‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ا ا
‬

‫
‬
‫
 
‬
‫ 
 ‬
‫
ـ‬
‫

‬
‫
‬
‫

‬
‫
 ‬
‫
!‬
‫
‪
"


#$‬‬
‫‪% & '
()*+‬‬
‫‪
,-
.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
 
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺁﺗﻨﺎ ﻣﺎ ﻭﻋﺪﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻠﻚ ﻭﻻ ﲣﺰﻧﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‬
‫ﺇﻧﻚ ﻻ ﲣﻠﻒ ﺍﳌﻴﻌﺎﺩ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﲑ ﰲ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺃﻣﺮﻱ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﻣﺎ‬
‫ﺗﻌﻄﻴﲏ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﺭﺿﻮﺍﻧﻚ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻰ ﰲ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ‪.‬‬

‫ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ‬

‫ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺣﻔﻈﺖ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻋﺎﺋﲔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻓﻘﺪ ‪‬ﺑﹶﺜﹾﺜﺘ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻠﻮ ﺑﺜﺜﺘﻪ ﻗﹸﻄﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﻌـﻮﻡ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﰲ ﺷﺮﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪" :‬ﲪﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﱂ ﻳﺒﺜﱠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺒﻴﲔ ﺃﺳﺎﻣﻲ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴـﻮﺀ ﻭﺃﺣـﻮﺍﳍﻢ‬
‫ﻭﺯﻣﻨﻬﻢ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ‪‬ﻳﻜﹾﲏ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻪ ﻭﻻ ﻳﺼﺮ‪‬ﺡ ﺑﻪ ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻘﻮﻟﻪ‪ .‬ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺴﺘﲔ ﻭﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻳﺸﲑ ﺇﱃ‬
‫ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻷ‪‬ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ﺳﺘﲔ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ‪ :‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺍﳌﻨﲑ‪" :‬ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﺇﱃ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺑﺎﻃﻠـﻬﻢ‪ ،‬ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺃﻥ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺇﳕﺎ ﺣﺎﺻﻠﻪ ﺍﻻﳓﻼﻝ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﳋﻼﻑ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﻭﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻳﺴﺘﺪﻟﻮﻥ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻠﻢ ﺧﺎﺹ ﻋﻠﱠﻤـﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﻭﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‬
‫ﺩﻭﻥ ﺑﻌﺾ‪ ،‬ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲟﺎ ﻳﺴﻤﻰ "ﻋﻠﻢ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ" ﻭﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﻳﺴـﺪ‪‬ﻭﻥ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺬﺭﻳﻌﺔ ﻭﻳﻨﻜﺮﻭﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﳐﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻨـﻪ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺄﻭﻟﻮﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮﻩ ﺯﺍﻋﻤـﲔ‬
‫ﺸ ‪‬ﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻣﻠﻬﺎﺓ ﻟﻠﻌﺎﻣـﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﳊﻘﻴﻘـﺔ ﻭﺭﺍﺀ‬ ‫ﺃﻥ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ‪‬ﻗ ‪‬‬
‫ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﺘﻠﻰ ﻭﻇﻮﺍﻫﺮ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻔﻌﻞ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻊ ﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﰲ ﺍﺳـﺘﻌﻤﺎﻝ ﻛﻠﻤـﱵ‬
‫"ﺑﺎﻃﻦ" ﻭ"ﻇﺎﻫﺮ" ﻣﺎ ﻳﻌﺮ‪‬ﺽ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﻔﻬﻢ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﺇﻃﻼﻉ ﺭﺳﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻛﺄﺣﻮﺍﻝ ﺃﻣـﺮﺍﺀ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻭﺯﻣﻨﻬﻢ ﻭﺇﻃﻼﻋﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﺃﻣـﺮﹰﺍ ﻗﺎﺩﺣـﺎ ﰲ‬
‫ﺾ ﻋﺒﺎﺩﻩ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﺣﺒﺎﺑﻪ‪،‬‬‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻃﻼﻉ ﺍﷲ ﺑﻌ ‪‬‬
‫ﺭﺃﺳﺎ‪ ،‬ﺑﻮﺣﻲ ﻣﻨﺎﻡ ﺃﻭ ﺇﳍﺎﻡ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻭﺩﻗﺎﺋﻖ ﻓﻬﻤﻴﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ‬
‫ﺃﺋﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﱃ ﺍﻵﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻟﻠﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﻧـﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ‪.‬‬
‫ﻭﻟﺌﻦ ﻭﻗﻒ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻋﻠﻰ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﶈﺘﻤـﻞ ﺑـﲔ‬
‫ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻴﺼﺪﻭﺍ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻭﳝﻨﻌﻮﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﺈﻥ ﻛﺒﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻭﺟﺎﺩﳍﻢ ﻭﻛﻔﺮﻫﻢ‪،‬‬
‫ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ "ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﲟﺼﻄﻠﺢ "ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ" ﻣﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻟﻠﺼﺎﺩﻗﲔ‬
‫ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﻭﺃﻧﻮﺍﺭ ﻫﻲ‪ ،‬ﺇﻟﺰﺍﻣﺎ‪ ،‬ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﻢ ﻟﻠﺸﺮﻉ ﻭﻭﻓﺎﺋﻬﻢ ﻷﻣﺮﻩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭ‪‬ﻴﻪ ﻭﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻣﻊ ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺍﳍﻤﺔ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺭﻭﻯ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺷﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻣﻲ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﺮﺳﻼ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺍﻹﻣـﺎﻡ ﺣﺴـﻦ‬
‫ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎﻥ‪ :‬ﻓﻌﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ‪ .‬ﻭﻋﻠـﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﺬﺍﻙ ﺣﺠﺔ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ‪" :‬ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﰒ ﻳﻌﻠﻢ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﲰﻌﺖ‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪" :‬ﺇﻥ ﺗﺘﻘﻮﺍ ﺍﷲ ﳚﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﻓﺮﻗﺎﻧﺎ"؟ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﳊﻜﻤـﺔ‬
‫ﺤ ﹸﺔ ‪‬ﻣﻠﹶﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻧﻮﺭ ﻳﻘﺬﻓﻪ ﺍﷲ ﰲ ﻗﻠـﺐ‬ ‫ﺴ‪‬‬‫‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﻘﻊ ﺑﻘﻠﱯ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻭﺃﻣ ‪‬ﺮ ﻳﺪﺧﻠـﻪ ﺍﷲ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺭﲪﺘﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﻭﺍﺿﺢ ﰲ ﺃﻥ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮﺭ ﻛﻠﻤﺔ "ﺗﺼﻮﻑ" ﻛﺎﻧﻮﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺗﺎﻡ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭ"ﻣﺴﺤﺔ ﺍﳌﻠﻚ"‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﻭﲝﻖ‪ .‬ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻘﺬﻑ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﻧﻮﺭ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ ﺃﻗ ‪‬ﺮ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻓﺮﻋﻰ ﺍﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ ﺣـﻖ‬
‫ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌ ‪‬ﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻓﺮﺍﺳﺔ ﻭﻛﺸﻒ ﻛﻤﺎ ﺳـﻨﻘﺮﺃ ﺇﻥ‬
‫ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ ﻓﻘﺮﺓ ﻣﻘﺒﻠﺔ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ‪" :‬ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎﻥ‪ :‬ﻋﻠﻢ‬
‫ﺴ ‪‬ﻊ ﺑﺎﻟﻐﹰﺎ ﻏ ‪‬ﲑ ﻣﻐﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻩ ﺟﻬﻠﹸﻪ)‪) ،(...‬ﻭﻋﻠﻢ ﺧﺎﺹ ﺏ(‬
‫ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ﻳﻨﻮﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﻣﺎ ﳜﺺ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﳑﺎ‬

‫‪ ١‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ "ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ" ﻟﻠﺸﺎﻃﱯ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٦١‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻧﺺ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﻻ ﰲ ﺃﻛﺜﺮﻩ ﻧﺺ ﺳﻨﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻨـﻪ‬

‫‪١‬‬
‫ﺳﻨﺔ ﻓﺈﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻻ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻳﻌﺘﱪﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺀ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﱂ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻛﺤﺪﻳﺚ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﺈﻧـﻪ‬
‫ﺃﺻ‪‬ﻞ ﳌﻦ ﺑﻌﺪﻩ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎ‪ ،‬ﻣﻔﻬﻮﻣﲔ ﺃﺳﺎﺳﻴﲔ‪" :‬ﺍﻟﻌﺎﻣـﺔ" ﻭ"ﺍﳋﺎﺻـﺔ"‪.‬‬
‫ﻉ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋـﻦ "ﺍﳋﺎﺻـﺔ" ﻭ"ﺍﻟﻌﺎﻣـﺔ"‬ ‫ﻭﻟﻠﻤﺴﺘﺸﺮﻗﲔ ﻭﺗﻼﻣﺬ‪‬ﻢ ﻭ‪‬ﻟﻮ ‪‬‬
‫ﻳﺘﺨﺬﻭﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﲔ ﺳﻨﺪﹰﺍ ﻭﺁﻟﺔ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺍﻫﻢ ﲢﻠﻴﻼ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻃﺒﻘﻴﹰﺎ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻌﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﺑﲔ "ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ"‬
‫ﻭ"ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ" ﻟﻴﻌﻤﻘﻮﺍ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺩﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳـﻦ‬
‫ﺍﻟﺒﺪﻭ ﺍﻟﻐﻼﻅ‪ ،‬ﱂ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻧﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺇﻻ ﻣﻦ ﳐﺎﻟﻄﺘـﻬﻢ‬
‫ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﺍﻟﺴ‪‬ﻨﺪ ﻭﺍﳍ‪‬ﻨﺪ‪.‬‬
‫ﻧﻔﺘﺢ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻨﻘﺮﺃ ﻣﻦ ﺧﱪ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺒـﺪ ﺍﻟﺼـﺎﱀ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺘﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺧﻀﺮﹰﺍ‪ .‬ﺃﺧﱪﻧﺎ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﺭﺣﻞ ﻣﻊ ﻓﺘـﺎﻩ‪،‬‬
‫ﺑﻮﺣﻲ ﻣﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻟﻴﻠﻘﻰ
ﻋﺒﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻧﺎ ﺁﺗﻴﻨﺎﻩ ﺭﲪﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻭﻋﻠﻤﻨـﺎﻩ‬
‫ﻣﻦ ﻟﺪﻧﺎ ﻋﻠﻤﺎ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٦٤ :‬‬
‫ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﳊﻖ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻤﻬـﻢ ﺍﷲ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﺄﻣﺮﻩ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻳﻨﺼﺒﻬﻢ ﻣﻌﻠﻤﲔ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺍﳋﻀـﺮ‬
‫ﳌﻮﺳﻰ ﺣﲔ ﺍﻟﺘﻘﻴﺎ‪
:‬ﺇﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﻲ ﺻﱪﺍ‪ .‬ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﱂ ﲢﻂ ﺑﻪ ﺧﱪﺍ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺳﺘﺠﺪﱐ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺻـﺎﺑﺮﺍ ﻭﻻ ﺃﻋﺼـﻲ ﻟـﻚ‬

‫‪ ١‬ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺹ ‪.١٥٤‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻣﺮﺍ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٨ :‬ﻭﺟﺎﺀ ﰲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ‪ ،‬ﻋﻦ ﺃﰊ‬
‫ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﳋﻀﺮ ﻗﺎﻝ ﳌﻮﺳﻰ‪" :‬ﻳﺎ‬
‫ﻣﻮﺳﻰ! ﺇﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻋﻠﻤﻜﻪ ﺍﷲ ﻻ ﺃﻋﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ‬
‫ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻋﻠﻤﻨﻴﻪ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻪ"‪ .‬ﻭﺟﺎﺀ ﺑﺎﻟﻘﺼﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﻃﻮﻳﻞ‪.‬‬
‫ﰲ ﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ
ﻭﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﺎ ﻋﻠﻤﺎ ﻣ‪‬ﺴﺘ‪‬ﻤﺴ‪‬ﻚ ﺍﻟﻘـﺎﺋﻠﲔ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠﺪ‪‬ﱐ‪ ،‬ﻣ‪‬ﺴﺘﻤﺴ‪‬ﻚ ﻭﻣﺮﺟﻊ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻄـﺎﺀ‬
‫ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻳﺪ ﻷﺣﺪ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭ
ﻣﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺭﲪﺔ ﻓـﻼ‬
‫ﳑﺴﻚ ﳍﺎ‪) .‬ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢ :‬ﻭﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﻷﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﺧ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ ﻣﺘﻮﺍﺗﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‪،‬‬
‫ﻳ‪‬ﻨﻜﺮﻩ ﻣﻦ ﺟ‪‬ﻬﻞ ﻭﳚﺤﺪﻩ ﻣﻦ ‪‬ﺣﺮﹺﻡ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧ‪‬ﺴﻤﻊ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﳊﻖ‬
‫ﳌﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻗﻠﺐ ﺃﻭ ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﻫﻮ ﺷﻬﻴﺪ‪.‬‬
‫ﺍﳋﻀﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺒﺎﺭﻛﺔ‪ ،‬ﺛﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗـﺎﻝ‬
‫ﺍﳊﺎﻓﻆ‪ ،‬ﺃﻧﻪ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻌﺰ‪‬ﻳﺎ ﰲ ﻭﻓﺎﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﶈﺪﺛﲔ‪ ،‬ﻭﰲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ‬
‫ﻣﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺃﺋﻤﺔ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﺣﻲ ﻳ‪‬ﺮﺯﻕ‬
‫ﺃﻧﻈﺮﻩ ﺍﷲ ﺇﱃ ﻳﻮﻡ ﻳﺒﻌﺜﻮﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﰲ ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ‪" :‬ﺃﻣﺎ ﺍﳋﻀﺮ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﲨﺎﻫﲑ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ‬
‫ﺾ ﺃﻫـﻞ‬ ‫ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻌﻬﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﺇﻧ‪‬ﻤﺎ ﺷ ﱠﺬ ﺑﺈﻧﻜﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﺑﻌ ‪‬‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﻛ ﱟﻞ ﻭﺳـﻠﻢ ﻧـﱯ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺮﺳﻼ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ"‪.‬‬

‫‪ ١‬ﻓﺘﺎﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﳉﻠﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻨﲑﻳﺔ ﺹ ‪.٢٤‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺪ ﺃﻟﻒ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻌﺴﻘﻼﱐ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﲰﺎﻫﺎ‪" :‬ﺍﻟﺰﻫـﺮ‬
‫ﺍﻟ‪‬ﻨﻀ‪‬ﺮ ﰲ ﻧﺒﺈ ﺍﳋﻀﺮ"‪ ١‬ﻧﻘﻞ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﶈﺪﺙ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﺼـﻮﰲ‬
‫ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﷲ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻛﺜﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻫﻮ )ﺃﻱ ﺍﳋﻀـﺮ(‬
‫ﺣﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﲔ ﺃﻇﻬﺮﻧﺎ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼـﻼﺡ‬
‫ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ .‬ﻭﺣﻜﺎﻳﺎ‪‬ﻢ ﰲ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﻪ ﻭﺍﻷﺧﺬ ﻋﻨﻪ ﻭﺳﺆﺍﻟﻪ ﻭﺟﻮﺍﺑﻪ‬
‫ﻭﺣﻀﻮﺭﻩ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻭﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﳋﲑ ﺃﻛﺜ ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗ‪‬ﺤﺼﻰ ﻭﺃﺷﻬﺮ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺬﻛﺮ"‪.‬‬
‫ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﳑﻦ ﻳﺆﻛﺪ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺒـﺎﻃﻦ ﻫـﻮ‬
‫ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﻋﻤﺎﺩ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﳛﺬﺭ ﻣﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﻳﺰﻋﻢ‬
‫ﺃﻧﻪ ﺍﳋﻀﺮ‪ .‬ﻭﻳﺸﺪﺩ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺃﻣﺮ ﺍﻻﺗﺒﺎﻉ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻳﺸﺪ‪‬ﺩ ﺍﻟﻨ‪‬ﻜﲑ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺯﻋﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺟـﺎﺀ ﺑﻌﻠـﻢ‬
‫ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﱂ ﳚﺊ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ ،‬ﻭﻛﻼﻣﻪ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﳉﻮﺩﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻠﻐﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﻟﻴﺎ ﷲ ﺇﻻ ﺑﺎﺗﺒﺎﻉ ﳏﻤﺪ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳍﺪﻯ ﻭﺩﻳﻦ ﺍﳊـﻖ ﻫـﻮ‬
‫ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﻠﻐﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﻟﻴﺎ ﷲ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺍﺗﺒﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ‬
‫ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣـﻦ ﻟـﻪ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻬـﻮ ﻛـﺎﻓﺮ‬
‫ﻣﻠﺤﺪ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﳏﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﳏﻤﺪ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ ،‬ﺃﻭ‬

‫‪ ١‬ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻨﲑﻳﺔ ﺍ‪‬ﻠﺪ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪.‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﻬﻮ ﺷﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼـﺎﺭﻯ)‪.(...‬‬

‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﳏﻤﺪﺍ ﺑ‪‬ﻌﺚ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‬
‫ﺁﻣﻦ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻭﻛﻔﺮ ﺑﺒﻌﺾ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﻫﻮ ﺃﻛﻔﺮ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌـﻚ‪،‬‬
‫ﻷﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﺇﳝﺎﻥ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻣﻌﺎﺭﻓﻬﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﳍﺎ‪ ،‬ﻫـﻮ‬
‫ﻋﻠﻢ ﲝﻘﺎﺋﻖ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﲟﺠﺮﺩ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻤﺔ ﺭﺟﻞ ﺷﺪﻳﺪ ﺳﺪﻳﺪ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻉ "ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎﻥ"‪ .‬ﻭﻫـﺎﻙ‬
‫ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺃﺋﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﳑﻦ ﳍﻢ ﺍﻟﺒﺎﻉ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮﺍ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ‪ :‬ﳓﻦ ﺃﻫﻞ‬
‫ﺐ ﻇﺎﻫﺮﻩ‪ ،‬ﻭﻇﺎﻫﺮﻩ‬‫ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﹸﻟ ‪‬‬
‫ﻇﺮﻑ ﺑﺎﻃﻨﻪ‪ .‬ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﳌﺎ ﺻﺢ‪ .‬ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑـﻼ‬
‫ﺟﺴﺪ‪ .‬ﺑﻞ ﻟﻮﻻ ﺍﳉﺴﺪ ﻟﻔﺴﺪ‪ .‬ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻧﻮﺭ ﺍﳉﺴﺪ‪.‬‬
‫"ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺎﻩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻫﻮ ﺇﺻـﻼﺡ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷﻭﻝ )ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ( ﻋﻤﻞ ﺑﺎﻷﺭﻛﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ )ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒـﺎﻃﻦ( ﺗﺼـﺪﻳﻖ‬
‫ﺖ‬
‫ﺑﺎﳉﻨﺎﻥ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﻗﻠﺒﻚ ﲝﺴﻦ ﻧﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻃﻬﺎﺭﺓ ﻃﻮﻳ‪‬ﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺘﻠـﺖ ﻭﺳـﺮﻗ ‪‬‬
‫ﺖ ﻭﺃﻛﻠﺖ ﺍﻟﺮﺑﺎ ﻭﺷﺮﺑﺖ ﺍﳋﻤﺮ ﻭﻛﺬﺑﺖ ﻭﺗﻜﱪﺕ ﻭﺃﻏﻠﻈﺖ ﺍﻟﻘـﻮﻝ‬ ‫ﻭ ‪‬ﺯ‪‬ﻧ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻧﻴﺘﻚ ﻭﻃﻬﺎﺭﺓ ﻗﻠﺒﻚ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺒﺪﺕ ﺍﷲ ﻭﺗﻌﻔﻔﺖ ﻭﺻـﻤﺖ‬
‫ﻭﺻﺪ‪‬ﻗﺖ ﻭﺗﻮﺍﺿﻌﺖ ﻭﺃﺑﻄﻦ ﻗﻠﺒﻚ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻚ؟‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺹ ‪.٧٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻌﲔ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﺐ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻇﺮﻑ ﺍﻟﺒـﺎﻃﻦ‪ ،‬ﻭﻻ‬

‫ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻏﲎ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻘﻞ‪ :‬ﳓﻦ ﻣﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ‪،‬‬
‫ﻭﻛﺄﻧﻚ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ .‬ﻗﻞ ﳓﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸـﺮﻉ ﻭﻗـﺪ‬
‫ﻱ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻃﻨﺔ ﻟﻠﻘﻮﻡ ﱂ ﻳﺄﻣﺮ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﻌﻤﻠﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺫﻛﺮﺕ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ .‬ﺃ ‪‬‬
‫ﻱ ﺣﺎﻟﺔ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﱂ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺈﺻﻼﺡ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﳍﺎ؟‬ ‫ﺃ‪‬‬
‫"ﻻ ﺗﻌﻤﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻔﺮﻕ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺫﻟـﻚ ﺯﻳـﻎ‬
‫ﻭﺑﺪﻋﺔ‪.‬ﻻ‪‬ﻤﻠﻮﺍ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺫﻟـﻚ ﺟﻬـﻞ ﻭﲪـﻖ‪.‬ﻻ‬
‫ﺗﺄﺧﺬﻭﺍ ﲝﻼﻭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺗ‪‬ﺒﻄﻠﻮﺍ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﻼﻭﺓ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ ﺇﻻ‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﺘﻠﻚ ﺍﳌﺮﺍﺭﺓ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺮﺍﺭﺓ ﺗﺘﻴﺢ ﺍﳊﻼﻭﺓ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ"‪.‬‬
‫ﻛﻼﻡ ﻣﻌﻠﻢ ﻛﺒﲑ ﻳﻌﺎﰿ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻐﺮﻭﺭ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ ﺍﳊـﺪﻳﺜﻲ‬
‫ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎﻻﻧﺘﺴﺎﺏ ﻟﻠﻘﻮﻡ‪ ،‬ﲢﺪﻭﻫﻢ ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ ﻭﺳﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻓﺘﺨﺘﻞ ﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﻤﻞ ﻓﻴﻌﻄﻮﻥ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻈﻤﻮﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪،‬‬
‫ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻋﲔ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺍﻟـﱵ ﺻـﻘﻠﻬﺎ ﺍﻟـﺬﻛﺮ‬
‫ﻭﺃﺣﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﻓﺘﺢ ﳍﺎ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ ﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻮﻥ‪ .‬ﻫـﻢ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﳋﻠﻖ ﺑﺎﳊﻮﺍﺱ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﳍﻢ ﺣﺎﺳﺔ ﺑﺎﻃﻨﺔ‬
‫ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻨﻮﺭ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﺍﻟﻨﺠﺒﺎﺀ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻮﻥ ﻗﺪ ‪‬ﻧ ‪‬ﻔ ‪‬ﺦ‬
‫ﰲ ﺻﻮﺭﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋـﻦ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ‪.٦٨‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪‬ﻤﻤﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻋﱪﻭﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺑﺘﺼﺪﻳﻘﻬﻢ‪ .‬ﻭﺳﺎﺭﻭﺍ ﺑﻘﻠﻮ‪‬ﻢ ﺣﱴ ﻭﻗﻔﻮﺍ ﻋﻠـﻰ‬

‫ﺑﺎﺏ ﺍﳉﻨﺔ‪ .‬ﻭﻗﻔﻮﺍ ﻋﻨﺪﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻻ ﻧﺄﻛﻞ ﻭﻻ ﻧﺸﺮﺏ ﻭﺣـﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻷﻥ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻭﺣﺪﻩ‪ .‬ﻓﺮﺟﻌﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﹶﻗ ‪‬ﻬﻘﹶﺮﻯ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﻃﺎﻋﺔ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﳜﱪﻭ‪‬ﻢ ﲟﺎ ﻫﻨﺎﻙ‪ ،‬ﻓﻴﺴﻬﻠﻮﻥ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻣﻦ ﻗﻮﻱ ﺇﳝﺎﻧ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﲤﻜﻦ ﰲ ﺇﻳﻘﺎﻧﻪ‪ ،‬ﺭﺃﻯ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﺃﺧﱪﻩ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ‪ .‬ﻳـﺮﻯ ﺍﻟﺼـﻮﺭ‬
‫ﻭﺍ ﹶﳌﻠﹶﻚ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﺑﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻭﺍﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻘﻼﺏ‬
‫‪١‬‬
‫ﺩﻭﻝ ﺃﻫﻠﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﻛﺘﻤﻪ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﺧﱪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻭﺍﳍﺎ ﻭﺍﻧﻘـﻼﺏ‬
‫ﺩﻭﻝ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﻐﻞ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺍﻟﻜﻤﻞ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻳﺮﻯ ﺍﳋﻠﻖ ﻛﺄ‪‬ﻢ ﻗﺒﻮﺭ ﲤﺸﻲ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺟﺘـﺎﺯ‬
‫ﺲ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺏ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺃﺣ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻒ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﺬﺍﺑﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺍﳌﻼﺋﻜـﺔ ﻗﻴﺎﻣـﺎ‬
‫ﻭﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﳌﺮﺳﻠﲔ ﻭﺍﻷﺑﺪﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﻢ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺃﻫـﻞ ﺍﳉﻨـﺔ‬
‫ﻳﺘﺰﺍﻭﺭﻭﻥ‪ ،‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻳﺘﻌﺎ ‪‬ﻭﻭ‪‬ﻥ‪.‬‬
‫"ﻣﻦ ﺻﺢ ﻳﻘﻴﻨﻪ ﻧﻈﺮ ﺑﻌﲔ ﺭﺃﺳﻪ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﺑﻌﲔ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻌﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﻓﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻳﺮﻯ ﲢﺮﻳﻜﻪ ﻭﺗﺴﻜﻴﻨﻪ ﳍﻢ‪ ،‬ﻓﻬﺬﺍ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻌﺰﺓ‪ .‬ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺀ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٩٣‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺷﺨﺺ ﺭﺃﻯ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺑﻌﲔ ﺭﺃﺳﻪ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﺑﻌﲔ ﻗﻠﺒﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻣﻮﻻﻩ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻌﲔ ﺳﺮﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻋﺎﱂ ﺣﺮ‪ ،‬ﻣﻌﺘﺰ ﺑﻌﻠﻤﻪ‪ ،‬ﺻﺎﺋﻦ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪:‬‬
‫  وאא"ل 
 ‬ ‫ن
‪:‬א
ضو
 ‬
‫  و‪345‬א‪#/012‬א‪ 
.‬‬ ‫ذא‪"+:#‬א *)د‪ ,-:%&،‬‬
‫  @‪C-;D‬م‪ 
*-);?@5%A‬‬ ‫و>=‪"/‬ل<;‪:-‬א‪ 678&9‬‬
‫  ذאً
‪
O‬عא‪
L#7M‬ن ‪ 
I‬‬ ‫‪IFGJ1K‬אو‪GH‬ذ‪ ً:F‬‬
‫  و‪<QT.‬א‪4H‬س‪ 
R.C9‬‬ ‫ون‪#+‬א‪ 87
PQ
P8&9‬‬
‫  ‪
Y@
=Q
VZ‬ع ‪
W7*O*X/‬‬ ‫و‪
7Q
+5‬نود‪UV‬א ‬

‫ﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪7% 3‬ـ‪79‬ـــ‪7+ُ2 '
34‬ــــ
‬ ‫‪3‬ـ‪/67
ُ3‬ــــ ‪/01234 (5 3‬‬
‫‪7‬ـــ)?(
)‪B‬ــــ ِ‪ُ7 A‬ــــــ ‪7‬‬ ‫‪5َ>3‬ـــ)=
‪ُ:/َ<َ:/
3+‬‬
‫‪ْ5‬ــ ‪ْJ74 7‬ـ‪3‬ــ ‪َH I‬ـــــ)‪7 7‬‬ ‫‪ْ5‬ــــ ‪َ2 7‬ــــ ‪/D3 3 ٍ
F‬ـــ‪C‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ 
 ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﻚ ﻭﻟﻴﺎ ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﻚ ﻧﺼﲑﺍ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺧﲑ ﻋﻤﺮﻱ ﺁﺧﺮﻩ‪ ،‬ﻭﺧﲑ ﻋﻤﻠﻲ ﺧﻮﺍﲤﻪ‪ ،‬ﻭﺧﲑ ﺃﻳﺎﻣﻲ ﻳﻮﻡ ﺃﻟﻘﺎﻙ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﳌﺘﻘﺪﺳﲔ ﺑﺎﻟﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ ﺩﻧﺲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺍﳌﺘﱰﻫﲔ ﻋﻦ ﳐﺎﻟﻄﺔ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﲔ‪،‬‬

‫ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﺍﷲ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺍﳋﻠﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺈ ﻭﺍﻟﺰﻳﻎ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ‬
‫ﻻ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﳍﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﳍﻢ ﺃﺫﻭﺍﻕ ﺗ ﹾﻠﻄﹸﻒ ﺃﻥ ‪‬ﻳ‪‬ﻠ ‪‬ﻢ ‪‬ﺎ ﺍﳋﻴﺎﻝ‪ ،‬ﺃﻭ‬
‫ﳛﻮﻡ ﺣﻮﻝ ﲪﺎﻫﺎ ﻛﺜﻴﻒ ﺍﳌﻘﺎﻝ‪ .‬ﻭﺍﻷﺫﻭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ ﲣﻄﺊ ﻛﻤﺎ ﳜﻄـﺊ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ‪ ،‬ﺑﻞ ﳚﺪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺪﺧﻼ ﻟﻴﺴﺘﺤﻮﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﻫـﻮﺍﺟﺲ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻳﻜﺪﺭﺍ ﺧﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣ‪‬ﻌﻮ‪‬ﻝ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺝ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﳛﻮﻃﻮﻥ ﺑﻪ ﺗﻼﻣﺬ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺬﻛﱢﺮﻭﻥ ﻭﻳﺒﺼ‪‬ﺮﻭﻥ‪ .‬ﺇﺫ ﻻ ﻋﺎﺻﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺰﻳﻎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺪ ﻭﺍﳋﻄﺈ ﻏﲑ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ﺇﻻ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﳍﺪﻯ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ‬
‫ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻳﻮﺻﻮﻥ ﲝﻔﻆ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﺗﻼﻣـﺬ‪‬ﻢ‬
‫ﺍﳌﹸﻘﺪﻣﲔ ﻋﻠﻰ ﺧﻮﺽ ﹸﻟﺠ‪‬ﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺎﺕ ﻭﺳﻠﻮﻙ ﻓﺠﺎﺝ ﺍﳋﻠﻮﺍﺕ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺮﺍﺯ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻛﻞ ﺑﺎﻃﻦ ﳜﺎﻟﻔﻪ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻃﻞ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳉﻨﻴﺪ‪" :‬ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺸﺘﺒﻚ ﲝﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ"‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﲰﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺭﺍﱐ ﻳﻘﻮﻝ ‪:‬ﺭﲟـﺎ ﺗﻘـﻊ ﰲ‬
‫ﺖ ﺍﻟﻘﻮﻡ )ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻣﻦ ﺃﺫﻭﺍﻗﻬﻢ( ﺃﻳﺎﻣﺎﹰ‪ ،‬ﻓﻼ ﺃﻗﺒـﻞ‬ ‫ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﻨﻜ‪‬ﺘ ﹸﺔ ﻣﻦ ﻧ‪‬ﻜ ‪‬‬
‫ﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨ ‪‬ﺔ"‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ‪:‬‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﻋﺪﻟﲔ‪ :‬ﺍﻟﻜﺘﺎ ﹺ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻟﻮ ﻧﻈﺮﰎ ﺇﱃ ﺭﺟﻞ ﺃﹸﻋ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﺣﱴ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﰲ ﺍﳍﻮﺍﺀ ﻓﻼ ﺗﻐﺘﺮﻭﺍ‬
‫ﺑﻪ ﺣﱴ ﺗﻨﻈﺮﻭﺍ ﻛﻴﻒ ﲡﺪﻭﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻭﺣﻔﻆ ﺍﳊﺪﻭﺩ"‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‬
‫ﺳﺮﻱ ﺍﻟﺴ ﹶﻘ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ‪" :‬ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺑﺎﻃﻦ ﻋﻠﻢ ﻳﻨﻘﺾ ﻇﺎﻫﺮ ﺣﻜﻢ ﻓﻬﻮ ﻏـﺎﻟﻂ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺸﻔﺎﻑ‪" :‬ﻣﻦ ﺿﻴﻊ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﰲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺣﺮﻡ‬
‫ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ"‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﳉﺮﻳﺮﻱ‪" :‬ﺃ ‪‬ﻣﺮ‪‬ﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﳎﻤﻮﻉ ﻛﻠـﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻠﺰﻡ ﻗﻠﺒﻚ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻙ‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺎ"‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ‪" :‬ﻣﻦ ﱂ ‪‬ﻳﺰﹺﻥ ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺑﺎﻟﻜﺘـﺎﺏ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﱂ ﻳﺘﻬﻢ ﺧﺎﻃﺮﻩ ﻓﻼ ﺗ ‪‬ﻌﺪ‪‬ﻩ ﰲ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺮ‪‬ﺟﺎﻝ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﰲ ﻛﺘﺎﺑـﻪ "ﺗﻠﺒـﻴﺲ‬
‫ﺇﺑﻠﻴﺲ"‪ ١‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺮﺩ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻫﺬﻩ‪" :‬ﻭﺇﺫ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻗـﻮﺍﻝ‬
‫ﺷﻴﻮﺧﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻗﻌﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺃﺷﻴﺎﺧﻬﻢ ﻏﻠﻄﺎﺕ ﻟﺒﻌﺪﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﻓـﺈﻥ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﺇﺫ ﻻ ﳏﺎﺑﺎﺓ ﰲ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﱂ‬
‫ﺼ ‪‬ﺢ ﻋﻨﻬﻢ ﺣﺬﺭﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ )ﻫﻮ( ﺍﳌـﺬﻫﺐ ﻣـﻦ ﺃﻱ‬ ‫ﻳ‪‬‬
‫ﺷﺨﺺ ﺻﺪﺭ"‪.‬‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﳕﻮﺫﺝ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ‪،‬‬
‫ﺍﳊﺎﻓﻈﲔ ﻟﺴﻴﺎﺝ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻥ ‪‬ﻳﺨ‪‬ﺘﺮﻕ‪ ،‬ﺍﻟﺬﺍﺑ‪‬ﲔ ﻋﻦ ﺣﺮﻣﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻚ‪ .‬ﻟﺬﺍ‬
‫ﻓﻬﻮ ﻳﻨ ‪‬ﺪ ‪‬ﺩ ﲟﺎ ﻧﻘﻞ ﻣﻦ ﺧﻄﺈ ﻭﻋﻴﺐ ﻧ‪‬ﺴﺐ ﺇﱃ ﺷﺨﺺ‪ ،‬ﻭﳛﺬﺭ ﳑﺎ ﱂ ﻳﻘـﻊ‬
‫ﳐﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ‪ .‬ﻓﺬﻟﻚ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﰲ ﺳﺪ ﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻊ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺃﺿﻔﻨﺎ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻛﺘﺐ‬
‫ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻟﻴﺆﺩﻱ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﹺﺑ‪‬ﺘﺒ‪‬ﻴﺎ ‪‬ﻥ ﻏﻠﻂ ﻛﻞ ﺍﻟﻐﺎﻟﻄﲔ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﺧﺼﺺ‬

‫‪ ١‬ﺹ ‪.١٨٩-١٨٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﺜﻠﺐ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﺎﺋﺘﲔ ﻭﲦﺎﻧﻴﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺻﻔﺤﺔ ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﱂ ﻳـﺬﻛﺮ ﺍﻷﻣـﺮﺍﺀ‬

‫ﻭﺍﻟﺴﻼﻃﲔ ﻭﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺇﻻ ﰲ ﺛﻼﺙ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺘﺤﺎﻣ‪‬ﻞ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺎﻟﺖ ﻛ‪‬ﻔﺔ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ‪.‬‬
‫ﺍﷲ ﻭﺣﺪﻩ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗـﻪ‪،‬‬
‫ﻕ ﻓﺴ‪‬ﺠﻦ ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﲔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﰲ ﺑﻴـﺖ‬ ‫ﻭﻗﺪ ﺗﺂﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺑﻦ ﻟﻪ ﻋﺎ ‪‬‬
‫ﻭﺣﺪﻩ ﻣﺪﺓ ﲬﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ‪ .‬ﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﱴ ﻛﺘﺐ ﻣﺜﺎﻟﺐ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﻫﻞ ﺭﺟﻊ‬
‫ﻭﻫﻮ ﰲ ﳏﻨﺘﻪ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﰲ ﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺔ‪" :‬ﻛﻼﻡ ﻓﺎﺭﻍ"‪ ،١‬ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺁﺧﺮ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﺎﻕ ﻗﺪﻣﻪ ﻟﺸﻴﺦ ﺻﻮﰲ ﺃﻟﺒﺴﻪ ﺍﳋﺮﻗﺔ ﻭﺭﺑﺎﻩ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﺍﳌﺘﺤﺎﻣﻠﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺀ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﺍﻟﺴـﻄﺤﻴﲔ‬
‫ﻳﻨﻘﺎﺩﻭﻥ ﻟﻠﺤﻖ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﳜﺎﻟﻄﻮﻫﻢ ﻭﻳﺘﺜﺒ‪‬ﺜﻮﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺻﺤﺔ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﺪﻭﺍ ﻣﻨﻬﺠﻴـﺔ ﺍﻟﺸـﻚ‬
‫ﻭﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﱂ ﻳﺼﺢ ﻛﻤﺎ ﺃﻋﻠﻦ ﺫﻟـﻚ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺍﳉﻮﺯﻱ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﺭﲪ ‪‬ﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﻄﺮﻓﻪ‪ ،‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣـﻦ ﺍﳌﻜﻔـﺮﻳﻦ‬
‫ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻐﻠﹶﻘﲔ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﳉﻨـﺔ ﻭﻟـﻪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻏﻠﻄﺎﺕ‪ ،‬ﻓﻼ ﲤﻨﻊ ﻣﱰﻟﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﺎﻥ ‪‬ﺯﹶﻟﻠ‪‬ﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﻟﻘﺮﺍﺀ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﳊﺎﻣﻠﲔ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺒﺪﻳﻊ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﲑ ﻋ‪‬ﺸﺮ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ‬
‫ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳍﻢ ﻋﺸﺮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻻﻃﻼﻉ‪ .‬ﺇﺫﻥ ﻟﻜﺎﻥ ﺣ‪‬ﻜﻤﻬﻢ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ‪.‬‬
‫‪ ١‬ﺍﻧﻈﺮ ﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺹ ‪.١٤٨‬‬
‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٨٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ‪ ،‬ﻭﻳﺬﹸﺏ‬

‫ﻋﻦ ﺣ‪‬ﻤﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﻄﺄ ﻭﻋﻴﺐ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻮ‬
‫ﺧﻄﺄ ﻭﻋﻴﺐ ﳏﺘﻤﻞ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﻣﺎ ﱂ ﻳﺼﺢ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻭﺳﻊ ﺃﻓﻘﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺗﺜﺒﺜﺎ ﻭﺃﺩﻕ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﲟﻮﺿﻮﻋﻪ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺷﺬﻭﺫ ﻭﻣﺒﺎﻟﻐﺎﺕ ﻭﺧﻄﺈ ﰲ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻌـﺾ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻓﻤﺮﺩ‪‬ﻩ ﺇﱃ ﻗﺼﻮﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ "ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ"‪ .‬ﺫﻟـﻚ‬
‫ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﻭﻻ ﻳ‪‬ﻘﺮ‪‬ﻩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻓﺮﺿﺎ ﺃﻥ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳉﻨﺔ‪.‬‬
‫ﺸﻬ‪‬ﺪ‬
‫ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺃﺣﻖ ﺃﻥ ‪‬ﻳﺴ‪‬ﻤﻊ ﻟﺸﻬﺎﺩ‪‬ﻢ‪ .‬ﻓﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﱃ ﺍﳌ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﲝﻜﻢ ﻛﻮ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﺩﺭﻯ ﺑﺸﻌﺎ‪‬ﺎ‪ .‬ﰒ ﻫـﻢ‬
‫ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻷ‪‬ﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﺮﺍﺳـﺨﲔ‪،‬‬
‫ﻭﻷ‪‬ﻢ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻮﻩ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻣﺎ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻟﺘﻔﺘ‪‬ﺢ ﳍﻢ ﺃﺑﻮﺍﺑ ‪‬ﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻻﺗﺒﺎﻉ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺍﳌﺼﻄﻔﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻴﺒﻨﺎ ﳏﻤـﺪ‬
‫ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪.‬‬
‫ﻟﺬﺍ ﻓﻮﺻﺎﻳﺎﻫﻢ ﺇﱃ ﻣﺮﻳﺪﻳﻬﻢ ﺭﺍﺋﺪﻫﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻭﺭﻭﺣﻬﺎ ﺍﻟـﻴﻘﲔ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ "ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒـﻲ" ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻐ‪‬ﻠﻘﺔ ﺑﻼ ‪‬ﺭﺟ‪‬ﻌﺔ ﻭﻻ ﺷﻔﺎﻋﺔ ﰲ ﻭﺟـﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻳﺒﺘﻐﻴﻬﺎ ﻋﻮﺟﺎ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﳌﺮﻳﺪ ﻣ‪‬ﻌﺠ‪‬ﺐ ﺑﺸﻄﺤﺎﺕ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻳﺰﺟـﺮﻩ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺃﺋﻤﺘﻪ‪ :‬ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ‪ :‬ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺮﺙ! ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳـﺪ! ﻗـﺎﻝ‬
‫ﺍﳊﻼﺝ! ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﻝ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ؟! ﻗﻮﻟﻮﺍ‪ :‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬ﻗـﺎﻝ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﺎﻟﻚ‪ ،‬ﻗﺎﻝ ﺃﲪﺪ‪ ،‬ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻤﺎﻥ‪ .‬ﺻﺤﺤﻮﺍ ﺍﳌﻌـﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟ‪‬ﺒ‪‬ﻴﹺﻨﻴ‪‬ـﺔ‪ ،‬ﻭﺑﻌـﺪﻫﺎ‬

‫ﺗﻔﻜﻬﻮﺍ ﺑﺎﳌﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺮﺙ ﻭﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﻻ ﻳـﻨﻘﺺ ﻭﻻ ﻳﺰﻳـﺪ!‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻣﺎﻟﻚ ﺃﳒﺢ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺍﳌﺴﺎﻟﻚ‪ .‬ﺻـﺤﺤﻮﺍ ﺩﻋـﺎﺋﻢ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﺭﻓﻌﻮﺍ ﺍﳍﻤﺔ ﻟﻠﻐﻮﺍﻣﺾ ﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﻠـﻢ‬
‫ﻭﺣﻜﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ .‬ﳎﻠﺲ ﻋﻠﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺳـﺒﻌﲔ ﺳـﻨﺔ‪) .‬ﺃﻱ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﳌﻔﺮﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﺒﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻐﲑ ﻋﻠﻢ(‪
.‬ﻫﻞ‬
‫ﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻣﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪
(٩ :‬ﺃﻡ ﻫﻞ ﺗﺴﺘﻮﻱ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻋﺪ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٦ :‬ﺃﺷﻴﺎﺥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﻓﺮﺳﺎﻥ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻜﻢ‪ :‬ﺧﺬﻭﺍ ﺑﺄﺫﻳﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ .‬ﻻ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ‪ :‬ﺗﻔﻠﺴﻔﻮﺍ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻗﻮﻝ‬
‫‪١‬‬
‫ﻟﻜﻢ ‪ :‬ﺗﻔﻘﻬﻮﺍ‪ .‬ﻣﻦ ﻳﺮﺩ ﺍﷲ ﺑﻪ ﺧﲑﺍ ﻳﻔﻘﻬﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ‪ ،‬ﺷﻴﺦ ﻣﺸﺎﳜﻨﺎ ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ ﻻ ﻳﻘﺒـﻞ‬
‫ﻣﺮﻳﺪﺍ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺗﻪ ﺣﱴ ﻳﻌﻘﺪ ﻟﻪ ﳎﻠﺴﺎ ﻳﻨﺎﻇﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﻋﻈﻤﻮﺍ ﺷـﺄﻥ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻛﺘﻌﻈﻴﻤﻜﻢ ﺷﺄﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﺀ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺍﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺆﻻﺀ ‪‬ﻭﺭ‪‬ﺍﺙ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭ ‪‬ﺣ ‪‬ﻤﻠﹶﺔ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﹼﻤﻮ‪‬ﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺎ‬
‫ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﺫ ﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﳌﻐﺎﻳﺮ‬
‫ﻟﻠﺸﺮﻉ‪ .‬ﻭﻟﻮ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﲬﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﲑ ﺷـﺮﻋﻴﺔ ﻓﻌﺒﺎﺩﺗـﻪ‬
‫ﺭﺍﺟﻌﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭ ﹺﻭ ‪‬ﺯﺭ‪‬ﻩ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻘﻴﻢ ﺍﷲ ﻟﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﺯﻧﺎ‪ .‬ﻭﺭﻛﻌﺘﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﻓﻘﻴﻪ ﰲ ﺩﻳﻨﻪ ﺃﻓﻀ ﹸﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺃﻟﻔﻲ ﺭﻛﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﻘﲑ ﺟﺎﻫـﻞ ﰲ ﺩﻳﻨـﻪ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٦٩‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﺈﻳﺎﻛﻢ ﻭﺇﳘﺎ ﹶﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ! ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ ﲝﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﲨﻴﻌﺎ‪ .‬ﻭﺃﻣـﺎ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﲟﺎ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﻴﻘـﺔ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻓﻠﺘﻜﻦ ﺣ‪‬ﺮﻣﺘﻬﻢ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﳏﻔﻮﻇﺔ"‪.‬‬
‫ﺇﻧﻪ ﻣﻌﻴﺎ ‪‬ﺭ ﻻ ﳜﻄﺊ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﻭﲤﻴﻴﺰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟ ‪‬ﺰﻏﹾﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻴﻂ‪:‬‬
‫ﻚ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺍﻟﻐﺮﻳﻖ ﲞﺸﺒﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻃﺮﻳـﻖ‬ ‫ﺍﻟﺘﻤﺴ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﻋﻘﺒﺎﺗﻪ ﻣﺰﺭﻭﻋﺔ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻔﱳ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻳﻌﺎﻳﻨﻬﺎ ﺍﳋﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻔﱳ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﲤﺴﻚ ﺍﳌـﻮﻣﻦ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻣﺮﺓ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﻣﺆﻛﺪ ﻣﺮﺗﲔ‪ .‬ﻭﻣـﺎ‬
‫ﻫ‪‬ﻠﻚ ﻣﻦ ﻫﻠﹶﻚ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ‪ ،‬ﻭﻫﺎﻡ ﻣـﻦ ﻫـﺎﻡ ﰲ‬
‫ﺃﻭﺩﻳﺔ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﺇﻻ ﲝﻞ ﻋﻘﺪﺓ ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﻮﺣﻰ ﺑﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻄـﺎﺀ‬
‫ﺍﷲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻣﺎ ﺣﺮﻣﻮﺍ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻻ ﺑﺘﻀﻴﻴﻌﻬﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﰒ ﺑﺎﻹﻳﻘﺎﻥ‪،‬‬
‫ﰒ ﺑﺎﻟﻔﹶﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﺑﻚ ﻭﻻ ﺑﻐﲑﻙ‪ .‬ﻣﻊ ﺣﻔﻆ ﺍﳊـﺪﻭﺩ‪،‬‬
‫ﻣﻊ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻣﻊ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺍﳌﺘﻠـ ‪‬ﻮ ﺍﳌﺴـﻤﻮﻉ‬
‫ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ‪ .‬ﻻ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﳌﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ! ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﳌﺼﺤﻒ ﻭﺍﻷﻟـﻮﺍﺡ‬
‫ﻑ ﺑﻴﺪﻩ ﻭﻃﺮﻑ ﺑﺄﻳﺪﻳﻨﺎ‪ .‬ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪،‬‬ ‫ﻛﻼ ‪‬ﻡ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻃﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻔﻴﻚ ﻣﺆﻭﻧ‪‬ﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﳛﻔﻈﻚ‬
‫ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﳌﻤﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻳﺬﹸﺏ ﻋﻨﻚ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ .‬ﻋﻠﻴﻚ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺴـﻮﺍﺩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ )ﺍﳌﺼﺤﻒ(‪ .‬ﺍﺧﺪﻣﻪ ﺣﱴ ﳜ ‪‬ﺪﻣ‪‬ﻚ‪ ،‬ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﻗﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﻳﻮﻗﻔﻪ‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٦٧‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺶ ﺟﻨﺎﺣﻲ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﻴﻄﲑ ‪‬ﻤﺎ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ‬ ‫ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﻟﻌﻤ ﹸﻞ ﺑﻪ ﻳ‪‬ﺮﻳ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺘﺒ ‪‬ﻊ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺄﺧ ﹾﺬ‬
‫ﺷﺮﻳﻌﺘﻪ ﰲ ﻳﺪﻩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳌﱰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻻ ﻳﺼﻞ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ‬
‫ﻀ ﱡﻞ ﻭ‪‬ﻳﻀ‪‬ﻞ! ﳘﺎ ﺩﻟﻴﻼﻥ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ‬ ‫ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻳ ‪‬ﻬﻠ‪‬ﻚ ﻭﻳ‪‬ﻬﻠ‪‬ﻚ! ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺩﻟﻴﻠﻚ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺩﻟﻴﻠﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺑﺎﻋﺪ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻃﺮ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﲜﻨﺎﺣﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪ .‬ﺍﺩﺧـﻞ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺪﻙ ﰲ ﻳﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﺍﺟﻌﻠﻪ ﻭﺯﻳﺮﻙ ﻭﻣﻌﻠﻤﻚ‪.‬‬
‫ﺩﻉ ﻳﺪﻩ ﺗﺰﻳ‪‬ﻨﻚ ﻭﲤﺸ‪‬ﻄﻚ! ﻭﺗﻌﺮﺿﻚ ﻋﻠﻲ! ﻫﻮ ﺍﳊـﺎﻛﻢ ﺑـﲔ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ‪،‬‬
‫ﺍﳌﺮﰊ ﻟﻠﻤﺮﻳﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺟﻬﺒ ﹸﺬ ﺍﳌﺮﺍﺩﻳﻦ‪ ،‬ﺃﻣﲑ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﹶﻗﺴ‪‬ﺎﻡ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ‬
‫ﳋﻠﹶـﻊ ﺇﺫﺍ‬ ‫ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻮﺽ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺟﻌﻠﻪ ﺃﻣﲑ ﺍﻟﻜﻞ‪ .‬ﺍ ‪‬‬
‫ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﻟﻠﺠﻨﺪ ﺇﻧ‪‬ﻤﺎ ﺗ‪‬ﻘﺴ‪‬ﻢ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺃﻣﲑﻫـﻢ‪ .‬ﺍﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ‬
‫‪٣‬‬
‫ﻋﺒﺎﺩﺓ‪ .‬ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ﺑﺎﳋﻠﻖ ﻋﺎﺩﺓ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺗﺬ ﱡﻛ ‪‬ﺮ ‪‬ﻙ ﻟﻪ ﻳﻘﺮﺏ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺗـﺪﺧﻞ ﺇﱃ‬
‫ﺑﻴﺖ ﻗﺮﺑﻪ ﻭﺗﺼﲑ ﺿﻴﻔﺎ ﻟﻪ‪ .‬ﺍﻟﻀﻴﻒ ﻳ‪‬ﻜﺮ‪‬ﻡ ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺿﻴﻒ ﺍﳌﻠﻚ‪ .‬ﺇﱃ ﻣﱴ‬
‫ﻚ‬
‫ﺗﺸﺘﻐـﻞ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﺎ ﹸﳌﻠﹾﻚ؟ ﻭﺍ ﹸﳌﻠﹾﻚ ﻋﻦ ﻗﺮﻳـﺐ ﺗﻔﺎﺭﻗـﻪ‪ .‬ﻣ ﹾﻠﻜﹸـ ‪‬‬
‫ﻚ! ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﲢﺼ‪‬ﻞ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﻭﺗﺮﻯ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ‪ ،‬ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‬ ‫‪‬ﻣﹶﻠ ﹶﻜ ‪‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١١١‬‬

‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١١٧‬‬
‫‪ ٣‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ‪.١٧٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﲎ ﻋـﻨﻜﻢ ﻭﻋـﻦ ﺃﻫـﻞ‬ ‫ﱂ ﺗﺰﻝ‪ .‬ﻻ ‪‬ﺮﺑﻮﺍ ﻣﲏ ﻟﻔﻘﺮ ﻳﺪﻱ! ﻓﺈﻥ ﻋﻨﺪﻱ ﻏ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺸﺮﻕ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ! ﺇﳕﺎ ﺃﺭﻳﺪﻛﻢ ﻟﻜﻢ! ﰲ ﺣﺒﺎﻟﻜﻢ ﺃ ﹾﻓ‪‬ﺘ ﹸﻞ!‬
‫ﺙ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺷـﻴﺌﺎ ﱂ ﻳﻜـﻦ‪ .‬ﺍﺗﺒـﻊ‬ ‫ﺤ ‪‬ﺪ ﹾ‬
‫"ﻻ ﺗﺒﺘﺪﻉ ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﺪﻟﲔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﺈ‪‬ﻤﺎ ﻳﻮﺻﻼﻧﻚ ﺇﱃ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﺒﺘﺪﻋﺎ ﻓﺸﺎﻫﺪﺍﻙ ﻋﻘﻠﹸﻚ ﻭﻫﻮﺍﻙ‪ .‬ﻓﻼ ‪‬ﺟﺮ‪‬ﻡ ﻳﻮﺻﻼﻧﻚ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ .‬ﻭﻳﻠﺤﻘﺎﻧﻚ ﺑﻔﺮﻋﻮﻥ ﻭﻫﺎﻣﺎﻥ ﻭﺟﻨﻮﺩ‪‬ﳘﺎ‪ .‬ﻻ ﲢﺘ ‪‬ﺞ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻘﺒﻞ‬
‫ﻣﻨﻚ‪ .‬ﻻﺑﺪ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟـﺪﺧﻮﻝ ﺇﱃ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﻭﺍﻟـﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﻌﻤـﻞ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﺍﻹﺧﻼﺹ‪ .‬ﺑﻚ ﻻ ﳚﻲﺀ ﺷﻲﺀ ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻨﻚ‪ .‬ﺍﺟﻌﻞ ﺳﻌﻴﻚ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻭﻻ ﲡﻌﻠﻪ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺳﻌﻴﻚ‪ ،‬ﻓﺎﺟﻌـﻞ‬
‫ﺳﻌﻴﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻚ"‪ ١.‬ﻭﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻮﺟﻬﻪ ﳌﻠﻚ ﺃﻭ ﺃﻣﲑ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻋﺎﱂ ﺻﺎﺩﻕ ﻟﻮﺍﻋﻆ ﻛﺬﺍﺏ‪:‬‬
‫
وא\א‪
H‬س‪   
7/%[P-‬ذ‪87H%‬א‪ 
7O]O%‬‬
‫‪-7/^\
=87[_HO%[P‬א   
‪ 
7
%`1)*9D a
=b‬‬
‫‪e9O‬د
و
‪
J‬א‪   
cdK‬و‪
7:K87H1fL%‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﻵﺧﺮ ﻳﻐﺸﻰ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﻳﺄﻛﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ‪:‬‬

‫

‪#‬א‪
=G8&9‬ز‪
i_   
g‬دאلא‪ L
Ub‬‬
‫א ‪
-&%&/‬و"א‪ -
=e+"O:&j   
7O‬‬
‫_‪%HL   
-9=
7=
H^a1‬دوא‪ 
&k‬‬
‫وא
‪1J
O‬د‪   
+‬א=نوא=‪1J‬؟ ‬
‫وא
‪O‬وאل‪I   
C‬وم=א‪m‬א‪YU‬؟ ‬
‫ن&‪
،C%)+1g ْL?:%‬ذא‪"L‬א   زل‪
oW‬א‪<8&9‬א‪ di‬‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٩٢‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬

‫‪5‬ــ
‪3+ Q‬ـ‪/‬ـَ‪3‬ــــٌ ‪1<
O‬ـ ـ‪/N‬‬ ‫‪3M7+‬ـ?ـــــ‪5 3 3 َL‬ـــ ‪/6ُK
3‬ـ ‪55‬ــ‪3‬‬
‫‪7 ُK
3
74 َ3 ?
30<ْ 7D3‬‬ ‫‪ُ7
U‬ــ‪ْS7" َT‬ـــ‪Rُ
30‬‬
‫>َ‪3 َJ‬‬
‫‪S
?VW 7X56/ُH ِN#ْ B ِY‬ــ ِ ــ‪/N‬‬ ‫‪35D 30/97"3 َJ
3)J5 30/َ#$3‬ـــ‪َJ‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
ــ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﺎﻛﺘﺒﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪﻳﻦ‪ .‬ﺃﺳﺄﻟﻚ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﰲ‬
‫ﳋ‪‬ﻴ ‪‬ﺮ ﹶﺓ ﰲ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻜـﻮﻥ‬
‫ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﱴ ﺗﺮﺿﻰ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻭﺍ ‪‬‬
‫ﳋﻴ‪‬ﺮﺓ ﲜﻤﻴﻊ ﻣﻴﺴﻮﺭ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻛﻠﻬﺎ ﻻ ﲟﻌﺴﻮﺭﻫﺎ ﻳﺎ ﻛﺮﱘ‪.‬‬
‫ﻓﻴﻪ ﺍ ‪‬‬

‫ﻳﻜﺜﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﺩﻝ ﺧﺼﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺅﻩ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﰲ ﻣﻜﺎﻧﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﻘﻞ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻳﻄﻌﻦ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﰲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ‪،‬‬
‫ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﺪﹶﻓ ‪‬ﻊ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﲣﻠﻒ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻻ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺩ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻭﻳﻘﻒ ﺍﳌﻮﻣﻨـﻮﻥ ﻣﻮﺍﻗـﻒ‬
‫ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﳐﺘﻠﻄﺔ ﻳﻐﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻓﺎﻋﻲ ﺍﳌﻤﺠ‪‬ﺪ ﻟﻠﻌﻘـﻞ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻘـﻒ‬
‫ﺍﳌﺘﺠﺎﺩﻟﻮﻥ ﻟﻴﺴﺄﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﻋﻦ ﺃﻱ ﻋﻘﻞ ﻧﺘﺤﺪﺙ‪.‬‬
‫ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻔﻈﺔ "ﻋﻠﻢ" ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﻗﺪﺳﻴﺔ ﰲ ﻗﺎﻣﻮﺱ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﺍﳌﻌﺠﺒﺔ ﺍﻟﺘﺎﺋﻬﺔ ﺑﺜﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻟﻔﻈﺔ ﻋﻘﻞ‪ .‬ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻖ‬
‫ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﺭﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﻓﻴﺰﻳﺎﺀ ﻭﻛﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜـﺎ‬
‫ﻭﻛﻬﺮﺑﺎﺀ ﻭﺇﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻖ ﻓﻬﻮ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺻﻨﻌﺖ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﻘﻼﱐ ﻭﺍﳌﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺱ ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﱵ ﹶﻓ ﹶﻘﺪ‪‬ﺕ ﻣﻨﺬ ﺗﻨﻜﺮﻫﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻭﺭﻓﻀﻬﺎ ﻟﻪ‬
‫ﰲ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﳊﻮﺍ ‪‬‬
‫ﻭﺟﺤﻮﺩﻫﺎ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺟ ﹼﻞ ﻭﻋﻼ ﻛ ﹼﻞ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻏﺎﻳﺘﻪ ﻭﻣﺼﲑﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺕ ﲢﺘﻞ ﻛﻠﻤﺘﺎ "ﻋﻠﻢ" ﻭ"ﻋﻘﻞ" ﺻﺪﺭ ﻃﺎﺑﻮﺭ ﺍﻟﻘﻴﻢ‬
‫ﺍﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﻣﺜﻞ "ﺗﻨﻤﻴﺔ" ﻭ"ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ" ﻭ"ﲤﻮﻳﻞ" ﻭ"ﺍﺧﺘﺮﺍﻉ" ﻭ"ﻣـﻮﺍﺩ‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺔ" ﻭ"ﺳﻮﻕ" ﻭ"ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ" ﻭ"ﺗﻘﺪﻡ" ﻭ"ﺇﺣﺼـﺎﺀ" ﻭ"ﺩﺧـﻞ ﻓـﺮﺩﻱ"‬
‫ﻭ"ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻌﻴﺸﺔ" ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ‪.‬‬
‫ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﰲ ﻗﺎﻣﻮﺱ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻗـﺎﻣﻮﺱ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﳓﺪﺩ ﺃﻭﻻ‪ ،‬ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺭﺟﻮﻋﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻌﲎ‬
‫"ﻋﻘﻞ"‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﻬﻞ ﺃﻥ ﻧ‪‬ﺪﺭﺟﻪ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﻇﻴﻔﺘﻪ ﺣﻴـﺚ ﻳﺸـﻐﻞ‬
‫ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺃﺷﺎﺩ ﺑﻪ ﻭﻋﺪ‪‬ﻟﻪ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﺷـﺎﻫﺪﺍ‬
‫ﻣﻮﺛﻮﻗﺎ ﻻﻳﻜﺬﺏ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺼﻨﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺭ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻜﻔﺮ‬
‫ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﳝ ‪‬ﺮ ‪‬ﺭ ﻭﻳ‪‬ﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ‪ .‬ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻔﻜﺮ‬
‫ﰲ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻳﺘﻔﻜﺮ ﰲ ﺃﻥ ﻻﺑﺪ ﻟﻠﺼﻨﻊ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺸﺎﻫﺪﻩ ﺍﳊﻮﺍﺱ ﻣـﻦ‬
‫ﺻﺎﻧﻊ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪ .‬ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﹸﺸﺎ ‪‬ﺩ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﳌﻠﹶﻜـﺔ‬
‫ﺴﺒ‪‬ﻘﺎﺕ ﻣﻐﺮﻭﺯﺓ ﰲ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ‪ ،‬ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺪﻝ ‪‬ﺎ ﺍﳌﺘﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻣ ‪‬‬
‫ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﻧﻌﻪ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻋﺎﺑﺜﺎ‪ .‬ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‬
‫ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺘﺪﺑﺮ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﻻ‬
‫ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺑﺎﺭﺩﺓ‪ .‬ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣـﺎ‬
‫ﲪﻴﻤﺎ ﺑﺎﳌﺼﲑ ﺍﻟﺸﺨﺼ ‪‬ﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺕ ﻷﻥ ﺍﳌﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﻄﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﻨﺪﺭﺟﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ‪ ،‬ﺍﳌﺜﲑﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﻏﲑﻫـﺎ ﻟﻠﺴـﺆﺍﻝ‬
‫ﺍﶈﻮﺭﻱ‪ :‬ﻫﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﺒﺚ؟‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻫﻲ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣـﻦ ﺁﺧـﺮ‬

‫ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪
:‬ﺇﻥ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻠﻴـﻞ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻵﻳﺎﺕ ﻷﻭﱄ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﺍﷲ ﻗﻴﺎﻣﺎ ﻭﻗﻌﻮﺩﺍ ﻭﻋﻠﻰ‬
‫ﺟﻨﻮ‪‬ﻢ ﻭﻳﺘﻔﻜﺮﻭﻥ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ‪.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻣﺎ ﺧﻠﻘﺖ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺑﺎﻃﻼ ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﻓﻘﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪).‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٩١ :‬‬
‫ﻃﻠﺐ ﺃﻭﱄ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﲔ ﻟﺮ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻴﻬﻢ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨـﺎﺭ‬
‫ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺄﻥ ﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﺻﻨﻌﺔ ﻣـﻦ ﺻـﺎﻧﻊ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺣﻠـﺔ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﺻﻨﻌﺔ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺼﺎﻧﻌﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳍﻢ ﺑﺎﳌﺼﲑ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻟﺰﻡ ﻟﻮﺍﺯﻡ ﻛﻞ ﺣﻲ‪ .‬ﺟﺎﺀ ﻃﻠﺐ‬
‫ﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺍﻹﳝﺎﱐ‪ .‬ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺮﺍﺷـﺪ‬
‫ﺍﳌﺘﺪﺑﺮ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻨﻪ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﺍﳌﺼـﲑ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﳌﻮﺕ ﻓﻠﺠﺄ ﺇﱃ ﻣﺼﺪﺭ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻨﻪ ﻳ‪‬ﺴﺘﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﳉﺄ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ﺇﱃ ﺷﺨﺺ ﺟﺎﺀﻩ ﲝﺠﺔ ﺩﺍﻣﻐﺔ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﺃﻧـﻪ ﺃﻗـﻮﻯ‬
‫ﻭﺃﻗﺪﺭ ﻭﺃﻋﻠﻢ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺑﺎﳌﻌﺠﺰﺓ‪ ،‬ﺍﳌﺨـﱪ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﳋﺎﻟﻖ‪ ،‬ﺍ‪‬ﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ‪،‬ﺍﳌﻨﺎﺩﻱ ﻟﻺﳝﺎﻥ‪.‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺮﺍﺷـﺪ‬
‫ﻣﻨﻴﺒﺎ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺎﻩ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ‪
:‬ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﻨﺎ ﲰﻌﻨﺎ ﻣﻨﺎﺩﻳـﺎ‬
‫ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻟﻺﳝﺎﻥ ﺃﻥ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﺮﺑﻜﻢ ﻓﺂﻣﻨﺎ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٩٣ :‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺘﻜﱪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﰲ ﲣﻤﻴﻨﺎﺗﻪ ﻓﻘـﺪ‪‬ﺭ‬
‫ﻭﻧﻈﱠﺮ ﻭﺗﻘﺪﻡ ﻭﺃﺩﺑ‪‬ﺮ ﻓﺄﺛﺒﺖ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺃﻭ ﻧﻔﺎﻩ‪ ،‬ﻭﺃﺛﺒﺖ ﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺐ‪ .‬ﻭﻋﺎﺵ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘـﻞ‬ ‫ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻓﺘﺮﺍﺀ ﻭﻇﻨﺎ ﺳﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭ ‪‬ﺳﹶﻠ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﰲ ﻧﺴﺠﻪ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﰐ ﻳﺸﻴ‪‬ﺪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﻭﻳﻘﻮﺽ ﺃﺧـﺮﻯ‪ ،‬ﻳﻨﺘﻘـﺪ‬

‫ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺘﻘﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﻓﺮﺍﺯﺍﺗﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻄﻮﺭ ﰲ ﺻﻮﺭ "ﻋﻠـﻢ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ" ﻭ"ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ" ﻭ"ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ" ﻭ"ﻋﻠـﻢ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻳﺦ"‬
‫ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻋﻘﻞ ﺛﺎﻟﺚ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﳌﻴﻼﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﺍﳉﺒﺎﺭ‪ ،‬ﲨﻊ ﺑﲔ ﺧﺼﻠﺘﲔ‬
‫ﻛﻔﻴﻠﺘﲔ ﺑﺘﺪﻣﲑ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺳﺎﻛﻨﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻘﻞ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﻫﻮ ﺻﻨﻢ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﻣﻄﻠﺐ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪.‬‬
‫ﺨﻴ‪‬ﻞ ﻟﻠﻤﺘﺠﺎﺩﻟﲔ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳـﻄﻰ ﰲ‬ ‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﱰﻳﻞ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ ﺃﺧﺬﻩ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﻨﺪﺍ ﻣ‪‬ﻄﺎﻋﺎ ﻣﻌﺒﻮﺩﺍ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺇﺳﻼﻣﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﰱ ﻣﻊ "ﺍﻟﻌﻘﻞ" ﻓﻼ ﺑﺄﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻔﻒ ﻣـﻦ‬
‫ﺑﻌﺾ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻛﺄﻥ ﻧﺘﺮﺟﻢ ﺍﳉﻦ ﺇﱃ ﻟﻐـﺔ ﺍﳌﻜﺮﻭﺑـﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻧﻨﻜـﺮ‬
‫ﺍﳌﻌﺠﺰﺓ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻧﺒﻘﻲ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﰲ ﺭﻛﻦ ﺳﺎﺗﺮ ﻟﻜﻲ ﻻ‬
‫ﺗﻔﻀﺢ ﻏﺒﺎﻭﺗ‪‬ﻨﺎ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻭﺍﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﺧﺎﺩﻡ ﻣﻄﻴﻊ‪ ،‬ﺳـﺎﻣﻊ ﻟﻨـﺪﺍﺀ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﺩﻱ ﻟﻺﳝﺎﻥ‪ ،‬ﺗﺎﺋﺐ ﻣﺴﺘﺠﲑ ﺑﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻧﻈـﺮﺗﲔ‬
‫ﻓﺮﺟﻊ ﺧﺎﺳﺌﺎ ﺣﺴﲑﺍ ﻛﺎ ﹼﻻ ﻣﻬﺰﻭﻣﺎ ﳌﺎ ﻫﺎﻟ ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻋﻈﻤﺔ ﺍﳋﺎﻟﻖ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ‪
:‬ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ‬
‫ﺷﻲﺀ ﻗﺪﻳﺮ‪ .‬ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﻟﻴﺒﻠﻮﻛﻢ ﺃﻳﻜﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﻋﻤﻼ ﻭﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ‪ .‬ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊ ﲰﺎﻭﺍﺕ ﻃﺒﺎﻗﺎ‪ .‬ﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺮﲪﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻭﺕ‪ .‬ﻓﺎﺭﺟﻊ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻫﻞ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﻓﻄﻮﺭ‪ .‬ﰒ ﺍﺭﺟﻊ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻛﺮﺗﲔ‬
‫ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﺧﺎﺳﺌﺎ ﻭﻫﻮ ﺣﺴﲑ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﻠﻚ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ(‬
‫ﻭ‪‬ﻧ ﹶﻈ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻌﻘ ﹸﻞ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ﺇﱃ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺿﺂﻟﺘﻬﺎ ﺑﺈﺯﺍﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻓﻨﺎﺋﻬﺎ ﻓـﺎﺯﺩﺍﺩ‬
‫ﺇﳝﺎﻧﺎ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﺇﻻ ﻃﻐﻴﺎﻧﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻏـﻞ ﰲ ﻛﺸـﻒ‬
‫ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﳜﺎﻃﺐ ﺍﻟﻌﻘـﻼﺀ ﺍﻟﺴـﻔﻬﺎﺀ ‪
:‬ﺃﻭﱂ‬
‫ﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﰲ ﻣﻠﻜﻮﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺷـﻲﺀ ﻭﺃﻥ‬
‫ﺖ ﺍﻟﻌﻘـ ﹸﻞ‬‫ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺃﺟﻠﻬﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٨٥ :‬ﺃﺳـﻜ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﰲ ﻋﺎﳌﻪ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻗﺘﺮﺍﺏ ﺍﻷﺟﻞ ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫـﻮﺍ ‪‬ﻩ ﻭ"ﻣﻮﺿـﻮﻋﻴﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ" ﻳﺴﺒﺢ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﺻﻮﺍﺭﳜﻪ‪ ،‬ﹸﺃﹸﻓﻘﹸﻪ ﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﻣﻠﻴﺎﺭﺍ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻠﻐﻬﺎ ﺣﺴ‪‬ﻪ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺣﱴ ﺍﻵﻥ‪ .‬ﻭﻳﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﺑﻼﺀﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ‪.‬‬
‫ﺴﺒ‪‬ﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻟﺘﺤﻮﻳﺮ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‬ ‫ﺇﻥ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺷﺮﻁ ﻣ ‪‬‬
‫ﺇﱃ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﺳﺘﺨﻼﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﻟﻴﺴﺖ ﺳـﻔﺎﻫﺔ ﺇﻻ‬
‫ﺇﻥ ﺍﺳﺘ‪‬ﻌﻤ‪‬ﻠﺖ ﻷﻫﺪﺍﻑ ﺳﻔﻴﻬﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﳚﺪﻱ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﻥ ﳓﺎﻭﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺘﻜـﱪ‬
‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﻻ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﻟﻨ‪‬ﻠﺰﻣﻬﻤﺎ ﲝﺠﺔ ﺍﻹﳝـﺎﻥ ﻣﺎﺩﺍﻣـﺎ ﻻ‬
‫ﻳﻘﺒﻼﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﺇﻻ ﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻬﻤﺎ ﺍﳌﻤﺴﻮﺣﺔ ﺍﳌﻤﺴﻮﺧﺔ‪ ،‬ﱂ ﻳﺒﻖ ﰲ‬
‫ﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻬﻤﺎ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺎﻟﺼﻨﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ‪ ،‬ﻭﻻ ﻟﺮﻓﺾ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﶈﻜﻢ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻋﺒﺜﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﳍ ‪‬ﻢ ﺍﳌﺼﲑ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺕ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﻳﻌﺘﱪﺍﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺴـﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﻨﻈـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻑ ﻓﻜﺮﻱ‪ .‬ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﰲ ﻭﺟﻬﻬﻤﺎ ﻻ‬ ‫ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺗﺮ ‪‬‬

‫ﻳﺮﺟﻌﻬﻤﺎ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﳊﺴﺮﺓ ﻭﺍﻻﳓﺴﺎﺭ ﺑﻞ ﻳﺰﻳﺪﳘﺎ ﻏﺮﻭﺭﺍ ﻭﺗـﻮﻏﻼ ﰲ‬
‫ﺍ‪‬ﻬﻮﻝ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ‪ .‬ﻋﻠﻤﺎ ﻭﺗﻌﻠﹼﻤﺎ ﺍﳉﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻴﻒ ﻭﺍﻟﻜﻢ‪ .‬ﻭﺃﺻﺮﺍ ﻭﻳ‪‬ﺼﺮﺍﻥ‬
‫ﻋﺘﻮﺍ ﻭﺍﺳﺘﻜﺒﺎﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﻭﻻ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺕ‪.‬‬
‫ﻻ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﳌﻨﻈﱢﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ‪:‬‬
‫"ﻗﻒ ﺣﱴ ﳓﺎﻭﺭﻙ ﻟﺘﻄﻴ ‪‬ﻊ ﻭﺗﺬﻋﻦ"‪ .‬ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ﺍﳍﺰﻳﻞ ﻻ ﻳ‪‬ﺴﻤﻊ ﻟﻪ‪ .‬ﻳ‪‬ﺮﻓﺾ ﻣﺎ‬
‫ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻫﺰﺍﻝ‪ .‬ﻭﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺭﺍﺓ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻭﲢﺮﻳﺮﻫﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺇﳊﺎﺩﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻭﻳﻀﻬﺎ‪ ،‬ﻭ ﹶﻏﻨ‪‬ﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠـﻮﻡ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴـﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺗﻮﻃﻴﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﰲ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻷﻫـﺪﺍﻑ ﺧـﲑ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺑﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﺍﻟﻨﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟ ﹶﻜﻔﹶﺎﺀ ﻭﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﻟﻨﺎ ﺟﻮﻻﺕ ﺣﻮﺍﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻘﻠﲔ ﺍﻟﺘﺎﺋﻬﲔ‪ .‬ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﻝ ﻭﺣﺬﻟﹶﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪:‬‬
‫و‪8&qK:J
#L‬ذل‪p‬א‪&M‬س&‪X‬א ?‪ GJ
*H5‬‬

‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﺎﻗﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﻻ ﻳﺘﻢ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻕ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻌﻘـﻞ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﲨﺎﻋﺔ ﺑﺈﻋﻼﺀ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ .‬ﻷﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺻﻔﺘﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺻﻔﺔ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﱃ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻭﻋﻘﻠﻨـﺎ‬
‫ﻓﻌﻘﻠﻨﺎ ﺃﺟ ﱡﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﺃﺭﻓﻊ ﻣﱰﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻨﺎ‪ ،‬ﺇﺫ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﳌﺎ ﰎ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠـﻢ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻳﻜﺒﻮ ﻭﻳ‪‬ﺼﺮ‪‬ﻉ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺆﻣﻞ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭﻳﺮﺟﻰ ﻟﻪ ﺍﳋﲑ‪ .‬ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻦ‬
‫ﻓﻬﻢ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﺑﻠﻐﻨﺎ ﻋﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﻛـﺮﻡ ﺍﷲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻆ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻌﻘﻞ‪ ،‬ﻭﻛﻞ‬ ‫ﺤﹶ‬‫ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺭﺿﻲ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻛﻞ ﻋﻘﻞ ﱂ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺩﻳﻦ ﱂ ﳛﻆ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺪﻳﻦ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺗﻰ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﹶﺃﹾﻟﺰ‪‬ﻣﻨﺎ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺒﱢﻠ ﹸﻎ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﻤ ﹶﻞ ‪‬ﺎ ﻭﻭﻋﺪ ﻭﹶﺃ ‪‬ﻭﻋ‪‬ﺪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺮﻳﺾ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤـﻞ‬
‫ﻭﺍﻻﺟﺘﻨﺎﺏ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺴﺮ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻭﺍﻟﻮﻋﻴﺪ‪.‬‬
‫"ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﺗﻔﻜﺮﻭﺍ ﻫﻞ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﺫﻛﻲ ﹶﻗ ‪‬ﺮ ﺑﻄﺒﻊ ﺳﻠﻴﻢ ﳚﻬﻞ ﺣﻜﻤـﺔ‬
‫ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﻫﻲ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﻳﺮﺩﻫﺎ‪ .‬ﻻ ﻭﺍﷲ! ﺑﻞ ﻛﻞ ﻋﺎﻗﻞ ﺫﻛـﻲ ﺍﻟﻌﻘـﻞ‬
‫ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺗﻌﻜﹸﻒ ﺃﺷ ‪‬ﻌ ﹸﺔ ﻋﻘﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋ‪‬ﺘﺒﺔ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻠﻤﺎ ﲜﻤﻌﻬﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﲔ ﺧﲑﻱ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻭﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺟﻬﺎﻻ ﱂ ﳚﻠﺲ ﻋﻘﻠﻬﻢ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻋﺘﺒﺔ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻓﻬﻢ ﻋﺒﻴﺪ ﻟﻠﻬﻮﻯ ﻭ"ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ"‪ ،‬ﻓﻘـﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﺍﲰﻌﻮﺍ ﻭﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻳﺎ ﺟﻬﺎﻻ ﺑﺎﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ! ﻳﺎ ﻃﺎﻋﻨﲔ ﰲ ﺍﳊـﻖ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﰲ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ! ﺍﳊﻖ ﻫﻮ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺃﻧﺘﻢ ﻳﺎ ﺧﻠـﻖ!‬
‫ﺍﳊﻖ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﰲ ﺍﻟﻨﻔـﻮﺱ ﻭﺍﻷﻫﻮﻳـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻳ‪‬ﻔﻠﺢ‬
‫ﻱ‪ .‬ﻻ ﺗﺰﺍﺣﻢ‬ ‫ﱄ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻷﺑﺪ ‪‬‬ ‫ﺣﱴ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻘﺮﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﺍﻷﺯ ﱢ‬
‫ﻚ ﻭﺣﻼﻭﺗـﻚ‬ ‫ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻖ ﻓﻤﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﺧﱪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ! ﺃﻧﺖ ﻋﺒﺪ ﺧﺒﺰﻙ ﻭﺃ ‪‬ﺩ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻭﺛﻴﺎﺑﻚ ﻭﻓﺮﺳﻚ ﻭﺳﻠﻄﺎﻧﻚ!‬
‫"ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﱃ ﺍﳋﺎﻟﻖ‪ ،‬ﻳﺮﻯ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻳﺴﻠﻢ‬
‫ﻒ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﳋﻠﹶﻒ‪ .‬ﻫـﻢ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﳚﻮﺯ‪ .‬ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺑﻌﻠﻤﻬﻢ ﻧﻮ‪‬ﺍﺏ ﺍﻟﺴﻠ ‪‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٤٩‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻘﺪﻣﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻳﺄﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﻭﻳﻨـﻬﻮﻥ ﻋـﻦ‬

‫ﺧﺮﺍ‪‬ﺎ)…( ﻭﻗﺪ ﻣﺜﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻌﻠﻤﻪ ﺑﺎﳊﻤـﺎﺭ‬
‫ﰲ ﻗﻮﻟﻪ‪
:‬ﻛﻤﺜﻞ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﳛﻤﻞ ﺃﺳﻔﺎﺭﹰﺍ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳉﻤﻌﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٥ :‬ﺍﻷﺳﻔﺎﺭ ﻫﻲ ﻛﺘﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﻫﻞ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﺑﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ؟ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻣﻨـﻬﺎ ﺳـﻮﻯ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻟﻨﺼﺐ‪.‬‬
‫"ﻣﻦ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻋﻠﻤﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺧﻮﻓﻪ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻃﻮﺍﻋﻴﺘـﻪ‬
‫ﻟﻪ‪ .‬ﻳﺎ ﻣ‪‬ﺪﻋﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ! ﺃﻳﻦ ﺑﻜﺎﺅﻙ ﻣﻦ ﺧﻮﻑ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ؟ ﺃﻳﻦ ﺣـﺬﺭﻙ‬
‫ﻭﺧﻮﻓﻚ! ﺃﻳﻦ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻚ ﺑﺬﻧﻮﺑﻚ! ﺃﻳﻦ ﻣﻮﺍﺻﻠﺘﻚ ﻟﻠﻀﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻈﻼﻡ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ! ﺃﻳﻦ ﺗﺄﺩﻳﺒﻚ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻭﳎﺎﻫﺪﺗ‪‬ﻬﺎ ﰲ ﺟﺎﻧـﺐ ﺍﳊـﻖ ﻋـﺰ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺟﻞ!"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺎﻗﻞ ﻋﺎﱂ ﻣﻨﺎﺝ ﻣﺘﻘﺮﺏ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ‪:‬‬
‫
م
‪.A‬א ‪   
5ْ&FJGV‬و‪ X5ْ&*+C8+

i;<
-9‬‬
‫‪
H#+`19r%A‬و‪ !
5HG&st

Hm1O   :&J‬‬
‫ون‪   
H

5rv1CO>%‬و*‪
+

C#)O‬ذن‪X5wC)* &F‬؟ ‬
‫‪ 
5)Hx‬‬‫‪9‬ذ=א&‪siCO   :H/#L87‬ق &‪* ً:*wG=%‬‬
‫
ذ‪O1L‬א‪A34H‬و*‪ X5)C 
7&fX&،
U4*
{
5C=   
7z4r‬‬
‫‪
H9‬א|ن
‪   
H#‬و&‪
Y
}=&eR‬ل‪1‬א‪ 
5)H
7Cx‬‬
‫و‪~
x
U41€-‬و‪
4&   a1zi‬א‪
5ْ&JF 
+1+‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ ُــ? ‪2‬ــــ ٍ ‪3‬ـ‪/‬ــ‪5‬ـُـــــ
‪/‬‬ ‫‪BY$3 U‬ـ‪C‬‬
‫\‪3‬ــ[َ‪3F /03Z‬ــ ‪7‬‬
‫‪3‬ــــ‪52‬ـــ‪َ:/R3 I ،‬ـــ)‪/
7‬‬ ‫‪* +‬ــ ِ
]ُْــ ِ ‪َْ2‬ـ‪Q‬‬
‫‪ِZُK
C‬ـــــــ ‪A/‬‬
‫‪ِY‬ـــ‪/D3
5a‬ـــ ‪7‬‬ ‫
`ُ)‪3% 3+ ُ3َ[ _3‬ـ‪3‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٦٧‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫

‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﻧﻄﻤﻊ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻠﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻫﺐ‬
‫ﱄ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻭﻳﻘﻴﻨﺎ ﻭﻣﻌﺎﻓﺎﺓ ﻭﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻒ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺴـﻠﻢ‬ ‫ﻳﻬﺎﺟﻢ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﻮﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ ﻭﻳﻨﺴﺒﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﲣﻠ ‪‬‬

‫ﻭﺧﺮﺍﻓﻴﺘﻪ ﻭﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﳌﻨﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﳊﻜﺎﻳﺎﺕ ﻭﻛﺘﺐ ﺍﳌﻨﺎﻗﺐ ﺍﶈﺸﻮﺓ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻭﺍﳊﻞ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻫﻮ ﻗﻄـﻊ ﻣـﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﳋﺮﺍﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﳍﺎ ﻭﺗﺒﲏ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‪ .‬ﻭﻣـﻦ ﻫﻨـﺎ ﺟـﺎﺀﺕ‬
‫ﳏﺎﻭﻻﺕ ﺃﺻﺤﺎﺏ "ﺍﻹﺻﻼﺡ" ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻧﻜﺮﻭﺍ ﺍﳌﻌﺠﺰﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺃﻭ‪‬ﻟﻮﺍ ﻭﺟـﻮﺩ‬
‫ﺍﳉﻦ‪ ،‬ﻭﻫﻮ‪‬ﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﻭﺍﻟﻮﺣﻲ ﺣﱴ ﺟﻌﻠﻮﻫﺎ ﻧﻮﻋﺎ ﻣـﻦ ﻓﻄـﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﻨﻤﻞ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﻭﺍﳊﺸﺮﺍﺕ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﲣﺮﻳﺐ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪﻩ‪ .‬ﻓﻼ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻛﺘﺴﺒﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﺣﻔﻈﻨﺎ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌـﺎﱂ ﺇﻥ‬
‫ﺧﺴﺮﻧﺎ ﺁﺧﺮﺗﻨﺎ ﻭﺿﻴﻌﻨﺎ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ‪‬ﻭﻛ‪‬ﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﲪﻠﹸﻬﺎ؟‬
‫ﺇﻥ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﳌﻨﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﳊﻜﺎﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺟﻨﺎﻳ ﹲﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴ‪‬ـﺔ ﰲ‬
‫ﺺ ﻇﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺿﻌﻔﺖ ﺇﻓﺎﺩﺍ‪‬ﻢ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺭﺍﺟﺖ‬ ‫ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ‪ .‬ﻭﳌﹼﺎ ﺗﻘﱠﻠ ‪‬‬
‫ﺖ ﰲ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﻌ‪‬ﺮﺍﻓﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺓ ﻭﺍﻟﺴـﺤﺮ ﻭﺗﻌـﺒﲑ ﺍﳌﻨـﺎﻡ‪،‬‬ ‫ﺍﳋﺮﺍﻓﺔ ﻭ‪‬ﻧ ﹶﻔ ﹶﻘ ‪‬‬
‫ﻳﺘﺼﺪ‪‬ﻯ ﻟﺘﻌﺒﲑﻩ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻜﺎ ﱢﻝ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺐ‬
‫ﻭﺩﺏ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﺒﲎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﺰﺍﺋﻢ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ﹾﻔﺼ‪‬ﻞ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻌﻮﻳﺺ ﻇﻬـﻮ ‪‬ﺭ‬
‫ﻉ ﺃﻭ ﻟـﻤ‪‬ﺘﺤﻠﱢﻢ ﳏﺘﺮﻑ‪.‬‬ ‫ﺷﺒ ﹺﺢ ‪‬ﺷ‪‬ﻴ ﹴﺦ ﳊﺎﱂ ‪‬ﻣ‪‬ﺘ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ ﹴ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ‪ ،‬ﺍﳊﻔﻠ ﹸﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺧﻄﻮﻃـﻪ ﺍﳍﺎﺗﻔﻴـﺔ‪،‬‬

‫ﻳﻮﺣﻲ ﺇﱃ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻡ ﻣﺎ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﻔﻬﻴﻤﻪ ﻟﺒﻠﺪﺍﺀ ﺃﻧﺼﺎﺭﻩ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﻼﻋـﺐ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪ .‬ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺃﻭ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻟﻪ ﺻﺎﺩﻕ ﺣﺎﺩﺛﺔ‬
‫ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪ‪‬ﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻮﻫـﻮﺏ ﺍﳍﺪﺍﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻋﺎﺟﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻯ ﺑﺎﻟﻔﻼﺡ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺰﻟﹾﻔﻰ ﻋﻨـﺪ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ‬
‫ﻭﺗﻘﺪﺱ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﺎ ﻗﺼﻪ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪ .‬ﻓﺮﺅﻳﺎﻫﻢ ﻭﺣﻲ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﻳﻮﺣﻰ ﺇﻟـﻴﻬﻢ‬
‫ﻣﻨﺎﻣﺎ ﺻﺪﻕ ﻟﻌﺼﻤﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻦ ﻋﺒﺪﻩ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﳌـﺎ‬
‫ﺻﺪﻕ ﺭﺅﻳﺎ ﺫﺑﺢ ﻭﻟﺪﻩ ﻭﺑﺪﺃ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ‪
:‬ﻓﻨﺎﺩﻳﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﻳﺎ ﺇﺑـﺮﺍﻫﻴﻢ ﻗـﺪ‬
‫ﺻﺪﻗﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺇﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﳒﺰﻱ ﺍﶈﺴﻨﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٠٥ :‬‬
‫ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻭﺍﳌﺮﺃﺓ ﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺒـﺎﺭ ﺇﱃ‬
‫ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻵﻳﺔ‪ .‬ﺭﺅﻳﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻣﺮ ﺇﳍﻲ ﻛﻮﱐ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﺑﺘﻼﺀ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺍﺑﺘﻠﻲ ﺑـﻪ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﰲ ﻭﻟﺪﻩ‪ ،‬ﻓﺎﻗﺘﺤﻢ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ‪ ،‬ﻋﻘﺒﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﻟﻌـﺎﺩﺓ ﻭﺍﳊﻨـﺎﻥ‬
‫ﺍﻷﺑﻮﻱ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻓﺎﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﳌﺨﱪﺓ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﻗﻊ‬
‫ﻛﺬﺍ ﺃﻭ ﺳﻴﻘﻊ ﻛﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺑﻼﺀ ﺃﻭ ﺗﻘﺘﺮﺡ ﺧﻴﺎﺭﺍ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﺷﺄﻥ‬
‫ﻋﻈﻴﻢ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﰲ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳـﻒ‪ ،‬ﻟﻜﻨـﻬﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﰲ ﺷﻲﺀ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟـﻤ‪‬ﻄﺎﺑﻘ ﹶﺔ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻀﻰ‬

‫ﺃﻭ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﰲ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ‪ ،‬ﻭﲣﺘﻠﻂ ﻣﻨﺎﺑﻌ‪‬ﻬﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪ‪‬ﺭ ﺇﳍﻲ ﻣـﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴـﻪ ﻭﻣﻘﺎﺻـﺪﻩ‬
‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺍﺑﺘﻼ ُﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﺸﺮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺭﺑـﻪ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻳﻪ ﻭﺟﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﺴﻤﻌﻪ ﻣﻨﻪ ﻭﻣـﻦ‬
‫ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻮﺯ‪ ،‬ﻭﲤﺜﻞ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﺍﻻﻧﻀﻮﺍﺀ‬
‫ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻌﻘﺪ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﺑﻌﺪ ﺻـﻼﺓ‬
‫ﺍﻟﻔﺠﺮ ﳎﻠﺴﺎ ﻳﺴﺄﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﺭﺅﺍﻫﻢ ﻓﻴﻌﱪﻫﺎ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﻘﺺ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﺅﺍﻩ‬
‫ﻭﻫﻲ ﻭﺣﻲ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺃﻭ ﺍﳌﻀﺮﻭﺏ ﻣﺜﻼ‪ .‬ﻋﻦ ﲰﺮﺓ‬
‫ﺑﻦ ﺟﻨﺪﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﳑـﺎ‬
‫ﻳﻜﺜﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ‪" :‬ﻫﻞ ﺭﺃﻯ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﺭﺅﻳﺎ؟" ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ‬
‫ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﰲ "ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ"‪ ،‬ﺑﺎﺏ "ﺗﻌﺒﲑ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺑﻌﺪ ﺻـﻼﺓ‬
‫ﺍﻟﺼﺒﺢ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﺼﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻓﻴﻌﺒ‪‬ـﺮ‬
‫ﻭﻳﺆﻭﻝ ﻭﻳﻮﺟﻪ ﻭﻳﺮﺑ‪‬ﻲ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻈﻢ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻏﺎﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﺭﺅﻳﺎ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻳﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺒ ‪‬ﺪ ﺭﺑﻪ ﰲ ﺍﳌﻨـﺎﻡ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﳊﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ‪ .‬ﻭﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﺍﺡ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻧﺴﺒﺔ‬

‫ﺍﳉﺰﺀ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺟﺰﺀﺍ ﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻘﺘﺼﺮﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻳﺎ ﺍﳌﻨﺎﻡ ﺇﱃ ﻣﺪﺓ‬
‫ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻭﻫﻲ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺳﻨﺔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺗﻔﺴﲑ ﻭﺍ ‪‬ﻩ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﻭﺣـﻲ‬
‫ﺇﳍﻲ ﻭﻛﻼﻡ ﺇﳍﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ ﳛﻤـﻞ ﺍﻟﺒﺸـﺮﻯ ﺃﻭ‬
‫ﺗﻠﻤﻴﺢ ﻳﻮﺣﻲ ‪‬ﺎ ﻭﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺗﻌﺒﲑ‪.‬‬
‫ﻭﻭﺭﺩ ﰲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﲔ‪ ،‬ﻭﻏـﲑ‬
‫ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻏﲑﻩ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﱂ ﻳﺒﻖ ﺑﻌﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺇﻻ ﺍﳌﺒﺸﺮﺍﺕ" ﻗﺎﻟﻮﺍ‪:‬‬
‫"ﻭﻣﺎ ﺍﳌﺒﺸﺮﺍﺕ؟" ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ"‪ .‬ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻋـﻦ ﺃﰊ‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻭﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﲔ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺃﻻ ﺇﻥ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻻ ﺧﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ‬
‫ﻫﻢ ﳛﺰﻧﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻘﻮﻥ ﳍﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻯ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٢ :‬ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼـﺎﳊﺔ‬
‫ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻭ ﺗﺮﻯ ﻟﻪ"‪ .‬ﻭﻛﺬﺍ ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﳌﹼﺎ ﲰﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺑﺒﻘـﺎﺀ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‪ ،‬ﻳﻬﺘﺒﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻭﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻭﳛﺘﻔﻠﻮﻥ‪ .‬ﻛﻴﻒ‬
‫ﻻ ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﻫﻢ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺑﺒﻘﺎﺋﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﺰﻥ ﻭﺷﺪﺓ‪ .‬ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ‬
‫ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺪ ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ‪ ،‬ﻓﻼ ﺭﺳﻮﻝ ﺑﻌﺪﻱ ﻭﻻ ﻧﱯ"‪ .‬ﻓﺸﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﻟﻜﻦ ﺍﳌﺒﺸﺮﺍﺕ" ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ! ﻭﻣﺎ ﺍﳌﺒﺸـﺮﺍﺕ؟ ﻗـﺎﻝ‪" :‬ﺭﺅﻳـﺎ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪" :‬ﺇﻥ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﻦ ﺃﺻـﺤﺎﺏ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻘﺼﻮ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ ﻏﻼﻡ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺴـﻦ‪،‬‬
‫ﻭﺑﻴﱵ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﹶﺃ‪‬ﻧ ‪‬ﻜ ‪‬ﺢ‪ .‬ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﺴﻲ‪ :‬ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻚ ﺧﲑ ﻟﺮﺃﻳﺖ‬
‫ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻫﺆﻻﺀ !"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻭﺫﻛﺮ ﺭﺅﻳﺎ ﻟﻌﺒﺪ ﺍﷲ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﺃﻧﻪ ﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ .‬ﻓﻘﺼﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺘﻪ ﺃﻡ ﺍﳌـﻮﻣﻨﲔ‬
‫ﺣﻔﺼﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺼﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬
‫ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺭﺟﻞ ﺻﺎﱀ"‪.‬‬
‫ﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﳛﺘﻔﻠﻮﻥ ﺑﻮﺣﻲ ﺍﳌﻨـﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻜـﺬﺍ ﻳﻌﺘـﱪﻩ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﳊﻮﻥ ﻛﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺘﱪﻭﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﱪﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺑﺮﺍﺀﺓ ﻭﻣﻨﺸﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺮﺍﺋﻲ ﺃﻭ ﺍﳌﺮ‪‬ﺋ ‪‬ﻲ ﻟﻪ "ﻓﻴﻪ ﺧﲑ"‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﲣﺼﺺ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻟﻠﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ‪ ،‬ﺃﻭ "ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ"‬
‫ﺩﻻﻟ ﹰﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﻣﻦ ﺻ‪‬ﻠﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻣﻦ‬
‫ﻫﻮﺍﻣﺸﻪ‪ .‬ﻭﻳﺮﻭﻱ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ‪‬ﺣ ‪‬ﺰﻧ‪‬ـﻪ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺑﺮﺅﻳﺎ ﺳﻮﺀ‪ ،‬ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻌﺒﲑﻫﺎ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ‬
‫ﻳﺮﺟﻮﻥ ﻭﻳﻀﺮﻋﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺭﺅﻳﺎ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻳﻘﺺ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺭﺅﻳﺎﻩ ﻭﺑﺸﺎﺭﺗ‪‬ﻪ ﻟﺰﻳﺪ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬
‫ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ‪ .‬ﻭﲤﺘﻠﺊ ﻛﺘﺐ ﺍﳌﻨﺎﻗﺐ ﻭﺻﺤﻒ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺑﺮﺅﻳﺎ ﺍﻷﻣـﻮﺍﺕ‬
‫ﻳﻘﺼﻮﻥ ﻣﺎ ﻟﻘﻮﺍ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﷲ ‪‬ﻢ‪ .‬ﻓﻴ‪‬ﻌﺘﱪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳌﻌﺘﱪ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻮﺏ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺋﺐ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﺑﻘﻴﺔ ﺻﺎﳊﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻭﺻ‪‬ﻠﺔ ﺩﺍﺋﻤـﺔ ﺑﺎﻟﻐﻴـﺐ‪.‬‬
‫ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﲔ ﻭﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﻣﻦ ﺍﺳـﺘﻌﻤﺎﻝ ﻟﻸﺣـﻼﻡ ﰲ‬
‫ﺍﺳﺘﻜﻨﺎﻩ ﺍﳌﻐﻴﺒﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﺍﻟﻔﻀﻮﱄ ﳌﺎ ﺳـﻴﻘﻊ‪ ،‬ﻭﺗﻔﺴـﲑ ﺍﻟﺸﺨﺼـﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻏﻮﺍﻣﻀﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻭﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺫﺧﺮ ﺍﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻟﻼﺣﻘﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﹸﺫ ‪‬ﺧ ‪‬ﺮ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ‬
‫ﻟﺘﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻟﲑﺟﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺇﺳﻼﻡ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﲟﻴـﺰﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺭﻛﻨﻪ ﺍﻟﺮﻛﲔ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﺭﺳـﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﱂ ﺗﻜﺪ ﺭﺅﻳـﺎ ﺍﳌـﻮﻣﻦ‬
‫ﺗﻜﺬﺏ"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﺍﺡ‪ :‬ﺍﻗﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﺍﳋﺮﻳﻒ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻲﺀ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻣـﻦ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﻳﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﳍﺬﺍ ﻇﻬﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﰲ ﺟﻬﺎﺩ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻇﻬﻮﺭﺍ ﱂ ﻳﺴﺒﹺﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴـﻞ ﻣﻨـﺬ ﻋﻬـﺪ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺫﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻫﻲ )ﺍﻟﺮﺅﻳـﺎ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ( ﻋﻨﺪ ﺍﻗﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗ‪‬ﺨﻄﺊ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟـﻨﱯ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ :‬ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺁﺛﺎﺭﻫﺎ‪ .‬ﻓﻴﺘﻌﻮ‪‬ﺽ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻣﺎ ﰲ ﺯﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﻔﻲ ﻇﻬﻮﺭ ﻧﻮﺭﻫﺎ ﻭﻗﻮ‪‬ﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﻐﲏ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻧﻈ ‪‬ﲑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﻌﺪ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﱂ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬
‫‪١‬‬
‫ﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺋﻬﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻘﻮﺓ ﺇﳝﺎ‪‬ﻢ ﻭﺍﺣﺘﻴﺎﺝ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﻀ‪‬ﻌﻒ ﺇﳝﺎ‪‬ﻢ"‪.‬‬
‫ﻋﻦ ﺿﻌﻒ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﻃﺮﻳﻖ ﺗﻘﻮﻳﺘﻪ ﺣﺪ‪‬ﺛﻨﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳉﻠﻴـﻞ ﻋﺒـﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ .‬ﻳﻘﻮﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﻫﺮ‪‬ﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﺳـﻘﲔ ﻭﺍﳌﻨـﺎﻓﻘﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺤـﻖ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﺎﳊﲔ ﺍﻟﺼﺪ‪‬ﻳﻘﲔ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺃﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﱂ ﺗﻔﺮﻕ ﺑـﲔ ﺍﻟﺼـﺎﱀ‬
‫ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﻓﻘﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺻﻞ ﺭﻛﻌﺘﲔ ﰒ ﻗﻞ‪ :‬ﻳﺎ ﺭﺏ ﺩﻟﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ‪ .‬ﺩﻟﹼﲏ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻟﲏ ﻋﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻄﻌﻤﲏ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻣﻚ‪ ،‬ﻭﻳﺴـﻘﻴﲏ‬
‫ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺑﻚ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ﹾﻜﺤ‪‬ﻞ ﻋﲔ ﻗﻠﱯ ﺑﻨﻮﺭ ﻗﺮﺑﻚ‪ ،‬ﻭﳜﱪﱐ ﲟـﺎ ﺭﺃﻯ ﻋﻴﺎﻧـﺎ ﻻ‬
‫ﺗﻘﻠﻴﺪﺍ‪ .‬ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺃﻛﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻡ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪ ،‬ﻭﺷـﺮﺑﻮﺍ ﺃﹸﻧﺴ‪‬ـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺷﺎﻫﺪﻭﺍ ﺑﺎﺏ ﻗﺮﺑﻪ‪ .‬ﱂ ﻳﻘﻨﻌﻮﺍ ﺑﺎﳋﱪ‪ ،‬ﺑﻞ ﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﻭﺻـﺎﺑﺮﻭﺍ ﻭﺳـﺎﻓﺮﻭﺍ‬
‫ﻋﻨﻬﻢ ﻭﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺣﱴ ﺻﺎﺭ ﺍﳋﱪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻴﺎﻧﺎ‪ .‬ﳌﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﱃ ﺭ‪‬ﻢ ﺃﺩ‪‬ﻢ‬
‫ﻭﻫﺬ‪‬ﻢ ﻭﻋﻠﻤﻬﻢ ﺍﳊ‪‬ﻜﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‪ .‬ﺃﻃﻠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻟـﻴﺲ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣ‪‬ﻌﻄﻲ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﳏﺮﻙ ﻭﻻ‬
‫ﺿ ‪‬ﻲ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣ‪‬ﻌﺰ ﻭﻻ ﻣﺬ ﱠﻝ ﻏـﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻻ‬ ‫ﻣﺴﻜﱢﻦ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪،‬ﻭﻻ ﻣﻘﺪ‪‬ﺭ ﻭﻻ ﻗﺎ ‪‬‬
‫ﻣﺴﻠﱢﻂ ﻭﻻ ﻣﺴﺨ‪‬ﺮ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻗﺎﻫﺮ ﻏﲑ‪‬ﻩ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٥٠‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻳﺮﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﻓﲑﻭﻧﻪ ﺑﺄﻋﲔ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭﻫﻢ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠـﺪﻧﻴﺎ‬

‫ﻭﻣ‪‬ﻠﻜﻬﺎﻋﻨﺪﻫﻢ ﻗﺪﺭ ﻭﻻ ﻭﺯﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﹶﺃﺭﹺﻧﺎ ﻛﻤـﺎ ﺃﺭﻳﺘـﻬﻢ ﻣـﻦ ﺍﻟﻌﻔـﻮ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻣﺎ ﺃﺭﺍﻛﻢ ﺗﻔﻘﻬﻮﻥ ﻣﺎ ﺃﻗـﻮﻝ! ﻋﻠـﻴﻜﻢ ﺑـﺪﻻﻻﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻹﺻﻐﺎﺀ ﺇﱃ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ .‬ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻛـﺎﻟﻮﺣﻲ‬
‫ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﻭﺑﺄﻣﺮﻩ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌـﻮﺍ ‪‬ﻡ ﺍﻟﻄﱠﻐـﺎ ﹺﻡ‪.‬‬
‫ﺱ! ﺗﺆﻟﻒ ﻛﻼﻣﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺗﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ‪ .‬ﺇﻥ ﺿﺎﻉ ﻛﺘﺎﺑﻚ ﻣـﺎ‬ ‫ﺃﻧﺖ ‪‬ﻫ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺗﺼﻨﻊ؟ ﺃﻭ ﻭﻗﻊ ﺍﳊﺮﻳﻖ ﰲ ﻛﺘﺒﻚ؟ ﺃﻭ ﺍﻧﻄﻔﺄ ﻣﺼﺒﺎﺣ‪‬ﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﺼﺮ ﺑﻪ؟ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺍﻧﻜﺴﺮﺕ ﺟﺮ‪‬ﺗﻚ ﻭﺗﺒﺪﺩ ﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻬﺎ؟)…(‬
‫ﺤﻮ‪‬ﺍ ﻳﺎ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻘﻠﻘﺔ‪ ،‬ﻳﺎ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼ‪‬ﺤﻒ ﺍﳌﺆﻟﻔﺔ ﺑﺄﻳـﺪﻱ ﺍﻟﻨﻔـﻮﺱ‬ ‫"ﺗﻨ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻷﻫﻮﻳﺔ‪ .‬ﻭﻳﻠﻜﻢ! ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﻥ ﺍﳌﺨﺼﻮﺹ! ﺗ‪‬ﻨﻘﺼﻮﻥ ﻭ‪‬ﻠﻜﻮﻥ! ﻭﻻ ﺗﺒﻠﻐﻮﻥ‬
‫ﺣﻈﻜﻢ! ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻐﲑ ﺍﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠـﻢ ﲜ‪‬ﻬـﺪﻛﻢ! ﻛﻮﻧـﻮﺍ ﻣـﻮﻣﻨﲔ‬
‫ﻣﺴﻠﻤﲔ)…(‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﺳﺘﻄﺮﺣﻮﺍ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻧﺴﻮﺍ ﻟ‪‬ـ ‪‬ﻢ ﻭﻛﻴـﻒ‬
‫ﻭﺍﻓﻌ ﹾﻞ ﻭﻻ ﺗﻔﻌﻞ‪ .‬ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﻫﻢ ﻭﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﳋﻮﻑ‪.‬‬
‫ﻭﳍﺬﺍ ﻭﺻﻔﻬﻢ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻘﺎﻝ‪
:‬ﻳﻮﺗﻮﻥ ﻣﺎ ﺁﺗﻮﺍ ﻭﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﺟﻠﺔ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٠ :‬ﳝﺘﺜﻠﻮﻥ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺘﻬﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻫﻴﻪ‪ .‬ﻭﻳﺼـﱪﻭﻥ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺋﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺸﻜﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻄﺎﺋـﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺴـﻠﱢﻤﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴـﻬﻢ ﻭﺃﻣـﻮﺍﳍﻢ‬
‫ﻭﺃﻭﻻﺩﻫﻢ ﻭﺃﻋﺮﺍﺿﻬﻢ ﺇﱃ ﻳﺪ ﺳﺎﺑﻘﺘﻪ ﻭﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﺟﻠﺔ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺍﻟﻌـﺎﺭﻑ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١١٩‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺤ ‪‬ﻲ ﻋﲏ ﻓﺈﱐ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬ ‫ﺇﺫﺍ ﺯﻫﺪ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻳﻘﻮﻝ ﳍﺎ "‪‬ﺗ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺖ ﲢﺠﺒﻴﻨﲏ ﻋﻦ‬
‫ﻚ ﻭﺃﻧ ‪‬‬
‫ﺖ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﻭﺍﺣﺪ! ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺠﺒﲏ ﻋﻨ ‪‬‬ ‫ﺃﻧ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺭﰊ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ! ﻻ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﳛﺠﺒﲏ ﻋﻨﻪ!"‬
‫ﻗﺎﻝ ﺯﺍﻫﺪ ﻣﺘﺸﻮﻕ ﺇﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬
‫‪
c‬א‪
L-Ces‚A}ƒ„   
15OH49‬‬
‫
‪<…/O,*1w) =%‬א‪*

 L
7H8&]   ,*1D5‬‬
‫‪
L-H‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﻣﺒﺘﻠﻰ‪:‬‬

‫*= ‪،%)5D‬ود†א‪34H&d9‬א ‪   :‬و‪W5‬د†א‪w‬ق‪G=X5)HC‬א&‪e‬‬
‫وذ‪   
9
H=3Q

b`1L‬و‪G=C‡7k
rGH5‬א‪Cm1) D5‬‬
‫&‪%
:
 #‬؟&‪
H=   :%‬א‪
7C1s *ˆC-‬א‪ Ce)/*9‬‬
‫‪ mV"9C‬‬
‫=‪   G=
/F†i/JA‰%&C‬و‪
X/ …/)9C‬ل‪*
F:‬א"‪ Ce)W‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻭﺍﻣ ‪‬ﻖ ﻣﻔﺎﺭﻕ ﻟﺸﺎﺋﻖ‪:‬‬

‫=
‪
5CO   8+
€Q"7
-‬א@ ‪Š1U :‬و‪ 
VwO‬‬
‫‪-8L‬و‪‹ŒC#{
J?
7=C%4‬א   ‪
7&+‬و‪
P‬د
و‪ 
4w‬‬
‫]
=…دא
א‪WI9D,7O%
   
7FJ) * <,c‬א‪ X/&b‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫>َ ْ‪َ<َc
ِ $3 /)3+ C5# 30J‬ـــ 
`ُــ ِ‪Bb‬‬ ‫*‪]
(5 3 ]ْ 3 A/ 5+ ?7‬ـ ‪C3\ُ> 3 _3‬‬
‫‪ْ]7D g‬ـــ ٍ ‪Bb54$3‬‬
‫‪/Zَ2 C5# ٌT7\3‬ـ ِ‬ ‫‪ ِ َW e‬ــــ ٍ‬
‫‪َf‬ــَْــــٌ ‪5J A/ 3‬ــــ)‪d $3 5
3‬‬
‫‪5+j5 C‬ــ‪َ
5‬ـــ‪Bb‬‬
‫‪/D3
C5# ?kُl‬ــ ِ‬ ‫‪5/Y>3 / ُ2‬ـــ ‪َ# /‬ـــ‪/3 ?
ِi‬ـــ)‪ِRَ ِh 3‬ــــ‪C‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٩٢‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﳔﻔﻲ ﻭﻣﺎ ﻧﻌﻠﻦ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﳜﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻣﻦ‬
‫ﺷﻲﺀ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ .‬ﺍﳊﻤﺪ ﷲ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬﱐ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺓ‬
‫ﺃﻭ ﺗﺬﺭﱐ ﰲ ﻏﻔﻠﺔ ﺃﻭ ﲡﻌﻠﲏ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﲔ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺣﺎﺳﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺁﻟﺔ ﻟﺘﻠﻘﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﺳﺘﺒﺼـﺎﺭ‬
‫ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﺳﺘﺸﻔﺎﻑ ﺍﳌﻐﻴ‪‬ﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﱪﺃ ﺍﻟﻘﻠﺐ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺿﻪ ﰲ ﻣ‪‬ﺼﺤﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﲎ ﺑﻪ ﻳ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺼـﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺼـﻘﹸﻠﻪ‬
‫ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﻳﻜﺸﻒ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻨﻪ ﻏﻄﺎﺀﻩ‪ ،‬ﻟﻴﺠﺪ ﻣﺎ ﻭ‪‬ﻋـﺪ ﺍﻟﺼـﺎﺩﻗﻮﻥ‬
‫ﺑﺈﺧﻼﺹ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﰲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪.‬‬
‫ﺐ‬
‫ﻣﺎ ﻛﻞ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻳ‪‬ﻌﻄﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﺍﳊﺠ ‪‬‬
‫ﻟﻠﻌﲔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑـﻪ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺳـﻪ ﺑﺎﻟـﺪﻋﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﻭﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺣﺠﺎﺑﺎ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻓﺘﻨﺔ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻃﻠـﺐ‬
‫ﺍﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ ﳏﻤﻮﺩﺍ ﻭﻣﺄﻣﻮﺭﺍ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ ﳊﺒﻴﺒﻪ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪
:‬ﻭﻗﻞ ﺭﺏ ﺯﺩﱐ ﻋﻠﻤﺎ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﻃﻪ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪:‬‬

‫ﻑ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳊﻖ ﻣﺮﻳﺪ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻗﺪ ﺯﺍﻍ ﻋـﻦ‬ ‫‪ (١١٤‬ﻗﺪ ﻳﺼﺮ ‪‬‬
‫ﻗﺒﻠﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﳊﻈﻮﻅ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﻫـﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳍﺎﻟﻜﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﳌﺸـﺮﻛﲔ ﻣـﻦ ﻳﻔـﺘﺢ ﺍﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻮﺍﳌﹶﻪ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻓﻴﻄﱠﻠﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﺑـﺘﻼﺅﻩ ﻭﻛﻴـﺪ‪‬ﻩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﻜﺮ‪‬ﻩ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻴﻐﺮﻗﻮﻥ ﰲ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺼﺮﻓﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﳊـﻖ‬

‫ﻭﻋﻦ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺇﱃ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴـﺔ‪ .‬ﻫـﺆﻻﺀ ﻫـﻢ ﺃﺻـﺤﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺎﺕ ﻣﻦ ﻳﻮﻛﻴﲔ ﻭﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﻭﻳﺴﻤ‪‬ﻰ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺘﺤﺎ ﻇﻠﻤﺎﻧﻴﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ‬
‫ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﻋﻨﻮﺍ‪‬ﺎ "ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ"‪" .‬ﻃﻮﺍﺋﻒ‬
‫ﻛﺜﲑﺓ ﺁﻝ ﺍﻷﻣﺮ ‪‬ﻢ ﺇﱃ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟ ﹶﻘﺪ‪‬ﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻇﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﻣـﻦ‬
‫ﺷﻬﺪﻫﺎ ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻭﺍﻟﻮﻋﺪ ﻭﺍﻟﻮﻋﻴـﺪ‪ ،‬ﻭﻫـﺬﺍ ﻫـﻮ ﺩﻳـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ"‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺃﺣﺒﺎﺏ ﺍﷲ‪ ،‬ﳑﻦ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ‪ ،‬ﻓـﺈﻥ ﻋﻨﺎﻳـﺔ‬
‫ﻚ ‪‬ﻢ ﻓ‪‬ﺠﺎﺝ ﻣﺸـﺎﻫﺪﺓ "ﺍﳊﻘﻴﻘـﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴـﺔ‬ ‫ﺍﳌﻮﱃ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺗﺴﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﺪﺭﻳﺔ" ﻭﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻭﻥ ﳐﺎﻃﺮﻫﺎ ﻭﺇﻏﺮﺍﺀﻫﺎ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺷﻌﺎﺭ‪‬ﻫﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ :‬ﻭﺇﻧﻚ ﻟـﺘﻌﻠﻢ ﻣـﺎ‬
‫ﻧﺮﻳﺪ‪.‬‬
‫ﻟﻨﺴﻤﻊ ﺇﱃ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺍﳌﺘـﻮﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻔـﺘﺢ‬
‫ﺚ ﺧﺮﺍﻓـﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺃﻥ ﻣﺒﺎﻟﻐـﺔ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺣﺪﻳ ﹸ‬
‫ﺖ ﻟﻠﺸﻬﺎﺩﺓ‬‫ﻭﳎﺎﺯﻫﻢ ﻭﻛﻨﺎﻳﺘﻬﻢ ﻭﻟﻐﺘﻬﻢ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ‪‬ﺳ‪‬ﺒ ‪‬ﺢ ﺧﻴﺎ ﹴﻝ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺍﺳ‪‬ﺘ ‪‬ﺪﻋ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﳛﻈﻰ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺇﻥ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻭﻳﻔﺘﺨﺮ ﻭﻳﺘﺤﻤ‪‬ﺪ "ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ" ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ‪ .‬ﻭﺳﺘﺮﻯ ﺃﻥ‬
‫ﺻﺎﺣﺐ "ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ" ﺃﺑﹶﻠ ﹸﻎ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻭﺃﺷ ‪‬ﺪ ﺣﺮﺻﺎ ﻭﺃﺛﺒﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻨﲑﻳﺔ ‪.٢٥١‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻧﺴـﺘﻤﻊ ﺃﻭﻻ ﺇﱃ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﻔﺘﺢ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﹶﻃ ‪‬ﻮ ﹺﺭ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳊ ‪‬‬
‫ﺇﻣﺎﻡ ﺻﻮﰲ‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪﻩ ﺇﱃ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﺸﺎﺭﻙ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪" :‬ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮﺓ ﺃﻥ ﻳ ‪‬ﻘ ‪‬ﺮ ﺑﺈﺛﺒﺎﺕ ﻃـﻮﺭ ﻣـﺎ ﻭﺭﺍﺀ‬
‫ﲔ ﻳﺪﺭﻙ ‪‬ﺎ ﻣﺪﺭ‪‬ﻛﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻌﺰﻭﻝ ﻋﻨـﻬﺎ‬ ‫ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬ﺗﻨﻔﺘﺢ ﻓﻴﻪ ﻋ ‪‬‬
‫ﻛﻌﺰﻝ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﲨﻴـﻊ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳊﻮﺍﺱ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﻘﻮﻻﺕ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻃﻮﺭ ﺁﺧﺮ ﺗﻨﻔﺘﺢ ﻓﻴﻪ ﻋﲔ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﺒﺼـﺮ ‪‬ـﺎ‬
‫ﺍﻟﻐﻴﺐ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻣﻮﺭﺍ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻌـﺰﻭﻝ ﻋﻨـﻬﺎ‬
‫ﻛﻌﺰﻝ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﻘﻮﻻﺕ‪ ،‬ﻭﻛﻌﺰﻝ ﻗـﻮﺓ ﺍﳊـﺲ ﻋـﻦ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﺪﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ"‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴـﺎﺀ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﻟﻪ ﰲ "ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ" ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ ﻋﻦ ﻓﺘﺢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﻣﺎ ﻳ‪‬ﻌﻄﺎﻫﻢ ﻣﻦ‬
‫ﱐ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻗﻴﺎﻣﺔ ﺍﳌﻜﺬﺑﲔ ﻣﻨﺬ ﺗﺴﻌﺔ ﻗﺮﻭﻥ‪ .‬ﺃﻣﺎ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠﺪ ﱢ‬
‫ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﺮﻏﻢ ﻧﻘﺪﻩ ﻟﻠﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻭﻧﻘﻠﻴﺔ ﻓﺈﻧـﻪ‬
‫ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ ﺍﺗﻔﺎﻗﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﺃﻭ ﻳﻜﺎﺩ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺃﻧﻜـﺮ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ )ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ( ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﻛﺜﲑﺍ ﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ‪،‬‬
‫ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻭﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﰲ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠـﻢ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﻨﻘﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﺹ‪.٧٠‬‬

‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ‪.٥٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺃﺧﻄﺄﻭﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻔﻲ‪ .‬ﺑﻞ ﺍﳊﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠـﺐ ﻣـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﻓﺈﺫﺍ ﺻﺎﺭﺕ ﺻﻔﺎﺕ ﺭﺑﻪ )ﺃﻱ ﺍﻟـﻮﱄ‬
‫ﺍﳌﺘﻘﺮﺏ ﺑﺎﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﻨﻔﻞ ﺣﱴ ﳛﺒﻪ ﺍﷲ( ﻭﺃﲰﺎﺅﻩ ﻣﺸﻬﺪﺍ ﻟﻘﻠﺒﻪ ﺃﻧﺴﺘﻪ ﺫﻛﺮ‬
‫ﻏﹶﲑﻩ‪ ،‬ﻭﺷﻐﻠﺘﻪ ﻋﻦ ﺣﺐ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ)‪ .(...‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺏ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﲰﻌﻪ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺑﺼﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺼﺮ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺪﻩ ﺍﻟﱵ ﻳﺒﻄﺶ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺭﺟﻠﻪ ﺍﻟﱵ‬
‫ﳝﺸﻲ ‪‬ﺎ‪ .‬ﻓﺒﻪ ﻳﺴﻤﻊ‪ ،‬ﻭﺑﻪ ﻳﺒﺼﺮ‪ ،‬ﻭﺑﻪ ﻳﺒﻄﺶ‪ ،‬ﻭﺑﻪ ﳝﺸﻲ ﻛﻤﺎ ﺃﺧﱪ ﻋـﻦ‬
‫ﺻﻠﹸﺐ ﻋـﻮﺩﻩ‪،‬‬ ‫ﻒ ﻃﺒﻌ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭ ‪‬‬‫ﻆ ﺣﺠﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻛﹸﺜ ‪‬‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺭﺳﻮﻟﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﹶﻏﹸﻠ ﹶ‬
‫ﻓﻬﻮ ﻋﻦ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﲟﻌﺰﻝ)‪ .(...‬ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﺒﻘﻰ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺬﺍ ﺷﺄﻧﻪ‬
‫ﻋﺮﺷﺎ ﻟﻠﻤﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬ﺃﻱ ﻋﺮﺷﺎ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﳏﺒﻮﺑﻪ ﻭﳏﺒﺘﻪ ﻭﻋﻈﻤﺘـﻪ ﻭﺟﻼﻟـﻪ‬
‫ﻭﻛﱪﻳﺎﺋﻪ‪ .‬ﻭﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﻘﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺷﺄﻧﻪ! ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ ﻣﺎ ﺃﺩﻧـﺎﻩ!‬
‫ﻭﻣﻦ ﻗﹸﺮﺑﻪ ﻣﺎ ﺃﺣﻈﺎﻩ! ﻓﻬﻮ ﻳﻨـﺰﻩ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻛﻦ ﺳـﻮﺍﻩ ﺃﻭ ﻳﻄﻤـﺌﻦ ﺇﱃ‬
‫ﻏﲑﻩ‪ .‬ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻗﺪ ﻗﻄﻌﺖ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ ﻭﺳـﺠﺪﺕ ﲢـﺖ ﺍﻟﻌـﺮﺵ‪،‬‬
‫ﺝ‬
‫ﻭﺃﺑﺪﺍﻧ‪‬ﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺷﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﻧﺎﻡ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻋ‪‬ـ ﹺﺮ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺑﺮﻭﺣﻪ ﺣﱴ ﺗﺴﺠﺪ ﲢﺖ ﺍﻟﻌﺮﺵ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﻨﺠﺬﺏ )ﺍﳌﺮﻳﺪ( ﺇﻟﻴﻬﺎ )ﺍﻵﺧﺮﺓ( ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺰﻫﺪ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺪﺃﺏ ﰲ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﳌﺄﻣﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ)‪ .(...‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﳚﺘﻤﻊ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺧﻮﺍﻃﺮﻩ ﻭﺣﺪﻳﺚ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠـﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ‬
‫ﺭﺑﻪ ﻭﻃﻠﺒﻪ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺻﺪﻕ ﰲ ﺫﻟﻚ ‪‬ﺭﺯﹺﻕ ﳏﺒﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ‬
‫‪ ١‬ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ﺹ ‪.٥١١‬‬
‫‪ ٢‬ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﺠﺮﺗﲔ ﺹ ‪.٢٦٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ)‪ .(...‬ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺳﺦ ﰲ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﲔ‬
‫ﹸﻓﺘ‪‬ﺢ ﻟﻪ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺍﳌﱰﻝ)‪ (...‬ﻓﺈﺫﺍ ﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻧﻔﺘﺢ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻋ ‪‬‬
‫ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻳﺸﺎﻫﺪ ‪‬ﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ‪ ،‬ﺣﱴ ﺗﺼﲑ ﻟﻘﻠﺒﻪ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﳌﺮﺋﻲ‬
‫ﻟﻌﻴﻨﻪ‪ .‬ﻓﻴﺸﻬﺪ ﻋ‪‬ﹸﻠ ‪‬ﻮ ﺍﻟﺮﺏ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻮﻕ ﺧﻠﻘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻮﺍﺀﻩ ﻋﻠـﻰ ﻋﺮﺷـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻧﺰﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﺑﺘﺪﺑﲑ ﳑﻠﻜﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻜﻠﻴﻤﻪ ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ‪ ،‬ﻭﺗﻜﻠﻴﻤﻪ ﻟﻌﺒـﺪﻩ‬
‫ﺟﱪﻳﻞ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﺇﱃ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﲟﺎ ﻳﺸﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺻﻌﻮﺩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻋﺮﺿﻬﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﻠﻴﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺟﻌﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﲔ ﻗﻮﺓ ﺑﺎﺻﺮﺓ‪ ،‬ﻛﻤـﺎ‬
‫ﺟﻌﻞ ﰲ ﺍﻷﺫﻥ ﻗﻮﺓ ﺳﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻷﻧﻒ ﻗﻮﺓ ﺷﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻗﻮﺓ ﻧﺎﻃﻘﺔ‬
‫ﻭﻗﻮﺓ ﺫﺍﺋﻘﺔ)‪ .(...‬ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻬﻲ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﻟـﻪ‪،‬‬
‫ﲝﻴﺚ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺴﺒﺘ ‪‬ﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺍﳌﺮﺋﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﲔ‪ .‬ﻭﻗـﺪ ﺟﻌـﻞ ﺍﷲ‬
‫ﺳﺒﺤـﺎﻧﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻳ‪‬ﺒﺼﺮ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﻤ‪‬ﻰ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻓﺈ‪‬ﺎ ﻻ ﺗﻌﻤـﻰ ﺍﻻﺑﺼـﺎﺭ‬
‫ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻌﻤﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺞ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٤٤ :‬ﻓﺎﻟﻘﻠـﺐ ﻳـﺮﻯ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺼﻢ‪ ،‬ﻭﻋﻤﺎﻩ ﻭﺻﻤﻤ‪‬ﻪ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻋﻤﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﺻﻤﻤ‪‬ﻪ"‪.‬‬ ‫ﻭﻳﺴﻤﻊ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻤﻰ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﳌﻌﺎﻳﻨﺔ ﻧﻮﻋﺎﻥ ﻣﻌﺎﻳﻨ ﹸﺔ ﺑﺼﺮ ﻭﻣﻌﺎﻳﻨﺔ ﺑﺼﲑﺓ‪ .‬ﻓﻤﻌﺎﻳﻨﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﻗﻮﻋ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺮﺋﻲ ﺃ ‪‬ﻭ ﻣﺜﺎﻟ‪‬ﻪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻛﺮﺅﻳﺔ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﰲ‬
‫ﺍﳌﺮﺁﺓ ﻭﺍﳌﺎﺀ‪ .‬ﻭﻣﻌﺎﻳﻨﺔ ﺍﻟﺒﺼﲑﺓ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺜـﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤـﻲ‬
‫ﺍﳌﻄﺎﺑﻖ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻲ‪ .‬ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻟـﻪ ﲟﱰﻟـﺔ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌـﲔ ﻟﻠﺼـﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻳ ﹾﻘﻮ‪‬ﻯ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﲝﻴﺚ ﻳﺼﲑ ﺍﳊﻜﻢ ﻟﻪ‪،‬‬
‫‪ ١‬ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٢٦٨‬‬
‫‪ ٢‬ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٢٤٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻳﻘﻮﻯ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﳌﺪﺭﻛﻬﺎ ﲝﻴﺚ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻓﻴـﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻐﻠـﺐ‬

‫ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺍﳊﺲ ﻭﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ‪ .‬ﻓﻴﺴﺘﻮﱄ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ‬
‫ﲝﻴﺚ ﻳﺮﺍﻩ ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺬﻫﻦ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻟﻐﻠﺒﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻻﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﻭﲤ ﱡﻜ ﹺﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﺳﺘﻴﻼﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘـﻮﻯ‬
‫ﺻﺎﺭ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺮﺋ ‪‬ﻲ ﺑﺎﻟﻌﲔ‪ ،‬ﻣﺴﻤﻮﻉ ﺑﺎﻷﺫﻥ‪ .‬ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﺸـﻚ ﺍﳌـﺪﺭﻙ ﻭﻻ‬
‫‪١‬‬
‫ﻳﺮﺗﺎﺏ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒ‪‬ﺘﺔﹶ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻋﺬﻻ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻓﻤﻦ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﺑﺼﲑﺓ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺇﳝﺎﻧـﻪ ﺣـﱴ ﺧﺮﻗﻬـﺎ‬
‫ﻭﺟﺎﻭﺯﻫﺎ ﺇﱃ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻘﺪ ﺃﻭﰐ ﺧﲑﺍ ﻛﺜﲑﺍ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﳜﺎﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺿ‪‬ﻌﻒ ﳘﺘﻪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﳘﺔ ﻋﺎﻟﻴـﺔ‬
‫ﺸ ‪‬ﻖ ﻏﺒﺎﺭ ‪‬ﻩ‪.‬‬
‫ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﻘﺎ‪ ،‬ﻭﺍﺣﺪ‪ ‬ﺍﻟﻨ‪‬ﺎﺱ ﺑﺰﻣﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻻ ﻳ‪‬ﻠﺤﻖ ‪‬ﺷ ﹾﺄ ‪‬ﻭﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻓﺸﺘﺎﻥ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﻭﺍﺭﺩﺍﺗﻪ ﻋﻦ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺑﲔ ﻣﻦ‬
‫ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻡ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻳﻌﲏ ﺷﺘﺎﻥ ﻣﺎ ﺑـﲔ‬
‫ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭﺍﳌﺘﺼﻔﺤﲔ ﻟﻠﺴﻄﻮﺭ!( ﺃﻭ ﻋﻦ ﳎﺮﺩ ﹶﺫ ‪‬ﻭﻗ‪‬ﻪ ‪‬ﻭﻭ‪‬ﺟـﺪﻩ‪ ،‬ﺇﺫﺍ‬
‫ﺍﺳﺘﺤﺴﻦ ﺷﻴﺌﺎ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳊﻖ!‬
‫"ﻓﺎﻟﺴﲑ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺷﺄﻧﻪ ﻋﺠ‪‬ﺐ‪ ،‬ﻭﻓﺘﺤـﻪ‬
‫ﺐ‬
‫ﻋﺠﺐ‪ .‬ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺘﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻏﲑ ﺗﻌ ﹴ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﻻ ﻣﻜﺪﻭﺩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﺸﺘ‪‬ﺖ ﻋﻦ ﻭﻃﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﺸﺮﺩ ﻋﻦ ﺳﻜﻨﻪ"‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٤٨‬‬

‫‪ ٢‬ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﺠﺮﺗﲔ ﺹ ‪.٢٠٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﺳﻠﻜﻮﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺗﺮﻛﻮﺍ ﻭﺻﻔﺎ ﻟﻠﻤ‪‬ﺸـﺎ ‪‬ﻫ ‪‬ﺪ ﻋﺴـﻰ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﰲ ﻭﻋﺪ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻣﺎ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﺑﻪ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻄﻮﺩ ﺍﻟﺸﺎﻣﺦ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﲰﺎﺋﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ‬
‫ﺱ ﺩﺃﺑﻚ‪ ،‬ﻭﺍﳋﻤﻮ ﹸﻝ ﻟﺒﺎﺳ‪‬ﻚ‪ ،‬ﻭﺍﳍﺮﺏ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻟﻴﻜﻦ ﺍﳋ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﳋﻠﻖ ﻛ ﱠﻞ ﻣﻘﺼﻮﺩﻙ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻗﺪﺭﺕ ﺃﻥ ﺗﻨﻘﺐ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﺑﺎ ‪‬ﺗﺨ‪‬ﻔﻰ ﻓﻴـﻪ‬
‫ﻓﺎﻓﻌﻞ‪ .‬ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺩﺃﺑ‪‬ﻚ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻋﺮﻉ ﺇﳝﺎﻧ‪‬ﻚ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻮﻯ ﻗﺪ ‪‬ﻡ ﺇﻳﻘﺎﻧـﻚ‪،‬‬
‫ﺶ ﺟﻨﺎﺡ‪ ‬ﺻﺪﻗﻚ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻔﺘﺢ ﻋﻴﻨﺎ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﺘ‪‬ﺮﻓﹶﻊ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﺑﻴﺘﻚ‪ ،‬ﻭﺗﻄﲑ‬ ‫ﻭﻳﺘﺮ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺇﱃ ﺟﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ‪ .‬ﺗﻄﻮﻑ ﺍﳌﺸﺮﻕ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ‪ ،‬ﺍﻟﺒ‪‬ﺮ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻬﻞ ﻭﺍﳉﺒﻞ‪.‬‬
‫ﺗﻄﻮﻑ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺿﲔ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳋﻔﲑ ﺍﻟﺮﻓﻴـﻖ‪ .‬ﻓﺤﻴﻨﺌـﺬ‬
‫ﺃﹶﻃﻠ‪‬ﻖ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺍﺧﻠﻊ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﳋﻤﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺍﺗﺮﻙ ﺍﳍﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ‪،‬‬
‫ﺴ‪‬ﺘﻀ‪‬ـ ‪‬ﺮ ﰲ ﻧﻔﺴـﻚ‪ .‬ﻻ‬ ‫ﻭﺍﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺳ‪ ‬ﺮﺑﹺﻚ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﺩﻭﺍﺀ ﳍﻢ ﻏﲑ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺖ‬
‫ﺗﺒﺎ ﹺﻝ ﺑﻘﻠﺘﻬﻢ ﻭﻛﺜﺮ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﺇﻗﺒﺎﳍﻢ ﻭﺇﺩﺑﺎﺭﻫﻢ‪ ،‬ﻭﲪﺪﻫﻢ ﻭﺫﻣ‪‬ﻬﻢ‪ .‬ﺃﻳﻦ ﺳﻘﻄ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﹶﻟ ﹶﻘ ﹾﻄﺖ‪ ،‬ﺃﻧﺖ ﻣﻊ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﻟﺼﺪ‪‬ﻳﻖ ﺇﺫﺍ ﻓﺮﻍ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﺸـﺘﺮﻙ )ﻋﻠـﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ( ﺃ ‪‬ﺩﺧ‪‬ﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳋﺎﺹ‪ ،‬ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﲤﻜـﻦ ﰲ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺻﺎﺭ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻳﺄﻣﺮ ﻭﻳﻨﻬﻰ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻄﻲ ﻭﳝﻨـﻊ‬
‫ﺑﺈﺫﻥ ﻣ‪‬ﺴﻠﻄﻨﹺﻪ"‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٤٨‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﳍﻤﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻣﺮ ﻛﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﳋﺒﲑ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ‪ .‬ﻭﻣﻌﲎ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﻜﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻪ ﺇﻻ "ﻭﺍﺣﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺰﻣﺎﻧﻪ" ﻛﻤﺎ ﻣﺮﺕ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﺼﲑ ﺳﻠﻄﺎﻧﺎ ﰲ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‪ ،‬ﻭﻳﻨـﻬﻰ‬
‫ﺑﻨﻬﻴﻪ)‪ .(...‬ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻗﻒ ﺑﺒﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻗﺪ ﺳﻠﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﱂ ﻳﻄﻠﻊ ﻏﲑﻩ ﻋ‪‬ﻠﻴﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﳌﻘﺮ‪‬ﺏ ﻳ‪‬ﻌﻄﹶﻰ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﻮﺭﺍ ﻳ‪‬ﺮﻯ ﺑﻪ ﻗﺮﺑﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﻳﺮﻯ ﻗﺮﺏ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﳌﻼﺋﻜـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺃﺣﻮﺍﳍﻢ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎ‪‬ﻢ‪ .‬ﻛﻞ ﻫﺬﺍ‬
‫ﰲ ﺳﻮﻳﺪﺍﺀ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﻭﺻﻔﺎﺀ ﺳﺮﻩ‪ .‬ﻫﻮ ﺃﺑﺪﺍ ﰲ ﻓﺮﺣﻪ ﻣﻊ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻫـﻮ‬
‫ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻭﻳﻔﺮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠـﻴﻢ ﺍﻟﻠﺴـﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻢ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﹾﻟ ﹶﻜ ‪‬ﻦ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﻓﻬـﻮ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻋﻠﻴﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﹾﻟ ﹶﻜ ‪‬ﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﲰﻌﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﺐ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻟﺐ‬
‫ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﻭﰲ ﺧﻠﻘﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﻧﺒﻴـﺎﺀ ﻭﺍﳌﺮﺳـﻠﲔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ .‬ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﺃﻧﺘﻢ ﺟﻬﺎﻝ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﻭﺑﺪﻧﻴﺎﻩ ﻭﺑﺂﺧﺮﺗﻪ! ﺃﻧﺘﻢ ﺣﻴﻄﺎﻥ! ﺃﻧﺖ ﺻﻨﻤﻚ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ! ﻭﺃﻧـﺖ ﺻـﻨﻤﻚ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﻭﺃﻧﺖ ﺻﻨﻤﻚ ﺍﳋﻠﻖ! ﻭﺃﻧﺖ ﺻﻨﻤﻚ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﺕ! ﻭﺃﻧﺖ‬
‫ﺻﻨﻤﻚ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎ ُﺀ ﻭﻗﺒﻮﻝ ﺍﳋﻠﻖ ﻟﻚ! ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺻـﻨﻢ‪.‬‬
‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٨٣-١٨٢‬‬
‫‪ ٢‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٥٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ‪ .‬ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻮ ﹶﻛﻠﹶﺘﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﳊـﻖ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﻮﻛﻠﺘﺎﻥ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ‪ ،‬ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻭﻳﻄﻌﻢ ﺍﳌﺮﻳﺾ‪ .‬ﻳﺎ‬
‫ﻣﻨﺎﻓﻘﻮﻥ! ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺧﱪ! ﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻳﺴﻤﻊ ﺣﺮﻓـﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﻫﺬﺍ‪،‬ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﲰﺎﻉ ﺍﳊﻖ‪ .‬ﻛﻼﻣﻲ ﺣﻖ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ‪.‬ﻛﻼﻣﻲ‬
‫ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻣﲏ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻻ ﻣﻦ ﺍﳍﻮ‪‬ﺱ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﺁﻓﺔ ﻓﻬﻤـﻚ‬
‫ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ!‬
‫"ﻭﳛﻚ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻭﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﻌﻠﻤﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﻋﻠﻤ‪‬ـﻚ! ﻣـﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﻒ ﺗ‪‬ﺨﺪﻡ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻛﱪﻙ!"‬ ‫ﺥ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺷﺒﺎﺑﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴ ‪‬‬ ‫ﺧﺪﻣﺖ ﺍﻟﺸﻴﻮ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﺭﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﲰﻨﻮﻥ ﺍﶈﺐ‪:‬‬
‫‪%‬א‪e2‬א"`‪„،GH   `-*&*;<rA‬ن‪O-‬א‪ gF9*O>C34H‬‬
‫
‪
P=
wi9‬لٍ‪%‬وא‪ƒ
#+   GC+‬א ‪:‬ن‬
‫‪:C%[P‬وא‪!
wi‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪:‬‬

‫‪-&`V-XU‬ع‪J‬م   ‪&
4J‬و<א‪t4‬אد‪&?L‬م ‬
‫[ ‪<CUC‬א‪"G„&A   
7R&Le{
_b‬م ‬
‫وא_‹ * )‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪:‬‬

‫‪
L‬ن
&‪
x   e‬ع…<‪ G&O‬‬
‫=‪ G‬‬
‫‪
sm‬دد‪
x   -W
&Q‬ق‪ G&iO<`-P‬‬
‫و‪
)’FK‬دאم=
 **‘   
 ‪*
*KF‬א‪ GF=’“/Ub‬‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٩٣‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪3‬ـــ‪َ2 7‬ـــ‪ُH n/‬ـَـــ‪m:‬ــ‪7M‬ــ‪3R‬ـــ‬ ‫‪َW َL
3)َJ A/ 5+‬ــ
‪Qََ[ C5 3‬‬
‫‪7+ُ>3‬ــــ ِ‪H b3 $‬ـ‪/97‬ـ‪ِo‬ــ‪7M‬ــ‪3R‬ــــــ‬ ‫‪9
 Be$‬ـــ ‪H 7‬ـ‪ِo/7‬ــُــــ‪7a‬‬
‫‪ Be$3‬ـ ْ‪ِZ‬ــ ‪H B‬ـ‪/3‬ــ ‪7D 3‬ـــ‪3R‬ـــــ‬ ‫‪7"3‬ــــ)‪5Dَ> $7 7‬ــ‪?Z‬ــ‪5:‬ـــ‪39‬ـــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫

ـ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻇﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﱂ ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﺗﺮﲪﻨﺎ ﻟﻨﻜﻮﻧﻦ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳋﺎﺳﺮﻳﻦ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﻋﻤﻠﻲ ﺻﺎﳊﺎ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﻪ ﻟﻚ ﺧﺎﻟﺼﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﲡﻌﻞ ﻷﺣﺪ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ‪.‬‬

‫ﺕ ﻣﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﺘﻄﻬﺮ ﻳﻄﻠﻊ ﺑﻮﺍﺳـﻄﺘﻬﺎ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﻭﻣﻀﺎ ‪‬‬

‫ﳐﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ‪ .‬ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻛﺎﻹﳍﺎﻡ ﻭﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ‬
‫ﻒ ﻭﻣﺎ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﺍﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴـﻪ‬ ‫ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺸ ‪‬‬
‫ﺃﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻔ‪‬ﺮﺍﺳﺔ ﻓﺮﻭﺳﻴﺔ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ‪ ،‬ﻫﻲ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﻠﻮﱄ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺘﻨـﺔ‪،‬‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﺍﻟﺼﺎﳊﻮﻥ ﳑﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ "ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ"‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ‬
‫ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳉﺪﺭﺍﻥ ﻟﻌﲔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻴﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﺑـﻪ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺴﺘﺮ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﻨﺔ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻫﻮ ﺑﻐﻴﺘﻬ‪‬ﻢ ﻭﻏﺎﻳ ﹸﺔ‬
‫ﺃﻣﻠﻬﻢ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ‪ .‬ﻭﻟﻠﻤﺸﺮﻛﲔ ﻭﺍﳌﻠﺤﺪﻳﻦ ﻣﻦ "ﻋﻠﻤﺎﺀ" ﺍﻟﺒﺎﺭﺍﺳـﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‬
‫ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺷﺪﻳﺪ ﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ‪ ،‬ﻳﺴﻤﻮ‪‬ﺎ "‪‬ﺛﻠ‪‬ﺒﺎﺛ‪‬ﻲ"‪ ،‬ﻳﺮﺟـﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﻨﻨﻮﻫـﺎ‬
‫ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺳﻼﺣﺎ ﻳﺴـﺘﺨﺪﻡ ﰲ ﺍﻻﺳـﺘﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴـﻜﺮﻳﺔ‪ .‬ﻭﻳﻌﻜﹸـﻒ‬
‫ﻣﺘﺨﺼﺼﻮﻥ ﻣﺰﻭ‪‬ﺩﻭﻥ ﲟﻴﺰﺍﻧﻴﺎﺕ ﻋﺮﻳﻀﺔ‪ ،‬ﰲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺭﻭﺳﻴﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺇﺟﺮﺍﺀ‬
‫ﲡﺎﺭﺏ ﻟﻠﺴﺒﺎﻕ ﺇﱃ ﺇﺣﺮﺍﺯ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ‪ .‬ﻻ ‪‬ﺟﺮ‪‬ﻡ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﺞ ﺍﳌﺎﺩﻳـﺔ ﺍﻹﳊﺎﺩﻳـﺔ‬
‫ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻮﻓﺎﻕ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺸﻴﻄﻨﺔ ﻟﻴﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸـﻴﻄﺎﻥ‬
‫ﺑﻼﺀ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻔﺘﺢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﲢﺖ ﺃﺭﺟﻠﻬﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺮ‪‬ﻑ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﺑﺄ‪‬ﺎ "ﺧﺎﻃﺮ ﻳﻬﺠ‪‬ﻢ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‬

‫ﻓﻴﻨﻔﻲ ﻣﺎ ﻳﻀﺎﺩﻩ"‪ .‬ﻭﻋﺮ‪‬ﻓﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﻲ ﺑﺄ‪‬ﺎ "ﺳـﻮﺍﻃﻊ ﺃﻧـﻮﺍﺭ ﳌﻌـﺖ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﲤﻜﲔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﲪﻠﺖ ﺍﻟﺴﺮﺍﺋﺮ ﰲ ﺍﻟﻐﻴﻮﺏ‪ ،‬ﻣﻦ ﻏﻴﺐ ﺇﱃ ﻏﻴـﺐ‪،‬‬
‫ﺣﱴ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺷﻬﺪﻩ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻴﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺿﻤﲑ ﺍﳋﻠﻖ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ‪" :‬ﻭﺍﳌﺘﻔﺮ‪‬ﺱ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﺳﻮﺍﻃﻊ‬
‫ﺃﻧﻮﺍ ﹴﺭ ﳌﻌﺖ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﻓﺄﺩﺭﻙ ‪‬ﺎ ﺍﳌﻌﺎﱐ‪ .‬ﻭﻫﻲ )ﺍﻟﻔﺮﺍﺳـﺔ( ﻣـﻦ ﺧـﻮﺍﺹ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻈ‪‬ﺎ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻛﻮﻧﻮﺍ ﺭﺑﺎﻧﻴﲔ‬

‫)ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٧٨ :‬ﺃﻱ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺣﻜﻤﺎﺀ ﻣﺘﺨﻠﻘﲔ ﺑﺄﺧﻼﻕ ﺍﳊﻖ ﻧﻈﺮﺍ ﻭﺧﻠﻘﺎ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﻫﻢ ﻓﺎﺭﻏﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻹﺧﺒﺎ ﹺﺭ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖﹺ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ‪‬ﻢ"‪.‬‬
‫ﻓﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴ‪‬ﲔ ﺇﻃﻼﻻﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ ﻭﻣﺎ ﳚﺮﻱ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻳﻠﺘﻔﺘﻮﻥ‬
‫ﺠﺄﹸﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﱪﻩ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻘﺼﺪﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬ ‫ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ‪‬ﻳ ﹾﻔ ‪‬‬
‫ﻑ ﺇﱃ ﺍﳌﺨﻔﻴـﺎﺕ ﻣـﻦ‬ ‫ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﺍﻟﺬﻱ ﳌﹼﺎ ﻳﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻪ ﺗﺸ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻐﻴﻮﺏ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﱂ ﺗﺘﺪﺍﺭﻛﻪ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﷲ ﺗﻠﻘﻔﺘﻪ ﺍﻟﻌﻮﺍﱂ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻭﺷﻐﻠﻪ ﺍﻟﺘﺴﻜﱡﻊ‬
‫ﰲ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﻋﺠﺎﺋﺒﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻧـﻮﺍﺭ ﺍﻷﲰـﺎﺀ‬
‫ﺏ ﻣﻦ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺕ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﻭﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‬ ‫ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﹸﺮ ‪‬‬
‫ﺱ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﲔ ﻓﻬﻤﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻟﻸﻛﻮﺍﻥ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺘﺒﹺﺮ ﺍﻟﺘﻔ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﰲ ﺍﳋﻠﻖ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ ﺑﻄﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻗﺼﺪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻓﻴﺴﺘﻌﻤﻞ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺹ ‪.١٠٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺣﺎﺳﺘﻪ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺟﻮﺍﺭﺣﻪ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﰲ ﻃﺎﻋـﺔ ﺍﷲ ﻟﺘﺤﻘﻴـﻖ‬

‫ﻣﻄﻠﺐ ﺷﺮﻋﻲ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﺧﻮﻑ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﳋﺒﲑ ﲟﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﻔﺮﺍﺳـﺔ ﺍﳌـﻮﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﻌﻪ ﺍﷲ ﺑﻨﻮﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺣﺴﻨﻪ‬
‫ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﺍﺗﻘﻮﺍ ﻓﺮﺍﺳﺔ ﺍﳌﻮﻣﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﺴﻤ‪‬ﻊ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺴﻤﻊ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺗﺄﺗﻴﻪ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺚ‬ ‫ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﷲ‪ ،‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺟﻌـﻞ‬
‫ﺍﳊﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﻭﻗﻠﺒﻪ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪" :‬ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣ ‪‬ﺮ ﻗـﻂ‬
‫ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺇﻻ ﻧﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻋﻤـﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﻴﺢ‪ .‬ﻭﻣﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﰲ‬
‫ﺃﺳﺮﻯ ﺑﺪﺭ ﻭﰲ ﺣﺠﺎﺏ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﻏﲑﺫﻟﻚ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻫﻲ ﻣـﻦ‬
‫ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻹﳍﻲ‪ ،‬ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻪ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻤﺮ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﳊﻖ ﻭﻗﻠﺒﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﻧﺎﺱ ﳏﺪ‪‬ﺛﻮﻥ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﻧﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻳﻜﻦ ﰲ ﺃﻣﱵ ﺃﺣﺪ‬
‫ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻤﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﲎ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻟـﻴﺲ ﰲ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﳏﺪ‪‬ﺛﻮﻥ ﻏ ‪‬ﲑ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺃﺣﻖ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﻭﻻ‬
‫ﻳﻌﲏ ﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﺃﻓﻀﻞ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻷﰊ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺐ ﻭﺍﻓﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺧﲑ‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻔﺎﺿﻠﻬﻢ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻌﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔ‪‬ﺮﺍﺳـﺔ‬
‫ﺚ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﰲ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺧﺼﺎﻝ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺎ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻳ ﹸ‬
‫ﺃﻫ‪‬ﻠﹶﻪ ﻟﺘﺰﻛﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪ ‪‬ﺓ ﺯﻛﺎﻩ ‪‬ﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻓﻘـﺪ ﺭﻭﻯ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑـﻦ ﻋـﺎﻣﺮ ﺃﻥ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪﻱ ﻧﱯ ﻟﻜﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ‬
‫ﺍﳋﻄﺎﺏ"‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺟﺰﺀﹰﺍ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﻭﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺔ ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﲔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﺟﻠﻰ ﻟﻜﻮ‪‬ﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮ‬
‫ﻟﻠ ‪‬ﻤﻨ‪‬ﺢ ﺍﻟﱵ ﳜﹸﺺ ﺍﷲ ‪‬ﺎ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀﻩ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﻈـﺔ ﻭﺑـﺈﺭﺍﺩﺓ‪ .‬ﻓـﺈﻥ‬
‫ﺍﻧﻀﺎﻓﺖ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺢ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺧﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻣﺎ‬
‫ﺧﺺ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻪ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻣـﻨﺢ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟـﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﳋﻠﻘﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﳌﺮﻭﺀﺓ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻘﻮﺓ‬
‫ﻭﺃﻣﺎﻧﺔ ﻭﺣﻔﻆ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺍﳌﺮﺷﺤﲔ ﰲ ﻏﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻻ ﻧﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ "ﻟﺜﻮﺭﺓ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ" ﻣ‪‬ﺎ ﺃﻱ ﻣﻌﲎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﳋﻼﻓﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﳌﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﲰ ﹰﺔ ﺑﺎﺭﺯﺓ ﰲ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﳋﻼﻓﺔ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻓﺮﺍﺳﺔ ﺭﺟﺎﳍﺎ‪.‬‬
‫ﻻ ﺃﻋﲏ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ‬
‫ﺤ ﱡﻞ ﳏﻞ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻖ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ‬ ‫ﻭﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﻭﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﲣﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ‪ .‬ﻓﺬﻟﻚ ﺧﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺟﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺇﱃ ﻫـﻮﺍﻣﺶ ﺍﳋﺮﺍﻓﻴـﺔ‬

‫ﻭﺍﻟﻀﻼﻝ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻨﱯ ﻓﻌـﻼ‬
‫ﻭﻛﻤﺎﻻ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺧﻠﻔﺎﺅﻩ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﺍﳌﺘﻔﺮ‪‬ﺳﻮﻥ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻣﻨـﻬﻢ ﻋﻤـﺮ‬
‫ﺍ ﹶﶈﺪ‪‬ﺙ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ‪ ،‬ﻳﻄﺮﺣﻮﻥ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﻟﻠﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﻭﺍﻷﺧﺬ ﻭﺍﻟﺮﺩ‬
‫ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺇﱃ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪.‬‬
‫ﺃﻋﲏ ﺃﻥ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻻﺑـﺪ ﺃﻥ ﺗﻈﻬـﺮ ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋ‪‬ﻤﻮ ‪‬ﻣﻬﺎ ﻭﻣﻀﻤ‪‬ﻮﻧ‪‬ﻬﺎ ﻭﺳـﻴﺎﺟ‪‬ﻬﺎ ﺍﻟﺴـﻨﺔ ﺍﳌﻄﻬـﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺳـﻨﺔ ﺍﳋﻠﻔـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﻇﻬﻮ ‪‬ﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﰲ ﻣﻜﺎ‪‬ﺎ ﻭﻣﺮﺗﺒﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﻕﰲ‬ ‫ﻻ ﺗﻌﺪﻭﻩ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺗﻌﺪﻯ ﺃﺣﺪ ﺑﺎﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻘﺪ ‪‬ﺧ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺩﻳﻨﻪ ‪‬ﺧﺮ‪‬ﻗﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺰ‪‬ﻕ ﻣ ‪‬ﺰﻗﹰﺎ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺗ‪‬ﺨﻄﺊ ﻭﺗﺼﻴﺐ‪ ،‬ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻌﺼـﻮﻡ‬
‫ﻉ‪.‬‬
‫ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﺎﺻﻢ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺈ ﻭﺍﻟﺘﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮ ‪‬‬
‫ﻫﺬﺍ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﹶﻟﺪ‪‬ﻻﹶﻟ ﹲﺔ ﻭﺗﻘﻮﻳ‪‬ﺔ ﳉﻨﺎﺏ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﲟﺎ ﻫﻲ ﺗﻮﻓﻴﻖ‬
‫ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﺗﺰﻛﻴﺔ ﻭﺑﺮﻛﺔ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﺎ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟـﺐ ﻛـﺮﻡ ﺍﷲ‬
‫ﻭﺟﻬﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧ‪‬ﺒﻌ‪‬ﺪ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﺗﻨﻄﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻋﻤﺮ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪" :‬ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺷﻲﺀ‪" :‬ﺇﱐ ﻷﺭﺍﻩ ﻛﺬﺍ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻗﺎﻝ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﻃﺎﺭﻕ‪" :‬ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﻋﻤ ‪‬ﺮ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻠـﻰ ﻟﺴـﺎﻧﻪ‬
‫ﻚ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻳﻮﺻﻲ ﻣ‪‬ﻦ ﺑﻌﺪﻩ‪" :‬ﺍﻗﺘﺮﺑﻮﺍ ﻣـﻦ ﺃﻓـﻮﺍﻩ‬ ‫ﻣﹶﻠ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻄﻴﻌﲔ‪ ،‬ﻭﺍﲰﻌﻮﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ‪ ،‬ﻓﺈ‪‬ﻢ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﳍﻢ ﺃﻣﻮﺭ ﺻﺎﺩﻗﺔ"‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘـﺎﻻﺕ‪" :‬ﻭﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺧﱪ ‪‬ﺎ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃ‪‬ﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ‬
‫ﻟﻠﻤﻄﻴﻌﲔ ﻫﻲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﺸﻔﻬﺎ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳍﻢ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‬
‫ﺍﷲ ﳐﺎﻃﺒﺎﺕ ﻭﻣﻜﺎﺷﻔﺎﺕ‪ .‬ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻋﻤﺮ‬
‫‪١‬‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ"‪.‬‬
‫ﺭﺃﻯ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻣﺎ ﻣﻦ ‪‬ﻣ ﹾﺬﺣ‪‬ﺞ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻷﺷﺘ ‪‬ﺮ‪ .‬ﻓﺼﻌ‪‬ﺪ ﻓﻴـﻪ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺻﻮ‪‬ﺏ‪ ،‬ﰒ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻗﺎ‪‬ﺗﹶﻠ ‪‬ﻪ ﺍﷲ! ﺇﱐ ﻷﺭﻯ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻣﻨﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﺼﻴﺒﺎ!‬
‫ﻱ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ :‬ﻭ ‪‬ﺭ ﹺﻭ ‪‬‬
‫ﺖ ﳏﺎﺳ‪‬ـﻨ‪‬ﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻛﻨﺖ ﺭﺃﻳﺖ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻣﺮﺃ ﹰﺓ ﺗﹶﺄ ‪‬ﻣ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻲ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻭﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﻴﻨﻪ! "ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﺃﻭﺣ ‪‬ﻲ ﺑﻌﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ؟ ﻓﻘـﺎﻝ‪ :‬ﻻ!‬
‫ﻭﻟﻜﻦ ﺗﺒﺼﺮﺓ ﻭﺑﺮﻫﺎﻥ ﻭﻓﺮﺍﺳﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺟﻬـﻪ‬
‫ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ‪" :‬ﺳﻴﱰﻝ ﺑﻜﻢ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬
‫ﻓﻴﺴﺘﻐﻴﺜﻮﻥ ﺑﻜﻢ ﻓﻼ ﻳ‪‬ﻐﺎﺛﻮﻥ"‪ .‬ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺷﺄﻥ ﺍﳊﺴﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔ‪‬ﺮﺍﺳﺔ ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﰲ ﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ ﻛـﺎﳌﻄﺮ ﻻ‬
‫ﲢﺼﻰ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﳌﻜﻮﻧﺎﺕ ﺑﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟـﺬﻱ ﲢﺘﻔـﻞ ﺑـﻪ‬
‫ﺖ ﻋﲔ ﻗﻠﺒـﻚ ﻣﻨﺼـﺐ ﺍﳌﺘﻔـﺮ‪‬ﺝ‬ ‫ﺖ ﺇﻥ ﻧﺼ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺼ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪ .‬ﻭﹶﺃﻱ‪ ‬ﺷﻲﺀ ﺣ ‪‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺹ ‪.٥٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻃﻞ ﺃﳍﺎﻩ ﻣﻨﻈﺮ ﺍﳋﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺗﺄﻣ‪‬ﻞ ﺯﻳﻨﺘﻬﺎ ﻭﻋﻴﻮ‪‬ﺎ ﻋﻦ ﻃﻠ ﹺ‬
‫ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﳌﻠﻚ! ﻣﺜ ﹲﻞ ﻳﻀﺮﺏ ﻷﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﳌﻌﻈﻤﲔ ﻟﻠﻤﻠﻮﻙ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻷﻛﺎﺑﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻓﺮﺍﺳﺎﺕ‪ ،‬ﺃﺷﻬﺮﻫﻢ ﰲ‬
‫ﺴ ‪‬ﻌ ‪‬ﺔ ﺃﹸﻓﻘ‪‬ﻪ ﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻛﺘـﺐ‬ ‫ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻟ ‪‬‬
‫"ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ" ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﺴﺘﺪﻟﻮﻥ ﺑﻨﻌﻮﺕ ﺍﳋ‪‬ﻠﻘﺔ ﰲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻼﻗﻬﺎ‪ .‬ﻭﻫﻮ "ﻋﻠﻢ" ﻳﺘﻠﻘﺎﻩ ﺍﳊﺎﺫﻕ ﺍﳌﺎﻫﺮ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ‬
‫ﳑﺎ ﺣﺼﻠﺘﻪ ﲡﺎﺭﺏ ﺍﻷﻣﻢ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻭﻫﻮ‬
‫ﻆ ﻟﻠﻜﺸﻒ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﺃﺧﺒـﺎﺭ ﻋـﻦ‬ ‫ﻋﻠﻢ "ﳏﺎﻳﺪ" ﻻ ﺣ ﱠ‬
‫ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻟﻠﻔﺮﺍﺳﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﱠﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻨﺎ ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻓ‪‬ﺮﺍﺳﺎﺕ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﺳﺎﻃﻌﺔ‪ .‬ﻓﺈﻧـﻪ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻓﺮﺍﺵ ﺍﳌﻮﺕ ﺃﺧﱪ ﲟﺎ ﻳﺆﻭﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑـﻦ ﺳـﻠﻴﻤﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﻮﻃﻲ ﻭﺍﳌﺰﱐ ﻭﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻌ ‪‬ﺪ ﻛﻤﺎ ﺃﺧﱪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪" :‬ﻟﻮﻻ ﺍﻟﺼﱪ ﳌﺎ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﱐ‬
‫ﺖ ﺷﺒﺎﻛﺎ ﺗﺼﻄﺎﺩ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ‪ .‬ﻣ ‪‬ﻦ ﻟﻴﻞ ﺇﱃ ﻟﻴﻞ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻦ ﻋﻴﲏ‪،‬‬ ‫ﺑﻴﻨﻜﻢ‪ .‬ﻗﺪ ‪‬ﺟ ‪‬ﻌ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﻭﳜﻠﱠﻰ ﻋﻦ ﺭﺟﻠﻲ‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻣ‪‬ﻐﻤﺾ ﺍﻟﻌﻴﻨﲔ ﻭﺭﺟﻠﻲ ﻣﺸﺪﻭﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺸـﺒﻜﺔ‪.‬‬
‫ﻓﹶﻌ ﹶﻞ ﺫﻟﻚ ﳌﺼﻠﺤﺘﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ‪ .‬ﻟﻮﻻ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺇﻻ‬
‫ﻓﻬﻞ ﻋﺎﻗﻞ ﻳﻘﹾﻌﺪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﻭﻳﻌﺎﺷﺮ ﺃﻫﻠﻬﺎ! ﻗﺪ ﻋ ‪‬ﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ‬
‫ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻭﺍﳊﺮﺍﻡ‪ .‬ﻗﺪ ﻛﺜﹸﺮ ﻛﻔﺮﺍﻥ ﹺﻧﻌ‪‬ﻢ ﺍﳊـﻖ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺴﻖ ﻭﺍﻟﻔﺠﻮﺭ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻛﺜﹸﺮ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﺍﳌﺘﻘـﻲ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺩﻛﺎﻧﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺰﻧﺪﻳﻖ ﰲ ﺷﺮﺍﺑﻪ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ‪ .‬ﻟﻮﻻ ﺍﳊﻜﻢ ﻟﺘﻜﻠﻤﺖ ﲟﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻜﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﻃﺎﻫﺮﺓ ﻧﺎﺳـﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠـﻖ‪،‬‬
‫ﺫﺍﻛﺮﺓ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻧﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﻟﻶﺧﺮﺓ‪ .‬ﻧﺎﺳﻴﺔ ﳌـﺎ ﻋﻨـﺪﻛﻢ‬
‫ﺫﺍﻛﺮﺓ ﳌﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺃﻧﺘﻢ ﳏﺠﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﻋﻦ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻣﺸﻐﻮﻟﻮﻥ ﺑﺪﻧﻴﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﺃﺧﺮﺍﻛﻢ‪ ،‬ﺗﺎﺭﻛﻮﻥ ﻟﻠﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪،‬‬
‫ﻣﺘﻮﺍﻗﺤﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ)‪ .(...‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻟﻘﻰ ﰲ ﻗﻠﱯ ﻧ‪‬ﺼﺢ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺃﻛﱪ‬
‫ﳘﻲ! ﺇﱐ ﻧﺎﺻﺢ ﻭﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺟﺰﺍﺀ‪ .‬ﺁﺧﺮﰐ ﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﱄ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺭﰊ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﺑﻄﺎﻟﺐ ﺩﻧﻴﺎ‪ .‬ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﻋﺒﺪ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻻ‬
‫ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻣﺎ ﺃﻋﺒﺪ ﺇﻻ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﻟﻘﺪﱘ‪ .‬ﻓﺮﺣﻲ‬
‫ﺖ ﻭﺟﻪ ﻣﺮﻳﺪ ﺻﺎﺩﻕ ﻗﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺑﻔﻼﺣﻜﻢ‪ ،‬ﻭﻏﻤ‪‬ﻲ ﳍﻼﻛﻜﻢ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻳ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺖ ﻭﺍﺭﺗﻮﻳﺖ ﻭﺍﻛﺘﺴﻴﺖ ﻭﻓﺮﺣﺖ ﻛﻴﻒ ﺧﺮﺝ ﻣﺜﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ!"‬ ‫ﻳﺪﻱ ﺷﹺﺒ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺘﻔﺮﺱ ﻣﻌﺘﱪ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ‪:‬‬
‫‪1O8‬ن‪8U‬א_
   ‪ -
PQC1w”3D4CG‬‬
‫‪i‬אً‪•H‬و‪Y‬אאً‪#94
L•   4‬א‪-F
4‬אא‪ -‬‬
‫و‪eْ5J‬א“
مو)•א‪
2‬م   ذא
‪GCH_K
5r‬א‪ -{
b‬‬
‫و‪C‬א_
•و* )‪C‬א@‪   g•
D‬و‪QVI+-‬א
قא‪1‬א‪ -‬‬
‫ووא‪X‬א‪* G1/   †-=}XH9‰†=1‬و )د‪QC‬אאد ‬
‫و‪ -

94G
b   –—*)H*/)UC&@˜#L‬‬
‫و‪G{A|#L‬ذא‪ -
 1L
rG˜1   1L‬‬
‫و
‪-O   :Gk
r#L‬ل&‪GX‬وא ‪ -‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٧‬‬

‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺎﺷﻖ ﻭﺍﻣﻖ ﻻ ﳝﻞ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺣﺒﻴﺒﻪ‪:‬‬

‫‪G4W
&)1s DL   ”F&DL‘r

„
&)1s L‬אš‪-‬وא‪ ™1w‬‬
‫‪s1‬د&
‪™J‬א‪w‬ق   وא‪<
&/7=#/‬א‪ ™1r,c‬‬
‫‪ 
FU/[C‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻓﺎﻗﺪ ﻭﺍﺟﺪ ﻣﺘﻘﺎﺭﺏ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪ‪:‬‬

‫ذא ‪)%=*1C D‬دא` ‪C%ْ4F&LD‬ون]‪&Jm1&
C%ْ4JF    )aD‬و‪A‬א‪ F-)9C‬‬
‫Œ ‪p%C -
=)%&D‬א)‪-‬‬
‫ونو‪a-‬زאدא‪   
+
./
=,c‬ون*= ‪F‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫>َ‪َJ aّ
q/$‬ـ‪/‬ـ‪7‬ــــ ‪ /‬‬ ‫‪79ِY‬ــــ ِ‪ُJ aّ
$‬ـ‪5/Z‬ـــ ‬
‫‪ِZ/َJ ِ

3)َK
C5#3‬ـ ‪ /‬‬ ‫‪3oُJ‬ــ*‪BَُJ I 7)5‬ـــ ‬
‫ ‪5‬ـ
‪3
3‬ــ)‪7/9َJ ِT/‬ـــ ‪ /‬‬ ‫‪َ3+‬ــ‪ِR/ُJ BNَ
َT‬ـــ ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
 ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺍﳊﻤﺪ ﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺪﺍﻧﺎ ﳍﺬﺍ ﻭﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻟﻨﻬﺘـﺪﻱ ﻟـﻮﻻ ﺃﻥ‬
‫ﻫﺪﺍﻧﺎ ﺍﷲ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﺭﺳﻞ ﺭﺑﻨﺎ ﺑﺎﳊﻖ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺗﻮﻓﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻭﻻ ﲡﻌﻠﻨﺎ ﰲ ﺍﻷﺷﺮﺍﺭ‪،‬‬
‫ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﳊﻘﻨﺎ ﺑﺎﻷﺧﻴﺎﺭ‪.‬‬

‫ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴـﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻳﺴﺘﺄﻧﺴـﻮﻥ ﺑـﻪ‬

‫ﻭﻳﺴﺘﺸﻬﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﻮﻝ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﲔ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ‬
‫ﻭﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﺭﺙ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﺄﻝ‬
‫ﺣﺎﺭﺛﺔ‪" :‬ﻛﻴﻒ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻳﺎ ﺣﺎﺭﺛﺔ؟" ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺣﻘـﺎ! ﻗـﺎﻝ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﻧ ﹸﻈ ‪‬ﺮ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ! ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﺣﻖ ﺣﻘﻴﻘـﺔ‪ .‬ﻓﻤـﺎ‬
‫ﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺎﺳﺘﻮﻯ ﻋﻨﺪﻱ ﺣﺠﺮ‪‬ﻫـﺎ‬ ‫ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺇﳝﺎﻧﻚ؟" ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻋ ‪‬ﺰﹶﻓ ‪‬‬
‫ﺕ ‪‬ﺎﺭﻱ‪ .‬ﻭﻛﺄﱐ ﺃﺭﻯ ﻋﺮﺵ ﺭﰊ ﺑﺎﺭﺯﺍ‪.‬‬ ‫ﻭﻣﺪ‪‬ﺭﻫﺎ‪ .‬ﻭﺳﻬﺮﺕ ﻟﻴﻠﻲ ﻭﺃ ﹾﻇ ‪‬ﻤ ﹾﺄ ‪‬‬
‫ﻭﻛﺄﻧ‪‬ﻲ ﺃﺭﻯ ﺃﻫﻞ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﻫﻢ ﻳﺘﺰﺍﻭﺭﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻳﺘﻀﺎ ﹶﻏﻮ‪‬ﻥ ﻓﻴﻬـﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻋﺒﺪ ﻧﻮ‪‬ﺭ ﺍﷲ ﻗﻠﺒ‪‬ﻪ! ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻳـﺎ‬
‫ﺣﺎﺭﺛﺔ ﻓﺎﻟﺰﻡ!"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﻛﺄﱐ ﺃﺭﻯ" ﺟﺎﺀ ﻣـﻦ ﺑﻌـﺪﻩ ﺭﺟـﺎﻝ‬
‫ﺻﺮ‪‬ﺣﻮﺍ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻭﻧﺮﻯ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﺮﻡ ﺍﷲ ﺑﻌﺾ ﺃﺣﺒﺎﺑـﻪ‬
‫ﲟﻄﺎﻟﻌﺔ ﻣﺎ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻌﻮﺍ‬
‫ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ‪ .‬ﺍﻷﺻﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻟﻘﻮﻟﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﳊﻨﻈﻠﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ‪" :‬ﻟﻮ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻟﺼﺎﻓﺤﺘﻜﻢ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﺣﱴ ﺗﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻕ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ‪.‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻌﻤﻮﺭﺍ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻯ ﺍﳒﻠﺖ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺍﻧﻜﺸﻔﺖ ﲞﻼﻑ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳋﺮﺍﺏ ﺍﳌﻈﻠﻢ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ‪" :‬ﺇﻥ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺳﺮﺍﺟﺎ‬
‫‪‬ﻳﺰ‪‬ﻫﺮ)‪ .(...‬ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻗﻮﻱ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻗﻮﻱ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺍﻷﻣـﻮﺭ ﺑـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻋﺮﻑ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻮﺍﻃﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺿﻌﻒ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻜﺸـﻒ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﳌﻈﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﺡ‬
‫ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﰲ ﺍﻟ‪‬ﺒ ‪‬ﻮ ﹺ‬
‫ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻟﻠﻨﻮﺭ‪ ،‬ﻭﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻗﻮ ﹶﺓ ﺇﳝـﺎﻥ‪.‬‬
‫ﳋﻠ‪‬ـ ‪‬ﻲ ﺍﳌﻈﻠـﻢ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‬ ‫ﻓﻴﻨﻄﻖ ﻫﺬﺍ ﳐﱪﹰﺍ ﻋﻦ ﻣﺒﻠﹶﻎ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﺍﻟﻜﺸﻔﻲ ﺇﱃ ﺍ ﹶ‬
‫ﺍﳋﺮﺍﺏ ﻓﻴﻜﺬﱢﺏ ﻭﳚﺎﺩﻝ‪ .‬ﻭﻳﻜﺘ‪‬ﺐ ﺫﺍﻙ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺣـﻞ ﺳـﻠﻮﻛﻪ‬
‫ﺾ ﺣﻜ ‪‬ﻤ ‪‬ﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻌـﺪ ﺃﻥ ﺗﺼـﻔﻮ‬ ‫ﺟﺎﺯﻣﺎ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﰒ ﻳﻨﺎ‪‬ﻗ ‪‬‬
‫ﻣﺮﺁﺗ‪‬ﻪ ﻭﻳﻘﻮﻯ ﺳﺮﺍﺟ‪‬ﻪ ﲤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﳛﺪﺙ ﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﺘﻐﲑ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ ﺣﺴﺐ‬
‫ﲨﻌﻪ ﻟﻸﺩﻟﺔ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ ﻳـﺮﻯ ﺧـﱪ‬
‫ﺍﻟﺒﻮ‪‬ﺍﺣﲔ‪ ،‬ﻭﺧﱪ ﺍﻟﻜﺎﲤﲔ ﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﳚﺪ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟ ﹸﻜﻤ‪‬ـﻞ‬
‫ﺍﳌﺘﻤﻜﻨﲔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳ‪‬ﺒﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ‪ ،‬ﺣﺎﺷﺎ ﺍﳋﻄﺄ ﺍﶈﺘﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﻋﲔ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﻤﺎ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﻋﲔ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬ﺇﻣﺎ ﰲ ﺃﺻﻞ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ "ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ" ﺝ ‪ ٢٠‬ﺹ ‪.٤٥‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﺭﺳ ‪‬ﺦ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻗﻠﱠﻤـﺎ ﲡـﺪ‬
‫ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻳﻨﺒﻮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻬ ‪‬ﻢ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣـﺎﻡ ﻋﻠـﻲ ﻛـﺮﻡ ﺍﷲ‬
‫ﻭﺟﻬﻪ‪" :‬ﺣﺪﺛﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲟﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ‪ ،‬ﺃﲢﺒ‪‬ﻮﻥ ﺃﻥ ‪‬ﻳﻜﹾـﺬﹶﺏ ﺍﷲ ﻭﺭﺳـﻮﻟﹸﻪ!"‪.‬‬
‫ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ .‬ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﻧﺖ ﺃﺧﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ‪" :‬ﺃﻧﺖ ﻣﲏ ﲟﱰﻟﺔ ﻫﺮﻭﻥ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ"‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴـﻪ‬
‫ﻭﺇﱃ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﺳﺎﻧﻴﺪ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻛﺎﻥ‬
‫ﲝﺮﹰﺍ ﺯﺧ‪‬ﺎﺭﺍ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺒﻮﺡ‪ ،‬ﻭﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﻜﺘﻤﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺘﻨﺎﻗﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﻮﺻﻴ‪‬ﺔ ﺑﻜﺘﻢ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺷـﻴﺦ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪" :‬ﺍﳊﺎﻝ ﺗﻌﺘﺮﻱ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫ﺍﳊﻖ ﻭﰲ ﻏﲑ ﺟﺎﻧﺒﻪ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺺ ﻭﺧﻄﺄ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻐﻴﺐ ﲟﺤﺒﻮﺑﻪ ﻋﻦ‬
‫ﺣﺒﻪ ﻭﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ)‪ .(...‬ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺎﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﺍﳊﻖ! ﺃﻭ ﺳﺒﺤﺎﱐ! ﺃﻭ‬
‫ﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﺒﺔ ﺇﻻ ﺍﷲ! ﻭﻫﻮ ﺳﻜﺮﺍﻥ)‪ ،(...‬ﻭﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺴـﻜﺮ ﻳﻄـﻮ‪‬ﻯ ﻭﻻ‬
‫‪١‬‬
‫‪‬ﻳ ‪‬ﺮﻭ‪‬ﻯ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﻭﻣ‪‬ﻦ ﺍﻟﻐﲑ ‪‬ﺓ ﺍﻟﻐﲑ ﹸﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻠـﻢ‬
‫ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻪ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﹶﻪ‪ .‬ﻭﳍﺬﻩ ﺍﻟﻐﲑﺓ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑـﻦ ﺃﰊ‬
‫ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ :‬ﺣﺪﺛﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲟﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ‪ ،‬ﺃﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜـﺬﺏ ﺍﷲ‬
‫ﺙ ﻗﻮﻣﺎ ﺣـﺪﻳﺜﺎ‬
‫ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ! ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ :‬ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﲟﺤ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﻻ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻋﻘﻮﳍﻢ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﻓﺘﻨﺔ!)‪ .(...‬ﻭﺳﺌﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﺒـﺎﺱ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٩٧‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺗﻔﺴﲑ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪" :‬ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊ ﲰـﺎﻭﺍﺕ‬
‫ﻚ ﺃﻧ‪‬ـﻲ ﺇﻥ ﺃﺧﱪﺗـﻚ‬ ‫ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺜﻠﻬﻦ"‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺴﺎﺋﻞ‪ :‬ﻭﻣﺎ ‪‬ﻳ ‪‬ﺆ ‪‬ﻣﻨ‪‬ـ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺏ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻜﺬﻳﺒﻚ ‪‬ﺎ ﻛﻔﺮﻙ ‪‬ﺎ"‪.‬‬ ‫ﺑﺘﻔﺴﲑﻫﺎ ﻛﻔﺮﺕ! ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻜ ﱢﺬ ‪‬‬
‫ﺤ ‪‬ﺮﻣ‪‬ﺔ ﺍﻟﻨﻈـﺮ ﰲ‬‫ﻭﳌﺨﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻣﻊ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﹺﺑ ‪‬‬
‫ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﳌﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﺼﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻤﺲ ﺍﻟﻌﺬﺭ ﳌﺎ‬
‫ﺖ ﺫﻟﻚ ﺻﻮﻧﺎ ﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻴﻌﺔ ﰲ ﺃﺣﺪ‪ ،‬ﻭﺣﻔﻈـﹰﺎ‬ ‫ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪" :‬ﻓﻠ ‪‬‬
‫ﻟﻠﱢﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻻ ﺭﺿ ‪‬ﻰ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺇﺫﻧﺎ ﰲ ﻗﺮﺍﺀ‪‬ﺎ ﻟﻜﻞ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺃﺣﺪ‪ .‬ﻭﻣﻌﺎﺫ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺁﺫﻥ ﻷﺣﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﰒ ﻻ ﺁﺫﻥ"‪.‬‬
‫ﻧﺘﺮﻙ ﺇﱃ ﻓﺼﻞ ﻣﻘﺒﻞ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﺴ ﹶﻜ ‪‬ﺮ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‬
‫ﺣﱴ ﻳﻨﻄﻖ ﲟﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻧﺄﺧﺬ ﻣﺜﺎﻻ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳌﻜﺎﺷـﻔﺔ ﻟـﻨﻔﻬﻢ‬
‫ﻛﻴﻒ ﺗﻨﺸﺄ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬ﻢ ﺗﻨﺸﺄ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪" :‬ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻗﺪ ‪‬ﻳ‪‬ﺘﺼ‪‬ﻮﺭ ﺃﻥ ﳛﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌـﺎﱂ‬
‫ﻭﺻﻮﺭﺗﻪ‪ ،‬ﺗﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﳊﻮﺍﺱ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ)‪ .(...‬ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻠﻘﻠـﺐ‬
‫ﺑﺎﺑﺎﻥ‪ :‬ﺑﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﺇﱃ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ ﻭﻋﺎﱂ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪،‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﻭﺑﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﺇﱃ ﺍﳊﻮﺍﺱ ﺍﳋﻤﺲ ﺍﳌﺘﻤﺴﻜﺔ ﺑﻌﺎﱂ ﺍﳌﹸﻠﻚ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ"‪.‬‬
‫ﻭﳚﻲﺀ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻴﻨﻜﺮ ﺇﻧﻜﺎﺭﺍ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﺑﺒﻴﺎﻧﻪ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﻭﺣﻜﻤﻪ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻓﻴﻪ ﻗﺎﺭﺉ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ ‪" :‬ﻳﻘـﻮﻝ‬
‫ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻫﺆﻻﺀ‪ ،‬ﺇﻣﺎ ﻋﻦ‬

‫‪ ١‬ﺭﻭﺿﺔ ﺍﶈﺒﲔ ﺹ ‪.٣٠٦‬‬

‫‪ ٢‬ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﺹ ‪.١٧‬‬
‫‪ ٣‬ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﳍﻢ‪ ،‬ﻭﺇﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﳌﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺷـﻴﻮﺧﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻭﺍﺑـﻦ‬
‫ﺳﺒﻌﲔ ﻭﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻭﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻗﺪ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻠـﻮﺡ‬
‫ﺍﶈﻔﻮﻅ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﲰﺎﺀ ﻣﺮﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ‪ ،‬ﻭﳓﻮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻱ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻣﻀﻤﻮ‪‬ﺎ ﺃ‪‬ﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﻃﻞ ﳐﺎﻟﻒ ﻟﺪﻳﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻏﲑﹺﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺮﺳﻞ"‪.‬‬
‫ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﻭﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﳌﻦ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻼﻡ ﺃﺣﺪ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺄ ‪‬ﺧ ﹶﺬ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻦ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻻ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ‪ .‬ﻟﻮ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻻ ﺃﻋﺮﻓﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻤﺔ ‪‬ﺑﺪ‪‬ﻝ ﺃﻥ ﻳﻌﻤـﻢ‬
‫ﺯﺍﻋﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ‪ .‬ﻳـﺎ‬
‫ﻟﻄﻴﻒ!‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺩﻗﺎ‪ ،‬ﻓﺮﻗﺎﻩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻓﺘﺢ ﺑﺼﲑﺗﻪ ﻛﻤـﺎ ﻓـﺘﺢ‬
‫ﻟﻠﻌﺎﺭﻓﲔ ﺣﱴ ﺭﺃﻯ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﻻﺣﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺣﱴ ﻗﺮﺃ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﻭﻟﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪﺕ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﺳﺔ ﺷـﻴﺦ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺃﻣﻮﺭﺍ ﻋﺠﻴﺒﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﱂ ﺃﺷﺎﻫﺪﻩ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻋﻈـﻢ ﻭﺃﻋﻈـﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻭﻗﺎﺋﻊ ﻓﺮﺍﺳﺘﻪ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ‪‬ﺳﻔﹾﺮﺍ ﺿ‪‬ﺨﻤﺎ)‪ .(...‬ﺃﺧﱪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍ َﺀ ﺳـﻨﺔ‬
‫ﺍﺛﻨﺘﲔ ﻭﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﳌﹼﺎ ﲢﺮ‪‬ﻙ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﻭﻗﺼﺪﻭﺍ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻭﺍﳍﺰﳝﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻭﺃﻗﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﲔ ﳝﻴﻨـﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﻗﻞ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ! ﻓﻴﻘﻮﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎ! ﻭﲰﻌﺘـﻪ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ﺹ ‪.٤٧٥‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳ‪‬ﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮﻭﺍ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻻ ﺗ‪‬ﻜﺜﺮﻭﺍ! ﻛﺘﺐ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻟﻠﻮﺡ‬
‫ﺍﶈﻔﻮﻅ ﺃ‪‬ﻢ ﻣﻬﺰﻭﻣﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﳉﻴﻮﺵ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫ﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻗﺒﻞ ﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﺇﱃ ﻟﻘـﺎﺀ‬ ‫ﻭﺃﻃﻌﻤ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻭ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﰲ ﺧﻼﻝ ﻫﺘﲔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺘﲔ ﻣﺜﻞ‬
‫ﺍﳌﻄﺮ"‪.‬‬
‫ﺍﺳ‪‬ﺘ ‪‬ﻐ ‪‬ﻔ ﹺﺮ ﺍﷲ ﻳﺎ ﺻﺎﺡ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻚ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﺃﺧﻄﺎﺋﻬﻢ‪ ،‬ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﻭﺗﺒﻘﻰ ﺃﻧﺖ ﰲ ﺍﻟﻈﻼﻡ‪ .‬ﺍﺳﺘﻐ ‪‬ﻔﺮ‪‬ﻩ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻚ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﰲ ﺗﻜﻔﲑ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﳉﺰﻡ ﺑﺄﻥ "ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ"‪ ،‬ﻳﺘﻮﺑﻮﻥ ﻫﻢ ﻭﻳﺸـﻔﻊ‬
‫ﳍﻢ ﺻﺪﻗﹸﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻚ ﺟﻬﻠﹸﻚ ﻭﺗﻘﻠﻴﺪ‪‬ﻙ‪ .‬ﻫـﻮ ﺫﺍﻙ ﺷـﻴﺦ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺧﻴﻤﺘﻪ‪ ،‬ﰲ ﻋﺎﺩﺗﻪ‪ ،‬ﰲ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ‪ ،‬ﰲ ﻧﺴﺒﻴﺘﻪ ﻻ ﳜﺮﺟـﻪ ﻋﻨـﻬﺎ‬
‫ﻓﺮﺍﺳﺘﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻳﻄﻌﻢ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﲟﺎ ﻗﺮﺃﻩ ﰲ ﺍﻟﻠـﻮﺡ‬
‫ﺍﶈﻔﻮﻅ‪ ،‬ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻔﻴﻬﺎ ﻭﻳﻨﺴﺐ ﺍﻟﻘـﺎﺋﻠﲔ ‪‬ـﺎ ﻟﻠﺰﻧﺪﻗـﺔ‬
‫ﻭﻳﺮﻣﻴﻬﻢ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﳌﻠﺔ‪ .‬ﻭﺃﻧﺖ‪ ،‬ﺃﻧﺖ ﺍﳌﻘﻠﺪ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ ﺑﻌﻘﻞ ﻣﺮﻣﻮﺱ ﻭﻗﻠـﺐ‬
‫ﻣﻄﻤﻮﺱ ﻣﺎ ﺣﻈﻚ ﻣﻦ ﺍﷲ! ﻗﻞ ﱄ! ﺃﻧﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﺺ ﻻ ﻣـﻊ ﺍﷲ!‬
‫ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻻ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳑﺎ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺪﻙ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮﺓ ﻭﳘﺘﻚ ﺍﻟﻔﺎﺗﺮﺓ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﳝﻜـﻦ ﻃﻠﺒـﻪ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺃﺻﻼ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻘﺎﻝ‪ :‬ﻣﺎ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﻮﻝ ﻫـﺬﺍ؟ ﻭﺇﳕـﺎ ﳛﺼـﻞ‬

‫‪ ١‬ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٤٨٩‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻙ ﰲ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺴﲑ ﻭﻗﻄﻌﻬﺎ ﻣﱰﻟﺔ ﻣﱰﻟﺔ ﺣﱴ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﻄﻠـﻮﺏ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻓﺎﳌﻄﻠﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺴﲑ ﻻ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪﻻﻝ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻗﻮﺓ ﺟﺎﺫﺑﺔ ﲞﺎﺻﻴﺘﻬﺎ ﻧﻮ ‪‬ﺭ ﻋـﲔ‬
‫ﺍﻟﺒﺼﲑﺓ ﺇﱃ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﻐﻴﺐ‪ ،‬ﻓﻴﺘﺼﻞ ﻧﻮﺭ‪‬ﻫﺎ ﺑﻪ ﺍ‪‬ﺗﺼﺎ ﹶﻝ ﺍﻟﺸـﻌﺎﻉ ﺑﺎﻟﺰﺟﺎﺟـﺔ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﺣﺎﻝ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﻓﻴﻀﻪ‪ .‬ﰒ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻧﻮﺭ‪‬ﻩ ﻣﻨﻌﻜﺴﺎ ﺑﻀﻮﺋﻪ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺻﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﰒ ﻳﺘﺮﻗﻰ ﺳﺎﻃﻌﺎ ﺇﱃ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬ﻓﻴﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺍﺗﺼﺎﻻ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻟﻪ‬
‫ﺃﺛﺮ ﰲ ﺍﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻴﺸﺮﻑ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ‬
‫ﺴﺮ‪ ،‬ﻓﲑﻯ ﻣﺎ ﺧﻔ ‪‬ﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ﻣﻮﺿﻌ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺩﻕ ﻋـﻦ ﺍﻷﻓﻬـﺎﻡ‬ ‫ﻋﲔ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺗﺼ ‪‬ﻮﺭ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺘﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﻏﻴﺎﺭ ﻣﺮﺁﻩ‪.‬‬
‫ﻂ ﺍﻟﻮﺣ ﹺﻲ ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺍﻷﻧـﻮﺍﺭ‬‫"ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺢ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺻﺎﺭ ‪‬ﻣ ‪‬ﻬﹺﺒ ﹶ‬
‫ﻭﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪ ﺻﺎﺭ ﻣﻬﺒﻂ ﺍﻟ ﱡﻈﹶﻠ ﹺﻢ ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﲔ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺢ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﺧﱪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺻﺎﺣﺒﻪ ﲟﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻭﺃﻣﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻭﻧﺒﻬﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻌﻠﻤﻬﺎ ﺑﺸﻲﺀ ﺩﻭﻧﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﺖ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ ،‬ﺻﺎﺭ ﺃﻣﺮﻙ ﺿﻴﺎ ًﺀ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﻧـﻮﺭ ﻗﻤـﺮ ﺍﳌﻌﺮﻓـﺔ‬ ‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﹶﺛ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻛﺸﻒ ﻇﻠﻤﺔ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻃﻠﻌﺖ ﴰﺲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺯﺍﻟـﺖ‬
‫ﺍﻷﻗﺬﺍﺭ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ‪ .‬ﻳﺘﺒﲔ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻚ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﻚ‪ .‬ﻳﺘﺒﲔ‬
‫ﻟﻚ ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﻜﻼ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ .‬ﳝ‪‬ﻴ ‪‬ﺰ ﻟـﻚ ﺑـﲔ ﺍﳋﺒﻴـﺚ‬
‫ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ‪ ،‬ﺑﲔ ﻣﺎ ﻟﻐﲑﻙ ﻭﻣﺎ ﻟﻚ‪ .‬ﺗﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺍﳊﻖ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٤٧‬‬
‫‪ ٢‬ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.١٠٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺗﺮﻯ ﺑﺎﺏ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻓﺘﺮﻯ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣـﺎ ﻻ ﻋـﲔ‬
‫ﺭﺃﺕ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺫﻥ ﲰﻌﺖ‪ ،‬ﻭﻻ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ‪ .‬ﻓﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻡ‬
‫ﺨﹶﻠ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺧ‪‬ﻠ ‪‬ﻊ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ‪ .‬ﰒ ﻳﺮﺩ‬ ‫ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻳﺸﺮﺏ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺏ ﺍﻷﻧﺲ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ ﳌﺼﺎﳊﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺭﺩ‪‬ﻫﻢ ﻣﻦ ﺿﻼﳍﻢ‪ ،‬ﻭﻫﺠﺮﹺﻫﻢ ﻟﺮ‪‬ﻢ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‪،‬‬
‫ﻭﻋﺼﻴﺎ‪‬ﻢ ﻟﻪ‪ .‬ﻳ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﻣﻊ ﺍﳊﺼﻦ ﺍﳊﺼﲔ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻔـﻆ ﺍﻟـﺪﺍﺋﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴـﻼﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺃﻭ ﻻ ﻳﻮﻣﻦ ‪‬ﺬﺍ! ﺃﻧﺖ ﻗ‪‬ﺸﺮ ﺑﻼ ﻟﹸـﺐ! ﺧﺸـﺒﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺴﻨﺪﺓ! ﺧﺸﺒﺔ ﳔﺮﺓ! ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﻨﺎﺭ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺏ ﻭﺗﻮﻣﻦ ﻭﺗﺼﺪﻕ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇ ﱠﻥ ﻛﺸﻒ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﻋﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﷲ ﻭﻛﻮﻧﻪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﱐ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻜﺔ‬
‫ﻭﺃﺭﻭﺍﺡ ﻭﺟﻨﺔ ﻭﻧﺎﺭ ﻭﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻋﻮﺍﱂ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺴـﻌﺪﺍﺀ‬
‫ﺣﺮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﳌﻈﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻗﻠﻮﺏ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ﰲ ﳊﻈﺔ ﺍﳌـﻮﺕ‪،‬‬
‫ﻓﺎﳌﺎﺋﺖ ﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺼﲑ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﰲ‬
‫ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻜﺸﻔﻨﺎ ﻋﻨﻚ ﻏﻄﺎﺀﻙ ﻓﺒﺼﺮﻙ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﺪﻳﺪ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٢٢ :‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﻣﻦ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻮﺕ ﻳ‪‬ﻜﺸﻒ ﻋـﻦ‬
‫ﺑﺼﺮﻩ‪ ،‬ﻓﲑﻯ ﻣﱰﻟﻪ ﰲ ﺍﳉﻨﺔ‪ ،‬ﻳ‪‬ﺸﲑ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳊﻮﺭ ﺍﻟﻌﲔ ﻭﺍﻟﻮﹺﻟﺪﺍﻥ‪ ،‬ﻭﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﺕ ﻭﺍﻟﺴﻜﺮﺍﺕ‪ .‬ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ‪‬ـﻢ‬ ‫ﻣﻦ ﻃﻴﺐ ﺍﳉﻨﺔ ﻓﻴﻄﻴﺐ ﻟﻪ ﺍﳌﻮ ‪‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺂﺳﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﻫـﻢ‬
‫ﺍﳌﻘﺮﺑﻮﻥ ﺍﳌﻔﺮﺩﻭﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩﻭﻥ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٤٢‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻭﻳﻠﻚ ﻳﺎ ﻣﻌﺘﺮﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ! ﻻ ‪ ‬ﺬ ﻫﺬﻳﺎﻧﺎ ﻓﺎﺭﻏﺎ! ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‬

‫ﻻ ﻳﺮ‪‬ﺩﻩ ﺭﺍﺩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺼﺪ‪‬ﻩ ﺻﺎ ‪‬ﺩ‪ .‬ﺳﻠﱢﻢ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺮﺣﺖ!)‪ .(...‬ﺇﺫﺍ ﲢﻘﻖ ﻟـﻚ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻗﺪ‪‬ﻣﺖ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺤﻴﻨﺌ ‪‬ﺬ ﺗﺼﲑ ﻣـﻦ ﻋﺒـﺎﺩ ﺍﷲ ﺍﶈﻘﻘـﲔ‬
‫ﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺘﻪ‪ .‬ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻮﱄ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﻟﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟـﻪ‪.‬‬
‫ﻳﺼﲑ ﻛﻠﻪ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻏﲑ "‪‬ﻟ ‪‬ﻢ" ﻭ"ﻛﻴﻒ" ﻣﻊ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻫﻲ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﰲ ﻛﺘﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﻏﲑ ﺃﻫﻠﻪ‪:‬‬
‫‪
&8/L]J‬ذو`א‪   6
Y#7M‬و‪*1CfA‬א‪WW-‬א‪X&df‬א“*‪ 8) *H‬‬
‫[‪ 8) D5‬‬‫„ن‪1WU‬א›א‪   G&ˆ4=815‬و‪
P‬د‪&9&+%‬مو‪F &ْ F‬‬
‫=‪-4%ff‬אوא‪a-4/J‬و‪g‬دאد‪   8+‬و‪IŒA‬ون‪W`-‬و‪ 8) */*/5C‬‬
‫‪œH‬א‪
7M‬ل&
‪   G
x‬و‪†H‬א‪ 8) D&D-/Ub‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪:‬‬

‫‪C1f‬د‪VC‬א=)‪:* g
J‬א*‪   )8*7‬و‪fH8F.‬א‪1‬א‪:‬א“*‪ !8) *H‬‬
‫‪*1* ?K8C7ً
9FˆC C%U&   Š-&=1r<%9sx‬א ‪ 8) &F5D‬‬‫‪C ž`19‬‬
‫ž‪#7J‬א›א‪   G4i&=II9‬و‪
P‬د‪&9&+%‬مو&[‪ 85F‬‬
‫=‪-4%ff‬אوא‪a-4/J‬و‪g‬دאد‪   8+‬و‪H5A‬ن‪W`-‬و‪ 8//5C‬‬
‫و‪œH‬א‪
7M‬ل&
‪   G
x‬و‪†H‬א‪ 8&-d/Ub‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ِY _35 ٌT/ 3D 39َ 3+‬ـ‪/X‬‬ ‫‪ِ%‬ـ ْ‪/XِY3Z 5 Be$3 3 70r‬‬
‫ِ ‪39:ْ 3
343‬ــ
‪39?6‬ـــ‪/XِY‬‬ ‫ ‪َr[5‬ـ‪ْ:‬ـ‪َ
ُ7%$/ َ> 39‬ــ‬
‫>َ ْ‪3Z2‬ـ‪/MَJ
7‬ــ ‪3% 3‬ـ‪39‬ــــ‪/XِY‬‬ ‫‪7Jْ َ#‬ـــ ِ
‪ّ3" / 7R1‬ــــً‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٩٣‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
ـ!‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﳔﻔﻲ ﻭﻣﺎ ﻧﻌﻠﻦ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﳜﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻣﻦ‬
‫ﺷﻲﺀ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﺎﻓﻨﺎ ﻭﺍﻋﻒ ﻋﻨﺎ‪.‬‬

‫ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻳﻌﻘﻞ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌـﺎﱃ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪
:‬ﺃﻓﻠﻢ ﻳﺴﲑﻭﺍ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﻗﻠﻮﺏ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ ‪‬ﺎ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﳊﺞ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٤٦ :‬ﻭﺃﺛﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﲟﺎ ﺑﻪ ﻳﻌﻘﻞ‪ ،‬ﻭﻫـﻮ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‪،‬‬
‫ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺃﻓﺄﻧﺖ ﺗﺴﻤﻊ ﺍﻟﺼﻢ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪:‬‬

‫‪ (٤٢‬ﺃﺿﻒ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﰲ ﺗﻔﺼﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺼـﲑﺓ ﻭﻋـﲔ‬

‫ﻒ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﺒـﺪ ﺍﳌﻄﻠـﺐ‬ ‫ﺿ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻭﺃ ‪‬‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﲰﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺫﺍﻕ ﻃﻌﻢ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﺿﻲ ﺑﺎﷲ ﺭﺑﺎ ﻭﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨﺎ ﻭﲟﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻻ"‪ .‬ﺬﺍ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻔﺘﻮﺡ ﻟﻪ‪ ،‬ﻗﻠﺐ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﶈﺴﻦ ﺍﻟﻮﱄ‪ ،‬ﺣﺎ ‪‬ﺳ ﹲﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﺴﻤﻊ ﻭﺗﺒﺼﺮ‬
‫ﻭﺗﺬﻭﻕ ﻭﺗﻌﻘﻞ ﺑﺈﺩﺭﺍﻙ ﻓﻮﻕ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﳊﻮﺍﺱ ﻭﻓﻮﻕ ﹶﻃﻮ‪‬ﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻠﻤﻮﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺿﻲ ﺑﺎﷲ ﺭﺑﺎ ﻭﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨﺎ ﻭﲟﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻕ ﻣﻨﺤﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﳎﺮﺩ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻭﺍﻟﻘﹶﺒﻮﻝ‪ .‬ﰒ ﻳﺘﻔـﺎﻭﺕ‬ ‫ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺳﻮﻻ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺫﻭ ﹴ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﰲ ﺫﻭﻕ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺣﺒـﻬﻢ ﷲ ﻭﺭﺳـﻮﻟﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺫﻛﺮﻫﻢ‪ ،‬ﻭﺻﺪﻗﻬﻢ‪ ،‬ﻭﲡﺮ‪‬ﺩﻫ‪‬ﻢ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻗﺒﺎﳍﻢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪" ،‬ﻓﻼ ﳛﺒﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﻻ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺘﻮﻛﻠﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻮﺍﻟﻮﻥ ﺇﻻ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻌﺎﺩﻭﻥ ﺇﻻ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﺇﻻ ﺇﻳﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺮﺟﻮﻥ ﺇﻻ ﺇﻳـﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﳜﺎﻓﻮﻥ ﺇﻻ ﺇﻳﺎﻩ‪ ،‬ﻳﻌﺒﺪﻭﻧﻪ ﻭﻳﺴﺘﻐﻨﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﺑﻪ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻖ ﺑﻼ‬
‫ﺧﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻋﻨﺪ ﺍﳋﻠﻖ ﺑﻼ ﻫﻮﻯ‪ .‬ﻗﺪ ﻓﻨﻴﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻣﺎ ﺳـﻮﺍﻩ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗـﻪ‪،‬‬
‫ﻑ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﲞﻮﻓﻪ‪ ،‬ﻭﺭﺟﺎﺀ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﺑﺮﺟﺎﺋ‪‬ﻪ‪،‬‬ ‫ﻭﳏﺒﺔ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﲟﺤﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺧﻮ ‪‬‬
‫ﻭﺩﻋﺎﺀ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﺑﺪﻋﺎﺋﻪ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫"ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻟﻪ ﻧﺼﻴﺐ"‪.‬‬
‫ﻳ‪‬ﻜﺜﺮ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﺳـﺘﻌﻤﺎﻝ‬
‫ﻟﻔﻆ "ﺫﻭﻕ"‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺑﺘﻔﺎﻭﺕ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻛﻮﻥ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﳌﻨﻜـﺮﻳﻦ‬
‫ﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﻭﻣﻮﺍﺟﻴﺪﻫﻢ ﺇﳕﺎ ﺳﺒﺒ‪‬ﻪ ﻋﺪﻡ ﺫﻭﻗﻬﻢ ﳌﺎ ﺫﺍﻗﻮﺍ‪ .‬ﻭﻛﻠﻤـﺔ‬
‫ﺫﻭﻕ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﻴﺔ ﺍﲣﺬﻫﺎ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻬﻢ ﻣﺼـﻄﻠﺤﺎ‬
‫ﻟﻺﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺟﻴ ‪‬ﺪ ﺗﺘﻌﻤﻖ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺭﺗﻘﻰ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﰲ ﻋﻘﺒﺔ ﺍﻟﺴﲑ‪.‬‬
‫ﺴﹺﻨﻴ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠ‪‬ﻠﻴ‪‬ﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ‬
‫ﻭﺫﻭﻕ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﲔ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ‪" :‬ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﳚﺮﻱ ﰲ ﻛﻼﻣﻬﻢ )ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ(‬
‫ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ‪ .‬ﻭﻳﻌﱪﻭﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻤﺎ ﳚﺪﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﲦﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻭﻧﺘـﺎﺋﺞ‬
‫ﺍﻟﻜﺸﻮﻓﺎﺕ ﻭﺑﻮﺍﺩ‪‬ﺭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺍﺕ‪ .‬ﻭﺃﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻭﻕ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺸﺮﺏ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺮﻱ‪.‬‬
‫ﻓﺼﻔﺎﺀ ﻣﻌﺎﻣﻼ‪‬ﻢ ﻳﻮﺟﺐ ﳍﻢ ﺫﻭﻕ ﺍﳌﻌﺎﱐ‪ .‬ﻭﻭﻓﺎﺀ ﻣﻨﺎﺯﻻ‪‬ﻢ ﻳﻮﺟﺐ ﳍـﻢ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﺏ‪ .‬ﻭﺩﻭﺍﻡ ﻣﻮﺍﺻﻼ‪‬ﻢ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﳍﻢ ﺍﻟﺮﻱ‪.‬‬
‫"ﻓﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻣﺘﺴﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﺳـﻜﺮﺍﻥ ﻭﺻـﺎﺣﺐ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺮ ‪‬ﻣ ‪‬ﺪ ﰲ ﺷﺮﺑﻪ"‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻪ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻱ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺮﻱ ﺻﺎﺡ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗ ﹺﻮ ‪‬‬
‫‪ ١‬ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ "ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ" ﺝ ‪ ١٠‬ﺹ ‪.٣٣٥‬‬
‫‪ ٢‬ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺹ ‪.٣٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻭﻣﺬﺍﻗﺎ‪‬ﺎ ﻭﺷﺮ‪‬ﺎ ﻭﺭﻳ‪‬ﻬﺎ ﻣﻌﻴﺔ ﺇﳍﻴﺔ "ﻻ ﺗﺪﺭﻛﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺗﻨﺎﳍﺎ ﺍﻟﺼﻔﺔ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﺗ‪‬ﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ‪ .‬ﻭﻫﻲ ‪‬ﻣ ‪‬ﺰﱠﻟ ﹸﺔ ﺃﻗﺪﺍ ﹴﻡ ﺇﻥ ﱂ ﻳﺼﺤﺐ ﺍﻟﻌﺒـﺪ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﲤﻴﻴ ‪‬ﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺍﶈﺪﺙ‪ ،‬ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﺑﲔ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻭﺍﳌﺨﻠـﻮﻕ‪،‬‬
‫ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﻭﺍﳌﻌﺒﻮﺩ)‪ .(...‬ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺃﻧﻪ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣـﻊ ﺍﻟﻌﺒـﺪ ﻋﻘﻴـﺪﺓ‬
‫ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺇﻻ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻮﱃ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﻏﺎﺏ ﲟـﺬﻛﻮﺭﻩ ﻋـﻦ‬
‫ﺫﻛﺮﻩ ﻭﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﰿ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﻭﻻﺑﺪ"‪ ١‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺮ ﻭﻣﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺳﻜﺎﺭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣﻦ ﺷﻄﺢ‪ ،‬ﻧﺮﺟـﻊ‬
‫ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻓﺼﻞ ﻣﻘﺒﻞ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻨﻮ‪‬ﺭ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﺪﻝ ﺗﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﻭﻓﺘﻮﺍﻩ‪ .‬ﺇﻧﻪ ﲟﺜﺎﺑـﺔ ﺍﻷﻋﻀـﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﳉﻠﻮﺩ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎ‪‬ﺎ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻳـﻮﻡ‬
‫ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﻭﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﲟﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪:‬‬

‫‪ (٢٤‬ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻔﺘﻮﺡ ﻟﻪ ﲡﺎﻭﺯ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺧﺮﻗﻬﺎ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺷﺄﻧﺎ ﻣـﻦ ﺷـﺆﻭﻥ‬

‫ﻑ‬
‫ﺐ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﺋ ﹺﻖ ﻃﻌ ‪‬ﻢ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩ ﹶﺓ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻹﺷﺮﺍ ‪‬‬ ‫ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻗﻠ ﹺ‬
‫ﺖ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﳊﺠﺎﺏ ﻋﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ‬ ‫ﻭﺍﻹﻣﺎﺭ ﹸﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮ ﺍﳌﺴﺠﻮﻥ ﰲ ﺑﻴ ‪‬‬
‫ﺍﳊﺲ‪ .‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﰲ ﺍﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﳍـﺎ‬
‫ﺍﳊﻮﺍﺱ‪ .‬ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻳﺴﻤﻊ ﻭﻳﺮﻯ ﻭﻳﺬﻭﻕ ﻣﺎ ﻟﻄﹸﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﳊﻘﺎﺋﻖ‬
‫ﻭﻳ‪‬ﺪﱄ ﺑﺸﻬﺎﺩﺗﻪ‪.‬‬
‫ﺼ ﹸﺔ ﺇﱃ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ‬ ‫ﺟﺎﺀ ﻭﺍﹺﺑ ‪‬‬
‫ﻟﻪ‪" :‬ﹸﺍ ‪‬ﺩ ﹸﻥ ﻳﺎ ﻭﺍﺑﺼﺔ!" ﻓﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ ﺣـﱴ‬

‫‪ ١‬ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﰲ "ﺍﻟﻮﺍﺑﻞ ﺍﻟﺼﻴﺐ" ﺹ ‪.٦٢‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﺴﺖ ﺭﻛﺒﺘ‪‬ﻪ ﺭﻛﺒﺘ‪‬ﻪ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪" :‬ﻳـﺎ‬

‫ﻭﺍﺑﺼ ﹸﺔ! ﹸﺃ ‪‬ﺧﹺﺒ ‪‬ﺮ ﻣﺎ ﺟﺌﺖ ﺗﺴﺄﻟﲏ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺗﺴﺄﻟﲏ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻳـﺎ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ!‬
‫ﻓﺄﺧﱪﱐ!" ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺟﺌﺖ ﺗﺴﺄﻟﲏ ﻋﻦ ﺍﻟـﱪ ﻭﺍﻹﰒ؟"‬
‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻧﻌﻢ! ﻓﺠﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺻﺎﺑﻌ‪‬ﻪ ﺍﻟﺜﻼﺙ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ‬
‫ﺖ ﻧﻔﺴﻚ‪ .‬ﺍﻟﱪ ﻣـﺎ‬ ‫ﻳﻨﻜﹸﺚ ‪‬ﺎ ﰲ ﺻﺪﺭ ﻭﺍﺑﺼ ﹶﺔ ﻭﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻳﺎ ﻭﺍﺑﺼ ﹸﺔ! ﺍﺳﺘﻔ ‪‬‬
‫ﺍﻃﻤﺄﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻭﺍﻃﻤﺄﻧﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﻭﺍﻹﰒ ﻣﺎ ﺣﺎﻙ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺗﺮﺩﺩ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺼﺪﺭ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺃﻓﺘﺎﻙ ﺍﻟﻨﺎﺱ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﻭﺍﺑﺼﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻣﻘﺎﻡ ﺗﺼﺪﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻟﻠﻔﺘﻮﻯ‪ ،‬ﺻﺪ‪‬ﺭﻩ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﺫ‪‬ﻥ ﻟﹶﻪ‪ .‬ﺃﺫﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﻠﻤﺘـﻪ ﰲ ﻓﻬـﻢ ﺧـﺎﺹ ﻟﺮﺟـﻞ ﰲ‬
‫ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﻭﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﻹﰒ‪ .‬ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺴﺘﻨﺘ ‪‬ﺞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺐ ﻭﺍﺑﹺﺼ ﹶﺔ ﺃﻭ ﻟﻘﻠﺐ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﻳﺸﺮ‪‬ﻉ ﺣﺪﻭﺩ‬ ‫ﺍﻹﺫﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺃﻥ ﻟﻘﹶﻠ ﹺ‬
‫ﺍﻟﱪ ﻭﲣﻮﻡ ﺍﻹﰒ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ‪ .‬ﺇﳕﺎ ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟـﱪ ﻛﻤـﺎ ﺷـﺮﻋﻪ ﺍﷲ‬
‫ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻹﰒ ﻛﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩﺍ ﻭﺭﺳـﻮﻟﹸﻪ‪ ،‬ﺗﻄـﺎﹺﺑ ‪‬ﻖ‬
‫ﻣﻌﺎﳌﻬﻤﺎ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻴﻄﻤﺌﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻟﻠﱪ‪ ،‬ﻭﳛـﻮﻙ ﺍﻹﰒ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭﻳﺘﺮﺩﺩ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻠﻘﻠﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻣﺴﺮ‪‬ﺡ ﻓﺴﻴﺢ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺍﻹﻣـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪" :‬ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻥ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﲣﻄﹸـﺮ ﻋﻠـﻰ ﻗﻠـﺐ‬
‫ﺍﳌﺘﺠﺮﺩﻳﻦ ﻟﻠﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﲣﻠﻮ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺎﺳﲑ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻄﻠـﻊ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‬
‫ﺃﻓﺎﺿﻞ ﺍﳌﻔﺴﺮﻳﻦ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻧﻜﺸﻒ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻤﺮﻳﺪ ﺍﳌﺮﺍﻗﺐ ﻭﻋﺮﺽ ﻟﻠﻤﻔﺴﺮﻳﻦ‬
‫ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﻮﻩ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺰﻛﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻟﻄـﺎﻑ ﺍﷲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺎ ‪‬ﳍﻤ‪‬ﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺳـﺮﺍﺭ‬

‫‪١‬‬
‫ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺩﻗﺎﺋﻖ ﺧﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ"‪.‬‬
‫ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴ ﹸﺔ ﺑﺎﳌﻌﺎﻣﻼﺕ ﻣﻌﺎﻣﻠ ﹶﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻊ ﺭﺑـﻪ ﰲ ﺧﺼﻮﺻـﻴﺎ‪‬ﻢ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺸﻮﻉ ﻭﺫﻛﺮ ﻭﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﻭﺗﻮﻛﻞ ﻭﺧﻮﻑ ﻭﺭﺟﺎﺀ‪ .‬ﻻ ﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﱵ ﺣﺪﺩﻫﺎ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪.‬‬
‫ﻟﻠﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﻫﻮ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐـﺰﺍﱄ‪:‬‬
‫"ﻟﺬﺓ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ‪ ،‬ﺃﻋﲏ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﻟـﺬﺓ‬
‫ﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻨﻮﻉ )ﺃﻋﻼﻫﺎ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳـﺔ(‪.‬‬ ‫ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻮﺍﺱ ﺍﳋﻤﺲ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﺬﺍ ‪‬‬
‫ﻓﻠﺬ ﹸﺓ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﲨﺎﻝ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻈ ‪‬ﺮ ﺇﱃ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻮﺭ‬
‫ﺍﻹﳍﻴﺔ ﺃﻟﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻭﻏﺎﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ‪:‬ﻓﻼ ﺗﻌﻠﻢ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﺃﺧﻔﻲ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻗﺮﺓ ﺃﻋﲔ‪ .‬ﻭﺇﻧﻪ ﺃﻋ ‪‬ﺪ‬
‫ﳍﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻋﲔ ﺭﺃﺕ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺫﻥ ﲰﻌﺖ‪ ،‬ﻭﻻ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ‪ .‬ﻭﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻵﻥ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺇ ﹼﻻ ﻣﻦ ﺫﺍﻕ ﺍﻟﻠﺬﺗﲔ ﲨﻴﻌﺎ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﻳﻮﺛ ‪‬ﺮ ﺍﻟﺘﺒﺘ ﹶﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮ ‪‬ﺩ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻐﻤﺲ ﰲ ﲝﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ"‪.‬‬
‫ﻟﻠﻘﻠﺐ ﺍﳌﻨﻮ‪‬ﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻧﻜﺸﺎﻑ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺇﺷﻌﺎﻉ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﻭﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻻﻧﻐﻤﺎﺱ ﰲ ﲝﺎﺭﻫﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﰲ "ﺍﻟﺘﺒﺘﻞ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺩ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﺩ ﻭﺍﻟﻔﻜـﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ"‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺗﺼﺮﻓﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻀﺒﻂ ﺑﻀﺎﺑﹺﻂ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ .‬ﺍﻟﻌﻘـﻞ‬
‫ﻫﻮ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﻼﺯﻡ‪ ،‬ﻭﺧﻔﲑ‪‬ﻩ ﺍﳌﻼﺯﻡ‪ ،‬ﻭﺇﻻ ﺗﺎﻩ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﺩﻭﺍﻣﺔ ﺍﳌﻮﺍﺟﻴﺪ ﺑﻼ‬
‫ﺣﺪﻭﺩ ﻭﻻ ﺳﺪﻭﺩ‪.‬‬
‫‪ ١‬ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٦٣‬‬
‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٦٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﻴ ‪‬ﺪ ﺍﳌﻜﺎﺷﻔﲔ ﻭﺳـﻴﺪ ﺍﻟﻌـﺎﳌﲔ‪،‬‬

‫ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﰲ ﻣﻮﺍﻃ ‪‬ﻦ ﻣﺜﻞ ﺇﺧﺒﺎﺭﻩ ﻟﻮﺍﺑﺼﺔ ﲟﺎ ﻳ‪‬ﻀـﻤﺮ‬
‫ﻭﺍﺑﺼﺔﹸ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻦ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﳊﺠﺔ ﻭﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﳊﻘـﻮﻕ‬
‫ﺍﷲ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺃﻥ ﺗﻄﲑ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺍ‪‬ﻨ‪‬ﺤﺔ ﰲ ﲰﺎﺀ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻧﻜﻢ ﲣﺘﺼﻤﻮﻥ ﺇﱄ‪ ،‬ﻭﻟﻌﻞ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﺃﳊﻦ ﲝﺠﺘـﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺑﻌﺾ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻗﻀﻴﺖ ﻟﻪ ﲝﻖ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻓﺈﳕﺎ ﺃﻗﻄﻊ ﻟﻪ ﺑﻘﻄﻌـﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻋﻦ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﲣﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺃﺻﻼ ﻟﺌﻼ ﻳﻔ‪‬ﺘ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌﻠﻤﻪ ﻭﺍﻃﻼﻋﻪ‪ ،‬ﺑـﻞ‬
‫ﺑﺎﳊﺠﺔ ﺗﺪﺣﺾ ﺍﳊﺠﺔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻳﺮﺟﺤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﳛﻜﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻜﺸﻔﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺭﺃﻳـﺎ ﰲ‬
‫ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭﺍﳊﺮﺏ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺟﺎﺩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺃﺣﺴﻦ‪ ،‬ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﷲ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺣﲔ ﻛﺘﺐ‪" :‬ﺍﻋﻠﻢ‬
‫ﺃﻭﻻ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻭﺫﻭﻕ ﻭﺷﻬﻮﺩ ﻻ ﻳﺸﺮﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﺆﻳ‪‬ﺪ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ‬
‫ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻋﻴﺶ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺣﻈﻮﻇﻬﺎ‪ .‬ﻓﻠﻮ ﹸﻗﺪ‪‬ﺭ ﺃﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺇﳕﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻠﺴـﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍ‪‬ﺮﺩ‪ ،‬ﻓﻼ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺸﻔﻪ ﺍﻟﻌﻠ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺑﺎﳊﺠﺔ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ‬
‫ﺣﺎ ﹴﻝ ﳜﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﻠ ‪‬ﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠ ‪‬ﻢ ﳜﺎﻟﻔﻪ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﺭﺩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ‬
‫ﲟﺠﺮﺩ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﳊﺎﻝ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻭﻣﻨﻪ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﰲ ﲢﻜﻴﻢ ﺃﺫﻭﺍﻗﻬﻢ ﻭﻣﻮﺍﺟﻴﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﺘﻨﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﻛﺒﲑ‪ .(...).‬ﻓﻤﺎ ﺯﻛﹼﺎﻩ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺍﳌﻘﺒـﻮﻝ‪ ،‬ﻭﻣـﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺟﺮ‪‬ﺣﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺍﳌﺮﺩﻭﺩ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﻭﺻﻴﺔ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻻﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ"‪.‬‬
‫ﻭﻛﺘﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﻧﻀﺮ ﺍﷲ ﻭﺟﻬﻪ ﰲ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﲢـﺬﻳﺮﺍ‬
‫ﻣﻦ ﺳﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﺣﺪﻳﺚ ﺍﳋﺒﲑ‪" :‬ﻭﻟﻺﳝﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‬
‫ﻭﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﻧﻮﺭ ﻭﺣﻼﻭﺓ ﻳﻘﺬﻓﻬﺎ ﺍﷲ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﻭﻟﻜـﻦ‬
‫ﺍﻹﳍﺎ ‪‬ﻡ ﻭﺍﳋﻮﺍﻃ ‪‬ﺮ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻻ ﺗ‪‬ﻌﺘﱪ ﺇﻻ ﺑﺸﺮﻁ ﻋﺪﻡ ﺍﺻﻄﺪﺍﻣﻬﺎ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻧﺼﻮﺻﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﻪ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﱠﰒ‬
‫ﺃﻣﻮﺭ ﺑﺎﻃﻨﺔ ﻻ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻘﺎ ِﺀ ﺍﳌﻔﺮﺩ‪‬ﻳﻦ ﻭﺍﻟ‪‬ﻨﻮ‪‬ﺍﺏﹺ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻫﻨﺎﻙ‪ .‬ﺇﻥ ﺻﺮﺕ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺃﺩﻣﺖ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﺣﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻹﻃﺮﺍﻕ‪ ،‬ﻓﹸﺘﺢ ﺍﻟﺒـﺎﺏ ﰲ‬
‫ﻭﺟﻪ ﻗﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﺟﺬﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﺬﺏ‪ ،‬ﻭﻗﺮ‪‬ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺮ‪‬ﺏ‪ ،‬ﻭﻧﻮ‪‬ﻣﻪ ﻣﻦ ﻧﻮ‪‬ﻡ‪ ،‬ﻭﺯﻓﱠـﻪ‬
‫ﺤﻠﻪ ﻣﻦ ﹶﻛﺤ‪‬ﻞ‪ ،‬ﻭﺣﻼﹼﻩ ﻣﻦ ﺣﻠﻰ‪ ،‬ﻭﻓﺮ‪‬ﺣﻪ ﻣﻦ ﻓﺮ‪‬ﺡ‪ ،‬ﻭﺁﻣﻨﻪ‬ ‫ﻣﻦ ﺯﻑ‪ ،‬ﻭ ﹶﻛ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﺁﻣﻦ‪ ،‬ﻭﺣﺪﺛﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﺙ‪ ،‬ﻭﻛﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﻛﻠﻢ‪ .‬ﻳﺎ ﻏﺎﻓﻠﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ! ﺃﻳﻦ‬
‫ﺃﻧﺘﻢ! ﻣﺎ ﺃﺑﻌﺪ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﲑ ﺇﻟﻴﻪ! ﺗﻈﻨﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺳﻬﻞ‪،‬‬
‫ﺣﱴ ﳛﺼﻞ ﻟﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﻊ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻒ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ!‬
‫"ﳛﺘﺎﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﺎﺭﻕ ﺍﻟﻘﹶﺪﺭ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ‬
‫ﻏﻨﻴﺎ ﻣﻌﺎﰱ ﻣﺸﻐﻮﻻ ﲟﻌﺼﻴﺔ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺘﺒﺖ ﻋـﻦ ﲨﻴـﻊ ﺍﳌﻌﺎﺻـﻲ‬
‫ﻭﺍﻟﺰﻻﺕ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺑﻄﻦ‪ ،‬ﻭﺻﺮﺕ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ ﻭﰲ ﺍﻟـﱪﺍﺭﻱ‪،‬‬

‫‪ ١‬ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﺠﺮﺗﲔ ﺹ ‪.٤٢١‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻃﻠﺒﺖ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺟﺎﺀﻙ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭ‪ ،‬ﺟﺎﺀﺗﻚ ﺍﻟﺒﻼﻳـﺎ‪ .‬ﻓﺘﻄﻠـﺐ‬

‫ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ‪ .‬ﻓﻼ ‪‬ﺗ ﹾﻘﺒ‪‬ﻞ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻌﻄﻬﺎ ﺫﻟﻚ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﻥ ﺻﱪﺕ ﺣﺼﻞ ﻟﻚ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﱂ ﺗﺼﱪ ﻓﺎﺗـﻚ‬
‫ﺫﻟﻚ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﺗﺎﺋﺐ! ﺍﺛﺒﺖ‪ ،‬ﻭﺃﺧﻠﺺ‪ ،‬ﻗﺮﺭ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﺍﻷﻣـﺮ ﻭﳎـﻲﺀ‬
‫ﺍﻟﺒﻼﻳﺎ‪ .‬ﻗﺮﺭ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳ‪‬ﺴﻬﺮ ﻟﻴﻠﻬﺎ ﻭ‪‬ﻳ ﹾﻈﻤ‪‬ﺊ ‪‬ﺎﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻮﻗـﻊ‬
‫ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﳉﲑﺍﻥ ﻭﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻮﻗﻊ ﰲ ﻗﻠـﻮ‪‬ﻢ‬
‫ﺍﳌﻘﺖ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺮ‪‬ﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺪﻧﻮ ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫"ﺃﻣﺎ ﲰﻌﺖ ﻗﺼﺔ ﺃﻳﻮﺏ ﻋﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﳌﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﳏﺒﺘﻪ‬
‫ﻭﺍﺻﻄﻔﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻐﲑﻩ ﻓﻴﻪ ﺣﻆ‪ ،‬ﻛﻴﻒ ﺃﻓﺮﺩﻩ ﻣﻦ ﻣﺎﻟـﻪ ﻭﺃﻫﻠـﻪ‬
‫ﻭﻭﻟﺪﻩ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻗﻌﺪﻩ ﰲ ﻛﻮﺥ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﺑﻠﺔ ﺧﺎﺭﺟﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪.(...).‬‬
‫ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﳊﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﹸﻮﻯ‪ ،‬ﻭﺑﻘﻲ ﺃﺳﲑ ﳏﺒﺘﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ‬
‫ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﺳﺎﺑﻘﺘﻪ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺃﻣﺮ‪‬ﻩ ﺻﱪﺍ‪ ،‬ﰒ ﺻﺎﺭ ﻋﻴﺎﻧﺎ‪ .‬ﻛـﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻣـﺮﺍ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﺻﺎﺭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ‪‬ﺣﻠﹾﻮﺍ‪ .‬ﻃﺎﺏ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﰲ ﺑﻼﺋﻪ ﻛﻤﺎ ﻃﺎﺏ ﻹﺑـﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻡ ﰲ ﻧﺎﺭﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺫﺍﻙ ﺍﺑﺘﻼﺀ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻷﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳍﺮﻭﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﱪﺍﺭﻱ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻘﻮﻣﺔ ﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻭﺣﺪ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻓﺎﺑﺘﻼﺀ ﺻﻔﻮﺓ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﲔ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﺍﶈﻤﺪﻱ ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ‪ ،‬ﻭﺳﻂ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻭﰲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻴﻨـﻬﺎ‬
‫ﻭﲢﺪ‪‬ﻳﺎ ﳍﺎ‪ .‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﺃﺷﺪ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺃﺷﺪ‪ .‬ﻷﻥ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻆ ﺃﻱ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺑﺾ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻛﺎﻟﻘﺎﺑﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﺮ‪ ،‬ﻻ ﻳﺒﻠﹸﻎ ﻗـﻴ ﹸ‬
‫ﺻﺤﺮﺍ َﺀ ﻳﺴﺒ‪‬ﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﺘﻔﺮﺩﻭﻥ ﺗﻮﱡﻗ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻳ‪‬ﺪﻋﻰ ﺟﻨـﺪ ﺍﷲ‬
‫ﳌﹸﻐﺎﺿﺒﺘﻬﺎ ﻭﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ ﻭﺗﺬﻟﻴﻠﻬﺎ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻟﻠﺴﺎﻟﻜﲔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟـﻪ‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻟﻨﻌﻴﻤﺎ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻪ ﺍﳍﺎﺭﺑﻮﻥ ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﳝﻴﺰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺳﻮﺍﺱ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪:‬‬
‫‪#L‬א‪&9‬م‪,J‬א‪1‬ن‪A   :&“w‬א‪’-2‬و&‪8‬א‪<G4‬א‪ -‬‬
‫א‪
L
8&9‬ن‪
:G‬ل‪   
H€- ،‬و
‪,J‬ذא~و‪J‬אسא‪ dY
w‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﳏﻘﻖ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺪﻗﻖ‪:‬‬

‫‪K‬ضא‪*1FP
#&   GHpm*"C d ‘2‬אŸ_‪8‬א‪ s‘F[?b‬‬
‫‪#ˆO‬א‪7‘-‬مم   ‪X&s#F&
ˆ/‬א‪F-b‬ق ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺫﺍﻛﺮ ﻟﺮﺑﻪ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻭﻋﺪ ﻟﻘﺎﺋﻪ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ‪:‬‬

‫ذ‪ 1D4z.
=HFH
C-9   3t
~1L‬‬
‫‪ …x
9‬‬
‫‪   
+,*-* 
~
U5‬و‪†x‰…%‬א‪ !1.H‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻭﺍﺟﺪ ﻫﺎﺋﻢ ﰲ ﺑﻴﺪﺍﺀ ﺍﳊﺐ ﺍﻻﳍﻲ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻪ‪:‬‬

‫ذא‪-P,+W-P‬د‪a‬א_‪   -‬ون
ل‪X&C%`-7‬א‪ -79‬‬
‫
א‪A-‬ن‪"O‬و‪m‬א*‪   -‬و‪X&-I -7*<œ_O‬א‪ -7?M‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﺼﻮﰲ‪:‬‬

‫&ن‪5r‬א‪&   …H,c‬ن‪
O‬א@‪ †=
P‬‬
‫‪-
~1K¡<1Y™g1P‬א   &‪~[8K1
=GX‬א† ‬
‫و )‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ِZْ َ2 A/ 5+ ?3D‬ـ‪ 3 5a‬ــً ‪5M7+‬ـّـــً‬ ‫‪53\ tُW ِ
3,-
3 /َ[ َ
َu‬ــ ٍ‬
‫‪ w 5‬ـــ‪7? 5  5a‬ـــــ‪3.3 ِT‬ــــ‪2/‬ـــً‬ ‫\‪/63 ٌ17‬ـ‪vZ7D tc5
3RِY C5َ:‬ــــً‬
‫ ‪33% t 7)3‬ــ‪ْty
3 ِ%‬ــ ِ ‪ّ234‬ـــً‬ ‫‪ُ]
7x 3 ]ْ 3‬ـْــــ ‪3 /
َ> 3‬ـ‪7‬ـــ‪5a/َ ِh 34‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
‪
"


#$‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺗﻮﻓﲏ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻭﺃﳊﻘﲏ ﺑﺎﻟﺼﺎﳊﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﻨـﺖ‬
‫ﻛﺘﺒﺘﲏ ﰲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﺄﺛﺒﺘﲏ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻛﺘﺒﺘﲏ ﰲ ﺍﻟﺸﻘﺎﻭﺓ ﻓﺎﳏﲏ ﻣﻨـﻬﺎ ﻭﺃﺛﺒـﺘﲏ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﲤﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺀ ﻭﺗﺜﺒﺖ‪ ،‬ﻭﻋﻨﺪﻙ ﺃﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪.‬‬

‫ﻛﻠﻤﺘﺎ "ﻋﺮﻑ" ﻭ "ﻋﻠﻢ" ﻭﺭﺩﺗﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ .‬ﻭﱂ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ ﰲ‬

‫ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﺇﻻ ﻛﻠﻤﺔ "ﻋﺎﱂ"‪ .‬ﰒ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜــﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺇﱃ ﻛﻠﻤﺔ ﲤﻴﺰ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﷲ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﻠﻮﺍ ﻛﻠﻤﺔ "ﻋﺎﺭﻑ"‪" .‬ﻋﻠﻢ" ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﻭﺻﻔﺎﺗ‪‬ﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﲰﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﺹ ﻭﻫﻮ‬
‫ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﺭﺃﻯ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻈﻬﺮ ﺍﳋـﺎﺭﺟﻲ‬
‫ﻟﻠﺸﻲﺀ ﺍﳌﺮﺋﻲ‪ .‬ﻛﻠﻤﺔ "ﻋﺮﻑ" ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻻ ﺑﺄﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻭﺻـﺎﻓﻪ‬
‫ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﻣﻈﻬﺮﻩ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻋﺮﻓﺖ ﺯﻳﺪﺍ ﺃﴰﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺯﻳﺪﺍ ﻛﺬﺍ ﻭﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺭﺃﻳﺖ ﺯﻳﺪﹰﺍ ﻭﲰﻌﺖ ﺯﻳﺪﺍ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻟﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﴰﻮﳍﺎ ﻭﺫﺍﺗﻴﺘﻬـﺎ ﻻ ﺗﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﻘﻠﻴـﺔ‬
‫ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺍﳊﺲ ﺁﺧ ‪‬ﺮ ﺍﳌﻄﺎﻑ‪.‬‬
‫ﺾ ﳌـﻦ‬‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻄﺎ ٌﺀ ﻣﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ‪‬ﻣﺤ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺗﻘﺮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﻠﺖ ﹺﻧ ‪‬ﻌﻤ‪‬ﻪ ﺣﱴ ﺃﺣﺒ‪‬ﻪ ﻓﻜﺎﻥ ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﻳﺪﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ‪ .‬ﻋﻄﺎﺀ‬
‫ﻳﺘﱰﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻋﻄﺎﺀ ﻻ ﻳ‪‬ﻜﻴ‪‬ﻒ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻻ ﺗ‪‬ﻜﻴﻒ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﺠﲔ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻜﻢ ﻭﺍﻟﻜﻴﻒ ﻭﺍﻟﻌﻠﺔ ﻭﺍﳌﻌﻠﻮﻝ ﻭﺍﻟﻔﻮﻕ ﻭﺍﻟﺘﺤﺖ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﳌﻜﺎﻥ ﺁﻟﺔ‬
‫ﻒ‬
‫ﺠ ‪‬‬‫ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻛﻞ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻀﻤﺎﺭ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺃﻃ ﱠﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺳ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻗﺮﺏ ﻣﻮﻻﻩ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪ ،‬ﻭﻣﺸـﺎﻫﺪﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻷﻧﺲ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻌﻴﺔ ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﻟﻴﻌﱪ ﻋﻦ ﺇﻃﻼﻟﺘﻪ ﻳﻨﻄـﻖ‬
‫ﺧﻄﹰﺄ‪ .‬ﺗﻌﺒﲑ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﶈﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺨﺘﹶﻠﺴ‪‬ﺔ ﺧﻄﺄ ﻭﻋﺮﺿـﺔ ﻟﻠﺨﻄـﺈ‪،‬‬
‫ﺣﺎﺷﺎ ﻗﻮ ﹶﻝ ﺍﳌﻌﺼﻮﻡ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻧﻄﻘﹶﻪ ﺣﲔ ﺑﻠﻎ ﻋﻦ ﺭﺑﻪ "ﻛﻨﺖ‬
‫ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﻳﺪﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ"‪.‬‬
‫ﺴﻌ‪‬ﻒ ﻟﻐﺔ ﺍ‪‬ﺎﺯ ﻭﺍﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻟﻴﻌﱪ ﻋﻦ ﻭﺟﺪﺍﻥ‬ ‫ﻭﻗﺪ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻟﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻛﻮﺍﻥ ﻭﻋﺎﱂ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ ﻭﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﳐﻠـﻮﻕ‬
‫ﳚﻮﺯ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻴﻘـﺮﺏ ﻷﺫﻫـﺎﻥ ﺍﻟﺴـﺎﻣﻌﲔ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﺋﲔ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻋﲔ ﺭﺃﺕ ﻭﻻ ﺃﺫﻥ ﲰﻌﺖ ﻭﻻ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ‪.‬‬
‫ﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﻖ ﺟـﻞ‬ ‫ﺍﻟﻘﻨﻮﺍ ‪‬‬
‫ﻭﻋﻼ ﻓﺎﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﻓﺮﺣ ﹲﺔ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭﺩﻫﺸﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ‪.‬‬
‫ﻧﺘﻘﺪﻡ ﺑﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﳓﻀ‪‬ﺮ ﳎﺎﻟﺲ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﺃﺋﻤ ‪‬ﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﺭﺿﻮﺍ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﺠﻤ‪‬ﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺎ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪" :‬ﻟﻔﻆ "ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ" ﻟﻔﻆ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﺳﺎﻟﻚ ﺇﻻ ﻭﻟﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻴـﻞ ‪ :‬ﻭﺻـﻞ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﺃﻭ ﺇﱃ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ‪ ،‬ﺃﻭ ﺇﱃ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﳓﻮ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﻧـﻮﺍﻉ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋـﺔ‬

‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﳌﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻣﺎ ﻻ ﳛﺼﻴﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﺎﻻﺗﺼـﺎﻝ ﻭﺍﻟﻮﺻـﻮﻝ‬
‫ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺮﺑﻪ ﻭﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻻ ﲟﻌﲎ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟـﺮﺏ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺼﻞ ﺍﻟﺬﺍﺗﺎ ‪‬ﻥ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﺑﺎﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭﻻ ﲟﻌﲎ ﺍﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟـﺬﺍﺗﲔ‬
‫ﳋﻠﹾـ ﹺﻖ‬‫ﺇﱃ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻗﻬﺎ ‪‬ﺎ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍ ﹶ‬
‫‪٢‬‬
‫ﲔ ﺍﶈﺎﻝ"‪.‬‬‫ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﲑ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﻻ ﺗﺘﻮ ‪‬ﻫ ‪‬ﻢ ﺳﻮﻯ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻋ ‪‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻫﻮ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺻـﻞ ﻓﻘـﺪ‬
‫ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﻃﺮﻳﻘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺳﻔﺮﻩ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ‬
‫ﺇﺫﺍ ﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺟﺬﹶﺑﻪ ﺳﲑ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻗﻮﻱ ﺳﻔﺮ‪‬ﻩ‪ .‬ﻓﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﳉﺪ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺴﲑ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﺴﻔﺮ‪ .(...).‬ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻷﻣـﺮ ﺍﻟﻄﻠـﺐ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺳـﻄﻪ‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺎﻳﺘ‪‬ﻪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ"‪.‬‬
‫ﻭﺫﻛﺮ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻟﻠﻤﻮﻣﻨﲔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ‬
‫ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﺍﶈﺒﲔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻭﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﲢﻴﻂ ﺑـﻪ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺩﺭﻛﻪ ﻭﻧﺎﻟﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺮﺏ ﺭﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ‬
‫‪٤‬‬
‫ﻋﺒﺪ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﳐﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﳐﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻋﺮ‪‬ﻑ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻕ ﺍﷲ ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘـﻪ‪ ،‬ﰒ‬ ‫ﻋﺮﻑ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺄﲰﺎﺋﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ‪ ،‬ﰒ ﺻﺪ ‪‬‬
‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٣٨٩‬‬
‫‪ ٢‬ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٥٠‬‬
‫‪ ٣‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣١٦‬‬
‫‪ ٤‬ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٧٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﺧﻠﺺ ﻟﻪ ﰲ ﻗﺼﻮﺩﻩ ﻭﻧﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﰒ ﺍﻧﺴﻠﺦ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ ﻭﺁﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬ﰒ ﺗﻄﻬ‪‬ﺮ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻭﺳﺎﺧﻪ ﻭﺃﺩﺭﺍﻧﻪ ﻭﳐﺎﻟﻔﺎﺗﻪ‪ ،‬ﰒ ﺻﱪ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﷲ ﰲ ﻧﻌﻤ‪‬ﻪ ﻭﺑﻠﻴ‪‬ﺎﺗ‪‬ﻪ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﰒ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺼﲑﺓ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﻭﺁﻳﺎﺗﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﻛﺘﺒﻬﺎ ﻋﻨﻪ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺓ ‪‬ﻳﺒ‪‬ﺮﺯ ﻓﻴﻬـﺎ ﻣﺮﺗﺒـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺣﱴ ﻻ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣ ‪‬ﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻋﺎﱂ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻮﺭ‪‬ﺍﻗﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺻﺎﺣﺐ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺃﻭﺳ ‪‬ﻊ ﺑﻄﺎﻧﺎ ﻭﻗﻠﺒﺎ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺇﻃﻼﻗﺎ ﺑﻼ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺷﻚ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﻭﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺇﱃ ﺍﳉﺎﻫﻞ"‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺃﻋﻼﻫﻢ ﻣﺮﺗﺒـﺔ ﻭﺃﻗـﺮ‪‬ﻢ ﻗﺮﺑـﺎ‬
‫ﺿ ‪‬ﻮﺃﹸﻫﻢ ﻗﻠﺒﺎ‪ .‬ﻫﻢ ﺭﲪﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﻳ‪‬ﺸﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻨﺒـﻮﺓ‬ ‫ﻭﺃ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺛﻮﻩ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳـﻠﻪ ﺍﷲ ﺭﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺭﲪﺔ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﺍﻧﺒﺴﺎﻃﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﳋﻠﻖ ﺭﲪﺔ‬
‫ﳍﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻓﺒﻤﺎ ﺭﲪﺔ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻟﻨﺖ ﳍﻢ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻓﻈﺎ ﻏﻠﻴﻆ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻﻧﻔﻀﻮﺍ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٥٩ :‬ﻓﺎﻟﺮﺏ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺴـﻂ‬
‫ﻱ ‪‬ﻢ ﺍﳊﲑﺍﻥ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺸﻔﻰ ‪‬ﻢ‬ ‫ﻱ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‪ ،‬ﻭﻳﻬﺘﺪ ‪‬‬ ‫ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻊ ﺧﻠﻘﻪ‪ ،‬ﻟﻴﻘﺘ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺴﺘ‪‬ﻀﺎ َﺀ ﺑﻨﻮﺭ ﻫﺪﺍﻳﺘﻬﻢ ﻭﻧﺼﺤﻬﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﰲ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺩﻳﺎﺟﻲ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﳍﻮﻯ‪ .‬ﻓﺎﻟﺴﺎﻟﻜﻮﻥ ﻳﻘﺘﺪﻭﻥ ‪‬ﻢ ﺇﺫﺍ ﺳﻜﺘﻮﺍ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺘﻔﻌـﻮﻥ ‪‬ـﻢ ﺇﺫﺍ‬
‫ﻧﻄﻘﻮﺍ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺣﺮﻛﺎﺗ‪‬ﻬﻢ ﻭﺳﻜﻮﻧ‪‬ﻬﻢ ﳌﹼﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﷲ ﻭﷲ ﻭﻋﻠـﻰ ﺃﻣـﺮ ﺍﷲ‬
‫‪٣‬‬
‫ﺟﺬﺑﺖ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﺇﻟﻴﻬﻢ"‪.‬‬

‫‪ ١‬ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٣٣٧‬‬

‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٤٢٠‬‬
‫‪ ٣‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٣٠١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺍﻟﻜﻤ‪‬ﻞ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﻮﻥ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﻫﻢ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﺻﺤﺒﺘﻬﻢ‬

‫ﻫﻲ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ ،‬ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﲑ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻟﺴﻔﺮ‪" .‬ﻫﻢ ﺍﻟﺼﻔﻮﺓ ﻣﻦ ﻋﺒـﺎﺩﻩ‬
‫)ﺃﻟﺒﺴﻬﻢ( ﻣﻼﺑﺲ ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ‪ ،‬ﺧﺼﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﲔ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﲞﺼﺎﺋﺺ ﺍﻹﺣﺴـﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻓﺼﺎﺭﺕ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻫﺐ ﺍﻷﻧﺲ ﳑﻠﻮﺀﺓ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺍﺋﻲ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﺱ‬
‫ﳎﻠﻮ‪‬ﺓ‪ .‬ﻓﺘﻬﻴﺄﺕ ﻟﻘﹶﺒﻮﻝ ﺍﻷﻣ‪‬ﺪﺍﺩ ﺍﻟﻘﹸﺪﺳﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺕ ﻟﻮﺭﻭﺩ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟ ‪‬ﻌ ﹾﻠ ﹺﻮﻳ‪‬ﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﲣﺬﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﻔﺎﺱ ﺍﻟﻌﻄﺮﻳ‪‬ﺔ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ‪‬ﺟﻼﹼﺳﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺣﺮ‪‬ﺍﺳﺎ‪ ،‬ﻭﺃﺷﻌﻠﺖ ﰲ ﹸﻇﹶﻠ ﹺﻢ ﺍﻟﺒﺸـﺮﻳ‪‬ﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟـﻴﻘﲔ‬
‫ﻧﺒ‪‬ﺮﺍﺳﺎﹰ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺮﺕ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﺬﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻜـﺮﺕ ﻣﺼـﺎﺋﺪ ﺍﳍـﻮﻯ‬
‫ﺕ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺮ ‪‬ﻫﺒ‪‬ﻮﺕ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻔﺮﺷﺖ ﺑﻌﻠﻮ ﳘﺘﻬﺎ‬ ‫ﻭﺗﺒﻌﺎ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻣﺘﻄﺖ ﻏﻮﺍﺭﺏ ﺍﻟ ‪‬ﺮ ﹶﻏﺒ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻼﻣـﻊ‬ ‫ﺑﺴﺎﻁ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻣﺘﺪﺕ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺎﱄ ﺃﻋﻨﺎﻗﹸﻬـﺎ‪ ،‬ﻭ ﹶﻃ ‪‬ﻤﺤ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﻱ ﺃﺣﺪﺍﻗﹸﻬﺎ‪ .‬ﻭﺍﲣﺬﺕ ﻣﻦ ﺍﳌﻺ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻣ‪‬ﺴﺎﻣﺮﹰﺍ ﻭﳏﺎﻭﺭﺍﹰ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨـﻮﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻋﺰ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﺰﺍﻭﺭﺍ ﻭﻣ‪‬ﺠﺎﻭﺭﺍ‪.‬‬
‫"ﺃﺟﺴﺎﺩ ﺃﺭﺿﻴﺔ ﺑﻘﻠﻮﺏ ﲰﺎﻭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺷﺒﺎﺡ ﻗﺪ ﺷﺒﻬﺖ ﺑﺄﺭﻭﺍﺡ ﻋﺮﺷﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﰲ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﳋﺪﻣﺔ ﺳﻴﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﰲ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻃﻴـﺎﺭﺓ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻼﻣﻬﻢ ﰲ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻨﺸﻮﺭﺓ"‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﻗﺮﺓ ﻋﲔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ‪ ،‬ﺃﺣﺒﻬﻢ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ ﻓﻌﺸـﻘﺘﻬﻢ‬
‫ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪" :‬ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﺫﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ‬
‫ﻣﻊ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻨﺎﺟﺎ ﹰﺓ ﰲ ﺍﻟﺴ ‪‬ﺮ‪.‬ﻭﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻻ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻭﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ‪ .‬ﻓﺈ‪‬ﺎ‬
‫ﺴ‪‬ﺘ ‪‬ﻤ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﲝﺮ ﻛﻼﻡ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻟﻪ‪ .(...).‬ﰒ ﺇ‪‬ـﺎ‬ ‫ﻛﻠﻤﺎﺕ ‪‬ﺗ ‪‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﺴﻬﺮ ﻭﺭﺩﻱ ﰲ "ﻋﻮﺍﺭﻑ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ" ﺝ‪ ١‬ﺹ ‪.١٨٤‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺗﺘﻨﺎﺟﻰ ﺑﺄﺳﺮﺍﺭ ﺍ ﹸﳌﻠﹾﻚ ﻭﺍ ﹶﳌﻠﹶﻜﻮﺕ‪ ،‬ﻭﺇﻓﺸﺎﺀ ﺍﻟﺴ ‪‬ﺮ ﹸﻟ ‪‬ﺆﻡ‪ ،‬ﺑﻞ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻷﺣـﺮﺍﺭ‬
‫‪١‬‬
‫ﻗﺒﻮﺭ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ"‪.‬‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺷﺠﺮﺓ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﻻ ﺷﺮﻗﻴﺔ ﻭﻻ ﻏﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻗﺪﺱ‬
‫ﻚ ﰲ ﺑﺴﺘﺎﻧﻪ‪ ،‬ﲦﻴﻨﺔ‬ ‫ﺍﷲ ﺳﺮﻩ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪" :‬ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻥ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻛﺸﺠﺮﺓ ﻳﻐﺮﺳﻬﺎ ﻣ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﺟﻮﺍﻫﺮ‪‬ﻫﺎ‪ ،‬ﻣﺜﻤﺮ ﹲﺓ ﺃﻏﺼﺎ‪‬ﺎ‪ ،‬ﺣ‪‬ﻠﻮﺓ ﲦﺎﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻃﺮﻳﻔﺔ ﺃﻭﺭﺍﻗﻬﺎ‪ ،‬ﺭﻓﻴﻌﺔ ﻓﺮﻭﻋﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻧﻘﻴﺔ ﺃﺭﺿﻬﺎ‪ ،‬ﻋﺬﺏ ﻣﺎﺅﻫﺎ‪ ،‬ﻃﻴﺐ ﺃﺭﳚ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻌﺰ‪‬ـﺎ‪،‬‬
‫ﺕ‪ .‬ﻭﻛﺬﻟﻚ‬ ‫ﻣﺴﺮﻭﺭ ﲝﺴﻦ ﺯ‪‬ﻫﺮ‪‬ﺎ‪ .‬ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻵﻓﺎﺕ‪ ،‬ﻭﳝﻨﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻠﻴﺎ ‪‬‬
‫ﺷﺠﺮﺓ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻐﺮﺳﻬﺎ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﻗﻠﺐ ﻋﺒﺪﻩ ﺍﳌﻮﻣﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧـﻪ‬
‫ﺐ ﺍﳌﻨﺔ ﻣﻦ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻟﺮﲪﺔ‪،‬‬ ‫ﻳﺘﻌﻬﺪﻫﺎ ﺑﻜﺮﻣﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺮﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛ ﹼﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﺳﺤﺎﺋ ‪‬‬
‫ﻓﻴ‪‬ﻤﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﺑ ‪‬ﺮﻋ‪‬ﺪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺑﺮﻕ ﺍﳌﺸﻴﺌﺔ‪ ،‬ﻟﻴﻄﻬﺮﻫﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ‬
‫ﺠ ﹺ‬
‫ﻒ ﺍﻟﺮﺃﻓﺔ ﻣﻦ ‪‬ﺣ ‪‬‬‫ﻏﹸﺒﺎﺭ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳ‪‬ﺔ‪ .‬ﰒ ﻳﺮﺳﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﺴﻴﻢ ﻟﹶﻄﺎ‪‬ﺋ ‪‬‬
‫ﻟﻴ‪‬ﺘ ‪‬ﻢ ﳍﺎ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫"ﻓﺎﻟﻌﺎﺭﻑ ﺃﺑﺪﺍ ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺴﺮﻩ ﲢﺖ ﻇﻼﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻳﺸﻢ ﻣـﻦ ﺭﻳﺎﺣﻴﻨـﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻘﻄﻊ ﻣﻨﻬﺎ ‪‬ﲟﻨ‪‬ﺠﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﺎ ﻓﺴﺪ ﻣﻦ ﲦﺎﺭﻫﺎ ﻭﺣﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣـﻦ ﺍﳋﺒـﺚ‬
‫ﺝ ﺃﻥ‬‫ﻭﺍﻵﻓﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻃﺎﻝ ﻣ‪‬ﻘﺎﻡ ﺳ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﲢﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺩﺍﻡ ‪‬ﺟﻮ‪‬ﻻﻧ‪‬ﻪ ﺣﻮﳍﺎ‪ ،‬ﻫـﺎ ‪‬‬
‫ﳊ ‪‬ﺮﻣ‪‬ـﺔ‪ ،‬ﰒ‬‫ﻳﺘﻠﺬﺫ ﺑﺜﻤﺎﺭﻫﺎ‪ .‬ﻓﻴﻤ‪‬ﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻳﺪ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ‪ ،‬ﻭﳚﺘﲏ ﲦﺎﺭﻫﺎ ﺑﺄﻧﺎﻣﻞ ﺍ ﹸ‬
‫ﺏ ﻳﺪ ﺍﻻﻧﺒﺴـﺎﻁ‬ ‫ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ ﺑﻔﻢ ﺍﻻﺷﺘﻴﺎﻕ‪ ،‬ﺣﱴ ﺗﻐﻠﺒ‪‬ﻪ ﻧﺎﺭ ﺍﻻﺳﺘﻐﺮﺍﻕ‪ .‬ﻓﻴﻀﺮ ‪‬‬
‫ﺴﻜﹶﺮ ‪‬ﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳـﻮﻯ ﺍﳊـ ‪‬ﻖ‬ ‫ﺇﱃ ﲝﺮ ﺍﻟﻮﹺﺩﺍﺩ‪ ،‬ﻓﻴﺸﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺷ‪‬ﺮﺑﺔ ‪‬ﻳ ‪‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ‪ ٤‬ﺹ‪.٢١٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺳﻜﺮﺓ ﻻ ﻳﻔﻴﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻌﺎﻳﻨﺔ‪ .‬ﰒ ﻳﻄﲑ ﲜﻨﺎﺡ ﺍﳍﻤﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺪﺭﻛﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﺃﻭﻫﺎﻡ ﺍﳋﻼﺋﻖ"‪.‬‬
‫ﻭﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺸﺠﺮﺓ ﳍﺎ ﺃﻏﺼﺎﻥ ﻟﻴﺨﺎﻃـﺐ ﻓﻴﻨـﺎ‬
‫ﺑﻠﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺣﺴ‪‬ﻨﺎ ﺍﳋﺎﻣﺪ ﻭﻃﻤﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻛﺪ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺜـﻞ ﺍﳌﻌﺮﻓـﺔ‬
‫ﻛﺸﺠﺮﺓ ﳍﺎ ﺳﺘﺔ ﺃﻏﺼﺎﻥ‪ .‬ﺃﺻﻠﻬﺎ ﺛﺎﺑـﺖ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟـﻴﻘﲔ ﻭﺍﻟﺘﺼـﺪﻳﻖ‪،‬‬
‫ﻭﻓﺮﻋﻬﺎ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ .‬ﻓﺄﻭﻝ ﺃﻏﺼﺎ‪‬ﺎ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻣﻘﺮﻭﻧـﺎ‬
‫ﺑﻐﺼﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻣﻘﺮﻭﻧﺎ ﺑﻐﺼﻦ ﺍﻹﺧﻼﺹ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫ﺍﳋﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻣﻘﺮﻭﻧﺎ ﺑﻐﺼﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪ .‬ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﻣﻘﺮﻭﻧـﺎ‬
‫ﺑﻐﺼﻦ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ‪ .‬ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻘﺮﻭﻧـﺎ ﺑﻐﺼـﻦ ﺍﻟﺴـﻜﻴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻣﻘﺮﻭﻧﺎ ﺑﻐﺼﻦ ﺍﻟﻮﺩ ﻭﺍﶈﺒﺔ‪ .(...).‬ﻭﻣـﻦ ﱂ‬
‫ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻧﻮﺭ ﻣﻦ ﺳﺮﺍﺝ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﲨﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳـﺚ‬
‫ﻛﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻻ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺇﻻ ﻧﻔﻮﺭﺍ‪ .‬ﻛﻤﺜﻞ ﺍﳊﻤﺎﺭ ﳛﻤﻞ ﺃﺳﻔﺎﺭﺍ"‪ ٢.‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻟﺘﻮﻓﻴـﻖ‬
‫ﺻ‪‬ﺤﺒﺔ ﺍﳌﻮﻓﻘﲔ ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬
‫ﻭﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﺃﻱ ﺳـﺎﺩﺓ! ﻋﻠـﻢ‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻧﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺫﻱ ﺍﳉﻼﻝ‪ ،‬ﻭﺧﺼﻠﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺷﺮﻑ ﺍﳋﺼﺎﻝ‪ .‬ﺃﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ‪ ،‬ﻓﺰﻳ‪‬ﻨﻬﺎ ﲝﺴﻦ ﲨﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻈـﻴﻢ‬
‫ﺷﺄﻧﻪ‪ ،‬ﻭﺧﺺ ﺑﻪ ﺃﻫﻞ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﻭﳏﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‪ .‬ﻭﺃﻛﺜـ ‪‬ﺮ‬

‫‪ ١‬ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪.٢٦‬‬

‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٧٣-٧٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺷﺮﻓﻪ ﻏﺎﻓﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺑﻠﻄﺎﺋﻔﻪ ﺟﺎﻫﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﻋﻈﻴﻢ ﺧﻄﺮﻩ ﺳﺎﻫﻮﻥ‪،‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻭﻋﻦ ﻏﻮﺍﻣﺾ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻻﻫﻮﻥ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﺪﺭﻛﻪ ﺇﻻ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﳌﻮﻓﻘﻮﻥ"‪.‬‬
‫ﻟﻠﻌﺎﺭﻑ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﻳﻄﲑ ‪‬ﺎ ﰲ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓـﺔ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺍﻹﻣـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ ! ﻟﻠﻌﺎﺭﻑ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺟﻨﺤﺔ‪ :‬ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺟـﺎﺀ ﻭﺍﶈﺒـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ‪ .‬ﻓﻼ ﻫﻮ ﲜﻨﺎﺡ ﺍﳋﻮﻑ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻣﻦ ﺍﳍﺮﺏ‪ ،‬ﻭﻻ ﲜﻨﺎﺡ ﺍﻟﺮﺟـﺎﺀ‬
‫ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬ﻭﻻ ﲜﻨﺎﺡ ﺍﶈﺒﺔ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄـﺮﺏ‪ ،‬ﻭﻻ ﲜﻨـﺎﺡ‬
‫ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻐ‪‬ﺐ‪ .(...).‬ﻋ ‪‬ﻤ ﹸﻞ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺧﺎﻟﺺ ﻟﻠﻤﻮﱃ‪ ،‬ﻭﻗﻮﻟﹸﻪ‬
‫ﻣ‪‬ﺴﺘﺄﻧﹺﺲ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮﻯ‪ ،‬ﻭﻓﻜﺮﻩ ﺑﺎﻷﻓﻖ ﺍﻷﻋﻠﻰ‪ .‬ﻓﻤ‪‬ﺮ ﹰﺓ ﻳﺘﻔﻜﺮ ﰲ ﻧﻌـﻢ ﺭﺑـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺮﺓ ﳚﻮﻝ ﺣﻮﻝ ﺳ‪‬ﺮﺍﺩ‪‬ﻗﺎﺕ ﻗﺪﺳﻪ‪ .‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺼﲑ ﺣﺮ‪‬ﺍ ﻋﺒﺪﺍ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍ ﺣـﺮ‪‬ﺍ‪،‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﻏﻨﻴﺎ ﻓﻘﲑﺍ ﻭﻓﻘﲑﺍ ﻏﻨﻴﺎ"‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﰲ ﻏﻤﺮﺓ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﻄﺮﺏ ﺑﺮﺑﻪ‪ ،‬ﺟﺎﺀﺗﻪ ﺍﻟ‪‬ﺘﺤ‪‬ﻒ ﻭﺍﻷﻟﻄـﺎﻑ‬
‫ﺴﻠ‪‬ﻴ ﹰﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ‪‬ﻭﻋ‪‬ﺜﺎﺀ ﺍﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻭﻃﻮﻝ ﺍﻟﺸﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻷﻫﻮﺍﻝ‪ .‬ﻻﺡ ﻟﻘﻠﺒـﻪ‬ ‫‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻧﻮﺭ ﺍﷲ ﻓﻬﺎﻣﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﺣﺒﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﻳﺎ ﻫﺬﺍ! ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻓﺮﻳﻘﺎﻥ‪،‬‬
‫ﺽ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ‪ ،‬ﳌﺎ‬ ‫ﺡ ﻣﻦ ‪‬ﻧﺪ‪ ،‬ﻭﻓﺮﻳﻖ ﻳﻘﺮﺽ ﺟﺴﻤﻲ ﲟﻘﺎﺭ ‪‬‬ ‫ﻓﺮﻳﻖ ﻳﺮﻭ‪‬ﺣﲏ ﲟﺮﺍﻭ ‪‬‬
‫ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻫﺆﻻﺀ ﻋﻨﺪﻱ ﻭﻻ ﻧﻘﺺ ﻫﺆﻻﺀ‪ .‬ﺃﻱ ‪‬ﺑ‪‬ﻨ ‪‬ﻲ! ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻋـﺮﻑ ﺍﷲ‬
‫ﺣﻖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺗﻼﺷﺖ ﳘﺘﻪ ﲢﺖ ﺳﺮﻭﺭ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ‪ .‬ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺜﺮﻯ ﺃﻋﻈ ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺳﺮﻭﺭ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﺮﺑﻪ‪ .‬ﻭﺍﳉﻨﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬـﺎ ﰲ ﺟﻨـﺐ‬
‫ﺳﺮﻭﺭﻩ ﺑﺮﺑﻪ ﺃﺻﻐ ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﺧﺮﺩﻟﺔ ﳌﺎ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺃﻛﱪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻛﺒﲑ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﻛﻞ ﻋﻈﻴﻢ‪.‬‬
‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٦٨‬‬
‫‪ ٢‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪﻩ ﻓﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﻻ ﳚﺪ! ﻭﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻌﺪﻩ! ﻭﻫﻞ ﺭﺅﻳﺔ‬
‫ﻏﲑﻩ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﺩﻧﺎﺀﺓ ﺍﳍﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﻪ! ﻭﻫﻞ ﻳﻜـﻮﻥ‬
‫ﻟﺒﺎﺱ ﺃﲨﻞ ﻣﻦ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﺎﺝ ﺃﺟ ﱠﻞ ﻣﻦ ﺗﺎﺝ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑﺴـﺎﻁ‬
‫‪١‬‬
‫ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺑﺴـﺎﻁ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ؟"‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺟﺎﺀﺗﻚ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍ‪‬ﻴﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻟﺴـﺎﻥ‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ‪ .‬ﻛﺎﺑﺪﻭﺍ ﺃﻫﻮﺍﻝ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺗﺼﺮ‪‬ﻡ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺴﻤﻮﺍ ﻧﺴﺎﺋﻢ ﺍﻟﺮﺟـﺎﺀ ﰲ ﳊﻈـﺎﺕ ﺍﳌﻨﺎﺟـﺎﺓ‪،‬‬
‫ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﻗﻮﺍ ﰲ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‪ ،‬ﺣﱴ ﺍﻣﺘﺪﺕ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻳﺪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴـﻖ‬
‫ﻓﺼﺤﺒﻮﺍ ﺍﳌﻮﻓﻖ ﻭ ‪‬ﻭ‪‬ﻟﺪ‪‬ﻭﺍ ﺍﳌﻴﻼﺩ ﺍﻟﻘﻠﱯ‪ .‬ﻻ ﲡﻲﺀ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﲏ ﻭﺍﻟﺘﻐﲏ ﻳـﺎ‬
‫ﻏﻼﻡ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺘﻨﺴﻢ ﻟﺸﺬﻯ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﳍﻴﺔ‪:‬‬
‫‪
H€-¢‬א‪8UH‬אŸ?‪I‬א*‪   X‬و‪
H{1‬א‪gœsw‬א‪ 
U‬‬
‫ ‪C%) 7g D 
‰C%) 7g‬و‪C%Y‬و*‪-‬א   
 ‪
L
Q‬ن‬
‫دא
! ‬
‫و‪œHC%0`1U‬א&‪1J#‬א   ‪….‬و‪†+-‬א‪-WH‬א*‪ X‬‬
‫و‪"r
15J‬א‪C%ْ4Wr1O-
V]L   %+d 
+‬א‪-?b‬א
 ‬
‫‪
4]=…x
9‬سٍ‪1‬אض   ‪
J
4]L‬و‪1K%žF&-‬א
 ‬
‫و‪ei=)%D 1g C-‬א‪
+
UL   
b™)1*9‬א&‪1FL
;Ci‬א
 ‬
‫‪
=1Y
+1wH=8+‬وو‪-‬א   )‪`-‬א‹ق‪
=1YC‬א=‪ 

U/‬‬
‫‪X&1£‬א‪
1‬ض=]ض*‪i9H/   -‬א“_ن‪
c‬א ‪ 

w/‬‬
‫ ‪
o
H?&R‬مא@‪   ً
 ) *F‬و‪
1L)"C‬א‪
Hb‬زل*وאŸ

 ‬
‫;
م”‪†¤‬א@ 
‪   
7*m‬و‪¥&
7‬א&‪e‬א‪1Db‬א
 ‬
‫‪XT&¤‬و‪+G‬א‪&¦Q:*ˆ=   
7Q‬א‪ 
.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١١٠‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫{ ‪?
O‬ــ)‪$ِ /‬‬
‫‪3933‬ـ‪ُH3 z‬ــ ‪z‬‬ ‫‪?Y$3‬ـ‪َ
30/M393+ 7x‬ـ ‪7* 3 /‬ــ)‪_z‬‬
‫‪?9
 e‬ـ‪/‬ـــ ِ ‬
‫‪ُ
U‬ـــ ‪ِ /‬‬
‫‪3Zَ:3‬ــ ‪5‬‬ ‫‪1 3 َH3‬ـ‪%ِ$ 30/‬ـــ‪ُ3"3 ًI‬ـــ
‬
‫‪َ3 5‬ــ ٍ ‪َ~َ:3‬ـــــ? ‪5 ِY }7‬ــ ْ<ــــــ ِ ‬ ‫‪?Y$3‬ــــ‪َ# 7x‬ـــ|َ‪5‬ــْــ‪59‬ــــ‪ِY C‬ـ‪ِR‬ـــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪% & '

()*+‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻥ ﺭﺑﻜﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﰲ ﺳـﺘﺔ‬
‫ﺃﻳﺎﻡ ﰒ ﺍﺳﺘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﻏﻠﻴﻆ ﻓﻠﻴﲏ‪ ،‬ﻭﺷﺤﻴﺢ ﻓﺴﺨﲏ‪ ،‬ﻭﺿﻌﻴﻒ ﻓﻘﻮﱐ‪.‬‬

‫ﺭﺅﻳﺎ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺃﻓﺨﻢ ﺑﺸﺎﺭﺓ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻣـﻊ‬

‫ﺭﺅﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﻫﻲ ﳕﻮﺫﺝ ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴـﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻳﺘﻨﻌﻢ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻛﻤﺎ ﺟـﺎﺀ ﰲ‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻭﺟﻮﻩ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻧﺎﺿﺮﺓ ﺇﱃ ﺭ‪‬ﺎ ﻧﺎﻇﺮﺓ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٣ :‬ﻭﻛﻤـﺎ‬
‫ﺟﺎﺀ ﰲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺩﺧ‪‬ﻞ ﺃﻫﻞ‬
‫ﺍﳉﻨﺔ ﺍﳉﻨﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ‪ :‬ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﺯﻳـﺪﻛﻢ؟ ﻓﻴﻘﻮﻟـﻮﻥ‪ :‬ﺃﱂ‬
‫ﻒ‬
‫ﺾ ﻭﺟﻮﻫﻨﺎ؟ ﺃﱂ ﺗﺪﺧﻠﻨﺎ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﺗﻨﺠﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺭ؟ ﻗـﺎﻝ‪ :‬ﻓﻴﻜﺸـ ‪‬‬ ‫ﺗﺒﻴ‪ ‬‬
‫ﺍﳊﺠﺎﺏ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺃﻋﻄﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺭ‪‬ﻢ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ‪.‬‬
‫ﰒ ﺗﻼ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ‪
:‬ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﺍﳊﺴﲎ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٦ :‬ﺃﺧﺮﺟﻪ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺻﻬﻴﺐ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ‪.‬‬
‫ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺃﻣ‪‬ﻨﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﰲ‬
‫ﺭﺅﻳﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺑ‪‬ﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﳌﻌﺮﺍﺝ‪ .‬ﻓﺎﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺣ‪‬ـﱪ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻋﺎﻟ‪‬ﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻳﺘﺒﻌﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺃﻯ ﺭﺑﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﻨﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﺃﺷ ‪‬ﺪ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﺃﻣﻨﺎ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ .‬ﻭﺗﻘﻮﻝ ﳌﺴﺮﻭﻕ ﺑﻦ ﺍﻷﺟﺪﻉ‪" :‬ﻣـﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺣﺪﺛﻚ ﺃﻥ ﳏﻤﺪﺍ ﺭﺃﻯ ﺭﺑﻪ ﻓﻘـﺪ ﻛـﺬﺏ"‪ .‬ﺍﳊـﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸـﻴﺨﺎﻥ‬

‫ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ‪.‬‬
‫ﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻫﻲ ﻋﺮﺑﻮﻥ ﻣﻌﺠـﻞ‬
‫ﻭﳕﻮﺫﺝ ﻟﺮﺅﻳﺘﻪ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑـﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ‪" :‬ﺍﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻮﻥ ﻭﺃﺋﻤﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻳﺮﻯ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺑﺎﻷﺑﺼﺎﺭ ﻋﻴﺎﻧـﺎﹰ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻥ ﺃﺣﺪﺍ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻌﻴﻨﻪ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻳ‪‬ﺮﻯ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻡ‪ ،‬ﻭﳛﺼﻞ ﻟﻠﻘﻠﻮﺏ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺎﺕ ﻭﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺣﺎﳍﺎ‪،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻯ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﹸﺓ‬
‫ﻗﻠﺒﻪ ﺣﱴ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻏﺎﻟﻂ‪ .‬ﻭﻣﺸـﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ‬
‫‪١‬‬
‫ﲢﺼﻞ ﲝﺴﺐ ﺇﳝﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻒ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﺰﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﷲ ﺑﺎﻷﺑﺼﺎﺭ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ‬ ‫ﺧﺎﻟ ‪‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺯﻋﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻬﻢ ﺑﻦ ﺻﻔﻮﺍﻥ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺍﳌﻌ ﱢﻄﹶﻠ ﹸﺔ‪ .‬ﻭﺍﺳﺘﺪﻝ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺭﺃﻳﻬﻢ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﻹﲨﺎﻉ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﺄﺩﻟﺔ ﻣﻨـﻬﺎ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳌﺮﺋ ‪‬ﻲ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺴﻤﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺣﻖ ﺍﷲ ﻣﺴـﺘﺤﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻻ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٠٣ :‬ﺣﺠﺔ ﺣﺎﲰـﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﳌﻮﺳﻰ‪
:‬ﻟﻦ ﺗﺮﺍﱐ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٤٣ :‬ﻧﻔﻲ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺍﳌﺴـﺘﻘﺒﻞ ﺩﻧﻴـﺎ‬
‫ﻭﺃﺧﺮﻯ‪ .‬ﻭﺃﻭﻟﻮﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻭﺟﻮﻩ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻧﺎﺿﺮﺓ ﺇﱃ ﺭ‪‬ﺎ ﻧﺎﻇﺮﺓ)ﺳﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺘﺎﻥ‪ (٢٢-٢١ :‬ﺑﺄ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٣٧-٣٣٦‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺭﺃﻱ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳـﺮﻯ ﰲ ﺍﻵﺧـﺮﺓ‬

‫ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺑﺪﻋـﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﺍﳉﺪﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﻓﻮﺽ‪.‬‬
‫ﻭﻧﺪﺩ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ﺑﺮﺃﻱ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳـﺔ ﳏﺘﺠـﺎ ﺑﺎﻟﻨﺼـﻮﺹ‬
‫ﻭﻣﺴﺘﻈﻬﺮﺍ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ ﻳـﺮﻯ‪،‬‬
‫ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻻ ﺟﺴﻤﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻓﺎﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻵﺧـﺮﺓ ﺑﺎﻷﺑﺼـﺎﺭ‬
‫ﻭﺭﺅﻳﺎﻩ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻡ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺇﲨﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺴﺘﺄﻧﺲ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺑﺎﳌﺄﺛﻮﺭ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻬﻤﺎ‬
‫ﺣﲔ ﻗﺎﻝ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺰﺑﲑ ﻭﻗﺪ ﺧﻄﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ‪" :‬ﺃﲢـﺪﺛﲏ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﳓﻦ ﻧﺘﺮﺍﺃﻯ ﺍﷲ ﰲ ﻃﻮﺍﻓﻨﺎ!"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﺑﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﻤﺮ‪" :‬ﺫﻟﻚ ﺇﳕﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﳌﺸﻬﻮﺩ"‪.‬‬
‫ﻟﻠﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﳌﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﰲ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻟﺬﺓ ﻫﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭﺃﻓﺨﻤﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻛﻤـﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺮﺅﻳﺘـﻪ‪ ،‬ﻭﲰـﺎﻉ ﻛﻼﻣـﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺮﺑـﻪ‬
‫ﻭﺭﺿﻮﺍﻧﻪ‪ .‬ﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ ﻣﻦ ﻳﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻟﺬﺓ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﳌﺨﻠﻮﻕ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﺄﻛﻮﻝ ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﺏ ﻭﺍﳌﻠﺒﻮﺱ ﻭﺍﳌﻨﻜﻮﺡ‪ .‬ﺑﻞ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﰲ ﺣﻈﻬﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻋﻈ ‪‬ﻢ ﳑﺎ ﳜﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻝ ﺃﻭ ﻳﺪﻭﺭ ﺑﺎﳋﻴﺎﻝ‪ .‬ﻭﰲ ﺩﻋـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺍﳊـﺎﻛﻢ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.٢٥١‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻴﻬﻤﺎ‪" :‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﺟﻬﻚ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﱃ ﻟﻘﺎﺋﻚ ﰲ‬

‫‪١‬‬
‫ﻀﺮ‪‬ﺓ ﻭﻻ ﻓﺘﻨﺔ ‪‬ﻣﻀ‪‬ﻠﺔ"‪.‬‬
‫ﻏﲑ ﺿﺮﺍﺀ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﲡﻠﻴﺎ‪‬ﻢ ﳌﻦ ﱂ ﺗﺼـﻒ‬
‫ﻣﺮﺁﺗﻪ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻴﺪﻧﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﲟﺸﻬﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻛﻤـﺎ ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﰒ ﻧﺴﺘﻤﻊ ﻟﺸـﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌـﺎﺭﻓﲔ‪،‬‬
‫ﺲ ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﻨﺎ ﺑﺎﻟﺼﺎﳊﲔ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺃﺧﺮﻯ‪.‬‬ ‫ﻓﻨﻘﻴ ‪‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺭﺟـﺎﻝ ﺍﻟﺼـﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻭﺭﻭﻯ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﻬﺪ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪:‬‬
‫"ﺃﺗﺎﱐ ﺟﱪﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﰲ ﻛﻔﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺮﺁﺓ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻳ‪‬ﺤﻤﻠـﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﻛﺎﻟﻨ‪‬ﻜ‪‬ﺘ ‪‬ﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ‪ .‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﰲ ﻳﺪﻙ ﻳﺎ ﺟﱪﻳﻞ؟ ﻗـﺎﻝ‪ :‬ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﳉﻤﻌﺔ‪ .‬ﻗﻠﺖ ﻭﻣﺎ ﺍﳉﻤﻌﺔ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻟﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﲑ‪ .‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﺎ ﻳﻜـﻮﻥ ﻟﻨـﺎ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻴﺪﺍ ﻟﻚ ﻭﻟﻘﻮﻣﻚ ﻣـﻦ ﺑﻌـﺪﻙ‪ ،‬ﻭﺗﻜـﻮﻥ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺗﺒﻌﹰﺎ ﻟﻜﻢ‪ .‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻟﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺎﻋ ﹲﺔ ﻻ ﻳﺴﺄﻝ‬
‫ﺴ ﹴﻢ ﺇﻻ ﺍ ‪‬ﺩﺧ‪‬ﺮ‬
‫ﺴ ‪‬ﻢ ﺇﻻ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺇﻳﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑ ﹶﻘ ‪‬‬
‫ﷲ ﻋﺒﺪ‪‬ﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻫﻮ ﻟﻪ ﹶﻗ ‪‬‬
‫ﺍَ‬
‫ﻟﻪ ﰲ ﺁﺧﺮﺗﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﻈ ‪‬ﻢ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻫﻲ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﳓﻦ ﻧﺪﻋﻮﻩ ﻳﻮﻡ ﺍﳌﺰﻳﺪ‪ .‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﻳﺎ ﺟﱪﻳﻞ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﺭﺑﻚ‬
‫ﺃﻋﺪ ﰲ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﺍﺩﻳﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﹸﺜﺒﺎ ﹲﻥ ﻣﻦ ﻣﺴﻚ ﺃﺑﻴﺾ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳـﻮﻡ ﺍﳉﻤﻌـﺔ‬
‫ﻫﺒﻂ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﲔ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺤ‪‬ﻒ ﺍﻟﻜﺮﺳ ‪‬ﻲ ﺑﻜﺮﺍﺳـ ‪‬ﻲ ﻣـﻦ‬

‫‪ ١‬ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﺠﺮﺗﲔ ﺹ ‪.٧١‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻧﻮﺭ‪ ،‬ﻓﻴﺠﻲﺀ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﻮﻥ ﺣﱴ ﳚﻠﺴﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻲ‪ ،‬ﻭﳛﻒ ﺍﻟﻜﺮﺳـ ‪‬ﻲ‬
‫ﲟﻨﺎﺑﺮ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﻭﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﻣﻜﻠﱠﻠﺔ ﺑﺎﳉﻮﻫﺮ‪ ،‬ﰒ ﳚﻲﺀ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻮﻥ ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ‬
‫ﺣﱴ ﳚﻠﺴﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﺎﺑﺮ‪ ،‬ﰒ ﻳﱰﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐ‪‬ﺮﻑ ﻣﻦ ﻏـﺮﻓﻬﻢ ﺣـﱴ‬
‫ﳚﻠﺴﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺜﺒﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺻ ‪‬ﺪ ﹾﻗﺘ‪‬ﻜﻢ ﻭﻋﺪﻱ ﻭﺃﲤﻤﺖ‬ ‫"ﰒ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﳍﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻧﻌﻤﱵ! ﻭﻫﺬﺍ ﳏﻞ ﻛﺮﺍﻣﱵ ﻓﺴﻠﻮﱐ!‬
‫"ﻓﻴﺴﺄﻟﻮﻧﻪ ﺣﱴ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺭﻏﺒﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻔﺘﺢ ﳍﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻻ ﻋـﲔ ﺭﺃﺕ‪،‬‬
‫ﺼ ‪‬ﺮ‪‬ﻓ ﹸﻜ ‪‬ﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻭﻻ ﺃﺫﻥ ﲰﻌﺖ‪ ،‬ﻭﻻ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻘﺪﺍﺭ ‪‬ﻣ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺍﳉﻤﻌﺔ‪ .‬ﰒ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺗﻔﻊ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﻮﻥ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻮﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ‪ .‬ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺇﱃ ﻏﺮﻓﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻟﺆﻟﺆﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺯﻣ‪‬ـ ‪‬ﺮﺩ‪‬ﺓ‬
‫ﺧﻀﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻭﻳﺎﻗﻮﺗﺔ ﲪﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻏﺮﻓﻬﺎ ﻭﺃﺑﻮﺍﺑ‪‬ﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ‪ .‬ﻭﺃ‪‬ﺎﺭﻫﺎ ﻣﻄﱠـ ﹺﺮ ‪‬ﺩ ﹲﺓ ﻓﻴﻬـﺎ‪.‬‬
‫ﺕ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ﻭﺧﺪ‪‬ﺍﻣﻬﺎ‪ .‬ﻭﲦﺎﺭﻫﺎ ﻣﺘﺪﻟﻴﺎ ‪‬‬
‫"ﻓﻠﻴﺴﻮﺍ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﺑﺄﺣﻮﺝ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﱃ ﻳﻮﻡ ﺍﳉﻤﻌﺔ ﻟﻴﺰﺩﺍﺩﻭﺍ ﻣﻨﻪ ﻧﻈﺮﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺭ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩﻭﺍ ﻣﻨﻪ ﻛﺮﺍﻣﺔ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺑ‪‬ﺤﺒﻮﺑﺔ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ‪ ،‬ﻳﻮﻡ ﻳﺪﻋﻰ ﺃﺣﺒﺎﺏ ﺍﷲ ﺇﱃ ﻛﺜﺒﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﻣﻨـﺎﺑﺮﻩ‬
‫ﻭﻛﺮﺍﺳﻴﻪ‪ .‬ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸـﻬﺎﺩﺓ‪ ،‬ﺟﻨﺒـﺎ ﺇﱃ ﺟﻨـﺐ‬
‫ﻳﺼﻄﻒ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻮﻥ ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﺍﳌﺮﺳﻠﲔ‪ .‬ﻃﻮﰉ ﳌﻦ ﻗﺴـﻢ ﺍﷲ‬
‫ﳍﻢ ﺍﳊﺴﲎ ﻭﺯﻳﺎﺭﺓ! ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺮﻣﺎ ﻭﻣﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻧﻌﻴﻢ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﹶﻗ ‪‬ﺮ‪‬ﺑ‪‬ﺘ ‪‬ﻪ ﳌﺪﺍﺭﻛﻨﺎ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﲢﺒﻴﺒﺎ ﻭﺗﺸﻮﻳﻘﺎ ﺗﺮﲨ ﹸﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ‬
‫ﺍﻷﻣﲔ ﺟﱪﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﰲ ﺣﻮﺍﺭﻩ ﺍﳌﺮﰊ ﻟﻨﺎ ﻣﻊ ﻋﺮﻭﺱ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺸـﻬﺪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺗﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﻟﻸﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻨﺬ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ‪ ،‬ﻛـ ﱞﻞ‬
‫ﲝﺴﺐ ﻣﻘﺎﻣﻪ‪ ،‬ﺫﻭﻕ ﻗﻠﱯ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﻔﺨﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻘﻠﺒﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﳊﺴﻴﺔ ﻭﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﺪﺭﻛﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﳍﻢ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺪﺭﻛـﻪ ﺍﳊـﺲ ﻭﻻ‬
‫ﺍﳋﻴﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺸﻬﺪﻩ ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ﺑﻨﻔﺴﻪ‪ .‬ﻭﻫـﺬﻩ ﻫـﻲ ﺍﳌﺮﺗﺒـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ‪ .‬ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺛﻼﺙ‪ :‬ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻴﻘﲔ‪ ،‬ﰒ ﻋﲔ ﺍﻟﻴﻘﲔ‪ ،‬ﰒ ﺣﻖ ﺍﻟﻴﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﳎﺪﺩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬ﻭﳏﻴﻲ ﺍﳌﻠﺔ ﰲ ﺭﺑﻮﻉ ﺍﳍﻨﺪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻷﻟﻒ ﺍﳍﺠﺮﻳﺔ‪" :‬ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﳊﺴﻴﺔ ﻭﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻱ‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﰲ ﺣﺠﺐ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ‪ ،‬ﺩﺍﺧﻠﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﰲ ﺃ ‪‬‬
‫ﻱ ﻧﻮﺭ ﻛﺎﻥ‪ .‬ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻣﻜﻴﻔـﺎ ﺃﻭ ﻣﻠﻮﻧـﺎ ﺃﻭ‬ ‫ﺻﻮﺭﺓ ﻛﺎﻧﺖ‪ ،‬ﻭﺃ ‪‬‬
‫ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺎ ﺃﻭ ﻻ‪ ،‬ﳏﻴﻄﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺃﻭ ﻻ‪(...).‬‬
‫"ﻭﻋﲔ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺩ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣـﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻴﻘﲔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻣﺴﺘﻠﺰﹺﻡ ﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‪ .‬ﻭﻋﻨﺪ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﺸـﻬﻮﺩ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻌﻴ‪‬ﻨﻪ ﻣﺘﻼﺷﻴﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺃﺛﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻋﲔ ﺷﻬﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﻳﻜـﻮﻥ‬
‫ﺴ‪‬ﺘ ‪‬ﻬﻠﹶﻜﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ)‪(...‬‬
‫ﻓﺎﻧﻴﺎ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫"ﻭﺣﻖ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺩﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻌـﺪ ﺍﺭﺗﻔـﺎﻉ ﺍﻟﺘﻌـﻴ‪‬ﻦ‪،‬‬
‫ﻭﺍﺿﻤﺤﻼﻝ ﺍﳌﺘﻌﻴ‪‬ﻦ‪ .‬ﻭﺷﻬﻮﺩﻩ ﻫﺬﺍ ﻟﻠﺤﻖ ﺑﺎﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ﺑﻪ‪ .‬ﻻ ﳛﻤـﻞ‬
‫ﻋﻄﺎﻳﺎ ﺍﳌﻠﻚ ﺇﻻ ﻣﻄﺎﻳﺎﻩ! ﻭﺫﻟﻚ ﻳ‪‬ﺘﺼﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻘﺎﻡ "ﰊ‬
‫ﺐ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ‬ ‫ﻳﺴﻤﻊ ﻭﰊ ﻳﺒﺼﺮ" ﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﻳ ‪‬ﻬ ‪‬‬
‫ﲟﺤﺾ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﲢﻘﻘﻪ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺻـﻔﺎﺗﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﻳ‪‬ﺨﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﻮ ﻭﺍﻹﻓﺎﻗﺔ‪ .‬ﻭﻳﻘﺎﻝ‬

‫‪١‬‬
‫ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ "ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳌﻮﻫﻮﺏ ﺍﳊﻘﺎﱐ""‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﻣﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻠﺘﺮﺍﺏ ﻭﺭﺏ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ! ﺇﻻ ﺃﻥ ﳚﻮ ‪‬ﺩ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﺒﺪﻩ‪ ،‬ﰲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻤﻪ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻮﻋﺪ ﺍﳌﹸﻨﺠﺰ ﺃﻥ ﻳﻜﻠﻤﻪ ﻭﳚﻤﻠﻪ ﻭﻳﺘﻘﺒﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻭﺣﺴﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ‬
‫ﺭﻓﻴﻘﹰﺎ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻛﻔﻰ ﺑﺎﷲ ﻋﻠﻴﻤﺎ‪.‬‬
‫ﰊ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺇﻥ ﲰﻊ ﺑـﺄﻥ ﺍﻟﻔﺮﺳـﺎﻥ‬ ‫ﻕ ﺍﻟﺘﺮﺍ ‪‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺨﻠﻮ ‪‬‬
‫ﺍﺷﺘﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﰲ ﻣﻴﺪﺍ ‪‬ﻥ ﺭﻫﺎﻧ‪‬ﻪ ﻓﻀـ ﹸﻞ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻛﺮﺍﻣـﺔ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻭﻻﻳـﺔ‬
‫ﺍﷲ‪.‬ﻋﻼﻣﺔ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﳋﺎﺳﺮ ﺃﻥ ﻻ ﲢﺪﺛﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻨﻬﺾ ﻟﻴﺘﻜﻔﻒ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎﻟﺬﻟﺔ ﻭﺍﻟﻀـﺮﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒـﺔ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻴﻼﺩﺍ‬
‫ﺟﺪﻳﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻭﺟﻮﺩﺍ ﻣﻮﻫﻮﺑﺎ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺒﺎ ﻣﻨﻮ‪‬ﺭﺍ‪ ،‬ﻭﻛﺮﺳﻴﺎ ﻣـﻦ ﺗﻠـﻚ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳـﻲ‬
‫ﻭﻣﻨﱪﹰﺍ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻗﻴﻞ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ .‬ﻫـﻞ‬
‫ﺖ ﻣﻜﺎﱐ! ﺇﻥ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﻛﻴﻒ ﺗـﺮﺍﻩ؟‬ ‫ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺑ‪‬ﻚ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻮ ﱂ ﺃﺭﻩ ﻟﺘﻘﻄﻌ ‪‬‬
‫ﻓﺄﻗﻮﻝ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺝ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺒﻖ ﻓﻴﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﳊـﻖ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻳﺮﻳﻪ ﻭﻳﻘﺮﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ‪ .‬ﻳ‪‬ﺮﻳﻪ ﺑﺎﻃﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﺭﻯ ﻏﲑﻩ ﻇﺎﻫﺮﺍ‪ .‬ﻳﺮﻳـﻪ‬
‫ﺴ ‪‬ﻪ ﻟﻴﻠ ﹶﺔ ﺍﳌﻌﺮﺍﺝ‪.‬ﻛﻤﺎ ﻳ‪‬ـﺮﹺﻱ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﺭﻯ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﳏﻤﺪﺍ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻔ ‪‬‬

‫‪ ١‬ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٣٠١-٣٠٠‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬ﻭﻳﻘﺮﺑﻪ ﻭﳛﺪﺛﻪ ﻣﻨﺎﻣﺎ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﳛﺪﺙ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻘﻈﺔ‪ .‬ﻳﻐﻤـﺾ‬
‫ﻋﻴﲏ ﻭﺟﻮﺩﻩ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻳﻌﻄﻴﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳌﻮﻫﻮﺏ(‪.‬‬
‫"ﻭﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﻌﲎ ﺁﺧﺮ ﻓﲑﺍﻩ ﺑﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﻗﺮﺑﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺻﻔﺎﺗﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﻛﺮﺍﻣﺎﺗـﻪ‬
‫ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﺑﻪ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﺑﺮﻩ ﻭ ﹶﻛ‪‬ﻨﻔﹶﻪ‪.‬‬
‫"ﻣﻦ ﲢﻘﻘﺖ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺭﱐ ﻭﻻ ﺗ‪‬ﺮﱐ! ﻭﻻ ﺃﻋﻄﲏ ﻭﻻ‬
‫ﺴ‪‬ﺘ ‪‬ﻐﺮ‪‬ﻗﹰﺎ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﻫـﺬﺍ‬ ‫ﺗﻌﻄﲏ! ﻳﺼﲑ ﻓﺎﻧﻴﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺶ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻣﲏ! ﻣﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ! )ﻣﻌﲎ ﻗﻮﻟﻪ(‪ :‬ﺃﻧﺎ ﻋﺒﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻟـﻴﺲ‬ ‫ﺍﳌﻘﺎﻡ‪ :‬ﺇﻳ ‪‬‬
‫ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻣﻊ ﺳﻴﺪﻩ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻻ ﺇﺭﺍﺩﺓ‪.‬‬
‫"ﺍﺷﺘﺮﻯ ﺭﺟﻞ ﳑﻠﻮﻛﺎ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻤﻠﻮﻙ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﻳﺎ ﳑﻠﻮﻙ ﺇﻳﺶ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺄﻛﻞ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻣﺎ ﺗﻄﻌﻤﲏ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﻣـﺎ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺲ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻣﺎ ‪‬ﺗﻠﹾﺒﺴﲏ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ‪:‬ﺃﻳﻦ ﺗﺮﻳﺪ ﺗﻘﻌـﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺩﺍﺭﻱ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻣﻮﺿ ‪‬ﻊ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ‪‬ﺗ ﹾﻘ ‪‬ﻌﺪ‪‬ﱐ! ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺐ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﺷﻐﺎﻝ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻣﺎ ﺗﺎﻣﺮﱐ! ﻓﺒﻜﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﻃﻮﰉ ﱄ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣـﻊ‬
‫ﺭﰊ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﻣﻌﻲ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﳌﻤﻠﻮﻙ‪ :‬ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ! ﻭﻫﻞ ﻟﻠﻌﺒـﺪ‬
‫ﻣﻊ ﺳﻴﺪﻩ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﺃﻧﺖ ﺣﺮ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻘﻌﺪ‬
‫ﻋﻨﺪﻱ ﺣﱴ ﺃﺧﺪﻣﻚ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻭﻣﺎﱄ‪.‬‬
‫"ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻳﻘـﻮﻝ‪:‬‬
‫ﺇﻳﺶ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻣﲏ! ﻻ ﺗﺰﺍﺣﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﰲ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﻭﻻ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺁﺣﺎﺩ ﺃﻓﺮﺍﺩ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﺰﻫﺪﻭﻥ ﰲ ﺍﳋﻠـﻖ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺘﺄﻧﺴـﻮﻥ ﺑـﺎﳋﻠﻮﺍﺕ‪.‬‬
‫ﻳﺴﺘﺄﻧﺴﻮﻥ ﺑﺘﻼﻭﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻼ ﺟﺮﻡ ﺗﺼﲑ ﳍﻢ ﻗﻠﻮﺏ ﻣﺴﺘﺄﻧﺴﺔ ﺑﺎﳊﻖ‪ ،‬ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻳﺮﻭﻥ ‪‬ﺎ ﻧﻔﻮﺳـﻬﻢ‬
‫ﻭﻧﻔﻮﺱ ﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﺗﺼﺢ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻓﻼ ﳜﻔﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﻲﺀ ﳑـﺎ ﺃﻧـﺘﻢ ﻋﻠﻴـﻪ‪.‬‬
‫ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻮﺍﻃﺮﻛﻢ‪ ،‬ﻭﳜﱪﻭﻧﻜﻢ ﲟﺎ ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻜﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﳛﻚ! ﻛﻦ ﻋﺎﻗﻼ! ﻻ ﺗﺰﺍﺣﻢ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﲜﻬﻠﻚ! ﺑﻌ ‪‬ﺪ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟ ﹸﻜﺘ‪‬ﺎﺏ ﺻﻌﺪﺕ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ! ﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺇﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ‬
‫ﻭﺇﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ .‬ﰒ ﺍﻟﻐﲎ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻞ‪ .‬ﰒ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﺗﻘـﻊ ﰲ ﺿـﺮﻭﺭﺗﲔ‪:‬‬
‫ﺍﻷﻭﱃ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﰲ ﺑﻠﺪﺗﻚ ﻏﲑ‪‬ﻙ ﻓﺘﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺿﺮﻭﺭﺓﹰ‪ ،‬ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ‬
‫ﺃﻥ ‪‬ﺗﺆ‪‬ﻣﺮ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﻠﺒ‪‬ﻚ‪ ،‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺗﺮﻗﻰ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﻟﺘﺮﺩ ﺍﳋﻠﻖ‬
‫ﺇﱃ ﺍﳋﺎﻟﻖ‪.‬‬
‫"ﻭﻳﻠﻚ! ﺗﺪﻋﻲ ﺃﻧﻚ ﺻﻮﰲ ﻭﺃﻧﺖ ﹶﻛﺪ‪‬ﺭ! ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻣﻦ ﺻـﻔﺎ ﻇـﺎﻫﺮﻩ‬
‫ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﲟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ‪ .‬ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺻـﻔﺎﺅﻩ‬
‫ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﲝﺮ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺀ ﻗﻠﺐ‪.‬‬
‫ﺃﺳﺎﺱ ﺍﳋﲑ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻭﻓﻌﻠﻪ‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﺻﻔﺎ‬
‫ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﺸﻲﺀ ﻭﻳﻨﻬﺎﻩ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ‪.‬‬
‫ﻳﺼﲑ ﻛﻠﻪ ﻗﻠﺒﺎ ﻭﺗﻨﻌﺰﻝ ﹺﺑﻨ‪‬ﻴﺘﻪ‪ .‬ﻳﺼﲑ ﺳﺮ‪‬ﺍ ﺑﻼ ﺟ‪‬ﻬﺮ‪ ،‬ﺻﻔﺎ ًﺀ ﺑﻼ ﻛﺪﺭ‪ .‬ﻳﺘﻨﺤﻰ‬
‫ﻋﻨﻪ ‪‬ﻗﺸ‪‬ﺮ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺇﱃ ﻧﺎﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻟﺒﺎ ﺑﻼ ﻗﺸﺮ‪ .‬ﻳﺼﲑ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻌﻨﺎﻩ‪ .‬ﻳﺘﺮﰉ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻌﻪ ﻭﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ .‬ﻳﺼـﲑ ﻳـﺪ‪‬ﻩ ﰲ‬
‫‪١‬‬
‫ﻳﺪﻩ"‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٥٤‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﻥ ﺗﺮﻙ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻋﻼﻣﺔ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺻﻔﺎ‬
‫ﻗﻠﺒﻪ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺍﲰﻚ ﰲ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻤﺎ ﺃﻗﻌـﺪﻙ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﺗﺔ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﻫﺠﺮ ﺍﻟﺮﻗﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻘﺰﺯ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺓ!‬
‫ﺃﻧﺸﺪ ﺣﺎﺋﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫‪1‬و
„
‪* -‬و *&‪   C%‬و<‪
4‬و€
‪ C%&_ a‬‬
‫‪

;QI‬ذאوذא   و‪G1‬و‪ %&7L*3‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻭﺍﺻﻞ ﻳﺘﻤﻠﹼﻰ ﻗﻠﺒ‪‬ﻪ ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺍﻹﳍﻲ‪:‬‬

‫‪ %‬‬‫
&‪1w=e‬א~
مא‪   %9Xx1‬و‪Q"+‬א‪-‬א=
@ 
‪) *9**-Dm‬‬
‫
‪a
[4,1O‬א‪
7CJ
4   %9&Y-
2‬و=‪1‬وقא‪ %9b-m1C‬‬
‫‪ %‬‬
‫‪e0)†   #_4Hg1Kٍ#P=ً
VH+9‬و ‪e)C‬א‪) *9F C -1c‬‬
‫وא‪
§1.‬لא"`‪G <G
wm&   G/¨#‬א_‪ %-‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪7% / َH‬ــ‪3% x‬ـــ‪َ<3
5aِY 34‬ــــ‪/‬‬ ‫‪َ2 3‬ـــِ ‪/7Y‬ــــ ‪1 # _3‬ـ!‪b5‬‬
‫‪57Y$/ َ> U‬ـ‪39‬ـ
~‪m‬ــــ‪/‬‬
‫‪3Z393%‬ــ ‪7‬‬ ‫‪U‬‬
‫ ‪/ $3 ?َJ3 7‬‬
‫‪3*َu‬ــ‪1y
3‬ـــــ ‪3‬‬
‫‪3% €7 :ْ َ
 % 7
َ# / 5 َ#‬ــ‪/‬‬ ‫‪َ~3+3‬ـ‪7Y /0‬ـــ  ُ
ُـــــ ‪e/‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪
,-
.‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﺳﻊ ﺭﺑﻨﺎ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻤﺎ‪ .‬ﺃﻋـﻮﺫ ﺑﻚ ﻣـﻦ ﺟﻬـﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﻼﺀ‪ ،‬ﻭﺩﺭﻙ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ‪ ،‬ﻭﴰﺎﺗﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ‪ .‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﺍﻟﻘﻴﺪ ﻭﺍﻟﺴﻮﻁ‪.‬‬

‫ﳌﺎ ﺻﻨﻔﺖ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺭﺗﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺑﺬﻟﻪ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺂﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﰒ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻪ‪ ،‬ﰒ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﳌﻮﺍﻋﻆ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺼﺺ‪.‬‬
‫ﱂ ﺃﺗﻌﺮﺽ ﰲ ﺗﺼﻨﻴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻇﺎﻫﺮ ﻭﺑﺎﻃﻦ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ﺇﱃ ﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﲔ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻭﻻ ﺇﱃ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻻ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﱂ ﺃﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﺷﺮﻑ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ‪،‬‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻣﺘﻨﺎﻭﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﺰﺏ ﺍﷲ ﻭﺟﻨﺪﻩ‪.‬‬
‫ﻓ ‪‬ﻤﻦ‪ ‬ﻣﻄﺎﻟﻊ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺃﺣﺎﻭﹺﺭ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﳌﻌﺮﺿﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺠﺪ‪‬ﻳﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﻳﺴﻤﻌﻮﺍ ﲰﻌﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﺍﺑ ﹸﻎ ﺍﳌﻬﺘﻤﻮﻥ ﲟﺼﲑ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﹺﻠﻮﻥ ﺑﺼﺪﻕ ﻭﲪﺎﺱ ﻭﻋ ‪‬ﺪ‬
‫ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﰲ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﺼﺤﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳊﺎﻣﻠﻮﻥ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﳍﻢ‬
‫ﻭﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﲑ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭﺍﳊﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺇﻥ ﳎﻬﻮﺩﺍﺗﻜﻢ ﻟﹶﺤﻤﻴﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺟﻬﺎﺩﻛﻢ ﳌﺸﻜﻮﺭ ﺇﺫ ﺗﻌﻠﱢﻤﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ‬

‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺩﻳﻦ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺇﺫ ﲣﱪﻭ‪‬ﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻋﺎﹶﻟ ‪‬ﻢ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ‬
‫ﺳﺒﻴﻞ ﺇﱃ ‪‬ﻀﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﲢﺖ ﺣﻜﻢ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺇﺫ ﺗﻮﺿﺤﻮﻥ ﺃﻥ‬
‫ﺻ ‪‬ﺪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ‬
‫ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﻼﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻄﻠﺐ ﺷﺮﻋﻲ ﳚﺐ ﺃﻥ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﳋﻴ‪‬ﺮﺓ ﺣﱴ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﷲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﺮﻩ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﺴﺘﻬﲔ ﻋﺎﻗﻞ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻬﲔ ﻣﻮﻣﻦ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻌﻮ‪‬ﺎ ﺣﻮﻟﻜﻢ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺩ ‪‬ﻙ ﺣﺼﻮﻧﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﲔ ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﰲ ﲝﺚ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺟﻌﻠﺖ‬
‫ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘﻼﱐ ﻳﻌﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺑﺮﻛﻢ ﺣﲔ ﻳﻘﺎﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﰒ ﻳ‪‬ﺴﻜﹶﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺳﻜﻮﺗﺎ ﺃﺧﺮﺱ‪ ،‬ﺃﻭ ﺳﻜﻮﺕ ﲢﺮﻳﻒ‪ ،‬ﺃﻭ‬
‫ﺳﻜﻮﺕ ﺇﳘﺎﻝ‪.‬‬
‫ﻣﻔﻬﻮﻡ "ﺍﻟﻌﻠﻢ" ﺣﲔ ﻳﻄﻠﻖ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺋﺠﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺍﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ .‬ﻓﺘﺪﻋﻮ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻹﺳﻼﻣ ‪‬ﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ‬
‫ﻋﻠﻰ "ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ" ﻭ"ﺃﺳﻠﻤﺘﻬﺎ"‪ ،‬ﻭﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺿﺒﻄﻬﺎ ﻟﺘﺨﺪﻡ‬
‫ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺭﺻﺪﻫﺎ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﺍﳋﲑ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺪﺩ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻟﺴﻮﺀ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺇﻳﺎﻫﺎ‪ .‬ﻭﰲ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﺍﻧﺸﻐﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻹﳝﺎﱐ ﻭﻋﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻭﻛﺄ ﱠﻥ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ‬

‫ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻏﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺼﻞ ﻋﺎﱂ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ‪ ،‬ﻭﳓﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﻣﺆ ‪‬ﺧﺮ‪‬ﺓ ﺍﻟﻘﺎﻓﻠﺔ ﺍﳌﻘﻬﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﺼﻨﻊ‬
‫ﺍﳋﺒﲑ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺃﻥ ﻧﻮﻗﺪ ﰲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﲞﻄﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺇﱃ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﻠﻮﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﳌﱰﻝ ﻣﻦ‬
‫ﺚ ﰲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‬ ‫ﻋﻨﺪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺑﺈﻋﺪﺍﺩﻫﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﺃﻥ ‪‬ﻧ‪‬ﺒ ﱠ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ ﺍﳍﺎﺋﻠﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﺧﻄﻮ ﹲﺓ ﳝﻜﻦ ﻗﻄﻌﻬﺎ‬
‫ﺑﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍﷲ ﰲ ﺟﻴﻠﲔ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺟﻴﺎﻝ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺃﻥ ﻧﻘﺎﻭﻡ ﺍﻻﲡﺎﻩ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻣﻲ ﺍﻻ‪‬ﺰﺍﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻮ‪‬ﺭ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺧﻴﺎ ‪‬ﺭ‬
‫ﺑﲔ ﺣﻠﲔ ﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﳍﻤﺎ‪ :‬ﺇﻣﺎ ﺍﻟﺴﲑ ﰲ ﺭﻛﺎﺏ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﰲ‬
‫ﺫﻳﻞ ﺍﻟﻘﺎﻓﻠﺔ ﻭﺇﻣﺎ ﺍﳌﻮﺕ‪.‬‬
‫ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﺍﻟﻮﻋ ‪‬ﻲ ﺑﺎﻟﻔﺠﻮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﻋﺒﻮﺭﻫﺎ ﻭﺗﻘﺼﲑﻫﺎ‪،‬‬
‫ﺼﺮ‪‬ﻑ ﺇﻥ ﱂ ﻳﺰﺍﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ‬ ‫ﻑ ﺑﺎﳍﻤﺔ ﻭﺍﳉﻬﺪ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺷ ‪‬ﺮ ‪‬ﻣ‪‬ﻨ ‪‬‬ ‫ﺍﻧﺼﺮﺍ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺠﻮﺓ ﺍﳍﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﺩﻳﻨﻨﺎ‪ .‬ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﺍﳌﺮﺀ‪ :‬ﻣﺎ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻤﺢ ﺇﱃ ﺍﳉﻤﻊ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ‬
‫ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺍﳍﻲ ﲰﺎﻭﻱ ﺑﺪﻳﻞ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻷﺭﺿﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ! ﺃﻳﻦ ﺇﳝﺎﻥ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﶈﺴﻦ! ﺃﻳﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ! ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳍﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺩﻋﺎﻩ‬

‫ﻟﻜﺮﺍﻣﺘﻪ!‬
‫ﺃﺧﺸﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻳ ‪‬ﺢ ﺍﳌﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻊ ﺳﺎﻛﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﻄﺖ ﻣﻦ ﲰﻮ‬
‫ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﺇﻥ ﱂ ﻧﺒﺪﺃ ﺑﻨﻘﺪ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ‬
‫ﻧﻘﺪﺍ ﻛﻠﻴﺎ ﺷﺎﻣﻼ ﺳﻘﻄﻨﺎ ﰲ ﻧﻘ ‪‬ﺪ ﳍﺎ ﺟﺰﺋ ‪‬ﻲ ﻟﻦ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻌﻘ‪‬ﺒﻪ ‪‬ﺗ‪‬ﺒ ‪‬ﻦ ﺗﺪﺭﳚﻲ‬
‫ﺼﺘ‪‬ﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻟﺬﻫﻨﻴﺘﻬﺎ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﳌﺔ ﺍﻟﺼﺎﻧﻌﺔ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺁﻟﺔ ﺻﻤﺎ ُﺀ ﺭﻏﻢ ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ‪ ،‬ﺑﻜﻤﺎ ُﺀ ﺭﻏﻢ ﺿﺠﻴﺠﻬﺎ ﺍﳌﺜﲑ‪ ،‬ﻋﻤﻴﺎﺀ ﺭﻏﻢ ﻛﻮﺍﻛﺒﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺮﺻﺪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺭﻏﻢ ﻣﻨﻈﺎﺭﺍ‪‬ﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺤﺺ‬
‫ﺕ‪.‬‬
‫ﺍ‪‬ﺮ‪‬ﺍ ‪‬‬
‫
ﺇﻥ ﺷﺮ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﻢ ﺍﻟﺒﻜﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪:‬‬

‫‪(٢٢‬‬
‫ﺇﻥ ﺗﻠﻬﻔﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺮﻛﺐ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﺪﺣﺮﺟﺎ ﺇﱃ ﺍﳍﺎﻭﻳﺔ ﺇﻥ ﱂ ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﱂ ﻧﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ ﺻﻤﻴﻤﻨﺎ ﻛﻞ ﳊﻈﺔ‪ ،‬ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻋﺎﺕ‬
‫ﻭﺳﺎﺋ ﹸﻞ ﲤﱠﻠﻜﹶﺖ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳ ﹶﺔ ﺍﳍﺎﺋﻤﺔ ﻣﻊ "ﺍﻟﻌﻘﻞ" ﺍﳍﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻋﻘﻞ ﺍﻟﺼﻢ ﺍﻟﺒﻜﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻌﺒﺪﺗ‪‬ﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﺴﲑ ‪‬ﺎ ‪‬ﻣﻜﹾﺮﻫﺔ ﻣﺴﻠﺴﻠﺔ ﰲ ﻣﺴﻠﺴﻞ‬
‫ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺇﱃ ﺃﺳﻔﻞ ﺩﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﺍ‪‬ﺑﻴ‪‬ﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻃﻠﺐ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﻛﺄﻧﻨﺎ ﻧﺮﺍﻩ‪ ،‬ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻷﺷﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﺫﺍﻙ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺟﱪﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻌﻠﻤﻪ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﺣﲔ ﺟﻠﺲ ﺇﱃ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺴﺄﻟﻪ‪:‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﺧﱪﱐ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺃﺧﱪﱐ ﻋﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﺃﺧﱪﱐ ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﺃﺧﱪﱐ‬

‫ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫ﺳﻜﻮﺗﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺍﻗﺘﻀﺎﺑﺎ ﺃﻭ ﺟﻬﻼ ﺃﻭ ﳏﺎﺑﺎ ﹰﺓ ﻟﻔﻜﺮ ﺣﺮ‪‬ﻓ ‪‬ﻲ ﻳﻜ ‪‬ﺮ ‪‬ﻩ‬
‫ﻂ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺧﺮﻕ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺗﻀﻴﻴﻊ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻭﻳﺮﻓﻀﻬﻢ ﺗﻔﺮﻳ ﹲ‬
‫ﻭﻓﺠﻮﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﳔﺮﺍﻕ ﻳﺘﺴﻊ‪ ،‬ﻭﻧﺴﻴﻨﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﺤﹶﻠ ﹺﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﺍ‪‬ﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺐ ﺍﷲ ﻭﺃﺣﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪،‬‬ ‫ﻭﺗﻨﻜﺮﻧﺎ ‪‬ﻟ ‪‬‬
‫ﻭﺃﻭ‪‬ﻟﻨﺎ ﺍﳌﻌﺠﺰﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺟﻬ‪‬ﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﲢﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺗﻐﺎﻓﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺃﻋﻈﻢ‬
‫ﺑﺸﺎﺭﺓ ﻭﺃﻓﺨﻢ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻭﺻﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﺘﻘﺮﺏ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ ﺣﱴ ﳛﺒﻪ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﻳﺪﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ ﻓﺈﱃ ﺃﻳﻦ ﳒﺮﻱ؟‬
‫ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻧﺎﻗﺺ ﺇﻥ ﲤﺴﻜﻨﺎ ﺑﺈﳝﺎﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ‬
‫ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ ﺩﻭﻥ ﺗﻄﻠﻊ ﺇﺣﺴﺎﱐ‪.‬‬
‫ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﳏﺮﻓﺔ ﻣﻌﻜﻮﺳﺔ ﺇﻥ ﺍﻋﺘﱪﻧﺎ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻳﺼﻮﻏﻬﺎ‬
‫ﻭﻳﻘﻨﻦ ﳍﺎ ﻭﻳﻮﺣﺪﻫﺎ ﻭﻳﻮﺟﻪ ﺟﻬﺪﻫﺎ ﻭﻧﺴﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻗﺼﺪﺍ ﰲ ﲤﻴﻴﺰ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ‪ ،‬ﻓﺮ ‪‬ﺩ ﻋﻦ ﻓﺮﺩ‪ ،‬ﰲ ﺳﺒﺎﻕ ﺃﻋﻠﻦ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻧﻄﻼﻗﻪ‬
‫ﰲ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﺳﺎﺭﻋﻮﺍ" "ﺳﺎﺑﻘﻮﺍ" ﻭﺧﺼﺺ ﺟﺎﺋﺰﺗﻪ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ "ﻛﻨﺖ‬
‫ﲰﻌﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺑﺼﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺼﺮ ﺑﻪ"‪.‬‬
‫ﺐ ﺍﷲ ﻟﻠﻤﺤﺴﻨﲔ‪ ،‬ﻭﺣﺒ‪‬ﻪ‬ ‫ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﻥ ﺃﻟﻐﻴﻨﺎ ﻣﻨﻪ ﺣ ‪‬‬
‫ﻟﻠﺘﻮﺍﺑﲔ ﻭﺍﳌﺘﻄﻬﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺣﺒ‪‬ﻪ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺻﻔﺎ ﻛﺄ‪‬ﻢ ﺑﻨﻴﺎﻥ‬
‫ﻣﺮﺻﻮﺹ‪ ،‬ﻭﺣﺒ‪‬ﻪ ﻟﻘﻮﻡ ﺃﺫﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺃﻋﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﳚﺎﻫﺪﻭﻥ ﰲ‬
‫ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﻻ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ! ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﻥ ‪‬ﺟ ‪‬ﻤﺪ‪‬ﻧﺎ ﻣﻌﺎﱐ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻃﺒﻬﺎ ﻭﺷﻔﺎﺀﻫﺎ ﻭﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺘﻬﺎ ﻭﺗﻨﻮ‪‬ﺭﻫﺎ! ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ‬

‫ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﰲ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‬
‫ﻭﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻭﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﻣﺎﺭﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﳏﺎﺭﺑﺔ ﺍﳍﻮﻯ!‬
‫ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﻵﻣﺮﺓ ﺍﻟﻨﺎﻫﻴﺔ ﻛﺄ‪‬ﺎ ﺇﻟﺰﺍﻡ ﻭﻧ‪‬ﻜﺎﻝ ﺇﻥ ﱂ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﺭﺳﻞ ﳏﻤﺪﺍ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﲪﺔ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬
‫ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺷﺨﺼﺎ ﻣﻨﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺮﺩﺍ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﳏﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻟﻴﻀﺮﺏ ﻣﻮﻋﺪﺍ‬
‫ﻟﻠﺼﻔﻮﺓ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻋﻨﺪ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﷲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺗﺒﻘﻰ‪ ،‬ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ‪ ،‬ﻗﺼﺺ ﺃﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﷲ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﻗﺼﺺ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳍﺎﻟﻜﺔ ﻭﺧﱪ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﳉﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﻌﺚ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺸﻮﺭ ﺣﺸﻮﺍ ﻭﺯﻳﺎﺩﺍﺕ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺣ‪‬ﻮﺍﺭﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﻨﻔﹸﺾ ﺍﻟﻴ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺸﺎﻏﻠﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺬﺍﻙ ﻧﻜﻮﺹ ﻭﺍﺭﺗﻜﺎﺱ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺑﻘﺎﺀﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﲢﻤﻲ ﺑﻘﻮ‪‬ﺎ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺩﻳﺔ ﺑﻴﻀﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﳍﻮ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﶈﺴﻦ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻮﻙ‬
‫ﺻﻴﻐﺔ ﻣﺼﻐﺮﺓ‪ ،‬ﺻﻐﺮﻫﺎ ﺍﳍﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻺﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺷﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ .‬ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺪﻋﺎﺓ ﺃﻥ ﻻ ﳚﻔﻠﻮﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﳐﺎﻓ ﹶﺔ ﺍﻻﻧﻄﻮﺍﺀ ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻄﻮﻯ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﺫﺍﻙ ﺯﻣﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻭﺗﻠﻚ ﻇﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻭﻫﺎﺗﻴﻚ ﺃﻋﺬﺍﺭ‪ .‬ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﰲ ﻏﺪ ﺍﳋﻼﻓﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﲟﺼﲑ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺣﻈﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺘﻬﻢ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﲞﻼﻓﺔ ﺍﻷﻣ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﺭﺗﺒﺘ‪‬ﻬﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺍﶈﺒﻮﺑﲔ‬

‫ﺭﻫﻦ ﲟﺎ ﻗﺪﻣﻮﻩ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺩ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺃﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ‬
‫ﺻ‪‬ﻢ ﺑ‪‬ﻜﻢ ﻋ‪‬ﻤﻲ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻗﺮﺑﺖ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﻣﻦ‬
‫ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺒﺼﺮﻭﻥ ﻏ ‪‬ﲑﻩ‪ .‬ﻳ‪‬ﺒﻴﺤﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺏ‪ ،‬ﻭﺗﻐﺸﺎﻫﻢ ﺍﳍﻴﺒﺔ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﻔﻴﺪﻫﻢ ﺍﶈﺒﺔ‬
‫ﻋﻨﺪ ﳏﺒﻮ‪‬ﻢ‪ .‬ﻓﻬﻢ ﺑﲔ ﺍﳉﻼﻝ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ‪ .‬ﻻ ﳝﻴﻠﻮﻥ ﳝﻴﻨﺎ ﻭﻻ ﴰﺎﻻ‪ .‬ﳍﻢ ﺃﻣﺎﻡ‬
‫ﺑﻼ ﻭﺭﺍﺀ‪ .(...).‬ﳜﺪ‪‬ﻣﻬﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﻌ‪‬ﻠﻢ‪ ،‬ﻳﻐﺬﻳﻬﻢ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﻳ‪‬ﺮﻭﻳﻬﻢ ﺍﻷﻧﺲ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻡ ﻓﻀﻠﻪ ﻳﺄﻛﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺷﺮﺍﺏ ﺃﻧﺴﻪ ﻳﺸﺮﺑﻮﻥ‪ .‬ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺷﻐﻞ ﻋﻦ‬
‫ﲰﺎﻉ ﻛﻼﻡ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻓﻬﻢ ﰲ ﻭﺍﺩ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﰲ ﻭﺍﺩ‪ .‬ﻳﺄﻣﺮﻭﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻬﻮ‪‬ﻢ ﺑﻨﻬﻴﻪ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻫﻢ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﻮﻥ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ .‬ﺷ‪‬ﻐﻠﻬﻢ ﺭ ‪‬ﺩ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻳﺮﻛﺒﻮﻥ ﺣﺠﺘﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻳﻮﻗﻌﻮﻥ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺍﺳﺘﺪ ﱠﻝ ﺑﺼﻨﻌﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﺗﻔﻜﺮ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ‪ .‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﳌﻮﻓﻖ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻟﻪ ﻋﻴﻨﺎﻥ ﻇﺎﻫﺮﺗﺎﻥ‬
‫ﻭﻋﻴﻨﺎﻥ ﺑﺎﻃﻨﺘﺎﻥ‪ .‬ﻓﲑﻯ ﺑﺎﻟﻌﻴﻨﲔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺗﲔ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻯ ﺑﺎﻟﻌﻴﻨﲔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺘﲔ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ‪ .‬ﰒ‬
‫ﺐ ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﲑﺍﻩ ﺑﻼ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﻜﻴﻴﻒ‪ .‬ﻓﻴﺼﲑ ﻣﻘﺮﺑﺎ ﳏﺒﻮﺑﺎ‪.‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬
‫ﻳ‪‬ﺮﻓﻊ ﺍﳊ ‪‬‬
‫ﻭﺍﶈﺒﻮﺏ ﻻ ﻳﻜﺘﻢ ﻋﻨﻪ ﺷﻲﺀ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٣‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺇﳕﺎ ﺗ‪‬ﺮﻓﻊ ﺍﳊﺠﺐ ﻋﻦ ﻗﻠﺐ ﺗﻌﺮ‪‬ﻯ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ‬

‫ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ‪ .‬ﺃﻟﻘﻰ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻛﻨﻮﺯ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻮﻯ ﻋﻨﺪﻩ‬
‫ﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﺗﻜﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﺍﳊﺠ‪‬ﺮ ﻭﺍﳌﺪ‪‬ﺭ‪ .‬ﻛﻦ ﻋﺎﻗﻼ! ﺗﺪﺑ‪‬ﺮ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻭﺗ ﹶﻔ ‪‬ﻬ ‪‬ﻢ! ﻓﺈﱐ ﺑﹸﻠ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﲜﻮﻫﺮﻩ‪ .‬ﺑﺒﺎﻃﻨﻪ‪ .‬ﺑﺼﺤﻴﺢ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻛﺮﻣﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺍﻋﺮﻓﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻭﺗﺄﺩﺑﻮﺍ ﺑـﲔ ﻳﺪﻳـﻪ!‬
‫ﻣﺎﺩﺍﻣﺖ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻨﻪ ﻓﺄﻧﺘﻢ ‪‬ﺳ‪‬ﻴﺌﹸﻮ ﺍﻷﺩﺏ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺮﺑﺖ ﺣﺴـﻦ‬
‫ﺃﺩ‪‬ﺎ‪ .‬ﻫﺬﻳﺎﻥ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﺐ ﺍ ﹶﳌ‪‬ﻠﻚ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﺭﻛﺐ ﺟـﺎﺀ‬
‫ﺧ ‪‬ﺮﺳ‪‬ﻬﻢ ﻭﺣﺴ‪‬ﻦ ﺃﺩ‪‬ﻢ ﻷ‪‬ﻢ ﻗﺮﻳﺒﻮﻥ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻬﺮﺏ ﺇﱃ ﺯﺍﻭﻳﺔ‪.‬‬
‫"ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ ﻫﻮ ﻋﲔ ﺍﻹﺩﺑﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻻ ﻓﻼﺡ ﻟﻚ‬
‫ﺣﱴ ﲣﻠﻊ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻄﹼﻊ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺗﺘﺮﻙ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﳋﻠﻖ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﻊ‬
‫ﻭﺍﻟﻀﺮ‪.‬ﺃﻧﺘﻢ ﺃﺻﺤﺎ ُﺀ ﻣﺮﺿﻰ! ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻓﻘﺮﺍﺀ! ﺃﺣﻴﺎ ٌﺀ ﻣﻮﺗﻰ! ﻣﻮﺟﻮﺩﻭﻥ‬
‫ﻣﻌﺪﻭﻣﻮﻥ!‬
‫ﺽ ﻋﻨﻪ! ﺇﱃ ﻣﱴ‬ ‫ﻕ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻹﻋﺮﺍ ‪‬‬ ‫"ﺇﱃ ﻣﱴ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺑﺎ ‪‬‬
‫ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﲣﺮﻳﺐ ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﺇﳕﺎ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﻗﻠﺐ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ‬
‫ﳛﺐ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﳊﻖ؟)…(‬
‫"ﺑﺎﻃﻨﻚ ﻇﺎﻫﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﻨﺪ ﺧﻮﺍﺻﻪ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ‬
‫ﺑﻴﺪﻙ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺘﺄﺩﺏ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ ،‬ﻭﺗﺐ ﻣﻦ ﺫﻧﻮﺑﻚ ﻗﺒﻞ ﻟﻘﺎﺋﻪ‪ .‬ﺗﺼﺎﻏ ‪‬ﺮ‬

‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٥‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻨﺪﻩ ﻭﺗﻮﺍﺿﻊ ﻟﻪ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺗﻮﺍﺿﻌﺖ ﻟﻠﺼﺎﳊﲔ ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺍﺿﻌﺖ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻓﺘﻮﺍﺿﻊ ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﺭﻓﻌﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﻗ ﱠﻞ ﺃﻧﻴﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺮﺍﻕ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﳛﻦ ﺇﱃ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻳﺎﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﱄ‪:‬‬
‫ ‪-©ƒpF‬و ‪   -©
W#‬و
ذאא"`“‪*…H 
H‬و‪ `-C‬‬
‫و‪-‬و‪
+HY‬وאد‪F‬و;&‪4z‬א   ‪*+*87WZ‬א_‪:=
*W‬وא*‪ -‬‬
‫و‪
&%
x‬א@ض ‪   
7W]LX/‬و‪ٍ1)_*Œ=F ”•
rg‬و‪J‬א”&‪* X‬ز)‪ -‬‬
‫ƒא›‪
A
5r‬א‪   ,*M‬و=‪Cª9‬א"`‪)1C ,}G/A‬د` ‬
‫‪1‬אق;‪k‬و‪]L   : p-P‬ن‪1P‬و™א‪X&%
L1+-‬و‪ -‬‬
‫

*©…א@‪   1r3‬و ?‪Ci‬ز‪1+‬א‪1r#P‬א_‪ s-W‬‬
‫א‪ XHb‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪/"3
3 e‬ـــ ِ‬
‫‪ُ
7 56َJ‬ـ ‪ِ /‬‬ ‫‪5H3 e‬ــ‪39‬ــــ‬
‫‪3Z/D
A3 5+‬ــــ ِ‬
‫‪3D / َ:ِY‬ــــــ‪3D O3 ٍT‬ــــــــ ‪m‬‬ ‫‪ُJ‬ـَــ)‪ِRB‬ـــ ‪3o/R7ِY /‬ــــ‪5:‬ـــ‪39‬ــــ‬
‫‪3
 ِ
36/D-
{َ:َ#‬ـ)‪ِT/‬‬ ‫‪3Mَ#‬ـــــ‪3+ 7a1
?C‬ــــ ‪َJَI/‬ـــــــ‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٩‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ا
 ا‬

‫
‬

‫  
  
‬ ‫♦‬

‫ ‬ ‫♦‬

‫ ‬ ‫♦‬

‫‬ ‫♦‬

‫‪ ! "#$%‬‬ ‫♦‬

‫‪&' ( )*& + ', -‬‬ ‫♦‬

‫‪. /.‬‬ ‫♦‬

‫!‪0‬‬ ‫♦‬

‫‪5  1 2 (.%  34‬‬ ‫♦‬

‫‪63- 7 3‬‬ ‫♦‬

‫‪689 :‬‬ ‫♦‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫  
  
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻓﺘﺢ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﻗﻮﻣﻨﺎ ﺑﺎﳊﻖ ﻭﺃﻧﺖ ﺧﲑ ﺍﻟﻔﺎﲢﲔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﺫﻧﻮﰊ ﻻ ﺗﻀﺮﻙ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺭﲪﺘﻚ ﺇﻳﺎﻱ ﻻ ﺗﻨﻘﺼ‪‬ﻚ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪ .‬ﻫﻞ ﺃﺗﺎﻙ ﺣﺪﻳﺚ‬

‫ﺍﻟﻐﺎﺷﻴﺔ‪ .‬ﻭﺟﻮﻩ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺧﺎﺷﻌﺔ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻧﺎﺻﺒﺔ ﺗﺼﻠﻰ ﻧﺎﺭﺍ ﺣﺎﻣﻴﺔ ﺗﺴﻘﻰ ﻣﻦ‬
‫ﻋﲔ ﺁﻧﻴﺔ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻃﻌﺎﻡ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺿﺮﻳﻊ ﻻ ﻳﺴﻤﻦ ﻭﻻ ﻳﻐﲏ ﻣﻦ ﺟﻮﻉ‪.‬‬
‫ﻭﺟﻮﻩ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻧﺎﻋﻤﺔ ﻟﺴﻌﻴﻬﺎ ﺭﺍﺿﻴﺔ ﰲ ﺟﻨﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻻﻏﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲔ ﺟﺎﺭﻳﺔ‪ .‬ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺮﺭ ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ﻭﺃﻛﻮﺍﺏ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻭﳕﺎﺭﻕ ﻣﺼﻔﻮﻓﺔ‬
‫ﻭﺯﺭﺍﰊ ﻣﺒﺜﻮﺛﺔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻐﺎﺷﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ(‬
‫ﺱ ﻭﺗﱰﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺻﺒﺔ ﻫﻢ‬
‫ﺍﻟﻐﺎﺷﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﰐ ﺍﻟﻨﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﳌﺸﺮﻛﻮﻥ‪ ،‬ﺗﻌﺒﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﳒﺰﻭﺍ ﺃﻋﻤﺎﻻ ﻛﺜﲑﺓ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﳍﻢ ﻣﻦ‬
‫ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﺑﻄﻠﻬﺎ ﻭﺃﺣﺒﻄﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﹶﺛ ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺇﻻ ﺍﳋﺴﺮﺍﻥ ﺍﳌﺒﲔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻟﻘﺼﻮﺭ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﳍﺒﺎﺀ ﺍﳌﻨﺜﻮﺭ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪،‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﰲ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻣﻊ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﳍﺎ ﺑﻘﺎﺀ ﺃﺑﺪﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺛﻮﺍﺏ ﻭﺟﺰﺍﺀ ﻭﻧﻌﻴﻢ‪.‬‬
‫ﺿ ‪‬ﻲ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‬ ‫ﺴﻨ‪‬ﻪ ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ‪،‬ﻣﺮ ‪‬‬‫ﺿ ‪‬ﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻥ ﺣ ‪‬‬
‫ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺳﻌﻲ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺇﻥ ﺯﻛﹼﺎﻩ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺯﻛﺘ ‪‬ﻪ ﺍﻟﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻣﻌﲎ‪ ،‬ﻭﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﳋﻠﻖ ﺃﲨﻌﲔ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬

‫
ﺧﻠﻖ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﻟﻴﺒﻠﻮﻛﻢ ﺃﻳﻜﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﻋﻤﻼ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﻠﻚ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢ :‬ﺇ ﱠﻥ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺐ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺃﺭﺯﺍﻗﻪ ﺍﻟﱵ‬ ‫ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺘﺮﺗ ‪‬‬
‫ﻱ‪.‬‬
‫ﺳﺨﺮﻫﺎ ﺍﷲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺮﺗﺐ ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺍﻟﺴﺮﻣﺪ ‪‬‬
‫ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﳋﻠﻖ ﻳ‪‬ﺠﺎﺯﻯ ﺍﳋﻠﻖ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ‪
.‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﻴﺌﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳﻈﻠﻤﻮﻥ‪) .‬ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪" (٤٤ :‬ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩﻱ! ﺇﱐ ﺣﺮﻣﺖ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﺟﻌﻠﺘﻪ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﳏﺮﻣﺎ ﻓﻼ ﺗﻈﺎﳌﻮﺍ‪ .(...).‬ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩﻱ! ﺇﳕﺎ‬
‫ﻫﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﺃﺣﺼﻴﻬﺎ ﻟﻜﻢ‪ ،‬ﰒ ﺃﻭﻓﻴﻜﻢ ﺇﻳﺎﻫﺎ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪ ﺧﲑﺍ ﻓﻠﻴﺤﻤﺪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﻭﺟﺪ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ ﻳﻠﻮﻣﻦ ﺇﻻ ﻧﻔﺴﻪ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺫﺭ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﺤﺼ‪‬ﻰ ﻓﻴﻪ ﺭﻭﺡ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﻫﻲ‬ ‫ﺟﺰﺍﺀ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺘﻠﺔ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻭﺯﻣﺎ‪‬ﺎ ﻭﻣﻜﺎ‪‬ﺎ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ‪ ،‬ﰒ ﳒﺎﻋ‪‬ﺘﻬﺎ‬
‫ﻭﻓﺎﺋﺪ‪‬ﺎ ﻭﺻﻮﺍﺑ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﻓﻠﻴﺲ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺃﺧﻄﺄ ﻭﺑﺪﺩ ﺟﻬﻮﺩﻩ ﻛﻤﻦ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ‬
‫ﺍﳊﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺣﻜﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ‬
‫ﻓﺎﺟﺘﻬﺪ ﰒ ﺃﺻﺎﺏ ﻓﻠﻪ ﺃﺟﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺣﻜﻢ ﻓﺎﺟﺘﻬﺪ ﰒ ﺃﺧﻄﺄ ﻓﻠﻪ ﺃﺟﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﺹ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ ﻓﺄﺻﺎﺏ ﻫﻨﺎﻟﻚ‬ ‫ﺷﻔ ‪‬ﻊ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﳋﻄﹺﺈ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﺧﻼ ‪‬‬
‫ﺃﺟﺮﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺣﺴﻨﺘ‪‬ﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﻀ‪‬ﻌﻒ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‬
‫ﻟ‪‬ﻤﺎ ﻓﺮ‪‬ﻁ ﰒ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﳌﺮﺟﻮﺓ ﻣﻦ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻭﺇﺗﻘﺎﻥ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﺘ ﹺﻬ ‪‬ﻤ ‪‬ﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﻟ ﹶﻘﺪ‪‬ﺭ ﺑﺴﻮﺀ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺧﺎ‪‬ﻢ ﻋﻤﻠﹸﻬﻢ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﻜﺎﺳﻠﻮﺍ ﻭﻗﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﺟﻼﺋﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪ ،‬ﺍﻛﺘﻔﺎ ًﺀ ﺑﻔﺮﺍﺋﺾ‬

‫ﺍﻟﻌﲔ ﻣﻦ ﺻﻼﺓ ﻭﺻﻴﺎﻡ‪ ،‬ﹶﻟ ‪‬ﻤ ‪‬ﻦ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﳋﺎﺳﺮ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ‬
‫ﺧﺎﺳﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫ﺾ ﺍﻟﻨﻘﻴﺾ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﱠﰒ‬‫ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻨﻘﻴ ‪‬‬
‫ﺏ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﶈﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻹﺣﺮﺍﺯ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬‫ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻼﺡ‪ ‬ﺍﳌﻄﻠﻮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻌﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﲜﺪﻭﺍﻩ ﻭﺻﻮﺍﺑﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺼﺎﱀ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‬
‫ﺑﺈﺧﻼﺻﻪ ﻭﺟﺪﻭﺍ ‪‬ﻩ ﻭﺻﻮﺍﺑﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﳊﺎﻟﺘﲔ‬
‫ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﺘﲔ‪
:‬ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻕ‪ .‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ‬
‫ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ .‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﳍﻢ ﻧﺼﻴﺐ ﳑﺎ ﻛﺴﺒﻮﺍ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﺳﺮﻳﻊ‬
‫ﺍﳊﺴﺎﺏ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٩٩ :‬‬
‫ﺣﺴﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻨﺎﻝ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﺣﺴﻨﺔ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺗﻨﺎﻝ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﳌﻦ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻳﺮﺟﻮ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻛﺜﲑﺍ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺳﺠﻼﺕ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﰲ ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺗﻜﺘﺐ‪ ،‬ﻭﻫﻨﺎﻙ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺗﻨﺸﺮ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺍﷲ ﺃﻳﻨﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻋﻤﻼ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﳛﺒﻪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﺧﱪﻧﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﳌﺒﲔ ﺃﻧﻪ ﳛﺐ ﺃﺻﻨﺎﻓﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻻ‬
‫ﳛﺐ ﺃﺻﻨﺎﻓﺎ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪ .‬ﻋﻴ‪‬ﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻟﻮﻻﻳﺘﻪ ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﳌﹸﺒﻌﺪﻳﻦ ﻟﻨﻘﻤﺘﻪ‪ ،‬ﺟﺰﺍ ًﺀ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﺑﻘﺔ ﳌﺎ ﻛﺴﺒﺘﻪ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ‪ .‬ﻓﻬﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﳛﺐ ﺍﶈﺴﻨﲔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺑﲔ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺘﻄﻬﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺘﻘﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺘﻮﻛﻠﲔ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻘﺴﻄﲔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﳛﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺻﻔﺎ ﻛﺄ‪‬ﻢ ﺑﻨﻴﺎﻥ ﻣﺮﺻﻮﺹ‪ ،‬ﻭﳛﺐ ﺍﻟﻘﻮﻡ‬
‫ﺍﻷﺫﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺍﻷﻋﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﲰﻪ ﻭﻋﺰ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﻻ ﳛﺐ ﺍﳌﻌﺘﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻻ ﳛﺐ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﳛﺐ ﻛﻞ ﻛﻔﺎﺭ ﺃﺛﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﳛﺐ ﺍﻟﻈﺎﳌﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﳌﺨﺘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺨﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﳋﻮﺍﻥ‬
‫ﺍﻷﺛﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﳌﻔﺴﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﳌﺴﺮﻓﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﳋﺎﺋﻨﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﳌﺴﺘﻜﱪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺣﲔ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻼﻫﲔ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﺻﻔﺎﺕ ﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﳐﺘﻠﻔﻲ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ ﻛﻞ ﳎﺎﻻﺕ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺇﳚﺎﺑﺎ‬
‫ﻭﺳﻠﺒﺎ‪ .‬ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﳋﻠﻘﻲ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ‪ .‬ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ ﲢﺮﻙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ ﺧﻠﺠﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‬
‫ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ‪.‬‬
‫ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪" :‬ﻛﺘﺐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺇﻻ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﺷﺪﺍﺩ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻛﻞ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺳﻌﻴﻬﻢ‬
‫ﺝ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﰲ ﺻﻒ‬
‫ﻣﺮﺿﻴﺎ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺄﰐ ﲝﺴﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻟ‪‬ﻴ ‪‬ﺪ ﹺﺭ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﳛﺒﻬﻢ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺒ‪‬ﻪ ﺃﻧﺎﻟﻪ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪
.‬ﻫﻞ ﺟﺰﺍﺀ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﲪﻦ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٥٩ :‬‬
‫ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺐ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬ ‫ﺃﺣ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﺔ ﻭﰲ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﺍﻟﻜﻔﺎﺋﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﱪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻗ‪‬ﻮﺍﻡ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻷﺧﻮﻱ‪ .‬ﰲ ﺭﺃﺱ‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﶈﺒﻮﺑﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ‪ ،‬ﻻ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺪﻋﻮ ﹸﺓ‬
‫ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺭﺍﹶﺛ ﹰﺔ ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ ﻭﺗﺄﺩﻳﺔ ﻟﻮﻇﻴﻔﺘﻬﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻗﻮﻻ‬
‫ﳑﻦ ﺩﻋﺎ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﻋﻤﻞ ﺻﺎﳊﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻧﲏ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺼﻠﺖ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣٣ :‬ﰒ‬
‫ﺹ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﺣﺐ ﺇﱃ ﺍﷲ ﰲ ﺻﺮﺡ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ‪.‬‬ ‫ﺗﺘﺮﺍ ‪‬‬
‫ﺃﻭﳍﺎ ﺍﳊﺐ ﰲ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺒﻐﺾ ﰲ ﺍﷲ‪" .‬ﺃﺣﺐ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﳊﺐ ﰲ ﺍﷲ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﻐﺾ ﰲ ﺍﷲ"‪ .‬ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺣﺴﻨﻪ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ‬
‫ﺧﺼﻠﺔ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻷﺷﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﺮﲪﺎﺀ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺃﺣﺒﺔ‬
‫ﺍﷲ ﺍﻷﺫﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺍﻷﻋﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ ﺃﺭﺑﻊ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﷲ ﻭﺍﳊﻤﺪ ﷲ ﻭﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻭﺍﷲ ﺃﻛﱪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ‬
‫ﻭﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﲰﺮﺓ ﺑﻦ ﺟﻨﺪﺏ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺃﻥ ﲤﻮﺕ‬
‫ﻭﻟﺴﺎﻧﻚ ﺭﻃﺐ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻭﻏﲑﻩ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ‬
‫ﻭﻭﺍﻓﻘﻪ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﰲ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪.‬‬
‫ﱄ‬
‫ﰒ ﺍﻟﺼﺪﻕ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺇ ﱠ‬
‫ﺃﺻﺪﻗﻪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﻮﺭ ﺑﻦ ﳐﺮﻣﺔ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺒﺬﻝ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﻣﺎ ﻛﺜﺮﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻳﺪﻱ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﻮﻗﺘﻬﺎ‪ ،‬ﰒ ﺑﺮ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﰒ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ‬
‫ﻣﺴﻌﻮﺩ‪ .‬ﺣﺼﻞ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﱪ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﻫﻲ ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺑﲔ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﻫﻮ‬
‫‪‬ﺫ ‪‬ﺭﻭ‪‬ﺓ ﺳﻨﺎﻣﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺒﺬﻝ ﺍﻟﺴﻤﺎﺣﺔ ﻭﺑﺬﻝ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻗﺎﻝ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﳛﺐ ‪‬ﺳ ‪‬ﻤ ‪‬ﺢ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﲰﺢ ﺍﻟﺸﺮﺍﺀ ﲰﺢ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﰲ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﺐ ﺇﱃ ﺍﷲ ﰒ ﻋﻤﻞ‬
‫ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺴ‪‬ﻤﺖ ﺍﳊﺴﻦ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﳛﺐ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﻐﲏ ﺍﳋﻔﻲ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻭﻗﺎﺹ‪.‬‬
‫ﺖ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻴﺾ ﻣﻈﻬﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺨﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻜﱪ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬ ‫‪‬ﺳ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﳛﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﺛﺮ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ‬
‫ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﻭﺍﻟﺼﱪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬
‫ﻣﺎ ﺩﺍﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒ‪‬ﻪ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺃﻡ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺃﺧﻒ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﺣﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻛﻔﻪ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺯﹺﻣﺎ ﹺﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻼ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻋﻤ ﹲﻞ ﺃﻫﻮﺝ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﻻ ﳛﺐ ﺍﳉﻬﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ‪ ،‬ﻭ"ﻻ‬
‫ﳛﺐ ﺍﻟﻔﺤﺶ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻔﺤﺶ" ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺍﳊﻨﻈﻠﻴﺔ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺮ ﹾﻓ ‪‬ﻖ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﳛﺐ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻠﹼﻪ"‪ .‬ﻭﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺭﻓﻴﻖ‬
‫ﳛﺐ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﻛﻠﻤﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺟﺎﺋﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﻋﻦ ﺃﰊ‬
‫ﺃﻣﺎﻣﺔ ﻭﺣﺴﻨﻪ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻗﺮﺍﺀﺗﻨﺎ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﻟﺸﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﳒﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺺ‬
‫ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﻛﺜﺮ‪‬ﻫﺎ ﺑ‪‬ﻄﻮﻧﺎ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﰲ ﺣﺐ ﺍﷲ‬
‫ﺏ ﺍﷲ‪ ،‬ﰲ ﻃﺮﻳﻖ‬ ‫ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﺏ ﰲ ﺍﷲ‪ ،‬ﺗﺴ ‪‬ﲑ ﺧﻄﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﳏﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪،‬‬
‫ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻇﻬﻮﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺃﻭﺳﻌﻬﺎ ﴰﻮﻻ‪ ،‬ﻭﺃﺑﻠﻐﻬﺎ ﺃﺛﺮﺍ ﰲ‬
‫ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻹﳍﻲ‬
‫ﺍﳌﻜ ‪‬ﺮ ‪‬ﺭ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﺍﳌﻘ ‪‬ﺮ ‪‬ﺭ ﲟﺪﺍﺩ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺇﻣﺪﺍﺩ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺇﻥ ﺍﷲ‬
‫ﳛﺐ ﺍﳌﻘﺴﻄﲔ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٤٤ :‬ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ‪،‬‬
‫ﻭﺣﻜﻤﻮﺍ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺣﻜﻤﻮﺍ ﺑﺼﻮﺍﺏ‪ ،‬ﻭﺣﻜﻤﻮﺍ ﺣﻜﻤﺎ ﻳﻜﻔﻞ ﳍﻢ ﻭﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺧﺎﺻﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻟﺪﻧﻴﺎﻫﻢ ﻭﺁﺧﺮ‪‬ﻢ‪ ،‬ﺣﺴﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻻﺳﺘﺨﻼﻑ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ‪ ،‬ﻭﺣﺴﻨﺔ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻫﻲ ﺳﻜﲎ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﱘ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺃﺩﻧﺎﻫﻢ ﻣﻨﻪ ﳎﻠﺴﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﻋﺎﺩﻝ‪ .‬ﻭﺃﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﻭﺃﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻨﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳎﻠﺴﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﺟﺎﺋﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺪﺭﻱ ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺪﻳﺚ‬

‫ﺣﺴﻦ ﻏﺮﻳﺐ‪ .‬ﻭﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺗﻘﻮﻳﻪ‪.‬‬
‫ﺐ! ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﻣﺮﻳﺪﺍ‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﺍﻟ‪‬ﺘ ‪‬ﻌﺐ‪ ،‬ﺍﻟ‪‬ﺘ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻗﺎﺻﺪﹰﺍ ﺳﺎﺋﺮﺍ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻭﺻﻠﺖ ﻭﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺳﻔﺮﻙ‪ ،‬ﻓﺼﺮﺕ ﰲ ﺑﻴﺖ ﻗﺮﺏ‬
‫ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﺘﻜﻠﱡﻒ‪ .‬ﻓﻴﺜﺒﺖ ﺍﻷﻧﺲ ﺑﻪ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﺣﱴ ﻳﺄﺧﺬ‬
‫ﲜﻮﺍﻧﺒﻪ‪ .‬ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻭﻻ ﺻﻐﲑﺍ‪ ،‬ﰒ ﺗﻜﱪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻛﱪﺕ ﺍﻣﺘﻸ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻐﲑﻩ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺯﺍﻭﻳ ﹲﺔ ﻓﻴﻪ‪.‬‬
‫"ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﻓﻜﻦ ﻣﻊ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮﻩ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋﻦ ‪‬ﻴﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐﲎ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺰ ﻭﺍﻟﺬﻝ‪ ،‬ﻋﻨﺪ ﺑﻠﻮﻍ‬
‫ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ ﻭﻋﺪﻣﻪ‪ ،‬ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫"ﺗﻌﻤﻞ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺬﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺗﺴﺘﺤﻲ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺒﺪ‬
‫ﺍﷲ ﻛﺄﻧﻚ ﺗﺮﺍﻩ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﺃﺟﺮﺍ ﻭﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﺮﻯ ﺇﻻ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﺗﻘﺼﲑﻙ( ﺗﻌﻤﻞ‬
‫ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻗﺼﺪﻙ ﺭﺿﻰ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﻭﻗﺮﺑﻪ‪.‬ﻓﺎﻷﺟﺮﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﺿﺎﻩ ﻋﻨﻚ ﻭﻗﺮﺑﻚ‬
‫ﻣﻨﻪ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺁﺧﺮﺓ‪ .‬ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻘﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻘﺎﻟﺒﻚ‪.‬‬
‫"ﺍﻋﻤﻞ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻰ ﺫﺭﺓ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺑﺪ‪‬ﺭﺓ )ﺻﺮﺓ ﻣﺎﻝ(‪ .‬ﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﱃ‬
‫ﻋﻤﻠﻚ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻮﺍﺭﺣﻚ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﻗﻠﺒﻚ ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﰎ‬
‫ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺻﺎﺭ ﻟﻘﻠﺒﻚ ﻋﻴﻮ ﹲﻥ ﺗﻨﻈﺮ ‪‬ﺎ‪ .‬ﺻﺎﺭ ﺍﳌﻌﲎ ﺻﻮﺭﺓﹰ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺣﺎﺿﺮﺍ‪،‬‬
‫ﻭﺍﳋﱪ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺢ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ .‬ﻳﻐﻴ‪‬ﺮﻩ ﻭﻳﺒﺪ‪‬ﻟﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻨﻘﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﱃ ﺣﺎﻝ‪ .‬ﻳﺼﲑ ﻛﻠﻪ ﻣﻌﲎ‪ ،‬ﻳﺼﲑ ﻛﻠﻪ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻭﺇﻳﻘﺎﻧﺎ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﻭﻗﺮﺑﺎ ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺓ‪ .‬ﻳﺼﲑ ‪‬ﺎﺭﺍ ﺑﻼ ﻟﻴﻞ‪ ،‬ﺿﻴﺎﺀ ﺑﻼ ﻇﻼﻡ‪ ،‬ﺻﻔﺎﺀ ﺑﻼ ﻛﺪﺭ‪ ،‬ﻗﻠﺒﺎ‬
‫ﺑﻼ ﻧﻔﹾﺲ‪ ،‬ﺳﺮ‪‬ﺍ ﺑﻼ ﻗﻠﺐ‪ ،‬ﻓﻨﺎﺀ ﺑﻼ ﻭﺟﻮﺩ‪ ،‬ﻏﻴﺒﺔ ﺑﻼ ﺣﻀﻮﺭ‪ .‬ﻳﺼﲑ ﻏﺎﺋﺒﺎ‬
‫ﻋﻨﻬﻢ ﻭﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫"ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺃﺳﺎﺳﻪ ﺍﻷﻧﺲ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻻ ﻛﻼﻡ ﺣﱴ ﻳﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻧﺲ‬
‫ﻂ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺧﻄﻮﺓ‪ .‬ﻻ ﳍﻢ ﺿﺮ ﻭﻻ ﻧﻔﻊ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﺮﺑﺘ‪‬ﻬﻢ‪.‬‬ ‫ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻪ! ﺍﺧ ﹸ‬
‫ﻭﺍﺧﻂ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺧﻄﻮﺓ ﻭﻻ ﺗﻮﺍﻓﻘﻬﺎ‪ .‬ﻭﻋﺎﺩﻫﺎ ﰲ ﺭﺿﻰ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪،‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺟﺮﺑﺘ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﻓﺎﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﲝﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻧﺎﺭﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺩﻳﺎﻥ‪ ،‬ﻣ‪‬ﻬﻠﻜﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻚ‪ .‬ﺍﻷﻭﻝ ﺩﺍﺀ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺩﻭﺍﺀ‪.‬‬
‫"ﺍﻋﺰﻡ ﻭ ‪‬ﺟ ‪‬ﺰ ﻫﺬﺍ ﺍ ﹸﳍﻠﹾﻚ ﻭﻗﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﰲ ﺍ ﹸﳌ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﺍﺗﺮﻙ ﺍﻟﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺀ‪ .‬ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺩﻭﻳﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﺑﻴﺪﻩ‪ .‬ﻻ ﳝﻠﻜﻬﺎ ﺃﺣﺪ‬
‫ﺳﻮﺍﻩ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺻﱪﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺟﺎﺀﻙ ﺍﻷﻧﺲ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺻﱪﺕ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺟﺎﺀﻙ ﺍﻟﻐﲎ‪ .‬ﺍﺗﺮﻙ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﰒ ﺍﻃﻠﺐ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﰒ ﺍﻃﻠﺐ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻮﱃ‪ .‬ﺍﺗﺮﻙ ﺍﳋﻠﻖ ﰒ ﺍﺭﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﳋﺎﻟﻖ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻃﺎﻟﺐ ﻟﻠﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻣﻮﻻﻩ‪ ،‬ﺭﺍﺝ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ‪:‬‬
‫ون
אد
 


א



ون

א

و ‬
‫)
د(
'&‪
%‬א‪0#
12



! "#
$‬א‪

*&
+,-.,
(
/‬‬
‫‪4
+.

567&
1
0‬ن
‪
1.‬ذ 



و‪4‬ن
‪
:
1.‬א ‪

!#
$8
96‬‬
‫و‪4‬ن
ن
@‪
:
?%‬א &>د
=<



‪4‬ذא
‪

!AB)
C7
C(
(
1&D‬‬
‫‪K‬ن
@‪
1I‬وא‪
CJ‬و‪4‬ن
@‪

ABF
$8
%&'
L0#
12




E,FGH
1I‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺍﺟﻊ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻛﻠﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٤٩-١٤٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫
‪0‬א‪
19#



%(
%
6OPG

6.(
MN‬א'‪V‬א‪
U(
%N‬א‪T‬م
وא ‪R6‬ول

‬
‫ 
‪
%
1.‬و‪
X6Y‬א ‪.‬س




وא\ل


‪
6Y
,67‬א‪E<Z#
[
ET‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪َL M7?#MNM MOM.>?, (> M-‬ـ"‪>:ِ
K‬ــ ‪ُI‬‬ ‫‪>?- @; >AB C?< ; ?4ْ َ ;FG3‬ـ‪2;<;.‬‬
‫‪َS#M- MFG3 5‬ـــ‪ُI‬‬
‫َ‪?U‬ـ>ـ‪?&ُ3‬ــ ‪?&?TM‬ــ ِ‬ ‫‪?4ْ َ ;FG3‬ــ ; ?‪R‬ـــ ‪?- ?FG3‬ــ >‪MQ‬ــ‪َُP‬ــ‪2‬‬
‫‪? M 2> َُ @> َْXُ%‬ــ ?‪M )MV‬ــ‪َW K‬ــ‪ُI‬‬ ‫‪;-ُV ; ?4ْ َ ;FG3‬ـ ?> ?‪ُ3‬ــ ? ‪ُPQM‬ــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻧﺎ ﺇﱃ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﻨﻘﻠﺒﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺧﲑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ‬
‫)ﻭﻛﻞ ﺷﻬﺮ( ﻭﻓﹶﺘﺤﻪ ﻭﻧﺼﺮﻩ ﻭﺑﺮﻛﺘﻪ ﻭﺭﺯﻗﻪ ﻭﻧ‪‬ﻮﺭﻩ ﻭﻇﹸﻬﻮﺭﻩ‪ .‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺷﺮﻩ ﻭﺷﺮ ﻣﺎ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻭﺷﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ‪.‬‬

‫ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛﻴﻒ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﰲ ﺃﺳﺮﺓ‬

‫ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺭﺣﻠﺘ‪‬ﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺑﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺗﲔ ﺗﺆﺫﻥ ﰲ ﺃﺫﻧﻪ ﻟﺘﺴﻤﻊ ﻓﻄﺮﺗ‪‬ﻪ‬
‫ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﹸﺓ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻊ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺮﲪﺔ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ‬
‫ﺭﺳﻮﻟﻪ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻫﻨﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﶈﻴﻄﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﳛﻈﻰ ‪‬ﻤﺎ ﺟﺴﻢ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﻣﻴﻼﺩﻩ ﺇﱃ ﻳﻮﻡ ﻭﻓﺎﺗﻪ‪،‬‬
‫ﺟﺴﻤﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﻣﺴﺘﻘﺮ ﺷﻬﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﺁﻟﺔ ﺳﻌﻮﺩﻩ‪.‬‬
‫ﻳﻌﲎ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻘﻮﺍﻡ ﺍﳉﺴﻢ ﻭﻫﻮ ﻏﺬﺍﺅﻩ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺃﻭﻻ‪ ،‬ﻓﻴﺄﻣﺮ ﺑﻠﻘﻤﺔ ﺍﳊﻼﻝ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺇﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ‪ ،‬ﺇﺫ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻣﺎ ﻛﺜﺮﺕ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻑ ﻷﻥ ﺍﷲ ﻻ ﳛﺐ ﺍﳌﺴﺮﻓﲔ‪ .‬ﻭﻳﺒﻴﺢ ﺍﳌﺘﺎﻉ ﺍﳊﻼﻝ‬ ‫ﺍﻷﻳﺪﻱ‪ .‬ﻭﻳﻨﻬ‪‬ﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺴ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ‪ .‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﻨ‪‬ﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﲟﻈﺎﻫﺮﺍﳉﺴﻢ ﻓﻴﻮﺻﻲ ﲞﺘﺎﻥ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭﺧﺼﺎﻝ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻷﻇﻔﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻳ‪‬ﻌﲎ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎﺱ ﻭﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻴ‪‬ﺐ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻌ‪‬ﺸﺮﺓ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻂ‬
‫ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺃﻗﻮﺍﳍﺎ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻳ‪‬ﻌﲎ ﺑﺄﺑﺴﻂ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﳉﺴﻢ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻄﺎﺱ‪ ،‬ﻓﻴ‪‬ﻨﻴ ﹸ‬
‫ﺑﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﺁﺩﺍﺑﺎ ﻣﺴﺘﺤﺒﺎﺕ‪.‬‬
‫ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ ﺍﳉﺴﻢ ﺳﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻧﻀﺞ ﻭﺍﻛﺘﻤﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﺻﺒﺢ ﻧﻈﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳉﺴﻤﻲ ﻓﺮﺍﺋﺾ ﻭﳏﺮﻣﺎﺕ ﻭﺳﻨﻨﺎ ﻭﻣﻨﺪﻭﺑﺎﺕ ﻭﻣﻜﺮﻭﻫﺎﺕ‬
‫ﻭﻣﺒﺎﺣﺎﺕ ﻣﻀﺮﻭﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﱘ‪ ،‬ﻭﺑﺴﻄﺘﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﲣﺼﺺ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﲤﺤﻴﺼﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻗﺮﺃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭ‪‬ﻓ ﹾﻘ ‪‬ﻬ ‪‬ﻪ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺼﻼﺓ‬
‫ﻭﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﻃﻮﺍﻑ ﺍﳊﺞ ﻭﺿ‪‬ﺒﻂ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭﻣﻌﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ‬
‫ﻭﺛﻨﻴﺔ ﺭﺍﺳﺒﺔ ﺳﺎﺋﺒﺔ ﻋﺎﺋﺒﺔ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻬﻤﻢ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﺑﺎﳉﺴﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺇﻻ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻗﻴﻮﺩﺍ ﺑﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﷲ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻋﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﻋﻘﻮﳍﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﻋﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﻮﻣﻬﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻟﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ‪ .‬ﻭﻓﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻭﺟﻮﺍﺭﺡ ﺍﳉﺴﻢ‪ ،‬ﻟﻜ ﱟﻞ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻫﺬﻩ ﺑﺘﻠﻚ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻞ‬
‫ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﻣﺮﺍﺳﻴﻤﻬﺎ ﻭﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﻭﺃﺭﻛﺎ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﻧﻘﺮﺃ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻗﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﰲ ﺻﻼ‪‬ﻢ ﺧﺎﺷﻌﻮﻥ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻐﻮ ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻟﻠﺰﻛﺎﺓ ﻓﺎﻋﻠﻮﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻫﻢ ﻟﻔﺮﻭﺟﻬﻢ ﺣﺎﻓﻈﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﻢ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﳝﺎ‪‬ﻢ ﻓﺈ‪‬ﻢ ﻏﲑ‬
‫ﻣﻠﻮﻣﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ( ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻓﻨﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺍﳉﺴﺪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺑﺪﺍ ﻋﻤﻼ‬
‫ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﰲ ﻛﻞ ﺻﻔﺤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ‪،‬ﻭﺻﺪﻗﻪ‪،‬‬

‫ﻭﺻﻔﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺿﻪ‪ ،‬ﻭﺷﻔﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﻋ‪‬ﻤﺎﻩ‪ ،‬ﻭﺑﺼﲑﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺣﺒﻪ‪ ،‬ﻭﺑﻐﻀﻪ‪ ،‬ﻭﻧﻘﺼﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻛﻤﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺼﻮﺭﻩ‪ ،‬ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ‪ .‬ﻧﻌﻄﻲ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻷﻥ ﺑﺼﻼﺣﻪ‬
‫ﻳﺼﻠﺢ ﺍﻟﻜﻞ ﻭﺑﻔﺴﺎﺩﻩ ﻳﻔﺴﺪ ﺍﻟﻜﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ‬
‫ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﰲ ﺍﳉﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﺻﻠﹸﺤﺖ ﺻﻠﹸﺢ ﺍﳉﺴﺪ ﻛﻠﻪ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ‬
‫ﻓﺴﺪﺕ ﻓﺴﺪ ﺍﳉﺴﺪ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ‬
‫ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﲑ‪.‬‬
‫ﻣﺜﻞ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺍﳊﺴﻲ‪ .‬ﺍﻟﻘﻠﺐ‬
‫ﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ‬ ‫ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻣ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﺏ ﺑﻜﻔﺮ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ‬‫ﺸ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﻚ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻭﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ‪‬ﻣ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﻭﺯﻳﺮ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻣﻨﻔﺬﺓ‪ .‬ﻻ ﺣﻮﻝ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭﻻ ﻃﻮﻝ‪ ،‬ﺑﻞ ﻭﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﳑﻜﻨﺎ‬
‫ﺃﺻﻼ‪ ،‬ﺇﻻ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﺴﻤﻴﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻋﻤﻞ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻳﺮﻓﻌﻪ ﻭﻳﺮﻗﻴﻪ ﻟﻮ ﱂ‬
‫ﺗﻜﻦ ﻃﻮﻋﺎ ﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ‪.‬‬
‫ﻓﺮﺽ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺟﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺟﺎﺭﺣﺔ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻨﺎﺳﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺟﺎﺭﺣﺔ ﺃﻥ ﺗﻠﺰﻡ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﳌﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ‬
‫ﻓﺮﻭﺽ ﻭﺳﻨﻦ ﻭﻣﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ﻭﳏﻈﻮﺭﺍﺕ ﻭﻣﺒﺎﺣﺎﺕ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺑﺎﳊﻖ ﻭﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺗﻼﻭﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺃﺫﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬
‫ﺑﺎﻟﻐ‪‬ﻴﺒ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﻨﻤﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻋﺒﻮﺩﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻤﻊ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻭﻕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻼﻣﺴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﺸﺔ ﺍﻟﻜﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﺟﺎﺭﺣﱵ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﻭﺍﻟﻔﺮﺝ‬

‫ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺃﺷﺪ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺗﺪﺑﲑ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ‬
‫ﺻﺎﳊﺔ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻭﺧﻠﻖ ﻣﺎ ﻧﻌﻤﻞ ﺇﱃ‬
‫ﻫﻴﺂﺕ ﻣﺘﺨﱢﻠﻘﹶ ‪‬ﺔ ﻭﺻﻮﺭ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺭﻭﺣﻬﺎ ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﲨﺎﻟﹸﻬﺎ ﺻﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻘﻞ‬
‫ﻭﻣﺎﺩ‪‬ﺎ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺎﺕ ﺍﳉﻮﺍﺭﺣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻳ‪‬ﻌﻄ‪‬ﻲ ﺍﻟﺒﺎﺭﻯﺀ ﺍﳌﺼﻮ‪‬ﺭ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻠﺠﻮﺍﺭﺡ ﻭﺍﳉﻠﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺪﺭ ﹶﺓ ﻭﺍﻵﻟﺔ ﻟﺘﻨﻄﻖ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻳﻮﻡ‬
‫ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﻭﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﲟﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪:‬‬

‫‪ (٢٤‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺒﻌﺚ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩ ‪‬ﺭ ﹶﺓ ﻋﻦ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﺻﻮﺭﹰﺍ ﻧﺎﻃﻘﺔ ﺣﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺧﱪ ﺣﻖ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻧﻮﺭﺩﻩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻟﻪ ﻟﻴﻮﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﻭﻳﺘﺄﻛﺪ ﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺮﺍﻗﺐ
ﻣﺎ ﻳﻠﻔﻆ‬
‫ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺇﻻ ﻟﺪﻳﻪ ﺭﻗﻴﺐ ﻋﺘﻴﺪ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﻕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٧ :‬ﻭﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺻﻮﺭ ﳐﺰﻭﻧﺔ‬
‫ﻟﻴﻮﻡ ﺍﳊﺴﺎﺏ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺿﺮﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﻟﻨﺎ ﻣﺜﻼ ﲟﺎ ﳔﺰﻥ ﳓﻦ‬
‫ﺑﺼﻮﺭ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻧﺎﻃﻘﺔ ﻣﻠﻮﻧﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﻮﺍﺑﻞ ﺍﻟﺼﻴﺐ"‪ ٢‬ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻭﺛﻘﻪ ﺃﺧﺮﺟﻪ‬
‫ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺃﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﳌﺪﻳﲏ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﺟﺪﺍ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﻌﻈﻢ‬
‫ﺷﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬

‫‪٢‬‬
‫ﺹ ‪.٧٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻌﻦ ﲰﺮﺓ ﺑﻦ ﺟﻨﺪﺏ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺧﺮﺝ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬
‫ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻛﻨﺎ ﰲ ﺻ‪‬ﻔﺔ ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ‪ .‬ﻓﻘﺎﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺇﱐ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﻋﺠﺒﺎ!‬
‫ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﺃﺗﺎﻩ ‪‬ﻣﻠﹶﻚ ﺍﳌﻮﺕ ﻟﻴﻘﺒﺾ ﺭﻭﺣﻪ ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺑﺮﻩ ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻓﺮﺩ‬
‫ﻣﻠﻚ ﺍﳌﻮﺕ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺪ ‪‬ﺑﺴِﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﱪ ﻓﺠﺎﺀ‬
‫ﻭﺿﻮﺀﻩ ﻓﺎﺳﺘﻨﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺪ ﺍﺣﺘﻮﺷﺘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﲔ‬
‫ﻓﺠﺎﺀ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻄﺮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺪ‬
‫ﺍﺣﺘﻮﺷﺘﻪ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﺗﻪ ﺻﻼﺗﻪ ﻓﺎﺳﺘﻨﻘﺬﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ‪.‬ﻭﺭﺃﻳﺖ‬
‫ﺚ‪ -‬ﻋﻄﺸﺎ‪ ،‬ﻛﻠﻤﺎ ﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺣﻮﺽ‬ ‫ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻳﻠﺘﻬﺐ ‪-‬ﻭﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ‪‬ﻳ ﹾﻠ ‪‬ﻬ ﹸ‬
‫‪‬ﻣﻨﹺﻊ ﻭ ﹸﻃﺮﹺﺩ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺻﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺄﺳﻘﺎﻩ ﻭﺃﺭﻭﺍﻩ‪.‬‬
‫"ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﺟ‪‬ﻠﻮﺳﺎ ‪‬ﺣﻠﹶﻘﹰﺎ ‪‬ﺣﻠﹶﻘﺎﹰ‪ ،‬ﻛﻠﻤﺎ ﺩﻧﺎ‬
‫ﺴﻠﹸﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺎﺑﺔ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ ﻓﺄﻗﻌﺪﻩ ﺇﱃ ﺟﻨﱯ‪.‬‬ ‫ﺇﱃ ﺣﻠﻘﺔ ﹸﻃ ﹺﺮﺩ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﹸﻏ ‪‬‬
‫ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﹸﻇﻠﹾﻤﺔ ﻭﻣﻦ ﲢﺘﻪ ﻇﹸﻠﻤﺔ ﻭﻋﻦ ﳝﻴﻨﻪ ﻇﹸﻠﻤﺔ ﻭﻋﻦ‬
‫ﻳﺴﺎﺭﻩ ﻇﹸﻠﻤﺔ ﻭﻣﻦ ﻓﻮﻗﻪ ﻇﹸﻠﻤﺔ ﻭﻣﻦ ﲢﺘﻪ ﻇﻠﻤﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﺤﲑ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺣﺠﻪ‬
‫ﻭﻋﻤﺮﺗ‪‬ﻪ ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻭﺃﺩﺧﻼﻩ ﰲ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ‬
‫ﻳﺘﻘﻲ ﺑﻴﺪﻩ ﻭ ‪‬ﻫﺞ‪ ‬ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺷﺮﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﺗﻪ ﺻﺪﻗﺘﻪ ﻓﺼﺎﺭﺕ ‪‬ﺳﺘ‪‬ﺮﺓ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻇﻠﱠﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ‪.‬‬
‫"ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻳﻜﻠﻢ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﻻ ﻳﻜﻠﻤﻮﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﺗﻪ ﺻﻠﺘﻪ‬
‫‪‬ﻟ ‪‬ﺮ ‪‬ﺣﻤ‪‬ﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ! ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻭ‪‬ﺻﻮﻻ ‪‬ﻟ ‪‬ﺮ ‪‬ﺣﻤ‪‬ﻪ ﻓﻜﻠﱢﻤﻮﻩ!‬
‫ﻓﻜﻠﻤﻪ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﻭﺻﺎﻓﺤﻮﻩ ﻭﺻﺎﻓﺤﻬﻢ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺪ‬
‫ﺍﺣﺘﻮﺷﺘﻪ ﺍﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭ‪‬ﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻓﺎﺳﺘﻨﻘﺬﻩ ﻣﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﺩﺧﻠﻪ ﰲ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺮﲪﺔ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﺟﺎﺛﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻛﺒﺘﻴﻪ‬
‫ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﷲ ﺣﺠﺎﺏ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺣ‪‬ﺴﻦ ﺧ‪‬ﻠﻘﻪ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ ﻭﺃ ‪‬ﺩ ‪‬ﺧﻠﹶﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺪ ﺫﻫﺒﺖ ﺻﺤﻴﻔﺘﻪ ﻣﻦ ‪‬ﻗﺒ‪‬ﻞ ﺷ‪‬ﻤﺎﻟ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ‬
‫ﺧﻮﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺄﺧﺬ ﺻﺤﻴﻔﺘﻪ ﻓﻮﺿﻌﻬﺎ ﰲ ﳝﻴﻨﻪ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ‬
‫ﻒ ﻣﻴﺰﺍﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺃﻓﺮﺍﻃﹸﻪ )ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﻃﻔﺎﻟﻪ( ﻓﺜﻘﻠﻮﺍ ﻣﻴﺰﺍﻧﻪ‪.‬‬
‫ﺃﻣﱵ ‪‬ﺧ ‪‬‬
‫"ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﲑ ﺟﻬﻨﻢ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺭﺟﺎﺅﻩ ﰲ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺎﺳﺘﻨﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻣﻀﻰ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺪ ﺃﻫ‪‬ﻮﻯ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﺠﺎﺀﺗﻪ ﺩﻣﻌﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﺑﻜﻰ ﻣﻦ ﺧﺸﻴﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺎﺳﺘﻨﻘﺬﺗﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻌ ﹶﻔ ﹸﺔ )ﺟﺮﻳﺪﺓ‬
‫ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮ ‪‬ﻋ ‪‬ﺪ ﻛﻤﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﻋ ‪‬ﺪ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﺨﻞ( ﰲ ﺭﻳﺢ ﻋﺎﺻﻒ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﺣﺴﻦ ﻇﻨﻪ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺴﻜﱠﻦ ﺭﻋﺪﺗﻪ‬
‫ﻭﻣﻀﻰ‪.‬‬
‫"ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻣﱵ ﻳﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ‪ ،‬ﻭﳛﺒﻮ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﺗﻪ ﺻﻼﺗﻪ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻓﺄﻗﺎﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﻭﺃﻧﻘﺬﺗﻪ‪ .‬ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ‬
‫ﺃﻣﱵ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﱃ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﳉﻨﺔ ﻓﻐﻠﻘﺖ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺩﻭﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﺗﻪ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ‬
‫ﺇﻻ ﺍﷲ ﻓﻔﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻭﺃﺩﺧﻠﺘﻪ ﺍﳉﻨﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻳﻨﺒﻐﻲ‬
‫ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﳛﻔﻈﻪ‪ .‬ﻗﻠﺖ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ‪
:‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺣﺒﺔ ﻣﻦ ﺧﺮﺩﻝ ﺃﺗﻴﻨﺎ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻨﺎ ﺣﺎﺳﺒﲔ)ﺳﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٤٧ :‬ﻳﺄﰐ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﲟﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ‪ ،‬ﰲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺃﻫﺪﺍﻑ‬
‫ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﺮﺩﻟﺔ‪ .‬ﻳﺄﰐ ‪‬ﺎ ﺟﻞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺟﻼﻟﻪ ﻭﻟﻄﹸﻒ ﻧ‪‬ﻮﺍﻟﹸﻪ ﻟﺘﺸﻔﻊ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﻣﺎﻝ ﻭﻻ ﺑﻨﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺗﻰ ﺍﷲ‬
‫ﺏ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺘﻬﺎ ﺑﺼﻼﺡ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪.‬‬ ‫ﺑﻘﻠﺐ ﺳﻠﻴﻢ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﻗﹸﻠﻮ ‪‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﷲ! ﺣﱴ ﺍﻟﺪﻣﻌﺔ ﺟﺎﺀﺕ!‬
‫ﻭﺃﺣﻮﺝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺘﺄﻣ‪‬ﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﳌﺮﺍﺟﻌﺔ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﻢ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﻳﺪﺧﻠﻬﻢ ﺍﻟﻐﺮﻭﺭ‬
‫ﺑﺄﻋﻤﺎﳍﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺴﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ‪ ،‬ﻓﺘﻨﺠ‪‬ﺲ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﳛﺒﻂ‬
‫ﻋﻤﻠﻬﻢ‪ .‬ﺃﺣﻮﺝ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﺬﻛﺮﻯ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ ﻣﻦ ﻳﻐﺘ ‪‬ﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﻨﺴﻠﺦ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺰﻋﻤﻪ ﺃﻧﻪ ﻭﺻﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻻ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﲔ‪ .‬ﻫﺆﻻﺀ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﻮﻥ ﺇﱃ ‪‬ﺳﻘﹶﺮ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻟﻌﺎﺋﺸﺔ ﳌﺎ ﺭﺃﺕ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺘﲔ ﻣﺘﻮﺭﻣﺘﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ‬
‫ﺐ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﺒﺪﺍ ﺷﻜﻮﺭﺍ!" ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ‬ ‫ﻟﻠﺼﻼﺓ‪" :‬ﺃﻓﻼ ﺃﺣ ‪‬‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺃﻡ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﻣﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﻭﻻ ﻭﺁﺧﺮﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﱎ ﲢﺖ ﻣﻴﺰﺍﺏ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪،‬‬
‫ﻣﺘﻮ ‪‬ﺳﺪﺍ ﺑﺎﻟﺼﱪ‪ ،‬ﻣﺘﻘﻠﺪﺍ ﺑﺎﳌﻮﺍﻓﻘﺔ‪ ،‬ﻋﺎﺑﺪﺍ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﺝ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻫﻜﺬﺍ‬
‫ﺻﺐ‪ ‬ﻋﻠﻴﻚ ﺍﳌﻘﺪ‪‬ﺭ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﻣﻨﻨﻪ ﻣﺎ ﻻ ﲢﺴﻦ ﺗﻄﻠﺒ‪‬ﻪ ﻭﺗﺘﻤﻨﺎﻩ‪ .(...).‬ﻳﺎ‬
‫ﻏﻼﻡ! ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻯ! ﻋﻠﻴﻚ ﲝﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﺍﳍﻮﻯ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺃﻗﺮﺍﻥ ﺍﻟﺴﻮﺀ‪ .‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﰲ ﺟﻬﺎﺩ ﻫﺆﻻﺀ ﻻ ﻳﻨﻜﺸﻒ ﺭﺃﺳﻪ ﻋﻦ‬
‫ﳋﻮ‪‬ﺫﺓ )ﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻳﺪ(‪ ،‬ﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﻐ‪‬ﻤﺪ ﺳﻴﻔﻪ‪ ،‬ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺮ‪‬ﻯ ﻇﻬ ‪‬ﺮ ﻓﺮﺳﻪ ﻋﻦ‬
‫ﺍﹶ‬
‫ﹶﻗ ‪‬ﺮﺑ‪‬ﻮﺱ ﺳﺮﺟﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﻨﺎﻡ‪ .‬ﻧﻮ ‪‬ﻡ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻏﻠﺒﺔ‪ ،‬ﺃﻛﻠﻬﻢ ﻓﺎﻗﺔ‪ ،‬ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺿﺮﻭﺭﺓ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳋﺮﺱ ﺩﺃﺑ‪‬ﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﺇﳕﺎ ﻗﺪﺭ ﺭﺑ‪‬ﻬﻢ ﻳﻨﻄ‪‬ﻘﻬﻢ‪ ،‬ﻓ‪‬ﻌ ﹸﻞ ﺭﺑ‪‬ﻬﻢ ﻳﻨﻄﻘﻬﻢ ﻭﳛﺮﻙ ﻣﻨﻄﻘﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻳ‪‬ﻨﻄﻖ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻏﺪﺍ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ .‬ﻳ‪‬ﻨﻄﻘﻬﻢ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳ‪‬ﻨﻄﻖ ﻛﻞ‬
‫ﻧﺎﻃﻖ‪ .‬ﻳ‪‬ﻨﻄﻘﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻄﻖ ﺍﳉﻤﺎﺩ‪ .‬ﻳﻬ‪‬ﻴ ﹸﺊ ﳍﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻓﻴﻨﻄﻘﻮﻥ)‪.(...‬‬
‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﲢﺘﺎﺝ ﰲ ﺧﻠﻮﺗﻚ ﺇﱃ ﻭﺭﻉ ﳜﺮﺟﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺰﻻﺕ‪.‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺗﺬﻛﺮﻙ ﻧﻈﺮ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺇﻟﻴﻚ‪ .‬ﺃﻧﺖ ﳏﺘﺎﺝ ﻣﻀﻄﺮ ﺇﱃ‬
‫ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﻚ ﰲ ﺧﻠﻮﺗﻚ)‪) .(...‬ﺍﻟﺼﺪ‪‬ﻳﻘﻮﻥ( ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﱃ‬
‫ﺲ‬
‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ‪ :‬ﻳﺎ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ! ﻳﺎ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ! ﻳﺎ ﺇﻧ ‪‬‬
‫ﻚ! ﻫﻠﻤ‪‬ﻮﺍ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﻠﻚ! ﺍﺳﻌﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺄﻗﺪﺍﻡ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ‪،‬‬
‫!ﻳﺎﺟ ‪‬ﻦ! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﺪﻱ ﺍﳌ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﺑﺄﻗﺪﺍﻡ ﺗﻘﻮﺍﻛﻢ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻛﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘ‪‬ﻜﻢ ﻭﻭﺭﻋﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ ﻭﺯﻫﺪﻛﻢ)‪(...‬‬
‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺩﻉ ﻋﻨﻚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﳍﻮﻯ! ﻛﻦ ﺃﺭﺿﺎ ﲢﺖ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﻫﺆﻻﺀ‬
‫ﺍﻟ ﹶﻘﻮ‪‬ﻡ‪ ،‬ﺗﺮﺍﺑﺎ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ‪ .‬ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳜﺮﺝ ﺍﳊﻲ ﻣﻦ ﺍﳌﻴﺖ ﻭﳜﺮﺝ ﺍﳌﻴﺖ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳊﻲ‪ .(...).‬ﻭﳛﻚ! ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻨﺎﻓﻘﺔ! ﻛﺎﺫﺑﺔ! ﻓﺎﺟﺮﺓ! ﻣﺸﺮﻛﺔ! ﻛﻴﻒ‬
‫ﺗﻘﻌﺪ ﻣﻌﻬﺎ! ﺧﺎ‪‬ﻟﻔﹾﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﻮﺍﻓﻘﻬﺎ‪ .‬ﻗﻴ‪‬ﺪﻫﺎ ﻭﻻ ﺗﻄﻠﻘﻬﺎ‪ .‬ﺍﺳﺠﻨﻬﺎ ﻭﹶﺃ ‪‬ﺟ ﹺﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺣﻘﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺑﺪ ﳍﺎ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺍﻗﻤﻌﻬﺎ ﺑﺎ‪‬ﺎﻫﺪﺍﺕ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳍﻮﻯ ﻓﺎﺭ ﹶﻛﺒ‪‬ﻪ ﻭﻻ ﲣﻠﻪ‬
‫ﻚ‪ .‬ﻭﺍﻟﻄﺒ ‪‬ﻊ ﻓﻼ ﺗﺼﺤﺒﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻃﻔﻞ ﺻﻐﲑ ﻻ ﻋﻘﻞ ﻟﻪ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬ﺮ ﹶﻛ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻃﻔﻞ ﺻﻐﲑ ﻭﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ! ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﻋﺪﻭﻙ ﻭﻋﺪﻭ ﺃﺑﻴﻚ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻡ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﺍﻟﺰﻻﺕ ﻣﻦ ﻋﺎﱂ ﺍﳋﻔﻴﺎﺕ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪:‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫`
א !
وא‪



])^(
E_
!"0‬و‪
fgG
H‬א ‪
de.‬א ‪bc‬ج
‪


6.O‬‬
‫و\
'‪
h'
2‬و‪

1'i‬א‪
17"



h‬א ‪

)j<
$e7
%k.

"l‬‬
‫‪
! 4
،+ 4‬א‪



M&D0
f0#
،n‬و‪4‬ن
‪

،1.‬ذא
א‪o‬د
وא\ ‪


b

،‬‬
‫‪
%.)p7G‬ذ‪
،% 0
،$e7



!O9'
)
%&9‬ن
(‪

)^(#
$e‬‬
‫)
ز ‪
1‬ذא
(‪
(
e‬א ‪G
[
q9‬ل



‪s‬د
و‪
].

e7G‬و‪


l_G‬‬
‫‪
`_



6 (
d t
6)F

$H‬و'‪u
+veJ
LD#
6‬د


‬
‫
‪
،.vB#



].o
J#
E
7@
1‬و‪


69=
7l2
v
4‬‬
‫!
د‪
R0‬א ‪
x07‬א ‪e
zeG



!94
,w6* v.‬ط
א "*‪
!9e"#
6‬د


‬
‫‪4
Y‬ذא


א ‪
|v6@


!2e9
U(



!
>Zp
v6

E‬א‪

)Gْ=

xn‬‬
‫‪4
}F‬ذא


ن
‪
:‬ذ
‪



! 0‬و)
<א‪
:
/‬א ‪
L0‬ن
‪

)b*(#‬‬
‫و‪



! &@


1~


#
B‬و

ن

‪


"#
] o‬‬
‫‪
'
0F‬א€
ل
‪
#



/09‬א ‪
6R2‬وא ‪4
Lb.‬ذא
א ‪

)p#
E‬‬
‫‪Y‬ل‪
+
Ue


% <
19#
h&N
:‬א"‚
<‪
H‬و
‪

!).8‬‬
‫و ‪

!M8‬‬
‫‪
12 #‬א 
‪
%.OvD‬و‪



CO6‬و‪
H‬ز ‪
v%(
9l.

1‬و
‪

),7.‬‬
‫(‪
!


U2‬א‪2Nt‬ن
‪
e8‬ز ‪



M‬و‪#
O2‬وزא‪
0‬و

'‪


v6YG
6‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫?‪M‬ـ) ‪ُQ‬ـ‪ُ3‬ــــ]‪G3 M‬ـ‪>#‬ـــ ِ
‪ُV‬ـ >‪ْV 2‬ــ&;ـــ‪MY‬‬ ‫?‪MV IM >.KB [ِ ?.َV \َ3‬ـ‪ْQ? >Z‬ـ;ـــ‪MY‬‬
‫‪>َ > َ ِ> َP (? M-‬ـَـ!‪ُ>c 2> M‬ـــ‪MY‬‬ ‫` ?‪ُV‬ــ ْ
_َـ‪K#‬ـــــً‬
‫‪َbM‬ـ‪>َ ?a‬ـ‪َX‬ــــ ْ‬
‫‪َSM-‬ـــــَ ‪َX‬ـَـــ\ 'ُـ‪MPG‬ـــ) 'ُ‪ِْe‬ـــ‪MY‬‬ ‫?‪َ4? َL )M ِ6ُA )M (> ُ4‬ــ‪d‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺃﻓﺮﻍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺻﱪﺍ ﻭﺗﻮﻓﻨﺎ ﻣﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻗﲏ ﺷﺢ‬
‫ﻧﻔﺴﻲ‪.‬‬

‫ﰲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ "ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﺪﺭ" ﻧﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺣﺪﻳﺜﲔ ﳜﱪﺍﻥ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ‬

‫ﱄ ﻭﻗﺪﺭ ﺗﻔﺼﻴﻠ ‪‬ﻲ‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‬ ‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻣﺴﺠﻠﺔ ﺑﻘﻀﺎﺀ ﺇﲨﺎ ﱟ‬
‫ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﺪﺙ‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻳ‪‬ﺠﻤﻊ ﰲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻪ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﻳﻮﻣﺎ‪ ،‬ﰒ ﻳﻜﻮﻥ ‪‬ﻋﹶﻠﻘﹶﺔ‬
‫ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﰒ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻀﻐﺔ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﰒ ﻳﺒﻌﺚ ﺍﷲ ﻣﻠﻜﺎ ﻓﻴﺆﻣ‪‬ﺮ ﺑﺄﺭﺑﻊ‪:‬‬
‫ﺑﺮﺯﻗﻪ‪ ،‬ﻭﹶﺃ ‪‬ﺟﻠ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺷﻘ ‪‬ﻲ ﺃﻭ ﺳﻌﻴ ‪‬ﺪ‪ .‬ﰒ ﻳ‪‬ﻨﻔ ‪‬ﺦ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺡ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﻭﻓﻴﻪ ﺃﻥ‬
‫ﻣﺼﲑ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻘﺮﺭ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪ ،‬ﻳ ‪‬ﻌﻠ‪‬ﻢ ﺑﻪ ﺍ ﹶﳌﻠﹶﻚ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ‪ ،‬ﻭﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﻜﺘﺒﹺﻪ‪.‬‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﳜﱪ ﺃﻥ ﻣﺼ ‪‬ﲑ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺳﺎﺑﻘ ﹲﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻘﺮﺭ ﹲﺓ ﻗﺒﻞ‬
‫ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ‪ ،‬ﻳ ﹾﻄﻠ‪‬ﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﻟﻨﱯ‪ ،‬ﺃﻭ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﻮﱄ‪ ،‬ﺃﻭ‬
‫ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺟﺎ ﻭﻣﻜﺮﺍ ﺑﻌﺪﻭ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﺧﻄﺒﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺧﻄﺒﺔ ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﱃ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺇﻻ ﺫﻛﺮﻩ‪.‬‬
‫ﺖ ﻷﺭﻯ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻧﺴﻴﺘ‪‬ﻪ ﻓﺄﻋﺮﻓﻪ ﻛﻤﺎ‬ ‫‪‬ﻋ‪‬ﻠﻤ‪‬ﻪ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ‪‬ﻋ‪‬ﻠﻤ‪‬ﻪ ﻭﺟ ﹺﻬﻠﹶﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﻠﻪ‪ .‬ﺇﻥ ﻛﻨ ‪‬‬
‫ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺮﺟ ﹸﻞ ﺍﻟﺮﺟ ﹶﻞ ﺇﺫﺍ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻪ ﻓﻠﻘﻴﻪ ﻓﻌﺮﻓﻪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺇﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﺎﻟﻘﺪ‪‬ﺭ ﺧﲑﹺﻩ ﻭﺷﺮﻩ ﺭﻛ ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻻ ﺇﳝﺎﻥ ﳌﻦ‬
‫ﻳﺸﻚ ﰲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻭﺳﺎﺑﻘﺔ ﻗﻀﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﻻﺣﻘﺔ ﻗﺪﺭﻩ ﺣﲔ ﻳﺘﱰﻝ ﰲ ﺃﺟ ﹴﻞ‬
‫ﻣﺴﻤﻰ ﳚﺮﻱ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺘﺪﺑﲑ ﻣﻦ ﺣﻜﻴﻢ ﲪﻴﺪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﺇﻧ‪‬ﺎ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺧﻠﻘﻨﺎﻩ ﺑﻘﺪﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٤٩ :‬ﻭﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫
ﻭﺍﷲ ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻭﻣﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٩٦ :‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰﺕ ﻗﺪﺭﺗﻪ‪
:‬ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺧﺰﺍﺋﻨﻪ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻧﱰﻟﻪ ﺇﻻ‬
‫ﺑﻘﺪﺭ ﻣﻌﻠﻮﻡ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺠﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢١ :‬ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪
:‬ﺻﻨﻊ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻘﻦ ﻛﻞ‬
‫ﺷﻲﺀ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻤﻞ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٨٨ :‬‬
‫ﺇﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﺣﺎﺷﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ‬
‫ﻭﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺗﺄﺗﻴﻬﻢ ﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻦ ‪‬ﻗﺒ‪‬ﻞ ﺟﻬﻠﻬﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ‪ ،‬ﺃﻭ ﻏﻔﻠﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﻣﺎ‬
‫ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪ .‬ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻳﻨﺴﻮ‪‬ﻥ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣﻜﻴﻢ ﰲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ‪ ،‬ﺗﺪﺑﲑﻩ‬
‫ﻒ‪ .‬ﻭﺻﻨﻌﻪ ﻣﺘﻘﻦ‪ .‬ﻓﻠﻌﻞ ﺃﺣﺪﺍﺛﺎ ﳑﺎ ﻗﺪﺭﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﺃﻭ‬ ‫ﺩﻗﻴ ‪‬ﻖ ﻭﺗﺼﺮﻳﻔﻪ ﻟﻄﻴ ‪‬‬
‫ﺳﻨ‪‬ﺔ ﳑ‪‬ﺎ ﺳﻨﻪ‪ ،‬ﳑﺎ ﳜﺮﺝ ﻋﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻣﻨﻄﻖ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻳﺼﺪ‪‬ﻡ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻓﺘﺘﻬﻢ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﷲ ﺑﺎﳋﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﻣﻘﺘﻀﻰ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺧﻼﻝ ﲟﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‪ .‬ﻓﻴﻈﻦ ﺍﻟﻈﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻓﻮﺿﻰ‬
‫ﺻﻨ‪‬ﻌﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺗﻜﺎ‪‬ﻳﺪ‪‬ﻫﻢ ﻭﺣﺮﻭ‪‬ﻢ ﻭﻗﻮ‪‬ﻢ‬
‫ﻭﺻﺪﻑ ﻭﻓﺮﺹ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﹶﺛ ‪‬ﻢ ﺇﻻ ‪‬‬
‫ﻭﺗﻄﺎﺣﻨﻬﻢ‪ .‬ﻭﻳﺄﺳﻒ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳌﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺎﺿﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﺭﺙ ﻭﺍﻟﻄﻔﻞ‬
‫ﺍﳌﺮﻳﺾ ﻭﺍﻟﻌﺎﻫﺎﺕ ﻭﺍﳌﺼﺎﺋﺐ ﻭﺷﻘﺎﺀ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍ‪‬ﺎﻋﺎﺕ‪ .‬ﻓﻔﺮﻳﻖ‬
‫ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﹶﻢ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﺼﺪﻑ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﺒﺚ‪ .‬ﻭﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳜﻄﻂ ﻭﻳﺪﺑﺮ ﺑﺈﺧﻼﺹ ﻭﺻﺪﻕ ﻟﻴﻨﺼﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﰲ ﺧﻴﺎﻟﻪ ﺍﳌﻄﻤﻮﺱ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻥ ﻗﻮﺓ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﹶﻏﹶﻠ‪‬ﺒﺖ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ‪‬ﻛ ﱠﻔ ﹲﺔ ﻣﻨﻪ‬
‫ﺭﺍﺟﺤ ﹲﺔ ﻫﻲ ﺻﻨ ‪‬ﻊ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﻜﻔﺔ ﺍﳌﺮﺟﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﻛﺄﻥ ﺭﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﺗ ‪‬ﺞ ﻋﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺮﺡ ﻭﻏﻴﺒﻴﺔ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ﺑﻼ ٌﺀ ﺑﺎﻟ ﹲﻎ ﻭﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﳌﺴﻠﻢ‬
‫ﻭﻋﻠﻤﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ﻛﻠﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺼﲑﹺﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ "ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ" ﻣﻮﺿﻊ ﺟﺪﻝ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻋﻤﻴﻖ ﻣﻨﺬ‬
‫ﲣﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﰲ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭ‬
‫ﻭﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ﻋﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﺫﻛﺮ ﺍﻣﺘﺜﺎﻻ ﻟﻸﻣﺮ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭ‬
‫ﻓﺄﻣﺴﻜﻮﺍ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﻓﻌﻪ‪ .‬ﻧﻘﻞ ﺍﳊﺎﻓﻆ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺍﳌ ﹶﻈﻔﱠﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺴﻤﻌﺎﱐ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ )ﺑﺎﺏ‬
‫ﺾ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻋﺪﻝ‬ ‫ﺍﻟﻘﺪﺭ( ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺩﻭﻥ ‪‬ﳏ ﹺ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻒ ﻓﻴﻪ ﺿﻞ ﻭﺗﺎﻩ ﰲ ﲝﺎﺭ ﺍﳊﲑﺓ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺷﻔﺎ َﺀ ﺍﻟﻌﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻄﻤﺌﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﺍﺧﺘﺺ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﳋﺒﲑ‬
‫ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺿﺮﺏ ﺩﻭﻧﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺣﺠﺒﻪ ﻋﻦ ﻋﻘﻮﻝ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ ﳌﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﻜﻤﺔ"‪.‬‬
‫ﱄ ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻘﻴﺎﺳﺎﺗﻪ ﻭﻣﻨﻄﻘﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﺑﺘﻠﻲ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ‬ ‫ﺗﺪ ‪‬ﺧﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻔﻀﻮ ﱡ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺍﻓﺪ ﺍﻟﺪﺧﻴﻞ ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺃﺩﻳﺎ‪‬ﺎ ﺍﳌﻘﺘﺤﻤﺔ ﺍ‪‬ﺎﺩﻟﺔ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻳ‪‬ﺴﺎﻳﹺﺮ‬
‫ﻓﻌ ﹸﻞ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻗﺪ ‪‬ﺭ ﺍﻹﻟﻪ! ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺴﺆﻭﻻ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﳎﺰ‪‬ﻳﹰﺎ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻀ ‪‬ﻲ ﻓﻴﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻭﻻ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺗﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻊ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗﻪ‬

‫ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﹸﻗ ‪‬‬
‫ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ!‬
‫ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺇﻟﺰﺍﻣﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺍﳌﻮﻫﻮﻡ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻷﻋﻮﺭ ﻗﺎﻟﺖ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﻀﺎﻟﺔ ﺍﳉﱪﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﳉﻬﻢ ﺑﻦ ﺻﻔﻮﺍﻥ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﳎﺒﻮﺭ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬ﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻟﻪ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﺗ‪‬ﻨﺴﺐ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﳎﺎﺯﺍ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺴﺐ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﺩ‪.‬ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ‪ :‬ﺃﲦﺮ ﺍﻟﺸﺠﺮ ﻭﻧﺰﻝ ﺍﳌﻄﺮ ﻭﺃﺿﺎﺀﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ‪ .‬ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ‬
‫ﻧﺴﺒﺔ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻧﺴﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻳﺘﺼﺎﺩﻡ ﻣﻊ ﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪:‬‬
‫
ﺍﷲ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻣﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٢ :‬ﻭﻗﻮﻟﻪ‪
:‬ﻭﺍﷲ ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻭﻣﺎ‬
‫ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٩٦ :‬‬
‫ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﳉﱪﻱ ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﻭﻋﺸﻮﺍﺋﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻋﺒﺜﻴﺔ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻞ‪ ،‬ﻭﻋﺒﺜﻴﺔ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‬
‫ﺭﻳﺸﺔ ﰲ ﻣﻬﺐ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺗﺮﺳ‪‬ﺐ ﰲ ﺿﻤﲑ ﺍﻷﻣﺔ ﺣﺜﺎﹶﻟ ﹲﺔ ﺟﱪﻳﺔ‪ ،‬ﺗﺮﻗﺪ‬
‫ﻭﺗﺜﻮﺭ‪ ،‬ﻭﰲ ﻛﻞ ﺃﺣﻮﺍﳍﺎ ﺗﱪﺭ ﺍﻟﻜﺴﻞ‪ ،‬ﻭﲣﺪ‪‬ﺭ ﺍﳊﺲ‪ ،‬ﻭﺗﺆﻭﻝ ﺇﱃ ﺍﳍﺰﳝﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓ "ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ" ﺍﳉﱪﻳﺔ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﲝﺮﻭﻓﻬﻢ ﻭﻳﺪﺧﻠﻮ‪‬ﺎ ﰲ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻟﻠﺪ‪‬ﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺒﻠﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﲬﻮﻝ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺗﺴﺘ‪‬ﺮﹰﺍ ﻭﺭﺍﺀﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ‪.‬‬
‫ﺖ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﺍﳉﺪﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺩﻋﺎﺓ‬ ‫ﺇﺫﻥ ﻓﻠﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﺘﻨﻘﻊ ﻳ‪‬ﺜﹺﺒ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳ‪‬ﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ‪ ،‬ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺼﻨﻊ‬
‫ﺏ ﻭﻳ ﹲﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﳌﻦ ﻻ ﻗﺪﺭﺓ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﻻ ﺗﺪﺑﲑ ﻭﻻ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏ‪‬ﻼ ‪‬‬
‫ﻋﻘﻞ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻳﺆﺛﺮ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺧﻠﻖ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺍﳊﺮﺓ‪ .‬ﻭﺃﻧﻪ‬
‫ﻟﻴﺲ ﳎﺒﻮﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻳﻔﻌﻞ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﺸﺄ ﺍﷲ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﻳﻌﺎﹶﻗ ‪‬‬
‫ﺣﺮ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ‪ .‬ﳍﺬﺍ ﻳ‪‬ﺜﺎ ‪‬‬
‫ﲰﻮ‪‬ﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ "ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ" ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻣﱰﻩ ﻋﻦ‬ ‫ﺍﳌﻌﺼﻴﺔ‪ .‬ﻭ‪‬ﺬﺍ ‪‬‬
‫ﻇﻠﻢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺘﻮﻧﻪ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺣﺮﺓ ﻭﻗﺪﺭﺓ‬
‫ﺧﺎﻟﻘﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﻛﺎﻣﻞ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻋﺎﺩﻻ‪ ،‬ﻭﻟﻜﺎﻥ ﻋﻘﺎﺑ‪‬ﻪ ﻟﻠﻤﺴﻲﺀ ﻇﻠﻤﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺇﺛﺎﺑﺘﻪ ﻟﻠﻤﺤﺴﻦ ﳏﺎﺑﺎﺓ‪.‬‬
‫ﻭﺿﻞ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﻣﻊ ﲨﻠﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ﺍﳋﺎﺋﻀﲔ ﰲ ﻟﹸﺠﺞ ﺍﻟﻘﺪ‪‬ﺭ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺭ ‪‬ﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﱪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﻳﺔ ﺑﺄﻥ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺧﺎﻟﻖ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﺍﻟﻜﺴﺐ‪ .‬ﻓﺄﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻣﻘﺪﻭﺭﺓ ﺗﻘﻊ‬
‫ﲢﺖ ﻗﺪﺭﺗﲔ‪ ،‬ﻗﺪﺭ ‪‬ﺓ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﳋﺎﻟﻘ ‪‬ﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺑﲎ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﺇﻥ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﺒﺪ‬
‫ﺤ ‪‬ﺪﹶﺛ ﹶﺔ ﻻ ﺗﺄﺛﲑ ﳍﺎ ﰲ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻔﻌﻞ‪ .‬ﻓﺜﺎﺭﺕ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻜﹶﺎ ‪‬ﺳ‪‬ﺒ ﹶﺔ ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﻭﺗﻀﺨ‪‬ﻢ ﺻﺪﻯ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﰲ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﲪﻬﻤﺎ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻟﺰﻣﻮﺍ ﺍﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻣﻊ ﺗﺒﻨﻴﻬﻢ ﻟﻔﻜﺮﺓ "ﻛﺴﺐ ﻏﲑ ﻓﺎﻋﻞ" ﺃ‪‬ﻢ ﺟﱪﻳﺔ‪ .‬ﻭﺗﺄﺛﹼﻞ‬
‫ﰲ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﳉﺪﺍﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻌﻘﻴﺪﺓ ﻛﺴﺐ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ "ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﶈﺪﺛﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ" ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ‬
‫ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﺍﻟﻌﻘﻴﻢ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ‪ :‬ﻫﻞ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﻭ‬
‫‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺇﻥ ﻣﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺃﻱ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ » ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‬
‫« ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻧﺴﺐ ﺍﳌﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﻓﻠﻠﻌﺒﺎﺩ ﻣﺸﻴﺌﺔ‬
‫ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺇﺭﺍﺩ ﹲﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻓﻌﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ‪ .‬ﻭﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﳋﻠﻖ‪،‬‬
‫‪‬ﺧﻠﹶﻖ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺃﻋﻤﺎﳍﻢ‪ ،‬ﻭﺧﻠﻖ ﳍﻢ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺗﺮﻛﻬﻢ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪" :‬ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻘ ‪‬ﺮ ﰲ ‪‬ﻓ ﹶﻄ ﹺﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻣﻦ ﹶﻓﻌ‪‬ﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻬﻮ ﻋﺎﺩﻝ‪ ،‬ﻭﻣﻦ‬
‫ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﻇﺎﱂ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﺫﺏ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ‬
‫ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻜﺬﺑﻪ ﻭﻇﻠﻤﻪ ﻭﻋﺪﻟﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﷲ ﻓﺎﻋﻞ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻟﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﷲ ﻣﺘﺼﻔﺎ‬
‫‪٤‬‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﻀﻄﺮﺏ ﻋﻘﻞ ﺍﶈﺴﻦ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﻳﻔﻘ ‪‬ﺪ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻃﻤﺄﻧﻴﻨ‪‬ﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺣﺮﻛﺘ‪‬ﻪ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘ‪‬ﻬﺎ ﻭﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻭﺍﲣﺎﺫﻫﺎ‬
‫ﻟﻸﺳﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻳﺘﻌﺒ‪‬ﺪ ﺑﺎﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﺪﺅﻭﺏ ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺗﻌﺒﺪﺍ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ‬
‫ﳛﺎﻭﻝ ﻫﺘﻚ ﺳﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺄﺛﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻪ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺑﻼﺀ ﺑﺒﺎﻟﻎ‬
‫ﺣﻜﻤﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺍﶈﺴﻦ ﻣﻊ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻳﻘﺒﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻭﻳﺒﺬﻝ‬
‫ﱐ ﻭﻗﺪﺭ‪‬ﻩ ﺍﶈﺘﻮﻡ ﲟﺎ ﻻ ﻃﺎﻗﺔ‬‫ﺃﻗﺼﻰ ﺟﻬﺪﻩ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻫﺎ‪.‬ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﻮ ﱡ‬
‫ﻟﻠﻌﺒﺪ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﰲ ﺩﻓﻌﻪ ﺭﺿ ‪‬ﻲ ﺑﻘﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﻭﻗﺪﺭﻩ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻗﻮﺓ ﻻ‬
‫ﺿﻌﻔﺎ‪ ،‬ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﺎ ﻻ ﲬﻮﻻ‪ ،‬ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻣﺄﺟﻮﺭﺓ ﺇﳚﺎﺑﻴﺔ ﻻ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻣﻬﺰﻭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﻟﻨﺠﻴﺐ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺣﲔ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻠﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺃﻣﺴﻜﻮﺍ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ‬
‫‪٤‬‬
‫ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺹ ‪.١٤٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﱄ ‪‬ﺭ ‪‬ﻭﺯ‪‬ﻧﺔ )ﻧﺎﻓﺬﺓ(‪ ،‬ﻓﻨﺎﺯﻋﺖ ﺃﻗﺪﺍﺭ ﺍﳊﻖ ﺑﺎﳊﻖ ﻟﻠﺤﻖ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻣﻦ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﺯﻋﺎ ﻟﻠﻘﺪﺭ ﻻ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﻣﻨﺎﺯﻋﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﻫﻮ ﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺑﺎﲣﺎﺫ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺔ‬
‫ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ‪ ،‬ﳉﻠﺐ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻭ ‪‬ﺩﺭ‪‬ﺀ ﺍﳌﻔﺎﺳﺪ‪ .‬ﻓﺈ ﱠﻥ ﻣﺎ ﻗﺪﺭﻩ ﺍﷲ ﻳﻘﻊ ﺑﺴﺒﺐ ﻭﻳﺮﺗﻔﻊ‬
‫ﺑﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻓﻤ‪‬ﺴﺎﺭﻋﺘﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻙ ﻓﻴﻪ ﻗﺪ‪‬ﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪ‪‬ﺭ‪ ،‬ﻭﻟﻦ ﳛﺼﻞ‬
‫ﻣ‪‬ﺮﺍﺩﻙ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻣﻘﺪ‪‬ﺭﺍ‪ .‬ﺍﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺮﺍﺯ ﺃﻓﻀﻞ‬
‫ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺣﺮﻙ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻘﹶﺪﺭ ﰒ ﻻ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﻠﻘﻪ ﺍﷲ ﺟﻞ‬
‫ﺟﻼﻟﻪ‪.‬‬
‫ﳛﺘﺞ ﺍﻟﻌﺼﺎﺓ ﻭﺍﳌﻨﻬﺰﻣﻮﻥ ﻭﺍﻟﻔﺎﺷﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﺪ‪‬ﺭ‪ .‬ﻭﻳﺮﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺭﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ‪
:‬ﺳﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺷﺮﻛﻮﺍ ﻟﻮ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‬
‫ﻣﺎ ﺃﺷﺮﻛﻨﺎ ﻭﻻ ﺁﺑﺎﺅﻧﺎ ﻭﻻ ﺣﺮﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺬﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ‬
‫ﻗﺒﻠﻬﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٤٧ :‬ﻓﺠﻌﻞ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﺘﺴﺘﺮ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺗﻜﺬﻳﺒﺎ‪.‬‬
‫ﺻ ‪‬ﺪ ‪‬ﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ‬
‫ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻟﻜﺬﺏ ﺍﳌﻜﺬﺑﲔ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﺝ ﻭﻣﻨﺎﺯﻋﺘ‪‬ﻪ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺃﻗﻮﻯ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻻ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎ َﺀ ﺇﻻ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀُ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺇﻻ ﺍﻟﱪ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺇﱃ ﺻﺤﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ‪‬ﻳ ﹶﻜ ‪‬ﻮ ﹸﻥ ﺗﺼﺎﺭﻳ ﹶﻔ ‪‬ﻪ ﻓﻴﻜﻢ ﻟﻴﻨﻈﺮ ﻛﻴﻒ‬
‫ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ‪ .‬ﻫﻞ ﺗﺜﺒﺘﻮﻥ ﺃﻭ ﻫﻞ ﺗﻨﻬﺰﻣﻮﻥ‪ .‬ﻫﻞ ﺗﺼﺪ‪‬ﻗﻮﻥ ﺃﻭ ﺗﻜﺬ‪‬ﺑﻮﻥ‪ .‬ﻣﻦ ﻻ‬
‫ﻳﻮﺍﻓ ﹺﻖ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻻ ﻳ‪‬ﺮﺍﻓ ‪‬ﻖ ﻭﻻ ﻳﻮﺍﹶﻓ ‪‬ﻖ‪ .‬ﻣﻦ ﱂ ﻳﺮﺽ ﺑﺎﻷﻗﻀﻴﺔ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮﺿ‪‬ﻰ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻣﻦ‬
‫ﱂ ﻳ‪‬ﻌﻂ ﻻ ﻳ‪‬ﻌﻄﻰ‪ .‬ﻣﻦ ﹾﱂ ﻳ ‪‬ﺰ ‪‬ﺭ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮﻛﹶﺐ‪ .‬ﻳﺎ ﺟﺎﻫﻞ! ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺒﺪ‪‬ﻝ ﻭﺗﻐﲑ‪ .‬ﻣﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺗﺮﻳﺪ! )ﻫﺬﺍ ﻳﻘﺎﻝ ﳌﻦ ﻳﺘﺄﺳﻒ ﳌﺎﺫﺍ ﺍﳓﻂ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﲰﺤﺖ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﺑﻄﻐﻴﺎﻥ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ(‪ .‬ﺃﻧﺖ ﺇﻟﻪ ﺛﺎﻥ! ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻮﺍﻓﻘﻚ! ﻫﺬﺍ‬
‫ﺐ‪ .‬ﻟﻮﻻ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﳌﺎ ‪‬ﻋ ﹺﺮﻓﹶﺖ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻱ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ‪ .‬ﻋﻨﺪ‬
‫ﺼ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ‪-‬ﺍﻋ ‪‬ﻜﺲ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺗﺘﺒﲔ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮ‪ .‬ﺃﻧﻜ‪‬ﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻗﺪﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻙ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻗﻮﺓ‬
‫ﺇﳝﺎﻧﻚ ‪‬ﺗﺰﹺﻳ ﹸﻞ ﺍﳌﻨﻜﺮﺍﺕ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺿﻌﻔﻪ ﺗﻘﻌﺪ ﰲ ﺑﻴﺘﻚ ﻭﺗﺘﺨﺎﺭﺱ ﻋﻦ‬
‫ﺇﺯﺍﻟﺘﻬﺎ‪ .‬ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﹾﺜﺒ‪‬ﺖ ﻋﻨﺪ ﻟﻘﺎﺀ ﺷﻴﺎﻃﲔ ﺍﻹﻧﺲ ﻭﺍﳉﻦ‪ .‬ﻫﻲ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻨﺪ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺒﻼﻳﺎ ﻭﺍﻵﻓﺎﺕ‪.‬ﺃﻗﺪﺍﻡ ﺇﳝﺎﻧﻚ ﻻ ﺛﺒﺎﺕ ﳍﺎ ! ﻓﻼ ﺗﺪ‪‬ﻉ‬
‫‪٥‬‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ!"‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ! ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻻ ﳝﻜﻨﻚ ﺭﺩ‪‬ﻩ ﻭﻻ‬
‫ﺗﻐﻴﲑﻩ ﻭﳏﻮ‪‬ﻩ ﻭﳐﺎﻟﻔﺘ ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗ ﹺﺮ ‪‬ﺩ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺎﺗﻴﻚ ﺇ ﹼﻻ ﲟﺎ ﻳﺮﻳﺪ‬
‫ﻓﻼ ﺗﺮﺩ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻓﻼ ﺗﺘﻌﺐ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﻗﻠﺒﻚ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﺳﻠﱢﻢ‬
‫ﺖ ﻋﻠﻰ‬‫ﺍﻟﻜﻞ ﺇﱃ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺗﻌﻠﻖ ﺑﺬﻳﻞ ﺭﲪﺘﻪ‪ ،‬ﺑﻴﺪ ﺗﻮﺑﺘﻚ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻣ ‪‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺗﺰﻭﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﻋﲔ ﻗﻠﺒﻚ ﻭﺭﺃﺳﻚ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻮﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﺼﺎﺋﺒ‪‬ﻬﺎ ﻭﺗﺮ ‪‬ﻙ‬
‫ﺷﻬﻮﺍﺗ‪‬ﻬﺎ ﻭﻟﺬﺍﺗ‪‬ﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺸﻜﻮ ﻣﻦ ﻗﹶﺮﺻﺎﺗ‪‬ﻬﺎ ﻭﹶﻟﺴ‪‬ﻌﺎﺗ‪‬ﻬﺎ‪ (...).‬ﺗ‪‬ﺴﻠﱢﻢ ﺃﻣﺮﻙ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺗﻮﺍ‪‬ﻓﻘﹸﻪ ﻓﻴﻚ ﻭﰲ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻓﻼ ‪‬ﺗ ‪‬ﺪﺑ‪‬ﺮ ﻣﻊ ﺗﺪﺑﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﲢﻜ ‪‬ﻢ ﻣﻊ ﺣﻜﻤﻪ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫‪٦‬‬
‫ﲣﺘﺎﺭ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ‪ .‬ﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺎﻝ ﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﻏﲑ‪‬ﻩ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﻟﻪ ﻣﺴﻠﱢﻢ ﻟﻘﻀﺎﺋﻪ‪ ،‬ﺭﺍﺽ ﺑﻘﺪﺭﻩ‪:‬‬
‫‪4‬ن
ن
<_ن
א ‪i0



~e‬א
‪

iƒ Z
%OY‬‬

‫‪٥‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٤٣‬‬
‫‪٦‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٦٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وא !


‪
L



\

1.‬א&‪

~8&

q‬‬
‫

\‪
H4



L
H
z‬א&‪

i*)

q‬‬
‫‪)„2‬א
‪Y‬د‪0#
)



0‬אد
و'~‪

U‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺍﺝ ﻟﻌﻔﻮﻩ‪:‬‬

‫' ‪
%
1‬א ‪
$G#
:de.‬א ‪v‬د‪



L‬و‪
…
:
19#‬א‪

Y

gn‬‬
‫})‪
E‬א אد
‪6‬א‪
0‬א _!

‬‫ *‪
X‬א אد‪:1'.‬א'‪* 
E



!F‬‬ ‫و

ذ ‬
‫وא‪4
!.

%Ob‬ذא
"‪



!O*I,‬وא ‪

!6'
ٍ *6
wg

6&7‬‬
‫و

‪4
%.&g
L0#‬ذ
د‪O}

%k9#



L0‬ج
‪

6(
! 4‬‬
‫و ‪T



6@
U 4
NO}

12‬ن

‪

(
% …
H‬‬
‫و‪
!)_N‬א\‪*6,

Z$>



%~OY
H
ˆ,2YB‬نٍ
‰ل
א ‪

8‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪#h‬ــــ ? <;ـــ‪>hُ /i .‬ــ ِــــ ‪َbَgM‬ـــــ >[‬ ‫‪ُ4‬ـ&‪;: f‬ـ ;ـــ‪? ?c )M ًc‬ـــ‪\َ3; M7‬‬
‫‪[> 4A  )M ;.ُ4>  : ><f. ?&َ ََV‬‬ ‫َـ‪MU‬ـــ‪>#?h> َ ?j‬ـ&?ـــ ‪?M‬ـــَ ‪R‬ـ‪َP‬ــ\‬
‫?ـــ‪>m?  MK.‬ــــ
َ ‪>*?ِ,‬ـ‪ M.‬ـ‪M‬ـــــ ? >[‬ ‫َـَــ\ ‪>c9‬ــــ‪ُV [ِ l‬ــــ >‪>? 2‬ــَــــــ ِ >[‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻟﺌﻦ ﱂ ﻳﺮﲪﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﻳﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻟﻨﻜﻮﻧﻦ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺳﺮﻳﻦ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ‬
‫ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻻ ﻳﺮﺗﺪ‪ ،‬ﻭﻧﻌﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﺪ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺍﻓﻘﺔ ﻧﺒﻴﻚ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺃﻋﻠﻰ‬
‫ﺩﺭﺟﺔ ﺍﳉﻨﺔ‪ ،‬ﺟﻨﺔ ﺍﳋﻠﺪ‪.‬‬

‫ﻧﻨﻈﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻜﺴﺐ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻑ ﻭﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ‬

‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻧﻈﺮﺗﲔ‪ .‬ﻧﻨﻈﺮ ﺃﻭﻻ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﰲ ﻋﻬﻮﺩ ﺍﳓﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻋﻦ ﺍ‪‬ﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻧﻜﺘﺎﻣﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺧﻮﺍﰿ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬ﻐﻠﹶﻘﺎﺕ ﺍﳋﺎﻧﻘﺎﻫﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻭﺭ‪ .‬ﰒ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ ﺍﳋﻼﰲ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ ﻳﺘﻌﻬﺪﻫﺎ ﻟﺘﻨﻔﺘ ‪‬ﺢ ﻟﻨﺎ ‪‬ﺭ ‪‬ﻭ ‪‬ﺯ‪‬ﻧ ﹸﺔ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﲔ ﻳﻌﻮﺩ ‪‬ﺷ ‪‬ﻤ ﹸﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﲨﻴﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻂ ﺍﻧﺘﻘﻀﺖ‬‫ﻋﺎﺵ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺳ ‪‬‬
‫ﻓﻴﻪ ﻋﺮﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﻫﻲ ﻋﺮﻭﺓ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺎﺟﺘﻬﺪﻭﺍ ﰲ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻓﺔ‬
‫ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﰲ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ ﺣﲔ ﺍﺟﺘﻬﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻨﻬﻢ ﻟﻔﺮﺽ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﻮﻉ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﻭﺍﻹﺟﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﻋﻠﻰ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺴﻠﻢ ﰲ ﲨﻠﺘﻪ‪ ،‬ﻋﺎﻣﺘﻪ ﺍﶈﻜﻮﻣﺔ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﳋﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺧﺎﺻ‪‬ﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ‪.‬‬
‫ﺍﺟﺘﻬﺪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﲪﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﳌﻀﺎ ‪‬ﺭ‬
‫ﻭﻓﺼﻞ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭﺩﺭﺀ ﺍﳌﻈﺎﱂ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﷲ ﰲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‬

‫ﻭﻣﺮﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﻫﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﳌﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﻫﻞ ﻭﻋﻴﺎﻝ‪ ،‬ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻘﻤﺔ ﺍﳊﻼﻝ ﰲ‬
‫ﻇﻞ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﺃﻭ ﲢﺖ ﺳﻘﻒ ﺍﳋﺎﻧﻘﺎﻫﺎﺕ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺰﻫﺪ‬
‫ﺺ ﺍﻟﺘﺤﺮﻱ ﻭﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﰲ ﺍﳌﻜﺎﺳﺐ‬ ‫ﺼ ﹺ‬‫ﺍﻟﻮﺭﹺﻉ‪ .‬ﻭﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﹶﻗ ‪‬‬
‫ﺁﻳﺎﺕ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺇﺣﺴﺎﻥ‪ .‬ﻻ ﺃﲢﺪﺙ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻘﺖ ﺍﺳﻢ ﺻﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﺍﳌﺮﺗﺰﻗﺔ ﺍﳌﺘﻄﻔﻠﲔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮﺍﺋﺪ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻟﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺟﻮﻫﺮﻩ‪ ،‬ﰲ ﻧﻄﺎﻗﻬﻢ ﺍﶈﺪﻭﺩ‪،‬‬
‫ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﰲ ﺍﻟﺮﺯﻕ‪ .‬ﺣﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻃﻴﺐ ﺍﻟﻠﻘﻤﺔ ﻷﻥ ﺍﷲ‬
‫ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺇﻻ ﻃﻴ‪‬ﺒﺎ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻃﻴﺐ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﺍﷲ ﻃﻴﺐ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺇﻻ ﻃﻴﺒﺎ ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﺃﻣﺮ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﲟﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﳌﺮﺳﻠﲔ ﻓﻘﺎﻝ‪
:‬ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻛﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﺻﺎﳊﺎ‪ .‬ﺇﱐ ﲟﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٥٢ :‬ﻭﻗﺎﻝ‪
:‬ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻛﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻃﻴﺒﺎﺕ ﻣﺎ ﺭﺯﻗﻨﺎﻛﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٧١ :‬ﰒ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺮﺟﻞ‬
‫ﺏ! ﻳﺎ ﺭﺏ! ﻭﻣﻄﻌﻤ‪‬ﻪ‬ ‫ﺚ ﺃﻏﱪ‪ ،‬ﳝﺪ ﻳﺪﻳﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ .‬ﻳﺎ ﺭ ‪‬‬ ‫ﻳﻄﻴﻞ ﺍﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﺃﺷﻌ ﹶ‬
‫ﻱ ﺑﺎﳊﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻓﺄﻧ‪‬ﻰ ﻳ‪‬ﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻪ!"‪.‬‬ ‫ﺣﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻭﻣﺸﺮﺑ‪‬ﻪ ﺣﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻭﻣﻠﺒﺴ‪‬ﻪ ﺣﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻭﻏ ‪‬ﺬ ‪‬‬
‫ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ‪ ،‬ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﳌﻠﺒﺲ‪ ،‬ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ‪،‬ﻛﻞ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺗﻪ‪،‬ﻋﻠﻰ ﺣ‪‬ﻤﻰ ﺍﷲ ﻳﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻋﻦ‬
‫ﺣﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﻳﺪﺭﺅﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ‪ .‬ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﳘﱡﻬﻢ ﰲ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺣﻖ ﺍﷲ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺻﻼﺡ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻫ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺻﺮﺣﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻭﻣﻠﺠﺄ‬
‫ﻟﻠﻔﺘﻮﻯ‪ ،‬ﻭﺭﺍﻳﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﲪﻰ ﺍﷲ ﻭﳏﺎﺭﻣﻪ ﰲ ﺍﳌﻜﺎﺳﺐ ﻭﰲ ﻛﻞ ﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﳍﻲ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﳌﺸﺮﻭﻁ ﻟﻠﺼﻼﺡ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺒﻴﺐ‬
‫ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﳊﻼﻝ ﺑﻴ‪‬ﻦ ﻭﺇﻥ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﺑﲔ‪ .‬ﻭﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‬
‫ﺕ ﺍﺳﺘﱪﺃ‬‫ﺃﻣﻮﺭ ﻣﺸﺘﺒﻬﺎﺕ‪ ،‬ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﻦ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺍﺗﻘﻰ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎ ‪‬‬
‫ﻟﺪﻳﻨﻪ ﻭﻋ‪‬ﺮﺿﻪ ﻭﻣﻦ ﻭﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﺸﺒ‪‬ﻬﺎﺕ ﻭﻗﻊ ﰲ ﺍﳊﺮﺍﻡ‪.‬ﻛﺎﻟﺮﺍﻋﻲ ﻳﺮﻋﻰ ﺣﻮﻝ‬
‫ﻚ ﲪ ‪‬ﻰ! ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﲪﻰ ﺍﷲ‬ ‫ﳊﻤﻰ ﻳﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﻊ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﻟﻜﻞ ﻣ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﺍ‪‬‬
‫ﳏﺎﺭﻣ‪‬ﻪ! ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﰲ ﺍﳉﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺤﺖ ﺻﻠﺢ ﺍﳉﺴﺪ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ‬
‫ﻓﺴﺪﺕ ﻓﺴﺪ ﺍﳉﺴﺪ ﻛﻠﻪ‪ .‬ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﲑ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻓﺘﺤﻨﺎ ﺍﻵﻥ ﺳﺠ ﱠﻞ ﺍﻻﻛﺘﺴﺎﺏ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬
‫ﻓﻴﻪ ﰲ ﺇﻗﺒﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﰲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻘﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﰲ ﻳﺪ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﺍﻷﻣﻨﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﻜﺴﺐ ﻛﺎﻥ ﳍﻤﺎ‬
‫ﻇﻬﲑﺍﻥ ﻗﻮﻳﺎﻥ ﻳﻔﺮﺿﺎﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ ﻭﻣﺼﺎﺩﺭ‪‬ﻫﺎ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩ‪‬ﻫﺎ ﻭﻓﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ .‬ﻇﻬﲑ ﻭﺍﺯﻉ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺫﻣﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺃﺧﻼﻗﻴﺘﻬﻢ ﻭﺧﻮﻓﻬﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﺘﻀﺎﻣﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺘﻮﺍﺻﲔ ﻣﺘﺂﻣﺮﻳﻦ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‬
‫ﻣﺘﻨﺎﻫﲔ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﰒ ﻇﻬﲑ ﻭﺍﺯﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﺮﺁﻧﻴﺎ ﳌﺎ ‪‬ﻳﹺﻨ ‪‬ﺪ‬
‫ﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺔ‬ ‫ﺽ ﻭﺍﺯ ‪‬‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻳﺮ‪‬ﺗ ‪‬ﻊ ﰲ ﲪﻰ ﺍﷲ ﻭﳏﺎﺭﻣﻪ‪ ،‬ﻳ ﹾﻔ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺽ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﻭﺍﻟﺰﺟﺮ ﻭﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﺮﻫﻴﺐ‪ ،‬ﻃﻴﺐ‬

‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺃﻋﺮﺍﺑﹺﻬﻢ‪ ،‬ﹶﻓ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺵ ﻭﺻﻔﺎﺀ ﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ ﻭﺇﻧﺼﺎﻑ ﺍﳊﻘﻮﻕ‪.‬‬
‫ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﻮﻉ ﻣﻦ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ "ﺑﺎﺏ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻋﻤﻠﻪ‬
‫ﺑﻴﺪﻩ" ﻧﻘﺮﺃ ﺃﻭﻝ ﺣﺪﻳﺚ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻓﻨﺠﺪﻩ ﻳﺮﻓﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﺵ ﺍﳊﺮﻳﺺ ﻋﻠﻰ ﻛ‪‬ﻨ ﹴﺰ ﻣﻬﺪﺩ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻓﻌﻨﺎ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻧﻜﻤﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻧﻜﻤﺎ ‪‬‬
‫ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪،‬‬
‫ﻭﺇﻓﺼﺎﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﻭﺇﳝﺎﻧﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ‪ ،‬ﳎﺘﻤ ‪‬ﻊ ﻛﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛﻠﻤﺔ ﺍﷲ ﰲ ﻧﻄـﻖ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻭﻓﻌﻠﻪ ﻭﻧﻴﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺃﻭﻝ ﺣﺪﻳﺚ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻳﺮﻭﻳﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﺨﻠ‪‬ﻒ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻢ ﻗﻮﻣﻲ ﺃﻥ ﺣﺮﻓﱵ ﱂ‬ ‫ﻗﺎﻟﺖ‪" :‬ﳌﺎ ﺍﺳ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺖ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻓﺴﻴﺄﻛﻞ ﺁﻝ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ‬
‫ﺗﻜﻦ ﺗﻌﺠ ‪‬ﺰ ﻋﻦ ‪‬ﻣﺆ‪‬ﻭﻧ‪‬ﺔ ﺃﻫﻠﻲ‪ .‬ﻭ ‪‬ﺷ ‪‬ﻐ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﻑ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻓﻴﻪ"‪.‬‬ ‫ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺃﺣﺘﺮ ‪‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﳛﺘﺮﻑ ﺍﻟﹺﺒﺰ‪‬ﺍ ‪‬ﺯﺓﹶ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺑﻴﻊ‬
‫ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺑﺰ‪‬ﺍﺯﹰﺍ ﻧﺎﺟﺤﹰﺎ‪ .‬ﳌﺎ ﺍﺳﺘﺨﻠﻔﻪ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻦ ﺷﻮﺭﻯ ﻭﺭﺿ ‪‬ﻰ‬
‫ﺍﻧﱪﻯ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻳﺴﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻳﺶ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻳﻌﺘﱪ ﺭﻋﻴﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺮﻋﺎﻩ ﺍﷲ ﺇﻳﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎﻧﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﻃﻮﻗﻪ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ‪ ،‬ﲟﺜﺎﺑﺔ‬
‫ﺲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻟﻌﻴﺎﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﺃﺳﺮﺗﻪ‪ ،‬ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ "ﳛﺘﺮﻑ" ﳍﺎ ﻭﳚﺘﻬﺪ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﺘﻜﹶﺎ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺍﷲ ﻣﺎ ﺃﻛﻞ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻭﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺇﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﺄﻛﻞ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﰒ ﲡﺪﻫﻢ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﺮﺍﺵ ﺍﳌﻮﺕ ﻳﻮﺻﻮﻥ ﺑﺮﺩ ﻣﺎ ﺃﻛﻠﻮﻩ ﻣﻦ ﻣﺎﳍﻢ ﺍﳋﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﻣﺎﻝ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ‪‬ﻋﻤ‪‬ﺎﻝ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪،‬‬
‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﳍﻢ ﹸﺃﺟ‪‬ﺮﺍ ُﺀ ﻭﻻ ﻓﺮﺻ ﹲﺔ ﻟﻴﺴﺘﻐﻞ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‪ .‬ﻭﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﻥ ﺧﲑ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﺎ ﺃﻛﻞ ﺍﳌﺮﺀ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻳﺪﻩ‪ .‬ﻭﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳋﺎﻣﺲ‬
‫ﺍﳊﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻛﺘﺴﺎﺏ ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﳛﺘﻄﺐ ﺍﳌﺮﺀ ﻭﻳﺒﻴﻊ ﻟﻴﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻴﺎﻟﻪ ﺫ ﱠﻝ‬
‫ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﳎﺘﻤﻌﺔ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ ﺇﺣﺴﺎﻧﻴﺎ ﻟﻨﻘﺪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ‬
‫ﺍﳌﺴﻴﻄﺮ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻨﻘ ‪‬ﺪ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳌﺘﺨﻠﱢﻔﺔ‪ .‬ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﺽ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍ ﻳﻄﺮﺡ ﻓﻴﻪ "ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ" ﰲ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺩﻭﻥ ﻧﻘﺪ‪ ‬ﺷﺎﻣﻞ ﻷﺳﺎﺱ ﺍﳌﻌﺎﻳﺶ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳊﱢﻠ‪‬ﻴ ﹸﺔ‬
‫ﺚ ﻛﻮ ﹸﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‬ ‫ﻭﺍﳊﺮﻣ ﹸﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺣﻴ ﹸ‬
‫ﲏ ﻋﻠﻰ ﻇﻠﻢ‬ ‫ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﻛﻤﺎ ﺻﻨﻌﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﺓ‪ ،‬ﻣﺒ ‪‬‬
‫ﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺒﺬﻳﺮ‬ ‫ﻃﺒﻘﺔ ﻟﻄﺒﻘﺔ ﻭﴰﺎﻝ ﳉﻨﻮﺏ ﻭﺑﻼﺩ ﻣﺼﻨﻌﺔ ﻟﺒﻼﺩ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻣﺒ ‪‬‬
‫ﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﻭﻳﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺶ ﺍﻟﻔﲏ ﺍﳌﺰﻭﻕ‪،‬‬‫ﻭﺇﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ‪ ،‬ﻣﺒ ‪‬‬
‫ﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺑﺎ ﻭﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ‪.‬‬ ‫ﻣﺒ ‪‬‬
‫ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ‪
:‬ﻳﺄﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ‬
‫ﻛﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻃﻴﺒﺎﺕ ﻣﺎ ﺭﺯﻗﻨﺎﻛﻢ ﻭﺍﺷﻜﺮﻭﺍ ﷲ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﺇﻳﺎﻩ ﺗﻌﺒﺪﻭﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪،‬‬

‫ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٧٢ :‬ﻭﺳﻮﻁ ﹶﻗ ‪‬ﺪ ﹺﺭ ‪‬ﻩ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﳚﻠﺪﻧﺎ ﺟﺰﺍﺀ ﲟﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﺑﺒﻼﺀ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻀ‪‬ﻌﻒ ﻭﺍﻟﺬﻟﺔ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻘﻠﱠﺔ‪ .‬ﺣﱴ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻟﻠﻘﻤﺔ ﺍﳊﻼﻝ ﻭﺍﻟﻮﺭﻉ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺍﳉﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﻭﺍﻹﻳﺜﺎﺭ ﻭﺍﻟﱪ ﻭﺇﻏﺎﺛﺔ ﺍﳌﻠﻬﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺍﻣﺶ‬

‫ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻳﺎﺋﺴﺔ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﺗﻘﺎﺩﻫﺎ ﻭﺍﻧﺼﺒﺎ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻴﺎﺯﻳﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﻔﻦ‪ .‬ﻳﺼ‪‬ﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻃﻮﻓﺎﻥ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‬
‫ﻣﻦ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﳏﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺐ ﺇﱃ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ ﻭﺑ‪‬ﻄﻮﻧﻨﺎ ﻭﺟﻮﺍﺭﺣﻨﺎ ﻭﻣﻼﺑﺴﻨﺎ‬
‫ﻭﻣﺴﺎﻛﻨﻨﺎ ﻭﻟﻴﻠﻨﺎ ﻭ‪‬ﺎﺭﻧﺎ ﻭﺃﺭﺯﺍﻗﻨﺎ‪ .‬ﺍﻟﻌﺎ ﹸﱂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺳﻮﻕ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪ ،‬ﺳﻮﻕ ﲢﺘﻜﺮﻫﺎ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻟﺘﺮﻭ‪‬ﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺗﺒﻴﻊ ﻭﺗﺸﺘﺮﻱ ﻭﺗﺘﻌﺎﻗﺪ‬
‫ﲟﻘﺎﻳﻴﺲ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﻗﻮﺍﻧﲔ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺃﺳﻠﻮﺑﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺒﺸﲑ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﹶﻓﹺﻨ ‪‬ﻌﻤ‪‬ﺎ ﻫ‪‬ﻮ‪ .‬ﻭﺇﻻ ﻓﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻟﻀﻮﺍﺑﻂ‬
‫"ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻑ" ﰲ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻟﺘﺎﺭﻳﺦ "ﺍﺣﺘﺮﺍﻑ" ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﻛﻼﻡ ﰲ‬
‫ﻛﻼﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋ‪‬ﻦ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺎﺏ "ﺍﶈﺘﺮﻑ" ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ﻭﻏﻴﺎﺏ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﳊﻖ ﺍﻟﱵ ﺧﻄﺒﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺧﻄﺐ ﻗﺎﺋﻼ‪:‬‬
‫"ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻘﻤﺖ ﻓﺄﻋﻴﻨﻮﱐ ﻭﺇﻥ ﺍﳓﺮﻓﺖ ﻓﻘﻮﻣﻮﱐ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻻ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﺍﻧﻘﻄﻌﻮﺍ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻗﻮﻝ‪ :‬ﺍﻧﻘﻄﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ‬
‫ﻭﺍﳊﺮﺍﻡ ﰲ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻻ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ‪ :‬ﺃﳘﻠﻮﺍ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﻻ ﺗﻠﺒﺴﻮﺍ ﺍﻟﺜﻮﺏ‬
‫ﺍﳊﺴﻦ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻗﻮﻝ‪ :‬ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﺑﺎﻷﻫﻞ ﻋﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺰ ‪‬ﻫ ‪‬ﻮ‬
‫ﺑﺎﻟﺜﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺃﻗﻮﻝ‪ :‬ﻻ ﺗﻈﻬﺮﻭﺍ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻓﻮﻕ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ‬
‫ﺐ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ‪.‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬
‫ﺑﺜﻴﺎﺑﻜﻢ ﺗﻨﻜﺴ ‪‬ﺮ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ‪ .‬ﻭﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﳜﺎﻟﻄﻜﻢ ﺍﻟ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻭﺃﻗﻮﻝ ‪‬ﻧﻘﱡﻮﺍ ﺛﻴﺎﺑﻜﻢ‪
.‬ﻗﻞ ﻣﻦ ﺣﺮﻡ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﷲ ﺍﻟﱵ ﺃﺧﺮﺝ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ﻭﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣٢ :‬ﻭﺃﻗﻮﻝ‪ :‬ﻧﻘﻮﺍ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﻃﻬﺮﻭﻫﺎ‪ .‬ﻓﺬﻟﻚ ﺃ ‪‬ﻭﻟﹶﻰ ﻣﻦ‬
‫‪٧‬‬
‫ﺗﻨﻘﻴﺔ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺛﻴﺎﺑﻜﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻃﺎﻟﺒﺎ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻨﻔﺎﻗﻪ! ﺍﻓﺘﺢ ﻳﺪﻙ ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ‪ .‬ﻭﻳﻠﻚ! ﺯﻫﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﻜﺴﺐ‬
‫ﻭﻗﻌﺪﺕ ﺗﺄﻛﻞ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺪﻳﻨﻚ!‬
‫"ﺍﻟﻜﺴﺐ ﺻﻨﻌﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﲨﻴﻌﻬﻢ‪ ،‬ﻣﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺻ‪‬ﻨﻌﺔ‪ .‬ﻭﰲ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻳﺪﻭﺭﻭﻥ ﻣﻊ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﻓﻌﻠﻪ ‪‬ﻢ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻨﺎﺯﻋ ﹲﺔ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﻻ‬
‫ﰲ ﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﻻ ﻳﻌﺘﺮﺿﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ‪ ،‬ﻻ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﻭﻻ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﱐ‪.‬‬
‫"ﻻ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﻋﻦ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﲞﺪﻣﺔ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮﻍ‬
‫ﺃﻏﺮﺍﺿﻬﺎ)‪ (...‬ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﻋﻘﻞ ﻻﻧﺼﺮﻓﺖ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺘﻬﺎ ﻭﺍﺷﺘﻐﻠﺖ ﲞﺪﻣﺔ‬
‫ﺕ ﻋﻦ ﺟﻮﺍ‪‬ﺎ‪ .‬ﻭﺃﻥ‬‫ﺭ‪‬ﺎ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻧﻔﺴﻚ ﻋﺪﻭﺓ ﻟﻚ‪ .‬ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻟﻚ ﺍﻟﺴﻜﻮ ‪‬‬
‫ﻂ‪ .‬ﺍﲰﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﳎﻨﻮﻥ ﻗﺪ ﺯﺍﻝ ﻋﻘﻠﻪ‪ .‬ﻻ‬
‫ﺏ ﺑﻜﻼﻣﻬﺎ ﺍﳊﺎﺋ ﹶ‬
‫ﺗﻀﺮ ‪‬‬
‫ﺗﻠﺘﻔﺖ ﺇﱃ ﻗﻮﳍﺎ ﻭﻃﻠﺒﻬﺎ ﻟﻠﺸﻬﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻠﱠﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘ ‪‬ﺮﻫ‪‬ﺎﺕ‪ .‬ﻫﻼﻛﻚ ﻭﻫﻼﻛﻬﺎ‬
‫ﰲ ﲰﺎﻋﻚ ﻣﻨﻬﺎ‪ .‬ﻭﺻﻼﺣﻚ ﻭﺻﻼﺣ‪‬ﻬﺎ ﰲ ﳐﺎﻟﻔﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺎﺋﻌﺔ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﺗﺎﻫﺎ ﺭﺯﻗﻬﺎ ‪‬ﺭﻏﹶﺪﺍ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺼﺖ ﻭﲡﱪﺕ ﹶﻗ ﹶﻄ ‪‬ﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺳﻠﱠﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﺫﺍﻳﺎ‪ ،‬ﻓﻬﹶﻠﻜﹶﺖ‬
‫ﻭﻫﻲ ﺧﺎﺳﺮﺓ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬

‫‪٧‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٧٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺴﻤ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺿﻰ‪.‬‬ ‫ﻂ‪ .‬ﹶﻗ ‪‬‬

‫"ﺍﻟﻄﺎﺋﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻌﺔ ﺻﺎﺣﺒ‪‬ﻬﺎ ﳐﺪﻭﻡ‪ ،‬ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺗﻮﺟﻪ ﻟ ﹶﻘ ﹶ‬
‫ﻍ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﳑﺎ‬
‫ﺑﻪ ﻳ ‪‬ﺆﺩ‪‬ﻱ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ ﻃﻴﺒﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﺑﻼ ﹸﻛﻠﹾﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺎﺭ ﹸ‬
‫ﺳﻮﻯ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺳﺎﻛﻦ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻋﻦ ﺍﻟﺘ‪‬ﻌﺐ ﰲ ﲢﺼﻴﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻓﹸﻀﻮﳍﺎ‪.‬‬
‫ﺺ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﻨﻌﻢ‬ ‫ﺖ ﻣﻦ ﻳﺪﻙ‪ .‬ﹸﻗ ‪‬‬‫"ﻻ ﻳﺎ ‪‬ﻣ‪‬ﻨﻌ‪‬ﻤﹰﺎ ﻋﻠﻴﻪ! ﺍﺷﻜﺮ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻭﺇﻻ ‪‬ﺳ‪‬ﻠ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭﺇﻻ ﻃﺎﺭﺕ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻙ‪ .‬ﺍﳌﻴﺖ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﻋﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺣﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﺇﻳﺶ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﺣﻴﺎﺗ‪‬ﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﺮﻓﻬﺎ ﰲ ﲢﺼﻴﻞ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﻭﻟﺬﹼﺍﺗﻪ‬
‫ﻭ‪‬ﺗﺮ‪‬ﻫﺎﺗﻪ‪ .‬ﻓﻬﻮ ﻣﻴﺖ ﻣﻌﲎ ﻻ ﺻﻮﺭ ﹰﺓ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺣﻴﻨﺎ ﺑﻚ ﻭﺃﻣﺘﻨﺎ ﻋﻦ ﻏﲑﻙ‪ .‬ﻳﺎ‬
‫‪٨‬‬
‫ﺷﻴﺨﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻦ ﺻﺒ‪‬ﻴﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ﺗﻌﺪﻭ!"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﺎﻛﺮ ﻷﻧﻌ‪‬ﻢ ﺍﳌﻮﱃ‪:‬‬
‫‪4‬ذא
ن
@_
‪
])79‬אŠ

‪
q‹
Œ

:
!
v%(



])79‬א ‪

_P‬‬
‫_`
غ
א ‪




!~e
H4
_P‬و‪4‬ن
 ‪
1‬א‪T‬م
وא‪
A2e9‬א ‪

)7‬‬
‫‪4‬ذא
<‪<
(
?)7. 
v‬و‪



0‬و‪4‬ن

‪~ 
d‬א?
‪
&Y(#‬א‪

"T‬‬
‫و


‪

~G



]v.,

!
!
H4
).‬א‪T‬وم
وא &‪
R‬وא &}

‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺍﺽ ﹺﺑ ‪‬ﻘﺴ‪‬ﻤﺔ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻗﻀﺎﺋﻪ‪:‬‬

‫'‪
E‬و‹‪


E‬ذو
א‪6'T‬א‪



0‬א ‪
,]),@
E~#
Ye‬א‪NT‬א‪

0‬‬
‫


@_
‪.‬س
‪
ER)Ž
X_@
>



! 0
Z]Z*7Z‬א‪T‬وزא‪

!0‬‬
‫‪4‬ن
א 
‪
EN


12* &, ْ B#‬א ‪

0(
.

1.
+ 0
?@




UYO‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺻﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺀ ﺭﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ‪:‬‬

‫
<‪
`-}J
!G
)(




.
*1ZeP 
] G
(
%-‬א ‪

6FO‬‬
‫‪
Y.
H‬א ‪
q‬א _
>‪
1Ž
0. 



/‬و<‪
ˆ-‬א ‪

Y}O‬‬
‫‪4‬ن
‪
!O(~
X62



 
9#
)
.}O*)

1.*B‬א
א ‪2‬ق

‬
‫ _
‪0  



ً]Yk6J
]9_

1&g‬د*‪0

X‬د
<`
א ‪

6F‬‬
‫وא)‪
Š
6‬א 
‪=
%2e9



!
X6)J‬و'‪
U(
e‬א ‪

Y}O‬‬

‫‪٨‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٨٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ِT> ? A  َpَq‬ـــ
ُ ‪?#َL )M‬ــــ‪>O‬‬ ‫?ـ ?‪o‬ــــً ‪ِ َV‬ـــــً ?ـ>َ‪n‬ـــ)‬
‫َ‪?-‬ـــــ ?[ ‪ْeَ%‬ــــــ ِــ‪; Z‬ــــ‪>O‬‬ ‫<‪? M‬ـ‪?َ% t2‬ــ‪َXَ4 ُsَV‬ــــ ?‪r‬‬
‫‪>&M‬ــــ‪>Uُ% -?.‬ــ&ـــ\ ِـ?ــــ‪>O‬‬ ‫? ‪?Tf! ;Fُ? #M: A ُL‬ـــ?‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ! "#$%‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺗﻮﻛﻠﻨﺎ‪ .‬ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﲡﻌﻠﻨﺎ ﻓﺘﻨﺔ ﻟﻠﻘﻮﻡ ﺍﻟﻈﺎﳌﲔ‪ .‬ﻭﳒﻨﺎ‬
‫ﺑﺮﲪﺘﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻻ ﻳ‪‬ﺒﻴﺪ‪ ،‬ﻭﻗﺮ‪‬ﺓ ﻋﲔ ﻻ ﺗﻨ ﹶﻘﻄ‪‬ﻊ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﻭﺭﲟﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻓﻼﻡ ﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ‬

‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ‪ ،‬ﻭﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻳﺘﻐﺬﻯ‬
‫ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻭﺷﻮﻕ ﻋﺎﺭﻡ ﳌﺜﺎ‪‬ﻟﻴ‪‬ﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻭﻗﺪ‬
‫ﻳﺘﻄﺮﻑ ﻣﻨﻬﻢ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻳ ﹶﻜﻔﱢﺮﻭﻥ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻓﻴﱰﻭﻭﻥ ﻟﻴﻌﻴﺸﻮﺍ ﺃﺣﻼﻣﻬﻢ ﲢﺖ‬
‫ﺱ ﲨﻴﻌﺎ ﻋﻄﺒﹰﺎ ﻭ‪‬ﻧﺼ‪‬ﺒﹰﺎ‪.‬‬
‫ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﻣﺮﺍﻫ‪‬ﻘﺔ ﻻ ﻳ‪‬ﺄﻟﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺍﻟﻨﺎ ‪‬‬
‫ﻭﺗﺘﺄﺟﺞ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻭﻋﺸﻖ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﺑﺘﻐﻠﻐﻞ ﺍﳋﻴﺎﻝ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﻠﻌﻮﻥ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻭﻣﻦ ﱂ ﳛﻜﻢ ﲟﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﷲ ﻓﺄﻭﻟﺌﻚ‬
‫ﻫﻢ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٤٤ :‬ﺍﻟﻈﺎﳌﻮﻥ ﺍﻟﻔﺎﺳﻘﻮﻥ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺍﳌﺘﻌﺎﻃﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﳌﻘﺪﺳﺔ‬
‫ﺤﻤ‪‬ﻞ ﺷﻌﺎﺭ ﻗ‪‬ﺘﺎ ﹴﻝ ﻓﻴﻌﻄﻮﻥ ﻭﻻﺀَﻫﻢ ﺍﳉﺰﺋ ‪‬ﻲ ﳌﺜﺎﻟﻴ‪‬ﺔ ﻳﺘﺤﻤﺲ ﳍﺎ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‬ ‫‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﲪﺎﺳﺎ ﺟﺎﳏﺎ ﻻ ﲣ ‪‬ﻤ ‪‬ﺪ ﻧﺎﺭ‪‬ﻩ ﻭﻻ ﻳﺴﻜﻦ ﹸﺃﻭ‪‬ﺍ ‪‬ﺭ ‪‬ﻩ‪.‬‬
‫ﳊﻠﹾﻢ ﲰﺎﻭﻱ ﳝﺜﻞ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﻥ‬ ‫ﻱ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﻬﻴﺌﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﹸ‬
‫ﺃ‪‬‬
‫ﺾ‬
‫"ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ" ﺩﻭﺍﺀ ﻋﺎﺟﻞ ﺣﺎﺳﻢ‪ ،‬ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ﺍﳌﻠﻌﻮﻥ ﻭﻳﻨ ﹶﻘ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻱ ﺧﻴﺒﺎﺕ ﺃﻣﻞ ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ ﻣﺘﺴﻠﺴﻠﺔ‬ ‫ﺏ ﺑﻌﺼﹰﺎ ﺳﺤﺮﻳﺔ! ﺃ ‪‬‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳ‪‬ﺒﻴﺪ‪‬ﻩ ﺿﺮﺑ ﹶﺔ ﻻ ﹺﺯ ﹴ‬
‫ﻣﺘﺴﺎﻭﻗﺔ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻤﺎﺱ ﺍﳌﺜﺎﱄ ﻳﻮﻡ ﺗ‪‬ﻠﻘﻲ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﰲ‬
‫ﺍﻷﻳﺪﻱ ﺍﳌﺘﻮﺿﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻴ‪‬ﺔ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﺍﻟﻌﺸﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺇﻋﻼﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺈﻣﺎﻣﺔ ﻓﺎﺭﺱ ﻫﻮ ﺻﻮﺭﺓ ﺳﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ!‬
‫ﺇﻥ ﻗﺮﺍﺀﺗﻨﺎ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﺔ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﲑﺓ‬
‫ﻭﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ‪‬ﺗ ‪‬ﻐﻄﹼﻲ ﻋﻦ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ ﺍﳌﺘﻌﻄﺸﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ‬
‫ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ ﻟ‪‬ﺘ‪‬ﺒ ﹺﺮ ‪‬ﺯ ﺟﻮﺍﻧﺐ‬
‫ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺘﺮﺳﺦ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻧﻨﺎ ﺻﻮ ‪‬ﺭ ﻻﻣﻌﺔ ﻳﻜﺘﺴﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻷﻭﻝ ﻛﺴﻮﺓ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﻜﺒﻮﺗﺔ ﺍﶈﺮﻭﺳﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳋﻴﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﲢﺮﺱ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ﻟﻠﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺗ‪‬ﺨﻔﻲ ‪‬ﺪﻳﺪﺍ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ ﻭﺧﻄﲑﺍ ﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﱪﺓ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺳﻨﺔ ﺍﷲ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ‪‬ﺧﻠﹶﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺒ ﹸﻞ‪ ،‬ﻭﻓﻬﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﱪﺓ ﻣﻦ ﺳﲑﺓ ﺳﻴﺪ ﺍﳌﺮﺳﻠﲔ ﻭﺍﳉﻴﻞ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‬
‫ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮ ﹶﻥ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﺇﻻ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﺴﲑ ﹶﺓ ﺍﻟﻌ ‪‬ﻄﺮ‪‬ﺓ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ‬
‫ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻌ‪‬ﺠﺮﻫﺎ ﻭﺑ‪‬ﺠﺮﻫﺎ ﻭﺭﻭﻯ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﲑ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ‬
‫ﺻ ‪‬ﺪﺭﹺﻫﺎ‪ ،‬ﳕﻮﺫﺟﻴﺔ ﰲ ﳒﺎﺣﺎ‪‬ﺎ ﻭﺇﺧﻔﺎﻗﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﺍﳌﺮ‪‬ﺑﻴ‪‬ﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﳕﻮﺫﺟﻴ ﹲﺔ ﰲ ﹺﻭﺭ‪‬ﺩﻫﺎ ﻭ ‪‬‬
‫ﰲ ﺇﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﻭﺃﺧﻄﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﰲ ﺗﱰﱡﻝ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺑﻼﺋﻪ‪ ،‬ﰲ ﺑﺸﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭﰲ‬
‫ﺟﻬﺎﺩﻫﺎ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺍﻟﻐﲑ‪ ،‬ﰲ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﰲ ﺗﺪﺭ‪‬ﺟﻬﺎ‪ ،‬ﰲ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺇﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ‪ ،‬ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﳊﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺓ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻭﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻭﻓﺎﻗﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺧﻼﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻭﲤﺎﻳ‪‬ﺰ ﻣﻮﻣﻨﻴﻬﺎ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻤﻴﻬﺎ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﳌﺎ ﻳﺪﺧﻞ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻭﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺟﺰﺓ ﺳﺒﺎﺣﺔ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﳋﻴﺎﻝ‬
‫ﻱ ﺍﳌﺘﻜﺪﺳ ﹶﺔ ﺑﻠﻮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺗﻮﳘﻨﺎ ﺃﻧﻪ‬
‫ﺇﻥ ﲣﻄﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻔﺘﻨﻮ ‪‬‬
‫ﺨﺴ‪‬ﺄ ﺷﺮﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﳜﺴﺄ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺑﺘﻌﻮﻳﺬﺓ ﻣﻦ ﺳﻼﺡ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ‪.‬‬ ‫ﻣﺎﺩﺓ ﻃﻴ‪‬ﻌﺔ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻻﺑﺪ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺟﹺﺴﻢ ﻣﻨﻈﻢ ﻋﻤﻴﻖ‬
‫ﻂ ﺍﻟﻠﱡﺠﺔ‬
‫ﺍﳉﺬﻭﺭ ﰲ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺓ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻟﻠﺒﻨﺎﺀ‪ ،‬ﺛﺎﺑﺘ ‪‬ﺔ ﻗﻮﺍﻋﺪ‪‬ﻩ ﻭﺳ ﹶ‬
‫ﺍﻟﻔﺘﻨﻮﻳﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺛﺒﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺴﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺣﺰﺏ ﺍﷲ ﻭﺟﻨﺪﻩ‪ ،‬ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺼﲑﺓ ﳑﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﻃﺒﺎﺋﻌ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﳌﺘﻔﺎﻋﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻟﹶﻢ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ‬
‫ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﳌﺘ‪‬ﻘﻠﱢﺒﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﳍﺎﺋﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻮﺓ ﳐﻄﱢﻄﺔ‬
‫‪‬ﺪﺩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺗ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﺝ ﺃﻭﻝ ﺧﻄﺎﻫﺎ ﰲ ﻋﺎﱂ ﻣﺘﺮﺑﺺ‬
‫ﺲ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻛ ﱡﻞ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﺼﻤﺪ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﳊﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻭ‬ ‫ﻣﺘﻮ ‪‬ﺟ ﹴ‬
‫ﻣﺘﻌﺎﻭ‪‬ﻧ ﹰﺔ ﻣﻊ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻟﻠﺘﻴﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺗﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺱ ﺣﱴ‬
‫ﻳﻄﻠﻊ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺗﺴﺘﺼﻠﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺍﺳﺘﺼﻼﺣﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﳋﲑ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻢ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻭﻳﺪﻩ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻳﻮﻣﻦ ﺑﺎﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳌﺴﺎﳘﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‬
‫ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﺬﻣﻢ ﺍﳌﺘﻌﺎﻫﺪﺓ ﳉﻨﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﰒ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﻭﺍﻟﺘﺂﻟﻒ ﰲ‬
‫ﺫﻣﻢ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻓﻴﻜﻮﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻴﺖ‪ ،‬ﻭﰲ ﻛﻞ ﻣﺮﻓ‪‬ﻖ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﻓﻖ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻉ ﻳﺮﻋﻰ‪ ،‬ﻭﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ‬ ‫ﻭﻛﻞ ﻣﺆﺳﺴﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﺝ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮ‪ ،‬ﺭﺍ ﹴ‬

‫ﺚ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﺩﻋﻪ ﻭﺍﺯﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪.‬‬
‫ﳚﻨﺪﻩ ﳋﺪﻣﺔ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎﻋ ﹸ‬
‫ﻫﻜﺬﺍ ﺣﱴ ﻳﺘﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻳﺸ ‪‬ﺪ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﺮﺃﺓ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻋﻴﺔ ﳊﻘﻮﻕ ﺃﺳﺮ‪‬ﺎ ﺍﳊﺎﻓﻈﺔ ﳊﺪﻭﺩ ﺍﷲ ﰲ ﺑﻴﺘﻬﺎ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﲰﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺃﻻ ﻛﻠﻜﻢ‬
‫ﺭﺍﻉ‪ ،‬ﻭﻛﻠﻜﻢ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ‪ .‬ﺍﻷﻣﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺮﺃﺓ ﺭﺍﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﺯﻭﺟﻬﺎ‬
‫ﻭﻭﻟﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻨﻬﻢ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﺍﺧﺘﻠﺖ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻭﻣﺎﺕ ﺿﻤﲑ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﳘﺎ ﳐﺘﻼﻥ‬
‫ﻭﻣﺎﺋﺘﺎﻥ ﺃﺷﺪ‪ ‬ﺍﻻﺧﺘﻼﻝ ﻭﺃﻓﺠﻊ ﺍﳌﻮﺕ ﰲ ﳎﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻋﻼﻥ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﲔ ﻋﺸﻴﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ ﺇﻻ ﻣﻨﺎﻭﺭﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻻﻓﺘﺔ ﺩﻋﺎﺋﻴﺔ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ‬
‫ﻏﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﳌﺎ ﺃﺩﺭﻛﻪ ﺍﻟﻐﺮﻕ‪
:‬ﺁﻣﻨﺖ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﻪ ﺑﻨﻮ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪) .‬ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٩٠ :‬ﻭﺇﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺡ ﻣﻦ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻘﺮﻭﺡ ﺇﻳﻼﻣﺎ ﰲ‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﺋﻬﺔ ﺍﳌﺸﻮ‪‬ﻫﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻗﺮ ‪‬‬
‫ﺳ‪‬ﻤﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺃﻥ ﺗﻘﺪ‪‬ﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺃ‪‬ﺎ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﻭﺟﻠﺪ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ‬
‫ﻭﺭﺟﻢ ﺍﻟﺰﺍﱐ‪ ،‬ﻭﻻ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﳊﻈﲑﺓ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻨﺔ ﺍﳌﺼﻮﻧﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐ‪‬ﺮﺱ‬
‫ﺍﶈﻤﻲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺇﳝﺎﻥ ﺑﺎﷲ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻋﺪﻝ‬
‫ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻋﻤﻞ ﺻﺎﱀ ﻭﺑﹺﺮ‪ ،‬ﻭﺃﺧﻮﺓ ﺑﺎﺫﻟﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻣﻦ ﻭﺻﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻟﻶﺧﺮﺓ‪ .‬ﻻ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﳌﺸﻮﻫﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺝ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻷﺷﻮﺍﻙ ﺍﶈﻴﻄﺔ ﻭﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻛﹶﺄ ﱠﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻘﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪،‬‬

‫ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻧ‪‬ﻄﻊ ﻭﺳﻴﻒ ﻭﺳﻜﲔ ﻗﺎﻃﻊ ﻭﺳﺠﻞ ﻋﻘﺎﺏ‪.‬‬
‫ﻻ ﳜﻄﺮ ﺑﺒﺎﱄ ﳊﻈﺔ ﺃﻥ ﻧﺘﻨﺎﺯﻝ ﻗﻴﺪ ﹸﺃ‪‬ﻧ ‪‬ﻤﹶﻠ ﹰﺔ ﻟﺪﻋﻮﺓ "ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ"‬
‫ﺝ ﺁﺧﺮ ‪‬ﻧﺴ‪‬ﻤ ‪‬ﺔ ‪‬ﺣﻴ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﺨﻨﻮﻕ‪ ،‬ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﷲ‬ ‫ﺍﻟﺮﺍﺋﺠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺭﻭﺍ ‪‬‬
‫ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ‪ .‬ﻭﻳ ﹲﻞ ﳌﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﻳﻨﺴﻰ ﺍﷲ! ﺍﳉﻠﺪ ﺣﻖ ﻭﺍﻟﻘﻄﻊ ﻭﺍﻟﺮﺟﻢ‬
‫ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻻﺑﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﺝ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﺳﻨ‪‬ﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ‪ :‬ﺇﻥ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻔﺬ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﹶﻓ ‪‬ﻮ ‪‬ﺭ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﻮﺣﻲ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻄﺒﻴﻘﹸﻬﺎ‬
‫ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﻳﻮﻡ ﺃﻣﺴﻚ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻡ‪ .‬ﻭﻫﻜﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻳﻐﻠﻖ ﺃﺑﻨﺎﻙ ﺍﻟﺮﺑﺎ‬
‫ﻭﻳﺮﺟﻢ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻘﻄﻊ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﺓ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻛﻲ ﺇﻥ ﺳﺄﻝ ﻧﻔﺴﻪ‪:‬‬
‫ﻣﻦ ﻳﻘﻄﻊ ﻣﻦ؟ ﻭﺃﻳﻦ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻝ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ‪ ،‬ﻭﺻﺪﻕ ﺣﺎﻟﻒ‬
‫ﺍﻟﻴﻤﲔ! ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺐ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻳﺮﺍﻗﺐ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﳛﺎﺳﺐ!‬
‫ﺇﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻗﺎﻝ‪
:‬ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﷲ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﺘﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻐﺎﺑﻦ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٦ :‬ﻭﺇﻧﻪ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ‪
:‬ﺍﻟﺘﺎﺋﺒﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻭﻥ ﺍﳊﺎﻣﺪﻭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﺤﻮﻥ ﺍﻟﺮﺍﻛﻌﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺟﺪﻭﻥ ﺍﻵﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﺎﻫﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻭﺍﳊﺎﻓﻈﻮﻥ ﳊﺪﻭﺩ‬
‫ﺍﷲ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١١٢ :‬ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﳌﺸﺮﻭﻃﺔ ﻭﺍ ﹶﳌ‪‬ﺒﹺﻨ ‪‬ﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻫﻠﻴﺔ‬
‫ﺍﳊﻔﻆ ﳊﺪﻭﺩ ﺍﷲ‪ .‬ﻓﺘﻄﺒﻴﻘﻨﺎ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻭﺣﻼﳍﺎ ﻭﺣﺮﺍﻣﻬﺎ ﻭﻓﺮﺿﻬﺎ‬
‫ﻭﺳﻨﺘﻬﺎ ﳜﻀﻊ ﲝﻜﻢ ﺳﻨﺔ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﲝﻜﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ‬
‫ﻟﺘﻘﻮﻯ ﺍﷲ‪ ،‬ﻟﻮﺟﻮﺩ‪ ،‬ﺑﻞ ﺇﳚﺎﺩ‪" ،‬ﺍﳊﺎﻓﻈﲔ ﳊﺪﻭﺩ ﺍﷲ" ﺍﻵﻣﺮﻳﻦ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻨﺎﻫﲔ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺍﻟﺴﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ‬

‫ﻳﺮﻋﻰ ﻛﻞ ﺭﺍﻉ ﺭﻋﻴﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺍ ‪‬ﺩﺭ‪‬ﺅﻭﺍ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﺘﻢ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﳐﺮﺝ ﻓﺨﻠﻮﺍ ﺳﺒﻴﻠﻪ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻥ‬
‫ﺨﻄ‪‬ﺊ ﰲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺃﻥ ﳜﻄﺊ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ‬
‫‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﻭﻣﻮﻗﻮﻓﺎ ﻭﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ‪.‬‬
‫‪‬ﺩ ‪‬ﺭ ُﺀ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻭﺩﻓﻌ‪‬ﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﳌﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﻟﺰﺍﻡ ‪‬ﺎ ﺑﻜﻞ ﻭﺳﻴﻠﺔ‪" :‬ﻣﺎ‬
‫ﺾ ﻏﻤﻮﺿﹰﺎ ﻭﺃﺩﻋﻰ ﻟﻠﺘﺆﺩﺓ ﻭﺩﺭﺀ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻣﻦ‬ ‫ﻱ ﺷﺒﻬﺔ ﺃﻏﻤ ‪‬‬ ‫ﺍﺳﺘﻄﻌﺘﻢ"‪ .‬ﻭﺃ ‪‬‬
‫ﻏﺮﺑﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﻨﺼﲑ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺎﻛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻌﻀﻬﻢ‬
‫ﺑﻌﻀﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺑﻌﺪﻝ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻴﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﷲ ﻭﺷﺮﻋﻪ ﻻ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ "ﺍﳊﻘﻮﻕ" ﻭ"ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ"؟ ﺃﻱ ﺷﺒﻬﺔ ﺃﻧﻜﺪ ﻣﻦ ﺷﺒﻬﺔ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﳊﻜﻤﻲ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫ﺿﻴ‪‬ﺔ ﺍ ﹶﳌﻮ‪‬ﺧﻮﻣﺔ ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﱪﻧﺎ ‪‬ﺳﻨ‪‬ﺔ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﻗﻒ‬
‫ﻭﻧﺘﺎﺋﺠﻬﻤﺎ ﺍ ﹶﳌ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻗﻄ ‪‬ﻊ ﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻋﺎﻡ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩﺓ ﻟﺸﺒﻬﺔ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﻋﺎﺑﺮﺓ‪ ،‬ﰲ ﺯﻣﻦ ﺃﻭﺝ ﺍﳋﻼﻓﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ‬
‫ﺷﺒﻬﺔ ﻗﺤﻂ ﻭﺳ‪‬ﻨ ‪‬ﺔ ﻋﺠﻔﺎﺀ! ﻣﺎ ﺳﻨ ﹲﺔ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﺑﺒﻼ ٍﺀ ﳏﺪﻭﺩ ﰲ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ ﲜﻨﺐ‬
‫ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺒﻼﺀ ﻭﺍﻟﻔﺘﻮﻥ!‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﺃﻥ‬
‫ﺻﻔﻮﺍﻥ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ ﺗﺸﻔﻊ ﺇﱃ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺳﺎﺭﻕ ﻓﻘﺎﻝ‬
‫ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺍﻟﺮﺅﻭﻑ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪" :‬ﻓﻬﻞ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺄﺗ‪‬ﻴﲏ ﺑﻪ!" ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ‪" :‬ﺗﻌﺎﻓﻮﺍ ﺍﳊﺪﻭﺩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺑﻠﻐﲏ ﻣﻦ ﺣﺪ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺐ"‪ .‬ﻋ ﹶﻘ ‪‬ﺪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﺑﺎ‪" :‬ﺑﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺒﻠﻎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﳍﺰ‪‬ﺍﻝ ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻳﺸﻜﻮ ﺭﺟﻼ‬
‫ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ‪" :‬ﻟﻮ ﺳﺘﺮﺗﻪ ﺑﺜﻮﺑﻚ ﻛﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﻟﻚ!"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻟﻪ ﻃﺮﻕ‬
‫ﻋﺪﻳﺪﺓ‪.‬‬
‫ﻧﻌﻢ! ﻳﻮﻡ ﺗﻘﻮﻡ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ‪ ،‬ﻭﺍﺟﺒﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻧﻮﻣﻦ ﺑﺎﷲ‬
‫ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﺃﻥ ﻧﻄﺒﻖ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﷲ ﻻ ﺗﺄﺧﺬﻧﺎ ﺭﺃﻓﺔ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻻ ﳔﺎﻑ ﰲ‬
‫ﺍﷲ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﺘﺮ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﰲ ﻭﺍﻟﺘﻐﺎﺿﻲ ﺭﺧﺼﺔ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﺇﻥ‬
‫ﺕ ﻭﺳﺎﺋﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﻘﻴﻪ ﺣﻖ ﺗﻘﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻓﺮﻳﻀ ﹸﺔ ﻣﺮﺍ ‪‬ﺣﻠ‪‬ﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻘﻴﻪ‬
‫ﺼ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﹶﻗ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﺭﲪﻨﺎ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺍﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﷲ ﻭﻻ‬
‫ﲡﻬﻠﻮﻩ! ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺍﷲ ﻭﻻ ﺗﻌﺼﻮﻩ! ﻭﻭﺍﻓﻘﻮﻩ ﻭﻻ ﲣﺎﻟﻔﻮﻩ! ﻭﺍﺭﺿﻮﺍ ﺑﻘﻀﺎﺋﻪ ﻭﻻ‬
‫ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﻩ! ﻭﺍﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺼ‪‬ﻨﻌﺘﻪ‪ .‬ﻫﻮ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ‪ ،‬ﺍﻷﻭﻝ‬
‫ﻭﺍﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ .‬ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻷﺑﺪﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ ﳌﺎ‬
‫ﻳﺮﻳﺪ‪
.‬ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٣ :‬ﻫﻮ ﺍﳌﹸﻐﻨﹺﻲ‪ ،‬ﻫﻮ‬
‫ﺍﳌﻔﻘﺮ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ‪ ،‬ﺍﶈﻴﻲ‪ ،‬ﺍﳌﻤﻴﺖ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺎﻗﺐ‪ ،‬ﺍﳌﺨﻮﻑ‪ ،‬ﺍﳌﺮ ‪‬ﺟ ‪‬ﻮ‪ .‬ﺧﺎﻓﻮﻩ ﻭﻻ‬
‫ﲣﺎﻓﻮﺍ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﻭﺍﺭﺟﻮﻩ ﻭﻻ ﺗﺮﺟﻮﺍ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺩﻭﺭﻭﺍ ﻣﻊ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ ﺇﱃ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻐﻠﺐ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﳊﻜﻤﺔ‪.‬‬
‫"ﺗﺄﺩﺑﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ )ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ(‪ ،‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺄﰐ ﻣﺎ‬
‫ﳛﻮﻝ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻪ‪ ،‬ﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﳏﻔﻮﻇﲔ ﻣﻦ ﺧ‪‬ﺮﻕ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﲎ ﻻ ﺻﻮﺭﺓ‪ .‬ﻻ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻻ ﺁﺣﺎﺩ‬ ‫"ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷ ‪‬ﲑ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻌ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ .‬ﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﺣﺠﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ .‬ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻻ ﻣﻦ‬
‫ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻓﺄﻣﺎ ﲟﺠﺮﺩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻓﻼ ﺗﻌﺮﻓﻪ‪.‬‬
‫"ﻛﻮﻧﻮﺍ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﻣﻮﺭﻛﻢ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪،‬‬
‫ﻚ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻣﺸﺪﻭﺩﻱ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ‪ ،‬ﲢﺖ ﺃﻣﺮﻩ ﻭ‪‬ﻴﻪ ﻭﺍﺗﺒﺎﻋﻪ‪ ،‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ‪‬ﻛﻢ ﺍﳌ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺍﺳﺘﺄﺫﻧﻮﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺍﺩﺧﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬
‫"ﺇﳕﺎ ﺳ‪‬ﻤﻲ ﺍﻷﺑﺪﺍﻝ ﺃﺑﺪﺍﻻ ﻷ‪‬ﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﻊ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺇﺭﺍﺩﺓ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ﳜﺘﺎﺭﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍ‪ .‬ﳛﻜﻤﻮﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻤﻠﻮﻥ‬
‫ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﰒ ﻳﺘﻔﺮﺩﻭﻥ ﺇﱃ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﲣﺼﻬﻢ‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺮﻗﺖ ﺩﺭﺟﺎ‪‬ﻢ‬
‫ﻳﺰﺩﺍﺩﻭﻥ ﺃﻣﺮﺍ ﻭ‪‬ﻴﺎ)‪ (...‬ﻻ ﳜﺮ‪‬ﺑﻮﻥ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﻷﻥ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ‬
‫‪٩‬‬
‫ﺯﻧﺪﻗﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪:‬‬
‫‪“J‬א
'&


‪
w'#‬א ‪0





"e‬א'‪
q‬אŠ
‪
:‬א‪

”
0
T‬‬
‫

‪6J‬ق
אŠ
[
‪#
!.‬ذ‪




•L‬و

‪_
/"0‬ن
‪

"0
–N‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪:‬‬

‫و ‪9
w‬ز ]
~

א ‪




UOe‬ذ‪
(0‬و(‪
6.‬אŠ

‪
.‬א\—ج

‬
‫‪
)
1'i‬א<‪
،*1"ƒ B



GYN
1)_}O‬و‪ْeG
H
.p#
1.‬ج

‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺎﺋﺐ ﻭﺍﻗﻒ ﺑﺒﺎﺏ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﺘﻀﺮﻋﺎ ﺭﺍﺟﻴﺎ‪:‬‬

‫‪
<#‬א‪
+ 
6.(
gn‬وא'`



(‪
U‬و"‪

x0(
19#
!
˜
ٍE‬‬
‫™‪
x‬ذ‪



&* DZ
+.(
q8
[
ً 9‬و"‪0


$‬אج
و‪

`-‬‬
‫و

ذא
א 
"‪<
U‬א‪
$‬و‪



UZYO‬و

‪
EF
:
+‬א ‪

` š
?~Y‬‬

‫‪٩‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٥٤-٥٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫
<‪4



Me}J
:
%9›
H
6‬ذא
‪
*XP9‬م
א‪
w2‬א ‪

`-}F‬‬
‫و

‪
])p
:
%29‬א ‪
6F




6.(
“Y‬ذوو
ودœ
و‹‪
e‬א\א `

‬
‫ ‪i
I‬ق
(‪
$e(
C‬א א<‪
f‬א 



‪<t
%k"0 B#‬א‪

` G
%l9K
:‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫?َ‪ْb‬ـ‪ُu ?Y‬ـ‪َS‬ـــ‪?-? t7‬ــــ; ـ‪?-f‬ـــ >(‬ ‫‪َ d‬ـ?‪>#‬ــ ?( ?‪?.‬ــ‪َXَ ?a‬ـــ >(‬
‫‪> ? ? َ%‬‬
‫‪َN; ?a>&M- (? G? َ% M‬ـــُ  ?<?ـ >(‬ ‫‪?*ِT3M v‬ــ‬
‫‪> ِ*َ>&َ% w d‬‬
‫‪? > َ' MZ?h‬‬
‫?  ? ْ&;‪(> ?-K. )M<? ?aَ3Sْ M- ;y‬‬ ‫? ِ‪>*f! x‬ـــ ?‪f&M- 2‬ـــ ;‪#P‬ــ ;‪? M 2‬ـــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪&' ( )*& + ', -‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺏ ﺍﺟﻌﻠﲏ ﻣﻘﻴﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﻣﻦ ﺫﺭﻳﱵ‪ .‬ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺗﻘﺒﻞ‬
‫ﺩﻋﺎﺀ‪ .‬ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺖ‪ ،‬ﻭﻋﺪ‪‬ﻙ ﺣﻖ‪ ،‬ﻭﻟﻘﺎﺅ‪‬ﻙ ﺣﻖ‪ ،‬ﻭﺭﺳﻠﻚ ﺣﻖ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﺒﻴﻮﻥ ﺣﻖ‪ ،‬ﻭﳏﻤﺪ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻖ‪.‬‬

‫ﻟﻜﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‬

‫ﺍﳌﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺗﻮﺣﺪ ﻭﺟﻬﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﻱ ﻋﺎﻡ ﳛﺘﻜﺮ‬
‫ﺏ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﺃﺻﻮﺍﺗﻪ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ‬
‫ﳐﺎﻃﺒﺘ‪‬ﻪ ﺍﳊﺰ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪ .‬ﻭﺗﺴﻤﻰ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺗﺼﻮﻳﺖ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻗﺮﺍﺭ‬
‫ﺍﳊﺰﺏ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ "ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ"‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﺘﺼﻮﺭﻩ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ‪ ،‬ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﲟﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣﺮ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﺍﳊﺰﺏ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﲔ‬
‫ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍ ﻭﻣﺰﻳ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺎ‪،‬‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﲡﻨﻴﺪﺍ‬
‫ﺷﺮﻋﻴﺎ ﻟﻠﻜﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪.‬‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻏﺐ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﱐ‪" ،‬ﺍﺳﻢ ﻟﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ‬
‫ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺣﺴﻨ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻨﻜﺮ ﻣﺎ ﻳﻨﻜﺮ ‪‬ﻤﺎ"‪ .‬ﻓﻮﺍﺟﺐ ﻛﻞ ﳏﺴﻦ ﻭﻣﻮﻣﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﺴﻠﻢ ﺫﻛ ﹴﺮ ﺃﻭ ﺃﻧﺜﻰ ﺃﻥ ﳚﺘﻬﺪ ﳌﻌﺮﻓﹶﺔ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻟﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻭﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ‪،‬‬

‫ﻑ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ‬ ‫ﻭﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺧﻼﻓﻪ‪ ،‬ﻭﳚﺎﻫﺪ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻴﺪ ﻟﻴ‪‬ﻌ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺾ ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﺒ ﹶﻄ ﹶﻞ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻳ‪‬ﻔﻌﻞ ﻭﳛﺘﺮﻡ‪ ،‬ﻭﻟﻴﻨﻜﺮ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭ‪‬ﻳﺪ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺇﺳﻼﻡ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﺔ ﻭﺇﳝﺎﻥ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﺔ ﰲ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻑ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ‬‫ﻓﺮﺩ‪‬ﻳ ‪‬ﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﺼﻼﺡ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻷﻗﻮﺍﻝ‪،‬ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺮ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ‪،‬ﻭﺩﺭﺟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴ‪‬ﺘﻪ‪ ،‬ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻳﻘﻈﺘﻪ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﳌﺘﺠﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‬
‫ﻟﻠﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﻭﻓﺮﺿﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ،‬ﻭﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻭ‪‬ﻴﻪ‬
‫ﻋﻨﻪ ﻭﳏﺎﺻﺮﺗﻪ ﻭﻣﻼﺣﻘﺘﻪ ﺃﻧ‪‬ﻰ ‪‬ﻭﺟﹺﺪ‪.‬‬
‫ﻭﺍﺟﺐ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻓﺮﺩﺍ ﻓﺮﺩﺍ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﻐﲑ ﺃﻥ ﻳﺮﻋﻰ ﻛ ﱞﻞ ﺭﻋﻴﺘﻪ‬
‫ﲟﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻭﺃﻣﺎﻧﺔ‪ .‬ﻭﻭﺍﺟﺒﻬﻢ ﲨﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻋﻴﻨﻴﺎ ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﻭﻳﺘﺮﺍﻗﺒﻮﻥ‪،‬‬
‫ﺃﻥ ﻳﺄﻣﺮﻭﺍ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻨﻬﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪.‬‬
‫ﻧﻘﺮﺃ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻥ ‪‬ﺧﻴ‪‬ﺎ ‪‬ﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻫﻢ "ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﺍﻟﺼﺎﳊﺎﺕ"‬
‫ﻭﻧﻘﺮﺃ ﺃﻥ ﺧﲑ ﺍﻷﻣﻢ "ﺃﻣﺔ ﺗﺎﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺗﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ‬
‫ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ‪
:‬ﻛﻨﺘﻢ ﺧﲑ ﺃﻣﺔ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺗﺎﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺗﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﻨﻜﺮ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١١٠ :‬ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪
:‬ﻭﻟﺘﻜﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻣﺔ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳋﲑ ﻭﻳﺎﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٠٤ :‬ﺍﳊﺎﻓﻈﻮﻥ‬
‫ﳊﺪﻭﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺪﺍﺭ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻫﻢ ﺍﻵﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺎﻫﻮﻥ‬
‫ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺍﻟﺘﺎﺋﺒﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻭﻥ ﺍﳊﺎﻣﺪﻭﻥ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺋﺤﻮﻥ ﺍﻟﺮﺍﻛﻌﻮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺟﺪﻭﻥ ﺍﻵﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﺎﻫﻮﻥ ﻋﻦ‬
‫ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻭﺍﳊﺎﻓﻈﻮﻥ ﳊﺪﻭﺩ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺑﺸﺮ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١١٢ :‬ﻭﻧﻘﺮﺃ ﺃﻥ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺣﻜﻤﺔ ﻋ‪‬ﻠﻴﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﺑ‪‬ﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬

‫ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻟﻘﻤﺎﻥ ﻻﺑﻨﻪ ﻭﺇﻗﺮﺍﺭﺍ ﳍﺎ‬
‫‪
:‬ﻳﺎ ﺑﲏ ﺃﻗﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻧﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻟﻘﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٧ :‬ﻓﻜﻤﺎ‬
‫ﻳﻮﻣﺮ ﺍﻟﺼﱯ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﻳﺮﺑ‪‬ﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻷ‪‬ﺎ ﻋﻤﺎﺩ ﺩﻳﻨﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻮﻣﺮ‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺎﺩ ﺩﻳﻦ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ‬
‫ﻟﻸﻣﺔ ﺩﻳﻦ ﻭﻻ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﺁﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻈﺎﻋﺔ ﺗﺮﻙ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻌﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ‬
‫ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﱘ
ﲟﺎ ﻋﺼﻮﺍ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﺪﻭﻥ‪ .‬ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻮﻥ ﻋﻦ‬
‫ﻣﻨﻜﺮ ﻓﻌﻠﻮﻩ‪ .‬ﻟﺒﻴﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٧٩ :‬ﻓﻌ ‪‬ﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻹﺧﻼﻝ‬
‫‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﺼﻴﺎﻧﺎ ﻟﻪ ﻭﻋ‪‬ﺪﻭﺍﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺇﳕﺎ ﻣﺎﺗﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻮﺕ ﺍﳋﻨ‪‬ﻮﻉ‪ ،‬ﻭﻓﺴﺪ ﻧﻈﺎﻣ‪‬ﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ‬
‫"ﺧﲑ ﺃﻣﺔ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎﺱ" ﺑﺘﺮﻛﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺚ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺪﻩ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﱯ ﺑﻌﺜﻪ‬
‫ﺍﷲ ﰲ ﺃﻣﺔ ﻗﺒﻠﻲ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻪ ﺣﻮﺍﺭﻳﻮﻥ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﺴﻨﺘﻪ‬
‫ﻭﻳﻘﺘﺪﻭﻥ ﺑﺄﻣﺮﻩ‪ .‬ﰒ ﺇ‪‬ﺎ ﲣﻠﹸﻒ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺧﻠﻮﻑ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻮﻣﺮﻭﻥ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺟﺎﻫﺪﻫﻢ ﺑﻴﺪﻩ ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻣﻦ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﺎﻫﺪﻫﻢ‬
‫ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻣﻦ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺟﺎﻫﺪﻫﻢ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻣﻦ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺣﺒﺔ ﺧ‪‬ﺮﺩﻝ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺷﺮﻁ ﻭﺟﻮﺏ ﻭﺷﺮﻁ ﺻﺤﺔ‬
‫ﺳﺎﺑ ‪‬ﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ‪ .‬ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺍﻷﻛﱪ ﻛﻤﺎ ﻋﻴﻨﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ‬

‫ﺕ ﺍﻟﺘﺸﻬﲑ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺪ‪‬ﻉ‬ ‫ﻳﻮﻣﺮﻭﻥ‪ .‬ﻓﻤ‪‬ﻦ ‪‬ﺣﻤ‪‬ﻞ ﲪﻼ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺍﳉﺎﻫﻠ ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬ﻣﺴﺎﳌﺎ ﻟﻠﻤﻨﻜﺮ ﺍﻷﻛﱪ‪ ،‬ﻣ‪‬ﻨ ﹶﻜ ﹺﺮ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﻑ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺭﺍﺗ‪‬ﻊ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﳏ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺴﻠﱠﻢ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎ‪‬ﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺧﺘﻼﻝ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬ﺇﺫ ﺗﺼﺪﻯ ﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺟﺴﻴﻤﺔ‬ ‫ﻟ‪‬‬
‫ﺑﻐﲑ ﻋﻠﻢ ﻭﻻ ﻫﺪﻯ ﻭﻻ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻨﲑ‪.‬‬
‫ﻭﺍﺟﺐ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻣﻮﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻗﺒﻞ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟ ‪‬ﻔﻌ‪‬ﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺃﺭﻛﺎ‪‬ﺎ ﻭﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ‬
‫ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺇﻗﺎﻣﺘﻬﺎ‪ .‬ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﻲ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺑﻌﺪ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻫﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﺍﳌﺘﺠﻨﺪﻭﻥ ﰲ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳌﺘﺼﺪﻳﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ .‬ﻭﻗﺪ‬
‫ﳜﺘﻠﻒ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟﻠﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﳌﻨﻜﺮ ﺣﺴﺐ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺃﻭ ﺣﺴﺐ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ "ﲨﺎﻋﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ" ﰲ ﻗﻄﺮ ﻣﺎ ﻭﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ‬
‫ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﲨﺎﻋﺔ‬
‫ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺃﻥ ﺗﺼﺮﺡ ﺑﺮﺃﻳﻬﺎ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻫﺎ ﻭﺃﺩﻟﺘﻬﺎ ﻟﺘﻘﻨﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﺘﺘﺤﺪ‬
‫ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺟﻮﺑﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺸـﺮﻭﻉ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑ‪‬ﺒ‪‬ﻨ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﻭﺇﻻ ‪‬ﺗ‪‬ﺘﺤ‪‬ﺪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻜﻦ ﻓﻮﺿﻰ ﻭﻓﺘﻨﺔ ﻭﻣﻨﻜﺮﹰﺍ ﺃﻋﻈﻢ‬
‫ﻛﻤﻦ ﻳﻄﻔﺊ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳍﺪﻑ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻫﻮ ﺍﺟﺘﺜﺎﺕ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﻭﺗﻘﻮﻳﺾ ﺩﻋﺎﺋﻤﻪ ﺷﺮﻃﹰﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ‪ ،‬ﻭﺇﻻ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﻟﻌﺒﺔ ﰲ ﻳﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻭﺳﻬﻤﺎ ﻣﺼﻮﺑﺎ ﺇﱃ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻓﺴﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻳﻀﺎﻳﻘﻪ‪ .‬ﰒ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻫﻲ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ‪،‬‬
‫ﻭﲪﺎﻳﺔ ﺣﻮﺯﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺗﺰﻭﻳﺪ ‪‬ﺟﺬﹾﻭﺗﻪ ﺑﹺﺎﳉﹸﻬﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﻔﺘﺮ ﻧﺸﺎﻃ ‪‬ﻪ ﻭﺗﻨﻄﻔ‪‬ﺊ‬
‫ﺷ‪‬ﻌﻠﺘﻪ‪ .‬ﰒ ﳏﺎﺻﺮﺓ ﺑﺆﺭ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﺸﺮ‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺃﻓﺮﺍﺩﺍﹰ‪ ،‬ﻟﺪﺣﺾ‬
‫ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺇﲬﺎﺩ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻭﲣﻤﻴﻠﻪ ﻭﺗﻨﻮﳝﻪ ﻭﺍﳊ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺷﺮﻩ‪ .‬ﰒ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻮﺍﺯﻳﺔ‬
‫ﻣﺰﺍﻣﻨﺔ ﻹﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﻫ ‪‬ﺪ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﻹﺣﻘﺎﻕ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭﻫﻮ‬
‫ﻑ ﺣﺴﻨ‪‬ﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻭﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﻝ‬ ‫ﺍﳌﻌﺮﻭ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﱪ ﻭﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻷﺧﻮﻱ ﻭﺇﻧﺼﺎﻑ ﺍﶈﺮﻭﻣﲔ ﻭﺇﻏﺎﺛﺔ ﺍﳌﻠﻬﻮﻓﲔ ﻭﺭﻓﻊ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﺇﱃ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻜﺮ‪‬ﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ‪‬ﺎ ﻣﻨﺔ ﺍﷲ‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﻼﻑ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺒﺎﻋﺚ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﺗ‪‬ﻌﻄﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﻇﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‬
‫ﻃﺎﻗ ﹰﺔ ﻛﺒﲑﺓ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﲨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻭ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﻣﺘﻌﺎﻭﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱪ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪ ،‬ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻐﻠﻬﺎ ﻭ‪‬ﺗﻮ‪‬ﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﳊﺴﻦ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﺃﲦﻦ ﻛﱰ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺴﺞ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺼﺎﻋﺪﺓ ﻗﹸﺮﺑﺎﻧﺎ ﷲ ﺭﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﻭﻃﺎﻋﺔﹰ‪ ،‬ﺻﻌﻴﺪﹰﺍ ﻭﻗﺎﻋﺪ ﹰﺓ ﲜﻬﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﻨﻈﻢ‪ ،‬ﻟﻴﺘﻼﻗﻰ ﺍﳉﻬﺪﺍﻥ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺘﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻌﻤﻼﻥ‪ ،‬ﺃﻣﺮﺍ ﻭ‪‬ﻴﺎ‪ ،‬ﺃﺧﺬﺍ ﻭﻋﻄﺎﺀ‪ ،‬ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻭﺗﺄﺳﻴﺴﺎ‪ ،‬ﺣﻔﺎﻇﺎ‬
‫ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺴﻠﻤﻪ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﻷﻣﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻫﻮ‬
‫ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻷﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ .‬ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﳌﺎﺳﻜﺔ ﺑﺎﻵﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻷﺟ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ‬
‫ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻭﺗﻨﺴﻴﻖ ﺍﳉﻬﻮﺩ‪ .‬ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻗﺎﺻﺪﹰﺍ ﺇﱃ‬
‫ﲢﻘﻴﻖ ﺣﺎﻟ ‪‬ﺔ ﻳﺘﻘﻠﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﻇﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻴﺘﻮﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺎﻣﺔ ﺷﺆﻭ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺘﻮﱃ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺘﻮﱃ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺘﻮﱃ ﺭﻋﺎﻳﺔ‬

‫ﻛﻞ ﺭﺍﻉ ﳌﻨﺎﻁ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺎ ﱞﻝ ﺣﺎﺿﺮ ﺳﻬﻠ ﹲﺔ ﻣﺮﺍﻗﺒﺘ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻴﻜﻦ ﺍﻟﺮﻓﻖ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ‪ ،‬ﺭﺍﺋﺪ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ‪ .‬ﻫﻨﺎﻙ‬
‫ﺃﺷﻼﺀ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻘﻀ ‪‬ﻲ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ‪ .‬ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﻮﺭﻭﺛﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﺍﳊﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺑﺺ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻣﻦ‬
‫ﺩﺍﺧﻞ ﻭﺧﺎﺭﺝ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﺩﻳﻪ ﻓﻴﻠﱯ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻓﻮﺭﺍ ﻭﳛﻀﺮ ﻟﺘﹶﻠﻘﱢﻲ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ‪ .‬ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﻨﺎ ٌﺀ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﻭﺗﺴﺪﻳﺪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﺘﺮﻙ‪.‬‬
‫ﻳ‪‬ﺘﺮﻙ ﻟﻸﺣﺰﺍﺏ ﺣﺮ‪‬ﻳ ﹸﺔ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﳌﻦ ﺷﺎﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻌﺎﻣﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻜﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﻜﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﺲ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﻧﻴﺔ ﳎ ‪‬ﺪﺩ‪‬ﺓ ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺭ ‪‬ﺩ‬
‫ﺍﳌﻈﺎﱂ‪ .‬ﰒ ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ‪‬ﺳ ‪‬ﻌ ﹰﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻘﺎﻃﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺒﻜﻴﺖ‪ ،‬ﻭﺍﳊﺰﻡ ﺍﻟﻼﺯﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﺍﳌﻼﺋﻢ‪ ،‬ﺣﱴ ﻳﻬﻠﻚ ﻣﻦ ﻫﻠﻚ ﻋﻦ ﺑﻴﻨﺔ ﻭﳛﲕ ﻣﻦ ﺣﻴﻲ ﻋﻦ ﺑﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺇﻥ‬
‫ﺍﷲ ﻟﺴﻤﻴﻊ ﻋﻠﻴﻢ‪.‬‬
‫ﺍﺭﺗﺪ ﺭﺟﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﺣﻜﻢ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺘﻠﻮﻩ‪ .‬ﻓﺄﻧﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺮ‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻬﻼ ﺣﺒﺴﺘﻤﻮﻩ ‪-‬ﻗﺎﳍﺎ ﺛﻼﺛﺎ‪ -‬ﻭﺃﻃﻌﻤﺘﻤﻮﻩ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺭﻏﻴﻔﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺍﺳﺘﺘ‪‬ﺒﺘﻤﻮﻩ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺘﻮﺏ ﻭﻳﺮﺍﺟﻊ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ! ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﱂ ﺃﺣﻀﺮ‪ ،‬ﻭﱂ ﺁﻣﺮ ﻭﱂ‬
‫ﺃﺭﺽ ﺇﺫ ﺑﻠﻐﲏ!" ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﻃﺈ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺪﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺱ ﻣﻦ ‪‬ﻋﻜﹾﻞ ﺑﻌﻬﺪ‬
‫ﺖ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺷﺪ ﹰﺓ ﺑﺎﻟﻐ ﹰﺔ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﹶﻏ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﻧﺎ ‪‬‬
‫ﺛﺒﺘ ‪‬‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻘﻄﻊ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﺭﺟﻠﻬﻢ‪ ،‬ﻭﲰﻞ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻕ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺇﳕﺎ‬ ‫ﻭﻋﻄﺸﻬﻢ ﺣﱴ ﻣﺎﺗﻮﺍ ﻋﻄﺸﺎ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺟﺰﺍﺀ ﻭﻓﺎ ‪‬‬
‫ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺎﺭﺑﻮﻥ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻳﺴﻌﻮﻥ ﰲ ﺍﻻﺭﺽ ﻓﺴﺎﺩﺍ ﺃﻥ ﻳﻘﺘ‪‬ﻠﻮﺍ‬
‫ﺃﻭ ﻳﺼﻠﺒﻮﺍ ﺃﻭ ﺗﻘﻄﻊ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻑ ﺃﻭ ﻳﻨﻔﻮﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻻﺭﺽ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣٣ :‬ﻭﺇﻥ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﲪﲔ‪" :‬ﺃﻭ ﻳﻨﻔﹶﻮﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻻﺭﺽ" ﺧﻴﺎﺭ ﻭﻣﻨﺪﻭﺣﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺄﺱ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻌﻤﺮ‬
‫ﻣﻨﺪﻭﺣﺔ ﰲ ﺣﺒﺲ ﺍﳌﺮﺗﺪ ﻋﻦ ﺣﺪ ﺍﷲ ﻭﺃﻣﺮ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﻘﺘﻞ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺩﻳﻨﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺯﻧﺪﻳﻖ ﻭﻣﻠﺤﺪ‪ ،‬ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺭﺁﻫﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ﻋﻤﺮ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﻣﲑ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺳﻼﻃﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻗﺪ ﺃﺧﱪﻙ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﲜﻬﺎﺩﻳﻦ‪ :‬ﻇﺎﻫﺮ ﻭﺑﺎﻃﻦ‪ .‬ﻓﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺰﻻﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ‬
‫ﺍﶈﺮﻣﺎﺕ‪ .‬ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﳌﻌﺎﻧﺪﻳﻦ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻣﻘﺎﺳﺎ ﹸﺓ ﺳﻴﻮﻓﻬﻢ ﻭﺭﻣﺎﺣﻬﻢ ﻭﺳﻬﺎﻣﻬﻢ‪" .‬ﻳ ﹾﻘﺘ‪‬ﻠﻮﻥ ﻭ‪‬ﻳﻘﹾﺘﻠﻮﻥ"‪.‬‬
‫ﺐ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻼﺯﻡ ﻣﺘﻜﺮﺭ‪ .‬ﻭﻛﻴﻒ‬ ‫ﻓﺎﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺃﺻﻌ ‪‬‬
‫ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﻫﻮ ﻗﻄﻊ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ‬
‫ﺍﶈﺮﻣﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻫﺠﺮﺍﻧ‪‬ﻬﺎ ﻭﺍﻣﺘﺜﺎ ﹸﻝ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋﻦ ‪‬ﻴﻪ!‬
‫"ﻓﻤﻦ ﺍﻣﺘﺜﻞ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﻦ ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻪ ﺍ‪‬ﺎﺯﺍﺓ ﺩﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﺁﺧﺮﺓ‪ .‬ﺍﳉﺮﺍﺣﺎﺕ ﰲ ﺟﺴﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﻛﺎﻟﻔﺼﺪ ﰲ ﻳﺪ ﺃﺣﺪﻛﻢ‪ :‬ﻻ ﺃﱂ ﳍﺎ‬
‫ﻋﻨﺪﻩ‪ .‬ﻭﺍﳌﻮﺕ )ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﺀ( ﰲ ﺣﻖ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﺫﻧﻮﺑﻪ‪ ،‬ﻛﺸﺮﺏ ﺍﻟﻌﻄﺸﺎﻥ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﻣﺎ ﻧﻜﻠﻔﻜﻢ ﺑﺸﻲﺀ ﺇﻻ ﻭﻧﻌﻄﻴﻜﻢ ﺧﲑﺍ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺍﳌﺮﺍﺩ )ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ(‬
‫ﻛ ﱠﻞ ﳊﻈﺔ ﻟﻪ ﺃﻣﺮ ﻭ‪ ‬ﻲ ﳜﺼﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﻠﺒ‪‬ﻪ‪ .‬ﲞﻼﻑ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﲞﻼﻑ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ .‬ﲜﻬﻠﻬﻢ ﺑﺎﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﺪﺍﻭ‪‬ﻢ ﻟﻪ‬
‫ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ .‬ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﳜﺎﻟﻔﻮﻥ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﻭﻳﻮﺍﻓﻘﻮﻥ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﺃﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﻭﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﻭﻋﺎﺩﺍ‪‬ﻢ ﻭﺷﻴﺎﻃﻴﻨﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺆﺛﺮﻭﻥ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺮﺍﻫﻢ ! ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻗﺪ ﲰﻌﻮﺍ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﱂ ﻳﻮﻣﻨﻮﺍ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻌﻤﻠﻮﺍ ﺑﺄﻭﺍﻣﺮﻩ ﻭﻳﻨﺘﻬﻮﺍ ﻋﻦ ﻧﻮﺍﻫﻴﻪ!‬
‫»ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺁﻣﻨﻮﺍ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺃﺧﻠﺼﻮﺍ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ‪ .‬ﻻ‬
‫ﺽ‬
‫ﺗ‪‬ﺮﺍﺀُﻭﺍ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻓﻘﻮﺍ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ‪ .‬ﻭﻻ ﺗﻄﻠﺒﻮﺍ ﺍﳊﻤﺪ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻷﻋﻮﺍ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﻬﻢ‪ .‬ﺁﺣﺎﺩ ﺃﻓﺮﺍ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻳﻮﻣﻨﻮﻥ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﻟﻮﺟﻪ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻗ ﱠﻞ ﺍﳌﺨﻠﺼﻮﻥ ﻭﻛﺜﺮ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﻮﻥ‪.‬‬
‫"ﻣﺎ ﺃﻛﺴﻠﻜﻢ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻗﻮﺍﻛﻢ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ ﻋﺪﻭﻩ ﻭﻋﺪﻭﻛﻢ‬
‫‪١٠‬‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ! ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﺘﻤﻨﻮﻥ ﺃﻥ ﻻ ﳜﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻧﺎﺻﺢ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻣﺘﻤﺴﻚ ﺑﺂﺛﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﱀ‪:‬‬
‫'‪
6N#
6‬א ‪.‬س
‪0
#‬א
>



‪
%94

E)7G‬א

‪

AJ9‬‬
‫)
‪ ‬ع
א‪
H4
žn‬א 



ن
(!
א ‪
`2‬א ‪

¡F‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺎﺋﺐ ﻣﻨﻴﺐ ﻣﺘﻌﺮﺽ ﻟﻌﻔﻮ ﺍﷲ ﻭﻣﻨﻨﻪ ﻃﺎﻣ ‪‬ﻊ ﺻﺎﺑ ‪‬ﺮ‪:‬‬
‫‪0‬د‪,‬د*‪=9

9‬س
و(‪
/6.(



$e7



.
67
9*6‬م
א ‪

e7‬‬
‫‪'
.)Y‬م
א\‪
}&



>¢ G
‚2e‬א ‪
g7‬دون
‪
E&N‬و‪
H‬د 

‬
‫א‪
_PG


x7i=



., 9
|v&*8

9‬אא‪*6& ,
,i‬و

‬
‫و'‪
17.

