Professional Documents
Culture Documents
4 5791873543092307720
4 5791873543092307720
1 1
المحاضرة الثامنة
2
فروع اللسانيات
-1اللسانيات الوصفية
تهتم اللسانيات الوصفية بالدراسة العلمية للغة واحدة أو
لهجة واحدة محكومة بزمان ومكان معينين ،وتشمل هذه الدراسة
الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية والداللية.
ومن أهم المبادئ التي تنادي بها هو التفريق ما بين الدراسة
التاريخية (الدياكرونيك) والدراسة الوصفية (السنكرونيك).
فمن أهم ما يميز اللسانيات الحديثة هو النظرة الوصفية ،التي
تعتمد على المالحظة المباشرة للظواهر اللغوية الموجودة بالفعل،
باإلضافة إلى التفريق بين اللغة والكالم ،وتحديد مستوى معين من
مستويات الدراسة اللغوية للغة أو اللهجة موضع الدراسة.
3
كان اهتمام اللسانيات الوصفية باللغة المنطوقة عظيما،
فاللغة الكالمية تعكس دفء الواقع وصدق الحقيقة ،بكل ما
تحمله من مميزات وخصائص.
محاور الدراسة الوصفية:
تتم الدراسة الوصفية وفق ثالثة محاور أساسية هي:
المحور األول :الزمان :ويقصد به أنه يجب تحديد الفترة الزمانية
التي تدرس فيها الظاهرة اللغوية المع ّينة ،ألن اللغة تتغير بمرور
الزمن ،نتيجة لعوامل كثيرة ومعقدة .فدراسة لغة الصحافة في
إحدى الدول العربية يجب أن تحدد بفترة زمنية معينة ،ألن لغة
الصحافة شأنها شأن لغة الخطاب العربي تتغير من حين إلى 4
آخر ،وصحيح أن التغيير قد يكون بطيئا ،وال يمكن مالحظته بسهولة ،لكنه
موجود في جميع مستويات اللغة ،وخاصة في الداللة.
المحور الثاني :المكان :يجب تحديد المكان الذي تقيم فيه الجماعة اللغوية التي
تدرس لغتها ،ألن اللغة تتغير بتغير المكان ،ويالحظ ذلك جليا في العربية
المعاصرة في الوطن العربي ،إذ نجد في كل بلد عربي لهجة خاصة تباين
بقية اللهجات العربية األخرى .وحتى في الوطن الواحد نجد لهجات مختلفة
حسب المقع الجغرافي.
المحور الثالث :المستوى :ويقصد به الوسيلة والمجال والموضوع .فالوسيلة :
تعني هل اللغة موضع الدراسة منطوقة أم مكتوبة؟ أما المجال فيقصد ب ه
مجال اللغة هل هو شعر أم نثر .والموضوع يعني موضوع الدراسة.
ويرى باحثون أن لظهور المنهج الوصفي دورا مه ّما في تحول الدراسات
اللغوية
الحديثة من الدراسات اللغوية الفلسفية ،التي تعتمد على الخيال
والتصور والتأمل ،وعلى الحدس والتخمين ،وعلى التدليل
والقياس المنطقيين ،كما هو شأن الفلسفة ،إلى الدراسات الواقعية
التي تصف الواقع اللغوي ،من خالل االستعماالت اللغوية ،بكل دقة
وأمانة.
فيما يخص اللغة العربية واللسانيات الوصفية ،فقد وضع
علماؤنا قواعدهم وجمعوا مفرداتها على أساس اللغة المنطوقة،
وكان مبدؤهم أخذ اللغة سماعا عن الرواة ذوي الصدق واألمانة،
كما أنهم كانوا يخرجون إلى البادية ليسمعوا العربية من أفواه
األعراب ،مشترطين الفصاحة فيما يأخذنوه.
