Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫المقدم ــة‬

‫المقدمـــــة‬
‫تعد دولتا الهند والباكستان من دول العالم المتميزة لتاريخهما الطويل‪،‬‬
‫وألسهاماتهما الحضارية‪ ،‬وأعداد سكانهما الضخمة‪ ،‬فضالً عن حجم مساحتيهما‬
‫وموقعيهما الستراتيجي في قارة أسيا والروابط التي تربط بين الشعبين لكونهما‬
‫يمثالن شعباً واحداً منذ فجر التاريخ حتى عام ‪1947‬م عندما صدر قانون استقالل‬
‫الهند الذي أصدره البرلمان البريطاني إذ أنفصل المسلمون في دولة مستقلة لهم‬
‫عرفت باسم (باكستان) فأن الدولتين قد شرعتا في إشهار السالح بوجه إحداهما‬
‫األخرى بدالً من الدخول في مفاوضات لحل المشاكل التي خلفها االستعمار‬
‫البريطاني بعد استقاللهما حتى غدا الصراع السمة البارزة التي وسمت عالقات‬
‫الدوليتن‪.‬‬
‫وكانت الهند في زمن االحتالل البريطاني تنقسم إلى قسمين أساسيين هما‬
‫اإلمارات واألقاليم‪ ،‬وبينما كانت األقاليم تخضع للحكم المباشر للبريطانيين‪ ،‬كانت‬
‫اإلمارات حرة في أن تظل مستقلة أو تختار االنضمام إلى إحدى الدولتين الجديدتين‬
‫مراعية في ذلك الوضع الجغرافي والعوامل االقتصادية والستراتيجي‪ ،‬ثم رغبات‬
‫الشعب‪ ،‬وعندما تم التصديق على القانون المذكور أوصى نائب الملك البريطاني‬
‫لشؤون الهند (اللورد مونتابين) الواليات الهندية بأخذ هذه العوامل في االعتبار وهو‬
‫يعلم أن هناك استثناءات على أرض الواقع في شبه القارة الهندية‪.‬‬
‫كان من الواضح‪ L‬أن هذه االستثناءات ستؤدي إلى نشوب النزاع بين سكان‬
‫شبه القارة الهندية ليصبحوا فيما بعد فرقاء‪ ،‬وحدثت بالفعل عدة استثناءات‪ ،‬فقد كانت‬
‫واليتا حيدرأباد وجوناكاد الواقعتان بالقرب من باكستان وهما ذوات أغلبية هندوسية‬
‫من السكان وأن كان حكامها يدينون باإلسالم‪.‬‬
‫ولع ّل أخطر هذه االستثناءات ما كان في إقليم كشمير الذي كان يسكنه في‬
‫الغالب مسلمين‪ ،‬بينما كان حاكمها من الهندوس‪ ،‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬فضالً عن‬
‫العوامل الجغرافية واالستراتيجية‪ ،‬فإن المستعمر البريطاني أتفق مع حزب المؤتمر‬
‫الهندي ذي األغلبية الشعبية الكبيرة في الهند والذي يكاد يحتكر الحياة السياسية‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫والحكم فيها منذ االستقالل على ضم كشمير إلى الهند‪ ،‬وكان الهدف من وراء هذا‬
‫واضحاً‪ ،‬وهو أن يصبح هذا اإلقليم بؤرة للصراع المزمن بين الهند وباكستان‪.‬‬
‫ظلت مشكلة كشمير منذ انفصال الباكستان عن الهند في الخامس عشر من‬
‫آيار عام ‪1947‬م وحتى الوقت الحاضر تشكل أزمة معقدة بين الهند والباكستان حتى‬
‫غدت عقدة العالقات الثنائية بين البلدين‪ ،‬وقد نشأت هذه المشكلة أثر اتفاق الطرفين‬
‫(الهندي والباكستاني) على حق تقرير المصير لإلمارات‪ ،‬إذ تم لهما ما أرادا عدا‬
‫الواليات‪ -‬آنفة الذكر‪ ،‬إذ اكتسحت الهند بالقوة المسلحة إقليمي جوناكاد وحيدرآباد في‬
