NTK 0 LM RV Yy Ex MJK 0 MTC 5 NZ I4 ZGQy Y2 U0 MM QZ OTc 3 MDRi MWM4 ODQw ZG

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 117

‫األنشطة التعبيرية في اإلرشاد‬

‫ما هي األنشطة التعبيرية في اإلرشاد النفسي؟‬

‫إن األنشطة التعبيرية هي تلك األنشطة التي تشمل األساليب والطرق اللفظية وغير اللفظية‬

‫للتعبير عن المشاعر والمكبوتات‪ ،‬فهي مجموعة من الخيارات التعبيرية التي تساعد األفراد بالتخلص من‬

‫انفعاالتهم وتوتراتهم‪.‬‬

‫والتلوين‪...‬‬ ‫إن األنشطة التعبيرية تبني نماذجها على أعمال فريدة من نوعها كالغناء والرسم‬

‫الخ‪ ،‬وهي غير معقدة في طبيعتها‪ ،‬فاألفراد الذين يستخدمون هذه األنشطة يشتركون في أنهم يستبصرون‬

‫بذواتهم ويستخدمون قدراتهم الطبيعية العفوية للتخلص من انفعاالتهم المتعلقة بمشكالتهم‪.‬‬

‫إن أكثر األنشطة التعبيرية اللفظية انتشاراً هي التمثيل المسرحي والدراما‪ ،‬واألعمال األدبية‬

‫(كالقصص والروايات والشعر)‪ ،‬بينما من أكثر األنشطة التعبيرية غير اللفظية معرفة وانتشاراً‬
‫الموسيقى‪ ،‬والرقص‪ ،‬والحركات اإليقاعية‪ ،‬والتعبير التشكيلي (كالرسم والتلوين أو النحت)‪ ،‬وعلى العموم‬

‫يمكن القول أن األنشطة التعبيرية اللفظية وغير اللفظية تكمل بعضها بعضاً فمثالً العمل الدرامي أو‬

‫المسرحي يحتاج إلى تعبيرات لفظية وحركات موجهة وموسيقى تصويرية مرافقة للعمل الدرامي أو‬

‫التمثيلي وتأثيرات بصرية‪ ،‬وعليه تستخدم األنشطة التعبيرية اللفظية وغير اللفظية إما معاً بشكل متكامل‬

‫أو بشكل مستقل عن اآلخر‪.‬‬

‫كيف تستخدم األنشطة التعبيرية في اإلرشاد؟‬

‫لعبت الفنون واألنشطة التعبيرية دوراً مهماً في عالج المضطربين قديماً‪ ،‬ففي حدود العام ‪500‬‬

‫قبل الميالد اعتمد المصريون القدماء الحفالت الموسيقية والرقص في معالجة المرضى العقليين‪ ،‬كما‬

‫استعمل اليونان العمل الدرامي المسرحي كطريقة لتطهير األفراد المتوترين من مشاعر القلق‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫واستخدامت أمم أخرى الموسيقى وفنون أخرى للترويح عن النفس واالسترخاء‪ ،‬بينما اعتمد الرومان‬

‫على األدب والشعر للترفيه عن النفس المتضررة‪.‬‬

‫كما ظهر االهتمام مجدداً في استخدام هذه الفنون في اإلرشاد خاصة تلك النماذج الفنية التي تقوم‬

‫على التعبير‪ ،‬فعن طريق هذه األنشطة التعبيرية يساعد المرشد المسترشد في تطوير إمكانياته من خالل‬

‫أعمال لفظية وغير لفظية التي من شأنها أن تساعد المسترشد في الشفاء والتخلص من المكبوتات‬

‫واالنفعاالت‪ ،‬لذا كان من المهم أن يتعلم المرشد كيف يستطيع أن يستفيد من هذه الفنون ليساعد مسترشديه‬

‫في حل مشكالتهم‪.‬‬

‫إن معرفة المرشد باألساليب والطرق اإلرشادية ومنها األنشطة التعبيرية تجعله يستطيع أن يتخذ‬

‫قراراً من حيث اختياره لألساليب والطرق اإلرشادية المناسبة لعالج مشكالت المسترشدين‪ ،‬كما إن توافر‬

‫مثل هذا النوع من األنشطة من شأنه أن يتيح للمسترشدين خيارات أوسع الستخدام النشاطات التعبيرية‬

‫التي يشعرون أنا تناسبهم دون غيرها‪.‬‬

‫ولكن هناك محددات عامة يجب أن يأخذها المرشد بعين االعتبار عند استخدام األنشطة‬

‫التعبيرية في اإلرشاد وأهم هذه المحددات هو‪:‬‬

‫‪ .1‬اهتمامات واحتياجات المسترشد‪.‬‬

‫‪ .2‬مهارات وخبرة المرشد‪.‬‬

‫‪ .3‬طبيعة المشكلة التي يشكو منها المسترشد‪.‬‬

‫إن األنشطة والفنون التعبيرية تستخدم في ثالث مستويات من مستويات الوقاية في جميع نماذج‬

‫اإلرشاد‪ ،‬ومستويات الوقاية هذه هي‪:‬‬

‫‪ .1‬المستوى الوقائي األولي‪.‬‬

‫‪ .2‬المستوى الوقائي الثانوي‪.‬‬

‫‪ .3‬المستوى الوقائي األخير‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .1‬المستوى الوقائي األولي (االبتدائي)‪:‬‬

‫إن الوقاية األولية تهتم بتعديل ظروف البيئة المحيطة بالفرد‪ ،‬وتعليمه مهارات التوافق السوي مع‬

‫متطلبات الحياة حتى يتمتع األفراد بمستوى عالي من الصحة النفسية‪ ،‬وهنا تعد األنشطة التعبيرية كأداة‬

‫ممتازة في التعلم‪ ،‬فاألنشطة التعبيرية من الموضوعات التي يميل إليها األفراد فطرياً وتلقائياً ألنها‬

‫تتضمن المتعة والتسلية‪ ،‬كما أنها طرق فعالة في فهم وتذكر الدروس والمواد التعليمية خاصة عند‬

‫األطفال‪.‬‬

‫فالمدرسة بيئة تعمل على إكساب األفراد بمتطلبات الوقاية األولية ألنها بيئة إرشادية تربوية‪ ،‬فيما‬

‫تحويه من ألعاب ودمى وصالة مسرح وأنشطة تعبيرية أخرى تمهد الطريق لألطفال ألن يتعلموا أساليب‬

‫سلوكية من خالل عمليات التقليد والنمذجة والتعزيز للسلوكيات الصحيحة‪ ،‬كما أن الموسيقى أداة فعالة في‬

‫أن يحفظ األطفال دروسهم ناهيك عن أن األطفال يقضون وقتاً ممتعاً عند استخدامهم األنشطة التعبيرية‪.‬‬

‫كما أن الموسيقى والتمثيل الدرامي قد تكون وسائل مساندة ومساعدة للمراهقين والراشدين‪ ،‬لكن‬

‫غالبا ما يهتم أصحاب هذه المراحل النمائية باألنشطة التعبيرية اللفظية كاألدب والشعر والقصة والرواية‪.‬‬
‫ً‬

‫‪ .2‬المستوى الوقائي الثانوي (الثاني)‪:‬‬

‫إن المستوى الثاني للوقاية يستهدف التعامل مع األفراد مشكلين لتمكينهم من التخلص من‬

‫اإلحباطات التي يواجهونها بسبب الفشل في تحقيق التوافق‪ ،‬كما أن هذا المستوى من الوقاية يستهدف‬

‫تقليل المشكالت المرتبطة بأزمات نفسية وهنا يكون التركيز الحد من سوء التوافق والتكيف الالسوي‪،‬‬

‫فهؤالء األفراد على سبيل المثال هم أكثر حساسية آلالمهم ويعبرون عن مشاعرهم بجدية عالية من خالل‬

‫أعمال التلوين والرسم والكتابة أو غرف الموسيقى أو حركاتهم الجسدية‪ ،‬وغالباً األشخاص الذين من هذا‬

‫النوع يعبرون عن أنفسهم بوضوح أكثر من خالل هذه األنشطة التعبيرية‪.‬‬

‫‪ .3‬المستوى الوقائي األخير‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫يستهدف هذا المستوى من الوقاية التقليل من الضعف واإلعاقة النفسية التي نتجت عن‬

‫اضطرابات نفسية‪ ،‬وهنا يكون هدف التدخل اإلرشادي هو تحقيق الشفاء من هذا الضعف‪ ،‬وتأتي األنشطة‬

‫التعبيرية في هذا الوقت لمساعدة هؤالء المضطربين ليعيدوا نظرتهم تجاه الحياة بشيء من التصميم‬

‫والصالبة وعدم الضعف‪.‬‬

‫ولألنشطة التعبيرية مكامن قوة ومحددات لالستخدامها‪ ،‬أما مكامن القوة فهي ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬إن األنشطة التعبيرية تساعد المسترشدين في التحسين من مفاهيم الذات لديهم‪.‬‬

‫‪ .2‬إن األنشطة التعبيرية من شأنها أن تسهم في أن ينظر كل من المرشد والمسترشد للحياة على نحو‬

‫أفضل مما كان سابقاً في سبيل تعويض القصور الذي يواجهونه‪.‬‬

‫‪ .3‬تؤدي األنشطة التعبيرية إلى أن يفهم المرشد والمسترشد أسباب المشكالت من خالل وسائل لفظية‬

‫وغير لفظية‪ ،‬فالديناميات المحركة والدافعة للمشكالت تصبح أكثر وضوحاً وفهماً‪.‬‬

‫‪ .4‬إن األنشطة التعبيرية طريقة طبيعية للتعبير عن مشاعرهم‪ ،‬كما أنها طريقة مقبولة اجتماعياً وسهلة‬

‫التنفيذ‪ ،‬فالعواطف واالنفعاالت تجد طريقاً سهالً للتعبير عنها خالل هذه األنشطة فهي متنفسات‬

‫بناءة‪.‬‬

‫‪ .5‬إن األنشطة التعبيرية تشجع الفرد على المرونة وقابلية التغيير‪ ،‬فهذه خبرات اجتماعية تكسب األفراد‬

‫اتجاهات جديدة لتحمل مسؤوليات الحياة‪.‬‬

‫أما المحددات والقيود المتعلقة باألنشطة التعبيرية فهي‪:‬‬

‫‪ .1‬إحدى العوائق التي تحد من استخدام األنشطة التعبيرية في اإلرشاد هو أن هناك بعض األفراد‬

‫يقاومون هذه الطرق ظناً منهم أن هذه األساليب تستخدم مع األفراد المضطربين فقط‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ .2‬إن األنشطة التعبيرية ال تعد وسائل فعالة مع األشخاص الذين اعتادوا ممارسة الفن‪ ،‬أو من هم من‬

‫أصحاب التفكير المنغلق أو المتحجر ظناً أن هذه تفاهات ليس لها أي فعالية‪ ،‬كما أن هذه األساليب ال‬

‫تصلح مع الذهانيين عموماً بسبب عدم استبصارهم بذواتهم‪.‬‬

‫‪ .3‬كما أن عدم قدرة المرشد الستخدام هذه األساليب الفنية في اإلرشاد أو سوء استخدامه لها تعد معيقاً‬
‫آخر‪.‬‬

‫الدوافع والفلسفة القائمة عليها استخدامات األنشطة التعبيرية في مجاالت اإلرشاد النفسي‪:‬‬

‫إن األنشطة التعبيرية تحاول الوصول إلى المشكالت التي يعاني منها المسترشد من خالل عمل‬

‫فني يقوم به‪ ،‬ومعرفة ماذا تحققه هذه النشاطات من اشباعات لألفراد‪ ،‬فاألنشطة التعبيرية وسيلة إليقاظ‬

‫اإلبداع الكامن في الشخصية‪ ،‬فكون أن هذه األنشطة التعبيرية تقوم على مفاهيم نظرية التحليل النفسي‬

‫(التداعي الحر) فهي تساعد األفراد في إظهار وتفعيل مشكالتهم المكبوتة لتظهر عل السطح فهي تساهم‬

‫في أن يدرك الفرد ذاته من جديد ويتعرف على قدراته المعرفية اإلبداعية‪ ،‬وتفحص مشاعره وعواطفه‪،‬‬

‫فاألنشطة التعبيرية مساحات إلسقاط الضغوط والتوتر عليها‪.‬‬

‫إن األنشطة التعبيرية يمكن أن تقود المسترشدين في كل األعمار إلى فهم أفضل لمحتويات‬

‫الالشعور من خالل تفسير المراحل التطويرية والخصائص الفيزيائية النتاجاتهم الفنية‪ ،‬فاألنشطة‬

‫التعبيرية وسائل للدخول في أعماق النفس البشرية ووسائل للتنفيس عن مكنونات هذه األعماق من معاني‬

‫وأفكار ومشاعر‪.‬‬

‫إن األنشطة التعبيرية تفيد في دراسة خصائص األنا ومراحل نموها من خالل إدراك وتفسير‬

‫العالقة بين األشكال التعبيرية التي ينتجها األفراد وخصائص الشخصية‪ ،‬فمن خالل هذه األنشطة يستطيع‬

‫المعالج أن يدرك االتساق واالتزان الداخلي من خالل ما يظهر من رتابة ونظامية واتساق في هذه‬

‫التعابير الفنية والكشف عن السياق االجتماعي والبيئي والثقافي الذي يعيش فيه الفرد‪ ،‬فاألنا القوية هي‬

‫‪5‬‬
‫التي استطاعت أن تحل الصراعات بين الهو واألنا األعلى وتعبر عن نفسها من خالل الطبيعة‬

‫وخصائص ومضامين األنشطة التعبيرية‪.‬‬

‫وعلى العموم فإن األطفال أكثر تقبالً للعالج بالنشاط التعبيري من الراشدين والذين يفضلون‬

‫الطريقة اللفظية في التعبير عن أنفسهم‪.‬‬

‫وعلى أية حال فإن اإلنتاج الذي يقدمه المسترشد يتضمن عمالً شخصياً تعكس فلسفة وخصائص‬

‫الفرد المميزة‪ ،‬فهي تعطي صورة للذات‪ ،‬وتعكس الخلفية األسرية التي جاء منها الفرد‪ ،‬وتعكس الهوية‬

‫الذاتية للفرد‪ ،‬كما أن هذا النشاط يؤدي إلى حدوث مواجهة بين الفرد وعمله التعبيري بمعنى لماذا رسم‬

‫هكذا لماذا استخدم اللون األحمر وليس األخضر‪ ...‬الخ‪ ،‬وهنا يستطيع المسترشد أن يكون أكثر تبصراً‬
‫بذاته بعد أن يجيب على هذه األسئلة‪ ،‬فمشاعر الفشل المستترة واإلحباطات المكبوتة تعبر عن نفسها بهذه‬

‫الطريقة فاألنشطة التعبيرية أداة تطهيرية تخلص الفرد من أسباب انزعاجه وقلقه وحل صراعاته‪ ،‬خاصة‬

‫إذا استطاع المرشد أن يوفر الفرصة واألداة التعبيرية المناسبة كي يواجه المسترشد ذاته ويكشف عن‬

‫خباياها وهذا من شأنه أن يعدل أو يغير في الشخصية لتحقيق النماء النفسي السوي‪ ،‬وعلى أية حال قد ال‬

‫يستطيع النشاط التعبيري أن يحل صراعات الفرد نهائياً بل قد يعمل على تخفيض المشاعر السلبية الناشئة‬

‫بسبب هذه الصراعات‪.‬‬

‫إن هناك الكثير من الفنيات التي يمكن اعتمادها في النشاط التعبيري لتساعد المسترشد في‬

‫التخلص أو التخفيف من مشكالته‪ ،‬فاختيار الفنيات واألساليب المناسبة يعتمد على االتجاه النظري وخبرة‬

‫ومستوى تدريب المرشد‪ ،‬واهتمامات المسترشد‪ ،‬واإلمكانيات المتاحة في العملية اإلرشادية‪ ،‬ورغم تعدد‬

‫أشكال النشاط التعبيري (الرسم‪ ،‬التلوين‪ ،‬النحت‪ ،‬التمثيل‪ ،‬الموسيقى‪ ،‬اإليقاع الحركي‪ ،‬السيكودراما) فإن‬

‫المعالج يختار النشاط التعبيري المالئم بحسب المعايير سابقة الذكر‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلرشاد التعبيري والمراحل العمرية‪:‬‬

‫إن اإلرشاد التعبيري يقوم على دمج الوسائل اللفظية (اللعب العالجي‪ ،‬اللعب بالرمل‪ ،‬القصة‬

‫والرواية‪ ،‬الكتابة‪ ،‬الموسيقى‪ ،‬اإليقاع الحركي‪ ،‬التصوير الفوتوغرافي‪ ،‬وأعمال الخياطة) في سبيل‬

‫مساعدة األفراد في التعبير عن مشاعرهم وانفعاالتهم‪ ،‬إن كل طريقة أو وسيلة من الوسائل السابقة‬

‫تتناسب والمرحلة العمرية مع المطالب النمائية لكل مرحلة وخصائصها التطويرية واالهتمامات‬

‫والحاجات المتعلقة بكل مرحلة نمائية‪.‬‬

‫فالراشدين مثالً األفراد واألزواج‪ ،‬ورغم أن األسلوب التقليدي في العملية العالجية المتبعة معهم‬

‫هو اإلرشاد اللفظي‪ ،‬فإن اإلرشاد التعبيري يستطيع أن يقف على أسباب المشكالت التي قد تعجز الكلمات‬

‫عن وصفها في أحيان كثيرة‪ ،‬فخالل العالقة اإلرشادية والعملية العالجية التي يتخللها أنشطة تعبيرية‬

‫كأعمال الرسم والتلوين والخياطة والكتابة أو اللعب بالطين أو الرمل‪ ،‬فإن جميع هذه األنشطة تعكس‬

‫الحالة االنفعالية التي تسيطر على الفرد‪ ،‬مما يجعلنا نضع أيدينا على أسباب المشكالت أو الظروف التي‬

‫دعت لحدوث المشكالت‪.‬‬

‫أما األطفال فإنهم ال يستطيعون أن يعبروا عن ذواتهم لفظياً خاصة الصغار منهم‪ ،‬ولكن خالل‬

‫اللعب نستطيع الحكم على أفكارهم واتجاهاتهم وخبراتهم وكيف يفهمون ويتعاملون مع العالم من حولهم‪،‬‬

‫فخالل اللعب يستطيع األطفال أن يسقطوا انفعاالتهم على ألعابهم بسبب االحباطات المتكررة والفشل الذي‬

‫تعرضوا له خاصة اللعب اإليهامي أو التخيلي‪.‬‬

‫وعموماً فإن المشكالت التي يستطيع أن يتعامل معها اإلرشاد التعبيري‪:‬‬

‫المشكالت االنفعالية‪ ،‬والجسدية المتعلقة بالتآزر الحس حركي‪ ،‬والمشكالت الجنسية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫مشكالت الدافعية واإلنجاز والتكيف‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫مشكالت خبرات الحرمان والفقر‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫المشكالت المتعلقة باالنفصال والطالق واالنفصال‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫المشكالت المتعلقة بضغوط العمل‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪7‬‬
‫مشكالت الصدمات واألزمات النفسية الحادة خاصة االكتئاب‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫كما أن اإلرشاد التعبيري قد يكون مفيداً مع حاالت‪:‬‬

‫األطفال المتوحدين (األوتزم) فصام األطفال‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫اآلالم المزمنة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫اإلعاقات الجسدية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫مشكالت فرط االنتباه والنشاط الزائد‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫القلق والكآبة والحزن‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫مشكالت النوم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫‪8‬‬
‫االتصال في العملية اإلرشادية‪:‬‬

‫إن أساس نجاح العملية اإلرشادية هو إقامة عالقة اتصالية بين المرشد والمسترشد‪ ،‬وقد يكون‬

‫النجاح في إقامة اتصال فعال وحيوي وهادف ملقى على كاهل المرشد من خالل إتقانه مهارات االتصال‬

‫منفتحا يعبر عن أفكاره وخبراته ومشاعره وعواطفه بكل أمان وراحة‪،‬‬


‫ً‬ ‫الفعال ليتيح للمسترشد أن يكون‬

‫ومن بين مهارات االتصال التي يجب أن يمارسها المرشد هو ما يتعلق بفنيات المقابلة اإلرشادية‪ ،‬وهذا ما‬

‫سنناقشه في السياقات القادمة‪.‬‬

‫فالفنيات االتصالية في المقابلة من شأنها أن تشجع المسترشد على أن يكون أكثر انفتاحاً مع‬

‫المرشد‪ ،‬وقد قدم "جوهاري" نموذجاً يكشف عن نوع االتصال والتعبير الجاري في العملية اإلرشادية‪.‬‬

‫إن أي عالقة اتصالية ومنها العالقة اإلرشادية فيها أربع أنواع من المعلومات يتم تداولها بين‬

‫طرفي العملية االتصالية‪ ،‬فهناك معلومات وأفكار وانطباعات يعرفها المسترشد عن نفسه ويعرفها عنه‬

‫الطرف اآلخر‪ ،‬وهناك معلومات يعرفها المسترشد عن نفسه وال يعرفها اآلخرون كالمخاوف وجوانب‬

‫القلق والشكوك والحياة الجنسية ومشاعر الصراع‪ ،‬وهناك معلومات يعرفها اآلخرون عن الفرد وال‬

‫يعرفها هو عن ذاته‪ ،‬وهناك معلومات ال يعلمها أيا من الطرفين‪.‬‬

‫وفيما يلي نموذج "جوهاري" التي يبين النوافذ االتصالية المتعلقة بأنواع المعلومات‪:‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الربع المعتم‬ ‫الربع المفتوح‬

‫‪Blind‬‬ ‫‪Open‬‬

‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الربع المجهول‬ ‫الربع المخفي‬

‫‪Unknown‬‬ ‫‪Hidden‬‬

‫معروف للفرد نفسه وغير معروف‬


‫‪9‬‬
‫إن الحجم النسبي لكل نافذة يختلف من شخص إلى آخر بحسب خصائص الفرد وسماته‬

‫حجما في الربع المفتوح‪ ،‬أو كلما استطاع‬


‫ً‬ ‫الشخصية‪ ،‬والقاعدة العامة تقول أنه كلما كانت المعلومات أكثر‬

‫الفرد أن ينقل المعلومات من النوافذ األخرى إلى الربع المفتوح كان أكثر قدرة في التعبير عن نفسه وكلما‬

‫كان أداؤه أفضل‪ ،‬ويأتي دور المرشد هنا ليساعد المسترشد في أن يزيد من الحجم النسبي للربع المفتوح‬

‫عبر أنشطة تعبيرية عدة‪ ،‬وفي سبيل تحقيق ذلك يجب على المرشد أن يخلق جواً آمناً يخلو من التهديد‬

‫ليساعد المسترشد في التعبير عن نفسه وأن يدرك المعلومات المتعلقة بالجوانب غير المعروفة لديه‪ ،‬وهنا‬

‫يحاول المرشد عبر التقبل الالمشروط واالحترام اآللفة تحريك مكونات الربع المخفي إلى الربع المفتوح‬

‫وهذه المعلومات يرغب المسترشد في حجبها وإ خفاءها وعادة ما تكون هذه المعلومات من النوع الكريه‬

‫أو المعيب للمسترشد‪ ،‬كما قد يلجأ المرشد لآلخرين ليحصل على المعلومات التي يجهلها المسترشد عن‬

‫ذاته وهو تحريك المعلومات من الربع المعتم إلى الربع المفتوح‪ ،‬وفي سبيل الوصول إلى الربع المجهول‬

‫يلجأ المرشد إلى النشاطات التعبيرية حتى يتم التوصل إلى المعلومات التي ال يعرفها المسترشد‬

‫واآلخرون عن ذاته وكل هذا في سبيل التنفيس االنفعالي لحدوث االستبصار‪.‬‬

‫إن هذه العملية تساعد المرشد في تشخيص حالة المسترشد وذلك باالعتماد على التفاعل المستمر‬

‫ووسائل االتصال الفعال وفنياته ألن هذا من شأنه أن يحرك المعلومات جميعها إلى النافذة رقم (‪ )1‬الربع‬

‫المفتوح‪ ،‬وهنا يستطيع المرشد بناء االفتراضات حول المسترشد ومصدر شكواه وكثيرا ما يضع المرشد‬

‫افتراضاته والتي ال يعلمها المسترشد النافذة رقم (‪ )2‬الربع المعتم أي المعلومات غير المعروفة للمسترشد‬

‫وفي المراحل التالية تكون المهمة في إيصال هذه المعلومات إلى المسترشد لتحقيق الوعي الذاتي وبالتالي‬

‫االستبصار وعند تحقيق هذه الغاية‪ ،‬يكون االنطالق‬

‫نحو العمل في النافذة رقم (‪ )3‬وهذا الشق المتعلق بالمعلومات التي يعرفها فقط المسترشد عن ذاته وال‬

‫يعرفها اآلخرون فمع استمرار العالقة اإلرشادية وباالعتماد على مهارات المرشد يصبح المسترشد أكثر‬

‫قابلية للبوح بما يخفيه عن اآلخرين‪ ،‬وفي سبيل االنتقال من النافذة رقم (‪ )4‬إلى النافذة رقم (‪ )1‬وهي‬

‫‪10‬‬
‫المعلومات المتعلقة بالربع المجهول أي المعلومات التي ال يعلمها المرشد وال المسترشد‪ ،‬يميل المرشد إلى‬

‫األنشطة التعبيرية لتكشف المكونات الالشعورية التي لم يستطع المرشد الحصول عليها‪.‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ما يعلمه عن نفسه‬ ‫ما يعلمه‬

‫وما يعلمه اآلخرون‬ ‫اآلخرون‬

‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ما يعلمه الفرد‬ ‫المجهول‬

‫االنتقال من الربع المعتم إلى الربع المفتوح‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫االنتقال من الربع المخفي إلى الربع المفتوح‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫االنتقال من الربع المجهول إلى الربع المفتوح عبر األنشطة التعبيرية‬

‫االتجاهات النظرية في تفسير األنشطة التعبيرية‪:‬‬

‫إن منشأ هذا النوع من العالج هو نظرية التحليل النفسي لفرويد‪ ،‬ويستهدف هذا النوع من العالج‬

‫مساعدة المرضى على فهم سلوكياتهم من خالل السماح لهم بالقيام بأنواع عدة من األنشطة التعبيرية‬

‫للتعبير عن أنفسهم في ظروف أمنة‪.‬‬

‫إن العالج التعبيري ال يشترك مع األساليب العالجية األخرى كونه يحاول أن يعدل أو يغير من‬

‫السلوكيات المشكلة باستخدام تطبيقات الفن والموسيقى والرسم والتمثيل وأي نشاط تعبيري آخر‪ ،‬بينما‬

‫تعتمد بقية األساليب العالجية على مفاهيم نظريات التعلم (االشراطي واإلطفاء)‪.‬‬

‫ومن بين األنواع الرئيسية للعالج التعبيري هي القائمة على مفاهيم التحليل النفسي ولكن هناك‬

‫اختالفات في بعض المالمح واألساليب رغم اشتراكها في المفاهيم العامة‪ ،‬أما االتجاهات النظرية التي‬

‫اعتمدت األنشطة التعبيرية في العالج والتي قامت من حيث األساس على نظرية التحليل النفسي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نظرية فرويد‪:‬‬

‫إن مفهوم الشخصية في نظرية التحليل النفسي يقوم على ثالث مكونات هي‪ :‬الهو‪ ،‬واألنا‪ ،‬واالنا‬

‫األعلى‪ ،‬والهو يعتبر منبع الطاقة الحيوية النفسية ومستودع الغرائز والدوافع الفطرية‪ ،‬وهو األساس‬

‫الغريزي الذي ينتج عنه الطاقة النفسية‪ ،‬وهو فطري سيكولوجي وموجود منذ الوالدة مع الطفل‪ ،‬والغرائز‬

‫جميعها تعمل تحت سيطرة الهو وهو ال شعوري‪ ،‬والوظيفة األساسية للهو تتمثل في جلب الراحة للفرد‪،‬‬

