ورش الجهوية المتقدمة في ضوء النموذج التنموي الجديد..PROJET à Rechercher

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 26

‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫–‬

‫ورش اجلهوية املتقدمة على ضوء النموذج‬


‫التنموي اجلديد‬
‫‪Advanced regional workshops in the light of the new development model‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫في إطار الدينامية التي يشهدها المغرب منذ سنة ‪ ،2011‬التي عرفت صياغة دستور‬
‫جديد‪ 1035‬عززدورالمؤسسات الدستورية بما فيها الجماعات الترابية التي حظيت بمكانة معتبرة‬
‫سيما الجهة‪.‬‬

‫إذ يؤطر الفصل األول من دستور ‪ 2011‬مسألة الالمركزية الترابية ويربطها بالجهوية‬
‫المتقدمة بشكل واضح‪ ،‬وهكذا نصت الفقرة الرابعة من هذا الفصل على أن " التنظيم الترابي‬
‫للمملكة تنظيم المركزي‪ ،‬يقوم على الجهوية المتقدمة"‪.‬‬

‫كما جرى تخصيص الباب التاسع من الدستور كامال للحديث عن الجهات والجماعات‬
‫الترابية األخرى‪ ،‬مؤكدا على "أن الجهة تتبوأ‪ ،‬تحت إشراف مجلسها‪ ،‬مكانة الصدارة بالنسبة‬
‫للجماعات األخرى‪.1036"...‬‬

‫ولهذا الغرض شرعت الدولة المغربية في تبني النموذج الجهوي‪ ،‬من خالل إعتماد‬
‫الجهوية المتقدمة في إطارالالمركزية االدارية‪ ،‬بحيث تم إعادة تقطيع التراب الوطني سنة ‪2012‬‬

‫‪ 1035‬دستور المملكة الصادر سنة ‪ 3211‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.41‬الصادر في ‪ 33‬من شعبان ‪ 1923‬الموافق ل‬
‫‪ 34‬يوليو ‪ 3211‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3469‬مكرر ‪ 34‬شعبان ‪ 1923‬الموافق ل ‪ 22‬يوليو ‪.3211‬‬
‫‪ 1036‬الفصل ‪ 192‬من الدستور‪.‬‬

‫‪P 543‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫إلى ‪ 12‬جهة بدل تقطيع ‪ 1551‬الذي إعتمد فيه ‪ 11‬جهة‪ ،‬باإلضافة إلى إضفاء الشرعية‬
‫الدستورية والتنظيمية عليها‪.‬‬

‫هذه المكانة‪ ،‬التي تكرست بصدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية سنة‬
‫‪ ،10372019‬للتفصيل في التنظيم الترابي للمملكة الذي جاء به الدستور‪ ،‬وعلى رأسها القانون‬
‫التنظيمي للجهات‪ ،‬باإلضافة إلى العديد من المراسيم التنظيمية ذات الصلة بتفعيل‬
‫المقتضيات الواردة في القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬وما تالها من نصوص تنظيمية مخولة لها‬
‫صالحيات واسعة‪ ،‬تجعلنا نتطلع لجهات فاعلة تتجاوب مع انشغاالت المغاربة الملحة‪ ،‬وتساهم‬
‫في تحسين المعيش اليومي للمواطنين‪ ،‬فقد أصبح من الضروري اليوم جعل البعد املجالي ركيزة‬
‫أساسية ومهمة للنموذج التنموي الجديد‪ ،‬خاصة وأن هناك ارتباطا وثيقا بين النموذج التنموي‬
‫الجديد الذي يريده المغرب وبين الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫وما يؤكد هذا القول‪ ،‬نذكر على سبيل المثال الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين‬
‫في الدورة الرابعة لمنتدى "كرانس مونتانا" التي احتضنتها مدينة الداخلة خالل شهر مارس‬
‫‪ .2012‬ومما جاء فيها أن "الجهوية المتقدمة ليست مجرد تدبير ترابي أو إداري‪ ،‬بل هي تجسيد‬
‫فعلي إلرادة قوية على تجديد بنيات الدولة وتحديثها‪ ،‬بما يضمن توطيد دعائم التنمية المندمجة‬
‫ملجاالتنا الترابية‪ ،‬ومن ثم تجميع طاقات كافة الفاعلين حول مشروع ينخرط فيه الجميع"‪.‬‬

‫وخالل خطاب عيد العرش بتاريخ ‪ 25‬يوليو ‪ ،2015‬أكد جاللة الملك على ضرورة بلورة‬
‫مشروع تنموي جديد للبالد قابل للتنفيذ‪ ،‬وقادر على تقويم مختلف االختالالت التي يشهدها‬
‫المغرب‪ ،‬مع الحديث عن إحداث لجنة استشارية تعمل على وضع وإعداد تقرير شامل عن‬
‫الوضع الراهن للتنمية في المغرب‪.‬‬

‫هذه اللجنة التي عين الملك بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 2015‬السيد شكيب بنموس ى رئيسا لها‪ ،‬كما‬
‫قام بتعيين أعضاء اللجنة الخاصة بها‪ ،‬والتي تتشكل من ‪ 39‬شخصية من المسؤولين والخبراء‬
‫واألكاديميين‪ ،‬الذين لهم دراية واسعة بمختلف الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية والبيئية‪.‬‬

‫‪ 1037‬ظهير شريف رقم ‪ 1.13.42‬صادر في ‪ 3‬يوليو ‪ ،3213‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 111.19‬المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.13.49‬صادر في‪ 3‬يوليو ‪ ،3213‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 113.19‬المتعلق بالعماالت واالقاليم‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم‪ 1.13.43‬صادر في‪ 3‬يوليو ‪،3213‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪112.19‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪P 544‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫وفي يوم ‪ 29‬ماي ‪ 2021‬وضع رئيس لجنة النموذج التنموي‪ ،‬التقرير‪ 1038‬بين يدي جاللة‬
‫الملك بالقصر الملكي بفاس‪ ،‬وقد تميز هذا التقرير باعتماد مقاربة تشاركية وذلك بتفاعلها مع‬
‫كافة األطراف (المؤسسات‪ ،‬الفاعلين االقتصاديين والمواطنين‪.)… ،‬‬

‫ومن بين ما جاء في التقريربخصوص نقطة (المشاورات‪ ،‬الوضعية الراهنة و التشخيص)‬


‫مايلي‪« :‬وعلـى صعيـد املجـاالت الترابيـة‪ ،‬أبانـت جلسـات االنصـات بحـدة أكبر عـن‪ 1:‬اإلستياء‬
‫العميـق لـدى سـاكنة المـدن الصغـرى والعالـم القـروي‪ ،‬مـع شـعوربالتدنـي فـي السـلم االجتماعـي‬
‫والتهميـش المتزايـد‪ ،‬و‪ 2‬انعـدام االسـتقاللية واالمكانيـات‪ ،‬ممـا يعرقـل األنشـطة علـى المسـتوى‬
‫الترابـي ويعيـق بـروزديناميـة تنمويـة فضلـى علـى الصعيـد املحلـي"‪.‬‬

‫وبين ثنايا التقرير‪ ،‬نستشف أن ورش الجهوية المتقدمة أخذ حيزا كبيرا منه‪ ،‬حيث راهن‬
‫بقوة على الجهة واعتبرها فضاء حيوي لتنزيل السياسات العمومية‪ ،‬ومصدرا مهما لخلق الثروة‬
‫المادية والالمادية‪ ،‬كما أن لها دورأساس ي في تعزيزالتنمية المندمجة والشاملة والمستدامة‪.‬‬

‫ومن بين التوصيات القوية التي يتضمنها التقرير‪" ،‬استعجالية تنزيل الجهوية المتقدمة‬
‫مع ال تمركزفعلي‪ ،‬وإنهاء التلكؤ الذي أخرتطبيقها"‪.‬‬

‫وبناءا على ما ورد يطرح السؤال املحوري ‪ :‬حول المسارالعام للجهوية المتقدمة بالمغرب‬
‫ثم الرؤى و المقاربات التي تبناها التقريرالعام للنموذج التنموي الجديد والتي من شأنها تسريع‬
‫و إنجاح ورش الجهوية المتقدمة ؟‬

‫ومن أجل اإلحاطة بمتغيرات اإلشكال المطروح‪ ،‬إرتئينا تقسيم الدراسة لنقطتين كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اإلطار السياس ي و القانوني لتنزيل الجهوية المتقدمة بالمغرب‪ .‬ثانيا‪ :‬مرتكزات النموذج‬
‫التنموي الجديد إلنجاح ورش الجهوية المتقدمة ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلطارالسياس ي و القانوني لتنزيل الجهوية المتقدمة بالمغرب‬

‫تعد الجهوية اإلطار األنسب لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية املحلية فبعدما‬
‫أظهرت الوحدات الالمركزية التقليدية عجزها عن استيعاب المشاكل االقتصادية ومختلف‬
‫اإلكراهات التي يواجهها املجال بالمغرب‪ ،‬ظهرالفضاء الجهوي كإطارأوسع ومالئم لمواجهة هذه‬

‫‪ 1038‬التقريرالعام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬النموذج التنموي الجديد تحريرالطاقات واستعادة الثقة لتسريع و تيرة التقدم وتحقيق‬
‫الرفاه للجميع‪ ،‬أبريل‪. 3231‬‬

‫‪P 545‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫االختالفات وتحقيق التنمية‪ ،‬وذلك بالنظر لما تتيحه الجهوية من إمكانية لتجميع الثروات‬
‫المتواجدة على صعيد األقاليم والمناطق والتنسيق بين مختلف الخطط والبرامج االقتصادية‬
‫واالجتماعية املحلية واملخططات الوطنية‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يحقق نموا اقتصاديا‬
‫واجتماعيا لكافة المناطق والجهات وبالتالي محاربة اإلختالالت والتباينات االقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪.‬‬

‫وسنعرض فيما يلي اإلطار السياس ي والقانوني لتنزيل ورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬على أربع‬
‫مستويات‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلرادة الملكية في تكريس الجهوية المتقدمة‬

‫يتطلع ورش الجهوية المتقدمة إلى بلورة اإلرادة الملكية السامية الرامية إلى تمكين‬
‫المغرب من جهوية متقدمة‪ ،‬ديمقراطية الجوهر مكرسة للتنمية المستدامة والمندمجة‬
‫اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا‪ ،‬تكون مدخال إلصالح عميق لهياكل الدولة من خالل السير‬
‫الحثيث المتدرج على درب الالمركزية والالتمركز الفعليين النافذين‪ ،‬والديمقراطية المعمقة‪،‬‬
‫والتحديث االجتماعي والسياس ي واإلداري للبالد والحكامة الجيدة‪.1039‬‬