‫حين ظلت كشمير مشكلة عالقة بين البلدين بعد أن دفع كل منهما قواته ورجال القبائل‬
‫إليها‪ ،‬وقد لعب الموقع الجيوستراتيجي المهم لإلقليم دوره في استمرار الصراع‪،‬‬
‫فالحدود الشرقية والشمالية الشرقية تتاخم مع حدود الصين في التبت وستيكانغ وفي‬
‫الشمال الغربي يقع إقليم تركستان ومن الغرب والجنوب الغربي تقع باكستان ومن‬
‫الجنوب الهند‪ ،‬على ضوئه ارتبطت قضية كشمير بتوازن القوى في المنطقة‪ ،‬األمر‬
‫الذي دفع الصين أثر غزوها للتبت عام ‪1962‬م إلى إجرائها تغييراً جذرياً في الحدود‬
‫لصالحها على حساب الهند وإ لى توقيع اتفاق حدودي مع باكستان عام ‪1963‬م‪ ،‬وهو‬
‫االتفاق الذي ترى فيه الهند تصرفاً في (حقوق شرعيتها للهند ضمن إقليم كشمير عند‬
‫الحدود الصينية) حيث سلمت باكستان حسب إدعاء الهند مساحة من اإلقليم للصين‬
‫مما أدى إلى تعقد المسألة بعد أن أصبحت الصين معنية بهذا اإلقليم‪.‬‬
‫أن كلاً من الطرفين (الهند وباكستان) يستند إلى مجموعة من األسس في‬
‫مطاليبها باإلقليم‪ ،‬فباكستان تستند على حق تقرير المصير لألغلبية المسلمة واالعتماد‬
‫االقتصادي المتبادل معها‪ ،‬إذ أن ضم الهند لكشمير يعني التحكم في الشريان الرئيس‬
‫لمياه باكستان المتمثل بنهر السند‪ ،‬فضالً عن وسائل مواصالتها مع العالم‬
‫واالعتبارات األمنية األخرى‪ ،‬إذ يشكل ضمها للهند خطراً أمنياً على باكستان بسبب‬
‫انفتاحها عليها‪.‬‬
‫أما الهند‪ ،‬فقد استندت في مطالبتها باإلقليم على موافقة الحاكم الهندوسي‬
‫االنضمام إلى الهند وارتباطها باإلقليم بشبكة واسعة من المواصالت وأهمية حماية‬
‫الهندوس في اإلقليم جنوب جامو‪ ،‬وفي ضوء ذلك تبددت موضوعية المطالب‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫الباكستانية التي استندت على أسس قانونية واقتصادية وسياسية‪ ،‬السيما بعد قرار‬
‫مجلس األمن لحق تقرير المصير وفق استفتاء عام وحر ونزيه وذلك في قرارها‬
‫المرقم (‪ )47‬لعام ‪1948‬م وقرارها المرقم (‪ )122‬لعام ‪1957‬م وبياناتها األخرى‬
‫ذات العالقة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من جهود مجلس األمن لوضع تلك القرارات موضع التطبيق‬
‫غير أن جهودها باءت بالفشل إذ خضع اإلقليم لعملية التقسيم بين الهند وباكستان‬
‫السيما أن الهند اعتمدت بعد ذلك على مجموعة من التدابير لضم اإلقليم نهائياً إليها‬
‫من ضمنها إنشاء الجمعية التأسيسية في اإلقليم التي أقرت دستوراً لضم كشمير إليها‬
‫واعتباره جزءاً مكمالً من االتحاد الهندي‪.‬‬
‫وتبعاً لذلك وجدت القوى الخارجية مصلحتها في توظيف هذا الصراع لصالح‬
‫التدخل في شؤون دول جنوب آسيا‪ .‬ثم توفير الغطاء السياسي لهذه التطورات‬
‫فاتخذت الهند من االتحاد السوفيتي حليفاً لها‪ ،‬في حين ارتبطت باكستان بسلسلة من‬
‫المعاهدات األمنية اإلقليمية والدولية المدعومة من الواليات المتحدة األمريكية‬
‫وبريطانيا مثل حلف (السنتو) و(السياتو)‪ ،‬فضال عن محافظتها على عالقاتها الوطيدة‬
