Professional Documents
Culture Documents
Philo
Philo
Philo
لقد كان ." Michel Meyer, De la problématologie -إن المساءلة هي حقا مبدأ الفكر ذاته ،إنها المبدأ الفلسفي بامتياز "
عنوان برنامج الفلسفة في السنة الثالثة " مطلب التفكير :من اليومي إلى الفلسفي" ،وهو عنوان تمت مقاربته من خالل فصول
ثالثة * :أولها :فصل" اليومي" الذي هدف إلى الكشف عن آليات عمل اليومي التي تفرض على الوعي و الفعل اإلنسانيين إيقاعا
تكراريا رتيبا يجعلهما موسمين بالسلبية .فبالرغم من مظاهر التغير و االختالف وادعاء الفاعلية ،فإن األفراد ينخرطون سلبيا في
أنماط متكررة تجعل آراءهم و اختياراتهم نتاجا لتأثيرات خارجية مصدرها السائد االجتماعي و سلطة األكثرية و وسائل
االتصال الجماهيري .و في ذلك ما يؤدي بالضرورة إلى االغتراب أي إلى تشويه مميزات الفرد اإلنسانية و جعله غريبا عن ذاته
و عن واقعه ,فهو كائن الفكر والحرية و لكنه يتبنى آراء بال تفكير و يحدد مواقف دون اختيار حر .و هو يحيا في عالم يفهمه
بشكل زائف فال يتوصل إلى إدراك نظامه و آليات عمله .إن معانية هذا الوضع ال يمكن أن تتم من دون تساؤل :كيف يمكن
لألفراد التحرر من االغتراب في سياق اليومي ؟ * إن هذا السؤال هو الذي أجاب عليه الفصل الثاني" مقتضيات التفكير" ،حيث
حاول أن يبين أن الفرد ال يمكنه أن يتحرر من اغترابه في اليومي إال إذا غير عالقته به من خالل ممارسة التفكير الذي يقتضي
مساءلة إشكالية ترفض اإلقرار بالبديهي ليستنطق ما هو ضمني ال مفكر فيه داخل كل موقف فتحوله إلى مشكل يحرج الفكر
ويدعوه إلى البحث والتجاوز .إن تحقق هذا المقتضى ال يمكنه إال أن يحرر الفرد من عالقته العفوية المختلطة باللغة ليعرف
األلفاظ بكل دقة ويحولها إلى مفاهيم تمكن من تمثل الواقع بأكثر دقة ويحصنه من أشكال المغالطة التي يحملها الخطاب فال يدافع
عن أطروحة وال يدحض أخرى إال باالستناد إلى حجج وجيهة يبنيها العقل وحده * .أما الفصل الثالث فيتعلق " بتجربة االلتزام
" التي يقدمها كامتداد طبيعي لفعل التفكير باعتباره ال يمكن أن يتحقق في إطار العزلة وال أن يكون المباليا .فااللتزام هو الوجه
اآلخر للتفكير من حيث أنه اليكون إال في إطار الحوار مع اآلخرين والقبول بالنقد كقاعدة للتعامل مع كل المشاركين فيه ،رهانه
من ذلك إرساء تواصل حقيقي يبرر الرجاء في حياة إنسانية بال عنف .فالتفكير إذن مسؤولية بإقناع الذات واآلخر بأن اإلنسان
قادر على تغيير واقعه نحو األفضل وشجاعة في تحملها - .ويتضح من خالل الفصول الثالثة أن برنامج الفلسفة في السنة الثالثة
قد راهن على إمكانية قيام تواصل حقيقي بين البشر يمكنهم من إزالة أشكال النزاع للتفكير معا في كنف الحوار وللحياة معا في
عالم بال عنف مم يهيئهم للتحرر من االغتراب - .إذا كان جوهر التفلسف هو المساءلة ،فإنه اليمكن االنخراط في هذا الرهان
دون مساءلته إشكاليا للكشف عن مفترضاته الضمنية وامتحان مدى وجاهتها‘ - :ن المفترض األول الذي تكشف عنه مساءلة
الرهان المعلن هو أنثر بولوجي ( والمفترض هو الموقف الذي يسلم به ضمنيا قول معلن ما (أطروحة ،سؤال) فيجعل طرحه
ممكنا .ويكون المفترض انثربولوجيا عندما يتعلق بتصور عن اإلنسان :انتربوس في اليونانية) ذلك أن اإلقرار بإمكانية تواصل
حقيقي بين الناس من خالل التفكير يهيئهم لإلتفاق ووضع حد لعنف الخطاب والممارسة يفترض ضمنيا وجود خصائص مشتركة
بين البشر تعبر عن وحدة كلية تجمع بيتهم رغم اختالفهم ( العقل ،اإلحساس ،االجتماعية ،الرمز ،اإلنتاج )...غير أن هذا
المفترض ال يخلو من إحراجات إذ :بأي معنى يمكن اإلقرار بوحدة إنسانية كلية في ضوء ما يتميز به البشر من كثرة تعبر عن
تنوعهم الفردي والثقافي؟ أال يتضمن اإلقرار بوحدة إنسانية كلية خطرا مزدوجا يهدد بتحويل تلك الوحدة تارة إلى ماهية مجردة
تهمش الكثرة الفعلية بين البشر وطورا إلى مركزية اثنيه تفرض نموذجا حضاريا ما وترى في كل خصوصية مغايرة ضربا من
البربرية؟ عندئذ هل يكون الحل بتثمين االختالف بين األفراد والمجتمعات بما تتضمنه من ثراء والدفاع عن الخصوصية ضد كل
وحدة مزعومة؟ [إن هذه األسئلة تطرح إشكالية :اإلنساني بين الوحدة و الكثرة التي ستكون محورا للتفكير في الباب األول من
إما المفترض الثاني الذي تكشف عنه مساءلة رهان برنامج الثالثة برنامج الرابعة ]
فهو معرفي ،ذلك أن التفكير سيكون بالمعنا إذا لم ينفتح على إمكانية االتفاق وهو ما ال يتحقق من دون اإلقرار بإمكانية إلى
حقائق تتميز بالكلية باعتبارها قضايا تمكن من معرفة موضعية بالواقع و تحظى العلوم أضحت اليوم متهمة بكونها قد بعثرت
الواقع وجزأته فلم تقدم سوى حقائق جزئية و مؤقتة ؟ و أن الفلسفة أضحت متهمة بكونها مساءلة عقيمة ال تنتج أية معرفة ؟
عندئذ هل ينبغي االستسالم لريبة تجعل التفكير بال أفق وإمكانية االتفاق مستحيلة.؟ أم البد من خيار ابسمولوجي جديد يهيئ العلوم
لالنفتاح على الواقع في تعقيده ومن االعتراف بإسهام المساءلة الفلسفية في بلورة مطلب الحقيقة الكلية ؟ [إن هذه األسئلة تطرح
إشكالية :العلم بين الوحدة والكثرة التي ستكون محورا للتفكير في الباب الثاني من برنامج الرابعة ] أما المفترض الثالث الذي
تكشف عنه مساءلة رهان برنامج الثالثة فقيمي ذلك أن االنفتاح على إمكانية االتفاق باعتباره البديل النوعي للعنف ليس معرفيا
و السياسة والفنية ،وهو ما فحسب بل ينبغي أن يكون كذلك عمليا قيميا يتصل بأحكام القيمة في مجال الممارسة األخالقية
يفترض وجود قيم كلية تضع معايير موحدة بين الناس في تحديد الخير و الحق والجمال .و لكن مساءلة هذا المفترض سرعان ما
تكتشف عن إجراءات عديدة .أليس من تناقص في الحديث عن قيم كلية في ظل ما تتضمنه المجتمعات من قيم نسبية مختلفة ال
تفتأ تتغير عبر التاريخ؟ عندئذ هل يكون من المشروع القول أن القيم ال تكون إال نسبية وجزئية تعبر عن مواضعات المجتمعات
واختيارات األفراد ؟ ولكن أال يفضي ذلك إلى نسبوية قيمية نتفي إمكانية التمييز بين الحق والعنف و الحسن والسيئ و الجمال و
[إن هذه القبح فتجعل الفعل اإلنساني بال إحداثية توجهه وتهدد بانفجار العنف وتبريره؟
األسئلة تطرح إشكالية :القيم بين النسبي و المطلق التي ستكون محورا للتفكير في الباب الثالث من برنامج الرابعة ] رهانات
األسئلة المطروحة -إن مساءلة هذه المفترضات التي قام عليها رهان مطلب التفكير في برنامج الثالثة عن صلته الوثيقة
بمطلب الكلي على مستويات ثالثة :وحدة اإلنسانية على المستوى االنثربولوجي ،و كلية الحقيقة على المستوى المعرفي ،و كلية
فانثربولوجيا ،إن فهم البشر لالختالفات القائمة بينهم القيم على المستوى العلمي .وفي ذلك ما يعبر عن رهانات أساسية :
كتعابير متنوعة عن هوية إنسانية كونية توحد بينهم وتتيح لهم إمكانية التواصل و التعايش السلمي و االحترام المتبادل بحيث
و االستعمارية التي تتخذ من الكثرة مبررا للتفاوت و يضعف ذلك االيدولوجيا القومية و العنصرية و الجنسية و الطائفية
ومعرفيا ،إن العمل على التوصل إلى حقائق كلية تعبر عن تظافر كل المعقوليات في معرفة الواقع داخل تعقيده اإلقصاء .
