MDAK Volume 14 Issue 96 Pages 407-462

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 56

‫د‪ .

‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫موازنة بني موطأ مالك وصحيح ابلخاري‬

‫إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬

‫ﭑﭒﭓ‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يتناول هذا البحث موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‪ ،‬للرد على من‬
‫زعم بقوله‪" :‬لوال اإلمام مالك ما قام البخاري وما قعد"‪ ،‬فاشتمل البحث على عقد‬
‫مقارنة بين المصنفين من حيث سبب التصنيف‪ ،‬وموضوع الكتاب‪ ،‬والمقارنة بينهما‬
‫في طريقة التبويب‪ ،‬وعدد األحاديث‪ ،‬وطريقتهما في صياغة األسانيد‪ ،‬ومدى‬
‫توصلت إلى عدة‬
‫تحريهما في الرواة‪ ،‬وغيرها من األمور التي تتطلبها المقارنة‪ ،‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫نتائج وتوصيات‪ ،‬أهمها‪ :‬رواية البخاري من طريق مالك ال تعني بالضرورة أنه‬
‫اعتمد على كتابه؛ وذلك ألمور‪ :‬اختالف الغاية في التأليف‪ ،‬فاإلمام مالك غايته‬
‫جمع الناس على فقه واحد‪ ،‬بينما اإلمام البخاري غايته جمع األحاديث الصحيحة‪،‬‬
‫أن عدد أحاديث البخاري بدون المكرر فاق عدد أحاديث الموطأ المسندة بأكثر من‬
‫معتمدا عليه بمفرده لتساوى عدد األحاديث بينهما أو‬
‫ً‬ ‫أربعة أضعافه‪ ،‬ولو أنه كان‬
‫على األقل تقارب العدد‪ ،‬أن عدد شيوخ البخاري أكثر بكثير من شيوخ مالك‪ ،‬مما‬
‫كان له األثر في زيادة مروياته‪ ،‬وكثرة رحالته‪ ،‬أعطته فرصة أكبر لزيادة التحري‪.‬‬
‫والحق أن اإلمام البخاري استفاد من طريقة الموطأ‪ ،‬كما استفاد من كثير من‬
‫تجنب البخاري ًا‬
‫أمور كان يسلكها اإلمام مالك‪ ،‬كالرواية على‬ ‫المصنفات غيره‪ ،‬ولقد ّ‬
‫اإلبهام‪ ،‬وايراد البالغات احتجاجا‪ ،‬واقتصاره على التراجم واألحاديث الفقهية‪،‬‬

‫‪-407-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫وأوصي الباحثين بالدراسة لقضية ذكرها الدهلوي‪" :‬أن مسند الدارمي إنما صنف‬
‫إلسناد أحاديث الموطأ"‪.‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أنه‬
‫محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأن‬
‫وهمال‪ ،‬بل حفظهم‪ ،‬وحفظ لهم‬
‫ً‬ ‫سدى‬
‫أحمده ‪-‬سبحانه‪ -‬الذي لم يترك العباد ً‬
‫ما ينفعهم من أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬ومن تمام نعمه وفضله‪ ،‬أن حفظ كتابه‪ ،‬وسهله‬
‫على عباده‪ ،‬فقال‪ :‬ﱡﭐ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﱠ (‪ ،)1‬ثم أتبعه بحفظ‬
‫سنة نبيه ‪ ،‬فسخر لها من العلماء من يهتم بها‪ ،‬ويكرس جهوده لالشتغال بها‪،‬‬
‫فنّقوها مما ليس فيها‪ ،‬ليتميز صحيحها مما أدخل فيها‪.‬‬
‫ومع اتفاق الغاية في حفظ السنة تنوعت تلك التصانيف‪ ،‬بين جوامع‪ ،‬وسنن‪،‬‬
‫ومسانيد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وكان من بين تلك التصانيف ما ألفه اإلمام مالك‪ ،‬فأخرج للناس‬
‫موطأه‪ ،‬الذي جمع فيه بين آرائه واآلثار الواردة عن النبي ‪ ،‬وعن الصحابة‬
‫والتابعين ‪ ،‬وتوالى التأليف إلى أن صنف اإلمام البخاري كتابه الجامع الصحيح‪،‬‬
‫فروى من طريق اإلمام مالك أحاديثًا‪ ،‬وبسبب رواياته هذه جاء من يقول‪" :‬لوال‬
‫اإلمام مالك‪ ،‬لما قام البخاري وما قعد"‪ ،‬فأردت في هذا البحث دراسة هذه القضية‪:‬‬
‫هل اعتمد البخاري على اإلمام مالك في كتابه "الجامع"‪ ،‬بحيث لو نزعت منه‬
‫أحاديث مالك لما كان للجامع الصحيح وجود؟‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫هل اعتمد البخاري اعت ً‬
‫مادا كّليا على موطأ مالك‪ ،‬حيث إنه لوال الموطأ لما‬
‫كان صحيح البخاري؟‬

‫(‪ )1‬سورة القمر‪ ،‬آيـة (‪.)17‬‬

‫‪-408-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫هدف البحث‪:‬‬
‫محاولة الكشف عن الفروق بين تصنيف الموطأ وتصنيف الجامع الصحيح؛‬
‫إلثبات أن تصنيف البخاري مغاير لتصنيف الموطأ‪ ،‬وان كان للبخاري روايات‬
‫عنه‪ ،‬وللرد على من قال أنه لوال مالك لما قام البخاري وما قعد‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫يعدان من أهم كتب‬
‫تظهر أهمية الموضوع من أهمية هذين الكتابين اللذين ّ‬
‫السنة‪ ،‬حيث إن الموطأ من أوائل المصنفات‪ ،‬وصحيح البخاري أول مصنف في‬
‫الصحيح المجرد‪ ،‬فال ُيكتفى بأحدهما دون اآلخر‪.‬‬
‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬
‫ألهمية كتابي "الموطأ"‪ ،‬و"الجامع الصحيح"‪ ،‬ومحاولة الكشف عن منهجيهما‬
‫في التأليف‪.‬‬
‫الـدراسات السـابقـة‪:‬‬
‫لم أقف على دراسة مختصة في الموازنة بين هذين الكتابين‪ ،‬وانما غالب‬
‫الدراسات في المناهج بشكل عام لكتب السنة‪ ،‬أو مؤلفات مختصة بكتاب معين‪،‬‬
‫وهناك بحث مصغر يتعلق بجزئية من هذا البحث‪ ،‬وهو‪" :‬موطأ مالك واعتماد‬
‫البخاري ومسلم على نسخ مكتوبة منه في الصحيحين"‪ ،‬للدكتور محمد سعيد‬
‫البخاري‪.‬‬
‫الجديد الذي سيضيفه البحث‪ :‬مقارنة تفصيلية عن طريق االستقراء لموطأ مالك‬
‫وصحيح البخاري؛ لمحاولة الوصول لهدف البحث‪.‬‬
‫منهـج البحــث‪:‬‬
‫‪ .1‬المنهج االستقرائي‪ :‬قمت بقراءة كتابي "الموطأ"‪ ،‬و"صحيح البخاري"‪ ،‬ومقابلة‬
‫الكتب واألبواب مع بعضها البعض‪.‬‬
‫‪ .2‬المنهج التحليلي‪ :‬قمت باستخراج الفروق بين "الموطأ"‪ ،‬و"صحيح البخاري"‪،‬‬
‫وقد وضعت جداوًال للمقارنة؛ ألجمع فيه ما تفرق‪.‬‬

‫‪-409-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫النسخ المعتمدة في البحث‪:‬‬


‫الموطأ‪ ،‬لإلمام مالك بن أنس‪ ،‬تحقيق‪ :‬صدقي جميل العطار‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪(،‬ط‪1426-1425( ،)1:‬هـ‪2005 ،‬م)‪.‬‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬أبي عبدهللا محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي‪ ،‬دار السالم‬ ‫‪‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪( ،‬ط‪1419( ،)2:‬هـ‪1999 ،‬م)‪.‬‬
‫خطــــة البحث‪:‬‬
‫قمت بتقسيم البحث إلى‪ :‬مقدمة‪ ،‬وثالثة مباحث‪ ،‬وخاتمة على النحو التالي‪:‬‬
‫المقـدمة‪ :‬تشتمل على مشكلة البحث‪ ،‬وهدفه‪ ،‬وأهمية الموضوع‪ ،‬وأسباب اختياره‪،‬‬
‫والدراسات السابقة‪ ،‬ومنهج البحث‪ ،‬والنسخ المعتمدة فيه‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ترجمة اإلمام مالك واإلمام البخاري‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التعريف بموطأ مالك وصحيح البخاري‪.‬‬
‫المبحث الثالـث‪ :‬منهجي اإلمام مالك في "الموطأ"‪ ،‬والبخاري في "الصحيح" من‬
‫حيث (التبويب‪ ،‬األسانيد‪ ،‬المتون‪ ،‬انتقاء الشيوخ‪ ،‬بالغات مالك‪ ،‬ومعلقات‬
‫البخاري)‪.‬‬
‫الخـاتمة‪ :‬وفيها أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬

‫‪-410-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫المبحث األول‬
‫ترجمة اإلمام مالك واإلمام البخاري‬
‫المطلب األول‪ :‬ترجمة اإلمام مـالـك‪:‬‬
‫الفرع األ ول‪ :‬اسمه‪ ،‬ونسبه‪ ،‬وكنيته‪ ،‬ومولده‪:‬‬
‫اسمه ونسبه‪ :‬أبو عبد هللا‪ ،‬مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو‬
‫ابن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث‪ ،‬األصبحي‪ ،‬المدني(‪.)1‬‬
‫جـده‪ :‬مالك‪ ،‬وكنيته أبو أنس‪ ،‬من كبار التابعين وعلمائهم(‪.)2‬‬
‫مولـده‪ :‬اختلفوا في مولده اختالفا كثيرا‪ ،‬فقيل‪90 :‬هـ‪ ،‬وقيل‪ 93 :‬هـ‪ ،‬وقيل‬
‫غير ذلك(‪.)3‬‬
‫واألصح كما قال أبو داود السجستاني‪ ،‬وما رجحه الذهبي أن مولده‪ :‬في‬
‫سنة ثالث وتسعين عام موت أنس خادم رسول هللا ‪.)4(‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طلبه للعلم‪:‬‬
‫طلب مالك العلم وهو ابن بضع عشرة سنة‪ ،‬وتأهل للفتيا‪ ،‬وجلس لإلفادة‪،‬‬
‫وله إحدى وعشرون سنة‪ ،‬وحدث عنه جماعة وهو حي شاب طري‪ ،‬وقصده طلبة‬
‫العلم من اآلفاق في آخر دولة أبي جعفر المنصور‪ ،‬وما بعد ذلك‪ ،‬وازدحموا عليه‬
‫في خالفة الرشيد إلى أن مات(‪ ،)5‬ولم يرتحل اإلمام مالك عن بلده إال للرشيد(‪،)6‬‬
‫لذا فقد ألف الموطأ في بلده وبحضور شيوخه‪.‬‬

‫(‪ )1‬سير أعالم النبالء‪.)49/8( ،‬‬


‫(‪ )2‬ترتيب المدارك‪.)113/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬وقيل‪ 94 :‬هـ‪ ،‬وقيل‪ 95 :‬هـ‪ ،‬وقيل‪ 96 :‬هـ‪ ،‬وقيل‪ 97 :‬هـ‪ ،‬ترتيب المدارك‪.)118/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬سير أعالم النبالء‪.)49/8( ،‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق‪.)55/8( ،‬‬
‫(‪ )6‬تزيين الممالك‪.)44/1( ،‬‬

‫‪-411-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫الفرع الثالث‪ :‬شيوخه وتالميذه(‪:)1‬‬


‫قال اإلمام أبو القاسم الدولعي‪" :‬أخذ مالك على تسعمائة شيخ‪ ،‬منهم‬
‫ثالثمائة من التابعين‪ ،‬وستمائة من تابعيهم"(‪.)2‬‬
‫وكل رجال مالك من أهل المدينة إال ستة‪ :‬أبا الزبير من أهل مكة‪ ،‬وحميد‬
‫الط ويل من أهل البصرة‪ ،‬وأيوب السختياني من أهل البصرة‪ ،‬وعطاء بن عبد هللا‬
‫من أهل خراسان‪ ،‬وعبد الكريم بن مالك من أهل الجزيرة‪ ،‬وابراهيم بن أبي عبلة من‬
‫جدا‪ ،‬لذا كان من‬
‫أهل الشام‪ ،‬واألحاديث التي يرويها عن هؤالء الستة قليلة ّ‬
‫خصائص الموطأ أن اإلمام مالكا ألفه في بلده وبوجود أصوله‪.‬‬
‫أبرز شيــوخـه‪ ،‬وأهمهم‪:‬‬
‫نافع مولى ابن عمر‪ ،‬محمد بن مسلم بن شهاب الـزهـري‪ ،‬محمد بن المنكدر‪،‬‬
‫عبد هللا بن دينار‪ ،‬وخالئق آخرين من التابعين‪.‬‬
‫تالمـيـذه‪ ،‬وأهمهم‪:‬‬
‫عبد الرحمن األوزاعي‪ ،‬شعبة بن الحجاج‪ ،‬سفيان الثـوري‪ ،‬الليث بن سعـد‪،‬‬
‫عبد هللا بن المبارك‪ ،‬سفيان بن عيـينة‪ ،‬محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬وخـالئق‬
‫آخ ـرين‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬ثناء العلماء عليه‪:‬‬
‫قال أبو حاتم ‪" :‬مالك بن أنس ثقة‪ ،‬إمام أهل الحجاز‪ ،‬وهو أثبت أصحاب‬
‫الزهري وابن عيينة‪ ،‬واذا خالفوا مالكا من أهل الحجاز حكم لمالك‪ ،‬ومالك نقي‬
‫الرجال‪ ،‬نقي الحديث‪ ،‬وهو أنقى حديثا من الثوري واألوزاعي‪ ،‬وأقوى في الزهري من‬
‫ابن عيينة‪.)3("...‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تهذيب األسماء واللغات‪ ،)75/2( ،‬وتزيين الممالك‪.)17/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬تهذيب األسماء واللغات‪.)72/2( ،‬‬
‫(‪ )3‬الجرح والتعديل‪.)206/8( ،‬‬

‫‪-412-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫(‪)1‬‬
‫أيضا‪" :‬لوال مالك‬
‫وقال الشافعي‪" :‬إذا جاء األثر فمالك النجم‪ ، "...‬وقال ً‬
‫وسفيان ‪-‬يعنى‪ :‬ابن عيينة‪ -‬لذهب علم الحجاز"(‪.)2‬‬
‫وعن يحيى بن سعيد‪ " :‬كان مالك إماما في الحديث"(‪.)3‬‬
‫وقال النسائي‪" :‬ما عندى بعد التابعين أنبل من مالك‪ ،‬وال أجل منه‪ ،‬وال أوثق‬
‫وال آمن على الحديث منه"(‪.)4‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬وفــــــاتـه‪:‬‬
‫توفي في صبيحة أربع عشرة من شهر ربيع األول‪ ،‬سنة تسع وسبعين‬
‫ودفن بالبقيع‪ ،‬وكان يوم مات ابن خمس وثمانين سنة(‪.)5‬‬ ‫ومائة‪ ،‬في خالفة هارون‪ُ ،‬‬
‫المطلب الثــاني‪ :‬تــرجمــــــــــــــة اإلمام الـبــخـــــــــــاري‪:‬‬
‫الفرع األ ول‪ :‬اسمه ونسبه‪ ،‬وكنيته‪ ،‬ومولده‪:‬‬
‫اسمه وكنيته ونسبه‪ :‬أبو عبد هللا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة‬
‫ابن بردزبه البخاري‪ ،‬الجعفي موالهم‪.‬‬
‫مولـده‪ :‬ولد بعد صالة الجمعة‪ ،‬لثالث عشرة ليلة خلت من شهر شوال‪ ،‬سنة‬
‫أربع وتسعين ومائة(‪.)6‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طلبه للعلم‪:‬‬
‫قال أحمد بن سيار‪" :‬طلب العلم‪ ،‬وجالس الناس‪ ،‬ورحل في الحديث‪ ،‬ومهر‬
‫فيه وأبصر‪ ،‬وكان حسن المعرفة‪ ،‬حسن الحفظ‪ ،‬وكان يتفقه"(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬الجرح والتعديل‪.)14/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق ‪.)11/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬الجرح والتعديل‪.)14/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬تهذيب التهذيب‪.)8/4( ،‬‬
‫(‪ )5‬الطبقات الكبرى‪-‬الجزء المتمم‪ ،)444-443/1( ،‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )6‬تاريخ بغداد‪.)8/2( ،‬‬
‫(‪ )7‬المصدر السابق‪.)6/2( ،‬‬

‫‪-413-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫وقال أبو جعفر الوراق‪ :‬قلت ألبي عبد هللا محمد بن إسماعيل البخاري‪:‬‬
‫كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال‪":‬ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب‪،‬‬
‫قال‪ :‬وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال‪ :‬عشر سنين‪ ،‬أو أقل"(‪.)1‬‬
‫وكانت رحالته إلى بالد شتّى‪ ،‬فقد قال‪" :‬دخلت إلى الشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬والجزيرة‬
‫مرتين‪ ،‬والى البصرة أربع مرات‪ ،‬وأقمت بالحجاز ستة أعوام‪ ،‬وال أحصي كم دخلت‬
‫إلى الكوفة‪ ،‬وبغداد مع المحدثين"(‪.)2‬‬

‫وقال البخاري ً‬
‫يوما‪" :‬رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام‪ ،‬ورب حديث‬
‫سمعته بالشام كتبته بمصر"(‪.)3‬‬
‫وهذا يدل على أنه سمع من عدة شيوخ خارج بالده‪ ،‬وقد أّلف صحيحه في‬
‫غير بلده‪ ،‬وبغياب أكثر شيوخه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬شيوخه‪ ،‬وتالميذه‪:‬‬
‫وقد كتب البخاري عن جمع من الشيوخ‪ ،‬حتى أنه قال قبل موته‪" :‬كتبت عن‬
‫ألف وثمانين رجال‪ ،‬ليس فيهم إال صاحب حديث"(‪.)4‬‬
‫شيــوخه‪ ،‬وأشهرهم‪:‬‬
‫سليمـان بن حــرب‪ ،‬محمد بن سالم البيكندي‪ ،‬عبد هللا بن محمد المسندي‪،‬‬
‫يحيـى بـن مـعـين‪ ،‬عـلي بن المــديني‪ ،‬إسحـاق بن ارهـوية‪ ،‬قـتيبـة بن سعـيـد‪ ،‬أحمــد بن‬
‫محمد بن حـنـبل‪ ،‬وخـلـق ك ـثـيـر‪.‬‬
‫تالميـذه‪ ،‬وأشهـرهم‪:‬‬
‫أبو محمد عبد هللا الدارمي‪ ،‬ومسلـم بن الحجـاج‪ ،‬وأبو عيسى الترمــذي‪ ،‬وابـن‬
‫أبي الدنيا‪ ،‬أبـو بكر البزار‪ ،‬أبو عبد الرحمن النسائي‪ ،‬وابن خ ـزيمة‪ ،‬والفربري‪.‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ بغداد‪.)8/2( ،‬‬


‫(‪ )2‬فتح الباري‪.)468/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬تاريخ بغداد‪.)10/2( ،‬‬
‫(‪ )4‬سير أعالم النبالء‪.)395/12( ،‬‬

‫‪-414-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫الفرع الرابع‪ :‬ثناء العلمـاء عليه‪:‬‬