‫مع الصين ذات العداء التقليدي مع الهند‪ ،‬وهذا ما أكده االتفاق الصيني‪ L-‬الباكستاني‪-‬‬
‫آنف الذكر الذي أمن خاصرة الصين في كشمير إزاء أي أزمة قد تحدث مع الهند‪.‬‬
‫وفي ض ‪LL L‬وء اس ‪LL L‬تمرار عناصر الص ‪LL L‬راع وأس ‪LL L‬بابه‪ ،‬دخلت الهند وباكس ‪LL L‬تان بح ‪LL L‬روب‬
‫تقليدية متعددة أولها حرب عام ‪1947‬م‪ ،‬حرب عام ‪1965‬م وحرب عام ‪1971‬م‪ ،‬وخاللها‬
‫وقعتا على اتفاقيات أبرزها اتفاقية طشقند في العاشر من كانون الثاني ع‪LL‬ام ‪1966‬م واتفاقية‬
‫سيمال في الثاني من تموز ع‪LL‬ام ‪1972‬م‪ ،‬ولكن من دون أن يتوصال إلى حل ج‪LL‬ذري لمش‪LL‬كلة‬
‫كش‪LL‬مير ال‪LL‬تي أفضى ال‪LL‬نزاع عليها إلى لج‪LL‬وء البل‪LL‬دين لتب‪LL‬ني الخي‪LL‬ار (ال‪LL‬ردع الن‪LL‬ووي) كأس‪LL‬لوب‬
‫لمواجهة تهديدات الطرف اآلخر‪ ،‬األمر الذي ترك آثاره على ه‪L‬ذه المش‪L‬كلة وأدخل أمن ش‪L‬به‬
‫الق ‪LL‬ارة في وضع أم ‪LL‬ني مت ‪LL‬وتر ال يمكن التنبؤ بنتائجه المس ‪LL‬تقبلية‪ ،‬وح ‪LL‬تى ه ‪LL‬ذا الت ‪LL‬اريخ‪ ،‬وفي‬
‫ضوء امتالك البلدين لألسلحة النووية‪ ،‬ال يبدو أن هناك حالً معقوالً خ‪LL‬ارج إط‪LL‬ار ما طرحته‬
‫األمم المتحدة بشأن إقامة اس‪LL‬تفتاء في كش‪LL‬مير لكي يق‪LL‬رر ش‪LL‬عب اإلقليم مص‪L‬يره أما باالنض‪LL‬مام‬
‫إلى باكس ‪LL L‬تان أو الهند على أن يرافق ذلك دعم أو إس ‪LL L‬ناد دولي ليتب ‪LL L‬نى ه ‪LL L‬ذا الق ‪LL L‬رار‪ L‬من دون‬
‫النظر إليه كمجرد ص‪LL‬راع يث‪LL‬ير القلق والترك‪LL‬يز على البيان‪LL‬ات ال‪LL‬تي تؤكد على الس‪LL‬الم واألمن‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫ال‪LL‬دوليين‪ .‬ومن غ‪LL‬ير ه‪LL‬ذا الح‪LL‬ال ال يبقى أم‪LL‬ام ال‪LL‬دولتين س‪LL‬وى اإلق‪LL‬رار ب‪LL‬األمر الواقع وعد خط‬
‫وقف إطالق الن‪LL L‬ار الح‪LL L‬الي هو الح‪LL L‬دود النهائية بين البل‪LL L‬دين‪ ،‬ومن دون ذلك ستخضع منطقة‬
‫جن‪LL L L‬وب آس‪LL L L‬يا لمزيد من عناصر القلق والتوجه نحو االنف‪LL L L‬اق العس‪LL L L‬كري‪ -‬س‪LL L L‬باق التس‪LL L L‬لح‪-‬‬
‫والت‪LL‬دخل الخ‪LL‬ارجي‪ L‬ع‪LL‬بر دعم ه‪LL‬ذا الط‪LL‬رف أو ذاك‪ ،‬وبما ي‪LL‬ؤدي إلى انهي‪LL‬ار أو االس‪LL‬تمرار في‬
‫ت‪L‬وتر العالق‪L‬ات بين ال‪L‬دولتين فض‪L‬الً عن تع‪L‬رض أمن ش‪L‬به الق‪L‬ارة‪ L‬الهندية إلى الخطر‪ L‬المس‪L‬تمر‬
‫بالتدخل الخارجي‪ L‬في شؤون هذه الق‪L‬ارة وال‪L‬تي أبعد ما تك‪L‬ون بحاجة‪ L‬إليها في ظل المتغ‪L‬يرات‬
‫الدولية السابقة والحديثة والمستقبلية‪.‬‬
‫أن جوهر المشكلة تكمن برفض الهند االلتزام بتعهداتها بالقرارات الدولية‪،‬‬
‫السيما ما يتعلق بأجراء االستفتاء واستمرار سيطرتها على أجزاء واسعة من اإلقليم‬
‫أو (األمارة)‪ ،‬مما يعني حرمان الشعب الكشميري من ممارسة حقه في تقرير‬
‫المصير وفق القرارات ذات العالقة الصادرة من مجلس األمن‪ ،‬وحرمان باكستان من‬
