Professional Documents
Culture Documents
J. Walbridge, Press, 2000), Pp. 13-26
J. Walbridge, Press, 2000), Pp. 13-26
ال�سيا�سي .فالفيل�سوف
ّ كتمرده على ال�سائ��د
الفكري يف ع�رصهّ ، ّ مت��ر َد ال�سهروردي عل��ى ال�سائد َّ
غريه ،وي ّت�صل به��ا ب أ�رباب احلكمة مهما ُ به َ
��ل ليكم
ُ بها يكتمل ة
ً فل�سفي
ّ ً
ة حي��ا يحيا من هو عن��ده
�شي أ�ت االعتبارات ائية الطاغية يف زمانه ،والتي ّ تقادم بهم الزمن .من هنا كان رف�ضه ملقوالت امل�شّ ّ
عيني واحد مقدم ًة ملفهمته ،و�سبيلاً ملعرفته ،فقال بوجودٍ ّ العقلي��ة ،وجعلت الرتكيب يف بنية العامل ّ ّ
أ أ
�صاغ��ه يف ِمتافيزيق��ا النور املق��ول بالت�شكيك ،و�إن كان ،عندم��ا �راد اختيار الوح��دات ال ّو ّلية
(املاهيات) ،ومو�ضوع��ات االختبار املبا�رشة ،كوحدات �أ ّو ّلية ّ اجلزئية
ّ يرجح الكيانات ملنظومت��هّ ،
ٌ
مك�شوف العيني فباحل�ضور واملبا��شرة� ،إذ املعلوم بالذات
ّ درك هذا الوجود ملنظومت��ه� .أ ّما كيف ُي َ
يزوده ،دون يف ال يلغي دور العقل مبا هو �آل��ة ،بل ّ تو�س��ط �آلة ،و�إن كان ال��ذوق ال�صو ّ للع��امل دون ّ
العقلية عليها.
ّ البديهيات ،مبعرفة احلقيقة التي ميكن بناء املعارف ّ
انظر،
J. Walbridge, The Leaven of the Ancients, Suhrawardī and the Heritage of the Greeks (New York: SUNY
Press, 2000), pp. 13-26.
ال�رشاق ،وله ترجمات
ال�رشقية يف جامعة �إنديانا يف الواليات امل ّتحدة؛ ترجم مع ح�سني �ضيائي حكمة إ
ّ �أ�ستاذ اللغات والثقافات
لبع�ض �أعمال جربان خليل جربان .من م�ص ّنفاته اهلل واملنطق يف إ
ال�سالم ،وعلم أ
النوار الباطنيّة .انظر،
God and Logic in Islam: The Caliphate of Reason (Cambridge University Press, 2011); The Philosophy of
Illumination of Shihab al-Din Yahya Suhrawardi [with Hossein Ziai], (UCLA, 1999); The Science of Mystic
Lights: Qutb al-Din Shirazi and the Illuminationist Tradition in Islamic Philosophy (1992).
احلكمية.
ّ باحث يف معهد املعارف
ٌ
ت�ستحق
ّ �سطوري �صالح الدين .الرواية املتوفّرة لدينا غري كاملة� ،إ اّل �أ ّنها
ّ �شه ٍري ه��و القائد أ
ال
الع��ادة ،ألنّ فل�سفة ال�سهروردي ارتبطت بحياته وموته ،كم��ا ارتبطت فل�سفة فيثاغور�س إ
و�سقراط بحياتهما وموتهما .
�أع��رف خم���س تراجم كربى لل�سهروردي كتبت يف القرون الو�سطى ،تعود جميعه��ا �إىل بداية القرن الثالث ع�رش ومنت�صفه،
كتبها م ؤ�لّفون �سبقوا ال�سهروردي من جيل �إىل ثالثة �أجيال هي:
الدباء ،الطبعة ( 1القاهرة :املطبعة الدباء� ،أو طبقات أالديب املع��روف مبعجم أ الريب �إىل معرفة أ .1ياق��وت احلموي ،كتاب �إر�شاد أ
الهنديّة ،)1925 ،اجلزء ،7ال�صفحات � 269إىل .272
الدباء ،حتقيق �أوغ�ست مولر ،طبعة ( 1كونيغ�سربغ ،)1884 ،اجلزء ،1ال�صفحات النباء يف طبقات أ .2ابن �أبي �أ�صيبعة ،عيون إ
� 168إىل 171؛ وحتقيق نزار ر�ضا (بريوت ،)1968 :ال�صفحات � 641إىل .646وتختلف ن�سخة ر�ضا �شي ًئا ما عن ن�سخة
مولر.