‫و يعد خطاب ‪ 1‬نونبر ‪ 1040 2002‬مرجعية أساسية‪ ،‬إذ يحدد تصورا مفصال للجهوية‬
‫المتقدمة أو الموسعة‪ ،‬ويؤكد صاحب الجاللة في هذا الخطاب على ما يلي‪ ":‬لذلك قررنا بعون‬
‫الله فتح صفحة جديدة في نهج اإلصالحات المتواصلة الشاملة التي نقودها بإطالق مسارجهوية‬
‫متقدمة ومتدرجة‪ ،‬تشمل كل مناطق المملكة‪ ،‬وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية… "‪ ،‬وهكذا‬
‫يشيرالخطاب الملكي إلى مفاهيم وعبارات يمكن اإلستناد إليها لتحديد المعالم الكبرى للجهوية‬
‫المرتقبة‪ " :‬الجهوية المتقدمة والمتدرجة "‪ " ،‬التدبير الديمقراطي للشؤون املحلية "‪" ،‬إصالح‬
‫هيكلي عميق "‪ " ،‬إستحضاردورالمؤسسات الدستورية "‪" ،‬تقسيم ناجع "‪ " ،‬نظام فعال إلدارة‬
‫الممركزة يشكل قطيعة مع المركزية المتحجرة"‪ " ،‬إصالح مؤسس ي عميق"‪"،‬ورش هيكلي‬
‫متقدمة"‪.‬‬ ‫لجهوية‬ ‫مغربي‬ ‫كبير"‪"،‬نموذج‬
‫ويتحدث هذا الخطاب أيضا عن مبادئ توجيهية أساسية‪ " :‬مبادئ الوحدة والتوازن والتضامن"‬

‫‪ 1039‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬مرفوع إلى صاحب الجاللة الملك محمد السادس‪ ،‬اللجنة اإلستشارية للجهوية‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪ 1040‬الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ‪ 22‬للمسيرة الخضراء‪-‬مراكش ‪6‬نونبر ‪ ،3224‬سلسلة انبعاث أمة‪ :‬الجزء ‪ ،33‬القسم الثاني‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.942‬‬

‫‪P 546‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫التي تسعى إلى تحقيق ثالثة أهداف‪ " :‬ترسيخ الحكامة املحلية الجيدة وتعزيزالقرب من المواطن‬
‫وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة "‪.‬‬

‫وقد جاء الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬حول تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‬
‫ليدقق شيئا ما في التوجيهات‪ ،‬حيث إعتبرأن بلورة الجهوية يتعين أن تقوم على مرتكزات أربع‪:‬‬

‫‪ ‬التشبث بمقدسات األمة وثوابتهافي وحدة الدولة والوطن والتراب‪..‬فالجهوية المتقدمة‬


‫ينبغي أن تكون تأكيدا ديمقراطيا للتميزالمغربي الغني بتنوع رو افده الثقافية واملجالية‬
‫المنصهرة في هوية وطنية موحدة‪.‬‬

‫‪ ‬االلتزام بالتضامن إذ ال ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات بين المركز‬
‫والجهات‪.‬‬

‫‪ ‬اعتماد التناسق والتوازن في الصالحيات واإلمكانات وتفادي تداخل االختصاصات أو‬


‫تضاربها بين مختلف الجماعات املحلية والسلطات والمؤسسات‪.‬‬

‫‪ ‬انتهاج سياسة الالتمركزالواسع الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله في نطاق حكامة‬
‫ترابية ناجعة قائمة على التناسق والتفاعل‪.‬‬

‫وقد توخى الخطاب الملكي المتعلق بتنصيب اللجنة الجهوية االستشارية بلوغ أهداف‬
‫جوهرية أهمها وجود جهات قوية ذات مجالس وأجهزة تمثيلية وليست صورية‪ ،‬على رأسها نخب‬
‫مؤهلة ومؤطرة قادرة على حسن تدبير شؤون الجهات المشرفة عليها واالستجابة لتطلعات‬
‫المواطنين وحاجياتهم التنموية‪.1041‬‬

‫ب‪ -‬الجهوية المتقدمة وفق تصوراللجنة اإلستشارية للجهوية‬

‫سبق التطرق أعاله إلى اإلرادة الملكية في تكريس الجهوية المتقدمة‪ ،‬و التي ترجمت في‬
‫تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬وسنورد فيمايلي مقتطفات من الخطاب الملكي ليوم ‪3‬‬
‫يناير‪: 2010‬‬

‫‪ 1041‬عبد العلي حامي الدين‪ ،‬الجهوية المتقدمة في سياق تطور الالمركزية بالمغرب‪ ،‬منشورات مركز الدراسات و األبحاث في العلوم‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬منشور على الموقع ‪ www.cerss.org :‬تاريخ وساعة األطالع ‪.13:99 3232/21/32 :‬‬

‫‪P 544‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫"فإننا ندعو اللجنة إلى االجتهاد في إيجاد نموذج مغربي ‪ -‬مغربي للجهوية‪ ،‬نابع من‬
‫خصوصيات بلدنا"‪.‬‬

‫"ويظل طموحنا الوطني اإلرتقاء من جهوية ناشئة إلى جهوية متقدمة ذات جوهر‬
‫ديمقراطي وتنموي"‪.‬‬

‫"وهي لحظة قوية‪ ،‬نعتبرها انطالقة لورش هيكلي كبير‪ ،‬نريده تحوال نوعيا في أنماط‬
‫الحكامة الترابية"‪.1042‬‬

‫واعتبر الخطاب أن الغاية المؤطرة للطموح الوطني بالنسبة لورش الجهوية‪ ،‬ستظل‬
‫االرتقاء من جهوية ناشئة إلى جهوية متقدمة ذات جوهر ديمقراطي وتنموي؛ وهذه الغاية بقدر‬
‫ما تضع السقف األقص ى لخيار الجهوية المتقدمة في نموذجها المغربي‪ ،‬بقدر ما تدفع إلى‬
‫مساءلة العناصرالكبرى للتصورالعام للجنة االستشارية للجهوية‪.1043‬‬

‫باإلمكان الكشف عن الخاصيات العامة للتصور العام للجهوية المتقدمة في خالصات‬


‫تقرير اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬انطالقا من االستهالل الذي وضعته ذات اللجنة بخصوص‬
‫المشروع المقدم؛ إذ ستعترف الخالصات بأن مشروعها "يتطلع إلى بلورة اإلرادة الملكية الرامية‬
‫لتمكين المغرب من جهوية متقدمة‪ ،‬ديمقراطية الجوهر مكرسة للتنمية المستدامة‬
‫والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا‪ ،‬تكون مدخال إلصالح عميق لهياكل الدولة من‬
‫خالل السيرالحثيث المتدرج على درب الالمركزية والالتمركزالفعليين النافذين‪ ،‬والديمقراطية‬
‫ي واإلداري للبالد والحكامة الجيدة"‪.1044‬‬ ‫المعمقة‪ ،‬والتحديث االجتماعي والسياس‬

‫ومع استحضار الهدف العام للتصور والمبادئ الديمقراطية والحكامة الجيدة‬


‫المتحكمين في مقاصده ومقوماته‪ ،‬فإن ثمانية عناصر ستشكل الخاصيات الكبرى للنموذج‬
‫المغربي للجهوية وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي ديمقراطي الجوهر؛ يعمل على التدبير الديمقراطي للجهة‪ ،‬ال من حيث‬
‫تدعيم الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬وتوسيع المشاركة النسائية ومشاركة المواطنين‪،‬‬

‫‪ 1042‬الخطاب الملكي ل ‪ 2‬يناير ‪ 3212‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية مراكش‪.‬‬

‫‪ 1043‬الخطاب الملكي ل ‪ 2‬يناير ‪ 3212‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية مراكش‪.‬‬


‫‪ 1044‬اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬التصور العام‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪P 542‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫وتطوير عالقات الشراكة مع النسيج الجمعوي والقطاع الخاص‪ ،‬و أيضا تقوية‬
‫االختصاصات التقريرية والتنفيذية للمجالس المنتخبة‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي متناسق ومندمج؛ يبرز الجماعة الجهوية كشريك مميز للدولة‪ ،‬بإقرار‬
‫صدارتها في ترسيخ ودمج تصورات ومخططات وبرامج باقي الجماعات الترابية األخرى‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي مدعم لالختصاصات؛ يعمل على تمكين الجماعات الجهوية وباقي‬
‫الجماعات الترابية األخرى من االضطالع باالختصاصات املخولة لها‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي مجدد للعالئق بين الدولة والجماعات الترابية؛ مبنية على الشراكة وعلى‬
‫اإلشراف والمر اقبة المرنة عوض الوصاية‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي مؤهل ومتضامن؛ عن طريق الدعوة إلى إحداث صندوق للتأهيل‬
‫االجتماعي وصندوق للتضامن الجهوي مع تقوية موارد الجهات بشكل ملموس‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي وظيفي ومؤسساتي؛ يكرس للتنمية المندمجة على مستوى التقطيع‬
‫الجديد لجهات المملكة؛ معتدا باعتبارات موضوعية مثل الوظائف االقتصادية‬
‫و أقطاب التنمية المندمجة والعالقات والتفاعالت الحيوية اآلنية والمستقبلية بين‬
‫الساكنة املحلية‪ ،‬ومراعيا أيضا لإلكراهات البيئية والتحديات المرتبطة بها‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي تجميعي وبين‪-‬جماعي؛ وذلك بغرض تجنب االزدواجية العضوية للمجالس‬
‫المنتخبة ولتطويرالتجمع البيني للجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ ‬نموذج جهوي وطني في خياراته السياسية واملجتمعية؛ ال من حيث التدرج في المسار‬


‫العام لالمركزية والديمقراطية املحلية‪ ،‬وال من حيث الفاعلين‪ ،‬وعلى قاعدة‬
‫االستشارات الموسعة ملختلف المعنيين‪.1045‬‬

‫إن نموذج الجهوية المتقدمة كما جاء في التصور العام للجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬هو‬
‫أنه نموذج ديمقراطي الجوهر‪ ،‬متناسق ومندمج‪ ،‬وداعم لالختصاصات ومجدد للعالقات‪،‬‬
‫ومؤهل ومتضامن‪ ،‬ووظيفي ومؤسساتي‪ ،‬يعتد باألبعاد الذاتية الوطنية في خياراته السياسية‬
‫واملجتمعية‪ ،‬وهي خاصيات بقدر ما تهدف إلى التكامل والتناسق في مكوناتها الذاتية‬

