Professional Documents
Culture Documents
مفهوم الاستراتيجية قديماً وحديثاً وإمكانية تطبيقها في القطاع العام
مفهوم الاستراتيجية قديماً وحديثاً وإمكانية تطبيقها في القطاع العام
نناقش في هذه المقالة مفهوم االستراتيجية منذ نشأته إلى العصر الحديث من حيث منظور التفكير
االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية والتخطيط االستراتيجي ،ومن ثم نناقش الترابط المتواجد بين
استراتيجية المنظمة وبيئتها الخارجية وبيئتها الداخلية ،وأخيراً ،نناقش إمكانية تطبيق االستراتيجية في
القطاع العام مقارنةً بالتطبيق في القطاع الخاص .وقد هدف هذا المقال إلى أخذ جولة تلخيصية في أمهات
الكتب العربية واالنجليزية ،وعدد من المقاالت الشهيرة ،في مجال االستراتيجية وتطبيقها في القطاع
العام والقطاع الخاص.
بدايةً نبين إن االستراتيجية كمفهوم بدأت كدراسة لسبل االنتصار في الحروب والمعارك حيث نشأت في
القطاع العسكري ،وجاءت كلمة استراتيجية من الكلمة اإلغريقية
()Stratos-Agein
بمعنى قيادة الجيش ،حيث أنها مكونة من جزئين وهما :الجزء األول
وكان سبب نشؤ هذه الوظيفة هو أنه استحدثتها أثينا القديمة من أجل حروبها مع الفرس عام ( )509قبل
الميالد .وقد أشار الكاتب العسكري كالوز فيتنر – والذي كان من أوائل الكتاب عن االستراتيجية في
القرن التاسع عشر – بأن االستراتيجية "فن استخدام القوى العسكرية للوصول إلى نتائج حددتها
السياسة" ،وكما أن العديد من الكتاب العسكريون اتفقوا على أن االستراتيجية تهدف الى االنتصار في
الحرب ،من خالل طريق مباشر بخوض المعارك وبطرق غير مباشرة كالخديعة أو الدهاء أو تعطيل
حركة العدو أو تحطيم معنوياته وغيره مما قد يحقق االنتصار بالحرب دون اطالق رصاصة واحدة
ويقول هنري فايول -عالم اإلدارة الفرنسي -عن االستراتيجية" :إن أردت أن تدير فعليك أن
تتوقع" .أي صياغة احتماالت للمستقبل ،بنا ًء على الماضي والحاضر ،لضمان االستمرارية .ومع
النهضة المعلوماتية واالتصالية التي نشهدها "كموجة ثالثة" -بعد موجة النهضة الزراعية والتي تبعتها
باألالف السنين موجة النهضة الصناعية ،وبعد مائتي سنة تقريبا ً تبعتها الموجة الثالثة النهضة المعلوماتية
واالتصالية –أصبحت امكانية التنبؤ بالتغيير والتحول متسارعة مما يدعو بدون شك إلى التفكير
االستراتيجي المستقبلي ،وهذا ما دعا إلى نظرية اإلدارة االستراتيجية المعاصرة .حيث نتيجة هذه
النهضة ،أصبح المجتمع المعاصر مرتبطا ً بالعملية الفكرية والتي ارتبطت بازدياد المعرفة وليس بالعمل
الحركي أو اآللي ،ومن هذا المنطلق ابتدأت فلسفة اإلدارة االستراتيجية من جراء النظرية الجزئية
المسماة "التخطيط المركزي" -التابعة لنظرية التنظيم -والتي سادت في الستينات في المركز الرئيسي
للشركات القابضة والمتعددة الجنسية والتي أنشئت في مراكزها إدارات مستقلة من المحترفين لحركة
التخطيط طويل األمد .من أهم هذه النظريات الجزئية ،هي التي ذكرها ألفريد شاندلر عام 1962م في
كتابه (االستراتيجية والهيكل) ،حيث ربط بين الهيكل التنظيمي واالستراتيجية منذ القرن التاسع عشر في
الشركات العالمية والمتعددة الجنسية .وأشار إلى أن الهيكل التنظيمي في هذه الشركات كان يتغير نتيجة
التغير في استراتيجيتها .وكان أيضا ً لكتاب المستشار بمجموعة "ماكنزي اند كومبني" أومايا – رجل
االستراتيجية الياباني المشهور -الصادر في ثمانينيات القرن الماضي والمسمى (عقل االستراتيجي) أثراً
واضحا ً في نمو وتطور النهج االستراتيجي .وذكر أومايا في كتابه ،أن جوهر االستراتيجية هو االتيان
"باألساليب واإلجراءات الهادفة بشكل مباشر لتغيير وتحسين نقاط القوة للشركة ،مقارنة نسبيا ً بمنافسيها"
وذكر أن الهدف النهائي من االستراتيجية دائما ً هو المحاولة الجادة إلحداث حالة من التحكم في الظروف
المحيطة .وجوهر التفكير االستراتيجي عند أومايا يعتمد على نفاذ البصيرة والدافع لإلنجاز وإن افتقار
اإلداريين لمنظور واضح حول اإلدارة االستراتيجية يعود سببه إلى الخلط بين التخطيط طويل المدى
واالستراتيجية ،وكذلك الخلط بين االستراتيجية والسياسات .وبالنظر إلى نظرية التفكير االستراتيجي نجد
إن االستراتيجية ليس لها مرادف في اللغة العربية ،وأصلها من اللغة اليونانية وتعني حرفيا ً "الفن
العسكري" او "أسلوب القائد العسكري" .وعرف كالوز فيتنر في القرن التاسع عشر بانها "فن استخدام
المعارك كوسيلة لتحقيق أهداف الحرب" ،وعرفها بوفر بأنها "فن استخدام القوة العسكرية للوصول إلى
نتائج حددتها السياسة" .ويرى بوفر أن الفلسفة أو الفكر هو مصدر االستراتيجية ،وان االستراتيجية
مهمة قيادية اساسها أسلوب التفكير .وعرف هارت االستراتيجية العسكرية بتعريفها المعاصر بأنها ال
تعني الحرب ،وال تعني استخدام القوة ،وإنما تهتم بأساليب سلمية إلى جانب التهديد باستخدام القوة ،التي
قد تكون الحرب أحدها
(المنيف.)2017 ،
.1اتخاذ القرارات بمعزل عن المعلومات الكاملة ،وتميزها بالمخاطرة وعدم التأكد .فالمخاطرة وعدم
اليقين هما لب االستراتيجية.
