Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 302

‫كتاب‬

‫أصول اإلميان‬
‫يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إعداد‬
‫خنبة من العلماء‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مقدمة معايل الوزير الشيخ صاحل بن عبد العزيز بن حممد آل الشـيخ‬


‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫بقلم معايل الشيخ صاحل بن عبد العزيز بن حممد آل الشـيخ وزير الشـؤون اإلسـالمية‬
‫واألوقاف والدعوة واإلرشـاد املشرف العام على اجملمع‪.‬‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬القائل يف كتابه الكرمي‬

‫[النحل‪ .]125 :‬والصالة والسـالم علـى أشرف األنبياء واملرسلني‪ ،‬القـائل‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪}      ‬‬

‫{بلغوا عين ولو آية} (‪ [ )2‬البخـاري‪.]3461 :‬‬


‫أما بعد‪ :‬فإنفا ًذا لتوجيهات خادم احلرمني الشريفني امللك فهد بن عبـد العزيز آل سعود ‪-‬‬
‫حفظه هللا‪ -‬يف إيصال اخلري إىل عمـوم املسـلمني يف مشارق األرض ومغارهبا‪ ،‬بدءًا ابلعناية‬
‫بكتاب هللا‪ ،‬والعمل على تيسري نشره‪ ،‬وترمجة معانيه‪ ،‬وتوزيعه بني املسلمني‪ ،‬والراغبني يف دراسته‬
‫من غـريهم‪ ،‬مث نشر ما ينفع املسلمني يف مجيع شؤون حياهتم الدينية والدنيوية‪.‬‬
‫وإمياًن من وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد ممثلـة يف جممع امللك فهد‬
‫ً‬
‫لطباعة املصحف الشريف ابملدينة النبوية‪ ،‬أبمهية الدعـوة إىل هللا تعاىل على بصرية فإنه يسرها‬
‫أن تقدم كتاب‪:‬‬
‫(( أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة ))‬
‫وذلك لتبصري املسلمني يف أمور العقيدة اليت هي أساس اإلميان‪ ،‬لقولـه صلى هللا ‪{ ‬إ ّن‬

‫يف اجلسد مضغة إذا صلحت صلح اجلسد كله} (‪ [ )3‬البخاري‪ ،]52 :‬وستتبعه إن شاء هللا‬

‫(‪ )1‬سورة النحل آية ‪. 125 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3274‬الرتمذي العلم (‪ ، )2669‬أمحد (‪ ، )159/2‬الدارمي املقدمة (‪. )542‬‬
‫(‪ )3‬البخاري اإلميان (‪ ، )52‬مسلم املساقاة (‪ ، )1599‬ابن ماجه الفنت (‪ ، )3984‬أمحد (‪ ، )270/4‬الدارمي البيوع‬
‫(‪. )2531‬‬

‫‪2‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫تعاىل سلسلة من الكتـب يف احلديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬والذكر والدعاء‪ ،‬واليت نرجو من هللا العلي القدير‬
‫أن ينفـع هبا عموم املسلمني‪.‬‬
‫وهبذه املناسبة يسرين أن أشكر اإلخوة الذين قاموا بـإعداد الكتـاب (أتلي ًفا‪ ،‬ومراجعة‪،‬‬
‫وصياغة) جهدهم املخلص‪ ،‬ولألمانة العامـة للمجمـع حسن اهتمامها ومتابعتها‪ ،‬وأدعو هللا‬
‫تعاىل أن حيفظ هذه البالد راعية للدين‪ ،‬وحامية للعقيدة الصحيحة يف ظل قيادة خادم احلرمني‬
‫الشريفني‪ ،‬ومسـو ويل عهده األمني‪ ،‬ومسو النائب الثاين‪ ،‬حفظهم هللا‪ ،‬وآخر دعواًن أن احلمـد‬
‫هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املقدمة‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫خري َّأمة‪،‬‬
‫احلمد هلل الذي أكمل لنا الدين وأمتَّ علينا النعمة‪ ،‬وجعل َّأمتنا ‪َّ -‬أمـة اإلسالم‪َ -‬‬
‫رسوًل منَّا يتلو علينا آايته ويزكينا‪ ،‬ويعلِّّمنـا الكتاب واحلكمة‪ ،‬والصالة والسالم على‬
‫وبعث فينا ً‬
‫َمن أرسله هللا للعاملني رمحة‪ ،‬نبيِّّنـا حممد وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫فإن احلكمة من خلق اجلن واإلنس هي عبادة هللا وحـده‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬‬
‫أمـا بعد‪َّ :‬‬

‫‪( )1( }                ‬الذاريـات‪ .)56 :‬ولذا كان التوحيد والعقيدة‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫الصحيحة املأخوذةُ من منبعها األصلي وموردهـا املبارك كتاب هللا وسنة رسوله ‪ ‬هي الغاية‬
‫لتحقيق تلك العبـادة‪ ،‬فـهي األساس لعمارة هذا الكون‪ ،‬وبفقدها يكون فساده وخرابه واختالله‪،‬‬
‫{ ‪             ‬‬ ‫كـمـا قال هللا تعـاىل‪:‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪( )2( }‬األنبياء‪ ،)22 :‬وقال سـبحانه‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪( )3( }‬الطالق‪ ،)12 :‬إىل غري ذلك من اآلايت‪.‬‬


‫تستقل مبعرفة تفاصيل ذلك بعـث هللا رسلَه وأنـزل كتبَه؛‬
‫َّ‬ ‫وملا كان غري ممكن للعقول أن‬
‫أسس و ٍ‬
‫اضحة ودعائم‬ ‫إليضاحه وبيانه وتفصيله للناس حىت يقوموا بعبـادة هللا على علم وبصرية و ٍ‬
‫سبحانه‪     {:‬‬ ‫رسل هللا على تبليغه‪ ،‬وتوالوا يف بيانه كما قال‬ ‫ٍ‬
‫قومية‪ ،‬فتتابع ُ‬
‫‪( )4(}     ‬فاطر‪ ،)24 :‬وقال سبحانه‪( )5( }               { :‬املؤمنون‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة الذارايت آية ‪. 56 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنبياء آية ‪. 22 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الطالق آية ‪. 12 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة فاطر آية ‪. 24 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة املؤمنون آية ‪. 44 :‬‬

‫‪4‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫بعضا إىل أن ختمهم بسيِّّدهم وأفضلهم وإمامهم نبيِّّنا حممد ‪ ‬فبَـلّغ‬


‫بعضهم ً‬
‫‪ ،)44‬أي يتبع ُ‬
‫وجهرا‪ ،‬وقام‬
‫حق جهاده ودعا إىل هللا س ًّـرا ً‬
‫األمة‪ ،‬وجاهد يف هللا َّ‬
‫الرسالة و َّأدى األمانة‪ ،‬ونصح َّ‬
‫أشد األذى‪ ،‬فصـرب كما صرب أولو العزم من الرسل‪،‬‬ ‫أوذي يف هللا َّ‬‫أكمل قيام‪ ،‬و َ‬‫َ‬ ‫أبعباء الرسالة‬
‫ومل يزل داعيًا إىل هللا هاديـًا إىل صراطـه املستقيم حىت أظهر هللا به ال ِّّدين‪ ،‬وأمت به النِّّعمة‪ ،‬ودخل‬
‫اجا‪ ،‬ومل ميَُت ‪ ‬حىت أكمل هللا به ال ِّّدين وأمتَّ به النِّّعمـة‪،‬‬
‫الناس بسبب دعوتـه يف دين هللا أفو ً‬
‫{ ‪        ‬‬ ‫وأنـزل يف ذلك سبحانه قولـه‪:‬‬

‫‪( )1( }       ‬املائدة‪.)3 :‬‬


‫فبني صلوات هللا وسالمه عليه الدين كلَّه أصوله وفروعه‪ ،‬كما قال إمام دار اهلجرة مالك‬
‫َّ‬
‫ظن ابلنيب ‪ ‬أنه علَّم أمتـه اًلستنجاء ومل يعلمهم التوحيد "‪.‬‬ ‫بن أنس رمحه هللا‪ُ " :‬حمال أن يُ َّ‬
‫وقد كان ‪ ‬داعيةً إىل توحيد هللا وإخالص ال ِّّدين هلل ونبذ الشرك كـلِّّه ِّ‬
‫كبريه وصغريه شأن‬
‫الرسل كلَّهم متَّفقون على ذلـك‪ ،‬متضافرون على الدعوة إليه‪ ،‬بل هو‬ ‫َ‬ ‫مجيع املرسلني؛ إذ َّ‬
‫أن‬
‫منطلق دعوهتم وزبدة رسالتهم وأسـاس بعثتهم‪ ،‬يقول هللا تعاىل‪     { :‬‬
‫ُ‬
‫‪               ‬‬

‫‪( )2( } ‬النحل‪ ،)36 :‬وقال‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )3( }                                ‬األنبياء‪:‬‬ ‫{ ‪     ‬‬
‫‪       ‬‬

‫{ ‪            ‬‬ ‫‪ ،)25‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )4( }‬الزخرف‪ ،)45 :‬وقال تعـاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 3 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النحل آية ‪. 36 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنبياء آية ‪. 25 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الزخرف آية ‪. 45 :‬‬

‫‪5‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪              ‬‬

‫‪( )1( }‬الشـورى‪.)13 :‬‬

‫وقد ثبت يف الصحيحني عن أيب هريرة ‪ ‬عن رسول هللا ‪ ‬أَنه قال‪{ :‬األنبياء إخوة‬

‫فـال ِّّدين واحـ ٌد‪ ،‬والعقيدة واحدةٌ‪ ،‬و َّإَّنا حصل‬ ‫(‪)3( )2‬‬
‫شىت ودينُهم واحد}‬ ‫َّ‬
‫لعالت‪َّ ،‬أمها ُهتم َّ‬

‫التنوعُ بينهم يف الشرائع‪ ،‬كما قـال تعـاىل‪( )4( }                    { :‬املائدة‪:‬‬
‫ُّ‬
‫‪.)48‬‬
‫ولذا ينبغي أن يكون ِّّ‬
‫كل مسلم وواضحا لدى ِّّ‬
‫كل مؤمـن َّ‬
‫أن العقيدة ًل جمال‬ ‫متقررا لدى ِّّ‬
‫وإَّنا الواجب علـى ك ِّّـل مسلم يف مشارق األرض ومغارهبا أن يعتقد‬‫فيها للرأي واألخذ والعطاء‪َّ ،‬‬
‫ـرد ٍد‪،‬‬ ‫عقيدة األنبياء واملرسـلني‪ ،‬وأن يؤمن ابألصول اليت آمنوا هبا ودعوا إليها دون تش ُّـك ٍ‬
‫ك أو ت ُّ‬
‫{ ‪               ‬‬

‫‪             ‬‬

‫‪( )5( }‬البقرة‪.)285 :‬‬


‫فهذا شأ ُن املؤمنني‪ ،‬وهذا سبيلهم‪ :‬اإلميان والتسليم واإلذعان والقبـول‪ ،‬وعندما يكون املؤمن‬
‫بعيدا‬
‫ويطمئن قلبُه‪ ،‬ويكون ً‬
‫ُّ‬ ‫نفسه‪،‬‬
‫كذلك ترافقه السالمة‪ ،‬ويتحقق له األمـن واألمـان‪ ،‬وتزكو ُ‬
‫عما يقع فيه َّ‬
‫ضالل النـاس بسبب عقائدهم الباطلة من تناقض واضطراب وشكوك‬ ‫متام البعد َّ‬
‫وحرية وتذبذب‪.‬‬
‫وأوهام َ‬

‫)‪ (1‬سورة الشورى آية ‪. 13 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3259‬مسلم الفضائل (‪ ، )2365‬أبو داود السنة (‪ ، )4675‬أمحد (‪. )406/2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري (‪ ، )3443‬وصحيح مسلم (‪. )2365‬‬
‫)‪ (4‬سورة املائدة آية ‪. 48 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة البقرة آية ‪. 285 :‬‬

‫‪6‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والعقيدة اإلسالمية الصحيحة أبصوهلا الثابتة وأسسها السـليمة وقواعدهـا املتينة هي ‪ -‬دون‬
‫غريها ‪ -‬اليت حت ِّّقق للناس سعادهتم ورفعتهم وفالحهم يف الدنيـا واآلخرة؛ لوضوح معاملها‪َّ ،‬‬
‫وصحة‬
‫دًلئلها‪ ،‬وسـالمة براهينـها وحججـها‪ ،‬وملوافقتها للفطرة السليمة‪ ،‬والعقول الصحيحة‪ ،‬والقلوب‬
‫السويَّة‪.‬‬
‫وهلذا فإ ّن العا َملَ اإلسالمي كلّه يف أش ِّّد احلاجة إىل معرفة هذه العقيدة الصافيـة النقيَّة؛ إذ‬
‫قطب سعادته الذي عليه تدور‪ ،‬ومستقر جناته الذي عنه ًل حتور‪.‬‬
‫هي ُ‬
‫أبرز أصوهلا‬
‫أصول العقيدة اإلسالمية وأه َّـم أسسـها و َ‬
‫ويف هذا املؤلّف الوجيز جيد املسلم َ‬
‫ومعاملها ممَّا ًل غىن ملسلم عنه‪ ،‬وجيد ذلك كله مقروًن بدليله‪ ،‬مدعَّ ًمـا بشواهده‪ ،‬فهو كتاب‬
‫مشتمل على أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬وهي أصول عظيمة موروثة عن الرسل‪،‬‬
‫ظاهرة غاية الظهور‪ ،‬ميكن لكل مميِّّز من صغـري وكبري أن يُدركها أبقصر زمان وأوجز مدَّة‪،‬‬
‫والتوفيق بيد هللا وحده‪ .‬وهبذه املناسبة نتقدم ابلشكر اجلزيل للذين سامهوا يف إعداد هذا الكتاب‬
‫وهم‪ :‬الدكتور صاحل بـن سعد السحيمي‪ ،‬والدكتور عبد الرزاق بن عبد احملسن العباد‪ ،‬والدكتور‬
‫إبراهيم بن عامر الرحيلي‪ .‬كما نشـكر اللذين قاما مبراجعته وصياغته ومها‪ :‬الدكتور علي بن‬
‫حممد ًنصر فقيهي‪ ،‬والدكتور أمحد بن عطية الغامدي‪.‬‬
‫عموم املسلمني‪ ،‬وآخر دعواًن أن احلمـد هلل رب العاملني‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وإًن لنرجوه سبحانه أن ينفع به َ‬
‫األمانة العامة‬
‫جملمع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف‬

‫‪7‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫متهيد‬
‫ًل خيفى على كل مسلم أمهية اإلميان‪ ،‬وعظم شأنه‪ ،‬وكـثرة عوائـده وفوائده على املؤمن يف‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬بل إن كل خري يف الدنيا واآلخرة متوقف على حتقق اإلميان الصحيح‪ ،‬فهو أجل‬
‫املطالب‪ ،‬وأهم املقاصد‪ ،‬وأنبل األهداف‪ ،‬وبه حييا العبد حياة طيبة سعيدة‪ ،‬وينجو من املكـاره‬
‫والشـرور والشدائد‪ ،‬وينال ثواب اآلخرة ونعيمها املقيم وخريها الدائم املستمر الذي ًل حيول وًل‬
‫يزول‪.‬‬
‫‪            ‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬‬

‫{ ‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪( )1( }       ‬النحل‪ .)97 :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪( )2( }           ‬اإلسراء‪:‬‬


‫‪       ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪.)19‬‬
‫‪         ‬‬ ‫وقال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪  ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )3( }‬طه‪ .)75 :‬وقـال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }   ‬الكهف‪.)108 ،107 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬

‫واآلايت يف هذا املعىن يف القرآن الكرمي كثرية‪.‬‬


‫وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن اإلميان يقوم على األصـول الستة‪ ،‬وهي‪ :‬اإلميان‬
‫ابهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬والقـدر خريه وشره‪ ،‬وقد جاء ذكر هذه األصول‬
‫يف القرآن الكرمي والسنة النبويـة يف مواطن عديدة‪ .‬منها‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة النحل آية ‪. 97 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة اإلسراء آية ‪. 19 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة طه آية ‪. 75 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الكهف آية ‪. 108 ، 107 :‬‬

‫‪8‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

           { :‫تعاىل‬ ‫ قوله‬- 1
               

.)136 :‫) (النساء‬1( }    


  

            { :‫ وقوله تعاىل‬- 2

.)177 :‫) (البقرة‬2( }     


  
        
     
 
  
      
   
  

            { :‫ وقوله تعاىل‬- 3
               

.)285 :‫) (البقرة‬3( }  


 
   
    

.)49 :‫) ( القمر‬4( }         


  
      { :‫ وقوله تعاىل‬- 4
 

‫ وثبت يف صحيح مسلم من حديث عمر بن اخلطـاب املشهور حبديث جربيل {أن‬- 5
،‫ وكتبه‬،‫ ومالئكته‬،‫ ( أن تؤمن ابهلل‬:‫ قـال‬،‫ أخربين عن اإلميان‬:‫ فقال‬ ‫جربيل سأل النيب‬
. )6( )5( }‫ وتؤمن ابلقدر خـريه وشره‬،‫ واليوم اآلخر‬،‫ورسله‬
‫ وهي‬،‫ بل ًل إميـان ألحـد إًل ابإلميان هبا‬،‫فهذه أصول ستة عظيمة يقوم عليها اإلميان‬
،‫ فاإلميان ببعضها مستلزم لإلميان بباقيها‬،‫ ًل ينفك بعضها عـن بعـض‬،‫أصول مرتابطة متالزمة‬
.‫والكفر ببعضها كفر بباقيها‬

. 136 : ‫( سورة النساء آية‬1)


. 177 : ‫( سورة البقرة آية‬2)
. 285 : ‫( سورة البقرة آية‬3)
. 49 : ‫( سورة القمر آية‬4)
، )4695( ‫ أبو داود السنة‬، )4990( ‫ النسائي اإلميان وشرائعه‬، )2610( ‫ الرتمذي اإلميان‬، )8( ‫( مسلم اإلميان‬5)
. )27/1( ‫ أمحد‬، )63( ‫ابن ماجه املقدمة‬
. )1( ‫( صحيح مسلم برقم‬6)

9
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ولذا كان متأكدا يف حق كل مسلم أن تعظم عنايته واهتمامـه هبـذه األصول علما وتعلما‬
‫وحتقيقا‪.‬‬
‫وفيما يلي بيان ما يتعلق ابألصل األول من هذه األصول وهو اإلميان ابهلل‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الباب األول‪ :‬اإلميان ابهلل‬


‫إن اإلميان ابهلل ‪ ‬هو أهم أصول اإلميـان‪ ،‬وأعظمـها شـأًن‪ ،‬وأعالها قدرا‪ ،‬بل هو أصل‬
‫أصول اإلميان‪ ،‬وأساس بنائه‪ ،‬وقوام أمره‪ ،‬وبقيـة األصول متفرعة منه‪ ،‬راجعة إليه‪ ،‬مبنية عليه‪.‬‬
‫واإلميان ابهلل عز وجـل هـو اإلميان بوحدانيته سبحانه يف ربوبية‪ ،‬وألوهيته‪ ،‬وأمسائه وصفاته‪ ،‬فهذه‬
‫أصول ثالثة يقوم عليها اإلميان ابهلل‪ ،‬بل إن الدين اإلسالمي احلنيف إَّنـا سـمي توحيدا ألن‬
‫مبناه على أن هللا واحد يف ملكه وأفعاله ًل شريك له‪ ،‬وواحد يف ذاته وأمسائه وصفاته ًل نظري‬
‫له‪ ،‬وواحد يف ألوهيته وعبادته ًل َّ‬
‫ند له‪.‬‬
‫وهبذا يعلم أن توحيد األنبياء واملرسلني ينقسم إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬توحيد الربوبية ‪ ،‬وهو اإلقرار َّ‬
‫أبن هللا تعاىل رب ك ّـل شيء وملي ُكه وخال ُقه‬
‫ـافع الضـار‪ ،‬املتف ِّّـرُد ابإلجابة عند اًلضطرار‪ ،‬الذي له األمر كله‪،‬‬
‫املميت الن ُ‬
‫ُ‬ ‫ورازقُه‪ ،‬وأَنه احمليي‬
‫األمر كله‪ً ،‬ل شريك له يف ذلك‪.‬‬
‫وبيده اخلري كله‪ ،‬وإليه يُرجـع ُ‬
‫القسم الثاين‪ :‬توحيد األلوهية ‪ ،‬وهو إفراد هللا وحده ِّّ‬
‫ابلذل واخلضـوع واحملبَّة واخلشوع‬
‫والركوع والسجود والذبح والنذر‪ ،‬وسائر أنواع العبـادة ًل شريك له‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬توحيد األمساء والصفات ‪ ،‬وهو إفراد هللا تعاىل‪ .‬مبا مسـى ووصف نفسه‬
‫يف كتابه وعلى لسان نبيه ‪ ‬وتنـزيهه عـن النقـائص والعيوب ومماثلة اخللق فيما هو من خصائصه‬
‫كل شيء قدير‪ ،‬وأنَّه احل ُّـي القيُّوم الذي ًل أتخذه ِّسنة‬
‫بكل شـيء عليم‪ ،‬وعلى ِّّ‬
‫أبن هللا ِّّ‬
‫واإلقرار َّ‬
‫وًل نـوم‪ ،‬له املشيئة النافذة واحلكمة البالغة‪ ،‬وأنَّه مسيع بصري‪ ،‬رؤوف رحيـم‪ ،‬علـى العرش استوى‪،‬‬
‫ِّ‬
‫وعلى امللك احتوى‪ ،‬وأنَّه ال َـملك القدوس السالم املؤمـن املهيمن العزيز اجلبَّار ِّّ‬
‫املتكرب‪ ،‬سبحان‬
‫عما يشركون‪ ،‬إىل غري ذلك مـن األمساء احلسىن‪ ،‬والصفات العلى‪.‬‬ ‫هللا َّ‬
‫دًلئل كثرية من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ولكل قسم من هذه األقسام الثالثة ُ‬
‫فالقرآن كله يف التوحيد‪ ،‬وحقوقه وجزائه ويف شأن الشـرك وأهلـه وجزائهم‪.‬‬
‫وهذه األقسام الثالثة للتوحيد قد أخذها أهل العلم ابًلستقراء والتتبـع لنصوص الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬وهو استقراء اتمٌّ لنصوص الشرع‪ ،‬أفـاد هـذه احلقيقة الشرعية‪ ،‬وهي أ ّن التوحيد املطلوب‬

‫‪11‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فمن مل أيت هبذا مجيعـه‬


‫من العباد هو اإلميان بوحدانيـة هللا يف ربوبيته وألوهيَّته وأمسائه وصفاته‪َ ،‬‬
‫فليـس مبؤمن‪ ،‬وفيما يلي فصول ثالثة يف كل فصل منها بيان لقسـم مـن هـذه األقسام‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل األول‪ :‬توحيد الربوبية‬


‫املبحث األول‪ :‬معناه وأدلته من الكتاب والسنة والعقل والفطرة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريفه‪:‬‬
‫الرب‪ ،‬فالربوبية صفـة هللا‪ ،‬وهي مأخوذة‬ ‫أ‪ -‬لغة ‪ :‬الربوبية مصدر من الفعل ربب‪ ،‬ومنه ُّ‬
‫صلِّح‪.‬‬
‫من اسم الرب‪ ،‬والرب يف كالم العرب يطلق على معان‪ :‬منها املالك‪ ،‬والسيد املطاع‪ ،‬وال ُـم ْ‬
‫ب‪ -‬أما يف االصطالح ‪ :‬فإن توحيد الربوبية هو إفراد هللا أبفعاله‪.‬‬
‫ومنها اخللق والرزق والسيادة واإلنعام وامللك والتصوير‪ ،‬والعطاء واملنع‪ ،‬والنفع والضر‪،‬‬
‫واإلحياء واإلماتة‪ ،‬والتدبري احملكـم‪ ،‬والقضاء والقدر‪ ،‬وغـري ذلك من أفعاله اليت ًل شريك له‬
‫فيها‪ ،‬وهلذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬أدلته ‪:‬‬
‫{ ‪         ‬‬ ‫أ‪ -‬من الكتاب ‪ :‬قوله تعـاىل‪:‬‬
‫‪                   ‬‬

‫‪( )1( }       ‬لقمان‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫‪( )2( } ‬الطور‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪ .)11 ،10‬وقولـه تعاىل‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪)35‬‬
‫ب‪ -‬من السنة ‪ :‬ما رواه اإلمام أمحد وأبو داود من حديث عبـد هللا بن الشخري ‪‬‬
‫مرفوعا وفيه‪( :‬السيد هللا تبارك وتعاىل‪ .) ..‬وقد ثبت يف الرتمـذي وغريه أن النيب ‪ ‬قال يف‬
‫وصيته ًلبن عباس رضي هللا عنـهما‪{ ...:‬واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء‬

‫)‪ (1‬سورة لقمان آية ‪. 11 ، 10 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الطور آية ‪. 35 :‬‬

‫‪13‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مل ينفعـوك إًل بشيء قد كتبه هللا لك‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء مل يضـروك إًل بشيء‬
‫قد كتبه هللا عليك‪ ،‬رفعت األقالم وجفت الصحف} (‪.)2( )1‬‬
‫ج‪ -‬داللة العقل ‪ :‬دل العقل على وجود هللا تعاىل وانفراده ابلربوبيـة وكمال قدرته على‬
‫اخللق وسيطرته عليهم‪ ،‬وذلك عن طريق النظر والتفكر يف آايت هللا الدالة عليه‪ .‬وللنظر يف‬
‫آايت هللا واًلستدًلل هبا على ربوبيته طـرق كثرية حبسب تنوع اآلايت وأشهرها طريقان‪:‬‬
‫الطريق األول ‪ :‬النظر يف آايت هللا يف خلق النفس البشرية وهو مـا يعرف بـ (دًللة‬
‫األنفس)‪ ،‬فالنفس آية من آايت هللا العظيمة الدالة على تفرد هللا وحده ابلربوبية ًل شريك له‪،‬‬
‫‪( )3( }  ‬الذارايت‪ ،)21 :‬وقال تعاىل‪{ :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫كما قـال تعـاىل‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )4( }    ‬الشمس‪ ،)7 :‬وهلذا لو أن اإلنسان أمعن النظر يف نفسه وما‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫فيها من عجـائب صنـع هللا ألرشده ذلك إىل أن له راب خالقا حكيما خبريا؛ إذ ًل يستطيع‬
‫اإلنسـان أن خيلق النطفة اليت كان منها ؟ أو أن حيوهلا إىل علقـة‪ ،‬أو حيـول العلقـة إىل مضغة‪،‬‬
‫أو حيول املضغة عظاما‪ ،‬أو يكسو العظام حلما ؟‬
‫الطريق الثاين ‪ :‬النظر يف آايت هللا يف خلق الكون وهو ما يعـرف بـ (دًللة اآلفاق)‪ ،‬وهذه‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫كذلك آية من آايت هللا العظيمة الدالـة علـى ربوبيته‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪( )5( }‬فصلت‪.)53 :‬‬

‫(‪ )1‬الرتمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ، )2516‬أمحد (‪. )293/1‬‬


‫(‪ )2‬سنن الرتمذي (‪ ، )2516‬ومسند أمحد (‪ ، )307 / 1‬وقد حسن احلديث الرتمذي وصححه ‪ ،‬وصححه احلاكم ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة الذارايت آية ‪. 21 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الشمس آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة فصلت آية ‪. 53 :‬‬

‫‪14‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومن أتمل اآلفاق وما يف هذا الكون من مساء وأرض‪ ،‬وما اشتملت عليه السماء من جنوم‬
‫وكواكب ومشس وقمر‪ ،‬وما اشتملت عليـه األرض مـن جبال وأشجار وحبار وأهنار‪ ،‬وما يكتنف‬
‫ذلك من ليل وهنار وتسيري هـذا الكون كله هبذا النظام الدقيق؛ دله ذلك على أن هناك خالقا‬
‫موجدا له مدبًِّّرا لشؤونه‪ ،‬وكلما تدبر العاقل يف هذه املخلوقـات وتغلغـل فكره يف‬
‫هلذا الكـون‪ً ،‬‬
‫بدائع الكائنات علم أهنا ُخلقت للحق وابحلق‪ ،‬وأنـها صحـائف آايت‪ ،‬وكتب براهني ودًلًلت‬
‫على مجيع ما أخرب به هللا عن نفسه وأدلـة على وحدانيته‪.‬‬
‫وقد جاء يف بعض اآلاثر أن قوما أرادوا البحث مع اإلمام أيب حنيفـة يف تقرير توحيد‬
‫الربوبية‪ ،‬فقال هلم رمحه هللا‪ " :‬أخربوين قبل أن نتكلم يف هـذه املسألة عن سفينة يف دجلة تذهب‬
‫فتمتلئ من الطعام وغريه بنفسها وتعـود بنفسها‪ ،‬فرتسو بنفسها وترجع‪ ،‬كل ذلك من غري أن‬
‫يديرها أحد ؟ "‪.‬‬
‫فقالوا‪ " :‬هذا حمال ًل ميكن أبدا‪ .‬فقال هلم‪ :‬إذا كان هـذا حمـاًل يف سفينة فكيف يف هذا‬
‫العامل كله علوه وسفله ؟ "‪.‬‬
‫فنبه إىل أن اتساق العامل ودقة صنعه ومتام خلقه دليل علـى وحدانيـة خالقه وتفرده‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬بيان أن اإلقرار هبذا التوحيد وحده ال ينجي من العذاب‪.‬‬


‫إن توحيد الربوبية هو أحد أنواع التوحيد الثالثة كما تقدم؛ ولذا فإنـه ًل يصح إميان أحد‬
‫وًل يتحقق توحيده إًل إذا وحد هللا يف ربوبيته‪ ،‬لكن هذا النوع من التوحيد ليس هو الغاية من‬
‫بعثة الرسل عليهم السالم‪ ،‬وًل ينجـي وحده من عذاب هللا ما مل أيت العبد بالزمه توحيد‬
‫األلوهية‪.‬‬
‫‪( )1( }        ‬يوسف‪:‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫ولذا يقول هللا تعاىل‪     { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ ،)106‬واملعىن أي‪ :‬ما يقر أكثرهم ابهلل راب وخالقا ورازقا ومدبـرا‪ -‬وكل ذلك من توحيد الربوبية‬
‫‪ -‬إًل وهم مشركون معه يف عبادته غريه مـن األواثن واألصنام اليت ًل تضر وًل تنفع‪ ،‬وًل تعطي‬
‫وًل متنع‪.‬‬
‫وهبذا املعىن لآلية قال املفسرون من الصحابة والتابعني‪.‬‬
‫قال ابن عباس رضي هللا عنهما‪ " :‬من إمياهنم إذا قيل هلـم مـن خلـق السماء‪ ،‬ومن خلق‬
‫األرض ومن خلق اجلبال ؟ قالوا‪ :‬هللا وهم مشركون "‪.‬‬
‫ْرَمة‪ " :‬تسأهلم من خلقهم ومن خلـق السماوات واألرض فيقولون هللا فذلك إمياهنم‬‫وقال ِّعك ِّ‬
‫ابهلل‪ ،‬وهم يعبدون غريه "‪.‬‬
‫وقال جماهد‪ " :‬إمياهنم قوهلم‪ :‬هللا خالقنا ويرزقنا ومييتنا فهذا إميان مع شـرك عبادهتم غريه "‪.‬‬
‫وقال عبد الرمحن بن زيد بن أسلم بن زيد‪ " :‬ليس أحد يعبد مـع هللا غريه إًل وهو مؤمن‬
‫أن هللا خال ُقه ورازقُه‪ ،‬وهـو يشرك به‪ ،‬أًل ترى كيف قال إبراهيم‪{ :‬‬
‫ابهلل ويعرف أن هللا ربُّه‪ ،‬و َّ‬
‫‪               ‬‬

‫‪( )2( }‬الشـعراء‪. )3( " )77 -75 :‬‬

‫)‪ (1‬سورة يوسف آية ‪. 106 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الشعراء آية ‪. 77 ، 75 :‬‬
‫)‪ (3‬انظر ‪ :‬تفسري ابن جرير (‪. )313 -312 / 7‬‬

‫‪16‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والنصوص عن السلف يف هذا املعىن كثرية‪ ،‬بل لقد كـان املشـركون زمن النيب ‪ ‬مقرين‬
‫ابهلل راب خالقا رازقا مدبرا‪ ،‬وكان شركهم به من جهـة العبادة حيث اختذوا األنداد والشركاء‬
‫يدعوهنم ويستغيثون هبم وينزلون هبم حاجاهتم وطلباهتم‪.‬‬
‫وقد دل القرآن الكرمي يف مواطن عديدة منه علـى إقـرار املشـركني بربوبية هللا مع إشراكهم‬
‫‪      ‬‬ ‫به يف العبادة‪ ،‬ومن ذلك قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫{ ‪  ‬‬ ‫‪( )1( }           ‬العنكبوت‪ ،)61 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪                  ‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪( )2( }           ‬العنكبوت‪ ،)63 :‬وقوله تعاىل‪{ :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )3( }          ‬الزخرف‪ ،)87 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪( )4( }‬املؤمنون‪.)89 -84 :‬‬


‫فلم يكن املشركون يعتقدون أن األصنام هي اليت تنزل الغيث وترزق العامل وتدبر شؤونه‪،‬‬
‫بل كانوا يعتقدون أن ذلك مـن خصـائص الـرب سبحانه‪ ،‬ويقرون أن أواثهنم اليت يدعون من‬
‫دون هللا خملوقة ًل متلك ألنفسها وًل لعابديها ضرا وًل نفعا استقالًل وًل موات وًل حياة وًل‬
‫نشورا ‪ ،‬وًل تسمع وًل تبصر‪ ،‬ويقرون أن هللا هو املتفرد بذلك ًل شريك له‪ ،‬ليس إليهم وًل إىل‬
‫أواثهنم شيء من ذلك‪ ،‬وأنه سبحانه اخلالق وما عداه خملوق والرب ومـا عداه مربوب‪ ،‬غري أهنم‬

‫)‪ (1‬سورة العنكبوت آية ‪. 61 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة العنكبوت آية ‪. 63 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الزخرف آية ‪. 87 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة املؤمنون آية ‪. 89 - 84 :‬‬

‫‪17‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫جعلوا له من خلقه شركاء ووسائط‪ ،‬يشفعون هلـم بزعمهم عند هللا ويقربوهنم إليه زلفى؛ ولذا‬
‫‪          ‬‬ ‫قال هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }   ‬الزمـر‪ ،)3 :‬أي ليشفعوا هلم عند هللا يف نصرهم ورزقهم وما ينوهبم من أمر الدنيا‪.‬‬
‫ومع هذا اإلقرار العام من املشركني هلل ابلربوبية إًل أنه مل يدخلـهم يف اإلسالم بل حكم هللا‬
‫فيهم أبهنم مشركون كافرون وتوعدهم ابلنار واخللـود فيها واستباح رسوله ‪ ‬دماءهم وأمواهلم‬
‫لكوهنم مل حيققـوا ًلزم توحيـد الربوبية وهو توحيد هللا يف العبادة‪.‬‬
‫وهبذا يتبني أن اإلقرار بتوحيد الربوبية وحده دون اإلتيان بالزمه توحيد األلوهية ًل يكفي‬
‫وًل ينجي من عذاب هللا‪ ،‬بل هو حجة ابلغة على اإلنسان تقتضي إخالص الدين هلل وحده‬
‫ًل شريك له‪ ،‬وتستلزم إفـراد هللا وحـده ابلعبادة‪ .‬فإذا مل أيت بذلك فهو كافر حالل الدم واملال‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة الزمر آية ‪. 3 :‬‬

‫‪18‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬مظاهر االحنراف يف توحيد الربوبية‬


‫ابلرغم من أن توحيد الربوبية أمر مركوز يف الفطر‪ ،‬جمبولـة عليـه النفوس‪ ،‬متكاثرة على تقريره‬
‫األدلة‪ ،‬إًل أنه وجد يف الناس من حصل عنـده احنراف فيه‪ ،‬وميكن تلخيص مظاهر اًلحنراف‬
‫يف هذا الباب فيما يلي‪:‬‬
‫أصال وإنكار وجوده سبحانه‪ ،‬كما يعتقد ذلـك املالحدة الذين‬
‫‪ - 1‬جحد ربوبية هللا ً‬
‫{ ‪‬‬ ‫يسندون إجياد هذه املخلوقات إىل الطبيعة‪ ،‬أو إىل تقلب الليل والنهار‪ ،‬أو حنو ذلك‬

‫‪( )1( }                  ‬اجلاثية‪.)24 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬جحد بعض خصائص الرب سبحانه وإنكار بعض معاين ربوبيتـه‪ ،‬كمن ينفي قدرة‬
‫هللا على إماتته أو إحيائه بعد موته‪ ،‬أو جلب النفع لـه أو دفع الضر عنه‪ ،‬أو حنو ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬إعطاء شيء من خصائص الربوبية لغري هللا سبحانه‪ ،‬فمن اعتقـد وجود متصرف مع‬
‫هللا ‪ ‬يف أي شيء من تدبري الكون من إجيـاد أو إعدام أو إحياء أو إماتة أو جلب خري أو‬
‫دفـع شر أو غري ذلك مـن معاين الربوبية فهو مشرك ابهلل العظيم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة اجلاثية آية ‪. 24 :‬‬

‫‪19‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الثاين‪ :‬توحيد األلوهية‬


‫األلوهية مشتقة من اسم اإلله‪ ،‬أي املعبود املطاع‪ ،‬فاإلله اسم من أمسـاء هللا احلسىن‪،‬‬
‫واأللوهية صفة من صفات هللا العظيمة‪ ،‬فهو سـبحانه املـألوه املعبود الذي جيب أن أتهله القلوب‬
‫وختضع له وتذل وتنقاد؛ ألنه سـبحانه الرب العظيم‪ ،‬اخلالق هلذا الكون‪ ،‬املدبر لشؤونه‪،‬‬
‫املوصوف بكل كمـال‪ ،‬املنـزه عن كل نقص‪ ،‬وهلذا فإن الذل واخلضوع ًل ينبغي إًل له‪ ،‬فحيـث‬
‫كان متفردا ابخللق واإلنشاء واإلعادة ًل يشركه يف ذلك أحـد وجـب أن ينفرد وحده ابلعبادة‬
‫دون سواه ًل يشرك معه يف عبادته أحد‪.‬‬
‫العبد علم ِّ‬
‫اليقني أن هللا وحده‬ ‫فتوحيد األلوهية هو إفراد هللا وحده ابلعبادة‪ ،‬وذلك أبن يعلم ُ َ‬
‫هو املألوه املعبود على احلقيقة‪ ،‬وأن صفـات األلوهيـة ومعانيها ليست موجودة يف أحد من‬
‫املخلوقات وًل يستحقها إًل هللا تعـاىل‪ ،‬فإذا علم العبد ذلك واعرتف به حقا أفرد هللا ابلعبـادة‬
‫كلـها الظـاهرة والباطنة‪ ،‬فيقوم بشرائع اإلسالم الظاهرة كالصالة والزكاة والصوم واحلـج واألمر‬
‫ابملعروف والنهي عن املنكر ِّّ‬
‫وبر الوالدين وصلة األرحـام‪ ،‬ويقـوم أبصوله الباطنة من اإلميان ابهلل‬
‫ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقـدر خريه وشره‪ً ،‬ل يقصد بشيء من ذلك غرضا من‬
‫األغراض غري رضا ربـه وطلب ثوابه‪.‬‬
‫ويف هذا الفصل سيتم تناول ٍ‬
‫مجلة من املباحث املهمة املتعلقة هبذا النـوع من التوحيد‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‪ :‬أدلته‪ ،‬وبيان أمهيته‬


‫املطلب األول‪ :‬أدلّتُه‪.‬‬
‫لقد تضافرت النصوص وتظاهرت األدلة علـى وجـوب إفـراد هللا ابأللوهية‪ ،‬وتنوعت يف‬
‫دًللتها على ذلك‪:‬‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫‪ - 1‬اترة ابألمر به‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪:‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )1( }               ‬البقـرة‪ ،)21 :‬وقولـه‪:‬‬

‫‪( )3( }             ‬اإلسراء‪،)23 :‬‬


‫‪   ‬‬ ‫(النساء‪ ،)36 :‬وقوله‪    { :‬‬
‫‪ ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪}‬‬
‫وحنوها من اآلايت‪.‬‬
‫‪ - 2‬واترة ببيان أنه األساس لوجود اخلليقة واملقصود من إجياد الثقلني‪ ،‬كما قال تعاىل‪:‬‬
‫‪( )4( }        ‬الذارايت‪.)56 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫‪ - 3‬واترة ببيان أنه املقصود من بعثة الرسل كمـا يف قولـه تعـاىل‪:‬‬

‫{ ‪      ‬‬ ‫‪( )5( } ‬النحـل‪ ،)36 :‬وقوله‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪( )6( }                            ‬األنبياء‪.)25 :‬‬
‫‪    ‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 21 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النساء آية ‪. 36 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة اإلسراء آية ‪. 23 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الذارايت آية ‪. 56 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة النحل آية ‪. 36 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة األنبياء آية ‪. 25 :‬‬

‫‪21‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪‬‬ ‫‪ - 4‬واترة ببيان أنه املقصود من إنـزال الكتب اإللـهية‪ ،‬كمـا يف قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪( )1( }‬النحل‪.)2 :‬‬


‫‪ - 5‬وتـارة ببيان عظيم ثواب أهله وما أعد هلم من أجور عظيمـة ونعم كرمية يف الدنيـا‬
‫{ ‪         ‬‬ ‫واآلخرة‪ ،‬كما قال هللا تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }     ‬األنعام‪.)82 :‬‬


‫‪ - 6‬واترة ابلتحذير من ضده‪ ،‬وبيان خطورة مناقضته‪ ،‬وذكر ما أعـد سبحانه من عقاب‬
‫{ ‪            ‬‬ ‫أليم ملن تركه‪ ،‬كقوله تعاىل‪:‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )3( }  ‬املائدة‪ ،)72 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )4( }  ‬اإلسراء‪.)39 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬

‫إىل غري ذلك من أنواع األدلة املشتملة على تقرير التوحيد والدعوة إليـه والتنويه بفضله‬
‫وبيان ثواب أهله وعظم خطورة خمالفته‪.‬‬
‫والسنة النبوية كذلك مليئة ابألدلة على هذا التوحيد وأمهيته‪ ،‬من ذلك‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة النحل آية ‪. 2 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنعام آية ‪. 82 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة املائدة آية ‪. 72 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة اإلسراء آية ‪. 39 :‬‬

‫‪22‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 1‬ما رواه البخاري يف صحيحه عن معاذ بن جبل ‪ ‬قال‪ :‬قال النيب ‪{ ‬اي معاذ‬
‫أتدري ما حق هللا على العباد ؟ قال‪ :‬هللا ورسوله أعلم‪ .‬قـال‪ :‬أن يعبدوه وًل يشركوا به شيئا‪،‬‬
‫أتدري ما حقهم عليه ؟ قال‪ :‬هللا ورسـوله أعلم‪ .‬قال‪ :‬أن ًل يعذهبم} (‪. )2( )1‬‬

‫‪ - 2‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال‪ :‬ملا بعث النيب ‪ ‬معاذا حنو اليمن قال لـه‪{ :‬إنك تقدم‬
‫على قوم من أهل الكتاب فليكـن أول مـا تدعوهـم إىل أن يوحدوا هللا تعاىل فإذا عرفوا ذلك‬
‫فأخربهم أن هللا فـرض عليـهم مخـس صلوات} (‪ ،.... )3‬احلديث‪ ،‬رواه البخاري (‪.)4‬‬

‫‪ - 3‬وعن ابن مسعود ‪ ‬أن رسـول هللا ‪ ‬قـال‪{ :‬مـن مـات وهـو يـدعو من دون هللا‬

‫نـدًّا دخل النار} (‪ ، )5‬رواه البخاري (‪. )6‬‬

‫‪ - 4‬وعن جابر بن عبد هللا ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬من لقي هللا ًل يشرك به شيئا‬

‫دخل اجلنة‪ ،‬ومن لقيه يشرك به شـيئا دخـل النـار} (‪ ، )7‬رواه مسلم (‪. )8‬‬
‫واألحاديث يف هذا الباب كثرية‪.‬‬
‫املطلب الثاين بيان أمهيته وأنه أساس دعوة الرسل‬

‫)‪ (1‬البخاري التوحيد (‪ ، )6938‬مسلم اإلميان (‪ ، )30‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2643‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4296‬أمحد‬
‫(‪. )230/5‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري (‪. )7373‬‬
‫)‪ (3‬البخاري املغازي (‪ ، )4090‬مسلم اإلميان (‪ ، )19‬الرتمذي الزكاة (‪ ، )625‬النسائي الزكاة (‪ ، )2435‬أبو داود‬
‫الزكاة (‪ ، )1584‬ابن ماجه الزكاة (‪ ، )1783‬أمحد (‪ ، )233/1‬الدارمي الزكاة (‪. )1614‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري (‪. )7372‬‬
‫)‪ (5‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4227‬مسلم اإلميان (‪ ، )92‬أمحد (‪. )443/1‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري (‪. )4497‬‬
‫)‪ (7‬البخاري العلم (‪ ، )129‬مسلم اإلميان (‪ ، )32‬أمحد (‪. )244/3‬‬
‫)‪ (8‬صحيح مسلم (‪. )93‬‬

‫‪23‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬بيان أمهيته وأنه أساس دعوة الرسل‪.‬‬


‫ًل ريب أن توحيد األلوهية هو أعظم األصول على اإلطالق وأكملـها وأفضلها وألزمها‬
‫لصالح اإلنسانية‪ ،‬وهو الذي خلق هللا اجلن واإلنس ألجله‪ ،‬وخلق املخلوقات وشرع الشرائع‬
‫لقيامه‪ ،‬وبوجوده يكون الصالح‪ ،‬وبفقـده يكون الشر والفساد‪ ،‬ولذا كان هذا التوحيد زبدة‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫دعـوة الرسـل وغايـة رسالتهم وأساس دعوهتم‪ ،‬يقول هللا تبارك وتعاىل‪:‬‬

‫{ ‪     ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )1( } ‬النحـل‪ ،)36 :‬وقـال‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪( )2( }                            ‬األنبياء‪.)25 :‬‬
‫‪    ‬‬

‫وقد دل القرآن الكرمي يف مواطن عديدة أن توحيد األلوهية هو مفتـاح دعوة الرسل‪ ،‬وأن‬
‫كل رسول يبعثه هللا يكون أول ما يدعو قومه إليه توحيد هللا وإخالص العبادة له‪ ،‬قال هللا‬
‫‪( )3( }              ‬األعراف‪:‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫تعاىل‪     { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪             ‬‬ ‫‪ ،)65‬وقال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )4( }‬األعـراف‪ ،)73 :‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }          ‬األعراف‪.)85 :‬‬


‫‪  ‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬بيان أنه حمور اخلصومة بني الرسل وأممهم‪.‬‬


‫تقدم أن توحيد العبادة هو مفتتح دعوات الرسل مجيعهم‪ ،‬فمـا مـن رسول بعثه هللا إًل وكان‬
‫أول ما يدعو قومه إليه هو توحيد هللا‪ ،‬ولذا كانت اخلصومة بني األنبياء وأقوامهم يف ذلك‪،‬‬

‫)‪ (1‬سورة النحل آية ‪. 36 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنبياء آية ‪. 25 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األعراف آية ‪. 65 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األعراف آية ‪. 73 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة األعراف آية ‪. 85 :‬‬

‫‪24‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ واألقوام يصرون على البقاء على الشرك‬،‫فاألنبياء يدعوهنم إىل توحيـد هللا وإخالص العبادة له‬
.‫وعبادة األواثن إًل من هداه هللا منهم‬
        { :‫قال هللا تعاىل عن قوم نوح عليه السالم‬

:‫) (نوح‬1( } 


  
 
  
   
     
        
  
     
   
   
  
   
  

        { :‫ وقال عن قوم هود عليه السـالم‬،)24-23

  
           
   
     { ،)22 :‫) (األحقاف‬2( }    
  
  
  

.)53 :‫) (هود‬3( } 


    
  
  
  
  
    
   
   
    

          { :‫وقال عن قوم صاحل عليه السالم‬

.)62 :‫) (هود‬4( } 


        
 
  
  
 
            
     
    

        { :‫وقال عن قوم شعيب عليه السالم‬

.)87 :‫) (هود‬5( }          


 
 
       
        
  
  
          

           { :‫وقال عن كفـار قريـش‬
                

                 

.)7-4 :‫) (ص‬6( }

. 24 ، 23 : ‫( سورة نوح آية‬1)


. 22 : ‫( سورة األحقاف آية‬2)
. 53 : ‫( سورة هود آية‬3)
. 62 : ‫( سورة هود آية‬4)
. 87 : ‫( سورة هود آية‬5)
. 7 - 4 : ‫( سورة ص آية‬6)

25
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪             ‬‬ ‫وقـال‪{ :‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪( )1( } ‬الفرقان‪-41 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪.)44‬‬
‫فهذه النصوص وما جاء يف معناها تدل أوضح دًللـة أن املعـرتك واخلصومة بني األنبياء‬
‫وأقوامهم إَّنا كان حول توحيد العبادة والدعـوة إىل إخالص الدين هلل‪.‬‬
‫وقد ثبت يف الصحيح أن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬أمرت أن أقاتل الناس حىت يشهدوا أن ًل إله‬
‫إًل هللا وأن حممدا رسول هللا ويقيمـوا الصـالة ويؤتـوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا مين دماءهم‬
‫وأمواهلم إًل حبـق اإلسـالم وحساهبم على هللا} (‪.)3( )2‬‬

‫وثبت يف الصحيح أيضا عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬من قال ًل إله إًل هللا وكفر مبا يعبد من‬

‫حرم ماله ودمه وحسابه على هللا} (‪.)5( )4‬‬


‫دون هللا ُ‬

‫)‪ (1‬سورة الفرقان آية ‪. 44 - 41 :‬‬


‫(‪ )2‬البخاري اإلميان (‪ ، )25‬مسلم اإلميان (‪. )22‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )52‬وصحيح مسلم برقم (‪. )22‬‬
‫(‪ )4‬مسلم اإلميان (‪ ، )23‬أمحد (‪. )394/6‬‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم برقم (‪. )23‬‬

‫‪26‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬وجوب إفراد هللا ابلعبادة‪ ،‬وحتته مطالب‬


‫املطلب األول‪ :‬معىن العبادة واألصول اليت تُبىن عليها‪.‬‬
‫العبادة يف اللغة‪ :‬الذل واخلضوع‪ ،‬يقال‪ :‬بعري معبد‪ ،‬أي‪ :‬مذلل‪ ،‬وطريـق معبد‪ :‬إذا كان‬
‫مذلال قد وطئته األقدام‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬هي اسم جامع لكل ما حيبه هللا ويرضاه من األقوال واألعمـال الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫وسيأيت ما يوضح ذلك عند ذكر بعض أنواع العبادة‪.‬‬
‫وهي تبىن على ثالثة أركان‪:‬‬
‫‪    ‬‬ ‫األول‪ :‬كمال احلب للمعبود سبحانه‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }‬البقرة‪.)165 :‬‬

‫‪( )2( }  ‬اإلسراء‪.)57 :‬‬


‫‪  ‬‬ ‫الثاين‪ :‬كمال الرجاء‪ ،‬كما قال تعاىل‪    { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الثالث‪ :‬كمال اخلوف من هللا سبحانه‪ ،‬كما قـال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬اإلسراء‪.)57 :‬‬


‫وقد مجع هللا سبحانه بني هذه األركان الثالثة العظيمة يف فاحتة الكتـاب يف قوله سبحانه‪:‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫{‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪}  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪}  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ، } ‬فاآلية األوىل فيها احملبة؛ فإن هللا منعم‪ ،‬واملنعم ُحي ُّ‬
‫(‪)6‬‬
‫ب علـى قـدر إنعامه‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 165 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة اإلسراء آية ‪. 57 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة اإلسراء آية ‪. 57 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الفاحتة آية ‪. 2 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة الفاحتة آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الفاحتة آية ‪. 4 :‬‬

‫‪27‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫واآلية الثانية فيها الرجاء‪ ،‬فاملتصف ابلرمحة ترجى رمحتـه‪ ،‬واآلية الثالثة فيها اخلوف‪ ،‬فمالك‬
‫اجلزاء واحلساب خياف عذابه‪.‬‬
‫‪ ، )1( }    ‬أي‪ :‬أعبدك اي رب هـذه الثالث‪:‬‬
‫وهلذا قال تعاىل عقب ذلك‪   { :‬‬

‫‪ ، )2( }      ‬ورجائك الـذي دل عليه‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫مبحبتك اليت دل عليها‪   { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪. )4( }      ‬‬


‫‪ ،‬وخوفـك الـذي دل عليـه‪   { :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪}  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫والعبادة ال تقبل إال بشرطني‪:‬‬


‫‪ - 1‬اإلخالص فيها للمعبود ؛ فإن هللا ًل يقبل من العمل إًل اخلـالص لوجهه سبحانه‪،‬‬
‫‪( )5( }      ‬البينة‪ ،)5 :‬وقَال تعاىل‪{ :‬‬
‫‪    ‬‬ ‫قال تعاىل‪              { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪      ‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )6( } ‬الزمر‪ ،)3 :‬وقال تعـاىل‪{ :‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )7( }‬الزمر‪.)14 :‬‬


‫‪ - 2‬املتابعة للرسول صلى هللا عليه وسلم؛ فإن هللا ًل يقبل من العمل إًل املوافق هلدي‬
‫‪       ‬‬ ‫الرسول ‪ ‬قال هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫‪( )8( }‬احلشر‪ ،)7 :‬وقَال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )9( }          ‬النساء‪.)65 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة الفاحتة آية ‪. 5 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الفاحتة آية ‪. 2 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الفاحتة آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الفاحتة آية ‪. 4 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة البينة آية ‪. 5 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الزمر آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة الزمر آية ‪. 14 :‬‬
‫)‪ (8‬سورة احلشر آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (9‬سورة النساء آية ‪. 65 :‬‬

‫‪28‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وقوله ‪{ ‬من أحدث يف أمرًن هذا ما ليس منه فـهو رد} (‪( )2( )1‬أي مردود عليه)‪.‬‬
‫فال عربة ابلعمل ما مل يكـن خالصا هلل صوااب على سنة رسـول هللا ‪ ‬قال الفضيل بن‬
‫‪( )3( } ‬هود‪ ،7 :‬امللك‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫عياض رمحه هللا يف قوله تعـاىل‪      { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ " :)2‬أخلصه وأصوبه "‪ ،‬قيل‪ :‬اي أاب علي‪ ،‬وما أخلصـه وأصوبه ؟ قال‪ " :‬إن العمل إذا كان‬
‫خالصا ومل يكن صوااب مل يقبـل‪ ،‬وإذا كان صوااب ومل يكن خالصا مل يقبل حىت يكون خالصا‬
‫صوااب‪ ،‬واخلالص مـا كان هلل‪ ،‬والصواب ما كان على السنة " (‪. )4‬‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫ومن اآلايت اجلامعة هلذين الشرطني قوله تعاىل يف آخر سورة الكهف‪:‬‬
‫‪                 ‬‬

‫‪( )5( }             ‬الكهف‪.)110 :‬‬

‫)‪ (1‬البخاري الصلح (‪ ، )2550‬مسلم األقضية (‪ ، )1718‬أبو داود السنة (‪ ، )4606‬ابن ماجه املقدمة (‪، )14‬‬
‫أمحد (‪. )270/6‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )2697‬‬
‫)‪ (3‬سورة هود آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (4‬حلية األولياء ‪. )95 / 8( :‬‬
‫)‪ (5‬سورة الكهف آية ‪. 110 :‬‬

‫‪29‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬ذكر بعض أنواع العبادة‪.‬‬


‫العبادة أنواعها كثرية‪ ،‬فكل عمل صاحل حيبه هللا ويرضاه قويل أو فعلـي ظاهر أو ابطن فهو‬
‫نوع من أنواعها وفرد من أفرادها‪ ،‬وفيما يلي ذكر بعـض األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬فمن أنواع العبادة‪ :‬الدعاء‪ ،‬بنوعيه دعاء املسألة‪ ،‬ودعاء العبادة‪.‬‬
‫‪( )1( }     ‬غافر‪ ،)14 :‬وقال تعاىل‪{ :‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬ ‫قـال هللا تعـاىل‪    { :‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )2( }    ‬اجلن‪ ،)18 :‬وقال تعـاىل‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪                 ‬‬

‫‪( )3( }                           ‬األحقاف‪.)6 -5 :‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫فمن دعا غري هللا ‪ ‬بشيء ًل يقدر عليه إًل هللا فهو مشرك كـافر سـواء كان املدعو حيا‬
‫أو ميتا‪ ،‬ومن دعا حيا‪ .‬مبا يقدر عليه مثل أن يقـول‪ :‬اي فالن أطعمين‪ ،‬أو اي فالن اسقين‪ ،‬وحنو‬
‫ذلك فال شيء عليه‪ ،‬ومن دعا ميتا أو غائبا‪ .‬مبثل هذا فإنه مشرك؛ ألن امليت والغائب ًل‬
‫ميكن أن يقوم‪ .‬مبثل هذا‪.‬‬
‫والدعاء نوعان‪ :‬دعاء املسألة ودعاء العبادة‪.‬‬
‫فدعاء املسألة‪ ،‬هو سؤال هللا من خريي الدنيا واآلخرة‪ ،‬ودعاء العبـادة يدخل فيه كل‬
‫القرابت الظاهرة والباطنة؛ ألن املتعبد هلل طالب بلسان مقالـه ولسان حاله من ربه قبول تلك‬
‫العبادة واإلاثبة عليها‪.‬‬
‫وكل ما ورد يف القرآن من األمر ابلدعاء والنهي عن دعـاء غـري هللا والثناء على الداعني‬
‫يتناول دعاء املسألة ودعاء العبادة‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة غافر آية ‪. 14 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة اجلن آية ‪. 18 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األحقاف آية ‪. 6 ، 5 :‬‬

‫‪30‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 4 ،3 ،2‬ومن أنواع العبادة‪ :‬احملبة واخلوف والرجاء‪ ،‬وقد تقـدم الكالم عليها وبيان أهنا‬
‫أركان للعبادة‪.‬‬
‫‪ - 5‬ومن أنواعها‪ :‬التوكل‪ ،‬وهو اًلعتماد على الشيء‪.‬‬
‫والتوكل على هللا‪ :‬هو صدق تفويض األمر إىل هللا تعاىل اعتمادا عليـه وثقة به مع مباشرة‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫ما شرع وأابح من األسباب لتحصيـل املنـافع ودفـع املضار‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬‬

‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪      ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )1( }        ‬املائدة‪ ،)23 :‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }‬الطالق‪.)3 :‬‬


‫‪ -8 ،7 ،6‬ومن أنواع العبادة‪ :‬الرغبة والرهبة واخلشوع‪.‬‬
‫فأما الرغبة‪ :‬فمحبة الوصول إىل الشيء احملبوب‪ ،‬والرهبة‪ :‬اخلوف املثمـر للهرب من‬
‫املخوف‪ ،‬واخلشوع‪ :‬الذل واخلضوع لعظمة هللا حبيث يستسـلم لقضائه الكوين والشرعي‪ ،‬قال‬
‫‪    ‬‬ ‫هللا تعاىل يف ذكر هذه األنواع الثالثة مـن العبادة‪{ :‬‬

‫‪( )3( } ‬األنبياء‪.)90 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ - 9‬ومن أنواعها‪ :‬اخلشية‪ ،‬وهي اخلوف املبين على العلم بعظمة مـن خيشاه وكمال‬
‫‪( )4( }      ‬البقرة‪.)150 :‬‬ ‫سـلطانه‪ ،‬قـال هللا تعـاىل‪    { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )5( }   ‬املائدة‪.)3 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 23 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الطالق آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنبياء آية ‪. 90 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة البقرة آية ‪. 150 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة املائدة آية ‪. 3 :‬‬

‫‪31‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ -10‬ومنها اإلانبة ‪ ،‬وهي الرجوع إىل هللا تعـاىل ابلقيـام بطاعتـه واجتناب معصيته‪ ،‬قال‬
‫هللا تعاىل‪( )1( }                    { :‬الزمـر‪.)54 :‬‬
‫‪ - 11‬ومنها‪ :‬االستعانة ‪ ،‬وهي طلب العون من هللا يف حتقيـق أمـور الدين والدنيا‪ ،‬قال‬
‫‪ ، )2( }     ‬وقـال ‪ ‬يف وصيته ًلبن عباس‪:‬‬
‫‪    ‬‬ ‫هللا تعاىل‪   { :‬‬
‫‪    ‬‬

‫{إذا استعنت فاستعن ابهلل} (‪. )4( )3‬‬

‫‪ - 12‬ومنها‪ :‬االستعاذة ‪ ،‬وهي طلب اإلعاذة واحلماية من املكـروه‪ ،‬قال هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪    ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪ )5( }       ‬وقال تعاىل‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪. )6( } ‬‬


‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ - 13‬ومنها االستغاثة ‪ ،‬وهو طلب الغوث‪ ،‬وهو اإلنقاذ من الشـدة واهلالك‪ ،‬قال هللا‬
‫‪( )7( } ‬األنفال‪.)9 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫تعاىل‪    { :‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪ - 14‬ومنها الذبح ‪ ،‬وهو إزهاق الروح إبراقـة الـدم علـى وجـه اخلصوص تقراب إىل هللا‪،‬‬
‫‪( )8( }       ‬األنعام‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫قال هللا تعاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )9( }      ‬الكوثر‪.)2 :‬‬


‫‪    ‬‬ ‫‪ ،)162‬وقال تعـاىل‪  { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة الزمر آية ‪. 54 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الفاحتة آية ‪. 5 :‬‬
‫)‪ (3‬الرتمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ، )2516‬أمحد (‪. )308/1‬‬
‫)‪ (4‬سنن الرتمذي (‪ ، )2516‬ومسند أمحد (‪ ، )307 / 1‬وقد حسن احلديث الرتمذي وصححه احلاكم ‪.‬‬
‫)‪ (5‬سورة الفلق آية ‪. 2 ، 1 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الناس آية ‪. 4 - 1 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة األنفال آية ‪. 9 :‬‬
‫)‪ (8‬سورة األنعام آية ‪. 162 :‬‬
‫)‪ (9‬سورة الكوثر آية ‪. 2 :‬‬

‫‪32‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 15‬ومنها النذر ‪ ،‬وهو إلزام املرء نفسه بشيء ما‪ ،‬أو طاعة هلل غـري واجبة‪ ،‬قال هللا‬
‫تعاىل‪( )1( }                          { :‬اإلنسان‪.)7 :‬‬
‫فهذه بعض األمثلة على أنواع العبادة‪ ،‬ومجيع ذلك حق هلل وحـده ًل جيوز صرف شيء منه‬
‫لغري هللا‪.‬‬
‫والعبادة حبسب ما تقوم به من األعضاء على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬عبادات القلب‪ ،‬كاحملبـة واخلوف والرجـاء واإلًنبـة واخلشية والرهبة والتوكل‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬عبادات اللسان‪ ،‬كاحلمد والتهليل والتسبيح واًلسـتغفار وتالوة القرآن‬
‫والدعاء وحنو ذلك‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬عبادات اجلوارح‪ ،‬كالصالة والصيام والزكاة واحلـج والصدقة واجلهاد‪ ،‬وحنو‬
‫ذلك‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة اإلنسان آية ‪. 7 :‬‬

‫‪33‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬محاية املصطفى ‪ ‬جناب التوحيد‬


‫لقد كان النيب ‪ ‬حريصا أشد احلرص على أمته؛ لتكون عزيزة منيعـة حمققة لتوحيد هللا ‪‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫جمانبة لكل الوسائل واألسباب املفضية ملا يضاده ويناقضه‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫‪           ‬‬

‫‪( )1( }‬التوبة‪.)128 :‬‬


‫وقد أكثر ‪ ‬يف النهي عن الشرك وحذر وأنذر وأبدأ وأعاد وخص وعم يف محاية احلنيفية‬
‫السمحة ملة إبراهيم اليت بعث هبا من كل مـا قـد يشوهبا من األقوال واألعمال اليت يضمحل‬
‫معها التوحيد أو ينقص‪ ،‬وهـذا كثري يف السنة الثابتة عنه ‪ ‬فأقام احلجة‪ ،‬وأزال الشبهة‪ ،‬وقطع‬
‫املعـذرة‪ ،‬وأابن السبيل‪.‬‬
‫ويف املطالب التالية عرض يتبني من خالله محاية املصطفـى ‪ ‬محـى التوحيد وسده كل‬
‫طريق يفضي إىل الشرك والباطل‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الرقى‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريفها‪ :‬الـرقى مجـع رقية‪ ،‬وهي القراءة والنفث طلبا للشفاء والعافية‪ ،‬سواء كانت من‬
‫القرآن الكرمي أو من األدعية النبوية املأثورة‪.‬‬
‫ب‪ -‬حكمها‪ :‬اجلواز‪ ،‬ومن األدلة على ذلك ما يلي‪:‬‬
‫فعن عوف بن مالك ‪ ‬قال‪{ :‬كنا نرقي يف اجلاهلية فقلنا‪ :‬اي رسول هللا كيف ترى يف‬

‫ذلك ؟ فقال‪ :‬اعرضوا علي رقاكم‪ً ،‬ل أبس ابلرقى ما مل يكـن فيه شرك} (‪ ، )2‬رواه مسلم (‪. )3‬‬

‫)‪ (1‬سورة التوبة آية ‪. 128 :‬‬


‫)‪ (2‬مسلم السالم (‪ ، )2200‬أبو داود الطب (‪. )3886‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )2200‬‬

‫‪34‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫(‪)2‬‬
‫وعن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪{ :‬رخص رسـول هللا ‪ ‬يف الرقيـة مـن العني (‪ )1‬واحلمة‬

‫والنملة} (‪ ،" )3‬رواه مسلم (‪. )4‬‬

‫وعن جابر بن عبد هللا ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬مـن استطاع أن ينفع أخاه‬

‫فليفعل} (‪ ، )5‬رواه مسلم (‪. )6‬‬

‫وعن عائشة رضي هللا عنها قالت‪{ :‬كان رسول هللا ‪ ‬إذا اشتكى منـا إنسان مسحه‬
‫بيمينه مث قال‪ :‬أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشايف ًل شفاء إًل شفاؤك شفاء ًل يغادر‬
‫سقما} (‪ ، )7‬رواه البخاري ومسلم (‪. )8‬‬
‫ج‪ -‬شروطها‪ :‬وجلوازها وصحتها شروط ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ًل يعتقد أهنا تنفع لذاهتا دون هللا‪ ،‬فإن اعتقد أهنا تنفع بذاهتـا من دون هللا فهو‬
‫حمرم‪ ،‬بل هو شرك‪ ،‬بل يعتقد أهنا سبب ًل تنفع إًل إبذن هللا‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن ًل تكون مبا خيالف الشرع كما إذا كانت متضمنة دعاء غري هللا أو استغاثة‬
‫ابجلن وما أشبه ذلك‪ ،‬فإهنا حمرمة‪ ،‬بل شرك‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تكون مفهومة معلومة‪ ،‬فإن كانت من جنـس الطالسـم والشعوذة فإهنا ًل جتوز‪.‬‬

‫)‪ " (1‬العني " إصابة العائن غريه بعينه بقدر هللا ‪.‬‬
‫)‪ " (2‬الـحمة " حباء مهملة مضمومة مث ميم خمففة ‪ :‬وهي السم ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬أذن يف الرقية من كل ذات سـم ‪ ،‬مثل لدغة‬
‫الثعبان ‪ ،‬أو العقرب أو حنومها ‪.‬‬
‫)‪ " (3‬النملة " بفتح النون وإسكان امليم ‪ :‬قروح خترج من اجلنب ‪.‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )2196‬‬
‫)‪ (5‬مسلم السالم (‪ ، )2198‬أمحد (‪. )302/3‬‬
‫)‪ (6‬صحيح مسلم برقم (‪. )2199‬‬
‫)‪ (7‬البخاري الطب (‪ ، )5418‬مسلم السالم (‪ ، )2191‬ابن ماجه الطب (‪ ، )3520‬أمحد (‪. )45/6‬‬
‫)‪ (8‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )5743‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2191‬‬

‫‪35‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وقد سئل اإلمام مالك رمحه هللا‪ :‬أيرقي الرجل ويسرتقي ؟ فقـال‪ً " :‬ل أبس بذلك‪ ،‬ابلكالم‬
‫الطيب "‪.‬‬
‫د‪ -‬الرقية املمنوعة‪ :‬كل رقية مل تتوفر فيها الشروط املتقدمة فإهنا حمرمة ممنوعة‪ ،‬كأن يعتقد‬
‫الراقي أو املرقي أهنا تنفع وتؤثر بذاهتا‪ ،‬أو تكـون مشتملة على ألفاظ شركية وتوسالت كفرية‬
‫وألفاظ بدعية‪ ،‬وحنو ذلـك‪ ،‬أو تكون أبلفاظ غري مفهومة كالطالسم وحنوها‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التمائم‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريفها‪ :‬التمـائم مجع متيمة‪ ،‬وهي ما يعلق على العنق وغـريه من تعويـذات أو خرزات‬
‫أو عظام أو حنوها جللب نفع أو دفع ضـر‪ ،‬وكان العرب يف اجلاهلية يعلقوهنا على أوًلدهم‬
‫يتقون هبا العـني بزعمـهم الباطل‪.‬‬
‫ب‪ -‬حكمها‪ :‬التحرمي‪،‬‬
‫بل هي نوع من أنواع الشرك؛ ملا فيها من التعلق بغري هللا؛ إذ ًل دافـع إًل هللا‪ ،‬وًل يطلب‬
‫دفع املؤذايت إًل ابهلل وأمسائه وصفاته‪.‬‬
‫عن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬مسعت رسول هللا ‪ ‬يقـول‪{ :‬إن الرقـى والتمائم والتولة‬

‫شرك} (‪ ، )1‬رواه أبو داود واحلاكم (‪. )2‬‬

‫وعن عبد هللا بن عكيم ‪ ‬مرفوعا‪{ :‬من تعلق شيئا وكل إليـه} (‪ ، )3‬رواه أمحد‬
‫والرتمذي واحلاكم (‪. )4‬‬

‫)‪ (1‬أبو داود الطب (‪ ، )3883‬ابن ماجه الطب (‪ ، )3530‬أمحد (‪. )381/1‬‬
‫)‪ (2‬سنن أيب داود برقم (‪ ، )3883‬ومستدرك (‪ )241 / 4‬وصححه احلاكم ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (3‬الرتمذي الطب (‪. )2072‬‬
‫)‪ (4‬مسند أمحد (‪ ، )310/ 4‬وسنن الرتمذي برقم (‪ ، )2072‬ومستدرك احلـاكم (‪ )241 / 4‬وصححـه احلاكم ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وعن عقبة بن عامر ‪ ‬مرفوعا‪{ :‬من تعلق متيمة فال أمت هللا له‪ ،‬ومـن تعلق ودعة فال‬

‫ودع هللا له}(‪ ،)1‬رواه أمحد واحلاكم (‪. )2‬‬

‫وعن عقبة بن عامر ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬من علق متيمة فقـد أشرك} (‪، )3‬‬
‫رواه أمحد (‪ . )4‬فهذه النصوص وما يف معناها يف التحذير من الرقـى الشركية اليت كـانت هي‬
‫غالب رقى العرب فنهي عنها ملا فيها من الشـرك والتعلق بغري هللا تعاىل‪.‬‬
‫ج‪ -‬وإذا كان املعلق من القرآن الكرمي‪ ،‬فهذه املسألة اختلف فيها أهـل العلم‪ ،‬فذهب‬
‫بعضهم إىل جواز ذلك‪ ،‬ومنهم من منع ذلك‪ ،‬وقال ًل جيـوز تعليق القرآن لالستشفاء‪ ،‬وهو‬
‫الصواب لوجوه أربعة‪:‬‬
‫‪ -1‬عموم النهي عن تعليق التمائم‪ ،‬وًل خمصص للعموم‪.‬‬
‫‪ -2‬سدا للذريعة‪ ،‬فإنه يفضي إىل تعليق ما ليس من القرآن‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه إذا علق فال بد أن ميتهن املعلق حبمله معه يف حال قضاء احلاجـة واًلستنجاء‪،‬‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬أن اًلستشفاء ابلقرآن ورد على صفة معينة‪ ،‬وهي القراءة بـه علـى املريض فال تتجاوز‪.‬‬
‫املطلب الثالث لبس احللقة واخليط وحنوها‬
‫املطلب الثالث‪ :‬لبس احللقة واخليط وحنوها‪.‬‬
‫أ‪ -‬احللقة قطعة مستديرة من حديد أو ذهب أو فضة أو حناس أو حنـو ذلك‪ ،‬واخليط‬
‫معروف‪ ،‬وقد جيعل من الصوف أو الكتان أو حنوه‪ ،‬وكـانت العرب يف اجلاهلية تعلق هذا ومثله‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫لدفع الضر أو جلب النفع أو اتقاء العـني‪ ،‬وهللا تعاىل يقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬أمحد (‪. )154/4‬‬


‫)‪ (2‬مسند أمحد (‪ ، )154 /4‬ومستدرك احلاكم (‪ ، )240 /4‬وصححه احلاكم ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (3‬أمحد (‪. )156/4‬‬
‫)‪ (4‬مسند أمحد (‪ ، )156 / 4‬وصححه احلاكم (‪ )244 /4‬وقال عبد الرمحن بن حسن ورواته ثقات ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪                 ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )1( }         ‬الزمر‪ ،)38 :‬ويقول تعاىل‪{ :‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫‪( )2( } ‬اإلسراء‪.)56 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫وعن عمران بن حصني ‪{ ‬أن النيب ‪ ‬رأى رجال يف يده حلقة مـن صفر فقال‪ :‬ما‬
‫هذه ؟ قال‪ :‬من الواهنة‪ ،‬فقال‪ :‬انـزعها؛ فإهنا ًل تزيـدك إًل وهنا‪ ،‬انبذها عنك‪ ،‬فإنك لو مت‬
‫وهي عليك مـا أفلحـت أبـدا} (‪ ، )3‬رواه أمحد (‪. )4‬‬
‫وعن حذيفة بن اليمان ‪( ‬أنه رأى رجال يف يده خيط من احلمـى فقطعه وتال قوله‬
‫‪( )5( }         ‬يوسف‪. )6( )106 :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫تعـاىل‪      { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫ب‪ -‬حكم لبس احللقة واخليط وحنو ذلك‪ ،‬حمرم فإن اعتقد ًلبسها أهنا مؤثرة بنفسها دون‬
‫هللا فهو مشرك شركا أكرب يف توحيد الربوبية؛ ألنه اعتقد وجود خالق مدبر مع هللا تعاىل هللا‬
‫عما يشركون‪.‬‬
‫وإن اعتقد أن األمر هلل وحده وأهنا جمرد سبب‪ ،‬ولكنه ليس مؤثرا فـهو مشرك شركا أصغر‬
‫ألنه جعل ما ليس سببا سببا والتفت إىل غري ذلك بقلبه‪ ،‬وفعله هذا ذريعة لالنتقال للشرك‬
‫األكرب إذا تعلق قلبه هبا ورجا منها جلـب النعماء أو دفـع البالء‪.‬‬
‫املطلب الرابع التربك ابألشجار واألحجار وحنوها‬
‫املطلب الرابع‪ :‬التربك ابألشجار واألحجار وحنوها‪.‬‬
‫التربك هو طلب الربكة‪ ،‬وطلب الربكة ًل خيلو من أمرين‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة الزمر آية ‪. 38 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة اإلسراء آية ‪. 56 :‬‬
‫)‪ (3‬ابن ماجه الطب (‪ ، )3531‬أمحد (‪. )445/4‬‬
‫)‪ (4‬املسند (‪ ، )445 / 4‬وقال البوصريي إسناده حسن وقال اهليثمي رجاله ثقات ‪.‬‬
‫)‪ (5‬سورة يوسف آية ‪. 106 :‬‬
‫)‪ (6‬تفسري ابن أيب حامت (‪. )2207 / 7‬‬

‫‪38‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪  ‬‬ ‫‪ - 1‬أن يكون التربك أبمر شرعي معلوم مثل القرآن قال هللا تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }   ‬األنعام‪ ،)155 ،92 :‬فمـن بركتـه هدايتـه للقلوب وشفاؤه للصدور وإصالحه‬
‫للنفوس وهتذيبه لألخالق‪ ،‬إىل غري ذلـك من بركاته الكثرية‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يكون التربك أبمر غري مشروع‪ ،‬كالتربك ابألشجار واألحجـار والقبور والقباب‬
‫والبقاع وحنو ذلك‪ ،‬فهذا كله من الشرك‪.‬‬
‫فعن أيب واقد الليثي قال‪{ :‬خرجنا مع رسول هللا ‪ ‬إىل حنني وحنـن حداثء عهد بكفر‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يعكفون عندها وينوطـون هبـا أسلحتهم‪ ،‬يقال هلا ذات أنواط‪ ،‬فمررًن‬ ‫وللمشركني سدرة‬
‫بسدرة‪ ،‬فقلنا‪ :‬يـا رسـول هللا ‪ ‬اجعل لنا ذات أنواط كما هلم ذات أنواط‪ ،‬فقال رسول هللا ‪‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫هللا أكـرب‪ ،‬إهنا السـنن‪ ،‬قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنـو إسـرائيل ملوسـى‪:‬‬

‫‪( )3( }                         ‬األعـراف‪ ،)138 :‬لرتكنب سنـن مـن‬

‫كـان قبلكـم} ‪ ،‬رواه التـرمـذي وصـححه (‪. )4‬‬


‫فقد دل هذا احلديـث على أن ما يفعله من يعتقد يف األشجار والقبـور واألحجار وحنوها‬
‫من التربك هبا والعكوف عندها والذبح هلا هو الشـرك‪ ،‬وهلذا أخرب يف احلديث أن طلبهم كطلب‬
‫بين إسرائيل ملـا قـالوا ملوسى‪ :‬اجعل لنا إهلا كما هلم آهلة فهؤًلء طلبوا سدرة يتربكون هبـا كمـا‬
‫يتربك املشركون‪ ،‬وأولئك طلبوا إلـها كما هلم آهلة‪ ،‬فيكون يف كال الطلبني منافاة للتوحيد؛ ألن‬
‫التربك ابلشجر نوع من الشرك‪ ،‬واختاذ إلـه غـري هللا شرك واضح‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنعام آية ‪. 92 :‬‬


‫)‪ (2‬السدرة ‪ :‬شجرة ذات شوك ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة األعراف آية ‪. 138 :‬‬
‫)‪ (4‬سنن الرتمذي برقم (‪. ) 2180‬‬

‫‪39‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إشـارة إىل أن شيئا من‬ ‫(‪)1‬‬


‫ويف قوله ‪ ‬يف احلديث‪{ :‬لرتكنب سنن من كان قبلكـم}‬
‫ذلك سيقع يف أمته ‪ ‬وقد قال ذلك عليه الصالة والسالم ًنهيـا وحمذرا‪.‬‬
‫املطلب اخلامس النهي عن أعمال تتعلق ابلقبور‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬النهي عن أعمال تتعلق ابلقبور‪.‬‬
‫لقد كان األمر يف صدر اإلسالم على منع زايرة القبور لقرب عـهدهم ابجلاهلية محاية حلمى‬
‫التوحيد وصيانة جلنابه‪ ،‬وملا حسن اإلميان وعظم شـأنه يف الناس ورسخ يف القلوب واتضحت‬
‫براهني التوحيد وانكشـفت شـبهة الشرك جاءت مشروعية زايرة القبور حمددة أهدافها موضحة‬
‫مقاصدها‪.‬‬
‫فعن بريدة بن احلصيب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬هنيتكم عن زايرة القبور‬

‫فزوروها} (‪ ، )2‬رواه مسلم (‪. )3‬‬

‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال النيب ‪{ ‬زوروا القبور فإنـها تذكـر املوت} (‪. )5( )4‬‬

‫وعن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬قال رسول هللا ‪{ ‬إين هنيتكـم عن زيـارة القبور فزوروها‬

‫فإن فيها عربة} (‪. )7( )6‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2180‬أمحد (‪. )218/5‬‬


‫)‪ (2‬مسلم اجلنائز (‪ ، )977‬النسائي األشربة (‪ ، )5652‬أبو داود األشربة (‪ ، )3698‬أمحد (‪. )350/5‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )977‬‬
‫)‪ (4‬مسلم اجلنائز (‪ ، )976‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2034‬أبو داود اجلنائز (‪ ، )3234‬ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز‬
‫(‪ ، )1572‬أمحد (‪. )441/ 2‬‬
‫)‪ (5‬صحيح مسلم برقم (‪. )975‬‬
‫)‪ (6‬أمحد (‪ ، )38/3‬مالك الضحااي (‪. )1048‬‬
‫)‪ (7‬مسند أمحد (‪ ، )38 /3‬ومستدرك احلاكم (‪. )531 /1‬‬

‫‪40‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وعن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬كنت هنيتكم عـن زايرة القبور أًل‬

‫فزوروها؛ فإهنا ترق القلب وتدمع العني وتذكر اآلخرة‪ ،‬وًل تقولوا هجرا} (‪. )2( )1‬‬

‫وعن بريدة ‪ ‬قال‪{ :‬كان رسول هللا ‪ ‬يعلمهم إذا خرجوا إىل املقابر فكان قائلهم‬
‫يقول‪ :‬السالم عليكـم أهل الداير من املؤمنني واملسلمني‪ ،‬وإنـا إن شاء هللا بكم لالحقون‪ ،‬أسأل‬
‫هللا لنا ولكم العافية} (‪ ، )3‬رواه مسلم (‪. )4‬‬
‫فهذه األحاديث وما جاء يف معناها تدل على أن مشروعية زايرة القبـور بعد املنع من ذلك‬
‫إَّنا كانت هلدفني عظيمني وغايتني جليلتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬التزهيد يف الدنيا بتذكر اآلخرة واملوت والبلى‪ ،‬واًلعتبار بـأهل القبور مما يزيد يف‬
‫إميان الشخص ويقوي يقينه ويعظم صلته ابهلل‪ ،‬ويذهـب عنه اإلعراض والغفلة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬اإلحسان إىل املوتى ابلدعاء هلم والرتحم عليهم وطلب املغفـرة هلم وسؤال هللا العفو‬
‫عنهم‪.‬‬
‫هذا الذي دل عليه الدليل‪ ،‬ومن ادعى غري ذلـك طولـب ابحلجـة والربهان‪.‬‬
‫مث إن السنة قد جاءت ابلنهي عن أمور عديدة متعلقة ابلقبور وزايرهتا‪ ،‬صيانة للتوحيد‬
‫ومحاية جلنابه‪ ،‬جيب على كل مسلم تعلمها ليكون يف أمنـة من الباطل وسالمة من الضالل‪،‬‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬النهي عن قول اهلجر عند زايرة القبور‪.‬‬
‫وقد تقدم قوله ‪{ ‬وًل تقولوا هجرا} (‪ ، )5‬واملراد ابهلجر كل أمر حمظـور شرعا‪ ،‬وأييت‬
‫يف مقدمة ذلك الشرك ابهلل بدعاء املقبورين وسؤاهلم مـن دون هللا واًلستغاثة هبم وطلب املدد‬

‫)‪ (1‬أمحد (‪. )237/3‬‬


‫)‪ (2‬مستدرك احلاكم (‪. )532 / 1‬‬
‫)‪ (3‬مسلم اجلنائز (‪ ، )975‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2040‬ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز (‪ ، )1547‬أمحد (‪. )353/5‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )975‬‬
‫)‪ (5‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2033‬أبو داود األشربة (‪ ، )3698‬أمحد (‪. )355/5‬‬

