Professional Documents
Culture Documents
Document
Document
المبحث الثاني
قول أهل السنة في مسألة التجسيم والتشبيه
في بداية عرض مذهب أهل السنة وقولهم في المشبهة -الذي حرصت أن يكون مستخلصا ً من كالم
السلف قبل ابن تيمية رحمه هللا يحسن البدء بتعريف عام عن المشبهة ،وأشهر الفرق التي تعرف بالتشبيه
في تاريخ المسلمين ،وبه يكون البدء بهذا المبحث.
المطلب األول
التعريف بالمشبهة
المطلب الثاني
اعتقاد السلف نفي التمثيل والتشبيه
تواترت عبارات سلف األمة في نفي تمثيل وتشبيه الخالق بالمخلوق ،فهم يثبتون ما أثبته هللا لنفسه ،أو
أثبته له رسوله صلّى هللا عليه وسلّم إثباتا ً يليق بجالل هللا وعظمته .وينفون ما نفاه هللا عن نفسه ،أو نفاه
عنه رسوله صلّى هللا عليه وسلّم.
فقد سئل أبو حنيفة النعمان عن نزول الباري -جل وعال -فقال:
(ينزل بال كيف) .
وقال ابن أبي زمنين (ت 399 -هـ) رحمه هللا( :فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه
بها نبيه صلّى هللا عليه وسلّم وليس في شيء منها تحديد وال تشبيه وال تقدير ،فسبحان من ليس كمثله شيء
وهو السميع البصير ،لم تره العيون فتحده كيف هو كينونيته) .
وقال الحافظ أبو بكر اإلسماعيلي رحمه هللا:
(ويداه مبسوطتان ،ينفق كيف يشاء ،بال اعتقاد كيف ،وأنه ع ّز وجل استوى على العرش بال كيف ...،وال
يوصف بما فيه نقص ،أو عيب ،أو آفة ،فإنه ع ّز وجل تعالى عن ذلك) .
وقال اإلمام اآلجري (ت 360 -هـ) رحمه هللا عن نزول الباري جل وعال إلى السماء الدنيا:
(وأما أهل الحق فيقولون :اإليمان به واجب بال كيف؛ ألن األخبار قد صحت عن رسول هللا صلّى هللا عليه
وسلّم أن هللا عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ) .
وقال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه هللا ناقالً اتفاق السلف على ترك التشبيه والتمثيل:
(اعلم وفقنا هللا وإياك لما يرضيه من القول والعمل والنية ،وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل :أن صالح
السلف ،وخيار الخلف ،وسادات األئمة ،وعلماء األمة اتفقت\ أقوالهم ،وتطابقت آراؤهم على اإليمان باهلل
ع ّز وجل وأنه واحد أحد ،فرد صمد ،حي قيوم ،سميع بصير ،ال شريك له وال وزير ،وال شبيه وال نظير،
وال عدل وال مثيل) .
وقال -أيضا ً ( :-وتواترت األخبار ،وصحت اآلثار بأن هللا ع ّز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا،
فيجب اإليمان والتسليم له ،وترك االعتراض عليه ،وإمراره من غير تكييف وال تمثيل ،وال تأويل وال
تنزيه ينفي حقيقة النزول) .
وقال ابن قدامة المقدسي رحمه هللا:
(وكل ما جاء في القرآن ،أو صح عن المصطفى عليه السالم من صفات الرحمن وجب اإليمان به ،وتلقيه
بالتسليم والقبول \،وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) .
وقال العالمة الواسطي رحمه هللا:
(وهو في ذاته وصفاته ال يشبهه شيء من مخلوقاته ،وال تمثل بشيء من جوارح مبتدعاته ،بل هي صفات
الئقة بجالله وعظمته ،ال تتخيل كيفيتها الظنون ،وال تراها في الدنيا العيون ،بل نؤمن بحقائقها وثبوتها،
ونصف الرب سبحانه وتعالى بها ،وننفي عنها تأويل المتأولين ،وتعطيل الجاحدين ،وتمثيل المشبهين
تبارك هللا أحسن الخالقين) .
وضرب أمثلة لبيان اعتقاد السلف في الصفات\ وأنه اإلثبات من غير طمع في إدراك الكيفية ببعض
الصفات وهي :الحياة والفوقية واالستواء والنزول ثم قال:
(وصفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت ،غير معقولة من حيث التكييف والتحديد ،فيكون المؤمن بها
مبصراً من وجه ،أعمى من وجه ،مبصراً من حيث اإلثبات والوجود ،أعمى من حيث التكييف والتحديد،
وبهذا يحصل الجمع بين اإلثبات لما وصف هللا به نفسه ،وبين نفي التحريف والتشبيه والوقف ،وذلك هو
مراد هللا تعالى منا في إبراز صفاته لنا لنعرفه بها ،ونؤمن بحقائقها ،وننفي عنها التشبيه) .
وذكر الحافظ المقدسي (ت 600 -هـ) رحمه هللا موقف السلف من األلفاظ المجملة التي تطلق على هللا ع ّز
وجل فقال:
(من السنن الالزمة السكوت عما لم يرد فيه نص عن رسوله صلّى هللا عليه وسلّم أو يتفق المسلمون على
إطالقه ،وترك التعرض له بنفي أو إثبات ،وكما ال يثبت إال بنص شرعي ،كذلك ال ينفى إال بدليل شرعي)
.
ويرى سلف األمة أن تشبيه هللا بخلقه كفر ،وهذا واضح من خالل نصوصهم الصريحة مثل قول نعيم بن
حماد الخزاعي رحمه هللا:
(من شبه هللا بخلقه فقد كفر ،ومن أنكر ما وصف هللا به نفسه فقد كفر ،وليس ما وصف هللا به نفسه
ورسوله تشبيه) .
وقال إسحاق بن راهويه رحمه هللا:
(من وصف هللا فشبه صفاته بصفات أحد من خلق هللا فهو كافر باهلل العظيم) .
وحين ذكر بشر المريسي في مناظرة اإلمام الدارمي (ت 280 -هـ) رحمه هللا له أن تشبيه هللا بخلقه خطأ،
تعقبه اإلمام الدارمي (ت 280 -هـ) بقوله:
(أما قولك :إن كيفية هذه الصفات وتشبيهها بما هو موجود في الخلق خطأ ،فإنا ال نقول\ إنه خطأ ،بل هو
عندنا كفر ،ونحن لتكييفها وتشبيهها بما هو موجود في الخلق أشد أنفا ً منكم غير أنا كما ال نشبهها وال
نكيفها ال نكفر بها. )...
المطلب الثالث
رد السلف دعوى أن اإلثبات يستلزم التشبيه
أكث َر نفاة الصفات من إطالق لفظ (التشبيه) على مخالفيهم من مثبتة الصفات ،حتى صار من عالمة
الجهمية تسمية أهل السنة مشبهة كما قال ذلك اإلمام إسحاق بن راهويه (ت 238 -هـ) رحمه هللا:
(عالمة جهم وأصحابه دعواهم على أهل السنة والجماعة وما أولعوا به من الكذب أنهم مشبهة ،بل هم
المعطلة ،ولو جاز أن يقال لهم هم المشبهة الحتمل ذلك) .