.2حوار اإلرادات في المؤسسة وصوالً إلى تحديد واضح لإلرادة المتوافق عليها واإللتزام بها.
.3التأثير على تخصيص الموارد ،وتحديد األولويات ،وربط العملية اإلدارية حسب االستراتيجية.
.4تفكير اساسي وابداعي وابتكاري باإلتيان بأساليب جديدة تحقق أغراض المؤسسة.
ومن العناصر أعاله ،يمكن تعريف االستراتيجية اإلدارية باختصار بأنها أسلوب تفكير ابداعي
وابتكاري ،يدخل فيه عامل التخطيط والتنفيذ معا ً في سبيل تحقيق أهداف المؤسسة بوجود المخاطرة
المحسوبة وعدم التأكد .إن مهمة التفكير االستراتيجي هي االتيان بأفكار ابداعية وابتكارية جديدة
ومتميزة .وبالتالي ،يجب على القادة اإلداريون أوالً تطوير األفكار االستراتيجية ،ومن ثم صياغة
االستراتيجية وااللتزام بها وتنفيذها.
تجدر اإلشارة إلى إن قانون الندرة لموارد االنتاج من رأس مال ورجال ووقت ،يدعو إلى التركيز
على التفكير االستراتيجي للوصل إلى االستخدام األمثل لندرة عناصر االنتاج .لذلك يجب التركيز على
توفير المناخ المالئم للتفكير االستراتيجي ،وذلك للحاجة إلى التركيز على التفكير الواضح والتشاور بين
صناع القرار بإنسجام وتعاون وتفكير سليم وصوالً إلى إعداد أولويات إستراتيجية واقعية وصياغة
استراتيجية شاملة متطابقة مع استراتيجيات الوحدات المكونة الستراتيجية المنظمة ككل ،ما يساعد بدوره
على التركيز في تكوين نواة التفكير االستراتيجي المطلوب في المنظمة
(المنيف.)2017 ،
ويرى وهيلن وهنجر أن اإلدارة االستراتيجية تهتم بالمنشأة ككل متكامل ،وبترابطها العضوي مع
البيئية الداخلية من حيث مصادر قوتها وضعفها ،ومع البيئة الخارجية من حيث الفرص المتاحة
والمخاطر .ويعرفان اإلدارة االستراتيجية بأنها "مجموعة القرارات والممارسات اإلدارية التي تحدد
األداء الطويل المدى للمؤسسة" .ونستنتج من ذلك أن االدارة االستراتيجية مرتبطة بشكل أساسي
بالمهارات الفكرية لإلدارة العليا ،من حيث صياغة االستراتيجية وتطبيقها وتقويمها .وبالتالي نستنتج أن
اإلدارة العليا يقع على عاتقها االدارة االستراتيجية للمؤسسة ،والتي يمكن على آثرها إحداث النمو
والتطور أو الجمود واالفالس .وقدم وهيلن وهنجر نموذجا ً شامالً لإلدارة االستراتيجي مكونا ً من خمس
وسائل رئيسية مؤدية لفهم االستراتيجية وعناصرها ،وهو كما يلي :
§ بيئة العمل ،مثل الدولة والسكان والموردين والمنافسين وجميع أصحاب المصلحة.
§ بيئة المجتمع :أي القوى االقتصادية التي تمثل تبادل الموارد واألموال ،والقوى االجتماعية
والحضارية التي تمثل الثقافة والقيم ،والقوى السياسية والقانونية التي تمثل التعليمات واألنظمة.
