Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 19

‫جرائم الواسطة والمحسوبية‬

‫جريمة الواسطة ‪ :‬هي قبول من قبل الموظف العام لرجاء أو توصية مبنية على مخالفة للقانون‬

‫يؤديه الغير إلى صاحب الحاجة مخالً بذلك بأداء واجباته الوظيفية مما يؤدي إلى سلب حق أو‬

‫إحقاق باطل وبالنتيجة هدر المال العام‪.‬‬

‫الواسطة والمحسوبية وجهان لعملة واحدة ‪،‬المحسوبية هي تفضيل األقارب و األصدقاء الشخصيين‬

‫بسبب قرابتهم وليس كفائتهم طبعا ً‪.‬‬

‫والواسطة أسوأ وأخطر أنواع الفساد كونه فعل جرمي غير مرئي وال ملموس وليس من السهل‬

‫إثباته بأدلة‪.‬‬

‫والواسطة التي تعد أحد أشكال الفساد اإلداري بل أكثره انتشارا ً باعتقادي أنها تشكل نوع من أنواع‬

‫استغالل الوظائف وخيانة لألمانة الوظيفية التي أؤتمن عليها أصحاب المناصب العليا فهي بذا‬

‫تكسير للعدالة وانتهاكا ً واضحا ً للحق والعدل‪ ،‬ومن يقوم بكسر مباددئ األمانة الوظيفية من خالل‬

‫منصبه بالتأكيد ال يستحق أن يتواله‪.‬‬

‫والواسطة بكل تأكيد مبنية على مخالفة القانون وفيها اعتداء على حقوق الناس بسلب حق من‬

‫الحقوق المستحقة للغير بالتالي الحصول على ما ليس له به حق ‪ ،‬كما فيها اعتداء على المال العام‬

‫الذي يقع على الجميع واجب حمايته من أي اعتداء ‪ ،‬وهي تطبيق لمبدأ تبادل المصالح والمنافع بين‬

‫طالب الواسطة والشخص المتدخل أو المحرض الموظف على ارتكابها‪.‬‬

‫هناك نوعان من الواسطة واسطة محمودة وواسطة مذمومة‪:‬‬

‫الواسطة المحمودة أن تساعد شخصا ً ما للحصول على حق يستحقه وال يستطيع وحده الحصول على‬

‫حقه و ال يلحق الضرر باآلخرين ‪ ,‬أما الواسطة المذمومة فهي التي تؤدي لحصول شخص ما على‬

‫حق ال يستحقه أو إعفائه من حق عليه مما يلحق الضرر باآلخرين والواسطة المذمومة هي التي‬

‫جاء النص على تجريمها بالقانون‪.‬‬


‫القضية األخطر في جريمة الواسطة أنها أضحت جزء من ثقافة المجتمع وأصبحت عرف وموروث‬

‫اجتماعي تتناقله األجيال يتعامل معها الناس وكأنها أمر عادي بل أمر ضروري البد منه ومما ال‬

‫شك به أن اغلب المواطنين يتذمرون من الواسطة وإنهم يلجئون إليها ألنهم أجبروا عليها وأضحت‬

‫جزء من ثقافة المجتمع بحيث رسخ في أذهان الناس عدم المقدرة عل القيام بأي شي دون وجود‬

‫للواسطة التي تسهل انجاز معامالتهم‬

‫وال شك إن إهمال بعض الموظفين وتقصيرهم في أداء المهام الوظيفية الموكلة لهم قد ساعد في‬

‫انتشار هذه الظاهرة والواسطة لها نتائج سلبية كثيرة على أفراد المجتمع وعلى المجتمع بشكل عام‬

‫مما تؤديه إلى إعاقة التنمية االقتصادية والسياسية واالجتماعية المنشودة ‪ ،‬إضافة إليقاع الظلم على‬

‫كثير من الضعفاء الذين ال سند لهم وسلب حقوقهم وإعطاءها آلخرين ال يستحقوها‪ ،‬كذلك تؤدي‬

‫لفقدان ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة وأجد أن تطبيق فكرة الحكومة االلكترونية يعد أحد الحلول‬

‫للحد من تفشي جرائم الواسطة بحيث يتم انجاز المعامالت الكترونيا ً وليس بواسطة الموظفين‪.‬‬

‫أصبح الفساد اإلداري في الوقت الحاضر داء سرطاني ينخر في جسم األمم والشعوب ويهدد أركانها‬

‫ويعطل مسيرتها التنموية وتقدمها العلمي‪ ،‬مما دعاها إلى التصدي إليه بشكل جماعي عبر إبرام‬

‫العهود والمواثيق واالتفاقيات الدولية ‪ .‬ولم يقتصر الفساد على نشاط محدد بل ظهر في صور‬

‫متعددة وتعدى إلى المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية وسواها‪.‬‬

‫لذلك قام بعض المختصين في معالجة الفساد إلى عده ظاهره وليس فعل‪ ،‬حيث إن التحديد الدقيق‬

‫لمفهوم (الظاهرة) يمكن أن يعبر عنه على أنه تواتر حدوث الحالة وتكرار وقوعها بين الحين‬

‫واآلخر‪ ،‬فعلى هذا المنوال نجد أن ما أستجد وقوعه من حوادث يسمى حالة أو حادثاً‪ ،‬في حين أن ما‬

‫تواتر وتكرر حدوثه يسمى ظاهرة‪ ،‬كما أن الظواهر لها ما يميزها من السمات التي تكاد تبدو‬

‫متشابهة بين كل حدث متكرر من أحداثها‪ ،‬والفساد كفعل له صفة االستمرارية والتكرار وبتوفر‬

‫معظم حوادثه على صفات وقواسم مشتركة‪ ،‬أكتسب ما يجعله مستوفي لشروط الوصف على أنه‬

‫ظاهرة‪ ،‬وبحكم كون المجتمع السياسي هو الوسط الذي ولدت ونمت في كنفه تلك الظاهرة‪ ،‬إذن هي‬
‫من قبيل الظواهر السياسية‪ .‬لذا فأن الفساد يشكل ظاهرة إجرامية او سلوك منحرف عن قواعد‬

‫السـلوك االجتماعي السائدة في المجتمع ‪ ،‬وذلك تأسيسا على إن السلوك اإلجرامي ليس محض‬

‫واقعة يجرمها القانون ‪ ،‬ولكنه سلوك يصدر من إنسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين ‪،‬‬

‫ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف ‪،‬‬

‫لذلك فان دراسة أسباب ودوافع الفساد يعطي التفسير لهذه الظاهرة وبالتالي فان تفسير هذه الظاهرة‬