‫قال يعقوب الدورقي‪" :‬محمد بن إسماعيل فقيه هذه األمة"(‪.)1‬‬
‫وقال الترمذي‪" :‬ولم أر أحدا بالعراق‪ ،‬وال بخراسان‪ ،‬في معنى العلل‪،‬‬
‫والتاريخ‪ ،‬ومعرفة األسانيد‪ ،‬أعلم من محمد بن إسماعيل"(‪.)2‬‬
‫وقال محمد بن إسحاق‪" :‬ما رأيت تحت أديم هذه السماء أعلم بالحديث من‬
‫محمد بن إسماعيل البخاري"(‪.)3‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬وفـاتـه‪:‬‬
‫توفى ليلة السبت‪ ،‬عند صالة العشاء ليلة الفطر‪ ،‬ودفن يوم الفطر بعد‬
‫صالة الظهر‪ ،‬يوم السبت لغرة شوال‪ ،‬من سنة ست وخمسين ومائتين‪ ،‬عاش اثنتين‬
‫وستين سنة إال ثالثة عشر يوما(‪.)4‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التعريف بموطأ مالك‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اسمه‪:‬‬
‫مقرونا باسم مؤلفه‬
‫ً‬ ‫لم ُيعرف كتاب مالك "الموطأ" إال بهذه التسمية‪ ،‬أو‬
‫"موطأ مالك"‪.‬‬
‫والموطأ لغـة‪ :‬الواو والطاء والهمزة كلمة تدل على تمهيد شيء وتسهيله‪،‬‬
‫ووطأت له المكان‪ .‬أي‪ :‬مهدته(‪.)5‬‬
‫وهو الكتاب الذي يشتمل على األحاديث المرفوعة‪ ،‬واآلثار الموقوفة‪ ،‬من‬
‫كالم الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬ومن بعدهم‪ ،‬وعلى اجتهادات المؤلف‪ ،‬وفتاواه بسبب‬
‫الغاية الفقهية التي أرادها المؤلف(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ اإلسالم‪.)22/2( ،‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.)27/2( ،‬‬
‫(‪ )3‬تاريخ اإلسالم‪.)27/2( ،‬‬
‫(‪ )4‬تاريخ بغداد‪.)8/2( ،‬‬
‫(‪ )5‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬مادة‪ :‬وطأ‪.)120/6( ،‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬مقدمة فتح الباري‪ ،‬البن حجر‪ ،)6/1( ،‬الواضح في مناهج المحدثين‪( ،‬ص‪.)269/‬‬

‫‪-415-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫وقال ابن فهر‪" :‬لم يسبق مالكا أحد على هذه التسمية‪ ،‬فإن من ألف في‬
‫زمانه بعضهم سمى (بالمخرج)‪ ،‬وبعضهم (بالمصنف)‪ ،‬وبعضهم (بالمؤلف)‪،‬‬
‫ولفظة ((الموطأ)) بمعنى‪ :‬الممهد‪ ،‬المنقح‪ ،‬المحرر‪ ،‬المصفى(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سبب تسميته‬
‫قال مالك‪" :‬عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة‪ ،‬فكلهم‬
‫واطأني عليه‪ ،‬فسميته (الموطأ)"(‪.)2‬‬
‫وقال محمد بن إبراهيم األصبهاني‪ :‬قلت ألبي حاتم الرازي‪( :‬موطأ مالك بن‬
‫أنس) لم سمي موطأ؟ فقال‪ :‬شيء قد صنفه‪ ،‬ووطأه للناس‪ ،‬حتى قيل‪( :‬موطأ‬
‫مالك)‪ ،‬كما قيل‪( :‬جامع سفيان)"(‪.)3‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬سبب تأليفه‪:‬‬
‫ُذكرت أسباب لتأليف الموطأ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬أن أبا جعفر المنصور التقى بمالك‪ ،‬فأعجب المنصور بعلم مالك وحسن‬
‫كتابا أحملهم عليه‪ ،‬فما أحد اليوم أعلم‬
‫سمته‪ ،‬وقال‪" :‬يا مالك‪ ،‬اصنع للناس ً‬
‫م نك‪ ،‬وتجنب شدائد ابن عمر‪ ،‬ورخص ابن عباس‪ ،‬وشواذ ابن مسعود‪،‬‬
‫واقصد أوسط األمور‪ ،‬وما اجتمع عليه الصحابة واألئمة‪ ،‬واجعل هذا الفقه‬
‫احدا"‪ ،‬وعندما رغب أبو جعفر بحمل الناس على الموطأ‪ ،‬قال مالك‪" :‬ال‬
‫فقها و ً‬
‫ً‬
‫تفعل؛ فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل‪ ،‬وسمعوا أحاديث وروايات‪ ،‬وأخذ كل‬
‫قوم بما سبق إليهم‪ ،‬وعملوا به‪ ،‬ودالوا له من اختالف أصحاب رسول هللا ‪‬‬
‫وغيرهم‪ ،‬وان ردهم عما اعتقدوا شديد‪ ،‬فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل‬
‫كل بلد ألنفسهم"(‪ ،)4‬ومات أبو جعفر قبل أن يتحقق له رؤية الموطأ كامال‪.‬‬

‫(‪ )1‬تزيين الممالك‪( ،‬ص‪.)40/‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.)40/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬تزيين الممالك‪.)40/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الطبقات الكبرى‪-‬القسم المتمم‪ ،)444/1( ،‬وترتيب المدارك‪.)72-72/2( ،‬‬

‫‪-416-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫‪ .2‬قال المفضل بن محمد بن حرب‪" :‬أول من عمل كتابا بالمدينة على معنى‬
‫الموطأ من ذكر ما اجتمع عليه أهل المدينة‪ :‬عبد العزيز بن عبد هللا بن أبي‬
‫سلمة الماجشون‪ ،‬وعمل ذلك كالما بغير حديث‪ ،‬فأتى به مالك‪ ،‬فنظر فيه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما أحسن ما عمل‪ ،‬ولو كنت أنا الذي عملت لبدأت باآلثار‪ ،‬ثم شددت‬
‫ذلك بالكالم‪ ،‬ثم إن مالكا عزم على تصنيف الموطأ‪ ،‬فصنفه‪ ،‬فعمل من كان‬
‫في المدينة يومئذ من العلماء الموطآت‪ ،‬فقيل لمالك‪ :‬شغلت نفسك بعمل هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬وقد شركك فيه الناس‪ ،‬وعملوا أمثاله‪ ،‬فقال‪ :‬ائتوني بما عملوا‪ ،‬فأتي‬
‫بذلك‪ ،‬فنظر فيه‪ ،‬ثم نبذه‪ ،‬وقال لتعلمن أنه ال يرتفع من هذا إال ما أريد به‬
‫وجه هللا"(‪.)1‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬مــدة تأليفه‪:‬‬
‫اختلف في مدة تـأليفـه على قولين‪:‬‬
‫ُ‬
‫القول األول‪ :‬في أربعين سنة‪ ،‬وهو مستفاد من قول عمر بن عبد الواحد‪" :‬عرضنا‬
‫يوما‪ ،‬فقال كتاب ألفته في أربعين سنة‪ ،‬أخذتموه في‬
‫على مالك الموطأ في أربعين ً‬
‫يوما! قل ما تتفقهون فيه"(‪.)2‬‬
‫أربعين ً‬
‫القول الثـاني‪ :‬وقيل في ستين سنة‪ ،‬لما ورد عن أبي خليد قال‪" :‬أقمت على مالك‬
‫فقرأت الموطأ في أربعة أيام‪ ،‬فقال مالك‪ :‬علم جمعة شيخ في ستين سنة أخذتموه‬
‫في أربعة أيام ال فقهتم أبدا"(‪.)3‬‬
‫والقـول األول هو األشهـر‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬أنواع التصنيف في عصره‪:‬‬
‫قال اإلمام الدهلوي‪" :‬إن للسلف في استنباط المسائل طريقتين‪ :‬أحدهما‪ :‬أن‬
‫يحفظوا اآليات والروايات‪ ،‬واآلثار‪ ،‬ويستنبطوا المسائل من ذلك‪ ،‬وهذا طريق‬

‫(‪ )1‬التمهيد‪.)86/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.)78/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬حلية األولياء‪.)331/6( ،‬‬

‫‪-417-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫المحدثين‪ .‬والثاني‪ :‬أن ينّقحوا األصول والقواعد الكلية من كالم األئمة‪ ،‬ويخرجوا‬
‫المسائل من ذلك‪ ،‬وهذا طريق الفقهاء‪ ،‬فالمعنى‪ :‬أن الثوري إمام في نقل ألفاظ‬
‫الحديث وآثار الصحابة بأسانيد صحيحة‪ ،‬واألوزاعي إمام في معرفة األصول‬
‫معا‪ ،‬ولذا نراه يقول في "الموطأ" في أكثر األبواب‪:‬‬
‫والقواعد‪ ،‬ومالك إمام فيهما ً‬
‫"السنة التي ال اختالف فيها عندنا كذا وكذا"(‪.)1‬‬
‫وقد كانت طريقة التصنيف في عهد اإلمام مالك الجمع بين اآلثار واألحكام‪،‬‬
‫كما قال ابن حجر بعد أن ذكر أنواع التصنيف من عهد النبي ‪" :‬إلى أن قام‬
‫كبار أهل الطبقة الثالثة‪ ،‬فدونوا األحكام‪ ،‬فصنف اإلمام مالك الموطأ‪ ،‬وتوخى فيه‬
‫القوي من حديث أهل الحجاز‪ ،‬ومزجه بأقوال الصحابة‪ ،‬وفتاوى التابعين ومن‬
‫بعدهم‪ ،‬وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة‪ ،‬وأبو عمر‬
‫وعبد الرحمن بن عمر األوزاعي بالشام‪ ،‬وأبو عبد هللا سفيان بن سعيد الثوري‪،‬‬
‫بالكوفة وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة‪ ،‬ثم تالهم كثير من أهل‬
‫عصرهم في النسج على منوالهم"(‪.)2‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬موضوعــــه‪:‬‬
‫وبمعرفة سبب تأليفه لكتابه عندما نظر في كتاب الماجشون‪ ،‬يتبين أنه ألف‬
‫كثير ما يذكر‬
‫مدعما أقواله باألدلة‪ ،‬ومما يدل على ذلك أنه ًا‬‫"الموطأ" لذكر مذهبه ّ‬
‫في الباب المسائل الفقهية المناسبة للباب‪ ،‬واجتهاداته من دون إيراد خبر‪ ،‬أو أثـر‪.‬‬
‫مالكا ‪ ‬جعل بناء مذهبه على الروايات المرفوعة‬
‫قال الدهلوي‪" :‬إن اإلمام ً‬
‫إلى النبي ‪ ‬موصول ًة ومرسل ًة‪ ،‬وبعدها على قضايا عمر‪ ،‬ثم على فتاوى ابن‬

‫ِّّ‬
‫المسيب‪ ،‬وعروة‪ ،‬وقاسم‪،‬‬ ‫عمر‪ ،‬وبعد ذلك على أقوال فقهاء المدينة‪ ،‬كابن‬
‫وسالم‪ ،‬وسليمان بن يسار‪ ،‬وأبي سلمة‪ ،‬وأبي بكر بن عمرو بن حزم‪ ،‬وعمر بن‬

‫أيضا‪ :‬إن اإلمام ‪ِّّ ‬‬


‫يعبر عن أقوال الفقهاء السبعة‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬وغيرهم‪ .‬وقال ً‬

‫(‪ )1‬أوجز المسالك‪.)79/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬مقدمة فتح الباري‪.)7/1( ،‬‬

‫‪-418-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫وفقهاء المدينة بقوله‪" :‬السنة عندنا كذا وكذا"‪ ،‬قال اإلمام الشافعي‪ :‬وهذا ليس‬
‫بإجماع‪ ،‬بل هو مختار اإلمام مالك ‪ ‬ومشايخه(‪.)1‬‬
‫الفرع السابع‪ :‬مرتبته بين كتب السنة‪:‬‬
‫اختلف العلماء فيما بينهم بشأن مرتبة الموطأ بين كتب السنة‪ ،‬حيث ذهب‬
‫بعضهم إلى أنه أول ما صنف في الحديث الصحيح‪ ،‬بل هو مقدم في المرتبة على‬
‫الصحيحين‪ ،‬وذهب البعض اآلخر إلى خالف ذلك‪ ،‬واليك التفصيل(‪:)2‬‬
‫‪ .1‬القائلون بتقديم الموطأ على الصحيحين‪ :‬اإلمام الشافعي‪ ،‬حيث قال‪" :‬ما‬
‫كتاب أكثر صوابا بعد كتاب هللا من كتاب مالك‪ .‬يعني‪ :‬الموطأ"(‪.)3‬‬
‫القائلون بمساواة موطأ مالك بالصحيحين‪ :‬ذهب اإلمام ولي هللا الدهلوي إلى‬ ‫‪.2‬‬
‫أن الموطأ في طبقة واحدة مع الصحيحين‪ ،‬فقال‪" :‬فالطبقة األولى‪ :‬منحصرة‬
‫باالستقراء في ثالثة كتب‪ :‬الموطأ‪ ،‬وصحيح البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم"(‪.)4‬‬
‫القائلون بتأخر مرتبة الموطأ عن مرتبة الصحيحين‪ :‬ذهب جمهور‬ ‫‪.3‬‬
‫المحدثين إلى أن مرتبة الموطأ دون مرتبة الصحيحين؛ وذلك الحتوائه على‬
‫المرسل‪ ،‬والمنقطعات‪ ،‬والبالغات‪.‬‬
‫قال العالمة محمد ابن جعفر الكتاني‪" :‬وهو‪-‬أي‪ :‬الموطأ‪ -‬في الرتبة بعد‬
‫مسلم على ما هو األصح"(‪.)5‬‬
‫وهذا القول الراجح‪ ،‬وأن مرتبة الموطأ تأتي بعد الصحيحين‪ ،‬وقد عده بعض‬
‫العلماء سادس الكتب الستة‪ ،‬منهم‪ :‬رزين‪ ،‬وابن األثير في كتابه "جامع األصول‬
‫في أحاديث الرسول ‪.)6("‬‬

‫(‪ )1‬أوجز المسالك‪( ،‬ص‪.)97/‬‬


‫(‪ )2‬مستفاد من كتاب‪ :‬دراسات في مناهج المحدثين‪( ،‬ص‪.)119-117/‬‬
‫(‪ )3‬التمهيد‪.)67/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬حجة هللا البالغة‪.)231/1( ،‬‬
‫(‪ )5‬الرسالة المستطرفة‪.)23/3( ،‬‬
‫(‪.)49/1( )6‬‬

‫‪-419-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫وللموطأ روايات كثيرة فيها اختالف بالتقديم والتأخير‪ ،‬والزيادة والنقص؛ ألن‬
‫اإلمام مالكا كان يعرضه على تالميذه خالل الفترة التي كان ينقح‪ ،‬ويعدل فيها‪،‬‬
‫والمشهور من نسخ الموطأ ‪ 13‬نسخة‪ ،‬وأهمها(‪:)1‬‬
‫‪ .1‬رواية يحيى بن يحيى اللـيثـي‪.‬‬
‫‪ .2‬رواية أبي مصـعب الزهـري‪.‬‬
‫‪ .3‬رواية محمد بن الحسن الشيباني‪.‬‬
‫‪ .4‬رواية عبد هللا بن مسلمة القعنبي‪.‬‬
‫‪ .5‬رواية عبد هللا بن يوسف التنيسي‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬التعريف بصحيح البخاري‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اسـمـه‪:‬‬
‫الجامع الصحيح المسند من حديث رسول هللا ‪ ‬وسننه وأيامه(‪.)2‬‬
‫وزاد بعضهم كلمة "المختصر" بعد كلمة المسند؛ ألنه أراد االختصار‪.‬‬
‫قال الحازمي‪" :‬أن قصد البخاري كان وضع مختصـر في الحديث‪ ،‬وأنه لم‬
‫يقصد االستيعاب ال في الرجال وال في الحديث‪ ،‬وان شرطه أن يخرج ما صح‬
‫عنده"(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سبب تسميته‪:‬‬
‫سماه الجـامع‪ :‬ألنه جمع فيه أبواب الدين‪ ،‬كاإليمان‪ ،‬واألبواب الفقهية‪،‬‬
‫والمغازي‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال الحافظ العالئي‪ :‬روى "الموطأ" عن مالك جماعات كثيرة‪ ،‬وبين رواياتهم اختالف من‬
‫تقديم‪ ،‬وتأخير‪ ،‬وزيادة‪ ،‬ونقص‪ ،‬وأكبرها رواية القعنبي‪ ،‬ومن أكبرها وأكثرها زيادات رواية أبي‬
‫مصعب‪ ،‬فقد قال ابن حزم‪ :‬في رواية أبي مصعب زيادة على سائر الموطآت نحو مائة حديث‪،‬‬
‫شرح الزرقاني‪.)60/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬مقدمة فتح الباري‪.)8/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬شروط األئمة الخمسة‪( ،‬ص‪.)64/‬‬

‫‪-420-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫صحيحا(‪ ،)1‬فقد قال‪" :‬ما أدخلت في‬


‫ً‬ ‫والصحيح‪ :‬ألنه ال يورد فيه إال حديثًا‬
‫كتابي الجامع إال ما صح‪ ،‬وتركت من الصحاح لحال الطوال"‪ ،‬وقال‪" :‬أخرجت‬
‫هذا الكتاب ‪-‬يعنى‪ :‬الصحيح‪ -‬من زهاء ستمائة ألف حديث"(‪.)2‬‬
‫احتجاجا مسندة كلها‪ ،‬أي‪ :‬مرفوعة‬
‫ً‬ ‫المسند‪ :‬ألن األحاديث التي أوردها‬
‫متصلة السند إلى النبي ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬سبب تأليفه‪:‬‬
‫أمـرن‪:‬‬
‫ُذكر في سبب تأليفه ا‬
‫األول‪ :‬ما قاله إبراهيم بن معقل النسفي‪" :‬سمعت أبا عبد هللا محمد بن إسماعيل‬
‫يقول‪ :‬كنت عند إسحاق بن راهويه‪ ،‬فقال لنا بعض أصحابنا‪ :‬لو جمعتم كتابا‬
‫مختص ار لسنن النبي ‪ ،‬فوقع ذلك في قلبي‪ ،‬فأخذت في جمع هذا الكتاب‪ ،‬يعنى‪:‬‬
‫كتاب الجامع"(‪.)3‬‬
‫الثـاني‪ :‬قال البخاري رأيت النبي ‪ ‬وكأنني واقف بين يديه‪ ،‬وبيدي مروحة أذب‬
‫بها عنه‪ ،‬فسألت بعض المعبرين‪ ،‬فقال لي‪ :‬أنت تذب عنه الكذب‪ ،‬فهو الذي‬
‫حملني على إخراج الجامع الصحيح"(‪.)4‬‬
‫وال تعارض بين السببين‪ ،‬فلعله سمع كالم أستاذه‪ ،‬ثم رأى الرؤيا‪ ،‬أو‬
‫العكس(‪.)5‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬مدة تأليفه‪:‬‬
‫قال البخاري‪" :‬صنفت كتابي الصحاح لست عشرة سنة‪ ،‬خرجته من ستمائة‬
‫ألف حديث‪ ،‬وجعلته حجة فيما بيني وبين هللا ‪-‬تعالى"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬مقدمة فتح الباري‪.)8/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬تاريخ بغداد‪.)8/2( ،‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السابق‪.)8/2( ،‬‬
‫(‪ )4‬مقدمة فتح الباري‪.)7/1( ،‬‬
‫(‪ )5‬الواضح في مناهج المحدثين‪.)48/1( ،‬‬
‫(‪ )6‬تاريخ بغداد‪.)14/1( ،‬‬

‫‪-421-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أنواع التصنيف في عصره‪:‬‬