وقال أبو زرعة الرازي رحمه هللا:
(المعطلة النافية الذين ينكرون صفات هللا ع ّز وجل التي وصف هللا بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه
صلّى هللا عليه وسلّم ،ويكذبون باألخبار الصحاح التي جاءت عن رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم في
الصفات ،ويتأولونها بآرائهم المنكوسة على موافقة ما اعتقدوا من الضاللة وينسبون رواتها إلى التشبيه،
فمن نسب الواصفين ربهم -تبارك وتعالى -بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلّى هللا عليه
وسلّم من غير تمثيل وال تشبيه إلى التشبيه فهو معطل ٍ
ناف ،ويستدل عليهم بنسبتهم إياهم إلى التشبيه أنهم
معطلة نافية) .
وقال أبو حاتم الرازي رحمه هللا:
(عالمة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة) .
وقال ابن خزيمة (ت 311 -هـ) رحمه هللا:
(وزعمت الجهمية -عليهم لعائن هللا -أن أهل السنة ومتبعي اآلثار ،القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلّى
هللا عليه وسلّم ،المثبتين هلل ع ّز وجل من صفاته ما وصف هللا به نفسه في محكم تنزيله ،المثبت بين
الدفتين ،وعلى لسان نبيه المصطفى صلّى هللا عليه وسلّم بنقل العدل عن العدل موصوالً إليه مشبهةٌ ،جهالً
منهم بكتاب ربنا وسنة نبينا صلّى هللا عليه وسلّم ،وقلة معرفتهم بلغة العرب الذين بلغتهم خوطبنا) .
وقد نبه اإلمام إسحاق بن راهويه (ت 238 -هـ) رحمه هللا في النص السابق على أن المعطلة هم الذين
يستحقون وصف التشبيه؛ ألنهم شبهوا أوالً ،ثم عطلوا ثانيا ً ،وقد نبه إلى هذا -أيضا ً -اإلمام الدارمي (ت
280 -هـ) رحمه هللا ،فبعد نص طويل في رده على المريسي (ت 218 -هـ) وأنه نفى ما وصف هللا به
نفسه ،ووصفه بخالف ما وصف به نفسه ،ثم ضرب أمثلة لتعطيل الصفات عن طريق التأويل الفاسد قال:
(تضرب له األمثال تشبيها ً بغير شكلها ،وتمثيالً بغير مثلها ،فأي تكييف أوحش من هذا ،إذ نفيت هذه
الصفات وغيرها عن هللا بهذه األمثال والضالالت المضالت؟) .
وقد ناقش اإلمام الواسطي (ت711هـ) رحمه هللا األشاعرة الذين يثبتون بعض الصفات ،وينفون بعض
الصفات ،وحجتهم في نفي ما نفوه من الصفات أنه يستلزم التشبيه فقال:
(ال فرق بين االستواء والسمع ،وال بين النزول والبصر؛ ألن الكل ورد في النص فإن قالوا لنا :في
االستواء َشبَّهتم ،نقول لهم :في السمع شبهتم ،ووصفتم ربكم بالعرض ،وإن قالوا :ال عرض ،بل كما يليق
به ،قلنا :في االستواء والفوقية ال حصر ،بل كما يليق به ،فجميع ما يلزموننا في االستواء ،والنزول،
واليد ،والوجه ،والقدم ،والضحك ،والتعجب من التشبيه :نلزمهم به في الحياة ،والسمع ،والبصر ،والعلم،
فكما ال يجعلونها أعراضاً ،كذلك نحن ال نجعلها جوارح ،وال مما يوصف به المخلوق) .
ثم قال( :فما يلزموننا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم في هذه الصفات من العرضية.
وما ينزهون ربهم به في الصفات السبع ،وينفون عنه من عوارض الجسم فيها ،فكذلك نحن نعمل في تلك
الصفات التي ينسبوننا فيها إلى التشبيه سواء بسواء) .
وينبه اإلمام ابن قدامة المقدسي (ت 620 -هـ) رحمه هللا إلى أمر مهم أال وهو سبب نفي المتكلمين صفات
الباري -جل وعال -فظاهر األمر عندهم هو التنزيه ونفي التشبيه ،ولكن حقيقة األمر هو :إبطال السنن
واآلثار الواردة فيقول:
(وأما ما يموه به من نفي التشبيه والتجسيم فإنما هو شيء وضعه المتكلمون وأهل البدع توسالً به إلى
إبطال السنن ورد اآلثار واألخبار ،والتمويه على الجهال واألغمار ليوهموهم :إنما قصدنا التنزيه ونفي
التشبيه) .
وأما دعوى أن إثبات الصفات يستلزم الجوارح واألعضاء هلل ع ّز وجل فقد أجاب عن هذه الشبهة اإلمام
الدارمي (ت 280 -هـ) رحمه هللا في رده على المريسي (ت 218 -هـ) فقال( :وأما تشنيعك على هؤالء
المقرين بصفات هللا ،المؤمنين بما قال هللا :أنهم يتوهمون فيها جوارح وأعضاء ،فقد ادعيت عليهم في ذلك
زوراً وباطالً ،وأنت من أعلم الناس بما يريدون بها ،إنما يثبتون منها ما أنت معطل ،وبه مكذب ،وال
يتوهمون فيها إال ما عنى هللا ورسوله صلّى هللا عليه وسلّم ،وال يدعون جوارح وأعضاء كما تقولت
عليهم. )...
ومما أجاب به سلف األمة على من ألصق بهم تهمة التشبيه والتجسيم ،بيانهم ألمر غفل عنه النفاة أال وهو
أن اتفاق األسماء ال يلزم منه اتفاق المسميات ،وكذلك اتفاق الصفات ال يلزم منه اتفاق الموصوفين بها فقد
سمى هللا ع ّز وجل نفسه سميعا ً بصيراً بقوله سبحانهِ{ :إ َّن هَّللا َ يَْأ ُم ُر ُك ْم َأ ْن تَُؤ ُّدوا اَأْل َمانَا ِ
ت ِإلَى َأ ْهلِهَا وَِإ َذا
اس َأ ْن تَحْ ُك ُموا بِ ْال َع ْد ِل ِإ َّن هَّللا َ نِ ِع َّما يَ ِعظُ ُك ْم بِ ِه ِإ َّن هَّللا َ َكانَ َس ِميعا ً بَ ِ
صيراً} [النساء. ]58 : َح َك ْمتُ ْم بَ ْينَ النَّ ِ
اج نَ ْبتَلِي ِه فَ َج َع ْلنَاهُ َس ِميعا ً وسمى بعض خلقه سميعا ً بصيراً بقوله ع ّز وجلِ{ :إنَّا خَ لَ ْقنَا اِأْل ْن َسانَ ِم ْن نُ ْ
طفَ ٍة َأ ْم َش ٍ
صيراً } [اإلنسان. ]2 :
بَ ِ
وقد ذكر ذلك اإلمام الدارمي (ت 280 -هـ) رحمه هللا بقوله:
(إنما نصفه باألسماء ال بالتكييف وال بالتشبيه ،كما يقال :إنه ملك كريم ،عليم حكيم ،حليم رحيم ،لطيف
مؤمن ،عزيز جبار متكبر ،وقد يجوز أن يدعى البشر ببعض هذه األسماء) .