‫حقها الشرعي في هذا اإلقليم‪.‬‬
‫كما أن أهمية هذا الصراع تكمن في أن الطرف العربي واحد من تلك‬
‫األطراف التي ينبغي لها أن تنشغل بتداعياته وما قد يترتب عليها من آثار‪ ،‬واألسباب‬
‫في هذا المضمار عديدة‪ ،‬فالتجاوز اإلقليمي بين الطرفين المتنازعين وبين منطقة‬
‫الخليج العربي عند الحدود الشرقية للوطن العربي مما تنطوي عليه من أبعاد‬
‫ستراتيجية تتجسد في وحدة المصالح ووحدة الخطر‪ ،‬كما أن حقيقة التواجد‬
‫الديموغرافي (البشري) لعناصر كثيفة‪ -‬من العمالة الهندوسية والعمالة الباكستانية‪-‬‬
‫في منطقة الحدود الشرقية بما ينطوي عليها ذلك من احتماالت نقل الصراع اإلقليمي‬
‫إلى الحيز الخليجي المحلي‪ ،‬ومن ثم تحميل سكانها العرب أزمة جديدة هم في غنى‬
‫عنها‪ .‬فضالً عن ذلك هناك حقيقة ثانية تتمثل بين العرب وبين كل من الدولتين‬
‫الكبيرتين روابط متينة البد أن تحمل العرب على االهتمام بما يجري على أرضيهما‪،‬‬
‫وبما يؤول إليه حال النزاع السيما‪ ،‬وأن الهند شريكة للعرب في حركة عدم االنحياز‬
‫وكم وقفت مع العرب في تأييد القضايا العادلة لهم على الصعيد الدولي‪ ،‬وما زالت‬
‫تشارك العرب في التعامل اإليجابي مع قضايا التنمية والمتغيرات السياسية الدولية‬
‫األخرى‪ ،‬ويبدو أن باكستان تملك نفس الخيارات وتزيد عليهما آصرة االنتماء إلى‬
‫العالم اإلسالمي مجسدة في شراكة عقيدية وروحية‪ ،‬ومن هنا تكمن أهمية هذه‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫الدراسة السيما أن قضية كشمير الزالت تمد العالقة بين الطرفين بعوامل االصطدام‬
‫والتنافر وتغذي الصراع‪ ،‬الذي اتخذ صور عديدة سياسية وعسكرية‪ .‬مما يوحي بأن‬
‫أي انفالت لزمام األمور يعني اتساع دوائر التدمير الشامل في كال البلدين ليشمل‬
‫عموماً القارة‪ ،‬فضالً عن دول الجوار األخرى‪.‬‬
‫السيما أن المناوشات العسكرية التي تدور بين الحين واألخر بين كل من الهند‬
‫والباكستان قد تتحول في أي وقت إلى حرب رابعة بينهما بسبب النزاع المزمن حول‬
‫قضية كشمير المسلمة التي مضى عليها حتى اآلن أكثر من نصف قرن دون حل‪،‬‬
‫وهذا يعني اتجاه أنظار العالم إلى شبه القارة نظرةً جدية لخطورة الموقف بسبب‬
‫امتالك الدولتين لألسلحة النووية وتخوف العالم من اندالع حرب نووية في المنطقة‬
‫وتهديد شعوب المنطقة بالفناء والدمار‪.‬‬
‫قسمت الدراسة التي امتدت للمدة من (‪1972-1947‬م) إلى أربعة فصول‬
‫وخاتمة‪ ،‬جاء الفصل األول بعنوان (الجذور التاريخية لظهور المشكلة الكشميرية)‬
‫وكان في ثالثة مباحث‪ ،‬األول‪ :‬الجذور التاريخية لقيام دولتي الهند وباكستان‪،‬‬
‫إذ تم التركيز فيه على الجذور التاريخية للتنافس الدولي االستعماري على شبه القارة‪،‬‬
‫مروراً باالستعمار البرتغالي والفرنسي حتى االستعمار البريطاني الذي خضعت إليه‬
‫شبه القارة وتم في العهد األخير بروز دولتي الهند وباكستان إلى حيز الوجود وتم‬