�سالمية،
ّ الم�صار ،حتقيق ف ؤ�اد �زسكني ،مطبوع��ات معهد العلوم العربية إ
ال الب�صار يف ممالك أ .3اب��ن ف�ضل اهلل العم��ري ،م�سالك أ
�سالمية ،)1988 ،اجلزء ،9ال�صفحات � 86إىل ّ ة-ال
العربي إ
ّ ال�سل�سل��ة ج( 46 ،فرانكفورت ،مطبوعات معهد تاريخ العل��وم
ب�شكل كامل ،على ابن �أبي �أ�صيبعة.ٍ حد كبري ،ولكن لي�س 93؛ وهي ترتكز �إىل ّ
عبا�س (بريوت :دار الثقافة ،)1968 ،اجلزء ،6ال�صفحات العيان و�أنباء �أبناء الزمان ،حتقي��ق �إح�سان ّ .4اب��ن خ ّلكان ،وفيّات أ
النكليز ّية. � 269إىل �إىل 274؛ وقد تُرجم �إىل إ
انظرIbn Khallikan’s Biographical Dictionary, trans. W. M. de Slane (Paris: Oriental Translation Fund 59, 1843-71(. ،
الرواح ،حتقيق خور�شي��د �أحمد (حيدر �آباد ،)1976 ،اجلزء ،2ال�صفحات � 119إىل 143؛ حتقيق .5ال�شه��رزوري ،نزهة أ
علي �أبو ر ّيان ،ال�صفحات � 600إىل .622 حممد ّ ّ
تتميز بت�ضامنها مع ال�سهروردي؛ انظر ،الذهبي ،العِ�بر يف خ ِرب َمن َغبرَ ،حتقيق �صالح الدين عما ذُكرّ ، وثم��ة رواية مت أ�خّ ��رة ّ
ّ
والنباء ،)1963 ،اجل��زء ،4ال�صفحتان 263و .264وهذه رواية الر�شاد أ العرب��ي ( 10الكويت :وزارة إ املنج��د ،الرتاث
ّ
ّ
ترتكز على ابن خ ّلكان.
م�صدرا لعدد من الروايات ،وقد كان له دور يف �إدانة ً �شداد ،كاتب �سرية �صالح الدين ،وم�ست�شار امللك الظاهر، و ُيعترب ابن ّ
ال�شيال ،الطبعة ( 1القاهرة:
�شداد� ،سرية �صالح الدين :ال�سرية اليو�سفيّة ،حتقيق جمال الدين ّ ال�سهروردي .انظر ،بهاء الدين بن ّ
النكليز ّية.
اخلاجني ،)1962 ،ال�صفحة 10؛ وقد تُرجم �إىل إ
The Life of Salah ud Din Ayyubi (reprint Rawalbandi: Army Book Club, 1983), pp. 584-86. انظر،
الن�س ،حتقيق الدكتور حممود العابدي ال�صوفية ،انظر ،عبد الرحمن اجلامي ،نفحات أ ّ ب�شكاكي وثمة رواية الحقة ت�ست�شهد ّ ّ
(طهران :اطالعات1375 ،هـ1996-م) ،ال�صفحات � 584إىل .586
تخ�صه.
لكل واح��د معلومات ّ الوائ��ل بع�ضهم على بع�ض بدرجة كب�يرة ،ف إ�نّ ّ وكم��ا نعل��م ،فرغم اعتماد ك ّت��اب ال�سري أ
�شداد .واب��ن خ ّلكان ،وابن ف�ض��ل اهلل ،يذكرون ابن �أبي فياق��وت ،واب��ن �أب��ي �أ�صيبعة ،وابن خ ّلكان جميعه��م يذكرون ابن ّ
اخلا�صة على ما
ّ �أ�صيبع��ة .وال�شه��رزوري ي�ستند �إىل ابن �أبي �أ�صيبعة� ،أو �إىل م�صدره �سديد الدين ابن رقيقة ،رغم �أنّ له م�صادره
�شداد البالغ للمهرطق �إىل تبجيل ال�شهروزري الوا�ضح. يبدو .ويرتاوح التفاوت يف وجهات النظر بني بغ�ض ابن ّ
البيبليوغرافية ،املقبولة.
ّ التاريخية� ،أو
ّ عدة حول ال�سهروردي ،لك ّنها ال ترقى �إىل م�ستوى الدرا�سة وهناك روايات حديثة ّ
بال�ضافة �إىل ما ذُكر �أعاله،
انظر ،إ
S. H. Nasr, Three Muslim Sages (Cambridge: Harvard University Press, 1964), pp. 52-8; G. Sarton, Introdb
duction to the History of Science (Washington: Carnegie Institution, 1931; Carnegie Institution Publicat-
tion 376), 2/1:361-62; GAL [Geschichte der arabischen Literature], GI:247, SI:781.
وحتوي التحقيقات احلديثة والرتجمات ألعمال ال�سهروردي �رس ًدا ،يزيد �أو ينق�ص ،حلياة ال�سهروردي و�أعماله ،بيد �أنّها،
يف أ
الغلب ،ال تُ�ضيف جديدً ا.
تق��ع قرية �سه��رورد يف مقاطعة زجنان على بع��د حوايل ثالثمائة كيلوم�تر �شمال غرب
طهران احلديثة .ولئن كانت هذه القرية م�سقط ر�أ�س ال�سهروردي ،ف إ� ّنها مل تكن املكان الذي
عا���ش فيه .فقد �أ�ش��ارت املعلومات أ
ال ّو ّلية الت��ي نقلها رواة �سريته �إىل �أ ّن��ه ق�صد بلدة مراغة
الواقعة �شمال غرب �إيران ليدر�س الفل�سفة على جمد الدين اجليلي ،الرجل «البارز يف ع�رصه،
و�صاح��ب الكتب املمتازة» ،والذي كان فخر الدين الرازي ،املتك ّلم ال�شهري ،قد در�س عليه
الفل�سفة �أ ً
ي�ضا.