6‬د
א ‪
-)8‬و *د'‪



Z‬و'‪
*1Z ,—9
6‬و *‪0‬ق
א)‪6vP 
-‬و

‬

‫‪١٠‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ‪.٨٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫>
‪6&G
£])*89‬و
(‪
ًl,P‬و‪



]i‬و‪6&G
£]c,
H‬و
‪
U(
N&J‬א\‪ƒ * Z‬و

‬
‫‪

ْeF‬‬ ‫و‪
X=."
+G‬א ‪7G



9K
،w9‬د
‪* 0
U(
6_O‬و‪
ƒ9‬א ‪v‬‬
‫‪'4
fe.#‬א‪
0‬א ‪2‬ن
و‪
:‬א‪




P‬אد
(‪
U(
Y
56) (
U‬א ‪

!v2‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪>#?h +‬ـــــ ? ُ‪-‬ـ >‪2‬‬
‫?ـ ْ{‪;-‬ــ ; ‪>َ'ِ,‬ــــ ; ‪M‬‬ ‫‪ُz 5‬ــ‪0?.‬‬
‫‪ِ َ4M (? M- ُ3ْ َ% ?Y>&ُ4 ?-‬‬
‫| ‪ُL ?a3ْ %M‬ـــ ? >[‬
‫| &‪f‬ـــ ;‬
‫‪? ? [? > ?#‬‬ ‫ـ ;&>َــــ ? َــــــ ِــــ‪? ?F‬ـ ْ‪?3‬ـــ&;ـــ‪;F‬‬
‫ُ‪?*f,‬ـَ }‪R‬ـ‪ْ3‬ـــ ِ‪;c;? 2‬ـــــ ‪?&fB‬ــ >‪2‬‬ ‫َ‪>m ;-ُV xِ > ?! /? ? ; ?#‬ـ‪;َX‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪. /.‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻏﻔﺮ ﱄ ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻱ ﻭﻟﻠﻤﻮﻣﻨﲔ ﻳﻮﻡ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﳊﺴﺎﺏ‪.‬‬
‫ﺭﺑﻨﺎ ﺃﺻﻠﺢ ﺑﻴﻨﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻫﺪﻧﺎ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭﳒﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﻭﺍﺻﺮﻑ ﻋﻨﺎ‬
‫ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ‪‬ﺑ ﹶﻄﻦ‪ ،‬ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻟﻨﺎ ﰲ ﺃﲰﺎﻋﻨﺎ ﻭﺃﺑﺼﺎﺭﻧﺎ ﻭﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﺃﺯﻭﺍﺟﻨﺎ ﻭﺫﺭﻳﺎﺗﻨﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺗﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺏ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﺷﺎﻛﺮﻳﻦ ﻟﻨﻌﻤﺘﻚ‪ ،‬ﻣﺜﻨﲔ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻗﺎﺋﻠﲔ ‪‬ﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺃﲤﻤﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻫﻢ ﺃﻣﻨﺎﺀ‬

‫ﺍﻟﺮﺳﻞ ﺍﳌﺒﻠﻐﻮﻥ ﻋﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺍﻟﻘﺎﺩ ﹸﺓ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﻮﻥ ﻟﻸﻣﺔ‪ .‬ﺃﻣﺮﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻄﻴﻌﻬﻢ ﻭﺗﺘﺒﻌﻬﻢ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺍﷲ ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺃﻭﱄ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻨﻜﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٥٨ :‬ﻣﺎ ﻟﺒﺚ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﺩﺷﻨﻪ ﻳﺰﻳﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﻘﻀﺖ ﻋﺮﻭﺓ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺍﺑﺘ ‪‬ﺰ‬
‫ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺍﻟﻌﺎﺿﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﻭﺯﻋﻢ ﳍﻢ ﺧ ‪‬ﺪﻣ‪‬ﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺀ‬
‫ﺃ‪‬ﻢ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻃﺎﻋﺘ‪‬ﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﻟﺒﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﻥ ﺍﻧﻘﺴﻤﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﻓﱳ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﻓﱳ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ‬
‫ﻭﺍﳋﻼﻑ ﺇﱃ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ‪،‬ﻭﻋﻠﻤﺎ َﺀ ﺯﻫﺪﻭﺍ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻓﻴﻤﺎ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﳌﹼﺎ ﺧﺎﺻﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﺿﻌﻔﺎ ُﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ ﻟﻠﻌﻠﻢ‬
‫ﺍﻧﻀ ‪‬ﻮﻭ‪‬ﺍ ﺑﺪﻭﻥ ﻗﻴﺪ ﻭﻻ ﺷﺮﻁ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﻐﺘﺼﺐ‪ .‬ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﺯﺩﻭﺝ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺗﻮﺯﻉ ﻭﺗﺒﻌﺜﺮ ﺑﲔ ﺩﻭﻟﺔ ﺟﺎﺋﺮﺓ‪ ،‬ﺟﺎﺋﺮﺓ ﻷ‪‬ﺎ ﻏﲑ ﺷﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺩﻋﻮﺓ ﻏﺮﻳﺒﺔ‬
‫ﺳﻠﻴﺒﺔ‪ .‬ﻭﺳﻘﻂ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻃﻮ‪‬ﻋﺎ ﻭﻛﺮ‪‬ﻫﺎ‪ ،‬ﰲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﺣﻴ‪‬ﺰ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻃﻮﻋﺎ‬

‫ﻒ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‬ ‫ﺼ ‪‬‬
‫ﻭﻛﺮﻫﺎ‪ ،‬ﰲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﲢﻜﻢ "ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ"‪ .‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﰲ ﳝﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻋﺸﺮ ﻭﺳﲑﻫﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﻋﺎﻉ ﰲ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻓﺘﻮﻯ ﻟﻪ‬
‫ﺃﺻﺪﺭﻫﺎ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻨﻮﺍ‪‬ﺎ‪" :‬ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻐﱯ ﺇﱃ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺖ ﰲ ﺻﺤﺐ ﺍﻟﻨﱯ"‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪،‬‬
‫ﺼﻮ‪‬ﻢ ﻣﺪﺍﺭﺍ ﹰﺓ‬
‫ﻭﳛﻤﻮﻥ ﺃﻋﺮﺍﺿ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻴﺴﻜﺘﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻳ ‪‬‬
‫ﳍﻢ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺳﻴﺴﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ ﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬ﻭﺗﺴﻠﱡﻂ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﲬﻮﻝ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻭﺳﻘﻮﻁ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﻢ‪ (...).‬ﻭﻟﻮ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻭ‬
‫ﻧﺼﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﺃﻭ ﻋﺮ‪‬ﻓﻮﺍ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﻮﻫﻢ ﺍﳊ ‪‬ﻖ ﻭﺯﺟﺮﻭﻫﻢ ﻋﻦ‬
‫‪١١‬‬
‫ﺍﻻﺷﺘﻐﺎ ﹺﻝ ﲟﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄ‪‬ﻢ ﻟﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﺪﺍ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻭﹺﺑﺪ‪‬ﻋﺘﻪ ﺍﳌﻤﻴﺘﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ‪ ،‬ﺳﺎﺭﻳﺎ ﰲ ﺭﻋﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ‬
‫ﻓﻘﺎﻣﻮﺍ ﺑﻔﺘﻨﺔ ﺿﺪ ﻓﺘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ‪ ،‬ﻭﺧﻀﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﻋﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺭﺯﺍﻗﹸﻬﻢ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ‪‬ﻫﻢ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻔﺴﺮ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻷﻣﺔ‬
‫ﰲ "ﺩﺳﻴﺴﺔ" ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﺧﺎﻓﻴﺔ ﻭﺑﺎﺩﻳﺔ‪ .‬ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻟﻪ ﺃﺗﺒﺎﻉ‪ ،‬ﻭﻋﺎﱂ‬
‫ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻟﻪ ﺃﻃﻤﺎﻉ‪ ،‬ﺫﺍﻙ ﺗﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺃ ‪‬ﺭ ‪‬ﺩ‪‬ﺗ ‪‬ﻪ ﺃﻃﻤﺎﻋﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻐﺎﺻﺐ ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﻉ ﺍﻟﺴﺎﺋﺐ ﻣﻨﺎﺥ ﻣﻼﺋﻢ ﻟﻼﺳﺘﺨﻔﺎﻑ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻭﺍﻻﳓﺮﺍﻑ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻘﺺ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻃﻐ‪‬ﻰ‬
‫ﳕﻮﺫﹶﺝ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﻭﻣﻺﻩ ﻭﺭﻋﺎﻋﻪ‪
:‬ﻭﻧﺎﺩﻯ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﰲ ﻗﻮﻣﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ‪ :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ‬
‫‪١١‬‬
‫ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺍﻟﻄﺎﻟﻊ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٢٣٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻟﻴﺲ ﱄ ﻣﻠﻚ ﻣﺼﺮ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷ‪‬ﺎﺭ ﲡﺮﻱ ﻣﻦ ﲢﱵ‪ .‬ﺃﻓﻼ ﺗﺒﺼﺮﻭﻥ‪ .‬ﺃﻡ ﺃﻧﺎ‬
‫ﺧﲑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻬﲔ ﻭﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺒﲔ‪.‬ﻓﻠﻮﻻ ﺃﻟﻘﻲ ﻋﻠﻴ‪‬ﻪ ﺃﺳﺎﻭﺭﺓ ﻣﻦ‬
‫ﺫﻫﺐ ﺃﻭ ﺟﺎﺀ ﻣﻌﻪ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﻣﻘﺘﺮﻧﲔ‪ .‬ﻓﺎﺳﺘﺨﻒ ﻗﻮﻣﻪ ﻓﺄﻃﺎﻋﻮﻩ‪ .‬ﺇ‪‬ﻢ‬
‫ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﻮﻣﺎ ﻓﺎﺳﻘﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١١٢ :‬‬
‫ﺐ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ‬ ‫ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻭﹶﺛ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺍﳋﺮﺳﺎﺀ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﻄﻴﻌﲔ ﺍﳋﺎﻧﻌﲔ‪ ،‬ﻭﻗﺒﻀ ﹸﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺍﳍﺎﺋﺠﲔ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺛﻮﺭﺓ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﻔﺘﻨﻮﻱ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺗﻐﻴﲑﻩ ﺑﻄﺮﺩ ﺍﻟﻐﺎﺻﺒﲔ ﺍﻟﻌﺎﺿ‪‬ﲔ ﺑﻘﻮﻣﺔ ﻻ ﺗ‪‬ﺴﻔﻚ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺃﺛﻨﺎﺀﻫﺎ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻓﻌﻠﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗ‪‬ﺴﻔﹶﻚ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ‪.‬‬
‫ﺏ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪،‬‬‫ﰒ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﻌﺪﺋﺬ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻃﺎﻋﺔ ﺃﻫﻠﻪ ﺇﱃ ﻧﺼﺎ ﹺ‬
‫ﻭﻧﺼﺎﺏ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻻ ﺍﻟﻌﻜﺲ‪ ،‬ﻭﻧﺼﺎﺏ ﺍﻟﻮ‪‬ﻻﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﲔ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﲔ ﲨﺎﻋﺎﺕ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻗﻄﺮ ﻣﺎ ﻭﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ‬
‫ﺗﻌ ‪‬ﺪﺩ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺗﻌﺎﻳ‪‬ﺸﻬﺎ ﻭﺗﻌﺎﻭﻧ‪‬ﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪،‬‬
‫ﻭﺗﻨﺎﻓﹸﺴﻬﺎ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﳌﺜﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮ‪‬ﻻﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳ‪‬ﺬﻛﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﳌﻮﺟﹺﺒﺔ‪،‬‬
‫ﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ‬
‫ﺗﺘﻮﻳ ‪‬ﺞ ﻟ‪‬ﻮﺍﺟﺐ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺭﻋﻴﺔ ﺭﻋﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻭﺍﺟ ﹺ‬
‫ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﺍﻟﻮ‪‬ﻻﻳﺔ ﻗﺮﺏ ﻭﺗﻘﺎﺭﺏ‪ ،‬ﻧﺼﺮ ﻭﺗﻨﺎﺻﺮ‪ ،‬ﺣﺐ ﻭﲢﺎﺏ‪ .‬ﲢﺖ ﻣﻈﻠﺔ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﺓ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻌﺎﻃﻒ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺍﻟﺼﻐﲑ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺒﺎﺩﻝ‬
‫ﺧ‪‬ﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱪ ﺍﻷﺑﻨﺎ ُﺀ ﻭﺍﻵﺑﺎ ُﺀ ﻭﺍﻷﺟﺪﺍﺩ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻌﻄﻒ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﺎﺿﻲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﺴﺘﻮﺣﻴﺎ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺮﺷﺪ‪ ،‬ﻭﻳﺸﺮﺋﺐ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺴﲑ‬

‫ﳓﻮﻩ ﲞﻄ ‪‬ﻰ ﻭﺛﱠﻘﻬﺎ ﻋﻬﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺃﻭﺟﺒﻬﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺃﺧﱪ ‪‬ﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﳝﺘﺪ ﻇﻞ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳊﺎﱄ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻬﻢ‬
‫ﻱ‬
‫ﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﳌﺎﺩ ‪‬‬ ‫ﻭﻧﻔﺴﻴﺘﻬﻢ ﻭﻋﺎﺩﺗ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻠﱢﻢ ‪‬ﺟﻨ‪‬ﺒﺎ ‪‬‬
‫ﻒﰲ‬ ‫ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻣﻲ ﺑﺎﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ‪ .‬ﲣﱡﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ‪‬ﺣ ﹶﺬﻗﹶﻬﺎ ﻏﲑﻧﺎ‪ ،‬ﻧﻠﺘﻬﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺘﺴﻠﻴﻢ‬
‫ﻭ‪‬ﺎﻓﺖ‪ ،‬ﳓﺴﺐ ﺃﻥ ﺁﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻐﺎﺋﺼ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﺫﻓﺔ ﻟﻠﻨﺎﺭ‪ ،‬ﺣﺠﺞ ﻻ ﺗﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﺎﻧﻌﲔ‬
‫ﻭﺗﺼﻮﺭ‪‬ﻫﻢ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ‪ .‬ﻭﳓﺴﺐ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻭﻛﺘﺒﻪ‬
‫ﻭﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺷﺮﺣﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ ﺣﻖ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳊﻖ ﺃﻥ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻗﻤﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍ‪‬ﺪ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ "ﺍﳋﻼﻓﺔ"‬
‫ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭ"ﺍﳋﻼﻓﺔ" ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭ"ﺍﳋﻼﻓﺔ" ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻻ ﻛﻼﻡ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺣﱴ ﻧﻌﻮ ‪‬ﺩ ﺇﱃ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺣ‪‬ﻜﻤ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻠﻚ‬
‫ﻋﺎﺽ ﻭﺟﱪﻱ‪ .‬ﻭﳛﻚ! ﻛﻴﻒ ﺗﺴﻤﻲ ﺧﻼﻓ ﹰﺔ ﻣﺎ ﲰﺎﻩ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣ‪‬ﻠﻜﺎ؟ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﻮﻥ ﺍﳌﹸﻔﺘﻮﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﲢﺖ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﳉﺎﺋﺮﻳﻦ‬
‫ﺍﻟﻈﹶﻠﻤﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﻋﱪﺓ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺭﺟﺎ ﹲﻝ ﺻﺎﳊﻮﻥ‬
‫ﻣﺼﻠﺤﻮﻥ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﻲ ﺍﻟﺴﻴﻔﻲ ﹶﻗ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﺇﳍﻲ ﻭﻗﻊ‪ ،‬ﻭﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﺎﻭﻣﻪ‬
‫ﺑﻘﺪﺭ ﺇﳍﻲ‪ ،‬ﻣﻦ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺳﻌﻴﻨﺎ‪ ،‬ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﺎﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﻋﺪ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺗﺘﻨﺎﻭﳍﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳍﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋ‪‬ﻤﺔ ﻟﺘﻌﻴﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﻧﺼﺎﺑﻪ‬

‫ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ‪.‬‬
‫ﻻ ﻣﻌﲎ ﻷﻥ ﻧﻘﻮﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺛ ‪‬ﻐ ‪‬ﺮ ﹰﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ .‬ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺻﺨﺮﺓ ﺳﺪﺕ ﳎﺎﺭﹺﻱ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻋﻄﻠﺖ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﻭﻃﺤﻨﺖ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻃﺤﻨﺖ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﳎﺪ‪‬ﺩ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﺔ ﻟﻨﻌﺮﻑ‬
‫ﻣﻮ‪‬ﻗﻊ ﺃﻗﺪﺍﻣﻨﺎ ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﳕﻂ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﲡﺎﺭﺏ ﺍﻷﻣﻢ ﰲ‬
‫ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋ‪‬ﻒ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ‬
‫ﺍﳌﺨﺒﻮﺙ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻐﲑ‪ ،‬ﻭﲢﺘﻜﻢ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ‬
‫ﻭﺍﻷﺧﻮﺓ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻛﻤﺎ ﲢﺘﻜﻢ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﻏﲑﻧﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻴ ‪‬ﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﰒ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﺎﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‬
‫ﺍﳌﺨﺬﻭﻟﺔ ﰲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺍﳌﺘﺮﺍﺟﻌﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻭﻳﺼ ﹸﻞ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﺷﺮﻁ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭ"ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ"‬
‫ﻭﻋﻬﺪﻩ ﳉﻨﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪
:‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻥ ﻣﻜﻨﺎﻫﻢ ﰲ ﺍﻻﺭﺽ‬
‫ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺁﺗﻮﺍ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭﺃﻣﺮﻭﺍ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭ‪‬ﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﻭﷲ‬
‫ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﻻﻣﻮﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺞ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣٩ :‬ﺇﻥ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﻫﻮ ﻭﺿ ‪‬ﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻏ ‪‬ﲑ ﻣﻨﺎﺯﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪،‬‬
‫ﺍﳌﺨﺘﺎ ‪‬ﺭ ﺑﺎﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﻫﻮ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺭﺃﺱ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ .‬ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻗﻄﺮﻳﺎ‪ ،‬ﻛﻠﻤﺎ ﲢﺮﺭ‬
‫ﻗﻄﺮ ﻧﺼﺐ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺣﺪ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻟﺘﺘﻮﺣﺪ ﰲ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﻧﻀﺞ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻜﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺑﻮﺟﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺍﻟﺪﻋﺎ ﹸﺓ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺪﻭﺍﻟﻴﺐ‬

‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻐﻠﺒ‪‬ﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﻭﻗﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻴﺬﻭﺑﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﺼﺒ ‪‬ﺢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺧﻠﻴﻄﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻟﻪ ﻫﺪﻑ ﻧﻔﹾﻌﻲ ﺇﺟﺮﺍﺋﻲ ﻳﻮﻣﻲ‪ .‬ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﰲ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﳍﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﳎﺎﻟ‪‬ﺲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﺍﳉﻴﺶ ﻭﺍﳊﺴﺒﺔ ﻭﺍﳌﻈﺎﱂ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﻛ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻙ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺫﺍﺑﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ‪،‬‬
‫ﻭﺫﺍﺑﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﰲ ﻫﻴﻜﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﻷﺧﻄﺒﻮﻃﻴﺔ ﻣﺎﺗﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺁﻝ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪.‬ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺍﳊﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻜﻮﺭ‪.‬‬
‫ﱂ ﺗﻘﺘﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟ ﹸﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻋﻠﻲ‪ .‬ﻷ‪‬ﻢ‬
‫ﻱ ﺭﺟﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻷﻥ ﻣﻬﻤﺎﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﺯﻣﺎﻧﺌﺬ ﱂ‬ ‫ﺃﻭﻻ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﻌﻬﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﺃ ‪‬‬
‫ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻋﺸﺮ ﻣﻌﺸﺎﺭ ﻣﻬﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﳛﺒﺲ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﻓﺎﺿﻞ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺧﻴﺎﺭ‪‬ﻫﻢ‬
‫ﳐﺎﻓ ﹶﺔ ﺃﻥ "ﻳﺪﻧ‪‬ﺴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ"‪ .‬ﻫﺬﻩ ﻋﺒﺎﺭﺗﻪ ﻧﺘﺮﲨﻬﺎ ﻓﻨﻘﻮﻝ‪ :‬ﳐﺎﻓ ﹶﺔ ﺃﻥ ﺗﻐﺘﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟ ﹸﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮ ﹶﺓ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﺧﻴﺎ ‪‬ﺭ ﰲ ﳎﻠﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻳﺸﲑﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻓﻌﻮﻥ ﺃﻛﻔﱠﻬﻢ ﻟﻠﺪﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﺇﺫﺍ ﺣﺰﺏ ﺍﻷﻣﺮ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺒﻜﻮﻥ ﻣﻌﻪ ﺇﺫﺍ ﺫﻛﺮﻭﺍ ﺍﷲ ﻭﺗﺬﻛﺮﻭﺍ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻋﻮﺍﻧﺎ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻋﻤﺮ ﻟﻠﻨﺎﺱ‬
‫ﻓﻴﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻓﺮﺍﺱ‪" :‬ﻭﺍﷲ ﻣﺎ ﺃﺭﺳﻞ ﻋﻤﺎﱄ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻟﻴﻀﺮﺑﻮﺍ‬
‫ﺃﺑﺸﺎﺭﻛﻢ ﻭﻻ ﻟﻴﺄﺧﺬﻭﺍ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺭﺳﻠﻬﻢ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻟﻴﻌﻠﻤﻮﻛﻢ ﺩﻳﻨﻜﻢ‬
‫ﻭﺳﻨﺘﻜﻢ"‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻻ ﺍﻟﻌﻜﺲ‪ .‬ﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ‬

‫ﻀﻌ‪‬ﻪ ﲢﺖ‬‫ﻱ ﻳﻔﻀ‪‬ﻠﻪ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ‪ ،‬ﻭﻳ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺎﺟ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻘﻮ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﻭﳛﻤﻞ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﳏﺎ ‪‬ﻣ ﹶﻞ ﺍﳋﲑ ﺣﱴ ﺇﻧﻪ ﻋﺰﻝ ﻋﺎﻣﻼ ﻟﻪ ﻻ ﻳﺰﻭﺭ‬
‫ﺍﳌﺮﺿﻰ ﻭﺃﺭﺳﻞ ﺭﺳﻮﻻ ﻟﻴ‪‬ﺤﺮﻕ ﺑﺎﺏ "ﻗﺼﺮ" ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻭﻗﺎﺹ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﺍﳌﺒﺸﺮﻳﻦ ﺑﺎﳉﻨﺔ‪ ،‬ﳐﺎﹶﻓ ﹶﺔ ﺃﻥ ﳛﺘﺠﺐ ﳊ ﹶﻈ ﹰﺔ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻌﻤﺎﻟﻪ‪ :‬ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺘﻜﻢ ﻟﺘﻘﻴﻤﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ ،‬ﱂ ﺃﺑﻌﺜﻜﻢ ﺟﺒﺎﺑﺮﺓﹰ‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺑﻌﺜﺘﻜﻢ ﺃﺋﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺘﻮﻯ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ ﺗﻘﻮﻝ ﲜﻮﺍﺯ ﺇﻣﺎﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺟﺮ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﻣﻌﻪ‪ .‬ﻭﻫﻲ ﻓﺘﻮﻯ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺒﻀﺔ‪ ،‬ﺫﻫﺐ‬
‫"ﺍﳊﺼﻮﻝ" ﺑﺘﻠﻚ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺇﱃ ﺍﻹﻓﺘﺎﺀ ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ "ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ" ﻭﻫﻲ ﺣﻜﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻻ ﻏﲑ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺍﻟﺼﺎﺋﻞ ﻻ ﺍﻷﻣﲑ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ‬
‫ﻗﺒﻀﺔ ﻋﻤﺮ‪ .‬ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳉﻴﻼﱐ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻴﺪ‪ :‬ﳚﻮﺯ!‬
‫ﰲ ﺍﳉﻴﺐ‪ .‬ﳚﻮﺯ! ﺍﺩﺧﺎﺭﻫﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻟﻨﻴﺔ ﺻﺎﳊﺔ‪ :‬ﳚﻮﺯ! ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻼ‬
‫ﳚﻮﺯ! ﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ :‬ﳚﻮﺯ! )ﻳﻌﲏ ﺑـ "ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ" ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﰲ ﻛﺜﲑ‬
‫ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻘﺮﺃ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ( ﺃﻣﺎ ﺩﺧﻮﳍﺎ ﺇﱃ‬
‫ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻓﻼ ﻭﻻ ﻛﺮﺍﻣﺔ!‬
‫"ﺇﺫﺍ ﻓﲏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﻪ ﻭﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺻﺎﺭ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻔﻘﻮﺩ ‪‬ﻣﻤ‪‬ﺤﻮ ﹲﻝ‪ .‬ﻳﺘﻐﲑ‬
‫ﺑﺎﻃﻨ‪‬ﻪ ﻋﻨﺪ ﳎﻲﺀ ﺍﻵﻓﺎﺕ‪ .‬ﻳﻮ ‪‬ﺟ ‪‬ﺪ ﻋﻨﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻴﻤﺘﺜﻠﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻨﺪ ﳎﻲﺀ‬
‫‪‬ﻴﻪ ﻓﻴﻨﺘﻬﻲ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﺘﻤﲎ ﺷﻴﺌﺎ )ﻣﻦ "ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ"( ﻭﻻ ﳛﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ‪(...).‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺘﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺎ ﺧﻮﻧ ﹰﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ! ﻳﺎ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ! ﻳﺎ‬

‫ﻗﺎﻃﻌﻲ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ! )ﳜﺎﻃﺐ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ( ﺃﻧﺘﻢ ﰲ‬
‫ﻇﻠﻢ ﻇﺎﻫﺮ ﻭﻧﻔﺎﻕ ﻇﺎﻫﺮ! ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻣﱴ ﻳﺎ ﻋﻠﻤﺎ ُﺀ ﻭﻳﺎ ﺯﻫﺎﺩ! ﻛﻢ ﺗﻨﺎﻓﻘﻮﻥ‬
‫ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭﺍﻟﺴﻼﻃﲔ ﺣﱴ ﺗﺄﺧﺬﻭﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﻄﺎﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺷﻬﻮﺍ‪‬ﺎ ﻭﻟﺬﺍ‪‬ﺎ! ﺃﻧﺘﻢ‬
‫ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻇﻠﻤﺔ ﺧ‪‬ﻮﻧﺔ ﰲ ﻣﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ‬
‫ﺍﻛﺴﺮ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺍﺧﺬﹸﳍﻢ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ! ﻭﺍﻗﻤﻊ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻭﻃﻬﺮ‬
‫‪١٢‬‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺃﻭ ﺃﺻﻠﺤﻬﻢ! ﺁﻣﲔ!"‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻕ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﳌﻌﻮﻧﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻃﻠﺐ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﺓﻟﻮﺟﻬﻚ ﻓﺎﺭﺯﻗﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺭﻳﺎﺀ ﻓﻼ ﺗﺮﺯﻗﻪ! ﻭﻣﻦ ﻃﻠﺐ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻓﻼ ﺗﺮﺯﻗﻪ ﻷ‪‬ﺎ ﺣﺠﺎﺏ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬
‫"ﻟﻴﺘﻪ ﺃﻓﻠﺢ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ!)‪(...‬‬
‫"ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﻳﺴﺘﻐﻴﺚ! ﻳﺪ‪‬ﻩ ﰲ ﺭﺃﺳﻪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻔﺠﺎﺭ! ﻣﻦ‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟ ﹸﻔﺴ‪‬ﺎﻕ! ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻀﻼﻝ! ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ! ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺑﺴﲔ‬
‫ﺛﻴﺎﺏ ﺍﻟﺰﻭﺭ! ﻣﻦ ﺍﳌﺪ‪‬ﻋﲔ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﻢ!‬
‫"ﺍﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻣﻚ ﻭﺇﱃ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻚ ﺁﻣﺮﺍ ﻧﺎﻫﻴﺎ ﺁﻛﻼ ﺷﺎﺭﺑﺎ‪ .‬ﻛﺄﻥ‬
‫ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ! ﻣﺎ ﺃﻗﺴﻰ ﻗﻠﺒﻚ! ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻳﻨﺼﺢ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﰲ ﺻﻴﺪﻩ ﻭﺯﺭﻋﻪ ﻭﻣﺎﺷﻴﺘﻪ‬
‫ﺺ ﻋﻨﺪ ﺭﺅﻳﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻄﻌﻤﻪ ﻋﻨﺪ ﻋﺸﺎﺋﻪ ﻟﻘﻤﺔ ﺃﻭ ﻟﻘﻴﻤﺎﺕ‪.‬‬
‫ﺼﹺﺒ ‪‬‬
‫ﻭﺣﺮﺍﺳﺘﻪ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﺒ ‪‬‬

‫‪١٢‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢١٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺄﻛﻞ ﻧﻌﻢ ﺍﷲ ﻭﺗﺸﺒﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﻣﻨﻚ ﻣﻄﻠﻮﺑ‪‬ﻪ‪ .‬ﻻ ﺗﻮﻓﻴﻪ ﺣﻘﻪ!‬
‫‪١٣‬‬
‫ﺗﺮ ‪‬ﺩ ﺃﻣﺮﻩ! ﻻ ﲢﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺩﻩ!"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬
‫‪
¤4
9g
Xv67G‬א ‪




>e 
¥N‬و(د
‪
U(
l67G‬א\‪
k‬وא‪

ƒ ْB‬‬
‫‪
AْeJ‬ز‪
`
€
*Xl6FG




96‬א€‪

ْ¦
|b‬‬ ‫‪4‬ذא
‪
R`
1&O‬א
‬
‫>

‪
U(
§P
jH4
2‬א ‪



eF‬و‪

ƒ *~,9
U(
E
H4
0<
H‬‬
‫<= ‪
.‬و‪<
.e#‬אل
‪i‬و‪
‚


xv FG




|0‬א ‪~O‬ع
وא ‪

ْ_P‬‬
‫و‪
f

94‬א ‪ZT



.l9#
79
E
=O‬د*‪4
،U9‬ذא
[
‪


،.(
`7G‬א ‪

g2‬‬
‫(&‪
w& 
$6‬א _
‪#‬ذ‪'



£]c ,‬م
(‪
U‬א‪6'T‬אم
‪
wB
:‬א ‪

*bP‬‬
‫‪
i‬وو"



‪
wOY

E_ 
g‬א‪

gn‬‬ ‫و'‪(#
1Y#
6‬א ‬
‫>
‪
]"N
:
.Z_,O



!B#
¨
‰
H6(
9s‬א\‪*B‬ن
 ‪

}F‬‬
‫‪
.I)p‬و‪
|v
U(
.@#‬א د‪




Lv‬و‪
19#‬א 
‪
%e_G‬و‪
19#‬א 
‪*G‬و

‬
‫‪
L9‬א ‪
[7‬א ‪
[7 
+Y2O29
¨




!
”
*Xْ'#
v%,ْe©2‬א ‪

7‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪َ>*; ِ A d‬ـــ‪ِ6‬‬
‫?‪>h? ;-‬ـ ?ـــ ‪M‬‬ ‫‪;?.ْeُ% َw‬ـ ‪? َِ,‬ــــ ‪َ$>#f! 2ِ ~M‬ـــ‪6‬‬
‫‪?-ُ d‬ــ ‪> (? M- t‬ــ?‪ِ6‬‬
‫ََ‪f!?U‬ـ‪> ?.‬‬ ‫‪َV‬ـ‪f ?U;- ;.>cُ FG3 ِ >B?&M >Y?-‬ــ‪.‬‬
‫?َ ?‪G3‬ـ‪ُP‬ــــ‪?- ?6‬ــ ?~‪M‬ــ‪َ$3ْ A ?.‬ــــــ‪ِ6‬‬ ‫?‪ْb ? ِ,?&َ' َ3‬ـ? ?> ‪??BَXِ,‬ـــــ ‪M‬‬

‫‪١٣‬‬
‫ﻧﻔﺲ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺹ ‪.٣٧١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫!ـ‪0‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻋﺪ ﺭﺑﻨﺎ ﳌﻔﻌﻮﻻ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ‬
‫ﺖ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺑﺒﻼﺋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺑﺘﻠﻴﺘ‪‬ﲏ‪ ،‬ﻭﺑﻔﻀﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﻀﻠﺖ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺃﻥ‬
‫ﺑﻨﻌﻤﺘﻚ ﺍﻟﺴﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﻌﻤ ‪‬‬
‫ﺗﺪﺧﻠﲏ ﺍﳉﻨﺔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺩﺧﻠﲏ ﺍﳉﻨﺔ ﺑﻔﻀﻠﻚ ﻭﻣﻨﺘﻚ ﻭﺭﲪﺘﻚ‪.‬‬

‫ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ‪ ،‬ﻭﺇﻻ‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻮﺿﻰ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﺒ‪‬ﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻔﺘﻨﺔ‪ .‬ﺍﻟﻮ‪‬ﻻﻳ ﹸﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺟﺒﻬﺎ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ‬
‫ﻋﻈﻤﺘﻪ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﻨﻌ‪‬ﻢ ﺑﺮﲪﺘﻬﺎ ﻭﰲ ﻛﻨﻔﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻛ ﱡﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬
‫ﺃﲨﻌﲔ‪ ،‬ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻧﻌﻤﺔ ﺣﻘﺎ‪ .‬ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﺘﺂﻟﻒ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺐ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻹﺧﺎﺀ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ .‬ﰒ ﺃﻥ ﻳﺘﺂﻟﻒ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺎﻟﺸﻮﺭﻯ‪،‬‬
‫ﰒ ﻳﺘﺂﻟﻒ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻷﻭﱄ ﺍﻷﻣﺮ‪
.‬ﺇﳕﺎ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ‬
‫ﺇﺧﻮﺓ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺠﺮﺍﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪
(١٠ :‬ﻭﺃﻣﺮﻫﻢ ﺷﻮﺭﻯ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪
(٣٨ :‬ﺃﻃﻴﻌﻮﺍ‬
‫ﺍﷲ ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺃﻭﱄ ﺍﻻﻣﺮ ﻣﻨﻜﻢ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٥٩ :‬ﻧﺼﻮﺹ ﻗﻄﻌﻴﺔ‬
‫ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪.‬‬
‫ﻑ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻷﺧﻮﺓ ﳉﻤﻊ‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺗ‪‬ﻬﺪ‪‬ﻑ ﺇﱃ ﺇﲨﺎﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻛﻤﺎ ‪ ‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﲡﻤﻌﺖ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﲡﻤﻊ‬
‫ﲨ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻟﺘﺄﰐ ﻃﺎﻋ ﹸﺔ ﻣﻦ ﺃ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﻤﻞ ﻛﻠﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻟﺒﺎﺳﺎ ﻧﻠﺒﺴﻪ ﻭ ‪‬ﺣ ﹾﻠ‪‬ﻴ ﹰﺔ ﻧﺘﺰﻳﻦ ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ‪ ،‬ﻭﰲ ﺑﺎﻃﻦ‬
‫ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﻋﻘﻮﳍﻢ‪ ،‬ﻭﰲ ﺃﺧﻼﻕ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻭﻋﻼﻗﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﳐﻠﻔﺎﺕ ﺍﳌﺎﺿﻲ‬
‫ﻭﺃﺩﺭﺍ ‪‬ﻥ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻧﺘﺎﻧ ﹲﺔ ﻭﻗﺬﺍﺭ ﹲﺓ‪ .‬ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻃﻬﺎﺭﺓ ﻭﺗﻄﻬﺮ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﳒﺎﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺟﻬﺎﺯﺍ ﻧ‪‬ﺮﻛﺒﻪ ﺟﺎﻫﺰﺍ ﺇﻥ ﱂ ﻳﺴﺒﻖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺼﺤﺒﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺘﺒﻌﻬﺎ‪ ،‬ﺗﻄﻬﲑ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻮﱘ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻛﺴﺮ ﺍﻟﺒﺪﻉ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺗﺬﻭﻳﺐ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺎﺕ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﻗﻮﻣﺔ‬
‫ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ )ﻻ ﺃﺳﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﺛﻮﺭﺓ ﻷﻥ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﰲ ﺗﺎﺭﳜﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮ‪‬ﺎ‬
‫ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﺳﻠﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻭﰲ ﺣﺎﺿﺮ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻻ ﻳﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ(‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ‪‬ﻟﺪ‪‬ﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺷ‪‬ﻮﺭﺍﻩ ﺃﻋﺪﺍ ًﺀ ﻭﺧﺼﻮﻣﹰﺎ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ‪ .‬ﺗﻄﻬﲑ‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﻭﻋﻼﺟﻬﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺸﻮﺭﻯ ﻧﻔﺴِﻬﺎ‪ .‬ﻧﺘﺮﻙ ﻛﻞ ﲡﻤﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺭﺛﻨﺎﻩ‪،‬‬
‫ﻭﻧﺪﺧﻞ ﳓﻦ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻣﻜﻦ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺘﺒﺎﺭﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻭﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﲔ ﺍﻷﻣﺔ ﺣﱴ ﻳﻬﻠﻚ ﻣﻦ ﻫﻠﻚ ﻋﻦ ﺑﻴﻨﺔ ﻭﳛﲕ ﻣﻦ ﺣﻴﻲ ﻋﻦ‬
‫ﺑﻴﻨﺔ‪ .‬ﻭﺇﻧﻪ ﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﺪﻝ ﺃﻥ ‪‬ﺰﻡ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﺍﳍﺰﳝﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﳌﺸﻬﻮﺩﺓ‬
‫ﺤ‪‬ﺒﺖ‪ ‬ﻫﺰﳝﺘ‪‬ﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻫﺰﺍﺋ ‪‬ﻢ ﺃﺧﻼﻗﻴ ﹲﺔ ﻭﻓﻜﺮﻳ ﹲﺔ ﻭﺗﺪﺑﲑﻳ ﹲﺔ‬
‫ﺻ‪‬‬
‫ﰲ ﳎﺎﳍﻢ‪ .‬ﻓﺈﻥ ‪‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﻛﺴﺒﻨﺎ ﺃﺷﻮﺍﻃﺎ ﻻ ﺗﻌﻮ‪‬ﺽ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻧﺘﺰﺍﻉ ﺇﻣﺎﻣﺘﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﻳﺪﻱ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜ ‪‬ﺔ ﻟﺘﻌﻄﻴﻨﺎ ﻭﻻﺀﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻗﺘﻨﺎﻉ ﺭﺳ‪‬ﺨﺘﻪ ﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﻣﻨﺎﺀ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ‬
‫ﻭﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺾ ﰲ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﺔ!‬
‫ﺩﻋﻪ ﻳﺮﻛ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻴﺢ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻻ‬

‫ﺧﺮﻗﺎ ﳍﺎ‪ ،‬ﺃﻥ ﺗﺘﻨﻮﻉ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻳﻨﻘﱢﺢ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﺗ‪‬ﺨﺮﺝ ﻛﻞ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﲢﺖ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﳓﺮﺍﻓﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻫﺎﺕ ﻣﺎﻟﻪ ﺳﻨ ‪‬ﺪ ﻭﻻ ﺭﺻﻴﺪ ﺇﻻ ﻏﻤﻮﺿﻪ ﻭﺳ ‪‬ﺮﻳ‪‬ﺘﻪ‪ ،‬ﺗﺰﻋﻢ ﺃﻥ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻛﱰﹰﺍ‬
‫ﻻ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺇﲨﺎﻉ‪ ،‬ﻭﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻟﻺﲨﺎﻉ‪ ،‬ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟﻺﲨﺎﻉ‪.‬ﻓﺮﺽ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻛﻤﺎ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ .‬ﻭﻋﲔ ﻟﻠﺸﻮﺭﻯ ﻣﺮﺗﺒﺔ‬
‫ﰲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪ‬
‫ﺍﷲ ﺧﲑ ﻭﺃﺑﻘﻰ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﻋﻠﻰ ﺭ‪‬ﻢ ﻳﺘﻮﻛﻠﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﺘﻨﺒﻮﻥ ﻛﺒﺎﺋﺮ‬
‫ﺶ ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻏﻀﺒﻮﺍ ﻫﻢ ﻳﻐﻔﺮﻭﻥ‪.‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﻮﺍ ﻟﺮ‪‬ﻢ‬ ‫ﺍﻻﰒ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺣ ‪‬‬
‫ﻭﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺃﻣﺮﻫﻢ ﺷﻮﺭﻯ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﳑﺎ ﺭﺯﻗﻨﺎﻫﻢ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺃﺻﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﺒﻐﻲ ﻫﻢ ﻳﻨﺘﺼﺮﻭﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣٧ :‬ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﰲ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺃﻓﺮﺩﻧﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﳓﻘﻖ ﺇﲨﺎﻋﺎ ﺑﲔ ﻗﻮﻡ ﺇﳝﺎ‪‬ﻢ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻧﻘﺎﺵ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺗﻮﻛﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺭ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﳚﺘﻨﺒﻮﻥ ﻛﺒﲑﺓ ﻭﻻ ﺻﻐﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﰒ‪ ،‬ﻭﻻ ﺻ ‪‬ﱪ ﳍﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻭﻳﻌ‪‬ﻨﻔﹸﻮﻥ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮﺍ ﻟﺮ‪‬ﻢ ﻭﻻ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﺈﳕﺎ‬
‫ﻧﻌﺒﺚ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻧﻌﺒﺚ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺍﻟﺪﻋﻮﻱ‬
‫ﻚ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﰲ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﻫﺎﺩﻓﺎ ﺇﱃ ‪‬ﺳ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﺧﻴﻂ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﰲ‬
‫ﺍﷲ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﺫﻛﺮ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻭﺫﻛﺮ ﺭ ‪‬ﺩ‬
‫ﺍﻟﺒﻐﻲ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺣﺪﻫﺎ‪ ،‬ﺑﺘﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤ ﹶﻞ‬
‫ﱀ ﻣﻦ ﺑﺮ ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭ‪‬ﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﺗﻌﻄﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﺼﺎ ﹶ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺘﲔ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﳊﻮﺯﺓ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﻧﺼﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺇﲨﺎﻉ ﻓﻘﻬﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﺸﻮﺍ ﱡﺫ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻣﻠﺰﹺﻣﺔ ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺜﺎ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺎ ﳌﺎ ﺯﻋﻤﻪ ﺑﻌﺾ‬
‫ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻣﺲ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﳉﺎﺭﻳﻦ ﳎﺮﺍﻫﻢ ﺍﳌﻨﺤﺼﺮﻳﻦ ﰲ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ‪ .‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﺟﻴﺤﻬﺎ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺒﻠﻮﻍ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﳋﻤﺴﲔ‬
‫ﺐ ﺧﺮﺏ‪ .‬ﻭﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﰲ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ‬ ‫ﰲ ﺍﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺩﺧﻮﻝ ﰲ ﺟ‪‬ﺤﺮ ﺿ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﻥ ﳛﺪﺩ ﻋﺘﺒ ﹰﺔ ﺃﺭﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺮﺟﺢ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳋﻤﺴﲔ‪ ،‬ﻧﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺃ‪‬ﺎ ﺷﺒﻪ ﺇﲨﺎﻉ ﻻ ﳚﻮﺯ ﻟﻠﻤﺴﺘﺸﲑ ﺃﻥ ﳜﺮﻗﻪ ﻛﻤﺎ ﻻ‬
‫ﳚﻮﺯ ﻟﻪ ﺃﻥ ﳜﺮﻕ ﺍﻹﲨﺎﻉ‪.‬‬
‫ﺏ ﺇﱃ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺇﱃ ﻧﺪﺏﹴ‪ ،‬ﰲ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻧﺎﺯﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻭﺟﻮ ﹴ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻛ ﱡﻞ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﻋﻴﺔ ﻭﻣﺆﺳﺴﺔ‬
‫ﺗﻨﺘﻈﻤﻬﻢ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺇﱃ ﺃﺻﻐﺮ ﻭﺣﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺍﳉﺰﺋﻲ‪.‬‬
‫ﻱ‪ .‬ﺍﻟﺸﻖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻫﻮ‬ ‫ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ‪‬ﺷﻘﱠﺎ ‪‬ﻥ‪ :‬ﺗﺸﺮﻳﻌ ‪‬ﻲ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ‪‬‬
‫ﻉ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﺳﻴﺪ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺃﻱ ﻋﺒﺪﹰﺍ‬ ‫ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ .‬ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﻛﻮﻥ ﺍﳌﺸ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﳍﻮﺍﻩ ﻭﻟﻠﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌ‪‬ﺒﺪ‪‬ﻩ ﻭﻳﻨﺎﻓﻘﹸﻪ‪ ،‬ﻭﻛﻮ ‪‬ﻥ ﺍ‪‬ﺘﻬﺪ ﻭﺍﳌﺴﺘﺸﺎﺭ ﺍﳌﻮﻣﻦ‬
‫ﻳﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﲢﺮﻱ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﺪﻑ ﻣﺸﺘﺮ‪‬ﻙ ﺑﲔ ‪‬ﺩ ‪‬ﺭ ‪‬ﺓ ﺗﺎﺝ ﺍﳊﻜﻤﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﱪﺟ‪‬ﻮﺍﺯﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ )ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ( ﻭﺑﲔ ﺣﻘﻨﺎ ﺍﳌﺴﻠﻮﺏ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ‪ :‬ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪.‬‬

‫ﻭﻣﻦ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﲣﺼ‪‬ﺺ ﳎﻠﺲ‪ ،‬ﺃﻭ ﳎﺎﻟﺲ‪ ،‬ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺡ‬
‫ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪ ،‬ﻭﲣﺼ‪‬ﺺ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﲑ‪.‬‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﺍﻟﺮﺍﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﻣﺮ‪‬ﻫﺎ‪ ،‬ﺍﳌﺒﺘﺪﺋﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺒﺎﺩﺭﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺽ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪:‬‬ ‫ﻳ ‪‬ﻌ ﹺﺮﺿ‪‬ﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻔ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮﻥ ﺍﳉﺎﻣﻌﻮﻥ ﺑﲔ ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺗﻨﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪،‬‬
‫ﰒ "ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻞ ﻭﺍﻟﻌﻘﺪ" ﺃﻱ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﰲ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫‪‬ﻳ ﹾﻘﺘ‪‬ﺪﻱ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﰒ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ ﻭﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻓﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﻋﻠﻤﺎﺅﻫﺎ ﻫﻢ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻓﺎﺀ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪ .‬ﰒ ﺗﺪﺧﻞ ﻃـﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺘﺎﺋﺒﲔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﰲ ﺍﳌﻀﻤﺎﺭ‬
‫ﳜﺎﻃﺒﻬﻢ ﻟﺴﺎ ﹸﻥ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻭﺍﻷﺧﻮﺓ‪
:‬ﻻ ﺗﺜﺮﻳﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ‪ .‬ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻜﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﲪﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٩٢ :‬ﻭﻳﺸﺎﺭﻙ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ‬
‫ﺡ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮﻯ‪ ،‬ﺑﺪ‪‬ﻻﹶﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﺭﻳﺜﻤﺎ ﻳﻠﻤﺴﻬﻢ ﺟﻨﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ‪‬ﻌﺸ‪‬ﻬﻢ ﻧﺴﺎﺋﻢ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻓﻴﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ ،‬ﺗﻌﺒ‪‬ﺪﹰﺍ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺇﺧﻼﺻﺎ ﻭﺧﺪﻣ ﹰﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻫﻨﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﻭﺍﻷﳘﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﺳﻮﺍﺀ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺓ ﺃﻭ ﺟﺒﻬﺔ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﻣﺘﻌﺎﻭﻧﺔ ﺃﻭ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﳚﺐ ﺃﻥ ﻻ‬
‫ﺾ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﳒﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻓﺸﻼ‪‬ﺎ‪ :‬ﳚﺐ ﺃﻥ‬ ‫ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿ ‪‬ﻊ ﺭﻓ ﹴﻊ ﻭﺧﻔ ﹴ‬
‫ﺴﻘ‪‬ﻂ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻥ ﱂ ﲢﻘﻖ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﻭﺍﻟﻮﻋﻮﺩ‬
‫ﻻ ﻧﺮﺑﻂ ﻣﺼﲑ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﻮﻋﻮﺩ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻘﻂ ﺍﳊﺰﺏ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﱃ‬

‫ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﻟﻨﺴﺘﻘ ‪‬ﻲ ﺇﳝﺎﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻧ‪‬ﻀﻴﹶﺌ ‪‬ﻪ ﺑﻨﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﻨﻄ‪‬ﻠ ‪‬ﻖ ﻋﻘﻮﻟﹸﻨﺎ‪ ،‬ﻭﳓﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﺍﺀ ﺑﻮﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﳊﺎﺿ ﹺﺮ ﻭﺗﻮﻗﻌﺎﺕ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ‬
‫ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻮﺛﻮﻕ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺍ ‪‬ﳌﺼ‪‬ﺮ‪ .‬ﺑﻘﻠﻮﺏ‬
‫ﻛﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺻﻔﺎ ًﺀ ﻭﺑﻌﻘﻮﻝ ﻣﺴﻠﱠﺤ ‪‬ﺔ ﺑﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﺐ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﱵ‬ ‫ﺤ ‪‬ﺔ ﲝﻜﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺩﺭﻭﺱ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ‪ ،‬ﳒﻴ ‪‬‬ ‫ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺴﱠﻠ ‪‬‬
‫ﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﳕﺎﺫﺝ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﲢﺪﻳﺎ ‪‬‬
‫ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ ﻋﻘﻼﻧﻴ ﹲﺔ ﻣﻄﺒ‪‬ﻘ ﹲﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺬﻫﺒﻨﺎ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‬
‫ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻠﻨﺎﻫﺎ ﻣﻄﻠﺒﺎﹰ‪ ،‬ﻭﺍﲣﺬﻧﺎﻫﺎ ﻫﺪﻓﺎ‪ ،‬ﻭﻧﻨﻔﺬﻫﺎ ﻗﺮﺑﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﺲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻭﺍﳌﻤﻜﻦ‪ ،‬ﻭﲣﻠﻒ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﻛﻞ‬ ‫ﺗﻀﺎﺭﻳ ‪‬‬
‫ﻣﻀﻤﺎﺭ ﻋﻤﻠﻲ‪ ،‬ﳚﻌﻞ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻨﺎﺻ ‪‬ﺮ ﻟﻘﻠﻨﺎ ﺇ‪‬ﺎ ﺑﻌﻴﺪﺓ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳌﻘﺪ‪‬ﺭ ﺍﳌﻘﺘﺪﺭ ﻧﺒﺎﺷﺮ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺩﻭﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﻟﻨﺤﺮﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﲑ ﺍﳋﻨﻮﻉ‪ ،‬ﻭﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﻋﻮﻳ‪‬ﺔ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺭﺑﻘﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻟﻸﻗﻮﻳﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﺍﳉﺒﺎﺭﻳﻦ‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻧﻨﺘﻘﻞ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﻉ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺇﱃ ﻧﻈﺎﻡ ﻻ ﺗﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﳛﺪﻭﻩ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻳﺆﺩﻳﻪ ﻛﻞ ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ‬
‫ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﰲ ﺷﻮﺭﻯ ﻋﺎﻣﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻻ ﺗﻨﻌﺰﻝ ﰲ ﺻﻮﻣﻌﺘﻚ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻻﻋﺘﺰﺍﻝ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻊ ﺍﳉﻬﻞ ﻓﺴﺎﺩ ﻛﺒﲑ ﻛﻠ ‪‬ﻲ)‪ .(...‬ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻘﻌﺪ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺼﻮﻣﻌﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﺣﺪ ﲣﺎﻓﻪ ﻭﺗﺮﺟﻮﻩ‪ .‬ﻻ ﻳﺒﻖ ﻟﻚ ﺇﻻ ﳐﻮﻑ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻣﺮﺟﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻫﻮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻑ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﺗﻘﺮﺑﺎ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﺃﻗﻢ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺍﻧﺼﺮﻩ‬ ‫"ﻣﺎ ﺃﻋﺮ ‪‬‬
‫ﻟﻮﺟﻬﻪ ﻻ ﻟﻮﺟﻪ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺍﻟﺼﺪ‪‬ﻳﻖ ﻳﺴﻤﻊ ﺻﺮﺍﺥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻗﻠﺒ‪‬ﻪ ﻭﺳﺮ‪‬ﻩ‪ .‬ﺇﺫﺍ‬
‫ﺧﺮﻕ ﺍﻟﻌﻮﺍ ‪‬ﻡ ﺣﺪﻭﺩﻩ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﺃﺗﻮﺍ ﻣﻨﺎﻫﻴ‪‬ﻪ ﻭﺗﺮﻛﻮﺍ ﺃﻭﺍﻣﺮ‪‬ﻩ ﻭﺭﻓﻀﻮﻩ ﻭﺭﺍﺀ‬
‫ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﺮﺥ ﻭﻳﺴﺘﻐﻴﺚ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻓﻴﺸﻤ‪‬ﺮ ﻭﻳﻘﻒ ﰲ‬
‫ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﳜﺮﹺﻕ ﺍﳊﺪﻭﺩ‪ .‬ﻳﻌﻴﻨ‪‬ﻪ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﻳﻨﺼﺤﻪ‬
‫ﺏ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﺓ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﺑﻘﻮﺓ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫﻮﺍﻩ ﻭﻃﺒﻌﻪ‬ ‫ﻭﻳﺬ ‪‬‬
‫ﻭﺭﻋﻮﻧﺘﻪ ﻭﺟﻬﺎﻟﺘﻪ ﻭﻧﻔﺎﻗﻪ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ‪ .‬ﻻ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺣﱴ ﺗﺼ ‪‬ﲑ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ! ﺃﺑﻄﻠﻮﺍ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﻭﺗﻌﻠﻘﻮﺍ ﺑﺎﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫"ﻻ ‪‬ﺗ‪‬ﺒ ‪‬ﻬ ﹺﺮﺟ‪‬ﻮﺍ ) ﻻ ﺗﺪﻓﻌﻮﺍ ﺩﺭﺍﻫﻢ ﻣﺰﻳﻔﺔ ( ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺑﺼﲑ! ﻻ ﻳﺄﺧﺬ‬
‫ﻣﻨﻚ! ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺒﻬﺮﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻌﻜﻢ! ﺍﺭﻣﻮﺍ ﺑﻪ! ﻻ ﺗﻌﺪ‪‬ﻭﻩ ﺷﻴﺌﺎ! ﻣﺎ ﻳﺆﺧﺬ‬
‫ﻣﻨﻚ!)‪(...‬‬
‫"ﺍﻷﻛﺜﺮﻭﻥ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﺪ‪‬ﻋﻮﻥ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﻫﻢ ﻣﻨﺎﻓﻘﻮﻥ! ﻟﻮﻻ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ‬
‫ﺕ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻱ‪ .‬ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﳊﻠ ‪‬ﻢ ﲤﺘﺤﻨﻪ ﺑﺎﻹﻏﻀﺎﺏ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﻜﺮﻡ‬‫ﻟﻜﹸﺜ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﲤﺘﺤﻨﻪ ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﲤﺘﺤﻨﻪ ﺑﻀﺪﻩ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺩﻋﻮﺍ ﻋﻨﻜﻢ ﺍﳍﻮﺱ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺰﻣﻮﺍ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻜﻢ‪ ،‬ﺍﳌﺘﻘﻮﻥ ﳍﻢ‬

‫ﺍﻟﺮﺏ‪ .‬ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﰲ ﺍﻷﺻﻞ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻌﺎﺻ ‪‬ﻲ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻉ‪ ،‬ﰒ ﺗﻌﻠﻘﻮﺍ ﺑﹺﺤﺒﹶﻠ ‪‬ﻲ‬
‫ﺨﻠﹼﻮﳘﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫"ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﺮﱘ‪ ،‬ﻻ ﳚﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ ﺧﻮﻓﲔ‪ .‬ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺧﻮﻑ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻡ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻛﻠﻬﻢ ﻭﺷﺮ‪‬ﻢ ﻭﻟﺒﺴﻬﻢ ﻭﻧﻜﺎﺣﻬﻢ ﻭﲨﻴﻊ ﺗﺼﺮﻓﻬﻢ‪.‬‬
‫ﺗﺮﻛﻮﺍ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻭﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﻼﻝ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺏ ﺭ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﻭﺳﻮﺀ ﻋﺬﺍﺑﻪ‪ .‬ﺗﻮﺭ‪‬ﻋﻮﺍ ﰲ ﻣﺄﻛﻮﳍﻢ ﻭﻣﺸﺮﻭ‪‬ﻢ ﻭﲨﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﳍﻢ‪ .‬ﺗﺮﻛﻮﺍ‬
‫ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺯﻫﺪﹰﺍ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﲤﻜﻦ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﺻﺎﺭ ﻣﻌﺮﻓﺔ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﲤﻜﻨﺖ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺟﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺼﺎﺭ ﺗﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ‪ .‬ﻓﻼ ﺟﺮﻡ ﺍﻧﺰﻭﻯ ﻋﻨﻬﻢ‬
‫ﺸ‪‬ﺒ ‪‬ﻪ ﻭﺍﳌﺒﺎﺡ‪.‬ﻭﺑﻘﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﳊﻼﻝ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺣﻼﻝ‬ ‫ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟ ‪‬‬
‫‪١٤‬‬
‫ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻬﻤﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﻻ ﳜﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﳍﻢ ﻏﲑ‪‬ﻩ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻇﺎﻣﺊ ﺇﱃ ﺭﲪﺔ ﺭﺑﻪ ﻣﻜﺘﻒ ﺑـ"ﺍﳊﻼﻝ ﺍﳌﻄﻠﻖ"‪:‬‬
‫‪
.I)p‬و‪



%YO2.
.6
/"
H‬و‪

!g. 
w0

+F7
\
Ul9#‬‬
‫و')‪
w&
.‬א‪o‬د
‪
d)O9‬א ‪
.

5].
U(




Ui‬و‪
(
6*7‬א ‪6F‬ق

‬
‫
‪6‬د‪
je#
9‬د‪
O2v9‬ذ‪




.9‬و‪
UY&
E)(
H‬و‪

%Y*.G
] G
H‬‬
‫و'‪
6‬ز
‪
E#‬א‪
&l2 
6o‬دو‪
+6



.9‬و[
‪
|2N
L<
+ª‬א ‪

&2‬‬
‫>
ز|
‪
:‬א‪0T‬ض
‪



)2&G
6&G‬و‪
]}e9
:
£]v90
H‬א ‪0*  
be‬قƒ

‬
‫"‪
U(
C”
‰
..‬א ‪
:
¥N‬א ‪#
%_OPG
•?),p
1}i=



>e‬و(
א ‪g‬ق

‬

‫)‬
‫?ــ>‪?-f (? M- ً-‬ـــ ِ( ـ‪َe‬ــ‪M3‬ــ ْ‬ ‫‪l‬‬
‫€ 'َـــ ?‬
‫‪َo َw‬ـ‪>#‬ـــ ?
ِ‪? >6‬ــــ ?‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫)‬
‫ـ!‪M3َ ; A& ;F?*>? ;ZM‬ـ ْ‬ ‫‪ْ3R} d‬ــ‪ْ? ،;2‬ـــــــ‬
‫َ‪; ? ً.َn‬ــ ;‬
‫)‬
‫َ‪ُL‬ـــْـــــــ ;‪ MFG3M 2‬ـ?ـــ‪M3‬ــــ ْ‬ ‫?‪َُ%‬ــــ‪;: ;6‬ـــ?‪?, 0‬ـ‪>#‬ـ&?ــ&?ــــ‬

‫‪١٤‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٩١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪5  1 2 (.%  34‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﻚ ﺭﲪﺔ ﻭﻫﻴﺊ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺭﺷﺪﺍ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ‬
‫ﺯﺩﻧﺎ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻭﻳﻘﻴﻨﺎ ﻭﻓﻬﻤﺎ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻝ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻘﻮﻣﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﻳﺮﻏﺒﻬﻢ ﻓﻴﻪ‪:‬‬
‫
ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ ﺭﺑﻜﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻔﺎﺭﺍ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﺪﺭﺍﺭﺍ ﻭﻳ‪‬ﻤﺪﺩﻛﻢ‬
‫ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻭﺑﻨﲔ ﻭﳚﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻭﳚﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺃ‪‬ﺎﺭﺍ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻧﻮﺡ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٠ :‬ﻓﻮﻋﺪ‬
‫ﲜﺰﺍﺀ ﺃﺭﺿﻲ ﺩﻧﻴﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳐﺎﻃﺒﺎ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ‪
:‬ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻫﻞ ﺃﺩﻟﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﲡﺎﺭﺓ ﺗﻨﺠﻴﻜﻢ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢ‪ .‬ﺗﻮﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﲡﺎﻫﺪﻭﻥ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﺑﺄﻣﻮﺍﻟﻜﻢ‬
‫ﻭﺃﻧﻔﺴﻜﻢ‪ .‬ﺫﻟﻜﻢ ﺧﲑ ﻟﻜﻢ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻜﻢ ﺫﻧﻮﺑﻜﻢ‬
‫ﻭﻳﺪﺧﻠﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﲡﺮﻱ ﻣﻦ ﲢﺘﻬﺎ ﺍﻷ‪‬ﺎﺭ ﻭﻣﺴﺎﻛﻦ ﻃﻴﺒﺔ ﰲ ﺟﻨﺎﺕ ﻋﺪﻥ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ .‬ﻭﺃﺧﺮﻯ ﲢﺒﻮ‪‬ﺎ ﻧﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﻓﺘﺢ ﻗﺮﻳﺐ‪ .‬ﻭﺑﺸﺮ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺎﺕ‪ (١٣-١٠ :‬ﻭﺟﻌﻞ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﺗ‪‬ﻌﻄﺎﻫﻢ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﺍﳌﺆﻟﻔﺔ ﻗﻠﻮﺑ‪‬ﻬﻢ ﺍﳊﺪﻳﺜﻲ ﻋﻬﺪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻌﻄﺎﻫﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺜﺒﺘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﻩ ﺃﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﳍﺎ ﺗﺒﺸ ‪‬ﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‬

‫"ﺑﺎﻷﺧﺮﻯ" ﺍﻟﱵ ﳛﺒﻮ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳉﺪ‪‬ﺩ ﻟﻴﺜﺒﺘﻮﺍ‪ ،‬ﻭﳐﺎﻃﺒ ﹸﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﲔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﳊﺴ‪‬ﺎﺳﺔ ﰲ ﺣﻴﺎ‪‬ﻢ‪ ،‬ﺟﻬﺔ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ‪.‬‬
‫ﻓﻬﻞ ﻣﻌﲎ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻟﻠﺪﻋﺎﺓ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻄﻠﻘﻮﺍ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺑﺎﻟﺮﺧﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﻓﺮﺓ ﻭﺣ ﱢﻞ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻄﹶﻠ ‪‬ﻖ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ؟ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﻨﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﻗﺮﻳﺒﺎ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻟﻨﺘﺒﲔ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻷﻥ ﺍﳋﻄﺄ ﰲ‬
‫ﻓﻬﻤﻪ ﻗﺪ ﳚ ‪‬ﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺯﻟﺔ ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ‪ .‬ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻢ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﳌﻮﺕ ﻓﺠﺎﺀ‬
‫ﺭﻫﻂ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﻳ‪‬ﻌﻮﺩﻭﻧﻪ ﻭﻳﺸﻜﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﳏﻤﺪﹰﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻳﺮ ‪‬ﺩ ‪‬ﺩ ﺃﺑﻮ ﺟﻬﻞ ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻪ‪" :‬ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻃﺎﻟﺐ! ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻚ ﻳ‪‬ﺸﺘ‪‬ﻢ‬
‫ﺁﳍﺘﻨﺎ‪ ،‬ﻳﻘﻮﻝ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻭﻳﻔﻌﻞ ﻭﻳﻔﻌﻞ!" ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﲜﻮﺍﺭ ﻓﺮﺍﺵ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﺎﺭﻍ‪ ،‬ﻓﻮﺛﺐ ﺃﺑﻮ ﺟﻬﻞ‬
‫ﻕ ﻟﻪ ﺃﺑﻮ‬‫ﻓﻘﻌﺪ ﻓﻴﻪ ﳐﺎﻓﺔ ﺃﻥ ﳚﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓ ﹺﲑ ‪‬‬
‫ﻃﺎﻟﺐ‪ .‬ﻓﻠﻢ ﳚﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﳎﻠﺴﺎ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻓﻔﺮ‪‬ﻗﻮﺍ ﺑﻴﻨﻪ‬
‫ﻭﺑﲔ ﻋﻤﻪ ﻣﻨﺎﻭﺭﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺣﺮﺑﺎ ﻧﻔﺴﻴﺔ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﻠﱠﻤﻪ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺃﺟﺎﺏ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻳﺎ ﻋﻢ! ﺇﳕﺎ ﺃﺭﻳﺪ‪‬ﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗ‪‬ﺪﻳ ‪‬ﻦ ﳍﻢ ‪‬ﺎ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗﺆ‪‬ﺩﻱ ﺇﻟﻴﻬﻢ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻌﺠﻢ ﺍﳉﺰﻳﺔ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ‬
‫ﻋﺒﺎﺱ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻣﻸ ﻗﺮﻳﺶ ﰲ ﺣ‪‬ﺸﺪﻫﻢ‪ ،‬ﺧﺎﻃﺒﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬
‫ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻋﺎﻣﺎ "ﲨﺎﻫﲑﻳﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ"‪ ،‬ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻻ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻒ ﻣﻮﺍﺟﻬ ‪‬ﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮ ‪‬ﺓ‪ .‬ﱂ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮﺍ ﻛﻤﺎ ﱂ‬ ‫ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻋﺼﺒﻴ‪‬ﺔ ﳎﺴ‪‬ﺪﺓ ﻭﻣﻮ‪‬ﻗ ‪‬‬
‫ﻳﺴﺘﺠﺐ ﺍﳌﻸ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻷ‪‬ﻢ ﲰﻌﻮﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻪ‬
‫"ﺗﺪﻳﻦ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺗﺆﺩﻱ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﺠﻢ ﺍﳉﺰﻳﺔ"‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻌﲎ ﺫﻟﻚ ﲡﺮﻳﺪﻫﻢ ‪‬ﻫ ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ‪‬ﻳ ﹶﻜ ‪‬ﻮ ﹸﻥ ﺳﻴﺎﺩ‪‬ﻢ ﻭﺷﺮﻓﻬﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ .‬ﻳﻌﲏ ﺫﻟﻚ ﲢﻄﻴﻢ ﺃﻧﺎﻧﻴﺘﻬﹺﻢ‪ ،‬ﻭﻛﺴ ‪‬ﺮ ﺃﺻﻨﺎﻣﻬﻢ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺒﻜﺔ‬
‫ﺻﻴﺪﻫﻢ ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺣﺞ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌ ‪‬ﺪ ﻓﺈﻥ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪،‬‬
‫ﻭﳘﻮﻡ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ‪ ،‬ﻭﻗﻮﺍﻡ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺒﺰ ﻟﻠﺠﺎﺋﻊ‪ ،‬ﻭﺳﻜﻦ‬
‫ﻟﻠﻀﺎﺣﻲ‪ ،‬ﻭﺻﺤﺔ ﻟﻠﺴﻘﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻠﻌﺎﻃﻞ‪ ،‬ﻭﻣﺪﺭﺳﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻝ‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ‪ ،‬ﻭﺭﺧﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺧﺼﺐ‪ ،‬ﻭﺭﺍﺣﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻗﻨﺎ ﹲﺓ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻟﺘﺒﻠﻴﻎ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﲢﺒﻴﺒﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﻠﺘﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﳎﺎﻻﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳌﻨﺸﻮﺩ ﹶﻟ ‪‬ﻤ ‪‬ﻦ ﺍﳌﺆﻳﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ‪.‬‬
‫ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﲔ ﺍﳌﺮﺯﻭﺋﲔ ﲢﺖ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺽ‬
‫ﻭﺍﳉﱪﻱ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﳊﻴﻮﻳﺔ ﻟﻴﻄﻤﺌﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ‬
‫ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺭﺻﻴﺪ ﺩﻳﲏ‪ ،‬ﳏﺮﻭﺯ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﳏﺘﺮ ﹴﻡ ﰲ ﺍﻟﺼﻤﻴﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ‪ ،‬ﻻ ﻳﺼﻄﺪﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﻌﺎﺷﻲ ﻭﻻ ﻳ‪‬ﻨﻜﺮﻩ ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺒﻌﺪﻩ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻳﺘﺠﺎﻭﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻊ ﺍﳍﻢ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﻭﻳﺆﻳﺪ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﶈﺮﻭﻣﲔ‪ .‬ﻛﺜﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﺒﺆﻭﺳﲔ ﺗﻠﻌﺐ ‪‬ﻢ ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﺴﺎﻭﻣﺔ ﻭﺃﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﲰﻌﻮﺍ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻣﻮﺻﻮﻟﺔ ﲟﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺰﺍﺯ ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ ﻭﻣﻦ‬

‫ﺑﻘﺎﻳﺎ ﲤﺴﻜﻬﻢ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ﺍﳌﺸﺘﺎﻕ ﻛﺎﺩﻭﺍ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺃﺷ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺮﺻﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻐﺎﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻆ ﺍﻟﺰﺍﺟﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺇﺳﻼﻡ‬
‫"ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ" ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﻔﺰﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﱪ‪ ،‬ﱂ ﳛﻮﻣﻮﺍ ﺣﻮﻣﺔ ﺣﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮﺓ‪.‬‬
‫ﻳﻜﺎﺩ ﺍﳌﺒﺆﻭﺳﻮﻥ‪ ،‬ﻋﻨﺪ ﲰﺎﻉ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﳘﻮﻡ ﺍﻟﺒﻄﻦ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻘﻒ ﻭﺍﳉﻴﺐ‪ ،‬ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﻳﻌﻘﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻧﺎﻣﻞ‬
‫ﻒ‬
‫ﻭﳛﻤﻠﻮ‪‬ﺎ ﺑﺎﻷﺫﺭﻉ ﻭﳛﻤﻮ‪‬ﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﺍ ‪‬ﺯ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻒ ﺇﺳﻼﻡ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺇﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺮﲰﻲ ‪‬ﻭ ‪‬ﺯ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻮﻣﺮﻭﻥ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻤﲔ ﻻ ﺍﻃﻼﻉ ﳍﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻮﺍ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺑﱠﺜﺘ‪‬ﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻼﻳﻴﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻛﺮﻫﻮﺍ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺇﻻ ﳌﺎ ﻳﺮﻭﻥ ﻣﻦ‬
‫ﻧﻔﺎﻕ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ‪ .‬ﻫﺆﻻﺀ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﻓﺬ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻜﺎﺩ‬
‫ﺽ ﰲ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻳﺄﻟﻔﻮﻧﻪ ﻭﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻪ ﳚﻠﺒﻬﻢ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺣﲔ‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺒﺼ ‪‬ﲑ ﺍﳌﻌﺮﻭ ‪‬‬
‫ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ ﲢﻠﻴﻠﻨﺎ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﻭﻋﺮﺿ‪‬ﻨﺎ ﻟﻠﺮﺃﲰﺎﻟﻴ ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﻴ ‪‬ﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ‪‬ﻧ ﹶﻔ‪‬ﻨﺪ‪‬ﻫﺎ ﻭﻧﺴﺘﻘﺒ ‪‬ﺢ ﺍﻻﺳﺘﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻗﺘﺮﺍﺣﻨﺎ‬
‫ﻟﻠﻌﺪﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺑﺮﻩ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﻭﺃﺧﻮﺗﻪ ﻧﺴ ‪‬ﻮ ‪‬ﺩ ﺑﺎﻗﺘﺮﺍﺣﻨﺎ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋ‪‬ﻨﺎ‬
‫ﺽ ﻭﺟ ‪‬ﻪ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﻴﺔ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻭﺳﺎﺋﻠﹶﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺍﻵﻥ ﻳﻘﺪﺭﻭ‪‬ﺎ‬ ‫ﺍﳌﻌﺮﻭ ﹺ‬
‫ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ ﺛﻮﺭﺓ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﰲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‪ ،‬ﻟﺘﻌﺒﺌﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺣﻴﺎﺯﺓ ﺛﻘﺘﻬﺎ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﲨﺎﻫﲑﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﺍﻟﻌﺰﺓ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﺻﺒﺢ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﺳﺎﺧﻄﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﳌﺘﻮﺳﻄﺔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻤﺔ‬

‫ﺍﻟﱵ ﲡﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺮﻧﺎﻧﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻻ ﲡﻴﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﲑﻫﺎ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻑ ﺍﳌﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ‬ ‫ﺇﺟﺎﺩ‪‬ﺎ ﻟﺼﻨﻊ ﺍﳍﺰﺍﺋﻢ ﻛﻤﺎ ﺻﻨﻊ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‪ .‬ﻭﹶﻗ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ‪ ،‬ﻣﻨﺬ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺗﺮﺟﻊ ﺍﻟﻘﻬﻘﺮﻯ‪ ،‬ﺟﻬﺎﺭﺍ ‪‬ﺎﺭﺍ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﺜﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺇﱃ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ‬
‫ﺗﻠﻬ‪‬ﺚ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺍﳌﱰﻭﻉ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻟﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻓﻘﻂ ﻫﻲ ﻋﲔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ‪ .‬ﻗﺮﻓﻮﺍ ﻭﻣﻠﹼﻮﺍ ﻣﻨﺬ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ‬
‫ﺗﺒﺼﺒﺺ ﺑﺬﻧﺒﻬﺎ ﻓﺮﺣﺎ ﻟﻌﻮﺩﺓ ﻏﺮﺑﺎﺗﺸﻴﻒ ﺑﺎﻟﺮﻛﺐ ﺍﻟﻀﺎﺋﻊ ﻣﻦ ﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ‬
‫ﺇﱃ ﳏﻄﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻫﺆﻻﺋﻚ ﺍﳌﺒﺆﻭﺳﻮﻥ ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ ﻭﻳﻨﻔﻌﻨﺎ ﺃﻥ‬
‫ﻧﻜﻠﻤﻬﻢ‪ ،‬ﻛﻠﻤﺔ ﺻﺪﻕ‪ ،‬ﻛﻠﻤ ﹰﺔ ﻧﻮﻣﻦ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻹﳍﻲ ﻟﻨﻬﻀﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻛﻔﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺯ‪ ،‬ﻭﻋﺰﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻝ‪ ،‬ﻭﺣﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺕ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻕ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺃﻥ ﺗﺒﺸﺮ ﺑﺼﻼﺡ ﺩﻧﻴﺎ ﺍﳌﺴﺘﻐﻔﺮﻳﻦ ﻭﺑﲔ ﺃﻥ ﻧﻘﺪﻡ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ "ﺩﻟﻴﻞ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ" ﻭ"ﺇﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ"‬
‫ﻭ"ﺗﻌﺒﺌﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻨﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ"‪ .‬ﻛﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ ﻭﺍﻟﺘﺰﻭﻳﺮ‬
‫ﺍﳌﺎﺳﺦ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻼ ﺑﺪ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﺪ‪‬ﻩ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻛﻠﱢﻪ‪ ،‬ﻣﻦ ‪‬ﻀﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﺕ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺋ ‪‬ﺪ ﻭﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺑﻌﺪﻝ‬
‫ﺗﺘﻮﺯﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎ ‪‬‬
‫ﺷﺎﻣﻞ ﻭﻧﻴﺎﺕ ﺃﺧﻮﻳﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ‪ .‬ﻟﻨ ﹸﻘﻠﹾﻬﺎ ﺻﺮﳛﺔ ﺻﺎﺭﺧﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ‬
‫ﲏ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﺎﻩ ﻭﺍﻟﻔﻘﲑ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺮﻩ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺼﺎﱀ‬ ‫ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺈﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﻐ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻥ ﱂ ﳛﺮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﻣﻦ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﶈﺘﻜﺮﻳﻦ‬

‫ﺍﶈﻠﻴﲔ ﻭﻣﻦ ﺍﺳﺘﻄﺎﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﻜﱪﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﲔ‪ .‬ﻻ ﻳﻌﲏ ﺗﺴﻮﻳ ‪‬ﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺟ ‪‬ﻪ‬
‫ﲔ ﻣﻼﹼﻙ ﳛﺘﻮﺵ‬ ‫ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﺼﺎﺭﺧﺔ ﺑ ‪‬‬
‫ﺹ‬‫ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﺭﺃﲰﺎﱄ ﻳﺴﺨﺮ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﳌﺒﺆﻭﺳﲔ‪ .‬ﻭﻻ ﻣﻨﺎ ‪‬‬
‫ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺇﱃ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻷﺧﻮﻱ‪ ،‬ﻣﻦ ﻛﺴﺮ ﺍﳊﻮﺍﺟﺰ‬
‫ﻭﺇﻋﺎﺩ‪‬ﺓ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ‪ .‬ﻣﺎ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺣﱴ ﻻ ﻧﻜﺴﺮ ﺍﻵﻟﺔ‬
‫ﺤ ﹶﻞ ﺍﻟﺒﻼﺀ؟‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻓﻴﺴﺘ ﹾﻔ ‪‬‬
‫ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﲟﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺷﻮﺭﻯ ﺍﻟﻜﺎﻓﺔ‪،‬‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ‪ .‬ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ‪‬ﻀﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻫﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪ ﰲ ﺃﺭﺟﻮﺯﺓ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ .‬ﻫﻲ ﺍﳌﺜﻞ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﰲ ﻧﺜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‪ .‬ﻫﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳌﻔﺘﺎﺡ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ‬
‫ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫ﻻﺑﺪ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺸﺎﻟﻪ ﻣﻦ ‪‬ﻭﻫ‪‬ﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻘﲑ ﻭﺍﻹﳘﺎﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻭﺍﻟﺘﺠﻬﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﻴ‪‬ﺐ‬
‫ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ‪ .‬ﺑﺮﻧﺎﳎ‪‬ﻨﺎ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪،‬‬
‫ﺧﺪﻣﺔ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﻟﺰﺍﺩ ﻭﺭﺍﺣﻠﺔ‪ .‬ﰒ ﺇﻥ ﻟﻜﺎﻓﺔ‬
‫ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﺼﻴﺒﹰﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﳍﺎﺩﻑ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﺳﺘﲑﺍﺩ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ‪ ،‬ﺇﻥ ﺃﻣﻜﻦ ﺍﺳﺘﲑﺍﺩ‬
‫ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻭﺁﻟﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﺑﹺﻨﻴﺘﻪ ‪‬ﻭﺟﹺﺮﺍ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ‪ .‬ﺑﻞ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﺣﺸﺎﺀ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻋﻘﻮﻝ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﳍﺎ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﲡﺎﺭﺏ ﺍﻷﻣﻢ‪ ،‬ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﳍﺎ‬
‫ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺑﺮﻛﺎ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻧﺎ ﺗﺮﺍ ﹸﻛ ‪‬ﻢ ﻣ‪‬ﺬﻫﻞ ﻟﻠﺨﱪﺓ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺗﻔﻮﻕ ﻫﺎﺋﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‪،‬‬
‫ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﳛﺠﺒﻮﻥ ﻋﻨﺎ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﲟﻘﺪﺍﺭ‪ :‬ﻓ ‪‬ﻬ ‪‬ﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ‪‬ﳝﺪ‪‬ﻭﻥ ﺻﻨﺎﺋﻌﻬﻢ ﻭﺃﺫﻧﺎ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻹﻣﺪﺍﺩ ﺍﳌﺸﺮﻭﻁ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﻏﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻢ ﺣﺎﺟﺒﻮ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺎ ﻋﺪﺍ ًﺀ ﺃﺻﻴﻼ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ‬
‫ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﲝﻜﻤ ‪‬ﺔ ﻭﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻭﻣﻊ ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳒﺪ‬
‫ﰲ ﺗﻌﺎﺭﺿﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﺭﺉ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎ ‪‬ﺭ ﻓﺠﻮ ﹰﺓ ﻟﻨﺴﺘﺨﻠﺺ ﺑﻐﻴﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﲔ ﻓﺮﺙ ﻭﺩﻡ‪،‬‬
‫ﺗﻮﻛﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻗﺪ ﺗﻘﻴﺪﺕ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ)‪ (...‬ﺇﻳﺎﻙ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻭﻧﺴﻴﺎﻥ ﺍﳌﺴﺒﺐ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﻭﻣﺎ ﺧﻠﻘﺖ‬
‫ﺍﳉﻦ ﻭﺍﻻﻧﺲ ﺇﻻ ﻟﻴﻌﺒﺪﻭﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٥٦ :‬ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻟﻠﻬ‪‬ﻮﺱ‪ ،‬ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻬﻢ‬
‫ﻟﻠﻌﺐ‪ ،‬ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻟﻸﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻟﻨﻜﺎﺡ‪ .‬ﺗﻨﺒ‪‬ﻬﻮﺍ ﻳﺎ ﹸﻏﻔﱠﻞ ﻣﻦ ﻏﻔﻼﺗﻜﻢ!‬
‫"ﳜﻄﻮ ﻗﻠﺒﻚ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﳜﻄﻮ ‪‬ﺣﺒ‪‬ﻪ ﺇﻟﻴﻚ ﺧﻄﻮﺍﺕ‪ .‬ﻫﻮ ﺇﱃ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﶈﺒﲔ‬
‫ﻕ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﱃ ﻟﻘﺎﺋﻪ‪" .‬ﻳﺮﺯﻕ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﺑﻐﲑ ﺣﺴﺎﺏ"‪.‬‬
‫ﺃﺷﻮ ‪‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﻋﺒﺪﹰﺍ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺃﻭ ﺃﻣﺔ ﻭﺟﻴﻼ( ﻷﻣﺮ ﻫﻴﺄﻩ ﻟﻪ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺕ ﺻﺢ ﺯﻫﺪﻩ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻣﺎ‬‫ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ ﻻ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﰎ ﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ‪‬‬
‫ﺳﻮﻯ ﺍﳌﻮﱃ‪ .‬ﲡﻴﺌﻪ ﺍﻟﺼﺤﺔ‪ ،‬ﳚﻴﺌﻪ ﺍﳌﹸﻠﻚ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ‪ .‬ﻭﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﲡﻴﺌﻪ! ﺗﺼﲑ‬
‫ﺫﺭﺗﻪ ﺟﺒﻼ‪ ،‬ﻗﻄﺮﺗﻪ ﲝﺮﺍﹰ‪ ،‬ﻛﻮﻛﺒﻪ ﻗﻤﺮﺍ‪ ،‬ﻗﻤﺮﻩ ﴰﺴﺎ‪ ،‬ﻗﻠﻴﻠ ‪‬ﻪ ﻛﺜﲑﺍ‪ ،‬ﳏﻮﻩ‬
‫ﻭﺟﻮﺩﺍ‪ ،‬ﻓﻨﺎﺅﻩ ﺑﻘﺎﺀ‪ ،‬ﲢﺮﻛﻪ ﺛﺒﺎﺗﺎ‪ .‬ﺗﻌﻠﻮ ﺷﺠﺮﺗﻪ ﻭﺗﺸﻤﺦ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺃﺻﻠﻬﺎ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﺜﺮﻯ‪ ،‬ﻭﺗﻈﱢﻠﹸﻠﻪ ﺃﻏﺼﺎﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻏﺼﺎﻥ؟‪ :‬ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﺗﺼﲑ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﺤﻠﻘﻪ ﺧﺎﰎ‪ .‬ﻻ‬
‫ﺩﻧﻴﺎ ﲤﻠﻜﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻘﻴﺪﻩ‪ .‬ﻻ ﳝﻠﻜﻪ ﻣﻠ‪‬ﻚ ﻭﻻ ﳑﻠﻮﻙ‪ .‬ﻻ ﳛﺠﺒ ‪‬ﻪ ﺣﺎﺟﺐ‪،‬‬
‫ﻻ ﻳﺄﺧﺬﻩ ﺃﺣﺪ‪ .‬ﻻ ﻳﻜ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﻩ ﹶﻛﺪ‪‬ﺭ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﺫﺍ ﰎ ﻫﺬﺍ ﺻﻠﹸﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﺍﻷﺧﺬ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﲣﻠﻴﺼﻬﻢ ﻣﻦ ﲝﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﳊﻖ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ ﺧﲑﺍ )ﻗﻠﺖ ﻭﺑﺎﳋﻠﻖ ﺃﻳﻀﺎ(‬
‫ﺤﺘ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺟﻌﻠﻪ ﺩﻟﻴﻠﻬﻢ ﻭﻃﺒﻴﺒ‪‬ﻬﻢ ﻭﻣﺆﺩ‪‬ـﻢ ﻭﻣﺪﺭ‪‬ﻢ ﻭﺗﺮﲨﺎ‪‬ﻢ ﻭﺳﺎﻧﹺﺤﻬﻢ ﻭ ‪‬ﻣ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﻭﺳﺮﺍﺟﻬﻢ ﻭﴰﺴﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺇﻻ ﺣﺠﺒﻪ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻏﻴﺒﻪ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺁﺣﺎﺩ ﺃﻓﺮﺍﺩ‬
‫ﳋﻠﹾﻖ ﻣﻊ ﺍﳊﻔﻆ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ‪ .‬ﻳﻮﻓﻘﻬﻢ‬
‫ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻳﺮﺩﻫﻢ ﺇﱃ ﺍ ﹶ‬
‫ﳌﺼﺎﱀ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﻫﺪﺍﻳﺘﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳ‪‬ﺒﺘﻠﻰ ﺑﺎﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻳﺒﺘﻠﻰ ﺑﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫"ﻗﺪ ﻏﻔﻠﺘﻢ! ﻛﺄﻧﻜﻢ ﻻ ﲤﻮﺗﻮﻥ! ﻭﻛﺄﻧﻜﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻻ ﲢﺸﺮﻭﻥ! ﻭﺑﲔ‬
‫ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻖ ﻻ ﲢﺎﺳﺒﻮﻥ! ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﻻ ﲡﻮﺯﻭﻥ! ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺎﺗﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ‬
‫ﺗﺪﻋﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ! ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺇﻥ ﱂ ﺗﻌﻤﻠﻮﺍ‬
‫‪١٥‬‬
‫‪‬ﻤﺎ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺫﺍﻛﺮ ﷲ‪ ،‬ﺭﺍﺝ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ‪ ،‬ﺿﻌﻴﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﻗﻮﺓ ﺍﷲ‪:‬‬
‫و‪(
U(




]¬0
w0

+.

".
94‬د|
א‪2Nt‬ن
(‪
$6.‬وא 

‬
‫‪




2­
+l9=
(
U(
9=<#‬و‪H
§6&(
w
E‬ذ
 ‪
2*}\B‬א!

‬
‫‪#
§x7i‬א
 ‪



>¢ G
kY‬و'‪
1®
6‬د
א ‪ 
-)8‬د*ق

‬
‫‪١٥‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٣٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫>

‪



!(¯
%,eP
6(
g.‬و‪
%e_G
£]¦
H‬א‪eo‬ن


א &ق

‬
‫
(&‪&JB#
6‬א
<‪°8O‬א
‪



6k2‬و'‪
`g7
6‬א\‪
U(
¤‬א ‪
:
6&7‬א ‪k‬ق‪

k‬‬
‫‪4‬ذא
א‪
 n‬א زאق
‪
)



! 
D#‬ذא
א 
‪
].2 #
/(6G‬א‪

!ƒn‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫;‪َe‬ـ‪?&ُK‬ــــ ‪>Uَ' (M-‬ــــ ِ‬ ‫‪ 4‬ـــ‪?< tj‬ــ‪ْ$f, f2‬ـــ‬
‫ــــ‪ُ' X‬ـــ ‪ُL, f‬ــ‪ْ3‬ــــــ ِ‬ ‫;*?ــ‪  /ƒ % ;K.‬ــــــ‬
‫) ‪ْ$َ„ )M,Q‬ـــ‬
‫& ‪? MN‬‬ ‫‪5‬‬
‫!;ــ‪3V f.‬ــ‪&?,‬ــــ  ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪63- 7 3‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻟﻦ ﻧﺪﻋﻮ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ ﺇﳍﺎ ﻟﻘﺪ‬
‫ﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﻣﺎ ﺃﻇﻠﺖ‪ ،‬ﻭﺭﺏ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ﻭﻣﺎ ﺃﺿﻠﺖ‪ ،‬ﻭﺭﺏ‬ ‫ﻗﻠﻨﺎ ﺇﺫﻥ ﺷﻄﻄﺎ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺭ ‪‬‬
‫ﺕ‪ ،‬ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺧﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺧﲑ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺷﺮﻫﺎ ﻭﺷﺮ ﻣﺎ‬ ‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﻭﻣﺎ ﺃ ﹶﺫ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﲰﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻓﻬﻮ‬
‫ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ‪ .‬ﻭﺗﻔﺮﺩﺕ ﻛﻞ‬
‫ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺑﻌﻤﻞ ﺧﺎﺹ‪ ،‬ﻳﺮﰊ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻳﻬﺬﺑﻮ‪‬ﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻮﺟﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮ ﹶﻝ ﻭﻳﻨﻔﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﳉﻬﻞ‪ .‬ﻭﻛﻼ ﺍﻟﻌﻤﻠﲔ ﺟﻠﻴﻞﹲ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ‬
‫ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ‪ :‬ﻻ ﳜﻠﻮ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﳎﺎﻟﺲ ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺗﺄﺛﲑ ﺿﻤﲏ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺄﻋﻼﻩ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﻆ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻓﺮ‪،‬ﻭﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺍﻟﻨﻔﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺴﻤﺎﺕ‪ .‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺼﻮﰲ‬
‫ﺃﻣ‪‬ﻴﺎ ﻓﻴﻌﻠﻤﻪ ﺍﷲ ﻭﳚﻌﻞ ﻟﻪ ﻟﺘﻘﻮﺍﻩ ﻓﺮﻗﺎﻧﺎ‪
،‬ﺇﻥ ﺗﺘﻘﻮﺍ ﺍﷲ ﳚﻌﻞ ﻟﻜﻢ‬
‫ﻓﺮﻗﺎﻧﺎ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٩ :‬ﻭﻗﺪ ﻳﺴﻠﻚ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﻄﺮﻳ ‪‬ﻖ ﺑﻌﺪ ﲢﺼﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﻠﻴﺔ ﰒ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻴﺠﻤﻊ ﻟﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﻜﺴﻮﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠﺪﱐ‬
‫ﺍﳌﻮﻫﻮﺏ‪ .‬ﻭﺳﻌﻴﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﳉﻤﻊ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ ،‬ﺭﺃﻳﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻳﺘﻄﺎﺭﺣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺃﺋﻤﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﻳﺘﺘﻠﻤﺬﻭﻥ ﳍﻢ ﻭﻳﺮﻏﺒﻮﻥ ﰲ ﺳﻠﻮﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‬
‫ﻭﻣﺎ ﻻ ﳛﺼﻰ ﻋﺪﺍ ﻭﻻ ﺗﺘﻄﺎﻭﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﻋﲔ ﴰﻮﺧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺣﺎﺟﺔ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﻨﺎﻫﻀﲔ ﻹﻋﻼﺀ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﷲ ﰲ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﳊﺎﺣﺎ ﺇﱃ ﻣﺮﺑﲔ ﻭﻣﻌﻠﻤﲔ ﺭﺑﺎﻧﻴﲔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ‬
‫ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﲡﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﺍﻟﱵ ﻳﺆﺟﺠﻬﺎ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺍﻟﻮﺭﺍﻗﲔ ﰲ ﻋﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻭﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺇﺫ ﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻮﺭﺍﻗﻮﻥ ﹶﻟﻘ‪‬ﻔﻮﺍ ﺃﻭﺭﺍﻗﺎ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻣﻌﺎﺭ ‪‬ﻙ ﻣﻀﺖ ﱂ ﳛﻀﺮﻭﻫﺎ‬
‫ﻭﻻ ﻫ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﲝﻴﺚ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﻣﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻭﳐﺎﺭﺟﻬﺎ ﻭﻣﻨﺸﺄﻫﺎ‬
‫ﺕ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﰲ ﺩﻳﺎ ﹺﺟ ﹺﲑ ﺍﻟﺒﺤﺮ‬
‫ﻭﺃﺳﺒﺎ‪‬ﺎ‪ .‬ﻭﻟﻘﻔﻮﺍ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻮﺍ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﺘﻬﻢ ﺍﳊﻮ ‪‬‬
‫ﺏ ﻣﻦ ﺁﺭﺍ ٍﺀ ﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻗﻴﺔ ﻭﺃﺣﻜﺎﻡ ﺟﺎﺋﺮﺓ ﻭﺗﻌﻤﻴﻤﺎﺕ‬
‫ﻭﻗﺎﻋ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻫﺐ ﻭﺩ ‪‬‬
‫ﻒ ﰲ ﻭﺷﺎﺡ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﲑﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻋﻘﻴﺪﺓ‬ ‫ﺗﻠﺘ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻒ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻘﻄﻮﺍ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﳐﻠﹼﻔﺎﺕ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﻣﻈﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌ‪‬ﻠﻞ ﻭﻣ‪‬ﺮﺩﻳﺎﺕ ﺍﳉﻬﻞ‬
‫ﻭﺍﳋﻄﻞ‪ .‬ﻭﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﺟﻌﻮﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺨﺒﻮﻝ ﻭﺃﻥ‬
‫ﳚﺘﻨﻮﺍ ﺍﻟﻌﺴﻞ ﺍﳊﻠﻮ ﺑﺪﻝ ﺍﳉﺪﻝ ﺍﳌﺮ‪ .‬ﺃﻥ ﳚﺘﻨﻮﻩ ﻣﻦ ﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪ ،‬ﻳﻠﺘﻤﺴﻮﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﺼﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺧ‪‬ﻼﺻﺔ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺑﺪ ﹶﻝ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺮﻓﻌﻮﺍ ﺷﻌﺎ ‪‬ﺭ ﺣﺮﺏ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ‪ ،‬ﻓﺘﻮﻯ ﻛﺘﺒ‪‬ﻬﺎ ﻋﺎﱂ ﻣﻀﻰ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺠﺮ‪‬ﻋﻮﻧﻪ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‬
‫ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ﻭﻓﻬﻤ‪‬ﻪ ﰒ ﲡﺎﻭﺯﻫﺎ‪ .‬ﻭﺑﻘﻮﺍ ﻫﻢ ﳚﺘﺮﻭﻥ ﺍﳋﻄﺄ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺍﺭﺓ‪.‬‬
‫ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺗﻮﺑﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﻣﺮ ﹺﻭﻳ‪‬ﺔ‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻘﻠﻤﻪ ﻋﻦ ﺗﻜﻔﲑ ﻣﻦ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﰲ ﻋﻨﻔﻮﺍﻥ ﺷﺒﺎﺑﻪ‪ .‬ﺟﺎﺀﺗﻪ‬
‫ﺍﻟﺴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺮﻗﻲ ﰲ ﻣﻌﺎﺭﺝ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺑﺎﻟﺘﺆﺩﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍ‪ ،‬ﺑﺎﳋﻄﺄ‪.‬‬
‫ﻭﺧﺼﺺ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻗﻄﺮ ﺍﻟﻮﱄ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻮﱄ" ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺣﺐ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ‪ .‬ﹶﻛ‪‬ﺘﺒ‪‬ﻪ ﻻ ﺷﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗ ‪‬ﻌﺴ‪‬ﻞ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻫﺬﺍ‪" :‬ﻭﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﲔ ﲢﺖ ﻗﻮﻟﻪ‪:‬‬
‫"ﻣﻦ ﻋﺎﺩﻯ ﱄ ﻭﻟﻴﺎ" ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ‪ .‬ﻓﻬﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻒ‪ ،‬ﺇﻥ ﱂ‬
‫ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﻭﻟﻴﺎ َﺀ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻤﺎ ﷲ ﻣﻦ ﻭﱄ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻓﺘﺢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﳌﻌﺎﺭﻑ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﰒ ﻣﻨ‪‬ﺤﻬﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ‪‬ﺎ ﻭ‪‬ﻧﺸ‪‬ﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺇﺭﺷﺎ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺷﺮﻋﻪ‬
‫ﺍﷲ ﻷﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ‪ ‬ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻬ ‪‬ﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻓﻬﺬﻩ ﺭﺗﺒﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﻣﱰﻟﺔ‬
‫‪١٦‬‬
‫ﺷﺮﻳﻔﺔ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻭﺭﺩ ﺃ‪‬ﻢ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ"‪.‬‬
‫ﺤ ‪‬ﺔ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻋﻦ‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﺮ‪‬ﺍ ﰲ ﻓﺘﺮﺓ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻓﺘﺪﺍﺭﻛﻪ ﺍﷲ ﹺﺑ ‪‬ﻤ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺍﷲ ﻛﻤﺎ ﻧﺮﺟﻮﻩ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺍﺭﻙ ‪‬ﺎ ﺍﳌﺮﺍﻫﻘﲔ ﺍﳋﺎﺋﻀﲔ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ‪.‬‬
‫ﺫﻟﻚ ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ‪‬ﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺧﲑﺍ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﺑﻌﺒﺪ ﺧﲑﺍ ﻋﺴ‪‬ﻠﻪ‪.‬‬
‫ﻱ ﻣﻮﺗﻪ‪ ،‬ﰒ ﻳﻘﺒﻀﻪ‬‫ﺴﻠﹶﻪ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻳﻔﹾﺘﺢ ﻟﻪ ﻋﻤﻼ ﺻﺎﳊﺎ ﺑﲔ ﻳﺪ ‪‬‬‫ﻗﻴﻞ‪ :‬ﻭﻣﺎ ﻋ ‪‬‬
‫‪١٦‬‬
‫ﻭﻻﻳﺔ ﺍﷲ ﺹ ‪.٢٩١-٢٩٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻋﻨﺒﺔ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺷﺎﺭ‬

‫ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﻪ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺇﱃ ﺣﺴﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻧﺮﺟﻮ ﻟﻠﻤﺮﺍﻫ‪‬ﻘﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﺃﻥ ﻳﻜﻔﹼﻮﺍ ﻋﻦ ﺧﻮﺽ ﻏﻤﺎﺭ ﺍﳊﺮﺏ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻮﻩ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﻮﻥ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺗﺪﺍﺭﻛﻬﻢ ﺍﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺘﻮﺑﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﺘﺢ ﳍﻢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ‪ .‬ﻭﻟﻌﻠﻬﻢ ﺣﻴﻨﺌﺬ‬
‫ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺩﺭﺱ "ﺍﻟﺘﻌﺴﻴﻠﺔ" ﺍﻟﺘﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﳚﺘﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﻭﺭﺑﺎﻧﻴﺘﻪ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﻈﻠﻮﻡ ﺣﻴﺎ ﻭﻣﻴﺘﺎ ﻣﻨﺤﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ‪ ،‬ﺑﲔ‬
‫ﻳﺪﻱ ﻣﻮﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ‪ ،‬ﻓﺘﺤﺎ ﻣﺒﻴﻨﺎ ﻭﻣﻌﺎﺭﻑ ﻛﻤﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﻄﻠﺒ‪‬ﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﻄﻠﺒﹰﺎ ﻓﻮﻕ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳ‪‬ﻨﻜﺮﻫﺎ‬
‫ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﺪﺭﻙ ﻣﺮﺗﺒﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺗﻔﻴﺾ ﺭﻗﺔ ﻭﻓﺮﺣﺎ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﺴ‪‬ﻠ‪‬ﻴ ﹰﺔ‪ .‬ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺃ ‪‬ﺭﻗﹶﻤﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺼﻮﻡ‪،‬‬
‫ﻭﺣﻼﻭﺓ ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫ﻭﺃﻣﻼﻫﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ‪‬ﻋ ﹾﻠﻘﹶﻤﺎ‪ .‬ﺗﻌﺴﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﰲ ﺭﲪﺔ‬
‫ﺍﷲ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ .‬ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺴﺠﻦ‪ ،‬ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﶈﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺭﺑﻚ‬
‫ﻑ ﺑﻪ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﷲ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺃﰎ‬
‫ﻓﺤﺪﺙ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ‪ :‬ﻓﺈﱐ‪ ،‬ﻭﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ‪ ،‬ﰲ‬
‫ﻧﻌﻢ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﰲ ‪‬ﻋﻤ‪‬ﺮﻱ ﻛﻠﻪ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻣﻦ‬
‫ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﻧﻌﻤﺘﻪ ﻭﺧﺰﺍﺋﻦ ﺟﻮﺩﻩ ﻭﺭﲪﺘﻪ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺪﻭﺭ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳋﻴﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﺍﻟ ﱠﻄﺮ‪‬ﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﻳﻴﺴﺮﻫﺎ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺣﱴ ﺻﺎﺭﺕ ﻣﻘﺎﻋ ‪‬ﺪ‬
‫)ﻗﻠﺖ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ‪ :‬ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ(‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ ﻣﻦ ﻟﻪ‬
‫ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻩ ﻭﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﺍﻷﻭﻟﲔ‬
‫ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﻃﻴﺐ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳝﻜﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺒ ‪‬ﲑ ﻋﻨﻪ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ‪‬ﻩ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ‬
‫)ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ(‪ :‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ‪ :‬ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﳉﻨﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ‬
‫ﺇ‪‬ﻢ ﻟﻔﻲ ﻋﻴﺶ ﻃﻴﺐ! ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ‪ :‬ﲤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻳﺮﻗﹸﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﺮﺑﺎﹰ‪،‬‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻧﻌﻴﻢ ﻳ‪‬ﺸﺒﻪ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺃﺭﹺﺣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻳﺎ ﺑﻼﻝ"‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺭﺣﻨﺎ‬
‫‪١٧‬‬
‫ﻣﻨﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﻭﳛﻚ! ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺗﻐﻤ‪‬ﺪﻩ ﺍﷲ ﺑﺮﺿﻮﺍﻧﻪ‪ ،‬ﻭﻓﺘﺢ ﻟﻪ ﰲ ﺭﲪﺘﻪ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺃﻳﺎﻡ‬
‫ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺣﱴ ﺃﺩﺭﻙ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﺎ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ‪ ،‬ﻭﺣﱴ ﺫﺍﻕ ﻣﺎ ﻻ‬
‫ﺗﻔﻬﻤﻪ ﻭﻻ ﺗﻄﻠﺒﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﺒﻪ ﺍﻷﻭﻟﻮﻥ ﻭﺍﻵﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺖ ﻗﺎﻋﺪ ﻣﻊ ﻓﺘﻮﻯ‬
‫ﺡ ﰲ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ!‬ ‫ﺟﺪﻟﻴﺔ ﺗﺘﻬﺠﺎﻫﺎ! ﻣﺎ ﺍﲰﻚ ﻳﺎ ﺻﺎ ﹺ‬
‫ﻭﻛﺘﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻮﺻﻲ ﲨﺎﻋﺘﻪ ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪،‬‬
‫ﺡ! ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺻﻴﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﻳﺘﺼﻮ‪‬ﻓﻮﺍ ﺃﻱ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺎﺑ‪‬ﻮﺍ ﰲ ﺍﷲ‬
‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺑﻠﻐﺔ ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ ﻳﺎ ﺻﺎ ﹺ‬
‫ﻭﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮﻭﺍ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻳﻘﻔﻮﺍ ﺑﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﳍﻤﺔ ﻭﺍﳋﻀﻮﻉ ﺑﺒﺎﺏ ﺍﷲ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫‪١٧‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢٨‬ﺹ ‪.٣٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻭﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳ‪‬ﺒﲔ ﻧﻌﻢ ﺍﷲ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺃﻋﻈ ‪‬ﻢ ﻗﺪﺭﺍ ﻭﺃﻛﺜﺮ‬
‫ﻋﺪﺩﺍ‪ ،‬ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺣﺼﺮ‪‬ﻩ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻨﻘﹸﺺ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ‪ .‬ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺣﺐ ﳍﻢ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻣﺎ ﺗ ‪‬ﻘ ‪‬ﺮ ﺑﻪ ﺃﻋﻴﻨ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻳ‪‬ﻔﺘ‪‬ﺢ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ‬
‫ﻭﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ‪ .‬ﻭﺃﻋﺮ‪‬ﻑ ﺃﻛﺜﺮ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪﺭ ﺫﻟﻚ‪ :‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻣﻦ ﺇﻻ‬
‫ﻟﻪ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺘﺪﻝ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ‬
‫ﻗ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﻩ ﺍﻟﻜﺒ ‪‬ﲑ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻟ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﻣﻦ‬
‫‪١٨‬‬
‫ﺝ ﻣﻦ ﺍﻟ ‪‬ﺪﺑ‪‬ﺲ! ﻭﺃﻳﻦ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ!"‪.‬‬ ‫ﺍﻟ‪‬ﺒﻌ‪‬ﺮ! ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻟﻔﺎﻟﻮ ﹶﺫ ‪‬‬
‫ﺍﷲ ﺃﻛﱪ! ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﻟﻐﺔ ﺍﻟﺘﺒﻜﻴﺖ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﻬﺎﺽ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻚ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺄﻧﻚ "ﻗﻔﺺ ﺑﻼ‬ ‫ﻧﻘﺮﺃﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ .‬ﻟﹶﻄﺎﳌﺎ ‪‬ﻭ ‪‬ﺳ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﻃﺎﺋﺮ"‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﺸﺒﻪ ﺇﳝﺎﻧﻚ ﲜﻨﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺑ‪‬ﺒ ‪‬ﻌ ‪‬ﺮ ‪‬ﺓ ﺇﺯﺍﺀ‬
‫‪‬ﺩﺭ‪‬ﺓ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺎﺋ ‪‬ﻢ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﻼﺋﻜﺔ‪ .‬ﻭﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﺘﺤﺮﻙ! ﻭﻻ ﺗﻐﻀﺐ! ﻭﻻ ﺗﻨﺒﻌﺚ!‬
‫ﻭﺗ‪‬ﻤﻀﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﰲ ﻣﻀﻎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﳋﻄﺈ ﻟﺘﺰﺩﺍﺩ ﺗﺮﺩ‪‬ﻳﺎ ﰲ‬
‫ﻚ! ﻭﻳﻠﻚ!‬
‫‪‬ﺣ ‪‬ﻤﹶﺄ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ‪" :‬ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺇﺧﺒﺎﺭ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺑﺄﻥ ﻧﻌﻢ ﺍﷲ‬
‫‪١٩‬‬
‫ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻮﻕ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻜﺜﲑ‪ .‬ﻭﳓﻦ ﲝﻤﺪ ﺍﷲ ﰲ ﺯﻳﺎﺩﺓ"‪.‬‬
‫ﺖ ﻳﺎ ﺻﺎﺡ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ‪،‬‬ ‫ﻣﺎ ﺃﺩﺧﻠ ‪‬‬
‫ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻳﺘﺮﻗﻮﻥ "ﺑﻜﺜﲑ ﻛﺜﲑ" ﻭﺗﺮﻓﻌﻬﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﰲ‬

‫‪١٨‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤١‬‬
‫‪١٩‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻫﻢ ﺇﱃ "ﺗﻌﺴﻴﻠﺔ" ﻳﺰﺩﺍﺩﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎ "ﺑﻜﺜﲑ ﻛﺜﲑ"‪ .‬ﻭﺃﻧﺖ ﻗﺎﻋﺪ‬
‫ﻣﻊ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ‪‬ﺣﻠﹶﺔ ﻣﻦ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻫﻢ ﻭﺧﻄﺈﻫﻢ ﲢ ‪‬ﺮﻓﹸﻪ ﻻ ﺗﺸﺮ‪‬ﻓﻪ!‬
‫ﻭﻛﺘﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺇﱃ ﺃﻣﻪ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻓﻘﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﳋﲑ‬
‫‪٢٠‬‬
‫ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﻭﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﱪﻛﺔ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳜﻄﺮ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺪﻭﺭ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻝ"‪.‬‬
‫ﺲ ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻭﺭﲪﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪.‬‬ ‫ﰲ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺁﺧﺮ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻧ ﹶﻔ ‪‬‬
‫ﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻦ ﻓﺮﺣﺘﻪ ﺑﺎﷲ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺇﱃ ﺍﳋﺎ ‪‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻭﻓﺮﺣﺘﻪ ﺑﺎﻟ ﹶﻔﺘ‪‬ﺢ‪ ،‬ﻭﻓﺮﺣﺘﻪ ﺑﺎﻟﱪﻛﺔ ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﳍﺪﺍﻳﺔ‪ .‬ﺍﻧﻄﻮﺕ‬
‫ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﻟﺸﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺼﻮﻡ‪ ،‬ﻭﻧ‪‬ﺴﺦ ﰲ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺎﺿﻲ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺍﲣﺬﻩ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺻﻨﻤﺎ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻭﻣﺮﺟﻌﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ‪ .‬ﻳﺎ ‪‬ﻟﱠﻠ ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﻓﺮﺣﺔ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺣﲔ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻟﻪ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ! ﻭﻛﺄﻧﻪ ﰲ ﺳﺬﺍﺟﺔ ﺳﺮﻭﺭﻩ ﻃﻔ ﹲﻞ ﻳﺪﱢﻟﻠﹸﻮﻧﻪ‬
‫"ﲟﺎ ﻻ ﳜﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻝ ﻭﻻ ﻳﺪﻭﺭ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻝ"‪ .‬ﻭﻳﺎ ﺧﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ‬
‫ﺭﺑﻪ ﻭﺻ ‪‬ﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻠﻪ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪" :‬ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﺩﺭﺟﺔ ﺭﺟﻞ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠ ‪‬ﻤﻤ‪‬ﺎﺭ‪‬ﺍﺓ ﻭﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﻭﲨﻊ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻘﻴﻞ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ‪ .‬ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺩﺭﺟﺔ ﺭﺟﻞ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻨﺎﻇﺮﺓ‪ ،‬ﻻ ﻟﻠﺮﻳﺎﺳﺔ ﻟﻜﻦ‬
‫ﺐ ﰲ ﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻴ‪‬ﻤﺪﺡ ﺑﲔ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻋﺸﲑﺗﻪ)‪ .(...‬ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‬ ‫ﻟﻴ‪‬ﺤﺴ ‪‬‬
‫ﺩﺭﺟﺔ ﺭﺟﻞ ﺣﻞ ﻋﻮﻳﺺ ﺍﳌﺸﻜﻼﺕ‪ ،‬ﻭﻛﺸﻒ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺍﳌﻨﻘﻮﻻﺕ‬
‫ﻭﺍﳌﻌﻘﻮﻻﺕ‪ ،‬ﻭﻏﺎﺹ ﰲ ﲝﻮﺭ ﺍﳉﺪﻝ ‪‬ﻣﻀ‪‬ﻤﺮﹰﺍ ﻧ‪‬ﺼﺮ ﹶﺓ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ‪ ،‬ﺇﻻ‬
‫ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺬﺗﻪ ﻋﺰﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ)‪ (...‬ﻭﺍﺧﺘﻄﻔﺘﻪ ﻧ‪‬ﺼﺮﺓ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺄﻓﺮﻁ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺍﳊﺠﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫‪٢٠‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺧﺼﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺷﻨ‪‬ﻊ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺭﲟﺎ ﻛﻔﹼﺮﻩ‪ ،‬ﻭﻃﻌﻦ ﻓﻴﻪ)‪ .(...‬ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺩﺭﺟﺔ‬
‫ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﻨﺼﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﻐﺎﻓﻞ‪ ،‬ﻭﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﳉﺎﻫﻞ‪ ،‬ﻭﺭ ‪‬ﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﺩ‪،‬‬
‫‪٢١‬‬
‫ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ"‪.‬‬
‫ﻳﺎ ﻣﻦ ﻳﻜﻔﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻴﻤﻴﺔ! ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﻗﺎﻩ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺔ‬
‫ﻟﺪﺭﺟﺔ‪ ،‬ﻭﺻﻔﺎﻩ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﻟﺼﺪﻗﻪ‪ .‬ﻭﺃﻧﺘﻢ‪ ،‬ﰲ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻻﺕ‪ ،‬ﻷﻥ ﻣﻨﻜﻢ‬
‫ﺃﻣﻴﲔ‪ ،‬ﰲ "ﺩﺭﺟﺔ ﺍﳌﻤﺎﺭﺍﺓ ﻭﲨﻊ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ"‪ .‬ﲢﺮﻓﻮﻥ ﻛﻼﻡ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪ ﺍﳌﺘﺤﺮﻙ ﺍﳌﺨﻄﺊ ﺍﳌﺼﻴﺐ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺍﳌﺴﺘﺰﻳﺪ ﺍﳌﺘﻌﻠﱢﻢ‪ .‬ﻓﹶﺄﻧ‪‬ﻰ‬
‫ﺗﻮﻓﻜﻮﻥ! ﻭﺃﻧ‪‬ﻰ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃﻭﺍ ﲝ‪‬ﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺳﺮﻭﺭ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﺁﺧﺮ‬
‫ﻋﻤﺮﻩ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻔﻀﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ‪" :‬ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﺇﻥ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ‪‬ﺎﻳ ﹸﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻭ‪‬ﺎﻳﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﻋﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﱵ ﺍﺑﺘ‪‬ﻠﻲ ‪‬ﺎ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺍﺑﺘﻠﻲ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ .‬ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻔﻈ ‪‬ﻲ‪ .‬ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ﻭﺍﳌﻌﲎ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪.‬‬
‫"ﻭﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺇﺫﺍ ﺃﻧﻜﺮ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺇﻻ ﳑﻜﻮﺭﺍ‪ .‬ﻭﻻ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﻧﻜﺮ‬
‫ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺇﻻ ﻣﺒﻌﻮﺩﺍ‪ .‬ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺁﻣﺮﺍ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻻ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼﻮﰲ ﺳﺎﻟﻜﹰﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻻ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﻓﻼ ﺟﻨﺎﺡ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻷﻧﻪ ﻻ‬
‫ﻳ‪‬ﻌﺒﹸﺄ ﲟﺜﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ(‪.‬‬
‫‪٢١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.١٦٥-١٦٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ‪ .‬ﻛﻴﻒ‬ ‫"ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺼﻮ ﱡ‬

‫ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ‪ :‬ﺃﺃﻧﺖ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﺘﻼﻣﺬﺗﻚ‪ :‬ﻻ‬
‫ﺗﺼﻠﻮﺍ! ﻻ ﺗﺼﻮﻣﻮﺍ! ﻻ ﺗﻘﻔﻮﺍ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﷲ! ﺑﺎﻟﱠﻠ ‪‬ﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻫﻞ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻨﻄﻖ ﺇﻻ ﲝﺎﺵ ﷲ! ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‪:‬‬
‫ﺃﺃﻧﺖ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﺘﻼﻣﺬﺗﻚ‪ :‬ﻻ ﺗﻜﺜﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ! ﻻ ﲢﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﻨﻔﺲ‬
‫ﺑﺎ‪‬ﺎﻫﺪﺍﺕ! ﻻ ﺗﻌﻤﻠﻮﺍ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﷲ! ﺑﺎﷲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻫﻞ ﻳﻘﺪﺭ ﻳﻨﻄﻖ ﺇﻻ‬
‫ﲝﺎﺵ ﷲ! ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺍﲢﺪﺕ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻻ ﻏﲑ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺣﺠﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺣﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻋﻦ ﺃﺧﺬ ﲦﺮﺓ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ‬
‫ﻓﻬﻮ ﺟﺎﻫﻞ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺣﺠﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺣﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻋﻦ ﺃﺧﺬ ﲦﺮﺓ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ‬
‫‪٢٢‬‬
‫ﻓﻬﻮ ﳏﺮﻭﻡ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﻮﻓﻖ ﴰﺮ ﻋﻦ ﺳﺎﻕ ﺍﳉﺪ ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌﻴﻤﻮﻧﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬
‫دع*
(‪
ƒ0,G
+.‬א‪
ˆn‬א  ) *‪



,6,b.‬وא ‪
ْ¨
%72‬א ‪
X98‬א‪v Bn‬د‪

,‬‬
‫وא<‪
L6*7<
(
ƒ 8* O‬و < ْ )‪
L67<



)v9ƒ4
U‬و<)‪

672* 
[


E8@
U‬‬
‫و‪4‬ذא
<_‪.
X* ,‬د

‪,Y*ZYO‬א




‪
(
‚D‬א ‪
7.‬א ‪

!6
* v2‬‬
‫‪
±=g#‬و"!
א ‪N



_¢_
g‬אن
(

‪FY‬د‪

6O
H
/‬‬
‫و<‪

0_

UYْ



|?&—

5]v.

(
G‬א\
 ‪

68‬‬
‫
‚
|
<(]
š‪



]JF‬و‪
79‬دא‪

!,6v

6&
H
ٍ0‬‬
‫‪N
Z]cN‬زم



‪
،
e^G‬وא ‪4
E‬ن
[
‪6*PG‬د‪

!,‬‬ ‫@‪6‬د*
‪6‬א‪
0‬א‪
6n‬‬
‫ ‪
6@R‬وא ‪
zƒ O.
O‬א ‪
Y.
H



UOe‬א‪

6 
=
U)(T‬‬

‫‪٢٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٠٦-١٠٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫
‪K#c UB *?#MmَV‬ـــــ‪.‬‬ ‫‪  CP& w‬ـــ\ ‪h{4‬ــــ‪#, C‬ــــ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪-‬ـــ ‪, a‬ـ‪X‬ـــــــ ‪P‬ـــــ‪m‬ــــ‪.‬‬ ‫‪P‬ــ ‪3‬ـ†‪#‬ـــ‪#3 :2‬ـــ‪ُz a‬ـــ ?&ـــ\‬
‫‪;h‬ـ‪$‬ــــ‪ْ%َ? p‬ـ*ِــــ >‪ُ% َw? 2‬ـ&>ــ‪ِT‬ــــــــ‪M.‬‬ ‫‡*ـــــــ
ــــ‪ aC‬ــــــ[ ;ـــــــ‪f.‬‬
‫‪X 5‬ــــ\ ‪K‬ــــــ‪M.‬‬
‫ ــــِ  ;‬ ‫‪B [; UV :Y3P‬ـــ‪_ 5‬ــ ــ"‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪689 :‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﻨﺎ ﳔﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﻁ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﻄﻐﻰ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻗﺪ‬
‫ﻧﺎﻣﺖ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻏﺎﺭﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺖ ﺣﻲ ﻗﻴﻮﻡ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻃﻠﱯ ﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﻄﻲﺀ‪ ،‬ﻭﻫﺮﰊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ‬
‫ﺿﻌﻴﻒ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﱄ ﻋﻨﺪﻙ ﻋﻬﺪﺍ ﻻ ﺗﺮﺩﻩ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺇﻧﻚ ﻻ ﲣﻠﻒ ﺍﳌﻴﻌﺎﺩ‪.‬‬

‫ﲨﻌﺖ ﲝﻮﻝ ﺍﷲ ﰲ ﺧﺼﻠﺔ "ﺍﻟﻌﻤﻞ" ﺳﺒﻊ ﺷﻌﺐ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻫﻲ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺘﻜﺴﺐ‪ ،‬ﻭﻃﻠﺐ ﺍﳊﻼﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﻭﺇﻣﺎﻃﺔ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ‬
‫ﺑﺎﳊﻖ ﻭﺍﻟﺼﱪ‪ ،‬ﻭﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﺒﺎﺩ‪‬ﻩ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ‪ ،‬ﻭﺟﻌﻠﹸﻪ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﱪﻛﺔ ﰲ ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻓﻤﻦ ﺟ‪‬ﻬﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﻛﺴﺒﻪ ﻭﺗﻜﺴﺒﻪ ﺇﱃ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﻭﻣﺒﺎﺭﻛﺘﻪ‬
‫ﲤﺘ ‪‬ﺪ ﺃﻛﻒ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﺴﺘﻤﻄﺮﺓ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪ .‬ﻣﻦ ﺁﻛﺪ‬
‫ﺏ‬
‫ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﻨﻴﻠﺔ ﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﷲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ‪‬ﺟ ‪‬ﻬ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺟﻬﺎﺩﻫﻢ‪ ،‬ﻭﺻ‪‬ﻮﺍ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺇﺧﻼﺻ‪‬ﻪ ﻭﺇﺗﻘﺎﻥ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘ‪‬ﻘﻨﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺍﳋﺎﺷﻊ ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺍﳋﲑ ﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳋﻠﻖ ‪-‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪-‬‬
‫ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺑﺎﻟﱪ ﻭﺑﺈﻣﺎﻃﺔ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ‬
‫ﻟﻺﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺮﺷﺪﻳﻦ ﺍﳌﻮﺟ‪‬ﻬﲔ‬
‫ﱯ‬
‫ﰐ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﲎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﺎﻥ ﻧﻘﺼﻬﻢ ﺍﻟﺬﺍ ﱡ‬
‫ﻟﻠﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻧﻘﻴﺼﺔ ﰲ ﻣﻌ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﳋﻠﻘﻲ ﺁﻓ ﹰﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻣﻦ ﻗﺼﻮﺭ ﰲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﻟﻨﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﺁﻓﺔ ‪‬ﺪﺩ‬
‫ﺩﻧﻴﺎ ﺍﻷﻣﺔ ﻭ‪‬ﺗ ‪‬ﺆ ‪‬ﺫ ﹸﻥ ﲞﺮﺍ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﻟﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻨﻴ ﹸﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ‬
‫ﻭﺇﺧﻼﺻ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻫﺪﻑ ﺍﻟﺒﹺﺮ ﻭﺧﺪﻣ ‪‬ﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺷﺮﻭﻃﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ .‬ﻭﺿﻤﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﻣﻔﺘﺎﺣ‪‬ﻪ ﺭﺑﺎﻧﻴ ﹸﺔ ﺍﳌﺸﺮﻓﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺮﺑﲔ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﻋﺎﻣﻠﲔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻛﻴﻒ ﺃﺷﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺜﻐﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺒﺎ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻪ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺤﻪ ﻭﺗﻌﺴ‪‬ﻠﻪ‪ ،‬ﰲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﳌﺎ ﻛﺘﺐ‬
‫ﳍﻢ ﺑﺄﻥ "ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻨﻘﹸﺺ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ)‪ (...‬ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻔﺘﺢ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻭﻃﺎﻋﺘﻪ‬
‫ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ"‪ .‬ﻛﺎﻧﻮﺍ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺍﻫﻢ‬
‫ﺷﻴﺨﻬﻢ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪ ،‬ﰲ ﺩﺭﺟﺔ ﻻ ﻳﺮﺿﺎﻫﺎ ﳍﻢ ﺣﱴ ﻳﺘﺮﱠﻗﻮ‪‬ﺍ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‬
‫ﻭﺗﻘﺪ‪‬ﺱ ﺇﱃ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ‪ .‬ﻭﳓﺘﻔﻆ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺇﱃ ﻓﺼﻞ ﻣﻘﺒﻞ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ‬
‫ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺣﱴ ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺤﻪ ﺍﻷﻛﱪ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺁﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻣﺜﺎﻻ ﺣﻴ‪‬ﺎ ﺷﺎﳐﺎ ﰲ ﲰﺎﺀ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺍﻟﺮﺑ‪‬ﺎﱐ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﳌﻮﺻﻮ ﹺﻝ‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺔ ﰲ ﻗﻮﺍﻋﺪﻫﺎ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺁﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺁﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪ ،‬ﺁﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ‪ ،‬ﺁﻳﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ‪ ،‬ﺁﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻟﻌﺰﻭﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻗﻮﻳﺎ ﺷﺠﺎﻋﺎ ﰲ ﺍﳊﻖ‪.‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﺃﺿﻔﻨﺎ ﺇﱃ ﻣﺰﺍﻳﺎﻩ ﺍﻟﺰﻛﻴ‪‬ﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺰﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﺒﺎﻩ ‪‬ﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﺫﻭ‬
‫ﺏ ﺃﻣﺜﺎﻟﹸﻪ‬
‫ﺍﻟﻄﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﰲ "ﺗﻌﺴﻴﻠﺘﻪ" ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ ﻛﺎﻥ ﺣﻘﺎ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳌﻄﻠﻮ ‪‬‬
‫ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﻋﺼﻮﺭ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‪ .‬ﻧﺘﺄﻣﻠﻪ ﻣﻠ‪‬ﻴﹰﺎ ﰒ ﻧﺘﺨﻄﺎﻩ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﻨﻠﺘﺼﻖ ﻗﻠﺒﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻋﻘﻼ ﻭﻋﻠﻤﺎ ﻭﻋﻤﻼ ﻭﺍﺳ‪‬ﺘﻠﹾﻬﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ ﻧﺘﺄﻣﻠﻪ ﻟﻨﻨﺼﻒ‬

‫ﺍﳊ ‪‬ﻖ ﰲ ﺭﺟﻞ ﳝﺘﺪ ﻇﻠﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻟﻮﻓﺮﺓ ﻛﺘﺒﻪ ﻭﻋﻨﺎ ‪‬ﺩ ﺃﻧﺼﺎﺭﹺﻩ‬
‫ﺍﳌﺨﺪﻭﻋﲔ ﺑﻠﻌﺒﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻨ‪‬ﺪ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻟﻴﺸﻐﻞ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ‪ ،‬ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ ﺍﳌﻔﺘﻌﻠﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺃﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺴﻼﻃﲔ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﻮﻥ ﺃﺯﻻﻡ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺑﲔ ﻇﻬﺮﺍ‪‬ﻧ‪‬ﻴﻨ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﻈﻠﻮ ‪‬ﻡ ﻣﺮﺗﲔ ‪ :‬ﻣﺎﺕ ﰲ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻫﺎ‬
‫ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻳﻘﺘﻞ ﻋﻠﻤ‪‬ﻪ ﻭﻋﻤ‪‬ﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺇﺫ ﻳ‪‬ﻘﺪ‪‬ﻣﻪ‪ ،‬ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ‬
‫ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌ‪‬ﺮﺍ ِﺀ ﻭﲨﻊ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﺪ ‪‬ﻭ ﻟﻠﺘﺼﻮﻑ‪ ،‬ﻧﺎﺻ ‪‬ﺮ‬
‫ﻟﻠﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻣﻊ ﻟﻠﺒﺪﻋﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻫﻮ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﰲ ﺗﻜﻔﲑ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬ﰲ‬
‫ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀﺕ ﺃﻭﻝ ﺑﺸﲑ ﺑﻘﺮﺏ ‪‬ﺎﻭﻱ ﺍﻟﻌﺮﻭﺵ ﺍﻟﻜﺴﺮﻭﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻴﺼﺮﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﲔ ﻇﻬﺮﺍ‪‬ﻧﻴ‪‬ﻨﺎ‪.‬‬
‫ﺍﳊﻖ ﺃﺑﻠﺞ‪ ،‬ﺍﳊﻖ ﺃﻥ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﻗ ‪‬ﻤ ﹰﺔ ﰲ ﺍﳋﲑ‪ ،‬ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩ‪‬ﻩ‬
‫ﻭﺣﺠﻤ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻪ ﺃﺧﻄﺎﺅﻩ‪ ،‬ﻭﻟﻪ ﻧﻘﺺ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻳﺸﺮ‪‬ﻓﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﺐ ﺇﱃ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺁﺧ ‪‬ﺮ ﻋﻤﺮﻩ ﻳﻮﺻﻲ ﺑﺘﻼﰲ ﺍﻟﻨﻘﺺ‪ .‬ﻭﻳﺸﺮ‪‬ﻓﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺮﻙ‬ ‫ﻛﺘ ‪‬‬
‫ﻭﺭﺍﺀﻩ ﺭﺟﻼ ‪‬ﺟﺒ‪‬ﻼ ﻫﻮ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺮﺃ ﰲ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ "ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﻉ‬
‫ﺏ ﺍﻟﺼﺪ ‪‬‬
‫ﺍﳍﺠﺮﺗﲔ" ﻭ"ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ"‪ ،‬ﻣﺎ ﻳﻘ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻌﲔ ﻭﻳ‪‬ﺜﻠ ‪‬ﺞ ﺍﻟﺼﺪ ‪‬ﺭ ﻭﻳﺮﺃ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﺴﻮﻝ ﺍﳌﺘﻠﻄﻒ ﺍﳌﻌﺘﺮﻑ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻋﹸﻠ ‪‬ﻮ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ‬
‫ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻭﴰﻮﺥ ﻣﻘﺎﻣﻬﻢ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺃ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﻳﺘﺨﺬﹸﻩ ﻣﺮﺟﻌﺎ ﻟﻠﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺣﺴﺮ ﹰﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺴ ‪‬ﻤ ‪‬ﻮ ﹶﻥ ﺻﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻳﻘﺮﺃ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﺑﻦ‬

‫ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﺎﺱ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻤﻮ‪‬ﻥ ﺻﻮﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻘﻴﻢ ﳛﻤﺪ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻋﺎﺵ ﻟﻴﻘﺮﺃ ﻋﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻭﺃﺧﻼﻕ ﻗﻮﻡ ﻳ ‪‬‬
‫ﳉﻬ‪‬ﺪ‪ ،‬ﰲ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻗﺒﻞ‬ ‫ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺳﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﻠﺴﻞ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺑﻠﻎ ﺍ ﹶ‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻷﺧﲑ‪ ،‬ﻓﻤﺪﺡ ﻭﻗﺪﺡ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻗﺪﺡ ﺇﻻ ﰲ ﻣﻄﺎﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ‬
‫ﺗﻜﻔﲑﻩ ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻪ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺮﺟ ﹸﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻐﻠﺒﻪ ﺍﳊﺎﻝ‪.‬ﻛﺎﻥ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﺿﺮﻳﻦ ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ‬
‫ﻟﻠﺘﺪﺭﻳﺲ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﺍﻟﻐﺎﻟ‪‬ﺐ ﻭﻗﺼﻮﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺟﺎﺀﺕ ‪‬ﺣ ‪‬ﻤﻤ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ‬
‫ﺍﺳﺘﻮﺍﺀ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﹶﻓﺘ‪‬ﺢ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﻷﺧ ﹺﲑ ﻭﻭﺻﻴﺘ‪‬ﻪ ﺟﺎﺀﺕ‬
‫ﺍﻟ‪‬ﺘﺆ‪‬ﺩ ﹸﺓ ﻭﺍﻟﺮﱠﻗ ﹸﺔ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﺑﻌﺒﺎﺩﻩ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺒﺰ‪‬ﺍﺭ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ"‬
‫ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪" :‬ﻭﻫﻮ )ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﺩﺭﻭﺳﻪ( ﳚﺮﻱ‬
‫ﻛﻤﺎ ﳚﺮﻱ ﺍﻟﺴﻴﻞﹸ‪ ،‬ﻭﻳﻔﻴﺾ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻴﺾ ﺍﻟﺒﺤﺮ‪ ،‬ﻭﻳﺼﲑ ﻣﻨﺬ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺇﱃ ﺃﻥ‬
‫‪٢٣‬‬
‫ﻳﻔﺮ‪‬ﻍ ﻛﺎﻟﻐﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﺿﺮﻳﻦ ﻣﻐﻤﻀﺎ ﻋﻴﻨﻴﻪ"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻳﻌﺘﱪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﲝﻀﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻈﻴﻢ‬
‫ﺳﻨﺘﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ‪‬ﺎ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﺿﹰﺎ ﻋﻦ ﺻﺤﺒﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳊﻲ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‬
‫ﻳﻜﺎﺩ‪ ،‬ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﳌﻨﺼﻔﲔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ‪ ،‬ﻳﺒﹸﻠ ﹸﻎ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﰲ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﺳﻨﺘﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﻫﻔﻮﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﺭﺩﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﰲ "ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺷﺪ ﺍﻟﺮﺣﺎﻝ"‪.‬‬
‫‪٢٣‬‬
‫ﺹ ‪.٢٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﺎﻥ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﰒ ﺍﳌﺮﺗﺰﻗﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ .‬ﻓﻴﺎ ﹶﻟ ﹾﻠ ‪‬ﻌﺠ‪‬ﺐ ﻛﻴﻒ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﺍﻵﻳﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻓﺘﺴﻠﻂ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﻮﻥ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺭ ‪‬ﻣ ﹺﺰ‪‬ﻳ ‪‬ﺔ ﻋﺎﱂ ﻓ ﱟﺬ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ‪" :‬ﻣﻦ ﺭﺃﻳﻨﺎ‬
‫ﺿ ‪‬ﻲ ﲟﺜﻞ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ‬ ‫ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﹶﻗﻨ‪‬ﻊ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻨﻊ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻭ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ؟)…( ﻓﺄﻳﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻣﻤ‪‬ﻦ ﺃﻏﺮﺍﻫﻢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺑﺎﻟﻮﻗﻴﻌﺔ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻭﻓﻌﻠﻪ؟ ﺃﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﻧﻈﺮﻭﺍ‬
‫ﺑﺒﺼﺎﺋﺮﻫﻢ ﺇﱃ ﺻﻔﺎ‪‬ﻢ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻭﲰﺎ‪‬ﻢ ﻭﲰﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻭﲢﺎﺳﺪﻫﻢ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﻓﺮﺍﻏﻪ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﲢﺎﺷ‪‬ﺪﻫﻢ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻜﺜﺎﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺒﺎﻟﻐﺘﻪ ﰲ ﺍﳍﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ‪،‬‬
‫‪٢٤‬‬
‫ﻭﺧﺪﻣﺘﻬﻢ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﺇﱃ ﺃﺑﻮﺍ‪‬ﻢ؟"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﺜﻼ ﻻﻣﻌﺎ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺍﳋﺎﻓﺾ ﺍﳉﻨﺎﺡ ﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻭﺗﻠﻚ ﲰﺔ ﻣﻦ ﲰﺎﺕ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﺷﺘﻬﺮ ‪‬ﺎ ﺍﳌﺸﺎﻳ ‪‬ﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﳘﻬﻢ ﺍﻷﻛ ‪‬ﱪ ﻭﺷﺮﻓﻬﻢ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﺃﻥ ﳜﺪﻣﻮﺍ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ‪ .‬ﻗﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ‪" :‬ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺴﺄﻡ ﳑﻦ ﻳﺴﺘﻔﺘﻴﻪ ﺃﻭ ﻳﺴﺄﻟﻪ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺒﺸﺎﺷﺔ ﻭﺟﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻟﲔ ﻋﺮﻳﻜﺔ‪ .‬ﻭﻳﻘﻒ ﻣﻌﻪ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺎﺭﻗﻪ‪ ،‬ﻛﺒﲑﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ‬
‫ﺻﻐﲑﺍ‪ ،‬ﺭﺟﻼ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ‪ ،‬ﺣﺮ‪‬ﺍ ﺃﻭ ﻋﺒﺪﺍ‪ ،‬ﻋﺎﳌﺎ ﺃﻭ ﻋﺎ ‪‬ﻣ‪‬ﻴﺎﹰ‪ ،‬ﺣﺎﺿﺮﺍ ﺃﻭ ﺑﺎﺩﻳﺎ‪ .‬ﻭﻻ‬
‫ﺸ ‪‬ﻪ‪ .‬ﺑﻞ ﳚﻴﺒﻪ ﻭﻳﻔﻬ‪‬ﻤﻪ ﻭﻳﻌﺮﻓﱡﻪ ﺍﳋﻄﺄ‬‫‪‬ﳚ‪‬ﺒﻬ‪‬ﻪ ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺤﺮ ‪‬ﺟﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﻔﺮﻩ ﺑﻜﻼﻡ ﻳ‪‬ﻮ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫‪٢٥‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺑﻠﹸﻄﻒ ﻭﺍﻧﺒﺴﺎﻁ"‪.‬‬

‫‪٢٤‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٨‬‬
‫‪٢٥‬‬
‫ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺹ ‪.٥٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻛﺎﻥ ﳎﻠ‪‬ﺴﻪ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﻜﺒﲑ ﻭﺍﻟﺼﻐﲑ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻠﻴﻞ ﻭﺍﳊﻘﲑ‪ ،‬ﻭﺍﳊﺮ‬

‫ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻭﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻦ ﻳﺮ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻳﺮﻯ ﻛﻞ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻧﻪ ﱂ ‪‬ﻳ ﹾﻜ ﹺﺮ ‪‬ﻡ ﺃﺣﺪﺍ ﺑﻘﺪ‪‬ﺭﻩ"‪.‬‬
‫ﺁﻩ! ﰒ ﺁﻩ! ﻣﻦ ﻟﻨﺎ ﲟﻞﺀ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﲔ ﻳﻄﻠﱢﻘﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﻠﻜﻮﺍ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﰲ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﷲ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﻓﺎﺀ ﻟﻪ! ﺍﻧﻌﺰﻝ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺎﳓﻴﺎﺯﻫﻢ ﻟﻠﻈﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻌﺰﻝ‬
‫ﺤﹶﻠﻮ‪‬ﺍ ﺗﻘﺒﻴﻞ ﺍﻷﻳﺪﻱ‬‫ﺍﳌﺘﻤﺸ‪‬ﻴﺨﻮﻥ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﻮﻥ ﰲ ﺃﺑﺮﺍﺟﻬﻢ ﺍﳌﺬ ‪‬ﻫﺒ‪‬ﺔ‪ ،‬ﺍﺳ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﱪﻛﺎﺕ‪ ...‬ﺁﻩ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ‪" :‬ﺣﺪﺛﲏ ﻣﻦ ﺃﺛﻖ ﺑﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ )ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ( ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬
‫ﺾ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ‪ .‬ﻭﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﻴﺦ‬‫ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ‪‬ﺭﹰﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺯﻗﺔ‪ ،‬ﻓﺪﻋﺎ ﻟﻪ ﺑﻌ ‪‬‬
‫ﺣﺎﺟﺘﻪ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺎ ﻳﻌﻄﻴﻪ‪ .‬ﻓﱰﻉ ﺛﻮﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺪﻩ ﻭﺩﻓﻌﻪ ﻟﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﺑﻌﻪ ﲟﺎ ﺗﻴﺴﺮ‪ .‬ﻭﺍﻋﺘﺬﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﱂ ﳛﻀ‪‬ﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ‬
‫‪٢٦‬‬
‫ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ"‪.‬‬
‫ﺍﷲ ﺃﻛﱪ! ﻫﺬﻩ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﱀ! ﻭﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ!‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﺰﻳﺰﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪ .‬ﻻ ﺟ ‪‬ﺮ ‪‬ﻡ ﺃﺣﺒﻪ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻭﻓﺘﺢ ﻟﻪ ﻓﺘﺤﻪ ﻷﻭﻟﻴﺎﺋﻪ‪.‬‬

‫‪٢٦‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٦٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺣﻀﺮ ﻣﻊ ﻋﺴﻜﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﺟﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ‬
‫ﺐ ﺛﺒﺎﺗ‪‬ﻬﻢ‪ .‬ﺇﻥ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ ‪‬ﻫﻠﹶﻌﹰﺎ ﺃﻭ ﹺﺭﱠﻗ ﹰﺔ ﺃﻭ ‪‬ﺟﺒ‪‬ﺎ‪‬ﻧ ﹰﺔ ﺷﺠ‪‬ﻌﻪ‬ ‫ﻭﺍ‪‬ﻗ‪‬ﻴ‪‬ﺘﻬ‪‬ﻢ ﻭﻗﹸﻄ ‪‬‬
‫‪٢٧‬‬
‫ﻭﺛﺒ‪‬ﺘﻪ ﻭﺑﺸ‪‬ﺮﻩ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻭﺍﻟ ﱠﻈﻔﹶﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ"‪.‬‬
‫ﺠ ‪‬ﺪﺗ‪‬ﻪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ‪‬ﺧ ﱠﻔﺘ‪‬ﻪ ﺇﱃ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ ﺍﻟﻔﻘﲑ ﺑﹶﺜﻮ‪‬ﺏ ‪‬ﻳ‪‬ﻨ ﹺﺰﻋ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺪﻩ‬
‫‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﺕ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳊﻜﺎﻡ‪ ،‬ﹸﻃ ﹶﻔﻴ‪‬ﻠﻴﺎ ‪‬‬‫ﻛﻨﺠﺪﺗﻪ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ‪ .‬ﻻ ﻛﺒﻌﻀﻬﻢ ﻧﻌﺎﻣﺎ ‪‬‬
‫ﻣﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻈﻼﻡ‪ ،‬ﺑﺄﺳﻬﻢ ﺷﺪﻳ ‪‬ﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﻈ ‪‬ﻦ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﲜﻠﻴﻞ ﻣﻨﺎﻗﺒﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﺣﻴ ‪‬ﺪ ﻋﺼﺮﻩ‬
‫ﺐ ﺃﻥ ﺃﻋﺪﺍﺀَﻩ ﻭﺧﺼﻮﻣﻪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﻠﱡﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺫﺍﻝ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﰲ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﺏ‬ ‫ﺴ ‪‬‬
‫ﺤِ‬‫ﻓ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻏﻮﻏﺎﺀُ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺣﺰﺏ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﻋﺎﻉ ﻫﻢ ﺃﺫﻧﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﺿﻴﻪ ﺍﳌﻔﻨ‪‬ﺪﻳﻦ ﻵﺭﺍﺋﻪ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺗﻪ ﺍﻟﺸﺎﺫﺓ ﻋﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﻋﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﺎﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻕ ﻣﺎ ﺑﲔ‬
‫ﺴﺒ‪‬ﻜ ‪‬ﻲ ﺭﺋﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﺮﺟﻠﲔ‪ :‬ﺍﻟﺘﻘ ‪‬ﻲ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﺷﻌ‪‬ﺒﻴﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻗﻀﺎﺓ ﺍﻟﺸﺎﻡ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﰊ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻈﺮ‬
‫ﺇﱃ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻣ‪‬ﺸﺎﻏﺒﺎﺗﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺇﱃ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﻣ‪‬ﺸﺎﻛ‪‬ﺲ ﻳﺘﺒﺎﻃﹸﺄ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻨ‪‬ﻀﺞ‪ .‬ﱂ ﻳﺘﻬﺬﺏ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﺸﻴﺦ ﺗﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﻫﻮ‬
‫ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﺗﺮﰉ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﰊ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﳌﹸﺮﺳﻲ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺷﻴﺦ ﻣﺸﺎﳜﻨﺎ ﺃﰊ‬
‫ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﲨﻴﻌﺎ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻗﺪﻭ ﹸﺓ ﻋﺼﺮﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﺍ ﺃﺳﻔﺎ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺧﻠ ‪‬ﻖ ﺍﷲ! ﻣﺎ‬
‫ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﺧﺎﻟﻘﻜﻢ ﺣ ‪‬ﻖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‪.‬ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﱄ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺷﻲﺀ )ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ(‬
‫‪٢٧‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٦٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ َﻷ ‪‬ﺣ ‪‬ﻤﹶﻠ ‪‬ﻦ ﺃﺛﻘﺎﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻜﻢ ﺇﱃ ﺁﺧﺮﻛﻢ‪ .‬ﻳﺎ ﻣﻘﺮﹺﺉ! ﺍﻗﺮﺃ‬
‫ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻭﺣﺪﻱ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ!‬
‫ﺏ ﻳﺪﺧﻞ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ‬ ‫"ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺑ ‪‬ﻌﻠﹾﻤﻪ ﺻﺎﺭ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﻋﺎﱂ ﻓﻤﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﲨﻊ ﺍﳌﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺑﻌﻠﻤﻚ‪ .‬ﻓﻼ ﺟ ‪‬ﺮ ‪‬ﻡ ﻳ‪‬ﻘ ‪‬ﻊ ﺑﻴﺪﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺩﻭ ﹶﻥ ﺍﳌﻌﲎ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﻌﺒﺪ‬
‫ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪﻩ ﺧﲑﺍ ﻋﻠﻤﻪ ﰒ ﺃﳍﻤﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ‪ .‬ﻭﻣﻨﻪ ﺃﺩﻧﺎﻩ! ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻗﺮﺑﻪ!‬
‫ﻭﻋﺮ‪‬ﻓﻪ! ﻭﻋﻠﹼﻤﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻷﺳﺮﺍ ‪‬ﺭ ﳐﺘﺎﺭﺓ ﻟﻪ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﳚﺘﺒﻴﻪ ﻛﻤﺎ‬
‫ﺍﺟﺘﱮ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ‪
:‬ﻭﺍﺻﻄﻨﻌﺘﻚ ﻟﻨﻔﺴﻲ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻃﻪ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٤١ :‬‬
‫ﺕ! ﻻ ﻟﻸﺭﺽ ﻭﻻ ﻟﻠﺴﻤﺎﺀ!‬ ‫"ﻻ ﻟﻐﲑﻱ! ﻻ ﻟﻠﺸﻬﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟ‪‬ﺘﺮ‪‬ﻫﺎ ‪‬‬
‫ﻻ ﻟﻠﺠﻨﺔ ﻭﻻ ﻟﻠﻨﺎﺭ! ﻻ ﻟﻠ ‪‬ﻤﻠﹾﻚ ﻭﻻ ﻟﻠ ‪‬ﻬﻠﹾﻚ! ﻻ ﻳﻘ‪‬ﻴﺪ‪‬ﻙ ﺷﻲﺀ ﻣﲏ! ﻭﻻ ﻳﺸﻐﻠﻚ‬
‫ﻚ ﻋﲏ‬‫ﺷﺎﻏﻞ ﻋﲏ! ﻭﻻ ﺗﻘ‪‬ﻴﺪ‪‬ﻙ ﻋﲏ ﺻﻮﺭﺓ! ﻭﻻ ﲢﺠﺒﻚ ﺧﻠﻴﻘﺔ! ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬ﻐﹺﻨ ‪‬‬
‫ﺷﻬﻮﺓ!‬
‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻻ ﺗﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﲟﻌﺼﻴ ‪‬ﺔ ﺍﺭﺗﻜﺒﺘﻬﺎ‪ .‬ﺑﻞ ﺍﻏﺴﻞ‬
‫ﺹ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻃﻴ‪‬ﺒﻪ‬
‫ﳒﺎﺳﺔ ﺛﻮﺏ ﺩﻳﻨﻚ ﲟﺎﺀ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻹﺧﻼ ﹺ‬
‫ﻭﲞ‪‬ﺮﻩ ﺑﻄﻴﺐ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ .‬ﺍﺣﺬﺭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﱰﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺖ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﻛﻴﻔﻤﺎ‬
‫ﺝ ﺣﻮﻟﻚ ﻭﺍﻷﺫﺍﻳﺎ ﺗﻘﺼﺪ‪‬ﻙ‪ .‬ﲢ ‪‬ﻮ ﹾﻝ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﺭﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ‬‫ﺖ ﻓﺎﻟﺴﻴﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘ ﹶﻔ ‪‬‬
‫‪٢٨‬‬
‫ﻭﺟﻞ ﺑﻘﻠﺒﻚ"‪.‬‬
‫ﻚ‪:‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺗﺎﺋﺐ ﺭﺍﻏﺐ ﻻ ﻳﻠﻬﻴﻪ ﻋﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣ‪‬ﻠﻚ ﻭﻻ ‪‬ﻫ ﹾﻠ ‪‬‬
‫

‪
E 7G‬د‪8 
9‬و‪6G
0‬و‪

0‬‬ ‫
א ‪Y‬م
‪


_

(
G
H‬‬

‫‪٢٨‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٦٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫


‪
:‬א  ‪
%‬א\^)‪6
X‬و‪

0‬‬ ‫~‪>p
?%‬م
א ‪
 2N
E‬و"


‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺸﻐﻮﻑ ﲝﺐ ﻣﻮﻻﻩ ﻭﺍ‪‬ﻟ ‪‬ﻪ ‪‬ﻣ ‪‬ﻮﱠﻟ ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﳉﻼﻝ‪:‬‬
‫‪
R#‬א ‪0=
L"
2.‬ض
‪,‬م





‪,
}k@ O‬وא‪
q-‬א‪>(T‬م!

‬
‫وא‪
،U‬و'‪7,
!G}e9



M&N#
*P.,
*1YZ &(
6‬א‪
/ƒ0‬و‪)°‬مƒ

‬
‫‪#
H
،1 g‬د‪



]eg
k=
0‬و‪#
H
1ْ,)°‬د‪6

k=
0‬אمƒ

‬
‫و ‪




£]v ,
@
£|*&J
hY
*17,‬و ‪
fZ‬א ‪v2
ٍf,9
2.‬م

‬
‫‪68‬و‪
!
ً8P

X‬و =!



‪
wƒ Z‬א ‪
z

ƒE-)P‬א ‪

%
P‬‬
‫ ‪
•L
H‬و
‚
‪,
kEB_,
9l.N
R1





!
,‬مƒ

‬
‫و
}‪


.¢^N


5qvb‬و‪
H4



!J‬א\‪
U.B‬و
א‪
,q‬א‪>NT‬م

‬
‫‪
ْg<




R6F
.& #
!
eG‬א‪>o‬ل
و&]
א‪^*(ƒt‬م


‬

‫‪#3‬ـ‪- a‬ـ ?ــ‪# t.‬ــــ ِ[ ‪Mb‬ــــِ؟‬ ‫َˆ‪XfB G
Mh  َp ُ%   A‬ــ‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪Bb‬ــ ‪َ>U;- F9‬ــــ‪Š 2‬ـــــ‬ ‫ ?[ ـــ *
‪  ْq‬ــ ‪&V +‬ـــ‬
‫ ‪#>َb‬ــــ‪4 ?.‬ــــ ‪-‬ـ ‪#‬ـــ‬ ‫‪*! )nb‬ـــ‪- I % ْq
/‬ـ‹‪b‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ا
 ا‬

‫ 
‬

‫  
‬
‫  
‬
‫  
  ‬
‫ ‬
‫ُُ ‬
‫ "

!   ‬
‫"‪# $%‬‬
‫)( '&‬
‫‪ *+‬‬
‫‪,- (.) / 0 1‬‬
‫‪234 5 6‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫  
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺃﻧﺖ ﻭﻟﻴﻨﺎ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﺍﺭﲪﻨﺎ ﻭﺃﻧـﺖ ﺧـﲑ ﺍﻟﻐـﺎﻓﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻛﺘﺐ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﲪﺪﻙ ﻭﺃﺳﺘﻌﻴﻨﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ‬
‫ﺃﻥ ﻳﻘﻴﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﻳﻨﻚ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺴﻤﺖ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻫﻮ "ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﰲ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟـﺪﻳﻦ"‪.‬‬

‫ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﻀ‪‬ﻴﺎﺀ ﺍﳌﻘﺪﺳﻲ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﺍﻟﺴﻤﺖ ﺍﳊﺴﻦ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﲬﺴﺔ )ﻗﺎﻝ ﻋﻴﺎﺽ‪ :‬ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﲬﺲ( ﻭﺳـﺒﻌﲔ‬
‫ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ"‪ .‬ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺇﱃ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ؟ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻧﻨﻮﻱ ﺇﻥ‬
‫ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻧﻠﺨﺺ ﻭﻧﺮﺗﺐ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﻧﻜﻤﻠﻬﺎ ﻟﺘﺘﺠﻠﻰ ﻟﻨـﺎ‬
‫ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﺎﷲ ﺃﻛﺜﺮ‪.‬‬
‫ﻗﺮﺃﻧﺎ ﻛﻴﻒ ﻗﺎﺭﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﺎﷲ ﲜﻨﺐ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫـﻞ ﺍﻹﳝـﺎﻥ‬
‫ﺑﺎﻟ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﺓ ﰲ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﺒﻌ‪‬ﺮﺓ ﻭﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﰲ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‪ .‬ﻛﺘﺐ ﺫﻟﻚ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻟﻴﺪﳍﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻨﺎﻝ ﺇﻻ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﻭ"ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ"‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﺍﻹﻣـﺎﻡ ﺍﻟﺸـﻮﻛﺎﱐ‪،‬‬
‫ﻭﻧﻌﻴﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻧﺼﻪ‪ ،‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺍﳊﺎﺻﻞ ﺃﻥ ﺍﳋﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺴﱠﻠﻤ‪‬ﺔ ﳍﻢ ﻟﻜﻮ‪‬ﻢ ﺃﺣﺒﺎﺀ ﺍﷲ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺀﻩ‬
‫ﱂ ﲣﺎﻟﻒ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻭﺃﻫﻞ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﺻﻔﻮﺓ ﻋﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﳌﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟـﻴﻬﻢ ﻛﺎﻟﺒﻬﻴﻤـﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﻛﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻻ‬

‫‪١‬‬
‫ﳜﺎﻟﻒ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ"‪.‬‬
‫ﺏ ﺍﻟﺸـﺪﻳﺪ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻭﻧﻌﻴﺪ ‪‬ﻧﺼ‪‬ﲔ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺗﻘﺮﺃ ﻭﺭﺍﺀ ﻛﻠﻤﺎ‪‬ﻤﺎ ﺍﳊ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺗﺒﻠﻴﻎ ﻣﻌﲎ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﳊﻤﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺴﺘﺪﻋﻰ ﺍ‪‬ﺎﺯ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺘﻌﺎﻥ ﺑﺎﻟﻜﻨﺎﻳـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﳛﺴﺐ ﺍﻟﺸﺎ ‪‬ﻙ ﻭﺍﳌﺸﻜﱢﻚ ﺃ‪‬ﺎ ﻣﺒﺎﻟﻐﺎﺕ ﻓﺎﺩﺣﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﻭﺍﷲ ﺇﻻ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻧﻄﻘﻮﺍ ‪‬ﺎ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﻭﻛﺘﺒﻮﻫﺎ ﺗﺼﺪﻳﻘﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﰲ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ‪" :‬ﻭﻣـﻦ ﱂ‬
‫ﺚ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺒﻚ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺤ ﹸ‬
‫ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻌﲎ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﻪ ﹶﻓ ﹾﻠ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ"‪ ٢.‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺫﺍﻗﻪ‪ .‬ﻓﺈﳕﺎ ﻳﺼﺪﻗﻚ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﺷﺮﻕ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺃﺷﺮﻕ ﻓﻴﻚ‪ .‬ﻭﷲ ﺩﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ‪:‬‬
‫
! 
؟   ل‪ !:‬‬
‫‪"#‬א! אمو   *)‪$%&'($‬א"‪ ٣‬‬

‫ﺍﳊﻨﺒﻠﻴﺎﻥ ﺍﳌﺘﺸﺪﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ‪ ،‬ﳘﺎ ﺃﺭﻓﻊ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﺻـﻮﺗﺎ ﰲ‬

‫ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺫﻭﻗﻬﺎ ﻭﻭﺟﺪﻫﺎ ﻭﻋﻠﻮﻣﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻭﻓﺘﺤﻬـﺎ ﻭﻧﻘـﺺ‬
‫ﻺ ‪‬ﺩ ﹶﻻ ِﺀ ﺑﺸﻬﺎﺩ‪‬ﻤﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺿـﻮﻉ ﺇﻻ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺻﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﱂ ﳚﺪﺍ ﻟ ِ‬
‫ﺚ‬
‫ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺍﳌﻨﺘﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤ ﱡ‬
‫ﺍﳍﻤﺔ ﺍﻟﺮﺍﻗﺪﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﻊ‪ :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻳﺎ ﻗﻔﺼﺎ ﺑﻼ ﻃﺎﺋﺮ! ﻭﻣـﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻮﻡ‪ ،‬ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ‪ ،‬ﻗﺼﺪ ﺇﱃ ﺗﺒﻜﻴﺖ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﺇﳕﺎ ﻗﺼﺪﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺤﻮﺍ ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻪ ﺇﻟـﻴﻬﻢ‬

‫‪١‬‬
‫ﻗﻄﺮ ﺍﻟﻮﱄ ﺹ ‪.٤٣٠‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٤٥٢‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٦٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻄﺎﻳﺎ "ﻻ ﲣﻄﺮ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ ﻭﻻ ﺗﺪﻭﺭ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻝ"‪ .‬ﻓﺄﻱ ﻟﻐﺔ ﺗﺴﻤﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺭﺓ‬
‫ﻋﻦ ﺍﳌﻴﺰﺓ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺍﻟﱵ ﻻ ﳛﻠﻢ ‪‬ﺎ ﺃﻣﻞ ﺍﳊﺎﳌﲔ ﻏﲑ ﺍ‪‬ﺎﺯ ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﻳﻊ!‬
‫ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺩﺧﻠﻮﻩ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺧﺮﺟﺖ ﺇﻟﻴـﻪ ﺍﻟ‪‬ﺘﻘﹾـﺪ‪‬ﻣﺎﺕ ﻭﻫـﺪﺍﻳﺎ‬
‫ﺠﻤ‪‬ﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ‪،‬‬‫ﺱ ﺃﹾﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺃﺟﻠﺴﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﻬﻮ ﺇﻣﺎ ﺃﺧﺮ ‪‬‬
‫ﺃﻭ ﻛﺎ‪‬ﺗ ‪‬ﻢ ﹶﻗﻴ‪‬ﺪ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬ﺃﻭ ﺳﻜﺮﺍﻥ ﻳﻬﺬﻱ ﲟﺎ ﻻ ﺗﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‪ .‬ﻭﻣـﻦ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﺭﻳﻌﺔ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺰﻧﺪﻳﻖ ﻟﻴﺒﻬﺮﺝ ﰲ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﹸﻌﻤ‪‬ـﺎﺓ ﻟﻴ‪‬ـﺮﻭ‪‬ﺝ‬
‫ﻟﻜﻔﺮﻩ‪ .‬ﺣﻔﻈﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﺣﻔﻆ ﺑﻨﺎ ﺁﻣﲔ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺮﺑﹺﻠﲔ ﺑﺎﻟﺮﻳﺒﺔ ﺍﳌﺘﺴﻠﱢﺤﲔ ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﺔ‬
‫ﻭﻟﻠﻤﺸﻜﻜﲔ ﺍﳌﺘﺬﺭﻋﲔ ﺑﺎﳊﻴﻄﺔ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﻣﺄﺩﺑﺔ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﳊﺮﻣﺎﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ‪ ،‬ﱂ ﳚﺪ‬
‫ﺏ ﻋﻦ ﻋﻘﻠﻚ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﺎﻛﲔ‪" :‬ﻓﻤﺎ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ‬ ‫ﺇﻻ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﻴ ﹸﺬ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺸﻜﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ )ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ( ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻻ ﺷﺮﻋﺎ‬
‫ﻭﻻ ﻋﻘﻼ ‪‬ﺑ ﹾﻞ ﻭﻻ ﻋﺎﺩﺓ‪ .(...).‬ﻭﺍﶈﺮﻭﻡ ﻣﻦ ﺣﺮﻡ ﺫﻟﻚ‪:‬‬
‫و'‪;#   -)./)012!32‬אو‪56)-78 9-:‬א‪ !4‬‬
‫و‪>5?)-@A1‬و=‪;#>5   <5‬א‪BC‬و(א‪ 46‬‬
‫<‪&F012!GH1‬א!‪   DE./‬א")‪١"4KBIG!4LBM1‬‬ ‫‪I J‬‬

‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻟﻴﺲ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺷﺮﻃﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟـﻮﱄ ﳏﺘﺮﻓـﺎ‬

‫ﺱ ﻧﺎﺻـﻊ‬ ‫ﺚ ﺃﻏﱪ ﺃﻭ ﰲ ﻟﺒﺎ ﹴ‬
‫ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﻻ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌ ‪‬ﺮﻑ‪ ‬ﻭﻻﻳﺘﻪ ﺣﱴ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺃﺷﻌ ﹶ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ‪ .‬ﺍﻟﻮﱄ ﺍﳌﻔﺘﻮﺡ ﻟﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺧﺼﻮﺻﻴ‪‬ﺔ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻌﺪﻩ ﻓﻬﻮ‬
‫ﰲ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ‪ :‬ﻋﺎﳌﺎ ﻭﺍﻋﻈﺎ‪ ،‬ﺃﻭ ﳒﺎﺭﺍ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﺎﺟﺮﺍ‪ ،‬ﺃﻭ ﻋﺎﻃﻼ‪ ،‬ﺃﻭ ﻏﲑ‬
‫ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻳﺼﻄﻔﻲ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻟﻮﻻﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ‪ ،‬ﻓﻴﺨﺮﺟﻪ ﻣـﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﻭﻻﻳﺔ ﺍﷲ ﺹ ‪.٤٦٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻳﻘﺮﺑﻪ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﻳﺪﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ ﻛﻤـﺎ‬

‫ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺗﺄﻭﻳـﻞ ﺫﻟـﻚ ﺇﻻ ﺍﷲ‪ .‬ﺍﻟﻌـﱪﺓ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻓﻴﻚ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ‪ ،‬ﺃﻭ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﳌﻨﺎﻓﺴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﺴﺘﺜﲑﻙ ﻧﺪﺍ ٌﺀ‪ .‬ﺍﻟﻌـﱪﺓ‬
‫ﺃﻥ ﲢﺪ‪‬ﺙ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﷲ ﻭﻟﻴﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ‪.‬‬
‫ﺳﺄﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ ﺭ‪‬ﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺭﺟﻼ‪ :‬ﺃﲢﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﷲ ﻭﻟﻴﺎ؟‬
‫ﻍ ﻧﻔﺴـﻚ‬ ‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻧﻌﻢ! ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻭﹶﻓ ‪‬ﺮ ﹾ‬
‫ﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﺃ ﹾﻗﹺﺒ ﹾﻞ ﺑﻮﺟﻬﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﻟ‪‬ﻴ ﹾﻘﺒﹺﻞ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻳﻮﺍﻟﻴﻚ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑـﻮ ﻳﺰﻳـﺪ‬
‫ﺲ‬
‫ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﺮﺍﺋﺲ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﻻ ﻳـﺮﻯ ﺍﻟﻌـﺮﺍﺋ ‪‬‬
‫ﳋﺪ‪‬ﺭ( ﻋﻨـﺪﻩ ﰲ ﺣﺠـﺎﺏ‬ ‫ﺨ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﻭﻥ )ﺃﻱ ﳏﺠﻮﺑﻮﻥ ﰲ ﺍ ‪‬‬‫ﺠ ﹺﺮﻣ‪‬ﻮﻥ‪ .‬ﻓﻬﻢ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻧﺲ‪ ،‬ﻻ ﻳﺮﺍﻫﻢ ﺃﺣﺪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻻ ﻳﺮﺍﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﻢ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻠﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣ ‪‬ﻲ ﺍﶈﺠﻮﺏ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﺁﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫ﺳﺌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ :‬ﻛﻴﻒ ﻳﻐﺬﱠﻯ ﺍﻟﻮﱄ ﰲ ﻭﻻﻳﺘﻪ؟ ﻓﻘـﺎﻝ‪" :‬ﰲ‬
‫ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﺑﻌﺒﺎﺩﺗﻪ‪ ،‬ﻭﰲ ﻛﻬﻮﻟﺘﻪ ﺑﺴﺘﺮﺗﻪ‪ ،‬ﻭﰲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻪ ﺑﻠﻄﺎﻓﺘﻪ‪ .‬ﰒ ﳚﺬﺑﻪ ﺇﱃ‬
‫ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻌﻮﺗﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ‪ ،‬ﰒ ﻳﺬﻳﻘﻪ ﹶﻃﻌ‪‬ﻢ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﻪ ﰲ ﺃﻭﻗﺎﺗﻪ"‪.‬‬
‫ﱄ‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺮﺍﺯ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﻳ‪‬ـﻮﺍ ﹶ‬
‫ﻋﺒﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪﻩ ﻓﺘﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺏ ﺫﻛﺮﻩ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻠ ﱠﺬ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻓـﺘﺢ ﻟـﻪ ﺑـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺏ‪.‬ﰒ ﺭﻓﻌﻪ ﺇﱃ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻷﻧﺲ ﺑﻪ‪ .‬ﰒ ﺃﺟﻠﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ .‬ﰒ‬
‫ﺭﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺍﳊﺠﺐ‪ ،‬ﻭﺃﺩﺧﻠﻪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﹶﺮﺩﺍﻧﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺸـﻒ ﻟـﻪ ﻋـﻦ ﺍﳉـﻼﻝ‬
‫ﻯ‪ .‬ﻓﺤﻴﻨﺌـﺬ‬ ‫ﻭﺍﻟﻌﻈﻤﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻼﻝ ﻭﺍﻟﻌﻈﻤﺔ ﺑﻘﻲ ﺑﻼ ﻫﻮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺉ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﻭﹺﻱ ﻧﻔﺴﻪ"‪.‬‬ ‫ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﺪ ‪‬ﺯﻣ‪‬ﻨﹰﺎ ﻓﺎﻧﻴﺎﹰ‪ ،‬ﻓﻮﻗﻊ ﰲ ﺣﻈﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻭﺑ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻧﻘﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎ ُﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﻭﺫﻭﻗﻬﻢ ﻟﻄﺮﻳﻘﻬﺎ‪ .‬ﻧﺴﺘﺄﻧﺲ‬
‫‪‬ﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﰒ ﳕﺮ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍ‪‬ﺪ ﺍﳌﻨﻴﻒ‪ ،‬ﳎﻠﺲ ﺳﻴﺪ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﺻﻔﻴﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﳏﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻨﺴﻤﻌﻪ ﳜﱪ ﺧـﱪ‬
‫ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ .‬ﰒ ﻟﻨﺎ ﺭﺟﻌـﺔ ﻟﻠﺸـﻴﺨﲔ ﺍﻟﺮﻓـﺎﻋﻲ‬
‫ﻭﺍﳉﻴﻼﱐ ﻟﻨﺴﻤﻊ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ‪.‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻃﺮﻕ‪ ،‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﻋـﻦ ﺃﻡ‬
‫ﺳﻠﻤﺔ ﻭﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ‪ ،‬ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻷﺑﺪﺍﻝ‪ .‬ﻭﺍﻷﺑﺪﺍ ﹸﻝ ﺻـﻨ‪‬ﻒ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﳍﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺧﺎﺻ‪‬ﺔ‪ .‬ﻭﻟﻠﻨﺎﺱ ﺟﺪﻝ ﺩﺍﺋﻢ ﰲ ﺣﻘﻴﻘـﺔ ﻭﺟـﻮﺩ‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺎ َﺀ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﺑﺪﺍﻻ ﻭﺃﻗﻄﺎﺑﺎ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻣﺎ ﱄ ﻭﻟﻚ ﻭ‪‬ﻟ ﹾﻠﺠ‪‬ﺪﻝ! ﺇﳕﺎ ﻳ‪‬ـ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ‬
‫ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺻﺎﺩ‪‬ﻣﺔ ﻟﻠﺸﺮﻉ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸـﻮﻛﺎﱐ‪ .‬ﻭﺧـﱪ‬
‫ﺍﻷﺑﺪﺍﻝ ﻣﻦ ﻧ‪‬ﻄﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺟﻬـﻪ‪" :‬ﺍﻷﺑـﺪﺍﻝ‬
‫ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺭﺟﻼ‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﻣﺎﺕ ﺭﺟﻞ ﺃﺑﺪﻝ ﺍﷲ ﻣﻜﺎﻧـﻪ‬
‫ﺼﺮ‪‬ﻑ ﻋﻦ ﺃﻫـﻞ‬ ‫ﺴﻘﹶﻰ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻐﻴﺚ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺘﺼﺮ ‪‬ﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬ ‫ﺭﺟﻼ‪ .‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻡ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ"‪.‬‬
‫ﻭﳜﱪ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻜﺎﺷﻔﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻴﺼـﺪﻗﻬﻢ‬
‫ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺤﺴﻦ ﺍﻟﻈ ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺣﻈﻪ ﺍﳊﺮﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‪:‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﻓﺎﺭﻍ"‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﳍﺎ ﻗﺒﻠﻪ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ‪ ،‬ﻣﻤ‪‬ﻦ ﻻ ﻳﻨﻔـﺘﺢ‬
‫ﻗﻠﺒﻪ ﻟﻐﲑ ﺍﻟﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﻘﻴﻞ‪.‬‬
‫ﻛﺄﱐ ﺑﺸﺎ ‪‬ﻙ ﻣﺸﻜﻚ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﺄﻗﺪﺍﺭ ﺍﻷﻛﺎﺑﺮ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﻫﻞ ‪‬ﻧﻘ‪‬ﻞ ﻫﺬﺍ ﻋـﻦ‬
‫ﺛﻘﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ؟ ﻟﻘﺪ ﻛﻔﺎﻙ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻣﺆﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﻒ ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﺍﻥ ﺣﲔ‬
‫ﺃﲨﻞ ﻟﻚ‪ ،‬ﻣﻦ ﻋﺘﺒ‪‬ﺔ ﺍﳌﻮﺕ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻔﺼ‪‬ﻠﻪ ﻟﻚ ﺃﻣﺜﺎ ﹸﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻭﺣـﲔ‬
‫ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺪﻭﻥ ﻭﺍﻷﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻭﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺇﻣﺎﻡ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﺳﺘﻘﺮﺃ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺭﺃﻱ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻳﺆﻛﺪ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﺮﺍﺗـﺐ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬
‫ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺑﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻠﺒﺲ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺘﻤﺘﻊ‪ ،‬ﺑـﻞ‬
‫ﻳﺘﻘﻮ‪‬ﺕ ﻟ‪‬ﻴ‪‬ﺘ ﹶﻘﻮ‪‬ﻯ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻳﺄﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻗﺪﺍﻡ ﻇـﺎﻫﺮﻩ‬
‫ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ .‬ﻳﺄﻛﻞ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻻ ﺑﺎﳍﻮﻯ‪ .‬ﻭﺍﻟﻮﱄ ﻳﺄﻛﻞ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫"ﻭﺍﻟﺒﺪﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟ ﹸﻘﻄﹾﺐ ﻳﺄﻛﻞ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻄﺐ‬
‫ﺃﻛﻠﻪ ﻭﺗﺼﺮ‪‬ﻓﻪ ﻛﺄﻛﻞ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺗﺼﺮﻓﻪ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻫﻮ ﻏﻼﻣﻪ ﻭﻧﺎﺋﺒﻪ ﻭﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﰲ ﺃﻣﺘﻪ ! ﻫﻮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ‪ ،‬ﺧﻠﻴﻔـﺔ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺧﻠﻴﻔ ﹲﺔ ﺑﺎﻃ ‪‬ﻦ ﻭﺇﻣﺎﻡ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺧﻠﻴﻔـ ﹲﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﻇﺎﻫ ‪‬ﺮ"‪.‬‬
‫ﺖ ﺗﺒﻌﻴﺘـﻪ ﻟﻠﺮﺳـﻮﻝ‬‫ﺤ ‪‬‬‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﻗﺪﺱ ﺳﺮﻩ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪" :‬ﻭﻣﻦ ﺻ ‪‬‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻟﺒﺴﻪ ‪‬ﺩﺭ‪‬ﻋﺎ ﻭ ‪‬ﺧ ‪‬ﻮﺫﹶﺓ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺪﻩ ﺑﺴﻴﻔﻪ‪ ،‬ﻭﳓﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺩﺑـﻪ‬
‫ﻭﴰﺎﺋﻠﻪ ﻭﺃﺧﻼﻗﻪ‪ ،‬ﻭﺧﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ‪‬ﺧﻠﹶﻌﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺷﺘﺪ ﻓﺮ ‪‬ﺣ ‪‬ﻪ ﺑﻪ ﻛﻴﻒ ﻫﻮ ﻣـﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﰲ "ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ" ﺹ ‪.١٩٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺸﻜﺮ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﰒ ﳚﻌﻠﻪ ﻧﺎﺋﺒﺎ ﻟﻪ ﰲ ﺃﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺩﻟـﻴﻼ‬
‫ﻭﺩﺍﻋﻴﺎ ﳍﻢ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫"ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ‪ ،‬ﻭﳌﱠﺎ ﻗﺒﻀﻪ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻗﺎﻡ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻪ‬
‫ﺨﹸﻠﻔﹸﻪ ﻓﻴﻬﻢ‪ .‬ﻭﻫﻢ ﺁﺣﺎﺩ ﺃﻓﺮﺍﺩ‪ :‬ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﻟﻒ ﺃﻟـﻒ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻄـﻊ‬ ‫ﻣﻦ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﺣ ‪‬ﺪ‪ .‬ﻳﺪﻟﻮﻥ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻳﺼﱪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺫﺍﻫﻢ ﻣﻊ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﳍﻢ‪.‬‬
‫ﺴﺎﻕ‪ ،‬ﻭﳛﺘﺎﻟﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻜﻞ ﺣﻴﻠﺔ ﺣـﱴ‬ ‫ﻳﺘﺒﺴﻤﻮﻥ ﰲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺍﻟ ﹸﻔ ‪‬‬
‫ﺨﻠﱢﺼﻮﻫﻢ ﳑﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﳛﻤﻠﻮﻫﻢ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺭ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻗـﺎﻝ‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‪ :‬ﻻ ﻳﻀﺤﻚ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ‪ .‬ﻳﻀﺤﻚ‬
‫ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﻳﺮﻳﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﲞﺮﺍﺏ ﺑﻴﺖ ﺩﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺳﻮﺍﺩ ﻭﺟـﻪ‬
‫ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺜﺮﺓ ‪‬ﻏﱢﻠ ‪‬ﻪ ﻭ ﹶﻛﺪ‪‬ﺭﻩ‪(...).‬‬
‫ﺼﺪ‪‬ﻳﻘﲔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺍﻟﻌـﺎﳌﲔ! ﺇﱃ‬ ‫ﺨ ﹶﻔﻮ‪‬ﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟ ‪‬‬ ‫"ﻭﻳﻠﻜﻢ! ﺗﻈﻨﻮﻥ ﺃﻧﻜﻢ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻱ ﻭﻗﺖ ﺗﻀﻴﻌﻮﻥ ﻋﻤﺮﻛﻢ ﰲ ﻻ ﺷﻲﺀ! ﺍﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﻳﺪﻟﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳـﻖ‬ ‫ﺃ‪‬‬
‫ﺿﻼﱠﻻ ﻋﻨﻬﺎ! ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻋﻠﻴﻜﻢ! ﻳﺎ ﻣﻮﺗﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ! ﻳﺎ ﻣﺸﺮﻛﲔ‬ ‫ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﻳﺎ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻷﺳﺒﺎﺏ! ﻳﺎ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺃﺻﻨﺎﻡ ﺣﻮﳍﻢ ﻭﹸﻗﻮ‪‬ﺍﻫ‪‬ﻢ ﻭﻣﻌﺎﻳﺸﻬﻢ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﺃﻣﻮﺍﳍﻢ‬
‫ﻭﺳﻼﻃﲔ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻭﺟﻬﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ!‬
‫‪١‬‬
‫"ﺇ‪‬ﻢ ﳏﺠﻮﺑﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﻐﺎﻓﻞ‪" :‬ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﻴ ‪‬ﺪ ﻋﻨ‪‬ﺎ! ﺍﳌﻤﻘﻮﺕ ﻣﻨﺎ! ﻣﺎ‬
‫ﻫﺬﺍ ﻣﻨﻚ ﻳﺎ ﻣﺴﻜﲔ! ﻟﻮﻛﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻚ ﻣﻘﺼﺪ ﻳﺸﻬﺪ ﲝﺴﻦ ﺍﺳـﺘﻌﺪﺍﺩﻙ‪،‬‬
‫ﻭﺧﺎﻟﺺ ﺣﺒ‪‬ﻚ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﺍﺟﺘﺬﺑﻨﺎﻙ ﺇﻟﻴﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺣﺴﺒﻨﺎﻙ ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ ،‬ﺷﺌﺖ ﻭﺇﻥ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٠٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻻ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﳊﻖ ﻳﻘﺎﻝ‪ :‬ﺣﻈﱡﻚ ﻣﻨﻌﻚ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻙ ﻗﻄﻌﻚ‪ .‬ﻟﻮ ﺣﺴﺒﻨﺎﻙ‬
‫ﻣﻨﺎ ﻣﺎ ﺗﺒﺎﻋﺪﺕ ﻋﻨﺎ‪ .‬ﺧﺬ ﻣﲏ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻘﻠﺐ! ﺧﺬ ﻣﲏ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺬﻭﻕ!‬
‫ﺧﺬ ﻣﲏ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺸﻮﻕ! ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻣﲏ ﻳﺎ ﺃﺧﺎ ﺍﳊﺠﺎﺏ! ﻛﹸﺸـﻒ ﱄ ﻋـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻗﻠﺒﻚ!"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ! ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻬﻢ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺃﺭﺩ‪‬ـﻢ‬
‫ﺍﻟﺘ‪‬ﻬﻤﺔ!‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺸﻤ‪‬ﺮ ﺑﺒﺎﺏ ﺍﳉﻮﺩ ﻭﺍﻟﺸﺎﻛﹼﻮﻥ ﻧﻴﺎ ‪‬ﻡ‪:‬‬
‫  [‪O21FZ
7‬د‪ O)X )O/‬‬ ‫وذ‪7 IBV‬قٍ‪Q2R0SB‬א'‪ O)PA‬‬
‫  و!;)‪^X‬א!‪ O)758 ]&2/‬‬ ‫)‪ O%1=&2F\X)6O2F\X‬‬
‫  و)‪;A)01‬א‪e‬دא^‪ O)%L‬‬ ‫ذא‪b;cd‬א!‪ O_<`ZaO1‬‬
‫  ‪2B;#‬ل] ‪gmI‬אض]‪ O)2j\k‬‬ ‫و]‪gMhi8%‬א‪ O_<&f‬‬
‫  ‪*m%<nE‬و!‪ O)/LQ/%‬‬ ‫‪Z[S7‬د)‪0!;6‬و[‪ OS)Z‬‬
‫  '_‪r\827‬د‪ O)?Og)eF‬‬ ‫א‪&e‬א‪b;q‬א‪op%6‬وא‪ 0#‬‬
‫  )*‪ O)AX!]e]@8B[O5V‬‬ ‫‪&V5st‬א‪b;q‬وא!‪ <Z‬‬
‫  ‪%‬د(א‪ O)'7@BJ"s‬‬ ‫‪E‬ذאא ‪b$‬א‪ O)5F&d;%u‬‬
‫  ود]‪x‬و<ن‪#‬وجدوא)‪ Op‬‬ ‫‪ O#%!-2`<0!E‬‬
‫  ‪CO78%IFs‬א‪ O)%=7b;8 7<51q‬‬ ‫و;'*‪y‬لא!‪5%‬و ;א‪ 5I‬‬
‫  ‪5)5=z
I758 7)\X‬א&‪ O)a#‬‬ ‫‪E‬ذא)‪;(5‬א^‪ --<;)-‬‬
‫  و ‪0X}5-‬א!ن&א ‪ O)$A‬‬ ‫;<‪0XO‬א!‪ ep5B{|oSA‬‬
‫  و‪@oS‬א ‪LOJ1ْ7‬א)‪ O‬‬ ‫ن@א=~‪COS‬א!‪@A‬אذ‪ e‬‬
‫  ‪E‬ذא=‪5‬א!‪7;g‬אم]=م)‪ O)%‬‬ ‫)‪S‬و!‪ p_€O!!x‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٤٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫!‬
‫!  ْ<‪7 َ9 :5‬‬
‫ ْ<‪7 َ9 :5‬‬
‫‬
‫‪F‬ـ‪E+‬ــْــ‪ُC7" :D‬ـــ‪$ B$ :5‬ــــ‪?@# A‬ـــ ‪7‬‬
‫!‬
‫! <ْ‪7 9 5‬‬
‫<‪7 9 5‬‬
‫‬
‫‪G H7 َI‬ـــ‪EI‬ــ‪O‬ــــ ‪:$‬ــ‪%‬ــ‪َ.‬ـــــ‪َF ًLMN‬ـــ ‪7‬ــــــــ ‪J# H‬ــــــــــ ‪7‬‬
‫!‬
‫! <‪7 9 5‬‬
‫<‪7 9 5‬‬
‫ ‪َ) PNG ! :D7QRE  ُ(/S T" AR7#1‬ـ ‪07‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫  
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺧﻠﻘﻪ ﰒ ﻫﺪﻯ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﻻ‬
‫ﻋﻴﺶ ﺇﻻ ﻋﻴﺶ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬

‫ﺳﺄﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ‪،‬‬
‫ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﷲ ﻭﱄ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ؟ ﻓﺄﺟﺎﺏ‪ :‬ﻣﺎ ﻛـﺎﻥ ﻭﻻ‬
‫‪١‬‬
‫ﻳﻜﻮﻥ!"‪.‬‬
‫ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺣﻠﻘﺔ ﻭﺻﻞ‬
‫ﻣﻬﻤﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﶈﺪﺛﲔ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ‪ ،‬ﺣﻠﻘﺔ ﻣﺘﻮﺍﺻﻠﺔ ﻣﻦ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﺍ ‪‬ﳍﺮ‪‬ﻭﻱ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳌﻨﺴﻮﺏ ﻟﻠﺤﻨﺒﻠﻴـﺔ ﺇﱃ ﺍﶈـﺪﺛﲔ‬
‫ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺗﻼﻣﺬﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻋﻦ ﻳﻘﲔ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﺜﻠﺞ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﰲ ﻛـﻞ‬
‫ﻋﺼﺮ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﻭ ﺍﳊﺴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻣﻨﺬ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﻣﺪ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﻄﻠﺔ ﺍﳉﻬﻤﻴﺔ ﻭﰲ ﺑﺪﻋﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﲞﻠﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪.‬‬
‫ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﰲ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ‪" :‬ﺍﻋﻠﻢ ﺃ ﱠﻥ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻋﻼﻣـﺎﺕ‬
‫ﻳ‪‬ﻌﺮﻓﻮﻥ ‪‬ﺎ‪ .‬ﻓﻌﻼﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﺍﻟﻮﻗﻴﻌﺔ ﰲ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﹶﺛﺮﹺ‪ ،‬ﻭﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗـﺔ‬
‫ﺗﺴﻤ‪‬ﻴﺘ‪‬ﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺛﺮ ﺑﺎﳊﺸﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻵﺛﺎﺭ‪ .‬ﻭﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳـﺔ‬
‫ﺸ‪‬ﺒ ‪‬ﻬ ﹰﺔ‪.‬‬
‫ﺠﺒﹺﺮ ﹰﺓ ﻭﻋﻼﻣﺔ ﺍﳉﻬﻤﻴﺔ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪‬ﻣ ‪‬‬‫ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺛﺮ ‪‬ﻣ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٢٠١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻅ‬
‫ﻭﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺮﺍﻓﻀﺔ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻧﺎﺻ‪‬ﺒ ﹰﺔ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﺼﺒﻴﺔ ‪‬ﻭﻏ‪‬ﻴـﺎ ﹲ‬
‫ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﺳﻢ ﳍﻢ ﺇﻻ ﺍﺳﻢ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ‪ :‬ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﻭﻻ‬
‫ﻳﻠﺘﺼﻖ ‪‬ﻢ ﻣﺎ ﻟﻘﺒﻬﻢ ﺑﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻛﻤﺎ ﱂ ﺗﻠﺘﺼﻖ ﺑﺎﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻛﻔﺎﺭ ﻣﻜﺔ ﺳﺎﺣﺮﺍ ﻭﺷﺎﻋﺮﺍ ﻭﳎﻨﻮﻧﺎ ﻭﻣﻔﺘﻮﻧﺎ ﻭﻛﺎﻫﻨﺎ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﳌﺒﲔ ﻋﻦ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﹸﻗﺮ‪‬ﺓ ﻋﲔ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ ﺑﲔ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﺩ ﺍﳊﻨﺒ‪‬ﻠـﻲ ﰲ ﺗﺮﲨﺘـﻪ ﻟﻠﺸـﻴﺦ‪:‬‬
‫ﺐ ﲟﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﲔ )ﺃﻱ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬـﺎﺀ‬ ‫"ﺳﺎﺭﺕ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﺍﻟﺮﻛﺒﺎﻥ‪ ،‬ﻭﹸﻟ ﱢﻘ ‪‬‬
‫ﺍﶈﺪﺛﲔ(‪ ،‬ﻭﻣﻮﺿ‪‬ﺢ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﲔ‪ ،‬ﻭﻛﺮﱘ ﺍﳊﺪ‪‬ﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﲔ‪ .‬ﻭ‪‬ﺗ ﹾﻠﻤ‪‬ﺬ ﻟﻪ‬
‫ﺐ‬
‫ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﺯﻣﻨﻪ‪ .‬ﻭﻟﺒﺲ ﻣﻨﻪ ﺍﳋﺮﻗﺔ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ‪ .‬ﺻـﺎﺭ ﻗﻄـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ)‪ .(...‬ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺗﻪ ﲣﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﳊﺪ‪ ،‬ﻭﺗﻔﻮﺕ ﺍﳊﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌـﺪ)‪.(...‬‬
‫ﻭﺗﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﻫﻞ ﺑﻐﺪﺍﺩ‪ .‬ﻭﺃﺳﻠﻢ ﻣ‪‬ﻌﻈ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠـﻰ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻳﺪﻳﻪ"‪.‬‬
‫ﰒ ﻳﻨ‪‬ﻘﻞ ﻛﻼﻣﺎ ﻟﻠﻔﻘﻴﻪ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﺃﺣﺪ ﺃﺳﺎﻃﲔ ﺍﳌﺬﻫﺐ‪ ،‬ﻣﻮﻓﱠـﻖ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻮﻓﻖ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻗﺪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ :‬ﺃﺩﺭﻛﻨﺎﻩ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ‪ ،‬ﻓﺄﺳ ﹶﻜ‪‬ﻨﻨ‪‬ﺎ ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ‪ .‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻭﱂ‬
‫ﺤﻜﹶﻰ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﳛﻜﻰ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺭﺃﻳﺖ‬ ‫ﺃﲰﻊ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺃﺣﺪﺍ ﻳﻌﻈﻤﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺝ ‪ ١‬ﺹ‪. ٨٠‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﺸﺬﺭﺍﺕ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.١٩٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻳﻨﻘﻞ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪،‬‬
‫ﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﲨﺎﻉ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋـﺰ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻣﺎ ﻧﻘﻠﺖ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﺃﺣﺪ ﺑﺎﻟﺘ‪‬ﻮﺍ‪‬ﺗ ﹺﺮ ﺇﻻ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ"‪.‬‬
‫ﺐ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒـﺪ‬ ‫ﰒ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ‪‬ﻘ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻟﻠﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺟﻠﺲ ﻟﻠﻮﻋﻆ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﲬﺴﻤﺎﺋﺔ‪ .‬ﻭﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺩﻳﺎﻧﺘﻪ ﻭﺻﻼﺣﻪ‪ .‬ﻭﺍﻧﺘﻔﻌﻮﺍ ﺑﻜﻼﻣﻪ‪ .‬ﻭﺍﻧﺘﺼﺮ ﺃﻫﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﻈﻬﻮﺭﻩ‪ .‬ﻭﺍﺷﺘﻬﺮﺕ ﺃﺣﻮﺍﻟﹸﻪ ﻭﺃﹶﻗﻮﺍﻟﹸﻪ ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺗ‪‬ﻪ ﻭﻣﻜﺎﺷﻔﺎﺗ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﻫﺎﺑـﻪ‬
‫ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻓﻤﻦ ﺩﻭ‪‬ﻢ"‪.‬‬
‫ﻧﻨﺘﻘﻞ ﺍﻵﻥ ﻗﺮﻧﺎ ﻭﻧﺼﻔﺎ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻟﻨﺠﺪ‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ ﺑﲔ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ‪ ،‬ﻭﻟﻨﺠـ ‪‬ﺪ ﺍﺑـﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ‬
‫ﻭﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ‪.‬ﻭﰲ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﳉﺪﻝ ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ ﳒﺪ ﻟﻠﺸﻴﺦ‬
‫ﺻﺔﹰ‪ ،‬ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﺍ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍ ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‬ ‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎ ‪‬‬
‫ﻗﺒﻠﻪ ﻭﻻ ﺑﻌﺪﻩ‪ .‬ﺑﻞ ﺇﻧﻚ ﻻ ﲡﺪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﺘﺮﺿﻰ ﺑﻠﻔﻆ "ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻪ"‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪.‬‬
‫ﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﷲ! ﻛﻴﻒ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺢ ‪‬ﻳ ‪‬ﺪﻟﹶﻰ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺫﻛﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻣﺪﺭﺳﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺗﺰﻛﻴﺔ ﻗﺪﺭﻫﺎ ﻳ‪‬ﺴ ‪‬ﻤ ‪‬ﻊ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻷﻗﻤﺎﺭ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎﻥ‬
‫ﺍﷲ ﻛﻴﻒ ﺍﳓﺠﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺑﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﳌﻌﻘﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻘـﻮﻝ‬
‫ﺣﱴ ﳛﺘﺎﺝ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﳊﻖ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﻓﻌﺎﺕ ﻣﺸﺘﺒﻜﺎﺕ! ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻫـﻮ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ ،‬ﴰﺲ ﰲ ﺃﻋﺎﱄ ﲰﺎﺀ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍ‪‬ﺘﻬـﺪﻭﻥ ﻻ‬

‫ﻳﺪﻭﺭﻭﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻠﻚ‪ .‬ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ ﻟﺒﻌﻀـﻬﻢ‬
‫ﻓﺘﻨﺔ‪" .‬ﺃﺗﺼﱪﻭﻥ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺑﻚ ﺑﺼﲑﺍ"‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺪ ﻓﻠﺸﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭ‪‬ﻟﻮﻉ ﺑﺎﻟﺸـﻴﺦ ﻋﺒـﺪ‬
‫ﻒ ﺑﻜﻼﻣﻪ ﻭﺇﻓﺎﺩﺍﺗﻪ‪ .‬ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ‪‬ﺎ ﻭﻳﺸﺮﺣﻬﺎ ﰲ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ ،‬ﻭﺗﺴﻠﻴﻢ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺷﻐ ‪‬‬
‫ﺧﻀﻮﻉ ﺗﺎ ‪‬ﻡ ﻭﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻥ‪ .‬ﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫـﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺄﻥ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺳﺎﺑﻘﺔ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ ﻭﺻـﺪﻗﻪ ﻋﺼـﻤﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪،‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺼﺤﺘﻪ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﺍﶈﻘﻘﻮﻥ ﻛﺎﺑﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ .‬ﻭﰲ ﺍﻟﻐ‪‬ﻨﻴﺔ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻌﻞ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ‪‬ﻳ ﹾﺬ ‪‬ﺧﺮ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﰲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﺻﻠﹾﺢ ﺑﲔ ﺍﳊﻖ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺘﺤﺎ ‪‬ﻣ ﹺﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻫـﺬﺍ‬ ‫‪‬ﺣﹶﻠ ﹶﻘ ﹶﺔ ﻭﺻﻞ‪ ،‬ﻭﺣﹶﻠ ﹶﻘ ﹶﺔ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺮﻓﻪ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺣ‪‬ﺮﻓﻴ‪‬ﻮﻥ ﻳﻨﺘﺴﺒﻮﻥ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ .‬ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﺮﻓﻊ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻣﻦ ﻭﺳـﺎﺋﻂ‬
‫ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺏ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺼ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﻫ ‪‬ﻢ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺍﻓﻌﺎﺕ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ ﻭﺣﺎﺿﺮﻧﺎ ﻟﻨﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﱳ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻭﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ ﺑﺎﻃﻤﺌﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻣﺮﺗﻔﻌﲔ ﺇﱃ‬
‫ﺃﻓﻖ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﳌﻜﺘﻤﻞ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻫﺮﻩ‪ ،‬ﻭﺣﺎﻓﻆ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﱪﻩ ﻭﺃﺛـﺮﻩ‪،‬‬
‫ﻭﺍﺷﺘﻖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﺷﺘﻘﺎﻗﺎ‪ ،‬ﻭﻋﺎﻧﺪﻩ ‪‬ﺣﻜﱠﺎﻡ ﺍﳉﻮﺭ ﺷﻘﺎﻗﺎ ﻭﻧﻔﺎﻗﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺏ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬ ‫ﻟﻴﺲ ﳘﻨﺎ ﻭﻻ ﻃﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺃﻥ ﻧﻘﺒﻞ ﻫﺮﻭ ‪‬‬

‫ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﺇﱃ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻭﻫﺎﺟﺮ ‪‬ﺓ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﹺﻱ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺃﻥ ﻧﻘﺘﺪﻱ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﳉﺪﻝ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﻥ ﻧ‪‬ﻬﺎﺩﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﺨﺎﺻ ‪‬ﻢ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺑﻮﺟﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺷﺮﻭﺡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‬
‫ﺃﺑﻮ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﻓﺘﻮﺡ ﺍﻟﻐﻴﺐ"‪ .‬ﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣﻮﻣﻦ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ‬
‫ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ‪ :‬ﺃﻣﺮ ﳝﺘﺜﻠﻪ‪ ،‬ﻭ‪ ‬ﹴﻲ ﳚﺘﻨﺒﻪ‪ ،‬ﻭﹶﻗ ‪‬ﺪ ﹴﺭ ﻳﺮﺿﻰ ﺑـﻪ)‪.(...‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﺷﺮﻳﻒ ﺟﺎﻣﻊ‪ ،‬ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻛﺘﺎﺏ "ﻓﺘﻮﺡ ﺍﻟﻐﻴﺐ"‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻛﺘـﺎﺏ ﻧﻔـﻴﺲ‪،‬‬
‫ﻣﻠﻲﺀ‪ .‬ﺑﺎﻟﻐﺎﻣﻀﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﻣﺼﻄﻠﺤﺎ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻗﺪ‪‬ﺭﺕ "ﺗﻨﺎﺯﻝ" ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺳﻜﻮﺗﻪ ﻭﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ ﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺣﻘﺎ ﺣﻘﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺗﻮﻓﻴﻖ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻠﻘﱠﻮﺍ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ‬
‫ﺑﺎﻟﺘ‪‬ﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻠﻤﺬﺓ‪ .‬ﻋﺎﺻﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﰲ ﺻﺪﺭ ﺷﺒﺎﺑﻪ‪ ،‬ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻴﺦ‬
‫ﺴ ‪‬ﻊ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻭﻃﻔﻖ ﻳﻜﺘـﺐ ﺃﻥ ﺍﳌﻜﺎﺷـﻔﺔ‬ ‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﻔﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﱂ ﻳ ‪‬‬
‫ﻛﻼﻡ ﻓﺎﺭﻍ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﲟﻘﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺃﻧﻪ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺮﻭﺍﻳﺔ ﺭﺅﻳﺎ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻛﻤﺎ‬
‫ﺗﻜﺘﺐ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﳌﻬﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺩﻭ‪‬ﺎ ﻛﻤﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﺪ ‪‬ﻭ ﹸﻥ ﺍﻟﻮﺛـﺎﺋﻖ ﺍﳌﻮﺛﻮﻗـﺔ‪ .‬ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﺣﺪﺛﲏ ﺃﰊ ﻋﻦ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﺤﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺃﻇﻨﻨﹺﻲ ﲰﻌﺘﻬﺎ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﺃﻧـﻪ ﺭﺃﻯ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﰲ ﻣﻨﺎﻣﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﺧﺒﺎﺭﺍ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﺗﻌﺎﱃ‪" :‬ﻣﻦ ﺟﺎﺀﻧﺎ‬
‫ﺗﻠﻘﻴﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺗﺼﺮ‪‬ﻑ ﲝﻮﻟﻨﺎ ﺃﹶﻟﻨ‪‬ﺎ ﻟﻪ ﺍﳊﺪﻳﺪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﺗﺒﻊ ﻣﺮﺍﺩ‪‬ﻧـﺎ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١٠‬ﺹ ‪.٤٥٦-٤٥٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﺭﺩﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ ﺃﻋﻄﻴﻨﺎﻩ ﻓﻮﻕ ﺍﳌﺰﻳﺪ"‪ ١.‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺏ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ"‪ ،‬ﻭﺟﻌﻞ ﻳﺸﺮﺡ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﺮﺅﻳـﺎ‬ ‫ﻗﻠﺖ‪" :‬ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮ ‪‬‬
‫ﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟـﻮﺍﺭﺩ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺴ ‪‬‬
‫ﺷﺮﺣﺎ ﻃﻮﻳﻼ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﻣﻘﺼﻮﺩﻩ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﱃ ﺍﳊﻀﺮﺓ ﺍﻹﳍﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﳋﻠﻴﻘﺔ ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻴﻨﺒﻪ‪ ،‬ﻣـﻦ‬
‫ﻑ ‪‬ﺧ ‪‬ﻔ ‪‬ﻲ ﻟﻄﻴﻒ‪ ،‬ﺇﱃ ﺷﺮﻙ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﻭﻟﻴﺎ ﻳﻨﻄﻖ ﲟﺜـﻞ ﻫـﺬﺍ‬ ‫ﻃﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴ‪‬ﺆﻭﻝ ‪‬ﻢ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺍﳉﻬﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺄﰐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﻨﺺ ﻃﻮﻳﻞ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﺘﺎﺑﻌﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮﺡ ﻭﺍﳌﻮﺍﻓﻘـﺔ‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ‪ .‬ﻳﺒﺪﺃﻩ ﺑﺎﻟﺘﺮﺣﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺓ ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﻪ‪" :‬ﺍ ﹾﻓ ‪‬ﻦ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﲝﻜﻢ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﻫﻮﺍﻙ ﺑـﺄﻣﺮﻩ‪،‬‬
‫ﻭﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺗﻚ ﺑﻔﻌﻠﻪ‪ .‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺗﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﻋﺎﺀ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﷲ)‪ .(...‬ﻗـﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ :‬ﻭﻋﻼﻣﺔ ﻓﻨﺎﺀ ﺇﺭﺍﺩﺗﻚ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﺃﻧﻚ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﻣ‪‬ـﺮﺍﺩﹰﺍ‬
‫ﻗﻂ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﻏﺮﺽ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻘﻒ ﻟﻚ ﺣﺎﺟﺔ ﻭﻻ ﻣ‪‬ﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻷﻧﻚ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﻊ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﷲ ﺳﻮﺍﻫﺎ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻠﺨﺺ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻴﺴﺘﻔﻴﺾ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﺗﻔﺼﻴﻞ‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﺍﳉﹸﻨﻴﺪ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﻪ‪،‬‬
‫ﰲ ﻣﺪﻟﻮﳍﺎ‪ .‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﺒ ﹺﺮ ‪‬ﺯ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻃﻼﻉ ﻭﺍﺳﻊ‪ ،‬ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻊ‪.‬‬
‫ﻧﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻨﺴﻤﻊ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‬
‫ﻭﻫﻮ ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﹺﻨ ‪‬ﻌ ﹺﻢ ﺭﺑﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪ .‬ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١٠‬ﺹ ‪.٥٤٩‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪ ٤٩٠‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻭﺛﻖ‪ ،‬ﻛﻘﻮﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪
:‬ﻭﺟﻌﻠﲏ ﻣﺒﺎﺭﻛﺎ ﺃﻳﻨﻤﺎ‬
‫ﻛﻨﺖ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺮﱘ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٣١ :‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﲣﻔﻲ ﺃﻣﺮﻙ ﻋﻠﻲ ﻭﻫـﻮ ﻻ‬
‫‪‬ﻳﺨ‪‬ﻔﻰ! ﺗﻈﻬﺮ ﱄ ﺃﻧﻚ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺃﻧﺖ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ! ﻫـﺬﺍ ﺍﳍـﻮﺱ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻴﻨﻚ‪ .‬ﺳﺮ‪‬ﻙ ﰲ ﻋﻼﻧﻴﺘﻚ‪ .‬ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ‬
‫ﺝ ﻓﻴﻪ ﺩﺍﻧﻖ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻓﻀﺔ‪ .‬ﻻ ‪‬ﺗ‪‬ﺒ ‪‬ﻬﺮﹺﺝ ﻋﻠﻲ ﻓﺈﱐ ﺭﺃﻳـﺖ‬ ‫ﻳﺪﻙ ‪‬ﺑ ‪‬ﻬ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺜﻠﻪ؟ ﺳﻠﱢﻤﻪ ﺇﱄ ﻭﻣﻜﻨ‪‬ﻲ ﻣﻨﻪ ﺣﱴ ﺃ ‪‬ﺳﺒﹺﻜﻪ ﻭﺃﺧﻠﱢﺺ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ‬
‫ﻭﺃﺭﻣﻲ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ‪ .‬ﺟﻴ‪‬ﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺭﺩﻱ ٍﺀ ﻛﺜﲑ‪ .‬ﻣ ‪‬ﻜﻨ‪‬ﻲ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭﻙ ﻓﺄﻧـﺎ‬
‫ﺿﺮ‪‬ﺍﺏ ﻭﻋﻨﺪﻱ ﺁﻟﺔ ﺫﻟﻚ!"‪ ١‬ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﺎﻟﺪﻳﻨﺎﺭ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ ﻗﻠﺐ ﺍﳌﺮﻳـﺪ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻃﺒﻴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺳﺒ‪‬ﺎﻛﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻩ ﺁﻟﺔ ﺫﻟﻚ ﻋﻄﺎﺀ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﻮﱃ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺰﻝ ﺑﺰ‪‬ﻫﺪﻩ ﻣﻊ ﺟﻬﻠﻪ! ﺗﻘﺪﻡ ﻭﺍﲰﻊ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ‪ .‬ﻳﺎ ﺯ‪‬ﻫﺎﺩ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ! ﺗﻘﺪﻣﻮﺍ ﺧﺮ‪‬ﺑﻮﺍ ﺻﻮﺍﻣﻌﻜﻢ ﻭﺍﻗﺮﺑﻮﺍ ﻣﲏ! ﻗﺪ ﻗﻌﺪﰎ ﰲ ﺧﻠﻮﺍﺗﻜﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻏﲑ ﺃﺻﻞ‪ .‬ﻣﺎ ﻭﻗﻌﺘﻢ ﺑﺸﻲﺀ‪ .‬ﺗﻘﺪﻣﻮﺍ ﻭﺍﻟﻘﻄﻮﺍ ﲦﺎﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺭﲪﻜﻢ ﺍﷲ‪ .‬ﻣـﺎ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺃﺭﻳﺪ ﳎﻴﺌﻜﻢ ﱄ‪ ،‬ﺑﻞ ﺃﺭﻳﺪﻩ ﻟﻜﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ!)‪ .(...‬ﺍﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﲏ ‪‬ﻛﺴ‪‬ﻮ ﹰﺓ ﻷﺩﻳﺎﻧﻜﻢ! ﺍﺗﺒﻌﻮﱐ ﻓﺈﱐ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺟﺎﺩ‪‬ﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﺃﻧﺎ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻪ ﰲ ﺃﻛﻠﻪ ﻭﺷﺮﺑﻪ ﻭﻧﻜﺎﺣﻪ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٥٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٩٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﲑ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻻ ﺃﺯﺍﻝ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﱴ ﺃﻗﻊ ﲟﺮﺍﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﲎ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﺎ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ! ﺇﱐ ﺃﻃﻠﺐ ﺻﻼﺣﻜﻢ ﻭﻣﻨﻔﻌﺘﻜﻢ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ‪ .‬ﺃﲤﲎ‬
‫ﻏﻠﻖ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻋﺪﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﱢﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻓﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﺃﻥ ﻻ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﳍﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﲤﻨ‪‬ﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻻﻃﻼﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺷﻔﻘﺘﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ‪ .‬ﻗﻌﻮﺩﻱ ﳌﺼﺎﱀ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭ‪‬ﺬﻳﺒﻬﺎ ﻻ ﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭ‪‬ﺬﻳﺒﻪ‪ .‬ﻻ‬
‫‪‬ﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﺧﺸﻮﻧﺔ ﻛﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺭﺑﺎﱐ ﺇﻻ ﺍﳋﺸﻦ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻛﻼﻣﻲ ﺧﺸﻦ ﻭﻃﻌﺎﻣﻲ ﺧﺸﻦ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻫﺮﺏ ﻣﲏ ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﱄ ﻻ ﻳﻔﻠﺢ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﲰﻌﻮﺍ ﻣﲏ ﻭﺍﻋﻘﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ‪ ،‬ﻓﺈﱐ ﻏﻼﻡ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻡ‪ .‬ﺃﻗﻒ ﺑﲔ‬
‫ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺸﺮ ﺃﻣﺘﻌﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎﺩﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺧﻮ‪‬ﻢ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺩ‪‬ﻋﻴﻬـﺎ‬
‫ﻣﻠﻜﺎ ﺃﺑﺪﹰﺍ‪ .‬ﻛﻼﻣﻲ ﺑﻜﻼﻣﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺇﱐ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱪﻛﺔ ﻣـﻦ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫"ﺃﻫﻠﲏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﱪﻛﺎﺕ ﻣﺘﺎﺑﻌﱵ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬
‫ﻭﹺﺑﺮ‪‬ﻱ ﺑﻮﺍﻟﺪﻱ ﻭﻭﺍﻟﺪﰐ ﺭﲪﻬﻤﺎ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﺍﻓﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺭﺿﻴﺖ‬
‫ﺑﻔﻌﻠﻪ‪ .‬ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻭﻣـﺎ ﻋﻠـﻲ‬
‫ﻣﻨﻬﻤﺎ )ﺃﻱ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻴﻪ(‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٦١‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٠٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺃﺗﻴﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺍﳌﺮﺳﻞ )ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ(‪ .‬ﻤﺎ ﺃﳒﺢ‪ .‬ﻛـﻞ ﺧـﲑﻱ‬

