجة أخرى اعتربت اراة أن البنود الواردة يف االتفاقية يه بنود جزادية‪،‬‬
‫فعىل الرمغ من أن التعويض عن الالغاء ال يتناسب مع ق ة الاجيار املس تحق‪ ،‬اال أنه‬
‫نتج عن صيغة مدروسة لنه يأخذ يف االعتبار املنفعة اليت وفرها التنفيذ انجزيئ لدلائن‪،‬‬
‫وبلتايل ال حمل أيضا للتففيض انجزيئ‪.‬‬
‫وقد اعترب هذا القرار من القرارات الهامة‪ ،‬لهنا املرة الوىل اليت يصدر قرار حياول‬
‫حتديد طبيعة البند أوال‪ ،‬استنادا اىل النصوص القانونية املتعلقة بلبنود انجزادية‪ ،‬مث‬
‫بالستناد اىل النصوص القانونية املتعلقة بلبنود التعسفية ‪.‬فاستبعدت اراة أوال اماكنية‬
‫اعتبار البند بندا تعسفيا‪ ،‬نظرا لعدم توفر الرشوط املطلوبة‪ ،‬مث درست اماكنية َتفيضه‬
‫‪ -1‬مقتب عن ‪:‬ركا فرج ميك‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.21‬‬

‫‪321‬‬
‫دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أو اماكنية عدم املساس به‪ ،‬بالستناد اىل مدى توفر رشوط البند انجزايئ ‪ .‬ذلكل حيتل‬
‫هذا القرار ماكنة هامة يف التطور الاجهتادي والترشيعي‪ ،‬اذ يفتل هذا القرار اجملال أمام‬
‫مراقبة التعسف بشلك أوسع ليشمل البند انجزايئ‪.‬‬
‫من مجمل ما قيل فان لك الاجهتادات الفقهية‪ ،‬والتوصيات الصادرة عن نجنة‬
‫الرشوط التعسفية والاجهتادات القضادية‪ ،‬تؤكد أن مفهوم البند انجزايئ يقرتب من‬
‫مفهوم البند التعسفي‪ ،‬ال س امي يف عقود الاس هتالك ‪.‬غّي أن أفضل وس يَل محلاية‬
‫املس هتكل من البنود انجزادية هو ادخالها يف قامئة الرشوط التعسفية رصاحة‪ ،‬فاملرشع‬
‫الاملاّن نص يف املادة ‪ 9‬من قانون‪ 0916‬عىل أنه ‪:‬تعترب غّي فعاةل البنود اليت توفر‬
‫للمتعاقد دفع تعويض حمدد عند الرفض أو التأخر يف تسلمي اخلدمة أو التأخر يف ادلفع‪،‬‬
‫أو عندما يتحرر أحد الفرقاء من العقد ‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫االلتزام العام بالنزاهة‬
‫والتعاون في العقود‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬االلتزام والنزاهة والتعاون في العقود‬

‫يتفق الففه الغالب عىل أن ال‪،‬اهة والتعاون الزتامات عامة تس تنتج من مبدأ حسن‬
‫النية الواجب مراعاة يف التعاقد‪ ،‬هذا التوجه احلديث نسبيا للفقه خصه العديد من‬
‫الكتاب الفرنس يني بدارسات وافية‪ ،‬يفيد الرتكزي عىل انجانب الخاليق يف العالقات‬
‫التعاقدية ‪ .‬حيث أن املادة ‪ 0021‬من القانون املدّن الفرنيس ‪1‬اكنت حمال لتفسّيات‬
‫متعددة من قبل رشاح القانون املدّن الفرنيس ‪.‬‬
‫ويف حني يرى جانب من هؤالء الرشاح أهنا تنطوي عىل واجب المانة‪ ،‬والثقة بني‬
‫املتعاقدين أي ال‪،‬اهة‪ 2 .‬يرى جانب أآخر أهنا تنطوي عىل واجب التعاون أو الاشرتاك‪،‬‬
‫واذلي يتطلب أن يقوم لك متعاقد ببالغ الآخر مبضمون العقد‪ ،‬والمور اليت ُّيمه‬
‫معرفهتا لتنفيذ العقد‪ 3.‬بل أن الفقه الغالب يرى أن مبدأ حسن النية يشمل واجب‬
‫‪4‬‬
‫ال‪،‬اهة والتعاون معا ‪.‬‬
‫حتول تبعا ذلكل هذين الالزتامني من مناقشة نظرية حبثة اىل تطبيقات يف‬‫وقد ّ‬
‫ممارسات القضاء الفرنيس وازدواجية ديناميكية للمبدأ‪ ،‬واحلقيقة أن هذه الالزتامات‬

‫‪ -1‬املعدةل بملادة ‪ 0021‬ق م ف‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Y.Picod,Le de oir de loyauté dans l’exécution du contrat ,L.G.D.J.1989.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- J.Mester, D’une exigence de bonne foi a un esprit de collaboration ,Re .Trim,1986,p100.‬‬

‫‪ -4‬ويف هذا الصدد نسجل تباينا يف رأي الفقه‪ ،‬مفهنم من يشّي اىل الالزتام بل‪،‬اهة أو واجب ال‪،‬اهة‪ ،‬ويشّي مضنا اىل‬
‫االلزتام بالعالم كتطبيق لل‪،‬اهة‪ ،‬ومهنم من يشّي اىل االلزتام بلتعاون اذلي يفرضه مبدأ حسن النية ويشّي اىل االلزتام‬
‫بالعالم كتطبيق هل ‪.‬و مهنم من يشّي بشلك مبارش اىل االلزتام بل‪،‬اهة والتعاون بعتبارهام الزتامني ينبثقان عن مبدأ حسن‬
‫النية ‪.‬‬
‫و ُيرى يف هذا الصدد أن ال‪،‬اهة قد تشمل التعاون‪ ،‬غّي أن الغاية من تقس مي البحث اىل الزتامني هو تبيان أن ال‪،‬اهة لهنا‬
‫سلوك سليب فه ي تفرض عدم الا ار بملتعاقد الآخر أي الامتناع عن القيام بعمل‪ ،‬بيامن التعاون فهو سلوك اجيايب يفرض‬
‫عىل املتعاقد القيام بعمل ينعك عىل العقد بلوصول اىل أقىص منفعة مبتغاة من التعاقد ‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يصعب حرص مضموهنا نظرا لتعدد الآراء الفقهية يف هذا الصدد‪ ،‬ولكرثة الحاكم‬
‫القضادية اليت تشّي الهيا مبناس بة عقود خمتلفة‪ ،‬ذلكل فتساؤلنا ينصب يف هذا املقام‬
‫حول‪ :‬ما اذلي تتطلبه ال‪،‬اهة والتعاون يف العقد بشلك عام‪ ،‬هل يه جمرد واجبات‬
‫أخالقية أدبية أم الزتامات قانونية ؟ ومبعىن أآخر هل أن ال‪،‬اهة والتعاون الذلان حييطان‬
‫بلعقد‪ ،‬ككن جتس يدهام يف شلك الزتام قانوّن‪ ،‬أم أهنا تبقى جمرد واجبات أخالقية؟‬
‫وموقف الفقه الفرنيس يف هذا اخلصوص وتطبيقات القضاء‪ ،‬لي اال موقفا يدعو اىل‬
‫ورة فرضهام اكلزتامات قانونية ‪.‬‬
‫لجل ذكل قسمنا هذا الفصل اىل مبحثني‪ ،‬خصصنا (املبحث الول ) لاللزتام العام‬
‫بل‪،‬اهة‪ ،‬و(املبحث الثاّن ) لاللزتام العام بلتعاون‪ ،‬حماولني حبث مضمون وتطبيقات‬
‫هذين الالزتامني عىل سبيل املثال‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املبحث الول‪:‬‬
‫الالزتام العام بل‪،‬اهة‬
‫يذهب كثّي من الفقه اىل أن تنفيذ العقد حبسن نية مكبدأ املنصوص عليه يف جل‬
‫الترشيعات‪ ،‬ومن مضهنا املرشع انجزائري يف نص املادة ‪021‬ق م‪ ،‬حيمل يف طياته‬
‫الزتاما بل‪،‬اهة يفرض عىل طريف العالقة العقدية‪ ،‬أن يسلاك ترصفا معينا يف تنفيذ العقد‬
‫‪.‬فهل أنه الزتام حقيقي هل دائن ومدين؟هل يفرض املرشع جزاء عىل خمافته من قبل‬
‫أحد املتعاقدين ؟‬
‫وملا اكن مضمون الالزتام بل‪،‬اهة مهبم‪ ،‬فيكون من المهية حتديد مضمونه يف‬
‫(املطلب الول)‪:‬مضمون الالزتام العام بل‪،‬اهة‪.‬و لن هذا الالزتام هل نطاق واسع يف‬
‫عقد العمل حيث جسلنا أن القضاء الفرنيس كثّيا ما أشار لل‪،‬اهة اليت جيب أن يتحىل‬
‫هبا العامل ‪.‬فانه يكون من المهية حتديد مضمون االلزتام ونطاقه يف عقد العمل ‪ .‬ذلا‬
‫خصصنا (املطلب الثاّن ) مضمون الالزتام وتطبيقاته يف عقد العمل ‪.‬‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫مضمون الالزتام العام بل‪،‬اهة‬
‫ان الثقة بني املتعاقدين يه من أُه مقومات العالقات العقدية‪ ،‬ذلكل من الهرضوري‬
‫ارافظة عىل ال‪،‬اهة العقدية‪ ،‬ذكل أن العقد كوس يَل لتحقيق منافع متبادةل‪ ،‬ال بد أن‬
‫يستند اىل دعامئ خلقية رشيفة‪.‬و أبرز تكل املقتضيات الالزتام بل‪،‬اهة‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن الالزتام العام بل‪،‬اهة يعك تأثّيا اجيابيا عىل العالقات العقدية‪،‬‬
‫مفا املقصود بل‪،‬اهة العقدية‪ ،‬هل يه الزتام أم جمرد واجب أديب ؟‬

‫‪326‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تبعا ذلكل تعرضنا يف (الفرع الول ) تعريف الالزتام العام بل‪،‬اهة‪ ،‬مث ويف (الفرع‬
‫الثاّن) رأي الفقه وأساس الالزتام بل‪،‬اهة ‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫تعريف الالزتام العام بل‪،‬اهة‬
‫للك الزتام طريقة يف التنفيذ‪ ،‬وهذا التنفيذ ال بد أن يم مبراعاة حسن النية‪ .‬مفقتىض‬
‫مبدأ حسن النية يف التعامل ال يقترص عىل طابع سليب حمض‪ .‬أي ال يقترص عىل انجهل‬
‫أو عدم العْل بواقعة أو هلرف ما‪ ،‬بل يتعداه اىل أن يشلك قاعدة للسلوك‪ ،‬تقتب من‬
‫الشداص مراعاة مجَل من الالزتامات‪ ،‬تمتحور حول اصطالحات ال‪،‬اهة والاس تقامة‬
‫‪1‬‬
‫والشفافية والمانة وعدم الغش‪.‬‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.111‬‬

‫وما يالحظ أن العامل التحضّيية للقانون املدّن املرصي قد أشار اىل مصطلل ال‪،‬اهة اىل جانب مصطلل حسن النية غّي‬
‫أن هذا املصطلل بلرجوع عىل أآراء الفقهاء‪ ،‬أن اشارة املرشع اىل اس تددام هذه الاصطالحات يف أآن واحد لي خطأ وقع‬
‫فيه املرشع بل أنه معل مقصود للمتيزي بني حسن النية بملعيار اذلايت و حسن النية بملعيار املوضوعي اذ أن اس تددام حسن‬
‫النية يف النصوص املتعلقة بحليازة و الالتصاق و غّيها يراد منه حسن النية بملعيار اذلايت و اليت تعين انجهل أو عدم العْل‬
‫بواقعة أو هلرف ما أو الاعتقاد اخلطأ أو املغلوط اذلي يتودل يف ذهن خشص ما ‪.‬و حسن النية هبذا املعىن تتسم بطابع‬
‫سليب حمض ‪.‬بيامن اشارة املرشع يف العامل التحضّيية للقانون املدّن يف املادة ‪ 012‬ق م م اىل نزاهة التعامل اىل جانب‬
‫حسن النية يراد منه حسن النية بملعيار املوضوعي اذلي يشلك قاعدة للسلوك تتطلب من املتعاقدين مراعاة ال‪،‬اهة و‬
‫المانة يف معامالهتم ‪ .‬و السلوك يفرض سلواك مس تقامي اتقاءا لي ر قد يلحق بملتعاقد الآخر للمتعاقد أي أنه الزتام‬
‫سليب بيامن انجهل هو موقف أو حاةل ذهنية سلبية تمتثل يف الاعتقاد اخلاطئ بوجود وضعية قانونية حصيحة ال تفرض‬
‫الزتاما‪.‬و امنا ترتب اثرا علهيا‬

‫دمحم سلامين المحد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪066‬‬

‫‪327‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ان الالزتام بل‪،‬اهة‪ 1‬اكحدى الالزتامات العامة املنبثقة عن حسن النية‪ ،‬هل مسميات‬
‫عديدة ‪.‬مفن الفقه من يطلق عليه لفظ الاس تقامة‪ 2،‬ومهنم من يطلق عليه لفظ رشف‬
‫التعامل‪3 ،‬ولفظ االخالص من جانب أآخر من الفقه‪ ،4‬والمانة من أآخرين ‪.‬و المانة‬
‫لغة من أمن ‪:‬المان ‪.‬و المن ضد اخلوف والمانة ضد اخليانة ‪.‬و المانة تقع عىل الطاعة‬
‫‪5‬‬
‫والعبادة والوديعة والثقة والمان‪.‬‬

‫‪-1‬وردت هذه التسمية يف العديد من املؤلفات‪ ،‬وقد أثران اس تعاملها بدل اس تعامل مصطلحات أخرى اكلمانة واالخالص ‪.‬‬
‫ومن املؤلفني اذلين أشاروا اىل لفظ ال‪،‬اهة‬

‫عيل فياليل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪16‬‬


‫عيشوش كرمي‪ ،‬العقد الطيب‪ ،‬دار هومة‪ ،‬انجزائر‪،3221،‬ص‪.061‬‬

‫‪A.Benabent‬‬ ‫و من الفقه الفرنيس اذلي اس تعمل مصطلل ال‪،‬اهة ‪J.Ghestin‬‬


‫‪Beatrice Jaluzot, La Bonne Foi Dant Les Contrats, Etude comparative des droits français‬‬
‫‪.allemand et ja ponais.D. lyon3. 2001. p112.‬‬
‫‪J. Ghestin, Traité de droit civil, Les obligations, Le contrat, T. II, Les obligations ,Le‬‬
‫‪contrat ,2ème éd ,L.G.D.J ,paris,1988‬‬
‫‪F. Terre, Ph. Simler, Y. Lequtte, Droit civil, Les obligations, D, Précis, 2013‬‬
‫‪ -2‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬ج‪ ،0‬العقد املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،01‬وأيضا‪:‬‬
‫‪M.Planiol et G.Riper et P.Esmein. Picod‬‬
‫‪Beatrice Jaluzot. Op cit .p112.‬‬
‫‪ -3‬أشار لهذه التسمية املرشع الكوييت يف املادة ‪ 019،092،091‬من القانون املدّن‬
‫‪ -4‬اس تعمل هذه التسمية ‪Ph.le Tourneau‬‬
‫‪Beatrice Jaluzot. Op cit .p112.‬‬
‫‪ -5‬اهمتت الرشيعة االسالمية بلمانة يف الترصفات بشلك عام‪ ،‬حيث جاء يف احلديث الرشيف أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص قال ‪":‬‬
‫أآية املنافق ثالث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا ائمتن خان "‬

‫لسان العرب ‪:‬لالمام العالمة أيب الفضل جامل ادلين دمحم بن مكرم ابن منظور الافريقي املرصي‪ ،‬اجملدل الثالث عرش‪،‬‬
‫بّيوت‪ ،0962 ،‬ص ‪30‬‬

‫‪328‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما من وهجة النظر القانونية فّيى البعض أم المانة أو ال‪،‬اهة‪ ،‬يه صياغة جديدة‬
‫لفكرة قدكة يه حسن النية ‪ .1‬و ُيرى يف هذا الصدد أن لك تكل املسميات تعرب لكها‬
‫عن الالزتام بل‪،‬اهة‪.‬‬
‫ويشّي البعض اىل أن الالزتام بل‪،‬اهة هو الزتام فضفاض حيمل يف طياته عدة‬
‫معان‪ ،‬فقد يعين يف مجَل ما يعنيه جتنب املتعاقد لك غش وتدلي جيعالن تنفيذ العقد‬
‫عسّيا أو مس تحيال‪ 2 .‬بيامن يرى البعض أن التدلي املقصود خيتلف عن التدلي‬
‫اذلي يقع عند ابرام العقد‪ ،‬واذلي يلجأ اليه أحد املتعاقدين دلفع املتعاقد الآخر البرام‬
‫‪4‬‬
‫العقد‪ 3.‬فالغش يقع حىت أثناء تنفيذ العقد أي أن هل معىن واسع ‪.‬‬
‫و ُيرى يف هذا الصدد أن املقصود هو االمتناع عن الغش مبعناه الواسع والغدر‬
‫واخلداع أثناء تنفيذ الالزتامات امللقاة عىل طريف العقد‪.‬‬
‫ي ّمتزي هذا الالزتام بأنه ذو طابع سليب أي أنه يفيد الامتناع‪ ،‬فيكون املتعاقد نزُّيا‬
‫عندما يكف عن مبارشة أي معل يتناىف مع الخالق‪ ،‬بأن يقوم بتنفيذ الزتاماته بوفاء‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jacques Gestin ,Traité de droit civil, La formation du contrat,3eme éd,L.G.D.J ,1993 ,P231‬‬

‫حيث يذهب‪ Ph.le Tourneau‬اىل أن مصطلل حسن النية مرادف ملصطلل ال‪،‬اهة‪.‬‬
‫‪« la bonne foi s’identifie à une règle de comportement, synonyme de loyauté et‬‬
‫»‪d’honnêteté‬‬
‫‪Ph.le Tourneau. Bonne foi, Répertoire de droit civil, T3,1999.p07‬‬
‫‪ -2‬فياليل عيل ‪،‬الالزتامات ‪ ،‬النظرية العامة للعقد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪391‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- F.Naceur.L’effet obligatoire du contrat, Thèse pour le doctorat d’état, uni ersité d’Oran,‬‬
‫‪2003, p05.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.913‬‬

‫‪329‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واخالص متجنبا أي نوع من التغرير‪ ،‬وبصفة متكن من حتقيق الغرض اذلي يريم اليه‬
‫‪1‬‬
‫العقد‬
‫كام وأنه حيمل يف طياته العديد من الالزتامات اليت يفرتض بملتعاقد مراعاهتا‪ ،‬حىت‬
‫يوصف سلوكه بل‪،‬اهة ‪ .‬اكاللزتام برافظة عىل الرسار‪ ،‬الالزتام بعدم املنافسة العامل‬
‫لرب العمل ‪ ،...‬اىل غّي ذكل من الالزتامات ذات الطابع الخاليق اليت تفرض‬
‫الامتناع‪ ،‬ومن مث يوصف سلوك املتعاقد تبعا ذلكل بلسلوك ال‪،‬يه‪.‬‬
‫وهو الزتام يفرض عىل املدين وادلائن معا‪ ،‬فيوجب عىل لك مهنام أن يلزتم حسن‬
‫الترصف‪ ،‬وأن كتنع عن القيام بأي معل من شأنه اال ار بملتعاقد الآخر‪ ،‬أو حرمانه‬
‫من جين املنافع اليت عول علهيا من خالل ابرامه للعقد ‪.‬لسن النية يوجه كيفية التنفيذ‬
‫بختيار الطريق اليت تفرضه ال‪،‬اهة والمانة يف التعامل‪ ،‬مثال عند تعدد الطرق املمكنة‬
‫للتنفيذ ‪ .2‬كام وأن التنفيذ الس ئي يساوي يف كثّي من الحيان عدم التنفيذ‪ 3.‬ف‪،‬اهة‬
‫‪4‬‬
‫التعامل توجب اتباع درجة عالية من حسن السلوك يف التعامل‪.‬‬
‫وملا اكنت املفاوضات عادة ما تس بق بعقود متهيدية فان الالزتام بل‪،‬اهة يفرض يف‬
‫تنفيد تكل العقود‪ ،‬فيفرض هذا الالزتام يف مرحَل املفاوضات االعتدال وانجدية‬
‫واالس تقامة‪ ،‬واملقصود بالعتدال تبادل االقرتاحات واملناقشة والتباحث بني طريف العقد‬
‫‪.‬و أن يرتك للطرف الآخر همَل اكفية للتأمل وادلراسة والتفكّي ‪.‬و تقتب انجدية من‬
‫الطرفني بدراسة املقرتحات بنية حقيقية يف التعاقد بعيدا عن الرصامة والتشدد‪ ،‬أي عدم‬
‫‪ -1‬عشوش كرمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.061‬‬
‫‪ -2‬بيار اميل طوبيا‪ ،‬الغش واخلداع يف القانون اخلاص‪ ،‬االطار العقدي واالطار التقصّيي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،3229 ،‬ص ‪092‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Romain Loir ,op cit,p142.‬‬
‫عيل فياليل‪ ،‬الالزتامات‪ ،‬النظرية العامة للعقد‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬مومف للنرش والتوزيع‪ ،‬انجزائر‪3221 ،‬ص ‪.396‬‬
‫‪ -4‬شّيزاد عزيز سلامين‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012‬‬

‫‪331‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رفض اقرتاحات الآخر ما دامت معتدةل ومنطقية ‪.‬أما االس تقامة فتقتب عدم تقدمي‬
‫بياانت أو معلومات مغلوطة‪ ،‬أو مفرطة يف التفاؤل أو التشاؤم‪ ،‬أو قدكة‪ ،‬وبلك‬
‫موضوعية وعقالنية ‪.‬كام أن االس تقامة تعين الالزتام مبواصَل التفاوض‪ ،‬وبذل العناية‬
‫الالزمة ملواصَل املفاوضات هبدف جناهحا‪ ،‬وعدم العدول عهنا دون مربر موضوعي‪ ،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫يف وقت غّي مالمئ ‪.‬أي ورة حماربة الاننية املفرطة اليت تثقل اكهل املتفاوض‪.‬‬
‫والسلوك يفرض االس تقامة اتقاءا لي ر قد يلحق بملتعاقد الآخر‪ ،‬أي أنه الزتام‬
‫سليب بيامن انجهل هو موقف أو حاةل ذهنية سلبية‪ ،‬تمتثل يف الاعتقاد اخلاطئ بوجود‬
‫وضعية قانونية حصيحة ال تفرض الزتاما‪ ،‬وامنا ترتب أثرا علهيا‪.2‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫رأي الفقه وأساس الالزتام بل‪،‬اهة‬
‫من املسْل به أن القانون حىت ولو اكن يمتزي بدلقة يف اعداده وحسن صياغته‪ ،‬اال‬
‫أنه ال ككن أن يضع حلوال لاكفة املنازعات املتعلقة بملسادل اليت يشملها ‪.‬مفا من ترشيع‬
‫يس تطيع أن ي ّْل باكفة جوانب املوضوعات اليت يعانجها من مجيع الوجوه‪ ،‬ف ُيعد للك أمر‬
‫نطاق يغطيه ‪.‬فيم اللجوء اىل املبادئ اليت نص علهيا املرشع مكبدأ حسن النية ملعانجة‬
‫احلاالت الطاردة واملس تجدة‪ ،‬ليجد لتكل احلاةل الس ند والساس القانوّن ملعانجهتا‪.‬‬
‫مع ذكل اكن ماذهب اليه جانب من الفقه بأن مبدأ حسن النية يفرض الزتاما‬
‫بل‪،‬اهة‪ ،‬حمل خالف فقه ي (الفقرة الوىل) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬بلحاج العريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ -2‬بيار اميل طوبيا‪ ،‬الغش والغداع يف القانون اخلاص‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬لبنان ‪3229‬ص‪.021‬‬

‫‪331‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هذا و أن الالزتام بل‪،‬اهة و ان اكن الفقه و القضاء يرجعه اىل مبدأ حسن النية‬
‫لتقومي سلوك املتعاقد فان هذا الالزتام جيد س ندا هل يف عدة نصوص يف القانون املدّن‪.‬‬
‫ذلكل نبحث أساس الالزتام يف (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫رأي الفقه حول وجود الالزتام بل‪،‬اهة‬
‫يرى بعض الرشاح أن حماوةل اجياد أساس قانوّن‪ 1‬ملساةل ر يرد بشأهنا نص خاص‬
‫يعد مصادرة الرادة املرشع‪ ،‬وذكل عىل أساس أن تكل الاعتبارات همام اكنت قوية‬
‫ومؤثرة‪ ،‬اال أهنا ال تكون اكفية لوحدها خللق أساس قانوّن سلمي‪.‬‬
‫غّي أن البعض الآخر ‪ 2‬يرى أن احلاة الرديس ية اليت ترىج من النص ملعانجته حاةل‬
‫معينة‪ ،‬هو اماكنية تطبيقها دلى القضاء‪ .‬ويه ذات احلاة اليت خولها املرشع للقضاة‬
‫لتطبيق ما جيدونه من حلول‪ ،‬مبقتىض قواعد العداةل أو املبادئ القانونية املتبعة عند تعذر‬
‫اجياد نص ترشيعي ‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد يشّي جانب أآخر من الرشاح‪ 3‬يف سبيل اقرار مثل هذه الالزتامات‬
‫العامة‪،‬اىل أنه يوجد مدلوالن للمراد بلساس القانوّن للحاةل أو املسأةل املطروحة ‪:‬‬
‫املدلول الول ‪ :‬حيث يقصد بلساس وفق هذا املدلول‪ ،‬البحث عن نص قانوّن يقرر‬
‫رصاحة تكل املسأةل‪ ،‬فاذا وجد هذا النص فان ذكل يعين أن لهذا الطرح أساسا قانونيا‪،‬‬
‫وخبالفه أي يف حاةل عدم وجود نص قانوّن‪ ،‬فهذا يعين عدم وجود أساس قانوّن ‪.‬‬

‫‪ -1‬رأي عباس الرصاف‬


‫مشار اليه يف ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -2‬رأي هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ -3‬رأي دمحم حنون جعفر‬
‫مشار اليه يف ‪ :‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪332‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والساس القانوّن وفق هذا املعىن أقرب ما يكون اىل الس ند القانوّن اذلي يستند‬
‫عليه ذكل الطرح‪ ،‬وعليه ككن وصف هذا املدلول بلساس القانوّن املعمتد عىل النص‬
‫القانوّن ‪.‬‬
‫املدلول الثاّن‪ :‬فيقصد به حماوةل البحث عن الس باب واملصوغات اليت دفعت املرشع‬
‫اىل تبين طرح ما‪ ،‬مكعاقبة الترصف اذلي ينطوي عىل غش أو تدلي ‪ ،‬أي معاقبة‬
‫الترصف غّي ال‪،‬يه ‪.‬و الساس القانوّن هبذا املعىن أقرب اىل املسوغ الخاليق‪،‬فيم‬
‫البحث واالس تدالل عىل وجود هذا الساس من عدمه من خالل البحث والتقيص‬
‫ذلكل الطرح‪ ،‬مضن القواعد الخالقية أو املنطقية مكبادئ العداةل وحسن النية ‪.‬فان اكن‬
‫الطرح منسجام مع تكل املبادئ اكن لها أساس قانوّن سلمي‪ ،‬يف حني ينعدم الساس اذا‬
‫اكنت املعادةل معكوسة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫أساس الالزتام بل‪،‬اهة‬
‫لقد اثر اخلالف بني الفقه س امي الفقه الفرنيس‪ ،‬حول ان اكن مبدأ حسن النية‬
‫تعبّي أخاليق يفرض فقط واجبات أخالقية ‪.‬أم أنه تعبّي قانوّن يفرض الزتامات عىل‬
‫عاتق طريف العالقة العقدية ‪ .‬ويف هذا الصدد يذهب‪ 1 Yves .PICOD‬اىل أن‬
‫الواجب هو تعبّي أخاليق والالزتام هو تعبّي قانوّن‪ ،‬والواجب أمع من الالزتام وأن‬
‫مصطلل الواجب مناسب أكرث ملبدأ حسن النية‪ ،‬لن حسن النية ال يقترص فقط عىل‬
‫العالقة العقدية‪ ،‬وامنا مطلوب حىت خارج نطاق التعاقد‪ ،‬فهو الزتام فضفاض مرن‪.‬‬
‫غّي أن بعض الفقه الفرنيس يرى أن مبدأ حسن النية يرتمج عىل مس توى العالقة‬
‫العقدية‪ ،‬عىل شلك الزتام قانوّن‪.‬و من مث تظهر أمهيته يف تربير الالزتامات‪ ،‬اليت‬
‫‪1‬‬
‫‪- Yves ..Picod, Le de oir de loyauté dans l’exécution du contrat ,L.G.D.J.1989‬‬

‫‪333‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يكشف عهنا القايض يف العقد اكاللزتام بل‪،‬اهة‪ 1.‬من مث فكون مبدأ قاعدة خلقية فهذا ال‬
‫يقلل من شأنه‪ ،‬بل ان هذه الصفة يه اليت تضفي عليه املرونة‪ ،‬واماكنية انطباقه عىل‬
‫‪2‬‬
‫حاالت وفروض عدة‪.‬‬
‫كام أن جانب أآخر من الفقه العريب يربر كون املبدأ الزتام ولي واجبا‪ ،‬بأن املرشع‬
‫عندما نص عىل حسن النية يف تنفيذ العقد‪ ،‬ر يتعرض أحد بلقول بأن النص ينطوي‬
‫عىل واجبات أدبية أو معنوية‪،‬بل أن املقصود من املادة هو تنفيذ الالزتام حبسن نية‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬دلى جند أن القضاء عادة ما يس تعمل مصطلل الالزتام ال الواجب ‪.‬‬
‫ويذهب البعض اىل أن الالزتام بل‪،‬اهة يف عقود الاس هتالك يرتبط بلثقة‬
‫املرشوعة ذلكل جند أن قانون الاس هتالك يرتك جماال واسعا لهذا الالزتام فيفرض عىل‬
‫اررتف الزتاما بلسالمة‪ ،‬والزتام بملطابقة حىت يفي املنتوج أو اخلدمة بلتوقعات‬
‫املرشوعة اليت ينتظرها املس هتكل ‪.4‬‬
‫وقد أوجب املرشع انجزائري يف املادة ‪ 9‬من املرسوم التنفيذي ‪5 22-29‬املتعلق‬
‫حبامية املس هتكل ومقع الغش أن تكون املنتجات املعروضة لالس هتالك مضمونة وتتوفر‬
‫‪1‬‬
‫‪-Romain Loir, op.cit , p125.‬‬
‫‪Ph. Stoffel-Munk, Terme du contrat Dans le même sens, RDC 2004, p.637.‬‬
‫حيث طبقه القضاء الفرنيس عىل عقد التأمني‪ ،‬اذلي يوصف بأنه من عقود منهت ى حسن النية‪ ،‬كام طبقه عىل عقد العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.01‬‬
‫‪ - 3‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Philippe Brunswick , Le devoir de loyauté une norme générale de comportement‬‬
‫‪oubliée puis retrouvée ? Cahiers de droit de l’entreprise ,N°1 ,janvier - 2016 ,p 21‬‬
‫‪http://innove.legtux.org‬‬
‫‪ -5‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 22-29‬املتعلق حبامية املس هتكل ومقع الغش املؤرخ يف ‪ 39‬صفر عام ‪ 0122‬املوافق ‪ 31‬فرباير‬
‫‪ ،3229‬ج ر‪ ،‬ع ‪.01‬‬

‫‪334‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عىل المن بلنظر اىل الاس تعامل املرشوع املنتظر ‪.‬و تضيف املادة ‪ 00‬من ذات‬
‫املرسوم بأنه جيب أن يليب لك منتوج معروض لالس هتالك الرغبات املرشوعة‬
‫للمس هتكل‪.‬‬
‫كام وأنه يف العقد الطيب حيث تلعب فيه أخالق الطبيب املعاجل دورا كبّيا‪ ،‬فنجد‬
‫أن النص عىل هذا الالزتام بشلك مبارش ورصحي‪ ،‬حيث جاء يف نص املادة ‪ 11‬من‬
‫املرسوم التنفيذي رمق‪ 316-93‬املتضمن م أ م ط ‪ ":1‬يلزتم الطبيب أو جراح الس نان‬
‫مبجرد موافقته عىل أي معانجة‪ ،‬بضامن تقدمي عالج ملرضاه يتسم بالخالص والتفاّن"‪.‬‬
‫و تضيف املادة ‪11‬من نف املرسوم بأنه يتعني عىل الطبيب أن جيهتد‪ ،‬للحصول عىل‬
‫أحسن تنفيذ للعالج‪.‬‬
‫وتظهر نية الطبيب احلس نة من خالل أسلوبه ودرجة عنايته يف عالج املريض‪،‬‬
‫مثلام يبذهل طبيب أآخر يف نف هلروفه ‪ 2.‬كام تظهر من خالل عدم سعيه الفتعال‬
‫العقبات‪ ،‬من أجل تعطيل وتأخّي تنفيذ معل طيب‪ ،‬قد يكون اما عالجا أو معلية‬
‫‪3‬‬
‫جراحية‪.‬‬
‫وحول الزامية مدونة أخالقيات همنة الطب فان وعىل الرمغ من أن الفقه التقليدي‬
‫يرى بأن قواعد أخالقيات همنة الطب‪ ،‬يه فقط تنظمي داخيل يرتب عقوبة تأديبية‪،‬‬
‫دون أن تكون هل جحية أمام القضاء ‪.‬اال أن الفقه احلديث يتجه اىل االعرتاف لهذه‬
‫القواعد بحلجية‪ ،‬يف جمال املسؤولية املدنية عىل القل ‪ 4.‬وبذكل فاالعرتاف لقواعد‬
‫‪ -1‬ج ر العدد ‪ 13‬مؤرخة يف ‪ 2‬يوليو ‪.0993‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ -3‬عشوش كرمي‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.061‬‬
‫‪ -4‬راي دمحم‪ ،‬نطاق وأحاكم املسؤولية املدنية للطباء واثباهتا‪،‬دار هومة‪ ،‬انجزائر‪ ،3203،‬ص‪12‬‬

‫‪335‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أخالقيات همنة الطب بحلجية‪ ،‬من شأنه أن جيعل من ال‪،‬اهة املطلوبة من الطبيب‬
‫‪.‬لي جمرد واجب أخاليق بل الزتام حقيقي جتسده عدة نصوص من مدونة أخالقيات‬
‫همنة الطب‪ ،‬يرتتب عن االخالل به املسؤولية املدنية للطبيب ‪.‬‬
‫هذا وأنه بلرجوع للرشيعة العامة يف القانون املدّن جند املادة ‪ 260‬ق م ج تشّي‬
‫اىل أن عىل البادع أن كتنع عن لك معل من شأنه أن جيعل نقل احلق عسّيا أو‬
‫مس تحيال ‪.‬‬
‫و يضيف عيل فياليل‪ 1‬أن الالزتام بلزتاهة امللقى عىل عاتق املتعاقد هو اذلي يربر‬
‫بطالن رشط االعفاء من املسؤولية الناجتة عن غش املتعاقد أو خط ه انجس مي ‪.‬حيث‬
‫أشارت املادة ‪ 012‬ق م ج اىل أنه وان اكن ككن اعفاء املدين من املسؤولية اليت‬
‫ترتتب عن عدم تنفيذه اللزتامه التعاقدي‪ ،‬اال أنه ال يتحلل مهنا يف حاةل ارتاكبه غشا‪،‬‬
‫سواءا وقع هذا الغش منه أو من أشداص يس تددهمم ما يفيد أن جزاء الغش وعدم‬
‫ال‪،‬اهة هو بطالن املشارطات اليت تعفي املدين من املسؤولية ‪.‬‬
‫ومن النصوص أيضا اليت تربر هذا الالزتام املادة ‪ 211‬ق م ج و اليت تقب ببطان‬
‫الرشط املسقط للضامن أو اذلي يقب بنقاص الضامن اذا تعمد البادع اخفاء حق الغّي‪.‬‬
‫واملادة ‪ 112‬ق م ج حيث أشارت هذه املادة اىل ورة أن يكون تنفيذ املقاول‬
‫مرضيا لرب العمل ن فاذا ما ثبت أن التنفيذ معيب أو مناف لرشوط العقد جاز لرب‬
‫العمل أن ينذره ليصحل من طريقة التنفيذ ‪ ،‬فاذا انقىض الجل دون أن يرجع املقاول‬
‫اىل الطريقة الصحيحة جاز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد ‪ ،‬أو أن يعهد ملقاول أآخر‬
‫بجناز العمل عىل نفقة املقاول الول ‪.‬‬

‫‪ -1‬فياليل عيل ‪ ،‬الالزتامات ‪ ،‬النظرية العامة للعقد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.396‬‬

‫‪336‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من مث ما يس تنتج أن التنفيذ املعيب لبنود العقد و بطريقة غّي مرضية قد كنل‬
‫للطرف الآخر فسخ العقد لنه أخل باللزتام بل‪،‬اهة ‪.‬‬
‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬
‫مضمون الالزتام وتطبيقاته يف عقد العمل‬

‫ان مبدأ حسن النية هو جتس يد ملتطلبات االس تقامة يف العالقات التعاقدية‪،‬‬
‫يكرسه املرشع ويتوسع يف مقتضياته حسب نوع العقد‪ ،‬مث ولن مصطلل المانة خيتلف‬
‫مضمونه حسب طبيعة العقد‪ ،،‬فيفتلف ما هو مطلوب من لكى طريف العالقة العقدية‬
‫من أمانة واس تقامة من عقد لآخر‪.‬فهناك عقود تتطلب درجة عالية من المانة‪،‬حبيث‬
‫يرتتب عىل خمالفة الترصف ال‪،‬يه أ ار تلحق الطرف الخر كعقد العمل‪ .1‬ذلكل‬
‫نتساءل عن مضمون الالزتام يف عقد العمل ؟ (الفقرة الوىل)‬
‫ولن عقد العمل من العقود اليت تقوم بدلرجة الوىل عىل حسن النية يف تنفيذها‬
‫جند أن املرشع نص عىل الالزتامات اليت تفرضها المانة والثقة والاس تقامة يف عقد‬
‫العمل اكاللزتام برافظة عىل الرسار‪ ،‬لنه من العقود اليت تتطلب درجة عناية خاصة‬
‫قصوى‪ ،‬يراعى فهيا الثقة اليت يضعها لك متعاقد يف الطرف الآخر‪ .‬مكرسة بنصوص‬
‫خاصة ‪.‬‬
‫ولن ال‪،‬اهة تقتب أيضا عدم اس تغالل املعلومات ذات الطابع الرسي فانه يقع عىل‬
‫العامل الزتام بعدم املنافسة‪ .‬ذلكل تعرضنا اىل تطبيقات الالزتام بل‪،‬اهة يف عقد العمل‬
‫(الفقرة الثانية)‬

‫‪ -1‬يف حني توجد عقود تبادلية تتطلب اضافة ذلكل ترصفا اجيابيا أي تعاوان‪ ،‬حىت يوصف املتعاقد بأنه حسن النية كعقد‬
‫البيع ‪...‬اخل‬

‫‪337‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الول‪:‬‬
‫مضمون الالزتام يف عقد العمل‬
‫يتدذ مبدأ حسن النية يف عقد العمل أمه ّية خاصة نظرا للرابطة املس مترة اليت‬
‫تربط بني الجّي وصاحب العمل‪ ،‬واليت تقوم يف كثّي من الحيان عىل أساس الثقة‬
‫الشفصية‪ .‬يقتب واجب االخالص ورة أن يقوم الجّي بلك ما من شأنه ارافظة‬
‫‪1‬‬
‫عىل مصار صاحب العمل واالمتناع عن لك ما ّ‬
‫يهرض بتكل املصار أو يتعارض معها‪.‬‬
‫ولن عقد العمل يقوم عىل التبعية‪ ،‬فانه يتوجب عىل العامل تنفيذ أوامر رب‬
‫العمل والانصياع لها‪ ،‬لن لهذا الخّي سلطة يف ادارة وتنظمي املرشوع‪.‬وتنفيذ أوامر‬
‫املس تددم واجب فرضته عليه املادة ‪ 2-21‬من قانون ‪ 2 00-92‬حيث أشارت اىل ان‬
‫العامل خيضعون للواجبات الاساس ية ومهنا‪" :‬تنفيذ التعلاميت اليت تصدرها السلطة‬
‫السلمية اليت يعيهنا املس تددم أثناء ممارس ته العادية لسلطاته االدارية "‪.‬‬
‫يطلق عىل هذا الالزتام يف عقد العمل بواجب الطاعة‪ ،‬فيفيد هذا الواجب التبعية‬
‫واالخالص والمانة والاس تقامة يف عقد العمل‪ ،‬يقتب من العامل أن حيافظ عىل‬
‫مصلحة املرشوع‪ ،‬ويسعى الجناحه فيتطلب أن يتبع العامل ما يصدر هل من أوامر من‬
‫رب العمل ‪.‬فسلوك العامل خالل تنفيذ العقد جيب أن ال يتسم بلعدوانية والتقاع يف‬
‫الاهامتم بلعمل‪ ،‬بل يتطلب منه أن يتسم بملرونة لتحقيق ما يصبوا اليه رب العمل‬
‫‪.‬لنه أوىل بكيفية حتقيق أهداف املرشوع ‪.‬و من مث فواجب الطاعة خيتلف عن واجب‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ch.Vigneau, L’impératif de bonne foi dans l’exécution du contrat de tra ail, Dr.Soc‬‬
‫‪2004 , p 714.‬‬
‫‪ -2‬قانون رمق ‪ 00-92‬املؤرخ يف ‪ 36‬رمضان عام ‪ 0102‬املوافق ‪ 30‬أبريل س نة ‪ 0992‬يتعلق بعالقات العمل‪ .،‬ج ر‪ ،‬ع‬
‫‪.01‬‬