وقد أطال اإلمام ابن خزيمة (ت 311 -هـ) رحمه هللا في بيان هذه القاعدة ،وضرب لها أمثلة عدة منها
ت ْال َع ِز ِ
يز تُ َر ِ
او ُد تسمية هللا نفسه عزيزاً ،وسمى بعض الملوك عزيزاً فقالَ { :وقَا َل نِ ْس َوةٌ فِي ْال َم ِدينَ ِة ا ْم َرَأ ُ
فَتَاهَا ع َْن نَ ْف ِس ِه } [يوسف. ]30 :
ومنها تسمية هللا ع ّز وجل نفسه الجبار المتكبر بقوله { :السَّال ُم ْال ُمْؤ ِمنُ ْال ُمهَ ْي ِمنُ ْال َع ِزي ُز ْال َجبَّا ُر ْال ُمتَ َكبِّ ُر }
ب ُمتَ َكب ٍِّر َجب ٍ
َّار } ك يَ ْ
طبَ ُع هَّللا ُ َعلَى ُكلِّ قَ ْل ِ [الحشر ، ]23 :وسمى بعض الكفار متكبراً جباراً فقالَ { :ك َذلِ َ
[غافر ، ]35 :وغيرها من األمثلة .
وأختم بما قاله الفخر الرازي (ت 606 -هـ) رحمه هللا حين قال كلمة حق في معتقد السلف ،وأنه بعيد عن
التشبيه وهي قوله:
(اعلم أن جماعة من المعتزلة ينسبون التشبيه إلى اإلمام أحمد بن حنبل رحمه هللا وإسحاق بن راهويه،
ويحيى بن معين وهذا خطأ ،فإنهم منزهون في اعتقادهم عن التشبيه ،والتعطيل ،لكنهم كانوا ال يتكلمون
في المتشابهات بل كانوا يقولون :آمنا وصدقنا ،مع أنهم كانوا يجزمون بأن هللا تعالى ال شبيه له ،وليس
كمثله شيء ،ومعلوم أن هذا االعتقاد بعيد جداً عن التشبيه) .
المبحث الثاني
دعوى أن شيخ اإلسالم مجسم ومشبه ،ومناقشتها
المطلب األول
دعوى أن شيخ اإلسالم مجسم ومشبه
ركز المناوئون البن تيمية رحمه هللا على إلصاق تهمة التجسيم والتشبيه به -وذلك بناء على معتقد نفاة
الصفات الذين يرمون مثبتة الصفات بالتشبيه -وتنوعت وسائلهم في تقرير هذه الشبهة في نفوس الضعفة:
فمنها :رميه بأنه مجسم كما قال الحصني (ت 829 -هـ) ( :والحاصل أنه وأتباعه من الغالة في التشبيه
والتجسيم) .
وقال ابن حجر الهيتمي متحدثا ً عن موقف ابن تيمية رحمه هللا من الباري -ج َّل وعال :-
(نسب إليه العظائم والكبائر ،وخرق سياج عظمته ،وكبرياء جاللته بما أظهر للعامة على المنابر من
دعوى الجهة والتجسيم) .
وأنه أول من قال بالتجسيم ،وأنه يقول :إن هللا جسم كاألجسام .
ومنها :رميه بالتشبيه والتمثيل ،والحشو .
ومن فروع هذه القاعدة :محبته للمشبهة ،وعدم ذمهم .
ومنها :أن ابن تيمية رحمه هللا يثبت االستواء ،وإثبات االستواء -عندهم -يلزم منه الجسمية ،كما قال ابن
جهبل في رده على ابن تيمية رحمه هللا:
(نقول لهم :ما هو االستواء في كالم العرب؟ فإن قالوا :الجلوس واالستقرار).
قلنا :هذا ما تعرفه العرب إال في الجسم فقولوا :يستوي جسم على العرش. )...
وقالوا بأنه يشبّه استواء هللا على عرشه باستواء المخلوق على الكرسي كما ذكر ذلك التقي الحصني (ت -
829هـ) عن أبي الحسن علي الدمشقي عن أبيه.
قال( :كنا جلوسا ً في صحن الجامع األموي في مجلس ابن تيمية فذ ّكر ووعظ ،وتعرض آليات االستواء،
ثم قال( :واستوى هللا على عرشه كاستوائي هذا) قال :فوثب الناس عليه وثبة واحدة ،وأنزلوه عن
الكرسي ،وبادروا إليه ضربا ً باللكم والنعال وغير ذلك. )...
ومنها :أن ابن تيمية رحمه هللا أثبت النزول للباري ع ّز وجل كل ليلة ،كما هو ظاهر حديث النزول،
فأنكروا عليه إثبات النزول .
وقالوا بأن ابن تيمية رحمه هللا يثبت نزوالً للخالق يشبه نزول المخلوقين ،كما ذكر ذلك ابن بطوطة (ت -
779هـ) في رحلته المشهورة فقال:
(حضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم ،فكان من جملة كالمه أن قال( :إن هللا
ينزل كنزولي هذا) ونزل درجة من درج المنبر) .
وقد اشتهرت هذه المقولة عن ابن بطوطة (ت 779 -هـ) ،وهي تنسب -أيضا ً -إلى أبي علي السكوني
وأنه نسبها إلى ابن تيمية رحمه هللا قبل ابن بطوطة (ت 779 -هـ) .
ومرد ذلك إلى االختالف الكبير الحاصل في تحديد سنة وفاة أبي علي السكوني ،فالقول\ الذي رجحه بعض
الباحثين هو أن وفاة السكوني كانت سنة (717هـ) ،وبهذا تكون القصة قد اشتهرت ونسبت إلى ابن تيمية
رحمه هللا قبل مجيء ابن بطوطة إلى دمشق ،فقد كان مجيئه إليها سنة (726هـ) في شهر رمضان .
وقيل :إن السكوني قد توفي سنة (747هـ) وقيل :سنة (816هـ) ،لكنها أقوال مرجوحة ،وهللا أعلم.
المطلب الثاني
مـنـاقـشـة الـدعـوى
تحدث شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا باستفاضة عن مصطلحات :التجسيم ،والتشبيه ،والتمثيل،
والحشو ،ورد على من قال :بأن مذهب أهل السنة والجماعة هو التشبيه في مواضع متعددة من كتبه،
وأوضح رحمه هللا مذهبه في استواء الباري ع ّز وجل على عرشه ،وفي نزوله إلى السماء الدنيا.