‫والهو يمثل عالم الخبرات الداخلية للفرد‪ ،‬وتعمل الهو على تحقيق الرغبات دون االهتمام بالقيم والعادات‬

‫والتقاليد واألعراف أو بما هو خير أو شر وال يحكمها المنطق‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أما األنا فهو مركز الشعور واإلدراك الحسي الخارجي والداخلي والعمليات العقلية وهو الذي‬

‫يقوم بدور الدفاع عن الشخصية وتوافقها‪ ،‬وهو الذي يجعل أن يكون هناك توافقا بين مطالب الهو واألنا‬

‫األعلى‪ ،‬وعل الرغم من أن األساس في األنا هو البحث عن اللذة غال انها ال ترضى أن تناقض الواقع‬

‫والقيم والعادات والتقاليد‪ ،‬فهي تقوم بإعادة تنظيم احتياجات الهو القوية كي تتماشى مع متطلبات األنا‬

‫األعلى‪.‬‬

‫أما األنا األعلى فهو مستودع المثاليات واألخالقيات والقيم االجتماعية والدينية والضمير وهو‬

‫الرقيب الداخلي لإلنسان‪ ،‬وترتكز وظيفة األنا األعلى على محاسبة األنا وكبح جماح الهو وال سيما ما‬

‫يتعلق بالجوانب الجنسية أو العدوانية‪ ،‬هو يمنع ووقوع األنا باألخطاء‪ ،‬فالمسؤول األول عن عمليات‬

‫الكبت هو األنا األعلى‪.‬‬

‫ويتصل بهذه المكونات الثالثة ما يسمى بالشعور وما قبل الشعور والالشعور‪ ،‬ويقصد بالشعور‬

‫بأنه حالة الوعي المتصلة بالعالم الخارجي وكذلك الداخلي في اللحظة الحاضرة‪ ،‬أما ما قبل الشعور فهو‬

‫يحتوي على ما هو كامن وليس موجودا اآلن في منطقة الشعور ولكن يمكن استدعائه كالذكريات مثال‪،‬‬

‫أما الالشعور فقد أكد فرويد أن الالشعور ومكوناته هو الدافع األساسي وراء السلوك وهو قوة ديناميكية‬

‫محركة للسلوك‪ ،‬ومن الصعب استدعائه ألن قوى الكبت تمنع وتعارض عملية االستدعاء للخبرات في‬

‫الالشعور‪ ،‬وعموما تسعى المكبوتات إلى شق طريقها من الالشعور إلى الشعور عن طريق األحالم‪.‬‬

‫ومن خالل ما تقدم يمكن القول أن العمليات الالشعورية ما هي إال رغبات وأفكار ال تتوافق مع‬

‫الشعور مما يؤدي على كبتها‪ ،‬فمثال الشخص الذي يكره أباه وال يعي ذلك‪ ،‬فهذا الكره يسعى دائما للتعبير‬

‫عن نفسه والظهور في الشعور‪ ،‬إال أن هذا الشخص يبذل طاقة ليبقيها في الالشعور وهذا يؤدي إلى‬

‫استمرار الصراع داخل الفرد وهو ال يعي ذلك‪.‬‬

‫ويفسر االضطراب والعصاب لدى"فرويد" أنه نتاج عمليات كبت مستمرة لمكونات الهو‬

‫واستبعادها إلى الالشعور فليس لها طريق عبر األنا ليحدث التفريغ واإلشباع عبر موضوعات البيئة ألن‬

‫ذلك معارض للواقع ويمنعه األنا األعلى كذلك‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ويقوم العالج بالتحليل النفسي على أساس أن يسمح األنا األعلى للفرد أن يعبر عن رغباته‬

‫المكبوتة‪ ،‬وأن تعطى الفرصة لألنا ليعمل بكفاءة‪ ،‬لذا فإن أهداف العالج النفسي هي‪:‬‬

‫‪ .1‬تحرير الرغبات المكبوتة‪.‬‬

‫‪ .2‬تقوية أداء األنا القائم على الواقع بما في ذلك إدراكات األنا حتى يمكنه أن يوافق على المزيد من‬

‫الهو‪.‬‬

‫‪ .3‬تبديل محتويات األنا األعلى بحيث تصبح معايير أخالقية إنسانية وليست معايير عقابية‪.‬‬

‫وفي التحليل النفسي فإن المريض يرقد على أريكة ‪ Couch‬ويكون المرشد خلف مسند األريكة‬

‫(طرفها)‪ ،‬ويتردد المسترشد على المرشد حوالي أربع مرات في األسبوع لمدة ساعة لكل جلسة‪ ،‬وقد‬

‫يستمر العالج لسنتين أو أكثر‪ ،‬وعموما تشتمل إجراءات العالج على العناصر التالية‪:‬‬

‫‪Free Association‬‬ ‫‪ .1‬التداعي الحر‪.‬‬

‫‪Dream Analysis‬‬ ‫‪ .2‬تحليل األحالم‪.‬‬

‫‪Transference‬‬ ‫‪ .3‬التحويل‪.‬‬

‫‪Interpretation‬‬ ‫‪ .4‬التفسير‪.‬‬

‫‪Resistance‬‬ ‫‪ .5‬المقاومة‪.‬‬

‫إن المرشد أو المعالج في التحليل النفسي يهدف إلى معرفة مصدر شكوى المريض والتعرف‬

‫على مشكالته من جهة ومن جهة أخرى فإن المرشد يركز على التعرف على ما يعانيه المسترشد من‬

‫صراعات الشعورية‪ ،‬في المرحلة التالية يستفيد المرشد من ما يشعر به المسترشد تجاه المرشد (التحويل‬

‫السلبي واإليجابي)‪ ،‬وان بفهم المرشد دالئل هذا التحويل وعالقته بمشكالت المسترشد‪.‬‬

‫ولتحقيق اتصال فعال ونشاط تعبيري ذو أهمية في عملية اإلرشاد فإن المرشد يرتكز في عمله‬

‫مع المسترشد على فنيات وأساليب وخطوات عدة وذلك بحسب ما يلي‪:‬‬

‫ركائز الموقف التحليلي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪14‬‬
‫استخدام األريكة ‪:Couch‬‬ ‫‪.1‬‬

‫إن استخدام األريكة في التحليل النفسي كأداة تيسر التعبير والتداعي الحر هو ‪1‬ذو قيمة‪ ،‬حيث‬

‫يرقد الشخص على األريكة‪ ،‬ويجلس المحلل أو المرشد خلفه بعيدا عن مجال بصره وهو ال يتدخل غال‬

‫في الوقت المناسب عن طريق التفسيرات التي يقبلها لتداعيات المريض‪ ،‬أما الفائدة من الجلوس على‬

‫األريكة من حيث تفعيل عملية التعبير اللفظي هي‪:‬‬

‫‪ ‬إن هذا الموقف يرتبط رمزيا بموقف الطفل والوالد عند النوم حيث يمكن هذا اإلجراء المسترشد من‬

‫أن يقدم استجابة عاطفية فعالة ويقابل هذا اسـتجابـة متـعاطفـة مـن المرشـد مما يفعل االتصال‪ ،‬وأن‬

‫يكون المسترشد أكثر أمنا وثقة بالمرشد‪.‬‬

‫‪ ‬إن هذا الموقف يشجع المرشد على النكوص‪ ،‬مما يتيح مجاال تعبيريا أكبر‪.‬‬

‫‪ .2‬االلتزام والصراحة‪:‬‬

‫حيث يطلب المرشد من المسترشد أن يقول كل ما يفكر فيه مهما كان تافها أو مغيبا‪ ،‬أو أن يعبر‬

‫بكل صراحة عما يشعر به من مشاعر حب أو كراهية‪ ،‬فال يكون المسترشد انتقائيا في حديثه بل يتحدث‬

‫في كل ما يجول بذهنه‪ ،‬كما أن الجلوس على األريكة يشجع على التعبير اللفظي بصراحة أكثر من الفعل‬

‫وهذا يفيد فيما يلي‪:‬‬

‫يلتزم المسترشد بقول كل ما يرغب ويجول بذهنه من حيث أفكاره وانفعاالته وذكرياتـه بحيث توجه‬ ‫‪‬‬

‫جميعا في قناة التعبير اللغوي‪.‬‬

‫من خالل ذلك يستكشف المرشد مناطق المقاومات الواعية والالواعية عند المسترشد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إن الحديث بهذه الحرية والصراحة يتيح للمرشد النفاذ إلى مكونات الالشعور عند المسترشد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .2‬التداعي الحر‪:‬‬

‫تتمثل هذه الطريقة في التعبير عن كل األفكار التي ترد في الذهن وذلك دون حجب ألي فكرة أو‬

‫تصور غير الئق‪ ،‬وهنا يجب على المسترشد أن يتحدث بكل طالقة دون سابق تدبير ومن ثم يمكن لأللفاظ‬

‫والعبارات والتصورات الذهنية أن تتداعى بحرية‪ ،‬ويجد فيها المرشد موادا غنية بالرموز والدالالت لها‬

‫‪15‬‬
‫معانيها الالشعورية‪ ،‬ومن بين الوسائل المستخدمة لحصول التداعي الحر الحديث عن األحالم وذلك‬

‫الديناميات النفسية الالواعية‪.‬‬

‫إن التداعي الحر يقو على تعطيل أو إضعاف قبضة األنا األعلى على الهو مما يتيح المجال‬

‫لخروج مكونات الهو إلى حد األنا مما يفيد في االستبصار‪ ،‬وبذا تصبح األنا واعية بمصدر مشكالته‬

‫وآالمه وصراعاته‪.‬‬

‫وفي سبيل هذا يصغي المرشد باهتمام تام لكل ما يقول المسترشد‪ ،‬فهو يصغي إلى نبرة الصوت‪،‬‬

‫إلى نغمة الصوت‪ ،‬مضمون العبارات‪ ،‬وإ لى ما كل هو غامض ومقلق‪.‬‬

‫فالتداعي الحر هو نتاج العالقة الوثيقة بين الالشعور واللغة‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل‪:‬‬

‫اللغة اللفظية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫إن التعبير عن ال‪1‬ذات يحدث على مستويات مختلفة واعية وغير واعية‪ ،‬فالرسائل اللغوية قد‬

‫تكون بمثابة دوامة من الصراع بين اإلفصاح والتمويه (الوعي والالوعي) فاإلنسان يتحدث واعيا من‬

‫خالل اللغة اللفظية ولكن يصاحب ذلك حركات جسده وتعابيره وأعراضه وصمته واحتجاجه ويقول‬

‫فرويد‪" :‬من تصمت شفاه تثرثر يداه" وقد تتم اللغة اللفظية غير اللفظية ولكنها في أحيان كثيرة تعارضها‪،‬‬

‫فما تصرحه عنها إحداها تخفيه األخرى وهذا ما يسمى التجاذب الوجداني وهو الرغبة في اإلفصاح عن‬

‫الشيء والتستر عليه في آن واحد معا خاصة ما يتعلق بالمكبوتات وهنا يشوب اللغة اللفظية أقصى‬

‫درجات التزييف والتمويه‪ ،‬ولكن اللغة اللفظية مهما بلغت من درجة تعتيم ومهما بدت فارغة فإنها تتضمن‬

‫دائما الحقيقة‪ ،‬وبراعة المرشد تكشف هذه الحقيق المستورة‪ ،‬ويمكن الوصول إلى هذه الحقيقة المستورة‬

‫من خالل‪:‬‬

‫الذكريات في الطفولة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫دالالت اللغة المحكية ومحتواها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫االلتواءات والتشويهات أثنـاء الكالم‪ ،‬كالوقفات (الصمت) والتجهـم‪ ،‬وزالت اللسـان‪ ،‬والهفوات‬ ‫‪‬‬

‫والنسيان‪ ،‬واألفعال القهرية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫اآلثار المنقوشة في أجسادنا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وال يستطيع المرشد أن يفهم المسترشد إال إذا كان قد امتلك القدرة على فهم ومعرف مختلف‬

‫أشكال التعبير ومختلف مستويات الرسائل التي ينقلها‪ ،‬وإ ذا توصل على فهم معطيات الداللة في الجلسة‪،‬‬

‫كما أن مكونات الالشعور تسلك طريقها عبر اللغة اللفظية وغير اللفظية‪.‬‬

‫اللغة غير اللفظية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫شكل اللغة وأسلوب الكالم‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫على المحلل أ‪ ،‬ينظر إلى تماسك اللغة‪ ،‬وترابط أفكارها‪ ،‬وإ لى مستواها‪ ،‬والتفكك وبؤر التركيز‬

‫فيها ودرجة الوضوح‪ ،‬والتردد‪ ،‬والتذبذب‪ ،‬ونقاط العيب والحرج‪ ،‬والصمت‪ ،‬وشح التعبير وصعوباته‪،‬‬

‫درجة الثقة والوهن واالنسحاب‪ ،‬والتكرار واإلصرار واإليماءات الخجولة المتسرعة‪.‬‬

‫‪ .2‬محتوى اللغة‪:‬‬

‫ما هي الموضوعات األكثر تكرارا وما هي درجة األهمية التي تعطي لكل منها‪ ،‬وما هي القضايا‬

‫األساسية والقضايا التي لها مشية في الحديث‪.‬‬

‫‪ .3‬المستوى الرمزي‪:‬‬

‫ما هي طبيعة اللغة جوفاء أو عقالنية أو محايدة أو امتثالية‪ ،‬أو هي لغة متوازنة مع ما تنقله من‬

‫أفكار وما تعبر عنه من انفعاالت‪.‬‬

‫‪ .4‬درجة االنسجام بين الشكل والمحتوى‪:‬‬

‫من حيث درجة االنسجام بين العقالنية واالنفعالية‪ ،‬وبين اللغة اللفظية والتعبير الحركي‪.‬‬

‫‪ .5‬جدلية الكالم والصمت‪:‬‬

‫فالصمت هو خطاب بحد ذاته‪ ،‬فليس بالضرورة نفي الكالم من خالل الصمت بل قد يكون إثباتا‬

‫له‪ ،‬كما أن هناك الصمت االحتجاجي العدواني‪ ،‬وهناك الصمت العاجز اآلثم‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫فالصمت كالكالم له دور عام في عملية التواصل وعلى المرشد أن يتمكن من فهم الرسالة التي‬

‫يتضمنها الصمت ومن الضروري أن ال ينهي المرشد صمت المسترشد‪.‬‬

‫‪ .6‬الدوافع الكامنة في اللغة اللفظية‪:‬‬

‫يبدأ التعبير عن املضمون الكامن (الالوعي والالشعور) بنفيه بداية في المرحلة األولى من خالل‬

‫استخدام صيغ النفي أو التجنب‪ ،‬ثم يعبر عنه بشكل غير مباشر‪ ،‬ثم بالتعبير المتجاذب (تعبير عقلي بدون‬

‫شحنة انفعالية‪ ،‬أو انفعال ال يتطابق مع السياق العقلي العام) وأخيرا يقترب من الصراحة أو التصريح‪.‬‬

‫فالحب المكبوت يعبر عن نفسه بداية بموجه من البرود أو العداء أو التجنب‪ ،‬وكل تعبير فجائي‬

‫عن الشعور ويتبعه مباشر نوع من التخفيف أو التلطيف أو النفي‪.‬‬

‫وعادة ما تختبئ مكونات الالشعور خلف الخطاب الممزق أو الضعيف أو المتشتت‪.‬‬

‫‪ .7‬التعبير االنفعالي المفرط‪:‬‬

‫فالتعبير االنفعالي المفرط حول موضوع ما وعادة إذا صاحبه لغة لفظية ليست على درجة متسقة‬

‫مع التعبير االنفعالي‪ ،‬فإن هذا النوع من اإلزاحة وليس تعبيرا صادقا‪ ،‬فالموضوع األساس ما زال طور‬

‫الكبت‪.‬‬

‫تعابير الجسد‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫يمكن القول أن الحالة النفسية لإلنسان ومعاناته ترتسم بشكل ما على محياه وفي حركات جسده‪،‬‬

‫فما يعجز اللسان عن البوح به تعبر عنه تعابيره الجسدية‪ ،‬فمشاعر الخوف او الغضب والضيق واأللم‬

‫والمعاناة أو الغيرة والرغبة واألمل كلها ترتسم على محيا اإلنسان عادة‪ ،‬إنها لغة تعابي الوجه أو اللغة‬

‫الفيزيولوجية‪ ،‬يتم ذلك من خالل احمرار الوجه أو اصفراره أو تصبب العرق البارد‪ ،‬أو االنبساط أو‬

‫االرتجاف‪.‬‬

‫كما يتجلى من خالل حركات اليدين والقدمين باستقرار الجلسة أو التململ‪ ،‬أو الجمود أو التسرع‬

‫الحركي‪ ،‬كما يمكن أن يظهر في النظرات؛ النظرة الحية‪ ،‬العيون البراقة التي تبث الكثير من التعابير أو‬

‫‪18‬‬
‫النظرة الجامدة‪ ،‬والنظرة الموارية أو الخجولة‪ ،‬والمتجنبة‪ ،‬أو الرافضة أو العدوانية أو اإلتهامية أو‬

‫المتحدية‪ ،‬أو الثابتة‪ ،‬النظرة المتعاطفة‪ ،‬المهادنة‪ ،‬النظرة المتوسلة‪،‬‬

‫وهناك أيضا االتجاه الجسدي من انفتاح وحيوية ونشاط‪ ،‬وانسجام وتناسق بين مختلف أطراف‬

‫الجسد وحواسه ومختلف تعابير الوجه‪ ،‬أو انكماش وقوقع وتردد‪ ،‬وشعور بالضآلة‪.‬‬

‫‪ .3‬دينامية المقاومة‪:‬‬

‫تعبر المقاومة عن جميع محاوالت الوقوف أمام عملية التحليل النفسي‪ ،‬وتعرقل عملية التداعي‬

‫الحر‪ ،‬وتحول بين المسترشد ومحاوالته في التذكر‪ ،‬وضد رغبته في التعبير‪ ،‬ويطلق أسم المقاومة على‬

‫كل يمنع نفاذ الالوعي أو الالشعور إلى األنا أو الشعور‪ ،‬ويمكن أن تعبر المقاومة عن ذاتها عبر‬

‫انفعاالت‪ ،‬أو مواقف‪ ،‬أو آراء‪ ،‬أو أفكار‪ ،‬أو أفعال‪.‬‬

‫وللمقاومة عند العصابي وظيفة دفاعية فهي تقف عقبة أمام جدوى األساليب التحليلية‪ ،‬وتدافع عن‬

‫الوضع الراهن للمسترشد‪ ،‬وتقف عقبة أمام األنا العاقل‪.‬‬

‫مظاهر المقاومة‪:‬‬

‫إن المقاومة تأخذ أشكاال عدة أثناء العلمية اإلرشادية وكل شكل له وظيفة معينة‪ ،‬ومن أهم مظاهر‬

‫المقاومة‪:‬‬

‫‪ .1‬صمت المريض‪:‬‬

‫وهذا الشكل هو أكثر األشكال‪ ،‬غذ يمنع المريض شعوريا وال شعوريا من نقل أفكاره أو مشاعره على‬

‫المرشد‪ ،‬فقد يعتقد المسترشد أن ذهنه فارغ وليس لديه ما يتحدث عنه‪ ،‬وتنحصر مهم المرشد هنا في‬

‫اكتشاف دوافع الصمت فقد يوجه السؤال التالي‪ :‬ما الذي يجعلك تكون صامتا في هذه اللحظة؟ ما الذي‬

‫يجعلك تظن أن ذهنك فارغا من األفكار؟‬

‫‪19‬‬
‫ورغم صمت المسترشد فقد يعبر أحيانا عن أسباب صمته ال شعوريا من خالل الوصفية التي‬

‫يتخذها‪ ،‬أو تعبيرات وجهه‪ ،‬كأن يشيح برأسه‪ ،‬أو أن يغطي عينيه بيده‪ ،‬أو يحمر وجهه‪ ،‬أو أن يتململ‬

‫أثناء جلسته‪ ،‬وكل هذا يدل على توتر واضطراب‪.‬‬

‫‪ .2‬المريض الذي ال يشعر برغبة في الكالم‪:‬‬

‫هنا ال يكون المسترشد صامتا‪ ،‬بل أنه واع بأنه ال يريد الكالم‪ ،‬أو أن يقول ليس لدي ما أقوله‪،‬‬

‫وهنا ال بد من استكشاف سبب عدم الكالم‪.‬‬

‫‪ .3‬االنفعاالت‪:‬‬

‫يجب النظر إلى طبيعة االنفعاالت المصاحبة للكالم‪ ،‬هل هي متسقة ومتناسبة مع مضمون الكالم‪.‬‬

‫‪ .4‬وضعية الشخص‪:‬‬

‫يكشف الشخص عن وجود المقاومة‪ ،‬من خالل الوضعية التي يتخذها على األريكة‪ ،‬كالجمود‪ ،‬أو‬

‫االنطواء على الذات‪ ،‬أو االضطراب‪ ،‬كما أن التناقض بين الوضعية ومحتوى الحديث فهو دال لغاية‪،‬‬

‫فالذي يصف حدثا ببرود وجمود ويرافق ذلك ململة زائدة فهذا تعبير عن المقاومة فقد نالحظه ال يرد غال‬

‫جزءا من الحكاية واليدان معقودتان‪ ،‬والذراعان متشابكان‪ ،‬والكاحالن مضمومان‪ ،‬أو أحدهما فوق اآلخر‬

‫فهي عالمات على التحفظ والحذر‪.‬‬

‫‪ .5‬الثبات في مرحلة معينة‪:‬‬

‫عندما يتحدث المسترشد حديثا منتظما غير متغير عن الماضي‪ ،‬دون أن يقحم فيه أي شيء من‬

‫الحاضر‪ ،‬أو بالعكس فهناك مقاومة‪.‬‬

‫‪ .6‬التفاهات‪:‬‬

‫عندما يتحدث المسترشد عن وقائع سطحية‪ ،‬تافهة‪ ،‬فإنه يتفادى شيئا ذا معنى ذاتي‪ ،‬وعندما يكرر‬

‫المحتوى بدون واعي فهذا دليل على أن هناك مقاومة تمارس تأثيرها تستهدف إبعاد نظر المرشد عن‬

‫‪20‬‬
‫منطقة معينة من كالم المسترشد‪ ،‬كذلك الثرثرة اللفظية المفرطة‪ ،‬التي ال تقود إلى ذكريات جديدة‪ ،‬أو إلى‬

‫حدة في االنفعال هي دالالت على وجود وضع دفاعي‪.‬‬

‫‪ .7‬تجنب بعض الموضوعات‪:‬‬

‫كثيرا من المسترشدين يتواصلون بالحديث لشكل مفرط‪ ،‬إال أنهم يمرون عنه بشكل عابر‪،‬‬

‫بصورة واعية‪ ،‬صامتين أمام بعض مظاهر نزواتهم الجنسية أو العدوانية‪ ،‬فهو يذكر األحداث رمزيا‪.‬‬

‫‪ .8‬فقدان األحالم‪:‬‬

‫إن الحلم منفذ الالوعي والمكبوتات والحياة الغريزية للمسترشد‪ ،‬ونسيان األحالم هو داللة على‬

‫صراع الشخص ضد أحشاء ما في ال شعوره إل المحلل‪ ،‬وثمة أمر آخر مخالف لهذه المقاومة هو إغراق‬

‫الجلسة بعدد وفير من األحالف فهذا يمكن أن يدل على أمنية ال واعية عند المريض في االستمرار في‬

‫النوم بحضور المحلل‪.‬‬

‫ومن صور المقاومة أيضا الكالم الزائد دون أي معنى‪ ،‬أو التأخر في حضور الجلسة اإلرشادية‬

‫أو عدم الحضور‪ ،‬أو نسيان دفع األجر‪.‬‬

‫منابع المقاومة‪:‬‬

‫تعمل المقاومة من الداخل وبشكل رئيسي من قبل األنا األعلى واألنا الالواعية‪ ،‬فهي تمثل ذلك‬

‫التردد الالواعي الذي يسير العمليات النفسية ذات األهمية في تكوين الصراع‪ ،‬والذي يمنعها من أن تصبح‬

‫واعية بالنسبة للمسترشد قيد العالج‪ ،‬وبالتالي قابلة لإلفصاح‪ ،‬والتعبير عنها‪ ،‬وهناك نوعان من المقاومة‪:‬‬

‫‪ ‬تلك المثير لقمع التداعيات الحرة ذات االرتباط الوثيق بالصراع أو الرغبات غير المقبولـة اجتماعيا‬

‫أو تلك المثيرة للقلق الكآبة‪.‬‬

‫‪ ‬أمـا النـوع الثـاني مـن المقاومـة فهي المتعلقـة بمشـاعر التحويـل السـلبي أو إليجابي على شخص‬

‫المرشد‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وفي المقاومة يجب أن نحدد ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬الطريقة التي يقاوم بها المسترشد‪.‬‬

‫‪ .2‬ما يعمل المسترشد لالبتعاد عن مشاعره وأفكاره‪.‬‬

‫‪ .3‬لماذا يسعى المسترشد إلى إنكار أو استبعاد موضوعات معينة‪.‬‬

‫وحاول فرويد أن يميز بين أنماط المقاومة وهي‪:‬‬

‫مقاومة الكبت (مقاومة دفاعات األنا ضد الهو)‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫مقاومة التحويل السلبي واإليجابي على شخص المسترشد‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫المقاومة الناتجة عن الشعور بالذنب (مقاومة األنا األعلى)‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪ .4‬التحويل‪:‬‬

‫إن العملية اإلرشادية بتخللها التفاعل بين ذاتية المرشد والمسترشد‪ ،‬فالمرشد ليس مالحظا محايدا‪،‬‬

‫بل هو منغمس في هذه العالقة بكل جوارحه‪ ،‬وال بد للمرشد أن يعي كل أبعاد تفاعالته مع المسترشد‪،‬‬

‫والتحويل عبارة عن نقل االنفعاالت والمشاعر والميول الالواعية إلى أرض الواقع وعيشها كأنها حقيقة‬

‫نابعة من العالقة بين المرشد والمسترشد‪ ،‬وبذلك يتجنب المسترشد من مواجهة ذاته ومواجهة األلم الذي‬

‫تحثه النزعات الالواعية فيما لو برزت إلى حيز الوعي بشكل مباشر أو مفاجئ‪.‬‬

‫معني التحويل أن يتصرف المسترشد تجاه المرشد كما لو كان ينصرف إزاء أبيه الذي يحبه‬

‫ويكرهه فهو ينقل اتجاهاته في الماضي إلى الحاضر‪ ،‬لذا على المرشد أن يفهم أسباب التحويل وما دالالته‬

‫النفسية وا هي المعاني الرمزية التي تقف خلفه‪.‬‬

‫‪ .5‬تحليل األحالم‪:‬‬

‫إن الحلم يكشف عن معلومات كانت مكبوتة في الماضي تم استرجاعها عبر الحلم‪ ،‬واألحالم عند‬

‫فرويد نوعين‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫حلم يستطيع المسترشد تذكره‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫حلم غير واضح في المحتوى وعلى المرشد أن يكشف مثل هذه األحالم‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫وهنا يطلب المرشد من المسترشد أن يقص عليه أحالمه دون حرج‪ ،‬ثم يسجل المرشد مادة الحلم‬

‫دون حرج كما رواها المسترشد‪ ،‬باإلضافة إلى ما يذكره من تعليقات مرتبطة بموضوع الحلم أو ما يظهر‬

‫عليه من تغيرات فسيولوجية أثناء روايته للحلم‪.‬‬

‫‪ .6‬االختبارات اإلسقاطية‪:‬‬

‫كاختبار بقع حبر‪ ،‬واختبار تفهم الموضوع (‪ ،)TAT‬واختبار كاس وكاهن الجمعي اإلسقاطي‪.‬‬

‫‪ .7‬تحليل الرسوم والخط اليدوي‪.‬‬

‫‪ .8‬اللعب‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نظرية تحليل التعامالت لبيرن‪:‬‬