‫‪338‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الوالء اذلي يفرض تعاوان لتحقيق مصلحة املرشوع ‪. 1‬فواجب الطاعة يعين عدم‬
‫الا ار بملس تددم‪ ،‬بخالصه لعمهل وتنفيذ ما يصدر هل من أوامر ملصلحة املرشوع ‪.‬‬
‫من مث جيد هذا الالزتام س ندا هل أيضا يف املادة ‪ 021‬ق م ج‪ ،‬ذكل أن مبدأ حسن‬
‫النية تتطلب أن يكرس العامل‪ ،‬وقت العمل لتنفيذ همامه يف اطار ما يؤمتر به من‬
‫صاحب العمل‪ ،‬لن العامل يعد جزء أساس يا يف تنفيذ املرشوع اذلي ينظم رب العمل‬
‫س ياس ته ‪ 2.‬ومقتىض واجب الطاعة احرتام قرارات رب العمل‪ ،‬يف توزيع العمل والعامل‬
‫ومراقبته‪ ،‬ووضع تقنيات العمل وأوصاف املنتوج والدوات املناس بة واخلطوات املتبعة‪،‬‬
‫مما جيعل العامل عىل ُأهبة الاس تعداد‪ ،‬الحرتام ما يضعه رب العمل من تنظمي اداري‬
‫‪3‬‬
‫وفين للعمل‪.‬‬
‫وان اكن االخالل هبذا الواجب ككن أن ينجر عنه جزاء تأدييب ‪.‬اال أن املرشع يف‬
‫نصوص قانون العمل‪ ،‬ر يتلكم عن اماكنية ترتيب املسؤولية العقدية عىل عاتقه‪ ،‬لكن‬
‫بلرجوع للامدة ‪021‬ق م ج جتعل العامل يتحمل مسؤولية نتيجة ارتاكبه خطأ جس امي‬
‫‪.‬من مث فان رفض الانصياع لوامر رب العمل يعد خمالفة حلسن النية يف تنفيذ العقود‪،‬‬
‫مبا من شأنه أن يشلك خطأ جس امي مىت صدر منه اخالل بلزتام جوهري‪.‬و اذا ما أدى‬
‫اىل الا ار بملرشوع اما بفوات الرحب أو بتحمل اخلسارة‪ ،‬فان العامل سوف يسأل‬
‫‪4‬‬
‫عن ذكل‪.‬‬

‫‪ -1‬همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.321‬‬


‫‪ -2‬همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.032‬‬
‫‪ -3‬همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫‪-4‬و قد أرشان سابقا أن ارتاكب اخلطأ انجس مي يشلك قرينة عىل سوء النية‪ ،‬ذلكل جند أن املرشع يف املادة ‪ 012‬ق م ج‪.‬‬
‫طبق علهيا أحاكما مشرتكة ‪.‬كام أن املادة ‪ 013‬من ق م ج تشّي عىل أن املدين يف الالزتام بلقيام بعمل يكون مسؤوال عن‬
‫غشه‪ ،‬أو خط ه انجس مي ‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و قد أشار املرشع الفرنيس اىل ورة مراعاة مبدأ حسن النية يف تنفيذ عقد‬
‫العمل يف املادة ‪ 0-0333‬قانون العمل الفرنيس‪1 .‬حيث أنه بالضافة اىل نصه عىل مبدأ‬
‫حسن النية يف القانون املدّن‪ ،‬اال أنه أشار اليه يف قانون العمل ‪.‬ما يدل عىل أمهيته يف‬
‫عالقات العمل‪ ،‬هذا وقد نصت عىل واجب ال‪،‬اهة رصاحة املادة ‪ 1-0333‬من قانون‬
‫‪2‬‬
‫العمل الفرنيس‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد ذهبت حماة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 22‬أفريل ‪ 0921‬اىل أنه‬
‫اليكفي أن يقوم الجّي بأداء العمل املتفق عليه‪ ،‬بل أن يلزتم بتنفيذ معهل وفقا لقواعد‬
‫االس تقامة وال‪،‬اهة‪ ،‬فالثقة بني طريف عقد العمل يه مصدر من مصادر االخالص‬
‫التعاقدي‪ 3 .،‬فعقد العمل يعد من العقود املمتدة يف الزمن واليت ينبغي أن يرافقها حسن‬
‫التنفيذ واالخالص وال‪،‬اهة‪.‬‬
‫كام وذهبت حماة النقض بتارخي ‪ 22‬مارس ‪ 0992‬اىل أن تقدمي معلومات غّي دقيقة‬
‫من قبل العامل يعترب خرقا لواجب ال‪،‬اهة وككن أن يؤدي اىل بطالن العقد اذا اكن‬
‫‪4‬‬
‫ذكل يشلك تدليسا‪ ،‬أو اىل فصل العامل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫» ‪-« Le contrat de travail est exécuté de bonne foi.‬‬
‫‪2‬‬
‫» ‪- « Le salarié reste soumis à l'obligation de loyauté à l'égard de son employeur.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-CASS.SOC.30 AVRIL1987. « qu’en statuant ainsi , sans rechercher si le fait de conclure‬‬
‫‪pour son propre compte un contrat avec un client de son employeur ne constituait pas un‬‬
‫‪manquement grave à l’obligation de loyauté de m. Peters à l’égard de son employeur, et ne‬‬
‫‪lui aurait pas causé de préjudice, la cour d’appel n’a pas donné de base légale à sa‬‬
‫» ‪décision‬‬
‫مشار اليه أيضا يف ‪ :‬بيار اميل طوبيا‪ ،‬املرجع السابق ن ص ‪.021‬‬
‫أنظر أيضا يف نف املعىن ‪:‬‬
‫‪CASS.SOC 28/01/2015‬‬ ‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- CASS.SOC. 30 /03/1999 « La fourniture de renseignements inexacts par le salarié lors‬‬
‫‪de l'embauche n'est un manquement à l'obligation de loyauté susceptible d'entraîner la‬‬

‫‪341‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وذهبت ذات اراة بتارخي ‪ 31‬جانفي ‪ 3226‬اىل القول أن االخالص يف العمل‬


‫‪1‬‬
‫يعين االس تقامة وال‪،‬اهة أي عدم انهتاج أي سلوك ييسء لصاحب العمل‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫تطبيقات الالزتام بل‪،‬اهة يف عقد العمل‬
‫يتجسد الالزتام بل‪،‬اهة يف العالقة العقدية يف صورة الزتامات جزدية‪ ،‬خيتلف‬
‫مضموهنا ونطاقها من عقد لآخر‪2.‬و يف عقد العمل تتجسد ال‪،‬اهة يف االلزتام برافظة‬
‫عىل أرسار العمل (الفقرة الوىل)‪ .‬واكمتداد هل الالزتام بعدم املنافسة (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫الالزتام برافظة عىل أرسار العمل‬
‫ان لك نشاط همين اال ويرتبط مبا يسمى بأخالقيات املهنة‪ ،‬فهذه القواعد يه اليت‬
‫تفرض واجب احلفاظ عىل الرس‪ .‬ان كامتن الرس واجب فرضته قواعد الخالق‪،‬‬
‫ومبادئ الرشف والامانة فهو واجب همين وأخاليق‪ ،‬قبل أن يكون الزتام قانوّن ‪.‬يرتتب‬
‫عىل افشاءه احلاق الهرضر بلشفص اذلي ائمتن الطرف الآخر عىل هذا الرس‪.‬و من‬
‫املهن اليت تس تدعي ايداع الرس للطرف الآخر عقد العمل‪.‬تبعا ذلكل نتعرض ملضمون‬
‫الالزتام (أوال)‪ ،‬مث نجزاء الاخالل باللزتام (اثنيا)‪.‬‬
‫‪=nullité du contrat de travail que si elle constitue un dol. Elle ne constitue une faute‬‬
‫‪susceptible de justifier le licenciement que s'il est avéré que le salarié n'avait pas les‬‬
‫» ‪compétences effectives pour exercer les fonctions pour lesquelles il a été recruté.‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Cass.soc, 25 janv 2006, bull.civ, V, N 26 www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ph.le tourneau, La responsabilité des vendeur et fabricant, D. paris,1997,p22.‬‬

‫‪341‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬مضمون الالزتام‬


‫قد يطلع املتعاقد عىل أرسار الطرف الآخر يف العالقة العقدية‪ ،‬والصل طبقا‬
‫للقواعد العامة أن املتعاقد ال يلزتم برافظة عىل رسية املعلومات اليت اطلع علهيا‪ ،‬مار‬
‫يوجد اتفاق يلزمه برافظة عىل رسية املعلومات‪ ،‬غّي أنه ويف غياب نص قانوّن وخلو‬
‫االتفاق من هكذا رشط‪ ،‬فان هذا الالزتام يبقى الزتاما قامئا جيد أساسه يف مبدأ حسن‬
‫النية اذلي يفرض نزاهة وأمانة من الك طريف العقد‪.1.‬‬
‫عرفه بعض الفقه بأنه ‪":‬لك ما يتوصل اليه العامل من خالل معهل ومبناسبته‪ ،‬ويتكم‬
‫عليه حفاهلا عىل مصلحة املنشأة وحسن سّيها‪ ،‬أاي اكن نوعه‪ ،‬طاملا يتصل بلعمل يف‬
‫‪2‬‬
‫املرشوع‪ ،‬سواء اتصل بشؤونه ادلاخلية أو اخلارجية "‪.‬‬
‫يعرفه أخرون بأنه ‪ ":‬املعلومات اليت تتعلق بملنشأة‪ ،‬واليت أوجب القانون كامتهنا أو‬
‫جرى العرف بذكل‪ ،‬حبيث يرتتب عىل اذاعهتا اال ار بملنشأة أو زعزعة الثقة فهيا‪،‬‬
‫وبرشط أن ال يكون هذا الكامتن ساترا نجركة جنادية‪ ،‬أو حادال دون الكشف عن‬
‫جركة متت أو يف مرحَل رشوع"‪.3‬‬

‫‪ -1‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.022‬‬


‫وتقتب فرتة املفاوضات أيضا أن يقوم لك طرف بطالع الطرف الآخر عىل معلومات أو بياانت ذات أمهية كبّية‬
‫بلنس بة لصاحهبا‪ .‬فيلزتم تبعا ذلكل لك طرف برافظة عىل رسية املعلومات أو املعطيات اليت عْل هبا أثناء التفاوض عىل‬
‫العقد‪ ،‬وأن ال يعمد اىل افشاهئا للغّي ‪.‬و يرى يون صالح ادلين عيل يف هذا الصدد أنه هذا الالزتام هو الزتام بتحقيق‬
‫نتيجة فال يكفي للوفاء به أن يبذل الطرف املتفاوض لك ما يف وسعه أو قصارى هجده من أجل الامتناع عن افشاء‬
‫الرسار‪ ،‬وامنا ينبغي عليه أن كتنع عن ذكل بلفعل واال قامت مسؤوليته‪.‬‬
‫‪ -2‬هامم محمود زهران‪ ،‬قانون العمل‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪،3221 ،‬ص ‪.061‬‬
‫‪ -3‬عيل عوض حسن‪ ،‬الوجزي يف رشح قانون العمل انجزائري‪ ،‬ديوان املطبوعات انجامعية‪ ،‬انجزائر‪ ،0996 ،‬ص‪.163‬‬

‫‪342‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يعرفه أخرون ‪:‬بأنه لك معلومة ذات ق ة مت بقدرة املرشوع‬ ‫و يف نف الس ياق ّ‬


‫عىل املنافسة‪ ،‬ككن أن تدخل يف اطار الرسية ‪.‬و يلزتم العامل بكامتهنا‪ ،‬سواء اكنت‬
‫‪1‬‬
‫تكل املعلومة تتعلق بأموال معنوية للمرشوع أو بأعامل مادية ‪.‬‬
‫وقد ّعرف الفقه الفرنيس الرس املهين‪" :‬املعلومات والبياانت اليت يتوصل الهيا العامل‬
‫من خالل معهل ومبناسبته‪ ،‬ويتكم علهيا حبمك القانون‪ ،‬أو بناءا عىل طلب صاحب‬
‫العمل‪ ،‬أو طبقا ملا جرى عليه العرف املهين‪ .‬حبيث يرتتب عىل معرفهتا اال ار بملنشأة‬
‫أو معالءها‪ ،‬أو مبصار صاحب العمل سواء جاء هذا الهرضر بطريقة مبارشة أو غّي‬
‫‪2‬‬
‫مبارشة‪".‬‬
‫من مث يلزتم العامل بعدم الكشف عن أية معلومة أو وثيقة‪ ،‬سواء تعلقت بأساليب‬
‫الصنع أو االنتاج‪ ،‬لشداص أآخرين ككهنم اس تعاملها لال ار مبصار صاحب العمل‪.‬‬
‫ومن مث يعترب الالزتام بلرسية نتيجة طبيعية ملبدأ حسن النية الواجب توافره يف‬
‫عالقات العمل‪ ،‬الس امي بلنس بة للنشاطات اليت ككن أن يؤدي االفشاء مبعلوماهتا اىل‬
‫أ ار بليغة بملس تددم ‪.‬ذلكل جيد هذا الالزتام مصدره يف املادة ‪ 021‬ق م ج‪.‬‬
‫وعادة ما يربط الفقه بني الالزتام برافظة عىل الرسار والالزتام بل‪،‬اهة عىل الرمغ‬
‫من أن قانون العمل نص عليه بشلك مبارش‪ ،‬اال أنه يُرى يف هذا الصدد أن كثافة هذا‬
‫الواجب َتتلف حسب تنوع العمل ومكنة اطالع العامل عىل أرسار العمل‪ ،‬ذلكل فهو‬
‫الزتام غّي حمدود خيضع ملبدأ حسن النية ‪.‬‬

‫‪ -1‬صالح دمحم ذايب‪ ،‬الزتام العامل بلمانة واالخالص يف عالقات العمل الفردية‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪،322‬ص‪.002‬‬
‫‪ -2‬همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪091‬‬

‫‪343‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اثني اا‪ :‬جزاء االخالل باللزتام‬


‫نص املرشع عىل الالزتام برافظة عىل الارسار يف املادة ‪ 21‬فقرة ‪ 2‬من‬
‫القانون‪ 1 ،00-92‬حيث جاء فهيا ‪":‬خيضع العامل يف اطار عالقات العمل للواجبات‬
‫الساس ية التالية ‪:‬أن ال يفشوا املعلومات املهنية املتعلقة بلتقنيات والتكنولوجيا‪،‬‬
‫وأساليب الصنع وطرق التنظمي‪ ،‬وبصفة عامة أن ال يكشفوا مضمون الواثدق ادلاخلية‬
‫اخلاصة بلهي ة املس تددمة‪ ،‬اال اذا فرضها القانون أو طلبهتا السلطة السلمية"‪.2‬و قد‬
‫نص عىل هذا الالزتام الترشيع املرصي يف املادة ‪ 1-621‬ق م م‪ ،‬وأيضا املادة ‪ 11‬من‬
‫قانون العمل املرصي رمق‪03- 3202‬‬
‫وقد اعترب املرشع افشاء الرسار خطأ جس امي‪ ،‬ككن أن ينجر عنه فصل العامل‬
‫دون تعويض أو اشعار مس بق‪ ،‬ذكل أن اال ار برب العمل عن طريق تقدمي أرسار‬
‫العمل للغّي‪ ،‬ككن أن تصل اىل حد فقد الثقة يف العامل‪ ،‬وتؤثر عىل اس تقرار عالقة‬
‫العمل‪ ،‬مما جيعل ترسحي العامل أمرا مرشوعا‪ .‬وتؤكد هذا املادة ‪ 3‬من القانون رمق ‪-90‬‬
‫‪ 339‬املعدةل للامدة‪12‬فقرة ‪ 2‬من قانون ‪00 -92‬حيث جاء فهيا ‪":‬يم الترسحي التأدييب يف‬
‫حاةل ارتاكب العامل أخطاء جس ة‪ ،‬اذا أفىش معلومات همنية تتعلق بلتقنيات‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬وطرق الصنع والتنظمي‪ ،‬أو واثدق داخلية للهي ة املس تددمة‪ ،‬اال اذا‬
‫أذنت السلطة السلمية هبا‪ ،‬أو أجازها القانون"‪.‬‬

‫‪ -1‬قانون رمق ‪ 00-92‬املؤرخ يف ‪ 36‬رمضان عام ‪ 0102‬املوافق ‪ 30‬ابريل ‪ 0992‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج ر العدد‪.01‬‬
‫‪-2‬وقد رتب القانون انجزائري املسؤولية انجنادية عند االخالل باللزتام بلرسية‪ ،‬اذا اكن المر يتعلق بطريقة صنع متطورة‪،‬‬
‫وفق نص املادة ‪ 223‬من قانون العقوبت ‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون رمق ‪ 39-90‬مؤرخ يف ‪ 01‬جامدى الثانية عام ‪ 0103‬املوافق ‪ 30‬ديسمرب ‪ 0990‬املتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج ر‬
‫العدد ‪62‬‬

‫‪344‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد ذهب حماة النقض الفرنس ية اىل القول أن كشف املعلومات الرسية من قبل‬
‫العامل يشلك اخالال مببدأ حسن النية ‪ ،1‬وذهبت أيضا اىل أن عدم احرتام الرسية‬
‫ككن أن يعرض العامل للفصل التصاف سلوكه انجس مي‪.2‬‬
‫ويظل الالزتام برافظة عىل الرس ممتدا اىل ما بعد انهتاء العالقة العقدية‪ ،‬ما دام‬
‫لرب العمل مصلحة يف عدم افشاءه من العامل أي اىل أن تفقد الرسار أمهيهتا‪ ،‬وان‬
‫اكن كنع عىل العامل افشاء الرس للغّي‪ ،‬فانه ككنه االس تفادة من هذه الرسار حلسابه‬
‫‪3‬‬
‫اخلاص اذا ر تكن مسجَل كرباءات اخرتاع‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫الزتام العامل بعدم منافسة رب العمل‬

‫تمتكن فئة من العامل حبمك طبيعة معلهم املوكول هلم يف املنشأة من االطالع عىل‬
‫أرسارها والتعرف عىل معالهئا‪ ،‬فيلزتم هؤالء حبفظ أرسارها وعدم منافس هتا طوال فرتة‬
‫تنفيذ معلهم ‪.‬و قد تدخلت خمتلف الترشيعات ونظمت وقيّدت الزتام العامل بعدم‬
‫املنافسة‪ ،‬يف حدود ال تؤدي لال ار مبصلحة العامل يف اس تغالل قدراته املهنية بعد‬
‫انهتاء عقد العمل‪ ،‬المر اذلي قد يؤدي اىل اعاقة املنافسة بني املرشوعات‪ ،‬وقتل روح‬
‫املبادرة والابتاكر دلى العامل ‪.‬من مث حندد مضمون الزتام العامل بعدم املنافسة (أوال)‬
‫لبحث مدى ارتباطه مببدأ حسن النية وفكرة المانة واالخالص وال‪،‬اهة يف العقود‪ ،‬مث‬
‫نتعرض حلاالت االخالل باللزتام بعدم ملنافسة (اثنيا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass. soc., 30 mars 2005, n° 03‬‬ ‫‪https://www.courdecassation.f‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Cass. soc., 22 octobre 2008, n° 07‬‬ ‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪-3‬مباركة دنيا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪22‬‬

‫‪345‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬مضمون الالزتام بعدم املنافسة‬


‫يعرف الزتام العامل بعدم املنافسة بأنه‪" :‬حظر قيام العامل بأي معل حلسابه أو‬
‫حلساب الغّي‪ ،‬يف أوقات فراغه "‪ 1.‬فيعين هذا الالزتام الزتام العامل بلمانة واالخالص‬
‫لرب العمل‪ ،‬واحلفاظ عىل أرسار العمل ‪.‬دلا يعد هذا الالزتام جزءا من الالزتام برافظة‬
‫عىل أرسار العمل‪ ،‬حيث يرى الفقه الفرنيس أن الزتام العامل بعدم منافسة رب العمل‪،‬‬
‫ينبع من وجوب الزتام العامل بلمانة واالخالص والوالء لصاحب العمل‪ ،‬بعتبار أن‬
‫‪2‬‬
‫العامل جزء من املرشوع اذلي يديره رب العمل‪.‬‬
‫وقد ذهبت حماة النقض الفرنس ية اىل القول أن النشاطات املهنية اليت كارسها‬
‫العامل‪ ،‬دون عْل صاحب العمل يف مرشوع مناف يعد خرقا لاللزتام بل‪،‬اهة ورشط‬
‫الرسية‪ ،‬ويشلك خطأ جس امي‪.3‬‬
‫من مث يقتب من العامل حفظ جتاربه وسائر خرباته لصار رب العمل‪ ،‬ف تنع عليه‬
‫عنددذ افراغ تكل التجارب أو نقلها للغّي أاثء الراحة وبعد انهتاء عالقة العمل‪ ،‬حفظا‬
‫ملصلحة املرشوع‪ .‬فيعد مربرا محلاية مصلحة املرشوع‪ ،‬لنه حيمي صاحب العمل من‬
‫املنافسة غّي املرشوعة‪ ،‬اليت ككن أن كارسها ضده العامل أثناء رساين عقد العمل‪ ،‬أو‬
‫‪4‬‬
‫بعد انهتاء عقد العمل ‪.‬‬

‫‪ -1‬سالمة عبد التواب‪ ،‬الزتام العامل بعدم منافسة صاحب العمل‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،3221 ،‬‬
‫ص ‪00‬‬
‫‪ - 2‬محدي عبد الرمحن‪ ،‬الزتام العامل بعدم منافسة صاحب العمل يف لك من القانون املرصي والفرنيس‪ ،‬جمَل العلوم‬
‫القانونية والاقتصادية‪،‬ع الول‪ ،‬يناير‪،0911 ،‬ص‪.023‬‬
‫‪Valentin Guislain, Étude : La bonne foi dans les relations individuelles de travail; Billet du‬‬
‫‪blog‬‬
‫‪3‬‬
‫‪, publié le 08/09/2013 www.legavox.fr.‬‬
‫‪- Cass. soc. 30 juin 1982, n°8041.114, Bull. civ. IV, n° 314.‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪ - 4‬مباركة دنيا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 22‬‬

‫‪346‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ان الزتام العامل بعدم منافسة رب العمل يعد من الااثر املرتتبة عىل عقد العمل‪،‬‬
‫وهو الزتام تس توجبه مقتضيات مبدأ حسن النية يف تنفيذ عقد العمل ‪1 .‬فعقد العمل‬
‫يبقى بعيدا عن حتقيق الهدف الاجامتعي‪ ،‬اذا ر يقرتن مبقتضيات حسن النية ‪.‬من مث‬
‫فاملنافسة اليت تم أثناء رساين عقد العمل متثل خطأ جس امي‪ ،‬لهنا اخالل باللزتام‬
‫بالخالص‪.‬فال جيوز للعامل مثال أن يعمل بعد انهتاء مواعيد العمل‪ ،‬يف معل مناف‬
‫لرب العمل‪ ،‬سواء حلسابه أو حلساب خشص أآخر‪ .‬ويعد هذا الالزتام الزتام بالمتناع‬
‫عن معل أي الزتاما سلبيا‪.‬‬
‫وقد اعتربت حماة النقض الفرنس ية املنافسة اليت تم أثناء رساين عقد العمل متثل‬
‫خط ا جس امي‪ ،‬لهنا اخالل باللزتام بالخالص اذلي يلزتم لك أجّي بحرتامه أثناء‬
‫رساين عقد العمل‪ ،‬فالعامل يقع عليه الزتام مضين بعدم املنافسة‪ ،‬حىت يف غياب رشط‬
‫رصحي بذكل‪ ،‬ما دامت العالقة العقدية مس مترة‪ 2 .‬ذلكل فانه أثناء تنفيذ عقد العمل ال‬
‫يس تطيع الجّي منافسة صاحب العمل‪ ،‬انطالقا من موجب االخالص املفروض عليه‬
‫‪3‬‬
‫خالل تنفيذ العقد‬
‫هذا الالزتام نص عليه املرشع انجزائري رصاحة‪ ،‬ويعد من الالزتامات انجوهرية اليت‬
‫يرتتب عىل خمالفهتا جواز فصل العامل‪ ،‬دون أن ترتتب أية مسؤولية عىل رب العمل‬
‫بتعويض العامل‪ .4‬أوجبته املادة ‪ 1/1‬من القانون ‪ " :00-92‬أن ال تكون هلم مصار‬
‫مبارشة أو غّي مبارشة يف مؤسسة‪ ،‬أو رشكة منافسة أو زبونة أو مقاوةل من الباطن‪ ،‬اال‬
‫اذا اكن هناك اتفاق مع املس تددم‪ ،‬وأن ال تنافسه يف جمال نشاطه ‪".‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -1‬محدي عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.020‬‬
‫‪- Cass.soc-5 mai1971-bull-civ-n327,p276‬‬
‫‪3‬‬
‫مقتب عن مباركة دنيا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪- J.Pelissier,G.Auzero, E.Dockes :Droit du travail, Précis D,2012,p 365‬‬
‫‪ - 4‬همدي خبدة‪ ،‬املسؤولية العقدية يف عالقات العمل‪ ،‬دار المل‪ ،‬تزيي وزو‪ ،،3202 ،‬ص‪.060‬‬

‫‪347‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد كتد هذا الالزتام اىل ما بعد انهتاء العالقة العقدية‪ ،‬بتفاق ما بني رب العمل‬
‫والعامل ‪.‬اذ يصعب يف كثّي من الحيان معرفة ما كثل خربة وما كثل رسا‪ ،‬فيس تفيد‬
‫العامل بشلك أو بأآخر من أرسار املنشأة ‪.‬و عادة ما حيتاط رب العمل ذلكل‪ ،‬بتضمني‬
‫عقد العمل رشطا اتفايق بعدم املنافسة بعد انهتاء عقد العمل‪ ،‬حىت يضمن عدم منافسة‬
‫‪1‬‬
‫هذا العامل هل يف املس تقبل‪ ،‬بالس تفادة من أرسارها ومعالهئا‪.‬‬
‫وقد نص املرشع انجزائري عىل الالزتام بعدم املنافسة أثناء رساين عقد العمل‪ ،‬اال‬
‫أنه ر ينص عىل اتفاق عدم املنافسة املمتد بعد انهتاء عقد العمل‪ ،‬غّي أنه يستشف من‬
‫املادة ‪ 31‬من المر رمق ‪ 23-21‬املتعلق بلقواعد املطبقة عىل املامرسات التجارية‪2،‬موقف‬
‫املرشع انجزائري حيث ورد فهيا أنه‪ :‬يعد من قبيل املامرسات غّي ال‪ُّ،‬ية االس تفادة من‬
‫الرسار قصد اال ار بصاحب العمل ‪.‬ما يعين أن بماكن رب العمل أن يدرج يف‬
‫عقود العمل مثل هذا الرشط‪ ،‬منعا لال ار مبصاحله االقتصادية‪ .‬وهذا عىل خالف‬
‫املرشع املرصي حيث نظم رشط عدم املنافسة مبوجب املادة ‪ 626‬ق م م‪.‬‬
‫أما الترشيع الفرنيس فيدلو من تنظمي ترشيعي التفاق عدم املنافسة وغالبا ما تتضمن‬
‫‪3‬‬
‫االتفاقيات امجلاعية تنظامي هل‪.‬‬

‫‪ - 1‬خيتلف الزتام عدم املنافسة عن رشط عدم املنافسة يف أن الول مصدره القانون‪ ،‬والثاّن مصدره االتفاق‪ ،‬يرد يف‬
‫الغالب النص عليه مبقتىض رشط يف عقد سابق بني الطرفني‪ ،‬تتقرر غايته حبامية مصلحة رب العمل ال س امي املرتبطة بعنرص‬
‫العمالء ‪.‬فعادة ما يكون ملحقا بعقد العمل‪ ،‬أو عقد التوزيع‪ ،‬أو عقد التنازل عن حمل جتاري ‪ .‬بن عزوز بن صابر‪ ،‬نشأة‬
‫عالقات العمل الفردية يف الترشيع انجزائري‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار احلامد للنرش والتوزيع‪ ،‬انجزائر‪،3200 ،‬ص‪.060‬‬
‫‪ -2‬الصادر بتارخي ‪ 32‬يوليو ‪ 3221‬اردد للقواعد املطبقة عىل املامرسات التجارية‪ ،‬ج ر عدد ‪.10‬‬

‫‪ -3‬ولن رشط عدم املنافسة اذلي يتفق عليه بعد انهتاء عقد العمل‪ ،‬كثل قيدا عىل حرية املنافسة‪ .‬فقد أخضعه املرشع‬
‫املرصي اىل عدة رشوط –أن تكون هناك مصلحة جدية لرب العمل –أن تتوافر الهلية دلى العامل ببلوغه سن الرشد‬

‫‪348‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ورمغ أن هذا الالزتام يتفق مع ما يوجبه مبدأ حسن النية يف العقود‪ ،‬فانه كثل‬
‫خطرا عىل حرية العامل يمتثل يف حرية املقاوةل والتعاقد‪ 1.‬كام أن املادة ‪ 6‬من القانون‬
‫‪ 22/22‬املتعلق بملنافسة اعتربت احلد من ادلخول للسوق أو ممارسة النشاطات‬
‫التجارية شالك من املامرسات املقيدة للمنافسة‪، 2‬ذلكل تدخل الترشيع بوضع حدود‬
‫لاللزتام بعدم املنافسة‪ ،‬أي الالزتام اذلي يفرضه مبدأ حسن النية‪ ،‬ملا هو الزم محلاية‬
‫رب العمل من التحويل غّي املرشوع للعمالء‪ ،‬كام تدخلت لوضع حدود لرشط عدم‬
‫املنافسة اذلي قد يدرج يف عقد العمل أو يف اتفاق الحق‪ ،‬واذلي يقب بتقييد حرية‬
‫العامل بعد انهتاء عقد العمل ‪.‬‬
‫ويتشدد هذا الالزتام خاصة عىل االطارات واليد العامَل الفنية‪ ،‬فبالنبسة لهؤالء‬
‫تبدو أمهية ترسيب املعلومات التقنية‪.‬غّي أن املرشع انجزائري ر يفرق بني اليد العامَل‬

‫=وقت ابرام العقد – وأن يكون القيد مقصورا من حيث الزمان واملاكن‪ ،‬ومن حيث نوع العمل ‪-.‬أن ال يكون مرتبطا‬
‫برشط جزايئ مبالغ فيه‪ .‬وأن يلزتم رب العمل بتقدمي تعويض مقابل الزتامه بلرشط‪.‬‬

‫عىل أن املفاضَل بني املصلحتني ال بد أن خيضع لقاعدة االعامل مبا هو أنفع للعامل ‪.‬مفىت اكن الرشط يتضمن ش به اس تغراق‬
‫حلرية العمل أو املنافسة‪ ،‬دون أن يتضمن تعويضا عادال‪ ،‬اكن للقايض أن يبطل الرشط ‪.‬فيبقى الصل حرية العامل أما‬
‫التقييد جمرد اس تنناء‬
‫وتقدير حصة الرشط االتفايق بعدم املنافسة مسأةل موضوعية‪َ ،‬تضع للسلطة التقديرية لقايض املوضوع ‪.‬فعىل هذا الخّي‬
‫أن يوازن بني مصلحتني متعارضتني‪ ،‬مصلحة رب العمل حبامية أرساره ومصلحة العامل مبا ال يس تغرق حريته يف العمل أو‬
‫ُّيدد مس تقبهل الاقتصادي ‪.‬‬
‫هامم دمحم محمود زهران‪ ،‬قانون العمل‪ ،‬عقد العمل الفردي‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪،3221 ،‬ص‪.213‬‬
‫‪ -1‬ادراج رشط عدم املنافسة دون تقييد يتعارض مع ما جاء يف املادة ‪ 32‬من االعالن العاملي حلقوق االنسان وكذا‬
‫االتفاقيات ادلولية ملنظمة العمل ادلولية رمق ‪ ،033‬املتعلقة بس ياسة التشغيل لس نة ‪ 0961‬اليت صادقت علهيا انجزائر‪ ،‬حيث‬
‫ورد فهيام أن للك عامل حرية اختيار العمل‪ ،‬وأن توفر هل أفضل فرصة ممكنة لشغل الوهليفة اليت تناسب قدراته ومؤهالته ‪.‬‬
‫‪ -2‬المر رمق ‪ 22-22‬املتعلق بملنافسة‪ ،‬الصادر بتارخي ‪ 09‬يوليو ‪ 3222‬ج ر رمق ‪ .12‬كام تشّي اىل نف املعىن املادة ‪26‬‬
‫من المر رمق ‪ 26-91‬املؤرخ يف ‪ 31‬يناير ‪ 0991‬املتعلق بملنافسة‪ ،‬ج ر العدد‪.29‬‬

‫‪349‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفنية والعامل العادي اكلعامل يف النظافة‪ ،‬حيث علل حمك احلظر بوجود مصلحة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ليث وجدت املصلحة وجد احلظر‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬حاالت االخالل باللزتام بعدم املنافسة‬
‫تقتب مصلحة رب العمل‪ ،‬منع العامل من القيام بأي نشاط ذى مصلحة دلى‬
‫مؤسسة منافسة‪ ،‬للحفاظ عىل مكتس بات املرشوع‪ .‬ذكل أن رب العمل يتلكف أعباء‬
‫مالية يف سبيل احلصول عىل الوسادل الفنية والطرق املس تحدثة‪ ،‬والعمل ذاته يتطلب‬
‫تدريب العامل عىل اس تددام تكل الوسادل والتقنيات‪ ،‬مما يتيل هلم معرفهتا وادلراية هبا‬
‫‪.‬فاذا ما قام العامل بالس تفادة مما اكتس به وقدمه للغّي يف شلك نشاط موازي لرب‬
‫العمل يكون قد أ بصاحب العمل‪ ،‬وهذا هو عني املنافسة غّي املرشوعة ‪.‬وللحفاظ‬
‫عىل مصلحة رب العمل‪ ،‬صاغ املرشع حاالت اعترب القيام هبا اخالال باللزتام بعدم‬
‫املنافسة يف املادة ‪ 21‬من القانون‪ 00 -92‬ومن مث اخالال مببدأ حسن النية ويه‪:‬‬
‫‪-‬وجود مصلحة للعامل يف مؤسسة أو رشكة منافسة دون موافقة املس تددم ‪ :‬وسواء‬
‫اكنت املصلحة مبارشة مالية‪ ،‬كن تدفع هل منحة أو ماكفأة أو هدااي أو معوالت أو دفع‬
‫تاكليف عالج‪ ،‬أو غّي مبارشة كن متنل لحد أقاربه ‪.‬و يدخل يف مفهوم املصلحة‬
‫املبارشة ممارسة العامل لنشاط يف مؤسسة منافسة‪ ،‬أو انشاؤه لرشكة منافسة أو‬
‫اشرتاكه يف رشكة منافسة‪.‬‬

‫‪ - 1‬من مث فرض هذا الالزتام عىل عامل املرشوع حيقق مصلحة‪ ،‬أاي اكن مركزه الوهليفي‪ ،‬فيعد ذكل تشديدا من املرشع‬
‫محلاية املصلحة املرجاة ‪.‬‬
‫وتنرصف صفة العامل الفين اىل لك من املسّي الجّي الردييس املدير العام والوكيل‪ ،‬حيث َتضع هذه الفئة من العامل‬
‫لحاكم خمتلفة‪ ،‬ما بني قانون العمل من حيث أن هلم نف احلقوق والالزتامات امللقاة عىل عاتقهم‪ ،‬ولحاكم القانون التجاري‬
‫بعتبارُه والكء عن الرشكة أو املؤسسة‪ ،‬حسب املادة ‪ 23‬و‪ 26‬من املرسوم التنفيذي رمق ‪ 392-92‬املتعلق بلنظام اخلاص‬
‫بعالقات العمل اخلاصة مبسّيي املؤسسات‪ ،‬املؤرخ بتارخي ‪ 39‬سبمترب‪ 0992 .‬ج ر العدد‪.13‬‬

‫‪351‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ :‫الفصل الثاني‬

‫ أاي اكنت من رشكة‬،‫من مث حظر املرشع انجزائري عىل العامل انتفاعه بأي مصلحة‬
‫و هذا عىل خالف املرشع املرصي حيث ال يرسي احلظر‬. ‫منافسة اال مبوافقة املس تددم‬
‫ من قانون العمل‬11 ‫فنصت املادة‬. ‫من رشكة منافسة‬...‫عىل قبول املاكفاءات والهدااي‬
‫" حيظر عىل العامل أن يقوم بنفسه أو بواسطة غّيه بلعامل‬: 03-3222 ‫املرصي رمق‬
‫ اذا اكن يف قيامه هبذا العمل ما خيل‬،‫العمل للغّي سواء بأجر أو بدون أجر‬-: ‫التالية‬
‫ممارسة نشاط مماثل للنشاط اذلي كارسه‬... ‫ وال يتفق وكرامة العمل‬،‫حبسن أداءه لعمهل‬
‫و ال يرسي هذا احلظر عىل االقرتاض من‬..... ‫صاحب العمل أثناء رساين عقد العمل‬
‫ أو مبالغ أو أش ياء أخرى بأية صفة‬،‫املصارف قبول الهدااي أو املاكفأآت أو العموالت‬
." ‫ مبناس بة قيامه بواجباته بغّي رضا صاحب العمل‬،‫اكنت‬
‫ويف هذا الصدد جند أن حماة النقض الفرنس ية أكدت أيضا عىل ورة املوازنة‬
‫اذلي يبقى قامئا حىت أثناء تعليق عقد‬. ‫اهة‬،‫بني حرية ممارسة النشاط املهين وواجب ال‬
1
. ‫العمل‬

1
- CASS. chambre sociale 5 juillet 2017 N° de pourvoi: 16-15623 « la conciliation du
principe de libre exercice d'une activité professionnelle et de l'obligation de loyauté, qui
continue à peser sur le salarié pendant la période de suspension de son contrat de travail,
implique que l'exercice d'une activité professionnelle pour le compte d'une entreprise
concurrente, au cours d'une période de congés payés, ne puisse justifier un licenciement
que s'il cause un préjudice à l'employeur ; qu'en considérant que le fait pour la salariée
d'avoir exercé des fonctions de maître-chien pour le compte d'une société concurrente
pendant une dizaine de jours, au cours d'une période de congés payés, constituait une faute
grave justifiant son licenciement immédiat, sans avoir caractérisé l'existence d'un préjudice
subi de ce chef par l'employeur, la cour d'appel n'a pas donné de base légale à sa décision

351
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪-‬وجود مصلحة للعامل يف مؤسسة أو رشكة زبونة دون موافقة املس تددم‪ ،‬فاالتصال‬
‫بلعمالء يعد ورة معلية تس تدعهيا مصلحة املرشوع‪ ،‬لكن ال بنبغي أن يس تغهل‬
‫العامل بأن جيين مصلحة خشصية‪ .‬كام أن المر يؤدي اىل المتيزي بني الزبئن‪ ،‬وتعداي عىل‬
‫حقوق رب العمل يف الانتفاع بزبدنه دون غّيه من العامل‪ ،‬اال اذا وافق رب العمل عىل‬
‫انتفاع العامل من تكل املصلحة ‪.‬فالتعامل مع الزبئن يقتب الصدق يف التعامل وتقدمي‬
‫خدمات تتسم بنجودة للمحافظة عىل السمعة الطيبة للمرشوع‪ ،‬فاذا ما سادت ارابة‪،‬‬
‫وأصبل الزبون اذلي يس تأثر خبدمة عالية هو من يدفع هدااي‪ ،‬فان مصداقية املرشوع‬
‫‪1‬‬
‫تزول ويفقد مسعته بني الزبئن ‪.‬‬
‫‪-‬وجود مصلحة للعامل يف مقاوةل من الباطن دون موافقة املس تددم‪ ،‬واملقاوةل من‬
‫الباطن يه تكل املؤسسة اليت أجرها رب العمل للغّي‪ ،‬أو يه فرع للمؤسسة الصل‪،‬‬
‫وأي مصلحة للعامل ينتفع هبا من وراء هذه املقاوةل يعين اسئثار العمل مبا لي هل‪ ،‬اال‬
‫اذا وافق عىل ذكل رب العمل ‪.‬فالعامل يعترب وس يَل من وسادل املرشوع تربطه عالقة‬
‫تبعية برب العمل‪ ،‬فينفذ أوامر املس تددم مبا يقدمه من خدمة للمرشوع اذلي ينمتي اليه‪.‬‬
‫بيد أن بقاء العامل مضن عامل املرشوع مع رغبته يف اس تغالل وقت فراغه‪ ،‬دلى‬
‫مؤسسة أخرى متارس نشاطا خمتلفا عام متارسه مؤسسة العامل الصلية‪ ،‬ال يعد خمالفة‬
‫لاللزتاما بعدم املنافسة ‪.‬كام أن املرشع انجزائري ر كنع العامل من القيام بعمل حلسابه‬

