Professional Documents
Culture Documents
12ـ المستخرجات على صحيح البخاري
12ـ المستخرجات على صحيح البخاري
املستخرج :قال العراقي يف رشح ألفيته (( :)121/1موضوعه أن يأيت املصنف إىل
كتاب البخاري أو مسلم ،فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غري طريق البخاري أو مسلم،
نشأ التأليف يف املستخرجات يف القرن الثالث اهلجري ،واستمر إىل هناية القرن
1ـ يسوق املصنف أحاديث الكتاب املستخرج عليه من غري طريق املصنف ،فيلتقي
معه يف شيخه ـ وهذا ما يسمى باملوافقة ـ أو يف شيخ شيخه ـ وهذا يسمى بالبدل ـ أو من
فوقه ،وغالب ًا يكون التقاء السندين عند مدار اإلسناد ،وربام ساق إسناد ًا ال يلتقي معه إال يف
2ـ ال يلتزم صاحب املستخرج ألفاظ الكتاب املستخرج عليه ،بل يرويه باللفظ
الذي وقع له عن شيوخه ،وقد نبه عىل هذا احلافظ ابن الصالح يف مقدمته (ص )22فقال:
1
(الكتب املخرجة عىل كتاب البخاري أو كتاب مسلم مل يلتزم مصنفوها فيها موافقتهام يف
ألفاظ األحاديث بعينها من غري زيادة ونقصان ،لكوهنم رووا تلك األحاديث من غري جهة
البخاري ومسلم طلب ًا لعلو اإلسناد ،فحصل فيها بعض التفاوت يف األلفاظ).
3ـ إذا مل جيد صاحب املستخرج لنفسه سند ًا آخر من غري طريق املصنف ،فقد يسقط
4ـ حيرص صاحب املستخرج عىل علو اإلسناد ،فريوي احلديث من طريق يعلو فيه
عام لو رواه من طريق املصنف ،بل كان علو اإلسناد من أهداف هذا النوع من املصنفات،
يقول احلافظ الذهبي يف ترمجة اإلمام مسلم من سري أعالم النبالء (:)655 -658/12
(ليس يف صحيح مسلم من العوايل إال ما قل ...وهو كتاب نفيس كامل يف معناه ،فلام رآه
احلفاظ أعجبوا به ،ومل يسمعوه لنزوله ،فعمدوا إىل أحاديث الكتاب فساقوها من مروياهتم
عالي ًة بدرجة وبدرجتني ،ونحو ذلك ،حتى أتوا عىل اجلميع هكذا ،وسموه« :املستخرج عىل
صحيح مسلم»).
فوائد املستخرجات:
املستخرجات هلا فوائد عديدة ،ألهنا تروي أحاديث الصحيحني من غري طريقهام،
فكثري ًا ما ختتلف الرواية زيادة أو نقص ًا يف السند أو يف املتن ،فمن أبرز فوائدها:
1ـ األلفاظ الزائدة يف املتن ،فقد تأيت يف رواية املستخرج زيادة مهمة؛ كسبب ورود
احلديث ،أو زيادة ثقة تفيد معنى جديد ًا أو حك ًام جديد ًا ،فمن أمثلة ذلك :ما رواه البخاري
رقم ( )32من طريق حممد بن جعفر غندر ،عن شعبة ،عن سليامن األعمش ،عن إبراهيم،
2
عن علقمة ،عن عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه قال( :ملا نزلت{ :الذين آمنوا ومل يلبسوا
إيامهنم بظلم} قال أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم :أينا مل يظلم؟ فأنزل اهلل عز
قال احلافظ ابن حجر يف فتح الباري (( :)88/1وزاد فيه أبو نعيم يف مستخرجه من
طريق سليامن بن حرب عن شعبة بعد قوله{ :إن الرشك لظلم عظيم}( :فطابت أنفسنا)).
وقد اعتنى احلافظ حممد بن فتوح احلميدي بضم الزيادات التي وقعت يف
املستخرجات يف كتابه «اجلمع بني الصحيحني» فصار كتابه مجع ًا بني الصحيحني وبني كثري
من زيادات املستخرجات ،يقول يف مقدمته ( )44/1ما نصه( :وربام أضفنا إىل ذلك نبذ ًا مما
تنبهنا عليه من كتب أيب احلسن الدارقطني وأيب بكر اإلسامعييل وأيب بكر اخلوارزمي وأيب
مسعود الدمشقي وغريهم من احلفاظ الذين عنوا بالصحيح مما يتعلق بالكتابني؛ من تنبيه
عىل غرض ،أو تتميم ملحذوف ،أو زيادة يف رشح ،أو بيان السم أو نسب ،أو كالم عىل
إسناد ،أو تتبع لوهم بعض أصحاب التعاليق يف احلكاية عنهام ،ونحو ذلك من الغوامض
أما حكم هذه الزيادات من حيث الصحة ،فقد قال ابن الصالح وهو يعدد فوائد
املستخرجات (ص( :)24الزيادة يف قدر الصحيح؛ ملا يقع فيها من ألفاظ زائدة وتتامت يف
بعض األحاديث ،تثبت صحتها هبذه التخاريج؛ ألهنا واردة باألسانيد الثابتة يف الصحيحني
قد ال يلتزمون فيها ثقة الرواة من غري طريق البخاري ،وأن رشط القول بصحتها ثبوت
3
الصفات املشرتطة يف الصحة يف إسناد صاحب املستخرج ،وعىل هذا فأصل احلديث
صحيح ،وأما الزيادات فاحلكم بصحتها خيضع لدراسة رواهتا ،وال سيام إذا كانت الزيادة
2ـ الترصيح بالسامع يف موضع العنعنة ،وال سيام إذا كان احلديث من طريق مدلس،
4ـ تعيني األسامء املهملة يف اإلسناد أو يف املتن ،مثل :حدثنا حممد ،وحدثنا سفيان،
وحدثنا حييى ،وحدثنا عبد اهلل ،فتأيت رواية املستخرج أحيان ًا مبينة لذلك.