.2البيئة الداخلية ،والتي يتحدد منها نقاط القوة والضعف .وتتضمن:
.3صياغة االستراتيجية :بعد االنتهاء من النقطتين أعاله ،تتجه اإلدارة العليا لصياغة االستراتيجية من
خالل البدء بمسح المهام ،ثم تقييم الوضع الحالي والمتوقع وتقييم األهداف الحالية والمتوقعة (يمكن
استخدام وسائل مساعدة في هذه المرحلة مثل مصفوفة مجموعة بوسطن االستشارية او مصفوفة جنرال
إلكتريك ،وصوالً إلى إعادة صياغة المهمة واألهداف .ونأتي بعد ذلك إلختيار أحد خيارات االستراتيجية
األربعة التالية :الثبات (ال تغيير) ،أو النمو (التقدم بحذر) ،أو النكماش (التراجع) ،أو الخليط (الخلط بين
الخيارات الثالث السابقة) .كما تتضمن صياغة االستراتيجية صياغة ما يلي بالترتيب :المهنة،
واألهداف ،واالستراتيجية ،والسياسات.
.4تطبيق االستراتيجية :وتتضمن تطبيق البرامج والميزانيات واإلجراءات وإجراء تعديل في التنظيم
والهيكل التنظيمي بما يتطابق مع االستراتيجية ،كما أكدا على ضرورة استخدام اإلدارة باألهداف .وكل
ذلك مما يساعد على تطبيق االستراتيجية التي تمت صياغتها في النقطة السابقة.
.5التقييم والرقابة :تقوم اإلدارة العليا بإكمال عملية اإلدارة االستراتيجية من خالل اتباع الخطوات
الخمس التالية:
§ إجراء القياس.
§ السؤال هل يتطابق القياس مع األداء النمطي المطلوب؟ إذا نعم ،قف .وإذا ال ،اتخاذ إجراء
تصحيحي.
وقدم كبنر وتريجو مفهوم قوة الدفع ،والتي تعني ببساطة طبيعة ومجال المنتجات أو األسواق أو
القدرات التي تعتبر مصدر القوة للشركة أمام منافسيها ،وتؤدي إلى إيضاح مصدر قوة الدفع الواجب
تركيز التفكير االستراتيجي إليه والذي يشكل اإلطار العام لالستراتيجية .والفئات الرئيسية المكون
لمجاالت قوة الدفع كما أوضحها كبنر (العناصر المكونة لقوة الدفع) تتلخص فيما يلي :
.1الفئة – المجال.
ويحدد ثومبسون النموذج الذي تعمل اإلدارة االستراتيجية من خالله بالتركيز على ثالثة أبعاد،
وهي:
.1التحليل االستراتيجي :دراسة وتقييم شامل للنتائج الحالية في المؤسسة والوضع الحالي.
ويوضح ثومبسون أن اإلطار العام لالستراتيجية يحتاج إلى القيادة االستراتيجية (قادة المؤسسة)
والتي تحدد الرؤية والرسالة /الغرض واألهداف واالستراتيجية العامة للمؤسسة .حيث يؤكد بأن القيادة
في المؤسسة لديها من قوة المرجع ،وقوة الحافز ،وقوة السلطة ،وقوة الخبرة ،وقوة المعلومات ،وقوة
العالقات ما يمكنها من تكوين ثقافة وقيم واضحة للعاملين في المؤسسة .واستعرض ثومبسون معايير
االستراتيجية الفعالة في تقييم ثالثة عناصر رئيسية ،وهي:
.1المالئمة (.)Appropriateness
.2الجدوى (.)Feasibility
.3المرغوبية (.)Desirability
وأوضح ثومبسون أن دراسة االستراتيجية بجميع مراحلها يحملها عنصر أساسي وهو التغيير،
وبدون هذا العنصر ال يمكن لالستراتيجية أن تنجح .ومقاومة التغيير هو أكثر ما يؤدي لفشل
االستراتيجية .وأوضح أوضح أومايا في كتابه االستراتيجية الصادر في العام 1991م بأن اإلبقاء على
الميزة التنافسية ألطول فترة ممكنة هو جوهر االستراتيجية .ويرى جاك ويلش أن اهم نقطتين في
استراتيجية جنرال إلكتريك هما "ببطء ولكن بثبات" و"شراكة بال حدود" ،وتمكين الموظفين من خالل
منح الثقة للموظفين وتفويض الصالحيات لهم واعتبارهم محركين لحافلة النجاح بدل من اعتبارهم
راكبين فيها
(المنيف.)2017 ،
وقبل االنتقال إلى موضوع التوائم بين االستراتيجيات والبيئة الداخلية والبيئة الخارجية ،تجدر اإلشارة
هنا إلى أن التخطيط االستراتيجي أو صياغة االستراتيجية جزء من اإلدارة االستراتيجية ،حيث أن
اإلدارة االستراتيجية هي المظلة األشمل وتتضمن كافة المراحل من تخطيط وصياغة االستراتيجية
وتنفيذ االستراتيجية وتقييمها والتغذية الراجعة ،كما ويتميز التخطيط االستراتيجي عن التخطيط التقليدي
بأنه ال يمكن الوصول إلى خطة استراتيجية مصاغة بشكل جيد إال بعد إجراء تحليل دقيق للبيئة الداخلية
والخارجية للمنظمة يجيب عن تساؤالت المنظمة حول ما هو أفضل وضع مستقبلي لها؟ وكيف بمقدرتها