من أجل التقدم باإلنسان هو ما يمكنه أن يحرر البشر من معارف مجزأة أشكال ال تقدم سوى حقائق جزئية غايتها النجاعة دون
و قيميا ،إن العمل على بلورة أشكال من االتفاق حول قيم أخالقية وسياسية كلية تتيح إمكانية توجيه الحيات اعتبار اإلنسان .
المدنية و السياسية و العالقة بين األشخاص طبقا لمبادئ و قوانين تحمي احترام كرامة اإلنسان وحقوقه وهو ما يمكن أن يحرر
البشر من نسبوية يصبح في نطاقها كل شيء مبررا و جائزا كمقدمة تهتم اندالع العنف .الباب األول اإلنساني بين الكثرة
ال يوجد أي كائن غير إنسان " » « Excepté l’homme, aucun être ne s’étonne de sa propre existenceوالوحدة
يندهش من وجوده الخاص " * تكشف أبسط المالحظات عن مدى االقتران القائم بين الواقع اإلنساني و الكثرة نظرا لما يتسم به
وجود الناس من تعدد شديد واختالف عميق على جميع المستويات - :فبيولوجيا ،هناك اختالفات عرقية وجنسية وشكلية بين
األفراد مردها المدونة الوراثية وما تفرزه من تنوع بواسطة التطور والتناسل - .وثقافيا ،هناك اختالفات شديدة بين األنماط
الثقافية التي بواسطتها تتشكل هوية األفراد ووعيهم بذواتهم في إطار ما يميزهم عن الحضارات األخرى مثل :اللغة والعقائد
واألعراف والعادات والقيم والخبرات - ...وفرديا ،هناك اختالفات عميقة بين اختيارات األفراد في توجيه الحياة :مواقفهم الدينية
واألخالقية والسياسية والجمالية والجنسية وتعارض مصالحهم المادية والمعنوية بفعل مواقفهم االجتماعية * .إن هذه الكثرة
المعطاة بدل أن ينظر إليها كتعابير تكشف عما يتميز به البشر من تنوع وثراء تحولت إلى منطلق لصراعات أفرزت تصورات
تبرر التمييز والمفاضلة واإلقصاء والعنف - :إنه عنف عنصري وجنسي يتخذ من االختالف العرقي والجنسي مبررا النتهاك
حقوق األشخاص اعتبارهم أدنى قيمة - .وهو عنف قومي وثقافي يتخذ من االنتماء إلى قوميات وثقافات معينة مبررا التهام
األشخاص بالتخلف والتوحش والبدائية واإلرهاب - ...وهو عنف فكري واجتماعي يتخذ من االختالف الديني واألخالقي
والسياسي والرياضي والطبقي والجهوي مبررا للتهميش واالحتقار والعنف * .إن هذا الوضع الخطير والمتأزم يوجب التفكير في
داللة الكثرة ومنزلتها في الواقع اإلنساني - :هل في هذه الكثرة ما يؤسس الختالفات عميقة تقيم حدودا غير قابلة للتجاوز بين
الناس بيولوجيا وثقافيا وفرديا؟ أم أنها التعدو أن تكون سوى تجليات متنوعة لوحدة إنسانية تجمع بين كل الناس ليلتقوا حول
خصائص كلية مشتركة؟ -وعند افتراض إمكانية إثبات وحدة إنسانية تجمع بين الناس كافة فما هي الخصائص التي تمكن من
تعريف إنية هذه الوحدة؟ هل ينبغي االتجاه فورا إلى تكرار القول أنها تكمن في الوعي والعقل واإلرادة ؟ ولكن أليس في ذلك ما
يؤدي إلى حصر اإلنساني في إنية ثابتة وأزلية تنفي كل دور لما هو مغاير لها في تشكلها مثل الجسد والالوعي و الغير والعالم ؟
[المسألة األولى :اإلنية والغيرية ] ــ وإذا كان ما دعا إلى وضع فرضية وحدة إنسانية كلية هو الحيلولة دون تحول الكثرة إلى
مبرر للصراع العنيف فيكون التواصل ممكنا كبديل نوعي فإن هذا االفتراض ال يخلو من إشكال ،إذ هل هذا التواصل بين الناس
ممكنا حقا ؟ وما هي الوسائط التي تضمن إمكانه؟ و هل يتسنى االعتراف بخصوصية االختالفات بين الناس و بكونية ما هو
إنساني في آن يؤدي ذلك إلى نفي إحداهما لألخرى؟[ المسألة الثانية :الخصوصية والكونية ] .المســــــــــــــألـــــــــة
يقول ج .لوموانيي << :إن االختالف بيني وبين نفسي ال يقل عن األولـــــــــــى اإلنيــــــــــتة و الغـيـــــــــريـــــــــــة
االختالف بيني و بين غيري >> ــ ال يمكن المراهنة على تجاوز مأزق العنف الناجم عن تحول الكثرة من عالمة تنوع وثراء
إلى مبرر للصراع واإلقصاء و الهيمنة واالضطهاد و اإلبادة ...إال بالبحث عن خصائص كلية مشتركة بين الناس كافة و التي
فما هي طبيعة تشكل وحدتهم اإلنسانية و تجعل من الممكن الرجاء في التواصل و التعايش السلمي و االحترام المتبادل:
هذه الخصائص التي يتوحد حولها كافة الناس لتشكل إنية إنسانية كلية مشتركة بينهم ؟(اإلنية هي الخصائص التي تشكل هوية
تتميز بالثبات و االستمرارية في الوجود .يقول الفارابي – كتاب الحروف " -تسمي الفالسفة الوجود الكامل إنية الشيء و هو
هل ينبغي االتجاه فورا إلى تعريف تلك اإلنية انطالقا من خاصية الوعي أي بعبارة أخرا العقل و اإلرادة ؟ بعينة ماهيته)".
عندئذ ألن يجعلها ذلك ماهية ثابتة و أزلية تنفي ما هو مغاير لها مثل الالوعي و الغزيرة و العالم و اآلخرين؟ و لكن أليس في
أم االعتراف بما هو مغاير للوعي وللعقل ما يهدد بنفي اإلنية و تهميشها لتصبح مجرد صدى للغرائز و الالوعي و التاريخ؟
أن ذلك االعتراف لن يؤدي إال لفهم جدلي لإلنية يجعل من الغيرية شرطا لإلمكان تشكلها فال يمكن الحديث عن وعي دون
في اإلنية كإقصاء І-الوعي وال عن ذات دون جسد والعن أنا دون آخر وال عن إنسانية خارج صيرورة التاريخ ؟ التخطيط
للغيرية-1 :في اإلنية كنفي لغيرية العالم واآلخرين [ ديكارت " في يقين الكوجيتو " ص 2 ] 22ـ في اإلنية كنفي لغيرية الجسد
ـ في الغيرية كإقصاء لإلنية 1 :ـ في غيرية الالوعي كنفي لمركزية الذات [ فرويد " [ IIأفالطون " الجسد الوضيع " ص ] 32
سيادة األنا " ص 2 ] 65ـ في غيرية الجسد كنفي لمركزية الذات [نيتشه " محتقرو الجسد " ] 3ـ في غيرية التاريخ كنفي
ـ في جدلية اإلنية و الغيرية 1 :ـ في الوعي كمهمة [ريكور ] IIIلمركزية الذات [ماركس "هل الوعي كيان المستقبل ؟ "ص]50
اإلنية كإقصاء للغيرية - :إن 2 I -ـ في الذات المتجسدة [مرلوبونتي " تجربة الجسد " ص 3 ] 42ـ في البينذتية [سارتر ]
البحث عن وحدة كلية تؤلف بين كثرة االختالفات الجزئية والخصوصية القائمة بين الناس حتى ال تتحول إلى مبرر لإلقصاء
والمفاضلة والتمييز والعنف بل تكون مدعاة للتواصل والتعايش واالحترام ال يكون إال برصد خصائص واحدة ومشتركة بينهم
جميعا تشكل إنيتهم .ولكن أال يتوقف هذا البحث ما أن يبدأ بسبب بداهة الخاصية الكلية التي تفرض نفسها كوحدة جامعة لكل
الناس ومميزة له عن سائر الكائنات وهي الوعي؟ إذا كانت المساءلة الفلسفية هي دائما رفض للبديهي وإحراج له فإن هذه
البداهة سرعان ما تتحول إلى مصدر إشكال - :فبأي معنى يمكن تعريف الوعي على نحو يجعل منه الخاصية اإلنسانية الكلية
التي تعبر عن وحدة تجمع بين الناس كافة؟ -و ما الذي يبرر استبعاد ما هو مغاير للوعي في تعريف الوحدة اإلنسانية مثل
السند" :في يقين غرائز الجسد وحواسه والعالم واآلخرين؟ -1اإلنية كنفي لغيرية العالم واآلخرين:
ديكارت (فيلسوف فرنسي- ) 1650 -1596:ال يمكن فهم النص في سياق التأمل الثاني :في الكوجيتو"
طبيعة النفس اإلنسانية وإن معرفتها أيسر من معرفة الجسم ،إال في عالقته بمسار الشك واليقين األول الذي قاد إلى اكتشافه وهو
الكوجيتو - :إن كل إنسان بحكم عدم اكتمال قدرته على التفكير بنفسه خالل الطفولة يكون عرضة لتأثير السلطات واآلخرين
واألهواء مم يؤدي إلى رسوخ أحكام مسبقة ومتسرعة ال يملك القدرة على تقويمها للتمييز بين ما هو خاطئ منها وما هو صائب
ال بد لي مرة في حياتي من الشروع الجدي في إطالق نفسي من جميع اآلراء التي تلقيتها في اعتقادي من إال بالشك فيها جميعا " .