النا�ضول ،در�س ال�سهروردي على يد فخر الدين املارديني ويف ماردي��ن ،وهي بلد ٌة يف أ
�رشاح ابن �سينا، العقلية ال�شهري يف ع�رصه ،و�أحد ّ
ّ الطب والعلوم ّ ( 594هـ1198-م)� ،أ�ستاذ
ثم در�س يف �أ�صفهان ب�صائر عمر بن �سهالن ال�ساوي على �صوفيا ّ .
ًّ وقد كان ،فيما يبدو،
القاري (�أو الفار�سي) ،ورغم �أنّ ظاهر الدين هذا مل ينل �شهرةً� ،إ اّل �أنّ كتاب ي��د ظاهر الدين ّ
الب�صائ��ر كان عملاً جتديد ًّيا يف املنط��ق� ،آذن تنظيمه ببع�ض وجوه كتابات ال�سهروردي ،كما
النا�ضول الو�سطى التي جتول على الغال��ب يف أ��صرح ال�شه��رزوري .بعد ذلك ،يبدو �أ ّنه ّ
ّ
حد كبريٍ .وقي��ل �إ ّنه عا�ش يف دياربك��ر ،ويف �سوريا ،كما يرانية الثقاف��ة �إىل ٍّ
كان��ت حينه��ا �إ ّ
الوىل من جتواله بالت أ�كيد روايات عن تواجده يف تربيز وميافارقني .كانت املراحل أ ٌ حتدثت ّ
راع ،و�إذا م��ا �أخذنا بقول ال�سهروردي طلب��ا للعلم� ،أ ّما املراح��ل املت أ� ّخرة فكانت بح ًثا عن ًٍ
أ أ
فكري .وقد ظفر ب��ال ّول ،ودفع عمره ثم ًنا له� ،إ اّل � ّنه مل
(1
ٍّ ند
نف�س��ه ،فق��د كانت بح ًثا عن ٍّ
ُيوفَّق بالعثور على الثاين.
الروحية وزهده البالغ� ،إ اّل �أنّ �أكرث
ّ ي�ضا ،فقد �أخرب عن قدراته�صوفيا �أ ً
ًّ كان ال�سه��روردي
ال�س رَي مل يذك��روه كواحدٍ منهم .ربمّ ا كان �سب��ب ذلك اهتماماته ال�صوفي�ين ورواة ِ
ّ الك ّت��اب
ك�ساحر ،وامل�صري الذي �آل �إليه.
ٍ الفل�سفية ،و�شهرته
ّ
ابن �أبي �أ�صيبعة ،حتقيق مولر ،م�صدر �سابق ،اجلزء ،2ال�صفحة .23
ي�ضا نعم برعاية امللك الظاهر بع��د موت ال�سهرورديامل�ص��در نف�س��ه ،اجل��زء ،1ال�صفحات ،263و� 299إىل 301؛ ه��و �أ ً
بقليل.
املق�صود هو كتاب الب�صائر الن�صرييّة يف علم املنطق .املرتجم.
الرواح ،حتقيق �أبو ر ّيان ،ال�صفحة 603؛ و�أ ً
ي�ضا، الرواح ،حتقيق �أحمد ،م�صدر �سابق ،اجلزء ،2ال�صفحة 123؛ نزهة أ نزهة أ
H. Ziai, EIr [Encyclopaedia Iranica], s.v., “Ebn Sahlān al-Sāvī”.
تركي ٌة قدميةٌ ،ا�سمها اليوم �سيلڤان .املرتجم.
ميافارقني مدين ٌة ّ
الرواح ،حتقيق �أبو ر ّيان ،م�صدر �سابق،الرواح ،حتقيق �أحمد ،م�صدر �سابق ،اجل��زء ،2ال�صفحتان 124و125؛ نزهة أ (1نزه��ة أ
ال�صفح��ة 605؛ ال�سه��روردي ،امل�شارع واملطارحات ،ال�صفح��ة 255؛ ال�سهروردي ،جمموعه م�صنّفات �شي��خ �إ�رشاق ،اجلزء ،1
ال�صفحة .505هذا ما يعني �أنّ كتاب امل�شارع قد ُو�ضع عند و�صوله �إىل حلب� ،أو قبله بقليل.
روايات خمتلف ٍة حول وفاة ال�سه��روردي ،يقول بع�ضها �إ ّنه رف���ض الطعام� ،أو منع عنه، ٍ ع��ن
الخر �أ ّنه ُ�شن��ق� ،أو قُتل بال�سي��ف� ،أو �ألقي به عن �أ�س��وار القلعة� .أ ّما ابن
فيم��ا ي��رى بع�ضها آ
العدام ،فيقول �إ ّنه ُ�صلب .قد
(1
�شداد ،قا�ضي �صالح الدين الذي �شارك يف �إ�صدار حكم إ ّ
امل�رشف عن طريق �صلبا ل�صالح الدين ،والقتل ّ املروع ً يك��ون امللك الظاهر �أعلن خرب املوت ّ
التجويع أل�ستاذ ال�سهروردي املفجوع املارديني� .أ ّما الروايات حول تاريخ وفاته ،فاختلفت
كم��ا يل��ي[586 :ه��ـ][1190/م][587 ،ه��ـ][1191 /م] 5 ،رج��ب [587هـ]28/
مت��وز[1191م]� ،أواخر ذي احلجة [587هـ]� /أوائل كان��ون الثاين [1192م] .يقول ابن
تاريخ
ٌ خ ّل��كان �إنّ لدي��ه معلومات موثوقة تدعم رواية 5رجب [587ه��ـ] .ولي�س ّ
ثمة (1
�ست وثالثون، ثالث وثالثونٌّ ، تقريبي ٌة لعمره وقت وفاته هيٌ : ّ تقديرات
ٌ مدونٌ لوالدته ،بل
ّ
ثمانٍ وثالثون ،حوايل �أربعني ،وخم�سون.