‫التركيز في هذا المبحث على بروز حركات االستقالل في الهند‪ ،‬وبروز المهاتما‬
‫غاندي في هذا الجانب كرائد للحركة الوطنية فيها‪ ،‬فضالً عن دور البريطانيين في‬
‫الحد من هذا التطلعات‪ ،‬غير ان قيام الحرب العالمية الثانية عام ‪1939‬م أسهم إلى حد‬
‫كبير في الحد من الدور البريطاني في هذا الجانب إذ أعطت بريطانيا وعداً باستقالل‬
‫الهند ووحدتها‪ .‬مما ادى إلى تحرك قوى سياسية متعددة كان في مقدمتها (حزب‬
‫الرابطة اإلسالمية)‪ ،‬إذ أتخذ قراراً بإنشاء الدولة اإلسالمية في الهند وإ قامة باكستان‪.‬‬
‫ويبدو أن النتائج التي جاءت بها الحرب العالمية الثانية قد انعكست على مجريات‬
‫األحداث على شبه القارة مما كان أثره على عمل الحركة الوطنية في الهند ونشاطها‪،‬‬
‫وأدى في النهاية إلى بروز الدولتين في الخامس عشر من آب عام ‪1947‬م وبذلك‬
‫انتهى عهد االستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫أما المبحث الثاني فقد تناول‪ :‬كشمير الموقع الجغرافي والمقومات السكانية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬إذ تضمن الوصف الجغرافي والمقومات السكانية واالقتصادية لإلقليم‬
‫وموقع اإلقليم وأثره في كل من الهند وباكستان ودول الجوار كما تضمن أيضا‬
‫التكوين الديمغرافي للسكان (التكوين الطائفي) للسكان فضالً عن لغاتهم‪ .‬ونظام‬
‫ملكية األراضي في اإلقليم وأبرز النشاطات االقتصادية والتاريخية لإلقليم‪.‬‬
‫في حين تطرق المبحث الثالث‪ :‬التطورات الداخلية في كشمير وظهور‬
‫المشكلة الكشميرية عام ‪1947‬م‪ ،‬إذ تم التركيز فيه على التاريخ السياسي لكشمير‬
‫وابرز التطورات الداخلية حتى ظهور المشكلة الكشميرية بعد تقسيم شبه القارة‬
‫الهندية‪ ،‬وكانت أبرز محاوره الغزوات الخارجية التي تعرض لها اإلقليم‪ ،‬والحكام‬
‫الذين تعاقبوا على حكمه حتى االحتالل البريطاني لها‪ ،‬إذ تم بعد ذلك اعطاء كشمير‬
‫أرضاً وشعباً إلى أحد الهندوسين المقربين من االستعمار البريطاني المدعو (غوالب‬
‫سنغ) عام ‪1846‬م بموجب اتفاقية (أمريتسار) لقاء مبلغ اتفق عليه الطرفان على أن‬
‫تلتزم بريطانيا بمساعدة غوالب سنغ وال يحددها في هذا الجانب سوى تحقيق‬
‫مصالحها في البنجاب والتي أصبحت فيما بعد األساس التي اعتمدت عليه الهند‬
‫بمطاليبها بهذا اإلقليم‪ ،‬وفي الوقت نفسه إخضاع سكان اإلقليم ذوي األغلبية المسلمة‬
‫إلى الحكام السيغ والهندوس السيما أن الحكام السيخ كانوا ال يهمهم سوى تنفيذ‬
‫السياسة البريطانية في المنطقة عن طريق توسيع عالقاتهم الخارجية‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني إذ جاء بعنوان‪( :‬الحرب الكشميرية األولى وتدهور‬
‫العالقات الهندية‪ -‬الباكستانية حتى عام ‪1965‬م)‪ ،‬إذ تطرقت مباحثه الثالثة‪ ،‬األول‪:‬‬
‫الحرب الكشميرية األولى عام ‪1947‬م وانعكاساتها على البلدين‪ ،‬والثاني‪ :‬دور األمم‬
‫المتحدة في حل المشكلة الكشميرية‪ ،‬ومن خالل القرارات التي تم أصدارها في هذا‬
