Professional Documents
Culture Documents
مناهج النقد الأدبي الملف 2
مناهج النقد الأدبي الملف 2
مناهج النقد الأدبي الملف 2
.1المسان :نقد.
يقدمو المتمقي لممؤلف من نصح أو إعجاب يعتبر في حد ذاتو موقفا نقديا ،لذلك كان النقد
في بدايتو يرتبط بالذوق أكثر من المؤىبلت العممية.
وعموما ،فالنقد األدبي ىو نوع من محاكمة اآلثار األدبية والحكم ليا أو عمييا،
والفصل بين الصالح والفاسد بينيا ،ثم إصدار الحكم ،ولن يتم ذلك الحكم إال من خبلل
الكشف عن جوانب النضج الفني في اإلنتاج األدبي ،وتمييزه عما سواه عن طريق الشرح
والتعميل ،والناقد الحق ىو الذي يقدم التعميبلت والمبررات في تقييمو لؤلعمال األدبية حتى
وان إخطأ ،أما الذي يصدر األحكام عمى األعمال األدبية دون تبرير فني ،فبل يعتبر ناقدا
وان أصاب ،كما يذىب إلى ذلك الدكتور محمد غنيمي ىبلل ،2فالنقد غالبا ما يرتبط
بالوصف والتفسير والتأويل والتحميل والتقويم ،ألن ىدفو ىو قراءة األثر األدبي ومقاربتو قصد
تبيان مواطن الجودة والرداءة فيو ،يقول الدكتور عماد حاتم« :النقد األدبي ىو تقييم العمل
األدبي وبيان قيمتو في ذاتو ودرجتو بالنسبة لسواه ...إنو نوع من محاكمة اآلثار األدبية
والحكم ليا أو عمييا والفصل بين الصالح والفاسد بينيا ثم إصدار الحكم».3
لذلك يتطمب النقد الصحيح استعدادات فنية رفيعة ومستوى ثقافيا عاليا ،ولعل ىذا ما
يفسر كون تاريخ األدب لم يحفظ سوى أسماء عدد محدود من النقد سواء في القديم كالجاحظ
وابن قتيبة والجمحي والقاضي الجرجاني واآلمدي والعسكري وابن رشيق ..وفي الحديث
كسبلمة موسى وطو حسين ومحمد مندور والعقاد واحسان عباس وغيرىم ،ىؤالء جميعا
«ساىموا في تكوين عممية النقد األدبي وساىموا في تربية األذواق واستطاع بعضيم أن يقوم
بثورة شاممة في المفاىيم واألذواق وأن يعيد نظرنا في عدد من القيم الجمالية ويحدث نوعا
من االنعطاف ،ليس فقط في حركة النقد األدبي بل وفي حركة الفكر».4
من ىنا يتضح أن أىمية النقد كبيرة تتجمى في توجيو عممية اإلبداع وتساعده عمى
النمو واالزدىار والتقدم ،كما أنو يعمل عمى تقويم وتقييم اإلنتاج األدبي ،فيميز فيو بين
مواطن الجمال والقبح ،ويبرز الجودة من الرداءة ،والطبع من التكمف والتصنيع والتصنع،
وذلك من خبلل الخضوع لمجموعة من الخطوات الضرورية والتي تتمثل في:
.2النقد األدبي الحديث ،نيضة مصر لمطباعة والنشر والتوزيع ،ط.2005 /6
.3النقداألدبي :قضاياه واتجاىاتو الحديثة ،ص.12-11
.4نفسو ،ص.12
-قراءة النص اإلبداعي؛
-مبلحظة النص؛
-تحميمو مضمونا وشكبل؛
-تقييمو إيجابا أو سمبا؛
-وفي األخير ترد عممية التوجيو ،وىدفيا تأطير المبدع وتدريبو وتكوينو وتوجييو
الوجية السميمة.
إال أن ىذه العممية في حد ذاتيا وىذه الخطوات تختمف حسب المؤىبلت الثقافية
واالستعدادات الفكرية لكل ناقد ،لذلك اختمفت المناىج المعتمدة ،فإذا كان بعضيا يكتفي
بعممية الوصف الظاىري الداخمي لمنص ،كما ىو الشأن مع بعض المناىج الببلغية القديمة،
إضافة إلى بعض الماىج الحديثة كالمنيج البنيوي المساني والمنيج السيميائي ،فإن ىناك
مناىج تتعدى الوصف إلى التفسير والتأويل ،كما الحال مع المنيج التاريخي واالجتماعي
والنفسي والبنيوي التكويني .لذلك اختمفت المناىج المعتمدة بحسب اختبلف المشارب التي
يستقي منيا كل ناقد والتوجيات التي ينطمق منيا ،لكن قبل الخوض في ىذه المناىج نتساءل
عن ماىية المنيج والوظيفة التي يقوم بيا ،وعبلقتو بالتطورات التي عرفتيا العموم ابتداء من
القرن التاسع عشر.
