Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 23

‫إ جعاز القرآن الكرمي بني التفسري والرتمجة‬

‫بن ابيل طيب‬


‫جامعة أمحد بن بةل‪ -‬وهران ‪01‬‬

‫يع د الق رآن الك ريم كت اب اهلل الم نزل‪ ،‬المحكم في نظم ه‪ ،‬المعج ز في مض مونه‪،‬‬
‫المتعب د بتالوت ه‪ ،‬الم نزه من الخط أ‪ ،‬أن زل على الص ادق األمين بلس ان ع ربي م بين‪ ،‬ق ال‬
‫َأنزلْنَ اهُ ُق ْرآنً ا َع َربِيًّا لَّ َعلَّ ُك ْم َت ْع ِقلُ و َن (‪(﴾ )2‬س ورة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تع الى‪﴿:‬ال ر ۚت ْل َكآيَاتُالْكتَابِ ال ُْمبِي ِن‪ِ )1( ‬إنَّا َ‬
‫ين‪( ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫يوس ف ‪ ) 2-1‬ق ول أيضا‪َ ﴿:‬وِإنَّهُ لَتَن ِزي ُل َر ِّ‬
‫وح اَأْلم ُ‬
‫ين‪َ  )192( ‬ن َز َل ب ه ال ُّر ُ‬
‫ب ال َْع الَم َ‬
‫ان َع َربِ ٍّي ُّمبِي ٍن (‪(﴾)195‬س ورة‬‫ك لِتَ ُك و َن ِمن الْمن ِذ ِرين‪ )194( ‬بِلِس ٍ‬ ‫‪َ  )193‬علَ ٰى َق ْلبِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫الش عراء ‪ ،)195-192‬ف التعبير الق رآني بم ا تم يز من الدق ة في انتق اء ألفاظ ه والس مو في‬
‫معانيه لم يتكئ على األلفاظ وحدها‪ ،‬أو المعاني وحدها‪ ،‬وإ نما سلك طريقا فنيا في األداء‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ومنهجا جماليا بالغ الروعة في التعبير‪ ،‬كان السر في عدم تناهي تأويالته ومن ثم خلوده‪.‬‬

‫اك ِإاَّل َكافَّةً‬


‫ج اءت الرس الة القرآني ة ش املة للع املين كاف ة لقول ه تع الى‪َ ﴿ :‬و َم ا َْأر َس لْنَ َ‬
‫يرا ﴾‪ ،‬مم ا حتم على المس لمين االجته اد في نق ل فح وى ه ذه الرس الة إلى‬ ‫ِ‬ ‫لِّلن ِ ِ‬
‫َّاس بَش ًيرا َونَ ذ ً‬
‫أرجاء المعمورة على اختالف ألسنهم وألوانهم‪.‬‬

‫إن الترجم ة ره ان‪ ،‬يتمح ور أساس ا ح ول كيفي ة تحقي ق العملي ة التواص لية دون‬
‫االخالل ب المعنى‪ ،‬أو ب األحرى إعط اء نس خة مماثل ة وحقيقي ة للنص األص لي‪ .‬وألج ل ه ذا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫يواجه المترجم عدة عتبات تشكل له حجر عثرة في تحقيق مبتغاه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يكمن إشكال الترجمة عموما في عنصرين متداخلين‪ ،‬أولهما‪ :‬استحالة تطابق اللغة‬
‫المرسلة‪ ،‬المترجم عنها‪ ،‬مع اللغة المتلقية أي المترجم إليها في كل أبعادها وخصائصها‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وثانيهما‪ :‬استحالة تطابق المترجم مع المؤلف مبدع النص األول ومنتجه"‬

‫تط رح عملي ة ترجم ة الق رآن الك ريم ص عوبات جم ة‪ ،‬س واء على مس توى الفهم أو‬
‫إعادة الصياغة‪ ،‬فقداسة الكلم تعجز المترجم – أيا كان‪ -‬على اإليفاء التام بالمعنى‪ ،‬ونقل‬
‫روح النص األصل‪ ،‬ناهيك عن إحداث األثر الذي تركه الذكر الحكيم في القارئ العربي‬
‫لدى قارئ الترجمة‪.‬‬

‫فال شك أن الوحي القرآني كتاب إالهي المصدر‪ ،‬ربوبي الداللة‪ ،‬سلس األسلوب‪،‬‬
‫ودقيق المعنى‪ ،‬ال تشوبه شائبة‪ ،‬يعلوا وال يعلى عليه‪ ،‬بحيث ال يزال حقل دراسة للفقهاء‬
‫والباحثين والدارسين في علوم القرآن‪.‬‬

‫إن القرآن الكريم لبيان رباني‪ ،‬بمثابة دستور إسالمي‪ ،‬شمل وأحاط بشتى جوانب‬
‫الحياة الروحية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية للفرد المسلم‪ .‬كما أن فهمه وتفسير آياته أسال‬
‫الكثير من الحبر حول إعجازه وتعدد داللة مفرداته‪ ،‬وكذا األحكام الفقهية المستنبطة منه‪،‬‬
‫بحيث شكل هذا الحاجز مطبات لدى مترجم الذكر الحكيم‪ ،‬الذي يسعى جاهدا لتحقيق األثر‬
‫ال ذي حقق ه الق رآن في الق ارئ الع ربي ل دى ق ارئ الترجم ة‪ ،‬سنفص ل فيم ا يلي ح ول بي ان‬
‫الصياغة اللفظية للقرآن الكريم واإلعجاز العلمي المتضمن في ثناياه وكذا األحكام الفقهية‬
‫التي تتخل مفاهيمه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫تعريف اإلعجاز‪:‬‬

‫اإلعج از إثب ات العج ز‪ ،‬والعج ز اس م للقص ور عن فع ل الش يء‪ ،‬وه و ض د الق درة‪،‬‬
‫وإ ذا ثبت اإلعجاز ظهرت قدرة المعجز‪ .‬والمعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم‬
‫عن المعارضة‪.‬‬

‫إذا‪ ،‬المعج زة أم ر خ ارق للع ادة‪ ،‬مق رون بالتح دي‪ ،‬س الم عن المعارض ة وهي‪ :‬إم ا‬
‫حس ية‪ ،‬وإ م ا عقلي ة‪ .‬وأك ثر معج زات ب ني إس رائيل ك انت حس ية ِلَبالدتهم‪ ،‬وقل ة بص يرتهم‪،‬‬
‫كناق ة ص الح‪ ،‬وعص ى موس ى‪ ،‬وأكثر معجزات ه ذه األمة عقلي ة (القرآن)‪ ،‬لفرط ذك ائهم‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وكمال أفهامهم‪.‬‬

‫كما يؤكد اإلمام فخر الدين الرازي أن وجه اإلعجاز – في القرآن الكريم‪ -‬الفصاحة‬
‫وغرابة األسلوب والسالمة من جميع العيوب‪.5‬‬

‫وهن اك من ي رى أن وج ه إعج ازه م ا في ه من اإلخب ار عن الغي وب المس تقبلة‪ ،‬ولم يكن‬


‫ذل ك من ش أن الع رب‪ ،‬وم ا تض منه من قص ص األولين وس ائر المتق دمين كقول ه تع الى‬
‫ض َو ُهم ِّمن َب ْع ِد غَلَبِ ِه ْم َس َيغْلِبُو َن (‪﴾)3‬وقد تحقق‬
‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬
‫وم‪ )2( ‬في َأ ْدنَى ْ‬
‫الر ُ‬
‫﴿الم‪ )1( ‬غُلِب ِ‬
‫ت ُّ‬ ‫َ‬
‫ذلك بعد وفاة محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬وأيضا ما تضمنه من اإلخبار عن الضمائر من‬
‫غ ير ان يظه ر ذل ك منهم بق ول أو فعل‪ .6‬ونض رب على س بيل المث ال ال الحص ر قول ه‬
‫ش اَل َواللَّهُ َولُِّي ُه َما" وأيض ا‪َ " :‬ي ُقولُ و َن فِي َأن ُف ِس ِه ْم‬
‫ان ِمن ُك ْم َأن َت ْف َ‬
‫تع الى ‪﴿:‬إِذْ َه َّمت طَّاِئَفتَ ِ‬

‫ول﴾‬‫لَ ْواَل ُي َع ِّذ ُبنَا اللَّهُ بِ َما َن ُق ُ‬

‫‪3‬‬
‫وقد ثبت أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم تحدى العرب بالقرآن على مراحل ثالث‪:7‬‬