الوصول إليه؟ بينما التخطيط التقليدي ال ينظر إلى التحليل البيئي وليس باستطاعته ان يجيب عن تلك
األسئلة
وبالنظر إلى موضوع التوائم بين االستراتيجيات والبيئة الداخلية والبيئة الخارجية ،أشار ديجمان إلى أن
المنظمات تتفاعل باستمرار مع بيئات دائمة التطوير والتغير ،ولكي يكون هذا التفاعل ذا جدوى فإن ذلك
يتطلب من المنظمات االهتمام الجدي في الحصول على المعلومات من حيث حداثة المحتوى وكثافته من
مصادر متنوعة ومتعددة .حيث ان االستراتيجية تتطلب استخدام كثيف وصحيح للمعلومات من مصادر
مثل المعلومات االستخباراتية عن منتجات المنافسين وبدائل السوق ويمكن الحصول على هذه المعلومات
من عدة مصادرة مثل البائعين والعمالء .هذه المعلومات في الحقيقة تأتي من عدة مصادر مختلفة في
البيئة الخارجية والبيئة الداخلية ،كما تتميز هاتان البيئتان – وخاصةً الخارجية منها – بالتغير السريع
والمستمر الذي يتطلب مواكبة ومتابعة دقيقة للمعلومات خاصةً في هذا العصر الذي يتميز بالتقدم
واالختراعات الحديثة في مجاالت تقنية وتكنولوجيا أنظمة المعلومات واالتصاالت ،مما يتطلب قدر
عالي من التحليل البيئي بهدف الموائمة بين البيئة الخارجية والداخلية بما يمكن أصحاب القرار من اتخاذ
قرارات استراتيجية صحيحة أو موائمة االستراتيجية تجاوبا ً للمتغيرات الحاصلة في البيئة الخارجية
والبيئة الداخلية وشكل فاعل وسريع .وأشارا جونسون وتشولز بأن التحليل البيئي يستند على تحليل
مكونات البيئتين الخارجية والداخلية للمنظمة ،للوصول إلى نقاط القوة والضعف في بيئتها الداخلية
والوصول إلى اكتشاف الفرص والتهديدات في بيئتها الخارجية ،وعرفا التحليل البيئي بأنه "مجموعة من
الوسائل التي تستخدمها اإلدارة في تحديد مدى التغير في البيئة الخارجية وتحديد الميزة التنافسية أو
الكفاءة المميزة للمنظمة في السيطرة على بيئتها الداخلية ،بحيث يسهم لك في زيادة قدرة اإلدارة العليا
على تحديد أهدافها ومركزها االستراتيجي"
وبالنسبة للبيئة الخارجية للمنظمة ،اشارا مينتزبيرج وكوين بأن البيئة الخارجية هي "كل ما يحيط
بالمنظمة من عوامل لها تأثير مباشر وغير مباشر في عمليات صناعة القرارات االستراتيجية واتخاذ
القرارات" .وأشارا الغالبي وإدريس بأن اتساع البيئة الخارجية للمنظمة وشموليتها جعل عدد من
الباحثين ينظرون إليها من عدة زوايا وبطرق مختلفة ،ولكن االتفاق بينهم جميعا ً بأن البيئة الخارجية هي
"مجمل المكونات واألبعاد والعناصر التي تقع منظمات األعمال تحت تأثيرها من خالل التعامل المباشر
أو غير المباشر ،وتتشكل من خالل هذا التعامل عالقات سببية مركبة تعطي دالالت ونتائج مختلفة"،
وذكرا بأن البيئة الخارجية تحتوي على جميع أصحاب المصلحة الخارجيين من الموردين والمستفيدين
والعمالء والمشترين والحكومة والعمالة القابلة لالستقطاب والتوظيف والمنافسون ونحوه ،وأن أبعاد
البيئة الخارجية ألي منظمة هي:
.1البعد االقتصادي :ومن متغيراته ،الناتج القومي اإلجمالي ،والدخل القومي ،ومعدل النمو ،ومتوسط
دخل الفرد ،ومعدالت البطالة والتضخم واالنكماش ..إلخ.
.2البعد االجتماعي :ومن متغيراته ،نمط الحياة االجتماعية ،وأنشطة االستهالك ،ومعدل نمو السكان،
ومعدالت الوالدة والوفاة والزواج ...إلخ.
.3البعد السياسي والقانوني :ومن متغيراته ،النظام السياسي الحاكم ،قوانين حماية البيئة وحماية
الحريات ،وسياسات التوجه نحو االستثمار الخارجي ،وقوانين التوظيف والترقيات ،وقوانين الضرائب،
وقوانين الجمارك ،وقوانين حماية الملكية الفكرية وبراءات االختراع ...إلخ.
.4البعد الثقافي :ومن متغيراته ،أنظمة التعليم ،والخبرات المهنية ،والقيم الفردية والجماعية ،السلوك
الفرجي والجماعي تجاه التغيير والتطوير ...إلخ.
.5البعد التكنولوجي :ومن متغيراته ،تحسين اإلنتاجية باستخدام تقنية المعلومات ،المعرفة التكنولوجية
وإمكانية نقلها واالستفادة منها ...إلخ.
.6المعلوماتي والفكري :ومن متغيراته ،الموارد المعرفية المتوفرة ،توفر القيادات االستراتيجية
المعرفية ،توفر أنظمة معلومات استراتيجية ...إلخ.