قبل - ".إن الشك كما ينبغي ممارسته حسب ديكارت ليس ريبيا قوامه اإلقرار الوثوقي بعجز العقل و استحالة الحقيقة بل سيكون
منهجيا أي وسيلة بحث يعتمده العقل من أجل التميز بين ما هو مشكوك فيه و يقيني بحيث يكون ذلك أساسا معقوال يتيح إمكانية
معرفة الذات و العالم ".كان مقصدي ال يرمي إال اليقين و إال أن أدع األرض رخوة و الرمل كي أجد الصخر و الصلصال- ".
إن ممارسة الشك تدرجت بديكارت من البسيط إلى المركب لتبلغ مرحلة اإلفراط و تنفي كل مصادر اليقين التي كانت لديه .فالشك
في قيمة اإلدراك الحسي كشف عن خداعها وقاد إلى استبعادها واعتبار أن كل ما تقدمه عن العالم والجسم خاطئ .أما الشك في
قيمة االستدالل العقلي كما يتجلى في أكثر العلوم معقولية وهي الرياضيات فيكشف أنه غير كاف للحماية من الخطأ واالستدالالت
الفاسدة مما يعني اعتبار أولياته ونتائجه خاطئة تماما .هنا يبلغ الشك أقٌصى درجاته ليصبح ميتافيزيقيا من خالل فرضية الشيطان
إذ أن افتراض كائن له نفس قدرة اإلله ولكنه يستعملها في تضليل اإلنسان سيخلط l’ hypothèse du malin génie،الماكر
حدود الفصل بين ما هو معقول وما هو ال معقول والعجز عن رسمها ".لعل شيئا واحدا هو الصحيح ،وهو أن ال شيء في العالم
بيقيني - ".إن هذا الشك المفرط الذي ينفي كل مصادر اليقين يكون في حد ذاته يقينا .فمن يشك هو يفكر وال يمكن أن يشك آنذاك
أنه يفكر .وبما أنه من التناقض أن يكون من يفكر منعدما فمن يفكر إذن هو موجود على وجه اليقين الذي ال يطاله الشك .أنا أفكر
أنا موجود هذا يقين أول تكشفه الذات في إطار الشك كإقرار بديهي ال يمكن التشكيك فيه" .أنا كائن ،أنا موجود قضية صحيحة
بالضرورة كلما نطقت بها وكلما تصورتها في ذهني‘ - ".ن هذا االكتشاف يقود ديكارت إلى تأمله بأكثر إمعان ليرصد التبعات
التي تنجر عنه :فما هو هذا اإلنسان الذي أضحى على يقين من وجوده؟ حركة التفكير في النص * لحظة أولى:الكوجيتو ويقين
التطابق بين الفكر والوجود (الفقرة األولى) -إن يقين األنا في وجوده كما تحدد من خالل الكوجيتو يثبت أن الفكر هو أساس ذلك
اليقين وانه بذلك يختزل إنية اإلنسان بعيدا عن كل غيرية باعتباره شيئا يفكر - :إن وجود األنا أفكر يقيني ألنه من البداهة أن
يكون األنا الذي يفكر موجود ككائن فعلي في الواقع إذ من التناقض أن يكون في أن لمفكر و منعدما .فهو إذن إقرارا معقول ال
يوجد فيه العقل المنتبه أي غموضا أو تدخل يبرران الشك فيه فيكون في نظره واضحا متميزا أي يقينيا " .هذا أمر يقيني - ".إن
يقين األنا في وجوده لم يتحقق بواسطة ما هو مغاير للفكر لذلك غنه لم يستلزم العالقة بالطبيعة أو المجتمع أو بالغير بواسطة
حواس الجسم .فاألنا بفكره وحده يتيقن من وجوده أي بوعيه بذاته الذي منحه هوية ثابتة و مستمرة تجعله منبها و حاضرا لنفسه
بحيث يجعله ذلك مدركا لدل ما يحدث داخله من حاالت و مصدرا لكل التصورات و القرارات و األفعال .فبوعي األنا انه يشك
استحالت إمكانية الشك في ذلك و تحقق اليقين في الوجود ".أنا موجود ما دمت أفكر - ".إذا كان األنا يتيقن من وجوده من دون
تدخل ما هو مغاير للفكر فإن ذلك يعني أن الفكر كيان قائم بذاته وغير مادي متميز تماما عن الجسم ومستقل عن العالم واآلخرين
وهو النفس التي تجعل من اإلنسان ذاتا أي كائنا مدركا ومتصورا وفاعال وسيلة في ذلك هي العقل كقدرة تمكنه من الحكم والتمييز
والقرار .فاإلنسان في إنيته ذات مفكرة أو بعبارة أخرى روح أو عقل " .إذن فما أنا على وجه التدقيق إال شيء مفكر أي روح أو
ذهن أو عقل * ".لحظة ثانية :في الحجاج على وجاهة التطابق بين الفكر واليقين في الوجود ( .الفقرة الثانية ) -ال يكتفي
ديكارت بإثبات مدى بداهة التطابق بين األنا أفكر وأنا موجود وباستنتاج ما يترتب عن ذلك من تبعات بل يتجاوز ذلك نحو العمل
إن صفة الفكر التي تم اعتبارها المحددة إلنية على مفهوم الفكر بأكثر دقة والحجاج على كفايته لمنح اليقين في الوجود· :
اإلنسان سرعان ما تكشف عن إشكال يتمثل في اختالف تجلياتها التي تشمل كل ملكات اإلنسان :العقل ( شك ،تصور ،حكم )
اإلرادة ( رغبة ،نفور ) تخيل ( إنشاء صور ) إحساس ( انطباعات حسية ) فهل من تناقض بين القول بوحدة اإلنية اإلنسانية
إن هذه األفعال وكثرة األفعال المتعلقة بها؟ "حقا إنه ليس باألمر اليسير أن تكون كل هذه األشياء من خصائص طبيعتي· ".
الفكرية أو الواعية رغم كثرتها تجد شرط إمكانها في وحدة األنا أفكر .ذلك أنه ال يمكن ألي فعل عقلي أو إرادي أو تخيلي أو
إدراكي أن يتحقق من دون الوعي بالذات كعالقة مباشرة بين األنا ونفسه تمنحه الوحدة والثبات فتجعله حاضرا لذاته ومنتبها
ومدركا لكل حاالته ومصدرا لكل أفعاله .فمن دون أنا واع ال يمكن للعقل أن يشك أو يتصور أو يحكم وال لإلرادة أن ترغب أو
تنفر وال للخيال أن ينشئ صورا وال للحواس أن تدرك فال فعل من دون فاعل يوجه ويرسم المقصد ".بديهي كل البداهة أنني أنا
الذي أشك وأنا الذي أفهم وأنا الذي أرغب ".إن األنا ال يمكن أن يكون واعيا بذاته كوحدة مستمرة تتقاطع عندها الحاالت المتغيرة
وتصدر عنها األفعال المتنوعة من دون أن يكون موجودا فعليا في الواقع فمن التناقض أن يكون من يكون على يقين أنه واع
بنفسه أي يفكر غير موجود .فالفكر هو دليل يقيني على الوجود مما يجعله الخاصية المحددة إلنية اإلنسان" .من هذا بدأت أعرف
ي شيء أنا ".اإلشكالية :هل الوجود بداهة أم إشكال؟ وكيف يمكن إثباته على نحو يقيني ،هل باالنطالق من عالقة األنا بما هو أ ّ
مغاير له أي بالجسم والعالم والغير أم من عالقته بذاته من خالل الفكر؟ وأي تصور يترتب عن ذلك في شأن إنية اإلنسان؟
أطروحة الكاتب :إن الفكر وحده هو شرط إمكان يقين األنا في وجوده فيدل على أن اإلنسان في إنيته ليس إال شيئا يفكر.