‫تح داهم ب القرآن كل ه في أس لوب ع ام يتن اولهم ويتن اول غ يرهم من اإلنس والجن‬ ‫أ‪-‬‬
‫نس‬ ‫تح ديا يظه ر على ط اقتهم مجتمعين‪ ،‬بقول ه تع الى‪﴿:‬قُ ل لَِّئ ِن ْ ِ ِإْل‬
‫اجتَ َم َعت ا ُ‬
‫ض ُه ْم لَِب ْع ٍ‬
‫ض‬ ‫آن اَل يَ ْأتُو َن بِ ِمثْلِ ِه َولَ ْو َك ا َن َب ْع ُ‬
‫ْج ُّن َعلَ ٰى َأن ي ْأتُوا بِ ِمثْ ِل َٰه َذا الْ ُق ر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وال ِ‬
‫َ‬
‫ظَ ِه ً‬
‫يرا (‪.﴾)88‬‬

‫ب‪ -‬ثم تح داهم بعش ر س ور من ه في قول ه تع الى‪َْ ﴿ :‬أم َي ُقولُ و َن ا ْفَت َراهُ‬
‫ممن ُدونِاللَّ ِهِإ ن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين (‪.﴾)13‬‬ ‫صادق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫وامنِ ْ‬
‫استَطَ ْعتُ ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ۖ ُق ْل َفْأتُوابِ َع ْش ِر ُس َو ٍر ِّمثْل ِه ُم ْفَت َريَات َوا ْدعُ َ‬
‫ت‪ -‬ثم تح داهم بس ورة واح دة من ه في قول ه تع الى‪﴿:‬أ َْم َي ُقولُ و َن ا ْفَت َراهُ‬
‫ممن ُدونِاللَّ ِهِإ ن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫ۖ ُق ْل َفْأتُوابِس ٍ ِ‬
‫ين (‪ ،﴾)38‬وك رر ه ذا‬ ‫ص ادق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫وامنِ ْ‬
‫استَطَ ْعتُ ِّ‬ ‫ورة ِّمثْل ِه َوا ْدعُ َ‬
‫ُ َ‬
‫ور ٍة ِّمن ِّمثْلِ ِه‬
‫س َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحدي في قوله‪ِ﴿ :‬إن ُكنتُ ْم فِي َريْ ٍ‬
‫ب ِّم َّما َن َّزلْنَا َعلَ ٰى َع ْب دنَا فَ ْأتُوا ب ُ‬
‫ين (‪﴾)23‬‬ ‫ون اللَّ ِه ِإن ُكنتُم ِ ِ‬ ‫وا ْدعُوا ُش َه َداء ُكم ِّمن ُد ِ‬
‫صادق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فالقرآن الكريم معجز من حيث‪:‬‬

‫ألفاظه وأسلوبه‪ ،‬والحرف الواحد منه في موضعه من اإلعجاز الذي ال يغني عنه‬ ‫‪‬‬

‫غ يره في تماس د الكلم ة‪ ،‬والكلم ة في موض عها من اإلعج از في تماس ك الجمل ة‪،‬‬
‫والجملة في موضعها من اإلعجاز في تماسك اآلية‪.‬‬
‫بيانه ونظمه‪ ،‬يجد فيه القارئ صورة حية للحيتة والكون واإلنسان‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫معانيه‪ ،‬التي كشف الستار عن الحقيقة اإلنسانية ورسالتها في الوجود‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫علومه ومعارفه‪ ،‬التي أثبت العلم الحديث الكثير من حقائقها المغيبة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تشريعه وصيانته لحقوق اإلنسان وتكوين مجتمع مثالي تسعد الدنيا على يديه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫والق رآن – أوال وآخ را‪ -‬ه و ال ذي ص ير الع رب رع اة الش اة والغنم ساس ة ش عوب‬ ‫‪‬‬

‫‪8‬‬
‫وقادة أمم‪ ،‬وهذا وحده إعجاز‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫اإلعجاز اللغوي‪:‬‬

‫إن سماقة اللفظ القرآني وعربيته ال يختلف عليها اثنان وال يتناطح عليه عنزان‪ ،‬إذ‬
‫جاء القرآن في زمن بلغت اللغة العربية أعلى درجاتها‪ ،‬بحيث جاء حجة لصدقه‪ ،‬ومعجزة‬
‫لغوية أذهلت جهابذة اللغة العربية آنذاك‪ ،‬ومن إعجازه اللغوي‪ ،‬نذكر‪:‬‬

‫المفردات الخاصة ببيئة شبه جزيرة الع رب مه د الق رآن‪ ،‬ومهب ط ال وحي من ألف اظ‬ ‫‪‬‬

‫تعتبر من مفاتيح هذه الحضارة‪ ،‬وال نظير لها في اللغات الهندوأوروبية‪ ،‬مثل قوله‬
‫ص يلَ ٍة َواَل َح ٍام‬‫تع الى‪﴿ :‬مَ ا جع ل اللَّهُ ِمن ب ِح ير ٍة واَل س اِئب ٍة واَل و ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫واي ْفَت ُرو َن َعلَىاللَّ ِهالْ َك ِذبَۖ َوَأ ْك َث ُر ُه ْماَل َي ْع ِقلُو َن﴾(المائدة‪)103‬‬ ‫ِٰ ِ‬
‫ۙ َولَكنَّالَّذينَ َك َف ُر َ‬
‫‪‬‬ ‫‪« Allah n’a pas institué la Bahira, la Saiba, la Wasila ni Ham. Mais ceux‬‬
‫‪qui ont mécru ont inventé ce mensonge contre Allah, et la plupart d’entre‬‬
‫‪eux ne raisonnent pas »9‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« Dieu n’a institué ni bahira, ni sa’iba, ni waçila, ni hami. Mais les‬‬
‫‪dénégateur fabulent sur Lui le monsonge. La plupart déraisonnent »10‬‬

‫ش كلت ألف اظ ‪ :‬بح يرة وس ائبة وص يلة وح ام عتب ة لغوي ة أم ام الم ترجم‪ ،‬إذ يتع ذر‬
‫العثور على مكافئ لهذه األلفاظ إال بالشرح المستفيض لها‪ ،‬إذا يلجأ المترجم إلى التفاسير‬
‫الواردة هاهنا إلى تقصي داللة هاته األلفاظ التي تعبر كلها عن حيوان اإلبل وما لرمزيته‬
‫لدى قبائل شبه الجزيرة العربية آنذاك‪ ،‬وجاء في تفسير ابن كثير عن البخاري رضي اهلل‬
‫عن ه أن ه ق ال‪ :‬البح يرة "‪ : ‬ال تي يمن ع دره ا للط واغيت ‪ ،‬فال يحلبه ا أح د من الن اس ‪ .‬و‪" ‬‬
‫الس ائبة "‪ : ‬ك انوا يس يبونها آللهتهم ‪ ،‬ال يحم ل عليه ا ش يء‪،‬و‪ " ‬الوص يلة "‪ : ‬الناق ة البك ر ‪،‬‬
‫تبك ر في أول نت اج اإلب ل ‪ ،‬ثم تث ني بع د ب أنثى ‪ ،‬وك انوا يس يبونها لط واغيتهم ‪ ،‬إن وص لت‬
‫إحداهما باألخرى ليس بينهما ذكر ‪ .‬و‪ " ‬الحام "‪ : ‬فحل اإلبل يضرب الضراب المعدود ‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت ‪ ،‬وأعفوه عن الحمل ‪ ،‬فلم يحمل عليه شيء ‪ ،‬وس موه‬
‫الحام‪.‬‬

‫عم د ك ل من حمي د اهلل وج اك ب يرك وبالش ير وغ يرهم ب اقتراض ه ذه المف ردات‬


‫ب الحرف الالتي ني م ع إض افة حاش ية للترجم ة تش رح المع نى‪ .‬إذ ج انبت الترجم ة التفس ير‬
‫الذي أريد بها تبيان وإ يضاح المعنى‪.‬‬

‫تع دد دالل ة المف ردة ‪ :la polysémie‬وردت كلم ة آي ة مثال س واء ب اإلفراد أو‬ ‫‪‬‬

‫ب الجمع ذك رت أك ثر من ‪ 340‬م رة‪ ،‬أم ا حقله ا ال داللي في اللغ ة العربي ة فه و‪:‬‬


‫معجزة‪ ،‬جملة قرآنية‪ ،‬عبرة‪ ،‬عالمة‪ ،‬تنبيه‪ ،‬برهان‪ ،‬دليل‪ ،‬امارة‪ .‬ومن ذلك قوله‬
‫تعالى‪:‬‬