‫ينطبق عليه ما يقال عن تفسير الظاهرة اإلجرامية بصفة عامة حيث يقرر علماء الجريمة إنها ال‬

‫ترجع إلى مصدر واحد أو مصدرين بل تنبع عن مصادر عديدة متنوعة ومتشابكة ومعقدة‪ ،‬وبالمثل‬

‫فالفساد المالي واإلداري ‪ ،‬كظاهرة إجرامية لها خصوصيتها بين غيرها من الظواهر اإلجرامية‬

‫األخرى ‪ ،‬ليس فعال منعزال أو عرضيا ولكنه ثمرة تضافر عوامل عديدة تحركه وتحدد تكوينه‬

‫وهيئته وظهوره[‪ ،]1‬وفي ضوء ما تقدم ظهرت تقسيمات عدة للفساد مقترنة بسبب النشاط الذي‬

‫يتخلله ومنها ما يلي ‪ :‬ـ‬

‫‪1.‬الفساد السياسي‪:‬‬

‫إذ أصبح الفساد يتسلل إلى كل أشكال األنظمة الحاكمة ومنظومتها‪ ،‬ولم يقتصر على نظام ملكي دون‬

‫جمهوري أو رئاسي دون برلماني‪ ،‬كما ال يتعلق بمذهب فكري أو سياسي دون غيره‪ ،‬بل نجده لدى‬

‫معتنقي المذهب االشتراكي كونه يتدخل في كل األمور المتعلقة باألفراد من الخدمات األساسية‪ ،‬إلى‬

‫السلطات الحاكمة كالسلطة العسكرية وحماية البالد والدفاع واألمن وسواها‪.‬‬

‫إال أن مدى الفساد األوسع هو األنظمة الشمولية والدكتاتورية واالستبدادية‪ ،‬وذلك لتركيز جميع‬

‫السلطات بيدها سواء كان الحاكم فرد أو مجموعة من األفراد ‪ .‬وهذا يؤدي بدوره إلى منع أبناء‬

‫الشع ب من ممارسة حقوقهم السياسية ويحد من حرياتهم ويصادر إرادتهم في االختيار ‪ ،‬المتمثل‬

‫باالنتخابات أو حرية السكن والتعبير عن اإلرادة وما شابه ذلك ‪ .‬وهذه الصورة من الصور الفساد‬

‫الذي يتفرع منه وينتج عنه الفساد المالي واإلداري‪.‬‬

‫‪2.‬الفساد االقتصادي‪:‬‬
‫وهو الفساد الذي يؤدي إلى فشل األنظمة االقتصادية في معالجة المشاكل االقتصادية وعدم القدرة‬

‫على توفير الحاجات األساسية للفرد وسوء العمل في مراكز اإلنتاج القومي المتمثلة بالصناعة‬

‫والتجارة والسياحة وغيرها من مصادر اإلنتاج ‪ .‬وهذا النوع من الفساد يؤدي إلى انخفاض مستوى‬

‫دخل الفرد مما ينعكس سلبا على منظومة المجتمع القيمية ويؤدي إلى استشراء الظواهر الجرمية‬

‫ومنها الفساد اإلداري والمالي‪.‬‬

‫‪3.‬الفساد االجتماعي‪:‬‬

‫وهو الفساد الذي يصيب قيم وأخالقيات المجتمع ويتجاوز على ثوابته العقائدية والتاريخية التي‬

‫ورثها أسالفه العظام ‪ .‬الن الحضارات لم تنهض‪ ،‬إال بقيم وثوابت اجتماعية سادت في المجتمع‪،‬‬

‫وجعلت منها ركائز ينهض بها التقدم والتطور‪ ،‬الذي يؤدي إلى نشوء الحضارة‪ ،‬وهذا النوع من‬

‫الفساد يحطم هذه القيم ويعدم األخالق‪ ،‬مما يبيح لكل فرد أن يعتدي على حقوق اآلخرين دون رادع‬

‫من ضمير أو قيم اجتماعية ‪ ,‬ويسهم هذا النوع من الفساد في نشر الفساد المالي واإلداري بشكل‬

‫كبير وواسع ‪ .‬مما دعا المختصون إلى مالحظته وإعداد برامج تربوية وتثقيفية للتصدي له داخل‬

‫المجتمع‪.‬‬

‫‪4.‬الفساد اإلداري‪:‬‬

‫وهو الفساد الذي يصيب المؤسسات والهيئات اإلدارية ألجهزة الدولة‪ ،‬وارتبط هذا النوع من الفساد‬

‫بالوظيفة العامة والموظف العمومي ‪ .‬إذ ال يمكن الحديث عن الفساد اإلداري دون ربطه بموظف أو‬

‫وظيفة حكومية‪ ،‬حتى أصبح الموظف هو الفاعل المتفرد في ارتكاب جرائم الفساد اإلداري ‪ .‬إذ يرى‬

‫القانون اإلداري إن الوظيفة في بداية نشأتها كانت عبارة عن صلة شخصية بين الحاكم والموظف‪،‬‬

‫الذي يتم اختياره من قبل الحاكم‪ ،‬من بين الموظفين المقربين إليه دون الحاجة إلى معرفة كفائتة أو‬

‫قدرته أو هل يوجد شخص أكثر كفاءة منه ‪ .‬وهذا النوع يكثر في األنظمة الشمولية التي يكون فيها‬

‫الحاكم مستبد وذو سلطة مطلقة ثم تطورت الوظيفة إلى أن وصلت إلى ما عليه اآلن‪ ،‬من كونها حق‬

‫من حقوق اإلنسان ونصت عليها العديد من المواثيق الدولية وكذلك دساتير الدول الحديثة ومنها‬
‫الدستور العراقي الذي أشار إلى تشكيل مجلس خدمة متخصص بشؤون الوظيفة ‪ ،‬وعلى الرغم من‬

‫التطور الذي حصل في مفهوم الوظيفة أو الموظف العام الحكومي وكثرة القوانين واألوامر التي‬

‫تنظم أعماله وسلوكه‪ ،‬إال إننا نجد أن صور الفساد اإلداري متوفرة في األداء الوظيفي وبأشكال‬

‫متعددة‪ ،‬منها ما ذكرته القوانين العقابية‬

‫االستجابة لرجاء أو توصية أو وساطة‪:‬‬

‫تقع الجريمة هذه من كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته‪ ،‬أو امنتع عن عمل من أعمال‬

‫وظيفته أو أخل بواجباتها‪ ،‬نتيجة الرجاء أو توصية أو وساطة‪.‬‬

‫من النادر أن يقوم موظف بعمل من أعمال وظيفته أو يخل بواجباتها إال بعد رجاء من طالب‬