‫‪41‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والعافية منهم‪ ،‬فكل ذلك من الشرك البـواح والكفر الصراح‪ ،‬وقد ثبت عن النيب ‪ ‬أحاديث‬
‫عديدة صرحية يف املنع مـن ذلك والنهي عنه ولعن فاعله‪ ،‬ففي صحيح مسلم عن جندب بن‬
‫عبـد هللا ‪ ‬أنه قال‪ :‬مسعت رسول هللا ‪ ‬قبل أن ميوت خبمس يقول‪{ :‬أًل إن من كـان‬

‫قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصاحليهم مساجد‪ ،‬أًل فال تتخذوا القبور مساجد ِّّ‬
‫إين أهناكم‬
‫عن ذلك} (‪ . )2( )1‬فدعاء األمـوات وسـؤاهلم احلاجـات وصرف شيء من العبادة هلم شرك‬
‫أكرب‪ ،‬أما العكوف عند القبور وحتـري إجابة الدعاء عندها ومثله الصالة يف املساجد اليت فيها‬
‫القبور فهو من البـدع املنكرة‪.‬‬
‫ويف الصحيحني عن عائشة رضي هللا عنها‪ :‬أنه ‪ ‬قال يف مرضه الـذي مل يقم منه‪{ :‬لعن‬

‫هللا اليهود والنصارى اختذوا قبور أنبيائهم مساجد} (‪. )4( )3‬‬
‫‪ - 2‬الذبح والنحر عند القبور‪.‬‬
‫فإن كان ذلك تقراب إىل املقبورين ليقضوا حاجة للشخص فهو شـرك أكرب وإن كان لغري‬
‫ذلك فهو من البدع اخلطرية اليت هي من أعظم وسـائل الشرك لقوله ‪ً{ ‬ل عقر يف‬

‫اإلسالم} (‪ ، )5‬قال عبد الرزاق‪{ :‬كانوا يعقرون عند القرب بقرة أو شاة} (‪. )7( )6‬‬
‫‪ -7 ،6 ،5 ،4 ،3‬رفعها زايدة على الرتاب اخلارج منـها‪ ،‬وجتصيصها‪ ،‬والكتابة‬
‫عليها‪ ،‬والبناء عليها‪ ،‬والقعود عليها‪.‬‬

‫)‪ (1‬مسلم املساجد ومواضع الصالة (‪. )532‬‬


‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )532‬‬
‫)‪ (3‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1324‬مسلم املساجد ومواضع الصالة (‪ ، )531‬النسائي املساجد (‪ ، )703‬أمحد‬
‫(‪ ، )146/6‬الدارمي الصالة (‪. )1403‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1330‬وصحيح مسلم برقم (‪. )531‬‬
‫)‪ (5‬أبو داود اجلنائز (‪ ، )3222‬أمحد (‪. )197/3‬‬
‫)‪ (6‬أبو داود اجلنائز (‪ ، )3222‬أمحد (‪. )197/3‬‬
‫)‪ (7‬سنن أيب داود لرقم (‪. )3222‬‬

‫‪42‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فكل ذلك من البدع اليت ضلت هبا اليهود والنصارى وكانت من أعظم ذرائع الشرك‪ ،‬فعن‬
‫جابر ‪ ‬قال‪{ :‬هنى رسول هللا ‪ ‬أن جيصص القـرب‪ ،‬وأن يقعد عليه‪ ،‬وأن يبىن عليه‪ ،‬وأن‬

‫يزاد عليه‪ ،‬أو يكتب عليه} (‪ . )1‬رواه مسلم‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬واحلاكم (‪. )2‬‬
‫‪ - 8‬الصالة إىل القبور وعندها‪.‬‬
‫فعن أيب مرثد الغنوي قال‪ :‬مسعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪ً :‬ل تصلوا إىل القبور‪ ،‬وًل جتلسوا‬
‫عليها))‪ ،‬رواه مسلم (‪. )3‬‬
‫وعن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬األرض كلـها مسجد‪ ،‬إًل املقربة‬

‫واحلمام} (‪ . )4‬رواه أبو داود والرتمذي (‪. )5‬‬


‫‪ - 9‬بناء املساجد عليها‪.‬‬
‫وهو بدعة من ضالًلت اليهود والنصارى وتقدم حديث عائشة‪{ :‬لعـن هللا اليهود‬

‫والنصارى اختذوا قبور أنبيائهم مساجد} (‪. )6‬‬


‫‪ - 10‬اختاذها عيدا‪.‬‬

‫)‪ (1‬مسلم اجلنائز (‪ ، )970‬الرتمذي اجلنائز (‪ ، )1052‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2027‬أبو داود اجلنائز (‪ ، )3225‬ابن‬
‫ماجه ما جاء يف اجلنائز (‪ ، )1563‬أمحد (‪. )339/3‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪ ، )970‬وسنن أيب داود برقم (‪ ، )3225‬ورقم (‪ ، )3226‬ومسـتدرك احلـاكم (‪. )525 / 1‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )972‬‬
‫)‪ (4‬الرتمذي الصالة (‪ ، )317‬أبو داود الصالة (‪ ، )492‬ابن ماجه املساجد واجلماعات (‪. )745‬‬
‫)‪ (5‬سنن أيب داود برقم (‪ ، )492‬وسنن الرتمذي برقم (‪ ، )317‬وصححه احلاكم ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (6‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1324‬مسلم املساجد ومواضع الصالة (‪ ، )531‬النسائي املساجد (‪ ، )703‬أمحد‬
‫(‪ ، )146/6‬الدارمي الصالة (‪. )1403‬‬

‫‪43‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وهو من البدع اليت جاء النهي الصريح عنها لعظم ضررها‪ ،‬فعـن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول هللا ‪ً{ ‬ل تتخذوا قربي عيدا (‪ )1‬وًل جتعلـوا بيوتكم قبورا‪ ،‬وحيثما كنتم فصلوا علي‪،‬‬

‫فإن صالتكم تبلغين} ‪ ،‬رواه أبـو داود وأمحد (‪. )2‬‬


‫‪ - 11‬شد الرحال إليها‪.‬‬
‫وهو أمر منهي عنه ألنه من وسائل الشرك فعن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل‬
‫تشد الرحال إًل إىل ثالثة مساجد‪ :‬املسجد احلـرام‪ ،‬ومسجد الرسول ‪ ‬ومسجد‬
‫األقصى} (‪ . )3‬رواه البخاري ومسلم (‪. )4‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬التوسل‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريفه‪ :‬التوسـل مأخوذ يف اللغة من الوسيلة‪ ،‬والوسـيلة والوصيلة معنامها متقارب‪،‬‬
‫فالتوسـل هو التوصل إىل املراد والسعي يف حتقيقه‪.‬‬
‫ويف الشرع يراد به التوصل إىل رضوان هللا واجلنة؛ بفعل ما شرعه وترك ما هني عنه‪.‬‬
‫ب‪ -‬معىن الوسيلة يف القرآن الكرمي‪:‬‬
‫وردت لفظة " الوسيلة " يف القرآن الكرمي يف موطنني‪:‬‬
‫قوله تعاىل‪           { :‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪( )5( } ‬املائدة‪.)35 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫)‪ (1‬العيد هو الذي يعود ويتكرر مثل عيد الفطر وعيد األضحى ‪ ،‬فكون اإلنسان يكرر الزايرة لقرب الرسول كل يوم من‬
‫أجل السالم فكأنه يتخذه عيدا ‪ ،‬فنهى الرسول عن ذلـك ‪ ،‬أمر املسلم أن يصلي ويسلم عليه وهو يف أي مكان‬
‫كان ألن هلل مالئكة سياحني يبلغون الرسول السالم وهذا من يسر هذا الدين إذ ليس ابستطاعة كل مسلم أن أييت‬
‫إىل املدينة ‪.‬‬
‫)‪ (2‬سنن أيب داود برقم (‪ ، )2042‬ومسند أمحد (‪. )367 /2‬‬
‫)‪ (3‬البخاري اجلمعة (‪ ، )1132‬ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪. )1410‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1189‬وصحيح مسلم (‪. )1397‬‬
‫)‪ (5‬سورة املائدة آية ‪. 35 :‬‬

‫‪44‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 2‬قوله تعاىل‪          { :‬‬

‫‪( )1( }       ‬اإلسراء‪.)57 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫واملراد ابلوسيلة يف اآليتني‪ ،‬أي‪ :‬القربة إىل هللا ابلعمل مبا يرضيه‪ ،‬فقد نقل احلافظ ابن كثري‬
‫رمحه هللا يف تفسريه لآلية األوىل عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن معىن الوسيلة فيها القربة‪،‬‬
‫ونقل مثل ذلك عن جماهد وأيب وائـل واحلسن البصري وعبد هللا بن كثري والسدي وابن زيد‬
‫وغري واحد (‪. )2‬‬
‫وأما اآلية الثانية فقد بني الصحايب اجلليل عبد هللا بن مسعود ‪ ‬مناسبة نزوهلا اليت توضح‬
‫معناها فقال‪ " :‬نزلت يف نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من اجلن‪ ،‬فأسلم اجلنيون‪ ،‬واإلنس‬
‫الذين يعبدوهنم ًل يشعرون " (‪. )3‬‬
‫وهذا صريح يف أن املراد ابلوسيلة ما يتقرب به إىل هللا تعاىل من األعمال الصاحلة والعبادات‬
‫‪ )4( }             ‬أي يطلبون ما يتقربون به إىل هللا‬
‫‪‬‬ ‫اجلليلة‪ ،‬ولذلك قال‪    { :‬‬

‫وينالون به مرضاته من األعمال الصاحلة املقربة إليه‪.‬‬


‫ج‪ -‬أقسام التوسل‪:‬‬
‫ينقسم التوسل إىل قسمني‪ :‬توسل مشروع‪ ،‬وتوسل ممنوع‪.‬‬
‫‪ - 1‬التوسل املشروع‪ :‬هو التوسل إىل هللا ابلوسيلة الصحيحـة املشروعة‪ ،‬والطريق الصحيح‬
‫ملعرفة ذلك هو الرجوع إىل الكتاب والسنة ومعرفة ما ورد فيهما عنها‪ ،‬فما دل الكتاب والسنة‬
‫على أنه وسيلة مشروعة فهو من التوسل املشروع‪ ،‬وما سوى ذلك فإنه توسل ممنوع‪.‬‬
‫والتوسل املشروع يندرج حتته ثالثة أنواع‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة اإلسراء آية ‪. 57 :‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري (‪. )50 /2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪ . )3030‬وصحيح البخاري رقم (‪. )4714‬‬
‫)‪ (4‬سورة اإلسراء آية ‪. 57 :‬‬

‫‪45‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫األول‪ :‬التوسل إىل هللا تعاىل ابسم من أمسائه احلسىن أو صفة من صفاته العظيمة‪ ،‬كأن‬
‫يقول املسلم يف دعائه‪ :‬اللهم إين أسألك أبنك الرمحن الرحيم أن تعافيين‪ ،‬أو يقول‪ :‬أسألك‬
‫برمحتك اليت وسعت كل شيء أن تغفر يل وترمحين‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬
‫‪    ‬‬ ‫ودليل مشروعية هذا التوسل قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }‬األعراف‪.)180 :‬‬


‫الثاين‪ :‬التوسل إىل هللا تعاىل بعمل صاحل قام به العبد‪ ،‬كأن يقول‪ :‬اللهم إبمياين بك‪ ،‬وحمبيت‬
‫لك‪ ،‬واتباعي لرسولك اغفر يل‪ ،‬أو يقول‪ :‬اللهم إنـي أسألك حبيب لنبيك حممد ‪ ‬وإمياين به‬
‫أن تفرج عين‪ ،‬أو أن يذكر الداعي عمال صاحلا ذا ابل قام به فيتوسل به إىل ربه‪ ،‬كما يف قصة‬
‫أصحاب الغـار الثالثة اليت سريد ذكرها‪.‬‬
‫{ ‪        ‬‬ ‫ويدل على مشروعيته قوله تعاىل‪:‬‬

‫‪      ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪        ‬‬ ‫‪( )2( }    ‬آل عمران‪ ،)16 :‬وقوله تعـاىل‪{ :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫‪( )3( } ‬آل عمران‪.)53 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار الثالثة كما يرويها عبـد هللا بن عمر رضي هللا‬
‫عنهما قال‪ :‬مسعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪{ :‬بينما ثالثة نفر ممن كان قبلكم ميشون إذ أصاهبم‬
‫مطر‪ ،‬فأووا إىل غار فانطبق عليهم‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬إنه وهللا اي هؤًلء ًل ينجيكم إًل‬
‫الصدق‪ ،‬فليدع كل رجل منكم مبا يعلم أنه قد صدق فيه‪ ،‬فقال واحد منهم‪ :‬اللهم إن كنت‬
‫تعلم أنـه كان يل أجري عمل يل على فرق من أرز فذهب وتركه‪ ،‬وأين عمـدت إىل ذلك الفرق‬
‫فزرعته‪ ،‬فصار من أمره أين اشرتيـت منه بقرا‪ ،‬وأنه أاتين يطلـب أجره‪ ،‬فقلت له‪ :‬اعمد إىل تلك‬
‫البقر فسقها‪ ،‬فقال يل‪ :‬إَّنا يل عندك فـرق من أرز‪ ،‬فقلت له‪ :‬اعمد إىل تلك البقر‪ ،‬فإهنا من‬

‫)‪ (1‬سورة األعراف آية ‪. 180 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة آل عمران آية ‪. 16 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة آل عمران آية ‪. 53 :‬‬

‫‪46‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفرق‪ ،‬فساقها‪ ،‬فإن كنت تعلم أين فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا‪ ،‬فانساخت (‪ )1‬عنهم‬
‫الصخـرة‪ ،‬فقال اآلخر‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أنه كان يل أبوان شيخان كبريان‪ ،‬وكنـت آتيهما كل‬
‫ليلة بلنب غنم يل‪ ،‬فأبطأت عليهما ليلة‪ ،‬فجئت وقد رقدا‪ ،‬وأهلي وعيايل يتضاغون من اجلوع‪،‬‬
‫فكنت ًل أسقيهم حىت يشرب أبواي‪ ،‬فكرهت أن أوقظهما‪ ،‬وكرهت أن أدعهما فيستكنا‬
‫لشربتهما‪ ،‬فلم أزل أنتظر حىت طلع الفجر‪ ،‬فإن كنت تعلم أين فعلت ذلك من خشـيتك ففـرج‬
‫عنـا‪ ،‬فانساخت عنهم الصخرة حىت نظروا إىل السماء‪ ،‬فقال اآلخر‪ :‬اللـهم إن كنت تعلم أنه‬
‫كانت يل ابنة عم من أحب الناس إيل‪ ،‬وإين راودتـها عـن نفسها فأبت إًل أن آتيها مبائة دينار‪،‬‬
‫فطلبتها حىت قدرت‪ ،‬فأتيتها هبا فدفعتها إليها فأمكنتين من نفسها‪ ،‬فلما قعدت بني رجليها‬
‫فقالت‪ :‬اتق هللا وًل تفـض اخلامت إًل حبقه‪ ،‬فقمت وتركـت املائة دينار‪ ،‬فإن كنت تعلم أين فعلت‬
‫ذلـك من خشيتك ففرج عنا‪ ،‬ففرج هللا عنهم فخرجوا} ‪ .‬رواه البخاري (‪. )2‬‬
‫الثالث‪ :‬التوسل إىل هللا بدعاء الرجل الصاحل الذي ترجى إجابة دعائـه‪ ،‬كأن يذهب املسلم‬
‫إىل رجل يرى فيه الصالح والتقوى واحملافظة على طاعـة هللا‪ ،‬فيطلب منه أن يدعو له ربه ليفرج‬
‫كربته وييسر أمره‪.‬‬
‫ويدل على مشروعية هذا النوع أن الصحابة رضي هللا عنـهم كـانوا يسألون النيب ‪ ‬أن‬
‫يدعو هلم بدعاء عام ودعاء خاص‪.‬‬
‫ففي الصحيحني من حديث أنس بن مالك ‪{ ‬أن رجال دخل يـوم اجلمعة من ابب‬
‫كان وجاه املنرب ورسول هللا ‪ ‬قائم خيطب‪ ،‬فاسـتقبل رسول ‪ ‬قائما فقال‪ :‬اي رسول هللا‬
‫هلكت املواشي وانقطعت السبل‪ ،‬فادع هللا يغيثنا‪ ،‬قال‪ :‬فرفع رسول هللا ‪ ‬يديه فقال‪ :‬اللهم‬
‫اسقنا‪ ،‬اللهم اسـقنا‪ ،‬اللهم اسقنا‪ ،‬قال أنس‪ :‬وًل وهللا ما نرى يف السماء من سحاب وًل‬
‫قزعـة (‪ )3‬وًل شيئا‪ ،‬وما بيننا وبني سلع من بيت وًل دار‪ ،‬قال‪ :‬فطلعت مـن ورائـه سحابة مثل‬

‫)‪ (1‬فانفرجت شيئا ًل يستطيعون اخلروج منه ‪ ،‬كما يف حديث سامل ‪.‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )3465‬‬
‫)‪ (3‬سحاب متفرق ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الرتس‪ ،‬فلما توسطت السماء انتشرت‪ ،‬مث أمطرت‪ ،‬قال‪ :‬وهللا ما رأينا الشمس ستا‪ ،‬مث دخل‬
‫رجل من ذلك البـاب يف اجلمعـة املقبلـة‪ -‬ورسول هللا ‪ ‬قائم خيطب‪ -‬فاستقبله قائما فقال‪:‬‬
‫اي رسول هللا‪ ،‬هلكـت األموال‪ ،‬وانقطعت السبل‪ ،‬فادع هللا ميسكها‪ ،‬قال‪ :‬فرفع رسـول هللا ‪‬‬
‫يديه مث قال‪ :‬اللهم حوالينا وًل علينا‪ ،‬اللهم على اآلكام واجلبال والظـراب ومنابت الشجر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فانقطعت‪ ،‬وخرجنا َّنشي يف الشمس} ‪ .‬قال شـريك‪ :‬فسألت أنسا‪ :‬أهو الرجل األول ؟‬
‫قَال‪ً :‬ل أدري (‪. )1‬‬
‫ويف الصحيحني أن النيب ‪ ‬ملا {ذكر أن يف أمته سبعني ألفـا يدخلـون اجلنة بغري حساب‬
‫وًل عذاب وقال‪ ( :‬هم الذي ًل يسرتقون وًل يكتوون وًل يتطريون وعلى رهبم يتوكلون ) قام‬
‫عكاشة بن حمصن فقال‪ :‬اي رسـول هللا ادع هللا أن جيعلين منهم‪ ،‬فقال‪( :‬أنت منهم)} (‪. )3( )2‬‬

‫ومن ذلك حديـث ذكـر النيب ‪ ‬أويسا القرين وفيه قال‪{ :‬فاسألوه أن يستغفر لكـم} ‪.‬‬
‫وهذا النوع من التوسل إَّنا يكون يف حياة من يطلب منه الدعاء‪ ،‬أمـا بعد موته فال جيوز؛‬
‫ألنه ًل عمل له‪.‬‬
‫‪ - 2‬التوسل املمنوع‪ :‬هو التوسل إىل هللا تعاىل مبا مل يثبت يف الشريعة أنه وسيلة‪ ،‬وهو‬
‫أنواع بعضها أشد خطورة من بعض‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬التوسل إىل هللا تعاىل بدعاء املوتى والغـائبني واًلسـتغاثة هبـم وسؤاهلم قضاء احلاجات‬
‫وتفريج الكرابت وحنو ذلك‪ ،‬فهذا مـن الشـرك األكرب الناقل من امللة‪.‬‬

‫)‪ (1‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1013‬وصحيح مسلم رقم (‪. )897‬‬


‫)‪ (2‬البخاري الطب (‪ ، )5420‬مسلم اإلميان (‪ ، )220‬الرتمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ، )2446‬أمحد‬
‫(‪. )271/1‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )5705‬وصحيح مسلم برقم (‪. )218‬‬

‫‪48‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 2‬التوسل إىل هللا بفعل العبادات عند القبور واألضرحة بدعـاء هللا عندها‪ ،‬والبناء عليها‪،‬‬
‫ووضع القناديل والستور وحنو ذلك‪ ،‬وهذا من الشـرك األصغر املنايف لكمال التوحيد‪ ،‬وهو ذريعة‬
‫مفضية إىل الشرك األكرب‪.‬‬
‫‪ - 3‬التوسل إىل هللا جباه األنبياء والصـاحلني ومكانتهم ومنـزلتهم عند هللا‪ ،‬وهذا حمرم‪ ،‬بل‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫هو من البدع احملدثة؛ ألنه توسل مل يشـرعه هللا ومل أيذن به‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }‬يونـس‪ )59 :‬وألن جـاه الصـاحلني ومكانتهم عند هللا إَّنا تنفعهم هم‪ ،‬كما قال هللا‬

‫‪( )2( }          ‬النجم‪ ،)39 :‬ولذا مل يكن هذا التوسل‬
‫تعاىل‪     { :‬‬

‫معروفا يف عهد النيب ‪ ‬وأصحابه‪ ،‬وقد نص على املنع منه وحترميه غري واحد من أهل العلم‪:‬‬
‫قال أبو حنيفة رمحه هللا‪ (( :‬يكره أن يقول الداعي‪ :‬أسألك حبق فـالن أو حبق أوليائك‬
‫ورسلك أو حبق البيت احلرام واملشعر احلرام))‪.‬‬
‫د‪ -‬شبهات وردها يف ابب التوسل‪.‬‬
‫قد يورد املخالفون ألهل السنة واجلماعة بعض الشبهات واًلعرتاضـات يف ابب التوسل؛‬
‫ليتوصلوا هبا إىل دعم تقريراهتم اخلاطئة‪ ،‬وليومهـوا عـوام املسلمني بصحة ما ذهبوا إليه‪ ،‬وًل خترج‬
‫شبهات هؤًلء عن أحد أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬إما أحاديث ضعيفة أو موضوعة يستدل هبا هؤًلء علـى مـا ذهبوا إليه‪ ،‬وهذه يفرغ‬
‫من أمرها مبعرفة عدم صحتها وثبوهتا‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬حديث‪{ :‬توسـلوا جباهي فإن جاهي عنـد هللا عظيـم} ‪ ،‬أو {إذا سألتم هللا‬

‫فاسألوه جباهي فإن جاهي عند هللا عظيم} ‪ ،‬وهو حديث بـاطل مل يـروه أحـد مـن أهل العلم‪،‬‬
‫وًل هو يف شـيء من كتـب احلديـث‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة يونس آية ‪. 59 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النجم آية ‪. 39 :‬‬

‫‪49‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 2‬حديث‪{ :‬إذا أعيتكم األمور فعليكم أبهل القبور} ‪ ،‬أو {فاسـتغيثوا أبهل‬

‫القبور} ‪ ،‬وهو حديث مكذوب مفرتى على النيب ‪ ‬ابتفاق العلماء‪.‬‬

‫‪ - 3‬حديث‪{ :‬لو أحسن أحدكم ظنه حبجر لنفعه} ‪ ،‬وهو حديث بـاطل مناقـض‬
‫لدين اإلسالم‪ ،‬وضعه بعض املشركني‪.‬‬
‫‪ - 4‬حديث‪{ :‬ملا اقرتف آدم اخلطيئة قال‪ :‬اي رب أسألك حبق حممد ملـا غفرت يل‪،‬‬
‫فقال‪ :‬اي آدم وكيف عرفت حممدا ومل أخلقه ؟ قال‪ :‬اي رب ملـا خلقتين بيدك ونفخت يف من‬
‫روحك رفعت رأسي فرأيـت على قوائم العرش مكتواب‪ً :‬ل إله إًل هللا حممد رسول هللا‪ ،‬فعلمت‬
‫أنك مل تضف إىل امسـك إًل أحـب اخللـق إليـك‪ ،‬فقـال‪ :‬غفـرت لـك ولـوًل حممـد مـا‬
‫خلقتك} (‪ )1‬وهو حديث ابطل ًل أصل له‪ ،‬ومثله حديث‪{ :‬لوًلك ما خلقـت األفالك} ‪.‬‬
‫فمثل هذه األحاديث املكذوبة والرواايت املختلقة امللفقة ًل جيوز ملسـلم أن يلتفت إليها‬
‫فضال عن أن حيتج هبا ويعتمدها يف دينه‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أحاديث صحيحة اثبتة عن النيب ‪ ‬يسـيء هـؤًلء فهمـها وحيرفوًن عن مرادها‬
‫ومدلوهلا‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما ثبت يف الصحيح‪{ :‬أن عمر بن اخلطاب ‪ ‬كان إذا قحطـوا استسقى ابلعباس‬
‫بن عبد املطلب‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم إًن كنا نتوسل إليك بنبينـا فتسقينا‪ ،‬وإًن نتوسل إليك بعم نبينا‬
‫فاسقنا‪ ،‬قال‪ :‬فيسقون} (‪. )3( )2‬‬

‫)‪ (1‬سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة لأللباين ج ‪ 88 / 1‬ح ‪. 25‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اجلمعة (‪. )964‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪. )1010‬‬

‫‪50‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ففهمـوا مـن هـذا الـحديـث أن تـوسـل عمر ‪ ‬إَّنا كان جبـاه العبـاس ‪ ‬ومكانته عند‬
‫هللا ‪ ‬وأن املراد بقولـه‪{ :‬كنـا نتوسل إليك بنبينا [أي جباهه] فتسقينا‪ ،‬وإًن نتوسل إليك‬

‫بعم نبينـا} (‪[ )1‬أي جباهه]‪.‬‬


‫وهذا وًل ر ِّ‬
‫يب فهم خاطئ وأتويل بعيد ًل يدل عليه سياق النص ًل من قريب وًل من‬
‫بعيد؛ إذ مل يكن معروفا لدى الصحابة التوسل إىل هللا بـذات النيب ‪ ‬أو جاهه‪ ،‬وإَّنا كانوا‬
‫يتوسلون إىل هللا بدعائه حال حياتـه كمـا تقدم بعض هذا املعىن‪ ،‬وعمر ‪ ‬مل يرد بقوله‪{ :‬إًن‬

‫نتوسل إليك بعم نبينا} (‪ )2‬أي ذاته أو جاهه‪ ،‬وإَّنا أراد دعاءه‪ ،‬ولو كان التوسل بـالذات أو‬
‫اجلاه معروفا عندهم ملا عدل عمر عن التوسل بـالنيب ‪ ‬إىل التوسـل ابلعباس ‪ ‬بل ولقال له‬
‫الصحابة إذ ذاك كيف نتوسـل مبثـل العباس ونعدل عن التوسل ابلنيب ‪ ‬الذي هو أفضل‬
‫اخلالئق‪ ،‬فلما مل يقـل ذلك أحد منهم‪ ،‬وقد علم أهنم يف حياته إَّنا توسلوا بدعائه‪ ،‬وبعد مماتـه‬
‫توسـلوا بدعاء غريه علم أن املشروع عندهم التوسل بدعـاء املتوسـل ًل بذاته‪.‬‬
‫وهبذا يتبني أن احلديث ليس فيه متمسك ملن يقول جبـواز التوسـل ابلذات أو اجلاه‪.‬‬
‫‪ - 2‬حديث عثمان بن حنيف‪{ :‬أن رجال ضرير البصر أتى النيب ‪ ‬فقال‪ :‬ادع هللا أن‬
‫يعافيين‪ ،‬قال‪ :‬إن شئت دعوت وإن شئت صربت فهو خري لك‪ ،‬قال‪ :‬فادعه‪ ،‬قال‪ :‬فأمره أن‬
‫يتوضأ فيحسن وضـوءه ويدعـو هبـذا الدعاء‪ :‬اللهم إين أسألك وأتوجه إليك بنبيك حممد نيب‬
‫الرمحة‪ ،‬إين توجهت بك إىل ريب يف حاجيت هذه لتقضى يل اللهم فشفعه يف}(‪ ،)3‬رواه الـرتمذي‬
‫وأمحد وقال البيهقي إسناده صحيح(‪.)4‬‬

‫)‪ (1‬البخاري اجلمعة (‪. )964‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اجلمعة (‪. )964‬‬
‫)‪ (3‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3578‬ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪. )1385‬‬
‫)‪ (4‬سنن الرتمذي برقم (‪ ، )3578‬ومسند أمحد (‪. )138 / 4‬‬

‫‪51‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ففهموا من احلديث أنه يدل على جواز التوسل جباه النيب ‪ ‬أو غـريه من الصاحلني‪ ،‬وليس‬
‫يف احلديث ما يشهد لذلك‪ ،‬فإن األعمى قد طلب مـن النيب ‪ ‬أن يدعو له أبن يرد هللا عليه‬
‫بصره‪ ،‬فقال له‪{ :‬إن شئت صربت وإن شئت دعوت} (‪ ، )1‬فقال‪ :‬فادعه‪ ،‬إىل غري ذلك‬
‫من األلفاظ الواردة يف احلديـث املصرحة أبن هذا توسل بدعاء النيب ‪ً ‬ل بذاته أو جاهه؛‬
‫ولذا ذكر أهـل العلم هذا احلديث من معجزات النيب ‪ ‬ودعائه املستجاب‪ ،‬فإنه ‪ ‬بربكـة‬
‫دعائه هلذا األعمى أعاد هللا عليه بصره وهلـذا أورده البيـهقي يف دًلئـل النبوة (‪. )2‬‬
‫وأما اآلن وبعد موت النيب ‪ ‬فإن مثل هذا ًل ميكن أن يكون لتعـذر دعاء النيب ‪ ‬ألحد‬
‫بعد املوت‪ ،‬كما قال النيب ‪{ ‬إذا مات اإلنسان انقطـع عمله إًل من ثالث‪ :‬صدقة جارية‬

‫أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صاحل يدعو لـه} (‪ ، )3‬رواه مسلم (‪. )4‬‬
‫والدعاء من األعمال الصاحلة اليت تنقطع ابملوت‪.‬‬
‫وعلى كل فإن مجيع ما يتعلق به هؤًلء ًل حجة فيه؛ إما لعدم صحته‪ ،‬أو لعدم دًللته على‬
‫ما ذهبوا إليه‪.‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬الغلو‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريفه‪ :‬الغلو يف اللغة هو جماوزة احلد‪ ،‬أبن يزيد يف محد الشيء أو ذمه على ما‬
‫يستحق‪.‬‬
‫ويف الشرع‪ :‬هو جماوزة حدود ما شرع هللا لعباده سواء يف العقيـدة أو العبادة‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري املرضى (‪ ، )5328‬مسلم الرب والصلة واآلداب (‪ ، )2576‬أمحد (‪. )347/1‬‬
‫)‪ (2‬دًلئل النبوة للبيهقي (‪. )167 / 6‬‬
‫)‪ (3‬مسلم الوصية (‪ ، )1631‬الرتمذي األحكام (‪ ، )1376‬النسائي الوصااي (‪ ، )3651‬أبو داود الوصااي (‪، )2880‬‬
‫أمحد (‪ ، )372/ 2‬الدارمي املقدمة (‪. )559‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )1631‬‬

‫‪52‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ب‪ -‬حكمه‪ :‬التحرمي؛ ملا جاء من النصوص يف النهي عنه والتحذيـر منه وبيـان سـوء عواقبه‬
‫‪      ‬‬ ‫على أهله يف العاجل واآلجل‪ .‬قال هللا تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }  ‬النساء‪.)171 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫{ ‪            ‬‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }            ‬املائدة‪.)77 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وعن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ :‬أن رسـول هللا ‪ ‬قـال‪{ :‬إيـاكم والغلو‪ ،‬فإَّنا هلك من‬

‫كان قبلكم ابلغلو يف الدين} (‪ ، )3‬رواه أمحد واحلـاكـم وصححه ووافقه الذهيب (‪. )4‬‬

‫وعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬هلك املتنطعون} (‪ ، )5‬قاهلـا ثالاث‪،‬‬
‫رواه مسلم (‪. )6‬‬
‫وعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل تطروين كمـا أطرت النصارى‬

‫عيسى ابن مرمي‪ ،‬إَّنـا أنـا عبـد هللا ورسـوله} (‪ ، )7‬رواه البخاري (‪. )8‬‬
‫واملراد هذا احلديث‪ ،‬أي‪ً :‬ل متدحوين فتغلوا يف مدحي كمـا غلـت النصارى يف عيسى‬
‫فادعوا فيه الربوبية واأللوهية‪ ،‬وإَّنا أًن عبد هللا فصفـوين مبا وصفين به ريب‪ ،‬وقولوا‪ :‬عبد هللا‬
‫ورسوله‪ ،‬فأىب الضالل إًل خمالفة ألمـره وارتكااب لنهيه وًنقضوه أعظم املناقضة فغلوا فيه وابلغوا‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 171 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 77 :‬‬
‫)‪ (3‬النسائي مناسك احلج (‪ ، )3057‬ابن ماجه املناسك (‪ ، )3029‬أمحد (‪. )347/1‬‬
‫)‪ (4‬املسند (‪ ، )347 / 1‬واملستدرك (‪. )638 / 1‬‬
‫)‪ (5‬مسلم العلم (‪ ، )2670‬أبو داود السنة (‪ ، )4608‬أمحد (‪. )386/1‬‬
‫)‪ (6‬صحيح مسلم برقم (‪. )2670‬‬
‫)‪ (7‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3261‬أمحد (‪. )24/1‬‬
‫)‪ (8‬صحيح البخاري برقم (‪. )3445‬‬

‫‪53‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫يف إطرائه وادعوا فيه ما ادعت النصارى يف عيسى أو قريبا منه‪ ،‬فسألوه مغفرة الذنوب وتفريـج‬
‫الكروب وشفاء األمراض وحنو ذلك مما هو خمتص ابهلل وحده ًل شريك لـه‪ ،‬وكل ذلك من‬
‫الغلو يف الدين‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الرابع‪ :‬الشرك والكفر وأنواعهما‬


‫وفيه مطالب‬
‫ما من ريب أن يف معرفة املسلم للشرك والكفر وأسباهبما ووسـائلهما وأنواعهما فوائد‬
‫عظيمة‪ ،‬إذا عرفها معرفة يقصد من ورائها السالمة من هذه الشرور والنجاة من تلك اآلفات‪،‬‬
‫وهللا سبحانه حيـب أن تعرف سبيل احلـق لتحب وتسلك‪ ،‬وحيب أن تعرف سبل الباطل لتجتنب‬
‫وتبغـض‪ ،‬واملسـلم كما أنه مطالب مبعرفة سبيل اخلري ليطبقها‪ ،‬فهو كذلك مطالب مبعرفة سـبل‬
‫الشر ليحذرها‪ ،‬وهلذا ثبت يف الصحيحني عن حذيفة بن اليمان رضـي هللا عنهما أنه قال‪:‬‬
‫{كان الناس يسألون رسول هللا ‪ ‬عن اخلري وكنت أسـأله عن الشر خمافة أن‬

‫يدركين} (‪. )2( )1‬‬


‫ويقول عمر بن اخلطاب ‪ " ‬إَّنا تنقض عـرى اإلسـالم عروة عروة إذا نشأ يف اإلسالم‬
‫من ًل يعرف اجلاهلية "‪.‬‬
‫والقرآن الكرمي مليء ابآلايت املبينة للشرك والكفر واحملذرة من الوقـوع فيهما‪ ،‬والدالة على‬
‫سوء عاقبتهما يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬بل إن ذلك مقصـد عظيم من مقاصد القرآن الكرمي والسنة‬
‫‪     ‬‬ ‫املطهرة‪ ،‬كمـا قـال هللا تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3(}‬األنعام‪.)55 :‬‬


‫وفيما يِّلي ذكر لبعض املطالب املهمة املتعلقة هبذا اجلانب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الشرك‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريفه‪ :‬يطلق الشرك يف اللغة على التسوية بني الشيئني‪.‬‬
‫وله يف الشرع معنيان‪ :‬عام وخاص‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري املناقب (‪ ، )3411‬مسلم اإلمارة (‪ ، )1847‬أمحد (‪. )387/5‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7084‬وصحيح مسلم برقم (‪. )1847‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنعام آية ‪. 55 :‬‬

‫‪55‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 1‬املعىن العام‪ :‬تسوية غري هللا ابهلل فيما هو من خصائصه سـبحانه‪ ،‬ويندرج حتته ثالثة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫األول‪ :‬الشرك يف الربوبية‪ ،‬وهو تسوية غري هللا ابهلل فيمـا هـو مـن خصائص الربوبية‪ ،‬أو‬
‫نسبة شيء منها إىل غريه‪ ،‬كاخللق والرزق واإلجيـاد واإلماتة والتدبري هلذا الكون وحنو ذلك‪.‬‬
‫‪               ‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( } ‬فاطر‪.)3 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪   ‬‬

‫الثاين‪ :‬الشـرك يف األمساء والصفات‪ ،‬وهو تسوية غـري هللا بـاهلل يف شيء منها‪ ،‬وهللا تعاىل‬
‫‪ ( )2( }   ‬الشورى‪.) 11 :‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫يقول‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫الثالث‪ :‬الشرك يف األلوهية‪ ،‬وهو تسوية غري هللا ابهلل يف شـيء مـن خصائص األلوهية‪،‬‬
‫كالصالة والصيام والدعاء واًلستغاثة والذبـح والنـذر وحنو ذلك‪.‬‬
‫‪          ‬‬ ‫قال هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬البقرة‪.)165 :‬‬


‫‪ -2‬املعىن اخلاص‪ :‬وهو أن يتخذ هلل ندا يدعوه كـما يدعو هللا ويسأله الشفاعة كما يسأل‬
‫هللا ويرجوه كما يرجو هللا‪ ،‬وحيبه كما حيب هللا‪ ،‬وهـذا هو املعىن املتبادر من كلمة " الشرك " إذا‬
‫أطلقت يف القرآن أو السنة‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة فاطر آية ‪. 3 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الشورى آية ‪. 11 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة البقرة آية ‪. 165 :‬‬

‫‪56‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ب‪ -‬األدلة على ذم الشرك وبيان خطره‪.‬‬


‫لقد تنوعت دًللة النصوص على ذم الشرك والتحذير منه وبيان خطـره وسوء عاقبته على‬
‫املشركني يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫‪ - 1‬فقد أخرب هللا سـبحانه أنه الذنب الذي ًل يغفره إًل ابلتوبة منـه قبل املوت‪ ،‬فقال‬
‫‪( )1( }       ‬النساء‪.)48 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫تعاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪   ‬‬ ‫‪ - 2‬ووصفه أبنه أظلم الظلم‪ ،‬فقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪ ( )2( }‬لقمان‪.) 13 :‬‬

‫{ ‪      ‬‬ ‫‪ - 3‬وأخرب أنه حمبط لألعمال‪ ،‬فقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }              ‬الزمر‪.)65 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫{ ‪  ‬‬ ‫‪ - 4‬ووصفه أبن فيه تنقصا لرب العاملني ومساواة لغريه به‪ ،‬فقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )4( }       ‬الشعراء‪:‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬

‫‪.)98 -96‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫‪ - 5‬وأخرب أن من مات عليه يكون خملدا يف ًنر جهنم‪ ،‬فقال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }  ‬املائدة‪.)72 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪               ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫إىل غري ذلك من أنواع األدلة‪ ،‬وهي كثرية جدا يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫ج‪ -‬سبب وقوع الشرك‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 48 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة لقمان آية ‪. 13 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الزمر آية ‪. 65 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الشعراء آية ‪. 98 - 96 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة املائدة آية ‪. 72 :‬‬

‫‪57‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إن أصل الشرك وسبب وقوعه يف بين آدم هـو الغلـو يف الصـاحلني املعظمني‪ ،‬وجتاوز احلد‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫يف إطرائهم ومدحهم والثناء عليهم‪ ،‬قال هللا تعـاىل‪:‬‬
‫‪        ‬‬ ‫‪      ‬‬

‫‪( )1( }‬نـوح‪.)24 -23 :‬‬


‫فهذه أسـماء رجـال صـاحلني من قوم نوح ملا مـاتوا جعلـوا لـهم أصنـامـا على صـورهم وسـموها‬
‫أبمسائهم قـاصدين بذلك تعظيمهم وختليد ذكرهم وتذكر فضلهم إىل أن آل هبـم األمـر إىل‬
‫عبادهتم‪.‬‬
‫ويشـهد لـهذا ما روي عن ابن عباس رضي هللا عنهما أنـه قـال‪ " :‬صارت األواثن اليت‬
‫كانت يف قوم نوح يف العرب بعد‪ ،‬أمـا ود فكـانت لكلب بدومة اجلندل‪ ،‬وأما سواع فكانت‬
‫هلذيل‪ ،‬وأما يغوث فكانت ملـراد‪ ،‬مث لبين غطيف ابجلوف عند سبأ‪ ،‬وأما يعوق فكانت هلمدان‪،‬‬
‫وأمـا نسـر فكانت حلمري آلل ذي الكالع‪ ،‬أمساء رجال صاحلني من قوم نوح‪ ،‬فلما هلكوا‬
‫أوحى الشيطان إىل قومهم أن انصبوا إىل جمالسهم اليت كانوا جيلسـون أنصااب ومسوها أبمسائهم‬
‫ففعلوا فلم تعبد حىت إذا هلك أولئك ونسخ (ونسخ العلم) (‪ )2‬العلـم عبدت " (‪. )3‬‬
‫روى ابن جرير الطربي عن حممد بن قيس عند قوله تعاىل‪ :‬وقالوا ًل تذرن آهلتك اآلية‪،‬‬
‫قال‪ " :‬كانوا قوما صاحلني من بين آدم‪ ،‬وكان هلـم أتباع يقتدون هم‪ ،‬فلما ماتوا قال أصحاهبم‬
‫الذين كانوا يقتدون هبـم‪ :‬لـو صورًنهم كان أشوق لنا إىل العبادة إذا ذكرًنهم‪ ،‬فصوروهم‪ ،‬فلما‬
‫مـاتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال‪ :‬إَّنا كانوا يعبدوهنم وهبـم يسـقون املطر‪،‬‬
‫فعبدوهم " (‪ . )4‬فجمعوا بني فتنتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬العكوف عند قبورهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة نوح آية ‪. 24 - 23 :‬‬


‫)‪ (2‬أي علم تلك الصور خبصوصها ‪.‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪. )4920‬‬
‫)‪ (4‬تفسري الطربي (‪. )254 / 12‬‬

‫‪58‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الثانية‪ :‬تصوير صورهم ونصبها يف جمالسهم واجللوس إليها‪.‬‬


‫فبهذا وقع الشرك ألول مرة يف اتريخ البشرية فهما أعظم وسائل الشرك يف كل زمان ومكان‪.‬‬
‫د‪ -‬أنواع الشرك‪ :‬ينقسم الشرك إىل قسمني‪ :‬أكرب وأصغر‪.‬‬
‫‪ - 1‬الشرك األكرب‪ :‬هو اختاذ ند مع هللا يعبد كما يعبد هللا‪ ،‬وهـو ًنقل من ملة اإلسالم‬
‫حمبط لألعمال كلها‪ ،‬وصاحبه إن مات عليه يكـون خملدا يف ًنر جهنم ًل يقضى عليه فيموت‬
‫وًل خيفف عنه من عذاهبا‪.‬‬
‫أنواع الشرك األكرب‪ :‬وينقسم الشرك األكرب إىل أربعة أنواع‪:‬‬
‫‪ - 1‬شرك الدعوة‪ ،‬أي الدعاء‪ ،‬وذلك أن الدعاء من أعظـم أنـواع العبادة‪ ،‬بل هو لب‬
‫العبادة كما قال النيب ‪{ ‬الدعاء هو العبـادة} (‪ ، )1‬رواه أمحد والرتمذي وقال حديث‬

‫‪   ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫حسن صحيح (‪ )2‬قال هللا تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( } ‬غافر‪.)60 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫وملا ثبت أن الدعاء عبادة‪ ،‬فصرفه لغري هللا شرك‪ ،‬فمن دعا نبيا أو ملكـا أو وليا أو قربا أو‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫حجرا أو غري ذلك من املخلوقني فهو مشرك كافر‪ ،‬كمـا قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )4( }                         ‬املؤمنون‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪.)117‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫ومن األدلة على أن الدعاء عبادة وأن صرفه لغري هللا شرك قوله تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }                             ‬العنكبوت‪:‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )2969‬ابن ماجه الدعاء (‪. )3828‬‬


‫)‪ (2‬مسند أمحد (‪ ، )267 / 4‬وسنن الرتمذي برقم (‪. )2969‬‬
‫)‪ (3‬سورة غافر آية ‪. 60 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة املؤمنون آية ‪. 117 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة العنكبوت آية ‪. 65 :‬‬

‫‪59‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ ،)65‬فأخرب عن هؤًلء املشركني أبهنم يشـركون ابهلل يف رخائهم‪ ،‬وخيلصون له يف كرهبم وشدهتم‪،‬‬
‫فكيف مبن يشرك ابهلل يف الرخاء والشدة عياذا ابهلل‪.‬‬
‫‪ - 2‬شرك النية واإلرادة والقصد‪ ،‬وذلك أن ينوي أبعماله الدنيـا أو الرايء أو السمعة‪ ،‬إرادة‬
‫كلية كأهل النفاق اخللص‪ ،‬ومل يقصد هبا وجـه هللا والدار اآلخرة‪ ،‬فهو مشرك الشرك األكرب‪،‬‬
‫‪            ‬‬ ‫قال هللا تعـاىل‪{ :‬‬
‫‪                 ‬‬

‫‪( )1( }     ‬هود‪.)16-15 :‬‬


‫وهذا النوع من الشرك دقيق األمر ابلغ اخلطورة‪.‬‬
‫‪ - 3‬شرك الطاعة‪ ،‬فمن أطاع املخلوقني يف حتليل ما حرم هللا أو حتـرمي ما أحل هللا‪ ،‬ويعتقد‬
‫ذلك بقلبه أي أنه يسوغ هلم أن حيللوا وحيرموا ويسـوغ له ولغريه طاعته يف ذلك مع علمه أبنه‬
‫خمالف لدين اإلسالم فقد اختذهـم أراباب من دون هللا وأشرك ابهلل الشرك األكرب‪.‬‬
‫{ ‪         ‬‬ ‫قال هللا تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )2( } ‬التوبة‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪         ‬‬

‫‪.)31‬‬
‫وتفسري اآلية الذي ًل إشكال فيه‪ :‬طاعة العلماء والعباد يف املعصيـة (أي يف تبديل حكـم‬
‫هللا) ًل دعاؤهم إايهم‪ ،‬كما فسرها النيب ‪ ‬لعدي بن حـامت ملا سأله فقال‪ :‬لسنا نعبدهم ؟‬
‫فذكر له أن عبادهتم طاعتهم يف املعصيـة (يف تبديل حكـم هللا)‪ ،‬فقال‪{ :‬أليس حيرمون ما أحل‬

‫هللا فتحرمونه وحيلون مـا حرم هللا فتحلونه} ‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪ .‬قال‪{ :‬فتلك عبادهتم} ‪ ،‬رواه‬
‫الرتمذي وحسنه‪ ،‬والطرباين يف املعجم الكبري (‪. )3‬‬

‫)‪ (1‬سورة هود آية ‪. 16 - 15 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة التوبة آية ‪. 31 :‬‬
‫)‪ (3‬سنن الرتمذي برقم (‪ ، )3095‬واملعجم الكبري للطرباين (‪. )92 / 17‬‬

‫‪60‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 4‬شرك احملبة‪ ،‬واملراد حمبة العبودية املستلزمة لإلجـالل والتعظيـم والذل واخلضوع اليت ًل‬
‫تنبغي إًل هلل وحده ًل شريك له‪ ،‬ومىت صرف العبد هذه احملبة لغري هللا فقد أشرك به الشرك‬
‫{ ‪           ‬‬ ‫األكرب‪ ،‬والدليل قوله تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( } ‬البقرة‪.)165 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ -2‬النوع الثاين من أنواع الشرك‪ ،‬الشرك األصغر‪:‬‬


‫وهو كل ما كان ذريعة إىل الشرك األكرب ووسيلة للوقوع فيه أو مـا جاء يف النصوص تسميته‬
‫شركا ومل يصل إىل حد األكرب‪ ،‬وهو يقع يف هيئـة العمل وأقوال اللسان‪ .‬وحكمه حتت املشيئة‬
‫كحكم مرتكب الكبرية‪.‬‬
‫ومن أمثلته ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬يسري الرايء‪ ،‬والدليل ما رواه اإلمام أمحد وغريه عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬إن أخوف ما‬
‫أخاف عليكم الشرك األصغر‪ ،‬قالوا‪ :‬ومـا الشـرك األصغر اي رسول هللا قال‪( :‬الرايء‪ ،‬يقول هللا‬
‫تعاىل يوم القيامة إذا جـازى الناس أبعماهلم‪ :‬اذهبوا إىل الذين كنتم تراؤون يف الدنيا‪ ،‬فانظروا‬
‫هل جتدون عندهم جزاء}(‪. )3( )2‬‬

‫ب‪ -‬قول‪ " :‬ما شاء هللا وشئت "‪ ،‬روى أبو داود يف سننه عن النيب ‪ً{ ‬ل تقولوا ما‬

‫شاء هللا وشاء فالن‪ ،‬ولكن قولوا ما شـاء هللا مث شـاء فالن} (‪. )5( )4‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 165 :‬‬


‫)‪ (2‬أمحد (‪. )428/5‬‬
‫)‪ (3‬مسند أمحد (‪ ، )428 / 5‬قال املنذري إسناده جيد ‪ ،‬الرتغيب والرتهيب (‪ ، )48 / 1‬وقال اهليثمي ‪ :‬رجالـه رجال‬
‫الصحيح ‪ ،‬جممع (‪. )102 /1‬‬
‫)‪ (4‬أبو داود األدب (‪ ، )4980‬أمحد (‪. )399/5‬‬
‫)‪ (5‬سنن أيب داود برقم (‪ ، )4980‬قال الذهيب يف خمتصر البيهقي (‪ )2 / 140 / 1‬إسناده صاحل ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ج‪ -‬قـول‪ " :‬لـوًل هللا وفـالن "‪ ،‬أو قول‪ " :‬لـوًل البـط ألاتنـا اللصوص "‪ ،‬ونـحو ذلك‪ ،‬روى‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫ابـن أبـي حامت يف تفسريه عـن ابـن عبـاس رضـي هللا عنهمـا يف معىن قـوله تعـاىل‪:‬‬

‫‪ )1( } ‬قـال‪ " :‬األنداد هو الشـرك أخفى مـن دبيب النمل على‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫صفاة سـوداء يف ظلمة الليـل‪ ،‬وهـو أن تقـول‪ :‬وهللا وحياتـك يـا فالنـة وحيايت‪ ،‬وتقول‪ :‬لوًل كليبة‬
‫هذا ألاتًن اللصـوص‪ ،‬ولوًل البط يف الدار ألتى اللصوص‪ ،‬وقول الرجل ألصحابه‪ :‬مـا شـاء هللا‬
‫وشئت‪ ،‬وقول الرجل‪ :‬لوًل هللا وفالن‪ً ،‬ل جتعل فيها فالًن‪ ،‬هذا كلـه بـه شرك " (‪.)2‬‬
‫الفرق بني الشرك األكرب واألصغر‪:‬‬
‫بني الشرك األكرب واألصغر فروق عديدة‪ ،‬أمهها ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن الشرك األكرب ًل يغفر هللا لصاحبه إًل ابلتوبة‪ ،‬وأما األصغر فتحـت املشيئة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الشرك األكرب حمبط جلميع األعمال‪ ،‬وأما األصغر فـال حيبـط إًل العمل الذي قارنه‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الشرك األكرب خمرج لصاحبه من ملة اإلسالم‪ ،‬وأما الشرك األصغـر فال خيرجه منها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن الشرك األكرب صاحبه خالد يف النار وحمرمة عليـه اجلنـة‪ ،‬وأمـا األصغر فكغريه من‬
‫الذنوب‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الكفر‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعريفه‪ :‬الكفر لغة يطلق على السرت والتغطية‪.‬‬
‫وشـرعـا‪ :‬ضد اإلميان‪ ،‬وهـو‪ :‬عدم اإلميان ابهلل ورسـوله‪ ،‬سـواء كان معـه تكذيب أو مل يكن‬
‫معه تكذيب‪ ،‬بل عـن شـك وريـب‪ ،‬أو إعراض عن ذلك حسدا وكربا أو اتباعا لبعض األهواء‬
‫الصارفة عن اتبـاع الرسالة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنواع الكفر‪:‬‬
‫الكفر نوعان‪ :‬كفر أكرب‪ ،‬وكفر أصغر‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 22 :‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن أيب حامت (‪. )62 / 1‬‬

‫‪62‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ واألصغـر موجب ًلستحقاق الوعيد دون‬،‫فالكفر األكرب هو املوجب للخلـود يف النـار‬


.‫اخللود‬
:‫ الكفر األكرب‬:‫أوال‬
:‫وهو مخسة أنواع‬
‫ فمن كذهبم فيما جاؤوا به‬،‫ وهو اعتقاد كذب الرسـل عليهم السـالم‬،‫ كفـر التكذيب‬-‫أ‬
:‫ والدليل قوله تعـاىل‬،‫ظاهرا أو ابطنا فقد كفر‬
                 {

.)68 :‫) (العنكبوت‬1( }    


  

‫ وأنه جاء ابحلق من‬،‫ وذلك أبن يكون عاملا بصدق الرسـول‬،‫ كفر اإلابء واًلستكبار‬- 2
 { :‫ والدليل قوله تعاىل‬،‫ استكبارا وعنادا‬،‫ لكن ًل ينقاد حلكمه وًل يذعن ألمره‬،‫عند هللا‬
           

.)34 :‫) (البقرة‬2( }


‫ وهو ضد‬،‫ ويقال لـه كفر الظن‬،‫ وعدم اجلزم بصدق الرسل‬،‫ وهو الرتدد‬،‫ كفر الشك‬- 3
.‫اجلزم واليقني‬
            { :‫والدليل قوله تعاىل‬
                

                 

.)38 -35 :‫) (الكهف‬3( }             

. 68 : ‫( سورة العنكبوت آية‬1)


. 34 : ‫( سورة البقرة آية‬2)
. 38 - 35 : ‫( سورة الكهف آية‬3)

63
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 4‬كفر اإلعراض‪ ،‬واملراد اإلعراض الكلي عن الدين‪ ،‬أبن يعـرض بسمعه وقلبه وعلمه‬
‫‪    ‬‬ ‫عما جاء به الرسول ‪ ‬والدليل قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }‬األحقاف‪.)3 :‬‬


‫(‪)2‬‬
‫والدليل‬ ‫‪ - 5‬كفر النفاق‪ ،‬واملراد النفاق اًلعتقادي أبن يظهر اإلميان ويبطـن الكفر‬
‫‪          ‬‬ ‫قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬املنافقون‪.)3 :‬‬


‫والنفاق على ضربني‪:‬‬
‫‪ - 1‬نفاق اعتقاد وهو كفر أكرب ًنقل من امللة وهـو سـتة أنـواع‪ :‬تكذيب الرسول‪ ،‬أو‬
‫تكذيب بعض ما جاء به‪ ،‬أو بغض الرسول‪ ،‬أو بغـض ما جاء به‪ ،‬أو املسرة ابخنفاض دين‬
‫الرسول‪ ،‬أو الكراهية ًلنتصـار ديـن الرسول‪.‬‬
‫‪ - 2‬ونفاق عملي وهو كفر أصغر ًل ينقل من امللة‪ ،‬إًل أنـه جرميـة كبرية وإمث عظيم‪ ،‬ومنه‬
‫ما ذكره النيب ‪ ‬يف احلديث حيث قال‪{ :‬أربـع من كن فيه كان منافقا خالصا‪ ،‬ومن كانت‬
‫فيه خصلة منهن كـانت فيـه خصلة من النفاق حىت يدعها‪ :‬إذا اؤمتن خان‪ ،‬وإذا حـدث كـذب‪،‬‬
‫وإذا عاهد غدر‪ ،‬وإذا خاصم فجر} (‪ )4‬متفق عليه (‪. )5‬‬

‫)‪ (1‬سورة األحقاف آية ‪. 3 :‬‬


‫)‪ (2‬مدارج السالكني (‪. )346 / 1‬‬
‫)‪ (3‬سورة املنافقون آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري اإلميان (‪ ، )34‬مسلم اإلميان (‪ ، )58‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2632‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪، )5020‬‬
‫أبو داود السنة (‪ ، )4688‬أمحد (‪. )189/2‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )34‬وصحيح مسلم برقم (‪. )58‬‬

‫‪64‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وقال عليه الصالة والسالم‪{ :‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدث كـذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪،‬‬

‫وإذا أؤمتن خان} (‪ ، )1‬رواه البخاري (‪. )2‬‬

‫)‪ (1‬البخاري اإلميان (‪ ، )33‬مسلم اإلميان (‪ ، )59‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2631‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪، )5021‬‬
‫أمحد (‪. )536/2‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )33‬‬

‫‪65‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫اثنيا‪ :‬الكفر األصغر‪:‬‬


‫وهو ًل خيرج صاحبه من امللة وًل يوجب اخللود يف النار وإَّنـا عليـه الوعيد الشديد‪ ،‬وهو‬
‫كفر النعمة‪ ،‬ومجيع ما ورد يف النصوص من ذكر الكفر الذي ًل يصل إىل حد الكفر األكرب‪.‬‬
‫ومن األمثلة عليه‪:‬‬
‫{ ‪         ‬‬ ‫مـا ورد يف قـوله تعـاىل‪:‬‬
‫‪             ‬‬

‫‪( )1( } ‬النحل‪.)112 :‬‬

‫ويف قوله ‪{ ‬اثنتان يف الناس مها هبم كفر‪ ،‬الطعن يف النسب والنياحـة على‬

‫امليت} (‪ ، )2‬رواه مسلم (‪. )3‬‬

‫ويف قوله ‪ً{ ‬ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض} (‪ ، )4‬رواه البخاري‬
‫ومسلم (‪.)5‬‬
‫فهذا وأمثاله كفر دون كفر وهو ًل خيرج من امللة اإلسالمية‪.‬‬
‫{ ‪           ‬‬ ‫لقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪                 ‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪( )6( }‬احلجرات‪ ،)10 ،9 :‬فسماهم هللا ‪ ‬مؤمنني مع اًلقتتال‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة النحل آية ‪. 112 :‬‬


‫)‪ (2‬مسلم اإلميان (‪ ، )67‬الرتمذي اجلنائز (‪. )1001‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )67‬‬
‫)‪ (4‬البخاري العلم (‪ ، )121‬مسلم اإلميان (‪ ، )65‬النسائي حترمي الدم (‪ ، )4131‬ابن ماجه الفنت (‪ ، )3942‬أمحد‬
‫(‪ ، )358/4‬الدارمي املناسك (‪. )1921‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )121‬وصحيح مسلم برقم (‪. )65‬‬
‫)‪ (6‬سورة احلجرات آية ‪. 10 ، 9 :‬‬

‫‪66‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

                 { :‫ولقوله تعاىل‬

‫ فدلـت اآلية الكرمية على أن كل ذنب دون‬،)48 :‫) (النساء‬1( }       
     
 
 

‫ إًل‬،‫الشرك حتت املشيئة أي إن شـاء هللا عذبـه بقدر ذنبه وإن شاء عفا عنه من أول وهلة‬
     { :‫الشرك به فإن هللا ًل يغفـره كما هو صريح يف اآلية وقوله تعاىل‬

.)72 :‫) (املائدة‬2( }     


 
  
              
      
 
    

. 48 : ‫( سورة النساء آية‬1)


. 72 : ‫( سورة املائدة آية‬2)

67
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ ادعاء علم الغيب وما يلحق به‬:‫املبحث اخلامس‬


‫ وقد‬،‫الغيب هو كل ما غاب عن العقول واألنظار مـن األمـور احلـاضرة واملاضية واملستقبلة‬
.‫ بعلمه واختص نفسه سـبحانه بذلك‬ ‫استأثر هللا‬
:‫) (النمل‬1( } 
  
  
     
    
  
    { :‫قال هللا تعـاىل‬
       

:‫ وقال تعاىل‬،)26 :‫) (الكهف‬2( } 


  
   
  
 
      { :‫ وقال تعاىل‬،)65
  

.)9 :‫) (الرعد‬3( }         


    
  
   
       {
  

.‫ ًل ملك مقرب وًل نيب مرسل فضال عمن هو دوهنما‬،‫فال يعلم الغيب أحد إًل هللا‬
        { :‫قال هللا تعاىل عن نوح عليه السالم‬

  
  
 
     
   
  { :‫ وقال تعاىل عن هود عليه السالم‬،)31 :‫) (هود‬4(}
    

:‫ وقال تعـاىل لنبيـه حممد عليه الصالة والسالم‬،)23 :‫) (األحقاف‬5( }  
  
    
     

{ :‫ وقـال تعـاىل‬،)50 :‫) (األنعام‬6( }


     
  
  
  
  
    
 
 
 
 
     {
   

              

-31 :‫) (البقرة‬7( }           


  
       
  
  
   
  
  
  
  
    

.)32

. 65 : ‫( سورة النمل آية‬1)


. 26 : ‫( سورة الكهف آية‬2)
. 9 : ‫( سورة الرعد آية‬3)
. 31 : ‫( سورة هود آية‬4)
. 23 : ‫( سورة األحقاف آية‬5)
. 50 : ‫( سورة األنعام آية‬6)
. 32 - 31 : ‫( سورة البقرة آية‬7)

68
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ كما قال‬،‫مث إنه سبحانه قد يطلع بعض خلقه على بعض األمور املغيبة عن طريـق الوحي‬
                { :‫تعاىل‬
                

‫ وهذا من الغيب النسيب الذي غـاب علمـه عـن بعـض‬،)28-26 :‫) (اجلن‬1( }      
‫ ومـن ذا الذي يدعي علمه‬،‫ أما الغيب املطلق فال يعلمه إًل هو سبحانه‬،‫املخلوقات دون بعض‬
.‫وقد استأثر هللا به‬
‫وهلذا فإن الواجب على كل مسلم أن حيذر من الدجاجلة والكذابـني املدعني لعلم الغيب‬
‫ كالسحرة‬،‫ الذين ضلوا يف أنفسهم وأضلوا كثـريا وضلوا عن سواء السبيل‬،‫املفرتين على هللا‬
.‫ وغريهم‬،‫والكذابني واملنجمني‬
‫ ويضلون هبا عوام‬،‫وفيما يلي عرض جلملة من أعمال هؤًلء اليت يدعون هبا علم الغيـب‬
.‫ ويفسدون هبا عقيدهتم وإمياهنم‬،‫املسلمني وجهاهلم‬
.‫ وهو يف اللغة ما خفي ولطف سببه‬:‫ السحر‬- 1
‫ فيمرض ويقتل ويفرق بني‬،‫ويف اًلصطالح هو عزائم ورقى وعقد يؤثِّّر يف القلـوب واألبـدان‬
‫ قال‬،‫ وما له يف اآلخرة من خالق‬،‫ والساحر كـافر ابهلل العظيم‬،‫ وهو كفر‬،‫املرء وزوجه إبذن هللا‬
             { :‫هللا تعاىل‬

              

                 

                  

                

.)102 :‫) (البقرة‬2( }

. 28 - 26 : ‫( سورة اجلن آية‬1)


. 102 : ‫( سورة البقرة آية‬2)

69
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪          ‬‬ ‫ومنه النفث يف العقد‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬‬

‫‪. )1( }   ‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫‪ - 2‬التنجيم‪ :‬وهو اًلستدًلل ابألحوال الفلكية على احلوادث األرضية اليت مل تقع‪ ،‬فعن‬
‫ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬من اقتبس علما من النجوم فقد اقتبس‬

‫شعبة من السحر زاد ما زاد} (‪ ، )2‬رواه أبـو داود (‪. )3‬‬


‫‪ - 3‬زجر الطري واخلط يف األرض‪ :‬فعن قطن بن قبيصة عن أبيه قـال‪ :‬مسعت رسول‬
‫هللا ‪ ‬يقول‪{ :‬العيافة والطرية والطرق من اجلبت} (‪ )5( )4‬أي من السحر‪ ،‬والعيافة زجر‬
‫الطري والتفاؤل والتشاؤم أبمسائها وأصواهتا وممرها‪ ،‬والطرق اخلـط خيط يف األرض‪ ،‬أو الضرب‬
‫ابحلصى وادعاء علم الغيب‪.‬‬
‫‪ - 4‬الكهانة‪ :‬وهي ادعاء علم الغيب‪ ،‬واألصل فيها اسـرتاق اجلـن السمع من كالم‬
‫املالئكة فتلقيه يف أذن الكاهن‪.‬‬
‫عن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬من أتى كاهنـا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنـزل‬

‫على حممد ‪ )6( }‬رواه أبو داود وأمحـد واحلاكـم (‪. )7‬‬

‫)‪ (1‬سورة الفلق آية ‪. 5 - 1 :‬‬


‫)‪ (2‬أبو داود الطب (‪ ، )3905‬ابن ماجه األدب (‪ ، )3726‬أمحد (‪. )227/1‬‬
‫)‪ (3‬سنن أيب داود برقم (‪. )3905‬‬
‫)‪ (4‬أبو داود الطب (‪ ، )3907‬أمحد (‪. )477/3‬‬
‫)‪ (5‬سنن أيب داود برقم (‪ ، )3907‬ومسند أمحد (‪. )477 / 3‬‬
‫)‪ (6‬الرتمذي الطهارة (‪ ، )135‬أبو داود الطب (‪ ، )3904‬ابن ماجه الطهارة وسننها (‪ ، )639‬أمحد (‪، )429/2‬‬
‫الدارمي الطهارة (‪. )1136‬‬
‫)‪ (7‬سنن أيب داود (‪ ، )3904‬ومسند أمحد (‪ ، )429 / 2‬املستدرك (‪ )50 / 1‬قال احلاكم صحيح على شـرط‬
‫الشيخني ووافقه الذهيب ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 5‬كتابة حروف أاب جاد‪ :‬وذلك أبن جيعل لكل حرف منها قـدرا معلوما من العدد‬
‫وجيري على ذلك أمساء اآلدميني واألزمنـة واألمكنـة‪ ،‬مث حيكم عليها ابلسعود أو النحوس وحنو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫قال ابن عباس رضي هللا عنهما يف قوم يكتبون أاب جاد‪ ،‬وينظـرون يف النجوم‪(( :‬ما أرى‬
‫من فعل ذلك له عند هللا من خالق))‪ ،‬رواه عبد الرزاق يف املصنف (‪. )1‬‬
‫‪ - 6‬القراءة يف الكف والفنجان وحنو ذلك مما يدعي به بعض هـؤًلء معرفة احلوادث‬
‫املستقبلة من موت وحياة وفقر وغىن وصحة ومرض وحنـو ذلك‪.‬‬
‫‪ - 7‬حتضر األرواح‪ :‬ويزعم أراببه أهنم يستحضرون أرواح املوتـى ويسألوهنا عن أخبار‬
‫املوتى من نعيم وعذاب وغري ذلك‪ ،‬وهو نـوع مـن الدجل والشعوذة الشيطانية‪ ،‬ويراد منها إفساد‬
‫العقائد واألخالق والتلبيـس على اجلهال وأكل أمواهلم ابلباطل والتوصل إىل دعوى علم الغيب‪.‬‬
‫‪ - 8‬التطري‪ :‬وهو التشاؤم ابلسوانح والبوارح مـن الطـري والظبـاء وغريها‪ ،‬وهذا ابب من‬
‫الشرك وهو من إلقاء الشيطان وختويفه‪.‬‬
‫فعن عمران بن حصني مرفوعا‪{ :‬ليس منا من تطري أو تطـري لـه‪ ،‬أو تكهن أو تكهن له‪،‬‬

‫أو سحر أو سحر له‪ ،‬ومن أتى كاهنا فصدقه مبا يقـول فقد كفر مبا أنـزل على حممد ‪، }‬‬
‫رواه البزار (‪. )2‬‬
‫وهللا املسؤول أن يصلح أحوال املسلمني‪ ،‬ومينحهم الفقه يف الدين‪ ،‬ويعيذهم من خداع‬
‫اجملرمني وتلبيس أولياء الشياطني‪.‬‬

‫)‪ (1‬املصنف (‪. )26 / 11‬‬


‫)‪ (2‬مسند البزار (‪ ، )3578( )52 / 9‬وقال اهليثمي يف جممع الزوائد (‪ )117 /5‬رجاله رجال الصحيح ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الثالث‪ :‬توحيد األمساء والصفات‬


‫ويشتمل على متهيد وثالثة مباحث‪:‬‬
‫التمهيد‪ :‬اإلميان ابألمساء والصفات وأثر ذلك على املسلم‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريفه وأدلته‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريفه‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬املنهج احلق يف إثباته‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬أدلة هذا املنهج‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬أمثلة تطبيقية إلثبات األمساء‬
‫والصفات يف ضوء الكتاب والسنة‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬قواعد يف ابب األمساء والصفات‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫التمهيد‬
‫اإلميان ابألمساء والصفات‬
‫وأثر ذلك يف سلوك املسلم‬
‫إن لإلميان أبمساء هللا وصفاته آاثرا عظيمة يف نفس املسلم وحتقيقه لعبادة ربه‪ .‬فمن آاثرها‬
‫تلك املعاين اليت جيدها العبد يف عبوديته القلبية اليت تثمـر التوكل على هللا تعاىل واًلعتماد عليه‪،‬‬
‫وحفظ جوارحه‪ ،‬وخطرات قلبـه‪ ،‬وضبط هواجسه حىت ًل يفكر إًل فيما يرضي هللا تعاىل‪ ،‬وحيـب‬
‫هلل ويف هللا‪ ،‬به يسمع‪ ،‬وبه يبصر‪ ،‬ومع ذلك هو واسع الرجاء وحسن الظن بربه‪.‬‬
‫هذه املعاين وغريها مما يتعلق ابإلميان مبعاين األمساء والصفـات تثمـر العبودية الظاهرة والباطنة‬
‫على تفاوت بني شخص وآخر وذلك فضـل هللا يؤتيه من يشاء‪.‬‬
‫فالمسه "الغفار" أثره العظيم يف حمبته وعدم اليأس من رمحتـه وًلمسـه " شديد العقاب " أثره‬
‫الكبري يف خشيته وعدم اجلرأة على حمارمه‪ .‬وهكـذا ألمسائه األخرى وصفاته آاثرها حبسب‬
‫دًلًلهتا املتنوعة يف نفـس املسـلم واستقامته على شرع هللا بل وحتقيق حمبته يف القلوب اليت هي‬
‫أساس سـعادة املسلم يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬ومفتاح كل خري وأعظم عون للعبد على عبادتـه لربه‬
‫على أكمل الوجوه إذ األعمال الظاهرة ختف وتثقل على النفس حبسـب احملبة القلبية هلل تعاىل‪.‬‬
‫فإكمال العمل وحتسينه على ما أراد هللا منوط ابحملبة القلبية هلل‪ .‬واحملبـة منوطة مبعرفة هللا‬
‫أبمسائه وصفاته‪ .‬وهلذا كان أعظم الناس عبادة هلل رسـل هللا الذين هم أعظم الناس حمبة له‬
‫وأعرفهم به‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف توحيد األمساء والصفات وأدلته‬


‫أوال‪ :‬تعريفه‪:‬‬
‫توحيد األمساء والصفات‪ :‬هو إثبات ما أثبت هللا لنفسه‪ ،‬وأثبته له رسوله ‪ ‬ونفي ما نفى‬
‫هللا عن نفسه‪ ،‬ونفاه عنـه رسـوله ‪ ‬مـن األمسـاء والصفات واإلقرار هلل تعاىل مبعانيها الصحيحة‬
‫ودًلًلهتا واستشعار آاثرهـا ومقتضياهتا يف اخللق‪.‬‬
‫اثنيًا‪ :‬املنهج يف إثباته‪:‬‬
‫يقوم املنهج احلق يف ابب األمساء والصفات على اإلميان الكامل والتصديق اجلازم مبا وصف‬
‫هللا به نفسه ووصفه به رسوله ‪ ‬من غـري حتريـف وًل تعطيل‪ ،‬ومن غري تكييف وًل متثيل‪.‬‬
‫والتحريف‪ :‬هو التغيري وإمالة الشيء عن وجهه‪ .‬وهو قسمان‪:‬‬
‫‪ - 1‬حتريف لفظي‪ .‬وذلك ابلزايدة يف الكلمة أو النقص أو تغيري حركة يف الكلمة كتحريف‬
‫‪( )1( } ‬طه‪ )5 :‬إىل استوىل‪.‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫كلمة استوى يف قولـه تعـاىل‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫قال صاحب النونيـة‪:‬‬


‫‪ ‬يف وحي رب العرش زائداتن‬ ‫نـون اليـهود والم جهمي مها‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ - 2‬حتريف معنوي‪ .‬وذلك بتفسري اللفظ على غري مراد هللا ورسوله منـه كمن‬
‫فسر " اليد " هلل تعاىل ابلقوة أو النعمة‪ .‬فإن هذا تفسري ابطل ًل يـدل عليه الشرع وًل اللغة‪.‬‬
‫والتعطيل‪ :‬هو نفي صفات هللا تعاىل كمن زعم أن هللا تعاىل ًل يتصـف بصفة‪.‬‬
‫والفرق بني التحريف والتعطيل هو أن التحريف نفي املعىن الصحيح الذي دلت عليه‬
‫النصوص واستبداله مبعىن آخر غري صحيح أما التعطيل فهو نفـي املعىن الصحيح من غري‬
‫استبدال له مبعىن آخر‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة طه آية ‪. 5 :‬‬

‫‪74‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والتكييف‪ :‬تعيني كيفية الصفة واهليئة اليت تكون عليها كفعـل بعـض املنحرفني يف هذا‬
‫الباب الذين يكيفون صفات هللا فيقولون كيفية يده‪ :‬كـذا وكذا‪ ،‬وكيفية استوائه على هيئة كذا‬
‫وكذا‪ .‬فإن هذا ابطل إذ ًل يعلم كيفية صفات هللا إًل هو وحده وأما املخلوقون فإهنم جيهلون‬
‫ذلك ويعجزون عـن إدراكه‪.‬‬
‫والتمثيل‪ :‬هو التشبيه كمن يقول هلل مسع كسمعنا ووجه كوجوهنا تعـاىل هللا عن ذلك‪.‬‬
‫وينتظم املنهج احلق يف ابب األمساء والصفات يف ثالثة أصول من حققـها سلم من اًلحنراف‬
‫يف هذا الباب‪ .‬وهي‪:‬‬
‫األصل األول‪ :‬تنـزيه هللا جل وعال عن أن يشبه شيء من صفاته شيئًا من صفات‬
‫املخلوقني‪.‬‬
‫األصل الثاين‪ :‬اإلميان‪ .‬مبا مسى ووصف هللا به نفسه ومبا مساه ووصفه بـه رسوله ‪ ‬على‬
‫الوجه الالئق جبالل هللا وعظمته‪.‬‬
‫األصل الثالث‪ :‬قطع الطمع عن إدراك حقيقة كيفية صفات هللا تعـاىل ألن إدراك املخلوق‬
‫لذلك مستحيل‪.‬‬
‫فمن حقق هذه األصول الثالثة فقد حقق اإلميان الواجب يف ابب األمسـاء والصفات على‬
‫ما قرره األئمة احملققون يف هذا الباب‪.‬‬
‫اثلثًا‪ :‬أدلة هذا املنهج‪:‬‬
‫دلت األدلة من كتاب هللا تعاىل على تقرير هذا املنهج‪.‬‬
‫فمن األدلة على األصل األول‪ :‬وهو تنـزيه الرب ‪ ‬عن مشاهبة املخلوقني‪ ،‬قول هللا‬
‫‪( )1( }   ‬الشورى‪.)11 :‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫تبارك وتعـاىل‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫ومقتضى اآلية نفي املماثلة بني اخلالق واملخـلوق من كل وجه مع إثبات السمع والبصر هلل ‪‬‬
‫ويف هذا إشـارة إىل أن ما يثبت هلل من السـمع والبصر ليس كما يثبت للمخلوقني من هاتني‬

‫)‪ (1‬سورة الشورى آية ‪. 11 :‬‬

‫‪75‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الصفتني مع كثـرة من يتصف هبما من املخلوقني‪ .‬وما يقال يف السـمع والبصر يقال يف غريمها‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫من الصفات‪ .‬واقرأ قوله تعـاىل‪:‬‬

‫‪ . )1( }  ‬أورد ابن كثري يف تفسري اآلية مـا رواه‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫البخـاري يف التوحيـد (‪ )372 13‬واإلمام أمحد يف املسند (‪ )46 6‬عن عائشة رضي هللا عنـها‬
‫قالت‪ " :‬احلمد هلل الذي وسع مسعه األصوات لقد جاءت اجملادلة إىل النيب ‪ ‬تكلمه وأًن يف‬
‫‪.... )2( }‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫ًنحية البيت ما أمسع فأنزل هللا عز وجـل { ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫إىل آخر اآلية "‪. )3( .‬‬


‫‪( )4( }      ‬النحل‪ .)74 :‬قال‬
‫‪    ‬‬ ‫أيضا قول هللا تعاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬ ‫ومن األدلة ً‬
‫الطربي يف تفسري اآلية‪ " :‬فال متثلوا هلل األمثال وًل تشبهوا له األشباه فإنه ًل مثل له وًل‬
‫شبه " (‪. )5‬‬
‫وقال تعاىل‪( )6( }            { :‬مرميَ‪ )65 :‬قال ابن عبـاس رضي هللا عنهما‬
‫شبيها "‪.‬‬
‫مثال أو ً‬
‫يف تفسريها‪ " :‬هل تعلم للرب ً‬
‫‪    ‬‬ ‫ومن األدلة هلذا األصل‪ :‬قول هللا تبارك وتعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )7( }‬اإلخالص‪ )4 :‬قال الطربي‪ " :‬ومل يكن له شبيه وًل عدل وليس كمثله شيء "‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة اجملادلة آية ‪. 1 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة اجملادلة آية ‪. 1 :‬‬
‫)‪ (3‬ابن كثري (‪. )60 /8‬‬
‫)‪ (4‬سورة النحل آية ‪. 74 :‬‬
‫)‪ (5‬الطربي (‪. )621 / 7‬‬
‫)‪ (6‬سورة مرمي آية ‪. 65 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة اإلخالص آية ‪. 4 :‬‬

‫‪76‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ وهو اإلميان مبا جاء يف الكتاب والسـنة من أمساء هللا‬:‫ومن األدلة على األصل الثاين‬
                 {  ‫ قول هللا‬،‫وصفاته‬
                  

                 

 
 
    
 
   
  
   
 { :‫ وقوله تعـاىل‬.)255 :‫) (البقرة‬1( }              

     
  
     {
    :‫ وقوله تعاىل‬.)3 :‫) (احلديد‬2( }                   
                  

             

                

.)24 -22 :‫) (احلشر‬3( }     


 ‫ كـان رسول هللا‬:‫ومن السنة حديث أيب هريرة الذي أخرجه مسلم يف صحيحه قال‬
‫ {اللهم رب السماوات ورب األرض ورب العرش العظيم‬:‫أيمرًن إذا أخذًن مضجعنا أن نقول‬
‫ ومنـزل التوراة واإلجنيل والفرقان أعوذ بك من شر كل‬،‫ربنا ورب كل شيء فالق احلب والنـوى‬
‫ وأنت اآلخر فليس بعدك شيء‬،‫ اللهم أنت األول فليس قبلك شيء‬.‫دابة أنـت آخـذ بناصيتها‬
‫ اقض عنا الدَّيْن وأ ْغنِّنا من‬،‫ وأنت الباطن فليس دونك شيء‬،‫وأنت الظاهر فليس فوقك شيء‬
.‫ والنصوص يف تقرير هذا الباب كثرية جتل عـن احلصر‬. )5( )4( }‫الفقر‬

. 255 : ‫( سورة البقرة آية‬1)


. 3 : ‫( سورة احلديد آية‬2)
. 24 - 22 : ‫( سورة احلشر آية‬3)
، )5051( ‫ أبو داود األدب‬، )3481( ‫ الرتمذي الدعوات‬، )2713( ‫( مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار‬4)
. )404/2( ‫ أمحد‬، )3831( ‫ابن ماجه الدعاء‬
. )2713( ‫( صحيح مسلم برقم‬5)

77
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وأما األصل الثالث وهو قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات هللا تبـارك وتعاىل فقد دل‬
‫‪( )1( }       ‬طه‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫عليه قول هللا تعاىل‪    { :‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪ .)110‬قال بعض أهل العلم يف معىن اآلية‪ً " :‬ل إحاطة للعلم البشري برب السماوات واألرض‬
‫فينفي جنس أنواع اإلحاطـة عـن كيفيتها "‪.‬‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫أيضا قول هللا تعـاىل‪:‬‬
‫ومن األدلة هلذا األصل ً‬
‫‪( )2( }‬األنعام‪ )103 :‬قال بعض العلماء يف معرض حديثه عن اآلية‪ " :‬وهذا يدل على‬
‫كمال عظمته وأنه أكرب من كل شيء‪ ،‬وأنه لكـمال عظمته ًل يدرك حبيث حياط به فإن اإلدراك‬
‫وهو اإلحاطة ابلشيء قدر زائد علـى الرؤية فالرب يرى يف اآلخرة وًل يدرك كما يعلم وًل حياط‬
‫بعلمه "‪ .‬وينبغي للعاقل أن يعلم أن للعقل حدا يصل إليه وًل يتعداه كما أن للسمع والبصر‬
‫حدا ينتهيان إليه‪ ،‬فمن تكلف ما ًل ميكن أن يدرك ابلعقل كالتفكر يف كيفية صفات هللا‪ ،‬فهو‬
‫كالذي يتكلف أن يبصر ما وراء اجلدار أو يسمع األصوات يف األماكن البعيدة جدا عنه‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة طه آية ‪. 110 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنعام آية ‪. 103 :‬‬

‫‪78‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬أمثلة تطبيقية إلثبات األمساء والصفات يف ضوء الكتاب والسنة‬
‫دل الكتاب والسنة على إثبات األمساء والصفات للرب عـز وجـل يف مواطن كثرية من أوجه‬
‫متعددة ويف سياقات متنوعة‪.‬‬
‫واألمساء والصفات الثابتة ابلكتاب والسنة كثرية ًّ‬
‫جدا دونت فيها الكتـب واملصنفات وعد‬
‫أهل العلم الكثري منها‪ .‬ونذكر هنا طائفة منها على سـبيل التمثيل ًل احلصر‪.‬‬
‫فمن أمساء هللا تعاىل‪:‬‬
‫احلي والقيوم‪:‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وقد دل على هذين اًلمسني الكتاب والسنة‪ .‬فمن الكتاب قول هللا تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }             ‬البقرة‪ .)255 :‬ومن السنة حديث أنس بـن مالك ‪ ‬قال‪ :‬كنا‬
‫مع النيب ‪ ‬يف حلقة ورجل قائم يصلي فلمـا ركـع وسجد وتشهد ودعا فقال يف دعائه‪ :‬اللهم‬
‫إين أسألك أبن لك احلمد ًل إلـه إًل أنت بديع السماوات واألرض اي ذا اجلالل واإلكرام اي‬
‫حي اي قيوم‪ .‬فقال النيب ‪{ ‬لقد دعا ابسم هللا األعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل‬

‫به أعطى} (‪. )3( )2‬‬


‫احلميد‪:‬‬
‫‪( )4( }   ‬البقرة‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫وقد دل عليه قـول هللا عـز وجـل‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ .)267‬ومن السنة حديث كعب بن عُ ْجَرة يف التشـهد أن النيب ‪ ‬علمهم أن يقولوا‪{ :‬اللهم‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 255 :‬‬