‫ك‪ ‬يُ ْحيِي‪ ‬اللَّهُ‪ ‬ال َْم ْوتَ ٰى‪َ  ‬ويُ ِري ُك ْم‪ ‬آيَاتِِه‪ ‬لَ َعلَّ ُك ْم‪َ ‬ت ْع ِقلُو َن‪﴿ ‬البقرة ‪﴾73‬‬‫َك َٰذلِ َ‬ ‫‪-‬‬
‫ْح ْم ُد‪ ‬لِلَّ ِه‪َ  ‬سيُ ِري ُك ْم‪ ‬آيَاتِِه‪َ  ‬فَت ْع ِرفُو َن َها‪﴿ ‬النمل ‪﴾93‬‬ ‫َوقُ ِل‪ ‬ال َ‬ ‫‪-‬‬
‫اجا‪ ‬لِتَ ْس ُكنُوا‪ِ ‬إلَْي َها‪﴿ ‬الروم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َوم ْن‪ ‬آيَاته‪َ ‬أ ْن‪َ  ‬خلَ َق‪ ‬لَ ُك ْم‪ ‬م ْن‪َ ‬أْن ُفس ُك ْم‪َ ‬أ ْز َو ً‬ ‫‪-‬‬
‫‪﴾21‬‬
‫ات‪ ‬اللَّ ِه‪ُ  ‬ت ْن ِك ُرو َن‪﴿ ‬غافر‪﴾ 81‬‬ ‫َأي‪ ‬آي ِ‬ ‫ِِ‬
‫َويُ ِري ُك ْم‪ ‬آيَاته‪ ‬فَ َّ َ‬ ‫‪-‬‬
‫ين﴿سورةيوسف‪﴾7‬‬ ‫لََق ْد َكانَِفييوس َفواِ ْخوتِ ِهآياتلِ َّ ِئِ‬
‫لسا ل َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫‪-‬‬

‫من خالل تقصينا لترجمات كل من جاك بيرك وريجيسبالشيروأندري شوراكيللفظ‬


‫"آياته" في اآليات اآلنفة الذكر بحيث ترجمت جلها بلفظـ‪ ،signes ‬بحيث يفيد مفهوم‬
‫المفردة في معجم ‪ Larousse‬حسب السياق الديني بـ‪:‬‬

‫‪« Phénomène extraordinaire, miracle, dans le domaine surnaturel, religieux. »11‬‬

‫أما داللة اللفظ فتختلف من آية إلى أخرى‪ ،‬وقد عرجنا على الحقل الداللي لهذا اللفظ‬
‫أعاله‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ت ال ِ‬
‫ْج َّن َواِإْل نس ِإاَّل‬ ‫﴿و َم ا َخلَ ْق ُ‬
‫َ‬ ‫التركيب‪ :‬التقديم والتأخير‪ ،‬ومث ل ذل ك قول ه تع الى‪َ :‬‬ ‫‪‬‬

‫لَِي ْعبُ ُدون﴾‪( ‬ال ذاريات‪  )56 :‬فلق د ق دم الجن على اإلنس؛ ألن ه ق د روعي الس بق‬

‫ك لَِن ْف ِس ي‬ ‫الزم ني‪ ،‬ف إن الجن مخل وق قب ل اإلنس‪ .‬وقول ه‪:‬وق ال تع الى‪﴿ :‬قُ ل الَّ َْأملِ ُ‬
‫﴿ولِلّ ِه‬‫ض ّراً َوالَ َن ْفعاً ِإالَّ َما َشاء اللّه﴾(يونس‪  )49 :‬فقدم الضرر على النفع‪ .‬وقوله‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫اآلص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَ ْس ُج ُد َمن فِي َّ‬
‫ال﴾‪( ‬الرعد‪:‬‬ ‫ض طَ ْوع اً َو َك ْره اً َوظاللُ ُهم بِالْغُ ُد ِّو َو َ‬
‫اَألر ِ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬
‫‪12‬‬
‫‪ ) 15‬فقدم الطوع على الكره‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪« Devant Allah, ceux des ciels et de la terre se prosternent de gré ou de‬‬
‫‪force avec leurs ombres, matin et soir »13‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« vers Dieu se prosternent en revanche tous ceux qui sont aux cieux et sur‬‬
‫‪la terre, bon gré, mal gré : ainsi fait leur ombre au matin et au‬‬
‫‪crépuscule »14‬‬

‫نلمس تقيد المترجمين بالتقديم والتأخير الذي جاء به القرآن في اآلية األخيرة‪ ،‬حتى‬
‫وإ ن ك انت م يزة عربي ة إذ ق دم ك ل من محم د حمي د اهلل وج اك ب يرك وش وراكي وغ يرهم‬
‫الطوع على الكره التزاما بالترتيب الذي جاء به القرآن‪.‬‬

‫س اِئ ُك ْم ِإ ِن ْارَت ْبتُ ْم فَ ِع َّد ُت ُه َّن ثَاَل ثَ ةُ‬ ‫الحذف واإليج از‪﴿:‬والاَّل ِئي يِئس ن ِمن الْم ِح ِ ِ‬
‫يض من نِّ َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬

‫َن‬ ‫ُه ٍر َوالاَّل ِئي لَ ْم يَ ِح ْ‬


‫ض‬ ‫َأش‬
‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س ًرا﴾ (الطالق ‪.)04‬نلمس‬ ‫ض ْعنَ َح ْملَ ُهنَّۚ َو َمنيَتَّقاللَّ َهيَ ْج َعللَّ ُهم ْن َْأم ِرهيُ ْ‬
‫اَأِلجلُ ُهنََّأنيَ َ‬ ‫ۚ َوُأواَل تُ ْ‬
‫اَأْلح َم َ‬
‫هن ا خاص ية الح ذف البالغي في م ا يخص ج واب "والالئي لم يحض ن"‪ ،‬إذ ح ذفت‬
‫ويع ني به ا الم ولى ع ز وج ل حس ب التفاس ير م ا تق دم من اآلي ة أي ‪ :‬ع دتهن ثالث ة‬
‫أشهر‪ ،‬بحيث لم يرد التكرار في صورة بالغية عظيمة‪.‬‬

‫ترجمت هذه الصورة البالغية عند ‪ André Chouraqui‬بـ ‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫«‪Si les menstrues de vos femmes tardent, et si vous doutez, leur période sera de  ‬‬
‫‪trois mois. Pour celles qui n’ont pas eu leurs menstrues, pour celles qui portent,‬‬
‫‪l’échéance sera celle de leur portage. Il facilite la réalisation de son ordre pour‬‬
‫‪15‬‬
‫‪» qui frémit d’Allah‬‬

‫نالح ظ هاهن ا تقي د الم ترجم ب ترتيب الق رآن الك ريم‪ ،‬بحيث عج زت الترجم ة عن‬
‫اإليف اء بالص ورة البالغي ة وال ح تى ب المعنى‪ ،‬إذ نفهم من الترجم ة أن "الالئي لم يحض ن"‬
‫أجلهن أن يض عن حملهن‪ ،‬وه ذا م ا ال تص بو إلي ه اآلي ة الكريم ة‪ ،‬وال ه و من المع نى من‬
‫ش يء‪ .‬إذ ش كل الح دف البالغي واإليج از في ه ذه اآلي ة عتب ة ل دى الم ترجم ال ذي يب دو –‬
‫حسب ترجمته‪ -‬عدم تطرقه للتفاسير الواردة حيال اآلية‪.‬‬

‫األدوات والح روف‪ ،‬ف أكثر أدوات التوكي د ال مقاب ل له ا في اللغ ات الهندوأوروبي ة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كاس تعمال ض مير الفص اللذي يفي د التوكي د حس بما يقتض يه الس ياق و الفن كقول ه‬
‫يم﴾(م ريم‪ ،)36‬ومن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تع الى‪ِ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ َربِّي َو َرُّب ُك ْم فَ ْ‬
‫اعُب ُدوهُ َه َذا ص َراطٌ ُم ْس تَق ٌ‬
‫ْح ُّق ِمن‬
‫ذلكادخال نون التوكيد على الفعل في الموضع الذي يقتضيه كقوله تعالى‪﴿:‬ال َ‬
‫ِ‬
‫ك ۖفَاَل تَ ُكو َننَّمنَال ُْم ْمتَ ِر َ‬
‫ين (‪.﴾)147‬‬ ‫َّربِّ َ‬
‫ترجمت اآلية االولى عند ‪ Régis Blachère‬بـ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪« Allah est mon Seigneur et votre Seigneur. Adorez-Le donc ! c’est une‬‬
‫‪voie droite »16‬‬

‫وترجمت الثانية عند‪ Jaques Berque‬بـ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪« Le Vrai procède de ton seigneur. Ne sois pas parmi les douteurs »17‬‬

