Professional Documents
Culture Documents
يا أبتِ
يا أبتِ
الحظ هنا يف هذا النداء الرابع أىت باسم الرحمن مرتني يعين
ما قال له :يا أبت إين أخاف أن يمسك عذاب من اجلبار أو
ً
تغليب�ا جلانب الرجاء املنتقم ،وإنما أتاه باسم الرحمن لماذا؟
والرفق يف العبارة ،والتلطف واستدعاء القلب للميول إىل
رحمة هللا ،وهذا أيضا فيه شفقة االبن على
3
أبي�ه فيقول له K :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ Jفهو يريه أنه خائف
عليه من نفس العذاب الذي هو من الرحمن الذي سبقت
رحمته غضبه ،وأعاد وكرر اسم الرحمن ولم يقل ً
جبارا أو
العظيم حىت يكون أرفق لقلبه وأميل لرجوعه ،وبعد جميع
َّ
هذه املحاوالت واألساليب اجلميلة اللطيفة رد عليه األب
فقال K :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ Jالحظ الرد الذي
فيه نوع جفاف يقول له أنت تريد أن ترغب عن هذه اآللهة
وختالفين ،والغالب أن َ
األب حيب من االبن أن يتبعه واالبن
حيب اتب�اع أبي�ه لكن ال يتبعه على اخلطأ والغلط ،خطاب
فيه بداية الرد بشدة من األب ثم زاد يف الغلظة والشدة
قال K :ﮭ ﮮ ﮯ Jعن دعويت لعبادة هللا وترك عبادة
ً
األصنام Kﮰﮱ Jباحلجارة Kﯓ ﯔ Jأي زمنا
ً
طوياًل ،مع هذه العبارات القاسية من األب والغليظة اليت
فيها االعتداء باليد وباللسان مع التهديد بتب�اعد األجساد،
ً ً ًّ
لم يكن إبراهيم لريد عليه ردا عنيفا وال غليظا بل قال:
Kﯗ ﯘﯙ Jأي :ستسلم مين وستكون يف أمن وسالم
من خطايب بما تكره ليس هذا فحسب بل Kﯚ ﯛ
ﯜﯝ Jسيطلب املغفرة ويدعو له باملغفرة فال أزال أدعو لك
بالهداية ولإلسالم الذي حتصل به هذه املغفرة لماذا سأدعو
حفي Kﯞ ﯟ ﯠ ﯡ Jأي لك ألن هللا يب ٌّ
ً ً
رحيما رؤوفا.
انظروا إىل آخر حلظة ،وهو خياطب أباه بأسلوب جميل،
وتلطف وعبارة راقية
ً
خصوصا فهذه القصة مدرسة يف تعامل االبن مع أبي�ه
ً
صاحلا واألب ليس بذلك ،أو االبن عنده يشء إن كان االبن
4
من العلم واألب ليس بذاك ،هنا حفظكم هللا يصيب
بعض االبن يشء من الغرور فينظر إىل نفسه نظرة العلو،
وينظر إىل أبي�ه بنظرة الدنو ،كيف ويف األصل أن مرتب�ة
األب أعلى من مرتب�ة االبن ،وما كان وجودك يف هذه الدني�ا
إال بسبب األبوين بعد فضل هللا ،لكن االبن
ً
صغريا مع ينىس نفسه ،ينىس تلك املراحل اليت عاشها
ً ً
رضيعا ال حيسن االستنجاء ال حيسن النظافة ،ال أبويه طفاًل
حيسن األكل وهما يطعمانه وينظفانه ويقومانه ،ويعتني�ان
حباله فينيس االبن إذا كان عنده يشء من العلم أو يشء من
التجارة أو يشء من المال ويكون األب ما عنده هذا العلم أو
هذه التجارة ،فزيهو بنفسه ويرى أنه يف مقام أرفع من مقام
أبي�ه فيصفه يف بعض األحيان بتلك الصفات اليت نسمعها
أيّم جاهلة ال يفهم أو هذامن بعض الشباب ،هذا أيب أو ّ ّ
شيب�ة ما يعقل ،وينىس سابقته وينىس ما عنده من خربات،
ً
عاصيا غري ٍّ ً
ويف وال بار فهو وتيقنوا يقين�ا أنه من كان مع أبي�ه
مع غريه أعىص وأبعد عن الوفاء والرب.
ّ
7ونالحظ هنا عدة مالحظات يف هذه القصة:
•أنــك أيهــا االبــن لســت أفضــل مــن إبراهيــم وال أبــوك أو
أحــد أبويــك أســوأ مــن آزر ،فــا تنظــر ألبيــك أو ألمــك
نظــرة الــدون ،فتنــى الواجــب الشــرعي عليــك مــن
الــر واالحــرام والتقديــر.
• انتقــاء أجمــل األلفــاظ وأطيــب العبــارات مــع
الوالديــن ،بعــض الشــباب يــريم الكلمــة علــى أبويــه
غضبــا أو ً
قهــرا. ً
6