‫الجانب ودور بريطانيا في حل المشكلة‪ ،‬والثالث‪ ،‬أثر هذه الحرب في تدهور‬
‫العالقات الثنائية بين الطرفين وحتى عام ‪1965‬م‪.‬‬
‫في حين اختص الفصل الثالث بدراسة‪( :‬الحرب الكشميرية الثانية‬
‫وانعكاساتها على العالقات الهندية‪ -‬الباكستانية)‪ ،‬وجاء في مبحثين‪ ،‬األول‪ :‬الحرب‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫الكشميرية الثانية عام ‪1965‬م وأسبابها ودوافعها‪ .‬في حين تطرق المبحث الثاني‪:‬‬
‫إلى اتفاقية طشقند عام ‪1966‬م وأثرها على العالقات الثنائية بين البلدين‪.‬‬
‫وأما الفصل الرابع فقد درست فيه‪( :‬الح‪LL L L‬رب الكش‪LL L L‬ميرية الثالثة ع‪LL L L‬ام ‪1971‬م‬
‫وأثرها على العالق‪LL L L‬ات الهندي‪LL L L‬ة‪ -‬الباكس‪LL L L‬تانية)‪ ،‬وج‪LL L L‬اء في مبح‪LL L L‬ثين‪ ،‬المبحث األول‪:‬‬
‫الح ‪LL‬رب الكش ‪LL‬ميرية الثانية وعقد اتفاقية س ‪LL‬يمال ع ‪LL‬ام ‪1972‬م‪ ،‬في حين تط ‪LL‬رق المبحث‬
‫الث‪LL‬اني إلى‪ :‬دراسة المش‪LL‬كلة الكش‪LL‬ميرية وم‪LL‬دى تأثيرها السياسي والجغ‪LL‬رافي على ش‪LL‬به‬
‫الق‪LL‬ارة الهندي‪LL‬ة‪ ،‬الس‪LL‬يما أن ه‪LL‬ذه المش‪LL‬كلة قد أخ‪LL‬ذت م‪LL‬ديات واس‪LL‬عة على ص‪LL‬عيد العالق‪LL‬ات‬
‫السياسة في ط‪LL L‬رفي ال‪LL L‬نزاع وال‪LL L‬دول المج‪LL L‬اورة فض ‪L L‬الً عن الت‪LL L‬دخل الخ‪LL L‬ارجي في ه‪LL L‬ذا‬
‫المج‪LL‬ال‪ .‬مما أن‪LL‬ذر بانتق‪LL‬ال الص‪LL‬راع إلى مرحلة أك‪LL‬ثر خط‪LL‬ورة من الس‪LL‬ابق ومن إمكانية‬
‫تحويله إلى صراع نووي وهنا تكمن خطورته على الصعيد اإلقليمي والدولي‪.‬‬
‫وتضمنت الدراسة خاتمة‪ ،‬تم فيها إيجاز المشكلة الكشميرية وتطوراتها‬
‫توصل الطرفين إلى معاهدة‪،‬‬
‫والتأكيد على الحل الحقيقي لهذه المشكلة يكمن في ّ‬
‫تضمن حقوق الجانبين في اإلقليم‪ ،‬وأن الطرف األساس في هذا الجانب وتقرير‬
‫المصير من الشعب الكشميري‪ ،‬مع األخذ بنظر االعتبار أن أي تدخل خارجي في‬
‫هذا المجال سيزيد من تعقيد المشكلة وعدم وضع الحلول الممكنة لها‪ .‬بسبب التنافس‬
‫الدولي في شبه القارة الهندية‪ .‬وهو الذي حصل في األخير مما زاد في حدة هذه‬
‫التطورات وانعكست سلبياً على مجمل العالقات الهندية‪ -‬الباكستانية شريطة أن‬
‫تكون هناك إرادة تصميم حقيقية من كال الطرفين على حل هذه المشكلة بعيداً عن‬
‫التعصب النفسي والسياسي لقادة كال البلدين وطموحاتهما غير المشروعة في اإلقليم‬
‫المتنازع عليه‪ ،‬السيما وأن باكستان في وضعها السياسي واالقتصادي هي أقرب من‬
‫الهند في حجمها لضم اإلقليم إلى باكستان‪ ،‬وهذا ما أكدته العوامل الجغرافية‬
‫والسكانية واالقتصادية والدينية‪ ،‬في حين أن الهند ال تمتلك مثل هذا المقومات التي‬
‫تدفعها إلى المطالبة بكشمير وتقديم حججها للمطالبة به وهي بعيدة عن أرض الواقع‬
‫وهو ما تم ذكره في طيات البحث‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫اعتمدت الرسالة على بعض المصادر الرئيسية والمساعدة لرفد الدراسة‬