‫نلمس في ترجمة اآليتين غياب حرف التوكيد الوارد في القرآن‪ ،‬إذ يشكل غنى عربية‬
‫الق رآن ب أدوات التوكي د ع ائق ام ام اللغ ات الهن دو أوربي ة‪ ،‬بحيث تفتق ر الترجم ة للتوكي د‬
‫الوارد في النص األصل مما أحدث خلل في نقل المعنى المراد به‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫الفعل والزمن واسم الفاعل الدال على أزمنة مختلفة كالماضي معبر عنه بلفظ دال‬ ‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يس ٰى عن َد اللَّ ِه َك َمثَ ِل َ‬
‫آد َم‬ ‫ِإ‬
‫على الحاض ر في قول ه تع الى‪َّ ﴿ :‬ن َمثَ َل ع َ‬
‫ۖ َخلَ َق ُه ِم ُ‬
‫نت َرابٍثُ َّم َق الَلَ ُه ُكن َفيَ ُكو ُن﴾ (آل عم ران ‪ ،)59‬حيث ورد الفع ل "يك ون" في زمن‬

‫ْمنَ ِام﴾‬ ‫ِ‬


‫ال يَ ا ُبنَ َّي ِإنِّي ََأر ٰى في ال َ‬
‫المض ارع ب دال من الماض ي ك ان‪ .‬وقول ه‪﴿ :‬قَ َ‬
‫(الص افات‪ ،)102‬حيث ع بر باللف ظ ال دال على الحاض ر (أرى)‪ ،‬وه و حكاي ة حال ة‬
‫ماضية عوض قول "رأيت"‪.‬‬
‫ترجمت اآلية األولى عند محمد حميد اهلل بـ‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« pour Allah, Jésus est comme Adam qu’Il créa de poussiere, puis Il lui‬‬
‫‪dit : « sois » : et il fut »18.‬‬

‫أما اآلية الثانية فترجمت عند ‪ Jaques Berque‬بـ‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪« je me suis vu en réve t’égorger »19‬‬

‫نالحظ اإلختالل الواضح إزاء زمن الفعل المصرف في اآليتين الفارطتين‪ ،‬إذ ترجم‬
‫محمد حميد اهلل صيغة المضارع الدالة على الماضي بـ زمن الماضي البسيط في الفرنسية‪،‬‬
‫أما الفعل الثاني في اآلية الثانية فترجم جاك بيرك زمن الحاضر الدال على الماضي بفعل‬
‫ملتصق بضمير‪ verbe pronominal‬في زمن الماضي المركب‪ ،‬وهنا يقع إعجاز القرآن‬
‫الكريم اللغوي إذ يتعذر تكافؤ األزمنة بالنظر إلى اختالف الصيغ الصرفية لها‪.‬‬

‫َما َي ْعلَ ُم تَْأ ِويلَهُ ِإاَّل اللَّه﴾‬


‫القائل في محكم تنزيله‪﴿" :‬و َ‬

‫كم ا نج د الحاض ر مع بر عن ه بلف ظ الماض ي في قول ه تع الى‪َ ﴿ :‬و َك ا َن اللَّهُ َعلَ ٰى ُك ِّل‬ ‫‪‬‬

‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫يما‪ .﴾ ‬وكذاواستخدام المضارع للتعبير عن‬ ‫َش ْيء قَد ًيرا﴾ ‪َ ﴿،‬و َكا َن اللَّهُ ب ُك ِّل َش ْيء َعل ً‬

‫‪9‬‬
‫اح َفتُثِ ُير‬ ‫الماضيوقد ج اء في قول ه تع الى في س ورة ف اطر‪َ ﴿ :‬واللَّهُ الَّ ِذي َْأر َس َل ِّ‬
‫الريَ َ‬
‫ور﴾‪،‬جاء فعل‬ ‫ض َب ْع َد َم ْوتِ َه ا ۚ َك َٰذلِ َكالن ُ‬
‫ُّش ُ‬ ‫اَأْلر َ‬
‫ِ‬
‫َأحَي ْينَ ا بِ ه ْ‬
‫سحابا فَس ْقنَاهُ ِإلَ ٰى بلَ ٍد َّميِّ ٍ‬
‫ت فَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ًََ ُ‬
‫أرس ل بص يغة الماض ي ثم فع ل (فتث ير) بص يغة المض ارع ثم فع ل (فس قناه) بص يغة‬
‫الس وق يأتي بعد اإلثارة واألحداث كلها ماضية لكن اإلثارة مشهد‬
‫الماضي‪ ‬مع أن ّ‬
‫حركة فجعلها بصيغة المضارع ليدل على الحضور‪ .‬وكذلك قوله تعالى‪﴿ :‬قُ ْل فَلِ َم‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين﴾فقت ل األنبي اء هي حال ة مس تغربة وفي‬‫اء اللَّه من َق ْب ُل ِإن ُكنتُم ُّمْؤ من َ‬
‫َت ْق ُتلُ و َن َأنبيَ َ‬
‫الق رآن ي أتي بص يغة المض ارع م ع األش ياء ال تي ت دل على الحرك ة والحيوي ة‬
‫والمهمة‪.‬بحيثترجمت اآلية األخيرة عند ‪ André Chouraqui‬بـ‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« Pourquoi avez-vous tué les Nabis d’Allah ? Vous adhériez jadis »20‬‬

‫نالحظ ترجمة المضارع الدال على صيغة الماضي بالماضي المركب في الفرنسية‬
‫في ه ذه اآلي ة‪ ،‬مم ا ي ترك مج اال للتح ري ح ول القض ايا النحوي ة والص رفية بين الق رآن‬
‫والترجمة‪ ،‬إذ استعمل الرحمان الفعل المضارع ألحداث دلت على الحركة والحيوية‪.‬‬

‫ج وانب البالغ ة القرآنية من مع ان وبي ان وب ديع على وج ه الخص وص ف إن ع دم‬ ‫‪‬‬

‫ال درة على اداء الجن اس والطب اق والتوري ة س يفقد النص جانب ا من أك بر جوانب ه‬
‫وأهمها‪ .‬أما فواصل اآليات ورؤوسها وتوزي الجمل في تركيبها وما في ذلك من‬
‫موس يقى تق ترب من الش عر وم اهي بش عر‪ ،‬ووزن المق اطع وم ا فيه ا من ايق اع ذي‬
‫جمال خاص‪.‬‬
‫اع ٍة‬
‫اعةُ ُي ْق ِس ُم ال ُْم ْج ِر ُم و َن َم ا لَبِثُ وا غَْي َر َس َ‬
‫الس َ‬
‫وم َّ‬
‫يقول تعالى في الجناس‪َ ﴿ :‬و َي ْو َم َت ُق ُ‬
‫وايْؤ فَ ُكو َن ‪﴾55‬‬ ‫ِٰ‬
‫ۚ َك َذل َك َكانُ ُ‬
‫ترجمت هذه اآليةعند كل من حميد اهلل وجاك بيرك وشوراكي على التوالي بــ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« Et le jour où l’Heure arrivera, les criminels jureront qu’ils n’ont‬‬
‫»‪demeuré qu’une heure …. ‬‬

‫‪‬‬ ‫‪« Au jour où l’Heure se lève, les criminels jurent qu’ils ne sont pas‬‬
‫»‪demeurés plus d’une heure (dans leur tombe) … ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪« le jour où surgira l’Heure, les coupables jureront n’être demeurés dans‬‬
‫»‪leur tombe qu’une heure … ‬‬

‫نالحظ في هذه اآلية ترجمة الجناس المتمثل في "ساعة ‪ /‬الساعة" بـ ‪ heure‬بحيث‬


‫يقص د الم ولى بالس اعة األولى ي وم "القيام ة" أم ا "الس اعة" الثاني ة فيقص د به ا "ال وقت" ال ذي‬
‫قض وه في حي اتهم الدنيوي ة‪ ،‬بحيث يتط ابق ش كل اللفظ تين وليس لهم ا نفس المع نى‪ ،‬بحيث‬
‫يعتبر الجناس فن بديعي راقي في اللغة العربية‪ ،‬لم يوفق المترجمون في نقله ال معنا وال‬
‫شكال‪.‬‬