فمصطلح التجسيم درسه شيخ اإلسالم رحمه هللا باستيعاب من حيث نشأته التاريخية في اإلسالم وقبل
اإلسالم ،وبيّن أقوال الناس في معنى الجسم ،ثم ناقش هذه األقوال مبينا ً وجه الخطأ والصواب فيها،
وف ّ
صل في مناقشة لفظة الجسم من حيث اللغة ،والشرع ،والعقل \،وبين موقف السلف من إطالق لفظ
الجسم على هللا.
فذكر شيخ اإلسالم رحمه هللا أن اليهود من غالة المجسمة ،وأنهم سلف المجسمة ،وأما في اإلسالم فإن
بداية ظهور التجسيم كان من قِبل بعض الشيعة كهشام بن الحكم (ت 190 -هـ) وهشام الجواليقي يقول\ ابن
تيمية رحمه هللا:
(وأول ما ظهر إطالق لفظ الجسم من متكلمة الشيعة كهشام بن الحكم) .
وفصل رحمه هللا في معنى الجسم من حيث اللغة ،مبينا ً أن معناه هو :البدن والجسد ناقالً عن أئمة اللغة
إثبات ذلك ،مثل قول أبي زيد األنصاري( : الجسم :الجسد وكذلك الجسمان والجثمان) .
وقال األصمعي( : الجسم والجثمان :الجسد ،والجثمان :الشخص ،واألجسم :األضخم بالبدن) .
وقال ابن السكيت( : تجسمت األمر :أي ركبت أجسمه ،وجسيمه أي :معظمه ،وكذلك تجسمت الرمل
والجبل :أي ركبت أجسمه) .
قال عامر بن الطفيل :
وقد علم الحي بن عامر *** بأن لنا ذروة األجسم
وبين ابن تيمية رحمه هللا :أن (الجسم قد يراد به الغلظ نفسه ،وهو عرض قائم بغيره ،وقد يراد به الشيء
الغليظ ،وهو القائم بنفسه ،فنقول :هذا الثوب له جسم أي :غلظ ،وقوله؛ { َوزَا َدهُ بَ ْسطَةً فِي ْال ِع ْل ِم َو ْال ِجس ِْم }
[البقرة ] 247 :قد يحتج به على هذا ،فإنه قرن الجسم بالعلم الذي هو مصدر ،فنقول المعنى :زاده بسطة:
في قدره فجعل قدر بدنه أكبر من بدن غيره ،فيكون الجسم هو القدر نفسه ال نفس المقدر.
ك َأجْ َسا ُمهُ ْم } [المنافقون ، ]4 :أي صورهم القائمة بأبدانهم كما تقول :أعجبني حسنه وكذلك قوله { :تُع ِ
ْجبُ َ
وجماله ولونه وبهاؤه ،فقد يراد صفة األبدان ،وقد يراد نفس األبدان،وهم إذا قالوا :هذا أجسم من هذا
أرادوا أنه أغلظ وأعظم منه ،أما كونهم يريدون بذلك أن ذلك العظم والغلظ كان لزيادة األجزاء ،فهذا مما
يعلم قطعا ً بأنه لم يخطر ببال أهل اللغة) .
وأما من حيث الشرع فقد بين أنه لم يُنقل في الشرع وال عن األنبياء السابقين وال عن الصحابة ،وال عن
التابعين ومن تبعهم من سلف األمة إثبات هذا اللفظ أو نفيه.
قال رحمه هللا( :وأما الشرع فالرسل وأتباعهم الذين من أمة موسى وعيسى ومحمد صلّى هللا عليه وسلّم لم
يقولوا :إن هللا جسم ،وال إنه ليس بجسم ،وال إنه جوهر وال إنه ليس بجوهر ،لكن النزاع اللغوي والعقلي\
والشرعي في هذه األسماء هو بما أحدث في الملل الثالث بعد انقراض الصدر األول من هؤالء وهؤالء
وهؤالء) .
ثم قال( :والذي اتفقت عليه الرسل وأتباعهم ،ما جاء به القرآن والتوراة :من أن هللا موصوف\ بصفات
الكمال ،وأنه ليس كمثله شيء ،فال تمثل صفاته بصفات المخلوقين ،مع إثبات ما أثبته لنفسه من
الصفات) .
وقال رحمه هللا( :وأما الشرع :فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من األنبياء وال الصحابة وال التابعين وال سلف
األمة أن هللا جسم ،أو أن هللا ليس بجسم ،بل النفي واإلثبات بدعة في الشرع) .
وقال -أيضا ً ( :-وأما من ال يطلق على هللا اسم الجسم كأئمة الحديث ،والتفسير ،والتصوف ،والفقه ،مثل
األئمة األربعة وأتباعهم ،وشيوخ المسلمين المشهورين في األمة ،ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم
بإحسان فهؤالء ليس فيهم من يقول :إن هللا جسم ،وإن كان أيضاً :ليس من السلف واألئمة من قال :إن هللا
ليس بجسم) .
وبين رحمه هللا سبب عدم إطالق السلف لفظ الجسم ال نفيا ً وال إثباتا ً أنه لوجهين:
( أحدهما :أنه ليس مأثوراً ال في كتاب وال سنة ،وال أثر عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ،وال
غيرهم من أئمة المسلمين ،فصار من البدع المذمومة.
الثاني :أن معناه يدخل فيه حق وباطل ،فالذين أثبتوه أدخلوا فيه من النقص والتمثيل ما هو باطل ،والذين
نفوه أدخلوا فيه من التعطيل والتحريف ما هو باطل) .