‫بالمعلومات المتوفرة في المكتبة العراقية فضالً عن المصادر التي اطلع عليها الباحث‬
‫في مكتبة األسد في دمشق‪ ،‬التي كانت رافداً مهماً للدراسة‪:‬‬
‫‪ -1‬الوثائق غير المنشورة‪ ،‬للبالط الملكي في العراق وهي صورة حية وانطباعات‬
‫رافقت األحداث في شبه القارة الهندية وتطورتها في مرحلة الخمسينات‬
‫‪ -2‬الوثائق المنشورة في كتاب ‪Eesential Document and Notes on‬‬
‫‪ Kashmir Dispute‬لمؤلفه ‪ P. L. Lakhanpal‬المطبوع في الهند بطبعتها‬
‫األولى عام ‪1957‬م والثانية عام ‪1965‬م‪ .‬وقد تضمنت الطبعة األولى على كافة‬
‫الوثائق المتعلقة بالمشكلة الكشميرية ابتداء من معاهدات (أمريتسار) لعام ‪1965‬م‪،‬‬
‫فقد تضمنت الوثائق األساسية للمشكلة في عام ‪1965‬م‪ .‬كما اعتمدت الرسالة على‬
‫كتاب ‪ Kashmir in The security Council‬وهو كتاب تضمن على قرارات‬
‫مجلس األمن الخاصة بالمسألة الكشميرية في عام ‪1947‬م‪.‬‬
‫أما أبرز الكتب المترجمة فقد كان كتاب (كشمير ميراث متنازع عليه‬
‫‪1990-1946‬م)‪ ،‬ترجمة سهيل زكار‪ ،‬المطبوع في دمشق‪ 1992،‬لمؤلفه المؤرخ‬
‫البريطاني االسترالمب‪ ،‬وتكمن اهمية هذا الكتاب في اعتماده على الوثائق البريطانية‬
‫في هذه المشكلة‪ ،‬فضالً عن بحثه للموضوع من جميع الوجوه‪ ،‬ومع ذلك حاول‬
‫الباحث أن يعطي وجهة نظره في بعض تفسيراته محاوالً منه إبراز الدور البريطاني‬
‫وتوصياته في حل المشكلة‪ ،‬على الرغم من كون بريطانيا كانت هي أساس المشكلة‪.‬‬
‫واعتمدت الرسالة على كثير من الكتب السيما الجغرافية منها يقع في مقدمتها‬
‫كتاب المؤلف جودة حسنين جودة المعنون (جغرافية آسيا اإلقليمية) المطبوع في‬
‫مصر عام ‪1985‬م إذ أحتوى كثيراً من المعلومات الجغرافية السكانية إلقليم كشمير‬
‫وشبه القارة الهندية‪ ،‬وكتاب محمد خميس الزوكة دراسة في (الجغرافية اإلقليمية)‬
‫المطبوع في اإلسكندرية عام ‪1986‬م‪ ،‬إذ كان رافداً أساسياً أيضا في المعلومات‬
‫الجغرافية واالقتصادية لإلقليم‪.‬‬
‫وكتاب المؤلف حسام سويلم المعنون (فلسطين وكشمير بين المطرقة اإلسرائيلية‬
‫والسندان الهندي)‪ ،‬المطبوع في القاهرة وهو من المصادر المعاصرة إذ قام بحث هذا‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫الموضوع وبروح حيوية وجدية بعيدة عن كل المؤثرات السياسية‪ ،‬وحاول أن يعقد‬


‫مقارنة بين هذه المشكلة الكشميرية والمشكلة الفلسطينية لتشابه األحداث والتطورات‬
‫بين المشكلتين وعدم وجود حل يرضي شعبي البلدين‪.‬‬
‫وقد ك‪LL L‬ان للرس‪LL L‬ائل واالط‪LL L‬اريح الجامعية ح‪LL L‬يز مهم في متن الرس‪LL L‬الة أيض ‪L L‬اً لما‬
‫احت ‪LL‬وت من معلوم‪LLL‬ات ذات ص ‪LL‬لة بالموض ‪LL‬وع‪ ،‬أبرزها في المقدمة رس ‪LL‬الة الماجس ‪LL‬تير‬
‫المعنونة (المش‪LL‬كلة الكش‪LL‬ميرية وأثرها على أمن ش‪LL‬به الق‪LL‬ارة الهندية) للباحثة أنع‪LL‬ام س‪LL‬الم‬