‫ﻭﻧﻌﻤﱵ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻭﻋﻨﺪﳘﺎ‪ .‬ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺳﻮﻯ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ ﻏﲑ ﺭﰊ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﻋﺎ ﹸﱂ! ﻛﻼﻣﻚ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﻻ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻚ! ﻣﻦ ﺻـﻮﺭﺗﻚ ﻻ ﻣـﻦ‬
‫ﻣﻌﻨﺎﻙ! ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻳﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺴـﺎﻥ ﺩﻭﻥ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻴﺼﲑ ﻋﻨﺪ ﲰﺎﻋﻪ ﻛﺎﻟﻄﲑ ﰲ ﺍﻟﻘﻔﺺ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﺷﻔﱠﻪ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻓﻬﻮ ﰲ ﺣﺠﺎﺑﻪ ﻛﺎﻟﻄﲑ ﰲ ﻗﻔﺼﻪ‪:‬‬
‫وא!@‪5/]%!)V‬وא!‪('@    h&827%‬א?_‪  ‚7LE0‬‬
‫‪@%‬א‪m‬א?‪ƒSL   &'#&0_I‬א!€;ق‪
-2!E‬و)א  ‬
‫'‪;9 J1]#\_1‬אً‪d@<   
-F‬א!€;ق‪  /)
-2!E‬‬
‫‪5‬א!~‪E2‬ذא‪
-K   nE(:‬و=‪2~1!\/1‬אن ‬
‫_‪0~8FJƒ ;!
';…   -%aZ 0‬א  ‬
‫‡‪5‬و †א)‪  S'5=
'I5/])&)m   
'5/‬‬
‫ذ‪M‬א!‪_/‬وˆ)‪   
X‬و‪
X2p7_7C0ZR[7‬ز  ‬
‫‪9121B‬א‪ŠS‬א!‪5-/‬א!@‪m%=_A'   V‬א!‪  ‹5F;Z‬‬
‫وאذ'א ‪my‬ذ'‪&_   _X!V‬א ‪b$‬ن‪  72787‬‬
‫وא‪; &*#‬א‪8 ]<pV   01Fe‬مٍ‪ƒFZ5‬و<‪ S‬؟ ‬

ً  ‪WE1 B7‬ـ<ُــ ‪H7‬‬
‪ْ U N $ V:‬ــــ‬
[9 A‬ـــ ‪H7‬‬ ‫‪َ - ،َ-‬ـــ َــــ
‪َ P‬ـ?‪7‬ـــــ‬
‪<
ُL B7 $ I^) AR9:‬ـــ ‪H7‬‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪7‬ــ‪ X :Y‬ـــ
‫‪: PN‬ـ
‫]َــً ‪%1‬ـ\ ‪E9‬ـــ‪ُ<
‫
‫‪ْI‬ـ‪:?َ+‬ـــ‪I‬ــــ ‪?ْ+َI‬ــــً ‪?ُR‬ـــ‪A‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٧٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫  
  ‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻧ‪‬ﺎ ﺁﻣﻨﺎ ﺑﺮﺑﻨﺎ ﻟﻴﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺭﺏ ﺟﱪﺍﺋﻴـﻞ‬
‫ﻭﻣﻴﻜﺎﺋﻴﻞ ﻭﺇﺳﺮﺍﻓﻴﻞ ﻭﳏﻤﺪ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰﻭﺟﻞ‪
:‬ﺍﷲ ﻭﱄ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﳜﺮﺟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤـﺎﺕ ﺇﱃ‬

‫ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﺃﻭﻟﻴﺎﺅﻫﻢ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﳜﺮﺟـﻮ‪‬ﻢ ﻣـﻦ ﺍﻟﻨـﻮﺭ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ‪ .‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺎﻟـﺪﻭﻥ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘـﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪(٢٥٦ :‬‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻏﺐ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ‪‬ﻣ‪‬ﺘ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﻭﻛﻞ ﻣﻌﺒﻮﺩ‬
‫ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪
:‬ﺃﱂ ﺗﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃ‪‬ﻢ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﲟﺎ ﺃﻧـﺰﻝ‬
‫ﺇﻟﻴﻚ ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺎﻛﻤﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﻄـﺎﻏﻮﺕ ﻭﻗـﺪ‬
‫ﺃﻣﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﻜﻔﺮﻭﺍ ﺑﻪ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٦٠ :‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ :‬ﺇﻥ ﻣﻌـﲎ‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺎﻛﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺤﺎﻛﻢ ﺇﱃ ﻏﲑ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻭﺳـﻨﺔ ﺭﺳـﻮﻟﻪ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﻗﻴﻞ ﺇﻥ ﺍﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﰲ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ‬
‫ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺎﻛﻤﻮﺍ ﺇﱃ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﳋﺼﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺑﲔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﻌـﺚ ﺍﷲ‬
‫ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺣﺎﺭﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ ﺑﺸﻘﻴﻪ‪ :‬ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﺳـﺘﻤﺮ‬
‫ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺑﲔ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﺳﺒﻬﺎ ﻭﻛﺮ‪‬ﺍ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺑﲔ ﻋﻠﻤـﺎﺀ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻣﻨﺬﺋﺬ‪ .‬ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﺍﻷﻣﻮﻱ‪ ،‬ﰒ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﺑﻌﺪﻩ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ ﻗﻠﺺ ﺗﺪﺭﳚﻴﺎ ﳎﺎﻝ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬـﺔ‬
‫ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﳌﺼﻠﺤﲔ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﻴﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﺁﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﻣﻬﺎﺩﻧﺔ ﺑـﲔ‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﻃﺎﻏﻮﺕ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﳊﺮﺏ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ‪ .‬ﺗﺎﺭﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺼﻠﺤ ﹸﺔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟـﻤ‪‬ﻬﻤﺘﻬﻢ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻫﻮﺳـﻨﺪ ﺍﳊـﺎﻛﻢ ﻭﻗﺎﻋﺪﺗـﻪ‬
‫ﻓﻴﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﺎﻥ‪ .‬ﻳﺘﺮﺍﻭﺡ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﲔ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻳﻜـﻮﻥ ﰲ‬
‫ﻃﻠﻴﻌﺔ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺑﲔ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫ﺩﻭﻟﺔ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﰲ ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ ﻭﻣﺒﺎﻧﻴﻬﺎ ﻛﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺑﲔ ﺍﳓﺮﺍﻑ ﺟﺎﻫﻠﻲ‬
‫ﳏﺾ ﻛﺎﳓﺮﺍﻑ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﳌﻐﻮﱄ ﺃﻛﱪ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻻ ﻧﻘﺼﺪ ‪‬ﺎ ﺣﺼـﺮ‬
‫ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﻭﻻ ﺣﺼﺮ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺻﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﺍﻟﺴﻠﺠﻮﻗﻲ ﺍﳌﻐﺘﺼﺐ ﺻﻮﻟﺘﻪ ﰲ ﻇـ ﱢﻞ‬
‫ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ .‬ﻭﺻﺎﻟﺖ ﺍﻟﻔﱳ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺻـﻮﻟﺘﻬﺎ ﰲ ﺧﻀـﻢ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ‪ .‬ﻓﺂﺛﺮ ﻭﱄ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪،‬‬
‫ﺃﻥ ﳛﺎﺭﺏ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻭﺃﻥ ﳛﺘﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻭﺣﺪﺓ ﺍﻷﻣـﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﺇﱃ ﺟﻨﺐ ﺍﳌﺴﺘﻈﻬﺮ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻳﺸﻴﺪ ﲟﻘﺎﻣﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ "ﺍﻟـﺮﺩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ"‪ ،‬ﻭﺁﺛﺮ ﺍﻻﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﱃ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺴﻼﺟﻘﺔ ﰲ ﺻـﺪﺭ‬
‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺑﺎﷲ ﺍﺣﺘﻔﻆ ﲞﺼﻮﺻـﻴﺘﻪ‬
‫ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﰲ ﺯﺍﻭﻳﺘﻪ ﻣﻊ ﻣﺮﻳﺪﻳﻪ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﳜﺎﺻﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﻧﺘﻈﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻟﻴﺒﻴﺪ ﻃﺎﻏﻮﺕ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﰲ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﺍﻟﻀ‪‬ﺎﻟﱢﲔ ﺍﳌﻀﻠﲔ‪" :‬ﻭﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃ‪‬ﻢ ﺃﺳﻮﺃ‬

‫ﺱ ﻭﻻ ﺗﻔﻴﺪﻫﻢ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮﺓ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺼـﻴﺤﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺃﺭ‪‬ﺩﺃ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻭﻋﻼﺟﻬﻢ ﺍﻟﺒﺄ ‪‬‬
‫ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﺳﺘﺌﺼﺎﳍﻢ ﻭﻗﻤﻌﻬﻢ ﻭﺇﺭﺍﻗﺔ ﺩﻣﺎﺋﻬﻢ‪ .‬ﻭﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﺳﻮﻯ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﰲ ﺇﺻﻼﺣﻬﻢ"‪ ١.‬ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻣﻦ ﺍﺳـ‪‬ﺘﻌ‪‬ﺪﻯ ﺳـﻴﻒ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺦ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﶈ ‪‬ﲑ ﻣﺘﻨـﺎﻗﺾ‪ ،‬ﻻ ﻳﻔﻬـﻢ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺪﺭﺍﺳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﳊﺎﻟﺔ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﺸﺎﻡ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﲢﺖ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﺩﺭﻋﺎ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺷﻮﻛﺔ ﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﳌﻐﻮﱄ‪ ،‬ﻭﻣـﻦ ﰒ ﺍﻛﺘﺴـﺐ ﻫﻴﺒـﺔ‬
‫ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﻓﺴﺎﺩﻩ ﺍﻟﻔﻈﻴﻊ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ ﳛﻜﻲ ﻭﺍﻗﻌﺘﻪ ﰲ ﺑـﻼﻁ ﺍﻟﻨﺎﺻـﺮ ﻗـﻼﻭﻭﻥ‬
‫ﻭﻣﺮﺍﻓﻌﺘﻪ ﺿﺪ ﺍﻟﺒﻄﺎﳛﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺼـﻮﻓﺔ ﺍﻟﻀـﺎﻟﲔ‪" :‬ﻓﻘـﺎﻝ‬
‫)ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ(‪ :‬ﻓﺒﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﺒﻄﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ )ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ(؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ! ﻓﺄﹸﻋﺠﺐ ﺍﻷﻣﲑ ﻭﺿﺤﻚ ﻭﻗـﺎﻝ‪ :‬ﺇﻱ ﻭﺍﷲ! ﺑﺎﻟﺴـﻴﺎﻁ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻧﺒﻄﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ! ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺟﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻐـﲑ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﺒﺎﻟﺴﻴﻮﻑ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ"‪.‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬
‫ﻭﺍﺣﺪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﱂ ‪‬ﻳ ﹺ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪" :‬ﻭﺃﻣﺴﻜﺖ ﺳﻴﻒ ﺍﻷﻣﲑ ﻭﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻏﻼﻣﻪ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﺳﻴﻒ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺧﺮﺝ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺿﺮﺑﻨﺎﻩ ﺑﺴﻴﻒ ﺍﷲ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺹ ‪.١٤٨‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٤٧٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻒ ﺍﻟﻀﺮﺭﻳﻦ‪ ،‬ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻘﺎﻋـﺪﺓ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻛﻴﻒ ﺍﺭﺗﻜﺐ ﻋﻠﻤﺎﺅﻧﺎ ﺃﺧ ‪‬‬

‫ﻭﻛﻴﻒ ﺳﻜﺘﻮﺍ ﻋﻦ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻭﺍﺳﺘﻈﻬﺮﻭﺍ ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻙ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ؟ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺑﺴﻄﻨﺎﻩ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ‪ ١.‬ﻭﹶﻓ ‪‬ﻬﻤ‪‬ﻪ ﻣﻔﺘـﺎﺡ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻜـﻮﻥ‬
‫ﻼ ‪‬ﻡ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻴﻒ ﺍﻷﻣﲑ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺣﻘﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﲑ ﻏﹸـ ﹶ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺻﺪﻗﺎ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻨﺘﻘﻞ ﺇﱃ ﻭﱄ ﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﰲ ﻇـﺮﻭﻑ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﲡﺎﻩ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﻣﺰﺩﻭﺟﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﺜﻠﺜﺔ ﻣﺮﺑﻌﺔ‪ .‬ﺫﺍﻙ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺑـﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺭﺯ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﰲ ﺯﻣﻦ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﻋﺎﺩﺕ ﻓﻴﻬﻤـﺎ‬
‫ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﳉﻬﻼﺀ ﻛﺮ‪‬ﺎ ﺑﲔ ﺃﻋﺮﺍﺏ ﳒﺪ‪.‬‬
‫ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺣﻠﻘﺔ ﻭﺳﻄﻴﺔ ﻭﻣﺮﺣﻠﺔ ﻻ ﳏﻴﺪ ﻋـﻦ ﻭﻋـﻲ‬
‫ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻮﻝ ﺇﱃ ﺷﻌﺎﺭ ﻟﺮﻓﺾ ﺍﻟﺘﺼـﻮﻑ‬
‫ﻭﺭﺟﺎﻟﻪ‪ .‬ﺍﳓﻂﱠ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﳓﻄﺎﻃﺎ ﺃﻓﻈﻊ ﳑﺎ ﻋﺮﻓﻪ‬
‫ﻋﺼﺮ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ .‬ﺷﺎﻉ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﺪﺟﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻵﺳﺘﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻋﺎﺻﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﻒ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﱐ‪ ،‬ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻟﻸﺯﻳﺎﺀ "ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ" ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟ‪‬ﺒﻴ‪‬ﺎﺭﹺﻕ ﻭﺍﳌﻮﺍﺳـﻢ‬
‫ﺸ ﹶﻄﺤ‪‬ﺎﺕ‪ .‬ﻭﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﰲ ﺣﻮﺍﺷﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺳـﺘﺒﺪﺕ‬ ‫ﻭﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺓ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻓﺸﺖ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻭﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﺭ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻷﻫﻞ‬
‫"ﻣﻨﻔﻮﺣﺔ" ﺑﺎﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﳔﻠﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺟﺎﺀﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻧﺲ ﺗﺰﻭﺟـﺖ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ "ﺍﻟﺪﺭﻋﻴﺔ" ﻏﺎ ‪‬ﺭ ﳛﺞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻛـﺎﻥ‪،‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻧﻈﺮﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ‪ ،‬ﰲ ﻛﻞ ﺑﻘﻌﺔ ﻭﺛﻨﻴ ﹲﺔ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﻛﺒﲑ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﺜـﺮ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋـﻒ‬
‫ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻑ ﺯﻭﺭﹰﺍ ﻭ ﹸﻛﻔﹸﻮﺭﹰﺍ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺒﻜﺘﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺼـﺪﻫﻢ‬
‫ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻴﺤ‪‬ﺒ ﹾﻠ ‪‬ﻦ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ "ﺑﱪﻛﺔ" ﺍﻟﻔﺴـﻘﺔ ﺍﻟﻔﺠـﺮﺓ ﰲ ﺣﻔـﻼﺕ‬
‫ﻟﻠﻔﺠﻮﺭ ﲢﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﲢﻤﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺪﺭﻭﺷﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺓ‪.‬‬
‫ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺍﳌﺘﻀﻠﻊ ﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﺍﺑـﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ‬
‫ﻭﻋﻠﻮﻣﻪ ﺑﺴﻴﻒ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴ‪‬ﺔ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﻋﺸﲑﺓ ﺁﻝ ﺳـﻌﻮﺩ‪ ،‬ﻭﺟﻨ‪‬ـﺪ "ﺍﻻﺧـﻮﺍﻥ"‬
‫ﺍﳌﻮﺣﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺧﺎﺽ ﲪﻼﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻗﻞ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺣـﱴ ﺃﺧـﺎﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻓﺠﻬﺰﺕ ﻟﻪ ﺟﻴﻮﺷﺎ ﺣﱴ ﻛﺴﺮﺕ ﺷﻮﻛﺔ ﺩﻋﻮﺗﻪ ‪‬ﲝ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺴـﻴﻒ‪.‬‬
‫ﻭﺷﻨ‪‬ﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺮﺑﺎ ﺩﻋﺎﺋﻴﺔ ﺭﻣﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﻳﻔﺴﺮﻭﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺮﺃﻳﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺑﺄ‪‬ﻢ ﺧﺎﻟﻔﻮﺍ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﺑﺄ‪‬ﻢ ﻳﻘﻠﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ‪‬ﻟ ‪‬ﻬﺪ‪‬ﻡ "ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ" ﻗﺒﺎﺏ ﺍﻷﺿﺮﺣﺔ‪ ،‬ﺩﻣ‪‬ﺮﻭﺍ ﻛﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺸـﻴﻌﺔ‬
‫ﳊ‪‬ﻠ ‪‬ﻲ ﻭﺍﻟﺰﻳﻨـﺔ‬
‫ﰲ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺚ ﺍﻣﺘﺪ ﻧﻔﻮﺫﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‪ ،‬ﻭﺭﻓﻌﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺍ ﹸ‬
‫ﻣﻦ ﻗﱪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻷﺛ ‪‬ﺮ ﺍﻟﺴﻴ‪‬ﺊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗ‪‬ﻐ‪‬ﺰﻭﻩ ﺍﳋﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴ‪‬ﺔ ﻭﻳﺴﺘﻐﻞ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﱐ ﺳﺬﺍﺟﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﺘﻌﺎﻃﻔﻮﺍ‪ ،‬ﻛﺜﲑ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﱃ ﻋﺼﺮ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ﻭﳏﻤـﺪ ﻋﺒـﺪﻩ‬
‫ﻭﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻮﻫﺎﰊ‪ .‬ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﻷﻣﲑ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﶈﺪﺙ ﺍﻟﻴﻤﲏ ﻋﻦ ﺇﻣﺎﻡ "ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ"‪:‬‬
‫"و=‪(^<5‬א‪!52/   O *)OF%B‬א!€عא!€‪V5%Œ3‬‬
‫و€<‪-‬אً‪   m<m';:‬و‪5A%‬ع‪;،O‬א‪ V5Fi‬‬
‫و‪']]_/‬نא!€‪`/‬د   €‪mK5‬א!س‪&F-2‬א!‪"5L‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻌﻄﺎﻑ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﺍﻟﺴ‪‬ﲏ ﺭﺻﻴﺪ ‪‬ﺳ ‪‬ﻤ ‪‬ﻌ ‪‬ﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺘﻤﺘـﻊ ﺑـﻪ‬
‫ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺳـﻴﻒ ﺍﻟﻌﺸـﺎﺋﺮﻳﺔ‬
‫ﻃﻮﻯ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﳌﻌﻠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﻟﺒـﺪﻉ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﱂ ﺗﻌﺪ ﺇﻻ ‪‬ﻣﻠﹾﻬﺎﺓ ﲤﻮﳍﺎ ﻭﲣﺮﺝ ﻣﺴﺮﺣﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﳌـﺎﻛﺮﺓ‪،‬‬
‫ﻳﺪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﱐ‪ ،‬ﻟﺘﺤﻈﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﲔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟـﺬﻛﺮ‬
‫ﺍﻟﻄﻴﺐ‪ ،‬ﳛﻤﻞ ﻣﺒﺎﺧﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺴـﺎﺋﺮﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﺮﻛـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺒﻄﺶ ﻭﺍﻟﺒﺄﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪.‬‬
‫ﱄ ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻫـﻮ‬ ‫ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ ،‬ﻭ ﱞ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ‪ .‬ﻗﺎﻡ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﱐ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻡ‬
‫ﳊﺮﺏ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪ .‬ﺃﺣﲕ ﺍﷲ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺃﻣﺎﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ‪ .‬ﻗـﺎﻭﻡ‬
‫ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳌﻐﻮﱄﱠ ﺃﻛﱪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻓﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺩﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ‪.‬‬
‫ﻭﺩﺧﻞ ﺳﺠﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺣﱴ ﺭﺑ‪‬ﻰ ﺭﺟﺎﻻ ﻛﺎﻥ ﳍﻢ ﺑﻌﺪ ﻣـﻮﺕ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺑﻮﻉ‪ .‬ﻳﺰﻋﻢ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺴ‪‬ﺮﻫﻨﺪﻱ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻌﺪﻩ ﻭﱄ ﺍﷲ ﺍﻟﺪﻫﻠﻮﻱ ﻭﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﳊﻖ ﺃﻥ ﳎـﺪﺩ‬
‫ﺏ ﺃﺻﻴﻞﹲ‪ ،‬ﺷﻴﺦ‬ ‫ﺍﻷﻟﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻘﺒﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳍﻨﺪ‪ ،‬ﻣ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺳﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻨﻘﺸﺒﻨﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﺜﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﺧﱪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺑﻮﺟﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﺍﲰﻪ ﰲ ﺫﻛﺮ ﺃﻛـﺎﺑﺮ ﺍﻷﻣـﺔ‬
‫ﺑﺎﺳﻢ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺧﲑ‪ .‬ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺭﲪﻪ‬
‫ﺍﷲ ﻗﻤﺔ ﺷﺎﳐﺔ ﰲ ﲰﺎﺀ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﱄ ﺁﺧﺮ ﰲ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﻟﻴﺒﻴـﺎ‬ ‫ﻭﲪﻞ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺟﻬﺘ‪‬ﻲ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻭ ﱞ‬

‫ﻭﲣﻮﻡ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ‪ .‬ﺯﻋﻤﻮﺍ ﹶﻏﻤ‪‬ﻄﹰﺎ ﳊﻘﻪ ﺃﻧﻪ‬
‫ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻔﻜﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻛﺎﻥ ﺻﻮﻓﻴﺎ ﻋﺎﳌﺎ ﺟﺎﻣﻌﺎ‪ :‬ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻛـﺎ‬
‫‪‬ﺳ‪‬ﻨ‪‬ﻴﹰﺎ ﻛﺎﻣﻼ‪ ،‬ﲨﻊ ﺇﱃ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻭﺭﺑﺎﻧﻴﺘﻪ ﺍﳌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﺟﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺣﱴ ﻏﺰﺗﻪ ﺍﳉﻨﻮﺩ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﺠﺎﻫﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ‪ .‬ﺫﻟـﻚ ﺍﻟﺴـﻴﻒ‬
‫ﺍﳋﺎﻟﺺ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻃﺎﻏﻮﺗﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺭﺏ ﺑﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌـﺪ ﻋﻤـﺮ ﺍﳌﺨﺘـﺎﺭ‬
‫ﱄ‪.‬‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻳﻄﺎ ﱠ‬
‫ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﺮﺯ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺑـﻦ‬
‫ﺑﺎﺩﻳﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻐﺬﱠﻯ ﺑﻔﻜﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ‪ ،‬ﻓﻜـﺎﻥ ﻳﻠﻘﺒـﻪ "ﺣﺠـﺔ‬
‫ﳉ ‪‬ﻬﺒ‪‬ﺬ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺑﺬﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺇﱃ ﻣﺼﺎﻧﻌﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ‬‫ﺍﻹﺳﻼﻡ"‪ .‬ﺍﺿﻄﺮ ﻫﺬﺍ ﺍ ﹶ‬
‫ﻁ ﺑ ﹶﻜ ﹾﻠ ﹶﻜﻠ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ .‬ﻭﺍﺿﻄﹸﺮ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﰲ ﺟﻬﻮﺩﻩ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﳊﺎ ﱢ‬
‫ﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﲨﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺻﺮﺍﻉ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺮﻗﻴ‪‬ﺔ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﳛﺎﺭﺑﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣـﺎ ﻫـﻢ ﺇﻻ‬
‫"ﺧﻔﺮﺍﺀ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ" ﻛﻤﺎ ﻳﻌﱪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﺑﺪﻭﻥ ﻗﻴـﺪ‬
‫ﻭﻻ ﺷﺮﻁ‪ ،‬ﳛﺴﺒﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺇﻻ ﺍﻟﺮﺿـﻮﺥ‪ ،‬ﱂ‬
‫ﻳﺘﺮﻗﱠﻮﺍ ﺇﱃ ﻣﱰﻟﺔ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ‪ ،‬ﺗﻠﻚ ﺍﳌﱰﻟﺔ ﺍﻟﺸﺎﳐﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻄﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻜﻠﻤﺘﻪ ﺍﳌﺪﻭﻳﺔ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻏﺎﻳﺔ ﳘﺔ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﺏ ﻗﺮﺑﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﻗﻠﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻭﻣﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴﺮ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺇﱐ ﺃﺭﺍﻙ ﰲ ﻗﻴﺎﻡ ﻭﻗﻌﻮﺩ‪ ،‬ﻭﺭﻛﻮﻉ ﻭﺳﺠﻮﺩ‪ ،‬ﻭﺳﻬﺮ ﻭﺗﻌﺐ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺒﻚ‬

‫ﻻ ﻳﱪﺡ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻋﻦ ﻋﺎﺩﺗﻪ‪.‬‬
‫ﺍﺻﺪﻕ ﰲ ﻃﻠﺐ ﻣﻮﻻﻙ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻗﺪ ﺃﻏﻨﺎﻙ ﺻﺪﻗﻚ ﻋـﻦ ﻛـﺜﲑ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺐ‪ .‬ﺍﻧﻘﺮ ﺑﻴﻀﺔ ﻭﺟﻮﺩﻙ ﲟﻨﻘﺎﺭ ﺻﺪﻗﻚ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻘﺾ ﺣﻴﻄﺎﻥ ﺭﺅﻳﺘﻚ ﻟﻠﺨﻠﻖ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻘﻴ‪‬ﺪ ‪‬ﻢ ﲟﻌﺎﻭﻝ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻙ‪ .‬ﺍﻛﺴﺮ ﻗﻔﺺ ﻃﻠﺒﻚ ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ﺑﻴﺪ‬
‫‪‬ﺯ ‪‬ﻫ ‪‬ﺪ ‪‬ﻙ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﻃﺮ ﺑﻘﻠﺒﻚ ﺣﱴ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ ﲝﺮ ﻗﺮﺑﻚ ﻣﻦ ﺭﺑﻚ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﺡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﻣﻌﻪ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺄﺧﺬﹸﻙ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺒ‪‬ـﺮﻙ‬
‫ﻼ‪‬‬‫"ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻣ ﹼ‬
‫ﺇﱃ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﲝﺮ‪ ،‬ﻭﺇﳝﺎﻧﻚ ﺳﻔﻴﻨﺘﻚ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻘﻤﺎﻥ‬
‫ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ :‬ﻳﺎ ﺑﲏ! ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﲝﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻼﺡ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﺎﺣﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﻣﺼﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ! ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻳﺄﺗﻴﻜﻢ ﺍﻟ ‪‬ﻌﻤ‪‬ﻰ ﻭﺍﻟﺼﻤﻢ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺰ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻗﺴﺎﻭﺓ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻜﻢ‪ .‬ﺗـﺬﻫﺐ ﺃﻣـﻮﺍﻟﻜﻢ ﺑﺎﳋﺴـﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﻭﺍﳌﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ‪ .‬ﻛﻮﻧﻮﺍ ﻋﻘﻼﺀ! ﺗﻮﺑﻮﺍ ﺇﱃ ﺭﺑﻜﻢ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪ .‬ﻻ‬
‫ﺗﺸﺮﻛﻮﺍ ﺑﺄﻣﻮﺍﻟﻜﻢ ﻭﺗﺘﻜﻠـﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ .‬ﻻ ﺗﻘﻔﻮﺍ ﻣﻌﻬـﺎ‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻮﻫـﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﻮﻫﺎ ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻜﻢ ﻭﺟﻴﻮﺑﻜﻢ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﻏﻠﻤﺎﻧﻜﻢ ﻭﻭﻛﻼﺋﻜـﻢ‪.‬‬
‫ﻭﺍﺭﺗﻘﺒﻮﺍ ﺍﳌﻮﺕ‪ .‬ﻗﻠﱢﻠﻮﺍ ‪‬ﺣ ‪‬ﺮﺻ‪‬ﻜﻢ‪ ،‬ﻭﻗﺼ‪‬ـﺮﻭﺍ ﺁﻣـﺎﻟﻜﻢ‪ .‬ﻋـﻦ ﺃﰊ ﻳﺰﻳـﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ ﻻ‬
‫ﺩﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﺁﺧﺮﺓ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻮﻻﻩ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺍﺭﺟﻊ ﺑﻘﻠﺒﻚ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﻟﺘﺎﺋﺐ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺍﺟﻊ‬

‫ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪" :‬ﻭﺃﻧﻴﺒﻮﺍ ﺇﱃ ﺭﺑﻜﻢ" ﺃﻱ ﺍﺭﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻳﻌﲏ ﺍﺭﺟﻌﻮﺍ‬
‫ﺳﻠﱢﻤﻮﺍ ﺍﻟﻜﻞ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﺳﻠﻤﻮﺍ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﺍﻃﺮ‪‬ﺣﻮﻫﺎ ﺑـﲔ ﻳـﺪﻱ ﻗﻀـﺎﺋﻪ‬
‫ﻭﻗﺪﺭﻩ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺮﻩ ﻭ‪‬ﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻠﻴﺒﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻭﱄ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻳﺴﺘﺘﻴﺐ ﺍﳌﺼﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ‪:‬‬
‫)א‪.‬א‪Œ   0S‘2!mK‬د‪2!E9‬א‪ ^2‬‬
‫<ل ]‪   ;$=
-)g
I1‬و]‪ ^]
p5I’7‡8/‬‬
‫‪5)
-‬א)‪   oaL
-5‬و)!‪2 5‬א!‪ ^2“#`Z2 5‬‬
‫‪01F]
]-R‬א!‪m_/‬א!‪   ”=;A‬و‪&
-/t‬א!‪mX‬א?‪ ^2‬‬ ‫•‪g‬‬
‫‪;1/Œ
-=p5$‬אو=!;א   –ن‪
-sBZ‬دא^}‪ ^27F‬‬
‫]‪
-F]p$‬و;ض‪G5!; s   
-2‬و‪ !^2K‬‬
‫‪01Fg$‬א‪   /6‬و]‪;X‬لאو!‪ ^2‬‬ ‫‪I ] &6\%‚F‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ُ<َ.E ِX‬ـ ‪EF H7‬ـــ‪َ%َ+ 5‬ــ\ ‪.َaX‬ـــ`ِ‬ ‫ ‪W71 7‬ــــ‪EF ِ2‬ـ‪*7F H7 ُ%‬ـــ‬
‫‪ِ`#َg ِ2Cَ' ! hِE CE   9E َI‬‬ ‫‪e‬ـــ‪َc.ْ E d5‬ــ‪7َ< Sb‬ـــ‪?: f‬ــــ‪PEL‬‬
‫‪WE?E‬ـــــ<ُــــ‪َ H‬ــ‪E+‬ــ‪$ A‬ـــ ٍ& ‪EI‬ــ`ِ‬ ‫‪Wَ%7* B7 $ 2k‬ـــ‪ُC7َk A‬ــــ‪7 :  H‬ـــــ‪ij‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ـ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺏ ﺍﺣﻜﻢ ﺑﺎﳊﻖ‪ .‬ﻭﺭﺑﻨﺎ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﻥ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ‬
‫ﺗﺼﻔﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ‪ ،‬ﻭﻋﻤﻞ ﻻ ﻳﺮﻓﻊ‪ ،‬ﻭﺩﻋﺎﺀ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻛﺎﻟﻄﻠﻴﻘﺔ ﻳﻮﻡ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒـﺪ ﺍﻟﻮﻫـﺎﺏ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺩﻳﺲ ﺑﺎﻟﻐﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﺸـﻬﲑﻳﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺒـﺪﻉ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻜﻤﻮﻣﺔ ﻣﺰﻣﻮﻣﺔ ﻳﺘﺄﺑﻄﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﱐ‪ ،‬ﻻ ﺗﻨﻄﻖ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻧﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻬﺎ ﺧﺎﺭﺝ ﻧﻄﺎﻕ ﻣـﺎ‬
‫ﺣﺪﺩﻩ ﳍﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻤﻮﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻭﺧﻠﻔﺎﺅﻩ ﻣﺜﺎﻟﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ﻭﺧﻠﻔﺎﺅﻩ ﺑﻨﺎﺀ ﻻﻣﻌﹰﺎ ﰲ ﻏﹸـﺮ‪‬ﺓ ﺗـﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻـﻼﺡ‪ .‬ﱂ ﻳﻨﻔـﺮﺩ‬
‫ﺍﻟﻮﻫﺎﺑﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻮﻥ ﺑﺎﻻ‪‬ﺳﻢ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﻬﻮﺽ ﺿ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻔﺮﺩ‬
‫ﺍﳌﺼﻠﺤﺎﻥ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺎﻥ ﺑﺎﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻄـﺎﻏﻮﺕ ﺑﻮﺟﻬﻴـﻪ‪.‬‬
‫ﺍﻧﻔﺮﺩﺍ ﲟﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻻ ﻫﻮﺍﺩﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﻫﺪﻧﺔ ﰲ ﻧﻔـﺲ‬
‫ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﲕ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺎﻣـﺔ ﻭﺃﻣـﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻋـﺔ‪.‬‬
‫ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﲔ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺰﺟﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﲔ‬
‫ﹺﺭ ﹾﻓ ‪‬ﻖ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ ﻭﻏﻠﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﲔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺼﻠﺤﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺃﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻭﻣﻘﻠـﺪﻭﻫﻢ‪ ،‬ﻛﻤـﻦ‬
‫ﳛﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻄ ‪‬ﻔ ﹶﺊ ﻧﺎﺭﺍ ﻭﳜﻤﺪ ﳍﻴﺒﻬﺎ ﻣﺴﺘﺠﲑﻳﻦ ﺑﺎﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻭﻣﺴﺘﻈﻬﺮﻳﻦ ﺑﻪ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻕ ﺍﻹﻃﻔﺎﺀ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻣـﺎﻡ‬

‫ﺃﻭ ﺳﺎﻛﺘﲔ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻭﰲ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ‪‬ﺗ ‪‬ﻤﻬ‪‬ﺪ ‪‬ﻓ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﳊﻜﻤﻴﺔ‪ .‬ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﺃﻋﻘﺐ ﺟﻬﺎﺩ ﳏﻤﺪ ﺑـﻦ ﻋﺒـﺪ ﺍﻟﻮﻫـﺎﺏ‬
‫ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﺼﺎﺏ ﻋﺮﺵ ﻛﺴﺮﻭﻱ ﻋﺸﺎﺋﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻛﻴﻒ ﺍﻧﻀـﻮﺕ‬
‫ﲨﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺩﻳﺲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﺴﺘﺒﺪ‬
‫ﺲ‬
‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻣـﺪﺩﻫﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟـ‪‬ﻨ ﹶﻔ ﹺ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﻻ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺍﻧﻀﻮﺕ ﻣﻜﺮﻫﺔ ﺇﱃ ﺣﲔ‪.‬‬
‫ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺇﱃ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺍﳌﻨﺤﺮﻑ‪ :‬ﲢﺖ‬
‫ﺇﺑﻂ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻷﻛﱪ‪ .‬ﻭﳓﻦ ﺇﺫ ﻧﻌﺎﰿ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﳊﺴﺎﺱ‬
‫ﺴ ‪‬ﺪ ‪‬ﺩ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﻭﺗﻄﻠﻌﻨﺎ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳ‪‬ﺘﺒﲔ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﻣﻦ‬ ‫ﻓﺈﳕﺎ ﻧ ‪‬‬
‫ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺧﻴﻞ‪ ،‬ﻟﻴﻄﺒ‪‬ﺒﻮﺍ ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﺎﻣـﺔ ﺑـﺄﺩﻭﺍﺀ‬
‫ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﻻ ﺧﱪ‬
‫ﳍﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺇﻻ ﻋﺠﺎﺟﹰﺎ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﰲ ﲰﺎﺀ ﺍﻻﻃـﻼﻉ ﺍﻟﺴـﻄﺤﻲ‬
‫ﲣﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﳌﻨﺨ‪‬ﻮﻝ‪ .‬ﳔﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻓﻜﺮ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﳔﻞ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﻭﻣﺪﺭﺳﺘﻬﻤﺎ ﻓﻜﺮ ﺍﺑـﻦ ﻋﺒـﺪ‬
‫ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ ،‬ﻭﳔﻠﺖ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺩﻳﺲ ﻓﻜﺮ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ‪ ،‬ﻭﺑﻘﻲ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﻌﲔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﺘﺎﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻌﻴﺸـﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺑـﻪ‬
‫ﻳﺸﻌﻠﻮﻥ ﺣﺮﺑﺎ ﺿﺮﻭﺳﺎ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌﻤ‪‬ﺎ ﹰﺓ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌ ‪‬ﻤ ‪‬ﻤ ﹰﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﳝﺖ ﻟﻠﺘﺼﻮﻑ ﺑﺼـﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻘﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺇﹺﻻ ﺍﻟﻘﺸﻮﺭ ﻻ ﺍﻟﻠـﺐ‪ .‬ﺗﺄﺧـﺬ‬
‫ﺍﻟ‪‬ﻨﺨ‪‬ﺎﻟﹶﺔ ﻭﺍﻟﺼﺎﰲ ﺗﻄﺮﺣﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻛﻴﻒ ‪‬ﻳﻌ‪‬ﻈﻢ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺑﺎﷲ‬
‫ﻭﺷﺄﻥ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﻆ ﰲ ﺍﻟﻔﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴ ‪‬ﻢ ﳌﻘﺎﻻﺕ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻻ ﳚﺪ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‬
‫ﻭﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﳏﻴﺪﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻑ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﻨﻴﺎ ﻷ‪‬ﻢ ﻻ ﳚـﺪﻭﻥ‬
‫ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﰲ ﻣﺮﺍﺟﻌﻬﻢ‪ .‬ﻭ ‪‬ﳛ ‪‬ﺰ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﺗـﺪﺟﻴﻞ‬
‫ﻭﲢﺮﻳﻒ ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﻟﻠﻘﺒﻮﺭ‪ ،‬ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﺍﻟ ‪‬ﺰﻭ‪‬ﺍ ‪‬ﺭ ﺍﳌﺒﺘﺪﻋﻮﻥ ﺍﳉـﺎﻫﻠﻮﻥ ﻣﻜﺘـﻮﰲ‬
‫ﺍﻷﻳﺪﻱ ﻣﺴﺘﻐﻴﺜﲔ ﻣﺒﺘﻬﻠﲔ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻴﻬﻮﳍﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻻ ﳚـﺪﻭﻥ ﻟـﺬﻟﻚ‬
‫ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺍﻟﺴﲏ ﺇﻻ ﻭﺻﻔﺎ ﳎﻨﺤﺎ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺃﺻﺤﺎ‪‬ﻢ ﺍﻷﻭﻟﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺛﺮ ﻟﻪ‪،‬‬
‫ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺣﻘﺔ ﺍﳌﺒﻬﺮﺟﲔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪" :‬ﻭﻻ ﻧﻨﻜﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺗﱰﻳﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ ﺭﺫﺍﺋﻞ ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠـﺐ ﻭﺍﳉـﻮﺍﺭﺡ‪،‬‬
‫ﻣﻬﻤﺎ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﻮﱘ ﺍﳌﺮﻋﻲ"‪ ١.‬ﻭﱂ‬
‫ﳛﺎﺭﺏ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺩﻳﺲ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻟﻪ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﺣﺎﺭﺏ "ﺑﺪﻋـﺔ ﱂ ﻳﻌﺮﻓﻬـﺎ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻒ‪ .‬ﻭﻣﺒﻨﺎﻫﺎ ﻛﻠﱢﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟ ‪‬ﻐﹸﻠ ‪‬ﻮ ﰲ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺤﻴﺰ ﻷﺗﺒـﺎﻉ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‪،‬‬
‫ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺃﻭ‪‬ﻻﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ"‪ ٢.‬ﺣﺎﺭﺏ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻻﳓﺮﺍﻓﺎﺕ‬
‫ﻭﺣﺎﺭﺏ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺩﻳﺲ ﺍﻟﻄﺮﻗﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﻮﺍﺭﺙ ﺍﻷﻭﺭﺍﺩ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﺍﻟﺰﺍﻭﻳـﺔ‬
‫ﺏ ﺇ ﱠﻻ‬
‫ﺖ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺆﺳ‪‬ﺲ ﻧﺎﺑﺘﺔ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﺘﺮ ‪‬‬‫ﺧﻠﻔﺎ ﻋﻦ ﺳﻠﻒ‪ ،‬ﺗﻨ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺒﻴﻞ ﺃﻳﺪﻱ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﺒﻖ ﺇﱃ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﻭﻟـﺪ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‪،‬‬
‫ﻭﺧﺪﻣﺔ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﱪﻙ ﺑﻮﻟﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ .‬ﻓﺘﻨﺘﻔ ‪‬ﺦ ﻧﻔﺲ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓـﺈﺫﺍ‬
‫‪١‬‬
‫ﺃﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ" ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﻠﻤﻲ ﺹ ‪.١٩٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٤٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﻮ ﺃﻣﲑ ﳑﻠﻜﺔ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻺﺛﺮﺍﺀ ﻭﻣﺒﺎﺀﺓ ﻟﻠﺒﺪﻉ‪ .‬ﺃﺳـﺘﻐﻔﺮ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﻓﻤﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺻﺎﳊﻮﻥ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺫﺭﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺗﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻓﻘﺪ ﻟﻘﻲ ﰲ ﻓﺠﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺻﻮﻓﻴﺎ ﻣﻦ ﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ﺻﺤﺒﻪ ﺃﻳﺎﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﺃﺧﺮﺟﲏ ﰲ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﺍﳉﻬﻞ ﺇﱃ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﳌﻌﺮﻓـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﹸﻗﻴ‪‬ﻮﺩ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺇﱃ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ)‪ .(...‬ﻭﻫﻮ ﻣﻔﺘـﺎﺡ ﺳـﻌﺎﺩﰐ ﺇﻥ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﱄ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺭ ‪‬ﺩ ﱄ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻏـﺎﺏ ﻋـﻦ‬
‫ﻉ ﰲ ﻓﻄﺮﰐ"‪ ١.‬ﺑﻌـﺪ ﺃﻥ‬ ‫ﻏﺮﻳﺰﰐ‪ ،‬ﻭﻛﺸﻒ ﱄ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﻔﻲ ﻋﲏ ﳑﺎ ﺃﹸﻭ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﺧﺎﺽ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻣﻊ ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ﻭﺑﻌﺪﻩ‪ ،‬ﰲ ﻃﺮﺍﺋـﻖ‬
‫ﱄ ﺯﻣﺎﻧﺎ‪ ،‬ﺍﻧﺘﻬﻰ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤـﺮﻩ‬ ‫"ﺇﺻﻼﺣﻪ"‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻏﺎﺯﻝ ﺍﻟﻔﻜ ‪‬ﺮ ﺍﻻﻋﺘﺰﺍ ﱠ‬
‫ﻋﻨﺪ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺟﻬﻮﺩﻩ ﺇﱃ ﹸﺃ ‪‬ﻣﹺﻨ‪‬ﻴ ‪‬ﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ‪ :‬ﲤﲎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﳛﻜﻲ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‬
‫ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﰲ ﺗﺎﺭﳜﻪ ﻟﺸﻴﺨﻪ‪ ،‬ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺰﻝ ﰲ ﺟﺰﻳﺮ‪‬ﺓ ﻣﻊ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‬
‫ﻳﺮﺑﻴﻬﻢ "ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ"‪ .‬ﺍﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺯﻋﻤﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ‪،‬‬
‫ﻋﺎﱂ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳌﻮﱠﻗﺮﹺ‪ ،‬ﺃﻥ ﻳﺮﺑ‪‬ﻲ ﻏﲑﻩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺼ ‪‬ﻮ ‪‬ﺭ ﻟﻪ ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﺇﻻ ﺟﺬﺑ ﹲﺔ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﰲ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻌﺪﻭﺩﺍﺕ ﺻﺎﺩﻓﻬﺎ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ! ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﺭﲪﻪ‬
‫ﺍﷲ ﻭﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻪ ﺣﱴ ﻣ‪‬ﺠﺮ‪‬ﺩ ﺗﺼ ‪‬ﻮ ﹺﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻫﺒﻄﺖ ﺍﻷﻣﻮﺭ‬
‫ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﺫﻱ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘـﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﻟﻠـﻮﺡ‬
‫ﺍﶈﻔﻮﻅ ﻭﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﻭﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌﺴ‪‬ﻞ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﻣﺰﺍﻋﻢ ﻻ ﺗﺴـﺘﻨﺪ‬
‫ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺎﱐ ﺍﳌﻌﺴﻮﻟﺔ ﻟﺮﺟﻞ ﻛﺒﲑ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻄﻤـﻮﺡ ﻭﺍﳌﻜﺎﻧـﺔ ﺭﺃﻯ‬
‫ﺟﻬﻮﺩﻩ ﺗﻔﺸﻞ ﻓﺤ ‪‬ﻦ ﺇﱃ ﺻﺒﺎﻩ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫"ﺗﺎﺭﻳﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ" ﻟﺮﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﺝ ‪١‬ﺹ ‪.٢٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺗﻐ ﱠﺬﻭ‪‬ﺍ‬
‫ﺐ ﻃﺮﺣﻮﻩ‪ ،‬ﺍﻟﻠﱡﺐ ﻣﺎ ﺫﺍﻗـﻮﻩ‪،‬‬‫ﺑ‪‬ﻨﺨ‪‬ﺎﻟﺔ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ ﺍﻟﻮﻫﺎﰊ‪ .‬ﺍﻟﱡﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻠﺐ ﺣﺐ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺻﺤﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﰲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪ .‬ﻭﺗﺪﺍﻭﻝ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﺣﺎﺑﻠﻬﻢ ﻭﻧﺎﺑﹺﻠﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻜﺮ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿـﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﺑﻌﺪﳘﺎ ﻳﻠﺘﻘﻄﻮﻥ ﺃﺣﻜﺎﻣﺎ ﳐﻠﻮﻃﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﳓﺮﺍﻑ ﺍﻟﻄﺮﻗﻲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘـﺪﺟﻴﻞ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺍﻟﻘﺪﱘ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺻﻔﺎﺀ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﳌﻔﻘﻮﺩ ﺍﳌﻨﺸﻮﺩ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻭﳚﺘﺬﺏ ﻋﻄﻒ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻗﻠﻮﺏ ﺃﺟﻴـﺎﻝ ﺗﺎﺋﻘـﺔ ﻟﺪﻳﻨـﻬﺎ‬
‫ﻭﻋﻘﻮﳍﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻨﻔﻀﻮﻥ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ "ﺗﺼﻮﻑ" ﻭﻳﻨ ﹸﻔﺮ‪‬ﻭﻥ ﻣﻦ ﲰﺎﻋﻬـﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﺗﻘ ‪‬ﺰﺯ‪‬ﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻌﻔﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺘﻒ‪ ،‬ﺩ‪‬ﺧﻴﻼ ﺯﻧﻴﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ‬
‫ﻳﻠﺘﻒ ﰲ ﻣﺴﻮﺡ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺇﺫ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺰ‪‬ﻭﻥ ﲣﻠﻒ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﻧﻘﻬﺎﺭﻫﻢ ﻭﲬﻮﳍﻢ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﺎﺭ‪‬ﺎ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺑﺎﻟﻎ ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻪ ﺣﱴ ﺃﻧﻜﺮ ﻭﺟﻮﺩ‬
‫ﺍﳉﻦ ﻭﺷﺒ‪‬ﻬﻬﻢ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳉﺮﺍﺛﻴﻢ ﻭﺍﳌﻜﺮﻭﺑﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺣﱴ ﺃﺻـﺪﺭ ﻣﻘﺎﻻﺗـﻪ‬
‫ﺍﳌﻠﻐﻮﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻣﻦ‬
‫ﻳﺮﺷﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻤﺸﻴﺨﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺧﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ؟ ﻭﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﻛﺒـﺎﺭ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﳚﻬﻠﻮﻥ ﻣﺰﺍﻟﻖ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ‪ ،‬ﻭﳐﺎﻃﺮ ﺇﻏـﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳـﺔ‪،‬‬
‫ﻱ ﺃﻛﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ؟ ﻧﻘﺮﺃ ﻧﺼ‪‬ﲔ ﻃـﻮﻳﻠﲔ ﻟﻺﻣـﺎﻣﲔ ﺍﻟﺮﻓـﺎﻋﻲ‬ ‫ﻭﻣﻬﺎﻭ ‪‬‬
‫ﻭﺍﳉﻴﻼﱐ ﻟﻨﻌﺮﻑ ﻫﻞ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻬﻮ ﺑﺪﻋﺔ ﺃﻡ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺒﺪﻉ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻓﻴﺠﺐ ﻃﺮﺩﻫﺎ ﻟﻴﺼﻔﻮ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﻪ‪" :‬ﺃﻱ ﳏﺠﻮﺏ! ﺗـﺰﻋﻢ ﺃﻧـﻚ‬

‫ﺍﻛﺘﻔﻴﺖ ﻋﻨﺎ ﺑﻌﻠﻤﻚ! ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺑﻼ ﻋﻤﻞ؟ ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻋﻤـﻞ‬
‫ﺑﻼ ﺇﺧﻼﺹ؟ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻄﺮ‪ .‬ﻣﻦ ﻳﻨـﻬﺾ ﺑـﻚ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ؟ ﻣﻦ ﻳﺪﺍﻭﻳﻚ ﻣﻦ ﺳﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟ ﻣﻦ ﻳﺪﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘﻮﱘ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﻹﺧﻼﺹ؟
ﻓﺎﺳﺄﻟﻮﺍ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺤـﻞ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪(٤٣ :‬‬
‫ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻧﺒﺄﻧﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﳋﺒﲑ‪.‬‬
‫"ﺗﻈﻦ ﺃﻧﻚ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ؟ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﳏﺠﻮﺑﺎ ﻋﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻣﺎ ‪‬ﺣ ﹺﺮﻣ‪‬ﺖ ﲦﺮﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪.‬ﺻﺪ‪‬ﻙ ﺣﺠﺎﺑﻚ! ﻗﻄﻌـﻚ‬
‫ﻋﻤﻠﻚ! ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪" :‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣـﻦ ﻋﻠـﻢ ﻻ‬
‫ﻳﻨﻔﻊ"‪.‬‬
‫"ﻻﺯﻡ ﺃﺑﻮﺍﺑﻨﺎ! ﺃﻱ ﳏﺠﻮﺏ! ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺩﺭﺟﺔ )‪ ٤‬ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺰﻣﻦ(‬
‫ﻭﺁﻭﻧﺔ ﲤﻀﻲ ﻟﻚ ﰲ ﺃﺑﻮﺍﺑﻨﺎ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﺇﻧﺎﺑ‪‬ﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﺻﺤ‪‬ﺖ ﺇﻧﺎﺑﺘﻨﺎ ﺇﱃ‬
‫ﺍﷲ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻧﺎﺏ ﺇﱄ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻟﻘﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٥ :‬‬
‫"ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﺘﺼﻮﻑ! ﱂ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ؟ ﺻﺮ ﺻﻮﻓﻴﺎ ﺣﱴ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻚ‪ :‬ﺃﻳﻬـﺎ‬
‫ﺴﻠﹾﺴﻞ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻟﺼﻮﰲ‪ .‬ﺃﻱ ﺣﺒﻴﱯ! ﺗﻈﻦ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻮﺭﺙ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻚ! ‪‬ﺗ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺶ ﻟﻚ‬ ‫ﺼ ‪‬ﺮ ﻟﻚ ﰲ ﻭﺛﻴﻘﺔ ‪‬ﻧﺴ‪‬ﺒﻚ! ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ﹶﻘ ‪‬‬ ‫ﺟﺪﻙ! ﺗﺄﺗﻴﻚ ﺑﺎﺳﻢ ‪‬ﺑ ﹾﻜ ﹴﺮ ﻭﻋﻤﺮﻭ! ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺏ‬
‫ﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﹺﻀـﺎﻋ ﹶﺔ ﺛـﻮ ‪‬‬ ‫ﺴ‪‬ﺒ ‪‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺟﻴﺐ ﺧﺮﻗﺘﻚ! ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻑ ﺗﺎﺟﻚ! ‪‬ﺣ ِ‬
‫‪‬ﺷ ‪‬ﻌ ﹴﺮ! ﻭﺗﺎﺟﺎ ﻭﻋﻜﺎﺯﹰﺍ ﻭﺩﻟﻘﹰﺎ! ﻭﻋﻤﺎﻣﺔ ﻛﺒﲑﺓ! ﻭ ﹺﺯ‪‬ﻳﹰﺎ ﺻﺎﳊﹰﺎ! ﻻ ﻭﺍﷲ! ﺇﻥ ﺍﷲ‬
‫ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻗﻠﺒﻚ ﻛﻴﻒ ‪‬ﻳ ﹾﻔﺮﹺﻍ ﻓﻴﻪ ﺳﺮ‪‬ﻩ ﻭﺑﺮﻛﺔ ﻗﺮﺑﻪ‪ .‬ﻭﺃﻧﺖ ﻏﺎﻓﻞ ﻋﻨﻪ‬
‫ﲝﺠﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﺝ )ﺍﻟﻄﺮﺑﻮﺵ( ﲝﺠﺎﺏ ﺍﳋﺮﻗﺔ‪ ،‬ﲝﺠﺎﺏ ﺍﻟﺴـﺒﺤﺔ‪ ،‬ﲝﺠـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺼﺎ‪ ،‬ﲝﺠﺎﺏ ﺍﳌﺴﻮﺡ‪ .‬ﺇﻳﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﳋﺎﱄ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ! ﺇﻳﺶ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺲ ﻟﺒﺎﺳﻬﻢ ﻳﺎ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍﳋﺎﱄ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ! ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻭﺗﻠ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻣﺴﻜﲔ!‬
‫"ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! ﻟﻮ ﻛﻠﱠﻔﺖ ﻗﻠﺒﻚ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﳋﺸﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻇـﺎﻫﺮﻙ ﻟﺒـﺎﺱ ﺍﻷﺩﺏ‪،‬‬
‫ﻭﻧﻔﺴﻚ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﻟﺬﻝ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎﻧﻴﺘﻚ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﶈﹾﻮ‪ ،‬ﻭﻟﺴـﺎﻧﻚ ﻟﺒـﺎﺱ ﺍﻟـﺬﻛﺮ‪،‬‬
‫ﻭﲣﻠﺼﺖ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺠﺐ!)‪ .(...‬ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺃﻧﺖ‬
‫ﺗﻈﻦ ﺃﻥ ﺗﺎﺟﻚ ﻛﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪ ،‬ﻭﺛﻮﺑﻚ ﻛﺜﻮ‪‬ﻢ! ﻛﻼ! ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻣﺆﺗﻠﻔـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﳐﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫"ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﺼﲑﺓ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻙ ﺧﻠﻌﺖ ﺃﺑﺎﻙ ﻭﺃﻣﻚ )ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﺗﺪﻋﻲ‬
‫ﺍﳌﺸﻴﺨﺔ ﺑﺎﻟﻮﺭﺍﺛﺔ(‪ ،‬ﻭﺟﺪﻙ ﻭﻋﻤﻚ‪ ،‬ﻭﻗﻤﻴﺼـﻚ ﻭﺗﺎﺟـﻚ‪ ،‬ﻭﺳـﺮﻳﺮﻙ‬
‫ﺖ)‪.(...‬‬
‫ﻭﻣﻌﺮﺍﺟﻚ‪ ،‬ﻭﺃﺗﻴﺘﻨﺎ ﺑﺎﷲ ﷲ‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪ ﺣﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏ )ﻣﻌﻨﺎ( ﻟﺒﺴ ‪‬‬
‫ﲔ! ﲤﺸﻲ ﻣﻊ ﻭﳘﻚ! ﻣﻊ ﺧﻴﺎﻟﻚ! ﻣﻊ ﻛﺬﺑﻚ! ﻣﻊ ‪‬ﻋﺠ‪‬ﺒﻚ‬ ‫ﻱ ﻣﺴﻜ ‪‬‬ ‫"ﺃ ‪‬‬
‫ﻭﻏﺮﻭﺭﻙ! ﻭﲢﻤﻞ ﳒﺎﺳﺔ ﺃﻧﺎﻧﻴﺘﻚ! ﻭﺗﻈﻦ ﺃﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ! ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﺫﻟﻚ! ﺗﻌﻠﱠﻢ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ! ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻠﻢ ﺍﳊـﲑﺓ! ﺗﻌﻠـﻢ ﻋﻠـﻢ ﺍﳌﺴـﻜﻨﺔ‬
‫ﻭﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ‪.‬‬
‫"ﺃﻱ ﺑﻄﺎ ﹸﻝ! ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﱪ! ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ! ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻋﻠـﻢ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺎﱄ! ﺇﻳﺶ ﺣﺼﻞ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ! ﺗﻄﻠﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﳉﺎﺋﻔﺔ ﺑﻈﺎﻫﺮ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺣﺎﻝ ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﻟﺒﺌﺲ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖ!ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺇﻻ ﻛﻤﺸﺘﺮﻱ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ!‬

‫‪١‬‬
‫ﻛﻴﻒ ‪‬ﺗ ‪‬ﻐﻔ‪‬ﻞ ﻧ‪‬ﻔﺴﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ‪ ،‬ﻭﺗﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﺟﻨﺴﻚ!"‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﺇﱃ ﻣـﱴ ﺗﺸـﺘﻐﻞ‬
‫ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻭﺃﻫﻠﻚ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ!)‪ .(...‬ﻋﻠﱢﻢ ﺃﻭﻻﺩﻙ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻭﺗﻔﺮﻍ‬
‫ﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻟﻮﻟﺪ ﻻ ﻳ‪‬ﻐﻨ‪‬ﻮﻥ ﻋﻨﻚ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺷﻴﺌﺎ‪ .‬ﹶﺃﹾﻟ ﹺﺰ ‪‬ﻡ‬
‫ﻧﻔﺴﻚ ﻭﺃﻫﻠﻚ ﻭﻭﻟﺪﻙ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﲟﺎ ﻻﺑﺪ ﻟﻚ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻔﺮﻍ ﺃﻧﺖ ﻭﻫﻢ ﻟﻄﺎﻋﺔ‬
‫ﻣﻮﻻﻛﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ)‪.(...‬‬
‫"ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻊ ﺇﺫﺍ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﺑﺄﻗﺪﺍﻡ ﺳﺆﺍﻟﻪ ﻭﺗﻀﺮ‪‬ﻋﻪ ﻭ ﹸﺫﻟﱢﻪ ﻭﺗﻮﺑﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺷﻜﺮﻩ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻋﻄﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻌﻄﻪ ﻭﺍﻓﻘﻪ ﰲ ﺍﳌﻨﻊ‪ ،‬ﻭﺻﱪ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻣـﻦ ﻏـﲑ‬
‫ﺍﻋﺘﺮﺍﺽ ﻭﻻ ﻣﻨﺎﺯﻋﺔ‪ .‬ﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟ ‪‬ﻐﻨ‪‬ﻰ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﻭﺑﺮﻳﺎﺋﻪ ﻭﻧﻔﺎﻗﻪ ﻭﺗﻨﻤ‪‬ﺴﻪ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﺗﻔﻌﻞ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻖ! ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﻲ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻄﺮﺩ‬
‫ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫"ﺍﳌﺮﺍﺋﻲ ﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺪﻳﻨﻪ‪ ،‬ﺑ ﹺﺰﻳ‪‬ﻪ‪ ،‬ﺑﺰﻱ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻫﻠﻴﺔ‬
‫ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻜﻼﻣﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻠﺒﺲ ﺑﺜﻴﺎ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺜﻞ ﻋﻤﻠـﻬﻢ‪ .‬ﻳـﺪﻋﻲ‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺐ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻗﻮﻟﻚ "ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ" ﺩﻋﻮﻯ‪ .‬ﻭﺗﻮﻛﻠﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺛﻘﺘﻚ ﺑﻪ ﻭﺇﻋـﺮﺍﺽ‬
‫ﻗﻠﺒﻚ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ ‪‬ﺑ‪‬ﻴ‪‬ﻨ ﹲﺔ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٤٥-٤٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳﺎ ﻛﺬﺍﺑﲔ‪ ،‬ﺍﺻﺪﻗﻮﺍ! ﻳﺎ ﻫﺎﺭﺑﲔ ﻣﻦ ﻣـﻮﻻﻫﻢ‪ ،‬ﺍﺭﺟﻌـﻮﺍ! ﺍﻗﺼـﺪﻭﺍ‬

‫ﺑﻘﻠﻮﺑﻜﻢ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺻﺎﳊﻮﻩ ﻭﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻹﳝـﺎﻥ‬
‫ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﲟﺒﺎﺡ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﻭﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻣﻊ ﺷﻬﺎﺩ‪‬ﻤﺎ ﻟﻪ‪ ،‬ﻳﻌﲏ ﻣﻊ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴـﻨﺔ‪ .‬ﻭﰲ ﺣﺎﻟـﺔ‬
‫ﺍﻟ‪‬ﺒ ‪‬ﺪ‪‬ﻟﻴ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﻘﻄﺒﻴﺔ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺗ ﹶﻔﻮ‪‬ﺽ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺇﻟﻴـﻪ"‪ ١.‬ﻗـﺎﻝ‬
‫ﳏﺐ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺳﺎﺋﺮ ﺇﻟﻴﻪ‪:‬‬
‫و!‪;=5‬ل!‪M$‬ود‪;   O]AFZ‬قא!‪`!p‬وא‪7 gI~[6‬و‪7‬א= ‬
‫و—_\)@‪V‬א) ‪h‬ق‪5%'nE\$1B   `aS h‬א!‪0AS‬א‪A€6‬ق؟ ‬
‫*وو=ل‪5!‘2!Ma1!   ً`7/8 !G%1):‬א˜‪&-‬א=‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺟﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬ﳐﻠﺺ‪:‬‬

‫ذ‪M/Lm'C   
1=M1:\%‬ووאد‪ V‬‬
‫_و<‪™(5‬אد‪2=gm]a7 &_   V‬د‪ !V‬‬
‫ ‪8‬ذ ‪Z&[h‬د;‪‚   F‬ن=د‪ !V‬‬
‫‪;0A‬ز)‪   dJ‬وא!‪]Gd‬אد‪ V‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪E  n‬ـــــــ‪E‬‬
‫‪Ep:‬ــ‪7 X o‬ـ ‬ ‫
‪ i‬ـ‪m‬ـــً ‪:$‬ـــــــــً‬
‫‪rE‬ـ‪7‬ــ ‪G E‬ـــــــ ِ  ِ‪E‬‬ ‫‪E6‬ــــ<ُ‪:$ :q‬ـــ ــــ‪d‬‬
‫‪W.7#َ%7#‬ـــــ ‪E.ْ E‬ـــــــ‪E‬‬ ‫ ‪7#J* ِQ^ْ :‬ـــ‪%1 s‬ــ\‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٠٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُــُ ـــ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻟﻮﻻ ﺩﻓﺎﻉ ﺍﷲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﳍﺪﻣﺖ‬
‫ﺻﻮﺍﻣﻊ ﻭﺑﻴﻊ ﻭﺻﻠﻮﺍﺕ ﻭﻣﺴﺎﺟﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺳﻢ ﺍﷲ ﻛﺜﲑﺍ‪ .‬ﻭﻟﻴﻨﺼﺮﻥ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺮﻩ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﷲ ﻟﻘﻮﻱ ﻋﺰﻳﺰ‪ .‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻥ ﻣﻜﻨﺎﻫﻢ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺁﺗﻮﺍ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭﺃﻣﺮﻭﺍ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭ‪‬ﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﻭﷲ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺣﻴﲏ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ ﻭﺗﻮﻓﲏ ﻣﺴـﻜﻴﻨﺎ‬
‫ﻭﺍﺣﺸﺮﱐ ﰲ ﺯﻣﺮﺓ ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ‪.‬‬

‫ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ" ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ‬

‫ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪ .‬ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﻘﺒﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﳉﺴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ‬
‫ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﺴﺎﻛﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻭﻗﻮﺍﻩ ﻭﻣﻴﻮﻟﻪ ﺍﳍﺎﺑﻄﺔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ‪ .‬ﺧﻄﺄ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﻘﺒﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ ،‬ﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻳﻈﻬﺮ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﻭﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻣﺎ ﺷـﺎﺀ ﺍﷲ ﻣـﻦ ﺍﻟﻀـﻌﻒ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻓﺈﻥ ﳍﻢ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻤﻴ‪‬ﺰﻭﻥ ‪‬ﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻋﻦ ﻋﺎﻣـﺔ‬
‫ﺍﶈﺠﻮﺑﲔ ﲤﻴﺰﺍ ﺷﺎﺳﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﺧﻔﻰ ﺍﳌﻮﱃ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺳﺮ‪‬ﻩ ﰲ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﳌﺼـﻄﻔﲔ‪،‬‬
‫ﻣﻦ ﻧﱯ ﻭﻭﱄ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﺑﺸﺮ ﻛﺎﻟﺒﺸﺮ ﻓﻴﻤ‪‬ﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﺍﻟﻌﲔ ﻣﻦ ﻏﺎﻟﺐ ﺃﺣﻮﺍﳍﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻢ‬
‫ﺑﺸﺮ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻛﺎﻟﺒﺸﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻜﻨﻪ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﻄﱠﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮﺍﻟﻨﲑﺓ‪ ،‬ﻭﺍﳊـﻆ‬
‫ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ‪.‬‬
‫ﺗﻈﻬﺮ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺍﳌﻌﺠﺰﺓ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺨﺮﻕ ﺣﺠﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻷﻋﲔ ﺍﻟﺮﺍﺋﲔ‪ ،‬ﻭﺗﺒﻬﺮ ﺃﻟﺒﺎ‪‬ﻢ‪ .‬ﻭﻳﺄﰐ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﺘﱰﻳﻞ ﰲ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻟﻴﻌﻄﻲ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ‪ :‬ﺣﻖ ﺍﳋـﺎﻟﻖ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴـﺔ‬

‫ﻭﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺣﻖ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺑﺸﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺠـﺰ‬
‫ﺧﺎﺭﻕ‪ .‬ﻭﻳﺄﰐ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﻓﺘﻈﻬﺮ ﺍﳋﻮﺍﺭﻕ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻳﻬﻠﻚ ﻓﻴﻬﻢ‬
‫ﺍﳍﺎﻟﻜﻮﻥ‪ .‬ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﺳﻢ ﺭﺑﻚ ﺫﻱ ﺍﳉﻼﻝ ﻭﺍﻹﻛﺮﺍﻡ‪ ،‬ﻭﺗﻌﺎﻟـﺖ ﺣﻜﻤﺘـﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻬﻠ‪‬ﻚ ﺍﳍﺎﻟﻜﻮﻥ ﰲ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻘﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻧﺒﻴﻪ ﳏﻤﺪﺍ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﳉـﻮﺍﺏ ﺣـﲔ‬
‫ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﻗﺮﻳﺶ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳌﻌﺠﺰﺍﺕ‪
:‬ﻗﻞ ﺇﳕﺎ ﺃﻧﺎ ﺑﺸﺮ ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻳـﻮﺣﻰ ﺇﱄ‬
‫ﺃﳕﺎ ﺇﳍﻜﻢ ﺇﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ( ﻭﻫﻠﻚ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺣﲔ ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻋﺰﻳﺮ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻫﻠﻚ ﺍﻟﻨ‪‬ﺼﺎﺭﻯ ﺣﲔ ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﲣﺬﻭﻩ ﻭﺃﻣﻪ ﺇﳍﲔ‬
‫ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ ﳌﺎ ﺭﺃﻭﻩ ﳜﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﲔ ﻛﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﲑ ﻓﻴﻨﻔﺦ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻃﺎﺋﺮﺍ‬
‫ﺑﺈﺫﻥ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻳﱪﺉ ﺍﻷﻛﻤﻪ ﻭﺍﻷﺑﺮﺹ ﻭﳛﻲ ﺍﳌﻮﺗﻰ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺒﺌﻬﻢ ﺍﳋـﱪ‬
‫ﺍﻟﻴﻘﲔ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﺍﳌﻜﲔ‪.‬‬
‫"ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ" ﻓﺘﻨ ﹲﺔ ﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﻓﺄﻧﺴﺖ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﱯ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﱄ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺗﻐ‪‬ﺎﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ‬
‫ﻭﻋﺒﺪﻭﻩ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻗﺎﻟﻮﺍ‪
:‬ﻣﺎ ﳍﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻳﺎﻛﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﳝﺸﻲ ﰲ ﺍﻻﺳﻮﺍﻕ! )ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗـﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٧ :‬ﻭﻗـﺎﺭﻧﻮﺍ‬
‫ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ ﰲ ﻇﺮﻭﻓﻬﺎ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺍﳉﺴﻤﻴﺔ ﻭﰲ ﻇﺮﻭﻓﻬﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﺮﻑ ﻭﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ‪
:‬ﻟﻮﻻ ﻧﺰﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻳﺘﲔ ﻋﻈﻴﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٣١ :‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺼﺢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﺘﻀـﻊ ﺍﻷﻣـﻮﺭ‬

‫ﺨﻠ‪‬ﻔﻨﻴﻪ‪ .‬ﻓﺈﳕﺎ ﺃﻧـﺎ‬
‫ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﺎ ﺣﲔ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﲣﺬ ﻋﻨﺪﻙ ﻋﻬﺪﺍ ﻟﻦ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺑﺸﺮ‪ ،‬ﻓﺄﻱ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺁﺫﻳﺘﻪ‪ ،‬ﺷﺘﻤﺘﻪ‪ ،‬ﻟﻌﻨﺘﻪ‪ ،‬ﺟﻠﺪﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺎﺟﻌﻠﻬﺎ ﻟﻪ ﺻﻼﺓ ﻭﺯﻛﺎﺓ‬
‫ﻭﻗﺮﺑﺔ ﺗﻘﺮﺑﻪ ‪‬ﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋـﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳـﺮﺓ‪ .‬ﰲ‬
‫ﺐ ﻛﻤﺎ ﻳﻐﻀﺐ ﺍﻟﺒﺸﺮ"‪.‬‬ ‫ﻀ ‪‬‬‫ﺭﻭﺍﻳﺔ ﳍﻤﺎ‪" :‬ﺃ ﹾﻏ ‪‬‬
‫ﳍﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻟﻮﺍﺯﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﳊﺎﺟﺔ ﻭﺍﳌـﺮﺽ‬
‫ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﺒﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻪ ﺍﳋﻠﻖ ﻳﻨﺤﺠﺐ ﺍﻟﻮﱄ ﻓﻼ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻌـﺮﻑ‬
‫ﲟﻴﺰﺓ‪ .‬ﻭﲝﺠﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻳﺒﺘﻠﻲ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨﱯ‪ ،‬ﰲ‬
‫ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﻮﱄ‪ ،‬ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺪﻫﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻌﺎﺷﺮﻭ‪‬ﻤﺎ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ‪ ،‬ﻓـﻼ‬
‫ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻥ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻮﻣﻨﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﳑﻴﺖ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣـﺮﰊ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﲟﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﲔ‪" :‬ﻗﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ‬
‫ﻫﻲ ﺃﻭﺻﺎﻓﻬﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﻓـﺮﺍﺩ ﺍﻟﺒﺸـﺮ‬
‫ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻛﺎﺑﺮ ﺃﻳﻀﺎ‪ .‬ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻻ ﲣﺮﺟﻬﻢ ﻣـﻦ ﺍﻻﺣﺘﻴـﺎﺝ‪.‬‬
‫ﻭﻏﻀﺒﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺜﻞ ﻏﻀﺐ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺳﻴﺪ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪" :‬ﺃﻏﻀﺐ ﻛﻤﺎ ﻳﻐﻀﺐ ﺍﻟﺒﺸﺮ" ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﺼﺪﺭ‬
‫ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ!‬
‫"ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻛﺎﺑﺮ ﺷﺮﻛﺎﺀ ﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸـﺮﺏ‬
‫ﺸﺘ‪‬ﻰ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣـﻦ‬ ‫ﻭﻣﻌﺎﺷﺮﺓ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﻝ ﻭﻣﺆﺍﻧﺴﺘﻬﻢ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺹ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ ﰲ ﺣـﻖ‬ ‫ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺰﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍ ‪‬ﻡ ﻭﺍﳋﻮﺍ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪
:‬ﻭﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨـﺎﻫﻢ ﺟﺴـﺪﺍ ﻻ ﻳـﺎﻛﻠﻮﻥ‬

‫ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(...)(٨ :‬‬
‫ﻕ‬
‫"ﻓﻤﻦ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﻧﻈﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﷲ ﻛﺎﻥ ﳏﺮﻭﻣﺎ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺼﺪﺍ ‪‬‬
‫ﺧ‪‬ﺴﺮﺍ ‪‬ﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻭﺍﻗﺘﺼﺎ ‪‬ﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺃﺑـﺎ‬
‫ﺟﻬﻞ ﻭﺃﺑﺎ ﳍﺐ ﳏﺮﻭﻣ‪‬ﲔ ﻣﻦ ‪‬ﺩ ‪‬ﻭﻟﹶﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ )ﺃﻱ ﻣـﻦ ﻓﻀـﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈـﻴﻢ(‬
‫ﻭﺭﻣﺎﳘﺎ ﰲ ﺍﳋﺴﺮﺍﻥ ﺍﻷﺑﺪﻱ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻒ ﻧﻈﺮﻩ ﻋﻦ ﻇـﻮﺍﻫﺮ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﷲ ﻭﻧﻔﺬﺕ ﺣﺪﺓ ﺑﺼﺮﻩ ﺇﱃ ﺃﻭﺻﺎﻓﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪(...).‬‬
‫" ﹸﻇ ﹾﻠ ‪‬ﻤ ﹸﺔ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺗﺴﺮﻱ ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ‪ ،‬ﻭﲢـﻴﻂ ﺑﹺﻘﻮﺍﻟﺒـﻬﻢ‬
‫ﺹ ﻓﻬﻲ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻟﺐ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ‪،‬‬ ‫ﻭﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﳋﻮﺍ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺲ ﻣﱪﺃ ﹲﺓ ﻣﻨﻬﺎ"‪.‬‬ ‫ﻭﰲ ﺃﺧﺺ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﻓﻬﻲ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻟﺐ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻔ ‪‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻮﻫ‪‬ﻢ‬
‫ﺃﻧﻪ ﺳﺎﻗﻂ ﺍﳍﻤﺔ ﺿﻌﻴﻒ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ‪ :‬ﺭﲟﺎ ‪‬ﻳ ﹾﻔ ‪‬ﻬ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ‬
‫ﻑ ﻟﻠﺘﻮﻛﻞ‪ ،‬ﻭﻳﻈﻬﺮ‬ ‫ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﳌﻜﻤﻞ‪ ،‬ﻭﻳﺸﺎﻫﺪ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺎ ‪‬‬
‫ﻣﻨﻪ ﺍﳉﺰﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻨﺎﻑ ﻟﻠﺼﱪ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻨﺎﻓﻴـﺔ‬
‫ﻟﻠﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻭﺟﻪ ﺫﻟﻚ؟ ﺃﺟﻴﺐ‪ :‬ﺇﻥ ﺣﺼﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ )ﻣﻘﺎﻣـﺎﺕ‬
‫ﺹ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ‪ .‬ﻭﲢﺼﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ‬ ‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ( ﳐﺼﻮ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻄﻤﺌﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﱃ ﺃﺧﺺ ﺍﳋﻮﺍﺹ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺎﻟﺐ ﻓﻬﻮ ﺧﺎﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ﻧﺼﻴﺐ ﻟﻪ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺍﻧﻜﺴﺮﺕ ‪‬ﺣ ‪‬ﺪﺗ‪‬ﻪ"‪ ٢.‬ﻭﻋﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺇﺧﻔﺎﺀ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀﻩ ﰲ ﻗﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷـﻴﺎﺀ )ﻣـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﻫﺎﻣﺶ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺹ ‪.٧٨‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٩٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ( ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﺟﻌﻞ ‪‬ﺎ‬
‫ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳏﺮﻭﻣﲔ ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻻ‪‬ﻢ‪ .‬ﻭﰲ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬
‫ﺣﻜﻤ ﹲﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯ ﺍﳊﻖ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻟـﻮﺍﺯﻡ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﳏﻞ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ‪.‬‬
‫"ﻭﰲ ﺇﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻓﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺗ‪‬ﺮﻗﱢﻴﻬﻢ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﺍﺭﺗﻔﻌـﺖ‬
‫ﺴ ‪‬ﺪ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺮﻗﱢﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻟﺼﺎﺭﻭﺍ ﳏﺒﻮﺳﲔ‬ ‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻻ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﰲ ﻣﻘﺎﻡ ﳐﺼ‪‬ﻮﺹ ﻛﺎ ﹶﳌﻠﹶﻚ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﺗﺒﻊ ﺍﳍﺪﻯ ﻭﺍﻟﺘﺰﻡ ﻣﺘﺎﺑﻌـﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺃﰎ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻤﺎﺕ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﳉﺴﻤﻲ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﻔـﺎﱐ‪.‬‬
‫ﻓﻴﺒﻘﻰ ﺍﶈﺮﻭﻡ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺸﻮﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﱄ‪ ،‬ﻭﳝﻴﺰ ﺍﳌﻮﻓـ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺴـﻌﻴﺪ‬
‫ﺍﳋﺼ‪‬ﺎﻝ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ‪‬ﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻳﺘﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﻟﻄﻮﻝ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺮﺽ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺑﺴﻄﺔ ﺍﳉﺴﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﳌﻜﺎﻧﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﻜﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻳﻨﺘﺒﻪ ﺍﳌﻮﻓﱠﻖ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﻲ ﺇﱃ ﺻﺤﺒﺔ ﺃﻫـﻞ ﺍﷲ ﻟﻠﻐﺎﻟـﺐ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ‬
‫ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻓﻘﺎﻝ ‪":‬ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ‪ :‬ﻣﺎ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﻮﱄ ﰲ ﺣـﺎﻝ‬
‫ﺻﺤﻮﻩ؟ ﻗﻴﻞ‪ :‬ﺻ‪‬ﺪﻗﹸﻪ ﰲ ﺃﺩﺍﺀ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ ،‬ﰒ ﺭﻓﻘﻪ ﻭﺷﻔﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ‬
‫ﺤﻤ‪‬ﻠـﻪ ﻋﻨـﻬﻢ‬ ‫ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ‪ ،‬ﰒ ﺍﻧﺒﺴﺎﻁ ﺭﲪﺘﻪ ﻟﻜﺎﻓﺔ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﰒ ﺩﻭﺍﻡ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﳋﻠﹸﻖ‪ ،‬ﻭﺍﺑﺘﺪﺍﺅﻩ ﺑﻄﻠﺐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻏـﲑ‬ ‫ﲜﻤﻴﻞ ﺍ ﹸ‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﻫﺎﻣﺶ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺹ ‪.٩٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﳍﻤﺔ ﺑﻨﺠﺎﺓ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘ‪‬ـﻮﻗﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﳊﻘﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻣﻊ ‪‬ﻗﺼ‪‬ﺮ ﺍﻟﻴﺪ ﻋﻦ ﺃﻣﻮﺍﳍﻢ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﺑﺄﻱ‬
‫ﻭﺟﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺒﺾ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﺑﺴﻄﻪ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻓﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻭﻥ ﻋـﻦ ﺷـﻬﻮﺩ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺴﺎﻭﻳﻬﻢ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﺣﺪ ﺧﺼﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ "ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ" ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﱄ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻﺤﻮﻩ ﻭﻏﻠﺒﺔ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻪ‬
‫ﻀ ‪‬ﻌﻔﹶﺔ‪ .‬ﻭﰲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ‪ .‬ﻭﰲ ﺣﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺒﺪﻭ ﻣﻨﻪ ﺍﻟ ‪‬ﻐ ﹾﻠﻄﹶﺔ ﻭﺍ ﹶﳍﻔﹾﻮ ﹸﺓ ﻭﺍﻟ ‪‬‬
‫ﳉ‪‬ﻨ‪‬ﻴ ‪‬ﺪ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪ .‬ﻫﻞ ﻳﺰﱐ‬ ‫ﺗﺼﻮﺭ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ﺳﺄﻟﻮﺍ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍ ﹸ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ؟ ﻓﺄﻃﺮﻕ ﻃﻮﻳﻼ ﰒ ﺃﺟﺎﺏ‪ :‬ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻘﺪﻭﺭﺍ‪ .‬ﺇﺷـﺎﺭﺓ‬
‫ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺣﺪﻫﻢ‪ ،‬ﻭﺇﱃ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻋﺪﺍﻫﻢ ﻳ‪‬ﺘﺼﻮﺭ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﻢ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﲎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳉﻨﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺗﻄﻐ‪‬ﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﻄﻐـﻰ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ‪ ،‬ﺣﺎﺵ ﷲ‪ .‬ﻭﺣﻔﻆ ﺍﷲ ﻭﻛﻼﺀ‪‬ﺗ ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﻣـﻦ‬
‫ﺧﻠﻔﻬﻢ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﺘﻨـﺔ ﻛﻤـﺎ ﺃﻥ‬
‫ﻣﻴﺰ‪‬ﻢ ﻭﲰﺘﻬﻢ ﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻬﻢ ﻓﺘﻨﺔ‪ .‬ﻭﻳﺄﰐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﺍﻟﻮﱄ ﺍﳌﻔﺘﻮﺡ ﻟﻪ‪،‬‬
‫ﺲ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ‪ ،‬ﰒ ﻳﺘﻮﻓﺎﻩ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺇﱃ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻴﺨﹸﻠﻔﹸـ ‪‬ﻪ ﻣـﻦ‬ ‫ﹶﻓ‪‬ﻴ ‪‬ﺆ ‪‬ﺳ ‪‬‬
‫ﺑﻌﺪﻩ ﺧﻠﻒ ﳍﻢ ﻛﻞ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﻗﻠﻮﺑ‪‬ﻬﻢ ‪‬ﺧ ﹾﻠ ‪‬ﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻠﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﻼﺻﻖ ﺍﳊﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﰲ‬

‫‪١‬‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺹ ‪.١٦٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻼﺀ‪ ،‬ﻳﻘﻠﺪ ﺍﻷﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻌﻮﺍ ‪‬ﻡ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﺍﳌﺘﻤﺸﻴﺨﲔ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺒ‪‬ﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻘﺒـﻮﺭ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻡ ﻟﻠﻄﺮﻗﻴﺔ ﺍﻟﻨﻜﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﺍﳉﻬﻼﺀ ﺃﺳﻮﺍﻕ‪.‬‬
‫ﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﻻ ﺗﺘﺨﺬﻭﱐ ‪‬ﺩﻓﱠﺔ ﺍ ﹸﳌﻜﹶـﺪ‪‬ﻱ‬‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺃ ‪‬‬
‫)ﺃﻱ ﺻﺤﻨﺎ ﳝﺪﻩ ﺍﳌﺘﺴﻮﻝ(‪ .‬ﻻ ﲡﻌﻠﻮﺍ ﺭ‪‬ﻭﺍﻗﻲ )ﺃﻱ ﺯﺍﻭﻳﱵ( ‪‬ﺣﺮ‪‬ﻣﺎ‪ ،‬ﻭﻗـﱪﻱ‬
‫ﺠ ‪‬ﻌﻠﹶﲏ ﻣﻨﻔﺮﺩﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻓﺤﺼﻞ ﻣﻊ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻣﻮﰐ ﺻﻨﻤﺎ‪ .‬ﺩﻋﻮﺕ ﺍﷲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ‪ .‬ﻭﻋﺴﺎﱐ ﺃﺻﻞ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﺇﺫﺍ ﻓﺎﺭﻗﺖ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺪﹺﻧﻴ‪‬ـﺔ‪ .‬ﺇﻥ‬
‫ﺻﺤﺖ ﺍﳉﻤﻌﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻓﺎﻟﻜﻞ ﻫ‪‬ﻴ ‪‬ﻦ‪:‬‬
‫š‪GZ‬א!;‪   }&p2mX!m‬و'‪m‬א!@‪;V‬قא!‪A‬א‪d‬א‪d‬‬
‫‪E‬ذא ‪7‬‬

‫"ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ .‬ﻭﺣﻘﱢﻪ ﻻ ﻳﻀﺮ ﻭﻳﻨﻔﻊ‪ ،‬ﻭﻳﺼﻞ ﻭﻳﻘﻄﻊ‪ ،‬ﻭﻳﻔـﺮﻕ‬

‫ﻭﳚﻤﻊ ﺇﻻ ﻫﻮ! ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﹺﺇﻟﹶﻴﻪ ﻻ ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ﹶﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻻ ﺗﻜﻔﺮ‪ .‬ﻭﺇﳕـﺎ ﺍﳌـﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻘﻮﳍﺎ ﻭﺗﺼﻞ‪ ،‬ﻭﻫﻲ‪ :‬ﺁﻣﻨﺖ ﺑﺎﷲ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﺫﺍ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﻪ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ ﻭﺑﺮﺳﻮﻟﻪ ﻭﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻋﻤﻠﺖ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻭﻣﺎ ﺁﺗﺎﻛﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻓﺨﺬﻭﻩ‪ ،‬ﻭﻣﺎ‬
‫ﻚ‬
‫ﺖ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﱡﻟ ‪‬‬
‫‪‬ﺎﻛﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﺎﻧﺘﻬﻮﺍ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺸﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٧ :‬ﻭﻋ ﱠﻈ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﺖ‬
‫ﺕ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻭﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺑﺴﺎﺋﺢ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ‪ ،‬ﻭﻟﹶﺜﻤ‪‬ـ ‪‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻭﺣ‪ ‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺎﻟﺬﻝ ﻭﺍﳋﻀﻮﻉ‪ ،‬ﻭﻋﺮﻓﺖ ﺇﱃ ﺃﻳﻦ ﺍﳌﺼﲑ ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻉ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻴﺄﺕ ﳌـﺎ‬
‫ﻳﻠﻴﻖ ﲟﻘﺎﻡ ﺍﳌﻼﻗﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺃﺧﻠﺼﺖ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻚ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﺼﺮﺕ ﺇﺧﻼﺻﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺢ ﻋﻠﻴﻚ ﺳﺤﺐ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ‪ ،‬ﻭﺗﻌـﻮﺩ‬ ‫"ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﻠﻴﻖ ﻟﻚ ﺍﳌﺮﺍﺗﺐ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻚ ﻋﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻜﺮﻡ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ‪‬ﻤ ‪‬ﺪ ﻟﻚ ﻣﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻨﻌﻢ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺸﺮ ﺷﺒﻜﺔ ﻋﺮﻓﺎﻧﻚ ﻋﻠﻰ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳋﻠﻖ ﺣﱴ ﻻ ‪‬ﺗ‪‬ﺒﻘ‪‬ﻲ ﻭﻻ ﺗﺬﺭ‪ .‬ﻭﺗﺼﻞ ﺩﻋﻮﺓ ﻧﹺﻴﺎ‪‬ﺑﺘ‪‬ﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻭﺍﻟﺒﻄـﻮﻥ‬

‫ﺑﺈﺫﻥ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﺃﻧﺖ ‪‬ﺑ ‪‬ﻄ ‪‬ﺮ! ﺃﻧﺖ ﺃﺷ‪‬ـ ‪‬ﺮ!‬
‫ﻯ! ﺃﻧﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ! ﺍﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺭﺳﺔ‪ ،‬ﻭﺧﺎﻃـﺐ‬ ‫ﺃﻧﺖ ‪‬ﺷﹺﺒ ‪‬ﻖ! ﺃﻧﺖ ﻫ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺈ‪‬ﻢ ﳜﱪﻭﻧﻚ ﻋﻦ ﺃﺣﻮﺍﳍﻢ‪.‬‬
‫ﻚ! ﻻ!‬ ‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺗﺪ‪‬ﻋﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ‪‬ﻭﹶﺃ ‪‬ﺩﻋ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﻚ ﻭﹸﺃ ‪‬ﻋﻴ‪‬ﺮ ﻋﻠﻴﻚ! )ﺃﻣﺘﺤﻨﻚ ﻭﺃﺧﺘﱪﻙ(‪ .‬ﺃﻧﺎ ﳏﺘﺴﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﳊﻖ‬ ‫ﺃ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﺖ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ! ﺃﻗﻄﻊ ﺃ ﹾﻗ ‪‬ﻔﻴ‪‬ﺔ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﲔ ﰲ ﺃﻗﻮﺍﳍﻢ ﻭﺃﻓﻌﺎﳍﻢ‪ .‬ﻗﺪ ﺍﺣﺘﺴ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺴ‪‬ﺒ ﹸﺔ‪.‬‬
‫ﳊ‪‬‬‫ﺖﱄﺍ ‪‬‬
‫ﺤ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﺣﱴ ﺻ ‪‬‬
‫"ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺭﺽ! ﺍﻋﺠﻨﻮﺍ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﺑﻼ ‪‬ﻣﻠﹾﺢ! ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﺧﺬﻭﺍ ﻟﻪ ﻣﻠﺤﹰﺎ! ﻳﺎ‬
‫ﻱ ﺍﳌ‪‬ﻠ ﹺﺢ ﺗﻘ ‪‬ﺪ! ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻘﲔ! ﻋﺠﻴﻨﻜﻢ ﺑﻼ ﻣﻠﺢ! ﻓﻄ ‪‬ﲑ ﻫﻮ‪ ،‬ﳏﺘـﺎﺝ ﺇﱃ‬ ‫ﺷﺎﺭ ‪‬‬
‫ﲬﲑ! ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻠﺤﻪ ﺍﻹﺧﻼﺹ‪ .‬ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻖ! ﺃﻧﺖ ﻣﻌﺠﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎﻕ! ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ‬
‫ﻳﻨﻘﻠﺐ ﻋﻠﻴﻚ ﻧﻔﺎﻗﻚ ﻧﺎﺭﺍ‪.‬‬
‫ﺺ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺃﺧﻠﺺ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﺧﻠﺼـﺖ‬ ‫"ﺃﺧﻠﺺ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﱐ ﻭﻗﺪ ﲣﱠﻠ ‪‬‬
‫ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻭﲣﻠﺼﺖ‪ .‬ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺭﺍﻋﻲ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻣﺖ‪ .‬ﺇﺫﺍ‬
‫ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺖ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻛ ‪‬ﻤ ﹶﻞ ﺃﻣﺮ ﺍﳌﻮﻣﻦ‪ ،‬ﻭﺻﺎﺭ ﺭﺍﻋﻴﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺟﲑﺍﻧﻪ ﻭﺃﻫﻞ ﺑﻠﺪﻩ‪ .‬ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺣﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻗﻮﺓ ﺇﳝﺎﻧﻪ ﻭﻗﺮﺑـﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﻣﻮﻻﻩ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻳﺎ ﻗﻮ ‪‬ﻡ! ﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﺣﺬﺭﻭﺍ ﻣﻨـﻪ‪ .‬ﺍﻋﻤﻠـﻮﺍ‬

‫‪١‬‬
‫ﲝﻜﻤﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻛﻠﻔﻜﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﲝﻜﻤﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻋﺎﻣﻞ ﲝﻜﻤﻪ‪ ،‬ﻛﺎﰎ ﻟﺴﺮﻩ ﰲ ﻗﺒﺔ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ‪:‬‬
‫_‪pF7 &7IA8‬و&‪7B‬س‪ h‬‬
‫=!;א‪ :‬א"~‪m2‬א!‪;:   
›\1=!\_$‬ل ‪7‬‬
‫ €א!‪   O/‘2!&_2Z‡%‬م ‪y‬א!‪.)Zg5‬א! ]‪C8_/‬א! ‪‘1‬؟ ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺘﻜﺘﻢ ﻓﻀﺤﻪ ﺣﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻻﻣﻪ ﻭﻋﺬﻟﻪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ‪:‬‬

‫دع‪EO[!@8 7F‬ن'\&‪;BE‬א ‪ O ‚L&O2SœG2SX   O‬‬
‫‪E‬نא!‪@/‬ول‪;7‬א‪]@[q‬ول‪E‬ذא?[‪;BE&\ *O8![ I@/   0‬א ‪ O‬‬
‫ €(~و‪0X%   O#S e#V‬و‪ O L&FO *LdF‬‬
‫‪-‬א! د‪V‬א<‪7)MA‬ن‪7‬א! ”‪0F]58#J   7;1‬א!‪ O ‡†&ˆa1‬‬
‫‪"E"E‬א!‪7;ْ1)7   D–i2/‬א‪7;I!.)7V‬א!‪i2/‬و) ‪ O‬‬
‫وא‪3=;A#‬א?د‪V‬و‪™S   O /8m#‬אد‪7VI‬א‪ O 7/ْC];#*6‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪َR -‬ـ‪C‬ــــــــــــ ‪ُR‬ـــــــــــــ ‪B:‬‬ ‫ــــ‪َI :‬ـــ‪ u v‬ــ‪+‬ـــــــ‬
‫ ‪I‬ـــ‪I ،D‬ـــ‪$ D‬ـــ‪Q‬ــــــــــ ‪B:‬‬ ‫‪G‬ـــ‪*E$ ُw‬ـــ‪ s‬ـــ‪j‬ــــــــ‪dj‬‬
‫‪MIk‬ــ‪ A‬ـــــ‪$ dP‬ـــــــــــــــــــ ‪B:‬‬ ‫‪ ُُN ::D.‬ــ‪EIُN‬ـ‪A‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٣٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ "

!   ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﺍﺭﲪﻨﺎ ﻭﺃﻧﺖ ﺧﲑ ﺍﻟﺮﺍﲪﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ‬
‫ﺃﺣﺴﻦ ﻋﺎﻗﺒﺘﻨﺎ ﰲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺃﺟﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺧﺰﻱ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻋﺬﺍﺏ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬

‫ﺗﻜﻠﻢ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺯﻋﻢ ﺃﻥ ﰲ‬

‫ﺗﻌﻴﲔ ﺃﲰﺎ ٍﺀ ﻣﺜﻞ "ﺍﻷﻭﺗﺎﺩ" ﻭ"ﺍﻟﻨﺠﺒﺎﺀ" ﻭ"ﺍﻟﻐـﻮﺙ" ﻣﻀـﺎﻫﺎﺓ ﻟﻠﺮﺍﻓﻀـﺔ‬
‫ﺍﻹﲰﺎﻋﻴﻠﻴﺔ ﻭﻟﻠﻨﺼﲑﻳﺔ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﻭﺍﻷﺑﺪﺍﻝ ﹶﺃﹾﻟ‪‬ﻴ ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ‬
‫ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻟﺔ ﺍﳌﻌ‪‬ﺮﻭﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ .‬ﻻ ‪‬ﺟ ‪‬ﺮ ‪‬ﻡ ﻓﺬﻛﺮ ﺍﻷﺑـﺪﺍﻝ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻄﺐ ﻛﻼﻡ ﻣﻌﺘﺎﺩ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻹﻣ‪‬ﺎﻡ ﺍﳌ‪‬ﺒﺠ‪‬ﻞ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ‪ ،‬ﻭﻛﻤﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺗﲔ ﺑﻌﺪ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺏ ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ‬ ‫ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻃﻌﻦ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻘﺎﺏ ﻣﻀﻄﺮ ‪‬‬
‫ﻳﻔﻜﺮ ﻭﻳﻘﺪﺭ ﺑﻌﻘﻞ ﳌﱠﺎ ﻳﻔﺠﺄﻩ "ﻣﺎ ﻻ ﳜﻄﺮ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ" ﻭﻋﻠﻢ ﹶﻟﻤ‪‬ﺎ ﻳﺘﻨﻮﺭ ﲟـﺎ "ﻻ‬
‫ﻳﺪﻭﺭ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻝ" ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺟﻊ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳـﻮﺩﻉ‬
‫ﰲ ﺧﻠﻘﻪ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮﺭ ﻗﻠﺒﻪ )ﺃﻱ ﺍﻟﺸـﺨﺺ ﺍﻟـﻮﱄ(‬
‫ﻭ ‪‬ﻫﺪ‪‬ﻯ ﻓﺆﺍﺩﻩ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺃﻣﺎﻧﺘﻪ ﻭﺃﻧﻮﺍﺭﻩ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻏﻴﺒـﺎ‬
‫ﻋﻦ ﺃﻋﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺻﻼﺣﻪ ﻭﻭﻻﻳﺘﻪ ﻏﻴﺒﺎ ﻋﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻬﺬﺍ ﻫـﻮ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﳊﻖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ‪ .‬ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٤٤٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻛﺎﻥ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﳑ‪‬ﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﷲ ﰲ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﻗﺒـﻞ‬

‫ﹶﻓ‪‬ﺘﺤ‪‬ﻪ ﺍﻷﺧﲑ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭ"ﺗﻌﺴﻴﻠﺘﻪ"‪ ،‬ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﺃﻥ ‪‬ﺑ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﻣﺎ ﺑـﲔ‬
‫ﺹ ﺍﳋﺎﺹ ﻣﻨﻬﻢ ﻛ‪‬ﺒ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻭﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪.‬‬‫ﺍﻟﻌﺎﻣ ‪‬ﻲ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺧﺎ ‪‬‬
‫ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﳌﻨﺘﺼﺢ ﺑﻮﺻﻴﺔ ﺍﳌﻮﺩ‪‬ﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺍﻟـﺬﻱ ﺃﺷـﺎﺭ ﺇﱃ‬
‫ﻧﻘﺺ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﺄﺛﺒﺖ ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳـﺘﺤﻴﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ‬
‫ﺼﻄﹶﻠﺢ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻤﻦ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺼﲑﺓ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺇﳝﺎﻧﻪ ﺣﱴ ﺧﺮﻗﻬﺎ‬ ‫ﻳﺬﻛﺮ ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫)ﺣﱴ ﺧﺮﻕ ﺣﺠﺎﺏ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭﻫﻢ( ﻭﺟﺎﻭﺯﻫـﺎ ﺇﱃ ﻣﻘﺘﻀـﻰ‬
‫ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻘﺪ ﺃﻭﰐ ﺧﲑﺍ ﻛﺜﲑﺍ‪ .‬ﻭﻻ ﳜﺎﻑ ﻋﻠﻴـﻪ ﺇﻻ ﻣـﻦ‬
‫ﺿﻌﻒ ﳘﺘﻪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍ‪‬ﻧﻀ‪‬ﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﳘﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﻘـﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺍﺣﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺰﻣﺎﻧﻪ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺎﱂ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺧﱪ ﻋـﻦ‬
‫"ﻭﺍﺣﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺰﻣﺎﻧﻪ"‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﺍﳌﺘﻜﺮﺭ ﲝﺎﺩﺛﺔ ﻓﺘﺢ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ ﺃﻥ ﳜﺮﻕ ﺍﳌﻘﻠﺪﻭﻥ ﺍﶈﺠﻮﺑﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﺳـﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺣﺠـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻙ ﻟﻴﻌﺮﻓﻮﺍ ﺫﻭﻗﺎ ﻭﻭﺟﺪﺍ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻥ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﺳﺮﺍﺭﺍ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﻓﻼ ﺃﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﳝﺰﻗﻮﺍ ﻋﻦ ﻋﻘﻠﻬﻢ ﺳﺘﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﻠﻴﺪ ﺍﳌﺘﺨﻠﱢﻒ ﺍﶈﻨﻂ ﳌﻘﺎﻻﺕ ﲡﺎﻭﺯﻫﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠـﺎﻭﺯ‬
‫ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺴﻜﺘﻮﺍ‪ .‬ﻭﺧﲑ ﳌﻦ ﻻ ﻋﻠﻢ ﻣﻌﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻜﺖ‪.‬‬
‫ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﺗﻘﺪﺳﺖ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﳜﻔﻲ ﺧﺼﻮﺻـﻴﺎ‪‬ﻢ ﰲ‬
‫ﻗﺒﺎﺏ ﺑﺸﺮﻳﺘﻬﻢ‪ .‬ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﻢ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻣﻮﻻﻩ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺬﻳﻌﻬﺎ ﺑـﺈﺫﻥ‬
‫ﺭﺑﻪ ﻟﻴﺴﻤﻊ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﺴﺎﺑﻘﺘﻪ ﻓﻴﻬﺮﻭﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪،‬ﻭﻳﻘﻒ ﰲ ﺻﻒ ﺍﻻﻧﺘﻈـﺎﺭ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻻﺩ‪‬ﻛﺎﺭ ﻣﻊ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ ﺫﺍﻛﺮﺍ ﺷﺎﻛﺮﺍ‪ .‬ﺑﺈﺫﻥ ﺭ‪‬ﻢ ﻳﻔﺸﻮﻥ ﺑﻌـﺾ‬

‫ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﳋﻀﺮ ﳌﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴـﻼﻡ‪
:‬ﻭﻣـﺎ ﻓﹶﻌﻠﺘـﻪ ﻋـﻦ‬
‫ﺃﻣﺮﻱ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٨١ :‬ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻨﺜﺮ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻟﺘﻜـﻮﻥ ﻟـﺒﻌﺾ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﲪﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﺘﻨﺔ ﻋﺎﺭﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﲔ ﻓﻴﺒﺜﹼﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤـﻞ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺴﺘ ‪‬ﻔﺰ‪‬ﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﳍﻤﻢ ﺍﻟﺮﺍﻗﺪﺓ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﳌﻮﻋﻈﺔ ﺍﳊﺴﻨﺔ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻜﺴـﻞ‪.‬‬
‫ﻭﻣ‪‬ﺠﻤ‪‬ﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺃﻥ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻟﻌﺒﻴﺪﻩ ﺍﳌ ﹾﻘﺪ‪‬ﻣﲔ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﺍﳌﻨﻘﻄﻌﲔ ﺇﱃ ﺟﻨﺎﺑﻪ‪ ،‬ﺍﶈﺴﻮﺑﲔ ﻣﻦ ﻻﺟﺌـﻲ‬
‫ﺑﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻻ ﳛﺪﻩ ﺍﻟﻮﺻﻒ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﺍﳌﻮﱃ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻳﺮﻗﻲ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﺘﻘﺮﺏ ﺑﺎﻟﻔﺮﺽ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻔﻞ ﺍﶈﺒﻮﺏ ﻣﺮﺍﻗﻲ ﻭﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺍﻟ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﻣﻦ ﺍﳊﺼﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﺍﳋﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺿﺮﺏ‪ :‬ﻋﺎﻣﻲ‪ ،‬ﻭﺧﺎﺻﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺧﺎﺹ ﺍﳋﺎﺹ"‪ .‬ﰒ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﻲ ﻫﻮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﳌﺘﻘﻲ ﺍﳌـﻼﺯﻡ ﻷﻭﺍﻣـﺮ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﻧﻮﺍﻫﻴﻪ‪ .‬ﻳﺘﺮﻗﻰ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻪ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﱯ ﻟﻠﻤﻮﱃ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﺣﱴ ﻳﻌـﱪ ﲝﻮﺭﻫـﺎ‪.‬‬
‫"ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻳﺄﺗﻴﻪ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪،‬‬
‫ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺼﱪ‪ ،‬ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﻭﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ"‪ .‬ﻫﺬﺍ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳋﻮﺍﺹ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺑﺪﺍﻝ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺧﻮﺍﺹ ﺍﳋﻮﺍﺹ‪ ،‬ﻓﻴﺴﺘﻔﺘﻮﻥ ﺍﻟﺸـﺮﻉ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻓﻌﻠﻪ ﻭﲢﺮﻳﻜﻪ ﻭﺇﳍﺎﻣﻪ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛـﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﻼ ‪‬ﻙ ﰲ ﻫﻼﻙ‪ ،‬ﺳﻘﻢ ﰲ ﺳﻘﻢ‪ ،‬ﺣﺮﺍﻡ ﰲ ﺣﺮﺍﻡ‪ ،‬ﺻﺪﺍﻉ ﰲ ﺭﺃﺱ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺩﺑﻴﻠﺔ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﺳ ﱞﻞ ﰲ ﺟﺴﺪﻩ"‪.‬‬
‫ﻋﺎﰿ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ "ﺻﺪﺍﻉ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺪﻳﻦ" ﻭ"ﺳﻞ ﺟﺴﺪﻩ" ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﺒﺴﻄﻮﻥ ﳌﺮﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺎ ﺑـﻪ ‪‬ﻳﻠﹾﻬﺒـﻮﻥ‬
‫ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻌﺰﺍﺋﻢ‪ .‬ﻭﻳﺘﺴﺮﺏ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﲤﺠ‪‬ﻪ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ ﺍﳌﺮﻳﻀـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻄﻠﺐ ﻓﺘﻌﻄﻰ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺘﻘﻲ ﺍﷲ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻟﻚ ﻓﹸﺮﻗﺎﻧﺎ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﻟﺘﻼﻣﺬ‪‬ﻢ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻋﻦ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﳏﺾ ﻧﺼﻴﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺤﺴﺒﻬﻢ ﺍﳉﺎﻫﻞ ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻋﻠـﻰ ﻧﻔﺴـﻪ ﺍﳌﺴـﻠﻮﻟﺔ‬
‫ﻳﺘﺒﺎ ‪‬ﻫ ‪‬ﻮ ﹶﻥ ﻭﻳﺘﺮﺍ َﺀ ‪‬ﻭ ﹶﻥ‪.‬‬
‫ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﲢﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻜـﺎﺩ‬
‫ﲡﺪ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻼ ﻭﻻ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪ .‬ﻛﺘﺒﻬﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﳋﻮﺍﺹ ﺗﻼﻣﺬﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﺟﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﺘﺐ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺗﻄﺒﻊ‬
‫ﺤﹰﺎ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺢ ‪‬ﺳ ‪‬‬
‫ﻭﺗﻨﺘﺸﺮ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ‪‬ﻳ ِ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺃﻧﺎ ﻣﺮﻳﺪ ﳏﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪،‬‬
‫ﻭﳎﺘﻤﻊ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻣﺮﺷﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻳﻀﺎ‪ ،‬ﻣﻘﺘﻒ ﺃﺛﺮﻩ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ‬
‫ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻴﻠﻴﺎ ﰲ ﺧ‪‬ﻮﺍ ‪‬ﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ )ﺃﻱ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ( ﻭﻟﻜﲏ‬
‫ﻣﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻼ ﺩﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻭﺇﱐ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻭﻟﻜﲏ ﻟﺴـﺖ ﺧﺎﻟﻴـﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﺸﺮﹺﻛﺔ ﺍﻟﱵ‬ ‫ﺍﻷﺻﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﱐ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﹸﺃ ‪‬ﻣﺔﹰ‪ ،‬ﻟﻜﲏ ﺷﺮﻳﻚ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ .‬ﻻ ﺑﺎﻟ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٤٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﺩ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﻯ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ )ﺑﺎﻟﻨﺒﻮﺓ( ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﻔﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﺷﺮﻛﺔ ﺍﳋﺎﺩﻡ ﻣﻊ‬
‫ﻉﱂ‬ ‫ﻀ ‪‬ﺮ ﰲ ‪‬ﺳﻔﹾﺮﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻭﻣـﺎ ﱂ ﹸﺃ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﺐ ﱂ ﺃ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺨﺪﻭﻡ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﱂ ﹸﺃ ﹾﻃﹶﻠ ‪‬‬
‫ﹶﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺪ ﻳﺪﻱ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ"‪ ١.‬ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﺃﻧﺎ ﻏﻼﻡ‬
‫ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻡ!" ﻭﻣﻨﺼﺐ "ﺧﺎﺩﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ" ﻭ"ﻏﻼﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ" ﻫـﻮ ﻣﻨﺼـﺐ‬
‫ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺍﳉﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺮﺓ ﺍﻟﻜﺮﻡ‪ .‬ﻫﻨﻴﺌﺎ ﳌـﻦ‬
‫ﳍﻢ ﺍﳍﻨﺎﺀ ﻣﻦ ﺭﺏ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻋﻤﺎ ﻳﺸﺮﻛﻮﻥ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻟﻮ ﺃﻇﻬﺮﺕ ‪‬ﺷ ‪‬ﻤ ﹰﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ )ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻘﺎﻣـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺃﲢﻔﻪ ‪‬ﺎ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻓﺘﺤﻪ( ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﺮﺑﻮﻃﺔ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﹸﻗ ‪‬ﻄ ‪‬ﻊ‬
‫ﳊﻠﹾﻘﻮ ‪‬ﻡ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ )ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻳﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺨـﺎﺭﻱ ﰲ‬ ‫ﺍﻟ‪‬ﺒﻠﹾﻌﻮ ‪‬ﻡ ﻭﺫﺑﺢ ﺍ ﹸ‬
‫ﻓﻘﺮﺓ ﺳﺎﺑﻘﺔ( ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﱵ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ "ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺒﻠﻌﻮﻡ" ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺣﻖ ﻏـﲑﻩ! ﻭﻗـﺪ‬
‫ﺺ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﻣـﻦ‬ ‫ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻏﻮﺍﻣﺾ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻻﳍﻴﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺃﺧ ‪‬‬
‫ﻋﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﻭﱂ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﳏﺮﻭﻣﲔ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﻟﻴﻬﺎ"‪ ٢.‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻫـﻢ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﶈﺠﻮﺑﻮﻥ‪ ،‬ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺢ ﳍﻢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ ‪‬ﺷ ‪‬ﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ‬
‫ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ‪.‬‬
‫ﺿﻮ‪‬ﻥ ﺑﻐﲑ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻌ‪‬ﺒ ‪‬ﺪﻳ‪‬ﺔ ﺍﳋﺎﻟﺼﺔ ﻣﻨﺘﻬ ‪‬ﻰ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﻻ ﻳﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ ﺍ ﹸﳌﻤ‪‬ﺤﻀ‪‬ﺔ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻨﺎﻫﻢ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﳝﻨﺤـﻮﻥ ﻣـﻦ ﺃﺳـﺮﺍﺭ‬
‫ﻭﻛﺸﻮﻓﺎﺕ ﻭﻣﺮﺍﺗﺐ ﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺯﻳﻨﺔ ﻣﻮﻻﻫﻢ ﻭﻧﻌﻤﺘﻪ‪ ،‬ﻳﻔﺮﺣﻮﻥ ﻭﻳﺸﻜﺮﻭﻥ‪،‬‬
‫ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﻭﺟﻬ ‪‬ﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻫﻮ ﺍﳌﻄﻠﺐ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻟﻪ ﻫﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻜﺴﺐ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١١٠‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٢٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻱ ﺳﺎﺩﺓ! ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ ﺣﻘﻬﺎ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻋـﻦ ﻏـﲑ‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﺃ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‪ .‬ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ ﺗﺮﻙ ﻛ ﱢﻞ ﹸﻛﱢﻠﻴ‪‬ﺔ ﻭﺟﺰﺋﻴﺔ‪ .‬ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ ﺭﺩ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻋﻦ ﻛﻞ‬
‫‪‬ﻣ ﹺﺰ‪‬ﻳ ‪‬ﺔ‪ .‬ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ ﻋﺪﻡ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺭﻓﻌ ﹰﺔ ﺃﻭ ﹶﻓ ‪‬ﻮ‪‬ﻗ‪‬ﻴ ﹰﺔ‪ .‬ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ‬
‫ﻭﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﺣﺪ ﻟﻠﻄﻴﻨﺔ ﺍﻵﺩﻣﻴﺔ‪ .‬ﺍﻟﻌﺒﺪﻳﺔ ﺍﳋﺸﻴﺔ ﻭﺍﳋﻀﻮﻉ ﲢﺖ ﳎﺎﺭﻱ‬
‫ﳊ ‪‬ﺮﻳ‪‬ﺔ‪،‬‬
‫ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﺒﺪﺍ ﻛﺎﻣﻼ ﺣﱴ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍ ﹸ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺭﻕ ﺍﻷﻏﻴﺎﺭ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ"‪ ١.‬ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻛﻤﻠﺖ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻪ ﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺳﺮﻩ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺭﺑﻪ‪ .‬ﻻ ﺩﻋﻮﻯ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻻ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻟﻴﻔﺘﺨـﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺟﻨﺴﻪ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻳﻔﺨﺮ ﲟﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺇﻟﻴﻪ ! ﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﻧﻌﻢ‬
‫ﻀ ﹴﻞ‪.‬‬
‫ﺾ ﹶﻓ ‪‬‬
‫ﻣﻮﻻﻩ‪ ،‬ﳏ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﳌـﻨﻌﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺷﻜﺮﺍ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺣﹼﺜﹰﺎ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﺼﻞ ﳍﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱪﻛﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ‪:‬‬
‫
ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﻓﻴﻨﺎ ﻟﻨﻬﺪﻳﻨﻬﻢ ﺳﺒﻠﻨﺎ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٩ :‬ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺙ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ‪ :‬ﺃﻃﻠﻌﲏ ﺭﰊ ﻋﻠﻰ ﻛﺬﺍ‪ ،‬ﻭﻋﻠﱠﻤﲏ ﻛﺬﺍ‪ ،‬ﻭﻭﻫﺒﲏ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﱪﻛـﺔ‬
‫ﻛﺬﺍ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﺧﲑ ﻣﻨﻜﻢ! ﺃﻧﺎ ﺃﺟ ﱡﻞ ﻣﻨﻜﻢ! ﺃﻧﺎ ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻨﻜﻢ!‬
‫ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺩﻋﻮﻯ‪ ،‬ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺭﻋﻮﻧﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻳﻨﻄﻖ ‪‬ﺎ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻷﲪـﻖ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﻓﲏ ﻋﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻭﺧﲑﱐ ﻭﺃ ‪‬ﺟﻠﱠﲏ!)‪ .(...‬ﻟﻮﻻ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌـﺎﱃ‪:‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻂ!"‪.‬‬‫ﺨ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻁ ﺍﻟﻌﺎﻗ ﹸﻞ ﻓﻤﻪ ﺑﹺﻤ ‪‬‬ ‫
ﻭﺍﺷﻜﺮﻭﺍ ﱄ ﻭﻻ ﺗﻜﻔﺮﻭﻥ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٥١ :‬ﳋﹶﺎ ﹶ‬
‫ﺙ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺭﺑـﻪ‪ ،‬ﺑﺄﻧـﻪ‬ ‫ﺤ ‪‬ﺪ ﹶ‬
‫ﱄ ﺍﳌﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺘ ‪‬‬ ‫ﻳﺘ‪‬ﻬﻢ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﻮ ﱠ‬
‫ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺋﺎﺳﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺑﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ‪‬ﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘـﻪ‪ ،‬ﻭﻫـﻮ ﰲ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ‪. ٦٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٧٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﻟﻜﻨـﻪ ﻣـﺎ‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﱪﻱﺀ ﺃﻟﺒﺴﻮﻩ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺛﻮﺑﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ‪ .‬ﻃﹶﻠ ‪‬‬
‫ﺐ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬‬‫ﹶﻛ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﻛﻴﻒ ‪‬ﺗﺪ‪‬ﻋﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻘـﻮﻡ‬
‫ﻭﺃﻧﺖ ﻣﺸﺮﻙ ﺑﻚ ﻭﺑﻐﲑﻙ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ! ﻻ ﺇﳝﺎﻥ ﻟﻚ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ‬
‫ﲣﺎﻓﻪ ﻭﺗﺮﺟﻮﻩ‪ .‬ﻻ ﺯﻫﺪ ﻟﻚ ﻭﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﻲﺀ ﺗﺮﻳﺪﻩ! ﻻ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﻟﻚ ﻭﺃﻧﺖ‬
‫ﺗﺮﻯ ﻏﲑﻩ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻚ ﺇﻟﻴﻪ! ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻏﺮﻳﺐ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧـﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺯﺍﻫـﺪ‬
‫ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ‪ .‬ﻻ ﺭﻏﺒﺔ ﻟﻪ ﰲ ﻏﲑﻩ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺍﲰﻌﻮﺍ ﻣﲏ‪ ،‬ﻭﺃﺯﻳﻠﻮﺍ ﺍﻟ‪‬ﺘ ‪‬ﻬﻤ‪‬ﺔ ﱄ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻬﹺﻤﻮﻧﲏ‬
‫ﻭﺗﻐﺘﺎﺑﻮﻧﲏ ﻭﺃﻧﺎ ﺷﻔﻴ ‪‬ﻖ ﻋﻠﻴﻜﻢ! ﺃﲪﻞ ﺃﺛﻘﺎﻟﻜﻢ ﻭﺃﺧﻴﻂ ﻓﺘـﻮﻕ ﺃﻋﻤـﺎﻟﻜﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺃﺷﻔﻊ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﺣﺴﻨﺎﺗﻜﻢ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺳـﻴﺌﺎﺗﻜﻢ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻋﺮﻓﲏ ﻣﺎ ﻳﱪﺡ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻱ ﺇﱃ ﺃﻥ ﳝﻮﺕ‪ .‬ﳚﻌﻠـﲏ ﺷـﻬﻮﺍﺗﻪ ﻭﹶﻟﺬﱠﺍﺗ‪‬ـﻪ‬
‫ﻭﻃﻌﺎﻣ‪‬ﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑ‪‬ﻪ ﻭﻟﺒﺎﺳ‪‬ﻪ! ﻳﺴﺘﻐﲏ ﰊ ﻋﻦ ﻏﲑﻱ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻛﻴﻒ ﻻ ﲢﺒﲏ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪﻙ ﻟـﻚ ﻻ ﱄ! ﺃﺭﻳـﺪ ﻣﻨﻔﻌﺘـﻚ‬
‫ﻭﲣﻠﻴﺼﻚ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻘﺘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺭﺓ‪ .‬ﺇﱃ ﻣﱴ ﺗﻌﺪﻭﻥ ﺧﻠﻔﻬﺎ! ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ‬
‫ﺗﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻭﺗﻘﺘﻠﻜﻢ! ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﳏﺒﻴﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﳊﻈﺔ!‬
‫ﻻ ﻳﺄﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺘﺮﻛﻬﻢ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻻ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ‪ .‬ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﻬﻢ‬
‫ﻭﻫﻢ ﻣﻌﻪ‪ .‬ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺃﺑﺪﺍ ﻟﻪ ﺫﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﺣ‪‬ﺎﺿﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﻏﲑﻩ ﻣﻌﺮﺿـﺔ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﻘﺒﻠﺔ‪ .‬ﻓﻬﻮ ﻣﻌﻬﻢ‪ ،‬ﺣﺎﻓﻆ ﳍﻢ‪ ،‬ﻭﳍﻢ ﻣﺆﻧﺲ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٣٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻳﻨﺎﺩﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﻔﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺑﻀﺎﻋﺘﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻔـﺘﺢ‬

‫ﹸﻛﺘ‪‬ﺎ‪‬ﺑ ‪‬ﻪ ﻭﻳﺼﻴﺢ‪" :‬ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﻳـﺎ ﺯﻫﺎﺩﻫـﺎ!‬
‫ﺗﻌﻠﱠﻤﻮﺍ ﻣﲏ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻣﻨﻪ ﺧﱪ!‬
‫"ﺍﺩﺧﻠﻮﺍ ﻛﺘﺎﰊ ﺣﱴ ﺃﻋﻠﻤﻜﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻻ ﲡﺪﻭﻧـﻪ ﻋﻨـﺪﻛﻢ‪ .‬ﻟﻠﻘﻠـﻮﺏ‬
‫ﹸﻛﺘ‪‬ﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻟﻸﺳﺮﺍﺭ ﹸﻛﺘ‪‬ﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻨﻔﻮﺱ ﻛﺘﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻟﻠﺠﻮﺍﺭﺡ ﻛﺘـﺎﺏ‪ .‬ﻫـﻲ‬
‫ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﺃﻗﺪﺍﻡ ﻣﻌﺪﻭﺩﺍﺕ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻘﺪﻡ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﺎ ﺻﺤﺖ ﻟﻚ! ﻛﻴﻒ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ! ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣـﺎ‬
‫ﺻﺢ ﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﻹﳝﺎﻥ! ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻣﺎ ﺻﺢ ﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻹﻳﻘﺎﻥ! ﺍﻹﻳﻘﺎﻥ ﻣﺎ ﺻﺢ ﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳـﺔ! ﻛـﻦ‬
‫ﻋﺎﻗﻼ! ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ!‬
‫"ﻛﻞ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ ﺑﻼ ﺁﻟﺔ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﺇﳕﺎ ﺗﺼﺢ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﱰﻝ ﻻ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ‪ .‬ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻣﻦ‬
‫ﺽ ﺑﺎﻟـﺬﻝ‬‫ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻛﻦ ﺃﺑﺪﺍ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻻ ﻣﺘﺒﻮﻋﺎ‪ ،‬ﺻـﺎﺣﺒﺎ ﻻ ﻣﺼـﺤﻮﺑﺎ‪ .‬ﺍ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﻭﺍﳋﻤﻮﻝ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺿ ‪‬ﺪ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﳚﻴﺌﻚ ﰲ ﻭﻗﺘﻪ‪.‬‬
‫"ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﻭﺗﺮﻙ ﺣﻮﻟـﻚ ﻭﹸﻗ ‪‬ﻮﺗـﻚ ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﺿـﻚ‬
‫ﻭﺷﺮﻛﻚ ﺑﺎﳋﻠﻖ ﻭﺑﻨﻔﺴﻚ‪ .‬ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻷﻣـﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻬﻲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻓﺎﺕ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺃﺳﺎﺱ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ‪ .‬ﺍﻷﺳﺎﺱ‬

‫ﻣﺎ ﺃﺣﻜﻤﺘﻪ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﺒﲏ! ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻣﺎ ﺻﺤﺖ ﻟﻚ‪ ،‬ﻛﻴـﻒ ﺗـﺘﻜﻠﻢ؟‬
‫‪١‬‬
‫ﺳﻜﻮﺗﻚ ﻣﺎ ﰎ ﻟﻚ‪ ،‬ﻛﻴﻒ ﺗﻨﻄﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ!"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻏﺮﻳﺐ ﺳﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻻﺗﺒـﺎﻉ ﳛـﺚ ﺍﻟﻐﺎﻓـﻞ‬
‫ﺍﳌﺘﺨﻠﻒ‪:‬‬
‫‪E‬ذאא!‪†0€ 
1/‬א˜‪   %1=O%‬و‪nEOƒ=L‬א‪m-8[6‬א!‪ d8@7/‬‬
‫و Ÿž&<وزא!‪O2!E   R d5‬و‪ )&I[70K‬‬
‫و'نŠ‪01F   `XEO‬א!س‪E
a;1‬ذن
! ‬
‫!‪%2‚F‘2‬ن ‪   A2S‬و ‪0_1#-]_1ْ #7‬و)‪ !)-‬‬
‫‹)אم‪   r`7<7‚!\k‬و‪-21F;!R‬و‪ %AF‬‬
‫ذא( ‪ %8]ŒI%8 A][!;A]3˜~!   -Z h–)IJ8 S‬‬
‫א!‪/‬و{א!;‪0j‬א!`א!‪jEIS7Aْ]-21Ft    ‬א! ‪ Mْ'Z‬‬
‫وض)?ˆא‪Cm5=&G1y_   `S#‘2q‬א‪‡6‬لא!‪ M‬‬
‫¡;א‪&F‬א!‪5‬אא!‪;a% ‬א)‪`)†01F   -‬وא‪;:;A#‬א‪{R‬א!‪ d‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ِ
‪ْ.َz‬ـــ‪/S 5‬ــــ(ِ ‪ِX‬ــ‪َ< y‬ــــ‪ِ َ.‬‬ ‫‪J# َx+E1 so^1 2< Lk‬ـ‬
‫"‪:‬ـــ‪.‬ـــــــ ‪ّ. {k v‬ـ‪ X q‬ــ‪e‬ـــــ ِ‬ ‫ *‪E 7‬ــ~‪*$ 7‬ـــ‪6 s‬ــــ}ٌ ‪{k‬‬
‫‪#E# َv
ُ
:‬ــً ‪Wَ‚ B E$‬ــــ ِ‬ ‫  ‪r+‬ـــً ــــ
‪ْR‬ـ‪o :q‬ـــــ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٣٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"‪# $%‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺍﺻﺮﻑ ﻋﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺟﻬﻨﻢ ﺇﻥ ﻋﺬﺍ‪‬ﺎ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﺍﻣـﺎ‪.‬‬
‫ﺇ‪‬ﺎ ﺳﺎﺀﺕ ﻣﺴﺘﻘﺮﺍ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻚ ﺳﺄﻟﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﳕﻠﻜﻪ ﺇﻻ ﺑﻚ‪ ،‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ‬
‫ﻓﺄﻋﻄﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﺿﻴﻚ ﻋﻨﺎ‪.‬‬

‫ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﻣﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻭﻣﻦ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬

‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣﻨﺎ‪
.‬ﻛﺬﻟﻚ ﻳـﻀﻞ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﻭﻳﻬﺪﻱ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ‬

‫ﺝ ﺃﻭ ﻧﺴﺘﻘﻴﻢ‪
.‬ﺇﻥ ﻫﻮ ﺇﻻ ﺫﻛﺮ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ ﳌـﻦ‬ ‫ﺍﳌﺪﺛﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣١ :‬ﻭﳓﻦ ﲟﺸﻴﺌﺘﻨﺎ ﻧ‪‬ﻌ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺷﺎﺀ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺗﺸﺎﺀﻭﻥ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺀ ﺍﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪) .‬ﺳﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﻟﺘﻜـﻮﻳﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٢٨ :‬ﻣ‪‬ﺸﻴﹶﺌﺘ‪‬ﻨﺎ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ‪ ،‬ﻃﹶﻠﺒ‪‬ﻨﺎ ﻭﻃﹶﻠﺒ‪‬ﻪ‪ .‬ﻧﺪﻋﻮﻩ‪
:‬ﺍﻫـﺪﻧﺎ ﺍﻟﺼـﺮﺍﻁ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﲢﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٥ :‬ﻓﻴﺄﻣﺮﻧﺎ‪) :‬ﻓﺎﺳﺘﻘﻴﻤﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﻩ)ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺼـﻠﺖ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪:‬‬

‫‪ …(٦‬ﻭﻳﻌﻠﻖ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﻴﺌﺘﲔ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺘﲔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻓﺘﻨﻮﻳﺎ ﻻ‬

‫ﻁ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﺭﺍﺟ ﹴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺑﻜﺴﺒﻨﺎ ﺍﳌﺴﺘ ‪‬ﻤ ‪‬ﺪ ﻣـﻦ‬ ‫ﺼﻢ‪ ،‬ﺍﺭﺗﺒﺎ ﹸ‬ ‫ﻳﻨ ﹶﻔ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﳊﺠﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪
:‬ﻭﺃﻥ ﻟﻮ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﻮﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻷﺳﻘﻴﻨﺎﻫﻢ ﻣﺎﺀ ﻏﺪﻗﺎ ﻟﻨﻔﺘﻨﻬﻢ ﻓﻴﻪ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳉﻦ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٦ :‬ﺍﻟﻔﺘﻨـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻲ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ‪ ،‬ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻻﺣﻘﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺗﻀﻤﲔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﺴـﲑ ﻭﺍﻟﺼـﲑﻭﺭﺓ‪.‬‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺗﺆﺩﻱ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻌﲎ‪ .‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻃﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺗﺒﺎﻉ‬
‫ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﲑ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﲑ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻫﺘﺪﺍﺀ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺳﻠﻮﻙ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺣﻞ‪ ،‬ﻭﺻـﲑﻭﺭﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻭﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﳜﺎﻃﺐ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪
:‬ﻭﺇﻧﻚ ﻟﺘﻬﺪﻱ ﺇﱃ ﺻﺮﺍﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﺻﺮﺍﻁ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻣﺎ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﻣﺎ ﰲ ﺍﻻﺭﺽ‪ .‬ﺃﻻ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﺼﲑ ﺍﻻﻣﻮﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٥٢ :‬‬
‫ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﺸﻴﺌﺔ ﺍﳌﻬﻴﻤﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺭﲪـ ﹲﺔ ﻣﻬـﺪﺍﺓ‪،‬‬
‫ﺝ ﺳـﲑ‪‬ﻙ‪،‬‬ ‫ﻼ ﻣﻨﻪ ﻭﻛﺮﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻋ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﻀﹰ‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﻴﺌﺘﻚ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﺗﻔ ‪‬‬
‫ﻚ‬
‫ﺃﻭ ﺗﻮﻗﻒ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﻠﻜﱠﺄ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﳓﺮﻑ ﻓﻬﻲ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ‪ .‬ﻭﻋﻨﺪ ﻗـ ‪‬ﺪ ‪‬ﻣ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻔﻚ ﻭﺃﻣﺎﻣﻚ ﻓﺘﻨﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺃﻧﺖ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﻣﻐﺎﻟﺒﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‬
‫ﺇﻻ ﻏﻼﺑﺎ ﻭﺣﺮﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﳉﺎﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ ﻭﺍﻟﻈﻠـﻢ‬
‫ﻭﻋﺪﻭﺍﻥ ﺍﳌﻌﺘﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺻﺎﻋﺪ ﻟﻌﻘﺒﺔ ﺻﺎﻋﺪﺓ‪ .‬ﻭﲜﻬﺪ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻚ ﻭﺟﻬﺎﺩﻫـﺎ‬
‫ﺤﺒ‪‬ﻚ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﲰﻌﻚ ﻭﺑﺼـﺮﻙ ﻭﻳـﺪﻙ‬ ‫ﺗﺘﻘﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣﱴ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﺭﺟﻠﻚ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻛﺜﺎﺋﻔﻚ ﻭﻟﻄﺎﺋﻔﻚ‪ ،‬ﻣﻦ‬
‫ﺟﻮﺍﺭﺡ ﻭﻧﻔﺲ ﻭﻗﻠﺐ ﻭﺭﻭﺡ ﻭﺳﺮ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻘﺮﺃ ﻗﺮﻳﺒـﺎ ﺇﻥ ﺷـﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ‬
‫ﺻﻔﺤ‪‬ﺔ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" .‬ﻭﺍﻟﺴـﺮ ﻟﻄﻴﻔـﺔ ﺇﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ﻣ‪‬ﻮ ‪‬ﺩﻋ‪‬ـ ﹲﺔ ﰲ‬
‫ﺏ‬
‫ﺤ ﱡﻞ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ‪‬ﳏ ﱡﻞ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﻘﻠـﻮ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﻟﺐ‪ (...).‬ﺇ‪‬ﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻑ"‪.‬‬
‫ﳏ ﱡﻞ ﺍﳌﻌﺎﺭ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺹ ‪.٤٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺩﺭﺟﺔ ‪‬ﺎ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﲤﺎﻣﻬﺎ‪ .‬ﻭﺑﻮﺟﻮﺩﻫـﺎ ﺣﺼـﻮﻝ‬

‫ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﻧﻈﺎﻣ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺿﺎﻉ ﺳﻌﻴﻪ ﻭﺧـﺎﺏ‬
‫‪١‬‬
‫ﺟﻬﺪﻩ"‪.‬‬
‫ﻟﻠﻤﺒﺘﺪﺉ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻻﺗﺒﺎﻉ ﻭﺍﻗﺘﺤﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔﹲ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻤﺘﻮﺳﻂ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔﹲ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻤﻨﺘﻬﻲ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺍﻷﺳـﺘﺎﺫ‬
‫ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ‪" :‬ﻓﻤﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﳌﺴﺘﺄﻧﻒ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﰲ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻖ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﰲ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺃﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ ﺃﻫـﻞ‬
‫ﺏ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ )ﻣﻊ ﺍﷲ( ﻓﺘﺮﺓ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ‬‫ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﻻ ‪‬ﺗﺸ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺼﺤﺐ ﻣ‪‬ﻨﺎ ‪‬ﺯﹶﻟﺘ‪‬ﻬﻢ ﻭﻗﻔﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ ﺃﻫـﻞ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺃﻥ ﻻ ‪‬ﺗ ‪‬ﺪ ‪‬ﺧ ﹶﻞ ﻣﻮﺍﺻﻠﺘﻬﻢ ﺣﺠﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺪﻗﺎﻕ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‬
‫ﻭﺧﱪﺍﺋﻬﻢ ﰲ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻜﺜﺎﺋﻒ ﻭﺍﻟﻠﻄﺎﺋﻒ‪" :‬ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﳍﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣـﺪﺍﺭﺝ‪:‬‬
‫ﺃﻭﳍﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﱘ‪ ،‬ﰒ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﰒ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘﻘﻮﱘ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺩﻳﺐ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ‪‬ﺬﻳﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣـﻦ ﺣﻴـﺚ ﺗﻘﺮﻳـﺐ‬
‫ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ"‪.‬‬
‫ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﰲ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺗـﱰﻝ‪ ،‬ﻭﻣﻌـﺎﺭﻑ‬
‫ﺗﻮﻫﺐ‪ ،‬ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﲣﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ‪ .‬ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺇﻻ ﺍﻻﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﺻﺮﺍﻁ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺃﻧﻌﻢ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻭﺣﺴﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺭﻓﻴﻘﺎ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔـﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﷲ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺹ ‪.٩٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻛﻔﻰ ﺑﺎﷲ ﻋﻠﻴﻤﺎ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٩ :‬ﻓﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﺸـﻮﻓﺎﺕ‬
‫ﻭﺃﺳﺮﺍﺭ ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﻓﺈﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﺑﺘﻼﺀ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻌﻬـﺎ ﻣﺰﻳـﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪:‬‬
‫
ﻓﺎﺳﺘﻘﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮﺕ ﻭﻣﻦ ﺗﺎﺏ ﻣﻌﻚ ﻭﻻ ﺗﻄﻐﻮﺍ‪ .‬ﺇﻧـﻪ ﲟـﺎ ﺗﻌﻤﻠـﻮﻥ‬
‫ﺑﺼﲑ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١١٢ :‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟ‪‬ﺘ ﹾﻄﻐ‪‬ﻲ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟ‪‬ﻴ ‪‬ﻐ‪‬ﺘ ‪‬ﺮ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴـﺎﻟﻚ‬
‫ﻚ ﻣﻊ ﺍﳍﺎﻟﻜﲔ‪.‬‬ ‫ﻓﻴﺘﺮﺍﺧﻰ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻓ‪‬ﻴ ‪‬ﻬ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﻛﺸﻒ ﻭﺧﻮﺍﺭﻕ ﻣﻊ ﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ ﻓﻬـﻮ ﺑـﻼﺀ ﳏـﺾ‬
‫ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺝ‪.‬‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﳉﻮﺯﺟﺎﱐ‪" :‬ﻛﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻻ ﻃﺎﻟـﺐ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻄﺎﻟﺒﻚ‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﻏﲑﻩ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻻ ﻳﻄﻴﻘﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻷﻛـﺎﺑﺮ‪ ،‬ﻷ‪‬ـﺎ‬
‫ﺧﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺼﺪﻕ"‪.‬‬
‫ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻳﻮﺟﺐ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮ ‪‬ﻭﻏﹶﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻏﺮﺍﻣـ ﹲﺔ‬
‫ﻭﻧﺪﺍﻣﺔ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﲔ ﺩﺍﻣﺖ ﻟﻪ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ‪ .‬ﻭﻣﻦ‬
‫ﺍﻧﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﺍﺑﺘﻠﻌﺘﻪ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﶈﻴﻄﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺯﻫﺪ ﰲ ‪‬ﺣﻠﹶـ ﹺﻖ‬
‫ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﺯﺍﻍ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﺭﺍﺩ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺎﻭﻥ ﰲ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ‪ ،‬ﻗﺴﺎ ﻗﻠﺒـﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺴِـﻠﺖ‬
‫ﺟﻮﺍﺭﺣﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻇﻠﻤﺖ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑـﺈﺭﺍﺩﺓ ﻣﺎﺋﻠـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻧﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﻄﺎﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻭﺟﱭ ﰲ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺜﺒ‪‬ﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﲞﻞ ﰲ ﺣﻠـﻮﻝ ﺍﳊﺎﺟـﺎﺕ‬
‫‪‬ﻫﻮ‪‬ﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ‪ ،‬ﻭﺳﻘﻂ ﻓﺎﻧﺪﻗﱠﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﻗﺒﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻱ ‪‬ﺑ‪‬ﻨ ‪‬ﻲ! ﺍﻋﻠـﻢ ﺃﻥ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪" :‬ﺃ ‪‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺮ ﺍﻟ ﹶﻔ ‪‬ﺮﺩ‪ ،‬ﻛﺸﻒ ﻟـﻪ ﺍﻟﻐﻄـﺎﺀ‪،‬‬‫ﻣﻦ ﲡﺮﺩ ﺑﺴﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻞ‪ ،‬ﻭﺗﻔ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺑﺴﺮ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﲔ ﻋﻨﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ .‬ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﻳﺴﻘﻴﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ‬ ‫ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﱪﺍﻫ ‪‬‬
‫ﻭﺟﻞ ﺑﻜﺄﺱ ﳏﺒﺘﻪ‪ ،‬ﺣﱴ ﻳ‪‬ﺴﻜﺮﻩ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻏـﲑﻩ‪ .‬ﻭﻳﺰﻳـﻞ ﻋﻨـﻪ ﺍﻟﺘﻌـﺐ‬
‫ﺐ‪ .‬ﻭﻳﺼﲑ ﺳﻜﻮﺗﻪ ﺫﻛﺮﺍ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻔﹶﺎﺳﻪ ﺗﺴﺒﻴﺤﺎ‪ ،‬ﻭﻛﻼﻣـﻪ ﺗﻘﺪﻳﺴـﺎ‪،‬‬ ‫ﺼ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻨ ‪‬‬
‫ﻭﻧﻮﻣﻪ ﺻﻼﺓ‪.‬‬
‫ﺐ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺣﱴ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‪.‬‬ ‫ﺐ ﺑﺴﺮﻩ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ﹶﻛ ‪‬‬ ‫"ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮ ﹶﻛ ‪‬‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺗﺼﻞ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﻘﻲ ﻣﻌﻪ ﺇﱃ ﺍﻷﺑﺪ‪ ،‬ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻋﻨﻪ ﺇﱃ ﻣـﺎ‬
‫ﺳﻮﺍﻩ‪.‬‬
‫"ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﺎﻟﻘﺼﺮ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻣﲑ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ‪ ،‬ﻟﻪ ‪‬ﺗ‪‬ﺒ ‪‬ﻊ ﻭﺃﻋﻮﺍﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻛﺎﻟﺘﺮﲨﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﺮ ﻣﻦ ﺧـﺰﺍﺋﻦ‬
‫ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ‪.‬‬
‫"ﻭﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻌﻪ‪ .‬ﻭﺩﻭﺭﺍﻥ ﻛﻠﱢﻬـﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﺮ ﻣﻊ ﺍﳊﻖ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﺴـﺮ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻣﺖ‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺖ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺖ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺖ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪.‬‬
‫"ﻓﺎﻟﺴﺮ ﻣ‪‬ﻨﻮ‪‬ﺭ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﳉﻼﻝ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻨـﻮﺭ ﺑﻨـﻮﺭ ﺍﻟﻴﻘﻈـﺔ‬
‫ﻭﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ‪ .‬ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ‪‬ﻣ‪‬ﻨﻮ‪‬ﺭ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﳋﺸﻴﺔ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ‪ .‬ﻭﺍﻟﻨ‪‬ﻔﺲ ﻣﻨـﻮﺭﺓ ﺑﻨـﻮﺭ‬
‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻭﺍﻻﻧﺰﺟﺎﺭ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺎﻟﺴﺮ ‪‬ﺑﺤ‪ ‬ﺮ ﻣﻦ ﲝﻮﺭ ﺍﻟﻌﻄﺎﻳﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﳍﻤﺔ ﻓﻴﻪ ﻻ ﳛﺼﻰ ﻋـﺪﺩﻫﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﻨ ﹶﻘﻄ‪‬ﻊ ﻣﺪﺩﻫﺎ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﺮ ﻣﻊ ﺍﳊﻖ ﻫﻲ ﺍﻟﺪ‪‬ﻭﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﺴـﺎﻁ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻣﻊ ﻓﻘﺪ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻕ ﻣﻦ ﺻﺮﺍﻁ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺍﳌﺮﻭﺭ ﻋﻠﻰ‬ ‫"ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺻﺮﺍﻁ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴ ‪‬ﺮ ﹶﺃ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﺟ‪‬ﺴﺮﻫﺎ ﺃﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺟ‪‬ﺴﺮ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻭﺇ ﱠﻥ ﻋﺎﱂ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﹶﻏﻴ‪‬ﻮﺭ‪،‬‬
‫ﺐ ﺃﻭ ﺫﻛﺮ ﻟﻐﲑﻩ‪(...).‬‬ ‫ﻻ ﻳ‪‬ﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺣ ‪‬‬
‫ﻱ ﺷـﻲﺀ‬ ‫ﺴ ﹶﻘ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﺃ ‪‬‬ ‫ﻱ ﺍﻟ ‪‬‬
‫"ﺩﺧﻞ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺮ ‪‬‬
‫ﻱ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﺃ ‪‬ﻣﹾﺜﻠﹸﻚ ﻳﺴﺄﻝ‬ ‫ﺴ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻟﻴﺘﻘﺮﺏ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﱃ ﺍﷲ؟ ﻓﺒﻜﻰ ﺍﻟ ‪‬‬ ‫ﺃﹶﻗﺮ ‪‬‬
‫ﻋﻦ ﻫﺬﺍ؟ ﺇ ﱠﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﺮﺏ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ﱠﻄ‪‬ﻠ ‪‬ﻊ ﺍﷲ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭﻳﻦ ﻏ ‪‬ﲑ ‪‬ﻩ‪.‬‬ ‫ﻗﻠﺒ ‪‬‬
‫"ﻭﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ‪ :‬ﻏﺎﻳﺔ ﳘﱵ ﻭﻣﺮﺍﺩﻱ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﳚﻌﻞ ﱄ‬
‫ﺍﳌ‪‬ﻴ ﹶﻞ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺃﺭﻯ ﺷﻴﺌﺎ ﺩﻭﻧ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﹶﺷﺘ ‪‬ﻐ ﹸﻞ ﺑﺄﺣﺪ ﺳﻮﺍﻩ‪ .‬ﰒ ﻻ ﺃﺑـﺎﱄ‪ :‬ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺻﲑﱐ ﺃﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺃﺭﺟﻌﲏ)‪.(...‬‬
‫"ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺭﺍﺑﻌﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ‪ :‬ﺇﳍﻲ ! ﳘﱵ ﻭﻣﺮﺍﺩﻱ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﺖ"‪.‬‬
‫ﺫﻛﺮ‪‬ﻙ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺭﺅﻳﺘﻚ‪ .‬ﰒ ﺍﻓﻌﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺷﹾﺌ ‪‬‬
‫ﺴ ﹾﻜ ﹺﺮ‪ .‬ﺍﻟﻌﺒﺪ‬‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﻩ ﺩﻋﻮ‪‬ﻯ‪ ،‬ﻭﻛﻼﻡ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻐﹶﻠ‪‬ﺒ ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺴﻜﲔ ﻻ ﻳﻄﻴﻖ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﻮﱃ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺑﻪ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳌﻄﻠﺒﲔ ﺍﳉﻠـﻴﻠﲔ‪،‬‬
‫ﺍﻟﺬﻛ ﹺﺮ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺮﺅﻳ ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﺇﻻ ﺍﻟﻌ ﹾﻔ ‪‬ﻮ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴ ﹶﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﻜﻼﺀ ﹶﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺮ‪‬ﻋﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪.١٢٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺴ ‪‬ﺮ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻓﻄﺎﺭ ﺑﺄﺟﻨﺤﺔ‬ ‫ﺖ ﺍﻟ ‪‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ‪" :‬ﺭﹶﻓ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﻔﻄﻨﺔ‪ ،‬ﰲ ﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ‪ .‬ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﺃﻳـﻦ‬
‫ﺗﺬﻫﺐ! ﺃﻧﺎ ﻧﻔﺴﻚ‪ ،‬ﻻﺑﺪ ﻟﻚ ﻣﲏ! ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺍﻟﺴﺮ ﺇﻟﻴﻬـﺎ‪ .‬ﰒ ﺍﺳـﺘﻘﺒﻠ ‪‬ﻪ‬
‫ﳋﻠﹾﻖ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﺃﻳﻦ ﺗﺬﻫﺐ! ﳓﻦ ﺭﻓﻘﺎﺅﻙ ﻭﻧﺪﻣﺎﺅﻙ! ﻭﻻﺑﺪ ﻟﻚ ﻣﻨﺎ ﻭﻣـﻦ‬ ‫ﺍﹶ‬
‫ﻣﻌﺎﻭﻧﺘﻨﺎ ﺇﻳﺎ ‪‬ﻙ‪ .‬ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪ .‬ﰒ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻪ ﺍﳉﻨﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻗﺎﻟـﺖ‪:‬‬
‫ﺃﻳﻦ ﺗﺬﻫﺐ! ﻓﺈﱐ ﻟﻚ ﻭﻻ‪‬ﺑ ‪‬ﺪ ﻟﻚ ﻣﲏ‪ .‬ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬـﺎ‪ .‬ﰒ ﺍﺳـﺘﻘﺒ‪‬ﻠﺘﻪ‬
‫ﺐ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻛﺬﻟﻚ‪ .‬ﺣـﱴ ﺟـﺎﻭﺯ ﺍ ﹶﳌ ‪‬ﻤﹶﻠﻜﹶـﺔ‪ ،‬ﻭﺑﻠـﻎ‬ ‫ﺍﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻭﺍﳌﻮﺍﻫ ‪‬‬
‫ﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﺍﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺟﺎﻭﺯ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﺣﱴ ﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬ ‫ﺳ‪‬ﺮﺍﺩ‪‬ﻗﺎ ‪‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﺴﲑ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘﻒ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣـﻊ‬
‫ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﳌﻦ ﻫﺪﺍﻩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍ‪‬ﺗﺒ‪‬ﻊ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﺼﻄﻔﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺧﻄﻮ ﹰﺓ ﺧﻄﻮﺓ‪ .‬ﻫﺪﺍﻧﺎ ﺍﷲ‬
‫ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﲟﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮ‪‬ﺗ ‪‬ﺪ )ﻋﻦ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﺴ ‪‬ﺮ ﰒ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﰒ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﰒ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺍﺭﺗ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺴﺮ ﻻﺑﺪ ﻣـﻦ‬ ‫ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ( ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻇﻬﻮﺭﻩ‪ .‬ﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﻛﺎﻟﻄﲑ ﰲ ﺍﻟﻘﻔﺺ‪ .‬ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻗﻔﺼﻪ‪ .‬ﻟـﻮ‬
‫‪‬ﺧﻠﱢﻴﻨﺎ ﻭﻇﺎﻫ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻌﻠ ﹺﻢ ﻟ‪‬ﺒ‪‬ﻴﻨ‪‬ﺎ ﻟﻚ ﺫﻧﻮﺑﻚ ﻭﻗﻠﻨﺎ‪ :‬ﻳﺎ ﻛﺎﻓﺮ! ﻳﺎ ﻓﺎﺳـﻖ! ﻟﻜـﻦ‬
‫ﻉ ﻗﺒﺾ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ‪‬ﻋ ‪‬ﻦ ﺫﻟﻚ)‪.(...‬‬ ‫ﺍﻟﺸﺮ ‪‬‬
‫ﺖ ﻭﻗﻠﺒﻚ ﻭﺟﻮﺍﺭﺣﻚ ﻭﻛﻠﻴﺘﻚ! ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻻ ‪‬ﺑ‪‬ﻴ ‪‬ﻊ ﻭﻻ ﺷـﺮﺍ َﺀ‬ ‫"ﻳﺎ ‪‬ﺳ ‪‬ﺮ ﺍﺛ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺏ ﻳﺎ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺸﺮﺏ! ﳌﱠﺎ ﺻ‪‬ـﺒ‪‬ﺮﺕ‬ ‫ﻭﻻ ‪‬ﻣﻌ‪‬ﺎ ‪‬ﻭﺿ‪‬ﺔ ﹸﻛ ﹾﻞ ﻳﺎ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺄﻛﻞ! ﺍﺷﺮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﲔ‪ .‬ﺻﺎﺭ ﻣﺄﻭﻯ ﺍﻟﺸﺎ ﹺﺭ ‪‬ﺩ ﻭﺍﻟـﻮﺍﺭﺩ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺒﹾﺌ ‪‬ﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻔﺮ ﻭﺍﳌﻌﺎﻭﻝ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺍ ﹶﳌ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺁﻻﻡ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﻼﻳﺎ ﻣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ!)‪(...‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻠﻖ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺏ )ﻭﻫﺬﻩ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻪ( ﻭﻫﻮ ﰲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ‬
‫ﺱ‬
‫ﺖ ‪‬ﻓﻬ‪‬ـ ﹺﺮ ‪‬‬‫ﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺠ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻭ ﹸﻛﺤ‪ ‬ﹶﻞ ﺑﺼﺮﻩ ﹺﺑ ﹸﻜﺤ‪‬ﻞ ﺍﻟﺴ‪‬ـﺮ‪ ،‬ﻭﹸﺃ ﹾﻗ ﹺﺮﺋﹾـ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ‪ .‬ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺩﻭﻧﻚ ﺍﻷ ﹾﻛ ﹶﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ ﺑﻌﺪ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳉﻨﺔ‪ .‬ﺍﳉﻨﺔ ﻣﻨﻘـﻮﺩﺓ‬
‫ﹸﳌﻠﹸﻮﻙ ‪‬ﺧ ﹾﻠﻘ‪‬ﻪ )ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻵﺧﺮﺓ( ﻭﺍﻟﻨﺠﺒﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ"‪ ١.‬ﻭﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻣﻦ‬
‫ﺤ ‪‬ﻤ ﹸﻞ ﺃﺛﻘﺎﻝ ﺍﳋﻠﻖ ﲨﻴﻌﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻜـﻦ ﻳ‪‬ﻌﻄﹶـﻰ‬ ‫ﺑﻠﻎ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻳﺼﲑ ﻗﻄﺒﺎ‪ .‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻱ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﲪﻞ ﻣﺎ ‪‬ﺣ ‪‬ﻤ ﹶﻞ‪ .‬ﻻ ‪‬ﺗﻨ‪‬ﻈ ‪‬ﺮ ﻗﻤﻴﺼـﻲ‬ ‫ﺴ‪‬ﺘ ﹾﻘ ﹺﻮ ‪‬‬
‫ﻛﺈﳝﺎﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﲨﻴﻌﺎ ﻟ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﺸ ﹺﻦ(‪.‬‬
‫ﳋ‪‬‬‫ﻭﻃﺮﳛﱵ )ﻟﺒﺎﺱ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻟﺒﺴﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍ ﹶ‬
‫ﻫﺬﺍ ﻟﺒﺎﺱ ﻣﺎ ‪‬ﺑ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﺍﳌﻮﺕ )ﻳﻘﺼﺪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺪﺙ‬
‫ﻟﻸﻭﻟﻴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻌﺮﺽ ﰲ ﻓﻘﺮﺓ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ(‪ .‬ﻫﺬﺍ ﹶﻛ ﹶﻔﻦ‪ ،‬ﻭﻛﻔﹶـ ‪‬ﻦ‬
‫ﺸ ‪‬ﻦ ﻭﺍﳉﻮﻉ‪ .‬ﻋﻨـﺪﻱ‬ ‫ﳋ‪‬‬‫ﺠﻤ‪‬ﻞ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺑﻌﺪ ﹸﻟ‪‬ﺒﺴِﻲ ﺍﻟﺼﻮﻑ ﻭﺃ ﹾﻛﻠ‪‬ﻲ ﺍ ﹶ‬ ‫ﺍﳌﻴﺖ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺷ‪‬ﻐ ﹲﻞ ﺷﺎﻏﻞ ﻣﻊ ﻏﲑﻛﻢ‪.‬‬
‫"ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺑﻐﺪﺍ ‪‬ﺩ! ﻛﻮﻧﻮﺍ ﻋﻘﻼ َﺀ ﻳﺎ ﺃﻫ ﹶﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻳـﺎ ﺃﻫـ ﹶﻞ ﺍﻟﺴـﻤﺎﺀ!‬
‫"ﻭﳜﻠﻖ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ")‪ .( ...‬ﻻ ﻛﻼﻡ ﺣﱴ ﺗﺼﲑ ﺃﺭﺑﺎﺑﻚ ﺭﺑﺎ ﻭﺍﺣـﺪﺍ‪،‬‬
‫ﻭﺟﻬﺎﺗﻚ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻭﳏﺒﻮﺑﻚ ﻭﺍﺣﺪﺍ‪ .‬ﻣﱴ ﻳﺘﺤﺪ ﻗﻠﺒﻚ! ﻣﱴ ‪‬ﻳﺨ‪‬ـﻴ‪‬ﻢ‬
‫ﺏ ﺍﳊﻖ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ! ﻣﱴ ﻳﺼﲑ ﻗﻠﺒﻚ ﳎﺬﻭﺑﺎﹰ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﻙ ﻣﻘﺮ‪‬ﺑﺎﹰ‪ ،‬ﻭﺗﻠﻘﻰ ﺭﺑﻚ‬ ‫ﻗﺮ ‪‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ!‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٣٥٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫")‪( ...‬ﻫﻞ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﺧﱪ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ! ﻻ ﻭﺍﷲ! ﺑﻞ ﺃﻧﺘﻢ ‪‬ﻋﺸ‪‬ﺎﻕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬

‫ﻭﺯﻳﻨﺘﻬﺎ‪ .‬ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺪ‪‬ﻋﻴﻪ ﱂ ‪‬ﺗﺤ‪‬ﺘ ﹾﻞ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺫﺭﺓ!‬
‫"ﺍﺭﻡ ﻧﻔﺴﻚ ﰲ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻘ ‪‬ﺪﺭﹺ‪ ،‬ﺣﱴ ﻳﺘ‪‬ﺼﻞ ﺭﺃﺱ ﺩﺭﺟﺘـﻚ ﺑﺒـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺏ‪.‬ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻚ ﻭﺟﻪ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧـﺮﺓ‪ .‬ﲤـﺖ ﺍﳌـﻮﺩﺓ‬
‫ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ‪ .‬ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﳊﺠﺐ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ‪ .‬ﲰﻌـﺖ ﺍﺳـﺘﻐﺎﺛﺘﻬﻤﺎ ﻣـﻦ ﻭﺍﺩﻱ‬
‫ﻗﺪﺭﻩ)‪ .( ...‬ﻟﻮ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻘﻄﻌﻚ ﳌﺎ ﺳﺄﻟﺘﻬﺎ‪ .‬ﺇﺫﺍ ‪‬ﺬﺏ ﺑﺎﻃﻨﻚ ﷲ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ‪‬ﺬﺑﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻚ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻧﺎﻓﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻳﻨﺘﻬﺎ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪:‬‬
‫‪
a‬ن‪¢‬و‪nEVh‬א!;א‪5‬א!‪S‬د   –ن‪;#‬א‪52/e‬و‪V5%‬‬
‫‪m‬א! `א!‪;#;$‬א‪f‬و‪   e5‬و‪m2 5/)m‬א?‪!5$=VI@!Im82 7i‬‬
‫‪m£‬مא!‪5‬س‪pm'&F‬وאد   و‪E‬ن'ن'‪m‬א!س~_‪C4‬א! ‪8 ;h‬د‪I‬‬
‫‪2‬א‪`2 )s‬א?‪O E   i‬د‪dJ=&G‬و \‪5/)01F‬‬
‫و&‪4~#‬א!;א‪pQZ!)O2 %OJ!)_   O.%6‬وא!;‪!I5B‬‬
‫‪V5FŒ]\a‬‬ ‫‪   !B2†p V5F‬و!;=‪;$‬א‪8 )]i1q‬‬
‫و&!
‪K–'   eZ7Ksia1!&X‬א‪.F‬א!€_‘)‪.F‬א! ‪I58g‬‬
‫‪a%‬ن&‪5%‬و‪@)2!E‬א‪
#¤†&O'5   O‬و‪5‬‬
‫ א‪d;1!) 2Fe‬و‪m%&d=   O E‬א!;‪nE5‬א!‪5%/‬‬
‫و]‪   $(_/ 2!EV5‬و!‪V58] 2B›IO2”17‚7&X‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪:7#1‬ـ‪#7 s‬ــً ‪zَ'ِX‬ــ‪S ِT‬ــ ْ}‬ ‫‪:7#1‬ـــ‪G  s‬ــ‪E% N‬ـــƒ ‪I‬ـ‪+‬ـــــ}‬
‫… ‪%َ< {k‬ـــــ ‪َg‬ــــ  ‪E‬ــ‪%‬ـــ ْ}‬
‫‪E9‬ــ ‪7‬‬ ‫‪}S 2 7 s* „7  y‬‬
‫
‪ƒ E1‬‬
‫‡‪َ7‬ــ‪ُ9 f‬ـ"ـــ‪S#.E Eq- :2‬ــ ْ}‬ ‫"ــ † ‪I‬ـ
)ــ‪ ST‬ـ*‪J‬ــــ
‪:‬ــــ‪}ْ N‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٣٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)( '&‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻫﺐ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺯﻭﺍﺟﻨﺎ ﻭﺫﺭﻳﺎﺗﻨﺎ ﻗﺮﺓ ﺃﻋـﲔ ﻭﺍﺟﻌﻠﻨـﺎ‬
‫ﻟﻠﻤﺘﻘﲔ ﺇﻣﺎﻣﺎ‪ .‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﳚﺰﻭﻥ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﲟﺎ ﺻﱪﻭﺍ ﻭﻳﻠﻘﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﲢﻴﺔ ﻭﺳﻼﻣﺎ ﺧﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺣﺴﻨﺖ ﻣﺴﺘﻘـﺮﺍ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺟﺎﺭ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺟﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﻳﺘﺤﻮﻝ‪.‬‬

‫ﺚ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﰲ‬ ‫ﻗﺪﻣﺖ ﺍﳊﺪﻳ ﹶ‬

‫ﻫﺬﻩ ﻭﺍﻟﻠﺘﲔ ﺗﻠﻴﺎ‪‬ﺎ ﻋﻦ ﺃﻫﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﳐﺎﻃﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒـﺪ‬
‫ﺝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﱃ ﻫﺪﺍﻳﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﻪ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﰲ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺃﺣﻮ ‪‬‬
‫ﺖ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺎﱐ ﻣـﻦ ﺗﻘﻠـﺐ‬ ‫ﻭﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﻟ‪‬ﺘﹶﺜ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻮﺍﺭﺽ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﳍـﻮﻯ ﻭﺍﻟﺸـﻴﻄﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭﺑﻠﺒﻠﺔ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺑﻼﺑﻞ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ‪.‬‬
‫ﻓﻤﻤﺎ ﻳﻌﺘﺮﻱ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﹸﺃ ﹾﻃ‪‬ﻠ ‪‬ﻖ ﻟﻔـﻆ‬
‫"ﺍﳊﺎﻝ" ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻌﻨﻴﲔ‪ :‬ﺍﳊﺎﻝ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻘﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﺗﺼﺎﻑ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‬
‫ﲞﻠﻖ ﺇﳝﺎﱐ ﺇﺣﺴﺎﱐ ﻗﺪ ﳛﻮﻝ ﻭﻳﺘﻐﲑ ﻭﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﻋﻨﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﲤﻜـﻦ ﰲ‬
‫ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﲰﻲ ﲤﻜﻨ‪‬ﻪ ﻭﺭﺳﻮﺧﻪ ﻭﻛﺴﺒﻪ ﳍﺎ ﻣﻘﺎﻣﺎ‪ .‬ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻠﺤـﺎﻝ‬
‫ﻫﻮ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﰲ ﺍﳉﺴﻢ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻛﺴﻮﻑ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻞ‬
‫ﻭﺭﺟﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﻛﻠﱢﻪ ﻋﻨﺪ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ‪.‬‬
‫ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻱ ﺍﳌﺮﰊ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﺍﳌﻘﺎﻡ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﻭﻧﺴﺘﻤﻊ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﳌﺎ ﻛﺘﺒ ‪‬ﻪ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺼ‪‬ﻴ ‪‬ﺮ‪‬ﻓ ‪‬ﻲ ﺍﳊﺎﺫﻕ ﰲ ﲤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺮﲪـﺎﱐ‬ ‫ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺍﳋﺒﲑ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﺍ ﹸﳌ‪‬ﻨ ﱢﻘ ‪‬‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﳊﺎﻝ ‪‬ﺳﻤ‪‬ﻲ ﺣﺎﻻ ﻟﺘﺤﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻘﺎﻡ ﻣﻘﺎﻣﺎ‬
‫ﻟﺜﺒﻮﺗﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭﻩ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺣﺎﻻ ﰒ ﻳﺼﲑ ﻣﻘﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻣﺜـﻞ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺩﺍﻋﻴ ﹸﺔ ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﰒ ﺗﺰﻭﻝ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺑﻐﻠﺒـﺔ ﺻـﻔﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﰒ ﺗﻌﻮﺩ‪ ،‬ﰒ ﺗﺰﻭﻝ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺣﺎﻝ ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﻳﺘﻌﺎ ‪‬ﻫ ‪‬ﺪ ﺍﳊﺎﻝ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﳛﻮﻝ ﺍﳊﺎ ﹸﻝ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺍﺭﻛﻪ ﺍﳌﻌﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻐﻠﺐ ﺣﺎﻝ ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ﹶﻘ ﹺﻬ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻀﺒﻂﹶ‪ ،‬ﻭﺗﺘﻤﻠﻜﻬـﺎ ﺍﶈﺎﺳـﺒﺔ‪،‬‬
‫ﺴ‪‬ﺘ ﹶﻘ ‪‬ﺮ ‪‬ﻩ ﻭﻣ‪‬ﻘﺎﻣ‪‬ﻪ‪ .‬ﻓﻴﺼﲑ ﰲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﺑﻌـﺪ ﺃﻥ‬ ‫ﻓﺘﺼﲑ ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﻭﻃﻨ‪‬ﻪ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺣﺎﻝ ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻘﺪ‪‬ﻡ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺧ‪‬ﻄﻮ ﹰﺓ ﺧ‪‬ﻄﻮ ﹰﺓ ﺇﱃ ﺍﻷﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳﹾﺜﻘ‪‬ﻠﻪ ﺃﺣﻴﺎﻧـﺎ‬
‫‪‬ﺛ ﹾﻘ ﹸﻞ ﺑﺸﺮ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻪ ﻓﻴﻌﺠﹺﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ‪ ،‬ﻭﻳﺘﹶﻠ ﱠﻜﹸﺄ ﻭ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ﹶﻜﺴِﺮ ﻋﺰﳝﺘﻪ‪ .‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺍﺭﻛـﻪ‬
‫ﺖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺟﻴﻮﺵ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺗﺮ ‪‬ﺳ ‪‬ﺦ ﻗﺪﻣ‪‬ـﻪ ﰲ‬ ‫ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﷲ ﻭﻫﺪﺍﻳﺘﻪ‪ ،‬ﻓ‪‬ﻴﹶﺜ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻭﻃﻦ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ‪.‬ﻓﻬﻮ ﺩﺍﺋﻤﺎ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﺍﻻﻛﺘﻤﺎﻝ‪ ،‬ﺑﲔ ﻣ ‪‬ﺪ ﻭ ‪‬ﺟ ‪‬ﺰﺭﹴ‪ ،‬ﺑـﲔ ﺟ‪‬ﻬـﺪﻩ‬
‫ﻕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻌﻮﻳـﻞ‬ ‫ﺍﻟﻜﺴﹺﺒ ‪‬ﻲ ﻭﻣﻮﺍﻫﺐ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﺍﻹﳍﻴﺔ‪.‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎ ‪‬‬
‫ﻁ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺰﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻛﻠﻤﺎ ﻃﺮﺃﺕ ﻓﺘﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺍﺧـﺘﻠﻂ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺷ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺷﻚ‪ ،‬ﻭﺗﻜﺪﺭ ﺻ ﹾﻔ ‪‬ﻮ‪ .‬ﻭﺍﻟﺼ ‪‬ﱪ "ﻣﻊ" ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺍﻟﻘﺪﻡ‪ ،‬ﻭﻣـﻊ ﲨﺎﻋـﺔ‬
‫ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻘـﺎ ‪‬ﻡ‬
‫ﻱ ﻣﻘﺎ ﹴﻡ!‬
‫ﺃ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻋﻮﺍﺭﻑ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٢٤٧-٢٤٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳝﻀﻲ ﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻱ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﰒ )ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﶈﺎﺳـﺒﺔ(‬

‫ﺏ ﺍﻟﺴـﻬﻮ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠـﺔ ﰲ‬ ‫ﻳ‪‬ﻨﺎﺯﻝ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪ .‬ﰒ ﻳ‪‬ﺤﻮﻝ ﺣﺎ ﹸﻝ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪ ،‬ﻟﺘﻨﺎ ‪‬ﻭ ﹺ‬
‫ﷲ ﻋﺒـﺪ‪‬ﻩ‬‫ﺏ ﺍﻟﺴﻬﻮ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺘـﺪﺍﺭ ‪‬ﻙ ﺍ ُ‬ ‫ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺸﻊ ﺿﺒﺎ ‪‬‬
‫ﺑﺎﳌﻌﻮﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺼﲑ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻣﻘﺎﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺣـﺎﻻ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﺴـﺘﻘﺮ ﻣﻘـﺎﻡ‬
‫ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﻗﺮﺍﺭ‪‬ﻩ ﺇﻻ ﺑﻨﺎﺯﻝ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻗـﺮﺍﺭ‪‬ﻩ ﺇﻻ‬
‫ﺑﻨﺎﺯﻝ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ‪.‬‬
‫ﺕ ﻣﺮﺍﻗﺒﺘ‪‬ـﻪ‪ ،‬ﻭﺻـﺎﺭﺕ‬ ‫"ﻓﺈﺫﺍ ﻣ‪‬ﻨ ‪‬ﺢ ﺍﻟﻌﺒ ‪‬ﺪ ﺑﻨﺎﺯﻝ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﺳﺘﻘﺮ ‪‬‬
‫ﻣﻘﺎﻣ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﻧ‪‬ﺎ ﹺﺯ ﹸﻝ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﺣﺎﻻ ﳛـﻮﻝ ﺑﺎﻻﺳـﺘﺘﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻳﻈﻬـﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺠﻠﻲ‪ ،‬ﰒ ﻳﺼﲑ ﻣﻘﺎﻣﺎ‪ .‬ﻭﺗﺘﺨﻠﱠﺺ ﴰﺴﻪ ﻣﻦ ﻛﺴﻮﻑ ﺍﻻﺳﺘﺘﺎﺭ‪.‬‬
‫"ﰒ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻭﺯﻳﺎﺩﺍﺕ ﻭﺗﺮﱢﻗﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﱃ ﺣﺎﻝ ﺃﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺘﺤ ﱡﻘ ﹺﻖ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﻋﲔ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﺇﱃ ﺣﻖ ﺍﻟـﻴﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻑ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻋﻠﻰ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ"‪.‬‬ ‫ﻭﺣ ‪‬ﻖ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻧﺎﺯ ﹲﻝ ﳜﺮﹺﻕ ﺷ‪‬ﻐﺎ ‪‬‬
‫ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﳌﻘﺒﻠﺔ‪ .‬ﻭﻧﻘﻒ ﻫﻨﺎ ﻋﻨـﺪ‬
‫"ﻧﺎﺯﻝ" ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻭ "ﻭﺍﺭﺩﻩ"‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺣﺎﻟﺔ ﺗ ﹾﻔﺠ‪‬ﺄ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﺣﺎ ﹶﻝ ﺍﻟـﺬﻛﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺣﺎ ﹶﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺣﺎﻝ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﺸﻮﻉ ﻭﺩﻣـﻮﻉ ﻭﻫـﻲ ﺍﻷﺣـﻮﺍﻝ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺘﻨﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛ ﱠﻞ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ‬
‫ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺷﺮﻓﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻓﻘـﺎﻝ‪
:‬ﺍﷲ ﻧـﺰﻝ ﺃﺣﺴـﻦ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﺘﺸﺎ‪‬ﺎ ﻣﺜﺎﱐ‪ .‬ﺗﻘﺸﻌﺮ ﻣﻨﻪ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﺸﻮﻥ ﺭ‪‬ـﻢ ﰒ‬
‫ﺗﻠﲔ ﺟﻠﻮﺩﻫﻢ ﻭﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺇﱃ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ) ﺫﻟﻚ ﻫﺪﻯ ﺍﷲ ﻳﻬﺪﻱ ﺑـﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﻣﻦ ﻳـﻀﻠﻞ ﺍﷲ ﻓﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻫﺎﺩ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻣﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٢٣ :‬ﻓﺠﻌﻞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﲔ ﺍﳉﻠﻮﺩ ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻨﺪ ﲰﺎﻉ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳊﺪﻳﺚ‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻗﺸﻌﺮﺍﺭ ﺍﳉﻠﻮﺩ ﻭﻟ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺟﻌﻞ ﺿ ‪‬ﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﲢﺠ‪‬ﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭ‪‬ﺗﻴ‪‬ـﺒ‪‬ﺲ ﺍﻟﻌـﲔ‬
‫ﻭ ‪‬ﺯ‪‬ﻳﻐ‪‬ﺎ ‪‬ﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺷﺮﻭﺩ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻋﻨﺪ ﲰﺎﻉ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻣﻦ ﻋﻼﻣـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻀﻼﻝ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﻭﺇﺷﺎﺭﺗ‪‬ﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎ ‪‬ﻳﻘﹾﻮﻯ ﻭﺍ ﹺﺭﺩ‪‬ﻩ ﺣﱴ ﻳ‪‬ﺰﻳ ﹶﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞﹶ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺣـﺎﻝ‬
‫ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻮﻟﱠﻬﲔ ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﻟﻴﻞ ﻭﳎﺎﺫﻳﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪـﻪ‬
‫ﺍﷲ ﰲ ﻫﺆﻻﺀ‪" :‬ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ‪‬ﻳﻘﹾﻮﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﺣﱴ ﻳﺼﲑ ﳎﻨﻮﻧﺎ ﺇﻣـﺎ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺇﻣﺎ ﺑﻐﲑ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻋﻘـﻼ ُﺀ ﺍ‪‬ـﺎﻧﲔ‬ ‫ﻂ ﻳﻐ‪‬ﻠ ‪‬‬ ‫ﺑﺴﺒﺐ ‪‬ﺧ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﺴﻤ‪‬ﻮﻥ ﺍﳌ ‪‬ﻮﻟﱠﻬﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺪ‪‬ﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺎﻙ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﻗﻮﻡ ﺃﻋﻄﺎﻫﻢ ﺍﷲ ﻋﻘﻮﻻ ﻭﺃﺣﻮﺍﻻ‪ ،‬ﻓﺴﻠﺐ ﻋﻘﻮﳍﻢ‪ ،‬ﻭﺃﺳـﻘﻂ ﻣـﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﻓﺮﺽ ﲟﺎ ﺳﻠﺐ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﻞ ﺍﳌﻐﻠﻮﺑﲔ ﺑﺎﳊﺎﻝ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﺴﻤ‪‬ﻊ ﻟﻜﻼﻣﻬﻢ ﻭﻟﻮ ﻇﻬـﺮﺕ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬ ‫ﺤﺒ‪‬ﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﻳ ﹾﻘﺘ‪‬ﺪﻯ ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬ ‫ﺼ‪‬‬‫‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﳋﻮﺍﺭﻕ‪ .‬ﻭﻫﻢ ﺧﻄ ‪‬ﺮ ﺃﺷ ‪‬ﺪ ﺍﳋﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺑﻼﺀ ﻭﳏﻨﺔ ﻋﺎﻓﺎﻧﺎ ﺍﷲ! ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤـﺔ ﺍﻟﺸـﺮﻉ ﰲ‬
‫ﺃﺻﺤﺎ‪‬ﺎ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺬﹶﺭﻭﺍ ﻛﻤﺎ ﻳ‪ ‬ﻌﺬﹶﺭ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﻭﺍ‪‬ﻨﻮﻥ ﻭﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻐﻤ‪‬ﻰ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﺭ‪‬ﻓ ‪‬ﻊ ﻋﻨـﻬﻢ‬
‫ﻂ‬
‫ﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﻮﺍ ﹶﻝ ﻭﻻ ﻳﻐﺘ ‪‬ﺮ ‪‬ﺎ ﺇﻻ ﻧﺎﻗﺺ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺳـﺎ‪‬ﻗ ﹸ‬ ‫ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻳ‪‬ﻄﻠﹸ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﱄ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﺃﺷﺮﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸـﺎﺭﺑﻮﻥ‬
‫ﺻ‪‬ﺒ ‪‬ﻐ ‪‬ﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻣﻌﲔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺼﻄﺒﻐﻮﻥ ﺑﺼﺒﻐﺔ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.١٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺸ ‪‬ﻲ ﺃﻭ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺘﺮﻥ ‪‬ﺎ ﺍﻟ ‪‬ﻐ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﳉﻨﻮﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺣﱴ ﻻ ﻳﺸ ‪‬ﻌ ‪‬ﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺇﺫﺍ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺳﺒﺎﺑ‪‬ﻬﺎ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﺻﺎﺣﺒ‪‬ﻬﺎ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻋﻦ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﳏﻤﻮﺩﹰﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻭﻣﺎ ﻧﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺇﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻣﻌﺬﻭﺭﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺠﺰ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺻﺎﺑﻪ‬
‫ﹺﺑ ‪‬ﻐﻴ‪‬ﺮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ‪ .‬ﻭﻫﻢ ﺃﻛﻤﻞ ‪‬ﻣﻤ‪‬ﻦ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﱰﻟﺘﻬﻢ ﻟﻨﻘﺺ ﺇﳝـﺎ‪‬ﻢ ﻭﻗﺴـﻮﺓ‬
‫ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﳛﺒﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺃﻭ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻜﺮﻫﻪ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﱂ ‪‬ﻳ ‪‬ﺰ ﹾﻝ ﻋﻘﻠﻪ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﳝـﺎﻥ ﻣـﺎ‬
‫ﺣﺼﻞ ﳍﻢ ﺃﻭ ﻣﺜﻠﹸﻪ ﺃﻭ ﺃﻛﻤ ﹸﻞ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﻫﺬﻩ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻱ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﻞ ﻋﺮﺝ ﺑﻪ(‪ ،‬ﻭﺃﺭﺍﻩ ﺍﷲ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﻩ‪،‬‬ ‫ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﹸﺃ ‪‬ﺳ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﺖ ﱂ ﻳﺘﻐﻴ‪‬ﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻟﻪ‪ .‬ﻓﺤﺎﻟﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﻣﻮﺳﻰ ﺻـﻠﻰ‬ ‫ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻛﺒﺎﺋ ‪‬‬
‫ﺻﻌ‪‬ﻘﹰﺎ ﳌﺎ ﹶﲡﻠﱠﻰ ﺭﺑﻪ ﻟﻠﺠﺒﻞ‪ .‬ﻭﺣﺎﻝ ﻣﻮﺳﻰ ﺣﺎ ﹲﻝ‬ ‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺧ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫‪‬ﺟﻠ‪‬ﻴﹶﻠ ﹲﺔ ﻋﻠ‪‬ﻴ ﹲﺔ ﻓﺎﺿ‪‬ﻠ ﹲﺔ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺣﺎﻝ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻛﻤﻞ ﻭﺃﻋﻠﻰ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺃﻓﻀﻞ"‪.‬‬
‫ﺝ ﺍﻟﻘـﻮﺓ ﰲ ﺍﻟ ‪‬ﻐﺸ‪‬ـﻲ‬ ‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻮﻋﻬﺎ‪ ،‬ﺗﺒﻠﻎ ﺃ ‪‬ﻭ ‪‬‬
‫ﺼﻌ‪‬ﻖ ﻭﺍﳌﻮﺕ‪ .‬ﻭﺇﻧﻪ ﳌﺮﺗﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺣﺴﻪ ﻭﻋﻘﻠﻪ ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﻭﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻕ ﰲ ﺍﷲ‪ ،‬ﺍ‪‬ﻨﻮﻥ ﻓﻴـﻪ‪،‬‬ ‫ﺷﺪﺓ ﺧﺸﻴﺘﻪ ﷲ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻗﻴﺲ ﺣﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﺼﻌﻮ ﹺ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻟﻪ‪ ،‬ﺍﳌﻴﺖ ﻣﻦ ﲰﺎﻉ ﺍﺳﻢ ﺍﷲ‪ ،‬ﺑﻐﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻬﻮ ﻗﻤﺔ ﻻ ﺗ‪‬ﺴـﺎﻣ‪‬ﻰ‪،‬‬

‫‪ ١‬ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺾ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴـﺔ‬ ‫ﻒ ‪‬ﻋ ﹾﻘﹸﻠ ‪‬ﻪ ﺃﻭ ﹸﻗﹺﺒ ‪‬‬

‫ﺧﺎﺻﺔ ﺇﺫﺍ ‪‬ﺗ ‪‬ﻮﻟﱠﻪ ﺍ‪‬ﺬﻭﺏ ﻭ ‪‬ﺧ ‪‬ﻄ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﺑﻠﻐﻬﺎ ﲟﺠﺎﻫﺪﺗﻪ ﻭﻣﻨﺤﺔ ﺭﺑﻪ ﻗﺒﻞ ﻭﺍﺭﺩﻩ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫ﺕ ﻋـﻦ‬ ‫ﱐ ﻳﱰﻝ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﺩﺭﻛـﺎ ‪‬‬ ‫ﱐ ﺷﻴﻄﺎ ﱞ‬ ‫ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﺎ ﱞ‬
‫ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﻮﺍﻡ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﺘ‪‬ﻠﺒ‪‬ﺴﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﲟﻈـﺎﻫﺮ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣـﺔ‬
‫ﻭﺧﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻓﺘﻨﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﳍﻢ ﻓﺘﻨـ ﹲﺔ ﺍﻟﻌ‪‬ﺮﺍﻓـ ﹸﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘ‪‬ﻨﺠﻴ ‪‬ﻢ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻳﻔﻀﺢ ﻃﺎﺋﻔـﺔ ﻣـﻦ ﺃﺻـﺤﺎﺏ ﺍﻷﺣـﻮﺍﻝ‬
‫ﺍﻟﺘﻠﺒﻴﺴﻴﺔ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻭﺗﻔﺘﻴﻞ ﺍﻟﺸ ‪‬ﻌ ﹺﺮ ﻭﲪ ﹸﻞ ﺍﳊﻴ‪‬ﺎﺕ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺭ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣـﻦ‬
‫ﺷﻴﻮﺥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻻ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﻭﻻ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓـﺎﻋ ‪‬ﻲ‬
‫ﻉ ﻫﺬﺍ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺑﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ‪.‬‬ ‫ﻭﻻ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﺍﺑ‪‬ﺘ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﺑﺘﺪﻋﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﻧﺘﺴﺒﺖ ﺇﻟﻴﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻟﻴﺲ ﺍﶈﺮ‪‬ﻓﻮﻥ ﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﺍﳌﺒﺘﺪﻋﲔ ﻷﻛﻞ ﺍﳊﻴﺎﺕ‬
‫ﻭﺷﺮﺏ ﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺧﻦ ﻭﺍﳌﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﺑﻞ ﺍﻧﺘﺴﺐ ﻟﻠﻤﺸﺎﻳﺦ‬
‫ﱐ ﻣﻦ ﻗﻬﺮ ﺍﳊﻴﺎﺕ‬ ‫ﱐ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎ ﱡ‬
‫ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻻ ﺣﺼﺮ ﳍﺎ‪ ،‬ﻣﻜﻨ‪‬ﻬﻢ ﺣﺎﳍﻢ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎ ﱡ‬
‫ﻭﺇﺑﻄﺎﻝ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺨﺮﺟﻮﺍ ﻋﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺧـﺎﻟﻔﻮﺍ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﻓﺎﺭﻗﻮﺍ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﱪ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٤٩٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺳـﻠﻮﻛﻬﻢ‪،‬‬

‫ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﶈﺎﺕ ﺣﱴ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻊ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘـﺎﺩﺭ‬
‫ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪.‬‬
‫ﺣﻜﻰ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻛﻨﺖ ﺃﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻄﺮﻗﲏ‬
‫ﺻ ‪‬ﺮﺥ‪ ،‬ﻭﺃﻫﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ‪.‬‬ ‫ﺍﳊﺎﻝ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺮﺝ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ ﻟﻴﻼ ﺃﻭ ‪‬ﺎﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺃ ‪‬‬
‫ﻓﺼﺮﺧﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﺴﻤﻌﲏ ﺍﻟ ‪‬ﻌﻴ‪‬ﺎﺭﻭﻥ )ﺍﻟﺴﺎﺭﻗﻮﻥ( ﻓﻔﺰﻋﻮﺍ‪ .‬ﻓﺠﺎﺅﻭﺍ ﻓﻌﺮﻓـﻮﱐ‪.‬‬
‫ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍ‪‬ﻨﻮﻥ ﺃﻓ ‪‬ﺰ ‪‬ﻋ‪‬ﺘﻨ‪‬ﺎ! ﻭﻛﺎﻥ ﺭﲟﺎ ﺃﻏﺸﻲ ﻋﻠـﻲ‪ ،‬ﹶﻓ‪‬ﻴﹸﻠﻔﱡـﻮﻧﲏ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﳛﺴﺒﻮﻥ ﺃﱐ ﻣﺖ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﺮﻗﲏ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﺔ‪" :‬ﺫﻫﺒﺖ ﻋﻨـﻬﻢ‬
‫ﺐ ﳍﻢ ﻋﻘ ﹸﻞ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‪ .‬ﺣﱴ‬ ‫)ﻋﻦ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ( ﺍﻟﻌﻘﻮ ﹸﻝ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻭ ‪‬ﻫ ‪‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﺫﻫﺒﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟ‪‬ﺘ‪‬ﺒﻨ‪‬ﺞ )ﺃﻱ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﰲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ( ‪‬ﺭﺩ‪‬ﻭﺍ ﺇﱃ ﻃﻌﺎﻡ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﳉﻮﻉ‪ ،‬ﻭﺷﺮﺍﺏ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻈﻤﺈ‪ ،‬ﻭﻧﻮﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴ‪‬ﻬﺮ‪ ،‬ﰒ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺇﱃ ﺷ‪‬ﻐ ﹴﻞ ﺷـﺎﻏﻞ‪،‬‬
‫ﻷﻧﻪ ‪‬ﻳﻄﱠﻠ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ‪ .‬ﰒ ‪‬ﻳﻄﱠﻠﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺒ ‪‬ﺪ ﻋﻠﻰ ﻣـﺎ ﻳﺮﻳـﺪ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍ ﱠﻃﹶﻠ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻬﻢ )ﺃﻱ‬
‫ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ(‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺗﺆﻭﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻣﻮﺭ‪‬ﻫﻢ‪ .‬ﻭﻳ ﱠﻄ‪‬ﻠ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ‪ .‬ﻭﻻ ﳜﻔﹶﻰ‬
‫ﺐ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﲑ ﺃﻭ ﺷﺮ‪ .‬ﻷﻧﻪ ‪‬ﻣ ﹾﻔ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺍ ﹶﳌ‪‬ﻠﻚ‪ ،‬ﻭﺑﹺﻄﺎ‪‬ﻧﺘ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻧﺎﺋ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺃﻧﺒﻴﺎ‪‬ﺋ ‪‬ﻪ ﻭﺭ‪‬ﺳﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻣﲔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ‪.‬‬
‫"ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﻋﲔ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻪ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٢٠٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻮﺭﺩ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ)‪ .(...‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﻋﺒﺪ ﺇﻟﻴﻪ‪،‬‬

‫ﺃﻭ ﹸﻝ ﻣﺎ ﻳﻮﺣﺸﻪ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺁﺩﻡ‪ ،‬ﰒ ﻳﻮﻧﺴﻪ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﻉ ﻭﺍﻟﻮﺣﺶ ﻭﺍﳉﻦ‪ .‬ﺣﱴ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺲ ﺑﺎﳉﻦ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﻉ‪ ،‬ﺁﻧﺴﻪ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜـﺔ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺫﻫﺒﺖ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ ﺍﻵﺩﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄ‪‬ﻧ ﹺ‬
‫ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺻﻮﺭﻫﺎ‪ .‬ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﱪﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﻘﻔﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ)‪ .(...‬ﺣﱴ‬
‫ﺏ ﺑﻴﻨـﻪ‬‫ﺻ ‪‬ﻮﺭﹺﻫﻢ ‪‬ﺭﻓ‪‬ـ ‪‬ﻊ ﺍﳊﺠـﺎ ‪‬‬
‫ﺲ ﺇﱃ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻭﺍﺷﺘﺎﻕ ﺇﱃ ﺭﺅﻳﺔ ‪‬‬ ‫ﺇﺫﺍ ﺃﹺﻧ ‪‬‬
‫ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﺃﻟ ﱡﺬ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪ .‬ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳋﻠﻴﻘﺔ ﺻﻮﺭﺍ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺃﻟﺬﻫﻢ ﻛﻼﻣﺎ"‪.‬‬
‫ﺝ‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺎﺑﺢ ﰲ ﲝﺮ ﻧﻌﻢ ﺍﳌﻮﱃ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ‪ ،‬ﻋﺎﺭ ‪‬‬
‫ﺐ‪:‬‬
‫ﰲ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮ ‪‬ﻫ ﹺ‬
‫‪{R&`aS 0F‬א!‪5‬س‪   š78 7‬و)=`&< ‪M‬א!‪ ]š7_ْ173~1‬‬
‫‪0F‬א‪`#nE0I2I 58 ] Jf‬א!‪=*   07K‬ع);א‪d‬א!‪;1/‬م[‪ ]š7AْS]A‬‬
‫‪`|&`aS 0F‬א‪0$=ƒ 1%   -Z f‬א‪ š[S87.06‬‬
‫وزאل‪mR‬א‪    #_ f‬و‪ ]šZ_[17>2& ]7-8%7‬‬
‫و!‪   e]5‡A#O1R&X‬و‪E‬ن'\‪&¥C‬א’;د‪ š%#‬‬
‫و!‪m2%#‘2‬א?‪)GFi‬ز‪   oh‬و!‪; 5OX‬و=‪ o7‡7G%1‬‬
‫‪m2%#‬א›‪01<5‬و=;م]‪   ‚-‬و~‪; 41‬אא!‪/‬د{ ‪8‬و‪ š7K‬‬
‫و&'ن‪C‬وضא‪_   #b/6‬א=‪5/)&O‬ذ!‪ o787G‬‬
‫‪nE‬א‪6‬א‪*LG!@'   0AZ_-h )I ](;8 7_7#01F‬نא!€‪ š£mX€1!mX‬‬
‫و‪0= E‬دא˜_‪/C‬ج   &א!‪ š%87˜$%1!-2;ْ1]/‬‬
‫‪p)o;%‬א?‪   0II~M˜i‬و'‪ ]š7L8 7O2V@!)^ Egm‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪I B$ :5. \.WَR‬ـ ِ
*ِ‪A‬‬ ‫"*?‪X 7D‬ــ
َـــٌ ‪‰ BE$‬ــˆ‬
‫‪َIَI‬ـــ ‪$ BE$‬ـــ& ـــ‪S‬ـ‪ِ5‬‬ ‫"‪dE$ Š5:1 1‹ BَC‬‬
‫ˆ‬
‫"ــ‪G d&y‬ـ ــ ‪ h:‬ـُـــــ  ِ‬ ‫‪r9‬ــ‪ْ%َR qّ. 0: y‬ــ‪" i‬ـ‪$7‬ــ ً‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٣٥٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪*+‬ـ ـ‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻻ ﺿﲑ‪ .‬ﺇﻧﺎ ﺇﱃ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﻨﻘﻠﺒﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻏﻔﺮ ﱄ ﻭﺍﺭﲪـﲏ‬
‫ﻭﺃﳊﻘﲏ ﺑﺎﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﻷﻋﻠﻰ‪.‬‬

‫ﺴﻠﱠﻢ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﺩﺭﺟﺎﺗ‪‬ـﻪ‬ ‫ﻳﺘﺮﻗﻰ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﰲ ﻣﻌﺎﺭﺝ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﹺﺑ ‪‬‬

‫ﻣﺸﺪﻭﺩﺓﹲ ﺇﱃ ‪‬ﺩﻋ‪‬ﺎ ‪‬ﻣ‪‬ﺘ ‪‬ﻲ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﺑﺒﺎﻋﺚ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ .‬ﻳﺘﺮﻗﱠﻰ ﻣﻦ‬
‫ﺣﺎ ﹺﻝ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻓﻤﻘﺎﻣ‪‬ﻬﺎ‪ ،‬ﺇﱃ ﺣﺎﻝ ﺍﻟ ‪‬ﻮﺭ‪‬ﻉ ﻓﻤﻘﺎﻣﻪ‪ ،‬ﺇﱃ ﻣﻘﺎ ﹺﻡ ﺍﻟﺰﻫﺪ‪ ،‬ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﱃ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺼﱪ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺿﻰ‪،‬‬
‫ﺇﱃ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﺏ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﶈﺒﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺮﺟ‪‬ﺎﺀ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻮﻕ‪ ،‬ﺇﱃ‬
‫ﺍﻷﻧﺲ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﻴﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﺍﳉﻤﻊ ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﻗﺒـﻞ‬
‫ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺮﻣﻮ ‪‬ﺯ ‪‬ﺓ ﺃﻭ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻨـﺪ ﺍﻟﻐﻠﺒـﺔ ﰲ‬
‫ﺍﳊﺎﻝ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳉﻨﻴﺪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻗﺮ‪‬ﺑ ‪‬ﻪ ﺑﺎﻟﻮﺟﺪ ‪‬ﺟ ‪‬ﻤﻊ‪ ،‬ﻭﻏ‪‬ﻴ‪‬ﺒﺘ‪‬ـ ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﺸـﺮﻳﺔ‬
‫‪‬ﺗ ﹾﻔ ﹺﺮﹶﻗ ﹲﺔ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺮﺍﺯ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ
ﻛﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﲪﻦ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪" (٢٤ :‬ﺃﺧﻼﻫﻢ ﰲ ﺃﻓﻌ‪‬ﺎﻟ‪‬ﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻫـﻮ ﺃﻭﻝ‬
‫ﺣﺎ ﹺﻝ ﺍﻟﻔﻨﺎ ِﺀ"‪.‬‬
‫ﻭﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺑﻜﻼﻡ ﳎﻤﻞ ﻣﺒﻬﻢ ﻛﻘﻮﻝ ﺍﳉﻨﻴﺪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﻗﺪ‬
‫ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ :‬ﲰﻌﺖ ﺳﺮﻳﺎ ﺍﻟﺴﻘﻄ ‪‬ﻲ )ﻭﻫﻮ ﺷﻴﺨﻪ( ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻭﺻـﻒ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ‪" :‬ﺃﻛﻠﻬﻢ ﺃﻛﻞ ﺍﳌﺮﺿﻰ ﻭﻧﻮﻣﻬﻢ ﻧﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﻗﻰ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﺫﻛﹸـﺮ‪‬ﻩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰒ ﺍﺩﻉ ﻫﺬﺍ ﻭﻫﺬﺍ!"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﻟﻨﺨ‪‬ﺸﱯ‪" :‬ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺛﻼﺙ‪ :‬ﺣﻘﻴﻘـﺔ‬
‫ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﺸ ﹶﻄ ‪‬ﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻐﺰ‪‬ﺍﱄ ﻓﺤﺒﺲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﺍﳌﺸـﺎﻫﺪﺓ‬
‫ﲢﺼﻞ ﺑﺎﻧﺸﺮﺍﺡ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﺍﻧﻔﺴﺎﺣﻪ ﻭﺇﺷﺮﺍﻕ ﻧﻮﺭ ﺍﳊﻖ ﻓﻴﻪ)‪ .(...‬ﻭﺃﺳـﺮﺍ ‪‬ﺭ‬
‫ﺴ ﱠﻄ ‪‬ﺮ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ‪ .‬ﺇﻓﺸﺎ ُﺀ ﺳ‪‬ـ ‪‬ﺮ‬ ‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻛﻔ ‪‬ﺮ"‪.‬‬
‫ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﺃﻥ ﻛﺘﺐ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ "ﺣﻘﺎﺋﻖ" ﻓﺘﻨـﺔ ﻗـﺪ‬
‫ﺗﺆﺩﻱ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻔﺮ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳـﺄﺫﻥ ﻟﻠﻌﺎﻣـﺔ ﰲ‬
‫ﻗﺮﺍﺀ‪‬ﺎ‪ ،‬ﰒ ﻻ ﻳﺄﺫﻥ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮ‪‬ﻭﻏﺎﻥ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺼﻠ ‪‬ﺢ ﺑﲔ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﺧﻼﻻ ﻭﺭﻳﺒﺔ ﻓﺄﻧﺎ ﺫﺍﻛ ‪‬ﺮ‬
‫ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻃﺮﻓﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﻭﺍﻻﻟﺘﻴﺎﻉ‪ ،‬ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‬
‫ﳋ ﹶﻄﻞﹺ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﻘﻄﺔ ﺧﻄ ‪‬ﲑ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻐﲑ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ‪:‬‬‫ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻞ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺰﹶﻟ ﹺﻞ ﻭﺍ ﹶ‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺣﺒﺒﺘﻪ ﻛﻨﺖ ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻱ‪" :‬ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﱄ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﳊـﻖ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﻓﻴﻐﻠﺐ ﻛﻮﻥ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻥ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٢١٣-٢١٢‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻋﻮﺍﺭﻑ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٣٨٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﰲ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﲰﺎﻫﻢ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‬

‫"ﺻﻮﻓﻴﺔ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ" ﻗﻌ‪‬ﺪﻭﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﺍﳉﻤﻊ ﻭﺍﻟﻔـﺮﻕ‬
‫ﺤ ‪‬ﻮ ﻭﺍﻟﺼﺮﻑ‪ .‬ﻭﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺍﺑـﻦ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻛﻤﺎ ‪‬ﻳ ﹶﻘ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﺍﻟ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﺄﺟﺮﻭﻣﻴﺘﻪ ﻭﺗﻘﺴﻴﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺑﻠﻎ "ﺍﻟﻨﺤﻮ" ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ ﻛﻤﺎﻝ ﺑﺴﻄﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ "ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ" ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒﻖ ﻓﻴﻪ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺃﺳﺘﺎﺫﻩ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻣﱳ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳍﺮﻭﻱ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺴـﺎﺑﻘﲔ ﻣﻨـﺬ ﺍﻟﻘـﺮﻥ‬
‫ﺍﳋﺎﻣﺲ‪ ،‬ﻟﻠﻜﻼﻡ ﰲ "ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ"‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻐـﺰﺍﱄ ﻭﺃﰊ ﻃﺎﻟـﺐ‬
‫ﺍﳌﻜﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ‪.‬‬
‫ﻳﻘﺴﻢ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ‪" :‬ﺍﻟﻔﻨﺎ ُﺀ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴـﻮﻯ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻬﻢ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻔﲎ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ‬
‫ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ"‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺩ ﺍﻟﺴﻮﻯ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻬﺬﺍ ﻫـﻮ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳ‪‬ﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻳﺰﻳﺪ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺎﻡ‬
‫ﺍﻻﺻﻄﻼﻡ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐ ﲟﻮﺟ‪‬ﻮﺩ‪‬ﻩ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﲟﻌﺒﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺗـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﲟﺸﻬﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ‪ ،‬ﻭﲟﺬﻛﻮﺭﻩ ﻋﻦ ﺫﻛﺮﻩ‪ .‬ﻓﻴﻔﻨ‪‬ﻰ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﱂ ﻳ ﹸﻜﻦ‪ ،‬ﻭﻳﺒﻘﹶﻰ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻦ ﱂ ﻳﺰﻝ"‪.‬‬
‫ﱂ ﻳﺰﺩ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻳﻜﺘﺐ ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺤﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺭ ‪‬ﺩ ‪‬ﺩ‬
‫ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻛﻬﺎ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﹶﻗﺒ‪‬ﻠﻪ‪ .‬ﻭﲪﻞ ﺗﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬﺍ "ﺍﻟﻔﻨـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺸﻬﻮﺩﻱ"‪ ،‬ﻭﺯﻛﱠﺎﻩ ﺗﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻀﻄﺮﺏ ﺑﲔ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺣﺎﻝ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣١٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﻭﺍﳊﺎﻝ ﻭﺍﻟﺴ‪‬ﻜﺮ ﺍﳌﺘﺤﻮﻝ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ‪:‬‬
‫"ﻭﻫﺬﺍ )ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩﻱ( ﻓﻴﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺇﻗﺒﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻓﻴﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻋﺪﻡ ﺷﻬﻮﺩﻩ ﻟﻸﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ"‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﻫﻞ ﻭﺣﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﲡﻨ‪‬ﺪ ﻟﺪﺣﻀﻪ ﻭﺗﻜﻔﲑ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﱪ ﺫﻟﻚ ﺟﻬﺎﺩ ﺣﻴﺎﺗـﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻨﺎ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺭﺟﻌﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﰲ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻐﺸﻰ ﻗﻠﺒـﻪ‬
‫ﻧﻮ ‪‬ﺭ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺒﺴﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﻇﻼ ﹸﻝ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺍﻻﳍﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺼـﻔﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻓﻴﻨﻘﻬﺮ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﲣﺒﻮ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺍﳌﺨﻠﻮﻗﺔ ﺃﻣـﺎﻡ‬
‫ﺐ "ﲟﻮﺟـﻮﺩﻩ ﻋـﻦ‬ ‫ﺳﻄﻮﺓ ﺍﷲ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻏﺎﺋ ‪‬‬
‫ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺇﱁ"‪.‬‬
‫ﻳ‪‬ﻌﻄﻲ ﺍﳌﻮﱃ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺬﻳﻘﻪ ﻓﻨﺎﺀﻩ ﻭﻧﺴﺒﺘ‪‬ﻪ ﺍﻟﻌﺪﻣﻴ‪‬ﺔ‬
‫ﻼ ﺑﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻪ ﺍﻟـﱵ‬ ‫ﺻﹰ‬‫ﺇﱃ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳊﻖ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪ ،‬ﻭﺟﻮﺩﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ‪ .‬ﻳﻌﻄﻴﻪ ‪‬ﻭ ‪‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﳏﺠﻮﺑﺎ ﻋﻨﻬﺎ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ .‬ﻭﺍﳊـﺪﻳﺚ‬
‫ﺲ ﻳﺆﻭﻝ ﺇﱃ ﺟﺪﻝ‬ ‫ﳊ ‪‬‬‫ﱐ ﺻﺮﻑ‪ ،‬ﺑﻠﹸﻐﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍ ‪‬‬ ‫ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻭﺟﺪﺍ ﱞ‬
‫ﻻ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻟﻪ‪ .‬ﻭﺃﺷﺒﻪ ﺷﻲﺀ ﺑﻜﻼﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻭﺍﻻﺗ‪‬ﺤﺎﺩ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻛﻼﻡ ﻣـﻦ‬
‫ﺻﹰﺎ ﺑﻪ ﻻ ﳚـﺪ ﳏﻴـﺪﺍ ﻋـﻦ‬ ‫ﻳﺮ ‪‬ﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﻭﺇﻥ ﺻﺎﻍ ﳓﻮﹰﺍ ﺧ‪‬ﺎ ‪‬‬
‫ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﺻﻮﻝ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ ﺻﻮﺍﺑﻪ ﰲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻓﺮﺯ ﺍﳊﻖ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﳍﺪﻯ‪ .‬ﺍﲰﻊ ﻣﺜﻼ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٧٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺇ ﱠﻥ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺭﲰﻪ ﰲ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻞ ﺟﻼﻟـﻪ‪.‬‬
‫ﺤ ﱡﻞ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻮﻗـﺖ‪،‬‬ ‫ﻀ ‪‬ﻤ ‪‬‬‫ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻫﻮ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺮﺏ‪ .‬ﻓﻬﻨﺎﻙ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﻧﺴﺒ ﹲﺔ ﺇﱃ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﺍﻟﺒﺘ‪‬ﺔ‪ .‬ﻓﺎﺿـﻤﺤ ﱠﻞ ﺍﻟﺰﻣـﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺍﻻﳍﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻤﺤﻞ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺍﳌﺨﻠﻮﻗﺔ ﰲ ﻧﻮﺭﻩ‪،‬‬
‫ﺤ ﹼﻞ ﻋﻠﻢ ﺍﳋﻠﻖ ﰲ ﻋﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻭﹸﻗﺪ‪‬ﺭ‪‬ﻢ ﰲ ﻗﺪﺭﺗـﻪ‪ ،‬ﻭﲨـﺎﳍﻢ ﰲ‬ ‫ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻀﻤ ‪‬‬
‫ﲨﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻛﻼﻣﻬﻢ ﰲ ﻛﻼﻣﻪ‪ ،‬ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻕ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺎ ﺇﱃ ﺻﻔﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ)‪ (...‬ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺩﻭﺍﻣﻪ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺟﻮﺩ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﻭﻭﻗﺘﻪ ﻭﺯﻣﺎﻧﻪ‪ .‬ﲝﻴﺚ ﻳﺼﲑ ﻛﺄﻧﻪ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻪ"‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺟﺎﺀ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻐﲑ ﻣﺎ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻣـﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﺟـﻮﺩ ﺇﻻ‬
‫ﺍﷲ"‪" .‬ﻭﻳﻔﲎ ﻣﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺰﻝ" ﻓﺈﳕﺎ ﻳﻨﻄﻖ ﺧﻄﹰﺄ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﻦ‬
‫ﻳﻔﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻃﺤﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻭﺑﲔ ﻣﻦ ﻳ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺇ ﱠﻻ ﻛﻠﻤ ﹸﺔ "ﻛﺄ ﱠﻥ" ﻭﻫﻲ ﺣﺮﻑ ﺗﺸﺒﻴﻪ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻟﻔﻲ‬
‫ﺷﻚ ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﹶﻏﺮ‪‬ﺿﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻌﺮﺽ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺳﻠﻮﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻭﻏﻠﺒﺎﺕ ﻭﻓﻨﺎﺀ ﻭﺑﻘﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻓﻴـﻪ ﻋﺰﻟـﺔ ﻭﺍﻧـﺰﻭﺍﺀ‬
‫ﺴﹶﺄ ﹺﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﳌﻮﻋـﻮﺩﺓ‬ ‫ﻭﻫﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﰒ ‪‬ﻟ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺑﺎﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺳﻠﻮﻛﺎ ﺟﻬﺎﺩﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿـﻲ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻧﺎﻟﻮﺍ ﻣﺎ ﻧﺎﻟﻪ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻐﻠﺒﻬﻢ ﺣﺎ ﹲﻝ ﺃﻭ ﻳﺸﻄﺢ ﳍﻢ‬
‫ﻣﻘﺎﻝ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﻐﻴﺒﻮﺍ ﰲ ﻓﻨﺎﺀ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﺴﻜﺮﻭﺍ ﹺﺑ ‪‬ﻮ ‪‬ﺟ ‪‬ﺪ‪ .‬ﻧﺎﻟﻮﺍ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠ‪‬ﻴ ﹶﺔ ﺍﻟﱵ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٣٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻧﺎﻟﻮﺍ ﻣﻦ ﻓﻀـﻠﻪ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ‬

‫ﻭﻛﺮﻣﻪ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺩﺍﺕ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﺎ ﻧﺘﻮﺳﻞ ﰲ ﻣﺜﻠﻪ ﻟﻺﺧﻮﺍﻥ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺯﻣﺎﻧـﺎ‪.‬‬
‫ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﻭﻟﻮﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻼﺣﻘﻮﻥ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺷﻔﻌﻪ ﻓﻴﻨﺎ‪.‬‬
‫ﳒﺪ ﺗﻄﺎﺑﻘﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﲔ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺑـﲔ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﰊ ﺍ‪‬ﺪﺩ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺑﺪﺃ ﻭﺃﻋﺎﺩ ﰲ ﻭﺻﻒ ﻣﻮﺍﺟﻴﺪﻩ‬
‫ﱄ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬ ‫ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻐﺰﺍ ﱡ‬
‫ﺍﳋﻮﺽ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﻭﳍﻢ‪.‬‬
‫ﻓﺸﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻛﺄﰊ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﺍﻟﺴـﺎﺑﻘﲔ‬
‫ﺍﻷﻭﻟﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﱂ ﻳﻘﻌﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ‪ ،‬ﻓﻀﻼ ﻋﻤﻦ ﻫـﻮ‬
‫ﻓﻮﻗﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﻭﻗﻊ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ‪ (...)،‬ﻓـﺈﻥ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻛﻤﻞ ﻭﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﺛﺒﺖ ﰲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻒ ﺃﻭ ﺳﻜﺮ ﺃﻭ ﻓﻨﺎﺀ ﺃﻭ‬‫ﺿ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﺸ ‪‬ﻲ ﺃﻭ ‪‬‬ ‫ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺐ ﻋﻘﻮﳍﻢ‪ ،‬ﺃﻭ ﳛﺼﻞ ﳍﻢ ﹶﻏ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫‪‬ﻭﹶﻟ ‪‬ﻪ ﺃﻭ ﺟﻨﻮﻥ"‪.‬‬
‫ﻱ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺳﻠﻮﻛﻬﻢ "ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴـﻠﻄﺎﱐ"‬ ‫ﻭﻳﺴﻤ‪‬ﻲ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪ ‪‬‬
‫ﻁ ﺑﺎﻟﻔﻨـﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻘـﺎﺀ‬
‫ﻟﺴﻌﺘﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻪ‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻨﻮ ﹲ‬
‫ﻑ ﺑﻪ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ‬ ‫ﺸ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﳉﺬﺑﺔ ﻫﻮ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﺗ‪‬ﻴﺴ‪‬ﺮ ﻟﻸﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﰲ ﺻﺤﺒﺔ ﺧﲑ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﻮ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‪ .‬ﺣﺼﻞ ﳍﻢ ﺑﹺﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻓﻨﺎﺀ ﰲ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١٠‬ﺹ ‪.٢٢٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻭﻻ ‪‬ﺟ ﹾﺬ‪‬ﺑ ﹶﺔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨـﻪ‬
‫ﺐ‪.‬‬‫ﲟﺮﺍ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺏ ﺍﻟﻈﱢﻼﻝ‪ .‬ﺷﺘﺎﻥ‬ ‫ﺏ ﺍﻷﺻﻞ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻗﺮ ‪‬‬ ‫"ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻗﺮ ‪‬‬
‫ﺹ‬
‫ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ! ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺪ ﹺﺭ ‪‬ﻙ ﻓﻬﻢ ﻛ ﱢﻞ ﺃﺣﺪ ﻣﺬﺍﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ .‬ﻛﺎﺩ ﺍﳋﻮﺍ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﺍﻟﻌﻮﺍ ‪‬ﻡ ﰲ ﻋﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﰲ ﺍﻟﺰﻫﺎﺩ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣـﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘ‪‬ﺤﺪ‪‬ﺙ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺎﻣﺎﺕ‪ ،‬ﺃﻭﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻮﻫﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬
‫ﺗﻔ ‪‬ﻮﻗﹸﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮ ‪‬ﻫ ‪‬ﻢ ﺇﻻ ﺗﺴـﻠﻴ ﹲﺔ ﻃﻔﹸﻮﻟﻴ‪‬ـﺔ ﻋﺎﺷـﻬﺎ‬
‫ﺝ ﻫﻮ ﺍﻷﺷﺪﺍﺀ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ ﺍﳌﻜﺒﻮﺗﻮﻥ‪ .‬ﻭﻟﻠﺮﺟﻮﻟ ‪‬ﺔ ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﳕﻮﺫ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﺮﲪﺎﺀ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﺍﳌﻘﺮﺑﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺃﳊﻘﻨـﺎ‬
‫ﺍﷲ ‪‬ﻢ ﻭﺣﺸﺮﻧﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﳊﻤﺪ ﳛﻤﻠﻪ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻓﺘﺢ ﻟﻨﺎ "ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﱐ" ﻛﻤﺎ ﻓﺘﺤﺘﻪ ﳍﻢ‪ ،‬ﻭﺃﻏﻠﻖ ﻋﻨﺎ ﺃﺑﻮﺍﺏ‬
‫ﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﳌﺮﺍﺀ ﰲ ﺃﲰﺎﺋﻚ ﻭﺻﻔﺎﺗﻚ ﻭﺫﺍﺗﻚ ﻭﺁﻳﺎﺗﻚ ﻭﺃﺳﺮﺍ ﹺﺭ ‪‬ﻙ ﰲ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ‪،‬‬
‫ﺃﻧﺖ ﻭﱄ ﺍﳍﺪﻯ ﻭﺍﻟﺮﺷﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻭﱄ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﺁﺣﺎ ‪‬ﺩ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺗ‪‬ﺴﻘﹶﻰ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ‬
‫ﺲ ﻭﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ‪ .‬ﻓﻼ ﳛﺴﻮﻥ ﺑﺂﻻﻡ ﺍﻟﻘﺪ‪‬ﺭ ﻭﺑﻼﻳﺎﻩ‪ .‬ﻓﺘﻨﻘﻀﻰ‬ ‫‪‬ﺑ‪‬ﻨ ‪‬ﺞ ﺍ ُﻷ‪‬ﻧ ﹺ‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٣٧٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻳﺎ ‪‬ﻡ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ‪‬ﺎ‪ .‬ﻓﻴﺤﻤﺪﻭﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻳﺸﻜﺮﻭﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﱂ‬

‫‪١‬‬
‫ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﺣﱴ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﺿﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺭ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺃﻥ ﻏ‪‬ﻴ‪‬ﺒﻬ‪‬ﻢ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟ ﱠﻈﹶﻠﻤ‪‬ﺔ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻣـﺔ‪.‬‬
‫ﻧﺴﺄﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻭﺍﳊﻀﻮﺭ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﲔ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟ ‪‬ﻐﻴ‪‬ﺒ ﹸﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺴﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‪.‬‬
‫ﻓﻬﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ﻭﺍﶈﺎﺩﺛﺔ‪ .‬ﻳﻔﲎ ﺑﺎﻃﻨ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻳﻔﲎ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻤﺤ‪‬ﻰ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ‬
‫)ﺃﻱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ( ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻳﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻳ ‪‬ﻤﺤ‪‬ﻰ ﻭﻳـﺬﻭﺏ‬
‫ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺫﻭﺑﺎﻧﺎﹰ‪ ،‬ﰒ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺀ ﺃﻧﺸﺮﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺸﺊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺒﺎﺑﻪ‬
‫ﺽ‬
‫ﰊ ﻭﻭﱄ‪ .‬ﺍﻟﻮﱄ ﻳﺸﻬﺪ ﻣﻴﻼﺩ ﻭﺟـﻮﺩﻩ ﺍﻟﺜـﺎﱐ‪ ،‬ﻭﳐـﺎ ‪‬‬ ‫ﻣﻦ ﻧﱯ ﻭﺻﺤﺎ ‪‬‬
‫ﺤ ‪‬ﻤ ﹸﻞ ﺍﻟﺼـﺤﺎﰊ‬ ‫ﺍﻟﻮﺿﻊ‪ ،‬ﻭﺑﻼﺀ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭﺍﻟﻮﺻﻞ ﻭﺍﳋﻔﺾ ﻭﺍﻟﺮﻓﻊ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺤ ﱠﻔ ‪‬ﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺣﱴ ﺗﻔﺘﺢ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﺼـﲑﺗﻪ‬ ‫ﻭﻣﻦ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﳑﺎﺛﻞ ﰲ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺃﺣﺴﻦ ﺗﻘﻮﱘ‪ .‬ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﷲ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳋﺎﻟﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ )ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ( ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﺃﻋﺎﺩ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﲨﻊ ﻣﺘﻼ ‪‬ﺷﻴ‪‬ﻪ ﻭ ‪‬ﻣ‪‬ﺘ ﹶﻔ ‪‬ﺮﻗﹶﻪ‬
‫ﻛﻤﺎ ﲨﻊ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﺍﳋﻠﻖ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻘﻄﱡﻊ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰ‪‬ﻕ‪ .‬ﳚﻤﻊ ﻋﻈﺎﻣﻬﻢ‬
‫ﻭﳊﻮﻣﻬﻢ ﻭﺷﻌﻮﺭﻫﻢ‪ ،‬ﰒ ﻳﺄﻣﺮ ﺇﺳﺮﺍﻓﻴﻞ ﺑﻨﻔﺦ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﰲ ﺣـﻖ‬
‫ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻫﺆﻻﺀ )ﻭﻫﻢ ﻛﻤﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ( ﻓﻴﻌﻴﺪﻫﻢ ﺑـﻼ ﻭﺍﺳـﻄﺔ‪ .‬ﻧﻈـﺮ ﹲﺓ‬
‫ﺗﻔﻨﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮﺓ ﺗﻌﻴﺪﻫﻢ‪ .‬ﺷﺮﻁ ﺍﶈﺒﺔ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺷﺮﻁ ﻣﻊ ﳏﺒﻮﺑﻚ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٩٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﳊﻀﺮﺓ ﻭﻗﺪ ﻃﺮﺡ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ‬

‫ﻭﺫﻝ ﻟﺮﺑﻪ ﻭﺧﻀﻊ‪:‬‬
‫‪E‬ن'\‡‪7Z%]]
]F‬و;א    [‪7 ً`ž!7@7Z&[1I_8a7A[1‬و‪7;7‬א  ‬
‫‚!‪EGS‬ند(‪7‬و!   وא†‪E-21F8M7R‬ند(‪  K‬‬
‫‪™841[ B‬אد‪IdsI:C"7‬و‪h‬دאد‪    I‬وא¦š‪EG;8 7Œ8‬ند(!  ‬ ‫وא ‪8‬‬
‫–ذא [‪&F7\2I‬א!;<;د‪   `2‬و‪&F‬א!‪5/^S‬ذא"א  ‬
‫›;‪7‬و=`   –ذא‪;\2!57\h;7‬א  ‬ ‫ ];ن]א›;אن&א [‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﻳﻜﺎﺑﺪ ﻗﺮﺏ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﻭﺑﻌﺪﻩ‪:‬‬

‫ ‪§{Z }‘JS‬و…&‪E   52%F‬ن‪Z‬قא›;!ق‪ 55L‬‬
‫!‪O)* M2%‬א›‚   و‪5L‬א›;א!‪M‬א!‪ 52/%‬‬
‫‪ ƒF‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻓﺎ ‪‬ﻥ ﰲ ﺭﺑﻪ ﺷﻬﻴﺪ ﳊﺒ‪‬ﻪ‪:‬‬

‫‪=&68m=J‬ل‪;DE:‬د‪7‬א^}   ‪CIO2I 7/!I‬א! ]‪5{7/‬א^ ‬
‫‪5h-L‬א! ‪]M28 7‬وא! ‪72/I‬ن]¨‪   /2‬ن‪7m8 [Z‬א›; ]
]א! ‪757-€g‬א^ ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ُ ! 5. : E"[R‬ـ ِ ــ‪E‬‬ ‫ ‪* 5َ' :5:e?َR d`ُ+I‬‬
‫
ˆ‪E :1 * Ž7 %99 S‬ــ‪P‬‬ ‫‪ŒX : 7/  X‬ـ‪*9 S5‬ــــ‪i‬‬
‫“‪.‬ـــ‪E$ D‬ــــ‪ُR’7‬ـ‪+ ! :q‬ــــ‘‪E‬‬ ‫ ‪$‬ـــ‪ َ}j‬ﳘـً‬
‫‪Ec :VR[9‬ـــــ ‪:‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪,- (.) / 0 1‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻧﺎ ﻧﻄﻤﻊ ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻨـﺎ ﺭﺑﻨـﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧـﺎ ﺃﻥ ﻛﻨـﺎ ﺃﻭﻝ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻭﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﺎ ﱂ ﺃﻋﻤﻞ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﲏ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻏﻤﺮﺍﺕ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺳﻜﺮﺍﺕ ﺍﳌﻮﺕ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺣﺴﺐ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻫﻮ‪" :‬ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻋـﻦ‬
‫ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺴﻮﻯ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﻼﺣﺪﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻛﺼـﺎﺣﺐ ﺍﻟﻔﺼـﻮﺹ‬
‫)ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ( ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ‪ :‬ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻫﻮ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ‪ .‬ﻭﻣﺎ‬
‫ﹶﺛ ‪‬ﻢ ﻏ ‪‬ﲑ ﻭﻻ ﺳﻮﻯ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ‪ .‬ﻓﻬﺆﻻﺀ ﺃﻋﻈﻢ ﻛﻔﺮﺍ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻴﻬـﻮﺩ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭ ‪‬ﻋﺒ‪‬ﺎ ‪‬ﺩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ"‪.‬‬
‫ﻫﻨﺎ ﳒﺪ ﻭﺟﻬﺎ ﻟﻮﺟﻪ ‪‬ﻋﹶﻠ ‪‬ﻤﻴ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﳌﻠﺔ‪ :‬ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﻋـﺮﰊ‪،‬‬
‫ﺷﻐﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﺸﻐﻞ‪ ،‬ﻋﻘـﻮﻝ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﻓﺘﻨـﺖ‬
‫ﻛﺘﺒﻬﻤﺎ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‪ .‬ﻭﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻼﻑ‪ ،‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻒ‬
‫ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﺑﺰﻋﻢ ﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﳉﺪﻝ ﻛﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﻫﻮ "ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻛﱪ" ﻭﻛﻔﻰ‪ .‬ﻭﻣـﺎ ﰲ‬
‫ﺐ‬
‫ﺴ ‪‬‬‫ﻛﺘﺒﻪ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻛﻔﺮﻱ ﻳﻌﺰﻭﻩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻓﻴﻌﺬﺭﻩ ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻨ ‪‬‬
‫ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺩﺱ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ‪ .‬ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻻ‬
‫ﻳﻌﺬ‪‬ﺭ ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻛﻼﻣﺎ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٧٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻭﺟـﻮﺩ ﺍﷲ ﻫـﻮ‬ ‫‪‬ﻟ‪‬ﻨ ﹸﻘ ﹾﻞ ﺃﻭﻻ ﺇﻥ ﻣﺎ ﰲ ﻛﺘ ﹺ‬

‫ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳋﻠﻖ ﻻ ﺯﺍﺋﺪ ﻗﹶﻮ ﹸﻝ ﻛﻔﺮ ﻭﺯﻧﺪﻗﺔ ﻭﺟﺤﺪ ﻹﺧﺒﺎﺭ ﺍﷲ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﻟﺒﺎﺭﻯﺀ ﺍﳌﺼﻮﺭ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻓﺼﻞ ﺣﺎﺟ‪‬ﻰ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﰲ ﻣﻮﺳﻮﻋﺘﻪ "ﻛﺸـﻒ‬
‫ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ"‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﳋﺒﲑ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﻛﻴﻒ ﺩﺱ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻗﺒﺤﻬﻢ ﺍﷲ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻉ ﺣﺎﺟﻰ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻭﲨﺎﻋ ‪‬ﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺎ‬ ‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﰲ ﻛﺘﺒﻪ‪ .‬ﻳﺆﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺩﻓﺎ ‪‬‬
‫ﻧﻘﺮﺃﻩ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎﺏ "ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﰲ ﳏﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ" ﻟﻠﺸـﻴﺦ ﺍﻟﺼـﻮﰲ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺟﺰﺀ ﻭﺻﺎﻳﺎﻩ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﺍﳌﻜﻴﺔ"‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌﺠ‪‬ﺒﹰﺎ ﺑﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ‪ ،‬ﻣـﻦ ﻛـﻼﻡ ﻣﻨـﺎﻗﺾ ﻟﻠﺨـﻮﺽ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻜﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮﻳﺎﺕ‪ ،‬ﻛﻼ ﹴﻡ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺃﺟﻮﺩﻩ ﻭﺃﻟﺼﻘﻪ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ‬
‫ﺍﳌﻄﻬﺮﺓ ﻭﺃﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﻨ ﹶﻄﻠﹶﻖ ﳕﻀﻲ ﺷﻮﻃﺎ ﻣﻊ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﻧﻘـﺪﻩ ﺍﻟـﻼﺫﻉ‬
‫ﻀ ‪‬ﺮ ﻣﺸﻬﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﺸـﺎﻫﺪ‬ ‫ﺐ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻨﺤ ‪‬‬ ‫ﻭﺗﻜﻔﲑﻩ ﺍﻟﺼﺎﺩﻉ ﻟﻨﻜﺸﻒ ﻟ ‪‬‬
‫ﺤﺮ‪‬ﻡ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻓﻴﻪ‪.‬‬
‫ﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺃﺩ‪‬ﻯ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﺪﻳ ﹸ‬
‫ﺐ ﺍﳋﻼﻑ ؟ ﻳﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﰲ ﻓﺘﻮﺣﺎﺕ‬ ‫ﻣﺎ ﻫﻮ ﹸﻟ ‪‬‬
‫ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ‪:‬‬
‫و‪¤†M!:‬א‪Cf‬אض'‪#&^M!~'   -1‬א‪`/2)d‬‬

‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﺪﻡ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺇﻻ ﺍﷲ‪.‬‬

‫ﻓﻬﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻮ ﰲ ‪‬ﺣﻤ‪‬ﻰ ﺍﻹﺭﻋﺎﺩ ﻭﺍﻹﺯﺑﺎﺩ؟ ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻋﺪﻡ ﳏﺾ ﻭﻧﻔ ‪‬ﻲ ﺻـﺮﻑ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﺎ ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﻤﻨﻪ ﻭﺑﻪ"‪ ١.‬ﻫﻜﺬﺍ! ﻭﻗﺎﻝ ﰲ ﺷﺮﺡ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺻﺪﻕ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﺎﳍﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﻮﻝ ﻟﺒﻴـﺪ‪ :‬ﺃﻻ ﻛـﻞ‬
‫ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺧﻼ ﺍﷲ ﺑﺎﻃﻞ"‪ ،‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﻼ ﺍﷲ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺪﻭ ‪‬ﻡ ﺑﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻟﻴﺲ‬
‫ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺟﻮ ‪‬ﺩ ﻭﻻ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﻻ ﻋﻤﻞ‪ ،‬ﻭﻻ ﻧﻔﻊ ﻟﻐﲑﻩ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺇﺫ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﲨﻴﻌﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻭﺇﺑﺪﺍﻋﻪ ﻭ‪‬ﺑ ‪‬ﺮﺅ‪‬ﻩ ﻭﺗﺼﻮﻳﺮﻩ‪ .‬ﻓﻜﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺇﺫﺍ ﲣﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﷲ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻃﻞ‪ ،‬ﻳﻜﻔﻲ ﰲ ﻋﺪﻣﻬﺎ ﻭﺑﻄﻼ‪‬ﺎ ﻧﻔﺲ ﲣﻠﱢﻴﻪ ﻋﻨﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻐﲑ ﻣﺎ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﻧﻄﻘﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﺴـﻨﺔ‬
‫ﺧﻄﺄ‪ .‬ﻭﻟﺌﻦ ﺧﺮﺝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻌﺪﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﱂ "ﺍﶈﻀﺔ" ﺑﺈﺛﺒﺎﺕ‬
‫ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ ِﺀ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻐﻔﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻬـﺪ‬
‫ﺍﳌﺨﻄﺊ ﺗ ‪‬ﻮﺭ‪‬ﻁ ﺃﳝﺎ ﺗﻮﺭﻁ ﰲ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ﺑﺎﳊﻠﻮﻝ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﻟﻌﻨـﻬﻢ‬
‫ﺍﷲ‪ .‬ﻧﻔﻰ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺑﺎﳊﻠﻮﻝ ﺍ ﹸﳌ ﹾﻄﻠﹶﻖ ﻭﺃﺩﺍ‪‬ﺎ ﺑﺸﺪﺓ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﺍﺧﺘﺮﻉ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻏﺮﻳﺒـﺔ‬
‫ﺷﻨﻴﻌﺔ ﲰﺎﻫﺎ "ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﳌ ‪‬ﻌﻴ‪‬ﻦ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳊﻠـﻮﻝ ﺃﻭ‬
‫ﺐ ﻋﻘﻠﻪ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻻﲢﺎﺩ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﻓﻴﻪ ﺣﻖ ﻭﺑﺎﻃﻞ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻏ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺃﻓﻨﺎﻩ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﳏﺒﻮﺑﻪ‪ ،‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﺬﻧﺐ ﻣﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺬﻭﺭﺍ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻔﺼﻞ ﻋﻔﺎ ﺍﷲ ﻋﻨﺎ ﻭﻋﻨﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟ‪‬ﺘﺮ‪‬ﻫﺎﺕ ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ "ﺍﲢﺎﺩﺍ ﻣﻌﻴﻨﺎ" ﻓﻴﻘﻮﻝ‪:‬‬
‫ﺏ ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨـﻬﻤﺎ ﻓـﺮﻕ ﻛﻔـﺮ‬ ‫"ﻓﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ‪:‬ﺇﻥ ﺍﻟﺮ ‪‬‬
‫ﺻﺮﻳﺢ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛ ﱡﻞ ﻋﺒﺪ ﳐﻠﻮﻕ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٤٠٥‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٢٥‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٩٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺀَﻩ ﺍﳌﺘﻘﲔ‪ ،‬ﻓﻬﺆﻻﺀ ﳛﺒﻬﻢ ﻭﳛﺒﻮﻧﻪ)‪ .(...‬ﻭﻻ ﻳﻘﺎﻝ‬

‫ﺏ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻜﻦ ﻳﻘﺎﻝ ﻷﻓﻀﻞ ﺍﳋﻠﻖ ﻛﻤﺎ‬ ‫ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺍﻟﺮ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻧﻚ ﺇﳕﺎ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻥ ﺍﷲ""‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻛﺎﺩ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﱰﻝ ﺍﳌﻌﺼﻮﻡ‪.‬‬
‫ﰒ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻴﻘﺮﺭ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﻴﻬﻢ "ﻧﻮﻉ" ﻭ"ﺷﺒﻪ" ﺣﻠﻮﻝ‪ .‬ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻋﻦ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻮﺍ ﻛﺒﲑﺍ‪ .‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻓﻬﺬﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺃﻭ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﰲ ﻣﻌـﲔ‪،‬‬
‫ﻛ‪‬ﻨﹺﺒ ‪‬ﻲ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺻﺎﱀ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ)‪ .(...‬ﻓﺈﻧﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻳﻘﻮﻡ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌﻴ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻭﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻐﲑﻩ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻜﺮﺭ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ ﺍﳌﻨﺸﻮﺭﺓ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﺮﺍﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﺃﻧﻪ‬
‫ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﻭﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻟﻴﺜﺒﺖ ﻣﺎ ﲰﺎﻩ ﰲ ﺃﲜﺪﻳﺘـﻪ ﺍﳉﺪﻟﻴـﺔ‬
‫ﺣﻠﻮﻻ ﻭﺍﲢﺎﺩﺍ ﻣﻌﻴﻨﺎ‪ .‬ﻣﻌﻨﺎﻩ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﻞ‪ :‬ﻛﻞ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﷲ‪ ،‬ﻟﻜـﻦ ﻻ ﺑـﺄﺱ ﺇﻥ‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﻴﻬﻢ ﻧﻮﻉ ﺣﻠﻮﻝ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﲢﺎﺩ‪ .‬ﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺍﳊﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ ﻭﺃﺗﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﺘ‪‬ﺰﻧﺎ ﰲ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺸـﻴﺦ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻧﺼﺮ ﺍ ﹶﳌ‪‬ﻨﹺﺒﺠﹺﻲ‪ ،‬ﺍﳌﺘﻌﺼﺐ ﻻﺑﻦ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ "ﳛﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﻄﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ" ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﺑـﻦ ﺣﺠـﺮ ﰲ‬
‫"ﺍﻟﺪﺭﺭ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ"‪ ٣.‬ﻭﻗﺪ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﻓﺼﻞ ﺳﺎﺑﻖ ﻛﻴﻒ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺑﺈﺟﻼﻝ ﻭﻗـﺎﻝ‬
‫ﻟﻪ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺃﻧﻌﻢ ﺑﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﺑﺎﻃﻨﺔ ﻭﻇﺎﻫﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ‪.٣٧٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٠٨-٤٠٧‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.١٦٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﻭﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻋﻠﻮﺍ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‬

‫ﻭﻻ ﻓﺴﺎﺩﹰﺍ ﻣﱰﻟﺔ ﻋﻠﻴﺔ ﻭﻣﻮ ‪‬ﺩ ﹰﺓ ﺇﳍﻴﺔ‪ ،‬ﳌﺎ ﻣﻨﺤﻪ ﺍﷲ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﺴـﻦ ﺍﳌﻌﺮﻓـﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺼﺪ"‪.‬‬
‫ﺡ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﺷ ‪‬ﺪ ﺧﺼﻮﻣﻪ ﰲ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ! ﻛﻴـﻒ‬ ‫ﺾ ﺍﳉﻨﺎ ‪‬‬
‫ﻛﻴﻒ ﳜﻔ ‪‬‬
‫ﻳﺪﻭﺭ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﻻﺑﻦ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﺣﻘﻴﻘـﺔ‪" :‬ﻓـﺈﺫﺍ‬
‫ﺃﺣﺒﺒﺘﻪ ﻛﻨﺖ ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﻳﺪﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ"‪ ،‬ﻭﻳﻔﻀ‪‬ﻞ ﺍﳌﻌﻴ‪‬ﻦ ﻋﻠـﻰ ﺣﻠـﻮﻝ‬
‫ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﳌﻄﹶﻠ ﹺﻖ! ﺃﺑ‪ ‬ﻌ ‪‬ﺪ ﺍﷲ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺎﳊﻠﻮﻝ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ ﳑﻦ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﺇﺧﺒـﺎﺭ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻌﺒﺎﺩﻩ ﺣـﱴ ﳜﻮﺿـﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻜﻴـﻒ‬
‫ﻭﺍﳊﻴﺚ!‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎ ‪‬ﻙ ﺍﳌﺸـﻜﻚ ﰲ ﺣـﺪﻳﺚ‬
‫ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ "ﻣﻦ ﻋﺎﺩﻯ ﱄ ﻭﻟﻴﺎ" ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺗﺰﺍﻧﺎ ﻭﺇﻧﺼـﺎﻓﺎ ﻭﺍﻋﺘـﺪﺍﻻ‬
‫ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺣﻴﺚ ﻛﺘﺐ‪" :‬ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺃ ﱠﻥ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ )ﺍﺑﻦ‬
‫ﻉ ﻓﺴﺎﺩﹰﺍ ﻭﺧﻴﺎﻻ‬
‫ﺕ ﻭﺍﳉﻮ ‪‬‬‫ﳋﻠﹶﻮﺍ ‪‬‬
‫ﺕ ﻓﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍ ﹶ‬
‫ﻋﺮﰊ( ﺗﻌ ‪‬ﻤ ‪‬ﺪ ﻛﺬﺑﹰﺎ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺛﱠﺮ ‪‬‬
‫ﻭﻃﺮﻑ ﺟﻨﻮﻥ‪ .‬ﻭﺻﻨ‪‬ﻒ ﺍﻟﺘﺼﺎﻧﻴﻒ ﰲ ﺗﺼﻮﻑ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﺣـﺪﺓ‬
‫ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﻨﻜﺮﺓﹰ‪ ،‬ﻋﺪ‪‬ﻫﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﺮﻭﻗﺎ ﻭﺯﻧﺪﻗﺔ‪ .‬ﻭﻋﺪﻫﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﻭﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ‪ .‬ﻭﻋﺪﻫﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﻛﻔﺮ ﻭﺿﻼﻝ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻃﻨﻬﺎ ﺣﻖ ﻭﻋﺮﻓﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺃﻧـﻪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺻﺤﻴﺢ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻛﺒﲑ ﺍﻟﻘﺪﺭ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٤٥٢‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﰲ "ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ" ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٠٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﻴﺾ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﺑﻼﺋﻪ ﻟﻠﻌﺒـﺎﺩ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺸـﺮ ﰲ‬