أما بالنسبة للبيئة الداخلية ،فقد أوضح سيرتو بأن البيئة الداخلية للمنظمة هي ما يعطيها قدرات وميزات
تنافسية تجعل منها متفردة في أساليب وطرق عملها ،وأن البيئة الداخلية للمنظمة هي "تتمثل بمجموعات
عوامل ومكونات ومتغيرات مادية ومعرفية وتنظيمية ذات صلة وثيقة بحدود المنظمة الداخلية".
واوضحا الغالبي وادريس بأن "البيئة الداخلية تمثل المستوى البيئي التنظيمي الداخلي المترابط بشكل
محدد ودقيق بالتطبيقات اإلدارية والتنظيمية لمنظمة األعمال" (الغالي وادريس .)2015 ،ولذلك فإن
معرفة المنظمة بجوهر قوتها ونقاط ضعفها في تنظيمها الداخلي يؤثر في تفاعلها واستجابتها لمتغيرات
بيئتها الخارجية واكتشافها للفرص والتهديدات الخارجية التي تحيط بها وطريقة تعاملها بشكل فاعل
ومؤثر والربط بين المتغيرات الخارجية بأساليبها وطرقها اإلدارية الداخلية لموائمة استراتيجيتها مع تلك
المتغيرات لتحقيق أهدافها .وأشارا وييلين وهنجر إلى أن إجمالي أبعاد البيئة الداخلية للمنظمة هي:
الهيكل التنظيمي ،والثقافة التنظيمية ،وموارد المنظمة .وأضافا الغالبي وادريس إلى تلك األبعاد بُعد
القيادة االستراتيجية ،باعتبارها فاعل رئيسي في نجاح استراتيجية المنظمات وتحقيق أهدافها .وبالتالي،
أصبح لدينا اربع أبعاد للبيئة الداخلية للمنظمة والتي ذكرتها آنفاً.
وبنا ًء على ما ذكر ،فإن على المنظمات العامة والخاصة تطوير بيئتها الداخلي لتمكينها من محاكاة البيئة
الخارجية الشمولية المحيطة بها والمؤثرة عليها ،وذلك من خالل وجود قيادة استراتيجية تحرص على
تطوير موارد المنظمة الملموسة من موارد بشرية ومالية وغير ملوسة مثل الشهرة والسمعة ،وتطوير
خطوط انتاجها وخدماتها ،وتطوير ثقافتها التنظيمية والمناخ التنظيمي ،وتطوير سياساتها الداخلية،
وبينتها التحتية والتكنولوجية ،وتطوير هيكلها التنظيمي بما يتماشى مع أبعاد بيئتها الخارجية من بُعد
اقتصادي ،وبُعد اجتماعي ،وبُعد سياسي وقانوني ،وبُعد ثقافي ،وبُعد اجتماعي ،وبُعد تكنولوجي ،وبُعد
معلوماتي ومعرفي بما يلبي متطلبات وحاجات أصحاب المصلحة الخارجيين من الموردين والعمالء
والمشترين -والمستفيدين من مواطنين ومقيمين في حالة القطاع العام -واألجهزة المختلفة في القطاعين
العام والخاص لتحقيق األرباح المطلوبة في منظمات القطاع الخاص أو لتحقيق المصلحة العامة بجودة
عالية وتكلفة ميسرة وبالسرعة الممكنة في منظمات القطاع العام .حيث أن تقصي معلومات دقيقة وحديثة
بجدية من تحليل بيئي صحيح يعتمد على تحليل البيئة الداخلية لتحديد نقاط القوة والضعف في المنظمة
وتحليل بيئي خارجي الكتشف الفرص والتهديدات الخارجية ،أو كما يسمى
ويهدف لموائمة االستراتيجية لتحقيق أهداف المنظمة العامة والخاصة على ح ِد سواء ورسالتها وصوالً
لرؤيتها – مع مراعاة كون االستراتيجية مرنة وقابلة للموائمة وإال فال يمكن أن تكون استراتيجية إن
كانت غير مرنة وقابلة للموائمة وسريعة باالستجابة للمتغيرات البيئية الداخلية والخارجية ،بل تصبح
أنظمة ولوائح جامدة يصعب تغييرها وال تحقق الغرض من وجودها والذي هو تحقيق أهدافها المنشودة.
كما أن االستراتيجية يجب أن تتصف بالمرونة ألن البيئة متغيرة وديناميكية واكتشافنا للمستقبل جزئي
وال نستطيع أن نعرفه بشكل كلي إلى أن يصبح حاضراً وذلك له عالقة بالرشدانية المحدودة التي ذكرها
هيربرت سايمون حيث يكفي أن تتصف المعلومات المتوفرة بالكفاية ال ُمرضية لنا وليس بالشمولية.