‫)‪ (2‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3475‬ابن ماجه الدعاء (‪. )3857‬‬
‫)‪ (3‬رواه احلاكم برقم (‪ )1856‬وقال ‪ :‬صحيح على شرط مسلم ووفقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (4‬سورة البقرة آية ‪. 267 :‬‬

‫‪79‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫صل على حممد وعلى آل حممد كما صليت علـى إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك محيد‬
‫جميد} (‪. )2( ) ... )1‬‬
‫الرمحن والرحيم‪:‬‬
‫‪      ‬‬ ‫وقد دل عليهما قـول هللا تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬الفاحتة‪.)3 ،2 :‬‬


‫ومن السنة أمر النيب ‪ ‬كاتبه يوم احلديبية عند كتابة الصلح بينه وبـني املشركني أن‬
‫يكتب (بسم هللا الرمحن الرحيم) (‪. )4‬‬
‫احلليم‪:‬‬
‫‪( )5( }      ‬فاطر‪ .)41 :‬ومـن‬ ‫ودليله من القرآن قوله تعاىل‪     { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫السنة حديث ابن عباس رضي هللا عنهما أن رسول هللا ‪ ‬كان يقول عنـد الكرب‪ً{ :‬ل إله‬

‫إًل هللا العظيم احلليم} (‪ ) .. )6‬احلديث‪. )7( .‬‬

‫)‪ (1‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3190‬مسلم الصالة (‪ ، )406‬الرتمذي الصالة (‪ ، )483‬النسائي السهو‬
‫(‪ ، )1288‬أبو داود الصالة (‪ ، )976‬ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪ ، )904‬أمحد (‪ ، )244/4‬الدارمي‬
‫الصالة (‪. )1342‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3370‬ومسلم برقم (‪. )406‬‬
‫)‪ (3‬سورة الفاحتة آية ‪. 3 ، 2 :‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪. )2731‬‬
‫)‪ (5‬سورة فاطر آية ‪. 41 :‬‬
‫)‪ (6‬البخاري الدعوات (‪ ، )5985‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار (‪ ، )2730‬الرتمذي الدعوات (‪، )3435‬‬
‫ابن ماجه الدعاء (‪ ، )3883‬أمحد (‪. )280/1‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري برقم (‪ ، )6345‬ومسلم برقم (‪. )2730‬‬

‫‪80‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومن صفات هللا‪:‬‬


‫القدرة‪:‬‬
‫وهي صفة ذاتية هلل تعاىل اثبتة ابلكتاب والسنة‪ .‬ومعىن ذاتية‪ :‬أي مالزمـة لذات هللا ًل‬
‫‪( )1( }           ‬البقرة‪ .)20 :‬ومن‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫تنفك عنه سبحانه‪ .‬قال تعاىل‪ { :‬‬

‫السنة حديث عثمان بن أيب العاص أنه شكا إىل النيب ‪ً ‬‬
‫وجعا جيده يف جسده منذ أسلم‬
‫فقال له رسول هللا ‪{ ‬ضع يـدك علـى الذي أتمل من جسدك‪ ،‬وقل‪ :‬بسم هللا ثال ًاث وقل‪،‬‬

‫سبع مرات‪( :‬أعوذ بعـزة هللا وقدرته من شر ما أجد وأحاذر} (‪. )3( )2‬‬
‫احلياة‪:‬‬
‫وهي من صفات هللا الذاتية‪ .‬وهي مشتقة من امسه احلي وقد تقدم ذكـر األدلة عليها‪.‬‬
‫العلم‪:‬‬
‫‪   ‬‬ ‫صفة ذاتية هلل تعاىل وثبوهتا ابلكتاب والسنة‪ .‬قال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }    ‬البقرة‪ .)255 :‬ومن السنة حديث جابر بن عبد هللا أن النيب ‪ ‬كان يعلمهم‬

‫أن يقولوا يف اًلستخارة‪{ :‬اللهم إين أستخريك بعلمـك وأستقدرك بقدرتك} (‪. )6( ) ... )5‬‬
‫اإلرادة‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 20 :‬‬


‫)‪ (2‬مسلم السالم (‪ ، )2202‬الرتمذي الطب (‪ ، )2080‬أبو داود الطب (‪ ، )3891‬ابن ماجه الطب (‪، )3522‬‬
‫أمحد (‪ ، )217/4‬مالك اجلامع (‪. )1754‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم برقم (‪. )2202‬‬
‫)‪ (4‬سورة البقرة آية ‪. 255 :‬‬
‫)‪ (5‬البخاري اجلمعة (‪ ، )1113‬الرتمذي الصالة (‪ ، )480‬النسائي النكاح (‪ ، )3253‬أبو داود الصالة (‪، )1538‬‬
‫ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪ ، )1383‬أمحد (‪. )344/3‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم (‪. )6382‬‬

‫‪81‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وهي صفة فعلية اثبتة ابلكتاب والسنة‪ .‬والصفات الفعلية هـي املتعل َقـة مبشيئة هللا وقدرته‬
‫{ ‪       ‬‬ ‫إن شاء فعلها وإن شاء مل يفعلها‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }         ‬األنعام‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪        ‬‬

‫‪ .)125‬ومن السـنة حديـث عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال‪ :‬مسعت رسول هللا ‪‬‬
‫عذااب‪ ،‬أصاب العذاب من كـان فيهم مث بعثوا على‬
‫ً‬ ‫يقـول‪{ :‬إذا أراد هللا بقوم‬

‫أعماهلم} (‪. )3( )2‬‬


‫العلو‪:‬‬
‫‪   ‬‬ ‫وهو صفة ذاتية اثبتة ابلكتاب والسنة‪ .‬قال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }‬األعلى‪ .)1 :‬وقال تعاىل‪( )5( }             { :‬النحـل‪ .)50 :‬ومن‬

‫السنة حديث أيب هريرة املتقدم يف املبحث األول يف الذكر عند النـوم وفيه‪{ ...( :‬اللهم أنت‬
‫األول فليس قبلك شيء وأنت اآلخر فليـس بعـدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء‬
‫وأنت الباطن فليس دونـك شـيء} (‪. )7( ) ... )6‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنعام آية ‪. 125 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري الفنت (‪ ، )6691‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2879‬أمحد (‪. )40/2‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم برقم (‪. )9287‬‬
‫)‪ (4‬سورة األعلى آية ‪. 1 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة النحل آية ‪. 50 :‬‬
‫)‪ (6‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار (‪ ، )2713‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3481‬أبو داود األدب (‪، )5051‬‬
‫ابن ماجه الدعاء (‪ ، )3831‬أمحد (‪. )536/2‬‬
‫)‪ (7‬رواه مسلم برقم (‪. )2713‬‬

‫‪82‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫االستواء‪:‬‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫وهو صفة فعلية هلل تعاىل اثبتة ابلكتاب والسنة‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }‬طه‪ .)5 :‬وعن قتادة بن النعمان ‪ ‬قال‪ :‬مسعت رسـول هللا ‪ ‬يقول‪{ :‬ملا فرغ‬

‫هللا من خلقه استوى على عرشه} (‪ . )2‬ومعىن اًلسـتواء يف لغة العرب‪ :‬العلو واًلرتفاع‪،‬‬
‫واًلستقرار والصعود واستواء هللا تعاىل علـى عرشه استواء يليق جبالله‪.‬‬
‫الكالم‪:‬‬
‫وهو صفة ذاتية ابعتبار النوع وصفة فعلية ابعتبار أفراد الكالم فهو سبحانه يتكلم مىت‬
‫شاء وكيف شاء بكالم مسموع‪ ،‬وقد دل على صفـة الكـالم األدلة من الكتاب والسـنة‪ .‬قـال‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )3( }  ‬النساء‪،)164 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫تعـاىل‪    { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )4( } ‬األعراف‪.)143 :‬‬


‫‪      ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬

‫ومن السنة حديث أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬احتـج آدم وموسى فقال له‬
‫موسى‪ :‬اي آدم أنت أبوًن خيَّبتنا وأخرجتنا من اجلنة‪ .‬قال لـه آدم‪ :‬اي موسى اصطفاك هللا بكالمه‬
‫وخط لك التوراة بيده} (‪ ) ... )5‬احلديث‪. )6( .‬‬

‫)‪ (1‬سورة طه آية ‪. 5 :‬‬


‫)‪ (2‬رواه الذهيب يف العلو برقم (‪ )119‬وقال ‪ :‬رواته ثقات ‪ ،‬رواه اخلالل يف كتاب السنة ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 164 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األعراف آية ‪. 143 :‬‬
‫)‪ (5‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4461‬مسلم القدر (‪ ، )2652‬الرتمذي القدر (‪ ، )2134‬أبو داود السنة (‪، )4701‬‬
‫ابن ماجه املقدمة (‪ ، )80‬أمحد (‪ ، )314/2‬مالك اجلامع (‪. )1660‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم (‪ ، )6614‬ومسلم برقم (‪. )2652‬‬

‫‪83‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الوجه‪:‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وهو صفة ذاتية خربية اثبتة هلل ‪ ‬ابلكتاب والسنة‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬

‫‪   ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫‪( )1( }‬البقرة‪ .)272 :‬وقوله‪{ :‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪       ‬‬

‫‪( )2( }‬الرمحن‪ ،)27 :‬ومن السنة حديث جابر بن عبد هللا قال‪( :‬ملا نـزلت‪ :‬هذه اآلية‬

‫قال النيب ‪{ ‬أعوذ‬ ‫(‪)3‬‬


‫‪}    ‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{‬

‫فقال النيب ‪{ ‬أعوذ‬ ‫(‪)5‬‬


‫‪}   ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬ ‫بوجهك} (‪ . )4‬فقـال‪{ :‬‬

‫بوجهك} (‪ . )6‬قال { ‪( )7( }          ‬األنعام‪ .)65 :‬فقال النيب ‪{ ‬هذا‬

‫أيسر} (‪. )9( )8‬‬


‫اليدان‪:‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وهي صفة ذاتية خربية هلل ‪ ‬وثبوهتا ابلكتاب والسنة‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫‪( )10( }     ‬املائدة‪ .)64 :‬وقوله تعـاىل‪:‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )11(} ‬ص‪ .)75 :‬ومن السنة حديـث أيب موسى األشعري الذي رواه مسلم‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 272 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الرمحن آية ‪. 27 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنعام آية ‪. 65 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4352‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3065‬أمحد (‪. )309/3‬‬
‫)‪ (5‬سورة األنعام آية ‪. 65 :‬‬
‫)‪ (6‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4352‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3065‬أمحد (‪. )309/3‬‬
‫)‪ (7‬سورة األنعام آية ‪. 65 :‬‬
‫)‪ (8‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4352‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3065‬أمحد (‪. )309/3‬‬
‫)‪ (9‬رواه البخاري برقم (‪. )7406‬‬
‫)‪ (10‬سورة املائدة آية ‪. 64 :‬‬
‫)‪ (11‬سورة ص آية ‪. 75 :‬‬

‫‪84‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬إن هللا يبسط يـده ابلليل ليتوب مسيء النهار‪ ،‬ويبسط يده ابلنهار ليتوب‬

‫مسيء الليـل حىت تطلع الشمس من مغرهبا} (‪. )2( )1‬‬


‫العينان‪:‬‬
‫وهي صفة ذاتية خربية اثبتة هلل ‪ ‬ابلكـتاب والسنة‪ .‬فمن الكتـاب قول هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }      ‬هود‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫(طه‪ .)39 :‬وقوله تعاىل‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪}          ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ .)37‬ومن السنة حديث عبد هللا بن عمـر رضـي هللا عنهما يف الصحيحني عن النيب ‪ ‬أنه‬
‫قال‪{ :‬إن هللا ًل َخيْفى عليكـم إن هللاّ ليس أبعور وأشار بيده إىل عينيه‪ ،‬وإن املسيح الدجال‬

‫أعور العـني اليمىن كأ ّن عينه عنبة طافية} (‪. )6( )5‬‬


‫القدم‪:‬‬
‫وهي صفة ذاتية اثبتة للرب ‪ ‬ابألحاديث الصحيحة‪ .‬ومن ذلـك حديث أيب هريرة يف‬
‫حتاجج اجلنة والنار وفيه‪{ ...( :‬فأما النار فال متتلئ حىت يضع هللا تبارك وتعاىل رجله‪ ،‬تقول‬

‫)‪ (1‬مسلم التوبة (‪ ، )2759‬أمحد (‪. )395/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم برقم (‪. )2759‬‬
‫)‪ (3‬سورة طه آية ‪. 39 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة هود آية ‪. 37 :‬‬
‫)‪ (5‬البخاري التوحيد (‪ ، )6972‬مسلم اإلميان (‪ ، )169‬أمحد (‪. )127/2‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم (‪ ، )7407‬ومسلم برقم (‪. )2933‬‬

‫‪85‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫قط قط قط فهنالك متتلئ ويزوي بعضها إىل بعض} (‪ . )2( ) ... )1‬ويف بعض الرواايت يف‬

‫الصحيحني {فيضع قدمه عليـها} (‪. )4( ) ... )3‬‬


‫وأمساء هللا وصفاته الواردة يف الكتاب والسنة كثرية ًل حتصى وإَّنا هـذه أمثلة وجيب على‬
‫املسلم إثباهتا هلل تبارك وتعاىل على ما يليق جبالله وكمالـه‪ ،‬كما أثبتها هللا لنفسه يف كتابه‪ ،‬وهو‬

‫أعلم بنفسه من خلقه‪ ،‬وأثبتها له رسوله ‪ ‬يف سنته وهو أعلم اخللـق بربـه وأكملـهم ً‬
‫نصحـا‬
‫بياًن وأتقاهم وأخشاهم له‪ ،‬وليحذر من تعطيل هللا مـن صفاته أو تشبيهها‬
‫وأفصحهم وأبلغهم ً‬
‫‪( )5( }   ‬الشورى‪:‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫بصفات املخلوقـني ألن هللا { ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪.)11‬‬

‫)‪ (1‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4569‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2847‬الرتمذي صفة اجلنة (‪، )2557‬‬
‫أمحد (‪. )507/2‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم (‪ )4850‬ومسلم برقم (‪. )2846‬‬
‫)‪ (3‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4569‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2846‬الرتمذي صفة اجلنة (‪، )2557‬‬
‫أمحد (‪. )507/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري برقم (‪ )4849 ، 4848‬ومسلم برقم (‪. )2848‬‬
‫)‪ (5‬سورة الشورى آية ‪. 11 :‬‬

‫‪86‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬قواعد يف ابب األمساء والصفات‬


‫القاعدة األوىل‪ :‬القول يف الصفات كالقول يف الذات‬
‫وبياهنا‪ :‬أن هللا تعاىل ليس كمثله شيء ًل يف ذاته وًل صفاته‪ ،‬وًل أفعالـه‪ .‬فإذا كان هلل ذات‬
‫حقيقية ًل متاثل الذوات بال خالف فكذلـك الصفـات الثابتة له يف الكتاب والسنة‪ ،‬هي صفات‬
‫حقيقية ًل متاثل سـائر الصفـات فالقول يف الذات والصفات من ابب واحد‪.‬‬
‫وهذه قاعدة عظيمة يناقش هبا من ينكر الصفات مع إثباته الذات فـإن إثبات الذات‬
‫للرب ‪ ‬حمل إمجاع األمة‪.‬‬
‫تشبيها هلل خبلقه‪.‬‬
‫فإذا قال قائل‪ً :‬ل أثبت الصفات ألن يف إثباهتا ً‬
‫تشبيها على قولك‬
‫ذاات حقيقية وتثبت للمخلوقني ذو ًاات أفليس هـذا ً‬
‫يقال له‪ :‬أنت تثبت هلل ً‬
‫ذاات هلل ًل تشبه الذوات وًل يسـعه غري هذا‪ .‬قيل له يلزمك هذا يف ابب‬
‫!! فإن قال‪ :‬إَّنا أثبت ً‬
‫الصفات فإن كـانـت الذات ًل تشـبه الذوات وهو حق فكذلك صفات الذات اإلهلية ًل تشبه‬
‫ذاات ًل تعلم كيفيتها‪.‬‬
‫الصفات‪ .‬فإن قال‪ :‬كيف أثبت صفة ًل أعلم كيفيتها‪ .‬قلنا‪ :‬له كما تثبت ً‬
‫القاعدة الثانية القول يف بعض الصفات كالقول يف بعضها اآلخر‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬القول يف بعض الصفات كالقول يف بعضها اآلخر‪.‬‬
‫وشرحها‪ :‬أن القول يف بعض صفات هللا من حيث اإلثبـات والنفي كالقول يف البعض‬
‫اآلخر وهذه القاعدة خياطب هبا من يثبت بعض الصفـات وينكر البعض اآلخر‪ .‬فإذا كان‬
‫الرجل يثبت بعض الصفات كاحلياة والعلـم والقدرة والسمع والبصر وغريها وجيعل ذلك كله‬
‫جمازا فيقال له‪ً :‬ل فرق بني‬
‫حقيقة مث ينازع يف صفـة احملبة والرضا والغضب وغريها‪ ،‬وجيعل ذلك ً‬
‫وعلما‬
‫مـا أثبته وبني ما نفيته فالقول يف أحدمها كالقول يف اآلخر‪ .‬فإن كنت تثبت له حياة ً‬
‫وبصرا ًل تشبه ما يثبت للمخلوقني الذين يتصفـون هبذه الصفات فكذلك يلزمك‬
‫ومسعا ً‬
‫وقدرة ً‬
‫ورضا وغضبًا كـما أخرب هـو عن نفسه من غري مشاهبة للمخلوقني وإًل وقعت‬
‫أن تثبت له حمبة ً‬
‫يف التناقض‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬األمساء والصفات توقيفية‬

‫‪87‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫أمساء هللا وصفاته توقيفية ًل جمال للعقل فيها وعلى هذا فيجـب الوقـوف فيها على ما جاء‬
‫به الكتاب والسنة فال يزاد فيها وًل ينقص ألن العقـل ًل ميكنه إدراك ما يستحقه هللا تعاىل من‬
‫{ ‪       ‬‬ ‫األمساء والصفات فوجب الوقوف على النص‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }         ‬اإلسراء‪ .)36 :‬وقد كان‬


‫‪         ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫أئمة اإلسالم على هذا املنهج‪ .‬قال اإلمام أمحد رمحه هللا‪ً( :‬ل يوصف هللا إًل مبا وصف بـه‬
‫نفسه أو وصفه به رسوله ًل يتجاوز القرآن واحلديث)‪ .‬وقرر بعـض أهـل العلم أن العلم ابلشيء‬
‫حىت ُميكن وصفه له ثالثة طرق‪ :‬إما رؤيتَه‪ ،‬أو رؤيـة مثيله‪ ،‬أو وصفه ممن يعرفه‪ِّ .‬‬
‫وع ْل ُمنَا بَِّربِّّنا‬
‫وأمسائه وصفاته حمصور يف الطريـق الثـالث وهـو وصفه ممن يعرفه وليس أحد أعلم ابهلل مـن هللا‬
‫مث رسـله الذين أوحى إليهم وعلمهم فوجب لزوم طريق الوحي يف أمساء هللا وصفاتـه إذ مل نر ربنا‬
‫يف الدنيا فنصفه وليس له مثيل من خلقه فيوصف بوصفه‪ ،‬تعاىل ربنا وتقدس‪.‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬أمساء هللا كلها حسىن‬
‫‪ ‬‬ ‫أسـماء هللا كلهـا حسىن أي ابلغة يف احلسن غايته‪ .‬قـال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )2( }     ‬األعراف‪ )180 :‬وذلك لدًللتها على أحسن مسـمى وأشرف مدلول وهو‬

‫هللا ‪ ‬وألهنا متضمنة لصفات كـاملة ًل نقـص فيها بوجه من الوجوه ًل احتماًل وًل ً‬
‫تقديرا‪.‬‬
‫مثال ذلك‪( :‬احلي) اسم من أمساء هللا تعاىل متضمن للحياة الكاملة اليت مل تسبق بعدم وًل‬
‫يلحقها زوال‪ .‬احلياة املستلزمة لكمال الصفات مـن العلـم والقدرة والسمع والبصر وغريها‪ .‬ومثال‬
‫آخر‪( :‬العليم) اسم من أمسـاء هللا تعاىل متضمن للعلم الكامل الذي مل يسبق جبهل وًل يلحقه‬
‫‪( )3( } ‬طه‪)52 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫نسـيان‪ .‬قـال تعاىل { ‪‬‬
‫‪  ‬‬

‫)‪ (1‬سورة اإلسراء آية ‪. 36 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األعراف آية ‪. 180 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة طه آية ‪. 52 :‬‬

‫‪88‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫العلـم الواسع احمليط بكل شيء مجلة وتفصيال سواء ما يتعلق أبفعالـه أو أفعـال خلقه‪ .‬كما قال‬
‫‪( )1( }   ‬غافر‪.)19 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫تعاىل‪    { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫واحلسن يف أمساء هللا تعاىل يكون ابعتبار كل اسم على انفراد‪ ،‬ويكـون ابعتبار مجعه إىل‬
‫غريه فيحصل جبمع اًلسم إىل آخر كـمال فوق كمال‪.‬‬
‫ـريا فيكون كل منهما‬
‫مثال ذلك‪( :‬العزيز احلكيم) فإن هللا تعاىل جيمع بينهما يف القرآن كث ً‬
‫داًل على الكمال اخلاص الذي يقتضيه وهـو العـزة يف العزيز واحلكـم واحلكـمة يف احلكيـم‪.‬‬
‫واجلمـع بينهما دال على كمال آخـر وهو أن العزة هلل تعاىل مقرونة ابحلكـمة فعزته ًل تقتضي‬
‫وجورا كمـا يكون من بعض أعزاء املخلوقني فإن بعضهم قد أتخذه العزة ابإلمث فيظلـم‬
‫ظلما ً‬
‫ً‬
‫وجيور‪ ،‬وكذلك حكمه تعاىل وحكـمته مقروًنن ابلعز الكامل خبالف حكـم املخلوق وحكمته‬
‫فإهنما يعرتيهما الذل‪ .‬هذا وهللا أعلم‪.‬‬
‫ويف ختام هذا الباب نشري إىل مجلة من الفوائد والثمرات الـيت جينيـها املسلم بتحقيقه هلذا‬
‫األصل العظيم وهو اإلميان ابهلل وحـده ًل شريك لـه يف ربوبيته وألوهيته وأمسائه وصفاته‪ .‬فمن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن العبد ينال بذلك سعادة الدنيا واآلخرة‪ ،‬بل إن السعادة يف الدارين متوقف احلصول‬
‫عليها على اإلميان ابهلل‪ ،‬فحظ العبد منها حبسب حظه من إميانه بربه وأمسائه وصفاته وألوهيته‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن إميان العبد بربه وأمسائه وصفاته هو أعظم أسباب خوفه سـبحانه وخشيته وحتقيق‬
‫طاعته‪ ،‬فكلما كان العبد بربه أعرف كان إليه أقرب‪ ،‬ومنه أخشى‪ ،‬ولعبادته أطلب‪ ،‬وعن‬
‫معصته وخمالفته أبعد‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة غافر آية ‪. 19 :‬‬

‫‪89‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 3‬أن العبد ينال بذلك طمأنينة قلبه‪ ،‬وراحة نفسه‪ ،‬وأنـس خـاطره‪ ،‬واألمن واًلهتداء يف‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫الدنيا واآلخرة وهللا تعاىل يقول‬

‫‪( )1(} ‬الرعد‪.)28 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪َّ - 4‬‬
‫أن نيل ثواب اآلخرة متوقف على اإلميان ابهلل وصحته‪ ،‬فبتحقيقـه وحتقيق لوازمه ينال‬
‫العبد ثواب اآلخرة فيدخل جنـة عرضها السـماء واألرض فيها من النعيم ما ًل عني رأت وًل‬
‫أذن مسعت وًل خطر على قلب بشر‪ ،‬وينجو من النار وعذاهبا الشديد‪ ،‬وأعظم من ذلك كلـه‬
‫أبدا‪ ،‬ويتلذذ يوم القيامة ابلنظر إىل وجهه الكرمي‬
‫أن يفـوز برضى الرب سبحانه فال يسخط عليه ً‬
‫يف غري ضراء مضرة وًل فتنة مضلة‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن اإلميان ابهلل هو الذي يصحح األعمال وجيعلها مقبولة‪ ،‬فبفقده ًل تقبل بل ترد‬
‫{ ‪       ‬‬ ‫على صاحبها وإن كثرت وتنوعت‪ ،‬قال تعـاىل‬

‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫‪( )2(}           ‬املائدة‪ .)5 :‬وقـال تعـاىل‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )3( }          ‬اإلسراء‪.)19 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪       ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وعمال‪ ،‬ويكسب‬
‫علمـا ً‬
‫‪ - 6‬أن اإلميان الصحيح ابهلل حيمل صاحبه على التزام احلق واتباعه ً‬
‫العبد اًلستعداد التام لتلقي املواعظ النافعة والعرب املؤثـرة‪ ،‬ويوجـب سالمة الفطرة‪ ،‬وحسن‬
‫القصد‪ ،‬واملبادرة إىل اخلـريات‪ ،‬وجمانبـة احملرمات واملنكرات‪ ،‬ولزوم األخالق احلميدة‪ ،‬واخلصال‬
‫الكرميـة‪ ،‬واآلداب النافعة‪.‬‬
‫‪َّ - 7‬‬
‫أن اإلميان ابهلل ملجـأ املؤمنني يف كل ما يلم هلم من شرور وحـزن وأمن وخوف وطاعة‬
‫ومعصية وغري ذلك من األمور اليت ًل بد لكل أحـد منها‪ ،‬فعند احملاب والسرور يلجؤون إىل‬
‫اإلميان ابهلل فيحمدون هللا ويثنـون عليه ويستعملون نعمته فيما حيب‪ ،‬وعند املكـاره واألحـزان‬

‫)‪ (1‬سورة الرعد آية ‪. 28 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 5 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة اإلسراء آية ‪. 19 :‬‬

‫‪90‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫يلجـؤون إىل اإلميان ابهلل فيتسلون إبمياهنم وما يرتتب عليه من األجر والثـواب‪ ،‬وعنـد املخاوف‬
‫واألحزان يلجؤون إىل اإلميان ابهلل فتطمئن قلوهبم ويزداد إمياهنم وتعظم ثقتهم برهبم‪ ،‬وعند‬
‫الطاعات والتوفيق لألعمال الصاحلات يلجـؤون إىل اإلميان ابهلل فيعرتفون بنعمته عليهم‪،‬‬
‫وحيرصون على تكـميلها‪ ،‬ويسألونه الثبات عليها والتوفيق لقبوهلا‪ ،‬وعند الوقوع يف شيء من‬
‫املعاصي يلجـؤون إىل اإلميان ابهلل فيبادرون إىل التوبة منها والتخلص من شرورها وأوضارهـا‪،‬‬
‫فاملؤمنون يف مجيع تقلباهتم وتصرفاهتم ملجؤهم إىل اإلميان ابهلل وحده‪.‬‬
‫‪ -8‬أن معرفة هللا تعاىل أبمسائه وصفاته توجـب حمبة هللا يف القلوب إذ أن أمساء هللا وصفاته‬
‫كاملة من كل وجه والنفوس قد جبلـت علـى حـب الكـمال والفضل فإذا حتققت حمبة هللا يف‬
‫القلوب انقادت اجلوارح ابألعمـال وحتققـت احلكمة اليت خلق العبد من أجلها وهي عبادة هللا‪.‬‬
‫‪ -9‬أن العلم ابألمساء والصفات يورث قوة اليقني بـانفراد هللا تعـاىل بتصريف شؤون اخللق‬
‫وانفراده بذلك ًل شريك له وهذا مما حيقق صـدق التوكل على هللا يف جلب املصاحل الدينية‬
‫والدنيوية ويف ذلك فالح العبـد وجناحه فمن توكل على هللا فهو حسبه‪.‬‬
‫‪ -10‬إحصاء األمساء احلسىن والعلم هبا أصل للعلم بكل معلـوم‪ ،‬فـإن املعلومات سواه إما‬
‫أن تكون خلقا له تعاىل أو أمرا‪ ،‬وهي إمـا علـم مبـا كونه‪ ،‬وإما علم مبا شرعه‪ ،‬ومصدر اخللق‬
‫واألمر عن أمسائه احلسىن ومهـا مرتبطان هبا ارتباط املقتضى مبقتضيه‪ .‬فمن أحصى أمساء هللا‬
‫كمـا ينبغـي للمخلوق أحصى مجيع العلوم‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الباب الثاين‪ :‬بقية أركان اإلميان‬


‫الفصل األول‪ :‬اإلميان ابملالئكة‬
‫وفيه مخسة فصول‪:‬‬
‫ويشتمل على ثالثة مباحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف املالئكة وأصل خلقتهم وصفاهتم وبعض خصائصهم‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬منزلة اإلميان هبم وكيفيته وأدلة ذلك‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬وظائفهم‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف املالئكة وأصل خلقتهم‪ ،‬وصفاهتم‪ ،‬وخصائصهم‬


‫تعريفهم‪:‬‬
‫املالئكة‪ :‬مجع ملَك‪ .‬أخذ من (األَلُ ِّ‬
‫وك) وهي‪ :‬الرسالة‪.‬‬ ‫َ‬
‫وهم‪ :‬خلق من خملوقات هللا‪ ،‬هلم أجسام نورانية لطيفـة قـادرة علـى التشكل والتمثل والتصور‬
‫ابلصور الكرمية‪ ،‬وهلم قوى عظيمة‪ ،‬وقدرة كبـرية على التنقل‪ ،‬وهم خلق كثري ًل يعلم عددهـم‬
‫إًل هللا‪ ،‬قـد اختـارهم هللا واصطفاهم لعبادته والقيام أبمره‪ ،‬فال يعصون هللا ما أمرهم‪ ،‬ويفعلـون‬
‫مـا يؤمرون‪.‬‬
‫أصل خلقهم‪:‬‬
‫واملادة اليت خلق هللا منها املالئكة هي " النور "‪ .‬فعن عائشـة رضـي هللا عنها قالت‪ :‬قال‬
‫رسول هللا ‪{ ‬خلقت املالئكة من نور‪ .‬وخلق اجلان مـن مارج من ًنر‪ ،‬وخلق آدم مما وصف‬

‫لكـم}(‪ )2( )1‬واملارج هو‪ :‬اللهب املختلـط بسواد النار‪.‬‬


‫صفاهتم‪:‬‬
‫قد تضمن الكتاب والسنة الكثري من النصوص املبينة صفـات املالئكـة وحقائقها فمن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫أهنم موصوفون ابلقوة والشدة‪ .‬كما قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }   ‬التحرمي‪ .)6 :‬وقال تعاىل يف‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬

‫)‪ (1‬مسلم الزهد والرقائق (‪ ، )2996‬أمحد (‪. )153/6‬‬


‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )2996‬‬
‫)‪ (3‬سورة التحرمي آية ‪. 6 :‬‬

‫‪93‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( } ‬النجم‪ .)5 :‬وقال يف وصفه‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫وصف جـربيل عليه السالم‪ { :‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪( )2( }    ‬التكوير‪.)20 :‬‬


‫‪      ‬‬ ‫أيضا‪     { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫وهم موصوفون بعظم األجسام واخللق‪ .‬ففي صحيح مسلم من حديـث عائشة رضي هللا‬
‫عنها وقد سألت النيب ‪ ‬عن معىن قوله تعاىل { ‪( )3( }                 ‬التكوير‪:‬‬

‫‪ )23‬فقال‪{ :‬إَّنا هو جربيل مل أره على صورتـه الـيت خلق عليها غري هاتني املرتني رأيته منهبطا‬

‫من السماء سادا عظم خلقه ما بني السماء إىل األرض} (‪. )5( )4‬‬

‫وروى اإلمام أمحد عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪{ :‬رأى رسـول هللا ‪ ‬جربيل يف‬
‫صورته‪ ،‬وله ستمائة جناح‪ ،‬كل جناح منها قد سد األفق يسـقط من جناحه من التهاويل والدر‬
‫والياقوت ما هللا به عليم} (‪ )7( )6‬قال احلافـظ ابـن كـثري‪ :‬إسناده جيد‪.‬‬
‫وروى أبو داود من حديث جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما أن رسـول هللا ‪ ‬قال‪:‬‬
‫{أذن يل أن أحدث عن ملك من مالئكة هللا من محلة العـرش إن ما بني شحمة أذنه وعاتقه‬

‫مسرية سبعمائة عام} (‪ )9( )8‬قال اهليثمي يف اجملمـع‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة النجم آية ‪. 5 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة التكوير آية ‪. 20 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة التكوير آية ‪. 23 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3062‬مسلم اإلميان (‪ ، )177‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3068‬أمحد (‪. )50/6‬‬
‫)‪ (5‬صحيح مسلم برقم (‪. )177‬‬
‫)‪ (6‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3060‬مسلم اإلميان (‪ ، )174‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3283‬أمحد (‪. )395/1‬‬
‫)‪ (7‬مسند اإلمام أمحد ‪. )294 /6( ، )395 /1( :‬‬
‫)‪ (8‬أبو داود السنة (‪. )4727‬‬
‫)‪ (9‬سنن أيب داود ‪ ، )96 /5( :‬برقم (‪. )4727‬‬

‫‪94‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومن صفاهتم أهنم يتفاوتون يف اخللق واملقدار فهم ليسوا علـى درجـة واحدة‪ ،‬فمنهم من له‬
‫جناحان ومنهم من له ثالثة‪ ،‬ومنهم من لـه أربعـة‪ ،‬ومنهم من له ستمائة جناح‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪( )1( }          ‬فاطر‪.)1 :‬‬


‫ومن صفاهتم احلسن واجلمال فهم على درجة عالية من ذلك‪ .‬قال تعـاىل يف حق جربيل‬
‫‪( )2(} ‬النجم‪ )6 ،5 :‬قال ابن‬
‫‪  ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫عليه السالم { ‪‬‬
‫‪    ‬‬

‫عباس رضي هللا عنهما ( ذو مرة‪ :‬ذو منظر حسن) وقـال قتادة‪( :‬ذو خلق طويل حسن)‪.‬‬
‫‪  ‬‬ ‫وقال تعاىل خمربا عن النسوة عند رؤيتهن ليوسف عليه السـالم‪{ :‬‬

‫‪( )3( }                    ‬يوسف‪ )31 :‬وإَّنا‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫قلن ذلك ملا هو مقرر عند النـاس مـن وصـف املالئكة ابجلمال الباهر‪.‬‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫ومن صفاهتم اليت وصفهم هللا هبا أهنم كرام أبرار‪ .‬قال تعـاىل‬

‫‪        ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )4( }‬عبس‪ .)16 ،15 :‬وقال ‪{ ‬‬

‫‪( )5( } ‬اًلنفطار‪.)11 ،10 :‬‬

‫ومن صفاهتم احلياء لقول النيب ‪ ‬يف حق عثمان ‪{ ‬أًل أستحي مـن رجل تستحي‬

‫منه املالئكة} (‪. )7( )6‬‬

‫)‪ (1‬سورة فاطر آية ‪. 1 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النجم آية ‪. 6 ، 5 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة يوسف آية ‪. 31 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة عبس آية ‪. 16 ، 15 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة اًلنفطار آية ‪. 11 ، 10 :‬‬
‫)‪ (6‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2401‬أمحد (‪. )155/6‬‬
‫)‪ (7‬صحيح مسلم برقم (‪. )2401‬‬

‫‪95‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪     ‬‬ ‫ومن صفاهتم أيضا العلم‪ .‬قال تعاىل يف خطابه للمالئكـة‪:‬‬

‫علما ًل يعلمونه‪ .‬وقال‬


‫ً‬ ‫ـه‬‫س‬ ‫لنف‬ ‫أثبت‬
‫و‬ ‫ا‬ ‫علم‬
‫ً‬ ‫للمالئكة‬ ‫‪‬‬ ‫هللا‬ ‫فأثبت‬ ‫)‬ ‫‪30‬‬ ‫(البقرة‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪}‬‬

‫‪( ))2}‬النجم‪ )5 :‬قال‬ ‫‪  ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫تعاىل يف حق جربيل عليه السـالم {‬
‫حممدا ‪ ‬هذا القرآن جـربيل عليـه السالم) أ‪ .‬هـ‪ ،‬وهذا متضمن وصف جربيل‬
‫الطربي‪( :‬علم ً‬
‫ابلعلم والتعليم‪.‬‬
‫إىل غري ذلك مما ثبت يف الكتاب والسنة من صفاهتم العظيمة وأخالقـهم الكرمية الدالة‬
‫على علو شأهنم ومسو منازهلم عليهم السالم‪.‬‬
‫خصائصهم‪:‬‬
‫للمالئكة عليهم السالم خصائص وصفات قد اختصهم هللا تعـاىل هبـا‪ ،‬وامتازوا هبا عن‬
‫اجلن واإلنس وسائر املخلوقات‪ .‬فمنها‪:‬‬
‫أن مساكنهم يف السماء وإَّنا يهبطون إىل األرض تنفي ًذا ألمر هللا يف اخللق وما أسند إليهم‬
‫‪        ‬‬ ‫من تصريف شؤوهنم‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪      ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬ ‫‪( )3( }    ‬النحل‪ )2 :‬وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }             ‬الزمر‪ .)75 :‬وعن أيب هريـرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪‬‬
‫{يتعاقبون فيكم مالئكة بـالليل‪ ،‬ومالئكـة ابلنهار‪ ،‬وجيتمعون يف صالة الصبح وصالة العصر‪،‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 30 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النجم آية ‪. 5 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النحل آية ‪. 2 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الزمر آية ‪. 75 :‬‬

‫‪96‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مث يعرج الذين ابتوا فيكـم فيسأهلم هللا وهو أعلم هبم كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون‪ :‬تركناهم وهـم‬
‫يصلون‪ ،‬وأتيناهم وهم يصلون} (‪ . )2( )1‬والنصوص يف هذا كثرية جدًّا يصعـب حصرها هنا‪.‬‬

‫{ ‪‬‬ ‫ومن خصائصهم أهنم ًل يوصفون ابألنوثة‪ ،‬قال تعاىل منكرا على الكفـار ذلك‪:‬‬
‫‪            ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )3( }‬الزخرف‪ .)19 :‬وقال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }         ‬النجم‪.)27 :‬‬


‫ومن خصائصهم أهنم ًل يعصون هللا يف شيء‪ ،‬وًل تصدر منهم الذنـوب‪ ،‬بل طبعهم هللا‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫على طاعته‪ ،‬والقيام أبمره‪ :‬كما قال تعاىل يف وصفـهم‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬


‫‪        ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )5( }     ‬التحرمي‪ .)6 :‬وقـال أيضـا‬

‫‪( )6( }‬األنبياء‪.)27 :‬‬

‫{ ‪ ‬‬ ‫ومن خصائصهم أيضا أهنم ًل يفرتون عن العبادة وًل يسأمون‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪           ‬‬

‫)‪ (1‬البخاري مواقيت الصالة (‪ ، )530‬مسلم املساجد ومواضع الصالة (‪ ، )632‬النسائي الصالة (‪ ، )485‬أمحد‬
‫(‪ ، )486/2‬مالك النداء للصالة (‪. )413‬‬
‫)‪ (1‬صحيح البخاري برقم (‪ )555‬وصحيح مسلم برقم (‪. )632‬‬
‫)‪ (3‬سورة الزخرف آية ‪. 19 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة النجم آية ‪. 27 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة التحرمي آية ‪. 6 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة األنبياء آية ‪. 27 :‬‬

‫‪97‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪   ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )1( }‬األنبياء‪ .)20 ،19 :‬وقال يف آية أخـرى‪{ :‬‬

‫‪( )2( }                        ‬فصلت‪.)38 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫فهذه بعض خصائص املالئكة اليت اختصهم هللا هبا دون الثقلني من اإلنس واجلن‪ .‬وابجلملة‬
‫فاملالئكة جنس آخر‪ ،‬يتميزون يف أصل خلقتهم وتكـوينـهم عن اإلنس واجلن‪ .‬كـما أن لكل‬
‫من اإلنس واجلن خصائصهما اليت يتميز هبا أحد اجلنسني عن اآلخر وهللا أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنبياء آية ‪. 20 ، 19 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة فصلت آية ‪. 38 :‬‬

‫‪98‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‬
‫منزلة اإلميان ابملالئكة وكيفيته وأدلة ذلك‬
‫منـزلة اإلميان هبم‪:‬‬
‫اإلميان ابملالئكة ركن من أركـان اإلميان يف الدين اإلسالمي‪ً ،‬ل يتحقـق اإلميان إًل به‪ .‬وقد‬
‫نص هللا على ذلك يف كتابه‪ .‬وأخرب عنـه النيب ‪ ‬يف سنته‪.‬‬
‫‪            ‬‬ ‫قال تعاىل {‬

‫‪( )1( }        ‬البقرة‪ )285 :‬فأخرب أن اإلميان ابملالئكة مع بقيـة أركـان اإلميان مما أنـزله‬
‫على رسوله وأوجبه عليه وعلى أمته وأهنم امتثلـوا ذلك‪.‬‬
‫{ ‪         ‬‬ ‫وقال تعاىل يف آية أخرى‪:‬‬

‫‪( )2( }      ‬البقرة‪ .)177 :‬فجعل‬


‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬

‫اإلميان هبذه اخلصال دليل ِّ‬


‫الربّ‪ -‬والربُّ اسـم جامع للخري‪ -‬وذلك أن هذه األشياء املذكورة هـي‬
‫أصـول األعمـال الصاحلة‪ ،‬وأركان اإلميان اليت تتفرع منها سائر شعبه‪.‬‬
‫{ ‪‬‬ ‫كـما أخرب هللا ‪ ‬يف مقابل هذا أن من كفر هبذه األركان فقد كفـر ابهلل‪ :‬فقال‪:‬‬

‫‪( )3( }    ‬النسـاء‪:‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ )136‬فأطلق الكفر على من أنكر هذه األركـان‪ ،‬ووصفه ابلبعد يف الضالل‪ .‬فدل ذلك أن‬
‫اإلميان ابملالئكة ركن عظيم مـن أركان اإلميان وأن تركه خمرج من امللة‪.‬‬
‫موضحا يف حديث جربيل املشهور الذي‬
‫ً‬ ‫وقد دلت السنة كذلك على هذا‪ .‬وهو ما جاء‬
‫أخرجه اإلمام مسلم يف صحيحه من حديث عمر بن اخلطـاب ‪ ‬قال‪{ :‬بينما حنن عند‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 285 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة البقرة آية ‪. 177 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 136 :‬‬

‫‪99‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫رسول هللا ‪ ‬ذات يوم إذ طلع علينا رجل شـديد بياض الثياب‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ً ،‬ل يرى‬
‫عليه أثر السفر‪ ،‬وًل يعرفه منـا أحد‪ ،‬حىت جلس إىل النيب ‪ ‬فأسند ركبتيه إىل ركبتيه‪ ،‬ووضع‬
‫كفيه علـى فخذيه‪ ،‬وقال‪ :‬اي حممد ! أخربين عن اإلسالم ؟ فقال رسول هللا ‪ ‬اإلسالم أن‬
‫حممدا رسول هللا ‪ ‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتـؤيت الزكـاة وتصوم رمضان‪،‬‬
‫تشهد أن ًل إله إًل هللا وأن ً‬
‫وحتج البيت إن استطعت إليه سبيال‪ .‬قال‪ :‬صدقـت‪ .‬قال‪ :‬فعجبنا له‪ ،‬يسأله ويصدقه‪ .‬قال‪:‬‬
‫فأخربين عن اإلميان ؟ قال‪ :‬أن تؤمـن ابهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم اآلخر‪ .‬وتؤمن‬
‫ابلقدر خريه وشـره‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ .‬قال‪ :‬فأخربين عن اإلحسان‪ .‬قال‪ :‬أن تعبد هللا كأنك تـراه‪،‬‬
‫فإن مل تكن تراه فإنه يراك‪ .‬قال‪ :‬فأخربين عن الساعة ؟ قال ما املسؤول عنـها أبعلم من السائل‪.‬‬
‫احلُفاة العُراة‪ِّ َ ،‬‬
‫العالة‪ ،‬رعاءَ‬ ‫قال‪ :‬فأخربين عن أماراهتا ؟ قال‪ :‬أن تلد األمة ربَّتـها‪ .‬وأن ترى ْ‬
‫الشاء‪ ،‬يتطاولون يف البنيان‪ .‬قال‪ :‬مث انطلـق فلبثت مليًّا مث قال يل‪ :‬اي عمر ! أتدري من‬
‫قلت‪ :‬هللا ورسوله أعلـم‪ .‬قال‪ :‬فإنه جربيل‪ ،‬أاتكـم يعلمكم دينكـم} (‪. )2( )1‬‬
‫السائل ؟ َ‬
‫فهذا حديث عظيم اشتمل على أصول الدين ومراتبه كلها وهو منـهج فريد يف تعليم هذا‬
‫الدين جاء على طريقة احلوار بني الرسول امللكي‪ ،‬أفضـل املالئكة وهو جربيل عليه السالم وبني‬
‫الرسول اإلنسي أفضل البشر‪ ،‬وهـو حممد ‪ ‬فينبغي للمسلمني أن يعنوا هبذا احلديث العظيم‬
‫وأن يستمدوا منهجهم يف التعلم والتعليم منه كما كـان على ذلك السـلف رضـوان هللا عليهم‪.‬‬
‫وقد تضمن احلديث ذكر املالئكة وأن اإلميان هبم ركن من أركـان اإلميان وهو املقصود هنا‪..‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬مسلم اإلميان (‪ ، )8‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2610‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4990‬أبو داود السنة (‪، )4695‬‬
‫ابن ماجه املقدمة (‪ ، )63‬أمحد (‪. )27/1‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )8‬‬

‫‪100‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫كيفية اإلميان ابملالئكة‪:‬‬


‫اإلميان ابملالئكة يتضمن عدة أمور ًل بد للعبد من حتقيقها حىت يتحقق لـه اإلميان ابملالئكة‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬اإلقرار بوجودهم والتصديق هبم كما دلت على ذلـك النصـوص املتقدمة من أن اإلميان‬
‫هبم ركن من أركان اإلميان فال يتحقـق اإلميـان إًل بذلك‪.‬‬
‫‪ - 2‬اإلميان أبهنم خلق كثري جدًّا ًل يعلم عددهم إًل هللا تعاىل كـما دلـت على ذلك‬
‫‪( )1( }    ‬املدثر‪.)31 :‬‬
‫‪     ‬‬ ‫النصوص‪ .‬قال تعاىل { ‪     ‬‬
‫‪ ‬‬

‫أي ًل يعلم جنود ربك وهم املالئكة إًل هو وذلك لكثرهتم‪ .‬قـال بذلـك بعض السلف‪.‬‬
‫وجاء يف حديث اإلسراء الطويل الذي أخرجه الشيخان من حديث مالك بن صعصعة ‪‬‬
‫عن النيب ‪ ‬قال‪{ ...( :‬مث رفع يل البيت املعمور‪ ،‬فقلت‪ :‬اي جربيل ! ما هذا ؟ قال‪ :‬هذا‬
‫البيت املعمور‪ .‬يدخله كل يوم سـبعون ألـف ملك‪ ،‬إذا خرجوا منه مل يعودوا فيه آخر ما‬
‫عليهم} (‪. )3( )2‬‬

‫ويف صحيح مسلم عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسـول هللا ‪{ ‬يؤتى جبهنم‬

‫يومئذ هلا سبعون ألف زمام‪ ،‬مع كل زمام سبعون ألـف ملـك جيروهنا} (‪ . )5( )4‬فدل احلديثان‬
‫على كثرة املالئكة‪ ،‬فإذا كـان البيت املعمور يدخلـه كل يوم سبعون ألف ملك مث ًل يعودون‬
‫إليه وإَّنا أييت غريهم‪ ،‬وجهنم أييت هبا يوم القيامة هذا العدد من املالئكة‪ ،‬فكيف بغريهم من‬
‫املالئكة املوكلني أبعمال أخرى ممن ًل يعلم عددهم إًل خالقهم تبارك وتعاىل‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة املدثر آية ‪. 31 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري املناقب (‪ ، )3674‬مسلم اإلميان (‪ ، )164‬النسائي الصالة (‪ ، )448‬أمحد (‪. )208/4‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3207‬ومسلم برقم (‪ ، )164‬واللفظ ملسلم ‪.‬‬
‫)‪ (4‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2842‬الرتمذي صفة جهنم (‪. )2573‬‬
‫)‪ (5‬صحيح مسلم برقم (‪. )2842‬‬

‫‪101‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 3‬اإلقرار هلم مبقاماهتم العظيمة عند رهبم وكرمهم عليه وشرفهم عنـده كـما قال تعاىل‪:‬‬
‫{ ‪               ‬‬

‫‪    ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )1( } ‬األنبياء‪ .)27 ،26 :‬وقال جـل وعال‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2(}‬عبس‪ .)16 ،15 :‬فوصفهم أبهنم مكرمون منـه سبحانه‪ .‬وقال تعاىل يف حقـهم‪:‬‬

‫‪( )3(}                        ‬فصلت‪.)38 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫فوصفهم أبهنم عنده وهذا تشـريف هلم‪ ،‬مع مقام التعبد له بال سآمة‪ .‬كما أنه تعاىل أقسم هبم‬
‫{‪    ‬‬ ‫يف غري موطن مـن كتابه وهذا لشرفهم عنده‪ .‬فقال‪:‬‬

‫‪    ‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪( )4( }    ‬الصافات‪ .)3-1 :‬وقال عـز وجـل‪{ :‬‬
‫‪      ‬‬

‫‪( )5( }    ‬املرسالت‪ .)5 ،4 :‬وشواهد صور إكـرام املالئكة وتنـوع أساليبها‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬

‫وتعدد سياقاهتا من كتاب هللا كثرية ًل ختفى على متدبر ممـا حيتـم تقرير هذا يف الشرع وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ - 4‬اعتقاد تفاضلهم وعدم تساويهم يف الفضل واملنـزلة عند هللا على ما دلت على ذلك‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫النصوص‪ :‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )6( }  ‬احلج‪ .)75 :‬وقال ‪{ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )7( }               ‬النساء‪ )172 :‬فأخـرب أن منـهم مصطفني ابلرسالة ومقربني‪ ،‬فدل‬
‫على فضلهم على غريهم‪ .‬وأفضل املالئكة‪ :‬املقربون مع محلة العرش‪ .‬وأفضل املقربني املالئكة‬

‫)‪ (1‬سورة األنبياء آية ‪. 27 ، 26 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة عبس آية ‪. 16 ، 15 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة فصلت آية ‪. 38 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الصافات آية ‪. 3 - 1 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة املرسالت آية ‪. 5 ، 4 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة احلج آية ‪. 75 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة النساء آية ‪. 172 :‬‬

‫‪102‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الثالثة الوارد ذكرهـم يف دعاء النيب ‪ ‬الذي كان يفتتح به صالة الليل فيقول‪{ :‬اللهم رب‬

‫جـربيل وميكـائيل وإسرافيل فاطر السماوات واألرض عامل الغيب والشهادة} (‪. )2( ) .. )1‬‬
‫وأفضل الثالثة جربيل عليه السالم وهو املوكـل بـالوحي‪ ،‬فشـرفه بشرف وظيفته‪ .‬وقد ذكره‬
‫أبشرف األمساء‪ ،‬ووصفه أبحسن الصفات‪.‬‬
‫هللا يف كتابه مبا مل يذكر غريه من املالئكة‪ ،‬ومسـاه َ‬
‫فمن أمسائه الروح‪ :‬قال تعـاىل‪( )3( }             { :‬الشعراء‪ .)193 :‬وقال عز‬

‫وجـل‪( )4( }                  { :‬القدر‪ .)4 :‬وقد ورد هذا اًلسم مضافًا إىل هللا‬

‫‪      ‬‬ ‫تعاىل إضافـة تشريف‪ .‬قال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )5( }‬مرمي‪ .)17 :‬وورد مضافًا إىل القدس‪ ،‬قال تعاىل {‬

‫‪( )6( }‬النحل‪ )102 :‬والقدس هو هللا على الصحيح من أقوال املفسرين‪ .‬ومما جاء يف‬
‫‪  ‬‬

‫{ ‪             ‬‬ ‫وصفه قوله تعـاىل‪:‬‬

‫(التكوير‪ .)21 -19 :‬وقال تعاىل‪ { :‬‬ ‫‪}   ‬‬


‫(‪)7‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪( )8( }‬النجم‪ )6 ،5 :‬فوصفه هللا تعاىل أبنه رسـول وأنـه كرمي عنده‪ ،‬وأنه ذو قوة ومكانة‬

‫)‪ (1‬مسلم صالة املسافرين وقصرها (‪ ، )770‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3420‬النسائي قيام الليل وتطوع النهار (‪، )1625‬‬
‫ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪ ، )1357‬أمحد (‪. )156/6‬‬
‫)‪ (2‬رواه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ، 156 / 6 :‬والنسائي يف السنن ‪ ، 173 / 3 :‬برقم (‪ ، )1625‬وحنومهـا مسـلم يف‬
‫الصحيح ‪ ،‬برقم (‪ ، )770‬وابن ماجه ‪ ،‬برقم (‪. )1357‬‬
‫)‪ (3‬سورة الشعراء آية ‪. 193 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة القدر آية ‪. 4 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة مرمي آية ‪. 17 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة النحل آية ‪. 102 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة التكوير آية ‪. 21 - 19 :‬‬
‫)‪ (8‬سورة النجم آية ‪. 6 ، 5 :‬‬

‫‪103‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫عند ربه سبحانه‪ ،‬وأنه مطاع يف السماوات‪ ،‬وأنه أمني على الوحي وأنه ذو مرة (أي مظهر‬
‫حسن)‪.‬‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫‪ - 5‬مواًلهتم واحلذر من عداوهتم لقوله تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( } ‬التوبة‪ )71 :‬فدخل املالئكة يف هذه اآلية؛ ألهنـم مؤمنـون قائمون بطاعة رهبم‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2( }                   ‬التحرمي‪.)6 :‬‬


‫‪  ‬‬ ‫كما أخرب هللا عنهم { ‪‬‬
‫‪   ‬‬

‫{ ‪     ‬‬ ‫وأخرب جل وعال عن مـواًلة املالئكـة لرسـوله وللمؤمنني فقال‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪( )3(}          ‬التحرميَ‪ )4 :‬وقال ‪{ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )4( }      ‬األحزاب‪ .)43 :‬وقال‪{ :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪( )5( }             ‬فصلت‪.)30 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬

‫فوجبت مواًلة املالئكة على املؤمنني ملواًلهتم هلـم ونصرهـم وأتييدهم واستغفارهم هلم‪ .‬وقد حذر‬
‫{ ‪       ‬‬ ‫هللا تعاىل من عداوة املالئكة فقـال‪:‬‬

‫‪( )6( }          ‬البقرة‪ .)98 :‬فأخرب أن عداوة املالئكة موجبة لعداوة هللا‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬

‫وسخطه‪ ،‬وذلك ألهنم إَّنا يصدرون عن أمره وحكـمه‪ ،‬فمن عاداهم فقد عادى ربه‪.‬‬
‫‪ - 6‬اًلعتقاد أبن املالئكة خلق من خلق هللا ًل شأن هلم يف اخللق والتدبـري وتصريف‬
‫األمور‪ ،‬بل هم جند من جنود هللا يعملون أبمر هللا‪ ،‬وهللا تعاىل هو الذي بيده األمر كله ًل‬
‫شريك له يف ذلك‪ .‬كما أنه ًل جيوز صرف شـيء من أنواع العبادة هلم‪ ،‬بل جيب إخالص العبادة‬

‫)‪ (1‬سورة التوبة آية ‪. 71 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة التحرمي آية ‪. 6 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة التحرمي آية ‪. 4 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األحزاب آية ‪. 43 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة فصلت آية ‪. 30 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة البقرة آية ‪. 98 :‬‬

‫‪104‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫خلالقـه م وخـالق اخللـق أمجعني‪ ،‬الذي ًل شريك له يف ربوبيته وألوهيته وًل مثيـل لـه يف أمسائـه‬
‫قـائل‪      { :‬‬ ‫وصفاته‪ .‬وقد بني هللا تعاىل ذلك فقال عز مـن‬

‫‪( )1( }                            ‬آل عمران‪ .)80 :‬وقال تعـاىل‪{ :‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪( )2( }‬األنبياء‪ .)29-26 :‬فأخرب سبحانه أنه مل أيمر بعبادهتم وكيف يـأمر بعبـادهتم وهي‬
‫كفر ابهلل العظيم مث أبطل تعاىل دعوى من زعم أن املالئكة بنـات هللا ونـزه نفسه عن ذلك‪،‬‬
‫وبني أهنم عباد مكرمون بكرامته هلم عاملون بـأمره مشفقون من خشيته وأهنم ًل ميلكون الشفاعة‬
‫ألحد إًل من رضي هللا عنـه من أهل التوحيد‪ .‬مث ختم السياق ببيان جزاء من ادعى األلوهية‬
‫منـهم وأن جزاءه جهنم‪ ،‬فظهر من ذلك أهم عباد مربوبون ًل حول هلم وًل قـوة إًل برهبم‬
‫وخالقهم‪.‬‬
‫‪ - 7‬اإلميان املفصل مبن جاء التصريح بذكرهم من املالئكة علـى وجـه اخلصوص يف الكتاب‬
‫والسنة‪ :‬كجربيل‪ ،‬وميكائيل‪ ،‬وإسـرافيل‪ ،‬ومـالك‪ ،‬وهاروت وماروت‪ ،‬ورضوان‪ ،‬ومنكر ونكري‪،‬‬
‫وغريهم ممن جاءت النصـوص بتسميتهم‪ .‬وكذلك من جاءت النصوص ابإلخبار عنه ابلوصف‪:‬‬
‫كرقيـب وعتيد‪ ،‬أو بذكر وظيفته‪ :‬كملك املوت وملك اجلبـال‪ ،‬أو مـن جـاءت النصوص بذكر‬
‫وظائفهم يف اجلملة‪ :‬كحملة العرش‪ ،‬والكـرام الكـاتبني واملوكلني حبفظ اخللق‪ ،‬واملوكلني حبفظ‬
‫األجنة واألرحام‪ ،‬وطواف البيـت املعمور‪ ،‬واملالئكة السياحني‪ ،‬إىل آخر من أخرب هللا ورسـوله ‪‬‬
‫عنـهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة آل عمران آية ‪. 80 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنبياء آية ‪. 29 - 26 :‬‬

‫‪105‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فيجب اإلميان بذلك إمياًن مفصال على حنو ما جاء يف النصوص من أمسائهم وصفاهتم‪،‬‬
‫ووظائفهم‪ ،‬وأخبارهم‪ ،‬والتصديق بكل ذلك مما سيأيت بيانه يف املبحث القادم إن شاء هللا تعاىل‪.‬‬
‫فهذه مجلة ما جيب اعتقاده يف حق املالئكة الكرام مما دلت عليه النصوص الشرعية وهللا‬
‫تعاىل أعلم‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬وظائف املالئكة‬


‫كثريا مـن األعمـال اجلليلة‪ ،‬والوظائف‬
‫املالئكـة جند من جنود هللا تعاىل‪ ،‬أسند هللا إليهم ً‬
‫الكبرية‪ ،‬وأعطاهم القدرة على أتديتها على أكمل وجـه‪ .‬وهم حبسب ما هيأهـم هللا تعاىل له‬
‫ووكلهم به على أقسام‪:‬‬
‫فمنهم املوكل ابلوحي من هللا تعاىل إىل رسله عليهم الصالة والسـالم وهو جربيل عليه‬
‫‪           ‬‬ ‫السالم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }       ‬الشعراء‪ )195 -193 :‬وقد تقدم أنـه أفضل املالئكة وأكرمهم على‬
‫هللا‪ ،‬وقد وصفه هللا ابلقوة واألمانة على أتديـة مهمته‪.‬‬
‫ومل يره النيب ‪ ‬يف صورته اليت ُخلق عليها إًل مرتني‪ ،‬وبقية األوقـات أيتيه يف صورة رجل‪.‬‬
‫‪   ‬‬ ‫رآه مرة ابألفق من ًنحية املشرق ويف ذلك يقـول هللا تعاىل {‬

‫‪( )2( }‬التكوير‪ .)23 :‬ورآه مرة اثنية ليلة اإلسراء يف السماء وهذا ما أخرب هللا عنه بقولـه‪:‬‬

‫‪( )3( } ‬النجم‪:‬‬


‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪         ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪.)15 -13‬‬
‫ويف صحيح مسلم من حديث عائشة رضي هللا عنها أهنا سألت النيب ‪ ‬عن تفسري‬
‫اآليتني املتقدمتني فقال‪{ :‬إَّنا هو جربيل مل أره على صورته الـيت ُخلق عليها غري هاتني املرتني‪.‬‬

‫سادا ِّعظَ ُم َخ ْل ِّقه مـا بني السماء إىل األرض} (‪. )5( )4‬‬
‫رأيته منهبطًا من السماء ًّ‬

‫)‪ (1‬سورة الشعراء آية ‪. 195 - 193 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة التكوير آية ‪. 23 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النجم آية ‪. 15 - 13 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3062‬مسلم اإلميان (‪ ، )177‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3068‬أمحد (‪. )50/6‬‬
‫)‪ (5‬صحيح مسلم برقم (‪. )177‬‬

‫‪107‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومنهم املوكل ابلقطر والنبات وهو ميكائيل عليه السـالم وقـد ورد ذكره يف القرآن‪ .‬قال‬
‫‪           ‬‬ ‫تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }‬البقرة‪ )98 :‬وهو ذو مكانه عالية‪ ،‬ومنـزلة رفيعة عند ربه‪ ،‬ولذا خصه هللا هنا ابلذكر‬
‫مع جربيل‪ ،‬وعطفـهما علـى املالئكة‪ ،‬مع أهنما من جنسهم لشرفهما‪ ،‬من قبيل عطف اخلاص‬
‫على العام‪ .‬وكذا ورد ذكره يف السنة على ما تقدم يف دعاء النيب ‪ ‬يف صالة الليل أنه يقول‪:‬‬
‫{اللهم رب جربيل وميكـائيل وإسرافيل} (‪ . )3( ) .. )2‬ولذا قال العلمـاء إن هؤًلء الثالثة‬
‫املذكورين هم أفضل املالئكة‪.‬‬
‫ابلصور وهو إسرافيل عليه السالم وهو اثلث املالئكـة املفضلني املتقدم‬
‫ومنهم املوكل ُّ‬
‫ذكرهم‪ .‬وهو أحد محلة العرش‪ .‬والصور‪ :‬قرن عظيم ينفـخ فيه‪ .‬روى اإلمام أمحد يف املسند عن‬
‫عبد هللا بن عمرو بن العاص قال‪{ :‬جاء أعرايب إىل النيب ‪ ‬فقال‪ :‬ما الصور ؟ فقال‪ :‬قرن‬

‫ينفخ فيه} (‪ )5( )4‬ورواه أيضـا احلاكـم وصححه ووافقه الذهيب‪. )6( .‬‬
‫وأخرج اإلمام أمحد والرتمذي من حديث أيب سـعيد اخلـدري ‪ ‬أن النيب ‪ ‬قال‪:‬‬
‫{كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحىن جبهتـه وأصغى مسعه ينظر مىت يؤمر‪ ،‬قال‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 98 :‬‬


‫)‪ (2‬مسلم صالة املسافرين وقصرها (‪ ، )770‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3420‬النسائي قيام الليل وتطوع النهار (‪، )1625‬‬
‫أبو داود الصالة (‪ ، )767‬ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪ ، )1357‬أمحد (‪. )156/6‬‬
‫)‪ (3‬رواه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ، 156 / 6 :‬والنسائي يف السنن ‪ ، 213 / 3 :‬برقم (‪ ، )1625‬وحنومها مسلم يف‬
‫الصحيح برقم (‪ ، )770‬وابن ماجه برقم (‪. )1357‬‬
‫)‪ (4‬الرتمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ، )2430‬أبو داود السنة (‪ ، )4742‬أمحد (‪ ، )192/2‬الدارمي الرقاق‬
‫(‪. )2798‬‬
‫)‪ (5‬املسند ‪. 192 ، 162 /2 :‬‬
‫)‪ (6‬املستدرك ‪ ، 589 /4 ، 506 /2 :‬واللفظ للحاكم ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫(‪)2( )1‬‬
‫املسلمون‪ :‬اي رسول هللا فما نقول ؟ قـال‪ :‬قولوا حسبنا هللا ونعم الوكيل على هللا توكلنا}‬
‫قال الرتمذي حديـث حسن‪ .‬وصححه غريه من أهل العلم‪.‬‬
‫وينفخ إسرافيل يف الصور ثالث نفخات‪ :‬نفخة الفزع‪ ،‬ونفخة الصعـق‪ ،‬ونفخة البعث‪.‬‬
‫‪              ‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬النمل‪ .)87 :‬وهذه هي نفخة الفزع وقـد دل على النفختني األخريني قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫‪                   ‬‬

‫‪( )4( }         ‬الزمر‪.)68 :‬‬

‫{ ‪    ‬‬ ‫ومنهم املوكل بقبض األرواح وهو ملك املـوت قـال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }  ‬السجدة‪.)11 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫ومللك املوت أعوان من املالئكة‪ ،‬أيتون العبد حبسب عملـه‪ ،‬وإن كـان حمسنًا ففي أحسن‬
‫هيئة‪ ،‬وإن كان مسيئًا ففي أشنع هيئـة‪.‬‬
‫‪         ‬‬ ‫قـال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )6( }‬األنعام‪.)61 :‬‬


‫ومنهم املوكل ابجلبال وهو ملك اجلبال‪ ،‬وقد ورد ذكـره يف حديـث خروج النيب ‪ ‬إىل‬
‫أهل الطائف يف بداية البعثة ودعوتـه إيـاهم وعـدم استجابتهم له وفيه يقول النيب ‪{ ‬فإذا أًن‬
‫بسحابة قد أظلتين‪ ،‬فنظـرت فإذا فيها جربيل‪ ،‬فناداين فقال‪ :‬إن هللا قد مسع قول قومك لك‬

‫)‪ (1‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3243‬أمحد (‪. )7/3‬‬


‫)‪ (2‬املسند ‪ ، 7 / 3 :‬وسنن الرتمذي ‪ ، 620 / 4‬برقم (‪ ، 373 -372 / 5 ، )2431‬برقم (‪. )3243‬‬
‫)‪ (3‬سورة النمل آية ‪. 87 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الزمر آية ‪. 68 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة السجدة آية ‪. 11 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة األنعام آية ‪. 61 :‬‬

‫‪109‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومـا ردوا عليك‪ ،‬وقد بعث هللا إليك ملك اجلبال لتأمره مبا شئت فيهم‪ ،‬فناداين ملـك اجلبال‪.‬‬
‫علي مث قال‪ :‬اي حممد‪ .‬فـقال‪ :‬ذلك فيما شئت‪ ،‬إن شـئت أن أطبق عليهم األخشبني‪.‬‬
‫فسلم ّ‬
‫فقال النيب ‪ ‬بل أرجو أن خيرج هللا من أصالهبـم من يعبد هللا وحده ًل يشرك به‬
‫شيئًا} (‪ . )2( )1‬واألخشبان‪ :‬مها جبال مكةَ‪ :‬أبـو قبيس والذي يقابله‪.‬‬
‫ومنهم امللك املوكل ابلرحم على ما دل عليه حديث أنس بن مـالك ‪ ‬عن النيب ‪‬‬
‫رب! علقة‪ .‬اي ِّّ‬
‫رب مضغة‪ .‬فإذا أراد‬ ‫قال‪{ :‬إن هللا ‪ ‬وَّكل مل ًكا يقول‪ :‬اي ِّّ‬
‫رب! نطفـة‪ .‬اي ِّّ‬
‫أن يقضي خلقه‪ ،‬قـال‪ :‬أذكـر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ؟ فما الرزق واألجل ؟ فيكتب يف بطن‬
‫أمه} (‪. )4( )3‬‬

‫{ ‪       ‬‬ ‫ومنهم محلة العرش قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }                      ‬غـافر‪.)7 :‬‬

‫‪( )6( }              ‬احلاقة‪ .)17 :‬قـال‬


‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫وقال تعاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫بعض العلماء‪ :‬الذين حول العرش هم املالئكة (الكروبيون) وهم مع محلة العرش أشرف‬
‫املالئكة (‪. )7‬‬
‫‪         ‬‬ ‫ومنهم خزنة اجلنة ‪ .‬قال تعاىل {‬
‫‪          ‬‬

‫)‪ (1‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3059‬مسلم اجلهاد والسري (‪. )1795‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري ‪ ،‬برقم (‪ ، )3231‬ومسلم برقم (‪. )1795‬‬
‫)‪ (3‬البخاري احليض (‪ ، )312‬مسلم القدر (‪ ، )2646‬أمحد (‪. )117/3‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )318‬ومسلم برقم (‪. )2646‬‬
‫)‪ (5‬سورة غافر آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة احلاقة آية ‪. 17 :‬‬
‫)‪ (7‬تفسري ابن كثري (‪. )120 /7‬‬

‫‪110‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )1( }‬الزمر‪ .)73 :‬وقال تعاىل‬

‫‪( )2( } ‬الرعد‪.)23 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬

‫{ ‪‬‬ ‫ومنهم خزنة النار عياذاَ ابهلل منها وهم الزابنية ورؤسـاؤهم تسـعة عشر‪ .‬قال تعاىل‬

‫‪( )3( } ‬غافر‪)49 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫وقال تعـاىل { ‪( )4( }                    ‬العلق‪ .)18 ،17 :‬وقال تعـاىل‪:‬‬

‫‪                ‬‬ ‫{‬

‫‪( )5( }   ‬املدثر‪.)31 ،30 :‬‬

‫‪        ‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )6( }‬الزخرف‪ .)77 :‬وقد جاء يف السنة ذكر مالك وأنه خـازن النـار ورؤية النيب ‪‬‬
‫له‪ ،‬ففي صحيح البخاري من حديث َمسَُرة بن ُجْن ُدب ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬رأيت الليلة‬

‫رجلني أتياين فقاًل‪ :‬الذي يوقد النار مـالك خازن النار‪ ،‬وأًن جربيل‪ ،‬وهذا ميكائيل} (‪. )8( )7‬‬
‫ومنهم زوار البيت املعمور ‪ :‬يدخل يف كل يوم منهم البيـت املعمـور سبعون ألف ملك مث‬
‫ًل يعودون إليه على ما ثبت من حديث مـالك بـن صعصعة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ ...( :‬مث‬

‫)‪ (1‬سورة الزمر آية ‪. 73 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الرعد آية ‪. 23 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة غافر آية ‪. 49 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة العلق آية ‪. 18 ، 17 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة املدثر آية ‪. 31 ، 30 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الزخرف آية ‪. 77 :‬‬
‫)‪ (7‬البخاري بدء اخللق (‪. )3064‬‬
‫)‪ (8‬صحيح البخاري برقم (‪. )3236‬‬

‫‪111‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫رفـع يل البيت املعمور‪ ،‬فقلت‪ :‬يـا جربيل! ما هذا ؟ قال‪ :‬هذا البيت املعمور‪ .‬يدخله كل يوم‬
‫سبعون ألف ملك‪ ،‬إذا خرجوا منه مل يعودوا فيه آخر ما عليهم} (‪. )2( )1‬‬

‫ومنهم مالئكة سياحون يتبعون جمالس الذكر فقد َ‬


‫روى الشيخان مـن حديث أيب هريرة‬
‫عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬إن هلل مالئكة يطوفون يف الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا‬
‫قوما يذكـرون هللا تنـادوا هلمـوا إىل حاجتكـم قال فيحفوهنم أبجنحتهم إىل السماء‬
‫ً‬
‫الدنيا} (‪ )4( ) ... )3‬قال العلمـاء‪ :‬وهؤًلء املالئكة زائدون عن احلفظة وغريهم من املرتبني مع‬
‫اخلالئق‪.‬‬
‫أيضا أهنم يبلغون النيب ‪ ‬من أمته السالم ملـا روى أمحـد والنسائي إبسناد صحيح‬
‫وقد ثبت ً‬
‫عن عبد هللا بن مسعود قال‪ ،‬قال رسـول هللا ‪{ ‬إن هلل ‪ ‬مالئكة سياحني يف األرض‬

‫يبلغوين من أميت السالم} (‪. )6( )5‬‬

‫{ ‪‬‬ ‫ومنهم الكرام الكاتبون وعملهم كتابة أعمال اخللق وإحصاؤها عليـهم‪ .‬قـال تعاىل‬

‫‪( )7( }                           ‬اًلنفطار‪ )12 -10 :‬وقال‬

‫{ ‪               ‬‬ ‫تعاىل‬

‫)‪ (1‬البخاري املناقب (‪ ، )3674‬مسلم اإلميان (‪ ، )164‬النسائي الصالة (‪ ، )448‬أمحد (‪. )208/4‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3207‬ومسلم برقم (‪ )164‬واللفظ ملسلم ‪.‬‬
‫)‪ (3‬البخاري الدعوات (‪ ، )6045‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار (‪ ، )2689‬الرتمذي الدعوات (‪، )3600‬‬
‫أمحد (‪. )252/2‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6408‬ومسلم برقم (‪ )2689‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (5‬النسائي السهو (‪ ، )1282‬أمحد (‪ ، )452/1‬الدارمي الرقاق (‪. )2774‬‬
‫)‪ (6‬املسند ‪ ، 452 /1 :‬وسنن الرتمذي ‪ ، 43 /3 :‬برقم (‪ ، )1282‬واللفظ ألمحد ‪.‬‬
‫)‪ (7‬سورة اًلنفطار آية ‪. 12 - 10 :‬‬

‫‪112‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }   ‬ق‪ )17،18 :‬قال جمـاهد يف تفسري اآلية‪ :‬ملك عن ميينه وآخر عن يساره‬
‫فأما الذي عن ميينـه فيكتـب اخلري‪ ،‬وأما الذي عن مشاله فيكتب الشر‪.‬‬
‫ومنهم املوكلون بفتنة القرب وسؤال العباد يف قبورهم ومها ُمْن َكـر ونَ ِّكري‪ .‬وقد دلت على‬
‫ذلك األحاديث الصحيحة‪ .‬أخرج الشـيخان مـن حديث أنس بن مالك ‪ ‬عن النيب ‪‬‬
‫قال‪ { :‬إن العبد إذا وضع يف قـربه وتوىل عنه أصحابه‪ ،‬وإنه ليسمع قرع نعاهلم أاته ملكان‪،‬‬
‫فيقعدانه فيقـوًلن‪ :‬ما كنت تقول يف هذا الرجل حملمد ‪ ‬فأما املؤمن فيقول أشهد أنه عبد هللا‬
‫ورسوله فيقال له‪ :‬انظر إىل مقعدك من النار قـد أبدلك هللا به مقع ًـدا مـن اجلنة فريامها‬
‫مجيعا} (‪. )3( )2‬‬
‫ً‬
‫وأخرج الرتمذي وابن حبان عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قـال رسـول هللا ‪{ ‬إذا قرب امليت‬
‫أو قال أحدكـم‪ -‬أاته ملكـان أسودان أزرقـان يقـال ألحـدمها املنكر واآلخر النكري فيقوًلن‪ :‬ما‬
‫كنت تقول يف هـذا الرجـل} (‪ )5( ) ... )4‬احلديث‪ .‬قال الرتمذي حديث حسن‪.‬‬
‫فهؤًلء هم أشهر من جاءت النصوص بذكر وظائفهم وأمسائهم مـن املالئكة ممن يتعني‬
‫على العبد اإلميان هبم والتصديق مبدلوًلت النصوص يف حقهم وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬
‫مثرات اإلميان ابملالئكة‪:‬‬
‫ولإلميان ابملالئكة مثراته العظيمة على املؤمن فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬العلم بعظمة خالقهم ‪ ‬وكمال قدرته وسلطانه‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة ق آية ‪. 18 ، 17 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1308‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2870‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2051‬أبو داود‬
‫السنة (‪ ، )4751‬أمحد (‪. )126/3‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1374‬ومسلم برقم (‪ ، )2870‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (4‬الرتمذي اجلنائز (‪. )1071‬‬
‫)‪ (5‬سنن الرتمذي ‪ ، 385 /3 :‬برقم (‪ ، )1073‬واإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان ‪ ، 386 /7 :‬برقم (‪، )3117‬‬
‫واللفظ للرتمذي ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ -2‬شكر هللا تعاىل على لطفه وعنايته بعباده حيث وكل هبم من هـؤًلء املالئكة من يقوم‬
‫حبفظهم وكتابة أعماهلم وغري ذلك مما تتحقق به مصاحلهم يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫‪ -3‬حمبة املالئكة على ما هداهم هللا إليه من حتقيق عبادة هللا على الوجـه األكـمل ونصرهتم‬
‫للمؤمنني واستغفارهم هلم‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الثاين‬
‫اإلميان ابلكتب املنزلة‬
‫وفيه متهيد وأربعة مباحث‪:‬‬
‫التمهيد يف تعريف الوحي لغة وشرعا وبيان أنواعه‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حكم اإلميان ابلكتب وأدلته‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬كيفية اإلميان ابلكتب‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬بيان أن التوراة واإلجنيل وبعض الكتب األخرى دخلها التحريف‬
‫وسالمة القرآن من ذلك‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬اإلميان ابلقرآن وخصائصه‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫متهيد يف تعريف الوحي لغة وشرعا وبيان أنواعه‬


‫التعريف اللغوي‪:‬‬
‫الوحي يف اللغة‪ :‬هو اإلعالم السريع اخلفي‪.‬‬
‫ويطلق الوحي على‪ :‬اإلشارة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬والرسالة‪ ،‬واإلهلام‪ .‬وكل مـا ألقيته على غريك حىت‬
‫علمه فهو وحي كيف كان وهو ًل خيتص ابألنبيـاء وًل بكـونه من عند هللا تعاىل‪.‬‬
‫والوحـي مبعناه اللغوي يتناول‪:‬‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫‪ - 1‬اإلهلام الفطري لإلنسان كالوحي ألم موسى‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }   ‬القصص‪.)7 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫‪ - 2‬اإلهلام الغريزي للحيوان كالوحي إىل النحل‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }               ‬النحل‪.)68 :‬‬

‫{ ‪‬‬ ‫‪ - 3‬اإلشارة السريعة على سبيل الرمز واإلحياء‪ ،‬كـإحياء زكراي لقومه‪ .‬قـال تعاىل‬

‫‪( )3( }          ‬مرمي‪.)11 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫{ ‪ ‬‬ ‫‪ - 4‬وسوسة الشيطان وتزيني الشر يف نفوس أوليائه‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )4( }     ‬األنعام‪.)121 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫‪ - 5‬ما يلقيه هللا تعاىل إىل مالئكته من أمر ليفعلوه‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }                          ‬األنفال‪.)12 :‬‬

‫)‪ (1‬سورة القصص آية ‪. 7 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النحل آية ‪. 68 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة مرمي آية ‪. 11 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األنعام آية ‪. 121 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة األنفال آية ‪. 12 :‬‬

‫‪116‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫التعريف الشرعي‪:‬‬
‫هو " إعالم هللا أنبياءه مبا يريد أن يبلغه إليهم من شرع أو كتاب بواسطة أو غري واسطة‬
‫"‪.‬‬
‫أنواع الوحـي‪:‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫لتلقي الوحـي من هللا تعاىل طرق بينها هللا تعاىل بقوله يف سـورة الشورى‪:‬‬
‫‪                   ‬‬

‫‪( )1( }  ‬الشـورى‪ .)51 :‬فأخـرب هللا تعاىل أن تكليمه ووحيه للبشر يقع على ثالث‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫مراتب‪:‬‬
‫املرتبة األوىل‪ :‬الوحـي اجملرد وهو ما يقذفه هللا يف قلب املوحى إليه ممـا أراد حبيث ًل يشك‬
‫‪( )2( } ‬الشورى‪ .)51 :‬ومثال ذلك ما جاء‬ ‫فيه أنه من هللا‪ .‬ودليلـه قولـه تعـاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫يف حديث عبد هللا بن مسعود ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬إن روح القدس نفث يف روعي‬

‫لن متوت نفس حىت تستكمل رزقها فاتقوا هللا وأمجلوا يف الطلب} (‪ )3‬أخرجه ابن حبان يف‬
‫صحيحه واحلـاكـم يف املستدرك وصححه ووافقه الذهيب وابن ماجه يف سننه وغريهم (‪ . )4‬وأحلق‬
‫بعض أهل العلم هبذا القسم رؤى األنبياء يف املنام كرؤاي إبراهيـم عليـه السالم على ما أخرب هللا‬
‫‪( )5( }‬الصافات‪ .)102 :‬وكرؤى‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫عنه يف قوله‪  { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫النيب ‪ ‬يف بداية البعثة علـى مـا روى الشيخان من حديث عائشة رضي هللا عنها قالت‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة الشورى آية ‪. 51 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الشورى آية ‪. 51 :‬‬
‫)‪ (3‬ابن ماجه التجارات (‪. )2144‬‬
‫)‪ (4‬موارد الظمآن (‪ ، )1085 ، 1084‬واملستدرك (‪ ، )4 / 2‬وسنن ابن ماجـه (‪ ، )2144‬وابن أيب الدنيا يف القناعة ‪،‬‬
‫والبيهقي يف شعب اإلميان (املغين عن محل األسفار ‪ )895 ، 419 :‬والبغوي ج‪ 304 / 14‬برقم (‪. )4112‬‬
‫)‪ (5‬سورة الصافات آية ‪. 102 :‬‬

‫‪117‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{أول ما بدئ به رسـول هللا ‪ ‬من الوحـي الرؤاي الصاحلة يف النوم فكان ًل يرى رؤاي إًل‬

‫جـاءت مثل فلق الصبح} (‪. )2( )1‬‬


‫املرتبة الثانية‪ :‬التكليم من وراء حجاب بال واسطة كما ثبـت ذلـك لبعض الرسل واألنبياء‬
‫كتكليم هللا تعاىل ملوسى على ما أخـرب هللا به يف أكـثر من موضع من كتابه‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )3( }   ‬النسـاء‪ .)164 :‬وقال‪{ :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪      ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬


‫‪ ‬‬ ‫‪( )4( }       ‬األعراف‪ .)143 :‬وكتكليـم هللا آلدم‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪ ( )5( }‬الب َقرة‪ .)37 :‬وكتكليـم هللا تعاىل لنبينا حممد ‪ ‬ليلة اإلسراء على ما هو اثبت‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ ( )6( }‬الشـورى‪:‬‬
‫‪  ‬‬ ‫يف السنة‪ .‬ودليل هـذه املرتبة من اآلية قوله تعاىل‪       { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪.)51‬‬
‫ودليله قوله تعـاىل‪     { :‬‬ ‫املرتبة الثالثة‪ :‬الوحي بواسطة الـملك‪.‬‬

‫‪( )7( }     ‬الشورى‪ .)51 :‬وهذا كنـزول جربيل عليـه السالم ابلوحي من هللا على األنبياء‬
‫والرسل‪.‬‬
‫والقرآن كله نـزل هبذه الطريقة تكلم هللا به‪ ،‬ومسعه جربيل عليه السالم من هللا ‪ ‬وبلغه‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫جربيل حملمد ‪ . ‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬البخاري بدء الوحي (‪ ، )4‬مسلم اإلميان (‪ ، )160‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3632‬أمحد (‪. )233/6‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3‬وبنحوه يف صحيح مسلم برقم (‪. )160‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 164 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األعراف آية ‪. 143 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة البقرة آية ‪. 37 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الشورى آية ‪. 51 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة الشورى آية ‪. 51 :‬‬