‫ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﺍ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺆﻟﻒ‪ .‬ﻭﻧﺸﺄ ﻋﻦ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺏ "ﺩﻳﲏ" ﺿ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﻣ‪‬ﺠ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﺑـﻦ ﻋـﺮﰊ‪،‬‬‫ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺇﺭﻫﺎ ‪‬‬
‫ﻓﺄﺣﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﺣﻢ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺭﺩﺗ‪‬ﻪ ﻟﻠﺬﻫﱯ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻠﺼﻴﻖ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻳﺘﻤﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﺑﻠﻮﻍ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻳ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺇﱃ ﺣﺠﻤﻬﺎ‪ .‬ﻓﺎﺑﻦ ﻋـﺮﰊ ﺗﻐـﺎﱃ ﰲ ﺗﻘـﺪﻳﺮﻩ‬
‫ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﺪﻳ ﹶﻞ ﻣﺎ ﺗﻐﺎﱃ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋـﻪ ﰲ‬
‫ﹾﲡﺮﹺﳝﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﻟﻒ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ‪" :‬ﺗﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﻐﱯ ﺇﱃ ﺗﻜﻔﲑ ﺍﺑﻦ ﻋـﺮﰊ"‬
‫ﺩﺍﻓﻊ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﻭ‪‬ﻰ ﻋﻦ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﺪﺳﻮﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴـﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻋﻈﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻛﱪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﺑﺘﺪﺍ ًﺀ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺻﺮﻩ ﺍﳊﺎﻓﻆ‬
‫ﺍﻟﱪﺯﺍﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻠﻤﺬ ﻟﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﳌﺘﻨﺎﻗﺾ ﰲ ﺳﻠﻔﻴﺘﻪ‬
‫ﻭﺗﺼﻮﻓﻪ ﻭﺯﻋﻤﻪ ﻋﻔﺎ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﳉﻦ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳉﺮﺍﺛﻴﻢ ﻭﺍﳌﻜﺮﻭﺑﺎﺕ‪.‬‬
‫ﺳﺮﺍﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳌﺨﺰﻭﻣﻲ‪ ،‬ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺳـﺒﻂ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﺼﻔﺪﻱ‪ ،‬ﻗﻄﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ‪ ،‬ﻣﺆﻳـﺪ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‬
‫ﺍﳉﺨﻨﺪﻱ‪ ،‬ﻧﺼﺮ ﺍﳌﻨﺒﺠﻲ‪ ،‬ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﳊﺠﺔ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ‪ ،‬ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻴﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻴﻤﲏ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﱐ‪،‬ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﺯﻛﺮﻳﺎﺀ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﺼﻨﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ‪ ،‬ﻭﻛﺜﲑﻭﻥ‪ .‬ﻫﺬﻩ‬
‫ﺖﰲ‬ ‫ﺃﲰﺎﺀ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﺟﻼﺀ ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ﺷﻬﺎﺩﺍ‪‬ﻢ ﻻﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻭ ﹸﻃ ﹺﻮﻳ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺑﻄﻮﻥ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﻓﻼ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮﻭ‪‬ﻯ ﺇﻻ ﺇﺩ‪‬ﺍﻧ ﹸﺔ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺘﺼﺐ ﻛﻞ ﻣـﻦ ﻫـﺐ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺩﺏ ﻗﺎﺿﻴﺎ ﻳ‪‬ﻜﻔﱢﺮ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﳋﺼﻢ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻟﻠﻤ‪‬ﺘ ‪‬ﻬ ﹺﻢ ﻛﻠﻤﺔ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺑـﻼﺀ‬
‫ﻣﺒﲔ‪ .‬ﻭﺇﱐ ﺃ‪‬ﻰ ﻣﻦ ﻗﺮﺃ ﻛﺘﺎﺑﺎﰐ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﺇﻻ‬
‫ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪﻣﻪ ﺭﺍﺳﺨﺔ‪ ،‬ﲟﻌﲎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ‪‬ﺣﺠ‪‬ﺮ ﺷﻴﺦ ﻣﺮﺏ ﻳﺄﺫﻥ ﻟـﻪ‬
‫ﻭﻳﺸﺮﺡ ﻟﻪ ﻭﳛﺮﺭ ﻟﻪ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺍﻷﺻﻴ ﹶﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺳﻮﺱ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﳒﺪ ﻋﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻋﺎﳌﲔ ﳎﺎﻫﺪﻳﻦ ﻻ ﳒـﺪ‬
‫ﳍﻤﺎ ﻣﺜﻴﻼ ﰲ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻗﺘﺎﻟﻪ ﻭﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ‪ .‬ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﺗﺘﻠﻤﺬ ﻻﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﻭﺃﻟﻒ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ" ﻋـﺮﺽ ﻓﻴـﻪ‬
‫ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺍﳌﺪﺳﻮﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﻈﻠﻮﻡ‪ ،‬ﺣﱴ ﻟﻴﻌﺪ ﺍﻷﻣﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺷﺮﺍﺡ "ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ" ﺍﳌﻜﻴﺔ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﻧﻔـﻖ ﻋﻠـﻰ ﻃﺒـﻊ‬
‫ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ ﻭﺃﺷﺮﻑ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻣﻔﺨﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻓﻤﺤﻤﺪ ﺑـﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻭﻡ ﺍﳉﻴﻮﺵ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳـﺒﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﻔـﺮﺩﺓ‬
‫ﻭﳎﺘﻤﻌﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﺓ ﺍﳋﺎﻟﺪﺓ‪ .‬ﺫﻛﺮ ﰲ ﻣﺬﻛﺮﺍﺗﻪ ﺃﻧﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻗﻴـﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻔﺘﺮ ﻋﻦ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ‪.‬‬
‫ﻭﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﺪ‪‬ﻳ ﹰﺔ ﺇﻟﻴﻚ ﻫﻲ‬
‫ﺗﻮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﻓﺈﱐ ﺃﻫﺪﻳﻚ ﻫﻨﺎ ﺇﺷﺎﺩ ﹶﺓ ﳎـﺪ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻔﲑﻭﺯﺑﺎﺩﻱ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﺍﻟﻔﲑﻭﺯﺑﺎﺩﻱ ﻫﻮ ﻣﺆﻟﻒ ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ‪،‬‬
‫‪‬ﻋﹶﻠ ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻼﻡ‪ .‬ﻭﻛﻠﻤﺘﻪ ﻻ ﺃﺭﻳﺪ‪‬ﻫﺎ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﺑﺎﺑﻦ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﻟﻜـﻦ ﺃﺭﻳـﺪﻫﺎ‬
‫ﺻﻮﺗﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﻋﺴﻰ ﺗﺘﻌﺎﺩﻝ ‪‬ﻛ ﱠﻔﺘ‪‬ﺎ ﺍﳉﺪﻝ‪ ،‬ﻓﻨﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﻧﺖ‬
‫ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺳﻼﻣﺔ ﻃﻮﻳﺔ ﻭﺳﻌﻲ ﰲ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺑﲔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـﺪﺭ‬
‫ﺐ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﺧﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ ﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﺨﻨﻖ ﺃﻧﻔﺎﺳﻨﺎ ﻭﺿ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻴ‪‬ﻮ‪‬ﻧﻨ‪‬ﺎ‪ .‬ﻧﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺻﻌﻮﺩﺍ ﺇﱃ ﻳﻨﺒﻮﻉ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﻣﺼـﺪﺭ ﺍﳍﺪﺍﻳـﺔ ﻭﺩﻟﻴـﻞ‬

‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ :‬ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪ .‬ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﲑﻭﺯﺑﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻃﺮﺯﻩ ﺑﻜﻼﻡ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﻋﺮﰊ‪" :‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻧ ‪‬ﻄ ﹾﻘﻨ‪‬ﺎ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﺭﺿﺎﻙ‪ .‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﻮﻟﻪ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﻋﻨـﻪ‬
‫)ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻔﺘﻮﻩ ﰲ ﺷﺄﻧﻪ( ﻭﺃﻋﺘﻘﺪﻩ ﻭﺃﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﺑﻪ‬
‫ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺣﺎﻻ ﻭﻋﻠﻤﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺣ ‪‬ﺪﹰﺍ ﻭ ‪‬ﺭﺳ‪‬ﻤﺎ‪ ،‬ﻭﳏﻴـﻲ‬
‫ﻑ ﻣـﻦ ﺑ‪‬ﺤـﺮﹺﻩ‬‫ﺭﺳﻮﻡ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﻓﻌﻼ ﻭﺍﲰﺎ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺗﻐﻠﻐﻞ ﻓﻜﺮ ﺍﳌﺮﺀ ﰲ ﻃﹶﺮ ‪‬‬
‫ﺏ ﻻ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﺍﻟﺪ‪‬ﻻ ُﺀ ﻭﺳﺤﺎﺏ ﺗﺘﻘﺎﺻ‪‬ﺮ ﻋﻨـﻪ‬ ‫ﺖ ﻓﻴﻪ ﺧﻮﺍ ‪‬ﻃﺮ‪‬ﻩ ﰲ ‪‬ﻋﺒ‪‬ﺎ ﹴ‬
‫ﹶﻏ ﹺﺮﹶﻗ ‪‬‬
‫ﻕ ﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﻓـﺘﻤﻸ‬‫ﺨﺮﹺﻕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻄﱢﺒﺎﻕ‪ ،‬ﻭﺗﻔﺘﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻧﻮﺍ ُﺀ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻋﻮﺍﺗﻪ ﻓﺈ‪‬ﺎ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻵﻓﺎﻕ‪ .‬ﻭﺇﱐ ﺃﺻﻔﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﻓﻮﻕ ﻣﺎ ﻭﺻﻔﺘﻪ‪ .‬ﻭﻏﺎﻟﺐ ﻇﲏ ﺃﻧـﲏ ﻣـﺎ‬
‫ﺃﻧﺼﻔﺘﻪ‪:‬‬
‫’‪85F] 7m8-‬وא ً ‬
‫و‪EZ17F‬ذא=‪   V5[7A8/] \1‬دع‪h‬א’[‪;-‬ل‪&Š77‬א [‬
‫وא‪f)!f!If‬א!‪
2Š/‬و‪ ً  )O1!`Z‚]]O7=   8&7‬‬
‫‪E‬نא!@‪   O%=&Q/)\1=V‬زد(‪”1/7 ![ E‬زد(] ‪  ." $‬‬
‫‪١‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻳﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ! ﺍﲰﻊ! ﻳﺎ ﻧـﺎﺱ!‬
‫ﺍﲰﻌﻮﺍ! ﻳﺎ ﻣﻜﻠﻔﲔ! ﺍﲰﻌﻮﺍ! ﻳﺎ ‪‬ﺑﻠﱠﻎ! ﻳﺎ ‪‬ﻋﻘﱠﻞ! ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﻭﺇﺧﺒﺎﺭﻩ‪ .‬ﻫﻮ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ‪.‬‬
‫"ﻏﲑﻭﺍ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ ﺣﱴ ﻳﻮﺗﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﲢﺒـﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ‬
‫ﻭﺍﺳﻊ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻳﻘﺎﻝ ﳌﻦ ﺿﻴ‪‬ﻖ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﻭﻛﻔﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ(‪ .‬ﺇﻳﺶ ﺑﻜﻢ ﻳﺎ‬

‫‪١‬‬
‫ﻧﻘﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ‪ ،‬ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺍﳌﻨﺼﻒ‪ ،‬ﰲ "ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ" ﺝ ‪ ٥‬ﺹ‪.١٩٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪‬ﺯ ‪‬ﻣﻨ‪‬ﻰ! ﻗﻮﻣﻮﺍ ﻭﺗﺸﺒﺜﻮﺍ! ﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﻐﻔﹸﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﳊﺒﻞ ﺑﻄﺮﻓﻴﻪ ﰲ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ‪.‬‬
‫ﺤﻜﹸﻢ‪ .‬ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﺍﺭﻛﺒﻮﻫﺎ ﻭﺇﻻ ﺭﻛﺒﺘﻜﻢ‪(...).‬‬ ‫ﺼ‪‬ﻠ ‪‬‬‫ﺍﺳﺘﻌﻴﻨﻮﺍ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺴﺒ‪‬ﻊ‪ .‬ﻋﺎﻣﻠﻮﻩ‬ ‫"ﺍﻫﺮ‪‬ﺑﻮﺍ ﳑﻦ ﻳﺸ ‪‬ﻐﻠﹸﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﻬﺮﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﺎ ‪‬ﻣﹶﻠ ‪‬ﻪ ﺭﹺﺑ ‪‬ﺢ‪ .‬ﻣﻦ ﺃﺣﺒ‪‬ﻪ ﺃﺣﺒﻪ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺃﺭﺍﺩﻩ‪ .‬ﻣﻦ ﺗﻘﺮ‪‬ﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺮ‪‬ﺑﻪ‬
‫ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻣﻦ ﺗﻌﺮ‪‬ﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻋ ‪‬ﺮﻓﹶﻪ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫"ﺍﲰﻌﻮﺍ ﻣﲏ‪ ،‬ﻭﺍﻗﺒﻠﻮﺍ ﻗﻮﱄ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺖ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻃﻠﺒﺘ‪‬ﻬﺎ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟ ‪‬ﺔ ﻏﲑﻱ‪ .‬ﺃﺭﻳﺪ ﺍﳋﻠﻖ ﳍﻢ ﻻ ﱄ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻃﻠﺒ ‪‬‬
‫ﳍﻢ‪ .‬ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﺗﻜﻠﻢ ‪‬ﺎ ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ‪‬ﺎ ﺇﻻ ﺍﳊ ‪‬ﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ)‪.(...‬‬
‫ﺏ! ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻖ!‬ ‫ﻀ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﻚ! ﺃﻧﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﻮﺭﺓ ﻭﺩﺍ ‪‬ﺭ ﺍﻟ ‪‬‬ ‫ﺤ ‪‬‬ ‫ﱄ! ﺃﻧﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬ ‫"ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﺇ ﱠ‬
‫ﻍ! ﻛﻢ ﺗﻘﻮﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ! ﻭﻣﻦ ﺃﻧﺖ! ﻭﻳﻠﻚ ﺗﺮﻯ ﻏﲑﻩ‬ ‫ﺇﻳﺶ ‪‬ﺗ ‪‬ﻬﺬ‪‬ﻱ! ‪‬ﻫ ﹶﺬﻳ‪‬ﺎﻧ‪‬ﻚ ﻓﺎﺭ ﹲ‬
‫ﺿ ﹲﺔ‪.‬‬
‫ﺲ ﺑﻐﲑﻩ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺃﻧﺎ! ﺗﺴﻤ‪‬ﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺭﺍﺿﻴﺎ ﻭﺫﺍﻙ ﻣ‪‬ﻌﺎﺭ ‪‬‬ ‫ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺃﻧﺎ! ﺗ ﹾﺄ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﻚ ﻣﻴﺘﺎ‬ ‫ﺤ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﻚ ﻭ‪‬ﺗ ﹶﻜ ﱢﻔﺮ‪‬ﻙ! ﻻ ﻛﻼﻡ ﺣﱴ ﻳﺼﲑ ﹶﻟ ‪‬‬‫ﺠ ‪‬‬ ‫ﺗﺴﻤﻴﻬﺎ ﺻﺎﺑﺮﺓ ﻭﺑ ﱠﻘ ﹲﺔ ﺗ‪‬ﺰ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺍﻵﻓﺎﺕ ﻓﻴﻪ!"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻛﺎﰎ ﻟﺴﺮﻩ‪ ،‬ﺿﻨﲔ ﺑﺄﻣﺮﻩ‪ ،‬ﻭﻗﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺷﺮﻩ‪:‬‬
‫و'‪Z#
A‬א!‪   ` K
8A'pp‬و!;=‪;$‬א‪ ]op 7J\'i1q‬‬
‫و!‪]d<‘2‬א!‪5J‬س‪   IOI18Eh‬و'‪ Egm‬ن);אد‪ ]o7 87O‬‬
‫‪ ]š$‬‬‫و]‪SA‬د]א?‪7@I)Egi‬א‪   IOI‬و‪G]%‬نא?‪I ْS]pi?)Zi‬‬
‫‪d)ªž~/‬א!‪";1‬و‪5 h48_7!   
5F‬א^א?‪;Li‬ق}]‪ ]op 7%‬‬
‫و!‪;X‘2‬نא!€;ق‪   M˜ !E‬وא?‪ ]o7 8%7‘2!}KEgi‬‬
‫و‪LEVI@7‬א(}‪   ً-g%7752S‬و‪pG2SX‬ن‪;'8‬ن‪ ]o;p [!J7‬‬
‫[†‪m827)]\2I‬א?‪hm827 5/)_   rM7 Xْ 7 m'&Fi‬א?‪ ]š7_~ْ 7 ‘S1!i‬‬
‫‪7‬و ]‪   r`2X#5)_1Fƒ]%IْX‬و‪]‡87‬و ‪7)I‬אوא‪8;[:o‬אًو‪ ]š7_8‚7‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٥٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪`~!«&F F]\R‬א! ‪   7;7‬و=‪m2%#:\1‬א!‪¬$‬و‪n‬و ‪ ]š7‚8‬‬ ‫[=‪8 %7‬‬
‫و!‪K&X‬وא(א [‪Cp27 ]   _)]I`7€2I/6‬و<‪O‬א‪6‬אدو‪ ]o75‬‬
‫و ‪]o58 77%I‬א!;א‪5‬א!‪S‬د‪7 ْ'[   OZ E‬م]&]‪O8217F078y‬و]_‪ o758‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ ! ٍ */ Tْ+”ِX‬ــ 'ُ?‪M.‬ــــ‪ِT‬‬ ‫ َ‪Eu‬ـ‪9 Dْ  i
72 AM.E”ِX JB‬ـ‪qَR‬‬
‫• ‹ــ‪.َ \.‬ــ‪:$ ٍ5‬ـــ ‪}E‬‬
‫‪' {k‬ـ ِ‬ ‫ ‪Eu‬ـــ‪ - 72 EqX JB‬ــــــ ‪X h‬ـ‪Q‬ــ‪W‬ـــــــ ‬
‫‪.J# ! ٌ–6 sN9‬ـــ ‪9' vE‬ـــ‪ِT‬‬ ‫ ‡‪ Eq‬ـ  & "ـــ(ِ ُ‪QJr‬ــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪234 5 6‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺁﻣﻨﺎ ﺑﻪ ﺇﻧﻪ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﺭﺑﻨﺎ‪ .‬ﺇﻧﺎ ﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﺴـﻠﻤﲔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻣﻦ ‪‬ﻭ‪‬ﻟ ‪‬ﻲ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺃﻣﱵ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸ ‪‬ﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺎﺷﻘﻖ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻭﱄ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺃﻣﱵ ﺷـﻴﺌﺎ‬
‫ﻓﺮﹶﻓ ‪‬ﻖ ‪‬ﻢ ﻓﺎﺭﹸﻓ ‪‬ﻖ ﺑﻪ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺴﻤﺖ ﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﳊﺴﻦ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻏﺐ ﺍﻹﺻﻔﻬﺎﱐ‬

‫ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﲨﻌﺖ ﰲ ﺧﺼﻠﺔ "ﺍﻟﺴﻤﺖ ﺍﳊﺴﻦ" ﺳﺒﻊ ﺷﻌﺐ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﳊﺴﻨﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻫﻲ‪ :‬ﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪ ،‬ﰒ ﺁﺩﺍﺏ‬
‫ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺴﻤﺖ ﺍﳊﺴﻦ‪ ،‬ﺃﻗﺼﺪ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳊﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﺸﺮ‪ ،‬ﰒ ﺍﳊﻴﺎﺀ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﺁﺩﺍﺏ ﺍﳌﻌﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﰒ ﺍﳉﻤﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﻴﺪﺍﻥ‪ ،‬ﰒ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ‪.‬‬
‫ﺖ ﻋﻦ ﲰﺖ ﺍﻟﺒﻮﺍﻃﻦ ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﲨﻌﻪ‬ ‫ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﲢﺪﺛ ‪‬‬
‫ﻭﺗﺘﻮﳚﻪ ﺑﺒﻠﻮﻍ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﻗﻰ ﰲ ﺩﺭﺟﺎ‪‬ﺎ‪ .‬ﻭﻳ ﹾﻄﺮ‪‬ﺡ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﳋﺎﺻﺔ ﳉﻨﺪ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻣﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﲡﻤﻊ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻳ ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ‪ ،‬ﻓ‪‬ﻴ ‪‬ﻌﻠﹶﻢ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﰒ ﻳﻌﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ‪ ،‬ﻭﻳﺜﺎﺭ‬
‫ﻃﻤﻮﺡ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﳌﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭ‪‬ﺗ ‪‬ﻮﺟ‪‬ﻪ ﺧﻄﺎﻩ‪ .‬ﻭﳑﺎ ﻻ ﺭﻳﺐ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ‬
‫ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺮﻳﻪ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻭﻏﻠﺒﺔ ﻭﺳﻜﺮ‬
‫ﺴ ﹾﻜ ‪‬ﺮ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﻧﻄﻖ ﻏﲑ ﻣﻨﻀﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﺳﻠﻮ ‪‬ﻙ ﻳﺘﻨﺎﰱ ﻣﻊ‬‫ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻘﺐ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺜﻞ ﻟﻪ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺻﺤﺎﺑﺘﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺧﲑ ﲤﺜﻴﻞ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﲰﺘﻬﻢ ﺧﲑ ﲰﺖ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺧﲑ ﺃﻣﺔ‬
‫ﺃﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎﺱ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﺣﺪ ﻏﲑ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻫﺐ ﺍ ‪‬ﳌﻨ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﹸﻗ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ‪‬ﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻔﺎ ِﺀ‬
‫ﺃﺟﻴﺎﻝ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟ ‪‬ﻐﹶﻠﺒ‪‬ﺎﺕ‪ .‬ﻓﺈﻳﺎﻩ ﻧﺴﺄﻝ‬
‫ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﺇﻳﺎﻩ ﻧﺴﺄﻝ ﰲ ﺳﻠﻮﻙ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﲰﺖ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻠﹼﻐﻨﺎ ﹸﺫﺭ‪‬ﻯ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺑﺸ‪‬ﺮ ﺍﳊﺒﻴﺐ‬
‫ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ‬
‫ﻭﺍﺷﺘﺎﻕ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪ .‬ﻓﺘﻠﻚ ﺑﺸﺮﻯ ﻧﻌﺘﺪ ‪‬ﺎ‪ .‬ﷲ ﺍﳊﻤﺪ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﹸﻠ ﹶﻎ ﺍﳉﻬﺪ ﻟﻜﺴﺒﻪ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﲔ ﲟﻦ ﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ‬
‫ﺇﻻ ﺑﻪ‪ ،‬ﻫﻮ ﺃﻥ ﻧﺆﺳﺲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﺈ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﻭﺍﻟﺸﻘﺎﻕ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ‬
‫ﻃﺮﺡ ﺍﳋﻼﻓﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻜﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲡﺎﻭﺯﻫﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﺘﺸﺎﻛﺴﻮﻥ‬
‫ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﻣﻮ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻔﻘﺮﻧﺎ‬
‫ﻭﻋﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‪ ،‬ﺇﺫ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﳌﺎ ﺃﺧﱪ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻫﻮ ﻗﻤﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺼﻴ‪‬ﻎ ﺍﳌﺮﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﺔ‬
‫ﺴ ‪‬ﺮ ﺍﷲ ﰲ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺑﺼﻴﻐ ‪‬ﺔ ﻏﲑ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻛﻞ ‪‬ﻧﻄﹾﻖ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺗﻔﺴﲑ ﻟ ِ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺧﻄﺄ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪" :‬ﻳﺘﺮﻗﱠﻰ ﺍﳊﹶﺎ ﹸﻝ )ﺑﺎﻟﺴﺎﻟﻚ( ﻣﻦ‬
‫ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺼ‪‬ﻮ ﹺﺭ ﻭﺍﻷﻣﺜﺎﻝ )ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ( ﺇﱃ‬
‫ﻕ ﺍﻟﻨ‪‬ﻄﻖ‪ .‬ﻓﻼ ‪‬ﻳﺤ‪‬ﺎﻭﻝ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ ﺃﻥ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﻻ‬ ‫ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻳﻀﻴ ‪‬ﻖ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﻄﺎ ‪‬‬
‫ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻟﻔﻈﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺈ ﺻﺮﻳﺢ ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍ ‪‬ﺯ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻳﻨﺘﻬﻲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﻗﺮﺏ ﻳﻜﺎﺩ ‪‬ﻳﺘ‪‬ﺨ‪‬ﻴ ﹸﻞ ﻣﻨﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﳊﻠﻮﻝﹶ‪ ،‬ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﻻﲢﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺧﻄﺄ"‪.‬‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ‪‬ﺳ‪‬ﺒ ‪‬ﺢ ﰲ ﲝﻮﺭ ﻋﺮﻓﺎﻧﻴﺔ ﱂ ﻳﺴﺒﻘﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻏﲑﻩ‪،‬‬
‫ﻭﺣﺎﺭﺏ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺷﺪ ﺍﳊﺮﺏ ﻭﺻﺎﳊﻪ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﰒ ﺭﺟﻊ ﰲ ﺃﻭﺍﺧﺮ‬
‫ﺤ ﱡﻘ ‪‬ﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺘﻠﻚ‬ ‫ﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﺈ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ‪‬ﺗ ‪‬‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻜ ‪‬‬
‫ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ )ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ( ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﻛﻴ ‪‬ﻔﻴ‪‬ﺔ ﻋﲔ‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ‪ .‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ )ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺷﻌﺎﺭﺍ ﻟﻪ(‪" :‬ﻣﻦ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻋﺮﻑ ﺍﷲ ﻛ ﱠﻞ ‪‬ﻟﺴ‪‬ﺎﻧ‪‬ﻪ" ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ"‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻛﻞ ﺧﺼﺎﻡ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻻ ﻳﻨﺎﻝ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺇﺫ ﻫﻢ‬
‫ﺻﺎﺩﻗﻮﻥ ﰲ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻫﻢ‪ .‬ﻭﻳﺮﺟﻌﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻟﻠﺼ‪‬ﻠﺢ ﻭﺍﻟﺘ‪‬ﺴﺎ ‪‬ﻣ ﹺﺢ‪ .‬ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ‬
‫ﻒ ﺍﻟﺮﻋﻮﻧﺎﺕ‬ ‫ﺃﻥ ﻳﺘﺮﰉ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺣﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ‪‬ﺗ ﹶﻜ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻔﺠﺔ ﻋﻦ ﺍﳋﻮﺽ ﰲ ﺍﳋﻼﻓﻴﺎﺕ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺧﺼﺎﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻣﻊ‬
‫ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺃﺷﺪ ﺧﺼﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﱂ ﳝﻨﻊ ﺧﺼﺎﻣﻬﻤﺎ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺩ‪‬ﺏ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻣﻊ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ "ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﱂ ﳝﻨﻊ ﺍﳋﺼﺎﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻣﻦ ﺍﻹﺩﻻﺀ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ ﰲ‬
‫ﺣﻖ ﺃﺧﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﱯ‪" :‬ﺍﳌﻤﻠﻮﻙ )ﻳﻌﲏ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺗﹶﺄ ‪‬ﺩﹺﺑﻴ‪‬ﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺼﺮ‬
‫ﺤﺮﹺﻩ‪ ،‬ﻭﺗ ‪‬ﻮ ‪‬ﺳ ‪‬ﻌﺘ‪‬ﻪ ﰲ‬ ‫ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﻲ( ﻳﺘﺤ ﱠﻘ ‪‬ﻖ ﻗﺪﺭ‪‬ﻩ )ﻗﺪﺭ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ(‪ ،‬ﻭﺯﺧﺎ ‪‬ﺭ ﹶﺓ ‪‬ﺑ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻨﻘﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﺹ ‪.٥٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٣٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻁ ﺫﻛﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛ ﱠﻞ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﹶﻓ ‪‬ﺮ ﹶ‬
‫ﺍﳌﺒﻠﻎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻮﺻﻒ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺍﳌﻤﻠﻮﻙ ﻳﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎ‪ .‬ﻭﻗﺪﺭﻩ ﰲ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﻛﱪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‬
‫ﻉ ﻭﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﻭ‪‬ﻧﺼ‪‬ﺮ ‪‬ﺓ ﺍﳊﻖ‬
‫ﻭﺃﺟ ﱡﻞ‪ .‬ﻣﻊ ﻣﺎ ﲨﻌﻪ ﺍﷲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻮ ‪‬ﺭ ﹺ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻟﻐﺮﺽ ﺳﻮﺍﻩ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺟ ‪‬ﺮﹺﻳ ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺳ‪‬ﻨ ﹺﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﱀ‪ .‬ﻭﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﺄﺧﺬ ﺍﻷﻭﰱ‪ ،‬ﻭﻏﺮﺍﺑﺔ ﻣﺜﻠﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪ ،‬ﺑﻞ ﰲ ﺃﺯﻣﺎﻥ"‪.‬‬
‫ﺴﻜﹾﺮ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺪﺱ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ‬ ‫ﺡ ﻛﺘﺐ ﺍﻟ ‪‬‬ ‫ﺤﺘ‪‬ﻢ ﻃﺮ ‪‬‬ ‫ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻃﺮﺡ ﺟﺪﻟﻴﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ‪ .‬ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻋﻠﻤﺎ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺭﺍﺳﺨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﺿﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﻔﻬﻤﻬﻢ‪ ،‬ﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﺬﻭﺍ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ ﻳﺴﺘﻘﻴﻠﻮﻥ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟ ﹶﻔﻬ‪‬ﻢ ﻋﻨﺪ ﹶﻗ ‪‬ﺪ ‪‬ﻣﻴ‪‬ﻪ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻳﺘﺮﻗﻮﻥ ﻣﻦ ‪‬ﺳ‪‬ﻨ ‪‬ﺔ ﺇﱃ ﺳﻨﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ‬
‫ﺇﱃ ﻳﻮﻡ‪ .‬ﻭﺭﲟﺎ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺎ ﻳﻨﺪﻣﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﳌﺎ ﻳﺮﻭﻥ‬
‫ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻓﺘﺢ ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺣﲔ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ‬
‫ﻟﻪ ﰲ ﺳﺠﻦ ﻣﻮﺗﻪ "ﻣﺎ ﻻ ﳜﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻝ ﻭﻻ ﻳﺪﻭﺭ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻝ"‪.‬‬
‫ﻭﻛﻤﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳ‪‬ﺔ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺃﺣﻮﺍﳍﻢ ﻣﻦ‬
‫ﺺ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ‬ ‫ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﺐ )ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺴﻜﺮ(‪ .‬ﻓﻼ ﻳﻠﺤﻘﻬﻢ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻧﻘ ‪‬‬
‫ﺃﺻﻼ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﲑ )ﻳﻌﲏ ﻧﻔﺴﻪ( ﺃﻳﻀﺎ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ‬

‫‪١‬‬
‫ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺝ ‪ ٦‬ﺹ ‪.٨٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺸ ‪‬ﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻌﺴ‪‬ﺮ ﲨﻌﻬﺎ‬ ‫ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ‪ .‬ﻭﳌﺎ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﳍﺎ"‪.‬‬ ‫)ﻹﺧﻔﺎﺋﻬﺎ ﻭﻣﻨﻊ ﺭﻭﺍﺟﻬﺎ(‪ .‬ﻓ‪‬ﺘﺮﹺﻛ ‪‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﺑﺄﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ )ﻛﻼﻡ ﺻﺪﺭ ﻣﻨﻪ( ﰲ‬
‫ﺤ ﹺﻮ ﺍﳋﺎﻟﺺ ﻋﺴﲑ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﺎﺗﺮ ﺍﻟﱵ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﲑ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ‬ ‫ﺼ‪‬‬
‫ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴ‪‬ﺔ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭﻫﻢ ﻛﺄﻧﻪ ﺗﻘ ‪‬ﺮ ‪‬ﺭ ﰲ ﺧﺎﻃﺮﻛﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ )ﳜﺎﻃﺐ‬
‫ﻼ ﻣﻦ‬‫ﺴﻜﹾﺮ‪.‬ﺣﺎﺷﺎ ﻭﻛ ﱠ‬ ‫ﻣ‪‬ﺮﺍ ‪‬ﺳﻠﹶﻪ( ﺃﻧﻪ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻋﻦ ﺻﺤ‪‬ﻮ ﺧﺎﻟﺺ ﺑﻼ ‪‬ﻣﺰ‪‬ﺝ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻑ‪.(...).‬‬
‫ﺫﻟﻚ! ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺮﺍ ‪‬ﻡ ﻭﻣﻨﻜ ‪‬ﺮ ﻭﺟﺰﺍ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﺭ ﻋﻦ ﺷﺨﺺ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ﻇﺎﻫﺮ‪‬ﻫﺎ ﳐﺎﻟﻒ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﻈﹶﺮ ﺇﱃ ﻗﺎﺋﻠﻪ ﺃﻧﻪ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﻫ‪‬ﻮ‪ .‬ﻓﺈﻥ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻠﺤﺪﺍ ﻭﺯﻧﺪﻳﻘﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮﺩ‪‬ﻩ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﺈﺻﻼﺣﻪ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺻﻼﹶﺡ‬‫ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺇﳝﺎﻥ ﺑﺎﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﳚﺘﻬﺪ ﰲ ﺇ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺐ ﺣﻠﱠﻪ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻠﻪ"‪.‬‬ ‫ﺤﻤ‪‬ﻞ ﺻﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ‪‬ﻳ ﹾﻄﹸﻠ ‪‬‬ ‫ﻛﻼﻣﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﳛﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺇﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺗﺼﺪﺭ ﲟﻘﺘﻀ‪‬ﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫‪٣‬‬
‫ﰒ)‪ (...‬ﰲ ﻭﻗﺖ ﺁﺧﺮ ‪‬ﺗ‪‬ﺘ ‪‬ﺮ ‪‬ﻙ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺮﻗﻰ ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻡ ﻓﻮﻗﺎﱐ"‪.‬‬
‫ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﺿﻲ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺗﺒﻘﻰ ﹸﺃ ‪‬ﻣﺜﹸﻮﹶﻟ ﹰﺔ ‪‬ﻳ‪‬ﺘﹶﻠﻬ‪‬ﻰ ‪‬ﺎ ﺍﻟ‪‬ﺒﻄﱠﺎﻟﻮﻥ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﻌﻠﱢﻘﲔ ﻭﺍﳌﺆﻟﻔﲔ ﻛﻘﻀﻴﺔ ﺍﳊﻼﱠﺝ‪ .‬ﺃﻭ ﹺﺭ ‪‬ﺩ ﻫﻨﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣـﺎﻡ ﻋﺒـﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻗﻮﻟﻪ‪ :‬ﻟﻮ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺍﳊﻼﺝ ﻷﺧﺬﺕ ﺑﻴﺪﻩ‪ .‬ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ‬
‫ﺠ ﹺﺮ‬
‫ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻃﺎﺭ ﻃﺎﺋﺮ ﻋﻘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ )ﻳﻌﲏ ﺍﳊﻼﺝ( ﻣﻦ ‪‬ﻭﻛﹾـ ﹺﺮ ﺷـ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٣٤٣‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٧٣‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ‪.١٧٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺻﻮﺭﺗﻪ‪ .‬ﻭﻋﻼ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪ .‬ﻓﻜﺎﻥ ﺑﺎﺯﻳﹰﺎ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﺑـﺰﺍﺓ‬
‫ﻂ "ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺿﻌﻴﻔﺎ"‪ .‬ﻓﻠﻢ ﳚﺪ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‬ ‫ﻂ ﺍﻟﻌﻴﻨﲔ ﲞﻴ ‪‬‬ ‫ﺍ ﹶﳌ‪‬ﻠﻚ‪ ،‬ﻣﺨ‪‬ﻴ ﹶ‬
‫ﻣﺎ ﳛﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺪ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﻻﺣﺖ ﻟﻪ ﻓﺮﻳﺴ ﹸﺔ "ﺭﺃﻳﺖ ﺭﰊ" ﺍﺯﺩﺍﺩ ﲢﻴ‪‬ـﺮ‪‬ﻩ ﰲ‬
‫ﻗﻮﻝ ﻣﻄﻠﻮﺑﻪ‪" :‬ﻓﺄﻳﻨﻤﺎ ﺗﻮﻟﻮﺍ ﻓﺜ ‪‬ﻢ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫"ﻋﺎﺩ ﻫﺎﺑﻄﺎ ﺇﱃ ﺣﻀﺮﺓ ‪‬ﺧ ﱠﻄ ‪‬ﺔ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺒﹰﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﺪﻡ ﻣﻦ ﻭﺟـﻮﺩ‬
‫ﺖ ﺑﻌﲔ ﻋﻘﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﺳﻮﻯ ﺍﻵﺛﺎﺭ‪ .‬ﹶﻓ ﹶﻜﺮ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺭ ﰲ ﻗﻌﻮﺭ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ‪ ،‬ﻳﺘ‪‬ﻠ ﱠﻔ ‪‬‬
‫ﻓﻠﻢ ﳚﺪ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭﻳﻦ ﳏﺒﻮﺑﺎ ﺳﻮﻯ ﳏﺒﻮﺑﻪ‪ .‬ﻓﻄﺮﺏ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺳﻜﺮﻩ‪ :‬ﺃﻧﺎ‬
‫ﺤ ﹴﻦ ﻏﲑ ﻣﻌﻬﻮﺩ‪ ،‬ﺻﻔﱠﺮ ﰲ ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺻﻔﲑﺍ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ‪.‬‬ ‫ﺍﳊﻖ! ﰒ ﺗﺮﻧ‪‬ﻢ ﹺﺑﹶﻠ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﳊ‪‬ﺘ ‪‬ﻔ ‪‬ﻪ"‪.‬‬
‫ﺤ ‪‬ﻦ ﺑﺼﻮﺗﻪ ﹶﻟﺤ‪‬ﻨﹰﺎ ﻋﺮ‪‬ﺿﻪ ﹶ‬ ‫ﻭﹶﻟ ‪‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺫﻟﻚ ﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﺍﳋﻄﺄ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﱄ ﻭﻣﺎ ﻟﻠﺤﻼﺝ ﻭﺍﻟﻠﺠﺎﺝ ﺇﻥ‬
‫ﺡ ﰲ ﻗﻠﱯ ﺑﻼﺑﻞ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﱃ ﺭﰊ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﻨﻬﺾ ﳘﱵ‬ ‫ﺼ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺖﻻﺗ ‪‬‬ ‫ﹸﻛ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﻟﻄﻠﺒﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ!ﻋﺬﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳊﻼﺝ ﺑﺎﻟﺴﻜﺮ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻌ ‪‬ﺬﺭ‪‬ﻩ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ .‬ﻣﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ "ﻟﺸﻔﻘﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ"‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳊﻖ ﰲ ﺳﺪ‬
‫ﺴ ‪‬ﻤ ‪‬ﺢ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﱂ ﳚﺊ ‪‬ﺎ‬ ‫ﺍﻟﺬﱠﺭﺍﺋﻊ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻉ‪.‬‬
‫ﺴﻤ‪‬ﻲ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺍﻟﺴ‪‬ﻜﺮ ﻣﺮﺿﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻬﺠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﰊ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺴﱠﻠﻮ‪‬ﺍ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﱰﻳﻪ‪،‬‬ ‫ﻓﻴﻜﺘﺐ‪" :‬ﻭﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻛﱪﺍﺀ ﺍﻟ ‪‬ﻌﺮ‪‬ﻓﺎﺀ ﺃ‪‬ﻢ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻭﺑﺎﳊﺎﺩﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺪﱘ‪ .‬ﺇﺫ ﺍﻛﺘﻔﻮﺍ ﺑﺎﳌﺜﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻋﻜﻔﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻇﲏ ﺃﻥ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺮﺽ ﺣـﺪﺙ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﳍﻢ ﺑﺎﳊﻠﻮﻝ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ"‪.‬‬
‫‪ ١‬ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺍﳊﺪﻳﺜﻴﺔ ﻟﻠﻬﻴﺜﻤﻲ ﺹ ‪.٢٣٠‬‬
‫‪ ٢‬ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٩٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻋﺼﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻨﻴﻊ‪ ،‬ﻣﻄﻠﻘﻪ ﻭﻣ‪‬ﻌ‪‬ﻴﻨﹺﻪ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺑﻌﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ ﺇﻻ ﲟﺎ ﺗﺘﻌﺮﻑ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ‪" :‬ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻧﻪ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺮ‪‬ﻑ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺍﻷﻛﱪ )ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ( ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻨﻪ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ‪‬ﺩﺭ‪‬ﻙ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺇﺩﺭﺍﻙ‪ .‬ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﱂ ﳚﻌﻞ ﻟﻠﺨﻠﻖ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻼ‬
‫ﺇﻻ ﺑﺎﻟ ‪‬ﻌﺠ‪‬ﺰ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‪(...).‬‬
‫"ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﻔﺔ‬
‫ﻛﱪﻳﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻨﺎﻙ ﺣﻖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﺮﻑ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺭﺋﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ )ﺑﻌﺪ ﻧﺒﻴﻬﺎ( ﺍﻟﱵ ﻫﻲ‬
‫ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪ‪‬ﻋﻲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﻌﺪ ﻫﺆﻻﺀ! ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻈﻦ‬
‫ﺟﻬﻠﹶﻪ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﺮﻛﱠﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﻏﲑ ﺍﳊﻖ ﺣﻘﹰﺎ‪.‬‬
‫"ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ ‪‬ﺎﻳﺔ ‪‬ﺎﻳﺎﺕ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻌﺮﻭﺝ‪ ،‬ﻭﻣﻨﺘـﻬﻰ‬
‫ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﻘﺮﺏ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻄﻮ ﻣﺮﺍﺗﺐ‬
‫ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻈﻬﻮﺭﺍﺕ‪ ،‬ﻭﱂ ﳚﺪ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺴـﺮﻭﺭﺍ‬
‫ﺸﺮ‪‬ﻓﹰﺎ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺠـﺰ‪ ،‬ﻭﻻ‬ ‫ﲔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ‪ ،‬ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ‪‬ﻣ ‪‬‬ ‫‪‬ﻤﺎ ‪‬ﻣ ‪‬ﺪ ﹰﺓ ﻛﺜﲑ ﹰﺓ ﻋ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻳﺘﺨﻠﱠﺺ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﻞ ﺑﺎﷲ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻏﲑ ﺍﳊﻖ ﺣ ﹼﻘﹰﺎ"‪.‬‬
‫ﳊ ﱢﻞ ﻭﺍﻟﺘ‪‬ﺮﺣﺎﻝ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻚ‬ ‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻃﻮ ﻟﻨﺎ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﻭﻋﺮﻓﻨﺎ ﺑﻚ ﻭ ‪‬ﺣﻔﱠﻨﺎ ﰲ ﺍ ﹶ‬
‫ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻚ ﻭﻛﻼﺀﺗﻚ‪ .‬ﻳﺎ ﻣﻠﻚ ﻳﺎ ﻭﻫﺎﺏ‪ .‬ﻳﺎ ﺫﺍ ﺍﳉﻼﻝ‪ .‬ﻳﺎ ﺫﺍ ﺍﳉﻼﻝ‪ .‬ﻳﺎ ﺫﺍ‬
‫ﺍﳉﻼﻝ‪.‬‬

‫‪ ١‬ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٧٢‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻖ! ﻃﻬ‪‬ﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻨﻚ! ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻚ ﻧﻔﺎﻗﻚ ﺣﱴ ﺗﻐﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‬
‫ﺑﺄﻛﻞ ﳊﻮﻣﻬﻢ! ﺃﻧﺖ ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻚ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻣﺜﻠﻚ ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺗﺄﻛﻞ ﺍﻟﺪﻳﺪﺍﻥ‬
‫ﻀﻤ‪‬ﻜﻢ ﻓﺘﺴﺤﻘﻜﻢ‬ ‫ﺃﻟﺴﻨﺘﻜﻢ ﻭﳊﻮﻣﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺗﻘﻄﻌﻜﻢ ﻭﲤ ‪‬ﺰﻗﹸﻜﻢ! ﻭﺍﻷﺭﺽ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻭ‪‬ﺗ ﹶﻘﱢﻠﺒ‪‬ﻜﻢ!‬
‫ﺴ ‪‬ﻦ ﹶﻇﻨ‪‬ﻪ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺑﻌﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‬ ‫ﺤ‪‬‬‫"ﻻ ﻓﻼﺡ ﳌﻦ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﻳﺘﻮﺍﺿ ‪‬ﻊ ﳍﻢ‪ .‬ﱂ ﻻ ﺗﺘﻮﺍﺿﻊ ﳍﻢ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺀ! ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﺃﻧﺖ‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ!‬
‫"ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻗﺪ ﺳﻠﻢ ﺍﳊ ﱠﻞ ﻭﺍﻟﺮﺑﻂ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪ .‬ﻢ ﲤﻄﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺗﻨﺒﺖ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ‪ .‬ﻛ ﱡﻞ ﺍﳋﻠﻖ ﺭﻋ‪‬ﻴﺘ‪‬ﻬﻢ‪ .‬ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻛﺎﳉﺒﻞ ﻻ ﺗﺰﻋﺰﻋﻪ ﻭﻻ ﲢﺮﻛﻪ‬
‫ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻵﻓﺎﺕ ﻭﺍﳌﺼﺎﺋﺐ‪ .‬ﻻ ﻳﺘﺰﻋﺰﻋﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻣﻜﻨﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪﻫﻢ ﻭﺭﺿﺎﻫﻢ ﻋﻦ‬
‫ﻣﻮﻻﻫﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻃﺎﻟﺒﲔ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻟﻐﲑﻫﻢ‪.‬‬
‫"ﺗﻮﺑﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﺮﻓﻮﺍ ﺑﺬﻧﻮﺑﻜﻢ ﺑﻴﻨﻜﻢ‬
‫ﻭﺑﻴﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻀﺮﻋﻮﺍ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ .‬ﺇﻳﺶ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ! ﻟﻮ ﻋﺮﻓﺘﻢ ﻟﻜﻨﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ‬
‫ﻣﺎ ﺃﻧﺘﻢ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﺗﺄﺩﺑﻮﺍ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺄﺩﺏ ﻣﻦ‬
‫ﺳﺒﻘﻜﻢ‪.‬‬
‫"ﺃﻧﺘﻢ ﳐﺎﻧﻴﺚ ﻭﻧﺴﺎ ٌﺀ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ )ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ( ﺇﻟﻴﻬﻢ! ﺷﺠﺎﻋﺘﻜﹸﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﺗﺄﻣﺮﻛﻢ ﺑﻪ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﻭﺃﻫﻮ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻜﻢ ﻭﻃﺒﺎﻋ‪‬ﻜﻢ‪ .‬ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﻀﺎﺀ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻻ ﺗﺴﺘﻬﻴﻨﻮﺍ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ!‬

‫‪١‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺩﻭﺍﺀٌ‪ ،‬ﻭﻛﻠﻤﺎ‪‬ﻢ ﲦﺮﺓ ﻭﺣﻲ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮﻻﻩ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻳ ‪‬ﻮﺭ‪‬ﻱ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺐ ﻭﺣﺎﺟﺮ‪:‬‬
‫אم}‪01F‬א!'‪M‬א!‪7I/‬א ‪787 p=I‬א‪E   e‬ذא‪h 7‬د‪^8‬א!‪ ]e7[~7 IM87@]/‬‬
‫و‪O2]>%ْ17‬א!‪   `P2]([s]_8/72‬و‪e‚LC478 7‬و‪7‡]B‬א‪ e7‬‬
‫?_‪   07‬و‪
›d:‬ذא"א!‪M2yX‬و ‪ e‬‬ ‫‪75‬א{[א!‪7I#] 8m7 h‘2I/‬א ‪I‬‬
‫‪] \!*#‬‬
‫‪;gy]%7‬ن!‪-<   ]
-2!E=;Le‬אو!;)‪ e 87-7<8
]-]827‬‬
‫‪nEg&I‬ذא"א!‪M2yX‬و‪   O%2:‬و‪nE;]%‬ذא"א!‪M2yX‬و‪ e/‬‬
‫و‪AL‬ق‪E‬ن‪ e 85h-7FٍI<& ”'7@]   `_2 %\Z%‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪C% Bِ  /‬ــ‪* $ Eq7*ُC Ef‬ـــ‪:V‬‬ ‫‪R‬ـــ‪. i‬ـــ‪F $ b‬ــــ
‡ـــ‪X‬ـ‪q‬‬
‫‪َ) َ.‬ــ ‡‪ُ+ 5‬ـــ‘‪:$ E‬ـ *ــــ‪:V‬‬ ‫‪..‬ــ‪ R - 2k A‬ــــ‪H< L 
N‬‬
‫‪Q ً
7 َL‬ـ‪َ9 ،PN‬ــ‪* *$ $ N‬ــ‪:V‬‬ ‫ ‡ˆ '*\‪$ h DWr9 ،‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٦٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ا
 ا‬

‫
‬

‫
‬ ‫♦‬

‫ 
 ـ‬ ‫♦‬

‫    ‬ ‫♦‬

‫ ‬ ‫♦‬

‫ ‬ ‫♦‬

‫‪!" #$‬‬ ‫♦‬

‫& ‪%‬‬ ‫♦‬

‫*‪'$
( ')$‬‬ ‫♦‬

‫"‪+‬‬ ‫♦‬

‫‪,-. /‬‬ ‫♦‬

‫‪012 34‬‬ ‫♦‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)ــ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻗﻞ ﳚﻤﻊ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﰒ ﻳ‪‬ﻔﺘﺢ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﺎﳊﻖ‪ .‬ﻭﻫـﻮ ﺍﻟﻔﺘـﺎﺡ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ‪ .‬ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ ‪‬ﻨﺎ‪ .‬ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ ﲢﺮﻣﻨﺎ‪ .‬ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ ﺗـﻮﺛﺮ‬
‫ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ .‬ﻭﺃﺭﺿ‪‬ﻨﺎ ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ‪.‬‬

‫ﺍﻟ‪‬ﺘ ‪‬ﺆ ‪‬ﺩ ﹸﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺄﱐ ﻭﺍﻟﺘﻤﻬﻞ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ‪ .‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﻭﻓـﺮﻉ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺃﻭ ﻫﻲ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮﻩ‪ .‬ﻭﰲ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻟﺘـﺆﺩﺓ ﻣﻌـﲎ ﺍﻟﺘﺤﻤـﻞ‬
‫ﻭﻣﻄﺎﻭﻟﺔ ﺍﳌﺼﺎﻋﺐ ﻭﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﳊﻠﻬﺎ ﻭﲡﺎﻭﺯﻫﺎ‪ .‬ﺍﻟﺼـﱪ‬
‫ﻗﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪
:‬ﻓﺎﺻﱪ ﻛﻤﺎ ﺻﱪ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻌﺠﻞ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﺣﻘﺎﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٣٤ :‬ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ‪
:‬ﻭﺍﺻﱪ ﻭﻣﺎ ﺻﱪﻙ ﺇﻻ‬
‫ﻚ ﰲ ﺿﻴﻖ ﳑﺎ ﳝﻜﺮﻭﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺤﻞ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٨١ :‬ﻭﻗﺪ‬‫ﺑﺎﷲ ﻭﻻ ﲢﺰﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻣﺪﺡ ﺍﷲ ﻋﺒﺪﻩ ﺃﻳﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﺼﱪﻩ ﻓﻘﺎﻝ ﺟﻠـﺖ ﻋﻈﻤﺘـﻪ‪
:‬ﺇﻧـﺎ‬
‫ﻭﺟﺪﻧﺎﻩ ﺻﺎﺑﺮﺍ‪ .‬ﻧﻌﻢ ﺍﻟﻌﺒﺪ‪ .‬ﺇﻧﻪ ﺃﻭﺍﺏ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺹ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٤٤ :‬ﻭﺃﺣـﺐ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﳛﺐ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﻓﻘﺎﻝ‪
:‬ﻭﺍﷲ ﳛﺐ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪:‬‬

‫‪(١٤٦‬‬
‫ﺍﻟﺼﱪ ‪‬ﻋﺪ‪‬ﺓ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻌﻴﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ‬
‫ﻣﻊ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﺰﻣﻮﻥ ﺑﻠﻘﺎﺀ ﺍﷲ‪
:‬ﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻏﻠﺒﺖ ﻓﺌﺔ ﻛـﺜﲑﺓ‬
‫ﺑﺈﺫﻥ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٤٩ :‬ﻭﻗﺪ ﺿـﺮﺏ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﳌﺜﻞ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺼﱪ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﰲ ﻣﻮﻗﻒ ﻛﺎﻥ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﻤﻞ ﳘﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗـﺒﻠﻜﻢ ﻳﻮﺧ‪‬ـ ﹸﺬ‬ ‫ﺍﻟﺜﺒﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻴ‪‬ﺤﻔﹶﺮ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﰒ ﻳ‪‬ﻮﺗ‪‬ﻰ ﲟﻨﺸﺎﺭ ﻓﻴﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺠﻌ‪‬ﻞ ﻧﺼﻔﲔ‪ .‬ﻭﻳ‪‬ﻤﺸﻂ ﺑﺄﻣﺸﺎﻁ ﺍﳊﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﳊﻤﻪ ﻭﻋﻈﻤـﻪ‪.‬‬ ‫ﺭﺃﺳﻪ‪ ،‬ﻓ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ﻳﺼﺪﻩ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻪ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﻟ‪‬ﻴ‪‬ﺘ ‪‬ﻤ ‪‬ﻦ ﺍﷲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﱴ ﻳﺴﲑ ﺍﻟﺮﺍﻛﺐ ﻣﻦ‬
‫ﺻ‪‬ﻨﻌ‪‬ﺎﺀ ﺇﱃ ‪‬ﺣﻀ‪‬ﺮ ‪‬ﻣ ‪‬ﻮﺕ‪ ،‬ﻻ ﳜﺎﻑ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺬﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﻤﻪ‪ .‬ﻭﻟﻜـﻨﻜﻢ‬
‫ﺗﺴﺘﻌﺠﻠﻮﻥ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋـﻦ ﺧﺒـﺎﺏ ﺑـﻦ‬
‫ﺍﻷﺭﺙ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺼ ‪‬ﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺀ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻣﺒﲎ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳌﺴﲑﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﰲ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﳋﻄﺮ‪ ،‬ﻭﲢﻤ ﹸﻞ ﺍﻷﺫﻯ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻋﻨـﻮﺍﻥ ﺍﻟﺮﺷـﺪ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺰﳝﺔ‪ ،‬ﻭﺷﺮﻁ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻮﺻﻲ ﺭﺳـﻮﻟﻪ‬
‫ﻭﺣﺒﻴﺒﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪
:‬ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺬﺑﺖ ﺭﺳﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ‪ ،‬ﻓﺼـﱪﻭﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻭﺃﻭﺫﻭﺍ ﺣﱴ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﻧﺼﺮﻧﺎ‪ .‬ﻭﻻ ﻣﺒﺪﻝ ﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﷲ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٣٤ :‬ﻻ ﺗﺘﻐﲑ ﺳﻨﺔ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﻛﻮﻥ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺃﻣﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ‬
‫ﺐ ﺫﻟـﻚ‬ ‫ﻳﻮﺍﺟﻬﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﻭﺍﻷﺫﻯ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﺘﻐﲑ ﰲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ﹸﻘ ‪‬‬
‫ﺑﺸﺮﻁ ﺍﻟﺼﱪ‪.‬‬
‫ﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺴﺄﻝ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ‬
‫ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺰﳝﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺷـﺪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺷﺪﺍﺩ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ‪ .‬ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎ ﻟﻠﻨﺼـﺮ‬
‫ﺃﺭﻓﻌﻬﻢ ﻗﺪﺭﺍ‪ .‬ﻣﻦ ﺭﻓﻌﺔ ﻗﺪﺭﻫﻢ ﳕﻮﺫﺟﻴﺘﻬﻢ ﰲ ﲢﻤﻞ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻟﻴﺘﺄﺳﻰ ‪‬ـﻢ‬
‫ﻏﲑﻫﻢ ﻓﻼ ﻳﻈﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺩﺍﺭ ﻧ‪‬ﺰﻫﺔ ﻭﻓﺮﺟﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻼﺀ ﺍﻷﻧﺒﻴـﺎﺀ ﰒ ﺍﻷﻣﺜـﻞ ﻓﺎﻷﻣﺜـﻞ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺭﻓﻌﺔ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﻟﺼﱪ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﳐﺎﻟﻄﺘﻬﻢ‪ .‬ﻗﺎﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪
:‬ﻭﺍﺻﱪ ﻧﻔﺴﻚ ﻣـﻊ ﺍﻟـﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺭ‪‬ﻢ ﺑﺎﻟﻐﺪﺍﺓ ﻭﺍﻟﻌﺸﻲ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻭﺟﻬﻪ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬـﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٢٨ :‬ﻭﻗـﺎﻝ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻟﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺼﱪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﺫﺍﻫﻢ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳜﺎﻟﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ ﻳﺼـﱪ ﻋﻠـﻰ ﺃﺫﺍﻫـﻢ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ﲣﺘﻠﻒ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﺮﺹ‪ ،‬ﺃﺣﺴﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﺍﻟﺴـﻠﻮﻙ‬
‫ﺴﻨ‪‬ﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺻﺎﺑﺮﻳﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻮﻥ‬ ‫ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺭ‪‬ﻢ ﻛﻤﺎ ﹸﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ﺭﺳﻮﳍﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴـﻪ ﺍﳌﺴـﻠﻤﻮﻥ‬
‫ﺻﺎﺑﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﳐﺎﻟﻄﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ‪ .‬ﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺩﻓﻌـﺖ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﻣﺴﲑﺓ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﺩ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻋﺎﻣﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﻠﻢ‬
‫ﺃﻥ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﺎ ﺗﺆﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﳓﻤﻞ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﱪ ﻣﻌﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﲢﻤﻞ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺑﺬﻝ ﺍﳉﻬـﺪ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳊﻘﻮﻕ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻌﺠﺎﻝ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪.‬‬
‫ﰲ ﻳﻮﻡ ﻣﺎ ﻭﻗ ﹾﻄ ﹴﺮ ﻣﺎ ﳝﺴﻚ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ‪ .‬ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺣﻞ‬
‫ﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ﺍﳌﻌﻴﺸﻴﺔ ﺣﺎﻻ‪ .‬ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺠﻞ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺑﹺﻨﻴ‪‬ﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﺄﻟﻮﻓﺔ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﺍﳌﻨﻔﻮﺧﺔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﲝﺠﻢ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ‪ .‬ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺒﺸﲑ ﺑﺎﻟﺮﺧﺎﺀ ﲢﺖ ﺭﺍﻳـﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﺳـﻨﺔ‬

‫ﻣﺼﻄﻔﻮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻘﺮﻳﺶ‪" :‬ﺟﺌـﺘﻜﻢ‬
‫ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺗﺪﻳﻦ ﻟﻜﻢ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻭﺗﺪﻓﻊ ﻟﻜﻢ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻌﺠﻢ ﺍﳉﺰﻳﺔ"‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺗﻌﺒﺌـﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺍ‪‬ﻬﻮﺩ ﺩﻳ ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﳜﺎﻃﺒﻨﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﶈﻤﺪﻳﺔ‪
:‬ﻭﻟﻨﺒﻠـﻮﻧﻜﻢ ﺑﺸـﻲﺀ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﳉﻮﻉ ﻭﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻧﻔـﺲ ﻭﺍﻟﺜﻤـﺮﺍﺕ‪ .‬ﻭﺑﺸـﺮ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺎﺑﺘﻢ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﺎ ﷲ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴـﻪ ﺭﺍﺟﻌـﻮﻥ‪.‬‬
‫ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺭ‪‬ﻢ ﻭﺭﲪﺔ ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ ﺍﳌﻬﺘﺪﻭﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘـﺮﺓ‪،‬‬

‫ﺍﻵﻳﺎﺕ‪(١٥٦-١٥٤ :‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻦ ﻳ‪‬ﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﱪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺄﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ ﺑﺒﺎﻋﺚ ﺍﻟﺼﱪ ﺍﻹﳝﺎﱐ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ ﻗﻠ ﹲﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻠﺒﺚ ﲪﺎﺱ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺸـﻌﺎﺭ‬
‫"ﺛﻮﺭﻱ" ﺟﺪﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻼﺷﻰ‪ .‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﰐ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺍﳊﻤﺎﺱ ﺍﳌﻮﻗﻮﺕ ﻭﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻪ‪ .‬ﻓﺎﻟﺪﻋﺎﺓ ﻻ ﻣﻨـﺎﺹ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻤـﺪﻭﺍ‪ ،‬ﻭﻫـﻢ‬
‫ﳝﺴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺰﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺯﻧـﺔ ﺑـﲔ ﻭﺍﺯﻋـﻲ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﺑﲔ ﺻﱪ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺍﶈﺴـﻨﲔ ﻭﺗﺼـﺒﲑ ﺍﻟﻌﺎﻣـﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﳌﻄﺎﻟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑـﺬﻝ‬
‫ﻭﻋﻄﺎﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﲪﺔ ﻳﺒﺸﺮ ‪‬ﺎ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺷـﻲﺀ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﳉﻮﻉ ﻭﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻧﻔﺲ ﻭﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ‪ .‬ﻭﻟﹶﻦ ‪‬ﻳﻌ‪‬ـﺪ‪‬ﻡ ﺃﻱ‬
‫ﺗﻐﻴﲑ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ ﺍﳋـﺎﺭﺟﻲ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﺠﻮﻳﻊ ﻟﺘﺨﻠﻔﻨﺎ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋـﻲ ﻭﺍﺣﺘﻜـﺎﺭ ﺍﻟﻘـﻮﻯ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻻﺳﺘﻜﺒﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﳋﻨﻖ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﳌﺴﺎﻭﻣﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪.‬‬
‫ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺧﻄﲑﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﰲ ﻏﲑﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻋﺪﹰﺍ‬
‫ﻣﻨﻪ ﻏﲑ ﻣﻜﺬﻭﺏ‪ ،‬ﺇﻥ ﺻﱪﻧﺎ ﻛﻤﺎ ﺻﱪ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﱪ ﳍﺎ ﺭﺟﺎﳍﺎ‪ ،‬ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﻬﻢ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﺻﺎﺑﺮﺍ ﰲ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻣﻊ ﻋﺎﻣـﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻣﺜﺒ‪‬ﺘﺎ ﳍﻢ‪،‬ﺭﺍﺟﻌﲔ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺭﺍﺟﻊ ﻣﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﺒـﻞ‬
‫ﺷﻜﻮﺍﻫﻢ ﻭﺷﻜﻮﺍﻩ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺼﺮ ﺑﻠﻮﺍﻫﻢ ﻭﺑﻠﻮﺍﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺴﻤﻊ ﳒﻮﺍﻫﻢ ﻭﳒﻮﺍﻩ‪ .‬ﻫـﻮ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻓﻘﻴﻪ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﺃﻱ ‪‬ﺑ‪‬ﻨ ‪‬ﻲ! ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺧﻠﻖ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﺩﺍﺭ ﻣ‪‬ﺤﻨﺔ‪ ،‬ﻭﳏﻞ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﻭﺍﻷﺷﺮﺍﺭ‪ .‬ﰒ ﺧﻠﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﺠﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﶈﺒﺔ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ‪ .‬ﰒ ﻳﻘﻠﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺇﱃ ﺣـﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺸﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﺇﱃ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ‪ .‬ﻹﻇﻬﺎﺭ ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ‬
‫ﺍﶈﻨﺔ ﳑﻦ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺭﺅ‪‬ﻳﺔ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌﻄ‪‬ـﻲ ﳑـﻦ‬
‫ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ)‪(...‬‬
‫"ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ .‬ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺃﻭﱃ ﳑﻦ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺴﺎﻁ ﺍﶈﻨﺔ‪ .‬ﻷﻥ ﻣﱰﻟﺔ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﱰﻟﺔ ﺍﻟﺼﱪ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺸﻜﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻃﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﻔﹶﺮﺍﻏﹶﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻃﺎﻋﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﻐﻞ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﻓﺎﺭﻏﺎ ﻛﻤﻦ ﻋﺒﺪﻩ ﻣﺸﻐﻮﻻ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ‪ :‬ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﶈﻨﺔ ﺃﻓﻀﻞ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺃﻓﻀﻞ‬
‫ﻣﺮﺗﺒﺔ ﳑﻦ ﺩﻭ‪‬ﻢ‪ .‬ﻓﺎﻣﺘﺤﻦ ﺍﷲ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ )ﻛﻞ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ( ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﺍﶈﻦ ﻭﺍﻟﺒﻼﺀ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻼﺀ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ"‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮﺓ ﻫﻢ‬
‫ﺃﻫﻮﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻴﺶ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻨﻌﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻨﻔﻲ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﻛﻤـﻦ ﻃﻠﺒـﻪ ﻣـﻦ ﻭﺭﺍﺀ‬
‫ﺍﳊﺠﺎﺏ‪ .‬ﻓﺎﻟﺸﺎﻛﺮ ﻳﻄﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳊﺠـﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼـﺎﺑﺮ ﻳﻄﻠﺒـﻪ ﺩﻭﻥ‬
‫ﺍﳊﺠﺎﺏ‪ .‬ﺍﻟﺸﺎﻛﺮ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺣ‪‬ﻆ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺭﺑﻪ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻛﺮ ﻣﻔﺘﺨﺮ ‪‬ﲟ ﹾﻠ ‪‬ﻜﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮ ﻣﻔﺘﺨﺮ ﲟﻠﻴﻜﻪ‪ .‬ﺍﻟﺸﺎﻛﺮ ﺣﺒﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮ ﺣﺒﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﻌﻢ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﺸﺎﻛﺮ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻣﻌﻲ ﻻ ﺃﺑﺎﱄ ﺇﻥ ﺃﺻﺎﺑﲏ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﲏ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﻣﻌﻲ ﻻ ﺃﺑﺎﱄ ﺇﻥ ﺃﺻﺎﺑﲏ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﲏ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺎﺑﺘﻬﻢ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﺎ ﷲ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٥٥ :‬ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻭﺟﺐ ﻟﻠﺸﺎﻛﺮ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ‪ .‬ﻭﻧﻔﻰ ﻋﻦ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮ‬
‫ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ‪
:‬ﺇﳕﺎ ﻳﻮﰱ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻭﻥ ﺃﺟﺮﻫﻢ ﺑﻐﲑ ﺣﺴﺎﺏ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻣﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪:‬‬

‫‪ (١١‬ﻭﻗﺎﻝ‪
:‬ﻭﺍﷲ ﳛﺐ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪( ...)(١٤٦ :‬‬

‫ﻱ ‪‬ﺑ‪‬ﻨ ‪‬ﻲ! ﺍﳋﻠﻖ ﺻﻨﻔﺎﻥ‪ .‬ﻭﱄ ﻭﻋﺪﻭ‪ .‬ﻭﺍﳊﺎﻝ ﺣﺎﻻﻥ‪ :‬ﺷﺪﺓ ﻭﻧﻌﻤـﺔ‪.‬‬ ‫ﺃ ‪‬‬
‫ﻓﺮﲟﺎ ﺗﺼﻞ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﱄ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺍﻷﻧﺒﻴـﺎﺀ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﺭﲟﺎ ﺗﺼﻞ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎ ﻟﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻗﻞ ﲤﺘﻌﻮﺍ ﻓﺈﻥ ﻣﺼﲑﻛﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(...)(٣٢ :‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﰒ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﲔ‪ :‬ﺇﻛﺮﺍ ‪‬ﻡ ﻭﺇﻫﺎﻧﺔ‪ .‬ﻓﻜﻞ ﺑﻼﺀ ﻳﻘﺮﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﳌـﻮﱃ‬
‫ﻓﻬﻮ ﰲ ﺍﻻﺳﻢ ﺑﻠﻮﻯ ﻭﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ‪‬ﺯﹾﻟﻔﹶﻰ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﺑﻼﺀ ﻳﺒﻌﺪﻙ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﱃ ﻓﻬﻮ‬
‫ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺑﻠﻮﻯ‪ .‬ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﺑﺘﻠﻰ ﺇﺑـﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺼـﻼﺓ‬
‫ﳋﱠﻠ ﹶﺔ ﻭﺍﻟ ﹸﻘ ‪‬ﺮ‪‬ﺑﺔﹶ‪ ،‬ﻭﺍﺑﺘﻠﻰ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺎﻗﺒـﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﺑﺘﻼﺋﻪ ﺍ ﹸ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﺑﺘﻼﺋﻪ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻘﻴﻪ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺿـﺮﺏ‪:‬‬
‫ﺃﺣﺪﻫﺎ ﺻﱪ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺍﺀ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋﻦ ‪‬ﻴﻪ‪ .‬ﻭﺻـﱪ‬
‫ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﱪ ﲢﺖ ﺟﺮﻳﺎﻥ ﻗﻀﺎﺋﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻓﻴﻚ ﻣﻦ ﺳـﺎﺋﺮ‬
‫ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﻭﺍﻟﺒﻼﻳﺎ‪ .‬ﻭﺻﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﺻﱪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﻋﺪ ﻣـﻦ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻟﻔﺮﺝ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺃﻳﻦ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ! ﻫﺎﺕ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‬
‫ﻭﺧﺬ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﻣﻮﺭﻙ‪ .‬ﺃﻧﺖ ﻋﺒﺪ ﺁﺑﻖ ﻣﻦ ﻣﻮﻻﻙ! ﺍﺭﺟـﻊ ﺇﻟﻴـﻪ‪،‬‬
‫ﻭ ‪‬ﺫ ﱠﻝ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺍﺿﻊ ﻷﻣﺮﻩ ﺑﺎﻻﻣﺘﺜﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻟﻨﻬﻴﻪ ﺑﺎﻻﻧﺘﻬﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻟﻘﻀـﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺼـﱪ‬
‫ﻭﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ! ﺇﺫﺍ ﱠﰎ ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﲤﺖ ﻋﺒﻮﺩ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻚ ﻟﺴﻴﺪﻙ‪ ،‬ﻭﺟﺎﺀﺗﻚ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳـﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﺃﻟﻴﺲ ﺍﷲ ﺑﻜﺎﻑ ﻋﺒﺪﻩ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻣﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٣٥ :‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﺻﺤﺖ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻚ ﻟﻪ ﺃﺣﺒﻚ‪ ،‬ﻭﻗﻮ‪‬ﻯ ﺣﺒﻪ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﺁﻧﺴﻚ ﺑﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻗﺮ‪‬ﺑﻚ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺗﻌﺐ ﻭﻻ ﻃﻠﺐ ﻟﻚ‪ .‬ﻻ ﺗﻄﻠﺐ ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻛﻦ ﺭﺍﺿـﻴﺎ‬
‫ﻋﻨﻪ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻚ‪ .‬ﻓﻠﻮ ﺿﻴﻖ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻷﺭﺽ ﺑ ‪‬ﺮ ‪‬ﺣﺒﹺﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺳـﺪ ﻋﻠﻴـﻚ‬
‫ﺏ ﺑﺎﺏ ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭﱂ ﺗﺄﻛﻞ ﻣـﻦ‬ ‫ﺴﻌ‪‬ﺘ‪‬ﻬﺎ ﱂ ﺗﺴﺨﻂ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﱂ ﺗﻘ ‪‬ﺮ ‪‬‬‫ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺑ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪ ٢٣٣‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٩٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻃﻌﺎﻡ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺗﻠﺘﺤﻖ ﲟﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺣﻘﻪ‪:‬‬
‫
ﻭﺣﺮ‪‬ﻣ‪‬ﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺮﺍﺿﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﺺ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١١ :‬‬
‫"ﺭﺑﻨﺎ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﺷﺎﻫﺪ‪ ،‬ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﺎﺿﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ‬
‫ﺷﻲﺀ ﺭﻗﻴﺐ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺮﻳﺐ‪ .‬ﻻ ﹸﻏ‪‬ﻨ‪‬ﻴ ﹶﺔ ﻟﻜﻢ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻣﺎ ﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ﺍﻹﻧﻜـﺎ ‪‬ﺭ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ! ﻭﳛﻚ! ﺗﻌﺮﻑ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰒ ﺗﻌﻮﺩ ﺗﻨﻜﺮﻩ! ﻻ ﺗﺮﺟﻊ ﻋﻨـﻪ‬
‫ﺤ ‪‬ﺮ ‪‬ﻡ ﺍﳋﲑ ﻛﻠﻪ! ﺍﺻﱪ ﻣﻌﻪ ﻭﻻ ﺗﺼﱪ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺻﱪ‬ ‫ﻓﺈﻧﻚ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻗﺪﺭ‪ .‬ﻭﺇﻳﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ! ﺇﻳﺶ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺠﻠﺔ! ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﻳﺎ ﺃﻳﻬـﺎ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺍﺻﱪﻭﺍ ﻭﺻﺎﺑﺮﻭﺍ ﻭﺭﺍﺑﻄﻮﺍ ﻭﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﷲ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﻔﻠﺤﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ‬

‫ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ(‬

‫"ﻭﰲ ﺍﻟﺼﱪ ﺁﻳﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﻨﻌﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺣﺴﻦ ﺍﳉﺰﺍﺀ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺃﺧﺮﻯ‪ .‬ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻪ ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﺘﻢ ﺍﳋﲑ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﺎﺟﻼ ﻭﺁﺟﻼ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﻦ ‪‬ﺧ ‪‬ﺪ ‪‬ﻡ ‪‬ﺧ ‪‬ﺪ ‪‬ﻡ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺍﻓﻘﻪ‪ .‬ﺇﻥ ﲪﻠﻪ ﺇﱃ ﺍﻟـﱪ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﺒﺤﺮ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺃﻭ ﺇﱃ ﺍﳉﺒﻞ‪ ،‬ﺇﻥ ﺃﻃﻌﻤﻪ ‪‬ﺣﻠﹾﻮﺍ ﺃ ‪‬ﻭ ﻣ‪‬ﺮﺍ‪.‬‬
‫ﺴﻘﹶﻢ‪ .‬ﻣﺸﻰ ﻣـﻊ‬ ‫"ﻭﺍﻓﻘ ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺰ ﻭﺍﻟﺬﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐﲎ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺍﻟ ﹶﻘ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺐ ﻧﺰﻝ ﻭﺃﺭﻛﺒﻪ ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ ،‬ﻭﺻﺎ ‪‬ﺭ ﺭﹺﻛﺎﺑﹰﺎ ﻟﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺧﺪ‪‬ﻣﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺍﺿﻊ ﻟﻪ ﻟﻘﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻟﻪ‪ .‬ﻭﻛـﻞ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﳌﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻫﻮﺍﻩ ﻭﻃﺒﻌﻪ ﻭﻋﺎﺩﺍﺗﻪ ﻭﺷﻴﻄﺎﻧﻪ ﻭﺃﻗﺮﺍﻥ ﺍﻟﺴﻮﺀ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٣٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻗﺪﺭﻙ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ .‬ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨـﺎ ﰲ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬

‫‪١‬‬
‫ﺣﺴﻨﺔ ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻻ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻧﻔﺴﻚ‪ ،‬ﻭﻻ ﰲ ﺃﻫﻠﻚ‪ ،‬ﻭﻻ ﰲ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻚ‪ .‬ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤ‪‬ﻲ ﺃﻥ ﺗﺄﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻐﲑ ﻭﻳﺒﺪ‪‬ﻝ؟ ﻭﺃﻧﺖ ﺃﺣﻜﻢ‬
‫ﻣﻨﻪ ﻭﺃﻋﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﺭﺣﻢ ﻣﻨﻪ؟ ﺃﻧﺖ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﻛﻠﱡﻬﻢ ﻋﺒـﺎﺩﻩ‪ .‬ﻫـﻮ ﻣـﺪﺑ‪‬ﺮﻙ‬
‫ﻭﻣﺪﺑﺮﻫﻢ‪ .‬ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺻﺤﺒﺘﻪ ﰲ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧـﺮﺓ ﻋﻠﻴـﻚ ﺑﺎﻟﺴـﻜﻮﻥ‬
‫ﺱ‪.‬‬
‫ﳋ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻭﺍ ﹶ‬
‫"ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﺘﺄﺩﺑﻮﻥ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﺘﺤﺮﻛﻮﻥ ﺣﺮﻛـﺔ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﳜﻄﻮﻥ ﺧﻄﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻥ ﺻﺮﻳﺢ ﻣﻨﻪ ﻟﻘﻠﻮ‪‬ﻢ)‪ .(...‬ﻫﻢ ﻗﻴﺎﻡ ﻣﻊ ﺍﳊﻖ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻗﻴﺎﻡ ﻣﻊ ﻣ ﹶﻘﻠﱢﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻷﺑﺼﺎﺭ‪ .‬ﻻ ﻗﺮﺍﺭ ﳍﻢ ﻣﻊ ﺭ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺣﱴ ‪‬ﻳ ﹾﻠﻘﹶﻮﻩ ﺑﻘﻠﻮ‪‬ﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺑﺄﺟﺴﺎﺩﻫﻢ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺒﺘﻠﻰ ﺻﺎﺑﺮ‪ ،‬ﻣ ﹶﻔﻮ‪‬ﺽ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ‪:‬‬
‫د

א 






و‪
!"#‬ل
א

א

‬
‫وو‪+
,"-
.#‬ذ‪
%‬א'*
)('ذ‪



%‬و‪

/012
)
34 5
(*(4

678
1-‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ ﱂ ﻳﻌﱪ ﺑﻼﺀﻫﺎ‪:‬‬

‫‪(-‬م
‪!9:*
;(<0‬א


‪



(ً ?ْ"#A‬و‪

B?ْ"C
DC (5(EF
G
(-
1ْ-‬‬
‫;
‪
I
(7
JC
/K
64‬و‪

(?7
"L*
(
(7
MNO



H"4#‬‬
‫‪
،(C(5(!P
JZ‬ذن
‪

! B?X5
I!"W‬‬ ‫‪VW‬ن
*‪



(7OP
(5(?K
QRS Q
T
6‬و ‪Q‬‬
‫*ذ
)]
א"\‪N EB 



H7W
J8
I
D‬ق
‪

(?Q7^
HX4P
)
69"

I‬‬
‫‪
(!W‬ذ‪
]8‬א‪
;
7‬و‪

! ?Q5
(\"`
"P،ab*
QIA
aAc(?)



(\K‬‬
‫‪
]4
(7<0‬א‪e‬ن
‪



(7P<0
J-dW‬و‪(
()"-
Qf"g -‬ل
‪P‬א^\(
‪

(?7P‬‬
‫و‪
h(^0
ab*
ij
1-‬و‪<
I
a*<
]4"P



9E-‬א‪

(ً ?ْ"A#
(CC‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٩٣‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‬
‫‪َ/&A B
A C D EA DA B
A AC F‬ــــ‬ ‫; ‪678 9‬ـــــ‬
‫‪7 5$‬ـــ@? >َ‪<-‬ـــ ‪:‬‬
‫(‪َ* Tْ U‬ـ‪ُ$‬ــ ‪P Q ,:‬ـ ‪&9‬ــــــ @َــــــ‪َ/&9 NO‬ــــ‬ ‫(‪-$7J  H:%K 7AL ?M‬ـــ‪GH I‬‬
‫@ُ‪A‬ـ‪YZ)  [%‬ـــ‪$"7 Q 9‬ـــ ‪ْ$َM I9‬ـ‪َ/‬ـــ‬ ‫‪&ْXَ@P‬ـــ ‪
W $‬ـــ‪K V‬ـــ ‪@
7‬ـــــ‪%‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ 
 ـ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻥ ﺭﺑﻨﺎ ﻟﻐﻔﻮﺭ ﺷﻜﻮﺭ‪ .‬ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﻠﻨﺎ ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻘﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ‬
‫ﻻ ﳝﺴﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﺐ ﻭﻻ ﳝﺴﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻐﻮﺏ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﲏ ﺣﺒﻚ ﻭﺣﺐ ﻣﻦ ﻳﻨﻔﻌﲏ ﺣﺒﻪ‬
‫ﻋﻨﺪﻙ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻣﺎ ﺭﺯﻗﺘﲏ ﳑﺎ ﺃﺣﺐ ﻓﺎﺟﻌﻠﻪ ﻗﻮﺓ ﱄ ﻓﻴﻤﺎ ﲢﺐ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﺯ ‪‬ﻭﻳ‪‬ﺖ ﻋﲏ ﳑـﺎ‬
‫ﺃﺣﺐ ﻓﺎﺟﻌﻠﻪ ﻓﺮﺍﻏﺎ ﱄ ﻓﻴﻤﺎ ﲢﺐ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﳋﻠﻖ‬
‫ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ‪.‬‬

‫ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺧﲑﻩ ﻭﺷﺮﻩ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪،‬ﻻ ﻳﻜﻮﻥ‬

‫ﺃﺣﺪ ﻣﻮﻣﻨﺎ ﺇﻻ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﺳﻌﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺴﺨﻂ ﻋﻠﻴـﻪ ﺷـﻘﺎﺀ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﺒﻠﻴﺪ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ ﺷﺮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﻋﺠﺰ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻹﳝﺎﻥ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﻭﺑﲔ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﲑ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘـﺎﺩﺭ‪،‬‬
‫ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮﻏﻪ ﺇﻻ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﻭﻗـﺪ‬
‫ﻛﺘ‪‬ﺐ ﻣﻘﻌﺪ‪‬ﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﻘﻌﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺔ"‪ .‬ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪ :‬ﺃﻓﻼ ﻧﺘﻜﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻓﻜﻞ ‪‬ﻣ‪‬ﻴﺴ‪‬ﺮ ﳌﺎ ‪‬ﺧﻠ‪‬ﻖ ﻟﻪ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﺴﻴﺼﲑ ﻟﻌﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﺸـﻘﺎﺀ‬
‫ﻓﺴﻴﺼﲑ ﻟﻌﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ"‪ .‬ﰒ ﻗﺮﺃ‪
:‬ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻄﻰ ﻭﺍﺗﻘـﻰ ﻭﺻـﺪﻕ‬
‫ﺑﺎﳊﺴﲎ ﻓﺴﻨﻴﺴﺮﻩ ﻟﻠﻴﺴﺮﻯ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻵﻳﺔ‪
:‬ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﲞﻞ ﻭﺍﺳﺘﻐﲎ ﻭﻛﺬﺏ‬
‫ﺑﺎﳊﺴﲎ ﻓﺴﻨﻴﺴﺮﻩ ﻟﻠﻌﺴﺮﻯ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﻴﻞ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺎﺕ‪ (٧-٥ :‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﺃﺑـﻮ ﺩﺍﻭﺩ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺟﻬﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻻ ﻳﻮﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺣﱴ ﻳﻮﻣﻦ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺧـﲑﻩ‬
‫ﻭﺷﺮﻩ‪ .‬ﻭﺣﱴ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻴ‪‬ﺨﻄﺌﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﺃﺧﻄﺄﻩ ﱂ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻟﻴﺼﻴﺒﻪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﻦ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺭﺿﺎﻩ ﲟﺎ ﹶﻗﻀ‪‬ﻰ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺷﻘﺎﻭﺓ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺳﺨﻄﻪ ﲟﺎ ﹶﻗﻀ‪‬ﻰ ﺍﷲ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ‬
‫ﺃﰊ ﻭﻗﺎﺹ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺧﲑ ﻭﺃﺣﺐ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ‪ ،‬ﻭﰲ ﻛﻞ‬
‫ﺧﲑ‪ .‬ﺍﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻚ‪ .‬ﻭﺍﺳﺘﻌﻦ ﺑﺎﷲ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﺷﻲﺀ ﻓﻼ ﺗﻘﻞ‪:‬‬
‫ﻟﻮ ﺃﱐ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﻗﻞ‪ :‬ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﻓﻌﻞ‪ .‬ﻓﺈﻥ "ﻟـﻮ"‬
‫ﺗﻔﺘﺢ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ"‪.‬‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﳚﺘﻬﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻪ ﺩﻳﻨﺎ ﻭﺩﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺘﻌﲔ ﺑﺎﷲ ﰲ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﺍﳌﺬﻣﻮﻡ ﻭﺍﻻﺗﻜﺎﻝ ﺍﳌﺸﺆﻭﻡ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮﻛﹸﻪ ﺍﻻ‪‬ﺟﺘﻬﺎ ‪‬ﺩ ﰲ ﻧﻄـﺎﻕ‬
‫ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺔ‪ ،‬ﳝﺴﺢ ﻋﺠﺰﻩ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﰲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﲏ ﻭﺍﻟﺘﺤﺴﺮ‪.‬‬
‫ﻭﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻻ ﳜﻮﺽ ﰲ ﻏﺎﻣﻀﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘـﺪﺭ‪،‬‬
‫ﺑﻞ ﻳﻔﻮ‪‬ﺽ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻳﺜﻖ ﲝﻜﻤﺘﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺗـﺪﺑﲑﻩ‬
‫ﻭﺣﺴﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﳋﻠﻘﻪ‪ ،‬ﻏﲑ ﻏﺎﻓﻞ ﳊﻈﺔ ﻋﻦ ﺃﻥ ‪‬ﻣ‪‬ﺒﻨ‪‬ﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴـﺔ‬
‫ﻭﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﺑﺘﻼﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﺍﳋﲑ ﻓﺘﻨﺔ‪ .‬ﻭﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﳊﺠﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐـﺔ ﰲ‬
‫ﺑﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺧﻔﻴﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳉﺪﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﳓﺮﺍﻑ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪" :‬ﺧـﺮﺝ ﻋﻠﻴﻨـﺎ‬

‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﳓﻦ ﻧﺘﻨﺎﺯﻉ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪ .‬ﻓﻐﻀـﺐ ﺣـﱴ‬
‫ﺐ ﺍﻟ ‪‬ﺮﻣ‪‬ﺎﻥ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﺃﻓﺒﻬﺬﺍ ﹸﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮﺗ‪‬ﻢ!‬
‫ﺍﲪﺮ ﻭﺟﻬﻪ‪ .‬ﺣﱴ ﻛﺄﳕﺎ ﹸﻓ ‪‬ﻘ ﹶﺊ ﰲ ﻭﺟﻨﺘﻴﻪ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﺃﻡ ‪‬ﺬﺍ ﺃﹸﺭﺳﻠﺖ ﺇﻟﻴﻜﻢ! ﺇﳕﺎ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺣﲔ ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﰲ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺖ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﻓﻴﻪ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ‪.‬‬ ‫ﺍﻷﻣﺮ‪ .‬ﻋ‪‬ﺰ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺐ‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺪﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﳓﺮﺍﻓﹰﺎ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻗﻠﺒﻴﺎ ﹶﻏﻀ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺒﻠﺪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﺴﻜﻨﺔ ﻭﺍﳋﻤﻮﻝ‪ ،‬ﺍﳓﺮﺍﻑ ﻋﻤﻠﻲ ﺧﻄﲑ‪ .‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻘـﻮﻱ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻤﺎﻋـﺔ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﺔ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻣﺄﻣﻮﺭﻭﻥ ﺑﺎﲣﺎﺩ ﻛﻞ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟـﺔ‬
‫ﺷﺮﻋﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻛﻞ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ‪‬ﺎ ﺷﺮﻋﺎ‪ .‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋـﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﻮﱐ ﻭﻗﻀﺎﺋﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻋﻦ ﺃﻣـﺮﻩ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻲ‪.‬‬
‫ﺇﳕﺎ ﺗﺄﺧﺮﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻑ ﺍﻟﻘﻮﺓ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺩﺕ ﲢﺖ ﺳﻨﺎﺑﻚ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ‪،‬‬
‫ﻟﺘﺮﻛﻬﺎ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻟﻔﺸﻮ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻌﲔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻮﻥ ﻣﺎ‬
‫ﹸﻗﺪ‪‬ﺭ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺘﺨﻠﻒ‪ ،‬ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﰿ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺑﺪﻭﺍﺀ‪" :‬ﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻓﻜﻞ ﻣﻴﺴﺮ‬
‫ﳌﺎ ﺧﻠﻖ ﻟﻪ"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻗﻀﺎﻩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﻭﺍﻗﻊ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﻭﻻ ﺭﺍﺩ ﻟﻘﻀﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻻ‬
‫ﻳﺴﺘﻮﻱ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺑﺬﹶﻝ ﺍﳉﻬﺪ‪ ،‬ﺣﱴ ﻃﻮﺍﻩ ﺍﻟﻘـﺪﺭ ﺃﻭ‬
‫ﺑﺴﻂ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺗﻜﺎﺳﻞ ﻭﲣﺎﻣﻞ ﺣﱴ ﻓﺎﺟـﺄﻩ ﺍﻟﻘـﺪﺭ‪.‬‬
‫ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺄﺟﻮﺭ ﻣﻌﺰﻭﺭ‪ ،‬ﻋﻤﻞ ﺑﻘﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﻓﻴﺴﺮﻩ ﺍﷲ ﻟﻠﺤﺴﲎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜـﺎﱐ ﺁﰒ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﺄﺯﻭﺭ‪ ،‬ﱂ ﻳﺴﺘﻌﻦ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴـﻪ ﲞﻄـﻮﺍﺕ ﻋﻤﻠﻴـﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺴـﺮﻩ‬
‫ﻟﻠﻌﺴﺮﻯ‪ ،‬ﻭﺟﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺠﺰ‪‬ﻩ ﺟﺰﺍﺀ ﺍﳉﺒﻨﺎﺀ‪ .‬ﻭﷲ ﺍﻷﻣﺮ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺍﻷﻭﱃ‪.‬‬
‫ﺕ ﺑﻪ ﺷﺮﻋﺎ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ‪‬ﻮﺿـﻚ‬ ‫ﻋﻤﻠﻚ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﹸﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺃﻧﺖ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻭﺗﺸﻤﲑﻙ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﻮﻗﻔﻚ ﻋﻨﻪ ﻭﻋﺠﺰﻙ‪ ،‬ﺗﺘﺮﺗﺐ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪.‬ﻫـﺬﺍ‬
‫ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ‪" :‬ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺴـﻠﻢ ﻳـﺪﻋﻮ ﺍﷲ‬
‫ﺑﺪﻋﻮﺓ ﺇﻻ ﺁﺗﺎﻩ ﺍﷲ ﺇﻳﺎﻫﺎ‪ ،‬ﺃﻭ ﺻﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻣﺜﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺎ ﱂ ﻳﺪﻉ ﺑﺈﰒ‬
‫ﺃﻭ ﻗﻄﻴﻌﺔ ﺭﺣﻢ"‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪ :‬ﺇﺫﻥ ‪‬ﻧ ﹾﻜ‪‬ﺜ ‪‬ﺮ! ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﷲ ﺃﻛﺜﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﺭﺿﻲ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋـﻦ‬
‫ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗـﺎﻝ‪" :‬ﻻ‬
‫ﻳﺮ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎ َﺀ ﺇﻻ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀُ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﺍﻟ ‪‬ﻌ ‪‬ﻤ ﹺﺮ ﺇﻻ ﺍﻟ ‪‬ﱪ"‪ .‬ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻟﺘﻪ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ‪" :‬ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻠﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻀـﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺃﻣﺴﻜﻮﺍ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﱄ ﻓﻴﻪ ‪‬ﺭ ‪‬ﻭ ‪‬ﺯ‪‬ﻧ ﹲﺔ )ﻧﺎﻓﺬﺓ(‪ ،‬ﻓﻨﺎﺯﻋﺖ ﺃﻗﺪﺍﺭ ﺍﳊﻖ‬
‫ﺑﺎﳊﻖ ﻟﻠﺤﻖ‪ .‬ﻭﺍﻟﻮﱄ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﺯﻋﺎ ﻟﻠﻘﺪﺭ‪ .‬ﻻ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻓﻘﹰﺎ ﻟﻪ"‪.‬‬
‫ﻣﻌﲎ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﺃﻥ ﻣ‪‬ﺒﺎﺩﺭﺍﰐ ﻭﺟﻬﺪﻱ‪ ،‬ﻭﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟـﺪﻋﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺮ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎ َﺀ ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻫﻲ ﺃﻗﺪﺍﺭ ﺇﳍﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﺃﻧﺎ ﺗﺮﺟـﻊ ﻣﺴـﺆﻭﻟﻴﺔ‬
‫ﺗﻌﻄﻴﻠﻬﺎ ﺇﻥ ﻋﺠﺰﺕ ﻭﱂ ﺃﺳﺘﻌﻦ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﲟﺎ ﻳـﻨﻔﻌﲏ‪ .‬ﻭﰲ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ! ﺃﺭﺃﻳـﺖ ﺃﺩ‪‬ﻭﻳ‪‬ـ ﹰﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻧﺘﺪﺍﻭ‪‬ﻯ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺭ‪‬ﻗ ‪‬ﻰ ﻧﺴﺘﺮﻗ‪‬ﻲ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﻘ ‪‬ﻰ ‪‬ﻧﺘ‪‬ﻘﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻫﻞ ﺗﺮ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﺷﻴﺌﺎ؟‬
‫ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻫﻦ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﺏ ﺃﺧﱪ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬ ‫ﰲ ﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﺑﻮﺍ ‪‬‬
‫ﺝ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ‪" :‬ﺍﻟﻔﱳ"‪ .‬ﺇﱃ‬ ‫ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺑﻌﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ‪‬ﺗ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻭﺃﻣﺮ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﲔ ﻧﻘﺮﺃ ﺃﺑـﻮﺍﺏ‬
‫ﱐ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻲ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺃﺧﱪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬ ‫ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﻮ ﱢ‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺟﻬﺮﺓ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺑﻌﺪﻩ ﺇﱃ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺇﱃ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻹﻣـﺎﻡ‬
‫ﺍﳌﻬﺪﻱ ﻭﻧﱯ ﺍﷲ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫ﺱ ﺑﻜـﻞ‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻭﺍﷲ ﺇﱐ ﻷﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎ ﹺ‬
‫ﻓﺘﻨﺔ ﻫﻲ ﻛﺎﺋﻨ ﹲﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﰊ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﱄ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺌﺎ ﱂ ﻳ‪‬ﺤ ‪‬ﺪﹾﺛ ‪‬ﻪ ﻏﲑﻱ"‪ .‬ﺍﳊـﺪﻳﺚ‬ ‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃ ‪‬ﺳ ‪‬ﺮ ﺇ ﱠ‬
‫ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑ ﹸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻃﺮﻓﹰﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺧﺒـﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒـﻮﻱ‪،‬‬ ‫ﹸﺃ‪‬ﻧ ِ‬
‫ﻭﺭﻭﻯ ﻋﻨﻬﻢ ﻣ‪‬ﻦ ﺑﻌﺪ‪‬ﻫﻢ ﻃﺮ‪‬ﻓﹰﺎ‪ .‬ﻓﻜﺎﻥ ﻣﺎ ‪‬ﺭﻭ‪‬ﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﻀـﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﻋﺎﻣﻼ ﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻭﻣﺼﺮ‪ .‬ﻭﻳﺸﺎﺀ‬
‫ﺤ ‪‬ﻢ ﺃﺟﻴﺎ ﹸﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴـﺘﻘﺒﻞ ﻭﻫـﻲ‬ ‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﺘ ‪‬‬
‫ﺴﺒ‪‬ﻘﹰﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔـﱳ‬ ‫ﺗﻘﺮﺃﻩ‪ ،‬ﰲ ﺧﻄﻮﻃﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺳﻔﻚ ﺍﻟـﺪﻣﺎﺀ ﺑـﲔ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﺑﻄﺎﻋﺔ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ‪ .‬ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺣﲎ ﻋﻠﻤـﺎﺀ ﺍﻵﺛـﺎﺭ‬
‫ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺴ‪‬ﻠﻄﺎ ‪‬ﻥ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﻭﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺳـﻜﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﲢﺖ ﻣﻄﺎﺭﻕ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﳑﺎ ﳜـﺺ ﺍﷲ‬

‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺇﳍﺎﻡ ﻭﻭﺣﻲ ﻣﻨﺎﻡ ﻭﻛﺸﻒ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﻓﺼـﻞ‬
‫"ﺍﻟﻌﻠﻢ" ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛﻴﻒ ﻗﺮﺃ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﺒﺄ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﶈﻔﻮﻅ‪ ،‬ﻓﺒﺸ‪‬ﺮ ﺍﳉﻴﺶ‪ ،‬ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺣﻔﻠﺔ ﻓﺮﺡ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻗﺒـﻞ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺒﺪﺃ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻮﻋﻮﺩﺓ‪ ،‬ﻣﻌﻨﺎ ﺇﺧﺒﺎﺭ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺸﺮ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺑﺎﳋﻼﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺽ ﻭﺍﳉﱪﻱ‪ .‬ﺭﺍﺟﻌ ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣـﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ‪.‬‬
‫ﻭﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﳉﻨﺪ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻭﻓﻖ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻱ‪ .‬ﺣـﱴ‬
‫ﺇﺫﺍ ﻧﺰﻝ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﲟﺎ ﻻ ﻳﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﻪ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻮﻱ‪ ،‬ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﹶﺒﻮﻝ ﻭﺍﻟﺮ‪‬ﺿﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ‪ ،‬ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺮﺿﻰ‪ ،‬ﺍ‪‬ﺰﺍﻡ ﻭﺿﻌﻒ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻮ ﻗﻮﺓ‪.‬‬
‫ﺖ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﰲ ﻋﻀﺪ ﺍﶈﺴﻨﲔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺰﻳﺪﻫﻢ ﻗﺮﺑﺎ ﻣـﻦ‬ ‫ﻻ ‪‬ﺗ ﹸﻔ ‪‬‬
‫ﺭ‪‬ﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﳉﹰﺄ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻪ‪ ،‬ﻟﻴﺴﺘﺄﻧﻔﻮﺍ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺟﻬﺪﺍ ﺟﺪﻳـﺪﺍ‬
‫ﻻﻗﺘﺤﺎﻡ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ‪.‬‬
‫ﲏ! ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒـﺪ‬‫ﻱﺑ‪‬‬‫ﰲ ﻓﻘﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﺃ ‪‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺣﻜﻴﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻜﻢ‪ ،‬ﻭﻗﺪﻳﺮ ﻋﺎﱂ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻀﻰ ﻭﺩﺑ‪‬ﺮ‪،‬‬
‫ﻭ)ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﺫﺍ( ﻋﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﺎﶈﺒﻮﺏ ﻭﺍﳌﻜﺮﻭﻩ‪ ،‬ﺭﺿﻲ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﰲ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﻗﻀﺎﺋﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﻫﻮ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻴﻢ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ‪ .‬ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀـﺎﺀ‪،‬‬

‫ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻫﻮﺍﻫﺎ‪ .‬ﻓﻄـﻮﰉ‬
‫‪١‬‬
‫ﻟﻌﺒﺪ ﺁﺛﺮ ﺭﺿﻰ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ ﺭﺿﻰ ﻧﻔﺴﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺇﻥ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻭﺟﻪ‪ :‬ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﺪﺓ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿـﻰ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﱪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻭﺫﻛﺮ ﺍ ‪‬ﳌﻨ‪‬ﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﺕ‪ .‬ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﳌﻌﺼﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻴـﻪ ﺍﻟﺮﺿـﻰ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ .‬ﻭﺳﺌﻞ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺟﻬﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘـﺪﺭ‬
‫ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻟﻴ ﹲﻞ ﻣﻈﻠﻢ‪ ،‬ﻭﲝﺮ ﻋﻤﻴﻖ‪ .‬ﺳﺮ ﺍﷲ ﺍﻷﻋﻈﻢ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺭﺿـﻲ ﺑـﻪ ﻓﻠـﻪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺳﺨﻂ ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺴﺨﻂ"‪.‬‬
‫ﻧﻘﺮﺃ ﻛﺜﲑﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺿﻰ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﺐ ﺇﱃ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﲬﻮﻝ‬ ‫ﺴ ‪‬‬‫ﰲ ﻗﻀﺎﺋﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ‪ .‬ﻓﻼ ﻧﻨ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻟ‪‬ﻨ ﹾﺄ ‪‬ﺧ ﹾﺬ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﻨﺎ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺑﺎﻟﻔﱳ ﻭﻭﺻﺎﻳﺎﻩ ﺑﺸﺄ‪‬ﺎ‪ .‬ﻓـﺈﻥ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﻭﺫﺍﻙ ﺍﻹﺧﺒﺎ ‪‬ﺭ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻻ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﻟﻨﺎ ﻓﻬﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ ﺇﻻ‬
‫ﺑﻪ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻳﻮﺻﻲ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ ،‬ﻭﻫـﻢ ﺃﺭﺑـﺎﺏ ﻋﻠـﻢ ﻭﻗﻠـﻮﺏ‪ ،‬ﺇﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻮﺍﺏ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﺗﺪﻋﻲ ﺃﻧﻚ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻌﺘﺮﺽ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ! ﻛﺬﺑﺖ ﰲ ﺩﻋﻮﺍﻙ! ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻗﺪﺭﻩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻪ‪ .‬ﻣـﻊ‬
‫‪١‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪.١٧٧-١٧٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٧٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺣﻔﻆ ﺣﺪﻭﺩ ﻛﺘﺎﺑﹺﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺼﺢ ﻟﻚ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ‪.‬‬
‫ﻚ ﰲ ﻣﻌﺎﺻﻲ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻣﱴ ﻣﺎ‬ ‫" ‪‬ﺷ ‪‬ﺆ ‪‬ﻡ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮ‪‬ﻗ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻱ ﺷﻲﺀ ﺟﺎﺀ‬ ‫ﻚ ﺑﻪ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻓﺄ ‪‬‬ ‫ﺴ ‪‬‬‫ﺕ ﺃﻣﻠﻚ ﺟﺎﺀﻙ ﺍﳋﲑ‪ ،‬ﻓﺘ ‪‬ﻤ ‪‬‬ ‫ﺼ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﹶﻗ ‪‬‬
‫ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﺨﺬﻩ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ‪ ،‬ﻭﺍﺭﺽ ﺑﻪ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ .‬ﺍﻟﺮﺍﺿـﻲ ﻋـﻦ‬
‫ﻯ ﻭﻻ ﻃﺒﻊ ﻭﻻ ﺷﻴﻄﺎﻥ‪ .‬ﺃﻋﲏ ﺃﻧﻪ ﻗـﺪ ﺃﹸﻋـﲔ‬ ‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻻ ﻧﻔﺲ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻫﻮ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻻ ﺃ‪‬ﻢ ﻗﺪ ﺍﻧﻌﺪﻣﻮﺍ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﺟﻪ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ ﻣﻌﺼﻮ ‪‬ﻡ ﺑﻌﺪ ﺫﻫـﺎﺏ‬
‫ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻪ ﻣﻄﻤﺌﻨ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮﺍﻩ ﻣﻐﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﺛـﺎﺋﺮﺓ ﻃﺒﻌـﻪ‬ ‫"ﺍﻟﺮﺍﺿﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻧﻔ ‪‬‬
‫ﳐﻤﻮﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺷﻴﻄﺎﻧﻪ ﺣﺎﹺﺑﺲ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻨﻪ ﺷﻲﺀ‪ ،‬ﻳﻄﻮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻳ‪‬ﺠﺪ‪‬ﻩ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻭﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﺳﺒﺐ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ‪‬ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻀ‪‬ـﺮ‬
‫ﻯ ﻛﻠ ‪‬ﻲ! ﻋﺎﺩﺓ ﻛﻠﻴﺔ! ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﻣﻦ‬‫ﻭﺍﻟﻨﻔﻊ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ‪ .‬ﺃﻧﺖ ﻧﻔﺲ ﻛﻠﻴ‪‬ﺔ! ﻫﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺧﱪ‪ .‬ﻣﺮﺍﺭﺓ ﰒ ﺣﻼﻭﺓ‪ ،‬ﰒ ﻛﺴ‪‬ﺮ ﱠﰒ ‪‬ﺟﺒ‪‬ﺮ‪ ،‬ﰒ ﻣـﻮﺕ ﰒ‬
‫ﺣﻴﺎﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ‪ .‬ﺫﹸﻝ ﰒ ﻋ‪‬ﺰ‪ ،‬ﻓﻘﺮ ﰒ ﻏﲎ‪ ،‬ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﰒ ﺍﳚﺎﺩ‪ .‬ﺑﻚ ﻭﺑـﺪﻭﻧﻚ‪ .‬ﺇﻥ‬
‫ﺻﱪﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺻﺢ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﺇﻻ ﻓﻤﺎ ﻳﺼـﺢ‬
‫‪١‬‬
‫ﻟﻚ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﺷﻐﻠﻚ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﺸﺆﻭﻡ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺻﺒﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻗﻀﺎﺋﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ‪:‬‬
‫‪(l4m‬ل

<(*‪
f‬א‪



7k‬ذא
‪
6*(8‬א"‪
f*(<
G
(4‬א‪

O‬‬
‫و‪
6b‬‬
‫و*‪



)75
(
"P
0(
a‬و
‪
]b‬ن
א‪
"P
7i
o‬א‪

n‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻻﺟﺊ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺎﺑﺮ ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻳﻨﺎﺟﻴﻪ‪:‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٤٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪

I
(5‬א
‪
14‬وא‪



14!p‬و<\
א‪
D4:‬وא!‪

14Z‬‬
‫‪
(5‬وא‪
a)
(!c(-
(5



qO"F
a*(<
(!
a"2‬وא(د
‪-0‬د

‬
‫‪
a:W(

(5‬وא‪(7‬س
‪
a*(u
I
(5



rJ9qs
P‬وא‪4‬ن
‪ZC‬د

‬
‫‪
I‬א‪w‬و‪
v‬ن
‪qB‬ذ
)‪N)1



x4k‬אً
‪
4s‬א‪

!150
y‬‬
‫(‪
3A"P
;
o‬א‪Lq‬אد
)‪
(



x4k‬دאم
‪
G‬א‪
ZX‬א‪0 qw‬ق
‪P‬د

‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻭﺍﺛﻖ ﲝﻜﻤﺔ ﻣﻮﻻﻩ ﻭﺗﺪﺑﲑﻩ ﺭﺍﺽ ﺑﻘﻀﺎﺋﻪ‪:‬‬

‫‪?4#‬ن
א‪
xS B8



a q-
/z‬א‪
1‬م
‪

a^0‬‬
‫‪zC
4‬א
‪15‬وم
)‪zC
J8



J‬א
‪

a O74#‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺮﺷﺪ ﺇﱃ ﺍﳊﻜﻤﺔ‪:‬‬

‫‪

x155
(
 O*(W




!?

]4W
-
1-‬‬
‫‪0S dW‬د‪?5
(
Q‬ن
ن



‪

x15
(
I?5
T‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺣﻜﻴﻢ ﺳﺎﻛﻦ ﰲ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭ‪:‬‬

‫‪
I
a5
/‬א‪5




Ql AW
w‬م
;
‪
01ْO5‬و
‪5‬م
‪

!0Q A1q-‬‬
‫{‪

0Az‬‬
‫‪5‬م
;
‪



)
ad5
;
01ْO5‬و‪
I‬א‪1Ow‬و‪
ZQ75
;
0‬א ‪B‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪> K`a‬ـ_‪َ  :‬ــــ @َـــ ‪!ْ_A‬‬ ‫‪F‬‬
‫^َـ< ]َــــ‪AJ A0F‬ـ‪9‬ــــ \‬
‫‪: AY‬ـ&‪A‬ــــ ‪A"َM f‬ـــ ْ!‬ ‫>َ‪ AH %‬ـ&ـ
ـ‪/e9‬ـ"‪9‬ــــ‪d‬‬
‫ـ'‪7L A‬ـ َ ‪"9‬ـ ]َ‪A‬ــ ْ‬ ‫>َ‪َ] %‬ـَ &‪ْ/h‬ـ'‪ A‬ـ
ِ‪9d‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫    ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺭﺑﻨﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﳌﺮﺳﻠﻮﻥ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺒﻼﻍ‬
‫ﺍﳌﺒﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺑﻌﻠﻤﻚ ﺍﻟﻐﻴﺐ‪ ،‬ﻭﻗﺪﺭﺗﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﺃﺣﻴﲏ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ﺧـﲑﺍ ﱄ‪،‬‬
‫ﻭﺗﻮﻓﲏ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺧﲑﺍ ﱄ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﺧﺸﻴﺘﻚ ﰲ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ﺍﳊﻖ ﰲ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﺮﺿﻰ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻐﲎ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﻧﻌﻴﻤـﺎ ﻻ ﻳﻨﻔـﺪ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﻗﺮﺓ ﻋﲔ ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ‪‬ﺑ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻌـﻴﺶ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﳌﻮﺕ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﺟﻬﻚ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﱃ ﻟﻘﺎﺋﻚ ﰲ ﻏﲑ ﺿﺮﺍﺀ‬
‫ﻀﺮ‪‬ﺓ‪ ،‬ﻭﻻ ﻓﺘﻨﺔ ﻣﻀﻠﺔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﻳﻨﺎ ﺑﺰﻳﻨﺔ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻫﺪ‪‬ﺍﺓ ﻣﻬﺘﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫‪‬ﻣ ‪‬‬

‫ﳜﺘﻠﻒ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﳋﻠﻘﻲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜـﺎﻓﺮ ﺍﻟـﺬﻱ‬

‫ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﳎﺘﻤﻊ ﻗﺎﻧﻮﱐ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﶈﺴـﻦ ﰲ‬
‫ﳎﺘﻤﻊ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻳﻘﻴﻢ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ‪ .‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺫﺍ ﻣـﺮﻭﺀﺓ‬
‫ﻋﺎﻟﻴﺔ ﳝﺴﻜﻪ ﺿﻤﲑ ‪‬ﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﻋﻦ ﺍﳌﺨﺎﺯﻱ ﻭﻳﺪﻓﻌﻪ ﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﲰﻌﺘـﻪ‬
‫ﻭﻣﺼﺎﳊﻪ ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻗﺮﺍﻧﻪ ﺃﻭ ﳎﺮﺩ ﺍﻗﺘﻨﺎﻋﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﳌﺒـﺪﺋﻲ ﻟﻠﻌﻤـﻞ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ‪ .‬ﻭﺗﺒﻘﻰ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺩﻉ ﰲ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺃﻫﻠﻪ‪ ،‬ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ‬
‫ﻉ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ‪.‬‬ ‫ﺩﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺎ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻳﺎ‪ ،‬ﺭﻭﺍﺩ ‪‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩ‪‬ﻩ‪ ،‬ﺍﳌﻔﺘﻮﻥ ﻧﻈﺎﻣﻪ ﻭﺣﻜﻤـﻪ‪ ،‬ﻓـﻼ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴـﺔ‬
‫ﺍﳌﺘﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﺘﻊ ‪‬ﺎ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﺣﻀـﺎﺭﻳﺎ ﻣـﻦ ﻧﺼـﻴﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﲡﺪ ﳎﺎﻻ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻋﻦ ﻧﻔﺴـﻬﺎ‬
‫ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳋﺎﺿﻊ ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ﻭﺣﻜﻤـﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼـﺎﺩﺍ‬

‫ﻉ ﺑﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‬ ‫ﻭﺃﺧﻼﻗﺎ ﻟﺸﺮﻉ ﺍﷲ ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ‪ ،‬ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻭﻏﲑﻩ ﻣﻮﺯﻭ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻤﻮﻣﻦ ﻭﺍﶈﺴﻦ ﻓﻴﻪ ‪‬ﻣ ﹺﺰﻳ‪‬ﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﻭﺭﺟﺎﺀً‪ ،‬ﻭﳏﺒﺔ ﻓﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺣﻴﺎﺀ ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺧﺼـﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﻭﻓﺮﻭﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﱪ ﻭﻣﺼﺎﺑﺮﺓ ﻭﻣﺜﺎﺑﺮﺓ ﻭﲢﻤﻞ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﻛﻒ ﻋـﻦ‬
‫ﺃﺫﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﰲ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﶈﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻣﺘﻼﻙ ﺯﻣﺎﻣﻬﺎ‬
‫ﲟﺎ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻣﺮﻭﺀﺓ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﷲ ﺇﻻ‬
‫ﻗﻠﻴﻼ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻳﺬﻛﺮ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻓﻴﺨﺎﻑ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﻭﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻮﻋﺪ‪.‬‬
‫ﻭﺍﶈﺴﻦ ﺻﺎﺑﺮ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺫﺍﻛﺮ ﻟﻪ ﺷﺎﻛﺮ‪ ،‬ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻋﻈﻤﺘـﻪ‬
‫ﺤﻤ‪‬ﻠﻪ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺭﺏ‬ ‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻓﺘﺴﺘﻮﱄ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳍﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﻼﻝ ﺍﻹﳍﻲ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺰﺓ‪ ،‬ﻭﻛﺄﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻧﺎﻇﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﺣﲔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺫﺭﻯ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻠﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﻓﺎﺿﻞ‪ ،‬ﺍﻷﺛﺮ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﰲ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﶈﺴﻦ‬
‫ﻭﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺫﻭﻱ ﺍﳌﺮﻭﺀﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﳝﻨﻌﻬﻢ ﺍﳊﻴـﺎﺀ ﻣـﻦ ﻗﺒـﻴﺢ‬
‫ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪.‬‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻄﻠﻖ ﺍﳊﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺻـﺤﻴﺢ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺩﺭﺟﺔ ﺇﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻭﻟﻠﺤﻴـﺎﺀ ﺑﺸـﱴ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺩﺭﺟﺎﺗﻪ ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﰲ ﺿﺒﻂ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﺍﶈﺴﻦ‪ ،‬ﻭﺿﺒﻂ ﺃﻓﻌﺎﳍﻤﺎ‪،‬‬

‫ﻭﺇﺿﻔﺎﺀ ﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﻤﺎ‪.‬‬
‫ﺸ ‪‬ﺪ ﺧﻠﻖ ﺍﶈﺴـﻨﲔ‪،‬‬ ‫ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﺮﻭﺓ ﻣﻜﻴﻨﺔ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﳍﻢ ﻣﻦ ﺧﺸﻴﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺭﺟﺎﺋﻪ ﺍﻟﻨﺼﻴﺐ ﺍﻷﻭﻓﺮ ﻛﻤﺎ ﻟﻠﻤﻮﻣﻨﲔ ﺣـ ‪‬ﻖ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﲤﻴﺰ ﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﺑﺎﳊﻀﻮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﳌﻮﻣﻨـﻮﻥ ﻣـﻊ‬
‫ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﶈﺴﻨﻮﻥ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻷﺯﻟﻴﺔ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍﺳﺘﺤﻴﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺣﻖ ﺍﳊﻴـﺎﺀ"‬
‫ﻗﻠﻨﺎ‪ :‬ﺇﻧﺎ ﻟﻨﺴﺘﺤﻴﻲ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ! ﻭﺍﳊﻤﺪ ﷲ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻟﻴﺲ ﺫﻟـﻚ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺣﻖ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﺃﻥ ﲢﻔﻆ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﻣﺎ ‪‬ﻭﻋ‪‬ﻰ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﻄﻦ ﻭﻣـﺎ‬
‫‪‬ﺣﻮ‪‬ﻯ‪ ،‬ﻭﺗﺬﻛﺮ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﻟﹺﺒﻠﹶﻰ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺗﺮﻙ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺁﺛـﺮ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﱃ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺤﲕ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﳊﻴـﺎﺀ"‪.‬‬
‫ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ‪.‬‬
‫ﰲ ﺿﻤﻦ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﳋﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﲑ ﺍﻷﺧﺮﻭﻱ‪ .‬ﺇﻧـﻪ‬
‫ﺼ ‪‬ﻮ ‪‬ﺭ ﳏﺒﺔ ‪‬ﻟﻠﱠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﳏﱢﻠ ﹶﻘ ﹰﺔ ﻭﻻ ﺣﻴﺎ ٌﺀ ﻣﻨﻪ‬
‫ﺑﻨﺎﺀ ﺑﻌﻀﻪ ﺃﺻ ﹲﻞ ﻟﺒﻌﺾ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ‪‬ﺗ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻣﻘﻄﻮﻋﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻹﳝﺎﱐ ﻭﻫﻮ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ‪ .‬ﻭﺃﺧﻄﺄ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺇﻥ‬
‫ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻪ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﰲ ﻗﻠﻮﺏ‬
‫ﺍﶈﺴﻨﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺒﺪﻭﻧﻪ ‪‬ﺣ‪‬ﺒﹰﺎ ﻟﻪ ﺧﺎﻟﺼﺎ‪ ،‬ﻻ ﺧﻮﻓﹰﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺭﻩ ﻭﻻ ﺭﺟـﺎ ًﺀ ﰲ‬
‫ﺛﻮﺍﺑﻪ‪.‬‬
‫ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺄﻣﻦ ﻣﻜﺮ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﳋﺎﺳﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﺃﺷ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺧﺸﻴﺔ ﻟﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻗﺎﻟـﺖ ﺃﻣﻨـﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ‪" :‬ﺻﻨﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ ﺷـﻴﺌﺎ‬

‫ﺺ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻓ‪‬ﺘﱰﱠﻩ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻡ‪ .‬ﻓﺒﻠﻎ ﺫﻟﻚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬ ‫ﻓﺮ ‪‬ﺧ ‪‬‬
‫ﻓﺨﻄﺐ‪ .‬ﻓﺤﻤﺪ ﺍﷲ ﰒ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻳﺘﱰﱠﻫﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﺻـﻨﻌﻪ؟‬
‫ﻓﻮﺍﷲ ﺇﱐ ﻷﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﺎﷲ ﻭﺃﺷﺪ‪‬ﻫﻢ ﻟﻪ ﺧﺸﻴﺔ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪.‬‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺀ ﺧﲑ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﺃﺻﻠﻪ ﻭﲦﺎﺭﻩ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪:‬‬
‫"ﺍﳊﻴﺎﺀ ﺧﲑ ﻛﻠﻪ ﺃﻭ ﻗﺎﻝ ‪ :‬ﻛﻠﻪ ﺧﲑ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺑـﻦ‬
‫ﺣﺼﲔ‪.‬‬
‫ﺐ‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﳋﲑ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻭﺃﻛﺮﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻨﺼﻴ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻛ ‪‬ﱪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﲑ‪ .‬ﻻ ‪‬ﺟ ‪‬ﺮ ‪‬ﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺯﻛﻰ ﺍﳋﻠﻴﻘﺔ ﴰﺎﺋ ﹶﻞ ﻭﻗﺪ ﻃﺒﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﳉ ‪‬ﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬ ‫ﻭﺟﻞ ﺑﺸﺮ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻪ ﺑﺸﺮﻳﻒ ﺍﳋﺼﺎﻝ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺣﻴﺎﺀﻩ ﺍ ﹶ‬
‫ﻻ ﳛﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﺒﻠﻴﻐﻪ ﻣﺎ ﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻟـﺰﻡ‬
‫ﺍﻟﻐﻀﺐ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺪﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺷﺪ ﺣﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﰲ ‪‬ﺧ ‪‬ﺪﺭﹺﻫﺎ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺃﻯ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ‬
‫ﻋﺮﻓﻨﺎﻩ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺎﺋﺐ ﻭﻋـﻦ‬ ‫ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺯ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻌﺎﺋﺐ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪" :‬ﺍﳊﻴـﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌ‪‬ـ ‪‬ﻲ‬
‫ﺷﻌﺒﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟ‪‬ﺒﺬﹶﺍﺀ ﻭﺍﻟ‪‬ﺒﻴ‪‬ﺎﻥ ﺷﻌﺒﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ‬
‫ﻋﻦ ﺃﰊ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﺍﻟﺒﺎﻫﻠﻲ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻭﺷﺮﺣﻪ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﺍﻟ ‪‬ﻌ ‪‬ﻲ‪ :‬ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟ‪‬ﺒﺬﹶﺍﺀ‪ :‬ﺍﻟ ﹸﻔﺤ‪‬ﺶ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ .‬ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻫﻮ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ ،‬ﻣﺜﻼ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﻄﺒﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺘﻮﺳﻌﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻳﺘﻔﺼﺤﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻣـﻦ ﻣـﺪﺡ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳ‪‬ﺮﺿﻲ ﺍﷲ‪ .‬ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻣﻪ‪ .‬ﻭﻭﺍﺿﺢ ﺃﻧـﻪ ﻳﻘﺼـﺪ ﺧﻄﺒـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻣﺪ‪‬ﺍﺣﻲ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﻛﻮﻥ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻭﺍﺯﻋـﺎ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺮﺩﻱﺀ‪" :‬ﺇﻥ ﳑﺎ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻷﻭﱃ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﺴﺘﺢ‬
‫ﻓﺎﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺍﻟﺒ‪‬ـﺪﺭﻱ‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻓﻬﺬﺍ ﻋﺎ ‪‬ﻡ ﰲ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻛﺎﻓﺮﻫﻢ ﺍ‪‬ﺒﻮﻝ ﻋﻠـﻰ ﺍﳌـﺮﻭﺀﺓ‪ ،‬ﻭﻣﺴـﻠﻤﻬﻢ‬
‫ﻭﻣﻮﻣ‪‬ﻨﻬﻢ ﻭﳏﺴِﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺘ‪‬ﻬﻢ ﻭﻋﺎﻣ‪‬ﺘﻬﹺﻢ‪ .‬ﻭﲟﺎ ﺃﻥ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻛﻠﻪ ﺧﲑ‪ ،‬ﺃﺧﱪﺕ‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﹶﻃﻮ‪‬ﺭﹰﺍ ﺑﻌﺪ ﻃﻮﺭ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﳊﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﳊﻴﺎ ُﺀ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪،‬‬
‫ﻭﻗﺎﻋﺪﺓ ﹺﺟﹺﺒﱢﻠﻴ‪‬ﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻣﻌﺎﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺳ‪‬ﻠﻢ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﻟﻜﻞ ﺩﻳﻦ ‪‬ﺧﻠﹸﻘﺎ‪ .‬ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳊﻴﺎﺀ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﻣﺮﺳﻼ‪ ،‬ﻭﻭﺻﻠﻪ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻓـﺎﺭﺗﻘﻰ ﺇﱃ ﺩﺭﺟـﺔ‬
‫ﺍﳊﺴﻦ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ‪‬ﺧﹸﻠ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﰲ ﻛﻞ ﺟﻴﻞ‪ .‬ﻣﻌﺎﻣﻠﺘ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﻣﻌﻪ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﻘـﺮﺏ‬
‫ﻭﺍﻷﻧﺲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻴﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺍﳊﺴﲔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ‪ ،‬ﺇﺫﺍ‬
‫ﺗﻮﺿﺄ ﻟﻴﺼﻠﻲ ﺍﺻﻔ ‪‬ﺮ ﻟﻮﻧ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺭﺗﻌﺪﺕ ﻓﹶﺮﺍ‪‬ﺋﺼ‪‬ﻪ‪ .‬ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﺣ ‪‬ﻖ‬
‫ﳌﻦ ﻭﻗﻒ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﲑ ﻟﻮﻧﻪ ﺣﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺇﺟﻼﻟﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻑ ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ‬ ‫ﻗﺎﻝ ﳛﲕ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﺫ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪" :‬ﺍﻋ ﹺﺮ ‪‬‬

‫ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺇﻻ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺮﺟﻮ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺇﻻ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺢ ﻣﻨﻪ ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﳊﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺍﺫﻛﺮ‬
‫ﺍﻣﺘﻨﺎﻧﻪ ﺇﺫ ﺧﻠﻘﻚ ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﺷﻴﺌﺎ‪ ،‬ﻭﺯﻳﻨﻚ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺣﱴ ﻛﺄﻧﻚ ﱂ ﺗﺰﻝ‬
‫ﺗﻌﺮﻓﻪ‪ .‬ﻭﻟﻮﻻ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﺭﲪﺘﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻛﻴﻒ ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻮﻻﻙ ﻣﻦ ﻏﲑ‬
‫ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻩ ﺑﻌﻴﻨﻚ؟ ﰒ ﹶﻃﻬ‪‬ﺮ ﺳﺮﻙ ﻭﺿﻤﺎﺋﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔـﺎﻕ‪،‬‬
‫ﻚ ﺑﺘﺎﺟﻪ‪ ،‬ﺑﻼ ﺳﺆﺍﻝ‪ .‬ﰒ ﺩﻋﺎﻙ ﺇﱃ ﺩﺍﺭ‬ ‫ﻚ ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻟﺒﺎﺳﻪ‪ ،‬ﻭﺗ ‪‬ﻮ ‪‬ﺟ ‪‬‬ ‫ﺴ ‪‬‬
‫ﻭﺃﻟ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻡ"‪.‬‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳝﻨﻊ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﻨﻴﺐ ﻣﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﻏﲑ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻣـﻦ‬
‫ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺩﻭﻥ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﷲ ﻛﻤـﺎ ﻓﻌـﻞ‬
‫ﺍﳋﻮ‪‬ﺍﻧﻮﻥ ﺍﻵﲦﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺻﻔﻬﻢ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ‪
:‬ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺨﻔـﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﷲ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٠٨ :‬‬
‫ﻚ ﻣﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﺸﻘﻴﻖ ﺍﻟﺒﻠﺨﻲ ﺍﻟﺰﺍﻫـﺪ ﺍﻟﺼـﻮﰲ‪ :‬ﺳـﻞ‬ ‫ﻗﺎﻝ ‪‬ﻣ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﱄ‬
‫ﺣﺎﺟﺘﻚ! ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ‪" :‬ﺇﱐ ﻷﺳﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺭﰊ ﺃﻥ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻭﻣﻮﻻﻱ ﻧـﺎﻇﺮ ﺇ ﱠ‬
‫ﺸﻤ‪‬ﺔ ﺣﱴ ﺃ ‪‬ﺭﺿ‪‬ﻰ ﻋﻨﻚ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺴـﺄﻝ ﻏـﲑﻱ‬ ‫ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺳﻞ ﺣﺎﺟ‪‬ﺘﻚ ﺑﻼ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﻓﺄﻣ ﹸﻘﺘ‪‬ﻚ"‪.‬‬
‫ﻭﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮ‪‬ﻳ ‪‬ﺔ ﺍﻟﺼﺎﳊ ‪‬ﺔ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ‪‬ﺓ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫﺎﺩ ﻓـﻴﻬﻢ‬
‫ﻱ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻓﺮﺃﻭﺍ ﳍﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺭﱠﺛﺔﹰ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﳍﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ‪ :‬ﺃﻣـﺎ‬ ‫ﺳ‪‬ﻔﻴﺎ ﹲﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭ ‪‬‬
‫ﺗ‪‬ﺮﺳﻠﲔ ﺇﱃ ﺑﻌﺾ ﻣﻮﺍﻟﻴﻚ ﻟﻴ‪‬ﻌ ‪‬ﻄﻴ‪‬ﻚ ﺷﻴﺌﺎ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻭﺍﷲ ﺇﻧﲏ ﻷﺳﺘﺤﻲ ﺃﻥ‬
‫ﺃﺳﺄﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﳑﻦ ﳝﻠﻜﻬﺎ )ﻭﻫﻮ ﺍﷲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﻭﻋ ﹸﻈ ‪‬ﻢ ﺳﻠﻄﺎﻧ‪‬ﻪ(‪ ،‬ﻓﻜﻴـﻒ‬
‫ﺃﺳﺄﳍﺎ ﳑﻦ ﻻ ﳝﻠﻜﻬﺎ!‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺛﻼﺛﺔ‪ .‬ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺴـﻨﺔ ﺍﻟـﻨﱯ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳉﺒﺎﺭ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻻ ‪‬ﺮ‪‬ﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺒ‪‬ﻼﺀ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻣﻊ ﺍﻟﺼـﱪ‬
‫ﺱ ﻟﻜﻞ ﺧﲑ‪ .‬ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﶈﺒﺔ ﺍﻟـﺒﻼﺀ‪.‬‬ ‫ﺃﺳﺎ ‪‬‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﱂ ﺗﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻓﻼ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻚ‪ .‬ﻻ ﺑﻘﺎﺀ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺇﻻ ﺑﺄﺳﺎﺱ‪ .‬ﺃﺭﺃﻳﺖ‬
‫ﺑﻴﺘﺎ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺰ‪‬ﺑﹶﻠ ‪‬ﺔ ‪‬ﺭ‪‬ﺑ ‪‬ﻮ ‪‬ﺓ!‬
‫"ﺇﳕﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﻔ ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﺍﻵﻓﺎﺕ ﻟﻜﻮﻧﻚ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﻱ ﺑﻘﻠﺒـﻚ ﻭﺳـﺮﻙ‬ ‫ﺴ ﹺﺮ ‪‬‬ ‫ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﺻﱪ ﻭﺍﻋﻤﻞ ﺣﱴ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻭﺭﻭﺣﻚ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﺙ ﺍﻷﻧﺒﻴـﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻷﻧﺒﻴـﺎ ُﺀ ﺍﻟﺴﻤﺎﺳـﺮﺓﹸ‪،‬‬ ‫"ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﺑﺪﺍﻝ ‪‬ﻭﺭ‪‬ﺍ ﹸ‬
‫ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﻨﺎﺩ‪‬ﻭﻥ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻻ ﳜﺎﻑ ﻏﲑ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺮﺟﻮ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﻗﺪ ﺃ ‪‬ﻋ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻘﻮﺓ‬
‫ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻭ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﻩ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻗﻮﻳﺔ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻗـﺪ‬
‫ﺃ ‪‬ﺳﺮﹺﻱ ‪‬ﺎ ﺇﻟﻴﻪ ! ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﺎﻟـﺐ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻭﺇ‪‬ﻢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﳌﻦ ﺍﳌﺼﻄﻔﲔ ﺍﻻﺧﻴﺎﺭ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺹ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٤٦ :‬‬
‫ﺼ ﹶﻄ ﹶﻔ ‪‬ﻮ ﹶﻥ ﻋﻦ ﺃﻫﺎﻟﻴﻬﻢ ﻭﺃﻫﻞ ﺯﻣﺎ‪‬ﻢ‪ .‬ﺗﺘﻤﻴـﺰ ﻣﻌـﺎﻧﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ‪‬ﺘﻨ‪‬ـﻮ‪‬ﺭ‬ ‫"‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺖ‬
‫ﻣ‪‬ﺒﺎﻧﹺﻴﻬﹺﻢ‪ .‬ﻭﳍﺬﺍ ﻓﺎﺭﻗﻮﺍ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺯﻫﺪﻭﺍ ﰲ ﺍﳌﺄﻟﻮﻓﺎﺕ‪ .‬ﺳﺎﺭﻭﺍ ﺇﱃ ﹸﻗﺪ‪‬ﺍﻡﹴ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻧ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺍﻟ ‪‬ﻌﺸ‪‬ﺐ ﻭﺭﺍﺀﻫﻢ‪ .‬ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﳍﻢ ﺭﺟﻮﻉ‪ .‬ﺍﺳﺘﺄﻧﺴﻮﺍ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ)‪(...‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪.٢١٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻒ ﻣﺒﺎﻧﻴﻬﻢ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﱐ ﺍﳌﺮﺳﻠﲔ‬

‫ﺏ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﻳﺆﻧﺴﻬﺎ ﺑﻪ‪ .‬ﺗ‪‬ﻮﹶﻗ ‪‬‬
‫"ﻫﻨﺎﻟﻚ ‪‬ﻳ ﹶﻘ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ‪ .‬ﻭﺗﻮﻗﻒ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﻢ ﻣﻌﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻭﻗﻮﻓﺎ ﰲ ﺍﳋﺪﻣﺔ‬
‫ﻟﻴﻠﻬﻢ ﻭ‪‬ﺎﺭﻫﻢ‪ .‬ﺧﻠﻮﺓ ﻭﺭﺍﺣﺔ ﺍﳌﺸﺘﺎﻗﲔ‪ ،‬ﻭﻃﻴﺒﺔ ﺍﳌﺴﺘﺄﻧﺴـﲔ ﺑـﺎﷲ ﻋـﺰ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﺼﻒ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﻮﺣﺸﲔ‪:‬‬
‫‪
(4

J-B‬א‪(7‬س
‪ْO
S\ْ:5
D\"?W




D\)0
I‬א‪

x‬‬
‫}‪()
I




)i
G
|Q‬ل
‪
J<(P
aW‬د*‪

x(4‬‬ ‫‪
a(5
4‬א ‪q‬‬

‫(~
ن
‪




q"C
qO!5‬و;
‪

x;
6ْO
a(5‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺫﺍﻛﺮ ﳌﻮﻻﻩ‪ ،‬ﻳﻨﺎﺟﻴﻪ ﰲ ﺧﻠﻮﺗﻪ ﻭﺃﺷﻮﺍﻕ ﳏﺒﺘﻪ‪:‬‬

‫ذ‪



ًHp!Q B
]4b*
aN*
;
]8‬و‪ QC‬ن
(
‪
G‬א‪
8z‬ذ‪

a*(b
8A‬‬
‫و ‪
)
Q18A‬و<‪
I

1‬א€‪



%‬و‪(C‬م
‪
a"P‬א‪(BOBB}()
f"O‬ن

‬
‫‪
a*j0
(!"W‬א<‪<
]1\K



/^(

]*
1‬دא
)?‪(?
J‬ن

‬
‫‪<
6(W‬دא
)‪



D"?
4k‬و;

‪(4P
4k)
("
6:‬ن

‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺎﺭﻑ ﻭﺍﺻﻞ ﺷﺎ ‪‬ﻫ ‪‬ﺪ ﻗﻠﺒ‪‬ﻪ ﲨﺎﻟﹶﻪ ﻭﻛﻤﺎﻟﹶﻪ‪:‬‬

‫‪(p#‬ن
‪
\)
I‬א‪O‬ل
‚(



و)‪#
)
1‬א‪(!8
NJ8
0‬ل

‬
‫‪ْ(W‬א‪"2‬ن
‪0‬و‪Q‬א
)
‪



(W‬وא‪?(b‬ن
‪Q B0‬و‪(W'()
x‬ل

‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫*َ‪[& Ak ُlَe‬ـُـ_ْ‬ ‫; )ِ‪َ$‬ــ‬
‫*َ‪ُ]j‬ــــ ‪i 7‬ــــ ‪A‬‬
‫*َــ‪m‬ـ‪p‬ــ‪ِ
،G<j‬ــ‪ُ F‬ـــ_ْ‬ ‫‪F‬‬
‫‪9‬ـ ‪A‬ـــ‪ِ
ٍ_F‬ــ‪: F‬ـ‪9m‬ـــ ‪A‬‬
‫*َـــ‪ +: KH‬ـ"ـــ *َـ ـــــ_ْ‬ ‫ ـ‪َm‬ـ‪9‬ــ‪A) 59U :3‬ــــ‪F‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٦١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺭﲪﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗـﺎﺑﻮﺍ‬
‫ﻭﺍﺗﺒﻌﻮﺍ ﺳﺒﻴﻠﻚ ﻭﻗﻬﻢ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﳉﺤﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻏﻔﺮ ﱄ ﺫﻧﱯ‪ ،‬ﻭﻭﺳﻊ ﱄ ﰲ ﺩﺍﺭﻱ‪ ،‬ﻭﺑﺎﺭﻙ‬
‫ﱄ ﰲ ﺭﺯﻗﻲ‪.‬‬

‫ﰲ ﺁﻳﺘﲔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﺮﺽ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺟﺰﺍﺀ‬

‫ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺣﺮ‪‬ﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ﺇﱃ ﺍﳉـﺎﺋﺰﺓ‪ ،‬ﻭﺣـﺪﺩ‬
‫ﺷﺮﻭﻃﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ‪
:‬ﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ﺇﱃ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺭﺑﻜـﻢ ﻭﺟﻨـﺔ‬
‫ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺃﻋﺪﺕ ﻟﻠﻤﺘﻘﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﺍﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻜﺎﻇﻤﲔ ﺍﻟﻐـﻴﻆ ﻭﺍﻟﻌـﺎﻓﲔ ﻋـﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﳛـﺐ‬
‫ﺍﶈﺴﻨﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٣٤ :‬‬
‫ﻫﺘﺎﻥ ﺍﻵﻳﺘﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺗﺸﺮﻃﺎﻥ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺿﺒﻂ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺑﺴﻤﺎﺣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﲢﻜﱡﻤﻬﺎ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻳ‪‬ﺔ ﺿﻴ‪‬ﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﺍﻷﻣﻨﺎﺀ ﺍﳌﻮﻋﻮﺩﻳﻦ ﺑﺎﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻔﻲ ﺃﻣﺲ ﺍﳊﺎﺟـﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺗ‪‬ﺆﺩﺓ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﻷﻧﺎﺓ ﻭﻛﻈﻢ ﺍﻟﻐﻴﻆ ﻹﺣﻘﺎﻕ ﺍﳊﻖ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻫـﻢ‬
‫ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﺎﺯﻣﺔ ﺍﳌﻨﻀﺒﻄﺔ ﻹﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ‪ .‬ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺎﻃﻞ ﳚﺜﻢ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺻﺪﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﰐ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﺻـﱪ ﻋﻠﻴـﻪ ﺇﻻ‬
‫ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﱪ ‪‬ﺩﺅ‪‬ﻭﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﲢﺘﻪ ﻟﻨﺴﻒ ﺃﺻﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻈﻢ‬
‫ﻒ ﺣﺰﺏ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺘﺒﺸﲑ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ‪.‬‬ ‫ﻅ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﺄﻟﻴ ‪‬‬‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﺎﺳﻒ ﺇﻳﻘﺎ ﹸ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﺰﻉ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﺍﳋﺒﻴﺜـﺔ ﻓﺤﺎﺟـﺔ ﺍﳌـﻮﻣﻨﲔ‬

‫ﺍﶈﺴﻨﲔ ﻟﺘﺆﺩﺓ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻭﻛﻈﻢ ﺍﻟﻐﻴﻆ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺇﳊﺎﺣﺎ‪ .‬ﺫﻟﻚ‬
‫ﻒ ﺁﺛﺎﺭ ‪‬ﻩ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﳌﻔﺴﺪﺓ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺃﻗﻮﺍﻡ‬‫ﺃﻥ ﻣﺎﺿﻲ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﺨﱢﻠ ‪‬‬
‫ﺑﺄﻋﻴﺎ‪‬ﻢ ﻭﰲ ﺗﻀﺎﻣﻨﺎﺕ ﻭﻋﺼﺒﻴﺎﺕ ﻭﻣﺼﺎﱀ ﻣﺘﺤﺠﺮﺓ ﻣﺸﺘﺒﻜﺔ ﻣﻊ ﻣﺼﺎﱀ‬
‫ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻓﺎﳊﻞ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﻟـﺬﻱ ﻳﻮﺻـﻲ ﺑﺎﻟﻘﺘـﻞ‬
‫ﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻤﻰ ﻣ ‪‬ﺮ ﹰﺓ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ ﺣﻞ ﻏﲑ ﺇﺳـﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻔﻚ ﻭﲣﺮﻳﺐ ‪‬ﺑ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻋﻦ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﲨﻠ ﹰﺔ‪ .‬ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺭﺩ ﺍﳌﻈـﺎﱂ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﻱ‪ .‬ﻭﺍﻟﺮﻓـﻖ ﰲ ﻫـﺬﻩ‬ ‫ﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﻨﺲ ﺍﻟﻘﹸﻤﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳉـﺬﺭ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻧﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺣﻘﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺭﻓﻴﻖ ﳛـﺐ ﺍﻟﺮﻓـﻖ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻌﻄﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻄﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﻒ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺃﻧﻪ ﺃﺗﻰ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺘﺨﻒ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺗﺒﻠﻴﻐﻪ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻗﺎﺋﻼ‪:‬‬
‫ﻣﺎ ﺃﻧﺖ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻧﹺﺒ ‪‬ﻲ" ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻨﱯ؟‬
‫ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ! ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺳﻠﻚ؟ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪ .‬ﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ﺤ ﹶﻘ ‪‬ﻦ ﺍﻟـﺪﻣﺎﺀ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗﻜﹾﺴـﺮ‬ ‫ﲟﺎﺫﺍ ﺃﺭﺳﻠﻚ؟ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺑﺄﻥ ﺗﻮﺻﻞ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺗﺒﲏ ﻗﻮ‪‬ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﳉﻤـﺎﻫﲑﻱ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻭﺿـﺎﻉ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﻜﺮﻭﻫﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺑﺎﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻷﻓﻀﻞ‪ .‬ﰒ ﻻ ﺷﻲﺀ ﺑﻌﺪ ﳒـﺎﺡ‬
‫ﻱ ﻭﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻣﺔ‬ ‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ‪ ،‬ﺇﻻ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻧﺴﺄﻝ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺴﺔ ﻣﻦ ﳓﻦ؟ ﻭﻣﻦ ﺍﺑﺘﻌﺜﻨـﺎ؟ ﻭﲟـﺎﺫﺍ‬

‫ﺍﺑﺘﻌﺜﻨﺎ؟ ﻭﻧﺴﺘﺤﻀﺮ ﺃﺟﻮﺑﺔ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠـﻦ ﻣﻨـﺬ‬
‫ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﺩﻳﻨﻪ ﺻ‪‬ﹶﻠ ﹸﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﻭﺣﻘﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ‪ ،‬ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﺩﻳﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺴﺮ ﺍﻷﻭﺛﺎﻥ‬
‫ﻭﺗﻘﻮﻳﺾ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ .‬ﻭﰲ ﻋﻤﻠﻪ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺳﲑﺗﻪ ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻟﻠﺘﺆﺩﺓ ﻭﺍﻟﺮﻓـﻖ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ﺍﳉﻤﻴﻞ‪.‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪
:‬ﺧﺬ‬
‫ﺍﻟﻌﻔﻮ‪ ،‬ﻭﺍﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٩٩ :‬ﺃﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ‬
‫ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﻓﺴ‪‬ﺮ
ﺧﺬ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺑﺄﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻣﺮ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﲔ‪ ،‬ﰒ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﻐﻠﻈـﺔ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﳌﻔﺴﺮﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ‪ .‬ﻭﺭﻭﻯ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﻛﺜﲑ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺃﻣﺮﻩ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻳﺄﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﱯﺀ‬
‫ﺟﺎﻫﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺍﻏﻠﻆ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٧٣ :‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ‪:‬‬
‫ﳚﺎﻫﺪﻫﻢ ﺑﻴﺪﻩ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﻠﻴ ﹾﻜ ﹶﻔ ﹺﻬ ‪‬ﺮ ﰲ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒـﺎﺱ‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ‪:‬ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺟﻬﺎﺩ ﺍﳌﻨـﺎﻓﻘﲔ ﺑﺎﻟﻠﺴـﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺐ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻋﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﺃﹸﺫ ‪‬ﻫ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻤﺎﺅﻧﺎ ﺍﻷﻭﻟﻮﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻋﻬﺪ ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﺒـﻮﻱ‪ ،‬ﻓـﺎﻋﺘﱪﻭﺍ ﺃﻥ‬
‫ﺇﻏﻼﻅ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺍﻻﻛﻔﻬﺮﺍﺭ ﰲ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺟﻬﺎﺩ‬
‫ﻧﺎﺟﻊ‪ .‬ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻗﺪﺭﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﺿﺮﻭﺭﺓ‬
‫ﻏﺪ‪‬ﺍﺓ ﺗﺴﻠﻢ ﺍﳊﻜﻢ ﻟﻔﻀﺢ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﻓﻜﺮ ﺍﻟﻨﻔـﺎﻕ ﻭﺩﺳـﺎﺋﺲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ‪ .‬ﻭﳓﹾﺘﺮﺯ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﺑﲔ ﻇﹶﻬﺮﺍ‪‬ﻧ‪‬ﻴﻨ‪‬ﺎ‪ ،‬ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﺃﺑ ‪‬ﺪﻭ‪‬ﺍ ﺻﻔﺤﺔ ﻭﺟﻬﻬﻢ‪،‬‬

‫ﺴﻴ‪‬ﺊ ﺃﻭ ﻋﻨﻴﻔﺔ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌ‪‬ﺘ ‪‬ﺪﻳ‪‬ـ ﹰﺔ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻭﻛﺸﻔﻮﺍ ﺳﺘﺮﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻓﻌﻠﻮﻫﺎ ﻣﺎﻛﺮ ﹰﺓ ﻣﻜﺮ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺳﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﻓﻖ‪ ،‬ﻭﺣﺪﻭﺩ‪‬ﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﺪﻕ‪.‬‬
‫ﺇ ﱠﻥ ﹶﺃ ‪‬ﺧ ﹶﺬ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ‪ ،‬ﻣﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﺿـﻌﻔﺎ‬
‫ﻭﺗﻀﻌﻴﻔﺎ ﻟﻠﺤﻖ‪ ،‬ﳍﻤﺎ ﺍﳋﺼﻠﺘﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺘﺎﻥ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﺘﺎﻥ‪ ،‬ﺑﹺﻬﻤﺎ ﺗﻜﻤﻞ ﺍﻟﻘـﻮﺓ‬
‫ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬ﺇﺫ ﳘﺎ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﻦ ﰒ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﳌﻮﻗﻒ‪ .‬ﺩﺧﻞ ‪‬ﻋ‪‬ﻴ‪‬ﻴﻨ‪‬ﺔ‬
‫ﺑﻦ ﺣﺼﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺷﻮﺭﺍﻩ ﺍﳌﻜ ‪‬ﻮ ‪‬ﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ‪ ،‬ﺃﻱ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻛﻬﻮﻻ ﻭﺷﺒﺎﺑﺎ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻴﻴﻨﺔ‪" :‬ﻫﻴﻪ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ!‬
‫ﳉ ‪‬ﺰﻝﹶ‪ ،‬ﻭﻻ ﲢﻜﻢ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ!"‪ .‬ﻓﻐﻀﺐ ﻋﻤﺮ ﺣﱴ ﻫ ‪‬ﻢ‬ ‫ﻓﻮﺍﷲ ﻣﺎ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﺍ ﹶ‬
‫ﳊ ‪‬ﺮ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ‪ ،‬ﻋ ‪‬ﻢ ﻋﻴﻴﻨﺔ‪ :‬ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ! ﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ﻗـﺎﻝ‬ ‫ﺑﻪ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﺍ ﹸ‬
‫ﻟﻨﺒﻴﻪ‪
:‬ﺧﺬ ﺍﻟﻌﻔﻮ‪ ،‬ﻭﺍﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﳎـﺎﻟﺲ ﻋﻤـﺮ‬
‫ﻭﺷﻮﺭﺍﻩ‪" :‬ﻓﻮﺍﷲ ﻣﺎ ﺟﺎﻭﺯﻫﺎ ﻋﻤﺮ ﺣﲔ ﺗﻼﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻭﻗﹼﺎﻓـﹰﺎ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ"‪ .‬ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﺃﺧﺮﺝ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺮﻳﺪ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﻴﻨﺔ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ‪‬ﺷ ‪‬ﺢ ﻟﻔﺮﺍﻍ ﺧﺰﺍ‪‬ﺋﻨﹺﻪ ﻭﻫـﻮ ﺍﻟﻐـﲏ‬
‫ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ .‬ﻧﺴﺄﻟﻪ ﺭﺟﺎﻻ ﻭﻗﱠﺎﻓﲔ ﻋﻨﺪ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻮﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺼﺪ ﺍﻟﻘﺎﺻﺪ‬
‫ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﺪﺑ‪‬ﺮ‪ .‬ﻻ ﺗﻐﻠﺒﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻐﻀﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻘﺼﺮ ‪‬ﻢ ﺍﳍﻤﺔ ﻋﻦ ﲨـﻊ ﻣﻜـﺎﺭﻡ‬
‫ﺍﻷﺧﻼﻕ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺁﻳﺔ‬
‫ﺃﲨﻊ ﳌﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﺧﺬ ﺍﻟﻌﻔﻮ‪ ،‬ﻭﺍﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺑﻦ ﺣﺠـﺮ ﰲ ﺷـﺮﺡ ﺍﻟﺒﺨـﺎﺭﻱ‪:‬‬

‫ﺐ ﺍﻟ ﹸﻘﻮ‪‬ﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪ :‬ﻋﻘﻠﻴﺔ‪،‬‬
‫ﺴ ﹺ‬
‫ﺤ‪‬‬‫ﻭﻭﺟ‪‬ﻬﻮﺍ ﻗﻮﻝ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺛﻼﺛﺔ ﹺﺑ ‪‬‬
‫ﻭﺷﻬﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻏﻀﺒﻴﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸـﻬﻮﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻌﻔﻮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐﻀﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸـﺠﺎﻋ ﹸﺔ ﻭﻣﻨـﻬﺎ ﺍﻹﻋـﺮﺍﺽ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ‪.‬‬
‫ﰲ ﻛﻠﻤﺔ "ﻋﻔﻮ" ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻏـﺐ ﺍﻷﺻـﻔﻬﺎﱐ‪:‬‬
‫"ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻔﺎﻩ ﻭﺍﻋﺘﻔﺎﻩ ﲟﻌﲎ ﻗﺼﺪﻩ ‪‬ﻣﺘ‪‬ﻨﺎ ﹺﻭ ﹰﻻ ﻣﺎ ‪‬ﻋ‪‬ﻨ ‪‬ﺪ ‪‬ﻩ"‪ .‬ﻭﰲ ﻣﻌـﲎ ﺍﻵﻳـﺔ‪،‬‬
‫ﺣﺴﺐ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻌﺎﱐ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ‬
‫ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻫﻲ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ‪.‬‬
‫ﺼ ‪‬ﺮﻋ‪‬ﺔ‪ ،‬ﺇﻧ‪‬ﻤـﺎ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻠﻚ ﻧﻔﺴ ‪‬ﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‬
‫ﺼﺮ‪‬ﻋﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻠﺐ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺼﺎﺭﻋﺔ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ‬ ‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻣﺸﻬﻮﺭﺍ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺒﺄﺱ‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺣﱴ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺳﺎﺋﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﺇﺣﺼﺎ‪‬ﺎ ﻣﺜ ﹸﻞ ﺫﻟـﻚ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﹼﻠ ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟـﻨﻔﺲ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻃ ‪‬ﺮﻗﹸﻬﺎ‪ .‬ﳚﻤﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺳﻠﻮﻙ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝـﺎﻥ ﻭﻣﻌـﺎﺭﺝ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺣﱴ ﻳﺼﻔﻮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺗ‪‬ﺴﺘﻘﻴﻢ ﻭﺟﻬﺘﻪ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫـﻮ‬
‫ﺍﻷﻣﲑ‪ ‬ﻻ ﺍﻟﺮﻋﻮﻧﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓﹸ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻄﺶ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭ‪‬ﻴﻪ‪ ،‬ﺣﺮﺍﻣﻪ ﻭﺣﻼﻟﻪ‪ ،‬ﺍﳋﻮﻑ ﻣـﻦ‬

‫ﺐ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ‪ ،‬ﻫـﻲ‬ ‫ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻭﺍﳊ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺒﻮﺍﻋﺚ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺩﻉ‪ .‬ﺑﻘﺼﺪ ﺛﺎﺑﺖ‪ ،‬ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻋﻴﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺟﻼ ﺳﺄﻟﻪ ﻭﺻﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﺐ"‪ .‬ﻭﺃﻣﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺿﺄ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﺫﺍ ﺳﺎﻭﺭ ‪‬ﻩ ﺍﻟﻐﻀﺐ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﳚﻠﺲ‬ ‫ﻀ ‪‬‬
‫ﻗﺎﺋ‪‬ﻼ‪" :‬ﻻ ﺗ ‪‬ﻐ ‪‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻀﻄﺠﻊ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻟﺴﺎ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ‪‬ﺳ ‪‬ﻮ ‪‬ﺭ ﹲﺓ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺚ ﻧﺒﻮﻳﺔ‪.‬‬‫ﻭﺟﺎﺀ ﰲ ﺣﻘﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺁﻳﺎﺕ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﺣﺎﺩﻳ ﹸ‬
‫ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻣﺮ ﺃﻥ ‪‬ﻧﺪ‪‬ﺭﹶﺃ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺑﺎﻟﺸﺒﻬﺎﺕ‬
‫ﺏ ﺫﻟﻚ‪،‬‬ ‫ﻟﻜﻴﻼ ﳚﻠﺪ ﻇﻬﺮ ﺃﻭ ﻳﻘﻄﻊ ﻋﻀﻮ ﺃﻭ ‪‬ﺗ ‪‬ﺰ ‪‬ﻫ ‪‬ﻖ ﺭﻭﺡ ﻣﺎ ‪‬ﻭ ‪‬ﺳ ‪‬ﻌﻨ‪‬ﺎ ﺍﺟﺘﻨﺎ ‪‬‬
‫ﻼ ﻣﺎ ﺃﲨﻠﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜـﺮﱘ ﰲ‬ ‫ﺼﹰ‬‫ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺃﻛ ‪‬ﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻔ ‪‬‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺈ‪
:‬ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٩٢ :‬‬

‫ﺻﺮ‪‬ﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﺪ‬ ‫ﺯﺍﺩﺕ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺇﺫﺍ ﺃ ‪‬‬
‫ﻭﻓﻌﻠﻮﻫﺎ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺎ‬
‫ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ‪‬ﺭﻓ‪‬ﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻪ ﻗﺼﺎﺹ ﺇﻻ ﺃﻣﺮ‬
‫ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ"‪ .‬ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺣﺴﻦ‪ .‬ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﺃﻧﺲ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺃﺗﻰ‬
‫ﺑﻘﺎﺗﻞ ﻭﻟﻴ‪‬ﻪ ﺭﺳﻮ ﹶﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻒ ﻋﻨﻪ!" ﻓﺄﰉ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺧﺬ ﺍﻟ ‪‬ﺪﻳ‪‬ﺔ!" ﻓﺄﰉ‪ .‬ﻓﻘـﺎﻝ‪" :‬ﺍﺫﻫـﺐ‬ ‫ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺍ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫ﻓﺎﻗﺘﻠﻪ! ﻓﺈﻧﻚ ﻣﺜﻠﻪ!" ﻓﹸﻠﺤ‪‬ﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ‪ :‬ﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺨﻠﱠﻰ ﺳﺒﻴﻠﻪ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺇﺳـﻨﺎﺩﻩ ﺣﺴـﻦ‪.‬‬ ‫ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﹶﻗ‪‬ﺘﹶﻠ ‪‬ﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺜﻠﻪ! ﹶﻓ ‪‬‬
‫ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ‪" :‬ﺑﺎﺏ ﻣﺎ ﳛﻘﻦ ﺑﺎﻷﺫﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ"‪ .‬ﺫﻛﺮ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻏﺰﺍ ﺑﻠﺪﺍ ﺭﺟﻊ ﻋﻨﻪ ﲟﺠـﺮﺩ‬
‫ﲰﺎﻋﻪ ﺍﻷﺫﺍﻥ‪ .‬ﺃﻱ ﺭﻓﻖ ﻫﺬﺍ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻻ ﺑـﺪ ﻣـﻦ ﺍﳊـﻼﻭﺓ ﻭﺍﳌـﺮﺍﺭﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻜﺪﺭ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺀ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺃ ‪‬ﺭﺩ‪‬ﺕ ﺍﻟﺼﻔﺎ َﺀ ﺍﻟﻜﻠ ‪‬ﻲ ﻓﻔـﺎﺭﻕ‬
‫ﺑﻘﻠﺒﻚ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻭﺍﺻﻠﻪ ﺑﺎﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻓـﺎﺭﻕ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺩﻉ ﺃﻫﻠـﻚ‪،‬‬
‫ﻭﺳﻠﻤﻬﻢ ﺇﱃ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺃﺧﺮﺝ ﻗﻠﺒﻚ ﻋ‪‬ﺮﻳﺎﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻞ‪ .‬ﻭﺍﻗﺮﺏ ﻣﻦ‬
‫ﺑﺎﺏ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﰒ ﺍﺩﺧﻠﻬﺎ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﱂ ﲡﺪ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻓـﺎﺧﺮﺝ ﻣﻨـﻬﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﻫﺎﺭﺑﺎ ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻟﻠﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻭﺟﺪﺕ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻋﻨﺪﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﻟـﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐـﻲ ﺃﻥ‬
‫‪‬ﺠﺮﻩ ﻫﺠﺮﺍ ﲨﻴﻼ ﻟﻨﺼﻞ ﺣﺒﻠﻨﺎ ﲝﺒﻞ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻟﻨﻘﺘﺤﻢ‬
‫ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﳌﻤﺰﻭﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﺑﺎﻟﻔﺴﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﻔﻮ ﺑﺎﻟﻜﺪﺭ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻼﻭﺓ‬
‫ﺑﺎﳌﺮﺍﺭﺓ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻟﻸﻫﻞ ﻭﻟﻠﻮﻃﻦ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳉﻬـﺎﺩﻱ‬
‫ﺗﻄﻬﲑ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺣﱴ ﻧﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﺘﻘﲔ ﺇﻣﺎﻣـﺎ‪ ،‬ﻭﺣـﱴ‬
‫ﻳ‪‬ﻜﻮ ﹶﻥ ﻟﻨﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺯﻭﺍﺟﻨﺎ ﻭﺫﺭﻳﺎﺗﻨﺎ ﻗﺮ ﹸﺓ ﺃﻋﲔ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻴـﻖ‬
‫ﺑﻌﺒﺎﺩ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ‪ ،‬ﻭﳒﺪ ﺍﷲ ﺭ‪‬ﺑﻨ‪‬ﺎ ﻛﻤﺎ ﻭﺟﺪﻭﺍ‪ .‬ﺁﻣﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻧﺎﺻﺢ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﺏ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪:‬‬
‫‪
 „
IP
…2‬א‪



ƒ5‬و<‪
G
1‬و‪
:P‬א‪

ƒ47‬‬
‫و‪)0
Q -‬ن

;



‪

ƒ4AbW
*

Bh Q!P‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٦١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪s
0‬א‪
(\)
rM‬و<(



‪ ()
H(u‬د‪

…7
%‬‬
‫و*‪
\"ْ 
6‬و‪5
Jq8‬م



‪
]
x(W
kْ5‬א ‪

ƒ5‬‬
‫‪
]W

/<



14)
%\"
3ٍ B"B
D8‬אˆ!…

‬ ‫‪١‬‬

‫و‪
I
f4*
D8‬א()‪
B]7Qqs
)
(C



a‬א‪Bw‬و…

‬

‫و‪
B]q"WA
x4s



J4‚
BO"
fCz‬א‪

ƒ4O‬‬
‫‪
1C(ZW‬א‪C
G
7‬א‪

ƒ5b
]7
(\"



(C‬‬
‫و‪(7AP
7À
‰48‬ن
*



€(

‪

…7<
(\N4s‬‬
‫‪1)
H)
(€
SQ*(W‬ق



"\(
)‪

…*
H‬‬
‫وא!‪
J‬א(Š
א‪

ƒ4)0
rZQ
*VW



!7s‬‬
‫وא‪
.#‬و)(د‪7!"
)
/‹



Q!P
M(p#
Q0A‬ن
‪

ƒ50‬‬
‫وא‪
1s‬و ‪(



ŒF
J4#
G
Q…0‬دאم
‪
G‬אˆ‪0
]7
Db‬و…

‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪q‬‬
‫‪ِr
s‬ــــ‪9 A‬‬
‫‪7L‬ـــ)‪A‬ـــ‪ +7 %‬ــ&‪K‬ـــــ ‪A‬‬ ‫‪:A‬ـ)‪7‬ـ‪7 9 A5‬ـ)‪:‬ـــ‪76A +ٍ %‬ـــ_‬
‫‪v<m 9w&7 x‬ــ‪Q‬‬
‫
[‪9 X‬‬ ‫‪َ/L7‬ـ‪u‬ــــ ‪t 7‬ـ‪$‬ــــ‪<mِ
A‬ـــــ‪E‬‬
‫‪q‬‬
‫‪C‬ـــ ‪9‬ــ‪* ٍ3‬ــ
ِـــ ٍ‪7 f‬ـ ‪9‬‬ ‫َ ‪AL `:‬ـ&‪:‬ـــ ‪9Y d& y7‬ـــ‪L%C GA‬ـ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻄﻠﻖ‪ :‬ﺍﻟﺸﻮﻁ ﰲ ﺍﳌﺴﲑﺓ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺃﺩﺧﻠﻬﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻋﺪﻥ ﺍﻟﱵ ﻭﻋﺪ‪‬ﻢ ﻭﻣﻦ ﺻﻠﺢ ﻣﻦ‬
‫ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﺯﻭﺍﺟﻬﻢ ﻭﺫﺭﻳﺎ‪‬ﻢ‪ .‬ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﳊﻜﻴﻢ‪ .‬ﻭﻗﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ‪ .‬ﻭﻣـﻦ ﺗـﻖ‬
‫ﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣـﻦ ﺯﻭﺍﻝ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻓﻘﺪ ﺭﲪﺘﻪ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇ ﹶ‬
‫ﻧﻌﻤﺘﻚ‪ ،‬ﻭ ﹶﲢﻮ‪‬ﻝ ﻋﺎﻓﻴﺘﻚ‪ ،‬ﻭﻓﺠﺄﺓ ﻧﻘﻤﺘﻚ‪ ،‬ﻭﲨﻴﻊ ﺳﺨﻄﻚ‪.‬‬

‫ﺴ ﹲﺔ ﺃﺻﻠﻴ‪‬ﺔ ‪‬ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬ﻮ ‪‬ﺯ ﰲ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ ﻭﺧﻔﺔ ﰲ‬‫ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﻌﺪﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ‪‬ﺧ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻧﻘﺺ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺳﻘﻮﻁ ﰲ ﺍﳍﻤﺔ ﻭﺇﻓﻼﺱ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻭﻣـﺮﺽ ﰲ‬
‫ﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺭﻗﻴﺒﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺼ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﳎﺘﻤﻌﺎ ﻣﺘﻮﺍﻟﺪﺍ‪ .‬ﻓﻴﻨ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﻴﺲ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﲟﻘﻴﺎﺱ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺮﻯ ﺇﻻ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻭﱃ ﻭﺟﻬﻪ‪.‬‬
‫ﺻﺒ‪‬ﻊ ﺍﻻ‪‬ـﺎﻡ ﻭﻣﻜﺎﻳﻴﻞ ﺻـ‪‬ﻴ ﹺﻎ‬ ‫ﻭﻣﺎ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺇﻻ ﹸﺃ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﻜﻔﲑ ﻭﺍﻟﺘﺒﺪﻳﻊ‪.‬‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻦ ﳛﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺑﻌﺒﺎﺩﻩ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻋﲔ‬
‫ﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻣﻮﺟ‪‬ﻬﺔ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻧﻔﺴ‪‬ﻪ ﻭﻫﻮﺍﻩ ﻭﻃﺒﻌ‪‬ﻪ ﻭﺷﻴﻄﺎﻧ‪‬ﻪ‬
‫ﻭﺃﻧﺎﻧﻴﺘ‪‬ﻪ ﻭﻋﺎﺩﺍﺗ‪‬ﻪ ﻭﺯﻻﺗ‪‬ﻪ ﻫﻢ ‪‬ﺧﺼ‪‬ﻤﺎﺅ‪‬ﻩ ﺃ ‪‬ﺳ‪‬ﺒ ‪‬ﻖ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﻟﻜﺎﻓﺔ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻨﺪﻩ ﺣ‪‬ﺮﻣ ﹲﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﻘﻠﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳ‪‬ﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻈﻦ‪ ،‬ﻓـﺈﻥ ﺍﻟﻈـﻦ‬
‫ﺴﺴ‪‬ـﻮﺍ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻓﺴـﻮﺍ‪ ،‬ﻭﻻ‬ ‫ﺠ‪‬‬‫ﺴﺴ‪‬ـﻮﺍ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬‬ ‫ﺤ‪‬‬‫ﺏ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬‬ ‫ﺃﻛﺬ ‪‬‬
‫ﺗﺒﺎﻏﻀﻮﺍ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺪﺍﺑﺮﻭﺍ‪ .‬ﻭﻛﻮﻧﻮﺍ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﺇﺧﻮﺍﻧﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮﻛﻢ‪ .‬ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺃﺧﻮ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻢ‪ ،‬ﻻ ﻳﻈﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﳜﺬﹸﻟﻪ ﻭﻻ ﳛﻘ‪‬ﺮﻩ‪ .‬ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻫﻬﻨﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻫﻬﻨـﺎ! ‪-‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﺍﻣﺮﺉ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﻥ ﳛﻘﺮ ﺃﺧﺎﻩ ﺍﳌﺴﻠﻢ‪ .‬ﻛـﻞ‬ ‫ﺴ ﹺ‬

‫ﺤ‪‬‬‫ﻭﻳﺸﲑ ﺇﱃ ﺻﺪﺭﻩ‪ -‬ﹺﺑ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺣﺮﺍﻡ‪ .‬ﺩﻣﻪ ﻭﻋﺮﺿ‪‬ـﻪ ﻭﻣﺎﻟﹸـ ‪‬ﻪ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻳﻨﻈـﺮ ﺇﱃ‬
‫ﺃﺟﺴﺎﺩﻛﻢ ﻭﻻ ﺇﱃ ﺻﻮﺭﻛﻢ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻻ ﺗﻨﺎﻓﺴﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺗﻮﺍﻓﻬﻬﺎ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﱃ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﺟﻨﺔ‬
‫ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺇﱃ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﳏﺒ‪‬ﺘـﻪ ﻓﻬـﻲ‬
‫ﳋﹸﻠﻖﹺ‪ ،‬ﺍﻟﻜـﺎﻇﻤﲔ ﺍﻟﻐـﻴﻆ‪،‬‬ ‫ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺍﳌﺘﻘﲔ ﺍﻟﻜﺮﻣﺎﺀ ﺍﻟ‪‬ﻴ ‪‬ﺪ ﻭﺍ ﹸ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻓﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﳛﺐ ﺍﶈﺴﻨﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﳛﺐ ﺍﳌﻌﺘﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻳ‪‬ﻌﻄﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﺴـﻠﻮﻙ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺗ‪‬ﺠﺎ ‪‬ﻩ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ .‬ﻭﻫﻲ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺻﱪ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻂ ‪‬ﻟﻠ‪‬ﺴﺎﻧﻚ‪ ،‬ﺑﻞ ﻭﺳـﻮﺀ‬ ‫ﻒ ﻷﺫﺍﻙ ﺃﻧﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺿﺒ ‪‬‬ ‫ﺃﺫﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻛ ‪‬‬
‫ﻇﻨﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭ"ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻟﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺃﺫﺍﻫﻢ ﺧﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳜﺎﻟﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ ﻳﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺃﺫﺍﻫﻢ"‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺟـﺎﺀ ﰲ ﺍﳊـﺪﻳﺚ‬
‫ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ﻭﳐﺎﻟﻄﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣـﺮ ﺑـﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‬
‫ﺴﺘ‪‬ﺮﻳﻦ ﻣﻦ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﳌﺴﺘﻮﺭﻳﻦ ﻭﺍﳌ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﳌﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﳋﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺘﺎﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻓﻬﻲ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺒﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﳌﺲ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻐﲑ‬
‫ﺣﻖ‪.‬‬
‫ﺐ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻦ ‪‬ﺣﺴ‪‬ﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﷲ ﻭﺑﻌﺒﺎﺩ ﺍﷲ‪" .‬ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻏﺮ ﻛﺮﱘ ﻭﺍﻟﻔﺎﺟﺮ ‪‬ﺧ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﺌﻴﻢ" ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑـﻮ‬
‫ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪ .‬ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻳ‪‬ﺤﺴﻦ‬
‫ﺍﻟﻈﱠﻦ ﺃﻭﻻ‪ ،‬ﰒ ﺇﺫﺍ ﺑﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺑﺎﺩﺭ ﹸﺓ ﺳﻮﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﻨـﻪ ﻋﻠـﻰ ﺣـﺬﺭ‪.‬ﻷﻥ‬
‫"ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻻ ﻳﻠﺴﻊ )ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ‪ :‬ﻻ ﻳﻠﺪﻍ( ﻣﻦ ﺟﺤﺮ ﻣﺮﺗﲔ"‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺟـﺎﺀ ﰲ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻭﺃﰊ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪.‬‬
‫ﺐ ﺍﳋﺪ‪‬ﺍﻉ ﺍﳌﻜﱠﺎﺭ ﺍﳋﺒﻴﺚ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻟﺴﺖ‬ ‫ﳋ ‪‬‬‫ﺍﹶ‬
‫ﺐ ﳜﺪﻋﲏ!"‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺃﻣﲑﹰﺍ ﻟﻠﻤﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻓﻠﺰﻣـﻪ ﻣـﻦ ﺍﳊـﺬﺭ‬ ‫ﳋ ‪‬‬
‫ﺐ ﻭﻻ ﺍ ﹶ‬ ‫ﳋ ‪‬‬
‫ﺑﺎ ﹶ‬
‫ﻭﺍﳊﻴﻄﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﳐﺎﻟﻄﺘـﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴـﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﰲ‬
‫ﺳﲑﺓ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺳﲑﺓ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺩﺭﻭﺳﺎ ﻟﻠﺤﻴﻄﺔ‬
‫ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻨﺎ ﳕﻄﺎ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﳕﻂ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﳊﺮﻳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺍ ﹶﳌ‪‬ﺒ ‪‬ﺪ‪‬ﺋ ‪‬ﻲ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠ‪‬ﺴﺲ‪ .‬ﳕﻂ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ‬
‫ﻂ ﺍﻟﻨﺒـﻮﺀﺓ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﺓ ﺣ ﹶﺬ ‪‬ﺭ ﻭﻳﻘﻈﺔ ﻣﻮﺟﻬﲔ ﺇﱃ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﻭﻝ ﺷـﻲﺀ‪ .‬ﳕﹶـ ﹸ‬
‫ﺴﺪ‪‬ﻯ‬
‫ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﺓ ﺃﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭ‪‬ﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﻭ ﹸﻝ ﻣﻦ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺐ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺪﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ‪‬ﻗﺒ‪‬ﻞ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻗ‪‬ﺒﻞ ﺃﻣﲑﻩ‪ ،‬ﺃﻭ ﹸﻝ ﻣـﻦ ﻳﺮﺍﻗﹶـ ‪‬‬
‫ﺐ ﻭﻳ‪‬ﻼﻡ ﻭﻳﻌﺎﻗﺐ‪.‬‬
‫ﻭﻳ‪‬ﺤﺎ ‪‬ﺳ ‪‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﲡﺪﻳﺪﻩ ﰲ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﻘﻠﻮﺏ ﳕﻂ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻳﺔ ﺍﳉﱪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﲟﻨﺠﺎ ‪‬ﺓ ﻣـﻦ ﻛـﻞ‬
‫ﺻﻨ‪‬ﻤﺎﹰ‪ ،‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﰲ ﺍﳊﺼـﺎﺭ ﺍﻟﺘﺠﺴﺴـﻲ‬ ‫ﺣﺴﺎﺏ‪ ،‬ﻳﻜﻮﻥ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﲑ ﻭﺍﻟﺘﻌﺴﻒ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺫﻛﺮ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﳋﺮﺍﺝ" ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻌﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻪ‬
‫ﺟﻬﺎﺯ ﺳﺮﻱ ﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﻻﺗﻪ )ﻻ ﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ(‪ .‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﰲ ﻗﻄـﺮ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ﻭﺍ ﹴﻝ ﻭﻻ ﻋﺎﻣﻞ ﻭﻻ ﺃﻣﲑ ﺟﻴﺶ ﺇﻻ ﻭﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻟﻪ ‪‬ﻋ‪‬ﻴ ‪‬ﻦ ﻻ ﻳﻔﺎﺭﻗﻪ‪ .‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻭﻻﺗﻪ ﺑﺎﳌﺸﺮﻕ ﻭﺍﳌﻐﺮﺏ ﻋﻨـﺪﻩ ﻛـﻞ‬
‫‪١‬‬
‫ﺼ‪‬ﺒ ﹴﺢ"‪.‬‬
‫‪‬ﻣﻤ‪‬ﺴ ‪‬ﻰ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﳌﻘﻠﻮﺑﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﳌﺮﻳﻀﺔ ﺍﻟﻠﺘﲔ "ﻳﺘﻤﺘﻊ" ‪‬ﻤـﺎ ﻣﻜﻔﱢـﺮﻭ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻣﺒﺪ‪‬ﻋﻮﻫﻢ‪ ،‬ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺗﻘﺘﺮﻧـﺎﻥ ﲝﺴـﻦ‬
‫ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺘﺮﻧﺎﻥ ﺑﺎﳋﻀﻮﻉ ﺍﻟﻘﺎﺑﻊ ﳊﻜﺎﻡ ﺍﳉـﻮ‪‬ﺭ‪ .‬ﻣـﻦ‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﺤﺮﺯ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻷ‪‬ﻢ ﻟﻮ ‪‬ﻣﻠﱢﻜﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻧﻔﺴـﹰﺎ‬
‫ﻷﺣﺎﻟﻮﻩ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﺘﻌﻨﺘﺎ ﻣ‪‬ﺒﻴﺪﹰﺍ‪ .‬ﺣﻔﻈﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﺁﻣﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻐﲑ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﹶﻟ ‪‬ﻤﺴ‪‬ـﺮ‪‬ﺣﹰﺎ ﰲ ﺧﻼﻓـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻭ‪‬ﻟﲔ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻤﺪﺍﺩﹰﺍ ﻣﻦ ﻛﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﳋﻼﻓﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻳﻠﺰ ‪‬ﻡ ﻣـﻦ ﺍﻟﺘـﺆﺩﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﻛﻈﻢ ﺍﻟﻐﻴﻆ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﲜﺎﻧﺐ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ‬
‫ﺣﱴ ﺗﻌﺎﺩ ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ‪ .‬ﻫﺪﺍﻧﺎ ﺍﷲ ﻭﺇﻳﺎﻫﻢ‪ .‬ﺁﻣﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺳﻮﺀ ﻇﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺇﱃ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﻃﺮﻗﻴـﺔ‬
‫ﺍﳊﺎﺿﺮ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺑﺄﺱ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﺣﺴﺒ ﹲﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋـﻒ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻗﻴﺔ‪ .‬ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺃﻧ‪‬ﻰ ﻛﺎﻧﺖ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﻻﺟﺤﺎﻑ ﻫﻮ ﺃﻥ‬
‫ﺤ‪‬ﺒﻮﺍ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺴ‪‬‬‫ﻑ ﺍﻷﻣﻴﲔ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﺛﻨﺘﲔ ﻋﻦ ﺧﻼﻓﺎﺕ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻓ‪‬ﻴ ‪‬‬ ‫ﻳﻘﺮﺃ ﺃﻧﺼﺎ ‪‬‬
‫ﻀﺮ‪‬ﻭﺑﹰﺎ‬
‫ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺳﻮﺀ ﻇﻨﻬﻢ ﻣﻀﺎﻓﺎ ﺇﱃ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻣﻦ ﻳﻘﻠﺪﻭ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﺪﻣﲔ‪ ،‬ﻣ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺹ ‪.١٤٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺫﺍﻙ ﰲ ﻫﺬﺍ‪ ،‬ﻣﻌﺮ‪‬ﺿﲔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻣﺂﺳﻲ ﺍﳋﻼﻑ ﺩﻭ‪‬ﺭﹰﺍ ﻛﻤﺎ‬
‫ﳋ ﹺﺮﺑ‪‬ﺔ‪.‬‬
‫ﺗﺪﻭﺭ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﺍ ﹶ‬
‫ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﺃﻥ ‪‬ﻧ ‪‬ﻌ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﺣﺎﻛﻤﲔ ﲟﻌﻴﺎﺭﻧﺎ ﻟﺰﻣﺎﻧﻨـﺎ‪،‬‬
‫ﻭﲟﻌﻴﺎﺭ ﺍﳌﹸﻨﺼﻔﲔ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ‪ ،‬ﺍﶈﺪﻭﺩﻳﻦ ﻏ ﹺﲑ ﺍﳌﻄﻠﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪" :‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸـﻄﺤﺎﺕ )ﺷـﻄﺤﺎﺕ ﺑﻌـﺾ‬ ‫ﻗﺎﻝ ﻣﻨﺼ ‪‬‬
‫ﺖ ﻓﺘﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺋﻔﺘﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‪.‬‬ ‫ﺴﻜﹾﺮﻱ( ﺃﻭ ‪‬ﺟ‪‬ﺒ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺃﻱ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻒ ﻧﻔﻮﺳـﻬﻢ‪،‬‬ ‫ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ‪‬ﺣﺠﹺﺒﺖ ‪‬ﺎ ﳏﺎﺳ ‪‬ﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ )ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ(‪ ،‬ﻭﹸﻟ ﹾﻄ ‪‬‬
‫ﻭﺻﺪﻕ ﻣﻌﺎﻣﻼ‪‬ﻢ‪ .‬ﻓﺄﻫ‪‬ﺪﺭﻭﻫﺎ ﻷﺟﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻄﺤﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻜﺮﻭﻫﺎ ﻏﺎﻳـﺔ‬
‫ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﺳﺎﺀﻭﺍ ﺍﻟﻈﻦ ‪‬ﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﻭﺇﺳﺮﺍﻑ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﻏﻠﻂ ﺗ‪ ‬ﹺﺮ ‪‬ﻙ ﲨﻠﺔﹰ‪ ،‬ﻭﺃﻫ‪‬ـﺪ‪‬ﺭﺕ ﳏﺎﺳ‪‬ـﻨ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻟﻔﺴـﺪﺕ ﺍﻟﻌﻠـﻮﻡ‬
‫ﳊ ﹶﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻄﻠﺖ ﻣﻌﺎﳌﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍ ‪‬‬
‫"ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪‬ﺣﺠﹺﺒﻮﺍ ﲟﺎ ﺭﺃﻭﻩ ﻣﻦ ﳏﺎﺳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻔﺎﺀ ﻗﻠـﻮ‪‬ﻢ‪،‬‬
‫ﺤﺔ ﻋﺰﺍﺋﻤﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻼ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻋﻦ ﺭﺅﻳـﺔ ﻋﻴـﻮﺏ ﺷـﻄﺤﺎ‪‬ﻢ‬ ‫ﻭﺻ ‪‬‬
‫ﻭﻧﻘﺼﺎ‪‬ﺎ‪ .‬ﻓﺴﺤﺒﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﹶﺫ‪‬ﻳ ﹶﻞ ﺍﶈﺎﺳﻦ‪ ،‬ﻭﺃ ‪‬ﺟ ‪‬ﺮﻭ‪‬ﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻜـﻢ ﺍﻟﻘﺒـﻮﻝ‬
‫ﻭﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﳍﺎ‪ .‬ﻭﺍﺳﺘﻈﻬﺮﻭﺍ ‪‬ﺎ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻌﺘﺪﻭﻥ ﻣﻔﺮﻃﻮﻥ‪.‬‬
‫"ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪-‬ﻭﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﻑ‪ -‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃ ‪‬ﻋ ﹶﻄﻮ‪‬ﺍ ﻛـﻞ‬
‫ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺰﻟﻮﺍ ﻛﻞ ﺫﻱ ﻣﱰﻟﺔ ﻣﱰﻟﺘﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﳛﻜﻤﻮﺍ ﻟﻠﺼﺤﻴﺢ ﲝﻜﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻝ‪ ،‬ﻭﻻ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻝ ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ ﲝﻜﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ‪ .‬ﺑﻞ ﹶﻗﺒﹺﻠﻮﺍ ﻣﺎ ‪‬ﻳ ﹾﻘﺒ‪‬ﻞ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺝ ﺍﳌﻴـﺰﺍﻥ‬ ‫ﻭﺭﺩﻭﺍ ﻣﺎ ﻳﺮﺩ"‪ ١.‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻧﻌﻢ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻬﻢ ﺻﻨﻮ ‪‬‬
‫ﻛﺎﻣﻠ ﹰﺔ!‬
‫ﺼ ‪‬ﻐ ‪‬ﻲ ﺇﱃ ﺍﻟـﻮﺍﻗﻌﲔ‬ ‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ‪" :‬ﺇﻳ‪‬ﺎﻙ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺥ ﺃﻥ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫)ﺍﳌﻜﻔﺮﻳﻦ ﺍﳌﺒﺪﻋﲔ( ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ )ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ( ﻭﺍﳌﺴﺘﻬﺰﺋﲔ ‪‬ـﻢ‪ ،‬ﻟـﺌﻼ‬
‫ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻋﲔ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﳌﻘﺖ ﻣﻦ ﺍﷲ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻘﻮ ‪‬ﻡ ﺟﻠﺴﻮﺍ‬
‫ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ‪ ،‬ﻭﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻷﻧﻔﺎﺱ ﻣـﻊ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺪ ﺳﻠﻤﻮﺍ ﻗﻴﺎﺩ‪‬ﻫﻢ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻟ ﹶﻘﻮ‪‬ﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ‪‬ﺳﻠﹾﻤﹰﺎ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪.‬‬
‫"ﺗﺮﻛﻮﺍ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻨﻔﻮﺳﻬﻢ ﺣﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﻘﻴﻮﻣﻴﺘﻪ‪ .‬ﻓﻘﺎﻡ‬
‫ﳍﻢ ﺑﺄﻭﰱ ﳑﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﶈﺎﺭﺏ ﻋﻨﻬﻢ ﳌﻦ ﺣـﺎﺭ‪‬ﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﳌﻦ ﻏﺎﻟﺒﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﻭﻟﻘﺪ ﺍﺑﺘﻠﻰ ﺍﷲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺑﺎﳋﻠﻖ‪ ،‬ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻈـﺎﻫﺮ‪.‬‬
‫ﹶﻓ ﹶﻘ ﱠﻞ ﺃﻥ ﲡﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﺍﷲ ﺻﺪﺭﻩ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻮﱄ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌ‪‬ﻴ ﹴﻦ‪ .‬ﺑﻞ ﻳﻘـﻮﻝ‬
‫ﻟﻚ‪ :‬ﻧﻌﻢ! ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩﻭﻥ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻦ ﻫﻢ؟ ﻓﻼ ‪‬ﻳ ﹾﺬﻛﹶﺮ ﻟﻪ ﺃﺣﺪ‬
‫ﺇﻻ ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺪﻓﻊ ﺧﺼﻮﺻ‪‬ﻴ ﹶﺔ ﺍﷲ ﻓﻴﻪ ﹶﻃ ﹾﻠ ‪‬ﻖ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎﺝ‪ ،‬ﻋﺎﺭﻳﹰﺎ ﻋـﻦ‬
‫ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ‪.‬‬
‫"ﻓﺎﺣﺬﺭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﺻﻔﹸﻪ‪ .‬ﻭ‪‬ﻓ ‪‬ﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﺮﺍﺭﻙ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺪ‪ .‬ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﺇﻳﺎﻙ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﳌﺼﺪﻗﲔ ﻷﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﹺﺑ ‪‬ﻤﻨ‪‬ﻪ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﰲ "ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ" ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٩‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.٣٢٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﺍ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺰﻭﻝ ﺍﻟﻜﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻭﺗ ‪‬ﻘ ﹼﻞ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﻭﺍ ﹶﳌ ‪‬ﻐﺮ‪‬ﻡ‪ ،‬ﻭﺗﺘﺎﺡ ﻓﺮﺹ ﺍ ﹶﳌ ‪‬ﻐﻨ‪‬ﻢ‪ ،‬ﺃﻥ ﳛﺘﺮﺯﻭﺍ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﻟﲔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺫﺋﺎﺑﺎ ﻭﺛﹶﻌﺎﻟﺐ ﻳﻨﺪﺳ‪‬ـﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺼـﻒ‬
‫ﺐ‬
‫ﲝﺴﺎﺏ ﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﳌﺼﺎﳊﻪ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻧﻦ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺃﻏﺮ‪‬ﺍﺭﺍ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﳋﹶـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻠﺌﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺜﻌﻠﺐ ﰲ ﺍﳊﻈﲑﺓ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ‬
‫ﺍﳌﺘﻌﺮﺿﲔ ﳌﻘﺖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻛﻦ ﻋﺎﻗﻼ ﻭﻻ ﺗﻘﺮﺏ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺰﻣـﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻓﺈ‪‬ﻢ ﺫﺋﺎﺏ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺛﻴﺎﺏ‪ .‬ﺧﺬ ﻣﺮﺁﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬
‫ﺕ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﳋﺎﻟﻖ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪﺕ ﺍﻟﺸﺮ‬ ‫ﺼ ‪‬ﺮ ‪‬ﻙ ﺑﻚ ﻭ‪‬ﻢ‪ .‬ﺇﱐ ﻗﺪ ‪‬ﺧ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ ‪‬‬ ‫ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ‪‬ﻳ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﺍﳋﲑ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﺎﻟﻖ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺳﻠﱢﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﺭﻫﻢ‪ ،‬ﻭﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺧﲑﻙ ﺩﻧﻴـﺎ ﻭﺁﺧـﺮﺓ‪ .‬ﺇﱐ ﻻ‬
‫ﺃﺭﻳﺪﻛﻢ ﱄ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﺃﺭﻳﺪﻛﻢ ﻟﻜﻢ‪ .‬ﰲ ‪‬ﺣﺒ‪‬ﺎﻟ‪‬ﻜﻢ ﹶﺃ ﹾﻓﺘ‪‬ﻞ‪(...).‬‬
‫ﻚ ﹶﺃﻫ‪‬ﻞ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻓﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﻘﻼﺀ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﺗﺒ‪‬ﻬﺮﺟﻮﺍ ﻋﻠـﻲ‪ .‬ﻓـﺈﱐ‬ ‫ﺤ ‪‬‬
‫"ﺃﻧﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺃﻋﺮﻑ ﺟ‪‬ﻴﺪ‪‬ﻛﻢ ﻣﻦ ﺭﺩﻳﺌﻜﻢ ﺑﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺗﺄﻫﻴﻠـﻪ ﱄ‪ .‬ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ‬
‫ﻉ ﺩﻣﺎﻍ ﻧﻔﺴِﻚ ﻭﻫـﻮﺍﻙ ﻭﻃﺒﻌ‪‬ـﻚ‬ ‫ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻓﻜﻦ ﺳ‪‬ﻨﺪﺍﻧﹰﺎ ﳌﻄﺮﻗﱵ ﺣﱴ ﺃ ﹾﻗ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺷﻴﻄﺎﻧﹺﻚ ﻭﺃﻋﺪﺍﺋ‪‬ﻚ ﻭﺃﻗﺮﺍﻧﹺﻚ ﺍﻟﺴﻮﺀ‪.‬‬
‫"ﺍﺳﺘﻌﻴﻨﻮﺍ ﺑﺮﺑﻜﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ‪ .‬ﻭﺍﳌﻨﺼﻮ ‪‬ﺭ ﻣﻦ ﻳﺼـﱪ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ .‬ﻭﺍﳌﺨﺬﻭﻝ ﻣﻦ ‪‬ﻭ ‪‬ﻛ ﹶﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪.‬‬
‫"ﺍﻵﻓﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻣﱰﳍﺎ ﻭﺍﺣﺪ‪ .‬ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻃﺒﻴﺒﻬﺎ ﻭﺍﺣـﺪ‪ .‬ﻳـﺎ‬
‫ﻣﺮﺿﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ‪ ،‬ﺳﻠﻤﻮﺍ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ‪ .‬ﻻ ﺗﺘﻬﻤﻮﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻜﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻬﻮ ﺃﺭﺃﻑ ﺑﻜﻢ ﻣﻨﻜﻢ ﺑﻨﻔﻮﺳﻜﻢ‪ .‬ﺍ‪‬ﺧﺮ‪‬ﺳﻮﺍ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻌﺎﺭﺿﻮﻩ‪ ،‬ﻭﻗﺪ‬
‫ﺭﺃﻳﺘﻢ ﺍﳋﲑ ﻛﻠﻪ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺁﺧﺮﺓ‪ .‬ﺍﻟﻘﻮﻡ ﰲ ﺳﻜﻮﺕ ﹸﻛﱢﻠﻲ‪ ،‬ﻭﲬـﻮﺩ ﻛﻠـﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺩﻫﺸﺔ ﻛﻠﻴﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﰎ ﳍﻢ ﺫﻟﻚ ﻭﺩﺍﻣﻮﺍ ﻋﻠﻴـﻪ‪ ،‬ﺃﻧﻄﻘﻬـﻢ ﻛﻤـﺎ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﻄ‪‬ـﻖ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﺩﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ .‬ﻻ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﻧﻄﻘـﻮﺍ‪ .‬ﻻ ﻳﺄﺧـﺬﻭﻥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ‬
‫‪١‬‬
‫ﹸﺃ ‪‬ﻋﻄﹸﻮﺍ‪ .‬ﻻ ﻳﻨﺒﺴﻄﻮﻥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺑ‪‬ﺴﻄﻮﺍ‪ .‬ﺍﻟﺘﺤﻘﺖ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺑﻘﻠﻮﺏ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﳛﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬
‫‪
.4Ž
(5‬א‪




17P
I8
(P1‬وא‪
48
I
8‬א‪


X‬‬
‫و‪
h(^0
"P
aN7AP‬و‪
/0
G


F‬و‪
WA (P‬وא‪

P
‰P‬‬
‫‪


a‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺍﺝ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻃﺎﻣﻊ ﰲ ﻋﻔﻮﻩ ﻭﻣﻐﻔﺮﺗﻪ ﻭﺟﻨﺘﻪ‪:‬‬

‫وزאد‪0
(
J4"-
/‬א‪l“""W



ak"
x‬אد
)?‪
a‬م
‪’W(b
1‬؟

‬
‫”‪
H5(s
(5
0(7()
-‬א‪

!’p
I5Q B
!]4W
ac(<0
I5dW



7qw‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺎﺋﺐ ﺭﺍﻏﺐ ﺧﻠﻊ ‪‬ﺑ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ ﻭﺍﳔﺮﻁ ﻣﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ‪:‬‬
‫(
وא ‪

(
 wB‬‬
‫‪(W




(p2‬دوא
‪
P‬א ‪N‬‬
‫‪1*
(5‬א(‪
(p2
/‬א‪
f"O‬‬
‫•‪g‬وא
)‪Q‬د‪
]Qb7"
/‬و;



‪Z‬א
‪
1#(W
I‬ن
‪

(pq"2‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻏﺎﻓﻞ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ‪ ،‬ﻓﻈﻤﺊ ﺇﱃ ﹺﻭ ‪‬ﺭ ‪‬ﺩ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ‪:‬‬

‫‪(-‬א‪
/(7)
4
(\4C


I4AW
rDA<
h(bP
:‬ن
‪

!a*s‬‬
‫‪


a‬‬
‫
‪
QA‬و ‪0S‬د‪،Q‬و ‪
6-ْ S K‬ن
‪

! OA bQ 
T‬‬
‫‪
]4(C‬د‪0‬א‪
DC‬و‪zC‬א
(—‪Q (W



DC‬‬
‫א‪
Iq#
(5
6OK‬א‪



akg"BW
v‬و‪(

(5
6)Q S B‬د‪
/‬א‪(W‬ق
‪

N7kW‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﳊﺬﺭ ﻭﺍﳊﻴﻄﺔ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺍﳋﻠﻖ‪:‬‬

‫;
‪



(˜N4#
;
]7
I?5‬ن
‪
#‬א‪
%-
I
I:‬א‪

IQ EA‬‬
‫
‪
IQb‬א‪
I:‬وא‪O‬ل
א{‪

Ib‬‬ ‫™!‪
Œs



H‬‬ ‫(
‪
0‬א‪(b*y‬ن
‪ْ
G‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٣٢٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪K‬ــُ ‪K‬ــ|ُ &‪K‬ــ ‪{7‬‬ ‫]ــ ‪"A `:‬ــ ٍ ‪AC‬ـ‪9‬ــ‪*P ,‬ـــ‪7z‬‬
‫‪9‬ــ‪َ^ 9‬ــ € ‪:&9‬ــ‪AL A5‬ــ ‪{7‬‬ ‫} @ُ‪ْ/‬ــ‬
‫‪~ &A 7d*PAH‬ـ ‪A‬‬
‫‪)َ> َU ،ً:C( ِ$Xْ$9‬ــ ‪,7‬‬ ‫‪$9 : P‬ـ € ‪ْK& Q‬ــ' ‪?9p)AL‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪!" #$‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺭﺑﻨﺎ ﺍﷲ ﰒ ﺍﺳـﺘﻘﺎﻣﻮﺍ ﺗـﺘﱰﻝ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬
‫ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﺃﻻ ﲣﺎﻓﻮﺍ ﻭﻻ ﲢﺰﻧﻮﺍ ﻭﺃﺑﺸﺮﻭﺍ ﺑﺎﳉﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻮﻋﺪﻭﻥ‪ .‬ﳓﻦ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺅﻛﻢ ﰲ‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻭﻟﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻬﻲ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻭﻟﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮﻥ ﻧـﺰﻻ‬
‫ﻣﻦ ﻏﻔﻮﺭ ﺭﺣﻴﻢ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻗﻮﻻ ﳑﻦ ﺩﻋﺎ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﻋﻤﻞ ﺻﺎﳊﺎ ﻭﻗـﺎﻝ ﺇﻧـﲏ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ‪‬ﻣ‪‬ﻨﻜﹶﺮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺀ‪.‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻷﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳌﻜﻲ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﻗﻮﺕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ" ﺍﻟﺬﻱ ﻛـﺎﻥ‬

‫ﳛﺒﻪ ﺷﻴﺦ ﻣﺸﺎﳜﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﺇﻧـﻪ‬
‫‪‬ﻳ ‪‬ﻌﻄ‪‬ﻲ ﺍﻟﻨﻮﺭ" ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪" :‬ﺇﻧﻪ ﻳﻌﻄـﻲ ﺍﻟﻌﻠـﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪﺭﺳﻬﻤﺎ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﳌﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﰲ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ‪" :‬ﺫﻛﺮ ﺑﻴﺎﻥ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﺍﻟﻮﺭﻋﲔ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺭﻭﻳﻨﺎ ﰲ ﺍﳋﱪ‪ :‬ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺛﻼﺛﺔ‪ :‬ﻛﺘـﺎﺏ ﻧـﺎﻃﻖ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺳﻨﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ‪ .‬ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﱯ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﺕ ﻛ‪‬ﺘﺒ‪‬ﻪ ﺭﺟﻞ ﺯﺍﻫﺪ ﻭﺭﻉ ﻟ ‪‬ﺰﻫ‪‬ﺎ ‪‬ﺩ ﻭﺭﻋﺬﻳﻦ‪.‬ﻛﺘﺒﻪ ﺇﻣـﺎﻡ ﰲ‬
‫ﻱ ﻧﻮﺭ ﳝﻜﻦ‬ ‫ﻼ ِﺀ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ‪ .‬ﻓﺄ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﺍﳋﻠﻮﺓ ﻭﺍﳉﻠﻮﺱ ﶈﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﲔ ﺃ ‪‬ﺧ ﹼ‬
‫ﺃﻥ ﻧﻘﺘﺒﺴﻪ ﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺙ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻔﻮﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻱ ﻭﺭﻉ ﻳﻠﻴـﻖ‪ ،‬ﻭﺃﻱ‬
‫ﺴ‪‬ﻨ ‪‬ﺔ ﻧﺎﻃﻘـﺔ‪،‬‬
‫ﺯﻫﺪ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ ،‬ﰲ ﻋﻬﺪ ﲢﺘﺎﺝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﰒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﱃ ﺃﹾﻟ ِ‬
‫ﻭﺃﻓﺌﺪﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ؟ ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻠﺴﺎﻥ ﺻﺪﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﲔ‪ ،‬ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺗﺒﻠﻴـﻎ‬
‫ﺱ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭﻟﺴﺎﻥ ﹸﻓﺮ‪‬ﻗﺎﻥ ﻭﺳـﻂ ﺍﻟﱠﻠﻐ‪‬ـﻂ ﺍﳊـﺰﰊ‬ ‫ﺑﲔ ﺍﻟﺴﺎﻛﺘﲔ ﺍﳋﹸ ‪‬ﺮ ﹺ‬

‫‪١‬‬
‫ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪ ٢٧٧‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻭﻟﺴﺎ ‪‬ﻥ ﻭﻋﻆ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﺎﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻜـﺲ‬
‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺴﻄﻴﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﳋﻄﺎﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﱃ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﰲ ﻏﻔﻠﺔ‪ ،‬ﺑ‪‬ﻞ ﺇﻏﻔﺎﻝ‪ ،‬ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻭﺫﻛﺮ‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺩ‪.‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ "ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﺍﻟﺒﻼﻍ" ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ "ﻋﻠﻮﻡ‬
‫ﺖ ﻣﺮﺣﻠ‪‬ﻴﹰﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﺎﻃـﻞ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻤﺖ" ﺣﱴ ﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻻ ﺍﳊﻖ ﻭﻟﻮ ﺳﻜﺘ ‪‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﻋﻠﻤﺎ َﺀ ﻳﻌﻠﱢﻤﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻭﻓ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﰊ ﺑﺼـﻐﺎﺭ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻗﺒﻞ ﻛﺒﺎﺭﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻋﻦ ﺍﺑـﻦ ﻋﺒـﺎﺱ‪.‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟ‪‬ﻌﻠﻤﺎ َﺀ ﻧﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﳊﻖ ﻏﲑ ﻣﺘﻤﻠﻘﲔ ﻭﻻ ﻣﺘﺰﻟﻔﲔ ﻟﻠﺴـﻠﻄﺎﻥ‬
‫ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷ‪‬ﺒ ‪‬ﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬
‫ﲣﱡﻠﻠﹶﻬﻢ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺒﺎﻗﻮﺭﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ‪.‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﻧﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﰲ ﻋﺼـﺮ "ﺍﻟﺼـﺤﻮﺓ‬
‫ﺖ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ" ﺍﻟﱵ ﻛﺜﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﻋﻨﺎﻕ ﺍﳌﺸﺮﺋﺒﺔ ﺇﱃ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌ ‪‬ﻤ ﹺﻢ ﺍﳋﻄﻴﺐ‪ ،‬ﻭﻟ ﹶﻔ ﹶﻈ ‪‬‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﻄﺎﺑ ‪‬ﻊ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮ‪ ،‬ﻭﺳﺠﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﺧﻠﻴﻄﺎ ﻣﻦ ﺟﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺜﺮﺛﺮﺓ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺘ ﹶﻔ‪‬ﻴ ﹺﻬﻘﹶﺔ‪ .‬ﻭﻗ ﱠﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍ ﹸﳌﻌ‪‬ﻠﻢ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘـﻮﻝ ‪ :‬ﻻ‬
‫ﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺰﻋﻤﻪ ﺃﻧﻪ ﻛ ﹲﱰ ﻟﻠﻌﻠـﻮﻡ ﻻ ﻳﻨﻀ‪‬ـﺐ‪،‬‬ ‫ﺃﺩﺭﻱ‪ ،‬ﻓﻔﺎﺕ ﺍ ﹸﳌﺘ‪‬ﻌﺎ‪‬ﻟ ‪‬ﻢ ﻧﺼ ‪‬‬
‫ﻭﻓﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﻔﺘﲔ ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﺋﲔ ﻛ ﱡﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻷ‪‬ﻢ ‪‬ﻳﺮﹺﺩﻭﻥ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﲝـﺮ ﻻ‬
‫ﺳﺎﺣﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮ‪‬ﻯ ﺍﳍﺎﺋﻤﺔ‪.‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭ‪‬ﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳍﺎﺩﻳﺔ ﺍﳍﺎﺩﺋـﺔ‬
‫ﺑ‪‬ﺪ ﹰﻻ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﺪﺩ ﻭﺍﻟﺘ‪‬ﺸﻨ‪‬ﺞ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻔﻴﺎﻥ‪ :‬ﻗﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ( ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺇﳕﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺮﺧﺼﺔ ﻣﻦ ﺛﻘﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻓﻜ ﱡﻞ ﺃﺣﺪ ﻳ‪‬ﺤﺴﻨﻪ"‪.‬‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺭﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻃﻮﻋﺎ‬
‫ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ﻭﺗﻮﺑﺔ ﺻﺎﳊﺔ ﻭﻧﻔﺎﻗﺎ ﹶﻓﺌﹶﺎ ‪‬ﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﺇﱃ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻣﺘﻤﻜﻨﲔ ﺷـﺠﻌﺎﻧﺎ‬
‫ﳉﺒ‪‬ﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﳉﺎﺋﺮﻳﻦ ﻋـﻦ ﺍﳉﻬـﺮ‬ ‫ﻣﺘﺌﺪﻳﻦ ﻣﺘﺴﺎﳏﲔ ﻭﺭﻋﲔ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘﻌ‪‬ﺪ ‪‬ﻢ ﺍ ﹸ‬
‫ﺑﺎﳊﻖ ﹺﺇﺑ‪‬ﺎ ﹶﻥ ﺍﶈﻨﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺴﺘ‪‬ﻔﺰ‪‬ﻫﻢ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳ ﹸﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻮﺭ‪‬ﻉ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺤ ‪‬ﻢ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺭ‬‫ﻳﺘﺠﺮ‪‬ﺃﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺑﻐﲑ ﻋ‪‬ﻠﻢ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﳉﺮﺃﺓ ﺍﳉﺎﻫﻠﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻘ ‪‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﳋﱪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪" :‬ﺍﻟﻮﺭ‪‬ﻉ ﻫﻮ ﺍﳉﱭ ﻋﻦ ﺍﻹﻗـﺪﺍ ﹺﻡ ﻭﺍﳍﺠـﻮﻡ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ"‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻟﻨﺎ ﺑﻌﻠﻤﺎ َﺀ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ "ﻻ ﺃﺩﺭﻱ" ﻟ‪‬ﻴﺘﺮﻙ ﳎـﺎﻻ‬
‫ﻑ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﲟﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺻﻮﺍﺏ ﻟﻴﺘﻜﻮﻥ‬ ‫ﻻﺟﺘﻬﺎ ‪‬ﺩ ﲨﺎﻋ ‪‬ﻲ ﲡﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﺼﺎ ‪‬‬
‫ﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﺗﺘﻬـﺬﺏ‬ ‫ﻟﻸﻣﺔ ﹸﺫ ‪‬ﺧ ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳉﺎﻣﻊ! ﻣﻦ ﹶﻃ‪‬ﺒ ﹺﻊ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺼﻮ ﹺ‬
‫ﺐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻗﻠﻮﺑ‪‬ﻬﻢ ﺍﻟ‪‬ﻨ ‪‬ﺰ ‪‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﺴـ‪‬ﺒ ‪‬ﻖ‬ ‫ﺐ ﻃﺒﻴ ‪‬‬
‫ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﱂ ﻳ‪‬ﻄ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺇﱃ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎ ‪‬ﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﺍﳊﻲ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ﺍﳌﻴﺖ ﻭﺍﳌ ﹾﻠ‪‬ﺘﻬﺐ ﺍﳌﹸﺤﺮﹺﻕ‬
‫ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺙ ﺍﳋﻼﻑ ﻟ‪‬ﻴﻐ‪‬ﻠﺐ ﺭﺃﻳ‪‬ﻪ ﻭﺗﻨﺘﺼﺮ ﻛﻠﻤﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺃﻳﺔ ﺗﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺗ ﹾﻠﺰ‪‬ﻡ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﻀﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﻌـﺪ ﺍﻧﺘﺼـﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﰲ ﺍﻹﳘﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﻗﻴﻠﻮﻟﺔ ﺍﻟﺪﻋﺔ ﻭﻣﺴﺎﳌﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺃﻫﻠ‪‬ﻪ ﺃﻳﺎ ‪‬ﻡ‬
‫ﺍﶈﻨﺔ؟ ﺃﻳ ﹸﺔ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭ ‪‬ﻋﱪ‪‬ﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﻠ ‪‬ﺰﻡ ﻟﻜﻴﻼ ﺗﻀﻴﻊ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺃﺳﺮﺍﺏ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﺘﺪﺭﺑﲔ ﺍ ﹶﶈﺼ‪‬ﻠﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﻤﺘﻮﺍ ﺃﻳـﺎ ‪‬ﻡ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﻐﲑ ﺗ‪‬ﺠ ‪‬ﻤ ﹺﲑ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻈﺎﱂ ﺑﺒ‪‬ﺨﻮﺭ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ‪‬ﻣ ‪‬ﻐﺮ‪‬ﻣﺎ؟‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳛﺮﹺﺹ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺒﹺﻪ ﰲ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﳜﺎﻑ ﺃﻥ ﲤـﻮﺕ ﲰﻌﺘ‪‬ـﻪ‪،‬‬

‫ﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﳚ‪‬ﺒ ‪‬ﻦ ﺣﱴ ﻋﻦ ﺍﳊﻴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻠﱢﻮﺍ ‪‬ﺫ‬ ‫ﻭﳚﺒ‪‬ﻦ ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳊﻖ ﻭﻟﻮ ﱂ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﺠﻴ‪‬ﺔ‪ .‬ﻓﺈﻥ ‪‬ﺟ‪‬ﺒ ‪‬ﻦ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺣﱴ ﻋﻦ ﺣﻴـﺎﺩ "ﻻ ﺃﺩﺭﻱ"‬ ‫ﺑﻜﻠﻤﺔ "ﻻ ﺃﺩﺭﻱ" ﺍﳌﻨ ﹺ‬
‫ﻳﻮ ‪‬ﻡ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺒﺎﺭﻭﻥ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﳛﺸﺪﻭﻥ ﺧﻄﺒﺎ َﺀ ﺍﳉﻤﻌﺔ ﻟﺘﻤﺠﻴﺪ ﺍﻟﻔﺴﻖ ﻓﻘﺪ‬
‫ﺕ ﺃﺭﻛﺎ ﹸﻥ ﻣﺮﻭﺀﺗﻪ‪ .‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﺘﺼﻠﺢ ﺍﻟـﺪﻋﻮﺓ‬ ‫ﺖ ﻣﻘﺎ‪‬ﺗ ﹸﻞ ﺩﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺍ‪ ‬ﺪ ‪‬‬‫ﺃﺻﻴ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻓﺎﺿﻞﹶ‪ ،‬ﺃﻡ ﻛﻴﻒ ﺗ‪‬ﺤﻴﹺﻲ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ‪‬ﺧﻤ‪‬ﺪ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ـﺮﻣﻢ‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍ ﹶ‪‬ﺪ‪‬؟‬
‫ﻫﺬﻩ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ "ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺼﻤﺖ" ﻭ"ﻋﻠﻮﻡ ﺍﳋﻄﺎﺏ" ﻧﻄﺮ‪‬ﺣﻬﺎ ﻟﻴـﻮ ﹺﻡ‬
‫ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺣﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨـﺎﻃﻘﲔ ﺯ‪‬ﻭﺭﹰﺍ‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻷ ‪‬ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ‪ .‬ﻳﺸ ﹶﻔ ‪‬ﻊ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﻠـﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻋ‪‬ـﻰ ﺣـﺮﻣﺘ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺴﺎﺏ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺩﻳﻨ‪‬ﻬﻢ ﺍﻟﻮﻓﺎ َﺀ ﲝﻘـﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻓﺘـﺪ‪‬ﺍ َﺀ ﺍﳌﺎﺿـﻲ‬
‫ﺱ ﺍﻟﻨﺎﻃ ﹺﻖ ﺑﺄﳎﺎﺩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺳﺮ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴ‪‬ﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟـﱵ‬ ‫ﺖ ﺍﻷﺧﺮ ﹺ‬ ‫ﺍﻟﺼﺎﻣ ‪‬‬
‫ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ‪
:‬ﻭﺇﺫ ﺃﺧﺬ ﺍﷲ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺃﻭﺗﻮﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻟﺘﺒﻴ‪‬ﻨﻨ‪‬ﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﻻ ﺗﻜﺘﻤﻮﻧﻪ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٨١ :‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺠﻼﻥ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﺃﺧﻄـﺄ‬
‫ﺍﻟﻌﺎ ﹸﱂ ﻗﻮ ﹶﻝ "ﻻ ﺃﺩﺭﻱ" ﺃﺻﻴﺒﺖ ﻣﻘﺎﺗﻠﻪ‪ .‬ﻭﻗﺎﻟﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻌﺪﳘﺎ"‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ‪ ،‬ﺍﳌﺘ‪‬ﺮ ﹺﺟﻤ‪‬ﲔ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﺃﻥ ‪‬ﻳ‪‬ﺒﻴ‪‬ﻨﻮﺍ ﻟﻠﻨﺎﺱ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ‪ .‬ﻣﱴ ﺍﺟﺘ‪‬ﺮﺃ ﺃﺣﺪ‪‬ﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻬـﺮ‪ ،‬ﻃﺎﺋﻌـﺎ ﺃﻭ ﻣﻐﻠﻮﺑـﺎ‬
‫ﳎﺮﻭﺭﺍ‪ ،‬ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺍﳋ ﹶﻄ ﹺﻞ ﻓﻘﺪ ﻗ ﱠﻞ ﺣﻴﺎﺅﻩ‪ ،‬ﻭﺗﺸﻴﻄﻦ ﺑﻴﺎﻧ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﻗـﺪ ﻗﺮﺃﻧـﺎ ﰲ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﻓﻘﺮﺓ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻌ ‪‬ﻲ ﺷﻌﺒﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟ‪‬ﺒﺬﹶﺍﺀ ﺷﻌﺒﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔـﺎﻕ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﰲ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ‪" :‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ )ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ( ﻫـﻮ‬
‫ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﻄﺒﻮﻥ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻭﻳﺘﻮﺳـﻌﻮﻥ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻔﺼﺤﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳ‪‬ﺮﺿﻲ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﻭﻛﻤﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﲢﺘﺮﺯ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ‬
‫ﺣﲔ ﻳﻐﻴﺐ ﺍﳌﻐﺮ‪‬ﻡ ﻭﺗﺘﻜﺎﺛﺮ ﺍﻟﺘﺮﺷﻴﺤﺎﺕ ﻟﻠﻤﻐﻨﻢ‪ ،‬ﻣـﻦ ﺗ ﹶﻘﺤ‪‬ـﻢ ﺍﳉـﺎﻫﻠﲔ‬
‫ﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻫﻞ‬ ‫ﺍ‪‬ﺘ‪‬ﺮﺋﲔ‪ ،‬ﻛﺬﻟﻚ ﳚﺐ ﺃﻥ ﲢﺘﺮ ‪‬ﺯ ﻣﻦ ﻭﺻﺎﻳ ‪‬ﺔ ‪‬ﺗ ﹾﻔ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﺺ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﻭﺍﳌﺆﻟﻔﺎﺕ‪.‬‬
‫ﺕ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ‬ ‫ﻓﻤﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﳌﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﳌﺮﺣﻮﻣﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻛﻬﻨﻮ ‪‬‬
‫‪‬ﻳ ﹾﻘﺒ‪‬ﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﻟﻠﺮﺃﻱ‪ ،‬ﻭﻻ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍ ‪‬ﺩ ﺑـﺰﻋﻢ ﺍﻟﺘﻔـﻮﻕ‬
‫ﻑ ﻣﻦ ﺗﺴﻠﻂ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﺴ‪‬ﻦ ﻭﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ )ﻛﻤﺎ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‪ .‬ﻳ‪‬ﺨﺎ ‪‬‬
‫ﺷﺮﺣﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ( ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﻴ‪‬ﺎﻟﲔ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ﺑﻜﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﳚﻴﺪ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳ‪‬ﻈﻬﹺﺮ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﺃﻧﻪ ﳚﻴﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﻳﺸﺎ ﹺﺭ ‪‬ﻙ ﻛﻞ ﻣﻮﻣﻦ ﻭﻣﻮﻣﻨـﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴـﻎ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻃﻲ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌ‪‬ﻲ ﲟﻔﻬﻮﻣﻬﻤﺎ ﺍﳊﺪﻳﺜﻲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﳊﻴﺎ ُﺀ ﻣﻦ ﺍﷲ‬
‫ﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﺮﺛـﺮﺓ ﺍﳌﺘﻌﺎﻟ‪‬ﻤـﺔ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺃﻥ ﻧﻨﻄﻖ ﺑﻐﲑ ﻋﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜ ‪‬‬
‫ﻭﻋﻦ ﺍﳉﺪﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻹﻣﺴﺎ ‪‬ﻙ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺑﻨﺼـﻒ ﻋﻠـﻢ ﺃﻭ ﻋﺸـﺮﻩ ﺃﻭ‬
‫ﺭﺍﺋﺤﺘﻪ ﻭﻭﳘﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻛﻞ ﻣﻮﻣﻦ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﻮﻣﻨﺔ( ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ‬
‫ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺴﻤﻊ ﻗﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺆﺧ‪‬ﺬ ﻣﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﻣﻊ ﺣﺪﺍﺛﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺳﻨﻪ‪ .‬ﻭﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ )ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ( ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠ ‪‬ﻢ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺒﺎ ﹺﺭ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺴﻴﺴﲔ ﻭﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻥ‪ ،‬ﻻ ﻏ ‪‬ﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ"‪.‬‬
‫ﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﻧﺎﻃﻘﻮﻥ ﺑﺮﺃﻳﻬﺎ‪ ،‬ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﻟﺘﻘـﻮﻯ‪.‬‬
‫ﻟﻜ ﱢﻞ ﻓﺌﺔ ﺩ ‪‬ﻋ ﹺﻮﻳ‪‬ﺔ ﺭﺃﻳ‪‬ﻬﺎ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩ‪‬ﻫﺎ ﲡﻬ‪‬ﺮ ﺑﻪ ﻭﺟﻮﺑﺎ ﻭﻻ ﺗﻜﺘ‪‬ﻤﻪ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﻭ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﻳ ‪‬ﺰﻋ‪‬ﻢ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻧﻄﻘﹶﻪ ﻫﻮ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻻ ﺩﻳﻦ ﳌﻦ ﺧﺎﻟﻔﻪ ﻭﹶﻟ ‪‬ﻮ‬
‫ﰲ ﻏﲑﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺗﻨﺒ‪‬ﺆ ﻭﺩﺟ‪‬ﻞ‪ .‬ﻋﺎﻓﺎﻧﺎ ﺍﷲ ﻣﻦ‬
‫ﺳﻴ‪‬ﺊ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺀ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﺍﳌﹸﺮﺍﻗﹶﺒـﺔ ﻣـﻦ ﻃﺮﻓﻬـﺎ‪ ،‬ﺍﳌﻀـﺒﻮﻃ ﹸﺔ‬
‫ﺑﻀﻮﺍﺑﻄﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺴﺎﺋﺮﺓ ﰲ ﺭﹺﻛﺎ‪‬ﺎ‪ ،‬ﺍﳋﺎﺩﻣ ﹸﺔ ﻷﻫﺪﺍﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻴﻜﻮ ﹸﻥ ﳍـﺎ ﺻـﻤﺘﻬﺎ‬
‫ﻭﺃﺳﺮﺍﺭﻫﺎ ﻭﻛﻼﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺼﺮﳛ‪‬ﻬﺎ ﻭﺗﻠﻤﻴﺤ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﻣﺪﺑ‪‬ﺮﹰﺍ ﻛـﻞ ﺫﻟـﻚ ﻣﻘـﺪ‪‬ﺭﺍ‬
‫ﳏﺴﻮﺑﺎ‪ .‬ﻻ ﳚﻮﺯ ﺑﻌﺪ ﺷﻮﺭﻯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺗﻘﻠﻴﺒﻬﻢ ﻟﻠﺮﺃﻱ‪ ،‬ﻭﺗﺼـﻮﻳﺘﻬﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺇﲨﺎﻋﻬﻢ ﺃﻭ ﺷﺒﻬﻪ‪ ،‬ﻭﻋﺰﻣﺔ ﺇﹺﻣﺎﺭﺗ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺧﻠـﻞ‬
‫ﻂ ﺿﻮﺿﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬ ‫ﺃﻭ ﺗﻨﺎﻗﺾ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺳ ﹶ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳌﺘﺤﺮﻛﺔ ﺻﻨﺎﻋ ﹲﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳـﻴﺔ‬
‫ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺼﺮ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺣﺪﺛﺘﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﻴﻨﻜﻢ "ﻓﺎﳊﺮﺏ ﺧﺪﻋﺔ"‪ ،‬ﻛﻤـﺎ‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺟﻬ ‪‬ﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺍﺗﻌﻈﻮﺍ ﲟﻮﺍﻋﻆ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻣﺎ ﺃﻗﺴﻰ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ! ﺳﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻗـﺪﺭﱐ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺺ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﻗﺺ ﺟﻨﺎﺣﻲ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺳﺎﺓ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﺭ‪‬ﻣﺖ ﺍﻟﻄﲑﺍ ﹶﻥ ﺟﺎﺀ ‪‬ﻣ ﹶﻘ ‪‬‬
‫ﻚ‪.‬‬‫ﻏﲑ ﺃﱐ ﺃﺗﺴﻠﻰ ﺑﺄﱐ ﻣﻘﻴﻢ ﰲ ﺑ‪‬ﺮﺍﺡ ﺍﳌ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﺖ ﺗﺒـﺪﻝ‬ ‫"ﻭﻳﻠﻚ ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻖ! ﺗﺘﻤﲎ ﺧﺮﻭﺟﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ! ﻟﻮ ﲢﺮﻛ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻧﻔﺼﻠﺖ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺗﻐﲑ ﺍﳊﺪﻳﺚ!)‪(...‬‬
‫ﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﺩﻋﻮ ﺍﳋﻠﻖ‬ ‫"ﻭﻳﻠﻚ ﺗﺴﺘﻬﺰﺉ ﰊ ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺍﻗ ‪‬‬
‫ﺖ ﺁﻻﻓﺎ‪ .‬ﺳـﻮﻑ‬ ‫ﻕ ﺫﺭﺍﻋﺎ ﻭﺇﱃ ﲢ ‪‬‬ ‫ﺇﻟﻴﻪ! ﺳﻮﻑ ﺗﺮﻯ ﺟﻮﺍﺑ‪‬ﻚ! ﺍ‪‬ﺑ ﹺﻦ ﺇﱃ ﻓﻮ ‪‬‬
‫ﺗﺮﻭﻥ ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻓﻘﻮﻥ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﻘﺎﺑﻪ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺁﺧﺮﺓ‪ .‬ﺍﻟﺰﻣﺎ ﹸﻥ ‪‬ﺣ‪‬ﺒﻠﹶﻰ‪،‬‬
‫ﺳﻮﻑ ﺗﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺃﻧﺎ ﰲ ﻳﺪ ﺗﻘﻠﻴﺐ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺗﺎﺭﺓ ﻳﺼﻴ‪‬ﺮﱐ‬
‫ﺟﺒﻼ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺼﲑﱐ ﺫﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺼﲑﱐ ‪‬ﺑﺤ‪‬ﺮﺍ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺼـﲑﱐ ﹶﻗﻄﹾـﺮ‪‬ﺓ‪،‬‬
‫ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺼﲑﱐ ﴰﺴﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺼﲑﱐ ﹶﻟ ‪‬ﻤ ‪‬ﻌ ﹰﺔ ﻭﺑﺮﻗﺔ‪ .‬ﻳ ﹶﻘﱢﻠﺒﲏ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻠﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻬﺎ ‪‬ﺭ! ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻫﻮ ﰲ ﺷﺄﻥ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﻞ ﳊﻈﺔ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻠﺤﻈ ﹸﺔ ﻟﻐﲑﻛﻢ!‬
‫ﺐ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻼ ﺗﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﻘـﻮﻝ‬ ‫"ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ‪‬ﺳﻌ‪‬ﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﻃ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﺿﻮ‪‬ﻥ ﻋﻦ ﺧـﺎﻟﻘﻬﻢ‪،‬‬ ‫ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻠﺘﻔﺖ ﺇﱃ ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﺃ‪‬ﻢ ﻣﺎ ﻳﺮ ‪‬‬
‫ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺮﺿﻮﻥ ﻋﻨﻚ! ﺃﻣﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺒﺼﺮﻭﻥ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﻮﻣﻨﻮﻥ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻜﺬﱢﺑﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺼﺪ‪‬ﻗﻮﻥ‪.‬‬
‫"ﺍﺗﺒﻊ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ ﻏﲑ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﻣـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺒﺼﺮﻭﻥ ﻏﲑﻩ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٥١-٥٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﻋﺎﺭﻑ ﺑﺎﷲ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻗﺪﺭﺓ ﻏﲑ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻗﻠﺒﻪ ﻏـﲑ‬
‫ﺍﷲ‪:‬‬
‫‪
IP
x“ 7‬ن
‪
!b5‬א?
*‪



xQp‬و<‪
IP
J‬א?‪
SJQBO()
‰44‬وא‪

A1Q‬‬
‫و(
א‪



fc(s
4s
r^(

;
M‬ون
(…
ذو
א‪({y‬د
‪
vC
G‬אˆ‪

1Qp‬‬
‫ذא
(
‪

N1Q!
H "
J
J8
(„



(7)"O
x0*
%1‬‬
‫‪
I



!Q\m
I4!c(C
(78
x;"W‬א‪
I
J4
G
]X‬אˆ\‪ Qb
J‬د‪

N‬‬
‫و‪
%5
I
ša›
4‬א{‪



()
3‬و?‪
H!"
I
7‬אˆ\‪

1{
G
J‬‬
‫‪
%0‬א(‪
œW0‬א‪

œO)(b‬א‪
G
I54`8



%1Bw‬א‪
G
œ"4"-
7w‬א‪

N1‬‬
‫و‪(*
I‬س‪
\
r‬א{‪
aW



(*#
3‬א‪
až
(
o‬و‪
G‬א‪

/1*
(
o‬‬
‫‪VW‬ن
‪
%#
^
;
678‬א{‪
M()
I
Q!N!4BW



("E
3‬א‪Z‬د
وא“‪

1C‬‬
‫‪(Bb5
(!W‬د
אز
دون
‪



HOX‬و;
‪
7QZ‬אא
(
;
‪
I‬א?‪

N1‬‬
‫<‪
0(Ÿ
aA7‬אز
‪
6Q7
I‬אˆ‪

N1A‬‬‫‪(#
DA
a8
ab7)
Q "F‬د‪Q dW



a‬‬
‫و(
*(
و
‪S QP
œ

/1‬ض
‪



D?7P‬و?‪
85
4
I
a
I‬و
‪

/1Q‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫]َـَ‪/‬ـــ ِ` ‪ْ-ُi‬ــ"‪A‬ــ‚‪9‬ــــ‪h‬‬ ‫'‪-&AL A A‬ــ‪7J 7‬ـــ‪ً>:‬‬
‫]ـ‪9 A0‬ـ (@ــ' ـــ‪h‬‬ ‫‪9Y‬ـــ[@ ‪7L‬ـ‪e‬ـــــ‪K"A ُl‬ـــ ‪:‬‬
‫‪L‬ـ‪ DA 9d‬ـــ!‪َ]ُP 7‬ــ&‪h‬ـــــ?‬ ‫!‪h ?.ُْP 7‬ــ‪%:
ُP K‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫& ـ‪%‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﻗﻞ ﺁﻣﻨﺖ ﲟﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﺃﻣـﺮﺕ ﻷﻋـﺪﻝ‬
‫ﺑﻴﻨﻜﻢ‪ .‬ﺍﷲ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺭﺑﻜﻢ‪ .‬ﻟﻨﺎ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻭﻟﻜﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ‪ .‬ﻻ ﺣﺠﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻜﻢ‪ .‬ﺍﷲ ﳚﻤـﻊ‬
‫ﺑﻴﻨﻨﺎ‪ .‬ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﺼﲑ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻣﺘﻌﲏ ﺑﺴﻤﻌﻲ ﻭﺑﺼﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﻬﻤﺎ ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﻣﲏ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺼـﺮﱐ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﲏ‪ ،‬ﻭﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺑﺜﺄﺭﻱ‪.‬‬

‫ﰲ "ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﺎﻕ" ﻣﻦ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ "ﺑﺎﺏ‬

‫ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ"‪ .‬ﺭﻭﻯ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﲰﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﻴ‪‬ﺘﻜﻠﱠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻻ‬
‫ﻳﻠﻘﻲ ﳍﺎ ﺑﺎﻻ ﻳﺮﻓﻌﻪ ﺍﷲ ‪‬ﺎ ﺩﺭﺟﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﻴﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﺨﻂ‬
‫ﺍﷲ ﻻ ‪‬ﻳ ﹾﻠﻘ‪‬ﻲ ﳍﺎ ﺑﺎﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﻬﻮﹺﻱ ‪‬ﺎ ﰲ ﺟﻬﻨﻢ"‪.‬‬
‫ﺕ ﻓﺼﻴﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ‪‬ﺧﻠﱠﻔﻬﺎ ﺭﺟﻞ‬ ‫‪‬ﻣ ‪‬ﻌﻨ‪‬ﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﻛﻠﻤﺎ ‪‬‬
‫ﻕ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍﻟﺸﺎ ‪‬ﻙ ﺍﳌﺸـﻜﻚ ﺍﻟـﺬﻱ ﳛـﻮﻡ‬ ‫ﺨ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺍﻟ ‪‬ﺪ ﹾﻛﻨ‪‬ﺎﺀ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺣﻮﻝ ﻗﻀـﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﺐ ﺣﱴ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﺴـﻤﻌﻮﻙ‬ ‫ﺏ ‪‬ﻣﺮﹺﻳ ‪‬‬
‫ﺖ ﻣ‪‬ﺮﺗ‪‬ﺎ ‪‬‬‫ﺻ ‪‬ﻤ ‪‬‬‫ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ .‬‬
‫ﺼ‪‬ﻨﻔﹸﻮﻙ‬
‫ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺣﺐ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪ ،‬ﻟ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﰲ ﺧﺎﻧﺔ ﺍﳌﻄﻌﻮﻥ ﰲ ﻋﻘﻴﺪ‪‬ﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻳ‪‬ﺔ ﳏﺎﻛﻤﺔ‪.‬‬
‫ﲦﺎﻥ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‬
‫ﺠﹶﻠ ‪‬ﺞ ﻋﻦ ﺻﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺼـﻮﻓﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﺍﳋﻴ‪‬ﺮﺓ‪ ،‬ﳜﺒﹺﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺼﺪﻕ ﻭﻭﻓﺎﺀ ﻭﺛﻘﺔ ﻻ ﺗﺘﹶﻠ ‪‬‬
‫ﻭﻋﻦ ﻛﺮﱘ ﺧﺼﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﺣﱴ ﺍﻛﺘﻤﺎﻟ‪‬ﻪ‬
‫ﻑ ﻧﻘـﺪﺍ‬ ‫ﻣﻦ ﺭﺻﻴﺪ ﳏﺒﺘ‪‬ﻪ ﻟﻠﺬﺍﻛﺮﻳﻦ‪ .‬ﰒ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴ ﹶﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼـﻮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺕ‬‫ﺐ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺟﻨﺎﻳﺎ ‪‬‬ ‫ﺭﻓﻴﻘﺎ ﻻ ﳚﺮ‪‬ﺡ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﰲ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺍﳉﻮﺍﻧ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻨﺤﺮﻓﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻤﲔ‪ .‬ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻫﻮ ﲤﻴﻴﺰ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ﻣﻦ ﻣﻐﺸﻮﺷـﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺾ‪ .‬ﻭﻋﺒﻘﺮﻳ‪‬ﻨﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺻ‪‬ـ‪‬ﻴ ‪‬ﺮ‪‬ﻓ ‪‬ﻲ ﰲ‬‫ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﻜﺴ ‪‬ﺮ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰﻳﻖ ﻭﺍﻟﺘﻘﺒﻴ ‪‬ﺢ ﻭﺍﻟﺮﻓ ‪‬‬
‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪ ،‬ﻓﻘﻴ ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻣ‪‬ﺒﺎ ﹴﻝ ﲟﺎ ﳜﻄﻪ ﳝﻴﻨ‪‬ﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﳌﹸﺒﺎﻻﺓ‪ .‬ﻓﻨﻔـﺘﺢ‬
‫ﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﳍﻮﺍﺩ‪‬ﺓ‬ ‫ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻘ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻮﺍﺟ ‪‬‬
‫ﰲ ﻓﻀﺢ ﺍﻟﺰﻳﻒ‪ ،‬ﻭﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﻻ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﺒﻬﺮﺝ ﻭﺍﻟﱪﺍﺀ ‪‬ﺓ‬
‫ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻘ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻄﻔ ﹸﻞ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﳊﺼﺎﻓﻴ‪‬ﺔ ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﻤﺮﻩ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺎﺟﺘﺬﺑﺘﻪ ﺣﻠﻘﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ "ﺑﺄﺻﻮﺍ‪‬ﺎ ﺍﳌﻨ‪‬ﺴﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻧﺸـﻴﺪﻫﺎ‬
‫ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﺎﺿﺔ"‪ ١.‬ﻭﺍﺣﺘﺬﺑﺘﻪ ﲰﺎﺣـﺔ ﺍﻟﺸـﻴﻮﺥ ﺍﻟ ﹸﻔﻀ‪‬ـﻼﺀِ‪،‬‬
‫ﺐ‬‫ﺏ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻭﺗﻮﺍﺿﻌﻬﻢ ﻓﻮﺍﻇﺐ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺣﻠﹶﻖ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﻗﺮﺃ ﻣﻨﺎﻗـ ‪‬‬ ‫ﻭﺍﻟﺸﺒﺎ ﹺ‬
‫ﺐ ﺑﺴﲑﺗﻪ ﻏﺎﻳـ ﹶﺔ‬ ‫ﺠ ‪‬‬ ‫ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺜﻤﺎﻥ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻓﹸﺄ ‪‬ﻋ ﹺ‬
‫ﰲ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺟﺪﻳ ‪‬ﺮ ﺣﻘﺎ ﺑﺄﻥ‬ ‫ﺴ‪‬ﻨﻴ‪‬ﻦ ﺍﳊﺼﺎ ﱡ‬
‫ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ‪ .‬ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﹸﻗﺪ‪‬ﻭ ﹰﺓ‪ .‬ﻓﻤﻌﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺇﺫ ﻫﻮ ﻋﺎﱂ ﺃﺯﻫﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻪ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻪ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺕ ﺍﻟﱵ ﹶﻟ ‪‬ﻢ ‪‬ﺗ ‪‬ﺆﱢﺛ ‪‬ﺮ ﺃﺧﺒﺎﺭ‪‬ﻫﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺗﻠﻘﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻪ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺧﺒﺎ ‪‬ﺭ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻟﺒﻨﺎ ‪‬ﺭ ‪‬ﺅﻳ‪‬ﺎ ‪‬ﻳ ﹸﻘﺼ‪‬ﻬﺎ ﺑﻄﻮﳍﺎ‪ ٢‬ﳚﺎﺩﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻳﺒﺎﺭﻳـﻪ ﺣـﱴ‬
‫ﺗﹶﻠﻘﱠﺎﻩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﰲ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﺍﺣﺘﺠﺰﻩ ﻭﻃﺮﺩ ﺍﻟﺸـﻴﻄﺎﻥ‪ .‬ﻭﻻﺯﻡ ﺍﻟﺒﻨـﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺹ ‪.٩‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻄﻔ ﹸﻞ ﻗﺮﺍﺀ ﹶﺓ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﳊﺼﺎﻓﻴﺔ ﻭﻣﺼﺎﺣﺒ ﹶﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻔﻘـﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻛﻤـﺎ ﻻﺯﻡ‬

‫"ﺍﳊﻀﺮﺓ" ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﻗﺺ ﺍﻟﻮﺟﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﺇﻥ ﺷـﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻭﱂ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﻟﻠﺒﻨﺎ ﻣﻼﻗﺎﺓ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﻻ ﺑﻌ ‪‬ﺪ ﲬﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻳﻌﻪ ﻭﺗﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﳊﺼﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃ ‪‬ﺫ‪‬ﻧ ‪‬ﻪ ﰲ ﺃﻭﺭﺍﺩﻫﺎ ﻭﻭﻇﺎﺋﻔﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﻨﺎ‪" :‬ﻭﺟﺰﻯ ﺍﷲ ﻋﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ )ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺆﺳـﺲ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ( ﺧﲑ ﺍﳉﺰﺍﺀ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺃﻓﺎﺩﺗﲏ ﺻﺤﺒﺘ‪‬ﻪ ﺃﻋﻈ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ"‪.‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻧﺸﺄ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺴﻴﺪ ﻋﺒـﺪ‬
‫ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺭﺃﻱ ﻏ ‪‬ﲑ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺒﻨﺎ "ﻭﺍﳓﺎﺯ ﻛ ﱞﻞ ﺇﱃ ﺭﺃﻳﻪ"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﻨـﺎ ﰲ‬
‫ﻣﺬﻛﺮﺍﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺙ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺻﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪ‬
‫ﺤﻔﹶﻆ ﻟﻠﺴﻴﺪ ‪-‬ﺟﺰﺍﻩ ﺍﷲ ﻋﻨﺎ ﺧﲑﺍ‪ -‬ﺃﲨﻞ‬ ‫ﺧﻼﻓﻪ ﻣﻊ ﺷﻴﺨﻬﺎ‪" ٢:‬ﻭﻻ ﺯﹺﻟﻨﺎ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ﳛ ﹶﻔﻆﹸ ﻣﺮﻳﺪ ﳏﺐ ﳐﻠﺺ ﻟﺸﻴﺦ ﻋﺎﱂ ﻋﺎﻣﻞ ﺗﻘـﻲ ‪‬ﻧﺼ‪‬ـ ‪‬ﺢ ﻓـﺄﺧﻠﺺ‬
‫ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺭﺷﺪ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ"‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﶈﺐ ﺍﳌﺨﻠﺺ ﺃﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﺮ‪‬ﻑ ﲜﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﺧـﻮﺍﻥ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺫﻛﺮ ﺃ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﻭﻇﺎﺋﻔﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻭﻓﺎﺋﻪ ﻣﺎ ﺭﻭﺍﻩ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﻮﻯ ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﳏﻤﺪ ﺍﳊﺎﻣﺪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﻳ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﺱ‬
‫ﺻ ‪‬ﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﹺﻪ‪.‬‬
‫ﺻ ‪‬ﺔ ﻟ‪‬ﺨﺎ ‪‬‬
‫ﺲ ﺧﺎ ‪‬‬ ‫‪‬ﺣ ﹶﻜ ‪‬ﻢ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ ﳎﺎ‪‬ﻟ ‪‬‬
‫ﺐ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺎﺭ‪‬ﻛـﺎ‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﳎﺪﺩﺍ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻻ ﺭﻳ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳ‪‬ـ ‪‬ﺪ ‪‬ﻣ ‪‬ﺞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴـﺔ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﲨﺎﻋﺘﻪ ﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺧﱪﺓ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻭﲟﺎ ﻛـﺎﻥ‬