الضمنيات :تنطلق أطروحة ديكارت عند اختزالها للوحدة اإلنسانية في خاصية الوعي من فهم ميتافيزيقي للوجود يبحث عن
اإلنية خارج إطار المحسوس بما يحمله من كثرة وتغير واختالف - :فاألنا الواعي ال يتكون في سياق الغيرية التي تحيل على
التاريخ والثقافة واآلخرين ،فهو ليس وحدة تنشأ في سياق عصر وضمن ثقافة ومن خالل شبكة من العالقات االجتماعية
والرمزية باآلخرين ألنه يعبر عن النفس كحقيقة ميتافيزيقية متعالية باعتبارها جوهرا روحيا أي كيانا قائما بذاته وال يحتاج في
أداء وظيفته وهي الوعي إلى غيره ويتميز بالبساطة والالمادية وعدم القابلية للتجزئة والخلود - .إن اعتبار األنا نفسا يعني تمييزا
تماما بين الذات والجسم كآخر مغاير لها مم يؤسس لتصور ثنائي عن اإلنسان .فالجسم جوهر ممتد اليعدو أن يكون آلة نشاطها
الإرادي ووظيفتها االستمرار في الحياة أما النفس فهي الجوهر المفكر الذي يجعل اإلنسان كائن العقل والحرية ويبوئه مكانة
محورية في الكون" .إن األنا أي النفس التي بها أنا ما أنا متميزة تماما عن الجسم ".الرهان * :إن ما هو محل مراهنة في النص
هي محورية الذات الواعية كأساس لليقين وكمحدد لإلنية - :إن العالقة بما هو مغاير اليمكن أن تكون معيارا للحقيقة ،فالتطابق مع
الواقع الخارجي والتواصل مع الغير هما منطلق ادراكات حسية زائفة وأحكام مسبقة ،لذلك ال تبدأ الحركة نحو اليقين إال بأن
تستقل الذات عن كل ماهو مغاير لها لتشك في كل ما آمنت به من قبل فال تقر إال بما يتمثله العقل بوضوح وتميز دون أية إمكانية
للشك فيه - .أن الجسم ببنيته العضوية شرط الستمرار الحياة بحيث أن أي خلل يصيب نظامه اآللي يهدد بتوقفها ولكنه ال يمكن أن
.يسهم في فعل التفكير وقرارات اإلرادة ،لذلك فهو آخر مغاير للذات يجب إقصاؤه عند تعريف إنية اإلنسان والقول إنه ذات مفكرة
النص السند« :الحكمة في I - اإلنية بما هي إقصاء للغيرية -2 :اإلنية بما هي إقصاء لغيرية الجسد:
معرفة النفس» .أفالطون تخلّص :أدت محاولة اإلجابة عن سؤال :ما هي الخصائص الكلية التي تحديد إنيتنا اإلنسانية؟ إلى
فرضية فهم أولى تتكون من اإلقرارات التالية - :الخاصية المميزة لإلنسان هي الوعي الذي تجعل منه أنا تجد في العقل مرجعا
ألفكارها وأفعالها - .إن هذه اإلنية تتحدد بالفكر وحده التحتاج في ذلك إلى توسط ما مغاير له مثل الجسم أو اآلخر أو العالم فاإلنية
ال تتحدد إالّ كنفي لكل غيرية - .إن فرضية الفهم هذه التخلو من التباسات محرجة .فإذا أمكن تبرير نفي غيرية العالم واآلخرين
وباستقاللية الذات التي تجد في العقل مرجعا للحكم والقرار فإنه يعسر اعتبار الجسد آخر الذات وإقصائه عند تعريف إنيتنا .فما
الذي يبرر اعتبار الجسد آخر الذات؟ وهل من المشروع نفي غيريته عند تعريف إنيته؟ اإلشكالية المركزية :على أي نحو تتحدد
إنية اإلنسان؟ هل يمكن تحديدها من جهة كونها جسد أم وحدة بين النفس والجسد؟ أم أن إنية اإلنسان التتحدد إال من خالل النفس
فقط؟ األطروحة :يؤكد أفالطون أن اإلنية اإلنسانية التتعين إال في النفس فقط ،وما الجسد ليس سوى عائقا للنفس يجب التخلص
منه .مراحل الحجاج -1 :استبعاد الجسد أن يكون يمثل إنية اإلنسان -2 .استبعاد القول بأن إنية اإلنسان تتجلى في الكل :النفس
وجسد -3 .إنية اإلنسان تكمن في النفس فقط .التحليل -1 :استهل الكاتب نصه ببيان قياس المجهول على المعلوم :هناك اختالف
بين الذي يستخدم شيئا عن الشيء الذي يستخدمه ،هنا يفرق أفالطون بين النفس بما هي المستخ ِدم والجسد بما هو المستخدَم .ولكن
ما داللة إستخدام النفس للجسد؟ تحيلنا هذه العبارة إلى العبارة إلى التقابل بين من يصدر األوامر ومن يطيعها :النفس هي اآلمر
والجسد هو المأمور .مثال حركة أعضاء الجسم التتم إال بأمر من النفس لتحديد الغاية والقصد .الجسد اليتلقى أوامره من ذاته بل
من النفس فهو فاقد لإلرادة والفعل .إن وقع المرض والجنون والموت قد جعل من الجسد كيانا محتقرا فهو زائل مع
الموت(عرضي) ،متغير اليستقر على حال ،في المعرفة والوجدان .على هذا النحو فإن عالقة النفس بالجسد تقوم في تقدير
أفالطون على التبعية .الجسد ال يمثل إنية اإلنسان التي يجب أن تحمل صفات الوجود التام والثابت على الدوام بعيدا على
العرضية والغيرية - .بناء على هذه اإلجابة األولى يقف أفالطون عند سؤال جديد من خالل الحوار الدائر بين سقراط وألقيبياس:
"لعل الجملة الحاصلة من الجسد والنفس هي التي تدير الجسد،إذن ،أفيكون ذاك هو اإلنسان؟" -2 .عن هذا السؤال يجيب سقراط
ويتقدم في الحوار مع ألقيبياس ليقدم الحجة :بأنه إذا كان أحد الجزأين ال يشترك في التحكم ،تعذر القول بأن إنية اإلنسان تكمن في
-الجسد ال يأمر المقدمات: الوحدة بينهما .يمكن القول أن أفالطون في هذه البرهنة قد اعتمد القياس المنطقي التالي:
اإلنسان ليس جسدا إذن إنية اإلنسان ليست كالّ مؤتلفا بين النتيجة: -النفس تأمر الجسد ذاته
النفس والجسد .إن هذا الموقف الذي إتخذه أفالطون من حقيقة كل من النفس والجسد يجد مبرراته في نظرية المعرفة لديه أو ما
يعبر عنها بنظرية المثل ،وهي نظرية حول الحقيقة حقيقة الوجود وحقيقة اإلنسان :يقسم أفالطون الوجود إلى - :عالم المثل ،عالم
عالم الوحدة والثبات [.تنتمي إليه النفس] - .عالم مادي ،وهو عالم الحقيقة الواحدة الكلية والثابتة ،وهي الحقيقة المجردة.
عالم الكثرة والغيرية ،عالم الظن أي الوهم[.ينتمي إليه : Doxaالمحسوسات يتميز بالتغير الدائم ،عرضي وزائل.
الجسد] .ويقوم هذا التقسيم األفالطوني للوجود على المفاضلة ،ومنه كانت المفاضلة بين النفس والجسد ،وأن العالقة بينهما ليست
متجانسة فالجسد يعرقل النفس ويلهيها على التفكير ويعكر صفوها على ح ّد تعبي أفالطون" ،الجسد سجن للنفس" هكذا قال
أفالطون في محاورة الفيدون .وهو نفس القائل في محاورة الغورجياس" :الجسد قبر للنفس".النفس اليمكن أن تتعقل ذاتها
ووجودها الحقيقي إالّ عندما تتح ّر ر من الجسد ،وذلك بالتفلسف الذي يعتبره أفالطون تدربا على الموت .إنسانية اإلنسان ال تتحقق
إال بانفصال النفس على الجسد -3 .يخلص أفالطون في آخر النص إلى التأكيد على أن النفس هي عين اإلنسان أي إنيته" :فلما لم
يكن اإلنسان هو الجسد ،وال هو الجملة المؤلفة من النفس والجسد لزم إذن أن نستنتج من ذلك أن اإلنسان هو النفس ".والنفس في
المرجعية األفالطونية ههنا هي الماهية العاقلة ووجودها األصلي هو عالم المثل ،وهي الفكرة التي تعبر وتختزل كل ما هو
إنساني .ما يمكن أن نخلص له أن اإلنية هي ما يد ّل على الثبات والدوام والوثاقة في الوجود التي تجد معناها في النفس لدى
إن" الذي يدل عل الثبات والدوام في أفالطون .ولعل هذا ما عبر عنه الفارابي في كتابه "الحروف" وهو أول من نبه على حرف" ّ
ُأ ُأ
الوجود وفي العلم بالشيء .ويعود الفارابي إلى بعض األلسن مثل الفارسية واليونانية ،ففي اليونانية " :ن" و" ون" ممدود الواو
اإلنية بما هي انفتاح على الغيرية. I - :وهم يخصون به هللا ...لذلك تسمي الفالسفة الوجود الكامل"إنية" الشيء وهو بعينه ماهيته
/1في محايثة اإلنية للغيرية :السند " :الشعور والالشعور" .لـ :س .فرويد تمهيد :يبدو أن تفكيرنا في اإلنسان قد أنبنى على
جهل بم يخفيه هذا الكائن ،جهل ولّ د أوهاما رسمت صورة تجد أساسها النظري في تصوره على أنه كائن الوعي واإلرادة .وقد ال
تتب ّدد األوهام إالّ بإعادة التفكير في عمق اإلنسان وفي مدى وجاهة الخطاب الذي حقّر الغرائز .من المستحيل أن نفهم اإلنسان من
دون التظنن على الوعي ببيان ال إجرائيته بشأن أفعال ظلت ،تحت وطأته مستعصية على الفهم وظل معها اإلنسان لغزا يتمنع
على االكتشاف ما لم نعترف بما يسعى الوعي إلى إخفائه اعترافا يشيء بتحول المخفي إلى أساس والظاهر إلى عارض.هذا ما
تكفلت به بعض الفلسفات الحديثة والمعاصرة وكذلك التحليل النفسي وع فرويد .اإلشكالية :هل يبدو من الوجيه التمسك بالقول إن
اإلنسان في إنيته وعي أم وجب االنزياح عن ذلك لالعتراف بأن الصفة الجوهرية لحياته النفسية تكمن في الالوعي ؟ األطروحة:
إن حقيقة ال،سان تتحدد من خالل بعده النفسي بما هو كائن الشعوري .مستبعدا األطروحات التي تؤمن بسيادة األنا الواعية.