‫‪118‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )1( }             ‬الشعراء‪ .)194 -192 :‬وقال تعاىل‪{ :‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪( )2( }     ‬النحل‪.)102 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وجلربيل عليه السالم يف تبليغه الوحي لنبينا ‪ ‬ثالثة أحوال‪:‬‬


‫‪ - 1‬أن يراه الرسول ‪ ‬على صورته اليت خلق عليها ومل حيصل هـذا إًل مرتني كما تقدم‬
‫تقريره يف الفصل السابق‪. )3( .‬‬
‫‪ - 2‬أن أيتيه الوحي يف مثل صلصلة اجلرس فيذهب عنـه وقـد وعـى الرسول ‪ ‬ما قال‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يتمثل له جربيل يف صورة رجل وخياطبه ابلوحي كمـا مـر يف حديث جربيل السابق‬
‫يف سؤاله النيب ‪ ‬عن مراتب الدين‪. )4( .‬‬
‫وقد أخرب النيب ‪ ‬عن احلالتني األخريتني يف إجابته للحارث بن هشام ملـا سأل رسول‬
‫هللا ‪ ‬فقال‪{ :‬اي رسول هللا كيف أيتيك الوحي ؟ فقال رسـول هللا ‪( ‬أحياًن أيتيين مثل‬
‫صلصلة اجلرس‪ ،‬وهو أشده علي‪ ،‬فيفصم عين وقد وعيت عنه ما قال‪ .‬وأحياًن يتمثل يل امللك‬
‫رجال فيكلمين فأعي مـا يقول} (‪ )6( )5‬متفق عليه‪ .‬ومعىن فصم‪ :‬أي أقلع وانكشف‪.‬‬
‫املبحث األول حكم اإلميان ابلكتب وأدلته‬
‫تعريف الكتب‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة الشعراء آية ‪. 194 - 192 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النحل آية ‪. 102 :‬‬
‫)‪ (3‬انظر ص‪. 113‬‬
‫)‪ (4‬انظر ص‪. 106‬‬
‫)‪ (5‬البخاري بدء الوحي (‪ ، )2‬مسلم الفضائل (‪ ، )2333‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3634‬النسائي اًلفتتاح (‪، )934‬‬
‫أمحد (‪ ، )257/6‬مالك النداء للصالة (‪. )474‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )2‬ومسلم برقم (‪. )2333‬‬

‫‪119‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الكتب مجع كتاب‪ .‬والكتاب مصدر كتب يكتب كتااب‪ ،‬مث مسـي بـه املكتوب والكتاب يف‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫األصل اسم للصحيفة مع املكتوب فيها كـما يف قولـه تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }               ‬النسـاء‪ )153 :‬يعين صحيفة مكتوابَ فيها‪.‬‬
‫ـذي أوحاه إىل رسله‬
‫واملراد ابلكتب هنا‪ :‬الكتب والصحف اليت حوت كالم هللا تعاىل ال َ‬
‫عليهم السالم‪ .‬سواء ما ألقاه مكتواب كالتوراة‪ ،‬أو أنـزله عن طريق امللك مشافهة فكتب بعد‬
‫ذلك كسائر الكتب‪.‬‬
‫حكم اإلميان ابلكتب‪:‬‬
‫اإلميان بكتب هللا اليت أنـزل على رسله كلها ركن عظيـم من أركـان اإلميان وأصل كبري من‬
‫أصول الدين‪ً ،‬ل يتحقق اإلميان إًل به‪ .‬وقد دل علـى ذلك الكتاب والسنة‪.‬‬
‫{ ‪        ‬‬ ‫فمن الكتاب قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪( )2( }    ‬النساء‪ .)136 :‬فأمر هللا عباده املؤمنني يف اآلية‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫ابلدخول يف مجيـع شـرائع اإلميان وشعبه وأركانه‪ .‬فأمرهم ابإلميان ابهلل ورسـوله وهـو حممـد ‪‬‬
‫والكتاب الذي أنـزل على رسوله وهو القرآن‪ ،‬والكتاب الذي أنـزل من قبل وهو مجيع الكتب‬
‫املتقدمة‪ :‬كالتوراة‪ ،‬واإلجنيل‪ ،‬والزبـور‪ ،‬مث بـني يف ختام اآلية أن من كفر بشيء من أركان اإلميان‬
‫فقد ضل ضـالًل بعيـدا وخرج عن قصد السبيل ومن أركان اإلميان املذكورة اإلميان بكـتب هللا‪.‬‬
‫{ ‪            ‬‬ ‫وقال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }      ‬البقرة‪ .)177 :‬فأخرب ‪ ‬أن حقيقة‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬

‫الرب‪ :‬هو اإلميان مبا ذكر من أركـان اإلميان‪ ،‬والعمل خبصال الرب الواردة يف اآلية بعد هذا‪ .‬وذكر‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 153 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النساء آية ‪. 136 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة البقرة آية ‪. 177 :‬‬

‫‪120‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مـن أركـان اإلميان‪ " :‬اإلميان ابلكتاب " قال ابن كثري‪ :‬هو اسم جنس يشمل الكتـب املنـزلة من‬
‫السماء على األنبياء‪ .‬حىت ختمت أبشرفها‪ ،‬وهـو القرآن املهيمن على ما قبله من الكتب (‪. )1‬‬
‫ولتقرير اإلميان ابلكتب كلها أمر هللا عباده املؤمنني أن خيـاطبوا أهـل الكتاب بقوله تعـاىل‪:‬‬
‫{ ‪              ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪( )2( }‬البقرة‪ .)136 :‬فتضمنت اآلية إميان املؤمنني مبا أنـزل هللا عليهم بواسـطة رسوله ‪‬‬
‫وما أنـزل على أعيان الرسل املذكورين يف اآلية‪ ،‬وما أنزل على بقية األنبياء يف اجلملة وأهنم ًل‬
‫يفرقون بني الرسل يف اإلميان ببعضـهم دون بعض فانتظم ذلك اإلميان جبميع الرسل وكل ما‬
‫أنـزل هللا عليهم مـن الكتب‪.‬‬
‫واآلايت يف تقرير هذا من كتاب هللا كثرية‪.‬‬
‫وأما السنة فقد دلت كذلك على وجوب اإلميان ابلكتب‪ .‬وأن اإلميان هبا ركن من أركان‬
‫اإلميان‪ ،‬دل على ذلك حديث جربيل‪ ،‬وسؤاله النيب ‪ ‬أركان اإلميان‪ ،‬فذكر النيب ‪ ‬يف‬
‫إجابته‪ :‬اإلميان ابلكتب مع بقية أركان اإلميان‪ .‬وقد تقدم احلديث بنصه يف الفصل السابق‬
‫فأغىن عن إعادته هنا (‪. )3‬‬
‫فتقرر هبذا وجوب اإلميان ابلكتب والتصديق هبا مجيعها‪ ،‬واعتقاد أهنا كلها من هللا تعاىل‬
‫أنـزهلا على رسله ابحلق واهلدى والنور والضيـاء‪ ،‬وأن من كذب هبا أو جحد شيئا منها فهو كافر‬
‫ابهلل خارج من الدين‪.‬‬
‫مثرات اإلميان ابلكتب‪:‬‬
‫ولإلميان ابلكتب آاثره العظيمة على املؤمن فمن ذلك‪:‬‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري ‪. 297 /1‬‬


‫)‪ (2‬سورة البقرة آية ‪. 136 :‬‬
‫)‪ (3‬انظر ص‪. 106‬‬

‫‪121‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ -1‬شكر هللا تعاىل على لطفه خبلقه وعنايته هبم حيث أنزل إليهم الكتب املتضمنة إرشادهم‬
‫ملا فيه خريهم وصالحهم يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهور حكمة هللا تعاىل حيث شرع يف هذه الكتب لكل أمـة مـا يناسبها‪ ،‬وكان خامت‬
‫الكتب القرآن العظيم مناسبا جلميع اخللق يف كل عصر ومصر إىل قيام الساعة‪.‬‬
‫‪ -3‬إثبات صفة الكالم هلل تعاىل وأن كالمه ًل يشبه كالم املخلوقـني‪ ،‬وعجز املخلوقني‬
‫عن اإلتيان مبثل كالمه‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين كيفية اإلميان ابلكتب‬


‫اإلميان بكتب هللا يشتمل على عدة جوانب دلت النصوص على وجـوب اعتقادها وتقريرها‬
‫لتحقيق هذا الركن العظيم من أركان اإلميان‪ .‬وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬التصديق اجلازم أبهنا كلها منـزلة من هللا ‪ ‬وأهنا كـالم هللا تعاىل ًل كالم غريه‪ ،‬وأن‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫هللا تكلم هبا حقيقة كما شاء وعلى الوجه الـذي أراد سبحانه‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪                  ‬‬

‫‪( )1( }     ‬آل عمران‪.)4 -2 :‬‬


‫فأخرب هللا ‪ ‬أنه أنـزل هـذه الكتب املذكورة وهي‪ :‬التوراة‪ ،‬واإلجنيل‪ ،‬والقرآن من عنده‬
‫وهذا يدل علـى أنه هو املتكلم هبا وأهنا منه بدأت ًل من غريه‪ ،‬ولذا توعد يف هناية السياق من‬
‫كفر آبايت هللا ابلعذاب الشديد‪.‬‬
‫خمربا عن التوراة { ‪( )2( }                  ‬املـائدة‪ )44 :‬فبني أنه‬
‫وقال ً‬
‫تعاىل هو الذي أنـزل التوراة وأن ما فيها من اهلدى والنـور منـه سبحانه‪ .‬وقال تعاىل يف سياق‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫آخر مبينًا أن التوراة من كالمه وذلك يف معرض إخباره عن اليهود‬

‫‪( )3( }                  ‬البقرة‪)75 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫الس ِّّدي وابن زيد ومجع من املفسرين‪.‬‬


‫فكـالم هللا الذي مسعوه مث حرفوه هو التوراة‪ .‬قاله ُّ‬
‫‪( )4( }   ‬املائدة‪ )47 :‬أي‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫وقال تعاىل يف اإلجنيـل { ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫من األوامر والنواهي اليت هي من كالم هللا‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة آل عمران آية ‪. 4 - 2 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 44 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة البقرة آية ‪. 75 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة املائدة آية ‪. 47 :‬‬

‫‪123‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

           { :‫وقال يف القرآن الكرمي‬

 
  
 
 
   
   
        {
      ‫ وقال تعاىل خماطبًا رسوله‬.)1 :‫) ( هود‬1(}
:‫) (النحل‬3( }
    
 
      { :‫ وقال تعاىل‬.)6 :‫(النمل‬
      
)2(
}   

         { ‫ وقال تعاىل‬.)102

‫ فهو كالم هللا‬ ‫ وإَّنا أمروا أن يسمعوا القرآن الذي أنـزله على رسوله‬.)6 :‫) (التوبة‬4( }
 

.‫على احلقيقة‬
‫ اإلميان أبهنا دعت كلها إىل عبادة هللا وحده وقد جـاءت ابخلـري واهلدى والنور‬- 2
             { :‫ قال تعاىل‬.‫والضياء‬

‫ آاته هللا‬،‫ فبني هللا أنه ما ينبغي ألحد من البشر‬.)79 :‫) (آل عمران‬5( }
  
      

‫ وذلك أن كتب هللا إَّنـا‬.‫ أن أيمر الناس أن يتخذوه إهلا من دون هللا‬،‫الكتاب واحلكـم والنبوة‬
.‫جاءت إبخالص العبادة هلل وحده‬
      { ‫وقال تعاىل مبينًا أن كتبه جاءت ابحلق واهلـدى‬

‫ وقال‬.)4 ،3 :‫) (آل عمران‬6( }


   
 
 
     
  
       
      
  
  

            { :‫تعـاىل‬

   
 
               { :‫ وقال تعاىل‬.)213 :‫) (البقرة‬7( } 
   

. 1 : ‫( سورة هود آية‬1)


. 6 : ‫( سورة النمل آية‬2)
. 102 : ‫( سورة النحل آية‬3)
. 6 : ‫( سورة التوبة آية‬4)
. 79 : ‫( سورة آل عمران آية‬5)
. 4 ، 3 : ‫( سورة آل عمران آية‬6)
. 213 : ‫( سورة البقرة آية‬7)

124
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }‬املائدة‪ .)44 :‬وقال تعـاىل‪( )2( }                 { :‬املائدة‪.)46 :‬‬

‫{ ‪           ‬‬ ‫وقال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }‬البقرة‪ .)185 :‬إىل غري ذلك من اآلايت املتضمنة أن كتب هللا تعاىل قد جـاءت‬
‫بـاهلدى والنور من هللا تعاىل‪.‬‬
‫بعضا فال تنـاقض بينـها وًل تعارض كما قال‬
‫‪ - 3‬اإلميان أبن كتب هللا يصدق بعضها ً‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫تعاىل يف القرآن‬

‫‪‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪       ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )4( }    ‬املائدة‪ .)48 :‬وقال يف اإلجنيل‪:‬‬

‫‪( )5( }            ‬املـائدة‪ .)46 :‬فيجب اإلميان هبذا واعتقاد سالمة كتب هللا من‬
‫كل تنـاقض أو تعـارض‪ ،‬وهذا من أعظم خصائص كتب هللا عن كتب اخللق وكالم هللا عن‬
‫كـالم اخللق فإن كتب املخلوقني عرضة للنقص واخللل والتعارض كما قال تعـاىل يف وصف‬
‫‪( )6( }   ‬النساء‪.)82 :‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫القرآن { ‪    ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ - 4‬اإلميان مبا مسى هللا ‪ ‬من كتبـه علـى وجـه اخلصـوص‪ ،‬والتصديق هبا‪ ،‬وإبخبار هللا‬
‫ورسوله عنها‪ .‬وهذه الكتب هي‪:‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫أ) التوراة‪ :‬وهي كتاب هللا الذي آاته موسى عليه السالم‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )7(}‬القصص‪ .)43 :‬ويف‬


‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 44 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 46 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة البقرة آية ‪. 185 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة املائدة آية ‪. 48 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة املائدة آية ‪. 46 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة النساء آية ‪. 82 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة القصص آية ‪. 43 :‬‬

‫‪125‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫حديث الشفاعة الطويل الذي أخرجه الشيخان من حديـث أنس بن مالك ‪ ‬مر ً‬
‫فوعا‪...( :‬‬

‫{فيأتون إبراهيم فيقول‪ :‬لسـت ُهنَاكـم ويذكر خطيئته اليت أصاهبا ولكن ائتوا موسى ً‬
‫عبدا آاته‬

‫وقد ألقى هللا التوراة على موسى مكتوبة يف األلـواح ويف‬ ‫(‪)2( )1‬‬
‫هللا التـوراة وكلمه تكليما}‬

‫‪         ‬‬ ‫ذلك يقول سبحانه {‬

‫‪( )3( }  ‬األعراف‪ .)145 :‬قال ابن عباس (يريـد ألـواح التـوراة)‪ .‬ويف حديث احتجاج آدم‬

‫وموسى من رواية أيب هريرة ‪ ‬عن النيب‪{ ...( :‬قال له آدم‪ :‬اي موسى اصطفاك هللا بكالمه‬

‫وخط لك التوراة بيده} (‪ )4‬أخرجـاه يف الصحيحني من طرق كثرية (‪ . )5‬والتوراة هي أعظم‬


‫كتب بـين إسـرائيل وفيها تفصيل شريعتهم وأحكامهم اليت أنـزهلا هللا على موسى وقد كان على‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫العمل هبا أنبيـاء بين إسرائيل الذين جاءوا من بعد موسى كما قـال تعاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪( )6( }           ‬املائدة‪ .)44 :‬وقد أخرب هللا يف كتابه عن حتريف‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬

‫اليـهود للتـوراة وتبديلها على ما سيأيت بسط هذا يف املبحث القادم إن شاء هللا‪.‬‬
‫ب) اإلجنيل‪ :‬وهو كتاب هللا الذي أنـزله على عيسى ابن مرمي عليهما السالم‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ ‪               ‬‬

‫)‪ (1‬البخاري التوحيد (‪ ، )6975‬مسلم اإلميان (‪ ، )193‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4312‬أمحد (‪ ، )116/3‬الدارمي‬
‫املقدمة (‪. )52‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7410‬ومسلم برقم (‪. )193‬‬
‫)‪ (3‬سورة األعراف آية ‪. 145 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري القدر (‪ ، )6240‬مسلم القدر (‪ ، )2652‬الرتمذي القدر (‪ ، )2134‬أبو داود السنة (‪ ، )4701‬ابن‬
‫ماجه املقدمة (‪ ، )80‬أمحد (‪ ، )248/2‬مالك اجلامع (‪. )1660‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6614‬ومسلم برقم (‪ ، )2652‬ويف إحداها ‪ " :‬وكتب لك التوراة بيده " ‪.‬‬
‫)‪ (6‬سورة املائدة آية ‪. 44 :‬‬

‫‪126‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }                                ‬املائدة‪:‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫‪.)46‬‬
‫وقد أنـزل هللا اإلجنيل مصدقا للتوراة وموافقا هلا كما تقـدم يف اآليـة السابقة‪.‬‬
‫قال بعض العلماء(‪ )2‬مل خيالف اإلجنيل التوراة إًل يف قليل من األحكام مما كانوا خيتلفون‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫فيه كما أخرب هللا عن املسيح أنه قال لبين إسـرائيل‪:‬‬

‫‪( )3(}‬آل عمران‪.)50 :‬‬


‫وقد أخرب هللا تعاىل يف كتابه الكرمي أن التوراة واإلجنيل نصا على البشـارة بنبينا حممد ‪. ‬‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫قال تعـاىل‬

‫‪( )4( }    ‬األعراف‪.)157 :‬‬


‫وقد حلق اإلجنيل من التحريف ما حلق التوراة‪ ،‬كمـا سـيأيت بيانـه يف املبحث القادم حبول‬
‫هللا‪.‬‬
‫{ ‪‬‬ ‫ج) الزبور‪ :‬وهو كتاب هللا الذي أنـزله على داود عليه السالم‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }      ‬النساء‪ .)163 :‬قال قتادة يف تفسري اآلية‪ " :‬كنـا حندث أنه دعاء‬
‫علمه هللا داود وحتميد ومتجيد هلل ‪ ‬ليس فيه حـالل وًل حرام وًل فرائض وًل حدود "‪.‬‬
‫د) صحف إبراهيم وموسى‪ :‬وقد جاء ذكرها يف موضعني من كتـاب هللا‪ ،‬األول يف سورة‬
‫{ ‪             ‬‬ ‫النجم يف قول هللا تعـاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 46 :‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري (‪. )36 /2‬‬
‫)‪ (3‬سورة آل عمران آية ‪. 50 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األعراف آية ‪. 157 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة النساء آية ‪. 163 :‬‬

‫‪127‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }         ‬النجم‪ .)39-36 :‬والثاين يف‬


‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪        ‬‬

‫{ ‪            ‬‬ ‫سورة األعلى‪ ،‬قال تعـاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪( )2( }‬األعلى‪ .)19 -14 :‬فأخرب هللا ‪ ‬عن بعض ما جاء يف هـذه الصحـف من‬
‫وحيه الذي أنـزله على رسوليه إبراهيم وموسـى عليـهما السالم‪ .‬والعلم عند هللا‪.‬‬
‫هـ) القرآن العظيم‪ :‬وهو كتاب هللا الذي أنـزله على نبينا حممـد ‪ ‬مصدقًا ملا بني يديه‬
‫من الكتاب ومهيمنًا عليه‪ ،‬وهو آخر كتب هللا نـزوًل وأشرفها وأكملها‪ ،‬والناسخ ملا قبله من‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫الكتب وقد كانـت دعوتـه لعامـة الثقلني من اإلنس واجلن‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }          ‬املائدة‪ )48 :‬ومهيمنًا‪ :‬أي‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫{ ‪      ‬‬ ‫شهيدا علـى ما قبله من الكتب وحاكما عليها‪ .‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫ً‬
‫‪( )4( }                                         ‬األنعام‪.)19 :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪        ‬‬ ‫وقال ‪{ ‬‬

‫‪( )5( }‬الفرقان‪ .)1 :‬وللقرآن أمساء كثرية أشهرها‪ :‬القرآن‪ ،‬والفرقـان‪ ،‬والكتاب‪ ،‬والتنـزيل‪،‬‬
‫والذكر‪.‬‬
‫فيجب اإلميان هبذه الكتب على ما جاءت به النصوص‪ ،‬من ذكر أمسائها‪ ،‬ومن أنـزلت‬
‫فيهم‪ ،‬وكل ما أخرب هللا به ورسوله ‪ ‬عنها‪ ،‬وما قُ َّ‬
‫ص علينـا من أخبار أهلها‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة النجم آية ‪. 39 - 36 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األعلى آية ‪. 19 - 14 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة املائدة آية ‪. 48 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األنعام آية ‪. 19 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة الفرقان آية ‪. 1 :‬‬

‫‪128‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ ابلقرآن‬،‫ اًلعتقاد اجلازم بنسخ مجيع الكتب والصحف اليت أنـزهلا هللا علـى رسله‬- 5
،‫ وًل من غريهم‬،‫ ًل من أصحاب الكتب السابقة‬،‫أحدا من اإلنس أو اجلن‬
ً ‫ وأنه ًل يسع‬،‫الكرمي‬
‫ واألدلة على ذلك كثرية‬.‫أن يعبدوا هللا بعد نـزول القرآن بغري مـا جـاء فيه أو يتحاكموا إىل غريه‬
        { :‫ قال تعـاىل‬.‫من الكتاب والسنة‬

     
  
 
   
 
   
        {
  : ‫ وقال‬.)1 :‫) (الفرقان‬1( }   
              

              

.)16 ،15 :‫) (املائدة‬2( }      


  
 
   
 
 
 
            

    { ‫ أن حيكـم بني أهل الكتاب بـالقرآن‬ ‫وقال تعاىل آمرا نبيه‬


     {
   ‫ وقال أيضا‬.)48 :‫) (املائدة‬3( }  
   
    
 
 
 
 
    
  
   
   
 

               

.)49 :‫) (املائدة‬4( }


‫ أتى‬ ‫ومن السنة حديث جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما أن عمر بن اخلطـاب‬
‫ {أمتهوكون‬:‫ فغضب وقال‬ ‫ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النيب‬ ‫النيب‬
‫ ًل تسألوهم عن شيء‬،‫فيها اي ابن اخلطاب والذي نفسي بيـده لقـد جئتكم هبا بيضاء نقية‬
،‫ لو أن مـوسى كان حيا‬،‫ والذي نفسي بيده‬،‫ أو بباطل فتصدقوا‬،‫فيخربوكـم بـحق فتكذبوا به‬

. 1 : ‫( سورة الفرقان آية‬1)


. 16 ، 15 : ‫( سورة املائدة آية‬2)
. 48 : ‫( سورة املائدة آية‬3)
. 49 : ‫( سورة املائدة آية‬4)

129
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ما وسـعه إًل أن يتبعين} (‪ )1‬رواه أمحد والبزار والبيهقـي (‪ )2‬وغريهم وهو حديث حسـن مبجموع‬
‫طرقه‪ .‬ومعىن متهوكون‪ :‬متحريون‪.‬‬
‫فهذا ما جيب اعتقاده يف كتب هللا على سبيل اإلمجال وسيأيت تفصيل مـا جيب اعتقاده يف‬
‫القرآن على وجه اخلصوص يف مبحث مستقل إن شـاء هللا تعاىل‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمحد (‪ ، )387/3‬الدارمي املقدمة (‪. )435‬‬


‫)‪ (2‬مسند اإلمام أمحد ‪ ، 387 / 3 :‬وكشف األستار ‪ ، 134 :‬وشعب اإلميان للبيهقي ‪. )177( :‬‬

‫‪130‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‬
‫بيان أن التوراة واإلجنيل وبعض الكتب األخرى‬
‫املنزلة دخلها التحريف وسالمة القرآن من ذلك‬
:‫حتريف أهل الكتاب لكـالم هللا‬
‫ يف القرآن الكرمي عن حتريف أهل الكتاب لكتـب هللا املنـزلة عليهم وتغيريها‬ ‫أخرب هللا‬
.‫وتبديلها‬
          { :‫قال تعاىل يف حق اليهود‬

‫ وقال عـز‬.)75 :‫) (البقرة‬1( } 


 
   
 
    
 
          
 
  
  
  

.)46 :‫) (النساء‬2( }                       { :‫وجـل‬

        { :‫وقال تعاىل خمربا عن النصـارى‬
               

            

.)15 ،14 :‫) ( املائدة‬3( }   


 
  
    
  
   
  
 
  

.‫فدلت اآلايت على حتريف اليهود والنصارى كتب هللا املنـزلة عليهم‬
.‫وقد كـان هذا التحريف ابلزايدة اترة وابلنقص اترة أخرى‬
          { :‫فدليل الزايدة قوله تعاىل‬
              

.)79 :‫) (البقرة‬4( }

. 75 : ‫( سورة البقرة آية‬1)


. 46 : ‫( سورة النساء آية‬2)
. 15 ، 14 : ‫( سورة املائدة آية‬3)
. 79 : ‫( سورة البقرة آية‬4)

131
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

        { :‫ودليل النقص قوله تعاىل‬

  { :‫ وقوله تعاىل‬.)15 :‫(املائدة‬ }


)1(
  
    
   
     
   
  
 
  
 
  
 
 

            

.)91 :‫) (األنعام‬2( }


:‫حتريف التوراة واإلجنيل وأدلة ذلك‬
‫ وأمـا التوراة واإلجنيل خاصة‬.‫هذا ما جاء يف حتريف أهل الكتاب لكالم هللا وكتبه يف اجلملـة‬
.‫فقد دلت األدلة مما تقدم وغريهـا علـى وقـوع التحريف فيهما‬
         { :‫فمن أدلة حتريف التوراة قوله تعاىل‬
                

‫ (أي‬:‫ وجاء يف تفسري اآلية‬.)91 :‫) (األنعام‬3( }        


    
 
   
   
  
 

‫جتعلون الكتاب الذي جـاء به موسى يف قراطيس تضعونه فيها ليتم لكـم ما تريدونه مـن التحريـف‬
.)‫ املذكورة فيه‬ ‫والتبديل وكتم صفة النيب‬
             { :‫وقال تعاىل‬

‫ (هي التوراة‬:‫) قال السدي يف تفسـري اآلية‬75 :‫) (البقرة‬4( }               
‫ (التوراة اليت أنـزهلا عليـهم حيرفوهنا جيعلون احلالل فيها حراما واحلرام‬:‫ وقال ابن زيد‬.)‫حرفوها‬
.)‫فيها حالًل واحلق فيها بـاطال والباطل فيها حقا‬

. 15 : ‫( سورة املائدة آية‬1)


. 91 : ‫( سورة األنعام آية‬2)
. 91 : ‫( سورة األنعام آية‬3)
. 75 : ‫( سورة البقرة آية‬4)

132
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪      ‬‬ ‫ودليل حتريف اإلجنيل قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪             ‬‬

‫‪( )1( }   ‬املائدة‪ .)15-14 :‬قال بعض‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫أئمة التفسري يف تفسري اآلية األخرية‪( :‬أي يبني ما بدلوه وحرفوه وأولوه وافرتوا على هللاّ فيه‬
‫ويسكت عن كثري مما غـريوه وًل فائدة يف بيانه (‪. )2‬‬
‫فدلت هذه اآلايت على وقوع التحريف والتبديل يف التوراة واإلجنيـل‪ .‬وهلذا اتفق علماء‬
‫املسلمني على أن التوراة واإلجنيل قد دخلهما التحريـف والتغيري‪.‬‬
‫سالمة القرآن من التحريف وحفظ هللا له وأدلة ذلك‪:‬‬
‫أما القرآن العظيم فهو سليم مما طرأ على الكتب السابقة من التحريـف والتبديل وهو حمفوظ‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫من كل ذلك حبفظ هللا له وصيانته إايه كما أخـرب هللا عن ذلك بقوله‪:‬‬

‫‪( )3( }          ‬احلجر‪ .)9 :‬قـال الطربي يف تفسري اآلية‪ " :‬قال وإًن للقرآن‬
‫حلافظون من أن يزاد فيه ابطل مـا ليس منه‪ ،‬أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده‬
‫وفرائضه (‪ ." )4‬كمـا أخرب هللا يف آايت أخرى عن متام إحكامه للقرآن وتفصيله وتنـزيهه مـن كل‬
‫{ ‪             ‬‬ ‫ابطل فقال عز من قائل‪:‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬ ‫‪ ( )5( }‬فصلت‪ .)42 :‬وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 15 - 14 :‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري ‪. 63 / 3‬‬
‫)‪ (3‬سورة احلجر آية ‪. 9 :‬‬
‫)‪ (4‬تفسري ابن جرير ‪. 7 / 14‬‬
‫)‪ (5‬سورة فصلت آية ‪. 42 :‬‬

‫‪133‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ( )1( }   ‬هود‪ .)1 :‬وقال عز وجـل‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫‪( )2( }                ‬القيامة‪.)17 ،16 :‬‬
‫فدلت هذه اآلايت على كمال حفظ هللا للقرآن لفظـا ومعىن بـدءا بنـزوله إىل أن أيذن هللا‬
‫برفعه إليه سليما من كل تغيري أو تبديل‪ .‬إذ تكفـل بتعليمه لنبيه ‪ ‬مث مجعه يف صدره وبيانه‬
‫له وتفسريه يف سنته املطـهرة‪ ،‬مث ما هيأ هللا له بعد ذلك من عدول الرجال الذيـن حفظـوه يف‬
‫الصـدور والسطور‪ ،‬عرب األجيال والقرون‪ ،‬فبقي سليما منـزها من كل ابطل‪ ،‬يقرؤه الصغار‬
‫والكبار‪ ،‬على خمتلف األعصار واألمصار‪ ،‬غضا طراي كما أنـزل من هللا على رسوله ‪. ‬‬
‫وقد نبه العلماء يف هذا املقام إىل سر لطيف ونكتة بديعة تتعلـق جبـواز التحريف على التوراة‬
‫وعدم جوازه على القرآن على ما روى أبو عمـرو الداين عن أيب احلسن املنتاب قال‪( :‬كنت‬
‫يوما عند القاضي أيب إسـحاق إمساعيل بن إسحاق فقيل له‪ :‬مل جاز التبديل على أهل التوراة‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫ومل جيز علـى أهل القرآن ؟ فقال القاضي‪ :‬قال هللا عـز وجـل يف أهـل التـوراة‬

‫‪( )3( }‬املائدة‪ )44 :‬فوكل احلفظ إليهم فجاز التبديـل عليهم‪ .‬وقال يف القرآن‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬

‫{ ‪( )4( }                       ‬احلجر‪ )9 :‬فلم جيز التبديل عليهم‪ .‬قال‪:‬‬
‫فمضيت إىل أيب عبد هللا احملاملي فذكرت لـه احلـكـاية فقال‪ " :‬ما مسعت كالما أحسن من هذا‬
‫"‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة هود آية ‪. 1 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة القيامة آية ‪. 17 ، 16 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة املائدة آية ‪. 44 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة احلجر آية ‪. 9 :‬‬

‫‪134‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الرابع اإلميان ابلقرآن وخصائصه‬


‫تعريف القرآن واحلديث القدسي واحلديث النبوي والفـرق بينهما‪:‬‬
‫القرآن الكرمي‪ :‬هو كالم هللا منه بدا بال كيفية قوًل‪ ،‬وأنزله على رسوله وحيا‪ ،‬وصدقه‬
‫املؤمنون على ذلك حقا‪ ،‬وأيقنوا أنه كالم هللا حقيقة‪ ،‬مسعه جربيل عليه السالم من هللا ‪‬‬
‫ونزل به على خامت رسله حممد ‪ ‬بلفظـه ومعناه املنقول ابلتواتر املفيد للقطع واليقني املكتوب‬
‫يف املصاحف احملفـوظ من التغيري والتبديل‪. )1( .‬‬
‫واحلديث القدسي‪ :‬هو ما رواه النيب ‪ ‬عن ربه ابللفظ واملعىن ونقـل إلينا آحادا أو متواترا‬
‫ومل يبلغ تواتر القرآن (‪. )2‬‬
‫ومثاله حديث أيب ذر الغفاري عن النيب ‪ ‬فيما يرويه عن ربه عز وجـل أنه قال‪{ :‬اي‬

‫عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حمرما فـال تظاملوا} (‪. )4( )3‬‬
‫واحلديث النبوي‪ :‬ما أضيف إىل النيب ‪ ‬من قول أو فعل أو تقريـر أو وصف‪. )5( .‬‬
‫والفرق بني القرآن واحلديث القدسي والنبوي‪ :‬أن القرآن متعبد بتالوته معجز يف نظمه‬
‫متحدى به‪ ،‬حيرم مسه حملدث‪ ،‬وتالوته لنحو جنب‪ ،‬وروايته ابملعىن‪ ،‬وتتعني قراءته يف الصالة‪،‬‬
‫ويؤجر قارئه بكل حـرف منـه حسنة واحلسنة بعشر حسنات‪ .‬خبالف احلديث القدسي واحلديث‬
‫النبـوي فإَّنا ليسا كذلك‪.‬‬

‫)‪ (1‬الطحاوية ‪ . 172 / 1‬مباحث يف علوم القرآن ملناع القطان ‪ ،‬ص‪ ، 21‬وقواعد التحديث جلمال الدين القامسي‬
‫ص‪. 65‬‬
‫)‪ (2‬انظر قواعد التحديث جلمال الدين القامسي ص‪. 65‬‬
‫)‪ (3‬مسلم الرب والصلة واآلداب (‪. )2577‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم برقم (‪. )2577‬‬
‫)‪ (5‬مصطلح احلديث ًلبن عثيمني ص‪ ، 7‬وقواعد التحديث للقامسي ص‪. 62-61‬‬

‫‪135‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والفرق بني احلديث القدس والنبوي‪ :‬أن احلديث القدسي من كـالم هللا بلفظه ومعناه‬
‫خبالف احلديث النبوي فهو من كالم النيب ‪ ‬لفظًـا ومعىن‪ ،‬وأن احلديث القدسي أفضل من‬
‫احلديث النبوي وذلك لفضل كـالم هللا على كالم املخلوقني‪. )1( .‬‬
‫خصائص اإلميان ابلقرآن‪:‬‬
‫اإلميان بكتب هللا ركن عظيم من أركان اإلميان على ما تقدم تقريـره‪ ،‬وملا كان القرآن العظيم‬
‫هو الكتاب الناسخ للكتب السابقة واملهيمن عليـها واملتعبد به لعامة الثقلني بعد بعثة نبينا‬
‫حممد ‪ ‬ونـزول هـذا الكتـاب عليه‪ ،‬اختص اإلميان به خبصائص ومميزات ًل بد من حتقيقـها‬
‫لإلميـان بـه ابإلضافة إىل ما مت تقريره من مسائل يف حتقيق اإلميان ابلكتب إمجاًل‪ .‬وهذه‬
‫اخلصائص هي‪:‬‬
‫ا‪ -‬اعتقاد عموم دعوته ومشول الشريعة اليت جاء هبا لعموم الثقلني مـن اجلن واإلنس ًل‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫أحدا منهم إًل اإلميان به وًل أن يعبدوا هللا إًل مبا شـرع فيه‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫يسع ً‬
‫خمربا‬
‫ً‬ ‫تعاىل‬ ‫وقال‬ ‫)‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫(الفرقان‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪}    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫على لسان نبيه ‪( )3( }                            { ‬األنعام‪.)19 :‬‬

‫‪         ‬‬ ‫إخبارا عن اجلـن‪{ :‬‬
‫ً‬ ‫وقال تعاىل‬

‫‪( )4( }‬اجلن‪.)2 ،1 :‬‬


‫‪ - 2‬اعتقاد نسخه جلميع الكتب السابقة فال جيوز ألهـل الكتـاب وًل لغريهم أن يعبدوا‬
‫هللا بعد نـزول القرآن بغريه‪ ،‬فال دين إًل ما جاء بـه‪ ،‬وًل عبادة إًل ما شرع هللا فيه‪ ،‬وًل حالل‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫إًل ما أحل فيه‪ ،‬وًل حرام إًل ما حـرم فيه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬انظر قواعد التحديث للقامسي ص‪. 66 -65‬‬


‫)‪ (2‬سورة الفرقان آية ‪. 1 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنعام آية ‪. 19 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة اجلن آية ‪. 2 ، 1 :‬‬

‫‪136‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

   
    
 
 
   
 
    
               {
    :‫ وقال تعاىل‬.)85 :‫) (آل عمران‬1(}  

 ‫ وقد تقدم يف حديث جابر بن عبد هللا هنـي النيب‬.)105 :‫) (النساء‬2( }   
     

‫ {والذي نفسي بيده لـو أن موسى كان‬...( :‫أصحابه عن قراءة كتب أهل الكتاب وقوله‬

. )4( )3( }‫حيًّا ما وسعه إًل أن يتبعين‬


‫ فقد‬.‫ خبـالف الشـرائع يف الكتب السابقة‬،‫ مساحة الشريعة اليت جاء هبا القرآن ويسرها‬- 3
{ :‫ قال تعاىل‬.‫ واألغالل الـيت فرضت على أصحاهبا‬،‫كانت مشتملة على كثري من اآلصار‬
            

            

.)157 :‫) (األعراف‬5( }      


      
  
 
  

‫ أن القرآن هو الكتاب الوحيد من بني الكتب اإلهلية الذي تكفل هللا حبفظ لفظه‬- 4
     { ‫ قـال تعاىل‬.‫ومعناه من أن يتطرق إليه التحريف اللفظي أو املعنـوي‬

    
   
   
  
 
        
 { :‫ وقال تعاىل‬.)9 :‫) (احلجر‬6( }       

‫ مبينًا تكفله بتفسريه‬ ‫ وقال‬.)42 :‫) (فصلت‬7( }      


 
  
     
  

           { :‫وتوضيحه علـى مـا أراد وشرع‬

. 85 : ‫( سورة آل عمران آية‬1)


. 105 : ‫( سورة النساء آية‬2)
. )435( ‫ الدارمي املقدمة‬، )387/3( ‫( أمحد‬3)
. ‫ وغريه‬، 387 / 3 : ‫( رواه اإلمام أمحد يف املسند‬4)
. 157 : ‫( سورة األعراف آية‬5)
. 9 : ‫( سورة احلجر آية‬6)
. 42 : ‫( سورة فصلت آية‬7)

137
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }          ‬القيامة‪ .)19-17 :‬قال ابن كثري يف تفسري اآلية األخـرية‪ " :‬أي‬
‫بعـد حفظه وتالوته نبينه لك ونوضحه‪ ،‬ونلهمك معناه على ما أردًن وشـرعنا "‪ .‬وقد هيأ هللا‬
‫تعاىل حلفظ كتابه من العلماء اجلهابذة من قاموا بذلك خري قيـام‪ ،‬من لدن النيب ‪ ‬إىل يومنا‬
‫هذا‪ ،‬فحفظوا لفظه وفهموا معناه‪ ،‬واستقاموا على العمل به‪ ،‬ومل يَ َدعوا جماًل من جماًلت خدمة‬
‫القرآن وحفظه إًل وألفوا فيـه املؤلفات املطولة‪ ،‬فمنهم من ألف يف تفسريه‪ ،‬ومنهم مـن ألـف يف‬
‫رمسـه وقراءاته‪ ،‬ومنهم من ألف يف حمكمه ومتشاهبه‪ ،‬ومنهم من ألـف يف مكيـه ومدنيه‪ ،‬ومنهم‬
‫من ألف يف استنباط األحكام منه‪ ،‬ومنهم من ألف يف ًنسخه ومنسوخه‪ ،‬ومنهم من ألف يف‬
‫أسباب نـزوله‪ ،‬ومنهم من ألف يف أمثالـه‪ ،‬ومنهم من ألف يف إعجازه‪ ،‬ومنهم من ألف يف غريبه‪،‬‬
‫ومنهم من ألـف يف إعرابه‪ ،‬إىل غري ذلك من اجملاًلت اليت جتسد من خالهلا حفظ هللا لكتابه‬
‫مبا هيأ له هؤًلء العلماء من خدمة كتابه وعلومه حىت بقي حمفوظًا يقرأ ويفسـر غضًّا طرًّاي كما‬
‫أنـزل‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن القرآن الكرمي مشتمل على وجوه كثرية من اإلعجاز شارك فيها غـريه من الكتب‬
‫املنـزلة‪ ،‬وهو يف اجلملة املعجزة العظمى وحجة هللا البالغة الباقية اليت أيد هبا نبيه ‪ ‬وأتباعه إىل‬
‫قيام الساعة‪ ،‬على ما روى الشـيخان مـن حديث أيب هريرة عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬ما من األنبياء‬
‫إيل‬
‫نيب إًل أعطـى مـن اآلايت ما مثله آمن عليه البشر‪ ،‬وإَّنا كان الذي أوتيته وحيًا أوحـاه هللا ّ‬
‫اتبعا يوم القيامة} (‪ . )3( )2‬ومن صور إعجـاز القرآن حسن أتليفه‬ ‫فأرجو أن أكون أكثرهم ً‬
‫وفصاحته وبالغته وقد وقع التحدي لإلنس واجلن على أن أيتوا مبثله أو ببعضه على مراتب‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫ثالث‪ :‬فقد حتداهم هللا على أن أيتوا مبثله فعجزوا وما استطاعوا‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة القيامة آية ‪. 19 - 17 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري فضائل القرآن (‪ ، )4696‬مسلم اإلميان (‪ ، )152‬أمحد (‪. )451/2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )4981‬ومسلم برقم (‪. )152‬‬

‫‪138‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

،33 :‫) (الطور‬1( } 


  
 
         
 
  
        
     
      
 

         {


ً  ‫ وقال‬.)34
‫مقررا عجزهم عـن ذلك‬

‫ مث‬.)88 :‫) (اإلسراء‬2( }    


    
  
   
        
  
    
 
   
   
 

       { :‫ قال تعاىل‬.‫حتداهم أن أيتوا بعشر سور مثله فما قدروا‬

.)13 :‫) (هود‬3( }    


 
    
  
     
  
    
    
    
       

     { :‫ قـال تعاىل‬.‫مث حتداهم مرة اثلثة أبن أيتوا بسورة منه فما اسـتطاعوا‬

.)38 :‫) (يونس‬4( }    


    
  
     
  
  
   
              

،‫ ملا عجز اخللق عن معارضته أبدىن مراتب التحـدي‬،‫فثبت هبذا إعجاز القرآن على أبلـغ وآكده‬
.‫ وأقصر سورة يف القرآن ثالث آايت‬،‫وهـو اإلتيان بسورة من مثله‬
،‫ ودنياهم‬،‫ أن هللا تعاىل بني يف القرآن كل شيء مما حيتاج له النـاس يف أمـر دينهم‬- 6
        { ‫ قال تعاىل‬.‫ ومعادهم‬،‫ومعاشهم‬

 
 
  
  
     
    { :‫ وقـال تعاىل‬.)89 :‫) (النحـل‬5( }        
  
  

‫ وكل شيء قد‬،‫ " أنـزل يف هذا القرآن كل علم‬ ‫ قال ابن مسـعود‬.)38 :‫) (األنعام‬6( }
." ‫بني لنا يف القرآن‬

. 34 ، 33 : ‫( سورة الطور آية‬1)


. 88 : ‫( سورة اإلسراء آية‬2)
. 13 : ‫( سورة هود آية‬3)
. 38 : ‫( سورة يونس آية‬4)
. 89 : ‫( سورة النحل آية‬5)
. 38 : ‫( سورة األنعام آية‬6)

139
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 7‬أن هللا تعاىل يسر القرآن للمتذكر واملتدبر وهذا من أعظم خصائصه‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( }                          ‬القمر‪ .)17 :‬وقـال تعاىل‪{ :‬كتَ ٌ‬
‫اب أَنْـَزلْنَ ُاه‬ ‫ِّ‬ ‫(‪)1‬‬

‫اب } (‪( )2‬ص‪ .)29 :‬قال جماهد يف تفسري اآلية‬ ‫ك مبارٌك لِّي َّدبـَّروا آايتِِّّه ولِّيـتَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْب ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫إلَْي َ َُ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫األوىل‪ " :‬يعين هونَّـا قراءتـه "‪ .‬وقـال السدي‪ " :‬يسرًن تالوته على األلسن "‪ .‬وقال ابن‬
‫عباس‪ " :‬لوًل أن هللا يسـره على لسان اآلدميني ما استطاع أحد من اخللق أن يتكلم بكالم‬
‫هللا " (‪ . )3‬وقـد ذكر الطربي وغريه من أئمة التفسري أن تيسري القرآن يشمل تيسري اللفـظ للتالوة‬
‫وتيسري املعاين للتفكر والتدبر واًلتعاظ (‪ )4‬وهو كذلك كمـا هـو مالحظ ومشاهد‪.‬‬
‫‪ - 8‬أن القرآن تضمن خالصة تعاليم الكتب السابقة وأصـول شـرائع الرسل‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪           ‬‬ ‫{‬

‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )5( }‬املائدة‪ .)48 :‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )6( }                     ‬الشورى‪:‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪.)13‬‬
‫‪ - 9‬أن القرآن مشتمل على أخبار الرسل واألمم املاضية وتفصيل ذلـك بشكل مل يسبق‬
‫‪         ‬‬ ‫إليه كتاب قبله‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫(هود‪ .)120 :‬وقال تعاىل‪   { :‬‬ ‫‪}‬‬


‫(‪)7‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪  ‬‬

‫)‪ (1‬سورة القمر آية ‪. 17 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة ص آية ‪. 29 :‬‬
‫)‪ (3‬تفسري ابن كثري ‪. 453 / 8‬‬
‫)‪ (4‬تفسري ابن جرير ‪. 96 / 27‬‬
‫)‪ (5‬سورة املائدة آية ‪. 48 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الشورى آية ‪. 13 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة هود آية ‪. 120 :‬‬

‫‪140‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

    
   
 
        
  
   
 
  
  
  { :‫ وقال تعـاىل‬.)100 :‫) (هود‬1( } 

.)99 :‫) (طه‬2( }  


   
   
    

 { :‫ قال تعاىل‬.‫ أن القرآن هو آخر كتب هللا نـزوًل وخامتها والشاهد عليها‬- 10
              

 
    
  
   
          { :‫ وقـال تعاىل‬.)4 ،3 :‫) (آل عمـران‬3( }          

.)48 :‫) (املائدة‬4( }           


  
   
   
    
   
 
 

‫فهذه بعض خصائص القرآن الكرمي على سائر الكتب األخرى ممـا ًل يتحقق اإلميان به‬
.‫ وهللا تعاىل أعلم‬.‫وعمال‬
ً ‫علما‬
ً ‫إًل ابعتقادها وحتقيقها‬

. 100 : ‫( سورة هود آية‬1)


. 99 : ‫( سورة طه آية‬2)
. 4 ، 3 : ‫( سورة آل عمران آية‬3)
. 48 : ‫( سورة املائدة آية‬4)

141
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الثالث‬
‫اإلميان ابلرسل‬
‫وحيتوي على أحد عشر مبحثًا‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حكم اإلميان ابلرسل وأدلته‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تعريف النيب والرسول والفرق بينهما‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬كيفية اإلميان ابلرسل‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬ما جيب علينا حنو الرسل‪.‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬أولو العزم من الرسل‪.‬‬
‫املبحث السادس‪ :‬خصائص نبينا حممد ‪ ‬وحقوقه على أمته مـع‬
‫بيان أن رؤية النيب ‪ ‬يف املنام حق‪.‬‬
‫املبحث السابع‪ :‬ختم الرسالة وبيان أنه ال نيب بعده‪.‬‬
‫املبحث الثامن‪ :‬اإلسراء ابلرسول ‪ ‬حقيقته وأدلته‪.‬‬
‫املبحث التاسع‪ :‬القول احلق يف حياة األنبياء عليهم السالم‪.‬‬
‫املبحث العاشر‪ :‬معجزات األنبياء والفرق بينها وبني كرامات‬
‫األولياء‪.‬‬
‫املبحث احلادي عشر‪ :‬الويل والوالية يف اإلسالم‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‪ :‬حكم اإلميان ابلرسل وأدلته‬


‫اإلميان برسل هللا تعاىل واجب من واجبات هذا الدين وركن عظيم مـن أركـان اإلميان‪ .‬وقد‬
‫دلت على ذلك األدلة من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫{ ‪            ‬‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }                   ‬الب َقرة‪.)285 :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬

‫فذكر هللا تعاىل اإلميان ابلرسل يف مجلة ما آمن بـه الرسول واملؤمنون‪ ،‬من أركان اإلميان‪ .‬وبني‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫أهنم يف إمياهنم ابلرسـل ًل يفرقون بينهم فيؤمنوا ببعضهم دون بعض‪ ،‬بل يصدقون هبم ً‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وقد بني هللا يف كتابه حكم من ترك اإلميان ابلرسل‪ .‬فقال تعـاىل‪:‬‬
‫‪            ‬‬

‫‪( )2( }  ‬النساء‪،150 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ .)151‬فأطلق الكفر علـى من كـذب ابلرسل أو فرق بينهم ابإلميان ببعضهم والكفر ببعضهم‪.‬‬
‫مث قرر أن هـؤًلء هم الكافرون حقًّا أي الذين حتقق كفرهم وتقرر صراحة‪.‬‬
‫كما بني هللا يف مقابل ذلك يف السياق نفسه ما عليه أهل اإلميان مـن ذلك فقال‪{ :‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪( )3( }  ‬النساء‪ .)152 :‬فوصفـهم ابإلميان ابهلل ورسله كلهم من غري تفريق‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫بني الرسل يف اإلميان ببعضهم دون بعض وإَّنا يعتقدون أهنم مرسلون من هللا تعاىل‪.‬‬
‫وأما السنة فدلت كذلك على ما دل عليه الكتاب من أن اإلميان ابلرسل ركن من أركان‬
‫اإلميان وقد َد ّل على ذلك حديث جربيل املتقدم بنصـه يف مبحـث " اإلميان ابملالئكة " وفيه‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 285 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النساء آية ‪. 151 ، 150 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 152 :‬‬

‫‪143‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫أن النيب ‪ ‬أجاب ملا سأله جربيل علـيه السالم عن اإلميان فقال‪{ :‬أن تؤمن ابهلل ومالئكـته‬

‫وكتبه ورسـله واليـوم اآلخر} (‪ )2( ) ... )1‬احلديث‪ .‬فذكر اإلميان ابلرسل مع بقية أركان اإلميان‬
‫األخرى الواجـب على املسلم حتقيقها واعتقادها‪.‬‬
‫ويف دعاء النيب ‪ ‬يف التهجد عند قيام الليل أنه كان يقول‪{ :‬اللهم لـك احلمد أنت نور‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬ولك احلمد أنـت قيـم السماوات واألرض‪ ،‬ولك احلمد أنت رب السماوات‬
‫واألرض ومن فيهن‪ ،‬أنت احلـق‪ ،‬ووعدك احلق‪ ،‬وقولك احلق‪ ،‬ولقاؤك احلق‪ ،‬واجلنة حـق‪ ،‬والنـار‬
‫حـق‪ ،‬والنبيون حق‪ ،‬والساعة حق} (‪. )4( ) ... )3‬‬
‫فشهادة النيب ‪ ‬أن النبيني حق ضمن ما ذكر من أصول اإلميان العظيمة كاإلميان ابهلل‬
‫وبوجود اجلنة والنار وقيام الساعة وتقدميه ذلك بـني يـدي دعائه وقيامه دليل على أمهية اإلميان‬
‫ابلرسل واألنبياء ومكانته يف الدين‪.‬‬
‫فتقرر وجوب اإلميان ابلرسل وأنه من أعظم دعائم هذا الدين ومن أكـرب خصال اإلميان‬
‫كفرا صرحيًا جبحده هذا الركن‬
‫وأن من كذب ابلرسل أو أبحد منهم فإنه كافر ابهلل العظيـم ً‬
‫العظيم من أركان اإلميان‪.‬‬
‫مثرات اإلميان ابلرسل‪:‬‬
‫إذا حتقق اإلميان ابلرسل ترك آاثره الطيبة ومثاره اليانعة على املؤمن فمـن ذلك‪:‬‬

‫)‪ (1‬مسلم اإلميان (‪ ، )8‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2610‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4990‬أبو داود السنة (‪، )4695‬‬
‫ابن ماجه املقدمة (‪ ، )63‬أمحد (‪. )52/1‬‬
‫)‪ (2‬تقدم ص‪. 113‬‬
‫)‪ (3‬البخاري التوحيد (‪ ، )7060‬مسلم صالة املسافرين وقصرها (‪ ، )769‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3418‬النسائي قيام‬
‫الليل وتطوع النهار (‪ ، )1619‬أبو داود الصالة (‪ ، )771‬ابن ماجه إقامة الصالة والسنة فيها (‪ ، )1355‬أمحد‬
‫(‪ ، )358/1‬مالك النداء للصالة (‪ ، )500‬الدارمي الصالة (‪. )1486‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪. )7499‬‬

‫‪144‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 1‬العلم برمحة هللا تعاىل وعنايته خبلقه حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية‬
‫واإلرشاد‪.‬‬
‫‪ - 2‬شكر هللا على هذه النعمة الكربى‪.‬‬
‫‪ - 3‬حمبة الرسل وتوقريهم والثناء عليهم مبا يليق هبم ألهنم رسل هللا تعاىل وخالصة عبيده‪،‬‬
‫وملا قاموا به من تبليغ رسالة هللا خللقه وكمال نصحـهم ألقوامهم وصربهم على أذاهم‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬تعريف النيب والرسول والفرق بينهما‬


‫مشتق من النبأ وهو اخلرب ذو الفائدة العظيمـة‪ .‬قـال تعاىل‪  { :‬‬ ‫النيب يف اللغة‪:‬‬

‫‪( }            ‬النبأ‪ .)2 ،1 :‬ومسي النيب نبيًّا ألنـه ُخمربٌ من هللا‪ُ ،‬‬
‫وخيِّْربُ عن هللا‬ ‫(‪)1‬‬

‫وخمِّرب‪.‬‬
‫فهو ُخم َرب ُ‬
‫وقيل النيب مشتق من النباوة‪ :‬وهي الشيء املرتفع‪.‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫ومسي النيب نبيًّا على هذا املعىن‪ :‬لرفعة حمله على سائر الناس‪ .‬قال تعـاىل‬

‫‪( )2( }   ‬مرمي‪.)57 :‬‬

‫ـربا عن ملكة سبأ‪{ :‬‬


‫والرسول يف اللغة‪ :‬مشتق من اإلرسال وهو التوجيه‪ .‬قال تعاىل خم ً‬
‫‪( )3( }        ‬النمل‪.)35 :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪     ‬‬

‫وقد اختلف العلماء يف تعريف كل من النيب والرسول يف الشرع علـى أقوال أرجحها‪:‬‬
‫أن النيب‪ :‬هو من أوحى هللا إليه مبا يفعله وأيمر به املؤمنني‪.‬‬
‫والرسول‪ :‬هو من أوحى هللا إليه وأرسله إىل من خالف أمر هللا ليبلـغ رسالة هللا‪.‬‬
‫والفرق بينهما‪:‬‬
‫أن النيب هو من نبأه هللا أبمره وهنيه ليخاطب املؤمنني وأيمرهم بذلك وًل خياطب الكفار‬
‫وًل يرسل إليهم‪.‬‬
‫وأما الرسول فهو من أرسل إىل الكفار واملؤمنني ليبلغـهم رسـالة هللا ويدعوهم إىل عبادته‪.‬‬
‫وليس من شرط الرسول أن أييت بشريعة جديدة فقد كان يوسف علـى ملة إبراهيم‪ ،‬وداود‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫وسليمان كـاًن على شريعة التوراة وكلهم رسل‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة النبأ آية ‪. 2 ، 1 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة مرمي آية ‪. 57 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النمل آية ‪. 35 :‬‬

‫‪146‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

                  

       
   
      
    
  
       
       { :‫ وقال تعاىل‬.)34 :‫) (غافر‬1( }
            

              

.)164 ،163 :‫) (النسـاء‬2( }  


  
 
  
  
     
   

        { :‫وقد يطلق على النيب أنه رسول كـما قال تعاىل‬

‫ أنه يرسل النيب‬ ‫) فذكر هللا‬52 :‫) (احلج‬3( }                       
‫ وبيان ذلك أن هللا تعاىل إذا أمر النيب بدعوة املؤمنني إىل أمر فهو مرسل من هللا إليهم‬.‫والرسول‬
‫ وأما اإلرسال املطلق فهو إبرسال الرسل إىل عامة اخللـق مـن الكفـار‬.‫لكن هذا اإلرسال مقيـد‬
.‫واملؤمنني‬

. 34 : ‫( سورة غافر آية‬1)


. 164 ، 163 : ‫( سورة النساء آية‬2)
. 52 : ‫( سورة احلج آية‬3)

147
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬كيفية اإلميان ابلرسل‬


‫اإلميان ابلرسل هو اعتقاد ما أخرب هللا به عنهم يف كتابه وأخرب به النيب ‪ ‬يف سنته إمجاًل‬
‫وتفصيال‪.‬‬
‫فاإلميان اجململ‪:‬‬
‫هو التصديق اجلازم أبن هللا تعاىل بعث يف كل أمة رسوًل يدعوهـم إىل عبادة هللا وحده ًل‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫شريك له والكفر مبا يعبد من دون هللا‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( } ‬النحل‪ .)36 :‬وأبهنم مجيعهم صادقون‪ ،‬ابرون‪ ،‬راشدون‪،‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪    ‬‬ ‫كرام بررة‪ ،‬أتقيـاء أمناء‪ ،‬هداة مهتدون‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )2( } ‬يس‪ .)52 :‬وقال تعاىل بعد أن ذكر طائفة كبرية من األنبياء والرسل‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫{ ‪            ‬‬

‫‪( )3( }                 ‬األنعام‪.)88 ،87 :‬‬
‫‪ ‬‬

‫وأبهنم كلهم كانوا على احلق املبني‪ ،‬واهلدى املستبني جاءوا ابلبينات مـن رهبم إىل أقوامهم‪.‬‬
‫‪( )4( }           ‬األعراف‪.)43 :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫قال تعاىل حكاية عن أهل اجلنة‪  { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪         ‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )5( } ‬احلديد‪.)25 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫)‪ (1‬سورة النحل آية ‪. 36 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة يس آية ‪. 52 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنعام آية ‪. 88 ، 87 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األعراف آية ‪. 43 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة احلديد آية ‪. 25 :‬‬

‫‪148‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

:‫ قال تعاىل‬.‫وأبن أصل دعوهتم واحدة وهي الدعوة إىل توحيد هللا وأمـا شـرائعهم فمختلفة‬
               {

:‫) (املائدة‬2( }               


    {  ‫ وقال‬.)25 :‫(األنبياء‬
 
)1(
}  
.)48
‫ قال‬.‫ فقامت بذلك احلجـة على اخللق‬،‫وأبهنم قد بلغوا مجيع ما أرسلوا به البالغ املبني‬
             { :‫تعاىل‬

   
   
  
   
  
   
  
   
 
  { :‫ وقال تعاىل‬.)28 :‫) (اجلن‬3( }

.)165 :‫) (النسـاء‬4( }         


 

‫ وإَّنا هم‬.‫ ليس هلم من خصائص الربوبيـة شيء‬،‫وجيـب اإلميان أبن الرسل بشر خملوقون‬
          { :‫ قال تعاىل‬.‫عباد أكرمهم هللا ابلرسالة‬

 
      {
    :‫ وقال تعاىل عن نوح‬.)11 :‫) (إبراهيم‬5( }                

‫آمرا نبينا‬
ً  ‫وقال‬ .) 31 :‫(هود‬ )6(
}
     
   
      
  
  
  
  
    
 
 

             { :‫ أن يقول لقومه‬ ‫حممدا‬
ً
.)50 :‫) (األنعام‬7(}                
    

. 25 : ‫( سورة األنبياء آية‬1)


. 48 : ‫( سورة املائدة آية‬2)
. 28 : ‫( سورة اجلن آية‬3)
. 165 : ‫( سورة النساء آية‬4)
. 11 : ‫( سورة إبراهيم آية‬5)
. 31 : ‫( سورة هود آية‬6)
. 50 : ‫( سورة األنعام آية‬7)

149
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ وأن العاقبة هلم‬،‫أيضا يف حق الرسل أهنم منصورون مؤيدون مـن هللا‬


ً ‫ومما جيب اعتقاده‬
           { :‫ قال تعاىل‬.‫وألتباعهم‬

:‫ يف قوله تعاىل‬ ‫ كما جيب اعتقـاد تفـاضل الرسل على ما أخرب‬.)51 :‫) (غافر‬1( }

.)253 :‫) (البقرة‬2( } 


  
    
    
  
  
 
 
     
  
      {
   

‫فيجـب اإلميان بكل هذا وبكل ما جاء يف الكتاب والسنة عـن الرسـل على وجه العموم‬
.‫جممال‬
ً ‫إمياًن‬
ً
:‫وأما اإلميان املفصل‬
‫مفصال على‬
ً ً ،‫ يف سنته منهـم‬ ‫فيكون ابإلميان مبن مسى هللا تعاىل يف كتابه والنيب‬
‫إمياًن‬
.‫حنو ما جاءت به النصوص من ذكر أمسائهم وأخبـارهم وفضائلهم وخصائصهم‬
‫ ورد ذكـر مثانية عشر منهم يف‬.‫واملذكورون يف القرآن من األنبياء والرسل مخسة وعشرون‬
               { :‫قوله تعاىل‬

                 

            

              

:‫ قال تعاىل‬.‫ وورد ذكر الباقني يف مواضع أخرى من القرآن‬.)86-83 :‫) (األنعام‬3( }

.)65 :‫) (األعـراف‬4( }              {

. 51 : ‫( سورة غافر آية‬1)


. 253 : ‫( سورة البقرة آية‬2)
. 86 - 83 : ‫( سورة األنعام آية‬3)
. 65 : ‫( سورة األعراف آية‬4)

150
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪ ‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪( )1( } ‬األًعـراف‪ .)73 :‬وقـال {‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫وقال‪    { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )3( }         ‬آل‬


‫‪  ‬‬ ‫(األعراف‪ .)85 :‬وقـال‪   { :‬‬
‫‪  ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪}        ‬‬

‫‪       ‬‬ ‫عمران‪ .)33 :‬وقال‪{ :‬‬

‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )4( }‬األنبياء‪ .)85 :‬وقال‪:‬‬

‫مفصال‪ ،‬واإلقرار‬
‫ً‬ ‫‪( )5( }     ‬الفتح‪ .)29 :‬فيجب اإلميان هبؤًلء األنبياء واملرسـلني إميانًـا‬
‫لكل واحد منهم ابلنبوة أو الرسالة على مـا أخـرب هللا ورسوله ‪ ‬عنهم‪.‬‬
‫كما جيب اعتقاد صحة ما جاءت به النصوص مـن ذكـر فضائلـهم وخصائصهم وأخبارهم‪،‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وحممدا صلى هللا عليهما وسـلم خليلني لقوله تعاىل‪:‬‬ ‫اهيم‬
‫ً‬ ‫كاختاذ هللا إبر َ‬
‫‪( )6( } ‬النسـاء‪ .)125 :‬ولقول النيب ‪{ ‬إن هللا اختذين ً‬
‫خليال كما اختذ إبراهيم‬ ‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫أخرجـه مسـلم (‪ . )8‬وكـتكليم هللا تعاىل ملوسى لقولـه تعـاىل‪:‬‬ ‫خليال}‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫ً‬
‫‪( )9( }   ‬النساء‪ .)164 :‬وكذلك تسخري اجلبال والطري لداود يسبحن بتسبيحه‪،‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪        ‬‬ ‫قـال تعـاىل‪{ :‬‬

‫)‪ (1‬سورة األعراف آية ‪. 73 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األعراف آية ‪. 85 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة آل عمران آية ‪. 33 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة األنبياء آية ‪. 85 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة الفتح آية ‪. 29 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة النساء آية ‪. 125 :‬‬
‫)‪ (7‬مسلم املساجد ومواضع الصالة (‪. )532‬‬
‫)‪ (8‬صحيح مسلم برقم (‪. )532‬‬
‫)‪ (9‬سورة النساء آية ‪. 164 :‬‬

‫‪151‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪         ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬


‫‪ ‬‬ ‫‪( )1( }‬األنبياء‪ .)79 :‬وإًلنة احلديد لداود كما قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )2(}                          ‬سبأ‪ .)10 :‬وتسـخري الرايح لسليمان‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫يشـاء‪ ،‬قال تعاىل‪   { :‬‬ ‫تسري أبمره‪ ،‬وتسخري اجلن له يعملون بني يديه ما‬

‫‪( )3( }                   ‬سبأ‪:‬‬


‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪‬‬

‫{ ‪      ‬‬ ‫‪ .)12‬وتعليم سـليمان منطق الطري‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )4( }                     ‬النمل‪.)16 :‬‬
‫كـما جيب اإلميان على وجه التفصيل مبا قص هللا ‪ ‬يف كتابه مـن أخبار الرسل مع‬
‫أقوامهم‪ ،‬وما جرى بينهم من اخلصومة‪ ،‬ونصر هللا لرسـله وأتباعهم‪ .‬كقصة موسى مع فرعون‪،‬‬
‫وإبراهيم مع قومه‪ ،‬وقصـص نـوح وهود وصاحل وشعيب ولوط مع أقوامهم‪ .‬وما قـص هللا علينـا‬
‫يف شـأن يوسف مع إخوته وأهل مصر‪ ،‬وقصة يونس مع قومه‪ ،‬إىل آخر ما جـاء يف كتاب هللا‬
‫مفصال حبسب ما‬
‫إمياًن ً‬
‫من أخبار األنبياء والرسل‪ ،‬وكذلك ما جاء يف السـنة فيجـب اإلميان به ً‬
‫جاءت به النصوص‪.‬‬
‫وبذلك يتحقق اإلميان ابلرسل بقسميه اجململ واملفصل‪ .‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنبياء آية ‪. 79 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة سبأ آية ‪. 10 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة سبأ آية ‪. 12 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة النمل آية ‪. 16 :‬‬

‫‪152‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الرابع‪ :‬ما جيب علينا حنو الرسل‬


‫جيب على األمة جتاه الرسل حقوق عظيمة حبسب ما أنـزهلم هللا مـن املنازل الرفيعة يف‬
‫الدين‪ ،‬وما رفعهم هللا إليه من الدرجات السامية اجلليلـة عنده‪ ،‬وما شرفهم به من املهمات‬
‫النبيلة وما اصطفاهم به من تبليغ وحيـه وشرعه لعامة خلقه‪ .‬ومن هذه احلقوق‪:‬‬
‫مجيعا فيما جاءوا به‪ ،‬وأهنم مرسلون من رهبم‪ ،‬مبلغون عن هللا ما أمرهم هللا‬
‫‪ - 1‬تصديقهم ً‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫بتبليغه ملن أرسلوا إليهم وعدم التفريق بينـهم يف ذلـك‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬

‫‪     ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )1( } ‬النسـاء‪ .)64 :‬وقـال تعـاىل‪{ :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2( }                                          ‬املائدة‪ .)92 :‬وقال‬

‫عز وجـل‪            { :‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪( )3( }‬النساء‪ .)151 ،150 :‬فيجب تصديق الرسل فيما جاءوا بـه من الرساًلت وهذا‬
‫مقتضى اإلميان هبم‪.‬‬
‫ومما جيب معرفته أنه ًل جيوز ألحد من الثقلني متابعة ٍ‬
‫أحد من الرسـل السابقني بعد مبعث‬
‫حممد ‪ ‬املبعوث للناس كافة‪ ،‬إ ْذ أن شريعته جـاءت ًنسخة جلميع شرائع األنبياء قبله فال دين‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫إًل ما بعثه هللا به وًل متابعـة إًل هلذا النيب الكرمي‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ ‪  ‬‬ ‫‪( )4( }    ‬آل عمران‪ .)85 :‬وقال تعـاىل‪:‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪( )5( } ‬سبـأ‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 64 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 92 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 151 ، 150 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة آل عمران آية ‪. 85 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة سبأ آية ‪. 28 :‬‬

‫‪153‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( ... )1( }    ‬األعراف‪:‬‬


‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫‪ .)28‬وقال تعاىل‪  { :‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪.)158‬‬
‫مجيعا وحمبتهم واحلذر من بغضهم وعداوهتم‪.‬‬
‫‪ - 2‬مواًلهتم ً‬
‫‪          ‬‬ ‫قال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪       ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪( )2( }‬املائدة‪ .)56 :‬وقال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬التوبة‪ .)71 :‬فتضمنت اآلية وصف املؤمنني مبواًلة بعضهم لبعض فدخـل يف ذلك‬
‫إمياًن وعليه فإن مواًلهتم وحمبتـهم يف قلوب املؤمنني هي أعظم‬
‫رسل هللا الذين هم أكمل املؤمنني ً‬
‫من مواًلة غريهم من اخللق لعلو مكانتهم يف الديـن ورفعة درجاهتم يف اإلميان‪ .‬ولذا حذر هللا‬
‫من معاداة رسله وعطفها يف الذكر على معاداة هللا ومالئكته وقرن بينهما يف العقوبة واجلزاء‪.‬‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫فقال عز من قائل‪:‬‬

‫‪( )4( }      ‬البقرة‪.)98 :‬‬


‫‪ - 3‬اعتقاد فضلهم على غريهم من الناس‪ ،‬وأنه ًل يبلغ منـزلتهم أحـد من اخللق مهما بلغ‬
‫من الصالح والتقوى إذ الرسالة اصطفاء من هللا خيتـص هللا هبا من يشاء من خلقه وًل تنال‬
‫{ ‪        ‬‬ ‫ابًلجتهاد والعمل‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪( )5( }  ‬احلج‪ .)75 :‬وقال تعاىل {‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )6(}     ‬األنعام‪ .)83 :‬إىل أن قال بعد ذكر طائفة كبرية من‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪        ‬‬

‫)‪ (1‬سورة األعراف آية ‪. 158 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 56 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة التوبة آية ‪. 71 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة البقرة آية ‪. 98 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة احلج آية ‪. 75 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة األنعام آية ‪. 83 :‬‬

‫‪154‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }           ‬األنعام‪ .)86 :‬وقد تقدم نقل‬
‫‪  ‬‬ ‫األنبيـاء واملرسلني‪  { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫هـذا السـياق يف املبحث األول من هذا الفصل‪.‬‬


‫أيضا على أن منـزلة الرسل ًل يبلغها أحد من اخللق ملا رواه الشيخان من‬
‫كما دلت السنة ً‬
‫حديث أيب هريرة عن النيب ‪ ‬أنه قال‪ً{ :‬ل ينبغي لعبد أن يقول‪ :‬أًن خري من يونس بن‬

‫ويف رواية للبخاري‪{ :‬من قال أًن خـري من يونس بن مىت فقد‬ ‫(‪)3( )2‬‬
‫مىت}‬

‫زجرا أن يتخيل أحد من‬


‫ً‬ ‫هذا‬ ‫ـال‬‫ق‬ ‫‪‬‬ ‫إنه‬ ‫"‬ ‫احلديث‪:‬‬ ‫اح‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫بعض‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪)5( )4‬‬
‫كذب}‬

‫اجلاهلني شيئًا من حط مرتبة يونس ‪ ‬مـن أجل ما يف القرآن العزيز من قصته "‪ّ .‬‬
‫وبني‬
‫العلماء‪ " :‬أن ما جرى ليونس ‪ ‬مل حيطه من النبوة مثقال ذرة وخص يونس ابلذكر ملا ذكر‬
‫{ ‪        ‬‬ ‫هللا من قصتـه يف القرآن الكرمي كقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪( )6( }          ‬األنبيـاء‪ .)88 ،87 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ ... )7( }          ‬اآلايت (الصافات‪.)148-139 :‬‬ ‫{ ‪  ‬‬


‫‪   ‬‬

‫‪ - 4‬اعتقاد تفاضلهم فيما بينهم وأهنم ليسوا يف درجة واحدة بل فضل هللا بعضهم على‬
‫{ ‪              ‬‬ ‫بعض‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنعام آية ‪. 86 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3215‬مسلم الفضائل (‪ ، )2377‬أبو داود السنة (‪ ، )4669‬أمحد (‪. )342/1‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3416‬ومسلم برقم (‪ ، )2376‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (4‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4328‬مسلم الفضائل (‪ ، )2373‬أمحد (‪. )468/2‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪. )4604‬‬
‫)‪ (6‬سورة األنبياء آية ‪. 88 ، 87 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة الصافات آية ‪. 139 :‬‬

‫‪155‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( } ‬الب َقرة‪ .)253 :‬قال الطربي يف تفسري اآلية‪ " :‬يقول تعاىل ذكره‪ :‬هؤًلء رسلي‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫فضلت بعضهم على بعـض‪ ،‬فكلمت بعضهم كموسى ‪ ‬ورفعت بعضهم درجات على بعض‬
‫ابلكرامـة ورفعة املنـزلة "‪ .‬فإنـزال كل واحد منهم منـزلته يف الفضـل والرفعـة حبسب دًلًلت‬
‫النصوص من مجلة حقوقهم على األمة‪.‬‬
‫‪ - 5‬الصالة والسالم عليهم فقد أمر هللا الناس بذلك وأخرب هللا إببقائـه الثناء احلسن على‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫رسله وتسليم األمم عليهم من بعدهم‪ .‬قال تعـاىل عـن نـوح‪:‬‬

‫‪    ‬‬ ‫‪( )2( }               ‬الصافات‪ .)79 ،78 :‬وقال عن إبراهيـم‪{ :‬‬

‫‪( )3( }              ‬الصافات‪ .)109 ،108 :‬وقال عن موسى‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪‬‬

‫‪        ‬‬ ‫وهـارون‪{ :‬‬

‫‪( )4( }‬الصافـات‪.)120 ،119 :‬‬

‫‪( )5( }‬الصافات‪ .)181 :‬قال ابن‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪ ‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫مفسرا ملا أبقى‬


‫ً‬ ‫)‬ ‫‪79‬‬ ‫(الصافات‪:‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫كثري‪ " :‬قولـه تعاىل { ‪}               ‬‬
‫عليه مـن الذكر اجلميل والثناء احلسن أنه يسلم عليه مجيع الطوائف "‪ .‬وقد نقل اإلمـام النووي‬
‫إمجاع العلماء على جواز الصالة على سائر األنبياء واستحباهبا‪ .‬قال‪ " :‬أمجعوا على الصالة‬
‫على نبينا حممد ‪ . ‬وكذلك أمجع من يعتد به علـى جوازها على سائر األنبياء واملالئكة‬
‫استقالًل وأما غري األنبياء فاجلمهور على أنه ًل يصلى عليهم ابتداء "‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 253 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الصافات آية ‪. 79 ، 78 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الصافات آية ‪. 109 ، 108 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الصافات آية ‪. 120 ، 119 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة الصافات آية ‪. 181 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الصافات آية ‪. 79 :‬‬

‫‪156‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فهذه طائفة مما جيب للرسل من حقوق على هذه األمة مما دلـت عليـه النصوص وقرره أهل‬
‫العلم‪ .‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث اخلامس‪ :‬أولو العزم من الرسل‬


‫ص ََرب أُولُو الْ َع ْزِّم ِّم َن‬ ‫أولو العزم من الرسل هم‪ :‬ذوو احلزم والصرب‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬فَ ْ‬
‫اصِّ ْرب َك َما َ‬
‫الر ُس ِّل } (‪( )1‬األحقاف‪.)35 :‬‬
‫ُّ‬
‫وقد اختلف العلماء فيهم‪ .‬فقيل املراد أبويل العزم هم مجيـع الرسـل‪ .‬و" من " يف قوله {‬

‫‪ )2( }     ‬لبيان اجلنس ًل للتبعيض‪ .‬قال ابن زيـد‪ " :‬كل الرسل‪ .‬كانوا أويل عزم مل يبعث‬
‫هللا نبيًّا إًل كـان ذا عزم وحزم ورأي وكـمال عقل "‪.‬‬
‫وقيل هم مخسة‪ :‬نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد صلى هللا عليـهم وسلم‪ .‬قال ابن‬
‫عباس‪ " :‬أولو العزم من الرسل النيب صلى هللا عليـه وآلـه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى‬
‫"‪ .‬وهبذا القول قال جماهد وعطـاء اخلراساين‪ ،‬وعليه كثري من متأخري أهل العلم‪.‬‬
‫وقد ذكر هللا هؤًلء اخلمسة جمتمعني يف موطنني من كتابه وبه اسـتدل هلذا القول‪ .‬األول‬
‫‪        ‬‬ ‫يف سورة األحزاب‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }                      ‬األحزاب‪ .)7 :‬والثاين يف سورة‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫الشورى‪.‬‬
‫{ ‪              ‬‬ ‫قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )4( }                      ‬الشورى‪ .)13 :‬قال بعض‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬

‫املفسرين‪ " :‬ووجه ختصيصهم ابلذكر اإلعالم بـأن هلم مزيد شرف وفضل لكوهنم من أصحاب‬
‫الشرائع املشهورة ومـن أويل العزم من الرسل "‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة األحقاف آية ‪. 35 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األحقاف آية ‪. 35 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األحزاب آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الشورى آية ‪. 13 :‬‬

‫‪158‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وهؤًلء اخلمسة هم أفضل الرسل وخيار بين آدم‪ .‬فعن أيب هريرة ‪ ‬أنه قال‪( :‬خيار ولد‬
‫آدم مخسة نوح وإبراهيم وعيسى وموسـى وحممـد ‪ ‬وخريهم حممد ‪ ‬وصلى هللا وسلم عليهم‬
‫أمجعني) (‪. )1‬‬
‫وأفضلهم حممد ‪ ‬على ما أخرج البخاري من حديث أيب هريـرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه‬
‫قال‪{ :‬أًن سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنـه القرب وأول شافـع وأول‬

‫مشفع} (‪. )3( )2‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البزار انظر كشف األستار (‪ ، )114 / 3‬واهليثمي يف اجملمع (‪ )255 / 8‬وقال ‪ " :‬رجاله رجال الصحيح " ‪،‬‬
‫واحلاكم وقال صحيح اإلسناد ووافقه الذهيب ‪ ،‬املستدرك للحاكم ‪. 546 / 2 :‬‬
‫)‪ (2‬مسلم الفضائل (‪ ، )2278‬أمحد (‪. )540/2‬‬
‫)‪ (3‬أخرجه مسلم برقم (‪ ، )2278‬وأبو داود ‪ ، 38 / 5 :‬برقم (‪. )4673‬‬

‫‪159‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث السادس‬
‫خصائص نبينا حممد ‪ ‬وحقوقه على أمته‬
‫مع بيان أن رؤية النيب ‪ ‬يف املنام حق‬
‫أوال‪ :‬خصائصه ‪‬‬
‫حممدا ‪ ‬بكثـري مـن اخلصـائص واملناقب اليت فضله هبا‬
‫لقد خص هللا تبارك وتعاىل نبينا ً‬
‫على غريه من املرسلني وميزه عن سائر العاملني‪ .‬ومـن هذه اخلصائص‪:‬‬
‫أحدا منـهم إًل اتباعه واإلميان‬
‫‪ - 1‬عموم رسالته لكافة الثقلني من اجلن واإلنس فال يسع ً‬
‫‪( )1( }       ‬سبأ‪ .)28 :‬وقال‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫برسالته‪ .‬قال تعاىل‪      { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪( )2( }    ‬الفرقان‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫تعـاىل‪    { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ .)1‬قال ابن عباس رضي هللا عنهما‪ " :‬العاملني‪ :‬اجلن واإلنس "‪ .‬وعن أيب هريرة ‪ ‬عن‬
‫النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬فضلت علـى األنبياء بست‪ :‬أعطيت جوامع الكلم‪ ،‬ونصرت ابلرعب‪،‬‬
‫ومسجدا‪ ،‬وأرسلت إىل اخللق كافة‪ ،‬وختـم يب‬
‫ً‬ ‫طهورا‬
‫وأحلـت يل الغنائم‪ ،‬وجعلت يل األرض ً‬
‫النبيون} (‪ . )4( )3‬وأخرج اإلمام مسلم يف صحيحه عن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪:‬‬

‫{والذي نفس حممد بيده ًل يسمع يب أحد مـن هـذه األمـة يهودي وًل نصراين‪ ،‬مث ميوت ومل‬

‫يؤمن ابلذي أرسلت به إًل كـان مـن أصحاب النار} (‪. )6( )5‬‬

‫)‪ (1‬سورة سبأ آية ‪. 28 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الفرقان آية ‪. 1 :‬‬
‫)‪ (3‬مسلم املساجد ومواضع الصالة (‪ ، )523‬أمحد (‪. )412/2‬‬
‫)‪ (4‬أخرجه مسلم برقم (‪. )523‬‬
‫)‪ (5‬مسلم اإلميان (‪ ، )153‬أمحد (‪. )350/2‬‬
‫)‪ (6‬أخرجه مسلم برقم (‪. )153‬‬

‫‪160‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪ ‬‬ ‫‪ - 2‬أنه خامت األنبياء واملرسلني كما دلت على ذلك النصوص‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }        ‬األحزاب‪ .)40 :‬وأخرج‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫الشيخان من حديث أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪({ :‬إن مثلي ومثل األنبياء من قبلي‬
‫كمثل رجل بىن بيتًا فأحسنه وأمجلـه‪ ،‬إًل موضع لبنة من زاوية‪ ،‬فجعل الناس يطوفون به ويعجبون‬
‫له ويقولـون‪ :‬هال وضعت هذه اللبنة ؟ قال‪ :‬فأًن اللبنة وأًن خامت النبيني} (‪ . )3( )2‬وهلذه‬
‫النصوص أمجعت األمة سل ًفا وخل ًفا على هذه العقيدة كما أمجعت على تكفـري مـن ادعى النبوة‬
‫بعده ‪ ‬ووجوب قتل مدعيها إن أصر علـى ذلـك‪ .‬قـال األلوسي‪ " :‬وكونه ‪ ‬خامت النبيني‬
‫مما نطق به الكتاب‪ ،‬وصدعت به السـنة‪ ،‬وأمجعت عليه األمة‪ ،‬فيكفر مدعي خالفه ويقتل إن‬
‫أصر "‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن هللا أيده أبعظم معجزة وأظهر آية وهو القرآن العظيم‪ ،‬كـالم هللا احملفوظ من التغيري‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫والتبديل‪ ،‬الباقي يف األمة إىل أن أيذن هللا برفعه إليه‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )4( }‬اإلسراء‪ .)88 :‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }‬العنكبوت‪ .)51 :‬ويف‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬

‫الصحيحني من حديث أيب هريـرة ‪ ‬النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬ما من األنبياء نيب إًل أعطي من‬

‫)‪ (1‬سورة األحزاب آية ‪. 40 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري املناقب (‪ ، )3342‬مسلم الفضائل (‪ ، )2286‬أمحد (‪. )312/2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3535‬ومسلم برقم (‪ ، )2286‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (4‬سورة اإلسراء آية ‪. 88 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة العنكبوت آية ‪. 51 :‬‬

‫‪161‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫اآلايت ما مثله آمـن عليه البشر‪ ،‬وإَّنا كان الذي أوتيته وحيا أوحاه هللا إيل‪ ،‬فأرجو أن أكـون‬
‫أكثرهم اتبعا يوم القيامة} (‪. )2( )1‬‬

‫{ ‪    ‬‬ ‫‪ - 4‬أن أمته خري األمم وأكثر أهل اجلنة‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }          ‬آل عمران‪ .)110 :‬وعن‬


‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫معاوية بن حيدة القشريي ‪ ‬أنه مسع النيب ‪ ‬يقـول يف قوله تعاىل‬