من أمثلة ذلك :قال احلافظ ابن حجر يف هدى الساري (ص( :)421ويف أوائل
املغازي من طريق هشام عن ابن جريج :أخربين عبد الكريم أنه سمع مقس ًام ،فزعم بعضهم
أن عبد الكريم هذا هو ابن أيب املخارق ،وليس كذلك ،بل هو اجلزري؛ كام جاء مرصح ًا به
يف مستخرج أيب نعيم من طريق سعيد بن حييى األموي عن أبيه عن ابن جريج).
البخاري موصول ًة من طريقهم ،ويف كتاب «تغليق التعليق» للحافظ ابن حجر أمثلة كثرية
لذلك.
5ـ متييز اإلدراج ،وذلك بأن تأيت يف رواية البخاري لفظة مدرجة ،وتكون مفصول ًة
يف املستخرج ،مثاله ما رواه البخاري رقم ( )2648من حديث أيب هريرة«( :للعبد اململوك
الصالح أجران» والذي نفيس بيده لوال اجلهاد يف سبيل اهلل واحلج وبر أمي ألحببت أن
4
أموت وأنا مملوك) ،قال ابن حجر( :فصله اإلسامعييل من طريق أخرى عن ابن املبارك،
4ـ رفع املوقوفات ،فقد ترد الرواية يف صحيح البخاري موقوفة ،وتأيت رواية
صاحب املستخرج مرفوعة ،مثاله :ما رواه البخاري رقم ( )1334من حديث ابن عون عن
نافع عن ابن عمر قال( :اللهم بارك لنا يف شامنا ويف يمننا).
قال ابن حجر يف النكت (( :)323/1أخرجه البخاري يف أواخر االستسقاء هكذا
موقوف ًا ،ورواه اإلسامعييل وأبو نعيم يف مستخرجيهام من هذا الوجه مرفوع ًا بذكر النبي
8ـ ومن فوائد املستخرجات :تقوية احلديث بمجيئه من وجوه متعددة ،وبيان أن
األئمة املصنفني كالبخاري ومسلم مل ينفردوا بيشء من احلديث أبد ًا ،بل كله موجود عند
وهناك فوائد أخرى ذكرها احلافظ ابن حجر يف النكت عىل ابن الصالح،
1ـ املستخرج عىل صحيح البخاري؛ أليب العباس حممد بن أمحد بن محدان احلريي
النيسابوري (ت365هـ) ،قال الذهبي( :وقد سمع بعض صحيح البخاري من الفربري،
5
2ـ املستخرج عىل صحيح البخاري؛ أليب بكر أمحد بن إبراهيم اإلسامعييل
(ت341هـ).
ومن الفوائد اللطيفة املتعلقة هبذا املستخرج أن محزة السهمي نقل يف كتابه تاريخ
جرجان (ص )113عن احلسن بن عيل املعروف بابن غالم الزهري أنه قال( :كان من
الواجب للشيخ أيب بكر اإلسامعييل أن يصنف لنفسه شيئ ًا وخيتار عىل حسب اجتهاده ،فإنه
كان يقدر عليه لكثرة ما كان كتب ،ولغزارة علمه وفهمه وجاللته ،وما كان له أن يتبع كتاب
كذا قال ،فنقل ذلك احلافظ الذهبي يف سري أعالم النبالء ( ،)254 /15وعلق عليه
بقوله( :من جاللة اإلسامعييل أن عرف قدر صحيح البخاري وتقيد به).
3ـ املستخرج عىل صحيح البخاري؛ أليب بكر أمحد بن موسى بن مردويه األصبهاين
(ت413هـ) قال الذهبي يف سري أعالم النبالء (( :)313 /14ومن تصانيفه« :املستخرج
عىل صحيح البخاري» بعلو يف كثري من أحاديث الكتاب حتى كأنه لقي البخاري).
4ـ املستخرج عىل صحيح البخاري؛ أليب نعيم أمحد بن عبد اهلل األصبهاين صاحب
وممن استخرج عىل الصحيحني مع ًا :أبو عبد اهلل حممد بن يعقوب ابن األخرم
(ت344هـ) ،وأبو عيل احلسني بن حممد املاسجيس (ت356هـ) ،وأبو بكر أمحد بن عيل
6
ولألسف مل يطبع حتى اآلن من املستخرجات إال القليل ،فطبع مستخرج أيب نعيم
عىل البخاري ،ومستخرجه عىل مسلم ،ولكنهام ناقصان ،وطبع مستخرج أيب عوانة عىل
صحيح مسلم.
وتستحق مسألة املستخرجات دراسة أكاديمية جادة؛ ملا هلا من األمهية ،فاحلافظ ابن
حجر ـ عىل سبيل املثال ـ استفاد من املستخرجات يف فتح الباري يف أكثر من سبعمئة
وممن كتب يف مسألة املستخرجات الدكتور موفق بن عبد القادر ،كتب مقالة بعنوان:
(املستخرجات نشأهتا وتطورها) يف نحو مخسني صفحة ،وقد استفدت منه ومن مصادر
7