وعن سؤال افترضه هل جوابه موجود في الكتاب والسنة أم ال؟ وهو :هل هللا جسم أم ليس بجسم؟ قال:
(فإذا قال السائل :هل هللا جسم أم ليس بجسم؟ لم نقل :إن جواب هذا السؤال ليس في الكتاب والسنة ،مع
قول القائل :إن هذا السؤال موجود في فطر الناس بالطبع ،وهللا تعالى يقولْ { :اليَوْ َم َأ ْك َم ْل ُ
ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم
ُض َّل قَوْ ما ً بَ ْع َد ِإ ْذ
يت لَ ُك ُم اِأْل سْال َم ِدينا ً } [المائدة ، ]3 :وقالَ { :و َما َكانَ هَّللا ُ لِي ِ
ض ُ َوَأ ْت َم ْم ُ
ت َعلَ ْي ُك ْم نِ ْع َمتِي َو َر ِ
هَدَاهُ ْم َحتَّى يُبَيِّنَ لَهُ ْم َما يَتَّقُونَ } [التوبة. ]115 :
ى َو َرحْ َمةً َوبُ ْش َرى لِ ْل ُم ْسلِ ِمينَ } [النحل. ]89 : ك ْال ِكت َ
َاب تِ ْبيَانا ً لِ ُكلِّ َش ْي ٍء َوهُد ً وقالَ { :ونَ َّز ْلنَا َعلَ ْي َ
ى َو َرحْ َمةً لِقَوْ ٍم ق الَّ ِذي بَ ْينَ يَ َد ْي ِه َوتَ ْف ِ
صي َ\ل ُكلِّ َش ْي ٍء َوهُد ً وقالَ { :ما َكانَ َح ِديثا ً يُ ْفتَ َرى َولَ ِك ْن تَصْ ِدي َ
يُْؤ ِمنُونَ } [يوسف. ]111 :
ضلُّ َواَل يَ ْشقَى * َو َم ْن َأ ْع َر َ
ض عَن ِذ ْك ِري فَِإ َّن لَهُ وقال { :فَِإ َّما يَْأتِيَنَّ ُكم ِّمنِّي هُدًى فَ َم ِن اتَّبَ َع هُدَا َ
ي فَاَل يَ ِ
ك َأتَ ْت َ
ك صيراً * قَا َل َك َذلِ َ ضنكا ً َونَحْ ُش ُرهُ يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة َأ ْع َمى * قَا َل َربِّ لِ َم َحشَرْ تَنِي َأ ْع َمى َوقَ ْد ُك ُ
نت بَ ِ َم ِعي َشةً َ
ك ْاليَوْ َم تُن َسى} [طه. ]126 - 123 : آيَاتُنَا فَن َِسيتَهَا َو َك َذلِ َ
وقال { :اتَّبِعُوا َما ُأ ْن ِز َل ِإلَ ْي ُك ْم ِم ْن َربِّ ُك ْم َوال تَتَّبِعُوا ِم ْن دُونِ ِه َأوْ لِيَا َء} [األعراف. ) ]3 :
ثم ذكر آيات كثيرة وقال( :ومثل هذا في القرآن كثير ،مما يبين هللا فيه أن كتابه مبيِّن للدين كله ،موضح
كاف لمن اتبعه ،ال يحتاج معه إلى غيره يجب اتباعه دون اتباع غيره من السبل) .
ٍ لسبيل الهدى،
ثم شرع في ذكر بعض األحاديث الدالة على أن الرسول صلّى هللا عليه وسلّم بين الحق ،وترك األمة على
المحجة البيضاء ،ومنها قول النبي صلّى هللا عليه وسلّم في خطبته( :إن خير الحديث كتاب هللا ،وخير
الهدي هدي محمد ،وشر األمور محدثاتها ،وكل بدعة ضاللة) .
وكان يقول( :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ ،وإياكم ومحدثات األمور فإن كل بدعة ضاللة) .
وكان يقول( :تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ،ال يزيغ عنها بعدي إال هالك) .
ثم قال( :فكيف يكون هذا -مع هذا البيان والهدى -ليس فيما جاء به جواب عن هذه المسألة ،وال بيان
الحق فيها من الباطل ،والهدى من الضالل؟ بل كيف يمكن أن يسكت عن بيان األمر ولو لم يسأله الناس؟)
.
وبين وجوب اعتقاد الحق فيها ،ثم شنع على الذين يقولون :إن جواب هذا السؤال وأمثاله ليس في الكتاب
والسنة ،ووصفهم بأنهم (الذين يُعرضون عن طلب الهدى من الكتاب والسنة ،ثم يتكلم كل منهم برأيه ما
يخالف الكتاب والسنة ،ثم يتأول آيات الكتاب على مقتضى\ رأيه ،فيجعل أحدهم ما وصفه برأيه هو أصول
الدين الذي يجب اتباعه ،ويتأول القرآن والسنة على وفق ذلك ،فيتفرقون ويختلفون) .
وبين شيخ اإلسالم أن لفظ الجسم مجمل يحتاج إلى استفصال.
فإن ُأريد بالجسم :الموجود القائم بنفسه ،المتصف بالصفات \،فهذا المعنى حق ،لكن الخطأ إنما هو في
اللفظ.
وإن أريد غير ذلك من المعاني في معنى الجسم كأن يقال :هو ما يشار إليه ،أو المركب ،أو غير ذلك فإنه
معنى باطل ولفظ مردود .
وأما دعوى أن ابن تيمية رحمه هللا يقول بأن هللا جسم ال كاألجسام ،فغير صحيحة ،وهذه نصوص ابن
تيمية الصريحة في رد هذه المقولة ،وتخطئة من قالها ،ومنها:
قوله حين قال له أحد كبار مخالفيه بجواز أن يقال :هو جسم ال كاألجسام:
(إنما قيل :إنه يوصف هللا بما وصف به نفسه ،وبما وصفه به رسوله صلّى هللا عليه وسلّم ،وليس في
الكتاب والسنة أن هللا جسم حتى يلزم هذا السؤال) .
وحكم على القائل بهذا القول\ أنه مشبه ،بقوله( :فمن قال هو جسم ال كاألجسام كان مشبهاً ،بخالف من قال:
حي ال كاألحياء) .
وذكر أن القائلين بهذه المقولة هم طوائف من أهل الكالم المتقدمين والمتأخرين فقال عن إثباتهم صفات هللا
ع ّز وجل( :يثبتون هذه الصفات \،ويثبتون ما ينفيه النفاة لها ،ويقولون :هو جسم ال كاألجسام ،ويثبتون
المعاني التي ينفيها أولئك بلفظ الجسم) .
وذكر أن القائل بهذه المقولة هم علماء المجسمة .
وقال رحمه هللا( :وأما المعنى الخاص الذي يعنيه النفاة والمثبتة ،الذين يقولون :هو جسم ال كاألجسام ،فهذا
مورد النزاع بين أئمة الكالم وغيرهم ،وهو الذي يتناقض سائر الطوائف من نفاته إلثبات ما يستلزمه ،كما
يتناقض مثبتوه مع نفي لوازمه.
ولهذا كان الذي عليه أئمة اإلسالم أنهم ال يطلقون األلفاظ المبتدعة المتنازع فيها ال نفياً ،وال إثباتاً ،إال بعد
االستفسار والتفصيل :فيثبت ما أثبته الكتاب والسنة من المعاني ،وينفي ما نفاه الكتاب والسنة من المعاني)
.
وبين رحمه هللا في مقولة( :إن هللا ذو جسم وأعضاء وجوارح) أنها كالم باطل .
وأما ألفاظ (التشبيه والتمثيل) فقد بين شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه هللا تعالى -أقوال الناس في الفرق
بينها :هل هي بمعنى واحد أو معنيين؟ ،وأنها قوالن:
( أحدهما :أنهما بمعنى واحد ،وأن ما دل عليه لفظ المثل مطلقا ً ومقيداً يدل عليه لفظ الشبه ،وهذا قول
طائفة من النظار.
والثاني :أن معناها مختلف عند اإلطالق لغة ،وشرعاً ،وعقالً ،وإن كان مع التقييد والقرينة يراد بأحدهما
ما يراد باآلخر ،وهذا قول أكثر الناس) .
وبين سبب االختالف ،وأنه مبني على مسألة عقلية وهي :أنه هل يجوز أن يشبه الشي ُء الشي َء من وجه
دون وجه ،وذكر رحمه هللا أن للناس في ذلك قولين( :فمن منع أن يشبهه من وجه دون وجه قال :المثل
والشبه واحد.