‫‪ )4( }‬قال‪{ :‬إنكم تتمون سبعني أمـة أنتـم خريها وأكرمها على هللا} (‪ . )6( )5‬ويف‬
‫‪  ‬‬

‫الصحيحني عن عبد هللا بن مسـعود قال‪{ :‬كنا مع النيب ‪ ‬يف قبة فقال‪ ( :‬أترضون أن‬
‫تكونوا ربع أهل اجلنـة )‪ .‬قلنا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ ( :‬أترضون أن تكونوا ثلث أهل اجلنة )‪ .‬قلنـا نعم‪.‬‬
‫قـال‪ ( :‬أترضون أن تكونوا شطر أهل اجلنة )‪ .‬قلنا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ ( :‬والذي نفس حممـد بيده إين‬
‫ألرجو أن تكونوا نصف أهل اجلنة وذلك أن اجلنة ًل يدخلـها إًل نفس مسلمة وما أنتم يف‬
‫أهل الشرك إًل كالشعرة البيضاء يف جلـد الثـور األسود‪ ،‬أو كالشعرة السوداء يف جلد الثور‬
‫األمحر )} (‪. )8( )7‬‬

‫)‪ (1‬البخاري فضائل القرآن (‪ ، )4696‬مسلم اإلميان (‪ ، )152‬أمحد (‪. )451/2‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )4981‬ومسلم برقم (‪. )152‬‬
‫)‪ (3‬سورة آل عمران آية ‪. 110 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة آل عمران آية ‪. 110 :‬‬
‫)‪ (5‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3001‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4288‬الدارمي الرقاق (‪. )2760‬‬
‫)‪ (6‬أخرجه أمحد يف املسند ‪ ، 447 / 4 :‬والرتمذي وقال حديث حسن ‪ ،‬والرتمذي ‪ ، 226 / 5 :‬برقم (‪، )3001‬‬
‫واحلاكم وصححه ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (7‬البخاري الرقاق (‪ ، )6163‬مسلم اإلميان (‪ ، )221‬الرتمذي صفة اجلنة (‪ ، )2547‬ابن ماجه الزهد (‪، )4283‬‬
‫أمحد (‪. )438/1‬‬
‫)‪ (8‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6528‬ومسلم برقم (‪. )221‬‬

‫‪162‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 5‬أنه سيد ولد آدم يوم القيامة‪ .‬فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسـول هللا ‪{ ‬أًن‬

‫سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القرب وأول شـافع وأول مشفع} (‪. )2( )1‬‬
‫‪ - 6‬أنه صاحب الشفاعة العظمى وذلك عندما يشفع ألهل املوقف يف أن يقضي بينهم‬
‫‪ ‬‬ ‫رهبم بعد أن يتدافعها أفضل الرسل وهي املقام احملمود املذكـور يف قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }        ‬اإلسراء‪ .)79 :‬وقـد فسر املقام احملمود ابلشفاعة مجع‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬

‫من الصحابة والتابعني منهم حذيفة وسلمان وأنس وأبو هريرة وابن مسعود وجابر بن عبد هللا‬
‫وابن عباس وجماهد وقتـادة وغريهم‪ .‬وقال قتادة‪ " :‬كان أهل العلم يرون املقام احملمود هو‬
‫شفاعته يـوم القيامة "‪ .‬وقد دلت السنة كذلك على شفاعته ‪ ‬يف أهل املوقف كما جـاء ذلك‬
‫يف حديث الشفاعة الطويل الذي أخرجه الشيخان مـن حديـث أيب هريرة عن النيب ‪ ‬ذكر‬
‫اعتذار آدم مث نوح مث إبراهيـم مث موسـى مث عيسى عن قبول الشفاعة وكلهم يقول‪( :‬لست‬
‫هناك) إىل أن قال‪{ :‬فيأتونين فأنطلق‪ ،‬فأستأذن على ريب فيؤذن يل عليه‪ ،‬فإذا رأيت ريب‬
‫وقعت له سـاجدا فـيدعين ما شاء هللا أن يدعين‪ ،‬مث يقال يل‪ :‬ارفع حممد‪ ،‬قل يسـمع‪ ،‬وسـل‬
‫تعطه‪ ،‬واشفع تشفع فأمحد ريب مبحامد علمنيها مث أشفع} (‪ )5( ) .. )4‬احلديث‪.‬‬
‫‪ - 7‬أنه صاحب لواء احلمد وهو لواء حقيقي خيتص حبمله يوم القيامـة‪ ،‬ويكون الناس‬
‫تبعا له وحتت رايته واختص به ألنه محد هللا مبحامد مل حيمـده هبا غريه‪ .‬ذكر هذا بعض أهل‬
‫العلم‪ .‬وقد دلت السنة على اختصاصه هبـذه الفضيلة العظيمة‪ .‬فعن أيب سعيد اخلدري ‪‬‬

‫)‪ (1‬مسلم الفضائل (‪ ، )2278‬أمحد (‪. )540/2‬‬


‫)‪ (2‬أخرجه مسلم برقم (‪ . )2278‬وتقدم صفحة ‪. 109‬‬
‫)‪ (3‬سورة اإلسراء آية ‪. 79 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري التوحيد (‪ ، )6975‬مسلم اإلميان (‪ ، )193‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4312‬أمحد (‪ ، )116/3‬الدارمي‬
‫املقدمة (‪. )52‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3340‬ومسلم برقم (‪. )193‬‬

‫‪163‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬أنـا سيد ولد آدم يوم القيامة‪ ،‬وبيدي لواء احلمد وًل فـخر‪ ،‬وما من‬

‫نيب يومئـذ آدم فمن سواه‪ ،‬إًل حتـت لوائي‪ ،‬وأًن أول مـن تنشـق عنـه األرض وًل فخر} (‪. )2( )1‬‬
‫‪ - 8‬أنه صاحب الوسيلة‪ ،‬وهي درجة عالية يف اجلنة‪ً ،‬ل تكون إًل لعبـد واحد‪ ،‬وهي أعلى‬
‫درجات اجلنة‪ .‬فعن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما أنه مسع رسول هللا ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫{إذا مسعتم املؤذن فقولوا مثل ما يقـول مث صلوا علي‪ ،‬فإنه من صلى علي صالة صلى عليه‬
‫هللا هبا عشرا‪ ،‬مث سلوا هللا يل الوسيلة‪ ،‬فإهنا منـزلة يف اجلنة ًل تنبغي إًل لعبد من عباد هللا‪ ،‬وأرجـو‬
‫أن أكون أًن هو فمن سأل يل الوسيلة حلت له الشفاعة} (‪. )4( )3‬‬
‫إىل غري ذلك من خصائصه ومناقبه ‪ ‬الدالة على علو درجته عند ربـه‪ ،‬ومسو مكـانته يف‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬وهي كثرية جدا‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬حقوق النيب ‪ ‬على أمته‪:‬‬
‫حقوق النيب ‪ ‬على أمته كثرية وقد تقدم ذكر بعضها فيما جيب علـى األمة من حقوق‬
‫عامة جتاه الرسل قاطبة‪ .‬وفيما يلي عرض لبعض حقوقـه اخلاصة على أمته‪ ،‬وهي‪ -1 :‬اإلميان‬
‫املفصل بنبوته ورسالته واعتقاد نسخ رسالته جلميع الرسـاًلت السابقة‪ .‬ومقتضى ذلك‪ :‬تصديقه‬
‫فيما أخرب‪ ،‬وطاعته فيما أمر‪ ،‬واجتناب مـا هنى عنه وزجر‪ ،‬وأن ًل يعبد هللا إًل مبا شرع‪ .‬وقد‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫دلت على ذلك األدلة من الكتاب والسنة‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪   ‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪         ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫‪( )5( }    ‬التغابن‪ .)8 :‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3148‬ابن ماجه الزهد (‪. )4308‬‬


‫)‪ (2‬أخرجه الرتمذي وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪ ،‬سنن الرتمذي ‪ 587 /5‬برقم (‪ ، )3615‬وبنحوه اإلمام أمحد‬
‫يف املسند ‪2/3 :‬‬
‫)‪ (3‬مسلم الصالة (‪ ، )384‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3614‬النسائي األذان (‪ ، )678‬أبو داود الصالة (‪ ، )523‬أمحد‬
‫(‪. )168/2‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم برقم (‪. )384‬‬
‫)‪ (5‬سورة التغابن آية ‪. 8 :‬‬

‫‪164‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( } ‬األعراف‪ .)158 :‬وقال عز وجـل‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2( }                 ‬احلشر‪ .)7 :‬وعن ابن عمـر رضي‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪     ‬‬
‫‪ ‬‬

‫هللا عنهما أن رسول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬أمرت أن أقاتل الناس حىت يشهدوا أن ًل إله إًل هللا‪ ،‬وأن‬
‫حممدا رسول هللا‪ ،‬ويقيموا الصالة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا مين دماءهم وأمواهلم‬
‫إًل حبق اإلسالم وحسـاهبم علـى هللا} (‪. )4( )3‬‬
‫‪ - 2‬وجوب اإلميان أبن الرسول ‪ ‬بلغ الرسـالة‪ ،‬وأدى األمانـة‪ ،‬ونصح لألمة‪ ،‬فما من‬
‫خري إًل ودل األمة عليه ورغبها فيه‪ ،‬وما من شـر إًل وهنى األمة عنه وحذرها منه‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬
‫‪( )5( }           ‬املائدة‪:‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪       ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ .)3‬وعـن أيب الدرداء عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ ..( :‬وأمي هللا لقد تركتكـم على مثل البيضـاء‪،‬‬

‫ليلها وهنارها سواء} (‪ . )7( )6‬وقد شهد للنيب ابلبالغ أصحابه يف أكرب جممع هلـم يوم أن‬
‫خطبهم يف حجة الوداع خطبته البليغة فبني هلم ما أوجب هللا عليـهم وما حرم عليهم وأوصاهم‬
‫بكتاب هللا إىل أن قال هلم‪{ :‬وأنتم تسألون عين فما أنتم قائلون} (‪ . )8‬قالوا‪ :‬نشهد أنك‬
‫قد بلغت وأديت ونصحـت‪ .‬فقـال إبصبعه السبابة يرفعها إىل السماء وينكتها إىل الناس‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة األعراف آية ‪. 158 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة احلشر آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري اإلميان (‪ ، )25‬مسلم اإلميان (‪. )22‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )25‬ومسلم برقم (‪. )22‬‬
‫)‪ (5‬سورة املائدة آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (6‬ابن ماجه املقدمة (‪. )5‬‬
‫)‪ (7‬سنن ابن ماجه (املقدمة) ‪ ، 4 / 1 :‬برقم (‪. )5‬‬
‫)‪ (8‬مسلم احلج (‪ ، )1218‬أبو داود املناسك (‪ ، )1905‬ابن ماجه املناسك (‪ ، )3074‬الدارمي املناسك (‪. )1850‬‬

‫‪165‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{اللهم اشـهد اللـهم اشهد ثالث مرات} (‪ . )2( )1‬وقال أبو ذر ‪( ‬لقد تركنا حممد ‪‬‬
‫وما حيـرك طائر جناحيه يف السماء إًل أذكرًن منه علما) (‪ . )3‬واآلاثر يف هذا كثرية عـن السلف‬
‫رمحهم هللا‪.‬‬
‫‪ - 3‬حمبته ‪ ‬وتقدمي حمبته على النفس وسائر اخللق‪ .‬واحملبة وإن كـانت واجبة لعموم‬
‫األنبياء والرسل إًل أن لنبينا ‪ ‬مزيد اختصاص هبا ولذا وجب أن تكون حمبته مقدمة على‬
‫حمبة الناس كلهم من األبنـاء واآلبـاء وسـائر األقارب بل مقدمة على حمبة املرء لنفسه قال تعاىل‬
‫‪          ‬‬ ‫{‬
‫‪            ‬‬

‫‪( )4( } ‬التوبة‪ .)24 :‬فقرن هللا‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫حمبة رسوله ‪ ‬مبحبته ‪ ‬وتوعد من كان مالـه وأهله وولده أحب إليه من هللا ورسوله ‪-‬‬
‫‪          ‬‬ ‫توعدهم بقولـه‪{ :‬‬

‫‪ . )5( }‬ويف الصحيحني من حديث أنس ‪ ‬قال‪ :‬قال النيب ‪ً{ ‬ل يؤمن أحدكم‬

‫حىت أكون أحب إليه مـن والده وولده والناس أمجعني} (‪ . )7( )6‬وعـن عمـر ‪ ‬أنه قال‬

‫للنيب ‪ ‬يـا رسول هللا أنت أحب إيل من كل شيء إًل من نفسي‪ .‬فقال النيب ‪ً{ ‬ل والذي‬

‫)‪ (1‬مسلم احلج (‪ ، )1218‬أبو داود املناسك (‪ ، )1905‬ابن ماجه املناسك (‪ ، )3074‬الدارمي املناسك (‪. )1850‬‬
‫)‪ (2‬أخرجه مسلم من حديث جابر عبد هللا يف حجة النيب برقم (‪. )1218‬‬
‫)‪ (3‬أخرجه أمحد يف املسند ‪. 153 / 5 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة التوبة آية ‪. 24 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة التوبة آية ‪. 24 :‬‬
‫)‪ (6‬البخاري اإلميان (‪ ، )15‬مسلم اإلميان (‪ ، )44‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )5013‬ابن ماجه املقدمة (‪، )67‬‬
‫أمحد (‪ ، )278/3‬الدارمي الرقاق (‪. )2741‬‬
‫)‪ (7‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )15‬ومسلم برقم (‪. )44‬‬

‫‪166‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫نفسي بيده حىت أكون أحب إليك من نفسك} (‪ . )1‬فقال له عمر‪ :‬فإنـه اآلن وهللا ألنت‬

‫أحـب إيل من نفسـي‪ .‬فقـال النيب ‪{ ‬اآلن يـا عمر} (‪. )3( )2‬‬
‫‪ - 4‬تعظيم النيب ‪ ‬وتوقريه وإجالله‪ .‬فإن هذا من حقوق النيب ‪ ‬الـيت أوجبها هللا يف‬
‫‪( )4( }               ‬الفتح‪ .)9 :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫كتابه‪ .‬قال تعاىل‪         { :‬‬

‫{ ‪             ‬‬

‫‪( )5( }‬األعراف‪ .)157 :‬قال ابـن عبـاس‪ " :‬تعزروه‪ :‬جتلوه‪ .‬وتوقروه‪ :‬تعظموه "‪ .‬وقال‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫قتادة‪ " :‬تعـزروه‪ :‬تنصـروه‪ .‬وتوقروه‪ :‬أمر هللا بتسويده "‪ .‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪( )6(}    ‬احلجرات‪ .)1 :‬وقال عز وجـل‪{ :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )7( } ‬النور‪ .)63 :‬قال جماهد‪ " :‬أمرهـم أن يدعوه اي‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫رسول هللا يف لني وتواضع وًل يقولوا اي حممد يف جتـهم "‪ .‬وقـد ضرب أصحاب النيب ‪ ‬أروع‬
‫األمثال يف تعظيم النيب ‪ . ‬قال أسامة بـن شريك‪ " :‬أتيت النيب ‪ ‬وأصحابه حوله كأَّنا‬
‫علـى رؤوسـهم الطـري "‪ .‬وتعظيم النيب ‪ ‬واجب بعد موته كتعظيمه يف حياته‪ .‬قال القاضي‬
‫عيـاض‪ " :‬واعلم أن حرمة النيب ‪ ‬بعد موته‪ ،‬وتوقريه وتعظيمه‪ً ،‬لزم كما كان حال حياته‪،‬‬
‫وذلك عند ذكره ‪ ‬وذكر حديثه وسنته‪ ،‬ومساع امسه وسـريته‪ ،‬ومعاملة آله وعرتته‪ ،‬وتعظيم أهل‬
‫بيته وصحابته "‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري األميان والنذور (‪ ، )6257‬أمحد (‪. )293/5‬‬


‫)‪ (2‬البخاري األميان والنذور (‪ ، )6257‬أمحد (‪. )336/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري من حديث عبد هللا بن هشام برقم (‪. )6632‬‬
‫)‪ (4‬سورة الفتح آية ‪. 9 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة األعراف آية ‪. 157 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة احلجرات آية ‪. 1 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة النور آية ‪. 63 :‬‬

‫‪167‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 5‬والصالة والتسليم على النيب ‪ ‬واإلكثار من ذلك كمـا أمـر هللا بذلك‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪             ‬‬ ‫{‬

‫‪( )1( }‬األحزاب‪ .)56 :‬قال املربد‪ " :‬أصـل الصـالة‪ :‬الرتحم‪ .‬فهي من هللا رمحة‪ .‬ومن‬
‫املالئكة رقة واستدعاء للرمحة مـن هللا "‪ .‬وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما‬
‫عن النيب ‪ ‬أنـه قـال‪{ :‬من صلى علي صالة صلى هللا عليه هبا عشرا} (‪ . )3( )2‬وعن‬

‫علي ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل‬

‫علي} (‪ . )5( )4‬والصـالة والسالم وإن كانت مشروعة يف حق األنبياء كلهم كما تقدم فهي‬
‫متـأكدة يف حق نبينا ‪ ‬ومن أعظم حقوقه على أمته وهي واجبـة عليـهم ولـذا ذكرًنها هنا من‬
‫مجلة حقوقه اخلاصة على أمته‪ .‬وقد صرح العلماء بوجـوب الصالة على النيب ‪ ‬ونقل بعضهم‬
‫اإلمجاع على ذلك‪ .‬قال القاضي عياض‪" :‬اعلم أن الصالة على النيب ‪ ‬فرض على اجلملة‪،‬‬
‫غري حمدد بوقت ألمر هللا تعاىل ابلصالة عليه‪ ،‬ومحله األئمة والعلماء على الوجوب وأمجعوا‬
‫عليه"‪.‬‬
‫‪ - 6‬اإلقرار له مبا ثبت يف حقه من املناقب اجلليلة واخلصائص السـامية والدرجات العالية‬
‫الرفيعة على ما تقدم بيان بعضها يف أول هذا املبحث وغري ذلك مما دلت عليه النصوص‪.‬‬
‫والتصديق بكل ذلك والثناء عليه به ونشره يف الناس‪ ،‬وتعليمه للصغار وتنشئتهم على حمبته‬
‫وتعظيمه ومعرفة قدره اجلليـل عند ربه عز وجل‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة األحزاب آية ‪. 56 :‬‬


‫)‪ (2‬مسلم الصالة (‪ ، )384‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3614‬النسائي األذان (‪ ، )678‬أبو داود الصالة (‪ ، )523‬أمحد‬
‫(‪. )168/2‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم برقم (‪. )384‬‬
‫)‪ (4‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3546‬أمحد (‪. )201/1‬‬
‫)‪ (5‬رواه الرتمذي ‪ 551 / 5‬رقم (‪ )3546‬وقال حديث حسن صحيح وأمحد يف املسند ‪. 201 /1 :‬‬

‫‪168‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ - 7‬جتنب الغلو فيه واحلذر من ذلك فإن يف ذلك أعظم األذية له ‪ . ‬قـال تعاىل ً‬
‫آمرا‬
‫نبيه ‪ ‬أن خياطب األمة بقوله‪             { :‬‬

‫‪( )1( }                   ‬الكهف‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫{ ‪               ‬‬ ‫‪ .)110‬وبقوله‪:‬‬

‫‪( )2( }               ‬األنعام‪.)50 :‬‬


‫فأمر هللاّ نبيه ‪ ‬أن يقرر لألمة أنه مرسل من هللا ليس لـه من مقام الربوبية شيء وليس‬
‫هو ب َـملَك إَّنا يتبع أمر ربه ووحيـه‪ .‬كمـا حذر النيب ‪ ‬أمته من الغلو فيه والتجاوز يف إطرائه‬
‫ومدحه‪ .‬ففي صحيـح البخاري من حديث عمر بن اخلطاب ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪ً{ :‬ل‬

‫تطروين كما أطرت النصارى ابن مرمي فإَّنا أًن عبده‪ ،‬فقولوا‪ :‬عبد هللا ورسـوله} (‪. )4( )3‬‬
‫واإلطراء‪ :‬هو املدح ابلباطل وجماوزة احلد يف املدح ذكره ابن األثري‪ .‬وعـن ابن عباس رضي هللا‬
‫عنهما قال‪ :‬جاء رجل إىل النيب ‪ ‬فراجعه يف بعـض الكالم فقال‪ :‬ما شاء هللا وشئت! فقال‬
‫رسول هللا ‪{ ‬أجعلتين هلل ندًّا بـل ما شاء هللا وحده} (‪ . )6( )5‬فحذر النيب ‪ ‬من الغلو‬
‫فيه وإنـزاله فوق منـزلته‪ ،‬مما خيتص بـه الرب عز وجـل‪ .‬ويف هذا تنبيه إىل غري ما ذكر من أنواع‬
‫الغلـو فإن الغلو يف النيب ‪ ‬حمرم بشىت صوره وأشكاله‪.‬‬
‫ومن صور الغلو يف النيب ‪ ‬اليت تصل إىل ح ّد الشرك‪ ،‬التوجه له ابلدعاء فيقول القائل‪:‬‬
‫اي رسول هللا افعل يل كذا وكذا‪ .‬فإن هذا دعاء والدعاء عبادة ًل يصح صرفها لغري هللا‪ .‬ومن‬

‫)‪ (1‬سورة الكهف آية ‪. 110 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنعام آية ‪. 50 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3261‬أمحد (‪. )56/1‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3445‬وبنحوه اإلمام أمحد يف املسند ‪. 23 / 1 :‬‬
‫)‪ (5‬ابن ماجه الكفارات (‪ ، )2117‬أمحد (‪. )214/1‬‬
‫)‪ (6‬رواه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ، 214 / 1 :‬وبنحوه ابن ماجه يف السنن برقم (‪. )2117‬‬

‫‪169‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫صور الغلو فيه ‪ ‬الذبح له أو النـذر له أو الطواف بقربه أو استقبال قربه بصالة أو عبادة‬
‫فكل هذا حمرم ألنه عبـادة وقد هنى هللا عن صرف شيء من أنواع العبادة ألحد من املخلوقني‬
‫{ ‪             ‬‬ ‫فقال عـز وجل‪:‬‬

‫‪( )1( }              ‬األنعام‪.)163 ،162 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ - 8‬ومن حقوق النيب ‪ ‬حمبة أصحابه وأهل بيته وأزواجه ومواًلهتم ً‬


‫مجيعا واحلذر من‬
‫تنقصهم أو سبهم أو الطعن فيهم بشيء فإن هللا قد أوجـب على هذه األمة مواًلة أصحاب‬
‫نبيه وندب من جاء بعدهم إىل اًلستغفار هلم وسؤال هللا أن ًل جيعل يف قلوهبم غال هلم‪ .‬فقال‬
‫‪       ‬‬ ‫بعد أن ذكـر املـهاجرين واألنصار‪{ :‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )2( }‬احلشر‪ .)10 :‬وقال تعاىل يف حق قرابة رسوله ‪ ‬وأهل بيته‪:‬‬

‫‪( )3( }                 ‬الشورى‪ .)23 :‬جاء يف تفسري اآلية‪ " :‬قل ملن اتبعك‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬

‫أجرا إًل أن تـودوا قرابيت "‪ .‬وأخرج مسلم يف صحيحه‬


‫من املؤمنني ًل أسألكم على ما جئتكـم به ً‬
‫من حديث زيد بن أرقم ‪ ‬أن رسـول هللا ‪ ‬قام خطيبًا يف الناس فقال‪{ :‬أما بعد أًل أيها‬
‫الناس‪ .‬فإَّنا أنـا بشـر يوشك أن أييت رسول ريب فأجيب وأًن اترك فيكم ثقلني‪ :‬أوهلما كتاب‬
‫فيـه اهلدى والنور‪ .‬فخذوا بكتاب هللا واستمسكوا به} (‪ . )4‬فحث على كتـاب هللا ورغب فيه‬

‫مث قال‪{ :‬وأهل بييت أذكركم هللا يف أهل بييت‪ .‬أذكركـم هللا يف أهل بييت‪ ،‬أذكركـم هللا يف أهل‬

‫)‪ (1‬سورة األنعام آية ‪. 163 ، 162 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة احلشر آية ‪. 10 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الشورى آية ‪. 23 :‬‬
‫)‪ (4‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2408‬أمحد (‪ ، )367/4‬الدارمي فضائل القرآن (‪. )3316‬‬

‫‪170‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫بييت} (‪ . )2( )1‬فأمر النيب ‪ ‬ابإلحسان إىل أهـل بيته وأن يعرف هلم قدرهم وحقهم‪ ،‬لقرهبم‬
‫خريا وهنى عن سبّهم وتنقصهم فعن أيب سعيد‬‫منه وشرفهم‪ .‬كما أوصى النيب ‪ ‬أبصحابه ً‬
‫اخلدري ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل تسبوا أصحايب فلو أن أحدكـم أنفق مثل أحد ذهبًا ما‬

‫بلـغ مد أحدهم وًل نصيفه} (‪ )4( )3‬أخرجه الشيخان‪ .‬وقد كان من أعظم أصول أهل السنة‬
‫اليت اجتمعت عليه كلمتهم حمبة أصحاب رسـول هللا ‪ ‬وقرابتـه وأزواجه وما كانوا يعدون الطعن‬
‫أحدا من أصحاب‬
‫فيهم إًل عالمة الزيغ والضالل‪ .‬قال أبو زرعة‪ " :‬إذا رأيت الرجل ينتقص ً‬
‫أحدا مـن أصحـاب‬
‫رجال يذكر ً‬
‫رسول هللا فاعلم أنـه زنديق "‪ .‬وقال اإلمام أمحد‪ " :‬إذا رأيت ً‬
‫رسول هللا ‪( ‬أي بسوء) فاهتمه على اإلسالم "‪.‬‬
‫فهذه بعض حقوق النيب ‪ ‬على أمته على سبيل اإلجياز واًلختصـار وهللا تعاىل اهلادي‬
‫لنا وإلخواننا على أتديتها والعمل هبا‪.‬‬
‫اثلثًا‪ :‬بيان أن رؤية النيب ‪ ‬يف املنام حق‪:‬‬
‫دلت السنة على إمكانية رؤية النيب ‪ ‬يف املنام وأن من رآه يف املنام فقـد رآه‪.‬‬
‫فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال النيب ‪{ ‬من رآين يف املنام فقد رآين‪ .‬فإن الشيطان ًل‬

‫أخرجه مسلم‪ .‬ويف لفظ آخر أخرجه الشيخان مـن حديث أيب هريرة عن‬ ‫يتمثل يب}‬
‫(‪)6( )5‬‬

‫)‪ (1‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2408‬أمحد (‪ ، )367/4‬الدارمي فضائل القرآن (‪. )3316‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )2408‬‬
‫)‪ (3‬البخاري املناقب (‪ ، )3470‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2541‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3861‬أبو داود السنة‬
‫(‪ ، )4658‬ابن ماجه املقدمة (‪ ، )161‬أمحد (‪. )11/3‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3673‬ومسلم برقم (‪ ، )2541‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (5‬البخاري العلم (‪ ، )110‬مسلم الرؤاي (‪ ، )2266‬الرتمذي الرؤاي (‪ ، )2280‬أبو داود األدب (‪ ، )5023‬ابن‬
‫ماجه تعبري الرؤاي (‪ ، )3901‬أمحد (‪. )232/2‬‬
‫)‪ (6‬صحيح مسلم برقم (‪. )2266‬‬

‫‪171‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫النيب ‪ ‬قال‪{ :‬من رآين يف املنام فسرياين يف اليقظـة‪ ،‬وًل يتمثل الشيطان يب} (‪ )2( )1‬قال‬
‫البخاري قـال ابـن سـريين‪ " :‬إذا رآه يف صورته "‪ .‬وعن جابر بن عبد هللا عن النيب ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫{من رآين يف النـوم فقد رآين فإنه ًل ينبغي للشيطان أن يتشبه يب} (‪ )4( )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫فدلت األحاديث على صحة رؤية النيب ‪ ‬يف املنام وأن من رآه فرؤيـاه صحيحة ألن‬
‫الشيطان ًل يتصور يف صورة رسول هللا ‪ ‬على أنه ينبغـي أن يتنبه إىل أن الرؤية الصحيحة‬
‫لرسول هللا ‪ ‬هو أن يُـرى علـى صورتـه احلقيقية املعروفة من صفاته‪ ،‬وإًل فال تكون الرؤية‬
‫صحيحة ولذا قال ابـن سـريين‪ " :‬إذا رآه يف صورته " كما تقـدم النقـل عنـه مـن صحيـح‬
‫البخـاري‪ .‬ولذا أورد البخاري قول ابن سـريين بعد ذكر احلديث علـى سبيل التفسري ملعىن الرؤيـة‬
‫يف احلديث‪ .‬ويشهد هلذا ما أخرجه احلاكم مـن طريق عاصم بن كليب‪ :‬حدثين أيب قال‪ :‬قلت‬
‫ًلبن عباس رأيت النيب ‪ ‬يف املنام‪ .‬قال‪ :‬صفه يل‪ .‬قال‪ :‬ذكرت احلسن بن علي فشبهته به‪.‬‬
‫قال‪ :‬إنه كـان يشبهه (‪ . )5‬قال ابن حجر سنده جيد‪.‬‬
‫وعن أيوب قال‪ " :‬كان حممد ‪ -‬يعين ابن سريين ‪ -‬إذا قص عليه رجـل أنه رأى النيب ‪‬‬
‫قال‪ :‬صف يل الذي رأيته‪ .‬فإن وصف له صفة ًل يعرفـها قال‪ :‬مل تره " نقله ابن حجر يف الفتح‬
‫وقال‪ :‬سنده صحيح‪.‬‬
‫وأما قول النيب ‪{ ‬من رآين يف املنام فسرياين يف اليقظة} (‪ ، )6‬فللعلمـاء يف تفسري‬
‫الرؤية يف اليقظة أقوال أشهرها ثالثة‪:‬‬

‫)‪ (1‬البخاري التعبري (‪ ، )6592‬مسلم الرؤاي (‪ ، )2266‬الرتمذي الرؤاي (‪ ، )2280‬ابن ماجه تعبري الرؤاي (‪، )3901‬‬
‫أمحد (‪. )232/2‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6993‬ومسلم برقم (‪. )2266‬‬
‫)‪ (3‬مسلم الرؤاي (‪. )2268‬‬
‫)‪ (4‬مسلم برقم (‪. )2268‬‬
‫)‪ (5‬املستدرك ‪ ، 393 / 4 :‬وصححه ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (6‬البخاري التعبري (‪ ، )6592‬مسلم الرؤاي (‪ ، )2266‬الرتمذي الرؤاي (‪ ، )2280‬ابن ماجه تعبري الرؤاي (‪، )3901‬‬
‫أمحد (‪. )232/2‬‬

‫‪172‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫األول‪ :‬أهنا على التشبيه والتمثيل وقد دل على هذا ما جـاء يف روايـة مسلم من حديث‬
‫أيب هريرة وفيها‪{ :‬فكـأَّنا رآين يف اليقظة} (‪. )1‬‬
‫الثاين‪ :‬أهنا خاصة أبهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أهنا تكون يوم القيامة‪ .‬فيكون ملن رآه يف املنام مزيد خصوصيـة على من مل يره يف‬
‫املنام‪ .‬هذا وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬ابن ماجه تعبري الرؤاي (‪. )3904‬‬

‫‪173‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث السابع‪ :‬ختم الرسالة وبيان أنه ال نيب بعده‬


‫تقدم احلديث عن هذه املسألة مع ذكر األدلة عليها عند احلديث عـن خصائص النيب ‪‬‬
‫وأنه خامت النبيني واحلديث عن ختم الرسالة هنا هو مـن جانب آخر وهو أثر هذه العقيدة على‬
‫دين املسلمني ومثرة تقريرها عليـهم‪ .‬فمن مثار هذه العقيدة‪:‬‬
‫‪ - 1‬استقرار التشريع وكمال الدين لدى األمة وأثر ذلك الكبري يف حيـاة األمة ولذا امنت‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫هللا على هذه األمة بذلك يف قوله تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }           ‬املـائدة‪.)3 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫وقد كان نـزول هذه اآلية على النيب ‪ ‬يف حجة الوداع قبل وفاته أبشـهر بعد أن أكمل‬
‫هللا له التشريع‪ .‬ولذا كان اليهود يغبطون املسلمني على هـذه اآلية على ما أخرج الشيخان أن‬
‫رجال من اليهود جاء إىل عمر ‪ ‬فقـال‪( :‬آية يف كتابكم تقرؤوها لو نـزلت علينا معشر يهود‬
‫‪ . )3( ) )2(}       ‬وقد‬ ‫ًلختذًن ذلك اليـوم عيدا)‪ .‬قال وأي آية ؟ قال‪        { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫أبرز النيب ‪ ‬احلقيقة يف صورة حمسوسة وذلك بتشبيهه الرساًلت قبلـه بقصـر أكـمل وأحسن‬
‫بناؤه إًل موضع لبنة‪ ،‬فكانت بعثته موضع تلك اللبنة ختم هبـا البناء‪ ،‬ويف هذا تقرير ظاهر إىل‬
‫أنه مل يبق جمال للزايدة يف هذا الدين خاصـة وًل الرساًلت عامة كما أنه ًل ميكن الزايدة يف‬
‫ذلك القصر بعد أن اكتمل بناؤه‪ .‬وقد تقدم احلديث بنصه يف املبحث السابق ضمن احلديث‬
‫عـن خصائص النيب صلى هللا علي وسلم فلرياجع يف موضعه‪. )4( .‬‬
‫‪ - 2‬ثقة األمة بعدم نسخ هذا الدين وشريعة حممد ‪ ‬ببعثه نبيـا آخـر " ومعىن ختم النبوة‬
‫بنبوته عليه الصالة والسالم أنه ًل تبتدأ نبوة وًل تشـرع شريعة بعد نبوته وشرعته‪ ،‬وأما نـزول‬
‫عيسى عليه السالم وكونه متصفـا بنبوته السابقة فال ينايف ذلك‪ ،‬على أن عيسى عليه السالم‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 3 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )45‬ومسلم برقم (‪. )3017‬‬
‫)‪ (4‬انظر ص‪. 170‬‬

‫‪174‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إذا نـزل إَّنـا يتعبد بشريعة نبينا ‪ ‬دون شريعته املتقدمة ألهنا منسوخة فال يتعبد إًل هبـذه‬
‫الشريعة أصوًل وفروعا "‪.‬‬
‫‪ - 3‬القطع بتكذيب كل مدع للنبوة بعده عليه الصالة والسالم دون نظر أو أتمل‪ ،‬وهذا‬
‫من أبرز مثرات اإلميان بعقيدة ختم النبوة اليت حتصـل هبـا العصمة لألمة من اتباع من ادعى النبوة‬
‫من الدجالني الكذابني‪ ،‬وهلذا كـان التنبيه على هذا األمر العظيم هو من أعظم مقاصد النيب ‪‬‬
‫يف تقريره اعتقاد ختم النبوة به وذلك إبخباره عن خروج كذابني ثالثني يف هذه األمة كلـهم‬
‫يدعي النبوة مث تقريره أنه ًل نيب بعده حتذيرا لألمة من تصديقهم واتباعـهم‪ .‬كما جاء هذا يف‬
‫حديث ثوابن ‪ ‬يف الفنت مرفوعا للنيب ‪ ‬وفيه‪{ ...( :‬وإنه سيكون يف أميت ثالثون كذابون‬

‫كلهم يزعم أنه نيب وأًن خامت النبيني ًل نيب بعدي} (‪. )2( )1‬‬
‫‪ - 4‬ظهور فضل األمراء والعلماء من هذه األمة حيث جعل سياسة األمـة يف الدين والدنيا‬
‫هلم خبالف بين إسرائيل فإهنم كانت تسوسهم األنبياء‪ .‬فعـن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪:‬‬
‫{( كانت بنو إسرائيل تسوسهم األنبياء كلما هلك نيب خلفه نيب‪ ،‬وإنه ًل نيب بعدي‪،‬‬
‫وستكون خلفاء تكثر )‪ .‬قالوا‪ :‬فمـا أتمرًن ؟ قال‪ ( :‬فوا ببيعة األول فاألول وأعطوهم حقهم‬
‫فإن هللا سائلهم عمـا اسرتعاهم )} (‪ . )4( )3‬فكان مقام اخللفاء يف األمة مقام األنبياء يف بين‬
‫إسـرائيل يف سياسة الناس وقيادهتم‪ .‬ويف حديث آخر عن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪:‬‬
‫{إن هللا يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة سـنة مـن جيـدد هلـا دينها} (‪ . )6( )5‬وواقع األمة‬

‫)‪ (1‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2219‬أبو داود الفنت واملالحم (‪. )4252‬‬


‫)‪ (2‬سنن الرتمذي ‪ 499 / 4‬وقال حديث حسن صحيح ‪ ،‬وبنحوه أبو داود عن أيب هريرة سنن أيب داود ‪329 / 4‬‬
‫برقم (‪. )4334 -4333‬‬
‫)‪ (3‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3268‬مسلم اإلمارة (‪ ، )1842‬أمحد (‪. )297/2‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3455‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )1842‬واللفظ له ‪.‬‬
‫)‪ (5‬أبو داود املالحم (‪. )4291‬‬
‫)‪ (6‬رواه أبو داود ‪ 313 /4‬برقم (‪ ، )4291‬واحلاكم وصححه ووافقه الذهيب ‪ ،‬املستدرك ‪. 522 /4‬‬

‫‪175‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫يشهد هبذا فال يزال أمر الدين والدنيا حمفوظا ابخللفـاء واألمراء والعلماء الذين يسوسون الناس‬
‫ابلشرع‪ ،‬وًل يزال هللا تعاىل جيـدد هلذه األمة ما اندرس من معامل دينها على مر العصـور والدهـور‬
‫ابألئمـة اجملددين الذين ينفون عن كتاب هللا حتريف الغالني وانتحال املبطلني‪ ،‬وأتويل اجلاهلني‪،‬‬
‫فدين هللا هبم قائم غضا طراي على تطاول عهد البعثة وتقادم زمـن الرسالة‪ .‬وذلك فضل هللا على‬
‫هذه األمة عامة ومن شرفه هبذا املقام خاصة‪.‬‬
‫وعلى كل حال فعقيدة ختم النبوة وآاثرها يف الدين من أبرز خصـائُص هذه األمة اليت‬
‫أكسبتها قوة اإلميان بدينها وصدق اليقني به ورسوخ القدم يف الثبات عليه‪ ،‬إىل أن أييت أمر‬
‫هللا‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثامن‪ :‬اإلسراء ابلرسول ‪ ‬حقيقته وأدلته‬


‫تعريف اإلسراء لغة وشرعا‪:‬‬
‫اإلسراء يف اللغة‪ :‬من السرى وهو‪ :‬سري الليل أو عامته‪ .‬وقيل‪ :‬سري الليـل كله‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬سريت‪ ،‬وأسريت‪ .‬ومنه قول حسان‪:‬‬
‫تس ـري‬ ‫تكن‬ ‫ول ـم‬ ‫إلي ـك‬ ‫أس ـرت‬
‫‪‬‬
‫واإلسراء إذا أطلق يف الشرع يراد به‪ :‬اإلسـراء برسـول هللا ‪ ‬مـن املسجد احلرام مبكة إىل‬
‫بيت املقدس إبيليا ورجوعه من ليلته‪.‬‬
‫حقيقة اإلسراء وأدلته‪:‬‬
‫واإلسراء آية عظيمة أيد هللا هبا النيب ‪ ‬قبل اهلجرة حيث أسري به ليال من املسجد احلرام‬
‫إىل املسجد األقصى راكبا على الرباق بصحبة جـربيل عليه السالم حىت وصل بيت املقدس‪،‬‬
‫فربط الرباق حبلقة ابب املسـجد‪ ،‬مث دخل املسجد وصلى فيه ابألنبياء إماما‪ ،‬مث جاءه جربيل‬
‫إبًنء من مخر وإنـاء من لنب فاختار اللنب على اخلمر فقال له جربيل‪ :‬هديت للفطرة‪ .‬وقـد دل‬
‫على اإلسراء الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪         ‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }  ‬اإلسراء‪.)1 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫ومن السنة حديث أنس بن مالك الذي أخرجه مسلم يف صحيحه مـن طريق اثبت البناين‬
‫عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬أتيت ابلرباق " وهو دابة أبيض طويل فوق احلمار ودون البغل يضع‬
‫حافره عند منتهى طرفه " قال‪ :‬فركبته حىت أتيت بيت املقدس‪ .‬قال‪ :‬فربطته ابحللقة اليت يربط‬
‫به األنبيـاء‪ ،‬قـال‪ :‬مث دخلت املسجد فصليت فيه ركعتني‪ ،‬مث خرجت فجاءين جربيل عليه‬

‫)‪ (1‬سورة اإلسراء آية ‪. 1 :‬‬

‫‪177‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫السالم إبًنء من مخر وإًنء من لنب فاخرتت اللنب‪ .‬فقـال جـربيل ‪ ‬اخـرتت الفطرة} (‪. )2( )1‬‬
‫مث ذكر بقية احلديث وعروجه إىل السـماء‪ .‬وقـد دل علـى اإلسراء برسول هللا ‪ ‬عدة أحاديث‬
‫منها ما جاء يف الصحيحني ومنها مـا جاء يف السنن وغريها وقد رواه عن رسول هللا ‪ ‬مجع‬
‫من الصحابة حنـو الثالثني رجال مث تناقلها عنهم ماًل حيصي عدهم إًل هللا مـن رواة السـنة وأئمة‬
‫الدين‪.‬‬
‫وقد اتفقت كلمة علماء املسلمني سلفا وخلفا وانعقد إمجاعـهم علـى صحة اإلسراء برسول‬
‫هللا ‪ ‬وأنه حق‪ .‬نقل اإلمجاع على ذلك القـاضي عياض يف (الشفاء) والسفاريين يف (لوامع‬
‫األنوار)‪ .‬واإلسراء كان بـروح النيب ‪ ‬وجسده‪ ،‬يقظة ًل مناما‪ .‬فهذا هو الذي دلت عليـه‬
‫النصوص الصحيحة وعليه عامة الصحابة وأئمة أهل السنة واحملققني من أهل العلم‪.‬‬
‫قال ابن أيب العز احلنفي‪( :‬وكان من حديث اإلسراء‪ :‬أنه أسري جبسـده يف اليقظة على‬
‫الصحيح من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى‪ .) ..‬وقـال القاضي عياض مقررا أن هذا هو‬
‫الذي عليه عامة أهل العلم من الصحـابة فمن بعدهم‪( :‬وذهب معظم السلف واملسلمني إىل‬
‫أنه إسراء ابجلسد ويف اليقظة‪ ،‬وهذا هو احلق‪ ،‬وهو قول ابن عباس وجابر‪ ،‬وأنـس‪ ،‬وحذيفـة‪،‬‬
‫وعمر‪ ،‬وأيب هريرة‪ ،‬ومالك بن صعصعة‪ ،‬وأيب حبة البدري‪ ،‬وابن مسـعود‪ ،‬والضحاك‪ ،‬وسعيد‬
‫بن جبري‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وابن املسيب‪ ،‬وابن شـهاب‪ ،‬وابـن زيد‪ ،‬واحلسن‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬ومسروق‪ ،‬وجماهد‪،‬‬
‫وعكرمة‪ ،‬وابن جريج‪ ،‬وهـو دليل قول عائشة‪ ،‬وهو قول الطربي وابن حنبل ومجاعـة عظيمـة مـن‬
‫املسلمني‪ ،‬وقول أكثر املتـأخرين مـن الفقـهاء واحملدثـني واملتكلمـني واملفسرين)‪.‬‬
‫وقال أحد احملققني األفذاذ يف نقده لقول من زعم أن اإلسـراء مرتـان‪( :‬والصواب الذي‬
‫عليه أئمة النقل أن اإلسراء كـان مرة واحدة مبكـة بعـد البعثة‪ .‬واي عجبا هلؤًلء الذين زعموا أنه‬
‫مرارا كيف ساغ هلم أن يظنوا أنه يف كل مرة تفرض عليه الصالة مخسني مث يرتدد بني ربه وبني‬

‫)‪ (1‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3035‬مسلم اإلميان (‪ ، )162‬النسائي الصالة (‪ ، )448‬أمحد (‪. )149/3‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )162‬‬

‫‪178‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫موسـى حىت تصري مخسا مث يقول‪( :‬أمضيت فريضيت وخففت عن عبادي) مث يعيدهـا يف املرة‬
‫الثانية إىل مخسني‪ ،‬مث حيطها عشرا عشرا)‪.‬‬
‫املعراج وحقيقته‪:‬‬
‫احلديث عن املعراج هو قرين احلديث عن اإلسراء يف النصوص وكـالم أهل العلم ولذا كان‬
‫من املناسب التعريف به تتميما للفائدة‪.‬‬
‫واملعراج‪ :‬مفعال من العروج‪ .‬أي اآللة اليت يعرج فيها‪ ،‬أي يصعد‪ .‬وهو منـزلة السلم لكن‬
‫ًل نعلم كيفيته‪ .‬واملقصود ابملعراج عند اإلطـالق يف الشرع‪ :‬هو صعود النيب ‪ ‬بصحبة جربيل‬
‫عليه السالم من بيت املقـدس إىل السماء الدنيا مث ابقي السماوات إىل السماء السابعة ورؤية‬
‫األنبيـاء يف السماوات على منازهلم وتسليمه عليهم وترحيبهم به‪ ،‬مث صعوده إىل سـدرة املنتهى‪،‬‬
‫ورؤيته جربيل عندها على الصورة اليت خلقه هللا عليها‪ ،‬مث فـرض هللا عليه الصلوات اخلمس‬
‫تلك الليلة وتكليم هللا له بذلك مث نـزوله إىل األرض‪ .‬وكان املعراج ليلة اإلسراء على الصحيح‪.‬‬
‫وقد دلت األدلة من الكتاب والسنة على املعراج‪ .‬أما الكتاب فقد جـاء فيه ذكر بعض‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫اآلايت العظيمة اليت حصلت للنيب ‪ ‬ليلة املعراج كقولـه تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪( )1( } ‬النجـم‪-12 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ .)18‬فذكـر هللا تعاىل يف هذا السياق اآلايت العظيمة اليت أكرم هبا رسوله ‪ ‬ليلة املعـراج‬
‫كرؤيته جربيل عليه السالم عند سدرة املنتهى‪ ،‬ورؤيته سدرة املنتهى وقـد غشاها ما غشاها من‬
‫أمر هللا‪ .‬قال ابن عباس ومسروق‪ " :‬غشيها فراش مـن ذهب"‪.‬‬
‫وقد جاء يف السنة خرب املعراج مفصال يف أكثر من حديث منها حديـث أنس املتقدم يف‬
‫قصة اإلسراء والذي سبق نقل ما يتعلق ابإلسراء منه مث قـال النيب ‪{ ‬مث عرج بنا إىل السماء‬
‫فاستفتح جربيل‪ .‬فقيل‪ :‬من أنت ؟ قـال‪ :‬جربيل‪ .‬قيل‪ :‬ومن معك ؟ قال‪ :‬حممد‪ .‬قيل‪ :‬وقد‬

‫)‪ (1‬سورة النجم آية ‪. 18 - 12 :‬‬

‫‪179‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫بعث إليه ؟ قال‪ :‬قد بعـث إليه‪ .‬ففتح لنا فإذا أًن آبدم فرحب يب ودعا يل خبري} (‪( . )1‬مث‬

‫ذكر عروجه إىل السماوات ومالقاته األنبياء إىل أن قال)‪{ :‬مث ذهب يب إىل سدرة املنتـهى‬
‫وإذا ورقها كآذان الفيلة‪ ،‬إذا مثارها كالقالل‪ .‬قال‪ :‬فلما غشيها من هللا مـا غشيها تغريت‪ .‬فما‬
‫أحد من خلق هللا يستطيع أن ينعتـها من حسـنها‪ .‬فأوحى هللا إيل ما أوحى‪ .‬ففرض علي مخسني‬
‫صالة يف كل يـوم وليلـة‪ ،‬فنـزلت إىل موسى ‪ . ‬فقال‪ :‬ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت‪:‬‬
‫مخسـني صالة‪ .‬قال‪ :‬ارجع إىل ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك ًل يطيقون ذلـك‪ ،‬فإين قد‬
‫بلوت بين إسرائيل وخربهتم‪ .‬قال‪ :‬فرجعت إىل ريب‪ .‬فقلت‪ :‬يـا رب خفف على أميت‪ .‬فحـط‬
‫عين مخسا‪ .‬فرجعت إىل موسى‪ .‬فقلت‪ :‬حـط عـين مخسا‪ .‬قال‪ :‬إن أمتك ًل يطيقون ذلك‬
‫فارجـع إىل ربك فاسأله التخفيـف‪ .‬قال‪ :‬فلم أزل أرجع بني ريب تبارك وتعاىل وبني موسى عليه‬
‫السالم حىت قال‪ :‬اي حممد‪ .‬إهنن مخس صلوات كل يوم وليلة لكل صالة عشر فذلـك مخسون‬
‫صالة} (‪ )3( ) .. )2‬احلديث‪ .‬أخرجه مسلم وقد جاء خرب املعراج أبلفـاظ متقاربة من حديث‬
‫مالك بن صعصعة وأيب ذر وابن عباس يف الصحيحـني وغريمها‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫اإلسراء واملعراج من اآلايت العظيمة اليت أكرم هللا هبا نبيه ‪ ‬والواجـب على املسلم اعتقاد‬
‫صحتهما وأهنما منقبتان عظيمتان اختص هللا هبما نبينـا ‪ ‬من بني الرسل وًل يشرع للمسلم‬
‫اًلحتفال بذكرى اإلسراء واملعـراج كما ًل تشرع هلما صالة خاصة كما يفعله بعض عوام‬
‫املسلمني‪ ،‬بل كـل ذلك بدع منكرة مل يشرعها النيب ‪ ‬ومل يفعلها أحد من السلف ومل يقـل هبا‬
‫أحد ممن يقتدي به يف العلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3035‬مسلم اإلميان (‪ ، )162‬النسائي الصالة (‪ ، )448‬أمحد (‪. )149/3‬‬
‫)‪ (2‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3035‬مسلم اإلميان (‪ ، )162‬النسائي الصالة (‪ ، )448‬أمحد (‪. )149/3‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )162‬‬

‫‪180‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وقد بني العلماء من أهل السنة أن صالة ليلة سبع وعشرين من شـهر رجب وأمثاهلا‪( :‬من‬
‫البدع اليت أحدثت يف دين هللا‪ ،‬وأنه عمل غري مشروع ابتفاق أئمة اإلسالم وًل ينشئ مثل هذا‬
‫(‪)2( )1‬‬
‫إًل جاهل مبتدع)‪ .‬وقد قال ‪{ ‬من أحدث يف أمرًن هذا ما ليس منه فهو رد}‬
‫أي مردود عليه‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري الصلح (‪ ، )2550‬مسلم األقضية (‪ ، )1718‬أبو داود السنة (‪ ، )4606‬ابن ماجه املقدمة (‪، )14‬‬
‫أمحد (‪. )270/6‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )2697‬‬

‫‪181‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث التاسع‪ :‬القول يف حياة األنبياء عليهم السالم‬


‫دلت األدلة على موت األنبياء إًل ما وردت النصوص ابستثنائه كعيسـى عليه السالم فإنه‬
‫مل ميت بعد وإَّنا رفـع إىل هللا تعاىل حيا على مـا سـيأيت بيانه‪.‬‬
‫‪     ‬‬ ‫فمن األدلة على موت األنبياء قوله تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )1( }‬البقرة‪ .)133 :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2( }          ‬غافر‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬

‫{ ‪       ‬‬ ‫‪ .)34‬وقال تعاىل عن سليمان عليه السـالم‪:‬‬

‫‪( )3( }      ‬سبـأ‪ .)14 :‬وقال تعاىل خماطبا نبيه حممدا ‪{ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )4( }        ‬الزمر‪ .)30 :‬قال بعض املفسرين نعيت للنيب ‪ ‬نفسه‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫ونعيت إليهم أنفسـهم ففي اآلية اإلعالم للصحابة أبنه ميوت‪ .‬وقال تعاىل خمربا عن موت كل‬
‫‪( )5( } ‬آل عمران‪.)185 :‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫نفس خملوقة‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫فدلت هذه اآلايت على موت األنبياء وأهنم ميوتون كما ميوت بقية البشر إًل ما أخرب به‬
‫‪    ‬‬ ‫هللا ‪ ‬عن عيسى عليه السالم من رفعه إليه كما قـال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )6( }   ‬آل عمران‪ .)55 :‬فدلت اآلية‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬

‫على رفع هللا تعـاىل لعيسـى جبسده وروحه إىل السماء وأنه مل ميت‪ ،‬وأما الوفاة املذكورة يف اآلية‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 133 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة غافر آية ‪. 34 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة سبأ آية ‪. 14 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الزمر آية ‪. 30 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة آل عمران آية ‪. 185 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة آل عمران آية ‪. 55 :‬‬

‫‪182‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ )1( }‬فقد جاء يف تفسري اآلية أن‪ " :‬توفيه هو رفـعه إليـه "‪ ،‬وإىل‬
‫يف قوله تعاىل { ‪    ‬‬

‫ذلك ذهب ابن جرير الطربي‪ .‬وأكثر املفسرين على أن الوفاة املذكورة هي النوم‪ ،‬كما قال‬
‫‪( )2( }     ‬الزمر‪.)42 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫تعاىل‪  { :‬‬
‫‪      ‬‬

‫فتقرر هبذا أن عيسى حي اآلن يف السماء مل ميت‪ ،‬وقد أخرب هللا عن موتـه قبل قيام الساعة‪.‬‬
‫{ ‪              ‬‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }‬النساء‪ .)159 :‬واملوت املذكور هنـا هو موت عيسى عليه السالم يف آخر الزمان‬
‫بعد أن ينـزل مـن السـماء فيكسر الصليب ويقتل اخلنـزير ويضع اجلزية كـما دلـت علـى ذلـك‬
‫األحاديث الصحيحة يف نـزول عيسى يف آخر الزمان وقد جاءت تلك األحاديث يف‬
‫الصحيحني وغريمها‪.‬‬
‫وممن قيل إنه مل ميت من األنبياء إدريس عليه السالم‪ ،‬فقد ذكر بعض أهل العلم أنه مل ميت‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وإَّنا رفعه هللا كما رفع عيسى عليه السالم واستدلوا لذلك بقوله تعاىل‪:‬‬

‫‪( )4( }                   ‬مرمي‪ .)57 ،56 :‬فعن جماهد‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬

‫قال‪ :‬إدريس رفع فلم ميت كما رفـع عيسى‪ .‬وعن ابن عباس قال‪ :‬رفع إىل السماء فمات هبا‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬رفع إىل السماء الرابعة والعلم يف ذلك عند هللا تعاىل‪ .‬وإَّنا القصد حصـول‬
‫اخلالف بني أهل العلم يف موت إدريس من عدمه‪ ،‬هذا مع القطع أبنه إن مل ميت فال بد أن‬
‫‪. )5( } ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫ميوت لعموم قوله تعاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬

‫)‪ (1‬سورة آل عمران آية ‪. 55 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الزمر آية ‪. 42 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 159 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة مرمي آية ‪. 57 ، 56 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة آل عمران آية ‪. 185 :‬‬

‫‪183‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وأما ما عدا عيسى وإدريس عليهما السالم من الرسل فلم يقل أحد من أهل العلم املعتد‬
‫بقوهلم يف األمة حبياة أحد منهم ملا تقدم مـن النصـوص وللواقـع املشاهد من موهتم‪ .‬لكن جاء‬
‫يف بعض النصوص ما أش َكل فهمه على البعض يف هذا الباب مثل ما جاء عن النيب ‪ ‬يف‬
‫أحاديث املعراج مـن رؤيته لبعض الرسل يف السماء وتكليمه هلم على ما جاء يف حديث أنس‬
‫الذي أخرجه الشيخان وفيه‪{ :‬مث عرج بنا إىل السماء فاستفتح جربيل فقيل‪ :‬من أنت ؟ قال‬
‫جربيل‪ .‬قيل‪ :‬ومن معك ؟ قال‪ :‬حممد‪ .‬قيل‪ :‬وقد بعث إليـه‪ ..‬قال‪ :‬قد بعث إليه‪ ،‬ففتح لنا‪.‬‬
‫فإذا أًن آبدم‪ ،‬فرحب يب ودعا يل خبري‪ ،‬مث عرج بنا إىل السماء الثانية فاستفتح جربيل عليه‬
‫السالم فقيل‪ :‬من أنـت ؟ قـال جربيل‪ .‬قيل‪ :‬ومن معك ؟ قال‪ :‬حممد‪ .‬قيل‪ :‬وقد بعث إليه‪.‬‬
‫قال‪ :‬قد بعـث إليه‪ ،‬ففتح لنا‪ .‬فإذا أًن اببين اخلالة عيسى ابن مرمي وحيىي بن زكراي صلـوات هللا‬
‫إىل آخر احلديث وقد ذكر فيه رؤاي يوسف يف‬ ‫(‪)2( )1‬‬
‫عليهما‪ .‬فرحبا يب ودعوا يل خبري}‬
‫السماء الثالثة وإذا هو أعطي شطر احلسن ورؤيـاه إدريـس يف السماء الرابعة وهارون يف السماء‬
‫اخلامسة وموسى يف السـماء السادسـة ورؤيته إبراهيم يف السماء السابعة مسندا ظهره إىل البيت‬
‫املعمـور وأهنـم كلهم رحبوا به ودعوا له خبري‪.‬‬
‫ومثل ما جاء يف حديث ابن عباس رضي هللا عنهما يف الصحيحني عـن النيب ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫{رأيت ليلة أسري يب موسى رجال آدم طواًل كأنه مـن رجال شنوءة‪ ،‬ورأيت عيسى رجال‬

‫مربوعا مربـوع اخللـق إىل احلمـرة والبياض سبط الرأس} (‪ )4( ) ... )3‬احلديث‪.‬‬
‫ففهم بعض الناس من هذه النصوص ومن غريها مما مياثلها عدم مـوت األنبياء فاستدلوا هبا‬
‫على ما اعتقدوه من حياة األنبياء‪ .‬واحلق أن األنبيـاء ماتوا إًل ما وردت به النصوص يف حق‬

‫)‪ (1‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3035‬مسلم اإلميان (‪ ، )162‬النسائي الصالة (‪ ، )448‬أمحد (‪. )149/3‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3570‬ومسلم برقم (‪. )162‬‬
‫)‪ (3‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3067‬مسلم اإلميان (‪ ، )165‬أمحد (‪. )309/1‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3239‬ومسلم برقم (‪. )165‬‬

‫‪184‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫عيسى عليه السالم وما اختلف فيـه من أمر إدريس عليه السالم‪ .‬وأما من عدامها فقد دلت‬
‫النصوص علـى موهتم قطعا وًل شك يف ذلك‪ .‬وقد سبق نقل األدلة عليه‪ .‬وأما ما جـاء يف‬
‫األحاديث من إخبار الرسول ‪ ‬عن رؤية الرسل ليلة املعراج وما جاء يف معناه من النصوص‬
‫األخرى فحق وًل تعارض بني النصوص يف ذلك‪ .‬وذلك أن الذي رآه الرسول ‪ ‬هي أرواح‬
‫الرسل مصورة يف صور أبداهنم‪ ،‬وأمـا أجسادهم فهي يف األرض إًل من جاءت النصوص برفعهم‪،‬‬
‫وهذا هو الـذي عليه األئمة احملققون من أهل السنة‪.‬‬
‫قال أحد األئمة الراسخني يف حتقيق هذه املسألة‪( :‬وأما رؤيته غريه من األنبياء ليلة املعراج‬
‫يف السماء ملا رأى آدم يف السماء الدنيـا‪ ،‬ورأى حيـىي وعيسى يف السماء الثانية‪ ،‬ويوسف يف‬
‫الثالثة وإدريس يف الرابعة‪ ،‬وهـارون يف اخلامسة‪ ،‬وموسى يف السادسة‪ ،‬وإبراهيم يف السابعة‪ ،‬أو‬
‫ابلعكس‪ ،‬فـهذا رأي أرواحهم مصورة يف صور أبداهنم‪ .‬قد قال بعض النـاس‪ :‬لعلـه رأى نفس‬
‫األجساد املدفونة يف القبور‪ ،‬وهذا ليس بشيء‪ .‬لكن عيسى صعـد إىل السماء بروحه وجسده‪،‬‬
‫وكذلك قيل يف إدريس‪ .‬وأما إبراهيم وموسـى‪ ،‬وغريمها فهم مدفونون يف األرض)‪.‬‬
‫وعلى أنه ينبغي أن يقرر هنا أن هللا تعاىل كما أكرم رسله برفع أرواحهم إىل السماء فهي‬
‫تنعم على ما شاء هللا فإنه حفـظ أجسـادهم يف األرض‪ ،‬وحرم على األرض أن أتكل أجسادهم‬
‫على ما ثبت ذلك من حديـث أوس بن أوس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬إن من أفضل‬

‫أايمكـم يوم اجلمعـة‪ ،‬فأكثروا علي من الصالة فيه‪ ،‬فإن صالتكم معروضة علي} (‪ . )1‬فقـالوا‪:‬‬

‫)‪ (1‬النسائي اجلمعة (‪ ، )1374‬أبو داود الصالة (‪ ، )1531‬ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز (‪ ، )1636‬أمحد (‪، )8/4‬‬
‫الدارمي الصالة (‪. )1572‬‬

‫‪185‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫يـا رسول هللا‪ .‬وكيف تعرض صالتنا عليك وقد أرمت ؟ قال‪ :‬يقول‪ :‬بليـت‪ .‬قال‪{ :‬إن هللا ‪‬‬
‫حرم على األرض أجساد األنبياء} (‪. )2( )1‬‬
‫وهبذا يتبني احلق يف هذه املسألة املهمة وما جيـب على املسلم اعتقاده فيها وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬النسائي اجلمعة (‪ ، )1374‬أبو داود الصالة (‪ ، )1047‬ابن ماجه ما جاء يف اجلنائز (‪ ، )1636‬أمحد (‪، )8/4‬‬
‫الدارمي الصالة (‪. )1572‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد يف املسند ‪ 8 / 4 :‬وأبو داود يف السنن ‪ 443 / 1‬برقم (‪ )1047‬والدارمي يف السنن ‪ 307 / 1‬برقم‬
‫(‪ ، )1580‬وقال اإلمام النووي إسناده صحيح ‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث العاشر‪ :‬معجزات األنبياء والفرق بينها وبني كرامات األولياء‬


‫التعريف ابملعجزة‪:‬‬
‫املعجزة‪ :‬مأخوذة من العجز‪ .‬وهو عدم القدرة‪.‬‬
‫جاء يف القاموس‪ :‬ومعجزة النيب ‪ ‬ما أعجز به اخلصم عند التحـدي واهلاء للمبالغة‪.‬‬
‫ـدي األنبيـاء للدًللة على صدقهم‬
‫واملعجزة يف اًلصطالح‪ :‬أمر خارق للعادة جيري على أي َ‬
‫مع سالمة املعارضة‪.‬‬
‫فقولنا‪ :‬خارق للعادة‪ :‬أخرج ما ليس خبارق للعادة مثل ما يصدر من األنبياء من األفعال‬
‫واألحوال الطبيعية فهي ليست مبعجزات‪ .‬وقولنا‪ :‬جيـري على أيدي األنبياء‪ :‬أخرج األمور اخلارقة‬
‫اليت جتري على أيدي األوليـاء فهي ليست مبعجزات وإَّنا هي كرامات‪ ،‬ملتابعتهم لألنبياء وخيرج‬
‫من بـاب أوىل ما أييت به السحرة والكهان من الشعبذة فهذه ًل تصدر إًل من شرار اخللق‪.‬‬
‫وقولنا للدًللة على صدقهم مع سالمة املعارضة‪ :‬أخرج ما يدعيـه املتنبئون الكذابون من األمور‬
‫اخلارقة وكذلك السحرة فإهنا ًل تسلم مـن املعارضة بل يعارضها أمثاهلم من السحرة ألهنا من‬
‫قبيل السحر والشعبذة‪.‬‬
‫أمثلة لبعض معجزات األنبياء‪:‬‬
‫ومعجزات األنبياء كثرية‪:‬‬
‫فمن معجزات صاحل عليه السالم أن قومه طلبوا منه أن خيرج هلم من صخرة عينوها له ًنقة‬
‫مث حددوا صفات الناقة فدعا ربه بذلك فأمر هللا تلك الصخرة أن تنفطر عن ًنقة عظيمة على‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫الوجه الذي طلبـوا (‪ . )1‬يقول هللا تعاىل يف ذلك‪{ :‬‬
‫‪                   ‬‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري (‪. )436 / 3‬‬

‫‪187‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

:‫) (األعراف‬1( }    


 
 
 
  
 
      
  
 
    
  
   
  
 
   
  
 

.)73
‫ومن معجزات إبراهيم عليه السالم جعل هللا النار اليت أشـعلها قومـه لتعذيبه وإهالكه مث‬
       { :‫ قال تعاىل‬.‫ألقوه فيها بردا وسالما عليه‬
             

.)70 -68 :‫) (األنبياء‬2( }


‫ومن معجزات موسى عليه السالم العصا اليت كانت تتحـول إىل حيـة عظيمة إذا ألقاها إىل‬
           { :‫ قال تعاىل‬.‫األرض‬
                 

‫ ومن معجزات‬.)21 -17 :‫) (طه‬3( }               
 
  
  
 
 
 
 

‫موسى أيضا أنه كان يدخل يده يف درع قميصه مث خيرجها فإذا هي بيضاء تتألأل كالقمر من‬
           { :‫ قال تعاىل‬.‫غـري سوء‬

.)22 :‫) (طه‬4( }


‫ومن معجزات عيسى عليه السالم أنه يصنع من الطني ما يشبه الطيور مث ينفخ فيها فتكون‬
‫ وينادي املوتى يف‬،‫ واألبرص فيربآن إبذن هللا‬-‫وهـو األعمـى‬- ‫ وميسح األكمـه‬،‫طيورا إبذن هللا‬

. 73 : ‫( سورة األعراف آية‬1)


. 70 ، 68 : ‫( سورة األنبياء آية‬2)
. 21 - 17 : ‫( سورة طه آية‬3)
. 22 : ‫( سورة طه آية‬4)

188
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

          { :‫ قال تعاىل‬.‫قبورهم فيجيبون إبذن هللا‬

.)110 :‫) (املائدة‬1( }     


   
   
 
 
  
            

‫ قال‬.‫ القرآن العظيم وهو أعظم معجزات الرسل علـى اإلطالق‬ ‫ومن معجزات نبينا‬
               { :‫تعـاىل‬

    { :‫ وقال تعاىل‬.)23 :‫(البقرة‬ }    


)2(
 
   
  
  
    
    
  
 

              

 ‫ انشقاق القمر عندما سأل أهل مكة النيب‬ ‫ ومن معجزاته‬.)88 :‫) (اإلسراء‬3( }
    { ‫ قال تعـاىل‬.‫آية فانشق القمر شقني فرآه أهل مكة ورآه غريهم‬

‫ ومن معجزاته عليه‬.)2 ،1 :‫) ( القمر‬4(}       


 
  
    
            

      { :‫ قـال تعاىل‬.‫الصالة والسالم اإلسراء واملعـراج‬

.)1 :‫) (اإلسراء‬5( }


  
  
 
 
 
     
  
   
 
 
 
  

‫ فإن هللا أيـده بكثري من اآلايت‬ ‫ومعجزات الرسل كثرية خصوصا معجزات نبينا حممد‬
.‫والرباهني اليت مل جتتمع لنيب قبله وما سقته هنا إَّنـا هـو للتمثيل فقط‬
:‫التعريف ابلكرامة‬
‫ أمر خارق للعادة غري مقرون بدعوى النبوة وًل هو مقدمة هلـا تظهر على يد عبد‬:‫الكرامة‬
.‫ظاهر الصالح مصحوب بصحيح اًلعتقاد والعمـل الصاحل‬

. 110 : ‫( سورة املائدة آية‬1)


. 23 : ‫( سورة البقرة آية‬2)
. 88 : ‫( سورة اإلسراء آية‬3)
. 2 ، 1 : ‫( سورة القمر آية‬4)
. 1 : ‫( سورة اإلسراء آية‬5)

189
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فقولنا‪ :‬أمر خارق للعادة‪ :‬أخرج ما كان على وفق العادة من أعمال‪.‬‬
‫وغري مقرون بدعوى النبوة‪ :‬أخرج معجزات األنبياء‪.‬‬
‫وًل هو مقدمة هلا‪ :‬أخرج اإلرهاص وهو كل خارق ت َقدم النبوة‪.‬‬
‫ويظهر على يد عبد ظاهر الصالح‪ :..‬أخرج ما جيري علـى أيـدي السحرة والكهان فهو‬
‫سحر وشعبذة‪.‬‬
‫وكرامات األولياء كثرية منها ما ثبت يف حق بعض الصاحلني من األمـم املاضية‪ .‬ومن ذلك‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫ما أخرب هللا به عن مرمي عليها السالم‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( } ‬آل عمران‪.)37 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫ومنها‪ :‬ما أخرب هللا به عن أهل الكهف على ما قص هللا ذلك يف كتابه‪.‬‬
‫ومن كرامات األولياء من هذه األمة ما ثبت يف حق أسيد بن حضري ‪ ‬أنه كان يقرأ‬
‫سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج وهي املالئكة نـزلت لقراءته‪ .‬وكانت‬
‫املالئكة تسلم على عمـران بـن حصني رضي هللا عنه‪ .‬وكـان سلمان وأبو الدرداء رضي هللا‬
‫عنهما أيكالن يف صحفـة فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها‪ .‬وخبيب بن عدي ‪ ‬كان‬
‫أسريا عنـد املشرَكني مبكة شرفها هللا تعاىل وكـان يؤتى بعنب أيكله وليس مبكـة عنبـة‪.‬‬
‫ومر العالء احلضرمي ‪ ‬جبيشه فوق البحر على خيوهلم فما ابتلت سـروج خيوهلم‪ .‬ووقـع‬
‫أبو مسلم اخلوًلين رمحه هللا يف أسر األسود العنسي ملا ادعى النبوة فقال له‪ :‬أتشهد أين رسول‬
‫هللا ؟ قال‪ :‬ما أمسع‪ .‬قال‪ :‬أتشهد أن حممـدا رسول هللا ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فأمر بنار فألقي فيها‬
‫فوجدوه يصلـي فيـها وقـد صارت بردا وسالما‪ ،‬وغري ذلك كثري مما هو منقـول يف كتـب السـري‬
‫والتاريخ‪.‬‬
‫الفرق بني املعجزة والكرامة‪:‬‬

‫)‪ (1‬سورة آل عمران آية ‪. 37 :‬‬

‫‪190‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفرق بني املعجزة والكرامة‪ :‬أن املعجزة تكـون مقرونة بدعوى النبـوة‪ .‬خبالف الكرامة فإن‬
‫ابتباع النيب واًلستقامة على شرعه‪ .‬فاملعجزة‬
‫صاحبها ًل يدعي النبوة وإَّنا حصلت له الكرامة َ‬
‫للنيب والكرامة للويل‪ .‬ومجاعهما األمر اخلارق للعادة‪.‬‬
‫وذهب بعض األئمة من العلماء‪ :‬إىل أن كرامات األولياء يف احلقيقـة تدخل يف معجزات‬
‫األنبياء أل ن الكرامات إَّنا حصلـت للـويل ابتبـاع الرسول‪ ،‬فكل كرامة لويل هي من معجزات‬
‫رسوله الذي يعبد هللا بشرعه‪.‬‬
‫ومن هذا يتبني أن إطالق املعجزة على خوارق األنبياء والكرامة علـى خوارق األولياء معنيان‬
‫اصطالحيان ليسا موجودين يف الكتاب والسنة وإَّنـا اصطلح عليهما العلماء فيما بعد وإن كاًن‬
‫يف مدلوهلما يرجعان إىل ما تقـرر يف النصوص من احلق‪.‬‬
‫حكم اإلميان ابملعجزات والكرامات‪:‬‬
‫اإلميان مبعجزات األنبياء وكرامات األولياء أصل من أصول اإلميان دلـت عليه نصوص‬
‫الكتاب والسنة والواقع املشاهد فيجب على املسلم اعتقاد صحة ذلك وأنه حق‪ .‬وإًل فالتكذيب‬
‫بذلك أو إنكـار شـيء منـه رد للنصوص ومصادمة للواقع واحنراف كبري عما كان عليه أئمة‬
‫الدين وعلمـاء املسلمني يف هذا الباب‪ .‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث احلادي عشر‪ :‬الويل والوالية يف اإلسالم‬


‫تعريف الويل والوالية‪:‬‬
‫الوًلية‪ :‬ضد العداوة‪ .‬وأصل الوًلية‪ :‬احملبة وال َقرب‪ .‬وأصل العـداوة‪ :‬البغض والبعد‪.‬‬
‫والوًلية يف اًلصطالح‪ :‬هي القرب من هللا بطاعته‪.‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫والويل يف الشرع‪ :‬هو من اجتمع فيه وصفان‪ :‬اإلميان والتقـوى‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬
‫‪            ‬‬

‫‪( )1( }‬يونس‪.)63 ،62 :‬‬


‫تفاضل األولياء‪:‬‬
‫وإذا كان أولياء هللا هم املؤمنون املتقون فبحسب إميان العبـد وتقـواه تكـون وًليته هلل تعاىل‬
‫فمن كان أكمل إمياًن وتقوى كان أكمل وًليـة هلل‪ .‬فالناس يتفاضلون يف وًلية هللا حبسب‬
‫تفاضلهم يف اإلميان والتقوى‪.‬‬
‫وأفضل أولياء هللا هم أنبياؤه‪ ،‬وأفضل أنبيائه هم املرسلون منهم‪ ،‬وأفضـل املرسلني أولو العزم‬
‫نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد ‪ ‬وأفضل أويل العزم حممد ‪ - ‬على ما تقدم ذلك يف‬
‫موضعه ‪ -‬مث إبراهيم عليه السـالم‪ .‬مث اختلف الناس يف املفاضلة بني الثالثة الباقني‪.‬‬
‫أقسام أولياء هللا‪:‬‬
‫وأولياء هللا على قسمني‪:‬‬
‫القسـم األول‪ :‬سابقون مقربون‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬أصحاب ميني مقتصدون‪.‬‬
‫{ ‪    ‬‬ ‫وقد ذكرهم هللا تعاىل يف عدة مواضع من كتابه‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪              ‬‬

‫)‪ (1‬سورة يونس آية ‪. 63 ، 62 :‬‬

‫‪192‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪           ‬‬

‫‪( )1( }‬الواقعـة‪.)12 -1 :‬‬


‫فذكر ثالثة أصناف‪ .‬صنفا يف النار وهم أصحاب الشمال وصنفني يف اجلنـة ومها‪ :‬أصحاب‬
‫ميني وسابقون مقربون‪ .‬وقد ذكرمها أيضا يف آخـر هـذه السورة وهي سورة الواقعة فقـال‪{ :‬‬
‫‪                 ‬‬

‫‪( )2( }     ‬الواقعة‪ .)91 -88 :‬وقد ذكر النيب ‪ ‬عمل‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫القسـمني يف حديث األولياء املشهور وهو حديث قدسي يرويه النيب ‪ ‬عن ربه وقد أخرجه‬
‫البخاري من حديث أيب هريرة عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬إن هللا تعاىل قال‪ :‬من عادى يل وليا فقد‬
‫آذنته ابحلرب‪ ،‬وما تقرب إيل عبدي بشيء أحب إيل مما افرتضت عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب‬
‫الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده اليت‬
‫إيل ابلنوافل حىت أحبه فإذا أحببته كنت مسعه َ‬
‫يبطـش هبـا ورجله اليت ميشي هبا‪ ،‬وإن سألين ألعطينه ولئن اسـتعاذين ألعيذنـه} (‪. )4( )3‬‬
‫فاألبرار أصحاب اليمني هم املتقربون إليه تعاىل ابلفرائض‪ ،‬يفعلـون مـا أوجب هللا عليهم ويرتكون‬
‫ما حرم هللا عليـهم‪ ،‬وًل يكلفـون أنفسـهم ابملندوابت وًل الكف عن فضول املباحات‪ .‬وأما‬
‫السابقون املقربون فتقربـوا إليه تعاىل ابلنوافل بعد الفرائض ففعلوا الواجبات واملسـتحبات وتركـوا‬
‫احملرمات واملكروهات فلما تقربوا إىل هللا جبميع ما يقـدرون عليـه من حمبوابهتم أحبهم الرب حبا‬
‫عبدي يتقرب إيل‬
‫َ‬ ‫اتما وعصمهم من الذنوب واستجاب دعـاءهم كما قال تعاىل‪{ :‬وًل يزال‬

‫ابلنوافل حىت أحبـه} (‪ ) .. )5‬إىل آخر ما ذكر يف احلديث‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة الواقعة آية ‪. 12 - 1 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة الواقعة آية ‪. 91 - 88 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري الرقاق (‪. )6137‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪. )6502‬‬
‫)‪ (5‬البخاري الرقاق (‪. )6137‬‬

‫‪193‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ال خيتص أولياء هللا بلباس وال هيئة‪:‬‬


‫وأولياء هللا ًل يتميزون عن غريهم من الناس يف الظاهر بلباس وًل هبيئـة على ما هو مقرر‬
‫عند أهل العلم والتحقيق من أهل السنة‪.‬‬
‫قال بعض األئمة املصنفني يف األولياء‪( :‬وليس ألولياء هللا شيء يتمـيزون به عن الناس يف‬
‫الظاهر من األمور املباحات‪ ،‬فال يتميزون بلباس دون لبـاس إذا كان مباحا‪ ،‬وًل حبلق شعر أو‬
‫تقصريه أو ضفره إذا كان مباحا‪ .‬كمـا قيل كـم من صديق يف قباء‪ ،‬وكـم من زنديق يف عباء‪ ،‬بل‬
‫يوجدون يف مجيـع أصناف أمة حممد ‪ ‬إذا مل يكونوا من أهل البدع الظـاهرة والفجـور‪ ،‬فيوجدون‬
‫يف أهل القرآن‪ ،‬وأهل العلم‪ ،‬يوجدون يف أهل اجلهاد والسـيف‪ ،‬ويوجدون يف التجارة والصناع‬
‫والزراع)‪.‬‬
‫بطالن ما قد يعتقد فيهم من الغلو‪:‬‬
‫وأولياء هللا ليسوا معصومني وًل يعلمون الغيب وليس هلم قـدرة علـى التصرف يف اخللق‬
‫والرزق وًل يدعون الناس إىل تعظيمهم أو صرف شـيء من األموال والعطااي هلم ومن فعل ذلك‬
‫فليس بويل هلل بل كذاب أفـاك ويل للشيطان‪ .‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫اإلميان ابليوم اآلخر‬
‫وفيه ثالثة مباحث‬
‫املبحث األول‪ :‬أشراط الساعة وأنواعها‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬نعيم القرب وعذابه‪ .‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اإلميان بنعيم القرب وعذابه وأدلة ذلك‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬وقوعه على الروح واجلسد معا‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اإلميان ابمللكني منكر ونكري‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬اإلميان ابلبعث‪ .‬وفيه مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬معىن البعث وحقيقته‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أدلة البعث من الكتاب والسنة والنظر‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬احلوض صفته وأدلته‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬امليزان صفته وأدلته‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬الشفاعة تعريفها وأنواعها وأدلتها‪.‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬الصراط صفته وأدلته‪.‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬اجلنة والنار صفتهما وكيفية اإلميان‬
‫هبما وأدلة ذلك‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‬
‫أشراط الساعة وأنواعها‬
‫تعريف أشراط الساعة‪:‬‬
‫األشراط‪ :‬مجع شرط وهو‪ :‬العالمة‪ .‬وقيل أشراط الشيء‪ :‬أوائله‪.‬‬
‫جاء يف لسان العرب‪ :‬واًلشتقاقان متقارابن ألن عالمة الشيء أوله‪.‬‬
‫‪ ‬‬ ‫والساعة‪ :‬جزء من أجزاء الزمن‪ ،‬ويعرب به عن القيامـة‪ .‬قـال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }   ‬الزخرف‪ .)85 :‬والساعة من أشهر أمساء يوم القيامة يف النصوص الشرعية‬
‫وكالم الناس‪ ،‬ومسي ذلك اليوم ابلساعة‪ :‬ألنه أييت بغتـة فيفاجأ الناس يف ساعة‪.‬‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫وأشـراط السـاعـة‪ :‬عالماهتا وأماراهتا اليت تقع قبل قيامـها‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }                         ‬حممد‪.)18 :‬‬
‫أقسام أشراط الساعة‪:‬‬
‫أشراط الساعة وأماراهتا تنقسم إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬األمارات البعيدة‪ :‬وهي اليت ظهرت وانقضت‪.‬‬
‫منها بعثة الرسول ‪ ‬على ما جاء يف الصحيحني من حديث أنس بـن مالك ‪ ‬عن‬
‫النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬بعثت أًن والساعة كهاتني‪ .‬وضم السـبابة والوسطى} (‪. )4( )3‬‬

‫)‪ (1‬سورة الزخرف آية ‪. 85 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة حممد آية ‪. 18 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري الرقاق (‪ ، )6139‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2951‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2214‬أمحد (‪، )237/3‬‬
‫الدارمي الرقاق (‪. )2759‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6504‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2951‬‬

‫‪196‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪  ‬‬ ‫ومنها انشقاق القمر على ما أخرب هللا يف كتابه‪ ،‬قال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }     ‬القمر‪.)1 :‬‬


‫ومنها خروج ًنر من أرض احلجاز تضيء هلا أعناق اإلبل ببصرى علـى ما أخرج الشيخان‬
‫من حديث أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قـال‪ً{ :‬ل تقوم الساعة حىت خترج ًنر من أرض‬

‫احلجـاز تضـيء أعنـاق اإلبـل ببصرى} (‪ . )3( )2‬وقد خرجـت هذه النار على ما أخرب النيب ‪‬‬
‫يف مسـتهل مجادى اآلخرة سنة أربع ومخسني وستمائة وكان خروجها من شرقي املدينة النبوية‬
‫وسالت بسببها أودية من ًنر واراتع الناس منها ورأى ضوءها أهـل الشام ورأى أهل بصرى ‪-‬‬
‫وهي إحدى قرى دمشق‪ ،-‬أعنـاق اإلبـل يف ضوئها كـما أخرب النيب ‪. ‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬األمارات املتوسطة‪ :‬وهي اليت ظهرت ومل تنقض بـل تتزايد وتكثر وهي‬
‫كثرية جدا‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وتطاول احلفاة العراة رعاء الشاء يف البنيان على ما جاء يف‬ ‫منها أن تلد األمة ربتها‬
‫حديث جربيل املشهور الذي أخرجه مسلم وقـد تقـدم يف الفصل األول من هذا الباب وفيه‪:‬‬
‫{قال فأخربين عن الساعة ؟ قـال‪ :‬مـا املسئول عنها أبعلم من السائل‪ .‬قال‪ :‬فأخربين عن‬
‫أماراهتا‪ ،‬قال‪ :‬أن تلـد األمة ربتها‪ ،‬وأن ترى احلفاة العراة العالـة رعـاء الشاء يتطـاولون يف‬
‫البنيان} (‪. )6( )5‬‬

‫)‪ (1‬سورة القمر آية ‪. 1 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري الفنت (‪ ، )6701‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪. )2902‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7118‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2902‬‬
‫)‪ (4‬أن تلد األمة ربتها ‪ ،‬األمة املرأة اململوكة ‪ ،‬وولدها من سيدها مبنزلة سيدها ‪ ،‬ألن مال اإلنسان صائر لولده ‪.‬‬
‫)‪ (5‬مسلم اإلميان (‪ ، )8‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2610‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4990‬أبو داود السنة (‪، )4695‬‬
‫ابن ماجه املقدمة‬
‫(‪ ، )63‬أمحد (‪. )27/1‬‬
‫)‪ (6‬صحيح مسلم برقم (‪. )8‬‬