‫‪=au regard du principe fondamental de libre exercice d'une activité professionnelle et des‬‬
‫» ‪articles L. 1222-1, L. 1232-1, L. 1234-1, L. 1234-5 et L. 1234-9 du code du travail.‬‬
‫‪ -1‬همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬

‫‪352‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اخلاص يف أوقات فراغه‪ ،‬ولو قام بنف النشاط اذلي كارسه رب العمل‪ ،‬دون أن‬
‫يكون معهل لفاددة مؤسسة أخرى‪ ،‬اذ ترك هل احلرية يف ذكل ‪.‬‬
‫غّي أن جانب من الفقه يرى أن ممارسة العامل لنشاط خمتلف‪ ،‬سواء حلسابه أو‬
‫حلساب رب معل أآخر يهرض مبصلحة املرشوع‪ ،‬اذا اكن أداء العمل الخّي يؤثر سلبا‬
‫عىل أداء معهل الصيل‪ ،‬أو عىل بذهل للعناية املطلوبة أو يتناىف وماكنة املؤسسة اليت‬
‫‪1‬‬
‫يعمل هبا ‪.‬‬
‫ويتقيد العامل باللزتام بعدم املنافسة خالل مدة رساين عقد العمل‪ ،‬فال يلزتم‬
‫العامل بعد املنافسة بعد انهتاء عقد العمل اذ بماكنه أن كارس ما يشاء من النشاطات‪،‬‬
‫يس توي يف هذا أن تكون تكل املامرسة دلى رب معل أآخر‪ ،‬أو بصفته رشيك مبا يف‬
‫ذكل النشاط اذلي اكتس به خالل ارتباطه بعقد معل سابق‪ ،‬وما تودل عنه من خربات‬
‫‪2‬‬
‫ومؤهالت وقدرات‪.‬‬
‫نشّي أخّيا اىل أن حتديد احلاالت اليت تشلك اخالال باللزتام بعدم املنافسة من‬
‫قبل املرشع جاءت عىل سبيل املثال ‪.‬ذلكل فان مبدأ حسن النية كقاعدة مرنة يفيدان يف‬
‫حتديد وابراز السلوك احلسن املتوقع من العامل للقول بأنه اخالل باللزتام بعدم املنافسة‬
‫‪3‬‬
‫من عدمه‪ .‬خفرق واجب ال‪،‬اهة سيتوقف عىل هلروف لك قضية عىل حدى‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود جامل ادلين زيك‪ ،‬عقد العمل يف القانون املرصي‪ ،‬الهي ة املرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،0923 ،‬ص‪332‬‬

‫‪ -2‬همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.019‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Valentin Guislain, Étude : La bonne foi dans les relations individuelles de travail ;Billet‬‬
‫‪du blog , publié le 08/09/2013 www.legavox.fr‬‬

‫‪353‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املبحث الثاّن‪:‬‬
‫الالزتام العام بلتعاون‬
‫اكن املبدأ السادد يف هلل الخذ املطلق بنظرية سلطان الارادة‪ ،‬أن عىل لك متعاقد‬
‫أن يؤمن مصاحله اخلاصة بوسادهل اذلاتية ‪ .‬ومن مث يتعني عليه أن جيمع املعلومات‬
‫الهرضورية‪ ،‬ليك يقدم عىل التعاقد وهو عار حبقيقته‪ ،‬لن العقد يفرتض تعارضا يف املصار‬
‫بني لك من طرفيه‪ .‬دلى فان لك متعاقد يسعى اىل حتقيق مصاحله اخلاصة ولو عىل‬
‫حساب مصار املتعاقد الآخر‪ ،‬المر اذلي حيم وجود رصاع مس متر خيفيه التعاون‬
‫العقدي الظاهر‪ .‬اال أن هذه النظرة للعقد تغّيت بفعل عوامل التطور الاقتصادي‬
‫والتقين‪ ،‬وما صاحبه من خلل يف التوازن العقدي ‪.‬فأصبحت العالقة العقدية تس متر يف‬
‫بعض العقود بس مترار التعاون فهيا ‪.‬مفا مضمون االلزتام بلتعاون (املطلب الول)‪.‬‬
‫و يعترب الالزتام بالعالم مظهرا من مظاهر التعاون نو ان اكن يطلب أحياان من‬
‫أحد املتعاقدين دون الخر كام يف عقد الاس هتالك اال أن اللزتام بالعالم ال يقف عند‬
‫هذا احلد‪ ،‬لنه قد يكون مطلوب أيضا من ادلائن يف العالقة العقدية كام يف عقد التأمني‪،‬‬
‫كام وأنه يتطلب اس تعالما من أجل الاعالم لتجس يد التعاون احلقيقي بني الطرفني ‪.‬‬
‫فنتعرض لاللزتام بالعالم مكظهر بلتعاون عىل ضوء ما ذكرانه سابقا‪( .‬املطلب الثاّن)‬
‫املطلب الول‪:‬‬
‫مضمون الالزتام العام بلتعاون‬
‫اجته جانب من الفقه الفرنيس خاصة الفقيه ‪PICOD‬و ‪ ،DEMOGUE‬مؤيدين‬
‫من القضاء الفرنيس‪ ،‬اىل التوس يع يف مضمون مبدأ حسن النية‪ ،‬ليشمل الالزتام‬
‫بلتعاون االجيايب بني الطرفني اىل جانب الالزتام بل‪،‬اهة‪ .‬واحلقيقة وان اكنت فكرة هذا‬
‫الواجب قدكة اال أن الزاميته حديثة العهد فرضته ورات التعامل‪ ،‬والتطورات‬

‫‪354‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫انجديدة للعالقة العقدية‪.‬فنتعرض لتعريف الالزتام العام بلتعاون (الفرع الول)‪.‬مث لنطاقه‬
‫الالزتام العام بلتعاون عىل ضوء عقد التأمني وعقد العمل‪ ،‬نظرا لن هذه العقود تتضمن‬
‫درجة عالية من التعاون(الفرع الثاّن) ‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫تعريف الالزتام العام بلتعاون‬
‫يفرض مبدأ حسن النية تعاوان وثيقا ومس مترا بني املتعاقدين‪ ،‬من أجل الوصول‬
‫بلعقد اىل هنايته‪ .‬فالعقد يف واقع المر ال يقوم عىل الرصاع والتناحر بل عىل التعاون‬
‫والثقة املتبادةل بني طرفيه ‪.‬مفا املقصود باللزتام بلتعاون(الفقرة الوىل)‪ ،‬وما اذلي يفرضه‬
‫واجب التعاون (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫املقصود باللزتام بلتعاون‬
‫يعد التعاون أحد مظاهر التفاعل الاجامتعي ومنط من أمناط السلوك االنساّن‪.‬‬
‫ومعلية التعاون يه التعبّي املشرتك لشفصني أو أكرث‪ ،‬يف حماوةل لتحقيق هدف‬
‫مشرتك‪ 1 ،‬وهو الزتام اجيايب يفرضه مبدأ حسن النية ‪ .‬اذ تطورت فكرت حسن النية‬
‫وبتت تفرض عىل املتعاقد أن يتدذ موقفا اجيابيا‪ ،‬ويكون ذكل بلتعاون وعدم االكتفاء‬
‫بالمتناع‪ ،‬لن العقد لي جمرد مثرة التوفيق بني ارادتني متضادتني تعربان عن مصار‬
‫‪2‬‬
‫متعارضة‪ ،‬وامنا جيب أن ينظر اليه عىل أنه وس يَل قانونية للتعاون بني الطرفني‪.‬‬

‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪126‬‬


‫‪ -2‬وفاء حلمي أبو مجيل‪ ،‬الالزتام بلتعاون‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1992 ،‬ص‪12‬‬

‫‪355‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يذهب بعض الفقه تأكيدا لهذا الالزتام‪ ،‬ومن بيهنم "جاك فلور‪ 1‬للقول أن ‪ " :‬العقد‬
‫وان اكن يرتكز عىل روابط متعارضة‪ ،‬اال أن هذا ال يعين أنه ال يرتكز عىل رؤى‬
‫متأآزرة" ‪.‬فالعالقة العقدية عالقة تعاون وليست عالقة خصام أو جماهبة‪ ،‬اذ أن تضارب‬
‫املصار ال كنع من تعاون املتعاقدين‪ ،‬وأن اعامل هذا الواجب يؤدي اىل حتقيق مصلحة‬
‫لك الطراف‪ 2 ،‬وال حماةل اىل تسهيل تنفيذ العقد‪.‬فالعقد مشاركة بني طرفني شأنه يف‬
‫ذكل شأن أي رشكة‪ ،‬ينطوي عىل حتقيق مصلحة مشرتكة تؤدي بلهرضورة اىل اجناز‬
‫املصلحة الفردية للك مهنام ‪.‬فابرام العقد يعين التوفيق بني املصار املتعارضة‪ ،‬اذ يتحول‬
‫التعارض يف املصار السابق عىل التعاقد اىل تعاون اجيايب ‪.‬‬
‫يذهب ‪ Picod‬اىل أن موجب التعاون يوجب عىل ادلائن‪ ،‬يف لك مرة يس تطيع فهيا‬
‫دون املساس مبصاحله‪ ،‬اعانة املدين المتام التنفيذ‪ 3.‬بيامن عرب عنه ‪ Demogue‬بلقول بأنه‬
‫‪" :‬يشلك املتعاقدان نوعا من البيئة الصغّية‪ ،‬فهو جممتع صغّي أين جيب عىل لك واحد‬
‫العمل لجل هدف مشرتك‪ ،‬اذلي هو حمصَل الهداف الفردية املبتغاة‪ ،‬من لك واحد‬
‫‪4‬‬
‫متاما مثل اجملمتع املدّن أو اجملمتع التجاري"‪.‬‬

‫‪ -1‬راي جاك فلور مشار اليه يف ‪ :‬عبد املنعم موىس ابراهمي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪012‬‬
‫‪ -2‬عيل فياليل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.396‬‬
‫‪ -3‬بيار اميل طوبيا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.093‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- F.Naneur ,op,cit ,P57‬‬
‫ذكر الالزتام بلتعاون يف العديد من مؤلفات رشاح القانون املدّن الفرنيس نذكر مهنم‬
‫‪-‬‬ ‫‪Nathalie Vezina , La demeure, le devoir de bonne foi et la sanction extrajudiciaire‬‬
‫‪des droits du créancier‬‬
‫‪www. .usherbrooke.ca ,p 01.‬‬

‫‪356‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وهو ما يؤيده أيضا ‪ Ripert‬بلقول أن ‪ ":‬العقد احتاد بني ادلائن واملدين يف‬
‫‪1‬‬
‫مؤسسة صغّية ومؤقتة من أجل غاية حمددة"‪.‬‬
‫و رمغ هذه النظرة ش به املثالية للس ياق العقدي‪ ،‬ال ينفي ‪ Carbonnier‬اماكنية‬
‫التناف رمغ التعاون املفرتض‪ ،‬عىل اعتبار أن لك متعاقد يسعى لبلوغ أهداف خاصة‬
‫‪2‬‬
‫من الرابطة العقدية ‪.‬‬
‫بيامن يعرفه عبد احللمي القوّن بأنه يعين قيام لك متعاقد ببذل العناية الالزمة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫للوصول بلعقد اىل أفضل صورة وأحسن حال‪.‬‬
‫وخيتلف الالزتام بلتعاون عن الالزتام بلتسامل يف العقود‪ ،‬فهذا الخّي يعين أن‬
‫يأخذ القايض ومن بعده ادلائن بعني االعتبار هلروف املدين واختالل التوازن يف‬
‫العالقة العقدية‪ ،‬فيم تعديل العقد اما طبقا لنظرية الظروف الطاردة‪ ،‬واما بناءا عىل‬
‫نظرة امليرسة أو عدم تعسف ادلائن يف مطالبته حبقوقه الناجتة عن العقد‪ .‬ف تنع عىل‬
‫ادلائن املطالبة بفسخ العقد اذا اكن الالزتام اذلي ر يوفه املدين اثنواي‪.‬بيامن الالزتام‬
‫بلتعاون يفرض اعالما للطرف الخر عن المور اليت هتمه المتام العقد برضا مس تنّي‪،‬كام‬
‫أنه يفرض الزتاما بالس تعالم أحياان ممن يقدم عىل التعاقد وأحياان أخرى من الطرف‬
‫اذلي يْل خبصوصيات حمل التعاقد‪ ،‬فيس تعْل حىت يعْل املتعاقد الآخر انجاهل لهذه‬
‫‪4‬‬
‫اخلصوصيات‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Gorges Ripert, Cité par F.Diesse , Le devoir de coopération dans le contrat, thèse, Lille‬‬
‫‪II , 1998, p 265.‬‬
‫‪ -2‬مشار اليه يف محمود محمود املغريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪ -3‬عبد احللمي القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ -4‬عودة اىل ما ذكرانه يف الباب الول ‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫ما يفرضه واجب التعاون‬
‫يرى بعض الفقه الفرنيس أن واجب التعاون‪ ،‬يفرض من هجة تسهيل حتقيق‬
‫الهدف من العقد‪ ،‬ومن هجة أخرى مراعاة الفاددة اليت يسعى اىل حتقيقها املتعاقد‬
‫الآخر‪ ،‬ويفرض أيضا الالزتام ببعاد اخلطر عن املتعاقد الآخر‪ .‬الس امي يف العقود املمتدة‬
‫اليت يس تحيل الاس مترار فهيا دون مراعاة واجب التعاون مابني الطرفني‪ ،‬واذلي يقتب ‬
‫‪1‬‬
‫دامئا الخذ بعني االعتبار مصار الطرف الآخر‪.‬‬
‫يفرض التعاون عىل املدين أن يبذل أقىص هجد‪ ،‬نجعل تنفيذ الالزتام مفيدا وانفعا‬
‫بلنس بة لدلائن‪ .‬وعىل الخّي أن ال يس تفيد مما قد يواهجه املدين من عقبات أثناء تنفيذ‬
‫العقد‪ ،‬فيسانده يف الوفاء بلزتاماته‪ ،‬وال يمتسك بنصوص العقد احلرفية طاملا أن التنفيذ‬
‫حيقق املقصود من العقد‪ ،‬وتسهيال لتنفيذ العقد اذا ما تعددت وسادل تنفيذ الالزتام فان‬
‫عىل املدين أن خيتار أحس هنا لرعاية مصلحته ومصلحة ادلائن‪ ،‬لن مبدأ حسن النية‬
‫‪2‬‬
‫يأىب أن يس تأثر أحد طريف العالقة العقدية بفاددهتا عىل حساب الطرف الخر ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Beatrice Jaluzot, La bonne foi dans les contrats, Etude comparative des droits français.‬‬
‫‪allemand et japonais.D.lyon3. 2001.p503.‬‬
‫‪- François Diesse, op.cit ,p 263.‬‬
‫‪ -2‬عبد احللمي القوّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫ويرى البعض أن واجب التعاون يفرض عىل البادع يف عقد البيع الزتاما بعدم التعرض‪ ،‬ورة اخطار املشرتي البادع‬
‫بلتعرض دلفعه‪ ،‬ويف عقد الواكةل يفرض عىل الوكيل ورة موافاة املولك بلك املعلومات الهرضورية أثناء تنفيذ عقد الواكةل‪،‬‬
‫ويف عقد التأمني ورة اخطار املؤمن يف حال تفامق اخلطر‪ ،‬وأن يبذل لك ما يف وسعه حلرص أاثره‪ ،‬ويف عقد العمل القيام‬
‫بلك ما يؤدي اىل حامية مصار العمل ‪.‬‬
‫وفاء حلمي مجيل‪ ،‬الالزتام بلتعاون‪ ،‬القاهرة‪ ،0922 ،‬من ص ‪31‬اىل ‪.19‬‬

‫‪358‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والالزتام بلتعاون عىل هذا النحو تقتضيه قواعد حسن النية والعداةل‪ ،‬اليت تأىب أن‬
‫يس تأثر أحد طريف العقد بفاددته‪ ،‬والقاء أعباءه باكملها عىل املتعاقد الآخر عىل الرمغ من‬
‫أنه يف وسعه أن يقوم من جانبه مبا يسهل عىل املتعاقد الآخر أآداءه اللزتامه ‪ .‬اذ يتضمن‬
‫هذا الالزتام قيام الطراف بلك العامل‪ ،‬اليت تعد ورية من جانهبم يك ينتفع الطرف‬
‫املقابل‪ ،‬وعادة ال يم النص الرصحي كتابة أو شفاهة عىل هذا الالزتام‪ ،‬بل يفرتض‬
‫‪1‬‬
‫وجوده مضنا مثهل مثل الالزتام العام بل‪،‬اهة ‪.‬‬
‫بعبارة أوحض‪ ،‬ان الالزتام بلتعاون يفرض عىل لك طرف تنبيه الطرف الآخر‪-‬أثناء‬
‫تنفيذ العقد‪ ،-‬اىل لك الوقادع اليت تقتب مصلحته االملام هبا من أجل تنفيذ العقد‪،‬‬
‫ويسود هذا التعاون طيَل فرتة تنفيذ العقد‪ ،‬وخاصة بلنس بة للعقود املرتاخية التنفيذ‪.‬و‬
‫تطبيقا ذلكل قضت حماة اس تئناق ‪ Aix‬بفسخ العقد لن أحد املتعاقدين ‪":‬قد َتىل‬
‫أثناء تنفيذ العقد عن الروح اليت اكنت حترك الطرفني عند ابرامه‪ ،‬ور جيهتد بقدر‬
‫‪2‬‬
‫املس تطاع لتسهيل معل الآخر‪".‬‬
‫ان عدم تعاون أحد الطرفني يف الرابطة العقدية يفيد اعفاء الطرف الآخر ولو‬
‫جزديا‪ ،‬من نتاجئ وعواقب عدم التنفيذ اذلي يثّيه الطرف الول ‪.3‬مفبدأ حسن النية‬
‫يتطلب من املدين القيام بلك ما يساعد ادلائن يف الانتفاع التام بعمهل القانوّن‪ ،‬كام أن‬
‫ادلائن بدوره جيب عليه وفقا لنف املبدأ‪ ،‬أن يسهل عىل املدين تنفيذ الزتاماته‪ ،‬ويتعني‬
‫عىل لك مهنام أن يعرب عىل أكرث قدر من التعاون والعناية‪ ،‬وكذكل املساعدة خالل‬

‫‪ -1‬شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪291‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Aix,2 dec,1983 ;BULLciv,c,Aix,1983,No138‬‬
‫مقتب عن سالم عبد هللا الفتالوي‪ ،‬اكامل العقد‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،3203،‬ص ‪001‬‬
‫‪ -3‬فليب لوتورنو‪ ،‬ترمجة العيد سعادنة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.009‬‬

‫‪359‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مرحَل تنفيذ العقد‪1.‬و هو المر اذلي يربر عىل حسب الفقيه ‪ MESTER‬تعديل العقد‬
‫‪2‬‬
‫من أجل اعادة التوازن‪ ،‬فهو وس يَل لتك َيف العقد وهو بذكل يزيد من حيوية العقد‪.‬‬
‫وكثّية يه العقود اليت يتجىل فهيا حسن النية يف التنفيذ يف صورة الزتام بلتعاون‪،‬‬
‫اذ يقتب أن يبذل لك طرف ما يف وسعه لمتكني الطرف الآخر من تنفيذ الزتاماته ‪.‬‬
‫و ال شك أن التعاون املنشود يف العقد خيفي يف حقيقته تعارض يف املصار‪ ،‬مبعىن أن‬
‫لك متعاقد يسعى للوصول اىل مصلحته اخلاصة‪ ،‬ومن أجل ذكل يقتنص لك مناس بة‬
‫لتحقيقها‪ .‬لكن تعارض املصار يكون عادة جماهل الساق عند ابرام العقد‪ ،‬وان اكن يربز‬
‫أحياان عند التنفيذ‪ ،‬فان التوصل اىل اتفاق بني الطرفني يفيد التفاُه بيهنام‪. 3‬اال أنه يُرى‬
‫أن هذا الالزتام أصبل يشمل حىت مرحَل قبل ابرام العقد س امي يف فرتة املفاوضات ‪.‬‬
‫ويرى الفقه أنه بلرمغ من أن مبدأ حسن النية يعم اكفة العقود‪ ،‬اال أن درجة‬
‫اقتضاء هذا املبدأ تتفاوت من عقد لآخر‪ .‬فمثة عقود تتطلب حسن النية عىل حنو‬
‫متشدد كام هو احلال بلنس بة لعقود التأمني‪ ،‬اليت يشرتط ازاءها توافر حسن النية دلى‬
‫املس تأمن يف ادالءه باكفة البياانت‪ ،‬واملعلومات املتصَل بخلطر وبتفامقه‪ ،‬وخمالفة ذكل‬
‫سواء بالدالء ببياانت اكذبة أم حىت بخفاء معلومات مؤثرة عن املؤمن‪ ،‬كثل خرقا ملبدأ‬

‫‪ -1‬وليد صالح مرىس رمضان‪ ،‬القوة امللزمة للعقد‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪،3229،‬ص‪.361‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- J.Mester ,D’une exigence de bonne foi à un esprit de collaboration , RTD civ ,1986, p‬‬
‫‪102.‬‬
‫‪ -3‬دمحم حسني منصور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪361‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حسن النية‪ .‬دلى توصف مثل هذه العقود بأهنا عقود منهت ى حسن النية‪ 1.‬فاملقصود هو‬
‫‪2‬‬
‫التعاضد واالعالم املتبادل اذلي جيب أن يوجد بني ادلائن واملدين‪.‬‬
‫ويف العقود اليت حتتاج اىل تفاوض يلزتم أطراف التفاوض‪ ،‬بلتعاون فامي بيهنام طيَل‬
‫مرحَل املفاوضات ‪.‬مبا يكفل الوصول هبا اىل نتيجة مرضية‪ ،‬سواء بنعقاد العقد املتفاوض‬
‫عليه أو بدونه‪.‬وخبصوص مضمون االلزتام بلتعاون فّيى البعض بأنه لي هناك الزتام‬
‫بلتعاون بشلك مس تقل‪ ،‬مبعزل عن الالزتامات الخرى اكاللزتام بنجدية واالس مترار‬
‫بلتفاوض وعدم قطعه بدون مربر‪ ،‬وغّيها حيث يتجسد مضمونه بلوفاء بتكل‬
‫‪3‬‬
‫االلزتامات بأرسها‪.0‬‬
‫يتدذ االلزتام بلتعاون يف مرحَل التفاوض صورا عديدة‪ ،‬من هذه الصور االرساع يف‬
‫حتديد مواعيد نجلسات التفاوض‪ ،‬عدم التأخّي بغّي عذر مقبول عن حضور جلسات‬
‫التفاوض‪ ،‬عدم االرصار عىل حتديد أماكن الجراء املفاوضات تس تدعي السفر واالنفاق‬
‫بدون مربر‪ ،‬عدم الرفض بال مربر لتعيني خبّي للبث يف مسأةل فنية حمل خالف انجدية‬
‫يف مناقشة عروض التفاوض‪ ،‬وعدم رفضها بدون مربر معقول‪.4‬‬
‫ويتدذ هذا الالزتام صوراتن الالزتام بالعالم والالزتام بالس تعالم‪،‬اذ يلزتم‬
‫املتعاقدان بلتعاون البناء بيهنام طيَل فرتة تنفيذ العقد‪ ،‬وحىت يف مرحَل ما قبل ابرام‬
‫العقد‪.‬‬

‫‪ -1‬سهّي منترص‪ ،‬الالزتام بلتبصّي‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،0992 ،‬ص‪22‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- F.Naceur .op,cit .p56.‬‬
‫‪ -3‬هدلير أسعد أمحد‪،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.011‬‬
‫‪ -4‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪021‬‬

‫‪361‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ويُوجب الالزتام بالعالم يف العقود عىل اررتف خبصوص منتوج معني أن يديل‬
‫اىل املتعاقد معه باكفة البياانت الهرضورية املتعلقة بس تعامهل‪ ،‬وخاصة املعلومات املتعلقة‬
‫بلتحذير من خطورته‪ ،‬وكيفية تفادُّيا‪ ،‬أو كيفية التعامل معها يف حاةل حدوهثا‪ 1،‬كام أن‬
‫البادع يتعني عليه‪ ،‬لي فقط تسلمي الزبون هجاز غّي معيب‪ ،‬وبملواصفات اليت مت‬
‫االتفاق علهيا‪ ،‬وامنا جيب أن يس تعْل عن حاجيات هذا الزبون‪ ،‬وأن ينصحه مبدى‬
‫مالءمة انجهاز املقرتح لالس تعامل اذلي يريده‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫نطاق الالزتام العام بلتعاون يف العقود‬
‫خيتلف نطاق الالزتام بلتعاون يف العقود من عقد لخر‪ ،‬فطبيعة بعض العقود‬
‫تفرض درجة عالية من التعاون بني الطرفني وبشلك مس متر اكلعقود الزمنية ‪2‬مثل عقد‬
‫التأمني (الفرع الول)‪ ،‬وعقد العمل (الفقرة الثانية) اذ أهنا حتتاج تعاوان وثيقا لتمتكن من‬
‫الاس مترار أكرب قدر ممكن من الزمن‪ ،‬بل أنه يف مثل هذا العقود يرتتب عىل الاخالل‬
‫بلتعاون بني الطرفني‪ ،‬جزاء يوقع عىل الطرف اخملل به‪.‬‬

‫‪ -1‬سالم عبد هللا الفتالوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪001‬‬


‫‪ -2‬من العقود اليت حتتاج اىل تعاون بني الطرفني عقود التجارة ادلولية‪ ،‬نظرا اىل أهنا من هجة ممتدة من حيث النطاق‬
‫انجغرايف‪ ،‬وأهنا عقود زمنية ‪.‬و من هجة أخرة أهنا عقود جتارية‪ ،‬والتجارة حتتاج اىل الرسعة واملرونة يف املعامالت والتعاون‪،‬‬
‫لهنا ترتبط بصفقات خضمة تؤثر عىل الاقتصاد مفبادئ التعاون مفروضة عىل لك املامرسني الاقتصاديني للتجارة ادلولية‪،‬‬
‫حيث أن عىل أطراف العقد الواجب الضمين بتنس يق هجودُه‪ ،‬للتعاون والتنفيذ ادلقيق اللزتاماته‬
‫شّيزاد عزيز سلامين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫وقد شهد الالزتام بلتعاون ميالده الول يف عقود الاعالم اليل وعقود البناء حيث يس توجب قيام البادع بعالم املشرتي‬
‫مبا يعْل وأن يس تفرس املشرتي عام يرغب فيه ‪.‬و يس توجب من املشرتي أن يسكل نف سلوك البادع‪.‬‬
‫بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬دار الكتاب احلديث‪ ،‬القاهرة‪ ،3226 ،‬ص‪.13‬‬

‫‪362‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫نطاقه يف عقد التأمني‬
‫ان مبدأ حسن النية هو مبدأ عام يف مجيع العقود‪ .‬لكن يف عقد التأمني يتدذ معىن‬
‫خاص اذ يتطلب هذا الخّي مس توى مرتفع من الصدق والمانة والثقة والتعاون‪ ،‬س امي‬
‫يف جانب املؤمن هل‪. 1‬فالظروف اخلاصة الساددة يف صناعة التأمني‪ ،‬جتعل املؤمن‬
‫بشلك خاص حتت رمحة املؤمن هل‪.‬اذ لي بس تطاعته االحاطة حبقيقة اخلطر وهلروفه‬
‫اال من خالل البياانت اليت يديل هبا املؤمن هل‪ ،‬فال يكون أمامه اال أن يثق به ذلا‬
‫يتوجب عىل هذا الخّي أن يكون أمينا و َحسن النية دلى ادالده هبذه البياانت عند‬
‫التعاقد ‪.2‬‬
‫حيث يتوقف تقدير جحم اخلطر ومبلغ التأمني اذلي يلزتم املؤمن بدفعه عىل تعاون‬
‫املؤمن هل معه‪ ،‬ذلا يتطلب عقد التأمني من املؤمن هل مساعدة املؤمن بالفصاح قبل‬
‫ابرام عقد التأمني‪ ،‬عن أي هلرف جوهري يعْل به أو يفرتض علمه به من جمرايت العمل‬
‫العادية‪ ،‬والظرف انجوهري يعترب كذكل اذا اكن من شأنه التأثّي عىل قرار املؤمن‪ ،‬بقبول‬
‫التأمني أو رفضه‪ ،‬ويف حتديد مقدار القسط ‪ .3‬ويس متر الزتامه بالعالم جبميع الظروف‬

‫‪-1‬هدلير أسعد امحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪106‬‬

‫‪ -2‬شفيق رشف‪ ،‬املنتقى يف رشح عقد التأمني ط الوىل‪ ،‬اثراء للنرش والتوزيع‪ ،‬الردن‪،.3202 ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -3‬عادل أمحد ابراهمي أبو العيَل‪ ،‬املبادئ القانوّن اخلاصة بعقد التأمني وعالقهتا بعملية التسويق‪ ،‬جمَل ادارة العامل‪ ،‬مرص‬
‫العدد ‪ ،92،3220‬ص ‪.20‬‬
‫عبد القادر العطّي‪ ،‬التأمني الربي يف الترشيع‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪،3226 ،‬ص‪021‬‬
‫أمحد رشف ادلين‪ ،‬املرجع السابق ص‪22‬‬

‫‪363‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اليت تطرأ أثناء رساين العقد‪ ،‬ويكون من شأهنا زايدة اخلطر‪،‬فاذا أخل املؤمن هل بلزتامه‬
‫بلتعاون اكن قء النية ‪.‬‬
‫وان اكن يف العقود الفورية لحد طريف العقد أن ال يفصل عن بيان جوهري اذا ر‬
‫يسأل عنه اال أن احلال غّي ذكل يف عقد التأمني‪ ،‬حيث أن أحد املتعاقدين وهو املؤمن‬
‫يكون عاجزا أمام الطرف الآخر املؤمن هل خبصوص الافصاح عن البياانت انجوهرية‪،‬‬
‫اليت تؤثر يف قرار املؤمن بقبول تغطية اخملاطر املطلوبة أو عدم قبولها ويف حتديد القسط‪.‬‬
‫ولهذا يشدد القانون عىل ورة أن يفصل املؤمن هل عن املعلومات انجوهرية املتعلقة‬
‫بخلطر املراد التأمني عليه‪ ،‬ومن مث ال خيفى ادلور الكبّي اذلي يلعبه عاميل الثقة‬
‫‪1‬‬
‫وواجب التعاون يف اجناح معلية التعاقد‪.‬‬
‫بلنس بة للمؤمن فانه يتعني عليه أن حيرص عىل معرفة حقيقة اخلطر بوسادهل‬
‫اخلاصة‪ ،‬فيس تعني يف ذكل بأهل اخلربة‪ ،‬لينفرد بوضع الرشوط اخلاصة بلعقد معمتدا‬
‫عىل خربته املهنية‪ ،‬مما جيعهل ملزما طبقا ملا يقتضيه حسن النية بعالم طالب التأمني بلك‬
‫تفاصيل العقد ‪ .‬و قد أشار املرشع الفرنيس اىل الزامية اعالم املؤمن هل مبجموعة من‬
‫البياانت قبل ابرام العقد طبقا للامدة ‪ 3-003‬من قانون التأمينات ‪،2‬يف حني ال جند‬
‫نصا مماثال يف الترشيع انجزائري يلقي عىل عاتق املؤمن الزتاما بالعالم ما عدى نص املادة‬
‫‪ 01‬من القانون رمق ‪ 3 21-26‬حيث تمتم أحاكم املادة ‪ 12‬من المر ‪ 21-91‬و تشّي اىل‬
‫ورة أن يسْل املؤمن للمؤمن هل كشوف معلومات حتتوي اجباراي عىل توضيحات‬
‫تتعلق بطريقة تسديد ق ة تغطية العقد ‪ ،‬و الزامية اعطاء معلومات س نواي عن وضعية‬

‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪106‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-ART 112-2 du code des assurances « L'assureur doit obligatoirement fournir une fiche‬‬
‫» ‪d'information sur le prix et les garanties a ant la conclusion du contrat…..‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المؤرخ في ‪ 02‬فبراير ‪ 0222‬يعدل و يتمم األمر رقم ‪ 20-39‬المؤرخ في ‪ 09‬يناير ‪ 1339‬المتعلق بالتامينات ‪ ،‬ج ر رقم ‪، 19‬في ‪10‬‬
‫مارس ‪.0222‬‬

‫‪364‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫العقد حول احلقوق املكتس بة و رؤوس الموال املؤمنة ‪.‬غّي أنه يبقى نصا خاصا بلتأمني‬
‫عىل الشداص ‪.‬‬
‫ويس تلزم من املؤمن هل االفصاح عن لك الظروف اليت ُّيم املؤمن معرفهتا وقت‬
‫ابرام العقد‪ ،‬واعالمه بشلك تلقايئ اعامال ملبدأ حسن النية‪ ،‬وعن لك الظروف‬
‫املس تجدة املتعلقة بخلطر‪ ،‬واليت من شأهنا التأثّي يف تقدير اخملاطر‪ ،‬ومن مث الزايدة‬
‫‪1‬‬
‫يف عئب املسؤولية امللقاة عىل عاتق املؤمن‪ ،‬واذلي يس تتبع بلنتيجة تعديل بنود العقد‪.‬‬
‫ومعاونة املؤمن أثناء ابرام عقد التأمني لتقدير جحم اخلطر‪ ،‬ال تقف عند ابرام العقد‪،‬‬
‫بل جيب أن تس متر كذكل خالل فرتة تنفيذ العقد ‪.‬اذ عليه أن يبلغ املؤمن بلظروف اليت‬
‫تس تجد أثناء تنفيذ العقد‪ ،‬ويكون من شأهنا زايدة اخملاطر املغطاة بلتأمني‪ ،‬كام عليه أن‬
‫يسارع ببالغ املؤمن حال وقوع اخلطر‪ .‬وذلا جند رشاكت التأمني حتتاط ملثل هذه‬
‫احلاالت‪ ،‬فتنص عىل حقها يف عدم دفع ق ة التأمني اذا خالف املؤمن هل هذه الرشوط ‪.‬‬
‫و قد ذهب القضاء املرصي اىل أن الرشط اذلي يرد يف وثيقة التأمني‪ ،‬وينص عىل‬
‫أن لك تغيّي أو تعديل‪ ،‬بلنس بة للغرض اذلي أعد هل املاكن ارفوهلة فيه البضادع املؤمن‬
‫علهيا‪ ،‬أو الاس تعامل اذلي خصص من أجهل‪ ،‬ويكون من شأنه زايدة اخملاطر دون قبول‬
‫‪2‬‬
‫كتايب من املؤمن‪ ،‬حيرم املؤمن هل من حقه بلتعويض ‪.‬‬
‫وقد عربت حماة النقض املرصية عن ذكل بتارخي ‪ 0920/21/31‬بلقول أن‪ :‬عقد‬
‫التأمني من العقود اليت مبناها حسن النية‪ ،‬وصدق االقرارات اليت يوقع علهيا املؤمن هل‬
‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق ص‪002‬‬
‫‪ -2‬قرار حماة النقض املرصية الصادر بتارخي ‪. 0911/21/31‬‬
‫مقتب عن عبد القادر العطّي‪ ،‬التأمني الربي يف الترشيع‪،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪،‬‬
‫‪،3226‬ص‪021‬‬

‫‪365‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪.‬و الغش فهيا أو اخفاء حقيقة المر جيعل التأمني بطال‪ ،‬فاملؤمن هل يلزم بحاطة املؤمن‬
‫عند التأمني جبميع البياانت الالزمة‪ ،‬لمتكينه من تقدير اخلطر املؤمن منه وجسامته ‪.‬‬
‫و قد يكون ذكل عن طريق االجابة عىل أس َل حمددة يف طلب التأمني‪ ،‬حيث يسأل‬
‫املؤمن هل عن حقيقة ما يديل به من بياانت‪ ،‬فاذا اكن البيان قد جعهل املؤمن حمل سؤال‬
‫حمدد ومكتوب فانه يعترب جوهراي يف نظره‪ ،‬والزما لتقدير اخلطر املؤمن منه‪ ،‬كام وعليه‬
‫أن يبلغ املؤمن مبا يطرأ أثناء العقد من هلروف من شأهنا أن تؤدي اىل زايدة هذه‬
‫‪1‬‬
‫اخملاطر‪ ،‬ويرتتب عىل االخالل هبذا الالزتام أن يقع عقد التأمني بطال ‪.‬‬
‫فضامن حسن تنفيذ عقد التأمني يتوقف بشلك كبّي عىل املعلومات اليت يديل هبا‬
‫املؤمن هل‪ ،‬ومن مث ال جيدي نفعا جمرد االكتفاء بلزام ممثل أو وكيل رشكة التأمني‪،‬‬
‫بلتحقق من البياانت املتعلقة بخلطر حمل العقد‪ ،‬اليت يديل هبا طالب التأمني أو من‬
‫املفروض االدالء هبا عند تفامق اخلطر ‪ .‬وتطبيقا ذلكل ذهبت حماة النقض الفرنس ية اىل‬
‫‪:‬أن الوكيل العام لرشكة التأمني ال يعد خمال باللزتام املفروض عىل عاتقه‪ ،‬بلتحقق من‬
‫نطاق وحصة البياانت الصادرة من املؤمن هل‪ ،‬ان أخفق يف التحقق من عدم حصهتا‪،‬‬
‫وذكل لن عقد التأمني من عقود حسن النية ‪ 2.‬وجيب أن ال يركن يف جمال التأمني‬
‫نجوء املؤمن هل اىل ذاكرته السيئة أو اهامهل‪ ،‬واالدعاء بأنه نيس أن يعلن عن أحد‬

‫‪ -1‬مقتب عن ‪ :‬املعتصم بهلل الغرايّن‪ ،‬عقود التأمني البحري بني مبدأي منهت ى حسن النية واالفصاح املنصف‪ ،‬جمَل‬
‫احلقوق للبحوث القانونية والاقتصادية‪ ،‬جمَل علمية فصلية حماة‪ ،‬تصدر عن لكية احلقوق جامعة االسكندرية‪ ،‬ع الثاّن‬
‫‪،3201‬ص‪.006‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Cass.1er .13 janvier 1987,R.G.A.T. , 1987 ,p160‬‬
‫مقتب عن هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد نظرية الغش‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الردن‪ ،3202 ،‬ص ‪102‬‬

‫‪366‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ :‫الفصل الثاني‬

‫ وامنا يم التعامل معه عىل أساس أنه يفرتض فيه أن يعْل هلروف اخلطر ويعلهنا‬،‫البياانت‬
.1‫للمؤمن‬
‫ولهذا جند أن املرشع انجزائري امعاان منه بتأمني امحلاية الالزمة للمؤمن من سوء نية‬
‫ بل‬،‫ ر يكتفي بفرض هذا الالزتام الخاليق املنبثق عن مبدأ حسن النية‬،‫املؤمن هل‬
‫حيث أن نصوص‬. ‫أوجب عىل املؤمن هل الوفاء به من خالل نصوص قانون التأمني‬
‫ مفىت اكن املؤمن هل حسن النية فان‬،‫التأمني ّمتزي بني املؤمن هل قء النية وحسن النية‬
‫فقرة‬03 ‫ طبقا للامدة‬،‫رشكة التأمني ملزمة قبهل بتغطية اخلطر الناجت عن اخلطأ غّي املتعمد‬
‫كام ومزي املرشع الفرنيس بني املؤمن هل حسن النية وقء‬2 .21-91 ‫ من المر رمق‬2
3
. ‫ من قانون التأمني‬01-011 ‫ يف املادة‬،‫النية‬