‫حس‪LL L L‬ين ن‪LL L L‬اجي‪ ،‬وأطروحة ال‪LL L L‬دكتوراه الموس‪LL L L‬ومة (دور اإلعالم الخ‪LL L L‬ارجي في تحقيق‬
‫أه‪LL‬داف السياسة الخارجية للهن‪LL‬د‪ -‬دراسة حالة اإلعالم الخ‪LL‬ارجي الهن ‪LL‬دي تج‪LL‬اه مش‪LL‬كلة‬
‫كشمير) التي تقدم بها الباحث سراب حميد صالح الدهان‪ ،‬والبد من اإلشارة أيضا إلى‬
‫رس‪LLL‬الة الماجس‪LL L‬تير المعنونة (الص‪LLL‬راع الهن‪LL L‬دي الباكس‪LL L‬تاني ح‪LL L‬ول والية كش‪LL L‬مير للم‪LL L‬دة‬
‫‪1949-1947‬م)‪ ،‬والمقدمة من الب‪LL L L L L L L‬احث ك‪LL L L L L L L‬اظم هيالن محسن المقدمة الى جامعة‬
‫البصرة كلية التربية‪ ،‬الذي كان لهم حيز واسع في الدراسة‪.‬‬
‫كما اعتمدت الرسالة على كثير من البحوث والدوريات والمقاالت التي‬
‫صدرت من مركز الدراسات السياسية الدولية التي تصدر العديد منها تجاه المشكلة‬
‫والصراع الهندي الباكستاني حول كشمير خصوصاً والعالقات الهندية‪ -‬الباكستانية‬
‫عموماً في هذا الجانب‪ ،‬وهي من السمة الواضحة في متن الرسالة‪.‬‬
‫كما لم تخل الرسالة من بعض الصحف والمجالت العربية‪.‬‬
‫أتبع الباحث في معالجته للمشكلة المنهج التاريخي الوصفي والتحليلي الن‬
‫وصف الظاهرة وحدها لم يعد كافياً دون اجراء تحليل لمضامينها من خالل عرض‬
‫الحقائق وتحليلها وفق االدعاءات الهندية والباكستانية باإلقليم‪ ،‬محاوالً الوصول إلى‬
‫الحقائق وفق رؤية تاريخية سياسية‪ .‬كما اعتمدت الرسالة على بعض المالحق‬
‫المتعلقة بالعالقات الهندية الباكستانية من خالل االتفاقيات والمعاهدات التي عقدت‬
‫بين البلدين وتم وضع هذه الوثائق والمعاهدات بملحق خاص بالرسالة‪.‬‬
‫واجهت الب‪LL L‬احث بعض المص‪LL L‬اعب ويمكن إنجازها بالص‪LL L‬عوبات الذاتية وال‪LL L‬تي‬
‫تتعلق ب ‪LL‬ذات الب ‪LL‬احث نفسه فهو ج ‪LL‬زء من واقع ه ‪LL‬ذا المجتمع ال ‪LL‬ذي يع ‪LL‬اني من مجموعة‬
‫من التح ‪LL L L‬ديات الص ‪LL L L‬عبة أبرزها الف ‪LL L L‬راغ األم ‪LL L L‬ني ال ‪LL L L‬ذي عاشه الع ‪LL L L‬راق بعد االحتالل‬

‫‪10‬‬
‫المقدم ــة‬

‫االمريكي‪ ،‬وعليه فان الباحث ال يجد لنفسه عاصماً في إيج‪L‬اد مخرج‪L‬اً للنج‪L‬اة من ط‪L‬وق‬
‫انعكاسات هذه التحديات والتي بالشك تنعكس على االنجاز والعطاء دون الخوض في‬
‫غم‪LL‬ار ه‪LL‬ذه التفاص‪LL‬يل‪ ،‬ولم يعد ذلك خافي‪L‬اً ام‪LL‬ام انظ‪LL‬ار كل ذي بص‪LL‬يرة وأهل مكة ادرى‬
‫بش‪LL‬عابها‪ ،‬ومع كل ذلك فقد ك‪LL‬ان االيم‪LL‬ان ب‪LL‬ان اهلل س‪LL‬بحانه وتع‪LL‬الى كفيالً الكم‪LL‬ال مس‪LL‬يرة‬
‫البحث من اجل انجاز هذه الرسالة‪.‬‬
‫وفي الخت ‪LL‬ام أرجو أن يك ‪LL‬ون له ‪LL‬ذه الرس ‪LL‬الة ح ‪LL‬يز في المكتبة العراقية وال أدعي‬
‫الكم ‪LL‬ال فيما أنجزته فالكم ‪LL‬ال هلل وح ‪LL‬ده فهو نعم الم ‪LL‬ولى ونعم النص ‪LL‬ير وأرجو أن تك ‪LL‬ون‬
‫مناقشات أساتذتي األفاضل هي العون الوحيد في رفد جهدي المتواضع‪.‬‬

‫الباحث‬

‫‪10‬‬

You might also like