[ ].2 .1آثار السهروردي
ال�رشاق ،الذي يوافق اجلميع على �أ ّنه مفتاح فل�سفته:
كتب ال�سهروردي يف مطلع حكمة إ
ال�رشاق �أوه��ن عزمي يف االمتناع، وبع��د ،اعلموا �إخ��واين �أنّ كرثة اقرتاحك��م يف حترير حكمة إ
م��ر ورد من حملٍّ أ
حق ل��زم ،وكلم ٌة �سبقت ،و� ٌ ال�سع��اف .ولوال ٌّ ال��ضراب عن إ و�أزال ميل��ي �إىل إ
القدام على �إظهاره ،ف إ�نّ فيه ال�صعوبة ما
يف�ضي ع�صيانه �إىل اخلروج عن ال�سبيل ،ملا كان يل داعية إ
الرواح ،حتقيق �أبو ر ّيان ،م�صدر �سابق ،ال�صفحة الرواح ،حتقي��ق �أحمد ،م�صدر �سابق ،اجلزء ،2ال�صفحة 126؛ نزه��ة أ (1نزه��ة أ
عبا�س ،م�صدر �سابق ،اجلزء ،6ال�صفحة 273؛ الذهبي ،م�صدر �سابق ،اجلزء ،4ال�صفحة 607؛ ابن خ ّلكان ،حتقيق �إح�سان ّ
جوعا فهو رواية عن مغامرات ال�سه��روردي يف حلب ،رواها �سديد الدين حممود بن � .263أ ّم��ا م�ص��در موت ال�سهروردي ً
وتلميذا �آخ��ر أل�ستاذ ال�سهروردي املارديني .ومبا �أن ابن �أبي �أ�صيبعة ولد يف زمن قتل
ً رقيق��ة الذي كان �صديقًا لل�سهروردي،
الخري مل يكن �شاهدً ام�صدرا مكتو ًبا هو ابن رقيقة .ويبدو �أنّ أ
ً ال�سهروردي ،وتويف عام ،1270يحتمل �أنّ الراويني يذكران
لكن املارديني نعم برعاي��ة امللك الظاهر بعد وفاة ال�سه��روردي بقليل ،وهكذا يحتم��ل �أن يكون هو م�صدر عل��ى احل��دثّ ،
ال�شيال ،م�صدر �سابق ،ال�صفحة .10�شداد ،ال�سرية ،حتقيق جمال الدين ّ معلومات ابن رقيقة؛ ابن ّ
حاكم حلب من حلظ��ة اال�ستيالء عليها ،يف حزيران ،1183لغاية كانون الثاين الذي تاله ،حيث َ وق��د كان امللك الظاهر
حكمها امللك العادل �أخو �صالح الدين ،ثم ا�ست ؤ�نف ثاني ًة يف �آب .1186ولو كانت جميع التواريخ دقيق ًة فينبغي �أن يكون
ال��شراق يف � 15أيلول ،1186م�ساء ق��دوم ال�سه��روردي �إىل حلب يف الن�صف الثاين م��ن .1183وربمّ ا كان �إكمال حكمة إ
قل من ثالثة �أ�سابيع من عودة امللك الظاهر �إىل حلب .وربمّ ا ّبينت لنا هذه الفجوة يف اقرتان الكواكب ال�سبعة الكربى ،وبعد �أ ّ
حتدثت عن وجود ال�سهروردي يف دم�شق؛ فقد ق�ضى الظاهر ال�سنوات الثالث املتخ ّللة مع والده، حك��م الظاهر الرواية التي ّ
يوبيني .انظر ،ابن �أبي �أ�صيبعة ،حتقيق مولر ،اجلزء ،2ال�صفحة 168؛ ابن خ ّلكان، ال ّ قل جزء منها ،يف دم�شق عا�صمة أ على أ
ال ّ
أ
عبا�س ،اجلزء ،2ال�صفحة .269فلو كان ال�سهروردي يف دم�شق خالل ال�سنوات الثالث ،لمكن تف�سري ال�رسعة التي حتقيق ّ
�أ�صدر فيها �صالح الدين �أمر القتل.
عبا�س ،م�صدر �سابق ،اجلزء ،6ال�صفحة 273؛ وانظر ،ابن �أبي �أ�صيبعة ،حتقيق مولر ،م�صدر �سابق ،اجلزء (1ابن خ ّلكان ،حتقيق ّ
الرواح ،حتقيق �أحمد ،م�صدر الر�شاد ،م�ص��در �سابق ،اجلزء ،7ال�صفحة 270؛ و�أ ً
ي�ضا ،نزه��ة أ ،2ال�صفح��ة 167؛ ياقوت ،إ
الرواح ،حتقيق �أبو ريّان ،م�صدر �سابق ،ال�صفحة .607 �سابق ،اجلزء ،2ال�صفحة 126؛ نزهة أ
يحب وير�ضى ،تلتم�سون م ّني �أن �أكتب لكم تعلم��ون؛ وما زلتم يا مع�رش �صحبتي ،وفّقكم اهلل ملا ّ
ولكل نف�س طالبة ٌ
ق�سط من نور اهلل قلّ ّ كتا ًبا �أذكر فيه ما ح�صل يل بالذوق يف خلواتي ومنازالتي.