‫الخدمة‪ ،‬أو توصية أو وساطة من المعارف واألصدقاء‪ ،‬أو لطالب الخدمة‪ ،‬ويطلق عليه الفساد‬

‫اإلداري بالمحسوبية‪.‬‬

‫حكمة التجريم‪:‬‬

‫ال شك أن المصلحة التي أراد المشرع حمايتها في هذه الحالة حسن سير العمل واألداء للوظيفة‬

‫العامة‪ ،‬بحيث يكون الباعث على األداء هو الصالح العام‪ ،‬وليست البواعث الفردية المتأتية من الغير‬

‫والتي تدل عل ىفساد الموظف وعدم قيامه بواجباته إال بناءا على رجاء أو توصية أو وساطة‪ ،‬مع ما‬

‫في ذل كمن إخالل بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين في االستفادة من الخدمات العامة‪ ،‬حيث‬

‫يحصل على الخدمة فقط من قدم الرجاء أو التوصية أو الوساطة للموظف‪ ،‬ويحرم منها من ال‬

‫يستطيع تقديم ذلك‪.1‬‬

‫الركن الثالث‪ :‬القصد الجنائي‪:‬‬

‫ويقصد به قصد المرتشي والراشي‪ ،‬وإثبات القصد؛ وبما أن جريمة الرشوة جريمة عمدية يتعين أن‬

‫يتوافر فيها القصد الجنائي‪ .‬فهل يكتفى بالقصد العام أم بالقصد الخاص؟ ويعرف القصد العام بأنه هو‬

‫توجيه إرادة الجاني نحو ارتكاب فعل أو االمتناع عن فعل يعلم أن القانون يقرر من أجله العقاب‪.‬‬
‫والقصد الخاص يعرف ويشترط‪ ،‬فضال عن توافر القصد العام‪ ،‬توفر ثبوت النية نحو تحقيق هدف‬

‫معين يحدده القانون‪.‬‬

‫وذهب رأي أنه يجب أن يتوافر لدى المرتشي نية إجرامية خاصة‪ ،‬ولكن الرأي الغالب في الفقه هو‬

‫أنه يكفي في جريمة المرتشي توافر بالقصد الجنائي العام‪.‬‬

‫وعلى ذلك قضت محكمة النقض أنه المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم‬

‫المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة يفعله ذلك لقاء القيام بعمل أو االمنتاع عن‬

‫عمل من أعمال الوظيفة أو باإلخالل بواجباته‪ ،‬وأنه ثمن إلتجاره بوظيفته أو استغاللها‪ .‬ويستنتج من‬

‫هذا الركن من الظروف والمالبسات التي صاحبت العمل أو االمتناع أو اإلخالل بواجباته‬

‫الوظيفية‪.2‬‬

‫قصد الراشي يجب أن يكون عارض في رشوة أو شارعا في رشي إال إذا قصد من عرضه حمل‬

‫الموظف على أداء عمل من أعمال وظيفته أو امتناع عنه‪ .‬وبناءا ال يتوفر القصد في حقه إذا كان‬

‫يجهل أن الموظف المختص‪.1‬‬

‫إثبات القصد‪ :‬يثبت بكافة طرق اإلثبات‪ ،‬فليس من الضروري أن يفصح عنه المرتشي أو شريكه‬

‫بقول أو بكتابة‪ ،‬ألنه قد يستنتج القصد من ظروف العطاء ومالبساته‪ .‬وقد حكم على متهم باإلدانة‬

‫الرتكابه شروعا في الرشوة‪ ،‬وذلك بأن قدم خطابا إلى مدير القلم إليرادات بلدية اإلسكندرية يرجوه‬

‫فيه أن يقبل منه مبلغ مائة جنيه مصري‪ ،‬وبذيل الخطاب بيان بالشهادات المدرسية التي حصل عليها‬

‫الطالب‪ .‬فاعتبرت المحكمة ذلك من أنه ال يدع مجاال للشك في العمل المطلوب أداؤه في مقابل‬

‫الرشوة المقدمة‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬عقوبة الرشوة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عقوبة الراشي‪:‬‬

‫اقتصر المشرع في المادة ‪ 107‬مكرر على بيان عقابة الراشي دون التعريف بجريمته‪ .‬وهو موقف‬

‫يوضح اتجاه القانون إلى اعتباره شركا في جريمة الرشوة‪ .‬إال أن القانون قد عاقب الراشي باعتباره‬
‫فاعال أصليا في جريمة مستقلة‪ ،‬هي جريمة عرض الرشوة دون قبولها‪ .‬وهي جريمة متميزة عن‬

‫جريمة الرشوة بمعناها الدقيق‪ .‬ألن الموظف ال يساهم فيها بأي قسط‪ ،‬بل إنه يتعين عدم قبول‬

‫الرشوة حتى تقع هذه الجريمة‪.1‬‬

‫واعتبار عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة جريمة خاصة ال يعني أن القانون وضع لها‬

‫أحكاما خاصة‪ ،‬فهي ال تختلف عن الجريمة التامة إال في عدم بلوغ الفاعل قصده‪ .‬فالفاعل يجب أن‬

‫يتقدم بالعرض‪ ،‬وأن ينصرف قصده إلى حمل هذا الشخص على أداء عمل من أعمال وظيفته‪ ،‬ولو‬

‫كان العمل حقا أو االمتناع عن عمل من األعمال المذكورة ولو ظهر أنه غير حق‪ .‬أو اإلخالل‬

‫بواجبات وظيفته‪ .‬ويجب أن تكون الرشوة قد أوقفت لسبب ال دخل إلرادة الفاعل فيه‪ ،‬وهذا ما يعنيه‬

‫الشارع بقوله ولو لم تقبل منه‪ ،‬وهي عبارة زائدة ألنها مستفادة من األحكام العامة للشروع‪ ،‬بل إنها‬

‫تقتصر عن إحاطة بكل األسباب التي تحول دون بلوغ الفاعل مقصده‪ ،‬ومنها القبض على الراشي‬

‫أثناء عرض الرشوة‪.2‬‬

‫وال يتحقق اإلرشاء إال باتفاق الراشي مع الموظف المرتشي على تقديم الرشوة غلى هذا األخير‬

‫مقابل أداء عمل أو امتناع عن أعمال وظيفته‪ ،‬أو يزعم أنه كذلك‪ ،‬أو اإلخالل بواجبات وظيفته‪ .‬وال‬

‫أهمية لكون الراشي هو الذي بادر بعرض الرشوة أن يكون الموظف هو الذي بادره بالطلب‪ .‬فمتى‬