،‫ دار الثقافة للنرش والتوزيع‬،‫ ط الوىل‬،‫ دراسة مقارنة‬،‫ التأمني الربي يف الترشيع‬،‫ عبد القادر العطّي‬-1
021‫ص‬،3226،‫عامن‬
02 ‫ ع‬،‫ يتعلق بلتأمينات ج ر‬0991 ‫ يناير‬31‫ املوافق ل‬0101 ‫ شعبان عام‬32 ‫ مؤرخ يف‬-2
3
- ART 175-14 du code des assurances « L'assuré doit déclarer exactement, lors de la
conclusion du contrat, toutes les circonstances connues de lui qui sont de nature à faire
apprécier par l'assureur le risque qu'il prend à sa charge.
=Toute omission ou toute déclaration inexacte de mauvaise foi de l'assuré de nature à
diminuer sensiblement l'opinion de l'assureur sur le risque, qu'elle ait ou non influé sur le
dommage ou sur la perte de l'objet assuré, annule l'assurance à la demande de l'assureur.
La preuve de la mauvaise foi de l'assuré incombe à l'assureur. D'un commun accord entre
les parties contractantes, il peut être dérogé à cette règle.
En cas de mauvaise foi de l'assuré, la prime demeure acquise à l'assureur.
En cas de bonne foi de l'assuré, l'assureur est, sauf stipulation plus favorable à l'égard de
l'assuré, garant du risque proportionnellement à la prime perçue par rapport à celle qu'il
aurait dû percevoir, sauf les cas où il établit qu'il n'aurait pas couvert les risques s'il les
avait connus. Sous cette dernière réserve, si la constatation a lieu avant tout sinistre,
=l'assureur peut soit maintenir le contrat, moyennant une augmentation de prime acceptée
par l'assuré, soit résilier le contrat dix jours après notification adressée à l'assuré, en
restituant la portion de prime payée pour le temps où l'assurance ne court plus. Dans le cas

367
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد رتب املرشع انجزائري مجَل من انجزاءات عىل عاتق املؤمن هل‪ ،‬ففي حال كامتن‬
‫املؤمن هل بشلك معدي قصد تضليل املؤمن يف تقدير اخلطر‪ ،‬فيكون للمؤمن ابطال‬
‫العقد طبقا للامدة ‪ 30‬من المر رمق ‪ ،21-91‬ويرتتب عىل ذكل أيضا احتفاظ املؤمن‬
‫بلقساط املدفوعة تعويضا الصالح الهرضر‪ .‬ويقصد بلكامتن تعمد املؤمن هل عدم‬
‫الترصحي ببيان ما‪ ،‬قصد تضليل املؤمن يف تقدير اخلطر ‪.‬‬
‫وال ينطبق جزاء االبطال واالحتفاظ بلقساط لصار املؤمن اال يف حاةل سوء‬
‫النية‪ .‬أي اذا اكن الكامتن والكذب معدي اس هتدف به املؤمن هل تضليل املؤمن‪ ،‬أو‬
‫قصد به تعديل فكرة املؤمن عن اخلطر ‪ .‬أي تغيّي موضوع اخلطر أو تقليل أمهيته يف‬
‫نظر املؤمن‪ ،‬حبيث لو عْل بحلقيقة ملا تعاقد أو ملا قبل التعاقد اال برشوط أخرى‪،‬‬
‫فالعنرص الساق لسوء النية هو قصد اخلداع والتضليل ‪.‬و ال يقترص سوء النية عىل‬
‫الفرتة املصاحبة النعقاد العقد‪ ،‬فاالبطال يطبق سواء يف حاةل االخالل باللزتام بالعالن‬
‫‪1‬‬
‫املبتدئ للفطر‪ ،‬أو الاخالل باللزتام بتفامق اخلطر ‪.‬‬
‫ويف التأمني عىل ال ار‪ ،‬فيرتتب عىل مبالغة املؤمن هل يف تقدير ق ة املال املؤمن‬
‫عليه بسوء نية‪ ،‬جواز الغاء العقد من املؤمن‪ ،‬والاحتفاظ بلقسط املدفوع طبقا للامدة‬
‫‪ 20‬من الامر رمق ‪ .21-91‬أما مىت اكنت املبالغة الصادرة عن املؤمن هل حبسن النية‪،‬‬
‫فيحتفظ هذا الخّي بلقساط املس تحقة‪ ،‬ويعدل القساط املنتظرة ‪.‬‬
‫ما يفيد أنه اذا أخفى املؤمن هل بياانت جوهرية بسوء نية أي معدا يكون العقد قابال‬
‫لالبطال‪ ،‬برشط أن يثبت املؤمن أن البياانت اليت أخفاها املؤمن هل جوهرية ‪.‬أما اذا قام‬

‫‪=où la constatation n'a lieu qu'après un sinistre, l'indemnité est réduite en proportion du‬‬
‫‪taux des primes payées par rapport au taux des primes qui auraient été dues si les risques‬‬
‫» ‪avaient été complètement et exactement déclarés.‬‬
‫‪ -1‬أمحد رشف ادلين‪ ،‬املرحع السابق‪ ،‬ص‪.321‬‬

‫‪368‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بالدالء ببياانت خاط ة بسوء نية وعن قصد‪ ،‬فيكون هدفه هو الغش والتضليل‪ ،‬من‬
‫أجل احلصول عىل عقد التأمني بأحسن الرشوط وبأقل السعار‪ ،‬ففي هذه احلاةل يعترب‬
‫عقد التأمني بطال ‪ .‬ويصبل من حق املؤمن االستيالء عىل قسط أو جزء من القسط‬
‫‪1‬‬
‫املدفوع هل مقدما‪ ،‬ويقع عىل املؤمن عبء اثبات االخالل مببدأ منهت ى حسن النية‪.‬‬
‫غّي أن ما هو مالحظ أن جزاء عدم االدالء بلبياانت انجوهرية هو االبطال‪،‬‬
‫وبغض النظر عن كون املؤمن حسن النية أو سيهئا ‪.‬فاملبدأ يف عقد التأمني ال يشرتط‬
‫قيام املؤمن بأقل اس تعالم عن البياانت‪ ،‬بل وال يشرتط أن يكون املؤمن هل قادرا عىل‬
‫العْل بأمهية البيان للمؤمن ‪.‬فالثر الوحيد لعدم االفصاح هو قابلية العقد لالبطال‪ ،‬يف‬
‫حاةل الكامتن لبيان جوهري‪ ،‬أو بطالنه يف حاةل االدالء ببيان خاطئ أي يف حال سوء‬
‫النية ‪2.‬بيامن يتشدد الفقه يف جانب املؤمن هل‪ ،‬فال يشرتط العْل الفعيل للمؤمن هل‪ ،‬بل‬
‫يكتفي بس تطاعة العْل‪ ،‬حبيث أن املؤمن هل اكن ككنه بذل قدر معقول من العناية يف‬
‫العْل بخلطر اذلي يؤمن منه ‪.‬بل ويالحظ أن هجهل هبذه الواقعة انجوهرية ال يعفيه من‬
‫‪3‬‬
‫الالزتام بتقدمي بيان عهنا‪ ،‬وهجهل يف هذه احلاةل ال يعفيه من انجزاء‬
‫ذلا يرى البعض أن جزاء االبطال جزاء بلغ القسوة غّي متناسب مع سلوكيات‬
‫املؤمن اذلي رمبا اكن ليقبل التأمني برشوط خمتلفة أو أقساط أعىل‪ ،‬اذا عْل بملعلومات‬
‫عىل الوجه الصحيل‪ 4.‬فيكتفي املؤمن بلسلبية يف تلقي املعلومات‪ ،‬بيامن يفرض هذا املبدأ‬
‫واجب بالفصاح عىل عاتق املؤمن هل‪ ،‬دون املؤمن اذلي ال يبذل هجدا‬
‫لالس تعالم‪.‬حيث جتاهل املرشع سوء نية املؤمن‪ ،‬حيث ر يضع لسوء نيته أو حىت جملرد‬
‫‪ -1‬عادل أمحد ابراهمي أبو العيَل‪ ،‬املبادئ القانونية اخلاصة بعقد التأمني وعالقهتا بعملية التسويق‪ ،‬جمَل ادارة العامل‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫ع ‪ ،92،3220‬ص‪.23‬‬
‫‪ -2‬املعتصم بهلل الغرايّن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪93‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪000‬‬

‫‪369‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫العْل الفعيل بغلط املؤمن أي جزاء‪ ،‬يف حني طبق جزاءا بلغ القسوة يف مواهجة املؤمن‬
‫هل وهو البطالن‪ ،‬دون أن يتلكف عناء االشارة اىل الزتام املؤمن حبسن النية عند طلب‬
‫‪1‬‬
‫االبطال‪.‬‬
‫غّي أن اجتاه حديث للفقه يذهب اىل أنه يقع عىل عاتق املؤمن الزتام بلكفاءة‬
‫‪ ،l’obligation de competence‬ما يفيد ورة الاس تعالم يف جانبه عن اخلطر‬
‫‪2‬‬
‫املراد التأمني منه‪.‬‬
‫اال أنه يقع عىل عاتق املؤمن اثبات سوء نية املؤمن هل‪ ،‬فاذا ر يثبت ذكل أفرتض‬
‫حسن نية املؤمن هل‪ ،‬لن سوء النية ال يفرتض‪ .‬والصل أنه الثبات سوء النية يف جانب‬
‫املؤمن هل‪ ،‬ال يكفي جمرد اثبات اخالهل بلزتامه بالعالم ‪.‬لكن هذا االخالل يفيد يف‬
‫بعض الحيان سوء نية املؤمن هل‪،‬كام اذا ُوضع سؤال حمدد ومكتوب بوثيقة التأمني‪ ،‬مما‬
‫يقمي قرينة عىل أمهييته يف نظر املؤمن‪،‬فالكامتن أو الكذب يف خصوص هذا السؤال‪ ،‬يقمي‬
‫‪3‬‬
‫قرينة عىل سوء نية املؤمن هل‬
‫وبس تقراء أحاكم حماة النقض الفرنس ية الصادرة‪ ،‬يف خصوص تطبيق انجزاء عىل‬
‫الكامتن أو الكذب‪ ،‬جند أهنا تضع يف اعتبارها الظروف املالبسة للكامتن أو الكذب‪،‬‬
‫لتعامل املؤمن هل معامَل اخملل بلزتامه بسوء نية‪ ،‬أو لتصل اىل اعتباره خمال بلزتامه‬
‫حبسن نية ‪.‬و تس تدلص حماة النقض الفرنس ية سوء النية من كون الكامتن أو الكذب‬

‫‪ -1‬املعتصم بهلل الغرايّن‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.022‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Christianue Dubreuil,L’assurance :un contrat de bonne foi à l’étape de la formation et‬‬
‫‪de l’exécution,. www.memoireonline.com,p 37.‬‬
‫‪ -3‬أمحد رشف ادلين‪ ،‬أحاكم التأمني‪ ،‬دراسة يف القانون والقضاء املقارن‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬بدون دار النرش‪،‬مرص‪،‬‬
‫‪،0990‬ص‪.326‬‬

‫‪371‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫معداي‪ ،‬وتقف اراة عند نتيجته ويه تضليل املؤمن‪ ،‬لتصل اىل سوء نية املؤمن هل فاذا‬
‫اكن التضليل معداي يقع عليه جزاء االخالل بسوء النية ‪.‬‬
‫يف مقابل هذا االجتاه تتعامل حماة النقض الفرنس ية جتاه املؤمن هل املهمل‪ ،‬معامَل‬
‫اخملل بلزتامه حبسن نية‪ .‬كن يكون خشصا ال يعرف الكتابة‪ ،‬وقام بكتابة االجابت عن‬
‫الس َل‪ ،‬أحد اتبعي املؤمن‪.‬يف حني تتساهل ذات اراة يف قبول حسن نية املؤمن هل‪،‬‬
‫اذا اكن عدم اعالنه للظروف انجت عن مغوض الرشط‪ ،‬اذلي يلزمه بالعالم يف وثيقة‬
‫‪1‬‬
‫الـتأمني‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫نطاقه يف عقد العمل‬
‫ذكران سابقا أن من الواجبات امللقاة عىل عاتق العامل واجب الطاعة‪ ،‬وهذا الواجب‬
‫يعين التبع ّية للمرشوع‪ ،‬والتبعية تفيد االخالص واالس تقامة ‪.‬و يوجد اىل جانب هذا‬
‫الواجب واجب الوالء للمرشوع أو لرب العمل‪ ،‬لن العامل جزء من املرشوع ينتظر‬
‫منه رب العمل سلواك اجيابيا فعاال يرتكز عىل التعاون‪. 2‬و قد ذهبت حماة النقض‬
‫الفرنس ية اقرارا لهذا الالزتام اىل فصل أحد العامل‪ ،‬لنه رفض أن يهن ي افراغ محوةل من‬
‫احدى الشاحنات‪ ،‬مستندا اىل أن امتام التفريغ يتجاوز الوقت اردد ملواعيد العمل‪،‬‬
‫وعابت عليه عدم الزتامه بلتعاون اذلي يقتب عدم التقيد حبرفية النص‪ ،‬وبلتايل عدم‬

‫‪ -1‬أمحد رشف ادلين‪ ،‬املرجع السابق‪.322 ،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Christophe Vigneau, l’impératif de benne foi dans l’exécution du contrat de tra ail,‬‬
‫‪juillet 2004 www.soufrance-et travail.com,p708‬‬

‫‪371‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التقيّد مبواقيت العمل املنصوص علهيا‪ ،‬وعابت عليه فهمه املعيب للعقد‪ ،‬مبا خيالف الزتاما‬
‫‪1‬‬
‫هاما هو الالزتام بلتعاون ‪.‬‬
‫وقد اس تقر القضاء الفرنيس عىل فرض الزتام بلتعاون بلنس بة لبعض العامل اذلين‬
‫حيتلون مراكز قانونية‪ ،‬تتطلب مهنم تعاوان أكرث من غّيُه ‪.‬ففي احدى قرارات القضاء‬
‫الفرنيس مت الزام همندس النظمة املعلوماتية بلعمل خارج أوقات العمل‪ ،‬ولو اكن يف‬
‫ذكل مساس حبياته اخلاصة‪ ،‬عىل أساس أن العامل جيب عليه أن يلزتم مبعاونة صاحب‬
‫‪2‬‬
‫العمل يف حتقيق مصلحة املرشوع ‪.‬‬
‫كام ذهب القضاء املرصي اىل أن تقدمي العامل لشاكوى كيدية ضد صاحب العمل‪،‬‬
‫من شأنه االخالل باللزتام بلتعالون‪ .‬ومن مث فالمر يربر فصل العامل دون أن يكون‬
‫‪3‬‬
‫رب العمل متعسفا يف ذكل‪.‬‬
‫وقد أوجبت املادة ‪ 1‬من قانون عالقات العمل رمق ‪ ،00-92‬عىل العامل املسامهة‬
‫يف جمهودات الهي ة املس تددمة لتحسني التنظمي واالنتاجية ‪.‬ما يفيد الزتام العامل‬
‫بلتعاون لتحقيق أهداف املرشوع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Soc.7 juill.d.1983.IR. P443.‬‬
‫مقتب عن همدي خبدة املرجع السابق ص ‪.321‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-SOC.27 NOV 1991‬‬
‫مقتب عن‪ :‬همدي خبدة ‪،‬املرجع السابق ص ‪322‬‬
‫‪ -3‬والتعاون اذلي يقتضيه مبدأ حسن النية‪ ،‬ال يقترص عىل تعاون العامل مع من هل صالحيات ادارة املرشوع واالرشاف‬
‫عليه‪ ،‬بل متتد اىل تعاونه مع زمالءه يف أآداء العمل ‪.‬‬
‫همدي خبدة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬

‫‪372‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كام أشارت املادة ‪ 3-0333‬من قانون العمل الفرنيس‪ 1‬اىل أن الهيأة املس تددمة قد‬
‫تطلب معلومات من العامل لتقدير قدراته املهنية‪ ،‬وعىل هذا الخّي أن يس تجيب‬
‫حبسن نية لطلب الهي ة املس تددمة ‪ .‬من مث فعدم االمتثال من قبل العامل يف هذه‬
‫احلاةل يشلك اخالال بواجب الوالء اذلي يفرضه مبدأ حسن النية‪ ،‬وهذا ما أكدته حماة‬
‫‪2‬‬
‫النقض الفرنس ية يف قرار لها بتارخي ‪ 31‬فيفري ‪.3222‬‬
‫ويفرض واجب التعاون عىل صاحب العمل تأمني اس مترارية العمل‪ ،‬بلرمغ من أي‬
‫تطور االنتاج وحتديثه‪،‬‬
‫هلرف اقتصادي طارىء من شأنه أن يؤثر يف عالقة الجّي مع ّ‬
‫حبيث يعجز عن مواكبة الطوارىء التقنية والتكنولوجية بسبب عدم اس تعداده املهين‬
‫لهذه التغّيات‪ .‬كام ويتعني عىل رب العمل اعادة تصنيف الجّي همنيا يف املؤسسة‬
‫تداراك الهناء عقد معهل الس امي يف حاالت الرصف الاقتصادي‪.‬‬
‫وقد ذهبت حماة النقض الفرنس ية يف هذا الصدد بتارخي ‪ 20‬أفريل ‪ 0993‬اىل أن‬
‫مبدأ حسن النية يف تنفيذ العقد يلقي عىل صاحب العمل ورة تأمني معل بديل ولو‬
‫يف مركز خمتلف عن سابقه وبأجر أقل امنا يكفي أن ال يتعرض الجّي للرصف مبارشة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- ART 1222/2 Code du travail français : « les informations demandées, sous quelque‬‬
‫‪forme que ce soit, à un salarié ne peuvent avoir comme finalité que d'apprécier ses‬‬
‫‪aptitudes professionnelles.‬‬
‫‪Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec l'évaluation de ses‬‬
‫‪aptitudes.‬‬
‫» ‪Le salarié est tenu de répondre de bonne foi à ces demandes d'informations.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cour de cassation chambre sociale Audience publique du mardi 25 février 2003 N° de‬‬
‫‪pourvoi: 00-42031‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cass.soc, 1er avril 1992, bull.civ, V, n 258 ; cass soc 8 avril 1992, J.C.P 1992, ed E,II,n‬‬
‫‪360, note J.Savatier www.courdecassation.fr‬‬

‫‪373‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املطلب الث ّاّن‪:‬‬


‫الالزتام بالعالم مكظهر للتعاون‬
‫من أُه الالزتامات اليت اعتربها الفقه الفرنيس من تطبيقات الالزتام بلتعاون االلزتام‬
‫بالعالم‪ .‬اذلي يفرض سلواك اجيابيا من طرف أحد املتعاقد املتواجد يف مركز أقوى‪،‬‬
‫أي اررتف ملعاونة املس هتكل الطرف الضعيف يف حتديد رغبته يف ابرام العقد‪ ،‬بعد‬
‫معرفة خصوصيات حمل العقد ورشوط العقد ‪.‬‬
‫ان القاء الضوء عىل الالزتام بالعالم يفرض علينا حبث مدى ورة االس تعالم‬
‫من جانب اررتف العالم املس هتكل‪ ،‬ذكل أنه يف اطار حبثنا يف مضمون مبدأ حسن‬
‫النية حتدثنا عن العْل واماكن العْل‪ ،‬فهل أن الالزتام بالعالم يُفرض عىل اررتف مىت‬
‫اكن عاملا خبصوصيات حمل التعاقد؟و يسقط عن اكههل مىت اكن غّي عار ؟ أم أن‬
‫الالزتام بالعالم يفرض عليه اس تعالما العالم املس هتكل ؟ ومن هجة املس هتكل فهل‬
‫اماكنية عْل املس هتكل خبصوصيات حمل العقد‪ ،‬تشلك مربرا اكفيا العفاء اررتف من‬
‫الزتامه بالعالم ‪.‬و من مث هل يُلزم املس هتكل بالس تعالم عن اليشء أو اخلدمة حمل‬
‫التعاقد ؟ وهل يتقلص الالزتام بالعالم يف مواهجة املهين ؟‬
‫تبعا ملا ذكرانه حندد مضمون الالزتام بالعالم يف (الفرع الول)‪ ،‬مث طبيعة الالزتام‬
‫بالعالم وحدود انجهل بلبياانت واملعلومات يف (الفرع الثاّن)‪.‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫مضمون الالزتام بالعالم‬
‫لقد جتىل مع تطور معطيات احلياة الاقتصادية‪ ،‬قصور نظرية عيوب الرضا من‬
‫غلط وتدلي واكراه عن حامية رضا املتعاقد ذكل لهنا اقترصت فقط عىل تصحيل‬
‫الوضاع هلاهرة اخللل‪ ،‬واليت تتوافر فهيا الرشوط املنصوص علهيا يف النصوص‬

‫‪374‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القانونية‪ ،‬وبلتايل ر تصل اىل حامية الثقة اليت يقتضهيا الضمّي يف املعامالت اخملتلفة‪.‬من‬
‫مث اجتهت أحاكم القضاء س امي الفرنيس ومن بعده الترشيع‪ ،‬اىل فرض الزتام بالعالم عىل‬
‫‪1‬‬
‫عاتق اررتف‪.‬‬
‫بناءا عىل ذكل يتعني علينا حتديد املقصود باللزتام بالعالم وحبث مبدأ حسن النية‬
‫كساس هل يف (الفقرة الوىل)‪ .‬وطادفة املعلومات اليت يلزتم اررتف بالدالء هبا للمس هتكل‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫املقصود باللزتام بالعالم وحبث حسن النية كساس‬
‫يعترب الالزتام بلتبصّي أو بالدالء بملعلومات والبياانت املتعلقة بلعقد‪ ،‬من‬
‫املوضوعات احلديثة اليت خصها رجال القانون الوضعي بأمهية خاصة‪ ،‬متأثرين يف ذكل‬
‫مبوقف القضاء الفرنيس اذلي أثر بشلك مبارش يف املرشع الفرنيس ‪ .‬اليشء اذلي جعهل‬
‫ال يرتدد يف الخذ هبذا الاجتاه يف النصوص القانونية‪.‬‬
‫أو اال‪ :‬املقصود باللزتام بالعالم‬
‫يطلق الفقه عىل هذا الالزتام عدة تسميات‪ ،‬فالبعض يطلق عليه لفظ الالزتام‬
‫بالعالم أو التبصّي والبعض الآخر يرى أنه الزتام بالفصاح‪ ،‬بيامن يرى أخرون أنه الزتام‬
‫بلنصيحة ‪.2‬‬

‫‪ -1‬الالزتام بالعالم يف القانون الفرنيس هو الزتام قضايئ النشأة‪ ،‬حبيث متثل موقف املرشع غالبا يف تقنني القواعد اليت‬
‫اس تقرت قضاديا‪ ،‬ويعين ذكل اقتصار املرشع عىل جمرد وضع املبادئ القضادية يف جمال الالزتام بالعالم‪ ،‬يف شلك قواعد‬
‫قانونية ترشيعية عامة وجمردة ‪.‬‬
‫مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬الالزتام بالعالم يف عقود الاس هتالك‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،2010 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -2‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪375‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫و ان اكن جانب من الفقه يرى أهنا تمتزي عن بعضها من حيث مراحل العقد‪.‬‬
‫يرى البعض الآخر أهنا ألفاظ مرتادفة تس هتدف غاية واحدة أن يتعاقد الشفص عن‬
‫‪2‬‬
‫بصّية جتعل رضاه حرا مس تنّيا مما جيعل التعاقد قامئا عىل مزيد من الثقة املرشوعة ‪.‬‬
‫يعرفه البعض من الفقه بأنه ‪ ":‬الزتام قانوّن سابق عىل ابرام العقد‪ ،‬يلزتم مبوجبه‬
‫أحد الطرفني اذلي ككل معلومات جوهرية فامي خيص العقد املزمع ابرامه‪ ،‬بتقدكها يف‬
‫الوقت املناسب وبلك شفافية وأمانة للطرف الآخر اذلي ال ككنه العْل هبا بوسادهل‬
‫‪3‬‬
‫اخلاصة‪".‬‬
‫بيامن يذهب البعض الآخر اىل حرص الالزتام بالعالم يف املرحَل السابقة عىل ابرام‬
‫العقد‪ ،‬فّيى أنه "الزتام سابق عىل التعاقد يتعلق بلزتام أحد الطرفني بأن يقدم للمتعاقد‬
‫الآخر عند تكوين العقد‪ ،‬البياانت الالزمة الجياد رضاء سلمي اكمل متنّور‪ ،‬ليكون عىل‬
‫عْل باكفة تفاصيل هذا العقد‪ ،‬وذكل بسبب هلروف واعتبارات معينة ترجع اىل طبيعة‬
‫هذا العقد‪ ،‬أو صفة أحد طرفيه أو طبيعة حمهل‪ ،‬أو أي اعتبار أآخر جيعل من املس تحيل‬
‫عىل أحدهام أن يْل ببياانت معينة‪ ،‬أو حيم عليه منل ثقة مرشوعة للطرف الآخر‪ ،‬اذلي‬
‫‪4‬‬
‫يلزتم بناءا عىل مجيع هذه الاعتبارات بلزتام بالدالء بلبياانت‪".‬‬
‫غّي أن أمهية الالزتام بالعالم خالل مرحَل تنفيذ العقد ال خيلو من فاددة‪ ،‬وال يقل‬
‫أمهية عن املرحَل السابقة عىل التعاقد‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد سعد عبد السالم‪ ،‬االلزتام بالفصاح يف العقود‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،3222 ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪ -2‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬الس يد دمحم الس يد معران‪ ،‬الالزتام بالعالم االلكرتوّن قبل التعاقد عرب ش بكة الانرتنت‪ ،‬ادلار انجامعية‪ ،‬بّيوت‪،‬‬
‫‪،2006‬ص‪.29‬‬
‫‪ -4‬نزيه دمحم الصادق املهدي‪ ،‬الالزتام قبل التعاقدي بالدالء بلبياانت املتعلقة وتطبياقاته عىل بعض أنواع العقود‪ ،‬دراسة‬
‫فقهيه قضادية مقارنة‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،0922 ،‬ص ‪15‬‬

‫‪376‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و يعرفه البعض الآخر بأنه ‪":‬الزتام يفرض عىل أحد طريف عقد الاس هتالك‪ ،‬اعالم‬
‫الطرف الآخر مبا جيههل من بياانت جوهرية مرتبطة بلتعاقد‪ ،‬وذكل يف الوقت املناسب‬
‫‪1‬‬
‫مس تددما يف ذكل اللغة والوس يَل املالمئة لطبيعة العقد وحمهل ‪".‬‬
‫و يشّي ذات الرأي السابق اىل أن الالزتام بالعالم يس تقل وي ّمتزي عن الالزتام‬
‫بلتعاون‪ ،‬لنه سلوك فردي من جانب أحد املتعاقدين‪ ،‬كام أنه ُّيدف اىل تنوير ارادة‬
‫‪2‬‬
‫ادلائن باللزتام ‪.‬كام يعمل عىل اعادة التوازن العقدي بني املهين و املس هتكل ‪.‬‬
‫اال أنه ُيرى أنه وان اكن الالزتام بالعالم يظهر عىل أنه سلوك فردي‪ ،‬اال أن المر‬
‫ال كنع من كونه تطبيقا لاللزتام بلتعاون‪ ،‬اذلي قد يتطلب سلواك اجيابيا‪ ،‬ولو اكن من‬
‫جانب أحد الطرفني فقط‪ .‬لن االلزتام بالعالم ال يقف عند حد الاعالم بلبياانت‪ ،‬وامنا‬
‫‪3‬‬
‫قد يتطلب اس تعالما من ذات الطرف لالعالم‪ ،‬وهذا هو مقتىض التعاون يف العقود‪.‬‬
‫ويضيف ‪ 4 J.Mester‬أن التبادل مزية خاصة بواجب التعاون‪ ،‬غّي أن تطور فكرة‬
‫التعاون يف العقد مربر للتدخل أحادي انجانب من أجل اعادة التوازن اذا اكن أحد‬
‫الطرفني أقوى من الطرف الثاّن ‪.‬‬
‫يؤدي الالزتام بالعالم دورا وقاديا يف جمال التعاقد وذكل من خالل ما يوفره من‬
‫معلومات جوهرية لدلائن‪ ،‬حبيث يسمل هل بلتعاقد عن وعي ورضا مس تنّي‪ ،‬وعْل اكف‬
‫‪ -1‬مصطفى أمحد أبو معرو‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪38‬‬
‫‪ -3‬ويشّي دمحم شكري رسور اىل أنه يف جمال حامية البيئة‪ ،‬يلزتم املهنيني املتعاقدين فامي بيهنم بتبادل املعلومات والبياانت‪ ،‬يف‬
‫امللوثة للبيئة ‪.‬و مفاد ذكل أن عىل املهنيني االلزتام بلتعاون يف سبيل التدلص الآمن من‬ ‫اطار التدلص من النفاايت ّ‬
‫النفاايت‪،‬بقصد حامية البيئة‪ ،‬حىت ولو اقتىض المر االس تعالم عن بعض البياانت هبدف اعالم الطرف الآخر هبا ‪.‬‬
‫دمحم شكري رسور‪ ،‬مسؤولية املنتج عن ال ار اليت تسبهبا منتجاته اخلطرة‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪،1983 ،‬ص‪.25‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- J.Mester ,D’une exigence de bonne foi à un esprit de collaboration , RTD ci‬‬
‫‪,1986.p102.‬‬

‫‪377‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بشلك جينبه الوقوع يف حبادل الغش‪1 .‬مفن شأن اعامهل بث روح التعاون بني املتعاقدين‪،‬‬
‫حيث أن هذا الالزتام يضمن توافر السلوك الخاليق فيؤدي لسالمة الرضا حلظة ابرام‬
‫العقد‪ ،‬كام يضمن التعاون يف مرحَل تنفيذه‪ .‬وال شك أن من شأن ذكل ضامن اس تقرار‬
‫‪2‬‬
‫املعامالت وازدهارها ‪.‬‬
‫ذلكل يذهب الرأي الغالب‪ 3‬اىل أنه الزتام ينبثق عن مبدأ حسن النية ‪،‬اذلي يقتب ‬
‫الادالء بملعلومات للطرف الاخر اليت هتمه يف تكوين رضاده ‪،‬و اعطاء النصيحة هل‬
‫و حتذيره من خماطر السلع و اخلدمات اليت تقدم هل‪ .‬و أنه يتحدد وفقا لظروف احلال‬
‫و الوقادع اريطة به كام و أنه يتأثر مبدى عْل املتعاقد حول تكل السلع او اخلدمات ‪.‬‬
‫وقد نص املرشع الفرنيس عىل الالزتام بالعالم يف املادة ‪ .4 0-0003‬ق م ف‬
‫وهو نص عام يرسي عىل اكفة العقود حيث أوجبت عىل الطرف اذلي يعرف املعلومات‬
‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد ‪،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -2‬خاصة أنه من الصعب اثبات التدلي الناشئ عن السكوت‪ ،‬واذلي من شأنه تعييب ارادة املس هتكل بسبب غياب‬
‫البياانت واملعلومات الالزمة لتنوير ارادته ‪.‬‬
‫مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -‬راي سعد عبد السالم ‪ .‬دمحم عبد الظاهر حسني ‪ .‬معر دمحم عبد البايق‬ ‫‪3‬‬

‫مشار اليه يف شّيزاد عزيز سلامين املرجع السابق ن ص ‪.320‬‬


‫‪4‬‬
‫‪- ART 1112-1C.CIV.F : « Celle des parties qui connaît une information dont l'importance‬‬
‫‪est déterminante pour le consentement de l'autre doit l'en informer dès lors que,‬‬
‫‪légitimement, cette dernière ignore cette information ou fait confiance à son cocontractant.‬‬

‫‪Néanmoins, ce devoir d'information ne porte pas sur l'estimation de la valeur de la‬‬


‫‪prestation.‬‬
‫‪Ont une importance déterminante les informations qui ont un lien direct et nécessaire avec‬‬
‫‪le‬‬ ‫‪contenu‬‬ ‫‪du‬‬ ‫‪contrat‬‬ ‫‪ou‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪qualité‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪parties.‬‬
‫‪Il incombe à celui qui prétend qu'une information lui était due de prouver que l'autre‬‬
‫‪partie la lui devait, à charge pour cette autre partie de prouver qu'elle l'a fournie.‬‬
‫‪Les parties ne peuvent ni limiter, ni exclure ce devoir.‬‬
‫‪Outre la responsabilité de celui qui en était tenu, le manquement à ce devoir d'information‬‬

‫‪378‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اليت لها أمهية حامسة بلنس بة ملوافقة الطرف الآخر أن يبلغ الخّي بأن هذا الخّي ال‬
‫يعرف هذه املعلومات أو يثق يف الطرف الآخر‪ ،‬واعتربت أن الاخالل باللزتام‬
‫بالعالم ككن أن يرتتب عليه بطالن العقد‪.‬‬
‫بيامن أشار هل املرشع انجزائري يف نصوص قوانني االس هتالك من ذكل نص املادة ‪01‬‬
‫من قانون ‪ 1 22-29‬حيث أشارت اىل وجوب أن يعْل لك متدخل املس هتكل بلك‬
‫املعلومات املتعلقة بملنتوج ‪.‬و أيضا يف املادة ‪ 1‬من قانون ‪ 23-21‬عىل أن البادع يتوىل‬
‫وجوب اعالم الزبئن بأسعار وتعريفات السلع واخلدمات وبرشوط البيع‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬حسن النية أساس لاللزتام بالعالم‬
‫يرى الفقيه ‪ 2 J. Ghesin‬أن العقود ما دامت تقتب الالزتام حبسن النية بني‬
‫الطرفني‪ ،‬فان ذكل يتطلب حامت مواهجة عدم التاكفؤ بيهنام من حيث العْل بظروف‬
‫العقد ‪ .‬بفرض الزتام بالعالم ‪.‬‬
‫من أُه مقتضيات حسن النية أن يقوم املتعاقد بعالم املتعاقد الخر‪ ،‬بشفافية اتمة‬
‫عن اكفة املعلومات اليت َتص العقد املزمع ابرامه‪ ،‬اليت جيهلها الطرف الآخر هجال‬
‫مرشوعا‪ ،‬ويكون املس هتكل هجهل مرشوعا الس تحاةل علمه بلبياانت العقدية‪ ،‬وقد يكون‬
‫هجهل نظرا العتبارات الثقة املرشوعة اليت يضعها يف املتعاقد الآخر‪.‬‬

‫‪=peut entraîner l'annulation du contrat dans les conditions prévues aux articles 1130 et‬‬
‫» ‪suivants.‬‬
‫‪ -1‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 22-29‬املتعلق حبامية املس هتكل ومقع الغش املؤرخ يف ‪ 39‬صفر عام ‪ 0122‬املوافق‪ 2‬مارس ‪،3229‬‬
‫ج ر‪ ،‬ع ‪.01‬‬
‫‪ -2‬رأي ‪ J. GHESIN‬مشار اليه يف خادل جامل أمحد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.029‬‬

‫‪379‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لقد اكن ملبدأ حسن النية أكرب الثر يف تكري االلزتام بالعالم وتوس يع نطاق‬
‫تطبيقه‪ ،‬من حيث خلق قرينة مفادها هجل الطرف الآخر بملنتوج أو اخلدمة‪ .‬اذ تان‬
‫الفاددة يف ارجاع أساس الالزتام بالعالم اىل مبدأ حسن النية‪ ،‬يف جعهل الزتاما‬
‫مفروضا يف لك العقود مع اختالف مضمونه من عقد لآخر‪ ،‬ومفروضا يف لك مراحل‬
‫العقد ‪.‬‬
‫لقد أ ّس القضاء الفرنيس يف جانب من أحاكمه الالزتام بالعالم‪ ،‬عىل مبدأ حسن‬
‫النية استنادا اىل املادة ‪0021‬مدّن فرنيس‪ ،‬حيث بدأ يف اخراج هذا املبدأ اىل حزي‬
‫التنفيذ يف حمك هام خاص بزوجني اكان قد اقرتضا من البنك مبلغا ماليا حلاجاهتم‬
‫الشفصية‪ ،‬ووقّع عىل الزتام بلضامن لهذا ادلين عىل سبيل الكفاةل زوجان أآخران بنف‬
‫تحق الضامن علهيم لتدلّف املقرتضني‪ ،‬طالب الضامنان ببطالن الكفاةل‬‫املبلغ‪ ،‬وعندما اس ّ‬
‫استنادا للتدلي من جانب البنك‪ ،‬اذلي ر خيطرُه من خالل الكفاةل بأن ادلّ ين اكن‬
‫يرتفع شيئا فشيئا ليفوق املبلغ املتفق عليه‪ ،‬حيث أن حماة الاس تئناف رفضت الطلب‬
‫وألزمهتم بدلّ فع‪.‬اال أن احلمك ن ُقض من طرف حماة النقض الخالهل بملادة ‪ 0021‬حيث‬
‫جاء يف حيثيات احلمك " أنه يعترب خمطأ‪ ،‬البنك اذلي يعْل حاةل مدينه املشكوك فهيا‬
‫واملثقل بدليون‪ ،‬ويغفل عن وضع هذه املعلومة أمام الضامن هبدف حتريضه عىل‬
‫‪1‬‬
‫الضامن"‪.‬‬
‫ومن هذه الحاكم أيضا ما قضت به حماة النقض من أنه جيب عىل الشفص‬
‫املتفصص يف تركيب السطل القرميدية‪ ،‬أن ّيبني ملقاول البناء وحيذره من اخملاطر اليت‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass. civ 1re , 10 janvier 1989,‬‬
‫وانظر تعليقا عىل احلمك أمحد دمحم الرفاعي‪ ,‬املرجع السابق ص ‪ 021‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ككن أن تنتج عن اس تعامل املواد اخملتارة‪ ،‬موحضا هل خصادصها والبناء اذلي تس تعمل‬
‫فيه‪ .‬وعابت عىل حماة الاس تئناف عدم مراعاةها للامدة ‪ 10021‬م م ف ‪.‬‬
‫وكذكل ما أكدته حماة النقض الفرنس ية أيضا يف حاها الصادر يف‪ 22‬جوان‬
‫‪ ،20993‬واليت عابت من خالهل عىل حماة الاس تئناف رفض طلب الفسخ‪ ،‬اذلي‬
‫خمصصة لبناء سكن‪،‬‬ ‫تقدم به الزوجان ‪ ،les époux de bail‬واملتعلق بقطعة أرض ّ‬
‫ضد الس يدة ‪ ،Delon‬حيث اكتشفا بعد امتام البيع وجود حمتوى مايئ حتت الرض‬
‫فقررت نقض احلمك الخالهل‬ ‫يعيق البناء‪ ،‬وال ككن امتام ذكل اال بلقيام بأعامل ملكّفة‪ّ ،‬‬
‫بملادة ‪ 0021‬مدّن فرنيس‪ .‬وأكدت أنه اكن جيب عىل البادعة أن تعْل املشرتين بلصفات‬
‫انجوهرية للرض‪ ،‬وأن تكشف هلام عن وجود دعوى أمام القضاء خبصوص نف‬
‫املشلك‪ ،‬لقطعة أرض جماورة مقامة من مشرت أخر ضد نف البادعة‪ ،‬أما وأهنا ر تفعل‬
‫ذكل فقد أخلّت بلزتاهما بالعالم وفقا لنص املادة ‪ ،2/0021‬حيث اكن جيب علهيا أن‬
‫تؤ ّجل البيع الثاّن حلني الفصل يف ال‪،‬اع الول‪ ،‬أو أن تعْل املشرتين انجدد حبقيقة المر‪.‬‬
‫ويرى الفقه أن اس تلزام حماة النقض من خالل هذا احلمك مبدأ حسن النية يف مرحَل‬
‫االبرام رصاحة‪ ،‬اجتاه محمود من شأنه حتقيق الوحدة العقدية‪ ،‬مفن غّي املنطقي تطلّب‬
‫‪3‬‬
‫ذكل يف التنفيذ دون مرحَل الابرام‪.‬‬
‫وكذكل ما قضت به حماة النقض الفرنس ية‪ ،‬من أنه اكن جيب عىل الشفص‬
‫املتفصص يف تركيب السطل القرميدية أن يبني ملقاول البناء‪ ،‬وحيذره من اخملاطر اليت‬
‫ككن أن تنتج عن اس تعامل املواد اخملتارة موحضا هل خصادصها والبناء اذلي تس تعمل فيه‬
‫‪1‬‬
‫‪- Cass .Civ 1re , 20 juin 1995, Bull. civ 1 n°276 p 191‬‬
‫مشار اليه يف ‪:‬محدي سعد‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪110‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪- Cass. Civ 3 , 30 juin 1992, Bull. civ III n°238 p 145 .‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السالبق‪ ،‬ص‪10‬‬
‫‪-3‬أنظر أيضا ‪ :‬أمحد دمحم دمحم الرفاعي‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.019‬‬