ولكل جمتهد ذوقٌ نق�ص �أو كمل ،ولي�س العلم وقفًا على قوم ليغلق بعدهم باب امللكوت ّ �أو كرث،
ِ ِ ُ لأْ ِ
ومين��ع املزيد عن العاملني ،بل واهب العلم الذي هو }با ُف � � � ��قِ ا مْ ُل ِبنيَِ ،و َما ُه َو َع َلى ال ْ َغ ْي ِب ب َضن ٍني{ [�سورة
الفكار و�رش القرون ما طوي فيه ب�ساط االجته��اد وانقطع فيه �سري أ اليت��ان 23و]24؛ ّ التكوي��ر ،آ
وان�سدت طرق امل�شاهدات.
ّ وانح�سم باب املكا�شفات
كتبا على طريقة امل�شّ ائني،وقد رتّبت لكم قبل هذا الكتاب ويف �أثنائه عند معاوقة القواطع عنه ً
والعر�شية’ امل�شتمل
ّ اللوحية
ّ خل�ص��ت فيها قواعدهم ومن جملتها املخت�رص املو�سوم بـ ‘التلويحات و ّ
خل�صت فيه القواعد مع �صغر حجمه ،ودونه ‘اللمحات’ .و�ص ّنفت غريهما، على قواعد كثرية ،و ّ
أ أ
وطريق �قرب من تل��ك الطريقة و��ضبط و�نظم، أ ٌ ومنه��ا ما رتّبته يف �أ ّيام ال�صب��ا .وهذا �سياقٌ �آخر
احلجة
ثم طلبت ّ ق��ل �إتعا ًب��ا يف التح�صيل .ومل يح�صل �أ ّو اًل بالفكر ،بل كان ح�صول��ه ب أ�مر �آخر؛ ّ
و�أ ّ
ّ ّ
احلجة مثلاً ،ما كان ي�شككني فيه م�شكك .
(1
ح ّتى لو قطعت النظر عن ّ
م��ا زال��ت جميع الكت��ب التي �أ�شار �إليه��ا موجودةً ،وي ّت�ض��ح من الكالم �أ ّنه��ا ال ينبغي
التبادلية؟ فالكتب التي يف
ّ �أن تُعط��ى نف���س القيمة ،لكن �أ ّنى لن��ا �أن نفهم بال�ضبط عالقاته��ا
«تلخ�ص قواعد امل�شّ ائني على«�صباه» ميكن �أن تُفهم بو�صفها م ؤ� ّلفات ال�صبا .والكتب التي ّ
املميزة .كما �أ�شري يف
الوىل غري مالئمة لفهم فل�سفة ال�سه��روردي ّ طريقته��م» تب��دو للوهلة أ
المر كذلك، القرب للعل��م» .لكن لو كان أ الخر» و«الطريق أ ال��شراق لـ«الطريق آ حكمة إ
الجابة
ال�رشاق؟ ال ميكن إ م�شائي ًة يف نف�س الوقت الذي كان يكتب فيه حكمة إ ّ ملاذا �أ ّلف ً
كتبا
�ص �أكرث دقّة مل ؤ� ّلفات ال�سهروردي ومناهجه. ال�سئلة �إ اّل من خالل ّ
تفح ٍ عن هذا النوع من أ
منهجي ًة لكتبه،
ّ بيبليوغرافي ًة
ّ يقدم درا�س ًة كتب ال�سهروردي بغزارةٍ ،ويف حني �أنّ �أ ً
حدا مل ّ
�سنق�سم هذه
ّ الخ��رى.(1 يب��دو �أنّ كتاباته الكربى و�صلتنا ك ّله��ا �إ�ضاف ًة �إىل معظم كتاباته أ
فئات �أ ٍ
ربع: الكتابات بح�سب ما يقت�ضي البحث �إىل ٍ
كل من هذه أ
العمال ن�رش يف جمموعة م�ص ّنفات ،اجلزء .1وقد نُ�رش ق�سم املنطق يف �أحد هذه لهي��ات ،يف ّ
ال ّ (1الكت��اب الثالث ،إ
علي �أكرب فيا�ض (طهران :انت�شارات دانشگاه تهران .)1955-1334 ،270 ّ حتقيق التلويحات، الكتب با�سم منطق
ت�شكل ِمتافيزيقا النور والظلمة �أكرث �أجزاء نظام ال�سهروردي الفار�سية القدمية ،حيث ّ
ّ احلكمة
ين.