‫تم االتفاق بين اال ثنين تعين مساءلة الراشي جنائيا بوصفه شريكا‪ ،‬ولو لم يكن بعد قد قام بتنفيذ ما‬

‫وعد به‪ ،‬وذلك باعتبار أن مجرد قبول الموظف المرتشي للوعد أو العطية‪-‬ولو لم يكن قد أخذ‬

‫الرشوة بعد‪ -‬يعتبر وحده كافيا لوقوع الجريمة قانونا‪ .‬ويستوي أن ينعقد االتفاق المذكور بين الراشي‬

‫نفسه والموظف‪ ،‬أو بواسطة من يمثلهما‪ ،‬أي الوسيط‪.‬‬

‫ويجب أن يحيط الراشي علما بصفة المرتشي‪ ،‬أو أن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه مقابل‬

‫إتجار هذا األخير بوظيفته أو استغالله إياه وال يقصد من ورائها شراء ذمة الموظف فإن جريمته ال‬

‫تقع لو قبلها الموظف قاصدا اإلتجار بوظيفته أو استغاللها ثمنا لذلك‪ .‬هذا دون إخالل بمساءلة‬

‫الموظف عن قصده الجنائي‪.1‬‬


‫ثانيا‪ :‬عقوبة الوسيط‪INTERMEDIARE :‬‬

‫اقتصر قانون العقوبات في المادة ‪ 107‬مكرر على بيان عقوبة الوسيط دون تعريفه كما فعل بالنسبة‬

‫للراشي‪ .‬والوسيط هو كل شخص يتدخل بين الراشي والمرتشي‪ ،‬ممثال أحدهما لدى اآلخر في القيام‬

‫بدوره إلتمام جريمة الرشوة‪ .‬وال شك أن مهمة الوسيط تقتضي منه أن يكون على اتفاق مع من‬

‫يمثله راشيا أو مرتشيا‪ ،‬أو مع االثنين معا‪ .‬ومن ثم فهو ال يعدو أن يكون شريكا في جريمة الرشوة‬

‫إذا ما تمت بناءا على هذا االشتراك‪.‬‬

‫ويجب علينا عدم الخلط بين الوسيط عن المرتشي والمرتشي ذاته‪ ،‬الذي يطلب الرشوة لغيره‪.‬‬

‫الوسيط ال يعدو أن يكون مجرد وسيلة تنقل رغة المرتشي دن حاجة إلى أن يكون مختصا أو زاعما‬

‫لالختصاص بالعمل المراد أدواؤه مقابل الرشوة‪ .‬هذا بخالف المرتشي الذي يطلب الرشوة لغيره‬

‫مقا بل عمل يدخل في اختصاصه الحقيقي أو المزعوم‪ .‬بحيث أن الوسيط ال يشترط فيه أن يكون‬

‫موظفا عاما بخالف المرتشي الذي يجب توافر صفة فيه‪.‬‬

‫ويتعين لمساءلة الوسيط عن الرشوة التي ساهم فيها أن يعلم بأركان الجريمة التي يريد المساهمة‬

‫فيها‪ ،‬فيجب أن يحيط علما بصفة الموظف‪ ،‬وأن الذي سيتقاضاه هذا األخير إنما هو مقابل عمل من‬

‫أعمال وظيفته‪ .‬فمثال إذا اعتقد الوسيط أن العطية التي أخذها نيابة عن موكله هي هدية أو دين فإن‬

‫مسئوليته عن االشتراك في الجريمة ال تتحقق قانونا‪ ،‬وال يشترط أن تتجه نية الوسيط إلى تقديم‬

‫العطية للمرتشي‪ ،‬بمعنى أنه إذا تدخل بالوساطة قاصدا االستيالء لنفسه على الرشوة‪ ،‬لم يحل ذلك‬

‫د=ون مساءلته جنائيا باعتباره شريكا في الرشوة‪ ،‬وذلك باعتبار أن الرشوة قد تمت بمجرد قبول‬

‫الرشوة أو أخذها نيابة عن المرتشي‪ .‬على أن الوضع يبدو مختلفا فيما لو زعم الجاني أنه وسيط‬

‫للمرتشي وحصل على الرشوة بنية االحتفاظ بها لنفسه‪ ،‬فهنا ال يخضع الوسيط ألحكام الرشوة لعدم‬

‫وقوعها قانونا‪ ،‬بل يخضع لحكم جريمة نصب‪.‬‬

‫والعقوبة األصلية هي األشغال المؤبدة‪ ،‬وهي عقوبة صارمة تتعفق مع سياسة القانون رقم ‪ 69‬لسنة‬

‫‪ 1953‬في محاربة الرشوة وغني عن البيان أن للقاضي أن يخفض العقوبة إلى الحد المسموح به‬
‫طبقا للمادة ‪ 17‬من قانون العقوبات‪ ،‬إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المخففة التي يرى معها‬

‫القاضي تخفيف العقاب‪.1‬‬

‫وتوجد عقوبة تكميلية فرض القانون عقوبتين‪ ،‬هما الغرامة النسبية والمصادرة‪ .‬وبالنسبة إلى‬

‫الغرامة النسبية‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 103‬على أن يعاقب المرتشي بغرامة ال تقل عن ألف جنيه‪ ،‬وال‬

‫تزيد على ما أعطي أو وعد به‪ ،‬وطبقا للمادة ‪ 44‬عقوبات يلزم الجناة إذا تعددوا بهذه الغرامة‬

‫متضامنين على أنه إذا تعدد المرتشون واختلف نصيب كل منهم في الرشوة‪ ،‬فإن الغرامة الواجب‬

‫الحكم بها في هذه الحالة تحدد حسب مقدار ما استولى عليه كل من المرتشين‪ ،‬أو ماكان موضوعا‬

‫لطلبهم أو قبول الرشوة‪.‬‬

‫وإذا دعت رأفة القضاء إلى تخفيف العقوبة األصلية وفقا للمادة ‪ ،17‬فال يجوز أن يمتد ذلك إلى‬

‫الغرامة النسبية وذلك باعتبار أن المادة ال تشتمل غير العقوبات المقيدة للحرية‪ .‬هذا إلى أن رد مبلغ‬

‫الرشوة إلى الراشي ال يعفي المرتشي من هذه الغرامة‪.‬‬

‫ذلك باعتبار أنها عقوبة وأن خالطها عنصر التعويض‪-‬وليست تعويضا بحتا‪ .‬والحد االدنى لهذه‬

‫الغرامة هو الف جنيه حتى ولو كانت قيمة الرشوة أقل أو تعذر تحديدها‪ .‬والعقوبة التكميلية الثانية‬