‫إن النظريات التي اهتمت بالعالج التعبيري تحاول اقتراح بنية مفاهيمية أو إطار نظري قابل‬

‫للتجريب والتطبيق في مختلف األنشطة اإلنسانية‪ ،‬فكل نوع من أنواع العالج النفسي يسعى لتطوير‬

‫مفاهيم وإ جراءات قياسية للتعامل مع المشكالت السلوكية‪.‬‬

‫لقد قامت نظرية بيرن على أساس أن السلوك اإلنساني هو محصلة التفاعل بين المثيرات‬

‫واالستجابات‪ ،‬فمثالً لو تقابل شخصان أو أكثر بمحض الصدفة فإنهم عاجالً أم أجالً سيتبادالن الحديث‬

‫وبناء على هذا فإن اآلخر‬


‫ً‬ ‫حيث سيبدأ أحدهما بالكالم‪ ،‬وبحسب بيرن يعد هذا مثير تفاعلي أو تعاملي‪،‬‬

‫سيرد على األول ويتكلم معه كاستجابة‪ ،‬بحيث يأتي معنى ومضمون االستجابة مرتبطاً ومتعلقاً بمعنى‬

‫ومضمون المثير وهذا يسمى باالستجابة التفاعلية أو التعاملية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وعموماً هناك ثالث حاالت لألنا تحدد طبيعة التعامل أو التفاعل الشخصي مع اآلخرين وهذه‬

‫حاالت األنا هي‪ :‬األنا الوالدية‪ ،‬األنا الراشدة‪ ،‬األنا الطفلية‪ .‬يقول بيرن إن حاالت األنا هذه تتشكل لدى‬

‫بناء على خبرات تراكمية‬


‫الفرد في الخمس سنوات األولى من عمره‪ ،‬فاألنا الوالدية تتشكل لدى الطفل ً‬
‫اكتسبها من أحد والديه (األب‪ ،‬األم) وهذه األنا والشخصية تقوم على إصدار التعليمات واألوامر‬

‫والتحذيرات‪ ،‬أما األنا الطفلية فينظر لها كمستودع لذكريات العاطفية السعيدة أو الحزينة‪ ،‬وهي تقوم على‬

‫تفسيرات طفليه غير ناضجة لما يشاهده الفرد أو يسمعه أو يشعر به أو يفهمه‪ ،‬أما األنا الراشدة فإنها‬

‫تتشكل تدريجيا في بداية عمر العشر أشهر تقريباً حتى يستطيع الطفل حينها أن يتحكم باتجاهاته الذاتية‬

‫وحركاته‪ ،‬وينظر إلى األنا الراشدة كجهاز حاسوب بأنه يعمل على استقبال المعلومات الواردة من األنا‬

‫الوالدية واألنا الطفلية ويقوم بمعالجتها بما يتالءم مع متطلبات العالم الخارجي‪.‬‬

‫وقد تظهر المالمح الشخصية كحاالت األنا هذه عندما يتعامل الزوج مع زوجته فنلحظ أن أحدهما‬

‫يتقمص دور األنا الراشدة واآلخر الطفلية أو الوالدية والمثير (األنا) بحاالتها هي التي تحدد طبيعة‬

‫االستجابة (األنا)‪ ،‬فعندما يسأل الزوج زوجته هل تعلمين أين مفاتيح السيارة؟ (راشد إلى راشد)‪ .‬الزوجة‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬أعلم بأنها بجانب التلفاز؟ (راشد إلى راشد)‪ .‬نالحظ هنا في هذا النمط االتصالي إن االتصال واضح‬

‫ومباشر‪ ،‬ولكن ما هي الحال إذا تبنى أحدهما أنا أخرى؟‬

‫الزوجة‪ :‬ال تنسى أن ترتدي معطفك عندما تخرج إلى العمل اليوم أمر (والد إلى طفل)‪.‬‬

‫الزوج‪ :‬حاضر‪ ،‬ولكن ال أعرف أين هو جديه لي (طفل إلى والد)‪.‬‬

‫يالحظ أن االتصال لم يأخذ وجهة واحدة بل كان صاعداً وهابطاً‪.‬‬

‫مثال آخر‪:‬‬

‫(راشد –‬ ‫موظف يقول لزميله المريض‪ :‬أنا متأكد أنك ستكون على ما يرام‪ ،‬جميع الزمالء يفتقدونك‬

‫راشد)‪.‬‬

‫(والد –‬ ‫الموظف المريض‪ :‬ال عليك‪ ،‬يجب على الجميع أن يتدبروا شؤونهم وأن ال يقصروا في عملهم‬

‫طفل)‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كما قدم بيرن مصطلح اللعبة (‪ )Game‬أو المباريات‪ ،‬كصيغة متسلسلة من التفاعالت أو‬

‫التعامالت والتي يبني فيها التفاعل والمثيرات واالستجابات على أساس التوقع والتنبؤ بالنتائج وتقديم‬

‫المبررات والمجامالت بهدف االحتفاظ بالمودة واأللفة‪ ،‬والمادة ما تأخذ صيغة األلعاب لماذا لم‪ ،‬نعم لكن‪.‬‬

‫األبيض‪ :‬زوجي يصر دائماً على إصالح أثاث البيت بنفسه لكنه أبداً لم يستطيع أن يصلح أي شيء‪.‬‬

‫األسود‪ :‬نعم‪ ،‬لكن هو ال يملك الوقت الكافي‪.‬‬

‫األبيض‪ :‬لماذا لم تشترين له أدوات مناسبة ألعمال النجارة‪.‬‬

‫األحمر‪ :‬لماذا لم تحتضري نجاراً يصلح األثاث‪.‬‬

‫األبيض‪ :‬نعم‪ ،‬لكن هذا مكلف‪.‬‬

‫البني‪ :‬لماذا لم ترضين إذاً بما أصلحه زوجك؟‬

‫األبيض‪ :‬نعم‪ ،‬لكن هو دائماً ال يجيد إصالح شيء‪.‬‬

‫إن هذا النمط من المباريات عادة يسود العملية العالجية دون أي طائل‪ ،‬ألن النمط االتصالي نمط‬

‫تدبري ال تظهر فيه الشخصيات الناضجة (الراشدة) فإن االتصال من النوع والد – طفل‪ .‬يالحظ كذلك أن‬

‫هذا النمط االتصالي غير واضح وما هو المقصود منه ألن الفرد ال يستطيع أن يعبر عما في داخله بسبب‬

‫مشاعر الخوف والقلق أو أنه سيلق اللوم على ‪1‬ذلك‪ ،‬وهنا يأتي دور المرشد في توفير البيئة اآلمنة ليتمكن‬

‫المسترشد من التعبير عن انفعاالته ومشاعر ضيقة بكل أمان‪ ،‬وعموماً في أثناء جلسات العالج يجب على‬

‫المرشد أن يبن للمسترشد أنه مازال يمارس المباريات‪ ،‬ويجب التحلي عن ذلك ويخبره كذلك أنه بدأ يعبر‬

‫عن مشاعر بصدق ووضوح وأمانة‪ ،‬كما أن المرشد يهدف إلى جعل األنا المسيطرة والمهيمنة على‬

‫الشخصية هي حالة األنا الراشدة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬اإلرشاد المتمركز حول المسترشد‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫إن المفهوم األساسي في نظرية روجرز في الشخصية هو مفهوم (الذات) وهو عبارة عن متغير‬

‫دائم بسبب التراكم الخبراتي‪ ،‬فبعض األفراد يقيمون أنفسهم بخبرات سلبية وآخرين يقيمون بإيجابية‪ ،‬فهو‬

‫بحسب هذا المفهوم األفكار التي يحملها الشخص علن نفسه بحسب إدراكه لهذه األفكار‪ ،‬فالنفس البشرية‬

‫دائم للمثالية‪ .‬وحتى يكون العالج المتمركز حول المسترشد فاعالً يجب أن ال يشكل هذا العالج‬
‫تسعى ً‬
‫تهديداً للذات‪ ،‬يجب ال يتعرض المسترشد للهجوم الذاتي من قبل المرشد حتى ال يدفع ‪8‬هذا المسترشد أن‬

‫ال يقاوم اآلثار الناتجة عن العملية العالجية‪ ،‬وعكس ذلك الذات التي ال يتعرض صاحبها لمهاجمة أو لوم‬

‫يؤدي به أن يستشعر نفسه بإيجابية‪.‬‬

‫أما حول فنيات روجرز في العالج التعبيري والمتمركز حول العميل‪ ،‬فإنه يؤكد على االهتمام‬

‫وتقبل المسترشد كما هو وتجنب النصح والوعظة‪ ،‬ويحدد روجرز أهداف العملية العاجية لديه بما يلي‪:‬‬

‫إذا استطعت إقامة عالقة متميزة من جانبي مع المسترشد من خالل تقبله وإ قامة عالقة مودة دافئة‬

‫واحترامه من خالل القدرة على فهم كلماته ومشاعره بحساسية كما يفهمها هو‪ ،‬وفي المقابل فإن‬

‫المسترشد سيستطيع فهم ذاته وسماته التي لم يسمح له سابقاً أن يعبر عنه بجو آمن وبحرية‪ ،‬وعليه‬

‫سيشعر أنه أفضل حاالً عما كان سابقاً فهناك من يسمعه ويتقبله كما هو (التقبل الالمشروط) مما يؤدي به‬

‫أن يكون أكثر فاعلية وإ نتاجية وأكثر ثقة بنفسه‪ ،‬فهذه الفرصة المتاحة له في هذه العالقة اإلرشادية من‬

‫شانها أن تجعله مدركاً لذاته وفاهماً ألسباب مشكالته وأكثر تقبالً من قبل اآلخرين وسيستطيع أن يتعامل‬

‫مع مشكالته بأساليب تكيفية‪.‬‬

‫إن العالج المتمركز حول يسمى أحياناً باإلرشاد غير المباشر ألن المرشد ال يتدخل مباشرة بسير‬

‫المقابلة فمنهم من يستمع للمسترشد حتى يستغل الفرصة المواتية ويقوم بفنيات العكس ورد الفعل لما قاله‬

‫وما استشعره المسترشد وكأنه مرآة ينظر المسترشد إليها ليستكشف ذاته‪ ،‬فالمسترشد يقرر مجرى سير‬

‫الجلسة وسرعتها واتجاهها‪ ،‬وهنا يحاول المرشد أن ينظر إلى الحياة كما يراها أو ينظر إليها المسترشد‬

‫من خالل تفهمه لما يقوله المسترشد دون إصدار أحكام أو استخدام فنيات العكس‪ ،‬وعلى العموم تهتم هذه‬

‫‪26‬‬
‫النظرية بالتركيز على حاضر المسترشد والتعامل مع مستواه الشعوري بدالً من االهتمام بمستوى‬

‫الالوعي أو الالشعوري لديه ودون الغوص في جذور مشكالته في الماضي‪.‬‬

‫ومن بين الفنيات التي يستخدمها روجرز في العملية العالجية تسجيل المقابلة اإلرشادية‪ ،‬ثم تحليل‬

‫محتواها من خالل تحديد عدد العبارات التي تحدث بها المسترشد عن نفسه بإيجابية وذلك عبر مقابالت‬

‫عديدة ليتفحص مدى التغير الطارئ على الذات أو على الشخصية عند المسترشد‪ ،‬كما يستخدم روجرز‬

‫االختبارات الشخصية ليعرف من خالل ذلك كيف ينظر المسترشد إلى ذاته‪ ،‬إن هذا الكم الهائل من‬

‫البيانات التي تم التعبير عنها لفظياً وغير لفظياً من شأنها أن تساعد المسترشد في أن يتخلص من مشاعره‬

‫المكبوتة وتوتراته وضيقة‪.‬‬

‫خصائص مراحل العملية اإلرشادية لدى روجرز‪:‬‬

‫‪ .1‬المرحلة األولى‪ :‬يحجم الفرد أحياناً كثيرة بالحديث عن ذاته أمام اآلخر أو المرشد‪ ،‬إال إذا اضطر‬

‫لذلك‪( ،‬ال يرغب بالتعبير عن ذاته‪ ،‬ويأتي دور المرشد هنا بتوفير جواً ملؤه الثقة واألمان واالحترام‬

‫والتقبل والمودة‪ ،‬حتى يساعد المسترشد بالتعبير عن ذاته) كأن يقول المسترشد‪ :‬أشعر أنني على ما يرام‪،‬‬

‫فمشكلتي ليست هنا‪.‬‬

‫‪ .2‬المرحلة الثانية‪ :‬يعزو المسترشد مشكالته إلى األحداث الخارجية وليس إلى طبيعة إدراكاته لهذه‬

‫األحداث‪ ،‬فاإلدراك المتعلق بالكيفية التي ينظر من خاللها المسترشد إلى ذاته‪ ،‬كأن يقول إن حظي تعيس‬

‫غالباً ما أواجه مشكالت في حياتي‪( .‬كيف تنظر إلى نفسك)‬

‫‪ .3‬المرحلة الثالثة‪ :‬يبدأ هنا التعبير عن الذات بحرية أكبر كما يراها هو وكما يراها اآلخرون‪.‬‬

‫‪ .4‬المرحلة الرابعة‪ :‬يبدأ المسترشد بالحديث عن مشاعره المرتبطة بنظرته إلى ذاته‪.‬‬

‫‪ .5‬المرحلة الخامسة‪ :‬يبدأ المسترشد بإدراك ذاته كما هي ويعني طبيعة مشاعره ويتقبلها كما هي وال‬

‫يتحرج من ذلك مهما كانت مشينة أو تعبر عن كراهية أو أنانية‪( .‬أشعر أنني أناني‪ ،‬وأرغب أن تسير‬

‫األمور كما تشاء)‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ .6‬المرحلة السادسة‪ :‬بعد أن يكتشف المسترشد طبيعة حقيقة مشاعره السلبية والكيفية التي يدرك بها‬

‫ذاته وإ مكانياته يحاول التخلص من هذه الذات السلبية ويتجه نحو تبني ذات أكثر إيجابية ومشاعر مغايرة‪.‬‬

‫‪ .7‬المرحلة السابعة‪ :‬يبدأ المسترشد بتبني مشاعر أكثر إيجابية‪ ،‬ويحاول أن يسحب هذه الخبرة العالجية‬

‫على الموضوعات التي هي خارج الجلسة اإلرشادية‪.‬‬

‫إن هذه المراحل من شأنها في النهاية أن تخلق حواراً ذاتياً داخل بين المرء ونفسه‪ ،‬بحيث يبدأ‬

‫بالنظر إلى ذاته ومشاعره بطريقة جديدة مغايرة وبشكل أكثر وضوح ال تشويش فيه‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬العالج الجشتالتي لدى بيرلز‪:‬‬

‫إن العالج الجشتالتي يركز على الحاضر رغم أن بيرلز كان متأثراً في بداية أعماله بأفكار‬

‫فرويد‪ ،‬لكنه نبذ الكثير من المفاهيم التي قامت عليها نظرية التحليل النفسي خاصة الخبرات المبكرة في‬

‫الطفولة‪ ،‬فالهدف من العالج الجشتالتي مساعدة األفراد في أن يكونوا أكثر إيجابية‪ ،‬وتلقائية‪ ،‬وأكثر إدراكاً‬
‫ألنفسهم‪.‬‬

‫فالعالج الجشتالتي محاولة الستكشاف والتعرف على أنماط الشخصية التي تلعب دوراً مهماً في‬

‫نشأة االضطراب حيث يراها بيرلز بأنها شخصية متصلبة غير مرنة لديها أحكام مسبقة بما سوف تفعله‬

‫إزاء موضوعات البيئة الخارجية بسبب نقص الوعي وهي تدرك اختياراتها بأنها مسائل ثابتة وكحقائق ال‬

‫يمكن الحيد عنها‪ ،‬وهنا يسلك الشخص إزاء المثيرات بمنهجية واحدة متحجرة ويمكن توقعها األمر الذي‬

‫يؤدي إلى سوء التكيف وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ألن الفرد وضع له نظام صارم خاص به‪.‬‬

‫إن الجشتالت كلمة ألمانية وتعني الكلي ة‪ ،‬وترى هذه النظرية أن الكل اكبر من مجموع األج زاء‪،‬‬

‫فعن دما ي درك اإلنس ان المواقف ي دركها بكلياتها وليس بأجزائه ا‪ ،‬وأن األج زاء ليس لها قيمة في ذاتها بل‬

‫قيمتها في تكوين الك ل‪ ،‬وفي هذا السياق يقول كوهلر‪" :‬قد يكون من المفيد دراسة مئة قلب مجتمعة‪ ،‬لكن‬

‫األفيد أن ندرس قلبا واحدا وعالقته بالرئتين أكثر من أن ندرسه في عالقته بالقلوب األخرى"‪ .‬فالشخصية‬

‫بحسب الجشتالت هي محصلة التفاعل بين اإلنسان والبيئة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الشخصية = اإلنسان * البيئة‪.‬‬

‫فالعقل والجسم ليسا منفص لين‪ ،‬فال قيمة لدراسة الجسم بمع زل عن العقل أو العقل بمع زل عن‬

‫الجسم‪ ،‬وق دمت ه ذه النظرية مفه وم التنظيم اإلدراكي‪ ،‬حيث يميل اإلنس ان إلى إدراك األش ياء والمواقف‬

‫ككليات‪ ،‬كما أن الكل هو الذي يحدد الجزء وليس العكس‪ ،‬فالمواقف الناقصة أو غير المكتملة تسبب ت وترا‬

‫للفرد ويلجأ إلكمالها إلنهاء حال التوتر‪.‬‬

‫وركزت هذه النظرية على مفهوم هنا واآلن‪ ،‬فالجشتالت اهتمت بالحاضر ولم ِ‬
‫تعط اهتماما‬

‫للماضي والمستقبل فالماضي قد ولى إلى غير رجعة والمستقبل لم يحدث بعد فال بد من االهتمام باآلن‪،‬‬

‫واعتبرت أن دور المرشد أو المعالج أن يعمل على استحضار الماضي إلى الحاضر خاصة المواقف غير‬

‫المنتهية لجعلها منتهية في المواقف الحاضرة (اآلن) أي إنهاء هذه المواقف غير المكتملة اآلن‪ ،‬ألن عدم‬

‫اكتمال المواقف واإلدراكات يؤدي إلى توتر الفرد وخلق مشكالت وصراعات‪ ،‬وفي سبيل حل هذه‬

‫المشكالت ال بد من استحضارها في اللحظة الحالية إلنهائها عبر استكمالها‪ ،‬حيث يتخلص الفرد من‬

‫المشاعر والعواطف التي كانت مكبوتة ومعطلة‪.‬‬

‫أما هنا فتهتم بالش اعر واألفك ار ال تي يحملها الف رد في ه ذه اللحظة الراهن ة وفي ه ذا الموقف‬

‫بالتحدي د‪ ،‬ل ذا يط الب المرشد المسترشد أن يتح دث عن المش كلة بص يغة هنا واآلن ويبتعد عن عب ارات‬

‫الماضي ليعيش ويشعر ويعبر عن الخبرة في الحاضر‪ ،‬أما كيف فتهتم بوصف السلوك والغوص والتعبير‬

‫عنه بكامل تفاصيله‪.‬‬

‫إن المعالجة الجش تالتية تركز على مش اعر المسترشد وال وعي اللحظة الحاض رة بأس باب‬

‫المشكالت والمشاعر‪ ،‬وتهتم نظرية الجشتالت باإلشارات غير اللفظية حيث تزود المرشد بمعلومات غنية‬

‫ألنها تخبر المسترشد بمشاعره التي ال يكون على وعي بها‪ ،‬كما تهتم هذه النظرية باألساليب اللفظية التي‬

‫يعبر بها الفرد عن نفسه‪ ،‬والمرشد يركز على عادات الحديث عند المسترشد لزيادة وعيه بذاته‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫إن منشأ االضطرابات النفسية بحسب هذه النظرية حالة عدم االتزان التي يعيشها الفرد‪ ،‬فاإلدراك‬

‫المشوه غير المكتمل أو غير النظامي يقود إلى تولد الصراعات والتوترات‪ ،‬ويكون دور المعالج هنا أن‬

‫يعيد المسترشد الخبرة التي عاشها‪ ،‬تلك الخبرة التي تم إدراكها بشكل مشوه وغير منتظم غير مكتمل في‬

‫سبيل إعادة إدراكها باتزان أكثر وانتظام أكثر بمعنى إعادة ترتيب المواقف‪.‬‬

‫إن األساليب اإلرشادية التي تقوم عليها هذه النظرية هو االهتمام بالسلوكات غير اللفظية لدى‬

‫المسترشد‪ ،‬نبرة صوته‪ ،‬إيقاعاته الحركية‪ ،‬تعبيراته الوجهية‪ ،‬فجميع هذه السلوكيات غير اللفظية تحمل‬

‫في ثناياها رسائل ذات مضامين معينة أكثر صدقاً من التعبير اللفظي‪ ،‬وهنا يقوم المرشد بإعطاء‬

‫المسترشد تغذية راجعة حول جميع سلوكياته وتعبيراته اللفظية وغير اللفظية ليحدث الوعي الذاتي عند‬

‫المسترشد ألن منشأ اضطراباته هو نقص الوعي‪.‬‬

‫ومن بين الفنيات التي تقوم عليها هذه النظرية إكمال األعمال غير المنتهية في الماضي‪ ،‬وأنهائها‬

‫في سياق الحاضر‪ ،‬ألن األعمال غير المهنية من شأنها أن تعكر صفو المسترشد مما يجعله يشعر بالضيق‬

‫واالنزعاج الدائم وهنا يطالب المرشد المسترشد أن يعيد هنا واآلن تجربة العمل غير المنتهي ويحاول‬

‫إنهائه من خالل التعبير اللفظي وغير اللفظي عن هذه التجربة في إطار الحاضر‪ ،‬ومن األعمال غير‬

‫المنتهية لوم الوالدين‪.‬‬

‫وهناك فنية أخرى هي تحليل األحالم حيث يرى بيرلز أن األحالم هي رد فعل لحاجات غير‬

‫مشبعة (أعمال غير منتهية) لذا يطلب من المسترشد أن يقص الحلم في إطار الحاضر وأن يحاول تفسيره‬

‫وإ عادة تمثيله ويعبر عن مشاعره إزاء عناصر الموقف المرتبطة بالحلم‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المسترشدة‪ :‬لدي حلم حلمت به أرغب أن أحدثك عنه‪ ،‬لقد كنت بحزن (تسكت)‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬هل سمعت نبرة الحزن في صوتك عندما بدأت تقصين الحلم‪ ،‬هذا ما أرغب أن ألفت انتباهك‬

‫إليه (صوتك)‪.‬‬

‫المسترشدة‪ :‬حسناً‪ ،‬لقد كنت نائمةً في سريري‪...‬‬

‫‪30‬‬
‫المرشد‪ :‬أرجو أن تتحدثي بصيغة الحاضر (هنا واآلن)‪.‬‬

‫المسترشدة‪ :‬نعم‪ ،‬أنا مستلقية على سريري هنا‪ ،‬أنا نائمة اآلن‪ ،‬إنه يظهر رجل أمامي وهو يرتدي عباءة‬

‫سوداء‪ ،‬إنه يقترب من سريري اآلن‪ ،‬إنه يطلب مني الذهاب معه‪ ،‬أنا خائفة اآلن منه أشعر إني ال أتحكم‬

‫بالموقف‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬هل من الممكن أن أقاطعك‪ ،‬أخبري الجماعة اإلرشادية أنا أشعر أنني ال أستطيع التحكم‬

‫بالموقف‪.‬‬

‫المسترشدة‪ :‬أشعر أنني ال أستطيع التحكم بالموقف‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬كرري هذه العبارة وبصوت عالي‪.‬‬


‫المسترشدة‪ :‬تصرخ بصوت ٍ‬
‫عال وتبدأ بالبكاء‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬كيف ستواجهين هذا الرجل الذي يرتدي األسود‪.‬‬

‫المسترشدة‪ :‬أذهب عني لن أذهب معك أبداً‪.‬‬

‫وفي س بيل التوصل إلى الخ برات والمواقف غ ير المكتملة أو غ ير المتوازنة أو مش وه اإلدراك‪،‬‬

‫يستخدم المرشد أساليب عدة ومن ذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬اآلن وكيف (‪:)Now and How‬‬

‫إن المسترشد لديه مش كلة من الماضي ولكنه يع اني منها اآلن‪ ،‬ول ذلك على المسترشد أن يعيش‬

‫هذه المشكلة اآلن‪ ،‬فحديث المسترشد عن مشكلة بصيغة الحاضر من شأنه أن يزيد وعيه نحو المشكالت‬

‫الماض ية فهنا يتح دث المسترشد بص يغة األفع ال المض ارعة وليس األفع ال الماض ية وال ذكريات‪ ،‬ويالحظ‬

‫أحاسيسه وصوته وإ شاراته وعواطفه‪.‬‬

‫أما كيف فتع ني كيفية وصف المسترشد لمش اعره خالل خ برة معينة والمهم هنا بش كل وطريقة‬

‫التعب ير وليس المحت وى ودور المرشد لفت انتب اه المسترشد إلى س لوكه وأحاسيسه ترجمتها أو تفس يرها‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫فه ذا ينمي وعي المسترشد ب المواقف غ ير المنتهية ال تي أدت إلى مش كالته ويتع رف على الفج وات‬

‫واألجزاء المتناثرة من شخصيته وهذا يؤدي إلى االستبصار‪.‬‬

‫‪ .2‬تمرين الكرسي الساخن (‪ 50 :)The hot seat‬دقيقة‪.‬‬

‫يق وم المرشد بإعط اء المسترش دين فك رة عن التم رين‪ ،‬حيث يتض من من خالل إحض ار كرسي‬

‫ووض عه في وسط الجامعة اإلرش ادية ال تي تك ون على ش كل دائ رة أو ش به دائ رة‪ ،‬ثم يتط وع أحد أعض اء‬

‫الجامعة اإلرش ادية ب الجلوس على ه ذا الكرس ي‪ ،‬وأن يتح دث عن المواقف والمش كالت ال تي ح دثت معه‬

‫بالماضي ولكن بص يغ الحاض ر‪ ،‬ذاك را مش اعره نحوه ا‪ ،‬ثم ي دور بين ه ذا العضو وبقية األعض اء ح وارا‬

‫ساخنا حول الموضوع أو المشكلة المطروحة‪ ،‬حيث يقوم أعضاء الجماعة اإلرشادية بالتعبير عن آرائهم‬

‫ومش اعرهم‪ ،‬وال يتم ت دخل األعض اء بش كل عش وائي وإ نما بش كل منتظم األمر ال ذي ي ؤدي إلى اتص ال‬

‫فعال‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫عالء يجلس على الكرسي الساخن‪.‬‬

‫عالء‪ :‬أريد ترك الدراسة ألن ظروفي االقتصادية سيئة‪.‬‬

‫حمدان‪ :‬الظروف االقتصادية فقط هي السبب في ترك الدراسة‪.‬‬

‫نزار‪ :‬يمكن أن تجد فرصة عمل وتكمل دراستك‪.‬‬

‫عالء‪ :‬صحيح‪ ،‬لكني ال أستطيع‪.‬‬

‫ماجد‪ :‬أنت ال تريد وليس ال تستطيع‪.‬‬

‫عالء‪ :‬في الواقع نعم‪.‬‬

‫‪ .3‬الكرسي الخالي (‪ 50 :)The Empty seat‬دقيقة‪.‬‬

‫ويتم الح وار هنا بين المسترشد وبين أج زاء من الشخص ية أو ش خص آخر متخيل له عالقة‬

‫بمش كالت الف رد‪ ،‬حيث يوضع كرس يان متق ابالن أح دهما يمثل المسترشد واآلخر ج زء من شخص يته‪ ،‬أو‬

‫‪32‬‬
‫شخص ية متخيليه (األب)‪ ،‬وعن دما يب دأ الح وار ينتقل المسترشد من كرسي آلخ ر‪ ،‬ويجلس المرشد ي راقب‬