‫‪381‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪.‬و عابت عىل حماة الاس تئناف عدم مراعاهتا للامدة ‪ 0021‬أيضا ‪.1‬كام قررت حماة‬
‫النقض مسؤولية البادع الخالهل باللزتام بالعالم‪ ،‬استنادا اىل املادة ‪ 0021‬ق م ف يف‬
‫‪2‬‬
‫العديد من أحاكهما‪.‬‬
‫هذا وان اكن الصل هو افرتاض حسن النية‪ ،‬فان القضاء الفرنيس ألقى عىل عاتق‬
‫املهين البادع‪ ،‬قرينة مؤداها افرتاض علمه بلك ما تنطوي عليه منتجاته من عيوب‪،‬أي‬
‫افرتاض سوء النية ‪ .‬واعامل هذه القرينة يربر القاء الزتام عىل عاتق املهين بتسلمي منتج‬
‫خال من أي عيب‪ ،‬قد يكون مصدر خطر‪ ،‬أو عىل القل ازاةل ما به من أس باب‬
‫اخلطورة‪ ،‬ويس تتبع ذكل الزامه بزتويد املس هتكل بملعلومات الكفيَل بوقايته من ال ار‬
‫‪3‬‬
‫النامجة عن خطورة منتجاته‪ ،‬مبا يساُه بصورة فاعَل يف ضامن سالمته‪.‬‬
‫واحلقيقة أن الواقع العميل اليوم حيم قلب تكل القاعدة وخاصة بلنس بة لطادفة معينة‬
‫من املتعاملني‪ ،‬وهو ما يطلق علهيم بررتفني‪ ،‬ذكل لرتجيل مصلحة أوىل بلرعاية يه‬
‫مصلحة املس هتكل‪ ،‬فضال أن المر يعيد التوازن املعلومايت بني أطراف التعاقد ‪ .1‬اذ جيد‬
‫هذا الالزتام أساسه يف انعدام التوازن يف املعرفة بني املتعاقدين‪ ،‬سواء بسبب انعدام‬
‫املساواة يف الاختصاص العلمي أو الكفاءة‪ ،‬كام هو المر بلنس بة للعالقة التعاقدية بني‬
‫‪1‬‬
‫‪- Cass.civ.20 Juin1995BULL.cev.I.n°276.P191.‬‬
‫مقتب عن محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cass.civ.04 jan 1991BULL.cev.I.n°9.P6.‬‬
‫‪Cass.civ. 30 oct ,1991 ,BULL.cev.I.n°250.P147‬‬
‫‪Cass.civ.20 Juin1995, BULL.cev.I.n°277.P192‬‬
‫‪ -3‬ويربر القاء قرينة سوء النية عىل عاتق املنتج بصفة خاصة‪ ،‬مبا يفرزه التقدم الصناعي من اس تددام تقنيات عالية يف‬
‫االنتاج‪ ،‬تزايدت معها اخملاطر اليت هتدد املس هتلكني ‪.‬فضال عام أسفر عنه التطور الهادل يف أنظمة التأمني من املسؤولية‪ ،‬من‬
‫حتمل اجملمتع لكه مؤمنني ومس تأمنني ومس هتلكني‪ ،‬العبء الهنايئ لتعويض ال ار‪.‬‬
‫مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪021‬‬
‫‪ -1‬هدلير أسعد أمحد‪ ،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪382‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املهين واملس هتكل‪ .‬ذكل أن التطور اذلي تعرفه الصناعة من الناحية التقنية‪ ،‬خولت‬
‫للمهين حنكة وجتربة ر ولن يتس ىن للطرف املس هتكل ادراكها وبلوغها‪ ،‬وهذا ما جعل‬
‫جل الترشيعات تفكر جبدية يف اقرار مقتضيات الزتامات جديدة اىل الواجبات امللقاة‬
‫عىل املهين‪ ،‬املمتثَل أساسا يف االلزتام بلتبصّي‪ ،‬أو مبعىن أآخر االلزتام بتوجيه ارادة‬
‫املس هتكل حنو االختيار الواعي‪ ،‬ويه حامية هتدف اىل صيانة رىض هذا الخّي عن‬
‫طريق افرتاض قرينة انجهل دليه أي حسن النية‪ ،‬مما خيوهل احلق يف التنوير والتبصّي‪.‬‬
‫نشّي اىل أن ُه يرى أن مبدأ حسن النية يشلك أساسا غّي مبارشا لاللزتام بالعالم‬
‫يف عقود الاس هتالك‪ ،‬اذلي يتطلب عدم االبقاء عىل حاةل انجهل دلى املتعاقد الآخر‬
‫خبصوصيات اليشء حمل التعاقد ‪.‬لن تدخل املرشع لتنظمي أحاكم هذا الالزتام حاليا‪،‬‬
‫يدمع أسسه ويؤكد وجوده ويكفل تنفيذه‪ ،‬فتشلك نصوص القانون الساس املبارش‪.‬بيامن‬
‫يبقى أساس مبارشا لاللزتام بالعالم يف عقود ر يفرض فهيا املرشع الالزتام بالعالم‬
‫بشلك رصحي ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫طادفة املعلومات اليت يلزتم املهين بالدالء هبا‬
‫يتحدد مضمون الالزتام بالعالم يف عقود الاس هتالك بطادفتني من املعلومات يلزتم‬
‫املهين بالدالء هبا للمس هتكل‪ ،‬وهام املعلومات املتصَل بس تعامل املنتج‪ ،‬واملعلومات‬
‫املتعلقة بلتحذير من خماطره‪ ،‬وبيان الاحتياطات الواجب مراعاةها لتجنب هذه‬
‫‪1‬‬
‫اخملاطر‪.‬‬

‫‪ -1‬وقد افصحت حماة النقض الفرنس ية عن شقي الالزتام بالعالم‪ ،‬يف حاها الصادر يف ‪ 20‬يناير ‪ 0912‬بقولها ‪ ":‬بناءا‬
‫عىل اخلطورة الاكمنة يف اليشء املبيع‪ ،‬فان الزتام البادع املهين بالعالم يشمل فضال عن حتذير املس هتكل‪ ،‬من اخملاطر ارمتَل‬
‫اليت قد تنجم عن اس تعامهل‪ ،‬احاطته علام باكفة أوجه هذا الاس تعامل‪ ،‬وذكل بطريقة سهَل وواحضة " مقتب عن ‪ :‬مىن أبو‬
‫بكر الصديق‪ ،‬الالزتام بعالم املس هتكل عن املنتجات‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،3202 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪383‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬اعالم املس هتكل بطريقة اس تعامل املنتج أو تشغيهل‬


‫وتُمثل طريقة الاس تعامل احلد الدىن املطلوب من املعلومات الواجب االدالء هبا‪،‬‬
‫نجعل املشرتي عىل بيّنة مما يقتنيه من منتجات‪ ،‬وبدوهنا يتعذر عليه احلصول عىل الفاددة‬
‫املرجوة من السلعة‪ ،‬سواء أاكن يف اس تعاملها خطورة أم ال‪ .1‬اذ أن هناك سلعا عديدة ال‬
‫حتمل يف طياهتا أي خطر‪ ،‬اال أن طريقة اس تعاملها أو تشغيلها حتتاج اىل تبرصة‬
‫املس هتكل‪ ،‬حىت يمتكّن من الاس تعامل المثل لها فتؤدي من مث الغرض املنشود‪ ،‬خاصة‬
‫تكل السلع املعقدة واملتطورة اليت تتسم بطابع احلداثة‪.‬‬
‫وقد أكد القضاء الفرنيس يف العديد من أحاكمه‪ ،‬أنه جيب عىل املهين تزويد‬
‫املس هتكل بلطريقة الصحيحة الس تددام املنتج‪ ،‬وفق الغرض اخملصص هل حسب طبيعة‬
‫السلعة‪ .‬من ذكل ما قضت به حماة النقض الفرنس ية‪ ،‬بلتعويض لصار أحد ّ‬
‫الرسامني‬
‫يف مواهجة الرشاكت املنتجة لنوع من املعجون‪ ،‬وقد أسست اراة حاها بلتعويض‬
‫لصار الرسام‪ ،‬عىل أن الرشكة املنتجة ر توحض كيفية اس تددام املعجون‪ ،‬كام أهنا ر تنبه‬
‫اىل اماكنية حدوث تشققات معينة يف اللوحات‪ ،‬اليت يس تددم فهيا حال عدم اتباع‬
‫‪2‬‬
‫أسلوب معني يف جتهزيه‪.‬‬
‫فاذ أوىف املهين بلزتامه بعالم املس هتكل‪ ،‬ببيان الطريقة الصحيحة الس تعامل املنتج‪.‬‬
‫فال يسأل عن الهرضر اذلي أصاب املس هتكل جراء جتاهل هذا الخّي لطريقة‬
‫الاس تعامل‪ ،‬أو للغرض اذلي حدّده املنتج‪ ،‬فيس تعمل السلعة بطريقة خاط ة‪ ،‬أو لغرض‬
‫خاص ال ككن للمنتج أن يتوقعه‪. 1‬كام ال يلزتم املهين بداهة بأن يزود املس هتكل‬

‫‪ -1‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.092‬‬


‫‪ -2‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،3202 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -1‬دمحم شكري رسور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪384‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بملعلومات املفرتض توافرها دليه واملامه هبا‪ ،‬فال الزتام عليه بأن يوحض أن اس تعامل‬
‫‪1‬‬
‫املكواة الكهربدية يتطلب توصيلها بلتيار الكهربيئ‪.‬‬
‫وَتتلف هذه البياانت واملعلومات حبسب ما اذا اكن اليشء املبيع من الش ياء‬
‫املعدّة لالس تعامل خالل فرتة حمددة‪ ،‬أو من الش ياء دامئة الاس تعامل‪ . 2‬فبالنس بة‬
‫للش ياء مؤقتة الاس تعامل مثل املواد الغذادية واملواد السا ّمة ومبيدات احلرشات‬
‫والدوية‪ ،‬واملس تحهرضات الطبية ومواد ادلهان وغّيها‪ ،‬فان عىل املنتج أو البادع أن ّيبني‬
‫طريقة اس تعامل هذه الش ياء‪ ،‬وقت اس تدداهما واملقادير املطلوبة‪ ،‬وانجرعات املتناوةل‪،‬‬
‫وكذا الاحتياطات الواجب أخذها عند الاس تددام‪.3‬‬
‫أما فامي خيص الش ياء دامئة الاس تعامل‪ ،‬ويه الش ياء اليت تطول فرتة اس تعاملها‬
‫اكلالت والهجزة الكهربدية والالكرتونية‪ ،‬فان عىل املنتج أو البادع أن يقدم للمشرتي‬
‫اكفة البياانت املتعلقة بكيفية اس تدداهما‪ ،‬والاحتياطات الواجب اَتاذها عند تشغيلها‪،‬‬
‫مكوانهتا وخصادصها‪ ،‬لك ذكل يف نرشة ‪ catalogue‬حىت يتس ّىن‬ ‫اضافة اىل بيان ّ‬
‫للمشرتي الرجوع اليه عند الاقتضاء‪.1‬‬
‫ولقد درج القضاء الفرنيس يف أحاكمه عىل تأكيد هذا املعىن‪ ،‬من وجوب تضمني‬
‫املبيع هذا النوع من البياانت‪ ،‬حيث ّقرر مسؤولية البادع اذا ما هو أخل بذكل دون‬
‫حاجة اىل اثبات وجود عيب خفي يف املبيع‪.2 .‬‬

‫‪ -1‬جابر حمجوب عيل‪ ،‬ضامن سالمة املس هتكل من أ ار املنتجات الصناعية املبيعة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫‪ -2‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪091‬‬
‫‪ - 3‬عامر قامس أمحد القييس‪ ,‬امحلاية القانونية للمس هتكل‪ ,‬املرجع السابق ص ‪031‬‬
‫محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬
‫‪ -1‬محدي أمحد سعد‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 091‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cass. civ 1re , 4 avril 1991, Bull. civ n°131 p. 87 .‬‬

‫‪385‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وكتد مضمون هذا النوع من االعالم ليشمل تبيان رشوط وخطوات الاس تعامل‪،‬‬
‫وتدابّي الصيانة وقواعد التحذير‪ .‬ولك ما من شأنه اعانة املس هتكل عىل الاس تغالل‬
‫المثل للمبيع‪ ،‬حبيث يس تحيل عليه يف غياهبا اس تعامهل بشلك مطابق للغرض اذلي‬
‫انشأ لجهل‪ .1‬وتظهر أمهية هذه البياانت خاصة يف جمال الش ياء املعقّدة‪ ،‬واليت تتطلب‬
‫تكنولوجيا عالية اكالعالم اليل‪ ،‬عن طريق تزويد املشرتي بربامج‬
‫احلاسوب‪ ،Logiciels‬اضافة اىل تقدمي املساعدة والعون يف سبيل التشغيل الفضل‪،‬‬
‫وهو ما يسمى الالزتام بدلمع واملساعدة الفنية‪ Assistanc technique .‬ولقد أكّدت‬
‫أغلب الترشيعات احلديثة عىل أمهية هذا النوع من البياانت‪ ،‬ال س امي يف الترشيع‬
‫انجزائري‪ ،‬من خالل النصوص‪ 1‬القانونية اليت جاءت يف هذا الصدد ‪.‬وهذا بتأكيدها ويف‬
‫مجملها‪ ،‬عىل ورة االدالء بلبياانت اليت من شأهنا بيان كيفية اس تعامل هذه املنتجات‪.‬‬
‫عىل أن جمرد العْل بلطريقة الصحيحة الس تعامل املنتج أو تشغيهل‪ ،‬قد ال يكون اكفيا‬
‫لتحقيق الغاية اليت ينشدها املس هتكل من وراء هذا الاس تعامل‪ ،‬ومبا يكفل أمنه‬
‫وسالمته ‪.‬ذكل أن مثة منتجات ال يتس ىن تأدية الوهليفة املنوطة هبا‪ ،‬اال اذا مت اس تعاملها‬
‫=حيث قضت حماة النقض مبسؤولية منتج املواد الكاميدية املقاومة للطفيليات النباتية‪ ،‬واخالهل بلزتامه بعالم املشرتي عن‬
‫رشوط وكيفية اس تدداهما‪ ،‬وعدم توضيحه خمتلف ال ّش تالت اليت ال يناس هبا هذا النوع من املواد والوقت املناسب‬
‫الس تددامه‪.‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬أمحد دمحم دمحم الرفاعي‪ ،‬امحلاية املدنية للمس هتكل ازاء املضمون العقدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪010‬‬
‫‪ -1‬مالح احلاج‪،‬حق املس هتكل يف االعالم‪ ،‬ملتقى وطين حول الاس هتالك واملنافسة يف القانون انجزائري‪ ،‬خمرب القانون‬
‫اخلاص الساق‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ 01- 01 ،‬أبريل ‪ ،3222‬ص‪.01‬‬
‫‪ - 1‬أنظر املادة ‪ 1/02‬من املرسوم التنقيذي رمق ‪ 21-91‬املؤرخ يف ‪ 6‬رمضان عام ‪ ،0101‬املوافق ل ‪ 01‬يناير س نة ‪0991‬‬
‫اذلي حيدد رشوط وكيفيات صناعة مواد التجميل والتنظيف البدّن وتوضيهبا واس تّيادها وتسويقها يف السوق‬
‫الوطنية‪ ،،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪. 1‬‬
‫وكذا املادة ‪ 1/1‬من املرسوم ت ‪ 266/92‬املتعلق بومس املنتجات امل‪،‬لية غّي الغذادية وعرضها املؤرخ يف ‪ 33‬ربيع الثاّن‬
‫‪ 0100‬املوافق ل ‪ 02‬نومفرب ‪ 0992‬ج ر العدد‪ .12‬واملادة ‪ 6/6‬من املرسوم ت ‪ 261/92‬املتعلق بومس السلع‬
‫الغذادية وعرضها‪.‬املؤرخ يف ‪ 1‬جامدى الوىل ‪ ،0100‬املوافق ل ‪ 02‬نومفرب‪ ،0992 ،‬ج ر العدد ‪12‬‬

‫‪386‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يف هلل هلروف معينة ‪.‬أو تقيّد هذا الاس تعامل بظوابط يتعني مراعاةها ‪.‬حيث قضت‬
‫حماة النقض الفرنس ية مبسؤولية منتج الغراء اذلي اكتفى بأن يكتب عىل العبوة أن‬
‫‪1‬‬
‫السلعة "قابَل لالش تعال"‪ ،‬دون أن يوحض ورة هتوية املاكن اذلي تس تددم فيه‪.‬‬
‫اثني اا‪ :‬حتذير املس هتكل‬
‫ويقصد بلتحذير لفت انتباه املس هتكل‪ ،‬اىل اخملاطر اليت قد ينطوي علهيا اس تعامل‬
‫املبيع أو حيازته‪ ،‬وتنبهيه من مث لالحتياطات الواجب اَتاذها بغية جتنب أ اره‪2 .‬اذ ال‬
‫يكفي قيام اررتف والبادع معوما بعالم املشرتي‪ ،‬بطريقة اس تعامل اليشء املبيع عىل‬
‫النحو اذلي بينّاه سالفا‪،‬بل ينبغي عليه اىل جانب ذكل أن يعلمه‪ ،‬بخملاطر اليت ككن أن‬
‫تنجم عن اس تعامل هذا اليشء أو حيازته‪ ،‬وأن حي ّذره مهنا‪ ،‬وأن ّيبني هل مجيع‬
‫الاحتيـاطات الواجـب اَتاذها لتجنب ذكل‪ ،‬خاصة اذا تعلق المر بأش ياء خطرة‬
‫بطبيعهتا أو معقدة الرتكيب ‪.‬‬
‫ذكل أن املشرتي قد يكون عىل بينة بكيفية الاس تعامل الصحيل لليشء‪ ،‬اال أن ّه‬
‫ال يدري ما قد ينتج عنه من خماطر تكتنف اس تعامهل أو حيازته‪ ،‬مما يس تدعي لفت‬
‫انتباهه الهيا‪ .‬مكن يشرتي عبوة مبيد فانه يس تطيع احلصول عىل أفضل النتاجئ بتباع‬
‫طريقة اس تعامل حصيحة‪ ،‬ولكنه رمبا ال يدري أن قرهبا من مصدر لهب أو تركها يف ماكن‬
‫شديد احلر‪ ،‬ككن أن يؤدي اىل انفجارها بسبب متدد الغاز املضغوط داخلها‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass.Civ.31 janv.1973‬‬
‫مقتب عن ‪ :‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -2‬عيل س يد حسن‪ ،‬الالزتام بلسالمة يف عقد البيع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪29‬‬
‫‪ -1‬دمحم شكري رسور‪ ,‬املرجع السابق ص ‪.23‬‬

‫‪387‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ويف هذا اخلصوص تنص املادة ‪ 03‬من الالحئة التنفيذية لقانون حامية املس هتكل‬
‫رمق ‪ 61-26‬املرصي عىل أنه ‪ ":‬يف الحوال اليت ككن أن يؤدي فهيا اس تددام املنتج‬
‫اىل اال ار بصحة وسالمة املس هتكل‪ ،‬يلزتم املنتج بأن يبني الطريقة الصحيحة‬
‫الس تددام املتنتج‪ ،‬وكيفية الوقاية من ال ار ارمتَل‪ ،‬وكيفية عالهجا يف حاةل حدوهثا"‪.‬‬
‫وقد نص القانون انجزائري عىل هذا النوع من االعالم عىل غرار سابقه‪ ،‬وذكل من‬
‫خالل النصوص الترشيعية والتنظ ية اليت جاءت بصدد حامية املس هتكل‪ ،‬مثل املادة ‪02‬‬
‫من املرسوم التنفيذي ‪ 21/91‬بلنس بة ملواد التجميل والتنظيف البدّن‪ ،‬وما ذكرته أيضا‬
‫املادة ‪ 6‬من املرسوم التنفيذي ‪ 13/93‬املتعلق بلرخص املس بقة النتاج املواد السامة‪،1‬‬
‫من وجوب ارفاق طلب الرخصة املس بقة لالنتاج مبلف يضم واثدق ثبوتية‪ ،‬من بيهنا ما‬
‫ّيبني التدابّي املتّدذة يف جمال تغليف املنتجات وومسها‪ ،‬وكذا الاحتياطات الواجب‬
‫اَتاذها قبل عرضها لالس هتالك‪.‬‬
‫عىل أن هذا التحذير ال حيقق غرضه يف تبصّي املس هتكل بخملاطر ووسادل جتنّهبا‪،‬‬
‫اال اذا اس تجمع خصادص معينة حىت ترفع املسؤولية عن املهين‪ .‬ومن مث جيب أن يكون‬
‫‪1‬‬
‫التحذير اكمال وواحضا ومالصقا لليشء املبيع ذاته‬
‫الرشط الول ‪ :‬أن يكون التحذير اكمال ووافيا ‪.‬‬
‫ويكون كذكل بأن يلفت املهين انتباه املس هتكل اىل اكفة اخملاطر اليت قد تصاحب‬
‫اس تعامل املنتج‪ ،‬أو تنجم عن جمرد حيازته وحفظه‪ ،‬واليت من املمكن أن يتعرض لها‬
‫واىل أفضل الس بل لتويق هذه اخملاطر‪.‬فاررتف بغرض توزيع أكرب قدر ممكن من‬

‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رمق ‪ ،13/93‬مؤرخ يف ‪22‬رجب ‪0103‬ه‪ ،‬املوافق ‪ 1‬فرباير‪ ،0993‬يتعلق بلرخص املس بقة النتاج املواد‬
‫السامة أو اليت تشلك خطرا من نوع خاص‪ ،‬ج‪ .‬ر رمق ‪.29‬‬
‫‪ -1‬يف هذا املعىن ‪ :‬عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬

‫‪388‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫منتجاته‪ ،‬قد يقدم عىل اخفاء بعض اخملاطر أو ذكرها بنوع من االقتضاب‪ ،‬غّي أن‬
‫سالمة املس هتكل أوىل من أية اعتبارات أخرى قد ينساق وراءها املنتج ‪.‬‬
‫واشرتاط أن يكون التحذير اكمال يتناىف مع اغفال التحذير لكية من جانب املهين‪،‬‬
‫كام يتناىف مع اخفاء يشء من هذه اخملاطر أاي اكنت جسامهتا ‪.‬و قد تشدد القضاء‬
‫الفرنيس يف تطلب ورة اكامتل التحذير‪ ،‬عندما يرد العقد عىل أحد املنتجات القابَل‬
‫‪1‬‬
‫لالش تعال‪ ،‬أو السامة أو املنتجات ادلوادية أو املواد الغذادية ارفوهلة‪.‬‬
‫وخبصوص املنتجات القابَل لالش تعال قضت حماة النقض الفرنس ية‪ ،‬بأنه اذا اكنت‬
‫املادة العازةل للحرارة يه اليت أدت اىل رسعة انتشار احلريق‪ ،‬وما تبعه من اهنيار املصنع‪.‬‬
‫فان الرشكة املنتجة تكون مسؤوةل عن مجيع هذه ال ار‪ ،‬بلنظر اىل أهنا ر توحض يف‬
‫بطاقة الاس تعامل أن تكل املادة قابَل لالش تعال‪ ،‬بل ذكرت عىل العك أهنا عازل جيد‬
‫‪1‬‬
‫للحرارة‪ ،‬وقابَل لالنطفاء تلقاديا ‪.‬‬
‫كام طبق القضاء الفرنيس الالزتام بالعالم يف جمال املنتجات السامة يف العديد من‬
‫أحاكمه‪ ،‬من ذكل ما قضت به حماة النقض الفرنس ية‪ ،‬يف دعوى أقاهما مزارع عىل أثر‬
‫اصابته بعجز دامئ يف عينيه‪ ،‬نتيجة تطاير ذرات من مادة مقاومة للطفيليات بفعل‬
‫الرايح‪ ،‬من مسؤولية املنتج عن تكل االصابة بلنظر اىل عدم كفاية ما قام به من لفت‬
‫انتباه العمالء اىل ورة غسل الوجه‪ ،‬والكفني بعد اس تعامل هذه املادة‪ ،‬وعدم تركها‬

‫‪ -1‬دمحم شكري رسور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫‪1‬‬
‫‪- Cass.Civ.13 mai 1986 ;bull.civ.1986‬‬
‫مقتب عن‪ :‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪389‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فرتة طويَل عىل انجدل ‪.‬اذ اكن ينبغي عليه أن يوحض بلك دقة خماطرها انجس ة عىل‬
‫‪1‬‬
‫العينني‪ ،‬حىت يتس ىن اَتاذ الاحتياطات الالزمة لتجنهبا ‪.‬‬
‫ويتسم التحذير بلنس بة للمنتجات ادلوادية بنوع من اخلصوصية‪ ،‬اذ يتطلب ادراج‬
‫بياانت تفصيلية بشأهنا‪ ،‬فال يكفي جمرد ادراج حتذير عام اكلتنبيه اىل ورة عدم‬
‫اس تددام هذه املنتجات اال بأمر الطبيب‪ ،‬بل جيب بيان اخلواص اخلطرة لها كوهنا حارقة‬
‫أو سامة ‪...‬اخل ‪.‬و اذا اكن املنتج ادلوايئ مما تتقيّد صالحيته لالس تعامل مبدة معينة‪،‬‬
‫سواء احتسبت من اترخي فتل العبوة‪ ،‬فان التحذير بشأنه ال يكمتل مبجرد ذكر اترخي‬
‫انهتاء صالحيته لالس تعامل‪ ،‬بل يلزم بيان اخملاطر اليت تنجم عن اس تعامهل بعد انهتاء هذه‬
‫الفرتة ‪ .‬وينبغي أن يش متل التحذير عىل بيان الآاثر انجانبية‪ ،‬اليت من املمكن أن تنجم‬
‫عن تناول ادلواء‪ ،‬سواء ما يظهر مهنا بصورة فورية رسيعة‪ ،‬أم ما يرتاىخ هلهوره ملدة‬
‫‪1‬‬
‫طويَل‪ .‬وكذكل احلاالت اليت ال ينبغي فهيا اس تعامل ادلواء ‪.‬‬
‫الرشط الثاّن ‪ :‬أن يكون التحذير واحضا ودقيقا‬
‫من هجة جيب أن تكون عبارات التحذير واحضة يف دالالهتا‪ ،‬عىل بيان اخملاطر اليت‬
‫قد تنجم عن حيازة املنتج أو اس تعامهل‪ ،‬حال اغفال الاحتياطات املتضمنة يف التحذير‪،‬‬
‫فيتناىف مع وضوح التحذير الاقتصار عىل التنبيه الوجزي أو الافضاء ببيان خمترص‪ ،‬أو‬
‫عبارات مقتضبة ال تفيد معىن التحذير‪ ،‬أو اس تعامل عبارات يكتنفها اللب والغموض‪،‬‬
‫حبيث حتمتل أكرث من معىن ‪.‬و من هجة اثنية جيب أن تصاغ البياانت التحذيرية يف‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass.civ.14 déc.1982‬‬
‫مقتب عن مىن أبو بكر الصديق ن املرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪60‬‬

‫‪391‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عبارات سهَل حيسن فهمها من قبل املس تعمل‪ ،‬فقد كشف الواقع أن مجهورا عريضا من‬
‫مس هتليك السلع واخلدمات من غّي املتفصصني‪ ،‬مبا يفرض عىل املنتجني بصدد التحذير‬
‫من خماطر منتجاهتم اس تددام لغة مبسطة خالية من التعقيد والتلكف‪ ،‬مبا يسهل عىل‬
‫‪1‬‬
‫املس هتكل العادي استيعاهبا ‪.‬‬
‫أما اذا اكنت املنتجات معدة للتصدير اىل دوةل أجنبية‪ ،‬مفن الالزم أن تكتب‬
‫عبارات التحذير بعدة لغات أساس ية‪ ،‬اىل جانب لغات أساس ية اىل جانب لغة بدل‬
‫‪2‬‬
‫الانتاج ولغة بدل التصدير ‪.‬‬
‫وقد تطلب قانون‪ 23-21‬يف مادته ‪ 3/1‬تبيان السعار بصفة مردية ومقروءة‪.‬كام‬
‫أشار قانون حامية املس هتكل املرصي رمق‪ 61-26‬يف مادته الثالثة اىل أنه‪" :‬عىل املنتج أو‬
‫املس تورد –حبسب الحوال – أن يضع بللغة العربية عىل السلع البياانت اليت توجهبا‬
‫املواصفات القياس ية املرصية‪ ،‬أو أي قانون أآخر أو الالحئة التنفيذية لهذا القانون‪ ،‬وذكل‬
‫بشلك واحض تسهل قراءته‪ ،‬وعىل النحو اذلي يتحقق به الغرض من وضع هذه البياانت‬
‫حسب طبيعة لك منتج‪"...‬‬
‫الرشط الثالث ‪ :‬أن يكون التحذير هلاهرا‪.‬‬
‫يقصد بشرتاط أن يكون التحذير هلاهرا‪ ،‬أن يكون متاحا للمس هتكل يف ماكن‬
‫هلاهر جيذب انتباهه‪ ،‬ويقتب أن تكون البياانت التحذيرية قد حررت بطريقة ممتزية‪،‬‬
‫عن غّيها من البياانت الخرى اليت قد تتعلق مبكوانت املنتج وخصادصه أو بطريقة‬

‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪62‬‬


‫عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪031‬‬
‫‪ -2‬جابر حمجوب عيل‪ ،‬ضامن السالمة من ال ار الناش ة عن اخلطورة الاكمنة يف املنتجات الصناعية املبيعة‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪391‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اس تعامهل‪ ،‬سواء متثل هذا المتيزي يف اختالف اللون املس تعمل يف الطباعة‪ ،‬أم اس تددام‬
‫حروف برزة أو كبّية نسبيا يف الكتابة‪.‬‬
‫وتبدوا أمهية هذا الرشط بصفة خاصة‪ ،‬يف احلاالت اليت ينعدم فهيا االتصال املبارش‬
‫بني املنتج واملس هتكل‪ ،‬حبيث يرتك الوفاء هبذا الالزتام للمنتج ذاته مبا حيمهل من بياانت‬
‫‪1‬‬
‫حتذيرية‪.‬‬
‫الرشط الرابع ‪ :‬أن يكون التحذير لصيقا بملنتج‬
‫ينبغي أن يتصل هذا التحذير بعْل املس هتكل قبل اس تعامهل للمنتج‪ ،‬حبيث ككن‬
‫القول أنه يالزمه دامئا وال ينفك عنه أبدا‪ .‬ويفرق البعض يف هذا اخلصوص بني البياانت‬
‫التحذيرية وغّيها‪،‬فبالنس بة للبياانت املتعلقة خبصادص املنتج ومواصفاته املادية‪ ،‬ال مانع‬
‫من ادراهجا يف نرشة أو كتيب يرفق بملبيع‪ ،‬يف حني ال ككن قبول ذكل فامي يتعلق‬
‫بلبياانت التحذيرية‪ ،‬اليت يلزم أن تكون لصيقة متام بملنتج‪.‬‬
‫بيامن يرى البعض الآخر من الفقه بأنه ال يكفي ليكون التحذير لصيقا بملنتج‪ ،‬أن‬
‫توضع ورقة التحذير عىل الزجاجة اليت حتتوي عىل ادلواء مثال‪ ،‬لن من ارمتل فقدان‬
‫هذه الورقة ‪.‬دلى يرى البعض ورة حفر التحذير عىل جدار العبوة ذاهتا اذا اكن ذكل‬
‫ممكنا‪ ،‬وذكل خش ية ضياع البطاقة اليت حتتوي عىل العبارات التحذيرية‪ ،‬واليت عادة ما‬
‫‪1‬‬
‫يلصقها املنتج عىل جدار العبوة‪.‬‬
‫وقد نصت املادة ‪ 02‬من قانون حامية املس هتكل رمق ‪ 61-26‬املرصي‪ ،‬عىل ورة‬
‫كتابة البياانت بطريقة يتعذر ازالهتا ‪.‬من مث يتناىف مع هذا الرشط ادراج بياانت حتذيرية‬

‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪61‬‬


‫دمحم شكري رسور‪ ،‬مسؤولية املنتج عن ال ار اليت تسبهبا منتجاته اخلطرة‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪66‬‬

‫‪392‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بطريقة يسهل معها ازالهتا‪ ،‬ويعترب اخالال هبذا الرشط أيضا االلقاء مبهمة التحذير اىل‬
‫الغّي‪ ،‬فال يكفي مثال أن يوجه منتج سلعة خطرة حتذيراته بشأهنا اىل موزعيه‪.‬‬
‫أما عن املرشع انجزائري فقد فرض عىل اررتف احلاق املنتوج بومس‪ ،‬العطاء‬
‫صورة واحضة ودقيقة عنه ‪.‬و قد عرف اجراء الومس يف نص املادة ‪6/ 3‬من املرسوم‬
‫التنفيذي رمق ‪ 29-92‬بأنه ‪ ":‬مجيع العالمات والبياانت وعناوين املصنع أو التجارة‪،‬‬
‫والصور والشواهد والرموز اليت تتعلق مبنتوج ما‪ ،‬واليت توجد يف أي تغليف أو وثيقة أو‬
‫كتابة أو رمسة أو خامت أو طوق يرافق منتوجا ما أو خدمة أو يرتبط هبام"‪.‬‬
‫وبلنس بة للبياانت اليت يتضمهنا الومس‪ ،‬فاما أن تكون البياانت االجبارية مدرجة يف‬
‫ملصقات عىل املنتوج‪ ،‬واما أن تكتب عىل الغالف اخلاريج للمنتوج أو عىل دليل‬
‫الاس تعامل‪ ،‬مع الاشارة بنجودة‪.‬و يم نقل املعلومات اما بواسطة البطاقات أو‬
‫الاكاتلوجات‪ ،‬أو دليل الاس تعامل أو الاشهار‪.‬‬
‫هذا وقد فرض املرشع اضافة ذلكل‪ ،‬مبوجب نص املادة ‪ 12‬من المر رمق ‪26-91‬‬
‫املتعلق بملنافسة‪ ،‬اعالم املس هتكل حول أسعار املنتوجات واخلدمات‪ ،‬حيث جاء فهيا‬
‫أن ‪ ":‬اشهار السعار اجباري ويتواله البادع قصد اعالم الزبون بأسعار بيع السلع أو‬
‫اخلدمات ورشوط البيع "‪.‬كام أضافت املادة ‪ 11‬من نف المر بأنه ‪":‬يكون اشهار‬
‫أسعار السلع واخلدمات لفاددة املس هتلكني بواسطة وضع عالمات أو ملصقات‪ ،‬أو أية‬
‫وس يَل أخرى مناس بة العالم املس هتكل بأسعار البيع‪ ،‬وعند احلاجة برشوطه وكيفياته‬
‫‪1‬‬
‫اخلاصة‪" .‬‬

‫‪ -1‬الهدف من اشهار السعار هو جعل السوق شفاف ونزيه‪ ،‬كام وأنه طريق من طرق العرض أو الاجياب عند التعاقد‬
‫‪.‬مفن حق املس هتكل أن حيصل عىل لك سلعة أو خدمة تكون معروضة عىل مرأى امجلهور‪ ،‬لنه يفرتض فيه عرضه للبيع‬
‫‪.‬هذه حاةل من حاالت العرض ادلامئ اليت تنظمها نظرية العقد‪ ،‬ومبجرد قبول العرض يتكون العقد وجيب تنفيذه ‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ونصت املادة ‪ 0-003‬ق ا ف يتعني عىل البادع أو أي مزود خبدمة بعالم املس هتكل‬
‫عن طريق وضع العالمات‪ ،،‬ونرش أو أي معلية أخرى مناس بة حول السعار‬
‫والرشوط اخلاصة لبيع وأداء اخلدمات‪ ،‬وفقا لالجراءات اليت وضعها وزير الشؤون‬
‫الاقتصادية‪ ،‬بعد التشاور مع اجملل الوطين للمس هتلكني‪.1‬‬
‫وحىت وان أصبل الالزتام بالعالم الزتام قانوّن‪ ،‬ما يعين أنه جيد أساسه مبارشة يف‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬اال أنه ال ككن االحاطة مبضمون الالزتام بالعالم‪ ،‬والبياانت اليت‬
‫يتعني أن يديل هبا املهين‪ ،‬ذلكل ف كن للقايض أن يس تعني مببدأ حسن النية س امي عندما‬
‫يتحول االلزتام بالعالم اىل الزتام بلنصيحة ‪.‬‬
‫الفرع الثاّن‪:‬‬
‫طبيعة الالزتام بالعالم وحدود انجهل بلبياانت واملعلومات‬
‫ان اعتبار الزتام املهين بالعالم الزتام بوس يَل يعين أن يتحمل ادلائن عئب اثبات‬
‫وجود الالزتام و خطأ املدين يف تنفيذه القامة مسؤولية املدين‪.‬و ال يتحلل املهين من‬
‫املسؤولية اال اذا أثبت أن سببا أجنبيا هو اذلي أدى اىل عدم حتقق هذه النتيجة‪.‬‬

‫= دنوّن هجّية‪ ،‬قانون املنافسة وحامية املس هتكل‪ ،‬اجملَل انجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والس ياس ية‪ ،‬لكية احلقوق‪،‬‬
‫جامعة انجزائر‪ ،‬ج ‪ 29‬رمق ‪،3223/20‬ص‪02‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- « out vendeur de produit ou tout prestataire de services informe le consommateur, par‬‬
‫‪voie de marquage, d'étiquetage, d'affichage ou par tout autre procédé approprié, sur les‬‬
‫‪prix et les conditions particulières de la vente et de l'exécution des services, selon des‬‬
‫‪modalités fixées par arrêtés du ministre chargé de l'économie, après consultation du‬‬
‫» ‪Conseil national de la consommation.‬‬

‫‪394‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بيامن اليتحمل ادلائن يف الالزتام بتحقيق نتيجة هذا العئب حبث تقوم مسؤولية املدين‬
‫مبجرد َتلف تكل النتيجة‪ 1.‬ذلكل نتعرض لطبيعة الالزتام بالعالم (الفقرة الوىل ) ‪.‬‬
‫ولن نطاق الالزتام بالعالم واسع من حيث املوضوع‪ ،‬وغّي واحض من حيث‬
‫الشداص‪ ،‬فنتعرض بناءا عىل ذكل حلدود انجهل بلبياانت واملعلومات يف (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪:‬‬
‫طبيعة الالزتام بالعالم‬
‫املعول عليه يف المتيزي بني الالزتام ببذل عناية و بتحقيق نتيجة يمتثل يف احامتلية‬
‫النتيجة أو يف ادلور اذلي يلعبه ادلائن يف تنفيذ الالزتام ‪،‬فارادة ادلائن تلعب دورا‬
‫أساس يا فامي يتعلق بلتعامل مع البياانت و املعلومات اليت أحيط هبا علام وفقا للقانون ‪.‬‬
‫و قد اختلف الفقه حول طبيعة الالزتام بالعالم ‪،‬من حيث كونه الزتاما بتحقيق نتيجة‬
‫أو بذل عناية المر اذلي أدى اىل بروز عدة اجتاهات ‪:‬‬

‫‪ -1‬مفن أجل حتديد درجة اخلطأ العقدي وضع رشاح القانون املدّن معايّي للمتيزي بني الالزتام بتحقيق نتيجة و الالزتام ببذل‬
‫عناية تمتثل يف ‪:‬‬

‫‪ -‬مدى أو نطاق الالزتام اذلي يقع عىل عاتق املدين به حيث يكون الالزتام بوس يَل عندما ال يكون املدين ملزتما اال بَتاذ‬
‫اكفة الوسادل اليت يف اماكنه لتحقيق الغاية من الالزتام و اَتاذ احليطة و احلذر الالزم لتحقيق الغاية يف حني يكون الالزتام‬
‫بنتيجة عندما يكون املدين متعهدا بتحقيق نتيجة معينة و ال يعفى من مسؤوليته يف حاةل عدم حتقيق هذه النتيجة اال بثبات‬
‫وجود قوة قاهرة منعته من ذكل‬

‫‪ -‬درجة الاحامتل اليت تالب حتقيق النتيجة املطلوبة أو دور ادلائن يف حتقيقها و مبعىن أآخر ما يمتتع به ادلائن من حرية يف‬
‫احلركة حبيث ال يسْل قيادته بلاكمل للمدين اذلي يس تقل مبفرده يف اَتاذ الوسادل الالزمة للحصول عىل النتيجة املطلوبة ‪.‬‬

‫‪.‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪063‬‬

‫‪395‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬قصور اعتبار الالزتام بالعالم الزتاما بوس يَل عن تلبية متطلبات حامية املس هتكل‬
‫يذهب الرأي الغالب يف الفقه الفرنيس‪ 1‬اىل أن الالزتام بالعالم هو الزتام ببذل‬
‫عناية‪ ،‬ويستشهد يف ذكل بأن االعالم مبداطر اليشء اخلطر يبقى احامتيل غّي مؤكد‬
‫الوقوع وأن لدلائن دور يف حتقيق النتيجة ومنعها‪ ،‬فيلزتم بلتايل بثبات خطأ البادع ‪.‬‬
‫و ال شك أن اعامل قواعد العداةل يؤدي اىل الاكتفاء بعناية الرجل متوسط‬
‫احلرص ‪ ،‬غّي أن اعتبار هذا الالزتام الزتام بوس يَل قارص عن حامية املس هتكل ‪،‬‬
‫و يتضل هذا هذ ا القصور من ثالث نواح‪:‬‬
‫‪-0‬ان حامية املس هتكل يف مواهجة اخملاطر اليت حتيق به جراء اس هتالكه منتجات‬
‫أفرزها التقدم الصناعي الهادل ال تتحقق يف هلل اعتبار الالزتام بالعالم الواقع عىل‬
‫عاتق املهين الزتاما ببذل عناية ‪،‬و ذكل بلنظر اىل ما كارسه هذا التكييف من تأثّي عىل‬
‫مسأةل االثبات ‪ ،‬حيث يس تطيع املهين يف ضوده التدلص من املسؤولية اذا متكن من‬
‫اقامة ادلليل عىل أنه قد بذل العناية املطلوبة يف تقدمي املعلومات املتعلقة مبنتجه يف حني‬
‫يقع عىل املس هتكل املهرضور عبء اثبات خطأ املهين يف تنفيذ هذا الالزتام و كذا اثبات‬
‫‪1‬‬
‫عالقة الس ببية بني هذا اخلطأ و ما حلق به من ر‪.‬‬
‫‪-3‬ان نشأة الالزتام بالعالم و اكتسابه اس تقالليته عىل أثر قصور أحاكم ضامن‬
‫العيب عن حامية املس هتكل تقتب أن تفوق امحلاية اليت حيظى هبا املس هتكل يف هلل‬
‫‪ -1‬من بيهنم ‪ G. Viney‬مشار اليه يف أمحد خدجيي‪ ،‬حامية املس هتكل من خالل الالزتام بالعالم العقدي‪ ،‬جمَل‬
‫دفاتر الس ياسة والقانون‪ ،‬ع ‪ ،00‬جوان ‪ .3201‬ص ‪36‬‬
‫رأي ‪F .Collart , Ph. Delebecque ,Ph,le tourneau , A.Plancqueel‬‬
‫أيضا رأي‪ :‬عزة محمود أمحد خليل‪ ،‬مّيفت ربيع عبد العال ‪.‬‬
‫مشار اليه يف مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ -1‬محدي أمحد سعد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪020‬‬
‫دمحم عيل معران ‪ ،‬الالزتام بضامن السالمة و تطبيقاته يف بعض العقود ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪3326‬‬