‫ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺀ ﻭﺇﺧﻼﺹ ﻟﻠﻄﺮﻳﻘﺔ ﺷﺄ ﹶﻥ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﶈﺐ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺭﺍﺋﺪﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﻳ‪‬ﻦ‬
‫ﺸﻴ‪‬ﺎ ‪‬ﻥ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟـﱵ‬ ‫ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﺇﱃ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭ ﹶﻏ ‪‬‬
‫ﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ .‬ﺭﺍﺋﺪﺍ ﻛﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺪ ﻻ ﻳﻜـﺬﺏ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺘﻜﺮﻫﺎ ﻗﺒﻠﹶﻪ ﺍﻷﺣﺰﺍ ‪‬‬
‫ﺃﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺇﻥ ﱂ ‪‬ﺗ ‪‬ﻐ‪‬ﺘﻠﹾﻪ ﺍﳌﻨﻴﺔ ﻻ ﻳ‪‬ﻬﺪ‪‬ﻱ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻐﲑ ﺍ ﹶﳌ ‪‬ﺮ‪‬ﺑ ﹺﻊ ﻭﺍﳌﺮﺗﻊ‬
‫ﻭﺍ ﹶﳌﻨ‪‬ﺒﻊ‪ .‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺭﻳﺎﺩ ﹸﺓ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺗﺘﻄﻠﻊ ﺇﱃ ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﻣﺮﺑﻊ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪،‬‬
‫ﻂ ﻫﻮ ﰲ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺍﻟﺮﺣﺎ ﹶﻝ ﰲ ﻣﺮﻭﺝ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺍﻟـﱵ‬ ‫ﺣﱠ‬
‫ﺕ‬
‫ﺤ ‪‬ﺪ ‪‬ﻭ ﺑﹺﺮ ﹾﻛﹺﺒ ‪‬ﻪ ﺍﻟﻜـﺮﱘ ﺧﻄـﻮﺍ ‪‬‬ ‫ﺴﻘﹶﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺒﻊ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬‬ ‫‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺕ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﻻﺧﻮﺍﻥ ﺷﻬﺎﺩﺗ‪‬ﻪ ﺍﻟﻘﻴ‪‬ﻤﺔ‬ ‫ﺟﺎﻣﻌ ﹰﺔ‪ .‬ﻓﺨﺎﻟﻔﻪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻃﻮ ‪‬‬
‫ﻒ ﻣـﻦ‬ ‫ﻭﻧﻘﺪﻩ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﻟﻠﺘﺼﻮﻑ‪ ،‬ﻧ‪‬ﻘ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺫﺍﻕ ﺣ ﹾﻠﻮ‪‬ﻫﺎ ﻭ ‪‬ﻣﺮ‪‬ﻫﺎ‪ ،‬ﻻ ﲣﺮﻳـ ‪‬‬
‫ﻑ ﲟﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ‪.‬‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬ﻬ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳊﻴﻮﻳـﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﺄﺧﺬ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﳊ‪‬ﻴ ‪‬ﺰ ﺍﳌﻤﺘﺎﺯ ﰲ ‪‬ﻣﹶﻠ ‪‬‬
‫ﻭﲡﺪ ﺃﺟﻴﺎ ﹸﻝ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﺼﺮﳛ ‪‬ﺔ ﺍﻟﻔﺼﻴﺤ ‪‬ﺔ ﺩﻟﻴﻼ‬
‫ﻉ‬
‫ﳉ‪‬ﺒ ﹶﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴ ﹶﺔ ﺍﻟﻀﻴ ﹶﻘ ﹶﺔ ﺍﻷﻛﻤﺎﻡ‪ ،‬ﺍﳌﺘﻨـﺎ ‪‬ﺯ ‪‬‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺎ ﲡﺮﻳﺒﻴﺎ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﹶﻃﺮ‪‬ﺣ ‪‬ﻪ ﺍ ﹸ‬
‫ﻱ ﺟﻨ ‪‬ﺪ ﺍﷲ ﺭﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﲔ ﺍﻷﺧﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻡ‪ ،‬ﻟﻜﻲ ﻳﺮﺗﺪ ‪‬‬
‫ﺭﺩﺍ َﺀ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﺍﻟﺘﺒﻌﻲ ﺍﶈﺘﻔ‪‬ﻆ ﺑﻜﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺮﻗﺖ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺍﻭ ﹺﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﻑ‬
‫ﻭﻣﺎ ﺗﻔﺮﻉ ﻭﺗﻘﻄﻊ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ‪ ،‬ﻭﺃﲰ‪‬ﻴﻪ "ﻋﻠـﻮﻡ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ" ﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻟﹸﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺻﻤﻴﻤﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﺷـﻚ ﺃﻥ‬
‫ﺐ ﳍﺎ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺮﻗ‪‬ـ ‪‬ﻲ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺑﻠﻐﻮﺍ ﺑﻪ ﻣﺮﺗﺒ ﹰﺔ ﻣﻦ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺩﻭﺍﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻄ ‪‬‬
‫‪‬ﺎ‪ ،‬ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺑﲔ‪ .‬ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃ‪‬ﻢ ﲪﻠﻮﺍ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ‪‬ـﺬﺍ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺧ ﱠﻄ ‪‬ﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻛﺎﻥ ﺭﺟ ﹶﻞ ﻋﻤﻞ ﻻ ﺭﺟﻞ ﺟﺪﻝ‪ ،‬ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺍﺳـﺘﻮﻗﻔﺘﻪ‬
‫"ﺍﳋﻄﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﰒ ﻳ‪‬ﱪﺯ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﺎ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﻟﻐـﺎﺕ ﻛﺎﳌﺒﺎﻟﻐـﺔ ﰲ‬
‫ﺐ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ‬ ‫ﺐ ﺍﻟﺸﻮﺍﺋ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺍﳉﻮﻉ ﻭﺍﻟﺴﻬﺮ ﻭﺍﻟﻌﺰﻟﺔ‪ .‬ﻭﻳﺸﺠ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺰﺟﻮﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ ﻭ"ﻣﻮﺍﺭﻳـﺚ ﺍﻷﻣـﻢ‬
‫ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﺎ"‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﹸﻓ‪‬ﺘﺤ‪‬ﺖ ﺍﻟﺜﻐﺮﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻟﻜﻞ ﺯﹺﻧﺪﻳﻖ ﺃﻭ ﻣﻠﺤﺪ‬
‫ﺃﻭ ﻓﺎﺳﺪ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺍﻟـﺪﻋﻮﺓ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻟﺘﻘﺸﻒ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒ ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺘـﺎﺋﺞ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴـﺔ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻫﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻃﻼﱠﺏ ﺍﳋﻮﺍﺭﻕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿـﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻭﻫﺆﻻﺀ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﷲ ﰲ ﺷﻲﺀ‪ ،‬ﻭﻻ ﺧﻮﺍﺭﻗﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻭﺇﻥ‬
‫‪‬ﺮﺕ ﺍﻷﻏﺮﺍ ‪‬ﺭ ﻣﻦ ‪‬ﺭﻋ‪‬ﺎﻉ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺹ ‪.١٥‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰒ ﻳ‪‬ﻌﱪ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻦ ﺭﹺﻳﺒﺘﻪ ﻭﺣﺬﹶﺭﻩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟـﺪ‪‬ﺧﻼﺀ ﻓﻴﻘـﻮﻝ‪:‬‬

‫"ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻜﺘﺐ ﺃﻭ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳏ ﱠﻞ ﻧﻈﺮ‬
‫‪١‬‬
‫ﺩﻗﻴﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻭﺍﳊﺮﻳﺼﲔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎﺋﻪ ﻭﻧﻘﺎﺋﻪ"‪.‬‬
‫ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﳚﺐ ﺍﻟﻨ‪‬ﻈﺮ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎ َﺀ ﻭﺍﺳﻌﻲ ﺍﻷﻓﻖ‪ ،‬ﻣﻨـﻬﺎﺟ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺍﳋ‪‬ﻄﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﳌﺪﻗﻘﻮﻥ ﺍﳌﻮﻓﱠﻘﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﱪﻭﺍ‬
‫ﻣﻊ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠ ﹶﺔ ‪‬ﻳ ‪‬ﺪﻟﹸﻮﻥ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﶈﺒـﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓـﺎﺀ‬
‫ﳌﺸﺎﳜﻬﻢ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻮﺻﻴﺘﻬﻢ ﺑﺎﳊﺬﺭ ﻭﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻣـﻦ ﺃﺣـﻮﺍﻝ ﺍﳌﻨـﺎﻓﻘﲔ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﲔ‪ .‬ﺿ‪‬ﻊ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﰲ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻭﻻ ﺗ‪‬ﺒﺎ ﹺﻝ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺘﺨﻠﺺ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺇﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ "ﺍﻟﺘﺸﻜﻚ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ" ﰲ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﻭﻣﺘﻌﺪ‪‬ﺩﺍﺕ ﻃﺮﻗﻬﻢ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺗﺪﺧﻠﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳ ﹸﺔ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﺗﺪﺧﻠﺖ ﻣﺼـﺎﱀ‬
‫ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻭﻣﺘﺼﺮﰲ ﺍﳋﺎﻧﻘﺎﻩ ﺑﻌﺪ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﳌﺆﺳﺴﲔ( ﺑﻌﺪ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﺖ‬
‫ﻟﺘﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ )ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ( ‪‬ﺗ ﹶﻜﺄﹶﺓ ﻋﻨـﺪ ﺍﻟﻠـﺰﻭﻡ‪ .‬ﻭ‪‬ﻧ ﱢﻈﻤ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳ‪‬ﺔ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﰲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘـﺰﻣﲑ‬
‫ﺡ ﺍﳌﺨﺮﻓﲔ(‪ ،‬ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﳉﻤﻌﻴـﺎﺕ‬ ‫ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺍﳌﻠﻮ‪‬ﻧﺔ‪ ،‬ﺳﻼ ﹺ‬
‫ﺼﻮ‪‬ﺭ ﺍﻷﺛﺮﻳـﺔ‬ ‫ﺍﳋﺎﺻﺔ‪ ...‬ﺣﱴ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻟﱵ ﲨﻌﺖ ﺑﻘﻴﺔ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱵ ﳝﺜﻠـﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﰲ ﻣﺼـﺮ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻣﺸﻴﺨﺔ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺭﺟﺎﻟﹸﻬﺎ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻳﻀﻊ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﺻﺒﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺪﺍﺀ ﰲ ﺟﺴﻢ ﺍﻟﺘﺼـﻮﻑ‬
‫ﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﳐﻠﻔﺎﺕ ﺃﺛﺮﻳﺔ ﺃﻓﺮﺯﻫﺎ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻳﺦ‬ ‫ﺼ ﹺ‬
‫ﻭﰲ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ‪ .‬ﻣﺎ ﻣﺮ ﻣﻦ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻭﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﺟﻞ ﺻﺎﱀ ﻫﺪ‪‬ﻯ‬
‫ﺍﷲ ﺑﻪ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﺇﻻ ﺧﻠﻔﻪ "ﻭﺭﺛﺔ" ﳛﺎﻓﻈﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﺍﻟﻠﻘﺐ‪ .‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺼﺎﳊﻮﻥ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻢ ﻛﺎﺋﻨﻮﻥ ﻗﻄﻌﺎ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ "ﺗﻔﻜﲑ‬
‫ﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳ‪‬ﻈﻨﻪ ﺍﻟﺒﻨﺎ‬
‫ﻃﻮﻳﻞ"‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻌﱪ ﺍﻟﺒﻨﺎ‪ ،‬ﻹﺻﻼﺡ ﺣﺎﳍﻢ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺻﻼ ‪‬‬
‫ﰲ ﺁﺧﺮ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺳﻬﻼ ﻣﻴﺴﻮﺭﺍ‪ .‬ﻭﻳﻮﺻﻲ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻻ‬
‫ﺗﻔﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﺗﻔﻴﺪ "ﺍﳋﻄﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ"‪ .‬ﺭﺣﻢ ﺍﷲ ﺍﻷﺳـﺘﺎﺫ‬
‫ﺍﻟﻔﺬ‪ .‬ﺁﻣﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﻗﺪ ﺗﺒﺖ ﻋﻠـﻰ ﻳـﺪﻱ‬
‫ﺤ‪‬ﺒﺘ‪‬ﲏ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﲏ ﻣﺎ ﺃﻗﻮ ﹸﻝ ﻟﻚ‪ ،‬ﺇﻳﺶ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﺫﻟﻚ! ﺭﻏﺒـﺖ ﰲ‬ ‫ﻭﺻ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻌﲎ‪ .‬ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﻳﺼﺤﺒ‪‬ﲏ ﻳﻘ‪‬ﺒ ﹸﻞ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ‪ .‬ﻳﺪﻭﺭ‬
‫ﻁ‬
‫ﺴ ‪‬ﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﺮﺑ‪‬ﺢ‪ .‬ﺃﻧـﺎ ﺳ‪‬ـﻤﺎ ﹲ‬‫ﺤﺒ‪‬ﲏ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﹾﳜ ‪‬‬
‫ﺕ ﻭﺇﻻ ﻓﻼ ﻳﺼ ‪‬‬‫ﻛﻴﻒ ‪‬ﺩ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﺐ ﻭﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﲏ ﺃﺣﺪ! ﺑﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺃﺣﺪ! ﺇﻳـﺶ ﺃﻋﻤـ ﹸﻞ‬ ‫ﺼ ‪‬‬
‫‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﺑﻜﻢ! ﻛﻢ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﺴﻤﻌﻮﻥ ﻣﲏ! ﻓﺈﱐ ﺃﺭﻳﺪﻛﻢ ﻟﻜﻢ ﻻ ﱄ‪ .‬ﺇﱐ‬
‫ﻻ ﺃﺧﺎﻓﻜﻢ ﻭﻻ ﺃﺭﺟﻮﻛﻢ‪ .‬ﻻ ﺃﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳋﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺑـﲔ ﺍﻟﺒـﺎﻗﻲ‬
‫ﻭﺍﳌﻴﺖ‪ ،‬ﺑﲔ ﺍﻟﻐﲏ ﻭﺍﻟﻔﻘﲑ‪ ،‬ﺑﲔ ﺍﳌﻠ‪‬ﻚ ﻭﺍﳌﻤﻠﻮﻙ‪ .‬ﺍﻷﻣ ‪‬ﺮ ﺑﻴﺪ ﻏﲑﻛﻢ‪.‬‬
‫ﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﱯ ﺻﺢ ﱄ ﻫﺬﺍ‪ .‬ﻛﻴﻒ ﻳﺼﺢ ﻟﻚ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ‬ ‫"ﳌﺎ ﺃﺧﺮ ‪‬ﺟ ‪‬‬
‫ﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﲰﻌﺖ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪:‬‬ ‫ﻭﰲ ﻗﻠﺒﻚ ﺣ ‪‬‬
‫"ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ ﺧﻄﻴﺌﺔ"؟‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﰲ ﺣﻘﻚ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ‬ ‫"ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ‪‬ﻣﺒ‪‬ﺘﺪﺋﺎ ‪‬ﻣﻌ‪‬ﺘ ‪‬ﺪﹰﺍ ﻃﺎﻟﺒﺎ ﺳﺎﻟﻜﺎ ﻓﺤ ‪‬‬
‫ﺐ ﺇﻟﻴﻚ‬
‫ﺧﻄﻴﺌﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺳ ‪‬ﺮ ﻗﻠﺒﻚ ﻭﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﻗﺮﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺾ ﺇﻟﻴﻚ ﻗﺴﻢ ﻏﲑﻙ)‪(...‬‬ ‫ﹶﻗﺴ‪‬ﻤﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭ‪‬ﺑ ‪‬ﻐ ‪‬‬
‫ﺨﻠﱠﻰ ﺑﻼ ﻛﻼﻡ ﺣـﱴ ﺗﻘﻄـﻊ‬ ‫"ﻻ ﺗﺰﺍﺣﻢ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﻨﻔﺎﻗﻚ ﻓﺈﻧﻚ ﻣﺎ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ ﻫـﻮﺍﻙ‬ ‫ﺍﻟ ‪‬ﺰﻧ‪‬ﺎ ‪‬ﺭ‪ ،‬ﻭﲡﺪﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺗﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﺘﻮﺑ ﹸﺔ ﺑﻘﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﲣﺮ ‪‬‬
‫ﻭﻃﺒﻌﻚ ﻭﻭﺟﻮﺩﻙ)‪ (...‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ‪ .‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻳﻘﺮﺑﻚ ﺇﱃ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻓﻘ ‪‬ﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻳﻘﺮﺑﻚ ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﻣ‪‬ﻠﻮﻛ‪‬ﻬﻢ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻧﺎﻗ ‪‬ﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺯﺍﺟﺮ ﳍﺎ‪ ،‬ﻣ‪‬ﻤﺴِﻚ ﺑﻌ‪‬ﻨﺎ‪‬ﺎ‪:‬‬
‫<‪

(C(*Q‬‬
‫ذא
(
‪
1P‬א‪
IP



7‬א{‪
3‬ز ‬
‫ون
(‪

6‬א‪
IP



(4*1‬א'‪

(C(77
%F‬‬
‫¡(د‪
(7PA‬وž‪



(\P1‬و)(
‪

(C
(7"s‬‬
‫€(
‪
I
~F‬א‪



O‬و‪
G‬א‪

(C(7ž
O‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﻧﺎﺧ‪‬ﻬﺎ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺯﻣﻨﻪ‪:‬‬

‫‪
.E-‬א"‪
.
a(4‬א'‪(5‬م
‪


G‬وא‪7‬م
”‪0
6‬وאق
א\‪
D‬وא‪

3"O‬‬
‫‪


3"F‬‬
‫
‪
%‬و<‪
I
a)
01‬ن
‪(O5‬ل
‪1s‬א



*‪
a‬א!‪
6b‬א‪

3"™
‰8
I
7k‬‬
‫‪(-‬א‪z)
64^0
:‬א؟
‪
:6"-‬א‪7O‬ع
‪
4



7s‬א‪
v`8
7k‬א'אل
و
א‪0‬ق

‬
‫‪
/bP
G
o()
64^0‬و‪
;
]"#'
6b"W



/b5
G‬وא^ƒ
א‪E‬ق

‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫
ِـ&‪A‬ـــــ‪L98‬ـ&‪A‬ــــــ >َــ"‪A‬ـــ‪:‬ـــ&‪A‬ــــــ‪7z‬‬ ‫(‪:&7  U‬ـ‪َ/‬ــــــ‪A4 N‬ـــ‪A‬ــــ‬
‫*ــ)ــــــ‪& 0‬ـــ @َــ َـــــ‪َ@:%‬ــــــــ‪7z‬‬ ‫(‪َ-AJ 0‬ـــٌ  ‪:Y EP‬ـ‬
‫‪9‬ـــ ِ  ـــــــ_ „َ‪A‬ـــــ ‪َ@:‬ـــــ‪z‬‬ ‫(‪َ-َ@ 0‬ــ‪K A‬ـ‪9‬ــ‪
7d‬ــ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٧٧-١٧٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪'$
( ')$‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺭﺑﻨﺎ ﺍﷲ ﰒ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﻮﺍ ﻓﻼ ﺧﻮﻑ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬
‫ﻭﻻ ﻫﻢ ﳛﺰﻧﻮﻥ‪ .‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳉﻨﺔ ﺧﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺰﺍﺀ ﲟﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ‬
‫ﻱ‪.‬‬
‫ﻱ ﻭﻏﲎ ﻣﻮﻻ ‪‬‬
‫ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻏﻨﺎ ‪‬‬

‫ﺃﺻﺒ‪‬ﺤﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ" ﺷ‪‬ﻌﺎﺭﹰﺍ ﻣﺮﻓﻮﻋـﺎ ﺿـﺪ ﺍﻟﺘﺼـﻮﻑ‬

‫ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﺇﻥ ﺍﻟﺸ‪‬ﺤﻨﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳ‪‬ﺔ ﺍﻟﺘﺤﺎﻣ‪‬ﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ‬
‫ﺹ ﺍﳌﻘﺘﻀﺐ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ‪ .‬ﰲ ﲰﻊ ﻋﺎﻣـﺔ ﺍﳌﺘﻤﺴـﺤﲔ‬ ‫ﺗﺮﻛﺰ‪‬ﺕ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟ ﹸﻘ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻛﺜ ﹴﲑ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻮﻓﻴ ﹸﺔ ﻫﻢ ﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ‪ ،‬ﻭﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠـﻴﺲ‬
‫ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ‪ .‬ﻭﻛﻔﻰ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻗﹸﻮ ﹸﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻛﻮﻧﻪ ﺟﻬﻼ ‪‬ﻣ ﹾﻄﺒ‪‬ﻘﺎ ﻇ ﹾﻠ ‪‬ﻢ ﳌﺆﻟﻒ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ ﺍﻟﻮﺍﻋﻆ ﺍﶈﺪﺙ ﺫﻱ ﺍﻟﺘﺂﻟﻴﻒ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮﺓ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻠﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ‬
‫ﺍﳋﺼ ‪‬ﻢ ﺍﳌﻨ ‪‬ﻐ‪‬ﻠ ‪‬ﻖ ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻟﺸﺮ" ﻻ ﻏﲑ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺰﻡ ﲟﺒﺪﺋـﻪ‬
‫ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﹰﺎ ﺩﻗﻴﻘﺎ ﻣ‪‬ﺨﻠ‪‬ﺼﹰﺎ ﺣﱴ ﺇﻧﻪ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻣﻦ ﺃﻟﻔ‪‬ﻪ ﺇﱃ ﻳﺎﺋﻪ ﺷ‪‬ﺮﺍ ﺃﺳﻮ ‪‬ﺩ‬
‫ﳏ‪‬ﻀﹰﺎ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺆﻟﻒ‬
‫ﻭﺑﺎﻋ‪‬ﺜﻪ ﻇﻠﹶﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻇﻠﻢ ﺍﳌﺆﻟﻒ ﻭﻇﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﰲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ‪" :‬ﻓﹺﺈ ﱠﻥ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﺮ ﲢﺬﻳﺮًﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ‬
‫ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻳﺴـﺄﻟﻮﻥ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﳋﲑ‪ .‬ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﳐﺎﻓﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮ‪ ،‬ﻓﺠﻤﻊ‬ ‫ﺃﻥ ﻳ‪‬ﺪﺭﻛﲏ"‪ ١.‬ﻭﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻜﺎﺗ ‪‬‬
‫ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﳌﻼﺣﻈﲔ ﺍﳌﻨﺼﻔﲔ ﻭﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﳌﺘﺤـﺎﻣﻠﲔ ﻭﺣﻜﺎﻳـﺎﺕ ﺍﻟﺸـﺬﺍﺫ‪،‬‬
‫ﻭﺍﺳﺘﻘﺼﻰ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎ ًﺀ‪ .‬ﻭﺃﻟﻐﻰ ﻛﻞ ﺭﺃﻱ ﳐﺎﻟﻒ ﻟﻠﻨﻈﺮﺓ "ﺍﻟﺸـﺮﻳﺔ"‪،‬‬
‫ﻭﻧﺸﺮ ﺍﳌﺜﺎﻟﺐ ﻭﺍﳌﻌﺎﻳﺐ‪ ،‬ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺁﻟﺘ‪‬ﻪ ﺍﻟﻌﻘ ﹸﻞ ﻭ"ﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﲔ‪ ،‬ﻓـﺈﺫﺍ‬
‫ﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺭﺃﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ"‪ .‬ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴ ‪‬ﻪ ﺍﳌﻔﱵ ﺃﺣﻜﺎﻣﹰﺎ ﻳﺘﺪﺍﻭﻟﹸﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﻻ ﳛﺐ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﺣﱴ ﻋﻦ ﺧﱪ ﺃﲜﺪﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺃﻥ ﻧﺼﻨﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﻣـﻊ ﻛﺘـﺐ "ﺍﳌﺜﺎﻟـﺐ"‬
‫ﺐ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﺠﻢ‪،‬‬ ‫ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ :‬ﻣﺜﺎﻟﺐ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻟ ‪‬‬
‫ﺨﺰﹺﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺭﺩ‪‬ﻫﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻭﺍﻗﻌﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧـﺖ ﻭﻻ‬ ‫ﺇﱁ‪ ،‬ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﺗﺰﺍﻝ‪ ،‬ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺨﺰﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﺿﺤﺔ ﻳﺸﻜﻞ ﻃﻌﻨـﺔ ﰲ ﻓـﺆﺍﺩ‬
‫ﺲ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ‬‫ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻛﺎﻥ ‪‬ﻳﻈﹸﻦ ﺍﻟﻔﻘﻴ ‪‬ﻪ ﺍﳋﺼﻢ ﺍ ﹶﳌ‪‬ﺒ ‪‬ﺪ‪‬ﺋ ‪‬ﻲ ﺃﻥ ﳎ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﻓﻀﺢ ﻟﻌﺐ ﺇﺑﻠﻴ ‪‬‬
‫ﺺ ﰲ ﻟﻴـﻞ‬ ‫ﺼ ‪‬‬‫ﻑ ﻟﺼﺪ ﻫﺠﻤﺎﺗﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺇﳕﺎ ﻳﺼﺢ ﻟﻪ )ﺃﻱ ﺇﺑﻠﻴﺲ( ﺍﻟﺘ‪‬ﻠ ‪‬‬ ‫ﻛﺎ ‪‬‬
‫ﺍﳉﻬﻞ‪ .‬ﻓﻠﻮ ﻗﺪ ﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺒ ‪‬ﺢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻓﺘﻀﺢ"‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺮ‬
‫ﺍﳌﺘﻠﺼﺼﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ‪ ،‬ﻣﺜﺎﻻﻥ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘـﺪ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﹶﻠﺒ‪‬ﺴﲔ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﻟﻘﻄﻊ ﺩﺍﺑﺮ ﺍﻟﻘـﻮﻡ‬ ‫ﺑﻠﻎ ‪‬ﻢ ﺍﻟﻐﻀ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﻤﻮﺍ‪.‬‬
‫ﻭﻋﺎ ﹲﱂ ﺛﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺫﻭ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺼـﻮﰲ ﺍﳌـﺘﲔ‪ ،‬ﻣﻜﻨﺘـﻪ‬
‫ﺻﺤﺒﺘﻪ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﰲ ﻣﺼ ﹺﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑـﻊ‬

‫‪١‬‬
‫ﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺹ ‪.١٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺸﺮ ﲟﺎ ﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺄﻋﻄﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺭﻓﻴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫﻮ‪‬ﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺷـﺄﻥ‬
‫ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ‪ ،‬ﻭﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ "ﺳﻬﻞ ﻣﻴﺴﻮﺭ"‪.‬‬
‫ﻭﳓﻦ ﺗﺘﻤﻴ‪‬ﺰ ﻧﻔﻮﺳ‪‬ﻨﺎ ﻏﻀﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻛﺎﻛﲔ ﺍﳌﺘﺎﺟﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﺳـﻢ‬
‫ﳋﻄﱠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ" ﻛﻤﺎ ﲰﻌﻬﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻨـﺎ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻨ‪‬ﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻟﺴﺎﻥ "ﺍ ‪‬‬
‫ﻒ ﺍﻟﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﱐ‬ ‫ﻭﻫﻲ ﻟﺴﺎ ﹸﻥ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﺍﻟﻨﺒ‪‬ﻮﻱ ﻭﺍﻟﺘﺆﺩﺓ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻴ ‪‬‬
‫ﺼﻠﹶﺘﺎ ﰲ ﺍﻷﻓﹸﻖ ﺇﺭﻫﺎﺑﺎ ﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﻭﺃﻋﺪﺍﺋﻨﺎ‪،‬‬ ‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﰲ ﻏﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻘﺮﻫﻢ ﻭﺃﺷﺪﻫﻢ ﻓﺘﻜﹰﺎ ﺍ ﹸﳌﹶﻠ‪‬ﺒﺴ‪‬ﻮﻥ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﺮﺽ "ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ" ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻩ‪" :‬ﻭﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﳌﺼﻠﺤﲔ ﺃﻥ ﻳﻄﻴﻠﻮﺍ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﰲ ﺇﺻﻼﺡ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨ‪‬ﺎﺱ‪ .‬ﻭﺇﺻﻼﺣ‪‬ﻬﻢ ﺳﻬﻞ ﻣﻴﺴﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ‬
‫ﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻮ ‪‬ﻭ ‪‬ﺟﻬ‪‬ﻮﺍ ﳓﻮﻩ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎ ﺻـﺤﻴﺤﺎ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟ ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﻟﻌﻠﻬﻢ ﺃﻗﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺫﻟﻚ)‪ (...‬ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﺎﺕ )ﻳﻌﲏ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ(‪ ،‬ﻭﺍﻹﻓﺎﺩ ‪‬ﺓ ﻣﻦ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜ ‪‬ﺮ ‪‬ﻭ ‪‬ﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﲣﻠﻴﺼ‪‬ﻬﺎ ﳑﺎ ﻋ‪‬ﻠ ‪‬ﻖ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﻗﻴﺎﺩ ‪‬ﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﺎﻫﲑ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ‬
‫‪١‬‬
‫ﻗﻴﺎﺩ ﹰﺓ ﺻﺎﳊﺔ"‪.‬‬
‫ﺍﻧﻔﺘﺢ ﻟﻠﺒﻨﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﹸﻓ ‪‬ﻖ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻹﺣﻴﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻠﻢ ﺑﻠﺴـﺎﻥ‬
‫ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ‪ .‬ﻭﻋﺎﺵ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻭﻓﺘﺤﻪ‪ ،‬ﺣﺴﺮﺗ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳓﺮﺍﻓﺎﺕ ﺍﳌﻠﺒﺴﲔ ﺍﻹﺑﻠﻴﺴﻴﲔ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺯﻓﺮﺍﺗﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺟـﺪﺭﺍﻥ ﺯﺍﻭﻳﺘـﻪ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﰊ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺛﹸﻠ ﹰﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺬﻛﺮﺍﺕ ﺹ ‪.١٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻹﺑﺎﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻳﻖ ﻭﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺘﻬﻢ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺫﻛـﺮ‬

‫ﻱ ﻋﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﻕ ﺍﻷﻣﺔ ﺛﻼﺛﺎ ﻭﺳﺒﻌﲔ ﻓﺮﻗﺔ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺳﺒﺐ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ‬ ‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻕ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺣﺴﺪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ‬
‫ﻏ ‪‬ﲑ ﻣ‪‬ﺒ‪‬ﺘﹶﻠ‪‬ﻴ ‪‬ﻦ ﺑﺄﻳ‪‬ﺔ ﺷﻬﻮﺓ ﺃﻭ ﻣﻌﺼﻴﺔ‪ .‬ﻭﺣﺴ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻔﺎﺳﻘﲔ ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﻭﻟﻮ ﺃ‪‬ﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﺳﻮ ِﺀ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﻣﻞ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﳍﻢ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤـﻮﺍ ﺧﻄﺎﻳـﺎﻫﻢ‬
‫ﻓﻴﻨﻈﺮ‪‬ﻭﺍ ﰲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻌﲔ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻭﻳﺘﻮﺑﻮﺍ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺎﺑﻮﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻳﻘﺒﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪
.‬ﻭﺇﱐ ﻟﻐﻔﺎﺭ ﳌﻦ ﺗﺎﺏ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺹ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٨٠ :‬‬
‫"ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﺘﻠﻮﻳﺚ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻄﻴ‪‬ﺒﲔ ﺑﺎﳌﻌﺎﺻﻲ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻤﻴﺔ ﻫـﺆﻻﺀ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺳﻘﲔ ﺣﱴ ﻻ ﻳ ‪‬ﺮﻭ‪‬ﺍ ﺷﺮﻭﺭﻫﻢ ﻭﺁﺛﺎﻣﻬﻢ‪ .‬ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﳚﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﺎﺳﻘﲔ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀ ﻗﺎﺋﻼ ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﳌﺎﺫﺍ ﺗﺰﺟ‪‬ﺮﻭﻥ ﺃﻧﻔﺴ‪‬ﻜﻢ ﺑﻼ ﻓﺎﺋﺪﺓ! ﺣﻴﺚ‬
‫ﺇﻥ ﺍﷲ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺘﻜﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻀﺮﻩ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻌﺼﻴﺘﻜﻢ)‪(...‬‬
‫ﻉ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﳊﻤﻖ ‪.‬‬ ‫ﻓﺰ ‪‬ﺟ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭ ‪‬ﺭ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﺕ ﰲ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﻮﺳ‪‬ﺔ ﻭﺃﻣﺪ‪‬ﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻟﻄﻠﺐ‬ ‫"ﻓﻠﻤﺎ ﺃﱠﺛ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﺮﺳ‪‬ﺦ ﻭﺗﺴ‪‬ﺘﺤ‪‬ﻜﻢ ﺣﱴ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺑﺎﳌﻌﺎﺻﻲ ﻭﺃﺑﺎﺣﻮﺍ ﺍﻟﻨﺴـﺎ َﺀ‬
‫ﺲ ﻭﻟﺒﺎﺱ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﹶﻟ‪‬ﺒ ﹺ‬
‫")‪ (...‬ﻭﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺇ‪‬ﻢ ﺃﺳﻮﺃ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺃﺭﺩﺃ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻭﻋﻼﺟ‪‬ﻬﻢ ﺍﻟﻴـﺄﺱ‪.‬‬
‫ﻭﻻ ﺗﻔﻴﺪﻫﻢ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﹸﺓ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤ ﹸﺔ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﺳﺘﺌﺼـﺎﳍﻢ ﻭﻗﻤﻌ‪‬ﻬـﻢ‬
‫ﻭﺇﺭﺍﻗﺔ ﺩﻣﺎﺋﻬﻢ‪ .‬ﻭﻻ ﻃﺮﻳ ‪‬ﻖ ﺳﻮﻯ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺇﺻﻼﺣﻬﻢ‪" .‬ﻳﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻨﺎﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﱪﻫﺎﻥ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺹ ‪.١٤٨-١٤٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ .‬ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻄﺮﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺭﺃﻯ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻨﺎ‬

‫ﺃ‪‬ﺎ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺍﻹﺑﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧـ ﹶﺬﺭ‪‬ﻫﻢ ﺍﻹﻣـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻟﻠﺴﻴﻒ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ‪ ،‬ﻗﻄﻌﺎ ﻭﺟﺰﻣﺎ‪ ،‬ﺭﺟﺎ ﹰﻻ ﺻـﺎﺩﻗﲔ‬
‫ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﲡﻤﻊ ﻻ ﳜﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻻ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻣﺼ ﹺﺮ ﺍﻟﻘﺮ ‪‬ﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﲑ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺑﺪﻉ‪ ،‬ﻣﻦ ﺻﻨﻒ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻀﺎﻟﺔ ﺍﳌﻀﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﻇﺮﻫﺎ ﰲ ﺷﺎﻡ ﺍﻟﻘـﺮﻥ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﹼﰒ ﻧﺬﹶﺭﻫﺎ ﻟﻠﺴﻴﻒ ﹶﻟﻤ‪‬ﺎ ﺭﺃﻯ‪ ،‬ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﹶﻗﺒ‪‬ﻠﻪ‬
‫ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳ‪‬ﺼﻠﺤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﻴﻒ‪.‬‬
‫ﺍﻧﱪﻯ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻐﺰﻭ ﺍﳌﹶﻠﺒ‪‬ﺴﲔ ﰲ ﲪﻠﺔ ﻣﻦ ﲪﻼﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺒﺎﺭﺯ ﻃﺎﺋﻔـﺔ‬
‫ﻣﻦ "ﺍﻟﺒﻄﺎﳛﻴﺔ" ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺘﺴﺐ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻀﺎﻟﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺇﱃ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪ .‬ﻭﱂ ﻳﻌﻤ‪‬ﻢ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺣﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ‪ ،‬ﺑـﻞ‬
‫ﺃﻧﺼﻒ‪ ،‬ﻭﻣﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﳋﺒﻴﺚ ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻮﺍﺧﺬ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﲜﺮﻳﺮﺓ ﺍ‪‬ﺬﻭﻡ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺘﻌﺒ‪‬ﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﱡﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟ ‪‬ﻮﺟ‪‬ﺪ )ﻗﻠـﺖ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﳏﻤﺪﺓ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﺷﻴﻄﻨﺔ‪ .‬ﻭﺷﺘﺎﻥ ﺑﲔ ﻣـﻦ‬
‫ﲔ‬
‫ﻳﺪﺭﻱ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ!( ﻭﺍﶈﺒﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﻘـﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺿـﻊ‪ ،‬ﻭﻟـ ‪‬‬
‫ﻑ ﻭﳓـﻮ‬ ‫ﺍﳉﺎﻧﺐ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻼﻃﻔ ﹸﺔ ﰲ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺼﺮ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺫﻟﻚ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﲔ‪" :‬ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﻏﲑﻩ ﻣـﻦ‬
‫ﺽ ﻋﻦ ﻛﺜﲑ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ‬ ‫ﻉ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻋﺮﺍ ﹺ‬ ‫ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻜﻔﺮ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐﹸﻠ ‪‬ﻮ ﻭﺍﻟﹺﺒ ‪‬ﺪ ﹺ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٤٤٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﺑﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻠﺒﻴﺲﹺ‪ ،‬ﻭﺇﻇﻬﺎ ﹺﺭ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺨﺎﺭﻕ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻛ ﹺﻞ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﺸﻌﻮﺫﻳﻦ ﻭﻗﺎﺋ ‪‬ﻊ ﻗﺼﻬﺎ ﰲ ﻛـﻼﻡ‬
‫ﻣﺴﺠﻮﻉ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻧﺎﺩﺭ ﰲ ﻧﺜﺮ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺄ ﱠﻥ ﺃﺳﺠﺎﻋﻪ ﺃﺭﺟﻮ ‪‬ﺯ ﹲﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻷﺭﺍﺟﻴﺰ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﻨﺸﺪﻭ‪‬ﺎ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻮﻏﹶﻰ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﺸﺎﺭﹺﻙ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﳋﱪﺓ ﻭﺍﻟﺪ‪‬ﺭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﲝﻴﺚ ﻳﻔـﺮﻕ ﺑـﲔ‬
‫ﻛﺸﻒ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻭﻛﺮﺍﻣﺎ‪‬ﻢ ﻭﺗﺼﺮﻓﻬﻢ ﻭﺑﲔ ﳐﺎﺭﻳﻖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺻ‪‬ﻴﺮ‪‬ﻓﻴ‪‬ﺎ ﻣﺎﻫﺮﺍ‪ ،‬ﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﺎ ﻗﺒ ﹶﻞ ﻓﺘﺤﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ‪ .‬ﻭﱂ ﻳﻜـﻦ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺍﳉﻮﺯﻱ‪ ،‬ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻪ ﻭﺟﺰﺍﻩ ﻋﻦ ﺣﺴﻦ ﻗﺼﺪﻩ‪ ،‬ﺇﻻ ﲨ‪‬ﺎﻋﺎ ﻟﻸﺧﺒﺎﺭ‪.‬‬
‫ﺕ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﺼـﺮﻑ‪.‬‬ ‫ﺐ ﹶﻓﻠﹾﻴ ﹾﺄ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪" :‬ﻓﻤﻦ ﻣﻌﻪ ﺫﻫ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺇﱃ ﻋﻨ ‪‬ﺪ ﺍﳉﻬﺎﺑﺬﺓ ﺍﻟﺬﻳ ‪‬ﻦ ﻳ‪‬ﻌﺮﹺﻓﻮﻥ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺍﳋﺎﻟﺺ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺸﻮﺵ"‪.‬‬
‫ﻉ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺧﺎﺽ‬ ‫ﻭﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﲑﻓﻴﺎ ﺟ ‪‬ﻬﺒ‪‬ﺬﹰﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻟﻐﲑﺓ ﺷﺠﺎ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺭ ‪‬ﻙ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﺤﺮﻓﲔ ﺍﳌﺎﻛﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﺤﻮﺫﻭﺍ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻁ ﺍﻧﺘﺸـﺎﺭﹺﻫﻢ ﰲ ﺍﻟـﺒﻼﺩ‪،‬‬ ‫ﻋﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻟ‪‬ﻔـ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﺳﺘﺤﻮﺍﺫﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺟﻨﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨ‪‬ﻮﺭ‬
‫ﺱ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭﹺ‪ ،‬ﻭﺩﺭﻭﺱ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬ ‫ﺍﻟﻈﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻃﻤﻮ ﹺ‬
‫ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ‪ ،‬ﳍﻢ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻮﻗﻊ ﻫﺎﺋﻞ‪ ،‬ﻭﳍﻢ )ﻟﻠﻤﻠﻮﻙ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺀ( ﻣـﻦ‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺰﻭﻝ ﺑﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٤٨‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٥٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻁ‬
‫ﻭﻣﻊ ﺻﻮﻟﺘﻬﻢ ﻗﺎ ‪‬ﺭﻋ‪‬ﻬﻢ ﺑﺎﳊﺠﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻇﺮﺓ‪ ،‬ﺣﱴ ﺣﻀﺮ ﻣﻌﻬﻢ ﰲ ﺑ‪‬ﻼ ‪‬‬
‫ﺃﻣﲑ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺣﻴﺚ ﻧﺎﺷﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﺴﻴﻔﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﻓﺼﻞ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫ﺖ "ﻻ ﺇﻟﻪ" ﻓﻬﻲ ﻧ ﹾﻔ ‪‬ﻲ ﻛﻠـﻲ‪،‬‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻭﳛﻚ! ﺇﺫﺍ ﻗﻠ ‪‬‬
‫ﻱ ﻭﻗﺖ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻗﻠﺒﻚ ﻋﻠﻰ ﺷـﻲﺀ‬ ‫ﻭ"ﺇﻻ ﺍﷲ" ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻛﻠﻲ‪ .‬ﻟﻪ ﻻ ﻟﻐﲑﻩ‪ .‬ﻓﺄ ‪‬‬
‫ﻏ ﹺﲑ ﺍﳊﻖ‪ ‬ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻘﺪ ﻛﺬﺑﺖ ﰲ ﺇﺛﺒﺎﺗﻚ‪ ،‬ﻭﺻﺎﺭ ﺇﳍﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻤـﺪﺕ‬
‫ﺨﻠ‪‬ﺺ‪ ،‬ﻫﻮ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎ ‪‬ﺭ ﺑﺎﻟﻈﺎﻫﺮ‪ .‬ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻫﻮ ﺍﳌﻮﻣﻦ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﳌﻮﺣﺪ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﳌ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺘﻘﻲ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺭﹺﻉ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﳌﻮ‪‬ﻗﻦ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻫﻮ‬
‫ﺍﻷﻣﲑ ﻭﻣﻦ ﺳﻮﺍﻩ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ‪.‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ‪" :‬ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ" ﻓﻘﻞ ﺃﻭﻻ ﺑﻘﻠﺒﻚ‪ ،‬ﰒ ﺑﹺﻠﺴـﺎﻧﻚ‪ .‬ﻭﺍﺗﻜـﻞ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺍ ‪‬ﺷ ‪‬ﻐ ﹾﻞ ﻇﺎﻫﺮﻙ ﺑﺎﳊﻜﻢ ) ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ‬
‫(‪ ،‬ﻭﺑﺎﻃﻨﻚ ﺑﺎﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ)‪(...‬‬
‫ﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺍﺿﻊ ﻟﻪ ﻭﻟﻌﺒﺎﺩﻩ‬ ‫"ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﹶﺫ ﱠﻝ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻛ ﱠﻞ ﻟﺴﺎﻧ‪‬ﻪ ﺑ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻭﺗﻀﺎﻋﻒ ﳘﱡﻪ ﻭ ﹶﻏﻤ‪‬ﻪ ﻭﺑﻜﺎﺅﻩ‪ ،‬ﻭﻛﺜﺮ ﺧﻮﻓﻪ ﻭﻭﺟﻠـﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺜـﺮ‬
‫ﺣﻴﺎﺅﻩ‪ ،‬ﻭﻛﺜﺮ ﻧﺪﻣ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺗﻔﺮﻳﻄﻪ‪ ،‬ﻭﺗﺸﺪ‪‬ﺩ ﺣﺬﺭﻩ ﻭﺧﻮﻓﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺯﻭﺍ ﹺﻝ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ)‪(...‬‬
‫"ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ‪ ،‬ﰲ ﺍﻟﺸﺬﻭﺫ ﻭﺍﻟﻨﺪﻭﺭ‪ ،‬ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻷ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ‪ .‬ﻳﺘ‪‬ﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻌﹶﻠﻢ ﲟﻮﺋ‪‬ﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﲑ‪‬ﻩ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻳﻘﺮﺃ ﺳﺮ‪‬ﻩ ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻠﻮﺡ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﺄ ‪‬ﻣﺮ‪‬ﻩ ﺑﻜﺘﻤﻪ ﻭﺃﻥ ﻻ ﺗ ﱠﻄ‪‬ﻠ ‪‬ﻊ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‬ ‫ﺍﶈﻔﻮﻅ‪ .‬ﰒ ‪‬ﻳ ﹾﻄ‪‬ﻠ ‪‬ﻊ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﺍﺑﺘﺪﺍ ُﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻬﻲ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼ ‪‬ﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻓﺎﺕ‪ .‬ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺅﻩ ﺍﻟﺰﻫ ‪‬ﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺯﺍﺋﺮ ﺃﻧﻜﺮ ﻣﺎ ﺑﺪ‪‬ﻝ ﺍﳌﺒﺪﻟﻮﻥ ﻭﻟﺒ‪‬ﺲ ﺍﳌﻠﺒﺴﻮﻥ‪:‬‬
‫;
وא‪
œ"Ob



4)
£5-
6Z

/z‬א‪

(\c(pE)
I
I8‬‬
‫(
)
‪(4F
4P‬م
‪
;



H"4-‬ذ‪

(\c(7A)
al

8‬‬
‫(
א}‪(4‬م
‪



D\(48
(\*VW‬و‪
(b*
%0‬א{‪

(\c(b*
Œs
a‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺯﺍﺟﺮ ﻟﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻏﲑ ﻣﻐﺘﺮ ﺑﺘﺰ‪‬ﻳﻴﻨﻬﺎ‪:‬‬

‫‪
35
(7ْ 2‬א({œ
و‪



D\B"W‬و(

‪
;
(7:‬א“‪

‰2()
I5‬‬
‫و‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻻﺋﻢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﻮﺑﺦ ﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻴﺢ ﺍﻋﻮﺟﺎﺟﻬﺎ‪:‬‬

‫و‪
I‬א‪
fc(Z‬ن
?ن
‪



%0
(!8‬و‪“c(W
]b*
I:‬א
‪

!;O‬‬
‫‪
‰48‬א‪
G
DOb5
T
I
3

G



J<j
D4*

J4b‬א'‪q‬و‪

! B‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫;‬
‫*َ"‪K&ِ
:!<-A‬ـــ‪َ‚…9 َXْ  E98A‬ـــ ‪9‬‬ ‫;‬
‫‪َ/ ?9CAK&ِ
f7 َ:7Y‬ــ‪9 A
U‬‬
‫;‬
‫‪77 : A 7'A)$ْ LA‬ـ ِ{  ْ"‪A7 /ْ A‬ــ ‪9‬‬ ‫‪7L‬ـ ‪76ُ:A
H7 hA‬ــ ‪َ> `:‬ــــ ‪ُ† ًD:‬ـــ‪ًH7‬‬
‫;‬
‫‪A"َi 9%:A
:  s‬ــ ‪9‬‬
‫‪ِ ْPK s‬‬
‫@ُ‪A ُ/‬‬ ‫‪َ* : َ V‬ــــ‪`: 7‡A‬‬
‫‪ˆ9U‬ــــ‪9a Q NV‬ـــــ ٍ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٧٥-٧٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ـ‪+‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻗﺎﻝ ﻗﺮﻳﻨﻪ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﺎ ﺃﻃﻐﻴﺘﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺿﻼﻝ ﺑﻌﻴـﺪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻻ ﲣﺘﺼﻤﻮﺍ ﻟﺪﻱ ﻭﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ‪ .‬ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻟﺪﻱ ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﺑﻈﻼﻡ‬
‫ﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻙ ﺭﲪﺔ ‪‬ﺪﻱ ‪‬ﺎ ﻗﻠﱯ‪ ،‬ﻭﲡﻤﻊ ‪‬ﺎ ﺃﻣﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺗﻠﹸﻢ ‪‬ـﺎ‬ ‫ﻟﻠﻌﺒﻴﺪ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇ ﱠ‬
‫ﺷﻌﺜﻲ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﺼﻠﺢ ‪‬ﺎ ﻏﺎﺋﱯ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻓﻊ ‪‬ﺎ ‪‬ﺷﺎﻫﺪﻱ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﺰﻛﻲ ‪‬ﺎ ﻋﻤﻠﻲ‪ ،‬ﻭﺗﻠﻬﻤﲏ ‪‬ﺎ ﺭﺷـﺪﻱ‪،‬‬
‫ﻭﺗﺮﺩ ‪‬ﺎ ﹸﺃﹾﻟﻔﹶﱵ‪ ،‬ﻭﺗﻌﺼﻤﲏ ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﺀ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﻏﻨﺎﺀ ﺑﺄﳊﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﺍﺧﺘﻠﺲ‬

‫ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺣﺰﺑ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﺒﺴﲔ ﻭﺍﳌﺎﺟﻨﲔ ﻭﺍﻹﺑﺎ ‪‬ﺣﻴ‪‬ﲔ ﺍﻻﺳ ‪‬ﻢ ﻓﺄﻃﻠﻘﻮﻩ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻑ ﻋﻨـﺪ‬ ‫ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﺟﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺎﻩ ﻓﻀﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺽ "ﺣ‪‬ﺪﺍﺀ ﺍﻟﺰ‪‬ﻧﺎ"‪ .‬ﻻ ﺧﻼ ‪‬‬
‫ﺲ ﻭﻓﺴﻖ‪ .‬ﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳋـﻼﻑ ﰲ‬ ‫ﺃﻫﻞ ﺍﳊ ‪‬ﻖ ﰲ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﹺﻧ ‪‬ﻲ ﺭﺟ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﻐﲏ ﺑﺸﻌﺮ ﺯﻫﺪﻱ ﺗﺬﻛﲑﻱ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬ﻓﺮﺧﺺ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻓﻴﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪ ،‬ﻭﻣﺎﺭﺳﻪ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺟﻼﺀ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺰ ﺑﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺗﺸﺪﺩ ﰲ ﻣﻨﻌﻪ ﺁﺧﺮﻭﻥ‪.‬‬
‫ﻧﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺑﻼﺋﻪ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ‬
‫ﻉ ﲰﺎﺕ ﻛﻞ ﳎﺘﻤﻊ ﺟﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻓـﺘﺢ‬ ‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻠ ‪‬ﻲ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻬﻮ ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ ﻭﺍﳌﺘﺎ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻓﹸﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳ‪‬ﺔ ﺍﳌﺴـﺘﻜﱪﺓ ﰲ‬
‫ﺡ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻌـﺮﺽ ﻣﺸـﺎﻫﺪ‬ ‫ﺍﻷﺭﺽ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ‪ .‬ﺍﻟ ﹸﻜ ‪‬ﺮ ﹸﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺴ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺺ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌ‪‬ﺮﻱ ﻭﻛﻞ ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸـﺔ ﻭﻣﺆﻳـﺪﺍﺗ‪‬ﻬﺎ ﻭﻣ‪‬ﻐﺮﻳﺎﺗ‪‬ﻬـﺎ‬
‫ﻕ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻦ‬ ‫ﻭﺩﻋﺎﻳﺎ‪‬ﺎ ﻭ"ﻓﻨﻮ‪‬ﺎ" ﻭ"ﺛﻮﺭ‪‬ﺎ ﺍﳉﻨﺴﻴﺔ"‪ .‬ﻭﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ ﹶﻃ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻗﻤﺎﺭ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺗﺒ‪‬ﺚ ﺑﺎﻟﺼﻮﺕ ﺍﳉﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﺗ‪‬ﻔـ ﹺﺮﺯ‪‬ﻩ ﺩﻭﺭ‬
‫ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﰲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻋﻮﺍﺻﻢ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻺ ﻣـﻦ ﺍﳌﻨﺘﻈـﺮﻳﻦ‬ ‫ﻻ ﺑﺪ ﻏﺪﺍ ﹶﺓ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠـﻰ ﻣـ ٍ‬
‫ﺻﺒ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻓﺠـﺎﺝ‬ ‫ﺨ ﹶﺬ ﻗﺮﺍ ‪‬ﺭ ﰲ ﺷﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺍﳌﺼﺒﻮﺏ ‪‬‬ ‫ﻭﺍﳌﺘﺮﺑ‪‬ﺼﲔ ﺃﻥ ‪‬ﻳﺘ‪ ‬‬
‫ﺱ ‪‬ﺩ ‪‬ﺳﹰﺎ ﰲ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﻧﺰﺳﺘ‪‬ﻮﺭ ﺑﻜﻞ ﺑﻴﺖ ﻭﰲ ﻛﻞ‬ ‫ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ ،‬ﺍﳌﻨﺪ ‪‬‬
‫ﻳﺪ‪ ،‬ﺍﳌﺨﺰﻭ ‪‬ﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﺠ‪‬ﻼﺕ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺘﱪﺝ ﺑﺎﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﺒﺎﺭﻯ ﺷﺒﻜﺎﺗﻪ ﺍﳌﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺇﻏﻮﺍ ِﺀ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ‪.‬‬
‫ﺏ ﻻ ﻣﻌﲎ ﳍﺎ ﻭﻻ ﺟﺪﻭ‪‬ﻯ‪ .‬ﻭﻛﻴﻒ ﺗﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﳌﻨ ‪‬ﻊ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﱘ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎ ‪‬‬
‫ﻍ ﻫﺎﺋﻞ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﲤـﻸﻩ ﺟﻠﺴـﺔ‬ ‫ﺍﳍﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﺭﻱ ﻭﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ! ﻓﺮﺍ ﹲ‬
‫ﺡ‬
‫ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺇﱃ ﻣ‪‬ﻌﻠﱢﻢ ﺍﳋﹶﻨﺎ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳـﻮﻥ‪ ،‬ﻳﺸـﺮ ‪‬‬
‫ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻠﻬﻮ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍ‪‬ﺑ‪‬ﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻮﻥ ﺗﻄﺒﻌﻬـﺎ ﺍﻷﺳـﺘﻮﺩﻳﻮﻫﺎﺕ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺪﻭﺣﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﺒﺎﺭﺍﺓ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﳉﻠﹾﺐ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﻓﻨﻮﻧﻪ ﻭﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻣـﻦ ﻣﺴـﺮﺡ‬
‫ﻭﻧﺸﻴﺪ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﺇ ﱠﻥ ﻗﻄ ‪‬ﻊ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﲔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟـﱵ ﻳﺘﻴﺤﻬـﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﺑﲔ ﻣﻀﻤﻮ‪‬ﺎ ﺍﳉﺎﻫﻠ ‪‬ﻲ ﺍﻟﺪﻭﺍﰊ ﻗﻄﻌﹰﺎ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎ‬
‫ﻻ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﺴﻤﻊ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﺑﺼﺮ ﺍﳌﺘﻔﺮﺝ‪ ،‬ﻭﳘﺎ ﻛﻞ ﺯﻳﺪ‬
‫ﻭﻋﻤﺮﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺫﺭﺍﺭﻳﻬﻢ‪ .‬ﻭﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫ﺍﻟﻠﹶﺬﻳ‪‬ﻦ ‪‬ﻳ‪‬ﺘﻠﹶﻰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻮﻋﻆ ﺑﺎﳉ‪‬ﺪ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺍﳌﺘﻘﻮﻥ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺡ ﻭﳍـﻮ ﺗـﺆﻧﺲ‬ ‫ﺳﺎﻋﺔﹰ‪ ،‬ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﻋﺎ ‪‬ﻣ ﹶﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺪﻳﺮ ﺍﻟ ‪‬ﺰ ‪‬ﺭ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﺇﱃ ﳏﻄﺔ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ﹴ‬
‫ﻧﻔﻮﺳﺎ ﺗﻐﺬﺕ "ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ" ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻐ‪‬ﺬﺍﺀ ﺣﱴ ﺃﺻ‪‬ﺒ ‪‬ﺢ ﺟﺰﺀﹰﺍ ﻣﻦ ﻣﺎﻫﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻚ ﺍﳉﻮﻗﺎﺕ ﺍﳌﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ‬ ‫ﺃﻋﲏ ﺃﻥ ﻗﻄ ‪‬ﻊ ﺍﻷﻭﺗﺎﺭ ﻭﺍﳌﺰﺍﻣﲑ‪ ،‬ﻭﻓ ‪‬‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺪﺭﳚﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻄﻮﻝ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺸﻴ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻤﻞ ﻛﻠﻤﺘ‪‬ﻨﺎ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻨﺸﻴ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺼﻮﰲ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﲰﻰ‬
‫ﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﳛﻀﺮﻩ "ﻧﺸﻴﺪﺍ ﲨﻴﻼ"‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﻨﺸـﻴﺪ‬ ‫ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎ ‪‬‬
‫ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﳒﺪ ﻟﻪ ﺃﺻﻼ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬
‫ﻉ ﺍﻟـﺪﻓﻮﻑ‬ ‫ﻭﻗﻮﻟﻪ‪ .‬ﻓﻼ ﻛﻼ ‪‬ﻡ ﻭﻻ ﺟﺪﺍ ﹶﻝ‪ .‬ﻓﺈ ﹾﻥ ﺃﺩﺧﻠﹾﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﺇﻳﻘـﺎ ‪‬‬
‫ﺺ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮ ﺑﻀـﺮ‪‬ﺎ ﰲ‬ ‫ﻓ‪‬ﺘ ‪‬ﺮ ‪‬ﺧ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻋﺮﺍﺱ‪ ،‬ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻌﺎﺋﺸﺔ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪" :‬ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻜﻢ ﻣﻦ ﳍـﻮ؟!‬
‫ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻳﻌﺠﺒﻬﻢ ﺍﻟﻠﻬﻮ"‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺭﺍﻋﻴﻨﺎ ﹸﻏ ‪‬ﺮﺑ‪‬ﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﻭ ﹶﲤ ﱡﻜ ‪‬ﻦ "ﺣ‪‬ـﺪﺍﺀ‬
‫ﺴﹶﻠ ‪‬ﻢ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻮ ﺍﻣﺘﺰﺝ‬
‫ﺍﻟ ‪‬ﺰﻧ‪‬ﺎ" ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ‪ ،‬ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﲔ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺗﻘﺪﻳ ‪‬ﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬ ‫ﺑﻨﻐﻤﺎﺕ ﺍﻷﻭﺗﺎﺭ ﺇﱃ ﺣ ‪‬‬
‫ﺲ ﻻ ﻳﻌـﺪﻭ ﺃﻥ ﻳﻜـﻮﻥ‪ ،‬ﰲ ﺃﻛﺜـﺮ‬ ‫ﲏ ﺍﳌﻘﺘ‪‬ﺒ ‪‬‬‫ﻒ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﻜ ﹸﻞ ﺍﻟﻔ ‪‬‬ ‫ﺍﳌﺨﺘﹶﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﺗﺸﺪ‪‬ﺩﺍﹰ‪ ،‬ﺧ‪‬ﻴ‪‬ﻄﹰﺎ ﺟﺎﻫﻠﻴﺎ ﺩﺧﻞ ﰲ ﻧﺴﻴﺠﻨﺎ‪ ،‬ﲤﺤﻮﻩ ﺍﻟﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳﺒ‪‬ـﺪ‪‬ﻝ‬
‫ﺕ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻷﰊ‬ ‫ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺳﻴﺂﺗﻪ ﺣﺴﻨﺎ ‪‬‬
‫ﺫﺭ‪" :‬ﺇﻧﻚ ﺍﻣﺮﺅ ﻓﻴﻚ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ"‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝـﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻣﻨﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ ﻣ‪‬ﻌ ﱢﻘ‪‬ﺒ ﹰﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﻳﺘﻬﺎ ﻟﺼﻨﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ‪‬ﺎ ﺣﲔ ﺳ‪‬ﺘﺮ‪‬ﻫﺎ ﻟﺘﺘﻔﺮﺝ ﻃﻮﻳﻼ ﻋﻠﻰ ﻟﻌﺐ ﺍﳊـﺒﺶ‪:‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺎﻗ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﻭﺍ ﻗ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﺍﳉﺎﺭﹺﻳﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﺴﻦ ﺗﺴﻤﻊ ﺍﻟﻠﻬﻮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ .‬ﻭﳓﻦ‬
‫ﻧﺄﺧﺬ ﺑﻌﲔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻟﻨﺒﻠﻎ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ‪،‬‬
‫ﻣﺘﺠﺎﻭﺯﻳﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ ﺍﶈﺮﻡ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﳌﺨﺘﻠﹶﻒ ﻓﻴـﻪ‪ .‬ﺇﻥ‬
‫ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﱪﺍﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﳌـﺎ ﻛـﺎﻥ ﻳـﻮ ‪‬ﻡ‬
‫ﻕ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﺭﺃﻳﺘ‪‬ﻪ ﻳﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺏ‬ ‫ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭ ‪‬ﺧ‪‬ﻨ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺏ ﺟﹺﻠﺪ ﹶﺓ ﺑﻄﻨﻪ ‪-‬ﻭﻛـﺎﻥ ﻛـﺜ ‪‬ﲑ ﺍﻟﺸـﻌ‪‬ﺮ‪.-‬‬
‫ﺍﳋﻨﺪﻕ ﺣﱴ ﻭﺍﺭ‪‬ﻯ ﻋﲏ ﺍﻟﺘﺮﺍ ‪‬‬
‫ﻓﺴﻤﻌﺘﻪ ﻳﺮﲡﺰ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺭﻭﺍﺣﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ‪ ،‬ﻳﻘﻮﻝ‪:‬‬
‫א"\‪
(
6*
;
D‬א‪



(751C‬و;
‪
(7-1‬و;
‪

(74"2‬‬
‫‪



(74"P
H74?#
I“*dW‬و‪
6i‬א'‪1-‬אم
ن
;‪

(74-‬‬
‫ن
א'
‪k)
1-‬א
‪



(74"P‬ون
‪0‬אدوא
‪(74)
H7W‬‬

‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﰒ ﳝ‪‬ﺪ ﺻﻮﺗ‪‬ﻪ ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ"‪.‬‬

‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﺄﰊ ﻭﺃﻣﻲ ﻧﺎﻗ ﹸﻞ ﺗﺮﺍﺏ ﻳﺮﲡﺰ ﻭﳝﺪ ﺻﻮﺗﻪ! ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍ ﹶﳌﺪ‪‬ﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ‪‬ﺳ ﹾﻠ ‪‬ﻮ ﹲﺓ ﻟﻨﺎ ﻭﺇﺳﻮﺓ ﻋﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﺍﳌ‪‬ﺒﺪ‪‬ﻋﲔ ﺍﳌﻜﻔﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺷﻜﺎ ﻗﻮﻡ ﺇﱃ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﺭﺟﻼ ﻳﻐﲏ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀﻩ ﻓﺴﻤﻌﻪ ﻳ‪‬ﻨﺸ‪‬ﺪ ﻓﻴﻤﺎ‬
‫ﻳ‪‬ﻨﺸﺪ ﳜﺎﻃﺐ ﻓﺆﺍﺩﻩ ﻭﻳﻌﻆ ﻧﻔﺴﻪ‪:‬‬
‫;
‪0‬א‪
x‬א‪(!
G



(4C;
9;
C1‬د‪

a)
… )
1OW
5A‬‬
‫و‪0
;
ab*
ƒQ5‬א‪1)
(C‬א



‪
;
J4‚
aW‬و;
‪
aAW‬د‪

M‬‬
‫*!
;
‪
A678‬و;
‪(8‬ن
א€‪0




!%‬א‪
a-‬א‪
w‬و‪
G(F‬وא‪

aC0‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻓﺮ ‪‬ﺩ ‪‬ﺩ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻷﺧﲑ ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻠ‪‬ﻴ ‪‬ﻐ ‪‬ﻦ ﻣﻦ ﻏﲎ!‬

‫‪١‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ" ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٣٦٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻃﻮ‪‬ﺭ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﺍﻟﺰﻫﺪﻱ ﺍﻟﻮﻋﻈﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺒ‪‬ﺬﻩ ﺃﻣﲑ ﺍﳌـﻮﻣﻨﲔ‬
‫ﺴ ‪‬ﻤ ‪‬ﻲ ﲰﺎﻋﺎ ﻟﻪ ﺃﺻﻮﻟﹸﻪ ﻭﺁﺩﺍﺑ‪‬ﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺼﻮﰲ‬ ‫ﹶﻓ ‪‬‬
‫ﻒ ﻓﻴﻪ‪" :‬ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻢ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﺧﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﻴﺎﺭ )ﺃﻱ ﳑﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﻢ(‬ ‫ﺍﳌﺨﺘﹶﻠ ‪‬‬
‫ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻠﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ .‬ﰒ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﹶﻗﻮ‪‬ﺍ ﹲﻝ )ﻣﻨﺸـﺪ(‬
‫ﻳﻨﺸﺪﻫﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ ﺍﳌﺰﻫ‪‬ﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺍﳌﺮﻏﱢﺒﺔ ﰲ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﷲ ﻭﳏﺒﺘـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺧﻮﻓﻪ ﻭﺭﺟﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺒﻬﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺃﺣﻮﺍﳍﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻈـﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﻏﻔﻠﺔ"‪.‬‬
‫ﱐ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺋ ‪‬ﻲ‬ ‫ﻑ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺇﻻ ﺍﻟﻐﻨﺎ َﺀ ﺍ‪‬ﻮ ﱠ‬ ‫ﻭﻳﻌ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻣﻠﻔﻮﻓﺎ ﰲ ﺛﻮﺏ ﺍﻻﺳﻢ ﻣﺘﻠﺒﺴﺎ ﺑﻪ‪ .‬ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻏﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﺕ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﹶﺃ ﹾﺫﻧ‪‬ﻪ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﹺﺇ ﹾﺫﻧ‪‬ﻪ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﳏﺒ ﹶﺔ ﺍﷲ ﻟـﻪ‪،‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺼﻮ ‪‬‬
‫ﻓﻨﻘﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻨ‪‬ﺴﻮﺍ ‪‬ﻥ ﻭﺍ ﹸﳌ ‪‬ﺮﺩ‪‬ﺍ ‪‬ﻥ ﻭﻏﲑﻫـﻢ ﺑﺎﻟﻐﻨـﺎﺀ‬
‫ﺼﺮﹺ‪ ،‬ﻭﻭﺻﻒ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ‬ ‫ﳋ ‪‬‬‫ﺍﳌﻘﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺎﺯﻑ ﻭﺍﻟﺸﺎﻫﺪ‪ ،‬ﻭﺫﻛ ﹺﺮ ﺍﻟﻘ ‪‬ﺪ ﻭﺍﻟ‪‬ﻨ ‪‬ﻬ ‪‬ﺪ ﻭﺍ ﹶ‬
‫ﻭﻓﻌﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ‪ ،‬ﻭﳏﺎ ‪‬ﺳ ﹺﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺭﻳﺪ ﺍﳋـﺪﻭﺩ‪ ،‬ﻭﺫﻛـﺮ‬
‫ﺠﻨ‪‬ﻲ ﻭﺍﳍﺠﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻄﺎﻑ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺷﺘﻴﺎﻕ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻭﺍﻟﺼ‪‬ﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻕ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻻ ﻳﻜﺎ ‪‬ﺩ ﳜﻔﻰ ﺗﻌﺎﻃﹸﻒ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﻣـﻊ ﺃﻥ‬
‫ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺭﻳﺪ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺃﺫﻛﺮ ﻣﺬﻫﱯ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﻮﻋﻈﻲ‪ .‬ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺯﻫ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬
‫ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺘﱪﻩ ﻣﻀﻴﻌﺔ ﺻﺮﻓﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﱵ ﲟﺎ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭﻗ‪‬ﺘ ‪‬ﻲ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٥٠١‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٩٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳﻠﺘﺬ ﲞﺸﻮﻋﻪ ﺑﻌﻀ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻣﻊ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻲ ﻭﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻱ ﻭﻋﺬﺭﻱ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﲪﻠـﻬﻢ‬

‫ﺍﻟ ‪‬ﻮﺟ‪‬ﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﺣﱴ ﺍﺿﻄﺮﺑ‪‬ﺖ ﺃﺟﺴﺎﻣﻬﻢ ﰲ ﺇﻳﻘـﺎﻉ ﻭﲤﺎﻳ‪‬ـ ﹴﻞ‬
‫ﱄ ﺍﻟﻐﺎﻟـﺐ‬ ‫ﺏ ﺍﳊﺎ ﱠ‬ ‫ﻭﺫﻛﺮ ﻫﺎﺋﺞ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ‪ .‬ﻭﲰﻰ ﺍﳌﻼﺣﻈﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍ ‪‬‬
‫ﱯ ﺃﻥ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻛـﺎﻥ ﳛﻀـﺮ‬ ‫ﺍﻟﻠﺬﻳ ﹶﺬ ﺭﻗﺼﺎ ﺻﻮﻓﻴﺎ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺬﻫ ‪‬‬
‫ﻉ ﻭﻳﺮﻗﹸﺺ‪ .‬ﻭﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﺃﻧـﻪ ﻛـﺎﻥ ﳛﻀـﺮ‬ ‫ﺍﻟﺴﻤﺎ ‪‬‬
‫"ﺍﳊﻀﺮﺓ"‪ ،‬ﻭﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑ ﹸﺔ "ﻋﻤﺎﺭﺓ"‪.‬‬
‫ﻉ ﻟﻠﻌﺎﻃﻠﲔ ﻋﻦ ﺣﻠﻴﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭ ‪‬ﺷ ‪‬ﻐﹶﻠﺘ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﺃﺑﺮ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑـﺎﺭﺩ‪،‬‬ ‫ﺫﻟﻚ ﻣﺘﺎ ‪‬‬
‫ﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻮ‪‬ﺟـﺪ ﻭﺍﻟـﺬﻭﻕ‬ ‫ﺡ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﹺﻄﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺻﻨﻊ ﻗﻮﻡ ﻣﺎ ﻫ ‪‬‬ ‫ﻭﺃﻓﺪ ‪‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻤﺔﹲ‪ ،‬ﻓﺘﺸﺒﻬﻮﺍ ﺑﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍﳊﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﻭﺍﺻﻄﻔﻮﺍ ﻭﺗﻮﺍﺟﺪﻭﺍ ﻭﺗﻔﻌ‪‬ﻠـﻮﺍ‬ ‫‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﻭﺗﻜﱠﻠﻔﹸﻮﺍ ﻭﺗﺮﺍﻗﺼﻮﺍ‪ .‬ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻠﺒ ﹸﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﺍﻟﻮﺟ ‪‬ﺪ ﺗﻌـﺬ‪‬ﺭ ﺍﻟﺼـﺎﺩﻗﲔ‪،‬‬
‫ﻓﺎﳌﺘﺼﻨﻌﻮﻥ ﳏﺎﻓﻈﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺁﺛﺎﺭ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﰲ ﻣﺘﺎﺣﻒ ﺍﻟﺰﻭﺭ‪.‬‬
‫ﻣﺬﻫﱯ ﺍﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺃﺧﻒ ﺍﻟﻀﺮﺭﻳﻦ ﰲ ﺟـﻮ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣ‪‬ﺪﺍﺀ ﺍﻟﺰﻧﺎ‪ ،‬ﰲ ﻧﺸﻴﺪ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﻮﺍﻛﺐ‬
‫ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﻣﻦ ﲤﺜﻴﻠﻴﺎﺕ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﺑﺸﺮﻁ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺫﻟـﻚ ﰲ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻭﺗﺼﻔﻴﺘﻪ ﻗﺪﺭ ﺍﳌﺴﺘﻄﺎﻉ‪ .‬ﻣﺬﻫﱯ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﳉﻨﺪ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻧﻌﺬ ‪‬ﺭ ﺃﻫ ﹶﻞ ﺍﻟﻮ‪‬ﺟـﺪ‬
‫ﻭﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻧ‪‬ﻌﻠﱢﻢ‪ ،‬ﻓﻴﻤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ‪ ،‬ﺃﻫـﻞ ﺍﻟـﺮﻗﺺ‬
‫ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪ‪ ،‬ﻭﰲ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻧﻨﻘﻞ ﺗﺮﺍﺏ ﺧﻨﺎﺩﻕ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ‪ ،‬ﻭﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺣﺮﺝ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺃﻥ ﳕﺪ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻛﻤﺎ ﻣـﺪﻩ‬
‫ﺕ ﺍﳌﻠﻬﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ‪.‬‬‫ﺍﻟﺼﻮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﺘﺪﺭﺝ ﺑﺎﻟﺮ‪‬ﻛﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﲨﻴﻌﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻹﺣﺴـﺎﱐ‪،‬‬

‫ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻹﻧﺼﺎﺕ ﺇﱃ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳ‪‬ﺘﻠﻰ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺮﺗﻞ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺠﻮ‪‬ﺩ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺘﻐﻨ‪‬ﻰ ﺑﻪ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ‪ ،‬ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻣـﻦ ﺍﻟﻐﻨـﺔ ﻭﲢﺴـﲔ‬
‫ﺨ‪‬ﻨﺜﹶـﺔﹶ‪،‬‬
‫ﺕ ﺍﳌﺴﺠﻠﺔ ﺍﶈﺘﺮﻓﺔ ﺍﳌﺘﻌﺮ‪‬ﺟـﺔ ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻮﺕ‪ .‬ﻭﻧﺘﺠﻨﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻮﺍ ‪‬‬
‫ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻻ ﹸﻛﻠﱠﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺭﺑﻴﻊ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ‪ .‬ﺁﻣﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﰲ ﺍﳌﺘﻮﺍﺟﺪﻳ ‪‬ﻦ ﺍﳌﺘﺮﺍﻗﺼﲔ ﺍﳌﺘﺼﻨﻌﲔ‪" :‬ﺇﻳﺶ ﺃﻋﻤﻞ‬
‫ﺺ ﺑﻐﲑ ﻗﻠﺐ‪ ،‬ﻭﳒﺎﺳ ﹸﺔ ﺍﻟـﻨﻔﺲ ﻟ ﱠﻄﺨﺘ‪‬ـﻪ!‬ ‫ﺺ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺍﻗ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﺭﹶﻗ ‪‬‬
‫ﻛﻴﻒ ﻳ‪‬ﺤﺴ‪‬ﺐ ﺑﺮ ﹾﻗﺼ‪‬ﻪ ﻭﻧﻘﺼﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ!)‪ (...‬ﺍﻟﺮﺍﻗﺼﻮﻥ ﻛـﺬﺍﺑ‪‬ﻮﻥ‪،‬‬
‫ﻱ ﺳﺎﺩ ﹸﺓ!‬‫ﻭﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻭﻥ ﻣﺬﻛﻮﺭﻭﻥ‪ .‬ﺑﲔ ﺍﳌﻠﻌﻮﻥ ﻭﺍﶈﺒﻮﺏ ‪‬ﺑ ‪‬ﻮ ﹲﻥ ﻋ‪‬ﻈﻴﻢ)‪ (...‬ﺃ ‪‬‬
‫ﻕ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻛﻼ‬ ‫ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﺟﻠﺔ! ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ! ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟ ﱡﻄ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻮﺻﻔﲔ‪ .‬ﺃﺧﺠﹺﻠﻮﺍ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﲞﺎﻟﺺ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﺧ ‪‬ﺮﺑ‪‬ﻮﺍ ﹺﺑﻴ‪‬ـﻊ ﺍﻟـ ‪‬ﺪ ‪‬ﺟ ﹺﻞ ﺑﻴـﺪ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﺼﺪﻕ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﺸﺎﳜﻪ ﺍﻟﻨﻘﺸﺒﻨﺪﻳﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﺰﻭﻑ ﺍﻟﻜﺎﺭﻩ ﻋﻦ ﻛﻞ ﲰﺎﻉ ﻏﲑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪.‬‬
‫ﻉ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﻗﺪ ‪‬ﺟ ‪‬ﻌﻠﹶﺖ ﺍﻟﺼﻮﻓ‪‬ﻴ ﹸﺔ ﺍﻟﻘﺎﺻـﺮﻭﻥ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﺍﻟﺴـﻤﺎ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺮﻗﺺ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻭ ‪‬ﻣﱠﻠﺘ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻨﺪﻳﻦ ﺇﱃ ﻋﻤﻞ ﻣﺸﺎﳜﻬﻢ ﻭﺍﲣﺬﻭﻩ ﻃﺎﻋﺘـﻬﻢ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﻋﺒﺎﺩ‪‬ﻢ‪ .‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﲣﺬﻭﺍ ﺩﻳﻨ‪‬ﻬﻢ ﳍﻮﺍ ﻭﻟﻌﺒﺎ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪ ٥٦‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٢٧٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻐﻠﻮﺏ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﺍﳌﺘﺮ‪‬ﺧﺺ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ‪:‬‬

‫ز‪(5‬د‪
SIb

qv‬א‪
G
A‬א{"‪
3‬ز‪5



¤H75‬وق
)\(
{‪
I‬א‪
¦5O‬א‪

S ¥‬‬
‫و‪
8§
T
I‬א‪(!b‬ع
)‪
!P
]zW




4E‬א‪
!P
f"O‬א‪

0‬‬
‫‪

¨4‬א{(د‪
/‬אˆ‪(!A‬ل
א‪1Q4)
G
.A^BW



ً(As‬א‪

S b

4s
(\c‬‬
‫و‪
G
o‬א'‪0‬وא…
‪
17P‬א‪





(\A
(40‬א"‪
G
©#
Ip‬א‪

S \ْ:
Œs
%0‬‬
‫و‪
J8‬א‪
M(P
R‬א‪(!b‬ع
‪
I



*VW‬אˆ\‪XP
G
J‬א‪

AQ
Œs
c‬‬
‫{‪(Z‬ز‪
S‬و‪Q 0




D\"8‬و‪

?7
4s
DC17P
ً(
(
x‬‬ ‫{‪
JC
Z‬א ‪A‬‬ ‫و‪
JC‬א ‪A‬‬
‫و‪(C‬م
)
‪
JC‬א~
‪Q K
ª4A4\



ًHs0‬قٍ
*(‪

b
D
x0‬‬
‫ون
‪#0‬ل
א"
‪(-
1-‬ل‪7N50
:‬א



)‪2d‬א‪
/j
D?A‬א?(‪
M‬א‪

\Ew‬‬
‫وزא‪1
Q6*B‬אود
א‪
Na7‬ز) ‪“



x0‬א‪

 Qp
J8
G
S…Q 7()
x4‬‬
‫و‪
G‬א}‪#
A1ْ"q‬א‪
D\4"Qb4W



B"C
.!b5
J4W‬א‪!bw‬ع
‪

:Q7
J8
IP‬‬
‫<‪

BQ‬‬‫‪VW‬ن
‪(!b()
«%Qk
qh‬ع
و
‪
,bpW



A7b‬א‪1-‬א«
)(?‪
D5‬א)‪
I‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‡‪h. َA‬ـــ ‪9‬ـ ‪ُ> Eِ Š :‬ـŠ‪ِ0‬‬ ‫‪A": K ‰( :!9@ْ P‬ـ ‪?9@A AL I9‬‬
‫‪K&$‬ـْ'ِ ‪A69‬ــ ِ ْ„ ‪7
H7‬ـ‪َm:6‬ـــ‪ِ0‬‬ ‫]ُـــ‹ ‪A"AY‬ـــــ ٍ‪َ@78 +‬ـ‪A)ْ†HA 7d‬ــــ‪ٌI‬‬
‫‪A:&LA‬ــــ‹ ‪ْ$َ $ْ 9‬ـــ‪َ-$ْ 7
ِ3‬ــــ‪0‬‬ ‫‪Fَi q‬‬
‫‪َ A%.K& %A‬ـــ ‪A‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪,-. /‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﻹﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ ﺑﺎﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ‬
‫ﺃﻋﻄﲏ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻭﻳﻘﻴﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻩ ﻛﻔﺮ‪ ،‬ﻭﺭﲪﺔ ﺃﻧﺎﻝ ‪‬ﺎ ﺷﺮﻑ ﻛﺮﺍﻣﺘﻚ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬

‫ﺸﺮ‪‬ﺏ ﺍﳌﹸﺴﻜ ﹺﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺭ ‪‬ﻭﻭ‪‬ﺍ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ﹺﺑ ‪‬‬
‫ﻑ "ﺇﺫﺍ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﻛﻼﻣ‪‬ﻪ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ‪ ،‬ﻭﺃﻓﺸ‪‬ﻰ ﺳﺮ‪‬ﻩ ﺍﳌﻜﺘﻮ ‪‬ﻡ"‪ .‬ﻭﻋـﺮﻑ‬ ‫ﺍﳊﺪ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ﺍﻟﺸﺎﺭﺏ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﺛﻮﺑ‪‬ﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺛﻮﺏ ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻧ ‪‬ﻌﻠﹶﻪ ﻣﻦ ﻧﻌﻞ ﻏﲑﻩ"‪.‬‬
‫ﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‬ ‫ﻭﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﻥ ﻳﻨﻄﺒﻘﺎﻥ ﺑﻮﺟﻪ ﳎﺎ ﹺﺯ ‪‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﺣﺼﻞ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ "ﻓﻐﺎﺏ ﲟﻮﺟﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﲟﺸـﻬﻮﺩﻩ ﻋـﻦ‬
‫ﺷﻬﻮﺩﻩ" ﻛﻤﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ‪ .‬ﻭﻛﻤﺎ ‪‬ﻳ ﹾﺬ ‪‬ﻫ ﹸﻞ ﺍﻟﺴـﻜ ‪‬ﺮ ﺍﳊـﺮﺍ ‪‬ﻡ‬
‫ﺏ ﺍﻵ ﹶﰒ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺛﻮﺑﻪ ﻣﻦ ﺛﻮﺏ ﻏﲑﻩ ﻭﳜﺘﻠﻂ ﻧﻈ ‪‬ﻢ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﻳﺄﺧﺬ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﺭ ‪‬‬
‫ﰲ ﺇﻓﺸﺎﺀ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﻔﺎﱐ ﻳ‪‬ﺬﻫ‪‬ﻠﻪ ﲡﻠﻲ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺍﻻﳍﻴﺔ ﻋﻦ‬
‫ﺷﻌﻮﺭﻩ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻓﻴﻨﻄ‪‬ﻖ ﺑﻜﻼﻡ ﺍ‪‬ﺎﻧﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﺻﻄﻠﺢ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ "ﺳﻜﺮ" ﻓﺄﻃﻠﻘﻮﻫﺎ ﲜﺎﻧﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟـﺔ‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻻ ﻳﻘﺒ‪‬ﻠﻬﺎ ﺫﻭﻕ ﺍﻟﺘﻘـﻲ‬
‫ﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﳌﻘﺘﺒﺴ ﹶﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﲔ ﻃﺎﺋﻔـ ﹲﺔ‬ ‫ﺍﻟﻮﺭﻉ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺷﺠ‪ ‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﳓﻦ ﻻ ‪‬ﻧﻨ‪‬ﻜﺮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺎ ‪‬ﺭ ﺇﻟﻴـﻪ‬
‫‪‬ﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ )ﺍﻟﺴﻜﺮ(‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﺗﺴﻤ‪‬ﻴﺘ‪‬ﻪ ‪‬ـﺬﺍ ﺍﻻﺳـﻢ‪ .‬ﻭﻻﺳـﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻧﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﻢ "ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ"‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺑﺎﳋﻤﺮ ﻭﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺍﺕ‬

‫‪١‬‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺆﻭﺱ"‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺫﺍﻕ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﻭﻏﻠﺒﺘﻬﻤﺎ‬
‫ﻭﺧ ‪‬ﱪ ﺍﻷﻣ ‪‬ﺮ ﰲ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪ .‬ﻭﻳﺘﻌﻔﻒ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﺍﻟﺘﻘـﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺒﺘﺬﻟﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳍﻢ ‪‬ﺑ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ‬
‫ﻟﻴﺘﻔﺎﳘﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪" .‬ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﻻ ﻣ‪‬ﺸﺎ ‪‬ﺣ ﹶﺔ ﻓﻴﻬـﺎ ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﺘﻀـﻤﻦ‬
‫ﻣﻔﺴﺪﺓ" ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ‪.‬‬
‫ﻉ‬
‫ﻭﻳﻨﻄﻖ ﺳﻜﺮﺍ ﹸﻥ ﺍﳊﺎﻝ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﳌﻔﺘﺮﹺﻱ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝﹸ‪ ،‬ﺑﺄﻗﺎﻭﻳ ﹶﻞ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮ ‪‬‬
‫ﻓﺘﺴﻤ‪‬ﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺷﻄﺤﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻐـﺰﺍﱄ ﰲ ﺗﻌﺮﻳـﻒ‬
‫ﺍﻟﺸﻄﺢ‪" :‬ﺍﻟﺸﻄﺢ ‪‬ﻧ ‪‬ﻌﻨﹺﻲ ﺑﻪ ﺻﻨﻔﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﺣﺪﺛﻪ ﺑﻌـﺾ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺃﺣﺪ‪‬ﳘﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻱ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠ ﹸﺔ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀ ﹸﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺍﻟﻮﺻﺎﻝ ﺍﳌﹸﻐﲏ‬
‫ﻉ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ‪ ،‬ﺣﱴ ﻳﻨﺘﻬﹺﻲ ﻗﻮﻡ ﺇﱃ ﺩﻋـﻮ‪‬ﻯ ﺍﻻﲢـﺎ ‪‬ﺩ ﻭﺍﺭﺗﻔـﺎ ﹺ‬
‫ﺏ ﻭﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ‪‬ﺓ ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﻓﻬﺔ ﺑﺎﳋﻄﺎﺏ‪ .‬ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ‪ :‬ﻗﻴﻞ ﻟﻨﺎ ﻛﺬﺍ‪،‬‬ ‫ﺍﳊﺠﺎ ﹺ‬
‫ﺕ ﻣـﻦ‬ ‫ﺐ ﻷﺟﻞ ﺇﻃﻼﻗ‪‬ﻪ ﻛﻠﻤﺎ ‪‬‬ ‫ﺻ‪‬ﻠ ‪‬‬
‫ﻭﻗﻠﻨﺎ ﻛﺬﺍ‪ .‬ﻭﻳﺘﺸﺒ‪‬ﻬﻮﻥ ﺑﺎﳊﻼﺝ ﺍﻟﺬﻱ ‪‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲﹺ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺘﺸﻬﺪﻭﻥ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻭﲟﺎ ‪‬ﺣﻜ‪‬ﻲ ﻋـﻦ ﺃﰊ ﻳﺰﻳـﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﱐ ﺳﺒﺤﺎﱐ‪(...).‬‬
‫ﺕ ﻏﲑ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ‪ ،‬ﳍﺎ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺭ‪‬ﺍ‪‬ﺋﻘﹶـﺔﹲ‪،‬‬ ‫"ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻄﺢ ﻛﻠﻤﺎ ‪‬‬
‫ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻭﺭﺍﺀَﻫﺎ ﻃﺎﺋﻞ)‪ (...‬ﻭﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﳍﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻣﻦ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺵ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺪﻫﺶ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻭﳛ‪‬ﻴ ‪‬ﺮ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ"‪.‬‬
‫ﺸ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٣٠٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ ‪١‬ﺹ ‪.٣٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻱ‬
‫ﻭﻳﻀﻴﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺻﻨﻔﺎ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻨﻜﹶﺮ ﺍﻟﻜﻔﺮ ‪‬‬
‫ﻳﺴﻤ‪‬ﻴﻪ "ﺍﻟﻄﺎﻣﺎﺕ"‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﺎﻣﺎﺕ ﻓﻴﺪ ‪‬ﺧﻠﹸﻬﺎ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﰲ ﺍﻟﺸﻄﺢ‬
‫ﻭﺃﻣ ‪‬ﺮ ﺁﺧﺮ ﳜﺼ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺻﺮﻑ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻋﻦ ﻇﻮﺍﻫﺮﻫﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺏ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴ‪‬ـﺔ ﰲ‬‫ﺃﻣﻮﺭ ﺑﺎﻃﻨ ‪‬ﺔ ﻻ ﻳﺴﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﻓﻬـﺎﻡ ﻓﺎﺋـﺪﺓﹲ‪ ،‬ﻛﹶـ ‪‬ﺪﹾﺃ ﹺ‬
‫ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﺣﺮﺍﻡ ﻭﺿﺮﺭ‪‬ﻩ ﻋﻈﻴﻢ)‪ .(...‬ﻭ‪‬ـﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳـﻴﻠﺔ‬
‫ﺗﻮﺻﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺇﱃ ﻫﺪﻡ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﺘﺄﻭﻳﻞ ﻇﻮﺍﻫﺮﻫﺎ ﻭﺗﱰﻳﻠـﻬﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺭﺃﻳﻬﻢ)‪ (...‬ﺣﱴ ﺇ‪‬ﻢ ﳛﺮ‪‬ﻓﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮﻩ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ‪ .‬ﻭﻋﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺗﻔﺴﲑﻩ ﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ"‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﺷﻄﺤﻪ ﻭﻋﻦ ﻫﺬﻳﺎﻥ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻧﲔ ﻭﻛﻔﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻭﻃﻮﺍﻡ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻳـﺪﻋﻮ ﺇﱃ‬
‫ﺳﻠﻮﻙ ﺟﻬﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ ﺍﻟﺮﺍﺷـﺪﻱ ﺃﺟﺒﺘـﻚ ﻣـﻦ‬
‫ﺙ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺒﺜﻮﺙ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﺘـﺪﺍﻭ‪‬ﻝ‬ ‫ﻭﺟﻬﲔ‪ :‬ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺃﻥ ﺗﺮﺍ ﹶ‬
‫ﰲ ﺃﻳ‪‬ﺪﻱ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺗﺘﻌﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺍﳌﺘﻌﺮﺿﲔ ﻟﻐﻠﺒﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﻗﺪ ﻳﺘﺸﺒﻪ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗـ ﹸﺔ‬
‫ﺍﻟﻴﻮ ‪‬ﻡ ﻭﻏﺪﺍ ﻓﻴﻨﻄﻘﻮﻥ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺃﰊ ﻳﺰﻳﺪ ﻭﺍﳊﻼﺝ‪ ،‬ﻓﻴﺘﻌﲔ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﻮ‬
‫ﻣﻐﻠﻮﺏ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳ‪‬ﻌﺬﹶﺭ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻘـﻮﻝ ﺍﻟﻜﻔـﺮ‬
‫ﺻﺎﺣﻴﺎ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻓﻴﻘﺎ ‪‬ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻋﺬﹶﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺃﺑﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺒﺴـﻄﺎﻣﻲ ﻭﱂ ﻳﻌـﺬ‪‬ﺭ‬
‫ﺍﳊﻼﺝ ﻛﻤﺎ ﱂ ﻳﻌﺬ‪‬ﺭﻩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻓﺘﻮﺍ ﺑﻘﺘﻠﻪ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٣٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪" :‬ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳊﻠﻮ ﹺﻝ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﻓﻴﻪ ﺣﻖ ﻭﺑﺎﻃﻞ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﳌﱠﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻏﻴ‪‬ﺐ‬
‫ﻋﻘﻠﻪ ﺃﻭ ﺃﻓﻨﺎﻩ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﳏﺒﻮﺑﻪ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟـﻚ ﺑـﺬﻧﺐ ﻣﻨـﻪ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻣﻌﺬﻭﺭﺍ‪(...).‬‬
‫"ﻓﻬﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺗﻌﺘﺮﻱ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﰲ ﺟﻨﺎﺏ ﺍﳊﻖ ﻭﰲ‬
‫ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺺ ﻭﺧﻄﺄ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻐﻴﺐ ﲟﺤﺒﻮﺑﻪ ﻋﻦ ﺣﺒـﻪ ﻭﻋـﻦ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﲟﺬﻛﻮﺭﻩ ﻋﻦ ﺫﻛﺮﻩ‪ ،‬ﻭﲟﻌﺮﻭﻓﻪ ﻋﻦ ﻋﺮﻓﺎﻧـﻪ‪ ،‬ﻭﲟﺸـﻬﻮﺩﻩ ﻋـﻦ‬
‫ﺷﻬﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﲟﻮﺟﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪.‬‬
‫"ﻓﻼ ﻳﺸﻌ ‪‬ﺮ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺑﹺﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻭﻻ ﺑﻮﺟﻮﺩﻩ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺎﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ‬
‫ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﺃﻭ ﺳﺒﺤﺎﱐ‪ ،‬ﺃﻭ ﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﺒﺔ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺳﻜﺮﺍ ﹸﻥ ﺑ ‪‬ﻮ ‪‬ﺟ ‪‬ﺪ‬
‫ﺍﶈﺒﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﺬ ﹲﺓ ﻭﺳﺮﻭ ‪‬ﺭ ﺑﻼ ﲤﻴﻴﺰ‪.‬‬
‫ﺐ‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ‪‬ﻳ ﹾﻄﻮ‪‬ﻯ ﻭﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﺮﻭ‪‬ﻯ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺳﻜ ‪‬ﺮ ‪‬ﻩ ﺑﺴـﺒ ﹴ‬
‫‪١‬‬
‫ﳏﻈﻮﺭ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ ﺫﻭﻱ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻗﺪ ﳛﺼﻞ ﻟﻪ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺻ ﹺﺮ‬
‫ﺴﻮ‪‬ﻯ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭ ‪‬ﺟ ‪‬ﺪ ﺑﻼ ﲤﻴﻴﺰ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻳﻘـﻮﻝ ﰲ ﺗﻠـﻚ‬ ‫ﺳﻜ ‪‬ﺮ ﻭﻏﻴﺒﺔ ﻋﻦ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﳊﺎﻝ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﱐ‪ ،‬ﺃﻭ ﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﺒﺔ ﺇﻻ ﺍﷲ‪ ،‬ﺃﻭ ﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟـﱵ‬
‫‪‬ﺗ ‪‬ﺆﹶﺛ ‪‬ﺮ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﺤﺎﺀ‪ .‬ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴـﻜﺮﺍﻥ‬
‫‪٢‬‬
‫‪‬ﺗ ﹾﻄﻮ‪‬ﻯ ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﻭﻯ ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬ﺆﺩ‪‬ﻯ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٩٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٦١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﹶﻠﻤ‪‬ﺎ ﱂ ﻳﻘﺪﺭ ﺍﳊﻼﺝ ﻋﻠﻰ ﻃﻴ‪‬ﻬﺎ ﻃﻮﺍﻩ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪.‬‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﱂ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻭﺣﺎﺷﺎﻫﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﻘﺺ‪ ،‬ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﻣﺮﺑ‪‬ﻲ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ ﺍ‪‬ﺪ ‪‬ﺩ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ‪" :‬ﻛﻔﹾـ ‪‬ﺮ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﻟﻜﻔﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﺬﺍ ﻣﻨﺎﺳـﺒ ﹲﺔ ﺗﺎﻣ‪‬ـﺔ ﺑﻜﻔـﺮ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﺮﺩﻭﺩﺍ ﻭﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻠﻌـﺬﺍﺏ‪ ،‬ﻭﻛـﺎﻓﺮ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻭﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻠﺪﺭﺟﺎﺕ‪ .‬ﻓـﺈﻥ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻜﻔـﺮ ﻭﺍﻻﺳـﺘﺘﺎﺭ‬
‫)ﻗﻠﺖ‪:‬ﻛﻔﺮ ﻟﻐ ﹰﺔ ﲟﻌﲎ ﺳﺘﺮ( ﻧﺎﺷﺊ ﻣﻦ ﹶﻏﻠﹶﺒﺔ ﳏﺒ ‪‬ﺔ ﺍﶈﺒﻮﺏ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻭﻧﺴﻴﺎﻥ‬
‫‪١‬‬
‫ﻏﲑﻩ ﻛﻠﻪ)‪."(...‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻳﻔﺼﻞ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮﺭ ﺍﶈﺒﺔ "ﻛـﺎﻓﺮ"‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪" :‬ﻭﺇﺳﻼﻡ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻌﺪ ﺍﳉﻤﻊ )ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻫﻮ‬
‫ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ( ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ‪ .‬ﺍﳊﻖ ﻭﺍﳋﲑ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍﻥ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃـﻞ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﺮ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﺬﺍ ﻣﻨﺎ ‪‬ﺳﺒ‪‬ﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﺈﺳﻼﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ .‬ﺑﻞ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺇﺳﻼﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻛﻤﺎﻟﹶﻪ ﲢﺼ‪‬ﻞ ﻟﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻻﲢﺎ ‪‬ﺩ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻄﺤﺎﺕ ﺍﳌﻌﺬﻭﺭﺓ‪" :‬ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﻗـﺪﺱ‬
‫ﺍﷲ ﺃﺳﺮﺍﺭﻫﻢ ﺑﺎﻟﺸﻄﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﺈﳕﺎ ﺗﻜﻠﻢ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﻛﻔﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻮﻃﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ‪ .‬ﻭﺍﻷﻛـﺎﺑ ‪‬ﺮ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺸﺮﻓﻮﺍ ﺑ ‪‬ﺪﻭ‪‬ﻟﺔ ﺇﺳﻼﻡ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ‪‬ﻣ‪‬ﻨﺰ‪‬ﻫﻮﻥ ﻭ ‪‬ﻣ‪‬ﺒﺮ‪‬ﺃﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﻣﺜـﺎﻝ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻣ ﹾﻘﺘ‪‬ﺪﻭﻥ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻣﺘ‪‬ﺒﻌﻮﻥ ﳍﻢ ﻇﺎﻫﺮﹰﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﹰﺎ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٤٥-١٤٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٤٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸﻄﺤﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﻣـﻊ‬

‫ﺖ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴ ‪‬ﺰ ﺑﲔ ﺍﳊـﻖ‬ ‫ﺍﻟﻜﻞ‪ ،‬ﻭﻳﻈﻦ ﺍﳉﻤﻴ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺻﺮﺍﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﻳﹾﺜﹺﺒ ‪‬‬
‫ﻭﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻻﺛﻨﻴﻨﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﺇﺫﺍ ﻭﺻﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸـﺨﺺ ﺇﱃ ﻣﻘـﺎﻡ‬
‫ﺍﳉﻤﻊ‪ ،‬ﻭﲢﻘﻖ ﺑﻜﻔﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﻧﺴ ‪‬ﻲ ﺍﻟﺴﻮﻯ ﻓﻬﻮ ﻣﻘﺒﻮﻝ‪ ،‬ﻭﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻧﺎﺷﺌﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻣﺼﺮﻭﻓ ﹲﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ"‪.‬‬
‫ﰒ ﻗﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻭﺍ ﹸﳌﺒ‪‬ﻄﻠﲔ ﻭﺍﻟﻨﺎﻃﻘﲔ ﺑﺎﻟﻄﻮﺍﻡ‪" :‬ﻭﺇﻥ ﺗﻜﻠﻢ ‪‬ـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺼﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺑﺪﻭﻥ ﻭﺻﻮ ﹴﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﺭﺟـﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺯﻋﻢ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﻭﻋﻠﻰ ﺻﺮﺍﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ‪ ،‬ﻭﱂ ﳝﻴـﺰ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻭﺍﳌﻼﺣﺪﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻘﺼـﻮﺩ‪‬ﻫﻢ ﺇﺑﻄـﺎ ﹸﻝ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻄﻠﻮﺑ‪‬ﻬﻢ ﺭﻓ ‪‬ﻊ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺭﲪﺔ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﻴﺎﺕ)‪(...‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳋ‪‬ﻼﻓﻴﺔ ﺗﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﹸﺤﻖ ﻭﺗﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﺍ ﹸﳌﺒﻄﻞ‪.‬‬
‫ﺤ ‪‬ﻖ ﻣﺎ ُﺀ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻤﺒﻄﻞ ﺳﻢ ﻗﺎﺗ ﹲﻞ‪ ( ...).‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘـﺎﻡ ﻣ ‪‬ﺰﻟﱠـ ﹸﺔ‬ ‫ﻭﻫﻲ ‪‬ﻟ ﹾﻠ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ‪ ،‬ﻗﺪ ﺍﳓﺮﻑ ﻓﻴﻪ ﺟﻢ ﻏﻔﲑ ﻣﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﻋـﻦ ﺍﻟﺼـﺮﺍﻁ‬
‫ﻕ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯ ﺍﳌﹸﺤﻖ ﻣﻦ ﺍﳌﹸﺒﻄﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣ ﹸﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‬ ‫ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ‪ (...).‬ﻭﻣﺼﺪﺍ ‪‬‬
‫ﻑ ﺍﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ‬ ‫ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣ‪‬ﺤﻖ ﻻ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺧﻼ ‪‬‬
‫ﻣﻘﺪﺍ ‪‬ﺭ ‪‬ﺷﻌ‪‬ﺮﺓ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻼﺝ‪ ،‬ﻣﻊ ﺻـﺪﻭﺭ‬
‫"ﺃﻧﺎ ﺍﳊﻖ" ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻳﺼﻠﱢﻲ ﻛ ﱠﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﲬﺴﻤﺎﺋﺔ ﺭﻛﻌﺔ ﻣﻊ ﻗﻴﺪ ﺛﹶﻘﻴﻞﹴ‪،‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎ ‪‬ﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺴﺘﻪ ﻳ ‪‬ﺪ ﺍﻟ ﱠﻈﻠﹶﻤﺔ"‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺗﻔﻜـﺮ ﰲ ﺃﻣـﺮﻙ‬
‫ﺻﺪ‪‬ﻳ ‪‬ﻖ ﻭﻻ ﳏـﺐ ﻭﻻ‬ ‫ﻭﺣﺎ‪‬ﻗ ‪‬ﻖ ﻧﻔﺴ‪‬ﻚ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻚ‪ .‬ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺻﺎﺩﻕ ﻭﻻ ‪‬‬
‫ﻣﻮﺍﻓﻖ ﻭﻻ ﺭﺍﺽ ﻭﻻ ﻋﺎﺭﻑ! ﻗﺪ ﺍﺩﻋﻴﺖ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻗﻞ ﱄ! ﻣﺎ‬
‫ﳊﻜﹾﻢ ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﺭ؟ ﻣﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﺃﻭﻟﻴـﺎﺀ‬ ‫ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ؟ ﺇﻳﺶ ﺗﺮﻯ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻦ ﺍ ﹸ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﺑﺪﺍﻝ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ؟‬
‫ﻚ‬
‫ﺤ ‪‬‬‫"ﺗﻈﻦ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺷﻴﺌﺎ ‪‬ﺳﱢﻠ ‪‬ﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺒﻴ‪‬ﻨﺔ! ﻭﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻚ!‬
‫ﺤ ‪‬‬
‫ﺩﻳﻨﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍ ‪‬ﳌ ‪‬‬
‫"ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻧﻪ ﻳﺼﱪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻵﻓـﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺮﺿﻰ ﲜﻤﻴﻊ ﺃﻗﻀﻴﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻗﺪﺍﺭﻩ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪(...).‬‬
‫"ﻳﺎ ﳏﺐ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺩ ‪‬ﺭ ﻣﻊ ﻗ ‪‬ﺪﺭﹺﻩ ﺣﻴﺚ ﺩﺍﺭ‪ .‬ﻭﻃﻬﺮ ﻗﻠﺒﻚ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻫﻮ ﻣﺴﻜﻦ ﻗﺮﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﻛ‪‬ﻨﺴ‪‬ﻪ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ‪ ،‬ﻭﺍﻗﻌﺪ ﻋﻠـﻰ ﺑﺎﺑـﻪ‬
‫ﺑﺴﻴﻒ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ‪ .‬ﻭﻻ ﺗﻔﺘﺤﻪ ﻷﺣﺪ ﻏﲑﻩ ﻭﻻ ﺗﺸﻐﻞ‬
‫ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﻐﲑﻩ‪.‬‬
‫ﺐ! ﻋﻨﺪﻱ‬ ‫"ﻳﺎ ﹶﻟﻌ‪‬ﺎﺑﲔ ! ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻌﺐ! ﻳﺎ ﻗﺸﻮ ‪‬ﺭ! ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﱡﻠ ‪‬‬
‫ﺇﺧﻼﺹ ﺑﻼ ﻧﻔﺎﻕ‪ ،‬ﻭﺻﺪﻕ ﺑﻼ ﻛﺬﺏ‪ .‬ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﺮﻳـﺪ ﺍﻟﺘﻘـﻮﻯ‬
‫ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ‪ .‬ﻣﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻇﺎﻫﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ‪.‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬
‫‪١‬‬
‫ﷲ ﳊﻮﻣ‪‬ﻬﺎ ﻭﻻ ﺩﻣﺎﺅﻫﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻣﻨﻜﻢ‪.‬‬ ‫
ﻟﻦ ﻳﻨﺎﻝ ﺍ َ‬
‫ﺸﹺﺒ ‪‬ﻲ ﰲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﶈﺐ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ‪:‬‬ ‫ﺨ‪‬‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﻟ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫و‪
I‬א‪
*“

Jc;1‬و‪
~<



4‬א‪:‬م
‪(P
I
B
(!W‬ذ‪A‬ل

‬
‫و‪
I‬א‪
Jc;1‬ن
א‪W(b
x‬א




אˆ\(د
و‪

JA^(W
ٍJW
NJ8‬‬

‫‪ ١‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١١٤-١١٣‬‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫و‪
I‬א‪
Jc;1‬ز‪
I



%5
(!4W
x1C‬دא‪
0‬ذل
و
*‪
D4‬زא‪

Jc‬‬
‫و‪
I‬א‪
Jc;1‬ن
א‪0
x‬א^‪(*
D?

Jq8
G
?4"m



ً(4A‬زل

‬
‫‪
œ)
q?p‬א‪




%0‬وא‪“„
f"O‬ون
‪
f"O8‬א`(‪

J8‬‬ ‫^‪Q‬‬‫و‪
I‬א‪A
Jc;1‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳉﻨﻴﺪ ﻳﺼﻒ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻜﻤﻴﻞ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪:‬‬

‫‪(*qd)
Q #‬سٍ
‪
G‬א‪¬"pW



D\)"-
M4k‬א
)‪
MO‬א‪
1<(w‬א‪

J w‬‬
‫‪AP‬א^(ً
)‪
MO‬א‪‹



#1-
J
G
o‬ل
)\(
‪0‬وא
\‪
D‬و‪

J9O7‬‬
‫א‪0‬د‪
"P
(\4W
DC‬א“
وא‪



\7‬و‪

J!8
C
(!A
(\7P
DC01‬‬
‫
‪
SJ"B‬א
‪
aX®
14‬و ‪

JqWQ‬‬
‫و…
‪ 
š“A)A‬د­
‪



(2
I‬و‪
G‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪q‬‬
‫ـــ‪9ْ  h%ACA 9w‬ـ‪7[ h%Aeِ
A%‬ــ ‪9‬‬ ‫‪AL‬ـ ‪9‬ــ‪A ٌl‬ـــ ‪9‬ــ‪K.َ* N‬ــ"‪K‬ـــ ‪$9 A‬ـ‪: K‬ـــــ‬
‫‪A)A : 9‬ـــ‪AJA ٍ0‬ــــ‪9‬ـــ ٍ ‪9XAYA‬ـ‪9w‬‬ ‫‪A9 `: 69 K0P s‬ـــــً‬
‫‪A&:e9‬ـــ‪K& ُI‬ــ ِ‬
‫‪9Xُi #ِ F‬ـ‪9w‬‬
‫‪َ/
s‬ــ ‪A‬‬
‫‪7K%C‬ـ ‪A PK‬‬ ‫‪َ/7Y `: 76:&9 :AŒ/9 9 K ُIA&:e9‬ــــ‪GAH‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪012 34‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﻻ ﲡﻌﻞ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻏ‪‬ﻼ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ‪ .‬ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺭﺅﻭﻑ‬
‫ﺭﺣﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻧﺰ‪‬ﻝ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ‪ ،‬ﻭﻋﻴﺶ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﺼـﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ‪.‬‬

‫ﻳﺘﺄﻟﻒ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﻦ ﺃﺣﺸﺎﺋﻪ ﺍﻟﺼﺤﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ﻣﻦ ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳ‪‬ﻌﻠﻦ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩﻩ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻪ‪ .‬ﺑﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺗﺄﻛﻴ ‪‬ﺪ‬
‫ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﻗﺘﻨﻊ ﺍﻟﻘﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺪﺍﱐ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻻ ﻏﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺎﺕ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺆﻻﺀ‬
‫ﺍﳌﺆﻛﱢﺪﻳﻦ ﻭﺍﳌ‪‬ﻨﺘ‪‬ﺤﻠﲔ ﻳﻜﺜﺮ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﳌ ‪‬ﺰ ‪‬ﻭﺭ‪‬ﻭﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﺮﺧﻮﻥ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻦ ﳚﺮ‪‬ﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺇﺳﻼﻣﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬ﰒ ﻫﻲ ﰲ ﻓﻜﺮﻫﻢ ﻭﺗﺼﺮ‪‬ﻓﻬﻢ ﻭﺍﻗﺘﻨﺎﻋﻬﻢ‬
‫ﻭﺗﺼﺮﳛﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴ ﹲﺔ ﹸﻏ ﹾﻔ ﹲﻞ‪ :‬ﳓﻦ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﻛﻔﻰ! ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﹶﻮﻟ ‪‬ﺔ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻴﺔ ‪‬ﻳﹶﻠﺒ‪‬ﺲ ﻛ ﱞﻞ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻤﻮ‪‬ﻩ ﻟﲑﻭﺝ ﲢﺖ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺗﺮﺍﺛﻴﺔ‬
‫ﻣﺬﻫﺒﻴﺘﻪ ﺍﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻠﱪﺍﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﺜﱠﻮﺭﻳﺔ‪ .‬ﻭﳛﻠﻞ ﻛ ﱞﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳ ‪‬ﺦ ﺍﳌﺎﺿ ‪‬ﻲ ﻭﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ‪ ،‬ﻭﳜﻄﻂ‬
‫ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮﺍﻝ ﺇﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺇﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮﺍﻝ‬
‫ﻫﻮﺍﻩ ﺩﺍﺋﻤﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﺍﻟﻼﺯﻣﺎﻥ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ‬
‫ﺨﻒ‪‬؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ‬ ‫ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﻋﺪﻭ ﻣﻨﺎﻓﻖ ﻭﺧﺼﻢ ‪‬ﻣ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻴﻤﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮ ‪‬ﻡ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻲ‬
‫ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ؟ ﻣﺎ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺿﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ﹾﻘﻨﹺﻊ ﺑﻪ؟‬
‫ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮ ‪‬ﻡ ﻭﺍﳌﻤﺎﺭﺳ ‪‬ﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴ ‪‬ﺔ ﻏﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﲔ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ :‬ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﻠﻮﺑﲔ ﺍﳌﺄﻟﻮﻓﲔ‪:‬‬
‫ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ؟‬
‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺗﻌﺮﺿﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﰲ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ‬
‫ﻭﺍﳌﻮﻣﻦ ﻭﻋﻘﻠﻴﺘﻪ ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺻﺎﳊﺎ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ ﰲ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﺍﻟﺼﺪﻕ‪ .‬ﻭﺻﻼﺣ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺭﺑﺎﻧﻴ‪‬ﺘﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ‬
‫ﺍﷲ ﻭ‪‬ﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﰲ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺻﺎﳊﺎ ﰲ ﻣﻴﺰﺍﻧﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺼﻠﺤﺎ ﻟﻐﲑﻩ‪ ،‬ﻧﺎﻓﻌﺎ ﳋﻠﻖ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﻧﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺰﺍﻳﺎ ﺍﻻﻧﻀﺒﺎﻃﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺗ‪‬ﻤﺴﻚ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺍﶈﺴﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﺇﳊﺎﻕ ﺍﻷﺫﻯ ﺑﻐﲑﻫﻢ‪ ،‬ﺇﺫ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻳﻄﻐ‪‬ﻰ ‪‬ﺎ ﻫﻮﺍﻫﺎ ﻭﺷﻬﻮﺗ‪‬ﻬﺎ ﻭﻏﻀﺒ‪‬ﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺁﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﻬﻤﺎ‬
‫ﺚ ﺍﻷﻭﱃ ﳊﺮﻛﺔ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﻭﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﻭﺍﻟﺒﻮﺍﻋ ﹸ‬
‫ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ‪.‬‬
‫ﱐ ﺷﻌﺐ ﺇﳝﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻫﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﻮﻡ‪،‬‬ ‫ﺖ ﰲ ﺧﺼﻠﺔ "ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ" ﲦﺎ ﹶ‬‫ﻛﻨﺖ ﺻﻨ‪‬ﻔ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺣﻘﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﲢﻤﻞ ﺍﻷﺫﻯ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﻭﺍﻷﻧﺎﺓ‬
‫ﻑ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺎﻳﺘﻪ‬ ‫ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻭﺭﲪﺔ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ‪ .‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳌﺸﺮ ‪‬‬
‫ﺕ ﺇﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ‪‬ﺗ‪‬ﺒﻠﱢﻎ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‬ ‫ﻧﻈﺮﺕ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺰﺍﻳﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻛﻮﻧﹺﻬﺎ ﻣﻘﺎﻣﺎ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻔﺮﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺭﻭﺣ ‪‬ﻲ ﻣﺎ ‪‬ﺭ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺰﺍﺋﻠﺔ ﺇﱃ ﺩﺍﺭ ﺍﳉﺰﺍﺀ‬
‫ﺝ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﻗﻤ ﹶﺔ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﰲ ﺧﺎﺻﺔ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬ ‫ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ‪ ،‬ﺃﻭ ‪‬‬
‫ﻓﻬﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺰﺍﻳﺎ ﺍﻻﻧﻀﺒﺎﻃﻴ‪‬ﺔ ﺍﻟﺼﱪﻳﺔ ﺍﻟﺼﻤﺘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ﻏ ‪‬ﲑ ﻋﺮﻗﻠﺔ‬
‫ﳉﻤﺎﻋﺔ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ؟‬
‫ﺼ ﹶﻄﺒﹺﺮ ﹸﺓ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﹶﺃﹾﻟ‪‬ﻴ ‪‬ﻖ ﺷﻲﺀ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﻱ ﻣﱰﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺪﺍﻓﻊ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﺗﻞ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﺳﺪ‬ ‫ﻱ ﲰﺎﻭ ‪‬‬ ‫ﲟﺠﺘﻤﻊ ﻣﻼﺋﻜﻲ ﺃﺧﻮ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺾ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ‪ .‬ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻛﻴﺎﻥ ﺳﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺃﻱ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﲢﻜﻤ‪‬ﻪ‬
‫ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻌﻨ‪‬ﻒ ﻭﺍﳊﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﳌﺘﺤﱠﻠ‪‬ﻴ ‪‬ﻦ‬
‫ﻀ ‪‬ﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻔﺔ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺇﺯﺍ َﺀ ‪‬ﺧ ‪‬‬
‫ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻮﻗﻬﺎ ﻭﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴ ‪‬ﻢ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ‬
‫ﻣﺼﻠﺤ ﹲﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻋﻨﻒ‪ ،‬ﻭﺣﻴﻠﺔﹲ؟‬
‫ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﻘﺮﺃﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻭﰲ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪ ،‬ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﲨﺎﻋﺔ ﳎﺎﻫﺪﺓ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺧﺎﺻﺎ‪ ،‬ﰒ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺗﻐﲑﺕ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻭﺗﻘﻮﺕ ﰲ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﺃﻥ‬
‫ﺔ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ
ﻳﺄﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ‬ ‫ﺗﻜﻮﻥ‪ ،‬ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ‪ ،‬ﻣﻌﻨ‪‬ﻴ ﹰ‬
‫ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺮﻧﺎ ‪‬ﻣﺠ‪‬ﻬﺎ ﻭﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﺍﳌﻘﺘﺮ‪‬ﺡ ﻭﺃﺳﻠﻮﺑ‪‬ﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻣﻮﻗ ‪‬ﻊ ﺍﻟﻨﻈﹸﻢ‬
‫ﻂ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﻗ ‪‬ﻊ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻣﻮﻗ ‪‬ﻊ ﻋﺼﻴﺎﻥ‬ ‫ﳋ ﹶﻄ ‪‬‬
‫ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻭﺍ ﹸ‬
‫ﺍﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻪ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻓﻖ‪.‬‬
‫ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻵﻣﺮﺍﻥ ﺑﺎﻟﺮﻓﻖ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻭﳎﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨ‪‬ﻔﺲ ﻳﺄﻣﺮﺍﻥ‬
‫ﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻱ‬ ‫ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﺪ ‪‬ﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ‪ .‬ﻧﻔ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺣﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﹺﺒ ‪‬ﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﺑﺎﳋﻠﻖ ﺃﲨﻌﲔ‪،‬‬
‫ﻭ‪‬ﺑ ‪‬ﺦ ﺍﻟﻨﺎﻛﺼﲔ ﻋﻦ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﻜﱪﻳﻦ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮﺍﻝ ﺍﳌﻌﺎﺩ‪‬ﻟﺔ ﺑﲔ ﺿﺒﻂ‬ ‫ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﺔ ﺍﶈﺴﻨﺔ ‪‬ﻳ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺇﻧﺼﺎﻑ ﺍﻟﻐﲑ‪ .‬ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﻠﺠﺎ ﹺﻡ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﺮ‪‬ﻗ ‪‬ﻲ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻄﺎﺀ ﺟﺎﻧﱯ‪ ،‬ﻳﻀ‪‬ﻤ ‪‬ﻦ‬
‫ﻒ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻳﻀﻤﻦ ‪‬ﻮﺽ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻟﺼﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻦ‬ ‫ﻛ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻐﲑ‪ ،‬ﻭﻳﻀﻤﻦ ﺇﻳﺼﺎ ﹶﻝ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﺇﺣﺴﺎﱐ ‪‬ﺗ‪‬ﺒ ‪‬ﺮﹶﺃ ﺻﺎﺣﺒ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺒﻴﺔ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﺧﲑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﲢﺪﺙ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻼﺻﻘﺔ ﺑﺄﺫﻫﺎﻥ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ‬
‫ﻭﺍﻹﻛﺮﺍﻩ‪ .‬ﻓﺄﺭﻳﺪ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﹸﺃ‪‬ﻟ ‪‬ﺢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺿﺒﻂ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﻳﺴﺮ‬
‫ﻭﺳﻜﻴﻨﺔ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﰲ ﳎﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﲝ‪‬ﻠ ﹴﻢ ﻳﻨﺎﰲ‬
‫ﺍﻟﺮﺧﺎﻭﺓ ﻭﺑﻘﻮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﻒ‪ .‬ﻟﲔ ﰲ ﻏﲑ ﺿﻌﻒ ﻭﻗﻮﺓ ﰲ ﻏﲑ ﻋﻨﻒ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ‪:‬‬
‫ﺤﺮ‪‬ﻡ ﺍﻟﺮﻓﻖ ﻳ‪‬ﺤﺮﻡ‬
‫ﲰﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻣﻦ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﳋﲑ ﻛﻠﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻛﺎﻥ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺚ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﰲ ﺑ‪‬ﻌﺾ ﺃﻣﺮﻩ‬
‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺑﺸﺮﻭﺍ ﻭﻻ ﺗﻨﻔﺮﻭﺍ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺮﻭﺍ ﻭﻻ ﺗﻌﺴﺮﻭﺍ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﻳﻀﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ‪" :‬ﻳﺴﺮﻭﺍ ﻭﻻ ﺗﻌﺴﺮﻭﺍ‪،‬‬

‫ﻭﺳﻜﻨﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﻨﻔﺮﻭﺍ"‪.‬‬
‫ﺑﻮﺏ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﰲ "ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻹﳝﺎﻥ"‪" :‬ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﺴﺮ‬
‫ﻭﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﳊﻨﻴﻔﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ"‪ .‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺴﺮ‪ ،‬ﻭﻟﻦ ﻳﺸﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳ ‪‬ﻦ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﻏﻠﺒﻪ‪ .‬ﻓﺴﺪﺩﻭﺍ‬ ‫ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺠ ‪‬ﺔ"‪ .‬ﻭﰲ‬ ‫ﻭﻗﺎﺭﺑﻮﺍ‪ ،‬ﻭﺃﺑﺸﺮﻭﺍ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻌﻴﻨﻮﺍ ﺑﺎﻟ ‪‬ﻐ ‪‬ﺪﻭ‪‬ﺓ ﻭﺍﻟ ‪‬ﺮ ‪‬ﻭ ‪‬ﺣ ‪‬ﺔ ﻭﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟ ‪‬ﺪﹾﻟ ‪‬‬
‫ﻣﺴﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺧ ‪‬ﲑ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﺃﻳﺴﺮ‪‬ﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﺣﺪﻳﺚ "ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳ‪‬ﺴﺮ" ﺗﻮﺟﻴ ‪‬ﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ‪" :‬ﻭﻗﺪ ﻳ‪‬ﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺷﺎﺭ ﹸﺓ ﺇﱃ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟ ‪‬ﺮ ‪‬ﺧﺼ‪‬ﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‪ .‬ﻓﺈﻥ‬
‫ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﻌﺰﳝﺔ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺧﺼﺔ ‪‬ﺗ‪‬ﻨ ﱡﻄ ‪‬ﻊ"‪ .‬ﻭﺍﻟﺘﻨﻄﻊ ﺍﻟﺘﺸﺪﺩ‪ .‬ﻭﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪:‬‬
‫"ﻫﻠﻚ ﺍﳌﺘﻨﻄﻌﻮﻥ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ‬
‫ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﺻﻠﺒﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ‬ ‫ﻧﻘﺮﺃ ﳓﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺟﻬﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﺍﻟﺘﻨﻄﻊ ‪‬ﻫﹶﻠ ﹶﻜﺔﹲ‪ ،‬ﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺗﺮﻙ ﺇﺗﻴﺎﻥ‬
‫‪‬ﺭﺧ‪‬ﺺ ﺍﷲ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﻴﻤﻢ ﻭﺍﻟﺘﻘﺼﲑ ﺑﺸﺮﻭﻃﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﺘﻌﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﲑ‬
‫‪‬ﺑ ‪‬ﺪ ﹶﻝ ﺍﻟﺘﻴﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﺒ‪‬ﺸﲑ‪.‬‬
‫ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﺍﳌﺮ ‪‬ﺟ ‪‬ﻮ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﻠﻬﻤﻬﺎ ﺟﻨﺪﻩ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑﲔ ﺍ ﹶﳌﻀ‪‬ﺎ ِﺀ ﺑﻌﺰﳝﺔ ﰲ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺇﺣﻘﺎﻕ ﺍﳊﻖ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺘﺮﻓﻖ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻟﺘﺴﻜﲔ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺞ‪ .‬ﻻ ﻳ‪‬ﻮﺗ‪‬ﻲ ﺍﳊﻜﻤ ﹶﺔ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ .‬ﺿﺮﺍﻋﺘﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻥ‬

‫ﻳﻬﺪﻳﻨﺎ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺧ ‪‬ﲑ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺳ ‪‬ﻤﺘ‪‬ﻬﺎ ﺍﻟﻴ‪‬ﺴﺮ‪ .‬ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ‬
‫ﺑﲔ ﺭﺫﻳﻠﺘﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻋﺘﺪﺍﻝ ﺑﲔ ﺗﻄﺮﻓﲔ‪ :‬ﺗﻄﺮﻑ ﺍﻟﻠﲔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺗﻄﺮﻑ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻄﻊ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﰲ "ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ" ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻣﺘﺴﺎﻭﻗﺔ‬
‫ﲣﻂ ﺻﺮﺍﻁ ﺍﻟﻴﺴﺮ ﻭﺍﻟﺮﻓﹾﻖ ﻭﺍﻟﺘﺆﺩﺓ‪" .‬ﺑﺎﺏ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪:‬‬
‫"ﻳﺴﺮﻭﺍ ﻭﻻ ﺗﻌﺴﺮﻭﺍ"‪" ،‬ﺑﺎﺏ ﺍﻻﻧﺒﺴﺎﻁ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ"‪" ،‬ﺑﺎﺏ ﺍ ﹸﳌﺪ‪‬ﺍﺭﺍ ‪‬ﺓ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ"‪ .‬ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺄﰐ "ﺑﺎﺏ ﻻ ﻳ‪‬ﻠﺪ‪‬ﻍ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻣﻦ ﺟﺤﺮ ﻣﺮﺗﲔ"‪ ،‬ﻟﻴﻌﻠﻢ‬
‫ﺸ ‪‬ﺮ ﺍﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﳌﻨﺒﺴﻂ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍ ﹸﳌﺪ‪‬ﺍﺭﹺﻱ‬ ‫ﺴ ‪‬ﺮ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺴﻨ‪‬ﺔ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﹸ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﰲ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﳍﻢ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﳊﻴﻄﺔ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﹺﺭ ﹾﻓﻘﹸﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺭﺧﺎﻭﺓ ﺍﳌﻐﻔﻠﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻳﺎ ﻏﻼﻡ! ﺃﻛ ﹸﻞ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻳ‪‬ﻤﻴﺖ ﻗﻠﺒ‪‬ﻚ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻛﻞ ﺍﳊﻼﻝ ﳛﻴﻴﻪ‪ .‬ﻟﻘﻤ ﹲﺔ ﺗﻨﻮ‪‬ﺭ ﻗﻠﺒﻚ ﻭﻟﻘﻤﺔ ﺗﻈﻠﻤﻪ‪ .‬ﻟﻘﻤﺔ ﺗﺸﻐﻠﻚ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ‪،‬‬
‫ﻚ ﰲ‬ ‫ﻭﻟﻘﻤ ﹲﺔ ﺗﺸﻐﻠﻚ ﺑﺎﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻟﻘﻤ ﹸﺔ ‪‬ﺗ ‪‬ﺰ ‪‬ﻫﺪ‪‬ﻙ ﻓﻴﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻘﻤﺔ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ﱢﻏ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺧﺎﻟﻘﻬﻤﺎ‪ .‬ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻳﺸﻐﻠﻚ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﳛﺒﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﺍﳌﻌﺎﺻ ‪‬ﻲ‪ .‬ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ‬
‫ﺍﳌﺒﺎﺡ ﻳﺸﻐﻠﻚ ﺑﺎﻷﺧﺮﻯ ﻭﳛﺒﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ‪ .‬ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﳊﻼﻝ ﻳ‪‬ﻘ ‪‬ﺮﺏ‬
‫ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﱃ‪.‬‬
‫"ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻃﻌﻤﺔ ﻻ ﺗ‪‬ﻌﺮﻑ ﺇﻻ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺇﳕﺎ‬
‫ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﰲ ﺍﻟﺪ‪‬ﻓﺎﺗﺮ‪ .‬ﻣﻨﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﻻ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ‪ .‬ﺇﳕﺎ ﲢﺼﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﲝ‪‬ﻜﻤﻪ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻪ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻟﺴﺖ ﺗﻌﺮﻑ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺗﺄﻛﻞ ﻭﺗﺸﺮﺏ‬

‫ﻭﺗﻨﻜﺢ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺒﺎﱄ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﺟﻪ ﻛﺎﻥ!)‪(...‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻢ ﺷﻴﺌﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺸﻐﻠﻚ ﻋﻨﻪ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻻ‬ ‫"ﻓﻼ ﺗﺒﺎﻝ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﳌﺪﺍﺭﺍﺓ‪.‬‬ ‫ﺼ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﳋ ﹾﻠ ‪‬ﻖ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﻏﲑ ﺃﻧﻚ ﲢ ‪‬ﺪﺛﹸﻬﻢ ﲟﺎ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺗﺘ ‪‬‬
‫ﻳﻘ‪‬ﻴﺪ‪‬ﻙ ﺍ ﹶ‬
‫‪١‬‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﺪﺍﺭﺍﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺻﺪﻗﺔ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻫﺎﺭﺏ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﻣﺸﻐﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﲨﻠﺔ‪:‬‬
‫*‪
DA‬א“א‪1C‬ون
وא()‪1‬و*(




ذ
‪P(<
DC;!A‬א
א‪

(*E‬‬
‫‪\#‬وא
א'‪
œP‬א"‪
D\q"4
O*(W



4W
BH"4‬و‪C(#
QDC‬و*(

‬
‫‪(P
D\"kK‬د‪
v‬א‪
G
J4-





o‬א‪(7‬س‪
:‬ن
‪

(*7<
D\4W‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺯﺍﻫﺪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺧﺒﲑ ﺑﺂﻓﺎ‪‬ﺎ‪:‬‬

‫ذא
*"‪
I
6‬د*‪(*
Im



QJ
W
(q-
h(4‬ل
‪W
(\7‬ق
(
*(ل
‪

 4Q B-‬‬
‫
‪
©JAO
/¯
H5(s‬و?ْ̀‪



rA‬و‪
4#
G
1\°‬و‪

NBO‬‬
‫‪

 p‬‬‫ د
‪
I‬א‪
(4*1‬א(ل
‪



H#‬و‪
I
(\4W‬א‪Q 5
4
(
(We‬‬
‫و(
)\‪
%‬א‪
IP



q-
6C
S…9Bw‬א‪k‬ض
א‪

 2Q 2
(?ْ *
M"Ew‬‬
‫و‪
Q9?)
D8‬و‪0S
f"E
(-Q0‬ز‪()
S3Q7}()
(€
IBW



(\-Q‬زٍ
‪

2Q‬‬
‫‪
BEF‬א'
‪1‬א‪
A±‬دو*]
‪

ْO‬‬ ‫‪
QIAb”
W‬ن
א‪



r1Q #
Hb‬ون
‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪A‬ـــ (َـ‪:‬ـ‪AY d‬ـ)ِــــــــُ‬ ‫‪A6ِvْ  V‬ـــ‪ٌLِ َ… 98‬‬
‫‪7 H: A8‬‬
‫‪7‬ـــ@‪9‬ـــــ‪AL َD %‬ـــــــ‪ُ_7‬‬ ‫(‪ِ
<D‬ـ‪:)A‬ــــ ٍ …َـــ ِ‪L‬ــــ‬
‫َـ‪9‬ـ&‪:‬ــــ‪7َ* ََU A%‬ـــ_ُ‬ ‫‪F‬‬
‫; …َـ ِ‪L‬ـ \‬
‫َŽ‪A)AC :0‬ــ ‪A :‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٨٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ا  ا دي ‬

‫
‬
‫
‬ ‫♦‬

‫    ‬ ‫♦‬

‫ ‬ ‫♦‬

‫ 
‬ ‫♦‬

‫"
!  ‬ ‫♦‬

‫"
!  ‪#$%‬‬ ‫♦‬

‫"
!  '  &‬ ‫♦‬

‫"
!  )(‬ ‫♦‬

‫"
!  ‪#*+‬‬ ‫♦‬

‫"
!  ‪,-.‬‬ ‫♦‬

‫‪/0! 1‬‬ ‫♦‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـ
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺗﻮﻛﻠﻨﺎ ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺃﻧﺒﻨﺎ ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺍﳌﺼﲑ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ‬
‫ﺃﹸﻧﺰﻝ ﺑﻚ ﺣﺎﺟﱵ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﹶﻗﺼ‪‬ﺮ ﺭﺃﻳﻲ ﻭﺿﻌ‪‬ﻒ ﻋﻤﻠﻲ ﺍﻓﺘﻘﺮﺕ ﺇﱃ ﺭﲪﺘﻚ‪ .‬ﻓﺄﺳﺄﻟﻚ ﻳﺎ ﻗﺎﺿ ‪‬ﻲ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻳﺎ ﺷﺎﰲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻛﻤﺎ ﲡ ‪‬ﲑ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺤﻮﺭ ﺃﻥ ﲡﲑﱐ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﺴﻌﲑ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺩﻋﻮﺓ‬
‫ﺍﻟﺜﺒﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ‪.‬‬

‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﰲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑـﲔ ﻃـﺮﰲ‬

‫ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻌﲎ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻭﺍﻟﺘﻮﺳﻂ‪ .‬ﻭﺃﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ‬
‫‪‬ﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺴﲑ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﲟﻮﺍﻇﺒﺔ ﻭﺑـﺪﻭﻥ‬
‫ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ‪ ،‬ﻭﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﳍﺪﻑ ﺍﳌﻨﺸﻮﺩ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ :‬ﺃﻗﺼـﺪ‬
‫ﺏ ﻭﻗﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ .‬ﻭﺗﺘﻤﻢ ﺧﺼﻠﺔ "ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ" ﺧﺼﻠﺔ "ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ"‬ ‫ﺍﻟﺴﻬﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺻﺎ ‪‬‬
‫ﻭﺗﻜﻤﻠﻬﺎ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﻐﻠﺐ ﺍﻟﺘﺄﱐ ﻭﺍﻟﺘﺮﻳ‪‬ﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﲑ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﲑ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻋﻤﻞ ﻣﻨﺼﻮﺹ ﰲ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻪ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻘﺼﺪ‬
‫ﺇﱃ ﻗﺮﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﺪ‪ ،‬ﻭﻣﻌﲎ ﻃﻠﺐ ﺍﳊﻈﻮﺓ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﺍﻟﺰﻟﻔﻰ ﻟﺪﻳـﻪ‬
‫ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﺴﺘﻘﺮﺍ ﻋﻨﺪﻫﻢ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ‪:‬‬
‫"ﻛﺎﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ‪ ،‬ﻻ ﳛﺘﺎﺟﻮﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١٩‬ﺹ ‪.٢٧٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎﺕ ﻭﳑﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ‪.‬‬

‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃ‪‬ﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻤﺜﻠﻮﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻤﺜﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇﺳﻼﻡ ﻭﺇﳝﺎﻥ ﻭﺇﺣﺴـﺎﻥ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺘﻔﺎﺿﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻳﻨﺪﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﻨﺪﺏ ﺍﻟﺴـﻨﺔ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﺑﻘﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﺳﺎﺭﻋﻮﺍ)ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٣٣ :‬ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ‬
‫ﺍﲰﻪ‪
:‬ﺳﺎﺑﻘﻮﺍ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٢١ :‬ﻭﻗﻮﻟـﻪ ﻋـﺰ ﻣـﻦ ﻗﺎﺋـﻞ‪
:‬ﻓﺎﺳـﺘﺒﻘﻮﺍ‬
‫ﺍﳋﲑﺍﺕ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٤٨ :‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻓﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ‪،‬‬
‫ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻨﺼﻮﺻﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ)‪ .(...‬ﻭﺍﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ ﺃﻧﻔﺴـﻬﻢ)‪ (...‬ﱂ‬
‫ﻳﺘﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﱵ ﻳﺼﲑ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ"‪.‬‬
‫ﰒ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﹺﺒﺪ‪‬ﻉ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ‪‬ـﻮﺽ ﺃﺳـﺌﻠﺔ‬
‫ﻓﹸﻀﻮﻟﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﻜﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﺃﻥ ‪‬ﻳ‪‬ﺘﹶﻠﻘﱠـﻰ ﺑـﺎﻟ ﹶﻘﺒ‪‬ﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ‪ ،‬ﻭﺃﻇﻠﻢ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺗ‪‬ﻌﺘ‪‬ﻢ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﻠﱠﻤﺎ ﺑﻪ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ .‬ﻭﺗﻌﻄﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﲰﺎﻫﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺻﻮﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻳﺒﺘﻐﻮﻥ ﺇﱃ ﺭ‪‬ﻢ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻭﻳﺴﺘﻬﺪﻭﻧﻪ ﻭﻳﺘﺄﺳـﻮﻥ‬
‫ﺑﺮﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﳌﺎﺛﻞ ﺑﲔ ﹶﻇﻬ‪‬ﺮﺍﻧ‪‬ﻴﻬﻢ‪ .‬ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻭﰲ ﻋﺘ‪‬ﻤـﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭ ﹸﻇﹶﻠ ﹺﻞ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺮﻭ ‪‬ﺭ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﳌﻈﻠﻢ‪ ،‬ﺍﺣﺘﺎﺝ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٧٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺇﱃ ﻧﻈﺮ ﺧﺎﺹ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺮﺷﺎﺩ ﺧﺎﺹ‪ ،‬ﻭﺻﺤﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺍﺑـﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﺗﻴﻤﻴﺔ‪" :‬ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻧﻈﺮ ﺧﺎﺹ"‪.‬‬
‫ﺺ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ ،‬ﲪﻠﻬﻢ‬ ‫ﺍﺧﺘ ‪‬‬
‫ﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸـﻤﲑ‬ ‫ﺣﺐ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻮﻋﺪﻩ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﻳ ‪‬‬
‫ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ‪ .‬ﻫﺆﻻﺀ ﺣﺪﺛﻮﻧﺎ ﻋﻦ ﲡﺮﺑﺘﻬﻢ ﻭﻋﻦ ‪‬ﺗﺤ‪‬ﺼﻴﻠﻬﻢ ﻟﻠﻤﻘﺼـﻮﺩ‪،‬‬
‫ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿـﻨﺎ ﻟﺘﻔﺼـﻴﻠﻪ ﰲ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪.‬‬
‫ﻭﲣﺼﺺ ﻣﻮﻣﻨﻮﻥ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺑﺪﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﺭﺃﻳﻬﻢ ﺍﻟﺴﻠﻮ ‪‬ﻙ ﻭﺍﻟﺴ ‪‬ﲑ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺫﺍ ﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﻋﻠﻰ "ﻗﺪﺭ ﻣﺸﺘﺮﻙ" ﻣـﻊ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﻗﺎﺭﻥ ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺑﺎ ﹶﶈﺼ‪‬ﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺬﻭﻕ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﺟﺪ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﺠﺎﺀ ﻛﻼﻣ ‪‬ﻪ ﺍﻟﺬﻭﻗﻲ ﺍﻟﻮﺟﺪﻱ ﺍﳌﻌﺮﰲ )ﺃﻗﺼﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﷲ‬
‫ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻻ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮﻥ( ﺷﺮﺣﺎ ﻣﺴﺘﻨﲑﺍ ﳌﺎ ﻭﺭﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‬
‫ﻭﻭﺭﺩﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ .‬ﻣﺜﺎﻝ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮﻫﻢ ﻭﻣﺮﺗﺒﺔ‬
‫ﻋﻠﻤﻬﻢ ﻳﻮﻡ ﺃﺩﻭﺍ ﺷﻬﺎﺩ‪‬ﻢ‪ ،‬ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻛﺜﲑ ﻣـﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ‪.‬‬
‫ﻭﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﷲ ﻛﻴﻒ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺑﺎﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻧﺼﻮﺻﻪ‪ ،‬ﻭ"ﺧﺪﻣﺘﻬﺎ" ﺑﺎﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴـﻖ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٢٢‬ﺹ ‪.٣٣٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﺎﺩﻭﺍ ﻳﺸﻜﱡﻮﻥ ﰲ ﺻﺤﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛـﺎﺩ‬
‫ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﻳﺸﻚ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪" :‬ﻣﻦ ﻋﺎﺩﻯ ﱄ ﻭﻟﻴﺎ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﻣﱳ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﻧﺒﻮﻱ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﻭﺃﻭﺿﺤ‪‬ﻪ ﻭﺃﻛﻤﻠﹸﻪ ﻭﺃﺟﻼﻩ‪ .‬ﻭﻗـﺪ ﻓـﺰﻉ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻭﻥ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﳑﺎ ﻃﺮﺏ ﻟﻪ ﻭﻭ‪‬ﺛ ‪‬ﻖ ﺑﻪ ﻭﺻﺪﻗﻪ ﻭﻋﻤـﻞ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻭﻥ ﺇﱃ "ﺍﳋﻄﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ"‪ ،‬ﺍﳌﺸﻤ‪‬ﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪.‬‬
‫ﻓﺰﹺﻉ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻭﻃﺮﺏ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﺻﺪﻗﻮﺍ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺒـﺪ‬
‫ﺍﳌﺘﻘﺮﺏ‪" :‬ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺣﺒﺒﺘﻪ ﻛﻨﺖ ﲰﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﻳﺪﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ"‪ .‬ﺃﺧﱪ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﻮﻥ ﲟﺎ ﺃﺻﺎ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﻭﻋﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺣﺎﻡ ﺍﻟﻔﺰﻋﻮﻥ ﺣـﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﻨﺺ ﻳ‪‬ﺸﺒﹺﻌﻮﻧﻪ ﺗﻘﻠﻴﺒﺎ ﻭﺗﺪﻭﻳﻨﺎ ﻭﺗﺄﻭﻳﻼ‪.‬‬
‫ﻧﻘﻞ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻮﰲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﺻ‪‬ـﻞ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﳏﺒﺘﻪ ﻭﻃﺮﻳﻘـﻪ‪ .‬ﺇﺫ ﺍﳌﻔﺘﺮﺿـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺮﻛﺐ ﻣﻨـﻬﻤﺎ ﻭﻫـﻲ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ )ﺗﻮﺟﺪ( ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨ ‪‬ﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺟﱪﻳﻞ‪ .‬ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻳﺘﻀﻤﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ"‪.‬‬
‫ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻄﻮﰲ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﶈﺪﺛﲔ ﺑﻜـﻮﻥ ﺍﳊـﺪﻳﺚ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﺻﻼ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﳎﻤﻞ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﺄﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟ‪‬ﻨﻈﱠﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺗﻀـﺎﺭﺑﺖ‬
‫ﻭﺗﻘﺎﺑﻠﺖ ﻭﱂ ﺗﺘﻔﻖ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﻭﺍﺣﺪ‪ .‬ﻫﻮ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜـﻮﻥ ﰲ ﺍﳊـﺪﻳﺚ‬
‫‪١‬‬
‫ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٣٤٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫" ‪‬ﻣ‪‬ﺘ ‪‬ﻤﺴ‪‬ﻚ ﻟﻼﲢﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ"‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻋﱪ ﺍﳊـﺎﻓﻆ ﺍﺑـﻦ‬
‫ﺣﺠﺮ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﺭ‪ ١‬ﰲ ﻣﻌﲎ "ﻛﻨﺖ ﲰﻌﻪ"‪ .‬ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺇﻧﻪ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻛﻨـﺖ ﲰﻌـﻪ ﺃﻱ ﺃ ﱠﻥ‬
‫ﻛﻠﻴﺘﻪ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﰊ ﻓﻼ ﻳ‪‬ﺼﻐ‪‬ﻲ ﺑﺴﻤﻌﻪ ﺇﻻ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺮﺿﻴﲏ‪ .‬ﻭﻣﻘﺎﻟـﺔ ﺛﺎﻟﺜـﺔ‪:‬‬
‫ﺃﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺻﺪﻩ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﺎﳍﺎ ﺑﺴﻤﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ‪ .‬ﻭﺭﺍﺑﻌﺔ‪ :‬ﻛﻨﺖ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻨ‪‬ﺼﺮﺓ‬
‫ﻛﺴﻤﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﻭﺭﺟﻠﻪ‪ .‬ﻭﺧﺎﻣﺴﺔ‪ :‬ﻛﻨﺖ ﺣﺎﻓﻆ ﲰﻌﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻪ ﻓﻼ‬
‫ﻳﺴﻤﻊ ﺇﻻ ﻣﺎ ﳛﻞ ﺍﺳﺘﻤﺎﻋﻪ‪ .‬ﻭﺳﺎﺩﺳﺔ‪ :‬ﻣﻌﲎ ﲰﻌﻪ ﻣﺴﻤﻮﻋﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺴﻤﻊ ﺇﻻ‬
‫ﺫﻛﺮﻱ ﻭﻻ ﻳﻠﺘﺬ ﺇﻻ ﺑﺘﻼﻭﺓ ﻛﺘﺎﰊ ﻭﻻ ﻳﺄﻧﺲ ﺇﻻ ﲟﻨﺎﺟﺎﰐ ﻭﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻻ ﰲ‬
‫ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻣﻠﻜﻮﰐ ﻭﻻ ﳝﺪ ﻳﺪﻩ ﺇﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺭﺿﺎﻱ ﻭﺳﺎﺑﻌﺔ‪ :‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﱪ‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺳﺮﻋﺔ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭ‪‬ﻧﺠ‪‬ﺢ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺴﺎﻋﻲ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ‬
‫ﻛﻠﻬﺎ ﺇﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ‪‬ﺬﻩ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻨﻘﻞ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻋﺮﺿﻪ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﻛﺄ‪‬ﺎ ﳎﺮﺩ‬
‫ﻂ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ‪ .‬ﻗـﺎﻝ‪" :‬ﻭﲪﻠـﻪ ﺑﻌـﺾ‬ ‫ﺤﱡ‬‫ﻧﻈﺮﻳﺔ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻣﺘﺄﺧﺮﻱ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﶈﻮ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻻ ﺷﻲﺀ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺍﷲ ﻟﻪ‪ ،‬ﳏﺒﺎ ﲟﺤﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻧـﺎﻇﺮﺍ‬
‫ﻁ ﺑﺎﺳﻢ ﺃﻭ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻢ ﺃﻭ ﺗﺘﻌﻠﻖ‬ ‫ﺑﻨﻈﺮﻩ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﺑﻘﻴﺔ ﺗ‪‬ﻨﺎ ﹸ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺑﺄﻣﺮ ﺃﻭ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﻮﺻﻒ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٤٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٣٤٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺷﺎﺭﺣﺎ ﻣﺘﺮﲨﺎ ﻟﻜﻼﻣﻬﻢ ﺣﺴﺐ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ‪ ،‬ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﻣﺴـﻠﻤﺎ ﻏـﲑ‬

‫ﻣﻌﺎﺭﺽ‪" :‬ﻭﻣﻌﲎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﷲ ﻟﻪ ﺣﱴ ﻗﺎﻡ‪ ،‬ﻭﳏﺒﺘﻪ ﻟـﻪ‬
‫ﺣﱴ ﺃﺣﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮﻩ ﺇﱃ ﻋﺒﺪﻩ ﺣﱴ ﺃﻗﺒﻞ ﻧﺎﻇﺮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻘﻠﺒﻪ"‪.‬‬
‫ﰒ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻓﻴﻨﻘﻞ ﻣﻘﺎﻟﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺸﻄﺤﺎﺕ ﺃﻫـﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺍﳊﻠﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺰﺍﺋﻐﲔ‪ .‬ﻭﻳ‪‬ﻨﻜـﺮ ﻫـﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟـﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﻨﻴﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺭﺟﻊ ﻣﻦ ﻋﺮﺿﻪ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺗﻘﺮﻳـﺮﻩ ﻭﺑﻔﻀـﻴﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪.‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﷲ! ﻣﺎ ﳛﺒﺴﲏ ﻋﻦ ﺍﳍﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ ﰲ ﺍﻟﱪﺍﺭﻱ ﺃﻃﻠﺐ ﻣﺎ‬
‫ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ! ﻛﻴﻒ ﲢﻠﻮ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﻴﻒ ‪‬ﺗﺤ‪‬ﺘ ‪‬ﻤ ﹸﻞ ﳊﻈﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ‬
‫ﻑ ﺭﺣﻴﻠﻲ ﺇﱃ ﺭﰊ‪ ،‬ﻭﺗـﻮﺑﱵ ﺍﻟﻜﻠﻴـﺔ‬ ‫ﻣﺎ ﺍﲰﻲ ﰲ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ! ﻛﻴﻒ ﹸﺃ ‪‬ﺳ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﻭﺭﺟﻌﱵ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﺘﺤﺒﺐ ﺇﱄ ﻭﻳﻨﺎﺩﻱ ﻭﻳﻌﺪ ﻭﻳﺒﺸﺮ!‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﻪ‪" :‬ﺍﻫﺠ‪‬ـ ‪‬ﺮ ﻃﺒﻌـﻚ ﻭﻫـﻮﺍﻙ‬
‫ﻭﺷﻴﻄﺎﻧﻚ ﻭﻻ ﺗﺮﻛﻦ ﺇﻟﻴﻬﻢ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﺎﺟﻌﻞ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﲔ ﺃﻗﺮﺍﻥ ﺍﻟﺴﻮﺀ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﺪﺍﻭﺓ‪ .‬ﻭﻻ ﺗﺼﺎﺩﻗﻬﻢ ﺣﱴ ﻳﻮﺍﻓﻘﻮﻙ ﰲ ﺣﺎﻟﻚ‪ .‬ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻗﻠﺐ ﺩﻭﻟﺔ"‪.‬‬
‫ﺃﻗﻮﻝ ﻧﻌﻢ! ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻫﺠﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻭﺍﻟﻄـﲑﺍﻥ‬
‫ﲜﻨﺎﺣﻲ ﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﱃ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﻋﻤﻴﻖ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﻘـﺪﺭ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﳘﺔ ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ﺳﺒﻘﺖ ﳍﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﳊﺴﲎ!‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﰲ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻮﺑـﺔ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺗﺮﻛـﺖ‬
‫ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺒﻚ ﻣﻊ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭﺳﺮﻙ ﻣﻊ ﺍﳌﻮﱃ‪ ،‬ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺻﺎﺭﺕ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٠٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺧﻠﻮﺗﻚ ﺃﻧﺴﺎ ﺑﺎﷲ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﻭﺟﻮﺩ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﻔـﺲ ﻓـﻼ‬

‫‪١‬‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺧﻠﻮﺓ‪."(...).‬‬
‫ﻻ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﻨﺎ ﺍﳋﻠﻮﺓ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺣﺒﺲ ﺍﳌﺮﻳـﺪ ﻧﻔﺴـﻪ ﰲ‬
‫ﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑـﻪ‬
‫ﺣﺠﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻴﺘﻔﺮﻍ ﻟﻠﺬﻛﺮ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺘﺨﻠ ‪‬ﻲ ﺍﳌﻌﻨﻮ ‪‬‬
‫ﻧﻈ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﲨﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮ ﺍﻟﺴﺮ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻘﻒ ﺑﺎﳍﻤﺔ ﻭﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ "ﺑﺎﺏ ﺍﳌﻠﻚ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻻ ﻛﻼﻡ ﺣﱴ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺒﺎﺏ! ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ )ﻳﻘﺼﺪ‬
‫ﺍﻻﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ()‪ (...‬ﻛﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﺣﱴ ﺗﻌﺎﻣ‪‬ﻞ ﲟﺎ ﻋﻮﻣﻠـﻮﺍ ﺑـﻪ‪.‬‬
‫ﺍﺻﺪﻕ ﰲ ﺃﻗﻮﺍﻟﻚ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻚ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻚ‪ .‬ﺍﻟﺼـﺪﻕ ﻫـﻮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ‬
‫ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ)‪(...‬‬
‫"ﻗﺮﺏ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟ ‪‬ﺰ ‪‬ﺣﻤ‪‬ﺔ‪ .‬ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﻨﻜﻢ ﺇﱃ‬
‫ﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻌﻘﻞ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﺑـﺎﻗﻴﻜﻢ ﻳـﺪﺧﻠﻮﻥ ﰲ‬ ‫ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻨ ﹶﻔ ﹺ‬
‫ﻏﻤﺎﺭﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺘﱪﻛﻮﻥ ﲝﻀﻮﺭﻫﻢ ﻣﻌﻪ‪ .‬ﺇﱐ ﺃﺭﺟﻮ ﻟﻜـﻢ ﺍﳋـﲑ ﰲ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﺠﻦ ﺍﳌﻮﻣﻦ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻧ‪‬ﺴﻲ ﺳﺠﻨﻪ ﺟﺎﺀﻩ ﺍﻟﻔﺮﺝ‪ .‬ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﰲ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺳﺠﻦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﰲ ﺳﻜﺮ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﻏﺎﺋﺒﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﳏﺐ ﳌﻮﻻﻩ‪ ،‬ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ‪ ،‬ﻏﺮﻳﺐ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪:‬‬
‫א ‬ ‫
א
ذو
   א ‬
‫"ذאא! م   و& ‪$%‬א‪ #‬‬
‫‪)*%,+ -‬ذ(
אو'
א   و‪./0)'1,2‬א‪ ./‬‬
‫‪
456)0‬אم‪$%8   3‬א‪%$,7‬وא‪ ,‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٠٥‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٠٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫و>=<;א‪5‬אً‪
A,   9‬א‪ ?@)0‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺎﻟﻚ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ‪ ،‬ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻨﻌﻢ ﻗﺮﺑﻪ‪:‬‬

‫‪
FA‬د'א‪L'   )0BC,D5‬و‪)KB‬א‪ GBH I0J7‬‬
‫و‪NH
HKO‬א)'‪
6!R.   )MF&D‬א‪KٍB‬א‪Pً0‬א= ‬
‫‪ G.‬‬ ‫'‪(W‬ن‪U‬د‪T‬א‪
CS‬د   ‪)MY‬א‪DX‬א‪ @B‬‬
‫'
‪BU*A‬وضא[‪ZB/‬دא‪   WR‬و;‪P]^!]A‬א‪(X‬وא&
‪ J‬‬
‫`?)א‪X‬אل(‪
Wa0]2]F'   D#‬و‪ 0‬‬
‫^‪
6X0 H‬א‪)AL'   ]AB‬א‪cdG-F‬א‪b‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫)( ‪َA >BCD‬ـ‪> ? @$‬ـ<(‬ ‫‪3ُ5‬ـــــ( =ُــــ<‪3‬ـ;َـ‪3' 6 ِ 89‬ـــــــــ‬
‫‪ُ=M‬ــــــ<ـ ُ ـــــ ٍ‪< L‬ــــ‪ K‬ـ‪HIJ‬ـــ‬ ‫)‪ُ%‬ــــ< *‪G‬ـــــ ٍ <'‪3‬ـــ‪> E8‬ـــ ‪3‬ــــ?‬
‫‪3U‬ــــ> ‪Q‬ـــ< ـ ‪ST‬ــــ‬ ‫)َُـــ<? ‪ُP QLR‬ـــ<? ‪3N O9‬ـ?‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫    ‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﲡﻌﻠﻨﺎ ﻓﺘﻨﺔ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻣﺎ ﻗﺼ‪‬ﺮ ﻋﻨـﻪ‬
‫ﺭﺃﻳﻲ‪ ،‬ﻭﱂ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻧﻴﱵ‪ ،‬ﻭﱂ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻣﺴﺄﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﲑ ﻭﻋﺪﺗﻪ ﺃﺣﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ ﺃﻭ ﺧﲑ ﺃﻧـﺖ‬
‫ﻣﻌﻄﻴﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻙ‪ ،‬ﻓﺈﱐ ﺃﺭﻏﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﺑﺮﲪﺘﻚ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﺑﺎﺏ ﻗﺮﺏ ﺍﳊﻖ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﲪﺔ"‪ .‬ﻧـﺪﺍﺀ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﳌﺘﻠﻮ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻭﺍ ﹸﳌﻠﹾﻘﻰ ﻏﻴﺒﺎ ﰲ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﺍﻷﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻻ ﳚﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ‪ .‬ﻓﺄﻛﺜ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ‪ .‬ﻳﺎ‬
‫ﺐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻋﻦ ﺭ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺴـﲑ‬ ‫ﺠ ‪‬‬ ‫ﺣﺴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ .‬ﺣ ‪‬‬
‫ﺏ‬
‫ﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮ ‪‬‬‫ﺠ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﳌﺸﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ‪ .‬ﺣ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ﺭﺍﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﺳﺎﺥ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ‬
‫ﺑﺎﷲ ﻭﺑﻌﺒﺎﺩﻩ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ‪.‬‬
‫ﺠﺒ‪‬ﻬﻢ ﻗﺮﻧﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻭﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻓﹸﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﺎﳊﲔ ﻭﺣﺴﺪ‪‬ﻫﻢ ﻭﻗﻴﺎﺳـﻬﻢ‬ ‫‪‬ﺣ ‪‬‬
‫ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ ﺻﺤﺒﺔ ﺍﻷﺧﻴـﺎﺭ ﻭﻫـﻲ ﺍﻟﺸـﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﺣﺠﺒﻬﻢ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺄﻭﻳﻞ ﻛﻠﻤـﺔ‬
‫ﺍﳊﻖ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﻭﺣﺠﺒﻬﻢ ﻛﺬ‪‬ﻢ ﻭﺗﻜﺬﻳﺒﻬﻢ ﺑﺎﳊﺴﲎ ﻭﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﻦ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ‪ ،‬ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻄﻠـﺐ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻧﻊ ﻭﺍﳊﺠﺐ ﻭﺿﺮﺏ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺗﻨـﺘ‪‬ﺞ‬

‫ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﳍﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﺣﱴ ﻳ‪‬ﻘﺎﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﺑﲔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺭ‪‬ـﻢ ﺳـﺒﻌﲔ ﺃﻟـﻒ‬
‫ﺐ ﻏﲑﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﻛﺴـﺐ‬ ‫ﺠ ‪‬‬‫ﳊ‪‬‬‫ﺣﺠﺎﺏ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺔ ﻭﻧﻮﺭ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻫﺬﻩ ﺍ ﹸ‬
‫ﺳﻴﺌﺎﺗ‪‬ﻬﺎ ﺳﻮﺍﻫﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﳜﱪﻧﺎ ﻋﻦ ﺣﺎﻝ ﺍ‪‬ﺮﻣﲔ‪
:‬ﻛﻼ ﺑﻞ ﺭﺍﻥ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺴﺒﻮﻥ‪ .‬ﻛﻼ ﺇ‪‬ﻢ ﻋﻦ ﺭ‪‬ﻢ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﶈﺠﻮﺑـﻮﻥ‪).‬ﺳـﻮﺭﺓ‬

‫ﺍﳌﻄﻔﻔﲔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٤ :‬ﺍﻟ ‪‬ﺮ‪‬ﻳ ‪‬ﻦ‪ :‬ﺍﻟﺼﺪﺃ‪.‬‬

‫ﻭﻗﺪ ﺷﺮﺡ ﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻜـﻮﻥ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﺃ ﻭﻳﻌﻠﻮ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻓﺘﻨﺤﺠﺐ ﻋﻦ ﺭ‪‬ﺎ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ‬
‫ﻋﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ‪" :‬ﺗ ‪‬ﻌﺮ‪‬ﺽ ﺍﻟﻔﱳ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻛﺎﳊﺼﲑ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﺩﹰﺍ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﺩﹰﺍ‪ .‬ﻓﺄﻱ ﻗﻠﺐ‬
‫ﺖ ﻓﻴﻪ ﻧﻜﺘ ﹲﺔ ﺳﻮﺩﺍﺀ‪ .‬ﻭﺃﻱ ﻗﻠﺐ ﺃﻧﻜﺮﻫﺎ ‪‬ﻧﻜ‪‬ﺖ ﻓﻴﻪ ﻧﻜﺘ ﹲﺔ ﺑﻴﻀﺎﺀ‪.‬‬ ‫ﹸﺃ ‪‬ﺷ ﹺﺮ‪‬ﺑﻬ‪‬ﺎ ‪‬ﻧ ‪‬ﻜ ‪‬‬
‫ﺾ ﻣﺜ ﹶﻞ ﺍﻟﺼﻔﺎ ﻓﻼ ﺗﻀﺮﻩ ﻓﺘﻨـﺔ ﻣـﺎ ﺩﺍﻣـﺖ‬ ‫ﺣﱴ ﺗﺼﲑ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﲔ‪ :‬ﺃﺑﻴ ‪‬‬
‫ﺠﺨ‪‬ﻴـﹰﺎ ﻻ ﻳﻌـﺮﻑ‬ ‫ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺃﺳﻮ ‪‬ﺩ ‪‬ﻣﺮ‪‬ﺑﺎ ‪‬ﺩﹰﺍ ﻛﺎﻟﻜﹸﻮﺯ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺏ ﻣﻦ ﻫﻮﺍﻩ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪.‬‬ ‫ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺃ ‪‬ﺷ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﻔﱳ ﻛﺎﳊﺼﲑ ﻋﻮﺩﺍ ﻋﻮﺩﺍ‪ :‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺛﲑ‪ :‬ﲢﻴﻂ ﺑـﺎﻟﻘﻠﻮﺏ‬
‫ﻛﺎﶈﺼﻮﺭ ﺍﶈﺒﻮﺱ‪ .‬ﻋﻮ‪‬ﺩﺍ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﺩﺍ‪ :‬ﺃﻱ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃﺷﺮ‪‬ﺎ‪ .‬ﺩﺧﻠـﺖ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻭﻗﺒﻠﻬﺎ ﻭﺳﻜﻨﺖ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻣ ‪‬ﺮﺑ‪‬ﺎ ‪‬ﺩﹰﺍ‪ :‬ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﻟﻮﻧﻪ ﺭ‪‬ﺑﺪﺓ ﻭﻫﻲ ﺑﲔ ﺍﻟﺴـﻮﺍﺩ‬
‫ﺠﺨ‪‬ﻴﹰﺎ‪ :‬ﻛﺎﻹﻧﺎﺀ ﺍﳌﺎﺋﻞ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ‪.‬‬ ‫ﻭﺍﻟ ‪‬ﻐﺒ‪‬ﺮﺓ‪ .‬ﻛﺎﻟﻜﻮﺯ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﺛﺮ ﻣﻜﺎﺳﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ‪ .‬ﻣـﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﻤﻞ ﺣﺴﻦ ﺇﻻ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﻴﺎﺿﺎ ﻭﻧﻮﺭﺍ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻣـﻦ ﺧﻄﻴﺌـﺔ ﻭﻓﺘﻨـﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺖ ﰲ ﻗﻠﺒـﻪ ﺳـﻮﺍﺩﺍ‪.‬‬ ‫ﺸ ‪‬ﺮﺑ‪‬ﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻻ ﻳﺘﻮﺏ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ ﻭﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﺇﻻ ‪‬ﻧ ﹶﻜ‪‬ﺘ ‪‬‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻒ ﺻﺪﺃ ﻳـﺮﻳﻦ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‬ ‫ﻭﻳﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﹶﻃﺒ‪‬ﻘﺎ ﻋﻦ ﻃﺒﻖ ﺣﱴ ﻳﺆﱢﻟ ‪‬‬
‫ﻓﻴﺤﺠﺒﻪ ﻋﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺃﺧﺮﻯ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺳﲑ ﻗﻠﱯ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﳌﺴﻠﱢﻜﻮﻥ ﺃﻃﺒﺎﺀ ﰲ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ .‬ﻟﻴﺲ‬
‫‪‬ﻃﺒ‪‬ﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻢ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺩﻭﺍﺀ‪ ،‬ﺻ‪‬ـﺤ‪‬ﺒﺘﻬﻢ‬
‫ﺽ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﻺﺷﻌﺎﻉ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﺍﻟﺸﺎﰲ ﺑﺈﺫﻥ‬ ‫ﻭﳎﺎﻟﺴﺘﻬﻢ ﻭﳏﺒﺘﻬﻢ ﻭﳐﺎﻟﻠﹶﺘﻬﻢ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺩﻋﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻗﻠﻮﺏ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﻌ‪‬ﺘﺮﹺﻑ ﻋﻠﻴ ﹸﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻭﺩﺍﺅﻩ ﻣﺴﺘﻮ ‪‬ﺭ ﻋﻦ ﺍﻷﺑﺼـﺎﺭ‪ ،‬ﺃﻧـﻪ‬
‫ﻣﺮﻳﺾ! ﺩﺍﺀ ﺍﻟ ‪‬ﻌﺠ‪‬ﺐ ﳝﻨﻌﻪ ﻋﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ‪ .‬ﺃﻡ ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺼﺪ ﺭﺟـﻼ ﻣﺜﻠﹶـﻪ‬
‫ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﳝﺸﻲ ﰲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﺩﺍﻭﱐ! ﺍﻟﻜﱪﻳﺎ ُﺀ ﻭﺳﻮ ُﺀ ﺍﻟﻈـﻦ‬
‫ﺕ ﻣـﺮﻳﺾ‬ ‫ﺐ ﺑﻌﻀ‪‬ﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﺑﻌﺾ ﻭﻇﻠﻤﺎﺕ‪ .‬ﻭﳝﻮ ‪‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬
‫ﳝﻨﻌﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﺣ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺪﺍﺋﻪ‪ ،‬ﱂ ﻳﻌﺮﻓﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﻋﺮﻓﻪ ﻭﱂ ﻳﺮﺽ ﺑﻌﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻭﺗﺴﻤﻌﻪ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻭﻫﺬﻩ ﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻪ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﳌﺼـﻴﺒﺔ‬
‫ﳉﻠﱠﻰ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺎﺑﺖ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺳﺮﻩ ﻓﻤ‪‬ﻨﻌﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺴﺔ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﻭﻧـﻮﺭ‬ ‫ﺍﹸ‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ .‬ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﺍﻟﺮﻳﻦ ﻭﺍﳊﺠﺎﺏ‪.‬‬
‫ﲏ! ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺼﺎﺋﺐ ﺍﻟﺴﺮ‬ ‫ﻱ ‪‬ﺑ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺃ ‪‬‬
‫ﺣﺠﺎﺑ‪‬ﻪ ﻋﻦ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﻠﺖ ﺑﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﻴﺒ ﹸﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻼﺷﺖ ﺳﺎﺋﺮ‬
‫ﻣﺼﺎﺋﺒﻪ ﰲ ﺟﻨﺒﻬﺎ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﶈﺠﻮﺏ ﺳﻜﺮﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ﻻ ﳚﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻜﺮﻩ‬
‫ﻭﺟ ‪‬ﻊ ﺍﳌﺼﻴﺒﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻓﺎﻕ ﻭﺟﺪ ﺍﻷﱂ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻭﻣﺼﻴﺒﺔ ﺍﶈﺠﻮﺏ ﻻ ﺗﻨﺠﱪ ﺃﺑﺪﺍ ﺇﻻ ﺑﺘﺠﺮﻳﺪ ﺍﻟﺴﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣـﺎ ﺩﻭﻥ‬

‫ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻭﻻ ﻭﻋﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ‪
:‬ﻛﻼ ﺑـﻞ ﺭﺍﻥ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﻄﻔﻔﲔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٤ :‬‬
‫"ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ ‪‬ﺣﺠ‪‬ﺒﺖ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳌﻄﺎﻉ )ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ(‪ ،‬ﻭﻛﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﺏ ﻧﺎﺋ ﹴﻢ ﺭ‪‬ﺯﻕ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺑﻌﺪ ﺭﻗﺪﺗـﻪ‪،‬‬‫ﻧﻌﻤﺔ ﻗﻄﻌﺖ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳌﹸﻨﻌﻢ‪ .‬ﻭ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﻭﻣﻨﺘﺒ ‪‬ﻪ ﻧﺎﻡ ﺑﻌﺪ ﻃﻮﻝ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ‪ .‬ﻭﺭﺏ ﻓﺎﺟﺮ ﺭ‪‬ﺯﻕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺑﻠـﻎ ﻣﻨـﺎﺯﻝ‬
‫ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻭﺯﺍﻫﺪ ﺳﻘﻂ ﻋﻦ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﻭﺳﻠﻚ ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﻔﺠﺎﺭ‪ .‬ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ‬
‫ﺖ ﺑﺼـﲑﺗﻪ ﻓﺼـﺎﺭ‬ ‫ﺣﺠﺒﺘﻪ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻣﺘﻨﺎﻥ ﺭﺑﻪ ﺣﱴ ﻋﻤ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻣﺒﻌﺪﺍ ﻭﻫﻮ ﳛﺴﺐ ﺃﻧﻪ ﻭﺍﺻﻞ‪.‬‬
‫"ﻭﻻ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻣﻦ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﻭﻟﻮ ﻃﺮﻓﺔ ﻋﲔ‪ .‬ﻭﺃﻋﻈﻢ‬
‫‪١‬‬
‫ﺏ"‪.‬‬
‫ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺒ‪‬ﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﺍﳊﺠﺎ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪»:‬ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﳏﺠﻮﺑﻮﻥ ﺑﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻀﻼﻟﺔ ﻋﻦ ﻧـﻮﺭ‬
‫ﺍﳍﺪﻯ‪ .‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﳌﻌﺼﻴﺔ ﳏﺠﻮﺑﻮﻥ ﺑﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺘﻘـﻮﻯ‪ .‬ﻭﺃﻫـﻞ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﳏﺠﻮﺑﻮﻥ ﺑﻈﻠﻤﺔ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ )ﺃﻱ ﺍﻻﻋﺘﺰﺍﺯ ﺑﻌﻤﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ‬
‫ﻭﺍﻫﺐ ﺍﳌﻨﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﻜﺒﺎﺭ ﺑﻪ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ( ﻋﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﻋﻨﺎﻳـﺔ‬
‫ﺍﳌﻮﱃ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﺫﺍ ﺭﻓﻊ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺠﺐ ﻧﻈﺮﻭﺍ ﺑﺄﻋﲔ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ .‬ﻓﻌﻨﺪ‬
‫ﺫﻟﻚ ﳛﺠﺒﻮﻥ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ ﺑﻪ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪.١٣٤-١٣٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﷲ ﺻﺎﺭ ﳏﺠﻮﺑﺎ ﻋـﻦ‬

‫ﻭﻟﻴﻬﺎ )ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ( ﻣﻔﻠﺴﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﻭﻟﻴﻬﺎ ﺻﺎﺭ ﳏﺠﻮﺑﺎ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻯ ﻋﺠﺰﻩ ﻋﻦ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ ﻭﺇﲤﺎﻣﻬﺎ ﺻﺎﺭ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺎ ﰲ ﺍﻣﺘﻨﺎﻧﻪ‪ .‬ﻭﺭﲟﺎ‬
‫ﺐ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﻭﹺﺟﺪﺍﻥ‬ ‫ﺠ ‪‬‬‫ﺤ‪‬‬‫ﺤﺠ‪‬ﺐ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻋﻦ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺣﻼﻭ‪‬ﺎ‪ .‬ﻭﺭﲟﺎ ‪‬ﻳ ‪‬‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺐ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﺍﳌﻨﺔ ﻋﻦ ﺭﺅﻳـﺔ ﺍﳌﻨـﺎﻥ‬ ‫ﺠ ‪‬‬‫ﺤ‪‬‬‫ﺍﳊﻼﻭﺓ ﻋﻦ ﺻﺤﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪ .‬ﻭﺭﲟﺎ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻧ ‪‬ﻌ ‪‬ﻢ! ﺍﶈﺠﻮﺏ ﺳﻜﺮﺍﻥ‪ :‬ﺳـﻜﺮﺓ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﺑﻌﻠﻤـﻪ ﻭﳐـﺰﻭﻥ‬
‫ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺳﻜﺮﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺄﻧﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻜﺒﺎﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺳﻜﺮﺓ ﺍﳌﺎﺟﻦ ﺑﻠﺬﺍﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺮﺋﺎﺳﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺎﻟﻚ ‪‬ﲟ ﹾﻠ ‪‬ﻜﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻌﺎﻓﹶﻰ ﺑﺼﺤﺔ ﺑﺪﻧﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺮﻳﺾ ﲟﺮﺿﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻔﻘﲑ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌﻮﹺﺯ ﺑ ‪‬ﻌﻮ‪‬ﺯﻩ‪ ،‬ﺣﱴ ﲢﻴﻂ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻫﻮﺳﻬﺎ ﻋ ‪‬ﺪﺍﹰ‪ ،‬ﻋﻜﺴﺎ ﻭﻃـﺮﺩﺍ‪.‬‬
‫ﺐ ﺣﱴ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﻓﻴﻪ‬ ‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺩﺍﺭ ﻓﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ ﻋﻴﻨﻴﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﹸﺃ ‪‬ﺷ ﹺﺮﺑ‪‬ﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﺐ‬
‫ﺇﻻ ﺃﻇﻠﻤﺖ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﺗﻜﺎﺛﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮ‪‬ﻳ ‪‬ﻦ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﲟﻦ ﹸﺃﺷ‪‬ـﺮﺏ ﺣـ ‪‬‬
‫ﺱ ﻛﻞ ﺧﻄﻴﺌﺔ‪،‬‬ ‫ﺠﺴ‪‬ﺪﺓ! ﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﺃ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺣﺠﺎﺑﺎ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﳌﻦ ﻭﻗـﻒ ﻋﻨـﺪﳘﺎ‬
‫ﺑﺴﺮﻩ‪ ،‬ﺣﺠﺎﺑﺎ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻭﺍﳌﻮﻓﱠﻖ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﻒ ﻣﻊ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ‪ ،‬ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻊ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻳ‪‬ﻌ‪‬ﺘ ‪‬ﺪ‬
‫‪‬ﺎ ﻭﻳﺒﺎﻫﻲ‪ .‬ﺍﳌﻮﻓﻖ ﻣﻦ ﳜﺮﻕ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﺍﻷﻛﱪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﺮ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺣﻈﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻄﻮﻳﻪ ﻓﻴﻄﱢﻠ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﰒ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٣٦-١٣٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺳﺮﻩ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻄﻊ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﻛﺄﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ‪ .‬ﻳﻘﻄﻊ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ‬
‫ﻭﳘﱡﻪ ﺍﷲ ﻻ ﻏﲑﻩ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪" :‬ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺣﲔ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﻗﺪﻣﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺎﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ‪ .‬ﻭﻣﺪﺓ ﺳﻔﺮﻩ ﻫﻲ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﻟـﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻤﺮ ﻫﻮ ﻣﺪﺓ ﺳﻔﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺇﱃ ﺭﺑﻪ‪ .‬ﰒ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻷﻳﺎﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﱄ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻟﺴﻔﺮﻩ‪ .‬ﻓﻜ ﱡﻞ ﻳﻮﻡ ﻭﻟﻴﻠﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ‪ ،‬ﻓـﻼ ﻳـﺰﺍﻝ‬
‫ﻳﻄﻮﻳﻬﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺣﱴ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺴﻔﺮ‪.‬‬
‫ﺐ ﻋﻴﻨﻴـﻪ‪،‬‬‫ﺼ ‪‬‬‫"ﻓﺎﻟﻜﻴ‪‬ﺲ ﺍﻟﻔﻄﻦ )ﺍﳌﻮﻓﻖ( ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌ‪‬ﻞ ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﺐ ﻋﻴ‪‬ﻨﻴـﻪ‪ .‬ﻭﻻ‬ ‫ﺼ ‪‬‬‫ﻓﻴﻬﺘﻢ ﺑﻘﻄﻌﻬﺎ ﺳﺎﳌﺎ ﻏﺎﳕﺎ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻷﺧﺮﻯ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﻳﻄﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻣﺪ ﻓﻴﻘﺴﻮ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻤ‪‬ﺘ ‪‬ﺪ ﺃﻣﻠﻪ‪ ،‬ﻭﳛﻀﺮ ﺑﺎﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻭﺍﻟﻮﻋـﺪ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﻭﺍﳌﻄﻞ‪ .‬ﺑﻞ ﻳﻌ ‪‬ﺪ ﻋ ‪‬ﻤﺮ‪‬ﻩ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ‪ .‬ﻓﻴﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﻗﻄﻌﻬﺎ‬
‫ﲞﲑ ﻣﺎ ﲝﻀﺮﺗﻪ‪.‬‬
‫ﺼﺮ‪‬ﻫﺎ ﻭﺳﺮﻋﺔ ﺍﻧﻘﻀﺎﺋﻬﺎ ﻫﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻄﻮﻋﺖ ﻟـﻪ‬ ‫"ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻴﻘﻦ ‪‬ﻗ ‪‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺰ ‪‬ﻭ ‪‬ﺩ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﺰﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﺩﺃﺑﻪ ﺣﱴ ﻳﻄﻮﻱ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻋﻤﺮﻩ ﻛﻠـﻬﺎ‪ .‬ﻓﻴﺤﻤـﺪ‬
‫ﺳﻌﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺒﺘﻬﺞ ﲟﺎ ﺃﻋﺪﻩ ﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﻗﺘﻪ ﻭﺣﺎﺟﺘﻪ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻃﻠﻊ ﺻـﺒﺢ ﺍﻵﺧـﺮﺓ‪،‬‬
‫ﻼ ‪‬ﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﳛﻤﺪ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﺍﻩ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺠﺎﺏ ﻋﻨﻪ ﹶﻛﺮﺍ ‪‬ﻩ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﺃﺣﺴﻦ‬
‫ﺍﻧﻘﺸﻊ ﹶﻇ ﹶ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻘﹺﺒ ﹸﻞ ﻳﻮﻣﻪ ﻭﻗﺪ ﻻﺡ ﺻﺒﺎﺣ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﻥ ﻓﻼﺣﻪ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﺠﺮﺗﲔ ﺹ ‪.٢٣٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻭﳛﻚ ﻳﺎ ﺟﺎﻫﻞ! ﺑﺪﻝ ﻣﺎ ﺗﺸـﻐﻞ ﻧﻔﺴـﻚ‬

‫ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﺽ‪ ،‬ﺍﺷﻐﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴ‪‬ﺆﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺷﺎ ‪‬ﻏﻠﹾﻬﺎ ﺑﻪ ﺣﱴ ﺗﺬﻫﺐ‬
‫ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻼﻳﺎ ﻭﺗﻨﻄﻔﺊ ﻧﲑﺍﻥ ﺍﻵﻓﺎﺕ)‪(...‬‬
‫ﺖ ﻭﻋﺠﺰﺕ ﻋـﻦ‬ ‫"ﺇﺫﺍ ﲢﲑﺕ ﻗﻞ ‪ :‬ﻳﺎ ﺩﻟﻴ ﹶﻞ ﺍﳌﺘﺤﲑﻳﻦ ﺩ‪‬ﻟﲏ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺍ‪‬ﺑﺘ‪‬ﻠﻴ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﱪ ﻗﻞ‪ :‬ﺇﳍﻲ ﺃ ‪‬ﻋﻨ‪‬ﻲ ﻭﺻﺒ‪‬ﺮﱐ ﻭﺍﻛﺸﻒ ﻋﲏ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺻﻠﺖ‪ ،‬ﻭﹸﺃ ‪‬ﺩﺧ‪‬ـﻞ‬
‫ﺏ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺳﺆﺍﻝ ﻭﻻ ﻟﺴﺎﻥ! ﺑﻞ ﺳﻜﻮﻥ ﻭﻣﺸـﺎﻫﺪﺓ‪ .‬ﺗﺼـﲑ‬ ‫ﻗﻠﺒ‪‬ﻚ ﻭﹸﻗ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻦ ﺍﻷﺩﺏ‪ ،‬ﻭﻳﺄﻛﻞ ﻣﺎ ‪‬ﻳﻘﹶـﺪ‪‬ﻡ ﻟـﻪ‪،‬‬ ‫ﺤِ‬‫ﺸﻬ‪‬ﻰ‪ ،‬ﺑﻞ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺿﻴﻔﹰﺎ‪ .‬ﻭﺍﻟﻀﻴﻒ ﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻭﻳﺄﺧﺬ ﻣﺎ ﻳﻌﻄﻰ‪ .‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﺗﺸ ‪‬ﻪ! ﻓﻴﺘﺸﻬﻰ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮ ﻻ ﺍﺧﺘﻴـﺎﺭﹰﺍ‬
‫ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻌﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺮﺏ‪ .‬ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻏـﲑ‬
‫ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺗﻘﻄﻌﺖ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ ﻋﻨـﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺍﳔﻠﻌـﺖ ﺍﻷﺳـﺒﺎﺏ ﻣـﻦ‬
‫ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ)‪(...‬‬
‫"ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﳏﺒﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻏﲑﻩ ﻓﻘﺪ ﻛﺬﺏ ﰲ ﳏﺒﺘـﻪ‪.‬‬
‫ﺸ ‪‬ﻪ ﻭﻗـﻞ ﻣـﺎ‬ ‫ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺻﺎﺭ ﳏﺒﻮﺑﺎ ﻭﺍﺻﻼ ﺿﻴﻔﺎ ﻣﻘﺮﺑﺎ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪ :‬ﺍﻃﻠﺐ ﻭﺗ ‪‬‬
‫ﺗﺮﻳﺪ ﻓﺈﻧﻚ ‪‬ﻣ ‪‬ﻤ ﱠﻜ ‪‬ﻦ!)‪ (...‬ﺍﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻃﻴﺒﺔ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ‪‬ﻳ ‪‬ﻮﺳ‪‬ﻊ ﻃﻴﺒـﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ‪ ،‬ﻳ‪‬ﻜﺜ‪‬ﺮ ﺃﺭﺯﺍﻕ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﳐﺎﻟﻒ ﳍﻮﺍﻩ ﻭﺷﻬﻮﺍﺕ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪:‬‬
‫"ذא?‪>7‬א‪   e]&0fF2‬و(ن]‪ 1
?g‬‬
‫'‪]5‬و‪ j‬א^‪<   hi'M]7‬א‪5m‬و‪l‬وא‪ 15
ZIk‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻐﺘﺮﺏ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻃﺎ ﹴﻭ ﺍﳌﺮﺍﺣ ﹶﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻴ‪‬ﲔ‪:‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٣٧‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪"oF20‬ذא‪M0D!oFD‬و!
‪
=)7p
#3
   Mn‬و‪ J‬‬
‫"ذאذ(
א[‪   )o2AP‬و"ن‪)7‬א‪(fF2‬د;و‪ J‬‬
‫!‪B%q +/% 0rD‬א‪astuv"   4
65R‬א‪/‬ل‪ J8‬‬
‫!‪P0‬א‪!x‬ن‪TBG5A‬ذ‪4
Rj‬א‪z]0{H^   w‬א‪ JyHzWo‬‬
‫<‪p2o‬א‪   )W(52
<5‬و‪52]2‬א‪DX‬مذ‪ JD‬‬
‫‪   T‬و‪3oْ!]25‬و‪ J‬‬‫‪
']79‬ضو‪| 5<]7}B‬‬
‫‪

HMH0‬א‪/‬د‪   ]'M‬و‪>D#‬א[‪5‬و‪H B‬و<‪ J=HDHG‬‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫>‪Q+ >8 .>M‬ـــ‪ُ B‬ـ‪Q‬‬ ‫‪3" X‬ـ > ‪ V QWC.‬‬
‫‪C 8 Q+ ?8Y< 8Z35‬‬
‫)َ‪9‬ـــ‪ O‬ـــ[ ‪! /M‬ـــ[ _َــــ`ـــــــــ>‬ ‫_‪Q-‬ــــ ‪9I ^َ] L3‬ـــ‪[\<& ُ]  3‬‬
‫‪CM3‬ــــ( <‪Q-‬ـــ^\ ‪َi‬ــــ‪َ_ \(h‬ــــ‪g+‬ـــ>‬ ‫‪َc d‬ـــ? _َـ;ـــُ ‪a>b‬ـــ>َـ‬
‫‪َ ef‬ــ ِ‬
‫‪.p&ُ5‬ـــ ‪ M‬ـ <ـ\ ‪3‬ـ‪ْo‬ـ‪ُm‬ـــ>‬ ‫‪9‬ــــ[ ‪l‬ــــ‪R k j‬ــــ‪" L‬ـــــ‪ j‬ـــ[‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﺍﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ‪ .‬ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﳊﻜﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻳـﺎ ﺫﺍ‬
‫ﺍﳊﺒﻞ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‪ ،‬ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻷﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻨﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﳋﻠﻮﺩ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻛﻊ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ‪ ،‬ﺍﳌﻮﻓﲔ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮﺩ‪ ،‬ﺇﻧﻚ ﺭﺣﻴﻢ ﻭﺩﻭﺩ‪ ،‬ﻭﺇﻧﻚ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ‪.‬‬

‫ﻳﻘﻮﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼـﻮﰲ‪:‬‬

‫"ﻛﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺘﻴﻞ ﻭﺳﻠﻴﺐ ﻭﺟﺮﻳﺢ ﻭﺃﺳـﲑ ﻭﻃﺮﻳـﺪ!"‪ .‬ﰲ ﺍﺻـﻄﻼﺡ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻳﻌﺮﻑ "ﺍﳌﺘﺴﺎﻗﻄﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ" ﺑﺄ‪‬ﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻜﺼﻮﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺑﺎﺭﻫﻢ ﻭﲣﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‪ ،‬ﺃﻭ ﻷﺳﺒﺎﺏ‬
‫ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ‪‬ﺮﺩ ﻣﻠﻞ ﺃﻭ ﺷﻚ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﳌﻨﻬﺎﺝ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﺳـﺘﺒﻄﺎ ًﺀ‬
‫ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ‪.‬‬
‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﺍ ﹸﳌﺜﹶﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺧﺼﺎﻻ ﺿـﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤـﻞ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﻋﻲ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﻓﺈ‪‬ﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﺳﻠﻮﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ .‬ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ‬
‫ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺴﺎﻗﻂ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺃﻭﻓﺮ ﻋﺪﺩﺍ ﻭﺃﻋﻤﻖ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻻﺳﺘﻤﺴﺎﻙ ﺑﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﺭﺟﻮﻟ ﹲﺔ ﻻ ﻳﺘﺤﻠﻰ ‪‬ﺎ‬
‫ﺇﻻ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻌﺰﺍﺋﻢ ﻭﺍﳌﻀﺎﺀ‪ ،‬ﺳﻮﺍ ًﺀ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴـﺎﺋﺮﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳـﺔ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺃﺑـﻮ ﺩﺍﻭﺩ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﺍﳋﺸﲏ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻷَﺻﺤﺎﺑﹺﻪ‪" :‬ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻜﻢ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺼﱪ‪ ،‬ﺍﻟﺼـ ‪‬ﱪ ﻓـﻴﻬﻦ‬
‫ﻛﺎﻟﻘﺎﺑﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﺮ‪ .‬ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ ﻓﻴﻬﻦ ﻣﺜﻞ ﺃﺟ‪‬ﺮ ﲬﺴـﲔ ﻳﻌﻤﻠـﻮﻥ ﻣﺜـﻞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻤﻠﻜﻢ"‪ .‬ﻭﺭﻭﺍﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻓﺎﺭﺗﻔﻊ ﺍﳊـﺪﻳﺚ ﺇﱃ‬
‫ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ‪.‬‬
‫ﺿﻮﻋﻒ ﺍﻷﺟﺮ ﲟﻀﺎﻋﻔﺔ ﺍﻟﺒﻼﺀ‪ .‬ﻭﺗﻌﺎﻇﻢ ﺍﳋﻄﺮ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﺸﻘﱠﺔ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟـﺬﻛﺮ ﻭﺍﳊﻀـﻮﺭ‬ ‫ﻟﻌﻠ ‪‬ﻮ ﺍﳌﻘﺼﺪ ﻭﻃﻮﻝ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻭﳏﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺩﻗﺔ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺘﺴﺎﻗﻄﻮﻥ ﰲ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻘﻮﻥ ﺑﺎﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﺮﺗﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻐﺎﻃﺴﲔ ﰲ ﺃﻭﺣﺎﳍﺎ ﻗﺪ ﻳﱰﻟﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺳﻜﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ ﻭ"ﻛﻔﺮﻫـﺎ" ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ ﻛﻤﺎ ﺍﻧﺰﻟﻖ ﺍﳊﻠﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﲢﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻹﺑﺎﺣﻴﻮﻥ‪ .‬ﻗﺎﺗﻠـﻬﻢ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﺃﱏ ﻳﻮﻓﻜﻮﻥ‪.‬‬
‫ﺚ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑـﲔ ﻃـﺮﰲ‬ ‫ﺇﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﺴﲑ ﺍﳊﺜﻴ ﹸ‬
‫ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﰲ ﺍﳊﻤﺎﺱ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺘﺪﺋﲔ ﰲ ﺍﻟﺴﲑ ﰒ ﳜﺒـﻮ‬
‫ﺤﻞﱡ‪ ،‬ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺧﻲ ﺍﳌﺎ ﱢﻝ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻤ ﱢﻞ ﺍﻵﺋﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻭﺍﻟﻔﺸﻞ‪ .‬ﻫـﺬﺍﻥ‬ ‫ﻭﻳﻀﻤ ‪‬‬
‫ﺸﺮ‪‬ﺓ" ﻭ"ﺍﻟﻔﹶﺘﺮﺓ"‪.‬‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﺎﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺑـ"ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺇﻥ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ ‪‬ﺷ ‪‬ﺮﺓﹰ‪ ،‬ﻭﻟﻜـﻞ‬
‫ﺷﻲﺀ ﹶﻓ‪‬ﺘ ‪‬ﺮ ﹰﺓ‪ .‬ﻓﺈ ﹾﻥ ﺻﺎ ‪‬ﺣﺒ‪‬ﻬﺎ ﺳﺪﺩ ﻭﻗﺎﺭﺏ ﻓﺎﺭﺟﻮﻩ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺃﺷﲑ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻷﺻﺎﺑﻊ‬
‫ﻓﻼ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌﺪ‪‬ﻭﻩ"‪ .‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺴﺎﺋﺮ ﻣﻊ ﺍﳉﻤﺎﻋـﺔ ﰲ ﻃﺮﻳـﻖ‬
‫ﺱ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻴﺸﺘﺪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺘﺮﻳﻪ ﺍﻟﻔﺘﻮﺭ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻇـﺎﻫﺮﺓ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻳﻌﺘﺮﻳﻪ ﲪﺎ ‪‬‬
‫ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻓﻴﺴﺘﺮﺧﻲ‪ .‬ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋـﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﻭﺗﻠﻚ‪ :‬ﺇﻥ ﺭﺃﻳﺘﻢ ﺍﳌﺸﺘﺪ ﻭﺍﻟﻔﺎﺗﺮ ﺭﺟﻌﺎ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻣﻘﺘﺼـﺪﺓ‬
‫ﻗﺎﺻﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﻓﺎ ‪‬ﺭﺟ‪‬ﻮﺍ ﻟﻠﺮﺍﺟﻊ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﻘﺼﺪ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﺧﺮﺝ ﻋـﻦ‬
‫ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳌﺜﺎﺑﺮ ﻭﲤﺎﺩﻯ ﰲ ﻣﺬﻣﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﺓ ﻭﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺣـﱴ‬
‫ﺤﺴ‪‬ـﺒ‪‬ﻮﻩ ﻣـﻦ‬ ‫ﺃﺻﺒﺢ ﺷﺎﺫﺍ ﻳﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻷﺻ‪‬ﺎﺑﻊ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺑﺘﻄﺮﻓـﻪ ﻓـﻼ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻔﻠﺤﲔ‪.‬‬
‫‪‬ﻋ ﹶﻘ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﻣﻊ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻋﻬﺪﺍ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻣﻊ‬
‫ﺐ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺔ‬ ‫ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻋﻘﹶ ‪‬ﺪ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺧﺎﻃ ‪‬‬
‫ﺾ‬
‫ﻋﻬﺪﺍ‪ .‬ﻋﺎﻫﺪ ﻛﻞ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻴﻨﺼﺮﺍ ﱢﻥ ﺍﷲ ﰲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ .‬ﻓﻨﻘ ‪‬‬
‫ﺐ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻭﺍﻟﺴﻠﺐ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻋﺎﻣﻞ‬ ‫ﻁ ﻭﺳﻠ ‪‬‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﻟ ‪‬ﻌ ‪‬ﻬ ‪‬ﺪ ﺳﻘﻮ ﹲ‬
‫ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺃﺑ‪‬ﻠ ﹶﻎ ﻫﺪﻣﹰﺎ ﻟﻺﺭﺍﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣـﻦ ﻗﺘﻴـﻞ‬
‫ﻭﺟﺮﻳﺢ ﻭﺳﺎﻗﻂ ﻭﺳﻠﻴﺐ ﻭﻃﺮﻳﺪ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻤـﻦ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‬
‫ﺍﳌﻌ‪‬ﺘ ﹺﺮ ﹶﻛ ‪‬ﺔ ﺑﲔ ﺷﻬﻮﺍ‪‬ﺎ ﻭﺃﻧﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﻐﺮﻳﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲔ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻗﻴﺎﺱ ﻭﺍﺳﺘﺌﻨﺎﺱ ﻭﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺃﻭ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪:‬‬
‫
ﻭﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﻣﻦ ﺳﻴﺌﺔ ﻓﻤﻦ ﻧﻔﺴﻚ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٧٩ :‬‬
‫ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻭﺍﻻﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ ﻣﺎ ﳘﺎ ﺇﻻ ﺍﳉﺎﻧﺒﺎﻥ ﺍﻷﺿﻌﻔﺎﻥ‬
‫ﺻﻌ‪‬ﺪﹰﺍ ﺇﱃ ﺭﺿﻰ ﺍﷲ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ‬ ‫ﰲ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮﻛﱠﺐ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺤﻤﻬﺎ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻭﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﱰﻏﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ‪‬ﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ‬
‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﻗﻴﻤﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻨﺼﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﺒﺪﻩ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻵﻓﺎﻕ ﻣﻐﺰﺍﻩ‬
‫ﻭﻣﺪﺍﻩ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺣﻜﻴﻢ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ‪" :‬ﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ ﻣﻄﻠﺐ ﺃﻧﺖ‬
‫ﻃﺎﻟﺒ‪‬ﻪ ﺑﺮﺑﻚ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻴﺴﺮ ﻣﻄﻠﺐ ﺃﻧﺖ ﻃﺎﻟﺒﻪ ﺑﻨﻔﺴﻚ"‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺎﻫﺪ ﺍﷲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﺘﺰﻡ ﻣﻊ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬

‫ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﲑ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺭﲰﻪ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻑ‪ .‬ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺬﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬﻩ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻭﻋﺪ ﺑﺈﳒﺎﺯﻩ ﳌﻦ ﻭﻓﱠﻰ ﻫﻮ ﺍﳍﺪﺍﻳ ﹸﺔ ﲟﻘﺘﻀﻰ ﻗﻮﻟـﻪ‬
‫ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪
:‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﻓﻴﻨﺎ ﻟﻨﻬﺪﻳﻨـﻬﻢ ﺳـﺒﻠﻨﺎ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﳌـﻊ‬
‫ﺍﶈﺴﻨﲔ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٩ :‬ﺻﺪﻕ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻭ‪‬ﺛ ‪‬ﻖ ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺻـﺪ‪‬ﻗﻪ‬
‫ﺤﺘ‪‬ﺪ ﻛﺮﱘ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺧﺬﻟﻚ ﰲ ﺳـﲑﻙ ﺇﻻ ﻧﻔﺴـﻚ‪،‬‬ ‫ﻭﺻ ‪‬ﺪﻗﹶﻪ ﻛﻞ ﻋﺒﺪ ﺫﻱ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺖ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃﹸﺗﻴ ‪‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺳﻴﻒ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻪ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺴـﺎﺋﺮ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‪ .‬ﻓﻤﻬﻤﺎ ﺃﺧ ﱠﻞ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺸﺮﻁ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻗﻄﻌﻪ ﺳﻴﻒ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻣﱴ ﺍﺧﺘﻠﺖ‬
‫ﺛﻘﺘﻪ ﺑﹺﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺳﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺃﻡ ﺭﺃﺳﻪ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻭﻓﱠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺸﺮﻁ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻓﺈﻥ ﺍﷲ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ‬
‫ﺿ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ‬ ‫ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﻫﻮ )ﺍﻟﺼﺪﻕ( ﺳﻴﻒ ﺍﷲ ﰲ ﺃﺭﺿﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ‪‬ﻭ ‪‬‬
‫ﺇﻻ ﻗﻄﻌﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻭﺍﺟﻪ ﺑﺎﻃﻼ ﺇﻻ ﺃﺭﺩﺍﻩ ﻭﺻﺮﻋﻪ‪ .‬ﻣﻦ ﺻﺎﻝ ﺑﻪ ﱂ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺻﻮﻟﺘ‪‬ﻪ‪.‬‬
‫ﻚ‬
‫ﻭﻣﻦ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﻋﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﻛﻠﻤﺘﻪ‪ .‬ﻓﻬﻮ ﺭﻭﺡ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻣﺤ‪‬ـ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﻭﺍﳊﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺍﻷﻫﻮﺍﻝ"‪.‬‬
‫ﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭ‪‬ﺗﺮ‪‬ﻫﺎﺗ‪‬ﻬﺎ ﻭﺗﻌﺎ ﹸﻇﻤ‪‬ﻬـﺎ ﻭﻛﱪﻳﺎﺅﻫـﺎ‪.‬‬ ‫ﻭﺃﺷﺪ ﺍﻷﻫﻮﺍﻝ ﻣ‪ ‬ﹾﻈﻠ‪‬ﻤﺎ ‪‬‬
‫ﺕ‬
‫ﻳﻬﻮﻥ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﺍﻟﺰﻣﲏ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﺎ ﹺﺟﹺﺒ‪‬ﻴﺘ‪‬ﻬﺎ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻛﻠﱢﻪ ﺇﻻ ﳏﻄﺎ ‪‬‬
‫ﻟﱰﻭﺍ‪‬ﺎ ﻭﲢﻮﻻ‪‬ﺎ ﻭﺗﻘﻠﺒﺎ‪‬ﺎ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﺭﺍﺣﺔ ﻣـﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٦٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻓﻌﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﱴ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎ‪‬ﺎ ﻭﻳﻜﺴﺮ ﺳ ‪‬ﻮﺭ‪‬ﺎ ﲟﻄﺮﻗﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻋﻠـﻰ‬

‫ﺳﻨﺪﺍﻥ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻭﺍﶈﺎﺳﺒﺔ ﺣﱴ ﺗﻔﻲﺀ ﺇﱃ ﺃﻣ‪‬ﺮ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺴ ‪‬ﺢ‬
‫ﻓﺈﻥ ﻓﺎﺀﺕ ﻓﺎﻟﺼﻠﺢ ﻣﻌﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻘﻒ ﰲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ﹾﻔ ‪‬‬
‫ﻟﻠﻘﻠﺐ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﻟﻮﺍﺛﻘﺔ ﻣﻌﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻨ‪‬ﻘﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﳌﻠﺘﻮﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻧ‪‬ﻘﻠـﺔ‬
‫ﻧﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻧ‪‬ﻘﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ‪ ،‬ﺃﺭﺽ ﺍﳌﺰﺍﻟ ﹺﻖ ﻭﺍﳌﻬﺎﻭﹺﻱ ﻭﺍﻟﺴﻘﻄﺎﺕ‪،‬‬
‫ﱯ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻻ ‪‬ﺗ ‪‬ﺆ ‪‬ﻣ ‪‬ﻦ ﺑ‪‬ﻮﺍ‪‬ﺋﻘﹸﻬـﺎ‬ ‫ﺇﱃ ﲰﺎﺀ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﺃﺑﺪﺍ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺑﺎﳌﻮﺗﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻠﻤ‪‬ﺤﺴﻨﺎﺕ ﻣﻨﻬﻦ
ﻳﺄﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺲ‬
‫ﺍﳌﻄﻤﺌﻨﺔ ﺍﺭﺟﻌﻲ ﺇﱃ ﺭﺑﻚ ﺭﺍﺿﻴﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻓﺎﺩﺧﻠﻲ ﰲ ﻋﺒﺎﺩﻱ ﻭﺍﺩﺧﻠـﻲ‬
‫ﺟﻨﱵ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ(‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ‪" :‬ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮ‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ‪ .‬ﺃﻭﳍﺎ ﺍﳋﻄﺮﺍﺕ‪ ،‬ﰒ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﰒ ﺍﳍﻢ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﰒ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪،‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺮﺿﻰ‪ ،‬ﰒ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﻨﻴﺔ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﻌﺰﳝﺔ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﻘﺼﺪ‪ .‬ﺣﱴ ﻳﺒﻠﻎ ﺇﱃ ﻋﻤﻞ‬
‫ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻤﻦ ﺣﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻄﺮﺍﺕ ﻓﻬﻮ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺪﺍﺭﺝ‬
‫ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‬
‫ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺍﳍﻢ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻷﻭﺍﺑﲔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﳌﺨﻠﺼﲔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻨﺪ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﳌﺘﻘﲔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍ‪‬ﺘﻬﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﷲ ﻓﺤﻔﻆ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﻨﺪ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﳌﻮﺣﺪﻳﻦ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻫﺮﻣﻲ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻳﺒﲏ ﰲ ﺍﳍﻮﺍﺀ ﻣ‪‬ﻦ ﻻ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻪ ﻣـﻦ ﻋﻤـﻞ‬
‫ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﳌﻮﺣﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﺍﻟﺼـﻌﻮ ‪‬ﺩ ﰲ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﱯ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﲞﻄﻰ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺍﻟﻮﻓﻴﺔ ﻣـﻊ‬ ‫ﺍﳌﺪﺍﺭﺝ ﻭﺍﳌﻌﺎﺭﺝ ﻗﻠ ‪‬‬
‫ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﲰ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﺍﳊﺎﺑﹺﻄﺔ ﺍﳍﺎﺑﻄﺔ ﺳ ‪‬ﲑ ﻭﻻ ﺩ‪‬ﺭﻭﺝ ﻭﻻ ﻋ‪‬ﺮﻭﺝ‪،‬‬
‫ﹶﺛ‪‬ﺒﻄﹶﻬﺎ ‪‬ﺷﺮ‪‬ﻛﻬﺎ ﺑﺎﳋﹶﻠﻖ ﻭﻣ‪‬ﺮﺍﺀﺍ‪‬ﺎ ﻭﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻭﺷﻘﺎﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﱄ‪.‬‬
‫ﻚ ﺑـﺎﳋﻠﻖ‪،‬‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻼﻳﺎ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﰲ ‪‬ﺷ ‪‬ﺮ ‪‬ﻛ ‪‬‬
‫ﻀ ‪‬ﺮ ﻭﺍﻟﻨ‪‬ﻔﻊ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﳌﻨﻊ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻭﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟـﺒﻼﺀ ﰲ‬ ‫ﻭﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﰲ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﻗﹶﻠﺒﹺﻚ‪ ،‬ﻭﻋﺰﻣﻚ ﻋﻨﺪ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻷﻗﻀﻴﺔ ﻭﺍﻷﻗﺪﺍﺭ‪ .‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﻻ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺠﺮﺩ ﻗﻠﺒﻚ ﻟﺮ‪‬ﺑﻚ ﻋـﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻳﺼﻔﻮ ﺳ ‪‬ﺮ ‪‬ﻙ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ‪‬ﻌﹸﻠ ‪‬ﻮ ﳘﺘﻚ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﲢﻘﻖ ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻗﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺣﻢ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﺍﳌﺮﺳـﻠﲔ‬
‫ﺖ‬
‫ﺕ ﻭﻋ ﹸﻈ ‪‬ﻤ ‪‬‬ ‫ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻭﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ‪ .‬ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻟﻚ ﻛﺒ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺕ‪ .‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺇﱃ ﻣﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﺮﺩ‪ ،‬ﺗ ‪‬ﻮﻟﱠﻰ ﻣﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﻮﻟﱠﻰ‪ ،‬ﺗ ‪‬ﻌﻄﹶﻰ‬
‫ﺖ ﻭﹸﻗﺪ‪‬ﻣﺖ ﻭﻭﻟﱢﻴﺖ ﻭﹸﺃ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭ ‪‬ﺭ‪‬ﻓ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌﻄﹶﻰ‪ .‬ﺍﶈﺮﻭﻡ ﻣﻦ ‪‬ﺣﺮﹺﻡ ‪‬ﺳﻤ‪‬ﺎﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻻﳝﺎﻥ ﺑـﻪ ﻭﺍﻻﺣﺘـﺮﺍﻡ‬
‫ﻷﻫﻠﻪ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺹ ‪.١٦٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺡ ﻋﻨـﺪﻱ!‬ ‫"ﻳﺎ ﻣﺸﻐﻮﻟﲔ ﲟﻌﺎﻳﺸﻬﻢ! ‪‬ﻏﻨ‪‬ﻰ ﺍﳌﻌﻴﺸﺔ ﻋﻨﺪﻱ! ﻭﺍﻷﺭﺑـﺎ ‪‬‬

‫ﻚ ﺍﳌﺘـﺎﻉ‬‫ﻭﻣﺘﺎﻉ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻨﺪﻱ! ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻨﺎ ‪‬ﺩ ﺗﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻭﲰﺴﺎ ‪‬ﺭ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻭﻣﺎ‪‬ﻟ ‪‬‬
‫ﺃﺧﺮﻯ‪ .‬ﹸﺃ ‪‬ﻋﻄ‪‬ﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﻘﻪ)‪(...‬‬
‫"ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﲡﺪ ﻋﻨﺪﻩ ﲞﻼ‪ .‬ﻛﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﺮﻑ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻫﺎﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ‪ .‬ﺍﻟﺒﺨﻞ ﻣـﻦ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﻧﻔـﺲ‬
‫ﻑ ﻣﻴ‪‬ﺘﺔ ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﻫﻲ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ ﺇﱃ ﻭﻋـﺪ ﺍﷲ ﻋـﺰ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎ ﹺﺭ ‪‬‬
‫ﻭﺟﻞ ﺧﺎﺋﻔ ﹲﺔ ﻣﻦ ﻭﻋﻴﺪﻩ‪.‬‬
‫"ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﻣﺎ ﺭﺯﻗﺖ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪ ،‬ﻭﺁﺗﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴـﻨﺔ ﻭﰲ ﺍﻵﺧـﺮﺓ‬
‫‪١‬‬
‫ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺗ‪‬ﺮﻯ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ! ﻭﻋﻨﺪﻱ! ﻣﺎ ﻫﻮ ﹶﻃﺒ‪‬ـ ﹲﻞ ﺃﻧـﺎﱐ‬
‫ﻓﺎﺭﻍ‪ ،‬ﺑﻞ ﻫﻲ ﻭﺍﷲ ﻧﻔﺲ ﻋﺎﺭﻑ ﺑﺎﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ‪ ،‬ﻻ ﻳ‪‬ﻌﻈﹸﻢ ﰲ ﻋﻴﻨـﻪ‬
‫ﺴﻤ‪‬ﺴﺮ ﰲ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﻏﲑ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﺍﷲ‪.‬‬ ‫ﺷﻲﺀ ﻏ ‪‬ﲑ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻳﺼﻒ ﺃﻫﻮﺍﻝ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﺳ‪‬ﻌﺎ ‪‬ﺩ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ‪:‬‬
‫( א
ل"‪/6v‬د‪H‬ودو‪- =   ]D‬א€لودو‪ !Z7N]DH‬‬
‫
‪
ْF‬وא‪ Z‚H1
,‬‬
‫وא
‪CH'#‬و‪   t‬وא  ‪%‬‬
‫
(‪ 3‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺎﺋﺮ ﺳﺎﻟﻚ ﻣﻐﺘﺮﺏ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺮﻛﺐ‪:‬‬

‫و‪BX0J
7b‬ض&‪   4G.H‬و‪)2J5‬א =[ ‪=F/% oG‬ن‪P‬א= ‬
‫"ذא!‪4A‬א
(„!‪
0FG&7oH1N&2A   )ƒB‬א‪CnR‬א
‪ (N‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻏﺮﻳﺐ ﺍﳌﺜﻮﻯ‪ ،‬ﻏﺮﻳﺐ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﻫﺎﺋﻢ ﰲ ﻏﻴﺐ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ‪:‬‬

‫‪./7o‬א‪M

o‬ذא(
   ‪./2‬א‪ 
ƒR
X‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٧١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪Ud2‬א‪"   …†o2Jb‬ذא‪50‬אא‪
,b‬ق‪ 
 D3‬‬
‫‪
A‬א‪Mˆ4‬א‪;(   
,2po‬א‪(m‬ن‪'B‬ذא(
 ‬
‫
‪T5]'   ‰CH2%6I0)'5‬א‪B‬א‪ 
<635‬‬
‫ ‪)o%‹G‬אŠ‪ !
' o%OŒ†-T!BW'   !)/%Wْ,K‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪s‬‬
‫? ‪S‬ـ َ‪ُo‬ــ ‪8‬‬ ‫‪" LَG‬ـــ]‪C‬ــ‪3bM r‬ــــ ٍ‪q‬‬
‫‪s‬‬
‫‪t>' 6M‬ــــ ِ& ُ;ــ ‪8‬‬ ‫‪3' 6‬ـ\ ‪3' > 8M‬ــــ‪,‬‬
‫‪s‬‬
‫‪oِ< Syf‬ــــــ ‪3 vx‬ــــــــ ‪8‬‬ ‫ـ ‪lC‬ــــ‪9'3" w‬ـــــ‪ٌv‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ 
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﺑﻨﺎ ﺃﲤﻢ ﻟﻨﺎ ﻧﻮﺭﻧﺎ ﻭﺍﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ‪ .‬ﺇﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ ﺷـﻲﺀ‬
‫ﻗﺪﻳﺮ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻫﺎﺩﻳﻦ ﻣﻬﺘﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻏﲑ ﺿﺎﻟﲔ ﻭﻻ ﻣﻀﻠﲔ‪ .‬ﺳﻠﻤﺎ ﻷﻭﻟﻴﺎﺋﻚ ﻭﻋـﺪ ‪‬ﻭﹰﺍ‬
‫ﻷﻋﺪﺍﺋﻚ‪ .‬ﳓﺐ ﲝﺒﻚ ﻣﻦ ﺃﺣﺒﻚ‪ .‬ﻭﻧﻌﺎﺩﻱ ﺑﻌﺪﺍﻭﺗﻚ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻚ‪.‬‬

‫ﺍﻷﺩﺏ ﻟﻐﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﳉﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺧﺼـﺎﻝ‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﳏﺎﻣﺪ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻨﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﲢﻠﻰ ﲟﺠﺎﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻠﻤﻬﺎ‬
‫ﰒ ﻋﻠﱠﻤﻬﺎ ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻷﺩﻳﺐ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﺍﺻﻄﻼﺡ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺣﻔﻆ ﺁﺩﺍﺏ‬
‫ﺍﳊﻀﺮﺓ ﺍﻹﳍﻴﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺍﻓﺘﺘﺢ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ "ﺑﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ" ﻣﻦ ﺭﺳـﺎﻟﺘﻪ‬
‫ﺑﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻦ ﻧﺒﻴﻪ ﻭﻋﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﻣﻌﺮﺍﺟﻪ‬
‫ﻭﻗﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ‪
:‬ﻣﺎ ﺯﺍﻍ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﻣﺎ ﻃﻐﻰ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻢ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٧ :‬ﻓﻌﺪ ﺛﺒﺎﺕ ﺭﺳﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻗﺪﺱ ﻭﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺘﻪ ﺃﺩﺑﺎ‪ .‬ﻭﻋﻠﻖ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻴﻊ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ‪ .‬ﻗـﺎﻝ‪" :‬ﱂ ﻳﺘﺠـﺎﻭﺯ‬
‫ﺍﻟﺒﺼﺮ ﺣﺪﻩ ﻓﻴ‪‬ﻄﻐ‪‬ﻰ‪ ،‬ﻭﱂ ‪‬ﳝ ﹾﻞ ﻋﻦ ﺍﳌﺮﺋﻲ ﻓﻴﺰﻳ ﹶﻎ‪ .‬ﺑﻞ ﺍﻋﺘﺪ ﹶﻝ ﺍﻟﺒﺼـ ‪‬ﺮ ﳓـﻮ‬
‫ﺐ ﰲ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠـﻰ ﺍﷲ‪،‬‬ ‫ﺍﳌﺮﺋﻲ‪ ،‬ﻣﺎ ﺟﺎﻭﺯﻩ ﻭﻻ ﻣﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﺪﻝ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺑﻜﻠﻴﺘﻪ‪ (...).‬ﻭﻫﺬﺍ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‬
‫ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻓﻴﻪ ﺳﻮﺍﻩ)‪(...‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺧﻔﺎﺭﺓ ﻛﻤﺎﻝ ﺃﺩﺑﻪ ﻣـﻊ ﺍﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻜﻤﻴﻞ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻪ ﻟﻪ ﺣﱴ ﺧﺮﻕ ﺣﺠـﺐ ﺍﻟﺴـﻤﺎﻭﺍﺕ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺟﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻄﺒﺎﻕ‪ ،‬ﻭﺟﺎﻭﺯ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ‪ ،‬ﻭﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﳏﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺏ‬

‫ﺳﺒﻖ ﺑﻪ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ‪ .‬ﻓﺎﻧﺼﺒ‪‬ﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻗﺴﺎ ‪‬ﻡ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﺍﻧﺼـﺒﺎﺑﺎ‪،‬‬
‫ﳊﺠ‪‬ﺐ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ ﺣﺠﺎﺑﺎ ﺣﺠﺎﺑـﺎ‪ .‬ﻭﺃﻗـﻴ ‪‬ﻢ‬ ‫ﻭﺍﻧﻘﺸﻌﺖ ﻋﻨﻪ ﺳﺤﺎﺋﺐ ﺍ ﹸ‬
‫ﻣﻘﺎﻣﺎ ﹶﻏﺒ‪‬ﻄﻪ ﺑﻪ ﺍﻷﻭﻟﻮﻥ ﻭﺍﻵﺧﺮﻭﻥ‪ .‬ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻠﻰ ﺻﺮﺍﻁ ﻣﺴـﺘﻘﻴﻢ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺃﺩﺑﻪ ﻣﻊ ﺍﷲ‪ ،‬ﻣﺎ ﺯﺍﻍ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﻣﺎ ﻃﻐﻰ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﺳﲎ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﺭﺑﻪ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﻭﻛﻠﻔﻪ ﻭﺷﺮﻓﻪ‪ ،‬ﺗﺘﻤﻴﻤﺎ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﳌﱠﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺟـﻊ‬
‫ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻛﻤـﺎﻝ ﺍﶈﺎﻣـﺪ‪،‬‬
‫ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻣﺘﻪ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﺭﺑﻪ ﻭﺃﺩﺑﻪ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﻤﻌﺎﱐ ﻋﻦ‬
‫ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺃﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺃﺩﺑﲏ ﺭﰊ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺗﺄﺩﻳﱯ"‪.‬‬
‫ﺏ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺒﺘﺪﺉ ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﺗ‪‬ﺒﺎﻋﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬ ‫ﻓﺄ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻋﻦ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﻊ ﳏﺒﺘﻪ ﻭﻃﺎﻋﺘﻪ‪ .‬ﻓﺎﻷﺩﺏ ‪‬ـﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻌﲎ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻳﺸﻤﻞ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﻨﻴﺔ‪ .‬ﻳﺸﻤﻞ‬
‫ﺁﺩﺍﺏ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺍﶈﺴﻨﲔ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ‪ ،‬ﻛ ﱞﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺪﺭﺟﺘﻪ‬
‫ﻭﺣﻈﻪ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ ﻭﻣـﻊ‬
‫ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭﻣﻊ ﺍﳋﻠﻖ ﻛﺎﻓﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﻈﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺣﱴ‬
‫ﻳﺆﺩﻭﺍ ﻣﺮﺍﺳﻴﻢ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﳑﺎ ﻓﺮﺿ ‪‬ﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻧﺪﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻭ‪‬ـﻰ ﻋﻨـﻪ‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٨٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺠﻠﱢﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﺍﻟـﺪﺍﺋﻢ‬ ‫ﻭﻛﺮﻫﻪ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺮﺳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺭﻉ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻳﻮﻓﱢﻴﻬﺎ ﻫﻀﻢ ﺣﻖ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺰﺍﺋﻐﺔ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴـﺔ ﺑﻄﺒﻌﻬـﺎ‬
‫ﻭﻫﻮﺍﻫﺎ ﻟﻴ‪‬ﺼﺎﻥ ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﷲ ﻭﺣﻖ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻒ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺍﳌﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻴـﻪ‬ ‫ﺍﻷﺩﺏ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻳﹸﻠ ‪‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﻨﻔﻞ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﻟﻮﺍﺛﻘﺔ ﰲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻮﱢﻓ ‪‬ﻲ ﻟﻪ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ‬
‫ﺏ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﺍﺛﻖ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﹶﻪ ﻭﺃﺧﻼﻗﹶﻪ‬ ‫ﺍﲰﻪ ﻣﺎ ﻭﻋﺪ‪ .‬ﻳﻜﺘﻨﻒ ﺍﻷﺩ ‪‬‬
‫ﻭﺧﻠﺠﺎﺕ ﻗﻠﺒﻪ ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﳌﺼﺤﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻟﻪ ﻋﻠـﻰ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﻼﻗﺘـﻪ‬
‫ﺑﺎﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﳌﺮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺬﻛ ﹺﺮ‬
‫ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ‪ .‬ﻣﻨﺒﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺭﻗﻴﻖ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﻭﺻﺎﺩﻕ ﲢ‪‬ﺒﺒﹺـﻪ‬
‫ﻭﳎﺎﻣﻠﺘﻪ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺟﻔﺎﺀ ﻭﺟﻔﻮﺓ‪ ،‬ﺃﻭ ﺳﻄﺎ ﻋـﺪﻭﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳍﹶﻠﻮﻋﺔ ﺍﳌﻨﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﹶﻓﻴ‪‬ﻀﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻜﺪ‪‬ﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻔﻮ ﻭﺃﺯﻋﺞ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺙﹶ‪ ،‬ﻓﲑﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺇﱃ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻟ‪‬ﺴـﻮﺀ‬
‫ﺃﺩﺑﻪ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺑﲔ ﻃﺎﻋﺔ ﻭﻧﻌﻤﺔ ﺗﻮﺟﺒﺎﻥ ﺍﻟﺸﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺑﲔ ﻗﻀﺎﺀ ﻭﻗـﺪﺭ‬
‫ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﺍﻟﺼﱪ‪ ،‬ﻭﺑﲔ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻭﺗﻘﺼﲑ ﻭﻏﹶﻔﻠﺔ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﻳﻔﺮ ﻣﻨـﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍ‪‬ﺪﺩﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ‪ .‬ﻓﻬﻮ ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻻﺗﻪ ﻣﺘﻨﻘـﻞ ﻻ‬
‫ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﻟﺸﻌﻮﺭ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﳊﺮﻛﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻟﻔﻆ ﻟﺴﺎﻥ ﺇﱃ ‪‬ﺧﻔﹾﻖ‬
‫ﺟﻨﺎﻥ‪ .‬ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ‪ ،‬ﻳﺮﺟﻊ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﺷـﺄﻥ‬
‫ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﻪ‪ ،‬ﺍﶈﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺃﻭﻗﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﻛﻼﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﰲ ﲨﻠﺘﻪ ﺇﱃ ﻗﻬﺮ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‬

‫ﻭﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﳌﺴﻴ‪‬ﺐ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻲ ﺍﳉﻠﻴـﻞ‪:‬‬
‫ﺏ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻭ‪‬ﻴﻪ‪ ،‬ﻛـﺎﻥ‬ ‫"ﻣﻦ ﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺘﺄ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﻋﺰﻟﺔ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ‪" :‬ﳓﻦ ﺇﱃ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ‬
‫ﺃﺣﻮﺝ ﻣﻨﺎ ﺇﱃ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ‪" :‬ﺍﻷﺩﺏ ﻟﻠﻌﺎﺭﻑ ﻛﺎﻟﺘﻮﺑـﺔ‬
‫ﻟﻠﻤ‪‬ﺴﺘﺄﻧﹺﻒ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺘﺴﺘ‪‬ﺮﻱ‪" :‬ﻣـﻦ ﻗﻬـﺮ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺒ‪‬ﺪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺎﻹﺧﻼﺹ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺍﺳﺘﻌﺎﻧﻮﺍ ﺑﺎﷲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻓﺼﱪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺏ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ‪" :‬ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣ ‪‬ﻊ ﺍﳌﺴﺘﺤﺴﻨﺎﺕ"‪ .‬ﻗﻴﻞ ﻟﻪ‪ :‬ﻭﻣـﺎ‬
‫ﻣﻌﻨﺎﻩ؟ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺃﻥ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﺳﺮﺍ ﻭﻋﻠﻨﺎ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻛـﺬﻟﻚ‬
‫ﻛﻨﺖ ﺃﺩﻳﺒﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺠﻤ‪‬ﻴﹰﺎ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺪﻗﺎﻕ‪" :‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﻙ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻮﺟﺐ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻄﺮﺩ‪ ،‬ﻓﻤـﻦ‬
‫ﺃﺳﺎﺀ ﺍﻷﺩﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ ‪‬ﺭ ‪‬ﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺎﺀ ﺍﻷﺩﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺭ‪‬ﺩ‬
‫ﺇﱃ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ"‪.‬‬
‫ﺴﺮ‪‬ﺍﺝ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻓﻘﺴـﻤﻬﻢ ﺛـﻼﺙ‬ ‫ﻭﺫﻛﺮ ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻄﻮﺳﻲ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻃﺒﻘﺎﺕ‪ :‬ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺃﻫﻞ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺄﻣﺎ ﺃﻫـﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺁﺩﺍ‪‬ﻢ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺃﲰﺎﺭ ﺍﳌﻠـﻮﻙ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﺈﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺁﺩﺍ‪‬ﻢ ﰲ ﺭﻳﺎﺿﺔ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺗﺄﺩﻳﺐ ﺍﳉـﻮﺍﺭﺡ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻃﻬﺎﺭﺓ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺣﻔﻆ ﺍﳊﺪﻭﺩ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ‪،‬‬

‫ﻭﲡﺮﻳﺪ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﱃ ﺍﳋﲑﺍﺕ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺁﺩﺍ‪‬ﻢ ﰲ ﻃﻬﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ‬
‫ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮﺩ‪ ،‬ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﳋـﻮﺍﻃﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺏ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺍﺭﺗﻘﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﰲ ﺳﻠﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﻕ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﳛﲕ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﺫ‪.‬‬ ‫ﻕ ﻭﺃﺭ ‪‬‬‫ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺩ ‪‬‬
‫"ﺇﺫﺍ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺃﺩﺑ‪‬ﻪ ﻣﻊ ﻣﻌﺮﻭﻓﻪ ﻓﻘﺪ ﻫﻠﻚ ﻣـﻊ ﺍﳍـﺎﻟﻜﲔ"‪ .‬ﻭﳋﱠـﺺ‬
‫ﱯ ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﺧﲑ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻓﻘﺎﻝ‬ ‫ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻨﻔﺴ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻭﺃﺧﻄﺎﺭ ﺳﻮﺀ ﺍﻷﺩﺏ ﻓﻴﻪ‪" :‬ﻣﻮﺍﻫﺐ ﺍﻟﺮﺏ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌـﺎﱃ‬
‫ﺗﱰﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺴﺘﺮﻕ ﺍﻟﺴﻤﻊ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻧﺰﻟـﺖ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺼ‪‬ﻴﺮ‪‬ﻩ ﻣـﻦ ﻋ‪‬ـﺪ‪‬ﺎ‬
‫ﺖ ﻟﺘﺄﺧﺬ ﻗﺴﻄﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ‪ ،‬ﻭ‪‬ﹶﺛ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻭﺣﻮﺍﺻﻠﻬﺎ‪ .‬ﻓﺎﳌﺴﺘﺮﺳ ﹸﻞ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﺍﳉﺎﻫﻞ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻳ ‪‬ﺪﻋ‪‬ﻬﺎ ﺗﺴﺘﻮﰲ ﺫﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺒﻴﻨﺎ ﻫﻮ ﰲ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻋ‪‬ﺪﺓ ﻭﻗﻮﺓ ﻟـﻪ‪ ،‬ﺇﺫ ﺻـﺎﺭ‬
‫ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﺻﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺁﻟﺘﻬﺎ ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬ﺪﺩ‪‬ﻫﺎ‪ .‬ﻓﺼﺎﻟﺖ ﺑﻪ ﻭﻃﻐﺖ‪ ،‬ﻷ‪‬ـﺎ‬
‫ﺭﺃﺕ ﻏﻨﺎﻫﺎ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻄﻐﻰ ﺃﻥ ﺭﺁﻩ ﺍﺳﺘﻐﲎ ﺑﺎﳌﺎﻝ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﲟـﺎ ﻫـﻮ‬
‫ﺃﻋﻈ ‪‬ﻢ ﺧﻄﺮﺍ ﻭﺃﺟـﻞ ﻗﺪﺭﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﲟﺎ ﻻ ﻧﺴﺒﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺃﻭ ﺣﺎﻝ‬
‫ﺃﻭ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﻛﺸﻒ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺻﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺎﺻﻠﻬﺎ ﺍﳓﺮﻑ ﺍﻟﻌﺒـﺪ ﺑﻪ ‪-‬ﻭﻻ‬
‫ﻑ ﻣﺬﻣﻮﻡ ﻣﻦ ‪‬ﺟﺮ‪‬ﺃﺓ ﺃﻭ ﹺﺇ ‪‬ﺩ ﹶﻻ ﹴﻝ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ"‪.‬‬ ‫ﺑﺪ‪ -‬ﺇﱃ ﻃ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻮﺍﷲ ﻛﻢ ﻫﻬﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺘﻴﻞ ﻭﺳﻠﻴﺐ ﻭﺟﺮﻳﺢ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﻣـﻦ ﺃﻳـﻦ‬

‫ﺻ‪‬ﺒﺖ‪‬؟ ﻭﺃﻗ ﹼﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻣﺎﻥ‬
‫ﺃﹸﺗﻴﺖ‪‬؟ ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺩ‪‬ﻫﻴﺖ‪‬؟ ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃ ‪‬‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻐﻠﻖ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺰﻳﺪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﺇﺫﺍ ﻧﺎﻟﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳓﺮﻓـﻮﺍ ﺇﱃ‬
‫ﺱ‬
‫ﻑ ﺍﻟ ﱡﺬ ﱢﻝ ﻭﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ ﻭﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻋﻴﻮﺏ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﺍﺳـﺘﺪﻋﻮﺍ ﺣـﺎﺭ ‪‬‬ ‫ﹶﻃ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﳋﻮﻑ‪ ،‬ﻭﺣﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﲟﻼﺯﻣﺔ ﺍﻟﺜﻐ‪‬ﺮ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺑـﲔ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‪،‬‬
‫ﻭﻧﻈﺮﻭﺍ ﺇﱃ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻛﺮﻣ‪‬ﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺃﺩ‪‬ﻧﺎﻫﻢ ﻣﻨـﻪ‬
‫ﻭﺳﻴﻠ ﹰﺔ ﻭﺃﻋﻈﻤﻬﻢ ﻋﻨﺪﻩ ﺟﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺩﺧﻞ ﺇﱃ ﻣﻜﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻭﺫﹶﻗﻨ‪‬ﻪ ﲤـﺲ‬
‫ﺱ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﺟﻪ ﺍﳔﻔﺎﺿﹰﺎ ﻭﺍﻧﻜﺴﺎﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺍﺿﻌﺎ ﻟﺮﺑﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ‬ ‫ﻗﺮﺑ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﱵ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﳝﻠ‪‬ﻜﻬ‪‬ﺎ ﺳﺮﻭﺭ‪‬ﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻓﺮﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻭﺍﻟﻈﻔﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺻﺎﻥ ﻓﺘﺤﻪ ﻭﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻭﺍﺭﺍﻩ ﻋﻦ ﺍﺳـﺘﺮﺍﻕ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﲞﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻣﻦ ﺟﺎﺩ ﳍﺎ ﺑﻪ‪ .‬ﻓﻴﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻮﺩ ﻣﺎ ﺃﻗﺒﺤﻪ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﲰﺎﺣﺔ ﻣﺎ ﺃﺳﻔﻪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﻥ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳌﻴ‪‬ﺎﻟﺔ ﻟﻠﻔﺮﺡ ﺑﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﻠﻄﻐﻴـﺎﻥ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺍﺳﺘﻐﻨﺖ ﺧﺎﻑ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﳌﺮﺑﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻮﻗﻔﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﲑ ﻭﺗﺰﻳﻐﻪ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﺑﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺇﻥ ﻓﺎﺟﺄﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺰ ﹸﻛ ‪‬ﻮ ﻧﻔﺴـﻪ ﻭﺗﺮﺗﻔـﻊ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺩﻭﻥ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣـﻦ‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٩٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ "ﻣﻦ ﺳﺒﻖ‬
‫ﻓﺘﺤﻪ ﺟﻬﺎﺩﻩ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻻ ﻳﺄﰐ ﻣﻨﻪ ﺭﺟﻞ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻳﺎ ﻗـﻮ ‪‬ﻡ‪ .‬ﺩﻋـﻮﺍ ﻋـﻨﻜﻢ‬
‫ﺱ ﺃﻧﺖ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻨﻚ‬ ‫ﱐ ﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ‪ (...).‬ﺍ‪‬ﺧ ‪‬ﺮ ‪‬‬ ‫ﺍﳍﻮﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷﻣﺎ ﱠ‬
‫ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻄﻘﻚ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﻙ ﻷﻣﺮ ﻫﻴﺄﻙ ﻟﻪ‪ .‬ﺻﺤﺒﺘ‪‬ﻪ )ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺍﻷﺩﺏ‬
‫ﺱ ﻛﻠ ‪‬ﻲ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﰎ ﺍﳋﺮﺱ ﳚﻲﺀ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻣﻨﻪ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺃﻭ ﻳﺪﱘ ﺫﻟـﻚ‬ ‫ﻣﻌﻪ( ﺧﺮ ‪‬‬
‫ﲔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻵﺧﺮﺓ‪.‬‬ ‫ﺇﱃ ﺣ ﹺ‬
‫"ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﲎ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﻦ ﻋـﺮﻑ ﺍﷲ ﻛـ ﱠﻞ‬
‫ﻟﺴﺎﻧ‪‬ﻪ"‪ .‬ﻳﻜ‪ ‬ﹼﻞ ﻟﺴﺎﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺷـﻲﺀ ﻣـﻦ‬
‫ﲏ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻏـﲑﻩ‪.‬‬ ‫ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ‪ .‬ﻳﺼﲑ ﻣﻮﺍﹶﻓ ﹶﻘ ﹰﺔ ﺑﻼ ﻣﻨﺎﺯﻋﺔ‪ .‬ﻳ ‪‬ﻌﻤ‪‬ﻲ ﻋﻴ ‪‬‬
‫ﻳﺘﻤﺰﻕ ﺳﺮ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻼﺷﻰ ﺃﻣﺮ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻔﺮﻕ ﻣﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻭﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﳜـﺮﺝ‬
‫ﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻩ ﻭﺁﺧﺮﺗﻪ‪ .‬ﻳﺬﻫﺐ ﺍﲰ‪‬ﻪ ﻭﺭﲰ‪‬ﻪ‪
.‬ﰒ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺀ ﺃﻧﺸﺮﻩ‪.‬‬
‫"ﻳﻮ ﹺﺟﺪ‪‬ﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﻘﺪ‪ ،‬ﻳﻌﻴﺪﻩ ﺧﻠﻘﺎ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﻳﻔﻨﻴﻪ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ‪ ،‬ﰒ ﻳﻌﻴﺪﻩ ﺑﻴﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻟﻴﻄﻠﺐ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ‪ .‬ﰒ ﻳﻌﻴﺪﻩ ﻟﻴﺪﻋ ‪‬ﻮ ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻐﲎ‪ .‬ﺍﻟﻐﲎ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﻐﲎ ﺑﺎﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﺑﻐﲑﻩ‪ .‬ﺍﻟ ‪‬ﻐﹺﻨ ‪‬ﻲ ﻣﻦ ﻇﻔﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻘﺮﺏ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﻘﲑ ﻣـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋ ‪‬ﺪ ‪‬ﻡ ﺫﻟﻚ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺣﺎﺋﺮ ﰲ ﺳﲑﻩ‪ ،‬ﻣﺪﻫﻮﺵ ﳌﺎ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ‪:‬‬
‫"ن(‪G !M2‬د‪   AO!ŽB‬و!‪ 
$ !‰e
H GH‬‬
‫ ‪ 
q‬‬‫'‪   3f(
MDL‬و‪ MDL'I‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.١٧٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻫﺎﺋﻢ ﰲ ﲝﺎﺭ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ‪:‬‬

‫‪
N H/A‬ض‪B-!NH<W%oDHG‬ضŽ‪W/D‬ن   ‪HWGH<p)0PHn%‬نŽ ‬
‫‪   PHW‬و‪Z‬ذ<‪R‬א‪H
GH‬אن ‬ ‫و ‘א
و‪D#‬א ‪%‬‬
‫و‪D‬د‪I6:‬مא)‪CD0‬א‪>   PHW%‬و‪Io0‬م‪P‬‬
‫אن! ‬
‫و"ن‪mOB‬אא^‪H%‬ن‪PMْ- Hƒ   ]“H5‬א‪”]2‬א'‪ D“t5‬‬
‫'‪i‬ن^•‪   3
0
D!]'I7W7‬و"ن^•‪
G6!W7‬א‪q5&'5‬א‪ D‬‬
‫‪!]/‬ن‪/Wo‬א>!‪2'   Cً ND-‬د‪HgF
:<%‬א
אمא€‪ D‬‬