‫هي المصادرة التي تشمل مصادرة النقود أو غيرها من القيم التي كانت موضوعا لجريمة الرشوة‪.‬‬

‫ويتعين لذلك القضاء بالمصادرة عندما يكون لها محل‪.‬‬

‫وأن المادة ‪ 108‬عاقبت المستفيد لم تفرق بين رشوة الموظفين العموميين والرشوة في نطاق‬

‫االعمال الخاصة‪ ،‬بل وردت عبارة عامة تسري على نوعي الرشوة دون تمييز‪ .‬حيث تنص المادة‬

‫سالفة الذكر على أن‪“ :‬كل شخص عين ألخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو‬

‫أخذ أو قبل من ذل كمع علمه بسببه يعاقب بالحبس مدة ال تقل عن سنة‪ ،‬أو بغرامة مسأوية لقيمة ما‬

‫أعطي أو وعد به‪ .‬وذلك إذا لم يكن قد توسط في الرشوة‪ .‬ويفترض لتطبيق هذا النص أال يكون‬

‫وسيطا في الرشوة وإال اعتبر شريكا فيها وعقب بعقوبتها فيلزم الفعل المادي الواقع منه على أخذ أو‬
‫قبول شيء مع علمه بأنه عطية أو فائدة ملحوظ في منحها له أن تكون مقابال لرشوة يرتكبها موظف‬

‫أو مستخدم يمت إليه بصلة‪.‬‬

‫يتحقق القصد الجنائي للمستفيد باتجاه إرادته من الرشوة مع علمه بأن سبب الوعد أو العطية هو‬

‫إتجار الموظف أو استغالله لوظيفته فإذا جهل المستفيد هذا السبب فال جريمة في األمر‪ .‬ويعاقب‬

‫الحبس مدة ال تقل عن سنة وبغرامة مسأوية لقيمة ما أعطي أو وعد به‪ ،‬فضال عن عقوبة المصادرة‬

‫طبقا للمادة ‪ 110‬عقوبات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الحاالت التي شدد فيها المشرع العقوبة‬

‫وقد شدد المشرع العقوبة في حالتين‪:‬‬

‫‪1.‬إذا كان الغرض من الرشوة االمتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو اإلخالل بواجباتها‪.‬‬

‫تضاعف الغرامة المقررة لجريمة الرشوة‪ ،‬فيصبح حدها األدنى ألفي جنيها‪ ،‬وحدها االقصى ضعف‬

‫العطية والوعد‪ .‬وال أثر لهذا التشديد على العقوبات األخرى‪.‬‬

‫‪ 2.‬إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة‬

‫للرشوة‪ ،‬أي اإلعدام فإنه يجب توقيع هذه العقوبة‪ .‬ويالحظ أن القانون لم يعلق تشديد العقاب في هذه‬

‫الحالة على ارتكاب الجريمة األشد بالفعل‪ ،‬وإنما يكفي مجرد ارتكاب الرشوة من أجل هذه الجريمة‪،‬‬

‫ومثالها جرائم االعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها باإلعدام‪.‬‬

‫وقد جاء مشروع قانون العقوبات الجديد بسياسة مختلفة في العقاب على الرشوة‪ ،‬إذ خفف العقوبة‬

‫المقررة لهذه الجريمة‪ ،‬وذلك لعالج تفشي الرشوة لم تنجح في وقف تيارها بسبب أعمال الجانب‬

‫االقتصادي‪ ،‬مما يشكل ضغطا يقتضي االعتدال في العقوبة‪.‬‬

‫‪ -‬عقوبة الراشي والوسيط وبما أنهما ليسا إال شريكين في جريمة الرشوة ومن ثم يتعين توقيع العقوبة‬

‫المقررة لجريمة الرشوة وفقا للمادة ‪ 41‬عقوبات التي نصتل على أن كل من اشترك في جريمة‬

‫فعليه عقوبتها‪ .‬والعقوبة التي نصت على أن كل من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها‪ .‬والعقوبة‬

‫المقررة لهم في صورتها البسيطة أو مقترنة بإحدى الطرفين المشددين‪.1‬‬


‫خامسا‪ :‬حاالت اإلعفاء من العقاب في جريمة الرشوة‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 107‬مكرر على حالتين يمتنع فيهما العقاب على جريمة الرشوة نظرا لما يؤديه‬

‫الجاني من خدمة تساعد على كشف هذه الجريمة الخطيرة‪ ،‬والتعريف بفاعلها أو إثباتها ضده‪.‬‬

‫ويقتصر نطاق األشخاص الذين يتمتعون باإلعفاء من العقاب الراشي والوسيط دون غيرهما من‬

‫أطراف الجريمة‪ .‬كما تقول المادة ‪ 107‬مكرر يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي‬

‫ومع ذلك يعفى الراشي والوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها ويكون‬

‫اإلعفاء من العقاب مسألة موضوعية ال قانونية‪.‬‬

‫أن العذر المعفي من العقوبة المقررة للرشوة بالمادة ‪ 107‬مكرر من قانون العقوبات مقصور على‬

‫حالة وقوع جريمة المرتشي بقبوله الرشوة المعروضة عليه دون حالة امتناع الموظف عن قبول‬

‫الرشوة ‪ .‬ذلك أن الراشي أو الوسيط يؤدي في الحالة األولى خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن‬

‫جريمة الرشوة بعد وقوعها‪ ،‬والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها وتسهيل ارتكاب الجريمة عليه‪.‬‬

‫وهذه العلة التي أدت إلى اإلعفاء من عقاب الراشي أو الوسيط منتفية في حالة عدم قبول الموظف‬

‫الرشوة‪.1‬‬

‫أن المشرع قد منح اإلعفاء الوارد بها للراشي باعتباره طرفا في الجريمة ولكل من يصح وصفه‬

‫بأنه وسيط فيها‪ -‬سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو الطالب‪ ،‬أو يعمل من جانب المرتشي‪ ،‬وهو‬

‫من يتصور وقوعه أحيانا دون أن يمتد اإلعفاء للمرتشي‪ .‬وإذا كان الحكم دلل بما أورده من أدلة‬

‫سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشيا وليس وسيطا‪ ،‬فإن‬

‫ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم لعدم إعفائه من العقاب‪.‬‬

‫وتوجد حالتان يعفى من العقاب الوسيط أو الراشي وهما على التوالي‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إخبار السلطات بالجريمة‬

‫يتمتع الراشي أو الوسيط باإلعفاء من العقوبة إذا أبلغ السلطات بالجريمة‪ .‬والفرض في هذه الحالة‬

