Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 1

‫مفهوم الحرية‬

‫المحور الثالث‪ :‬الحرية والقانون‬

‫ذ‪ .‬محمد الركراكي‬

‫تقديم‪:‬‬
‫يبدو منذ الوهلة األولى أن مفهومي الحرية والقانون مفهومان متضادان‪ ،‬فالحري ة تع ني غي اب اإلل زام‪ ،‬بينم ا ي دل‬
‫القانون على مجموعة من القواعد اإللزامية التي تفرضها س لطة له ا س يادة به دف تنظيم وت دبير العالق ات بين الن اس‬
‫داخل مجتمع ما‪ .‬لكن ما إن نستحضر أهمية هذه الظوابط والقواعد‪ -‬أخالقية كانت أو سياس ية‪ -‬في الح د من الفوض ى‬
‫والحرية المطلقة وإضفاء النظام على الوجود التش اركي لإلنس ان‪ ،‬ح تى تت بين لن ا العالق ة التص الحية بين المفه ومين‪.‬‬
‫ومن هذا التوتر القائم بين اللفظين يمكننا بلورة اإلشكال التالي‪ :‬م ا عالق ة الحري ة بالق انون؟ ه ل هي عالق ة تع ارض‬
‫وتضاد أم عالقة تكامل وانسجام؟ بمعنى أدق‪ ،‬هل يعمل القانون على ضمان حرية األفراد وحمايتها أم أنه يح د منه ا‬
‫ويقيدها ويلغيها؟‬
‫الفيلسوف األلماني ماكس سترنر‬ ‫مونتسكيو ومعه فالسفة العقد اإلجتماعي‬
‫يرى ماكس سترنر أن القول بأن القوانين تضمن وتحمي حرية‬ ‫ي رى مونتس كيو أن عالق ة الحري ة بالق انون هي‬
‫الفرد قول يتض من تناقض ا‪ ،‬ألن الق وانين أص ال هي قواع د إلزامي ة‬ ‫عالق ة انس جام وتكام ل‪ ،‬فالحري ة السياس ية حس به هي م ا‬
‫تعمل على تقييد حرية الفرد‪ .‬لهذا فالحرية حس به مس تحيلة في إط ار‬ ‫تسمح القوانين بفعله داخل الدول ة‪ ،‬واالمتث ال له ذه الق وانين‬
‫الدول ة‪ ،‬ألن ه ذه األخ يرة لم توج د إال من أج ل قم ع األف راد‬ ‫ه و ال ذي يجس د حري ة اإلنس ان وليس خرقه ا والتط اول‬
‫واستعبادهم‪ .‬يقول سترنر‪ " :‬الدولة هي عدو الفرد واليد التي تغتاله"‬ ‫عليه ا‪ .‬أي أن الق وانين هي ال تي تض من وتحمي حري ة‬
‫اإلنس ان‪ ،‬خصوص ا إذا تم العم ل بمب دأ فص ل الس لط ال ذي‬
‫ويب دو ه ذا التص ور كاس تمرار للتص ور الماركس ي ال ذي يعت بر‬
‫يمنع من إساءة استعمال السلطة ووق وع االس تبداد‪ .‬وب ذلك‪،‬‬
‫الدول ة ولي دة الص راع الطبقي و أنه ا مج رد جه از لممارس ة القم ع‬
‫فالحرية حسب مونتس كيو تحت اج إلى ح دود‪ ،‬وه ذه الح دود‬
‫والهيمنة‪ .‬وهو ما يوضحه ميشال باكونين بقوله‪ ":‬تنتهي الحرية حين‬
‫تتمثل في القوانين التي تكمن أهميتها في تحويل الحري ة من‬
‫تبدأ الدولة"‬
‫تلك الحرية الطبيعية والمطلقة ال تي ك انت س ائدة في حال ة‬
‫موقف المفكرة حنا أرندت‬ ‫الطبيع ة إلى حري ة مدني ة مقنن ة‪ ،‬وك ل من خ رق ه ذه‬
‫القوانين يفقد حريته وينبغي معاقبته‪.‬‬
‫ترى المفكرة حنا أرندت أن المجال الحقيقي للحرية هو‬
‫هذا‪ ،‬ويتفق فالسفة العقد االجتماعي مع مونتسكيو‬
‫المجال السياسي والحياة العامة‪ ,‬لذلك اليمكن تصور حرية‬
‫في ه ذا الط رح‪ ،‬حيث نج د ك ل من روس و وج ون ل وك‬
‫خارج العالقات اإلنسانية التي يحكمها تنظيم سياسي‪.‬‬ ‫يؤك دان بأن ه ال حري ة بمع زل عن الق انون‪ .‬يق ول األول‪":‬‬
‫فالحرية والسياسة وجهان لعملة واحدة ألنهما مفهومان‬ ‫االمتثال للقانون الذي قمنا بسنه ألنفسنا هو الحري ة" ويق ول‬
‫متالزمان‪ :‬فاإلنسان اليدرك الحرية إال عندما يمارسها‬ ‫الثاني‪ ":‬حيث ال وجود للقانون ال وجود كذلك للحرية"‪.‬‬
‫بشكل فعلي ملموس أي عندما يتنقل‪ ،‬وعندمايتكلم ويعبر‬
‫عن رأيه بكل حرية‪.‬‬

‫التركيب‪ :‬بناء على ماسبق يتبين أن الحرية ترتبط بالعديد من المفاهيم كالمجتمع والقانون والسياسة‪ :‬فقد أكد مونتسكيو‬
‫أن اإلنسان لم يشعر بحريته الحقيقية إال في ظل القوانينرغم ودجود تصورات فلسفية ترى أن أن هده القوانين تحد من‬
‫الحرية وتلجمها‪ :‬فاستيرنر يرى أن الحرية مستحيلة في الدولة التي تحد قوانينها حرية الفكر والعمل ‪.‬‬

You might also like