‫‪197‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومنها خروج دجالني ثالثني يدعون النبوة كما جـاء يف حديـث أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول‬
‫هللا ‪ً{ ‬ل تقوم الساعة حىت يبعـث دجـالون كذابون قريبا من ثالثني كلهم يزعم أنه رسول‬

‫هللا} (‪ .)2( )1‬ويف سـنن أيب داود والرتمذي من حديث ثوابن عن النيب ‪{ ‬وإنه سيكون‬

‫يف أميت ثالثـون كذابون كلهم يزعم أنه نيب‪ ،‬وأًن خامت النبيني ًل نيب بعدي} (‪. )4( )3‬‬
‫ومنها احنسار الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه على ما جـاء يف حديـث أيب‬
‫هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل تقوم الساعة حىت حيسـر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل‬
‫الناس عليه‪ ،‬فيقتل من كل مائـة تسـعة تسعون ويقول كل رجل منهم لعلي أكون أًن الذي‬
‫أجنو} (‪ )6( )5‬وهذه العالمة مل تقع بعد‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬العالمات الكربى‪ :‬وهي الـيت تعقبـها السـاعة إذا ظهرت‪ .‬وهي عشر‬
‫عالمات ومل يظهر منها شيء‪ .‬روى مسلم يف صحيحه من حديث حذيفة بن أسيد قال‪:‬‬
‫{اطلع النيب ‪ ‬علينا وحنن نتذاكر‪ ،‬فقال‪ :‬ما تذاكرون ؟ قالوا‪ :‬نذكر الساعة‪ .‬قال‪ :‬إهنا لن‬
‫تقوم حىت تروا قبلها عشـر آايت‪ :‬فذكر الدخان والدجال‪ ،‬والدابة‪ ،‬وطلوع الشمس مـن مغرهبـا‪،‬‬
‫ونـزول عيسى ابن مرمي ‪ ‬وأيجوج ومأجوج‪ ،‬وثالثة خسوف‪ :‬خسف ابملشرق وخسف‬
‫ابملغرب وخسف جبزيرة العرب‪ ،‬وآخر ذلك ًنر خترج مـن اليمن تطرد الناس إىل‬

‫)‪ (1‬البخاري املناقب (‪. )3413‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم (‪. )3609‬‬
‫)‪ (3‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2219‬أبو داود الفنت واملالحم (‪. )4252‬‬
‫)‪ (4‬سنن أيب داود برقم (‪ ، )4252‬وسنن الرتمذي برقم (‪ ، 2219‬وقال الرتمذي ‪ " :‬هذا حديث حسن صحيح " ‪.‬‬
‫)‪ (5‬البخاري الفنت (‪ ، )6702‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2894‬الرتمذي صفة اجلنة (‪ ، )2569‬أبو داود‬
‫املالحم (‪ ، )4313‬ابن ماجه الفنت (‪ ، )4046‬أمحد (‪. )332/2‬‬
‫)‪ (6‬رواه مسلم يف الصحيح برقم (‪ ، )2894‬وبنحوه البخاري برقم (‪ )7119‬وأمحد يف املسند ‪. 261 / 2‬‬

‫‪198‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫حمشرهم} (‪ . )2( )1‬وجاء يف بعض األحاديث األخرى ذكر املهدي‪ ،‬وهدم الكعبة‪ ،‬ورفع‬
‫القرآن من األرض على مـا سـيأيت ذكـر األحاديث يف ذلك‪.‬‬
‫والذي عليه أكثر احملققني من أهل العلم أن العالمات العشر العظمى هي هذه الثالث‬
‫وما ذكر يف حديث حذيفة بن أسيد سوى اخلسوف فإهنـا وإن كانت من عالمات الساعة بال‬
‫شك كما هو نص احلديث إًل أهنا تقع قبـل العشر العظمى‪ ،‬وهي مقدمة هلا‪ ،‬ويشهد هلذا ما‬
‫جاء يف رواية أخرى مـن حديث حذيفة بن أسيد وقد خرجها مسلم أيضا وفيها تقدمي اخلسـوف‬
‫يف الذكر على غريها من العالمات حيث قال ‪{ ‬إن الساعة ًل تكون حىت تكون عشر‬
‫آايت خسف ابملشرق وخسف ابملغرب وخسف يف جزيرة العرب والدخان‬
‫والدجال} (‪ )4( ) .. )3‬مث ذكر بقية العالمات‪ .‬قال القرطيب‪( :‬فأول اآلايت على ما يف هذه‬
‫الرواية اخلسوفات الثالثة وقد وقع بعضها يف زمـن النيب ‪ ‬ذكره ابن وهب‪ .) ...‬وفيما يلي‬
‫عرض هلذه العالمات العشر مفصلة أبدلتها‪:‬‬
‫العالمة األوىل‪ :‬خروج املهدي‪ :‬وهو رجل من أهل البيت مـن ولـد احلسن بن علي رضي‬
‫هللا عنهما خيرج وقد ملئت األرض جـورا وظلمـا فيملؤها قسطا وعدًل يوافق امسه اسم النيب ‪‬‬
‫واسم أبيه اسم أب النيب ‪ ‬على ما روى أبو داود والرتمذي من حديث عبد هللا بن مسعود ‪‬‬

‫)‪ (1‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2901‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2183‬أبو داود املالحم (‪ ، )4311‬ابن ماجه الفنت‬
‫(‪ ، )4055‬أمحد (‪. )7 /4‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )2901‬‬
‫)‪ (3‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2901‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2183‬أبو داود املالحم (‪ ، )4311‬ابن ماجه الفنت‬
‫(‪ ، )4055‬أمحد (‪. )7 /4‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )2901‬‬

‫‪199‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫عن النيب ‪ ‬أنه قال‪ً{ :‬ل تذهب الدنيا حىت ميلك العرب رجل من أهل بيـيت يواطئ امسه‬

‫امسي واسـم أبيه اسم أيب‪ ،‬ميأل األرض عدًل وقسطا كـما ملئـت جورا وظلما} (‪. )2( )1‬‬
‫العالمة الثانية‪ :‬ظهور املسيح الدجال‪ :‬وهو رجل من بين آدم خيرج يف آخر الزمان فيفنت‬
‫به كثري من اخللق‪ ،‬جيري هللا على يديه بعض األعمـال اخلارقة‪ ،‬ويدعي الربوبية وًل يروج ابطله‬
‫على املؤمن ويدخل األمصار كلها إًل مكة واملدينة‪ ،‬ومعه ًنر وجنة فناره جنة وجنته ًنر‪ .‬وقد‬
‫دلت األحاديث الصحيحة على خروجه‪ ،‬منها حديث عبد هللا بن عمرو بن العـاص الـذي‬
‫أخرجه مسلم يف صحيحه أن رسول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬خيرج الدجال يف أمـيت فيمكث أربعني ًل‬
‫أدري أربعني يوما أو أربعني شهرا أو أربعني عاما فيبعث هللا عيسى ابن مرمي كأنه عروة بن‬
‫مسعود فيطلبه فيهلكه} (‪ )4( ) ... )3‬احلديث‪ .‬ويف الصحيحني عن عبد هللا بن عمر قال‪:‬‬

‫قام رسول هللا ‪ ‬يف الناس فـأثىن على هللا مبا هو أهله مث ذكر الدجال فقال‪{ :‬إين أنذركموه‬
‫وما من نيب إًل قد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكن سأقول لكم فيه قوًل مل يقله نيب لقومه‬
‫تعلمون أنه أعور‪ ،‬وأن هللا ليس أبعور} (‪. )6( )5‬‬
‫العالمة الثالثة‪ :‬نزول عيسى ابن مرمي عليه السالم من السـماء إىل األرض حكما عدًل‬
‫فيكسر الصليب ويقتل اخلنـزير ويقضي على الدجـال كما دلت على ذلك النصوص من الكتاب‬
‫والسنة‪ .‬أما الكتاب فيقـول هللا تعاىل‪( )7( }            { :‬الزخرف‪ ،)61 :‬وقد‬

‫)‪ (1‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2230‬أبو داود املهدي (‪. )4282‬‬


‫)‪ (2‬سنن أيب داود ‪ 306 / 4‬برقم (‪ ، )4282‬واللفظ له ‪ ،‬وسنن الرتمذي ‪ 505 / 4‬برقم (‪ ، )2230‬وقال الرتمذي‬
‫حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫)‪ (3‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2940‬أمحد (‪. )166/2‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )2940‬‬
‫)‪ (5‬البخاري اجلهاد والسري (‪ ، )2892‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪. )2931‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3057‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )169‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (7‬سورة الزخرف آية ‪. 61 :‬‬

‫‪200‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫استدل هبذه اآلية علـى نـزول عيسى كثري من املفسرين وينقل هذا عن ابن عباس على ما أخرج‬
‫أمحد يف مسنده عن ابن عباس رضي هللا عنهما يف تفسري هذه اآلية قـال‪{ :‬هو خروج عيسى‬

‫ابن مرمي عليه السالم قبل يوم القيامة} (‪ . )2( )1‬كما دلت على نـزول عيسى عليه السالم‬
‫ففي الصحيحـني مـن حديث أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪‬‬
‫األحاديث الصحيحة‪ِّ :‬‬
‫{والـذي نفسـي بيـده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مرمي حكما عدًل فيكسر الصليب ويقتل‬
‫اخلنـزير‪ ،‬ويضع اجلزية ويفيض املال حىت ًل يقبله أحـد‪ ،‬حىت تكـون السجدة الواحدة خريا من‬
‫الدنيا وما فيها} (‪. )4( )3‬‬
‫العالمة الرابعة‪ :‬خروج أيجوج ومأجوج‪ :‬وهم خلق كثري ًل يدين ألحد بقتاهلم قيل إهنم‬
‫من ولد ايفث من ولد نوح عليه السالم وقـد دل علـى خروجهم الكتاب والسنة‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ ‪             ‬‬

‫‪( )5( }         ‬األنبياء‪ .)97 ،96 :‬وأخرج الشيخان عن زينب‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫بنـت جحش رضي هللا عنها أن رسول هللا ‪ ‬دخل عليها يوما فزعا يقـول‪ً{ :‬ل إله إًل هللا‬
‫ويل للعرب من شر قد اقرتب فتح من ردم أيجوج ومأجوج مثل هذه " وحلق أبصبعه اإلهبام‬
‫واليت تليها} (‪ )7( ) " .. )6‬احلديث‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمحد (‪. )318/1‬‬


‫)‪ (2‬املسند ‪. 318 / 1 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3264‬مسلم اإلميان (‪ ، )155‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2233‬أبو داود املالحم‬
‫(‪ ، )4324‬ابن ماجه الفنت (‪ ، )4078‬أمحد (‪. )483/2‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )2222‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )155‬واللفظ ملسلم ‪.‬‬
‫)‪ (5‬سورة األنبياء آية ‪. 97 ، 96 :‬‬
‫)‪ (6‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3168‬مسلم الفنت؛ وأشراط الساعة (‪ ، )2880‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2187‬ابن‬
‫ماجه الفنت(‪ )3953‬أمحد (‪. )429/6‬‬
‫)‪ (7‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3346‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2880‬‬

‫‪201‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫العالمة اخلامسة‪ :‬هدم الكعبة وسلب حليها على يد ذي السويقتني مـن احلبشة كما‬
‫صحت بذلك السنة‪ .‬فقد أخرج الشيِّخان مـن حديـث أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪:‬‬
‫{خيرب الكعبة ذو السويقتني من احلبشـة} (‪ . )2( )1‬وروى اإلمام أمحد بسند صحيح عن‬

‫عبد هللا بن عمرو أنه مسع رسـول هللا ‪ ‬يقول‪{ :‬خيرب الكعبة ذو السويقتني من احلبشة‪،‬‬
‫ويسلبها حليها وجيردها من كسوهتا‪ ،‬ولكأين أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها مبسحاته‬
‫ومعوله} (‪. )4( )3‬‬
‫العالمة السادسة‪ :‬الدخان‪ :‬وهو انبعاث دخان عظيم من السماء يغشى الناس ويعمهم‪،‬‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫وقد دل على ذلك الكتاب والسنة‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }     ‬الدخان‪ .)11 ،10 :‬ومن السنة حديث حذيفة‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫بن أسيد املتقدم عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬إهنا لن تقوم حىت تروا قبلها عشر آايت فذكر‬

‫الدخـان والدجـال والدابة} (‪ )7( )6‬احلديث‪.‬‬


‫العالمة السابعة‪ :‬رفع القرآن من األرض إىل السماء فال يبقى منه آيـة يف سطر وًل صدر‬
‫إًل رفعت‪ .‬وقد دلت على ذلك السنة فقد أخرج ابـن ماجه واحلاكم من حديث حذيفة عن‬

‫)‪ (1‬البخاري احلج (‪ ، )1514‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2909‬النسائي مناسك احلج (‪ ، )2904‬أمحد‬
‫(‪. )220/2‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1591‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2909‬‬
‫)‪ (3‬البخاري احلج (‪ ، )1514‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2909‬النسائي مناسك احلج (‪ ، )2904‬أمحد‬
‫(‪. )220/2‬‬
‫)‪ (4‬املسند ‪. 220 / 2 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة الدخان آية ‪. 11 ، 10 :‬‬
‫)‪ (6‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2901‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2183‬أبو داود املالحم (‪ ، )4311‬ابن ماجه الفنت‬
‫(‪ ، )4055‬أمحد (‪. )7/4‬‬
‫)‪ (7‬صحيح مسلم برقم (‪. )2901‬‬

‫‪202‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬يدرس اإلسـالم كما يدرس وشي الثوب حىت ًل يدرى ما صيام وًل صـالة‬

‫وًل نسـك‪ ،‬وليسرى على كتاب هللا ‪ ‬يف ليلة فال يبقى يف األرض منـه آيـة} (‪. )2( ) ... )1‬‬
‫العالمة الثامنة‪ :‬طلوع الشمس من مغرهبا‪ .‬وقد دلت على هذه اآلية النصوص من‬
‫{ ‪           ‬‬ ‫الكتاب والسنة‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }   ‬األنعام‪ .)158 :‬فقد ذهب مجع من املفسرين إىل أن‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬

‫بعض آايت ربك‪ ،‬هي طلوع الشمس من مغرهبا‪ .‬قال الطربي بعد ذكره أقوال املفسرين يف‬
‫اآلية‪( :‬وأوىل األقوال ابلصواب يف ذلك ما تظاهرت به األخبار عن رسـول هللا ‪ ‬أنه قال‬
‫ذلك حني تطلع الشمس من مغرهبا) (‪ )4‬وروى الشيخان من حديث أيب هريرة ‪ ‬أن رسول‬
‫هللا ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل تقوم الساعة حىت تطلع الشمس من مغرهبا فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا‬
‫نفسا إمياهنا مل تكن آمنت من قبل أو كسبت يف إمياهنا‬
‫أمجعون فذاك حني ًل ينفع ً‬
‫خريا} (‪. )6( )5‬‬
‫ً‬
‫العالمة التاسعة‪ :‬خروج الدابة‪ :‬وهي خملوق عظيم قيل إن طوهلا ستون ذر ً‬
‫اعا ذات قوائم‬
‫ووبر‪ ،‬وقيل هي خمتلفة اخللقة تشبه عدة من احليواًنت وقد دل الكتاب والسنة على خروجها‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫قبل قيام الساعة‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )7( }             ‬النمل‪ .)82 :‬وروى مسلم عن أيب هريرة ‪‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬ابن ماجه الفنت (‪. )4049‬‬


‫)‪ (2‬سنن ابن ماجه ‪ ، 1344 / 2‬برقم (‪ ، )4049‬واملستدرك للحاكم ‪ 473 / 4‬وقال ‪ :‬صحيح على شرط مسلم‬
‫ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنعام آية ‪. 158 :‬‬
‫)‪ (4‬تفسري ابن جرير ج‪. 97 / 8‬‬
‫)‪ (5‬البخاري الرقاق (‪ ، )6141‬مسلم اإلميان (‪. )157‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )4636‬وصحيح مسلم برقم (‪. )157‬‬
‫)‪ (7‬سورة النمل آية ‪. 82 :‬‬

‫‪203‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫قال‪ :‬قال رسول هللاّ ‪( ‬ثالث إذا خرجن ًل ينفع ً‬


‫نفسا إمياهنا مل تكن آمنت مـن قبل أو‬
‫خريا‪ ،‬طلوع الشمس من مغرهبا والدجال ودابـة األرض) (‪ . )1‬وأخرج اإلمام‬
‫كسبت يف إمياهنا ً‬
‫أمحد عن أيب أمامة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬خترج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم مث‬
‫يغمرون فيكم حىت يشـرتي الرجل البعري فيقول ممن اشرتيته فيقول‪ :‬من أحد‬
‫املخطمني} (‪ )3( )2‬وقد صحـح سند احلديث اهليثمي وغريه من احملدثني‪.‬‬
‫العالمة العاشرة‪ :‬خروج انر عظيمة خترج من عدن حتشر النـاس إىل حمشرهم وهي آخر‬
‫العالمات العظام‪ .‬وقد دلت على هذه العالمة السـنة كـما جاء يف حديث حذيفة بن أسيد‬
‫املتقدم والذي أخرجه مسلم وفيـه‪{ :‬وآخر ذلك ًنر خترج من اليمن تطرد الناس إىل‬

‫حمشرهم} (‪ . )5( )4‬ويف رواية مـن حديث حذيفة {وًنر خترج من قعرة عدن ترحل‬

‫الناس} (‪. )6‬‬


‫فهذه األمارات أعظم أشراط الساعة اليت تقع قبل قيامها فإذا انقضـت قامـت الساعة إبذن‬
‫هللا تعاىل وقد ورد أن هذه األمارات متتابعـة كتتـابع اخلرز يف النظام فإذا ظهرت إحداها تبعتها‬
‫األخرى‪ .‬روى الطـرباين يف األوسط عن أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬خروج اآلايت‬

‫بعضها علـى إثر بعض‪ ،‬يتتابعن كما تتابع اخلرز يف النظام} (‪. )7‬‬

‫)‪ (1‬صحيح مسلم برقم (‪. )158‬‬


‫)‪ (2‬أمحد (‪. )268/5‬‬
‫)‪ (3‬املسند ‪. 268 / 5 :‬‬
‫)‪ (4‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2901‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2183‬أبو داود املالحم (‪ ، )4311‬ابن ماجه الفنت‬
‫(‪ ، )4055‬أمحد (‪. )7/4‬‬
‫)‪ (5‬صحيح مسلم برقم (‪. )2901‬‬
‫)‪ (6‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2901‬الرتمذي الفنت (‪ ، )2183‬أبو داود املالحم (‪ ، )4311‬ابن ماجه الفنت‬
‫(‪ ، )4055‬أمحد (‪. )7/4‬‬
‫)‪ (7‬املعجم الوسيط ‪ ، 148 /5 :‬برقم (‪. )4283‬‬

‫‪204‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‬
‫نعيم القرب وعذابه‬

‫وحبث هذا املوضوع يتم من خالل ثالثة مطالب ‪:‬‬


‫املطلب األول‪ :‬اإلميان بنعيم القرب وعذابه وأدلة ذلك‬
‫اإلميان بنعيـم القرب ألهل الطاعة وبعذاب القرب ملن كان مستحقا له مـن أهل املعصية‬
‫والفجور من أصول اإلميان اليت دلت عليهـا نصوص الكـتـاب والسنة‪.‬‬
‫‪    ‬‬ ‫فمن أدلة الكتاب على نعيم القرب قول هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }   ‬إبراهيم‪ ،)27 :‬فدلت اآلية علـى تثبيت هللا تعاىل‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪   ‬‬

‫للمؤمنني عند السؤال يف القرب وما يتبع ذلك من النعيـم‪ .‬أخرج البخاري من حديث الرباء بن‬
‫عازب رضي هللا عنهما عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬إذا أقعد املؤمن يف قربه أيت مث شهد أن ًل إله‬

‫‪    ‬‬ ‫إًل هللا وأن حممـدا رسول هللا فذلك قوله‪{ :‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ . )3( })2( }‬ودليل عذاب القرب من القرآن قول هللا تعاىل‪{ :‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪( )4( } ‬غافر‪ ،)46 ،45 :‬قال القرطيب‪( :‬اجلمهور علـى أن هذا العرض‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫يكون يف الربزخ وهو حجة يف تثبيت عذاب القـرب)‪ .‬وقـال احلافـظ ابن كثري‪( :‬وهذه اآلية أصل‬
‫كبري يف استدًلل أهل السنة علـى عذاب الربزخ يف القبور) (‪. )5‬‬

‫)‪ (1‬سورة إبراهيم آية ‪. 27 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة إبراهيم آية ‪. 27 :‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪. )1369‬‬
‫)‪ (4‬سورة غافر آية ‪. 46 ، 45 :‬‬
‫)‪ (5‬تفسري ابن كثري ح‪. 136 / 7‬‬

‫‪205‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫كما دل على عذاب القرب من القرآن أيضا قوله تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }    ‬التوبة‪ ،)101 :‬فقد استدل هبا كثري من السـلف على عذاب‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫القرب‪ ،‬فعن جماهد أنه قال يف تفسري اآلية‪( :‬بـاجلوع وعـذاب القرب‪ ،‬قال‪ " :‬مث يردون إىل عذاب‬
‫عظيم " يوم القيامة)‪ .‬وعن قتادة قـال‪( :‬عذاب الدنيا وعذاب القرب مث يردون إىل عذاب عظيم)‪،‬‬
‫وقد استدل هبذه اآلية واليت قبلها على عذاب القرب اإلمام البخاري يف ترمجته لألحـاديث يف‬
‫عذاب القرب (‪. )2‬‬
‫وأما ما جاء يف السنة من األدلة على نعيم القرب وعذابه فكثري جدا مـن ذلك ما جاء يف‬
‫الصحيحني من حديث عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬إن أحدكم‬
‫إذا مات عرض عليـه مقعـده بـالغداة والعشي إن كان من أهل اجلنة فمن أهل اجلنة وإن كان‬
‫من أهل النار فمـن أهل النار فيقال هذا مقعدك حىت يبعثك هللا يوم القيامة} (‪ . )4( )3‬ويف‬

‫صحيـح مسلم من حديث أنس ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬لوًل أن ًل تدافنوا لدعـوت هللا أن‬

‫يسمعكـم من عذاب القرب} (‪ . )6( )5‬واألدلة على هذا كثرية من الكتـاب والسنة وقد ذكرت‬
‫ما يستدل به يف إثبات عذاب القرب ونعيمه‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة التوبة آية ‪. 101 :‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري ابب ما جاء يف عذاب القرب ‪ ،‬فتح الباري (‪. )231 / 3‬‬
‫)‪ (3‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1313‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2866‬الرتمذي اجلنائز (‪ ، )1072‬النسائي‬
‫اجلنائز (‪ ، )2070‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4270‬أمحد (‪ ، )113/2‬مالك اجلنائز (‪. )564‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1379‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2866‬‬
‫)‪ (5‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2868‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2058‬أمحد (‪. )175/3‬‬
‫)‪ (6‬صحيح مسلم برقم (‪. )2868‬‬

‫‪206‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬وقوع نعيم القرب وعذابه على الروح واجلسد معا‬
‫نعيم القرب وعذابه يكون للروح والبدن مجيعا‪ ،‬فتنعم الروح أو تعـذب متصلة ابلبدن فيكون‬
‫النعيم والعذاب عليهما مجيعا كما أنه قد تنعم الـروح أو تعذب أحياًن منفصلة عن البدن‪،‬‬
‫فيكون النعيم أو العذاب للروح منفـردا عن البدن‪ .‬وقد دلت على هذا النصوص وعليه اتفق‬
‫أهل السنة واجلماعـة‪ ،‬خالفا ملن زعم أن عذاب القرب ونعيمه يكون للروح فقط على كل حـال‬
‫وًل يتعلق ابلبدن‪.‬‬
‫فمن األدلة على ذلك حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخـاري أن رسول هللا ‪‬‬
‫قال‪{ :‬إن العبد إذا وضع يف قربه وتوىل عنه أصحابه وإنـه ليسمع قرع نعاهلم أاته ملكان‬
‫اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلِّّم) فأما املؤمن‬
‫صلَّى َّ‬
‫فيقعدانه فيقوًلن‪ :‬ما كنت تقـول يف هـذا الرجل ( حملمد َ‬
‫فيقول‪ :‬أشهد أنه عبد هللا ورسوله فيقال لـه انظر إىل مقعدك من النار قد أبدلك هللا به مقعدا‬
‫من اجلنة فريامها مجيعـا‪ .‬وأما املنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول يف هذا الرجـل ؟ فيقـول‪ً :‬ل‬
‫أدري كنت أقول ما يقول الناس‪ ،‬فيقال‪ً :‬ل دريت وًل تليت‪ ،‬ويضـرب مبطارق من حديد ضربة‬
‫فيصيح صيحة يسمعها من يليه غري الثقلني} (‪. )2( )1‬‬
‫ويف حديث الـرباء بن عازب الطويل الذي أخرجه أمحـد وأبـو داود واحلاكـم وغريهم مرفوعا‬
‫للنيب ‪ ‬قال بعد أن ذكر خـروج الـروح وصعود روح املؤمن إىل السماء‪{ :‬فتعاد روحه يف‬

‫احلديث‪ ،‬وقد صحـح هـذا‬ ‫(‪)4( )3‬‬


‫جسده فيأتيـه ملكـان فيجلسانه فيقوًلن له من ربك}‬
‫احلديـث احلاكـم وغريه‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1308‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2870‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2051‬أبو داود‬
‫السنة (‪ ، )4751‬أمحد (‪. )126/3‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )1338‬‬
‫)‪ (3‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2871‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3120‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2057‬أبو‬
‫داود السنة (‪ ، )4753‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4269‬أمحد (‪. )288/4‬‬
‫)‪ (4‬مسند اإلمام أمحد ‪ ، 287 /4‬وسنن أيب داود ‪ 75 /5‬برقم (‪ ، )4753‬واملستدرك ‪. 38 -37 /1 :‬‬

‫‪207‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فدل احلديثان على وقوع النعيم أو العذاب يف القرب على الروح واجلسـد مجيعا ففي قول‬
‫النيب ‪{ ‬إن العبد إذا وضع يف القرب} (‪ )1‬دًللة ظاهرة علـى هذا إذ لفظ (العبد) مسمى‬
‫للروح واجلسد مجيعا‪ ،‬وكذلك تصرحيه إبعـادة الروح إىل اجلسد عند السؤال كما يف حديث‬
‫الرباء بن عازب هذا مع مـا جاء يف احلديثني من األلفاظ اليت هي من صفات اجلسد كقوله‪:‬‬
‫{فيصيح‬ ‫(‪)3‬‬
‫{يسـمع قرع نعاهلم} (‪( )2‬فيقعدانه)‪{ ،‬ويضرب مبطارق من حديد}‬

‫صيحـة} (‪ ، )4‬فإن هذا كله يفيد أن ما حيصل يف القرب من النعيم أو العذاب متعلق بـالروح‬
‫واجلسد مجيعهما‪.‬‬
‫هذا مع أنه قد جاء يف بعض النصوص ما يفيد أن النعيم أو العذاب قـد يقع على الروح‬
‫منفردة يف بعض األحوال على ما جاء يف حديث عبد هللا بـن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال‬
‫رسول هللا ‪{ ‬ملا أصيب إخوانكـم يعين يوم أحد ‪ -‬جعل هللا أرواحهم يف أجواف طري خضر‬

‫ترد أهنار اجلنة وتـأكل من مثارها وأتوي إىل قناديل من ذهب يف ظل العرش} (‪. )6( )5‬‬
‫فتلخص من هذا أن النعيم والعذاب يقع على الروح واجلسد مجيعا يف القـرب وقد تنفرد الروح‬
‫هبذا أحياًن‪ .‬قال بعض األئمة احملققني يف السنة يف تقريـر هذه املسألة‪( :‬والعذاب والنعيم على‬
‫النفس والبدن مجيعا ابتفاق أهل السـنة واجلماعة‪ ،‬تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن‪،‬‬
‫وتعذب متصلة بـالبدن والبدن متصل هبا‪ ،‬فيكون النعيم والعذاب عليهما يف هذه احلال جمتمعتـني‬
‫كما يكون للروح منفردة عن البدن)‪.‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي اجلنائز (‪ ، )1046‬أبو داود اجلنائز (‪ ، )3213‬أمحد (‪. )27/2‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1273‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2870‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2051‬أبو داود‬
‫اجلنائز (‪ ، )3231‬أمحد (‪. )126/3‬‬
‫)‪ (3‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1308‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2051‬أبو داود السنة (‪ ، )4751‬أمحد (‪. )126/3‬‬
‫)‪ (4‬البخاري اجلنائز (‪ ، )1273‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2051‬أبو داود السنة (‪ ، )4751‬أمحد (‪. )126/3‬‬
‫)‪ (5‬أبو داود اجلهاد (‪ ، )2520‬أمحد (‪. )266/1‬‬
‫)‪ (6‬أخرجه أمحد يف املسند ‪ ، 266 / 1‬واحلاكم يف املستدرك ‪ ، 297 ، 88 / 2‬وصححه ووافقه الذهيب ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اإلميان ابمللكني منكر ونكري‬


‫تقدم يف مبحث املالئكة ذكر منكر ونكري وأهنما امللكـان املوكـالن بسؤال امليت يف قربه يف‬
‫معرض احلديث عن وظائف املالئكة‪ .‬والقصد هنـا تقرير اإلميان هبما إمياًن مفصال وما حيصل‬
‫منهما من فتنة املقبورين إذ تقريـر هذا هنا فرع عن اإلميان بنعيم القرب وعذابه يف اجلملة‪.‬‬
‫وقد دلت األحاديث الصحيحة على وصف هذين امللكني وسؤاهلما أهل القبور بعد الدفن‬
‫كما جاء يف احلديث الذي أخرجه الرتمذي وابن حبـان عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫هللا ‪{ ‬إذا قـرب امليـت أو قـال أحدكـم ‪ -‬أاته ملكان أسودان أزرقان يقال ألحدمها املنكر‬
‫واآلخر النكـري‪ ،‬فيقوًلن ما كنت تقول يف هذا الرجل‪ ،‬فيقول‪ :‬ما كان يقول هو عبـد هللا‬
‫ورسوله‪ ،‬أشهد أن ًل إله إًل هللا وأن حممدا عبده ورسوله‪ ،‬فيقوًلن‪ :‬قد كنا نعلم أنك تقول هذا‬
‫مث يفسح له يف قربه سبعون ذرعا يف سـبعني‪ ،..‬وإن كان منافقا قال‪ :‬مسعت الناس يقولون‬
‫فقلت مثله ًل أدري‪ :‬فيقوًلن‪ :‬قـد كنا نعلم أنك تقول ذلك‪ ،‬فيقال لألرض التئمي عليه فتلتئم‬
‫عليه فتختلـف أضالعه فال يزال فيها معذاب حىت يبعثه هللا من مضجعه ذلك} (‪ . )2( )1‬وقـد‬
‫دل على سؤال امللكني أيضا حديث أنس املتقدم يف املطلب السابق‪.‬‬
‫فيجب اإلميان مبا دلت عليه األحاديث من اسـم امللكـني ووصفـهما وسؤاهلما املقبورين‬
‫وكيفية ذلك وما جييب به املؤمن وما جييب به املنـافق وما يعقب ذلك من النعيم أو العذاب‬
‫على التفصيل الـذي جـاءت بـه األحاديث‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء هل السؤال يف القرب خاص هبذه األمة كما ذهـب لذلك البعض أم‬
‫أنه عام يف كل األمم كما هو قول فريق آخر مـن أهـل العلم‪ ،‬والذي يظهر من النصوص عدم‬
‫اختصاص هذه األمة به بل هو عـام يف كل األمم وعلى هذا أكثر احملققني من أهل العلم وهللا‬
‫تعاىل أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي اجلنائز (‪. )1071‬‬


‫)‪ (2‬سنن الرتمذي ‪ ، 383 / 3‬برقم (‪ ، )1071‬وقال حديث حسن غريب واإلحسان يف تقرير ب صحيح ابن حبان ‪:‬‬
‫‪ ، 386 / 7‬برقم (‪. )3117‬‬

‫‪209‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‬
‫اإلميان ابلبعث‬
‫اإلميان ابلبعث من أعظم أصول اإلميان يف هذا الدين وهو مشتمل علـى جوانب متعددة‬
‫مما دلت عليه النصوص يف هذا الباب‪ ،‬وسيكون حبثه هنـا من خالل عدة مطالب جتلي حقيقته‬
‫وتربز أمهية اإلميان به وما جيب علـى املؤمن أن يؤمن به من أحواله وأحداثه‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬معىن البعث وحقيقته‬
‫البعث يف كالم العرب أييت على وجهني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬اإلرسـال‪ ،‬ومنـه قولـه تعـاىل‪( )1( }               { :‬األعراف‪:‬‬
‫‪ ،)103‬أي‪ :‬أرسلنا‪.‬‬
‫والثـاين‪ :‬اإلاثرة والتحريك‪ ،‬تقول بعثت البعري فانبعث أي أثرته فثـار‪ ،‬ومنـه بعث املوتى‬
‫‪... )2( }        ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وذلك إبحيائهم وإخراجهم من قبورهم‪ .‬قال تعـاىل‪  { :‬‬
‫‪     ‬‬

‫اآلية (البقرة‪ )56 :‬أي‪ :‬أحييناكـم‪.‬‬


‫والبعث يف الشرع‪ :‬هو إحياء هللا للموتى وإخراجهم من قبورهم‪.‬‬
‫وحقيقة البعث‪ :‬أن هللا تعاىل جيمع أجساد املقبورين اليت حتللت ويعيدهـا بقدرته كـما كانت‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫مث يعيد األرواح إليها ويسوقهم إىل حمشـرهم لفصـل القضاء‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪                  ‬‬

‫‪( )3( }      ‬يس‪.)79 ،78 :‬‬


‫‪‬‬

‫وعن حذيفة ‪ ‬أنه قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬إن ً‬


‫رجال حضره املـوت ملا أيس من احلياة‬
‫ًنرا حىت إذا أكلت حلمي وخلصت إىل‬
‫كثريا مث أوروا ً‬
‫أوصى أهله‪ :‬إذا مت فامجعوا يل حطبًا ً‬

‫)‪ (1‬سورة األعراف آية ‪. 103 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة البقرة آية ‪. 56 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة يس آية ‪. 79 ، 78 :‬‬

‫‪210‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫عظمي فخذوها فاطحنوها فـذروين يف اليم يف يوم حار أو راح فجمعه هللا فقال‪ :‬مل فعلت ؟‬
‫قال‪ :‬خشيتك‪ ،‬فغفـر له} (‪. )2( )1‬‬
‫فدلـت اآلية واألحاديث على أن هللا تعاىل يعيد األجساد نفسها وجيمـع رفاهتا املتحلل حىت‬
‫تعود كما كانت فيعيد إليها أرواحها فسبحان مـن ًل يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير‪.‬‬
‫وقد جاء يف السنة بيان كيفية البعث وأن هللا ينزل إىل األرض مـاءً فينبت به أهل القبور‬
‫كما ينبت العشب وقد دل على ذلـك حديـث أيب هريرة الذي أخرجه الشيخان {أن رسول‬
‫شهرا ؟‬ ‫هللا ‪ ‬قال‪( :‬ما بـني النفختـني أربعون) قال‪ :‬أربعون ً‬
‫يوما‪ .‬قال‪ :‬أبـَْيت‪ ،‬قال‪ :‬أربعون ً‬
‫قال‪ :‬أبيـت‪ ،‬قال‪ :‬أربعون سنة ؟ قال‪ :‬أبيت‪ ،‬قال‪( :‬مث ينـزل هللا من السماء ماء فينبتـون كما‬
‫احدا‪ ،‬وهـو عجب الذنب ومنه يركب‬
‫عظما و ً‬
‫ينبت البقل ليس من اإلنسان شيء إًل يبلى إًل ً‬
‫اخللق يوم القيامة} (‪ . )4( )3‬فقد دل هذا احلديث على كيفية البعث وأن أهل القبور يبقون‬
‫يف قبورهم أربعني بني النفختني ومهـا نفخة اإلماتة ونفخة البعث ومل جيزم الراوي بتحديد األربعني‬
‫شهرا أو سنة على أنه جاء يف بعض الرواايت أهنـا أربعون‬
‫يوما أو ً‬
‫ما هي وهـل املراد أربعون ً‬
‫مطرا من السماء‪ .‬جاء يف بعض الرواايت أنه مثل مين‬
‫سنة‪ .‬مث إذا أراد هللا بعث اخلالئق أنزل ً‬
‫الرجال فينبت أهل القبور من ذلك املاء كمـا ينبت العشب بعد أن فتت أجسادهم إًل عجب‬
‫الذنب وهذا خبالف األنبياء فإن أجسادهم ًل تبلى كما تقدم تقريره فتبني هبذا حقيقة البعـث‬
‫ووقتـه وكيفيته وهللا أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3292‬النسائي اجلنائز (‪. )2080‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )3479‬‬
‫)‪ (3‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4651‬مسلم الفنت وأشراط الساعة (‪ ، )2955‬النسائي اجلنائز (‪ ، )2077‬أبو داود‬
‫السنة (‪ ، )4743‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4266‬أمحد (‪ ، )315/2‬مالك اجلنائز (‪. )565‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )4935‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2955‬‬

‫‪211‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أدلة البعث من الكتاب والسنة والنظر‬


‫الكتاب والسنة على بعث هللا تعاىل لألموات وجاء تقريره يف مواطن كثرية من كتاب‬
‫ُ‬ ‫َد ّل‬
‫هللا وسنة رسوله ‪. ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫فمن الكتاب قولـه تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪  ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )1( }‬البقرة‪ ،)56 :‬وقوله ‪‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪             ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )2( }  ‬لقمان‪ ،)28 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )3( }    ‬التغابن‪.)7 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬

‫ومـن السـنة حـديـث أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قـال‪ً{ :‬ل تفضلـوا بني أنبيـاء هللا فإنه‬
‫ينفخ يف الصور فيصعق مـن يف السماوات ومن يف األرض إًل من شـاء هللا قال‪ :‬مث ينفخ فيه‬
‫مرة أخرى فـأكون أول من بعث أو يف أول من بعث فإذا موسى آخذ ابلعرش} (‪. )5( ) .. )4‬‬

‫ويف حديث أيب سعيد اخلدري ‪ ‬يف الصحيحني‪{ :‬فـأكون أول مـن تنشـق عنـه‬

‫األرض} (‪ .)7( )6‬فدل احلديثان على بعث هللا تعاىل لألموات يوم القيامـة مـن قبـورهم إىل‬
‫أرض احملشـر وفيهمـا فضيلـة للنيب ‪ ‬لكونه أول مـن يبعث‪.‬‬
‫كما دل النظر الصحيح على تقرير البعث وذلك أن البعث هو إعـادة للخلق ومعلوم لكل‬
‫مقررا للبعث‬
‫عاقل أن اإلعادة للشيء أهون من إنشائه وابتدائه وهلـذا قال هللا تعاىل يف كتابه ً‬
‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 56 :‬‬
‫)‪ (2‬سورة لقمان آية ‪. 28 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة التغابن آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3233‬مسلم الفضائل (‪ ، )2373‬الرتمذي تفسري القرآن (‪ ، )3245‬أبو داود‬
‫السنة (‪ ، )4671‬أمحد (‪. )264/2‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3414‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )2373‬وغريمها ‪.‬‬
‫)‪ (6‬البخاري اخلصومات (‪. )2281‬‬
‫)‪ (7‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )2412‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2278‬‬

‫‪212‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ووقوعه إببداء خلق اإلنسان ونشـأته األوىل وأبن القادر على اًلبتداء قادر على اإلعادة من‬
‫‪    ‬‬ ‫بـاب أوىل‪ ،‬فقال املعرتض على البعث كما حكى هللا عنه‪{ :‬‬

‫‪( )2( }            ‬يس‪،)79 :‬‬


‫‪     ‬‬ ‫(يس‪ ،)78 :‬قال تعاىل‪  { :‬‬
‫‪  ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪}  ‬‬

‫‪( )3( }    ‬الروم‪.)27 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫وقال تَعـاىل‪  { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫فهذا دليل شرعي عقلـي من كتاب هللا للرد على كل معاند مكذب ابلبعث‪ ،‬وهو دليل ًل‬
‫يسـتطيع رده‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬احلشر‬


‫دلت النصوص على حشر العباد بعد بعثهم إىل أرض احملشر حفاة عـراة غرًل قال تعاىل‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫{ ‪     ‬‬ ‫‪( )4( }                    ‬الكهف‪ ،)47 :‬وقـال تعاىل‪:‬‬
‫{ ‪ ‬‬

‫‪( )5( }          ‬إبراهيم‪.)48 :‬‬


‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وعن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬مسعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪{ :‬حيشـر الناس يوم القيامة‬
‫(‪)6‬‬
‫مجيعا‪ ،‬ينظر بعضهم إىل بعض ؟‬
‫حفاة عراة غُْرًل ) قلت‪ :‬اي رسول هللا! النساء والرجـال ً‬
‫قال ‪( ‬اي عائشة األمر أشد من أن ينظر بعضهم إىل بعض} (‪. )7‬‬

‫)‪ (1‬سورة يس آية ‪. 78 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة يس آية ‪. 79 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الروم آية ‪. 27 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الكهف آية ‪. 47 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة إبراهيم آية ‪. 48 :‬‬
‫)‪ (6‬غرًل ‪ :‬غري خمتونني ‪.‬‬
‫)‪ (7‬متفق عليه ‪ :‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6527‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2859‬‬

‫‪213‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وهذا احلشر عام جلميع اخلالئق‪ .‬وقد دلت النصوص أن هناك حشـرا آخر إما يف اجلنة‬
‫{ ‪‬‬ ‫وإما يف النار فيحشر املؤمنون إىل اجلنة وفدا والوفد هـم القائمون الركبان‪ .‬قال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }                    ‬مرمي‪.)85 :‬‬

‫‪     ‬‬ ‫أخرج الطربي عن علي ‪ ‬يف قولـه تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪ )2( }‬قال‪( :‬أما وهللا ما حيشر الوفد على أرجلهم‪ ،‬وًل يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق‬
‫مل ير اخلالئق مثلها‪ ،‬عليها رحـال الذهـب‪ ،‬وأزمتها الزبرجد فريكبون عليها حىت يضربوا أبواب‬
‫اجلنة) (‪ . )3‬وأما الكفـار فإهنم حيشرون إىل النار على وجوههم عميا وبكما وصما‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬
‫‪          ‬‬ ‫{‬

‫‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪( )4( }‬الفرقان‪ .)34 :‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )5( }  ‬اإلسراء‪.)97 :‬‬


‫‪ ‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬احلوض‪ ،‬صفته وأدلته‬


‫احلوض مورد عظيم أعطاه هللا لنبينا حممد ‪ ‬يف احملشر يرده هو وأمتـه‪ .‬جاء وصفه يف‬
‫النصوص أنه أشد بياضا من اللنب‪ ،‬وأبرد من الثلج‪ ،‬وأحلـى من العسل‪ ،‬وأطيب رحيا من‬
‫املسك‪ ،‬وهو يف غاية اًلتساع‪ ،‬عرضه وطولـه سواء‪ ،‬كل زاوية من زواايه مسرية شهر‪ ،‬ميد ماؤه‬
‫من اجلنة‪ ،‬فيه ميزاابن ميدانه من اجلنة‪ ،‬أحدمها من ذهب واآلخر من فضة‪ ،‬وآنيته كعـدد جنوم‬
‫السماء‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة مرمي آية ‪. 85 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة مرمي آية ‪. 85 :‬‬
‫)‪ (3‬تفسري الطربي (‪. )380 / 8‬‬
‫)‪ (4‬سورة الفرقان آية ‪. 34 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة اإلسراء آية ‪. 97 :‬‬

‫‪214‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وقد دل على ثبوت احلوض وأنه حق كثري من األحاديث الصحيحة ذكر بعض احملققني‬
‫أهنا تبلغ حد التواتر ورواها عن النيب ‪ ‬بضعة وثالثـون صحابيًّا‪ .‬منها حديث أنس بن مالك‬
‫أن رسول هللا ‪ ‬قـال‪{ :‬إن قـدر حوضي كما بني أيلة إىل صنعاء من اليمن وإن فيه من‬

‫األابريق كعدد جنـوم السماء} (‪ . )2( )1‬وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص قال‪ :‬قـال رسـول‬

‫هللا ‪{ ‬حوضي مسرية شهر وزواايه سواء ماؤه أبيض من اللنب‪ ،‬ورحيه أطيب مـن املسك‪،‬‬

‫أبدا} (‪. )4( )3‬‬


‫وكيزانه كنجوم السماء من يشرب منها فال يظمأ ً‬
‫واحلوض يكون يف أرض احملشر وميد ماؤه من الكوثر وهو هنـر آخـر أعطاه هللا لنبينا ‪ ‬يف‬
‫‪( )5( }       ‬الكوثر‪ .)1 :‬وقـد اختلف أهل العلم يف‬
‫‪   ‬‬ ‫اجلنة قال تعـاىل‪     { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫امليزان واحلوض أيهما يكون قبل اآلخر فقيل املـيزان قبل‪ ،‬وقيل‪ :‬احلوض‪ .‬والصحيح أن احلوض‬
‫قبل‪ .‬قال القرطيب‪ :‬واملعىن يقتضيه فإن الناس خيرجون عطاشا من قبورهم‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬امليزان صفته وأدلته‬
‫مما جيب اإلميان به يف أحداث اليوم اآلخر‪ :‬امليزان‪ .‬وهو ميزان حقيقي له لسان وكفتان‪،‬‬
‫توزن فيه أعمال العباد فريجح مبثقال ذرة من خري أو شـر‪ ،‬وقد دلت األدلة من الكتاب والسنة‬
‫على ثبوت امليزان‪.‬‬
‫‪.. )6( }    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫قال تعاىل‪   { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫{ ‪         ‬‬ ‫اآلية (األنبـياء‪ ،)47 :‬وقال ‪:‬‬

‫)‪ (1‬البخاري الرقاق (‪ ، )6209‬مسلم الفضائل (‪ ، )2303‬الرتمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ، )2442‬ابن ماجه‬
‫الزهد (‪ ، )4304‬أمحد (‪. )230/3‬‬
‫)‪ (2‬متفق عليه ‪ ،‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6580‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2303‬‬
‫)‪ (3‬البخاري الرقاق (‪ ، )6208‬أمحد (‪. )163 /2‬‬
‫)‪ (4‬متفق عليه ‪ ،‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6579‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2292‬‬
‫)‪ (5‬سورة الكوثر آية ‪. 1 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة األنبياء آية ‪. 47 :‬‬

‫‪215‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }              ‬ال َقارعة‪ .)9-6 :‬وأخرج الشيخان عن أيب‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬

‫هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬كلمتـان حبيبتان إىل الرمحن خفيفتان على اللسان ثقيلتان‬

‫يف املـيزان سـبحان هللا وحبمده سبحان هللا العظيم} (‪ . )3( )2‬وروى اإلمام أمحد واحلاكم وغريمها‬

‫عـن ابن مسعود ‪{ ‬أنه تسلق أراكة وكان دقيق الساقني فجعلت الريح تكفـؤه (أي حتركه)‬
‫فضحك القوم فقال رسول هللا ‪( ‬مم تضحكون ؟ ) قالوا‪ :‬اي نيب هللا من دقة ساقيه‪.‬‬
‫صححه احلاكـم ووافقه‬ ‫(‪)5( )4‬‬
‫فقال‪( :‬والذي نفسي بيده هلما أثقل يف امليزان مـن أحد)}‬
‫الذهيب‪.‬‬
‫والذي يوزن يف امليزان ثالثة‪ ،‬وقد دلت على ذلك النصوص‪:‬‬
‫‪ - 1‬األعمال‪ ،‬فقد ثبت أهنا جتسم وتوزن يف امليزان ودل عليه حديـث أيب هريرة‬
‫السابق‪( :‬كلمتان حبيبتان إىل الرمحن‪ ) ...‬احلديث‪.‬‬
‫‪ - 2‬صحف األعمال‪ ،‬وقد دل على ذلك حديث عبد هللا بن عمـرو بن العاص أن رسول‬
‫هللا ‪ ‬قال‪{ :‬إن هللا سيخلص رجال من أميت علـى رؤوس اخلالئق يوم القيامة‪ ،‬فينشر له‬
‫تَسعة وتسعني سجال كل سـجل مثل مد البصر مث يقول‪ :‬أتنكر من هذا شيئًا ؟ أظلمك كتبيت‬
‫احلـافظون ؟ فيقول‪ً :‬ل اي رب‪ .‬فيقول‪ :‬ألك عذر أو حسنة ؟ فيبهت الرجل‪ ،‬فيقول‪ً :‬ل اي‬
‫رب‪ .‬فيقول‪ :‬بلى إن لك عندًن حسنة واحدة‪ً ،‬ل ظلـم عليـك اليوم فتخرج له بطاقة فيها‪:‬‬
‫حممدا رسـول هللا‪ ،‬فيقول‪ :‬فتوضع السجالت يف كفة والبطاقة يف‬
‫أشهد أن ًل إله إًل هللا وأن ً‬

‫)‪ (1‬سورة القارعة آية ‪. 9 - 6 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري التوحيد (‪ ، )7124‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار (‪ ، )2694‬الرتمذي الدعوات (‪، )3467‬‬
‫ابن ماجه األدب (‪ ، )3806‬أمحد (‪. )232/2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7563‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2694‬‬
‫)‪ (4‬أمحد (‪. )421/1‬‬
‫)‪ (5‬مسند اإلمام أمحد ‪ ، 421 -420 / 1‬واملستدرك ‪. 317 / 3‬‬

‫‪216‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫كفة‪ ،‬قال‪ :‬فطاشت السجالت وثقلت البطاقة وًل يثقل شيء بسم هللا الرمحن‬
‫الرحيم} (‪. )2( )1‬‬

‫‪     ‬‬ ‫‪ - 3‬العامل نفسه‪ ،‬وقد دل على وزنه قوله تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬الكهف‪ ،)105 :‬وكذلك حديث عبد هللا بـن مسـعود السابق وأن ساقيه يف امليزان‬
‫أثقل من أحد‪.‬‬

‫املطلب السادس‪ :‬الشفاعة‪ ،‬تعريفها وأنواعها وأدلتها‬


‫الشفاعة يف اللغة‪ :‬الوسيلة والطلب‪ .‬ويف العرف‪ :‬سؤال اخلري للغري‪.‬‬
‫والشفاعة عند هللاّ‪ :‬سؤال هللا التجاوز عن الذنوب واآلاثم للغري‪.‬‬
‫وحقيقتها أن هللا تعاىل بلطفه وكرمه أيذن يوم القيامة لبعض الصاحلني من خلقه من املالئكة‬
‫إظهارا لكرامة‬
‫واملرسلني واملؤمنني أن يشـفعوا عنـده يف بعـض أصحاب الذنوب من أهل التوحيد ً‬
‫الشافعني عنده ورمحـة ابملشفوع فيهم‪.‬‬
‫وًل تصح الشفاعة عند هللا تعاىل إًل بشرطني‪:‬‬
‫{ ‪‬‬ ‫أحدمها‪ :‬إذن هللا تعاىل للشافع أن يشفع‪ ،‬وقد دل على هذا الشرط قوله تعاىل‪:‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )4( }                   ‬الب َقرة‪ .)255 :‬وقولـه تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )5( }   ‬سبأ‪.)23 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2639‬ابن ماجه الزهد (‪ ، )4300‬أمحد (‪. )213/2‬‬


‫)‪ (2‬أخرجه أمحد يف املسند ‪ 213 / 2‬وقوله (بسم هللا) أي مع اسم هللا ‪ ،‬والرتمذي يف السنن ‪ ، 25-24 / 5‬برقم‬
‫(‪ )2639‬واحلاكم يف املستدرك ‪ 529 ، 6 /1‬وصححه ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة الكهف آية ‪. 105 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة البقرة آية ‪. 255 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة سبأ آية ‪. 23 :‬‬

‫‪217‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الثاين‪ :‬رضا هللا عن املشفوع له أن يشفع فيه‪ ،‬وقد دل على هذا الشرط قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }        ‬األنبيـاء‪ .)28 :‬وقـد دلـت النصوص أن هللا ًل يرضى‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫أن يشفع إًل يف أهل التوحيد ملا ثبت يف صحيـح مسلم عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫هللا ‪{ ‬لكـل نيب دعـوة مستجابة فتعجل كل نيب دعوته وإين اختبأت دعويت شفاعة ألمـيت‬

‫يـوم القيامة فهي ًنئلة إن شاء هللا من مات من أميت ًل يشرك بـاهلل شـيئًا} (‪ . )3( )2‬وقال‬

‫تعاىل يف الكفار‪( )4( }                { :‬املدثر‪.)48 :‬‬
‫وقد دلت األدلة من الكتاب والسنة على إثبات الشفاعة عند هللا يـوم القيامة‪ .‬أما الكتاب‬
‫فقد تقدم ذكر بعضها‪ ،‬وأما من السنة فاألحـاديث يف إثبات الشفاعة كثرية منها حديث أيب‬
‫سعيد اخلدري ‪ ‬أن رسـول هللا ‪ ‬قال (‪{ ..‬فيقول هللا تبارك وتعاىل شفعت املالئكة‬
‫وشفع النبيـون وشـفع املؤمنون ومل يبق إًل أرحم الرامحني فيقبض قبضة من النار فيخرج منها‬
‫خريا قط}(‪.)6( )5‬‬
‫وما مل يعملوا ً‬
‫قً‬
‫واألحاديث يف إثبات الشفاعة كثرية جدًّا وقد صرح األئمـة احملققـون بتواترها واشتهارها يف‬
‫كتب الصحاح واملسانيد‪ .‬ففي الصحيحني‪ُ { :‬خيـرج من النار من كان يف قلبه حبة من خردل‬

‫من إميان} (‪. )8( )7‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنبياء آية ‪. 28 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري الدعوات (‪ ، )5945‬مسلم اإلميان (‪ ، )199‬الرتمذي الدعوات (‪ ، )3602‬ابن ماجه الزهد (‪، )4307‬‬
‫أمحد (‪ ، )426/2‬مالك النداء للصالة (‪ ، )492‬الدارمي الرقاق (‪. )2805‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )199‬‬
‫)‪ (4‬سورة املدثر آية ‪. 48 :‬‬
‫)‪ (5‬مسلم اإلميان (‪. )183‬‬
‫)‪ (6‬رواه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ، 94 / 3‬وعبد الرزاق يف املصنف ‪ 410 / 11‬برقم (‪. )20857‬‬
‫)‪ (7‬البخاري اإلميان (‪ ، )22‬مسلم اإلميان (‪. )184‬‬
‫)‪ (8‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7439‬يف حديث طويل ‪ ،‬وصحيح مسلم برقم (‪. )184‬‬

‫‪218‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫أقسام الشفاعة‪:‬‬
‫والشفاعة تنقسم من حيث القبول والرد إىل قسمني‪ :‬مردودة وهي ما فقدت أحد شروط‬
‫الشفاعة السابقة‪ ،‬ومقبولة وهي ما حتققت فيها شـروط الشفاعة‪ .‬وقد ثبت لنبينا حممد ‪‬‬
‫منها مثانية أنواع‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشفاعة العظمى وهي شفاعته ‪ ‬يف أهل املوقف أن يقضي هللا بينهم وهي املقام‬
‫احملمود وهذه الشفاعة مما اختص هبا نبينا ‪ ‬على غريه مـن الرسل صلوات هللا عليهم أمجعني‪.‬‬
‫‪ - 2‬شفاعته ‪ ‬يف قوم تساوت حسناهتم وسيئاهتم فيشفع فيهم أن يدخلـوا اجلنة‪.‬‬
‫‪ - 3‬شفاعته يف أقوام استحقوا النار أن ًل يدخلوها‪.‬‬
‫‪ - 4‬شفاعته ‪ ‬رفع درجات أهل اجلنة يف اجلنة‪.‬‬
‫‪ - 5‬شفاعته ‪ ‬يف أقوام أن يدخلوا اجلنة بغري حساب‪.‬‬
‫‪ - 6‬شفاعته ‪ ‬يف ختفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته يف عمـه أيب طالب‪.‬‬
‫‪ - 7‬شفاعته ‪ ‬يف أهل اجلنة أن يؤذن هلم بدخول اجلنة‪.‬‬
‫‪ - 8‬شفاعته ‪ ‬يف أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن خيرج منها‪.‬‬
‫وقد دلت النصوص الصحيحة على هذه األنواع كلها وهي مبسـوطة يف مواضعها من كتب‬
‫السنة واًلعتقاد‪ .‬وهذه األنواع منها ما هو خاص بـالنيب ‪ ‬كالشفاعة العظمى وشفاعته يف‬
‫عمه أيب طالب وشفاعته يف أهل اجلنـة أن يدخلوها ومنها ما يشاركه فيها غريه من األنبياء‬
‫والصاحلني كالشـفاعة يف أهل الكبائر وغريها من األنواع األخرى على اختالف بني أهل العلم‬
‫يف اختصاصه ببعضها من عدمه‪ ،‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫املطلب السابع‪ :‬الصراط‪ ،‬صفته وأدلته‬


‫الصراط يف اللغة‪ :‬الطريق الواضح‪.‬‬
‫ويف الشرع‪ :‬جسر ممدود على منت جهنم يرده األولون واآلخرون وهـو طريق أهل احملشر‬
‫لدخول اجلنة‪ .‬وقد دلت األدلة من الكتاب والسنة علـى إثبات الصراط‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪              ‬‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }   ‬مرمي‪ )72 ،71 :‬ذهـب أكـثر املفسرين أن املقصود‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫بورود النار هنا‪ :‬املرور على الصراط وهو منقول عـن ابن عباس وابن مسعود وكعب األحبار‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫ويف الصحيحني من حديث أيب سعيد اخلدري ‪ ‬وهو حديث طويـل يف الرؤية والشفاعة‬
‫وفيه عن رسول هللا ‪ ‬أنه قال‪{ ..( :‬مث يؤتى ابجلسـر فيجعل بني ظهري جهنم قلنا اي رسول‬
‫هللا وما اجلسر ؟ قال‪ :‬مدحضة مزلة‪ ،‬عليه خطاطيف وكالليب وحسكة مفلطحة هلا شوكة‬
‫عقيفاء تكون بنجـد يقال هلا السعدان‪ ،‬املؤمن عليها كالطرف وكالربق‪ ،‬وكالريح وكأجـاويد‬
‫اخليل والركاب فناج مسلم وًنج خمدوش ومكدوس يف ًنر جـهنم ميـر آخرهم يسحب‬
‫سحبا} (‪. )3( )2‬‬
‫وقد جاء وصف الصراط يف نصوص كثرية وملخص ما جاء فيها أنـه أدق من الشعر وأحد‬
‫من السيف دحض مزلة ًل تثبت عليه قدم إًل من ثبته هللا وأنه ينصب يف ظلمة فيعطى الناس‬
‫أنوارا على قدر إمياهنم وميرون فوقه على قـدر إمياهنم على ما جاء يف احلديث السابق‪.‬‬

‫املطلب الثامن‪ :‬اجلنة والنار‪ ،‬صفتهما وكيفية اإلميان بـهما وأدلة ذلك‬
‫مما جيب اعتقاده واإلميان به اجلنة والنار‪.‬‬
‫واجلنة هي دار الثواب ملن أطاع هللا وموضعها يف السماء السابعة عنـد سدرة املنتهى‪ .‬قال‬
‫‪           ‬‬ ‫تعاىل‪{ :‬‬

‫)‪ (1‬سورة مرمي آية ‪. 72 ، 71 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري التوحيد (‪ ، )7002‬مسلم اإلميان (‪. )183‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7439‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )183‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }‬النجم‪ ،)15-13 :‬واجلنة مائة درجة بني كل درجـة واألخرى كما بني السماء‬

‫واألرض كما جاء يف صحيح البخـاري مـن حديث أيب هريرة عن رسول هللا ‪ ‬أنه قال‪{ :‬إن‬
‫يف اجلنة مائـة درجـة أعدها هللا للمجاهدين يف سبيل هللا‪ ،‬ما بني الدرجتني كما بـني السـماء‬
‫واألرض} (‪ . )3( )2‬وأعلى اجلنة الفردوس األعلى وفوقه العرش ومنه تتفجر أهنـار اجلنة كما‬

‫جاء يف حديث أيب هريرة السابق عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬فإذا سـألتم هللا فسلوه الفردوس فإنه‬

‫أوسط اجلنة وأعلى اجلنة وفوقه عرش الرمحن ومنـه تفجر أهنار اجلنة} (‪ . )4‬وللجنة مثانية أبواب‬

‫كما جاء يف حديث سهل بن سـعد ‪ ‬يف صحيح البخاري عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬يف‬

‫اجلنة مثانية أبواب فيـها ابب يسمى الراين ًل يدخله إًل الصائمون} (‪ )6( )5‬وقد أعد هللا ألهل‬
‫اجلنة فيها من النعيم ما ًل عني رأت وًل أذن مسعت وًل خطر على قلب بشر‪.‬‬
‫وأما النار فهي دار العقاب األبدي للكافرين واملشركني واملنافقني النفاق اًلعتقادي‪ ،‬وملن‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫شاء هللا من عصاة املوحدين بقدر ذنوهبـم مث مـآهلم إىل اجلنة‪ .‬كـما قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )7( }       ‬النساء‪ )48 :‬وموضعها يف األرض‬


‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬

‫السابعة كذا نقل عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ .‬وللنار دركات بعضها أسفل من بعض‪ ،‬قال‬
‫عبد الرمحـن بـن أسلم‪ ( :‬درجات اجلنة تذهب علوا ودرجات النار تذهب سفوًل‪ ،‬وأسـفل‬

‫)‪ (1‬سورة النجم آية ‪. 15 - 13 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اجلهاد والسري (‪ ، )2637‬أمحد (‪. )335/2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪. )2790‬‬
‫)‪ (4‬البخاري التوحيد (‪ ، )6987‬أمحد (‪. )335/2‬‬
‫)‪ (5‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3084‬مسلم الصيام (‪ ، )1152‬الرتمذي الصوم (‪ ، )765‬النسائي الصيام (‪، )2236‬‬
‫ابن ماجه الصيام (‪ ، )1640‬أمحد (‪. )335/5‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري برقم (‪. )3257‬‬
‫)‪ (7‬سورة النساء آية ‪. 48 :‬‬

‫‪221‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الدركات هي دار املنافقني كما قال تعاىل‪... )1( }                        { :‬‬

‫{ ‪      ‬‬ ‫اآلية (النساء‪ ،)145 :‬وللنار سبعة أبواب‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }    ‬احلجر‪ ،)44 :‬وًنر الدنيا جـزء مـن سبعني جزءا من ًنر جهنم على ما‬

‫الذي أخرجـه الشيخان عن النيب ‪ ‬قال‪ً{ :‬نركـم جزء من سبعني‬


‫جاء يف حديث أيب هريرة َ‬
‫جـزءا مـن نـار جهنم} (‪. )4( )3‬‬
‫واإلميان ابجلنة والنار يتحقق بثالثة أمور‪:‬‬
‫األول‪ :‬اًلعتقاد اجلازم أبهنما حق وأن اجلنة دار املتقـني والنـار دار الكافرين واملنافقني‪ .‬قال‬
‫{ ‪            ‬‬ ‫تعاىل‪:‬‬
‫‪             ‬‬

‫‪( )5( }          ‬النساء‪.)57 ،56 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫‪( )6( }       ‬آل‬


‫‪ ‬‬ ‫الثاين‪ :‬اعتقاد وجودمها اآلن‪ .‬قال تعاىل يف اجلنـة‪  { .‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪( )7( }       ‬البقرة‪ ،)24 :‬وجاء يف‬


‫‪ ‬‬ ‫عمران‪ ،)133 :‬وقال تعاىل يف النار‪  { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 145 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة احلجر آية ‪. 44 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3092‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪ ، )2843‬الرتمذي صفة جهنم (‪، )2589‬‬
‫أمحد (‪ ، )313/2‬مالك اجلامع (‪ ، )1872‬الدارمي الرقاق (‪. )2847‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3265‬وصحيح مسلم برقم (‪. )871‬‬
‫)‪ (5‬سورة النساء آية ‪. 57 ، 56 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة آل عمران آية ‪. 133 :‬‬
‫)‪ (7‬سورة البقرة آية ‪. 24 :‬‬

‫‪222‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الصحيحني من حديث عمران بن حصني عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬اطلعت يف اجلنة فرأيت‬

‫أكثر أهلها الفقراء‪ ،‬واطلعت يف النار فرأيت أكـثر أهلـها النساء} (‪. )2( )1‬‬
‫الثالث‪ :‬اعتقاد دوامهما وبقائهما وأهنما ًل تفنيان وًل يفىن من فيـهما‪ .‬قال تعاىل يف اجلنة‪:‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫‪( )3( }           ‬النساء‪ ،)13 :‬وقال تعاىل عن النار‪:‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫{ ‪‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )4( }          ‬اجلن‪ .)23 :‬واملقصود من‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫املعصية هنا الكفر‪ ،‬لتأكيد اخللود يف النـار ابلتأبيد‪ ،‬قال القرطيب قوله (أبدا) دليل على أن‬
‫العصيان هنا هو الشـرك (‪ . )5‬وروى الشيخان من حديث عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما‬
‫أن رسـول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬يدخل هللا أهل اجلنة اجلنة‪ ،‬وأهل النار النار‪ ،‬مث يقوم مؤذن بينـهم‬

‫فيقول‪ :‬اي أهل اجلنة ًل موت واي أهل النار ًل موت كل خالد فيمـا هـو فيه} (‪. )7( )6‬‬
‫مثرات اإلميان ابليوم اآلخر‪:‬‬
‫ولإلميان ابليوم اآلخر مثرات عظيمة يف حياة املؤمن من أمهها‪:‬‬
‫‪ -1‬احلرص على طاعة هللا رغبة يف ثواب ذلك اليوم والبعد عن معصيتـه خوفا من عقاب‬
‫ذلك اليوم‪.‬‬
‫‪ -2‬تسلية املؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها مبا يرجوه مـن نعيـم اآلخرة وثواهبا‪.‬‬
‫‪ -3‬استشعار كمال عدل هللا تعاىل حيث جيازي كال بعمله مـع رمحتـه بعباده‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري بدء اخللق (‪ ، )3069‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار (‪ ، )2738‬الرتمذي صفة جهنم (‪، )2603‬‬
‫أمحد (‪. )437/4‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )3241‬وصحيح مسلم برقم (‪ )2738‬خمتصرا مبعناه ‪ ،‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة التوبة آية ‪. 89 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة اجلن آية ‪. 23 :‬‬
‫)‪ (5‬القرطيب ‪ ، 27 / 19‬وفتح القدير ‪. 307 / 5‬‬
‫)‪ (6‬البخاري الرقاق (‪ ، )6178‬مسلم اجلنة وصفة نعيمها وأهلها (‪. )2850‬‬
‫)‪ (7‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6544‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )2850‬واللفظ ملسلم ‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل اخلامس‬
‫اإلميان ابلقضاء والقدر ويشتمل على مبحثني‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف القضاء والقدر‪ ،‬وأدلة ثبوهتما مع‬
‫بيان الفرق بينهما‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬مراتب القدر‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‬
‫تعريف القضاء والقدر‪ ،‬وأدلة ثبوهتما‬
‫مع بيان الفرق بينهما‬
‫تعريف القضاء والقدر‪:‬‬
‫القضاء لغة‪ :‬احلكـم والفصل‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬هو ما قضى به هللا سبحانه وتعاىل يف خلقه من إجياد أو إعـدام أو تغيري‪.‬‬
‫والقدر‪ :‬مصدر قدرت الشيء أقدره إذا أحطت مبقداره‪.‬‬
‫والقدر يف الشرع‪ :‬هو ما قدره هللا تعاىل يف األزل‪ ،‬أن يكون يف خلقـه بناء على علمه‬
‫السابق بذلك‪.‬‬
‫الفرق بني القضاء والقدر‪:‬‬
‫ذكر العلماء يف التفريق بني القضاء والقدر‪ .‬أن القدر‪ :‬هو تقدير لشـيء قبل قضائه‪.‬‬
‫والقضاء هو الفراغ من الشيء‪ .‬ومن الشواهد اليت ذكرها أبـو حـامت للتفريق بني القضاء والقدر‬
‫أن القدر منـزلة تقدير اخلياط للثوب فهو قبل أن يفصله يقدره فيزيد وينقص فإذا فصله فقد‬
‫قضاه وفرغ منه وفاتـه التقدير‪ .‬وعلى هذا يكون القدر سابقا للقضاء‪ .‬قال ابن األثري‪( :‬فالقضـاء‬
‫والقدر أمران متالزمان ًل ينفك أحدمها عن اآلخر ألن أحدمها مبنزلة األساس وهو القدر‪،‬‬
‫واآلخر مبنـزلة البناء وهو القضاء فمن رام الفصـل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه)‪.‬‬
‫والقضاء والقدر إذا اجتمعا يف الذكر افرتقا يف املعىن فأصبح لكل منـهما معىن خيصه‪ ،‬وإذا‬
‫افرتقا يف الذكر دخل أحدمها يف معىن اآلخر‪ .‬ذكر ذلـك بعض أهل العلم‪.‬‬
‫األدلة على إثبات القدر‪:‬‬
‫اإلميان ابلقدر ركن من أركان اإلميان وقد دلت األدلة مـن الكتـاب والسنة على إثباته‬
‫وتقريره‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }         ‬القمر‪ ،)49 :‬وقوله‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫فمن الكتاب قول هللا تعاىل‪    { :‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪( )2(}        ‬األحزاب‪ )38 :‬وقوله تعاىل‬ ‫تعاىل { ‪  ‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪( )3( }            ‬الفرقان‪.)2 :‬‬


‫وأما السنة فقد دلت كذلك على إثبات القدر يف أحاديث كثرية منها حديث جربيل‬
‫وسؤاله للنيب ‪ ‬عن أركان اإلميان فذكر منها‪{ :‬اإلميان ابلقدر خريه وشره} (‪ )4‬وقدم تقدم‬
‫احلديث بنصه يف مبحث املالئكة‪ .‬وروى مسلم يف صحيحه عن عبد هللا بن عمرو بن العاص‬
‫رضي هللا عنهما قال‪ :‬مسعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪{ :‬كتب هللا مقادير اخلالئق قبل أن خيلق‬

‫السماوات واألرض خبمسني ألف سنة وقال‪ :‬وكان عرشه على املاء} (‪. )6( )5‬‬
‫واإلميان ابلقدر حمل إمجاع األمة من الصحابة ومن بعدهم‪ .‬أخرج مسلم يف صحيحه عن‬
‫طاوس أنه قال‪( :‬أدركت ًنسا من أصحاب رسول هللا ‪ ‬يقولون كل شيء بقدر)‪ .‬قال‪:‬‬
‫ومسعت عبد هللا بن عمر يقول‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬كل شيء بقدر حىت العجز والكيس أو‬

‫والكيس‪ :‬ضد العجز وهو النشاط واحلذق ابألمور‪ .‬قال اإلمام‬ ‫(‪)8( )7‬‬
‫الكيس والعجز}‬
‫النووي‪( :‬تظاهرت األدلة القطعية من الكتاب والسنة وإمجاع الصحابة وأهل احلل والعقد من‬
‫السلف واخللف على إثبات قدر هللا سبحانه وتعاىل)‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة القمر آية ‪. 49 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األحزاب آية ‪. 38 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الفرقان آية ‪. 2 :‬‬
‫)‪ (4‬مسلم اإلميان (‪ ، )8‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2610‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4990‬أبو داود السنة (‪ ، )4695‬ابن ماجه‬
‫املقدمة (‪ ، )63‬أمحد (‪. )28/1‬‬
‫)‪ (5‬مسلم القدر (‪ ، )2653‬الرتمذي القدر (‪ ، )2156‬أمحد (‪. )169/2‬‬
‫)‪ (6‬صحيح مسلم برقم (‪. )2653‬‬
‫)‪ (7‬مسلم القدر (‪ ، )2655‬أمحد (‪ ، )110/2‬مالك اجلامع (‪. )1663‬‬
‫)‪ (8‬صحيح مسلم برقم (‪. )2655‬‬

‫‪226‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‬
‫مراتب القدر‬
‫للقدر أربع مراتب دلت عليها النصوص وقررها أهل العلم‪ .‬وهي‪:‬‬
‫املرتبة األوىل‪ :‬علم هللا بكل شـيء مـن املوجـودات واملعدومـات واملمكنات واملستحيالت‬
‫علما فعلم ما كان وما يكون ومـا مل يكن لو كان كيف يكون‪ .‬وقد دل على‬
‫وإحاطته بذلك ً‬
‫‪             ‬‬ ‫ذلك قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1(}‬الطالق‪.)12 :‬‬

‫ويف الصحيحني من حديث ابن عباس رضي هللا عنهما قـال‪{ :‬سئل النيب ‪ ‬عن أوًلد‬

‫املشركني فقال‪ :‬هللا أعلم مبا كانوا عاملني} (‪. )3( )2‬‬

‫املرتبة الثانية‪ :‬كتابة هللا تعاىل لكل شيء مما هو كائن إىل قيام السـاعة‪ .‬قال تعـاىل‪{ :‬‬
‫‪                   ‬‬

‫‪ ( )5( }           ‬يس‪.)12 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ( }‬احلج‪ .)70 :‬وقال تعـاىل‪   { :‬‬
‫‪ ‬‬
‫(‪)4‬‬

‫ومن السنة حديث عبد هللا بن عمرو بن العاص املتقدم يف كتابة هللا مقادير اخلالئق قبل خلـق‬
‫السماوات واألرض خبمسني ألف سنة‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة الطالق آية ‪. 12 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري القدر (‪ ، )6224‬مسلم القدر (‪ ، )2660‬النسائي اجلنائز (‪ ، )1951‬أبو داود السنة (‪ ، )4711‬أمحد‬
‫(‪. )358/1‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )1384‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2659‬‬
‫)‪ (4‬سورة احلج آية ‪. 70 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة يس آية ‪. 12 :‬‬

‫‪227‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪ ‬‬ ‫املرتبة الثالثة‪ :‬املشيئة فإن ما شاء هللا كان وما مل يشأ مل يكـن‪ .‬قـال تعاىل‪:‬‬

‫‪ ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬


‫‪   ‬‬ ‫‪( )1( }                    ‬يس‪ .)82 :‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( } ‬التكوير‪ .)29 :‬وأخرج الشيخان من حديث أيب‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬

‫هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل يقولن أحدكـم اللهم اغفر يل إن شئت! اللهم ارمحين إن‬

‫شئت! ليعزم يف الدعاء فـإن هللا صانع ما شاء ًل مكره له} (‪. )4( )3‬‬
‫املرتبة الرابعة‪ :‬خلق هللا تعاىل لألشياء وإجيادها وقدرته الكاملة علـى ذلك فهو سبحانه‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫خالق لكل عامل وعمله وكل متحرك وحركته وكـل ساكن وسكونه‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪( )5(}                    ‬الزمر‪ .)62:‬وقال تعاىل‪{:‬‬
‫‪‬‬

‫‪( )6(}     ‬الصافـات‪ .)96 :‬وروى البخاري يف صحيحه من حديث عمران بن حصني‬

‫عن النيب ‪{ :‬كان هللا ومل يكن شيء غريه وكان عرشه على املاء وكتب يف الذكر كل شـيء‬

‫وخلق السماوات واألرض} (‪. )8( )7‬‬


‫فيجب اإلميان هبذه املراتب األربع لتحقيق اإلميان ابلقدر ومن أنكر شيئًا منها مل حيقق‬
‫اإلميان ابلقدر‪ .‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة يس آية ‪. 82 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة التكوير آية ‪. 29 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري التوحيد (‪ ، )7039‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واًلستغفار (‪ ، )2679‬الرتمذي الدعوات (‪، )3497‬‬
‫أبو داود الصالة (‪ ، )1483‬ابن ماجه الدعاء (‪ ، )3854‬أمحد (‪ ، )458/2‬مالك النداء للصالة (‪. )494‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6339‬وصحيح مسلم برقم (‪ ، )2679‬واللفظ ملسلم ‪.‬‬
‫)‪ (5‬سورة الزمر آية ‪. 62 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة الصافات آية ‪. 96 :‬‬
‫)‪ (7‬البخاري بدء اخللق (‪. )3020‬‬
‫)‪ (8‬صحيح البخاري برقم (‪. )3191‬‬

‫‪228‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مثرات اإلميان ابلقدر‪:‬‬


‫لتحقيق اإلميان ابلقدر أثره البالغ ومثراته النافعة يف حياة املؤمـن فمـن ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬اًلعتماد على هللا تعاىل عند فعل األسباب ألنـه مقـدر األسـباب واملسببات‪.‬‬
‫‪ - 2‬راحة النفس وطمأنينة القلب إذا أدرك العبد أن كل شيء بقضـاء هللا وقدره‪.‬‬
‫‪ -3‬طرد اإلعجاب ابلنفس عند حصول املراد ألن حصول ذلك نعمة مـن هللا مبا قدره من‬
‫أسباب ذلك اخلري والنجـاح فيشـكر هللا ويـدع اإلعجاب‪.‬‬
‫‪ -4‬طرد القلق والضجر عند فوات املراد أو حصول املكـروه ألن ذلك بقضاء هللا وقدره‬
‫فيصرب على ذلك وحيتسب‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الباب الثالث‬
‫مسائل متفرقة يف العقيدة‬

‫ويتضمن مخسة فصول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلسالم واإلميان واإلحسان‪.‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬الوالء والرباء‪ ،‬معناه وضوابطه‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬حقوق الصحابة وما جيب حنوهم‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الواجب حنو أئمة املسلمني وعامتهم‬
‫ولزوم مجاعتهم‪.‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬وجوب االعتصام ابلكتاب والسنة والنهي‬
‫عن التفرق‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫اإلسالم واإلميان واإلحسان‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬اإلسالم‪.‬‬


‫املبحث الثاين‪ :‬اإلميان‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬اإلحسان‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬العالقة بني اإلسالم‪ ،‬واإلميان واإلحسان‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‪ :‬اإلسالم‬


‫تعريف اإلسالم‪:‬‬
‫اإلسالم لغة‪ :‬اًلنقياد واًلستسالم واخلضوع‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬هو اًلستسالم هلل ابلتوحيد واًلنقياد له ابلطاعة واخللوص مـن الشرك ومعاداة‬
‫{ ‪             ‬‬ ‫أهله‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫{ ‪     ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪( )1( }              ‬األنعام‪ .)163 ،162 :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2( }          ‬آل عمران‪.)85 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬

‫أركان اإلسالم‪:‬‬
‫أركان اإلسالم مخسة بينها رسول هللا ‪ ‬كما يف حديث عبد هللا بـن عمر رضي هللا عنهما‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬بين اإلسالم على مخس‪ :‬شهادة أن ًل إله إًل هللا وأن حممدا رسول‬

‫هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكـاة وصوم رمضان وحج بيت هللا} (‪ . )4( )3‬ويدل على هذا حديث‬

‫جربيل املتقـدم وفيه أنه قال‪{ :‬اي حممد ! أخربين عن اإلسالم‪ ،‬فقال رسول هللا ‪( ‬اإلسـالم‬
‫أن تشهد أن ًل إله إًل هللا وأن حممدا رسول هللا‪ ،‬وتقيم الصـالة وتـؤيت الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‬
‫وحتج البيت إن استطعت إليـه سبيال‪ .‬قـال‪ :‬صدقت} (‪ ... )5‬إخل) (‪. )6‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنعام آية ‪. 163 ، 162 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة آل عمران آية ‪. 85 :‬‬
‫)‪ (3‬البخاري اإلميان (‪ ، )8‬مسلم اإلميان (‪ ، )16‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2609‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪، )5001‬‬
‫أمحد (‪. )93/2‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري ‪ ،‬حديث برقم (‪ ، )8‬وصحيح مسلم حديث برقم (‪. )16‬‬
‫)‪ (5‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4499‬مسلم اإلميان (‪ ، )10‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4991‬ابن ماجه املقدمة‬
‫(‪ ، )64‬أمحد (‪. )426/2‬‬
‫)‪ (6‬تقدم متفق عليه ‪ :‬صحيح البخاري حديث برقم (‪ ، )8‬وصحيح مسلم حديث برقم (‪. )8‬‬

‫‪232‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫معىن الشهادتني‪:‬‬
‫*معىن شهادة أن ًل إله إًل هللا‪ :‬أي ًل معبود حبق إًل هللا‪.‬‬
‫حممدا رسول هللا‪ :‬طاعته فيما أمر وتصديقه فيمـا أخرب به واجتناب ما‬
‫*ومعىن شهادة أن ً‬
‫هنى عنه وزجر وأن ًل يعبد هللا إًل مبا شرع‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬اإلميان وأركانه‬


‫وبيان حكم مرتكب الكبرية‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫اإلميان لغة‪ :‬التصديق واإلقرار‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬اعتقاد ابلقلب وإقرار ابللسان وعمل ابجلوارح‪.‬‬
‫ً‬
‫أركانه وأدلته‪:‬‬
‫هللا تعـاىل‪        { :‬‬ ‫أركان اإلميان ستة يدل عليها قـول‬

‫‪( )1( }     ‬البقرة‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪.)177‬‬
‫ومن السنة ما جاء يف حديث جربيل عندما سأل النيب ‪ ‬وقال‪{ :‬أخـربين عن اإلميان‪،‬‬
‫قال‪( :‬أن تؤمن ابهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليـوم اآلخر وتؤمن ابلقدر خريه وشره‪ .‬قال‪:‬‬
‫صدقت} (‪ ... )2‬إخل) (‪. )3‬‬
‫زايدة اإلميان ونقصانه‪:‬‬
‫دل الكتاب والسنة على أن اإلميان يزيد ابلطاعة وينقص ابملعصية‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 177 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري تفسري القرآن (‪ ، )4499‬مسلم اإلميان (‪ ، )10‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4991‬ابن ماجه املقدمة‬
‫(‪ ، )64‬أمحد (‪. )426/2‬‬
‫)‪ (3‬متفق عليه ‪ :‬صحيح البخاري حديث برقم (‪ ، )50‬وصحيح مسلم حديث برقم (‪. )8‬‬

‫‪234‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪     ‬‬ ‫فالدليل من الكتاب قول هللا تعـاىل‪{ :‬‬

‫(حممد‪ .)17 :‬وقال تعاىل‪   { :‬‬ ‫‪}‬‬


‫(‪)1‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )2( }                       ‬األنفال‪.)2 :‬‬

‫‪          ‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }‬الفتح‪.)4 :‬‬

‫ومن السنة قوله ‪{ ‬خيرج من النار من كان يف قلبه مثقال ذرة مـن إميان} (‪. )5( )4‬‬

‫وكذلك قوله ‪{ ‬اإلميان بضع وسبعون شعبة أعالها ًل إلـه إًل هللا وأدًنها إماطة األذى عن‬