‫‪ 1045‬اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬تقرير حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬التصور العام‪ ،‬ص ‪.14-13‬‬

‫‪P 547‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫والموضوعية‪ ،‬بقدرما ستحاول تجسيد ذات الخاصيات من خالل مقترحات اللجنة االستشارية‬
‫للجهوية‪.1046‬‬

‫ج‪ -‬المبادئ الدستورية المؤطرة للجهوية المتقدمة‬

‫حظيت الجهوية المتقدمة بمكانة متميزة في الدستورالمغربي لسنة ‪ 2011‬حيث جعل منها‬
‫أساس التنظيم الالمركزي ببالدنا عن طريق تخويل الجهات مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات‬
‫الترابية األخرى‪ ،‬في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية‪ ،‬والتصاميم الجهوية إلعداد‬
‫التراب‪ ،‬في نطاق احترام االختصاصات الذاتية لهذه الجماعات الترابية‪.‬‬

‫كما أن ما يميز دستور ‪ 2011‬عن باقي الدساتير األخرى هو ماتضمنه من مقتضيات مهمة‬
‫وأساسية‪ ،‬والتي ارتقت بالجهات وجعلتها تحتل مرتبة أساسية و محورية يقوم على أساسها‬
‫التنظيم الترابي للمملكة‪ ،1047‬ثم أنه قد عززسياسة الالتركيزاإلداري من خالل توسيع صالحيات‬
‫ممثلي السلطة المركزية على المستوى الترابي‪.‬‬

‫وقد نصت الوثيقة الدستورية‪ ،‬وألول مرة بشكل صريح على مبادئ الحكامة الجيدة‪،‬‬
‫خاصة الجانب المرتبط بالجماعات الترابية انسجاما مع التقطيع الترابي الحاصل وطبيعة‬
‫التنظيم الالمركزي القائم على الجهوية المتقدمة‪ ،1048‬و الغاية من ذلك تشييد مؤسسات ذات‬
‫فعالية تنموية تستجيب لتطلعات الساكنة و مبنية على نوع من الثقة و الشفافية و التشارك و‬
‫التضامن‪.1049‬‬

‫ومن أهم المبادئ واألسس الدستورية والتنظيمية المؤطرة للجهوية المتقدمة‪ ،‬التي‬
‫تعتبر مدخالت جديدة من شأنها أن تعمل على إعادة رسم العالقة بين الجهة والدولة‪ ،‬نجد‪،‬‬
‫مكانة الصدارة‪ ،‬مبدأ التدبير الحر‪ ،‬التفريع‪ ،‬الشراكة‪ ،‬مبدأ التعاون‪ ،‬التضامن‪ ،‬التعاقد‪،‬‬
‫االستقالل المالي‪ ،‬التدرج والتمايز‪ ،‬التنسيق…‬

‫‪ 1046‬سعيد جفري‪ ،‬الجهوية المتقدمة بالمغرب بين التصور و الدسترة و القانون‪ ،‬منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية‪،‬‬
‫مقال منشور على الموقع ‪ www. revuealmanara.com :‬تاريخ و ساعة اإلطالع‪. 19:16 3232/21/36 :‬‬
‫‪ 1047‬صفية العزيز‪ ،‬الجهوية المتقدمة كأحد دعائم النموذج التنموي الجديد‪ ،‬منشورات دار المنظومة‪ ،‬المجلد‪/‬العدد ع‪ 192‬ص ‪.323‬‬
‫‪ 1048‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬سنة ‪ ،3226‬ص ‪.339‬‬
‫‪ 1049‬صالح الدين األحمدي‪ ،‬مساهمة المبادئ الدستورية للتدبير الترابي في بناء النموذج التنموي‪ ،‬مقال منشور بالمؤلف الجماعي "النموذج‬
‫التنموي الجديد‪ :‬أي مدخالت ألي مخرجات ؟"‪ ،‬منشورات مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم اإلجتماعية‪ ،‬سلسلة الدراسات‬
‫السياسية و الدستورية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪ 3231‬ص‪.243‬‬

‫‪P 550‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫وسنقتصر في معرض تحليلنا على البعض من هذه المبادئ ‪:‬‬

‫‪ ‬مبدأ الصدارة‬

‫بالنسبة للمستوى اإلداري الخاص بالتراتبية‪ ،‬فإن المقتض ى الدستوري لم يسمح بجواز‬
‫ممارسة جماعة ترابية الوصاية على جماعة أخرى‪ ،‬إال أنه أقر في المقابل بمبدأ تبوأ الجهة‬
‫مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية األخرى‪ ،‬و طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 113‬من الدستورالمغربي فإن الجهة تتبوء تحت إشراف رئيس مجلسها ‪،‬مكانة الصدارة‬
‫بالنسبة للجماعات الترابية األخرى‪ ،‬في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية‪ ،‬والتصاميم‬
‫الجهوية إلعداد التراب في نطاق احترام اإلختصاصت الذاتية لهذه الجماعات الترابية‪ ،‬وهي‬
‫مجاالت يعترف تقليديا بأولويتها في االختصاص الترابي الجهوي‪.‬‬

‫‪ ‬مبدأ المشاركة‬

‫وهو مبدأ ديمقراطي من أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة‪ ،‬فبمقتض ى الدستور تسير‬
‫الجهات ‪-‬كجماعات ترابية‪ -‬شؤونها بكيفية ديمقراطية وتؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير‬
‫شؤونهم و الرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة و المستدامة‪.1050‬‬

‫ولضمان مشاركة حقيقية للمواطنين في تدبير الشأن املحلي‪ ،‬فإن نص الدستور قد‬
‫اعتمد مقاربة تشاركية‪ ،‬حيث أن مجالس الجهات والجماعات الترابية األخرى تضع آليات‬
‫تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج‬
‫التنمية وتتبعها‪ ،‬وفضال عن هذه االختصاصات الجديدة‪ ،‬أضحت الجهات والجماعات الترابية‬
‫األخرى‪ ،‬تتوفر أيضا‪“ ،‬في مجاالت اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية‪ ،‬على سلطة تنظيمية‬
‫لممارسة صالحياتها”‪ ،‬في حين يساعد والة الجهات والعمال‪ ،‬رؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة‬
‫رؤساء املجالس الجهوية‪ ،‬على تنفيذ املخططات والبرامج التنموية‪.1051‬‬

‫‪ 1050‬أحمد أجعون‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة ‪ ،3211‬مقال منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد ‪116‬‬
‫ماي‪-‬يونيو ‪ .3219‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 1051‬العباس الوردي‪ ،‬الجهوية المتقدمة و دستور ‪ ،3211‬مقال منشور على موقع هسبريس ‪ www.hespress.com‬تاريخ وساعة‬
‫اإلطالع‪.12:22 3232/21/33 :‬‬

‫‪P 551‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬مبدأ التفريع‬

‫وهو مبدأ أساس ي لتوزيع االختصاصات سواء بين الجهات والدولة أو بينها وبين باقي‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬إذ يعد من المواضيع المفصلية التي تحدد معالم الجهوية‪.‬‬

‫وفي إطار إيجاد حل ناجع وعادل لمسالة توزيع االختصاصات بين الدولة والجماعات‬
‫الترابية وتطويرالعالقة القائمة بين الدولة والجهات بالخصوص‪ ،‬من عالقة تبعية وهيمنة الى‬
‫عالقة توازن وشراكة تتأسس على التعاقد و التضامن‪ ،‬نص الدستور الجديد في الفصل ‪110‬‬
‫على توزيع االختصاصات و الصالحيات بين الدولة و الجهات‪ ،‬يجب أن يكون وفقا لمبدأ‬
‫التفريع‪.1052‬‬

‫و بمقتض ى هذا المبدأ تكون الوحدة اإلدارية القاعدية أو األدنى هي صاحبة اإلختصاص‬
‫و ال يمكن للوحدة اإلدارية األعلى التدخل إال في حالة عجز الوحدة األولى و على ضوئه تكون‬
‫الوحدة الجهوية ملزمة بممارسة اإلختصاصات الجهوية و ال تدخل الدولة إال في حالة عجزهذه‬
‫األخيرة عن مباشرة ذلك اإلختصاص ‪.‬‬

‫وعليه فمبدأ التفريع الذي أخدت به مجموعة من الدول الديمقراطية يقتض ي أن تكون‬
‫أقرب السلطات المنتخبة إلى المواطنين هي التي تمارس المسؤوليات العامة‪ ،‬ويؤدي من‬
‫الناحية العملية إلى تدعيم و تقوية اإلختصاصات الذاتية للجهات و باقي الجماعات الترابية‬
‫األخرى ‪ .‬فما يستطيع األدنى القيام به يترفع عنه األعلى و ما يعجزعنه األدنى يتواله األعلى‪.1053‬‬

‫‪ ‬مبدأ التدبيرالحر‬

‫يشكل مبدأ التدبير الحر أحد أهم مظاهر و تجليات الحكامة الترابية المنصوص عليه‬
‫دستوريا‪ ،‬عالوة عن كونه يشكل منعطفا هاما في مسار تعزيز الالمركزية اإلدارية‪ ،‬كما أنه مقوم‬
‫من مقومات الجهوية المتقدمة‪ ،‬وآلية فعالة لربح الرهانات المطروحة بتنمية الجماعات‬
‫وجعلها أقطابا حقيقية للتنمية‪ .‬وعليه يمنح هذا المبدأ نوعا من الحرية للتفاعل الترابي‬

‫المصطفى بلقزبور‪ ،‬مبدأ التفريع واختصاصات الجهة بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه كلية الحقوق بسطات‪ ،‬سنة ‪ 3213‬ص‬ ‫‪1052‬‬

‫‪.334‬‬
‫أحمد أجعون‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة ‪ ،3211‬مرجع سابق ص ‪.43‬‬ ‫‪1053‬‬

‫‪P 552‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫لممارسة إختصاصاته من أجل النهوض بالتنمية المندمجة إقتصاديا و اجتماعيا وثقافيا و‬


‫تعزيزثقافة القرب ‪.1054‬‬

‫فالتدبير الحر هي الترجمة اإلدارية لنظرية الديمقراطية املحلية‪،‬وذلك عن طريق منح‬


‫اختصاصات ذاتية للجهات لتمارسها بشكل مستقل‪ ،‬ومنح السلطة التنظيمية للجهات بموجب‬
‫الفصل ‪ ، 110‬والتخلي عن مفهوم الوصاية وتعويضه بالرقابة في إطار العالقة بين الجهات‬
‫والسلطة المركزية‪ ،‬كما أن األمر يشمل تمكين الجهات من الوسائل القانونية الضرورية‬
‫لممارسة صالحياتها الذاتية‪.‬‬