مراحل الحجاج -1:من اإلنسان الوحدة( العقل) إلى اإلنسان الكثرة(بنية نفسية) -2 :اإلنسان بما هو بنية نفسية :أ -بما هو بنية
موضعية :ب -بما هو بنية طاقوية( جهاز نفسي) :التحليل -1 :لقد كانت الفلسفة الكالسيكية تختزل الحياة النفسية في مفهوم العقل،
فديكارت عرف األنا بأنها "شيء مفكر" على ذلك اعتبر كل ظاهرة نفسية أي كل انفعال واعي وإرادي وكل ماهو غير إرادي
فهو مرتبط بالحياة الفيزيولوجية التي تتجلى في حركات الجسد اآللية .إال أن هذا االعتقاد الراسخ لم يمنع بعض القراءات الفلسفية
الحديثة والمعاصرة من التأكيد بوجود قوة باطنية خفية تتحكم في سلوك وأفعال اإلنسان وال تخضع ألوامر العقل ،نذكر على
سبيل المثال وال الحصر اسبينوزا الذي تفطن لمستطاع الجسد وما يمكن أن يصدر منه من أفعال كانت تنسب للنفس.من هذه
المنطلقات تناول فرويد من جديد مسألة اإلنسان ولكن هذه المرة من زاوية نظر علمية من خالل منهج التحليل النفسي حيث أكد
عجز الوعي على تفسير بعض السلوكيات الالإرادية الصادرة عن اإلنسان مثل الحلم أو زالت اللسان والقلم إلخ...إذن كان لزاما
على فرويد التأكيد بأن اإلنسان التتحدد إنيته في الوعي وإنما هو حياة نفسية معقدة وخفية في حاجة إلى تحليل وتأويل من أجل
تجاوز ظاهره والنفاذ إلى حياته النفسية ،فماذا نعني بالحياة النفسية؟ انها مجموعة االنفعاالت النفسية الباطنية التي تتجلى عبر
الجسد في شكل سلوكيات ظاهرية .االهتمام باإلنسان من جهة كونه جسد ال نفس - .إن ما هو شعوري ال يمكن اعتباره دائما هو
الوعي ألن هناك من األفكار التي تبدو كما لو كانت واعية وإرادية وأحيانا أخرى تتحول إلى حالة كمون وتختفي لتظهر في
مرحلة الحقة .من هنا افترض فرويد وجود حياة باطنية في اإلنسان عبر عنها بمفهوم"الالشعور" .يقول في النص " :وهذا
الالشعوري يتفق عندئذ في المعنى مع ما هو كامن وما هو قابل ألن يصير شعوريا -2 ".إن هذا االكتشاف قد وضحه فرويد في
بداية حياته العملية ضمن نظرية أولى أطلق عليها اسم" النظرية الموضعية" حيث فشر اإلنسان على أنه بنية نفسية تتكون من- :
الشعوري ،ما قبل الشعور ،الالشعور :الشعوري ما قبل الشعور الالشعور اإلدراك المباشر الفعل المقصود ،الواعي الحر :ما هو
واعي في الحياة النفسية .ما هو مكبوت ولكنه قابل بأن يصير شعوريا .يشتمل على الحاالت التي ليست حاضرة في ذهن اإلنسان
ولكن يمكن تذكرها .هو المكبوت والغير قابل بأن يصير شعوريا .ناتج عن عملية كبت الدوافع الغريزية .انطالقا من هذا التفسير
يمكن القول أن حياة اإلنسان النفسية تشتغل على نحو ميكانيكي ينعدم التفاعل الديناميكي بين عناصرها .كما أن هذه النظرية وفي
رأي النقاد وكذلك فرويد غير كافية إلثبات فرضية الالشعور ،فهي تبقى نظرية غامضة ،لذلك فكر فرويد في ضرورة تجاوزها
بالبحث عن نظرية علمية جديدة أكثر وضوحا وإقناعا ،فكانت والدة " النظرية الطاقوية" ،وهي تعرف بنظرية الجهاز
النفسي( المماثلة بين الحياة النفسية والجهاز اآللي ،كالهما يشتغل بطاقة داخلية) .وهذا الجهاز هو بنية يتشكل عبر مراحل
تاريخية من خالل عملية نمو الشخصية التي تبدأ في التشكل منذ لحظات الوالدة ،وهذه البنية تتكون من :الهو :هو الموضع
األصلي الذي عنه ستنبثق الحياة النفسية بكل أبعادها مشتمال على كل ما يولد به اإلنسان من دوافع غريزية تجعله يطلب اللذة
ويجتنب االلم دون اعتبار لحدود المنطق والقيم والواقع .ويمكن تصنيف تلك الدوافع بحسب مجموعتين متضافرتين هي دوافع
الجنس بأوسع داللته التي هي قوى توحيد وجمع وبناء ويسميها فرويد دوافع ايروس أو الليبيدو ،ودوافع التدمير وهي قوى تشتيت
وفصل وتدمير ويسميها فرويد دوافع ثاناتوس .وتصر عن هذه الدوافع رغبات غير معقولة ألن اللذة هي كمبدأ عملها لذلك فهي
في تناقض مع مبدأ القيم والمنطق .األنا :هو منبثق عن الهو من خالل النمو النفسي بفعل تأثير العلم الخارجي المادي
االجتماعي على الفرد ،عندئذ تتشكل تدريجيا مختلف الوظائف اإلرادية الواعية التي تهيئ األنا لتحليل الواقع الخارجي استنادا
إلى مبدأ الواقع حفاظا على البقاء والتوازن النفسي والتعايش مع مؤسسات المجتمع والغير .غير أن ذلك ال يعني أن نشاط األنا
واع بأسره بل هو في جزء منه غير واع ذلك أنه في عمله على خفض التوتر ومحافظته على التوازن يعتمد آليات دفاعية غير
واعية مثل الكبت والتصعيد والتقمص واإلسقاط والتصعيد والتعويض ...األنا األعلى :إن الحياة االجتماعية ما كان لها أن
تصبح ممكنة لوال القمع المنظم للغرائز ،غير أن هذا القمع لم يعتمد عنف القوة بل التربية األخالقية وأشكال المكافأة والمعاقبة من
خالل اآلباء والمعلمين والمفكرين والواعظين ...بحيث يؤدي ذلك تدريجيا إلى تكوين سلطة أخالقية داخلية التفتأ تراقب األنا في
عالقته بالواقع وبرغبات الهو .نستنتج من خال لهذا التفسير ما يلي - :أن إنية اإلنسان تتشكل مرحليا عبر النمو النفسي
والبيولوجي - .أن إنية اإلنسان أصبحت وحدة لكثرة ولم تعد ذات متكتلة على ذاتها - .إنية اإلنسان التتحدد في الوعي وإنما في
الالوعي وال يمثل الوعي إال جزءا ضئيال من هذه اإلنية - .إنية اإلنسان إنية منفتحة على أبعاد مختلفة تتفاعل فيم بينها على نحو
انفتاح اإلنية على الغيرية -2 :التاريخ بما هو شرط تحقق اإلنية :النص السند" :األساس التاريخي للوعي". II- .ديناميكي
ك .ماركس وف .انجلس مدخل إشكالي :تخلص :كشف النقد السابق عن مبررات العتراضات جذرية تجاه التناول العقالني
الميتافيزيقي إلشكالية اإلنية اإلنسانية - :إن اختزال اإلنية اإلنسانية في ماهية كلية ثابتة وأزلية هي النفس العاقلة أو بعبارة أخرى
الذات الواعية واعتبار الجسد آخر يجب إقصاؤه خارج تلك الماهية باعتباره جسما ماديا يتوقف عند حدود البقاء العضوي وتتم
إدانته كمصدر أخطاء وأوهام ،لم يجد وجاهته في الفكرالمعاصروالسيما التحليل النفسي مع فرويد عندما بين أن إنية اإلنسان
تكمن في الجسد أي هذا اآلخر كمنظومة من الغرائز التي تقف بشكل غير واع وراء األحاسيس واألفكار والقرارات خارج إطار
الوعي وسيادة األنا مم يعني أن اإلنية اإلنسانية غيرية قوامها الكثرة والتغير واالختالف والغريزة والالوعي وليس الوحدة
والثبات والتماثل والعقل - .إن هذا التظنن يتوسع أكثر ويزداد حدة عند مالحظة الغياب التام للتاريخ كآخر في فهم اإلنية اإلنسانية
وتعريفها .فما يقدم على أنه خصائص كلية توحد بين جميع الناس يكون في صيغة ماهية سمتها الوحدة والثبات خارج إطار
العالقة بالعالم االجتماعي وبالغير وما تشهده تلك العالقة من تغير عبر الزمن يكون منتجا الختالفات ثقافية واجتماعية واقتصادية
تحدد معالم بنية المجتمع وطبيعة العالقات بين األفراد وطبيعة أشكال الوعي والسلوك.إن هذا الغياب للتاريخ في فهم اإلنية
اإلنسانية والكيفية التي ينبغي اعتمادها في مقاربة العالقة بين اإلنسان والتاريخ ال يخلوان من إشكال * :فهل من المشروع
الحديث عن إنية قوامها خصائص كلية تتسم بالوحدة والثبات بالنسبة إلى إنسان يوجد في سياق تاريخ قوامه التغير واختالف
الخصوصيات االقتصادية والسياسية والفكرية؟ * وهل أن التاريخ بما تتضمنه عصوره خصوصيات اقتصادية وسياسية وفكرية
: Œوبتحوالته السريعة هو نتاج وعي البشر بما ينشئونه من تصورات ويتخذونه من قرارات ويحددونه من غايات؟ نظام البرهنة
- 1قد يبدو للوهلة األولى أن التاريخ ليس : في الوعي كلغة للواقع المادي اإليديلوجيا بما هي وعي مقلوب للواقع :التحلـيـل:
إال حركة خطية للزمان تتعاقب في نطاقها األحداث االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية كنتاج إلرادة البشر ومقاصدهم
الواعية ،فالتاريخ في حدوثه ومعناه هو من صنع اإلنسان مما يعني أمه ليس آخر بالنسبة إليه بل مماثل له لكونه نتاجا لما أراده
وخطط له وفعله .إن هذا الفهم في نضر ماركس مثالي ميتافيزيقي لكونه يجعل من اإلنسان كائنا مجردا يتعالى على التاريخ فيحدده
دون أن يتحدد به و يعزل تصوراته عن الواقع االجتماعي و نشاط الناس المادي .لذلك يتعين دحضه و تجاوزه نحو فهم مادي
للتاريخ يقارب كحركة تتحدد انطالقا من شروط موضوعية اقتصادية و تطبيقية مستقلة عن وعي اإلنسان مما يعني قلبا للعالقة
بين اإلنسان و التاريخ حيث يصبح اإلنسان في أنيته نتاجا للتاريخ كآخر يسهم في إنتاجه دون وعي واضح به و تحكم حقيقي في
مساره - :إن الفهم المادي للتاريخ كما يقترحه كارل ماركس يعني اإلقرار بأسبقية الممارسة العملية عل أشكال الوعي في تحديد
طبيعة الواقع االجتماعي وشبكة العالقات التي تقوم بين اإلنسان و اإلنسان في نطاقه و أشكال الوعي األخالقي و الديني و
السياسي و الفني و الفلسفي التي بها يتمثلون ذلك الواقع ويفهمونه .وتعني الممارسة في هذا السياق الماركسي العالقة بين البشر و
الطبيعة من جهة وفيما بينهم من جهة أخرى في نطاق اإلنتاج االقتصادي .فكل مجتمع يقوم على قاعدة اقتصادية مهما كانت
بساطتها أو تعقيدها تتحدد انطالقا من طبيعة القوى المادية و البشرية المعتمدة في اإلنتاج االقتصادي وطبيعة عالقات الملكية التي
تقترن بها .فنعد تحليل طبيعة القاعدة االقتصادية التي قام عليها المجتمع اليوناني أو الروماني القديم يمكن االنتباه إلى أنه يتأسس
على ممارسة إنتاجية قوامها قوة إنسانية أساسية تتمثل في العبيد (في عالقة باألرض و األدوات المادية ) .وهذه القوة اإلنتاجية
اقترنت بعالقات ملكية تمثلت في ملكية السادة للعبيد و لبقية وسائل اإلنتاج مما جعل المجتمع طبقيا ينقسم إلى طبقتين متناقضتين
المصالح وهما طبقة السادة و طبقة العبيد .أما عند تحليل طبيعة القاعدة االقتصادية للمجتمع األوربي الحديث ابتداء من القرن
السابع عشر ,فيمكن مالحظة أن هناك تغيرات قد طرأت على مستوى قوى اإلنتاج المادية حيث فقدت األرض و األقنان دورهم
اإلنتاجي األساسي لفائدة النشاط التجاري والمالي ثم الصناعي ،إنه عصر المال واآللة فكان ذلك منطلق تغير من نمط إنتاج
إقطاعي إلى آخر رأسمالي أصبح في حاجة إلى قوة إنتاج جديدة هم العمال .عندئذ انقسم المجتمع طبقيا إلى بورجوازية تملك
الرأسمال وإلى عمال أجراء .ويتضح من خالل ما تقدم أن طبيعة قوى اإلنتاج االقتصادي هي التي تحدد بنية المجتمع الخاصة
وتركيبته الطبقية .إن هذه الممارسة المادية التي تشكل قاعدة المجتمع االقتصادية هي ما يسميه ماركس" البنية التحتية" - .إن
الممارسة العملية كعالقة اقتصادية إنتاجية بين البشر والطبيعة من جهة وفيما بينهم من جهة أخرى هي التي تحدد اإلطار
الموضوعي لنشأة أشكال الوعي واإلنتاج الفكري في المجتمع ،من هنا يتجاوز كل من ماركس وأنجلس التناول الميتافيزيقي
المثالي الذي يعتقد أن البشر بوعيهم وبقيمهم وقراراتهم وأفعالهم الواعية هم الذين يحددون الواقع االجتماعي ويغيرون التاريخ.
يقول ماركس «:إن التمثالت والتفكير وعالقات البشر تظهر هنا أيضا كانبثاق مباشر لسلوكهم المادي ».ويضيف في موقع
يتضح مما سبق أن الجدلية .» Üآخر «:ليس وعي األفراد هو الذي يحدد وجودهم بل وجودهم االجتماعي هو الذي يحدد وعيهم
-2إن أشكال الوعي بمختلف مجاالتها التي تحكم حركة التاريخ كآخر بالنسبة إلى اإلنسان من وعيه وسيادة إرادته.
ومضامينها التي تؤلف ما يسميه ماركس"البنية الفوقية" ليست تصورات مفككة ومتناقضة بل تؤلف رؤية منسجمة للعالم تمكن
الناس من التفسير والفهم والتبرير واتخاذ القرارات وتحديد التصورات .إن هذه الرؤية للعالم التي تسود في مجتمع ما أثناء لحظة
معينة من التاريخ تعبير عن طبيعة اإلنتاج االقتصادي لذلك المجتمع وبنيته الطبقية وصراع المصالح داخله هي ما يسميه ماركس
اإليديولوجيا .غير أن اإليديولوجيا في نظره ترتبط بوعي زائف يعوق األفراد عن فهم واقعهم االجتماعي على نحو موضوعي
لتكرس خضوعهم للقوى المهيمنة اقتصاديا في ذلك المجتمع خدمة لمصالحها . :إن وظيفة اإليديولوجيا مزدوجة تجمع بين فهم
الواقع على مستوى ذهني وتوجيه الممارسة على مستوى عملي بواسطة منظومة من التصورات والقيم .كتب عالم االجتماع
الفرنسي ريمون أرون في تعريف اإليديولوجيا «:هي نسق شمولي من التصورات تمكن من تأويل العالم التاريخي والسياسي».
وأضاف المؤرخ ماكسيم رودنسون «:إن وظيفتها هي إعطاء توجيهات عملية لألفراد والجماعات . ».إن اإليديولوجيا بوظيفتها
النظرية والعملية هي منطلق وعي زائف يشوه فهم الناس لواقعهم ألنها تخفي عنهم وظيفتها الحقيقية وهي تبرير مصالح قوى
الهيمنة في المجتمع .فهي تخفي عنهم أنها تعبير عن واقع المجتمع بممارساته االقتصادية وصراعاته الطبقية ليتوهموا أنها نتاج
إلبداع الناس واختياراتهم الحرة ،فيكون تبعا لذلك واقعهم االجتماعي نتاجا لوعيهم.هذا اإلخفاء هو ما يكشفه النقد الماركسي.بناءا
على ما سبق يمكن فهم المماثلة التي عقدها ماركس بين اإليديولوجيا من جهة وآلة التصوير واإلبصار في كل من الغرفة المعتمة
آللة التصوير وشبكية العين .فكما أن آلة التصوير التصور والعين التبصر إال بقلب األشياء في كل من الغرفة المعتمة والشبكية
فإن اإليديولوجيا أن تنتج وعيا بالواقع إال بقلب العالقة بينهما فيبدو الوعي منتجا للواقع والحال أنه نتاج له ومحدد به .اإلشكالية:
هل يحدد الواقع االجتماعي في سياق التاريخ كنتاج لوعي البشر؟ أم أن وعيهم نتاج لواقعهم االجتماعي؟ وماذا يترتب عن هذا
التعارض من تبعات على مستوى فهم اإلنية اإلنسانية :هل يبقى من الممكن القول إنها ذات واعية تحدد التاريخ كنتاج لمقاصدها؟
أم إنها نتاج اجتماعي يحدده التاريخ كآخر مستقل عن وعيها وإرادتها؟ أطروحة الكاتب :إن إنية األفراد والكيفية التي بها يفكرون
ويحيون هي نتاج غيرية مستقلة عن وعيهم وإرادتهم تتمثل في الواقع االجتماعي كآخر يتحدد انطالقا من درجة تطور النشاط
االقتصادي المادي الذي يقوم عليه .رهانات النص :ما تم كسبه /نظريا - :اكتشاف التالزم الوثيق بين الوعي والزيف مم يوجب
التخلي عن المطابقة بين الوعي والمعرفة .فاإليديولوجيا السائدة التي تؤطر تصورات الناس وقيمهم وممارساتهم تخفي عنهم
شروطها االقتصادية واالجتماعية الموضوعية وتوهمهم أنها مستقلة والحال أنها نتاج شروط مستقلة عن إرادتهم وتبرر مصالح
الطبقة المهيمنة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا - .ال توجد إنية ثابتة بل هي تتشكل في إطار آخر مستقل عنها هو التاريخ المادي
لتكون إنية متحولة دوما وفي تشكل متواصل وموسومة باالختالف .عمليا :التاريخ اليتحدد باإلنسان وال من أجل اإلنسان بل هو
جدلية اإلنية والغيرية -1 :منزلة اآلخر . III-مسار يتحدد انطالقا من اإلنتاج االقتصادي وصراع الطبقات دون بواعث وال غايات
لـ: في تحقق اإلنية :النص السند« :الوعي بالذات يستوجب الوعي باآلخر»
هيقل.ص 54 :تخلص :إن كان الدرس الفرويدي قد دفعنا إلى مراجعة صورة اإلنسان كما توارثناها فحطم نرجسيته وجنون
عظمته ،فإنه اكتفى بالدراسة البنيوية لإلنسان بمعزل على اآلخر ،مؤكدا أن حقيقة الفرد تتطور وتكتمل دون الحاجة إلى اآلخر.