‫الحوار ومدى تقدم هذا الحوار‪ ،‬ويقترح المرشد عبارات قد يقولها المسترشد أو يلفت نظره إلى ما قاله‪.‬‬

‫‪ .4‬الصوت العالي والصوت السفلي‪:‬‬

‫يمثل الصوت العالي األنا األعلى ما يحمله من قيم وأخالق وثقافة سائدة في المجتمع‪ ،‬أما الص وت‬

‫الس فلي فيمثل الهو بما يحويه من غرائز ومط الب غ ير واقعي ة‪ ،‬وهنا يفكر الف رد بص وت ع الي‪ ،‬بحيث‬

‫يجري محاورة ثنائية بين األنا األعلى والهو‪ ،‬في سبيل تحقيق الوعي لحدوث االستبصار‪.‬‬

‫‪ .5‬تمرين اللغة‪ 50 :‬دقيقة‪.‬‬

‫يوضح المرشد للجماعة اإلرشادية العالقة بين اللغة والنماذج الشخصية وما هي الدالالت النفسية‬

‫لألسلوب اللغوي (الشخص الخجول يتحدث بأسلوب يختلف عن الشخص االجتماعي)‪.‬‬

‫فاألس لوب والنم اذج اللغوية تع بر عن مش اعرنا ومعتق داتنا ل ذلك من الض روري الترك يز على‬

‫عادات حديثنا العلني والذي يؤدي بدوره إلى زيادة اتصالنا الذاتي (التفكير بصوت عالي)‪ .‬ويبين المرشد‬

‫للجامعة اإلرشادية أننا نستخدم اللغة أحيانا بشكل خ اطئ‪ ،‬األمر الذي يبعدنا عن ذواتنا ويضعف اتصالنا‬

‫باآلخر وبأنفسنا كالتشويهات والتحريفات اللغوية‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫أحمد‪ :‬أنا ال أستطيع الدراسة‪( .‬تحريف لغوي)‪.‬‬

‫أحمد‪ :‬أنا ال أريد الدراسة‪.‬‬

‫‪ .6‬حديث المجهول (‪:)It talk‬‬

‫إن حديث المجهول طريقة نستخدمها لكي نبقى بعيدين عن ذواتنا وخبراتنا الذاتية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مثال‪ :‬يقول سعيد‪ :‬من الصعب تكوين صداقات‪ ،‬بدالً من أن أجد صعوبة في تكوين صداقات‪ ،‬فاستبدال‬

‫الضمير الشخصي بدالً من الضمير غير الشخصي يضعف أحاسيس سعيد بالمسؤولية‪.‬‬

‫‪ .7‬تمرين االسترخاء والتركيز‪ 25 :‬دقيقة‪.‬‬

‫يطلب المرشد من المسترشدين تنفيذ التمرين التالي‪:‬‬

‫‪ .1‬االستلقاء بوضع مريح قدر اإلمكان‪.‬‬

‫‪ .2‬إرخاء أي شيء مشدود بالجسم‪.‬‬

‫‪ .3‬إغالق اليد اليسرى (عشر ثواني) حتى تشعر بالتوتر‪ ،‬ثم افتـح راحـة اليـد وضعهـا جانبا‬

‫بشـكل مريح (عشر ثواني)‪.‬‬

‫‪ .4‬تكرار الخطوة السابقة خمس إلى سبع مرات‪.‬‬

‫‪ .5‬االنتقال إلى اليد اليمنى‪ ،‬ثم الذراع‪ ،‬ثم المرفق‪.‬‬

‫‪ .6‬إرفع كال الكتفين إلى األعلى كأنك تريد لمس أذنيك‪ ،‬ثم العودة إلى وضع مريح‪.‬‬

‫‪ .7‬البدء بعضالت الجبين والرأس والعينين والحاجبين‪.‬‬

‫‪ .8‬إغالق العينين بقوة ثم فتحهما بعد فترة‪.‬‬

‫‪ .9‬إطباق الفكين واألسنان (خمس ثواني)‪.‬‬

‫ضم الشفاه بقوة (خمس ثواني) مع تكرار التمرين‪.‬‬ ‫‪.10‬‬

‫ضغط الرأس إلى الخلف إلى أن يتم الشعور بالتوتر (عشر ثواني)‪.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫مد الرأس إلى األمام ثم إلصاقه بالذقن بقوة (عشر ثواني)‪.‬‬ ‫‪.12‬‬

‫تحريك الظهر إلى الوراء (عشر ثواني) مع التكرار‪.‬‬ ‫‪.13‬‬

‫أخذ شهيق وحبسه في الرئة (عشر ثواني)‪.‬‬ ‫‪.14‬‬

‫‪34‬‬
‫زفر الهواء خارجا خالل (عشر ثواني)‪.‬‬ ‫‪.15‬‬

‫تكرار الخطوتين السابقتين ‪ 15‬مرة‪.‬‬ ‫‪.16‬‬

‫قبض عضالت البطن إلى الداخل (عشر ثواني) ثم االسترخاء‪.‬‬ ‫‪.17‬‬

‫‪ .18‬فتح الساقين إلى أقصى مدى حتى يتم الشعور بالتوتر‪.‬‬

‫في أثن اء ه ذا التم رين ت دار الموس يقى الهادئ ة‪ ،‬أو ي روي المرشد قصة تتض من من اظر طبيعية‬

‫وأشكال خالبة وحيوانات أليفة‪ ،‬أو قد يوصي لك بأنك مسافر على بساط الريح‪.‬‬

‫تمرين المبالغة‪ 50 :‬دقيقة‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫ع ادةً ما يتح دث األف راد عن مش اعرهم الحزينة واالبتس امة ترتسم على محي اهم‪ ،‬وهنا يطلب‬

‫المرشد من المسترشد أن يتح دث عن مش كالته وأن يرافق ذلك تع ابير غ ير لفظية تتناسب مع ه ذه‬

‫المواقف‪.‬‬

‫تمرين تحمل المسؤولية‪ 50 :‬دقيقة‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫يه دف ه ذا التم رين إلى أن يتحمل المسترشد مش اعره وأفعاله ب دال من إس قاطها على اآلخ رين‪،‬‬

‫وعادة ما يستخدم المسترشد صيغة (أنا فعلت بكذا)‪.‬‬

‫مثال‪ :‬عالء‪ :‬أنا اآلن أشعر بالندم نتيجة تركي المدرسة وأنا أتحمل مسؤولية ذلك‪.‬‬

‫إكمال األعمال غير المنتهية‪ 50 :‬دقيقة‪.‬‬ ‫‪.10‬‬

‫يطلب المرشد من المسترشد أن يعيش الخ برة الماض ية بإط ار الحاضر وي ذكرون كلم ات أو‬

‫مشاعر كانوا يودون التعبير عنها لكنهم تجنبوا ذلك ألسباب ما‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المقابلة كأداة تعبيرية اتصالية‪:‬‬

‫تعتبر المقابلة أيا كان نوعها أداة اتصالية تمكن األفراد المتفاعلين من التعبير عن أفكارهم‬

‫واتجاهاتهم وخبراتهم وانفعاالتهم وعواطفهم لفظيا وغير لفظيا‪.‬‬

‫وتعرف المقابل اإلرشادية بحسب سترانج (‪ )Strang, 1949‬بأنها قلب العملية اإلرشادية حيث‬

‫تشتمل على عدد من الفنيات التي تسهم في نجاح العملية اإلرشادية‪.‬‬

‫وتعرف أيضا بأنها عبارة عن عالقة مواجهه دينامية (تفاعلية) تتم وجها لوجه بين المرشد‬

‫والمسترشد‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وعرفها روس (‪ )Ross, 1964‬بأنها عالقة دينامية بين طرفين أو أكثر بحيث يكون أحدهما‬

‫المرشد والطرف اآلخر هو المسترشد أو المسترشدين طلبا للمساعدة الفنية المتميزة باألمانة من جانب‬

‫المرشد النفسي للمسترشدين في إطار عالقة إنسانية مهنية ناجحة بينهم‪.‬‬

‫أما بيتروفسا وآخرون (‪ )Pietrofesa & others,19 77‬فقد شبهوا المقابلة بالعربة التي‬

‫يستخدمها اإلرشاد النفسي في نقل المعلومات والعواطف واألفكار والمشاعر من جانب المرشد‬

‫والمسترشد‪ ،‬وقد أكدوا على كونها وسيلة اتصال فعالة بين المرشد والمسترشد من أجل مساعدتهم على‬

‫فهم أنفسهم‪ ،‬وعرفها ستيوارت وكاش (‪ )Stewart &Cash, 1978‬بأنها عملية اتصال مزدوج (ذات‬

‫اتجاهين) لتحقيق هدف جدي سبق تحديده‪ ،‬متضمنة أسئلة وأجوبة والتي تعتبر الوسائل الرئيسية في تغيير‬

‫سلوك المرشدين‪.‬‬

‫عناصر المقابلة اإلرشادية‪:‬‬

‫‪ .1‬المواجهة اإلنسانية‪:‬‬

‫ال تتم المقابلة بدون مواجهة بين األطراف المعنية بها‪ ،‬ممثلة في المرشد والمسترشد وجها لوجه‪،‬‬

‫وال يمثل االتصال الهاتفي عبر الخط الساخن أية صورة من صور المقابلة اإلرشادية‪ ،‬ألن المقابل وجها‬

‫لوجه تتضمن االتصال لفظيا وغير لفظيا بين المسترشد والمرشد‪.‬‬

‫‪ .2‬المكان المحدد‪.‬‬

‫‪ .3‬الموعد السابق‪.‬‬

‫‪ .4‬فترة زمنية معينة‪ :‬يتراوح زمن المقابلة بين ‪ 60 ،30‬دقيقة بمتوسط ‪ 45‬دقيقة‪.‬‬

‫‪ .5‬األهداف الخاصة‪:‬‬

‫ال تتم المقابلة من أجل الثرثرة أو تجاذب أطراف الحديث بل تهتم بتحديد أهداف خاصة متعلقة‬

‫بالعملية اإلرشادية أو العالجية محددة مسبقا تسعى إلى مساعدة المسترشد في فهم ذاته وحل مشكالته‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فنيات المقابلة اإلرشادية‪:‬‬

‫ال يمكن ألي مقابلة إرشادية أن تحقق أهدافها إن لم يستخدم المرشد الفنيات الالزمة التي تسهم‬

‫إلى حد كبير في تمكين المسترشد من التعبير عن ذاته وأفكاره وعواطفه ومشاعره ألن هذا من شانه أن‬

‫يؤدي إلى تشخيص دقيق لمشكالت المسترشد‪ ،‬كما يؤدي ذلك إلى تحقيق التغيير المطلوب في شخصيته‬

‫المسترشد‪.‬‬

‫ويمكن تصنيف الفنيات المستخدمة في المقابلة اإلرشادية إلى أربعة تصنيفات أساسية وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬فنيات الفعل وهي تتمركز حول المرشد نفسه (المرسل)‪.‬‬

‫‪ .2‬فنيات رد الفعل وهي تتمركز حول المسترشد نفسه (مستقبل)‪.‬‬

‫‪ .3‬فنيات التفاعل بين المرشد والمسترشد‪.‬‬

‫‪ .4‬فنيات تحمل المسؤولية‪.‬‬

‫وسنركز فقط على فنيات الفعل ورد الفعل في هذا المقام‪ ،‬ال نهما شديدتا الصلة بتسهيل وتفعيل‬

‫التعبير اللفظي من قبل المسترشد أكثر من غيرهما‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬فنيات الفعل‪:‬‬

‫تعد هذه الفنيات العصب المحرك للمقابلة حيث تتيح المجال بشكل أساسي للمسترشد أن يتحدث‬

‫وأن يعبر عن أفكاره ومشاعره وذلك باالعتماد على المرشد الذي يقوم بتحفيز المسترشد وتشجيعه على‬

‫الكالم وتتعلق هذه الفنيات بـ‪:‬‬

‫فنية التساؤل‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪ .2‬فنية المواجهة‪.‬‬

‫أ‪ .‬فنية التساؤل‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫تعتبر فنية التساؤل الوسيلة األساسية لوصول المرشد إلى أفكار المسترشد واستكشاف الغامض‬

‫في شخصيته‪ ،‬وتساعد هذه الفنية المسترشد على التعبير عن نفسه بحرية وطالقة واختبار واكتشاف‬

‫مشاعره وانفعاالته‪ ،‬وهي األساس الذي يعتمد عليها المرشد في تشخيص وعالج مشكالت المسترشد‪.‬‬

‫ويعتبر التساؤل الجيد نموذجا حسنا لتنمية التواصل واالتصال والتعبير بين المرشد والمسترشد‬

‫وبين المسترشد ونفسه‪ ،‬وهنا ال يجب أن يكون التساؤل من أجل التساؤل نفسه فقط بل هي فنية هادفة لها‬

‫معنى ال تستخدم عشوائيا بل بطريقة مخطط لها‪ ،‬فقد تتسبب األسئلة غير المخطط لها إلى زيادة معاناة‬

‫المسترشد بل مساعدته في اإليضاح عنها‪ ،‬وقد تتسبب في مقاطعة حديثه بدل استرساله وتعبيره عما في‬

‫داخله‪ ،‬وفي أحيان كثيرة قد يستخدم المرشد فنية التساؤل بغرض الضغط على المسترشد كما يفعل‬

‫المحقق أو الشرطي وهذا ما شأنه أن يخلق المقاومة وعدم تعبير المسترشد عن أفكاره واتجاهاته‪ ،‬وال‬

‫تقتصر قضية طرح األسئلة على المرشد فقط فقد يمارسها المسترشد ويطرح األسئلة على المرشد‪ ،‬وهنا‬

‫على المرشد أن يدرك الهدف من وراء طرح هذه األسئلة‪ ،‬كما يجب عليه أن يجيب عليها بنوع من‬

‫التلقائية والصدق‪ ،‬ولكن عادة ما يواجه المرشد هذه األسئلة بأسئلة أخرى‪.‬‬

‫أمثلة لطرح األسئلة من جانب المسترشد ورد المرشد عليها ليمكنه من التعبير عن ذاته‪:‬‬

‫المسترشد‪ :‬هل أبدو أمامك عصبيا؟‬

‫المرشد‪ :‬هل تشعر نفسك متعب أو عصبيا؟‬

‫المسترشد‪ :‬بما تفسر الرعشة التي تنتابني كلما أتيت إلى هنا؟‬

‫المرشد‪ :‬وما الذي يجعلك ترتعش هكذا؟ هل هناك شيء يقلقك؟‬

‫المسترشد‪ :‬هل تظن أنك تستطيع تحقيق شيء معي حتى لو جلست معك مئة ساعة؟‬

‫المرشد‪ :‬هل تشعر أنك عاجز عن تعديل سلوكك نحو األفضل؟‬

‫فنية التساؤل من قبل المرشد‪:‬‬

‫هناك عناصر تقوم عليها هذه الفنية حتى تكون ناجحة وفعالة وهي‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ .1‬التوقيت المناسب‪.‬‬

‫‪ .2‬مالءمة السؤال لموضوع النقاش‪.‬‬

‫‪ .3‬كيفية طرح األسئلة‪.‬‬

‫‪ .1‬التوقيت المناسب‪:‬‬

‫إن المرشد الناجح هو الذي يختار ويستغل الوقت الجيد ليطرح أسئلته لتمكن المسترشد من‬

‫التعبير عن نفسه باسترسال وطالقة دون عوائق‪ ،‬وعادة ما يطرح المرشد أسئلته في الوقفات البسيطة بين‬

‫كالم المسترشد‪.‬‬

‫وفيما يلي ممارسات رديئة لطرح فنية التساؤل من حيث التوقيت‪:‬‬

‫المسترشد‪ :‬يجب على زوجتي أن تطيعني وتنفذ لي مطالبي مثل تجهيز الطعام وترتيب المنزل و‪.....‬‬

‫المرشد مقاطعا‪ :‬هل تقصد أن زوجتك ال تعطيك حقك كزوج؟‬

‫ومن بين الممارسات اإليجابية لطرح التساؤل‪:‬‬

‫المسترشد‪ :‬يجب عل زوجتي أن تطيعني وتنفذ لي مطالبي كتجهيز الطعام وترتيب المنزل والعناية‬

‫باألبناء وأن تبدو جميلة وأن ترتدي شيئا خاصا لي‪ ،‬انتهى كالم المسترشد‪( .‬وقفة بسيطة)‬

‫المرشد‪ :‬هل تعني أن ترها في أحسن صورة وأجملها؟‬

‫‪ .2‬مالءمة السؤال‪:‬‬

‫وهناك أنواع من األسئلة قد يطرحها المرشد تؤثر في طبيعة ونوع وكم استجابة المرشد على هذه‬

‫األسئلة وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬األسئلة المفتوحة مقابل األسئلة المغلقة‪:‬‬

‫إن األسئلة المفتوحة من شأنها أن تتيح الفرصة للمسترشد أن يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره‬

‫بحرية تامة‪ ،‬وهذا عكس األسئلة المغلقة التي تقيد إجابات المسترشد وال تمكنه من التعبير عن كامل‬

‫أفكاره ومشاعره واتجاهاته‪ ،‬وعادة ما تستخدم األسئلة المفتوحة صيغة كيف ترى؟ أو ما رأيك؟‬

‫‪40‬‬
‫مثال‪:‬‬

‫المرشد‪ :‬كيف ترى زوجتك؟‬


‫أسئلة مفتوحة‬
‫المرشد‪ :‬ما رأيك أو ما طبيعة عالقتك مع زوجتك؟‬

‫المرشد‪ :‬هل عالقتك الزوجية ناجحة؟‬


‫أسئلة مغلقة‬
‫المرشد‪ :‬من الذي تثق فيه أكثر من غيره؟‬

‫‪ -2‬األسئلة المزدوجة أو المركبة‪:‬‬

‫وهي األسئلة التي تتضمن أكثر من سؤال في آن واحد‪ ،‬وهي تجب أن تجعل المسترشد يجيب‬

‫عليها في اتجاه محدد ال رابط بينهما أو أنها قد تقوض إلى إجابات متناقضة‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬بعد وفاة زوجتك‪ ،‬هل ترغب بالزواج مرة أخرى‪ ،‬أو االعتناء بتربية أوالدك؟‬

‫‪ -5‬األسئلة المحظورة‪:‬‬

‫هناك نوع من األسئلة تجعل المسترشد يشعر بأنه متهم أو مذنب مما يجعله يدافع عن نفسه وأن‬

‫يقاوم محاوالت المرشد للحصول على المعلومات الخاصة بمشكالته‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬أنت السبب فيما وصلت إليه حالتك اآلن لماذا لم تعمل حسابا لهذا اليوم؟‬

‫كيفية صياغة األسئلة‪:‬‬

‫يجب على المرشد أن يطرح أسئلته بطريقة تبعث على اآلمان والطمأنينة دون أن يتخلل ذلك‬

‫مشاعر الخجل واالرتباك عند اإلجابة على األسئلة‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المرشد‪ :‬هل ترى أن دخلك الشهري كبير؟ (مناسب)‬

‫المرشد‪ :‬كم دخلك الشهري؟ (محرج)‬

‫المرشد‪ :‬أرى أنك ما زلت صغيرة في السن؟ (مناسب)‬

‫‪41‬‬
‫المرشد‪ :‬كم عمرك اآلن؟ (محرج)‬

‫‪ .2‬فنية المواجهة‪:‬‬

‫تعد فنية المواجهة وسيلة فعال يستخدمها المرشد عندما يريد أن يضع المسترشد أمام ما يخفيه من‬

‫أفكار وأفعال‪ ،‬من خالل كشف التناقضات بين ما يقوله المسترشد‪ ،‬فالمواجهة تستهدف التخلص من هذا‬

‫التناقض والتعبير بشكل كامل من قبل المسترشد لكشف ما يخفيه من أفكار وأفعال وتناقضات‪ .‬وعادة ما‬

‫تستخدم هذه الفنية بعد أن تكون الثقة قد تبلورت بين المرشد والمسترشد بشكل مبين‪ ،‬كما أن المواجهة ال‬

‫تتسبب في جرح مشاعر المسترشد ما يدفعه للمقاومة وعدم التعبير لذا هي تتطلب كفاءة عالية من قبل‬

‫المرشد‪.‬‬

‫وتعرف المواجهة بأنها الفنية التي تستخدم لكشف التناقضات بين ما يقوله المسترشد وبين ما‬

‫يفعله‪ ،‬مما يجعله أكثر قدرة على رؤية نفسه وسلوكه مثلما يراها اآلخرون ال كما يراها هو وذلك بعد‬

‫تحطيم الحيل الدفاعية والمقاومة التي يتبناها المسترشد‪ ،‬األمر الذي يؤدي بالمسترشد أن يرى نفسه كما‬

‫هي وعلى حقيقتها دون تزييف وال إنكار وذلك بهدف التنفيس االنفعالي واالستبصار‪.‬‬

‫إن من شأن هذه الفنية أن تدفع المسترشد نحو االعتراف العميق بذاته والتعبير عن ذلك‬

‫بالمواجهة كالعربة التي تنقل الوعي باالستبصارات الداخلية إلى الفعل الواقعي‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المرشد‪ :‬أرى أنك تحاول التهرب من اإلجابة على سؤالي هذا؟‬

‫المرشد‪ :‬أظن أنك تحاول أن تخفي أمرا ما ال تريد أن تخبرني عنه؟‬

‫المرشد‪ :‬أشعر أنك ال تريد أن تتطرق بالحديث عن زوجة أبيك؟‬

‫المرشد‪ :‬أرى الحزن في عينيك بالرغم من وجود ابتسامة على شفتيك؟‬

‫المرشد‪ :‬تقول أنك تحب زوجتك لكنك كثيرا ما تعاملها بقسوة؟‬

‫‪42‬‬
‫المرشد‪ :‬يبدو الحزن في عينيك وفي نبرات صوتك بالرغم من قولك اآلن أنك ارتحت من المشكالت التي‬

‫كانت بينك وبين زوجتك بعد انفصالك عنها في األسبوع الماضي؟‬

‫ويجب أن يمارس المرشد فنية المواجهة في المراحل البنائية من المقابلة اإلرشادية أي بعد تخطي‬

‫مرحلة االنفتاح‪ ،‬ألن ذلك يكفل نجاح هذه الفنية حيث تكون الثقة قد تبلورت بين المسترشد والمرشد مما‬

‫يجعل المسترشد يتعاون مع المرشد عند إجابته على تناقضاته دون أن يهاجم أو يقاوم أو يدافع أو يصمت‬

‫أو ينسحب‪ ،‬وعادة ما يمارس المرشد هذه الفنية تدريجيا وتصاعديا حتى تحقق أهدافها في كشف خبايا‬

‫المسترشد‪.‬‬

‫مستويات المواجهة‪:‬‬

‫‪ .1‬المستوى األول‪:‬‬

‫يكون المرشد في هذا المستوى متصفا بالسلبية التامة عند التعامل مع كل تناقضات المسترشد‬

‫حتى يتجاهل كليا هذه التناقضات بحيث ال يعيرها أي اهتمام ولكنه يعود إليها فيما بعد حتى يتيح‬

‫للمسترشد أن يعبر أكثر عن تناقضاته‪.‬‬

‫‪ .2‬المستوى الثاني‪:‬‬

‫يتصف المرشد هنا بالسلبية بدرجة كبيرة في تعامله مع أغلب التناقضات بحيث يتظاهر بتجاهلها‬

‫وال يعيرها أي اهتمام ولكنه يعود مرة أخرى فيما بعد‪ ،‬إال أنه يتعامل مع التناقضات من النوع اإليجابي‬

‫في هذا المستوى حتى يعزز احترام المرشد للمسترشد حتى يتمكن من التعبير بدرجة أكبر‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المرشد‪ :‬تقول أنك انطوائي وتميل إلى العزلة‪ ،‬لكنك تملك الكثير من األصدقاء؟‬

‫‪ .3‬المستوى الثالث‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫يتميز المرشد هنا بدرجة منخفضة من السلبية تجاه التناقضات خاصة القليل منها‪ ،‬خاصة تلك‬

‫التي على درجة عالية من األهمية حيث يعمد المرشد على تجاهلها على ا‪ ،‬يعود إليها مرة أخرى وفي‬

‫نفس الوقت يتعامل المرشد مع أغلب التناقضات وال سيما المهمة منها خاصة التناقضات اإليجابية‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المرشد‪ :‬تقول أنك حزين دائما لكن االبتسامة وبشاشة الوجه ال تفارقك؟‬

‫‪ .4‬المستوى الرابع‪:‬‬

‫يتميز المرشد بتعامله بايجابية مطلقة مع كل التناقضات عند المسترشد فال يهملها وال يتجاهلها‬

‫مهما كانت تافهة ويتميز بالمواجهة هنا بالصرامة التامة والمباشرة دون أي مجاملة‪ ،‬وبناء عليه يفيق‬

‫المسترشد من غفوته ويرى نفسه كما هي على حقيقتها‪.‬‬

‫‪ .5‬المستوى الخامس‪:‬‬

‫يتميز المرشد بالتحدي المباشر والواضح والعلني في تعامله مع أية تناقضات تظهر في أقوال‬

‫المسترشد وأفعاله مهما كانت بسيطة وهنا يحاصر المرشد المسترشد من حيث أفكاره وأفعاله وأقواله‬

‫حتى يعب عن ذلك بوضوح ومصداقية أكثر‪ ،‬وعادة ما يلجأ المرشد إلى هذا المستوى إذا لم تنجح‬

‫المستويات السابقة‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬محمد!! كلما اقتربت منك شبرا تبتعد عني مترا؛ أي أحاول أن أدعم عالقتي معك‪ ،‬لكنك تحاول‬

‫هدم هذه العالقة‪ ،‬إنك بذلك تضر نفسك وال تضرني‪ ،‬في الحقيقة أنا متعجب من أمرك‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬فنيات رد الفعل‪:‬‬

‫وهي الفنية المتعلقة باستجابات المرشد اللفظية وغير اللفظية تجاه ما يقوله المسترشد ليمكنه من‬

‫التعبير عن ذاته بالسياسة وتلقائية دون إبداء أي مقاومة‪.‬‬

‫ومن صور هذه الفنيات‪:‬‬

‫‪ .1‬فنية الصمت‬

‫‪44‬‬
‫‪ .2‬فنية اإلنصات‪.‬‬

‫‪ .3‬فنية إعادة العبارات‪.‬‬

‫‪ .4‬فنية االنعكاس‪.‬‬

‫‪ .5‬فنية اإليضاح‪.‬‬

‫فنية الصمت‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يعرف الصمت بأنه توقف الفرد عن الكالم إلى االنتقال إلى فكرة معينة أو لترتيب أفكاره مرة‬

‫أخرى لينطلق أو بسبب عدم وجود دافعية للكالم أو عند انسداد الفكرة أو توقف انسياب اللغة بسبب‬

‫المعيقات التي تواجه مجرى تفكي المتحدث‪ ،‬أو قد يكون الصمت متعلق باإلنصات وهو االستماع الفعال‬

‫وهو يعني االهتمام بتلقي الرسائل اللفظية وغي اللفظية من قبل المتحدث للوقوف على معانيها وأهدافها‪،‬‬

‫أو يتعلق الصمت أحيانا باالستماع العادي الذي ال يهتم باألهداف الواقفة خلف حديث المتكلم‪.‬‬

‫أنماط الصمت من قبل المسترشد‪:‬‬

‫يعبر الصمت من فبل المسترشد عن ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬عدم الرغبة في االستمرار بالعملية اإلرشادية‪.‬‬

‫‪ .2‬قد يعبر الصمت عن عجز المسترشد عن التعبير عن نفسه بسبب تزاحم األفكار‪.‬‬

‫‪ .3‬قد يدل الصمت بعدم فهم المسترشد ألسئلة المرشد المطروحة عليها‪.‬‬

‫‪ .4‬قد يدل الصمت على تشبع الحديث ال‪1‬ذي تكلم به المسترشد والرغبة في االنتقال لحديث في‬