‫كان التأليف في ذلك العصر قبل صحيح البخاري ما بين مسانيد‪،‬‬
‫ومصنفات‪ ،‬ولم ُيفرد الحديث الصحيح بكتاب مستقل‪ ،‬إلى أن ألف البخاري كتابه‪.‬‬
‫قال ابن حجر بعد أن ذكر مراحل التصنيف من كتب ممزوجة بالفقه إلى‬
‫كتب المسانيد‪ ،‬قال‪" :‬فلما رأى البخاري ‪ ‬هذه التصانيف‪ ،‬ورواها‪ ،‬وانتشق رياها‪،‬‬
‫واستجلى محياها‪ ،‬وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح‪،‬‬
‫والتحسين‪ ،‬والكثير منها يشمله التضعيف‪ ،‬فال يقال لغثه‪ :‬سمين‪ ،‬فحرك همته‬
‫لجمع الحديث الصحيح الذي ال يرتاب فيه أمين‪ ،‬وقوى عزمه على ذلك ما سمعه‬
‫من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه‪ ،‬إسحاق بن إبراهيم الحنظلي‪،‬‬
‫المعروف بابن راهويه"(‪.)1‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬موضوعــــه‪:‬‬
‫على الرغم من أن كتاب البخاري في الحديث الشريف فإن براعة البخاري‬
‫كتابا موسوعيا‪ ،‬يحوي بين جوانبه موضوعات مهمة أخرى‪ ،‬من أهمها(‪:)2‬‬
‫جعلته ً‬
‫‪ .1‬الحديث الصحيح ‪ :‬وهذا هو الواضح من كتابه‪ ،‬فقد جمع فيه حديث رسول هللا‬
‫‪ ‬باألسانيد المتصلة‪.‬‬
‫‪ .2‬الفـقـه‪ :‬وذلك من خالل تراجمه فيشير إلى قضايا فقهية دقيقة‪ ،‬حتى أن‬
‫بعضهم يحتج على صحة استدالله بتبويب البخاري‪ ،‬وأيضا من خالل تكرار‬
‫الحديث لفوائد فقهية‪.‬‬
‫‪ .3‬التفسـير‪ :‬اعتنى البخاري بآيات األحكام‪ ،‬فانتزع منها الدالالت البديعية‪ ،‬وسلك‬
‫في اإلشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬مقدمة فتح الباري‪.)7/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬دراسات في مناهج المحدثين‪( ،‬ص‪.)28-27/‬‬
‫(‪ )3‬مقدمة فتح الباري‪.)8/1( ،‬‬

‫‪-422-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫وقد ربط كذلك بين اآليات واألحاديث في كثير من قضايا الفقه‪ ،‬ومسائل‬
‫االعتقاد‪ ،‬بشكل بديع ال مثيل له‪ ،‬حتى أن كتاب التفسير عنده من أكبر كتب‬
‫صحيحه وأطولها‪.‬‬
‫هذا كله باإلضافة إلى أن كتابه مشتمل على مسائل دقيقه في العقيدة وعلم‬
‫التوحيد‪ ،‬وفي المغازي والسير‪ ،‬والرقائق والزهد‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫الفرع السابع‪ :‬مرتبته بين كتب السنة‪:‬‬
‫يعتبر صحيح البخاري أصح الكتب بعد كتاب هللا‪ ،‬وتبين مما سبق أن هذا‬
‫القول هو القول الراجح‪.‬‬
‫قال ابن الصالح‪" :‬وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب هللا العزيز‪ ،‬وأما ما‬
‫روينا عن الشافعي ‪ ...‬فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم"(‪.)1‬‬
‫ف في الصحيح المجرد "صحيح البخاري"(‪.)2‬‬ ‫مصن ٍ‬
‫َّ‬ ‫وقال النووي‪" :‬أول‬
‫مالكا‬
‫وقال السيوطي‪ :‬قوله "المجرد" احترز به عما اعترض عليه من أن ً‬
‫أول من صنف الصحيح‪ ،‬وتاله أحمد بن حنبل‪ ،‬وتاله الدارمي‪ .‬قال العراقي‪:‬‬
‫مالكا لم يفرد الصحيح‪ ،‬بل أدخل فيه المرسل‪ ،‬والمنقطع‪،‬‬
‫ً‬ ‫"الجواب أن‬
‫والبالغات"(‪.)3‬‬
‫ومع ذلك فإن روايات الموطأ تُعد أحدى الموارد التي اعتمدها البخاري في‬
‫آنفا عند ذكر كالم ابن حجر في أنواع التصنيف في عصره‪.‬‬ ‫"صحيحه"‪ ،‬كما بينت ً‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬إن البخاري إذا وجد ً‬
‫شيئا ُي َؤثَُر عن مالك ال يكاد يعدل‬
‫به إلى غيره‪ ،‬حتى أنه يروي في "الصحيح" عن عبد هللا بن محمد بن أسماء عن‬
‫عمه جويرية عن مالك(‪ ،)4‬وأخذ البخاري من روايات الموطأ‪ ،‬رواية التنيسي‪،‬‬

‫(‪ )1‬علوم الحديث‪.)18/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬التقريب والتيسير‪.)26/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬تدريب الراوي‪.)90/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬أوجز المسالك‪.)80/1( ،‬‬

‫‪-423-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫والقعنبي‪ ،‬وقد قال الحافظ العالئي‪" :‬وأكبرها رواية القعنبي‪ ،‬ومن أكبرها وأكثرها‬
‫زيادات رواية أبي مصعب‪ ،‬فقد قال ابن حزم‪ :‬في رواية أبي مصعب زيادة على‬
‫سائر الموطآت نحو مائة حديث"(‪.)1‬‬
‫جدول للمقارنة بين اإلمـام مالك واإلمـام البخاري‪:‬‬

‫(‪ )1‬شرح الزرقاني‪.)60/1( ،‬‬

‫‪-424-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫البخاري وصحيحه‬ ‫مالك والموطأ‬ ‫وجه المقارنة‬


‫لم يرتحل اإلمام مالك إال رحلة واحدة ارتحل اإلمام البخاري إلى بالد شتى‪،‬‬ ‫شيوخه‬
‫للرشيد‪ ،‬وأخذ العلم عن شيوخه في وسمع من شيوخ كثر‪ ،‬وألف صحيحه‬ ‫ورحالته‬
‫المدينة‪ ،‬وكانوا مدنيين إال ستة تقدم أثناء رحلته‪ ،‬بعدم حضور أصوله‪.‬‬
‫ذكرهم‪ ،‬وقد ألف الموطأ في بلده‬
‫وبحضور أصوله‪.‬‬
‫كانت هناك مؤلفات كثيرة على معنى جميع المصنفات بين مسانيد وجوامع‪،‬‬ ‫أنواع‬
‫وأول من ألف في الصحيح المجرد‬ ‫الموطأ‪.‬‬ ‫التصنيف في‬
‫البخاري‪.‬‬ ‫عصره‬
‫ألفه لغاية فقهية‪ ،‬وهي أن تكون آراؤه أراد االقتصار على األحاديث الصحيحة‬ ‫سبب التأليف‬
‫آثار‪ ،‬المسندة إلى النبي ‪.‬‬ ‫التي اختارها مستندة على‬
‫وليسهل العمل للناس بسنة النبي ‪.‬‬
‫يشمل األخبار المرفوعة‪ ،‬والموقوفة‪ ،‬موضوعه األحاديث الصحيحة المسندة‬ ‫موضوعه‬
‫والمقطوعة‪ ،‬والمراسيل التي تحوي المتعلقة بجميع أبواب الدين‪ ،‬يوردها على‬ ‫ومحتوياته‬
‫مواضيع فقهية‪ ،‬وما عليه عمل أهل سبيل االحتجاج‪ ،‬وقد أورد الموقوفات‪،‬‬
‫أيضا آ ارءه الفقهية‪ ،‬والمقطوعات‪ ،‬والمعلقات‪ ،‬لكنها على سبيل‬
‫المدينة‪ ،‬ويشمل ً‬
‫وكل ذلك يورده على سبيل االستئناس أو االستشهاد‪.‬‬
‫االحتجاج‪.‬‬
‫للموطأ مكانة كبيرة بين كتب السنة‪ ،‬الجمهور على أن البخاري أصح كتاب‬ ‫مرتبته بين‬
‫وقد استقى منه أصحاب الكتب الستة بعد كتاب هللا‪.‬‬ ‫كتب السنة‬
‫اإلمام‬ ‫وأكثر‬ ‫مروياتهم‪،‬‬ ‫بعض‬
‫البخاري عنه‪ ،‬لكن اختلف في‬
‫مرتبته‪ ،‬والجمهور على أنه بمرتبة‬
‫متأخرة عن الصحيحين‪.‬‬

‫‪-425-‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫المطلب الخامس‪ :‬منهج مالك والبخاري في التبويب‪:‬‬


‫الفرع األ ول‪ :‬منهج اإلمام مالك في التبويب‪:‬‬
‫لم ُيكثر اإلمام مالك من التبويب؛ ألنه جعل فقه كتابه في المتون واألقوال التي‬
‫يوردها‪ ،‬لذا بلغ عدد الكتب‪ ،)61( :‬وعدد األبواب‪.)703( :‬‬
‫سماه‪" :‬كتاب الطهارة"‪.‬‬
‫‪ .1‬جمع كل ما يتعلق بالطهارة في كتاب واحد ّ‬
‫‪ .2‬يرتّب الكتب واألبواب بحسب تسلسل الشروط واألركان‪:‬‬
‫قال التجيبي‪" :‬وانما ابتدأ مالك بذكر أوقات الصالة في كتابه ألنه أول ما يراعى‬
‫من أمر الصالة‪ ،‬وألنه حينئذ يجب فعل الطهارة بحسب وجوب الصالة‪ ،‬فكان االبتداء‬
‫بذكر أوقات الصالة أولى في الرتبة"(‪.)1‬‬
‫‪ .3‬رتب أبواب الصالة‪ ،‬بحسب التسلسل في الشروط واألركان‪ ،‬فبدأ بباب‪ :‬ما جاء‬
‫في النداء للصالة(‪ ،)2‬وبابين متعلقين به‪ ،‬ثم باب‪ :‬ما جاء في افتتاح الصالة(‪،)3‬‬
‫ثم باب‪ :‬القراءة في المغرب والعشاء(‪ ،)4‬ثم أبواب متعلقة بالقراءة‪ ،‬ثم ما جاء في‬
‫التأمين خلف اإلمام(‪ ،)5‬ثم باب‪ :‬العمل في الجلوس في الصالة(‪ ،)6‬ثم باب‪:‬‬
‫التشهد في الصالة(‪.)7‬‬
‫‪ .4‬يغلب على تراجم األبواب عند مالك التراجم الفقهية الظاهرة‪.‬‬
‫‪ .5‬يذكر باب‪ :‬العمل في كذا‪ ...‬في العبادات التي تحتاج لتفصيل في كيفياتها‪:‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ -‬العمل في المسح على الخفين‪:‬‬

‫(‪ )1‬المنتقى شرح الموطأ‪.)31/1( ،‬‬


‫(‪( )2‬ص‪.)59/‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)64/‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)66/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)71/‬‬
‫(‪( )6‬ص‪.)73/‬‬
‫(‪( )7‬ص‪.)74/‬‬

‫‪-426-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫ان الَ َي ِّز ُيد ِّإ َذا‬ ‫َّ‬ ‫ِّه َش ِّ‬


‫ام ْب ِّن ُع ْرَوةَ أََّن ُه َأرَى أ ََباهُ َي ْم َس ُح َعَلى اْل ُخف ْي ِّن‪َ ،‬ق َ‬
‫ال‪َ :‬وَك َ‬ ‫َع ْن‬
‫ون ُه َما(‪.)1‬‬
‫طَ‬ ‫ورُه َما‪َ ،‬والَ َي ْم َس ُح ُب ُ‬
‫ظ ُه َ‬ ‫اْل ُخَّف ْي ِّن‪َ ،‬عَلى أ ْ‬
‫َن َي ْم َس َح ُ‬ ‫َم َس َح َعَلى‬
‫ب‪ -‬العمل في الجلوس في الصالة‪:‬‬
‫ال‪َ :‬رِّآني َع ْبُد‬ ‫من اْل ُم َع ِّاوِّّي أََّن ُه َق َ‬ ‫َع ْن مسلِّ ِّم ْب ِّن أَِّبي َم ْرَي َم‪َ ،‬ع ْن َعلِّ ِّي ْب ِّن َع ْبِّد َّ‬
‫الر ْح ِّ‬
‫ّ‬
‫اص َن ْع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اء ِّفي َّ‬ ‫هللاِّ بن عمر‪ ‬وأَنا أَعب ُث ِّباْلحصب ِّ‬
‫ال‪ْ :‬‬ ‫ف َن َهاني‪َ ،‬وَق َ‬ ‫ص َر َ‬ ‫الصالَة‪َ ،‬فَل َّما ْان َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ ُ ُ ََ‬
‫ان ِّإ َذا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ال‪َ :‬ك َ‬ ‫ص َن ُع؟ َق َ‬ ‫ول هللا َي ْ‬ ‫ان َرُس ُ‬ ‫ف َك َ‬ ‫ص َن ُع‪َ .‬فُقْل ُت‪َ :‬وَك ْي َ‬
‫ول هللا ‪َ ‬ي ْ‬ ‫ان َرُس ُ‬ ‫َك َما َك َ‬
‫َص ِّاب َع ُه ُكَّل َها‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫جَلس ِّفي َّ ِّ‬
‫َش َار‬ ‫ضأَ‬ ‫ض َع َكَّف ُه اْلُي ْم َنى َعَلى َفخذه اْلُي ْم َنى‪َ ،‬وَق َب َ‬ ‫الصالَة‪َ ،‬و َ‬ ‫َ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ان‬‫ال‪َ :‬ه َك َذا َك َ‬ ‫ض َع َكف ُه اْلُي ْس َرى َعَلى َفخذه اْلُي ْس َرى‪َ ،‬وَق َ‬ ‫ام‪َ ،‬وَو َ‬ ‫ص َبعه التي َتلي ْاإل ْب َه َ‬ ‫بإ ْ‬
‫َيْف َع ُل(‪.)2‬‬
‫‪ .6‬يشير في األبواب إلى االختالف في بعض المسائل‪:‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ .‬في المرور بين يدي المصلي‪:‬‬
‫باب‪ :‬التشديد في أن يمر أحد بين يدي المصلي(‪.)3‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب‪ :‬الرخصة في المرور بين يدي المصلي(‪.)4‬‬ ‫‪-‬‬
‫ب‪ .‬في استقبال القبلة لبول أو غائط‪:‬‬
‫باب‪ :‬النهي عن استقبال القبلة واإلنسان على حاجته(‪.)5‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرخصة في استقبال القبلة لبول أو غائط(‪.)6‬‬ ‫‪-‬‬
‫يذكر في األبواب التفصيالت في المسألة‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫(‪( )1‬ص‪ )40/‬رقم الحديث (‪.)77‬‬


‫(‪( )2‬ص‪ ،)73/‬رقم الحديث (‪.)199‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)118/‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)119/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)146/‬‬
‫(‪()6‬ص‪.)146/‬‬
‫‪427‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ .‬القراءة خلف اإلمام‪ ،‬جعل لها بابين‪:‬‬
‫باب‪ :‬القراءة خلف اإلمام فيما ال يجهر فيه بالقراءة(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب‪ :‬ترك القراءة خلف اإلمام فيما جهر فيه(‪.)2‬‬ ‫‪-‬‬
‫ب‪.‬صالة المسافر إذا أجمع مكثًا‪ ،‬جعل لها بابين‪:‬‬
‫باب‪ :‬صالة المسافر ما لم يجمع لها مكثًا(‪.)3‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب‪ :‬صالة اإلمام إذا أجمع مكثًا(‪.)4‬‬ ‫‪-‬‬
‫يذكر في بعض األبواب عناوين مجملة‪ ،‬ثم يفسر معناها باألدلة‪ ،‬ويرجح‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ .‬باب‪ :‬الصالة الوسطى(‪.)5‬‬
‫روى من طريق زيد بن ثابت‪ :‬الصالة الوسطى‪ :‬صالة الظهر(‪.)6‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن طريق علي بن أبي طالب ‪ ‬وعبد هللا بن عباس ‪ :‬الصالة الوسطى‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫صالة الصبح(‪.)7‬‬
‫ثم رّجح فقال‪ :‬وقول علي بن أبي طالب ‪ ،‬وابن عباس ‪ ‬أحب ما سمعت‬ ‫‪-‬‬
‫إلي في ذلك(‪.)8‬‬
‫ب‪ .‬باب‪ :‬إعادة الصالة مع اإلمام‪ ،‬ثم ذكر أدلة مختلفة وتفصيلية في الحكم في‬

‫(‪( )1‬ص‪.)70/‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)71/‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)114/‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)115/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)107/‬‬
‫(‪( )6‬ص‪.)108/‬‬
‫(‪( )7‬ص‪.)108/‬‬
‫(‪( )8‬ص‪.)108/‬‬

‫‪-428-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫ذلك(‪.)1‬‬
‫يشير في بعض عناوين األبواب إلى أكثر من مسألة‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫باب‪ :‬صالة النافلة في السفر بالنهار والليل والصالة على الدابة‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪ -‬في النافلة في السفر‪ :‬أنه بلغه أن القاسم بن محمد‪ ،‬وعروة بن الزبير‪ ،‬وأبا‬
‫بكر بن عبد الرحمن‪ ،‬كانوا يتنفلون في السفر(‪.)2‬‬
‫‪ -‬التنفل بالليل والنهار‪ :‬وسئل مالك عن النافلة في السفر؟ فقال‪ :‬ال بأس بذلك‬
‫بالليل والنهار‪ ،‬وقد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك(‪.)3‬‬
‫‪ -‬التنفل على الدابة‪َ :‬ع ْن َع ْم ِّرو ْب ِّن َي ْح َيى اْل َم ِّازِّن ِّي‪َ ،‬ع ْن َس ِّع ِّيد ْب ِّن َي َس ٍار‪َ ،‬ع ْن‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا ‪ُ ‬ي َصلي َو ُه َو َعَلى ح َم ٍار‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫عبِّد هللاِّ ب ِّن عمر‪‬؛ أََّنه َقال‪ « :‬أرَيت رسول ِ‬
‫َ َُْ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫َْ‬
‫ُم َت َو ِج ٌه ِإَلى َخْيَبَر» ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫باب‪ :‬العمل في غسل العيدين‪ ،‬والنداء فيهما‪ ،‬واإلقامة‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬


‫‪ -‬النداء واإلقامة‪ :‬أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول‪ :‬لم يكن في الفطر‪،‬‬
‫واألضحى نداء‪ ،‬وال إقامة‪ ،‬منذ زمان رسول هللا ‪ ‬إلى اليوم(‪.)5‬‬
‫‪ -‬الغسل‪ :‬عن نافع أن عبد هللا بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو‬
‫إلى المصلى(‪.)6‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬منهج البخاري في التبويب‪:‬‬
‫احتوى كتاب صحيح البخاري على جميع أبواب الدين المشتملة على العقائد‪،‬‬
‫والعبادات‪ ،‬والعادات‪ ،‬والسير‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وقد أكثر البخاري من تراجم األبواب‪ ،‬وجعل‬