إال أن مسألة حضور اآلخر تبدو ضرورية لتحقق اإلنية في تصور هيغل .اإلشكالية :هل يقتضي تحقق اإلنية التمركز على الذات
أم ضرورة تجديل العالقة مع اآلخر؟ األطروحة :إن الوعي بالذات ال يتحقق إال بموجب الوعي باآلخر وانتزاع االعتراف منه
واستيعابه .مسار الحجاج -1 :شرط تحقق الوعي بالذات .التحليل :لئن كان اإلنسان يتحدد باعتباره كائن عاقل إذ بالفكر يكون
مطابقا لذاته ومستقال به عن غيره ،فهو إنيه جاهزة وتامة ما قبليا ،فإنه مع هيقل كيان يتكون وينمو ويتمظهر ويتجلى في المعيش
انطالقا من وجوده الحيوي إلى أن يصل أعلى درجات التطور عبر مختلف لحظات الصيرورة التاريخية .عندما يكون اإلنسان
مرتبطا بإشباع رغباته المادية مباشرة من الطبيعة يكون في الوقت نفسه مشدودا لها وجزء منها.عندها يكون وعيه لذاته وعيا
بسيطا (وعي حيواني) ،ولكي يتجاوز هذا الوضع المنحط من الوعي عليه أن ينفتح على اآلخر من أجل انتزاع االعتراف منه
ولكن انتزاع االعتراف هذا ليس باألمر الهين ألن كالهما يحمل نفس الرغبة ومن هنا فإن تحقيق الوعي بالذات يتطلب الدخول
في منافسة وصراع جدلي يغامر فيه األنا واآلخر بحياتهما إذ أن كل منهما سيقدم نفسه إلى اآلخر كما لو كان غير متشبث بالحياة
رغبة منه ج ّر اآلخر كي يتخلى عن مواجهته واللجوء إلى االعتراف به .إال أن هذا الصراع ال يمكن أن يستمر إلى ما النهاية ،
في األخير البد أن ينتهي هذا الصراع بتفضيل أحد الطرفين للحياة على الموت ،حينها سيستسلم لآلخر ويعترف به .بهذا تنشا
العالقة بين السيد والعبد ،السيد مستقل بذاته ،والعبد تابع للسيد موجود من أجله .الذات -الوعي :وعي خالص بالذات :رفض
العالقة بين األنا اآلخر وعدم االعتراف به ← .وعي متمركز حول ذاته وهو "وعي مطابق مع ذاته" كما يقول هيقل.
واآلخر تبدو عالقة إقصاء ونفي متبادل - .الذات تنظر لآلخر نظرة سلبية (انه الموضوع سلبي) - .الذات تتملكها الرغبة في
الحياة .الرغبة في الحياة رغبة مشتركة بين الذات واآلخر ولكنهما لم يتوصل إلى االعتراف ببعضهما البعض - .إن الرغبة في
الحياة هي منطق الصراع من أجل تحقيق هذه الرغبة - .الذات ستقبل المجازفة بالحياة وخوض الصراع من أجل ضمان البقاء.
الذات ستتحول إلى سيد :انتزع اعتراف اآلخر به - .السيد سيستخدم العبد كوسيلة لإلنتاج - .السيد فاقد العالقة المباشرة مع الطبيعة
وبالتالي لم يكشف قوانينها - .السيد تحول تدريجيا إلى عبد -1 :عبد للطبيعة ألنه لم يكشف قوانينها -2.عبد لآلخر أي لعبده على
مستوى اإلنتاج حيث أصبح وجوده مقترنا بإنتاج العبد .اآلخر -إن اآلخر وعي خالص بذاته :إقصاء الذات (آخر) بالنسبة إليه- .
اآلخر ينظر للذات نظرة سلبية (موضوع سلبي) - .اآلخر تتملكه الرغبة في الحياة .إن اآلخر لم يقبل المجازفة بحياته أي لم يقبل
الصراع ،إنه خشي على حياته - .إن اآلخر تحول إلى عبد ألنه خشي المجازفة بحياته - .العبد قبل أن يكون وسيلة إنتاج وانخرط
في العمل - .العبد بواسطة العمل تمكن من اكتشاف قوانين الطبيعة وتأسيس عالقة مباشرة معها - .العبد تحول بفعل العمل إلى
سيد -1 :سيد على الطبيعة ألنه اكتشف قوانينها وسيطر عليها -2 .سيد على اآلخر وذلك بفضل العمل الذي هو سبيل اإلنسان إلى
الحرية والكرامة .الوعي بالذات يستوجب الوعي باآلخر .هكذا تتحقق اإلنية اإلنسانية عبر عملية جدلية :أي عبر لحظات جدلية:
-1لحظة النفي :إن الذات لها وعي خالص بذاتها ،إذ تعتبر الذات اآلخر موضوع سلبي .وفي المقابل فإن اآلخر بدوره يعتبر أن
الذات موضوع سلبي (عالقة تقوم على الصراع والرغبة في النفي) -2 .لحظة الرغبة في الحياة والصراع :اكتشف هيقل في
جدلية السيد والعبد أن الرغبة في الحياة هي الموضوع المشترك بين الذات واآلخر وهذه الرغبة ستؤدي إلى الصراع ،إنه صراع
من أجل انتزاع االعتراف .الذات ستقبل المجازفة بالحياة من أجل البقاء وفي المقابل اآلخر يرفض هذه المجازفة وذلك بموجب
الرغبة في الحياة ومن ثمت فإن الذات تتحول إلى سيد واآلخر إلى عبد -3 .لحظة االعتراف :إن الذات التي قبلت المجازفة بحياتها
والصراع ستتحول إلى سيد أما اآلخر الذي لم يقبل الصراع والمجازفة فقد تحول إلى عبد .استنتاجات -1 :إن الذات التحقق وعيها
بذاتها إال بموجب الوعي باآلخر -2 .إن الذات وإن كان لها وعي باآلخر فإنها تستوعبه أي تحتويه ،أي أن "الذات تبتلع اآلخر"
على ح ّد عبارة ألكسندر كوجيف .هكذا يمكن القول أن األطروحة الهيقلية تنتقد ضمنيا التراث الميتافيزيقي والعقالني الذي تمركز
حول اإلنية مقابل إقصاء الغيرية ،إذ كان اآلخر عالمة النقص األنطولوجي الذي يتمتع بوجود سلبي .إن مسألة اآلخر مازالت
موضوع اهتمام الفكر الفلسفي واإلنساني المعاصر وان كانت هذه المسألة لها حضور في الفكر الفلسفي منذ اللحظة اليونانية التي
أقصت اآلخر من دائرة الوعي ،وفي هذا السياق فإن الفكر اإلنساني المعاصر يستأنف التفكير في مسألة اآلخر ألن الوجود
اإلنساني اليمكن أن ينفصل على اآلخر .ولكن أال يمكن أن يؤدي الوعي باآلخر إلى إقصاء هذا اآلخر واعتباره غريبا؟ أم أنه
سؤدي إلى االعتراف به ككيان مماثل وبالتالي نقيم معه عالقة صداقة الغرابة؟ - 2تخصيب العالقة بين األنا واآلخر:
النص السند" :هل الغير صديق أم عدو؟" ادغار موران تخلص :اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه ← حاجته لآلخر من أجل العيش
في نفس الوقت الذي يطلب فيه اإلنسان العزلة من أجل تفادي المكائد والغدر والكراهية ،ينفتح على اآلخر سعيا إلى المحبة
والتعاطف .اإلنسان يحمل طبيعة مركبة مما يؤكد على العالقة الجدلية بين اإلنية والغيرية فهي ليست فقط عالقة صداقة بل هي
أيضا عالقة عداوة ،هذا ما أكد عليه إ .موران بأن جدلية اإلنية والغيرية تسكن اإلنسان في سياق لعبة المماثل والمختلف.