‫موضوع آخر‪.‬‬

‫‪ .5‬قد يدل صمت المسترشد متعلق بالحزن ومشاعر الكآبة‪.‬‬

‫‪ .6‬قد يدل الصمت على تحدي من قبل المسترشد لما يقوله المرشد وعدم فائدته أو القناعة به‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ .7‬قد يدل صمت المسترشد على الخجل من الحديث بموضوع يمس حياته الخاصة الجنسية مثال‪.‬‬

‫كيف يتعامل المرشد مع صمت المسترشد؟‬

‫يجب على المرشد أن يحترم صمت المسترشد بشرط أن ال يستنفذ ذلك أكثر من دقيقة‪ ،‬وقبل‬

‫انتهاء الوقت يبادر المرشد بالكالم إذا لم يتحدث المسترشد وهناك ممارسات إيجابية للتعامل مع صمت‬

‫المسترشد وأخرى سلبية على النحو التالي‪:‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المرشد‪ :‬أرى أنك مستغرق في التفكير؟‬


‫ليتك تشركني معك في التفكير؟‬ ‫ممارسة جيدة‬
‫ما رأيك أن نفكر بصوت عالي؟‬
‫المرشد‪ :‬لما تصمت كثيرا؟‬
‫ممارسة سلبية‬
‫ألم تجد ما تقوله بعد؟‬

‫صمت المرشد النفسي‪:‬‬

‫يجب على المرشد الجيد أن يدرك جيدا متى يستخدم فنية الصمت حتى يحقق أهداف الخطة‬

‫اإلرشادية ويدفع المسترشد للتعبير عن ذاته فالصمت‪:‬‬

‫‪ .1‬يجعل المسترشد يتكلم‪.‬‬

‫‪ .2‬يسمح للمسترشد بالتفكير وتحقيق االستبصار الداخلي‪.‬‬

‫‪ .3‬الصمت يبطئ سرعة جريان المقابلة‪.‬‬

‫‪ .4‬الصمت يحترم خصائص المسترشدين االنطوائيين‪.‬‬

‫يجب على المرشد أن يلتزم الصمت عندما يتحدث المسترشد وال يقاطعه أثناء كالمه حتى ال‬

‫يخرجه عن إطار تفكيره‪ ،‬ويجب أن يحترم صمت المسترشد فيصمت إذا صمت وال يقطع عليه صمته‪،‬‬

‫ولكن إذا استنفذ المسترشد الوقت المخصص للصوت (دقيقة على األكثر) يبادر المرشد بسؤال المسترشد‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫فنية اإلنصات‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫إن استخدام هذه الفنية من شانه أن يشعر المسترشد بقيمته واحترامه مما يدعم االتصال بينه وبين‬

‫المرشد‪ ،‬فاإلنصات يحقق الفهم العميق لمشكالت المسترشد لما يقوله وما يتفوه به‪ ،‬فاإلنصات يحقق‬

‫التقبل من قبل المرشد للمسترشد للحديث عن ذاته بكل انفتاحية وعدم تحرج أو مقاومة‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول أن أهداف عملية اإلنصات هي‪:‬‬

‫‪ .1‬تحقيق فهم كل ما يفكر فيه المسترشد والتعرف على طرق تفكيره‪.‬‬

‫‪ .2‬تشجيع المسترشد بالحديث عن ذاته وأفكاره ومشاعره واتجاهاته‪.‬‬

‫ويتطلب اإلنصات البارع الحساسية المرهفة للطريقة التي يصوغ بها المسترشد مهاراته وللنغمة‬

‫ونبرة الصوت التي يطلقها ويطلق بها كلماته ومالحظة االنفعاالت التي تصاحب تعبيرات المسترشد حتى‬

‫يتمكن المرشد من تشخيص حالة المسترشد‪.‬‬

‫‪ .3‬فنية إعادة العبارات‪:‬‬

‫تعتبر فنية إعادة العبارات أنها إعادة لنفس عبارات المسترشد وترديدا لكلماته إن لم تكن إعادة‬

‫لمحتواها ومعناها‪.‬‬

‫وتفيد هذه الفنية في أن يرى المسترشد نفسه من حيث ما هي المعلومات والمعاني التي قالها‬

‫ليسترسل بها الكالم ويمضي قدما في التعبير عن ذاته‪ ،‬أو قد يصحح ما قد فهمه المرشد من عبارات‬

‫وكلمات تحدث بها سابقا وفي سبيل تطبيق هذه الفنية قد يكرر المرشد عبارات المسترشد كما هي‪ ،‬أو عن‬

‫طريق استبدال ضمير المتكلم (أنا) للمسترشد لضمير (أنت) حتى يشعر المسترشد بتحمل المسؤولية تجاه‬

‫الكلمات التي عبر عنها ليقوم بإيضاحها أكثر أو تعديلها‪ ،‬أو قد يكون تطبيق هذه الفنية من خالل تكرار‬

‫كلمات هامة تحدث بها المسترشد‪ ،‬أو قد يكون بتلخيص عبارات طويلة تحوي المعنى األساس‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫المسترشد‪ :‬لقد أخبرت زوجتي والدها بالشجار‪ ،‬وعندما حضر طلبت مني الطالق أمامه‪ ،‬نهرها والدها‬

‫ورفض طلبها بالطالق وأصر على الصلح بيننا‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬رفض والدها طلب الطالق‪ ،‬وأصر على الصلح بينكما‪.‬‬

‫‪ .4‬فنية االنعكاس‪:‬‬

‫تعتبر هذه الفنية بمثابة مرآة صادقة يعكس بها المرشد مشاعر المسترشد وأحاسيسه‪ ،‬ويعكس بها‬

‫تعبيراته وانفعاالته‪ ،‬ما ظهر فيها وما بطن‪ ،‬لذا تعد هذه الفنية استجابة تفسيرية لما يشعر به المسترشد‬

‫بشكل مقصود أو غير مقصود وتأتي استجابة المرشد بصورة لفظية أو غير لفظية‪ ،‬كل هذا بهدف أن‬

‫يقف المسترشد على حقيقة مشاعره وبالتالي مساعدته في التعبير عن ذاته أكثر‪ ،‬ليطفو ما في داخله على‬

‫السطح لتحقيق االستبصار‪ ،‬فإذا كانت فنية إعادة العبارات تخاطب الجانب العقلي المعرفي لدى المسترشد‬

‫فإن فنية االنعكاس تخاطب الجانب االنفعالي العاطفي لدى المسترشد‪.‬‬

‫‪ .5‬فنية اإليضاح أو طلب التوضيح‪:‬‬

‫تعد هذه الفنية بمثابة تغذية راجع مباشرة من جانب المرشد للمسترشد لتوضيح بعض النقاط التي‬

‫قد تكون غامضة وغي مفهوم في المناقشة التي تدور بينهما خالل المقابلة اإلرشادية‪ ،‬فتهدف هذه الفنية‬

‫إلى إعادة تعبير الفرد عن ذاته بصورة أوضح‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫المسترشدة‪ :‬لقد غرر بي ووعدني بالزواج لكنه أخلف وعده‪.‬‬

‫المرشد‪ :‬عفوا ماذا تقصدين بكلمة غرر بي‪.‬‬

‫‪ .6‬فنيات التفاعل‪:‬‬

‫إن هذه الفنية أساسا إلى أن يدرك ويعي المسترشد المفاهيم التي قد تكون غامضة بالنسبة له حتى‬

‫يستطيع أن يستجيب بشكل أكثر دينامية مما يؤدي على تحقيق أهداف العملية اإلرشادية من خالل فنية‬

‫التفسير أو اإليماء أو التغذية الراجعة‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫اللعب كنشاط تعبيري‪:‬‬
‫معنى اللعب‪:‬‬

‫هو نشاط حر ال إجبار فيه وهادف‪ ,‬وهو نشاط معقد‪ ,‬فإما أن يكون تعبير عن الطاقة الزائدة‪ ,‬أو‬

‫هو وس يلة للتع ويض وإ ع ادة ت وازن مفق ود نتيجة لم آزم الحي اة‪ ,‬أو هو ت دريب تمهيدي للحي اة المقبلة‪ ،‬كما‬

‫يراه أصحاب العالج النفسي بأنه التعبير الواضح عن الحياة الداخلية‪ ,‬فهو لغة الطفل الالواعية‪.‬‬

‫حقا من حق وق الطف ل‪ ,‬وينظر للعب على أنه الس مة الخاصة واألساس ية ال تي تم يز‬
‫يعد اللعب ً‬

‫مرحلة الطفول ة‪ ,‬وهو المح رك وال دافع المس اعد على نضج الطف ل‪ ,‬فمن خالل اللعب ي دخل الطفل بش كل‬

‫إيجابي وفعال إلى واقعه الطبيعي واإلنساني واالجتماعي بذلك يستكشف ذاته وإ مكانياته والعالم من حوله‪.‬‬

‫معا‪ ,‬ف اللعب ذو قيمة إنمائي ة‪ ,‬ف اللعب‬


‫كما أن اللعب أفضل وس لة دافعة لعملي ات النمو والتعلم ً‬

‫يعكس الخص ائص النمائية واالرتقائية ال تي يمر بها الطف ل‪ ,‬فمن خالل اللعب ينمي الطفل مهاراته الحس ية‬

‫‪49‬‬
‫والحركية والذهنية واالجتماعية واللغوية واالنفعالية والق درات االبتكارية‪ ،‬واللعب وس يلة لالس تطالع‬

‫واالستكشاف لألصوات واأللوان واألشكال واألحجام‪.‬‬

‫فوائد اللعب عند األطفال‪:‬‬

‫للعب فوائد جمة في تنمية الجانب االجتماعي من شخصية الطفل‪ ,‬حيث يساعد على بناء مهارات‬

‫اجتماعية جيدة مع اآلخ رين‪ ,‬عن طريق التع اون والتن افس‪ ,‬كما أن اللعب ينمي الج انب القيمي واألخالقي‬

‫لدى الطفل فهو يتعلم كي يحترم اآلخر وكيف يلتزم بقوانين األلعاب مع الجماعة وبدون هذا يصبح الطفل‬

‫أنانياً‪ ,‬مسيطراً‪ ,‬وضيق األفق وغير محبوب‪ ,‬غير منفتح‪ ,‬ويصبح متمركزاً حول ذاته فهو وسيلة اتصال‬

‫وتعب ير م ع الجماعة‪ ،‬كما أن اللعب ض روري لنم و العض الت والكتس اب المه ارات الحركية ال تي يحتاجا‬

‫الطفل في تنقله‪ ،‬باإلض افة إلى أن اللعب يط ور الق درات الجس مية والعقلية واالنفعالية ل دى الطفل وتس اعد‬

‫اجتماعيا واتزانه عاطفياً‪.‬‬


‫ً‬ ‫على تنشئته‬

‫كما يس اعد اللعب على تط ور النمو اللغ وي ل دى األطف ال‪ ,‬من خالل االتص ال اللغ وي وتب ادل‬

‫اآلراء والح ديث المتواصل ال ذي ينشأ بس بب التفاعل المش ترك بين األطف ال المش اركين في اللعب‪ ,‬فهو‬

‫يمنح الطفل فرصاً ثري ة‪ ,‬ومواقف حياتيه طبيعية تعمل كنم اذج مثالية في بن اء وتك وين الشخص ية الس وية‬

‫من خالل العم ل‪ ,‬والعالق ات المتبادلة والمش اركة والتع اون والمناقشة والتش اور والح وار مع اآلخ رين‪,‬‬

‫واحترام رأي الغير حتى لو كان مغايراً ألرائه الشخصية‪.‬‬

‫لفظيا لقلة وعيه بمآزمه أو لنقص امتالكه‬


‫ً‬ ‫إن الطفل يعجز إجم االً عن ص ياغة معاناته الداخلية‬

‫المحص ول اللغ وي‪ ،‬ولكنه يع بر عنها من خالل اللعب فالطفل يجسد في نش اطه كل ما يعجز عن التح اور‬

‫بشأنه مع اآلخرين‪.‬‬

‫اللعب في نظريات علم النفس‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نظرية التحليل النفسي‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫تفسر ه ذه النظرية اللعب على أنه وس يلة تعبيرية يتم من خاللها التنفيس االنفع الي والتخلص من‬

‫المكبوتات ومشاعر القلق والتوتر عبر إسقاط هذه المشاعر على موضوعات اللعب‪.‬‬

‫كان فرويد أول من قرأ هذه اللغة الالواعية المعبرة عن االحباطات والصراعات‪ ,‬حيث الحظ أن‬

‫معبرا عن فرحه‪ ,‬وكان يكرر‬


‫ً‬ ‫طفالً يربط كرة بخيط وكان يقذفها بعيداً مع عالمة تعجب وأس ى ثم يجذبها‬

‫نفس العمل مرات متعددة‪.‬‬

‫لقد وجد فرويد في ذلك نموذجاً لمبدأ التكرار القهري للتعبير عن حاجة معينة غير مشبعة‪ ,‬حيث‬

‫وجد فرويد أن هذا الطفل يرمز بلعبته هذه إلى غياب أمه عنه وافتقاده لها‪ ,‬ثم يعبر عن فرحته للقائها حين‬

‫تعود‪.‬‬

‫فبدل أن يعاني آالم الفراق أثناء غيابها فإنه وجد في هذه اللعبة مجاال للتجسيد الرمزي لمأساته‪,‬‬

‫والتعبير عن ذلك بأسلوب غير لفظي عبر اللعب‪.‬‬

‫واللعب بحسب نظرية التعب ير النفس ي ليس مج رد تك رار ذو ط ابع قه ري ب ل يه دف إلى التفريغ‬

‫والتسامي من خالل حل المآزم الالواعية ويتم هذا التفريغ أو التسامي من خالل اإلسقاط‪.‬‬

‫فالطفل يعكس عق ده وتثبيتاته وآالمه من خالل لعبه بدمية مثالً‪ ,‬فهو أثن اء ت دميره لدميته (ال تي‬

‫تشبه صورة األم) فهذا تعبير عن تثبيتات وعقد لم تحل‪ ,‬أو أن الطفل الشعورياً يحمل اتجاهات سلبية نحو‬

‫والدت ه‪ ,‬كما أن اللعب المتسم بالع دوان والعنف هو تعب ير عن احباط ات يعيش ها الطفل تس بب له الت وتر‬

‫فيندفع إلى ممارسة اللعب العدواني تعبيراً عن هذه االحباطات‪.‬‬

‫فمن خالل اللعب يتحرر الطفل من أزماته وصراعاته مما يؤدي إلى شعوره باالرتياح والتخلص‬

‫من التوتر فالصراع الداخلي يصبح أقل حدة بعد إسقاطه على موضوعات العالم الخارجي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نظرية الطاقة الزائدة‪:‬‬

‫ت رى ه ذه النظرية أن الطفل يم ارس اللعب ألنه يمتلك طاقة زائ دة ي رغب في التخلص منها ع بر‬

‫نشاط ممتع هو اللعب‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ولكن ه ذه النظرية واجهت انتق ادات من بينها أن الطفل قد يلعب وهو متعب أو بعد قيامه بأعم ال‬

‫تستنفذ طاقته الجسمية أو الذهنية‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬نظرية اإلعداد للحياة‪:‬‬

‫إن اللعب بما يحمل من خ برات تعلم واستكش اف للع الم ال ذي يحيط بالطفل وكأنه يه يئ الفرصة‬

‫للطفل أن يدخل معترك الحياة الجدية عبر ممارسته اللعب‪ ,‬فالطفل عندما يمارس لعبة الشرطي وكأن هذا‬

‫تعبير أنه يعد نفسه ألن يكون شرطياً مستقبالً‪.‬‬

‫إال أن ه ذه النظرية واجهت نق داً أيضاً فليس كل لعبة يلعبها الطفل تهي ؤه ل دخول في مهنة‬

‫مثال‪.‬‬
‫مستقبلية معينة‪ ,‬فكثيراً من األطفال يرغبون بلعب دور اللص ً‬

‫رابعاً‪ :‬نظرية االستجمام‪:‬‬

‫ت رى ه ذه النظرية أن اللعب وس يلة ترويحية واس تجمامية يمارسه الف رد بعد تعب وط ول عن اء أو‬

‫بعد س اعات طويلة من العم ل‪ ,‬ولكن قد يمارس ه الف رد أيض اً وهو مرت اح وغ ير متعب‪ ,‬كما أن اللعب في‬

‫حد ذاته قد يكون نشاطًا متعباً ومرهقاً‪.‬‬

‫النمو ومراحل اللعب‪:‬‬

‫يتناسب شكل اللعب ومضمونه وموضوعاته والساعات التي يمكثها الطفل في اللعب مع المرحلة‬

‫التطويرية التي يمر بها‪ ,‬ويمكن تقسيم مراحل تطور اللعب بحسب ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬اللعب الحس حركي (‪ )2 – 0‬سنة‪:‬‬

‫هو الن وع من اللعب ال ذي يس مح بالحركة واكتش اف الح واس س واء ك ان ذلك بش كل عش وائي‬

‫(حرك ات عش وائية)‪ ,‬أو حرك ات مض بوطة‪ ,‬وبالت الي تمكين الجسم من ممارسة وظ ائف حس حركية‬

‫ويظهر ذلك في بداياته األولى من خالل تحريك الطفل ألطرافه بش كل عش وائي‪ ,‬ثم يظهر ن وع من‬

‫السيطرة على حركة هذه األطراف‪ ,‬وفي المراحل التالية يتعلم الطفل المش ي لذا نراه دائم الحركة‪ ,‬وغالباً‬

‫‪52‬‬
‫ما يج ذب انتباهه األش ياء المتحركة أو ذات األل وان الزاهية أو غ ير المألوفة أو الجدي دة بالنس بة ل ه‪ .‬وفي‬

‫نهاية هذه المرحلة يهتم الطفل باللعب بالسوائل واأللوان والصابون وأقالم الشمع‪.‬‬

‫‪ .2‬اللعب الرمزي (‪ )6 – 2‬سنة‪:‬‬

‫هو اللعب الخيالي الذي يعبر به األطفال عن أنفسهم من خالل التعاون مع األشياء بصورة مخالفة‬

‫لواقعها‪ ,‬ويمر هذا اللعب بمراحل هي‪:‬‬

‫‪ .1‬المرحلة األولى (في عمر سنتين)‪:‬‬

‫يستخدم الطفل في هذه المرحلة أشياء حقيقية ويتخيل أنها تؤدي وظيفتها األصلية في الواقع (كأن‬

‫يشرب من كأس فارغ)‪.‬‬

‫المرحلة الثانية (في عمر ‪ 2.5‬سنة)‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫يستخدم الطفل في هذه المرحلة أشياء بديل ة مماثلة لألشياء الحقيقية (كأن يستخدم بدالً من الكوب‬

‫صحن ويتخيل أنه يشرب منه)‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة (في عمر ثالث سنوات)‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫يستخدم الطفل أشياء بديلة غير مماثلة لألشياء في الواقع (كأن يستخدم العصا ويتخيل أنها حص ان‬

‫أو طائرة)‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة (في عمر ‪ 3.5‬سنة)‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫وهنا يق وم الطفل ب اللعب الرم زي رغم ع دم امتالكه ألي ش يء (ك أن يتخيل أنه يمسك بك أس‬

‫ويتخيل أنه يشرب منه)‪.‬‬

‫اللعب التشكيلي "التعبيري" (‪ )5 – 4‬سنوات‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫وهنا يقوم الطفل بعمل منتجات فنية (كالرسم وعمل الصلصال)‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫األلعاب ذات القواعد "التعاوني" (‪ )6 – 5‬سنوات‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫ويظهر ه ذا اللعب التع اوني الق ائم على االل تزام بقواعد معينة وع ادة ما يظهر في بداية االلتح اق‬

‫بالمدرسة‪.‬‬

‫اللعب في مرحلة الطفولة المتوسطة والطفولة المتأخرة‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫يميز هاتين المرحلتين مجموعة من السمات تظهر في ألعابهم‪ ,‬وهذه السمات هي‪:‬‬

‫إظهار الذات والقدرات الجسدية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫ويتضح ذلك من خالل المش اركة في األنش طة الرياض ية والحركي ة والمس ابقات والفعالي ات‪ ,‬ال تي‬

‫تس اعده في ص رف الطاقة المخزون ة‪ ,‬وال تي إن لم تجد الطريق الس ليم لخروجها فإنها س تخرج من خالل‬

‫المشاجرات أو المنافسات السلبية‪.‬‬

‫‪ .2‬إظهار الذات والقدرات الذهنية‪:‬‬

‫كما يميل أطفال هاتين المرحلتين إلى مزاولة األلعاب التعليمية وألعاب الحاسوب وألعاب التفكير‬

‫والتحليل‪.‬‬

‫‪ .3‬إظهار الذات والقدرات االنفعالية‪:‬‬

‫إن رواية القصص وس ماع الموس يقى الهادئة من ش أنها أن تحث الطفل على التفاعل والتع اطف‬

‫اإليج ابي مع شخص يات القص ة‪ ,‬كما أن الموس يقى تغ ذي روحه وته دئ أحياناً من غض به والرسم يجعل‬

‫خياله يشطح‪.‬‬

‫اللعب كنشاط تعبيري تشخيصاً وعالجاً‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬العالج باللعب‪:‬‬

‫هو الممارسة العالجية ال تي ت تيح الفرصة لألطف ال أن يع بروا عن مش اعرهم وأحاسيس هم‬

‫وكراهيتهم وغضبهم بصورة كاملة األمر الذي يؤدي إلى أن يكونوا فرحين اعتماداً على اللعب اإليهامي‬

‫أو التخيلي ال ذي ي ؤهلهم أن يش غلوا مراكز الكب ار‪ ,‬ف اللعب العالجي يح ررهم من ض غوط الحي اة اليومي ة‪,‬‬

‫‪54‬‬
‫فهم يستكشفون مشاعرهم وذواتهم واتجاهاتهم‪ ,‬فاللعب العالجي ليس وسيلة للتعلم فقط بل هو أساسا وسيلة‬

‫لحل الصراعات التي تعيق قدرات التعلم‪.‬‬

‫لماذا يعد اللعب وسيلة تعبيرية عالجية؟‬

‫‪ ‬اللعب نشاط ممتع ويحقق السعادة والترويح‪.‬‬

‫‪ ‬اللعب ليس نشاطاً عرضياً بدون هدف‪.‬‬

‫‪ ‬اللعب نشاط اختياري ال إجبار فيه‪.‬‬

‫‪ ‬اللعب وسيلة لتحقيق النمو والتطور (اإلبداع‪ ,‬حل المشكالت‪ ,‬تعلم اللغة‪ ,‬تعلم المهارات الحركية‪,‬‬

‫وتقمص األدوار االجتماعية)‪.‬‬

‫إن اللعب من شانه أن يساعد األطفال في فهم العالم من حولهم وهو وسيلة استكشافية لألدوار‪,‬‬

‫اللغة‪ ,‬واالنفعاالت والخبرات االجتماعية بجو آمن‪ ,‬أما عالجياً فهو وسيلة تشخيصية مساعدة‪ ,‬ومن شانه‬

‫أن يساعد في تأسيس عالقة عالجية‪ ,‬كما أنه وسيلة لعالج القلق والتوتر‪ ,‬وهو وسيلة للتعبير عن المشاعر‬

‫ويعد طريقاً سهالً للوصول إلى الالشعور‪ ,‬كما أن اللعب يمثل جواً تلقائياً عفوياً ال فقيود فيه ليعبر األطفال‬

‫عن أنفسهم خاصة اللعب الحر منه‪ ,‬فهو وسيلة استبصارية جيدة‪.‬‬

‫اتجاهات تفسير اللعب العالجي‪:‬‬

‫هناك اتجاهات عدة حاولت أن تفسر اللعب العالجي‪ ,‬ومن هذه االتجاهات‪:‬‬

‫‪ .1‬اللعب هو البديل عن التداعي الحر‪ ,‬فاللعب هو الوسـيط عن التعـبير االنـفعالي‪ ,‬بسـبب عدم قـدرة الطفل‬

‫على التكلم والتعبير اللغوي بطالقة‪.‬‬

‫‪ .2‬يعاني األطفـال المضطربين من جفـاء انـفعالي من قبل الوالدين‪ ,‬لذا فاللعب وسـيلة إلقامـة عالقـة ودية‬

‫بين المرشـد والطفل فيتم اسـتخدام ال دمى واأللع اب لب دء العالقة اإلرشـادية‪ ,‬وبعد توطيد ه ذه العالقـة‬

‫اعتمـاداً علـى اللعـب ينتقـل االهتمـام مـن ممارسـة اللعب إلـى التركيـز علـى التفاعـالت اللفظيـة‪ ,‬ولكـن يجـب‬

‫‪55‬‬
‫األخـذ بعين االعتبـار أن هـذا االتج اه يسـتهدف األطف ال ال ذين اس تطاعوا أن ينم وا ق درتهم اللغوية‬

‫والتعبيرية‪.‬‬

‫‪ .3‬هنـاك اتجـاه آخر يرى أن اللعب العالجـي يقدم خبـرة تلقائيـة ال تقييد فيها لحرية الطفل‪ ,‬وهذا من شأنه‬

‫أن يحرر الطفل من الواقع المكبل له‪.‬‬

‫لكن كيف يمكن اعتماد اللعب كوسيلة يمكن من خاللها تحديد سواء أو عدم سواء األطفال؟‬

‫هناك معايير يجب أخذها بعين االعتبار عند الحكم على مدى سالمة لعب الطفل وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬عجز الطفل عن الدخول باللعب بسهولة والخروج منه بسهولة كذلك‪.‬‬

‫‪ .2‬إذا عمد الطفل إلى ممارسة شكل أو نوع واحد من أنواع اللعب ولم يعمد إلى أشكال أخرى‪.‬‬

‫‪ .3‬إذ ا لم يستطع الطفل إال أن يكرر اللعبة قهرياً لمرات عدة بدون هدف أو غاية‪.‬‬

‫‪ .4‬إذا ارتبط اللعب بشكل مبالغ فيه بتفريغ الطاقات الجنسية والعدوانية (ألعاب الطبيب)‪.‬‬

‫‪ .5‬إذا لم يستطع الطفل الدخول أبدا باللعب‪ ,‬أي أنه ال يلعب بالمرة‪.‬‬

‫‪ .6‬إذا كان نشاط اللعب ال يتالءم مع المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل‪ ,‬وهذا ما يسمى باللعب‬

‫النكوصي‪.‬‬

‫خصائص لعب الطفل السوي‪:‬‬

‫يب دي الطفل الس وي س هولة نس بية في التواصل مع تلقائية في الح وار مع اآلخ ر‪ ,‬ويب دي نش اطاً‬

‫ً‬
‫خياال‬ ‫متنوعاً بشكل يتناسب مع مرحلته العمرية أو يفوقها‪ ,‬فهو يجرب ويتفحص مختلف األلعاب‪ ,‬ويبدي‬

‫خص باً في تعاطيه مع األلع اب خاصة األلع اب البنائية والتركيبية (الليجو والصلص ال والمجس مات)‪ ,‬كما‬

‫يبتعد في ألعابه عن العدوانية ويميل إلى التنافس والتعاون‪.‬‬

‫خصائص لعب الطفل العصابي‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫غالبا مقط وع ب القلق وتنقصه النهاي ة‪ ,‬حيث‬
‫خص ائص لعب العص ابيين هو التش تت والتفتت‪ ,‬فهو ً‬

‫يص اب الطفل بالصد المف اجئ أو التح ول غ ير المفه وم عن موض وع اللعبة (مما يع بر عن ب روز الم آزم‬

‫الداخلية)‪.‬‬

‫كما يتم يز اللعب العص ابي ب اإلفراط والتك رار القه ري أو ع دم االن دماج ب المرة في اللعب ة‪ ,‬أو قد‬

‫يس وده اإلف راط بالعدوانية والتخ ريب‪ ,‬كما تغيب التلقائية والمب ادرة‪ ,‬ويب دو الطفل خائفاً منطوياً على ذات ه‪,‬‬