‫احب ُكم وم ا غَ و ٰى (‪ )2‬وم ا ي ِ‬ ‫ض َّل ِ‬


‫نط ُق‬ ‫ََ َ‬ ‫ص ُ ْ ََ َ‬ ‫َّج ِم ِإذَا َه َو ٰى‪َ  )1( ‬م ا َ َ‬ ‫ومن السجع قوله تعالى‪َ ﴿ :‬والن ْ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫اسَت َو ٰى‪َ  )6( ‬و ُه َو‬ ‫وح ٰى‪َ  )4( ‬علَّ َمهُ َشدي ُد الْ ُق َو ٰى‪ )5( ‬ذُو م َّرة فَ ْ‬ ‫َع ِن ال َْه َو ٰى‪ِ )3( ‬إ ْن ُه َو ِإاَّل َو ْح ٌي يُ َ‬
‫اب َق ْو َس ْي ِن َْأو َأ ْدنَ ٰى‪ )9( ‬فَ َْأو َح ٰى ِإ لَ ٰى َع ْب ِد ِه َم ا‬
‫بِ اُأْلفُ ِق اَأْل ْعلَ ٰى‪ )7( ‬ثُ َّم َدنَ ا َفتَ َدلَّ ٰى‪ )8( ‬فَ َك ا َن قَ َ‬
‫ارونَ هُ َعلَ ٰى َم ا َي َر ٰى‪َ  )12( ‬ولََق ْد َرآهُ َن ْزلَ ةً‬ ‫َأى(‪َ )11‬أ َفتُ َم ُ‬‫اد َم ا َر ٰ‬
‫ب الْ ُف َؤ ُ‬ ‫َْأو َح ٰى‪َ  )10( ‬م ا َك َذ َ‬
‫ش ٰى(‬‫الس ْد َرةَ َما َيغْ َ‬ ‫ُأ ْخ َر ٰى‪ِ  )13( ‬عن َد ِس ْد َر ِة ال ُْم َنت َه ٰى‪ِ  )14( ‬عن َد َها َجنَّةُ ال َْم َْأو ٰى‪ِ )15( ‬إ ْذ َيغْ َ‬
‫شى ِّ‬
‫ت‬ ‫َأى ِمن آي ِ‬
‫ات َربِِّه الْ ُك ْب َر ٰى‪َ )18( ‬أ َف َر َْأيتُ ُم الاَّل َ‬ ‫ص ُر َو َم ا طَغَ ٰى‪ )17( ‬لََق ْد َر ٰ ْ َ‬ ‫غ الْبَ َ‬
‫‪َ  )16‬م ا َزا َ‬
‫ك ِإ ًذا قِ ْس َمةٌ‬ ‫َوالْعُ َّز ٰى‪َ  )19( ‬و َمنَ ا َة الثَّالِثَ ةَ اُأْل ْخ َر ٰى‪َ )20( ‬ألَ ُك ُم ال َّذ َك ُر َولَ هُ اُأْلنثَ ٰى‪ )21( ‬تِْل َ‬
‫ى‪﴾)22( ‬‬ ‫ِ‬
‫ض َيز ٰ‬

‫ترجمت هذه اآليات عندحميد اهلل مثال بـ‬

‫‪11‬‬
 « (1) Par l’étoile à son déclin ! (2) votre compagnon ne s’est pas égaré et
n’a été induit en erreur. (3) Et il ne prononce rien sous l’effet de la
passion ; (4) ce n’est rien d’autre qu’une révélation inspirée. (5)Que lui a
enseigné [l’Ange Gabriel] à la force prodigieuse, (6)doué de sagacité ;
c’est alors qu’il se montra sous sa forme réelle [angélique], (7) alors qu’ils
se trouvait à l’horison supérieur. (8) Puis il se rapprocha et descendit
encore plus bas, (9)et fut à deux portées d’arc,ou plus prés encore. (10) Il
révéla à son serviteur ce qu’Il révéla. (11) Le cœur n’a pas menti en ce
qu’il a vu. (12) Lui contestez-vous donc ce qu’il voit ? (13) Il a pourtant
vu, lors d’une autre descente,(14) pré de la Sidrat-ul-Muntahà, (15) prés
d’elle se trouve le jardin de Ma’wà : (16) au moment où le lotus était
couvert de ce qui le couvrait. (17) La vue n’a nullement dévié ni
outrepassé la mesure. (18) Il a bien vu certaines des grandes merveilles de
Seigneur. (19) Que vous en semblé [des divinités], Làt et Uzzà ,(20) ainsi
que Manàt, cette troisième autre ? (21) Sera-ce à vous le garçon et à Lui la
fille. (22) Que voila donc un partage injuste ! »

‫ إذ يس تحيل‬،‫نالح ظ هن ا غي اب الرون ق الجم الي اإلب داعي للس جع في نص الترجم ة‬


‫ بحيث‬،‫المحافظ ة على براعة الش كل اإلالهي ب النظر إلى إعجازه اللغ وي المتن اهي النظ ير‬
‫يشكل هذا اإلعجاز البالغي عتبة في ما يخص الفهم للمترجم مما ينتج عنه نثرا عاديا ال‬
.‫ فيقد النص قرآنيته وإ عجازه اللغوي‬،‫يحدث نفس أثر الصورة البيانية لدى قارئ الترجمة‬

‫س ط َْها ُك َّل الْبَ ْس ِط‬ َ ‫ ﴿ َواَل تَ ْج َع ْل يَ َد َك َم ْغلُولَ ةً ِإلَ ٰى ُعنُ ِق‬:‫ومن الكناية قول ه تع الى‬
ُ ‫ك َواَل َت ْب‬
)29 ‫ورا﴾( اإلسراء‬ ً ‫س‬
ُ ‫وما َّم ْح‬
ً ُ‫َفَت ْقعُ َد َمل‬
:Jaque Berque ‫ترجمة جاك بيرك‬
« ne garde pas la main entravée à ton col et ne l’ouvre non plus trop large, ce qui
t’exeposerait ou au blame ou à la dechéance » 21

12
‫ترجمة اندري شوراكي‪:André chouraki‬‬
‫‪«  ne pose pas, sur ta nuque, ta main fermée, ne la tends pas non plus toutes‬‬
‫‪ouverte, tu serais exclu, mésirable » 22‬‬

‫تتجلى الكناي ة المع بر عن ه في اآلي ة في النهي عن البخ ل واإلس راف في الص دقة باتف اق‬
‫جمه ور المفس رين‪ ،‬في حين نلمس الترجم ة الحرفي ة لآلي ة ال ذي أفق دها رونقه ا بحيث لن‬
‫يستطيع قارئ الترجم((ة تص((ور المحس((ن الب((ديعي ال((وارد في النص الق راني وال االس تمتاع‬
‫برونق ه‪ ،‬إذ لم ت ؤدي الترجم ة هاهن ا المع نى المنش ود لآلي ة على ض وء التفاس ير ال واردة‪،‬‬
‫وهنا يتجلى اإلعجاز الذي شكل عتبة أمام نقل هذه الكناية‪.‬‬

‫اإلعجاز العلمي‪:‬‬

‫لقد جاء الوحي الرباني حامال لعلوم ومعارف وحقائق علمية اكتشف العلماء البعض‬
‫منه ا‪ ،‬وال ي زال الكث ير غامض ا‪ ،‬بحيث هي دالئ ل على إعج از الق رآن‪ ،‬ون ذكر منه ا على‬
‫سبيل المثال‪:‬‬

‫التلقيح في النب ات‪ :‬ذاتي وخلطى‪ ،‬وال ذاتي‪ :‬م ا اش تملت زهرت ه على عض وي‬ ‫‪‬‬

‫الت ذكير والت أنيث‪ ،‬والخلطى‪ :‬ه و م ا ك ان عض و الت ذكير في ه منفص ال عن عض و‬


‫التأنيث كالنخيل‪ ،‬فيكون التلقيح بالنقل‪ ،‬ومن وسائل ذلك الرياح‪ ،‬وجاء هذا في قوله‬
‫ح﴾(الحجر ‪)22‬‬ ‫ِ‬
‫اح لََواق َ‬
‫الريَ َ‬
‫تعالى‪َْ ﴿" :‬أر َسلْنَا ِّ‬
‫ترجمت هذه اآلية عند ريجيسبالشير بـ‬
‫‪‬‬ ‫»‪« nous avons déchainé les vents chargés [de nuages] ‬‬

‫يتجلى اإلعج از العلمي في ه ذه اآلي ة ح ول اإلفص اح عن كيفي ة تلقيح في‬


‫النبات ات عن طري ق الري اح‪ ،‬إذ ج انبت الترجم ة الص واب‪ ،‬بحيث فهم الم ترجم أنه ا‬

‫‪13‬‬
‫الري اح ال تي تس وق الغي ام‪ ،‬في حين يري د اهلل تع الى اطالعن ا عن معج زة التلقيح‬
‫بالرياح‪ .‬وكان األجدر إضافة تهميش للترجمة لشرح أوفى حول هذه المعجزة التي‬
‫أطلع بها المولى عز وجل النبي االمي آنذاك‪.‬‬
‫األكس جين ض روري لتنفس اإلنس ان‪ ،‬ويق ل في طبق ات الج و العلي ا‪ ،‬فكلم ا ارتف ع‬ ‫‪‬‬