‫ﺴﺮ‪‬ﺍ ‪‬ﻩ‪:‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﻃﻴ‪‬ﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﺮﻑ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻋﺮﻑ ﺍﳋﻠ ‪‬ﻖ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫‪p
7oHA‬د<
‪TH
U
,'   )2#Š%0‬د<
و‪
f‬א‪ D‬‬
‫'‪LoA‬لא‪X‬م‪H‬א ‪H%W6G‬د‪   GpBH H‬و!‪DH‬؟
'‪ D‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪Lِtُ_ y a8Wtَ;]M‬‬ ‫‪َG‬ـ'\ـــــ ِ ّ[ ‪8M‬ـــــ‪ِ$‬‬
‫‪8a3‬ـ‪'3 3‬ــ‪I3> V‬ـــ‪L‬‬ ‫‪3 M‬ـ ‪) [ّ {3‬ـ_‪S‬ــ‪Co‬ــــ‪ْJ‬‬
‫‪_M‬ــ‪SG‬ـــــ‪ْ]5M v‬ـــــــ‪C‬‬ ‫ <‪+‬ــ‪C‬ــــــ[‬
‫‪_M‬ــ‪8 QY‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"
!  ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻯ ﻣﻦ ﺭ‪‬ﻢ ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ ﺍﳌﻔﻠﺤـﻮﻥ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻚ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳉﹸﻬﺪ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺘ‪‬ﻜﻼﻥ‪.‬‬

‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺃﻭ ﹺﺭ ‪‬ﺩ ﳕﺎﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ‬

‫ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ .‬ﺃﺑﺪﺃﹸﻫﺎ ﺑﻮﺻﻴﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺑﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺒـﺎﻗﺮ‬
‫ﺑﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﳊﺴﲔ ﺑﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻣـﲑ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻠﻲ‪ .‬ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﺒﺘـﻮﻝ ﻭﻋـﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴـﺖ‬
‫ﺍﳌﻄﻬﺮﻳﻦ ﺗﻄﻬﲑﺍ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻋﻨﺎﻳﺔ ﳐﺼﻮﺻﺔ ﻣﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺃﻭﻟﻴﺎ ُﺀ ﻓﻌﻠ ‪‬ﻲ ﻭﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﻃﻬﺎﺭ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﰊ‬
‫ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻭﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺛﺎﻟﺚ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺐ ﻛﻞ ﺗﻘﻲ ﻭﱄ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺟﺪ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ ﺃﻥ ﳛﺐ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‬ ‫ﻭﻭﺍﺟ ‪‬‬
‫ﻋﻤﻼ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺣﺒﻮﺍ ﺍﷲ ﳌﺎ ﻳﻐﺬﻭﻛﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﻌﻤـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﺃﺣﺒﻮﱐ ﳊﺐ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺃﺣﺒﻮﺍ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﱵ ﳊﱯ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻋﻦ‬
‫ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪ .‬ﻭﻟﻘﻮﻟـﻪ ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺼـﻼﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ‪" :‬ﺇﱐ ﺗﺎﺭﻙ ﻓﻴﻜﻢ ﹶﺛﻘﹶﻠﲔ‪ :‬ﺃﻭﳍﻤﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻓﻴﻪ ﺍﳍﺪﻯ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﻣﻦ‬
‫ﺍﺳﺘﻤﺴﻚ ﻭﺃﺧﺬ ﺑﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﺪﻯ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺃﺧﻄﺄ ﺿﻞ‪ .‬ﻓﺨﺬﻭﺍ ﺑﻜﺘـﺎﺏ‬
‫ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺍﺳﺘﻤﺴﻜﻮﺍ ﺑﻪ‪ .‬ﻭﺃﻫ ﹶﻞ ﺑﻴﱵ‪ .‬ﹸﺃ ﹶﺫ ﱢﻛﺮ‪‬ﻛﻢ ﺍﷲ ﰲ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﱵ! ﹸﺃ ﹶﺫ ﱢﻛ ‪‬ﺮ ﹸﻛ ‪‬ﻢ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﷲ ﰲ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﱵ!" ﻋﺰﺍﻩ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﰲ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ‬
‫ﲪﻴﺪ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺭﻗﻢ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻴﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺭﲪﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﻭﺗﺬﻛﲑﻩ ﺍﷲ ﺇﻳﺎﻧﺎ ﰲ ﺃﻫـﻞ‬
‫ﺑﻴﺘﻪ ﻧﻠﺘﻔﺖ ﻓﻨﺠﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻨـﺎ ﺃﻥ ﻧﻠـﺘﻤﺲ‬
‫ﺚ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺷﻴﻌﺔ ﻭﺳﻨﺔ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﺴﺮ ﺃﺷﺮﻑ ﻭﻻ‬ ‫ﺟﺴﻮﺭﺍ ‪‬ﻟﹶﻠ ‪‬ﻢ ‪‬ﺷ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﺃﻃﻬﺮ ﻭﻻ ﺃﻣﱳ ﻣﻦ ﳏﺒﺔ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻵﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠـﻰ ﺁﻝ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻳﺮﺟﺢ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﺘﻘﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ ﺍﳌـﻮﺍﱄ ﻷﻭﻟﻴﺎﺋـﻪ‬
‫ﺍﳌﻌﺎﺩﻱ ﻷﻋﺪﺍﺋﻪ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻤ‪‬ﻞ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ ﺍﳉﺎﺩ ﰲ ﺗـﺮﺟﻴﺢ ﻭﺣـﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺘﺎ‪‬ﺎ ﻭﺗﺮﺟﻴﺢ ﲨﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻗﺘﻬﺎ‪ .‬ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴـﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋـﺔ‬
‫ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳ‪‬ﺴﻲﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ‪‬ﺳ ‪‬ﻤ ‪‬ﻲ ﺷﻴﻌﺔ ﻭﻳ‪‬ﻔﻴﺾ ﻛﺮﺍﻫﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻑ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻵﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ .‬ﻭﺇﻧـﻚ ﻟﺘﻘـﺮﺃ‬ ‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ‪‬ﻟﻤ‪‬ﺎ ‪‬ﻋ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻄﻮ‪‬ﻻﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﰲ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺘﺸﻴﻊ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺻﻠﺘﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎ‬
‫ﺺ‪.‬‬
‫ﺹ ﻭ ‪‬ﺭ ‪‬ﻫ ‪‬‬‫ﻫﻮ ﺇﻻ ‪‬ﺧ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﻟﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺭﻭﺍﻓﺾ‪ ،‬ﻗﺎﺗﻠﻬﻢ ﺍﷲ‪ ،‬ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ‬
‫ﻭﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻭﻳﻔﺸﻮ ﰲ ﻋﻮﺍﻡ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺩﺍﺀ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﺍﻟﺮﻓﻀ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻮﺑﻴﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﺬﻧﺐ‬
‫ﺫﻧﺐ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ ،‬ﺣﺎﺷﺎﻫﻢ‪ .‬ﻭﻟﺌﻦ ﻛـﺎﻥ ﰲ ﻋﻠـﻮﻡ ﺍﻟﺸـﻴﻌﺔ‬
‫ﻭﺭﻭﺍﻳﺎ‪‬ﻢ ﺗﻘﻠﱡﺺ ﻓﻤﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺳـﻲ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﺱ ﺷﻴﻌﺘﻬﻢ ﺑﺎﻧﻔﻌﺎﻝ ﻳﻔﺴﺮﻩ ﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻳﻔﺴﺮ‬ ‫ﻻﺣﻖ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﳌﻄﻬﺮﻳﻦ ﻓﺎﻧﺪ ‪‬‬
‫ﻫﻮ ﻧﻔﻮﺭ‪‬ﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻣﻨﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﺍﳉﻌﻔـﺮﻱ ﺍﻟـﺬﻱ‬

‫ﻳﻌﺘﻤﺪﻩ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﺸﺎﺭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺭﻭﻯ ﻋﻨـﻪ ﺃﺑـﻮ‬
‫ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ ﻣﺴﻨﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ ﻭﺗﺘﻠﻤﺬ ﻟﻌﻤﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺰﻳﺪﻱ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻠﻤﺬ ﻟﻌﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﳌﺜﲎ ﺑـﻦ‬
‫ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺴﺒﻂ‪.‬‬
‫ﻭﹶﻟﹺﻨ ‪‬ﻌ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻷﻛﱪ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻭﺍﱃ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺳﺎﻧﺪﻫﻢ ﰲ ﻗﻮﻣﺎ‪‬ﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﲏ ﺃﻣﻴﺔ ﻭﺑﲏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ‪ .‬ﺳـﺎﻧﺪ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪﺍ ﰲ ﻗﻮﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺳﺎﻧﺪ ﳏﻤﺪﺍ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺰﻛﻴﺔ ﻭﺃﺧـﺎﻩ ﺇﺑـﺮﺍﻫﻴﻢ ﰲ‬
‫ﻗﻮﻣﺘﻬﻤﺎ ﺣﱴ ﻗﺎﻝ ﻭﻗﺪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺰﻛﻴـﺔ‪" :‬ﺧﺮﻭﺟـﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﻳ‪‬ﻀﺎﻫﻲ ﺧﺮﻭﺝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻡ ﺑﺪﺭ"‪.‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﳛﻔﻈﻮﻥ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ ﰲ‬
‫ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻳﻌﻈﻤﻮﻥ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﻌﻈﻴﻤﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﻓـﺎﻋﻲ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﻭﻋﻈـﺘﻢ‬
‫ﴰ ﹶﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺈﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ‪ ،‬ﻭﺧﺬﻭﺍ ﺑﺎﻟﺘﻠﻮﻳﺢ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎ ‪‬ﻙ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭ ﱠ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺤﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‪ .‬ﻭ‪‬ﺎ ﻭﺍﷲ ﻳ‪‬ﺼﻠﺢ ﺍﷲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻰ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﻠﻮﺍﻋﺞ ﺣﺐ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻓﺠـﺎﺋﻊ‬
‫ﺤﺴ‪‬ﺒﹰﺎ ﻟﻼﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺭﺳﻪ ﻣﻠـﻮﻙ ﺑـﲏ‬ ‫ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﺂﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ .‬ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺻﺮﺡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﺎﻝ ‪» :‬ﺍﳊﺴﲔ‬
‫ﻉ ﻓﻴـﻪ‪ ،‬ﻓﻐـﺎﺭﺕ‬ ‫ﺖ ﺑﺸﺮ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻪ ﺣﻘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧﺰﺍ ‪‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻃﻠ‪‬ﺒ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻧﻈﺮ ﻛﺘﺎﺏ "ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ" ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺃﰊ ﺯﻫﺮﺓ ﺹ ‪ ١٨٠‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.١٠٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺮﻓﻌﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﺇﱃ ﻣﻘﻌﺪ ﺻﺪﻕ)‪ (...‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﹺﺭ ﹾﻓ ‪‬ﻌ ﹰﺔ‬
‫ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻇ ﹶﻔ ‪‬ﺮ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﺧﺰﻳﺎ ﳍﻢ"‪.‬‬
‫ﺕ ﺷﻌﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺮﻭﺍﻓﺾ‪،‬‬ ‫ﻭﳒﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﲪﻼ ‪‬‬
‫ﻭﺇﺷﺎ ‪‬ﺩ ﹰﺓ ﲟﻘﺎﻡ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﲨﻌﲔ‪ .‬ﰒ ﳒﺪ‬
‫ﻋﻨﺪﻩ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺗﻪ ﺇﺧﺒﺎﺭﺍ ﻓﺮﻳﺪﺍ ﻣﻦ ﻛﺸﻔﻪ ﺍﳋﺎﺹ‪ .‬ﻳﻌﻄﻴﻨـﺎ ﻫـﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﺸﻔﻲ ﺟﺴﺮﺍ ﺇﺿﺎﻓﻴﺎ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﹶﻓﺮ‪‬ﺽ ﺣﺐ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻓﺮﺽ‬
‫ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺗﺴﻠﱠﻢ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﳌﻌـﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﺼـﺪﻕ ﻭﻻ‬
‫ﺗﻜﻮﻥ ﺷﺮﻋﺎ ﻷﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻓﻨﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﻜﺸﻒ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺣﲔ ﻛﺘﺐ ﺃﻥ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺗﺒﺘﺪﺉ ﻣﻦ ﺃﺏ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻭﲤﺘﺪ ﻋﱪ ﺍﻷﺋﻤـﺔ ﻣـﻦ ﺁﻝ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳ‪‬ﻌﺘﱪﻩ ‪‬ﻋﻤ‪‬ـ ‪‬ﺪ ﹶﺓ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬
‫ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺴ‪‬ﻮ‪‬ﻢ‪ ،‬ﺣﱴ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻻ "ﻧﺎﺋﺒﹰﺎ ﻣﻨﺎﺏ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻗـﺪﺱ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﷲ ﺳﺮﻩ)‪ (...‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﺇﻥ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻣﺴﺘﻔﺎ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﺲ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻗﲑﻩ‪ ،‬ﻭﺷﻬﺪ ﺍﻟﻜﻞ‬
‫ﲜﻼﻟﺔ ﻗﺪﺭﻩ‪ :‬ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ‪ ،‬ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺑﻌـﺪﻩ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﻫﺬﺍ ﻛﺸﻒ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻳﺮﺑﻄﻪ ﺭﺑﻄﺎ ﻭﺛﻴﻘـﺎ ﺑﺄﺋﻤـﺔ ﺁﻝ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﺎﻥ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﺸـﻴﺦ‬
‫ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻭﻛﺜﲑ ﻏﲑﻫﻢ‪ .‬ﻓﺎﳌﺮﺟﻮ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺟﻞ‬
‫ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺸﻤﺔ ﻧﺒﻮﻳﺔ ﺑﱪﻛﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﳏﻤﺪ ﻭﺁﻝ ﳏﻤﺪ ﺣﱴ ﺗﺘﻮﺣﺪ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١٨٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ ﳏﻤﺪ ﻣﺘﺠﺎﻭﺯﺓ ﻋﺼﻮﺭ ﺍﻟﻜﺪﺭ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋ‪‬ﻔﻴﺔ‪ .‬ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﳏﻤﺪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺟﺎﺀ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺯﺍﺋﺮﺍ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ ﰲ ﺑﻌﺾ ﲢﺮﻛﺎﺕ ﺁﻝ‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻓﺘﻮﺳﻞ ﺇﱃ ﻟﻘﺎﺋﻪ ﺭﺟﻞ ﻳ‪‬ﺴﻤ‪‬ﻰ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻠﻘﺔ ﺇﻣـﺎﻡ‬
‫ﺩﺍﺭ ﺍﳍﺠﺮﺓ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﺳﺄﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺯﺍﺋﺮﻩ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺘـﻪ‬
‫ﻒ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﻗﻠﺒﻚ ﻭﻳﺮ ‪‬ﺯﻗﹶﲏ ﻣﻦ ﻋﻠﻤـﻚ"‪ .‬ﻗـﺎﻝ‬ ‫ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﺳﺄﻟﺖ ﺍﷲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ﱢﻄ ‪‬‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ! ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﻧﻮﺭ ﻳﻘﻊ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻣﻦ‬
‫ﻳﺮﻳﺪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﻳﻬﺪﻳﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻮ ‪‬ﻡ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺁﻟﺘ‪‬ﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻻ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺑﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻭﺗﻌﻠﻢ ﻭﺩﺭﺍﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻓﺈﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺎﻃﻠـﺐ ﰲ ﻧﻔﺴـﻚ ﺃﻭﻻ ﺣﻘﻴﻘـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‪ .‬ﻭﺍﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﺳـﺘﻌﻤﺎﻟﻪ‪ .‬ﻭﺍﺳـﺘﻔﻬﻢ ﺍﷲ ﻳ‪‬ﻔﻬﻤـﻚ"‪ .‬ﻗـﺎﻝ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﺮﺷﺪ‪ :‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ‪ :‬ﺃﻥ ﻻ ﻳ‪‬ـﺮ‪‬ﻯ ﺍﻟﻌﺒـ ‪‬ﺪ‬
‫ﻚ‪ .‬ﻳ ‪‬ﺮﻭ‪‬ﻥ ﺍﳌـﺎ ﹶﻝ‬
‫ﷲ ‪‬ﻣﻠﹾﻜﺎﹰ‪ ،‬ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺒﻴ ‪‬ﺪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﻢ ‪‬ﻣ ﹾﻠ ‪‬‬‫ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ‪‬ﺧ ‪‬ﻮﹶﻟ ‪‬ﻪ ﺍ ُ‬
‫ﻣﺎ ﹶﻝ ﺍﷲ‪ ،‬ﻳﻀﻌﻮﻧﻪ ﺣﻴﺚ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﺪﺑﺮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺗﺪﺑﲑﹰﺍ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒ ‪‬ﺪ ﺍﳌﻮﻓﻖ ﻻ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺘﺨﺬ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻭﳚﻌﻞ ﺍﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﷲ ﺑﻪ ﻭ‪‬ﺎﻩ ﻋﻨﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺈﺫﺍ ﱂ ﻳﺮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﻮ‪‬ﻟﻪ ﺍﷲ ﻣ‪‬ﻠﻜﺎ ﻫﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻧﻔـﺎﻕ‬
‫ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻨﻔ‪‬ﻖ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻓﻮﺽ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺗﺪﺑﲑ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﱃ ﻣـﺪﺑ‪‬ﺮﻩ ﻫﺎﻧـﺖ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺼﺎﺋﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻐﻞ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﲟﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﷲ ﻭ‪‬ﺎﻩ ﻻ ﻳﺘﻔـﺮﻍ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳌ‪‬ﺮﺍﺀ ﻭﺍﳌﺒﺎﻫﺎﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ"‪.‬‬
‫ﺲ‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﺒﺪ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻫﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ ﻭﺇﺑﻠـﻴ ‪‬‬
‫ﻭﺍﳋﻠ ‪‬ﻖ‪ .‬ﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻜﺎﺛﹸﺮﺍ ﻭﺗﻔﺎﺧﺮﺍ‪ .‬ﻭﻻﻳﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋـ ‪‬ﺰﹰﺍ‬
‫ﻉ ﺃﻳﺎﻣ‪‬ﻪ ﺑﺎﻃﻼ‪ .‬ﻓﻬﺬﺍ ﺃﻭ ﹸﻝ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺘ‪‬ﻘﻰ"‪.‬‬ ‫ﻭ ‪‬ﻋﻠﹸﻮﺍ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﺪ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﺮﺷﺪ‪ :‬ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺃﻭﺻﲏ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﺃﻭﺻﻴﻚ ﺑﺘﺴﻌﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻓﺈ‪‬ﺎ ﻭﺻﻴﱵ ﳌﺮﻳﺪﻱ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ ﺇﱃ‬
‫ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﺃﺳﺄﻝ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﻘﻚ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ"‪.‬‬
‫ﳊﻠﹾﻢ‪ ،‬ﻭﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ‬ ‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺭﻳﺎﺿﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻭﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍ ‪‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ .‬ﻓﺎﺣﻔﻈﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺇﻳﺎﻙ ﻭﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻮﺍﻥ‪ :‬ﻓﻔﺮ‪‬ﻏﺖ ﻗﻠﱯ ﻟﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻮﺍﰐ ﰲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪:‬‬
‫‪ -١‬ﻓﺈﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺄﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺸﺘﻬﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﺭﺙ ﺍﳊﻤﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺒﻠ ‪‬ﻪ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﻭﻻ ﺗﺄﻛﻞ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻮﻉ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻛﻠﺖ ﻓﻜﻞ ﺣﻼﻻ‪ ،‬ﻭﺳﻢ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﺫﻛﺮ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻸ ﺁﺩﻣﻲ ﻭﻋﺎ ًﺀ ﺷﺮﺍ ﻣﻦ ﺑﻄﻨﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻻ ﺑﺪ‬
‫ﺚ ﻟﻄﻌﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻭﺛﻠﺚ ﻟﺸﺮﺍﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺛﻠﺚ ﻟ‪‬ﻨ ﹶﻔﺴِﻪ"‪.‬‬ ‫ﻓﺜﹸﻠ ﹲ‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﳊﺪﻳﺚ "ﻣﺎ ﻣﻸ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ‪ "...‬ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‬
‫ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺪﺍﻡ ﺑﻦ ﻣﻌﺪﻳﻜﺮﺏ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻮﺍﰐ ﰲ ﺍﳊﻠﻢ‪:‬‬

‫‪ -١‬ﻓﻤﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻚ‪ :‬ﺇﻥ ﻗﻠﺖ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﲰﻌﺖ ﻋﺸﺮﺍ‪ .‬ﻓﻘﻞ ﻟﻪ‪ :‬ﺇﻥ ﻗﻠـﺖ‬
‫ﻋﺸﺮﺍ ﱂ ﺗﺴﻤﻊ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﻭﻣﻦ ﺷﺘﻤﻚ ﻓﻘﻞ ﻟﻪ‪ :‬ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘـﻮﻝ ﻓﺄﺳـﺄﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﱄ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻛﺎﺫﺑﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺄﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ‬
‫ﻟﻚ‪.‬‬
‫ﳋﻨ‪‬ﺎ ﻓﻌﺪﻩ ﺑﺎﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ"‪.‬‬‫‪ -٣‬ﻭﻣﻦ ﺗﻮﻋﺪ‪‬ﻙ ﺑﺎ ﹶ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻮﺍﰐ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪:‬‬
‫‪ -١‬ﻓﺎﺳﺄﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻤﺎ ﺟﻬﻠﺖ‪ ،‬ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺴﺄﳍﻢ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌﻨ‪‬ﺘﹰﺎ ﻭﲡﺮﺑﺔ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺮﺃﻳﻚ ﺷﻴﺌﺎ‪ .‬ﻭ ‪‬ﺧ ﹾﺬ ﺑﺎﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﰲ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﲡﺪ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﺳﺒﻴﻼ"‪ .‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺎﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺮﺃﻳﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﱂ ﻳﺮﺩ ﻓﻴﻪ ﻧﺺ ﻗﻄﻌﻲ ﻣﻦ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‬
‫ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻭﺍﻫﺮ‪‬ﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎ ﻫﺮﻭﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺪ‪ .‬ﻭﻻ ﲡﻌﻞ ﺭﻗﺒﺘﻚ ﻟﻠﻨـﺎﺱ‬
‫ﺟﺴﺮﺍ "‪ .‬ﰒ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻗﻢ ﻋﲏ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﻓﻘﺪ ﻧﺼﺤﺖ ﻟـﻚ‪ .‬ﻭﻻ‬
‫ﲔ ﺑﻨﻔﺴﻲ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣـﻦ ﺍﺗﺒـﻊ‬ ‫ﺗ‪‬ﻔﺴﺪ ﻋﻠ ‪‬ﻲ ﹺﻭﺭ‪‬ﺩﻱ‪ .‬ﻓﺈﱐ ﺍﻣﺮ ‪‬ﺅ ﺿﹺﻨ ‪‬‬
‫ﺍﳍﺪﻯ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻧﺎﺻﺢ ﻹﺧﻮﺍﻧﻪ‪ ،‬ﻳﺬﻛﺮﻫﻢ ﺑﺮ‪‬ﻢ ﻭﺑﺎﳌﺼﲑ ﺇﻟﻴﻪ‪:‬‬
‫‪;0G%‬א‪   )7H/G2H
MD!|v>A‬وא‪2‬س‪"،‬ن‪
H H/0،M‬ضŽ‬
‫وא‪
76‬زقא)وא‪i')L6‬ن)   ‪B->ŒF=H F,‬אضٍو‪
7/‬ض‬
‫‪*#‬א[ل‪   )oW0G%G‚ c‬و‪2oW0j!5‬نو‪H
H7ْF‬ض‬
‫‚‪

ًW‬و‪   CHWH]G2H‬و‪dHaHPlŽ ْ,H>70B#‬‬
‫‪2A‬م‪% N7‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪LAt‬א[‪p‬وא;‪ dŽ]H7G2fFD]HْHAc   )7&,'4B‬‬
‫‪A‬ل‪U‬א[
ض‪:‬א;(
‪
I042!B5‰M(   HD
 š(H;AT‬ض! ‬
‫‪.2A‬א‪Fo‬وجא‪   3%HA
G 
n‬و‪ŽHLH'GM-
Ž -œB‬א‪H
=F‬ض ‬
‫‪   )-Mْ%j‬وא‪2d‬نא‪T‬א‪HMG/-,6‬وא‪ dD‬‬ ‫'‪UmGD50% G;%GD‬د ‬
‫'(^‪"z‬ذא'‪H %)7B‬ض‪   3‬و‪")f‬ن'‪H %MB‬ضŽ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫>'‪9‬ـــ‪\< V‬ـــ ‪3M C‬ـــــ‪" 8$‬ـ‪H‬ــــ ‪8‬‬ ‫ &~ـــ ً |ـــــ@> '‪+3‬ـــــ‪CH‬ـ ‪8‬‬
‫‪8 3 َ8 5‬‬
‫‪Q- [َU‬ـ ُ‪ Q‬ـــ ‪" 3 8.M3‬ــــ‪C.‬ـــــ ‪8‬‬ ‫‪3W€5‬ـــ‪mQ- Y‬ـــ‪Q-< 3O‬ـ‪a‬ـــــ& ‪<M‬ــ_َــ‪8Z‬‬
‫ ‪َ;Q‬ـ‪8 H‬‬
‫ـ‪3 3CU >[- 8ZS‚)3M CB‬‬ ‫‪3-َ‚3U‬ـ;ْــ[ ‪ c‬ـــ‪3U ُ
j‬ـ‪Sm‬ـ;ْـــ[> <`ـــ‪r‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"
!  ‪#$%‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﺍﺳﺘﻌﻴﻨﻮﺍ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ‪ .‬ﻭﺇ‪‬ﺎ ﻟﻜﺒﲑﺓ ﺇﻻ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﳋﺎﺷﻌﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃ‪‬ﻢ ﻣﻼﻗﻮ ﺭ‪‬ﻢ ﻭﺃ‪‬ﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﱄ ﻧـﻮﺭﺍ‬
‫ﰲ ﻗﻠﱯ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﻗﱪﻱ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻲ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﻋﻦ ﳝﻴﲏ ﻭﻧـﻮﺭﺍ‬
‫ﻋﻦ ﴰﺎﱄ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻲ ﻭﻧﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﲢﱵ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﲰﻌﻲ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﺑﺼﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ‬
‫ﰲ ﺷﻌﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﺑﺸﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﻟﹶﺤﻤﻲ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﺩﻣﻲ‪ ،‬ﻭﻧﻮﺭﺍ ﰲ ﻋﻈـﺎﻣﻲ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻈ‪‬ﻢ ﱄ ﻧﻮﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻄﲏ ﻧﻮﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻞ ﱄ ﻧﻮﺭﺍ‪.‬‬

‫ﱄ ﰲ ﻣﻀﻤﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺃﺟﻴﺎ ﹲﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫـﺎﺩ ﻭﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ ﰲ‬ ‫ﺳﺒﻖ ﺍﻟﻐﺰﺍ ﱠ‬

‫ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺟﺒﺎﻝ ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻛﺘﺐ ﰲ "ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮﺓ" ﻗﺒﻠـﻪ‬
‫ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﳊﺎﺭﺙ ﺍﶈﺎﺳﱯ ﻭﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳌﻜـﻲ‪.‬‬
‫ﻭﺳﺒﻘﻪ ﺇﱃ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻣﺜﺎ ﹸﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻓﺘﺰﻫﺪ ﻭﺗﺼﻮﻑ ﻭﺳﻠﻚ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘـﻮﻡ ﺣـﱴ‬
‫ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺍﻣﺘﺎ ‪‬ﺯ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﻭﻝ ﻓﻘﻴﻪ ﺷﻬﲑ ﻃﺮﺡ ﺷﻬﺮﺗﻪ ﻭﺩﻧﻴﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ‬
‫ﻭﺩﺧﻞ ﰲ ﺻﻒ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺣﱴ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﳌﻐﻮﺍﺭ ﺍﻟﺸـﺪﻳﺪ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻟﺔ‪ ،‬ﰒ ﺧﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻔﻘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣ ﹶﻘﻌ‪‬ﺪﺍ ﻣﺮﺗﺒﺎ‪ .‬ﻓﹶﻜﺎﻥ ﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺗـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ‪ ،‬ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ‪ .‬ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ"‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﻣﻦ ﱂ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ"‪ .‬ﻭﺍﺧﺘﻠﻒ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺗﻘﻮﱘ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻓﺄﺣﺮﻗﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻟﻪ‪ .‬ﻭﺭﺩ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‬
‫ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﺑﻌﺪ ﳓﻮ ﻗﺮﻥ ﻭﻧﺼﻒ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺣﺐ ﺑﻌﻮﺩﺓ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ﺇﱃ ﺗﺒﺠﻴﻞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻭﺃﻳﻦ ﳓﻦ ﻭﻣﻦ ﻓﻮﻗﻨﺎ ﻭﻓﻮﻗﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‬
‫ﺃﻭ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﻪ!‪ ١‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺣـﺪ‬
‫ﳑﻦ ﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﻻ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪ ،‬ﺇﺫ ﱂ ﳚﺊ ﺑﻌﺪﻩ‬
‫ﻣﺜﻠﻪ‪ .‬ﰒ ﺇﻥ ﺍ ﹸﳌﺪ‪‬ﺍﻧﹺ ‪‬ﻲ ﻟﻪ ﺇﳕﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﺪﺭﻩ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﻻ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ"‪.‬‬
‫ﰒ ﺑﺮﺯ ﶈﺎﺭﺑﺔ ﻓﻜﺮ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻋﺎﻝ ﻣـﻦ ﺍﳌﺒـﺎﺭﺯﺓ ﺷـﻴﺦ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻥ ﺟﻞ ﻣﺎ ﺃﺧﺬ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ‪‬ﺭ ‪‬ﺩ ﻣﺪﺳﻮﺳﺎﺕ ﺩﺳﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻭﺍﳊﺴﺎﺩ ﻛﻤﺎ ﺷﻜﺎ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻫﺎﺝ‬
‫ﻱ ﻃﻌﻦ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻏﲑ ﺃ‪‬ﻢ ﹶﻟﺒ‪‬ﺴﻮﺍ ﺍﳊﻖ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃـﻞ‬ ‫ﺣﺴﺪ ﺍﳊﺴﺎﺩ‪ ،‬ﻭﱂ ﳚﺪﻭﺍ ﺃ ‪‬‬
‫ﻭﻏﲑﻭﺍ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﳌﻨﻘﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻀـﻼﻝ" ﻭﻛﺘـﺎﺏ "ﻣﺸـﻜﺎﺓ‬
‫‪٣‬‬
‫ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ"‪ ،‬ﻭﺃﺩﺧﻠﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﻛﻔﺮ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻗﺒﻞ ﺧﺮﻭﺟﻪ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺷﻴﺦ ‪‬ﻳﺴ‪‬ـﻠﱢﻜﻪ ﻋـﺎﱂ ﺧﺮﺍﺳـﺎﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﰲ ﺑﻐﺪﺍ ‪‬ﺩ ﺻﻮﻟﺔ ﻭﺟﺎﻩ ﻋﻈﻴﻤﺎﻥ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎﺻﺮﻩ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ‬
‫ﺑﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﺎﻓﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ‪" :‬ﻭﻋﻠﺖ ‪‬ﺣﺸ‪‬ـ ‪‬ﻤﺘ‪‬ﻪ )ﺛﺮﻭﺗـﻪ ﻭﺃ‪‬ﺘـﻪ ﻭﻣﻜﺎﻧﺘـﻪ‬
‫ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ( ﻭﺩﺭﺟﺘﻪ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺣﱴ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻐﻠـﺐ ﺣﺸـﻤﺘﻪ ﺍﻷﻛـﺎﺑﺮ‬
‫ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺩﺍﺭ ﺍﳋﻼﻓﺔ"‪ ٤.‬ﰒ ﺯﻫﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺳـﻠﻚ ﻃﺮﻳـﻖ‬
‫ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍ ‪‬ﳌﺜﹶﺎﻟﹶﺔ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ ﺍﳊﺸﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻃﺮﺡ ﻣﺎ ﻧﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺟـﺔ ﻟﻼﺷـﺘﻐﺎﻝ‬
‫ﺑﺄﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﻓﺨﺮﺝ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ"‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.١٢٩‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٠٦‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺹ ‪.٤٥‬‬
‫‪٤‬‬
‫ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪ ١٠٧‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻫﺬﻩ ﺍﳍﺠﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺭﺋﺎﺳﺘﻬﺎ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻫـﻲ ﺑﺪﺍﻳـﺔ‬

‫ﺠﻔﹸﻞ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻭ‪‬ﻳﻌ‪‬ﺎﻓﹸﻪ ﻭﺗﺴﺘﻮﱄ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪.‬‬ ‫ﻃﺮﻳﻖ ﻛﻞ ﺻﺎﺩﻕ‪ ،‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻧﻘﺮﺃ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﰲ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﻘﺮﺃﻫﺎ ﰲ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺗـﻪ‪.‬‬
‫‪‬ﺳﻤ‪‬ﻬﺎ ﻳﻘﻈﺔ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ‪.‬‬
‫ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻫﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟـﻮﱄ‬
‫ﺍﳌﺮﺷﺪ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺧﻄﺎﻫﺎ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺒﻬﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻋﺒـﺪ ﺍﻟﻐـﺎﻓﺮ‪:‬‬
‫"ﻭﺃﺧﺬ ﰲ ﳎﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﻐﻴﲑ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﲢﺴﲔ ﺍﻟﺸ‪‬ﻤﺎﺋﻞ)‪ (...‬ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ‬
‫ﺸ ‪‬ﻢ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻴﻘﻆ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ‬ ‫ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﻮﺳﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ"‪.‬‬
‫ﺗﻼ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻁ ﺑﺎﻟﺼﺎﳊﲔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ‪‬ﺗ ‪‬ﺰﻳ‪‬ﺎ ﺑ ﹺﺰﻳ‪‬ﻬﻢ ﺍﳋﺸﻦ ﺑﻌـﺪ ﻟﺒـﺎﺱ‬
‫ﺴﻠﱢﻜﻪ‪ ،‬ﺣﱴ ﻟﻘـﻲ‬ ‫ﺚ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻳ‪‬ﻘﺘﺪﻱ ﺑﻪ ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬ ‫ﺤ ﹸ‬‫"ﺍﳊﺸﻤﺔ" ﻭ ‪‬ﺟﻬ‪‬ﺎﺯﹺﻫﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺒ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻔﺎﺭﻣﺪﻱ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﺎﻓﺮ‪" :‬ﻓﺎﺑﺘﺪﺃ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻣﺪﻱ ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨـﻪ‬
‫ﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻣﺘﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ"‪ .‬ﻭﺍﻟﻔﺎﺭﻣﺪﻱ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﻣـﻦ‬
‫ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﹸﺸﲑﻱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﲝﺜﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻫـﻮ ﰲ‬
‫ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﺃﻛﱪ ﺩﺭﺱ ﻋﻤﻠ ‪‬ﻲ ﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﻓﺎﻟﺼﺤﺒﺔ ﻫﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳـﺔ‬
‫ﻭﺷﺮﻁ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺡ‪ .‬ﻫﻲ ﺍﳌﻔﺘﺎﺡ ﻭﻛﻔﻰ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪﻩ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺭﲪﻪ‬
‫ﺍﷲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﺎﺷﻪ ﻭﺳﺠﻠﻪ ﺗﺎﺭ ﹸﳜ ‪‬ﻪ ﺍﳊﺎﻓﻞ‪.‬‬
‫ﳛﺪﺩ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﳌﺼﺤﻮﺏ ﻭﻇﻴﻔﺘﲔ‪ ،‬ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﰲ ﺃﻫﻠﻴﺘﻪ‬
‫ﺷﺮﻃﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ‪ .‬ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻗﺪ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﺒﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻦ ﺷﻴﺦ ﺃﺧﺬ ﻋﻦ ﺷﻴﺦ ﺻﺤﺐ ﻣﻦ ﺻﺤﺐ‪ ...‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺴـﻨﺪ ﺇﱃ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺷﺮﻁ ﺟﻮﻫﺮﻱ ﻳﻨﻔﻴـﻪ ﻭﻳﺘﺠﺎﻫﻠـﻪ‬
‫ﻭﻳﺮﻓﻀﻪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻭﻻ ﳛ‪‬ﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ‪ ،‬ﻓﻔﺎﺗﻪ ﻧﺼـﻒ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳋﲑ ﻛﻠﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺮﻁ ﻳﺘﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﻨﺼ‪‬ﺎﺑﻮﻥ ﻭﺍﻟﺪﺧﻼﺀ ﻓﻴﻨﺘﺴﺒﻮﻥ ﺇﱃ ﺳﻠﺴـﻠﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺳﻼﺳﻞ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﲤﺮﻳﺮﺍ ﻟﺒﻀﺎﻋﺘﻬﻢ ﺍﳌ ‪‬ﺰﻭ‪‬ﺭﺓ‪ .‬ﻭﺍﳌﺆﻭﻧﺔ ﰲ ﻫـﺬﺍ ﺍﻻﻧﺘﺴـﺎﺏ‬
‫ﻳ‪‬ﺴﲑﺓ‪ ،‬ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﲦﺔ ﺭﻭﺍﻳﺔ ‪‬ﺗ‪‬ﻨﺘ‪‬ﻘﺪ ﻭﻻ ﻋﻠﻢ ﲡﺮﻳﺢ ﻭﺗﻌﺪﻳﻞ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺸﺄﻥ ﰲ ﺳﻨﺪ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪.‬‬
‫ﺴﺒ‪‬ﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﲔ ﻣﻦ ﻳﺼﺤﺐ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﻭﺃﺻﻼ ﻣﻮﺻـﻮﻝ‬ ‫ﰒ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻨﺪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﳌﺸﻴﺨﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﺜﲑ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻴﻒ ﻳ‪ ‬ﻤ‪‬ﻴﺰ‪‬ﻭﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﰊ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﻐﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﲔ ﻭﻛـﱰ‬
‫ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺑﲔ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﺘﱪﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺠﺎﺩﺓ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺷـﻴﺨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺸﻒ ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﺍﻙ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻴﻨﺤﺎﺯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﳌﻈﻬﺮ ﻭﺗﺮﻭﺝ ﺍﻹﺟـﺎﺯﺍﺕ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑـﺔ‬
‫ﺷﻴﺨﺎ ﻋﻦ ﺷﻴﺦ‪ ،‬ﻭﺍﻹﺫﻥ ﺍﻟﺸﻔﻮﻱ‪ .‬ﻭﷲ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ‪.‬‬
‫ﱂ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺗﺮﺛﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﳌﺸـﺎﻳﺦ ﻋﺒـﺪ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻬﻢ‪ .‬ﻭﺇﳕـﺎ ﻣﺪﺭﺳـﺘﻪ‬
‫ﻭﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻛﺘﺒﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ‪ ،‬ﻣـﻦ ﻳﻌﺘﻘـﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺍﻟﺴﲏ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻭﻳﻨﺤﺼﺮ ﰲ ﺗﺮﻗﻴﻖ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳉﻠﻴﻠﺔ‬
‫ﻣﺜﻞ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻌﺎﺭﺽ ﻭﺻﻴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬ﺣﲔ ﲝـﺚ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻦ ﺷﻴﺦ‪ ،‬ﻭﺣﲔ ﺍﻣﺘﺜﻞ‪ ،‬ﻭﺣﲔ ﺻﺤﺐ‪ ،‬ﻭﺣﲔ ﺗﺄﻛﺪﺕ ﻟﺪﻳـﻪ ﺿـﺮﻭﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻓﻜﺘﺐ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﺋﺒﺎ ﻟﺮﺳﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﳌﺎ)‪ .(...‬ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﺸـﺨﺺ‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﺼ ﹴﲑ ﺗﺘﺴﻠﺴﻞ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ﺇﱃ ﺳﻴﺪ ﺍﳌﺮﺳﻠﲔ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺷﺨﺺ"‪ .‬ﱂ ﻳﻘﻞ‪" :‬ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻛﺘﺎﺏ"‪ .‬ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸـﺮﻁ‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﰲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺼﺤﻮﺏ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ "ﺷﺨﺼﺎ" ﺗﺎﺑﻊ ﺷﺨﺼـﺎ‬
‫ﰲ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﻣﻮﺻﻮﻝ‪ ،‬ﻧ ‪‬ﻌﺮﹺﺽ ﻟﻠﻮﻇﻴﻔﺘﲔ ﺍﻟﻠﺘﲔ ﺣﺪﺩﳘﺎ ﺣﺠـﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ‪‬ﺗﺠ‪‬ﺎ ‪‬ﻩ ﻣﺮﻳﺪﻩ‪.‬‬
‫ﺃﻭﳍﻤﺎ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ‪‬ﺮﻓﹶﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻣﻌﺎﻳﺒﻬﺎ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺿـﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴـﺐ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﳚﻠﺲ )ﺍﳌﺮﻳﺪ( ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺷـﻴﺦ ﺑﺼـﲑ‬
‫ﺤﻜﱢﻤﻪ ﰲ ﻧﻔﺴـﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺒـﻊ‬ ‫ﺑﻌﻴﻮﺏ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﻣ ﱠﻄﻠ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺍﻵﻓﺎﺕ‪ .‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺇﺷﺎﺭﺗﻪ ﰲ ﳎﺎﻫﺪﺗﻪ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺄﻥ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻣﻊ ﺷﻴﺨﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﻣﻊ ﺃﺳـﺘﺎﺫﻩ‪.‬‬
‫ﻓﹶ‪‬ﻴ ‪‬ﻌﺮ‪‬ﻓﻪ ﺷﻴﺨﻪ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫﻩ ﻋﻴﻮﺏ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺮﻓﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻼﺟﻬﺎ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻋ ‪‬ﺰ‬
‫‪٢‬‬
‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻫﻮ ﰲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻋﺰﻳﺰ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﻮﺟـﻮﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟـﺬﺍﻛﺮﻭﻥ‬
‫ﺍﳌﺘﱪﻛﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻭﻓﺮﺓ‪ .‬ﻭﺍﳌﻔﺘﺎﺡ ﻳﻀﻌﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﺎﺀ‪ .‬ﻓﻘﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺻﻞ ﻟﺮﺑﻚ ﻭﺗﻀﺮﻉ ﺇﻟﻴﻪ‪" :‬ﻳﺎ ﺭﺏ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺐ" ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺻـﺎﻙ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺻﺢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻳﺄﺗ‪‬ﻚ ﺭﺯﻗﻚ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺍﶈﺐ ﺹ ‪.٦٣‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.٥٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻫـﻲ‬
‫ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳋﻔﲑ ﰲ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻭ‪‬ﻋﻮﺭ‪‬ﺎ‪ ،‬ﳛﻔﻆ ﺍﻟﺴـﺎﻟﻚ ﻣـﻦ‬
‫ﺻﻮﻟﺔ ﻟﺼﻮﺹ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳﺠﹺﻴﺰ‪‬ﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻮﺍﳍﺎ‪ ،‬ﻛﻤـﺎ ﻳ‪‬ﻄﺒ‪‬ـﺐ ﺃﻣﺮﺍﺿـﻪ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺼﻔﻲ ‪‬ﺭ‪‬ﻳ‪‬ﻨ ‪‬ﻪ ﺍﻟﻘﻠﹺﺒ ‪‬ﻲ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺍﳌﺮﻳﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺷﻴﺦ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ ﻳﻘﺘﺪﻱ ﺑـﻪ ﻻ ﳏﺎﻟـﺔ‬
‫ﻟﻴﻬﺪ‪‬ﻳﻪ ﺇﱃ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻏﺎﻣﺾ‪ ،‬ﻭﺳﺒﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻛﺜﲑﺓ‬
‫ﻇﺎﻫﺮﺓ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺷﻴﺦ ﻳﻬﺪﻳﻪ ﻗﺎﺩﻩ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺇﱃ ﻃﺮﻗـﻪ ﻻ ﳏﺎﻟـﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻤﻦ ﺳﻠﻚ ‪‬ﺳﺒ‪‬ﻞ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻬﻠ‪‬ﻜﺔ ﺑﻐـﲑ ﺧﻔـﲑ ﻓﻘـﺪ ﺧـﺎﻃﺮ ﺑﻨﻔﺴـﻪ‬
‫ﻭﺃﻫﻠﻜﻬﺎ‪ (...).‬ﻓﻤ‪‬ﻌﺘﺼ‪‬ﻢ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﺷﻴﺨ‪‬ﻪ‪ .‬ﻓﻠﻴﺘﻤﺴﻚ‬
‫ﺑﻪ ﲤﺴﻚ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺑﺎﻟﻘﺎﺋﺪ ﲝﻴﺚ ﻳﻔـﻮﺽ ﺃﻣـﺮﻩ ﺇﻟﻴـﻪ‬
‫ﺻ ‪‬ﺪ ﹺﺭ ‪‬ﻩ ﻭﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﺒﻘ‪‬ﻲ ﰲ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘـﻪ ﺷـﻴﺌﺎ ﻭﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﳜﺎﻟﻔﻪ ﰲ ﻭﹺﺭ‪‬ﺩﻩ ﻭﻻ ‪‬‬
‫‪‬ﻳﺬﹶﺭ‪ .‬ﻭﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻧﻔﻌﻪ ﰲ ﺧﻄﺈ ﺷﻴﺨﻪ ﻟﻮ ﺃﺧﻄﺄ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﻌﻪ ﰲ ﺻـﻮﺍﺏ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻮ ﺃﺻﺎﺏ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌ‪‬ﺘﺼ‪‬ﻢ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻌ‪‬ﺘﺼ‪‬ـﻤ‪‬ﻪ ﺃﻥ‬
‫‪١‬‬
‫ﺼ ‪‬ﻤ ‪‬ﻪ ﻭﳛﻤﻴ‪‬ﻪ ﲝﺼﻦ ﺣﺼﲔ ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﺍﻃﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ"‪.‬‬ ‫‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺴﺘﻌﺼﻢ ﺑﻮﺩﺍﺩﻫﻢ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻻﺋﻢ ﻋ‪‬ﺬﻭ ﹴﻝ‪:‬‬
‫‪t‬א‪G;H/‬ل‪)/F2‬و‪t‬א‪N;-   4BHG/%76‬א‪
b‬אم)و‪=!N”-‬و‪H‬א‪ 4B‬‬
‫'‪2.7‬א‪)H%DLHA‬و‪q/A‬ذوא   ž<‪ 4B76!)0GM-%7‬‬
‫(ن')‪
Hb‬אمŽ‪!   CN%0H‬و‪
6!p5H0$Wn7%‬א‪ 4B‬‬
‫‪$%n W'   TH‬و<;אא‪ 4Ban76‬‬ ‫'‪P3G - 4Ban‬א ‪-‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﳍﻢ‪ ،‬ﺗﺎﺑﻊ ﻣﻄﺎﻭﻉ ﻣﺸﺘﺎﻕ‪:‬‬

‫‪M/,‬א‪BX‬ضذא ‪Ž*GW-(   užٍ
G 6H‬א
ق‪Uًq‬א‪ I7‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٦٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫'ل‪H‬א‪;/‬ول‪،‬و‪%e
H NWHa=[06   5‬א‪7%/‬ق ‬
‫‪ DOB‬‬
‫‪PHM(B‬אŸאق؟'‪   !(M‬אو‪PM(B ‬א^‪7‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻧﺎﺻﺢ ﺑﺎﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﻃﺒﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺑﺒﺎ‪‬ﻢ‪:‬‬

‫‪A‬نא¡‪   nyD‬و<א‪,‬و!‪7D‬א€
‪ P‬‬
‫‪B‬א‪5‬אً‪   )7FU‬وא& ‪ n
)T50!5G‬‬
‫‪
6j‬א‪!BM/ƒ   )7F
*0U‬سא[لوא
‪ ¢‬‬
‫"ن!‪5/0‬و‪
a7   ]00G %-'m‬و‪]6‬א‪ nْFy‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪S; 6 3 3.M 3B9Cc 3 3.‬ـ‪Cs3‬؟‬ ‫‪3 C vْ 3.‬ـــ‪C V*j‬ـ‪ُG-‬ـــ‪َ>WC L‬ـــــ‪ƒٍ Q‬‬
‫‪s‬‬
‫‪aG C‬ـ‪C;mَ= CB‬ــ[‪Uc  ،‬ـــ‪C j‬‬ ‫‪3b 3َ% &8"5 CB3 C‬ــ@‪LG‬‬
‫‪s‬‬
‫<‪=$3‬ـ‪C )ُY< 8Z‬ـ†ُــ >‪ L‬ــ? ‪1c‬ــ ‪C‬‬ ‫‪> b3‬ـ ‪C. Oh QBَG q> )C‬ــ ‪ V‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"
!  '  &‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﱂ ﻳﻠﺒﺴﻮﺍ ﺇﳝﺎ‪‬ﻢ ﺑﻈﻠﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﳍﻢ ﺍﻷﻣـﻦ‬
‫ﻭﻫﻢ ﻣﻬﺘﺪﻭﻥ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻄﱠﻒ ﺑﺎﻟﻌﺰ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻪ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﹶﻟﺒﹺﺲ ﺍ‪‬ﺪ ﻭﺗﻜﺮﻡ ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﺇﻻ ﻟﻪ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺫﻱ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﻨﻌﻢ‪ .‬ﺳـﺒﺤﺎﻥ ﺫﻱ ﺍ‪‬ـﺪ‬
‫ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺫﻱ ﺍﳉﻼﻝ ﻭﺍﻹﻛﺮﺍﻡ‪.‬‬

‫ﺃﺧﺮﺝ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻪ ﺃﻥ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬

‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻟﻠﺨﲑ ﻣﻐﺎﻟﻴﻖ ﻟﻠﺸﺮ‪ .‬ﻭﺇﻥ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻔﺎﺗﻴ ‪‬ﺢ ﻟﻠﺸﺮ ﻣﻐﺎﻟﻴﻖ ﻟﻠﺨﲑ‪ .‬ﻓﻄﻮﰉ ﳌﻦ ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﳋـﲑ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ‪ .‬ﻭﻭﻳﻞ ﳌﻦ ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺿﻌ‪‬ﻒ‬
‫ﺳﻨﺪﻩ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﳍﻴﺜﻤﻲ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﺻﺤﻴﺢ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻣﻮﺿـﻮﻉ ﺍﻟﺼـﺤﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺋﻤﺔ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻀـﻌﻴﻒ ﻳﺴﺘﺸـﻬﺪ ﺑـﻪ ﰲ ﻓﻀـﺎﺋﻞ‬
‫ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪.‬‬
‫ﺷﺎ ‪‬ﻫﺪ‪‬ﻧﺎ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻭﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻭﺃﲨﻊ ﺍﻟﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻛﻐﲑﻩ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﳍﺪﻯ ﻣﻔﺘﺎﺣﺎ ﻟﻠﺨﲑ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻧﻘﻠﻨﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻔﺮﻳـﺪ‬
‫ﰲ ﺃﺳﻠﻮﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻧﻨﻘﻞ ﻫﻨﺎ ﻧﺒﺬﺓ ﻣﻦ ﺑﻴﺎﻧﻪ ﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻳ‪‬ﻌﻄﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﳘﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻟﻠﺼﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜ ‪‬ﻤ ﹸﻞ ﺍﻟﻨﺎﺻﺤﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ .‬ﻭﺳﺒﺤﺎﻥ‬
‫ﺍﷲ ﻛﻴﻒ ﺃﺧﺬ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻛـﻞ ﺷـﻲﺀ ﺇﻻ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ ﻳﻌﲑﻭ‪‬ﺎ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣـﺎ‪ ،‬ﻓﻔـﺎ‪‬ﻢ ﺍﻻﺳـﺘﻔﺘﺎﺡ‬

‫ﺑﺎﻟﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻓﺎ‪‬ﻢ ﺑﻔﻮﺍ‪‬ﺎ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﳓﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﺃﻱ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﰊ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺘـﺪﺉ ﰲ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ‪ .‬ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴـﺪﺓ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﺼﺎﱀ‪ ،‬ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺳﻨ‪‬ﺔ ﺍﻟﻨﺒﻴﺌﲔ ﻭﺍﳌﺮﺳـﻠﲔ ﻭﺍﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﲔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ‪‬ﻤﺎ ﺃﻣﺮﺍ ﻭ‪‬ﻴﺎ‪ ،‬ﺃﺻﻼ‬
‫ﻭﻓﺮﻋﺎ‪ .‬ﻓﻴﺠﻌﻠﻬﻤﺎ ﺟﻨﺎ ‪‬ﺣﻴ‪‬ﻪ ﻳﻄﲑ ‪‬ﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺼﺪﻕ‪ ،‬ﰒ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ‪ ،‬ﺣﱴ ﳚﺪ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ‪ ،‬ﻭﻗﺎﺋﺪﺍ ﻳﻘﻮﺩﻩ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﻣﺆﻧﺴﺎ ﻳﺆﻧﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻣ‪‬ﺴﺘ‪‬ﺮﺍﺣﺎ )ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ‪ :‬ﻣﻌﺘﺼ‪‬ﻤﺎ( ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫ﺕ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻫـﻮﺍﻩ‬ ‫ﺇﻋﻴﺎﺋﻪ ﻭﻧ‪‬ﺼﺒﻪ ﻭ ﹸﻇﻠﹾﻤﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺛﻮﺭﺍﻥ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﻭﻟﺬﺍﺗﻪ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻫﻨ‪‬ﺎ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﹸﻀﻞ‪ ،‬ﻭﻃﺒﻌﻪ ﺍ‪‬ﺒﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟ‪‬ﺘﹶﺜﺒ‪‬ﻂ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﱡﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﲑ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻄﺮﻳ ‪‬ﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻛﻤﻞ‬
‫ﻕ ﺍﻻﺟﺘـﻬﺎﺩ‬ ‫ﻕ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺻﺪ ﹺ‬ ‫ﻕ ﺍﻻﺗ‪‬ﺒﺎﻉ‪ ،‬ﻭﺻﺪ ﹺ‬ ‫ﺻﺪﻗﹸﻪ‪ ،‬ﻭﺻﺪ ﹺ‬
‫ﻭﻫﻮ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﳚﺪ "ﺩﻟﻴﻼ" ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻧﻔـﺲ‬
‫ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﻭﻣﺆﻧﺴﺎ ﻭﻣﻠﺠﺄ ﻳﺜﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﻭﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﺇﱃ ﻫﺪﻳﻪ ﻭﻧﺼﻴﺤﺘﻪ‬
‫ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻟﻴﺤﻤﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﻮﺍﺋﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻴﻮﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻌـﺎﰿ ﻫ‪‬ﻨﺎﺗ‪‬ﻬـﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻘـﻮ‪‬ﻡ‬
‫ﺍﻋﻮﺟﺎﺟﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﳍﻮﻯ‪ ،‬ﻭﳚﺪ‪‬ﺩ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺇﻥ ﹶﻓ‪‬ﺘ ‪‬ﺮﺕ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻓ ‪‬ﻊ ﳘﱠﺘـﻪ ﺇﻥ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٦٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺧ‪‬ﻤﺪﺕ‪ .‬ﳒﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻧﻔﺲ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺘﻌﺮﻳـﻒ ﺍﻟـﻨﻔﺲ‬
‫ﻭﺗﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﳋﻔﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻮﺍﻝ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﱵ ﻗﺮﺃﻧﺎﻫﺎ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪.‬‬
‫ﰒ ﻳﺒﲔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺃﳘﻴﺔ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﺍﻟﺼـﱪ ﺍﻟﻄﻮﻳـﻞ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺮﻓﻘﺔ ﻭﺍﳋﻔﺎﺭﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪:‬‬
‫ﺨﻠ‪‬ﺺ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻬﺪﺍ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﻗـﺪﻣﺎ ﰲ‬ ‫"ﰒ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻑ ﻋـﻦ‬ ‫ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﷲ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﻨﺼـﺮ ‪‬‬
‫ﻒ‬
‫ﻕ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ‪ ،‬ﻭﻻ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻛﺮﺍﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻘـ ‪‬‬ ‫ﻗﺼﺪﻩ ﲟ‪‬ﻼﻣ‪‬ﺔ ‪‬ﻣﻠ‪‬ﻴ ﹴﻢ ﻷﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻳﺮﺿﻰ ‪‬ﺎ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰﻭﺟﻞ ﻋﻮﺿﺎ"‪.‬‬
‫ﺤ ‪‬ﺮﺭ‪‬ﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﻭﺍﻟﺒﻴﻌـﺔ‬
‫ﺹ ﰲ ﺍﻟﺴﲑ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺧﻼ ‪‬‬
‫ﻳﺄﺧﺬﺍ‪‬ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻭﻳ‪‬ﻘﻴ‪‬ﺪﺍﻧﻪ ‪‬ﻤﺎ‪ .‬ﻭﺑﻌﺾ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﺌﻼ‬
‫ﻳ‪‬ﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﳌﺄﺧﻮﺫ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﺎﺀ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪ ،‬ﻳﻌﺎﻫﺪﻭﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻳ‪‬ﻨﻘﹸﻀﻮﻥ ﻏﺪﺍ‪،‬‬
‫ﺾ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ ﺻ‪‬ـﺒﻐ ﹰﺔ‬ ‫‪‬ﻫﺰ‪‬ﺅﺍ ﻭﹶﻟﻌ‪‬ﺒﺎ‪ .‬ﻭﻣﺴﺄﻟﺔ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﺑﻌ ‪‬‬
‫ﺍﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﳍﺎ ﻃﻘﻮﺳﻬﺎ‪ .‬ﲡﺪ ﻫﺬﺍ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻋﻨﺪ ﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﺘﱪﻙ ﺍﻟـﺬﻳﻦ ﱂ ﻳﺒـﻖ‬
‫ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺎﺕ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﳌﺮﺑﻮﻥ ﻓﺤﺎﳍﻢ‬
‫ﺗﻨﻬﺾ ﺑﺎﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ‪ ،‬ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺲ ﺟﻼﺏ ﺟﺬﺍﺏ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﳎﻤﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﻄﺎﻡ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻋﻦ ﺭﻓﻘﺔ ﺍﻟﺴﻮﺀ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻲ ﻋﺪﻭ‪‬ﺓ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﰲ ﺍﷲ ﺍﻷﻭﱃ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺨـﺎﻟﻂ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٦٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)ﺍﳌﺮﻳﺪ( ﺍﳌﻘﺼ‪‬ﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟ‪‬ﺒﻄﱠﺎﻟﲔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻗﻴ ﹶﻞ ﻭﻗﺎﻝ‪ ،‬ﺃﻋﺪﺍ َﺀ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪ ،‬ﺍﳌـﺪﻋﲔ‬

‫‪١‬‬
‫ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻘﺼﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﻟﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﺟﻊ ﺻـﺤﺒﺘﻬﻢ ﺑـﺎﻟﺘﺜﺒﻴﻂ‬
‫ﻭﺍﻹﻓﺸﺎﻝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺑﻐﲑ ﻋﻠﻢ ﻭﻻ ﺗﺜﺒ‪‬ـﺖ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺸـﻜﻜﻮﻥ ﰲ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ‪ .‬ﻭﺇ ﱠﻥ ‪‬ﺳ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ‪ ،‬ﳝﺘﺼﻪ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻗﺪﻣﺎﻩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﺩﺓ‪ ،‬ﺃﻓﺘﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺁﻓﺔ ﺗﺘﺮﺑﺺ ﺑﺎﳌﺮﻳﺪ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ‪.‬‬
‫ﳍﺬﺍ ﱂ ﻳ ﹾﺄ ﹸﻝ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻧ‪‬ﺼﺤﹰﺎ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﰊ ﺇﻥ ﻋﺜـﺮ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺒ‪‬ﻐﻴ‪‬ﺔ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﺓ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﺐ‬
‫ﺗﺮ ‪‬ﻙ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺷﻴﺨﻪ ﰲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ‪ .‬ﻓﺼﺎﺣ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﺑﻈﺎﻫﺮﻩ ﺗﺎﺭﻙ ﻷﺩﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﺑﺒﺎﻃﻨﻪ ﻣﺘﻌﺮﺽ ﻟﻌﻄﺒﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺼﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺸﻴﺨﻪ ﺃﺑـﺪﺍ‪ .‬ﻳﻜـﻒ ﻧﻔﺴـﻪ‬
‫ﻭﻳﺰ ‪‬ﺟﺮ‪‬ﻫﺎ ﻋﻦ ﳐﺎﻟﻔﺘﻪ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻜﺜﺮ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﺭﺑﻨﺎ‬
‫ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﻹﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ ﺑﺎﻻﳝﺎﻥ ﻭﻻ ﲡﻌﻞ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻏﻼ ﻟﻠﺬﻳﻦ‬
‫ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺭﺅﻭﻑ ﺭﺣﻴﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺸﺮ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٠ :‬‬
‫ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺘﺜﺒﺖ ﻭﺍﻟﺘﺮﻳ‪‬ﺚ ﻳﻮﺻﻲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﺮﻳ ‪‬ﺪ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻱ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺷﻴﺨﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺇﺫﺍ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻜﺮ‪‬ﻩ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﺍﺳﺘﺨﱪ ﻋـﻦ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺑﻀﺮﺏ ﺍﳌﺜﻞ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﻟﺌﻼ ‪‬ﻳ‪‬ﻨ ‪‬ﻔ ‪‬ﺮ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺭﺃﹶﻯ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻋﻴﺒﹰﺎ ﺳﺘﺮﻩ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺄﻭﻝ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﺈﻥ ﱂ ﳚ ‪‬ﺪ ﻟﻪ ﻋﺬﺭﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻭﺩﻋﺎ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﺍﻟﻌﻠـﻢ‬

‫‪١‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻴﻘﻆ ﻭﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﻭﺍﳊﻤﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﻥ ﺻﺤﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﺍﻟﺪﺧﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﳌﺘﻄ ﱢﻔ ﹺﻞ ﺍﶈﺘ‪‬ﺮﻑ ‪‬ﻭﺑ‪‬ﺎ ﹲﻝ ﻣﻦ‬
‫ﻚ ﻻ ﳝﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻨﺎﻗﺺ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗﺒﻬ‪‬ﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ‬ ‫ﺃﺻﻠﻬﺎ‪ .‬ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﺍﻟﺴ‪‬ﺎﻟ ‪‬‬
‫ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺃﻭ ﻛﺸﻒ ﻓﻴﺘﺨﺬﻩ ﻗﺪﻭﺓ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺠﻨﺐ ﺍﻟﻜﺎﻣ ﹶﻞ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ‪ .‬ﳍﺬﺍ ﻳﻮﺻﻲ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻣﻊ ﺍﳌﺼﺤﻮﺏ ﺍﳌﺘﺒﻮﻉ ﻭﻟﻮ ﻇﻬﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﻋﻴﻮﺏ‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫ﺼﻨ‪‬ﻌﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲟﺜﺎﻟﻴ ‪‬ﺔ ﺗﺼﻮ‪‬ﺭ ﻟـﻪ‬ ‫ﻳﻐﺘ‪‬ﺮ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺑﻨﺎﻣﻮﺱ ﻣﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻜﻤﺎ ﹶﻝ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﱄ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻠﻚ ﻛﺮﱘ‪ .‬ﻓﺈﻥ "ﻗﺒﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ" ﻣﻀﺮﻭﺑﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟـﻮﱄ‬ ‫ﺍﻟﻮ ﱠ‬
‫ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻀﺮﻭﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﻌﺼـﻤﺔ ﺇﻻ ﻟﻠﻨﺒﻴـﺌﲔ‬
‫ﻭﺍﳌﺮﺳﻠﲔ‪.‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻭﻻ ﻳﻌﺘﻘ ‪‬ﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﳜﱪ ﺃﺣﺪﺍ ﺑﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﺷﺮﺡ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺮﻗﱠﻰ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﻟﺪﺭﺟﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺣﺎﻝ‬
‫ﺏ ﻋﻴﺐ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺷـﻴ‪‬ﺨﻪ‬ ‫ﺇﱃ ﺣﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻭﻻﻳﺔ ﺇﱃ ﻭﻻﻳﺔ‪ .‬ﹶﻓ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺺ ﺷﺮﻋﻲ ﺗﺮﻗﹼـﻰ ﻋﻨـﻬﺎ‬ ‫ﺙ ﺃﻭ ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬ﺧ ﹴ‬‫ﺲ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻏﻔﻠﺔ ﺃﻭ ﺣ ‪‬ﺪ ‪‬‬ ‫ﺃﻣ ﹺ‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻠﻤﺮﻳﺪ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺧﺸﻮﻧﺘﻪ ﻗﻮﻟﻪ‪:‬‬
‫"ﻭﺇﺫﺍ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻋﺒﺲ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ﺃﻭ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﻧﻮﻉ ﺇﻋﺮﺍﺽ ﻋﻨـﻪ ﱂ‬
‫ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳ‪‬ﻔﺘ‪‬ﺶ ﺑﺎﻃﻨ‪‬ﻪ ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪،‬‬
‫ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣـﻦ ﺗـﺮﻙ ﺍﻣﺘﺜـﺎﻝ ﺍﻷﻣـﺮ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٦٤‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٦٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻴﻌﺰ ‪‬ﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ‬

‫ﻭﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﻨﻬﻲ‪ .‬ﻓﻠﻴﺴﺘﻐﻔﺮ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻟﻴ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻌﺎﻭﺩﺓ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﰒ ﻳﻌﺘ ‪‬ﺬ ‪‬ﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻳﺘ ﹶﺬﱠﻟ ﹸﻞ ﻟﻪ ﻭﻳﺘﻤﱠﻠﻘﹸﻪ ﻭﻳﺘﺤﺒ‪‬ﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺘـﺮﻙ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻭﻳﺪﺍﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻮﺍﻇﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ"‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻳﺄﰐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺴﺘﺴﻴﻐﻪ ﻋﻘ ﹸﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ‬
‫ﺲ‬
‫ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪ .‬ﻭﻳﺮﻓﻀﻪ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﹰﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺷ‪‬ﺒ ‪‬ﺢ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ﻫـﺎﺟ ‪‬‬
‫ﻳﻘﻈﺘﻪ ﻭﻣﻨﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻳﺘﺼﻮﺭﳘﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﺭﺃﻳﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻓﻴﺠﻌﻠﻪ ﻭﺳﻴﻠ ﹰﺔ ﻭﻭﺍﺳﻄﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺭﺑﻪ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‪،‬‬
‫ﻭﻃﺮﻳﻘﺎ ﻭﺳﺒﺒﺎ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬ﻛﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻚ ﻭﻻ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻪ‬
‫ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺼﺎﺩﻕ ﺣﺎﺟﺒﺎ ﻣﻦ ﺣﺠﺎﺑﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣـﻦ ﺣﻮﺍﺷـﻴﻪ‬
‫ﻭﺧﻮﺍﺻﻪ‪ ،‬ﻟﻴﺒﺼ‪‬ﺮﻩ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺩ‪‬ﺃﺑﻪ ﻭﻋﺎﺩﺗﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻌﻠﻢ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﲔ ﻳﺪﻳـﻪ‬
‫ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻳﺼﻠﹸﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﻭﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﳑـﺎ ﻟـﻴﺲ ﻣﺜﻠﹸﻬـﺎ ﰲ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺧﺰﺍﻧﺘﻪ‪ .‬ﻭﳑﺎ ‪‬ﻳ ‪‬ﺆ‪‬ﺛ ‪‬ﺮ ﺍﻻﺳﺘﻜﺜﺎﺭ ﻣﻨﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﺍ ﺿﺮﺏ ﻣﺜﻞ‪ ،‬ﻭﷲ ﺍﳌﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﳊﺲ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺴﺨﻴﻒ ﻟﻴﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻟﻴﺲ ﺍﲣﺎﺫ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺻﻨﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒﺪ‬
‫ﺍﳌﺸﺮﻛﻮﻥ ﺃﺻﻨﺎﻣﻬﻢ ﻟﻴﻘﺮﺑﻮﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺯﻟﻔﻰ ﰲ ﺯﻋﻤﻬﻢ ﺍﻟﻀـﺎﻝ‪ .‬ﻟﻜـﻦ‬
‫ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﺘﺄﺩ‪‬ﺏ ﺑﺄﺩﺏ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑـﻪ ﰲ ﺁﺩﺍﺏ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﻤﺎ ﻧﻘﺘﺪﻱ ﺑﺎﻹﻣﺎﻡ ﰲ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺇﻥ ﺇﻣـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﺻﻨ ‪‬ﻢ ﺣﺎﺋﻞ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ‪ .‬ﺍﻟﺸﻴﺦ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٦٣‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗ‪‬ﺒﻠﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻨﺎ ﺇﱃ ﻣﺜﺎﻝ ﺣﺴﻲ‪ ،‬ﻭﻻ ﳒﻴﺪ ﺿﺮﺏ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﳚﻴﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺴﱠﻠ ‪‬ﻖ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺑﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻼ ‪‬ﻡ‬ ‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺑﺎﺑﻪ‪ .‬ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻭﻳ‪‬ﻬﺎﻥﹶ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺒﻠ ﹶﻎ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﻻ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻭﻟﻜﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﺩﻫﺸ ﹲﺔ‬
‫ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺬﻛﱡﺮ ﻭ ‪‬ﻣ‪‬ﻨﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ ﻓﻴﻘﻌﺪﻩ ﻣﻮﺿﻊ ‪‬ﻣﹾﺜﻠ‪‬ﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﺸ ‪‬ﲑ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﺗﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﻬﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺴﻮﺀ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﳊﻤﺎﻗﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﻄﻴﻊ ﻟﺮﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻧﺬﺭ ﻋ ‪‬ﻤﺮ‪‬ﻩ ﻟﻠﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ‪:‬‬
‫"ذא(‪L0   2W!M2‬ن‪ )G H o(A*£‬‬
‫'‪(!tG%‬نƒ‪   ]022‬و!‪I
U]/#‬و?)؟ ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺣﻜﻴﻢ ﻳﻌﻆ ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻗﺎﺻﺮ ﺍﳉﻨﺎﻥ‪:‬‬

‫‪
?j‬א‪ ،)Do    1,2B0‬و‪ 
H7G/Z‬‬
‫و‪>0!G6‬א;‪H HK‬و‪G‬א   ']‪Y‬و‪o!>0‬א‪ 
/‬‬
‫!‪5/mI/D   <
^HA…C0G
AAc‬ود‪e‬א&
؟ ‬
‫‪0'
D   ](2P2(fX0‬א[=‪%z-I‬وא‪ 
H%‬‬
‫وאم

‪B5D   ¤B]2,0D‬س‪0‬א‪gFy‬وא‪ 
-FH/‬‬
‫!‪{HD5¥Z‬ل
‪   ]7n‬و
‪No<F‬موא‪ B5‬‬
‫!=‪"   ]A
<¦0GB
Ž H7bAtNHj‬ن(‪W‬ن‪H‬א‪Upq‬א¦<
 ‬
‫'‪',k‬قא;§‪   )0M/‬و')'‪ B;P7‬‬
‫‪52‬و‪B‬ودא‪W‬م‪ &2‬א   ‪f،z,%b‬א‪/‬ن(‪ Ÿk‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ ‪gM‬ــــ ِ&‬
‫_َــــــ>‪_M M‬ـــ‪a‬ــــ >‡ <‪S‬ــــ‪C J‬‬ ‫ ـ<ِـً <ِـــــ& ـ>ــ‪W‬ــــ _َـ َـــ‪a‬ــــ‬
‫ Š‪+‬ــ‪9mَ= V‬ــــ ٍ ‪>. 6‬ــ‰ ُ‪m‬ــــ ِ‬
‫‪8 3M5‬‬ ‫  "‪'3‬ـ ـــــ‬
‫‪V j‬‬
‫ <‪U‬ـــ ‪3‬‬
‫‪3.‬ــ‪; Qj‬ــˆ ‪3‬‬
‫‪%3  ،[ّ ?Dِ& ef‬ـــ‪mQ 6 ،>&M‬ـــ ِ‬ ‫ ‪ a8-3‬‬
‫‪.‬ـ‪S ? 3Zb Qj‬ـ ‪C‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"
!  )(‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﷲ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳉـﺎﻫﻠﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻠـﲏ‬
‫ﺷﻜﻮﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﲏ ﺻﺒﻮﺭﺍ‪ ،‬ﻭﺍﺟﻌﻠﲏ ﰲ ﻋﻴﲏ ﺻﻐﲑﺍ‪ ،‬ﻭﰲ ﺃﻋﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺒﲑﺍ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﻼﺭﻱ ﺍﳌﺼﺮﻱ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪" :‬ﺟﻼﺀ ﺍﻟﺼﺪﺇ"‪:‬‬

‫"ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻳﺴﻜﺖ ﺣﱴ ﻳﻘـﺎﻝ‪ :‬ﺇﻧـﻪ ﻻ‬
‫ﻳﺘﻜﻠﻢ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻜﻠﻢ ‪‬ﺑ ﱠﻞ ﺑﻌﺬﻭﺑﺔ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻐﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺩﺍﻭﻯ ﺍﻟﻌﻠﻴﻞ‪ .‬ﺗﺮﻙ ﻧﻔﺴـﻪ‬
‫ﻭﺗﻮﺍﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻣﻦ ﻏﲑ ﺣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻭﻛﻈﻢ ﻏﻴ ﹶﻈ ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺿﺠﺮ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻴ‪‬ﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﻳﻜﺔ‪ ،‬ﻫﻴ‪‬ﻦ ﺍﳌﺆﻧﺔ‪ ،‬ﺳﻬ ﹶﻞ ﺍﳋﻠﻖ‪ ،‬ﻛﺮﱘ ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬ﺣﺴﻦ ﺍﳌﻌﺎﺷﺮﺓ‪ ،‬ﺑﺴ‪‬ـﺎﻣﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻏﲑ ﺿﺤﻚ‪ ،‬ﳏﺰﻭﻧﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻋﺒﻮﺱ‪ ،‬ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺫﻟﺔ‪ ،‬ﺟﻮﺍﺩﺍ ﻣﻦ‬
‫ﻏﲑ ﺇﺳﺮﺍﻑ‪ .‬ﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ‪.‬‬
‫"ﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎ ﻋﺎﳌﺎ ﻣﻘﺮﺋﺎ ﳎﻮﺩﺍ ﳏﺪﺛﺎ ﻣﻔﺴﺮﺍ‪ .‬ﻭﻟﻪ ﺇﺟﺎﺯﺍﺕ ﻭﺭﻭﺍﻳـﺎﺕ‬
‫ﻋﺎﻟﻴﺎﺕ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺗﻜﻠﻢ ﺃﺟﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺳﻜﺖ ﺃﻓﺎﺩ‪ .‬ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻷﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻬﻰ‬
‫ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻭﻓﻌﻠﻪ‪ .‬ﻛﺎﻥ ﻛﻬﻒ ﺍﳊﹶﺮﺍﺋ‪‬ـﺮﹺ‪ ،‬ﻭﻣﻠﺠـﺄ ﺍﶈﺘـﺎﺟﲔ‪ ،‬ﻭﻛﻌﺒـﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺻﺪﻳﻦ‪ .‬ﺃﺑﺎ ﻟﻸﺭﺍﻣﻞ ﻭﺍﻷﻳﺘﺎﻡ‪ ،‬ﻳﻌﻄﻲ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺳﺆﺍﻝ‪ ،‬ﻭﳝﻨﺢ ﻣـﻦ ﻏـﲑ‬
‫ﻕ ﺍﻟﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻭﱂ ﳜﺎﻟﻒ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﺇﳘﺎﻝ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻗﻮﻻ ﺃﺗﺒﻌﻪ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻭﺻﺪ ﹺ‬
‫‪١‬‬
‫ﻓﻌﻠﻪ ﻗﻂ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ‪‬ﺧﻠﹸﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳉﻠﻴﻞ‪ ،‬ﺍﻟﺸـﻴﺦ ﺍﶈﺘـﺮﻡ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﺎﰿ ﺍﳌﺮﺿﻰ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻌﺮﺟﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ﺑﻨﻔﺴﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺳﻠﻜﺖ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺏ "ﺣﺎﻟﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﻞ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﳌﻮﺻﻠﺔ ﻓﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻻ ﺃﺳﻬﻞ ﻭﻻ ﺃﺻﻠﺢ ﻣﻦ ﺍﻻﻓﺘﻘـﺎﺭ‬

‫ﻭﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ‪ .‬ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ‪ :‬ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ! ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ )ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ(؟‬
‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺗ‪‬ﻌﻈﱢﻢ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻭﺗ‪‬ﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺗﻘﺘﺪﻱ ﺑﺴﻨﺔ ﺳﻴﺪﻙ ﺭﺳـﻮﻝ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﲣﺬﻩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻫﻮ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ‬
‫ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺘﺴﺐ ﺇﱃ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﺍﻓﺘﻘـﺎﺭﻫﻢ ﺃﻛـﻞ‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﱰﻭﻝ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟ ﹶﻔﺮ‪‬ﺍﻥ ﻭﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺴﺒﺎﻉ‪ .‬ﻭﻫـﺬﺍ‬
‫ﺗﺰﻳﻴﻒ‪ .‬ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﺍﻟﻘﻮﱘ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻪ ﻭﺍﻧﻜﺴﺎﺭﻩ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻ ﻟﻐﲑﻩ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺗﻮﺍﺿﻌﻪ ﺫﻟﱠﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺭﲪﺔ ﻟﻠﺨﻠﻖ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﹸﻛﺒ‪‬ﺮﺍ ُﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﻻ‬
‫ﻳﻘﻴﻢ ﳍﻢ ﻭﺯﻧﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺬﺭﺍﺕ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻨـﺎﺀ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﻳﻘﺴﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ"‪.‬‬
‫ﻱ‬
‫ﻭﺻﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﻣﺜﱠﻞ ﳍـﺎ ﻓﻘـﺎﻝ‪" :‬ﺃ ‪‬‬
‫ﺳﺎﺩ ﹸﺓ! ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻛﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ .‬ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼـﻌﻮﺩ‬
‫ﻭﺍﳍﺒﻮﻁ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻭﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻬﻞ ﻭﺍﳉﺒﻞ‪ .‬ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻘﻔـﺮﺍﺀ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻜﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻨﻀ‪‬ﺮﺓ ﺍﳋﻀ‪‬ﺮﺓ ﺍﻟﻜـﺜﲑﺓ ﺍﳌﻴـﺎﻩ‬
‫ﻭﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻜﺎﻥ‪ .‬ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ‪.‬‬
‫"ﻓﻤﻦ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﺑﻠﺬﱠﺓ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑ ‪‬ﺬﻟﱠﺔ ﺍﳍﺒﻮﻁ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑﺮﺍﺣﺔ ﺍﻻﻋﺘـﺪﺍﻝ‪ ،‬ﺃﻭ‬
‫ﺑﺘﻌﺐ ﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑ‪‬ﻴﺴ‪‬ﺮ ﺍﻟﺴﻬﻞ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑ ‪‬ﻌﺴ‪‬ﺮ ﺍﳉﺒﻞ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑ ‪‬ﻐﺼ‪‬ﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻟﻮﻋﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٢٦٠‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٤‬ﺹ ‪.٢٦١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳋﻀ‪‬ﺮﺓ ﻭﺍﳌﻴﺎﻩ ﻭﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻭﺍﻷﻧﺲ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎﻥ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻄﺶ‪ ،‬ﺃﻭ ﲝﻼﻭﺓ ﺍﻟﻨﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍ ﹸ‬

‫ﺑﻘﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ‪.‬‬
‫"ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻜﻞ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﺣﺎﻣﻼ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻟﺬﺍﺋﺬﻩ‪،‬‬
‫ﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ‪.‬‬
‫"ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﻟﻚ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﷲ‪ ،‬ﹺﺇ ﹾﻥ ﺻﺮﻓﺘﻪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻋﻦ ﳏـﻮﻝ‬
‫ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺒﺘﻪ ﺳﻜﺮﺓ ﺇﻗﺒﺎﻝ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﻦ ﻣﻘﻠﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﻐﺮﺽ‪،‬‬
‫ﻭﺑﻘﻲ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩﻩ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻘﻄﻊ ﺑﻼ ﺭﻳﺐ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺗﺮﻙ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ ﻭﺭﺍﺀ‬
‫‪١‬‬
‫ﻇﻬﺮﻩ ﻓﻘﺪ ﻓﺎﺯ ﻓﻮﺯﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ"‪.‬‬
‫ﺤ ‪‬ﺢ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪ ،‬ﻭﳛ ‪‬ﺮ ‪‬ﺭ ﺍﻟﻘﺼﺪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺩﺧـﻞ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ‬ ‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﻥ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺼ ‪‬‬
‫ﺩﻭﻥ ﺧﻔﲑ ﻭﺩﻟﻴﻞ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺴﺘﻔﺘﺢ ﺑﺸﺨﺺ‪ ،‬ﻭﺗﺴﻠﻖ ﻣـﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻷﺳـﻮﺍﺭ‪،‬‬
‫ﻳﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺨ ﱠﻄ ﹶﻔ ‪‬ﻪ ﻣﻬﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﺍﻃﻊ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﻭﻧﻮﺭ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ‬
‫ﺃﻭﻝ ﺑﺎﺭﻗﺔ ﺗﱪﻕ ﻟﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺧﺎﺭﻗﺔ ﺗﻈﻬﺮ‪ ،‬ﻓﻴﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻭﺻﻞ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﳌﺎ ﻳﻀﻊ ﻗﺪﻣﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪.‬‬
‫ﻟﺬﺍ ﻭﻟﻐﲑﻩ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﱪ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺷﺮﻃﺎ ﻻ ﻳﺘﺨ‪‬ﻄﺎ ‪‬ﻩ ﺇﻻ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﻪ ﺃﻭ‬
‫ﻣﺘﻬﻮ ‪‬ﺭ ﻣﺘﻜﱪ ﻳﺄﰐ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﺑﻮﺍ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻓﺤﻘﻴﻖ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﺩ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﺘـﺮﻙ‬
‫ﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻭﻫﺎﺩﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻭﺩﻳﺘﻬﺎ ﻭﻗ‪‬ﻔﺎﺭﻫﺎ‪.‬‬ ‫ﺳﺎﺋﻤﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﹶﻏﻴ‪‬ﻀﺎ ‪‬‬
‫ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳ ‪‬ﻲ ﰲ ﺍﳌﺮﰊ ﺍﳌﺼـﺤﻮﺏ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪﻩ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪﻩ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﲔ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﲔ‪ .‬ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺷـﺮﻁ‬
‫ﺗﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ ﺇﱃ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻗـﺎﻝ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٩٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺖ ﺃﺳﺎﻧﻴﺪ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺇﱃ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﺤ ‪‬‬‫ﺻ‪‬‬

‫ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ " :‬‬
‫ﺗﻠﻘﱠﻦ ﻣﻨﻪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﲨﺎﻋﺔ ﻭﻓﹸﺮﺍﺩ‪‬ﻯ ﻭﺍﺗﺼﻠﺖ ‪‬ﻢ ﺳﻼﺳ‪‬ـ ﹸﻞ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻡ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﺄﰐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﲝﺪﻳﺚ ﺷﺪﺍﺩ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻜﻲ ﻛﻴﻒ‬
‫ﻟﻘﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑ ‪‬ﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺭﺩﻧﺎﻩ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﰲ ﻣﺴﻨﺪﻩ‪ .‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﻳﺄﰐ ﲝﺪﻳﺚ ﺗﻠﻘﲔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﻠـﻲ‪.‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﲨﻊ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻜﺮﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺼﺤﺤﻪ‪.‬‬
‫ﰒ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺻﺢ ﺗﻮﺣﻴﺪﻫﻢ‪.‬‬
‫ﻭﲡﺮﺩﻭﺍ ﻋﻦ ﺍﻷﻏﻴﺎﺭ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺳﻘﻄﻮﺍ ‪‬ﻭ ‪‬ﻫ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻣﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺭﺩ‪‬ﻭﻫـﺎ‬
‫ﺑﻴﺪ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺍﳋﺎﻟﺺ ﺇﱃ ﺍﳌﹸﺆﺛﱢﺮ ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﻻﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻤ‪‬ﻠـﺖ‬
‫ﺖ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ‪.‬‬ ‫ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻋﹶﻠ ‪‬‬
‫"ﻓﻌﺎﻣ‪‬ﻠﻮﺍ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﻤﺎ ﻋﺎﻣﻠﻮﻩ ﲢﺼ‪‬ﻞ ﻟﻜﻢ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘـﻮﻡ‪،‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﻳﺘ‪ ‬ﻢ ﻧﻈﺎ ‪‬ﻡ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﻭﺭﺍﺀﻫﻢ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮ ﹶﻥ ﺃﻗﺪﺍﻣ‪‬ﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﺪﺍﻣﻬﻢ"‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﲤﺎﻡ ﻧﺼﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻟﻔﺨﻴﻢ‪ ،‬ﺍﳌﻄﺒﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﱘ‬
‫ﺍﻷﺧﻼﻕ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ‪ ،‬ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﻃﺮﻳﻖ "ﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ" ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﺮﻙ‬
‫ﺃﻥ ‪‬ﺩ ﱠﻝ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﺼﺪﻡ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺎﰲ ﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ‪.‬‬
‫ﺼ ‪‬ﺪﻣ‪‬ﻬﻤﺎ ﻭﺗﻨﺎﻓﻴﻬﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺎ ﺗﺼﻨﻌﺎ ﻭﻧﺎﻣﻮﺳﺎ‪ .‬ﺩﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴـﻪ‪،‬‬ ‫‪‬ﺗ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٥٣‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺃﻫﻠﻴﺘﻪ ﻟﻠﻤﺸﻴﺨﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻨﻬﺎ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻟﻪ ﺍﲰﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘـﺎﺩﺭ‬
‫ﺍﳉﻴﻼﱐ‪ ،‬ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻋﻠﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪﳘﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ‪ ،‬ﻭﻏﲑﻫﻢ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﺩﻻﻟﺔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳉﻬﺎﺑﺬﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﻔﻬﺎ‬
‫ﻭﻃﻴﺸﹰﺎ ﻭﺗﻀﻠﻴﻼ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﻟﻮ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﺎﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋـﺔ‬
‫ﺖ ﰲ ﺧﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ‬ ‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻮﺭﺕ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻭﺣﻈ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﺨﻠﹶﻊ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳـﺔ ﷲ‬ ‫ﲟﺠﺪ ﺍﻟﻘﹸﺮﺏ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﺑﻌﺪ ﺇﻥ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺇﱃ ﺫﺍ‪‬ﺎ ﺍﳌﻜﺴﻮ‪‬ﺓ ﹺﺑ ‪‬‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﺈﳕﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﳌﻮﱃ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ .‬ﻻ ﻭﺯﻥ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻟﺮﺃﻱ ﺍﳋﻠﻖ ﻛﺬﺑﻮﺍ‬
‫ﺃﻭ ﺻﺪﻗﻮﺍ‪ ،‬ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺃﻭ ﻏﺎﺭﻭﺍ ﲢﺖ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬
‫‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﳋﺎﻟﺺ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪" :‬ﹺﻧﻌ‪‬ﻢ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺗ‪‬ﺬﻛﹶﺮ‪ .‬ﻣﻦ‬
‫ﻗ ‪‬ﺮﺑ‪‬ﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻓﻬﻮ ﻗﺮﻳﺐ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﺑﻌﺪ‪‬ﺗ ‪‬ﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺑﻌﻴﺪ‪ .‬ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻨـﺎ‪،‬‬
‫ﺍﳌﻤﻘﻮﺕ ﻣﻨﺎ! ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻨﻚ ﻳﺎ ﻣﺴﻜﲔ! ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻴـﻚ ‪‬ﻣ ﹾﻘﺼ‪‬ـ ‪‬ﺪ‬
‫ﻳﺸ ‪‬ﻬ ‪‬ﺪ ﲝﺴﻦ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻙ‪ ،‬ﻭﺧﺎﻟﺺ ﺣﺒﻚ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻫﻠ‪‬ﻪ‪ ،‬ﺍﺟﺘ‪‬ـ ﹶﺬ‪‬ﺑﻨ‪‬ﺎﻙ‬
‫ﺖ ﺃﻭ ﻻ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﳊ ‪‬ﻖ ﻳﻘﺎﻝ‪ :‬ﺣﻈﱡـﻚ ﻣﻨﻌـﻚ‪،‬‬ ‫ﺇﻟﻴﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺣﺴﺒﻨﺎﻙ ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ ،‬ﺷﹾﺌ ‪‬‬
‫ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻙ ﻗﻄﻌﻚ‪.‬‬
‫ﺴﺒ‪‬ﻨﺎﻙ ﻣﻨﺎ ﻣﺎ ﺗﺒﺎﻋﺪﺕ ﻋﻨﺎ!‬
‫"ﻟﻮ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫"ﺧﺬ ﻣﲏ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻘﻠﺐ! ﺧﺬ ﻣﲏ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺬﻭﻕ! ﺧﺬ ﻣﲏ ﻋﻠـﻢ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﺸﻮﻕ! ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻣﲏ ﻳﺎ ﺃﺧﺎ ﺍﳊﺠﺎﺏ! ﹸﻛﺸ‪‬ﻒ ﱄ ﻗﻠﺒﻚ!"‪.‬‬
‫ﻭﻳﺼ ﹸﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟـﺬﻛﺮ ﺑﻮﺻـﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼـﺤﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻹﺧـﻼﺹ ﻣـﻦ ﺟـﺎﻧﱯ ﺍﻟﺼـﺎﺣﺐ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٤٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﳌﺼﺤﻮﺏ‪ ،‬ﳘﺎ ﺍﻟﺮﻛﻨﺎﻥ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﺮﻃﺎﻥ ﺍﳌﺘﻼﺯﻣـﺎﻥ‪ ،‬ﰲ ﺭﻓـﻊ‬

‫ﳋﻄﹾﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪.‬‬ ‫ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﰲ ﺍ ﹶ‬
‫ﻗﺎﻝ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪" :‬ﻋﻠﻴﻜﻢ‪ ،‬ﺃﻱ ﺳﺎﺩﺓ‪ ،‬ﺑﺬﻛﺮ ﺍﷲ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻛﺮ‬
‫ﺲ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻭﺣﺒﻞ ﺍﻟﻘﺮﺏ‪ .‬ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻃﺎﺏ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻃﺎﺏ ﺑﺎﷲ‬ ‫ﻣﻐﻨﺎﻃﻴ ‪‬‬
‫ﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺍﷲ‪.‬‬
‫"ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻳﺜﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﱪﻛﺔ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ‪ .‬ﺍﳌﺮﺀ ﻋﻠﻰ ﺩﻳـﻦ ﺧﻠﻴﻠـﻪ‬
‫)ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ(‪.‬‬
‫ﺏ! ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺳﻢ ﻗﺎﺗﻞ!‬
‫ﺠ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻕ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫"ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻨﺎ! ﺻﺤﺒﺘﻨﺎ ﺗ‪‬ﺮﻳﺎ ‪‬‬
‫ﺏ! ﺗﺰﻋﻢ ﺃﻧﻚ ﺍﻛﺘﻔﻴﺖ ﻋﻨﺎ ﺑﻌﻠﻤﻚ! ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻋﻠـﻢ‬ ‫ﻱ ﳏﺠﻮ ‪‬‬ ‫"ﺃ ‪‬‬
‫ﺑﻼ ﻋﻤﻞ! ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﻼ ﺇﺧﻼﺹ!‬
‫"ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻄﺮ! ﻣﻦ ﻳﻨﻬﺾ ﺑﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻞ! ﻣـﻦ‬
‫ﻳﺪﺍﻭﻳﻚ ﻣﻦ ﺳﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ! ﻣﻦ ﻳﺪ‪‬ﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘﻮﱘ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺧـﻼﺹ!‬
‫"ﻓﺎﺳﺄﻟﻮﺍ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ"‪ .‬ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻧﺒﺄﻧﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﳋﺒﲑ‪.‬‬
‫"ﺗﻈﻦ ﺃﻧﻚ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ! ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﳏﺠﻮﺑﺎ ﻋﻨـﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻣﺎ ‪‬ﺣ ﹺﺮﻣ‪‬ﺖ ﲦﺮﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ .‬ﺻﺪﻙ ﺣﺠﺎﺑ‪‬ﻚ! ﻗﻄﻌﻚ‬
‫‪١‬‬
‫ﻋﻤﻠﻚ!"‪.‬‬
‫ﺺ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ :‬ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ‪ .‬ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ‬ ‫ﺨ ‪‬‬‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺗﻠ ‪‬‬
‫ﺗﻘﺮﺃ ﺗﻼﺯﻣﻬﺎ ﻭﺗﺴﺎ‪‬ﻧﺪ‪‬ﻫﺎ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺽ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺽ ﺑﻌﺾ‪ .‬ﻭﻻ ﲡﺪ ﺩ‪‬ﺍ ‪‬ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﺇﻻ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻋﻨﺪﻩ ﻗﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻔﺘﺎﺡ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٤٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﰊ‪" :‬ﻭﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ‬

‫ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻳﺴﺘﺘﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺘﺮ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳊﻴﺾ‪ .‬ﻭﻻﺯﻡ ﺑﺎﺏ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻭﺟﻪ ﻗﻠﺒﻚ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺍﺟﻌﻞ ﺍﻻﺳﺘﻤﺪﺍﺩ ﻣﻦ‬
‫ﺑﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺷﻴﺨﻚ ﺍﳌﺮﺷﺪ‪ .‬ﻭﻗﻢ ﲞﺪﻣﺔ ﺷﻴﺨﻚ ﺑﺎﻹﺧﻼﺹ ﻣﻦ‬
‫ﻏﲑ ﻃﻠﺐ ﻭﻻ ﺃ ‪‬ﺭﺏﹴ‪ ،‬ﻭﺍﺫﻫﺐ ﻣﻌﻪ ﲟﺴﻠﻚ ﺍﻷﺩﺏ‪ .‬ﻭﺍﺣﻔﻆ ﹶﻏ‪‬ﻴ‪‬ﺒ‪‬ﺘﻪ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ﹶﻘ‪‬ﻴ ‪‬ﺪ‬
‫ﲞﺪﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﳋﺪﻣﺔ ﰲ ﻣﱰﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻗﻠﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺣﻀﺮﺗﻪ‪ .‬ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴـﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺭ‪ ،‬ﻻ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺘﺼﻐﲑ ﻭﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ"‪.‬‬
‫ﰒ ﳚﻤﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻧﺼﺎﺋﺤﻪ ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻭﻗـﻢ ﺑﻨﺼـﻴﺤﺔ‬
‫ﻒ ﺑﲔ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ‪ .‬ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﺍﲨﻊ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‪ ،‬ﻣﻬﻤـﺎ‬ ‫ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺃﱢﻟ ‪‬‬
‫ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻚ‪ .‬ﻭﺭﻏﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ﻟﻠﺪ‪‬ﺧﻮﻝ ﰲ ﺑـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪.‬‬
‫ﻚ‬
‫"ﻭﻋﻤﺮ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﲨـﻞ ﻗﺎﻟﺒـﻚ ﺑـﺎﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻧـﻮﺭ ﹺﻧﻴ‪‬ﺘـ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻹﺧﻼﺹ‪ .‬ﻭﺍﺳﺘﻌﻦ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻭﺍﺻﱪ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺋﺐ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻛﻦ ﺭﺍﺿﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻭﻗﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ‪ :‬ﺍﳊﻤﺪ ﷲ‪.‬‬
‫"ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﲢﺮﻛـﺖ‬
‫ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺎﻟﺸﻬﻮﺓ ﺃﻭ ﺍﻟ ‪‬ﻜ‪‬ﺒ ﹺﺮ ﻓﺼﻢ ﺗﻄﻮﻋﺎ ﷲ‪ .‬ﻭﺍﻋﺘﺼﻢ ﲝﺒﻞ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺍﺟﻠﺲ ﰲ‬
‫ﺝ ﻧﺎﻝ‬ ‫ﺑﻴﺘﻚ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻜﺜﺮ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻟﻸﺳﻮﺍﻕ ﻭﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟ ﹸﻔﺮ‪‬ﺝ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟ ﹸﻔ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺝ)‪ .(...‬ﻭﺍﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﰲ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ‪ ،‬ﻭﺃﺧﻠﺺ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﺮ ﻭﺍﳉﻬﺮ"‪.‬‬ ‫ﺍﻟ ﹶﻔ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻻﺣﻖ ﺑﺮﻛﺐ ﺛﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ‪:‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﳌﺆﻳﺪ ﺹ ‪.٩٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٩٧-٩٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫!=(‪ š-‬א!ن‪THG]H‬و!¦)  

אوذ>‪5ƒ!03*£‬אد ‬
‫و!(‪7‬א
(!و?‪ŽB‬و!‪B M/A!5oFDp#   )L6‬و‪N‬אد ‬
‫< ‪   3
HHj
G4523”%5G‬و( ‪/‬لא
א‪ŽgR‬א‪Hb‬د‪ %‬‬
‫'‪Ži‬ن ‪H BH‬و ‪!MG‬د‪u‬א;‪a‬א   '‪oD/‬א‪Ny‬وאŸق"‪26‬د ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﻻ ﻳﻌﻈﻢ ﻏﲑ ﺭﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺴﻌﻰ ﰲ ﺳﻮﻯ ﻗﺮﺑﻪ‪:‬‬

‫!‪;0%5/G 0HG%‬لא‪B!W'fF2‬و)   !=‪q
W0% JK‬א‪ !JK=!¨/‬‬
‫'‪ˆ>7‬وא‪   e

e‬و‪Pƒ
A>7‬وא‪DX‬م‪ !Ja‬‬
‫و‪M‬א;‪ 0‬و‪   
%>20‬و‪ 0‬و‪0‬א‪
j[/‬א‪ J‬‬
‫"ذא
‪>2g‬א
' ‪   <H‬و(א;'قא‪
7‬א‪
AJ‬א‪ J‬‬

‫ﻭﻫﻲ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻗﻴﻠﺖ ﰲ ﻣﺪﺡ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳊﻤﺪﺍﱐ‪ ،‬ﲤﺜﻞ ‪‬ﺎ ﺍﻟﺼﻮﰲ‪.‬‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ َ‪' L3 C‬ـــ‪Q 6 ِw‬ـ‪m‬ــَ[‪8‬‬ ‫ ‪‹ y‬ـــَــ[‪8‬‬
‫‪;3‬ـ‪`T‬ـŒ ــ >‬
‫‪> 3‬ـــŒ _‪9‬ــŒ‪> 6 3‬ـــَ[‪8‬‬ ‫_َ‪3W ًT3U ,‬ــ † ‪8‬‬
‫‪_M‬ــ ‪C k ef‬ــ ‪a3b‬ــَ[‪8‬‬ ‫)‪ Lِْ Y‬ـ‪3.3. 8  OmQ-‬ــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"
!  ‪#*+‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺭﻛﺒﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﷲ ﳎﺮﺍﻫﺎ ﻭﻣﺮﺳـﺎﻫﺎ‪ .‬ﺇﻥ ﺭﰊ‬
‫ﻟﻐﻔﻮﺭ ﺭﺣﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺻﻠﺢ ﺫﺍﺕ ﺑﻴﻨﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻟﻒ ﺑﲔ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻫﺪﻧﺎ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻭﳒﻨﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﻭﺟﻨﺒﻨﺎ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺑﻄﻦ‪.‬‬

‫ﺝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﰒ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ‬ ‫ﹶﲣ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺣﱴ ﺗﺄﻫﻞ ﻟﻠﻤﺸﻴﺨﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﻭﻃﻨﻪ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺇﱃ ﻣﺼﺮ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﺿﺮﻳﺮ‬
‫ﺍﻟﺒﺼﺮ ﺛﺎﻗﺐ ﺍﻟﺒﺼﲑﺓ‪ ،‬ﺃﻭﰐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻣﺎ ﲨﻊ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﳋﺎﺻـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺸﻬﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻣﻜﲔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﲰﺮ‪":‬ﺣﻀﺮﺕ ﺑﺎﳌﻨﺼﻮﺭﺓ ﰲ ‪‬ﺧﻴ‪‬ﻤ ‪‬ﺔ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﻔﱵ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﳎﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬
‫ﺑﻦ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺍﳌﺪﺭ‪‬ﺱ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻴﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑـﻦ‬
‫ﺳ‪‬ﺮﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﳎﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﲬﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ‪ ،‬ﺭﺿـﻲ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺭﺳﺎﻟ ﹸﺔ ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﺗﻘﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ .‬ﻭﻫﻢ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑـﻮ‬
‫ﺖ‪ .‬ﺇﱃ ﺃﻥ ﻓﺮﻍ ﻛﻼﻣﻬﻢ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ! ﻧﺮﻳـﺪ ﻧﺴـﻤﻊ‬ ‫ﺍﳊﺴﻦ ﺻﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﻛﱪﺍﺅﻩ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﺘﻢ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻻ ﺑـﺪ‬ ‫ﻣﻨﻚ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﺃﻧﺘﻢ ﺳﺎﺩﺍ ‪‬‬
‫ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻊ ﻣﻨﻚ!‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺴﻜﺖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﺎﻋﺔ‪ ،‬ﰒ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﺎﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒـﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠـﻮﻡ‬

‫ﺍﳉﻠﻴﻠﺔ‪ .‬ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺻﺪﺭ ﺍﳋﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻓﺎﺭﻕ ﻣﻮﺿﻌﻪ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﺍﲰﻌﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻣﻦ ﺍﷲ!"‬
‫ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ‪‬ﺣﻈﹾﻮﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﺘﺘﻠﻤ ﹸﺬ ﻟﻪ ﺣﱴ ﻳﻌﻘﺪ ﳎﻠﺲ ﻣﻨـﺎﻇﺮﺓ‬
‫ﳝﺘﺤﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﲤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﻓﻘﺪ ﺳﻠﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﻠﻜﺎ ﺯﺍﺩ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻴﻊ ﺍﻹﻣﺎﻣﲔ‬
‫ﺍﳉﻠﻴﻠﲔ ﻗﺒﻠﻪ‪ ،‬ﺍﳉﻴﻼﱐ ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ‪ .‬ﳘﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻜﺘﻔﻴﺎﻥ ﰲ ﳎﺎﻟﺲ ﻭﻋﻈﻬﻤـﺎ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﺙ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻟﻴﻮﺟﻬﺎ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ‪ ،‬ﻣﻌﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﲟﺎ ﻳ‪‬ﺸﺒﻪ ﺍﻟﻔﺨ ‪‬ﺮ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮ‪‬ﻯ‬
‫ﰲ ﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﺬﺭﺍﺕ‪" :‬ﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺭﻛﺐ ﲤﺸﻰ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﺣﻮﻟﹶﻪ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﻨﺸ‪‬ﺮ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﻀﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﺳﺎﺕ )ﺍﻟﻄﺒـﻮﻝ( ﺑـﲔ‬
‫ﻳﺪﻳﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻟﻪ‪ :‬ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﻐـﻮﺙ ﻓﻌﻠﻴـﻪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺑﺎﻟﺸﺎﺫﱄ"‪.‬‬
‫ﺖ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻃﺮﻳﻘـﺔ ﺍﻟﺸـﻜﺮ‪،‬‬ ‫ﺴ ‪‬ﻤ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻳﺘ‪‬ﺴﻢ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺑﺎﻟﺘﻴﺴﲑ‪ ،‬ﻓ ‪‬‬
‫ﻭﺳﻨﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﲝﻮﻝ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳌﻘﺒﻞ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻫﻲ ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺩﺭﺟﻮﺍ ﻗﺒﻠﻪ‪ ،‬ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﲨﻌﲔ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.١٣٦‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.٢٧٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻓﻬﻮ ﻳﻮﺻﻲ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﺑﻘﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺭﻓﻘﺔ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﲔ ﻓﻴﻘـﻮﻝ‪:‬‬

‫"ﺍﻫﺮ‪‬ﺏ ﻣﻦ ﺧﲑ ﺍﻟﻨﺎﺱ )ﰲ ﻧﻈﺮﻙ( ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ‪‬ﺮﺏ ﻣﻦ ﺷﺮﻫﻢ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﺧﲑﻫﻢ‬
‫ﺏ ﰲ ﺑـﺪﻧﻚ‬ ‫ﻳﺼﻴﺒﻚ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ‪ ،‬ﻭﺷﺮﻫﻢ ﻳﺼﻴﺒﻚ ﰲ ﺑﺪﻧﻚ‪ .‬ﻭ َﻷ ﹾﻥ ﺗ‪‬ﺼﺎ ‪‬‬
‫ﺧﲑ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗ‪‬ﺼﺎﺏ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ‪ .‬ﻭﹶﻟ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ‪‬ﻭ ﺗﺼﻞ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺣﺒﻴﺐ‬
‫ﻉ ﺇﻗﺒﺎﳍﻢ ﻋﻠﻴﻚ ﻟﻴﻼ ﻭﺇﻋﺮﺍﺿﻬﻢ ﻋﻨـﻚ ‪‬ـﺎﺭﺍ‪ .‬ﺃ ﹶﻻ‬ ‫ﻳﻘﻄﻌﻚ ﻋﻦ ﺍﷲ‪ .‬ﻭ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺗﺮ‪‬ﺍﻫﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﻗﺒﻠﻮﺍ ﻓﺘﻨﻮﺍ"‪.‬‬
‫ﻭﻳﻮﺻﻲ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻜﻤ‪‬ﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﱄ ﺷﻴﺨﻲ )ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﳌﻮﱃ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻦ ﻣﺸﻴﺶ(‪ :‬ﻻ ﺗﺼﺤﺐ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺑـﻊ ﺧﺼـﺎﻝ‪:‬‬
‫ﺍﳉﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺔ! ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ﻋﻦ ﺍﳌﻈﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻠﻴـﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺿـﻰ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺍﻟﺸـﻴﺦ ﺃﰊ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺱ‬ ‫ﻭﻳﻔﺼﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺗﺎ ‪‬‬
‫ﺏ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸـﺎﺫﻟﻴﺔ ﻓﻴﻘـﻮﻝ‪:‬‬ ‫ﺍﳌﺮﺳﻲ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺁﺩ‪‬ﺍ ‪‬‬
‫ﱄ ﳎﻬﻮﻝ ﺍﻟﻌﻴ‪‬ﻦ ﰲ ﻛﻮﻥ ﺍﷲ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺇﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ‬ ‫"ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻮ ﱟ‬
‫ﺑﻮﱄ ﺩﻟﱠﻚ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻃﻠﻌﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃ ‪‬ﻭ ‪‬ﺩﻋ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﻟﺪﻳﻪ‪ .‬ﻓﻄﻮ‪‬ﻯ‬
‫ﻋﻨﻚ ﺷﻬﻮ ‪‬ﺩ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ ﰲ ﻭﺟﻮ ‪‬ﺩ ﺧﺼﻮﺻ‪‬ﻴﺘ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﺃﻟﻘﻴﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩ ﻓﺴﻠﻚ ﺑﻚ‬
‫ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺮﺷﺎﺩ‪.‬‬
‫"ﻳ‪‬ﻌﺮ‪‬ﻓﻚ ﺑﺮﻋﻮﻧﺎﺕ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﻛﻤﺎﺋﻨﻬﺎ ﻭﺩﻓﺎﺋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻳﺪ‪‬ﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤـﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻠﻤﻚ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﳑﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺎﻳﺮﻙ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻚ ﺣﱴ ﺗﺼﻞ‬
‫ﺇﱃ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻳﻮﻗﻔﻚ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﻧﻔﺴﻚ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺮﻓـﻚ ﺑﺈﺣﺴـﺎﻥ ﺍﷲ ﺇﻟﻴـﻚ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.٢١٥‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٩٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺏ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﻳﻔﻴـﺪﻙ‬ ‫ﻓﺘ‪‬ﻔﻴﺪﻙ ﻣﻌﺮﻓ ﹸﺔ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﻧﻔﺴﻚ ﺍﳍ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﻠ ‪‬ﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺍﷲ ﺇﻟﻴﻚ ﺍﻹﻗﺒﺎ ﹶﻝ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻴﺎ ‪‬ﻡ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻭﺍ ‪‬ﻡ ﻋﻠـﻰ‬
‫‪‬ﻣ ‪‬ﻤ ‪‬ﺮ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ‪.‬‬
‫ﺏ ﻣـﻦ‬ ‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﺄﻳﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﺻﻔﹸﻪ؟ ﻟﻘﺪ ﺩﻟﻠﺘﲏ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﺮ ‪‬‬
‫ﻋﻨﻘﹶﺎ َﺀ ‪‬ﻣ ‪‬ﻐﺮﹺﺏ!‬
‫"ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ﹺﻮ ‪‬ﺯ ‪‬ﻙ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺪ‪‬ﺍﻟﲔ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﻗـﺪ ﻳﻌـﻮﺯﻙ ﻭﺟـﺪﺍﻥ‬
‫ﺠ ‪‬ﺪ ﻣ‪‬ﺮﺷﺪﺍ‪ .‬ﻭﲡ ‪‬ﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺁﻳـﺘﲔ ﻣـﻦ‬ ‫ﺍﻟﺼﺪﻕ ﰲ ﻃﻠﺒﻬﻢ‪ .‬ﹺﺟ ‪‬ﺪ ﺻﺪﻗﹰﺎ ‪‬ﺗ ﹺ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪
:‬ﺃﻣ‪‬ﻦ ﳚﻴﺐ ﺍﳌـﻀﻄﺮ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﺎﻩ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻤـﻞ‪،‬‬ ‫ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺍﻵﻳﺔ‪ (٦٤ :‬ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪
:‬ﻓﻠﻮ ﺻﺪﻗﻮﺍ ﺍﷲ ﻟﻜﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﳍﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﳏﻤﺪ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٢٢ :‬‬
‫ﺕ ﺇﱃ ﻣﻦ ﻳ‪‬ﻮﺻﻠﻚ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﺿﻄﺮﺍﺭ ﺍﻟﻈﻤـﺂﻥ ﻟﻠﻤـﺎﺀ‪،‬‬ ‫"ﻓﻠﻮ ﺍﺿ ﹸﻄ ﹺﺮ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﺕ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻃﻠﺒـﻚ‪ .‬ﻭﻟـﻮ‬ ‫ﻒ ﻟﻸﻣﻦ‪ ،‬ﻟﻮﺟﺪ ‪‬‬ ‫ﻭﺍﳋﺎﺋ ‪‬‬
‫ﺕ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﺿﻄﺮﺍﺭ ﺍﻷﻡ ﻟﻮﻟﺪﻫﺎ ﺇﺫﺍ ﻓﻘﺪﺗ‪‬ﻪ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺍﳊـﻖ ﻣﻨـﻚ‬ ‫ﺍﺿ ﹸﻄ ﹺﺮ ‪‬ﺭ ‪‬‬
‫ﻗﺮﻳﺒﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻚ ﳎﻴﺒﺎ‪ .‬ﻭﻟﻮﺟﺪﺕ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻏ ‪‬ﲑ ﻣﺘﻌ ﱢﺬ ﹴﺭ ﻋﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻭﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﳊـﻖ‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﺘﺒﻴﲔ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻴﻚ‪ .‬ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻮﺍﺯ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﲨﻴﻌﺎ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻄﺎ ٌﺀ ﻣﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻧﻔﻴﺲ‪ .‬ﻭﻫـﻮ‬
‫ﻕ‬
‫ﺍﺗ‪‬ﻘﺎ ‪‬ﺩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺗﻮ ‪‬ﺟﻬ‪‬ﻬﺎ ﺑﺼﺪﻕ ﰲ ﺍﻟﻄﻠﺐ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺻـﺪ ‪‬‬
‫ﺐ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻇﻠﻤﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﰲ ﻋﻴﻨﻪ‬ ‫ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﻭﺭ ‪‬ﻏ ‪‬‬
‫ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﺬﺍﻙ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻧﻴ‪‬ﻞ ﺍﻟﺮﻏﺎﺋﺐ‪ .‬ﺻـﺪﻕ‬
‫ﱄ ﻣﻦ "ﺣ‪‬ﺸﻤﺘﻪ" ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ‪ .‬ﻭ ‪‬ﲞ ﹾﻠ ‪‬ﻔ‪‬ﻴ ‪‬ﺔ‬ ‫ﺠ ﹶﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍ ﱠ‬ ‫ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﺃﺧﺮﺝ ﺣ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٣٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺻﺪﻕ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﳌﺮﺷﺪ‬
‫ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﻳﺴﺄﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻧﻴﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺒ‪‬ﻪ ﻫـﻮ ﻣـﻦ ﺑـﲔ‬
‫ﺐ ‪‬ﻣ ‪‬ﻮﱠﻟ ‪‬ﻪ ‪‬ﻣﻠﹾﺘﺎﻉ‪ ،‬ﻗﺎﺋﻼ‪ :‬ﻳﺎ ﺭﺏ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺐ! ﻣـﻦ ﺍﻟـﺪﻟﻴﻞ‬ ‫ﺍﳌﺮﺗﺎﺣﲔ ﻣ‪‬ﺘ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻴﻚ!‬
‫ﺻ ‪‬ﺪﻗﹶﻬﺎ ﺣﻜﻤﺔ‪ :‬ﹺﺟ ‪‬ﺪ ﺻﺪﻗﹰﺎ ﲡ ‪‬ﺪ ﻣﺮﺷﺪﺍ‪ .‬ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ‬ ‫ﻭﻳﺎ ﻣﺎ ﺃ ‪‬‬
‫ﻭﺟﻞ ﻋﻄﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻧﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﶈﺒﻮﺏ‪ .‬ﻭﺑﺎﶈﺒﺔ‬
‫ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳉﻨﺎﺏ ﺍﻷﻗﺪﺱ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺎﺋﻀﺔ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺮﺍﺟﻌﺔ‬
‫ﺏ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ‪ ،‬ﻭﺗﺘﺤﺮﻙ ﺣ‪‬ﺒﺎﻝ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺣﱴ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎ ‪‬‬
‫ﺃﺟﻠﻪ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﺘﻘﺮﺏ ﻗﺪ ﺗﻨﻮ‪‬ﺭ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﰲ ﺍﶈﺒﺔ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻡ‪" :‬ﺍﶈﺒـﺔ‬
‫ﺁﺧﺬﺓ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻟﻘﻠﺐ ﻋﺒﺪﻩ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﺍﻩ‪ .‬ﻓﺘـﺮﻯ ﺍﻟـﻨﻔﺲ ﻣﺎﺋﻠـ ﹰﺔ‬
‫ﺡ ﻣﺄﺧﺬﻭﺓ ﰲ ﺣﻀﺮﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴـ ‪‬ﺮ‬ ‫ﻟﻄﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﺘﺤﺼ‪‬ﻨﺎ ﲟﻌﺮﻓﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﻭ ‪‬‬
‫ﺏ ﻣـﻦ‬ ‫ﻣﻐﻤﻮﺭﹰﺍ ﰲ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﻌﺒ ‪‬ﺪ ﻳﺴﺘﺰﻳﺪ ﻓﻴ‪‬ﺰﺍﺩ‪ ،‬ﻭﻳﻔﺎ‪‬ﺗ ‪‬ﺢ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﺬ ‪‬‬
‫ﺲ ﺃﺑﻜـﺎ ‪‬ﺭ‬ ‫ﻟﺬﻳﺬ ﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ‪ .‬ﹶﻓ‪‬ﻴ ﹾﻜﺴ‪‬ﻰ ‪‬ﺣﹶﻠ ﹶﻞ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﻘﹸﺮﺑ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﺕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‪ .‬ﻓﻤ‪‬ﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻟﻮﺍ ‪ :‬ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﻋـﺮﺍﺋﺲ‪ ،‬ﻭﻻ‬ ‫ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﻭﺛﻴ‪‬ﺒﺎ ‪‬‬
‫ﺲ ﺍ‪‬ﺮﻣﻮﻥ‪.‬‬ ‫ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻌﺮﺍ‪‬ﺋ ‪‬‬
‫ﺏ ﺍﳊﺐ‪ ،‬ﻭﻣـﺎ ﻛـﺄﺱ‬ ‫ﺖ ﺍﳊﺐ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺷﺮﺍ ‪‬‬ ‫"ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ‪ :‬ﻗﺪ ﻋﻠﻤ ‪‬‬
‫ﺍﳊﺐ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻗﻲ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻭﻕ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺴﻜﺮ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺼﺤﻮ؟‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻗﺎﻝ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨ ‪‬ﻪ‪ :‬ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﻃﻊ ﻋﻦ ﲨﺎﻝ ﺍﶈﺒـﻮﺏ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻟﻜﺄﺱ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﺍﳌﻮﺻ‪‬ﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺃﻓﻮﺍﻩ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ .‬ﺍﻟﺴﺎﻗﻲ ﻫﻮ ﺍﳌﺘـﻮﱄ‬
‫ﺍﻷﻛﱪ ﻟﻠﻤﺨﺼﻮﺻﲔ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﻫـﻮ ﺍﷲ ﺍﻟﻌـﺎﱂ‬
‫ﻒ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺣ ‪‬ﻈ ‪‬ﻲ ﻣﻨـﻪ‬
‫ﺸ ‪‬‬
‫ﺑﺎﳌﻘﺎﺩﻳﺮ ﻭﲟﺼﺎﱀ ﺃﺣﺒﺎﺋﻪ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﹸﻛ ‪‬‬
‫ﺏ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﺍﺋﻖ ﺍﳌﺸﺘﺎﻕ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺩﺍﻡ‬‫ﺴﻴ‪‬ﻦ‪ ،‬ﰒ ﺃﹸﺭﺧ‪‬ﻲ ﺍﳊﺠﺎ ‪‬‬ ‫ﺑﺸﻲﺀ ‪‬ﻧﻔﹶﺴﹰﺎ ﺃﻭ ‪‬ﻧ ﹶﻔ ‪‬‬
‫ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺳﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﺳﺎﻋﺘﲔ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺸﺎﺭﺏ ﺣﻘﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺗﻮﺍﱃ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻭﺩﺍﻡ‬
‫ﻟﻪ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﺣﱴ ﺍﻣﺘﻸﺕ ﻋﺮﻭﻗﻪ ﻭﻣﻔﺎﺻﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﷲ ﺍﳌﺨﺰﻭﻧﺔ ﻓﺬﺍﻙ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻟﺮﻱ‪.‬‬
‫"ﻭﺭﲟﺎ ﻏﺎﺏ ﺍﶈﺴﻮﺱ ﻭﺍﳌﻌﻘﻮﻝ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻭﻻ ﻣﺎ ﻳﻘـﻮﻝ‪،‬‬
‫ﻓﺬﺍﻙ ﻫﻮ ﺍﻟﺴ‪‬ﻜﺮ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺗﺪﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻜﺆﻭﺱ‪ ،‬ﻭﲣﺘﻠﻒ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﳊـﺎﻻﺕ‪،‬‬
‫ﹶﻓ‪‬ﻴ ‪‬ﺮﺩ‪‬ﻭﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻻ ﳛﺠﺒﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ‪ ،‬ﻣـﻊ ﺗـﺰﺍﺣﻢ‬
‫‪١‬‬
‫ﺻﺤ‪‬ﻮﻫﻢ‪ ،‬ﻭﺍﺗﺴﺎﻉ ﻧﻈﺮﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻣﺰﻳﺪ ﻋﻠﻤﻬﻢ"‪.‬‬ ‫ﺍﳌﻘﺪﻭﺭﺍﺕ ﻓﺬﻟﻚ ﻭﻗﺖ ‪‬‬
‫ﻭﻫﺬﻩ ﻭﺻﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻷﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺗ‪‬ﻠﺨﺺ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪:‬‬
‫ﺐ ﳑﺎ ﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺭﻓﺾ‬ ‫"ﺇﻧﻚ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﻧﺼﻴ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲨﻠ ﹰﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻳﺪﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺈﺷﺎﺭﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ‬
‫ﺽ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﻜﻦ ﳑﻦ ﻳ‪‬ﻌﺮﺽ‬ ‫ﻳﻨﻘﻀ‪‬ﻬﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﻻ ﺳﻨﺔ‪ .‬ﻭﺃ ‪‬ﻋ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻴ‪‬ﻌﻄﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﺑﻞ ﻛﻦ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﺒﺪﹰﺍ ﷲ‪ ،‬ﺃﻣﺮﻙ ﺃﻥ ﺗﺮﻓﺾ‬
‫ﻋﺪﻭﻩ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.١١٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺈﻥ ﺃﺗﻴﺖ ‪‬ﺎﺗﲔ ﺍﳋﺼﻠﺘﲔ‪ :‬ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﰲ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ‬

‫ﻓﺄﻗ‪‬ﻢ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺑﺎﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻼﺯﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳـﺔ ﻭﺍﻻﺳـﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﳋﻀﻮﻉ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫"ﻭﺗﻔﺴﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ‪ :‬ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﺒﺪﹰﺍ ﷲ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺄﰐ ﻭﻣﺎ ﺗﺬﹶﺭ‪،‬‬
‫ﻭﺗﺮﺍﻗﺐ ﻗﻠﺒﻚ ﺃﻥ ﻻ ‪‬ﻳﺮ‪‬ﻯ ﹶﻗ ﹾﻠﺒ‪‬ﻚ ﰲ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻐﲑﻩ‪.‬‬
‫ﺖ‬
‫ﻒ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺰ‪‬ﺓ‪ :‬ﺇﻧﻚ ﻗﺪ ‪‬ﻋﻤ‪‬ﻴ ‪‬‬ ‫"ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺗﻴﺖ ‪‬ﺬﺍ ﻧﺎﺩﺗﻚ ﻫﻮﺍﺗ ‪‬‬
‫ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﺷﺪ! ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻟﻚ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺎﳌﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺴـﻤﻊ‬
‫‪١‬‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺭﻗﻴﺒﺎ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪.(٥٢ :‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻫﺬﻩ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺟ‪‬ﻬﺪ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗـﺰﺍﻝ‬
‫ﺣ‪‬ﻴ ﹰﺔ ﺗﺴﻌﻰ‪ ،‬ﺗ‪‬ﺴ ‪‬ﻮ ﹸﻝ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺴﺒﻪ ﺍﶈﺾ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺃﺧﺬ‬
‫ﻭﻋﻄﺎﺀ‪ .‬ﻭﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﲡﺪ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻷﺫﻛـﺎﺭ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻬﻔﻮ ﺇﱃ ﻟﻮﺍﺋﺢ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺑﻮﺍﺭﻕ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ‪ .‬ﻭﻳﺘﺮﻗﱠﺐ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﻓﺘﺢ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ .‬ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻠﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺨﺮﺻﺎﺕ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻟ ‪‬ﻌﺮ‪‬ﺍﻣ‪‬ﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺷﺮ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﺴﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻮ‪‬ﻗﻔﹶﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻏﲑ ﺍﳌﺸﺮﻭﻃﺔ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﲑ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺗﺪﺍ ‪‬ﺭﻛﹶﻪ ﺑﺎﻧﻜﺴﺎﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﲢﻄﱡﻢ ﻋﺰﺍﺋﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ‬
‫ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﺭﺑﻪ ﺍﶈﺾ‪ .‬ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﺴﲑ ﺍﻟﻘﻠﱯ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ‪" :‬ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻳﺪﺭﻛﹸﻚ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﺎ ﳛﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﳑﺎ‬
‫ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘﺰﻡ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻟﻘﻠﺒﻚ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺸﻬﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻨـﻚ‬
‫ﲝﺎﻝ ﻓﺘﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺷﺮﺡ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﻄﺎﺋﻴﺔ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٢١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺈﻥ ﺻﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﻣﻨﻚ ﻧﺎﺩﺗﻚ ﺍﳍﻮﺍﺗﻒ ﺃﻳ‪‬ﻀﺎ ﻣﻦ ‪‬ﻗﺒ‪‬ﻞ ﺍﳊﻖ ﺗﻌـﺎﱃ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻨﻪ ﺑﺪﺃﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻣﻨﻪ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﺷﺘﻐﺎﻟﻚ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻭﺻـﻒ ﻟـﻚ‬
‫ﺣﺠﺎﺏ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺩﻙ!‬
‫"ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﻭﺻﺎﻓﻚ )ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ(‪ ،‬ﻓﺘﺴﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎﷲ ﻣﻨـﻬﺎ‪ .‬ﻭﺗﺄﺧـﺬ ﰲ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ‪ .‬ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺴ‪‬ﺘﺮ ﻣﻦ ﺃﻭﺻﺎﻓﻚ ﺇﱃ ﺃﻭﺻـﺎﻓﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ‪ ،‬ﺃﻋﲏ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻧﺎﺩﺍﻙ ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ )ﺑﺈﳍﺎﻡ‬
‫ﻉ ﻋﻨﻚ‬ ‫ﺃﻭ ﻭﺣﻲ ﻣﻨﺎﻡ ﺃﻭ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺣﺎﻝ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ(‪ :‬ﺍﺧﻀﻊ ﻷﺣﻜﺎﻣﻲ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﻣﻨﺎﺯﻋﱵ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻘﻢ ﻣﻊ ﺇﺭﺍﺩﰐ ﺑﺮﻓﺾ ﺇﺭﺍﺩﺗﻚ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺭﺑﻮﺑﻴ‪‬ـﺔ ﺗﻮﻟﱠـﺖ‬
‫ﻋﺒﻮﺩ‪‬ﻳ ﹰﺔ‪ .‬ﻭﻛﻦ ﻋﺒﺪﺍ ﳑﻠﻮﻛﹰﺎ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻓﻤﱴ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻨﻚ ﻗـﺪﺭﺓ‬
‫ﻭﻛ ﹾﻠﺘ‪‬ﻚ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ .‬ﻭﺃﻧﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻴﻢ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﻥ ﺻﺢ ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻟﺰﻣﺘﻪ ﺃﺷﺮﻓﺖ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﻻ‬
‫ﺗﻜﺎﺩ ﺗ‪‬ﺴﻤ‪‬ﻊ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ"‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ‪ ،‬ﰲ ﻣﻌﲎ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ‪ ،‬ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﻟﻦ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻮﱄ‬
‫ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﻣﻌﻪ ﺷﻬﻮﺓ ﻣﻦ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺗﺪ‪‬ﺑ ‪‬ﲑ ﻣﻦ ﺗﺪﺑﲑﺍﺗﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﺧﺘﻴـﺎﺭ ﻣـﻦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ"‪.‬‬
‫ﺽ ﻟـﻪ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ‪،‬ﻣﻊ ﺩﻭﺍﻡ‬ ‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‪ :‬ﺃﻥ ﺗﻔ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺳﻞ ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ‪:‬‬
‫‪=HAGp
H -0H‬م‪P‬زن!‪!]“H ]2Mْ'H5H
  FHnG#‬ن‪ '%5GyHA‬‬
‫‪"   )D"m
<5ً7
%žAt‬ن‪!z'0-,G‬وא‪ FNy‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.٢٩٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ƒ
‪!DN‬ن(‪"3B50B5'   Ij)'MG2‬ن‪!TN5HA‬و‪ PFj‬‬
‫א)‪2D!/‬ذو<‪P0LA   CW‬א‪ًC“F%LD5‬و‪ -'
$ -ŠHA‬‬
‫‪
!tH%‬نא‪TB‬د‪   w#‬و!=‪N¦]ŽB‬א[‪m‬و!^
'! ‬
‫!‪D!]B=!-‬א‪   ]"
F‬و‪ !'
yA*,7ot]/£‬‬
‫€‪ !-F‬‬ ‫!م( !‪L6‬ل‪B‬ز)‪;<   )j‬א ‪"–
GW/H‬ن'‪<−M/‬א ‪-‬‬
‫^‪T‬א‪!¦.   )ž /ƒv" /a‬م‪ F^P)¢‬‬
‫'‪
76‬زقא‪x‬א;"‪N   )Do‬א
‪ًCN2%CN‬و‪ -FŒ,H/HA‬‬
‫وא€‪0!5G/HAt   .HA
G HAW'4G5Y)"L‬א‪ '
HnH7)0‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪QWC.‬ـ ‪3‬ـــ >ـ';َ‪%‬ـــ‪.‬ـ‬ ‫<‪3‬ـ†َـــــــ ‪3 3‬ـــــ*‪-ْT3 ُwC‬ـــ(‬
‫ــ‪m3l C&ِM ef ِO‬ــ‪.‬‬ ‫&‪3 (Cm> 3 3‬ــŽ‪mQ- 3‬ـــ‬
‫‪3b> 6‬ـ? ‪3 & \(َ%‬ــ‪.‬‬ ‫‪َ QM3‬ــ ‪ 8‬ـــ‪CH‬ــ >‡ ِ&‪8b‬ــــ‪O‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"
!  ‪,-.‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﱐ ﺗﻮﻛﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺭﰊ ﻭﺭﺑﻜﻢ‪ ،‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺑﺔ ﺇﻻ ﻫـﻮ‬
‫ﺁﺧﺬ ﺑﻨﺎﺻﻴﺘﻬﺎ‪ .‬ﺇﻥ ﺭﰊ ﻋﻠﻰ ﺻﺮﺍﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺑﺎﺭﻙ ﻟﻨﺎ ﰲ ﺃﲰﺎﻋﻨـﺎ ﻭﺃﺑﺼـﺎﺭﻧﺎ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺏ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪ .‬ﻭﺍﺟﻌﻠﻨـﺎ ﺷـﺎﻛﺮﻳﻦ‬ ‫ﻭﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﺃﺯﻭﺍﺟﻨﺎ ﻭﺫﺭﻳﺎﺗﻨﺎ‪ .‬ﻭﺗ ‪‬‬
‫ﻟﻨﻌﻤﺘﻚ‪ ،‬ﻣﺜﻨﲔ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻗﺎﺑﻠﲔ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺃ‪‬ﺗﻤ‪‬ﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ‪.‬‬

‫ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﺟﻬﻼﺀ ﻓﻤﻦ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑـﺔ‬

‫ﺕ ﻭﻻﺩﺓ‬‫ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻌﺘﱪ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﻭﺗﻮﺑﺘﻪ ﻣﻴﻼﺩﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ‪ .‬ﰒ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻮﻟﻪ‪ :‬ﻭ‪‬ﻟـﺪ ‪‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺇﻻ ﻛﻼﻣﺎ ﳎﺎﺯﻳﺎ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻭﻟﺪﺕ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺘﻪ ﻭﺃﻧﺸﺄﻩ ﺍﷲ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ‪‬ﺎ ﺍﻟﻮﱄ ﻭﻟﻴﺎ ﻓﺤﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻴﻼﺩ ﺍﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻭﻋـﻦ‬
‫ﺃﺑﻮﺓ ﺷﻴﺨﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺁﺑﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﲔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻗﻮﻯ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺐ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺍﻻﻧﺘﺴﺎﻝ ﺍﳉﺴﻤﻲ‪ .‬ﻭﺣﱴ ﺇﻥ ﺷﺐ ﺍﻟﻮﱄ ﻋﻦ ﺍﻟﻄـﻮﻕ‬
‫ﻭﺍﺗﺼﻞ ﺣﺒﻠﻪ ﺑﻘﺮﺏ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﻭﺟﻞ ﻭﺑﺮﻭﺡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺴﻰ ﺁﺑﺎﺀﻩ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺃﺑﺪﺍ‪ .‬ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﺴﻰ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻓﻀ ﹶﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺟﻌﻠﻬﻢ ﺍﷲ ﺭﲪﺔ ﻭﺭﺣ‪‬ﻤﺎ!‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﳎﺪﺩ ﺍﻷﻟﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺭﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﲟﺎ ﻳﺸﺒﻪ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﲔ ﻣﻜﺎﻥ ﻷﻳﺔ ﺩﻋﻮﻯ‪ ،‬ﺇ ﹾﺫ ﺻﺢ ﳍـﻢ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻟﺮﺃﻱ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﻨـﺪﻫﻢ ﻣـﻦ ﻭﺯﻥ‪،‬‬
‫ﺻﺪ‪‬ﻗﻮﺍ ﺃﻡ ﻛﺬﺑﻮﺍ‪ ،‬ﺭﺿ‪‬ﻮﺍ ﺃﻡ ﺳﺨﻄﻮﺍ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺃﻧﺎ ﻣﺮﻳﺪ ﺍﷲ ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺍﷲ ﺃﻳﻀﺎ‪ .‬ﻭﺳﻠﺴﻠﺔ ﺇﺭﺍﺩﰐ ﻣﺘﺼﻠﺔ‬
‫ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﻼ ﺗﻮﺳﻂ‪ ،‬ﻭﻳﺪﻱ ﻧﺎﺋﺒﺔ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺏ ﻳﺪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﻭﺇﺭﺍﺩﰐ ﻣﺘﺼﻠﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﲟﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻮﺳﺎﺋﻂ ﻛﺜﲑﺓ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻛﻮﻧﻪ ﺗﺮﻗﻰ ﰲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻘـﺮﺏ ﻻ ﻳ‪‬ﻨﺴـﻴﻪ ﺃﺻـﻠﹶﻪ ﻭﹶﻓﺼ‪‬ـﻠﹶﻪ‬
‫ﻭﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺣﻪ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻧﺴﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻓﺒـﻴﲏ ﻭﺑﻴﻨـﻪ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﻘﺸ‪‬ﺒﻨ‪‬ﺪﻳﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﻭﺍﺳﻄﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳـﺔ ﲬـﺲ‬
‫ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﻭﺍﺳﻄﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﳉﺸﺘﻴﺔ ﺳﺒﻊ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﻭﺍﺳﻄﺔ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻗﺪ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻣﻴﻼﺩﻩ ﻭﺗﺮﻗﻴﻪ ﰲ ﺣﻀﻦ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ‬
‫ﺐ ﻓ‪‬ﻄﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻋﻦ ﺷﻴﺦ ﺁﺧـﺮ ﺃﻭ‬ ‫ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺃﻭ ﺗﺴﺮﳛﻪ ﻻﺑﻨﻪ ‪‬ﻋ ‪‬ﻘ ‪‬‬
‫ﻣﺸﺎﻳﺦ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﳍﻢ ﺳﻼﺳﻞ ﻭﺳﻨﺪﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻘﺼﺪ ﺍﻟﺘﱪﻙ ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳋﲑ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻘﺪﺡ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻧﺴﺒﻬﻢ‪ .‬ﻓﻨﺴﺐ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻧﻘﺸﺒﻨﺪﻱ‪ .‬ﰒ ﻫـﻮ‬
‫ﻱ ﺭﺑﺎﱐ ﻛﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺓ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺑﻠﻎ ﻣﺒﻠﻎ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﳏﻤﺪ ‪‬‬
‫ﻭﺍﳊﺎﺿﻨﺔ ﻓﺄﺑﺼﺮ ﺑﻌﲔ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻥ ﺍﳌﻨﺔ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﺒ ﹸﻞ ﻭﻣﻦ ﺑﻌ ‪‬ﺪ‪ .‬ﻓﻴﻌﻤﻞ‬
‫ﺑﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪
:‬ﺃﻥ ﺍﺷﻜﺮ ﱄ ﻭﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻚ‪ ،‬ﺇﱄ ﺍﳌﺼﲑ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﻟﻘﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٤ :‬‬
‫ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪" :‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺨﻲ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻨﻘﺸﺒﻨﺪﻳﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒـﺎﻗﻲ‬
‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻨﻪ ﻓﺈ ﱠﻥ ﺍﳌﺘﻜﻔﻞ ﺑﺘﺮﺑﻴﱵ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬ﻢ ﻧﻮﺍﻟﹸﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺇﱐ ﺗﺮﺑﻴﺖ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ‪ ،‬ﻭﺫﻫﺒﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﺟﺘﺒﺎﺀ‪ .‬ﻭﺳﻠﺴﻠﱵ ﺭﲪﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ‪ .‬ﻓﺈ ﱠﻥ ﺭﰊ ﺭﲪﺎﻥ ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬ﻢ ﺇﺣﺴﺎﻧ‪‬ﻪ‪ .‬ﻭﻣ‪‬ﺮ‪‬ﺑ ‪‬ﻲ ﺃﺭﺣـﻢ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١١٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺮﺍﲪﲔ‪ .‬ﻭﻃﺮﻳﻘﱵ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﺒﺤﺎﻧﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻷﱐ ﺫﻫﺒﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﱰﻳـﻪ‪ ،‬ﻭﱂ‬

‫ﹸﺃ ﹺﺭ ‪‬ﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻭﺍﻻﺳﻢ ﻏﲑ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻷﻗﺪﺱ ﺗﻌﺎﻟﺖ ﻭﺗﻘﺪﺳﺖ‪.‬‬
‫"ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺤﺎﱐ )ﻳﻌﲏ ﻧﻔﺴﻪ( ﻟﻴﺲ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺴﺒﺤﺎﱐ )ﻳﻌﲏ ﺃﺑـﺎ ﻳﺰﻳـﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺳﻜﺮﻩ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﱐ ﻣﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﺷﺄﱐ!( ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﺑـﻪ‬
‫ﺱ ﻟﻪ ‪‬ﺬﺍ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺎ ﲣﻠﺺ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻷﻧﻔﹸﺲ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ‬ ‫ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻣ‪‬ﺴﺎ ‪‬‬
‫)ﻳﻌﲏ ﺳﺒﺤﺎﻧﻴﺘﻪ ﻫﻮ( ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻭﺍﻵﻓﺎﻕ‪ .‬ﻭﻫـﻮ )ﺃﻱ ﺍﻟﺒﺴـﻄﺎﻣﻲ(‬
‫ﺼ‪‬ﺒ ‪‬ﻪ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ‪ .‬ﺫﺍﻙ ﻓﺎﺋﺮ ﻣﻦ‬‫ﺱ ﺍﻟﺘﱰﻳﻪ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺗﱰﻳ ‪‬ﻪ ﱂ ﻳ ‪‬‬
‫ﺴ ‪‬ﻲ ﻟﺒﺎ ‪‬‬
‫ﺗﺸﺒﻴﻪ ﹸﻛ ِ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﺴﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻨﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﻋﲔ ﺍﻟﺼﺤﻮ"‪.‬‬
‫ﻭ‪‬ﻳﻨ‪‬ﻬﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺸﻜﺮ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻨﺎﺋﻪ ﺑﻪ‬
‫ﺣﻴﺚ ﱂ ﳚﻌﻞ ﻟﻐﲑﻩ ﻣﺪﺧﻼ ﰲ ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻜﺮ ﺍﻟﻴـﺎﻓ ‪‬ﻊ ﺧﺎﻟﻘـﻪ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻮ‪‬ﺍﻩ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻭﺑﺴﻂ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻴـﻪ‪ .‬ﻭﻟـﻴﺲ ﰲ‬
‫ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻴﺎﻓﻊ ‪‬ﺟﺤ‪‬ﻮﺩ ﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺣﺠﻮﺩ ﻟﻴﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺣﻀﻨﻬﻢ ﺻﺒﻴﺎﻧﺎ‪ ،‬ﻭﻛﺴﺎﻫﻢ ﻭﻏﺬﺍﻫﻢ ﻭﻧﻈﻔﻬﻢ ﺃﻃﻔﺎﻻ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪" :‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﻠﹶﻢ ﺃﻥ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻮﻕ ﲨﻴﻊ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﺑﻼ ﻧﺴﺒ ‪‬ﺔ ﺑﲔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺑﲔ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﻌﺎﻣﺎﺕ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﺎﺕ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﺑﻞ ﺍﻟﺸﻴ ‪‬ﺦ ﺍﳊﻘﻴﻘ ‪‬ﻲ ﻟﻠﻜﻞ ﻫﻮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪ .‬ﻭﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳـﺔ‬
‫ﳐﺼﻮﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٣‬ﺹ ‪.١١٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﺸﹲﺄ ﳊﻴﺎﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺔ‬

‫ﳊﻴﺎﺓ ﺃﺑﺪﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺲ ﳒﺎﺳﺔ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻭﺭﻭﺣـﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻄﻬ‪‬ـﺮ‬ ‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﻳ ﹾﻜﹺﻨ ‪‬‬
‫ﻛ ﹺﺮﺷ‪‬ﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﻳ‪‬ﺤﺲ )ﺍﻟﺸﻴﺦ( ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﺇﱃ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ‬
‫ﺙ ‪‬ﻳﺴ‪‬ﺮﻱ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﺼﺎﺣﺐ‬ ‫ﻭﺍﳌﺴﺘﺮﺷﺪﻳﻦ ﻟﺘﻄﻬﲑ ﳒﺎﺳﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻠﻮ ﹶ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻭ‪‬ﻳﺠ‪‬ﻌﻠﻪ ‪‬ﻣ ﹶﻜﺪ‪‬ﺭﹰﺍ ﺇﱃ ﻣﺪﺓ‪.‬‬
‫"ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺻﻞ ﺑﺘﻮﺳﻠﻪ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﺳـﻌﺎﺩﺓ‬
‫ﻓﻮﻕ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻭﻳﺔ‪.‬‬
‫"ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻮﺳﻴﻠﺘﻪ ﺗﺘﺰﻛﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﺍﳋﺒﻴﺜﺔ ﺑﺎﻟـﺬﱠﺍﺕ‪،‬‬
‫ﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔـﺮ‬ ‫ﻭ‪‬ﺗ ﹾﻄﻬ‪‬ﺮ‪ ،‬ﻭﺗﺘﺨﻠﱠﺺ ﻣﻦ "ﺍﻷﻣ‪‬ﺎﺭﻳﺔ"‪ ،‬ﻭﺗﻨ‪‬ﻘﻠﺐ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ‪ ،‬ﻭﲣ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﳉﹺﺒﻠﱢﻲ‪ ،‬ﻭﺗﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ‪.‬‬ ‫ﺍ‪‬‬
‫ﺖ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺷﺮﺣﻪ‪.‬‬ ‫"ﻳﻄﻮﻝ ﺇﺫﺍ ﺑ‪‬ﻴ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫"ﻟﻠﺴﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﻗﹶﺒﻮﻝ ﺷﻴﺨﻪ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺷﻘﺎﻭﺗﻪ ﰲ ﺭﺩﻩ ﻧﻌﻮﺫ‬
‫ﺐ ﹺﺭﺿ‪‬ﻰ‬‫ﺠ ﹺ‬‫ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺭﹺﺿﺎﻩ ﲢﺖ ‪‬ﺣ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺮﺷﺪ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺼﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﱃ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻘﻠﱯ ﻣﻊ ﺍﳌﺮﺷﺪ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺨﺬﻫﺎ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻣﻌـﻪ‪ ،‬ﻭﻫـﻲ ﻧﻘﻄـﺔ‬
‫ﺧ‪‬ﻄﲑ ﹲﺓ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻧﻘﻴﺎﺩ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﺬﻱ ﺷﻬﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ﻭﺍﻟﺴـﺒﺤﺔ‬
‫ﻭﺍﻷﺗﺒﺎﻉ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﻭﻋﻄﺎﻟﺔ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﹶﻟﺪ‪‬ﻯ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍ ‪‬ﺭ ﺍﻟﻈـﺎ ‪‬ﻣ ﹸﺊ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪ ١٠٨‬ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺇﱃ ﻗﺮﺏ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻠﻪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﰒ ﻳ‪‬ﻬﻴ‪‬ﺊ ﻟﻪ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳ‪‬ﻮﺻـﻠﻮﻧﻪ‬
‫ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻴﻞ ﺍﻟﺮﻏﺎﺋﺐ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﰲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﶈﻮﺭﻳﺔ‪" :‬ﻭﻣﺎ ﱂ ﳚﻌﻞ ﺍﳌﺮﻳـﺪ‬
‫‪١‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﺭﺿﻰ ﺍﳌﺮﺷﺪ ﻻ ﻳﻨﺎﻝ ﻧﺼﻴﺒﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ"‪.‬‬
‫ﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﺁﻓﺔ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﰲ ﺃ ‪‬ﺫﻳ‪‬ﺔ ﺷﻴﺨﻪ‪ .‬ﻭﻛ ﱡﻞ ﺯﻟﺔ ﳝﻜﻦ ﺗﺪﺍ ‪‬ﺭﻛﹸﻬﺎ‪ ،‬ﺇﻻ ﺯﻟـ ﹸﺔ‬
‫ﺃﺫﻳﺔ ﺍﳌﺮﺷﺪ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺗﺪﺍﺭﻛﻬﺎ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ‪.‬ﻭﺃﺫﻳﺔ ﺍﳌﺮﺷﺪ ﺃﺻﻞ‬
‫ﺷﻘﺎﻭﺓ ﺍﳌﺮﻳﺪ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬ﺮﻗﹸﻬﺎ‪ ،‬ﻋﻴﺎﺫﺍ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﺍﳋﹶﻠ ﹸﻞ ﺍﻟﻄﺎﺭﺉ ﰲ ﺍﳌﻌﺘﻘﺪﺍﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﺘﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺘـﺎﺋﺞ ﺗﻠـﻚ‬
‫ﺍﻷﺫﻳﺔ ﻭﲦﺮﺍ‪‬ﺗﻬ‪‬ﺎ‪.‬‬
‫"ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻗﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﳌﻮﺍﺟﻴﺪ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ؟ ﻓﺈﻥ ﺑﻘ ‪‬ﻲ ﺃﺛﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺫﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﺪ‪‬ﻩ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﳚـﺮ‬
‫ﺃﺧﲑﺍ ﺇﱃ ﺍﳋﺮﺍﺑﻴ‪‬ﺔ‪ .‬ﻭﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﻨ‪‬ﺘ ‪‬ﺞ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﲑ ﺍﻟﻀﺮﺭ‪ .‬ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣـﻦ ﺍﺗﺒـﻊ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳍﺪﻯ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻟﻜﺎﻣ ﹴﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﺮﺷﺪﻳﻦ ﺷﺮﻁ ﻣﻔﺮﻭﻍ ﻣـﻦ‬
‫ﺖ‬‫ﺃﳘﻴﺘﻪ ﺍﳊﻴﻮﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﲟﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺷﺌ ‪‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ‪ :‬ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﺍﳊﺒﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺪ ﺍﳌﺘﺼﻞ‪.‬‬
‫ﻁ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ﻭﺷﺮﻁ ﺍﻟﺼﱪ ﻣـﻊ ﺍﳌﺮﺷـﺪ‪،‬‬ ‫ﻓﻤﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﺇﻻ ﺷﺮ ﹸ‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺹ ‪.١١١‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١١٢-١١١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺷﺮﻁ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺷﺮﻁ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺣﱴ ﻳﺄﺫﻥ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﳌﻦ‬

‫ﻳﺸﺎﺀ ﲟﺎ ﻳﺸﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻊ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺘﻔﺮﺝ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺸ ‪‬ﻢ ﴰﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺿـﻄﺮﺍﺭ ﺇﱃ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻻ ﻟﻪ ﺻﱪ ﻟﻴﺘﻌﻘﱠﺐ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﺼﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻳـﺮﻓﹸﺾ ﻣﺒـﺪﺃ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﻧﻘﺎﺵ ﻭﻳﺴﺨ‪‬ﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ‪ ،‬ﻭﻳﻜﺬﺏ ﺑـﺎﻟﻮﻻﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻯ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻫ‪‬ﺮﺍ ًﺀ ﻭﻣ‪‬ﺒﺎﻟﹶﻐﺔ ﻭ ‪‬ﺧﺒ‪‬ﻄﺎ ﻭﻏﹸﻠ ‪‬ﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻳ‪‬ﻮﺻﻲ‬
‫ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺃﻧﻔﹸﺴ‪‬ﻬﻢ ﺍﳌﺮﻳﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺣﺪ ﰲ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﳌﺮﺷـﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻷﻥ‬
‫ﻱ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻐﻠـﻮ‬ ‫ﺤ ‪‬ﻮ ﹺﺭ ‪‬‬
‫ﺷﺮﻁ "ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺸﻴﺦ"‪ ،‬ﻭﻫﻮ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺬﻣﻮﻡ‪ ،‬ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟﻐﻠﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺰﻳﻎ‪ ،‬ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟﺰﻳﻎ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻔﺮ‪ .‬ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ‪.‬‬
‫ﻟﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ‪" :‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻌﻠﹶﻢ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺃﻓﻀـﻠﻴ‪‬ﺔ‬
‫ﺷﻴﺨﻪ ﻭﺃﻛﻤﻠ‪‬ﻴﺘ‪‬ﻪ ﻫﻮ ﻣﻦ ﲤﺎﻡ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﺍﻹﻓـﺎﺩﺓ‬
‫ﻀ ﹶﻞ ﺷﻴﺨﻪ ﻋﻠﻰ ﻗـﻮﻡ ﻗـﺪ ﺗﻘـﺮﺭﺕ‬ ‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳ‪‬ﻔ ‪‬‬
‫ﻁ ﰲ ﺍﶈﺒﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻣﻮﻡ‪ .‬ﻭﻗـﺪ ﻛﺎﻧـﺖ‬ ‫ﺃﻓﻀﻠﻴﺘﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ .‬ﻓﺈﻧﻪ ﺇﻓﺮﺍ ﹲ‬
‫ﺧﺮﺍﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺿﻼﻟﺘ‪‬ﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺇﹺﻓﺮﺍﻃﻬﻢ ﰲ ﳏﺒﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ .‬ﻭﺍﻋﺘﻘـﺪ‬
‫ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﳍﺎ ﻣﻦ ﺇﻓﺮﺍﻁ ﳏﺒﺘﻬﻢ ﺇﻳـﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻭﻗﻌـﻮﺍ ﰲ‬
‫ﺍﳋﺴﺎﺭﺓ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ‪.‬‬
‫"ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻓﻀ‪‬ﻞ ﺷﻴﺨﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳﻮﺍﻩ )ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ( ﻓﺠﺎﺋﺰ‪ .‬ﺑﻞ ﻫـﻮ‬
‫ﺐ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﺮﻳﺪ‪ ،‬ﺑ ﹾﻞ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﻳﺪ‬ ‫ﻭﺍﺟ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﻛﻤـﺎﻻﺕ‬ ‫ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﻼ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻴﻜﺘﺴـ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﺸﻴﺦ"‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻭﺍﳋﻮﺍﺭﻕ‪ ،‬ﻓﻴﻘـﺮﺭ ﺃﻥ‬
‫ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﻟﻴﺲ ﺷﺮﻃﺎ ﰲ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﻴﺨﺔ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﺒ‪‬ﻴ ‪‬ﻦ ﺃﻥ ﺍﳋﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻻ‬
‫ﺷﻲﺀ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ‪:‬‬
‫"ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ‪‬ﻳﺤ‪‬ﺲ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺧﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻗﺪ ﺃﺣﲕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻴﺖ‪ ،‬ﻭﺃﻭﺻﻞ‬
‫ﺇﱃ ﺍﳌﻜﺎﺷﻔ ‪‬ﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ‪‬ﺓ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺣﻴﺎ ُﺀ ﺍﳉﺴﺪﻱ ﻋﻈﻴ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻋﻨـﺪ‬
‫‪٢‬‬
‫ﱯ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺑﺮﻫﺎ ﹲﻥ ﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ"‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﻭﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺑﻜﻼﻡ ﺃﺣﺪ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﺳﻠﺴﻠﺘﻪ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﳌﺎ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﺽ ﻋﻨﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﺷـﺘﻐ‪‬ﻠﻮﺍ‬ ‫ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﳉﺴﺪﻱ ﻣﻌﺘﱪﺍ ﻋﻨﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻋﺮ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺟﻬﻮﺍ ﺇﱃ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﳌﻴﺖ‪ .‬ﻭﺍﳊﻖ ﺃﻥ ﺍﻹﺣﻴـﺎﺀ‬
‫ﱯ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻛـﺎﳌﻄﺮﻭﺡ ﰲ ﺍﻟﻄﺮ‪‬ﻳـﻖ‬ ‫ﺍﳉﺴﺪﻱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﺐ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻳﺎﻡ‬ ‫ﻱ ﺳﺒ ‪‬‬ ‫ﻭﺩﺍﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﻴﺎ َﺀ ﺍﳉﺴ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺫﺍﻙ ﺍﻹﺣﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﺮﻭﺣ ‪‬ﻲ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ‪.‬‬
‫"ﺑﻞ ﻧﻘﻮﻝ‪ :‬ﺇﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻫﻞ ﺍﷲ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻛﺮﺍﻣ ﹲﺔ ﻣـﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣـﺎﺕ‪،‬‬
‫ﻭﺩﻋﻮﺗ‪‬ﻬﻢ ﺍﳋﻠﻖ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﺟﻞ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﺭﲪﺔ ﻣـﻦ ﺭﲪـﺎﺕ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ‪،‬‬
‫ﺏ ﺍﳌﻴﺘﺔ ﺁﻳ ﹲﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ‪ .‬ﻭﻫﻢ ﺃﻣﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺭﺽ‪،‬‬ ‫ﻭﺇﺣﻴﺎﺅﻫﻢ ﺍﻟﻘﻠﻮ ‪‬‬
‫ﻭﻏﻨﺎﺋﻢ ﺍﻷﻳﺎﻡ‪ .‬ﻢ ﻳ‪‬ﻤﻄﺮﻭﻥ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻢ ﻳﺮﺯﻗﻮﻥ‪ .‬ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺩ‪‬ﻭﺍﺀ ﻭﻧﻈﺮﻫ‪‬ﻢ ﺷ‪‬ﻔﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻫﻢ ﺟﻠﺴﺎﺀ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻗﻮﻡ ﻻ ﻳﺸﻘﻰ ﺟﻠﻴﺴ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ﳜﻴﺐ ﺃﻧﻴﺴ‪‬ﻬﻢ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٣٧‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٤٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺤ ‪‬ﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ‪‬ﻣ‪‬ﺒﻄ‪‬ﻠﻬﻢ ﻫﻲ ﺃﻧـﻪ ﺇﺫﺍ‬

‫"ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻳ‪‬ﺘ ‪‬ﻤ‪‬ﻴ ‪‬ﺰ ‪‬ﺎ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺷﺨﺺ‪ ‬ﻟﻪ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻭﳛﺼﻞ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﰲ ﳎﻠﺴﻪ ﻣﻴـ ﹲﻞ‬
‫ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﻭﲢﺼﻞ ﺑﺮﻭﺩﺓ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺷﺨﺺ ﻣ‪‬ﺤﻖ‪ ،‬ﻭ َﻷ ﹾﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺤ ‪‬ﻖ"‪.‬‬
‫‪‬ﻣﺴ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﻧﺒﺬﺓ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺇﱃ‬
‫ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺎﺭﳜﻪ ﻟﻴﻌﺮﻓﻮﺍ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻣﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﳉﻬﺎﺩﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ "ﺃﻛﱪ" ﻣـﻦ‬
‫ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺍﳍﻨﺪ‪ ،‬ﻭﳛﺘﺎﺝ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﺣﺮﺭ ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﲢﺮﻳﺮﺍ ﳎﺪ‪‬ﺩﺍ ﺣﻘﺎ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﳏﺐ‪ ،‬ﺑﺮ‪‬ﺡ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻭﺷﻔﻪ ﺍﳉﻔﺎﺀ‪:‬‬
‫‪T!B‬אŸق‪"5.20H‬ذ‪
HAG‬א‪H6   TO‬א‪2‬مو!=<‪%5G‬א
‪ z‬‬
‫'ض'](‪   4}DF.‬وא ْ‪H P-ŠH7‬و<‪6FD-L(- ً2G‬א ْ‪ HzŠ%7‬‬
‫م ‪BNW6‬א‪H;%‚AH   ٍ
%<6PH#$5‬א‪
§N‬אًوא‪ z-‬‬
‫!‪)A
]6‬د‪   )nHaFAC/‬و"ذא!‪o‬א‪ HzH6!*5‬‬
‫‪MG2NHHAP7TH‬א‪ zjª‬‬ ‫‪Nj‬و‪- 0   W(G
/^!c‬‬
‫š‪NJB   ATH
(;0%I‬دא‪z‬د‪fF2H‬دوא‪ z‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺻﺎﺩﻕ ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ‪ ،‬ﻧﺎﺻﺢ ‪‬ﻣﺆ‪‬ﺩ ﻷﻣﺎﻧﺘﻪ‪:‬‬

‫و"Žن‪N‬א‪F   )x GyH cً!
G‬و&‪ 
 De
ŠD(C‬‬
‫و"Žن‪N‬א
!ً‪v"   ‰Ca0%nAH
G Hc‬دא‪4B‬א‪ 
#70f'TH
jX‬‬
‫‪ 
6j%C-ْFy‬‬
‫و"نא
!ً‪7‬عد‪H 0]2%-2G[=   )250HGD‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻮﻑ ﺑﻌﻬﺪﻩ‪ ،‬ﺣﺎﻓﻆ ﻟﻮﺩﻩ‪:‬‬

‫!‪“6‬ن‪W/DH‬نŽא‪HBX‬א‪2A%m‬א   ‪6H*G0BH 'DL0‬ن ‬
‫ودوא‪¡FP‬אدאد'‪L020   2Di‬אم"ذאא‪Š%FGn76‬א‪Dj‬א ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺎﺕ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.١٤٠‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪6‬אא‪pz2A; ‬د‪<   <B‬א(‪F#!ŽdWG bH 0)'GMn7‬ن ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫]َ‪ُ)َJ‬ــ
َ ‪ُP 6‬ــ)ــ‪C‬ـ‪a‬ـــ‬ ‫"‪'3t3‬ـــ
َ ‪َmَ= 6‬ــ‪Lِa_C j‬‬
‫‰ ]َ‪aُG8&5 8Z3\->l 8‬‬ ‫‪Q ,J.‬ـ‪-9m‬ـ  )َ‪Z‬‬
‫‪U3&M3‬ـ‪9‬ـ‪C‬ـ‪a‬ــــ >&<‪Q‬ـــُـــ‪a‬ــ‬ ‫‪C1 ِ3- ‰3‬ــ‪a‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪/0! 1‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ .‬ﺇﻧﻪ ﲪﻴﺪ ﳎﻴﺪ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻟﻴﻚ ﺃﺷﻜﻮ ﺿﻌﻒ ﻗﻮﰐ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺔ ﺣﻴﻠﱵ‪ ،‬ﻭﻫﻮﺍﱐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﲪﲔ‪ .‬ﺇﱃ‬
‫ﻣﻦ ﺗﻜﻠﲏ‪ .‬ﺇﱃ ﻋﺪﻭ ﻳﺘﺠﻬﻤﲏ‪ .‬ﺃﻡ ﺇﱃ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻠﻜﺘﻪ ﺃﻣﺮﻱ‪ .‬ﺇﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺳﺎﺧﻄﺎ ﻋﻠﻲ ﻓﻼ‬
‫ﺃﺑﺎﱄ‪ .‬ﻏ ‪‬ﲑ ﺃﻥ ﻋﺎﻓﻴﺘﻚ ﺃﻭﺳ ‪‬ﻊ ﱄ‪ .‬ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻨﻮﺭ ﻭﺟﻬﻚ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﺎﺀﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ‬
‫ﻭﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﺃﺷﺮﻗﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺻﻠﹸﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧـﺮﺓ‪ ،‬ﺃﻥ ‪‬ﺗﺤ‪‬ـ ﱠﻞ ﻋﻠـﻲ‬
‫ﻏﻀﺒﻚ ﺃﻭ ﺗﱰﻝ ﻋﻠﻲ ﺳﺨﻄﻚ‪ .‬ﻭﻟﻚ ﺍﻟﻌﺘﱮ ﺣﱴ ﺗﺮﺿﻰ‪ .‬ﻭﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﻚ‪.‬‬

‫ﺃﻛﺘﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺴﺒﺖ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣـﻦ ﺻـﻔﺮ‬

‫ﺕ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺍﳊﺠﺎﺭﺓ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ‪ ،‬ﺑﻞ‬ ‫‪ .١٤٠٩‬ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﺷﻬﺮ ﺑﺪﺃ ‪‬‬
‫ﺟﻬﺎ ‪‬ﺩ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﺍﻟﻌﺰﻻﺀ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻗـﻮﺓ ﺍﻹﳝـﺎﻥ‬
‫ﺙ ﻣﺎ ﺍﺧﺘﺮﻋﺘﻪ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ‬ ‫ﻱ ﺃﺣﺪ ﹶ‬
‫ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻤﻊ‪ .‬ﻭﻣﻨﺬ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺑﺪﺃ ﺍﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﳉﻴﻮﺵ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻧﺴـﺘﺎﻥ‪،‬‬
‫ﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻘﺐ ﺟﻬﺎﺩﺍ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ‪ .‬ﻗﺎﺗﻠـﺖ‬ ‫ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺴﺤﺎ ‪‬‬
‫ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﺔ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻋﺪﺩﺍ‪ ،‬ﺍﻷﻗﻮﻯ ﺷﻮﻛﺔ‪ ،‬ﺍﻷﻭﻓﺮ ﺳﻼﺣﺎ‬
‫ﻭ ‪‬ﻋﺪ‪‬ﺓ ﲟﺎ ﻻ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﺣﱴ ﺟﺎﺀ ﻧﺼﺮ ﺍﷲ‪ .‬ﻧﺼﺮ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻛﺮﺍﻣ ﹲﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﳍﺬﻩ‬
‫ﺕ ﲟﺎ ﻫﻢ ﺑﻪ ﻣﺸﺮﻛﻮﻥ‪.‬‬ ‫ﺍﻷﻣﺔ ﺗﱰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺔ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﺎﷲ ﻭﻛ ﹶﻔ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻭﻣﻨﺬ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺪ‪‬ﺍﻣﻴﺔ ﺃﻭﺯﺍﺭﻫـﺎ ﺑـﲔ ﺍﻟﺜـﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻃﺤﻨـﺖ ﺭﺣﺎﻫـﺎ‬
‫ﻣﺂﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻧﺒﲔ‪ ،‬ﻃﺤﻨﺖ ﺍﳉﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠ ‪‬ﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺒﺠﺢ ﻗـﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﺒﻌﺚ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﺍﳌﺒﲔ‪ ،‬ﰲ ﺯﻋﻤﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺷ‪‬ﺒ ﹺﺢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳌﺨﻴـﻒ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺖ ﻹﺳـﻜﺎﺗﻪ ﻗﹸـﻮﻯ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ‬ ‫ﻭﺭﻣﺰﻩ ﺍﳌﻨﺸﻮﺭ ﻭﺷﻌﺎﺭﻩ ﺍﳌﻌﻠﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺄﱠﻟ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻨﺬ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﺬﻓﺖ ﺩﻭﻟ ﹸﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻗﻤﺮﻫـﺎ ﺍﻟﺼـﻨﺎﻋﻲ‬
‫ﻉ ﺑﻴﺪﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺃﻗﻤﺎ ‪‬ﺭ ﻛﺎﻓﻠﺘﻬﺎ ﻭﺣﺎﻣﻠﺘـﻬﺎ‬ ‫ﺍﳋﺎﺹ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﺍﳌﺼﻨﻮ ‪‬‬
‫ﺡ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﳋﺪﻣﺔ ﻃﻤﻮﺣﻬﺎ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺍﻟﺴـﻴﻄﺮﺓ‪ .‬ﳒـﺎ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﰲ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻗﻤﺮﻫﻢ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ‬
‫ﻗﺎﻃﺒﺔ ﺑﺎﺗﺖ ﲢﺖ ﲰﻊ ﺍﻟﺘﺠﺴﺲ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﱐ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻭﺑﺼﺮﻩ‪ .‬ﻳﻌﲏ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺍﺭﻳﺦ ﺍﻟﱵ ﺃﻃﻠﻘﺘﻪ ﻫﻲ ﺭﻫﻦ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳـﺔ ﻟﺘﺤﻤـﻞ‬
‫ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺼﻨﻮﻋﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ‪ ،‬ﺍﳌﺨﺰﻭﻧﺔ ﺑﺎﳌﺂﺕ‪ ،‬ﺇﱃ‬
‫ﺣﻴﺚ ﺗﺸﺎﺀ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﳊﺪﻳﺪ ﺷﻌﺒﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺃﻋﺰﻝ‬
‫ﻻ ﳚﺪ ﺃﻃﻔﺎﻟﻪ ﺍﻟﻴﺎﺋﺴﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻋﻮﻥ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﺇﻻ ﺍﳊﺠﺎﺭﺓ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ‪‬ـﺎ‬
‫ﻋﺪﻭ ﺍﷲ ﻭﻋﺪﻭﻫﻢ‪.‬‬
‫ﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﻓﻠﺴﻄﲔ‪ ،‬ﻭﻃﺎﺡ ﺷﻌﺎﺭ "ﺣﻘـﻮﻕ‬ ‫ﺧ ﹶﺬ ﹶﻝ ﺍﻟﺮﺃ ‪‬‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ" ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺻﻴﺤﺎﺗ‪‬ﻪ ﺇ ﹾﻥ ﺗﻜﻠﻢ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ‪ .‬ﻭﺧـﺬﹶﳍﻢ ﺇﺧـﻮﺍ‪‬ﻢ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ‪ ،‬ﻋﺠﺰﺍ ﳌﺎ ﻫﻢ ﲢﺘﻪ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻕ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﻐﺎﺭ‪‬ﺎ ﻣـﻦ ﻣﻌﺎﻧـﺎﺓ‬
‫ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﳉﱪﻱ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﻼﻳﻜﻲ‪ .‬ﻓﻼ ﻳ ‪‬ﺪﺭﹺﻱ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﳌﺘ ﹶﻔﺮ‪‬ﺝ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪ‬
‫ﺍﳋﺰﻱ ﰲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﺍﳋﻠﻴﻞ ﺩﺍﻫ‪‬ﻴ ﹶﺔ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻭﺑﺆﺳﻪ ﺣﲔ ﻳﻔﺮﺡ ﻭﺣﲔ‬
‫ﻳﺼﻔﻖ ﻣﻊ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﻭﺗﺼﻔﻴﻘﻪ ﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻭﻧﺴﺎﺋﻬﺎ‬
‫ﺍﳌﺒ‪‬ﺴﻮﻃﲔ ﰲ ﺍ‪‬ﺰﺭﺓ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺍﳌﻌﺬﺑﲔ ﰲ ﺳﺠﻮﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺃﻛﺘ‪‬ﺐ ﻫﺬﺍ ﻭﻛﺎﺭﺛ ﹸﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺣﺮﻭﺏ ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ‬

‫ﻋﻠﻰ ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺛﻼﺙ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰ‪‬ﻕ ﻻﻳـﺰﺍﻝ ﻣﺴـﺘﻤﺮﺍ‪.‬‬
‫ﺃﻛﺘﺐ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻏﹸﺮﺑﺎ ُﺀ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﺑﺆ‪‬ﺳﺎ ُﺀ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻣﻐﻠﻮﺑﻮﻥ ﻓﻴـﻪ‪ .‬ﻓﻤـﺎ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺳﻨﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘـﺔ‬
‫ﻭﺃﻭﺭﺍﺩ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺘﻼﻭﺓ!‬
‫ﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ‬
‫ﻭﺍﻷﻣﺔ ﲢﺘﺮﻕ! ﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﰲ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺎﺕ ﻭﻣﺼ ‪‬ﲑ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﷲ ﻣﻬﺪﺩ!‬
‫ﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ! ﺃﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﹺﺇﻟﹾﻔﺎﺗﺎ ﻷﻋﲔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋـﻦ ﺇﺑﺼـﺎﺭ‬
‫ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﳌﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ! ﺃﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﳌﺎ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺧ‪‬ﺮﺍﻓﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ!‬
‫ﻭﻻ ‪‬ﺎﻳﺔ ﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋ‪‬ﺎﺑﹺﺮ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﰲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﳌﺘﺴ ﱢﻜ ﹺﻊ ﰲ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪،‬‬
‫ﺍﳌﻨ‪‬ﺒﻬﺮ ﺇﳚﺎﺑﺎ ﺃﻭ ﺳﻠﺒﺎ‪ ،‬ﺃﻭ ﺇﳚﺎﺑﺎ ﻭﺳﻠﺒﺎ ﻣﻌﺎ‪ ،‬ﺑﺎﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺟﺎﻫﻠﻴ ﹸﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻜﺸﻮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﻼ ُﺀ ﺍﷲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﺼـﺮ‬
‫ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺑﻼ ٌﺀ ﺧﺎﺹ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﺜﱢﻠﻮﻥ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷ ‪‬ﻭ ‪‬ﻫ ‪‬ﻦ‬
‫‪‬ﻧﺴ‪‬ﺠﹰﺎ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬
‫ﻗﺎﺗ ﹶﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺻـﺤﺎﺑﺘﻪ ﺟﺎﻫﻠﻴـﺔ ﺍﻟـﻼﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺰ‪‬ﻯ ﻭﻣﻨﺎﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﺗﻞ ﻭﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻧﺼـﺮﻩ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻧﺼﺮﺍ ﻣﺆﺯﺭﺍ‪ .‬ﻭﻫﺎﻫﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻳ‪‬ﺤﻮﻣﻮﻥ‪ ،‬ﻧﻈـﺮﹰﺍ‬
‫ﺕ ﻋﺎﺟﺰﺓ‪ ،‬ﺣﻮﻝ ﻫﻴﻜﻞ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ‪،‬‬ ‫ﺣﺎﺳﺮﹰﺍ ﻭﳏﺎﻭﻻ ‪‬‬
‫ﻓﻼ ﳚﺪﻭﻥ ﻣ‪‬ﻨﻔﺬﺍ ﺇﱃ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﺇﻻ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺪﺭﻭﻥ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺫﻩ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻭﻣﺬﺍﻫﺒﻪ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﺑﻀﺎﺋﻌﻪ ﺇﻻ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﰲ ﻋ‪‬ﻘﺮ ﺩﻳﺎﺭﻧﺎ ﻧﺼﺒﻨﺎ ﲤﺜﺎﻻ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳍﻴﻜﻞ ‪‬ﻃ‪‬ﺒ ‪‬ﻖ ﺍﻷﺻﻞ ﻭﺇﻥ ﺗﻨﻮﻋـﺖ‬
‫ﺕ ﻭﺍﻟﻌـﺰ‪‬ﻯ‪.‬‬‫ﺍﻟﺼﺒﺎﻏﺔ ‪ :‬ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﺍﳌﻘﻄﻌﺔ ﺃﺷﻼ ًﺀ ﻫﻲ ﺍﻟﻼ ‪‬‬
‫ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﻟﱪﺍﻟﻴﺔ ﺗﺘﻮﱃ ﻏﺮﺏ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‬
‫ﺗﺘﻮﱃ ﺷﺮﻕ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﺣﺪ‪ .‬ﺩﻳﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺩﻳﻦ ﺳﺪﻧﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺾ ﻭﺍﳉﱪ‪ ،‬ﻫﻮ ﺍﻟـﻮﻻ ُﺀ ﺍﻷﻋﻠـﻰ‬
‫ﻳ‪‬ﻌﻄﹶﻰ ﻃﻮﻋﺎ ﻭﻛﺮﻫﺎ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ .‬ﻳ‪‬ﻌﻄﹶﻰ ﺃﻭ‪‬ﻻ ﻭﺃﺧﲑﺍ‪ .‬ﰒ ﻫﻨ‪‬ﺎﻙ‬
‫ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﻟﻮﺛﲏ ﻓﻘﺮﺓ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ ﻫـﻮ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺑﻨ‪‬ﺪﺍ ﺧﺎﻣﺴﺎ ﺃﻭ ﺳﺎﺩﺳﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺣﺮﻳـﺔ ﺍﻟﺘـﺪﻳﻦ‪ .‬ﰒ ﻻ‬
‫ﺑﺄﺱ ﻣﻦ ﺗﺸﻴﻴﺪ ﺍﳌﺴﺎﺟﺪ ﻟﻠﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬
‫ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ‪‬ﻫ ﹺﻮﻳ‪‬ﺘﺎﻥ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﺎﻥ‪ :‬ﻫﻮﻳﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﺍﳉﻬﻞ ﻭﺍﳋﺮﺍﻓﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮﻳﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﻣـﻦ‬
‫ﺗﺰﻭﻳﻘﻬﺎ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ ﻭﲤﻮﻳﻬﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘ‪‬ﺮﺍﺙ ﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺑﲔ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻷﺭﺽ‬
‫ﻭﺃﳎﺎﺩﻫﺎ‪ .‬ﺍﳍﻮﻳﺘﺎﻥ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﺎﻥ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺰﻋﻢ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻮﻥ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﻮﻥ ﺃ‪‬ﻤـﺎ‬
‫ﲎ ﻭﻭﺍﻗﻌﺎ ﻭﻣﺼﻠﺤﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﺸﻒ‬ ‫ﲎ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺘﺎﻥ‪ .‬ﻣﺘﻌﺎﺭﺿﺘﺎﻥ ‪‬ﻣ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺇﺯﺍﻟﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺃﻟﺒﺲ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴـﺎ ﻟﺒـﺎﺱ‬
‫ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﲔ ﻭﺣﻠﻖ ﺍﻟﻠﺤﺎ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ‪ ،‬ﻭﻃﺮﺡ ﺍﻟﻌﻤﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻭﻓـﺮﺽ ﺍﻷﺫﺍﻥ‬
‫ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺒﺪﻝ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺑﺎﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﻛﻞ ﺫﻟﻚ‬
‫ﻟﻴ‪‬ﺤ ‪‬ﻮ ﹶﻝ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺮﻧﺔ ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻐـﺮﺏ ﻭﻇـﺎﻫﺮ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺑﺎﻃﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻛﺘﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﺍﳌﺸﺮﻓﺔ ﻭﺍﳌﺴـﺎﺟﺪ‬

‫ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻭﻣﻦ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﺑﺪﺃ ﺗﺰﻳﻴﻒ ﺍﳍﹸﻮ‪‬ﻳ ‪‬ﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﺔ‪ ،‬ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻮﺍﺯﻳ ‪‬ﺔ ﻣﺴﺎﻋ‪‬ﺪﺓ ﳍﺪﻡ‬
‫ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴ‪‬ﺔ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﺡ ﺃﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺍﻟﻼﻳﻴﻜـﻲ ﺍﳌﺴـﺨ ‪‬ﻲ ﰲ‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺣﻘﻲ ﺑﻠﻄﺎﺟﻲ ﻏﻮﻟﻮ ﺃ ﹾﻥ ﺗﻐـﲑ ﻣﻈـﺎﻫﺮ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ .‬ﻭﺍﻗﺘﺮﺡ ﺃﻥ ‪‬ﺗ ‪‬ﺪ ‪‬ﺧ ﹶﻞ ﺍﳌﻮﺳﻴﻘﻰ ﰲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺃﻥ ﻳ‪‬ﺤـﺬﻑ ﻣﻨـﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﻭﺍﻟﺴﺠﻮﺩ‪ ،‬ﻟﻜﻲ ﺗ‪‬ﺼﺎﻍ ﺷﺨﺼﻴ ﹲﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻫﻮﻳﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻟﻸﺗﺮﺍﻙ‪.‬‬
‫ﻭﺟﺎﺀ ﺃﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺳـﺎﻃﻊ ﺍﳊﺼـﺮﻱ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﺻﻄﺎﻧﺒﻮﻝ ﺍﳌﺘﻌﺼﺮﻧﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺰﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﱃ ﺳﻮﺭﻳﺎ‪ ،‬ﺑﺄﻓﻜـﺎﺭ ﻣﺼـﻄﻔﻰ‬
‫ﻭﺣﺰﺑﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﱐ‪ .‬ﻭﺭ ﱠﻛ ‪‬ﺰ ﺍﳊﺼﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﻭﺛﻨﺎ ﻳ‪‬ﻌﺒﺪ‬
‫ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺎ ﺑﻔﻜﺮ ﻓ‪‬ﺨﺖ ﺍﻷﳌﺎﱐ‪ ،‬ﻭﺑﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴـﺔ ﺍﻟـﱵ ﲨﻌـﺖ‬
‫ﺃﺷﺘﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﰲ ﻭﺣﺪﺓ ﻗﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺃﺧﺬ ﺃﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ ﻣ‪‬ﺸﻌ‪‬ﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻘـﻮﻣﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺳﺎﻃﻊ ﻭﺗﻼﻣﺬﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺩ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻃﻼﻋـﻪ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺇﱃ ﻋﻤﻞ‪.‬‬
‫"ﻓﺒﻔﻀﻞ" ﻫﺬﻩ "ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ" ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﲜﻬﻮﺩ ﺭﺟﺎﳍﺎ ﻭﺃﻣﺜﺎﳍﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ‬
‫ﺕ‬
‫ﰲ ﺭﻛﺎﺏ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﳌﻮﺍﻟﲔ ﳍﺎ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﳌﻄﻠـﻖ ﲤﻜﻨـﺖ ﺍﻟـﻼ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺰ‪‬ﻯ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪.‬‬
‫"ﳔﺒﺔ" ﻣﻦ ﺫﺭﺍﺭﻱ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺗﺮ‪‬ﺑﻮ‪‬ﺍ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻗﻮﺍﻣﻬـﺎ ﺍﻟـﻮﻻﺀ ﺍﳉـﺎﻫﻠﻲ‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳉـﺎﻫﻠﻲ‪.‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﻐ‪‬ﺬﺍ ُﺀ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴ ‪‬ﻢ ﺍﳌﻮﺍﻓ‪‬ﻖ ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺳﻨﺪ ﻫﺬﻩ "ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ" ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ ﻣﺘﺼـﻞ ﻣﺘﻮﺍﺻـﻞ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻛـﺎﻥ‬

‫ﺑﻌﻀﻬﻢ‪ ،‬ﻣﻨﺬ ﺛﻮﺭﺓ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﳎﺪ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭﺣﺠﺎﺭﺓ ﻓﻠﺴﻄﲔ‪ ،‬ﺃﺻـﺒﺤﻮﺍ‬
‫‪‬ﻳ ﹾﻘ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﻭﻥ ﺍﻟ‪‬ﺒ ‪‬ﻮ ﹶﻥ ﺍﻟﺸﺎﺳﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺇﻻ ﺍﺗﺴﺎﻋﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑـﲔ ﲨـﺎﻫﲑ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﻤﻊ ﺷﻌﺎﺭ "ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ"‪ ،‬ﻭﺷﻌﺎﺭ "ﺧـﲑ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ"‪ ،‬ﻭﺷﻌﺎﺭ "ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ"‪ .‬ﻓﻬﺬﺍ ﺃﻭﺍﻥ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺴﺎ ‪‬ﻙ ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟـﻮﺛﻘﻰ‪ .‬ﻭﺇﻧـﻪ ﻻ‬
‫ﻳﺼﻠﺢ ﺁﺧﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻻ ﲟﺎ ﺻﻠﹸﺢ ﺑﻪ ﺃﻭ‪‬ﳍﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺿﻲ‬
‫ﺡ ﺃﻭﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﷲ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ‬ ‫ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺻﻼ ‪‬‬
‫ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻹﳝﺎﻥ ﺑﻜﺘﺒﻪ ﻭﺭﺳﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻭﻗـﺪﺭﻩ ﺧـﲑﻩ‬
‫ﻭﺷﺮﻩ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻗﺪﺭﻩ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀُ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻗﺪﺭﻩ ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺙ ﺍﳌﻌﹶﻠ ‪‬ﻦ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒـﻮﺓ ﺇﱃ‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﲢﻮﻳﻞ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻣﻦ ﺃﺻﻨﺎﻡ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﻌﺮﻛـﺔ‬
‫ﻓﺎﺻﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﺇﻻ ﻣ‪‬ﻨﺎﻭ‪‬ﺷـﺎﺕ‬
‫ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ﻭﻗﺘﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻥ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ‬
‫ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻌﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺑﺮﻭﺯ‪‬ﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻗﻮﺗﻨﺎ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻧﺎ‬
‫‪‬ﻣ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﺟ ﹰﺔ ﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻨﺎ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‬
‫ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﲦﻨﺎ ﳌﻘﻌﺪ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺪ ﲨﻌﺖ ﰲ ﺧﺼﻠﺔ "ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ" ﰲ ﺗﺼﻨﻴﻔﻲ ﻟﺸﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺛـﻼﺙ‬

‫ﺷﻌﺐ‪ .‬ﻫﻲ‪ :‬ﺣﻔﻆ ﺍﳌﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻞ‪ ،‬ﰒ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﻏﺮﻭﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺻﻨﻔﺘﻪ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺟـﻪ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻭﻭﺟﻪ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﳏﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﳎﺎﻫﺪ ﻏﻠﺐ ﺣﺐ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻛﻞ ﻭﻻﺀ‪:‬‬
‫<;‪%‬א‪y‬א'‪%‬وذ!‪I‬م‪
G.HD‬אن   ' ‪ D.^!d/0a!H/Gf%‬‬
‫وא‪fn76‬א
(‪5‬א‪B‬א‪‹o‬אل'‪‹6   F‬אل‪>A‬א[‪ْ6d/0Db‬א‪ D‬‬
‫ذאא‪T‬א¬ن‪)2D
#¦7'ًG5%   45]/AHM2(¤‬و‪ D]2A‬‬
‫<;א<‪#|TH‬ز‪5‬א‪T‬و‪5ْ=F0aA)!p[(   T
#‬א‪ D‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﳏﺐ ﳉﻨﺎﺏ ﺍﳊﻀﺮﺓ ﺍﻟﻨﻮﺍﺭﻧﻴﺔ ﻫﺎﺋﻢ‪:‬‬

‫‪‹'L0‬אد!­א‪H5/‬وא‪   TH-‬و!‪"،
MD‬ن‪N‬ذא‪ !.H/-‬‬
‫‪‹'M‬אد‪!52‬ول‪
W(   e
ŠD‬د‪ 0HB$--!ًqBG;H‬‬
‫و‪5%uGH‬א‪M%F^   )'M2(PR‬و‪d/0‬א‪ ?5R/‬‬
‫‪5R‬א ‬
‫‪!P‬ن‪N‬ذ(
אً‪¦At‬אل‪ y7'w.]IH7T
A   )]6‬‬
‫!=‪
%‬א[‪2‬د‪)§t‬א‪;0D!)%WP   )“(H*Wo‬א‪ 
m‬‬
‫‪
jv"    G k‬א‪IX‬مو<(;و‪ J‬‬ ‫و!‪P(!%F 6‬א ‪-‬‬
‫^ ‪ C-]G‬‬
‫و‪Ut‬א‪CHG2HT2‬א‪B‬א‪   …C‬و‪Ut‬א‪57‬א‪ •-- D"،%D‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪3|M‬ــــ ‪C {8‬ــــ@‪ 3‬ـــ‪ِb‬ــــ‪C‬‬ ‫ ‪3‬ــ‪a‬ــــــــ ‪ V‬‬
‫َـــــ{ ‪CR‬ـ‪9‬ــــ ‪3‬‬
‫ <‪G‬ــــٍ ‪U‬ـ‪C1‬ـــ‪C‬‬
‫<‪3‬ــــ‪8 5‬‬ ‫\‪U‬ـــــ ُ ـ‪َ%‬ـــــــــ‪َ] >@Q‬ــــ‪8‬‬
‫‪ M8 5 ِ/‬ــ َـــ‪b3M Q‬ــــــ‪C.‬ــ‪C‬‬ ‫ ‪'َA‬ــ‬
‫)‪3 Z> M 83a81‬ـ ‪3‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ا  ا  ‬

‫
‬
‫
 
‬ ‫♦‬

‫
  
‬ ‫♦‬

‫ ‬ ‫♦‬

‫  ‬ ‫♦‬

‫  ‬ ‫♦‬

‫‪$‬ـ"!  ‬ ‫♦‬

‫&‪%‬‬ ‫♦‬

‫'‬ ‫♦‬

‫‪'()*  +,‬‬ ‫♦‬

‫
‬ ‫♦‬

‫‪-.* /01‬‬ ‫♦‬

‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
 
‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﻣﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ﺇﻻ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻛﻠﺖ ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺃﻧﻴﺐ‪ .‬ﺍﻟﻠـﻬﻢ‬
‫ﺍﺣﻔﻈﲏ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻗﺎﺋﻤﺎ‪ ،‬ﻭﺍﺣﻔﻈﲏ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻗﺎﻋﺪﺍ‪ ،‬ﻭﺍﺣﻔﻈـﲏ ﺑﺎﻹﺳـﻼﻡ ﺭﺍﻗـﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﺗﺸﻤﺖ ﰊ ﻋﺪﻭﺍ ﻭﻻ ﺣﺎﺳﺪﺍ‪.‬‬

‫ﺣﺪﻳﺚ‪" :‬ﺭﺟﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻷﻛﱪ" ﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻨﺪ‬

‫ﺍﶈﺪﺛﲔ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﻣﻌﻨﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ‪ ،‬ﺇﻥ ﻗﺼ ‪‬ﺪ ﺍﳌﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﺃﻥ ﳎﺎﻫـﺪﺓ‬
‫ﺐ ﳍﺎ‪ ،‬ﺍﳊﺎﻣﻞ ﳍﺎ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ .‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺍﶈﺎ ‪‬ﺳ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﻭﺍﻟﺰﻫـﺪ ﻭﺍﳌﻜـﺎﺭﻩ ﻻ‬
‫ﻳﻌﺪﻭ ﰲ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺇﻥ ﺃﺧﻠﺺ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑـﺎﻟﺜﻮﺍﺏ ﰲ ﺧﺎﺻـﺔ‬
‫ﺁﺧﺮﺗﻪ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌـﺎﱃ‬
‫ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻴﺪﺭﻙ ﺍ‪‬ﺘﻬﺪ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺼـﻼﺡ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻭﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺇﻥ ﺧﺘﻢ ﺍﷲ ﻟﻪ ﺑﺎﳊﺴﲎ‪ ،‬ﻧﺴﺄﻝ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻭﻷﺣﺒﺎﺑﻨﺎ ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﻭﻟﻠﻤﻮﻣﻨﲔ ﻭﺍﳌﻮﻣﻨﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺻﺎﱀ‬
‫ﰲ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺻﻨﻔﺎﻥ‪ :‬ﻋﺒ‪‬ﺎﺩ ﺯﻫﺎﺩ ﻛﺜﲑﻭ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻻ ﺣﻆ ﳍﻢ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻻ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻻ ﺧﱪ ﻋﻨﺪﻫﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺭﻗﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺻﻔﺎﺀ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﺻﻨﻒ ﺛﺎﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟـﻮﻥ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﺴﻢ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺑﺈﻣﺴﺎﻙ ﺧ‪‬ﻨﺎﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺸـﺪﺓ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﺍﳊﺴﻲ‪ ‬ﻭﺍﳌﻌﻨﻮﻱ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺪﺍﻭﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺍﳉﻮﻉ ﻭﺍﻟﺴﻬﺮ‬

‫ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ‪ .‬ﻭﻋﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻭﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻔﻌﻮﺍ ﺑﺮﻳﺎﺿﺔ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ‬
‫ﻭﺃﻥ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺗﺴﻠﹼﻰ ﺑﻌﻀ‪‬ﻬﻢ ﺑﺘﺮﺩﻳﺪ ﺣـﺪﻳﺚ ﺍﳉﻬـﺎﺩ‬
‫ﺍﻷﻛﱪ ﻭﺍﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ‪ ،‬ﻓﺈﳕﺎ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﺼ‪‬ـﺒﻮﻥ ﺧﻴـﺎﻻ‬
‫ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺑﺘﺄﻣ‪‬ﻠﻪ ﹶﻟﻤ‪‬ﺎ ﻓﺎ‪‬ﻢ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤ‪‬ـ ‪‬ﺮ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﺑـﺬﻛﺮﻩ‬
‫ﻭﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻋﻤﺮﺕ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺣﻴﺎ ﹶﺓ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻤﻼ ﺑﺎﻧﻴﺎ ﻣﺆﺳ‪‬ﺴﺎ ﲡﺎﻭﺯﺕ‬
‫ﺕ‪.‬‬
‫ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻠﻪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ‪ ،‬ﻓﺒﻪ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺑﻪ ﻋﺎﺷﺖ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻋـ ‪‬ﺰ ‪‬‬
‫ﻭﻧﺎﻝ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻪ ﺟﻬﺎﺑﺬﺓ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼـﺎﺭ‬
‫ﻣﺮﺍﺗﺐ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﳉﻨﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻴﺴﺮ‬
‫ﻣﺜﻠﻪ ﳌﻦ ﺟﺎﻫﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻣﺎ ﺗﻌﺪﺕ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻹﳝﺎﻥ ﻋﺘ‪‬ﺒﺔ ﻓﺮﺩﻳ‪‬ﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺖ ﰲ ‪‬ﻣ ‪‬ﻬﻴ‪‬ﻊ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‬
‫ﻣﺜ ﹸﻞ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﺧﲑ‪ ،‬ﻭﺧ ‪‬ﲑ ﻛﺜﲑ ﺭﻓﻊ ﺍﷲ ﻣﻘﺎﻣ‪‬ﻬﻢ‪ ،‬ﻟﻜـ ‪‬ﻦ ﺍﻟﻨﻤـﻮﺫﺝ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﰊ‪ ،‬ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻫﻮ ﻣ‪‬ﺮﺗﻘـﻰ‬
‫ﻱ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴـﺔ ﺍﳌﻮﻋـﻮﺩﺓ‬ ‫ﻃﻤﻮﺣﻨﺎ ﰲ ‪‬ﻣ ‪‬ﻬﻴ‪‬ﻊ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ ﺑﲔ ﻳﺪ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺗﻘﺪﺱ‪.‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻪ ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ! ﺃﺧﱪﻧﺎ ﺑﻌﻤﻞ ﻳﻌﺪﻝ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ! ﻗـﺎﻝ‪" :‬ﻻ‬
‫ﺗﻄﻴﻘﻮﻧﻪ!" ﻣﺮ‪‬ﺗﲔ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ :‬ﺃﺧﱪﻧﺎ ﻓﻠﻌﻠﻨﺎ ﻧ‪‬ﻄﻴﻘﻪ‪ .‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺜ ﹸﻞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﺖ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺍﷲ ﻻ ﻳﻔﺘﺮ ﻣـﻦ‬

‫ﺻﻴﺎﻡ ﻭﻻ ﺻﻼﺓ ﺣﱴ ﻳﺮﺟﻊ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﹶﺜ ﹸﻞ"‪ .‬ﻓﺎ‪‬ﺎﻫ ‪‬ﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻌﺎﺑـﺪ ﻣﺜـ ﹲﻞ ﻻ‬
‫ﺣﻘﻴﻘﺔ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻻ ﻳﻔﺘﺮ"‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﱪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻘﻴـﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﻨـﻮﺕ‬
‫ﺍﻷﺳﺎﺑﻴﻊ ﻻ ﻳﻔﺘ‪‬ﺮ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﺈﻥ ﳎﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﳋـﺎﺭﺟﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺻﺮﺍﻣﺔ ﻭﺿﺒﻄﺎ‪ .‬ﻭﺗﺒﻠﻎ ﺭﻳﺎﺿﺔ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫـﻮ ﳚﺎﻫـﺪ‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﺮﻏ‪‬ﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻟﻮﻃﻦ ﲨﻠﺔ‪ .‬ﺗﺒﻠﻎ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻮﺩ‪‬ﻉ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻟﻮﻟ ‪‬ﺪ ﻭﺩﺍﻉ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﺟـﻊ‪ .‬ﺗﺒﻠـﻎ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟـﻪ ﺍﻷﺳـﻨﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻑ‪ ،‬ﻭﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺍﳌﺪﺍﻓﻊ ﻭﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺎﺕ‪ ،‬ﺑﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺐ ﺟﺴﻤﻪ ﻭﻗﻮﺗـﻪ‬
‫ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﺣﺼﻨﺎ ﳛﻤﻲ ﲪﻰ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ‪‬ﺣﻤﻰ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻓﺪﺍﺀ ﻟﺘﺤﲕ ﺃﻣﺔ ﺭﺳﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﲦﻨﺎ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﰲ ﺻﻔﻘﺔ
ﺇﻥ ﺍﷲ ﺍﺷﺘﺮﻯ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑـﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١١٢ :‬ﻭﻭﻓﺎﺀ ﲟﺒﺎﻳﻌﺔ‬
‫
ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻧﻚ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﺢ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (١٠ :‬ﻭﻫﻲ ﻣﺒﺎﻳﻌﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺠﺪﻳﺪ ﺇﱃ ﻳـﻮﻡ‬
‫ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ .‬ﻋﻠ ‪‬ﻮ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻮ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﳌﺒﺎﻳﻌﺔ ﻳﻀﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﺟﻬﺎﺩ ﰲ ﻛـﻞ‬
‫ﺳﻮﺭﻩ‪ .‬ﻭﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻮ‪ ،‬ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻟﻠﻌﻠﻮ‪ ،‬ﺟﻌﻠﻪ ﺍﷲ ﺍﳊﻨـﺎﻥ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻥ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﺿﹰﺎ ﻟﻠﻤﻌﺬﱢﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮﺍ ﻋﺼﻮﺭ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﲢﺖ ﺳﻴﻒ‬
‫ﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻭﲢﺖ ﻗﺪﺭ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻭﻻ ﻭﺁﺧﺮﺍ‪ ،‬ﻓﺴﻠﻜﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‬
‫ﺕ‬
‫ﻭﺗﻘﺪﺱ ﻓﹸﺮﺍﺩﻯ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﳎﺎﻫﺪ‪‬ﻢ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺗﻄـﻮﻳﻌﻬﻢ ﳍـﺎ ﺁﻳـﺎ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻠﺮﺟﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﺤﻮﻟﺔ ﻣﺎ ﺃﺣﻮﺟﻨﺎ ﻟﻼﻫﺘﺪﺍﺀ ﺑﻔﻘﻬﻬﺎ‪ ،‬ﻻ ﺑﺸـﻜﻠﻬﺎ‪ ،‬ﰲ ﻫـﺬﻩ‬

‫ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﻐﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ‪ ،‬ﻭﺗﺄﳍﺖ ﻓﻴـﻪ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴـﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳـﺔ‪،‬‬
‫ﺐ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻧﺼﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﺍﻧﺼﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺍﻟﻮﺍﺻ ﹺ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﻭﺃﺋﻤﺘﻬﺎ‪:‬‬
‫ﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﻫﻲ ﺗﺒﻜﻲ‪ .‬ﻓﻤﺎ ﺯﻟﺖ ﺃﺳﻮﻗﻬﺎ ﺣﱴ ﺍﻧﺴﺎﻗﺖ ﺇﻟﻴﻪ‬ ‫" ‪‬ﺳ ﹾﻘ ‪‬‬
‫ﻭﻫﻲ ﺗﻀﺤﻚ"‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ‪" :‬ﻛﻨﺖ ‪‬ﺛ‪‬ﻨ‪‬ﺘ ‪‬ﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻨﺔ ﺣـﺪ‪‬ﺍﺩ ﻧﻔﺴـﻲ‪،‬‬
‫ﺲ ﺳﻨﲔ ﻛﻨﺖ ﻣﺮﺁﺓ ﻗﻠﱯ‪ ،‬ﻭﺳﻨ ﹰﺔ ﺃﻧﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﰲ ﻭ‪‬ﺳـﻄﻲ‬ ‫ﻭﲬ ‪‬‬
‫‪‬ﺯﻧ‪‬ﺎ ‪‬ﺭ ﻇﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻌﻪ ﺛﻨﱵ ﻋﺸﺮﺓ‪ .‬ﰒ ﻧﻈﺮﺕ ﻓﺈﺫﺍ ﰲ ﺑﺎﻃﲏ ‪‬ﺯﻧ‪‬ﺎﺭ‪،‬‬
‫ﺲ ﺳﻨﲔ ﺃﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺃﻗﻄﻊ‪ .‬ﻓﻜﺸﻒ ﱄ ﻓﻨﻈﺮﺕ ﺇﱃ‬ ‫ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻌﻪ ﲬ ‪‬‬
‫ﺍﳋﻠﻖ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻢ ﻣﻮﺗﻰ‪ .‬ﻓﻜﱪﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺭﺑﻊ ﺗﻜﺒﲑﺍﺕ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻟ ‪‬ﺰﻧ‪‬ﺎﺭ ﺣﺰﺍﻡ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻌﻪ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻟﻴﺘﻤﻴﺰﻭﺍ ﺑﻪ ﻋـﻦ ﻏﲑﻫـﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﺎﻟﺰﻧﺎﺭﻳﻦ‪ ،‬ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﲏ‪ ،‬ﻣﺎ ﻛـﺎﻥ ﻳـﺮﺍﻩ ﻋﺎﻟﻘـﺎ‬
‫ﺐ ﻻ ﻳﺮﺿﺎﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﳛﺎﺳـﺐ ﻧﻔﺴـﻪ‬ ‫ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻣﻦ ﺷﻮﺍﺋ ‪‬‬
‫ﻭﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﻛﺎﺭﻫﺔ ﺑﺎﻛﻴ ﹰﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﻳﺆﻛﺪﻭﻥ ﻋﻠـﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳـﻖ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﻣﻐﻠﻘﺔ ﰲ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻻ ﳚﺎﻫﺪ ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺻﺪﻕ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺑﻨﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻴﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻷﻭﺭﺍﺩ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ‬
‫ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮﺭﺩ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺎﻝ‪،‬‬
‫ﻭﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮﹺﺭﺩ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺇﻻ ﳌﺎﻣﺎﹰ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮﺭﺩ ﺇﻋﺪﺍﺩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻘﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮﺭﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻻ ﻣﻜﺎﻥ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼ ﻟﻮﹺﺭﺩ ﺍﻟﱪ ﺑﺎﻟﻀﻌﻔﺎﺀ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﻏﻴﺎﺏ ﻧﻴﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻷﻭﺭﺍﺩ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳـﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺳـﺘﺜﻨﻴﻨﺎ‬
‫ﻀﻠﹸﻪ‪ ،‬ﻣـﻊ‬ ‫ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﺍﳌﺘﺨﺬﺓ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴ‪‬ﻬﺮ ﻟﻠﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳ ﹾﻔ ‪‬‬
‫ﻉ ﺍﻹﺭﺍﺩﻱ‬ ‫ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻬ ‪‬ﺮ ﺣﺮﺍﺳ ﹰﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﺳـﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﺍﳉـﻮ ‪‬‬
‫ﻑ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﺻ ‪‬ﱪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻌﺴﺮﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﳉـﻮﻉ‬ ‫ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻘﻪ ﺁﻻ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﻭﻗﻴﻆ ﺍﳍﻮﺍﺟﺮ ﻭﻗﺮﺹ ﺑﺮﻭﺩﺓ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺗﻌﺐ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﺣ ﹶﻞ ﻧﺎﺩﺭﺓ ﻳﺘﻌﺎﻗﺒﻮ‪‬ﺎ‪ .‬ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺳـﺘﺜﻨﻴﻨﺎ‬
‫ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﳌﻌﺘﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﲔ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﻋـﻦ‬
‫ﺗﺒﻠﻴﻎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﺮﺍﺥ ﰲ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﺎﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺮﻁ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﲟﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺻﺪﻕ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪" :‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﳎﺎﻫﺪﺓ ﱂ‬
‫ﳚﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﴰﹼﺔ"‪ .‬ﻭﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺃﰊ ﻋﺜﻤـﺎﻥ‬
‫ﺍﳌﻐﺮﰊ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻣﻦ ﻇﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﺃﻭ ﻳﻜﺸ‪‬ﻒ ﻟﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻐﲑ ﻟﺰﻭﻡ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﻓﻬﻮ ﰲ ﻏﻠﻂ"‪ .‬ﻭﻳﻮﺭﺩ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ﺃﰊ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺪﻗﺎﻕ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻣﻦ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺘـﻪ ﻗﹶﻮﻣـ ﹲﺔ ﱂ‬
‫ﺴ ﹲﺔ"‪ .‬ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﳉﻠﺴﺔ ﺟﻠﻮﺱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺮﻳـﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﰲ ‪‬ﺎﻳﺘﻪ ‪‬ﺟ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻘﻮﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻬﻀﻬﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳊﻖ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻨﺎ ﰲ ﻛﻠﻤﺔ "ﻗﻮﻣﺔ" ﻣﺄﺭﺏ ﻭﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻮﺩﺓ ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺎﺀ‬‫ﻭﻗﺪ ﺭﺳﺨﺖ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻗﺎﺭﺋﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﳌﻨﺎ‪‬ﻗ ﹺ‬

‫ﺻﻮﺭ ﹲﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﱄ ﺍﻷﺷﻌﺚ ﺍﻷﻏﱪ ﺍﳌﻐﺮﻕ ﰲ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‪ .‬ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﻟﻴﺎ‬
‫ﻭﻻ ﻳﺒﻠﻎ ﰲ ﻋﺮﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻲ ﺫ‪‬ﺭﻭ‪‬ﺓ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﺧﻀﺮﺕ ﺃﺷﺪﺍﻗﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﻛﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ‪ ،‬ﻭﻳﺒﹺﺲ ﺟﻠﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﻪ ﻣﻦ ﻫﺰﺍﻝ ﺍﻟﺘﻘﺸﻒ‪ .‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼـﻮﺭ‬
‫ﺺ ﺑـﻪ‬‫ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺍﳉﻬﻞ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻭﻋﻦ ﺍﳉﻬﻞ ﺑﻔﻘﻪ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟـﺬﻱ ﺍﺧ‪‬ـ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﲢﺮﻳﻒ ﻭﺍﳓﺮﺍﻑ ﳓﻮ ﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﷲ ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﳉﻴﻼﱐ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻏﲑ ﻗﻠﻴـﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﻘﻠﻞ ﻭﺍﻟﺘﻘﺸﻒ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻭﻧﻀﺞ ﺯﺭﻋﻪ ﻭﻃﺎﺏ ﻏﺮﺳﻪ ﻭﺑﻠﻎ‬
‫ﺩﺭﺟﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻟﺒﺲ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻛـﺎﺑﺮﻫﻢ ﺭﻭﺍﻳـﺔ ﻭﺩﺭﺍﻳـﺔ‬
‫ﻭﲢﺼﻴﻼ‪ ،‬ﻭﺗﻮﺳﻊ ﰲ ﺍﳊﻼﻝ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺩ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺖ ﹸﺃﺣ‪‬ـ ﹺﺮﻕ‪ ،‬ﻛـﻦ‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺯﺭﻋﻲ ﻗﺪ ﻧﺒﺖ ﻭ ﹶﲡﻤ‪‬ﻞ‪ ،‬ﻭﺯﺭﻋ‪‬ﻚ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﺒ ‪‬‬
‫ﻋﺎﻗﻼ! ﺩﻉ ﺭﻳﺎﺳﺘﻚ ﻭﺗﻌﺎﻝ ﺍﻗﻌﺪ ﻫﻬﻨﺎ ﻛﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺣﱴ ﻳـﱰﺭﻉ‬
‫ﻛﻼﻣﻲ ﰲ ﺃﺭﺽ ﻗﻠﺒﻚ‪ .‬ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﻋﻘﻞ ﻟﻘﻌﺪﺕ ﰲ ﺻﺤﺒﱵ‪ ،‬ﻭﻗﻨﻌـﺖ‬
‫ﻣﲏ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺑﻠﻘﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺻﱪﺕ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﻮﻧﺔ ﻛﻼﻣﻲ‪ .‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﺏ ﻣﲏ"‪.‬‬
‫ﺇﳝﺎﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﻨ‪‬ﺒﺖ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺇﳝﺎﻥ ﻳﻬ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﺃﳘﻴﺘ‪‬ﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﰲ ﺍﳌﻜـﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ‪ .‬ﻻ ﺗﻜـﻮﻥ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺑﺪﻭ‪‬ﺎ ﺇﻻ ﻏﹸﻠﻮ‪‬ﺍ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﻃﻌﺎ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣـﻦ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺍﳌﹸﻌﺎﻧﹺﻲ ﺍﳌﹸﻜﺎﹺﺑ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺪﻩ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﺢ ﺟﺮﻳﺢ ﺳﻠﻴﺐ ﻗﺘﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﱐ ﺹ ‪.٢٨٢‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰒ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ﺣﻘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻀﻌﻬﺎ ﰲ ﻧﺼﺎ‪‬ﺎ ﺑﻌﺪ‬

‫ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺃﻧﺘﻢ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌﺪ‪‬ﻭﻥ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﱴ ﺗﻌﻄﻴ‪‬ﻜﻢ‪ ،‬ﻭﻫـﻲ‬
‫ﻒ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﺭﺃﺳ‪‬ﻬﺎ ‪‬ﻣﻄﹶﺄ ﹶﻃﹲﺄ‪.‬‬ ‫ﻒ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺣﱴ ‪‬ﺗﻌ‪‬ﻄﻴ‪‬ﻬﻢ‪ .‬ﺗ ‪‬ﻘ ‪‬‬ ‫ﺗﻌﺪﻭ ﺧﻠ ‪‬‬
‫ﺲ ﳍﺎ ‪‬ﺧ ‪‬ﻮ ﹶﺫ ﹶﺓ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ‪ .‬ﺧ‪‬ـ ﹾﺬ‬
‫ﺼﻤ‪‬ﺼﺎﻣ ‪‬ﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟ‪‬ﺒ ‪‬‬ ‫"ﺍﺿﺮﺏ ﻧﻔﺴﻚ ﺑ ‪‬‬
‫ﺱ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺳﻴﻒ ﺍﻟﻴ‪‬ﻘﲔ‪ .‬ﻓﺘﺎ ‪‬ﺭ ﹰﺓ ﻣ‪‬ﻄﺎ ‪‬ﻋﻨ‪‬ـﺔ‪ ،‬ﻭﺗـﺎﺭﺓ‬ ‫ﳍﺎ ﺭﻣﺢ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﻭ‪‬ﺗ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﻣ‪‬ﻀﺎ ‪‬ﺭ‪‬ﺑ ﹲﺔ‪ .‬ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﱴ ﺗ ‪‬ﺬ ﱠﻝ ﻟﻚ ﻭﺗﺼﲑ ﺭﺍﻛﺒﺎ ﳍﺎ ‪ :‬ﳉﺎﻣﻬﺎ ﺑﻴﺪﻙ‪،‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺗﺴﺎﻓﺮ ‪‬ﺎ ‪‬ﺑ ‪‬ﺮﹰﺍ ﻭﲝﺮﺍ"‪.‬‬
‫ﻆ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﻣـﻦ ﻣﻄﺎﻋﻨـﺔ‬ ‫ﻻ ‪‬ﺣ ﹾ‬
‫ﻭﺿﺮﺏ ﻭﺻﻤﺼﺎﻣﺔ ﻭﺭﻣﺢ ﻭﺗﺮﺱ‪ .‬ﻭﻫﻴﻬﺎﺕ ﻳﺒﻠﻎ ﺍ ‪‬ﳌﹾﺜ ﹸﻞ ﺍﳌﻤﱠﺜ ﹶﻞ ﺑﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻣﻊ ﺳﺎﺋﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻣﺪﺑ‪‬ﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻗﺎﺋﺪ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ ﺍﷲ‬
‫ﺍﻟﺪﺍﻋﲔ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﺇﱃ ﻣﻮﻋﻮﺩ ﺍﷲ ﻣﹾﺜ ﹸﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻐﲑﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻭﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠـﻰ ﺳـﻨﺔ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻭﺇﹺﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﳍﻤﺔ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﰒ ﺯﺍﺩ‪‬ﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﲟﺎ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻧﻴﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﳑﺎﺭﺳﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺻﻮﰲ ﺟﺎﺩ ﺑﺮﻭﺣﻪ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﳊﺐ ﻭﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﳌﺎ ﻓﺎﺗﺘﻪ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪:‬‬
‫
نאא
  ْد   د‪"#‬ل
 אوאم ‬
‫
ن&‪+‬ند*)('אد&‪,-%./0123456+78   $%‬د ‬
‫وא?
>‪=475:‬و‪;:"A8+B*='5:4+)   495:;<#‬א
‪@9‬م‬

‫ﺠﺮ‪‬ﻋﻬﺎ ﻛﺆﻭﺱ ﺍﳌﻜﺎﺭﻩ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ‪:‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﳎﺎﻫﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫‪HI-'5:JKL‬א‪G‬ذ‪   5&C>DE‬ودא‪ JNM I8,/
,3;:4I8‬‬
‫و‪+BQ:MT‬א‪.S‬و‪   O4-=M @P'Q#R‬و
>‪*+BO: T*Z‬ذ‪M V7WXYE‬ز‪ J‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫*‪+^N:M_=$ X‬ق
‪\/5‬ذ
[   و‪JNM :`
Q
+-\3M_=$ +‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﺃﺫﻝ ﻧﻔﺴﻪ ‪‬ﺠﺮ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ‪:‬‬

‫‪'5:JL‬א
‪5‬א‪   4a
> P+SJ‬و*
‪ 45a 9QO +8+bcb,34N‬‬
‫و&‪'5:43+‬א‪+G‬م‪'5:KLJ*=+758   ً1NN:,3‬א
‪e‬لذ ‪ 4
a‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪  ُ%,
5)2‬ـــ ‪2: 8;2‬ــ‪89‬‬ ‫)‪2‬ـ
‪ِ,‬ــــ!ُ َــــ ‪2 َ4
5‬ــــ‬
‫'‪G H2‬ــ‪َ1D >-E F2‬ـ‪89' C‬‬ ‫‪ِ,
> 5)  @َ$‬ــ ?‪َ=>:‬ــ<‪َB 8‬ـ‪,‬ــً‬
‫‪5 N2 َE‬ــ‪ِK2>L M‬ــــ ‪ُ 2‬ــ>ـ‪89‬‬ ‫'‪'>
َI Hُ 2 Jَ H2‬ــً ‪ 1‬ـــً‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫
  
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﷲ ﻏﻴﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻷﻣـﺮ ﻛﻠـﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻋﺒﺪﻩ ﻭﺗﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺭﺑﻚ ﺑﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺧـﲑ‬
‫ﺧﺰﺍﺋﻨ‪‬ﻪ ﺑﻴﺪﻙ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ ﺧﺰﺍﺋﻨ‪‬ﻪ ﺑﻴﺪﻙ‪.‬‬

‫ﳝﺮ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻧﻮﻋﻴ ﹸﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘ‪‬ﻪ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺜﻼﺙ ﻣﺮﺍﺣﻞ‪ ،‬ﻗﺪ‬

‫ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺗ‪‬ﻄﻮ‪‬ﻯ ﻟﻪ ﻃ‪‬ﻴﹰﺎ ﻛﻤـﺎ ﳛـﺪﺙ‬
‫ﻟﻠﻤﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺭ ﹾﻓﺮ‪‬ﻑ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ‬
‫ﳎﺎﻫﺪﺓ ﻭﻻ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻭﻻ ﻏﲑﻫﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ‪ ،‬ﻓﲑﺟﻊ ﻭﺑﺼـﲑﺗﻪ ﻧـﲑﺓ‬
‫ﻟﻴﺴﺘﻮﰲ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻳ ﱠﻄ‪‬ﻠ ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﱂ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ‪.‬‬
‫ﺸﺮ‪‬ﺓ‪ ،‬ﺣـﺎﺩ ﺍﳍﻤـﺔ‪ ،‬ﻛـﺜﲑ‬ ‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﻣﺘﻘﺪ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻛﺴﺒﻪ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻳﺴـﲑ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻮﻥ ﺑﺎﳉﻮﺍﺭﺡ ﻭﺍﻷﺷـﺒﺎﺡ‪ .‬ﻭﺍﻟﺼـﱪ ﻭﺍﳌﺼـﺎﺑﺮﺓ ﺧﻠﻘﻬـﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺣ‪‬ﺪﺍﺅ‪‬ﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻚ ﹸﻗ ‪‬ﻮﺗ‪‬ـﻪ‪،‬‬
‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻔﺘ‪‬ﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﺓ ﻭﻳﻐﻴـﺐ ﺷـﻬﻮﺩ ﺍﻟﺴ‪‬ـﺎ‪‬ﻟ ‪‬‬
‫ﺠ ‪‬ﺰﻩ‪ ،‬ﻓﻼ ﳚﺪ ﻣﺴﺘﻌﺎﻧﹰﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻮﻫـﺎﺏ‪،‬‬ ‫ﺿ ‪‬ﻌ ﹸﻔ ‪‬ﻪ ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫ﻭﻳﻨﻜﺸﻒ ﻟﻪ ‪‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺩﻩ ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ﻭﻋﻄﺎﺋﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠ ﹸﺔ ‪‬ﺧﹸﻠﻘﹸﻬـﺎ‬
‫ﺍﻟﺸﻜﺮ‪ ،‬ﻭﺣ‪‬ﺪﺍﺅﻫﺎ ﺍﳍﺪﺍﻳ ﹸﺔ‪.‬‬
‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻳﺘﻌﺎﻇﻢ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺣ ‪‬ﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺗﺘﻀﺎﺀﻝ ﰲ‬
‫ﻋﻴﻨﻪ ﻧﻔﺴ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻼﺷﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌ‪‬ﺘﺒ‪‬ﺮﺍ ﻣﻦ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺤﻘﹸﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﺍ ﺑﺎ ﹴﻝ ﻏﲑ ﺍﷲ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻫﻲ ﺩﻫﻠﻴﺰ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‬ ‫ﻭ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﻭﻣﻘﺪﻣﺔ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﺘﺴـﻠﻴﻚ ﺍﳌﺮﻳـﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺑﺄﺳﺮﻉ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻟﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ﺇﺣﺴﺎﺳﹰﺎ ﻗﻠﺒﻴﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﰲ‬
‫ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻹﻏﺮﺍﻕ ﰲ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‪ .‬ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺧﻄﲑﺓ ﳌﺎ‬
‫ﻉ ﺍﻟﺘﻔﺎﺕ ﻋﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﳉﻮﺩ‬ ‫ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﲟﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ‪‬ﻧ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍﻹﳍﻲ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻃﺎﻝ ﺑﺎﳌﺮﻳﺪ ﺍﳌﹸﻘﺎ ‪‬ﻡ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺍﳌﻠﺘﻔﺘـﺔ ﺻـﻌﺐ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺣﻮ‪‬ﻟﻪ ﻭﻗﻮﺗﻪ‪ ،‬ﻭﻟﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺪ‪‬ﺍﺩ ﻧﻔﺴـﻪ ﻛـﺬﺍ‬
‫ﻭﻛﺬﺍ ﺳﻨﺔ‪ .‬ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﺍﺩ ‪‬ﻧ ﹶﻔ ‪‬ﺦ ﰲ ﻛﲑ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﻭﱂ ‪‬ﺗﻨ‪‬ﻘﺪﺡ ﻟﻪ ﺷـﺮﺍﺭﺓ‬
‫ﺨﹺﺒﻄﹸﻪ‪.‬‬
‫ﺹ ﻓﺒﻘﻲ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻼﺣﻘﻬﺎ ﻭﺗﻼﺣﻘﻪ‪ ،‬ﻭﳜﹺﺒﻄﹸﻬﺎ ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬ ‫ﺇﹺﺧﻼ ﹴ‬
‫ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻭﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺈﲨﺎﻝ ﺃ‪‬ﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣـﺎ ﻭﺟـﺪﺕ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺴﺘ‪‬ﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺍﳌﺮﻳـﺪ‬
‫ﻭ‪‬ﺃﻭﺭﺍﺩ‪‬ﻩ ﻭﺗﻄﺮﻳﻘﹸﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻌﺼﻴ‪‬ﺔ ﻳﻀﺮ‪‬ﺎ ﺑﺼﻤﺼﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﻳﻘﺎﺗﻠﻬﺎ ﺑﺮﻣﺎﺡ‬
‫ﳐﺎﻟﻔﺘﻬﺎ‪ .‬ﻭﻳﺄﰐ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻛﺎﻟﻼﺣﻖ ﺍﳌﻜﻤﻞ‪.‬‬
‫ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﰲ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸـﺎﺫﱄ‬
‫ﻳﺘﺮﺟﺢ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻭﲢﻤﻞ ﳘﱠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺇﺷﻌﺎﻋﻪ ﺍﻟﺮﻭﺣـﻲ ﻗﻠـﻮﺏ‬
‫ﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﲪﻼ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﳋﻄﺮ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪.‬‬
‫ﺗﻠﻚ ﲡﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻟﱯ ﺍﳊﻖ ﺍﳌﺘﺮﺷـﺤﲔ ﳌﻘﺎﻣـﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﰲ ﻋﻬﺪ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﺓ‪ .‬ﺍﺑﺘﻠﹶﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺷﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻭﺳ‪‬ﻊ ﻋﻠﻰ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻓﺸـﻜﺮﻭﻩ‪ .‬ﻓـﺘﺢ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﰲ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻛﻮﻧﹰﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﻮﻥ‪ ،‬ﻓﺠﺎﻟـﺖ ﻋﻴـﻮﻥ‬

‫ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﰲ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﹶﻢ ﺍﳌﻠﻜﻮﺕ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻛـﻮ ﹲﻥ ﻃﺎﻟﻌـﻪ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺇﻻ ﺃﻏﺮﺍﻩ ﲨﺎﻟﹸﻪ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﺑﹺﺎﳌﹸﻜﺚ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﲑ ﺍﷲ ﱂ ﻳ ﹸﻔ ‪‬ﺰ‬
‫ﻂ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺍﻟﺮﺣﺎ ﹶﻝ‬ ‫ﺤﱠ‬‫ﺑﺎﷲ‪ .‬ﻓﻜﻢ ﻗﺘﻴﻞ ﻭﺟﺮﻳﺢ‪ .‬ﻭﻃﻮﻯ ﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﳌﹶﻬﻴ ‪‬ﻊ ﻓﻠﻢ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺇﻻ ﻋﻨﺪﻩ‪ ،‬ﻭﱂ ﺗﺒﺼﺮ ﻋﻴﻮ‪‬ﺎ ﺇﹺﻻ ﻧﻮﺭ‪‬ﻩ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺼـﺎﺋﺮ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻫﺎﻥ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺤ‪‬ﺒ ‪‬ﻮ ﹶﺃﺟ‪‬ﻴـﺎﻝ‬ ‫ﻭﺍﳌﺮﺟﻮ ﻣﻦ ﻛﺮﻣﻪ ﻋﺰﺕ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻭﺗﻘﺪﺳﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﲟﺎ ﺣﺒﺎ ﺑﻪ ﳎﺎﻫﺪﻱ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻙ ﺟﻬﺎﺩﻱ ‪‬ﺗ ﹾﻄﻮ‪‬ﻯ ﳍﻢ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﻟﻴﻔﺮﻏﻮﺍ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺗﺸﻴﻴﺪ ﺻـﺮﺡ ﺍﳋﻼﻓـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﲪﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪ .‬ﻭﻳﻜﻮ ﹸﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻛـﻴﻼ ﻋﻤـﻦ‬
‫ﺍﺷﺘﻐﻞ ﲟﺼﲑ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﲪﻞ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻴﺼﻠﺢ ﺷﺄﻧﻪ ﺍﳋﺎﺹ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻓﻊ ﺩﺭﺟﺘـ ‪‬ﻪ‪.‬‬
‫ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﺍﻛﺘﻤﻞ ﺳﻠﻮﻛﹸﻪ ﻭﺑﻠﻎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺟﻠﹶﻪ ﻭﺍﺳﺘﻮﺕ ﻧﺸﺄﺗﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘ ‪‬ﺢ ﻟ ‪‬ﻪ‬
‫ﻟﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻋ‪‬ﺪﺍﺩ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﲔ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺃﻫ ﹶﻞ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺳـﺒﻖ‬
‫ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺑﺸﻜﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﻟﺸﺎﻛ ‪‬ﺮ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﺧﻠﻴﻔ ﹸﺔ ﺍﷲ ﰲ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺧﻮﺍ‪‬ﻤﺎ ﲨﻴﻌﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼـﻼﺓ ﻭﺃﺯﻛـﻰ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻡ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ‪ :‬ﻋﺒﺪ ﻫﻮ‬
‫ﺑﺸﻬﻮﺩ ﻣﺎ ﻣﻨﻪ ﺇﱃ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻋﺒﺪ ﻫﻮ ﺑﺸﻬﻮﺩ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺇﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻋﺒ ‪‬ﺪ ﻫﻮ ﺑﺸﻬﻮﺩ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺇﱃ ﺍﷲ"‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.٣٠٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸ ‪‬ﻬ ‪‬ﺪ ﻣﺎ ﻳﺼﺪ‪‬ﺭ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻫـﻮ ﺍﻟﻌﺎﺑـﺪ‬

‫ﻭﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ‪ .‬ﻓﻘﻠﻤﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼـﻮ ‪‬ﺭ ﰲ‬
‫ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻬ ‪‬ﺪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻣﻊ ‪‬ﻣﻨ‪‬ﺔ ﺍﳌﻮﱃ‪ ،‬ﺍﻟﺸـﺎﻛ ‪‬ﺮ‬
‫ﻟﻠﻌﻄﺎﻳﺎ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻖ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻟﻪ‪ :‬ﺇﻧﺎ ﷲ ﻭﺇﻧـﺎ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ‪.‬‬
‫ﺐ ﻣﻦ ﺷﻬﻮﺩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴـﻦ‪:‬‬ ‫ﻭﻟﻠﻌﺎﺭﻑ ﻧﺼﻴ ‪‬‬
‫"ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﺷﺪﺍﺋﺪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﰲ ﺍﻷﻟﻄﺎﻑ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ ﻣـﻦ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻋﺮﻑ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﷲ ﺇﻟﻴﻪ‪
.‬ﻓـﺎﺫﻛﺮﻭﺍ ﺁﻻﺀ ﺍﷲ ﻟﻌﻠﻜـﻢ‬
‫ﺗﻔﻠﺤﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٦٨ :‬ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺷﻬﻮﺩ ﺍﳌﻨ‪‬ﺔ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺧﲑ‬
‫‪١‬‬
‫ﻣﻦ ﻛﺜﲑ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺘﻘﺼﲑ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺅﻳﺔ ﺗﻘﺼﲑ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﳏﻤﻮﺩ ﹰﺓ ﰲ ﺣﻖ ﺍﻟ ‪‬ﻌﺒ‪‬ـﺎﺩ‬
‫ﻭﺍﳌﺒﺘﺪﺋﲔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺼﲑ ﻭﺍﳋﻄﹺﺈ ﻭﺍﻟﻌﻤ ‪‬ﺪ ﻭﺍﻟﺰﹶﻟ ﹺﻞ ﳏﻤـﻮﺩﺍﹰ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺕ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﱃ ﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﻼﺯﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺘﻘﺼﲑ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻧﻮﻉ ﺍﻋﺘﺪﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺳﻘﻮﻁ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻐﻠـﺐ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻬﻮ ‪‬ﺩ ﺍﳌﻨﺔ‪ ،‬ﺷﻬﻮﺩ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺒﺪ‪ ،‬ﻛ ﱠﻞ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻳﻐﻠﺐ ﺷـﻜﺮ‬
‫ﺍﳌﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺣﺮﺹ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﰲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‬
‫ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ ﺍﻹﳍﻲ ﺃﻥ ﻛﺮ‪‬ﻩ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺰ‪‬ﻫﺎﺩ ﻭﺍﻟ ‪‬ﻌﺒ‪‬ﺎﺩ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲣﻠﻮ ﻣﻦ‬
‫ﺏ ﺍﳌﺘﺎﺟﺮﺓ ﻣﻊ ﺍﷲ‪ .‬ﻳﺰﻫ‪‬ﺪﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻻﺋﻘﺔ ﺑﻌﻮﺍﻡ‬ ‫ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻓﺘﺢ ﺣﺴﺎ ﹺ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٠٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﺝ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻧﺘﻘﺎﻻ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﻣـﺎ ﻋﻨـﺪ ﺍﷲ‬

‫‪‬ﻣﻘﹶﺎﻳﻀ ﹰﺔ ﲟﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﺇﱃ ﻃﻠﺐ ﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻣﻨﺔ ﻣﻨﻪ ﻭﺗﻔﻀﻼ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺑـﺎﺏ‪:‬‬
‫"ﺣﺴﻨﺎﺕ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﺳﻴﺌﺎﺕ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺰﻫﺎﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻭﻗﻠﻮﺑ‪‬ﻬﻢ ﻣ ﹾﻘ ﹶﻔﻠﹶـ ﹲﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﷲ"‪.‬‬
‫ﺼ ‪‬ﺮﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻭﻫﻮ ﻻ‬ ‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﻦ ﱂ ﻳﺘﻐﻠﻐﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺎﺕ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻳﻌﻠﻢ"‪ ١.‬ﻳﻌﲏ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻠﻢ ﺭﻗﺎﺋﻖ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻋﻠ ‪‬ﻢ‬
‫ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺔ‪.‬‬
‫ﺙ ﺳﺮﻩ‪ ،‬ﻭﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺃﺑـﻮ‬ ‫ﻗﺎﻝ ﻛﺒﲑ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ‪ ،‬ﻭﻭﺍﺭ ﹸ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﳌﹸﺮﺳﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪" :‬ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﰲ ﻧﻔﺴﻲ‬
‫ﺸﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﱄ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ :‬ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ! ﺍﻋﺮﻑ ﺍﷲ‬ ‫ﳋ‪‬‬‫ﺲﺍﹶ‬ ‫ﺸ ‪‬ﻦ ﻭﺃﻟ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﳋ‪‬‬‫ﺃ ﹾﻥ ﺁﻛ ﹶﻞ ﺍ ﹶ‬
‫‪٢‬‬
‫ﻭﻛﻦ ﻛﻴﻒ ﺷﺌﺖ"‪.‬‬
‫ﺱ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ‪،‬‬ ‫ﻭﺩﺧﻞ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﻓﻘ ‪‬ﲑ ﺯﺍﻫﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺒﺎ ‪‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﺒﺎﺱ ﻧﻈﻴﻒ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﺩﻧﺎ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﻣﻨـﻪ‬
‫ﷲ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺒـﺎﺱ ﺍﻟـﺬﻱ‬ ‫ﻭﺃﻣﺴﻚ ﺑﻠﺒﺎﺳﻪ ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ! ﻣﺎ ‪‬ﻋﹺﺒ ‪‬ﺪ ﺍ ُ‬
‫ﻋﻠﻴﻚ! ﻓﺄﻣﺴﻚ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻠﺒﺎﺳﻪ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺿﺮﻳﺮﺍ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻮﺟـﺪ ﻓﻴـﻪ‬
‫ﷲ ﲟﺜﻞ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻚ! ﻟﺒﺎﺳﻲ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺃﻧـﺎ‬ ‫ﺧﺸﻮﻧﺔ ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻭﻻ ‪‬ﻋﹺﺒ ‪‬ﺪ ﺍ ُ‬
‫ﹶﻏﹺﻨ ‪‬ﻲ ﻋﻨﻜﻢ ﻓﻼ ﺗﻌﻄﻮﱐ! ﻭﻟﺒﺎﺳﻚ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﻓﻘﲑ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻓﺄﻋﻄﻮﱐ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٣٠٩‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﳌﻨﻦ ﺹ ‪.٢٩١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻳﻠﻄﻒ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻛﺒﲑ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺃﰊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﳌﺮﺳﻲ‪،‬‬
‫ﻱ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻓﻴﻘﻮﻝ‪" :‬ﻻ ﺗﻔﻬﻢ ﺭﲪﻚ ﺍﷲ ﺃﻧ‪‬ﺎ ﻧ‪‬ﻌﻴﺐ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﻟـﺒﺲ ﹺﺯ ‪‬‬
‫ﺐ ﳑﺎ ﻟﻠﻘـﻮﻡ ﺃﻥ ﻳﻠـﺒﺲ‬ ‫ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺼﺪﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻛ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻟﻪ ﻧﺼﻴ ‪‬‬
‫ﻣﻼﺑﺲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ‪ ،‬ﻓﻼ ﺣﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻼﺑﺲ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺍﻟﻼﺑﺲ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧ‪‬ـﺎ‬
‫‪١‬‬
‫ﺴ‪‬ﻨ‪‬ﻴ ﹺﻦ"‪.‬‬
‫ﺤِ‬‫‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻛﺎﻧﺖ ‪‬ﺧﻄﹾﻮ ﹰﺓ ﻣﻬﻤﺔ ﺧﻄﺎﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻭﺃﺳﺎﺗﺬﺓ ﻣﺪﺭﺳـﺘﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺑﻌﺪﻩ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻐﻼﻕ ﻭﺍﻻﻧﺰﻭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻘﺸﻒ‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻳ‪‬ﻮﺻﻲ ﺍﻷﺗﺒﺎﻉ ﲟﻼﺯﻣﺔ ﺍﳌﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﰲ ﺍﻟﻠﺒـﺎﺱ ﻭﲟﻼﺯﻣـﺔ ﺍﳊﺮﻓـﺔ‬
‫ﻭﺍﻷﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻣ‪‬ـ ‪‬ﻦ ﺍﳌﺸـﺎﻳﺦ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻟـﻮﻥ‬
‫ﺝ ﻣﻦ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺩ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻣﻦ‬ ‫ﺑﺎﻷﺳﻒ‪ ،‬ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﻳﺪ ﺍﳋﺮﻭ ‪‬‬
‫ﺐ ﺇﺫﺍ ﲡﺮﺩ ﻋـﻦ‬ ‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪ .‬ﻫﻨﺎ ‪‬ﺗ ‪‬ﻌﱢﻠ ‪‬ﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻠ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻭﲡﺮ ‪‬ﺩ ‪‬ﻩ ﻣﻦ ﺣﺠﺎﺏ ﺣﺒ‪‬ﻬﺎ ﺷﺮﻁ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻀﺮ ﺑﻞ ﻳﻨﻔـﻊ‬
‫ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺍﳌﻄﻤﺌﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﻋﻴﺎ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺷﻜﺮﹰﺍ ﻟ‪‬ﻨﻌﻢ ﺍﳌﻮﱃ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﷲ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﻭﺃﻣﺎ ﻟﺒﺲ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﺍﻟﻠﲔ‪ ،‬ﻭﺃﻛﻞ‬
‫ﺐ‬
‫ﺏ ﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ‪ ،‬ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟـﺬﻱ ﻳ‪‬ﻮﺟﹺـ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﻲ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﺷ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺘﺐ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﷲ‪.‬‬
‫"ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ‪ :‬ﻳﺎ ‪‬ﺑ‪‬ﻨ ‪‬ﻲ! ‪‬ﺑ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺍﳌﺎﺀ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﺇﺫﺍ ﺷﺮﺑﺖ ﺍﳌﺎﺀ‬
‫ﺨ ‪‬ﻦ ﻓﻘﻠﺖ‪" :‬ﺍﳊﻤﺪ ﷲ" ﻗﻠﺘﻬﺎ ﹺﺑ ﹶﻜﺰ‪‬ﺍ ‪‬ﺯ ‪‬ﺓ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﺷﺮﺑﺖ ﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬ ‫ﺴ‪‬‬‫ﺍﻟ ‪‬‬
‫‪٢‬‬
‫"ﺍﳊﻤﺪ ﷲ" ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﻛ ﱡﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻚ ﺑﺎﳊﻤﺪ ﷲ"‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.٢٩٢‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻜﺪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻌﻴـﺎﻝ‬ ‫ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ‪‬ﳛ ﱡ‬
‫ﻭﻳﻘﻮﻝ‪" :‬ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﻔﺮﺍﺋﺾ ﺭﺑﻪ ﻋـﺰ ﻭﺟـﻞ ﻓﻘـﺪ ﻛﻤ‪‬ﻠـﺖ‬
‫ﳎﺎﻫﺪﺗﻪ"‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺧﻄﻮﺓ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ‪‬ﺩﻧ‪‬ﻴﺎ ﺍﻟﺘ ﹶﻘﺸ‪‬ـﻒ ﺍﻹﺭﺍﺩﻱ ﻭﺍﻟﺰﻫـﺎﺩﺓ ﻭﻣﻘﺎﺗ‪‬ﻠـﺔ‬
‫ﺺ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﺓ ﺗﻠﺨﻴﺼﺎ ﺣﲔ ﺃﺭﺟﻌﻬﺎ ﺇﱃ ﻭﻓـﺎﺀ‬ ‫ﳋ ‪‬‬‫ﺍﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﱠ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﻔﺮﺍﺋﺾ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﻨـﺘﺞ ﺍﻟﻨـﺎﻓﻊ ﻟﻌﻴـﺎﻝ ﺍﷲ ﰲ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻋﻴﺎﻝ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻮﺻﻲ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﳌﹸﺮﺳﻲ ﺑﺎﲣﺎﺫ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﻭﺍﳊﺮﻓﺔ ﻟﻜـﻴﻼ‬
‫ﻳﺒﻘﻰ ﺍﳌﺮﺀ ﻃﻔﻴﻠﻴﺎ ﺃﻭ ﻛﺎﻟﻄﻔﻴﻠﻲ‪ ،‬ﻋﺎﻟ ﹰﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺘﺰﻫﺪﺓ‬
‫ﻭﺑﻌﺾ ﺣﺎﻣﻠﻲ ﺍﳌﺴﺒﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﻠﻴﻈﺔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ‪" :‬ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﺴـﺒﺐ‪،‬‬
‫ﺠ ‪‬ﻌ ﹾﻞ ﺃﺣﺪﻛﻢ ‪‬ﻣﻜﱡﻮﻛﹶﻪ ‪‬ﺳﺒ‪‬ﺤﺘ‪‬ﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﻗﺎﺩﻭ ‪‬ﻣ ‪‬ﻪ ﺳﺒﺤﺘ‪‬ﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﲢﺮﻳﻚ ﺃﺻـﺎﺑﻌﻪ‬
‫ﻭﹾﻟ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻀﻔﹾـﺮ ﺳﺒﺤﺘﻪ"‪.‬‬ ‫ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻃـﺔ ﺃﻭ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ ﳐﺎﻟﻒ ﻟﻪ ﻳﻮﺻﻲ ﺑﺎﻟﻌﺰﻟﺔ ﻻ ﻳﺮﻯ ﺍﳋﻼﺹ ﰲ ﻏﲑﻫﺎ‪:‬‬
‫=*‪4‬א‪+93X‬ض*‪   fWMT‬و*د‪ ':‬א‪h
=>G‬א
‪ [",‬‬
‫‪B8‬אא‪O%B$ 7O
+i5j‬ود‪>9P%BQk5l8   %B:‬د
‪h‬א
‪@/‬א[ ‬
‫و‪>9   fW6fm-VIPX‬د‪ L"Dh
$‬א
‪ [+9‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺘﻤﺘﻊ ﻓﺮﺡ ﲟﺮﻗﻌﺘﻪ‪:‬‬