‫‪ ‬مبدأ المعادلة بين الموارد واالختصاصات‪:‬‬

‫أقر الدستور أن الجهات كغيرها من الجماعات الترابية تتوفر على موارد مالية ذاتية‪،‬‬
‫وموارد أخرى مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬وأكد على أن كل اختصاص تنقله الدولة للجهات‬
‫والجماعات يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له‪.‬‬

‫فالتدبير المستقل و الحر للجهات يقتض ي موارد ذاتية مستقلة و بالتبعية فالمبدأ‬
‫الدستوري األخير يمنع على الدولة التنصل من مسؤولياتها عن طريق التخلص من بعض‬
‫اإلختصاصات المرهقة لماليتها ما لم يكن مقرونا بنقل اإلعتمادات المالية‪.1055‬‬

‫‪ ‬مبدأ التعاون والتضامن‪:‬‬

‫من خالل هذا المبدأ نص الدستور على إحداث صندوقين لفائدة الجهات‪ ،‬صندوق‬
‫التأهيل االجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات‪.‬‬

‫كما أسس المشرع الدستوري لنظام التعاون بين الجهات فنص على أنه كلما تعلق األمر‬
‫بإنجازمشروع يتطلب تعاون عدة جماعات ترابية‪ ،‬فإن هذه األخيرة تتفق على كيفيات تعاونها‪.‬‬

‫ويمكن للجماعات الترابية تأسيس مجموعات فيما بينها‪ ،‬من أجل التعاضد في الوسائل‬
‫والبرامج‪.1056‬‬

‫‪ ‬ربط المسؤولية باملحاسبة‪:‬‬

‫‪ 1054‬صالح الدين األحمدي‪ ،‬مساهمة المبادئ الدستورية للتدبير الترابي في بناء النموذج التنموي‪،‬مرجع سابق ‪.243‬‬
‫‪ 1055‬أحمد أجعون‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة ‪ ،3211‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬
‫‪ 1056‬الفصين ‪ 192‬و ‪ 199‬من دستور ‪.3211‬‬

‫‪P 553‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫وهو مبدأ يشكل دعامة أساسية للتدبير اإلداري للجهوية لتحقيق معايير الجودة‬
‫والشفافية‪ ،‬وترشيد وعقلنة التدبيراملحلي بما يتماش ى مع مخطط التنمية البشرية‪.‬‬

‫وقد أحاط الدستور المسؤولية بمجموعة من القواعد و الضوابط‪ ،‬فأعوان المر افق‬
‫العمومية يمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون و الحياد و الشفافية و النزاهة و‬
‫المصلحة العامة‪.‬كما أن تمكين المواطنين من تقديم مالحظاتهم و تظلماتهم لإلدارة من شأنه‬
‫أن يساهم في تخليق المر افق العامة‪.‬‬

‫كما أن التحديد الدقيق الختصاصات املجالس الجهوية ورؤسائها يكرس مبدأ حيث‬
‫توجد السلطة توجد المسؤولية و حيث توجد المسؤولية توجد املحاسبة‪.1057‬‬

‫د‪ -‬الجهوية المتقدمة وفق القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‬

‫لقد حاول القانون التنظيمي للجهات‪ 1058‬من جانبه‪ ،‬أجرأة المقتضيات الدستورية‬
‫الواردة في الفصل (‪ )111‬من الدستور‪ ،‬من خالل هيكلة األبعاد التي تروم تنظيم الشروط‬
‫الديمقراطية لتدبير الجهة لشؤونها‪ ،‬واختصاصات هذه األخيرة‪ ،‬وصالحيات مجلس الجهة‬
‫ورئيسه‪ ،‬وإدارة الجهة وأجهزة تنفيذ المشاريع وآليات التعاون والشراكة‪ ،‬والنظام المالي للجهة‬
‫ومصادرمواردها المالية‪ ،‬وصندوق التأهيل االجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات‪ ،‬وقواعد‬
‫الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبيرالحر‪.1059‬‬

‫وقد جاء القانون المذكوربمستجدات هامة على مستوى التدبيرالحرفي عالقته بالرقابة‬
‫على أعمال املجالس الجهوية المنتخبة‪ ،‬حيث يخول هذا المبدأ لكل جهة كوحدة ترابية ‪،‬سلطة‬
‫ً‬
‫تنظيمية لممارسة صالحياتها وذلك تماشيا مع إعادة النظر في المفهوم التقليدي للوصاية‬
‫والعمل على تقوية وتقويم ال مر اقبة البعدية‪ ،‬مقابل الحد من المر اقبة القبلية والمر اقبة‬
‫المالئمة‪.1060‬‬

‫كما أنه يشكل أحد مداخل األجرأة العملية للنموذج الجهوي الديمقراطي الجوهر‪ ،‬كما‬
‫وضعت تصوره اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬وذلك من خالل اعتماد قاعدة االقتراع العام‬

‫‪ 1057‬أحمد أجعون‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة ‪ ،3211‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬
‫‪1058‬ظهير شريف رقم ‪ 1.13.42‬صادر في ‪ 3‬يوليو ‪ ،3213‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 111.19‬المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫‪ 1059‬سعيد جفري‪ ،‬الجهوية المتقدمة بالمغرب بين التصور و الدسترة و القانون‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 1060‬هشام الفقيه‪ ،‬ديناميات صناعة القرار الجهوي‪ :‬قراءة في المحددات والمتغيرات‪ ،‬منشورات جريدة أنفاس‪ ،‬على الموقع‪:‬‬
‫‪ www.anfaspress.ma‬تاريخ و ساعة اإلطالع‪.32:13 3232/21/33 :‬‬

‫‪P 554‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫المباشروالتصويت العلني بخصوص انتخاب وتنظيم وتسييراملجلس الجهوي والطرق الخاصة‬


‫بعمل الهياكل المكونة له‪.‬‬

‫وعموما تناط بالجهة داخل دائرتها الترابية‪ ،‬مهام النهوض بالتنمية المندمجة‬
‫والمستدامة‪ ،‬وذلك بتنظيمها وتنسيقها وتتبعها‪ ،‬خاصة‪:‬‬

‫‪ ‬تحسين جاذبية املجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته االقتصادية؛‬

‫‪ ‬تحقيق االستعمال األمثل للموارد الطبيعية وتثمينها والحفاظ عليها؛‬

‫‪ ‬اعتماد التدابير واإلجراءات المشجعة للمقاولة ومحيطها والعمل على تسيير توطين‬
‫األنشطة المنتجة للثروة والشغل؛‬

‫‪ ‬اإلسهام في تحقيق التنمية المستدامة؛‬

‫‪ ‬العمل على تحسين القدرات التدبيرية للموارد البشرية وتكوينه‪.1061‬‬

‫باالستناد ٳلى مبدأ التفريع تم التنصيص بخصوص اختصاصات الجهة على‬


‫اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة بينها وبين الدولة‪ ،‬واختصاصات منقولة إليها من هذه‬
‫األخيرة‪ .‬وإذا كان الهدف العام من التنصيص على مثل هذه االختصاصات هوالعمل على تحقيق‬
‫شروط التنمية الجهوية وإعداد التراب‪ ،‬فإن القانون عمل في ذات اآلن على تبيان مجاالت‬
‫االختصاص الذاتي للجهة خاصة في مجاالت التخطيط والتنمية الجهوية و إنعاش األنشطة‬
‫االقتصادية ومنها دعم المقاوالت‪ ،‬وتطوير السياحة‪ ،‬وإحداث مناطق لألنشطة االقتصادية‪،‬‬
‫والتكوين المنهي‪ ،‬وتنظيم النقل داخل الجهة‪ ،‬وبناء وتحسين وصيانة الطرق القروية غير‬
‫المصنفة‪.‬‬

‫أما بخصوص االختصاصات المشتركة‪ 1062‬والمنقولة‪ ،‬فقد تم اعتماد مبدأي التدرج‬


‫والتمايز لبلورتهما في مجاالت حددها القانون‪ ،‬سواء كمجاالت مشتركة االختصاص بين الجهة‬

‫‪ 1061‬المادة ‪ 42‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.19‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.13.42‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،6242‬بتاريخ ‪ 32‬يوليوز ‪ ،3213‬ص‪.6343 ،‬‬
‫‪ 1062‬تمارس الجهة االختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة في المجاالت التالية‪ :‬أ‪ -‬التنمية االقتصادية (تحسين جاذبية المجاالت الترابية‬
‫وتقوية التنافسية‪ -‬التنمية المستدامة‪ -‬الشغل‪ -‬البحث العلمي التطبيقي) ب‪ -‬التنمية القروية (تأهيل العالم القروي‪ -‬تنمية المناطق الجبلية‪ -‬تنمية‬
‫مناطق الواحات‪ -‬إحداث أقطاب فالحية‪ -‬تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء وفك العزلة) ج‪ -‬التنمية االجتماعية (التأهيل‬
‫االجتماعي‪ -‬المساعدة االجتماعية‪ -‬إعادة االعتبار للمدن واألنسجة العتيقة‪ -‬إنعاش السكن االجتماعي‪ -‬إنعاش الرياضة والترفيه) د‪ -‬البيئة‬
‫(الحماية من الفيضانات‪ -‬الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوث والتصحر‪ -‬المحافظة على المناطق المحمية‪-‬‬

‫‪P 555‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫والدولة‪ ،‬أو كمجاالت اعتد في تحديدها على آلية مبدأ التفريع بخصوص االختصاصات‬
‫المنقولة من الدولة إلى الجهة‪ .‬وقد تمت اإلحالة على مبدأ التعاقد كقاعدة لممارسة هاتين‬
‫الطائفتين األخيرتين من االختصاص‪.‬‬

‫لقد عمل القانون التنظيمي حول الجهات على تمكين الجهة على المستوى اإلداري من‬
‫هياكل وآليات لإلدارة والتدبير‪ ،‬تتمثل في جانب أولي منها في "إدارة الجهة "التي ستتألف وجوبا‬
‫من "مديرية عامة للمصالح" و"مديرية للشؤون الرئاسية واملجلس"؛ وفي جانبها الثاني فيما‬
‫يعرف "بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع"‪ ،‬وهي عبارة عن شخص اعتباري خاضع للقانون‬
‫العام يتمتع باالستقالل اإلداري والمالي‪ ،‬يختص باألساس بتنفيذ مشاريع وبرامج التنمية التي‬
‫يقرها مجلس الجهة؛ وفي جانبها الثالث "بشركات التنمية الجهوية"‪ ،‬وهذه عبارة عن شركات‬
‫مساهمة يمكن للجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية إحداثها أو المساهمة في‬
‫رأسمالها مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص‪ .‬وتناط بهذه‬
‫الشركات ممارسة األنشطة ذات الطبيعة االقتصادية التي تدخل في اختصاصات الجهة؛ وفي‬
‫جانبها الرابع بصيغ "آلليات التعاون والشراكة" من قبيل مجموعة الجهات أو مجموعة‬
‫الجماعات الترابية"‪ ،‬وذلك إما بغرض إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة أو تدبير مرفق‬
‫ذي فائدة عامة لمثل هذه املجموعات‪.1063‬‬