‫‪396‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الحاكم املنظمة لهذا الالزتام تكل اليت توفرها هل أحاكم ضامن العيب ‪،‬فاذا اكن املشرتي‬
‫يلزتم يف دعوى الضامن بثبات وجود العيب يف املبيع سابق عىل التسلمي وفقا للامدة‬
‫‪ 111‬ق م م فلي من املنطقي أن يثقل اكهل املس هتكل املدين باللزتام بالعالم‬
‫بثبات خطأ املهين يف تنفيذ هذا الالزتام و أن الهرضر اذلي حلقه اكن بسبب هذا اخلطأ‬
‫‪-2‬اذا اكن أنصار الاجتاه القادل بعتبار الالزتام بالعالم الزتاما ببذل عناية قد‬
‫تشبثوا مبعيار دور ادلائن ‪،‬أو طبيعة مسكل املهرضور ازاء حتقق الهرضر ‪.‬فان هذا املعيار‬
‫ذاته كفيل بدحض ما ذهبوا اليه‪.‬ففي ضوء الطبيعة اخلطرة و املعقدة للمنتجات اليت‬
‫تطرح يف التداول‪ ،‬فضال عن حضاةل خربة املس هتكل الفنية أو انعداهما ‪،‬يكون املس هتكل‬
‫ذو دور سليب حال وقوع الهرضر به‪ ،‬عىل أثر حيازته أو اس تعامهل لهذه املنتجات ‪،‬فيكون‬
‫‪1‬‬
‫مبثابة من يسْل نفسه اىل املنتج‬
‫اثني اا‪ :‬عدم مالمئة اعتبار الالزتام بالعالم الزتاما بتحقيق نتيجة‬
‫يرى جانب أآخر‪ 2‬أن اعتبار الالزتام بالعالم الزتام ببذل عناية يتعارض مع‬
‫مقتضيات حامية املس هتكل‪ ،‬وأن العداةل تقتب القاء العئب عىل املهين حبيث تنعقد‬
‫مسؤوليته مبجرد عدم حتقق النتيجة‪ ،‬فال يتحلل من املسؤولية اال بثبات السبب‬
‫الجنيب‪.‬‬

‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪96‬‬


‫‪ -2‬رأي مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬مشار اليه يف أمحد خدجيي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫رأي ثروت فتحي اسامعيل‪ ،‬عيل س يد حسن‪ ،‬عبد العزيز املرىس محود‪ ،‬ممدوح دمحم مربوك ‪.‬‬
‫مشار اليه يف مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪93‬‬

‫‪397‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غّي أنه اذا اكن رفض اعتبار الالزتام بالعالم الزتاما ببذل عناية يربره تعارض‬
‫ذكل التكييف مع مقتضيات حامية املس هتكل ‪،‬فان الرغبة يف حتقيق تكل امحلاية ال ينبغي‬
‫أن تقود اىل الالتفاف عىل مصار املهنيني بتبين تكييفا مضادا‪ ،‬و اعتباره الزتاما بتحقيق‬
‫نتيجة ‪.‬والاستناد اىل الحاكم القضادية اليت حرمت املدين هبذا الالزتام من مكنة دفع‬
‫املسؤولية بالحتجاج جبههل بخملاطر الاكمنة بملنتج لتكييفه بأنه الزتام بنتيجة امنا ينطوي‬
‫‪1‬‬
‫عىل فهم مغلوط لطبيعة اخلطأ املقمي للمسؤولية عن الاخالل باللزتام بالعالم‬
‫فهذا الالزتام يقوم عىل الزتام املهين بلعْل بأخطار اليشء املبيع و لي عىل قرينة‬
‫علمه هبا و من مث يعد هجهل هبذه اخملاطر يف ذاته خطأ يقمي مسؤوليته ‪.1‬و ترتيبا عىل‬
‫ذكل اذا اكنت متطلبات حامية املس هتكل تقتب عدم تلكيفه بثبات خطأ املهين‪،‬‬
‫و عالقة الس ببية بني هذا اخلطأ و ما أصابه من ر‪ ،‬فان العداةل تتأذى بلقاء هذا‬
‫العبء عىل عاتق املهين حبيث تنعقد مسؤوليته مبجرد عدم حتقق النتيجة ‪،‬و مبا ال ككنه‬
‫الفاكك مهنا سوى بثبات تنفيذه العيين لاللزتام أو بقامة ادلليل عىل السبب الجنيب ‪.‬‬
‫فضال عن ذكل فانه ملا اكن من ارمتل وقوع الهرضر نتيجة اهامل املس هتكل يف‬
‫اَتاذ االحتياطات الالزمة بشأن حيازة املنتج أو اس تعامهل فان حتميل املهين منتجا اكن أم‬
‫بدعا املسؤولية عىل هذا الهرضر قد يغدو سببا مفضيا لقتل روح االبداع و شل حركة‬
‫‪2‬‬
‫النشاط الصناعي بأثره‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر اىل الحاكم القضادية اليت اعتربته الزتاما بتحقيق نتيجة ‪.‬محدي أمحد سعد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪022‬‬
‫‪ -1‬جابر حمجوب عيل ‪ ،‬ضامن سالمة املس هتكل من أ ار املنتجات الصناعية املبيعة ‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪021‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه ‪،‬ص‪021‬‬
‫‪ -‬مىن أبو بكر الصديق ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪91‬‬

‫‪398‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اثلث اا‪ :‬حقيقة الطبيعة القانونية لاللزتام بالعالم‬


‫يذهب جانب من الفقه اىل أنه ينبغي أن تتحدد الطبيعة القانونية لاللزتام بالعالم‬
‫عىل ضوء التوفيق بني مصار املتعاقدين و مقتضيات العداةل‪ ،‬فّيى هذا انجانب من‬
‫الفقه أن الالزتام بالعالم من قبيل الالزتام بتحقيق نتيجة خمفف ‪.1‬‬
‫و املعىن أنه اذا اكن منطق الالزتام بوس يَل أن يلكف املهرضور بثبات خطأ املدين‬
‫باللزتام فاملس هتكل املهرضور لن يتحمل هذا العبء كام أنه اذا اكن الالزتام بتحقيق‬
‫نتيجة مفاده انعقاد مسؤولية املدين به مبجرد عدم حتقق النتيجة حبيث ال يس تطيع دفع‬
‫املسؤولية اال بثبات السبب الجنيب فان هذا الالزتام بنتيجة ككن أن يكون خمففا مبا‬
‫يتيل للمدين نفي اخلطأ أو التقصّي من جانبه بقامة ادلليل عىل قيامه بزتويد املس هتكل‬
‫‪1‬‬
‫بلبياانت و التحذيرات املتعلقة مبنتجه بصورة اكمَل و حصيحة ‪.‬‬
‫ففي نطاق املسؤولية املوضوعية للمنتج عن فعل منتجاته املعيبة اليت نظمها القانون‬
‫الفرنيس رمق ‪ 92-229‬الصادر يف ‪ 09‬ماي ‪، 0992‬املسؤولية ليست موضوعية مطلقة‬
‫قامئة عىل جمرد وقوع الهرضر ‪ ،‬و لكهنا مسؤولية موضوعية خاصة مرشوطة بوجود عيب‬
‫يف املنتج ‪ ،‬ذكل العيب اذلي يساُه يف تقديره مدى كفاية املعلومات املتعلقة بملنتج‬
‫حسب املادة ‪1-0226‬من هذا القانون‪.‬‬

‫‪-1‬أمحد دمحم دمحم الرفاعي ‪ ،‬امحلاية املدنية للمس هتكل ازاء املضمون العقدي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪092‬‬
‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪92‬‬
‫أنظر للحاكم القضادية اليت يس تفاد مهنا مضنا أنه الزتام بتحقيق نتيجة خمفف محدي أمحد سعد ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪022‬‬

‫‪399‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ومعىن ذكل أن املنتج يكون معيبا اذا ر يم تزويد املس هتكل بملعلومات اليت تعينه‬
‫عىل حسن اس تددامه وتويق أ اره‪،‬بطريقة واحضة ككن حتسسها من خالل مطالعة‬
‫املظهر اخلاريج للمنتج عىل حنو ككن للمس هتكل معه أن ّ‬
‫يكون توقعه املرشوع بسالمة‬
‫هذا املنتج‪.‬‬
‫واذا اكن ال يسمل للمدين باللزام بنتيجة بدفع مسؤوليته سوى بقامة ادلليل عىل‬
‫السبب الجنيب فان النظام اخلاص للمسؤولية وفقا لقانون ‪ 0992‬خوهل مكنة دفع تكل‬
‫املسؤولية بثبات أن املنتج ر يكن معيبا وقت طرحه يف التداول و ذكل وفقا للفقرة‬
‫الثانية من املادة ‪. 00-0296‬‬
‫و ككن ذكل بثبات أن املعلومات اليت أرفقها املنتج بسلعته اكنت اكفية وواحضة يف‬
‫بيان طريقة اس تعاملها و التحذير من خماطرها‪.‬و السامح للمدين بدفع مسؤوليته عن‬
‫طريق نفي خط ه عىل هذا النحو امنا يعين أن هذا الالزتام لي حمهل حتققيق نتيجة‬
‫مطلقة وامنا الزتام بتحقيق نتيجة خمفف‪ 1.‬و يؤيد هذا الطرح‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫حدود انجهل بلبياانت واملعلومات‬
‫اذا اكن مبدأ حسن النية يقف طبقا للقواعد العامة عند اماكنية العْل‪ ،‬من جانب‬
‫الطرف املقدم عىل التعاقد‪ .‬فانه يف عقود الاس هتالك خيرج عن هذا الفرض‪ ،‬لضامن‬
‫حامية اكفية للطرف الضعيف يف العالقة العقدية ‪ .‬فنتعرض تباعا لقرينة انجهل دلى‬
‫املس هتكل (أوال) مث أثر صفة الاحرتاف و ورة الاس تعالم (اثنيا)‬

‫‪ -1‬مىن أبو بكر الصديق ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪99‬‬

‫‪411‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو اال‪ :‬قرينة انجهل دلى املس هتكل‬


‫القاعدة يه أن عىل لك من يقدم عىل التعاقد أن يبحث بوسادهل اخلاصة عن‬
‫املعلومات‪ ،‬والبياانت اليت تلزم لتكوين رأيه وحتديد قراره ‪.‬غّي أن هذه القاعدة قد تتعذر‬
‫بسبب طبيعة البياانت أو صفة املتعاقد‪ ،‬دلى يعفى املس هتكل من واجب الاس تعالم‬
‫استنادا اللزتام املهين بعالمه ‪ .‬وال جيوز للمهين يف هذا الفرض أن يتدلص من انجزاء‬
‫املقرر لالخالل بلزتامه بالعالم‪ ،‬استنادا اىل أن املس هتكل اكن بوسعه الاس تعالم‬
‫‪1‬‬
‫بنفسه‪.‬‬
‫من مث يلقى عىل عاتق اررتف الزتام بالس تعالم لالعالم ‪ .‬و يعرف هذا الالزتام‬
‫بأنه‪" :‬الزتام يقصد منه أن يلزتم املدين مىت اكن همنيا‪ ،‬بلتحري والبحث عام جيههل من‬
‫معلومات يتعني تقدكها‪ ،‬اىل ادلائن باللزتام بالعالم قبل التعاقد‪ .‬أي أن هذا الالزتام‬
‫يفرض عىل املدين باللزتام بالعالم أن يبحث عن املعلومات والبياانت حمل التعاقد‪،‬‬
‫بغية تنوير ارادة املس هتكل أو ادلائن ‪.‬‬
‫من مث فان املدين باللزتام بالعالم ال يلكف بالفضاء بلبياانت أو املعلومات اليت‬
‫حيوزها فقط‪ ،‬بل يلزتم أيضا بالدالء بملعلومات والبياانت اليت اكن ككنه االحاطة هبا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫بوسادهل اخلاصة لو بذل العناية املطلوبة ‪.‬‬
‫ويمتزي هذا الالزتام عن واجب الاس تعالم اذلي يفرض عىل لك طرف أن يبحث‬
‫بنفسه عن املعلومات والبياانت اليت يبين علهيا قراره‪ ،‬بشأن االقدام عىل التعاقد أو قبول‬
‫‪2‬‬
‫بنود العقد‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪52‬‬


‫‪ -1‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪52‬‬

‫‪411‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ويذهب البعض يف هذا الصدد اىل أن َتلف موجب الاس تعالم‪ ،‬شأنه شأن‬
‫الالزتام بالعالم جيب أن يتناول صفات أو مسادل جوهرية ال اثنوية‪ ،‬حىت يكون هل أثر‬
‫عىل مصّي العقد‪ 1.‬من مث عىل املهين أو املدين باللزتام بالعالم‪ ،‬أن يُعْل بلبياانت‬
‫املتعلقة مبحل العقد انجوهرية‪،‬بل ويتعني عليه أن يس تعْل عهنا حىت يُعْل هبا لكام اكن ذكل‬
‫ممكنا‪ ،‬فالقاعدة أنه ال تلكيف مبس تحيل‪2.‬و ذكل حىت يتس ىن هل تنوير ارادة ادلائن ‪.‬‬
‫ويضيف ذات الرأي أن املقصود بلبياانت انجوهرية يف هذا الصدد تكل البياانت‬
‫اليت يفرتض عْل املدين هبا‪،‬أي تكل اليت تتسم بنجوهرية واليت ُّيم املس هتكل أو ادلائن‬
‫العْل هبا‪ ،‬وفهمها والاس تفادة مهنا‪ .‬اذ أن فرض الالزتام بالعالم عىل عاتق املهين يف‬
‫‪1‬‬
‫مواهجة املس هتكل يفرض عليه الاس تعالم ليعْل هذا الخّي‪.‬‬
‫من مث لي للمحرتف أن حيتج جبههل للمعلومات لن توافر صفة الاحرتاف قرينة‬
‫عىل يفرتض معها االملام بلبياانت انجوهرية ‪،‬غّي أنه ال يعقل الزام اررتف بالدالء‬
‫ببياانت ال يعلمها أصال ‪ ،‬و لي يف اماكنه العْل هبا ‪.‬‬
‫وجدير بذلكر أن الترشيعات املقارنة سواءا يف انجزائر أو فرنسا‪ ،‬بتت تتوىل‬
‫بنفسها حتديد البياانت اليت يتعني عىل املهين االفضاء هبا لتنوير رضاء املس هتكل ‪.‬و عليه‬
‫يتعني عىل املهين الادالء باكفة البياانت اليت حتددها نصوص قوانني الاس هتالك‬
‫بعتبارها بياانت جوهرية دون حاجة التفاق خاص يقرر ذكل ‪.‬أما بيق البياانت فان‬
‫تقدير أمهيهتا يعد من املسادل اليت تدخل يف نطاق السلطة التقديرية لقايض املوضوع‬
‫بعتبارها من مسادل الواقع‪ ،‬وقد يس تدلص من بنود العقد ذكر بيان اضايف ال يفرضه‬

‫‪ -1‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬العقد‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪092‬‬


‫‪ -2‬وجيب أن يتحقق عْل املدين بتكل املعلومات‪ ،‬يف اللحظة اليت جيب عليه االفضاء فهيا بتكل البياانت ‪.‬‬
‫مصطفى أمحد أبو معرو‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪57‬‬
‫‪ -1‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪48‬‬

‫‪412‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املرشع واعتباره بندا جوهراي ‪.1‬و ككن أن يستند اىل مبدأ حسن النية مكحدد ملضمون‬
‫ونطاق االلزتام بالعالم‪.‬‬
‫حيث أن املادة ‪ 1‬السالفة اذلكر أوجبت اعالمه جبميع املعلومات اليت هتمه يف‬
‫التعاقد‪ ،‬فقد أخضع القانون ‪ 23/21‬السالف اذلكر رشوط البيع العالم اجباري عىل‬
‫غرار االعالم بلسعار‪ ،‬بعتبار أن السعر ال يع ّد العنرص الوحيد اذلي ُّيم املس هتكل‪،‬‬
‫وال يكفي لضامن حق املس هتكل يف اختيار املنتجات‪ ،‬ذلكل يصبل من الهرضوري تنظمي‬
‫رشوط بيع املنتجات وتقدمي اخلدمات‪.2‬‬
‫ويف ذات الس ياق تشّي املادة ‪ 22‬من قانون ‪ 22-29‬السالف اذلكر للمس هتكل‬
‫احلق يف معرفة خصادص املنتوج أو اخلدمة‪ ،‬دون أن تشّي تكل النصوص اىل ورة‬
‫أن يبحث املس هتكل عن املعلومات بعناية الرجل العادي‪.‬‬
‫ذلكل يتوىل البادع وجوب اعالم الزبئن بأسعار وتعريفات السلع واخلدمات وبرشوط‬
‫البيع ‪.‬و تضيف املادة ‪ 2‬من قانون ‪ 23-21‬من ذات القانون بأن البادع يلزتم قبل اختتام‬
‫معلية البيع‪ ،‬بخبار املس هتكل بأية طريقة اكنت وحسب طبيعة املنتوج‪ ،‬بملعلومات‬
‫ال‪ُّ،‬ية والصادقة املتعلقة مبمزيات املنتوج أو اخلدمة ورشوط اخلدمة والبيع ‪.‬من مث فان‬
‫الالزتام بالعالم الزتام قانوّن يفرض عىل العون الاقتصادي تزويد املس هتكل باكفة‬

‫‪ -1‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪60‬‬


‫‪ -2‬دنوّن هجّية‪ ,‬قانون املنافسة ومحية املس هتكل‪ :‬اجملَل انجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية‪ ,‬انجزء ‪ 29‬رمق ‪ 3223/0‬ص‪00‬‬

‫كام نص قانون الاس هتالك الفرنيس عىل وجوب االعالم بلسعار يف املادة ‪.0-000‬و ‪ 0-003‬ق ا ف ‪.‬‬
‫الالزتام بلومس‪ ،‬واالعالم خبصادص املنتوج أو اخلدمة‪ ،‬واس تعامل اللغة العريب يف الومس‪ ،‬واالعالم بسعر املنتوج أو اخلدمة‪،‬‬
‫وبرشوط البيع لكها بياانت الزامية يرتتب عن االخالل هبا جزاءات حددها املرشع يف نصوص خاصة ‪.‬ما بني احلجز والغرامة ‪.‬‬
‫أما عالمات انجودة فاس تعاملها يبقى اختياراي من قبل اررتف‬
‫لكرث تفصيل أنظر ‪ :‬بودايل دمحم‪ ،‬حامية املس هتكل يف القانون املقارن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪413‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ :‫الفصل الثاني‬

‫ لمتكني هذا الخّي من حتقيق أقىص‬،‫ والبياانت املتعلقة بس تعامل املنتج‬،‫املعلومات‬


.‫ حبيث يؤدي الغرض املقصود من رشاءه عىل أمكل وجه‬،‫اس تفادة ممكنة من املبيع‬
‫ الفرنيس حاول االملام‬1 .‫ ق ا ف‬0-000 ‫ويبدو أن املرشع الفرنيس من خالل املادة‬
‫ لتوس يع نطاق الالزتام بالعالم من حيث‬،‫بلك البياانت ذات المهية يف التعاقد‬
.‫املوضوع‬
‫ أن الالزتام‬1‫ يرى جانب من الفقه الفرنيس‬، ‫وخبصوص طبيعة الالزتام بالس تعالم‬
‫ حني يتعلق المر مبعلومات ورية ويف‬،‫بالس تعالم قد يكون الزتاما بتحقيق نتيجة‬
‫هذا الفرض فان ذمة املدين ال تربؤ اال اذا أثبت وجود السبب الجنيب اذلي أعاقه عن‬
‫و قد يكون الزتاما ببذل عناية ويف هذه احلاةل ككن للمس هتكل أو‬. ‫الوفاء هبذا الالزتام‬
‫ ور يتبع الوسادل املتاحة‬،‫ أن يثبت أن املدين ر يبذل العناية املطلوبة‬،‫ادلائن باللزتام‬

1
- ART 111-1 C.Con.F «Avant que le consommateur ne soit lié par un contrat de vente de
biens ou de fourniture de services, le professionnel communique au consommateur, de
manière lisible et compréhensible, les informations suivantes :
1° Les caractéristiques essentielles du bien ou du service, compte tenu du support de
communication utilisé et du bien ou service concerné;
2° Le prix du bien ou du service, en application des articles L. 112-1 à L. 112-4 ;
3° En l'absence d'exécution immédiate du contrat, la date ou le délai auquel le
professionnel s'engage à livrer le bien ou à exécuter le service;
4° Les informations relatives à son identité, à ses coordonnées postales, téléphoniques et
électroniques et à ses activités, pour autant qu'elles ne ressortent pas du contexte ;
5° S'il y a lieu, les informations relatives aux garanties légales, aux fonctionnalités du
contenu numérique et, le cas échéant, à son interopérabilité, à l'existence et aux modalités
de mise en œu re des garanties et aux autres conditions contractuelles ;
6° La possibilité de recourir à un médiateur de la consommation dans les conditions
prévues au titre Ier du livre VI.
La liste et le contenu précis de ces informations sont fixés par décret en Conseil d'Etat.
Les dispositions du présent article s'appliquent également aux contrats portant sur la
fourniture d'eau, de gaz ou d'électricité, lorsqu'ils ne sont pas conditionnés dans un volume
délimité ou en quantité déterminée, ainsi que de chauffage urbain et de contenu numérique
=non fourni sur un support matériel. Ces contrats font également référence à la nécessité
d'une consommation sobre et respectueuse de la préservation de l'environnement.
1
- J.Gehstin , Traité de droit civil, op.cit , p374

414
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لالس تعالم عن البياانت حمل التعاقد وذكل حىت تثار مسؤولية هذا الخّي ‪.‬بيامن يرى‬
‫جانب أآخر من الفقه الفرنيس‪ 1‬اىل أن الالزتام بالس تعالم يعد يف اكفة الحوال الزتاما‬
‫بوس يَل أو ببذل عناية‪ ،‬وال ككن أن يكون غّي ذكل ‪.‬‬
‫بيامن يرى جانب من الرشاح اىل أن الالزتام بالس تعالم‪ ،‬حيمل ذات الوصف‬
‫القانوّن لاللزتام بالعالم املرتبط به‪ ،‬وعىل ذكل فان الالزتام الول شأنه شأن الثاّن يعد‬
‫الزتاما بتحقيق نتيجة‪ ،‬اذا تعلق المر مبعلومات أو بياانت جوهرية‪ ،‬فال يس تطيع املدين‬
‫التدلص من جزاء الاخالل به بغّي اثبات وجود السبب الاجنيب ‪.‬و يعد الزتاما ببذل‬
‫‪1‬‬
‫عناية حيامن يتعلق المر بملعلومات غّي انجوهرية‪.‬‬
‫وقد ذهبنا سابقا اىل أن الزتام اررتف بالعالم هو الزتام بتحقيق نتيجة خمفف من مث‬
‫فااللزتام بالس تعالم حيمل ذات الوصف ‪.‬‬
‫غّي أنه وملا اكن الزتام اررتف بالعالم يشمل أيضا اعالمه خبصوصيات املنتوج‪،‬‬
‫فان احتياجات املس هتكل و رغباته حتدد عىل ضوء تواصهل مع اررتف ليبدي احتياجاته‬
‫بشلك واحض و دقيق ‪،‬مما يفيد ورة التعاون من قبل املس هتكل ليسهل عىل اررتف‬
‫ايصاهل للمعلومات بشلك يتطابق مع تكل الرغبات‪ .‬لسن نية املس هتكل و قرينة انجهل‬
‫دلى املس هتكل تفرض عليه ورة احلوار مع املهين ليحدد هذا الخّي املنتوج املطابق‬
‫الحتياجاته ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- M.Fabre-Magnan, Essai d'une théorie de l'obligation d'information dans les contrats,‬‬
‫‪Thèse de doctorat en Droit privé,, paris 1 ,1991 ,p 94‬‬
‫‪ -1‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪50‬‬

‫‪415‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اثني اا‪ :‬أثر صفة الاحرتاف و ورة الاس تعالم‬


‫ان االلزتام بالعالم يتطلب من املدين به‪ -‬وخاصة اذا اكن همنيا‪ ،-‬االس تعالم عن‬
‫حاجات ادلائن أي املس هتكل اليت يريد اش باعها من وراء االقدام عىل ابرام العقد‪ .‬وأن‬
‫يقدم اليه املساعدة لتحقيق أغراضه‪ ،‬وأن ينور رضاءه تفاداي لوقوعه يف الغلط‪ ،‬وأال‬
‫يقترص عىل جمرد تقدمي ما يعرفه من معلومات هتمه‪ ،‬فهو يتحمل الزتاما بالس تعالم‬
‫قصد اعالم ادلائن ‪.‬‬
‫غّي أنه اذا اكن املشرتي حمرتفا فان السؤال يطرح عن مدى تأثّي صفة االحرتاف‬
‫عىل الزتام الطرف الآخر بعالمه ؟‬
‫ما هو مالحظ أن الترشيعات املقارنة أخذت يف نصوص عديدة بالجتاه املضيق‬
‫فاستبعد من نطاق امحلاية املهين حىت ولو اكن يتعاقد خارج جمال َتصصه‪ .‬وقرص امحلاية‬
‫عىل املس هتكل اذلي يقتين سلعة لالس هتالك الهنايئ‪ ،‬وهذا ما يستشف من قانون ‪-21‬‬
‫‪1‬‬
‫‪. 23‬و من مث يقع عىل اررتف اعالمه بمثن السلعة واملعلومات اليت هتمه يف التعاقد‪.‬‬
‫غّي أنه ان اكن الطرف الآخر همين أيضا‪ ،‬فيبقى السؤال مطروحا هل يقع عليه‬
‫واجب الاس تعالم بنفسه؟‬
‫ان ادلافع الردييس اذلي أدى بملرشع محلاية املس هتكل هو الرغبة يف معانجة اختالل‬
‫التوازن الواحض بني الطرفني من الناحية الاقتصادية واملعرفية ‪.‬فتنتفي هذه الاعتبارات‬
‫حيامن نكون بصدد طرفني متساويني‪ ،‬متشاهبني من حيث التفصص‪ ،‬فلي لهذا‬
‫الخّي أن حيرتج جبههل للمعلومات مىت اكن حمرتفا متفصصا ‪ .‬فتوافر صفة التفصص‬
‫تؤدي حضظ قرينة انجهل دليه ‪ ،‬فتنتفي من مث مربرات حامية هذا الخّي‪.‬‬
‫‪ -1‬و قد أرشان عند حديننا عىل نطاق امحلاية من الرشوط التعسفية اىل تبين املرشع املفهوم املضيق للمس هتكل ‪،‬يف نصوص‬
‫عديدة ‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد اشرتط القضاء الفرنيس يف كثّي من الحيان أن يكون عدم املعرفة هذا مربرا‬
‫بصورة مرشوعة‪ ،‬س امي اذا اكن املقدم عىل التعاقد حريف يتعاقد يف نطاق َتصصه‪.‬أما اذا‬
‫اكن عدم املعرفة نتيجة خلفة دلى ادلائن واذلي هو حمرتف أيضا‪ ،‬مبوجب الاس تعالم أو‬
‫الهامل منه‪ ،‬فانه يتحمل مسؤولية خفته واهامهل‪ .‬فاملشرتي وهو همين جيب أن يكون‬
‫حريصا عىل مجع اكفة املعلومات اخلاصة مبوضوع رشاءه‪ ،‬اذ عليه أيضا واجب‬
‫الاس تعالم‪ ،‬وال حيد منه سوى عدم خربته أو معرفته بصورة مرشوعة‪ ،‬أي عندما ال‬
‫يكون بماكنه لسبب مرشوع الوقوف عىل املعلومات املطلوبة‪ ،‬واملفرتض توافرها دلى‬
‫املتعاقد الآخر لجهبا عنه‪.‬‬
‫ومعوما واجب الاس تعالم مفروض عىل طريف العقد‪ ،‬ولكام اكن طرفا العقد ممهتنني‬
‫لكام يضعف موجب الاعالم دلى البادع‪ ،‬وحىت خيتفي أحياان لعدم احلاجة اليه‪ .‬وبقدر‬
‫ما يكون البادع ممهتنا والشاري غّي ممهتن‪ ،‬يكون الالزتام بالعالم أكرث تطلبا دلى البادع‬
‫وعدم معرفة الشاري مغتفرة‪ .‬فيتناىم بني املمهتن واملس هتكل العادي ملصلحة هذا الخّي‬
‫لن عدم معرفته مرشوعة ‪.‬فاملبدأ أن االنسان غّي ملزم بالعالم‪ ،‬اال بقدر ما يفوت‬
‫‪1‬‬
‫الطرف الآخر من معلومات ورية ‪.‬‬
‫وقد أشارت اىل واجب الاس تعالم حماة النقض الفرنس ية‪ ،‬يف العديد من‬
‫القرارات الصادرة عهنا‪ 2.‬من مث فان الحاكم القضادية تضع قرينة املعرفة عىل عاتق‬
‫املمهتنني‪ ،‬سواء اكن بدعا أو شاراي‪ .‬فال يس تطيع التذرع بعدم معرفته بليشء أو‬
‫‪ -1‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-CASS.COM.23/1/1982‬‬
‫‪CASS.CIV18/04 /1989‬‬
‫مشار اليه يف ‪:‬بيار اميل طوبيا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪CASS.COM 18/01/1972‬‬
‫مشار اليه ‪:‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.202‬‬

‫‪417‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مبواصفاته أو بفاعليته‪ ،‬طاملا أن هذا اليشء يقع مضن همنته أو اختصاصه‪ .‬واذا اكن فعال‬
‫جيهل تكل املواصفات أو الفاعلية‪ ،‬فعليه موجب الاس تعالم فاذا اكن املتعاقد ممهتنا‪،‬‬
‫أعترب أنه اطلع عىل خصادص اليشء حمل التعاقد‪ ،‬أي يفرتض فيه العْل وما عليه اال‬
‫اثبات أنه تعذر عليه الوقوف عىل خصادص اليشء ‪.‬‬
‫واحلقيقة أن الالزتام بالعالم مفروض عىل املهين نظرا للثقة اليت يضعها املس هتكل‬
‫يف املهين‪.‬غّي أنه يف التعامل بني حمرتفني يقف موجب الاعالم عند واجب الاس تعالم‬
‫من جانب اررتف وهو املشرتي يف هذا الفرض ‪.‬‬
‫فالصفة املهنية للمشرتي جيب أن تثّي دليه حب الاس تطالع‪ ،‬ومتكنه من‬
‫الاس تعالم عام خفي عليه من معلومات‪ ،‬عن كيفية اس تعامل اليشء املبيع أو الوقاية من‬
‫خماطره‪ ،‬فان ر يقم بواجب الاس تعالم أفرتض أنه يكتفى مبا دليه من معلومات‪ ،‬وال‬
‫ككن أن ينسب اىل البادع أي تقصّي فامي قدمه هل من معلومات ‪.‬‬
‫ولقد اعمتد القضاء الفرنيس يف كثّي من أحاكمه‪ ،‬اىل الصفة املهنية للمشرتي أو‬
‫املس تعمل‪ ،‬لتففيف مسؤولية املنتج أو البادع عن االخالل باللزتام بالفضاء‪ ،‬مبا قد‬
‫ينتج عن اليشء املبيع من خماطر‪ ،‬واستند اىل هذه الصفة أيضا يف أحيان أخرى العفاءه‬
‫‪1‬‬
‫لكية من هذه املسؤولية ‪.‬‬
‫ومن بني الحاكم اليت قررت َتفيف املسؤولية استنادا اىل الصفة املهنية‬
‫للمشرتي‪ ،‬ما قضت به ادلائرة املدنية الوىل راة النقض يف قرار الصادر يف ‪9‬‬
‫ديسمرب ‪ 0911‬من مسؤولية منتج الرتبة العضوية‪ ،‬لعدم افضاده للمشرتي بدرجة‬
‫الرطوبة اليت جيب احلفاظ علهيا عند اس تددام هذه املادة ‪ .‬وقررت من انحية أخرى أنه‬
‫اكن جيب عىل املشرتي وهو مزارع‪ ،‬وس بق هل اس تددام هذه املادة يف الس نوات‬

‫‪ -1‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.319‬‬

‫‪418‬‬
‫االلتزام العام بالنزاهة والتعاون في العقود‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫املاضية‪ ،‬أن يعْل درجة الرطوبة املطلوبة‪ ،‬ومن مث قررت اراة توزيع عئب املسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫بني املنتج واملزارع‪.‬‬
‫ومن الحاكم اليت قررت اعفاء املنتج أو البادع من املسؤولية‪ ،‬عن االخالل باللزتام‬
‫بالعالم‪،‬استنادا اىل الصفة املهنية للمشرتي‪ .‬ما قضت به ادلائرة املدنية الثانية حلاة‬
‫النقض من عدم مسؤولية منتج املادة اليت تس تددم يف طالء‪ ،‬وتغطية الرضيات‬
‫اخلشبية‪ ،‬عن احلريق اذلي نشب أثناء صهر هذه املادة بسبب تصاعد أخبرهتا ‪.‬حيث‬
‫تبني أن بطاقة البياانت امللصقة عىل هذه املادة‪ ،‬تدل بشلك رصحي واكف عىل قابلية‬
‫هذه املادة لالش تعال‪ ،‬بلنس بة ملقاول متفصص يف هذا اجملال‪ .‬ومن مث ال ككن أن‬
‫‪1‬‬
‫ينسب أي خطأ للمنتج يف هذا الصدد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass.civ.1er ch 9 dec 1975‬‬
‫مقتب عن محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪362‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪er‬‬
‫‪- Cass.civ.2 ch 25 juin 1980‬‬
‫مقتب عن ‪:‬محدي أمحد سعد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪362‬‬

‫‪419‬‬
‫خ اتم ة‬
‫خ ات م ة‬

‫خاتمة‬

‫انهتاءا من البحث يف موضوع مبدأ حسن النية كقاعدة قانونية مرنة ذات طبيعة‬
‫أخالقية‪،‬من حيث مضمونه ودوره يف العالقات العقدية‪ ،‬وصلنا اىل أن املبدأ هل دور‬
‫فعال ومزتايد‪ ،‬يفيد اماكنية الاعامتد عليه يف قانون العقود‪ .‬الس امي أن نظرية العقد من أُه‬
‫ممزياهتا وخصوصياهتا أهنا يف تطور مس متر‪ ،‬هذا التطور اذلي ككن جماراته بالعامتد عىل‬
‫املبدأ بشلك خاص‪.‬‬
‫ذلكل استبعاد مقتضياته من نطاق العقد أمر غّي ممكن فهو قاعدة واجبة االتباع‪.‬‬
‫وان اكن يصعب حقيقة تطبيقه اال أن القانون الوضعي ونظرية العقد يف حاجة اىل هذا‬
‫النوع من القواعد‪ ،‬أي القواعد املرنة اليت هتذب القواعد القانونية الصارمة‪ ،‬وجتعلها‬
‫تتجاوب مع ما يس تجد من تطورات لتصبل بذكل الروابط العقدية أكرث ليونة‪ ،‬وأكرث‬
‫تكيّفا مع الظروف اليت حتيط هبا ومن مث تصبل أقل انكسارا‪.‬‬
‫ان مبدأ حسن النية ترصف دامئ حيمك سلوك الطراف‪ُّ ،‬يدف اىل ضامن دكومة‬
‫العقد يف وجوده ويف توازنه‪ .‬فاالخالص والمانة والتعاون اذلي يفرضه املبدأ تساُه‬
‫بس مترار يف احرتام العقد‪ ،‬ال تقديسا لسلطان االرادة امنا تقديسا دلكومة العقد‪ ،‬ما جيعل‬
‫العقد قابال للمراجعة أثناء التنفيذ‪ .‬ذلكل فان املبدأ يفصل ما بني الرغبة الولية اجملردة‬
‫للطراف ليبقي عىل املساواة احلقيقية وعىل روهحا‪.‬‬
‫هل دوره الوقايئ وامحلايئ فهو أساس التكوين السلمي للعقد‪ ،‬وهو أساس حماربة‬
‫الرشوط التعسفية‪ ،‬وهل أيضا دوره اخل َالق واملنشئ حبيث يستند اليه القضاء ليضمن‬
‫تاكفؤ الالزتامات لجل ذكل فهو أساس الالزتام بالعالم‪ ...‬اخل‪ .‬وهل أيضا دور فعال يف‬
‫توس يع السلطات املمنوحة للقايض‪ ،‬اذ يبقى الاستناد اليه مرتبطا بلقضااي املطروحة‬

‫‪411‬‬
‫خ ات م ة‬

‫أمام القايض‪ ،‬ذلكل فهو يساعد يف تكوين خلفية ذهنية دلى القايض لتقومي سلوكيات‬
‫املتعاقدين‪.‬‬
‫وحىت وان اكن املبدأ ُّيدد العقد بأن جيعهل عرضة للتغيّي والتدخل القضايئ‪ ،‬ما قد‬
‫يفيد أنه ُّيدد الاس تقرار يف الوضاع القانونية‪ ،‬اال أنه ال ككن اناكره مكبدأ وكقاعدة يف‬
‫صلب القانون الوضعي‪ ،‬وقانون العقود بصفة خاصة‪ .‬فاملبدأ وس يَل يف يد القايض‬
‫لتعديل العقد واالبقاء عىل روحه‪ ،‬خيول للقايض البحث يف تنفيذ الالزتامات بطريقة‬
‫مس تق ة‪ .‬لن البحث عن االرادة واحرتاهما ر يعد يظهر كولوية مطلقة ور تعد غاية‬
‫بذاهتا‪ ،‬لكن مكطلب خيضع الحرتام القمي اذلاتية العليا‪ .‬ذلكل فان احرتام العقد ال يقف‬
‫عند تقدي االرادة‪ ،‬امنا يتطلب اهلهار الثقة من الك املتعاقدين جتاه الآخر‪ ،‬بهلهار‬
‫الرغبة يف الاس مترار يف العقد وقبول تعديهل‪.‬‬
‫ان مبدأ حسن النية يكرس تزايد دور القايض يف س يطرته عىل مضمون العقد‬
‫‪.‬لنه وس يَل يف يد القايض‪ ،‬فاس تعامل ال‪،‬اهة والاس تقامة والتضامن أو التعاون مكعايّي‬
‫أساس ية للسلوك التعاقدي‪ ،‬قد خيلق القدرة عىل عدم التنبؤ وانعدام المن القانوّن‪.‬‬
‫ذلكل من شأن الخذ به أن ك بتوقعات الطراف‪ ،‬اال أن مرونة املبدأ جتاري التطور‬
‫اذلي ك نظرية العقد‪ ،‬فقد أهلهرت العقود احلديثة عدم املساواة‪ ،‬حيث أصبل العقد‬
‫انجتا عن ارادة الفريق املس يطر اقتصاداي‪ ،‬وعندما يظهر خلل يف العقد فانه يفقد منفعته‬
‫الاجامتعية والوس يَل ملعانجة هذا اخللل هو اعادة النظر يف مضمونه‪.‬‬
‫ذلكل فان قاعدة عدم املساس بلعقد ال ككن تطبيقها اال يف احلاالت اليت ال‬
‫يصيب فهيا العقد أي خلل‪ .‬مفن اخلطأ جتميد العقد بالحرتام املطلق الرادة املتعاقدين‪،‬‬
‫ومن اخلطأ أيضا تنفيذ العقد بلرمغ من اصابته خبلل أثناء التنفيذ ‪،‬مفبدأ عدم املساس‬
‫بلعقد يقابهل مبدأ الاس تقامة العقدية من الك املتعاقدين بحرتام مبدأ حسن النية‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫خ ات م ة‬

‫حول مفهوم مبدأ القوة امللزمة‪ ،‬ومسل‬ ‫وقد جسلنا يف حبثنا هذا أن تطور العقود ّ‬
‫بتقليص مبدأ سلطان االرادة‪ ،‬وقد ساُه يف هذا التح ّول توس يع الخذ مببدأ حسن‬
‫النية‪ ،‬حبيث جند الفقه حبث عن أس جديدة أخالقية ملبدأ القوة امللزمة للعقد حىت‬
‫َتدم توازن العقد كلك وحتميه يف الوقت ذاته تكرس الثقة‪ .‬فالهدف هو تنفيذ العقد‬
‫بشلك أفضل‪ .‬وهذا املفهوم انجديد للقوة امللزمة يضفي ليونة عىل املفهوم التقليدي‪ ،‬ما‬
‫يفيد قراءة جديدة للمبدأ َتدم العقد بالستناد اىل أس جديدة أخالقية واقتصادية‪.‬‬
‫احلقيقة أن تعديل العقد يسمل بنقاذ العقد وتنفيذه‪ ،‬وأن طبيعة دور القايض ال‬
‫يوجب عليه حث املتعاقدين عىل تنفيذ الزتاماهتم كام حددوها يف العقد املربم‪ ،‬بل‬
‫يتطلب منه حث املتعاقدين عىل تنفيذ العقد مع احرتام التوازن العقدي‪.‬فتدخل القايض‬
‫يرمغ الطراف عىل ابرام عقود متوازنة ومرشوعة‪ ،‬لن املرشع جيازي الترصفات غّي‬
‫املس تق ة لحد املتعاقدين‪.‬‬
‫خالصة القول مبدأ حسن النية يقيّد مبدأ سلطان االرادة من مث يقيد مبدأ حرية‬
‫التعاقد‪ ،‬فيقيّد التجاوزات اليت حتدهثا حرية التعاقد ويقيد مبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬ذلكل‬
‫فان الزتامات املتعاقدين جيب أن تس تجيب لقاعدة حسن النية‪ .‬ويشلك أحياان تعداي‬
‫عىل مبدأ نسبية أثر العقد‪ .‬لنه ويف حقيقته جيمع بني نزعتني متضادتني نزعة التصور‬
‫الفردي اذلي يقوم عىل احلرية التعاقدية و ورة احرتام االرادة‪ ،‬وما بني نزعة التصور‬
‫الاجامتعي وما يتضمنه من أفاكر التضامن واملصلحة العامة‪ .‬مفا يفرضه مبدأ حسن النية‬
‫ال يس تطيع تربيره التيار االرادي‪ ،‬بل ينشأ عن أس موضوعية للمنفعة والعداةل‬
‫واملصلحة العامة‪ ،‬ما قد يفيد أن مبادئ القانون املدّن قد تعطلت بشلك نس يب أو مبعىن‬
‫أآخر أصبحت أكرث ليونة‪ ،‬حيث يستبعدها القايض بعامل قاعدة حسن النية للمحافظة‬
‫عىل روح العقد بتعديهل‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫خ ات م ة‬

‫وان اكن الخذ مببدأ حسن النية ّ‬


‫يعرض فكرة المن القانوّن أو التعاقدي للفطر‪،‬‬
‫لنه من املفروض أن يطمنئ املتعاقدان عىل أن العقد سوف ينفذ كام هو‪ ،‬ذلكل قد‬
‫يشلك تدخل القايض يف العقد خطرا عىل المن التعاقدي‪ .‬غّي أن رفض عدم التوقع يف‬
‫نظرية العقد يفيد الخذ بفكرة المن القانوّن بشلك جامد‪ .‬يف حني أن القانون يتطلب‬
‫التالؤم مع الاحتياجات الاجامتعية والاقتصادية‪ ،‬ذلكل فهو حباجة للتطور املس متر‬
‫ليواكب هذه الاحتياجات‪ ،‬فاس مترار قوانني بلية ال تواكب الاحتياجات يعترب مظهرا من‬
‫مظاهر عدم المن والاس تقرار القانوّن‪ ،‬لنه خيلق وضعا شادا بني قانون عقمي وواقع‬
‫جديد ال يعرف تنظامي قانونيا‪.‬‬
‫هذا وأنه يف كثّي من الحيان ال بد من أن ترتك فكرة المن القانوّن جماال للمن‬
‫القضايئ اذلي ينتظره املتعاقدين‪ ،‬وهو تعديل العقد العادة التوازن‪ .‬فالخذ بملبدأ‬
‫وبشلك واسع كنع الترشيع من أن يكون ترشيعا مغلقا‪ .‬ذلكل فان فكرة المن القانوّن‬
‫يف نظرية العقد يه ديناميكية نشطة‪ ،‬وهذا التصور وحده كفيل حبامية العقد لضامن‬
‫اس تقراره وبقاء مزياته‪ ،‬وخصادصه ارققة للمنفعة والعداةل لالك الطرفني‪.‬‬
‫يبقى أن قبول عدم التوقع اذلي يعطي القايض احلق يف مراجعة مضمون العقد‪،‬‬
‫ينبغي أن يكون خاضعا لرشوط موضوعية دقيقة‪ ،‬ذكل أن مرونة مبدأ حسن النية‬
‫تدعو اىل احلذر يف تطبيق مقتضياته‪ ،‬فقد يؤدي تطبيقه اىل تفسّيات متناقضة من قبل‬
‫القضاء‪ ،‬ما قد يؤدي اىل هتديد مبدأ ال يقل أمهية عنه وهو مبدأ الاس تقرار القانوّن يف‬
‫العقود‪ .‬ذلكل ويف حبثنا هذا ملس نا أن املرشع الفرنيس يف تعديهل لحاكم القانون املدّن‬
‫حاول تصويب دور املبدأ يف العالقة العقدية حيث وضع هل مسارا حمددا‪ .‬بملوازنة بينه‬
‫وبني حرية التعاقد يف مرحَل التفاوض‪ ،‬وبتوس يع خيارات ادلائن جتاه املدين اذلي ينفذ‬
‫الزتامه بشلك جزيئ‪ ،‬ومكنة التفاوض عىل رشوط العقد حىت أثناء التنفيذ‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫خ ات م ة‬

‫من مث وتكريسا للنتاجئ اليت توصلنا الهيا ومن أجل أن يكون للمبدأ مساره املنشود‬
‫يف نظرية العقد‪ ،‬جسلنا التوصيات التالية‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية حييط بلعالقة العقدية كلك‪ ،‬وقد نص عليه املرشع بشلك‬
‫مبارش يف تنفيذ العقد‪ ،‬هل تطبيقات غّي مبارشة قبل ابرام العقد كتكل القواعد اليت حتمي‬
‫الرضا‪ ،‬وتقي من تعسف الآخر‪.‬غّي أن تكل القواعد غّي اكفية ذلكل يتعني عىل املرشع‬
‫النص عليه بشلك مبارش قبل ابرام العقد‪ ،‬اذ ر يعد مستساغا النص عىل املبدأ يف‬
‫مرحَل التنفيذ فقط‪ ،‬وذكل للس باب التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن املرشع وان اكن أحاط رضا املتعاقدان بقواعد حامدية‪ ،‬كتكل املتعلقة‬
‫بعيوب الرضا‪ .‬اال أن لك عيب فهيا حيتاج اىل رشوط يلزم توافرها فيه حىت يكون‬
‫مؤثرا ‪،‬يف حني توجد حاالت يكون املتعاقد فهيا قء النية ‪،‬لكن يصعب حامية الطرف‬
‫الآخر عن طريق أي عيب من عيوب االرادة‪،‬لعدم توافر رشوطه ‪.‬ذلا لسن النية‬
‫يغطي مساحة تعجز عيوب االرادة عن تغطيهتا‪ ،‬فيعترب املبدأ ماال لنظرية عيوب‬
‫االرادة‪ .‬واليت ال ككن الاس تغناء عهنا لهنا نظرية متجذرة‪ ،‬لها أحاكم ممتزية محلاية ركن‬
‫الرضا‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬دور املبدأ ال زال غّي فعال يف هذه مرحَل التفاوض عىل العقد‪ ،‬ويه مرحَل‬
‫ال تقل أمهية عن مرحَل التنفيذ‪ .‬دلى من الجدر تعديل املادة ‪ 021‬ق م ج عىل النحو‬
‫الآيت "جيب عىل أطراف العالقة العقدية مراعاة مبدأ حسن النية مرحَل التفاوض عىل‬
‫العقد و يف مرحَل التنفيذ"‪ .‬ومن مث ترتيهبا ال مضن أآاثر العقد بل مضن الحاكم المتهيدية‬
‫للفصل الثاّن "العقد"‪،‬من الباب الول املتعلق مبصادر الالزتام‪.‬‬
‫يف نظرية الوضاع الظاهرة اشرتط املرشع حسن نية الغّي والنادب ليرسي أثر‬
‫الترصف يف حق الصيل‪ ،‬غّي أنه يتعني المتيزي بني أثر حسن النية يف عالقة املولك‬
‫‪415‬‬
‫خ ات م ة‬

‫بلوكيل وحسن نية الغّي وأثره يف رساين الترصف يف حق الصيل‪ ،‬والقول اما بشرتاط‬
‫أن يكوان الكهام حس ين النية‪ ،‬أو الخذ مبا متليه اعتبارات العداةل بلقول بأنه يكفي‬
‫حسن نية الغّي وحده دون النادب‪ ،‬والقول أن الترصف يرسي يف حق الصيل حىت‬
‫ولو اكن النادب قء النية‪.‬‬
‫يفرتض بملرشع أيضا فامي يتعلق بأحاكم الضامن أن يساوي يف الثر بني التلكيف‬
‫وحقوق الارتفاق‪ ،‬لنه من هجة ّمزي بني التلكيف والاس تحقاق انجزيئ‪ ،‬اال أنه ساوى‬
‫فامي بيهنام من حيث الثر‪ .‬وهذا عىل خالف ما ذهب اليه املرشع الفرنيس حيث‬
‫اشرتط لرجوع املشرتي بلتلكيف أن يكون حسن النية‪ ،‬أي جاهال هبا وقت التعاقد‬
‫واعترب حقوق الارتفاق تلكيفا‪ .‬من مث يس تحسن تعديل لك من املادتني ‪/216‬ق م ج‬
‫لتشمل الاس تحقاق انجزيئ فقط‪ ،‬واملادة ‪3/211‬ق م ج لتشمل التاكليف مبا يف ذكل‬
‫حقوق الارتفاق‪.‬‬
‫يُرىج من املرشع أيضا المتيزي فامي يتعلق بلتعويضات اليت ككن للمشرتي الرجوع‬
‫هبا عىل البادع يف حاةل الاس تحقاق اللكي من الغّي‪ ،‬بني ما اذا اكن املشرتي حسن النية‬
‫أو قء النية‪ ،‬حىت ينسجم احلمك مع حمك بيع مكل الغّي‪ ،‬ومع الحاكم املتعلقة بحليازة‬
‫والالتصاق وادلفع غّي املس تحق‪،‬فال يكون للمشرتي قء النية اال اسرتداد المثن‪ ،‬أما‬
‫مىت ثبت حسن نيته فّيجع عالوة عىل المثن بلتعويضات ‪،‬فيعوض عن لك ر حلق‬
‫به من جراء عدم التنفيذ ‪.‬من مث نقرتح تعديل املادة ‪ 211‬ق م ج عىل النحو التايل‪" :‬يف‬
‫حاةل نزع اليد اللكي عن املبيع فال يكون للمشرتي أن يطلب من البادع سوى رد المثن‬
‫مىت اكن قء النية"‪.‬‬
‫أما مىت ثبتت حسن نيته بأن اكن جيهل خطر الاس تحقاق‪ ،‬فانه يكون هل أن‬
‫يطلب‪ - :‬ق ة املبيع وقت نزع اليد ‪ -‬ق ة الامثر ‪.....‬اخل" اىل ما بقي من مضمون املادة‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫خ ات م ة‬

‫يس تحسن ربط مفهوم الرشط التعسفي مببدأ حسن النية نجعل امحلاية من هذه‬
‫الرشوط فعاةل‪ ،‬فالطابع املرن للرشط التعسفي يس تتبع ربطه مبفهوم أكرث مرونة‪ .‬بضافة‬
‫فقرة اثنية للامدة ‪ 002‬ق م ج لتعريف الرشط التعسفي‪ ،‬ونقرتح التعريف الآيت "يكون‬
‫الرشط تعسفي اذا اكن يتناقض مع ما ينبغي أن يسود التعامل من نزاهة ومع ما‬
‫تس توجبه مقتضيات حسن النية"‪ .‬وتبعا ذلكل مطابقة التعريفات الواردة يف القواعد‬
‫اخلاصة حبامية املس هتكل لهذا التعريف‪ ،‬اقتداء مبا ذهب اليه املرشع الملاّن‪.‬‬
‫‪ -‬يف عقد التأمني يس تحسن تدخل املرشع الس تحداث نص يوفر امحلاية للمؤمن‬
‫هل‪ ،‬بعتباره الطرف الضعيف من سوء نية املؤمن‪ .‬فعقد التأمني من عقود االذعان‬
‫يتطلب أن يثبت املؤمن عىل القل القيام بواجب الاس تعالم عن اخلطر حمل عقد‬
‫التأمني‪ ،‬وعدم اغفاهل ذكر مجيع البياانت اليت يتعني عىل املؤمن هل االدالء هبا‪ ،‬والتأكيد‬
‫عىل ورهتا لالحاطة بخلطر‪ ،‬ومن مث حتميل املؤمن مسؤولية عدم ذكرها‪ ،‬والـتأكيد‬
‫أيضا عىل ورة الاس تعانة بخلرباء للتقيص عن اخلطر‪ ،‬مبا يفيد أنه بذل العناية الاكفية‬
‫لالس تعالم‪.‬‬
‫ويفرتض بملرشع أيضا حتديد مفهوم املس هتكل‪ ،‬وتبين املفهوم الواسع لتقرير حامية‬
‫اكفية للمس هتكل سواء من يقتين املنتوج أو اخلدمة حلاجاته الشفصية أو اررتف غّي‬
‫املتفصص‪ ،‬فيلزتم تبعا ذلكل اررتف قبلهم بالعالم عن رشوط البيع‪...‬اخل فيقع عليه‬
‫الزتام بالس تعالم لالعالم‪ .‬وهذا ما تقتضيه العداةل لن اررتف اذلي يتعاقد خارج جمال‬
‫َتصصه يكون جاهال خلصوصيات املنتوج‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫ق ائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫القرآن الكريم‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬املراجع بللغة العربية‬
‫‪ -‬الكتب‬
‫‪ -‬أ ‪ -‬كتب عامة‬
‫‪ .0‬أمحد ابراهمي حسن‪ ،‬أساس املسؤولية العقدية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار املطبوعات انجامعية‪،‬‬
‫االسكندرية ‪3223،‬‬
‫‪ .3‬أمحد رشف ادلين‪ ،‬أحاكم التأمني ‪،‬دراسة يف القانون والقضاء املقارن ‪ ،‬بدون‬
‫دار نرش‪،‬ط الثالثة ‪،‬مرص ‪، 0990،‬‬
‫‪ .2‬أمحد شويق دمحم عبد الرمحن‪ ،‬ادلراسات البحثية يف نظرية العقد‪ ،‬منشأة‬
‫املعارف‪ ،‬االسكندرية‪،3226 ،‬‬
‫‪ .1‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت ‪،‬الالزتام بلنصيحة يف نطاق التشييد‪ ،‬ط الوىل‪،‬‬
‫دار الهنضة العربية‪0992 ،‬‬
‫‪ .1‬أمحد دمحم الرفاعي ‪،‬امحلاية املدنية للمس هتكل ازاء املضمون العقدي ‪،‬دار الهنضة‬
‫العربية‪ ،‬مرص ‪.0991،‬‬
‫‪ .6‬أمحد دمحم ديب جحال‪ ،‬القوامس املشرتكة لعيوب الرضا ‪،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫منشورات الزين احلقوقية‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬لبنان ‪. 3226،‬‬
‫‪ .1‬أسامة أمحد بدر ‪،‬الالزتام ببذل عناية والالزتام بتحقيق نتيجة بني املسؤوليتني‬
‫الشفصية واملوضوعية‪ ،‬دار انجامعة انجديدة ‪،‬االسكندرية ‪3200،‬‬
‫‪ .2‬اسالم هامش عبد املقصود سعد‪ ،‬القانونية للمس هتكل بني القانون املدّن والفقه‬
‫الاساليم‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬الاسكندرية ‪3201،‬‬

‫‪419‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .9‬اسامعيل انمق حسني ‪،‬العداةل وأثرها يف القاعدة القانونية‪، ،‬دار الكتب‬


‫القانونية‪ ،‬دار ش تات للنرش والربجميات‪ ،‬مرص ‪.3200،‬‬
‫‪ .02‬البدراوي عبد املنعم‪،‬الوجزي يف عقد البيع ‪،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪0912 ،‬‬
‫‪ .00‬الس يد دمحم الس يد معران‪ ،‬حامية املس هتكل أثناء تكوين العقد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬منشأة‬
‫املعارف‪ ،‬االسكندرية ‪،‬بدون س نة ‪.‬‬
‫‪ .03‬أنور العمروق‪ ،‬العقود الواردة عىل امللكية يف القانون املدّن‪ ،‬ط الوىل ‪،‬دار‬
‫الفكر انجامعي ‪،‬االسكندرية ‪.3223،‬‬
‫‪ .02‬أنور سلطان ‪،‬رشح عقدي البيع واملقايضة‪ ،‬دار انجامعة انجديدة ‪،‬االسكندرية‬
‫‪3221،‬‬
‫‪ .01‬أنور سلطان ‪،‬الوجزي يف النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬مصادر الالزتام ‪،‬د ط‪ ،‬دار‬
‫املطبوعات انجامعية ‪،‬االسكندرية ‪،‬د‪.‬س‪.‬ن‪،‬‬
‫‪ .01‬بيار اميل طوبيا ‪،‬الغش واخلداع يف القانون اخلاص ‪،‬االطار العقدي واالطار‬
‫التقصّيي‪ ،‬دراسة مقارنة ‪،،‬د‪.‬ط‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب ‪،‬لبنان‪.3229 ،‬‬
‫‪ .06‬بلحاج العريب‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام يف القانون املدّن انجزائري ‪،‬ج الول‪ ،‬د‬
‫ط‪ ،‬ديوان املطبوعات انجامعية‪ ،‬انجزائر‪. 0991 ،‬‬
‫‪ .01‬بن عزوز بن صابر ‪،‬نشأة عالقات العمل الفردية يف الترشيع انجزائري ‪،‬ط‬
‫الوىل ‪،‬دار احلامد للنرش والتوزيع ‪،‬انجزائر ‪3200،‬‬
‫‪ .02‬توفيق صالح ادلين ‪،‬دار الكتب القانونية ‪،‬دار ش تات للنرش والربجميات‪ ،‬مرص‬
‫‪.3202،‬‬
‫‪ .09‬جاك غس تان‪،‬ترمجة منصور القايض‪ ،‬املطول يف القانون املدّن ‪،‬ط الوىل‪،‬‬
‫املؤسسة انجامعية لدلراسات والنرش والتوزيع‪ ،‬لبنان ‪.3222،‬‬

‫‪421‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .32‬محدي عبد الرمحن ‪،‬الوس يط يف النظرية العامة لاللزتامات ‪،‬املصادر االرادية‬


‫لاللزتام‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الهنضة العربية ‪،‬القاهرة‪.0999 ،‬‬
‫‪ .30‬راي دمحم‪ ،‬نطاق وأحاكم املسؤولية املدنية للطباء واثباهتا‪،‬دار هومة‪،‬‬
‫انجزائر‪3203،‬‬
‫‪ .33‬عبد احلمك فودة‪ ،‬أآاثر الظروف الطاردة والقوة القاهرة عىل العامل القانونية‪ ،‬ط‬
‫الوىل ‪،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية ‪.0999،‬‬
‫‪ .32‬سعيد أمحد شعَل‪ ،‬قضاء النقض يف التأمني‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬منشأة املعارف‪،‬‬
‫االسكندرية‪0991،‬‬
‫‪ .31‬سعيد الس يد قنديل‪ ،‬الوعد بلعقد ‪،‬بني اجهتاد الفقه وتطويع القضاء‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.3201 ،‬‬
‫‪ .31‬سعيد سعد عبد السالم‪ ،‬التوازن العقدي يف نطاق عقود االذعان‪ ،‬دار الهنضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪0922،‬‬
‫‪ .36‬سالمة عبد التواب‪ ،‬الزتام العامل بعدم منافسة صاحب العمل ‪،‬دار الهنضة‬
‫العربية ‪،‬القاهرة‪.3221 ،‬‬
‫‪ .31‬سلامين مرقص‪ ،‬الوايف يف رشح القانون املدّن‪ ،‬ج الثالث‪ ،‬اجملدل الول‪ ،‬عقد‬
‫البيع ‪،‬مرص ‪.0992،‬‬
‫‪ .32‬مسّي تناغو‪ ،‬الالزتام القضايئ‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫‪3201‬‬
‫‪ .39‬مسّي تناغو‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية ‪0926،‬‬
‫‪ .22‬عامر قامس أمحد القييس‪ ،‬امحلاية القانونية للمس هتكل ‪،‬ط الوىل ‪،‬ادلار العلمية‬
‫وادلولية‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع الردن ‪3223‬‬

‫‪421‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .20‬عاطف عبد امحليد حسن‪ ،‬حامية املس هتكل‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪. 0996‬‬
‫‪ .23‬عبد احلمك فودة‪ ،‬اخلطأ يف نطاق املسؤولية التقصّيية‪ ،‬ط الوىل ‪،‬دار الفكر‬
‫انجامعي ‪،‬الاسكندرية ‪.3201،‬‬
‫‪ .22‬عبد احلمك فودة‪ ،‬تفسّي العقد يف القانون املدّن املرصي واملقارن‪ ،‬منشأة‬
‫املعارف‪ ،‬االسكندرية ‪3223‬‬
‫‪ .21‬عبد القادر العطّي‪ ،‬التأمني الربي يف الترشيع ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬ط الوىل‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للنرش والتوزيع ‪،‬عامن ‪3226،‬‬
‫‪ .21‬عبد الرزاق الس هنوري ‪،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن ‪،‬نظرية الالزتام بوجه‬
‫عام ‪ ،‬مصادر الالزتام ‪،‬اجملدل الول ‪،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.‬د‪.‬س‪.‬ن‪.‬‬
‫‪ .26‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬أس باب كسب‬
‫امللكية‪،‬ج التاسع ‪،‬دار احياء الرتاث العريب‪ ،‬لبنان‪.0962 ،‬‬
‫‪ .21‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن ‪،‬البيع واملقايضة‬
‫‪،‬اجملدل الرابع‪ ،‬دار الهنضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬د‪.‬س‪.‬ن‪.‬‬
‫‪ .22‬عبد الرزاق الس هنوري‪ ،‬الوس يط يف رشح القانون املدّن‪ ،‬العقود الواردة عىل‬
‫العمل ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن ‪.‬‬
‫‪ .29‬جعة انجياليل‪ ،‬مدخل للعلوم القانونية ‪،‬نظرية احلق‪ ،‬ج الثاّن ‪،‬د‪.‬ط‪ ،،‬بريت‬
‫للنرش ‪،‬انجزائر ‪.3229،‬‬
‫‪ .12‬عيل عيل سلامين ‪،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬مصادر الالزتام يف القانون املدّن‬
‫انجزائري‪ ،‬ط السابعة‪ ،‬ديوان املطبوعات انجامعية‪ ،‬انجزائر‪3221 ،‬‬
‫‪ .10‬عيل عوض حسن‪ ،‬الوجزي يف رشح قانون العمل انجزائري‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫انجامعية‪ ،‬انجزائر ‪0996،‬‬

‫‪422‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .13‬معر دمحم عبد البايق‪ ،‬امحلاية العقدية للمس هتكل‪ ،‬منشاة املعارف‪ ،‬الاسكندرية‬
‫‪.3221‬‬
‫‪ .12‬معر دمحم عبد البايق‪ ،‬امحلاية العقدية للمس هتكل‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‬
‫‪.3221‬‬
‫‪ .11‬فياليل عيل‪ ،‬الالزتامات‪ ،‬النظرية العامة للعقد‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬مومف للنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬انجزائر‪.3221 ،‬‬
‫‪ .11‬فياليل عيل‪ ،‬الالزتامات‪،‬الفعل املس تحق للتعويض‪ ،‬انجزء الثاّن ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬مومف‬
‫للنرش والتوزيع‪،‬انجزائر ‪.3223‬‬
‫‪ .16‬فليب لوتورنو ‪،‬ترمجة العيد سعدانة‪ ،‬املسؤولية املدنية املهنية‪، ITCIS ،‬‬
‫انجزائر ‪3202،‬‬
‫‪ .11‬حلسن بن ش يخ أآيت ملواي ‪،‬املنتقى يف عقد البيع‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫انجزائر‪3226 ،‬‬
‫‪ .12‬دمحم بن الظاهر حسني‪ ،‬املسؤولية املدنية يف جمال الطب وجراحة الس نان دار‬
‫الهنضة العربية‪،‬القاهرة‪3221،‬‬
‫‪ .19‬دمحم حسني منصور‪،‬ا لرشط الرصحي الفاخس‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪ .12‬دمحم حسني منصور‪ ،‬املدخل اىل القانون‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬بّيوت‪3221،‬‬
‫‪ .10‬دمحم حسني منصور‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام‪ ،‬مصادر الالزتام‪ ،‬دار انجامعة‬
‫انجديدة‪ ،‬االسكندرية ‪3226‬‬
‫‪ .13‬دمحم سعيد جعفور ‪،‬نظرية عيوب االرادة يف القانون املدّن انجزائري والفقه‬
‫االساليم‪ ،‬دار هومة‪ ،‬انجزائر ‪. 3223،‬‬
‫‪ .12‬دمحم ش تا أبو سعد‪ ،‬عقد البيع ‪،‬ط الوىل ‪،‬دار الفكر العريب ‪،‬القاهرة ‪.3222،‬‬

‫‪423‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .11‬دمحم شكري رسور‪ ،‬مسؤولية املنتج عن الا ار اليت تسبهبا منتجاته اخلطرة‬
‫‪،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة ‪.1983،‬‬
‫‪ .11‬دمحم صربي السعدي‪ ،‬الواحض يف رشح القانون املدّن‪ ،‬النظرية العامة لاللزتام‬
‫‪،‬أحاكم الالزتام ‪،‬دار الهدى ‪،‬انجزائر‪3202 ،‬‬
‫‪ .16‬دمحم عيل معران‪ ،‬الالزتام بضامن السالمة وتطبيقاته يف بعض العقود‪،‬القاهرة‬
‫‪.0922،‬‬
‫‪ .11‬دمحم عيل أمني ‪،‬التقادم املكسب يف القانون اللبناّن‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪،‬‬
‫بّيوت‪0992 ،‬‬
‫‪ .12‬دمحم لبيب شنب وجمدي صبحي خليل‪ ،‬رشح أحاكم عقد البيع‪ ،‬دار الهنضة‬
‫العربية د‪.‬ب‪.‬ن‪0962،‬‬
‫‪ .19‬دمحم دمحم مصباح القايض‪ ،‬مبدأ حسن النية يف قانون العقوبت‪ ،‬دار الهنضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‬
‫‪ .62‬محمود جامل ادلين زيك ‪،‬الوجزي يف نظرية الالزتام يف القانون املدّن املرصي‪، ،‬‬
‫ط الثانية‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة والكتاب انجامعي ‪،‬القاهرة‪0916 ،‬‬
‫‪ .60‬محمود جامل ادلين زيك ‪،‬عقد العمل يف القانون املرصي‪ ،‬ط الثانية‪،‬الهي ة املرصية‬
‫العامة للكتاب ‪،‬القاهرة ‪.0923،‬‬
‫‪ .63‬محمود محمود املغريب‪ ،‬االس توبل يف قانون التحكمي‪ ،‬املؤسسة احلديثة‬
‫للكتاب‪،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪. 3202 ،‬‬
‫‪ .62‬مرفت عبد املنعم صادق‪ ،‬امحلاية انجنادية للمس هتكل‪ ،‬النرس اذلهيب للطباعة‪،‬‬
‫القاهرة‪0999 ،‬‬
‫‪ .61‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬العقد‪ ،‬ج الول‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬منشورات‬
‫احلليب احلقوقية لبنان‪، 3221 ،‬‬

‫‪424‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .61‬مصطفى العويج‪ ،‬القانون املدّن‪ ،‬املسؤولية املدنية ج الثاّن ‪،‬ط‬


‫الثالثة‪،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬لبنان‪3221 ،‬‬
‫‪ .66‬همدي خبدة‪ ،‬املسؤولية العقدية يف عالقات العمل‪ ،‬دار الامل‪ ،‬تزيي وزو‬
‫‪.3202،‬‬
‫‪ .61‬موفق حامد عبد ‪،‬امحلاية املدنية للمس هتكل يف التجارة الالكرتونية ‪،‬ط الوىل‪،‬‬
‫مكتبة زين احلقوقية‪ ،‬الردن‪2011 ،‬‬
‫‪ .62‬محمود جامل ادلين زيك‪ ،‬مشالكت املسؤولية املدنية ‪،‬ج الول‪ ،‬املطبعة انجامعية‬
‫‪،‬القاهرة ‪0912،‬‬
‫‪ .69‬منذر الفضل ‪،‬مصادر الالزتامات وأحاكهما‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الردن‬
‫‪3203،‬‬
‫‪ .12‬هامم محمود زهران ‪،‬قانون العمل‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية ‪.3221،‬‬
‫‪ .10‬وليد صالح مرىس رمضان ‪،‬القوة امللزمة للعقد‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‪،‬‬
‫االسكندرية‪3229،‬‬
‫‪ .13‬يون صالح ادلين عيل‪ ،‬العقود المتهيدية ‪،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬دار ش تات‬
‫للنرش والربجميات‪ ،‬مرص ‪.3202‬‬
‫‪ .12‬نبيل ابراهمي سعد‪ ،‬احلقوق العينية الصلية ‪،‬أحاكهما ومصادرها ‪،‬دار املعرفة‬
‫انجامعية‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪0999 ،‬‬
‫‪ -‬كتب متفصصة‪:‬‬
‫‪ .0‬ابراهمي س يد أمحد‪ ،‬عقد الواكةل فقها وقضاءا‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬االسكندرية‬
‫‪3221،‬‬
‫‪ .3‬أمحد عبد التواب دمحم هبجت‪ ،‬الالزتام بلنصيحة يف نطاق التشييد ‪،‬دراسة‬
‫قضادية فقهية مقارنة ‪،‬ط الوىل‪،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬مرص ‪.0991،‬‬
‫‪425‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .2‬أمحد دمحم الرفاعي‪ ،‬الالزتام بلتسامل‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‪.‬‬
‫‪ .1‬اسامعيل عبد النيب شاهني‪ ،‬مدى مسؤولية الوكيل يف عقد الواكةل‪ ،‬دار الفكر‬
‫انجامعي‪ ،‬االسكندرية ‪3202،‬‬
‫‪ .1‬الس يد دمحم الس يد معران‪ ،‬الالزتام بالعالم االلكرتوّن قبل التعاقد عرب ش بكة‬
‫الانرتنت ‪،‬ادلار انجامعية ‪،‬بّيوت ‪2006،‬‬
‫‪ .6‬بلحاج العريب‪ ،‬مشالكت املرحَل السابقة عىل التعاقد ‪،‬عىل ضوء القانون املدّن‬
‫انجزائري ‪،‬ديوان املطبوعات انجامعية ‪،‬انجزائر ‪.3200،‬‬
‫‪ .1‬بودايل دمحم‪ ،‬ماكلة الرشوط التعسفية يف العقود دار الفجر للنرش والتوزيع‬
‫انجزائر ‪3221‬‬
‫‪ .2‬بيار اميل طوبيا ‪،‬الغش والغداع يف القانون اخلاص ‪،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‬
‫‪،‬لبنان ‪.3229‬‬
‫‪ .9‬جامل خليل النشار‪،‬النية وأثرها يف البناء يف مكل الغّي‪ ،‬دار انجامعة انجديدة‬
‫للنرش‪،‬االسكندرية‪0999،‬‬
‫‪ .02‬خادل جامل أمحد‪ ،‬الالزتام بالعالم قبل التعاقد‪ ،‬دار الهنضة العربية‬
‫‪،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪3222،‬‬
‫‪ .00‬رمزي رشاد عبد الرمحن الش يخ‪ ،‬أثر سوء النية يف عقود املعاوضات يف القانون‬
‫املدّن‪،‬دار انجامعة انجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.3201،‬‬
‫‪ .03‬ركا فرج ميك ‪،‬تصحيل العقد‪ ،‬ط الاوىل املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪. 3200‬‬
‫‪ .02‬سالم هبد هللا الفتالوي ‪،‬اكامل العقد ـ املؤسسة احلديثة للكتاب ـ‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪3203‬‬

‫‪426‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .01‬سالمة عبد الفتاح حليبة‪ ،‬أحاكم الوضع الظاهر يف عقود املعاوضات املالية‪،‬‬
‫دار انجامعة انجديدة للنرش‪ ،‬االسكندرية ‪3221‬‬
‫‪ .01‬سهّي منترص ‪،‬الالزتام بلتبصّي‪ ،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪0992،‬‬
‫‪ .06‬سعيد سعد عبد السالم ‪،‬الالزتام بالفصاح يف العقود‪ ،‬دار الهنضة العربية‬
‫‪،‬القاهرة‪3222 ،‬‬
‫‪ .01‬شّيزاد عزيز سلامين‪،‬حسن النية يف ابرام العقود‪،‬دراسة يف ضوء القوانني‬
‫واالتفاقيات ادلولية‪ ،‬ط الوىل دار دجَل‪ ،‬الردن‪3222،‬‬
‫‪ .02‬شفيق رشف ‪،‬املنتقى يف رشح عقد التأمني ط الوىل‪ ،‬اثراء للنرش والتوزيع‪،‬‬
‫الردن‪،.3202 ،‬‬
‫‪ .09‬صالح دمحم ذايب ‪،‬الزتام العامل بلمانة واالخالص يف عالقات العمل الفردية‪،‬‬
‫دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪3221،‬‬
‫‪ .32‬عبد الباسط مجيعي‪ ،‬أثر عدم التاكفؤ بني املتعاقدين عىل رشوط العقد‪ ،‬دار‬
‫الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪0996 ،‬‬
‫‪ .30‬عبد انجبار انيج املال صار ‪،‬مبدأ حسن النية يف تنفيذ العقود ‪،‬الطبعة الوىل‬
‫‪،‬مطبعة الّيموك‪ ،‬بغداد‪0921 ،‬‬
‫‪ .33‬عبد احللمي عبد اللطيف القوّن‪ ،‬حسن النية وأثره يف الترصفات‪ ،‬دار‬
‫املطبوعات انجامعية‪ ،‬االسكندرية‪.3202،‬‬
‫‪ .32‬عبد امحليد فودة‪ ،‬مبدأ حسن النية يف القانون الروماّن‪ ،‬ط الوىل‪ ،‬دار الفكر‬
‫انجامعي ‪،‬االسكندرية‪3221 ،‬‬
‫‪ .31‬عبد املنعم موىس ابراهمي‪ ،‬حسن النية يف العقود ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫منشورات الزين احلقوقية ‪،‬لبنان ‪. 3226،‬‬

‫‪427‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .31‬فتيحة قرة‪ ،‬الوضاع الظاهرة نظرية قضادية مس تحدثة‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬‬


‫االسكندرية‪3220 ،‬‬
‫‪ .36‬دمحم سعيد جعفور ‪،‬نظرية عيوب االرادة يف القانون املدّن انجزائري والفقه‬
‫االساليم‪ ،‬دار هومة ‪،‬انجزائر ‪3223،‬‬
‫‪ .31‬دمحم رشيف عبد الرمحن أمحد ‪،‬الواكةل يف الترصفات القانونية ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الفكر‬
‫القانوّن ‪،‬املنصورة ‪.3229‬‬
‫‪ .32‬دمحم دمحم مصباح القايض ‪،‬مبدأ حسن النية يف قانون العقوبت ‪،‬دار الهنضة‬
‫العربية ‪،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن‪.‬‬
‫‪ .39‬مصطفى أمحد أبو معرو‪ ،‬الالزتام بالعالم يف عقود الاس هتالك ‪،‬دار انجامعة‬
‫انجديدة ‪،‬الاسكندرية ‪2010،‬‬
‫‪ .22‬مىن أبو بكر الصديق‪ ،‬الالزتام بعالم املس هتكل عن املنتجات‪،‬دار انجامعة‬
‫انجديدة‪ ،‬االسكندرية ‪3202،‬‬
‫‪ .20‬جنوان عبد الس تار عيل مبارك‪ ،‬الوضع الظاهر يف القانون املدّن ‪،‬دار انجامعة‬
‫انجديدة ‪،‬االسكندرية ‪. 3201،‬‬
‫‪ .23‬نزيه دمحم الصادق املهدي الالزتام قبل التعاقدي بالدالء بلبياانت املتعلقة‬
‫وتطبيقاته عىل بعض انواع العقود‪ ،‬دراسة فقهيه قضادية مقارنة‪،‬دار الهنضة‬
‫العربية ‪،‬القاهرة ‪.0922،‬‬
‫‪ .22‬هانية دمحم عيل فقيه‪ ،‬الرقابة القضادية عىل عقود الاذعان منشورات احلليب‬
‫احلقوقية لبنان الطبعة الاوىل ‪3201‬‬
‫‪ .21‬هدلير أسعد أمحد‪،‬تقدمي دمحم سلامين المحد‪ ،‬نظرية الغش يف العقد‪ ،‬ط الوىل‪،‬‬
‫دار الثقافة للنرش والتوزيع‪ ،‬لبنان‪3203،‬‬
‫‪ .21‬وفاء حلمي أبو مجيل‪ ،‬الالزتام بلتعاون ‪،‬دار الهنضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1992 ،‬‬

‫‪428‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬الطروحات ‪:‬‬
‫‪ .0‬شهيدة قادة‪ ،‬املسؤولية املدنية للمنتج‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رساةل دكتوراه‪ ،‬دار‬
‫انجامعة انجديدة‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪3221 ،‬‬
‫‪ .3‬محمود شعبان البكري خليل ‪،‬مبدأ حسن النية وأثره يف عقد البيع‪ ،‬رساةل‬
‫دكتوراه لكية احلقوق جامعة املنوفية ‪2012 ،‬‬
‫‪ .2‬مصطفى أمحد عبد انجواد جحازي ‪،‬احليازة بسوء نية كسبب لكسب امللكية‬
‫‪،‬رساةل دكتوراه‪،‬جامعة القاهرة‪0990،‬‬
‫‪ .1‬زواوي محمود‪ ،‬نظرية الظاهر يف القانون اخلاص‪ ،‬رساةل دكتوراه‪ ،‬جامعة بن‬
‫عكنون‪0992 ،‬‬

‫‪ -‬الـــمقاالت ‪:‬‬
‫‪ .0‬ابراهمي محمود املبيضني‪ ،‬نظرية الظاهر بني الرشيعة والقانون‪ ،‬جمَل العلوم القانونية‬
‫والس ياس ية‪ ،‬جمدل ‪ ،2‬العراق‪ ،‬ع ‪.3202 ،1‬‬
‫‪ .3‬أمحد خدجيي‪ ،‬حامية املس هتكل من خالل اللزتام بالعالم العقدي ‪،‬جمَل دفاتر‬
‫الس ياسة والقانون‪ ،‬ع ‪ ،00‬جوان ‪3201‬‬
‫‪ .2‬أسامة أمحد البدر‪ ،‬تايل العقد ‪،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية والاقتصادية‪،‬‬
‫‪،‬ع ‪ ،3‬مرص‪. 3202 ،‬‬
‫‪ .1‬أكرم محمود حسني البدو‪ ،‬دمحم صديق دمحم عبد هللا‪ ،‬أثر موضوعية االرادة‬
‫التعاقدية يف مرحَل املفاوضات‪ ،‬جمَل الرافدين للحقوق‪ ،‬اجملدل ‪ ،02‬ع ‪،19‬‬
‫‪،3206‬‬