‫اإلنس ان في أج واء الس ماء أحس بض يق الص در وص عوبة التنفس‪ ،‬يق ول تع الى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ِّي ًقا‬ ‫ص ْد َرهُ لِإْل ْس اَل ِم ۖ َو َمنيُ ِر ْدَأنيُضلَّ ُهيَ ْج َعل َ‬
‫ْص ْد َرهُ َ‬ ‫﴿فَ َمن يُ ِرد اللَّهُ َأن َي ْهديَ هُ يَ ْش َر ْح َ‬
‫س َعلَىالَّ ِذينَاَل ُيْؤ ِمنُو َن﴾(األنع ام‬ ‫الر ْج َ‬‫الس َم ِاء ۚ َك َٰذلِ َكيَ ْج َعاُل للَّ ُه ِّ‬
‫ص َّع ُد فِي َّ‬
‫َح َر ًج ا َكَأنَّ َم ا يَ َّ‬
‫‪)125‬‬

‫ترجمت اآلية عند جاك بيرك بـ ‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪Celui que Dieu veut guider, Il lui élargit la poitrine à l’Islam. Celui qu’Il‬‬
‫‪veut fourvoyer, il lui comprime la poitrine, et l’angoisse comme à qui‬‬
‫»‪essaierait d’escalader le ciel ‬‬

‫نالحظ أن الترجمة هنا تسع المعنى ولكنها ال تسع اإلعجاز العلمي الذي أشار إليها‬
‫الم ولى ع ز وج ل قب ل ‪ 14‬قرن ا‪ ،‬بحيث ك ان حري ا ب المترجم ال ذي ق ام بعمل ه في الق رن‬
‫العشرين أن يلفت النظر إلى هذا اإلعجاز العلمي العظيم‪.‬‬

‫نس ا ُن ِم َّم ُخلِ َق‪ُ  )5( ‬خلِ َق ِمن َّم ٍاء‬ ‫وفي علم األجن ة‪ :‬ج اء قول ه تع الى‪َ  ﴿ :‬فلْيَنظُ ِر اِإْل َ‬ ‫‪‬‬

‫َّاس ِإن ُكنتُ ْم فِي‬ ‫ب﴾‪ ،‬وقول ه‪﴿ :‬يَ ا َُّأي َه ا الن ُ‬ ‫َّراِئ ِ‬ ‫الص ل ِ‬
‫ْب َوالت َ‬ ‫ج ِمن َب ْي ِن ُّ‬ ‫َداف ٍق‪ )6( ‬يَ ْخ ُر ُ‬
‫ِ‬

‫ض غَ ٍة‬ ‫اب ثُ َّم ِمن نُّطْ َف ٍة ثُ َّم ِم ْن َعلَ َق ٍة ثُ َّم ِمن ُّم ْ‬‫ث فَِإ نَّا َخلَ ْقنَ ا ُكم ِّمن ُت ر ٍ‬
‫َ‬
‫ب ِّمن الْب ْع ِ‬
‫َريْ ٍ َ َ‬
‫س ًّمى ثُ َّم نُ ْخ ِر ُج ُك ْم‬ ‫ش اءُِإلَ ٰى َ‬
‫َأج ٍل ُّم َ‬ ‫ياَأْلر َح ِام َمانَ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُّم َخلَّ َق ة َوغَْي ِر ُم َخلَّ َق ة لِّنَُبيِّ َن لَ ُك ْم ۚ َونُق ُّرف ْ‬
‫ل﴾‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ط ْف ً‬

‫‪14‬‬
‫س ُب َها َج ِام َد ًة‬
‫ال تَ ْح َ‬
‫وح ول دوران األرض ح ول نفس ها يق ول تع الى‪﴿ :‬وَت رى ال ِ‬
‫ْجبَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪‬‬

‫ص ْن َعاللَّ ِهالَّ ِذيَأْت َقنَ ُكلَّ َ ٍ ِ‬ ‫َو ِه َي تَ ُم ُّر َم َّر َّ‬


‫ش ْيءِۚإَّن ُه َخب ٌ‬
‫يربِ َماَت ْف َعلُو َن (‪﴾)88‬‬ ‫الس َح ِ‬
‫اب ۚ ُ‬

‫ترجمت هذه اآليات كلها حسب معناها دون اإلشارة إلى اإلعجاز الذي أخبر به اهلل عز‬
‫وجل آنذاك‪ ،‬بحيث تفرض قداسة الخطاب ذكر ما جاء به من إعجاز‪ ،‬ولو على هامش‬
‫الترجمة‪ ،‬وإ ال فلن تؤدي الترجمة هاهنا كل عالمات وإ يحاءات النص األصل‪ ،‬وعليه‪ ،‬لن‬
‫يحدث نفس االثر الذي تركه قارئ الذكر الحكيم لدى قارئ الترجمة‬

‫اإلعجاز التشريعي‪:‬‬

‫إن الق رآن الك ريم لدس تور إس المي‪ ،‬ش مل وأح اط بش تى ن واحي الحي اة الروحي ة‬
‫واالجتماعي ة واالقتص ادية للف رد المس لم‪ ،‬إذ أط ر طريق ة عيش ه وكس به وف ق أحك ام فقهي ة‬
‫قرآنية ونبوية تراعي جميع الجوانب‪.‬‬

‫الزك اة‪ :‬تقتل ع من النفس ج ذور الش ح‪ ،‬وعب ادة الم ال‪ ،‬والح رص على ال دنيا‪ ،‬وهي‬
‫مصلحة للجماعة‪ ،‬فتقيم دعائم التعاون بين المجدودين والمحرومين‪ ،‬وتشعر النفس بتكامل‬
‫‪23‬‬
‫الجماعة شعورا يخرجها من ضيق األثرة واالنفراد‪.‬‬

‫قال تعالى‪:‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ين ُه ْم َع ِن اللَّ ْغ ِو ُم ْع ِر ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿قَ ْد َأ ْفلَح الْمْؤ ِمنُو َن‪ )1( ‬الَّ ِذين ُهم فِي ِ‬
‫ين‬
‫ضو َن‪َ  )3( ‬والذ َ‬ ‫صاَل ت ِه ْم َخاشعُو َن (‪َ  )2‬والذ َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫اعلُو َن‪(﴾ )4( ‬المؤمنون ‪)04-01‬‬ ‫لز َك ِ‬
‫اة فَ ِ‬ ‫ُه ْم لِ َّ‬

‫‪15‬‬
‫ترجمت اآلية عند جاك بيرك بـ ‪:‬‬

‫‪(1) Comblés sont les croyants, (2) Ceux qui dans leur prière témoignent‬‬
‫‪d’humilité (3) Qui s’écarte du verbiage, (4)Qui produisent à charge de‬‬
‫‪purification24‬‬

‫وترجمهاريجيسبالشير بـ ‪:‬‬
‫)‪(1)Bienheureux sont les croyants. (2) Qui, dans leur prière, sont humbles,(3‬‬
‫‪25‬‬
‫‪Qui, de la jactance, se détournent, (4) Qui font l’aumône‬‬

‫كما ترجمها أندري شوراكي أيضا بـ ‪:‬‬


‫‪(1)Les adhérents triomphent déjà, (2)Ceux qui s’humilient dans leur prière,‬‬
‫‪26‬‬
‫‪(3)Ceux qui s’écartent de la futilité,(4) Ceux qui donnent la dîme,‬‬

‫نالح ظ اختالف ا كب يرا في ترجم ة مص طلح "الزك اة" ال وارد في ه ذه اآلي ة‪ ،‬فترجم ه‬
‫ج اك ب يرك بـ «‪ ،» Purification ‬وال تي تع ني تنقي ة الش يء وتطه يره‪ ،‬في حين أن دالل ة‬
‫"زكاة" أبعد من ذلك‪ ،‬فهي إجراء اقتصادي إسالمي له أبعاد اجتماعية وأخرى روحانية‪.‬‬
‫بينما ترجمهاريجيسبالشير بـ «‪ ،» Aumône ‬والتي يراد بها الصدقة‪ ،‬وشتان بين الصدقة‬
‫والزك اة‪ ،‬أم ا أن دري ش وراكي فترجمه ا بـ«‪ ،» Dîme ‬ذات الخلفي ة المس يحية واليهودي ة‬
‫والتي تعني اقتطاع بنسبة ‪ %10‬للمساهمة في إعانة المعوزين عند المسيحيين‪ ،‬في حين‬
‫كانت ضريبة تفرض على اليهود للمساهمة في إعانة اليتامى‪ ،‬واألرامل وعابري السبيل‪،‬‬
‫وك ذا خدم ة المعاب د اليهودي ة‪ .‬إن ترجم ة مص طلح زك اة لترجم ة لحكم فقهي إس المي ذو‬
‫دالالت وإ يحاءات روحانية‪ ،‬فهو تشريع إسالمي يراد من وراءه ضبط لحياة الفرد المسلم‬