وبالنسبة ألهمية وجود استراتيجية من عدمه في المنظمات في القطاع العام ،فهمنا مما سبق بأن
االستراتيجية انتقلت من القطاع العسكري إلى القطاع الخاص لمساعدة األخير على االنتصار على
منافسيه في السوق إما من خالل هزيمتهم وإفالسهم وإخراجهم من السوق لالستحواذ على حصتهم أو
توسيع استحواذه على حصة أكبر من منافسيه بالسوق من خالل خلق مزايا تنافسية جديدة أو من خالل
زيادة أرباحه وتقوية استمرارية الشركة في ظل األزمات والكوارث .فإذاً القطاع العسكري يسعى
لالنتصار على العدو وكذلك القطاع الخاص يسعى لالنتصار على المنافسين ،ولكن ماذا عن القطاع
العام؟ هل القطاع العام ينافس قطاع عام أخر لالنتصار عليه أو االستحواذ على حصته من المواطنين
مثالً؟ هل سبق أن رأينا أن الشرطة في مدينة ما تتنافس مع شرطة في مدينة أخرى في نفس الدولة
لالستحواذ على حصة أكبر من القضايا مثالً؟ أو ان إدارات اصدار جوازات السفر التابعة لوزارة
الداخلية في معظم الدول تتنافس مع أدارة جوازات دولة أخرى لالستحواذ على مواطنيها؟ بالطبع ال ،هل
تحتاج منظمات القطاع العام االستراتيجية للمنافسة على الموارد المالية المستمدة من الميزانية العامة
للدولة كما جادل البعض؟ أو هل تحتاج المنظمات العامة لالستراتيجية لمنافسة المنظمات العامة في
الدول األخرى المتقدمة كما قد يجادل البعض األخر؟ فعليا ً ال يوجد منافسة في القطاع العام ،فالقطاع
العام تحكمه أنظمة وقوانين وتشريعات ولوائح تنفيذية تسنها السلطات التشريعية والسياسية في البلد،
والتنافس الوحيد في القطاع العام قد يكون هو الوصول ألفضل الممارسات الدولية والمقارنة المعيارية
مع الدول المتقدمة في تقديم المنتجات العامة (سلع أو خدمات) بجودة عالية وتكلفة اقتصادية ميسرة
وبالسرعة الممكنة للمواطنين والمقيمين في البلد بما يرفع مستوى المعيشة وجودة الحياة والتأكد من
تحقيق الرضا العام والمصلحة العامة ألكبر شريحة ممكنة من المواطنين والمقيمين وبما يتوائم مع أنظمة
وسياسات الدولة .ولكن ما يزال يجادل البعض بأننا نحتاج استراتيجية واضحة في القطاع العام رغم عدم
وجود المنافسة بين منظماته .فهل نحتاجها حقاً؟ هذا ما سنتطرق الجابته بالتفصيل مع مراجعة ما كتب
أبرز الكتاب والباحثين والدراسات في هذا الموضوع.
وبالنظر إلى ما سبق من تعريف االستراتيجية والبيئة الداخلية والبيئة الخارجية للمنظمات العامة
والخاصة وكيفية تحليل المنظمات العامة لمتغيرات بيئتيها الداخلية والخارجية -والتي تتضمن السياقات
والمعطيات المؤثرة على صياغة وتنفيذ االستراتيجية -بغرض مواءمة استراتيجياتها بما يتماشى مع
هاتين البيئتين لتحقيق أهدافها االستراتيجية ،وبمقارنة ذلك بالسياقات والمعطيات الموجودة في البيئتين
الداخلية والخارجية للمنظمات في القطاع الخاص التي تؤثر على صياغة وتنفيذ استراتيجياتها أيضاً .نجد
أن كال القطاعين لديهما نفس مكونات وأبعاد البيئة الداخلية والبيئة الخارجية المذكورة آنفاً ،ولكن تختلف
على سبيل المثال في المستفيدين في القطاع العام عن القطاع الخاص بكون المستفيدين في األول هم
المواطنون والمقيمين تقدم لهم الخدمات مجانا ً أو مقابل رسوم رمزية بينما في القطاع الخاص ينظر لهم
على أنهم مشترين وعمالء تقدم لهم المنتجات مقابل سعر التكلفة وارباح إضافية مالية تحققها الشركات
من مبيعات منتجاتها لهم ،وتختلف أيضا ً بتميز منظمات القطاع الخاص عن منظمات القطاع العام
بالمرونة األعلى وقلة تأثرها – مقارنةً بمنظمات القطاع العام -باألنظمة والتشريعات واللوائح التي
تضعها وتعدلها السلطات التشريعية والسياسية في الحكومة لضبط العمل والمخرجات المنشودة في
منظمات في القطاع العام .وسنستعرض فيما يلي األدبيات التي تشرح السياقات والمعطيات التي تؤثر
على منظمات القطاع العام في صياغة وتنفيذ استراتيجياتها مقارنة بمنظمات القطاع الخاص والنماذج
والمداخل المختلفة مما تناولته ادبيات التخطيط االستراتيجي واإلدارة االستراتيجية في هذا الشأن.