‫(‪( )1‬ص‪.)102/‬‬
‫(‪( )2‬ص‪ )115/‬برقم (‪.)353‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)116/‬‬
‫(‪( )4‬ص‪ )116/‬رقم الحديث (‪.)355‬‬
‫(‪( )5‬ص‪ )135/‬برقم (‪.)427‬‬
‫(‪( )6‬ص‪ )135/‬برقم (‪.)428‬‬
‫‪429‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫فقهه فيها‪ ،‬فبلغ عدد الكتب (‪ ،)97‬وعدد األبواب (‪ ،)3972‬وهو أكثر كتاب من كتب‬
‫السنة اعتنى بالتراجم‪.‬‬
‫‪ .1‬بدأ بكتاب بدء الوحي‪ ،‬ولم يسر على طريقة المصنفات التي تتبع الترتيب الفقهي‪.‬‬
‫فصل البخاري في كتاب الطهارة فقسمه إلى عدة كتب‪( :‬كتاب الوضوء‪-‬كتاب‬
‫‪ّ .2‬‬
‫الغسل – كتاب الحيض – كتاب التيمم)‪.‬‬
‫‪ .3‬يتسلسل في ذكر األبواب بحسب فقه معّين‪ .‬قال ابن حجر‪" :‬فرأيت أن أذكر‬
‫مناسبتها في ترتيبها قبل الشروع في شرحها‪ ،‬فأقول‪ :‬بدأ أوال بالشروط السابقة‬
‫على الدخول في الصالة‪ ،‬وهي الطهارة‪ ،‬وستر العورة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬ودخول‬
‫الوقت‪ ،‬ولما كانت الطهارة تشتمل على أنواع أفردها بكتاب‪ ،‬واستفتح كتاب‬
‫الصالة بذكر فرضيتها لتعين وقته دون غيره من أركان اإلسالم‪ ،‬وكان ستر‬
‫العورة ال يختص بالصالة فبدأ به؛ لعمومه‪ ،‬ثم ثنى باالستقبال للزومه في‬
‫الفريضة والنافلة إال ما استثنى كشدة الخوف‪ ،‬ونافلة السفر‪ ،‬وكان االستقبال‬
‫يستدعي مكانا فذكر المساجد‪.)1( "...‬‬
‫‪ .4‬تنوعت تراجم البخاري في األبواب بين تراجم ظاهرة وتراجم استنباطية‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬التراجم الظاهرة‪:‬‬
‫وهي التي تدل على محتوى الباب بجالء ووضوح‪ ،‬وال تحتاج إلى إعمال الذهن‬
‫والفكر كثي ار في فهم مدلوالتها ومن أقسامه‪:‬‬
‫أ‪-‬الترجمة بصيغة خبرية عامة تدل على المحتوى العام للباب‪:‬‬
‫مثـاله‪ :‬باب تفاضل أهل اإليمان في األعمال(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬الترجمة بصيغة خبرية خاصة بمسألة في الباب‪:‬‬
‫مثـاله‪ :‬باب من الدين الفرار من الفتن(‪.)3‬‬
‫ت‪ -‬الترجمة ببيان الحكم الشرعي‪:‬‬

‫(‪ )1‬فتح الباري‪.)458/1( ،‬‬


‫(‪( )2‬ص‪)7/‬‬
‫(‪( )3‬ص‪)6/‬‬

‫‪-430-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫مثـاله‪ :‬باب وجوب الزكاة(‪.)1‬‬


‫ث‪ -‬الترجمة من حديث الباب بكامله أو جزء منه‪:‬‬
‫مثـاله‪:‬‬
‫‪ ‬الحديث كامل‪ :‬باب‪ :‬اللهم علمه الكتاب(‪ ،)2‬من حديث ابن عباس ‪:‬‬
‫اب»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ض َّمِّني رسول َّ ِّ‬
‫ال‪« :‬الل ُه َّم َعل ْم ُه اْلك َت َ‬
‫َّللا ‪َ ‬وَق َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ‬جزء من حديث‪ :‬باب قول النبي ‪" :‬الدين يسر" ‪.‬‬
‫ج‪ -‬تراجم للمسائل الخالفية‪:‬‬
‫مثـاله ‪ :‬باب الوضوء من النوم‪ ،‬ومن لم ير من النعسة والنعستين أو الخفقة‬
‫وضوءا(‪.)5‬‬
‫ح‪ -‬تراجم لبيان النسخ في الحكم الشرعي‪:‬‬
‫مثـاله‪ :‬باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق(‪.)6‬‬
‫خ‪ -‬الترجمة بآية قرآنية‪:‬‬
‫مثـاله‪ :‬باب‪:‬ﭐﱡﭐﲑﲒﲓﱠ(‪.)7‬‬
‫د‪ -‬التراجم االستفهامية ‪:‬‬
‫مثـاله‪ :‬هل يجعل للنساء يوما على حدة في العلم؟(‪.)8‬‬

‫(‪( )1‬ص‪.)224/‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)18/‬‬
‫(‪ )3‬كتاب العلم‪ ،‬برقم (‪.)75‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)9/‬‬
‫(‪()5‬ص‪)40/‬‬
‫(‪( )6‬ص‪.)40/‬‬
‫(‪( )7‬ص‪ ،)55/‬سورة الحج‪ ،‬آية (‪.)5‬‬
‫(‪( )8‬ص‪.)23/‬‬
‫‪431‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫النوع الثاني‪ :‬التراجم االستنباطية‪:‬‬


‫تميز بها صحيح البخاري عن بقية الكتب الستة‪ ،‬فهي تحتاج إلى‬ ‫وهي التي ّ‬
‫إعمال الذهن في معرفة مناسبة الباب للحديث‪ ،‬وقد قال العلماء‪ :‬إن فقه البخاري في‬
‫أبوابه‪:‬‬
‫َّ‬ ‫باب من رفع صوته بالعلم(‪ ،)1‬من حديث عبِّد َّ ِّ‬
‫ف َعَّنا‬ ‫ال تَ َخل َ‬ ‫َّللا ْب ِّن َع ْم ٍرو َق َ‬ ‫َْ‬ ‫‪.1‬‬
‫ِّ‬
‫ضأُ‪َ ،‬ف َج َعْل َنا‬ ‫الص َالةُ َوَن ْح ُن َنتََو َّ‬
‫اها‪َ ،‬فأ َْد َرَك َنا‪َ ،‬وَق ْد أ َْرَهَق ْت َنا َّ‬ ‫النِّب ُّي ‪ ‬في َسْف َ ٍرة َساَف ْرَن َ‬ ‫َّ‬
‫اب ِم ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ِار َمَّرَتْي ِن أ َْو‬ ‫َعَق ِ‬
‫َعَلى َص ْوِته‪َ « :‬وْي ٌل ل ْْل ْ‬ ‫َن ْم َس ُح َعَلى أ َْرُجلِّ َنا َفَن َادى ِبأ ْ‬
‫َث َال ًثا»(‪.)2‬‬
‫َّللاِّ ْب ِّن ِّد َين ٍار‪،‬‬
‫باب قول المحدث‪ :‬حدثنا‪ ،‬وأخبرنا‪ ،‬وأنبأنا(‪ ،)3‬من حديث َع ْبِّد َّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ط َوَرُق َها‪،‬‬ ‫الش َج ِر َش َجَرًة َال َي ْسُق ُ‬ ‫إن ِم ْن َّ‬ ‫َّللاِّ ‪َّ « :‬‬ ‫ول َّ‬ ‫ال َرُس ُ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫َع ْن ْاب ِّن ُع َم َر َق َ‬
‫ِّ‬ ‫الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َع ْبُد‬ ‫اس في َش َج ِّر اْل َب َوادي‪َ ،‬ق َ‬ ‫َواَِّن َها َم َث ُل اْل ُم ْسلمِ َف َحد ُثوني َما ه َي؟» َف َوَق َع َّ ُ‬
‫َّللاِّ؟‬
‫ول َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫استَ ْح َي ْي ُت ثُ َّم َقاُلوا‪َ :‬حد ْثَنا َما ه َي َيا َرُس َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّللا‪َ :‬وَوَق َع في َنْفسي أََّن َها النَّ ْخَل ُة َف ْ‬
‫َّ ِّ‬
‫الن ْخَل ُة» (‪.)4‬‬ ‫ال‪« :‬هي َّ‬ ‫َق َ‬
‫َ‬
‫ات‬‫النِّب ُّي ‪َ ‬ذ َ‬ ‫ظ َّ‬ ‫استَ ْيَق َ‬
‫ُم َسَل َم َة َقاَل ْت‪ْ :‬‬ ‫باب العلم والعظة بالليل(‪ ،)5‬من حديث أ ِّّ‬ ‫‪.3‬‬
‫اللْيَل َة ِم ْن اْل ِف َت ِن َو َما َذا ُف ِت َح ِم ْن اْل َخ َزِائ ِن‪،‬‬ ‫َّللا ما َذا أُْن ِزل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ان َّ َ‬ ‫ال‪ُ « :‬سْب َح َ‬ ‫َلْيَلة َفَق َ‬
‫الدْنَيا َع ِارَي ٍة ِفي ْاْل ِخَرِة»(‪.)6‬‬ ‫اسَي ٍة ِفي ُّ‬ ‫ات اْلحج ِر َفر َّب َك ِ‬ ‫احب ِ‬‫ِ‬ ‫أَْي ِق ُ‬
‫َُ ُ‬ ‫ظوا َص َو َ‬
‫النِّب ِّي ‪‬‬ ‫باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله(‪ ،)7‬من حديث ْاب ِّن ُعم َر َع ْن َّ‬
‫َ‬ ‫‪.4‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ام َة‪َ ،‬وال‬ ‫يص‪َ ،‬وَال اْلع َم َ‬ ‫س اْلَقم َ‬ ‫ال‪َ« :‬ال َيْلَب ُ‬ ‫َن َرُج ًال َسأََل ُه َما َيْل َب ُس اْل ُم ْح ِّرُم َفَق َ‬ ‫أ َّ‬

‫(‪( )1‬ص‪.)14/‬‬
‫(‪ )2‬كتاب العلم‪ ،‬برقم ( ‪.)60‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)14/‬‬
‫(‪ )4‬كتاب العلم‪ ،‬برقم (‪.)61‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)25/‬‬
‫(‪)6‬كتاب العلم برقم ( ‪.)115‬‬
‫(‪()7‬ص‪)28/‬‬

‫‪-432-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫ان‪َ ،‬فِإ ْن َل ْم َي ِج ْد َّ‬


‫الن ْعَلْي ِن‬ ‫الز ْع َفَر ُ‬ ‫س أ َْو َّ‬ ‫س‪َ ،‬وال َث ْوًبا َم َّس ُه اْل َوْر ُ‬ ‫يل‪َ ،‬وال اْلُبْرُن َ‬ ‫السَر ِ‬
‫او َ‬ ‫َّ‬
‫ط ْع ُه َما َح َّتى َي ُكوَنا َت ْح َت اْل َك ْعَبْي ِن»(‪.)1‬‬ ‫َفْلَيْلَب ْس اْل ُخ َّفْي ِن‪َ ،‬وْلَي ْق َ‬
‫ال صَّلى ِّب َنا َّ‬
‫النِّب ُّي‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫َّللاِّ‬
‫َّ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫حديث‬ ‫من‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫باب السمر في العلم‬ ‫‪.5‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫‪ ‬اْل ِّع َش ِّ‬
‫س‬ ‫َرَْي َت ُك ْم َلْيَل َت ُك ْم َهذه‪َ ،‬فِإ َّن َ ْأر َ‬
‫ال‪« :‬أَأ‬ ‫ام‪َ ،‬فَق َ‬ ‫اء في آخر َح َياته‪َ ،‬فَل َّما َسل َم َق َ‬ ‫َ‬
‫ظ ْه ِر ْاألَْر ِ‬ ‫ِم َائ ِة َسَن ٍة ِمْن َها ال َيْبَقى ِم َّم ْن ُه َو َعَلى َ‬
‫(‪)3‬‬
‫َحٌد» ‪.‬‬ ‫ض أَ‬
‫باب‪ :‬من سمى النفاس حيضا(‪ ،)4‬من حديث أ َُّم َسَل َم َة ‪َ ‬قاَل ْت‪َ :‬ب ْي َنا أ ََنا َم َع‬ ‫‪.6‬‬
‫يض ِتي‬‫اب ِح َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ط ِّجع ٌة ِّفي خ ِّم ٍ‬
‫َخ ْذ ُت ث َي َ‬ ‫يصة ِّإ ْذ ح ْ‬
‫ض ُت‪َ ،‬ف ْان َسَلْل ُت‪َ ،‬فأ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ضَ َ‬ ‫النِّب ِّّي ‪ُ ‬م ْ‬
‫َّ‬
‫ط َج ْع ُت َم َع ُه ِّفي اْل َخ ِّميَل ِّة(‪.)5‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال‪« :‬أَُنف ْست»؟ ُقْل ُت‪َ :‬ن َع ْم‪َ .‬ف َد َعاني‪َ ،‬ف ْ‬
‫اض َ‬ ‫َق َ‬
‫يذكر كلمة "باب"‪ ،‬دون ذكر عنوان‪ ،‬وهي ما تسمى بالتراجم المرسلة(‪.)6‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪ . 8‬الغالب على الكتب المتعلقة بالطهارة أنه يبدأ بآية‪ ،‬كما في كتاب الوضوء قال‪:‬‬
‫باب الوضوء‪ ،‬وقول هللا ‪-‬تعالى‪ :‬ﱡﭐﱁﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱆﱇﱈ‬

‫ﱑﱠ ‪ ،‬وفي كتاب‬


‫ﱒ‬ ‫ﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ‬

‫َّللاِّ ‪-‬تَ َعاَلى‪ :‬ﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ‬


‫قال‪َ :‬وَق ْو ِّل َّ‬ ‫(‪)7‬‬
‫ﱖ ﱘﱙﱚﱛ‬
‫ﱗ‬ ‫الغسل‬
‫ﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣ ﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬ‬

‫ﱰﱲﱳﱴ ﱵﱶﱷﱸﱹﱺ‬
‫ﱱ‬ ‫ﱭﱮﱯ‬

‫(‪)1‬كتاب العلم‪ ،‬برقم ( ‪.)134‬‬


‫(‪( )2‬ص‪.)25/‬‬
‫(‪)3‬كتاب العلم‪ ،‬برقم ( ‪.)116‬‬
‫(‪( )4‬ص‪)52/‬‬
‫(‪)5‬كتاب الحيض‪ ،‬برقم ( ‪ ،)298‬والخميلة‪ :‬القطيفة‪" ،‬النهاية في غريب األثر"‪ ،‬مادة‪ :‬خمل‪،‬‬
‫(‪.)81/2‬‬
‫(‪( )6‬ص‪.)37/‬‬
‫(‪( )7‬ص‪.)45/‬‬
‫‪433‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﱠ (‪ ،)1‬وكذا في كتاب‬
‫الحيض والتيمم‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف‪:‬‬
‫أوجــه التشـابه‪:‬‬
‫‪ .1‬كالهما احتوى مصنفه على التراجم الفقهية‪.‬‬
‫‪ .2‬كالهما يراعي التسلسل في ذكر األبواب‪ ،‬لكنه يختلف بحسب فقهه‪ ،‬والمفهوم‬
‫الذي أراده‪.‬‬
‫‪ .3‬كالهما استعمل التراجم الظاهرة‪.‬‬
‫‪ .4‬كالهما يشير إلى المسائل الخالفية في بعض األبواب‪.‬‬
‫أوجــه االختـالف‪:‬‬

‫صحيح البخاري‬ ‫موطأ مالك‬ ‫وجه المقارنة‬


‫عدد أبوابه كثيرة (‪)3972‬‬ ‫(‪)703‬‬ ‫عدد األبواب‬
‫‪ .1‬تشمل أبواب الدين‪.‬‬ ‫يغلب على نوع ‪ .1‬فقهـية‪.‬‬
‫‪ .2‬يغلب عليها االستنباط‪.‬‬ ‫‪ .2‬ظاهـرة‪.‬‬ ‫تراجم األبواب‪:‬‬

‫يستخدم الترجمة بآية‪ ،‬خاصة‬ ‫استخدام اْليات ال يستعمل هذا النوع من التراجم‪.‬‬
‫في كتب الطهارة‪.‬‬ ‫في التراجم‬

‫يترجم بأحاديث‪ ،‬لكن بكيفيه‬ ‫الترجمة بحديث ال يستعمل هذا النوع من التراجم‪.‬‬
‫معينة (التعليق)‪.‬‬

‫الصحابة‬ ‫بأقوال‬ ‫يترجم‬ ‫ال يستعمل هذا النوع من التراجم‪.‬‬ ‫الترجمة بأقوال‬
‫والتابعين‪.‬‬ ‫الصحابة‬
‫والتابعين‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة‪ ،‬آية (‪.)6‬‬

‫‪-434-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫يترجم بهذا النوع‪.‬‬ ‫ال يستعمل هذا النوع من التراجم‪.‬‬ ‫التراجم بصيغة‬
‫االستفهام‬
‫يستعمل هذا النوع من تراجم ال يستعمل هذا النوع من‬ ‫الترجمة بأكثر‬
‫التراجم‪.‬‬ ‫األبواب‪.‬‬ ‫من مسألة‬
‫يترجم بقوله‪" ،‬باب‪.":‬‬ ‫التراجم المرسلة ال يستعمل هذا النوع من التراجم‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬منهج اإلمام مالك والبخاري في األسانيد‪:‬‬


‫الفرع األول‪ :‬منهج مالك في األسانيد‪:‬‬
‫‪ .1‬عند ذكره لرٍاو غير مشهور يروي عن أبيه فإنه يذكر اسمه كامال؛ ُليعرف أباه‪.‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫ب‪ .‬العالء بن عبد الرحمن بن يعقوب‪ ،‬عن أبيه‪.‬‬
‫ت‪ .‬محمد بن جبير بن مطعم‪ ،‬عن أبيه‪.‬‬
‫ث‪ .‬إبراهيم بن عبد هللا بن حنين‪ ،‬عن أبيه‪.‬‬
‫‪ .2‬يـروي بصيغة اإلبهـام‪:‬‬
‫الثَق ِة ِّع ْن َدهُ‪َ ،‬ع ْن ُب َك ْي ِّر ْب ِّن َع ْبِّد َّ‬
‫َّللاِّ ْب ِّن‬ ‫مثال‪ :‬وقال يحيى‪ ،‬حَّدثَِّني مالِّ ٍك‪ ،‬ع ِّن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫األَ َش ِّّج‪. ...‬‬
‫‪ .3‬ال يستخدم صيغ السماع (سمعت‪ ،‬أخبرنا‪ ،‬حدثنا) إال في القليل النادر‪ ،‬ويغلب‬
‫على أسانيده العنعنة(‪.)2‬‬

‫(‪( )1‬ص‪ )110/‬رقم الحديث (‪.)327‬‬


‫(‪ )2‬استنتجت ذلك من خالل االستقراء‪ ،‬وبحثت عن قول لتأييد ما ذهبت إليه‪ ،‬فلم أقف على شيء‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫‪435‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ .‬عن أبي الزناد‪ ،‬عن األعرج‪ ،‬عن أبي هريرة ‪.)1(‬‬
‫ب‪ .‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر‪.)2(...‬‬
‫ت‪ .‬عن هشام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة ‪-‬رضي هللا عنها‪.)3(...‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬منهج البخاري في األسانيد‪:‬‬
‫‪ .1‬يستخدم صيغ السماع‪ :‬حدثنا‪ ،‬وأخبرنا‪ ،‬وأنبأنا‪ ،‬وسمعت‪.‬‬
‫ال‪َ :‬س ِم ْع ُت َح ِّارثَ َة‬ ‫ِّ‬
‫اق‪َ ،‬ق َ‬ ‫ال‪َ :‬حَّد َثَنا ُش ْع َب ُة‪ ،‬أَْنَبأََنا أَُبو ِّإ ْس َح َ‬ ‫‪ ‬قال‪َ :‬حَّد َثَنا أَُبو اْل َولِّيد‪َ ،‬ق َ‬
‫ان ِب ِمًنى َرْك َع َتْي ِن(‪.)4‬‬ ‫آم َن َما َك َ‬ ‫َّ ِ َّ ِ‬
‫ال‪َ :‬صلى بَنا النب ُّي ‪َ ‬‬
‫ٍ‬
‫ْب َن َو ْهب َق َ‬
‫َخَبَرَنا َي ْح َيى‪َ ،‬ع ْن ُع َب ْيِّد هللاِّ‪َ ،‬ع ْن َن ِّاف ٍع‪َ ،‬ع ِّن ْاب ِّن ُع َم َر‪،‬‬ ‫ال‪ :‬أ ْ‬‫ص َدَق ُة‪َ ،‬ق َ‬ ‫‪ ‬قال َحَّد َثَنا َ‬
‫ِ ِ‬
‫الس ْج َد ُة َفَي ْس ُجُد َوَن ْس ُجُد َح َّتى‬
‫يها َّ‬ ‫ورَة َّالتي ف َ‬ ‫الن ِب ُّي ‪َ ‬ي ْقَأُر ُّ‬
‫الس َ‬ ‫ان َّ‬ ‫ال‪َ :‬ك َ‬ ‫‪َ ،‬ق َ‬
‫َحُدَنا َم َكاًنا لِ َم ْو ِض ِع َجْب َه ِت ِه(‪.)5‬‬‫َما َي ِجُد أ َ‬
‫‪ .2‬يستخدم التحويل في األسانيد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن يوسف‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪،‬‬
‫أنسا ح وحدثنا مسدد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا يحيى‪ ،‬عن‬
‫عن عمرو بن عامر‪ ،‬قال‪ :‬سمعت ً‬
‫سفيان‪.(6)...‬‬
‫‪ .3‬يقرن بين الرواة في اإلسناد‪ ،‬كما قرن إسحاق بن سويد بخالد الحذاء‪.‬‬
‫ال‪َ :‬س ِّم ْع ُت ِإ ْس َحاق‪َ ،‬ع ْن َع ْبِّد َّ‬
‫الر ْح َم ِّن ْب ِّن‬ ‫ِّ‬
‫مثـاله‪ :‬قال‪َ :‬حَّدثََنا ُم َسَّدٌد‪َ ،‬حَّدثََنا ُم ْعتَمٌر َق َ‬
‫النِّب ِّي ‪َ ‬و َحَّدثَِّني ُم َسَّدٌد‪َ ،‬حَّدثََنا ُم ْعتَ ِّمٌر َع ْن َخالِ ٍد‬‫يه‪َ ،‬ع ِّن َّ‬ ‫أَِّبي ب ْكرة‪ ،‬عن أَِّب ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ ََ َ ْ‬