‫‪16‬‬
‫من الناحي ة االقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬إذ تتع دى داللت ه بكث ير الترجم ات ال واردة في حق ه‪،‬‬
‫بحيث ن رى أن ه ك ان األج در اق تراض المص طلح ب الحرف الالتي ني ومن ثم إض افة تهميش‬
‫يشرح مفهوم الزكاة وفق مقاربة إسالمية‪.‬‬

‫الربا ‪ :‬الرب ا في اللغ ة ‪ :‬الزي ادة المطلق ة‪ ،‬يق ال رب ا الش يء يرب و إذا زاد‪ ،27‬وفي‬
‫الشرع مشترك بين عدة معان‪ :‬األول كل عقد فاسد‪ ،‬والثاني عقد فيه فضل‪ ،‬والقبض فيه‬
‫مفيد للملك الفاسد‪ ،‬والثالث فضل شرعي خال عن عوض شرط ألحد المتعاقدين في عقد‬
‫‪28‬‬
‫المعاوضة‪.‬‬

‫يقول تعالى في محكم تنزيله‪:‬‬

‫ِ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َِّ‬


‫اعفَةً َواتَّقُ وا اللهَ لَ َعل ُك ْم تُْفل ُح َ‬
‫ون‪( ﴾ ‬آل‬ ‫ض َ‬‫َأض َعافًا ُم َ‬ ‫آمُن وا اَل تَ ْأ ُكلُوا ِّ‬
‫الرَب ا ْ‬ ‫﴿‪َ ‬ي ا َُّأيهَ ا الذ َ‬
‫ين َ‬
‫عمران‪)130 :‬‬

‫ترجمت اآلية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ Masson : « O vous qui croyez ! Ne vivez pas de l’usure produisant‬‬
‫‪plusieurs fois le double. Craignez Dieu ! Peut-etre serez-vous heureux ».‬‬
‫‪ Hamidullah :  « O les croyants ! Ne pratiquez pas l’usure en multipliant‬‬
‫‪démesurement votre capital. Et craignez Allah afin que vous réussissiez ».‬‬
‫‪ Zeinab Abdelaziz : « o vous qui devîntes croyants, ne mangez pas l’usure‬‬
‫»‪plusieurs fois multipliée, craignez Allah, afin que cultiviez ‬‬

‫إن ترجم ة مفه وم "الرب ا" يختل ف ومرجعي ة الم ترجم‪ ،‬إذ يتب ادر للم ترجم الع ربي ذو‬
‫الخلفي ة االس المية مباش رة حكم فقهي حي ال المفه وم‪ ،‬في حين يراه ا الم ترجم الغ ربي فائ دة‬
‫مربحة ال ضير منها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫إن اس تنباط المك افئ المناس ب حي ال مفه وم "الرب ا" يس تلزم إدراك ك ل العناص ر‬
‫المحيط ة ب ه‪ ،‬من إط ار ت اريخي ودالل ة لغوي ة وش حنة عاطفي ة وحكم فقهي للمفه وم‪ .‬إذ‬
‫ترجمه عديد المترجمين بـ ‪ Usure‬والتي تعني حسب قاموس ‪:Larousse‬‬

‫‪« Intérêt, profit qu’on exige d’un agent ou d’une marchandise‬‬


‫‪prêtée, au-dessus du taux fixé par la loi ou établi par l’usage en‬‬
‫»‪matière de commerce ‬‬

‫انطالق ا من مفه وم "رب ا" وف ق المع اجم االقتص ادية اإلس المية وك ذا دالل ة المك افئ‬
‫«‪ » usure ‬في المعاجم اللغوية الفرنسية فإن هذه ترجمة ال تؤدي غرض المفهوم‪ ،‬الذي‬
‫يتج اوز بع ده ال داللي إلى حكم فقهي حي ال مس ألة المع امالت المالي ة في اإلس الم‪ ،‬إذ يتع ذر‬
‫إيج اد المك افئ في البيئ ة الفرنس ية للمفه وم‪ ،‬وعلي ه ف األرجح أن نق ترض المفه وم ب الحرف‬
‫الالتي ني ‪ El-Ribà‬م ع إض افة تهميش للترجم ة تش رح المفه وم في إط اره االقتص ادي‬
‫االسالمي‪.‬‬

‫والحج س ياحة ت روض النفس على المش قة‪ ،‬وتفتح بص يرتها على أس رار اهلل في‬
‫خلق ه‪ ،‬وهو م ؤتمر ع المي يجتم ع في ه المس لمون على ص عيد واح د‪.‬والص يام ض بط للنفس‪،‬‬
‫وش حذ لعزيمته ا وتقوي ة لإلرادة وحبس للش هوات‪ ،‬وه و مظه ر اجتم اعي يعيض في ه‬
‫‪29‬‬
‫المسلمون شهرا كامال على نظام واحد في طعامهم‪ ،‬كما تعيش األسرة في البيت الواحد‪.‬‬

‫وق رر الق رآن ص يانة الكلي ات الخمس الض رورية للحي اة اإلنس انية‪ :‬النفس‪ ،‬وال دين‬
‫والع رض والم ال والعق ل‪ ،‬ورتب عليه ا العقوب ات المنصوص ة‪ ،‬ال تي تع رف في الفق ه‬
‫اإلس المي بالجناي ات والح دود‪" :‬ولكم في القص اص حي اة ي ا أولي األلب اب" ‪ " ،‬الزاني ة‬
‫وال زاني فاجل دوا ك ل واح دة منهم ا مئ ة جل دة"‪ " ،‬وال ذين يرم ون المحص نات ثم لم ي أتوا‬
‫‪30‬‬
‫بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة"‪ " ،‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ك ل ه ذه المف اهيم تعت بر إعج ازا تش ريعيا إس الميا‪ ،‬ت ؤطر حي اة المس لم من الناحي ة‬
‫الروحي ة واالجتماعي ة واالقتص ادية‪ ،‬فح تى ل و وج د مقاب ل للمص طلح في اللغ ات‬
‫الهندوأوروبي ة فلن يكافئ ه من ناحي ة مدلول ه التش ريعي ال ذي من وض ع من أجل ه‪ ،‬وعلي ه‪،‬‬
‫يعتبر التفسير السبيل األنجع لسبر أغوار اإلعجاز التشريعي‪.‬‬

‫الترجمة التفسيرية‪:‬‬

‫تعتم د ه ذه الترجم ة على مجموع ة تفاس ير لتحدي د المع نى المعجمي أللف اظ النص‬
‫القرآني‪ ،‬فتغدو مهمة المترجم حيوية الستقصاء اآلراء والتفاسير‪ ،‬مع مقارنتها وتمحيصها‬
‫ليخ رج الم ترجم ب رأي شخص ي يتح دد من خالل ه مع نى النص ليق وم بعملي ة التحوي ل‬
‫والترجم ة‪ ،‬وفي ه ذا الن وع من الترجم ة ت ترك المب ادرة للم ترجم الختي ار اللغ ة واألس لوب‬
‫المناس بين لنق ل مع اني النص‪ ،‬فالترجم ة التفس يرية هي بي ان مع نى الكالم بلغ ة أخ رى من‬
‫‪31‬‬
‫غير تقيد بترتيب كلمات األصل أو مراعاة لتنظيمه‪.‬‬

‫والترجمة التفسيرية "هي التي ال تراعى فيها تلك المحاكاة أي محاكاة األصل في‬
‫نظم ه وترتيبه بل المهم فيه ا حس ن تص وير المعاني واألغ راض كاملة وله ذا تس مى أيضا‬
‫بالترجم ة المعنوي ة وس ميت تفس يرية ألن حس ن تص وير المع اني واألغ راض فيه ا جعله ا‬
‫‪32‬‬
‫تشبه التفسير وما هي بتفسير "‬

‫أم ا ماري ان ل وديرير ‪ ، " :Marianne Lederer‬فتأخ ذ الترجم ة التفس يرية حس بها‬
‫حذو الترجمة التأويلية‪ ،‬فالتأويل مرتبط بالتفسير‪ ،‬وتحصيل المعنى يستلزم توافر مكمالت‬