األدبيات األولى التي سنستعرضها هي دراسة دوجالس إيدي الصادرة بالعام 1983م عن إمكانية تطبيق
التخطيط االستراتيجي في القطاع العام ،حيث أشار إلى أن أهمية وجود مسح وتحليل للبيئة يتم من خالله
صياغة استراتيجية للمنظمة العامة ،وأهمية وجود أنشطة سارية في هذا الصدد ومستمرة لكي تكون
المنظمات في القطاع العام قادرة على التجاوب بفاعلية وكفاءة مع الفرص والتهديدات الخارجية .وأن
وجود التخطيط االستراتيجي في المنظمات في القطاع العام يجعلها عملية أكثر وقابلة لإلدارة بشكل أكبر
من تلك التي ليس بها خطط استراتيجية ،حيث أن تقينات ووسائل صياغة االستراتيجية في منظمات
القطاع العام تحدد بشكل دقيق محدودية الموارد وكيفية استعمالها إلحداث التغيير المطلوب وصياغة
حلول لمشاكل معقدة قد تواجه المنظمات العامة في المدى القصير وليس فقط في المدى البعيد .بينما
جادلت آري هاالشمي في مقالتها الصادرة بتاريخ 1986م بأن التخطيط واإلدارة االستراتيجية غير
مهمين في منظمات القطاع العام ،حيث يرى بأن الغايات أو األهداف باألساس معطاة في القطاع العام،
وأن القطاع العام ال يستطيع وضع غايات من نفسه ألنه محكوم ،بينما القطاع الخاص يمكنه ذلك .كما أنه
ال يمكن للقطاع العام وضع خطة استراتيجية ألنه نظام مفتوح – أي يتفاعل مع بيئتها الخارجية باستمرار
– على عكس منظمات القطاع الخاص التي ال تعتبر أنظمة مفتوحة بنفس قدر القطاع العام .وكما تطرقت
الكاتبة إلى أن المنظمات في القطاع العام مسيسة على عكس القطاع الخاص الذي يقوده ويحفزه الربحية
فقط .وتوصلت في نهاية مقالها إلى أن التخطيط االستراتيجي هو أحد أدوات التطوير التنظيمي الذي
يمكن للقطاع العام استعمالها ،ولكنها ليست مهمة له
ومن المواضيع التي جادل بها رينغ وبيري حول صعوبات وجود استراتيجية في سياق القطاع العام ،هو
أنه ال يمكنه التفكير خارج الصندوق ألنه محكوم باألنظمة والقوانين ،بينما القطاع الخاص يمكنه التفكير
خارج الصندوق .وأيضا ً من األمور ناقشاها أن القطاع العام يمتاز بغموض السياسة التي تحكمه مما
يصعب وجود سياق استراتيجي واضح لديه يتماشى مع سياساته الغامضة ،بينما القطاع الخاص سياسته
واضحة أكثر .وايضا ً جادال بإنفتاح منظمات بالقطاع العام -ويتفق شرحهما مع ما ذكرت هاالشمي -
بأن البيئة في منظمات القطاع العام مفتوحة بشكل كبير وبالتالي ال تعيق وجود سياق إدارة استراتيجي
لدينامكيتها العالية وكثرة تغييراتها .وأيضا ً القطاع الخاص ال يمكنه تغيير نشاطه الرئيسي بينما القطاع
الخاص يمكنه ذلك ،بسهولة .فعلى سبيل المثال إن كان نادي كرة قدم يملك العبين وتعرض لخسارات
فادحة فيمكنه تغيير نشاطه إلى كرة السلة واحضار العبين بكرة السلة واالستغناء عن العبي كرة القدم،
بينما ال يمكن القطاع العام من تغيير نشاطه حيث ال يمكن إلدارة إصدار الجوازات تحويل نشاطها إلى
إصدار هويات وإقامات واالستغناء عن إصدار جوازات السفر.
وأوضح ألفورد وجريف أن اإلدارة التنفيذية العامة الجديدة حصلت على مفهوم اإلدارة االستراتيجية في
األساس من القطاع الخاص وتحديداً من نموذج سياسة إدارة األعمال الذي يتضمن أفكار رئيسية عن
استراتيجيات المنظمات في القطاع الخاص وحولته إلى أحد أدواتها .حيث ظهر مفهوم نموذج سياسة
إدارة األعمال في ستينيات القرن العشرين واستخدمت اإلدارة التنفيذية العامة الجديدة التي ظهرت الحقا ً
-المعروفة بإستخدام تقنيات وأساليب إدارة األعمال -هذا األسلوب في التفكير االستراتيجي واضافته
ألساليب إدارة المنظمات في القطاع العام .واشارا في نهاية دراستهما إلى أنه يمكن استخدام االستراتيجية
في القطاع العام كأحد أدوات اإلدارة التنفيذية العامة الجديدة مع األخذ باالعتبار ثالثة أمور وهي :القيم
التي تسعى المنظمات في القطاع العام لتحقيقها ،والمتغيرات البيئية الخارجية السلطوية التي تحكم
المنظمات في القطاع العام ،واإلمكانات والقدرات اإلنتاجية التي تتمتع بها المنظمات في القطاع العام
وأشادا بويستر وستريب بأهمية وجود إدارة استراتيجية في منظمات القطاع العام بسبب الحاجة الماسة
لجذب االنتباه وضغوط وجود قرارات بشكل يومي في منظمات القطاع العام ،باإلضافة للحاجة إلى
وجود حس اتجاه وسرعة استجابة ال تتناقض مع هذا الحس ،وبغرض تحديد المبادرات واألولويات في
المنظمات في القطاع العام .وأوضحا أيضا ً بأن وجود اإلدارة االستراتيجية في منظمات القطاع العام
حاجة ملحة لوجود منظمات قطاع عام فاعلة وكفؤة وصحية تستمر في اإلنتاجية بما يتوائم مع التغييرات
الكثيرة التي تتعرض لها بيئتها المتغيرة ،وأشارا إلى أهمية وجود قيادة استراتيجية في منظمات القطاع
العام تحدد األولويات وتخصص الموارد بما يخدم الغايات االستراتيجية .وجادال هوجلوند وسفاردستن
من نتائج دراستهما الصادرة بالعام 2015م بأنه من التحديات التي يواجهها القطاع العام في سياق وجود
إدارة استراتيجية له مقارنةً بالقطاع الخاص ،هي أن المنظمات في القطاع العام ال تملك ميزة تنافسية
تدعو لوجود استراتيجية كما هو الحال في منظمات القطاع الخاص ،وأيضا ً أن القطاع العام ال ينمو ألن
النمو غير مطلوب في القطاع العام ،على عكس القطاع الخاص .وكما جادال بأن القطاع العام ال يمكنه أن
يكون ال مركزي مثل منظمات القطاع الخاص ،وأن سياق القطاع العام ذو سياق مسيس إداريا ً وثقافيا ً بما
ال يؤدي إلى وجود طريقة مثلى لقيادة المنظمة في القطاع العام بشكل استراتيجي .