‫على المستوى المالي‪ ،‬وإلى جانب التنظيم القانوني لشروط إعداد وتنفيذ وحصر‬
‫ومر اقبة ميزانية الجهة‪ ،‬فقد عمل القانون على تمكين الجهة – وبصفة تدريجية – من موارد‬
‫مالية جديدة‪ ،‬ستهم باألخص تعديل نسب االستفادة من حصيلتي كل من الضريبة على‬
‫الشركات والضريبة على الدخل (من ‪ %1‬إلى ‪ ،) %9‬و إقرار نسبة استفادة في حدود ‪ %20‬من‬
‫حصيلة الرسم على عقود التأمين‪ ،‬إضافة ٳليى االستفادة من اعتمادات مالية من الميزانة‬
‫العامة للدولة في أفق بلوغ سقف مالي قد يصل إلى ‪ 10‬مالييردرهم بحلول سنة ‪.10642021‬‬

‫ثانيا‪ :‬مرتكزات النموذج التنموي الجديد إلنجاح ورش الجهوية المتقدمة‬

‫المحافظة على المنظومة البيئية الغابوية‪ -‬المحافظة على الموارد المائية) ه‪ -‬الثقافة (االعتناء بتراث الجهة والثقافة المحلية‪ -‬صيانة اآلثار‬
‫ودعم الخصوصيات الجهوية‪ -‬إحداث وتدبير المؤسسات الثقافية) و‪ -‬السياحة (إنعاش السياحة)‪.‬‬
‫‪ 1063‬سعيد جفري‪ ،‬الجهوية المتقدمة بالمغرب بين التصور و الدسترة و القانون‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 1064‬المادة ‪ 144‬من ظهير شريف رقم ‪ .421.13‬صادر في ‪ 32‬رمضان ‪ 23( 1926‬يوليو ‪ )3213‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 111.19‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪P 556‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫شكل اإلعتراف بفشل النموذج التنموي السابق‪ ،‬فرصة إلعادة الخوض في األسباب‬
‫المؤدية لهذا الفشل‪ ،‬ثم تقديم مقترحات كفيلة للنهوض بنموذج تنموي قادر على تحقيق‬
‫التنمية الفعلية‪ ،‬حيث سادت قناعة عميقة و موضوعية مفادها أن نجاح النموذج التنموي‬
‫الجديد رهين بتحقيق مجموعة من المرتكزات الرئيسية و الحيوية‪ ،‬المرتبطة أساسا بالحد من‬
‫الفوارق املجالية‪ ،‬من خالل تدعيم جهوية متقدمة تعيد اإلعتبار لكل جهة حسب الموارد‬
‫اإلقتصادية و الطبيعية و البشرية التي تتوفرعليها‪.1065‬‬

‫فبالرجوع إلى التقريرالعام للنموذج التنموي الجديد و خصوصا املحورالرابع المعنون‬


‫ب"مجاالت ترابية قادرة على التكيف وفضاءات لترسيخ أسس التنمية "‪ ،‬بشأن اإلختيار‬
‫اإلستراتيجي األول المتعلق بالعمل على إنبثاق "مغرب الجهات" مزدهر و حيوي‪ ،‬نجد اللجنة‬
‫عددت أربع إقتراحات سنفصلها تبعا كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تسريع عملية الجهوية المتقدمة موازاة مع ال تمركز فعلي‬

‫طبقا لدستور ‪ 2011‬وكذلك القانون التنظيمي ‪ 111.11‬المتعلق بالجهات‪ ،‬أصبحت‬


‫الجهات تتمتع باختصاصات واسعة في التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وبالتالي‬
‫أصبح مطلوبا منها أن تبتكر آليات ووسائل إليجاد الحلول للمعضالت التي يعيشها المغرب‪،‬‬
‫حيث تزخر الجهات بموارد كثير ة سواء على المستوى الطبيعي أو المستوى الثقافي‪ ،‬وبالتالي‬
‫عندما نتحدث اليوم عن الالتمركز اإلداري فذلك يعني ضرورة حل كل المشاكل االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية جهويا ومحليا‪ ،‬إذ يجب على الجهة طبقا لالختصاصات الموكولة لها أن‬
‫تبحث وأن تبتكر حلوال وأن تسايرها اإلدارات الالممركزة هناك من أجل تحقيق تنمية شاملة‬
‫على المستوى الجهوي‪.‬‬

‫ويمكن القول أن الجهوية تتوخى في أهم أبعادها وأهدافها ترسيخ الحكامة املحلية‪ ،‬وتعزيز‬
‫سياسة القرب من المواطن‪ ،‬وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة‪ .‬والحكامة املحلية هي مختلف‬
‫اإلمكانات واآلليات التي من خاللها يمكن للمنتخبين املحليين ترشيد وعقلنة تدبيرهم للشأن‬
‫املحلي‪ ،‬وكذا مأسسة الفعل والقراراإلداريين وتدبيرالموارد البشرية املحلية بشكل خاص‪ ،‬وهو‬
‫ما يجعل من الحكامة املحلية مجموعة من األدوات التدبيرية التي تسعى إلى ترشيد النظام‬

‫‪ 1065‬ثورية كطاي‪ ،‬الجهوية المتقدمة وتحديات النموذج التنموي المأمول بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بالمؤلف الجماعي "النموذج التنموي‬
‫الجديد‪ :‬أي مدخالت ألي مخرجات ؟"‪ ،‬منشورات مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم اإلجتماعية‪ ،‬سلسلة الدراسات السياسية و‬
‫الدستورية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪ 3231‬ص ‪.342‬‬

‫‪P 554‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫اإلداري والمالي والبشري بهدف تحقيق أقص ى النتائج من خالل التركيز على مبادئ الشفافية‬
‫والنجاعة والمأسسة والمسؤولية‪ ،‬وتمكن المنتخبين املحليين من استثمار مختلف االمكانات‬
‫التواصلية والتدبيرية من أجل توفيرالخدمات لمرتفقي الجماعات املحلية‪.1066‬‬

‫ويعتبر الالتمركز اإلداري تنظيما مواكبا للتنظيم الترابي الالمركزي للمملكة القائم على‬
‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬وهو آلية لتفعيل السياسة العامة للدولة على المستوى الترابي‪ ،‬ويهدف‬
‫على تمكين المصالح الالممركزة من السلط والوسائل واالعتمادات الالزمة للقيام بالمهام‬
‫المنوطة بها على المستوى الترابي اتخاذ المبادرة تحقيقا للنجاعة والفعالية‪.1067‬‬

‫وإدراكا منها باألهمية القصوى التي يحتلها الالتمركز اإلداري في عالقته بالجهوية‬
‫المتقدمة في النقاش العمومي‪ ،‬تدعو لجنة النموذج التنموي إلى تسريع عملية الجهوية‬
‫المتقدمة‪ ،‬موازاة مع التمركزفعلي وإنهاء التلكؤ الذي أخرتطبيقها‪.‬‬

‫ويجب أن يكون هذا الالتمركز مرادفا للتفريع‪ ،‬وأن يتماش ى مع الخصوصيات الترابية‬
‫لكل جهة‪ ،‬وأن ينبني على العمل المشترك ما بين الوزارات والقرب‪ ،‬وتنشيط وتعبئة الطاقات‬
‫التي تزخر بها املجاالت الترابية‪ ،‬لهذا الغرض يجب أجرأة التصاميم المديرية لالتمركز بصفة‬
‫أكثر عزما عن طريق نقل حقيقي للسلطات والوسائل‪ ،‬وليس فحسب عن طريق تفويض‬
‫التوقيعات‪ ،‬ويستدعي هــذا النقــل للســلطة تعزيــز دور الــوالة فيمــا يتعلــق بالتنســيق بيــن مصالح‬
‫الدولة الخارجية لتغ ـدو شـريكا حقيقيا لممثلي الجهات وذلــك طبقا لروح المفهوم الجديــد‬
‫للسـلطة كمــا حــدده جاللة الملك بتاريخ ‪ 12‬أكتوبرمن سنة ‪ ،1555‬و ألحكام الدستورالذي أسند‬
‫للوالة مهمة تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة و السهرعلى حسن سيرها‪ .‬لهـذه الغايـة‪ ،‬توصـي‬
‫اللجنـة بإحـداث إدارة خاصـة مكلفـة بالشـؤون الجهوية‪ .‬وفـي نفـس المنظـور‪ ،‬يجـب تبسـيط‬
‫اإلطـار التعاقـدي بيـن الدولة والجهة ألجـل اإلسـتخدام األمثـل للوسـائل واإلجـراءات‪ ،‬وبالتالـي‬
‫تمكيـن الفاعليـن مـن تحمـل المسـؤولية‪ .‬ويتأتـى ذلـك عبـر فتـح نقـاش مـع المنتخبيـن وكـذا وضـع‬
‫إطـارمرجعـي يحـدد كيفيـات هـذا التعاقـد والتزامـات كل مـن الدولـة والجماعـات الترابيـة‪.1068‬‬

‫‪ 1066‬رشدي عبد العزيز‪ ،‬الجهوية المتقدمة أداة لتحقيق الحكامة الترابية بالمغرب‪ ،‬منشورات المركز المغربي للتنمية الفكرية‪ ،‬مقال منشور‬
‫على الرابط ‪ www.Cmdi.ma :‬تاريخ وساعة اإلطالع ‪.13:33/ 3232/23/32 :‬‬
‫‪ 1067‬رشدي عبد العزيز‪ ،‬الالتمركز اإلداري دعامة أساسية في إنجاح الجهوية المتقدمة‪ ،‬منشورات المركز المغربي للتنمية الفكرية‪ ،‬مقال‬
‫منشور على الرابط ‪www.Cmdi.ma :‬تاريخ وساعة اإلطالع ‪.13:23/ 3232/23/32 :‬‬
‫‪ 1068‬تقرير النموذج التنموي الجديد ‪ :‬تجرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وثيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع‪ ،‬التقرير العام‪ ،‬أبريل‬
‫‪ ،3231‬منشور على الموقع اإللكتروني ‪WWW.CSMD.COM .‬‬