اإلشكالية :هل أن اآلخر مماثل لذاته أم مختلفا عنها؟ وبأي معنى نعتبر اإلنسان" وحدة التنوع"؟ األطروحة :إن الطبيعة المزدوجة
لإلنسان هي السبيل إلى تأسيس الصداقة مع الغير في إطار وحدة التنوع .األطروحة المستبعدة :اآلخرون هم الجحيم [ سارتر].
مسار الحجاج -1 :جدلية المماثل والمختلف -2 .نحو الجدلية بين اإلنية والغيرية :الغير صديق .اإلنجاز :إذا عدنا إلى الوصف
الهيقلي للصراع حتى الموت من أجل االعتراف فإنه ال يقدم صورة واقعية عن طبيعة العالقة بين الذوات الواعية ،و ال يأخذ في
االعتبار تعـدد أوجه العـالقة مع الغيـر و التي تتخذ أبعادا متعددة ،بين االبن و أبيه و األم و ابنها ،بين صديقين ...هذه العالقات
تتأسس لكنها ال تكف أن تتغير و يمكن أن تتخذ أشكاال أكثر تنوعا إن لم تكن أكثر تناقضا ،فأوجه العالقة مع الغير تم طرحها
بصيغ مختلفة ،يمكن إجمالها في الصيغ التالية " اإلنسان ذئب لإلنسان " (هوبز) " اإلنسان إله لإلنسان"( سبينوز) ،أو كما قال
سارتر "اآلخرون هم الجحيم"" ،إن أكبر عقاب لي هو أن أكون وحدي في الجنة" (مال برانش) .إن هذه الصيغ يمكن أن تجد
مبرراتها بشكل من األشكال ،لكن الخطأ يكمن في دحض بعضها لصالح البعض اآلخر بمعنى اعتبار جميع الناس من طبيعة
واحدة و بالتالي اعتبار جميع الناس إما أشرارا أو أخيارا بينما هم في الواقع يقيمون فيما بينهم أشكاال متعددة من العالقات ،وكما
أن االختالف قد يكون من خصائص الذات نفسها كما أ ّكد ا.موران أن اإلنسان مركب -1 :الغير :مركب مماثل لي :المماثل:
المطابق مع معطى آخر .المختلف عني :المختلف :المغاير لي /غير متطابق معي ،على
مستوى العرق ،الدين ،اللغة - .التماثل :اإلنسان يتشابه مع اإلنسان من حيث الخصائص اإلنسانية ،أي هناك تماثل بين اإلنسان
واإلنسان على مستوى التركيبة البيولوجية ،إنه التماثل على مستوى الطبيعة البشرية وعلى مستوى الثقافة ...أين يكمن االختالف
إذن؟ -االختالف على مستوى الثقافة ،إذ لكل إنسان ثقافة ،لكننا نجد ثقافات وهذه "وحدة التنوع" .لقد اعتبر موران أن الوجود
اإلنساني وجود يتأسس على :الوحدة والكثرة ،إنه « الوحدة المركبة » ← .اإلنسان في ذات الوقت اختالف وتماثل .يقول موران:
« توجد وحدة إالّ بقدر ما يوجد تنوع إنساني » ← .إن هذا التنوع ال يجعل من العالقة بين األنا واآلخر عالقة عداوة .ولكن ضمن
أية شروط يعتبر اآلخر عد ّو ا؟ وهل من سبيل لتجاوز هذه العداوة؟ يقول سارتر « :اآلخرون هم الجحيم » .األنا اآلخر .على ماذا
يتأسس هذا القول؟ المسلمة الوجودية :الوجود يسبق الماهية ،اإلنسان يوجد ثم يحدد ماهيته بنفسه .اإلنسان مشروع ينجزه بنفسه.
اآلخر هو أيضا ذات حرة تسعى لتحديد ماهيتها بنفسها ولكن كل ذات تسعى إلى موضعة اآلخر لتنجز ذاتها ،اآلخر معرقل لفعلي
في الوجود .عالقة صراع بين األنا واآلخر :كالهما يسعى إلى تحقيق ذاته على حساب اآلخر .اآلخر ضروري لتحقق اإلنية
اإلنسانية ،حتى وإن كان عد ّوا .هل من سبيل لتجاوز هذه العداوة؟ أال تتعين اإلنية اإلنسانية إالّ على العداوة؟ وهل من سبيل
لتجاوزها؟ -2لقد أشار الكاتب إلى مفارقة بقوله « :إن الذات بطبعها مغلقة ومفتوحة - ».الذات المغلقة :عندما تعيش الذات
وضعية تمركز حول ذاتها فإن ذلك يفضي إلى إقصاء اآلخر« مركزية الذات » .عندها يتحول اآلخر إلى عد ّو - .الذات المفتوحة:
إنها الذات التي تتعطف مع الغير ومن ثمت إنها الذات التي تتخلّى عن مركزيتها ،غايتها إقامة عالقة صداقة مع الغير .لقد اقترح إ.
موران مشروعا ايتيقيا وهذا المشروع رهانه القضاء على أشكال العنف بين األنا والغير ،وهذا المشروع يتأسس على ما يسميه
موران « الطبيعة المزدوجة » في اإلنسان ،ميل داخلي لالعتراف بالغير :فأنا لست أنا إالّ بوجود الغير ،كذلك الغير ال يكون إالّ
باألنا .ذلك هو حوار اإلنية والغيرية كما يقول بول ريكور ،فاإلنية – الغيرية هي إنية االنفتاح على الغير ،إذ ميز بول ريكور بين
ضربين من اإلنية * :اإلنية العينية :إنها إنية األنا الخالصة التي غيبت فيها اآلخر * .الهوية اإلنية :إنها اإلنية التي يحضر فيها
اآلخر وهي اإلنية الجديرة بتأسيس الصداقة ،ذلك هو اللقاء بين اإلنية والغيرية .كما بين ليفناس أن حقيقة اإلنسان ال تفهم إالّ داخل
الثراء واالختالف أي داخل التنوع .إن العالقة بين األنا و اآلخر تكتسي طابعا متعدد األوجه ،كما أنها تختلف و تتنوع تبعا لتعدد
أوجه الغير ،و ذلك ما يعكسه الخطاب المتبادل بين األنا و الغير ،و من جهة أخرى تنعكس هذه العالقة في الكلمات التي تدخل في
سجل العالقة بين الغير :الحب و الكراهية ،الصداقة والعـداوة ،اإليثـار و األنانية ،التعصب و التسامح ،إن هذه الثنائيات تحيل
إلى وجهين من وجوه العالقة مع الغير ،القريب و البعيد الذين يمثل الصديق و الغريب نموذجين لهما ،فما المقصود بالصداقة و
هل يمكن أن تقوم عالقات اجتماعية أساسها الصداقة ؟ و إذا كانت الغرابة تمثل أحد أوجه العالقة مع الغير ،فمن هو الغريب و أي
نوع من العالقة يمكن إقامتها معه ؟ إن الصداقة تمثل نموذجا إيجابيا للعالقة مع الغير و الصداقة لغة اسم مشتق من الصدق الذي
يعني الحقيقة و القوة و الكمال ،و الصداقة في الواقع هي عالقة حب و ود صادقين تنشأ بين إنسانين ،إذا كان الحب عاطفة تنشأ
عن ميل و رغبة في الموضوع أو الشيء المحبوب والتعلق الشديد به ،لكونه يشبع ذلك الميل و الرغبة فأي نوع من الميول و
الرغبات هي الصداقة ؟ و ما الذي يجعل الصديق محبوبا و مرغوبا فيه و لماذا يرتبط األنا و الغير برباط الصداقة ؟ هل نصادق
الصديق ألنه شبيهنا أم ألنه ضدنا ؟ هل هو غاية في ذاته أم أنه مجرد وسيلة؟ لقد فحص أرسطو الصداقة حيث اعتبرها تجربة
معيشة و حالة واقعية فقد وجدها تنقسم إلى 3أنواع :صداقة المتعة و المنفعة و الفضيلة ،النوعان األوالن متغيران ألنهما
يوجـدان بوجود المتعة و المنفعة و يزوالن بزوالها ،و لهذا ال يستحقان اسم الصداقة بمعناها الحقيقي ،أما الصداقة الحقة فهي
صداقة الفضيلة ألنها تقوم على محبة الخيـر و الجمال لذاته أوال ثم لألصدقاء ثـانية ،لذلك تـدوم و تبقـى ،و خاللها تتحقق المتعة و
إرسال بالبريد Publié par kassebiالمنفعة كنتيجتين لها ،لكن هل يمكن قيام مجتمع على الصداقة؟ األستاذ :الشاذلي الكسابي
ليست Pinterestالمشاركة على Facebookالمشاركة في Twitterاإللكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة المشاركة في
للتواصل معنا ) (Atomهناك تعليقات :إرسال تعليق رسالة أحدثالصفحة الرئيسية االشتراك في :تعليقات الرسالة
التوقيت بالعالم الضيوف التوقيت في تونس أنا أفكر .المظهر :سفر .صور المظاهر بواسطة kassebi.chedli@gmail.com
Blogger.يتم التشغيل بواسطة konradlew.