‫(‪( )1‬ص‪ )60/‬رقم الحديث (‪.)154‬‬


‫(‪( )2‬ص‪ )452/‬رقم الحديث (‪.)1337‬‬
‫(‪( )3‬ص‪ ،)531/‬رقم الحديث (‪.)1490‬‬
‫(‪( )4‬ص‪ ،)174/‬رقم الحديث (‪.)1083‬‬
‫(‪( )5‬ص‪ )173/‬برقم (‪.)1079‬‬
‫(‪ )6‬رقم الحديث (‪.)214‬‬

‫‪-436-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫النِّب ِّي ‪‬‬


‫يه‪َ  ،‬ع ِّن َّ‬‫الرحم ِّن بن أَِّبي ب ْكرة‪ ،‬عن أَِّب ِّ‬ ‫َخ َب َرِّني َع ْبُد‬ ‫َّ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ََ َ ْ‬ ‫َّ ْ َ ْ ُ‬ ‫ال‪ :‬أ ْ‬‫اْل َحذاء َق َ‬
‫يد رم َضان وُذو اْلحج ِ‬
‫َّة»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ان الَ َيْنُق َص ِ‬ ‫ال‪َ « :‬ش ْهَر ِ‬
‫َ‬ ‫َش ْهَار ع ٍ َ َ ُ َ‬ ‫ان‪:‬‬ ‫َق َ‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف‪:‬‬

‫صحيح البخاري‬ ‫موطأ مالك‬ ‫وجه المقارنة‬


‫يستعمله في األسانيد‪.‬‬ ‫ال يستعمل التحويل‪.‬‬ ‫تحويل اإلسناد‬

‫يقرن البخاري بعض الرواة‬ ‫ال يقرن بين الرواة‪.‬‬ ‫يقرن بين الرواة‬
‫المتكلم فيهم مع غيرهم‪.‬‬

‫صيغة ورد في الصحيح الكثير من‬ ‫رواياته‬ ‫على‬ ‫يغلب‬ ‫الرواية بصيغ األداء‬
‫صيغ األداء رواها البخاري‬ ‫العنعنة‪.‬‬
‫كما هي‪.‬‬
‫ال يروي على اإلبهام‪.‬‬ ‫يقول في رواياته‪" :‬حدثني الثقة"‪.‬‬ ‫الرواية على اإلبهام‬

‫المطلب السابع‪ :‬منهج اإلمام مالك والبخاري في المتون‪:‬‬


‫الفرع األ ول‪ :‬منهج اإلمام مالك في المتون‪:‬‬
‫‪ .1‬يذكر األحاديث المرفوعة‪ ،‬والموقوفة على الصحابة‪ ،‬والمقطوعة‪ ،‬والمرسلة‪ ،‬تحت‬
‫عنوان الباب‪ ،‬على سبيل االحتجاج‪ ،‬قال مالك‪" :‬الموطأ فيه حديث رسول هللا ‪ ‬وقول‬
‫الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬وآرائي‪ ،‬وقد تكلمت برأي على االجتهاد‪ ،‬وعلى ما أدركت عليه‬
‫أهل العلم ببلدنا‪ ،‬ولم أخرج عن جملتهم إلى غيره(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬بلغ عدد أحاديثه المسندة‪ ،‬كما ذكرها الغافقي في "مسند الموطأ"‪" :‬اشتمل كتابنا‬
‫هذا على ستمائة حديث ستة وستين حديثًا‪ ،‬وهو الذي انتهى إلينا من مسند موطأ‬

‫(‪( )1‬ص‪ )307/‬برقم (‪.)1912‬‬


‫(‪ )2‬ترتيب المدارك‪.)73/2( ،‬‬
‫‪437‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫مالك"‪ ،‬وقال‪" :‬وذلك أني نظرت الموطأ من ثنتي عشرة رواية رويت عن مالك‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫رواية عبد هللا بن وهب‪.)1("...‬‬
‫شك في رفع الحديث ّبين ذلك‪.‬‬ ‫‪ .3‬إذا ّ‬
‫مثـال‪:‬‬
‫َع ِن َّ ِ‬ ‫ِّ‬
‫النب ِي ‪ ‬أ َْم الَ! أََّن ُه َق َ‬
‫ال‪َ « :‬م ْن َتَر َك‬ ‫ك‪ :‬الَ أ َْدرِي أ َ‬ ‫ال َمال ٌ‬ ‫ان ْب ِّن ُسَل ْيمٍ‪َ ،‬ق َ‬‫صْف َو َ‬‫َع ْن َ‬
‫هللا َعَلى َقْل ِب ِه»(‪.)2‬‬ ‫ات ِم ْن َغْي ِر ُع ْذ ٍر َوالَ ِعَّل ٍة َ‬
‫طَب َع ُ‬ ‫اْل ُج ُم َع َة َثالَ َث َمَّر ٍ‬
‫‪ .4‬في المتـابعات‪:‬‬
‫أ‪ .‬إذا كانت المتابعة بنفس اللفظ‪ ،‬يذكر اإلسناد اآلخر‪ ،‬ثم يقول‪" :‬مثل ذلك"‪.‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫عن ابن شهاب‪ ،‬عن سالم بن عبد هللا‪ ،‬عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب ‪ ‬كان‬ ‫‪-‬‬
‫إذا قدم مكة‪ ،‬صلى بهم ركعتين‪ .‬ثم يقول‪ :‬يا أهل مكة أتموا صالتكم‪ ،‬فإنا قوم‬
‫سفر(‪.)3‬‬
‫عن زيد بن أسلم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عمر بن الخطاب ‪ ،‬مثل ذلك(‪.)4‬‬ ‫‪-‬‬
‫ب‪ .‬أما إذا اختلف لفظ المتابعة‪ ،‬فإنه يذكرها بنصها‪:‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫باب‪ :‬ما جاء في التأمين خلف اإلمام(‪:)5‬‬
‫من؛ أََّن ُه َما‬ ‫وع ْن أَِّبي َسَل َم َة ْب ِّن َع ْبِّد َّ‬
‫الر ْح ِّ‬ ‫َّب‪َ ،‬‬‫اب‪َ ،‬ع ْن س ِّع ِّيد ْب ِّن اْلمسي ِّ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫‪َ -‬ع ِّن ْاب ِّن ِّشه ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم َن ِْ‬
‫اإل َما ُم َفأَمُنوا‪َ ،‬فإَّن ُه‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬إ َذا أ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫َخ َب َراهُ َع ْن أبي ُهَرْيَرَة ‪‬؛ أ َّ‬
‫ول هللا ‪َ ‬ق َ‬‫َن َرُس َ‬ ‫أْ‬

‫نقال عن الغافقي من "مسند الموطأ"‪ ،‬وقد بحثت في المسند‪ ،‬ولم أقف‬


‫(‪ )1‬تزيين الممالك‪ً ،)46/1( ،‬‬
‫على قوله‪.‬‬
‫(‪( )2‬ص‪ )89/‬رقم الحديث (‪.)248‬‬
‫(‪( )3‬ص‪ )115/‬برقم (‪.)349‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)115/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)71/‬‬

‫‪-438-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫ين اْل َمالَ ِئ َك ِة ُغ ِفَر َل ُه َما َتَقَّد َم ِم ْن َذْن ِب ِه»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق َتأْميُن ُه َتأْم َ‬ ‫َم ْن َوا َف َ‬
‫ان‪َ ،‬ع ْن أَِبي‬ ‫صالِّ ٍح َّ‬
‫الس َّم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪َ -‬ع ْن سم ٍي‪ ،‬م ْوَلى أَِّبي َب ْك ِّر ْب ِّن َع ْبِّد َّ ِّ‬
‫الر ْحمن‪َ ،‬ع ْن أَبي َ‬ ‫َُّ َ‬
‫ام‪ :‬ﱡﭐ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ‬ ‫ال‪ِ« :‬إ َذا َق َ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُهَرْيَرة ‪ ‬أ َّ‬
‫ال ْاإل َم ُ‬ ‫ول هللا ‪َ ‬ق َ‬ ‫َن َرُس َ‬
‫ِ‬
‫ين‪َ .‬فِإَّن ُه َم ْن َوا َف َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ق َق ْوُل ُه َق ْو َل‬ ‫َفُقوُلوا‪ :‬آم َ‬ ‫ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱠ‬
‫اْل َمالَ ِئ َك ِة ُغ ِفَر َل ُه َما َتَقَّد َم ِم ْن َذْن ِب ِه»(‪.)3‬‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َع َرِّج‪َ ،‬ع ْن أَِبي ُهَرْيَرَة؛ أ َّ‬ ‫‪ -‬عن أَِّبي ِّّ ِّ‬
‫ال‬
‫ال‪« :‬إ َذا َق َ‬ ‫ول هللا ‪َ ‬ق َ‬ ‫َن َرُس َ‬ ‫الزَناد‪َ ،‬ع ِّن ْاأل ْ‬ ‫َْ‬
‫ُخَرى‪ُ ،‬غ ِفَر‬ ‫آمين‪َ .‬قاَل ِت اْلمالَ ِئ َك ُة ِفي َّ ِ ِ‬ ‫أَحُد ُكم‪ِ :‬‬
‫ين‪َ .‬ف َوا َفَق ْت ِإ ْح َد ُ‬
‫اه َما ْاأل ْ‬ ‫الس َماء‪ :‬آم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ (‪)4‬‬
‫َل ُه َما َتَقَّد َم ِم ْن َذْن ِبه» ‪.‬‬
‫‪ .5‬يذكر االستنباطات من بعض األحاديث أو اآلثار بعد ذكرها مباشرة‪:‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫َحُد ُك ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُع َم َر ‪ ‬أ َّ‬ ‫أ‪ .‬روى مالك‪َ :‬ع ْن َن ِّاف ٍع‪َ ،‬ع ِّن ْاب ِّن‬
‫اء أ َ‬
‫ال‪« :‬إ َذا َج َ‬
‫ول هللا ‪َ ‬ق َ‬
‫َن َرُس َ‬
‫مالك‪ :‬من اغتسل يوم الجمعة‪ ،‬أول نهاره‪ ،‬وهو‬ ‫اْل ُج ُم َعةَ‪َ ،‬فْلَي ْغ َت ِس ْل»(‪ .)5‬ثم قال‬
‫يريد بذلك غسل الجمعة؛ فإن ذلك الغسل ال يجزي عنه‪ ،‬حتى يغتسل لرواحه‪،‬‬
‫َحُد ُك ُم اْل ُج ُم َعةَ‪،‬‬
‫اء أ َ‬ ‫ِ‬
‫وذلك أن رسول هللا ‪ ‬قال‪ ،‬في حديث ابن عمر‪« ،‬إ َذا َج َ‬
‫َفْلَي ْغ َت ِس ْل»(‪.)6‬‬

‫(‪( )1‬ص‪ )71/‬رقم الحديث (‪.)195‬‬


‫(‪ )2‬سورة الفاتحة‪ ،‬آية (‪.)7‬‬
‫(‪( )3‬ص‪ )72/‬رقم الحديث (‪.)196‬‬
‫(‪( )4‬ص‪ )72/‬رقم الحديث (‪.)197‬‬
‫(‪( )5‬ص‪ )83/‬رقم الحديث (‪.)231‬‬
‫(‪( )6‬ص‪.)83/‬‬
‫‪439‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫ب‪ .‬عن نافع‪ ،‬عن سالم بن عبد هللا أن عبد هللا بن عمر ‪ ،‬ركب إلى ذات‬
‫النصب(‪ ،)1‬فقصر الصالة في مسيره ذلك‪ .‬ثم قال مالك‪ :‬وبين ذات النصب‬
‫والمدينة أربعة برد(‪.)2‬‬
‫ت‪ .‬عن ابن شهاب‪ ،‬عن سعيد بن المسيب أنه أخبره أن الناس كانوا يؤمرون باألكل‬
‫يوم الفطر قبل الغدو‪ .‬ثم قال مالك‪ :‬وال أرى ذلك على الناس في األضحى(‪.)3‬‬
‫المشكل في األحاديث واآلثـار‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫يفسر بعض‬ ‫‪ّ .6‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫الظ ْهَر َواْل َع ْصَر‬ ‫َّاس ‪ ‬أََّنه َقال‪« :‬صَّلى رسول ِ‬
‫هللا ‪ُّ ‬‬
‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫أ‪ .‬عن َع ْبِّد هللاِّ ْب ِّن َعب ٍ‬
‫ف َوالَ َس َفر»‪ ،‬قال مالك‪ :‬أرى ذلك‬‫يعا‪ِ .‬في َغْي ِر َخ ْو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يعا‪َ .‬واْل َم ْغ ِر َب َواْلع َش َ‬
‫اء َجم ً‬
‫ِ‬
‫َجم ً‬
‫كان في مطر(‪.)4‬‬
‫ب‪ .‬عن يحيى بن سعيد أن رجال كان يؤم الناس بالعقيق‪ ،‬فأرسل إليه عمر‪ ‬بن‬
‫عبد العزيز‪ ،‬فنهاه‪ ،‬قال مالك‪ :‬وانما نهاه‪ ،‬ألنه كان ال يعرف أبوه(‪.)5‬‬
‫‪ .7‬يشرح بعض المعاني التي ترد في الحديث أو األثر‪ ،‬ويؤيدها باألدلة‪:‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫أنه سأل ابن شهاب عن قول هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ‬
‫ط ِّ‬
‫اب َيْق َرُؤ َها‪"ِّ :‬إ َذا‬ ‫َ ُ َُ ْ ُ َ‬ ‫ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱠ(‪َ ،)6‬فَقال ْاب ُن ِّشه ٍ‬
‫اب‪َ :‬كان عمر بن اْلخ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضوا ِّإَلى ِّذ ْك ِّر هللاِّ"‪ ،‬قال مالك‪ :‬وانما السعي في‬ ‫ام ُ‬
‫ِّ‬ ‫نوِّدي لِّ َّ ِّ ِّ‬
‫لصالَة م ْن َي ْو ِّم اْل ُج ُم َعة َف ْ‬ ‫َُ‬
‫كتاب هللا العمل والفعل‪ ،‬يقول هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪ :‬ﱡﭐﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱠ (‪،)7‬‬

‫(‪ )1‬موضع قريب من المدينة‪" ،‬معجم البلدان"‪.)287/5( ،‬‬


‫(‪( )2‬ص‪.)114-113/‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)136/‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)112/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪ )104/‬برقم (‪.)305‬‬
‫(‪ )6‬سورة الجمعة‪ ،‬آية (‪.)9‬‬
‫(‪ )7‬سورة البقرة‪ ،‬آية (‪.)205‬‬

‫‪-440-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ال‪ :‬ﱡﭐ ﲞ ﲟ‬ ‫ال‪ :‬ﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ ‪َ ،‬وَق َ‬ ‫ال‪ :‬ﱡﭐ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱠ ‪َ ،‬وَق َ‬ ‫َوَق َ‬
‫ﲠ ﲡﱠ (‪ .)3‬قال مالك‪ :‬فليس السعي الذي ذكر هللا في كتابه بالسعي على األقدام‪ ،‬وال‬
‫االشتداد‪ ،‬وانما عنى العمل والفعل(‪.)4‬‬
‫‪ .8‬يذكر تحت بعض األبواب اختياراته‪ ،‬وما عليه عمل أهل المدينة‪ ،‬بعبارات‪:‬‬
‫وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا(‪.)5‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫ب‪ .‬أحب ما سمعت إلي في ذلك(‪.)6‬‬
‫ت‪ .‬األمر عندنا(‪.)7‬‬
‫ث‪ .‬السنة عندنا(‪.)8‬‬
‫ج‪ .‬وتلك السنة التي ال اختالف فيها عندنا(‪.)9‬‬
‫ح‪ .‬وليس على هذا العمل عندنا(‪ ،)10‬لعله أراد فقط بيان بلوغه الخبر‪.‬‬
‫يذكر تحت بعض األبواب المسائل التي سئل عنها‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ .‬سئل مالك عن النداء يوم الجمعة‪ :‬هل يكون قبل أن يحل الوقت؟ فقال‪ :‬ال يكون‬
‫إال بعد أن تزول الشمس(‪.)11‬‬

‫(‪ )1‬سورة عبس‪ ،‬آية (‪.)9-8‬‬


‫(‪ )2‬سورة النازعات‪ ،‬آية (‪.)22‬‬
‫(‪ )3‬سورة الليل‪.)4( ،‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)76/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)61/‬‬
‫(‪( )6‬ص‪ ،)71/‬و(‪ ،)108‬و(ص‪( ،)115/‬ص‪( ،)98/‬ص‪.)140/‬‬
‫(‪( )7‬ص‪ ،)71/‬و(ص‪.)93/‬‬
‫(‪( )8‬ص‪.)88/‬‬
‫(‪( )9‬ص‪.)135/‬‬
‫(‪( )10‬ص‪.)98/‬‬
‫(‪( )11‬ص‪.)61/‬‬
‫‪441‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫ب‪ .‬سئل مالك‪ :‬عن الدعاء في الصالة المكتوبة؟ فقال‪ :‬ال بأس بالدعاء فيها(‪.)1‬‬
‫ت‪ .‬سئل مالك‪ :‬عن رجل تصدق بصدقة‪ ،‬فوجدها مع غير الذي تصدق بها عليه‪،‬‬
‫تباع‪ :‬أيشتريها؟ فقال‪ :‬تركها أحب إلي(‪.)2‬‬
‫غالبا يرجح في المسألة‪ ،‬عمل عبد هللا بن عمر ‪ ،‬يقول‪ :‬كان عبد هللا بن عمر‬
‫‪ً .11‬‬
‫ال يق أر خلف اإلمام‪ ،‬وجعل عنوان الباب‪ :‬ترك القراءة خلف اإلمام فيما جهر فيه)‪.(3‬‬
‫‪ .11‬تحت بعض األبواب يذكر أقواله فقط دون ذكر أي حديث أو أثر‪.‬‬
‫مثـال‪:‬‬
‫أ‪ .‬باب‪ :‬ما جاء فيمن رعف يوم الجمعة(‪.)4‬‬
‫‪ -‬قال مالك‪ :‬من رعف يوم الجمعة واإلمام يخطب‪ ،‬فخرج‪ ،‬فلم يرجع‪ ،‬حتى فرغ‬
‫اإلمام من صالته؛ فإنه يصلي أربعا‪.‬‬
‫‪ -‬قال مالك‪ :‬في الذي يركع ركعة مع اإلمام يوم الجمعة‪ ،‬ثم يرعف‪ ،‬فيخرج‪ ،‬فيأتي‬
‫وقد صلى اإلمام الركعتين كلتيهما‪ :‬أنه يبني بركعة أخرى ما لم يتكلم‪.‬‬
‫‪ -‬قال مالك‪ :‬ليس على من رعف‪ ،‬أو أصابه أمر ال بد له من الخروج أن يستأذن‬
‫اإلمام يوم الجمعة‪ ،‬إذا أراد أن يخرج‪.‬‬
‫وكذلك في باب‪ :‬ما جاء في اإلمام ينزل بقرية يوم الجمعة في السفر‪ ،‬لم‬ ‫ب‪.‬‬
‫يذكر فيه إال أقواله‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬منهج البخاري في المتون‪:‬‬
‫غالبا باألحاديث المرفوعة‪ ،‬ثم يذكر عمل الصحابة‪.‬‬
‫‪ .1‬يبدأ ً‬
‫‪ .2‬بلغ عدد األحاديث في "الصحيح"‪ ،‬كما قال ابن الصالح‪" :‬وجملة ما في كتاب‬
‫الصحيح‪ :‬سبعة آالف‪ ،‬ومائتان‪ ،‬وخمسة وسبعون حديثا باألحاديث المتكررة‪ ،‬وقد‬