-2اللسانيات التاريخية
يهدف علم اللغة التاريخي إلى دراسة اللغة في مكان محدد،
في مراحل زمنية مختلفة؛ لبيان التغيرات التي لحقتها في أثناء
تلك المراحل .وتدخل دراسة اللغة تاريخيا من جوانبها الصوتية
والصرفية والنحوية والداللية في صميم اللسانيات التاريخية؛
ومعنى هذا أن دراسة تطور النظام الصوتي للعربية الفصحى هي
وتطور األبنية الصرفية ووسائل تكوين المفردات
ّ دراسة تاريخية،
في العربية ،على مدى القرون مما يدخل في الدراسة الصرفية
التاريخية .وتطور الجملة الشرطية أو جملة االستفهام في العربية
الفصحى مما يدخل في الدراسات النحوية التاريخية .والمعاجم
التاريخية التي يسجل كل منها تاريخ حياة كل كلمة من كلمات
اللغة ،من أقدم نص جاءت به ،متتبعا تطور داللتها على م ّر
التاريخ ،تع ّد أيضا من اللسانيات التاريخية.
وتعتمد الدراسة التاريخية على الدراسة الوصفية ،وقد كان
المنهج التاريخي يغلب على طابع البحوث اللغوية في أوروبا في
القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر ألسباب أه ّمها ،مراقبة
التطور الداللي للكلمات واألساليب.
يقوم البحث التاريخي على الرغبة في إعادة هيكلة الظاهرة
اللغوية عبر العصور ،من خالل ما تبقى من آثارها ،فإن كان ث ّمة
مساحة لالستنتاج فينبغي أن يكون استنتاجا من خالل النصوص
لتصور الحلقات المفقودة .وعلى هذا فإن ّ والوثائق التاريخية
تصورالباحث التاريخي في اللغة يشبه عالم اآلثار ،الذي يهتدي ب ّ
ما فُ ِقد من قطعة أثرية في ضوء ما عُ ِثر عليه منها ،وبما يتناسب
وحجم الفرغ الموجود ،سعيا لتكوين هيكل الظاهرة من السياق
التاريخي العام.
ومن المشكالت التي تعترض الباحث في اللسانيات التاريخية
أنه ال تتوفّر له مادة لغوية منطوقة ،لمرحلة لغوية سابقة على
المرحلة المعاصرة ،فلم ت ُ ْختَ َرع وسائل التسجيل إال حديثا ،ومن ث ّم
فليس أمامه إال أن يلجأ إلى الكتابة ،وهي وسيلة عاجزة ال تمثل
المنطوق تمثيال صحيحا؛ ولهذا يجب على الباحث عند دراسته
لهذه المادة المكتوبة على األحجار والصخور أو الطين أو المسجلة
في أوراق البردي...الخ أن يحتاط في االحتجاج بها ،وأن يدعم
استنتاجه بشواهد أخرى ،مثل مالحظات العلماء ،أو الكلمات التي
تقترضها اللغة المدروسة من اللغات األخرى.
وهناك مجاالت أخرى لعلم اللغة التاريخي منها:
-1قضية انتشار لغة من اللغات ،والظروف التي مهدت لذلك ،وأثر
ذلك في بنية اللغة.
-2ارتباط اللغة بوظيفتها أو بوظائفها المختلفة في الجماعة اللغوية،
يؤثّر بالضرورة في حياة اللغة ،فهناك فرق كبير بين أن تكون
اللغة لغة جماعة محددة ،أو أن تكون اللغة الرسمية في دولة
عظمى ،أو أن تكون لغة حضارة دولية.
-3دراسة مستويات االستخدام اللغوي المختلفة في حياة كل لغة،
وأثر ذلك في بنيتها وأهميته الحضارية ،ومكانتها بين اللغات،
مما يدخل في إطار اللسانيات التاريخية.
ومن أه ّم النتائج التي يمكن الحصول عليها بواسطة اللسانيات
التاريخية ما يلي:
والتطور الذي أصاب اللغة في مسيرتها
ّ أ -رصد مظاهر التغيير
الزمنية الطويلة.
ب -الكشف عن القوانين اللغوية التي تطّرد في أمر اللغة ،على
اختالف عصورها التاريخية ،وعن االتجاهات التي تميل إليها
اللغة ،كالميل إلى اإليجاز واالختصار ،واالطناب والتطويل.
شكرا على انتباهكم
بحمد هللا