‫‪19‬‬
‫معرفية‪ ،‬ومعارف غير لغوية وسياق معرفي للنص المراد ترجمته‪ ،‬وكل هذا ينطبق على‬
‫ترجمة القرآن الكريم في وج وب االطالع على التفاسير الواردة وكذا أسباب النزول قبل‬
‫االنطالق في الترجم ة‪ ،‬وعلي ه " تتص ف الترجم ة التفس يرية بثالث مراح ل ت رد ض من‬
‫تسلسل اتفاقي تقريباً‪ ,‬وغالباً ما تكون متداخلة وغير متتابعة‪ ,‬ولكننا نستطيع تقديمها بشكل‬
‫‪33‬‬
‫منفصل لتسهيل العرض‪ :‬فهم المعنى –تعريته من ألفاظه األصلية ‪ -‬إعادة التعبير"‬

‫وهناك من يرى أنه من الجدير تسميتها "ترجمة تفسير القرآن"‪" ،‬ألنها شرح الكالم‬
‫وبيان معناه بلغة أخرى‪ ،‬بدون مراعاة لنظم األصل وترتيبه‪ ،‬وبدون المحافظة على جميع‬
‫معانيه المرادة منه‪ ،‬وذلك بأن نفهم المعنى الذي يراد من األصل‪ ،‬ثم نأتي له بتركيب من‬
‫اللغة المترجم إليها يؤديه على وفق الغرض الذي سبق له"‪.34‬‬

‫أما من الناحية المنطقية فالترجمة ليست تفسيرا‪ ،‬وشتان بين هذا وذاك‪ ،‬ألن كلمة‬
‫"الترجمة التفسيرية تنفي عن الترجمة صفة الترجمة‪ ،‬وألن المفسر ال يكلف بما يكلف به‬
‫الم ترجم من االل تزام باختي ار الكلم ة المماثل ة‪ ،‬ف إذا ج اءت الكلم ة غامض ة فليس من ح ق‬
‫الم ترجم أن يفس ر غموض ها‪ ،‬بخالف المفس ر‪ ،‬فه و مكل ف بإزال ة الغم وض‪ ،‬وإ ذا ك انت‬
‫اللفظ ة محتمل ة لمع ان ع دة وجب على الم ترجم أن ي أتي باللفظ ة المحتمل ة لنفس المع اني‬
‫والدالالت‪ ،‬وليس من حقه أن يختار ويرجح‪ ،‬بخالف المفسر فمن واجبه أن يبين ويوضح‬
‫‪35‬‬
‫فالتفسير في اللغة هو البيان والتوضيح‪ ،‬والترجمة ال تعني البيان والتوضيح‪،‬‬ ‫ويرجح"‬
‫وإ ذا قام المترجم ببيان األصل وإ زالة غموضه‪ ،‬فهو مفسر وليس مترجما‪ ،‬وتحكمه مقاييس‬
‫التفسير وليس مقاييس الترجمة‪.‬‬

‫إن ه لمن األهمية بمكان أن نن وه في هذا الصدد‪ ،‬أن اللج وء إلى التفسير في ترجمة‬
‫إعجاز القرآن الكريم إلجراء ترجمي‪ ،‬يرجى منه تقصي الدالالت اللغوية والفقهية والعلمية‬
‫للمصطلح‪ ،‬بحيث يستحيل ترجمة الذكر الحكيم دون اللجوء إلى التفاسير الواردة حياله‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫إن االستعانة بالتفاسير إزاء ترجمة الخطاب المقدس ال ينفي عن الترجمة صبغتها‪،‬‬
‫بل يدرج ضمن المعارف الموسوعاتية التي يستلزم اإلطالع عليها أثناء الترجمة‪ .‬بشرط‬
‫أن تضاف الشروحات المستفيضة في الهاهش كي ال تخرج الترجمة عن سكتها‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫ مؤسسة المختار للنشر‬،‫ جمالية الخطاب في النص القرآني‬،)2014 – 1413( ،‫ لطفي فكري محمد‬، ‫ الجودي‬-1
.171 ‫ ص‬،‫ مصر‬،‫ القاهرة‬،،1‫ ط‬،‫والتوزيع‬
2
- Voir : FONTAINE, Philippe, (05 novembre 2009) défis de la traduction, séance
TICE en classe jumelée, 10h00-12h00
http://melies.ac-versailles.fr/projet-europe/direct/ consulté le 20/05/2019 à 18h
.7 ‫ ص‬،)‫ إشكالية ترجمة القرآن الكريم ( ماذا يراعى في لغة الترجمة‬،‫محمود بن عبد السالم‬،‫ العزب‬-3
،‫) مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة‬2005-1426( ‫ جالل الدين‬،‫ السيوطي‬-4
.1873 ‫ ص‬،‫ الجزء الخامس‬،‫مرصد الدراسات القرآنية‬:‫تحقيق‬
‫ ص‬، ،‫ لبنان‬-‫ بيروت‬،1‫ط‬،‫ دار صادر‬،‫ نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز‬،)2004-124(‫ اإلمام فخر الدين‬-5
.82
.1880 ‫ ص‬،‫ المرجع نفسه‬، )2005-1426(‫ جالل الدين‬،‫ السيوطي‬-6
.250 ‫ ص‬،‫ مصر‬،‫القاهرة‬،10‫ ط‬،‫ مكتبة وهبة‬،‫) مباحث في علوم القرآن‬1995( ‫ مناع‬،‫ القطان‬-7
.255 ،254 ‫ ص‬،‫ المرجع نفسه‬،)1995(‫ مناع‬،‫ القطان‬-8
9
- Hamiddullah,Muhammed,(2000) le noble coran et la traduction en langue française
de ses sens, complexe Roi Fahd pour l’impression du Noble Coran, al-madinnah al-
monawarah, royaume d’arabie saoudite, p125.
10
- Berque,Jaques(1990), le coran : essai de traduction de l’arabe annoté et suivi
d’une étude exégétique, édition Sindbad, paris,1ère .
11
Site officiel du dictionnaire Larousse :
https://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/signe/72700 consulté le 25/05/2019 à
11h
،‫ دار الفرقان‬،‫ سناء فضل عباس‬، ، ‫ إعجاز القرآن الكريم‬، )‫م‬2001 - ‫هـ‬1422( ‫ فضل حسن‬،‫ عباس‬-12
.219 ‫ ص‬، ،‫الطبعة الرابعة‬
13
- Chouraqui, André (1990) Le Coran : l’appel, éditions Robert Laffont, paris, p 336.
14
- Berque, Jaques (1990) ,op.cit, p 260.
15
- Chauraqui, André (1990),op.cit ,p 859.
16
- Blachère, Régis (1966), Le Coran (al-Qor’àn), edition G.P Maisonneuve &Larose,
paris, p 332.
17
- Berque,Jaques(1990), op.cit, p 45.
‫‪18‬‬
‫‪- Hamiddullah, Muhammed,( 2000) op.cit, p 57.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪- Berque, Jaques (1990),op.cit, p 482.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪- Chouraqui, André (1990),op.cit, p 45.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪- Berque, Jaques(1990),op.cit, p 297.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Chauraqui, André (1990),op.cit, p 388.‬‬
‫‪ -23‬القطان‪ ،‬مناع (‪،)1995‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Berque, Jaques(1990), op.cit, p 361.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪Blachère, Régis (1966),op.cit, p 39.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪Chauraqui, André (1990),op.cit, p 478.‬‬
‫‪ -27‬معجم المصطلحات المالية واالقتصادية في لغة الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -28‬المعجم االقتصادي االسالمي‬
‫‪ -29‬القطان‪ ،‬مناع(‪ ،)1995‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫‪ -30‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫‪ -31‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.310‬‬
‫‪ -32‬الزرقاني‪ ،‬محمد عبد العظيم (‪ ،)1943 -1362‬مناهل العرفان في علوم القرآن‪ ،‬مطبعة عيسى البابي الحلبي‬
‫وشركاؤه‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -33‬لوديرير‪ ،‬ماريان (‪" ,)2002‬المشكالت العملية في الترجمة"‪ ,‬ترجمة د‪ .‬محمد أحمد طجو‪ ,‬مجلة ترجمان‪,‬‬
‫المجلد ‪ ,11‬العدد ‪ ,1‬ص ‪82‬‬
‫‪ -34‬كانو‪ ،‬محمد محمود (‪ ،)2011‬ترجمة القرآن الكريم بين الحظر واالباحة‪،‬جمعية دار البر‪ ،‬دبي‪ ،‬اإلمارات‬
‫العربية المتحدة‪ ،‬ط‪ ، ،1‬ص‪.59‬‬
‫‪ -35‬الزرقاني (‪ ،)1943-1362‬المرجع نفسه‪.‬‬

You might also like