ومن قال :إنه قد يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه ،ف ّرق بينهما عند اإلطالق وهذا قول جمهور
الناس) .
وبين قول المخالفين في عدم التفريق بين التشبيه والتمثيل وهو :امتناع كون الشيء يشبه غيره من وجه
ويخالفه من وجه ،بل عندهم كل مختلفين كالسواد والبياض فإنهما لم يشتبها من وجه ،وكل مشتبيهن
كاألجسام عندهم ،يقولون بتماثلها ،فإنها متماثلة عندهم من كل وجه ال اختالف بينها إال في أمور عارضة
لها .
فاألجسام متماثلة من كل وجه ،وأما األعراض المختلفة واألجناس -كالسواد والبياض -فمختلفة من كل
وجه .
وبين نتيجة هذا القول وأنه( :كل من أثبت ما يستلزم التجسيم في اصطالحهم فهو مشبه ممثل) .
وذكر أن القائل بهذا كثير من أهل الكالم من المعتزلة واألشعرية ،ومن وافقهم من الصفاتية كالباقالني ،
وأبي يعلى ،وأبي المعالي ،وغيرهم .
وناقش هؤالء نقاشا ً عقليا ً ولغوياً ،وشرعيا ً بقوله:
(فإن العقل يعلم أن األعراض مثل األلوان ،تشتبه في كونها ألوانا ً مع أن السواد ليس مثل البياض ،وكذلك
األجسام والجواهر عند جمهور العقالء تشتبه في مسمى الجسم والجوهر ،وإن كانت حقائقها ليست
متماثلة ،فليست حقيقة الماء مماثلة لحقيقة التراب ،وال حقيقة النبات مماثلة لحقيقة الحيوان ،وال حقيقة النار
مماثلة لحقيقة الماء ،وإن اشتركا في أن كالً منهما جوهر وجسم وقائم بنفسه) .
(وأيضا ً فمعلوم في اللغة أنه يقال :هذا يشبه هذا ،وفيه شبه من هذا ،إذا أشبهه من بعض الوجوه ،وإن كان
مخالفا ً له في الحقيقة.
قال هللا تعالىَ { :وُأتُوا بِ ِه ُمتَ َشابِها ً } [البقرة. ]25 :
ات فََأ َّما الَّ ِذينَ فِي قُلُوبِ ِه ْم َز ْي ٌغ فَيَتَّبِعُونَ َما تَ َشابَهَ ِم ْنهُ ب َوُأ َخ ُر ُمتَ َشابِهَ ٌ ات ه َُّن ُأ ُّم ْال ِكتَا ِات ُمحْ َك َم ٌوقالِ { :م ْنهُ آيَ ٌ
ا ْبتِغَا َء ْالفِ ْتنَ ِة َوا ْبتِغَا َء تَْأ ِويلِ ِه } [آل عمران. ]7 :
ت وقالَ { :وقَا َل الَّ ِذينَ ال يَ ْعلَ ُمونَ لَوْ ال يُ َكلِّ ُمنَا هَّللا ُ َأوْ تَْأتِينَا آيَةٌ َك َذلِ َ
ك قَا َل الَّ ِذينَ ِم ْن قَ ْبلِ ِه ْم ِم ْث َل قَوْ لِ ِه ْم تَ َشابَهَ ْ
قُلُوبُهُ ْم } [البقرة. ]118 :
فوصف القولين بالتماثل ،والقلوب بالتشابه ال بالتماثل ،فإن القلوب وإن اشتركت في هذا القول فهي مختلفة
ال متماثلة.
وقال النبي صلّى هللا عليه وسلّم« :إن الحالل بيّن ،وإن الحرام بيّن ،وبين ذلك أمور متشابهات ال يعلمهن
كثير من الناس» .
فدل على أنه يعلمها بعض الناس ،وهي في نفس األمر ليست متماثلة ،بل بعضها حرام وبعضها حالل) .
وأما لفظ (الحشوية) فقد بيّن شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا أن هذا اللفظ ليس له مسمى معروف ال في
الشرع ،وال في اللغة ،وال في العرف العام ،وليس فيه ما يدل على شخص معين ،وال مقالة معينة ،فال
يدرى من هم هؤالء؟
ويذكر أن أول من تكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد ،حيث قال :كان عبد هللا بن عمر -رضي هللا عنهما -
حشوياً.
وأصل ذلك أن كل طائفة قالت قوالً تخالف به الجمهور والعامة فإنها تنسب قول المخالف لها إلى أنه قول
الحشوية :أي الذين هم حش ٌو في الناس ليسوا من المتأهلين عندهم.
فالمعتزلة تسمي من أثبت القدر حشوياً ،والجهمية يسمون مثبتة الصفات حشوية ،والقرامطة -كأتباع
الحاكم -يسمون من أوجب الصالة والزكاة والصيام والحج حشوياً.
وأهل هذا المصطلح يعنون به حين يطلقونه :العامة الذين هم حشو ،كما تقول الرافضة عن مذهب أهل
السنة مذهب الجمهور .
وحين رد شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا على الرافضي في كتابه (منهاج السنة النبوية) قوله عن جماعة
من الحشوية والمشبهة :إن هللا تعالى جسم ،له طول وعرض وعمق ،وأنه يجوز عليه المصافحة ...إلخ .
استفصل رحمه هللا في المراد بالحشوية فقال:
(فإن كان مراده بالحشوية :طائفة من أصحاب األئمة األربعة دون غيرهم ،كأصحاب أحمد أو الشافعي ،أو
مالك ،فمن المعلوم أن هذه المقاالت ال توجد فيهم أصالً ،بل هم يكفّرون من يقولها...
وإن كان مراده بالحشوية :أهل الحديث على اإلطالق :سواء كانوا من أصحاب هذا أو هذا ،فاعتقاد أهل
الحديث :هو السنة المحضة؛ ألنه هو االعتقاد الثابت عن النبي صلّى هللا عليه وسلّم ،وليس في اعتقاد أحد
من أهل الحديث شيء من هذا ،والكتب شاهدة بذلك.
وإن كان مراده بالحشوية :عموم أهل السنة والجماعة مطلقاً :فهذه األقوال ال تعرف في عموم المسلمين
وأهل السنة) .
وأما نزول الباري ع ّز وجل إلى السماء الدنيا ،واستواؤه على عرشه سبحانه وتعالى ،فليس في نصوص
شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا ما يثبت أنه يشبّه نزول الرب بنزول المخلوقين ،واستواءه باستوائهم ،بل
نصوصه صريحة في نفي المماثلة والمشابهة في غير موضع.
فحين تحدث عن منهج الوسطية عند أهل السنة والجماعة في باب األسماء والصفات قال:
(ويعلمون مع ذلك أنه ال مثيل له في شيء من صفات الكمال ،فال أحد يعلم كعلمه ،وال يقدر كقدرته ،وال
يرحم كرحمته ،وال يسمع كسمعه ،وال يبصر كبصره ،وال يخلق كخلقه ،وال يستوي كاستوائه ،وال يأتي
كإتيانه ،وال ينزل كنزوله كما قال تعالى { :قُلْ هُ َو هَّللا ُ َأ َح ٌد * هَّللا ُ ال َّ
ص َم ُد * لَ ْم يَلِ ْد َولَ ْم يُولَ ْد * َولَ ْم يَ ُكن لَّهُ
ُكفُواً َأ َح ٌد} [اإلخالص] ) .