اليرا ّالطالق بالفكر إائية ال عالقة لها على إ لكن الكتابات امل�شّ ّ الفار�سيةّ ،
ّ �شب ًها باحلكمة
ين لل�سه��روردي ،فهو كغريه من اليرا ّق��د تب��دو امل� أس�لة �أكرث ب�ساط ًة يف غياب ه��ذا التف�سري إ
املحدثني ي�ستفيد من �أر�سطو ل�رشح موجودات هذا العامل ،ومن �أفالطون ل�رشح َ فالطونيني
ّ أ
ال
الفل�سفية كما
ّ املوج��ودات العليا� .أعتق��د �أنّ هذه الكتب مت ّثل �آراء ال�سه��روردي يف احلقائق
الفل�سفي.
ّ ميكن �أن تُعلم بالعقل املح�ض ،كما �أ ّنها مت ّثل جز ًءا ال يتج ّز�أ من نظامه
ال ّول �أ ّنها مت ّثل ذروة �أ ّم��ا الق�ص���ص الرمز ّية ف ُتعت�بر م� أس�ل ًة خمتلفةً .فهي تب� يف طرفه��ا أ
ّي نّ
موجه ٌة للمبتدئني فك��ر ال�سه��روردي � .أس��س ّلط ال�ضوء على الط��رف الخر ،وهو � ّنه��ا ّ
أ آ (1
الفل�سفي وال�صويفّ .كما � أس�بينّ �أ ّنها ال ت�شتمل على ت�شكل مدخلاً للفكر وللطلاّ ب ،و�أ ّنه��ا ّ
ّ
املميزة يف فل�سفة ال�سهروردي النا�ضجة ،وبعد ذلك � أس��ص ّنفها �إ ّما يف م ؤ� ّلفاته �أ ٍّي من القواعد ّ
ق�صدا من املبادئ العليا أ
والكرث عمقًا. املبكرة� ،أو يف تلك التي اقتطعت ً
وثيق ب�ين حياة ال�سهروردي وفكره ،متا ًما كارتب��اط حياة وفكر فيثاغور�س ٌ
ارتباط ٌ ثم��ة ّ
فل�سفية .كانت الفل�سفة
ّ ّ أ أ
وعددٍ من الفال�سفة املت� ّخرين الذين اعتقدوا �نّ الفل�سفة تتطلب حيا ًة
حب
جمرد ّ حب احلكمة ،وه��ذا يقت�ضي �أن يعي���ش فل�سفته ،فالفل�سف��ة لي�ست ّ بالن�سب��ة �إلي��ه ّ
�رشاقية ،البحث عن اال�ستنارةال ّ الكالم عل��ى احلكمة � .إذ يلزم من �أجل ممار�سة احلكم��ة إ
(2
فالطونية وحكمة القدماءّ لهية .كذلك ،ف إ�نّ طبيعة الفل�سفة التي مار�سها – أ
ال ال ّالنوار إ م��ن أ
ح��ددت نوع الكتب التي كتبها .بالن�سبة للم�شّ ائ�ين ،كانت كتابة الفل�سفة م� أس�لة تقرير – ّ
لكن فيثاغور�س كان قد بينّ حماقة توثيق التعاليم قيا�س �صحي��حّ ، حج��ج ونتائج على �شكل ٍ
الفل�سفية
ّ الفل�سفي��ة العميقة عن طريق الكتابة – و�أفالطون بينّ ا�ستحالة ذلك .كانت الكتابة ّ
العلمية
ّ بكيفية �إر�شاد الطالب خالل املقامات
ّ مرهف
ٍ وح�س
ٍّ جدليةً ،حتتاج �إىل معرف ٍة
ّ حماول ًة
�رشاقية
ال ّ الطالق ،لال�ستخدام يف تعليم احلكمة إ املختلفة� .إذ مل تُق�صد الكتب وحدها ،على إ
الكاملة.
بع��د وفاة ال�سهروردي ،ع�ّبررّ �أحد �أ�ساتذته بحزنٍ �أنّ «علمه كان �أعظم من حر�صه» .مع
ذل��ك ،و�إذا نظرنا من داخ��ل منظومته ،نرى �أنّ معتقداته أ
قررت �أحداث ّ
�سني فالطوني��ة ّ
ّ ال
فالطونية تنطوي عل��ى فكرة امللك-
ّ الخرية ،مبا فيه��ا واقعة وفاته وطريقته��ا .أ
فال حيات��ه أ
مدفوعا ،مبنطق فك��ره� ،إىل حماولة �إعداد ملك-
ً احلكيم ،وال�سه��روردي كان ،ك أ�فالطون،
حكيم عندما تُتاح له الفر�صة .لكن بالن�سبة لل�سهروردي ،كما بالن�سبة ألفالطون الذي �سبقه
بخم�سة ع�رش قرنًا ،تبينّ �أنّ املحاولة تك ّللت بالف�شل ،و ُدفع ثمنها د ًما.
[ّ ].2
ملخص الحكمة اإلشراق ّية
السهروردي
ّ [ ].1 .2أسلوب التفلسف
ال ّ
�سا�سية وب�سب��ب م��ا ر�آه يف االهتمام بهذا النوع م��ن التفا�صيل من ت�شوي���ش للقواعد أ
الوىل للفل�سف��ة القدمية ،انطلق ال�سهروردي للتقليل م��ن تعقيدات املنطق من خالل تب�سيط أ
الجراءات لتحويل جميع الق�ضايا �إىل �أب�سط �أ�شكالها،مقرتحا� ،أ ّو اًل ،جمموع ًة من إ
ً ال�شكال،أ
الك ّل ّية املوجبة ال�رضور ّية ،فنح�صل على ق�ضايا مثل:
ائي الجنازات أ
هذا النهج يخدم هدفَني� .أ ّو اًل ،ي�سمح با�ستبعاد إ
تعقيدا يف املنطق امل�شّ ّ
ً الكرث
ثانيا� ،إنّ اختزال القيا�س أ
بال�شكال املوجبة ال�رضور ّية يوازي تعقيدات غري �رضور ّيةً .