‫الطريق واحلياء شعبة من اإلميان} (‪. )7( )6‬‬


‫حكم مرتكب الكبرية‪:‬‬
‫كبائر الذنوب نوعان‪ :‬مك ّفر وغري مكفر‪ .‬فأما املكفر فهو الشرك ابهلل ألنه أعظم ذنبا‬
‫عُصي به هللا والنفاق اًلعتقادي وسب هللا ورسوله وحنـو ذلك‪.‬‬
‫والنوع الثاين كبائر غري مك ّفرة وًل خيرج مرتكبـها مـن امللـة إًل إذا استحلها‪ .‬وهي سائر‬
‫الذنوب اليت دون الكفر كالراب والقتل والزًن وحنـو ذلك‪.‬‬
‫وقد دل الكتاب والسنة على أن مرتكب الكبرية غري املك ّفـرة مؤمـن ًنقص اإلميان‪ ،‬ويسمى‬
‫فاس ًقا وعاصيًا‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة حممد آية ‪. 17 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنفال آية ‪. 2 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة الفتح آية ‪. 4 :‬‬
‫)‪ (4‬البخاري التوحيد (‪ ، )7002‬مسلم اإلميان (‪. )183‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري حديث برقم (‪ ، )7510‬صحيح مسلم حديث برقم (‪. )193‬‬
‫)‪ (6‬مسلم اإلميان (‪ ، )35‬الرتمذي اإلميان (‪ ، )2614‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )5005‬أبو داود السنة (‪، )4676‬‬
‫ابن ماجه املقدمة (‪ ، )57‬أمحد (‪. )414/2‬‬
‫)‪ (7‬صحيح مسلم كتاب اإلميان حديث رقم (‪. )57‬‬

‫‪235‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وحكمه يف اآلخرة أنه حتت املشيئة فإن شاء هللا غفر له برمحته وإن شـاء عذبه بعدله وهو‬
‫مع هذا ًل خيلد يف النار إذا عُذب بل مآله إىل اجلنة مبا معه من التوحيد واإلميان‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪                  ‬‬ ‫{‬

‫‪( )1( }     ‬النسـاء‪.)116 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫ويف الصحيحني من حديث أنس ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬خيرج من النار من قال‬
‫ًل إله إًل هللا ويف قلبه وزن شعرية من خري‪ ،‬وخيرج من النار مـن قال ًل إله إًل هللا ويف قلبه وزن‬
‫برة من خري‪ ،‬وخيرج من النار من قال ًل إله إًل هللا ويف قلبه وزن ذرة من خري} (‪. )3( )2‬‬
‫وهذا الذي دلت عليه النصوص هنا هو الذي عليه سلف األمـة مـن الصحابة والتابعني‬
‫واتبعيهم على اخلري واهلدى يف حكـم مرتكب الكبـرية وهو املنهج الوسط بني الغلو يف هذا‬
‫الباب وهو مذهب اخلـوارج قدميًـا وحديثًا الذين يكفرون مرتكب الكبرية وخيرجونه من امللة‬
‫ويستبيحون دمـه ويعتقدون أنه يوم القيامة خالد خملد يف النار‪ ،‬وبني أهل التقصري الذين يرون‬
‫أن مرتكب الكبرية مؤمن كامل اإلميان وًل يفرقون بني مرتكب الكبـرية وبني املؤمن الكامل‬
‫الذي أدى الطاعات وجتنب احملرمات كما هو مذهـب غالة املرجئة‪.‬‬
‫األدلة على أن مرتكب الكبرية ليس بكافر‪:‬‬
‫دل القرآن والسنة على أن مرتكب الكبرية ليس بكافر‪.‬‬
‫{ ‪         ‬‬ ‫فمن القرآن قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪               ‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 116 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اإلميان (‪ ، )44‬مسلم اإلميان (‪ ، )193‬الرتمذي صفة جهنم (‪ ، )2593‬ابن ماجه الزهد (‪، )4312‬‬
‫أمحد (‪. )116/3‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )44‬وصحيح مسلم برقم (‪. )192‬‬

‫‪236‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪( )1( }          ‬احلجرات‪ .)10 ،9 :‬ووجه الدًللة من اآليتني هو أن هللا أثبت‬
‫اإلميـان ملرتكيب معصية اًلقتتال من املؤمنني والباغي من بعض الطوائف على بعـض وهي من‬
‫الكبائر وجعلهم إخوة وأمر تعاىل املؤمنني ابإلصالح بني إخوهتـم يف اإلميان‪.‬‬
‫ومن السنة ما رواه مسلم عن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬أن رسـول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬يدخل‬
‫أهل اجلنة اجلنة‪ ،‬يدخل من يشاء برمحته‪ ،‬ويدخل أهل النـار النار مث يقول‪ :‬انظروا من وجدمت‬
‫يف قلبه مثقال حبّة من خردل من إميـان فأخرجوه} (‪. )3( ) .. )2‬‬
‫ووجه الدًللة من احلديث هو عدم ختليد مرتكيب الكبائر يف النار حيـث خيرج منها من‬
‫كان يف قلبه أدىن شيء من اإلميان كـما يدل احلديث علـى تفاوت أهل اإلميان على حسب‬
‫أعماهلم وأنه يزيد وينقص حبسب ما يـرتك املؤمن من واجبات أو يرتكـب من حمظورات‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة احلجرات آية ‪. 10 ، 9 :‬‬


‫)‪ (2‬مسلم اإلميان (‪. )184‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم كتاب اإلميان ابب الشفاعة وإخراج املوحدين من النار حديث رقم ‪. 184‬‬

‫‪237‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‪ :‬اإلحسان‬


‫تعريفه‪:‬‬
‫اإلحسان معناه مراقبة هللا تعاىل يف السر والعلن مراقبة من حيبه وخيشـاه ويرجو ثوابه وخياف‬
‫عقابه ابحملافظة على الفرائـض والنوافـل واجتنـاب احملرمات واملكروهات‪ .‬واحملسنون هم السابقون‬
‫ابخلـريات املتنافسـون يف فضائل األعمال‪.‬‬
‫أدلته‪:‬‬
‫‪       ‬‬ ‫من الكتاب قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }‬النحل‪.)128 :‬‬


‫ومن السنة ما جاء يف حديث جربيل عليه السالم أنه سـأل النيب ‪ ‬فقال‪ :‬أخربين عن‬
‫اإلحسان‪ .‬فقال ‪{ ‬أن تعبد هللا كأنك تـراه فـإن تكن تراه فإنه يراك} (‪. )3( )2‬‬

‫)‪ (1‬سورة النحل آية ‪. 128 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اإلميان (‪ ، )50‬مسلم اإلميان (‪ ، )9‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )4991‬ابن ماجه املقدمة (‪ ، )64‬أمحد‬
‫(‪. )426/2‬‬
‫)‪ (3‬تقدم خترجيه ص‪. 113‬‬

‫‪238‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الرابع‬
‫العالقة بني اإلسالم واإلميان واإلحسان‬
‫جاء ذكر اإلسالم واإلميان واإلحسان يف حديث جربيل وجميئه إىل النيب ‪ ‬وسؤاله عن‬
‫هذه األمور الثالثة فأجاب عن اإلسالم ابمتثال األعمـال الظاهرة شهادة أن ًل إله إًل هللا وأن‬
‫حممدا رسول هللا وإقام الصالة وإيتـاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وعن اإلميان ابألمور الباطنة الغيبية‪،‬‬
‫ً‬
‫وهي‪ :‬اإلميان ابهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر وابلقدر خريه وشره‪ ،‬وعن اإلحسـان‬
‫مبراقبة هللا يف السر والعالنية‪ ،‬ف َقال‪ :‬أن تعبد هللا كأنك تراه فإن مل تكن تراه فهو يراك‪.‬‬
‫فإذا ذكرت هذه األمور الثالثة جمتمعة كان لكل واحـد منـها معىن خاص‪ ،‬فيقصد ابإلسالم‬
‫األعمال الظاهرة ويقصد ابإلميان األمور الغيبيـة‪ .‬ويقصد ابإلحسان أعلى درجات الدين وإذا‬
‫انفرد اإلسالم دخـل فيـه اإلميان وإذا انفرد اإلميان دخل فيه اإلسالم وإذا انفرد اإلحسان دخل‬
‫فيـه اإلسالم واإلميان‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الثاين‪:‬‬
‫الوالء والرباء معناه وضوابطه‬
‫التعريف‪:‬‬
‫الوًلء‪ :‬مصدر ويل مبعىن قرب منه‪ ،‬واملراد به هنا القرب من املسـلمني مبودهتم وإعانتهم‬
‫ومناصرهتم على أعدائهم والسكىن معهم‪.‬‬
‫والرباء‪ :‬مصدر برى‪ ،‬مبعىن قطع‪ .‬ومنه برى القلم مبعىن قطعه‪ .‬واملراد هنـا قطع الصلة مع‬
‫الكفار فال حيبهم وًل يناصرهم وًل يقيم يف دايرهم إًل لضرورة‪.‬‬
‫الوالء والرباء من حقوق التوحيد‪:‬‬
‫جيب على املسلم أن يوايل يف هللا وأن يعادي يف هللا وأن حيـب يف هللا‪ ،‬وأن يبغض يف هللا‪،‬‬
‫فيحب املسلمني ويناصرهم ويعادي الكافرين ويبغضـهم ويتربأ منهم‪ .‬قال تعاىل يف وجوب مـواًلة‬
‫‪           ‬‬ ‫املؤمنـني‪{ :‬‬

‫‪( )1( }         ‬املائدة‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬

‫{ ‪          ‬‬ ‫‪ .)56 ،55‬وقال تعـاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }               ‬املائدة‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪        ‬‬

‫{ ‪           ‬‬ ‫‪ .)51‬وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }            ‬اجملادلة‪.)22 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬

‫ويتضح من هذه اآلايت الكرمية وجوب مواًلة املؤمنني وما ينتج عـن ذلك من اخلري ووجوب‬
‫معاداة الكفار والتحذير من مواًلهتم وما تؤدي إليه مواًلهتم من شر‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 56 ، 55 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة املائدة آية ‪. 51 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة اجملادلة آية ‪. 22 :‬‬

‫‪240‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مكانة الوالء والرباء يف الدين‪:‬‬


‫إن للوًلء والرباء يف اإلسالم مكانة عظيمة‪ ،‬فهو أوثق عـرى اإلميـان‪ .‬ومعناه توثيق عرى‬
‫احملبة واأللفة بني املسلمني ومفاصلة أعداء اإلسالم‪ .‬فقـد روى ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا ‪{ ‬أوثـق عـرى اإلميان املواًلة يف هللا واملعاداة يف هللا واحلب يف هللا والبغض‬

‫يف هللا} (‪. )2( )1‬‬


‫الفرق بني املداهنة واملداراة وأثرمها على الوالء والرباء‪:‬‬
‫املداهنة‪ :‬هي ترك األمر ابملعروف والنهي عن املنكر ومصانعـة الكفـار والعصاة من أجل‬
‫الدنيا والتنازل عما جيب على املسلم من الغـرية علـى الدين‪ .‬ومثاله اًلستئناس أبهل املعاصي‬
‫والكفار ومعاشرهتم وهـم علـى معاصيهم أو كفرهم وترك اإلنكار عليهم مع القدرة عليه‪ .‬قال‬
‫{ ‪             ‬‬ ‫هللا تعـاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪( )3( }    ‬املـائدة‪.)80 - 78 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫املداراة‪ :‬هي درء املفسدة والشر ابلقول اللني وترك الغلظة أو اإلعـراض عن صاحب الشر‬
‫إذا خيف شره أو حصل منه أكرب مما هو مالبس لـه‪ .‬كالرفق ابجلاهل يف التعليم‪ ،‬وابلفاسق يف‬
‫النهي عن فعله وتـرك اإلغـالظ عليه‪ ،‬واإلنكار عليه بلطف القول والفعل وًل سيما إذا احتيج‬
‫إىل أتليفـه‪ .‬ويف احلديث عن عائشة رضي هللا عنها‪{ ،‬أن رجال استأذن على النيب ‪ ‬فلمـا‬
‫رآه قال‪( :‬بئس أخو العشرية‪ .‬وبئس ابن العشرية)‪ ،‬فلما جلس تطلق النيب ‪ ‬يف وجهه وانبسط‬
‫إليه‪ ،‬فلما انطلق الرجل قالت عائشة رضي هللا عنها‪ :‬اي رسول هللا حني رأيت الرجل قلت كذا‬
‫وكـذا‪ ،‬مث تطلقـت يف وجهـه وانبسطت إليه‪ .‬فقال ‪( ‬اي عائشة مىت عهدتين ً‬
‫فحاشا‪ ،‬إن شر‬

‫)‪ (1‬أمحد (‪. )286/4‬‬


‫)‪ (2‬رواه الطرباين يف الكبري (‪ ، )215 /11‬والبغوي يف شرح السنة (‪ ، )429 /3‬بسند حسن ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة املائدة آية ‪. 80 - 78 :‬‬

‫‪241‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الناس عنـد هللا منـزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره)} (‪ . )2( )1‬فالنيب ‪ ‬دارى هـذا‬
‫الرجل ملا دخل عليه مع ما فيه من الشر ألجل املصلحة الدينية‪ ،‬فدل علـى أن املداراة ًل تتناىف‬
‫مع املواًلة إذا كان فيها مصلحة راجحة من كف الشـر والتأليف أو تقليل الشر وختفيفه‪ ،‬وهذا‬
‫من مناهج الدعـوة إىل هللا تعـاىل‪ .‬ومن ذلك مداراة النيب ‪ ‬للمنافقني يف املدينة خشية شرهم‬
‫وأتلي ًفـا هلـم ولغريهم‪.‬‬
‫وهذا خبالف املداهنة فإهنا ًل جتوز إذ حقيقتها مصانعة أهل الشر لغـري مصلحة دينية وإَّنا‬
‫من أجل الدنيا‪.‬‬
‫مناذج من الوالء والرباء‪:‬‬
‫{ ‪      ‬‬ ‫قال هللا تعاىل حكاية عن إبراهيم عليه السالم‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪( )3( }   ‬املمتحنة‪ .)4 :‬وقال تعـاىل يف‬


‫‪  ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪                                                     ‬‬ ‫مـواًلة األنصـار إلخواهنم املهاجرين‪{ :‬‬


‫‪                                                                                          ‬‬

‫‪                                                                            ‬‬

‫(احلشر‪.)9 :‬‬ ‫( ‪)4‬‬


‫‪}  ‬‬
‫حكم مواالة العصاة واملبتدعني‪:‬‬

‫)‪ (1‬البخاري األدب (‪ ، )5685‬مسلم الرب والصلة واآلداب (‪ ، )2591‬الرتمذي الرب والصلة (‪ ، )1996‬أبو داود‬
‫األدب (‪ ، )4792‬أمحد (‪. )158/6‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )6032‬‬
‫)‪ (3‬سورة املمتحنة آية ‪. 4 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة احلشر آية ‪. 9 :‬‬

‫‪242‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إذا اجتمع يف الرجل الواحد خري وشر وفجور وطاعة ومعصية وسـنة وبدعة‪ ،‬استحق من‬
‫املواًلة والثواب بقدر ما فيه من اخلري‪ ،‬واستحق مـن املعاداة والعقاب حبسب ما فيه من الشر‪.‬‬
‫فقد جيتمع يف الشخص الواحـد موجبات اإلكرام واإلهانة‪ ،‬فيجتمع له من هذا وهذا كاللص‬
‫الفقري تقطـع يده لسرقته ويعطى من بيت املال ما يكفيه حلاجته ويتصدق عليه‪ .‬هذا هـو األصل‬
‫الذي اتفق عليه أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫هل يدخل يف املواالة معاملة الكفار يف األمور الدنيوية‪:‬‬
‫دلت النصوص الصحيحة على جواز التعامل مع الكفار يف املعـامالت الدنيوية كمسائل‬
‫البيع والشراء واإلجيار واًلستئجار واًلستعانة هبم عند احلاجة والضرورة على أن يكون ذلك يف‬
‫نطاق ضيق وأن ًل يضر ابإلسالم واملسلمني‪{ .‬فقد استأجر النيب ‪ ‬عبد هللا بن َأريْقط‬

‫هاديًـا ِّخِّّريتًـا} (‪ . )2( )1‬واخلريـت هو اخلبري مبعرفة الطريق‪.‬‬


‫ورهن النيب ‪ ‬درعه عند يهودي يف صاع من شعري وأجر علي ‪ ‬نفسه ليهودية ميتح‬
‫دلوا كـل دلـو بتمرة‪ .‬وقد استعان النيب ‪ ‬ابليهود الذين‬
‫هلا املاء من البئر فمتح هلا ست عشرة ً‬
‫ـخزاعة ضد كفار قريش‪ .‬وهذا كله ًل يؤثر على‬
‫كـانوا يف املدينـة يف قتـال املشركني‪ .‬واستعان ب ُ‬
‫الوًلء والرباء يف هللا على أن يلتزم الكفار الذين يقيمـون بـني املسـلمني ابآلداب العامة وأن ًل‬
‫يدعوا إىل دينهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري املناقب (‪. )3694‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري حديث رقم (‪. )2263‬‬

‫‪243‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫حقوق الصحابة وما جيب حنوهم‬

‫املبحث األول‪ :‬من هم الصحابة ووجوب حمبتهم ومواالهتم‪.‬‬


‫املبحث الثاين‪ :‬وجوب اعتقاد فضلهم وعدالتهم والكف عما شجر بينهم يف ضوء‬
‫األدلة الشرعية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬أهل بيت النيب ‪ ‬وحقوقهم وبيان أن زوجاته من أهل بيته‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬اخللفاء الراشدون‪ ،‬فضلهم وما جيب حنوهم وترتيبهم‪.‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬العشرة املبشرون ابجلنة‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‪:‬‬
‫من هم الصحابة ووجوب حمبتهم ومواالهتم‬
‫تعريف الصحايب‪:‬‬

‫الصحايب هو من لقي النيب ‪ً ‬‬


‫مسلما ومات على ذلك‪.‬‬
‫وجوب حمبتهم ومواالهتم‪:‬‬
‫الصحابة هم خري القرون‪ ،‬وصفوة هذه األمة وأفضل هذه األمة بعد نبيها ‪ ‬وجيب علينا‬
‫أن نتوًلهم وحنبهم ونرتضى عنهم وننـزهلم منازهلم‪ ،‬فإن حمبتهم واجبة على كل مسلم‪ ،‬وحبهم‬
‫دين وإميان وقـرىب إىل الرمحـن‪ ،‬وبغضهم كفر وطغيان‪ .‬فهم محلة هذا الدين‪ ،‬فالطعن فيهم طعن‬
‫يف الديـن كله ألنه وصلنا عن طريقهم بعد أن تلقوه غضًّا طرًّاي عن رسـول هللا ‪ ‬مشافهة‬
‫ونقلوه لنا بكل أمانة وإخالص ونشروا الديـن يف كافـة ربـوع األرض يف أقل من ربع قرن وفتح‬
‫اجا‪.‬‬
‫هللا على أيديهم بالد الدنيا فدخل النـاس يف دين هللا أفو ً‬
‫وقد دل الكتاب والسنة على وجوب مواًلة الصحابة وحمبتهم وأهنا دليل صدق إميان‬
‫‪    ‬‬ ‫الرجل‪ .‬فمن الكتاب قولـه تعـاىل‪{ :‬‬

‫مقطوعـا إبمياهنم بل هم أفضل املؤمنني‬


‫ً‬ ‫‪( )1( }‬التوبة‪ .)71 :‬وإذا كان أصحاب النيب ‪‬‬
‫لتزكية هللا ورسوله هلم فإن مواًلهتم وحمبتـهم دليل إميان من قامت به هذه الصفة‪.‬‬
‫ومن السنة حديث أنس عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬آية اإلميان حب األنصار وآية النفاق‬

‫بغض األنصار} (‪. )3( )2‬‬

‫)‪ (1‬سورة التوبة آية ‪. 71 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اإلميان (‪ ، )17‬مسلم اإلميان (‪ ، )74‬النسائي اإلميان وشرائعه (‪ ، )5019‬أمحد (‪. )134/3‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪. )17‬‬

‫‪245‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والنصوص يف هذا كثرية جدًّا ًل يسع املقام ذكرها على أنه حيسن التنبيـه هنا على ما يرتتب‬
‫على مواًلة الصحابة رضوان هللا عليهم من اآلاثر الطيبـة يف الدنيا واآلخرة مما يشحذ اهلمم على‬
‫حتقيق مواًلهتم‪.‬‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫فمن آاثر مواًلهتم الطيبة يف الدنيا الفالح والغلبة والنصر كما قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )1( }         ‬املائدة‪ .)56 :‬قال ابن‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫كثري‪( :‬كل من رضي بوًلية هللا ورسوله واملؤمنني فـهو مفلح يف الدنيا واآلخرة ومنصور يف الدنيا‬
‫واآلخرة)‪.‬‬
‫ومن مثار حمبتهم يف اآلخرة ما يُرجى ل ُـمحبّهم من احلشر معهم لقـول النيب ‪ ‬كما يف‬
‫حديث عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪{ :‬جاء رجل إىل رسـول هللا ‪ ‬فقال‪ :‬اي رسول هللا‬
‫قوما ومل يلحق هبم‪ ،‬فقال رسول هللا ‪( ‬املرء مع من‬
‫كيف تقول يف رجل أحب ً‬
‫أحب)} (‪. )3( )2‬‬
‫ولذا كان أصحاب رسول هللا ‪ ‬يتقربون إىل هللا مبحبة أيب بكر وعمـر ويعدون ذلك من‬
‫أفضل أعماهلم وأرجاها عند هللا‪ .‬روى اإلمام البخـاري من حديث أنس بن مالك ‪{ ‬أن‬
‫رجال سأل النيب ‪ ‬عن الساعة فقـال‪ :‬مىت الساعة ؟ فقال النيب ‪( ‬وماذا أعددت هلا)‪.‬‬
‫قـال‪ً :‬ل شيء إًل أين أحب هللا ورسوله‪ ،‬ف َقال النيب ‪( ‬أنت مع من أحببت)‪ ،‬فقال أنس‪:‬‬
‫فمـا فرحنا بشيء فرحنا بقول النيب ‪ ‬أنت مع من أحببت‪ .‬قال أنس‪( :‬فأنـا أحب النيب ‪‬‬
‫وأاب بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم حبيب إيـاهم وإن مل أعمل مبثل أعماهلم} (‪. )5( )4‬‬

‫)‪ (1‬سورة املائدة آية ‪. 56 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري األدب (‪ ، )5817‬مسلم الرب والصلة واآلداب (‪ ، )2641‬أمحد (‪. )405/4‬‬
‫)‪ (3‬صحيح مسلم برقم (‪. )6168‬‬
‫)‪ (4‬البخاري املناقب (‪ ، )3485‬مسلم الرب والصلة واآلداب (‪ ، )2639‬الرتمذي الزهد (‪ ، )2385‬أبو داود األدب‬
‫(‪ ، )5127‬أمحد (‪. )283/3‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪. )3688‬‬

‫‪246‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‬
‫وجوب اعتقاد فضلهم وعدالتهم‬
‫والكف عما شجر بينهم يف ضوء األدلة الشرعية‬
:‫فضلهم‬
{ ‫ كمـا قال تعاىل‬.‫لقد أثىن هللا تعاىل على الصحابة ورضي عنهم ووعدهم احلسىن‬
           

:‫) (التوبة‬1(}           


    
      
 
  
  
  
  
  
  
  
  
 
   
 
     

         { ‫ وقال تعـاىل‬.)100

 
       
  
  
 
   
  
 
 
      
 
   { :‫ وقـال تعاىل‬.)18 :‫) (الفتـح‬2( }  
 
 

              

               

              

             

.)10 -8 :‫) (احلشر‬3( }  


  
   
           
 
   
 
      
   

‫فقد دلت اآلايت الكرمية على فضل الصحابـة والثنـاء عليـهم مـن املهاجرين واألنصار وأهل‬
.‫بدر وأهل بيعة الرضوان الذيـن بـايعوا حتـت الشجرة وكل من حصل على شرف الصحبة‬
‫ووصف الذين جاؤوا مـن بعدهم أبهنم يستغفرون ملن سبقهم من الصحابة ويدعون هللا تعاىل‬
ًّ ‫أًل جيعـل يف قلوهبم‬
.‫غال للذين آمنوا‬

. 100 : ‫( سورة التوبة آية‬1)


. 18 : ‫( سورة الفتح آية‬2)
. 10 - 8 : ‫( سورة احلشر آية‬3)

247
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫كـما تضمنت اآلايت وغريها مما ًل ميكن حصره من الـرتضي عنـهم وبشارهتم ابجلنة‬
‫وحصوهلم على الفوز العظيم ومدحـهم وذكـر بعـض صفاهتم من احلب واإليثار والكرم واجلود‬
‫وحب إخواهنم املسلمني ونصرهم لدين هللا وحنو ذلك من األوصاف العظيمة والذكر اجلميل ما‬
‫هم أهل له‪.‬‬
‫وقد أثىن عليهم رسول هللا ‪ ‬أبحاديث كثرية منها ما رواه مسلم عـن جابر بن عبد هللا ‪‬‬
‫أن النيب ‪ ‬قال‪ً{ :‬ل يدخل النار أح ٌد بـايع حتـت الشجرة} (‪ . )2( )1‬وقد جاءت أحاديث‬
‫بعضها عامة يف فضل مجيـع الصحابـة وبعضها يف فضل أهل بدر‪ ،‬وبعضها يف أفراد خبصوصهم‪.‬‬
‫مجيعـا‪ ،‬وحمبتهم والرتضي‬
‫فالواجب على املسلمني تطبيق هذه النصوص وتويل الصحابة ً‬
‫عنهم‪ ،‬وذكرهم بكل مجيل‪ ،‬واًلقتداء هبم والسري علـى منهجهم‪.‬‬
‫وجوب الكف عما شجر بني الصحابة وحكم سبهم‪:‬‬
‫عرفنا أن أصحاب رسول هللا ‪ ‬هم الصفوة املختارة من هذه األمة بعد نبينا ‪ ‬فهم‬
‫السابقون إىل اإلسالم وهم أعالم اهلدى ومصابيح الدجـى‪ ،‬وهم الذين جاهدوا يف هللا حق‬
‫جهاده وأبلوا بالءً حسنًا يف الـذود عـن حياض اإلسالم حىت مكن هللا هلذا الدين يف األرض‬
‫على أيديـهم‪ .‬فمـن تنقصهم أو سبهم أو ًنل من أحد منهم فهو من شر اخلليقة؛ ألن عمله‬
‫هـذا اعتداء على الدين كله‪ .‬ومن كفرهم أو اعتقد ردهتم فـهو أوىل بـالكفر والردة وإنه مهما‬
‫عمل أح ٌد بعدهم من عمل فإنه لن يبلغ شيئًا من فضلـهم‪ .‬فقد ثبت يف الصحيحني عن أيب‬

‫سعيد اخلدري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسـول هللا ‪ً{ ‬ل تسبوا ً‬


‫أحدا من أصحايب‪ ،‬فإن أحدكم لو‬

‫)‪ (1‬الرتمذي املناقب (‪. )3860‬‬


‫)‪ (2‬صحيح مسلم ‪ :‬حديث برقم (‪. )2496‬‬

‫‪248‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫أنفق مثل أحد ذهبًا مـا أدرك ُمد أحدهم وًل نصيفه} (‪ . )2( )1‬فقد دل احلديث على حترمي‬
‫سب أصحاب رسول هللا ‪ ‬والتأكيد على أنه لن يبلغ أحد مبلغهم مهما قدم من عمل‪.‬‬
‫فالواجب على املسلمني اعتقاد عدالتهم والرتضي عنهم والكف عمـا شجر بينهم وعدم‬
‫اخلوض فيما جرى بينهم من خالف وترك سـرائرهم إىل هللا تعاىل‪ .‬قال عمر بن عبد العزيز رمحه‬
‫هللا‪( :‬أولئك قوم طهر هللا أيدينا مـن دمائهم‪ ،‬فلنطهر ألسنتنا من أعراضهم)‪.‬‬
‫وخالصة القول أن أهل السنة يوالون الصحابـة كلـهم وينـزلوهنم منازهلم اليت يستحقوهنا‬
‫ابلعدل واإلنصاف‪ً ،‬ل ابهلوى والتعصب‪ .‬فإن ذلـك كله من البغي الذي هو جماوزة احلد‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري املناقب (‪ ، )3470‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2541‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3861‬أبو داود السنة‬
‫(‪ ، )4658‬أمحد (‪. )55/3‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري حديث برقم (‪ ، )3673‬ومسلم كتاب الفضائل حديث رقم (‪. )2541 ، 2540‬‬

‫‪249‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‬
 ‫أهل بيت النيب‬
:‫التعريف أبهل البيت‬

ّ ‫ الذين‬ ‫أهـل البيـت هـم آل النيب‬


،‫ آل علي بن أيب طالب‬:‫ وهـم‬.‫حرمت عليهم الصدقة‬
.  ‫ وبنـو احلـارث بـن عبد املطلب وأزواج النيب‬،‫ وآل العبـاس‬،‫وآل جعفر‬
:‫أدلة فضل أهل البيت‬
          { :‫قوله تعاىل‬

.)33 :‫) (األحزاب‬1( }

. )3( )2( }‫ {أذ ّكركم هللا يف أهل بييت‬ ‫وقال‬


:‫ يف أهل البيت‬ ‫دخول أزواج النيب‬
             { :‫قال تعاىل‬
                

             

               

‫ (مث‬:‫ قال اإلمام ابن كثري رمحه هللا‬.)34-32 :‫) (األحزاب‬4( }   
 
 
  
  
 

   { ‫ داخالت يف قوله‬ ‫الذي ًل يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النيب‬

. )5( }            


     
 
  
 
   
 
 
 
 
 
  

. 33 : ‫( سورة األحزاب آية‬1)


. )3316( ‫ الدارمي فضائل القرآن‬، )367/4( ‫ أمحد‬، )2408( ‫( مسلم فضائل الصحابة‬2)
. )2408( ‫( صحيح مسلم حديث برقم‬3)
. 34 - 32 : ‫( سورة األحزاب آية‬4)
. 33 : ‫( سورة األحزاب آية‬5)

250
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫{ ‪    ‬‬ ‫فإن سياق الكالم معهن وهلذا قال بعد هذا كله‪:‬‬

‫‪ ، )1( }   ‬أي واعملن مبا ينـزل هللا تبارك وتعاىل على رسوله ‪ ‬يف‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫بيوتكن من الكتاب والسنة‪ .‬قال قتادة وغـري واحـد‪( :‬واذكرن هذه النعمة اليت خصصنت هبا من‬
‫بني النساء) (‪. )2‬‬
‫الوصية أبهل البيت‪:‬‬
‫تقدم حديث {أذكركم هللا يف أهل بييت} (‪ . )3‬فأهل السنة حيبوهنم ويكرموهنم وحيفظون‬
‫فيهم وصية رسول هللا ‪ ‬ألن ذلك من حمبة النيب وإكرامه وذلك بشرط أن يكونوا متبعني‬
‫للسنة مستقيمني على امللة كما كان سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه‪ .‬أما من خالف السنة‬
‫ومل يستقم على الدين فإنه ًل جيوز مواًلته‪ ،‬ولو كان من أهل البيت‪.‬‬
‫فموقف أهل السنة واجلماعة من أهل البيت موقف اًلعتدال واإلنصاف‪ ،‬يتولون أهل‬
‫الدين واًلستقامة منهم ويتربؤون ممن خالف السنة واحنرف عن الدين‪ ،‬ولو كان من أهل البيت‪،‬‬
‫فإ ّن كونه من أهل البيـت ومـن قرابـة الرسول ًل ينفعه شيئًا حىت يستقيم على دين هللا‪ .‬فقد روى‬
‫‪  ‬‬ ‫أبو هريـرة ‪ ‬قال‪ :‬قام رسول هللا ‪ ‬حني أنـزل عليـه {‬

‫‪( )4( }‬الشعراء‪ .)214 :‬فقال‪{ :‬اي معشر قريش أو كلمة حنوها‪ ،‬اشرتوا أنفسـكـم ًل‬
‫أغين عنكم من هللا شيئا‪ ،‬اي بين عبد مناف ًل أغين عنكم من هللا شيئًا‪ ،‬يـا صفية عمة رسول‬
‫هللا ًل أغين عنك من هللا شيئًا‪ ،‬واي فاطمة بنـت حممـد سليين ما شئت من مايل ًل أغين عنك‬

‫)‪ (1‬سورة األحزاب آية ‪. 34 :‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري ‪. 411 / 6‬‬
‫)‪ (3‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2408‬أمحد (‪ ، )367/4‬الدارمي فضائل القرآن (‪. )3316‬‬
‫)‪ (4‬سورة الشعراء آية ‪. 214 :‬‬

‫‪251‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫من هللا شيئًا} (‪ . )2( )1‬وحلديث‪( :‬من بطـأ به عمله مل يسرع به نسبه) (‪ . )3‬معىن من بطأ‪:‬‬
‫أي من أتخر‪.‬‬
‫ويتربأ أهل السنة واجلماعة من الذين يغلون يف بعض أهل البيت ويدعون هلم العصمة‪.‬‬
‫ومن الذين ينصبون العداوة ألهل البيت املستقيمني‪ ،‬ويطعنـون فيهم‪ ،‬ومن طريقة املبتدعني‬
‫واخلرافيني الذيـن يتوسـلون بـأهل البيت ويتخذوهنم أراب ًاب من دون هللا‪.‬‬
‫فأهل السنة يف هذا الباب وغريه على املنهج املعتدل والصراط املسـتقيم الذي ًل إفراط فيه‬
‫وًل تفريط‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري الوصااي (‪ ، )2602‬مسلم اإلميان (‪ ، )204‬النسائي الوصااي (‪ ، )3646‬أمحد (‪ ، )361/2‬الدارمي‬


‫الرقاق (‪. )2732‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )4771‬ومسلم برقم (‪. )204‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم برقم (‪. )2699‬‬

‫‪252‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الرابع‬
‫اخللفاء الراشدون‬
‫التعريف ابخللفاء الراشدين‪:‬‬
‫اخللفاء الراشدون هم‪ :‬أبو بكر الصديق‪ ،‬وعمر بن اخلطاب (الفاروق)‪ ،‬وذو النورين عثمان‬
‫بن عفان‪ ،‬وأبو السبطني علي بن أيب طالب رضي هللا عنهم وأرضاهم‪.‬‬
‫مكانتهم ووجوب اتباعهم‪:‬‬
‫اخللفاء الراشدون هم أفضل الصحابة‪ ،‬وهم اخللفاء الراشدون املـهديون الذين أمر‬
‫الرسول ‪ ‬ابتباعهم‪ ،‬والتمسك هبديهم‪ .‬كما ثبت ذلك مـن حديث العرابض بن سارية ‪‬‬
‫الذي جاء فيه أن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬أوصيكـم ابلسمع والطاعة‪ ،‬فإنه من يعش منكـم بعدي‬
‫كثريا فعليكـم بسنيت وسنة اخللفاء الراشدين املهديني من بعدي متسكوا هبا‬
‫فسريى اختالفًا ً‬
‫وعضوا عليـها ابلنواجذ‪ ،‬وإايكم وحمداثت األمور‪ ،‬فإن كل بدعة ضاللة} (‪. )2( )1‬‬
‫فضلهم‪:‬‬
‫أمجع أهل السنة واجلماعة على أن التفضيل بني اخللفاء حبسب ترتيبـهم يف اخلالفة‪ :‬أبو‬
‫بكر مث عمر مث عثمان مث علي‪ .‬وقد ورد يف فضـل كـل واحد منهم أحاديث كثرية نورد حديثًا‬
‫احدا منها لكل واحد منهم‪:‬‬
‫و ً‬
‫فمما جاء يف فضل أيب بكر ‪ ‬ما ثبت يف الصحيحني أن النيب ‪ ‬قـال على منربه‪:‬‬
‫{لو كنت متخ ًذا من أهل األرض خليال‪ً ،‬لختذت أاب بكر خليال ًل يبقني يف املسجد خوخة‬

‫إًل سدت إًل خوخة أيب بكر} (‪. )4( )3‬‬

‫)‪ (1‬الرتمذي العلم (‪ ، )2676‬ابن ماجه املقدمة (‪ ، )44‬أمحد (‪ ، )126/4‬الدارمي املقدمة (‪. )95‬‬
‫)‪ (2‬رواه أمحد (‪ ، )127 -129 / 4‬والرتمذي (‪ )438 / 7‬بسند صحيح ‪.‬‬
‫)‪ (3‬البخاري املناقب (‪ ، )3691‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2382‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3660‬أمحد (‪. )18/3‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪. )3654‬‬

‫‪253‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومما جاء يف فضل عمر ‪ ‬ما ثبت يف الصحيحني أن النيب ‪ ‬كان يقول‪{ :‬قد كان‬

‫يف األمم قبلكـم حمدَّثون‪ ،‬فإن يكن يف أميت أحد فإن عمـر بن اخلطاب منهم} (‪ . )2( )1‬ومعىن‬
‫حم ّدثون‪ُ :‬م ْل َه ُمون‪.‬‬
‫ومما جاء يف فضل عثمان ‪ ‬حديث عائشة الطويل الذي قالت فيـه‪{ :‬دخل أبو بكر‬
‫مث عمر مث عثمان وعندما رآه الرسول جلس وسوى ثيابـه فسألته عائشة فقال‪ :‬أًل أستحي من‬
‫رجل تستحي منه املالئكة} (‪. )4( )3‬‬
‫ومما جاء يف فضل علي ‪ ‬ما رواه الشيخان عن سهل بن سـعد ‪ ‬أن النيب ‪ ‬قال‬

‫عشية خيرب‪{ :‬ألعطني الراية ً‬


‫غدا رجال حيـب هللا ورسـولَه‪ ،‬وحيبه هللا ورسولُه يفتَح هللا على‬

‫يديه‪ ...‬فقال‪ :‬ادعوا يل عليًّا‪ ...‬فدفـع الراية إليه ففتح هللا عليه} (‪. )6( . )5‬‬

‫)‪ (1‬البخاري أحاديث األنبياء (‪ ، )3282‬أمحد (‪. )339/2‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ . )3689‬ومسلم برقم (‪. )2398‬‬
‫)‪ (3‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2401‬أمحد (‪. )155/6‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )2401‬‬
‫)‪ (5‬البخاري املغازي (‪ ، )3973‬مسلم فضائل الصحابة (‪ ، )2406‬أمحد (‪. )333/5‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري برقم (‪ . )3702‬ومسلم برقم (‪. )2405‬‬

‫‪254‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث اخلامس‬
‫العشرة املبشرون ابجلنة‬
‫مجيعا عدول‪ ،‬وأهنم يتفـاضلون يف الصحبة‪ .‬وأفضل‬
‫عرفنا فيما سبق فضل الصحابة وأهنم ً‬
‫الصحابة السابقون األولون يف اإلسالم من املـهاجرين مث األنصار‪ ،‬مث أهل بدر‪ ،‬مث أهل أحد‪،‬‬
‫مث أهل غزوة األحزاب مث أهـل بيعـة الرضوان‪ ،‬مث من هاجر من قبل الفتح وقاتل أعظم درجة‬
‫من الذين أنفقـوا من بعد وقاتلوا‪ ،‬وكال وعد هللا احلسىن‪.‬‬
‫وأفضل الصحابة اخللفاء الراشدون أبو بكر الصديق وعمـر الفـاروق وعثمان ذو النورين‪،‬‬
‫اري رسول‬
‫وأبو السبطني علي بن أيب طالب‪ ،‬مث عبد الرمحن بـن عوف‪ ،‬والزبري بن العوام حو ّ‬
‫هللا ‪ ‬وطلحة بـن عبيـد هللا‪ ،‬وسعد بن أيب وقاص‪ ،‬وأمني هذه األمة أبو عبيدة بن اجلراح‪،‬‬
‫وسعيد بـن زيد بن نفيل رضي هللا عنهم أمجعني‪.‬‬
‫وقد جاءت يف فضلهم أحاديث عامة ومنهم من جـاء فيـه حديـث خبصوصه‪ .‬ومن‬
‫األحاديث العامة يف فضلهم ما رواه أمحد وأصحاب السنن عن عبد الرمحن بن األخنس ‪‬‬
‫عن سعيد بن زيد قال‪ :‬أشهد على رسـول هللا ‪ ‬أين مسعته وهو يقول‪{ :‬عشرة يف اجلنة‪،‬‬
‫النيب ‪ ‬يف اجلنة‪ ،‬وأبو بكـر يف اجلنة‪ ،‬وعمر يف اجلنة‪ ،‬وعثمان يف اجلنة‪ ،‬وعلي يف اجلنـة‪،‬‬
‫وطلحـة يف اجلنة‪ ،‬والزبري بن العوام يف اجلنة‪ ،‬وسعد بن مالك يف اجلنة‪ ،‬وعبد الرمحن بـن عوف‬
‫يف اجلنة)‪ ،‬ولو شئت لسميت العاشر‪ .‬قال‪ :‬فقالوا‪ :‬من هو ؟ فسـكت قال‪ :‬فقالوا‪ :‬من هو ؟‬
‫فقال‪( :‬هو سعيد بن زيد رضي هللا عنه)} (‪. )2( )1‬‬
‫وقد بشر النيب ‪ ‬آخرين غري هؤًلء العشرة ابجلنة‪ ،‬مثل عبد هللا بـن مسعود‪ ،‬وبالل بن‬
‫رابح‪ ،‬وعكاشة بن حمصن‪ ،‬وجعفر بـن أيب طـالب‪ ،‬وغريهم كثري‪ .‬وأهل السنة واجلماعة ينصون‬
‫على مـن ورد النـص مـن املعصوم فيه ابمسه فيشهدون له ابجلنة لشهادة رسول هللا ‪ ‬له‪ ،‬ومن‬

‫)‪ (1‬الرتمذي املناقب (‪ ، )3757‬أبو داود السنة (‪ ، )4648‬أمحد (‪. )188/1‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد (‪ ، )188 / 1‬وأصحاب السنن بسند صحيح ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫مجيعا ابجلنة كما قال تعـاىل بعـد ذكـر الصحابة وبيان‬


‫عداهم يرجون هلم اخلري لوعد هللا هلم ً‬
‫‪( )1( }       ‬النساء‪ .)95 :‬واحلسىن هي اجلنة‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫فضل بعضهم علـى بعـض { ‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫كما أن مذهب أهـل السـنة يف عمـوم املسلمني عدم القطع ألحد منهم جبنة أو ًنر‪ ،‬وإَّنا‬
‫يرجـون للمحسـنني الثواب وخيافون على املسيئني العقاب مع القطع ملن مات على التوحيد‬
‫{ ‪           ‬‬ ‫بعدم ختليده يف النار لقوله تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }    ‬النسـاء‪.)116 :‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 95 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النساء آية ‪. 116 :‬‬

‫‪256‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫الواجب حنو أئمة املسلمني وعامتهم‬
‫ولزوم مجاعتهم‬

‫روى مسلم عن أيب رقية متيم الداري ‪ ‬أن النيب ‪ ‬قـال‪{ :‬الديـن النصيحة‪ ،‬الدين‬
‫النصيحة‪ ،‬الدين النصيحة‪ ،‬قلنا‪ :‬ملن اي رسول هللا ؟ قـال‪ :‬هلل ولرسوله ولكتابه وألئمة املسلمني‬
‫وعامتهم} (‪. )2( )1‬‬
‫فالنصيحة هلل‪ :‬إفراده تعاىل ابلعبادة وتعظيمه وخوفه ورجـاؤه وحمبتـه وفعل أوامره واجتناب‬
‫نواهيه‪.‬‬
‫والنصيحة لرسوله ‪ ‬تصديقه فيما أخرب به وطاعته فيما أمر به‪ ،‬واتباع سنته‪ ،‬واًلهتداء‬
‫هبديه وحمبته‪ ،‬وأًل نعبد هللا إًل وفق ما جاء به ‪. ‬‬
‫وأما النصيحة ألئمة املسلمني فهي الدعاء هلم وحمبتـهم وطاعتـهم يف حدود طاعة هللا تعاىل‪.‬‬
‫وحب اخلري هلم كـما‬
‫وأما النصيحة لعامة املسلمني فهو أمرهم ابملعروف وهنيهم عن املنكـر‪ُ ،‬‬
‫حنب ألنفسنا وبذل اخلري هلم ومساعدهتم بقـدر مـا نستطيع‪.‬‬
‫الواجب حنو والة األمور‪:‬‬
‫لقد دل الكتاب والسنة وإمجاع سلف األمة على وجوب طاعة اإلمـام وإن جار يف حدود‬
‫طاعة هللا تعاىل‪ ،‬ما مل أيمر مبعصية‪ ،‬فإن أمر مبعصية فـال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق‪ .‬كما‬
‫جتب الصالة خلفه‪ ،‬واحلج واجلـهاد معه‪ ،‬ويطاع يف مواضع اًلجتهاد‪ ،‬وليس عليه أن يطيع‬
‫أتباعـه يف مـوارد اًلجتهاد بل عليهم طاعته يف ذلك‪ ،‬وترك رأيهم لرأيه‪ ،‬فإن مصلحة اجلماعة‬

‫)‪ (1‬مسلم اإلميان (‪ ، )55‬النسائي البيعة (‪ ، )4197‬أبو داود األدب (‪ ، )4944‬أمحد (‪. )102/4‬‬
‫)‪ (2‬صحيح مسلم برقم (‪. )55‬‬

‫‪257‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫واًلئتالف وجتنب مفسدة الفرقة واًلختالف‪ ،‬أعظم مـن أمـر املصـاحل اخلاصة‪ .‬كما جتب‬
‫النصيحة له ابلطرق املشروعة وترك منازعتـه وعـدم اخلروج عليه‪.‬‬
‫قال اإلمام الطحاوي رمحه هللا‪( :‬وًل نرى اخلروج علـى أئمتنـا ووًلة أمورًن وإن جاروا‪ ،‬وًل‬
‫يدا من طاعتهم ونـرى طاعتهم من طاعة هللا ‪ ‬فريضة‪ ،‬ما مل أيمروا‬
‫ندعو عليهم‪ ،‬وًل ننـزع ً‬
‫مبعصية‪ ،‬وندعو هلـم ابلصالح واملعافاة)‪.‬‬
‫‪ ‬‬ ‫واألدلة على ذلك كثرية من الكتاب والسنة‪ ،‬فمن الكتاب قوله تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }                     ‬النساء‪.)59 :‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪      ‬‬

‫ومن السنة حديث أيب هريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪{ :‬من أطاعين فقد أطاع هللا‪،‬‬
‫ومن عصاين فقد عصى هللا‪ ،‬ومن يطع األمري فقد أطاعين‪ ،‬ومـن يعص األمري فقد‬
‫عصاين} (‪ . )3( )2‬وعن ابن عمر رضي هللا عنهما قـال‪ :‬قـال رسول هللا ‪{ ‬على املرء‬
‫املسلم السمع والطاعة فيما أحـب وكـره إًل أن يؤمر مبعصية‪ ،‬فإذا أمر مبعصية فال مسع وًل‬
‫طاعة} (‪. )5( )4‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 59 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري اجلهاد والسري (‪ ، )2797‬مسلم اإلمارة (‪ ، )1835‬النسائي اًلستعاذة (‪ ، )5510‬ابن ماجه اجلهاد‬
‫(‪ ، )2859‬أمحد (‪. )313/2‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪. )7137‬‬
‫)‪ (4‬البخاري األحكام (‪ ، )6725‬الرتمذي اجلهاد (‪ ، )1707‬أبو داود اجلهاد (‪ ، )2626‬ابن ماجه اجلهاد‬
‫(‪ ، )2864‬أمحد (‪. )142/2‬‬
‫)‪ (5‬صحيح البخاري برقم (‪. )7144‬‬

‫‪258‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫بعيدا عن اإلاثرة والتـهويل يـدل لذلك ما رواه ابن أيب‬


‫سرا ً‬‫والسنة أن تُبذل النصيحة لإلمام ًّ‬
‫عاصم وغريه‪ ،‬عن عياض بن غنم ‪ ‬قـال‪ :‬قـال رسول هللا ‪{ ‬من أراد أن ينصح لذي‬

‫سلطان فال يبده عالنية‪ ،‬وليـأخذ بيده فإن مسع منه فذاك‪ ،‬وإًل أدى الذي عليه} (‪. )2( )1‬‬
‫هذه النصوص من القرآن والسنة كلها أتمر بطاعة األئمة ووًلة األمـور يف غري معصية هللا‬
‫تعاىل‪ .‬وميكن أن نستخلص منها ما أييت‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن السمع والطاعة واجبة يف كل األحوال يف غري معصية‪.‬‬
‫‪ - 2‬عدم اخلروج على وًلة األمر إذا مل يقبلوا النصيحة‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن من نصح لوًلة األمر وأنكر عليهم ابلطريقة املشروعة فقد برئ مـن الذنب‪.‬‬
‫‪ - 4‬النهي عن إاثرة الفنت وأسباب إاثرهتا‪.‬‬
‫‪ - 5‬عدم اخلروج على الوًلة ما مل يظهر منهم الكفر البـواح أي الظـاهر الذي ًل حيتمل‬
‫التأويل‪.‬‬
‫‪ - 6‬وجوب لزوم مجاعة املسلمني الذين يسريون على هدى الكتاب والسنة قوًل وعمال‬
‫اعتقادا ومواًلهتم واتباع سبيلهم واحلرص علـى مجع كلمتهم على احلق وعدم مفارقتهم أو‬
‫و ً‬
‫{ ‪          ‬‬ ‫اًلنشقاق عليهم‪ .‬كمـا قـال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3(}  ‬النساء‪ )115 :‬وقال‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)5( )4‬‬
‫رسول هللا ‪{ ‬عليكم ابجلماعة فإن يد هللا مع اجلماعة‪ ،‬ومن شذ شذ يف النار}‬

‫)‪ (1‬أمحد (‪. )404/3‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن أيب عاصم يف السنة (‪ )507 / 2‬بسند صحيح ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 115 :‬‬
‫)‪ (4‬الرتمذي الفنت (‪. )2167‬‬
‫)‪ (5‬الرتمذي برقم (‪ ، )2167‬السنة ًلبن أيب عاصم برقم (‪. )80‬‬

‫‪259‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وعن ابن عباس ‪ ‬قـال‪ :‬قـال رسول هللا ‪{ ‬من رأى من أمريه شيئًا يكرهه فليصرب‪ ،‬فإنه‬

‫شربا فمات فميتته جاهلية}(‪. )2( )1‬‬


‫من فـارق اجلماعة ً‬
‫فـدلت هذه النصوص على وجوب لزوم اجلماعة وعدم منازعـة األمـر أهله‪ ،‬والوعيد الشديد‬
‫ملن خيالف ذلك‪ .‬إذ أن اجلماعـة رمحـة والفرقـة عذاب‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري الفنت (‪ ، )6646‬مسلم اإلمارة (‪ ، )1849‬أمحد (‪ ، )297/1‬الدارمي السري (‪. )2519‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )7143‬‬

‫‪260‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفصل اخلامس‪:‬‬
‫وجوب االعتصام ابلكتاب والسنة‬
‫وأدلة وجوبه‬
‫وفيه ثالث مباحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬معىن االعتصام ابلكتاب والسنة وأدلة وجوبه‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التحذير من البدع‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬ذم التفرق واالختالف‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث األول‬
‫معىن االعتصام ابلكتاب والسنة وأدلة وجوبه‬

‫لقد أمر هللا األمة ابًلجتماع واحتاد الكلمة ومجع الصف على أن يكـون أساس هذا‬
‫اًلجتماع اًلعتصام ابلكتاب والسنة‪ ،‬وهنى عن التفرق وبـني خطورته على األمة يف الدارين‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك أمرًن ابلتحاكـم إىل كتـاب هللا تعاىل يف األصول والفروع وهنينا عن كل سبب‬
‫يؤدي إىل التفرق‪.‬‬
‫فالطريق الصحيح إىل النجاة هو التمسك بكتاب هللا تعاىل وسنة رسـوله ‪ ‬فإهنما حصن‬
‫{ ‪     ‬‬ ‫حصني وحرز متني ملن وفقه هللا تعـاىل‪ .‬قـال تعـاىل‪:‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪( )1( }                  ‬آل‬


‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫عمران‪ .)103 :‬فقد أمر هللا تعاىل ابًلعتصام حببل هللا‪ ،‬وحبل هللا هو عـهد هللا أو هو القرآن‬
‫كما قال املفسرون‪ ،‬إذ العهد الذي أخذه هللا على املسـلمني هو اًلعتصام ابلقرآن والسنة‪ .‬فقد‬
‫واًلختالف‪ .‬قال تعاىل‪    { :‬‬ ‫أمر هللا تعاىل ابجلماعة وهنى عن التفـرق‬

‫‪( )2( }              ‬احلشر‪ .)7 :‬وهذا شامل ألصول الدين وفروعه الظاهرة والباطنـة‪.‬‬
‫وأن ما جاء به الرسول يتعني على العباد األخذ به واتباعه وًل حتل خمالفتـه‪ ،‬وأن نص‬
‫الرسول على حكـم الشيء كنص هللا تعاىل ًل رخصة ألحـد وًل عذر له يف تركه‪ ،‬وًل جيوز تقدمي‬
‫‪        ‬‬ ‫قول أحد على قوله‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( }         ‬األنفال‪ .)20 :‬فقد أمر هللا تعاىل عباده املؤمنني بطاعتـه وطاعة‬

‫)‪ (1‬سورة آل عمران آية ‪. 103 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة احلشر آية ‪. 7 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة األنفال آية ‪. 20 :‬‬

‫‪262‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ ‬‬ ‫رسـوله‪ ،‬وزجرهم عن خمالفته والتشبه ابلكافرين به املعاندين له‪ .‬وهلذا قـال‪{ :‬‬

‫‪ )1( }  ‬أي ترتكوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره‪.‬‬

‫{ ‪            ‬‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪( )2( }‬النساء‪.)59 :‬‬


‫قـال احلافظ ابن كثري‪( :‬أطيعوا هللا‪ ،‬أي اتبعوا كتابه‪ ،‬وأطيعوا الرسول أي خـذوا سنته‪ ،‬وأويل‬
‫األمر منكـم أي فيما أمروكم به من طاعة هللا ًل يف معصيـة هللا‪ ،‬فإنه ًل طاعة ملخلوق يف معصية‬
‫‪ . )3( }    ‬قال جماهد‪ :‬أي إىل كتاب‬
‫‪         ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫هللا)‪ .‬وقوله { ‪     ‬‬
‫‪    ‬‬

‫هللا وسنة رسـوله‪.‬‬


‫وهذا أمر من هللا ‪ ‬أبن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الديـن وفروعه أن يرد التنازع‬
‫‪       ‬‬ ‫يف ذلك إىل الكتاب والسنة كما قال تعـاىل‪{ :‬‬

‫‪( )4( }‬الشورى‪ .)10 :‬فما حكـم به الكتـاب والسنة وشهدا له ابلصحة فهو احلق‪ ،‬فماذا‬

‫‪ ، )5( }  ‬أي‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫بعد احلق إًل الضالل‪ .‬وهلذا قال تعـاىل‪         { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫ردوا الفصـل يف اخلصومات واجلهاًلت إىل الكتاب والسنة ومن ًل يرجع إليهما يف ذلـك فليس‬
‫‪ ، )6( }  ‬أي التحـاكم إىل كـتاب هللا وسنة‬ ‫مؤمنًا ابهلل وًل اليوم اآلخر‪ .‬وقوله { ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫)‪ (1‬سورة األنفال آية ‪. 20 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة النساء آية ‪. 59 :‬‬
‫)‪ (3‬سورة النساء آية ‪. 59 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة الشورى آية ‪. 10 :‬‬
‫)‪ (5‬سورة النساء آية ‪. 59 :‬‬
‫)‪ (6‬سورة النساء آية ‪. 59 :‬‬

‫‪263‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫‪ ، )1( } ‬أي وأحسن عاقبة‬


‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫رسوله‪ ،‬والرجوع إليهما يف فصل النـزاع خري { ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫ومآًل كما قال السدي وقال جماهد‪( :‬وأحسـن جزاء وهو قريب) (‪ . )2‬ويف كتاب هللا آايت‬
‫كثـرية وردت يف وجـوب اًلعتصام ابلكتاب والسنة والرجوع إليهما يف كل األمور‪.‬‬
‫وأما األدلة من السنة على وجوب التمسك ابلكتاب والسنة فمنها م ـا رواه‬
‫اإلمام مسلم عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪ { :‬إن هللا يرضى ل ك ـم ثال ًاث‬
‫ويسخط ل ك ـم ثال ًاث ‪ ،‬يرضى لكم أن تعبدوه وًل تشرك وا به شيئًا وأن تعتصم وا حببل‬
‫هللا مجيعً ا وًل تفرق وا‪ ،‬وأن تناصح وا من وًله هللا أمركم‪ .‬ويسخط ل ك ـم ثال ًاث ‪ ،‬قيل‬
‫‪ .‬وعن جابر ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬ ‫( ‪)4 ( )3‬‬
‫وقال‪ ،‬وكثرة الس ؤال وإضاعة املال }‬

‫‪.‬‬ ‫( ‪)5‬‬
‫هللا ‪ { ‬إين اترك فيكم ما إن متسكتم به لن تضل وا بعدي كتاب هللا وسنيت }‬

‫وقال ‪ { ‬تركت ك ـم ع ل ـى البي ض ـاء لي ل ـها كنهارها ًل يزيغ عنها بعد إًل‬

‫‪ .‬وجاء يف حديث العرب ـاض ب ـن سارية قوله ‪ { ‬علي ك ـم بسنيت‬ ‫( ‪)7 ( )6‬‬
‫هالك }‬
‫وسنة اخللفاء ال راشدين املهديني من بع ـدي متسك وا هبا وعض وا عليها‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)9 ( )8‬‬
‫ابلن واجذ }‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 59 :‬‬


‫)‪ (2‬تفسري ابن كثري (‪. )304 / 2‬‬
‫)‪ (3‬مسلم األقضية (‪ ، )1715‬أمحد (‪ ، )360/2‬مالك اجلامع (‪. )1863‬‬
‫)‪ (4‬صحيح مسلم برقم (‪. )1715‬‬
‫)‪ (5‬رواه مالك يف املوطأ (‪. )899 / 2‬‬
‫)‪ (6‬ابن ماجه املقدمة (‪ ، )44‬أمحد (‪. )126/4‬‬
‫)‪ (7‬سنن ابن ماجه (‪ )16 /1‬املقدمة ‪ .‬وصحيح ابن ماجه لأللباين (‪. )6 /1‬‬
‫)‪ (8‬الرتمذي العلم (‪ ، )2676‬ابن ماجه املقدمة (‪ ، )44‬أمحد (‪ ، )126/4‬الدارمي املقدمة (‪. )95‬‬
‫)‪ (9‬سنن أيب داود (‪ )13 /5‬والرتمذي مع حتفة األحوذي (‪. )438 /7‬‬

‫‪264‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وقد بشر النيب ‪ ‬املتمسكني بسنته من أمته أبعظم بشـارة وأشـرف مقصد يطلبه كل‬
‫مؤمن ويسعى إىل حتقيقه من كان يف قلبه أدىن مسكة مـن إميان أًل وهو الفوز بدخول اجلنة‪.‬‬
‫جاءت هذه البشـرى يف حديث أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬كل أميت يدخلون‬
‫اجلنة إًل مـن أىب‪ .‬قـالوا ومن أيىب اي رسول هللا ؟ قال‪ :‬من أطاعين دخل اجلنة ومن عصاين فقـد‬
‫أىب} (‪ . )2( )1‬وأي إابء ورفض للسنة أعظم مـن خمالفـة أمـره ‪ ‬؟ وذلـك ابإلحداث واًلبتداع‬
‫يف الدين‪.‬‬
‫ومعلوم أن الفرقة الناجية هي اليت كانت على مثل ما كان عليه النيب ‪ ‬وأصحابه‪ ،‬وهي‬
‫اجلماعة‪ .‬قال أيب بن كعب ‪{ ‬عليكم ابلسبيل والسـنة فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة‬
‫اقتصادا يف سبيل وسنة خري‬
‫ً‬ ‫أبدا وإن‬
‫ذكر الرمحن ففاضت عيناه من خشـية هللا فتمسه النار ً‬
‫من اجتهاد يف خـالف سبيل وسنة} ‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري اًلعتصام ابلكتاب والسنة (‪ ، )6851‬أمحد (‪. )361/2‬‬


‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪. )7280‬‬

‫‪265‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‬
‫التحذير من البدع‬
‫تعريف البدعة‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫البدعة لغة‪ :‬هي اًلخرتاع على غري مثال سابق ومن ذلـك قول هللا تعاىل‪{ :‬‬

‫‪ )1( } ‬أي خمرتعهما‪.‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وشرعا‪ :‬ما خالف الكتاب والسنة‪ ،‬أو إمجـاع سـلف األمـة من اًلعتقادات والعبادات احملدثة‬
‫ً‬
‫يف الدين‪.‬‬
‫خطر البدع‪:‬‬
‫إن البدع واحملداثت يف الدين هلا خطورة عظيمة‪ ،‬وآاثر سيئة على الفرد واجملتمع بل وعلى‬
‫الدين كله أصوله وفروعه‪ .‬فالبدع‪ :‬إحداث يف الديـن‪ ،‬وقول على هللا بغري علم وشرع يف الدين‬
‫مبا مل أيذن به هللا‪ ،‬والبدعة سـبب يف عدم قبول العمل وتفريق األمة‪ ،‬واملبتدع حيمل وزره ووزر‬
‫من تبعـه يف بدعته‪ ،‬كما أن البدعة سبب يف احلرمان من الشرب من حوض النيب ‪ ‬فعن‬
‫سـهل بـن سـعد األنصاري‪ ،‬وأيب سعيد اخلـدري رضي هللا عنهما أن رسـول هللا ‪ ‬قـال‪{ :‬أًن‬
‫أبدا‪ .‬لريدن علي أقوام أعرفهم‬
‫مر علي شرب‪ ،‬ومن شرب ًل يظمأ ً‬
‫فَـَرطُكم على احلوض من ّ‬
‫ويعرفونين مث حيال بيين وبينهم ِّ‬
‫فأقول إهنم من أميت‪ ،‬فيقال‪ :‬إنك ًل تدري مـا أحدثوا بعدك‪.‬‬
‫غري بعدي} (‪ . )3( )2‬والفرط‪ :‬الذي يسبق إىل املـاء‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬سحقاَ ملن ّ‬
‫بعدا‪.‬‬
‫وسح ًقا‪ :‬أي ً‬
‫والبدعة تشويه للدين‪ ،‬وتغيري ملعامله‪ .‬واخلالصة أن البدعة خطر عظيم على املسلمني يف‬
‫أمر دينهم ودنياهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة البقرة آية ‪. 117 :‬‬


‫)‪ (2‬البخاري الرقاق (‪ ، )6213‬مسلم الفضائل (‪ ، )2291‬أمحد (‪. )339/5‬‬
‫)‪ (3‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )6583‬ورقم (‪ ، )6584‬وصحيح مسلم برقم (‪. )2290‬‬

‫‪266‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫أسباب البدعة‪:‬‬
‫للبدع أسباب كثرية أعظمها البعد عن كتاب هللا تعاىل وسنة رسوله ‪ ‬ومنهج السلف‬
‫الصاحل‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل اجلهل مبصادر التشريع‪.‬‬
‫ومن أسباب انتشار البدع‪ ،‬التعلق ابلشبهات واًلعتماد على العقل اجملرد وجلساء السوء‪،‬‬
‫واًلعتماد على األحاديث الضعيفة واملوضوعة اليت يستدل هبا املبتدعة على بدعهم‪ ،‬والتشبه‬
‫ابلكفار‪ ،‬وتقليد أهل الضالل وحنو ذلـك من األسباب اخلطرية‪.‬‬
‫خطر البدع‪:‬‬
‫من أتمل الكتاب والسنة وجد أن البدع يف الدين حمرمة ومردودة علـى أصحاهبا من غري‬
‫فرق بني بدعة وأخرى‪ ،‬وإن كانت تتفاوت درجـات التحرمي حبسب نوعية البدعة‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن النهي عن البدع قد ورد على وجه واحد يف قول النيب ‪{ ‬إايكم وحمداثت‬

‫األمور فإن كل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللـة} (‪ . )2( )1‬وقوله ‪{ ‬من أحدث يف أمرًن‬

‫هذا ما ليس منه فهو رد} (‪ . )4( )3‬فدل احلديثان على أن كل حمدث يف الدين فهو بدعة‪،‬‬
‫وكل بدعة ضاللة مردودة‪ ،‬ومعىن ذلك أن البدع يف العبادات واًلعتقادات حمرمة‪ ،‬ولكن التحـرمي‬
‫يتفـاوت حبسب نوع البدعة فمنها ما هو كفر صراح كالطواف ابلقبور تقربـا إىل أصحاهبا‪،‬‬
‫وتقدمي الذابئح والنذور هلا‪ ،‬ودعاء أصحاهبا واًلسـتغاثة هبـم‪ ،‬ومنها ما هو من وسائل الشرك‬
‫كالبناء على القبور‪ ،‬والصـالة والدعـاء عندها‪ ،‬ومنها ما هو فسق ومعصية كإقامة األعياد اليت‬
‫مل ترد يف الشـرع‪ ،‬واألذكار املبتدعة والتبتل والصيام قائما يف الشمس‪.‬‬

‫)‪ (1‬مسلم اجلمعة (‪ ، )867‬النسائي صالة العيدين (‪ ، )1578‬ابن ماجه املقدمة (‪ ، )45‬أمحد (‪ ، )311/3‬الدارمي‬
‫املقدمة (‪. )206‬‬
‫)‪ (2‬رواه اإلمام أمحد يف املسند (‪ ، )435 /1‬والدارمي يف السنن (‪ ، )78 /1‬واحلاكم يف املستدرك (‪ )318 /2‬وقال‬
‫صحيح اإلسناد ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫)‪ (3‬البخاري الصلح (‪ ، )2550‬مسلم األقضية (‪ ، )1718‬أبو داود السنة (‪ ، )4606‬ابن ماجه املقدمة (‪، )14‬‬
‫أمحد (‪. )270/6‬‬
‫)‪ (4‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )2697‬وصحيح مسلم برقم (‪. )1718‬‬

‫‪267‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثالث‬
‫ذم التفرق واالختالف‬
‫األدلة على ذم التفرق‪:‬‬
‫لقد ذم هللا التفرق وهنى عن الطرق واألسباب املؤدية إليه‪ .‬وقد جـاءت النصوص من‬
‫الكتاب والسنة اليت حتذر من التفرق واًلختالف وتبني سـوء عاقبته وأنه من أعظم أسباب‬
‫{ ‪  ‬‬ ‫اخلذًلن يف الدنيا‪ ،‬والعذاب واخلزي وسـواد الوجوه يف اآلخرة‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪( )1( }   ‬آل عمران‪-105 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪ .)107‬قال ابن عباس‪( :‬تبيض وجـوه أهل السنة واجلماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة)‪.‬‬
‫{ ‪               ‬‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )2( }               ‬األنعام‪.)159 :‬‬
‫فقد دلت اآلايت على ذم التفرق وخطورتـه علـى األمـة يف الدنيـا واآلخرة‪ ،‬وأنه سبب هالك‬
‫أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى‪ ،‬وسـبب كل احنراف وقع يف الناس‪.‬‬
‫وأما السنة فقد جاءت فيها أحاديث كثرية يف ذم التفرق واًلختـالف واحلث على اجلماعة‬
‫واًلئتالف فمن ذلك ما رواه اإلمام أمحد وأبـو داود عن معاوية ‪ ‬أنه قام فقال‪ :‬أًل إن رسول‬
‫هللا ‪ ‬قام فينا فقـال‪{ :‬أًل إن من قبلكـم من أهل الكتاب افرتقوا على اثنتني وسبعني ملة‪.‬‬
‫وإن هذه األمـة ستتفرق على ثالث وسبعني ملة اثنتان وسبعون يف النار وواحدة يف اجلنـة وهي‬

‫)‪ (1‬سورة آل عمران آية ‪. 107 - 105 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنعام آية ‪. 159 :‬‬

‫‪268‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫اجلماعة} (‪ . )2( )1‬فقد أخرب النيب ‪ ‬ابفرتاق أمته على ثالث وسبعني فرقة‪ ،‬اثنتان وسبعون‬
‫يف النار‪ً ،‬ل ريب أهنم الذين خاضوا كخوض الذيـن مـن قبلهم مث هذا اًلختالف الذي أخرب‬
‫به النيب ‪ ‬إما يف الدين فقط وإمـا يف الدين والدنيا مث يؤول إىل الدين‪ .‬وقد يكون اًلختالف‬
‫يف الدنيـا فقـط‪ .‬وعلى كل حال فإن الفرقة واًلختالف ًل بـد مـن وقوعـهما يف األمـة والرسول ‪‬‬
‫حيذر أمته منه لينجو من الوقوع فيه من شاء هللا له السالمة‪.‬‬
‫االختالف والتفرق سبب هالك األمم السابقة‪:‬‬
‫إذا أتملنا القرآن والسنة وجدًن أن سبب هالك األمم السابقة هو التفرق وكثرة اًلختالف‬
‫ًلسيما اًلختالف يف الكتاب املنـزل عليهم‪.‬‬
‫قال حذيفة ‪ ‬لعثمان ‪( ‬أدرك هذه األمة‪ً ،‬ل ختتلف يف الكتـاب كما اختلفت فيه‬
‫األمم قبلهم)‪ ،‬ملا رأى أهل الشام وأهل العراق خيتلفون يف حروف القرآن اًلختالف الذي هنى‬
‫عنه رسول هللا ‪ . ‬فأفاد ذلك شيئني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬حترمي اًلختالف يف مثل هذا‪.‬‬
‫{ ‪   ‬‬ ‫والثاين‪ :‬اًلعتبار مبن كان قبلنا‪ ،‬واحلذر من مشاهبتهم‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬

‫‪( )3( }         ‬البقرة‪.)176 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪( )4( }                           ‬آل‬


‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫وقوله‪    { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫عمران‪.)19 :‬‬
‫ومن السنة ما رواه أبو هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪{ :‬ذروين مـا تركتكم فإَّنا هلك‬
‫من كان قبلكـم بكثرة سؤاهلم واختالفهم على أنبيائـهم فإذا هنيتكم عن شيء فاجتنبوه‪ ،‬وإذا‬

‫)‪ (1‬أبو داود السنة (‪ ، )4597‬أمحد (‪ ، )102/4‬الدارمي السري (‪. )2518‬‬


‫)‪ (2‬رواه أمحد (‪ . )152 / 4‬وأبو داود (‪ )5 / 5‬وغريمها بسند صحيح ‪.‬‬
‫)‪ (3‬سورة البقرة آية ‪. 176 :‬‬
‫)‪ (4‬سورة آل عمران آية ‪. 19 :‬‬

‫‪269‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫أمرتكم أبمر فأتوا منه ما استطعتم} (‪ . )2( )1‬فقد أمرهم الرسول ‪ ‬يف هذا احلديث ابإلمساك‬
‫عما مل يؤمروا به‪ ،‬معلـال أبن سبب هالك األولني إَّنا كان كثرة السؤال‪ ،‬مث اًلختالف على‬
‫الرسـل ابملعصية أي مبخالفتهم ملا أمرهتم به أنبياؤهم‪.‬‬
‫هل االختالف رمحة‪:‬‬
‫اعتمادا على حديث موضـوع‪( :‬اختالف أميت‬‫ً‬ ‫يدعي بعض الناس أن اًلختالف رمحة‬
‫رمحة)‪ .‬وهذا القول مردود ابلكتاب والسنة والعقل‪ .‬وقـد ذكرًن بعض اآلايت واألحاديث الواردة‬
‫يف ذم اًلختالف والتفـرق‪ .‬ويف ذلك كفاية ملن تدبر وأتمل‪.‬‬
‫بل قد دل القرآن على أن اًلختالف ًل يتفق مع الرمحة بل هو ضدهـا‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )3( } ‬هود‪.)119 ،118 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬

‫واحلديث الذي استدل به أصحاب هذه الدعوى ابطل وًل يصح حبـال‪ ،‬وًل يوجد يف شيء‬
‫من كتب السنة‪ .‬وهذا ِّ‬
‫كاف يف بطالن هذه الدعـوى‪ ،‬يضاف إىل ذلك خمالفته للمعقول‪ ،‬فإنه‬
‫يتصور عاقل أن اًلختالف رمحة‪ ،‬بعدما عرفنا املفاسد اخلطرية الناجتة عنه من التشاحن‬
‫َ‬ ‫ًل‬
‫كثريا ما اثرت بني الناس بسـبب اًلختـالف‪،‬‬
‫والتباغض والتهاجر بـل ورمبا القتال واحلروب اليت ً‬
‫حىت يف بعض مسائل الفروع‪.‬‬

‫)‪ (1‬البخاري اًلعتصام ابلكتاب والسنة (‪ ، )6858‬مسلم احلج (‪ ، )1337‬النسائي مناسك احلج (‪ ، )2619‬ابن‬
‫ماجه املقدمة (‪ ، )2‬أمحد (‪. )428/2‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري برقم (‪ ، )7288‬وصحيح مسلم برقم (‪. )1337‬‬
‫)‪ (3‬سورة هود آية ‪. 119 ، 118 :‬‬

‫‪270‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫طريق اخلالص من الفرقة واالختالف‪:‬‬


‫ومن املعلوم أن الفرقة الناجية والطائفة املنصورة هي اجلماعة‪ .‬واجلماعـة هم الذين يسريون‬
‫وفق منهج النيب ‪ ‬وأصحابه ًل يعدلون عن ذلـك وًل حييدون عنه ميينًا أو ً‬
‫مشاًل‪.‬‬
‫قال الشاطيب رمحه هللا يف اًلعتصام‪( :‬إن اجلماعة ما كان عليه النيب وأصحابه والتابعون‬
‫اعتقادا‪ ،‬وعدم‬
‫وعمال و ً‬
‫قوًل ً‬
‫هلم إبحسان)‪ .‬فطريق اخلالص هو اتباع منـهج أهـل السنة واجلماعة ً‬
‫خمالفتهم أو الشذوذ عنهم‪.‬‬
‫‪            ‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )1( }   ‬النساء‪.)115 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪        ‬‬

‫‪           ‬‬ ‫وقـال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪( )2( }     ‬األنعام‪.)153 :‬‬


‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪‬‬

‫ويف السنة ما رواه الرتمذي وغريه عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما عن رسول هللا ‪‬‬
‫قال‪ً{ :‬ل جتتمع أميت على ضاللة‪ -‬أو قال‪ :‬أمة حممـد على ضاللة‪ -‬ويد هللا على‬

‫اجلماعة} (‪. )4( )3‬‬


‫وهبذا خنتم القول أبن طريق اخلالص وعنوان السعادة التمسك بكتـاب هللا تعاىل‪ ،‬ذلك‬
‫الكتاب العزيز الذي ًل أيتيه الباطل من بني يديه وًل من خلفه تنـزيل من حكيم محيد وكذلك‬
‫التمسك ابلسنة املطهرة الثابتة عـن رسول هللا ‪ ‬الذي ًل ينطق عن اهلوى إن هو إًل وحي‬
‫يوحى فإهنما أي الكتاب والسنة مها املصدران الوحيدان لعقيدة اإلسالم وشريعته‪ .‬فـأي منهج‬
‫جانب هذا الطريق فإنه منهج خاسر‪ ،‬فالتمسك ابلسنة هـو سـبيل املؤمنني‪ ،‬وطريق الوصول‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 115 :‬‬


‫)‪ (2‬سورة األنعام آية ‪. 153 :‬‬
‫)‪ (3‬الرتمذي الفنت (‪. )2167‬‬
‫)‪ (4‬رواه الرتمذي (‪ ، )466 / 4‬وغريه بسند صحيح ‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إىل مرضاة رب العاملني‪ ،‬واحلصن احلصني‪ ،‬وهـذا هو املنهج الذي حيفظ هللا به األمة من بدع‬
‫الذي صلحت بـه‬
‫املبتدعني وانتحـال املبطلـني‪ ،‬وأتويل اجلاهلني وحتريف الغالني‪ .‬وهو الطريق َ‬
‫أحـوال األمة يف صدر اإلسالم‪ ،‬وًل فالح لنا وًل جناح إًل ابلرجوع إليه‪ .‬يقول إمام دار اهلجرة‬
‫اإلمام مالك بن أنس رمحه هللا‪ً( :‬ل يصلح آخر هذه األمة إًل مبا صلح به أوهلا)‪ ،‬وما صلح به‬
‫أوهلا هو العمل بكتاب هللا وسنة رسـوله ‪ ‬ومما ينبغي على املسلم يف هذا اجلانب أن يكون‬
‫{ ‪ ‬‬ ‫مقيدا بفهم السلف الصاحل ومنهجهم لقـول هللا تعـاىل‪:‬‬
‫العمل ابلكتـاب والسـنة ً‬
‫‪                 ‬‬

‫‪( )1( }   ‬النساء ‪.)115‬‬


‫‪ ‬‬

‫فاتباع سبيل املؤمنني وهم الصحابة وأتباعهم من األئمة املهديني إبحسان هو سبيل النجاة‬
‫نسأله تعاىل أن يوفق األمة اإلسالمية للتمسك بكتاب رهبا وسنة نبيها ‪ ‬واتباع سبيل املؤمنني‪.‬‬
‫وآخر دعوانـا أن احلمـد هلل رب العاملني وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬

‫)‪ (1‬سورة النساء آية ‪. 115 :‬‬

‫‪272‬‬
‫فهرس اآلايت‬
‫اختذوا أحبارهم ورهباهنم أراباب من دون هللا واملسيح ابن مرمي وما ‪62 .............................‬‬
‫ادع إىل سبيل ربك ابحلكمة واملوعظة احلسنة وجادهلم ابليت هي أحسن‪2 .........................‬‬
‫إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أين ممدكم أبلف من املالئكة مردفني‪33 .......................‬‬
‫إذ قال هللا ايعيسى ابن مرمي اذكر نعميت عليك وعلى والدتك إذ أيدتك‪191.....................‬‬
‫إذ قال هللا ايعيسى إين متوفيك ورافعك إيل ومطهرك من الذين كفروا ‪186 ,185 ...............‬‬
‫إذ يتلقى املتلقيان عن اليمني وعن الشمال قعيد ‪116..........................................‬‬
‫إذ يغشى السدرة ما يغشى ‪182.............................................................‬‬
‫إذ يوحي ربك إىل املالئكة أين معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي يف‪120...........................‬‬
‫إذا رجت األرض رجا‪195..................................................................‬‬
‫إذا وقعت الواقعة‪195......................................................................‬‬
‫أعد هللا هلم جنات جتري من حتتها األهنار خالدين فيها ذلك الفوز ‪231.........................‬‬
‫أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كالم هللا مث ‪135 ,134 ,126...........‬‬
‫أفتمارونه على ما يرى ‪182.................................................................‬‬
‫أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غري هللا لوجدوا فيه اختالفا ‪128...........................‬‬
‫اقرتبت الساعة وانشق القمر ‪201 ,192 ....................................................‬‬
‫أًل إن أولياء هللا ًل خوف عليهم وًل هم حيزنون ‪195..........................................‬‬
‫إًل بالغا من هللا ورساًلته ومن يعص هللا ورسوله فإن له ًنر جهنم ‪231..........................‬‬
‫أًل تزر وازرة وزر أخرى ‪131................................................................‬‬
‫أًل هلل الدين اخلالص والذين اختذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إًل ‪29 ,19 .......................‬‬
‫إًل من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بني يديه ومن خلفه رصدا ‪70 .........................‬‬
‫إًل من رحم ربك ولذلك خلقهم ومتت كلمة ربك ألمألن جهنم من اجلنة ‪282...................‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪81 ,29 ,28 ........................................................‬‬
‫احلمد هلل فاطر السماوات واألرض جاعل املالئكة رسال أويل أجنحة‪97 .........................‬‬
‫الذي جعل لكم األرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج ‪63 .....................‬‬
‫الذي له ملك السماوات واألرض ومل يتخذ ولدا ومل يكن له شريك يف ‪235......................‬‬
‫الذين آمنوا وتطمئن قلوهبم بذكر هللا أًل بذكر هللا تطمئن القلوب ‪91 ............................‬‬
‫الذين آمنوا وكانوا يتقون ‪195...............................................................‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الذين آمنوا ومل يلبسوا إمياهنم بظلم أولئك هلم األمن وهم مهتدون ‪23 ............................‬‬
‫الذين يتبعون الرسول النيب األمي الذي جيدونه مكتواب عندهم يف التوراة‪170 ,140 ,130.......‬‬
‫الذين حيشرون على وجوههم إىل جهنم أولئك شر مكاًن وأضل سبيال ‪221......................‬‬
‫الذين حيملون العرش ومن حوله يسبحون حبمد رهبم ويؤمنون به ويستغفرون‪113..................‬‬
‫الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار‪48 .................................‬‬
‫الر كتاب أحكمت آايته مث فصلت من لدن حكيم خبري ‪136 ,127 ..........................‬‬
‫الرمحن الرحيم ‪81 ,29 ,28 ...............................................................‬‬
‫الرمحن على العرش استوى‪84 ,75 ..........................................................‬‬
‫هللا الذي خلق سبع مساوات ومن األرض مثلهن يتنزل األمر بينهن لتعلموا ‪237 ,4 ...............‬‬
‫هللا خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ‪238............................................‬‬
‫هللا ًل إله إًل هو احلي القيوم ‪126...........................................................‬‬
‫هللا ًل إله إًل هو احلي القيوم ًل أتخذه سنة وًل نوم له ما يف ‪225 ,82 ,80 ,78 ..............‬‬
‫هللا يتوىف األنفس حني موهتا واليت مل متت يف منامها فيمسك اليت ‪186...........................‬‬
‫هللا يصطفي من املالئكة رسال ومن الناس إن هللا مسيع بصري ‪157 ,105 .......................‬‬
‫أمل تعلم أن هللا يعلم ما يف السماء واألرض إن ذلك يف كتاب إن ذلك ‪237......................‬‬
‫النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون ‪210.......................‬‬
‫اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم ‪91 ......................‬‬
‫أم خلقوا من غري شيء أم هم اخلالقون ‪14 ...................................................‬‬
‫أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب املوت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ‪185...................‬‬
‫أم مل ينبأ مبا يف صحف موسى ‪131..........................................................‬‬
‫أم يقولون افرتاه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون ‪142...........................‬‬
‫أم يقولون افرتاه قل فأتوا بعشر سور مثله مفرتايت وادعوا من استطعتم ‪142......................‬‬
‫أم يقولون تقوله بل ًل يؤمنون ‪142..........................................................‬‬
‫آمن الرسول مبا أنزل إليه من ربه واملؤمنون كل آمن ابهلل ومالئكته‪146 ,101 ,10 ,6 ..........‬‬
‫أن اقذفيه يف التابوت فاقذفيه يف اليم فليلقه اليم ابلساحل أيخذه ‪86 ............................‬‬
‫إن الدين عند هللا اإلسالم وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إًل من ‪281..........................‬‬
‫إن الذين آمنوا وعملوا الصاحلات كانت هلم جنات الفردوس نزًل ‪9 ..............................‬‬
‫إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم يف شيء إَّنا أمرهم إىل ‪280........................‬‬

