Professional Documents
Culture Documents
مفهوم ح ذ
مفهوم ح ذ
الدستوري
18يناير/2017 ،أمل المرشدي/ال تعليقات بعد
الحكم الذاتي في القانون الدولي والدستوري
وقد بدأ مفهوم الحكم الذاتي في البروز عندما هجرت الدول االستعمارية سياسة الالمركزية
في إدارة شؤون مستعمراتها ولجأت إلى تطبيق الحكم الذاتي بهدف تحويل رابطة االستعمار
بينها وبين مستعمراتها إلى عالقة اشتراك بمعنى آخر بقاء المستعمرات في حالة تبعية لكن
في إطار جديد هو الحكم الذاتي .ومن هنا كانت العالقة بين الطرفين على أساس مبادئ
القانون الدولي العام ،غير أن التحوالت التي شهدها العالم بعد الحرب العالمية األولى
وتأسيس عصبة األمم وتبنيها لنظام حماية األقليات ونظام االنتداب Mandatجعلت مفهوم
الحكم الذاتي يعرف تطوراً أساسياً ،فقد تمكنت الدول االستعمارية من إيجاد صيغة قانونية
الستمرار هيمنتها االستعمارية وذلك عن طريق تطبيقها لنظام الحكم الذاتي في
مستعمراتها.وقد أدى هذا التطور الذي شهده مفهوم الحكم الذاتي إلى خروجه من نطاقه
الضيق كعالقة داخلية إلى المجال الدولي واكتسابه بعد ذلك بعداً قانونيا ً دولياً .وتم
التنصيص عليه بعد ذلك في ميثاق األمم المتحدة في الفصول 73و . 74
وفي الفصل الحادي عشر من ميثاق األمم المتحدة وفي المادتين 73و 76أشير إلى مفهوم
الحكم الذاتي ،والتزام الدول األعضاء في األمم المتحدة الذين يضطلعون hبإدارة أقاليم لم تنل
شعوبها قسطا من الحكم الذاتي الكامل بمراعاة العمل على تنمية هذه األقاليم ،وشمل هذا
االلتزام جانبين:أولهما ،كفالة تقدم هذه الشعوب ،و ثانيهما إنماء الحكم الذاتيh.
غير أن الدول الكبرى ،آنذاك أصرت على ضرورة أن يكون الحكم الذاتي ،وليس االستقالل
هدف هذه الشعوب واألقاليم التابعة والمستعمرة ،سواء أكان في مناقشات مؤتمر سان
فرانسيسكو،أو في مناقشات اللجان الفرعية فيما بعد ،على الرغم من اعتراض بعض ممثلي
الدول على عبارة “الحكم الذاتي” إذ كانوا يرون فيها ذريعة لتهرب الدول المستعمرة من
منح االستقالل السياسي الكامل للبلدان المستعمرة ،وفي مقابل ذلك رأوا ضرورة النص على
االستقالل السياسي الكامل ،كهدف للدول التي لم تكن تمتع باالستقالل آنذاك.
وهكذا قامت الجمعية العامة لألمم المتحدة بتشكيل لجنة في عام ً 1946عرفت فيما بعد
بلجنة اإلعالم عن األقاليم غير المحكومة ذاتيا” ” non-self governing territories
وشغل تعريف هذه األقاليم حيزاً كبيراً من المناقشات ،وذلك في ضوء المادتين 73و 76من
الميثاق وشارك في هذه المناقشات دول عديدة،في مقدمتها الواليات المتحدة األمريكية
وبريطانيا وفرنسا ومصر ،والهند والفلبين وغيرها.
وأفضت هذه المناقشات إلى تبني عدد من المعايير العامة التي ال بد من توافرها في اإلقليم،
حتى يمكن انطباق صفة الحكم الذاتي عليه وهي:
– 1ضرورة وفر سلطة تشريعية في اإلقليم تولى سن القوانين ،ويتم انتخاب األعضاء
بحرية ،في إطار عملية ديموقراطية أو أن تشكل بطريقة تتوافق مع القانون ،وتجعلها
موضع اتفاق السكان.
-2سلطة تنفيذية يتم اختيار األعضاء في جهاز له هذه الصالحية ويحظى بموافقة الشعب.
-3سلطة قضائية يناط بها تطبيق القانون واختيار القضاة والمحاكم.
كما تضمنت هذه المعايير ضرورة hالتحقق من مشاركة السكان في اختيار حكومة اإلقليم من
دون أية ضغوط خارجية مباشرة،أو غير مباشرة ،من طريق أقليات محلية مرتبطة بقوى
خارج اإلقليم ،تريد فرض إرادتها على األغلبية ،وبالمثل توفر درجة من االستقالل الذاتي
على الصعيد االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،والتحرر من الضغوط الخارجية ،وتحقيق
المساواة بين مواطني اإلقليم في التشريعات االجتماعية وغيرها.
إن اإلعالن الخاص باألقاليم التي ال تتمتع بالحكم الذاتي اعتبر بمثابة إعالن حقوق لشعوب
المستعمرات ،ورغم أن هذا اإلعالن لم يحدد موقفا ً واضحا ً وقاطعا ً من المسألة
االستعمارية ،ولم ينص صراحة على حق شعوب المستعمرات في االستقالل أو الحكم
الذاتي فإن إدراجه في الميثاق شكل نقطة االنطالق الرئيسية لعمل منهجي ومنظم قامت به
الدول المناهضة لالستعمار في الجمعية العامة للقضاء على الظاهرة االستعمارية تماما ً
ثا ًنيا :مفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الداخلي (القانون الدستوري):
قام مشرعو القانون العام الداخلي في الدول التي أسهمت ظروفها التاريخية واالجتماعية
والسياسية في وجود قوميات أو جماعات متباينة ،بمحاوالت للتخفيف من الطابع
االستعماري للحكم الذاتي ،وذلك بتصويره فكرة مستمدة من مبدأ تقرير المصير القومي ،
وقاموا بتنظيمها في إطار قانوني ليكون أساس لحل المسألة القومية ومشكلة التكامل ومن
خالل ذلك ظهرت تطبيقات عديدة ومتباينة في كل من إيطاليا وإسبانيا والسودان والعراقh.