‫‪429‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .1‬املعتصم بهلل الغرايّن‪ ،‬عقود التأمني البحري بني مبدأي منهت ى حسن النية‬
‫واالفصاح املنصف ‪،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ‪،‬جمَل علمية‬
‫فصلية حماة‪ ،‬لكية احلقوق‪ ،‬جامعة الاسكندرية‪ ،‬ع الثاّن‪.3201 ،‬‬
‫‪ .6‬الهادي السعيد عرفة‪ ،‬حسن النية يف العقود‪ ،‬جمَل البحـوث القانونية ‪،‬لكية‬
‫احلقوق ‪،‬جامعة املنصورة ‪،‬مرص‪ ،‬ع الول‪.0926، ،‬‬
‫‪ .1‬توفيق حسن فرج‪ ،‬أثر حسن النية عىل رجوع املشرتي بلضامن‪ ،‬جمَل احلقوق‬
‫للبحوث القانونية والاقتصادية‪ ،‬ع الول ‪0922،‬‬
‫‪ .2‬دنوّن هجّية‪ ،‬قانون املنافسة وحامية املس هتكل‪ ،‬اجملَل انجزائرية للعلوم القانونية‬
‫والاقتصادية والس ياس ية‪ ،‬لكية احلقوق‪ ،‬جامعة انجزائر ‪،‬انجزء ‪ ،29‬ع‬
‫‪،3223/20‬‬
‫‪ .9‬مضّي حسني املعموري ‪،‬الواكةل الظاهرة‪ ،‬جمَل جامعة ببل للعلوم االنسانية‪،‬‬
‫اجملدل ‪ 02‬ع الثاّن ‪.3221،‬‬
‫‪ .02‬عادل أمحد ابراهمي أبو العيَل‪ ،‬املبادئ القانونية اخلاصة بعقد التأمني وعالقهتا‬
‫بعملية التسويق‪ ،‬جمَل ادارة العامل ‪،‬مرص ‪،‬ع ‪.3220، 92‬‬
‫‪ .00‬ماجد راغب احللو‪ ،‬نظرية الظاهر يف القانون االداري‪ ،‬جمَل احلقوق والرشيعة‪،‬‬
‫جمَل جامعة الكويت‪ ،‬لكية احلقوق والرشيعة‪ ،‬ع الول‪ ،‬يناير‪.0922،‬‬
‫‪ .03‬ماكل جابر محدي اخلزاعي‪ ،‬اساءة اس تعامل احلق‪ ،‬جمَل ببل للعلوم االنسانية‬
‫اجملدل ‪، 17‬ع ‪2009، 2‬‬
‫‪ .02‬مباركة دنيا‪ ،‬حسن النية يف تنفيذ عقد العمل‪ ،‬اجملَل املغربية لالقتصاد والقانون‪،‬‬
‫املغرب ‪،‬ع الرابع‪.3220 ،‬‬
‫‪ .01‬دمحم جامل عيىس ‪،‬حسن النية يف العقود ‪،‬جمَل لكية احلقوق ‪،‬جامعة الزقازيق ‪،‬ع‬
‫‪3222، 32‬‬

‫‪431‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .01‬محمود فياض ‪ ،‬مدى الزتام النظمة القانونية املقارنة مببدأ حسن النية يف مرحَل‬
‫التفاوض عىل العقد‪ ،‬جمَل الرشيعة والقانون‪ ،‬جامعة االمارات العربية املتحدة‪ ،‬ع‬
‫‪3202، 11‬‬
‫‪ .06‬مالح احلاج‪ ,‬حق املس هتكل يف االعالم ملتقى وطين حول الاس هتالك‬
‫واملنافسة يف القانون انجزائري‪ :‬خمرب القانون اخلاص الساق جامعة أيب بكر‬
‫بلقايد ‪ ,‬تلمسان ‪ 01- 01‬ابريل ‪3222‬‬
‫‪ .01‬همدي عبد الرمحن ‪،‬الزتام العامل بعدم منافسة صاحب العمل يف لك من‬
‫القانون املرصي والفرنيس ‪،‬جمَل العلوم القانونية والاقتصادية‪،‬ع الول ‪،‬يناير‬
‫‪.0911،‬‬
‫‪ .02‬نواف حازم خادل‪ ،‬مدى الاعتداد مببدأ سلطان االرادة يف تنفيذ العقد ‪،‬دراسة‬
‫حتليلية مقارنة ‪،‬جمَل جامعة تكريت للعلوم االنسانية‪ ،‬ع الول ‪.3221،‬‬
‫‪ .09‬يزيد ان نصّي‪ ،‬عداةل التعاقد‪ ،‬جمَل احلقوق ‪،‬الكويت ‪،‬ع ‪،3203 ، 2‬‬
‫‪ .32‬يزيد أني نرصي‪ ،‬مرحَل ما قبل ابرام العقد‪ ،‬جمَل احلقوق للبحوث القانونية‬
‫الاقتصادية‪ ،‬مرص‪ ،‬ع الول‪0912 ،‬‬
‫‪ .30‬يزيد أني نصّي‪ ،‬مرحَل ما قبل ابرام العقد‪ ،‬عقد التفاوض حبسن نية ‪،‬انجزء‬
‫الثاّن‪ ،‬اجملدل ‪، 9‬جمَل اللوم القانونية والاقتصادية ‪،‬مرص ‪،‬ع ‪3222/2‬‬
‫‪ .33‬يعقويب ادري ‪ ،‬املصدر التارخيي ملبدأ حسن النية ودوره يف متديد عقد الكراء‬
‫‪،‬جمَل القرص ‪،‬جمَل فصلية لدلراسات والواثدق القانونية ‪،‬املغرب‪ ،‬ع ‪ ،31‬يناير‬
‫‪3202‬‬
‫‪ -‬اجملالت القضادية‬
‫‪ -‬جمَل قضادية الصادرة يف ‪ ، 1993‬العدد الول‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫ العدد الول‬،3220 ‫ جمَل قضادية الصادرة يف‬-

. ‫ مقاالت عرب ش بكة الانرتنت‬-


www.kantakji.com ‫ بيع املسرتسل يف الفقه االساليم‬،‫ مسْل يوسف‬-
‫ اختالل التوازن العقدي النامج عن‬،‫ حسني عبد هللا عبد الرضا الالكيب‬-
www.iasj.net. ‫الرشوط التعسفية‬

les ouvrages ‫ املراجع بللغة الفرنس ية‬-


1. ALAIN BENABENT , Droit civil , Les contrats spéciaux
civils et commerciaux, 5ème édition , Montchrestien ,2001.
2. -A.KARRIMI ,Les clauses abusives et la théorie de l’abus
de droit ,T306 ,L.G.D.J, paris ,2001
3. AUBRY et RAU, droit civil français, TVIII, les régimes
matrimoniaux, librairies techniques ,paris, 1973.
4. Béatrice JALUZOT .La bonne foi dans les contrats. Étude
comparative des droits français .allemand et
japonais..D,2001
5. BERNARD.BOULOC ,Ventes ,Transports et autres
contrats commerciaux, D, Paris , 2002.
6. DAVID.FERRIR ; La protection des consommateurs, D
,Paris,1996
432
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

7. F. TERRE, PH. SIMLER, Y. LEQUETTE, Droit civil, Les


obligations, 2013
8. G.VERMELLE ,Droit civil ,Les contrats spéciaux,3ème éd
,D ,Paris,2000.
9. GEORGES RIPRET ; La règle morale dans les obligations
civiles ;4ème éd , LGDJ .paris.1949.
10. H.CAPITANT ;F.TERRE ;Y.LEQUETTE, Les grands
arrêts de la jurisprudence civile , obligation ,contrats
spéciaux ,T 2 , 11ème éd , D ,paris,2000.
11. JACQUES.GHESTIN ,Traité de droit civil ,T II ,Les
obligations ,Le contrat ,2 ème éd ,L.G.D.J ,paris,1988
12. JACQUES.GHESTIN. Traité de droit civil , la formation
du contrat ,3ème éd , LGDJ, 1993.
13. - JAN.MESTER , Vingt ans de lutte contre les clauses
abusi es, l’a enir du droit ,D ,paris ,1999.
14. J.Pelissier ,G.Auzero, E. Dockes ,Droit du travail, Précis
,2012.
15. J.CALAIS-AULOY et F.STEINMATION , Droit de la
consommation,4ème éd ,D,1996
16. J.CALAIS-AULOY ,F .STEINMETZ ,Droit de la
consommation ;5 ème éd ,D ,Paris,2000.

433
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

17. Ph.le Tourneau, La responsabilité des vendeur et


fabricant, D. paris, 1997
18. R. Vouin , La bonne foi ,notion et rôle actuels en droit
privé français , L.G.D.J, paris,1939
19. Vermelle ,Droit civil, Les contrats spéciaux,3ème édition ,D,
Paris,2000.
20. Y. PICOD, L'obligation de coopération dans l'exécution
du contrat, JCP, 1988
21. Y es .PICOD, Le de oir de loyauté dans l’exécution du
contrat ,L.G.D.J.1989

- LES THESES. :
1. Diesse François, Le devoir de coopération dans le contrat,
thèse, lille II , 1998, p 265.
2. M.Fabre-Magnan , Essai d'une théorie de l'obligation
d'information dans les contrats, Thèse de doctorat en
Droit privé,, paris 1 ,1991
3. Naceur Fatiha,L’effet obligatoire du contrat, Thèse pour le
doctorat d’état, droit pri é ,faculté de droit et des sciences
politiques, uni ersité d’Oran,2003

434
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

4. No elle Carlin. Relation de soin, la confiance `a l’épreu e


du droit. Thèse pour l’obtention du grade de docteur
Droit. Université Paris,2014
5. Léa Amic. La loyauté dans les rapports de travail. Droit.
Thèse pour obtenir le grade Docteur en Droit Université
d’ ignon, 2014. Français
- LES ARTICLES :
1. Camille-L. Bergeron , La bonne foi et l'acquisition des
fruits produits par la Chose, Les Cahiers de droit,V 2,
N 2,avril,1956
2. Ch. Vigneau, L’impératif de bonne foi dans l’exécution du
contrat de travail, Dr. Soc 2004
3. Christine Marie, La bonne foi ,principe général du droit
dans la jurisprudence communautaire, RTD eur , avril
,2009, N°2
4. D.Mazeaud , Le juge face aux clauses abusives, in Le juge
et l'exécution du contrat, PUAM, 1993
5. -Denis Mazeaud ,loyauté ,solidarité ,fraternité ,la nouvelle
devis contractuelle , juris - classeur paris ,1999
6. Gerard Cornu. Note sur l’arrêt de principe rendu par
l’assemblée plénière civile le 13 ,décembre ;1962 ;RTD
civ .1963
435
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

7. Gregoire Loiseau, Le contrat, la bonne foi ,la personne


,Recueil, D, n°21/7294,mai 2007
8. Jeremy Antippas, de la bonne foi précontractuelle comme
fondement de l’obligation de maintien de l’offre durant le
délai indiqué.RTD civ ,n° 1 ,D , 2013
9. J.Mester ,D’une exigence de bonne foi à un esprit de
collaboration , RTD civ ,1986.
10. J.Mester,L’exigence de bonne foi dans la conclusion du
contrat ; R.T.D.civ.1989
11. Lyoen-Caen. De l’é olution de la notion de bonne foi
,R.T.D , civ, 1946,
12. Philippe.le Tourneau. Bonne foi, R.T.D.civ, T3,1999.
13. Philippe Stoffel-Munck , L'abus dans le contrat, Essai
d'une théorie, Paris ,2000.
14. Ph. Stoffel-Munk, Terme du contrat Dans le même sens,
RDC.civ 2004.
Sites Web et articles sur Internet ‫ مواقع ومقاالت عرب ش بكة النرتانت‬. -

1. Ancel Pascal, Les sanctions du manquement à la bonne


foi contractuelle en droit français à la lumière du droit
québécois,www.https://ssl.editionsthemis.com

436
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

2. brunswick Philippe , Le devoir de loyauté une norme


générale de comportement oubliée puis retrouvée ? cahiers
de droit de l’entreprise ,N°1, janvier- 2016.
http://innove.legtux.org
3. chazal Jean-Pascal, Les nouveaux devoirs des
contractants :Eston aller trop loin www.https ;//spire .
scioncespo.fr
4. Denis Mazeaud, La bonne foi , en arrière toute ,2006
www. www.https ;//spire . scioncespo.fr
5. Dubreuil Christianue ,L’assurance :un contrat de bonne
foi à l’étape de la formation et de l’exécution
www.memoireonline.com
6. Gregoire Marie Annik,L’impact de l’obligation de bonne
foi ; étude sur ses rôles et sanctions lors de la formation et
l’élaboration du contrat. ; mémoire juin 2001, www
.memoireonline.com
7. Guislain Valentin, Étude : La bonne foi dans les relations
individuelles de travail ;Billet du blog , publié le
08/09/2013 www.legavox.fr
8. Henriette E.Kameni Kemadjou. La bonne foi dans le
contrat d’assurance, ni ersité de douala ; www.
memoireonline.com 23/09/2009

437
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

9. Lavabre Christian, Des applications protéiformes de


l’exigence de bonne foi 02/02/2004 www.institut-
idef.org.
10. Lefebvre Brigitte,La bonne foi :notion protéiforme ,
www.usherbrooke.ca
11. Loir Romain,les fondements de l’exigence de bonne foi en
droit français des contrats 2,2001/2002,
www.edpctorale74 .univ-lille 2.
12. Vezina Nathalie, La demeure, le devoir de bonne foi et la
sanction extrajudiciaire des droits du créancier. www.
.usherbrooke.ca
13. Vigneau Christophe, l’impératif de benne foi dans
l’exécution du contrat de tra ail, juillet 2004
www.soufrance-et travail.com
14. https://www.courdecassation.fr
15. https://www.legifrance.gouv.fr
16. www.juricaf.org/arret/FRANCE-COURDECASSATION-
: ‫ النصوص الترشيعية والتنظ ية واملواثيق ادلولية‬-
. ‫النصوص الترشيعية والتنظ ية‬-0
: ‫ يف انجزائر‬-

438
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬المر رمق ‪ 12-11‬مؤرخ يف ‪ 36‬سبمترب ‪ 0911‬يتضمن القانون املدّن ‪،‬ج ر عدد ‪12‬‬
‫‪،‬الصادر بتارخي ‪ 22‬سبمترب ‪ 0911‬معدل و ممتم ‪.‬‬
‫‪ -‬قانون ‪ 01/22‬املؤرخ يف ‪ 0922/21/23‬املتعلق بملنازعات يف جمال الضامن الاجامتعي‪،‬‬
‫ج ر عدد ‪،32‬‬
‫‪ -‬قانون رمق ‪ 00-92‬املؤرخ يف ‪ 36‬رمضان عام ‪ 0102‬املوافق ‪ 30‬ابريل ‪ 0992‬يتعلق‬
‫بعالقات العمل ‪،‬ج ر العدد‪.01‬‬
‫‪ -‬قانون رمق ‪ 39-90‬مؤرخ يف ‪ 01‬جامدى الثانية عام ‪ 0103‬املوافق ‪ 30‬ديسمرب‪0990‬‬
‫‪،‬املتعلق بعالقات العمل ج ر العدد ‪62‬‬
‫‪ -‬القانون رمق ‪.23-21‬املؤرخ يف ‪ 1‬جامدى الوىل عام ‪ 0131‬املوافق ‪ 32‬جوان ‪3221‬‬
‫اذلي حيدد للقواعد املطبقة عىل املامرسات التجارية ‪،‬ج ر عدد ‪.10‬‬
‫‪ -‬المر رمق ‪ 26-91‬املؤرخ يف ‪ 32‬شعبان ‪ 0101‬املوافق ‪ 31‬يناير ‪ 0991‬املتعلق‬
‫بملنافسة ‪،‬ج ر العدد‪29‬‬
‫‪ -‬المر رمق ‪ 21-91‬املؤرخ يف ‪ 32‬شعبان عام ‪ 0106‬املوافق ‪ 31‬يناير س نة ‪0991‬‬
‫واملتعلق بلتأمينات ‪،‬ج ر العدد ‪. 02‬‬
‫‪ -‬المر رمق ‪ 22-22‬املؤرخ يف ‪ 09‬جامدى الوىل ‪ 0131‬املوافق ‪ 09‬جوان ‪3222‬‬
‫املتعلق بملنافسة ‪،‬ج ر العدد ‪12‬‬
‫‪ -‬املرسوم رمق ‪ 62-16‬مؤرخ يف ‪ 31‬ربيع أول عام ‪ 0296‬املوافق ‪ 31‬مارس ‪0916‬‬
‫يتعلق بعداد مسل الرايض العام ج ر ع ‪196‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 29-92‬مؤرخ ‪ 2‬رجب عام ‪ 0102‬املوافق ‪ 22‬يناير ‪0992‬‬
‫الصادر يف ‪ 22‬جانفي ‪ 0992‬املتعلق برقابة انجودة ومقع الغش ‪،‬ج ر العدد ‪.1‬‬
‫‪439‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 22-29‬املتعلق حبامية املس هتكل ومقع الغش املؤرخ يف ‪ 39‬صفر‬
‫عام ‪ 0122‬املوافق‪ 2‬مارس ‪ ،3229‬ج ر ‪،‬ع ‪.01‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 392-92‬املتعلق بلنظام اخلاص بعالقات العمل اخلاصة مبسّيي‬
‫املؤسسات املؤرخ بتارخي ‪ 39‬سبمترب‪ 0992 .‬ج ر عدد ‪13‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 266/92‬املؤرخ يف ‪ 33‬ربيع الثاّن عام ‪ 0100‬املوافق ‪ 02‬نومفرب‬
‫‪ 0992‬املتعلق بومس املنتجات امل‪،‬لية غّي الغذادية وعرضها‪ .‬ج ر العدد ‪12‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي ‪ 261/92‬املتعلق بومس السلع الغذادية وعرضها‪ ..‬املؤرخ يف ‪ 1‬جامدى‬
‫الوىل ‪، 0100‬املوافق ‪ 02‬نومفرب ‪، 0992،‬ج ر العدد ‪12‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 13/93‬مؤرخ يف ‪ 22‬رجب ‪0103‬ه موافق ‪ 1‬فرباير‪0993‬‬
‫يتعلق بلرخص املس بقة النهتاج املواد السامة أو اليت تشلك خطرا من نوع خاص‪ ,‬ج‪.‬‬
‫ر رمق ‪.29‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 316-93‬مؤرخ يف ‪ 1‬حمرم عام ‪ 0102‬املوافق ‪ 26‬يوليو ‪0993‬‬
‫يتضمن مدونة أخالقيات همنة الطب ‪،‬ج ر عدد ‪13‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ 21-91‬املؤرخ يف ‪ 6‬رمضان عام ‪، 0101‬املوافق ل ‪ 01‬يناير‬
‫س نة ‪ 0991‬اذلي حيدد رشوط وكيفيات صناعة مواد التجميل والتنظيف البدّن‬
‫وتوضيهبا واس تّيادها وتسويقها يف السوق الوطنية‪، ،‬ج ر ‪،‬العدد ‪. 1‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رمق ‪ ،226-26‬املؤرخ يف ‪ 01‬شعبان عام ‪ 0131‬املوافق ‪ 02‬سبمترب‬
‫‪ 3226‬اذلي حيدد العنارص الساس ية للعقود املربمة بني العوان الاقتصاديني‬
‫واملس هتلكني والبنود اليت تعترب تعسفية‪ ،‬ج ر ‪،‬ع ‪.16‬‬

‫‪441‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫ يتضمن‬0991 ‫ مايو‬02 ‫ املوافق‬0101 ‫ ذي القعدة عام‬39 ‫ القرار الوزاري مؤرخ يف‬-


‫ املتعلق بضامن املنتجات‬0992 ‫ سبمترب‬01 ‫ املؤرخ يف‬366/92 ‫كيفية تطبيق املرسوم ت‬
.‫واخلدمات‬

: ‫ يف فرنسا‬-
- Code civil
- Code de la consommation
- Code des assurances
- Code du travail
- Loi n°72-1137 du 22 décembre 1972 relative à la protection des
consommateurs en matière de démarchage et de vente à
domicile
- loi n° 78-23 du 10 jan . 1978 sur la protection et l’information
des consommateurs de produits et de services
- Loi n°83-660 du 21 juillet 1983 relative à la sécurité des
consommateurs
- Loi n°88-14 du 5 janvier 1988 relative aux actions en justice
des associations agreees de consommateurs et a l’informtion
des consommateurs

441
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

- Loi n°95-96 du 1 février 1995 Loi n°95-96 du 1 février 1995


concernant les clauses abusives et la présentation des contrats et
régissant diverses activités d'ordre économique et commercial
- Loi n°98-389 du 19 mai 1998 relative à la responsabilité du fait
des produits défectueux.
- Décret n°78-464 du 24 mars 1978 portant application du
chapitre IV de la loi n° 78-23 du 10 janvier 1978 sur la
protection et l'information des consommateurs de produits et
services
: ‫ يف مرص‬-
‫ القانون املدّن املرصي النافذ‬-
.0999/21/01 ‫ الصادر يف‬01/99 ‫ قانون التجارة املرصي رمق‬-
3222 ‫ ابريل‬1 ‫ الصادر يف‬03 - 3202 ‫ قانون العمل املرصي رمق‬-
.‫املتعلق حبامية املس هتكل‬،3226 ‫ ماي‬09 ‫ الصادر يف‬61-26 ‫ القانون رمق‬-
: ‫ املواثيق ادلولية‬-3

- Directive N °93/13 du 5 avril 1993 concernant : Les clauses


abusives dans les contrats conclus avec les consommateurs.
- Directive 97/7 du Parlement européen et du Conseil du 20 mai
1997 concernant la protection des consommateurs
442
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

- Directive 2000/31 du Parlement européen et du Conseil du 8


juin 2000 directive sur le commerce électronique

443
‫الفهرس‬
‫الـفــهـــــرس‬

‫قائمة المختصرات ‪ .....................................................................‬أ‬

‫مقدمة ‪1 ................................................................................‬‬

‫الباب األول‪ :‬مضمون مبدأ حسن النية في العقد ‪20 ....................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬حسـن النية الساكنة ‪23 ..................................................‬‬


‫المبحث األول‪ :‬مفهوم مبدأ حسن النية ‪24 .............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حسن النية بمفهوم مزدوج ‪25 ........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المفهوم الشفيص للمبدأ ‪25 ........................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف مبدأ حسن النية ‪26 .....................................‬‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬تقييـم المفهوم الشخصي ‪32 ....................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المفهوم الموضوعي للمبدأ‪35 ......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف مبدأ حسن النية ‪35 .....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تقييم المفهوم الموضوعي ‪37 ...................................‬‬
‫المطلب الثّاني طبيعة مبدأ حسن النية ‪43 ...........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أساس مبدأ حسن النية ‪44 .........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إرجاع أساس المبدأ إلى فكرة العدالة ‪45 ........................‬‬
‫الفقرة الثانية احترام الثقة المشروعة كأساس لمبدأ حسن النية ‪49 .............‬‬
‫الفقرة الثالثة فكرة النظام العام كأساس لمبدأ حسن النية ‪54 ...................‬‬
‫الفرع الثاني ازدواجية معايير التقدير ‪58 .........................................‬‬
‫الفقرة األولى المعيار الذاتي لقياس حسن نية المتعاقد ‪59 .....................‬‬
‫الفقرة الثانية المعيار الموضوعي لقياس حسن نية المتعاقد ‪63 ................‬‬

‫‪445‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دور مبدأ حسن النية في العقد ‪70 .....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مبدأ حسن النية في إبرام وتنفيذ العقد‪70 .............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دور مبدأ حسن النية في إبرام العقد ‪71 .............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دور المبدأ في مرحلة التفاوض على العقد ‪71 ..................‬‬
‫أوالا‪ :‬أهمية مرحلة التفاوض على العقود ‪72 .................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬دور حسن النية في مرحلة التفاوض ‪74 ...............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المبدأ في مرحلة ما قبل انعقاد العقد ‪81 ...................‬‬
‫أوالا‪ :‬حسن النية واعمال نظرية التعسف في استعمال الحق ‪82 ..............‬‬
‫ثانياا‪ :‬حسن النية كشرط للتمسك بعيوب الرضا ‪87 ...........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دور مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد ‪011 ...........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضرورة عدم تعسف الدائن في استعمال حقه ‪100 ..............‬‬
‫أوالا‪ :‬عدم تعسف الدائن في طلب التنفيذ العيني ‪010 .........................‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضرورة أن تكون مطالبة الدائن بفسخ العقد مبررة ‪011 ................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ حسن النية وتنفيذ المدين ‪114 ............................‬‬
‫أوالا‪ :‬عالقة مبدأ حسن النية بمبدأ القوة الملزمة للعقد ‪115 ...................‬‬
‫ثانياا‪ :‬مبدأ حسن النية وطريقة تنفيذ المدين ‪001 .............................‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬دور القاضي وأثر حسن النية على المسؤولية المدنية ‪021 ............‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دور القاضي في تطبيق مبدأ حسن النية ‪021 .......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعديل القاضي لبنود العقد ‪121 .................................‬‬
‫أوالا‪ :‬األخذ بنظرية الظروف الطارئة ‪020 .....................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬إدخال المرونة على الشرط الجزائي واعمال نظرة الميسرة ‪122 ..........‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬توسيع دور القاضي بإعطاء المبدأ داللة لتفسير وتكملة العقد‬
‫‪126 ........................................................................‬‬

‫‪446‬‬
‫أوالا‪ :‬رأي الفقه التقليدي (إعطاء المبدأ داللة لتفسير العقد) ‪021 .............‬‬
‫ثانياا‪ :‬رأي الفقه الحديث (إعطاء المبدأ داللة لتنفيذ العقد) ‪031 ...............‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثر حسن النية على تشديد المسؤولة المدنية‪134 ..................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حسن النية وتشديد المسؤولية المدنية ‪031 ....................‬‬
‫أوالا‪ :‬ربط فكرة الخطأ بفكرة التوقع ‪137 .......................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬اعتبار اإلخالل بمبدأ حسن النية خطأ إرادي ‪140 ......................‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم إمكانية استبعاد فكرة الخطأ الجسيم ‪142 ..........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حسن النية وتوسيع قرينة الغش ‪144 ..........................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أثر حسن النية الساكنة في العقد ‪149 ..................................‬‬


‫المبحث األول‪ :‬أثر مبدأ حسن النية في األوضاع الظاهرة ‪150 .........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مضمون النظرية وعالقتها بمبدأ حسن النية ‪151 .....................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون نظرية األوضاع الظاهرة‪151 ...............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف األوضاع الظاهرة ‪013 ..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحاالت التي اعتد فيها المشرع باألوضاع الظاهرة ‪156 ........‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ حسن النية كشرط لألخذ بالظاهر وأساس النظرية ‪159 .........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ حسن النية كشرط لألخذ بالظاهر ‪160 .....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أســاس النظـــرية ‪164 ..........................................‬‬
‫أوالا‪ :‬نظرية الخطأ في المسؤولية ‪164 .......................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬كفاية الظاهر في ذاته كأساس قانوني ‪167 ............................‬‬
‫ثالثاا‪ :‬حسن النية كأساس للظاهر ‪167 .......................................‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬مبدأ حسن النية والوكالة الظاهرة‪168 ................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الوكالة الظاهرة وصورها ‪169 ................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الوكالة الظاهرة ‪169 ....................................‬‬

‫‪447‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬صور الوكالة الظاهرة ‪172 .....................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حسن النية شرط لألخذ بالوكالة الظاهرة ‪177 .......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المقصود بحسن نية الغير في الوكالة الظاهرة ‪177 .............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود حماية الغير حسن النية ‪179 ............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬دور الفقه والقضاء في توسيع حاالت األخذ بالوكالة الظاهرة ‪182 ...‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬توسيع حاالت األخذ بالوكالة الظاهرة ‪182 ......................‬‬
‫أوالا‪ :‬حالة تجاوز حدود الوكالة‪183 ..........................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬حالة انعدام الوكالة ‪184 ...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى االعتداد بخطأ الموكل في حال تجاوز حدود الوكالة ‪186 ..‬‬
‫أوالا‪ :‬توسيع األخطاء الصادرة عن الموكل ‪187 ...............................‬‬
‫ثانياا‪ :‬تقييد السلطات خارج عن المألوف في التعامل ‪191 ....................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أثر حسن النية على رجوع المشتري بالضمان ‪193 .....................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أثر حسن النية في حال ظهور عيب خفي أو تكليف أو حق ارتفاق‬
‫‪194 ..............................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حالة ظهور عيب خفي أو تكليف على المبيع ‪194 ..................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حالة ظهور عيب خفي‪195 ....................................‬‬
‫أوالا‪ :‬علم المشتري بالعيب أو جهله به ‪195 ..................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأكيد البائع خلو المبيع من العيب أو إخفاءه غشا ‪202 ................‬‬
‫الفقرة الثانية حالة ظهور تكاليف جديدة ‪205 .................................‬‬
‫أوالا‪ :‬المقصود باألعباء والتكاليف ‪205 .......................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬أثر علم المشتري بوجود تكليف على المبيع ‪208 .......................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حالة ظهور حقوق ارتفاق ‪212 .....................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أثر علم المشتري بوجود حق إرتفاق على رجوعه بالضمان ‪212‬‬

‫‪448‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى ضرورة استلزام علم المشتري بوجود حق ارتفاق عن طريق‬
‫البائع‪ ،‬ومدى كفاية العلم المستمد من التسجيل ‪217 .........................‬‬
‫أوالا‪ :‬مدى ضرورة استلزام علم المشتري بوجود حق ارتفاق عن طريق البائع‬
‫‪218 ........................................................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬مدى كفاية العلم المستمد من التسجيل إلعفاء البائع من الضمان ‪222 .‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬أثر مبدأ حسن النية في حال استحقاق المبيع ‪224 ...................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أثر حسن نية المشتري على رجوعه بالضمان وعلى سقوط ضمان‬
‫االستحقاق ‪225 ..................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أثر حسن نية المشتري على رجوعه بالضمان ‪226 .............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى ضرورة استلزام العلم في حاالت سقوط ضمان االستحقاق‬
‫‪229 ........................................................................‬‬
‫أوالا‪ :‬مدى ضرورة إرتباط العلم بوجود إتفاق على عدم الضمان ‪229 ..........‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى استلزام العلم في تصريح المشتري بالشراء على مسؤوليته إلسقاط‬
‫الضمان ‪232 ................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثر علم المشتري بأسباب االستحقاق على نطاق ما يحكم له به ‪233‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موقف التشريع بخصوص المصاريف التي يكون للمشتري الرجوع‬
‫بها ‪234 .....................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رأي الفقه وضرورة التمييز بين حسن وسوء نية المشتري ‪235 .‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬فعالية و ديناميكية مبدأ حسن النية في نظرية العقد‪243 .................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬دور مبدأ حسن النية في استبعاد الشروط التعسفية ‪245 ................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مقومات ربط فكرة الشروط التعسفية بمبدأ حسن النية‪246 ...............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التباين في تعريف الشروط التعسفية ونطاق الحماية ‪246 ............‬‬

‫‪449‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عدم ضبط فكرة الشروط التعسفي‪247 ...............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف المشرع للشرط التعسفي ‪248 ...........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف الفقه المقارن للشرط التعسفي ‪252 .....................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬امتداد نطاق الحماية من الشروط التعسفية ‪254 ....................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نطاق الحماية من حيث األشخاص ‪255 ........................‬‬
‫أوالا‪ :‬االتجاه الموسع لمفهوم المستهلك ‪255 .................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتجاه المضيق لمفهوم المستهلك ‪256 ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاق الحماية من حيث طبيعة العقد ‪264 ......................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬نطاق الحماية من حيث موضوع العقد ‪267 .....................‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬مبدأ حسن النية كأساس ممتاز الستبعاد الشروط التعسفية ‪268 .......‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عدم وضوح تعريف الشرط التعسفي ‪268 ............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عدم كفاية المعايير التي يسترشد بها القاضي ‪270 .................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد معايير قياس الشرط التعسفي‪271 .......................‬‬
‫أوالا‪ :‬معيار التعسف في استعمال القوة االقتصادية‪271 .......................‬‬
‫ثانيا‪ :‬معيار الميزة المفرطة ‪275 .............................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬معيار اإلخالل الظاهر بتوازن االلتزامات‪278 ...........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬بعض تطبيقات القضاء الفرنسي ‪280 ..........................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬توسيع دور القاضي والجزاء المترتب على إدراج الشروط التعسفية‪284 ..‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رقابة القاضي على الشروط التعسفية ‪285 ............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف الفقه من تدخل القاضي ‪285 .................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االتجاه الرافض لتدخل القاضي ‪286 ............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االتجاه المؤيد لتدخل القاضي ‪289 .............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موقف التشريع المقارن من تدخل القاضي ‪295 .....................‬‬

‫‪451‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬جزاء إدراج الشروط التعسفية وبحث صفة التعسف في الشرط الجزائي‬
‫‪300 ..............................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جزاء إدراج الشروط التعسفية‪301 ...................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الجــــزاء المبــاشـــر ‪301 ........................................‬‬
‫أوالا‪ :‬طبيعة الجزاء ‪301 ......................................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬نطاق البطالن ‪308 ....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الجـــزاء غـير المبــاشــر‪310 ....................................‬‬
‫الفرع الثاني صفة التعسف في الشرط الجزائي ‪316 ...............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التقريب بين مفهوم الشرط الجزائي والشرط التعسفي ‪316 .......‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جزاء إدراج شرط جزائي تعسفي‪318 ............................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬االلتزام والنزاهة والتعاون في العقود ‪323 ................................‬‬


‫المبحث األول‪ :‬االلتزام العام بالنزاهة ‪325 ..............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مضمون االلتزام العام بالنزاهة ‪325 ..................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف االلتزام العام بالنزاهة ‪326 ...................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رأي الفقه وأساس االلتزام بالنزاهة ‪330 .............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رأي الفقه حول وجود االلتزام بالنزاهة ‪331 .....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس االلتزام بالنزاهة ‪332 ....................................‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬مضمون االلتزام وتطبيقاته في عقد العمل ‪336 .......................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون االلتزام في عقد العمل ‪337 ................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيقات االلتزام بالنزاهة في عقد العمل‪340 ........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االلتزام بالمحافظة على أسرار العمل‪340 .......................‬‬
‫أوالا‪ :‬مضمون االلتزام ‪341 ...................................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬جزاء اإلخالل بااللتزام ‪343 .............................................‬‬

‫‪451‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التزام العامل بعدم منافسة رب العمل ‪344 ......................‬‬
‫أوالا‪ :‬مضمون االلتزام بعدم المنافسة ‪345 ....................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬حاالت اإلخالل بااللتزام بعدم المنافسة ‪349 ............................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االلتزام العام بالتعاون ‪353 ............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مضمون االلتزام العام بالتعاون ‪353 .................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف االلتزام العام بالتعاون ‪354 ..................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المقصود بااللتزام بالتعاون ‪354 ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ما يفرضه واجب التعاون‪357 ..................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق االلتزام العام بالتعاون في العقود ‪361 ........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نطاقه في عقد التأمين ‪362 ....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاقه في عقد العمل ‪370 .....................................‬‬
‫المطلب الثّاني‪ :‬االلتزام باإلعالم كمظهر للتعاون ‪373 ...............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون االلتزام باإلعالم ‪373 .......................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المقصود بااللتزام باإلعالم وبحث حسن النية كأساس ‪374 .....‬‬
‫أوالا‪ :‬المقصود بااللتزام باإلعالم ‪374 .........................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬حسن النية أساس لاللتزام باإلعالم ‪378 ...............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬طائفة المعلومات التي يلتزم المهني باإلدالء بها ‪382 ..........‬‬
‫أوالا‪ :‬إعالم المستهلك بطريقة استعمال المنتج أو تشغيله ‪383 ................‬‬
‫ثانياا‪ :‬تحذير المستهلك ‪386 .................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة االلتزام باإلعالم وحدود الجهل بالبيانات والمعلومات ‪393 .....‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬طبيعة االلتزام باإلعالم ‪394 ....................................‬‬
‫أوالا‪ :‬قصور اعتبار االلتزام باإلعالم التزاما بوسيلة عن تلبية متطلبات حماية‬
‫المستهلك ‪395 ..............................................................‬‬

‫‪452‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم مالئمة اعتبار االلتزام باإلعالم التزاما بتحقيق نتيجة ‪396 .........‬‬
‫ثالثاا‪ :‬حقيقة الطبيعة القانونية لاللتزام باإلعالم ‪398 .........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود الجهل بالبيانات والمعلومات‪399 .........................‬‬
‫أوالا‪ :‬عدم قرينة الجهل لدى المستهلك ‪400 ..................................‬‬
‫ثانياا‪ :‬أثر صفة االحتراف وضرورة االستعالم ‪405 ............................‬‬

‫خاتمة ‪410 ............................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع ‪418 ..........................................................‬‬

‫الـفــهـــــرس ‪444 .......................................................................‬‬

‫‪453‬‬
‫مل ّخص‬
‫فهو وان كان في األصل قاعدة‬، ‫يعد تدخل مبدأ حسن النية في العالقات العقدية أم ار حتميا إلعادة تلك العالقات إلى مسارها المستقيم‬
.‫ واإللزامية المفروضة تحت طائلة الجزاء‬،‫إال أنه نتيجة تحوله إلى قاعدة قانونية يكتسب صفته القانونية المتميزة بالعمومية والتجريد‬، ‫أخالقية‬
‫يخفف من المخاطر االقتصادية التي قد‬، ‫يحافظ على توازن المصالح‬، ‫ يحقق العدالة‬،‫تتجسد أهميته في أنه يحافظ على استقرار التعامل‬
‫فضاؤه يتسع ليشمل العديد من النظريات كنظرية التعسف في‬. ‫تصيب أطراف العالقة العقدية يلعب دو ار هاما سواء في ابرام العقد أو في تنفيذه‬
‫كما أن العديد من القواعد في أحكام القانون المدني تعد تطبيقا للمبدأ كتلك القواعد المتعلقة بالحيازة‬. ‫استعمال الحق ونظرية األوضاع الظاهرة‬
‫ وهو كالتزام قانوني يفرض نزاهة‬، ‫يلعب دور وقائي من الشروط التعسفية فمرونته تجاري مرونة الشروط التعسفية‬. ‫وااللتصاق والدفع غير المستحق‬
‫وتعاونا بين طرفي العقد‬
‫و على الرغم من غموض المبدأ وصفته الديناميكية األمر الذي قد يؤدي إلى إبعاد األمن القانوني إال أن اختفاءه يؤدي إلى إبعاد األمن‬
‫التقيد بحرفية تطبيقها إلى ما يخالف‬
َ ‫من ثم تظهر أهمية المبدأ في أنه يخفف الكثير من صرامة بعض النصوص التي يؤدي‬. ‫القضائي للمتعاقدين‬
.‫روح العدالة وجوهرها‬
‫ الشروط‬-‫مضمون مبدأ حسن النية – إبرام العقد –تنفيذ العقد –نظرية األوضاع الظاهرة – رجوع المشتري بالضمان‬ :‫الكلمات المفتاحية‬
.‫التعسفية – االلتزام بالنزاهة والتعاون‬

Résumé :
L’intervention du principe de bonne foi dans les relations contractuelles est obligatoire pour remettre ces
relations sur le droit chemin, même s’il est considéré comme une base morale, ce principe qui résultat de sa
transformation en régle juridique, revét la qualité juridique caractèrisée par son aspect général et dénudé et
obligatoire pous peines de sanctions
Son importance est caratérise par la protection de la stabilité de la transaction, l’équilibre des intérêts,
diminuer les risques économique pouvant toucher les parties contractantes. Il joue un rôle important soit au
moment de la conclusion de l’acte ou dans son exécution. Il englobe de nombreuses théories telles que la théorie de
l’abus d’usage de droit ainsi que celle des apparences. De nombreuses règles au code civil sont considérées comme
application de ces règles relatifs à la possession, à la l’accession ou indu paiement. Il joue un rôle préventif des
conditions d’abus car sa flexibilité est exemplaire à celles des conditions d’abus. Consideré comme une obligation
juridique, il impose une intégrité et une collaboration entre les parties .
Malgré l’ambigüité du principe et son caractère dynamique, ce qui pourrait mener à écarter la sécurité légale ;
or, sa disparition mènerait à écarter la protetion judiciaire des partis. Son importance apparait aussi dans la réduction
considérable de la rigidité de quelques textes auxquels il est impératif de s’y conformer à la lettre ce qui est contraire
à l’esprit de justice.
Mots Clés: Mots-clés : contenu du principe de bonne foi, conclusion du contrat, exécution du contrat, théorie
des apparences, recours de l’acquéreur en garantie, conditions abusives, obligation à l’intégrité et à la coopération.

Summary :
The intervention of good faith in contractual relations is obligatory to put these relations on the right path,
even if it is considered as a moral basis, this principle which was the result of its transformation into legal basis
acquires a legal quality of a general, denuded and condemnatory character under penalties of right. Its importance is
embodied in protecting the stability of the transaction, balancing interests, reducing the economic risks that can
affect the contracting parties. It plays an important role in the signature of the act or in its execution. It encompasses
many theories such as the theory of misuse of right as well as that of appearances. Numerous rules to the Civil Code
are considered as applying these rules relating to possession, accession or undue payment.
It plays a preventive role in the conditions of abuse because its flexibility is exemplary to the conditions of
abuse. It is a legal obligation, it imposes integrity and collaboration between the parties especially in consumer
contracts.
Despite the ambiguity of the principle and its dynamic nature, which could lead to the removal of legal
security; And its disappearance would lead to the exclusion of the judicial security of the contractors. Its importance
also appears in the considerable reduction of the rigidity of some texts to which it is imperative to conform to the
letter, which is contrary to the spirit of justice.
Key words: content of the principle of good faith, conclusion of the contract, performance of the contract, theory
of appearances, recourse by the purchaser in guarantee, abusive conditions, obligation to integrity and cooperation.

You might also like