‫‪274‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إن الذين قالوا ربنا هللا مث استقاموا تتنزل عليهم املالئكة أًل ‪107.................................‬‬
‫إن الذين كفروا آبايتنا سوف نصليهم ًنرا كلما نضجت جلودهم بدلناهم ‪230....................‬‬
‫إن الذين ًل يؤمنون ابآلخرة ليسمون املالئكة تسمية األنثى ‪99 .................................‬‬
‫إن الذين يكفرون ابهلل ورسله ويريدون أن يفرقوا بني هللا ورسله‪156 ,146 ......................‬‬
‫إن هللا اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العاملني‪154.............................‬‬
‫إن هللا ًل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء ومن يشرك ‪,246 ,229 ,68 ,58 ...‬‬
‫‪267‬‬
‫إن هللا مع الذين اتقوا والذين هم حمسنون ‪248................................................‬‬
‫إن هللا ومالئكته يصلون على النيب ايأيها الذين آمنوا صلوا عليه ‪171............................‬‬
‫إن هللا ميسك السماوات واألرض أن تزوًل ولئن زالتا إن أمسكهما من ‪81 .......................‬‬
‫إن املنافقني يف الدرك األسفل من النار ولن جتد هلم نصريا ‪229.................................‬‬
‫إن تتواب إىل هللا فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن هللا هو ‪107...........................‬‬
‫إن علينا مجعه وقرآنه‪140 ,137 ...........................................................‬‬
‫إن هذا لفي الصحف األوىل ‪131...........................................................‬‬
‫إًن أرسلناك ابحلق بشريا ونذيرا وإن من أمة إًل خال فيها نذير ‪4 .................................‬‬
‫إًن أعطيناك الكوثر ‪223....................................................................‬‬
‫إًن أنزلنا التوراة فيها هدى ونور حيكم هبا النبيون الذين أسلموا ‪137 ,129 ,128 ,126 .......‬‬
‫إًن أنزلنا إليك الكتاب ابحلق لتحكم بني الناس مبا أراك هللا وًل ‪140.............................‬‬
‫إًن أوحينا إليك كما أوحينا إىل نوح والنبيني من بعده وأوحينا إىل ‪150 ,131 ...................‬‬
‫إًن كل شيء خلقناه بقدر‪235 ,10 ........................................................‬‬
‫إًن لننصر رسلنا والذين آمنوا يف احلياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد‪153.............................‬‬
‫إًن حنن حنيي املوتى ونكتب ما قدموا وآاثرهم وكل شيء أحصيناه يف ‪237................................‬‬
‫إًن حنن نزلنا الذكر وإًن له حلافظون ‪140 ,137 ,136.......................................‬‬
‫إنك ميت وإهنم ميتون‪185.................................................................‬‬
‫إَّنا املؤمنون إخوة فأصلحوا بني أخويكم واتقوا هللا لعلكم ترمحون ‪246 ,67 .....................‬‬
‫إَّنا املؤمنون الذين إذا ذكر هللا وجلت قلوهبم وإذا تليت عليهم ‪244.................................‬‬
‫إَّنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ‪238.............................................‬‬
‫إَّنا وليكم هللا ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصالة ويؤتون ‪250............................‬‬

‫‪275‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إنه لقول رسول كرمي ‪107...................................................................‬‬


‫أولئك الذين كفروا آبايت رهبم ولقائه فحبطت أعماهلم فال نقيم هلم‪224.........................‬‬
‫أولئك الذين ليس هلم يف اآلخرة إًل النار وحبط ما صنعوا فيها وابطل‪61 ........................‬‬
‫أولئك الذين يدعون يبتغون إىل رهبم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رمحته‪47 ,46 ,28 .............‬‬
‫أولئك املقربون ‪196........................................................................‬‬
‫أولئك هم الكافرون حقا وأعتدًن للكافرين عذااب مهينا ‪156 ,146 ............................‬‬
‫أومل يكفهم أًن أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن يف ذلك لرمحة ‪164...........................‬‬
‫إايك نعبد وإايك نستعني ‪33 ,29 ...........................................................‬‬
‫أبيدي سفرة ‪105 ,97 ....................................................................‬‬
‫بديع السماوات واألرض وإذا قضى أمرا فإَّنا يقول له كن فيكون ‪277...........................‬‬
‫بل تؤثرون احلياة الدنيا ‪131.................................................................‬‬
‫بلسان عريب مبني ‪110.....................................................................‬‬
‫تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعاملني نذيرا‪163 ,139 ,132.....................‬‬
‫ترى كثريا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت هلم أنفسهم أن‪251..........................‬‬
‫تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم هللا ورفع بعضهم درجات ‪159 ,153 ........‬‬
‫تنزل املالئكة والروح فيها إبذن رهبم من كل أمر‪106...........................................‬‬
‫مث أرسلنا رسلنا ترتى كل ما جاء أمة رسوهلا كذبوه فأتبعنا بعضهم ‪4 .............................‬‬
‫مث إن علينا بيانه ‪141......................................................................‬‬
‫مث بعثنا من بعدهم موسى آبايتنا إىل فرعون وملئه فظلموا هبا فانظر ‪217.........................‬‬
‫مث بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ‪219 ,217 .......................................‬‬
‫مث ننجي الذين اتقوا ونذر الظاملني فيها جثيا ‪227.............................................‬‬
‫جنات عدن يدخلوهنا ومن صلح من آابئهم وأزواجهم وذرايهتم واملالئكة ‪114....................‬‬
‫حىت إذا فتحت أيجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ‪205...............................‬‬
‫حرمت عليكم امليتة والدم وحلم اخلنزير وما أهل لغري هللا به واملنخنقة ‪177 ,168 ,32 ,5 .......‬‬
‫خافضة رافعة ‪195.........................................................................‬‬
‫خلق السماوات بغري عمد تروهنا وألقى يف األرض رواسي أن متيد بكم ‪14 .......................‬‬
‫ذلك الذي يبشر هللا عباده الذين آمنوا وعملوا الصاحلات قل ًل أسألكم ‪173....................‬‬
‫ذلك أبن هللا نزل الكتاب ابحلق وإن الذين اختلفوا يف الكتاب لفي ‪281.........................‬‬

‫‪276‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ذلك أبهنم آمنوا مث كفروا فطبع على قلوهبم فهم ًل يفقهون‪66 ..................................‬‬
‫ذلك مما أوحى إليك ربك من احلكمة وًل جتعل مع هللا إهلا آخر فتلقى ‪23 .......................‬‬
‫ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد ‪144......................................‬‬
‫ذلك هدى هللا يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا حلبط عنهم ما ‪151.....................‬‬
‫ذو مرة فاستوى ‪107 ,97 .................................................................‬‬
‫ذي قوة عند ذي العرش مكني ‪107 ,96 ...................................................‬‬
‫رب السماوات واألرض وما بينهما فاعبده واصطرب لعبادته هل تعلم له ‪77 .......................‬‬
‫ربنا آمنا مبا أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ‪48 .....................................‬‬
‫رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على هللا حجة بعد الرسل وكان ‪152....................‬‬
‫زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وريب لتبعثن مث لتنبؤن مبا‪219..............................‬‬
‫سبح اسم ربك األعلى ‪83 .................................................................‬‬
‫سبحان الذي أسرى بعبده ليال من املسجد احلرام إىل املسجد األقصى ‪192 ,180 ..............‬‬
‫سالم على إبراهيم‪159.....................................................................‬‬
‫سالم على موسى وهارون‪159..............................................................‬‬
‫سالم على نوح يف العاملني ‪160 ,159 .....................................................‬‬
‫سندع الزابنية ‪114.........................................................................‬‬
‫سنريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أنه احلق أومل ‪15 .............................‬‬
‫شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ‪161 ,143 ,6 .........‬‬
‫شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من اهلدى والفرقان ‪128..................‬‬
‫صحف إبراهيم وموسى ‪131................................................................‬‬
‫عامل الغيب فال يظهر على غيبه أحدا‪70 .....................................................‬‬
‫عامل الغيب والشهادة الكبري املتعال ‪69 .......................................................‬‬
‫علمه شديد القوى ‪107 ,98 ,97 ,96 ...................................................‬‬
‫على قلبك لتكون من املنذرين ‪122 ,110 ..................................................‬‬
‫عليها تسعة عشر ‪114.....................................................................‬‬
‫عم يتساءلون ‪149.........................................................................‬‬
‫عن النبإ العظيم ‪149.......................................................................‬‬
‫عند سدرة املنتهى ‪228 ,182 ,110......................................................‬‬

‫‪277‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫عندها جنة املأوى‪228 ,182 ,110......................................................‬‬


‫فاختذت من دوهنم حجااب فأرسلنا إليها روحنا فتمثل هلا بشرا سواي‪106..........................‬‬
‫فادعوا هللا خملصني له الدين ولو كره الكافرون ‪31 .............................................‬‬
‫فإذا ركبوا يف الفلك دعوا هللا خملصني له الدين فلما جناهم إىل ‪61 ...............................‬‬
‫فإذا قرأًنه فاتبع قرآنه ‪140..................................................................‬‬
‫فارتقب يوم أتيت السماء بدخان مبني ‪206...................................................‬‬
‫فاستجبنا له وجنيناه من الغم وكذلك ننجي املؤمنني ‪158.......................................‬‬
‫فاستجبنا له ووهبنا له حيىي وأصلحنا له زوجه إهنم كانوا يسارعون ‪32 ............................‬‬
‫فاصرب كما صرب أولو العزم من الرسل وًل تستعجل هلم كأهنم يوم يرون‪161.......................‬‬
‫فأصحاب امليمنة ما أصحاب امليمنة ‪196....................................................‬‬
‫فاطر السماوات واألرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن األنعام أزواجا ‪87 ,77 ,57 ........‬‬
‫فالتاليات ذكرا ‪105........................................................................‬‬
‫فالزاجرات زجرا ‪105.......................................................................‬‬
‫فالفارقات فرقا ‪105........................................................................‬‬
‫فألقاها فإذا هي حية تسعى ‪191............................................................‬‬
‫فامللقيات ذكرا ‪105........................................................................‬‬
‫فأما إن كان من املقربني ‪196...............................................................‬‬
‫فأما من ثقلت موازينه ‪223.................................................................‬‬
‫فآمنوا ابهلل ورسوله والنور الذي أنزلنا وهللا مبا تعملون خبري ‪168.................................‬‬
‫فأمه هاوية ‪223...........................................................................‬‬
‫فإن استكربوا فالذين عند ربك يسبحون له ابلليل والنهار وهم ًل يسأمون ‪105 ,100 ...........‬‬
‫فإن مل تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار اليت وقودها الناس واحلجارة‪230.............................‬‬
‫فتقبلها رهبا بقبول حسن وأنبتها نباات حسنا وكفلها زكراي كلما دخل‪193.........................‬‬
‫فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ‪121................................‬‬
‫فخرج على قومه من احملراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ‪119...........................‬‬
‫فروح ورحيان وجنة نعيم ‪196................................................................‬‬
‫فسالم لك من أصحاب اليمني‪196.........................................................‬‬
‫فصل لربك واحنر‪33 .......................................................................‬‬

‫‪278‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ففهمناها سليمان وكال آتينا حكما وعلما وسخرًن مع داود اجلبال يسبحن ‪154..................‬‬
‫فكانت هباء منبثا ‪195.....................................................................‬‬
‫فال تضربوا هلل األمثال إن هللا يعلم وأنتم ًل تعلمون ‪77 .........................................‬‬
‫فال وربك ًل يؤمنون حىت حيكموك فيما شجر بينهم مث ًل جيدوا يف أنفسهم ‪30 ...................‬‬
‫فلما بلغ معه السعي قال ايبين إين أرى يف املنام أين أذحبك فانظر ‪121..........................‬‬
‫فلما مسعت مبكرهن أرسلت إليهن وأعتدت هلن متكأ وآتت كل واحدة منهن ‪97 .................‬‬
‫فلما قضينا عليه املوت ما دهلم على موته إًل دابة األرض أتكل منسأته ‪185.....................‬‬
‫فليأتوا حبديث مثله إن كانوا صادقني ‪142....................................................‬‬
‫فليدع ًنديه‪114...........................................................................‬‬
‫فما تنفعهم شفاعة الشافعني‪225............................................................‬‬
‫فمن يرد هللا أن يهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن يضله جيعل ‪83 .........................‬‬
‫فهل ينظرون إًل الساعة أن أتتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأىن هلم ‪200..........................‬‬
‫فهو يف عيشة راضية ‪223...................................................................‬‬
‫فوقاه هللا سيئات ما مكروا وحاق آبل فرعون سوء العذاب ‪210.................................‬‬
‫فويل للذين يكتبون الكتاب أبيديهم مث يقولون هذا من عند هللا ليشرتوا ‪134.....................‬‬
‫يف جنات النعيم‪196.......................................................................‬‬
‫قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون ‪17 ..............................................................‬‬
‫قال ألقها ايموسى‪191.....................................................................‬‬
‫قال إَّنا العلم عند هللا وأبلغكم ما أرسلت به ولكين أراكم قوما ‪69 ..............................‬‬
‫قال خذها وًل ختف سنعيدها سريهتا األوىل ‪191..............................................‬‬
‫قال رجالن من الذين خيافون أنعم هللا عليهما ادخلوا عليهم الباب ‪32 ...........................‬‬
‫قال علمها عند ريب يف كتاب ًل يضل ريب وًل ينسى‪90 .......................................‬‬
‫قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش هبا على غنمي ويل فيها مآرب أخرى‪191....................‬‬
‫قال ايإبليس ما منعك أن تسجد ملا خلقت بيدي أأستكربت أم كنت من ‪85 ....................‬‬
‫قالت هلم رسلهم إن حنن إًل بشر مثلكم ولكن هللا مين على من يشاء ‪152.......................‬‬
‫قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آهلتنا فأتنا مبا تعدًن إن كنت من الصادقني ‪26 ...........................‬‬
‫قالوا حرقوه وانصروا آهلتكم إن كنتم فاعلني ‪191...............................................‬‬
‫قالوا سبحانك ًل علم لنا إًل ما علمتنا إنك أنت العليم احلكيم ‪69 .............................‬‬

‫‪279‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫قالوا وهم فيها خيتصمون ‪58 ................................................................‬‬


‫قالوا ايشعيب أصالتك أتمرك أن نرتك ما يعبد آابؤًن أو أن نفعل يف ‪26 .........................‬‬
‫قالوا ايصاحل قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهاًن أن نعبد ما يعبد ‪26 ............................‬‬
‫قالوا ايهود ما جئتنا ببينة وما حنن بتاركي آهلتنا عن قولك وما ‪26 ...............................‬‬
‫قالوا ايويلنا من بعثنا من مرقدًن هذا ما وعد الرمحن وصدق املرسلون ‪151........................‬‬
‫قد أفلح من تزكى ‪131.....................................................................‬‬
‫قد مسع هللا قول اليت جتادلك يف زوجها وتشتكي إىل هللا وهللا يسمع ‪77 .........................‬‬
‫قد كانت لكم أسوة حسنة يف إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إًن ‪252........................‬‬
‫قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فال ميلكون كشف الضر عنكم وًل حتويال ‪39 ....................‬‬
‫قل أرأيتم ما أنزل هللا لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحالًل قل ‪50 ............................‬‬
‫قل أعوذ برب الفلق ‪71 ,33 ...............................................................‬‬
‫قل هللا أعبد خملصا له ديين ‪29 ..............................................................‬‬
‫قل هللا أعلم مبا لبثوا له غيب السماوات واألرض أبصر به وأمسع ما ‪69 ..........................‬‬
‫قل إن صاليت ونسكي وحمياي وممايت هلل رب العاملني ‪242 ,173 ,33 ........................‬‬
‫قل إن كان آابؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشريتكم وأموال اقرتفتموها ‪169................‬‬
‫قل إَّنا أًن بشر مثلكم يوحى إيل أَّنا إهلكم إله واحد فمن كان يرجوا ‪172 ,30 ..................‬‬
‫قل أوحي إيل أنه استمع نفر من اجلن فقالوا إًن مسعنا قرآًن عجبا ‪139...........................‬‬
‫قل أي شيء أكرب شهادة قل هللا شهيد بيين وبينكم وأوحي إيل هذا القرآن ‪139 ,132 ..........‬‬
‫قل لئن اجتمعت اإلنس واجلن على أن أيتوا مبثل هذا القرآن ًل أيتون ‪192 ,164 ,142........‬‬
‫قل ًل أقول لكم عندي خزائن هللا وًل أعلم الغيب وًل أقول لكم إين ‪172 ,152 ,69 ..........‬‬
‫قل ًل يعلم من يف السماوات واألرض الغيب إًل هللا وما يشعرون أاين‪69 ........................‬‬
‫قل ملن األرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ‪18 .................................................‬‬
‫قل نزله روح القدس من ربك ابحلق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمني ‪,122 ,106 ....‬‬
‫‪127‬‬
‫قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذااب من فوقكم أو من حتت أرجلكم ‪85 ...................‬‬
‫قل ايأهل الكتاب ًل تغلوا يف دينكم غري احلق وًل تتبعوا أهواء قوم ‪54 ...........................‬‬
‫قل ايأيها الناس إين رسول هللا إليكم مجيعا الذي له ملك السماوات ‪168 ,157 ................‬‬
‫قل يتوفاكم ملك املوت الذي وكل بكم مث إىل ربكم ترجعون ‪112...............................‬‬

‫‪280‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫قل حيييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ‪220 ,218 .............................‬‬
‫قلنا ايًنر كوين بردا وسالما على إبراهيم ‪191.................................................‬‬
‫قولوا آمنا ابهلل وما أنزل إلينا وما أنزل إىل إبراهيم وإمساعيل ‪124.................................‬‬
‫كان الناس أمة واحدة فبعث هللا النبيني مبشرين ومنذرين وأنزل معهم ‪128.......................‬‬
‫كانوا ًل يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون‪251....................................‬‬
‫كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آايته وليتذكر أولو األلباب‪143................................‬‬
‫كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدًن ذكرا ‪144.........................‬‬
‫كرام بررة‪105 ,97 .......................................................................‬‬
‫كراما كاتبني‪116 ,97 ....................................................................‬‬
‫كل نفس ذائقة املوت وإَّنا توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن ‪186 ,185 ...............‬‬
‫كنتم خري أمة أخرجت للناس أتمرون ابملعروف وتنهون عن املنكر وتؤمنون ‪165..................‬‬
‫ًل جتد قوما يؤمنون ابهلل واليوم اآلخر يوادون من حاد هللا ورسوله ‪250...........................‬‬
‫ًل جتعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم هللا الذين ‪170.......................‬‬
‫ًل حترك به لسانك لتعجل به ‪137...........................................................‬‬
‫ًل تدركه األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف اخلبري ‪79 ...................................‬‬
‫ًل شريك له وبذلك أمرت وأًن أول املسلمني ‪242 ,173 .....................................‬‬
‫ًل أيتيه الباطل من بني يديه وًل من خلفه تنزيل من حكيم محيد‪140 ,136 ....................‬‬
‫ًل يسبقونه ابلقول وهم أبمره يعملون ‪108 ,105 ,99 ......................................‬‬
‫ًل يستوي القاعدون من املؤمنني غري أويل الضرر واجملاهدون يف سبيل ‪267.......................‬‬
‫لتؤمنوا ابهلل ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيال ‪170.................................‬‬
‫لعن الذين كفروا من بين إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مرمي ذلك‪251.....................‬‬
‫لقد أرسلنا رسلنا ابلبينات وأنزلنا معهم الكتاب وامليزان ليقوم ‪151...............................‬‬
‫لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم ابملؤمنني ‪35 ....................‬‬
‫لقد رأى من آايت ربه الكربى‪182..........................................................‬‬
‫لقد رضي هللا عن املؤمنني إذ يبايعونك حتت الشجرة فعلم ما يف قلوهبم ‪258......................‬‬
‫لقد كفر الذين قالوا إن هللا هو املسيح ابن مرمي وقال املسيح ايبين ‪68 ,58 ,23 ................‬‬
‫للفقراء املهاجرين الذين أخرجوا من دايرهم وأمواهلم يبتغون فضال ‪258...........................‬‬
‫لن يستنكف املسيح أن يكون عبدا هلل وًل املالئكة املقربون ومن يستنكف ‪106..................‬‬

‫‪281‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫هلا سبعة أبواب لكل ابب منهم جزء مقسوم ‪230.............................................‬‬


‫لو كان فيهما آهلة إًل هللا لفسدات فسبحان هللا رب العرش عما يصفون‪4 .........................‬‬
‫ليس الرب أن تولوا وجوهكم قبل املشرق واملغرب ولكن الرب من آمن ‪244 ,124 ,101 ,10 ....‬‬
‫ليس عليك هداهم ولكن هللا يهدي من يشاء وما تنفقوا من خري فألنفسكم‪85 ..................‬‬
‫ليس لوقعتها كاذبة ‪195....................................................................‬‬
‫ليعلم أن قد أبلغوا رساًلت رهبم وأحاط مبا لديهم وأحصى كل شيء عددا ‪152 ,70 ............‬‬
‫ما أفاء هللا على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القرىب ‪273 ,168 ,29 .............‬‬
‫ما خلقكم وًل بعثكم إًل كنفس واحدة إن هللا مسيع بصري ‪219.................................‬‬
‫ما خلقنا السماوات واألرض وما بينهما إًل ابحلق وأجل مسمى والذين ‪65 ......................‬‬
‫ما زاغ البصر وما طغى ‪182................................................................‬‬
‫ما كان على النيب من حرج فيما فرض هللا له سنة هللا يف الذين خلوا ‪235........................‬‬
‫ما كان لبشر أن يؤتيه هللا الكتاب واحلكم والنبوة مث يقول للناس ‪127............................‬‬
‫ما كان حممد أاب أحد من رجالكم ولكن رسول هللا وخامت النبيني وكان ‪164......................‬‬
‫ما يلفظ من قول إًل لديه رقيب عتيد ‪116...................................................‬‬
‫مالك يوم الدين ‪29 ,28 ..................................................................‬‬
‫حممد رسول هللا والذين معه أشداء على الكفار رمحاء بينهم تراهم ‪154...........................‬‬
‫مطاع مث أمني ‪107.........................................................................‬‬
‫من الذين هادوا حيرفون الكلم عن مواضعه ويقولون مسعنا وعصينا وامسع ‪134.....................‬‬
‫من شر ما خلق‪71 ........................................................................‬‬
‫من عمل صاحلا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم ‪9 .....................‬‬
‫من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا آبايت هللا هلم‪144 ,127 ,126.............‬‬
‫من كان عدوا هلل ومالئكته ورسله وجربيل وميكال فإن هللا عدو للكافرين ‪157 ,111 ,108.....‬‬
‫من كان يريد احلياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعماهلم فيها وهم ‪61 ..............................‬‬
‫نزل به الروح األمني ‪122 ,110 ,106....................................................‬‬
‫نزل عليك الكتاب ابحلق مصدقا ملا بني يديه وأنزل التوراة واإلجنيل ‪144 ,127 ,126..........‬‬
‫هل ينظرون إًل أن أتتيهم املالئكة أو أييت ربك أو أييت بعض آايت ‪207.........................‬‬
‫هو األول واآلخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ‪78 ....................................‬‬
‫هو الذي أنزل السكينة يف قلوب املؤمنني ليزدادوا إمياًن مع إمياهنم ‪245...............................‬‬

‫‪282‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫هو الذي يصلي عليكم ومالئكته ليخرجكم من الظلمات إىل النور وكان ‪107....................‬‬
‫هو هللا اخلالق البارئ املصور له األمساء احلسىن يسبح له ما يف ‪78 ...............................‬‬
‫هو هللا الذي ًل إله إًل هو امللك القدوس السالم املؤمن املهيمن‪78 .............................‬‬
‫هو هللا الذي ًل إله إًل هو عامل الغيب والشهادة هو الرمحن الرحيم ‪78 ...........................‬‬
‫وإبراهيم الذي وىف‪131.....................................................................‬‬
‫واتبعوا ما تتلو الشياطني على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطني ‪70 .................‬‬
‫وإذ أخذًن من النبيني ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ‪161.....................‬‬
‫وإذ قال ربك للمالئكة إين جاعل يف األرض خليفة قالوا أجتعل فيها ‪98 .........................‬‬
‫وإذ قال لقمان ًلبنه وهو يعظه ايبين ًل تشرك ابهلل إن الشرك لظلم ‪58 ..........................‬‬
‫وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إًل إبليس أىب واستكرب وكان ‪65 .......................‬‬
‫وإذا رأوك إن يتخذونك إًل هزوا أهذا الذي بعث هللا رسوًل‪27 .................................‬‬
‫وإذا وقع القول عليهم أخرجنا هلم دابة من األرض تكلمهم أن الناس ‪208........................‬‬
‫واذكر يف الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا‪186.............................................‬‬
‫واذكرن ما يتلى يف بيوتكن من آايت هللا واحلكمة إن هللا كان لطيفا‪262 ,261 .................‬‬
‫وأرادوا به كيدا فجعلناهم األخسرين ‪191.....................................................‬‬
‫واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرمحن آهلة يعبدون ‪6 .............................‬‬
‫وإمساعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ‪154...........................................‬‬
‫وإمساعيل واليسع ويونس ولوطا وكال فضلنا على العاملني ‪158 ,153 ...........................‬‬
‫وأصحاب املشأمة ما أصحاب املشأمة ‪196..................................................‬‬
‫واصنع الفلك أبعيننا ووحينا وًل ختاطبين يف الذين ظلموا إهنم مغرقون‪86 .........................‬‬
‫واضمم يدك إىل جناحك خترج بيضاء من غري سوء آية أخرى‪191..............................‬‬
‫وأطيعوا هللا وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أَّنا على ‪156............................‬‬
‫واعبدوا هللا وًل تشركوا به شيئا وابلوالدين إحساًن وبذي القرىب ‪22 ..............................‬‬
‫واعتصموا حببل هللا مجيعا وًل تفرقوا واذكروا نعمة هللا عليكم إذ‪273..............................‬‬
‫واقرتب الوعد احلق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ايويلنا قد ‪205.........................‬‬
‫واآلخرة خري وأبقى ‪131....................................................................‬‬
‫والذين آمنوا ابهلل ورسله ومل يفرقوا بني أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم ‪146.......................‬‬
‫والذين آمنوا وعملوا الصاحلات سندخلهم جنات جتري من حتتها األهنار ‪230.....................‬‬

‫‪283‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والذين اهتدوا زادهم هدى وآاتهم تقواهم‪244...................................................‬‬


‫والذين تبوء وا الدار واإلميان من قبلهم حيبون من هاجر إليهم وًل‪258 ,252 ..............‬‬
‫والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقوًن‪258 ,173 ................‬‬
‫والسابقون األولون من املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم إبحسان ‪258.........................‬‬
‫والسابقون السابقون ‪196...................................................................‬‬
‫والصافات صفا ‪105.......................................................................‬‬
‫وهللا خلقكم وما تعملون‪238...............................................................‬‬
‫واملؤمنون واملؤمنات بعضهم أولياء بعض أيمرون ابملعروف وينهون عن ‪255 ,157 ,107........‬‬
‫وامللك على أرجائها وحيمل عرش ربك فوقهم يومئذ مثانية‪113..................................‬‬
‫وإىل مثود أخاهم صاحلا قال ايقوم اعبدوا هللا ما لكم من إله غريه ‪190 ,154 ,25 .............‬‬
‫وإىل عاد أخاهم هودا قال ايقوم اعبدوا هللا ما لكم من إله غريه ‪153 ,25 .......................‬‬
‫وإىل مدين أخاهم شعيبا قال ايقوم اعبدوا هللا ما لكم من إله غريه ‪154 ,25 ....................‬‬
‫وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رمحة هللا هم فيها خالدون ‪280................................‬‬
‫وأما إن كان من أصحاب اليمني‪196........................................................‬‬
‫وأما من خفت موازينه ‪223.................................................................‬‬
‫وإن أحد من املشركني استجارك فأجره حىت يسمع كالم هللا مث أبلغه ‪127........................‬‬
‫وأن احكم بينهم مبا أنزل هللا وًل تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك ‪132..........................‬‬
‫وأن املساجد هلل فال تدعوا مع هللا أحدا‪31 ...................................................‬‬
‫وإن طائفتان من املؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحدامها ‪246 ,67 ...................‬‬
‫وإن عليكم حلافظني ‪116 ,97 .............................................................‬‬
‫وإن كنتم يف ريب مما نزلنا على عبدًن فأتوا بسورة من مثله وادعوا ‪192...........................‬‬
‫وأن ليس لإلنسان إًل ما سعى ‪131 ,51 ...................................................‬‬
‫وإن من أهل الكتاب إًل ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم ‪186......................‬‬
‫وإن منكم إًل واردها كان على ربك حتما مقضيا‪227.........................................‬‬
‫وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه وًل تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ‪283....................‬‬
‫وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ‪192................................................‬‬
‫وإن يونس ملن املرسلني‪159.................................................................‬‬
‫وأنذر عشريتك األقربني ‪262................................................................‬‬

‫‪284‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وأنزلنا إليك الكتاب ابحلق مصدقا ملا بني يديه من الكتاب ومهيمنا‪,132 ,131 ,128 ,6 .....‬‬
‫‪152 ,144 ,143‬‬
‫وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ‪127.................................................‬‬
‫وإنه لتنزيل رب العاملني ‪122................................................................‬‬
‫وإنه لعلم للساعة فال مترتن هبا واتبعون هذا صراط مستقيم ‪205.................................‬‬
‫وإين مرسلة إليهم هبدية فناظرة مب يرجع املرسلون ‪149..........................................‬‬
‫وأنيبوا إىل ربكم وأسلموا له من قبل أن أيتيكم العذاب مث ًل تنصرون‪33 .........................‬‬
‫وأوحى ربك إىل النحل أن اختذي من اجلبال بيوات ومن الشجر ومما يعرشون‪119..................‬‬
‫وأوحينا إىل أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه يف اليم وًل ‪119.........................‬‬
‫وبست اجلبال بسا ‪195....................................................................‬‬
‫وتبارك الذي له ملك السماوات واألرض وما بينهما وعنده علم الساعة ‪200.....................‬‬
‫وتركنا عليه يف اآلخرين‪159.................................................................‬‬
‫وتركنا عليهما يف اآلخرين ‪159..............................................................‬‬
‫وترى املالئكة حافني من حول العرش يسبحون حبمد رهبم وقضي بينهم ‪98 ......................‬‬
‫وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك ‪157 ,153 ..............‬‬
‫وجاوزًن ببين إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام هلم ‪40 ...........................‬‬
‫وجعلوا املالئكة الذين هم عباد الرمحن إًناث أشهدوا خلقهم ستكتب ‪99 .........................‬‬
‫ودخل جنته وهو ظامل لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ‪65 .................................‬‬
‫وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى يف الظلمات ‪158......................‬‬
‫وذكر اسم ربه فصلى ‪131..................................................................‬‬
‫ورسال قد قصصناهم عليك من قبل ورسال مل نقصصهم عليك وكلم هللا موسى ‪,150 ,121 ,84‬‬
‫‪154‬‬
‫ورفعناه مكاًن عليا‪186 ,149 .............................................................‬‬
‫وزكراي وحيىي وعيسى وإلياس كل من الصاحلني ‪153............................................‬‬
‫وسارعوا إىل مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات واألرض أعدت للمتقني ‪230................‬‬
‫وسالم على املرسلني‪160...................................................................‬‬
‫وسيق الذين اتقوا رهبم إىل اجلنة زمرا حىت إذا جاءوها وفتحت أبواهبا ‪114........................‬‬
‫وضرب هللا مثال قرية كانت آمنة مطمئنة أيتيها رزقها رغدا من كل ‪67 ...........................‬‬

‫‪285‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وضرب لنا مثال ونسي خلقه قال من حييي العظام وهي رميم ‪220 ,218 .......................‬‬
‫وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب‪26 .............................‬‬
‫وعلم آدم األمساء كلها مث عرضهم على املالئكة فقال أنبئوين أبمساء ‪69 ..........................‬‬
‫ويف أنفسكم أفال تبصرون ‪15 ...............................................................‬‬
‫وقال الذين يف النار خلزنة جهنم ادعوا ربكم خيفف عنا يوما من العذاب ‪114.....................‬‬
‫وقال ربكم ادعوين أستجب لكم إن الذين يستكربون عن عباديت سيدخلون ‪60 ..................‬‬
‫وقالت اليهود يد هللا مغلولة غلت أيديهم ولعنوا مبا قالوا بل يداه ‪85 .............................‬‬
‫وقالوا اختذ الرمحن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ‪108 ,105 .................................‬‬
‫وقالوا ًل تذرن آهلتكم وًل تذرن ودا وًل سواعا وًل يغوث ويعوق ونسرا ‪59 ,26 ..................‬‬
‫وقالوا ما هي إًل حياتنا الدنيا َّنوت وحنيا وما يهلكنا إًل الدهر ‪20 ..............................‬‬
‫وقرن يف بيوتكن وًل تربجن تربج اجلاهلية األوىل وأقمن الصالة وآتني ‪262 ,261 ................‬‬
‫وقضى ربك أًل تعبدوا إًل إايه وابلوالدين إحساًن إما يبلغن عندك ‪22 ...........................‬‬
‫وقفينا على آاثرهم بعيسى ابن مرمي مصدقا ملا بني يديه من التوراة‪130 ,128 ...................‬‬
‫وكتبنا له يف األلواح من كل شيء موعظة وتفصيال لكل شيء فخذها بقوة ‪129..................‬‬
‫وكذلك نفصل اآلايت ولتستبني سبيل اجملرمني ‪56 .............................................‬‬
‫وكال نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك يف هذه احلق ‪144...................‬‬
‫وكنتم أزواجا ثالثة‪196.....................................................................‬‬
‫ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض ليقولن هللا قل أفرأيتم ما ‪39 ...........................‬‬
‫ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض وسخر الشمس والقمر ليقولن هللا ‪18 ..................‬‬
‫ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن هللا فأىن يؤفكون‪18 ...........................................‬‬
‫ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به األرض من بعد موهتا ‪18 .........................‬‬
‫وًل أقول لكم عندي خزائن هللا وًل أعلم الغيب وًل أقول إين ملك ‪152 ,69 ....................‬‬
‫وًل أتكلوا مما مل يذكر اسم هللا عليه وإنه لفسق وإن الشياطني ليوحون ‪119.......................‬‬
‫وًل تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان‪89 .......................‬‬
‫وًل تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك‪280........................‬‬
‫وًل تنفع الشفاعة عنده إًل ملن أذن له حىت إذا فزع عن قلوهبم قالوا ‪225.........................‬‬
‫وًل أيمركم أن تتخذوا املالئكة والنبيني أراباب أأيمركم ابلكفر‪108.................................‬‬
‫ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عني القطر ومن ‪155.......................‬‬

‫‪286‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ولقد آتينا داود منا فضال ايجبال أويب معه والطري وألنا له احلديد ‪155...........................‬‬
‫ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون األوىل بصائر للناس‪129.....................‬‬
‫ولقد أوحي إليك وإىل الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن ‪58 .................‬‬
‫ولقد بعثنا يف كل أمة رسوًل أن اعبدوا هللا واجتنبوا الطاغوت فمنهم ‪151 ,25 ,22 ,5..........‬‬
‫ولقد جاءكم يوسف من قبل ابلبينات فما زلتم يف شك مما جاءكم به حىت ‪185 ,150 ...........‬‬
‫ولقد رآه ابألفق املبني‪110 ,96 ............................................................‬‬
‫ولقد رآه نزلة أخرى ‪228 ,182 ,110....................................................‬‬
‫ولقد يسرًن القرآن للذكر فهل من مدكر ‪143.................................................‬‬
‫وهلل األمساء احلسىن فادعوه هبا وذروا الذين يلحدون يف أمسائه سيجزون ‪89 ,47 ..................‬‬
‫ومل يكن له كفوا أحد ‪78 ...................................................................‬‬
‫وملا جاء موسى مليقاتنا وكلمه ربه قال رب أرين أنظر إليك قال لن ‪121 ,84 ....................‬‬
‫وله من يف السماوات واألرض ومن عنده ًل يستكربون عن عبادته وًل ‪100......................‬‬
‫ولو شاء ربك جلعل الناس أمة واحدة وًل يزالون خمتلفني ‪282...................................‬‬
‫وليحكم أهل اإلجنيل مبا أنزل هللا فيه ومن مل حيكم مبا أنزل هللا ‪127..............................‬‬
‫وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إىل هللا ذلكم هللا ريب عليه توكلت ‪274........................‬‬
‫وما أرسلنا من رسول إًل ليطاع إبذن هللا ولو أهنم إذ ظلموا أنفسهم ‪156.........................‬‬
‫وما أرسلنا من قبلك من رسول إًل نوحي إليه أنه ًل إله إًل أًن فاعبدون ‪152 ,25 ,22 ,6.............‬‬
‫وما أرسلنا من قبلك من رسول وًل نيب إًل إذا متىن ألقى الشيطان‪150...........................‬‬
‫وما أرسلناك إًل كافة للناس بشريا ونذيرا ولكن أكثر الناس ًل يعلمون ‪163 ,156 ...............‬‬
‫وما أمروا إًل ليعبدوا هللا خملصني له الدين حنفاء ويقيموا الصالة ‪29 .............................‬‬
‫وما تشاءون إًل أن يشاء هللا رب العاملني ‪238................................................‬‬
‫وما تلك بيمينك ايموسى ‪191..............................................................‬‬
‫وما جعلنا أصحاب النار إًل مالئكة وما جعلنا عدهتم إًل فتنة للذين ‪114 ,104 ...............‬‬
‫وما خلقت اجلن واإلنس إًل ليعبدون ‪22 ,4 ..................................................‬‬
‫وما قدروا هللا حق قدره إذ قالوا ما أنزل هللا على بشر من شيء قل ‪135.........................‬‬
‫وما كان لبشر أن يكلمه هللا إًل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسوًل ‪122 ,121 ,120....‬‬
‫وما من دابة يف األرض وًل طائر يطري جبناحيه إًل أمم أمثالكم ما ‪142...........................‬‬
‫وما يؤمن أكثرهم ابهلل إًل وهم مشركون ‪39 ,17 ..............................................‬‬

‫‪287‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ومصدقا ملا بني يدي من التوراة وألحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم ‪130................‬‬
‫وممن حولكم من األعراب منافقون ومن أهل املدينة مردوا على النفاق ‪211.......................‬‬
‫ومن آابئهم وذرايهتم وإخواهنم واجتبيناهم وهديناهم إىل صراط مستقيم ‪151......................‬‬
‫ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه هلل وهو حمسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ‪154.....................‬‬
‫ومن أراد اآلخرة وسعى هلا سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ‪91 ,9 .................‬‬
‫ومن أضل ممن يدعو من دون هللا من ًل يستجيب له إىل يوم القيامة ‪31 .........................‬‬
‫ومن أظلم ممن افرتى على هللا كذاب أو كذب ابحلق ملا جاءه أليس يف‪65 .........................‬‬
‫ومن الذين قالوا إًن نصارى أخذًن ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به ‪136 ,134 ..................‬‬
‫ومن الليل فتهجد به ًنفلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما حممودا‪166..........................‬‬
‫ومن الناس من يتخذ من دون هللا أندادا حيبوهنم كحب هللا والذين ‪62 ,57 ,28 ................‬‬
‫ومن حيث خرجت فول وجهك شطر املسجد احلرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم ‪32 ..............‬‬
‫ومن شر النفااثت يف العقد‪71 ..............................................................‬‬
‫ومن شر حاسد إذا حسد‪71 ...............................................................‬‬
‫ومن شر غاسق إذا وقب‪71 ................................................................‬‬
‫ومن أيته مؤمنا قد عمل الصاحلات فأولئك هلم الدرجات العال ‪9 ................................‬‬
‫ومن يبتغ غري اإلسالم دينا فلن يقبل منه وهو يف اآلخرة من اخلاسرين ‪242 ,156 ,139........‬‬
‫ومن يتول هللا ورسوله والذين آمنوا فإن حزب هللا هم الغالبون‪256 ,250 ,157................‬‬
‫ومن يدع مع هللا إهلا آخر ًل برهان له به فإَّنا حسابه عند ربه إنه‪60 ............................‬‬
‫ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبني له اهلدى ويتبع غري سبيل املؤمنني ‪284 ,283 ,270.......‬‬
‫ومن يقل منهم إين إله من دونه فذلك جنزيه جهنم كذلك جنزي الظاملني ‪108.....................‬‬
‫ومن يهد هللا فهو املهتدي ومن يضلل فلن جتد هلم أولياء من دونه ‪222..........................‬‬
‫وًندوا ايمالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ‪114........................................‬‬
‫ونزعنا ما يف صدورهم من غل جتري من حتتهم األهنار وقالوا احلمد ‪151..........................‬‬
‫ونضع املوازين القسط ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال ‪223......................‬‬
‫ونفخ يف الصور فصعق من يف السماوات ومن يف األرض إًل من شاء هللا ‪112....................‬‬
‫ونفس وما سواها ‪15 ......................................................................‬‬
‫وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بني يديه ولتنذر أم القرى ومن ‪40 .......................‬‬
‫وهو الذي خلق السماوات واألرض يف ستة أايم وكان عرشه على املاء ‪30 .......................‬‬

‫‪288‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫وهو الذي يبدأ اخللق مث يعيده وهو أهون عليه وله املثل األعلى يف ‪220..........................‬‬
‫وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حىت إذا جاء أحدكم املوت ‪112....................‬‬
‫وورث سليمان داود وقال ايأيها الناس علمنا منطق الطري وأوتينا من ‪155........................‬‬
‫ووهبنا له إسحاق ويعقوب كال هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته ‪153.......................‬‬
‫ويبقى وجه ربك ذو اجلالل واإلكرام‪85 ......................................................‬‬
‫ويرزقه من حيث ًل حيتسب ومن يتوكل على هللا فهو حسبه إن هللا ابلغ ‪32 ......................‬‬
‫ويوم نبعث يف كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على ‪142.....................‬‬
‫ويوم نسري اجلبال وترى األرض ابرزة وحشرًنهم فلم نغادر منهم أحدا ‪220.......................‬‬
‫ويوم ينفخ يف الصور ففزع من يف السماوات ومن يف األرض إًل من شاء ‪112....................‬‬
‫ايأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبني لكم كثريا مما كنتم ختفون من ‪136 ,135 ,134 ,132 ..‬‬
‫ايأهل الكتاب ًل تغلوا يف دينكم وًل تقولوا على هللا إًل احلق إَّنا‪54 .............................‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا اتقوا هللا وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا يف ‪46 ..................................‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وأويل األمر منكم ‪275 ,274 ,269...............‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا أطيعوا هللا ورسوله وًل تولوا عنه وأنتم تسمعون ‪274 ,273 ....................‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا آمنوا ابهلل ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله ‪123 ,101 ,10 ...........‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من ‪80 ..........................‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ًنرا وقودها الناس واحلجارة‪107 ,99 ,95 ..............‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا ًل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء ‪250..........................‬‬
‫ايأيها الذين آمنوا ًل تقدموا بني يدي هللا ورسوله واتقوا هللا‪170.................................‬‬
‫ايأيها الناس اذكروا نعمة هللا عليكم هل من خالق غري هللا يرزقكم‪57 ............................‬‬
‫ايأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ‪22 .......................‬‬
‫اينساء النيب لسنت كأحد من النساء إن اتقينت فال ختضعن ابلقول فيطمع‪261....................‬‬
‫يثبت هللا الذين آمنوا ابلقول الثابت يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة ‪210.............................‬‬
‫خيافون رهبم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون‪83 .................................................‬‬
‫يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتااب من السماء فقد سألوا موسى ‪123.....................‬‬
‫يسبحون الليل والنهار ًل يفرتون ‪100........................................................‬‬
‫يعلم خائنة األعني وما ختفي الصدور ‪90 .....................................................‬‬
‫يعلم ما بني أيديهم وما خلفهم وًل حييطون به علما ‪79 ........................................‬‬

‫‪289‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫يعلم ما بني أيديهم وما خلفهم وًل يشفعون إًل ملن ارتضى وهم من ‪225 ,108 .................‬‬
‫يعلمون ما تفعلون‪116.....................................................................‬‬
‫يغشى الناس هذا عذاب أليم ‪206...........................................................‬‬
‫يكاد الربق خيطف أبصارهم كلما أضاء هلم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم‪82 ........................‬‬
‫ينزل املالئكة ابلروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه ‪98 ,23 .....................‬‬
‫يهدي إىل الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ‪139...........................................‬‬
‫يهدي به هللا من اتبع رضوانه سبل السالم وخيرجهم من الظلمات إىل ‪132.......................‬‬
‫يوفون ابلنذر وخيافون يوما كان شره مستطريا ‪34 ..............................................‬‬
‫يوم تبدل األرض غري األرض والسماوات وبرزوا هلل الواحد القهار ‪220...........................‬‬
‫يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرمت بعد إميانكم ‪280...............‬‬
‫يوم حنشر املتقني إىل الرمحن وفدا‪221........................................................‬‬

‫‪290‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فهرس األحاديث‬
‫أتيت ابلرباق وهو دابة أبيض طويل فوق احلمار ودون البغل يضع حافره عند ‪180...............‬‬
‫اثنتان يف الناس مها هبم كفر‪ ،‬الطعن يف النسب والنياحـة على امليت ‪67 ..........................‬‬
‫أجعلتين هلل ندا بـل ما شاء هللا وحده ‪172....................................................‬‬
‫احتـج آدم وموسى فقال له موسى اي آدم أنت أبوًن خيبتنا وأخرجتنا من اجلنة ‪84 .................‬‬
‫أخـربين عن اإلميان‪ ،‬قال أن تؤمن ابهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليـوم ‪244.........................‬‬
‫إذا أراد هللا بقوم عذااب‪ ،‬أصاب العذاب من كـان فيهم مث بعثوا على أعماهلم ‪83 ...................‬‬
‫إذا استعنت فاستعن ابهلل‪33 ................................................................‬‬
‫إذا أعيتكم األمور فعليكم أبهل القبور ‪51 ....................................................‬‬
‫إذا أقعد املؤمن يف قربه أيت مث شهد أن ًل إله إًل هللا وأن حممـدا رسول ‪210.......................‬‬
‫إذا سألتم هللا فاسألوه جباهي فإن جاهي عند هللا عظيم ‪51 .....................................‬‬
‫إذا مسعتم املؤذن فقولوا مثل ما يقـول مث صلوا علي‪ ،‬فإنه من صلى علي‪167......................‬‬
‫إذا قرب امليت أو قال أحدكـم أاته ملكـان أسودان أزرقـان يقـال ألحـدمها‪216 ,116 ..............‬‬
‫إذا مات اإلنسان انقطـع عمله إًل من ثالث صدقة جارية أو علم ينتفع به‪54 .................. ،‬‬
‫أذكركم هللا يف أهل بييت ‪262 ,261 ........................................................‬‬
‫أذن يل أن أحدث عن ملك من مالئكة هللا من محلة العـرش إن ما بني شحمة ‪96 ...............‬‬
‫أربـع من كن فيه كان منافقا خالصا‪ ،‬ومن كانت فيه خصلة منهن كـانت فيـه ‪66 ..................‬‬
‫اطلع النيب علينا وحنن نتذاكر‪ ،‬فقال ما تذاكرون ؟ قالوا نذكر الساعة ‪202.......................‬‬
‫اطلعت يف اجلنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء‪ ،‬واطلعت يف النار فرأيت أكـثر‪231....................‬‬
‫أعوذ بوجهك‪85 ..........................................................................‬‬
‫أًل أستحي مـن رجل تستحي منه املالئكة ‪98 ................................................‬‬
‫أًل إن من قبلكـم من أهل الكتاب افرتقوا على اثنتني وسبعني ملة وإن هذه ‪280..................‬‬
‫أًل إن من كـان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصاحليهم مساجد‪ ،‬أًل ‪43 ....................‬‬
‫األرض كلـها مسجد‪ ،‬إًل املقربة واحلمام ‪45 ..................................................‬‬
‫اآلن يـا عمر‪170..........................................................................‬‬
‫األنبياء إخوة لعالت‪ ،‬أمهاهتم شىت ودينهم واحد‪6 .............................................‬‬
‫اإلميان ابلقدر خريه وشره ‪235..............................................................‬‬
‫اإلميان بضع وسبعون شعبة أعالها ًل إلـه إًل هللا وأدًنها إماطة األذى ‪245.......................‬‬

‫‪291‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي ‪171............................................‬‬


‫الدعاء هو العبـادة‪60 ......................................................................‬‬
‫الديـن النصيحة‪ ،‬الدين النصيحة‪ ،‬الدين النصيحة‪ ،‬قلنا ملن اي رسول هللا ‪268.....................‬‬
‫العيافة والطرية والطرق من اجلبت ‪71 ........................................................‬‬
‫اللهم اشـهد اللـهم اشهد ثالث مرات‪169....................................................‬‬
‫اللهم أنت األول فليس قبلك شيء وأنت اآلخر فليـس بعـدك شيء وأنت الظاهر ‪83 .............‬‬
‫اللهم إين أستخريك بعلمـك وأستقدرك بقدرتك ‪82 ............................................‬‬
‫اللهم رب السماوات ورب األرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق ‪78 ...............‬‬
‫اللهم رب جربيل وميكـائيل وإسرافيل ‪111....................................................‬‬
‫اللهم رب جـربيل وميكـائيل وإسرافيل فاطر السماوات واألرض عامل الغيب والشهادة ‪106..........‬‬
‫اللهم صل على حممد وعلى آل حممد كما صليت علـى إبراهيم وعلى آل إبراهيم‪81 ...............‬‬
‫اللهم لـك احلمد أنت نور السماوات واألرض‪ ،‬ولك احلمد أنـت قيـم السماوات ‪147..............‬‬
‫أما بعد أًل أيها الناس فإَّنا أنـا بشـر يوشك أن أييت رسول ريب فأجيب ‪174......................‬‬
‫أمتهوكون فيها اي ابن اخلطاب والذي نفسي بيـده لقـد جئتكم هبا بيضاء‪133.....................‬‬
‫أمرت أن أقاتل الناس حىت يشهدوا أن ًل إله إًل هللا وأن حممدا رسول هللا ‪168 ,27 ..............‬‬
‫إن أحدكم إذا مات عرض عليـه مقعـده بـالغداة والعشي إن كان من أهل اجلنة ‪211...............‬‬
‫إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك األصغر‪ ،‬قالوا ومـا الشـرك األصغر اي رسول‪63 ................‬‬
‫إن الرقـى والتمائم والتولة شرك ‪37 ...........................................................‬‬
‫إن الساعة ًل تكون حىت تكون عشر آايت خسف ابملشرق وخسف ابملغرب وخسف ‪203........‬‬
‫إن العبد إذا وضع يف القرب ‪214.............................................................‬‬
‫إن العبد إذا وضع يف قـربه وتوىل عنه أصحابه‪ ،‬وإنه ليسمع قرع نعاهلم ‪213 ,116 ...............‬‬
‫إن هللا اختذين خليال كما اختذ إبراهيم خليال ‪154..............................................‬‬
‫إن هللا تعاىل قال من عادى يل وليا فقد آذنته ابحلرب‪ ،‬وما تقرب إيل عبدي ‪196.................‬‬
‫إن هللا سيخلص رجال من أميت علـى رؤوس اخلالئق يوم القيامة‪ ،‬فينشر له ‪224...................‬‬
‫إن هللا ًل خيفى عليكـم إن هللا ليس أبعور وأشار بيده إىل عينيه‪ ،‬وإن‪86 .........................‬‬
‫إن هللا يبسط يـده ابلليل ليتوب مسيء النهار‪ ،‬ويبسط يده ابلنهار ليتوب ‪86 ....................‬‬
‫إن هللا يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة سـنة مـن جيـدد هلـا دينها ‪179.........................‬‬
‫إن هللا يرضى ل ك ـم ثالاث ويسخط ل ك ـم ثالاث‪ ،‬يرضى لكم أن تعبدوه وًل تشرك وا ‪275.....‬‬

‫‪292‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إن اللهحرم على األرض أجساد األنبياء ‪189.................................................‬‬


‫إن اللهوكل ملكا يقول اي رب نطفـة اي رب علقة اي رب مضغة فإذا أراد أن ‪113..................‬‬
‫أن النيب رأى رجال يف يده حلقة مـن صفر فقال ما هذه ؟ قال من الواهنة‪39 ................... ،‬‬
‫أن تؤمن ابهلل ومالئكـته وكتبه ورسـله واليـوم اآلخر‪147.........................................‬‬
‫أن تعبد هللا كأنك تـراه فـإن تكن تراه فإنه يراك ‪248...........................................‬‬
‫أن جربيل سأل النيب فقال أخربين عن اإلميان‪ ،‬قـال أن تؤمن ابهلل‪ ،‬ومالئكته‪10 ................ ،‬‬
‫أن رجال استأذن على النيب فلمـا رآه قال بئس أخو العشرية وبئس ابن العشرية‪251.............. ،‬‬
‫إن رجال حضره املـوت ملا أيس من احلياة أوصى أهله إذا مت فامجعوا يل ‪218....................‬‬
‫أن رجال دخل يـوم اجلمعة من ابب كان وجاه املنرب ورسول هللا قائم خيطب‪49 .................. ،‬‬
‫أن رجال سأل النيب عن الساعة فقـال مىت الساعة ؟ فقال النيب وماذا أعددت ‪256................‬‬
‫أن رجال ضرير البصر أتى النيب فقال ادع هللا أن يعافيين‪ ،‬قال إن شئت ‪53 .......................‬‬
‫أن رسول هللا قال ما بـني النفختـني أربعون قال أربعون يوما قال أبيت‪218...................... ،‬‬
‫إن روح القدس نفث يف روعي لن متوت نفس حىت تستكمل رزقها فاتقوا هللا ‪120................‬‬
‫إن شئت صربت وإن شئت دعوت ‪53 ......................................................‬‬
‫أن عمر بن اخلطابكان إذا قحطـوا استسقى ابلعباس بن عبد املطلب‪ ،‬فقال ‪52 ...................‬‬
‫إن يف اجلسد مضغة إذا صلحت صلح اجلسد كله ‪2 ...........................................‬‬
‫إن يف اجلنة مائـة درجـة أعدها هللا للمجاهدين يف سبيل هللا‪ ،‬ما بني ‪228.........................‬‬
‫إن قـدر حوضي كما بني أيلة إىل صنعاء من اليمن وإن فيه من األابريق كعدد‪222................‬‬
‫إن هلل مالئكة يطوفون يف الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكـرون‪115...............‬‬
‫إن للهمالئكة سياحني يف األرض يبلغوين من أميت السالم ‪115.................................‬‬
‫إن مثلي ومثل األنبياء من قبلي كمثل رجل بىن بيتا فأحسنه وأمجلـه‪ ،‬إًل ‪164.....................‬‬
‫إن من أفضل أايمكـم يوم اجلمعـة‪ ،‬فأكثروا علي من الصالة فيه‪ ،‬فإن صالتكم‪188................‬‬
‫أًن سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنـه القرب وأول شافـع وأول مشفع ‪166 ,162 .......‬‬
‫أنـا سيد ولد آدم يوم القيامة‪ ،‬وبيدي لواء احلمد وًل فـخر‪ ،‬وما من نيب ‪167......................‬‬
‫أًن فرطكم على احلوض من مر علي شرب‪ ،‬ومن شرب ًل يظمأ أبدا لريدن علي ‪277.............‬‬
‫إًن نتوسل إليك بعم نبينا‪53 ................................................................‬‬
‫إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكـن أول مـا تدعوهـم إىل أن يوحدوا ‪24 ..................‬‬
‫إنكم تتمون سبعني أمـة أنتـم خريها وأكرمها على هللا ‪165......................................‬‬

‫‪293‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫إَّنا هو جربيل مل أره على صورتـه الـيت خلق عليها غري هاتني املرتني ‪110 ,96 ....................‬‬
‫أنه تسلق أراكة وكان دقيق الساقني فجعلت الريح تكفـؤه أي حتركه فضحك ‪223.................‬‬
‫إهنا لن تقوم حىت تروا قبلها عشر آايت فذكر الدخـان والدجـال والدابة‪207......................‬‬
‫إين أنذركموه وما من نيب إًل قد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكن ‪204.......................‬‬
‫إين هنيتكـم عن زيـارة القبور فزوروها فإن فيها عربة ‪42 ..........................................‬‬
‫أوثـق عـرى اإلميان املواًلة يف هللا واملعاداة يف هللا واحلب يف هللا ‪251..............................‬‬
‫أوصيكـم ابلسمع والطاعة‪ ،‬فإنه من يعش منكـم بعدي فسريى اختالفا كثريا ‪264..................‬‬
‫أول ما بدئ به رسـول هللا من الوحـي الرؤاي الصاحلة يف النوم فكان ًل ‪121.......................‬‬
‫إيـاكم والغلو‪ ،‬فإَّنا هلك من كان قبلكم ابلغلو يف الدين ‪55 ....................................‬‬
‫إايكم وحمداثت األمور فإن كل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللـة ‪278..............................‬‬
‫آية اإلميان حب األنصار وآية النفاق بغض األنصار‪255.......................................‬‬
‫آية املنافق ثالث إذا حدث كـذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا أؤمتن خان‪66 ........................‬‬
‫بعثت أًن والساعة كهاتني وضم السـبابة والوسطى ‪200.........................................‬‬
‫بلغوا عين ولو آية ‪2 ........................................................................‬‬
‫بين اإلسالم على مخس شهادة أن ًل إله إًل هللا وأن حممدا رسول هللا وإقام ‪242..................‬‬
‫بينما ثالثة نفر ممن كان قبلكم ميشون إذ أصاهبم مطر‪ ،‬فأووا إىل غار فانطبق ‪48 ..................‬‬
‫بينما حنن عند رسول هللا ذات يوم إذ طلع علينا رجل شـديد بياض الثياب‪102..................،‬‬
‫خترج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم مث يغمرون فيكم حىت يشـرتي ‪208.......................‬‬
‫تركت ك ـم ع ل ـى البي ض ـاء لي ل ـها كنهارها ًل يزيغ عنها بعد إًل هالك ‪275...................‬‬
‫توسـلوا جباهي فإن جاهي عنـد هللا عظيـم‪51 ..................................................‬‬
‫مث ذهب يب إىل سدرة املنتـهى وإذا ورقها كآذان الفيلة‪ ،‬إذا مثارها كالقالل ‪183....................‬‬
‫مث رفع يل البيت املعمور‪ ،‬فقلت اي جربيل ما هذا ؟ قال هذا البيت املعمور ‪115 ,104 .........‬‬
‫مث عرج بنا إىل السماء فاستفتح جربيل فقيل من أنت ؟ قـال جربيل قيل ومن ‪187 ,183 ........‬‬
‫مث يؤتى ابجلسـر فيجعل بني ظهري جهنم قلنا اي رسول هللا وما اجلسر ؟ ‪228.....................‬‬
‫جاء أعرايب إىل النيب فقال ما الصور ؟ فقال قرن ينفخ فيه‪111..................................‬‬
‫جاء رجل إىل رسـول هللا فقال اي رسول هللا كيف تقول يف رجل أحب قوما ‪256..................‬‬
‫حوضي مسرية شهر وزواايه سواء ماؤه أبيض من اللنب‪ ،‬ورحيه أطيب مـن املسك‪222............. ،‬‬
‫خرجنا مع رسول هللا إىل حنني وحنـن حداثء عهد بكفر‪ ،‬وللمشركني سدرة السدرة‪40 .............‬‬

‫‪294‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫خلقت املالئكة من نور وخلق اجلان مـن مارج من ًنر‪ ،‬وخلق آدم مما وصف لكـم ‪95 .............‬‬
‫دخل أبو بكر مث عمر مث عثمان وعندما رآه الرسول جلس وسوى ثيابـه فسألته ‪265...............‬‬
‫ذروين مـا تركتكم فإَّنا هلك من كان قبلكـم بكثرة سؤاهلم واختالفهم على ‪282....................‬‬
‫ذكر أن يف أمته سبعني ألفـا يدخلـون اجلنة بغري حساب وًل عذاب وقال ‪50 .....................‬‬
‫رأى رسـول هللا جربيل يف صورته‪ ،‬وله ستمائة جناح‪ ،‬كل جناح منها قد سد ‪96 ..................‬‬
‫رأيت الليلة رجلني أتياين فقاًل الذي يوقد النار مـالك خازن النار‪ ،‬وأًن ‪115......................‬‬
‫رأيت ليلة أسري يب موسى رجال آدم طواًل كأنه مـن رجال شنوءة‪ ،‬ورأيت عيسى ‪187............‬‬
‫رخص رسـول هللا يف الرقيـة مـن العني العني إصابة العائن غريه بعينه ‪36 ...........................‬‬
‫زوروا القبور فإنـها تذكـر املوت ‪42 ...........................................................‬‬
‫سئل النيب عن أوًلد املشركني فقال هللا أعلم مبا كانوا عاملني‪237................................‬‬
‫ضع يـدك علـى الذي أتمل من جسدك‪ ،‬وقل بسم هللا ثالاث وقل‪ ،‬سبع مرات أعوذ ‪82 ..............‬‬
‫عشرة يف اجلنة‪ ،‬النيب يف اجلنة‪ ،‬وأبو بكـر يف اجلنة‪ ،‬وعمر يف اجلنة‪266.......................... ،‬‬
‫على املرء املسلم السمع والطاعة فيما أحـب وكـره إًل أن يؤمر مبعصية‪269.......................،‬‬
‫عليكم ابجلماعة فإن يد هللا مع اجلماعة‪ ،‬ومن شذ شذ يف النار‪270.............................‬‬
‫عليكم ابلسبيل والسـنة فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرمحن ففاضت‪276..............‬‬
‫علي ك ـم بسنيت وسنة اخللفاء ال راشدين املهديني من ب ع ـدي متسك وا هبا وعض وا ‪276........‬‬
‫فإذا أًن بسحابة قد أظلتين‪ ،‬فنظـرت فإذا فيها جربيل‪ ،‬فناداين فقال إن‪113.......................‬‬
‫فإذا سـألتم هللا فسلوه الفردوس فإنه أوسط اجلنة وأعلى اجلنة وفوقه عرش‪229.....................‬‬
‫فاسألوه أن يستغفر لكـم ‪50 ................................................................‬‬
‫فـأكون أول مـن تنشـق عنـه األرض ‪220......................................................‬‬
‫فأما النار فال متتلئ حىت يضع هللا تبارك وتعاىل رجله‪ ،‬تقول قط قط قط ‪86 ......................‬‬
‫فتعاد روحه يف جسده فيأتيـه ملكـان فيجلسانه فيقوًلن له من ربك ‪213.........................‬‬
‫فضلت علـى األنبياء بست أعطيت جوامع الكلم‪ ،‬ونصرت ابلرعب‪ ،‬وأحلـت يل ‪163.............‬‬
‫فقد استأجر النيب عبد هللا بن أريقط هاديـا خريتـا ‪253.........................................‬‬
‫فكـأَّنا رآين يف اليقظة‪176..................................................................‬‬
‫يف اجلنة مثانية أبواب فيـها ابب يسمى الراين ًل يدخله إًل الصائمون‪229........................‬‬
‫فيأتون إبراهيم فيقول لسـت هناكـم ويذكر خطيئته اليت أصاهبا ولكن ائتوا ‪129....................‬‬
‫فيأتونين فأنطلق‪ ،‬فأستأذن على ريب فيؤذن يل عليه‪ ،‬فإذا رأيت ريب وقعت ‪166...................‬‬

‫‪295‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫فيصيح صيحـة ‪214........................................................................‬‬


‫فيضع قدمه عليـها‪87 ......................................................................‬‬
‫فيقول هللا تبارك وتعاىل شفعت املالئكة وشفع النبيـون وشـفع املؤمنون ‪226.......................‬‬
‫قال فأخربين عن الساعة ؟ قـال مـا املسئول عنها أبعلم من السائل قال ‪201......................‬‬
‫قال له آدم اي موسى اصطفاك هللا بكالمه وخط لك التوراة بيده ‪129...........................‬‬
‫قد كان يف األمم قبلكـم حمدثون‪ ،‬فإن يكن يف أميت أحد فإن عمـر بن اخلطاب منهم ‪265..........‬‬
‫كان هللا ومل يكن شيء غريه وكان عرشه على املاء وكتب يف الذكر كل شـيء‪238.................‬‬
‫كان الناس يسألون رسول هللا عن اخلري وكنت أسـأله عن الشر خمافة أن يدركين‪56 ................‬‬
‫كان رسول هللا إذا اشتكى منـا إنسان مسحه بيمينه مث قال أذهب الباس رب ‪36 .................‬‬
‫كان رسول هللا يعلمهم إذا خرجوا إىل املقابر فكان قائلهم يقول السالم ‪42 ......................‬‬
‫كانت بنو إسرائيل تسوسهم األنبياء كلما هلك نيب خلفه نيب‪ ،‬وإنه ًل نيب ‪178...................‬‬
‫كانوا يعقرون عند القرب بقرة أو شاة ‪44 ......................................................‬‬
‫كتب هللا مقادير اخلالئق قبل أن خيلق السماوات واألرض خبمسني ألف سنة ‪235................‬‬
‫كل أميت يدخلون اجلنة إًل مـن أىب قـالوا ومن أيىب اي رسول هللا ؟ قال ‪276.......................‬‬
‫كل شيء بقدر حىت العجز والكيس أو الكيس والعجز ‪235...................................‬‬
‫كلمتـان حبيبتان إىل الرمحن خفيفتان على اللسان ثقيلتان يف املـيزان‪223.........................‬‬
‫كنا مع النيب يف قبة فقال أترضون أن تكونوا ربع أهل اجلنـة قلنا نعم ‪165.......................‬‬
‫كنـا نتوسل إليك بنبينا [أي جباهه] فتسقينا‪ ،‬وإًن نتوسل إليك بعم نبينـا ‪52 ......................‬‬
‫كنا نرقي يف اجلاهلية فقلنا اي رسول هللا كيف ترى يف ذلك ؟ فقال اعرضوا ‪35 ...................‬‬
‫كنت هنيتكم عـن زايرة القبور أًل فزوروها؛ فإهنا ترق القلب وتدمع العني‪42 ......................‬‬
‫كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحىن جبهتـه وأصغى مسعه ينظر مىت ‪112...............‬‬
‫ًل والذي نفسي بيده حىت أكون أحب إليك من نفسك ‪170..................................‬‬
‫ًل إله إًل هللا العظيم احلليم ‪81 ..............................................................‬‬
‫ًل إله إًل هللا ويل للعرب من شر قد اقرتب فتح من ردم أيجوج ومأجوج مثل ‪206................‬‬
‫ًل تتخذوا قربي عيدا العيد هو الذي يعود ويتكرر مثل عيد الفطر وعيد األضحى‪45 ............ ،‬‬
‫ًل جتتمع أميت على ضاللة أو قال أمة حممـد على ضاللة ويد هللا على اجلماعة ‪283...............‬‬
‫ًل تذهب الدنيا حىت ميلك العرب رجل من أهل بيـيت يواطئ امسه امسي ‪204......................‬‬
‫ًل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض‪67 .........................................‬‬

‫‪296‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ًل تسبوا أحدا من أصحايب‪ ،‬فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا مـا أدرك ‪259...................‬‬
‫ًل تسبوا أصحايب فلو أن أحدكـم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلـغ مد أحدهم وًل نصيفه ‪174..........‬‬
‫ًل تشد الرحال إًل إىل ثالثة مساجد املسجد احلـرام‪ ،‬ومسجد الرسول ومسجد األقصى ‪45 ........‬‬
‫ًل تطروين كمـا أطرت النصارى عيسى ابن مرمي‪ ،‬إَّنـا أنـا عبـد هللا ورسـوله‪55 ......................‬‬
‫ًل تطروين كما أطرت النصارى ابن مرمي فإَّنا أًن عبده‪ ،‬فقولوا عبد هللا ورسـوله ‪172................‬‬
‫ًل تفضلـوا بني أنبيـاء هللا فإنه ينفخ يف الصور فيصعق مـن يف السماوات‪219......................‬‬
‫ًل تقولوا ما شاء هللا وشاء فالن‪ ،‬ولكن قولوا ما شـاء هللا مث شـاء فالن ‪63 .......................‬‬
‫ًل تقوم الساعة حىت خترج ًنر من أرض احلجـاز تضـيء أعنـاق اإلبـل ببصرى ‪201.................‬‬
‫ًل تقوم الساعة حىت تطلع الشمس من مغرهبا فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا ‪207.................‬‬
‫ًل تقوم الساعة حىت يبعـث دجـالون كذابون قريبا من ثالثني كلهم يزعم أنه رسول هللا ‪202.........‬‬
‫ًل تقوم الساعة حىت حيسـر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه‪ ،‬فيقتل‪202..............‬‬
‫ًل عقر يف اإلسالم ‪44 .....................................................................‬‬
‫ًل يؤمن أحدكم حىت أكون أحب إليه مـن والده وولده والناس أمجعني ‪170.......................‬‬
‫ًل يدخل النار أحد بـايع حتـت الشجرة ‪259..................................................‬‬
‫ًل يقولن أحدكـم اللهم اغفر يل إن شئت اللهم ارمحين إن شئت ليعزم يف ‪238....................‬‬
‫ًل ينبغي لعبد أن يقول أًن خري من يونس بن مىت ‪158.........................................‬‬
‫ألعطني الراية غدا رجال حيـب هللا ورسـوله‪ ،‬وحيبه هللا ورسوله يفتح هللا ‪265.......................‬‬
‫لرتكنب سنن من كان قبلكـم‪41 ..............................................................‬‬
‫لعن هللا اليهود والنصارى اختذوا قبور أنبيائهم مساجد ‪45 ,44 .................................‬‬
‫لقد دعا ابسم هللا األعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ‪80 ......................‬‬
‫لكـل نيب دعـوة مستجابة فتعجل كل نيب دعوته وإين اختبأت دعويت شفاعة‪225..................‬‬
‫ملا أصيب إخوانكـم يعين يوم أحد جعل هللا أرواحهم يف أجواف طري خضر ‪214.................‬‬
‫ملا اقرتف آدم اخلطيئة قال اي رب أسألك حبق حممد ملـا غفرت يل‪ ،‬فقال ‪52 ......................‬‬
‫ملا فرغ هللا من خلقه استوى على عرشه ‪84 ...................................................‬‬
‫لو كنت متخذا من أهل األرض خليال‪ً ،‬لختذت أاب بكر خليال ًل يبقني يف ‪265.................‬‬
‫لوًل أن ًل تدافنوا لدعـوت هللا أن يسمعكـم من عذاب القرب‪211................................‬‬
‫ليس منا من تطري أو تطـري لـه‪ ،‬أو تكهن أو تكهن له‪ ،‬أو سحر أو سحر له‪72 ................. ،‬‬
‫ما من األنبياء نيب إًل أعطي من اآلايت ما مثله آمـن عليه البشر‪165.......................... ،‬‬

‫‪297‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫ما من األنبياء نيب إًل أعطـى مـن اآلايت ما مثله آمن عليه البشر‪ ،‬وإَّنا‪141......................‬‬
‫مـن مـات وهـو يـدعو من دون هللا نـدا دخل النار ‪24 ..........................................‬‬
‫من أتى كاهنـا فصدقه مبا يقول فقد كفر مبا أنـزل على حممد‪71 .................................‬‬
‫من أحدث يف أمرًن هذا ما ليس منه فـهو رد ‪278 ,184 ,30 ...............................‬‬
‫من أراد أن ينصح لذي سلطان فال يبده عالنية‪ ،‬وليـأخذ بيده فإن مسع منه‪269..................‬‬
‫مـن استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ‪36 ........................................................‬‬
‫من أطاعين فقد أطاع هللا‪ ،‬ومن عصاين فقد عصى هللا‪ ،‬ومن يطع األمري فقد ‪269................‬‬
‫من اقتبس علما من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد ‪71 ..........................‬‬
‫من تعلق متيمة فال أمت هللا له‪ ،‬ومـن تعلق ودعة فال ودع هللا له ‪38 ...............................‬‬
‫من تعلق شيئا وكل إليـه ‪37 .................................................................‬‬
‫من رآين يف املنام فسرياين يف اليقظـة‪ ،‬وًل يتمثل الشيطان يب ‪176 ,175 ........................‬‬
‫من رآين يف املنام فقد رآين فإن الشيطان ًل يتمثل يب ‪175......................................‬‬
‫من رآين يف النـوم فقد رآين فإنه ًل ينبغي للشيطان أن يتشبه يب ‪175.............................‬‬
‫من رأى من أمريه شيئا يكرهه فليصرب‪ ،‬فإنه من فـارق اجلماعة شربا فمات ‪271...................‬‬
‫من صلى علي صالة صلى هللا عليه هبا عشرا‪171.............................................‬‬
‫من علق متيمة فقـد أشرك ‪38 ...............................................................‬‬
‫من قال أًن خـري من يونس بن مىت فقد كذب ‪158............................................‬‬
‫من قال ًل إله إًل هللا وكفر مبا يعبد من دون هللا حرم ماله ودمه وحسابه على هللا ‪27 ..............‬‬
‫من لقي هللا ًل يشرك به شيئا دخل اجلنة‪ ،‬ومن لقيه يشرك به شـيئا دخـل النـار ‪24 ................‬‬
‫ًنركـم جزء من سبعني جـزءا مـن نـار جهنم ‪230...............................................‬‬
‫هنى رسول هللا أن جيصص القـرب‪ ،‬وأن يقعد عليه‪ ،‬وأن يبىن عليه‪ ،‬وأن يزاد‪44 .....................‬‬
‫هنيتكم عن زايرة القبور فزوروها ‪41 ..........................................................‬‬
‫هذا أيسر ‪85 .............................................................................‬‬
‫هلك املتنطعون ‪55 ........................................................................‬‬
‫هو خروج عيسى ابن مرمي عليه السالم قبل يوم القيامة ‪205....................................‬‬
‫وآخر ذلك ًنر خترج من اليمن تطرد الناس إىل حمشرهم‪208....................................‬‬
‫واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء مل ينفعـوك إًل بشيء قد‪14 ...................‬‬
‫والذي نفس حممد بيده ًل يسمع يب أحد مـن هـذه األمـة يهودي وًل نصراين‪163................ ،‬‬

‫‪298‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫والذي نفسي بيده لـو أن موسى كان حيا ما وسعه إًل أن يتبعين ‪140...........................‬‬
‫والـذي نفسـي بيـده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مرمي حكما عدًل فيكسر الصليب ‪205............‬‬
‫وأنتم تسألون عين فما أنتم قائلون ‪169.......................................................‬‬
‫وإنه سيكون يف أميت ثالثون كذابون كلهم يزعم أنه نيب وأًن خامت النبيني ‪202 ,178 .............‬‬
‫وأهل بييت أذكركم هللا يف أهل بييت أذكركـم هللا يف ‪ 180‬أهل بييت‪ ،‬أذكركـم ‪174...................‬‬
‫وأمي هللا لقد تركتكـم على مثل البيضـاء‪ ،‬ليلها وهنارها سواء ‪168.................................‬‬
‫وًل تقولوا هجرا ‪43 ........................................................................‬‬
‫وًل يزال عبدي يتقرب إيل ابلنوافل حىت أحبـه ‪197............................................‬‬
‫وًنر خترج من قعرة عدن ترحل الناس ‪209....................................................‬‬
‫ويضرب مبطارق من حديد ‪214.............................................................‬‬
‫يؤتى جبهنم يومئذ هلا سبعون ألف زمام‪ ،‬مع كل زمام سبعون ألـف ملـك جيروهنا ‪104..............‬‬
‫اي رسول هللا كيف أيتيك الوحي ؟ فقال رسـول هللا أحياًن أيتيين مثل صلصلة ‪122................‬‬
‫اي عبادي‪ ،‬إين حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حمرما فـال تظاملوا ‪138.....................‬‬
‫اي حممد أخربين عن اإلسالم‪ ،‬فقال رسول هللا اإلسـالم أن تشهد أن ًل ‪242.....................‬‬
‫اي معاذ أتدري ما حق هللا على العباد ؟ قال هللا ورسوله أعلم قـال أن ‪23 ........................‬‬
‫اي معشر قريش أو كلمة حنوها‪ ،‬اشرتوا أنفسـكـم ًل أغين عنكم من هللا شيئا‪262................. ،‬‬
‫يتعاقبون فيكم مالئكة بـالليل‪ ،‬ومالئكـة ابلنهار‪ ،‬وجيتمعون يف صالة الصبح ‪99 ..................‬‬
‫حيشـر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرًل غرًل غري خمتونني قلت اي رسول ‪221....................‬‬
‫خيرب الكعبة ذو السويقتني من احلبشـة ‪206..................................................‬‬
‫خيرج الدجال يف أمـيت فيمكث أربعني ًل أدري أربعني يوما أو أربعني شهرا ‪204...................‬‬
‫خيرج من النار من قال ًل إله إًل هللا ويف قلبه وزن شعرية من خري‪ ،‬وخيرج ‪246....................‬‬
‫خيـرج من النار من كان يف قلبه حبة من خردل من إميان ‪226...................................‬‬
‫خيرج من النار من كان يف قلبه مثقال ذرة مـن إميان‪245........................................‬‬
‫يدخل هللا أهل اجلنة اجلنة‪ ،‬وأهل النار النار‪ ،‬مث يقوم مؤذن بينـهم فيقول ‪231.....................‬‬
‫يدخل أهل اجلنة اجلنة‪ ،‬يدخل من يشاء برمحته‪ ،‬ويدخل أهل النـار النار ‪247.....................‬‬
‫يدرس اإلسـالم كما يدرس وشي الثوب حىت ًل يدرى ما صيام وًل صـالة وًل ‪207................‬‬
‫يسـمع قرع نعاهلم‪214......................................................................‬‬

‫‪299‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة معايل الوزير الشيخ صاحل بن عبد العزيز بن حممد آل الشـيخ‪2 ............................‬‬
‫املقدمة‪4 ..................................................................................‬‬
‫متهيد ‪8 ...................................................................................‬‬
‫الباب األول‪ :‬اإلميان ابهلل ‪11 ................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬توحيد الربوبية ‪13 ..........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬معناه وأدلته من الكتاب والسنة والعقل والفطرة‪13 ........................ .‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬بيان أن اإلقرار هبذا التوحيد وحده ًل ينجي من العذاب‪16 ..................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬مظاهر اًلحنراف يف توحيد الربوبية ‪19 ....................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬توحيد األلوهية ‪20 ..........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬أدلته‪ ،‬وبيان أمهيته ‪21 ...................................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬وجوب إفراد هللا ابلعبادة‪ ،‬وحتته مطالب ‪27 ................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬محاية املصطفى ‪ ‬جناب التوحيد ‪34 ...................................‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬الشرك والكفر وأنواعهما ‪55 ..............................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬ادعاء علم الغيب وما يلحق به ‪68 ......................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬توحيد األمساء والصفات ‪72 ................................................‬‬
‫التمهيد اإلميان ابألمساء والصفات وأثر ذلك يف سلوك املسلم ‪73 ...........................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف توحيد األمساء والصفات وأدلته ‪74 .................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬أمثلة تطبيقية إلثبات األمساء والصفات يف ضوء الكتاب والسنة ‪79 ...........‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬قواعد يف ابب األمساء والصفات ‪87 ......................................‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬بقية أركان اإلميان ‪92 ...........................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلميان ابملالئكة ‪92 ........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف املالئكة وأصل خلقتهم‪ ،‬وصفاهتم‪ ،‬وخصائصهم ‪93 ..................‬‬
‫املبحث الثاين منزلة اإلميان ابملالئكة وكيفيته وأدلة ذلك ‪99 ...............................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬وظائف املالئكة ‪107 ..................................................‬‬
‫الفصل الثاين اإلميان ابلكتب املنزلة ‪115 ...................................................‬‬
‫متهيد يف تعريف الوحي لغة وشرعا وبيان أنواعه‪116 ......................................‬‬
‫املبحث األول حكم اإلميان ابلكتب وأدلته ‪119 .........................................‬‬

‫‪300‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين كيفية اإلميان ابلكتب‪123 ................................................‬‬


‫املبحث الثالث بيان أن التوراة واإلجنيل وبعض الكتب األخرى املنزلة دخلها التحريف وسالمة‬
‫القرآن من ذلك ‪131 .................................................................‬‬
‫املبحث الرابع اإلميان ابلقرآن وخصائصه‪135 ............................................‬‬
‫الفصل الثالث اإلميان ابلرسل ‪142 ........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حكم اإلميان ابلرسل وأدلته ‪143 .........................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تعريف النيب والرسول والفرق بينهما ‪146 ..................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬كيفية اإلميان ابلرسل ‪148 ..............................................‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬ما جيب علينا حنو الرسل‪153 ............................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬أولو العزم من الرسل ‪158 .............................................‬‬
‫املبحث السادس خصائص نبينا حممد ‪ ‬وحقوقه على أمته مع بيان أن رؤية النيب ‪ ‬يف‬
‫املنام حق ‪160 .......................................................................‬‬
‫املبحث السابع‪ :‬ختم الرسالة وبيان أنه ًل نيب بعده ‪174 ..................................‬‬
‫املبحث الثامن‪ :‬اإلسراء ابلرسول ‪ ‬حقيقته وأدلته ‪177 .................................‬‬
‫املبحث التاسع‪ :‬القول يف حياة األنبياء عليهم السالم ‪182 ................................‬‬
‫املبحث العاشر‪ :‬معجزات األنبياء والفرق بينها وبني كرامات األولياء‪187 ...................‬‬
‫املبحث احلادي عشر‪ :‬الويل والوًلية يف اإلسالم ‪192 .....................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬اإلميان ابليوم اآلخر‪195 ....................................................‬‬
‫املبحث األول ‪196 ...................................................................‬‬
‫أشراط الساعة وأنواعها ‪196 ...........................................................‬‬
‫املبحث الثاين نعيم القرب وعذابه ‪205 ...................................................‬‬
‫املبحث الثالث اإلميان ابلبعث ‪210 ....................................................‬‬
‫الفصل اخلامس اإلميان ابلقضاء والقدر ويشتمل على مبحثني ‪224 ...........................‬‬
‫املبحث األول تعريف القضاء والقدر‪ ،‬وأدلة ثبوهتما مع بيان الفرق بينهما ‪225 .............‬‬
‫املبحث الثاين مراتب القدر ‪227 .......................................................‬‬
‫الباب الثالث مسائل متفرقة يف العقيدة ‪230 ..................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلسالم واإلميان واإلحسان‪231 .......................................... .‬‬
‫املبحث األول‪ :‬اإلسالم ‪232 ..........................................................‬‬

‫‪301‬‬
‫أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬اإلميان وأركانه وبيان حكم مرتكب الكبرية ‪234 ...........................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬اإلحسان ‪238 ........................................................‬‬
‫املبحث الرابع العالقة بني اإلسالم واإلميان واإلحسان ‪239 ................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الوًلء والرباء معناه وضوابطه ‪240 ............................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬حقوق الصحابة وما جيب حنوهم‪244 ......................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬من هم الصحابة ووجوب حمبتهم ومواًلهتم ‪245 ...........................‬‬
‫املبحث الثاين وجوب اعتقاد فضلهم وعدالتهم والكف عما شجر بينهم يف ضوء األدلة‬
‫الشرعية‪247 .........................................................................‬‬
‫املبحث الثالث أهل بيت النيب ‪250 ............................................... ‬‬
‫املبحث الرابع اخللفاء الراشدون‪253 ...................................................‬‬
‫املبحث اخلامس العشرة املبشرون ابجلنة‪255 ............................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الواجب حنو أئمة املسلمني وعامتهم ولزوم مجاعتهم‪257 ......................‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬وجوب اًلعتصام ابلكتاب والسنة وأدلة وجوبه ‪261 .......................‬‬
‫املبحث األول معىن اًلعتصام ابلكتاب والسنة وأدلة وجوبه ‪262 ..........................‬‬
‫املبحث الثاين التحذير من البدع‪266 ..................................................‬‬
‫املبحث الثالث ذم التفرق واًلختالف ‪268 .............................................‬‬
‫فهرس اآلايت ‪273 ........................................................................‬‬
‫فهرس األحاديث ‪291 .....................................................................‬‬
‫الفهرس ‪300 ..............................................................................‬‬

‫‪‬‬

‫‪302‬‬

You might also like