وفي معرض رده على من ينفي الصفات الفعلية ،بحجة أنها تستلزم التجسيم ،صاغ قول المخالف وقوله
على هيئة حوار قائالً:
(فإذا قيل :سمعه ليس كسمعنا ،وبصره ليس كبصرنا ،وإرادته ليست كإرادتنا ،وكذلك علمه وقدرته.
قيل له :وكذلك رضاه ليس كرضانا ،وغضبه ليس كغضبنا ،وفرحه ليس كفرحنا ،ونزوله واستواؤه ليس
كنزولنا واستوائنا) .
وقال عن االستواء:
(وكذلك ما أخبر به عن نفسه من استوائه على العرش ،ومجيئه في ظلل من الغمام ،وغير ذلك من هذا
الباب ،ليس استواؤه كاستوائهم ،وال مجيئه كمجيئهم) .
وقال عن النزول ناقالً عن اإلمام أحمد بن حنبل (ت 241 -هـ) رحمه هللا في رسالته إلى مسدد أن النزول
ال تعلم كيفيته:
(وهم متفقون على أن هللا ليس كمثله شيء ،وأنه ال يُعلم كيف ينزل ،وال تمثل صفاته بصفات خلقه) .
وحكم على من مثل استواء هللا ونزوله باستواء المخلوقين ونزولهم بأنه مبتدع ضال .
وقد أطال النفس رحمه هللا في الجواب عن شبهة أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم ،مبينا ً قبل ذلك قاعدة
مهمة وهي :أن كل من نفى شيئا ً قال لمن أثبته إنه مجسم ومشبه ،فغالة الباطنية ،نفاة األسماء ،يسمون من
سمى هللا بأسمائه الحسنى مشبها ً ومجسماً ،فيقولون :إذا قلنا حي عليم ،فقد شبهناه بغيره من األحياء
العالمين.
وكذلك إذا قلنا :هو سميع بصير ،فقد شبهناه باإلنسان السميع البصير.
وإذا قلنا :رؤوف رحيم فقد شبهناه بالنبي الرؤوف الرحيم ،بل قالوا :إذا قلنا :إنه موجود فقد شبهناه بسائر
الموجودات ،الشتراكهما في مسمى الوجود .
ومثبتة األسماء دون الصفات من المعتزلة ونحوهم ،يقولون لمن أثبت الصفات :إنه مجسم ،ومثبتة
الصفات دون ما يقوم به من األفعال االختيارية يقولون لمن أثبت ذلك :إنه مجسم ،وكذلك سائر النفاة .
وبين رحمه هللا مذهب أهل السنة والجماعة في األسماء والصفات :وأنه وسط بين التعطيل والتمثيل في
مواضع متعددة من كتبه:
فقال( :أهل السنة والجماعة في اإلسالم -كأهل اإلسالم في الملل -فهم وسط في باب صفات هللا ع ّز وجل
بين أهل الجحد والتعطيل ،وبين أهل التشبيه والتمثيل؛ يصفون هللا بما وصف به نفسه ،وبما وصفه به
رسوله من غير تعطيل وال تمثيل ،إثباتا ً لصفات الكمال ،وتنزيها ً له عن أن يكون له فيها أنداد وأمثال،
ْس َك ِم ْثلِ ِه َش ْي ٌء} [الشورى ، ]11 :رد على
إثبات بال تمثيل ،وتنزيه بال تعطيل ،كما قال تعالى { :لَي َ
الممثلةَ { :وهُ َو ال َّس ِمي ُع ْالبَ ِ
صي ُر } [الشورى ، ]11 :رد على المعطلة.
ص َم ُد * لَ ْم يَلِ ْد َولَ ْم يُولَ ْد * َولَ ْم يَ ُكن لَّهُ ُكفُواً َأ َح ٌد } [اإلخالص] ) .
وقال تعالى { :قُلْ هُ َو هَّللا ُ َأ َح ٌد * هَّللا ُ ال َّ
وذكر أن ما نفاه المعطلة من األسماء والصفات ثابت بالشرع والعقل \،وأن تسميتهم لما أثبته غيرهم تشبيه
وتجسيم ،إنما هو تمويه على الجهال.
وبين أن التمثيل والتشبيه المنهي عنه في األسماء والصفات للباري ع ّز وجل هو :ما يستلزم االشتراك بين
الخالق والمخلوق فيما يختص به الخالق ،مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه ،فال يجوز أن يشركه
فيه مخلوق .
ويوضح أس المشكلة عند النفاة وهي :قياس الخالق بالمخلوق ،فلو كان الخالق ع ّز وجل عندهم متصفا ً
بالصفات ،لكان مماثالً للمخلوق المتصف بالصفات \،ويخلص إلى نتيجة وهي :أن هذا القول في غاية
الفساد؛ ألن تشابه الشيئين من بعض الوجوه ،ال يقتضي\ تماثلهما في جميع األشياء.
ولو كان إثبات الصفات يقتضي التجسيم؛ لكان الرسول صلّى هللا عليه وسلّم إلى إنكار ذلك أسبق ،وهو به
أحق ،وإن كان الطريق إلى نفي العيوب والنقائص ،ومماثلة الخالق لخلقه هو ما في ذلك من التجسيد
والتجسيم؛ كان إنكار ذلك بهذا الطريق هو الصراط المستقيم كما فعله من أنكر ذلك بهذا الطريق من
القائلين بموجب ذلك من أهل الكالم ،فلما لم ينطق النبي صلّى هللا عليه وسلّم ،وال أصحابه والتابعون
بحرف من ذلك ،بل كان من نطق به موافقا ً مصدقا ً لذلك .