‫أن الجريمة قد وقعت‪ ،‬إال أنها ال زالت في طي الكتمان‪ ،‬فيكون لهذا التبليغ فضل تمكين السلطات‬
‫من كشف الجريمة‪ .‬أما إذا كانت الجريمة قد وصلت إلى علم السلطات ‪ ،‬فإن مجرد التبليغ في هذه‬

‫الحالة ال ينتج أثره المطلوب‪ ،‬وهو اإلعفاء من العقاب‪ ،‬ويتعين أن تكون السلطة التي تلقت التبليغ‬

‫بالجريمة المختصة بذلك‪.‬‬

‫ويمكن إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من الرشوة أي‬

‫اإلعدام فيجوز إعفاء الراشي أو الوسيط من العقاب متى توافرت إحدى حالتي اإلعفاء في جريمة‬

‫االتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة ‪ 48‬من عقوبات اإلخبار بوجود االتفاق بما اشتركوا فيه‬

‫قبل وقوع الجريمة المتفق عليها‪ .‬واإلخبار بعد البحث والتحقيق إذا أدى فعال إلى ضبط الجناة‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬االعتراف بالجريمة‪:‬‬

‫و الغرض في هذه الحالة أن السلطات قد علمت بالجريمة ‪ ،‬و يجب على المعترف ان يكون صادقا‬

‫و كامال يعطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط دون نقص أو تحريف ‪ .‬و إذا‬

‫اثبت أن الراشي أو الوسيط اغفل في اعترافه بعض وقائع الرشوة بسبب جهله بها فانه ال يمكن‬

‫اهدار حجة االعتراف‪.‬‬

‫و القانون لم يحدد جهة معينة يتعين االعتراف أمامها المعترف‪.‬‬

‫و ذهبت محكمة النقض الى انه كان االعتراف ال تتحقق فائدته اال إذا كان حاصال لدى جهة الحكم ‪،‬‬

‫فانه إذا حصل لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فال يمكن أن ينتج االعطاء و نحن نؤيد‬

‫هذا القضاء‪.‬‬

‫و يمكن ان نقول ان انكار الراشي أو الوسيط في التحقيقات األولية ال يسلبه فرصة التمتع باالعفاء‬

‫من العقاب و له ان يعترف بذلك الى ما قبل انتهاء المحاكمة امام قضاء الموضوع و اليجوز‬

‫التمسك باعتراف بعد قفل باب المرافعة اال إذا رات المحكمة فتح باب المرافعة لالستماع اليه‪.‬‬

‫عدم جواز تعويض الراشي‪:‬‬

‫أوجب القانون مصادرة العطية المقدمة من الراشي الى المرتشي من ثم فال يجوز بداهة ان يطلب‬

‫استراداها‬
‫و قد رفضت محكمة النقض من جواز الراشي ان يدعو مدينا قبل المرتشي بتعويض عن الضرر‬

‫الذي اصابه بسبب ارتكاب جريمة الرشوة‪.‬‬

‫و ذلك النه ال يحق للراشي المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو في ارتكابها و ذلك الن خطا‬

‫الراشي وحده هو الذي ادى الى ما لحقه من ضرر‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجرائم الملحقة بالرشوة و سبل مكافحة جريمة الرشوة‪:‬‬

‫ألحق قانون العقوبات بجريمة الرشوة لفيفا من الجرائم المشابهة لها و التي تشترك معها في وحدة‬

‫الهدف ‪ ،‬و هو محاربة الفساد و توفير النزاهة الكاملة في أداء الوظيفة العامة و الخاصة‪.‬‬

‫و تنص على ذلك المادة ‪ 109‬مكرر مع عدم االخالل بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون العقوبات أو‬

‫اي قانون اخر يعاقب بالحبس و بغرامة ال تقل عن مائتي جنيه ‪ ،‬أو باحدى هاتين العقوبتين كل من‬

‫عرض أو قبل وساطة في رشوة و لم يتعد عمله العرض أو القبول ‪ .‬فإذا وقع ذلك من موظف‬

‫عمومي فيعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 104‬و إذا كان ذلك بقصد الوساطة‬

‫لدى موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 105‬مكرر‪.‬‬

‫و الجرائم المتعلقة بالرشوة هي‪:‬‬

‫‪1.‬االستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة‬

‫‪2.‬رشوة المستخدمين في محيط األعمال الخاصة‬

‫‪3.‬استغالل النفوذ‬

‫‪4.‬عرض الرشوة دون قبولها‬

‫‪5.‬عرض الوساطة أو قبولها‬

‫‪6.‬االستفادة من الرشوة‬

‫و سوف نتطرق فيما يلي لكل حالة على حدة‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة‪:‬‬


‫تشتبه هذه الجريمة مع جريمة الرشوة في طبيعة النشاط الذي اريد من الموظف اداءه مقابل الرشوة‬

‫‪ ،‬وهو اداء عمل من اعمال الوظيفة أو االمتناع عنه أو االخالل بواجبات الوظيفة ‪ ،‬و تتم هذه‬

‫الجريمة إذا نفذ الموظف فعال العمل أو امتنع أو اخل بواجبات الوظيفة‬

‫اركان هذه الجريمة تتوافر في ثالثة اركان و هم‪:‬‬

‫الشرط المفترض المتعلق بصفة الجاني‪ ،‬و يكون موظف عام أو من في حكمه‪.‬‬

‫•الركن المادي والركن المعنوي‪:‬‬

‫و الركن المادي يتوافر بعنصرين‪:‬‬

‫أولهما ‪ :‬الرجاء أو الوساطة أو التوصية‪:‬‬

‫والرجاء يتحقق بواسطة صاحب المصلحة مباشرة أو دعوته في تزلف الى قضاء الحاجه‪.‬‬

‫الوساطة تتحقق في صورة رجاء أو طلب أوامر يؤديه الغير الى صاحب المصلحة‪.‬‬

‫األمر أو الطلب تتحقق في حالة اخالل الموظف بواجباته استجابة ألمر أو طلب صادر ممن يملك‬

‫سلطة عليه‬

‫التوصية‪:‬‬

‫فال تعدوان تكون احدى صور الوساطة التي تصدر من شخص ذي نفوذ أو حيثية على الموظف‬

‫فيتدخل عنده طالبا قضاء حاجه معينة و غالبا ماتكون في صورة مكتوبة‪.‬‬

‫ثانيهما ‪ :‬االستجابة للرجاء أو الوساطة أو التوصية‪:‬‬

‫بما ان المصلحة العامة تقضي على الموظف بان يؤجي اعمال وظيفته فإذا قصر في ذلك و رجاه‬