كما أن أكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القوميات ،اقتنعت بأن
الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال التعبير السياسي القومي التي يمكن بواسطتها تنمية التراث
الحضاري والثقافي ،وقيام الجماعات القومية بإدارة شؤونها الداخلية في إقليمها القومي،
وانطال ًقا من هذا التصور للحكم الذاتي اتجهت هذه الحركات إلى تبني هذا النظام ،دون رفع
شعار المطالبة باالنفصال واالستقالل التام ،حفاظا على وحدة الوطن وصيانة الوحدة
الوطنية ،ولقد ساعدت هذه الظواهر الجديدة على التخفيف من اآلثار االستعمارية التي
علقت به في ظل السياسة الدولية ،إذ اتجهت معظم الدول التي تعاني من الصراع الداخلي
وعدم التكامل إلى النص صراحة على الحكم الذاتي في صلب دساتيرها.
إن الحل المناسب لتخطي تلك الفجوة هو اإلدراك بأن الشعوب الطائفية تريد التنمية شرط
أن يستطيعوا التحكم فيها والتمتع ببعض مزاياها .ففي الستينات بدأ “األبورجيين” في
أستراليا االحتجاج من أجل حقوق األرض وذلك أدى على إعادة تنظيم الحكم الذاتي لهم في
أراضي شاسعة في المنطقة الشمالية وجنوب أستراليا.ورفعت القضايا وأجريت المفاوضات
بخصوص التنقيب عن المعادن واستخراجها ووصلت االتفاقيات إلى السماح لهم بالتطور
والتحكم على المؤثرات البيئية والثقافية ،وأعطيت امتيازات رئيسية للمناطق “األبورجية”
ومجالس األراضي التابعة لها
وفي حالة إقليم الباسك ،احتفظ الدستور اإلسباني بالصالحية المطلقة للحكومة المركزية،
بحق إصدار التشريعات األساسية الخاصة بحماية البيئة ،واألخشاب ،وكذلك تنظيمات
البحرية والصيد ،وسلطة ضبط المياه ومصادرها وتصريحات التجهيزات الكهربائية عندما
تؤثر طاقتها في األقاليم األخرى ،إضافة إلى الطاقة والمعادن ،في حين أن سلطة الحكم
الذاتي احتفظت بمسؤولية عن الجبال والغابات والزراعة والصيد في المياه الداخلية
ومصادر المياه الداخلية وقنوات الري وإنتاج وتوزيع ونقل الطاقة الداخلية ،طالما ظلت هذه
المسؤولية في الحدود التي ال تمس األقاليم األخرى ،ويحتفظ إقليم الباسك كذلك بمراقبة
التخطيط المديني ،واألشغال العامة ،وبناء الطرق في اإلقليم.
* مشكلة اإلقليم:
تتوقف إثارة مشكلة األراضي hفي اإلقليم المتمتع بالحكم الذاتي وفقا لطبيعة المشكالت
المنوط به معالجتها ،وكذلك طبقا ً للسياق التاريخي ،بجوانبه القومية والثقافية .ففي حاالت
عديدة ال تمثل األراضي مشكلة محورية ،إذ غالبا ً ما يتقرر وضع األراضي طبقا لما كانت
عليه في السابق ،أي قبل قيام سلطة الحكم الذاتي (تمثل الحالة الفلسطينية استثناء من ذلك)،
أي أنها تمثل جزءاً ال تجزأ من إقليم الدولة ،وإذا ما أثيرت فإنها تثار تحت صيغة تحويل أو
تفويض سلطة الحكم الذاتي إدارة األراضي الداخلة في نطاق الخدمات والنشاطات التي
تمارسها.
وعالوة على ذلك ،غالبا ً ما يتم اإلشارة أو النص في تقرير صيغة الحكم الذاتي حول
المساواة بين مواطني إقليم المتمتع بالحكم الذاتي والمواطنين اآلخرين في األقاليم المختلفة
للدولة المعنية في تملكها وشرائها واالنتقال من اإلقليم وإليه من دون حواجز ثقافية أو لغوية
أو عنصرية ،وذلك إعماالً للمساواة بين المواطنين التي تكفلها الدولة وتدخل ضمن
صالحياتها ،وكذلك تأكيدا لسيادة الدولة على األراضي واألقاليم كافة الخاضعة لها.
* المسائل األمنية:
تقتصر المسائل األمنية في تطبيقات الحكم الذاتي على األمن الداخلي المحدود بنطاق اإلقليم
المتمتع بالحكم الذاتي ،ذلك أن قضايا األمن القومي تدخل في عداد صالحيات األجهزة
المركزية للدولة ،وطبقا لذلك فأن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صالحية تشكيل
قوة شرطة محلية .وحتى في المجاالت التي ال ينص فيها على ذلك فإن اإلقليم المتمتع
بالحكم الذاتي بإمكانه تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب
والتجارة ،وحماية البيئة ،كما هو الحال في جزيرة غرينالند وفي إقليم الباسك.