‫كث ير الح ذر والتحفظ في فحص الم واد واإلق دام على اللعب‪ ,‬وتب دو عليه مش اعر ال ذنب تجعله يحجم عن‬

‫االس تمرار في اللعب أو تمنعه من االس تمتاع بها‪ ،‬كما يميل إلى تبخيس ذاته وإ نتاجه ويحت اج إلى التش جيع‬

‫الدائم‪ ,‬ويصاب بالذعر إذا أتلف بعض المواد‪ ,‬فهو منكمش على نفسه‪.‬‬

‫تأويل لعب األطفال‪:‬‬

‫اه ألدق‬ ‫إننا في محاولتنا لفهم لغة اللعب يجب أن نتبع نفس منهج تأويل الحلم‪ ,‬يجب االنتب‬

‫التفاص يل في لعب الطفل من حيث تسلسل الموض وعات والتلقائية والعفوي ة‪ ,‬عوامل التح ول من لعبة إلى‬

‫أخرى ومبررات ذلك‪ ,‬ويجب أن ننتبه إلى طريقة التحول واالنتقال‪ ,‬ويجب أن نالحظ أسلوب اللعب كذلك‬

‫وش كله وننتبه إلى مختلف التعليق ات ال تي تص در عن الطفل وردود فعله أثن اء تج اه المرشد النفسي أثن اء‬

‫اللعب‪ ,‬فكل ه ذا يقودنا إلى فهم ال دافع الالواعي‪ ,‬وهن اك مؤش ران لمعرفة الم ادة الالواعية ال تي تظهر في‬

‫اللعب‪:‬‬

‫‪ .1‬تكرار نفس الموضوع أثناء اللعب بأشكاله المختلفة‪.‬‬

‫‪ .2‬شدة االنفعاالت المصاحبة للعب ومدى اتساقها مع موضوع اللعبة‪.‬‬

‫دور اللعب في تفريغ الدوافع الالواعية‪:‬‬

‫من مراحل التعبير عن اللعب أثناء جلسات اإلرشاد‪ ,‬يبرز ميالن في اللعب هما الميل النكوصي‪,‬‬

‫والميل العدواني‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وت برز المي ول النكوص ية خصوصاً عند األطف ال المح رومين عاطفياً (ن زالء مؤسس ات رعاية‬

‫األيتام واألبناء بالتبني)‪.‬‬

‫ويلعب ه ؤالء بش كل مفضل بال دمى مجس دين عالقة الرض اعة وعالقة االعتم اد الطفل على األم‪,‬‬

‫ويميل الطفل بشكل مبالغ فيه إلى اللعب اإليه امي تعبيراً عن ه ذه العالقة ك أن يلعب دور األم مثالً‪ ،‬ك ذلك‬

‫ت برز في اللعب المي ول العدوانية نظ راً لش دتها وتعرض ها للكبت مع ما يرافقه ا من م آزم نفس ية‪ ,‬ويتم‬

‫التفريغ عن العدوان من خالل اإلسقاط‪.‬‬

‫ولكن الطفل أثن اء جلس ات اإلرش اد ب اللعب قد يص د ميوله العدوانية والنكوص ية لش دة المقاومة‬

‫النابعة من قوة مشاعر الذنب والقلق وق وة الكبت‪ ,‬وهك ذا فإذا فشل الطفل في التعب ير عن عدوانيه أو ميله‬

‫النكوصي فمعنى ذلك أنه يخشاهما‪ ,‬أو هو ال يعرف كيف يبرزهما‪.‬‬

‫وال يع بر الطفل مباش رة عن دوافعه الالواعية في اللعب‪ ,‬بل يتخذ ش كل الم داورة والتمويه‬

‫والتعب ير المقنع (المج رد من الش حنة االنفعالي ة) في مرحلة أولى‪ ,‬ثم يمر بمرحلة من التج اذب الوج داني‬

‫وهي حالة من التذب ذب ما بين االق تراب من تجس يد الواقع واالبتع اد عن ه‪ ,‬ثم ي أتي التعب ير من خالل دمي ة‬

‫م ا‪ ,‬وأخ يرا يغ وص الطفل في التعب ير عن ذلك ال دافع الع دواني أو النكوصي بش كل مباش ر‪ ,‬ويس تمر ه ذا‬

‫التعبير إلى الحد الذي يزول معه قلق الطف ل‪ ,‬وهنا نجد تحوالً في التعبير من خالل تغيير اللعبة أو تغيير‬

‫األدوار‪.‬‬

‫ويمر هذا بمرحلتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫‪ .1‬مرحلة العرض‪:‬‬

‫يق وم الطفل باستكش اف اللعبة وأدواتها وموادها والموقف اإلرش ادي والمرشد نفس ه‪ ,‬ويح اول أن‬

‫ي رى ح دود وإ مكاني ات التعب ير عن ال ذات‪ ,‬وتب دأ األم ور بش كل دف اعي‪ :‬ك النفي‪ ,‬أو النك وص ال ذي يخفي‬

‫الع دوان أو الع دوان ال ذي يخفي النك وص‪ ,‬أو التظ اهر باالمتث ال والطاعة ال تي تخفي الع دوان‪ ,‬أو تظهر‬

‫رغبة في االتكال الطفلي‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ .2‬مرحلة التفريغ‪:‬‬

‫يب دأ الطفل هنا بتفريغ مش اعره والتعب ير عن الم آزم المكبوتة من خالل التفريغ المتج اذب أو‬

‫المتذب ذب‪ ,‬ثم التفريغ المباش ر‪ ,‬ثم تظهر مرحلة التوليف (إع ادة التعلم) ال تي ت برز فيها المي ول اإليجابي ة‪,‬‬

‫وتبدو تباشير التوجه نحو النشاطات البناءة‪ ,‬ونحو االندماج االجتماعي‪.‬‬

‫أدوات اللعب العالجي‪:‬‬

‫تتحدد مواد اللعب العالجي كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬طاولة متوس طة الحجم مع ع دد من الكراسـي الص غيرة حولها تسـتخدم للجلـوس واللعب‪ ,‬مع طاولـة‬

‫أخرى توضع عليها المواد قريبة‪ ,‬ومعقد خشبي يمكن للمرشد أن يجلس عليه بجانب الطفل‪.‬‬

‫‪ ‬بعض المواد التي تسهل إقامة عالقة مع الطفل‪ ,‬وتسمح له بالشعور بالراحة والطمأنينة كالماء‪ ,‬والطين‪,‬‬

‫والرمل‪ ,‬ومواد تلوين‪ ,‬وأوراق‪ ,‬ومقصات‪ ,‬وطباشير‪ ,‬ولوح خشب‪ ,‬ومعجون (ملتينة)‪.‬‬

‫‪ ‬الم واد ال تي ترتبط بالحي اة العائلي ة‪ :‬دمى تمثل الطفل واألم واألب واألخ وة‪ ,‬ص حون مص غرة‪ ,‬طاولـة‬

‫مصغرة وكراسي‪ ,‬رضّاعة‪ ,‬حوض حمام مصغر‪.‬‬

‫‪ ‬المواد التي ترتبط بالميول العدوانية‪ :‬حيوانات متوحشة‪ ,‬خناجر‪ ,‬جنود‪.‬‬

‫‪ ‬مواد تعبر عن المخاوف وانعدام الشعور باألمن‪ :‬نماذج السلطة‪ ,‬واللصوص‪.‬‬

‫‪ ‬مواد مواصالت‪ :‬سيارات‪ ,‬قطارات‪ ,‬بواخر‪ ,‬تلفون‪.‬‬

‫‪ ‬مواد بناء‪ :‬مكعبات‪ ,‬أدوات تركيب وتفكيك‪.‬‬

‫جنيات)‪.‬‬
‫‪ ‬دمى تمثل بعض األساطير من الحيوانات والناس (ساحرات‪ ,‬لصوص‪ّ ,‬‬

‫ويستحسن أن تكون جميع هذه المواد من النوع الذي يقاوم التلف بسرعة‪ ,‬كي تتحمل درجة كب يرة‬

‫من العدوانية‪.‬‬

‫التشخيص من خالل اللعب‪:‬‬

‫‪59‬‬
‫إن نمط البناء في األلعاب التركيبية يعبر عن الحالة النفسية التي يشعر بها الطفل‪ ,‬فالبناء المقفل‬

‫يشير إلى الشعور بالعزلة والميل لحماية الذات باالنغالق‪ ,‬أما هدم ما بناه الطفل فقد يشير إلى فقدان الثقة‬

‫بالنفس‪.‬‬

‫كما أن إدخ ال الفوضى والتخ ريب بعد البن اء في دل على بداية التح رر من الص دود والمقاومة‬

‫والتعبير عن نزوات عدوانية‪.‬‬

‫أما تمثيل الح رامي أو الحيوان ات المتوحشة ال تي ته اجم ليالً فيش ير إلى انع دام األمن‪ ,‬أما ألع اب‬

‫ال دمى ذات الرمزية فهي تش ير إلى موقف الرض اعة أو موقف النظاف ة‪ ,‬أو الرغبة أن يك ون الطفل محط‬

‫االهتمام بشكل نكوصي أو البحث عن الحب بشكل نكوصي‪.‬‬

‫السيكودراما (التمثيل النفسي المسرحي)‪:‬‬

‫تعد الس يكودراما من أش هر أس اليب اإلرش اد الجم اعي‪ ,‬وهو عب ارة عن تص وير تم ثيلي أو تعب ير‬

‫تم ثيلي لمش كالت نفس ية في ش كل تعب ير حر في موقف جماعة ي تيح فرصة التنفيس االنفع الي التلق ائي أو‬

‫االستبص ار ال ذاتي‪ ,‬وقد أبتكر ه ذا األس لوب مورينو ع ام ‪ 1921‬وأنشأ أول مس رح عالجي لتق ديم‬

‫الس يكودراما س نة ‪ 1927‬في الوالي ات المتح دة األمريكي ة‪ ,‬وي رى مورينو (‪ )1966‬أن ما في التمثيل‬

‫النفسي المسرحي هو حرية السلوك لدى الممثلين (المسترشدين) وتلقائيتهم مما يتيح فرصة التداعي الحر‬

‫والتنفيس االنفع الي حين يع برون في حرية تامة في موقف تم ثيلي فعلي عن اتجاه اتهم ودوافعهم‬

‫‪60‬‬
‫وص راعاتهم واحباط اتهم‪ ,‬بما ي ؤدي في النهاية إلى تحقيق التوافق والتفاعل االجتم اعي الس ليم والتعلم من‬

‫الخبرة االجتماعية‪.‬‬

‫أما عن موض وع التمثيلية النفس ية‪ ,‬فإنها قصة ع ادة ت دور ح ول خ برات مثل خ برات العمل‬

‫الماضية‪ ,‬والخ برات الحاض رة‪ ,‬والخ برات المس تقبلية ال تي يخافها ويحتمل أن يواجهها المسترشد في‬

‫المستقبل القريب‪ ,‬ويدور موضوع القصة كذلك حول مواقف هدفها التنفيس االنفعالي‪ ,‬وأخرى تهدف إلى‬

‫حل الصراع وتحقيق التوافق النفسي‪ ,‬ومواقف متخيلة غير واقعية‪ ,‬وأخرى محددة تهدف إلى تشجيع فهم‬

‫ال ذات بدرجة أفض ل‪ ,‬وقد تش تمل القصة موض وعات متنوع ات مثل االتجاه ات الس لبية‪ ,‬واألفك ار‬

‫والمعتقدات الخرافية واألحالم‪.‬‬

‫مسبقا‪ ,‬وقد يكون‬


‫ً‬ ‫أما عن تأليف موضوع أو قصة التمثيلية النفسية فيقوم به المسترشدين أنفسهم‬

‫تلقائيا حسب ما يقتض يه الموق ف‪ ,‬وفي بعض الح االت قد يس اعد المرشد في الت أليف‪ ,‬أما عن‬
‫ً‬ ‫الت أليف‬

‫الح وار والس يناريو فال يعد للقصة التمثيلية أي س يناريو وي ترك المسترش دين يع برون عن أنفس هم بتلقائية‬

‫وابتكار دون تخطيط مسبق‪.‬‬

‫أما عن األدوار ال تي يلعبها المسترش دين في التمثيل النفس ي المس رحي فيمكن أن تتع دد لتغطي‬

‫أدواراً‪ ,‬مثل دور المسترشد كما هو في الحي اة العملية فعالً‪ ,‬ودور يلعبه بقية المسترش دين ويوض حون‬

‫كيف ي رون المسترشد بطل التمثيلي ة‪ ,‬وهن اك من يلعب دور ش خص مهم في حي اة المسترشد كالوالد أو‬

‫الوال دة أو األخ أو الم درس أو ال رئيس أو الم رؤوس أو ال زوج أو االبن أو الج ار‪ ,‬وهن اك دور ش خص‬

‫مع اكس مث ل قي ام المسترشد الع دواني ب دور مس الم‪ ,‬أو المسترشد المنط وي ب دور انبس اطي‪ ,‬أو م رؤوس‬

‫بدور رئيس‪ ,‬أو االبن بدور األب‪ ,‬أو الزوج بدور الزوجة‪ ,‬والعكس (تبادل األدوار)‪.‬‬

‫أما عن اإلخ راج فيق وم به أحد المسترش دين وقد يس اعده بعض زمالئه وقد يش ترك المرشد معهم‬

‫بما يظهر تفاصيل الموقف ويمكن من تخطيط وتحديد كافة األدوار التي توزع على المشتركين في التمثيل‬

‫إلظهار أنماط السلوك الالتوافقي حتى يمكن ضبطه وتقييمه وتقويمه‪ ,‬والممثلون هم المسترشدون أنفسهم‪,‬‬

‫ويك ون ألح دهم دور البطل ال رئيس أو الشخص ية الرئيس ية‪ ,‬ويمثل ب اقي األعض اء أدوار األش خاص‬

‫‪61‬‬
‫المهمين في حيات ه‪ ,‬وقد يش ترك المرشد وغ يره من فريق اإلرش اد في التمثيل بغ رض التوجيه والتفس ير‪,‬‬

‫ويجب إس ناد األدوار بح رص إلى المسترش دين بحيث تك ون مندرجة في العنف بما يض من االس تمرار‬

‫وعدم االنهيار‪ ,‬وهذا يتطلب إثارة الدافع القوي لدى المسترشدين للقيام بتمثيل األدوار بحيث يعرفون أن‬

‫ذلك يؤدي إلى التخلص من القلق واإلحباط وحل الصراع في مواقف تشبه مواقف الحياة الواقعية ويمكنهم‬

‫من تحقيق ذاتهم في موقف اجتماعي‪.‬‬

‫وفي عملية التمثي ل‪ ,‬يحسن أن يخت ار كل عضو ال دور ال ذي ي رغب في تمثيله وأهم ما يطلب من‬

‫الممثلين هو االن دماج الكامل في المش اهد التمثيلية أي أال يمثل وا‪ ,‬ولكن يك ون س لوكهم مع براً عن أفك ارهم‬

‫الخاص ة الحقيقية بتلقائية وحرية كامل ة‪ ,‬وأن تبتكر المش اهد التمثيلية ابتك اراً أثن اء التمثيل دون تحض ير‬

‫مس بق ومخطط ل ه‪ ,‬ومما يالحظ أن المسترش دين يس لكون س لوكاً أق رب إلى الواقع منه إلى التمثي ل‪ ,‬فهم‬

‫ليسوا ممثلين محترفين‪.‬‬

‫غالبا من أعض اء الجماعة اإلرش ادية وأعض اء فريق اإلرش اد‪ ,‬وبعد التمثي ل‪,‬‬
‫ويك ون المتفرج ون ً‬

‫يب دأ الممثل ون والمتفرج ون في مناقشة األح داث التمثيلية (من ناحية الس لوك وليس من الناحية الفني ة)‬

‫والتعليق عليها ونقدها واستعراض ما يمكن استنتاجه من مواقف الممثلين وخبراتهم ومشكالتهم وما يظهر‬

‫من اتجاهات وتجارب‪ ،‬ويقوم المرشد بتفسير الديناميات التمثيلية وإ ظهار الشحنات االنفعالية والصراعات‬

‫الداخلية‪ ,‬ومظاهر القلق مما يزيد االستبصار المسترشدين مما يزيد من تعديل سلوكهم في الحياة العملية‪.‬‬

‫وتتع دد فوائد التمثيل النفسي المس رحي‪ ,‬فت أليف التمثيلية وإ خراجها يكشف عن ن واحي هامة في‬

‫مش كالت المسترش دين لم يتم مالحظتها س ابقاً وقد تك ون الزمة الحل‪ ،‬ويكشف التمثيل النفسي المس رحي‬

‫عن ج وانب هامة في شخص ية المسترشد ودوافعه وحاجاته وص راعاته ودفاعاته ومش اعره مما يفيد في‬

‫فهم دراسة الحالة في عملية اإلرش اد‪ ,‬وي ؤدي إلى تقمص المسترشد لشخص يات تتص ل بمش كلة وتمثيل‬

‫أدوارهم كما يخبرها في الواق ع‪ ,‬وي ؤدي إلى التنفيس االنفع الي والتح رر من الت وتر النفسي والق درة على‬

‫التعب ير عن النفس – االستبص ار بال ذات‪ ,‬وفهم اآلخ رين‪ ,‬ش عوره ب أن اآلخ رين يش تركون معه بقص د‬

‫المساعدة المتبادلة‪ ,‬ويؤدي إلى تدريب المسترشدين على مواجهة مواقف عملية واقعية يخافون مواجهتها‪,‬‬

‫‪62‬‬
‫وتحقيق الكفاية والمرونة في الس لوك االجتم اعي‪ ,‬ك ذلك ف إن التفس ير ال ذي يتلو التمثيلية يفيد تشخيص ياً‬

‫وإ رشادياً‪.‬‬

‫وقد دأب الب احثون على تط وير التمثيل النفسي المس رحي‪ ,‬ومن ذلك تس جيل أح داث التمثيلية‬

‫النفسية صوتياً على شريط أو تسجيلها صوتاً وصورة على شريط فيديو‪ ,‬وهذا يتيح للمرشد والمسترشدين‬

‫فرصة سماعها ومشاهدتها مرة أخرى لالستزادة والنقد الذاتي وتحديد مدى تقدم العملية اإلرشادية‪ ,‬كذلك‬

‫يس تخدم البعض مس اعدات إض افية للتحكم في س لوك العمالء وإ ض عاف مق اومتهم أثن اء التمثيل كاس تخدام‬

‫بعض العق اقير بإش راف الط بيب‪ ,‬وفي بعض األحي ان تس تخدم أش كال مس اعدة في األداء التم ثيلي مثل ما‬

‫يسمى الرقص النفسي (‪.)Psycho dance‬‬

‫لقد تم االس تفادة من ال دراما في اإلرش اد النفس ي‪ ,‬وال دراما كلمة يونانية تع ني الفع ل‪ ,‬فهي الوع اء‬

‫الذي يتم بداخله التعبير عن الذات‪ ,‬وتوضيح المشاعر واألفكار واألحالم والمواقف المختلفة‪ ,‬وهي تساعد‬

‫الف رد من العب ور من نقطة إلى أخ رى من محطة إدراكية واعية إلى أخ رى‪ ,‬وتعمل على تأكيد بعض‬

‫المف اهيم‪ ،‬وتتعامل ال دراما مع العقل والقلب والجسد كوح دة واح دة‪ ,‬فع بر تم ارين اإلحم اء نه يئ جس دنا‪,‬‬

‫وفي التركيز ننشط ذهنياً‪ ,‬ومع الخيال ننطلق إلى عوالم جديدة‪ ,‬عبر لعب األدوار نقوم بشخصيات متعددة‬

‫ونختبر مواقف حياتية متنوعة‪ ,‬تساعدنا على فهم ذواتنا واآلخرين‪.‬‬

‫وألن ال دراما عمل جماعي‪ ,‬فهي مبنية على المش اركة‪ ,‬وروح الفريق والتع اون والثقة المتبادلة‬

‫من أسس العمل في الجماعة الدرامي ة‪ ,‬كما أن التفك ير والتخطيط والتنفيذ المش ترك يض من الحق وق‬

‫ويوضح واجب ات الفريق وه ذا من ش أنه أن يب ني مجتمعاً مص غراً ص حياً يكفل خصوص ية األف راد ويتقبل‬

‫اختالفاتهم ويشجعهم على تعددية آرائهم ورؤاهم وفردية إبداعهم‪.‬‬

‫فال دراما تب نى على التفاعل االجتم اعي‪ ,‬ل ذا فهي تعت بر عملية بن اء نفسي واجتم اعي تحقق للف رد‬

‫الثقة ب النفس وب اآلخرين‪ ,‬وت دعم قدراته على الت وازن‪ ,‬وتمنحه األرض الخص بة للمش اركة والتقبل‬

‫والتسامح‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫فال دراما ت وفر الف رص لحل النزاع ات والص راعات واإلجابة على بعض التس اؤالت القلقة ال تي‬

‫تواجهنا في حياتنا‪ ,‬كما أنها تساعدنا على ترتيب مشاعرنا تجاه بعض األمور العالقة‪ ,‬وتدعونا إلى إيجاد‬

‫طرق إبداعية ال تخلو من المتعة في اكتشاف معاني جديدة للحياة‪.‬‬

‫وعن طريق الدراما ينم و التفاعل وتتعمق أواصر االتصال بين األفراد‪ ,‬فلعب دور اآلخرين مثال‬

‫يمنح الفرصة أمام العبي الدور لمعرفة الشخصية من داخلها‪ ,‬وبالتالي فهمها والتعامل معها دون إطالق‬

‫األحكام عليها‪.‬‬

‫مراحل العمل الدرامي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلحماء‪.‬‬

‫اإلحماء مصطلح يطلق على تمارين التهيئ ة الجسدية التي تخضع لها مجموعة لدى البدء بالعمل‬

‫ال درامي‪ ,‬وهي مجموعة من التم ارين ال تي تعمل على ش حن الف رد بس عرات حرارية وطاقة تس اعده على‬

‫القيام بجهد جسدي متواصل‪.‬‬

‫إن تمارين اإلحم اء ترتكز على التنفس السليم ودوره في فتح القنوات الجسدية المختلف ة‪ ,‬وإلث ارة‬

‫الجه از التنفسي وتع ديل عمل ه‪ ,‬ص ممت تم ارين الس ير وال ركض بس رعاتها المختلف ة‪ ,‬وتم ارين التنفس‬

‫الجماعي‪ ,‬وتمارين تليين المفاصل وغيرها من التمارين التي تشجع المتدرب (المسترشد) على نقل جسده‬

‫إلى منطقة جدي دة لم يختبرها بع د‪ ,‬أو تناسي وجودها مع ال زمن‪ ,‬وتكفل بن اء جماعة منس جمة بعد كسر‬

‫(‪)15 – 10‬‬ ‫الح واجز‪ ,‬وخلق ثقة متبادلة بين أفراده ا‪ ,‬وع ادة ما تس تغرق تم ارين اإلحم اء ما بين‬

‫دقيقة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التركيز‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫هو يقظة الح واس وتفاعلها نحو هدف معين‪ ,‬وهو هنا مص طلح يطل ق على التم ارين ال تي تلي‬

‫اإلحم اء في العمل ال درامي‪ ,‬ويس اعد الترك يز على تهيئة العقل للقي ام بفعل ما بطريقة معمق ة‪ ,‬وفي ال وقت‬

‫نفسه المحافظة على االتصال مع العناصر األخرى المحيطة بذلك الفعل‪.‬‬

‫ومن خالل تمارين التركيز يمكن للمسترشد أن يصل إلى إثارة حواسه‪ ,‬واستفزاز خياله واستنباط‬

‫مشاعره وربط المفاهيم المجردة بالتعبيرات اللغوية والحسية والجسدية‪ ,‬مما يساعده على مضاعفة أدائه‬

‫وتحسين إدراكه لذاته وما حوله‪.‬‬

‫إن تم ارين إيق اظ الح واس تس اعد المسترشد على تط وير وعي ه ام بما ي دور حوله ليس فقط في‬

‫العمل المباشر في العمل ال درامي‪ ,‬وإ نما تنعكس عن أداءه اإلجم الي في حياته عام ة‪ ,‬كما أن تنش يط‬

‫ال ذاكرة له أهمية مزدوج ة‪ ,‬آنية ومس تقبلية‪ ,‬فمعرفة الش يء ليس كجهل ه‪ ,‬فهي في الغ الب ت دخل المسترشد‬

‫إلى مناطق جديدة في وعيه لذاته‪ ,‬وعبر التركيز نحن نضمن تهيئة صحيحة للذهن بعد أن تهيأ الجسد في‬

‫اإلحماء حتى ينتقل المتدرب إلى مرحلة االرتجال‪ ,‬انطالقة الروح نحو اإلبداع‪.‬‬

‫وتش كل تم ارين الترك يز في المرحلة األولى من ورشة ال دراما ثلث الم دة الزمنية للجلسة‬

‫‪– 10‬‬ ‫اإلرشادية‪ ,‬وتبدأ هذه المرة بالتقلص تدريجياً مع التقدم في الجلسات اإلرشادية‪ ,‬لتصبح مدتها‬

‫‪ 15‬دقيقة‪.‬‬

‫طرق العالج التعبيري وأساليبه‪:‬‬

‫فنيات الرسم‪:‬‬

‫أقالم التلوين‪ :‬تستخدم أقالم التلوين كأداة اسقاطية تكشف السياق النفسي والبيئي الذي يعيش فيه الفرد‪,‬‬ ‫‪.1‬‬

‫حيث يقدم أقالم تلوين وأوراق للمسترشدين ويطلب منهم أن يرسموا في أحد العناوين التالية‪ :‬موقف مهم‬

‫بالنسبة لك‪ ,‬أو حلم حلمت به‪ ,‬األعمال التي يقوم أسرتك معاً‪ ,‬دون إبداء أي اقتراحات حول تفاصيل هذه‬

‫المواقف واأللوان المستخدمة‪ ,‬وفي أثناء قيام المسترشدين بالرسم يتجول المرشد بينهم ويأخذ مالحظاته‬

‫‪65‬‬
‫حول سلوك الفرد أثناء الرسم‪ ,‬وفي نهاية الرسم يالحظ المرشد اإليقاع العام المتعلق بالرسم‪ ,‬األلوان‬

‫المستخدمة‪ ,‬أنواع الخطوط المستخدمة‪ ...‬الخ‪ ,‬كما يسأل المسترشد أن يخبره بقصة هذا الرسم وأحداثه‪,‬‬

‫ويسأل هل يتذكر أحداث أخرى لم يرسمها متعلقة بالرسم‪ ,‬إن هذا من شأنه أن يؤدي إلى أن يبصر الفرد‬

‫بذاته من خالل فهمه لسلوك الرسم‪ .‬لقد ثبت أن استخدام ألوان الرسم لها أثر فعال لعالج األطفال‬

‫المشكلين سلوكياً والعصبيين‪ ,‬فالجلسة العالجية تتضمن مالحظة مالمح الشخصية التي تم التعبير عنها‬

‫بالرسم‪ ,‬ومدى اتساق المهارات الحس الحركية‪.‬‬

‫لعبة رسم الخطوط (الخربشة)‪ :‬يبدأ المرشد برسم خربشات وخطوط مائلة معقوفة‪ ,‬وبعد ذلك يرسم‬ ‫‪.2‬‬

‫المسترشد األدوار‪ ,‬حيث يرسم المسترشد خطوط مائلة معقوفة ويكمل المرشد هذا الرسم ويعطيه معنى‬

‫معين‪ ,‬وهنا يخبر المرشد المسترشد ماذا يقصد برسمه ذا ويسمح للمسترشد بطرح األسئلة على المرشد‬

‫المتعلقة بالرسم وتستمر اللعبة بهذه الطريقة التفاعلية العالجية‪ .‬وتعد هذه الطريقة أسلوباً لطيفاً لكشف‬

‫مستويات الالشعور عند األفراد من حيث إكمال الخطوط الناقصة بتخيل ما يمكن أن يتممها ويعطيها‬