.2مفهوم المنهج:
إذا حاولنا البحث في المعاجم المغوية المختمفة عن مدلول كممة "المنيج" ،سنجدىا
تدل في مجمميا عمى الخطة والطريق واليدف والسير الواضح والصراط المستقيم ،يقول
محمد بن منظور في مادة نيج" :طريق نيج :بين واضح ،وىو النيج ،وسبيل َمنيج :كنيج،
ومنيج الطريق :وضحو ،والمنياج كالمنيج ،وفي التنزيل﴿ :لكل جعمنا منكم شرعة
ومنياجا﴾ ،5وىذا يحيمنا إلى أن المنيج في االصطبلح خطة واضحة المعالم ىدفيا الوصول
إلى نتيجة ممموسة من خبلل االعتماد عمى مجموعة من الخطوات واالجراءات ،لذلك حدد
"بول رويال" المنيج بأنو« :فن التنظيم الصحيح لسمسمة من األفكار العديدة إما من أجل
.10د.عباس الجراري :خطاب المنيج /منشورات النادي الجراري /ط /1995 /2ص.41-40
. 11بروكست ىو قاطع طريق يتسم بالقوة والشراسة وحب التعذيب؛ وبروكست وسريره أسطورة عادة ما
تستعمل في المجال السياسي لمتعبير عن فكرة الرقابة والمطابقة ورفض االختبلفات البشرية ..وفرض
نظام تعسفي يسعى لتحويل أفراد المجتمع إلى متشابية ومطابقة لنموذج وىمي.
.12جورج طرابيشي :األدب من الداخل /دار الطميعة /1978 /ص.8
.13مناىج النقد المعاصر :ص.17
ولعل نفس الفكرة حاول الدكتور محمد الدغمومي مقاربتيا في قولو بعد أن تحدث عن
المنيج وقيمتو ووظيفتو التي ىي خدمة األثر األدبي ،ولكن دون االعتماد عمى المنيج
الجاىز أو التمفيق بين المناىج« :والنتيجة أحد أمرين :إما أن يمتمك الناقد كل المناىج ،واما
أال يقرب إال النص الذي يتوافق والمنيج الذي يتبناه؛ وفي الحالة األولى ،عمى الناقد أن
يحيط إحاطة شاممة بالمنيج لكي يرى المناسب منيا ،أو ليجد فييا ما يناسب النص ويحممو
تحميبل نفسيا وماديا وبنيويا وجماليا وذوقيا ،أو يختار مفتاحا واحدا ،وفي ىذه الحالة الثانية
عميو أن ينظر والدة النص الذي يمكن أن يقبل الخضوع لممنيج».
وكبل األمرين يدل عمى التعسف وسوء الفيم لمنقد والمنيج ،ذلك أن الكثير من النقاد
يتسمحون بمناىج كثيرة ومتنوعة وأكثر حداثة وعمق لمتعامل مع نص سطحي مباشر ال
يحتاج إلى تحميل دقيق ،والعكس صحيح ،بحيث نجد من يتعامل مع نصوص أكثر تعقيدا
وغموضا بمناىج تقميدية وقاصرة ال تحقق المبتغى والمطموب منيا ،لذلك عمى الناقد األدبي
التزود بالثقافة الواسعة واالطبلع عمى مختمف العموم وخاصة منيا العموم اإلنسانية.
وعموما يبقى التسمح بالمنيج أمر ضروري لتحميل النصوص األدبية المختمة ،سواء
أكانت شع ار أم نث ار بمختمف أشكالو :قصة أو رواية و مسرحية ...وىنا يقول الدكتور وليد
قصاب « :لممنيج النقدي أىمية كبرى ،وال يستطيع الدارس أن يتوغل في أعماق العمل األدبي
توغبل منظما دقيقا إذا لم يتسمح بمنياج واضح يضيء لو الطريق ،ويبصره مواقع أقدامو».14
.3نشأة عمم المناهج:
اىتم بقضية المنيج الكثير من العمماء والمفكرين عمى مر القرون ،ولعل الفبلسفة
كانوا أسبق ىؤالء جميعا حيث ظير المنيج مع كتابات أفبلطون وأرسطو في القرن الرابع
قبل الميبلد ،ثم بعد ذلك انتقل إلى الميدان التربوي بداية من القرن السابع عشر مع العالم
التشيكي جون آموس كومينوس ( ،)1670-1592وىو رجل دين مسيحي ،انتقد البرامج
التربوية الموجودة في عصره ،حيث نادى بتطوير في طرق تصنيف الموسوعات والمعارف،
حيث نبو عمى أن تصنيف كل عمم أو فن يجب أن يبتدئ من البسيط المعروف إلى الصعب
المجيول ألكثر البشر ،ليطبق ذلك فيما بعد في مؤلفاتو الدراسية ،حيث اقترح تنظيم التعميم
في مراحل متدرجة تبدأ باألبواب البسيطة السيمة لتزداد الصعوبة تدريجيا ،وكان يبني كل