والقرآن الكريم بيّن الفرق بين الخالق والمخلوق ،وأنه ال يجوز أن يسوى بين الخالق والمخلوق في شيء،
ُون هَّللا ِ َأ ْندَاداً ي ُِحبُّونَهُ ْم َكحُبِّ هَّللا ِ َوالَّ ِذينَ
اس َم ْن يَتَّ ِخ ُذ ِم ْن د ِ
فيجعل المخلوق نداً للخالق .قال تعالىَ { :و ِمنَ النَّ ِ
آ َمنُوا َأ َش ُّد ُحبّا ً هَّلِل ِ } [البقرة. ]165 :
وقال تعالى{ :هَلْ تَ ْعلَ ُم لَهُ َس ِميّا ً } [مريم. ]65 :
وا نِ ْع َمةَ هّللا ِ الَ تُحْ صُوهَا ِإ َّن هّللا َ لَ َغفُو ٌر
ق َأفَال تَ َذ َّكرُونَ * وَِإن تَ ُع ُّد ْ وقال تعالىَ { :أفَ َمن يَ ْخلُ ُ
ق َك َمن الَّ يَ ْخلُ ُ
ُون هّللا ِ الَ يَ ْخلُقُونَ َشيْئا ً َوهُ ْم ي ُْخلَقُونَ *
َّحي ٌم * َوهّللا ُ يَ ْعلَ ُم َما تُ ِسرُّ ونَ َو َما تُ ْعلِنُونَ * َوالَّ ِذينَ يَ ْد ُعونَ ِمن د ِ
ر ِ
وات َغ ْي ُر َأحْ يَاء َو َما يَ ْش ُعرُونَ َأيَّانَ يُ ْب َعثُونَ } [النحل. ]21 - 17 :
َأ ْم ٌ
قال رحمه هللا في بيان لوازم التماثل بين الخالق والمخلوق ،وأن التماثل غير ممكن:
(وقد علم بالعقل أن المثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على اآلخر ،ويجب له ما يجب له ،ويمتنع عليه ما
يمتنع عليه ،فلو كان المخلوق مماثالً للخالق للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع ،والخالق يجب
وجوده وقدمه ،والمخلوق يستحيل وجوبه وقدمه ،بل يجب حدوثه وإمكانه ،فلو كانا متماثلين للزم
اشتراكهما في ذلك ،فكان كل منهما يجب وجوده وقدمه ،ويمتنع وجوب وجوده وقدمه ،ويجب حدوثه
وإمكانه ،فيكون كل منهما واجب القدم واجب الحدوث ،واجب الوجود ليس واجب الوجود ،يمتنع قدمه ال
يمتنع قدمه ،وهذا جمع بين النقيضين) .
ومن رده رحمه هللا على من توهم أن مدلول نصوص الصفات\ هو التمثيل ،بين أنه يقع في أربعة أنواع
من المحاذير:
األول :كونه مثّل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين ،وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل.
الثاني :أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها\ وعطله ،بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات
الالئقة باهلل.
الثالث :أنه ينفي تلك الصفات عن هللا بغير علم ،فيكون معطالً لما يستحقه الرب تعالى.
الرابع :أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الموات والجمادات ،أو صفات المعدومات .
وتوسع رحمه هللا في بيان قاعدة (اتفاق األسماء والصفات ال يستلزم اتفاق المسميات والموصوفات عند
اإلضافة والتقييد والتخصيص).
ففي األسماء :سمى هللا نفسه حيا ً بقوله{ :هَّللا ُ ال ِإلَهَ ِإاَّل هُ َو ْال َح ُّي ْالقَيُّو ُم } [البقرة. ]255 :
وت} [الفرقان. ]58 : وبقولهَ { :وتَ َو َّكلْ َعلَى ْال َح ِّي الَّ ِذي ال يَ ُم ُ
وسمى بعض عباده حيا ً بقوله { :ي ُْخ ِر ُج ْال َح َّي ِمنَ ْال َميِّ ِ
ت} [يونس. ]31 :
مع العلم أنه ليس الحي كالحي؛ ألن قوله( :الحي) اسم هلل مختص به ،وقوله { :ي ُْخ ِر ُج ْال َح َّي ِمنَ ْال َميِّ ِ
ت}
[يونس ، ] 31 :اسم للحي المخلوق المختص به ،وإنما يتفقان إذا أطلقا ،وجردا عن التخصيص.
ك ْالقُ ُّدوسُ } [الحشر ، ]23 :وسمى بعض عباده الملك فقالَ { :وقَا َل ْال َملِ ُ
ك وسمى نفسه بالملكْ :
{ال َملِ ُ
اْئتُونِي بِ ِه } [يوسف ، ]50 :وليس الملك كالملك.
وسمى نفسه العزيز الجبار المتكبر فقالْ { :ال َع ِزي ُز ْال َجبَّا ُر ْال ُمتَ َكبِّ ُر } [الحشر. ]23 :
ت ْال َع ِز ِ
يز} [يوسف ، ]51 :وسمى بعض خلقه بالجبار ت ا ْم َرَأ ُ
وسمى بعض خلقه العزيز فقال { :قَالَ ِ
ب ُمتَ َكب ٍِّر َجب ٍ
َّار } [غافر. ]35 : ك يَ ْ
طبَ ُع هَّللا ُ َعلَى ُكلِّ قَ ْل ِ المتكبر فقالَ { :ك َذلِ َ
ض ال ُّد ْنيَا
وفي الصفات :وصف -سبحانه -نفسه باإلرادة ،ووصف عباده باإلرادة فقال { :تُ ِري ُدونَ َع َر َ
َوهَّللا ُ ي ُِري ُد اآْل ِخ َرةَ َوهَّللا ُ ع ِ
َزي ٌز َح ِكي ٌم} [األنفال. ]67 :
ووصف\ نفسه بالمشيئة ،ووصف\ بعض عباده بالمشيئة بقوله { :لِ َمن َشاء ِمن ُك ْم َأن يَ ْستَقِي َم * َو َما تَشَاُؤ ونَ
ِإاَّل َأن يَ َشا َء هَّللا ُ َربُّ ْال َعالَ ِمينَ } [التكوير. ]29 - 28 :
ت َأ ْي ِدينَا َأ ْن َعاما ً فَهُ ْم لَهَا َمالِ ُكونَ } [يس]71 :
ووصف\ نفسه بالعمل بقولهَ { :أ َولَ ْم يَ َروْ ا َأنَّا خَ لَ ْقنَا لَهُ ْم ِم َّما َع ِملَ ْ
.
ووصف\ عباده بالعمل بقولهَ { :جزَا ًء بِ َما َكانُوا يَ ْع َملُونَ } [السجدة. ]17 :
إلى غيرها من األسماء والصفات\ الدالة على أن تماثل األسماء والصفات ال يعني تماثل المسمى
والموصوف\ عند اإلطالق (.)144
وقد أجابت إحدى الباحثات عن رمي ابن تيمية رحمه هللا بالتجسيم ،بأن نصوص كتب ابن تيمية تدل داللة
واضحة على أنه بريء كل البراءة مما نسب إليه من شبهة التجسيم ،إذ ال يمكن لسنّي مثله دافع عن
الكتاب والسنة دفاعا ً مريراً ،إلى أن خافه الفقهاء والصوفية ،فدسوا له عند الحكام ،حتى سجن ،أن يقول
مثل هذا القول \،وبينت أن األسرة التي عاش فيها ابن تيمية لم تكن محاطة بالتشبيه والتجسيم ،بل كانت
أسرة متدينة ومتفقهة في الدين اإلسالمي .
( نقال عن كتاب " دعاوى المناوئين لشيخ اإلسالم ابن تيمية\ " للدكتور عبدهللا الغصن -وفقه هللا ،طبع دار ابن
الجوزي بالدمام ،ص ،139-161ومن أراد الهوامش فعليه بالكتاب .) ..
دعاوى المناوئين
ترجمة ابن تيمية
دعوى المناوئين
مواضيع متفرقة
كتب ابن تيمية
الصفحة الرئيسية