‫صاحب الشأن أو جاءه بوساطة أو توصية من اجل ان يؤدي واجبه‪ ،‬فاستدجاب الموظف لذلك و‬

‫ادى العمل المطلوب لم يكن من المستساغ المعاقبة على الموظف‪.‬‬

‫و يجب ان نميز بين نوعين من االستجابة تتعلق بعمل يدخل في حدود السلطة التقديرية للوظيفة‪.‬‬

‫و استجابة تتعلق بعمل يدخل في حدود السلطة المقيدة للوظيفة‪.‬‬


‫و بالنسبة الستجابة تتعلق بعمل يدخل في حدود السلطة التقديرية ‪ ،‬فقد يمنح القانون الموظف سلطة‬

‫معينة تخول مباشرة حل معين من عدة حلول معينة يستطيع القيام باحداهما كيفما شاء في حدود‬

‫المصلحة العامة‪.‬‬

‫اما في حالة السلطة المقيدة يلزم القانون الموظف مباشرة عمل معين أو االمتناع عن مباشرته أو‬

‫يلزمه عند مباشرة العمل بمراعاة طريقة معينة أو وقت معين فانه يتعين على الموظف ان يباشر‬

‫حال واحدا معينا دون غيره من الحلول واال اعتبر مخالفا للقانون و في هذه الحالة ال اهمية الثر‬

‫الرجاء أو الوساطة أو التوصية‪ ،‬مادام ان العمل الذي اداه استجابة لذلك هو عمل مفروض قانونا‬

‫على الموظف‪.‬‬

‫وموظف الذي يخل بواجبات وظيفته استجابة للرجاء أو الوساطة أو التوصية هو فاعل اصلي في‬

‫الجريمة المنصوص عليها في المادة ‪ 105‬مكررا‪.‬‬

‫و الراجي أو الوسيط أو الموصي فهم شركاء في جريمة بطريقة التحريض باالتفاق متى استجاب‬

‫الموظف الى رجاءه أو توصيته‪.‬‬

‫الركن المعنوي ‪ :‬بما ان هذه الجريمة عمدية يتعين توافر القصد العام فال يتوافر القصد إذا اخل‬

‫الموظف بواجبات وظيفته غير عالم بما يبذله صاحب الشان من رجاء أو وساطة أو توصية‪.‬‬

‫القانون ال يعاقب على هذه الجريمة بطريق الخطأ غير عمدي ‪ ،‬و العقوبة المقررة هي عقوبة‬

‫تكميلية وجوبية و ال يوجد استفادة باالعفاء من العقاب المنصوص في الماده ‪ 107‬مكررا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرشوة في محيط القطاع الخاص كما تنص عليها المادة ‪ 106‬عقوبات‪:‬‬

‫يجب ان يكون الجاني موظفا في مشروع خاص أو لدى احد االفراد ايا كانت صفته في العمل الذي‬

‫يؤديه طالما ارتبط بعالقة تبعية مع المشروع الخاص‪.‬‬

‫وال يشترط ان يكون تبعية دائمة بل يمكن ان تكفي تبعية مؤقتة و لو كانت لبضع ساعات و منهم‬

‫الخدم و غيرهم من توابع األفراد‪.‬‬

‫الركن المادي في هذه الجريمة يتوافر بثالثة عناصر هم‪:‬‬


‫‪1.‬الطلب أو القبول أو االخذ (للوعد أو العطية)‬

‫‪2.‬سبب الرشوة وهو اداء العمل أو االمتناع عنه‪.‬‬

‫‪3.‬ان يتم ذلك بغير علم و رضاء صاحب العمل‪.‬‬

‫و يمكن لنا ان نذكر مثاال على هذه الجريمة و هو اداء عمل مدير الفندق الذي يقبل مبلغ من النقود‬

‫لتمكين احد الزبائن من االقامة بالفندق‪.‬‬

‫الركن المعنوي‪ :‬جريمة عمدية يتطلب القانون توافر القصد الجنائي العام و ال توجد جريمة إذا قبل‬

‫الرشوة معتقدا ان صاحب المحل قد سمح له بها‪.‬‬

‫و هذه الجريمة تهدد المصلحة العامة ذاتها النها تقتضي على حماية سمعة الوظيفة العامة و‬

‫الحرص على هيبتها‪.‬‬

‫أو يجب أن نتطرق إلى الرشوة في محيط الشركات المساهمة و ما إليها ‪ ،‬و يجب أيضا أن يتوافر‬

‫ثالثة أركان و هم‪:‬‬

‫الشرط المفترض ‪ ،‬و أن يكون الجاني عضوا بمجلس االدارة أو مديرا أو مستخدما في إحدى هذه‬

‫الهيئات أو الشركات المساهمة أو الجمعيات التعأونية المتميزة قانونا ذات نفع عام‪.‬‬

‫و الركن المادي فيها ينطبق عليها أحكام الرشوة في نطاق الوظائف العامة على هذه الجريمة فتقع‬

‫الجريمة بمجرد الطلب أو القبول أو األخذ ويستوي أن يكون الموظف مختصا أو زاعما‬

‫باالختصاص أو معتقدا اخطأ به‪.‬‬

‫الركن المعنوي ‪ ،‬و يكتفي توافر القصد العام و بما عنت به المادة ‪ 106‬مكرر (أ) و يعاقب الراشي‬

‫و الوسيط باعقوبة المقررة للجريمة و فقا لقواعد االشتراك كما يتمتعان بحالتي االعفاء من العقاب‬

‫عند توافرهما‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬استغالل النفوذ‪:‬‬

‫ال يشترط القانون صفة معينة في الجاني ‪ ،‬فيجوز أن يرتكب استغالل النفوذ أي فرد من آحآد الناس‬

‫‪ .‬و جعل المشرع صفة الموظف العام أو من في حكمها ظرفا مشددا للعقاب‪.‬‬
‫و لتطبيق هذه الجريمة أن يطلب الفاعل لنفسه أو لغيره أو يأخذ وعدا أو عطية تذرعا بنفوذه الحقيقي‬

‫أو المزعوم بغرض الحصول على مزية للغير من أي سلطة عامة‪.‬و يجب على الجاني أن يتذرع‬

‫بنفوذ معين يستطيع بمقتضاه الحصول أو المحأولة و الحصول على ميزة من سلطة عامة ‪ .‬و يكون‬

‫الغرض من التذرع بالنفوذ بغرض الحصول على أو محأولة الحصول من أي سلطة عامة على‬

‫شيء‬

‫و ال تقع جريمة استغالل النفوذ إذا كان السعي لدى جهة خاصة و أيضا يجب توافر القصد العام‬