‫‪P 552‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫كما توص ي اللجنة بإحداث إدارة خاصة مكلفة بالشؤون الجهوية‪ ،‬لتعزيزدورالوالي فيما يتعلق‬
‫بالتنسيق بين مصالح الدولة الخارجية لتغذو شريكا حقيقيا لممثلي الجهات‪.1069‬‬

‫لهذا فتبني سياسة التمركزحقيقية وتمتيع المصالح الالممركزة بسلطات واختصاصات‬


‫واسعة خاصة في عالقتها بالجهات‪ ،‬تعتبر ضرورة ملحة قصد إنجاح ورش الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫على اعتبار أن الورش المفتوح يستدعي اليوم وجود مخاطبين أكفاء في مصالح الدولة قادرين‬
‫على اتخاذ القرارعلى المستوى المطلوب‪.1070‬‬

‫ب‪ -‬تعزيزالموارد المالية و البشرية للجهة و الجماعات الترابية األخرى‬

‫يعد االرتقاء بالجهة لمراتب متقدمة في التنظيم اإلداري للمغرب منطلقا أساسيا في‬
‫إعداد السياسات العمومية الترابية‪ ،‬يتم من خالل تفعيل األطر التعاقدية ما بين الدولة‬
‫والجهات في العديد من املجاالت خاصة تلك التي تدخل ضمن نطاق االختصاصات المشتركة‬
‫والمنقولة‪ ،‬مما يستلزم تمكين الجهة من الوسائل الكافية من موارد بشرية ومالية‪ ،‬وتأهيلها‬
‫لتحقيق اندماج حقيقي وكسب رهان التنمية‪.‬‬

‫وتشكل الموارد المالية إلى جانب الموارد البشرية دعامتان أساسيتان تقوم عليهما‬
‫اإلدارة الجهوية باعتبارهما من وسائل العمل الضرورية خصوصا في ظل توسع نطاق‬
‫اختصاصات الجهات وجسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقها‪ ،‬فتوسع االختصاصات يتطلب‬
‫موازاته بإصالح النظام المالي للجماعات الترابية بصفة عامة والجهوي بصفة خاصة‪ ،‬بشكل‬
‫يمكنها من النهوض بالمهام المنوطة بها‪ ،‬أي العمل على خلق تناسب بين توسع املجاالت التنموية‬
‫التي تدخل داخل نطاق اختصاصها وتطوير قدراتها على التمويل الذاتي لممارسة هذه‬
‫المهام‪.1071‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 111‬من الدستورعلى نقطتين أساسيتين في هذا السياق ‪:‬‬

‫‪ 1069‬نوفل أدروز‪ ،‬الجهوية المتقدمة في ضوء النموذج التنموي الجديد‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون و األعمال الدولية‪ ،‬على الموقع‬
‫اإللكتروني‪ www.droitentreprise.com :‬تاريخ وساعة اإلطالع ‪.14:22/ 3232/23/33 :‬‬
‫‪ 1070‬لحسن مالل وزهير لعميم‪ ،‬متطلبات الالتمركز اإلداري في ظل الجهوية المتقدمة‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية‬
‫والسياسية واالقتصادية‪/‬ألمانيا‪-‬برلين‪-‬العدد الرابع عشر شباط‪-‬فبراير ‪ ،3233‬ص‪.166‬‬
‫‪ 1071‬نادية فتح‪ ،‬الجهوية المتقدمة ومس تلزمات الحكامة الترابية ‪ ..‬تثمين الموارد البشرية مقال منشور على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪www.watan24.ma‬تاريخ وساعة اإلطالع‪.11:22/ 3232/23/33 :‬‬

‫‪P 557‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫‪ -1‬تخصيص موارد مالية من الدولة لفائدة الجماعات الترابية حيث نصت على أنه‪:‬‬
‫"تتوفرالجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من‬
‫قبل الدولة"‪.‬‬

‫‪ -2‬اقتران نقل االختصاصات من الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى بتحويل‬
‫الموارد المالية الالزمة لتنفيذها‪ ،‬من خالل التنصيص على أن "كل اختصاص تنقله الدولة إلى‬
‫الجهات والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له"‪.1072‬‬

‫وقد أكدت لجنة النموذج التنموي على أن تعزيز الموارد المالية للجماعات يتأتى مـن‬
‫خالل الرفـع مـن التحويالت الماليـة المنجزة مـن طرف الدولة‪ ،‬موازاة مـع نقـل اإلختصاصات‪،‬‬
‫والمرتبطـة جزئيــا بالموارد الضريبية المستخلصة على مستوى كل جهة وكذا الرفع من الموارد‬
‫الذاتية للجماعات الترابية مـن خالل تبسـيط وتحسـين الجبايـات املحليـة‪ .‬وسـيتم ذلـك أيضا عبـر‬
‫اللجـوء الممنهـج للتشـارك بيـن الجماعـات بهـدف اإلسـتغالل األمثـل للوسـائل وتوفيـرخدمات ذات‬
‫جـودة عاليـة بدعـم مـن القطاعات التقنية التابعة للدولة‪.1073‬‬

‫وبخصوص تعزيز الموارد البشرية فإن اللجنة تؤكد على أن تعبئة المـوارد البشرية‬
‫المؤهلة تكتس ي أهميـة كبـرى لتمكين الجماعات الترابية مــن أداء مهامها‪ .‬وتتأتى هذه التعبئة‬
‫مـن خالل اعتماد آليات سلســة إلعادة تخصيص الموارد البشرية انطالقا من اإلدارة المركزيـة‬
‫أو عـن طريـق التعاقد والتوظيف المباشر‪ ،‬من طرف الجماعات الترابية‪ ،‬للخبرات والكفاءات‬
‫التي تحتاج إليها‪ .‬ويمكن التفكير أيضا في جهوية الخدمات المتعلقة بالبنيات التحتية وكذا‬
‫اللجوء إلـى الشراكات بيـن القطاعيـن العام والخاص من أجل دعم تنفيذ المشاريع التنموية‬
‫الجهوية التي تتالءم مع هذا النوع مـن التمويل‪ .‬كما يمكـن للجهـة أن تعتمـد علـى صنـدوق التجهيـز‬
‫الجماعي‪ ،‬الـذي يجـب تعزيـز قدراته‪ ،‬لمواكبتهـا بشـكل أفضـل ليــس فحسب في تمويل المشاريع‬
‫الكبرى ولكن أيضا فــي مرحلة تصميم هذه المشاريع وإعدادها التقني‪.1074‬‬

‫إن إنجاح النموذج التنموي الجديد وترسيخه‪ ،‬يتوقف على إعادة توزيع األدوار بين‬
‫مختلف الفاعلين في املجال الترابي خصوصا في ظل تعدد مستويات الجماعات الترابية وتقاطع‬

‫‪ 1072‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.41‬صادر في ‪ 33‬من شعبان‪ 34( 1923‬يوليو ‪ )3211‬بتنفيذ نص الدستور‪.‬‬
‫‪ 1073‬تقرير النموذج التنموي الجديد‪.‬‬
‫‪ 1074‬تقرير النموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫‪P 560‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫اختصاصاتها‪ ،‬إذ يجب تحديد مجال تدخل كل مستوى‪ ،‬وماهو مؤهل له في ظل تعدد‬
‫الصالحيات املخولة له‪ ،‬في إطارمن التشارك والتكامل بين المتدخلين‪.1075‬‬

‫في ظل التحوالت التي يعيشها املجتمع المغربي فإن الدولة مدعوة إلى التخلي عن جزء‬
‫مهم من إختصاصاتها لصالح الجماعات الترابية‪ ،‬لكن مع الحرص على التكفل بالمهام‬
‫اإلستراتيجية المتعلقة بضمان التوازن بين مختلف الفئات ‪ ،1076‬إذ أن التقليل من تدخالتها‬
‫سيساهم بشكل فعلي في جعلها متفرغة لمسؤوليات الدعم و المواكبة وحفظ التوازنات‬
‫اإلقتصادية الكبرى‪ ،‬وتصحيح التفاوتات الحاصلة بين املجاالت الترابية على مستوى توزيع‬
‫الموارد و التجهيزات‪ ،‬بشكل يضمن التجسيد الفعلي لمبادئ اإلنصاف و المساواة بين‬
‫المواطنين في الولوج إلى الخدمات العمومية ‪.‬أما التدبيرالمباشرللسياسات الترابية فيجب أن‬
‫يسند إلى الهيئات الالمركزية مع تمتيعها بصالحيات تنفيذية تجعلها المتحكم الرئيس ي في تدبير‬
‫قضايا القرب‪ ،‬مع مدها بموارد كافية و متنامية تمكنها من تلبية حاجيات السكان المتزايدة‬
‫وتحويل املخططات و البرامج إلى إنجازات ملموسة‪.1077‬‬

‫ج‪ -‬إرساء منظومات مندمجة للدفع بعجلة اإلقتصاد على مستوى الجهات‬

‫تتمثل األهـداف اإلستراتيجية المتوخاة من الجهوية المتقدمة‪ ،‬كما حددها صاحب‬


‫الجاللة الملك محمد السادس‪ ،‬في خطابه السامي‪ ،‬الذي ألقاه جاللته في ‪ 3‬يناير‪، 2010‬بمناسبة‬
‫تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬في "تحديث هياكل الدولة‪ ،‬والنهـوض بالتنمية المندمجة"‪.‬‬
‫واعتبارا للفوارق الجهوية الواضـحة علـى مسـتوى خلق الثـورات واالسـتهالك والمؤشـرات‬
‫المرتبطـة بالحقـوق األساسـية‪ ،‬كما كشفت عـن ذلك أبحاث ودراسات المندوبية السامية‬
‫للتخطيـط‪ ،‬ومديرية الدراسات والتوقعات التابعة لـوزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬المشار إليها في‬
‫مواضع سابقة مـن التقرير‪ ،‬فإن معالجتها تستدعي مقاربة متمايزة وأشكال تدخل متناسبة مع‬
‫الو اقـع الترابي لكل جهة على حدة‪.1078‬‬

‫‪1075‬‬
‫‪Mohammed boujida,quelques éléments d’analyse de principe constitutionnel de la libre administration‬‬
‫‪des collectivités territoriales marocaines, imprimerie El Maarif Al jadida ,Rabat ,P176.‬‬
‫‪1076‬‬
‫‪Ali Sédjari ,prospective des territoires et rôle de l’état national et prospective des territoires ,Edition‬‬
‫‪l’ l'harmattan,P.304.‬‬
‫‪ 1077‬ادريس كجي‪ ،‬التنمية الترابية مرتكز لترسيخ النموذج التنموي الجديد مقال منشور بالمؤلف الجماعي "النموذج التنموي الجديد‪ :‬أي‬
‫مدخالت ألي مخرجات ؟"‪ ،‬منشورات مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم اإلجتماعية‪ ،‬سلسلة الدراسات السياسية و الدستورية‪،‬‬
‫العدد الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪ 3231‬ص ‪.399‬‬
‫‪ 1078‬تقرير صادر عن المجلس االقتصادي و االجتماعي و البيئي في سنة ‪،3216‬متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات‬
‫القطاعية‪ ،‬اإلحالة الذاتية رقم ‪.3216/33‬‬