‫(‪()1‬ص‪.)164/‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)208/‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)71/‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)85/‬‬

‫‪-442-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫قيل‪ :‬إنها بإسقاط المكررة أربعة آالف حديث"(‪ .)1‬وبترقيم محمد فؤاد عبد الباقي‪:‬‬
‫سبعة آالف‪ ،‬وخمسمائة‪ ،‬وثالثة وستون حديثًا‪.‬‬
‫‪ .3‬روى اإلمام البخاري من طريق مالك‪ ،)2()644( :‬وهذا يدل على أنه اتخذ روايات‬
‫موردا من موارد كتابه(‪.)3‬‬
‫الموطأ ً‬
‫‪ .4‬يختار الراجح في المسائل‪ ،‬كما في ترك الوضوء من اللحم‪ ،‬ويؤيده بعمل‬
‫الصحابة‪ ،‬قال‪" :‬باب من لم يتوضأ من لحم الشاة‪ ،‬والسويق‪ ،‬وأكل أبو بكر‪،‬‬
‫وعمر‪ ،‬وعثمان ‪ ،‬فلم يتوضئوا"(‪.)4‬‬
‫‪ .5‬يشرح بعض المعاني كما في باب مواقيت الصالة‪ ،‬قال‪ :‬موقتا وقته عليهم(‪،)5‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َن‬‫النِّب ِّّي ‪ ‬في َسَف ٍر‪َ ،‬فأ ََرَاد اْل ُم َؤّذ ُن أ ْ‬‫ال ُكَّنا م َع َّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫وفي حديث أَبي َذ ٍّر اْلغَف ِّارِّّي ‪َ ‬ق َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ُّ‬
‫ال َل ُه‪ْ « :‬أب ِرْد»‪َ ،‬حتَّى‬ ‫النِّب ّي ‪ْ « :‬أب ِرْد»‪ ،‬ثُ َّم أ ََرَاد أ ْ‬
‫َن ُي َؤّذ َن‪َ ،‬فَق َ‬ ‫ال َّ‬‫ُي َؤّذ َن للظ ْه ِّر‪َ ،‬فَق َ‬
‫النِّب ُّي ‪ِ« : ‬إ َّن ِشَّد َة اْل َح ِر ِم ْن َفْي ِح َج َهَّن َم‪َ ،‬فِإ َذا ْ‬
‫اش َتَّد‬ ‫ال َّ‬ ‫ُّ ِّ‬
‫َأرَْي َنا َف ْي َء التُلول‪َ ،‬فَق َ‬
‫الص َال ِة» ثم قال‪ :‬وقال ابن عباس‪" :‬تتفيأ"‪ :‬تتميل(‪.)6‬‬ ‫اْل َحُّر َفأَْب ِرُدوا ِب َّ‬
‫النِّب ُّي‬
‫َّ‬
‫ال‬
‫ال‪َ :‬ق َ‬‫س ‪َ ‬ق َ‬ ‫‪ .6‬يوضح بعض األحاديث بأقوال األئمة‪ ،‬كما في حديث أ ََن ٍ‬
‫َق َد ِم ِه‬
‫اجي َرَّب ُه‪َ ،‬ف َال َي ْت ِفَل َّن َع ْن َي ِم ِين ِه‪َ ،‬وَل ِك ْن َت ْح َت‬
‫َح َد ُكم ِإ َذا َصَّلى ُيَن ِ‬ ‫ِ‬
‫‪« : ‬إ َّن أ َ ْ‬
‫اْلُي ْسَرى»‪ ،‬قال بعد الحديث‪" :‬وقال سعيد عن قتادة‪ :‬ال يتفل قدامه‪ ،‬أو بين يديه‪،‬‬

‫(‪ )1‬علوم الحديث‪.)10/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬بإحصاء الدكتور محمد سعيد البخاري في كتابه‪" :‬موطأ مالك واعتماد البخاري ومسلم على نسخ‬
‫مكتوبه منه في الصحيحين"‪( ،‬ص‪.)19/‬‬
‫(‪ )3‬وقد نظرت في نسخة "الموطأ" التي اعتمدها في البحث‪ ،‬وهي مخرجة من الكتب الستة‪ ،‬فوجدت‬
‫أن البخاري أخرج أغلب روايات الموطأ المرفوعة‪.‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)40/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)88/‬‬
‫(‪ )6‬كتاب مواقيت الصالة‪ ،‬باب‪ :‬اإلبراد بالظهر في السفر ‪ ،‬برقم (‪.)539‬‬
‫‪443‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫ولكن عن يساره‪ ،‬أو تحت قدميه‪ .‬وقال شعبة‪ :‬ال يبزق بين يديه‪ ،‬وال عن يمينه‪،‬‬
‫ولكن عن يساره‪ ،‬أو تحت قدمه"(‪.)1‬‬
‫وجهت لمالك‪ ،‬مثال‪" :‬وسئل مالك‪ :‬أيجزئ أن يمسح‬ ‫‪ .7‬يذكر بعض األسئلة التي ّ‬
‫بعض الرأس‪ ،‬فاحتج بحديث عبد هللا بن زيد"(‪.)2‬‬
‫‪ .8‬يروي األحاديث بالمعنى بحسب ما أخذها عن شيوخه‪ ،‬ويختصر‪ ،‬ويكرر‪.‬‬
‫اجِّت ِّه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫مثال على التكرار‪ :‬حديث أ ََنس ْب َن مالِّ ٍك ‪َ ‬يُقول‪َ :‬ك َ ِّ‬
‫ان النَّب ُّي ‪ ‬إ َذا َخ َرَج ل َح َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يء أ ََنا َو ُغ َال ٌم َم َع َنا ِّإ َد َاوةٌ ِّم ْن َماء‪َ .‬ي ْعني‪َ :‬ي ْستَْن ِّجي ِّبه"‪ ،‬ذكر البخاري هذا‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫أَج ُ‬
‫الحديث في باب‪ :‬االستنجاء بالماء‪ ،‬وفي باب‪ :‬من حمل معه الماء لطهوره‪ ،‬ثم‬
‫ذكره بزيادات في الباب الذي يليه‪ ،‬باب‪ :‬حمل العنزة مع الماء في االستنجاء(‪.)3‬‬
‫اء َرُج ٌل ِّإَلى‬ ‫ال‪َ :‬ج َ‬ ‫الر ْح َم ِّن ْب ِّن أ َْب َزى‪َ ،‬ق َ‬‫ومثال االختصار والرواية بالمعنى حديث َع ْبِّد َّ‬
‫ُصب اْلماء‪َ ،‬فَقال ع َّمار بن ي ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫اس ٍر‬ ‫َ َ ُ ُْ َ‬ ‫َج َن ْب ُت‪َ ،‬فَل ْم أ ْ َ َ‬ ‫ال‪ِّ :‬إّني أ ْ‬ ‫ُع َم َر ْب ِّن اْل َخطاب ‪َ ‬فَق َ‬
‫َما‬‫ص ِّّل‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫َما تَ ْذ ُك ُر أََّنا ُكَّنا ِّفي َسَف ٍر أ ََنا َوأ َْن َت‪َ ،‬فأ َّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َما أ َْن َت َفَل ْم تُ َ‬ ‫ل ُع َم َر ْبن اْل َخطاب‪ :‬أ َ‬
‫ِ‬ ‫أَنا َفتَم َّع ْكت‪َ ،‬فصَّليت‪َ ،‬ف َذ َكرت لِّ َّلنِّب ِّي َّ‬
‫يك‬‫ان َي ْكف َ‬ ‫النِّب ُّي ‪ِ« :‬إَّن َما َك َ‬ ‫ال َّ‬ ‫صلى ‪َ ‬فَق َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ض‪َ ،‬وَن َف َخ ِفي ِه َما‪ُ ،‬ث َّم َم َس َح ِب ِه َما َو ْج َه ُه‬ ‫الن ِب ُّي ‪ِ ‬ب َك َّفْي ِه ْاألَْر َ‬
‫َه َك َذا‪َ :‬ف َضَر َب َّ‬
‫َوَك َّفْي ِه»(‪ ،)4‬رواه هكذا بكامله في باب‪ :‬المتيمم هل ينفخ فيهما؟(‪ ،)5‬ثم ذكره‬
‫مختص ار وبالمعنى في باب‪ :‬التيمم للوجه والكفين ‪َ ،‬ع ْن َع ْبِّد َّ‬
‫الر ْح َم ِّن ْب ِّن أ َْب َزى‬ ‫(‪)6‬‬

‫يك اْل َو ْج َه‬ ‫ِ‬ ‫َقال‪َ :‬قال‪َ :‬ع َّم ٌار لِّعمر‪ :‬تَم َّع ْك ُت َفأَتَ ْي ُت َِّّ‬
‫ال‪َ« :‬ي ْكف َ‬ ‫النب َّي ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َواْل َك َّفْي ِن» ‪.‬‬
‫(‪)7‬‬

‫(‪ )1‬كتاب مواقيت الصالة‪ ،‬باب‪ :‬المصلي يناجي ربه ‪ ،‬برقم (‪.)531‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)73/‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)31/‬‬
‫(‪ )4‬رقم الحديث (‪.)338‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)59/‬‬
‫(‪( )6‬ص‪.)59/‬‬
‫(‪ )7‬رقم الحديث (‪.)341‬‬

‫‪-444-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫‪ .9‬يذكر شواهد الحديث تحت عنوان الباب مباشرة‪ ،‬عن بعض الصحابة دون ذكر‬
‫نص الحديث‪ ،‬كما في باب‪ :‬االستنثار في الوضوء‪ ،‬قال البخاري‪ :‬ذكره عثمان‪،‬‬
‫وعبد هللا بن زيد‪ ،‬وابن عباس عن النبي‪.)1(‬‬
‫َّللاِّ ‪‬‬
‫ول َّ‬ ‫‪ .10‬يذكر المتابعات بعد ذكر الحديث‪ ،‬كما في حديث ْابن َعبَّاس أ َّ‬
‫َن َرُس َ‬
‫ال‪ِ« :‬إ َّن َل ُه َد َس ًما» َت َاب َع ُه ُيوُن ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫ض‪َ ،‬وَق َ‬ ‫َش ِّر َب َل َبًنا َف َم ْ‬
‫ض َم َ‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف‪:‬‬
‫في رواية البخاري من طريق مالك (‪ )644‬حديثًا‪ ،‬هذا يعني أنهما تشابها في‬
‫طريقة عرض المتون‪ ،‬في هذه الروايات المشتركة‪.‬‬
‫أوجه االختالف‪:‬‬
‫صحيح البخاري‬ ‫موطأ مالك‬ ‫وجه المقارنة‬
‫يحتج بالمرفوع‪ ،‬والموقوف‪ ،‬يحتج فقط باألحاديث‬
‫أنواع الروايات‬
‫على‬ ‫والتي‬ ‫والمرسل‪ ،‬المسندة‪،‬‬ ‫والمقطوع‪،‬‬
‫المحتج بها‬
‫شرطه‪.‬‬ ‫والمنقطع‪ ،‬والبالغات‪.‬‬
‫في‬ ‫يكرر‬ ‫ما‬ ‫كثير‬
‫ًا‬
‫بحسب‬ ‫األحاديث‬ ‫ال ينهج منهج التكرار‪.‬‬ ‫التكرار في المتون‬
‫تناسبها مع األبواب‪.‬‬
‫(‪ )4000‬دون المكرر‬ ‫(‪)666‬‬ ‫عدد أحاديثه‬

‫يشرح غريب الحديث ومشكله يكتفي بآراء من سبقه‬ ‫المنهج في شرح‬


‫بشرح الغريب‬ ‫غالبا‪.‬‬
‫بأقواله ً‬ ‫الغريب والمشكل‬

‫(‪( )1‬ص‪.)33/‬‬
‫‪445‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫المطلب الثامن‪ :‬منهج اإلمام مالك والبخاري في انتقاء الشيوخ‪:‬‬


‫الفرع األول‪ :‬منهج اإلمام مالك في انتقاء الشيوخ‪:‬‬
‫يعد اإلمام مالك أول من سلك منهج التحري‪ ،‬وتوخي الصحيح‪ ،‬وانتقاء‬
‫األحاديث وفق معايير وضوابط محددة؛ فأثمر هذا الجهد عن كتاب الموطأ الذي‬
‫عاما وهو يهذب فيه‪ ،‬وينقح‪ ،‬واستقر فيه خمسمائة حديث أو أكثر‬
‫أمضي فيه أربعين ً‬
‫بقليل‪ ،‬هي خالصة الروايات التي اطمأن لها بعد عرضها على الكتاب‪ ،‬والسنة‬
‫الثابتة‪ ،‬وعمل أهل المدينة(‪.)1‬‬
‫‪ .1‬ال يأخذ إال عن الثقات‪ :‬وكان من منهج مالك ال يروي إال عن الثقات من الرواة؛‬
‫ولذا أثنى عليه األئمة‪ ،‬وامتدحوا صنيعه‪:‬‬
‫مالكا عن رجل‪ ،‬فقال‪" :‬رأيته في كتبي؟ قلت‪ :‬ال‪،‬‬
‫قال بشر بن عمر‪ :‬سألت ً‬
‫قال‪ :‬لو كان ثقة لرأيته في كتبي"(‪.)2‬‬
‫مالكا ما كان أشد انتقاده للرجال"(‪.)3‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة‪" :‬رحم هللا ً‬
‫وقال ابن حبان‪" :‬كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة‪ ،‬وأعرض‬
‫عمن ليس بثقة في الحديث‪ ،‬ولم يكن يروى إال ما صح‪ ،‬وال يحدث إال عن ثقة‪ ،‬مع‬
‫الفقه‪ ،‬والدين‪ ،‬والفضل‪ ،‬والنسك‪ ،‬وبه تخرج الشافعي"(‪.)4‬‬
‫وقال النسائي‪" :‬ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك‪ ،‬وال أجل منه‪ ،‬وال أوثق‪،‬‬
‫وال آمن على الحديث منه‪ ،‬وال أقل رواية عن الضعفاء‪ ،‬ما علمناه حدث عن متروك‬
‫إال عبد الكريم"(‪.)5‬‬
‫وقال ابن عبد البر‪" :‬ومن اقتصر على حديث مالك ‪-‬رحمه هللا‪ -‬فقد كفي تعب‬
‫التفتيش البحث‪ ،‬ووضع يده من ذلك على عروة وثقى ال تنفصم؛ ألن مالكا قد انتقد‪،‬‬

‫(‪ )1‬الواضح في مناهج المحدثين‪( ،‬ص‪.)274/‬‬


‫(‪ )2‬المحدث الفاصل‪.)410/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬ترتيب المدارك‪.)138/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬الثقات‪.)495/7( ،‬‬
‫(‪ )5‬تهذيب التهذيب‪.)8/4( ،‬‬

‫‪-446-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫وانتقى‪ ،‬وخلص‪ ،‬ولم يرو إال عن ثقة حجة‪ ...‬وانما روى مالك عن عبد الكريم بن أبي‬
‫الخارق‪ ،‬وهو مجتمع على ضعفه وتركه؛ ألنه لم يعرفه؛ إذ لم يكن من أهل بلده‪،‬‬
‫وكان حسن السمت والصالة؛ فغره ذلك منه‪ ،‬ولم يدخل في كتابه عنه حكما أفرده‬
‫به(‪.)1‬‬
‫وقال اإلمام أبو القاسم الدولعي‪" :‬أخذ مالك على تسعمائة شيخ‪ ،‬منهم ثالثمائة‬
‫من التابعي ن‪ ،‬وستمائة من تابعيهم ممن اختاره‪ ،‬وارتضى دينه‪ ،‬وفقهه‪ ،‬وقيامه بحق‬
‫الرواية وشروطها‪ ،‬وخلصت الثقة به‪ ،‬وترك الرواية عن أهل دين وصالح ال يعرفون‬
‫الرواية(‪.)2‬‬
‫مالكا ال يروي إال عن ثقة عنده‪ ،‬ولم يكتف بذلك‪ ،‬بل كان‬
‫وما تقدم يدلنا أن ً‬
‫يشترط الشهرة بطلب العلم‪ ،‬والعناية به حتى يعلم الراوي ما يحدث به‪.‬‬
‫ولهذا فإن اإلمام مالكا تحرى في الرواية‪ ،‬وتوخى الصحيح من الحديث الذي‬
‫يصلح للحجة‪ ،‬ومن أجل هذا استوعب الشيخان أكثر حديثه‪ ،‬وهذا يدل على أن أكثر‬
‫أسانيده الموصولة في الدرجة العليا من الصحيح(‪.)3‬‬
‫فهو القائل‪" :‬ال ُيؤخذ العلم من أربعة‪ ،‬ويؤخذ من سواهم‪ :‬ال يؤخذ من سفيه‪ ،‬وال‬
‫يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه‪ ،‬وال من كذاب يكذب في حديث الناس‪،‬‬
‫وال من شيخ له فضل وصالح وعبادة إذا كان ال يعرف ما يحدث"(‪.)4‬‬
‫‪ .2‬وأبان أنه ال يأخذ عن المبتدعة‪ ،‬أسند ابن عبد البر من طريق مطرف بن عبد‬
‫هللا‪ ،‬عن مالك بن أنس قال‪" :‬لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم‬
‫شيئا‪ ،‬وانهم لممن يؤخذ عنهم العلم‪ ،‬وكانوا أصناًفا‪ :‬فمنهم من كان‬
‫من العلم ً‬

‫(‪ )1‬التمهيد‪.)60/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬تهذيب األسماء واللغات(‪.)89/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الواضح في مناهج المحدثين‪( ،‬ص‪.)275/‬‬
‫(‪ )4‬التمهيد‪.)66/1( ،‬‬
‫‪447‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫جاهال بما عنده‪ ،‬فلم يكن‬