‫معنى (إسقاط)‪.‬‬

‫لعبة رسوم العائلة‪ :‬يطلب المرشد من أعضاء العائلة أن يرسموا صوراً تعبر عن التفاعل الجاري بين‬ ‫‪.3‬‬

‫كل شخص وعضو أخر داخل العائلة‪ ,‬وقد يشترك األعضاء في هذه الرسومات‪ ,‬ثم يسأل المرشد ماذا‬

‫يرون في هذه الرسوم (يصفونها) ما هو الدال فيها‪ ,‬ما هو الغريب‪ ,‬وما هي االختالفات بين رسومهم‪,‬‬

‫وخالل هذا الجو التفاعلي يالحظ المرشد أنماط االتصال الجارية بين أعضاء األسرة‪ ,‬النكتة‪ ,‬األلفة‪ ,‬ومن‬

‫خالل هذا النشاط يزداد األفراد استبصاراً بذواتهم وفهماً آلليات التفاعل الجارية بينهم‪.‬‬

‫القناع‪ :‬إن ارتداء المسترشد القناع له فقيمة مهمة في العملية اإلرشادية‪ ,‬فهذا النشاط يعد كرحلة يقوم‬ ‫‪.4‬‬

‫بها المسترشد ليصل إلى أعماقه الداخلية مروراً بشخصيته‪ ,‬خاصة إذا كان ذلك مباشرة أثناء الجلسات‬

‫اإلرشادية‪ ,‬وحتى تكون وظيفة القناع فاعلة ال بد أن يدرك المرشد بينه وبين ذاته شخصيته الخارجية‬

‫الظاهرية وشخصيته الجوهرية‪ ,‬فالقناع جسر بين العالم المادي الذي يعيشه الفرد وعالمه الروحي‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫فالمسترشد يختار أحد أشكال األقنعة الموجودة في الغرفة اإلرشادية ويختار ما يناسب منها لتكون انعكاساً‬
‫عن أعماقه الداخلية‪ ,‬فالقناع يتيح للمسترشد أن يتحرر من قيود عالمه الواقعي وأن يغوص في عالم‬

‫خاص به‪ ,‬ليعبر من خالل ذلك عن حاجاته وما هي أنواع الدعم التي يحتاجها‪.‬‬

‫تفسير التعبيرات الفنية‪:‬‬

‫إن المرشد يستطيع أن يقدم تفسيراته للمسترشد بعد أن يتأكد أن المسترشد سيقبل هذه التفسيرات‬

‫دون أية تحفظات‪ ,‬فيجب على المسترشد أن يقبل بعض التفسيرات المتعلقة بآالمه وسلبياته وأفكاره‬

‫ومعتقداته خاصة الالمنطقية منها وهذا لن يحدث ما لم تخرج هذه المسائل وتطفو على سطح الشعور بعد‬

‫تركها لالشعور وبعد أن يتم ذلك ال بد أن تخرج هذه الصراعات على شكل تعبيرات فنية يستطيع‬

‫المسترشد رؤيتها وحسها وإ دراكها عن طريق أعمال فنية كالرسم والتلوين‪ ...‬الخ‪ ,‬وهنا يقد المسترشد أن‬

‫يواجه هذه الصراعات ويحلها وذلك بعد أن استطاع أن يعرف منشأها والذي لم يكن متاحاً له قبل ذلك ‪,‬‬

‫وفن طريق النشاطات التعبيرية يتخلص المسترشد من صراعاته بطريقة بناءة وفعالة‪.‬‬

‫إن أول وظيفة للمرشد هي أن يترك مجاالً للمسترشد وأن يخلق له مساحة تظهر عليها تعبيراته‬

‫الداخلية بأمان‪ ,‬فعادة ال يتم اللجوء إلى تفسير سلوكيات المسترشد خاصة إذا كانت انفعاالته وصراعاته‬

‫في مستوى الالشعور‪ ,‬وقد اقترح روسن (‪ )1993‬طريقة للوصول إلى مستويات الالشعور حيث يرسم‬

‫المسترشد دائرة يقسمها إلى أريعة أجزاء ويطلب منه أن يرسم أي موقف يتعلق باألب أو صورة األب في‬

‫الربع األعلى األيسر‪ ,‬وفي الربع األعلى األيمن يرسم ما يتعلق بمستقبله وكيف يراه‪ ,‬وفي الربع األسفل‬

‫األيمن يرسم ما يتعلق باألم وصورتها في نفسه‪ ,‬وفي الربع األسفل األيسر يرسم أحد الموضوعات التي‬

‫تهمه وتجد في نفسه إلحاحاً‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫اللعب العالجي‪:‬‬

‫العالج باللعب بالرمل‪:‬‬

‫إن اللعب بالرمل يعد أو يسمى بالخيال النشط حيث يتاح للطفل أن يصنع ما يحلو له من أشكال‬

‫وتعبيرات فنية باستخدام الرمل‪ ,‬فهو يصنع منتوجات متعلقة بعالمه الواقعي‪.‬‬

‫رواية القصص‪:‬‬

‫إن رواية القصص تلعب دوراً مهماً في ثالث جوانب هي‪:‬‬

‫تعليم األطفال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تزويد الناس بالحكم والعبر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التعرف على التاريخ الشفهي للعائلة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وهنا يطلب المرشد من المسترشد أن يروي له قصصاً متعلقة بتاريخه العائلي أو أحد‬

‫الموضوعات التي قد يقترحها المرشد‪.‬‬

‫لقد اقترح روبرتسي (‪ )1994‬خمسة طرق للعمل مع القصة هي‪:‬‬

‫سماع القصص المتعلقة بالتاريخ العائلي‪ :‬وهذا من شانه أن يساعد المرشد في معرفة الخبرات‬ ‫‪.1‬‬

‫المميزة التي مرت بها العائلة‪.‬‬

‫موضوع القصة‪ :‬يقترح المرشد على المسترشد أن يروي له قصة متعلقة بأحد الموضوعات العائلية‬ ‫‪.2‬‬

‫(المال‪ ,‬األلفة‪ ,‬الخيانة‪ ,‬الثقة‪ ,‬العالقات بين األعضاء)‪.‬‬

‫تماسك القصة‪ :‬هل القصة التي يريدها المسترشد متماسكة أو متمزقة وهناك تشتت واختالط بين‬ ‫‪.3‬‬

‫أحداث القصة‪.‬‬

‫إعادة القصة‪ :‬تساعد المسترشد في إعادة ترتيب أحاث القصة بشكل متسق‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪68‬‬
‫اختراع قصة‪ :‬يطلب المرشد من المسترشد أن يتخيل قصة ما متعلقة بمستقبله قصة واقعية أو‬ ‫‪.5‬‬

‫مجازية خيالية خاصة تلك الموضوعات المتعلقة باألحداث التي يتعامل معها المسترشد في حياته‬

‫الواقعية‪.‬‬

‫يالحظ المرشد التعبيرات االنفعالية اللفظية وغي اللفظية التي تخللت رواية القصة والتي من‬

‫شأنها أن تكشف مستويات الالشعور عند المسترشد‪ ,‬وقد يطلب المرشد من المسترشد أن يكتب القصة‬

‫التي يرويها ليخلق ‪1‬ذلك حواراً بينه وبين ذاته‪.‬‬

‫إن الرموز والصور واألساطير الخيالية التي يعرضها المسترشد أثناء روايته للقصة تكشف عن‬

‫الخبرات العميقة المستترة في ذات المسترشد‪ ,‬إن هذا النشاط من شانه أن يجعل المسترشد أكثر استبصاراً‬
‫بذاته‪.‬‬

‫الحديث بالفن العالجي‪:‬‬

‫إن العالج النفسي يستهدف فهم المحادثة الجارية بين المرشد والمسترشد‪ ,‬إن هذه الفنية تقوم على‬

‫الحوار بين المرشد والمسترشد حيث يبدأ المسترشد بالرسم ويكمل ذلك المرشد وهكذا‪ ,‬إن لهذا الحوار‬

‫الفني دون الكالم من شانه أن يجعل المسترشد ينغمس في خياله لوضع مكونات الالشعور على ورقة‬

‫الرسم‪.‬‬

‫إن األفراد يكتسبون خبرات جديدة بسبب تفاعلهم مع محيطهم (الوالدين‪ ,‬األصدقاء‪,‬‬

‫والمؤسسات)‪ ,‬والعالج واإلرشاد النفسي هو فرصة أخرى لتحقيق النمو النفسي واكتساب الخبرات من‬

‫خالل التفاعل االجتماعي الجاري في الجلسات العالجية أو اإلرشادية مع اآلخرين‪ ,‬فالعالج النفسي قد‬

‫يكون فردياً أو جماعياً‪.‬‬

‫والستعراض التقنيات العالجية نحن بحاجة أن نقف على األسس النظرية والتطبيقات التي بنيت‬

‫عليها هذه التقنيات‪ .‬ومن بين هذه التقنيات العالج التعبيري‪ ,‬ولمعرفة ما المقصود بهذا النوع من العالج‪,‬‬

‫حاول أن تجيب على األسئلة التالية‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ .1‬كيف يختلف العالج التعبيري عن بقية األساليب السلوكية العالجية األخرى؟‬

‫سم ثالث أشكال من أشكال العالج التعبيري وقم بوصفها وتعريفها؟‬


‫‪ّ .2‬‬
‫‪ .3‬ما هي الفنيات المستخدمة لتعديل السلوك في العالج التعبيري؟‬

‫‪ .4‬قم بوصف أنواع الجماعات العالجية؟‬

‫العالج التعبيري والمراحل العمرية‪:‬‬

‫إن هذه الطريقة الشمولية في العالج طورتها ماري خوسي لمساعدة األفراد في جميع األعمار‬

‫للتعامل مع أعراضهم واضطراباتهم‪ ,‬وضغوطهم أو مشكالتهم‪.‬‬

‫إن العالج التعبيري يقوم على دمج الوسائل اللفظية (اللعب العالجي‪ ,‬اللعب بالرمل‪ ,‬القصة‬

‫والرواية‪ ,‬الكتابة‪ ,‬الموسيقى‪ ,‬اإليقاع الحركي‪ ,‬التصوير الفوتوغرافي‪ ,‬وأعمال الخياطة) في سبيل‬

‫مساعدة األفراد في التعبير عن مشاعرهم وانفعاالتهم‪ ,‬إن كل طريقة أو وسيلة من الوسائل السابقة‬

‫تتناسب والمرحلة العمرية مع المطالب النمائية لكل مرحلة وخصائصها التطويرية واالهتمامات‬

‫والحاجات المتعلقة بكل مرحلة نمائية‪.‬‬

‫فالراشدين مثالً األفراد واألزواج‪ ,‬ورغم أن األسلوب التقليدي في العملية العالجية المتبعة معهم‬

‫هي اإلرشاد اللفظي‪ ,‬فإن العالج التعبيري يستطيع أن يقف على أسباب المشكالت التي قد تعجز الكلمات‬

‫عن وصفها في أحيان كثيرة‪ ,‬فخالل العالقة اإلرشادية والعملية العالجية التي يتخللها أنشطة تعبيرية‬

‫كأعمال الرسم والتلوين والخياطة والكتابة أو اللعب بالطين أو الرمل‪ ,‬فإن جميع هذه األنشطة تعكس‬

‫الحالة االنفعالية التي تسيطر على الفرد‪ ,‬مما يجعلنا نضع أيدينا على أسباب المشكالت أو الظروف التي‬

‫دعت لحدوث المشكالت‪.‬‬

‫أما األطفال فإنهم ال يستطيعون أن يعبروا عن ذواتهم لفظياً خاصة الصغار منهم‪ ,‬ولكن خالل‬

‫اللعب نستطيع الحكم على أفكارهم واتجاهاتهم وخبراتهم وكيف يفهمون ويتعاملون مع العالم من حولهم‪,‬‬

‫‪70‬‬
‫فخالل اللعب يستطيع األطفال أن يسقطوا انفعاالتهم على ألعابهم بسبب االحباطات المتكررة والفشل الذي‬

‫تعرضوا له خاصة اللعب اإليهامي أو التخيلي‪.‬‬

‫وعموماً فإن المشكالت التي يستطيع أن يتعامل معها العالج التعبيري‪:‬‬

‫المشكالت االنفعالية‪ ,‬والجسدية المتعلقة بالتآزر الحس حركي‪ ,‬والمشكالت الجنسية‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫مشكالت الدافعية واإلنجاز والتكيف‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫مشكالت خبرات الحرمان والفقر‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫المشكالت المتعلقة باالنفصال والطالق واالنتقال‪.‬‬ ‫‪.10‬‬

‫المشكالت المتعلقة بضغوط العمل‪.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫مشكالت الصدمات واألأأزمات النفسية الحادة خاصة االكتئاب‪.‬‬ ‫‪.12‬‬

‫كما أن العالج التعبيري قد يكون مفيداً مع حاالت‪:‬‬

‫األطفال المتوحدين (األوتزم) مضام األطفال‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫اآلالم المزمنة‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫اإلعاقات الجسدية‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫مشكالت تفرط االنتباه والنشاط الزائد‪.‬‬ ‫‪.10‬‬

‫القلق والكآبة والحزن‪.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫مشكالت النوم‪.‬‬ ‫‪.12‬‬

‫‪71‬‬
‫أوالً‪ :‬العالج بالقراءة ‪:‬‬

‫تطورت وتنوعت أساليب العالج النفسي للمشكالت النفسية التي تواجه الكثير من أفراد‬

‫المجتمع‪ ،‬ومن أساليب ومناهج وطرق العالج النفسي ( العالج بالقراءة ) وحيث لهذا النوع من العالج‬

‫إيجابياته‪ ،‬وحيث تجاوز العالج بالقراءة في الواليات المتحدة األمريكية وأنحاء متفرقة من العالم قيوده‬

‫السابقة‪ ،‬ومع استخدامه من جانب أمناء المكتبات كأداة عالجية أصبح أمرا معترفا به‪ ،‬ويقدمه ويصفه‬

‫علماء النفس والمعالجين النفسانيين ومؤسسات العالج األخرى‪.‬‬

‫اإلرشاد بالقراءة ‪:‬‬

‫لعل أول إشارة إلى العالج بالقراءة في معناها الواسع ـ أي استخدام الكتب في عالج المرض ـ‬

‫قد جاءت من القرن الثالث عشر في العصور الوسطى اإلسالمية‪ ،‬حيث كان القرآن الكريم ُيستخدم‬

‫لعالج المرضى في مستشفى المنصور بالقاهرة‪ ،‬فقد كان من برنامج العالج بالجراحة والعقاقير‪،‬‬

‫‪72‬‬
‫ترتيب بعض المقرئين ليقرءوا القرآن للمرضى ليل نهار‪ ،‬وقد شهدت القرون التالية مزيدا من استخدام‬

‫الكتب المقدسة والكتابات الدينية األخرى في عالج المرضى؛ وهو ما أدى إلى دعم مكتبات‬

‫المستشفيات‪ ،‬والمؤسسات العالجية‪ ،‬بمجموعات من الكتب الدينية‪ ،‬هكذا بدأت أولى مكتبات المرضى‪.‬‬

‫وفي أوروبا في نهاية القرن الثامن عشر مورس العالج بالقراءة ـ وإ ن كان لم يعرف بهذا‬

‫االسم ـ حين قام البعض باستخدام القراءة لعالج المضطربين عقلياً‪ ،‬وقد اشتهر بنيامين روش بأنه أول‬

‫من أوصى بالقراءة في عالج المرضى‪ ،‬وكان ذلك في عام ‪.1802‬‬

‫لقد ارتبط العالج بالقراءة منذ مطلع القرن التاسع عشر بتطور الخدمات المكتبية في‬

‫المستشفيات‪ ،‬خاصة مستشفيات األمراض العقلية في الواليات المتحدة‪ ،‬ولكن على وجه العموم يعتبر‬

‫العالج بالقراءة ثمرة هامة من ثمرات النصف األول من القرن العشرين‪ ،‬مع ازدياد عدد المستشفيات‬

‫الداخلة إلى مجال القراءة العالجية‪ ،‬ومع زيادة عدد مكتبات المستشفيات التي أصبحت مراكز للتدريب‬

‫على أعمال العالج بالقراءة‪.‬‬

‫وخالل الحرب العالمية األولى لقيت عمليات العالج بالقراءة دفعة قوية ممارسة وتنظيرا؛ فقد‬

‫قام المكتبيون واألشخاص العاديون وعلى رأسهم الصليب األحمر واتحاد المكتبات األمريكية ببناء‬

‫المكتبات وتجهيزها بالمجموعات في المستشفيات العسكرية‪.‬‬

‫وبعد الحرب العالمية الثانية انتعشت عمليات العالج الجماعي‪ ,‬وكان سبب هذا االنتعاش‬

‫اقتصاديا حيث كان عدد المرضى كثيرا جدا‪ ،‬وال يوجد عدد كاف من األطباء‪ ،‬فكان األخصائي الواحد‬

‫في العالج الجماعي يتناول عشرين حالة بدال من أربع حاالت فقط في طريقة التحليل النفسي‪.‬‬

‫أهمية العالج بالقراءة ‪:‬‬

‫تجدد االهتمام في العقدين األخيرين على نطاق واسع بالعالج بالقراءة أو بالكتاب كدور مهم‬

‫للمكتبي واختصاصي المعلومات‪ ،‬حيث تستخدم القراءة الموجهة في مقاصد تعلىمية وإ رشادية توجيهية‬

‫للعالج والتطوير وتنمية قدرات الطالب الفائقين من قبل أمناء المكتبات بمفردهم‪ ،‬أو بالتعاون مع‬

‫‪73‬‬
‫المعلمين‪ ،‬أو المعالجين النفسيين‪ ،‬واألطباء‪ ،‬باإلضافة لالستخدام الذاتي من قبل األفراد لبعض الكتب‬

‫والمصادر اإلرشادية والمبرمجة لعالج بعض المشكالت‪ ،‬والتطوير الذاتي في مختلف المجاالت‪ ،‬وقد‬

‫استخدم هذا النوع من العالج على مستويات متعددة للكبار والصغار ألغراض تصحيح السلوك‪ ،‬والتعلىم‪،‬‬

‫وتطوير الذات‪ ،‬باإلضافة الستخدامه في عالج المشكالت المرضية‪ ،‬وقد أظهرت الدراسات الحديثة‪ ،‬في‬

‫مجال العالج بالقراءة فاعلىة هذا النوع من العالج في تغيير السلوك والحالة النفسية بشكل كبير‪ ،‬حتى أن‬

‫العديد من تلك الدراسات لم تجد هناك فارقاً إحصائياً يعتد به بين النتائج التي حققتها جلسات المعالج‬

‫النفسي‪ ،‬وتلك التي تحققت من خالل العالج بالقراءة‪ ،‬وقد أثبتت تلك الدراسات بشكل عام أن استخدام‬

‫العالج بالقراءة مع وسائل أخرى من العالج تؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل في كل األحوال أكثر من‬

‫استخدام العالج النفسي دون العالج بالقراءة‪ ،‬وقد أظهرت دراسة طبقت لقياس مدى استخدام المعالجين‬

‫النفسيين األمريكيين للعالج بالقراءة أن نحواً من ‪ %85‬قد استعانوا بأساليب العالج بالقراءة في عالج‬

‫مرضاهم‪ ،‬وأفاد معظمهم (‪ ) %88‬أنهم يريدون من وراء ذلك تحقيق المشاركة االيجابية من المرضى‬

‫لمساعدة أنفسهم‪ ،‬كما أظهرت دراسة حديثة أجريت في أونتاريو الكندية أن نحو من ‪ %68‬من المعالجين‬

‫النفسيين أقروا بأنهم يستخدمون أساليب العالج بالقراءة في عالج مرضاهم‪ ،‬كما لوحظ‪ ،‬بفارق إحصائي‬

‫يعتد به‪ ،‬أن المعالجين من ذوى الخبرة التي تزيد عن ‪ 10‬سنوات في الممارسة النفسية يستخدمون العالج‬

‫بالقراءة أكثر ممن تنقصهم تلك الخبرات‪ ،‬ووجدت الدراسة عالقة ملحوظة بين استخدام العالج بالقراءة‬

‫وتحقيق نتائج أفضل من خالل العالج‪ ،‬بينما أظهرت الدراسات األقدم في هذا المجال كتلك التي أجريت‬

‫في عام ‪ 1988‬لقياس نفس الظاهرة أن معظم المعالجين النفسيين الخاضعين للدراسة (‪ )%60‬قد‬

‫استخدموا أساليب العالج بالقراءة في معالجة مرضاهم‪.‬‬

‫مصطلحات العالج بالقراءة‪:‬‬

‫يالحظ المطالع لألدبيات العربية المتخصصة في موضوع العالج بالقراءة‪ ،‬عدم استقرار‬

‫المصطلحات العربية المستخدمة لوصف تلك الخدمات‪ ،‬فتارة يشار إليها بألفاظ أجنبية مرسومة بحروف‬

‫‪74‬‬
‫عربية كمصطلح الببليوثيرابيقا‪ ،‬والببليوثيرابيا‪ ،‬في حين يشار إليها كذلك على أنها فن العالج بالكتب‪،‬‬

‫والعالج بالكتاب والقراءة‪ ،‬وكذلك العالج بالقراءة‪ ،‬في حين يستخدم المصطلح ‪Bibliotherapy‬‬

‫باإلنجليزية كمقابل للعالج بالقراءة أو بالكتاب‪ ،‬حيث يتركب المصطلح من كلمتين‪ ،‬األولى ‪biblion‬‬

‫ومعناها الكتاب‪ ،‬والثانية ‪ theropeia‬ومعناها العالج‪ ،‬وهو مصطلح كان كروذرز ‪ Crothers‬قد صاغه‬

‫في عام ‪ 1916‬و استخدمه في مقال نشر له في مجلة ‪ Atlantic Monthely‬ووصف فيها العالج‬

‫بوصفات من الكتب التي يتم ترشيحها للمرضى ممن يحتاجون لفهم وإ دراك طبيعة المشكالت التي يعانون‬

‫منها وأطلق على تلك الطريقة اسم العالج بالقراءة أو ‪. Bibliotherapy‬‬

‫تعريف العالج بالقراءة ‪:‬‬

‫استخدم مصطلح اإلرشاد بالقراءة أو ( القراءة اإلرشادية ) في بحوث ودراسات مبكرة ويطلق‬

‫علىه البعض القراءة العالجية‪ ،‬والعالج بالقراءة مساعد غير مباشر‪ ،‬ذو قيمة كبيرة في كثير من‬

‫األحيان‪ ،‬ويعتبر بعض المعالجين بالقراءة نوعا من العالج بالعمل جنبا إلى جنب مع الحرفة اليدوية‬

‫واأللعاب الرياضية والنشاط الجماعي‪.‬‬

‫والعالج بالقراءة هو استخدام مواد مكتوبة يقرؤها المريض ويتفاعل معها ويستفيد منها لتحقيق‬

‫التوافق والصحة النفسية‪ ،‬واإلرشاد بالقراءة هو‪ :‬استخدام مواد مكتوبة مثل‪ :‬الكتب والكتيبات أو‬

‫النشرات أو الموديوالت وغيرها من المواد التي تقرأ‪ ،‬يقرؤها المسترشد ويتفاعل معها ويستفيد منها‬

‫في العملية اإلرشادية‪.‬‬

‫ويتضمن اإلرشاد بالقراءة التفاعل الدينامي بين شخصية القارئ والمادة المقروءة‪ ،‬والذي‬

‫يوظف إلحداث التوافق والنمو السوي‪ ،‬وتحقيق الصحة النفسية‪.‬‬

‫أنواع العالج بالقراءة ‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫يعتبر العالج بالقراءة بنوعيه الرئيسيين‪ :‬العالج الموجه بالقراءة‪ ،‬والعالج الذاتي بالقراءة‪ ،‬من‬

‫أكثر األنواع العامة للعالج بالقراءة انتشاراً اليوم‪ ،‬حيث العالج الموجه هو العالج الذي يشارك فيه‬

‫شخص مهني متخصص مع القارئ أو المستمع للقراءة‪ ،‬سواء باختيار مادة القراءة ومناقشتها مع القارئ‬

‫بعد القراءة أحياناً‪ ،‬أو بالقراءة المباشرة للمستمع‪ ،‬بينما يقوم المتلقي في العالج الذاتي بمعالجة نفسه ذاتياً‬
‫مستعيناً ببرامج وكتب إرشادية ومواد مبرمجة لتحقيق غايات محددة‪ ،‬وحل المشكالت بأنواعها‪ ،‬سواء‬

‫أكانت مشكالت نفسية أم تعلىمية أم غيرها‪ ،‬أو استخدامها لتطوير الذات في مجاالت مختلفة‪ .‬وتضاف‬

‫أحياناً للنوعين السابقين نوعان آخران للعالج من خالل التعبير المكتوب والشفهي‪ ،‬فيقوم الشخص في تلك‬

‫الحالة بكتابة المواد األدبية من نثر أو شعر أو قصة أو مذكراته وترجماته الذاتية وغيرها‪ ،‬أو يقوم‬

‫بالتعبير عنها شفاهة‪ ،‬بينما تركز هذه الدراسة على التعرف على العالج بالقراءة لألغراض التعلىمية وفي‬

‫التعامل مع األطفال والناشئة‪.‬‬

‫أهداف العالج بالقراءة ‪:‬‬

‫تعتمد فكرة العالج بالقراء ة في الكثير من األحيان على ما تقدمه للقارئ أو المستمع والمتلقي من‬

‫عزاء وتخفيف عن النفس‪ ،‬أو خلق للدافعية والتشجيع والتعزيز ألفكار أو سلوكيات أو مفاهيم من خالل‬

‫مضمونها الذي يتم اختياره من قبل المختص حسب ظروف وطبيعة كل حالة خاصة يتعامل معها‪ ،‬بما‬

‫يحث ذلك المتلقي للتفاعل مع مضمون المادة المستخدمة في العالج بالقراءة بسبب التشابه في الظروف أو‬

‫الشخصية أو األحداث أو غيرها‪ ،‬بغرض تغيير سلوكه‪ ،‬أو اتجاهاته‪ ،‬أو العادات التي يمارسها‪ ،‬أو تغيير‬

‫فهمه لألمور ورؤيتها من منظور جديد‪ ،‬أو الوصول لنتائج وحلول مقصودة لمشكالته الواقعية التي يعاني‬

‫منها‪ ،‬وبشكل عام فان أهم األهداف التي يمكن تحقيقها لدى المتلقي من خالل العالج بالقراءة تكون‬

‫الوصول لواحد أو أكثر من النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ ‬التربية والتعليم (معلومات‪ ،‬ميول‪ ،‬اتصال بالواقع‪ ،‬نمو البصيرة‪ ،‬والتسلية‪ ،‬والتوحد مع الجماعة‪،‬‬

‫وعلى هذا يعتبر البعض نوعا من العالج األكاديمي ‪).Academic Therapy‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ ‬اإلسهام في تشكيل البناء المعرفي للعميل‪ ،‬واكتساب المسترشد معارف حول مشكلته‪.‬‬

‫‪ ‬تعلم المسترشد التفكير اإليجابي البناء‪.‬‬

‫‪ ‬مساعدة المسترشد على تحليل اتجاهاته وسلوكياته‪.‬‬

‫‪ ‬إتاحة الفرصة أمام المسترشد لوضع حلول بديلة‪.‬‬

‫‪ ‬تشجيع المسترشد على التوافق مع المشكلة‪.‬‬

‫‪ ‬مساعدة المسترشد على مقارنة مشكلته بمشكالت اآلخرين‪.‬‬

‫ويقسم الدكتور شعبان خليفة األمراض إلى أربع فئات في مقابل أربعة أنواع من العالج وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬المرض البدني البحت الذي يعالج بالعقاقير والجراحة فقط‪.‬‬