وتناوال ماكبين وسميث استخدام القطاع العام منذ الثمانينات لمجموعة كبيرة من المبادئ المتواجدة لدى
القطاع الخاص ،وركزا في دراستهما على االستراتيجية من ضمن تلك المبادئ تحديداً .وذكرا انه بنا ًء
على نظرية سايمون حول الرشدانية المحدودة بأن الواقعية معقدة وغنية جداً بالمعلومات وتفوق قدر
الشخص على االستيعاب لتمكينه من استعراض قرارات وخيارات تصقل االستراتيجية في القطاع العام.
وأشارا أيضا ً إلى نظرية ليندبلوم بأنه بنا ًء على الرشدانية المحدودة في اتخاذ القرارات ،فإن التدرجية في
اتخاذ القرارات االستراتيجية بنا ًء على قرارات استراتيجية سابقة ناجحة ومحاولة تجنب الفشل من
التجارب السابقة في القطاع العام أفضل من السعي نحو صياغة استراتيجية ذات حلول مالءمة في
المنظمات في القطاع العام .وبنا ًء على ذلك أوضحا بأن األبعاد اإلدارية لإلدارة االستراتيجية في القطاع
العام يجب أن تشتمل على المستوى السياسي ،والمستوى التعاوني ،والمستوى العملياتي أو اإلجرائي.
حيث أن المستوى األول معني في صياغة االستراتيجية في المنظمة في القطاع العام ،والمستوى الثاني
معني بتنفيذ االستراتيجية ،والمستوى الثالث – أي العملياتي – معني بتكييف وموائمة االستراتيجية .
وأشار فافوري ،وكاراسوس ،وموريل بأن اإلدارة االستراتيجية في المنظمات في القطاع العام ذات
ثالث مداخل رئيسية ،وهي إما عقالنية أو سياسية أو تعاونية .وأوضحا بأن المدخل العقالني في صياغة
االستراتيجية يركز على االستنتاجات العقالنية والتسلسل الرسمي والتحسين .والمدخل السياسي في
صياغة االستراتيجية هو مدخل غير منظم ويميل لكونه عملية تصاعدية من األسفل إلى األعلى
وديناميكي للغاية وال يمكنه التنبؤ ومنطقه هو إدارة الصراع والضغوط السياسية في المنظمة .والمدخل
األخير الذي تحدثوا عنه وهو األفضل من وجهة نظرهم هو المدخل التعاوني ،ويفيد هذا المدخل بأهمية
تطوير التعاون والتفاعل بين أصحاب المصلحة في صياغة االستراتيجية ،وأن تكون صياغة
االستراتيجية عملية تصاعدية من األسفل إلى األعلى وأيضا ً تنازلية من األعلى إلى األسفل ،وتتبع
التنظيم العامودي واألفقي في المنظمة ،وتمكن الحلول المختارة في هذا المدخل االستخدام األمثل
ألصحاب المصلحة والموارد الرئيسية لتحقيق استراتيجية جماعية
وقد ناقشنا في هذه المقالة مفهوم االستراتيجية من حيث منظور التفكير االستراتيجي واإلدارة
االستراتيجية والتخطيط االستراتيجي ،والترابط المتواجد بين استراتيجية المنظمة مع بيئتها الخارجية
وبيئتها الداخلية ،وإمكانية تطبيق االستراتيجية في القطاع العام وفروق التطبيق في القطاع الخاص.
وذلك من خالل تناول ملخصات دقيقة ألمهات الكتب والمقاالت العربية واالنجليزية.
المراجع
المراجع العربية:
.1الغالبي ،طاهر وادريس ،وائل" )2015( .اإلدارة االستراتيجية :منظور منهجي متكامل" .الطبعة
الثالثة .دار وائل للنشر والتوزيع .ع َمان ،األردن.
.2المنيف ،إبراهيم" .)2017( .تطور الفكر اإلداري المعاصر" .الطبعة الثالثة .مجلة المدير.
الرياض ،السعودية.
المراجع اإلنجليزية
Alford, J & Greve, C. (2017). "Strategy in the Public and Private Sectors: .1
Similarities, Differences and Changes". Administrative Sciences. MDPI
.Publishing. Vol. 7, No. 4
Certo, S. (1997). "Modern Management: Diversity, Quality, Ethics, and the .2
.Global Environment". Prentice-Hall International