‫ً‬ ‫كذابا في غير علمه‪ ،‬تركته لكذبه‪ ،‬ومنهم من كان‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫موضعا لألخذ عنه لجهله‪ ،‬ومنهم من كان يدين برأي سوء" ‪.‬‬
‫ً‬ ‫عندي‬
‫يصا على سالمة النص‪ ،‬فكان يستأنس برواية غيره‪،‬‬ ‫وكان اإلمام مالك حر ً‬
‫شديدا مهما يكن حال رواته‪ ،‬ولهذا وصفه ابن عبد البر بقوله‪:‬‬
‫نفور ً‬
‫وينفر من الغريب ًا‬
‫إماما"(‪.)2‬‬
‫تركا لشذوذ العلم؛ ولذلك صار ً‬
‫مالكا كان من أشد الناس ً‬
‫"إن ً‬
‫عموما‪ ،‬فكانوا يتركون‬
‫ً‬ ‫وترك الغريب من الحديث هو منهج السلف من المحدثين‬
‫الرواية التي ال متابع لها ممن ال يتحمل تفرده بالرواية‪.‬‬
‫فقد أسند الرامهرمزي‪ ،‬عن زهير بن معاوية‪ ،‬قال‪" :‬نبغي للرجل أن يتوقى رواية‬
‫غريب الحديث‪ ،‬فإني أعرف رجال كان يصلي في اليوم مائتي ركعة‪ ،‬ما أفسده عند‬
‫الناس إال روايته غرائب الحديث"(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬منهج البخاري في انتقاء الشيوخ‪:‬‬
‫‪ .1‬شدة تحري البخاري‪:‬‬
‫انتقى البخاري أحاديث الصحيح‪ ،‬من بين أحاديث كثيرة‪ ،‬والشك أن الشيوخ‬
‫الذين رووها لهم أثر في ذلك‪ ،‬وهذه نصوص يحدث فيها البخاري عن نفسه‪:‬‬
‫قال‪" :‬كتبت عن ألف شيخ‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬ما عندي حديث ال أذكر إسناده" (‪.)4‬‬
‫وقال‪" :‬أخرجت هذا الكتاب –يعنى‪ :‬الصحيح‪ -‬من زهاء ستمائة ألف‬
‫حديث"(‪.)5‬‬
‫وسئل عن خبر حديث‪ ،‬فقال‪" :‬يا أبا فالن أتراني أدلس؟ تركت أنا عشرة آالف‬
‫حديث لرجل فيه نظر‪ ،‬وتركت مثله أو أكثر منه لغيره لي فيه نظر"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬التمهيد‪.)65/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.)65/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬المحدث الفاصل‪.)562/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬تاريخ بغداد‪.)11/2( ،‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق‪.)8/2( ،‬‬
‫(‪ )6‬تاريخ بغداد‪.)25/2( ،‬‬

‫‪-448-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫ومن شدة حرصه على صحة األحاديث التي جمعها عرضها على المتقنين في‬
‫عهده‪.‬‬
‫قال أبو جعفر العقيلي‪" :‬لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن‬
‫حنبل‪ ،‬ويحيى بن معين‪ ،‬وعلى بن المديني‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬فاستحسنوه‪ ،‬وشهدوا له بالصحة‬
‫إال في أربعة أحاديث" قال العقيلي‪" :‬والقول فيها قول البخاري‪ ،‬وهي صحيحة"(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬روايته عن أهل البدع‪:‬‬
‫قد وردت أحاديث في صحيح البخاري في أسانيدها بعض أهل البدع‪ ،‬وقد‬
‫سماهم الحافظ ابن حجر في "المقدمة"‪ ،‬فمنهم الناصبي‪ ،‬والشيعي‪ ،‬والجهمي‪ ،‬والقدري‪،‬‬

‫وقد روى لهم البخاري ّ‬


‫لما رأى من حالهم عدم استحالل الكذب في حديث النبي ‪،‬‬
‫فصل الحافظ ابن حجر في ذلك(‪.)2‬‬
‫فكان المعيار األساسي عنده الصدق‪ ،‬وقد ّ‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف‪:‬‬
‫تميز منهج اإلمامين بشدة التحري واألخذ عن الثقات‪ ،‬وعدم رواية الغرائب‪،‬‬
‫قد ّ‬
‫لكن اختلفت مناهجهم في الرواية عن أهل البدع‪ ،‬فاإلمام مالك ال يجيز الرواية عنهم‬
‫بحال‪ ،‬أما اإلمام البخاري فيرى جواز الرواية عنهم إن كانوا ال يستحلون الكذب في‬
‫حديث رسول هللا ‪ ،‬كالخوارج؛ ألنهم يكفرون صاحب الكبيرة‪ ،‬قال أبو داود‪" :‬ليس‬
‫في أهل األهواء أصح حديثا من الخوارج"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬مقدمة فتح الباري‪.)7/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مقدمة فتح الباري‪.)384/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السابق‪.)433/1( ،‬‬
‫‪449‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫المطلب التاسع‪ :‬مقارنة بين بالغات مالك ومعلقات البخاري‪:‬‬


‫الفرع األول‪ :‬بالغات مالك‪:‬‬
‫أوال‪ :‬معنى البالغ‪:‬‬
‫مؤديا إياه بصيغة‬
‫ً‬ ‫البالغ‪ :‬هو ما يرويه المحدث من األحاديث‪ ،‬أو اآلثار‪،‬‬
‫(بلغنا عن فالن)‪ ،‬ثم يذكر قائل ذلك األثر‪ ،‬أو فاعله بال سند‪ ،‬أو يذكر قطعة من‬
‫سنده قبل ذلك(‪.)1‬‬
‫‪ .1‬مثل قول مالك‪ :‬بلغني أن عبد هللا بن عمر ‪ ‬كان يقول‪« :‬ص َال ُة َّ‬
‫اللْي ِل َو َّ‬
‫الن َه ِار‬ ‫َ‬
‫َم ْثَنى َم ْثَنى‪ُ ،‬ي َسلِ ُم ِم ْن ُك ِل َرْك َع َتْي ِن»(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬وقوله‪ :‬بلغني أن سعيد بن المسيب كان يقول‪ :‬يكره النوم قبل العشاء‪ ،‬والحديث‬
‫بعدها(‪.)3‬‬
‫اء َم ْت َف ِتْل َك‬ ‫‪ .3‬وقوله‪ :‬بلغني أن رسول هللا ‪ ‬كان يقول‪ِ« :‬إ َذا أَْن َشأ ْ‬
‫َت َب ْح ِرَّي ًة ُث َّم َت َش َ‬
‫َعْي ٌن ُغ َدْيَق ٌة»(‪.)4‬‬
‫وقد قال سفيان بن عيينة‪ :‬إذا قال مالك بلغني فهو إسناد قوي(‪.)5‬‬
‫وذكر ابن عبد البر في آخر كتابه "التمهيد" أن عدد بالغات اإلمام مالك واحد‬
‫وستون ً‬
‫بالغا(‪.)6‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع البالغات في الموطأ‪:‬‬
‫ً‬
‫تنوعت البالغات في الموطأ‪ ،‬فبعضها بالغ عن النبي ‪ ،‬وبعضها بالغ عن‬
‫الصحابي‪ ،‬وبعضها بالغ عن التابعي‪ ،‬أو من دونه‪ ،‬وهناك أنواع أخرى منها‪:‬‬
‫‪ .1‬البالغ عن بالغ‪:‬‬

‫(‪ )1‬لسان المحدثين‪.)188/2( ،‬‬


‫(‪( )2‬ص‪ )92/‬برقم (‪.)263‬‬
‫(‪( )3‬ص‪ )92/‬برقم (‪.)262‬‬
‫(‪ )4‬كتاب االستسقاء‪ ،‬باب‪ :‬االستمطار بالنجوم‪ )146/1( ،‬برقم (‪.)452‬‬
‫(‪ )5‬ترتيب المدارك‪.)165/1( ،‬‬
‫(‪ )6‬التمهيد‪.)161/24( ،‬‬

‫‪-450-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫ام ٍل ِّم ْن ُع َّمالِّ ِّه‬


‫يز َكتَب ِّإَلى ع ِّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫َن ُع َم َر ْب َن َع ْبد اْل َع ِّز ِّ َ‬ ‫ومثـاله‪َ :‬ع ْن َمالِّك أَنَّ ُه َبَل َغ ُه أ َّ‬
‫يل‬‫َّللا ِفي س ِب ِ‬ ‫َّللاِّ ‪َ ‬كان ِّإ َذا بع َث س ِّرَّي ًة يُقول َلهم‪ :‬ا ْغ ُزوا ِباسمِ َّ ِ‬ ‫ول َّ‬ ‫أََّن ُه َبَل َغَنا أ َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َن َرُس َ‬
‫يدا‪َ ،‬وُق ْل َذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا‪ُ ،‬تَق ِاتُلو َن من َك َفر ِب َّ ِ‬‫َّ ِ‬
‫اّلل‪َ ،‬ال َت ُغُّلوا‪َ ،‬وَال َت ْغدُروا‪َ ،‬وَال ُت َمثُلوا‪َ ،‬وَال َت ْقُتُلوا َولِ ً‬ ‫َْ َ‬
‫الس َال ُم َعَلْي َك(‪.)1‬‬
‫َّللا‪َ ،‬و َّ‬ ‫وش َك َوسَرَاي َ ِ‬ ‫لِجي ِ‬
‫اء َّ ُ‬ ‫اك ‪-‬إ ْن َش َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬
‫‪ .2‬بالغ عن مبهم (وهو من لم ُيصرح باسمه)‪:‬‬
‫الشه َداء ِّفي سِّب ِّ‬
‫يل‬ ‫ن ُّ‬ ‫ومثـاله‪َ :‬ع ْن مالِّك أَنَّ ُه َبَل َغ ُه َع ْن أ ْ ِ ِ َّ‬
‫َ‬ ‫َهل اْلعْلمِ أَن ُه ْم َك ُانوا َيُقوُلو َ ‪ُ َ :‬‬ ‫َ‬
‫ِّ (‪)2‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫َّللاِّ َال ي َغ َّسُلو َن‪ ،‬وَال ي َّ‬
‫يها ‪.‬‬ ‫َحد م ْن ُه ْم‪َ ،‬واِّن ُه ْم ُي ْدَفُنو َن في الثَّياب التي ُقتُلوا ف َ‬ ‫صلى َعَلى أ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َّ ُ‬
‫‪ .3‬بالغ من غير عزو‪:‬‬
‫ال‪ :‬اْل َح ْمُد َِّّّلِلِّ الَِّّذي َخَل َق ُك َّل َشي ٍء َك َما‬
‫ان ُيَق ُ‬‫ومثـاله‪َ :‬ع ْن َمالِّك أََّن ُه َبَل َغ ُه أََّن ُه َك َ‬
‫ْ‬
‫َّللا وَكَفى‪ ،‬س ِّمع َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬
‫اء‬
‫َّللاُ ل َم ْن َد َعا‪َ ،‬ل ْي َس َوَر َ‬ ‫َ َ‬ ‫َي ْن َبغي الذي ال َي ْع َج ُل َش ْي ٌء أ ََناهُ َوَقَّد َرهُ‪َ ،‬ح ْسب َي َّ ُ َ‬
‫َّللاِّ َم ْرَمى(‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫ثال ًثا‪ :‬أسباب رواية اإلمام مالك بطريقة البالغ(‪:)4‬‬
‫‪ .1‬بعض البالغات سببها االختصار؛ ألن اإلمام مالكا يريد أن يستدل بها لمسألة‬
‫فقهية‪ ،‬ويكون أسندها في الموطأ‪ ،‬أو خارج الموطأ‪ ،‬ولهذا َد ْور في كثرة البالغات‬

‫والمراسيل‪ ،‬خاصة أنه ال يرى االنقطاع ً‬


‫قدحا‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬في باب قضاء اإلعتكاف‪:‬‬
‫َن رسول َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اب‪َ ،‬ع ْن َع ْم َرَة ِّب ْن ِّت َع ْبِّد َّ‬ ‫َع ْن ْاب ِّن ِّشه ٍ‬
‫َن‬
‫َّللا ‪ ‬أ ََرَاد أ ْ‬ ‫الر ْح َم ِّن‪َ ،‬ع ْن َعائ َش َة‪ :‬أ َّ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫اء َعائ َش َة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ف فيه وج َد أ ْ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ف ِّإَلى اْلم َك ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َخب َي ًة‪ :‬خ َب َ‬ ‫ََ‬ ‫َن َي ْعتَك َ‬
‫ان الذي أ ََرَاد أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ص َر َ‬
‫ف‪َ ،‬فَل َّما ْان َ‬
‫َي ْعتَك َ‬

‫(‪ )1‬الموطأ‪ ،‬كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في الوفاء باألمان‪( ،‬ص‪ )317/‬برقم (‪.)983‬‬
‫(‪ )2‬الموطأ‪ ،‬كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬العمل في غسل الشهيد‪( ،‬ص‪ )328/‬برقم (‪.)1009‬‬
‫(‪ )3‬الموطأ‪ ،‬كتاب القدر‪ ،‬باب‪ :‬جامع ما جاء في أهل القدر‪( ،‬ص‪ )628/‬برقم (‪.)1667‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الواضح في مناهج المحدثين‪( ،‬ص‪.)286/‬‬
‫‪451‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫اء َع ِّائ َش َة‬ ‫ِّ‬


‫يل َل ُه‪َ :‬ه َذا خ َب ُ‬
‫ِّ‬
‫َل َع ْن َها‪َ ،‬فق َ‬‫آها َسأ َ‬‫اء َزْي َن َب‪َ ،‬فَل َّما َر َ‬
‫ِّ‬
‫ص َة‪َ ،‬وخ َب َ‬ ‫اء َحْف َ‬
‫ِّ‬
‫َوخ َب َ‬
‫ص َة(‪.)1‬‬‫َو َحْف َ‬
‫وف ِّفي‬ ‫َن رسول َّ ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّللا ‪ ‬أ ََرَاد اْل ُع ُك َ‬ ‫ثم قال بعد ذلك في الباب نفسه‪َ :‬وَق ْد َبَل َغني أ َّ َ ُ َ‬
‫ال(‪.)2‬‬‫اعتَ َكف ع ْش ار ِّم ْن َش َّو ٍ‬ ‫ِّ‬
‫ان‪ ،‬ثُ َّم َر َج َع‪َ ،‬فَل ْم َي ْعتَك ْف َحتَّى ِّإ َذا َذ َه َب َرَم َ‬
‫ان ْ َ َ ً‬ ‫ضُ‬ ‫ضَ‬ ‫َرَم َ‬
‫‪ .2‬بعض البالغات مأخوذة من كتاب‪ ،‬ولم تقع لإلمام مالك من طريق الرواية‪ ،‬ففي‬
‫مثل هذه الحالة يذكر الخبر بصيغة البالغ‪ ،‬ويحذف الواسطة‪ ،‬ويتكفل هو‬
‫بصحتها‪ ،‬وقد أشار إلى هذا النوع ولي هللا الدهلوي‪ ،‬حيث قال‪" :‬إن اإلمام مالكا‬
‫بلغني أن النبي ‪ ‬فعل كذا‪.)3( "...‬‬ ‫نظر في كتب القوم‪ ،‬ويعبر عنها مالك‪:‬‬
‫َش ِّّج‪َ ،‬ع ْن ْاب ِّن َع ِّطيَّةَ َّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫َع ْن َمالِّك أََّن ُه َبَل َغ ُه َع ْن ُب َك ْي ِّر ْب ِّن َع ْبِّد‬
‫ول‬
‫أن َرُس َ‬ ‫َّللا ْب ِّن ْاأل َ‬
‫ام‪.)4( ...‬‬ ‫ى‬ ‫َّ ِّ‬
‫ال‪ :‬ال َع ْد َو َوَال َه َ‬ ‫َّللا ‪َ ‬ق َ‬
‫وقد ثبت عن مخرمة بن بكير أنه قال‪ :‬لم أدرك أبي‪ ،‬ولكن هذه كتبه‪ ،‬وسئل‬
‫شيئا‪ ،‬إنما روى عن كتاب أبيه(‪.)5‬‬
‫أحمد عنه‪ ،‬فقال‪ :‬هو ثقة‪ ،‬لم يسمع من أبيه ً‬
‫ولهذا نجد ابن عبد البر يعلق على رواية "الموطأ"‪ :‬حدثني مالك عن الثقة‬
‫عنده‪ ،‬عن بكير بن عبد هللا‪...‬الحديث‪ ،‬بقوله‪ :‬ويقال‪ :‬بل وجده مالك في كتب بكير‬
‫أخذها من مخرمة(‪.)6‬‬
‫‪ .3‬بعض البالغات أخذها اإلمام مالك بالمذاكرة‪ ،‬وليس على وجه التحديث‪ ،‬وقد‬
‫يكون الذي سمعها منه ليس أهال للرواية في نظره‪ ،‬مثل الواقدي صاحب‬
‫المغازي‪ ،‬ويدل على هذا حديث‪ِ" :‬إ َذا أَْن َشأ ْ‬
‫َت َب ْح ِرَّي ًة‪ ،"...‬فقد رواه مالك ً‬
‫بالغا‪ ،‬وال‬

‫(‪ )1‬الموطأ‪ ،‬كتاب االعتكاف‪ ،‬باب‪ :‬قضاء االعتكاف‪( ،‬ص‪ ،)233/‬برقم (‪.)699‬‬
‫(‪ )2‬المـوطأ‪( ،‬ص‪.)234/‬‬
‫(‪ )3‬أوجز المسالك‪.)112/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬الموطأ‪( ،‬ص‪ )656/‬رقم الحديث (‪.)1763‬‬
‫(‪ )5‬المراسيل‪.)220/1( ،‬‬
‫(‪ )6‬التمهيد‪.)202/24( ،‬‬

‫‪-452-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫مالكا‬
‫يعرف هذا الحديث إال من طريق الواقدي‪ ،‬لهذا رجح بعض أهل العلم أن ً‬
‫أخذه عنه مذاكرة"(‪.)1‬‬
‫‪ .4‬بعض البالغات سببها جمع المتفرق من الحديث‪ ،‬حيث يسوق اإلمام مالك جملة‬
‫من األحاديث في سياق واحد للتعبير عن قصة واحدة أو حادثة واحدة ورد فيها‬
‫جملة من األحاديث‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬ما ذكره في كتاب الجنائز‪:‬‬
‫صلَّى‬ ‫ُّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َن رسول َّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّللا ‪ ‬تُُوّف َي َي ْوَم ْاال ْث َن ْين‪َ ،‬وُدف َن َي ْوَم الث َالثَاء‪َ ،‬و َ‬ ‫َع ْن َمالك أََّن ُه َبَل َغ ُه أ َّ َ ُ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫آخ ُرو َن‪ُ :‬ي ْدَف ُن‬ ‫ال َ‬ ‫اس‪ُ :‬ي ْدَف ُن ع ْن َد اْلم ْن َب ِّر‪َ ،‬وَق َ‬
‫ال َن ٌ‬ ‫َحٌد‪َ ،‬فَق َ‬‫اس َعَل ْيه أَْف َذا ًذا ال َي ُؤ ُّم ُه ْم أ َ‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫ط ِّإ َّال‬‫َّللاِّ ‪ ‬يُقول‪ :‬ما د ِّفن نِّب ٌّي َق ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫يع‪َ ،‬فجاء أَبو ب ْك ٍر ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫ول َّ‬ ‫ال‪َ :‬سم ْع ُت َرُس َ‬ ‫يق‪َ ،‬فَق َ‬ ‫الصّد ُ‬‫ّ‬ ‫ِّباْل َبق ِّ َ َ ُ َ‬
‫يص ِّه‪،‬‬ ‫يه‪َ ،‬فَل َّما َكان ِّع ْند ُغسلِّ ِّه‪ ،‬أَرادوا ن ْزع َق ِّم ِّ‬ ‫يه‪َ ،‬فح ِّفر َله ِّف ِّ‬ ‫ِّفي مك ِّان ِّه َّالِّذي توِّّفي ِّف ِّ‬
‫ََ‬
‫َُ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُُ َ‬
‫يص‪َ ،‬و ُغ ِّّس َل َو ُه َو َعَل ْي ِّه ‪.)2(‬‬ ‫َفس ِّمعوا صوتًا يُقول‪ :‬ال تَ ْن ِّزعوا اْلَق ِّميص‪َ ،‬فَلم ي ْن َز ِّ‬
‫ع اْلَقم ُ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َْ َ ُ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معلقات البخاري‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬تعريف المعلقات‪:‬‬
‫المعلق‪" :‬وهو الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر"(‪.)3‬‬
‫أمثلة(‪:)4‬‬
‫يح ُة َِّّّلِلِّ َولِّ َرُسولِّ ِّه‬
‫النص َ‬
‫ِّ‬
‫الدين َّ ِّ‬
‫اب‪َ :‬ق ْو ِّل النَِّّب ِّّي ‪ُ ّ :‬‬
‫‪ .1‬التعليق إلى رسول هللا ‪َ ،‬ب ٌ‬
‫امِّت ِّه ْم(‪.)5‬‬
‫ين َو َع َّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫َوألَئ َّمة اْل ُم ْسلم َ‬