‫‪P 561‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫إن محدودية حصيلة التجارب الالمركزية السابقة فيما يخص تحقيق النمو اإلقتصادي‬
‫فرضت على الدولة المغربية العمل على تكثيف جهود مختلف الفعاليات اإلدارية والسياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية من أجل كسب رهان التنمية الجهوية والقضاء على مظاهر الفقر‬
‫والفوارق والتباينات املجالية الجهوية عبر توفير الشروط الضرورية لتحقيق النمو اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي بشكل متوازن عبر ربوع المملكة وبالتالي بمختلف مناطق الجهات‪ .‬ومن أجل تجاوز‬
‫هذه الوضعية فقد أنيطت بالجهة عدة مسؤوليات في هذا الصدد‪ ،‬إما بشكل مباشر من خالل‬
‫مشاركتها إلى جانب فاعلين آخرين في التنمية أو بصورة غير مباشرة عن طريق تشجيع وتوفير‬
‫الظروف المالئمة الستقطاب اإلستثمارالوطني واألجنبي على حد سواء‪ ،‬وذلك عبرإقامة وتنظيم‬
‫المناطق الصناعية والمناطق املخصصة لألنشطة اإلقتصادية‪ ،‬وتوفيرالمعلومة للمستثمرين‬
‫بخصوص مؤهالت وإمكانيات الجهة حتى يتمكن من بناء تصور حقيقي ودراسات جدوى تتسم‬
‫بالفعالية والدقة‪.1079‬‬

‫ومـن أجل دعم المقاوالت وخلق فرص الشغل على المســتوى الجهوي‪ ،‬تقترح لجنة‬
‫النموذج التنموي على الجهات تخصيص "صناديــق لدعم وتشجيع األنشطة اإلقتصادية‬
‫الجهوية"‪.‬‬

‫وتســتدعي التنميـة اإلقتصاديـة للجهـات ‪ -‬حسب تقرير اللجنة ‪ -‬أيضـا‪ ،‬إرسـاء مشاريع‬
‫تنمويـة واسـعة النطاق مـن خالل اسـتغالل منطقـة أو مـورد معيـن‪.‬‬

‫وتقتـرح اللجنـة أيضـا بأن تقوم الجهات بتطويـرمناطـق لألنشطة اإلقتصاديـة يتـم إدماجهـا‬
‫فـي مشروع حقيقي للمجال الترابي ومرتبطة ارتباطا كامال بالنسـيج الحضري القائم وبأنماط‬
‫النقل وتستجيب لحاجيات وطلب المقاوالت‪ .‬بتنسيق مع مختلف الفاعلين الجهويين‪ ،‬مع‬
‫تحديد وعاء عقاري مالئم يستجيب لحاجيات الساكنة‪.‬‬

‫كما يمكن للجهات أن تستفيد من االقتصاد االجتماعي كأداة لتعزيزالعدالة االجتماعية‪،‬‬


‫وذلك من خالل إشراك " القطاع الثالث لالقتصاد" المتمثل في املجتمع المدني‪،1080‬‬
‫والتعاونيات والمنظمات غيرالحكومية‪ ،‬والمؤسسات العمومية والمقاوالت المكلفة بالمصالح‬
‫الجماعية‪ ،‬مع تمكين هؤالء من مختلف الوسائل واإلمكانات الضرورية‪ ،‬وبتآزر مــع النسيج‬

‫‪ 1079‬نادية فتح‪ ،‬المؤسسات الداعمة لإلقتصاد الجهوي ورهان تحقيق التنمية‪ ،‬مقال منشور على الموقع االلكتروني‪www.achamal.ma :‬‬
‫تاريخ وساعة االطالع‪.12:13 3232/23/39 :‬‬
‫‪ 1080‬نوفل ادروز‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪P 562‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫املحلي للمقاوالت الصغيـرة جدا والجامعات ومراكز التكوين والبحث‪-‬التطوير بالجهـة‪ ...‬وفـي‬
‫نفـس السـياق‪ ،‬يمكـن حـث شـركات التنميـة الجهويـة واملحليـة على إبـرام اتفاقيات للتمويل مع‬
‫الجهات مع الرفع من مسـاهمتها الماليـة عـن طريـق تنفيـذ مشـاريع ذاتيـة أو مشـاريع فـي إطار‬
‫الشـراكة‪.1081‬‬

‫د‪ -‬تعزيزالديمقراطية التشاركية على مستوى املجاالت الترابية‬

‫تعرف الديمقراطية التشاركية عل ى أنها شكل أو صورة جديدة للديمقراطية‪ ،‬تتمثل في‬
‫مشاركة المواطنين مباشرة في مناقشة الشؤون العموميـة و اتخاذ القرارات المتعلقة بهم ‪ ...‬كما‬
‫تعرف بأنها توسيع ممارس ة السلطة إلى المواطنين‪ ،‬عن طريـق إشـراكهم فـي الحوار والنقاش‬
‫العمومي و اتخاذ القرارالسياس ي المترتب عن ذلك ‪.1082‬‬

‫وقد برزت الديمقراطية التشاركية لتجاوز النقائص التي تعتري الديمقراطية التمثيلية‬
‫(الكالسيكية) المبنية على العملية اإلنتخابية‪ ،‬فغاية الديمقراطية التشاركية ليست تجاوز‬
‫الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬بل تكميلها وتجويدها وتحسينها‪ ،‬إذن فالديمقراطية التشاركية هي‬
‫دمقرطة الديمقراطية التمثيلية حسب تعبير البعض‪ ،‬و هذا هو ما قاربه الخطاب الملكي ل ‪30‬‬
‫يوليوز ‪" : 2001‬مهما كانت مشروعية الديمقراطية النيابية التقليدية‪ ،‬فإننا نرى من الضروري‬
‫استكمالها بالديمقراطية التشاركية العصرية ‪ .‬األمر الذي يمكننا من اإلفادة من كل الخبرات‪،‬‬
‫الوطنية و الجهوية‪ ،‬و املجتمع المدني الفاعل ‪،‬وكافة القوى الحية لألمة‪ ،‬ومشاربها وتياراتها‪ ،‬أيا‬
‫كان موقعها"‪.‬‬

‫ويعول في هذا الشأن على الجماعات الترابية‪ ،‬لقربها من المواطنين‪ ،‬ولتأمينها لخدمات‬
‫القرب‪ ،‬ولكونها تثير فضول السكان‪ ،‬إذ يطوق الفصل ‪ 131‬من الدستور الجماعات الترابية‪،‬‬
‫وخاصة الجهات بتأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪ ،‬و الرفع من مساهمتهم في‬
‫التنمية البشرية المندمجة و المستدامة‪.1083‬‬

‫‪ 1081‬تقرير النموذج التنموي الجديد‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫‪ . 1082‬االمين شريط‪ ،‬الديمقراطية التشاركية ‪...‬األسس واالفاق‪ ،‬ندوة البرلمان ‪ :‬المجتمع المدني‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬مجلة الوسيط‪ ،‬الجزائـر ‪:‬‬
‫وزارة العالقات مع البرلمان‪ ،‬العدد ‪ ،(3224) 26‬ص ‪.96.‬‬
‫‪ 1083‬الحكامة الترابية وحقوق اإلنسان‪ ،‬اآلليات التشاركية الجهوية‪ ،‬دليل مرجعي من إعداد أحمد حضراني‪ ،‬منشورات المجلس الوطني‬
‫لحقوق اإلنسان بشراكة مع المعهد الجمهوري الدولي‪ ،‬ص ‪ 24‬ومما بعدها‪.‬‬

‫‪P 563‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫إلى جانب الدستورأتت مجموعة من النصوص القانونية لتنزيل هذه المقاربة وهي عبارة‬
‫عن أدوات المشاركة‪ ،‬وأول مالحظة في هذا الشأن أن هذه اآلليات منظمة بقوانين تنظيمية‬
‫وهذه مسألة جد مهمة على اعتبارأن القوانين التنظيمية تصنف في منزلة موالية بعد الدستور‬
‫الذي يسمو على جميع أصناف التشريعات‪ ،‬لكونها ُوضعت لتكون مكملة له‪ ،‬وبالتالي فآليات‬
‫المقاربة التشاركية حظيت بمكانة مهمة في النظام القانوني المغربي‪ ،‬ومن أهم هذه اآلليات‪:‬‬

‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 11.11‬المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم‬
‫العرائض الى السلطات العمومية‪.‬‬

‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 11.11‬المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم‬
‫الملتمسات في مجال التشريع‪.‬‬

‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.11‬المتعلق بالجهات (بابين‪ ،‬األول خاص باآلليات‬


‫التشاركية للحواروالتشاور‪ ،‬والثاني بشروط تقديم العرائض( ‪.‬‬

‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 112.11‬المتعلق بالعماالت واالقاليم (بابين‪ ،‬األول خاص‬


‫باآلليات التشاركية للحواروالتشاور‪ ،‬والثاني بشروط تقديم العرائض(‬

‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 113.11‬المتعلق بالجماعات (بابين‪ ،‬األول خاص باآلليات‬


‫التشاركية للحواروالتشاور‪ ،‬والثاني بشروط تقديم العرائض( ‪.‬‬

‫ونميزفي هذا اإلطاربين اآلليات التشاركية المعتمدة أمام السلطات العمومية "الحكومة‬
‫والبرلمان" والمعتمدة أمام الجماعات الترابية ‪ .‬وهنا يجب على الفاعلين المدنيين أن يميزوا‬
‫مجال تدخل كل هذه األجهزة حتى يتمكنوا من ضبط آليات وأدوات المشاركة‪. 1084‬‬

‫وبالرجوع إلى تقرير النموذج التنموي نجد اللجنة توص ي بتعزيـز الديمقراطية التشاركية‬
‫أثناء إعداد برامج التنمية الجهوية وكذا عند إعداد وتقييـم برامج عمـل الجماعات‪ ،‬قصد‬
‫االسـتجابة بشكل أفضل إلنتظـارات المواطنيـن‪ .‬كما أكدت على أنه يمكن ربـط نقل جزء مـن‬
‫مـوارد الدولة إلى الجماعات الترابية بمدى احترامها لبعض معايير الحكامة الجيدة (اللجوء‬