ٍ بو�صفها
العلى. كامل من املرتبة أ
ب�شكل ٍ
ٍ كل مرتبة وجود ّية البنية الع ّل ّية لنظامه ،حيث ّ
تتقرر ّ
مغالط��ات منطق ال�سهروردي هي يف الواقع جز ٌء من جداله مع امل�شّ ائني .فعندما يناق�ش
�شكلي ًة خمتلفةً ،نرى �أنّ هذه املغالط��ات ال تندرج �ضمن نظام وا�ضح ،فالغاية من ّ مغالط��ات
ٍ
ائية .من هنا ،ف�� إ�نّ باب املغالطات يف�إقحامه��ا ه��ي ال�سماح له بنقد عددٍ م��ن القواعد امل�شّ ّ
هم ّية للمنطق .
(2
ال ّائية ،لك ّنه قليل أ
جدا لفهم نقده للفل�سفة امل�شّ ّ
مهم ًّ
ال�رشاق ٌّ فل�سفة إ
[ ].3 .2الفلسفة األولى :االعتبارات العقل ّية
�سالميني ،ومنهم بع�ض
ّ ال من املنا�سب هنا �أن ّ
نق�س��م ا ِملتافيزيقا ،وفقًا ملا فعله بع�ض الفال�سفة إ
اللهي؛ تبح��ث الفل�سفة أ
الوىل أ
املنتم�ين لفل�سفة ال�سه��روردي� ،إىل الفل�سفة الوىل والعلم إ ّ
حممد
لغ��رة الديباج ،حتقيق ّ (2يع��ود التميي��ز �إىل �أر�سطو ،وا�ستخدمه قط��ب الدين ال�شريازي؛ انظر مو�سوعت��ه إ
ال�رشاقية د ّرة التاج ّ
م�شكات ،ح�سن م�شكان ،ومهدوخت هومايى ( طهران :جمل�س1946-1939 ،؛ �رشكت انت�شارات علمى وفرهنگى 247؛
[طه��ران] :وزارت فهرنگ � � � ��ى و�آموز�ش ع��اىل ،1 ،)1990 ،اجلزء ،1ال�صفح��ات ،74و� 136إىل ،138و� 151إىل ،153
متفرقة .والكتاب هذا من م�ص ّنفات القرن الرابع ع�رش. واجلزء ،3يف ّ
حمال ّ
متفرقة.
ّ ّ
حمال يف �رشاق،ال
إ حلكمة ترجمتي ا، ي�ض
ً أ� و ،SMF, 45 (2انظر كتابيff ،
ال�رشاق.
(2قطب الدين ال�شريازي� ،رشح حكمة إ
حقيقي ٍة بالعامل
ّ احل�ضوري بالن�سبة لل�سهروردي ،هو الذي يمُ ّكننا من تكوين معرف ٍة
ّ العل��م
البديهية
ّ واملجرد .من هن��ا ر�أى ،برف�ضه العتماد ابن �سينا عل��ى املفاهيمّ اخلارج��ي ،امل��ا ّد ّي
ّ
كركي��ز ٍة للمعرفة ال�صحيحة� ،أنّ احلد�س املبا�رش بالعامل ميك��ن �أن يوفّر ركيز ًة �أكيد ًة للمعرفتَني
والعلمية.
ّ الفل�سفية
ّ
المتافيزيقا وعلم الكالم
[ِ ].6 .2
ال�رشاق .فالنور غري متماه ا�شته��ر ال�سهروردي مبِتافيزيقا النور والظلمة املب�سوطة يف حكم��ة إ
ظلمانيةً،
ّ ي�ضا ،جواهرنظرا لوجود النور والظلمة ،وال هو بجوهر ألنّ هناك� ،أ ً م��ع الوجود ً
�سا�سية
ال ّ رئي�سي�� ًة تفيد يف ا�ستنتاج املرات��ب أ
ّ و�أ ً
ن��وارا عار�ض��ةً .وعليه فقد ب�ّي نّ ثالثة فوارق
يحددان �أنواع
ال ّوالن ّ امل�ستقل والتابع؛ الفارقان أ
ّ للوج��ود :النور والظلمة ،اجلوهر والهيئة،
الوجود يف العامل:
الظلمة النور
نور حم�ض:
جمردٌ ،
ّ
اجلواهر الغا�سقة :أ اجلواهر
الج�سام جم��رد ٌة (مالئك��ة)، ٌ
عق��ول ّ
حيواني ٌة وناطق ٌة
ّ نفو�س
ٌ
أ
النوار العار�ضة:
الظلماني��ة� ،إ ّم��ا
ّ العرا���ضأ
يف أ الن��وار العار�ضة يف أ
النوار أ
املج��ردة� ،أو يف
ّ الن��وار الهيئات
أ اجل�سمانية،
ّ املجردة ،أ
النوار ّ
الج�سام
ال�شعاعاتإ
الكمل، النوار ،م�صداقها أ الفارق الثالث يتع ّلق ب�سل�سلة العلل التي مي ّثل اهلل وحده ،نور أ
تقريبا مع العقل يف
املج��رد ً
ّ الخرى تابعةٌ .يتماهى النور م�ستقل وجميع املوج��ودات أ ٌّ فه��و
املجرد يختلف عنّ ال�شدة .فالن��ور
بالقرار بالفرق يف ّ ائ��ي ،لك ّنه يختلف عن��ه إ ال�تراث امل�شّ ّ
طبيعي .والنور بالن�سبة لل�سهروردي لي�سٍّ ج�سم
ٍ الطبيعي يف �أ ّنه مدرِ ٌك وال يحتاج �إىل
ّ الن��ور
ج�س��م من ٍري يف جميع اجلهات ،بل هو الق��درة على جعل أ
ال�شياء ٍ دفقً��ا من الطاقة ينتقل من
ظاهرا ،لكن ال �شيء ينتقل من النور �إىل
ً فكل �شي ٍء يف ح�ضور النور ي�صبح الخ��رى ظاهرةًّ . أ
ال�شيء املُنار .ال�شعاع� ،إ ًذا ،هو ال َع َر�ض املنري يف ال�شيء املُنار ،ال جمرى طاقة ّ
يتحرك من النور
�إىل ال�شيء املُنار.