‫نقال عن عبد هللا الغماري في "هامش رسالة ابن الصالح‬


‫(‪ )1‬الواضح في مناهج المحدثين‪ً )290( ،‬‬
‫في "وصل بالغات مالك"‪.)12/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬الموطأ‪ )173(،‬برقم (‪.)543‬‬
‫(‪ )3‬علوم الحديث‪.)10/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬مستفاد من "المدخل إلى مناهج المحدثين"‪( ،‬ص‪.)53/‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)13/‬‬
‫‪453‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫َم َر َج ِّر ُير ْب ُن َع ْبِّد‬ ‫ض ِّل و ُ ِّ َّ ِّ‬


‫ضوء الناس‪َ ،‬وأ َ‬
‫‪ .2‬التعليق إلى الصحابي‪ ،‬باب‪ِّ ِّ :‬‬
‫است ْع َمال َف ْ َ‬‫ْ‬
‫ِّ ِّ ِّ ِّ (‪)1‬‬ ‫ِّ‬
‫ضل س َواكه ‪.‬‬ ‫ض ُؤوا ِّبَف ْ‬
‫َن َيتََو َّ‬
‫َهَل ُه أ ْ‬
‫هللا أ ْ‬
‫‪ .3‬التعليق عن شيخ البخاري‪ :‬قال مالك‪ :‬أخبرني زيد بن أسلم أن عطاء بن يسار‬

‫أخبره أن أبا سعيد الخدري ‪ ‬أخبره أنه سمع رسول هللا ‪ ‬يقول‪ِ" :‬إ َذا أ ْ‬
‫َسَل َم اْل َعْبُد‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اص‬ ‫ان َب ْع َد َذل َك اْلق َص ُ‬ ‫ان َزَل َف َها‪َ ،‬وَك َ‬ ‫َّللا َعْن ُه ُك َّل َسِيَئ ٍة َك َ‬ ‫ِ‬
‫َف َح ُس َن إ ْسالَ ُم ُه ُي َكفُر َّ ُ‬
‫َّللا‬
‫َن َي َت َج َاو َز َّ ُ‬ ‫السِيَئ ُة ِب ِم ْثلِ َها ِإالَّ أ ْ‬
‫ف َو َّ‬‫َم َثالِ َها ِإَلى َسْب ِع ِمَئ ِة ِض ْع ٍ‬ ‫ِ‬
‫اْل َح َسَن ُة ب َع ْش ِر أ ْ‬
‫َعْن َها"(‪.)2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنـواع المعـلقـات(‪:)3‬‬
‫ً‬
‫النوع األول‪ :‬ما يوجد في موضع آخر من كتابه موصوًال‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬وهو ما ال يوجد في كتابه إال معلقا‪ ،‬فهو على صورتين‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬أن يرد بصيغة الجزم‪ ،‬فهو صحيح إلى من علقه عنه‪ ،‬وبقي النظر‬
‫فيما أبرز من رجاله‪ ،‬فبعضه يلتحق بشرطه‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يرد بصيغة التمريض‪ ،‬ال يوجد فيه ما يلتحق بشرطه إال مواضع‬
‫يسيرة‪ ،‬قد أوردها بهذه الصيغة؛ لكونه ذكرها بالمعنى‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬فيه ما هو صحيح‪ ،‬وان تقاعد عن شرطه‪ ،‬إما لكونه لم يخرج لرجاله‪ ،‬واما‬
‫لوجود علة فيه عنده‪ ،‬ومنه ما هو حسن‪ ،‬ومنها‪ :‬ما هو ضعيف‪ ،‬وهو على قسمين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما ينجبر بأمر آخر‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬ما ال يرتقي عن رتبة الضعيف‪ ،‬وحيث يكون بهذه المثابة فإنه يبين ضعفه‪،‬‬
‫ويصرح به حيث يورده في كتابه‪.‬‬

‫(‪( )1‬ص‪.)37/‬‬
‫(‪( )2‬ص‪ )10/‬برقم (‪.)41‬‬
‫(‪ )3‬النكت على مقدمة ابن الصالح‪ ،‬البن حجر‪ )326-325/1( ،‬بتصرف‪.‬‬

‫‪-454-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫قال السيوطي في عدد المعلقات في صحيح البخاري‪" :‬وفيه من التعاليق ألف‬


‫وثالثمائة وأحد وأربعون‪ ،‬وأكثرها مخرج في أصول متونه‪ ،‬والذي لم يخرجه مائة‬
‫وستون"(‪.)1‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬أسباب التعليق في صحيح البخاري(‪:)2‬‬
‫أسباب تعليقه للنوع األول‪:‬‬
‫أن البخاري من عادته في صحيحه أن ال يكرر شيئا إال لفائدة‪ ،‬فإذا كان المتن‬
‫يشتمل على أحكام كرره في األبواب بحسبها‪ ،‬أو قطعة في األبواب إذا كانت الجملة‬
‫يمكن انفصالها من الجملة األخرى‪ ،‬ومع ذلك فال يكرر اإلسناد‪ ،‬بل يغاير بين رجاله‬
‫إما شيوخه‪ ،‬واما شيوخ شيوخه‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فإذا ضاق مخرج الحديث‪ ،‬ولم يكن له إال‬
‫إسناد واحد‪ ،‬واشتمل على أحكام‪ ،‬واحتاج إلى تكريرها؛ فإنه والحالة هذه إما أن‬
‫يختصر المتن‪ ،‬واما يختصر اإلسناد‪.‬‬
‫أسباب تعليقه للنوع الثاني‪:‬‬
‫‪ .1‬لم يحصل له مسموعا‪ ،‬وانما أخذه على طريق المذاكرة أو اإلجازة‪.‬‬
‫‪ .2‬أو كان قد خرج ما يقوم مقامه؛ فاستغنى بذلك عن إيراد هذا المعلق مستوفي‬
‫السياق‪.‬‬
‫‪ .3‬أن بعضه قد يتقاعد عن شرطه‪ ،‬وان صححه غيره أو حسنه‪ ،‬وبعضه يكون‬
‫ضعيفا من جهة االنقطاع خاصة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أوجه التشابه واالختالف‪:‬‬
‫أوجـه التشـابه‪:‬‬
‫‪ .1‬أن البالغ والتعليق كالهما فيه حذف من بداية اإلسناد‪.‬‬
‫‪ .2‬البالغ والتعليق يضاف إلى شيخ المؤلف‪ ،‬أو إلى الصحابي‪ ،‬أو إلى النبي ‪.‬‬
‫‪ .3‬بعض البالغات‪ ،‬وبعض أنواع التعليق ِّ‬
‫ترد في الكتاب نفسه موصولة‪.‬‬

‫(‪ )1‬تدريب الراوي‪.)103/1( ،‬‬


‫(‪ )2‬النكت على مقدمة ابن الصالح‪ ،‬البن حجر‪ )326-325/1( ،‬بتصرف‪.‬‬
‫‪455‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫‪ .4‬من أسباب البالغ والتعليق أنهما أخذا بالمذاكرة‪.‬‬


‫أوجـه االختـالف‪:‬‬
‫‪ .1‬أن اإلمام مالكا يورد البالغات على سبيل االحتجاج‪ ،‬بينما اإلمام البخاري ال‬
‫استشهادا‪.‬‬
‫ً‬ ‫استئناسا‪ ،‬و‬
‫ً‬ ‫احتجاجا‪ ،‬وانما‬
‫ً‬ ‫يوردها‬
‫‪ .2‬أن البالغات ترد بصيغة واحدة‪ ،‬أما المعلقات فترد بصيغة التمريض‪ ،‬وبصيغة‬
‫الجزم‪.‬‬

‫‪-456-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫الخـــــــــــاتمــــــــــــة‬
‫ويسر إلتمام هذا البحث‪ ،‬والذي أفدت منه إفادة كبيرة‪،‬‬
‫الحمد هلل الذي أعان ّ‬
‫وتشرفت بقراءة هذين الكتابين لعلمين من أعالم األمة‪ ،‬وقد خلصت من هذا البحث‬
‫بنتائج‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬رواية البخاري من طريق مالك ال تعني بالضرورة أنه اعتمد على كتابه‪ ،‬وذلك‬
‫ألمور‪:‬‬
‫‪ -‬اختالف الغاية في التأليف جعلت هذين المصنفين مختلفين من وجوه‪ ،‬كنوع‬
‫األحاديث واآلثار المحتج بها‪ ،‬وطريقة التبويب‪ ،‬وموضوع الكتاب ومحتواه؛ ألن‬
‫غاية اإلمام مالك جمع الناس على فقه واحد‪ ،‬وغاية البخاري جمع األحاديث‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -‬عدد أحاديث البخاري بدون المكرر فاق عدد أحاديث الموطأ المسندة بأكثر من‬
‫معتمدا عليه بمفرده لتساوى عدد األحاديث بينهما‪،‬‬
‫ً‬ ‫أربعة أضعافه‪ ،‬ولو أنه كان‬
‫أو على األقل تقارب العدد‪.‬‬
‫‪ -‬عدد شيوخ البخاري أكثر بكثير من شيوخ مالك؛ مما كان له األثر في زيادة‬
‫مروياته‪ ،‬وكثرة رحالته‪ ،‬أعطته فرصة أكبر لزيادة التحري‪.‬‬
‫‪ .2‬الحق أن اإلمام البخاري استفاد من طريقة الموطأ‪ ،‬وفي الوقت ذاته استفاد من‬
‫كثير من المصنفات التي سبق أن ألفت‪ ،‬كمسند أحمد‪ ،‬ومصنف ابن أبي شيبة‪،‬‬
‫فبهذا تبطل المقولة‪" :‬لوال مالك لما قام البخاري وما قعد"‪.‬‬
‫‪ .3‬استفادة اإلمام البخاري من اإلمام مالك جعلته يتجنب ًا‬
‫أمور كان يسلكها مالك‪،‬‬
‫حتجاجا‪ ،‬واقتصاره على األحاديث‬
‫ً‬ ‫ومنها‪ :‬الرواية على اإلبهام‪ ،‬وايراد البالغات ا‬
‫الفقهية‪ ،‬واقتصاره على التراجم الفقهية‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫فإني آمل من الدارسين عدم االعتماد على كتب مناهج‬


‫وأما التوصيات ّ‬
‫المحدثين‪ ،‬فقد ترد أخطاء على سبيل الوهم‪ ،‬أو الخطأ في الطباعة؛ لذا البد من النظر‬
‫في كتب السنة نفسها‪ ،‬ومحاولة الوقوف على منهج المصنف فيها‪.‬‬
‫كما أتمنى أن تكون هناك دراسة لقضية ذكرها الدهلوي‪" :‬أن مسند الدارمي إنما‬
‫صنف إلسناد أحاديث الموطأ"‪.‬‬

‫‪-458-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫‪ .1‬اإلمام مالك وكتابه الموطأ‪ ،‬إبراهيم علي السيد عيسى‪ ،‬دار الزهراء‪،‬‬
‫الرياض‪(،‬ط‪1429( ،)1:‬هـ‪2008 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .2‬أوجز المسالك إلى موطأ مالك‪ ،‬محمد زكريا الكندهلوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬تقي الدين‬
‫الندوي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪( ،‬د‪.‬س)‪.‬‬
‫‪ .3‬تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير واألعالم‪ ،‬شمس الدين محمد بن أحمد بن‬
‫عثمان الذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬لبنان‪/‬‬
‫بيروت‪(،‬ط‪1407 ( ،)1:‬هـ‪1987 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .4‬تاريخ بغداد‪ ،‬أحمد بن علي بن ثابت البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد معروف‪ .‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪1422( ،‬هـ‪2001 ،‬م )‪.‬‬
‫‪ .5‬تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪،‬‬
‫تحقيق ‪ :‬عبد الوهاب عبد اللطيف‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثة‪ ،‬الرياض (د‪.‬س)‪.‬‬
‫‪ .6‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك‪ ،‬أبو الفضل القاضي عياض بن موسى‬
‫اليحصبي تحقيق‪ :‬ابن تاويت الطنجي‪ ،‬وعبد القادر الصحراوي‪ ،‬ومحمد بن‬
‫شريفة‪ ،‬وسعيد أحمد أعراب‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،‬المغرب‪( ،‬ط‪،)1:‬‬
‫(‪1981‬م)‪.‬‬
‫‪ .7‬تزيين الممالك بمناقب سيدنا اإلمام مالك‪ ،‬في الجزء األول من المدونة‪ ،‬جالل‬
‫الدين السيوطي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪( ،‬ط‪1415( ،)1:‬هـ‪1994 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .8‬التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث‪ ،‬أبو زكريا‬
‫محيي الدين يحيى بن شرف النووي‪ ،‬تقديم وتحقيق وتعليق‪ :‬محمد عثمان‬
‫الخشت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪(،‬ط‪ 1405( ،)1:‬هـ‪ 1985 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .9‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد‪ ،‬يوسف بن عبد هللا بن محمد بن‬
‫عبد البر بن عاصم النمري القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد‬
‫عبد الكبير البكري‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬القاهرة (د‪.‬س)‪.‬‬

‫‪459‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫‪ .11‬تهذيب األسماء واللغات‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي‪ ،‬عنيت‬
‫بنشره وتصحيحه والتعليق عليه ومقابلة أصوله‪ :‬شركة العلماء بمساعدة إدارة‬
‫الطباعة المنيرية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪( ،‬د‪.‬س)‪.‬‬
‫‪ .11‬تهذيب التهذيب‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬باعتناء ‪:‬إبراهيم الزيبق‪،‬‬
‫عادل مرشد‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ .12‬الثقـات‪ ،‬محمد بن حبان بن أحمد البستي‪ ،‬تحقيق‪ :‬شرف الدين أحمد‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪1395( ،‬هـ‪1975 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .13‬جامع األصول في أحاديث الرسول‪ ،‬مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد‬
‫الجزري ابن األثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر األرناؤوط‪ ،‬مكتبة الحلواني‪ ،‬مطبعة‬
‫المالح‪ ،‬مكتبة دار البيان‪( ،‬ط‪ 1389( ،)1:‬هـ‪1969 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .14‬الجرح والتعديل‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي حاتم‪ ،‬الرازي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫(‪1372‬هـ‪1952،‬م )‬
‫‪ .15‬حجة هللا البالغة‪ ،‬أحمد بن عبد الرحيم بن الشهيد وجيه الدين بن معظم بن‬
‫منصور المعروف بـ «الشاه ولي هللا الدهلوي»‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد سابق‪ ،‬دار الجيل‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪( ،‬ط‪ 1426 (،)1:‬هـ‪2005 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .16‬حلية األولياء وطبقات األصفياء‪ ،‬أبو نعيم أحمد بن عبد هللا األصبهاني‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪(،‬ط‪1405( ،)4:‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .17‬دراسات في مناهج المحدثين‪ ،‬أمين القضاة‪ ،‬وعامر صبري‪ ،‬جهينة‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫(‪1432‬هـ‪2011،‬م)‪.‬‬
‫‪ .18‬الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المصنفة‪ ،‬محمد بن جعفر‬
‫الكتاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد المنتصر محمد الزمزمي الكتاني‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪،‬‬
‫بيروت‪( ،‬ط‪.)1986 ،1406 ( ،)4:‬‬
‫‪ .19‬سير أعالم النبالء‪ ،‬محمد بن أحمد بن عثمان‪ ،‬الذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب‬
‫األرناؤوط‪ ،‬ومحمد نعيم العرقسوسي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪1405 ( ،‬هـ _‬
‫‪1984‬م )‪.‬‬

‫‪-460-‬‬
‫د‪ .‬فتون محمد تومان الشمري‬ ‫موازنة بين موطأ مالك وصحيح البخاري‬ ‫أبحاث‬

‫‪ .21‬شرح الزرقاني على موطأ اإلمام مالك‪ ،‬محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني‬
‫المصري األزهري‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫(ط‪1424( ،)1:‬هـ‪2003 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .21‬شروط األئمة الستة البخاري ومسلم وأبي داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪،‬‬
‫محمد بن طاهر المقدسي‪ ،‬ويليه شروط األئمة الخمسة البخاري ومسلم وأبي‬
‫داوود والترمذي والنسوي‪ ،‬محمد بن موسى الحازمي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫(ط‪1405 (،)1:‬هـ‪1984 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .22‬صحيح البخاري‪ ،‬أبي عبدهللا محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي‪ ،‬دار السالم‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪(،‬ط‪1419( ،)2:‬هـ‪1999،‬م)‪.‬‬
‫‪ .23‬الطبقات الكبرى (القسم المتمم)‪ ،‬محمد بن سعد بن منيع الهاشمي أبو عبد هللا‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬زياد محمد منصور‪ ،‬الناشر مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪،‬‬
‫(‪1408‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .24‬علوم الحديث (مقدمة ابن الصالح )‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن‬
‫الشهرزوري‪( ،‬د‪ :‬ن)‪( ،‬ط‪1984 ( ،)1:‬م)‪.‬‬
‫‪ .25‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقالني‬
‫الشافعي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪1379( ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .26‬لسان المحدثين‪ ،‬محمد خلف سالمة‪( ،‬د‪.‬ن‪ ،).‬الموصل‪2007( ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .27‬المحدث الفاصل بين الراوي والواعي‪ ،‬الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد عجاج الخطيب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪( ،‬ط‪1404( ،)1:‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .28‬المدخل إلى مناهج المحدثين‪ :‬األسس والتطبيق‪ ،‬رفعت فوزي عبد المطلب‪ ،‬دار‬
‫السالم‪ ،‬القاهرة‪( ،‬ط‪1429( ،)1:‬هـ‪2008 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .29‬المـراسيل‪ ،‬أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر‬
‫الحنظلي الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬شكر هللا نعمة هللا قوجاني‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫(ط‪1397( ،)1:‬هـ)‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫العدد (‪)96‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلسالمية والبحوث األكاديمية‬

‫‪ .31‬مسند الموطأ للجوهري‪ ،‬أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد هللا بن محمد الغافقي‬
‫الجوهري المالكي‪ ،‬تحقيق‪ :‬لطفي بن محمد الصغير‪ ،‬طه بن علي ُبوسريح‪ ،‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪( ،‬ط‪1997( ،)1:‬م)‪.‬‬
‫‪ .31‬معجم البلدان‪ ،‬ياقوت بن عبد هللا الحموي أبو عبد هللا‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .32‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪1399( ،‬هـ‪1979 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .33‬المنتقى شرح الموطأ‪ ،‬أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث‬
‫التجيبي القرطبي‪ ،‬الباجي األندلسي‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬بجوار محافظة مصر‪،‬‬
‫(ط‪ 1332( ،)1:‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .34‬موطأ اإلمام مالك واعتماد البخاري ومسلم على نسخ مكتوبة منه في‬
‫المكية‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫َ‬ ‫الصحيحين‪ ،‬محمد سعيد بن محمد حسن البخاري‪ ،‬المكتبة‬
‫(ط‪1428( ،)1:‬هـ‪2008،‬م)‪.‬‬
‫‪ .35‬الموطأ‪ ،‬لإلمام مالك بن أنس‪ ،‬تحقيق‪ :‬صدقي جميل العطار‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪( ،‬ط‪1425،1426(،)1:‬هـ‪2005،‬م)‪.‬‬
‫‪ .36‬النكت على كتاب ابن الصالح‪ ،‬أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن‬
‫حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬ربيع بن هادي عمير المدخلي‪ ،‬عمادة البحث العلمي‬
‫بالجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪( ،‬ط‪،)1:‬‬
‫(‪1404‬هـ‪1984/‬م)‪.‬‬
‫‪ .37‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ،‬مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن‬
‫محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد الزاوي‪ ،‬محمود‬
‫محمد الطناحي‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪1399( ،‬هـ‪1979 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ .38‬الواضح في مناهج المحدثين‪ ،‬ياسر الشمالي‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫(ط‪2006( ،)2:‬م)‪.‬‬

‫‪-462-‬‬

You might also like