‫ألنها جريمة عمدية و أن تتجه نية الجاني إلى استعمال النفوذ الذي تذرع به‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬عرض الرشوة دون قبولها‪:‬‬

‫و تتحقق هذه الجريمة بتوافر عنصرين ‪ ،‬أولهما عرض الرشوة و ثانيهما عدم قبولها‪.‬‬

‫و يشترط في هذه الجريمة أن يكون مقابل سبب معين و هو أداء العمل أو االمتناع عنه ‪ ،‬أو‬

‫االخالل بالواجبات الوظيفية ‪ ،‬وهو ما يتطلبه القانون لوقوع جريمة الرشوة‪.‬‬

‫عنصر عدم قبول الرشوة يمثل جوهر هذه الجريمة الذي يميزها عن فعل االرتشاء و يتحقق برفض‬

‫الموظف قبول الرشوة أو أخذها أو بالقبول الظاهري فير الجدي للرشوة تمهيدا لتمكين السلطات من‬

‫ضبطه متلبسا‪.‬‬

‫وينطبق على هذه الجريمة مثل كافة الجرائم من توافر القصد العام ‪ ،‬أي أن تتجه نية الجاني إلى‬

‫عرض الرشوة لحمله على قبول الرشوة من أجل تحقيق أحد األغراض التي نص عليها القانون في‬

‫مواد الرشوة مع علمه بذلك و ال يكفي بالباعث مشروعا أو غير مشروع‪.‬‬

‫و مشرع قدر عقوبة مخففة في حالة عرض الرشوة على موظف عام أو من في حكمه ‪ ،‬حيث أن‬

‫هذه العقوبة تقل كثيرا عن المقررة لالرشاد‪.‬‬

‫أما في حالة عرض الرشوة على موظف عام أو من في حكمه و جاء بعقوبة المقررة لجريمة رشوة‬

‫المستخدمين في نطاق األعمال الخاصة عدا الغرامة التي خفضت حدها األقصى فجعلها مائتين بدال‬

‫من خمسمائة‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬عرض الوساطة أو قبولها‪:‬‬

‫و تتمثل هذه الجريمة في عنصرين يجيب توافرهما‪:‬‬

‫‪1.‬عرض الوساطة‬

‫‪2.‬قبول الوساطة‬

‫و يتحقق بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة أو إلى الموظف العام أو إلى المستخدم في المشروع‬

‫الخاص عارضا عليه التوسط لمصلحته لدى الغير ‪ ،‬و تقع هذه الجريمة بمجرد قبول الوسيط حتى‬

‫ولو لم يتبعه الوسيط بنشاط اجامي آخر‪.‬‬

‫ويجب توافر القصد العام لكي تتم هذه الجريمة في صورتها الكاملة ‪ ،‬و قد شدد المشرع عقوبة‬

‫الجاني إذا كان موظفا عاما أو أن يكون المراد التوسط لديه الموظف العام‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬االستفادة من الرشوة‪:‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 108‬مكررا ً عقوبات على هذه الجريمة‪.‬‬

‫و المستفيد من الرشوة هو الذي عينه المرتشي للحصول على الرشوة أو وافق المرتشي على تعينه ‪.‬‬

‫و إذا علم الموظف بتقاضي المستفيد للرشوة فلم يضر الراشي على ذلك فال تقع أي من جريمتي‬

‫الرشوة أو االستفادة‪.‬‬

‫و يجب لتجريم االستفادة من الرشوة أن تكون جريمة الرشوة قد وقعت قانونا‪.‬‬

‫وأن المادة ‪ 108‬مكرر لم تخرق في عقوبة الستفيد بين رشوة الموظفين العموميين و الرشوة في‬

‫نطاق األعمال الخاصة بل أوردت عبارة عامة تسري على نوعي الرشوة دون تمييز‪.‬‬

‫ويجب على المستفيد أن يكون قد أخذ الفائدة أو العطية أو قبلها ‪ ،‬و إذا قام الوسيط بالتوسط في‬

‫الرشوة تعين مساءلته باعتباره وسيطا فضال عن اعتباره مستفيدا‪.‬‬

‫و يجب توافر القصد الجنائي لدى المستفيد و يكون بإتجاه ارادته من الرشوة مع علمه بأن سبب‬

‫الوعد من أو العطية هو انجاز الموظف أو استغالله لوظيفته‪.‬‬

‫و المشرع رأى تخفيف العقوبة على المستفيد و تجنيبه الغرامة التي تتصف بها عقوبة الرشوة‬
‫سبل مكافحة جريمة الرشوة‪:‬‬

‫السبل الكفيلة أو للتخفيف من هذه الظاهرة المرضية ‪ ،‬و ذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ 1.‬يجب أن تتوافر رقابة فعالة على الموظفين ‪ ،‬و ذلك من خالل اسناد مناصب االدارة و القيادة‬

‫إلى اشخاص يتمتعون بحس عال من المسؤلية ‪ ،‬حتى يكونوا قدوة حسنة لمن هم أدنى منهم درجة ‪،‬‬

‫و تكون الرقابة من خالل جهاز للرقابة و التفتيش يعمل بشكل مستقل لمراقبة تصرفات الموظفين‬

‫بشكل دائم‪.‬‬

‫‪ 2.‬يجب أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ‪ ،‬و ذلك لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص و‬

‫المسأواة أمام جميع المواطنين و تكون عملية االختيار والتعيين في الوظيفة على أساس الكفاءة و‬

‫المقدرة و ليست على أساس الوساطة و المحسوبية و الرشأوى‪.‬‬

‫‪3.‬تطبيق مبدأ الثواب و العقاب ‪ :‬أي أن تتم محاسبة كافة المرتشين و الفاسدين و صرفهم من‬

‫الخدمة ‪ ،‬أما من ثبتت نزاهته يتم مكافأته و ترقيته‪.‬‬

‫‪4.‬تحسين الوضع االقتصادي للموظفين ‪ ،‬ألن أهم سبب في انتشار هذه الجريمة هو المرتبات‬

‫المتدنية التي ال تتناسب مع متطلبات المعيشة و الغالء في األسعار‪.‬‬

‫‪ 5.‬التوزيع العادل للدخل القومي والثروات ‪ :‬و ذلك من خالل سياسة ضريبية عادلة و تطوير‬

‫األنظمة و القوانين االقتصادية‪.‬‬

‫‪6.‬يجب تربية أفراد المجتمع تربية أخالقية و دينية‬

‫‪7.‬تحسين مستوى الوعي العام‬

‫‪8.‬التشديد في عقوبة الرشوة ‪ ،‬و يجب التشديد في شقها االجتماعي والقانوني‬

You might also like