‫‪ 1084‬الرشدي الحسن‪ ،‬آليات المقاربة التشاركية على المستوى الترابي( اإلكراهات و سبل التطوير)‪ ،‬مقال منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪ www.atigmedia.ma‬تاريخ وساعة اإلطالع‪.32:32 3232/23/33 :‬‬

‫‪P 564‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫بشكل ممنهج إلى المشاركة على جميع المسـتويات‪ ،‬احترام المناصفة‪ ،‬إدماج األشـخاص ذوي‬
‫اإلحتياجـات الخاصة‪ ،‬احترام البيئة‪ ،‬إخبارالمواطنيـن)‪.1085‬‬

‫إن مشاركة المواطنين و المواطنات والجمعيات في صناعة القرار التنموي املحلي هي‬
‫ضرورة حكماتية‪ ،‬ستساهم بدون شك في تحقيق تدبيرجيد للتنمية وتحقيق متابعة تقييمية‬
‫قاعدية لها‪ ،‬فمفهوم الحكامة قائم على الجمع بين الرقابة من األعلى بواسطة الدولة و الرقابة‬
‫من األسفل بواسطة املجتمع المدني‪ ،‬وفقا لمبادئ أساسية هي ‪ :‬المشاركة‪ ،‬وثقافة تحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬وتفعيل آلية املحاسبة في حالة إخالل أو إهمال في العمل كيفما كان نوعه‪.1086‬‬

‫وختاما لما تقدم ‪،‬يمكن القول أن الجهوية المتقدمة بالمغرب تعتبرورشا كبيرا ومفتوحا‬
‫وخيارا من الخيارات الوطنية االستراتيجية التي أعطاها المغرب اهتماما متزايدا منذ فجر‬
‫االستقالل وحتى يومنا هذا‪ ،‬والتي كانت تشكل خارطة طريق وتوجه ملكي طموح ‪.‬‬

‫كما أن الجهوية بالمغرب تهدف باألساس لترسيخ مبدأ الحكامة الجيدة وتعزيزالقرب من‬
‫المواطنين‬

‫ثم تفعيل التنمية الجهوية المستدامة المندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‪.‬‬

‫كما يعتبر مشروع الجهوية المتقدمة نمط من تصور املجتمع للكيفية التي يرها لتدبير‬
‫وتسيرشؤونه والنهوض بتنمية مجاله‪ ،‬ومما الشك فيه فإن المغرب أصبح مقتنعا بضرورة السير‬
‫في تفعيل هذا الورش االستراتيجي والذي يعطي للجهة اآلليات والوسائل التي تساعدها على‬
‫انعاش و تنمية مجالها‪.‬‬

‫و بالرغم من كل هذا‪ ،‬فإن تفعيل مشروع الجهوية بالمغرب تتخلله مجموعة من العوائق‬
‫التي تحد من مدى فعالية الجهوية و التي تحتاج إلى وقفة و اقعية و إرادة سياسية إلعادة النظر‬
‫في كيفيات تجاوزها‪ ،‬نذكربعضا منها‪:‬‬

‫‪ ‬تحدي ضبط و تدقيق اختصاصات الجهة ‪ :‬وهو مايتطلب تفعيل مبدأ الصدارة‪ ،‬مما‬
‫يستلزم العمل على مزيد من تدقيق اختصاصات المستويات الثالث للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬بما يمكن من إزالة التداخالت بينها‪ .‬ثم النقل الفعلي لإلختصاصات الذاتية‬

‫‪ 1085‬تقرير النموذج التنموي الجديد‪ ،‬ص ‪.132‬‬


‫‪ 1086‬إبراهيم كومغار‪ "،‬أي مستقبل للحكامة المحلية من خالل القانون التنظيمي للجماعات؟" مجلة مسالك العدد ‪ 22/29‬ص ‪.161‬‬

‫‪P 565‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫لفائدة الجهات مع تمكينها من الوسائل الالزمة لممارسة إختصاصاتها‪ ،‬استحضارا لما‬


‫ورد في المادة ‪ 20‬من القانون التنظيمي ‪ 111.11‬المتعلقة بالمبادئ العامة المؤطرة‬
‫إلختصاصات الجهة‪.‬‬

‫‪ ‬تحدي التنمية الجهوية و تقليص الفوارق املجالية ‪ :‬وهو ما يستدعي تفعيل و تطوير‬
‫أدوات التخطيط و البرمجة‪ ،‬ومراعاة العدالة املجالية بين الجهات وداخل الجهة‬
‫الواحدة في إطارنظرة شمولية‪ ،‬مع التفكيرفي آليات حقيقية لضمان التقائية المشاريع‬
‫و البرامج‪.‬‬

‫‪ ‬تحدي الحكامة المالية ‪ :‬ويجب هنا التفاعل مع ورد من توصيات النموذج التنموي‬
‫الجديد بخصوص تحويل الوسائل المالية لفائدة الجهات لتتمكن من االضطالع‬
‫باختصاصاتها الذاتية والمشتركة والمنقولة‪ ،‬وإلزامية تعزيزالموارد المالية للجماعات‬
‫الترابية وتنويعها ومشاركتها فيما بينها لتحقيق أهداف الجهوية المتقدمة‪ ،‬والرفع من‬
‫التحويالت المالية المنجزة من طرف الدولة للجهات ‪،‬وبكل ما يتعلق بالتمويل على‬
‫مستوى الجهات‪.‬‬

‫‪ ‬تحدي اإلدارة الجهوية‪ :‬ومن أجل تطوير اإلدارة الجهوية لمواكبة المهام الجديدة‬
‫للجهات‪ ،‬يجب العمل بصفة خاصة على تحفيز الموارد البشرية و تعزيز رقمنة اإلدارة‬
‫الجهوية وتقوية البنية التحتية المعلوماتية ‪...‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫دستورالمملكة الصادرسنة ‪ 2011‬الصادربتنفيذه الظهيرالشريف رقم ‪ 1.11.51‬الصادر‬


‫في ‪ 21‬من شعبان ‪ 1132‬المو افق ل ‪ 25‬يوليو ‪ 2011‬المنشوربالجريدة الرسمية عدد ‪ 9511‬مكرر‬
‫‪ 22‬شعبان ‪ 1132‬المو افق ل ‪ 30‬يوليو ‪.2011‬‬

‫ظهيرشريف رقم ‪ 1.19.23‬صادرفي ‪ 1‬يوليو ‪ ،2019‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪111.11‬‬


‫المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫ظهيرشريف رقم ‪ 1.19.21‬صادرفي‪ 1‬يوليو‪ ،2019‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪112.11‬‬


‫المتعلق بالعماالت واالقاليم‪.‬‬

‫‪P 566‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫ظهير شريف رقم‪ 1.19.29‬صادر في‪ 1‬يوليو ‪،2019‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم‬
‫‪113.11‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫التقريرالعام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬النموذج التنموي الجديد‬


‫تحريرالطاقات واستعادة الثقة لتسريع و تيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع‪ ،‬أبريل‪. 2021‬‬

‫الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ‪ 33‬للمسيرة الخضراء‪-‬مراكش ‪1‬نونبر ‪ ،2002‬سلسلة‬


‫انبعاث أمة‪ :‬الجزء ‪ ،99‬القسم الثاني‪ ،‬ص‪.150 :‬‬

‫عبد العلي حامي الدين‪ ،‬الجهوية المتقدمة في سياق تطور الالمركزية بالمغرب‪،‬‬
‫منشورات مركز الدراسات و األبحاث في العلوم اإلجتماعية‪ ،‬منشور على الموقع ‪:‬‬
‫‪ www.cerss.org‬تاريخ وساعة األطالع ‪.19:11 2023/01/20 :‬‬

‫سعيد جفري‪ ،‬الجهوية المتقدمة بالمغرب بين التصور و الدسترة و القانون‪ ،‬منشورات‬
‫مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية‪ ،‬مقال منشور على الموقع ‪www. :‬‬
‫‪ revuealmanara.com‬تاريخ و ساعة اإلطالع‪. 11:11 2023/01/21 :‬‬

‫مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.221‬‬

‫‪1‬صالح الدين األحمدي‪ ،‬مساهمة المبادئ الدستورية للتدبير الترابي في بناء النموذج‬
‫التنموي‪ ،‬مقال منشوربالمؤلف الجماعي "النموذج التنموي الجديد‪ :‬أي مدخالت ألي مخرجات‬
‫؟"‪ ،‬منشورات مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم اإلجتماعية‪ ،‬سلسلة الدراسات‬
‫السياسية و الدستورية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪.2021‬‬

‫أحمد أجعون‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستورالمغربي لسنة ‪ ،2011‬مقال منشور باملجلة‬


‫المغربية لإلدارة املحلية و التنمية عدد ‪ 111‬ماي‪-‬يونيو ‪.2011‬‬

‫العباس الوردي‪ ،‬الجهوية المتقدمة و دستور ‪ ،2011‬مقال منشور على موقع هسبريس‬
‫‪ www.hespress.com‬تاريخ وساعة اإلطالع‪.10:00 2023/01/29 :‬‬

‫المصطفى بلقزبور‪ ،‬مبدأ التفريع واختصاصات الجهة بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل‬


‫الدكتوراه كلية الحقوق بسطات‪ ،‬سنة ‪.2019‬‬

‫‪P 564‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 54‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر مايــــو ‪ 2023‬م‬

‫هشام الفقيه‪ ،‬ديناميات صناعة القرار الجهوي‪ :‬قراءة في املحددات والمتغيرات‪،‬‬


‫منشورات جريدة أنفاس‪ ،‬على الموقع‪ www.anfaspress.ma :‬تاريخ و ساعة اإلطالع‪:‬‬
‫‪.23:19 2023/01/21‬‬

‫ثورية كطاي‪ ،‬الجهوية المتقدمة وتحديات النموذج التنموي المأمول بالمغرب‪ ،‬مقال‬
‫منشور بالمؤلف الجماعي "النموذج التنموي الجديد‪ :‬أي مدخالت ألي مخرجات ؟"‪ ،‬منشورات‬
‫مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم اإلجتماعية‪ ،‬سلسلة الدراسات السياسية و‬
‫الدستورية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪.2021‬‬

‫رشدي عبد العزيز‪ ،‬الجهوية المتقدمة أداة لتحقيق الحكامة الترابية بالمغرب‪،‬‬
‫منشورات المركز المغربي للتنمية الفكرية‪ ،‬مقال منشورعلى الرابط ‪ www.Cmdi.ma :‬تاريخ‬
‫وساعة اإلطالع ‪.19:99/ 2023/02/20 :‬‬

‫‪P 562‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬

You might also like