‫*‪
+# +3‬א
)@‪P‬א‪
   R‬ن‪$;,#*J.P‬א
‪+/‬س‪ X+#‬‬
‫‪9Q,;$o#
N/‬א‪=   G‬ض* ‪;'9O‬א‪R+S‬א
‪ XXeN‬‬
‫
\
&‪p$;   +B5:C+D*1>,‬و‪ X+
EPX‬‬
‫‪ X+:$49ْ 5D‬‬
‫‪$ O$ $JNO #‬‬
‫
\
وא
@‪q‬و‪>    
>
X‬دو‪$ X‬‬
‫*‪IT‬א
‪@: +,‬א
‪r7‬و‪+‬د    ‪
/Os*%s‬ذאא‪$4593‬א
‪ X+7m‬‬
‫)@‪ X+D43+.
+B$PM-@P>
   =>V-[ْ9#4IQ7P‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪S‬‬
‫‪KT U‬ـ >‬
‫‪2 K MP: V2 َ$Xْ 5‬‬ ‫?َ‪PR‬ـــ‪@, MP,& 2Q‬ــ‪21 ٍ/‬ــــ ٍ&‬
‫‪S‬‬
‫‪T 9@: Z‬ـــ >‬
‫‪َ4‬ـ‪[$ \G‬ــ
‪> C‬‬ ‫?‪R‬ـــ‪,& Q‬ـ‪2' D ،M‬ـْــــ ‪2'
2‬ـــ >‪H‬‬
‫‪S‬‬
‫>‪ُ`
2 >َI !R 2+5‬ـــ >‬ ‫‪ِ  ^5 >_ِ,‬ــ‪ُ4 5‬ـ]‪R0 8/‬ــ‪2‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﻣﻦ ﺟﺎﻫﺪ ﻓﺈﳕﺎ ﳚﺎﻫـﺪ ﻟﻨﻔﺴـﻪ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﻟﻐـﲏ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﲪﺘﻚ‪ ،‬ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻛـﻞ ﺇﰒ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﳉﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻡ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺛﻐﺮﺓ ﻣـﻦ ﺛﻐ‪‬ـﻮﺭ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻋﻠﻰ "ﺍﻟﻈﹶﻠﻤ‪‬ﺔ"‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ‪‬ﻳﺴ‪‬ﻤﻮﻥ ﺍﳊﻜﺎﻡ‪ ،‬ﻣـﻦ‬
‫ﺃﺟﻞ ﻗﻀﺎﺀ ﺣﻮﺍﺋﺞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﰲ ﺍﳌﻈﻠﻮﻣﲔ ﻭﺍﶈﺮﻭﻣﲔ ﻭﺇﻧﻘﺎﺫ ﻣﺎ‬
‫ﳝﻜﻦ ﺇﻧﻘﺎﺫﻩ ﻣﻦ ﺑﺮﺍ‪‬ﺛﹺﻨﻬﻢ‪ .‬ﻓﺘﻘﺮﺃ ﰲ ﺗﺮﺍﺟﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻛﻴﻒ ﻛـﺎﻥ ﺃﺣـﺪﻫﻢ‬
‫ﳛﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ‪‬ﻭﺩ‪ ‬ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺭﻏﻢ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺑﻔﺴﺎﺩﻩ‪ ،‬ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺼﺎﻧﻌﻪ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﻜﺪ‪‬ﺭ‬
‫ﺧﺎﻃﺮ‪‬ﻩ‪ ،‬ﻭﻛﻴﻒ ﳛﺘﺎﻁ ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻠﻒ ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﺍﻥ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳـﻴﺔ‬
‫ﻟﻜﻴﻼ ﻳﺄﻛ ﹶﻞ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﻻ ﻳﻘﺒ ﹶﻞ ﻣﻨﻪ ﻫﺪﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﺼﺮ ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﻴﺔ ﻭﻋﻨﺪ ﺳﻼﻃﲔ‬
‫ﺍﻟﻌﺠﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﺃﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﺪ ‪‬ﻋ ‪‬ﻮ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻠـﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺮﺟـﻮﻥ ﻣـﻦ‬
‫ﺑﺮﻛﺎ‪‬ﻢ‪ .‬ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳ‪‬ﺼﺒﺢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳌﺴﻤﻮﻋﺔ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻧﺼﺮ ﺍﳌﻨﺒﺠﻲ ﻏﺮﱘ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ ﰲ ﺑـﻼﻁ‬
‫ﺍﳉﺎﺷﻨﻜﲑ‪ ،‬ﻭﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﺍ ﹸﳍﺪ‪‬ﻯ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻱ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺭﲪﻬﻤﺎ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﳍﺪﻯ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺯﻳﺮ‪ ،‬ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻳﻜﺎ‬
‫ﻟﻌﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﱐ ﰲ ﳏﺎﻭﻻﺗﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟـﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴـﺔ‪ .‬ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻱ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﹸﻪ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﳋﺪﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﲪﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻣﻊ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ‪ ،‬ﻭﲰـﻰ ﻧﻔﺴـﻪ‬

‫ﻣﻬﺪﻳﺎ‪ .‬ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳌﻬﺪﻳﲔ ﻣﻦ ﳒﺢ ﰲ ﺧﻄﺘﻪ ﻓﺄﺳﺲ ﺩﻭﻟﺔ‪ .‬ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﻯ ﻃﻴﺒﺎ ﻭﺃﺳﺪﻯ ﻟﻸﻣﺔ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺟﻠﻴﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺗﺮﻙ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺻﺪ ‪‬‬

‫ﻳﺸﺘﺮﻙ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻣﻊ ﺇﺧﻮﺍ‪‬ﻢ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ ﺗﺮﻗـﺐ ﻇﻬـﻮﺭ‬

‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﳌﻨﺘﻈﺮ‪ .‬ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ ﺍﻻﺛﻨﺎﻋﺸﺮﻳﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺍﳋـﺎﺹ‪ ،‬ﻳﻌﺘـﱪﻭﻥ‬
‫ﺍﻟﻄﻔﻞ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺎﺏ ﰲ ﺳﻦ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺇﻣـﺎﻣ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻋﺸﺮ‪ .‬ﻭﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺣﻴﺎ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﱰﻝ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﻣﺎ ﺗﻮﺍﺗﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺑﺸـﺄﻧﻪ‪،‬‬ ‫ﻭﺳﻨﺪﻧﺎ ﳓﻦ ﰲ ﺗﺮﱡﻗ ﹺ‬
‫ﺗﺒﻠﻎ ﺍﻟﻌﺸﺮﺍﺕ ﻋﺪﺍ‪ ،‬ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺜﻞ ﻣـﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳊـﺎﻛﻢ‬
‫ﻭﺻﺤﺤ ‪‬ﻪ ﻭﻭﺍﻓﻘﻪ ﺍﻟﺬﻫﱯ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﻟـﺬﻫﱯ ﺗﺸـﺪﺩﺍ‪،‬‬
‫ﺑﺴﻨﺪﻩ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺪﺭﻱ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫ﺝ ﺍﻷﺭﺽ ﻧﺒﺎﺗ‪‬ﻬـﺎ‪،‬‬ ‫ﺨ ﹺﺮ ‪‬‬
‫"ﳜﺮﺝ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺃﻣﱵ ﺍﳌﻬﺪﻱ‪ .‬ﻳﺴﻘﻴﻪ ﺍﷲ ﺍﻟﻐﻴﺚﹶ‪ ،‬ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻭﻳ‪‬ﻌﻄﻰ ﺍﳌﺎ ﹶﻝ ﺻ‪‬ﺤﺎﺣﹰﺎ ﻭﺗﻜﺜﺮ ﺍﳌﺎﺷﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻈﹸﻢ ﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻳﻌﻴﺶ ﺳﺒﻌﺎ ﺃﻭ ﲦﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻳﻌﲏ ﺣ‪‬ﺠﺔ"‪.‬‬
‫ﺇﺫﻥ ﻓﻈﻬﻮﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﻬﺪﻱ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ‪ ،‬ﺧﱪ ﻳﻘﲔ‪ .‬ﻭﻇﻬ ‪‬ﺮ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳉﺎﻧﺒﲔ "ﻗﺎﺋﻤﻮﻥ" ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺃ‪‬ﻢ ﺍﳌﻬﺪﻱ‪ .‬ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﺴﺐ ﺇﱃ‬
‫ﺳﻴﺪﺗﻨﺎ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺃﺳﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﰲ ﻣﺼـﺮ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺑﻦ ﺗﻮﻣﺮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻭ‪‬ﺿﻊ ﺍﻷﺳـﺎﺱ‬
‫ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﻮﺣﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﳌﻐﺮﺏ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﺭﺟﻞ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﻊ ﺍﳌﺆﺭﺧﲔ‪:‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﺆﺭﺧﻮﻥ ‪‬ﻳ ‪‬ﻮﺛﱢﻘﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﻮﺣﺪﻳﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﺩﻭﻟـﺔ ﻇﻬـﺮﺕ ﰲ ﴰـﺎﻝ‬

‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‪ ،‬ﻭﻭﺣ‪‬ﺪﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﻭﺃ‪‬ﺑﻠﹶﺖ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺍﳊﺴ ‪‬ﻦ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻷﻧـﺪﻟﺲ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ‪ ،‬ﻣﻨﻬﻢ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻃﱯ‪ ،‬ﳛﻤﻠﻮﻥ ﲪﻠﺔ ﺷﻌﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟـﻞ‬
‫ﻭﻋﻘﻴﺪﺗﻪ‪ .‬ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻮﻣﺮﺕ ﺍ‪‬ﻢ ﺍﳌﺮﺍﺑﻄﲔ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺣﺎﺭ‪‬ﺎ ﻭﻫﺰﻣﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺄ‪‬ﻢ ﳎﺴﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ‬
‫ﺑﺎﳉﻬﺔ ﻓﺄﻟﺰﻣﻪ ﺧﺼﻮﻣﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺘﺠﺴﻴﻢ‪ ،‬ﺃﻣﺴ ﹾﻜﻨ‪‬ﺎ ﲞﻴﻂ ﻟﺘﻔﺴﲑ ﻋﺪﺍﺋﻪ ﻻﺑﻦ‬
‫ﺗ‪‬ﻮﻣﺮﺕ ﻭﻣﺬﻫﺒﻪ‪.‬‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺰﺍﻋﻤﻮﻥ ﺃ‪‬ﻢ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﺃﺣﺪ‪‬ﻫﻢ ﻓﻴﺠﺪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪،‬‬
‫ﺃﻭ ﻳﻨﺘﺤﻞ ﻧﺴﺒﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﳚﺪ ﺃﻥ ﺍﲰﻪ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ‪ ،‬ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﺳﻢ ﺃﺑﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻬﺪﻱ "ﺍﲰـﻪ‬
‫ﺍﲰﻲ ﻭﺍﺳﻢ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺃﰊ"‪ ،‬ﻭﻳﻌﻠﻦ ﺛﻮﺭﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﳚﻤﻊ ﺍﳉﻤـﻮﻉ ﺣﺸـﺪﺍ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ "ﺍﳌﻬﺪﻱ" ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ‪ ،‬ﺃﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﻤﻬـﺎ ﺗﻨﻈﻴﻤـﺎ ﻋﺴـﻜﺮﻳﺎ‬
‫ﻭﺩﻋﻮﻳﺎ ﳏﻜﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﺑﻦ ﺗﻮﻣﺮﺕ‪.‬‬
‫ﻑ ﺗ‪‬ـﺮﺍ‪‬ﻗﺒ‪‬ﻬﻢ‬
‫ﺸ ‪‬ﻮ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﳌﺪﻋﲔ ﻟﻠﻤﻬﺪﻭﻳﺔ ﰲ ﺗﺎﺭﳜﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷ ‪‬ﺷﺮ‪‬ﺍ ‪‬‬ ‫ﻭ‪‬ﻟ ﹸﻔ ‪‬‬
‫ﰲ ﻭﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺗﺒـﺎﻉ ﺃﺻـﺒﺢ‬ ‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﻇﻬﺮ ﺷﺮﻳﻒ ﺻﻮ ﱞ‬
‫ﺍﻟﻌﺪ ‪‬ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳ‪‬ﻨ ‪‬ﻘﺬﹸﻩ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺇﻻ ﻓﺮﺍﺭ ‪‬ﻩ ﺃﻭ ﻛﺮﺍﻣـ ﹲﺔ ‪‬ﺗ ﹾﻘ ‪‬ﺮﺃﹸﻫـﺎ ﰲ‬
‫ﻛﺘﺐ ﺍﳌﻨﺎﻗﺐ‪.‬‬
‫ﳌﺎ ﺍﺳﺘﻮﻃﻦ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﳎﻴﺌﻪ ﺇﱃ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﺍﺟﺘﻤﻊ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﺜﲑ‪ .‬ﻓﻐﺎﺭ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺒ‪‬ﺮﺍ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﺳـﻠﻄﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‬
‫ﻭﺷﻌﺒﻴﺘﻪ‪ .‬ﻓ ‪‬ﻮﺷ‪‬ﻰ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﰊ ﺯﻛﺮﻳﺎﺀ‪ ،‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻧـﻪ ﻳـﺪ‪‬ﻋﻲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺸﺮﻑ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﺜﲑ ﻭﻳﺪﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻲ )ﺃﻱ ﺍﳌﻬﺪﻱ(‪،‬‬
‫ﺵ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﻼﺩﻙ"‪.‬‬‫ﺸ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﻭﻳ ‪‬‬
‫ﻚ ﺍﻟﺸ‪‬ﻴ ‪‬ﺦ‬
‫ﺲ ﺍﳌﻠ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ‪ ،‬ﻭﳓﻦ ﻧﺼﺪﻕ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ‪ :‬ﻓﻠﻤﺎ ‪‬ﺣ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺚ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﱃ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﻤﺎﺗـﺖ‬ ‫ﻋﻦ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﱂ ﻳ ﹾﻠ‪‬ﺒ ﹾ‬
‫ﺐ ﺍﳊﺮﻳﻖ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﺄﺗﻠﻒ ﻛﻨﻮﺯﺍ ﻭﺫﺧﺎﺋﺮ‪.‬‬ ‫ﺟﺎﺭﻳﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﺷ ‪‬‬
‫ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ‪ ،‬ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺧﻮﻑ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ‪ ،‬ﻣﺎ ﻭﻗـﻊ‬
‫ﻷﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻌﺪ ﺭﺣﻴﻠﻪ ﺇﱃ ﻣﺼﺮ ﺣﻴﺚ ﻻﺣﻘﹶﺘﻪ ﻭﺷﺎ‪‬ﻳ ﹸﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﱪﺍﺀ‪ .‬ﻓﻠﻤـﺎ‬
‫ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻳﺴﺘﺸﻔﻊ ﻟﺮ ‪‬ﺩ ﻣﻈﻠﹶﻤﺔ ﻋﻠﻰ "ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ" ﺃﺑ‪‬ﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‬
‫ﺕ ﺃﻋﻀﺎ ُﺀ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺣـﱴ ﺭﺩ‪‬ﻭﺍ ﺃﺑـﺎ‬ ‫ﺠ ‪‬ﻤ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﻭﻫ ‪‬ﺪ ‪‬ﺩ ﺍﻟﺸﻴ ‪‬ﺦ‪ .‬ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﺿ ‪‬ﻮ ‪‬ﻩ‪ .‬ﻓﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﻘﺎﻡ ﻭﺃ ‪‬ﻣﻀ‪‬ﻰ ﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺍﺳﺘﺮ ‪‬‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻋﺜﺎ ﻣ‪‬ﻬﻤﺎ ﹺﺟ ‪‬ﺪﹰﺍ ﰲ ﺇ‪‬ـﺎﺽ ﺍﻟﻘـﺎﺋﻤﲔ‬
‫ﺍﻟﺰﺍﻋﻤﲔ ﺃ‪‬ﻢ ﺍﳌﻬﺪﻱ‪ ،‬ﻣ ﹺﻬ ‪‬ﻤﹰﺎ ﰲ ﺟ‪‬ﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻮﻟﻪ‪ .‬ﺁﺧ ‪‬ﺮ ﻣﻈﻬﺮ ﻟﻠﻤﻬﺪﻭﻳﺔ‬
‫ﺩﺧﻮ ﹸﻝ ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻊ "ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ" ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﰲ ﻣﻄﻠـﻊ ﺍﻟﻘـﺮﻥ‬
‫ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﺴﻠﱠﺤﲔ ﻟﻴﺒﺎﻳﻌﻮﺍ ﺻﺎﺣﺒﻬﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺮ‪‬ﻛﻦ ﻭﺍﳌﻘﺎﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﻌﺒـﺔ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺃﻥ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﻛﺎﻧـﺖ ﳎـﺰﺭﺓ‬
‫ﻕ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒ‪‬ﻘﻌﺔ ﺍﳌﻘﺪﺳﺔ‪.‬‬ ‫ﻭﻃ ﹶﺊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﳒﺎﺱ ﻣﻦ ‪‬ﻓ ‪‬ﺮ ﹺ‬
‫ﻉ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺷﺠﺎﻋ ﹰﺔ ﻻ ﺗﻘـﺎﻭﻡ‪ .‬ﺭﻭﻯ‬ ‫ﻭﻳﻌﻄﻲ ﺍﻹﳝﺎ ﹸﻥ ﺑﺼﻼﺡ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﲨﻮ ‪‬‬
‫ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﰲ ﺍﳊﻠﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪﹰﺍ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ‪ ،‬ﺃﺑﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺟﻌﻔ ﹴﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭﺃﺧﺎ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ‪‬ﻳﻠﹾﻘﻲ ﰲ ﻗﻠﻮﺏ ﺷ‪‬ـﻴﻌﺘ‪‬ﻨﺎ‬
‫ﺍﻟﺮ ‪‬ﻋﺐ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻗﺎﺋﻤ‪‬ﻨﺎ ﻭﻇﻬﺮ ﻣﻬﺪﻳﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟ ﹸﻞ ﺃ ‪‬ﺟ ‪‬ﺮﹶﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺚ"‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻕ ﻗﻮﻟﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻭﻋﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﲨﻌﲔ ﰲ ﲬـﻮﺩ‬ ‫ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻣﺼﺪﺍ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﻭﱐ ﻭﰲ ﻫ‪‬ﺒﺘ‪‬ﻬﻢ ﺍ ﹸﳌ ﹾﺬﻫﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳋﻤﻴﲏ ﻭﺷـﺠﺎﻋﺘﻬﻢ‬
‫ﻭﺗﺴﺎﺑﻘﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻣﻊ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺒﻌـﺚ ﺍﻟﻌـﺮﰊ ﰲ‬
‫ﺸ ‪‬ﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪.‬‬
‫ﻕ ﻛ ﱡﻞ ﻗﻮﻯ ﺍﻟ ‪‬‬‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‪ ،‬ﺗﻨﺼﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍ ‪‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣ ﹸﺔ ﻭﺍﻹﳝﺎ ﹸﻥ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣﺎﺿـﺮﺍ ﰲ‬
‫ﲪﻠﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺒﻨ‪‬ﺠﺎﺏ‪ ،‬ﻭﰲ ﺟﻬﺎﺩ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺑﻌﺪﻩ ﺍﳌﻨﺘﻤﲔ ﲨﻴﻌﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍ‪‬ﺪ‪‬ﺩﻳﺔ ﺍﻟـﱵ ﺃﺳﺴـﻬﺎ ﺍﻟﺸـﻴﺦ ﺃﲪـﺪ‬
‫ﺍﻟﺴﺮﻫﻨﺪﻱ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧﺒﺎﻟﻎ ‪‬ﻧ ﹾﻘ ﹶﻄ ﹰﺔ ﺇﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ‬
‫ﺍﳍﻨﺪ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻀﻠﻪ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﰒ ﺇﱃ ﻭﻗﻔﺘﻪ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ‬
‫"ﺃﻛﱪ"‪.‬‬
‫ﺐ ﺳﺪﻯ ﻗﻮﻣﺔ ﺍﳌﻬـﺪﻱ ﺍﻟﺴـﻮﺩﺍﱐ‬ ‫ﻒ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴ ‪‬‬ ‫ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﺸ ‪‬‬
‫ﻭﻟﹸﺤﻤﺘﻬﺎ‪ .‬ﻓﺈﻧ‪‬ﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺷﻴﺨﻪ ﳏﻤﺪ ﺷـﺮﻳﻒ‬
‫ﺖ ﺷ‪‬ـ ‪‬ﻮ ﹶﻛ‪‬ﺘ ‪‬ﻪ ﻭﺩﻋـﺎ‬ ‫ﺸﺮ‪‬ﺑﺎﹰ‪ ،‬ﲨﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻮﻟﻪ ﺣﱴ ﻗ ﹺﻮ‪‬ﻳ ‪‬‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻱ ﺍﻟﺴﻤ‪‬ﺎﱐ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻻﳒﻠﻴﺰ ﺣﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﳊﺎﻛﻤﺔ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺒ ‪‬ﻐﻀ‪‬ﺔ‪ .‬ﺧﺎﹶﻟﻔﹶـﻪ‬
‫ﺨ ‪‬ﻪ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭ‪‬ﺎﻩ‪ ،‬ﻭﺃﺻﺮ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﺍﳉﻬﺎﺩﻱ‪.‬‬ ‫ﺷﻴ ‪‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟـ "ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ" ﳕﻮﺫﺟﺎ ﻟﻠﻘﺎﺋﻢ "ﺍﳌﻬﺪﻱ"‪ .‬ﻳـﺮﻯ‬
‫ﺃﺣ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺭﺅﻳﺎ ﻣﻨﺎﻡ ﺃﻭ ﺗ‪‬ﺠﻠﱢﻴﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻳﺒﺸﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﻣﺎﻡ ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻣﻬﺪﻱ‪.‬‬
‫ﺾ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻳ‪‬ﻌﺘﱪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳌﻬﺪﻭﻳﺔ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣﺜﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺒﺪﻟﻴﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﻓﺒﻌ ‪‬‬
‫ﻀﻬﻢ ﻻ ﻳﺆﻭ‪‬ﻝ ﻭﻻ ﻳ‪‬ﺤ ‪‬ﻮﻝﹸ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﲰﻪ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ‬ ‫ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﺔ‪ .‬ﻭﺑ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻡ ﻟﻴﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﱐ ‪" :‬ﺃﺗﺎﱏ ﻣﻦ ﺍﳊﻀـﺮﺗﲔ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺒﻮﻳـﺔ ﻭﺣﻀـﺮﺓ‬

‫ﺖ ﺃﻧﻪ ﻻ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﺼ‪‬ﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﺪ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺃﺗﺎﻧﺎ‬ ‫ﻒ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﹸﺃ ‪‬ﻋ‪‬ﻠ ‪‬ﻤ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻗﻄﺎﺏ‪ ،‬ﺳﻴ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺑﻌﺪﺍﻭ ‪‬ﺓ ﻳﺄﺧﺬﻩ ﺍﷲ ﺇﻣﺎ ﺑﺎﳋﺴﻒ ﺃﻭ ﺑﺎﻟ ‪‬ﻐ ‪‬ﺮﻕ"‪.‬‬
‫ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﱐ ﰲ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺳﻴ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‬
‫ﻭﻣﻌﻪ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﻭﺍﻷﻗﻄﺎﺏ ﻭﺍﳋﻀﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﺃﻣﺴﻚ ﺑﻴﺪﻱ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺃﺟﻠﺴﲏ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺎﻝ ﱄ‪ :‬ﺃﻧـﺖ ﺍﳌﻬـﺪﻱ‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﻨﺘﻈﺮ ﻭﻣﻦ ﺷﻚ ﰲ ﻣﻬﺪﻳﺘﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ"‪.‬‬
‫ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺗ‪‬ﻌﹺﻨﻲ ﺍﶈﻠﻞ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻊ ﺑـﺎﻟﺮﺅﻯ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺇﱃ ﺭﻛﻦ ﺍﻹﳘﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﳋﺮﺍﻓﻴﺎﺕ‪ .‬ﻭﺗﻌﲏ ﺍﻷﺣـﺪﺍﺙ ﻭﺣ‪‬ـﺪ‪‬ﻫﺎ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺼﻠﺤﲔ ﻣﺜ ﹶﻞ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ﻭﳏﻤﺪﹰﺍ ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺭﺍﻗﺒـﺎ ﺍﻧﺘﺼـﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﺑﺎﺭﻳﺲ‪ ،‬ﰒ ﺣﺎﻭﻝ ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ‪ .‬ﻭﻟﻌﻞ‬
‫ﻱ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﱢﻠﻘﹸﻮﻥ ﻛﺒﲑ ﺃﳘﻴ‪‬ـ ‪‬ﺔ‬ ‫ﺾ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﻳﻌﻮﺍ ﺍﳌﻬﺪ ‪‬‬ ‫ﺑﻌ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻐﻴﺒـﻲ ﺣﲔ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ‪" :‬ﻧﺒﺎﻳﻌﻚ ﻭﻟﻮ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﻬﺪﻳﺎ"‪.‬‬
‫ﻟﻜﻨﻨﺎ‪ ،‬ﻭﳓﻦ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻭﻧﺮﺟﻮ ﻟﻨﺎ ﻭﳌـﻦ ﺑﻌـﺪﻧﺎ‬
‫ﺳﻠﻮﻛﺎ ﺟﻬﺎﺩﻳﺎ‪ ،‬ﺗ ﹺﻬ ‪‬ﻤﻨ‪‬ﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴ‪‬ﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ‪‬ﻤﻨﺎ ﻋﻼﻗﺘ‪‬ﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ‪.‬‬
‫ﻭﻳﻠﺨﺺ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﻟﹶﻤ ‪‬ﺔ ﻭﺍﳌﻬﺎﺩﻧﺔ ﻭﻣﺎ ﺑﲔ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺷﺮﻳﻒ ﰲ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﳌﻬﺪﻱ‪:‬‬
‫
‪+: 3f+T@9‬م"زع" ‪T'5:   w>S‬א
‪+k5,‬ن ‪yz+W‬א
‪ x‬‬‫‪٣‬‬

‫ومא
(אطא‪'5:$QIV8   @'5:%9Q,S‬א
‪BM/‬وא‪ G‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﰲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺹ ‪.٩٩‬‬
‫‪٢‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ ‪.١٠٢‬‬
‫‪٣‬‬
‫ﻋﺎﻡ ﺯﻉ ﲝﺴﺎﺏ ﺍﳉﻤﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ‪ ٧٧‬ﺃﻱ ﻋﺎﻡ ‪ ١٢٧٧‬ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪+98‬م‪~B3'5:‬א}@א[|‪   +(5‬و)@‪X‬زمא‪G‬ذ&‪ =+‬א
‪,‬وא‪ B‬‬
‫)‪(...‬‬
‫و)‪+‬ل‪+3*:‬א‪:$
45)!„@BS‬א‪B8   !%9Q‬א‪+9‬م א
‪ =@;Sik‬‬
‫و)‪:
45‬دع‪    3†84>3+‬و‪h
‡@)ˆW5
+P‬א‪ O,j‬‬
‫و*و‪
'#‬א
‪+km‬ن‪Om -:‬و‪'5:=>(/3†8   O‰lPX‬א
وא
‪ x‬‬
‫*&‪+‬ذ‪@-*$‬א‪;:+B/78،+b‬א
‪   /‬و‪;+B/‬א‪h>S‬و‪;:+B/‬א‪ Aj‬‬

‫ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺻﺎﱀ ﻳﺘﺮﻗﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺷﺄﻧ‪‬ﻪ ﺍﳋﺎﺹ‪:‬‬

‫
}*=‪>T‬א
‪ +&@:$l$PXY'
>3†8   +e.P/>I‬‬
‫‪ ‹QP*>
EmO -$4
+8‬א
‪
+#‰&+B/%5:V8   E.‬‬
‫‪ +&@/:‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺼﺪﻕ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ‪:‬‬

‫‪./X‬א‪j‬ق
‪+QI75‬دذو‪9I
+-   (-‬وא
‪m‬ع
Œ‪@-‬אل א
‪ m‬‬
‫وא
‪=Œ
ek‬ض‪>5I‬م‪>Pq‬א‪   RP‬وא
‪ eŽ/M‬ذא א
)‪+‬نوא‪ sG‬‬
‫و‪:‬ش‪+b-\95-‬ن@ل   ‪>'5:‬א‪+T=R‬ل‪$‬א
‪.‬وא
‪ 2/‬‬
‫‪ -‬‬
‫وא
‪+T@5
f+T@)eak‬ل‪BQm‬א   ‪>k‬א
‪:+W* [k,‬א
‪ $c‬‬
‫‪b‬אو‪qْ&$Q
+#‬و‪+#‰.8   [(I‬ل=‪+T‬لא
‪.‬وא=! ‬
‫‪%5,8‬א‪‘  %
;   $Q+6/:'G‬د‪1
‘=@\
O‬א
(‪ =@M‬‬
‫
ن‪;M)*"8   +B-4I’“J++9;+I$PZ‬א
‪ j+-i@(Q‬‬

‫?‪:h‬ـــــ‪@ J‬ـــــ‪f ' g‬ـــ\‬
‫‪C4 >- Z‬ـــ\‬
‫ ‪;َ2‬ــــ ‪ J8‬ـــ ‪2‬‬
‫‪َ U‬ـ‪C‬ــــ‬
‫‪,op 8c>0N2) E‬ــ ‪2‬‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ّ2b 8c@d2 >- eR>2d2‬ـــــً‬
‫'‪G? H5‬ـ‪$ M‬ـــــ&‪K81 ik‬ـــــ‪ij‬‬
‫‪ُB‬ـ‪n? CJ‬ـ‪,>m M‬ـــــ ‪"ْl& &2‬ــــً‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫  ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺃﺟﻌﻠﺘﻢ ﺳﻘﺎﻳﺔ ﺍﳊﺎﺝ ﻭﻋﻤﺎﺭﺓ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻛﻤﻦ ﺁﻣﻦ‬
‫ﺑﺎﷲ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺟﺎﻫﺪ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻻ ﻳﺴﺘﻮﻭﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻭﺍﷲ ﻻ ﻳﻬـﺪﻱ ﺍﻟﻘـﻮﻡ‬
‫ﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺇﻟﻴﻚ‪ ،‬ﻭﻓﻮﺿﺖ ﺃﻣﺮﻱ ﺇﻟﻴﻚ‪ ،‬ﻭﺃﳉﺄﺕ ﻇﻬﺮﻱ ﺇﻟﻴﻚ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻈﺎﳌﲔ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﻠﻤ ‪‬‬
‫ﻭﺧﻠﻴ‪‬ﺖ ﻭﺟﻬﻲ ﺇﻟﻴﻚ‪ ،‬ﻻ ﻣﻠﹾﺠﺄ ﻭﻻ ﻣﻨﺠﺎ ﻣﻨﻚ ﺇﻻ ﺇﻟﻴﻚ‪ .‬ﺁﻣﻨﺖ ﺑﻨﺒﻴﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳـﻠﺖ‪،‬‬
‫ﻭﺑﻜﺘﺎﺑﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺰﻟﺖ‪.‬‬

‫ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺮﻓﱡـﻖ‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻮﺳ‪‬ﻂ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺣﻮﺍﺋﺞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺇﻏﺎﺛﺔ ﺍﳌﻠﻬﻮﻓﲔ ﻭﺩﺭﺀ ﺍﳉﹶـﻮ‪‬ﺭ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﺻـﺔ ﻭﲡـﺎﻩ‬
‫ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪.‬‬
‫ﺍﻧﺘﺴﺐ ﻟﻠﺼﻮﻓﻴﺔ ﺧ ‪‬ﻮﻧ‪‬ﺔ ﺑﺎﻋﻮﺍ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﺑﺪﻧ‪‬ﻴﺎ ﻏﲑﻫﻢ ﲰﺎﻫﻢ ﺍﺑـﻦ ﺗﻴﻤﻴـﺔ‬
‫"ﺧﻔﺮﺍﺀ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ" ﻭﺣﺎﺭ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺍﻧﺘﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺃﻫﻠ‪‬ﻪ ﺧﻮ‪‬ﻧ ﹲﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻭﺩﻳﺪﺍ ‪‬ﻥ ﺍﻟﻘﹸﺮﺍﺀ ﻛﻤﺎ ﲰﺎﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺼﻨﻔﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﻮﻧﺔ ﻫﻢ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﻛﺜﺮ ﹲﺓ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻜﺎﺛﺮ‬
‫ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺎﺕ‪ .‬ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺣﻔﻈ ‪‬ﻪ ﺍﷲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻳﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺘﲔ‪ .‬ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺼـﺎﺩﻗﲔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ‬
‫ﺍﳌﺨﻠﺼﲔ ﺃﺳﻠﻮﺑ‪‬ﻪ ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻭﻟﻜ ﱟﻞ ﻃﺮﻳﻘﺘ‪‬ـﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻁ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﻮﻋﻆ‪ .‬ﻓﺒﺘﻠﻚ ﺍﳉﻬﻮﺩ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﰲ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻜـﺒﲑ‬ ‫ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺼﻮ ﱠ‬
‫ﻳﻜﺜﹸﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﺘﻠﻤﺬ ﻟﺸﻴﺦ ﻳﺮﺑﻴﻪ‪ .‬ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ‪‬ﻧﺠﹺـ ‪‬ﺪ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ "ﻗﺎﺋﻢ" ﺃﻭ "ﻣﻬﺪﻱ"‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳏـﺎﻓﻈﲔ‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﺍﳌﺴﺘﻮﱄ ﺧﲑ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟ ﹶﻔ ‪‬ﻮﺿ‪‬ﻰ‪ ،‬ﻭﺷﻮﻛ ﹲﺔ ﻟﺼﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﻟﻘﻴﻨﺎ ﰲ ﻓﻘﺮﺓ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ﻳﻘـﺮﺃ ﺭﺳـﺎﻟﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﺸﲑﻱ ﰲ ﺧﻴﻤﺔ ﲟﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻭﺛﱠﻠ ‪‬ﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺝ ﺑﻌﺪ ﲰﺎﻋﻪ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺫﱄ ﻳﺼﻴﺢ‪" :‬ﻫﻠﻤﻮﺍ ﺇﱃ ﻛﻼﻡ‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻭﳜﺮ ‪‬‬
‫ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﺮﺑﻪ!"‪ .‬ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻭﻥ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺼـﻮﺭﺓ ﻟﻴﻘـﺮﺃﻭﺍ‬
‫ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﻣﻊ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﱪﺱ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌﻈﹸﻮﻥ ﺍﳉﻴﺶ ﻭﻳﺸـﺠﻌﻮﻧﻪ‬
‫ﲝﻀﻮﺭﻫﻢ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﻲ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‬
‫ﺤ ‪‬ﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉـﻴﺶ‬ ‫ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺍﳌﺒﲔ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭﺓ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ‪‬ﺳ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺼﻠﻴﺒـﻲ ﰲ ﲪﻠﺘﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻭﺃ ‪‬ﺳ ‪‬ﺮ ﻗﺎﺋﺪ‪‬ﻩ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪﻧﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﺑﻜﻼﻡ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬
‫ﻑ ﻗﻴﻤﺔ ﻛﻼﻣﻪ ﺇﻻ ﻣﻊ ﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺰ ﺑـﻦ‬ ‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ‪ .‬ﻭﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﻌ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﺟﻬﺎﺩﻩ‪.‬‬
‫ﻑ ﰲ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻧﻪ "ﺍﻟﻘـﺎﺋﻢ ﺑـﺎﻷﻣﺮ‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺇﻣﺎ ‪‬ﻡ ﻋﺼﺮﻩ ﺑﻼ ﻣﺪﺍﻓﻌﺔ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻋ ﹺﺮ ‪‬‬
‫ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ"‪ .‬ﻳﻜﻔﻲ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺟﻼﻟﺔ ﻗـﺪﺭﻩ ﺃﻥ ﺍﳊـﺎﻓﻆ‬
‫ﺍﳌﻨﺬﺭﻱ ﻋﺎﱂ ﻣﺼﺮ ﻭﺯﺍﻫﺪﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻔﱵ ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺣﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺰ ﺑـﻦ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺍﳌﻨﺬﺭﻱ ﻋﻦ ﺍﻻﻓﺘﺎﺀ ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﻛﻨﺎ ﻧ‪‬ﻔﱵ ﻗﹶﺒﻞ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ‬
‫‪١‬‬
‫ﺖ ﺍﻟ ﹸﻔ‪‬ﺘﻴ‪‬ﺎ ﻋﻠﻴﻪ"‪.‬‬
‫ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻓﻘﺪ ﺗﻌ‪‬ﻴ‪‬ﻨ ‪‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺒ ﹸﻞ ﺍﻟ ‪‬ﻌﹶﻠ ‪‬ﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻟ ﱠﻘﺒ‪‬ﻪ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ‬
‫"ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ" ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﺷﻌﺒﻴﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺎ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﻣﻨﻘـﺎﺩﹰﺍ ﻟﻠﻤﺸـﺎﻳﺦ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﻬﺮﻭﺭﺩﻱ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻛـﺎﻥ ﺷ‪‬ـﺠ ‪‬ﻰ ﰲ ﺣﻠـﻖ‬
‫ﻒ ﻫـﻲ‬ ‫ﺍﳊﻜﺎﻡ‪ ،‬ﻻ ﻳﺴﻜﺖ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﺃﺑﺪﺍ‪ .‬ﻭﻟﻪ ﻣﻊ ﺳﻼﻃﲔ ﻋﺼﺮﻩ ﻣﻮﺍﻗ ‪‬‬
‫ﱄ ﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻌﻴﺎ ‪‬ﺭ ﻣﺜﺎ ﱞ‬
‫ﺳﺒﺐ ﺧﺮﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﺩﻣﺸ ‪‬ﻖ ﺇﱃ ﻣﺼﺮ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺃﺥ ﻋﻈﻴ ﹺﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﻳﻮﰊ ﲢﺎﻟﻒ ﻣﻊ ﺍﻟ ‪‬ﻔﺮ‪‬ﳒﺔ ﻟﻴﺴﺎﻋﺪﻭﻩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﻣﺼﺮ ﳒﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻄﺎﻫﻢ ﺣﺼﻮﻧﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﺣﺼﻮﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻴﺪﺍ ﻭﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺸـﻘﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺳ‪‬ـﻤﺢ ﳍـﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﱃ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﺷﺮﺍﺀ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫ﺧﻴﺎﻧﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﺧﻴﺎﻧﺎﺕ ‪‬ﺣ ﹾﻜ ﹺﻢ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ‬
‫ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ‪‬ﻟﻤ‪‬ﺎ ﻋﱠﻠﻤ‪‬ﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﲨ‪‬ﻊ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﴰ ﹶﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﲨﻌـﺎ‬
‫ﺷﺎﹼﻗﹰﺎ ﻭﺟﺎﻫﺪ ﺟﻬﺎﺩﺍ ﺷﺎﻗﺎ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﻓ ‪‬ﻪ ﻏﻔﺮ ﺍﷲ ﻟـﻪ ﻟﺒﻨﻴـﻪ ﻭﺇﺧﻮﺗـﻪ‬
‫ﻭﺃﺳﺮﺗﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺸﻘﺎﻕ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﻭﻧﻔﺎﻗﻬﻢ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﺍﳉﻬـﺎﺩ‬
‫ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﳍﻮ ﺟﻬﺎﺩ ﻳﻀﻊ ﺣ ‪‬ﺪﹰﺍ ‪‬ﺎﺋﻴﺎ ﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺾ ﻭﺍﳉﱪ ﻭﺑﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.٨١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺭﺟﻠﻨﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﻼﻡ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴ‪‬ﺒﻄﻞ ﰲ ﺟﻴﻞ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻋﺮﺍﻑ ﻋﺼﺮﻩ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻜﻢ ‪‬ﻣ‪‬ﺒﹺﻨ‪‬ﻴﹰﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺼﺒﻴﺎﺕ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻧﱪﻯ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﳊﺮﺏ ﺍﳋﺎﺋﻦ‪ ،‬ﻓﺄﻧﻜﺮ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻪ ﰲ‬
‫ﺍﳋﻄﺒﺔ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻪ‪" :‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃ‪‬ﺑ ﹺﺮ ‪‬ﻡ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﹺﺇﺑ‪‬ﺮﺍ ‪‬ﻡ ‪‬ﺭ ‪‬ﺷ ‪‬ﺪ ‪‬ﺗﻌ‪‬ﺰ ﻓﻴﻪ‬
‫ﺃﻭﻟﻴﺎﺀﻙ‪ ،‬ﻭﺗﺬﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﻋﺪﺍﺀﻙ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺑﻄﺎﻋﺘﻚ‪ ،‬ﻭ‪‬ﻳ‪‬ﻨﻬ‪‬ـﻰ ﻓﻴـﻪ ﻋـﻦ‬
‫ﻣﻌﺼﻴﺘﻚ"‪.‬‬
‫ﻭﺍﻋﺘﻘﻞ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻈﺎﱂ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﰲ ﺧﻴﻤﺔ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﳋﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳ‪‬ﻔﺎﻭﺽ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻔﺮﳒﺔ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ ﳍﻢ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻛ ﱢﻞ ﺯﻧﻴﻢ ﺩﺧﻴـﻞ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻣـﺔ‪:‬‬
‫ﺺ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻣﻮﻗـﻒ‬ ‫ﺕ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻭﺣﺒﺴﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻜﻢ"‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﻗ ‪‬‬ ‫"ﺟ ‪‬ﺪ ‪‬ﺩ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﻗﺎﻟﻮﺍ‪" :‬ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ‪‬ﻗﺴ‪‬ﻴﺴ‪‬ﻨﺎ ﻟﻐﺴـﻠﻨﺎ ﺭﺟﻠﻴـﻪ ﻭﺷـﺮﺑﻨﺎ‬
‫‪١‬‬
‫‪‬ﻣ ‪‬ﺮﹶﻗ‪‬ﺘ ‪‬ﻬﻤ‪‬ﺎ!"‪.‬‬
‫ﻭﺑﻌﺚ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺭﺳﻮﻻ "ﻓﺄﺧﺬ ﰲ ﻣﺴﺎﻳﺴﺘﻪ ﻭﻣﻼﻳﻨﺘﻪ ﰒ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ‪:‬‬
‫ﺑﻴﲏ ﻭﺑﻴﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻣﻨﺼﺒﻚ ﻭﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺯﻳﺎﺩ‪‬ﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻨﻜﺴﺮ‬
‫ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭ‪‬ﺗ ﹶﻘﺒ‪‬ﻞ ﻳﺪﻩ ﻻ ﻏﲑ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ‪" :‬ﻭﺍﷲ ﻳﺎ ﻣﺴﻜﲔ ﻣﺎ ﺃﺭﺿﺎﻩ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ‬
‫ﻳﺪﻱ ﻓﹶﻀﻼ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺃﻗﺒﻞ ﻳﺪﻩ! ﻳﺎ ﻗﻮﻡ! ﺃﻧﺘﻢ ﰲ ﻭﺍ ‪‬ﺩ ﻭﺃﻧﺎ ﰲ ﻭﺍﺩ‪ .‬ﻭﺍﳊﻤﺪ ﷲ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻓﺎﱐ ﳑﺎ ﺍﺑﺘﻼﻛﻢ ﺑﻪ"‪.‬‬
‫ﻭﺭﺣﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺇﱃ ﻣﺼﺮ ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼـﺎﺭﺣﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺮﺍﲝﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻄﱠﺮ ﺑﺄﺧﺒﺎﺭﻩ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.١٠١‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺑﻐﺪﺍﺩ )ﻗﻠﺖ‪:‬‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ‪" :‬ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﳌﺎ ﺩﺍﳘﻮﺍ ﺍﻟﺒﻼﺩ ‪‬ﻋ ﹶﻘ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺳﻨﺔ ‪ (...)(٦٥٦‬ﺟ‪‬ﺒ ‪‬ﻦ ﺃﻫﻞ ﻣﺼﺮ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺿـﺎﻗﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎﻥ )ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﻲ ﹸﻗ ﹸﻄ ‪‬ﺰ( ﻭﻋﺴﺎﻛ‪‬ﺮﻩ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﺸﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋـﺰ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺿﻤﻦ ﻟﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺍﻟﻨﺼﺮ‪ .‬ﻓﻘـﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻟﻪ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﳌﺎﻝ ﰲ ﺧﺰﺍﻧﱵ ﻗﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﺘﺮﺽ ﻣﻦ ﺃﻣـﻮﺍﻝ‬
‫ﺍﻟﺘ‪‬ﺠﺎﺭ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﺃﺣﻀﺮﺕ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﻭﻋﻨﺪ ﺣﺮﳝﻚ‪،‬‬
‫ﳊ‪‬ﻠ ‪‬ﻲ ﺍﳊﺮﺍﻡﹺ‪ ،‬ﻭﺿﺮﺑﺘﻪ ‪‬ﺳ ﱠﻜ ﹰﺔ ﻭﻧﻘﹾﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻓﺮﻗﺘﻪ‬ ‫ﻭﺃﺣﻀﺮ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍ ﹸ‬
‫ﰲ ﺍﳉﻴﺶ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻘﻢ ﺑﻜﻔﺎﻳﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻋﻨﺪ ﺫﺍﻙ ﺍﻃﻠﺐ ﺍﻟﻘﺮﺽ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﻓﻼ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺄﺣﻀﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎ ﹸﻥ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜ ‪‬ﺮ ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺫﻟـﻚ ﺑـﲔ‬
‫ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﻪ ﻋﻈﻤﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻫﻴﺒﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﳐﺎﻟﻔﺘـﻪ‪.‬‬
‫‪١‬‬
‫ﻓﺎﻣﺘﺜﻠﻮﺍ ﺃﻣﺮﻩ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻋﲔ ﺟﺎﻟﻮﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﺰﻡ ﺍﷲ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻜﻔـﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺷﻮﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳌﻤﻠﻮﻛﻴﺔ‪ .‬ﻭﻫﻲ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﳎﻴﺪﺓ‪ ،‬ﻣﺎ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﱄ ﺗﺮﺩﻩ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ‪ .‬ﻭﻗﺘﻞ ﺑﻴﱪﺱ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎ ﹶﻥ ﹸﻗ ﹸﻄ ‪‬ﺰ ﺃﺛﻨﺎﺀ‬ ‫ﺃﺣﺪ ﻳﻈﹸﻦ ﺃﻥ ﺍﳉﺮﺍﺩ ﺍﳌﻐﻮ ﹼ‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﻭﺗﺴﻠﻄﻦ ﻣﻜﺎﻧ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺎﺩ ﺍﳉﻴﺶ ﻟﻠﻨﺼﺮ‪ .‬ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻭﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﻫـﻲ‬
‫ﻣﻦ ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺃﻭﺻﺎﻓﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻒ ﺁﺧﺮ ﻳﻜﺘﺐ ﲟﺪﺍﺩ ﺍﳋﻠﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣـﺮﺍﺀ‬ ‫ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺴﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻮﻗ ‪‬‬
‫ﺖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃ‪‬ـﻢ‬ ‫ﺍﳌﻤﺎﻟﻴﻚ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪" :‬ﱂ ﻳﹾﺜ‪‬ﺒ ‪‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.٨٣‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻕ ﻣﺴﺘﺼـﺤﺐ ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﻟﺒﻴـﺖ ﻣـﺎﻝ‬ ‫ﺖ ﻟﺪﻳﻪ ﺃﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻟ ‪‬ﺮ ‪‬‬

‫ﺃﺣﺮﺍﺭ‪ .‬ﻭﹶﺛ‪‬ﺒ ‪‬‬
‫ﺐ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻓﻴـﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺣﺘـﺪﻡ ﺍﻷﻣـﺮ‪،‬‬ ‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻓﺒﻠﻐﻬﻢ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻌﻈﻢ ﺍﳋﻄ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼ ‪‬ﻤ ‪‬ﻢ ﻻ ﻳﺼﺤﺢ ﳍﻢ ﺑﻴﻌﺎ ﻭﻻ ﺷﺮﺍﺀ ﻭﻻ ﻧﻜﺎﺣـﺎ‪ .‬ﻭﺗﻌﻄﻠـﺖ‬
‫ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫"ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﲨﻠﺘﻬﻢ ﻧﺎﺋﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﻁ ﻏﻀـﺒﺎ‪ .‬ﻓـﺎﺟﺘﻤﻌﻮﺍ‬
‫ﻭﺃﺭﺳﻠﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ .‬ﻓﻘﺎﻝ‪ :‬ﻧﻌﻘﺪ ﻟﻜﻢ ﳎﻠﺴﺎ )ﻟﻠﻤﺰﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠـﲏ( ﻭﻧﻨـﺎﺩﻱ‬
‫ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻟﺒﻴﺖ ﻣﺎﻝ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﳛﺼ‪‬ﻞ ﻋﺘﻘﻜﻢ ﺑﻄﺮﻳ ﹴﻖ ﺷﺮﻋ ‪‬ﻲ‪.‬‬
‫"ﻓﺮﻓﻌﻮﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ‪ ،‬ﻓﹶﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺟـﻊ‪ ،‬ﻓﺠـﺮﺕ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻠﻈﺔﹲ‪،‬ﺣﺎﺻﻠﻬﺎ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﰲ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ‪،‬ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﻐﻀﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﲪﻞ ﺣﻮﺍﺋﺠﻪ ﻋﻠﻰ ﲪﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﺭﻛﺐ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﲪ ﹴﲑ ﺃ ‪‬ﺧﺮ‪‬ﻯ‪ ،‬ﻭﻣﺸﻰ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﺧﺎﺭﺟﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻗﺎﺻﺪﺍ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﺎﻡ‪.‬‬
‫"ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻻ ﳓﻮ ﻧﺼﻒ ﺑﺮﻳﺪ )ﺑﻀﻊ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍﺕ( ﺇﻻ ﻭﻗـﺪ ﳊﻘـﻪ‬
‫ﱯ ﻭﻻ ﺭﺟﻞ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬ﺆ‪‬ﺑ ‪‬ﻪ ﺑﻪ ﻳﺘﺨﻠﻒ‪ ،‬ﻻ‬ ‫ﻏﺎﻟﺐ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﱂ ﺗﻜﺪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻻ ﺻ ‪‬‬
‫ﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻠﺤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺃﻧ‪‬ﺤﺎﺅ‪‬ﻫﻢ‪.‬‬
‫"ﻓﺒﻠﻎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎ ﹶﻥ ﺍﳋ ‪‬ﱪ ﻭﻗﻴﻞ ﻟﻪ‪ :‬ﻣﱴ ﺭﺍﺡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺫﻫﺐ ﻣﻠﻜﹸﻚ‪ .‬ﻓﺮﻛﺐ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﳊﻘﻪ ﻭﺍﺳﺘﺮﺿﺎﻩ ﻭﻃﻴ‪‬ﺐ ﻗﻠﺒﻪ‪.‬‬
‫"ﻓﺮﺟﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﻭﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳ‪‬ﻨﺎﺩﻱ )ﺑﺎﳌﺰﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠﲏ ﻟﻠﺒﻴﻊ( ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ‪ .‬ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﺎﺋﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﺑﺎﳌﻼﻃﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ‪‬ﻳ ‪‬ﻔ ‪‬ﺪ ﻓﻴـﻪ‪ .‬ﻓـﺎﻧﺰﻋﺞ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﻛﻴﻒ ‪‬ﻳﻨ‪‬ﺎﺩ‪‬ﻱ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻳﺒﻴﻌﻨﺎ ﻭﳓﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬
‫ﻭﺍﷲ ﻷﺿﺮ‪‬ﺑﻨ‪‬ﻪ ﺑﺴﻴﻔﻲ ﻫﺬﺍ!‬
‫"ﻓﺮﻛﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﰲ ﲨﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﺟﺎﺀ ﺇﱃ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ﻣﺴﻠﻮ ﹲﻝ ﰲ‬
‫ﻳﺪﻩ‪ .‬ﻓﻄﺮﻕ ﺍﻟﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻓﺨﺮﺝ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﺃﻇﻨﻪ ﻋﺒ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ‪ ،‬ﻓـﺮﺃﻯ ﻣـﻦ‬
‫ﻧﺎﺋﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ‪ .‬ﻓﻌﺎﺩ ﺇﱃ ﺃﺑﻴﻪ ﻭﺷﺮﺡ ﻟﻪ ﺍﳊﺎﻝ‪.‬‬
‫"ﻓﻤﺎ ﺍﻛﺘﺮﺙ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻻ ﺗﻐﻴ‪‬ﺮ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪ :‬ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ! ﺃﺑﻮﻙ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻘﺘ‪‬ﻞ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ‪ .‬ﰒ ﺧﺮﺝ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﻗﺪ ﻧـﺰﻝ ﻋﻠـﻰ ﻧﺎﺋـﺐ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ"‪.‬‬
‫ﺼ ‪‬ﻌ ‪‬ﻖ ﻧﺎﺋﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﻬﺪ ﺭﺟﻞ ﻣﻨ ‪‬ﻮ ﹺﺭ ﺍﻟﻘﻠـﺐ‬ ‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻛﻴﻒ ﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺑﻨﻮﺭ ﺍﷲ!‬
‫ﺖ ﻳ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻨﺎﺋـﺐ‪ ،‬ﻭﺳـﻘﻂ‬ ‫ﺴ ‪‬‬‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻓﺤﲔ ﻭﻗﻊ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﻳﺒ ‪‬‬
‫ﺕ ﻣﻔﺎﺻﻠﻪ‪ .‬ﻓﺒﻜﻰ ﻭﺳﺄﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﻥ ﻳﺪ ‪‬ﻋ ‪‬ﻮ ﻟﻪ‪ .‬ﻭﻗﺎﻝ‪:‬‬ ‫ﻒ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﹸﺃ ‪‬ﺭ ‪‬ﻋ ‪‬ﺪ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻴ ‪‬‬
‫ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ! ‪‬ﺧ‪‬ﺒ ‪‬ﺮ! ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﻌﻤﻞﹸ؟ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎﺩﻱ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻟﻠﺒﻴـﻊ ﻭﺃﺑـﻴﻌﻜﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻓﻔﻴﻢ ﺗﺼﺮﻑ ﲦ‪‬ﻨﻨ‪‬ﺎ؟ ﻗﺎﻝ ‪ :‬ﰲ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻓﻤﻦ ﻳﻘﺒﻀـﻪ‪‬؟‬
‫ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃﻧﺎ‪ .‬ﻓ‪‬ﺘ ‪‬ﻢ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ‪ ،‬ﻭﻧﺎﺩﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ‪ ،‬ﻭﻏـﺎﱃ ﰲ‬
‫ﺻ ‪‬ﺮﻓﹶﻪ ﰲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﳋﲑ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﻳ‪‬ﺴﻤﻊ ﲟﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ‪.‬‬ ‫ﲦﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻗﺒ‪‬ﻀﻪ ﻭ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﺭﺿﻲ ﻋﻨﻪ"‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻏﺮﻳﺐ ﻓﺮﻳﺪ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺰ ﻭ‪‬ﻧﺪ‪‬ﺭ ﹶﺓ ﻣﺜﻠﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪:‬‬
‫*‪
;78$4xL‬د;‪*"-‬د_“   و;
*د_‪;:ٍ=+:q‬א
@; ‬
‫*‪@98%B8$4xL‬א
‪/$.m‬دא   &‪+,#4‬ن د>אن‘ ‪>/Ox‬ن ‬

‫‪١‬‬
‫ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺝ ‪ ٥‬ﺹ ‪.٨٤‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺟﺒﺎﻥ ﻻ ﺗﺘﻄﻠﻊ ﳘﺘﻪ ﳌﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱄ‪:‬‬

‫‪>O b%Mmc‬ل‪5P‬א‪>S‬א=د ‬
‫‪   ً[/M•7k–Q‹O•c‬و‪ P*Z‬‬
‫ذ=‹‪ P‬‬
‫‪†8‬ن‪J+M5$:‬א‪>Q,<   =>G‬د‪>k-$ “J+:‬نא‪+G‬و‘د ‬
‫‪ 0[->m‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﺃﻣﻠﻪ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻘﺘ‪‬ﻞ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪:‬‬

‫‪ 4‬‬
‫—‪*>
  4I‬ن‪O I5 )ْ *++B&"b8M‬‬
‫=و‪ *@)+B˜5. -

#‬‬
‫‪+9$'Q#   +B5&;:+B5.- 

.P‬ل‪;:‬א
‪ 4Ik9Pf+.‬‬
‫‪4IQ7Q8+BQOIQ+S+k58   ‰k̀IQ-123+B

23+8‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ ‪8‬ــ
‪tP‬ـ‪8‬ــــ‪, CH‬ـ‪G‬ــ ـــــ‪5 5‬ــْــ‪8g‬‬ ‫‪Z‬‬
‫‪8' k‬ـ‪G‬ـــــ ‪q‬‬
‫‪s‬ــ‪َC‬ـ‪ >c‬ـــ
‪8 rT‬‬
‫‪k‬‬
‫‪l‬ـــ‪8) C-w‬ــــ
<‪2N@5 8‬ــــــ‪8: ِ-2‬ــــ
‪8‬‬ ‫‪$‬ـ‪5 v‬ـ ‪>,u2‬ـ ‪5b 
8‬ـ‪I‬ـً ‪2:‬ـــــــ>‪ًD‬‬
‫‪١‬‬
‫?‪"Tg5;ُ4 !"  J> 80N2 y2 2Rb‬‬ ‫‪I‬ــ‪R &َh H' 2xC‬ـــ‪_8 J‬ـــــً‬

‫‪١‬‬
‫ﻳﺸﲑ ﺇﱃ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺮﱘ‪
:‬ﻭﻛﻢ ﺃﻫﻠﻜﻨﺎ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺮﻥ ﻫﻞ ﲢﺲ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﻭ ﺗﺴﻤﻊ ﳍﻢ ﺭﻛﺰﺍ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫  ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﻭﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻳﺮﺟـﻮﻥ‬
‫ﺭﲪﺔ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺍﷲ ﻏﻔﻮﺭ ﺭﺣﻴﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ‪ ،‬ﻭﺍﳉﱭ ﻭﺍﻟﺒﺨﻞ‬
‫ﻭﺍﳍﺮﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺍﻟﻌﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺬﻟﺔ ﻭﺍﳌﺴﻜﻨﺔ‪ .‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑـﻚ ﻣـﻦ ﺍﻟﻔﻘـﺮ ﻭﺍﻟﻜﻔـﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﺴﻮﻕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻘﺎﻕ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺀ‪ .‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻤﻢ ﻭﺍﻟﺒﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻨﻮﻥ‬
‫ﻭﺍﳉﺬﺍﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﱪﺹ ﻭﺳﻴﺊ ﺍﻷﺳﻘﺎﻡ‪.‬‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺮﺕ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻧﺒﺜﻘﺖ ﻋﺒﻘﺮﻳـﺔ ﺍﻟﻠـﻮﺭﺩ ﻣـﺎﻛﻮﱄ‬

‫ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻋﻦ ﳐﻄﻂ ﺗﺮﺑﻮﻱ ﻭﺿﻌﻪ ﻟﺘﻨﺸـﺌﺔ ﺃﺟﻴـﺎﻝ ﻫﻨﺪﻳـﺔ‬
‫ﳑﺴﻮﺧ ‪‬ﺔ ﺍﳍﻮﻳﺔ‪ .‬ﻭﺣﻴﺜﻤﺎ ﺣﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺿﻊ ﳐﻄﻄﹰﺎ ﻟﻪ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻫـﺪﺍﻑ‬
‫ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺃﻭ ﻣﻄﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﻀﲑ ﻃﻴ‪‬ﻬﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﳌﺘﻮﺧﺎﺓ ﲢﺼﻞ‪ .‬ﻓﻠﻤـﺎ‬
‫ﺍﻧﺴﺤﺐ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺗﺒﻨ‪‬ﻰ ﺍﳊﻜﱠﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﳌﺜﻘﻔـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬﺓ ﻟﻠﻤﺨﻄﻂ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺭﻭﺡ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﳌﺎﻛﻮﱄ ﻭﺇﻥ ﻧﻮ‪‬ﻋﻮﺍ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻭﺍﳉﺴﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﻣﺎﻛﻮﱄ ﰲ ﺩﻳﺒﺎﺟﺔ ﻣﻨﻬﺠﻪ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ‪" :‬ﻫـﺪﻓﻨﺎ ﺃﻥ ‪‬ﻧﻜﹶـ ‪‬ﻮ ﹶﻥ‬
‫ﻃﺒﻘﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺮﺍﲨﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﻼﻳﲔ ﺍﻟﱵ ﳓﻜﻤﻬـﺎ‪ .‬ﻃﺒﻘـ ﹲﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻫﻨﻮﺩ ﺑﺎﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻠﻮﻥ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺇﳒﻠﻴﺰ ﺑﺎﳌﻬﻤـﺔ ﻭﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻷﺧـﻼﻕ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﺄﺧﺬ ﺑﻌﲔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﲨـﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﻭﺭﰊ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﻭﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﳌـﺬﻫﺐ ﰲ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ﰲ‬
‫ﲣﻄﻴﻄﻨﺎ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻘﺬﺓ ﳎﺪ‪‬ﺩﺓ‪ ،‬ﻭﰲ ﲝﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺣﺴـﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴـﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻀﺎﺋﻌﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻭﺇﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻨﻬﺎﺟﻬﺎ ﻭﻭﺻﻔﻬﺎ ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻴﻬﺎ‬
‫ﻏﺎﻣﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﳌﻐ ‪‬ﺰﻭ‪‬ﺓ‪.‬‬
‫ﺐ ﲝﻤﺪ ﺍﷲ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻳﻮﻧﺲ ﺧﺎﻟﺺ ﻭﺳـﻴﺎﻑ‬ ‫ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻨﺠ ‪‬‬
‫ﻭﺇﺧﻮﺍ‪‬ﻤﺎ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭﻏﲑ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺃﳒﺒـﻮﺍ ﰲ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻋﻤﺮ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻭﺟﻴﺸﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﻨﺎ ﻭﲨﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺃﺑﺎ ﺍﳊﺴـﻦ ﺍﻟﻨـﺪﻭﻱ‬
‫ﻭﻣﻮﻗﻔﻪ ﻭﻓﻜﺮﻩ ﻭﺟﻬﺎﺩﻩ ﺍﳊﻜﻴﻢ‪.‬‬
‫ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ‪ ،‬ﲟﺎ ﳍﻢ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﺗﻮﺟـﺪ "ﺍﻟﻨﺨﺒـﺔ"‬
‫ﺍﳌﺜﻘﻠﺔ ﺍﳌﻐﺮ‪‬ﺑﺔ ﺍﳌﺘﺮﲨﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻭﻟﺪﺕ ﻭﻻ ﺗـﺰﺍﻝ ﺗﻠـﺪ ﺃﻣﺜـﺎﻝ‬
‫ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﻭﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﺑﻮﺭﻗﻴﺒﺔ‪ ،‬ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻫـﻲ ﺍﳌﺎﺳـﻜﺔ‬
‫ﻟﺪﻭﺍﻟﻴﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﺯﻋﻤﻬﺎ ﻭﺣﺪ‪‬ﻫﺎ ﻣـﻦ ﺩﻭﻥ ﻃﺒﻘـﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤـﺎﺀ‬
‫ﻭﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻴﲑ ﺷﺆﻭ‪‬ﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻪ‪ .‬ﻭﻣﻦ‬
‫ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣ‪‬ﻐﺮ‪‬ﺑﹰﺎ ﻣﺎﺳﺨﺎ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻌﻠﻤﲔ ﰲ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻓﻬـﻮ‬
‫ﻣﺎﺋﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﺎﺋﻠﲔ‪ ،‬ﻣﻨﺒﻬﺮ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﺒﻬﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺑﺎﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﳌﻨﺘﺠﺔ‪،‬‬
‫ﻳﺒﺘﻠﻊ ﺩﻭﻥ ﺷﻌﻮﺭ ﻭﻻ ﺳﺆﺍﻝ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺒﺘﻠﻊ ﻣـﻦ ﻣ‪‬ﻨﺘﺠﺎﺗـﻪ‬
‫ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ‪ .‬ﻧ‪‬ﺤﺘﻔﻆ ﺑﻨﻌﺖ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﺘﻄﻮﺭﺓ ﺃ‪‬ﺎ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﺃ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﺳ‪‬ﻨ ‪‬ﺔ ﻟﺴ‪‬ﻨ ‪‬ﺔ ﺗﺮﺣﻞ ﻋﺒﻘﺮ‪‬ﻳﺘ‪‬ﻬﺎ ﻭ‪‬ﺎﺟﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﻭﻛﻮﺭﻳـﺎ ﺍﳉﻨﻮﺑﻴـﺔ‬
‫ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻷﺻﻘﺎﻉ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﶈﻴﻂ ﺍﳍﺎﺩﺉ‪ .‬ﻭﺇﱃ ﺍﻟﺼﲔ‪.‬‬
‫ﺍﳌﻐﺮﺑﻮﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﲨﺔ ﻫﻢ ﺑﻨﻮ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﳊﻤﻨﺎ ﻭﻟﻮﻧﻨﺎ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻮﺍ ‪‬ﺭ ﻣﻌﻬـﻢ‬
‫ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻭﻟﻮ ﻃﺎﻝ‪ .‬ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﺗﻌﻠﻤﻬﻢ ﺃ‪‬ﻢ ﺯﺑﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻷﻣﺔ ﻳﻮﺷـﻚ ﺃﻥ‬
‫ﺝ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺟ‪‬ﻔﺎ ًﺀ‪ .‬ﻭﻳﻌﺒ‪‬ﺮ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﳍﻢ‪ ،‬ﺑﻠﻐﺘـﻬﻢ ﺍﳌ ‪‬ﻐﺮ‪‬ﺑـﺔ‬ ‫ﺗﺬﻫﺐ ﺑﻪ ﺃﻣﻮﺍ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﺍﳌﹸﺨﺮ‪‬ﺑﺔ‪ ،‬ﻋﻦ ﺇﻓﻼﺳﻬﻢ ﺑﺄ‪‬ﻢ ﻳﺮﺍﻫﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺱ ﺧﺎﺳﺮ ﺇﻥ ﻫـﻢ‬
‫ﲤﺎﺩﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﻫﺰﺍﺋﻤﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﺩﻳـﺪ ﻋﻘﻴـﺪ‪‬ﻢ ﺍﻻﺷـﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺃﻭ "ﻻ‬
‫ﻋﻘﻴﺪ‪‬ﻢ" ﺍﻟﻠﱪﺍﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ "ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ" ﺟﺎﺩﺓ ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﰲ ﺍﺭ‪‬ﺗﺪﺍﺀ ﺭﺩﺍﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟ‪‬ﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﻣـﻦ‬
‫ﻛﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺻﺤﻮﺗﻪ ﻫﻮ ﻛﻠﻤ ﹶﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳊ‪‬ﻘﺒﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﳜﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻫـﻮ ﺃﻓـ ‪‬ﻖ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪ .‬ﻫﻮ‪ ،‬ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ ﺍ‪‬ﺮﻭﺑﺔ ﺍﳌﺨﺮﻭﺑﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻮﺭﻗ ﹸﺔ ﺍﻟﺮﺍﲝﺔ‪ .‬ﺣﱴ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴـﻮﻥ‬
‫ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺒﺴﻮﺍ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻤﺎ ﺗﻠﺒﺲ ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ‪ ،‬ﻓـﺮﺃﻯ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‬
‫ﺍﻟﺒﻌﺜ ‪‬ﻲ ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﻧﺎﺳﻜﺎ ﻣﺼﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺴﻚ ﺑﺎﳌﹸﺼﺤﻒ ﰲ‬
‫ﺠﹶﺄ ﹰﺓ‬
‫ﺣﺠﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺸﺮﻫﺎ ﺍﳉﺮﺍﺋﺪ‪ .‬ﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﹶﻓ ‪‬‬
‫ﹺﺇﹾﺛ ‪‬ﺮ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﺻﺪﺍﻡ ﺍﳌﻨﺎﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺈﻳﺮﺍﻥ‪.‬‬
‫ﺖ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺬﻳﺎﻉ ﻗﺼﺎﺋ ‪‬ﺪ ﻃﻨﺎﻧﺔ ﺗﺮﺛﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﺗﺒﻜﻲ‬ ‫ﻭﲰﻌ ‪‬‬
‫ﻓﻴﻪ ﺣﺎﻣ ‪‬ﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻓﺨﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺑﻄﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻭﻻ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣـﺪﺓ ﰲ‬
‫ﻣﺮﺍﺛﻲ ﺍﻟﺘﺰﻭﻳﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﺍﳌﻬﺰﻭﻣﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﰲ ﺳﻴﻨﺎﺀ‪.‬‬
‫ﺤ ﹸﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﲢﺘﺎﻁ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺤﺎﺯ ﺷﻴﺌﺎ‬ ‫ﺠ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﻫﺬﻩ "ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ" ﺍ ﹸﳌ ‪‬‬
‫ﱄ" ﻻ ﻳﻜﻮﻥ "ﻣﺘﻄﺮﻓـﺎ"‬ ‫ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺇﱃ ﺇﻋﻼﻥ "ﻋﻄﻔﻬﺎ" ﻭﻗﺒﻮﳍﺎ ﻹﺳﻼﻡ "ﺃﺻﻮ ﱟ‬
‫ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﻭﻗﻮﺍﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺒﲑ ﺍﻋﺘﺮﺍﺽ‪.‬‬
‫ﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﳌﻐـﺮﺑﲔ‪ .‬ﺟـﺎﺀﻭﺍ‬ ‫ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﻃﺒﻘ ﹲﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﻃﺒﻘﺎ ‪‬‬
‫ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ‪ ،‬ﻭﳍﻢ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻭﺭ‪‬ﲟﺎ ﻣـﻦ ﺗﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺗﻘﻨﻴﺘﻬﻢ‪ .‬ﻳﺮﺙ ﺟﻨ ‪‬ﺪ ﺍﷲ ﻳﻮ ‪‬ﻡ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻴـﺘﻌﲔ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﲔ‪ ،‬ﺍﳊﻮﺍ ‪‬ﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ ﺍﻟﻄﺒﻘـﺎﺕ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻷﺧﺮﻯ‪ .‬ﻭﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﺳ ‪‬ﻢ ﺍﳋﻄﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠـﺔ ﺑﺘﻜـﻮﻳﻦ‬

‫ﺃﺟﻴﺎﻝ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻟﻮﺛﺎﺕ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ‪ ،‬ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻤـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻹﳊﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺭﻳﺔ ﺳﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﺴﻢ ﰲ ﺍﳌﺎﺀ‪.‬‬
‫ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻮﹶﻟ ‪‬ﺪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻓﺮﺍﻍ ﺍﳋﻠﻮﺓ‬
‫ﻭﻗﺎﺭﻭﺭﺓ ﺍﳌﺨ‪‬ﺘﺒ‪‬ﺮ‪ .‬ﻣﻦ ﺑﲔ ﻓﺮﺙ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﻭﺩﻣﻪ ﻳﺘﻌﲔ ﺃﻥ ﺗﱪ‪‬ﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺿﺮ‪‬ﻉ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻟﺒﻨﹰﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ‪ .‬ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻐﲏ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺻـﺎﺩﻗﺔ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ﻭﺭﲟﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻣﻮﻗﻒ "ﺩﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ" ﻣﻦ ﻣﺪﺍﻫ‪‬ﻨ ‪‬ﺔ ﻭﻣﺰﺍﻳﺪﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺸـﻌﺎﺭ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﱃ ﺗﻮﺑﺔ ﻭﻭﻻﺀ ﺣﻘﻴﻘﻴﲔ ﺇﺫﺍ ﺟ ‪‬ﺪ ﺍﳉﺪ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬
‫ﺺ ﺍﳊﻖ ﻭﺯﻫﻖ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻛﺎﻥ ﺯﻫﻮﻗﺎ‪.‬‬ ‫ﺤ ‪‬‬‫ﺼ‪‬‬‫ﻓﺤ ‪‬‬
‫ﺟﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﰲ "ﻧﻮﺍﺩﺭ ﺍﻷﺻﻮﻝ" ﻋﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺃﻧـﺲ ﺃﻥ‬
‫ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺁﺧـﺮ ﺍﻟﺰﻣـﺎﻥ‬
‫ﺩﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﺃﺩﺭﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﻠﻴﺘﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻫﻢ ﺍﻷﻧﺘﻨﻮﻥ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪.‬‬
‫ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﹸﺃ ‪‬ﻣﺮ‪‬ﻧﺎ‪ ،‬ﰒ ﻧﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﻖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ‬
‫ﻂ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ‪ :‬ﺃﻫﻢ ﻋﻠﻤـﺎﺀ ﺍﻟﺴـﻮﺀ‪ ،‬ﺃﻡ ﺍﳌﺘﻤﺸـﻴﺨﻮﻥ‬ ‫ﻳ‪‬ﺸﺒ‪‬ﻪ ﺑﺎﻟﺪﻳﺪﺍﻥ ﺃﺣ ﱢ‬
‫ﺍﳌﺒﺘﺪﻋﻮﻥ‪ ،‬ﺃﻡ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﻳ ‪‬ﻌ ‪‬ﺪ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﳚﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﰲ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺑﻞ ﳚﺰﻉ ﺍﳌﺴﻴ‪‬ﺴﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﳛﺘﺠـﻮﻥ ﻋﻠـﻰ ﻣـﻦ ﻳﻄﻌـﻦ ﰲ‬
‫ﺇﺳﻼﻣﻴﺘﻬﻢ‪ .‬ﺍﻟﺴ‪‬ﺘ ‪‬ﺮ ﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻟ‪‬ﻨﺒ‪‬ﺶ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺼ ‪‬ﺢ ﻷﺣﺪ ﺇﺳﻼﻡ ﺇﻥ ﱂ ‪‬ﻳﺴ‪‬ـﻠﹶﻢ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻭﻳﺪﻩ‪ .‬ﻭﺍﻓﺘﺢ ﺃﻧﺖ ﺻﻔﺤﺔ ﺣﺴﺎﺏ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻜﻞ ﺗﺎﺋﺐ‬
‫ﻋﺎﺋﺪ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳓﻤ ﹸﻞ ﻫﻢ‪ ‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺩﻳﺪﺍﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ‪.‬‬

‫ﻭﺑﺎﻟﻴﻤﲎ ﳔﻄﻂ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺮ‪‬ﺭﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﲟﻌﲎ ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪ‪‬ﺭﺍﻳﺔ ﻫﻮ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻟﻀـﺮﻭﺭﻳﺔ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺼﺮﻑ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﺴﻴﲑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺗﺼﻨﻴﻊ‬
‫ﺍﻟﺒﻼﺩ‪ ،‬ﻭﹶﻗ ‪‬ﺮﺭﻧﺎ ﺃﻥ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﺇﺳﻼﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﻳﺮﺗﻘﻮﻥ ﺇﳝﺎﻧﺎ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﺎ ﺣﱴ ﻳﺘﻘﺮﺑﻮﺍ ﺇﱃ ﺭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‬
‫ﻆ ﺍﳍﹸﻮﻳﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑـﺔ ﻣـﻦ‬ ‫ﻭﺍﻟﱪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺣ ﱡ‬
‫ﺐ‬
‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﱠﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ "ﻗﺮﺍﺀ" ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﳍﺎ ﺑﻄ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺇﳌﺎﻡ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳉﻨﻴﺪ ﻗﺪﺱ ﺍﷲ ﺳﺮﻩ‪" :‬ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﺑﺎﳌﺮﻳﺪ ﺧـﲑﺍ ﺃﻭﻗﻌـﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﻣﻨﻌﻪ ﺻﺤﺒﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ"‪ .‬ﺗﻌﻠﻴﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻟﺔ ﺍﳊﻜﻴﻤﺔ ﻛﺘﺐ‬
‫ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪" :‬ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﰲ ﻟﺴﺎ‪‬ﻢ )ﺃﻱ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ(‬
‫ﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻨﺴﻚ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﺪ‪ ،‬ﺳﻮﺍ ًﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﺃﻭ ﻻ‪ .‬ﻓﺎﻟﻘـﺎﺭﺉ‬
‫ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﻭﺍﻟﺘﻨﺴﻚ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺮ ﳘﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩﺓ‬
‫ﺩﻭﻥ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺩﻭﻥ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠـﻮﺏ‪.‬‬
‫ﻓﻬﻤﺘﻬﻢ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭﻻ ﺧﲑ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﳑﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺃﺭﺑﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ‪(...).‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﻓﺴﲑ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻷﺭﻭﺍﺡ‪ ،‬ﻭﺳ ‪‬ﲑ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﲟﺠـﺮﺩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻟـﺐ‬

‫ﻭﺍﻷﺷﺒﺎﺡ‪ .‬ﻭﺑﲔ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﻗﻠﻮ‪‬ﻢ ﻭﺃﺭﻭﺍﺡ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻭﻗﻠـﻮ‪‬ﻢ ﻧـﻮﻉ‬
‫‪١‬‬
‫ﺗﻨﺎﻛ ﹴﺮ ﻭﺗﻨﺎﻓ ﹴﺮ"‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺇﻥ ﺳﻄﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻐﺮﺏ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺳﺮﺕ ﺇﱃ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﲔ‬
‫ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻮﻟﻚ ﰲ ﺳﺨﻮﻧﺔ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﻣـﻦ ﺿـﺪ‬
‫ﻛﻠﻲ ﺇﱃ ﲤﺎﺛﻞ ﺟﺰﺋﻲ‪ .‬ﻭ ‪‬ﺳﺮ‪‬ﻯ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺗﻨﺎﻛﺮ ﻭﺗﻨـﺎﻓﺮ ﻣـﻮﺭﻭﺙ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﲝﺚ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻭﻋﻦ ﺟﺪﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻛـﻞ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻐﻮﺭ‪ .‬ﻭﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﻨﺎ ﻧﻘﻠﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ ﺗﺮﺑﻴـﺔ‬
‫ﺟﻬﺎﺩﻳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺎﻧﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻳﺒﺤﺚ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻨﺪﻭﻱ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ‬
‫ﲜﻬﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﺮﻓﺎﻥ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ‪" :‬ﻛﻴـﻒ ﻳﺼـ ‪‬ﺢ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﺫﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﺘﻮﺍﺗﺮﺓ ﺍﳌﺘﻼﺣﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻫﻮ ﺭﻣـﺰ‬
‫ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﺮﻙ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ﻋـﻦ ﻣﻴـﺪﺍﻥ‬
‫ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎﻝ! ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺷﺎﺫﺓ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻭﺍﳌﺘﺼﻮﻓﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﺛﺮﻭﺍ ﺍﻻﻧﻌﺰﺍﻝ‪ ،‬ﻭﻣﺎﻷﻭﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻷﺟ‪‬ﻨﺒﻴـﺔ ﺃﻭ‬
‫ﺧﺪﻣﻮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻨﺎﻙ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﻋﺪﺩ ﺃﻛﱪ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻭﺷـﻴﻮﺥ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ)‪ (...‬ﺍﻣﺘﺎﺯﻭﺍ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ‬
‫ﰲ ﻣﻌﺘﺮﻙ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﲔ ﺝ ‪ ٢‬ﺹ ‪.٣٦٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺇﺫﺍ ‪‬ﻭ ﹺﺟ ‪‬ﺪ ﰲ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺴﺠﻢ ﻣـﻊ‬
‫ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﲪﻞ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻭﺍﳊﺐ‪ ،‬ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣـﻦ ﺃﻫـﻢ ﺃﻏﺮ‪‬ﺍﺿـﻪ‬
‫‪١‬‬
‫ﻭﻧﺘﺎﺋﺠﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻔﺦ ﰲ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﱃ ﺍﳉﻬﺎﺩ"‪.‬‬
‫ﻭﻓﺪ ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻜﺎﻥ ﳑﺎ ﺃﻧﺸﺪﻩ ﻣﻦ‬
‫ﺷﻌﺮ ﻳﻔﺘﺨ‪‬ﺮ ﺑﺎﳌﺮﻭﺁﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ‪‬ﺑﹺﻨﻴ‪‬ﺖ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﲑ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ‪:‬‬
‫‪   +B5™<+3>9+V&%b+/9‬و
‪'5:+/&+//.‬א‪L*J>S‬א ‬
‫‪M7‬א ‬
‫‪,/-‬و*‪„@I$   0[M75$0[($:5b‬ون
‪$ ~T+/:+cB5‬‬
‫‪$47$3‬و‪&،x$3X‬א‪
  +/I/L‬ذאא
‪$k‬א‪h
+‬א‪cbJ>S‬א ‬
‫‪   “1M +:+/)‰m.3%58+/ْ.5‬و
‪X
5Q,3%‬א@@א‪„7,S‬א ‬
‫و
>*‪E>+/•W+/3‬ذא*‪&   4xL‬אš‪+$P+/8%B7‬عو‪ EQm$P‬‬
‫و
‪h
+/Q›+-+,#*M;.‬א
‪   "$I‬وœ‪@Lf+-‬ق*ن‪3‬ومא‪a9xS‬א ‬
‫و
‪>9
+3‬م‪> I$3+q‬د‪
  +/5OD$‬ذא‪+‬א
‪*+/9Q‬ن@و‪O/P‬א ‬
‫و‪>$.O/$3‬مא
 ‪O M‬وع‘*
>אن‪;   +/5OD‬א
‪,ž'Q#;Ik‬א>ن*‪9W‬א ‬
‫و
\<‪I‬و‪*+/
C‬ن‪$ 3‬د‪+#+xL   +bM‬و‪./Q,X‬א*ن‪a9I$P‬א ‬
‫*‪>=+/P‬لא?
ذ‪   E@}+-f+T‬و‪31Ÿ+&+-+Q&>5Q‬א‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‬
‫?‪,‬ـــ‪ُ H' 8‬ـــ ِ& ‪0N2‬ــً '‪َ8‬ــ‪CR‬ـــ
ً‬ ‫‪ِْ,‬ــــ‪@>? M‬ـــ‪ُB M‬ـ@‪G‬ـــٌ '‪2‬ــ >‪CN;8' V‬ــــ‬
‫( )‪C  2‬ــ
‪2d‬ـ‪P‬ــــ
ً‬
‫? ‪ِ w‬ــ ~‬ ‫?‪8:‬ــ &)‪ُ}, 2+ E 9ّ@ َ%‬ـ‪F‬‬
‫ـــ‪K} Fَ B‬ـــ‪ +‬ـ '‪8‬ـ‪G‬ـــ
ً‬ ‫‪51‬ـً ‪>:m \@:‬ـــ ?‪CR‬ــ‪8, 2+‬ـــ‪J‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺭﻫﺒﺎﻧﻴﺔ ﺹ ‪.١٣٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪$‬ـ"!  ‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺃﻡ ﺣﺴﺒﺘﻢ ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻠﻮﺍ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﳌﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻫﺪﻭﺍ‬
‫ﻣﻨﻜﻢ ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺃﻭﺳﻊ ﺭﺯﻗﻚ ﻋﻠﻲ ﻋﻨﺪ ﻛﱪ ﺳﲏ ﻭﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﻋﻤﺮﻱ‪.‬‬

‫ﺳﺎﺣﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﺪﺭﺳﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﳉﻬﺎﺩ ‪‬ﻣ ﹾﻔ ‪‬ﺮ ‪‬ﺯ ﹲﺓ ﻭﻣﺼـﻔﺎﺓ ﻭﳏ‪‬ـﻚ‬
‫ﻒ‬
‫ﻟﺘﺨﻠﻴﺺ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻣ ‪‬ﺮ ﺍ‪‬ﺎﻫـﺪﻭﻥ ﰲ ﺻـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺑﺄﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻓﺎﺳـﺘﺤﻘﻮﺍ‬
‫ﺍﻟﺘﺄﻫﻴﻞ ﻟﻠﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻘﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺩﺭﺟﺔ ﻟﻴﻨﺎﻟﻮﺍ ﻭﳛﻈﻮﺍ ﺑﺎﻟﺸـﻬﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ .‬ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﺪﻭﺍ ﺻـﻔﻬﻢ‬
‫ﻭﻳﺼﺮﻋﻮﺍ ﻭﺣﺶ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺻﺮﻉ ﺍﷲ ‪‬ﻢ ﻭﺣﺶ ﺍﻟﻜﻔﺮ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺎ ﺍﺑﺘ‪‬ﻠﻴﺖ ﺑﻪ ﺍﻷﻣـﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ‪
:‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﳛﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺻﻔﺎ ﻛﺄ‪‬ﻢ ﺑﻨﻴـﺎﻥ‬
‫ﻣﺮﺻﻮﺹ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻒ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٤ :‬ﻧﺴﺄﻝ ﺍﷲ ﳍﻢ ﺫﻟﻚ ﻭﳍﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺁﻣﲔ‪ ،‬ﺣـﱴ‬
‫ﺗﺘﻮﺣﺪ ﺃﻣﺔ ﺍﳊﻖ‪.‬‬
‫ﻣ ‪‬ﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﰲ ﻗﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ‪ ،‬ﺑﺎﺧﺘﺒﺎﺭ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬـﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ .‬ﻛﻞ ﰲ ﻗﻄﺮﻩ ﺣﺴﺐ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗـﻪ‪ .‬ﺃﻣـﺎﻡ ﺟﻨـﺪ ﺍﷲ‬
‫ﻂ ﺍﻻﺭﺗﻘـﺎﺀ ﰲ ﺳـﻠﻢ‬ ‫ﺍﻟﺰﺍﺣﻔﲔ ﺇﱃ ﻧﺼﺮ ﺍﷲ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻻﺋﺤ ﹲﺔ ﺗﺮﺳﻢ ﺧ ﱠ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ‪ .‬ﺃﻭﻝ ﺑﻨﻮﺩﻫﺎ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻪ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪:‬‬
‫"ﺃﺣﺐ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻛﻠﻤ ﹸﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺇﻣﺎﻡ ﺟﺎﺋﺮ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ‬
‫ﻋﻦ ﺃﰊ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫ﺠﻮ‪‬ﺭ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﻗﺎﻟﻪ ﺃﻭ ﺑﻠﺴـﺎﻥ ﺣﺎﻟـﻪ‬ ‫ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ‪‬ﺾ ﻣﺴﺘﻨﻜﺮﹰﺍ ﻟﻠ ‪‬‬
‫ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺍﳊﻖ ﻭﻧﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﷲ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻭﻟﻠﻤﻮﻣﻨﲔ ﺩﺍﺧﻞ ﰲ ﻭﻋﺪ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﶈﺒﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﻷﺣﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺿﺎﻑ ﺇﱃ ﻏﻀﺒﻪ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺩﻳﻨـﻪ‬
‫ﺍﻟﻘﻴﺎ ‪‬ﻡ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺮﻑ ﻭﺃﺷﺮﻓﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﺎﻟﻊ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺻﻔﺎﺕ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻨﻬﻮﺿﻬﻢ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﳊﻜﻴﻢ‪
:‬ﻭﻟﺘﻜﻦ ﻣـﻨﻜﻢ ﺃﻣ‪‬ـﺔ‬
‫ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﳋﲑ ﻭﻳﺎﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ .‬ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫـﻢ‬
‫ﺍﳌﻔﻠﺤﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٠٤ :‬‬
‫ﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻮﻥ ﺍﳌﺮﺍﺑﻄﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺛﻐﻮﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻳﺼﺪﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺭﻳـﺎﺡ‬ ‫ﻳﺸ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺏ‬
‫ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﻭﻳﻄﺎﻟﻌﻮﻥ ﻭﻳﺮﺗﻔﻌﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻠﻬﻤﻬﻢ ﺍﷲ ﺭ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻣﻌﻘ‪‬ﺪﻩ‪ ،‬ﻭﻛﻴﻒ ﺍﻧﱪﻣﺖ ‪‬ﻋﺮﺍﻩ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺽ‬
‫ﻋﺮﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺳ ‪‬ﺪ‪‬ﻧﺘ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ‪‬ﺳﺒ‪‬ﻞ ﺗﻐﻴﲑﻩ‪ .‬ﻭﻳﺮﺗﻔﻌﻮﻥ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺩﺭﺍﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺧﻄﱠﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻳﻜﱢﻠﻠﹸﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍﻹﳍﻲ‪ ،‬ﲟﺎ ﻫﻮ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﳌﻄﻠـﻮﺏ‬
‫ﺇﺑﺪﺍﻟﻪ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻭﲟﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋ ‪‬ﺪ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺑﻨﺎﺀ ﺻﺮﺡ ﺍﳊﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﻫﺪﻡ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺗﻘﻮﻳﺾ ﺩﻋﺎﺋﻤﻪ‪.‬‬
‫ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﻘﺘﺎﱄ‪ ،‬ﺇﻥ ﺗﻌﻴ‪‬ﻦ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺑﻌـﺪﻩ‪،‬‬
‫ﻭﻟﺮﺑ‪‬ﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻲ ﺃﺻﻌﺐ ﻣﻨﺎﻻ ﻭﺃﺷ ‪‬ﻖ ﻃﺮﻳﻘـﹰﺎ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺃﺣﻮﺝ ﺇﱃ ﺧﺼﺎﻝ ﺍﻟﺼﱪ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻭﺍﳌﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﻭﺍﻟﺮﻓﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘـﺎﻝ‬

‫ﺍﻟﺬﻱ ‪ ‬ﻮ ﹸﻥ ﺭﻳﺢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻹﳍﻲ ﻓﻴﻪ ﺻ ‪‬ﱪ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺻـ ‪‬ﱪ‬
‫ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻼ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﻦ ‪‬ﻣﺮ‪‬ﻗﺎﺓ ﺇﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﺪﺭﺳﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﻳﻮﺷ‪‬ﺢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‬
‫ﻭﺗﻮﺷ‪‬ﺢ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺻﺪﻭ ‪‬ﺭ ﻣﺴﺘﺤﻘﻴﻪ ﺑﺄﻭﲰﺔ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻷﺑﺪﻱ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌﺎﱂ‬
‫ﻛﻠﻪ ﻳ‪‬ﺒﺼﺮ ﻭﻳﺴﻤﻊ ﲤﻴ‪‬ﺰ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺎﳌﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺰﳝﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ‪ .‬ﻭﻣـﻦ‬
‫ﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﲨﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ‪‬ﺗﺨ‪‬ﺰﻯ ﺣﻜﻮﻣﺎ ‪‬‬
‫ﺨ ‪‬ﺰﻭ‪‬ﻥ‪ ،‬ﺑ ﹾﻞ ﳜﺰﻳﻬﻢ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﳌﱠﺎ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺑﻐـﲑ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ .‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﳜﺰﻳﻬﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﺑﹺﺤﻠﻔﻬﻢ ﻟﻠﻜﻔﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺗﺒﻌﻴﺘﻬﻢ ﳍﻢ‪ ،‬ﻭﻓﺸﻠﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ ،‬ﻭﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲣﻀﻊ ﳍﻢ‬
‫ﺇﻻ ﻣ‪‬ﻜﺮﻫﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻳﺘﻤﻴﺰﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﳋﺎﺋﻀﲔ ﰲ ﻣﻌﺘـﺮﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳـﺔ‬
‫ﺑﻮﻻﺋﻬﻢ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺑﻌﺪﺍﺋﻬﻢ ﻟﻠﺠﺎﻫﻠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻳﺰﺩﺍﺩﻭﻥ ﲤﻴﺰﺍ ﺇﻥ ﻫﻢ ﻛـﺎﻧﻮﺍ‬
‫ﺗﺮﺍﲨﺔ ﻋﻦ ﺍﳊﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻣﻮﻗﱢﻌﲔ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﺿ ‪‬ﺪﹰﺍ ﻣﻨﺎﻗﻀﲔ ﻟﻠﺬﺭﺍﺭﻱ ﺍﳌﻔﺘﻮﻧﲔ‬
‫ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺎﺗﻨﲔ ﻋﻨﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻠﻘﻮﺍ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﺎﻛﻮﱄ ﺍﳌﻌﻠﱢﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺭﺿﻌﻮﻫﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺗﻐﺬﺕ ‪‬ﺎ ﺃﻭﺻﺎﻟﹸﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﻧﺎﻃﻘﻮﻥ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺘﺮﲨـﻮﻥ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺘﻘﻤﺼﻮﻥ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﻗﻠﺒﺎ ﻭﻗﺎﻟﺒﺎ‪.‬‬
‫ﻧﻜﻮﻥ ﻧﻘﻴﻀﺎ ﳍﻢ‪ ،‬ﻭﺿﺪ‪‬ﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍﹰ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﺭﺗﻘﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺇﺳﻼﻡ ﻫﻢ ﺑﻪ‬
‫ﻟﺼﻴﻘﻮﻥ ﳊﻤﺎ ﻭﺩﻣﺎ ﻭﺍﲰﺎ ﻭﺭﲰﺎ‪ ،‬ﻻ ﳎﺎﻝ ﻟﺘﻜﻔﲑ ﻣﻦ ﱂ ﳚـﺎﻫﺮ ﺑﻜﻔـﺮﻩ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻨﻬﻢ‪ .‬ﻧﺮﺗﻘﻲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻻ‪‬ﲰـﻰ ﺍﻟـﻮﺭﺍﺛﻲ ﺍﻟﻔـﺮﺩﻱ ﺇﱃ ﺇﳝـﺎﻥ‬

‫ﻓﺈﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﳋﻠﹸﻖ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺑـﺄﻭﺍﻣﺮ ﺍﷲ‬ ‫‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻭﺍ ﹸ‬
‫ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻧﻮﺍﻫﻴﻪ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﺍﳍﻮﻳ ﹸﺔ )ﺍﳌﺴ ‪‬ﺦ( ﻭﻳﻨﻜﺸﻒ ﺗﻘﻠﻴﺪ‪‬ﻫﻢ ﺍﻟﻘ‪‬ـﺮ‪‬ﺩﻱ‬
‫ﻟﻨﻮﺍﻣﻴﺲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﻘﻠﻴﺪﻧﺎ ﻟﺸﺮﻋﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺇﻧﻪ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺤﻴ‪‬ﺰ ﻋﻦ ﻇﻼﻡ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺇﻻ ﳌﻦ ﺍﻧﻐﻤـﺲ ﺭﻭﺣـﺎ‬
‫ﻭﻗﻠﺒﺎ ﻭﻋﻘﻼ ﻭﺧﻄﺎﺑﹰﺎ ﻭﺣﺮﻛﺔ ﰲ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺢ ﻟﻘﺐ‬
‫"ﳎﺎﻫﺪ" ﰲ ﺣﻘﻪ ﺍﲰﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤﻰ‪ ،‬ﻻ ﳎ ‪‬ﺮ ‪‬ﺩ ﺻـﻴﺎﺡ ﻣﺘﻔﺎﺋـﻞ ﻣﺘﻤﺴـﺢ‬
‫ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻭﻳﺒﺪﺃ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻴﺔ ﻋﻤـﻞ ﻗﻠـﱯ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻘﻠـﺐ‬
‫ﺃﻣﺮﺍﺽ‪ ،‬ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻋﻘﺒﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻘﻠﺐ ﻃﺐ‪ ،‬ﻭﻻﻗﺘﺤـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺿﻮﺍﺑﻂ‪.‬‬
‫ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻛﻴﻼ ﳜﺘﻠﻂ ﲢﺮﻛﻨـﺎ‬
‫ﺍﻟﻘﺘﺎﱄ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺘﺤﺮﻛﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻴﻼ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻨﺎ ﻟﻠﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻓﻴﻨﺎ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﺭﻉ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻘﺎﺭﻉ ﺍﻷﺣـﺰﺍﺏ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺿﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻛﻤﺎ ﺗﺘﻘﺎﺭﻉ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﺿ ‪‬ﺪ ﻋﺼﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻔﻴﻒ‬
‫ﺿﺪ ﻟﻔﻴﻒ‪ ،‬ﻛﻞ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﲢﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ‪‬ﻋ ‪‬ﻤﻴ‪‬ﺔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺒﻊ ﺣﺮﻛﺘﻨﺎ ﲟﻴﺴـﻢ‬
‫ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ .‬ﻛﻞ ﲢﺮﻙ ﻻ ﳛﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺴﻢ ﻓﻬﻮ ﻓﺘﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ﺭﺍﺋﺪﻩ ﻳﻘﻮﺩﻙ‬
‫ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻻ ﻳﻬﺪﻱ ﻟﻠﺠﻨﺔ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺳﺄﻟﻮﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺷـﺠﺎﻋﺔﹰ‪،‬‬

‫ﻭﻳﻘﺎﺗﻞ ‪‬ﺣ ‪‬ﻤﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻘﺎﺗﻞ ﺭﻳﺎﺀً‪ ،‬ﺃﻱ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﻦ ﻗﺎﺗﻞ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﷲ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋـﻦ ﺃﰊ‬
‫ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻆ ﺍﳌﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﻋـﺚ ﻋﻠـﻰ‬ ‫ﻳﻼ ‪‬ﺣ ﹸ‬
‫ﺍﻻﳔﺮﺍﻁ ﰲ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻮ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻌﻤـﻮﻡ ﺍﻫﺘـﺪﺍ ٌﺀ ﺇﱃ ﻃﺮﻳـﻖ‬
‫ﺏ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺑﺘﻬﺎﺝ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻓـﺘﻠﻤﺲ ﺍﻟﻘﻠـﻮ ‪‬‬
‫ﻒ ﺑﺸﺎﺷ ﹸﺔ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺃﺧﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺳ‪‬ﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ‬ ‫ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﹶﺓ ﻣﻦ ﺑﻴﺪﺍﺀ ﺍﻟﺘﻠ ‪‬‬
‫ﺗﺘﻘﻠﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺸﻮﺓ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻊ ﳍﺎ ﺟﺰﺭ ﻓﺘﺪﻉ ﺍﻷﺥ ﰲ ﺿﺤﺎﻟﺔ ﻣﻴـﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻟﻠﻔﺌﺔ‪ ،‬ﰲ ﺷﺒﻪ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﺇﺫ ﱂ‬
‫ﻳﺘﻠ ‪‬ﻖ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺑﻪ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻻﳓﺪﺍﺭ‪.‬‬
‫ﻓﻴﺒﻘﻰ ﺍﳌﺮﺷ‪‬ﺤﻮﻥ ﻟﻠﺠﻨﺪﻳﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺃﻧﻔﺴِﻬﻢ‪ ،‬ﻻ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﺴﺎﺏ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﺌﻮﻳ‪‬ـﺔ‪ .‬ﻭﻣﺎﺩﻣﻨـﺎ ﻻ‬
‫ﻧﺘﺠﺎﻭﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﳌﺰﺭﻭﻋﺔ ﺑﺄﻟﻐﺎﻡ ﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻜﺴـﻞ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋـﻦ ﺍﻟـﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼـﺤﺒﺔ ﺍﳌﺸـﺒﻮﻫﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻤﺎﻋـﺔ‬
‫ﺻﺒ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﻘﺎﺗﻞ ﲢﺘﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻬﻤﺎ ‪‬ﺭﻓ‪‬ﻌﺖ‬ ‫ﺼ ‪‬ﻮ ‪‬‬
‫ﺍ ﹸﳌ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﺏ‬
‫ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺷﺠﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺗﻘـﺪﻡ ﻟﻠﻔـﺪﺍﺀ ﺷـﺒﺎ ‪‬‬
‫ﻳﻨﻔﺠﺮﻭﻥ ﺑ ‪‬ﻌﺒ‪‬ﻮﺍﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﻢ‪ .‬ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﺿﻄﺮﺍﻡ ﺍﳊﻤﻴ‪‬ﺔ ﺍﻟﻐﻀﺒﻴ‪‬ﺔ‬
‫ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﺷﺮﺍ ﻟﻐﻠﺒﺔ ﺍﻟﻨﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‪ .‬ﻭﲡـﺪ ﻛـﺜﲑﺍ ﻣـﻦ ﺍﻟﺸـﺒﺎﺏ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺍﶈﺴﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪،‬ﻻ ﻳﻔﻜﺮ ﺇﻻ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠـﻢ‪،‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﰲ ﺯﺭﻉ ﺍﳌﺘﻔﺠﺮﺍﺕ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ .‬ﻭﻳﺒﺼﺮ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﺗﺄﺛﲑ ﳕﻮﺫﺝ‬
‫"ﺍﻷﻟﻮﻳﺔ ﺍﳊﻤﺮﺍﺀ" ﻭﺃﺿﺮﺍ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻋﺼﺎﺑﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﺃﻭﺭﻭﺑـﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻙ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ ﺍﻟﻐﺎﺿﺒﲔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍ ﻓﺎﻟﺘﻔﺠﲑ ﺍﻟﻐﻀﱯ ﻣﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺑﺎﻩ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﺣﻴ‪‬ﻰ ﺍﷲ ﺷﺒﺎﺏ ﻓﻠﺴﻄﲔ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﱪ‪‬ﺅ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨـﻮﺍﺯﻉ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﹶﻟ ‪‬ﻬ ‪‬ﻮ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳ‪‬ﻨﺎﻝ ﺇﻻ ﺑـﺮﺑﻂ‬
‫ﺍﳊﺒﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺴـﻨﺔ‬
‫ﻒ ﺍﻟـﺪﻋﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴـﺔ‬ ‫ﺍﳌﻄﻬﺮﺓ‪ .‬ﺑﺪﻭﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﻟﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ‪‬ﺯﻳ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻟﺲ ﺣﱴ ﺳﲑﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺣﲔ ﺗﻘﺪﻡ ‪‬ﺟﺰ‪‬ﺍﺭ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ‬
‫ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺑﻄﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻤﻴﺰ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺘﺎﻟﻨﺎ ﺍﳊﺮﰊ ﻟﻌﺪ ‪‬ﻭ ﺍﷲ ﻭﻋـﺪﻭ‪‬ﻧﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻜـﻮﻥ‬
‫ﺟﻬﺎﺩﻧﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻔﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻫﺪﻣﻨﺎ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮ ‪‬ﻋﻮ‪‬ﻧﻪ‪،‬‬
‫ﺨﺼ‪‬ﻪ‪.‬‬
‫ﺸ‪‬‬‫ﺇﹺﺣﻘﺎﻗﹰﺎ ﻟﻠﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻣﻦ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻭﻓﺎﺭﻕ‬
‫ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻓﻤﺎﺕ‪ ،‬ﻣﺎﺕ ﻣﻴﺘﺔ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻗﺎﺗﻞ ﲢﺖ ﺭﺍﻳـﺔ ‪‬ﻋ ‪‬ﻤﻴ‪‬ـﺔ )ﺃﻱ‬
‫ﺼ‪‬ﺒﺔ‪،‬‬
‫ﺐ ﻟ ‪‬ﻌ ‪‬‬
‫ﻀ ‪‬‬
‫ﻣﻄﻤﻮﺳﺔ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﻻ ﻳﺘﺒﲔ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﻻ ﻳﺘﻤﻴﺰ(‪ ،‬ﻳﻐ ‪‬‬
‫ﺼﺒ‪‬ﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﻨﺼﺮ ﻋﺼﺒ‪‬ﺔ ﻓ ﹸﻘﺘ‪‬ﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺘﻠﺔ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺧﺮﺝ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺃﹶﻭ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫ﺃﻣﱵ ﻳﻀﺮﺏ ‪‬ﺑﺮ‪‬ﻫﺎ ﻭﻓﺎﺟﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﺤﺎﺷﻰ ﻣﻦ ﻣﻮﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻔﻲ ﺑﻌﻬﺪ ﺫﻱ‬
‫ﻋﻬﺪﻫﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﲏ ﻭﻟﺴﺖ ﻣﻨﻪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋـﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳـﺮﺓ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪ .‬ﻟﺴﻨﺎ ﺃﺣﻖ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺈﻣﺎﻣﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻭﻻﺅﻧﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﷲ‬
‫ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﺧﻠﺼﻮﺍ ﻭﻻﺀﻫﻢ ﻟﻠﻄﺎﻏﻮﺕ‪.‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻫﺠﺎﺀ ﺣﺴﺎﻥ ﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻓﺪﻋﺎ ﻟﻪ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﺎﻝ‪" :‬ﺇﻥ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻻ ﻳـﺰﺍﻝ ﻳﺆﻳـﺪﻙ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﻧﺎﻓﺤﺖ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺣﺴ‪‬ﺎﻥ‪:‬‬
‫‪@7 J>cb‬א‪   /:$4TV8‬و‪@/:‬א?‪8‬ذאא‪N‬א‪ f‬‬
‫‪@7 J>cb‬א‪„-‬א‪>=   ً+„9P‬لא?‪Q7W‬א
>‪ f+8‬‬
‫‪†8‬ن*‪-‬ووא
@‪R‬و‪I
  O:‬ض‪%./@7 ‬و)‪ f+‬‬
‫‪
–M/$-$45ْ .s‬ن‪ PZ‬و‪$™$P   +bO‬א
‪@&+b$@: >O wْ9M/‬א‪ $f‬‬
‫‪;=+‬א‪@I($[/G‬א‪+B8+Q&*'5:   J‬א‪$G‬א
‪ f+7˜2‬‬
‫‪+T2P‬د‪˜k7Q+3‬א‪‘$7j+-M;$B$7˜k5P$   J‬א
‪ f+,/‬‬
‫‪†8‬ن‪+/:%Q:*O‬א‪   +37Q:‬و&‪+‬نא
‪¡Q‬وא‪‰m.3‬א
‪ f+kp‬‬
‫و
‪L+8X‬وא
‪A‬א_>م   ‪NI‬א
‪ f+m;85‬‬
‫و)‪+‬لא?‪@:45=*@):‬א   ‪>9‬لא‪ f+D-\
i‬‬
‫و)‪+‬لא?‪@/TJ,@):‬א   ‪%b‬א‪+B$Q$:$=+(3G‬א
‪ f+95‬‬
‫
‪>& +/‬م; ‪*_+    ^@I‬و)‪+Q‬ل*و‪ f+cb‬‬
‫‪>=>cB;78‬لא?‪    %./‬و‪#@¢‬و‪>R$$(/‬א‪ f‬‬
‫و‪>=qKT‬لא?‪    +/8‬و=و‪$£‬א
‪O@9‬س
\
&‪f+‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪Cِ,‬ـــ‪) 9‬ـــ€‪4‬ـــ‪I 9‬ـ‪5‬ــــ‪8+‬‬ ‫َ‪2‬ــ ‪Nِ,‬ـ;‪CN‬ــــ‪ُl  q‬ــــ ‪ !n‬ــــ‪v‬‬
‫َ‪>05‬ـ ‪N5: J2‬ـــ ‪)* E‬ــــ‪8+‬‬ ‫‪2)  v
5 /;C_ِ,‬ـ‪i+‬‬
‫ ‪8‬ــ
ِ‪ H2' v‬ــ‪ 2 Nِ, 8+‬ـ‪8+‬‬ ‫‚ ‪5=08‬ـ‪M‬‬
‫‪0 CU&2 9ّ@ C-ƒ$‬ــ
ِ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫&ـ‪%‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﻭﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﺑﺄﻣﻮﺍﳍﻢ ﻭﺃﻧﻔﺴـﻬﻢ‬
‫ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻭﻭﺍ ﻭﻧﺼﺮﻭﺍ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﻌﺾ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇ‪‬ﻧ ‪‬ﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳋﲑ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻋﺎﺟﻠﻪ ﻭﺁﺟﻠﻪ‪ ،‬ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﱂ ﺃﻋﻠﻢ‪ .‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻋﺎﺟﻠﻪ‬
‫ﻭﺁﺟﻠﻪ‪ ،‬ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﱂ ﺃﻋﻠﻢ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﰲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻢ ﺍﳉﺎﻣﻌﻮﻥ ﺑﲔ ﺧﺼﻠﱵ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟـﺬﻛﺮ‪،‬‬

‫ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺭﺟﺎﻝ ﺻﺪﻗﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﺎﻫﺪﻭﺍ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﺣـﺰﺍﺏ‪،‬‬

‫ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٣ :‬ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﺗﻘﺪﺳﺖ ﻛﻠﻤﺘـﻪ‪
:‬ﰲ ﺑﻴـﻮﺕ ﺃﺫﻥ ﺍﷲ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺮﻓﻊ ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﲰﻪ ﻳﺴﺒﺢ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﺪﻭ ﻭﺍﻵﺻﺎﻝ ﺭﺟﺎﻝ ﻻ ﺗﻠﻬﻴﻬﻢ‬
‫ﲡﺎﺭﺓ ﻭﻻ ﺑﻴﻊ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻭﺇﻗﺎﻡ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺇﻳﺘﺎﺀ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺭ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٣٦ :‬‬
‫ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﳋﺼﻠﺘﺎﻥ ﺇﻥ ﺭﻛﺰ‪‬ﺗﺎ ﰲ ﻓ‪‬ﻄﺮ ‪‬ﺓ ﻣﻦ ﻣﻌ ‪‬ﺪ ‪‬ﻥ ﺑﺸﺮﻱ ﻧﻔـﻴﺲ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻭﲤﺎﻡ ﺍﳋﲑ‪‬ﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪:‬‬
‫"ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻌﺎﺩﻥ‪ ،‬ﺧﻴﺎﺭﻫﻢ ﰲ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺧﻴﺎﺭﻫﻢ ﰲ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﺇﺫﺍ ﻓﻘﹸﻬـﻮﺍ"‪.‬‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻫ ‪‬ﻢ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﺎﻳﺰ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﻌﺪ ﹸﻥ ﻭﺍﻟﻔﻄﺮ ﹸﺓ ﺍﻟﻜﺮ ‪‬ﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘـ ﹸﻞ‬
‫ﻭﺍﳋﻠﻖ ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻔﺮﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﳏﺎﻣ‪‬ﺪ‪ ،‬ﻟﻘﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﻛﺮﻡ ﺍﳌﺮﺀ ﺩﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺮﻭﺀﺗﻪ ﻋﻘﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺣﺴ‪‬ﺒﻪ ﺧﻠﻘﹸﻪ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ‬
‫ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻗﺮﺃﻧﺎ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﺸﺪﻫﺎ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬

‫ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺨﺮﻩ ﲟﺤﺎﻣﺪ ﻗﻮﻣﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﺧﻼﻕ ﺗﻌﺎﺭﻓﺖ ﺍﻟﻌﺮﺏ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻫﻠﻴﺘﻬﺎ‬
‫ﻭﻛﻔﺮﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ‪ .‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟ ‪‬ﻘﻴ‪‬ﻤﻲ ﻭﺍﳌﻌﻴـﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻟﺪﻳﻬﻢ‪ .‬ﺍﻓﺘﺨﺮ ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ‪ ،‬ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ‬
‫‪ :‬ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻌﺪﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﺍﳊﻤﻴﺪﺓ ﺻﺎﻍ ﺍﳋـﺎﻟﻖ‬
‫ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﺭﺟﺎﻻ ﺍﺻﻄﻔﻰ ﺃﻓﻀﻠﻬﻢ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ ﻭﻗﻴﺾ ﻟﻨﺼـﺮﺗﻪ ﰲ ﲪـﻞ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺗﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻧ ﹾﻔﺴ‪‬ﻬﺎ ﺃﺟﻴﺎﻝ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﲔ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺧﻴـﺎﺭ ﻭﺃﺭﺍﺫﻝ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺠﻤﻴﺔ ﺃﺭﺍﺫﻝ ﻭﺃﺧﻴﺎﺭ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺣﺴﻢ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﰲ‬
‫ﳋﲑ‪‬ﺓ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻻ ﻣﺸﺮﻭﻃﺔ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺇﺫ ﱂ ﳚﻌﻞ ﺍ ‪‬‬
‫ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻻ ﻓﻀﻞ ﻟﻌﺮﰊ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻤﻲ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻯ‪ .‬ﻭﻳﻜـﺬﺏ ﺍﻟﻌﻨﺼـﺮﻳ‪‬ﺔ‬
‫ﻱ ﺍﻟﻘﺎﻃ ‪‬ﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﺫ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄ‪‬ﺎ ﺭﺍﻳ ﹲﺔ ‪‬ﻋ ‪‬ﻤﻴ‪‬ـﺔﹲ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴ‪‬ﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮ ‪‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻳﻜﺬ‪‬ﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﻫ ‪‬ﺪ ﺑﺮﻭﺯ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠـﻢ ﻣﻨـﺬ‬
‫ﺝ ﺍﳌﻨﲑﺓ ﻭﻓﺮﺳﺎﻥ ﺍﳊﻤﻰ‪.‬ﻛﻔﺎ ‪‬ﻙ ﺃﻥ ﺗـﺬﻛﹸﺮ ﺟﻬـﺎﺩ‬ ‫ﺴ ‪‬ﺮ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺍﻷﻓﻐﺎﻥ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ‪ .‬ﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﷲ ﺩﻳﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻪ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﻟﻪ ﺍﻟﺸﻜﺮ‪ .‬ﺃﺻـﻠﺢ ﺍﷲ‬
‫ﺕ ‪‬ﺑ‪‬ﻴﻨﹺﻬﻢ‪ .‬ﻭﺁﻩ! ﺁﻩ! ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﻓﻈﻴﻊ ﺍﻟﺘﻘﺎﺗﻞ ﺍﳉـﺎﻫﻠﻲ‬ ‫ﺫﺍ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﺍﻟ ﹶﻘﺒ‪‬ﻠﻲ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻄﺒﻊ‪ .‬ﺃﻭﺍﺧﺮ ﲨﺎﺩﻯ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪.١٤١٨‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻻ ﻳﺼﺢ ﺇﺳﻼﻣﻴﺎ ﺃﻥ ﻧﺆﺳﺲ ﺍﳍﻮﻳ‪‬ﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ‬

‫ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻠﻮﻥ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ‪ .‬ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﺗﻌﻠﹸﻤﻬﺎ ﻭﺧﺪﻣﺘ‪‬ﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻣﻜﻮ‪‬ﻧﹰﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﳍﺬﻩ ﺍﳍﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻧﺼﻨﻒ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ‪ ،‬ﺍﳌﻨﺘﺸﺮ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺎ‪ ،‬ﺍﳌﺘﻨﻮﻉ ﻣ‪‬ﺤﺘ‪‬ﺪﺍﹰ‪،‬‬
‫ﻕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺗﺼﻨﻴﻔﺎ ﻗﻮﻣﻴﺎ ﺃﻭ ﻃﺒﻘﻴﺎ‪.‬‬
‫ﺍﳌﻤ ‪‬ﺰ ‪‬‬
‫ﱐ ﻟﻠﻤﺴـﻠﻤﲔ ﺇﱃ ﻣﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ‬ ‫ﻛﻨﺖ ﺃﻛﺘﺐ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁ ﱠ‬
‫ﻭﺃﻧﺼﺎ ﹴﺭ ﻫﻢ ﻧﻮﺍ ﹸﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﰒ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ‬
‫ﺍﷲ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﳌﺴﺘﻮﺭﻳﻦ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﺍﻟﻘﻠﻴﻠﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﺎﻗﻄﲔ‬
‫ﰲ ﺳﻠﻢ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﳋﻠﻖ‪ .‬ﰒ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺳـﺒﻘﲏ ﺇﱃ‬
‫ﺗﺒﲏ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻭﺍﻋﺘﱪﻩ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗـﺎﻝ ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ‪:‬‬
‫"ﻓﻜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﻣﺬﻛﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﺣﻜﻤﻬﻢ ﺑﺎﻕ ﺇﱃ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﰲ ﺃﺷﺒﺎﻫﻬﻢ ﻭﻧﻈﺎﺋﺮﻫﻢ"‪.‬‬
‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﻫﻲ ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ ﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ ﺍﻷﻧﻔـﺲ‬
‫ﻭﺍﻵﻓﺎﻕ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻔﻨﺎ ﺍﻟﺼﺎﱀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻐﺰﻭﻧﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ‪ .‬ﻳﻨﺒﻐﻲ‬
‫ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺑﻴﺎﻧ‪‬ﻪ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﹸﻪ‪ ،‬ﳘﺎ ﺍﳌﺮﺟﻊ‬
‫ﻻ ﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺎﺕ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﻤﺪﻫﺎ ﻣـﺎ ﻳﺴـﻤﻰ ﺑــ"ﺍﻟﻌﻠـﻮﻡ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ"‪ ،‬ﻓﻴﺴﺤﺐ ﺳﻠﻮ ‪‬ﻙ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻳﻘﺎﺭﻥ ﺃﻧﻈﻤﺔ‬
‫ﺍ‪‬ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻻﺭﺗﻜﺎﺯ ﻭﻣﻨﻄﻠـﻖ ﺍﻟﻨﻈـﺮ‬
‫ﻭﳕﻮﺫﺝ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﺍ‪‬ﺑﻴ‪‬ﺔ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ﺝ ‪ ١١‬ﺹ ‪.٣٩‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺗﺮﻓﺾ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺗﺄﰉ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ‬

‫ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ‪ .‬ﺗﻌﺘﱪ ﻛﻞ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻏﲑ ﻃﺒﻘﻲ ﺃﺧﻼﻗﻴ‪‬ﺔ ﺭﺧﻮﺓ‪،‬‬
‫ﻭﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺣﺎﳌﺔ‪ .‬ﻭﺗﻌﺘﱪ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﺠﺪﻟﻴـﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳـﺔ ﻭﻟﻮﺍﺣﻘﻬـﺎ‬
‫ﻭﻟﻮﺍﺯﻣ‪‬ﻬﺎ ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴ ﹶﺔ ﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺔ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌ ‪‬ﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺻﺎﻧﻌﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪.‬‬
‫ﻟﻨﺎ ﻋﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﳍﺬﻩ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ‪ .‬ﻭﳕﻀﻲ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻹﳝﺎﱐ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ ﺍﳌﺮﻭﺋﻲ ﺍﻟﻜﺮﻣﻲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﳋﻠﻘﻲ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﳋﺎﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧ‪‬ﺮﻗﹶﻰ‪ ،‬ﻭﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ‪ ،‬ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ‪‬ﻴـﻲﺀ ﺍﳋﻼﻓـﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ ﺃﺟﻴﺎﻝ ﻣﻜﺘﻤﻠﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼـﻴﺔ‪ ،‬ﺳـﻠﻴﻤﻲ ﺍﳍﹸﻮﻳ‪‬ـﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺸﺮﺑ‪‬ﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﺭﺿﺎﻋ‪‬ﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻟﺌﻦ ﻛﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺗﻌﺮﺿﻨﺎ ﳉﻬﺎﺩ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﺼـﻮﻓﻴﺔ‬
‫ﻭﺃﺷﺪﻧﺎ ﲜﻬﺎﺩ ﺍﻷﻣﻨﺎﺀ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ‪ ،‬ﻓﺈﳕﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻟﻨﺴـﺘﺄﻧﺲ‬
‫ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻋﻘﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ‪ .‬ﰒ ﻧﺼﻌ‪‬ﺪ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪ ،‬ﻭﻧﺰﻝ ﻓﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻋﺎﺷـﻮﺍ‬
‫ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻗﻀﻮﺍ ﳓﺒﻬﻢ ﻣﻌﻪ ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﳎﺎﻫﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﺟﻬﺎﺩ ﻗﺒـﻞ‬
‫ﻛﻞ ﺷﻲﺀ‪ .‬ﻻ ﺃﻋﲏ ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﻤـﺎ ﺫﺍﻙ ﺇﻻ ﺻـﻮﺭﺓ‬
‫ﻭﳊﻈﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ‪ .‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺫﻭﻭ ﻛﻔﺎﺁﺕ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ‬
‫ﳍﺬﺍ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻳﺘﻔﺎﺿﻠﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪" :‬ﺃﺭﺣ ‪‬ﻢ ﺃﻣﱵ ﺑﺄﻣﱵ ﺃﺑﻮ ﺑﻜـﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺃﺷﺪﻫﻢ ﰲ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻭﺃﺷﺪﻫﻢ ﺣﻴﺎﺀ ﻋﺜﻤـﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺃﻗﻀـﺎﻫﻢ ﻋﻠـﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﺎﳊﻼﻝ ﻭﺍﳊﺮﺍﻡ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻓﺮﺿ‪‬ﻬﻢ ﺯﻳـﺪ ﺑـﻦ ﺛﺎﺑـﺖ‪،‬‬
‫ﰊ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ‪ .‬ﻭﻟﻜﻞ ﻗﻮﻡ ﺃﻣﲔ‪ ،‬ﻭﺃﻣﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ‬ ‫ﻭﺃﻗﺮﺅﻫﻢ ﺃ ‪‬‬
‫ﺍﳉﺮﺍﺡ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﺃﻇﻠﺖ ﺍﳋﻀﺮﺍﺀُ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﻗﻠﺖ ﺍﻟﻐﱪﺍﺀ ﺃﺻﺪﻕ ﳍﺠﺔ ﻣﻦ ﺃﰊ ﺫﺭ‪.‬‬
‫ﺃﺷﺒﻪ ﻋﻴﺴﻰ ﰲ ‪‬ﻭ ‪‬ﺭ ‪‬ﻋ ‪‬ﻪ"‪ .‬ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ‪ :‬ﺃﻓﺘﻌﺮﻑ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ؟ ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫"ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻋﺮﻓﻮﺍ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟـﻚ‪ ،‬ﻭﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﻴﺢ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻣﺘﺎﺯ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬
‫ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻘﺮﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭﺻ‪‬ﺤﺒﺘﻪ ﺍﳌﻼﺯﻣﺔ ﻭﺑﺬﻟﻪ ﺍﳌﺘﻔﺎﱐ ﻟﻠﺠﻨﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ‪ .‬ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻪ‪" :‬ﺇ ﹼﻥ ﻣﻦ ﺃﻣ ‪‬ﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻲ ﰲ ﺻﺤﺒﺘﻪ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﺃﺑﻮ‬
‫ﺑﻜﺮ‪ .‬ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺨﺬﺍ ﺧﻠﻴﻼ ﻏﲑ ﺭﰊ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻻﲣﺬﺕ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ‪ .‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺃﺧﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻣﻮﺩﺗ‪‬ﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ ﺑﺎﺏ ﺇﻻ ﺳﺪ‪ ،‬ﺇﻻ ﺑـﺎﺏ ﺃﰊ‬
‫ﺑﻜﺮ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﻳﻔﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺳ ‪‬ﺪ ﺍﻷﺑـﻮﺍﺏ‬
‫ﺇﻻ ﺑﺎﺏ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻣﻦ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻤﺮ ﺃﺷﺪ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺃﻣـﺮ ﺍﷲ‪ .‬ﻣـﻦ‬
‫ﺷﺪﺗﻪ ﻭﺣﺰﻣﻪ ﻭﻋﺰﻣﻪ ﺃﻧﻪ "ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﺃﻭﻝ ﻣـﻦ‬
‫ﲨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﰲ ﺍﳌﺼﺤﻒ‪ ،‬ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﲨﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺻـﻼﺓ ﺍﻟﺘـﺮﺍﻭﻳﺢ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺲ‪ ‬ﰲ ﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬ﻭﲪﻞ ﺍﻟ ‪‬ﺪﺭ‪‬ﺓ ﻭﺃﺩﺏ ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻟﻔﺘﻮﺡ‪ ،‬ﻭﻭﺿـﻊ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳋﺮﺍﺝ‪ ،‬ﻭﻣﺼﺮ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺍﺳﺘﻘﻀﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟـﺪﻳﻮﺍﻥ‪ ،‬ﻭﻓـﺮﺽ‬

‫‪١‬‬
‫ﺍﻷﻋﻄﻴﺔ"‪.‬‬
‫ﻳﻜﻔﻲ ﺗﺸﺮﻳﻔﺎ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺭﻭﺗـﻪ‬
‫ﺃﻣﻨﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻭﻓﺨﺬﹸﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻥ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻭﺩﺧـﻞ‬
‫ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﺮ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺨﺬﻩ‪ .‬ﰒ ﺩﺧﻞ ﻋﻤﺮ ﻭﺑﻘـﻲ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺣﺎﻟﻪ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺃﺭﺧﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻌﺎﺋﺸﺔ ﳌﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ ‪‬ﻟ ‪‬ﻢ ﱂ‬
‫ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ‪‬ﻲﺀ ﻋﺜﻤﺎﻥ‪" :‬ﺃﻻ ﺃﺳﺘﺤﻲ ﳑﻦ ﺗﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﳌﻼﺋﻜـﺔ؟!"‪.‬‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺑﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﻋﻠﻲ ﻓﻜﺎﻥ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﻴﻒ‪ ،‬ﻭﺃﻗﻀـﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺟﺮﺛﻮﻣﺔ ﺍﻟﺸﺮﻑ‪ ،‬ﻭﻗﻤ‪‬ﺔ ﺍﻷﺧﻼﻕ‪ .‬ﺗﺮﻙ ﺑﺼـﻤﺎﺕ ﺷﺨﺼـﻴﺘﻪ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻓﺘﺘﻨﺖ ﺑﻪ ﻏﻼﺓ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺣﱴ ﺃﻟﱠﻬﻮﻩ‪ .‬ﻭﻫـﺬﺍ‬
‫ﻭﺻﻒ ﺭﺍﺋﻖ‪ ،‬ﻣﻦ ﳏﺐ ﻭﺍﻣﻖ ﺻﺎﺩﻕ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﳉـﻮﺯﻱ ﺭﲪـﻪ ﺍﷲ‬
‫ﺿﻤ‪‬ﺮﺓ‪ :‬ﺻﻒ ﱄ ﻋﻠﻴﺎ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺃ ‪‬ﻭ‬ ‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻟﻀ‪‬ﺮﺍﺭ ﺑﻦ ‪‬‬
‫ﺗ‪‬ﻌﻔﻴﲏ! ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺑﻞ ﺻﻔﻪ! ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃ ‪‬ﻭ ﺗ‪‬ﻌﻔﻴﲏ! ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻻ ﺃﹸﻋﻔﻴﻚ! ﻗﺎﻝ‪ :‬ﺃﻣ‪‬ـﺎ ﺇﺫﻥ‬
‫ﻓﺈﻧﻪ ﻭﺍﷲ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﳌﺪ‪‬ﻯ‪ ،‬ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟ ﹸﻘﻮ‪‬ﻯ‪ ،‬ﻳﻘﻮﻝ ﻓﺼﻼ‪ ،‬ﻭﳛﻜﻢ ﻋـﺪﻻ‪.‬‬
‫ﻳﺘﻔﺠﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻄﻖ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺣﻴﻪ‪ .‬ﻳﺴـﺘﻮﺣﺶ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻫﺮ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﻳﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭﻇﻠﻤﺘﻪ‪.‬‬

‫‪١‬‬
‫ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺼﻔﻮﺓ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٢٧٦‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺐ ﻛﻔﹼﻪ‪ ،‬ﻭﳜﺎﻃﺐ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬ ‫"ﻛﺎﻥ ﻭﺍﷲ ﻏﺰﻳﺮ ﺍﻟﺪﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻃﻮﻳ ﹶﻞ ﺍﻟﻔ‪‬ﻜﺮﺓ‪ ،‬ﻳﻘﱢﻠ ‪‬‬
‫ﺐ‪.‬‬
‫ﺸ ‪‬‬ ‫ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﻣﺎ ‪‬ﺧﺸ‪‬ﻦ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﺎ ‪‬ﺟ ‪‬‬
‫"ﻛﺎﻥ ﻭﺍﷲ ﻛﺄﺣﺪﻧﺎ‪ ،‬ﳚﻴﺒﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﻨﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺒﺘﺪﺋﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺗﻴﻨﺎﻩ‪ ،‬ﻭﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺩﻋﻮﻧﺎﻩ‪ .‬ﻭﳓﻦ ﻭﺍﷲ ﻣﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒﻪ ﻟﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻗﺮﺑﻪ ﻣﻨﺎ‪ ،‬ﻻ ﻧﻜﻠﻤﻪ ﻫﻴﺒﺔ ﻭﻻ ﻧ‪‬ﺒﺘﺪﺋـﻪ‬
‫ﻟﻌﻈﹶﻤﻪ‪.‬‬
‫"ﻓﺈﻥ ‪‬ﺗﺒ‪‬ﺴﻢ ﻓﻌﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ‪ ،‬ﻳﻌﻈﻢ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ﻭﳛـﺐ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ‪ .‬ﻻ ﻳﻄﻤﻊ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﰲ ﺑﺎﻃﻠﻪ‪ ،‬ﻭﻻ ﻳﻴﺄﺱ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻣﻦ ﻋﺪﻟﻪ‪.‬‬
‫"ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺑﺎﷲ ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺧﻰ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﺠﻮﻓﻪ‪،‬‬
‫ﻭﻏﺎﺭﺕ ﳒﻮ ‪‬ﻣﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ‪‬ﻣﺜﹸﻞ ﰲ ﳏﺮﺍﺑﻪ ﻗﺎﺑﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﳊﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻳﺘﻤﻠﻤـﻞ ﲤﻠﻤ‪‬ـ ﹶﻞ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ )ﺍﻟﺬﻱ ﻟﺪﻏﺘﻪ ﺍﳊﻴﺔ(‪ ،‬ﻭﻳﺒﻜﻲ ﺑﻜﺎﺀ ﺍﳊﺰﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺖ! ﺃﻡ ﱄ‬ ‫"ﻭﻛﺄﱐ ﺃﲰﻌﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ‪ :‬ﻳﺎ ﺩﻧﻴﺎ! ﻳﺎ ﺩﻧﻴـﺎ! ﺃﰊ ﺗﻌ ‪‬ﺮﺿ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﻚ )ﻃﻠﻘﺘـﻚ( ﺛﻼﺛـﺎ! ﻻ‬ ‫ﺖ! ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻫﻴﻬﺎﺕ! ﻏﺮ‪‬ﻱ ﻏﲑﻱ! ﻗﺪ ﺑ‪‬ﺘ‪‬ﺘ ‪‬‬ ‫ﺗﺸ ‪‬ﻮ ﹾﻓ ‪‬‬
‫ﺭﺟﻌﺔ ﱄ ﻓﻴﻚ! ﻓﻌﻤﺮﻙ ﻗﺼﲑ! ﻭﻋﻴﺸﻚ ﺣﻘﲑ! ﻭﺧﻄ ‪‬ﺮ ‪‬ﻙ ﻛﺒﲑ‪ .‬ﺁﻩ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﺰﺍﺩ‪ ،‬ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻭﻭﺣﺸﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ!"‬
‫ﻉ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺣﱴ ﺧﺮ‪‬ﺕ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ‪" :‬ﻓﺬﺭﻓﺖ ﺩﻣﻮ ‪‬‬
‫‪١‬‬
‫ﳊﻴﺘﻪ ﻓﻤﺎ ﳝ‪‬ﻠﻜﹸﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﻴ‪‬ﻔﻬﺎ ﺑﻜﻤﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻨﻖ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎﺀ"‪.‬‬
‫ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺧ‪‬ﺒﻴﺒﹰﺎ ﻗﺎﻝ ﳌﺎ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﻗـﺮﻳﺶ ﻭﺫﻫﺒـﻮﺍ ﺑـﻪ‬
‫ﻟﻴﻘﺘﻠﻮﻩ‪:‬‬
‫‪+&/T*'5:   +75,Q)*r#
+-*4,58‬ن א?(‪ :‬‬
‫وذ
‪8‬ذא‪J‬א‪
¤‬و
ن‪*'5:ْ=+$   ْVm‬و‪+L‬ل‪MN7$ٍ>ْ5W‬ع ‬
‫‪١‬‬
‫ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺼﻔﻮﺓ ﺝ ‪ ١‬ﺹ ‪.٣١٥‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻧﺴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﰊ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻋﻦ ﻋﺮﻭﺓ ﻗﻮﻟﻪ‪:‬‬

‫
‪w—*@9‬א‪N#G‬א_‪%B5š+)   
>#‬وא‪>I7cQ‬א&‪ w7¥‬‬
‫و*
‪>$a‬א ‬
‫
‪h‬א?*‪   –-&@I-–-6>.W‬و‪@L=*+‬א‪N#G‬א_
‪@/:‬‬
‫(‪ :O‬‬

‫ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻳﻮﻡ‬

‫ﺍﳋﻨﺪﻕ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ‪:‬‬
‫وא?
>‪X‬א?‪+‬א‪   +/@Qb‬و‪+/)@(PX‬و‪ +/5LX‬‬
‫‪   +/5:[/.;
N3V8‬و‪4s‬א‪@)G‬אم
ن‪ +/)X‬‬
‫
نא‪>p-@)hG‬א‪
  +/5:‬ذא*=אدوא‪ +/-*[/Q8‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ F&ُE‬ـــــ&ِ‪> &2 2 D v‬ــــ‬ ‫َ‪ 89* َD‬ـ
‪>: ' TUC‬ـ@‪22‬ـــ‬
‫‪5: - 
> 2R2b D‬ـ ~‪>َID F‬ـــ‬ ‫َ>ــــ„  ــ
‪G@b D 5 0‬ــ‬
‫‪22,? َI ِ-
ُ  220‬ـــ‬ ‫&‪)2‬ــُ‪5` 9‬ـ‪2 > 9ِ, T/‬ـــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫'‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﻭﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﺍﻟـﺬﻳﻦ‬
‫ﺁﻭﻭﺍ ﻭﻧﺼﺮﻭﺍ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﺣﻘﺎ‪ ،‬ﳍﻢ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻭﺭﺯﻕ ﻛﺮﱘ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ‬
‫ﺧﲑ ﻣﺎ ﺳﺄﻟﻚ ﻣﻨﻪ ﻋﺒﺪﻙ ﻭﻧﺒﻴﻚ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﺎ ﻋﺎﺫ ﺑﻚ ﻣﻨﻪ ﻋﺒﺪﻙ ﻭﻧﺒﻴﻚ‪.‬‬

‫ﺃﲢﺎﺷﻰ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ "ﺛﻮﺭﺓ" ﻟﻜﻴﻼ ﺃﻭﺍﻓﻖ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻏﲑﻧﺎ‪ ،‬ﻓـﺈﻥ‬

‫ﺕ‪.‬‬
‫ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺗ‪‬ﻔﻴﺾ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻭﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺍﳌﺴـﻤﻴﺎﺕ ﺇﻥ ﺍﺳ‪‬ـﺘ‪‬ﻌ ‪‬ﲑ ‪‬‬
‫ﻭﺃﺳﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ "ﻗﻮﻣﺔ" ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ‪‬ﻮﺽ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﻃﻠﻴﻌﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺪ‬
‫ﺍﷲ ﻟ ﹶﻔﺮ‪‬ﺽ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻜﺌﻴـﺐ ﺍﳌﺘﻤﻴـﺰ ﺑـﺎﻟﺘﺨﻠﻒ‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻦ ﺩﻳـﻦ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﻭﺍﳉﻬﻞ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻋﻦ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻒ ﺍﻹﳍﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﳊﻤﻞ ﺭﺳـﺎﻟﺔ ﺍﳊـﻖ‬
‫ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬
‫ﺃﺳﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ "ﻗﻮﻣﺔ" ﻣﻮﺍﹶﻓ ﹶﻘ ﹰﺔ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭﻣﻄﺎﺑﻘـﺔ ﰲ ﺗﺴـﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﻻﻧﻄﻼﻗﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﲟﺎ ﲰ‪‬ﻴﺖ ﺑﻪ ﺍﻷﻭﱃ‪ .‬ﺃﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻻﺳﻢ ﲢ ‪‬ﺮﻳ‪‬ﺎ ﻣﻦ ﻣﺴـﺎﻳﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ‪‬ﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻨﺘﺠﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻓ‪‬ﻴﻨ‪‬ﺒﺖ ﳊ ‪‬ﻢ ﻓﻜﺮﹺﻩ ﻭﻳﺘﻜﻮﻥ ﻋﻈﻤ‪‬ﻪ ﻭﳚﺮﻱ ﺩﻣﻪ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ ﻫﻲ ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ‬
‫ﻭﺫﺍﺕ ﻏﲑﻩ‪ .‬ﺃﺳﺘﻌﻤﻞ "ﻗﻮﻣﺔ" ﺑﺪﻝ "ﺛﻮﺭﺓ" ﻷﺳﺠﻞ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻧـﻴﱵ ﻋـﻦ‬
‫ﻧﻴﺎ‪‬ﻢ ﻭﺍﺗﺴﺎﻉ ﺃﻫﺪﺍﰲ ﻋﻦ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﻢ ﻭﺣﻀﻮﺭ ﻏﺎﻳﱵ ‪-‬ﻭﻫﻮ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪-‬‬
‫ﻭﻏﻴﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﰲ ﺣﺴﺒﺎ‪‬ﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﳛﻜﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺍﳉﻦ ﳌﺎ ﺃﺗﻮﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬

‫ﻭﺳﻠﻢ ﻭﲰﻌﻮﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺁﻣﻨﻮﺍ‪
:‬ﻭﺇﻧﻪ ﳌﺎ ﻗﺎﻡ ﻋﺒـﺪ ﺍﷲ ﻳـﺪﻋﻮﻩ ﻛـﺎﺩﻭﺍ‬
‫ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺒﺪﺍ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳉﻦ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (١٩ :‬ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﳝﺔ ﻭﺣﺪ‪‬ﻫﺎ ﻋﻨـﻮﺍﻥ‬
‫ﻭﺑﺮﻧﺎﻣ ‪‬ﺞ‪ .‬ﺃﺑﺮﺯ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﺒﺪ ﷲ‪ .‬ﻭﺗﻠﺒ‪‬ﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻘـﺎﺋﻢ‬
‫ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻬﻢ ﻟﻪ ﻭﻣﺼﺎﺑﺮﺗ‪‬ﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺣﱴ‬
‫ﺼﻠﹸﻪ ﺳﲑﺗ‪‬ﻪ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﺔ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬‫ﺝ ﻫﺎﺩ ‪‬ﺗ ﹶﻔ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻛﺎﻣﻞﹲ‪ ،‬ﻭﳕﻮﺫ ‪‬‬
‫ﻭﺳﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻋﺘﻨﺎﻕ ﺍﳍﻮﻳ‪‬ﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﻮﻣﺘﻨﺎ ﰲ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻻﺗ‪‬ﺒﺎﻉ ﻭﺍﻻﻫﺘـﺪﺍﺀ‬
‫ﺑﻌﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﰲ ﻗﺮﻳﺶ‪ .‬ﻭﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺳﲑﺗﻪ ﺍﻟﻨﲑﺓ ﻳﻜﻮﻥ‬
‫ﺴﺮﹺﻗﻨﺎ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﺼـﺮﺍﻋﻴﺔ‬ ‫ﻋﻤﻠﻨﺎ ﰲ ﺃﻣﺎ ‪‬ﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ‪‬ﺗ ‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﲑﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﻟﺘﻠﻚ ﺍﳊﻠﻮﻝ‪.‬‬
‫ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﲢﻠﻴﻞ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻻ ﻳﺼﻨ‪‬ﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪-‬ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻫـﻮ ﻇﻼﻣﻴ‪‬ـﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺍﻋﺘﺮﻓﻮﺍ ﲟﻨﺎﺑﻌﻬﻢ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﻨﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﺍ ﻓـ"ﺍﻻﺷـﺘﺮﺍﻛﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ" ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ‪ .‬ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﺃﻭﻓﻴﺎﺀ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ‬
‫ﺧﺮﺍﺏ ﺩﻳﺎﺭﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ‪،‬ﻛﺸﺄﻥ ﻣﻦ ﻳﺘﺮﺟﻢ ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﻏﲑﻩ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻫﻮﻳـﺔ‬
‫ﻏﲑﻫﺎ‪ ،‬ﳚﺮﻭﻥ ﰲ ﻭﻫﻢ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﲑ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺔ ﻋﺘﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻴﺔ ﻏﺎﺩﺭﻫﺎ ﻛﻞ‬
‫ﻗﻄﺎﺭ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪ ،‬ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﺟﺮﺑﺎﺗﺸﻮﻑ ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺍﻷﺯﻳﺎ ِﺀ ﺍﳋﻄﺈ ﺍﻟـﱵ ﻻ‬
‫ﺗﺸﺮﻑ ﺻﺎﻧﻌﻬﺎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﳌﺘﻤﺴﺤﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﻠـﻚ‬

‫ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺒﻠﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺴﻢ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﱃ ﻳﺴﺎﺭ ﺗ‪‬ﻀﻔﻰ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻛﻞ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺇﱃ ﳝﲔ ﻫﻮ ﻣﻌﺪﻥ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺇﱃ ﻭﺳﻂ ﻻ ﻣـﻦ‬
‫ﻫﺆﻻﺀ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﺒﺴﻴﻄﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻓﻴﻮﻧﺎ ﺃﺳﻜ ‪‬ﺮ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ‬
‫ﺼﺒ‪‬ﺘﻪ‪ .‬ﰒ ﺃﻓﺎﻕ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻭﺑﻘﻲ ﺑ‪‬ﻠﺪﺍﺅ‪‬ﻧﺎ ‪‬ﻳ‪‬ﻨﺘ‪‬ﺠﻮﻥ‬
‫ﻭﻗﻮﻣﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻴﻨﲔ ﻭ ‪‬ﻋ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﹺﻴﺔ ﺍﳌﺘﺨﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻫﻲ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺍﳌﺆﺳ‪‬ﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴـﻞ‬
‫"ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ" ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻌـﺘﻘﻼﺕ ﺍﳉـﻮﻻﺝ‪ .‬ﻳﺸـﻬﺪ‬
‫ﺟﻮﺭﺑﺎﺗﺸﻮﻑ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﰐ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ﻋﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑـﺎ‬
‫ﻭﺃﻣﺮﻳﻜـﺎ‪ ،‬ﻭﻳﻌﻠﻦ ﻟﻘﻮﻣﻪ ﺃﻥ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ "ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ" ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ‬
‫ﻣﻘﺒﻮﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺎﺕ‪ ،‬ﲝﺎﺟﺔ ﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟـﱵ ﻳﻜـﻮ‪‬ﻥ‬
‫ﺧﺮﻗﹸﻬﺎ ﻣﺒﺪﹰﺃ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻤﺠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺛﻐﺮﺓ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻄﻌﻦ ﺍﳌﺘﺤﻀﺮﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﳑﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺜـﻮﺍﺭ ﺍﳊﻤـﺮ ﺍ ﹶﳍﻤ‪‬ـﺞ ﰲ‬
‫ﻛﻤﺒﻮﺗﺸﻴﺎ‪.‬‬
‫ﻻ ﳛﺐ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺑـﲏ ﺟﻠـﺪﺗﻨﺎ ﺍﳌﺘﻤﺮﻛﺴـﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺴـﻤﻌﻮﺍ‬
‫ﺟﻮﺭﺑﺎﺗﺸﻮﻑ ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﳜﻮﺽ ﺍﳌﻌﺎﺭﻙ ﺍﶈﻤﻮﻣﺔ ﻹﻋـﺎﺩﺓ‬
‫ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﺰﺏ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﻫﻴﻜﻠـﺔ‬
‫ﺗﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺍﳌﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻛﺐ ﰲ ﻛﻞ ﺍﳌﻴﺎﺩﻳﻦ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﻛﺐ ﺍﳉﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻟﻴﱪﺍﻟﻴﺎ‪ ،‬ﻟﻦ ﻧﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﺮﺑﺔ‬

‫ﻣﻦ ﻋﺮﺑﺎﺗﻪ ﺇﻥ ﱂ ﻧﺘﻤﺴﻚ ‪‬ﻮﻳﺘﻨﺎ ﻭﺭﺳﺎﻟﺘﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪ .‬ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻣـﺘﺨﻠﻔﲔ‬
‫ﻋﻨﻪ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ﻭﺇﳒﺎﺯﺍﺕ ﺃﺭﺿﻴ ﹰﺔ ﻋﻠﻤﻴ ﹰﺔ ﻓﻼ ‪‬ﻳﻨ‪‬ﺴﻴﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺃﻧﻨﺎ ﲪﻠـ ﹸﺔ‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻧﻮﻣﻦ ﺑﺎﷲ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻫﻢ ﻳﻜﻔﺮﻭﻥ‪ .‬ﰒ ﻻ ﻳﻨﺴـﻴﻨﺎ ﺇﺳـﻼﻣﻨﺎ‬
‫ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﻭﺗﻔﺎﺧﺮﻧﺎ ﲝﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺍﳌﺘﺄﻟﻘﺔ ﻋﺼﺮﺍ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻧﻪ ﻛـﺎﻥ ﻓﻴﻨـﺎ‬
‫ﺽ‬‫ﺏ ﻓﺴﺎ ‪‬ﺩ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻧﺘﻘـﺎ ﹺ‬ ‫ﹸﻇﻠﹾﻢ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺟﺮﺍﺛﻴﻢ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺳﺮﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻴﺰﺍ ﹺ‬
‫ﻋﺮﻭﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﺓ ﺍﻷﻭﱃ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺻ ﹶﻞ ﺍﻵﻥ ﺇﱃ‬
‫ﻂ ‪‬ﺩ ‪‬ﺭ ‪‬ﻙ‪.‬‬
‫ﺃﺣ ﱢ‬
‫ﺤ ‪‬ﻤﻠﹾﻨﺎ ﺇﻧﻜﺎﺭ‪‬ﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﲔ ﻣﻦ ﺫﺭﺍﺭﻳﻨﺎ ﺍﺳـﺘﻤﺪﺍﺩﻫﻢ ﻣـﻦ‬ ‫ﻭﻻ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﻠﺤﺪﺓ ﳏﺎﻣ‪‬ﻞ ﺍﳉﻬﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﺩﺍﺅ‪‬ﻧـﺎ‬
‫ﺴ ‪‬ﻤ ‪‬ﻲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻨﺎ ﻗﺎﺋﻤﲔ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻋـﺪﻝ‬ ‫ﺍﻟﻮﺑﻴﻞ‪ .‬ﻻ ﳝﻜﻦ ﻭﻻ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ‪‬ﻧ ‪‬‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺑﺎﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻘ‪‬ﺴﻤﺔ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪﺓ ﺃﺑـ ‪‬ﺮ ‪‬ﺯ ‪‬ﺑﻨ‪‬ـ ‪‬ﺪﻳ‪‬ﻦ ﰲ‬
‫ﺑﺮﻧﺎﳎﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺮﻕ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﺘﻴﺎﺳﺮﻳﻦ ﺃ‪‬ﻢ ﻳﻌﺎﺩﻭﻥ ﺍﻟﱪﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻏﻀﺐ ﺇﻧﺴﺎﱐ ﳏﺘﺮﻡ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻏﻀ ﹴ‬
‫ﺻﻌﻴﺪ ﺍﳌﺮﻭﺁﺕ‪ .‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﻌﺎﺩﻱ ﳓﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ ﻭﻣﺎ ﳝـﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻔـﺮ‬
‫ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ ﺑﺼﻠﺔ‪ .‬ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺃﻓﻈﻊ ﻭﺃﺷﺪ ﺳﻮﺍﺩﹰﺍ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻋﻪ‬
‫ﺍﻟﻈﱡﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺮﺟﻌﻨﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬ﻭﺟـﺪﻧﺎ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﰲ ﺍﻟﺪ‪‬ﺭﻙ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻫﻮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﻳﺼﻐﺮ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﻌﻪ ﻛﻞ ﻇﻠﻢ ﺧﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ‪ .‬ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺎﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﺮﺡ‬

‫ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺑﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﱪﻭﻟﺘﺎﺭﻳﺎ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺴـﺘﺒﺪﻝ ﺑـﺎﻟﻈﻠﻢ‬
‫ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻜﺮﻫﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ ﻛﻞ ﺫﻱ ﻣﺮﻭﺀﺓ‪ ،‬ﺑﻞ ﻧﻜﺮﻫﻪ ﺃﺷﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﻛﺮﺍﻫﺘﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻇﻠﻤﺎ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﻫﻢ ﳛﺒﻮﻧﻪ ﻭﻳﺘﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﳌﻮﺕ ﺍﻟﺰﺅﺍﻡ‪.‬‬
‫ﻂ‬
‫ﻧﺮﻳﺪ ﰲ ﻗﻮﻣﺘﻨﺎ ﻋﺪ‪‬ﻻ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝـﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴـﺎﻥ ﻻ ﺑﺎﻟ ﹶﻜﺸ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﲤﺎﺭﺳﻪ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪-‬ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻘﺔ ﻋﺪﻭﺓ‪ .‬ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻳﻔﺘﺮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺛﺮﻭﺓ ﻭﻓﻘﺮﺍ‪ ،‬ﻓﻴﺪﻓﻊ ﺍﻹﺛﺮﺍ ُﺀ ﺍﻟﻈـﺎ ﹸﱂ ﺍﻻﺳـﺘﻐﻼﱄ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺒﻪ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﺘﻔﻘ ‪‬ﲑ ﺍﻟﻈﺎ ﹸﱂ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍ َﺀ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻜﻔﺮ‪،‬‬
‫ﻣﺼﺪﺍﻗﺎ ﻟﻸﺛﺮ "ﻛﺎﺩ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﹸﻔﺮﺍ"‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ ﺍﻷﻛﱪ ﻭﻫـﻮ ﺍﻟﺸـﺮﻙ‪ ،‬ﻓﻴﻜـﻮﻥ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻜﱪﻭﻥ ﻃﺒﻘﻴ‪‬ﺎ ﻫﻢ ﺍﳌﹸﻀﻄﻬﹺﺪﻭﻥ ﻟﻠﻤﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﺵ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻌـﺎ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺪﻝ ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ! ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻈﻠ ‪‬ﻢ ﺍﻟﺼﻐ ‪‬ﲑ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻄﻴ‪‬ﺔ ﻟﻠﻈﻠـﻢ‬
‫ﺍﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ﻭﻳﻘﺎﺗﻞ ﺍﳌﻮﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧـﺮ ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﰲ‬
‫ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﺑﺒﻮﺍﻋﺚ ﲣﺘﻠﻒ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳ‪‬ﺎ ﻋﻦ ﺑﻮﺍﻋﺚ ﺍﳌﻠﺤﺪﻳﻦ‬
‫ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻱ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻄﺒﻘـﻲ ﺍﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ‬
‫ﺟﺎﻫﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻛﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻠﻪ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻭﻥ ﲟﻨﻈﺎﺭ ﺍﳉﺪﻟﻴـﺔ‬
‫ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺯﻋﻴﻤﺎ ﻟﻠﻴﺴﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ .‬ﻭﻛﻼﻣﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻳﻜﺬﺏ ﺗﺮﻫﺎ‪‬ﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺗﻔﺴﲑﻩ ﻟﺴﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻴﺎ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬
‫ﻒ‬
‫ﻗﺎﻝ‪" :‬ﺑﻌﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﺭﺑﻌﺔ ﺃﺳـﻴﺎﻑ‪ :‬ﺳـﻴ ‪‬‬
‫ﻟﻠﻤﺸﺮﻛﲔ
ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﺴﻠﺦ ﺍﻻﺷﻬﺮ ﺍﳊﺮﻡ ﻓﺎﻗﺘﻠﻮﺍ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑـﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪(٥ :‬‬
‫ﻭﺳﻴﻒ ﻟﻠﻜﻔﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻮﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﻭﻻ ﺑـﺎﻟﻴﻮﻡ‬
‫ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻻ ﳛﺮﻣﻮﻥ ﻣﺎ ﺣﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻻ ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ ﺩﻳﻦ ﺍﳊـﻖ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺣﱴ ﻳﻌﻄﻮﺍ ﺍﳉﺰﻳﺔ ﻋﻦ ﻳﺪ ﻭﻫﻢ ﺻﺎﻏﺮﻭﻥ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑـﺔ‪،‬‬

‫ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٩ :‬ﻭﺳﻴﻒ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻘﲔ
ﺟﺎﻫﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٧٣ :‬ﻭﺳﻴﻒ‬
‫ﻟﻠﺒﻐﺎﺓ
ﻓﻘﺎﺗﻠﻮﺍ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻐﻲ ﺣﱴ ﺗﻔﻲﺀ ﺇﱃ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ)ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺠﺮﺍﺕ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪."(٩ :‬‬
‫ﺟﺎﻫﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ ﺍﳌﺴـﺘﻜﱪﻳﻦ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪،‬‬
‫ﻭﺟﺎﻫﺪ ﺃﺻﺤﺎﺑ ‪‬ﻪ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ‪ .‬ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﻏﲎ ﻋـﻦ ﺳـﻴﻒ‬
‫ﺧﺎﻣﺲ ﻷﻥ ﺍﳌﺴﺘﻜﱪﻳﻦ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻫﻢ ﰲ ﺍﳉﻤﻠـﺔ ﺍﻷﻏﻨﻴـﺎ ُﺀ ﺍﳌﺘﺮﻓـﻮﻥ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﺒﺪﻭﻥ ﺍﳉﺎﺣﺪﻭﻥ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻭﺑﺴﻴﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﺑﻐﲑﻩ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻡ ﻟﻨﻘﻄﻊ ﺩﺍﺑﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤـﺎﻟﻒ‬
‫ﺍﻟﻈﺎﱂ ﺍﻟﻜﻔﺮﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺮﻑ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ‪ .‬ﻻ ﺧـﱪ ﻋﻨـﺪ ﺍﶈﻠﻠـﲔ‬
‫ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﲔ ‪‬ﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻘﺘﺎﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺧﱪ ﻋﻨﺪﻫﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﳚﻠﺠﻞ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻟﻴﺘﻤﺎﻳﺰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﳝـﺎﻥ‬
‫ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻔﺮ‪ ،‬ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﺘﱪﺃ ﺍﳌﺘﺮﻓﻮﻥ ﰲ ﺃﻣﺲ ﺍﻟﻔﺘﻨـﺔ ﻣـﻦ ﺗـﺮﻓﻬﻢ‬
‫ﻭﺍﺣﺘﻜﺎﺭﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﱪﺃ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﰲ ﻇﹸﻠﻢ ﺍﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴـﺎﺕ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﺰ‪‬ﻳﻎ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﳋﻨﺴﺎﺀ ﰲ ﻣﺼﺎﻑ ﻏﺰﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﺳﻴﺔ‪:‬‬

‫‪
P>D
+‬نא
‪>cI‬زא
‪
+/Qx(3@)   [xL+/‬ذد‪+/Q:‬א
‪[#=+‬‬
‫‪[
+9‬ذא‪+-J‬نوא‪+8   x‬د=وאא_א
‪A‬وسא
‪ +.‬‬
‫و
›‪>95P+‬ن‪@/:‬א
(‪œ;   xš+‬ل‪++‬ن&"‪ ¦+3ً+-‬‬
‫)@*‪>/9‬א‪w)>-%./‬א‪   xš+‬و*‪+L1+#r-$%Q3‬‬

‫ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻭﺻﻴﺔ ﺃﻣﻪ ﳍﻢ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ‪:‬‬

‫
نא
‪>cI‬زذא‪N#$J‬مو‪   O@5T‬وא
‪‘2/‬א‪G‬و‪i8‬وא
*א‪ „@G‬‬
‫)@*‪@M,
+-+/P‬אدوא
‪+B/[x(3   O@W‬و‪„-‬א‪ @
>
+-‬‬
‫‪&+8‬وאא_‪ ً1+7$#‬א
‪@I‬د  
‪>
+‬ز‪=+-‬د“‪'5:‬א
‪ @O .‬‬
‫*و‪%O/6%.Os=>P“[Q‬א‪[/T   @-G‬א
دوسوא
‪§I‬א
‪ @O 6‬‬

‫ﻭﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺍﻷﻭﻻﻥ ﻓﺎﺭﲡﺰ ﻗﺎﺋﻼ‪:‬‬

‫وא?‪(I3X‬א
‪>cI‬ز‪+-@#+/P*@)   +8#‬و‪ +k:‬‬
‫‪+x($3‬و‪-‬א‪+L‬د)‪+‬و
‪+8   +k‬د=وאא_א
‪A‬وسز‪ +O#‬‬
‫‪>`5P'Q#‬אœل&‪   +a
E,‬و‪ +m&%&+¨;:%b>m.P‬‬

‫ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺭﲪﻬﻢ ﺍﷲ ﲨﻴﻌﺎ ﻭﻗﺎﻝ‪:‬‬

‫
‪h
4,‬א‪+,/j‬و‪N#Œ
X‬م   و‪ٍ7I
X‬وذא
‪f+/M,‬א‪@)G‬م ‬
‫
ن‪=‘ *Z‬د‪ O‬א§‪§T‬א
‪+   %cI‬ض‪'5:‬א}>ل‪ OAD^%AD‬م‘ ‬
‫
‪>
+‬ز‪T+:‬و‪*   %/p‬و
>‪ 1+8‬א
‪,‬א‪&G‬م ‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪َ4 D‬ـْ‪ُ@R‬ـــ ــ‪>d? G%op‬ـــ(^َ ‪R20‬ــــــ>‬ ‫  ‪50C „C \@: €5) M54>d‬ــ>‬
‫‪81
8 'm‬ــ&‪ C …8 ?C
 F
8 F‬ـــ>‬ ‫‪ 5  kw2R …E H5'
~ N8 ُl‬ـــ>‬
‫‪$‬ـ‪_C‬ـ ‪5'
8‬ــ‪ُlD2' H‬ـــــ ‪َ† J8‬ـــ ‪0, €8‬ـــــ>‬ ‫ ‪8NPN 2‬ــ ‪>_َI‬ــ‪ُl‬ـــ ‪_َ J8‬ــ‪1C
 2‬ـــ>‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪'()*  +,‬‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻭﻫـﺎﺟﺮﻭﺍ ﻭﺟﺎﻫـﺪﻭﺍ ﻣﻌﻜـﻢ‬
‫ﻓﺄﻭﻟﺌﻚ ﻣﻨﻜﻢ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ‪ ،‬ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ‪ .‬ﻭﺃﺳﺄﻟﻚ ﺃﻥ ﲡﻌﻞ ﻛﻞ ﻗﻀﺎﺀ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﱄ ﺧﲑﺍ‪.‬‬

‫ﻟﻴﺲ ﻗﺼﺪﻱ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺃﺗﻌﺮﺽ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ‬
‫ﺫﻟﻚ ﰲ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪ .‬ﺇﳕﺎ ﺃﻋﺮﺽ ﻫﻨـﺎ ﻟﻠﺒﻨـﺎﺀ ﺍﳌﻌﻨـﻮﻱ ﻟﻠﺪﻭﻟـﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﹸﺃﳋﱢﺼﻪ ﰲ ﻭﻻﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﹶﳌ ﹾﻄﹶﻠ‪‬ﺒ ‪‬ﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻭﻻﺋﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻄﻠﺒﲔ ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﲔ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﻻﻳﺔ ﻻ ﻳﻨﻘﻀ‪‬ﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻋﺐ ﻷ‪‬ﺎ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﷲ‬
‫ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺷﺮﻳﻌﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻧﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺲ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﳌـﺎﺫﺍ ﻧ‪‬ﺸـﺎﻫﺪ‬
‫ﺫﺭﺍﺭﻳﻨﺎ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﳝﻴﻠﻮﻥ ﻛﻞ ﺍﳌﻴﻞ ﻹﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺣﱴ ﺇ‪‬ﻢ‪ ،‬ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻨﻬﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ‪ ،‬ﻳﺘﻨﻜﺮﻭﻥ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﻠﺤﺪﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻳﻔﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ؟‬
‫ﰲ ﻭﺍﻹﺑﺎﺣﻴﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ‪ ،‬ﻳﺮﻭﻥ ﰲ‬ ‫ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻋﺚ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﳌﺴ ‪‬ﺦ ﺍﻟﺜﻘﺎ ﱡ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻘﺎﻻ ﳊﺮﻳﺘﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﺗﺴﻴ‪‬ﺒﹰﺎ ﺑﻼ ﺣﺪﻭﺩ‪ .‬ﻟﻜ ‪‬ﻦ ﻣﻨـﻬﻢ‬
‫ﺸﺨ‪‬ﺼﺎ ﰲ ﺣﻜﺎﻡ‬ ‫ﻣﻦ ﺃﹸﺗﻮﺍ ﻣﻦ ‪‬ﻗﺒ‪‬ﻞ ﺟﻬﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇ ﹼﻻ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﳉﻮ‪‬ﺭ ﻭﰲ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﳌﺘﺮﻓﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ‪‬ﻳ ‪‬ﺪﻋ‪‬ﻮ ﹶﻥ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﳛﻀ‪‬ﻮﻥ ﻋﻠـﻰ ﻃﻌـﺎﻡ‬ ‫ﺍﹶ‬
‫ﺍﳌﺴﻜﲔ‪ ،‬ﻭﻳﺘﺬﺭﻋﻮﻥ ﺑﺂﻳـﺔ
ﻭﺍﷲ ﻓﻀـﻞ ﺑﻌﻀـﻜﻢ ﻋﻠـﻰ ﺑﻌـﺾ ﰲ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺮﺯﻕ‪)،‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺤـﻞ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪ (٧١ :‬ﻳﺆﻭﻟﻮ‪‬ﺎ ﺣﺴﺐ ﻫﻮﺍﻫﻢ ﻟﻴﺤﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﳊﻬﻢ‬
‫ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺃﻋﻄﹶﻰ ﺃﻫ ﹸﻞ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻟﺸـﺮﻳﻒ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻈﻠـﻢ ﻭﻻﺀَﻫـﻢ‬
‫ﻟﻺﺩﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔﺍﶈﺮ‪‬ﺭﺓ‪ ،‬ﻳﺮﻭﻥ ﺃ‪‬ﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻜﻨﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺃﻛﻠﺖ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺄﻛﻞ‪ .‬ﻭﳉﻬﻠﻬﻢ ﳌـﺎ ﻫـﻮ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‪،‬‬
‫ﻭﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻭﻗﺮ‪‬ﺍﺀ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﰲ ﺍﻹﺷـﺎﺩﺓ ﺑﺄﳎـﺎﺩ "ﺍﳋﻼﻓـﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ" ﻭﻫﻠﻢ ﺟ ‪‬ﺮﺍﹰ‪ ،‬ﻧﻔﻀﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﲨﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻃﺮﺣـﻮﻩ‬
‫ﻒ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺍﶈﺘﻜـﺮﺓ‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﺨﻠﻒ ﲣﻠ ‪‬‬
‫ﻟﻠﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﲏ‪ ،‬ﲣﺪﻡ ﺑﻪ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛ ‪‬ﻲ ﻭﻣﻜﺘﺴـﺒﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻘـﺔ‬
‫ﺍﳌﺘﺮﻓﺔ‪.‬‬
‫ﻟﺬﺍ ﻻ ﻧﻔﺘﺄ ﻧﻜﺮﺭ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﻟ ‪‬ﻌ ﹶﻘ ‪‬ﺪ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﰲ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻋ‪‬ﻘﺪﺓ ﺗﺴﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺽ ﻭﺍﳉﱪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺷﻨﻪ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻷﻣﻮﻱ "ﺧﻼﻓﺔ"‪ .‬ﻭﻫـﺬﺍ‬
‫ﻒ‪ .‬ﻭﺣ ﱡﻞ ﺍﻟﻌﻘﺪ ‪‬ﺓ ﺍﳌﻌﻘﺪﺓ ﻫـﺬﻩ ﻋﻠـﻰ‬‫ﺗﺰﻭﻳﺮ ﻓﻈﻴﻊ‪ ،‬ﻗﻠﱠﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﻠﻒ ﺍﻟﺴﹶﻠ ‪‬‬
‫ﺻﻌﻴﺪ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻮﺿـﻊ ﺃﺳـﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻗﻄﺮﺍ ﻗﻄﺮﺍ‪،‬ﺣﱴ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﺻﺮﺡ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻧﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﳊﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺇﺭﺟـﺎﻉ ﺍﳊـﻖ ﺇﱃ‬
‫ﻧﺼﺎﺑﻪ ﻫﻲ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺍﳌﹸﺒﻠﱠﻐ ﹸﺔ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺼﻮﻡ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‬
‫ﺍﻟﱵ ﲰ‪‬ﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﻣـﻮﺭ ﺑﺄﲰﺎﺋﻬﺎ‪ .‬ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ‪:‬‬
‫"ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪﻱ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﰒ ﻣﻠﻚ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ"‪ .‬ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ .‬ﻗﺎﻝ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ‬
‫ﺣﺠﺮ ﰲ "ﺍﻟﻔﺘﺢ"‪ :‬ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺃﻥ ﳚﻌﻠﻪ ﺇﺣﺴﺎﻧﺎ ﻣـﻦ‬

‫ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪ .‬ﺇ ﱠﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﻯ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺳﻪ ﺟﻬﻼ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍ‪‬ﺎﻣﺎ ﻟﻠـﺪﻳﻦ‬
‫ﲜﺮﻳﺮﺓ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻳﻌﺬﺭ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺇﺫﺍ ﺗﺎﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﺃﺻﻞ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻭﻓﺮﻭﻋﻬﺎ ﻭﺍ‪‬ﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﻐﻠﻮﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑـﺪﻝ‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻣﻪ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪ .‬ﻭﻋﻨﺪﺋﺬ ﻧﻌﺮﻑ ﻟﻪ ﻣﺮﻭﺀَﺗﻪ ﻭﺷﺮﻑ ﻏﻀﺒﻪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻈﻠـﻢ ﺇﻥ‬
‫ﻭﻇﱠﻒ ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﺇﱃ‬
‫ﻧﺼﺎ‪‬ﺎ ﺍﻟﺪﻳﲏ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﺾ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻣﻊ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴـﺪﺓ‪ ،‬ﻭﻇﹶﻠـﻢ‬
‫ﺺ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﺣﺘﻜﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺮﻓﲔ‪ ،‬ﻭﻣﻌﻬﻢ‪ ،‬ﻭﺭﻛﻴﺰﺓ ﻟﻄﺒﻘﺘﻬﻢ‬ ‫ﻭﺍﺧﺘ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻮﺑﺘ‪‬ﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﺟﹺﻊ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﻳﺴﺎﺑﻖ ﺇﱃ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﺑﺈﻋﻄﺎﺀ ﺣﻘﻮﻕ‬
‫ﻒ ﺣـﻮﻝ ﻃﻼﺋـﻊ‬ ‫ﺍﷲ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ .‬ﻧﻌﺮﻑ ﻟﻪ ﻣﺮﻭﺀﺗﻪ ﻭﺩﻳﻨﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﺘ‪‬ـ ‪‬‬
‫ﻉ ﺍﻟﺴـﻠﻄﺎﻥ‬ ‫ﺐ ﻣﻨـﻪ ﻭﺍﺯ ‪‬‬‫ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻧﺼﺮ ﻭﺁﺯﺭ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺣﱴ ﻳ‪‬ﺼـﻴ ‪‬‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬
‫ﻣﻄﻠﻮﺏ ﺇﱃ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﲢﻮﻝ ﻭﻻﺀﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺇﱃ‬
‫ﺏ ﻣﻦ ﺟﻨـﺪ ﺍﷲ ﺃﻥ‬ ‫ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﻣﻄﻠﻮ ‪‬‬
‫ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺯﻱ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ‪‬ﺐ ﰲ ﺍﲡﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﺴـﻚ‬
‫ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ‪ .‬ﻓﺒﻌﺪ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ‪ ،‬ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﲔ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻌـﻮﺍ‬
‫ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻡ ﺇﺧﻼﺻﻬﻢ ﺧﻴﺎ ‪‬ﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﲔ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺋﺒﲔ ﻣـﻦ‬
‫ﻛﻞ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺍﻟﺴـﺎﺑﻖ‪ .‬ﻳﺮﻓﻌـﻮ‪‬ﻢ ﺇﱃ ﻣﻘـﺎﻡ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻹﺧﻼﺹ ﺑﺎﳉﺪﻳﺔ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﳊﻲ ﺣﱴ ﻳ‪‬ﻌﻄﻲ ﺍﻷﺧﻴﺎ ‪‬ﺭ ﻭﻻﺀﻫـﻢ ﻟﻠـﺪﻋﻮﺓ‬

‫ﻭﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﺛﻘﲔ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺷﺮﻳﻌﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻭﳌﻦ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻣﻦ ‪‬ﺯ ‪‬ﻣ ﹺﺮ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻭﻋﺎﻣﺔ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻣﻦ‬
‫ﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻀﺎ ﹺﺭ‪‬ﺑ‪‬ﻴ ﹺﻦ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴـﺎﻥ ﻻ‬ ‫ﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺳ‪‬ﻴ ‪‬‬ ‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﺯ ‪‬‬
‫ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺒﻬﺘﺎﻥ‪.‬‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺨﻄﻂ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﺜﺎﻟﻴ‪‬ﺎ ﺣﺎﳌﺎ ﻏﲑ ﻭﺍﻗﻌﻲ ﳌﻦ ﺗﺸﺮﺏ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ‪ .‬ﻋﻨﺪ ﺍ ﹸﳌ‪‬ﺒﻌ‪‬ﺪﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﱪﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﻭﺻﻤﺔ ﻋـﺎﺭ ﻻ‬
‫ﳝﺤﻮﻫﺎ ﺇﻻ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﱪﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﺗ‪‬ﺮﺍﻕ‪ ،‬ﻭﺃﻣﻮﺍﳍﺎ ﺗ‪‬ﺼﺎﺩ‪‬ﺭ‪ .‬ﻭﻳﻜﺘﺴـﺐ‪ ،‬ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ‪ ،‬ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﺍﳌﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻓﻀﻴﻠ ﹰﺔ ﺃﺑﺪ‪‬ﻳ ﹰﺔ ﲣﻮﻟﻪ ﺣﻖ ﳑﺎﺭﺳـﺘﻪ‬
‫ﺩﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﲔ‪.‬‬
‫ﺐ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺍﳌﻌﻠ‪‬ﻨ ﹸﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ‪ ،‬ﻭﲡ ‪‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬‫ﻭﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ‪‬ﻳ ‪‬‬
‫ﺍﳌﻺ ﺍﳌﺮﺍﻗ‪‬ﺒ ﹸﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻄﻬ‪‬ﺮ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺑﺮ ‪‬ﺩ ﺍﳌﻈﺎﱂ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﲡﻨﻴﺪ ﻣﺎ ﺑﻘـﻲ‬
‫ﻚ ﺍﳋﺎﺹ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ‪.‬‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍ ‪‬ﳌ ﹾﻠ ‪‬‬
‫ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧﻘﺮﺃ ﳕﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘﻮﻣﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻓﻨﺮﻯ ﻛﻴﻒ ﺗ‪‬ﺤﻮ‪‬ﻝ ﺑﺎﻟﺘـﺪﺭﻳﺞ‬
‫ﻭﻻﺀ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴـﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﳊﺴـﺐ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﺀ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺷﺮﻳﻌﺘﻪ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻹﳝﺎﱐ ﺍﻹﺣﺴﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﺻـﺎﻍ‬
‫ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻨﺪﳎ ﹰﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻻﺀ‬
‫ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﻻﻳ ﹸﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻫـﻮ ﺍﻷﺳـﺎﺱ‬
‫ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻉ‬
‫ﺏ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻳﺬﻳﺒـﻬﺎ ﻭﺍﺯ ‪‬‬ ‫ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳚﺐ ﺃﻥ ‪‬ﺗ ﹶﺬ ‪‬ﻭ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺎﻟﻘﻬﺮ‪ ،‬ﻭﻳ‪‬ﺒﻄﻞ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﻭﻋﻮﺩ‪‬ﺎ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬
‫ﻉ‬
‫ﺹ ﳌﺼﺎﳊﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻻ ‪‬ﳛ ‪‬ﺪ ﻣﻦ ﺃﻧﺎﻧﻴﺘﻬﻢ ﺇﻻ ﹶﻗﻬ‪‬ـ ‪‬ﺮ ﻭﺍﺯ ﹺ‬ ‫ﻻ ﳛﺮﻛﻬﻢ ﺇﻻ ﺍﻹﺧﻼ ‪‬‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺳﻄﻮﺗﻪ‪ .‬ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ ﺃﻋﺮﺍﺏ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ ﲟﺼـﻄﻠﺢ‬
‫ﰊ ‪‬ﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼـﻨﻴﻒ ﻣـﻦ‬ ‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﺼﻨﻴﻔﻪ‪ .‬ﻟﻴﺲ ﺍﻷﻋﺮﺍ ‪‬‬
‫ﰊ ﻫﻮ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﺍﻧﻄﺒﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺳﻜﻦ ﺍﳋﻴﻤﺔ ﻭﺭﻋﻰ ﺍﳉﻤﺎﻝ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍ ‪‬‬
‫ﺏ ﻃﺒﻘ ﹲﺔ ﻣـﻦ‬ ‫ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺘﻬﺎ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ‪ .‬ﻭﺍﻷﻋﺮﺍ ‪‬‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺧﻠﻴﻂﹲ‪ ،‬ﻻ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺈﳝﺎﻥ ﻭﻻ ﻫﺠﺮﺓ ﻭﻻ ﻧﺼﺮﺓ‪.‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻌﻮﻥ ﺍﷲ ﻛﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺭﺿﺔ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺁﻟﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺗﺄﲤﺮ ﺑـﺄﻣﺮ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ .‬ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎﺕ‪ ،‬ﻭﲢﺪﺩ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ‪ ،‬ﻭﲣﺘـﺎﺭ‬
‫ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺍﻗﺐ ﺍﻹﳒﺎﺯ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻭﺍﺟﺒ‪‬ﻬـﺎ ﺃﻥ ﺗﺘـﺮﻙ ﺍﻟﺘﺸـﻐﻴﻞ ﺍﻟﻴـﻮﻣﻲ‬
‫ﺐ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﻨﻔـﺬﻳﻦ‪،‬‬ ‫ﺠ ‪‬‬‫ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺘﺪ ‪‬ﺧ ﹶﻞ ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ ،‬ﻓﺘﺤ ‪‬‬
‫ﻭﺗﺒﺬﹸﺭ ﺑﺬﻟﻚ ‪‬ﺑ ﹾﺬﺭ‪‬ﺓ ﺍﶈﺴﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀﺍﺕ ﻭﺍﻟﻔﻮﺿﻰ‪.‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﺮﺽ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﻗﱠﻠ ‪‬ﺔ ﺍﳉﺪﻭﻯ ﻳﺮﺟﻊ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﺟـﻊ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻧﻌـﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ‪ .‬ﻓﺎﳊﺎﻛﻢ ﺍﳌﺴﺘﺒﺪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﻟﺰﻣﺮﺓ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳ‪‬ﻨﺎﻗﹶﺶ ﳍﻢ ﻗـﻮﻝ ﻭﻻ‬
‫ﻓﻌﻞ ﻭﻻ ﺃﻣﺮ ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ‪ .‬ﻭﻳﻨﻄﻠﻖ ﺍﳌﻸ ﺍﻟﻌﺎﺽ ﻋﻠـﻰ ﺍﳊﻜـﻢ ﰲ ﺗﺒـﺬﻳﺮ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ‪ ،‬ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺇﱃ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟﻨﻬﺐ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﲟﺎ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺽ ﻭﺍﳉﱪﻱ ﻻ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﻻﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﻓﺈﻧـﻪ‬

‫ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻭﻻﺀ ﲡﺎﺭ‪‬ﻳﹰﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻔﻴﻔ‪‬ﻪ‪ ،‬ﻭﺑﺈﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﺒـﺆﺱ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺣﺪ ﺃﺩﱏ ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﳌﺴـﺘﺒﺪ ﺇﻻ‬
‫ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﺟﻮﺩﻩ‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺘﺮﺽ ﻭﻳﻘﺘﺮﺽ‪ ،‬ﻭﳝﺪﻩ ﺣﻠﻔﺎﺅ‪‬ﻩ ﺑﺎﻟﺴ‪‬ﻠﻔﺔ ﺑﻌـﺪ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻳ ‪‬ﺮﺷ‪‬ﻮ ﻫﻮ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ‪ ،‬ﻭﺗﺮﺷـﻮ ‪‬ﻩ ﻫـﻮ ﺣﺎ ‪‬ﻣ‪‬ﻴﺘ‪‬ـﻪ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ‪ ،‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗ‪‬ﻄﺎﻟﹶﻊ ﺍﻷﻣ ﹸﺔ ﺑﺎﳊﻘـﺎﺋﻖ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﳊﺴﺎﺑﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻳ‪‬ﺪﻋﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﲨﻴﻌﺎ ﺇﱃ ﺷﺪ ﺍﳊـﺰﺍﻡ‪ ،‬ﰲ‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﺼﱪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ‬
‫ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﳛﺐ ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ ﻭﻳﻌﻴﺶ ﻋﻴﺸﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﻤﻴـﺰ ﻋﻨـﻬﻢ‬
‫ﺑﺎﻷﺭﺯﺍﻕ ﺍﳋﺼﺒﺔ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ‪‬ﻋ ﹾﻘ ‪‬ﺪ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﻁ ﺩﻳﻦ ﻻ ﺗﻨﺎﻝ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﺗ‪‬ﻮ ‪‬ﻫﻨ‪‬ﻪ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﻨﻔﱢـﺬﹶﺓ‪ ،‬ﻭﻻ‬
‫ﻋﻘ ‪‬ﺪ ﻭﻓﺎﺀ ﻭﺭﺑﺎ ﹶ‬
‫ﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎ ‪‬ﺩ ﻭﻻ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ‪.‬‬ ‫ﺻﻌﻮﺑﺎ ‪‬‬
‫ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳊﻜـﻢ‪،‬‬
‫ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﺿﻴﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻗﻤـﻊ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻭﻣﺎ ﻳﺘﺒﻊ ﻣﻦ ‪‬ﺮﻳﺐ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﲣﺮﻳﺐ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺣﺼـﺎﺭ‬
‫ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪ .‬ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳ‪‬ﻈﻬﺮ ﺃﳘﻴﺔ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﻘﺎﻋـﺪﺓ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘ ‪‬ﺪ ‪‬ﺭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻟﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺰﻋﺎﺯﻉ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﻟﻴﻜﻦ ﺷﻌﺎ ‪‬ﺭ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﻨﺪﺍ ُﺀ ﻟﻠﺒﺬﻝ ﻭﻣﻘﺎﲰ ‪‬ﺔ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﺑ ‪‬ﺪ ﹶﻝ‬
‫ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺍﳌﹸﺨﹶﻠ ﹶﻔ ‪‬ﺔ ﻭﲤﱡﻠ ﹺﻖ ﺍﶈﻜﻮﻣﲔ‪.‬‬
‫ﻟﻴﺖ ﻟﻨﺎ ﻟﻐﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺟﺎﻻ ﻛﺤﻤﺰﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺛﺎﻩ ﺣﺴﺎﻥ ﻓﻘﺎﻝ‪:‬‬
‫دع‪/:‬دא=אً)@‪   +B’=+:‬وא‪1N¨'5:-‬ذא
‪ š+/‬‬
‫א‪y
+S‬א
‪
ENm‬ذא* ‪6   4(:O‬א‪ f‬ذא
‪%Mm‬א‪ #+S‬‬
‫وא
‪=+Q‬א
‪O 9‬ن
@‪ ™I   “1@O
E‬ذא‪$j‬صא
א‪ -‬‬
‫*‪475ª‬א‪=G‬ض
‪@9‬א‪   3‬وא>د‪=>3‬א
‪79‬א
‪ L+/‬‬
‫‪5:'5L‬א
‪[ ْ.$[
+:   [/T 5‬א
@א‪ D‬‬
‫&‪#1N¨E3+/‬زא
‪‘ +3+/-+3*&8   +/‬زل‘ ‬
‫و&‪+‬ن א‪"¤‬مذא‪@98.   “f= @O $P‬א
‪@:+9‬א‪+j‬ذل ‬
‫‪   «5x‬د‪+I‬و*ذ=‘‪1O:‬א
™‪ &+‬‬ ‫‪@/b+#PX‬وא‪O Q‬‬
‫وא‪
[Q:'5:.-‬ذ)‪4‰,
+-   $ak‬א
‪~bM‬א‪ š+‬‬
‫
ذ‪ ‘b+T$5)J+:&;   $%./[lm MDO‬‬
‫ ‪‘i5‬א
‪ +‬‬ ‫*=دא‪>m¢   “1*81N7#%b‬ن‪4‬א ‬
‫‪@6‬א‪T1‬وز‪%I3   
q‬وز‪$‬א
‪=+‬سא‪ ‘+‬‬

‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫\ ‪:‬ــــ‪ِ%5‬‬
‫ ‪2‬ــ
‪َl‬ــ‪8R‬ـــــ ‪l‬ـــ!‪َ$ o‬ــــ ~‬ ‫‪R8_, Z‬ــ‪ِ  y‬ـــ>‬
‫‡ـ!ُ ?ْ‪> &2 p‬‬
‫‪ْt2 5‬ـ ِ‪2N>Kَ Pk? V‬ـــ‪َ V‬ــ‪5t‬ـــ!‬ ‫‪ْ M‬ــــ ِ<‪ُB 5‬ـ‪ُI CJ‬ـــ >‪J‬‬
‫‪َ$‬ـ‪80‬ــــ‪ْˆ2R 2‬ـــ ِ‬
‫‪2b‬ـ
‪5d Š2‬ــ(‪ 5 َ$‬ـ‪C‬ــ‰ َـــ‪5B‬ـــ ِ!‬ ‫‪َI‬ــ‪N5: >xP‬ــ‪@o 2‬ــ‪َ Hِ >, J‬ـ‬
‫‪5‬ــ‪>0‬ـــــ ‪5'? J2‬ـــــ‹‪>2 8‬ـــ‪C 59‬ـــ‪%ِh‬‬ ‫‪2b‬ـ@‪G‬ـ\ ‪@2:‬ــ‪80 TU&2 9ّ@ 59‬ـ@ــ\‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ـ
‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﺃﻡ ﺣﺴﺒﺘﻢ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻛﻮﺍ ﻭﳌﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﻣﻨﻜﻢ‬
‫ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺑﺎﲰﻚ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ ﺍﻷﺣﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﺖ ﺑﻪ ﺃﻋﻄﻴﺖ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺮﲪﺖ ﺑﻪ ﺭﲪﺖ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻔﺮﺟﺖ‬ ‫ﺇﺫﺍ ﺩﻋﻴﺖ ﺑﻪ ﺃﺟﺒﺖ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﺳﺌﻠ ‪‬‬
‫ﺑﻪ ﻓﺮﺟﺖ‪.‬‬

‫ﺗﻘﺎﺱ ﻓﺪﺍﺣﺔ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺷﺘ‪‬ﺘﺖ ﴰﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺸـﺘﺘﻬﺎ ﺑﻜﺜـﺮﺓ‬

‫ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﻭﺑﻌﻤ ﹺﻖ ﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭ‪‬ﺛﻘﹾﻠﻬﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪،‬‬
‫ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ‪ ‬ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺣﻠﻤﺎ ﺿﺎﺋﻌﺎ ﺃﻭ ﻣﻄﻠﺒﺎ ﻣﻌﺠﺰﺍ‬
‫ﺃﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﻏﲑ ﺫﺍﺕ ﻣﻮﺿﻮﻉ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺗﺮﺳ‪‬ﺐ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﳌﻔﺮﻗﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻓﺘﻜﻬﺎ ﻭﺇﺿﺮﺍﺭﻫﺎ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺼﻌﻴﺪ ﺍﳍﻤـﺔ ﺍﻹﺣﺴـﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﺠـﺎﻭ‪‬ﺯ‬
‫ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻓﻌﻠـﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻗﻬﺮﻫـﺎ‪ ،‬ﻭﺇﺳـﻜﺎﺗ‪‬ﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭﺇﺑﻄﺎﳍﺎ‪ .‬ﺑﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍﷲ ﺟﻠﺖ ﻋﻈﻤﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻙ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺇﻻ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻻ ﳝﻜـﻦ‬
‫ﻋﻼﺝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﳌﺮﻳﻀﺔ ﺍﳌﺴـﺘﺠﻴﺒﺔ ﻟﻸﻧﺎﻧﻴـﺎﺕ ﺍﳌﻔﺮﻗـﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺼـﺒﻴﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺗﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳋﻼﻓﺎﺕ ﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﶈﻠﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺇﻻ ﺑﺘﻘﻮﻳﺔ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ .‬ﻭﻻ ﻣﻄﻤﻊ ﻟﻸﻣﺔ ﰲ ﺍﺳـﺘﻌﺎﺩﺓ‬
‫ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﻭﺗﺜﺒﻴﺖ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺇﻻ ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻻ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻻ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻴﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﻳﺄﰐ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻧﺼﺮﺍ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺗﺄﻳﻴﺪﺍ ‪‬ﻳ‪‬ﺘ‪‬ﻨﺰ‪‬ﻝ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﻣﻦ ﲰﺎﺀ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻹﳍﻲ‬

‫ﻋﻠﻰ ﲨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ ﺣﲔ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺇﱃ ﺭ‪‬ﺎ ﳐﻠﺼﺔ ﺿﺎﺭﻋﺔ‪
.‬ﻫـﻮ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻳ‪‬ﺪﻙ ﺑﻨﺼﺮﻩ ﻭﺑﺎﳌﻮﻣﻨﲔ ﻭﺃﻟﻒ ﺑﲔ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ‪ .‬ﻟـﻮ ﺃﻧﻔﻘـﺖ ﻣـﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﲨﻴﻌﺎ ﻣﺎ ﺃﻟﻔﺖ ﺑﲔ ﻗﻠﻮ‪‬ﻢ‪ .‬ﻭﻟﻜﻦ ﺍﷲ ﺃﻟﻒ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ .‬ﺇﻧـﻪ ﻋﺰﻳـﺰ‬
‫ﺣﻜﻴﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(٦٣ :‬‬
‫ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﲑ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻮﺣ‪‬ﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻮﻋﻲ‬
‫ﺖ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﺭﺕ‬ ‫‪‬ﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻓﻠﺴﺖ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﳌﺴﻠ ‪‬ﻢ ﺳﻜﺎ‪‬ﺎ‪ ،‬ﻭﻏﺮﹺﻗ ‪‬‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﻟﻀﻴﻖ ﺍﻟﺴﻮﻕ‪ ،‬ﻭﻋﺠﺰﺕ ﺟﻬﻮﺩ‪‬ﻫﺎ ﻻﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﻌـﺎﻭﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺯﺩﺍﺩﺕ‬
‫ﺗﺒﻌﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﳌﺼﻨﻌﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺷﺘﺪﺕ ﻗﺒﻀﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺣﱴ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﳌﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﻭﲢﺼﻴﻞ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺇﻻ ﺍﻟﻜﺘ‪‬ﻞ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ‪.‬‬
‫ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻋﻴﺎ ‪‬ﺬﻩ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴـﺔ‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ .‬ﻭﻫﻢ ﳛﺎﻭﻟﻮﻥ ﺑـﲔ ﺍﻟﻔﻴﻨـﺔ ﻭﺍﻷﺧـﺮﻯ ﻃـﺮﺡ‬
‫ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ‪‬ﻢ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻳﺔ ﺍﳊﻤﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﻔـﺎﻕ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭ ﹺﺭﻗﱠﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳ‪‬ﻀﻌﻒ ﻗـﺪﺭﺓ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﻋﻠﻰ ﲢﻤﻞ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ .‬ﻭﺗﻔﺸﻞ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺸﻞ "ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ" ﻣﻦ ﻓﻮﻕ‪ ،‬ﻭﺗﻀﺎﻑ ﺧﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ ﺟﺪﻳـﺪﺓ ﺇﱃ‬
‫ﺧﻴﺒﺎﺕ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﳌﺼﻔﻮﻓﺔ ﰲ ﺿﻤﲑ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ﺑـﺎﻟﻌﺠﺰ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺮﺳﺦ ﰲ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻘﺪﺭ ﺃﺑﺪﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﺫﻥ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ؟ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺟ‪‬ﺰﻣﹰﺎ ﻫﻮ ﻋﻼﺝ ﺍﳌﺮﺽ‬

‫ﺼ ‪‬ﺢ ﺟﺴﻢ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺼﺤﺔ ﺩﻳﻨﻬﺎ‪ .‬ﺍﳌﺮﺽ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺻﻔﻪ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ‬ ‫ﺍﻟﻜﱢﻠ ‪‬ﻲ ﻟ‪‬ﻴ ‪‬‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﻮﻫ‪‬ﻦ‪ .‬ﺍﻟﻮﻫ‪‬ﻦ ﻫﻮ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﳌﻮﺕ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ‪.‬‬
‫ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﳌﻮﺕ ﻫﻮ ﻣﺮﺽ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﺻـﺒﺤﺖ ﻛﻤ‪‬ـﹰﺎ‬
‫ﻏﺜﺎﺋﻴﺎ‪ .‬ﻭﳝﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻐﺜﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﰲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﳍﺎ ﻓـﺮﻭﻉ‪:‬‬
‫ﺍ‪‬ﻴﺎ ‪‬ﺭ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺳـﺘﻔﺤﺎ ﹸﻝ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻓﺴﺎ ‪‬ﺩ ﺍﳊﻜﻢ‪.‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﲨﻌﺖ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣ ﹺﻞ ﻭﺳﺄﻟﹾﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺷﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﺩﻫﺎ ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮ‪‬ﺗﻌ‪‬ﻬﺎ‬
‫ﺐ ﰲ ﺑﻴﺖ "ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ"‪.‬‬ ‫ﻭﺟ ‪‬ﺪﺗ‪‬ﻬﺎ ﻋﻨﺎﻛ ‪‬‬
‫ﺐ ﺇﺳـﻼﻣﻲ‪ .‬ﻭﲢﻤـﺲ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻠـ ﹴ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳـﻨﺔ ﺗﻘﺎﺗـﻞ‬
‫ﺍﻟﺒﻨﻐﺎﻝ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺷﻌﻮﺏ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻟﺘﺘﻜﻮﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻮﻣﻴـﺔ ﻫـﻲ‬
‫ﺑﻨﺠﻼﺩﺵ‪ .‬ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ‪ .‬ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ‬
‫ﺻﻔﺮ ‪ ١٤٠٩‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺬﺍﺑﺢ ﺑﲔ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺍﳍﻨﺪ ﺍﻷﺻﻠﻴﲔ ﻭﺑﲔ "ﺍﳌﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ"‬
‫ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳍﻨﺪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻭﺍﺳﺘﻮﻃﻨﻮﺍ ﻣﺪﻳﻨﱵ ﺣﻴﺪﺭﺁﺑﺎﺩ ﻭﻛﺮﺍﺗﺸﻲ‬
‫ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ‪ .‬ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﺣﺼﺎﺀ ﺍﻟﻔﻮﺍﺟﻊ ﺍﳌﺨﺒﹺـﺮﺓ ﻋـﻦ ﻓﺮﻗـﺔ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻭﺣﺸﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪.‬‬
‫ﺇﳕﺎ ﻧﺄﰐ ﲟﺜﺎﻟﲔ " ‪‬ﺳﺮﹺﻳ ﹺﺮ‪‬ﻳ‪‬ﻴ ﹺﻦ" ﻟﻨﺘﺄﻣﻞ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﳌﺮﺽ ﺍﻟﻐﺜﺎﺋﻲ‪ :‬ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﳌﻮﺕ ﻣﺮﺽ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﰲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‬

‫ﺑﻴﻨﻤﺎ ﳝﻮﺕ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻛﺮﻫﺎ ﻭﻓﻘﺮﹰﺍ ﻭﻣﺮﺿﺎ ﰲ ﺑﻨﻐﻼﺩﺵ ﻭﻏﲑ ﺑﻨﻐﻼﺩﺵ‪.‬‬
‫ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﳌﻮﺕ ﻣﺮﺽ ‪‬ﺗ‪‬ﺘ‪‬ﻨﻐ‪‬ﺺ ﺟﺮﺍﺛﻴﻤﻪ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﻨﻤﻮ ﻭﺗﺰﺩﻫﺮ ﰲ ‪‬ﻣ ‪‬ﺮﹶﻗ ‪‬ﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﻴـﺔ ﻭﺍﳊﻜـﻢ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ‪.‬‬
‫ﺣﺎﺭﺏ ﺍﻟﺒﻨﻐﺎﻝ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻴﺴﺘﻘﻠﻮﺍ ﺑﺪﻭﻟﺘﻬﻢ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺴـﻤﺔ ﰲ ﺩﻭﻟـﺔ‬
‫ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻋﺎﺩﻟﺔ‪ ،‬ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺒﻨﻐﺎﻟﻴﲔ ﳛﺴﻮﻥ ﺃ‪‬ﻢ ﺑﻨﻐﺎﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ‬
‫ﳛﺴﻮﻥ ﺑﺄ‪‬ﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ‪.‬‬
‫ﺴﻨ‪‬ﺪ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻬﻢ "ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ" ﻷ‪‬ـﻢ ﻻ ﻳﺸـﻌﺮﻭﻥ‬ ‫ﻭﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻮﻥ ﺍﻟ ‪‬‬
‫ﺇﺯﺍﺀﻫﻢ ﺑﺄﺧﻮﺓ ﻷ‪‬ﺎ ﱂ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻗﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻮﺓ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﱂ ﺗﺘﺮﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺘﺪﻳﻦ ‪‬ﺎ‪ .‬ﺇﳕﺎ ﺗﺘﺪﻳﻦ ﺑﻘﻮﻣﻴﺘﻬﺎ ﻭﻣﺼﺎﳊﻬﺎ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻫﺆﻻﺀ‬
‫ﺐ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﻓﺎﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﳌﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺗﻔﻮﻗـﻮﺍ‬ ‫ﺍﻷﺟﺎﻧ ‪‬‬
‫ﻓﺄﺻﺒﺤﻮﺍ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻌﺪﻭﺓ‪.‬‬
‫ﻻ ﺗ‪‬ﻤﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻣﻼ ًﺀ ﻣـﻦ ﺃﻋﻠـﻰ‪.‬‬
‫ﺕ ﻭﺍﻟﻌﺰ‪‬ﻯ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺃﻥ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻭﺍﺯﻉ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺗﺴﻠﹼﻂ ﺍﻟﻼ ‪‬‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﻔﺸ‪‬ﻲ ﺟﺮﺍﺛﻴﻢ ﺍﳌﺮﺽ ﺍﻟﻐﺜﺎﺋﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﳛﺎﺻﺮﻩ ﺍﻟﺴـﻠﻄﺎﻥ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻳ‪‬ﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜـﺮ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻌﺸـﺎﺕ ﺍﻷﻣـﺮ‬
‫ﺤﻴﹺﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺍﷲ ﻭﺧﻮﻑ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ‬ ‫ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﷲ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺑﻞ ﺇﻥ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺘﺮﲨﺔ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﺍ ﻃﺒﻘﻴـﺎ‪ ،‬ﻻ‬

‫ﺗﻌﻴﺶ ﻭﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻭﻻ ﺗﺴ ‪‬ﻤ ‪‬ﻦ ﺇﻻ ‪‬ﺰﺍﻝ ﺟﺴﻢ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﺒﻌﺜﺮ ﻗﹸﻮﺍﻫﺎ ﻭﺍﳓﻼﻟ‪‬ﻬـﺎ‬
‫ﻭﻏﺜﺎﺋﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻻ ‪‬ﺗﻤ‪‬ﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﲦﺮ‪‬ﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‬
‫ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻣﻦ ﻓﻮﻕ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺗﺰﺭﻉ ﺑﺄﻳﺪﻱ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ‪ ،‬ﻭﺗ‪‬ﻐﺮﺱ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‪ ،‬ﻭﺗﺴﻘﻰ ﲟﺪﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣـﺪﻯ‬
‫ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ‪ .‬ﻭﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻧ‪‬ﺎﻃﹸﻮ ‪‬ﺭ ﺣﺎﺭﺱ ﳛﻔﻆ ﺍﻟﻐ‪‬ﺮﺳ‪‬ـﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﻴـﺚ ﰲ‬
‫ﺃﺭﺿﻬﺎ ﺍﳊﺸﺮﺍﺕ ﻓﺴﺎﺩﺍ‪.‬‬
‫ﻭﻗﺪ ﺑﲔ ﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻛﻤﺎ ﺑﲔ‬
‫ﻟﻨﺎ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﺮﺽ ﻭﺃﻋﺮﺍﺿﻪ‪ .‬ﻭﺗﺮﻙ ﻟﻨﺎ ﳕﻮﺫﹶﺟﹰﺎ ﺣ‪‬ﻴﹰﺎ ﻟﻠﻮﺣـﺪﺓ ﻭﻣﺮﺍﺣـﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻧﻘﺮﺃﻩ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ ﻭﰲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻷﺧﻮﻱ ﺑـﲔ ﺍﳌﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ‬
‫ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺮﺍﺏ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪﻩ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻷﻭﱃ‪.‬‬
‫ﻭﺗﺮﻙ ﻟﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘـﺎﺭﳜﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳـﺪ‬
‫ﺍﻟﻌﺘﻴﺪ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭﺩﻋﻬﺎ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺣﲔ ﻗﺎﻝ‪" :‬ﻣﺜﻞ ﺍﳌـﻮﻣﻨﲔ ﰲ‬
‫ﺗﻮﺍﺩ‪‬ﻫﻢ ﻭﺗﺮﺍﲪﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ ﻣﺜ ﹸﻞ ﺍﳉﺴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀـﻮ‬
‫ﺗﺪﺍﻋﻰ ﻟﻪ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳉﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ ﻭﺍﳊﻤﻰ"‪ .‬ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑـﻦ‬
‫ﺑﺸﲑ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﺗﺮﻙ ﻟﻨﺎ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍ ﹶﳌﹶﺜ‪‬ﻠﻴ‪‬ﺔ ﻟﻨﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺷ‪‬ـﺒ‪‬ﻬﻬﺎ ﻣـﺎ‬
‫ﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺃﻋﻠـﻰ ﻣﺮﺗﺒـﺔ ﰲ‬ ‫ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ‪ .‬ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺃﻗﺮ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﻣﻘﺎﻋﺪ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﻌﻮﺭ ﺍﻹﺧﺎﺀ ﻭﺑﺬ ﹸﻝ ﺍﻹﺧﺎﺀ‬
‫ﺐ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﲢﻜﻤﺎ ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻣﻦ‬ ‫ﻭﺗﻮﺍ ‪‬ﺩ ﺍﻹﺧﺎﺀ ﻭﺗﺮﺍﲪﻪ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﹸﻪ ﺃﻏﻠ ‪‬‬
‫ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﺛﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﰐ ﺍﳌـﺘﻘﻠﺺ ﺍﳌﺘﺤﺠـﺮ‬
‫ﺍﳌﺘﺠﺴﺪ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻳﻘﺮﺃ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑـﲔ ﺍﳌـﻮﻣﻨﲔ‬
‫ﻓﻴﺘﺼﻮﺭﻫﺎ ﻭﺣﺪﺓ ﻋﻀﻮﻳ‪‬ﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴ‪‬ﺔ‪ ،‬ﻭﳛ ‪‬ﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﻨﲔ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ‪،‬‬
‫ﻭﻳﻄﻠﺒ‪‬ﻬﺎ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻧﺎﺟﺰﺓ ﻣﱪﺃﺓ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﻴﺐ‪ .‬ﻭﺇ‪‬ﺎ ﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺷﻴﻜﺔ‬
‫ﺃﻥ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻭﻏﹸﺼﺔ ﺍﻹﺧﻔﺎﻕ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺪﻡ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ ﺗﻠﻚ‬
‫ﺍﻵﻣﺎﻝ ﺍﳋﻴ‪‬ﺮ ﹶﺓ‪.‬‬
‫ﱄ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎﺕ ﻣﻼﺋﻜﻴـﺔ‪،‬‬ ‫ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻔﻬﻢ ﺧﻴﺎ ﱞ‬
‫ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﺎﺑﻖ ﺇﱃ ﺫﻫﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﳎﺘﻤﻊ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻓﺮﺩﻭﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬
‫ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻄﻠﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺃﻓﺮﺍﺩﹰﺍ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﺳﻞ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻧﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻴـﻪ‬
‫ﻟﻴﺤﺒﻨﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺣﺐ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﳓﺐ ﺍﳌﻮﻣﻨﲔ‪.‬‬
‫ﻭﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳ‪‬ﻄﻠﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﲨﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﻧﺪﻧﻮ ﻗﺪﺭ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳊﻲ‬
‫ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﺴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺣﻮﺍﻓﺰ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺸـﻮﺭﻯ‬
‫ﻭﺍﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻛﻔﻴﻞ ﺃﻥ ﻳ‪‬ﻌ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﺑ‪‬ﺮﻫﺎﻧﺎ‬
‫ﻭﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺳﻠﻄﺎﻧﹰﺎ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻟﺒﻨ ﹰﺔ ﻟﺒﻨ ﹰﺔ ﻭﻗﻄﺮﹰﺍ ﻗﻄـﺮﹰﺍ‬
‫ﻯ ﻧﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻭﻻ ﻧﺴﺘﻌﺠﻠﻪ‪ ،‬ﻧﻨﺪﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺈﳝﺎﻧﻨـﺎ‪،‬‬ ‫ﺣﱴ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺼﺮ‪‬ﺡ ﰲ ﻣﺪ ‪‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻟﻄﺎﻑ ﺍﷲ ﺍﳋﻔﻴﺔ ﺍﳌﺘﺠﻠﻴﺔ ﰲ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩ‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻜﺘﻞ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﳋﻮﺽ ﻏﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺼﺮ‪.‬‬
‫ﺫﺍﻙ ﻣﺪﻯ ﻳﻌﺰ ﺍﷲ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﺧﻄﻮﺍ‪‬ﻢ ﺇﱃ ﺍﳋﻼﻓـﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﺐ ﻓﻴﻪ ﻋﻴﺶ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﺮﺑﻮﻧﺎ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻴـﺐ ﻋـﻴﺶ‬ ‫ﻭﻳﻄﻴ ‪‬‬
‫ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ .‬ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻑ ﻧﺘﺎﻧـﺔ‬
‫ﺴﹺﻨ ‪‬ﻲ ﺑﺎﳋﻼﻓﺔ ﺇﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻌـﺎ ‪‬‬
‫ﻭﻟﻦ ‪‬ﻧﺮﹺﻳ ‪‬ﺢ ﺭﻳ ‪‬ﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺍﻟ ‪‬‬
‫"ﺍ ﹸﳌ‪‬ﻨﺘ‪‬ﻨﺔ" ﻭﻗﺒﺢ ﺭﳛﻬﺎ‪ .‬ﺍﳌﻨﺘﻨﺔ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻗﺪ ﲰﻊ ﺭﺟﻠﲔ ﻳﻨﺎﺩﻳﺎﻥ ﺑﺎﻟﻌﺼـﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴـﺔ‪:‬‬
‫"ﺩﻋﻮﻫﺎ ﻓﺈ‪‬ﺎ ﻣﻨﺘﻨﺔ!" ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺭﻭﺍﺣﺔ ﻳﺸﺠﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﻏﺰﻭﺓ ﻣﺆﺗﺔ‪:‬‬
‫‪+/5T‬א‪†T*;j‬و‪8‬ع   ‪;epP$‬א‪+}§m‬א
‪>.$I‬م ‬
‫‪#‬و‪;+b+3‬א
(‪„>M‬אن‘ ‪*   +QO‬زل‪V&M‬ن‪*QxL‬د‪ %‬‬
‫*)‪+I'5:;Q5
4+‬ن   ‪>7$T+BPQ8@I-9:V8‬م ‬
‫‪+/#$8‬وא‪+‬د‪+bD+/ \a/P   J+M>,$ $‬א
‪>$7,M‬م ‬
‫‪"8‬و*‪   +BO/PْV/
_¬-‬و
ن&‪q_:+B-43+‬و=وم ‬
‫‪>:   Jf+c8+BQM/:*+3VMI8‬א‪\-‬وא
‪ $%-+}$=+$p‬‬
‫‪V&“c‬نא
‪
  8HO‬ذא‪-‬ز‪>)J‬א ‪+B$,3‬א
‪>c/‬م‪ $‬‬ ‫‪
 -‬‬
‫‪8‬א[א‪*$¡./Q8+B$QM/*   +BOQ9a5z[mIS‬و‪ %•P‬‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪ُI2‬ــ'‪8‬ــ @‪K‬ـــ‪NCN2_8' 5‬ـ‪2‬ــــ‬ ‫‪َ4 S‬ــ‪F‬‬
‫?‪ُ8b
(C_@ 8N5I‬ــ ‪2‬‬
‫‪80َ$‬ــ ‪[َ,‬ــــ& '‪NCN08‬ــ‪2‬ــــ‬ ‫‪yR8_, Jُ8RŒَl Z‬‬
‫‪>
2 2) 82‬‬
‫‪َ$‬ـــُــــ @‪R50‬ــــ‪208' 5‬ـ ‪5N@n‬ــــــ‬ ‫?‪2)
ُ$‬ـ‪C 2-‬ـ ِ& &ِـــ‪>َ َ%‬ـــ ٍ!‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪-.* /01‬‬
‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‪
.‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻣﻌـﻪ ﺟﺎﻫـﺪﻭﺍ ﺑـﺄﻣﻮﺍﳍﻢ‬
‫ﻭﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪ .‬ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﳍﻢ ﺍﳋﲑﺍﺕ‪ .‬ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ ﺍﳌﻔﻠﺤﻮﻥ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺃﺳﻠﻤﺖ‪ ،‬ﻭﺑـﻚ‬
‫ﺁﻣﻨﺖ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻴﻚ ﺗﻮﻛﻠﺖ‪ ،‬ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺃﻧﺒﺖ‪ ،‬ﻭﺑﻚ ﺧﺎﺻﻤﺖ‪ .‬ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻌﺰﺗﻚ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ‬
‫ﺃﻧﺖ ﺃﻥ ﺗﻀﻠﲏ‪ .‬ﺃﻧﺖ ﺍﳊﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳝﻮﺕ‪ ،‬ﻭﺍﳉﻦ ﻭﺍﻹﻧﺲ ﳝﻮﺗﻮﻥ‪.‬‬

‫ﺃﻱ ﺟﻬﺎﺩ ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﳔﻮﺽ ﻏﻤﺎﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻘﻊ ﰲ‬
‫ﺣﺒﻬﺎ ﻓﻨﻨﺴﻰ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ؟ ﺃﻱ ﺟﻬﺎﺩ ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﺄﻣـﺔ ﻟﻨﺨـﻮﺽ‬
‫ﻣﻌﺎﺭﻙ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻔﻘﺪ ﺍﻟﺮﻭﺡ‪ ،‬ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺒﺘﻠﻌﻨﺎ ﺗﻴﺎﺭ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﻭﻳﺘﺤﻜﻢ‬
‫ﺱ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻭﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﻌـﺎﻳﺶ ﻣـﻊ ﺍﳊﻀـﺎﺭﺓ‪،‬‬ ‫ﰲ ﻣﺼﲑﻧﺎ ﻧﺎﻣﻮ ‪‬‬
‫ﺝ ﰲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠـﻰ ﻭﺟـﻪ ﺍﻷﺭﺽ‬ ‫ﻓﺎﻻﻧﺪﻣﺎ ‪‬‬
‫ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻗﻮ‪‬ﺎ ﻭﻣﻮﻓﻮﺭ ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﺎ ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺭﺟﺎﳍﺎ ﻭﻣﻐ‪‬ﺮﻳﺎﺕ ﺯﻳﻨﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻨﺖ ﺻﻨﻔﺖ ﲢﺖ ﺧﺼﻠﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﺳﺖ ﺷﻌﺐ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻫﻲ‪:‬‬
‫ﺍﳊﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ‪ ،‬ﰒ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ‪ ،‬ﰒ ﺍﻟﺘﺄﺳﻲ ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﰲ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﰒ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻭﺍﻹﻣﺎﺭﺓ‪ ،‬ﰒ ﺍﳌﺒﺎﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ‪،‬‬
‫ﰒ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻜﻤ‪‬ﻠﺔ ﻟﺸﻌﺐ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﺍﳌﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻌﻬـﺎ ﻫـﻲ‬
‫ﻣﺮﺍﺳﻴﻢ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻪ‪ .‬ﻣﻨﺎﻃﹸﻬﺎ ﺫﻣﺔ ﺍﳌـﺆﻣﻦ ﻭﻗﻴﻤﺘـﻬﺎ‬
‫ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ‪‬ﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﺍﳌﻐﺰﻯ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﳋﻠﻮﺩ ﰲ ﺳﺠﻼﺕ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺻﺤﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺇﺧﻼﺹ ﷲ ﺭﺏ ﺍﳉـﻼﻝ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻋﻨﺪ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺻﺤﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻯ‪
.‬ﺇﳕﺎ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻘﲔ‪).‬‬

‫ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪:‬‬

‫‪(٢٧‬‬
‫ﺗﻌﺎﻳﺶ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻊ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺩﺧﻮ ﹸﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ‬
‫ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳉﺪﱄ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﰲ ﻋﻘﻞ ﺍﳌﺴـﻠﻤﲔ‬
‫ﻭﻗﻠﺒﻬﻢ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻛﻴﺎ‪‬ﻢ ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﺃﻓﻘﺪﻫﻢ ﺍﻟﺮﻭﺡ‪ ،‬ﻓﺪﻝ ﺧﻄﺎﺑ‪‬ﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﹶﻮﺍﺀ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺫﻛﺮ‬
‫ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ‪ .‬ﺃﻣﺎﻣﻲ ﳎﻠﺔ ﺗﺘﻤﺴﺢ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻭﻫﻲ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺻﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻻ ﲣﻔﹶﻰ ﻫ‪‬ﻮﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﳌﻮﻣﻦ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﻋﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫"ﺍﳊﺞ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﺗﺮﺑﻂ ﺳﺎﺑﻖ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻼﺣﻘﻪ"‪.‬‬
‫ﺧﻄﺎﺏ ﻭﺛﲏ ﻗﻮﻣﻲ ﻳﻮﻇﻒ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﺍﳊﺞ ﻟﺘﺮﺑﻂ ﺗﺎﺭﳜﺎ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ‪ .‬ﻭﻛﺄﻥ‬
‫ﺱ ﻭﺭﺍﺛﻴﺔ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﻤﺎﺭﺱ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺘـﻪ‬ ‫ﺍﳊﺞ ﺗﺮﺍﺙ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻭﻃﻘﻮ ‪‬‬
‫ﺑﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻭﺍﻷﺟﺪﺍﺩ‪ ،‬ﻭﻳﻮﺛﻖ ﺍﻟﺼﻼﺕ ﲜﺬﻭﺭﻩ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﲑ ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺳﺎﺭﻭﺍ ﻭﺗﺮﺩﻳﺪ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ‪ .‬ﺃﻳﻦ ﳓﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻹﳍﻲ ﺍﳌﻘﺪﺱ‪
:‬ﻭﺃﲤﻮﺍ ﺍﳊـﺞ‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ ﷲ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ‪ ،‬ﺍﻵﻳـﺔ‪(١٩٥ :‬؟ ﻭﺃﻳﻦ ﳓﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺍﳌﺨﻠﺼﲔ ﳚﺄﺭﻭﻥ ﳓﻮ‬
‫ﺑﻴﺖ ﺍﷲ‪" :‬ﻟﺒﻴﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﺒﻴﻚ"؟‬
‫ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﰲ "ﻣﺆﲤﺮ" ﺍﳊﺞ ﳍﺎ ﻛﻞ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﰲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺇﺫ‬
‫ﺍﳊﺞ ﺗ‪‬ﻘﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪
:‬ﻟﻴﺸـﻬﺪﻭﺍ ﻣﻨـﺎﻓﻊ‬
‫ﳍﻢ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺞ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪ (٢٦ :‬ﻣﻦ ﺃﺟ ﱢﻞ ﺍﳌﻨﺎﻓﻊ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﳊﺎﺝ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﻦ ﻛـﻞ ﺑﻘـﺎﻉ‬
‫ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺷﻜﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺄﺧﺬ ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﲢﻤﻠﻪ ﻛﻠﻤﺔ "ﻣﻨﺎﻓﻊ" ﻣﻦ ﺩﻻﻻﺕ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﺫﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻟﻨﻬﺪﻑ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺼﺪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﺼﺪ‬
‫ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻐﺮ‪‬ﺏ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ‬
‫ﻫﺠﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﹶﺃ ‪‬ﺭﻋ‪‬ﺒﻨﺎ ﻓﺄﺻﺒﺤﻨﺎ ﻻ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﳊﺞ ﺇﻻ ﻣـﻦ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳـﺔ‬
‫ﺍﶈﺘﺮﻣﺔ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ﻭﻫﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺆﲤﺮﺍ ﻋﺎﳌﻴﺎ ﻧ‪‬ﺒﺎﻫﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺴﻌﺔ ﻣﻮﲰﻪ ﻭﻛﺜﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﻳﻦ ﺇﻟﻴﻪ‪.‬‬
‫ﺟﺌﺖ ﲟﺜﺎﻝ ﺍﳊﺞ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺷﻌﲑﺓ ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ‬
‫ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ‪ ،‬ﻷﻋ ‪‬ﻄ ‪‬ﻲ ﻣﺜﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻄﺢ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﳌﺘﻤﺴـﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺯﻫﻘﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﺑﻘﻲ ﺟﺴﻤﺎ ﺛﻘﺎﻓ‪‬ﻴﹰﺎ ﻳﺘﻨﻔﱠﺲ ﻫـﻮﺍﺀ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ ﻭﻳﻨﻄـﻖ‬
‫ﻧﻄﻘﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺧﺘﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺭﻳﺪ ﲝﻮﻝ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺃ ﹶﺫﻛﱢﺮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﲢﻠﻴﻞ ﻟﻮﺍﻗـﻊ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻧﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻵﻻﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﳌﺴﺘﻮﺭﺩﺓ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ‪‬ﻴـﻲﺀ ﻟﻌـﻼﺝ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺍﺀ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﻛﻞ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺗﻐﻴﲑ ﳌﺎ ﺑﺎﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺷﺮ ﲟـﺎ‬
‫ﺗﻘﺘﺮﺣﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺗﻀﻴﻴﻊ ﻟﻸﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺃﻥ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﺍﻟﱵ ﲢﻠـﻢ ‪‬ـﺎ ﻭﺗﻨﺘﺠﻬـﺎ‬
‫ﻭﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻓﺌﺪﺓ ﻻ ﺗﻮﻣﻦ ﺑﺎﷲ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﺇﻥ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺗﻴﻪ‬
‫ﰲ ﺗﻴﻪ‪.‬‬
‫ﻻ ‪‬ﳝ ﱡﻞ ﺍﳌﻔﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻮﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﻮﻥ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﻮﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﻮﻥ ﻭﻏﲑﻫﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻳﲔ ﺍﳌﺘﻔﺘﺤﲔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﲔ ‪‬ﻳﻠﹸﻮﻛﹸـﻮ ﹶﻥ ﰲ ﺃﻓـﻮﺍﻫﻬﻢ ﻭﳜﻄـﻮﻥ‬
‫ﺕ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﺍﳌﺘﺰﺍﻭﺟﺔ ﺯﻭﺍﺟﺎ ﻛﺴﻴﺤﺎ‪ .‬ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﺼﺎﱀ‬ ‫ﺑﺄﻗﻼﻣﻬﻢ ﺍﳌﻘﻮﻻ ‪‬‬
‫ﺑﲔ "ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ"‪ ،‬ﺑﲔ "ﺍﻟﺘـﺮﺍﺙ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳـﺪ"‪ ،‬ﺑـﲔ "ﺍﻟﻌﺮﻭﺑـﺔ‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ"‪ ،‬ﺑﲔ "ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ"‪ ،‬ﻭﻫﻠﻢ ﺟ‪‬ـ ‪‬ﺮﹰﺍ ﻭﺳـﺤﺒﹰﺎ ﰲ ﺃﺭﺍﺿـﻲ‬

‫ﺍﻟﻼﻳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻳﺮﺣﻢ ﺍﷲ ﺷﻬﻴﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﺣﻴﺚ ﺭﻛﱠﺰ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺍﻟﺒﻠﻴﻐﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﳉﻮﻫﺮﻱ ﺑﲔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻐﺮﺱ ﻓﻜﺮﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﻤﺎﻳﺰ ﻭﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻐﺎﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﰲ ﻧﺎﺷﺌﺘﻨﺎ ﺑﲔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳـﻼﻡ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﳒﻌﻠﻬﺎ ﺑﺴﺎﻃﺎ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺿﻤﻮﺭﻫﺎ ﻭﻏﻴﺎ‪‬ﺎ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺜﻐﺮ ﹶﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻓﱠﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴ ﹸﻞ ﺍﳉﺎﺭﻑ ﺳﻴ ﹸﻞ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﻟﱵ‬
‫ﻃﻤ‪‬ﺖ ﻭﻋﻤ‪‬ﺖ‪.‬‬
‫ﺨﺘ‪‬ﻬﺎ ﺍﺳﺘﺨﻔﱠﺖ‬‫ﺨ ﹶﻔ ‪‬‬
‫ﻭﺃﺧﺸﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﺸﺨﺸﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﻤﺴﻮﺧﺔ ﻭﹶﻓ ‪‬‬
‫ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻗﻼﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﺘﻨﺎﺯﻟﺖ ﻋﻦ ﴰﻮﺥ ﺧﻄﺎﺏ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ‬
‫ﻟﺘﻌﺮﺝ ﻋﻠﻰ ‪‬ﺩ ‪‬ﻣ ﹺﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻌﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻳﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﺍﱁ‪.‬‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻤﻮﺥ ﺍﻟﻘﻄﱯ ﻭﺍﻻﻋﺘﺰﺍﺯ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺻﺢ ﻟﻨﺎ ﻗﻮﻻ ﻋﻠﻰ ﻟﺴـﺎﻥ‬
‫ﺷﻬﻴﺪﻧﺎ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‪ .‬ﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﺢ ﻟﻨﺎ ﻋﻤﻼ ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻭﺍﻗﻌﺎ‪ .‬ﻭﺫﻟﻚ ﻫـﻮ‬
‫ﻣﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‪ :‬ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﰒ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﰒ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﻣﺮﺽ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﻮ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴـﺔ‬
‫ﺍﳌﻮﺕ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﳌﻌﺼﻮ ‪‬ﻡ‪ .‬ﻭﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺮﺽ‬
‫ﺍﻟﻐﺜﺎﺋﻲ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﰲ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹﳝﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻻﺀ‬
‫ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻭﰲ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﳊﻜﻢ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻷﻭﻝ ﻧﻘـﻮﻝ‪:‬‬

‫ﻋﻼﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺮﺽ ﺍﻟﻌﻀﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﻣﻨ‪‬ﻌﺔ ﺃﺟﻴﺎﻝ ﻣﻮﻣﻨﺔ ﳏﺴﻨﺔ‪.‬‬
‫ﰲ ﻗﻠﺐ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﻋﻘﻠﻪ ﻭﻧﻔﺴﻪ ﻭﺧﻠﹸﻘﻪ ﻭﻣﺮﻭﺀﺗﻪ ﲢﺘﺪﻡ ﺍﳌﻌﺮﻛـﺔ‬
‫ﺍﳊﺎﲰﺔ ﺑﲔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ .‬ﻓﺴﻼﺡ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺇﳕﺎ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴـﺔ‪ .‬ﻗـﻮﺓ‬
‫ﺃﺟﻴﺎﻝ ‪‬ﻧﺸ‪‬ﺌﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺍﺳﺘﻴﻼﺀ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ‪ ،‬ﻭﲢﻜﻢ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻭﺗﺴﻠﻂ ﺍﳊﻜـﻢ‬
‫ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺮﺟﻊ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻀﻌﻒ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺧﻠﻘﺎ‬
‫ﻭﺇﻣﻼ‪‬ﻗ ‪‬ﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻓﺎﻗﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬ﻭﻓﻘﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ‪ .‬ﻓﻤﻘﺎﻭﻣـﺔ ﺩﺍﺀ‬
‫ﺍﻟﻮﻫﻦ ﰲ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﺇﻥ ﱂ ﺗ‪‬ﺮﺱ ﰲ ﻛﻴـﺎﻥ ﺍﳌـﻮﻣﻦ‬
‫ﺭﻛﺎﺋﺰ ﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺩﻋﺎﺋﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ‪ ،‬ﻭﻗﻮﳝـﺎﺕ ﺍﻷﺧـﻼﻕ‪،‬‬
‫ﺨﻠ‪‬ﺼﺎﺕ ﺍﻟﻨﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻋﺰﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ ،‬ﻭﻣﻠﺰﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﺎﻋـﺔ ﷲ ﻭﺭﺳـﻮﻟﻪ‬ ‫ﻭ ‪‬ﻣ ‪‬‬
‫ﺸﺌﹶﺔ ﺃﺟﻴﺎﻝ‬
‫ﻭﺃﻭﱄ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ‪ .‬ﺗﺮﲨﺔ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺗﻠﺨﺼﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﺗﻨ ‪‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﻣﻌﺎﳌﹶﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ‬
‫ﺑﻌﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺗﺎﺭﺓ‪ ،‬ﻭﲟﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺼﻮﰲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒـﻬﺎ‬
‫ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻘﻮﺍﺑﻞ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﺭﲰ‪‬ﻨﺎ ﳍﺎ ﺧـﻂ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﻄﻠـﺐ ﺑﺼـﺪﻕ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ‪ .‬ﻭﻳﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﺑﻌﺒﺎﺩﻩ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻳﻬﺪﻱ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻨﻮﺭﻩ ﻣﻦ ﻳﺮﻳـﺪ‪،‬‬
‫ﻭﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﻜﻤﺎ ﹶﻝ ﻣﻦ ﻫﻢ ﰲ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻷﺯﱄ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﻭﳚﺪ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺘﺒﻨﺎﻩ ﺫﻛﺮﹰﺍ ﳌﻌﲎ ﺍﻟـﻮﻻﺀ ﷲ‬
‫ﻭﺗﺬﻛﲑﺍ ﺑﻪ‪ ،‬ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻧﺼﻴﺒﻪ‪ .‬ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﳑﻦ ﺭﺯﻗﻬﻢ ﺍﷲ ﺭﺯﻗـﺎ‬
‫ﺣﺴﻨﺎ‪.‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺟﻨﺪ ﺍﷲ ﻓﻜﻠﻤﱵ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺇﻟـﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺮﺑﻄـﻮﺍ ﻣﺼـﲑﻫﻢ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﺍﳌﺮﺟ ‪‬ﻮ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﲟﺼﲑ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ‪ .‬ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻠﻮﺍ‪ ،‬ﻭﺍﷲ‬
‫ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﳌﻮﻓﻖ‪ ،‬ﻓﻮﻋﺪ ﺍﷲ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻗﺎﺋﻢ ﺇﱃ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ‪ .‬ﻭﻋ‪‬ـ ‪‬ﺪ‬
‫ﺍﳊﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍ‪‬ﺎﻫﺪﻳﻦ
ﺑﺄ‪‬ﻢ ﻻ ﻳﺼﻴﺒﻬﻢ ﻇﻤﺄ ﻭﻻ ﻧﺼﺐ ﻭﻻ ﳐﻤﺼﺔ ﰲ‬
‫ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻭﻻ ﻳﻄﺄﻭﻥ ﻣﻮﻃﺌﺎ ﻳﻐﻴﻆ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﻻ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﻋﺪﻭ ﻧﻴﻼ ﺇﻻ‬
‫ﻛﺘﺐ ﳍﻢ ﺑﻪ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﱀ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻳـﻀﻴﻊ ﺃﺟﺮ ﺍﶈﺴﻨﲔ‪ .‬ﻭﻻ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ‬
‫ﻧﻔﻘﺔ ﺻﻐﲑﺓ ﻭﻻ ﻛﺒﲑﺓ ﻭﻻ ﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﻭﺍﺩﻳﺎ ﺇﻻ ﻛﺘﺐ ﳍﻢ ﻟﻴﺠـﺰﻳﻬﻢ ﺍﷲ‬
‫ﺃﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ‪).‬ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺍﻵﻳﺔ‪(١٢٠ :‬‬
‫ﻓﻄﻮﰉ ﻟﻌﺒﺪ ﺳﺎﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﲔ ﰲ ﺭﻛﺐ ﺍﳉﻬﺎﺩ‪ ،‬ﻭﺻﺪ‪‬ﻕ ﺑﻜﻠﻤـﺎﺕ‬
‫ﺭﺑﻪ ﻭﻛﺘﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻭﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺣﻖ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺫﻛﺮﻩ ﻛﻞ ﻭﻗﺘﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻌﺮﺽ ﻟﻨﻔﺤﺎﺗـﻪ‬
‫ﺁﻧﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ‪ ،‬ﻭﺑﺬﻝ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻭﺟﺎﺩ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ‬
‫ﺣﱴ ﻋ ‪‬ﻢ ﺑﺮﻩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﳋﻼﺋﻖ ﺃﲨﻌﲔ‪ ،‬ﻭﺗﻌﻠﻢ ﻋﻠﻢ ﺍﳊﻖ ﻭﻋﻤـﻞ ﺑـﻪ‬
‫ﻭﻋﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺗﺸﺒﻪ ﺑﺎﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﺍﲣﺬ ﺭﹺﻓﻘـﻪ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺳﻠﻮﺑﺎ‪ ،‬ﻭﺻﱪﻩ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺃﺳﻮﺓ‪ ،‬ﻭﺍﺻـﻄﺒﺎﺭﻩ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻘﺎﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺜﺎﻻ‪ ،‬ﻭﺟﻬﺎﺩﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭﺟﻬﺎﺩ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺧﻠﻔﺎﺋـﻪ‬
‫ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺭﺍﺋﺪﺍ‪ .‬ﻃﻮﰉ ﻟﻪ ﰒ ﻃﻮﰉ‪.‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺇﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺣﺪﺩ ﻟﻨﺎ ﻣﻌﺎﱂ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ ﻭﻣﻈﺎﻫﺮﻫـﺎ ﰲ‬

‫ﺃﺭﺑﻌﺔ‪ :‬ﻇﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺣﻜﻢ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺗﱪﺝ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﲪﻴﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﺻﻒ ﻟﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﺸﺮ ﻟﻨﺤﺬﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻧﻘﺎﻭﻣﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻧﻘﺎﺗﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻧﻜﻔﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﻋﻦ ﺃﻣﺘﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻇﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﲨﺎﻋﻪ ﻭﻓﻠﺴﻔﺘ‪‬ﻪ ﻭﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺑـﺎﷲ ﻭﺍﻟﻴـﻮﻡ ﺍﻵﺧـﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺸﺮﻙ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﻭﺍﻹﳊﺎﺩ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺣﻜﻢ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺳﻨﺪﻩ ﻭﻋﻤﺎﺩﻩ ﻭﻗﻮﺗﻪ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻐﲑ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﺗﱪﺝ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻣﻈﻬﺮﻩ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﻟﺮﻭﺡ‪.‬‬
‫ﲪﻴﺔ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻨﱳ ﻭﻛﻔﻰ‪.‬‬
‫ﺐ ﰲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ‬ ‫ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﰲ ﻛﺘﺎﰊ ﻫﺬﺍ! ﺇﳕﺎ ﺗ‪‬ﻜ‪‬ﺘ ‪‬‬
‫ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻗﻄﻌ‪‬ﻚ ﳊﺒﺎﻝ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺣﻖ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﺭﻋﻴﺘﻚ ﻭﺃﻣﺘﻚ‪ ،‬ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺟﻬﺎﺩﻙ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺻﺪﻗﻚ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺣﺒﻚ ﷲ‪ ،‬ﻭﺫﻛﺮﻙ ﷲ‪ .‬ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ ﳏﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻝ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﺯﻫﲑ ﳌﺎ ﻗﻄﻊ ﺣﺒﺎﻝ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺟﺎﺀ ﺗﺎﺋﺒﺎ ﺇﱃ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪:‬‬
‫و)‪+‬ل&‪>pm/:3
M/}*X   5œ4/&5D‬ل! ‬
‫&א‪'™3*;-‬و
ن‪>7 f+-@#[
œ'5:+>   Q"4
+z‬ل ‬
‫‪*4•3‬ن=>لא
‪*5‬و‪   3@:‬وא
‪>=@/:>I‬لא?‪>V‬ل ‬
‫
نא
>ل
‪C>;@/B   -f+AQ,$‰,‬א?‪>5,‬ل ‬
‫‪+)§);[Q8‬ل)‪>75*+S[.;k-   %B5š+‬א‪:‬زو
>א ‬
‫زא
>א‪+78،‬زאل*‪+.3‬سو‪@/:   q‰$m&X‬א
‪f+95‬و‪+IqX‬ذ ‬
‫‪wk9X‬א
‪   %b=>ž X
;Ik‬و‪+#;:%}+‬ضא‪ B­J>S‬‬
‫ـــــ ان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ﻭﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫‪2:َ4‬ــ‪'m 5c‬ـــ ‪Im J8‬ـــــ‪ \@2: F‬ـ‪C‬ـَـــــ ِ!‬ ‫‪Nَ4‬ـــ‪ICu‬ـــ‪C'? >c‬ـُ ـ‪8N‬ـ[ـــــ ِ& ‪$‬ــ‪8: M‬ـ_‪8‬ــــ ٍ
‬
‫  ‪ْl&8‬ـــ ٍ‪2 \@2: H‬ـــــ ِ!‬
‫ُــــ!‪2 o‬ــ
ِ‪,‬ـــ ‪8‬‬ ‫ ‪ْ$5‬ـــــ ‪ُ† q‬ـŽ‪2, C‬ــ‪ 5‬ــــ ‪ِ,‬ــ;ــ‪5t‬ـ
ــــ‬
‫‪C_ P2 2‬ـ‪>, C‬ـ  ‪8d‬ـ=\ ‪ِ%2 ُm‬‬ ‫‪ I Fُ} 8gN َ$ 8'ُI‬ـــ‪Iِ
2' -‬‬

‫ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﳏﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﳏﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺻﻠﻴﺖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﳏﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ‬
‫ﺳﻴﺪﻧﺎ ﳏﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺑﺎﺭﻛﺖ ﻋﻠﻲ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑـﺮﺍﻫﻴﻢ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺇﻧﻚ ﲪﻴﺪ ﳎﻴﺪ‪.‬‬
‫ﻭﺁﺧﺮ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﳊﻤﺪ ﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪ .‬ﻭﺭﺣﻢ ﺍﷲ ﻋﺒﺪﹰﺍ ﷲ ﻭﺃﻣ ﹰﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺇﻣﺎﺀ ﺍﷲ ﺫﻛﺮﺍﻧﺎ ﰲ ﺩﻋﺎﺋﻬﻤﺎ‪ .‬ﺃﻭ ﺃﻫﺪﻳﺎﻧﺎ ﺑﻌﺪ ﺭﺣﻴﻠﻨﺎ ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟـﺪﺍﺭ‬
‫ﻭﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺍﺳ‪‬ﺘﹾﺜﹺﻨ ‪‬ﻲ ﺛﻮﺍﺏ ﺳﻮﺭ ﻭﺁﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ‪ .‬ﺧﺘﻢ ﺍﷲ‬
‫ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻜﻢ ﺑﺎﳊﺴﲎ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ‪ .‬ﺁﻣﲔ ﻭﺍﳊﻤﺪ ﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