ال�رشف» همها «قاعدة �إمكان أ عام ًة ال�ستنتاج ِمتافيزيقاه� .أ ّ
ي�ستخدم ال�سهروردي قواعد ّ
حيثيتان يفالتي تو�ضح �أ ّنه ال �شيء ميكن �أن يوجد من دون ع ّل ٍة �أ�رشف وجو ًدا ،و�إذا ُوجدت ّ
ني لقاعدة «ال�شيء يوجد من تطبيق �أم ٌ
ٌ حيثيتان لتف�سريه .هذا بد �أن يكون يف ع ّلته ّ �شيءٍ ،فال ّ
ر�سطي ٌة يف جذورها ،وهي «ا�ستحالة الت�سل�سل»؛ ّ الوىل �أ ُقيد أ
العدم» .والقاعدة الثانية التي ت ّ
احلقيقية ميكن �أن
ّ فالرقامال ميك��ن اجتماع �سل�سل ٍة المتناهي ٍة من العلل واملعلوالت املتزامنة .أ
الطبيعية ميكن �أن تكون ال متناهيةً، ّ ال�سباببالقوة ،و�سل�سلة أ تكون ال متناهي ًة من حيث هي ّ
أل ّنه��ا غري متزامن ٍة يف الوجود .و�إذا جمعنا القاعدتَني ال�سابقتَني م ًعا ،يتبينّ لنا �أ ّنه ال ميكن �أن
يوج��د عد ٌد ال متنا ٍه من املراتب الوجود ّية ،و�أ ّنه ينبغي �أن يكون هناك وجو ٌد ّ
ماهيته �رضور ّي ٌة
بذاتها« ،واجب الوجود» عند ابن �سينا.
بد �رصيحا لهذه املقوالت والقواعد� .إذ ال ّ ً ُعد ُكزمولوجيا النور عند ال�سهروردي تطبيقًا ت ُّ
واجب بذاته ،ال ع ّلة له ،ب�سيط من جميع اجلهات ،قدرته ال متناهية، ٍ �سبب �أ ّولٍ ،
من وجود ٍ
يتحرك عند �أر�سطو، املحرك ال��ذي ال ّ ّ النوار الذي يتماهى مع بالق��وة� .إ ّنه نور أ
ّ ح��د له
وال ّ
نور
النوار ٌ الديان التوحيد ّية .ي�صدر ع��ن نور أ وواج��ب الوجوب عند ابن �سين��ا ،واهلل يف أ
واحد، ٌ ب�سيط من جميع اجلهات ،فال ي�صدر عنه �إ اّل ٌ النوارولنّ نور أوثالث عن الثاين .أ ٌ ثانٍ ،
ين
�ض ظلما ٌّ حيثيتان؛ [ ]1نور ّيته املرتكزة على عالقته بخالقه ،و[َ ]2ع َر ٌ �أ ّم��ا النور الثاين فله ّ
ت�صور �صدور �ضي يعن��ي �إمكان ّ أ
يعك���س متايز النور الثاين عن ن��ور النوار .وهذا النور ال َع َر ّ
ج�سما .وملّا كانت �سل�سلة ال�صدور ً كائ َن�ين متماي َزين عن النور الثاين ،ميكن �أن يكون �أحدها
تركيبا؛ �أ�ضعف ب�سب��ب بعد امل�سافة عن ً النوار ت�صبح �أ�ضع��ف ،و�أكرث نزول ،ف�� إ�نّ أت�ستم��ر اً
ّ
النوار النوار العليا .ت�شبه �سل�سلة أ النوار ال�سفلى ناجت ٌة ع��ن أ تركيبا ألنّ أ
ً كرث أ
� و نوار، الن��ور أ
الفلكية
ّ َ
العقول النوار الع�رشة (�أو �أكرث) ال�صادرة ح�رص ًّيا عن نوريّة النور الكائن فوق �سل�سلة أ