‫‪ .2‬المرض الروحي البحت الذي يعالج كلية بالقراءة‪.‬‬

‫‪ .3‬المرض النفسبدني الذي يعالج بالقراءة والعقاقير معا‪.‬‬

‫‪ .4‬المرض البدني النفسي الذي يعالج بالعقاقير والقراءة معا‪.‬‬

‫وربما كان للتركيز على اإلنسان الكلي كطريقة للعالج في العقود األخيرة أثره على االعتراف‬

‫بأن اإلنسان ليس سوى كل متكامل من االحتياجات الفيزيقية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬وهو ما دفع بعملية‬

‫العالج بالقراءة خطوات إلى األمام‪ ،‬حتى ظهرت مجموعة من العالجات المساعدة للعالج الطبي مثل‪:‬‬

‫العالج بالشعر‪ ،‬والعالج بالموسيقى‪ ،‬والعالج بالفن وقد أخذ العالج بالقراءة مرتبة عالية بين تلك‬

‫العالجات الجديدة‪.‬‬

‫اإليمان طريق الشفاء ‪:‬‬

‫من الجدير بالذكر أنه قد أجريت تجارب للعالج بالقرآن الكريم في والية فلوريدا على خمسة‬

‫من المتطوعين األصحاء من غير المسلمين ووجد أنه في ‪ %97‬من تلك الجلسات كان لتالوة القرآن‬

‫‪77‬‬
‫الكريم أثرها على تهدئة الجهاز العصبي لديهم‪ ،‬ووجود تغيرات فسيولوجية لديهم تدل على تخفيف حدة‬

‫التوتر رغم أنهم من غير الناطقين بالعربية‪.‬‬

‫أفضل مصادر القراءة ‪:‬‬

‫السير الشخصية‪ ،‬والقصص التي تتناول الخبرات البشرية المتنوعة مثل‪ :‬الحياة الزوجية‬

‫واألسرية‪ ،‬ومظاهر النمو‪ ،‬والتوافق‪ ،‬وأفضل كل ما يقرأ الكتب السماوية‪ ،‬حيث يؤخذ منها أفضل‬

‫معايير السلوك‪.‬‬

‫إجراءات اإلرشاد بالقراءة ‪:‬‬

‫يستلزم توجيه المريض في إطار العالج بالقراءة‪ ،‬االهتمام بمعرفة خلفيته التعلىمية والثقافية‪،‬‬

‫وميوله‪ ،‬واهتماماته وحاجاته وهواياته‪ ،‬ويتم تحديد مواد القراءة واختيار الكتب والكتيبات والمجالت‬

‫والنشرات‪ ،‬والقصص العلمية أو األدبية بعناية‪ ،‬بواسطة المعالج‪ ،‬ويوجه المريض إلى قراءتها بحيث‬

‫تحقق الفوائد المرجوة من العالج بالقراءة‪ ،‬ويتم تقديم مواد القراءة على أنها مقترحات وليست إلزاماً‪،‬‬

‫مع زيادة الدافعية والتشجيع وتأكيد الفائدة العالجية للمادة المقروءة‪.‬‬

‫وتتلخص إجراءات اإلرشاد بالقراءة فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ .1‬تحديد المادة التي يقرؤها المسترشد في ضوء أهداف عملية اإلرشاد‪ ،‬ومع مراعاة عمره وجنسه‪،‬‬

‫ومستوى فهمه وتعلىمه وخبرته‪.‬‬

‫‪ .2‬تقديم القراءة على أنها مقترحات وليست إلزاما‪ ،‬مع زيادة دافعية المسترشد وتشجيعه على القراءة‬

‫باعتدال‪ ،‬وتأكيد فائدتها اإلرشادية‪.‬‬

‫‪ .3‬مناقشة المادة المقروءة مع المسترشد‪ ،‬حيث تتناول المناقشة التساؤالت‪ ،‬والمشكالت‪ ،‬والمشاعر‪،‬‬

‫واألفكار‪ ،‬واألسباب‪ ،‬والنتائج‪ ،‬وتطبيق المادة المقروءة في حياة المسترشد‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ .4‬اإلرشاد التفاعلى بالقراءة ‪ Interactive Bibliocounselling‬وتكون القراءة موجهة‪ ،‬حيث‬

‫تقدم مادة القراءة إلى المسترشد‪ ،‬ويتفاعل معه المرشد كميسر‪.‬‬

‫‪ .5‬اإلرشاد بالقراءة بمساعدة الذات ‪ Self-help Bibliocounselling‬حيث يقوم المسترشد‬

‫بالقراءة بنفسه‪ ،‬وال تقدم له أي مساعدة في ذلك‪ ،‬ويفيد هنا بصفة خاصة‪ ،‬الموديوالت اإلرشادية‪.‬‬

‫استخدامات اإلرشاد بالقراءة ‪:‬‬

‫غالبا ما يستخدم اإلرشاد بالقراءة كمساعد أو كملحق‪ ،‬ومن أمثلة االستخدامات الناجحة‬
‫ً‬

‫لإلرشاد بالقراءة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ .1‬حاالت قلق االختبارات‪.‬‬

‫‪ .2‬حاالت ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬مثل العميان‪ ،‬المراهقين الجانحين‪.‬‬

‫‪ .3‬حاالت األطفال حتى في المرحلة االبتدائية‪.‬‬

‫‪ .4‬حاالت كبار السن‪ ،‬وخاصة في مجال إرشاد الصحة النفسية‪.‬‬

‫‪ .5‬حاالت المسجونين‪.‬‬

‫‪ .6‬حاالت األمراض المزمنة والخطيرة‪.‬‬

‫‪ .7‬حاالت الوالدين في إرشاد األطفال واإلرشاد األسري‪.‬‬

‫ومعنى هذا أنه يستخدم في حاالت كثيرة منها ‪:‬‬

‫االضطرابات النفسية الجسمية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫االضطرابات النفسية االجتماعية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫االضطرابات االنفعالية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اإلرشاد العالجي للكبار بالقراءة‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫ومصداقاً لذلك فإن دراسة متأنية لإلنتاج الفكري في المكتبات والتربية وعلم النفس عبر‬

‫الخمسين سنة الماضية‪ ،‬تكشف عن استخدام العالج بالقراءة في عالج مجموعة من المخاوف‬

‫‪ Phobias‬كالخوف من الظالم‪ ،‬واألماكن المرتفعة‪ ،‬واألماكن المغلقة وكذلك في عالج القلق‪،‬‬

‫والمشاكل الجنسية‪ ،‬ومشاكل االتجاهات ( كالعنصرية‪ ،‬والعرقية‪ ،‬والنرجسية ) كما استخدم العالج‬

‫بالقراءة في عالج مجموعة أخرى من المشاكل المعقدة مثل‪ :‬االفتقار إلى العالقات‪ ،‬والدافعية‪،‬‬

‫والتوتر‪ ،‬ضبط الوزن‪ ،‬وكذلك بعض المشاكل االجتماعية كالطالق‪ ،‬والشيخوخة‪ ،‬وفقدان األهل‪،‬‬

‫وغيرها من األمراض‪.‬‬

‫مزايا اإلرشاد بالقراءة ‪:‬‬

‫من أهم مزايا اإلرشاد بالقراءة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ ‬اندماج المسترشد انفعاليا مع المادة المقروءة‪.‬‬

‫‪ ‬توفير الوقت في عملية اإلرشاد النفسي‪.‬‬

‫‪ ‬التخفف من التوتر الحيوي النفسي االجتماعي‪.‬‬

‫‪ ‬تنمية رصيد المسترشد عقليا ومعرفيا وتحصيلياً‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬رواية القصص‪:‬‬

‫إن رواية القصص تلعب دوراً مهماً في ثالث جوانب هي‪:‬‬

‫تعلىم األطفال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تزويد الناس بالحكم والعبر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التعرف على التاريخ الشفهي للعائلة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وهنا يطلب المرشد من المسترشد أن يروي له قصصاً متعلقة بتاريخه العائلي أو أحد‬

‫الموضوعات التي قد يقترحها المرشد‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫لقد اقترح روبرتسي (‪ )1994‬خمسة طرق للعمل مع القصة هي‪:‬‬

‫سماع القصص المتعلقة بالتاريخ العائلي‪ :‬وهذا من شانه أن يساعد المرشد في معرفة الخبرات‬ ‫‪.6‬‬

‫المميزة التي مرت بها العائلة‪.‬‬

‫موضوع القصة‪ :‬يقترح المرشد على المسترشد أن يروي له قصة متعلقة بأحد الموضوعات العائلية‬ ‫‪.7‬‬

‫(المال‪ ,‬األلفة‪ ,‬الخيانة‪ ,‬الثقة‪ ,‬العالقات بين األعضاء)‪.‬‬

‫تماسك القصة‪ :‬هل القصة التي يرويها المسترشد متماسكة أو متمزقة وهناك تشتت واختالط بين‬ ‫‪.8‬‬

‫أحداث القصة‪.‬‬

‫إعادة القصة‪ :‬تساعد المسترشد في إعادة ترتيب أحاث القصة بشكل متسق‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫اختراع قصة‪ :‬يطلب المرشد من المسترشد أن يتخيل قصة ما متعلقة بمستقبله قصة واقعية أو‬ ‫‪.10‬‬

‫مجازية خيإلية خاصة تلك الموضوعات المتعلقة باألحداث التي يتعامل معها المسترشد في حياته‬

‫الواقعية‪.‬‬

‫يالحظ المرشد التعبيرات االنفعالية اللفظية وغير اللفظية التي تخللت رواية القصة والتي من‬

‫شأنها أن تكشف مستويات الالشعور عند المسترشد‪ ,‬وقد يطلب المرشد من المسترشد أن يكتب القصة‬

‫التي يرويها ليخلق ذلك حواراً بينه وبين ذاته‪.‬‬

‫إن الرموز والصور واألساطير الخيإلية التي يعرضها المسترشد أثناء روايته للقصة تكشف عن‬

‫الخبرات العميقة المستترة في ذات المسترشد‪ ,‬إن هذا النشاط من شانه أن يجعل المسترشد أكثر استبصاراً‬
‫بذاته‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫التعبير النفسي بالرسم والفن‪:‬‬

‫ان التعبير الفني مهم في تشكيل عمل الفنان‪ ،‬النه بواسطته ُيعبر عما يجول في نفسه من احاسيس‬

‫وفي ذهنه من افكار؛ وهو بذلك يعبر عن الواقع تعبيرا يصور اثر هذا الواقع بالنفس‪ ،‬وليس تسجيال‬

‫للواقع كما هو‪ ،‬فتبدو صورة التعبير متكاملة وشاملة‪.‬‬

‫لذا نستطيع القول ان التعبير الفني يتحكم فيه انفعاالت وعواطف وافكار من يمارس هذا العمل‬

‫من ناحية‪ ،‬وطبيعة الموقف المحيط بهذا الفرد‪ ،‬فيجيء التعبير ذاتيا يصور فيه الفرد مشاعره المرتبطة‬

‫بالواقع الذي يعيشه‪.‬‬

‫كما ان التعبير الفني قد يجيء موضوعيا يتناول قضية او مشكلة تهم الجماعة او المجتمع باكمله‬

‫فتبدو صورة التعيير واضحة ومفهومة النها تخاطب الفروق بين جميع افراد هذا المجتمع‪.‬‬

‫ولذلك نستطيع القول ان التعبير الفني يرتبط بالواقع من ناحيتين‪:‬‬

‫‪ ‬ان الفن والرسم عبارة عن رسوم مجردة ولكنها ذات صلة بالواقع‪.‬‬

‫ان الفن والرسم ذو صبغة وجدانية اكثر من كونه تعبيرا عن الحقيقة اضافة إلى اتصال الفن‬ ‫‪‬‬

‫بموضوعات الواقع‪ ،‬فانه في احيان كثيرة قد ال يرتبط بموضوعات الواقع وال يعرف معنى التعبير الفني‬

‫هنا اال من قام بانتاجه‪ ،‬فهو يعبر عن حياته النفسية وفيه تعبير عن الذاتية‪.‬‬

‫وعموما فان التعبير الفني وانتاجه يقوم على ثالثة مصادر هي‪:‬‬

‫‪ .1‬المصدر التمثيلي‪:‬‬

‫وهذا المصدر يظهر من خالل تصوير الواقع كما هو‪ ،‬فالفرد هنا سيعبر عن مادة فنية من الواقع‪ ،‬فهو‬

‫من خلال مراقبته للطبيعة وتكويناتها والتأثر بها‪ ،‬والرغبة في تصويرها‪ ،‬حيث يقوم الفرد بنقل الواقع في‬

‫تعبيره الفني نقال حرفيا‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ .2‬المصدر الحسي التخيلي‪:‬‬

‫وهنا يجمع الفرد بين الواقع والخيال وبين الشعور والالشعور حيث يبرز الفرد أحاسيسه ومشاعره‬

‫وانفعاالته وافكاره اتجاه الموضوعات الواقعية‪.‬‬

‫‪ .3‬المصدر التجريدي‪:‬‬

‫ويتمثل ذلك في نظرة الفرد إلي الطبيعة‪ ،‬ووصفها بعالقات مقيدة بقيود المنطق والتجريد‪ ،‬مجردة من‬

‫مالمح الطبيعة الوجدانية التي تؤثر في العاطفة والخيال‪.‬‬

‫مفهوم التعبير الفني‪:‬‬

‫وعبر عن المعني أي فسّره‪،‬‬


‫التعبير لغة‪ :‬هو االفصاح‪ ،‬وعبر الرجل عما في نفسه‪ ،‬اي أفصح‪ّ ،‬‬

‫والتعبير في المصطلح الفني هو البوح عما في داخل الشخص نحو موقف ما أو حدث ما أو ظاهرة‬

‫معينة‪ ،‬مستخدما في ذلك الفكر والجسد والكلمة‪.‬‬

‫وقد يصاحب التعبير مجموعة من االنفعاالت التي قد تكون سارة او محزنة‪ ،‬وهذه االنفعاالت قد‬

‫تؤدي في بعض االحيان إلي التعبير بشكل مؤثر‪.‬‬

‫الرسم والتلوين‪:‬‬

‫اوالً‪ :‬مفهوم^ الرسم‪:‬‬

‫هو القدرة على انتاج المرئيات البراز معالم بعدية فوتوغرافية‪.‬‬

‫والرسم من النشاطات التي تحتل مكانة هامة في عالم الطفل وفي التعامل معه في آن معاً‪ ،‬ويلعب‬

‫الطفل دوراً نشيطاً في الرسم‪ ،‬وفي الرسم يحب الطفل أن يؤكد ذاته أو ان يتاكد من قدرته على محاسبة‬

‫العالم‪ ،‬ومن هنا نشوته عندما يرسم ويطلعنا على رسمه الذي يحمل على المستوى الالواعي داللة‬

‫‪83‬‬
‫السيطرة على العالم وعلى صراعاته‪ ،‬فهذه الرغبة تطمئنه ضد مشاعر العجز امام العالم الخارجي‪ ،‬ضد‬

‫العجز أمام رغباته واحتمال احباطها‪.‬‬

‫كذلك فإن الرسم عند الطفل محاولة سيطرة على ما تحمله موضوعات العالم الخارجي من تهديد‬

‫إلمنه‪ ،‬وفي الرسم يعبر الطفل عن نوع معاناته وتخيل دوراَ نشطاَ يسمح به تداخل الواقع والخيال في‬

‫الرسم‪.‬‬

‫والرسم يمثل في بعض االحيان بالنسبة للمريض الصفحة التي تمكنه من ان يعكس علىها ألوان‬

‫صراعاته ومكبوتاته‪ ،‬وما اخفق في تحقيقه وتلك الآالم التي يعانيها نتيجة ضغط المجتمع علىه‪ ،‬فكأن‬

‫الرسم بوجه عام يعطي المجال لشخص كي ينفس عما يعانيه ال شعورياً‪ ،‬وفي الوقت نفسه فالرسم لغة في‬

‫حد ذاته تتيح الفرصة للتعبير المرح والجاد من خالله يتم تشكيل إنتاج جميل وغريب وسار‪.‬‬

‫وتعود فكرة استخدام الفن والرسم كاسلوب عالجي إلى عام ‪ 1872‬حين عمد ‪Tardieu‬‬

‫(تيرديو ) الستخدام االنتاج الفني في التشخيص النفسي‪ ،‬وفي عام ‪ 1929‬استخدم كل من ‪ Hayer‬و‬

‫الرسم في الجلسات العالجية واعتبروه جزءا من هذه الجلسات‪.‬‬ ‫‪Baneth‬‬

‫ومن خالل هذه الجلسات العالجية الفنية تتاح للمريض فرصة لالعراب عن نفسه بانفعاالت اقل‪،‬‬

‫واالتصال ببقية المرضي الذين يؤلفون المجموعة‪ ،‬وهذه الجلسات العالجية يمكنها ان تلحق بجلسات يتم‬

‫بها تفسير المعاني والمعطيات الالواعية التي يعكسها العمل اإلبداعي‪ ،‬كما يمكن اقامة حوار عالجي مع‬

‫بناء على هذه المعطيات‪ ،‬ويستخدم هذا االسلوب مع مختلف الحاالت الذهانية والفصامية‬
‫المسترشد ً‬

‫والهستيرية والوسواسية‪.‬‬

‫ويفيد الرسم كوسيلة تحفيزية لأساليب العالجات االخرى وقبولها‪ ،‬فهو يساعد على الكشف عن‬

‫انماط الشخصية ليتم وضع برنامج او خطة ارشادية فيما بعد‪ ،‬ويعد الرسم من اهم اساليب االرشاد‬

‫المعرفي والتحليلي النه عمل ادراكي واعي وغير واعي وهو ذو طابع اسقاطي وتفريغي‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫عناصر العمل الفني وأسسه‪:‬‬

‫‪ -1‬الخط‪:‬‬

‫يعرف الخط بانه مسار نقطة معينه في اتجاه ما (افقي أو عمودي أو قطري أو متعرج أو‬

‫منحني)‪ ،‬والخطوط هي التي تنقل عين المشاهد من عنصر إلى اخر داخل الرسم‪ ،‬والخطوط لها‬

‫خصائص في الرسم ويرتبط بهذه الخصائص مجموعة من الدالالت والمعاني‪.‬‬

‫ومن الخصائص المرتبطة بالخط ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الوسيلة التي استعملت لرسم الخط‪.‬‬

‫‪ ‬مساحة المسطح وطبيعته الذي رسم عليه الخط‪.‬‬

‫‪ ‬لون الخط وصفته وشكله‪.‬‬

‫‪ ‬اتجاه الخط‪.‬‬

‫‪ ‬هل الخط مستقيم ام متعرج‪.‬‬

‫‪ ‬طول الخط وقصره وسمكه‪.‬‬

‫‪ ‬عالقة الخط بالخطوط المجاورة‪.‬‬

‫وللخطوط إيماءات ودالالت نفسية معينة ومن ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬الخطوط المستقيمة االفقية توحي بالهدوء واالستقرار والثبات‪.‬‬

‫‪ ‬الخطوط المتوازية االفقية المختلفة في السمك والطول تثير الحركة وااليقاع‪.‬‬

‫‪ ‬تالقي الخطوط االفقية مع الخطوط العمودية يدل على االتزان‪.‬‬

‫‪ ‬كثرة استخدام الخطوط االفقية يعبر عن زيادة االحساس باالتساع االفقي‪.‬‬

‫‪ ‬اثبتت الدراسات ان الخطوط الرأسية ترمز إلى الشموخ والقوة والعظمة والوقار‪ ،‬أما الخطوط الرأسية‬

‫المائلة فتعبر عن عدم الإرتياح النفسي‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ ‬ان كثرة استخدامات الخطوط الرأسية يعبر عن االهتمام بالعمق‪.‬‬

‫‪ ‬إن بعد االشكال والخطوط عن بعضها وتكرارها يزيد من االحساس بالقوة والصالبة‪ ،‬ان استخدام‬

‫الخطوط المنحنية على شكل دوائر او حلزونات فانها تعني الوداعة والرقة والرشاقة‪.‬‬

‫‪ -2‬اللون‪:‬‬

‫يعد اللون من مرتكزات العمل الفني‪ ،‬خاصة عندما تمزج مع بعضها‪ ،‬ومن اهم وظائف استخدام‬

‫اللون إطفاء صفة الواقعية على الرسم وايضاح اوجه الشبه واإلختالف بين االشكال والصور المختلفة‪،‬‬

‫كذلك اثارة انتباه المشاهد وإضفاء حالة نفسية معينة وإستجابة عاطفية‪ ،‬فاللون االحمر يرمز للنار والدم‬

‫مثال‪ ،‬واللون االسود للحزن‪ ،‬غير ان هذا يخضع لما تصطلح عليه الجماعة‪ ،‬ولاللوان دالالتها النفسية‪،‬‬

‫فهناك االلوان الحارة الساخنة كاالصفر‪ ،‬والبرتقالي ومشتقاتها‪ ،‬وهناك الوان باردة كالبنفسجي واالخضر‬

‫واالزرق ومشتقاتها‪ ،‬وهناك الوان محايدة كاالبيض واالسود‪.‬‬

‫االلوان ودالالتها النفسية‪:‬‬

‫لأللوان تأثير مباشر على النفس البشرية وهي ذات دالئل نفسية لحالة من قام بالرسم‪:‬‬

‫فاللون األحمر‪ ،‬من بين األلوان جميعاً المثير الذي يسترعي انتباه الجميع ويحوز إعجابهم‪ ،‬وقد دعي بحق‬

‫‪:‬اللون العالمي"‪ ،‬فاألطفال وشعوب العصور األولي‪ ،‬والرجال والنساء المثقفون منهم وغير المثقفين‪ ،‬كلهم‬

‫على السواء يشعرون بارتياح عظيم لدى وقوع بصرهم على اللون األحمر‪ ،‬أما كره هذا اللون فيعود إلى‬

‫أسباب سيكولوجية‪ ،‬أهمها حوادث مزعجة مفزعة مرت بالمرء في عهد الطفولة للون األحمر عالقة‬

‫وثيقة بها‪ ،‬وهذا اللون ال يوافق مزاج األشخاص المرهفين الحس‪ ،‬الشديدين التأثر‪ ،‬ولكنه جزيل النفع‬

‫لذوي النفوس الكئيبة التي يغلب عليها العبوس والسويداء‪ ،‬واللون األحمر يستخدم في شفاء االضطرابات‬

‫العقلية‪ ،‬فقد نزلت خسارة فادحة بأحد رجال األعمال األمريكيين كادت تؤدي به إلى اإلفالس‪ ،‬فأثرت في‬

‫أعصابه‪ ،‬واضطربت قواه العقلية‪ ،‬وبات أقرب إلى المجانين منه إلى العقالء قي تصرفاته وذهوله‪ ،‬فأدخل‬

‫‪86‬‬
‫مستشفى األمراض العقلية حيث تجري معالجة المصابين بالوسائل النفسية المختلفة‪ ،‬وكان قد رفض‬

‫تناول الطعام أياماً فأدخله الطبيب حجرة جدرانها حمراء وكل ما فيها من أثاث يصطبغ اللون األحمر‬

‫القاني‪ ،‬وما هي إال أربع وعشرون ساعة حتى عادت إلى المصاب شهيته فطلب طعاماً‪ ،‬وراح يلتهمه‬

‫بشراهة‪ ،‬وهكذا عاد إلي سابق عهده بعد أن تخلص مما أصيب به من الذهول والغم اللذين كادا يؤديان به‬

‫إلي الجنون‪.‬‬

‫أما اللون األصفر فال يختلف عن لون ضوء الشمس أال أن هذا اللون األخير يصل إلينا بارداً ألنه‬

‫يقطع السموات الزرقاء‪ ،‬وعلى هذا يكون رد الفعل النفساني للون األصفر أقل إيجابية من رد الفعل نفسه‬

‫للونين األحمر أو األزرق‪ ،‬أي أن هذين اللونين األخيرين هما من أشد تأثيراً في النفوس من اللون‬

‫األصفر‪ ،‬إال أن هذا ال يعني أن اللون األصفر سهل االستعمال فأقل إهمال في استخدامه يفسد النتائج‬

‫المتوخاة منه‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد طلب جماعة من سكان محلة في نيو جرسي إلى صاحب أحدي البنايات الشاهقة‬

‫أن يطلي بنايته بغير اللون األصفر ألن هذا اللون يزعجهم‪ ،‬فلم يبال الرجل بالشكوي‪ ،‬ولم يعر المتذمرين‬

‫أدنى اهتمام فلم يكن منهم إال أن رفعوا عريضة إلى المجلس البلدي يبسطون فيها القضية ويطالبون بإزالة‬

‫اللون األصفر‪ ،‬فنقص عدد الذين يصابون بالتقيؤ بمعدل خمسين في المائة‪ ،‬بعد تغيير لون الطالء‪.‬‬

‫أما اللون األزرق فهو من أفتر األلوان بل من أقلها إيجابية‪ ،‬ويستخدم للتخفيف من حدة حاالت‬

‫الهياج والتأثر التي تصيب بعض النفوس‪ ،‬فهو من هذه الجهة لون مسكن من الطراز األول‪ ،‬إال أن هذا ال‬

‫يمنع أن يكون للون األزرق تأثير سلبي على ذوي األمزجة السوداوية الذين تغلب عليهم الكآبة والكمد‪،‬‬

‫فعلى هؤالء أن يتخلصوا من كل ما هو أزرق‪ ،‬ويحيطوا أنفسهم بكل ما هو أحمر‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد طلت أحدي المؤسسات التجارية جدران قاعة تعرض فيها البضائع باللون‬

‫األزرق بعد أن كان أبيض‪ ،‬فكثرت احتجاجات الزبائن من أن القاعة المذكورة باردة إلي درجة مزعجة‪،‬‬

‫مما أدهش مهندس المؤسسة الخاص الذي يعلم جيداً أن حرارة القاعة هي إياها لم تتبدل عما كانت عليه‬

‫منذ أشهر‪ ،‬وطليت الجدران الزرقاء نفسها بلون آخر امتزج مع األزرق فبدت الجدران برتقالية اللون‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫كما طليت المقاعد بهذا اللون الجديد‪ ،‬فعادت االحتجاجات‪ ،‬ولكن الشكوي كانت هذه المرة من حرارة جو‬

‫القاعة‪ ،‬بالرغم من أن درجة الحرارة األصلية لم تتبدل‪ ،‬فلما غيروا لون المقاعد البرتقالي أعتدل جو‬

‫الغرفة وزالت الشكاوي‪.‬‬

‫وعلى العموم يمكن القول أن هذه األلوان تعبر عما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬اللون االحمر‪ :‬لون حار مثير‪ ،‬باعث للنشاط‪ ،‬موحي بالثورة والدم والحب‪.‬‬

‫‪ ‬اللون البرتقالي‪ :‬لون حار يوحي بالحرارة والدفئ‪.‬‬

‫‪ ‬اللون االخضر‪ :‬لون بارد يوحي بالسالم والنمو والخصب‪.‬‬

‫‪ ‬اللون االزرق‪ :‬لون بارد يوحي بالبعد والعمق والحكمة والخلود‪.‬‬

‫‪ ‬اللون البنفسجي‪ :‬لون بارد يوحي بالعظمة والحب‪.‬‬

‫‪ ‬اللون االبيض‪ :‬يوحي بالوداعة والسالم‪.‬‬

‫اللون االسود‪ :‬يوحي بالحزن والتشاؤم والكتابة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أهمية التعبير الحر بالرسم‪:‬‬

‫الحقيقة بأن الرسم الحر له قيمة سيكولوجية واجتماعية منها‪:‬‬

‫‪ ‬القيمة التشخيصية والعالجية‪ :‬فاالطفال عندما يرسمون بتلقائية وحرية‪ ،‬يتخلصون من الكبت‪ ،‬ويعبرون‬

‫بصدق عما في داخلهم‪ ،‬فيعكسون في رسوماتهم انفعاالتهم المتصارعة واهتماماتهم ومخاوفهم‪.‬‬

‫‪ ‬تأكيد الذات وتحقيقها‪ :‬الن الطفل عندما يرسم بحرية يشعر بكيانه وفرديته‪.‬‬

‫‪ ‬االستمتاع الفني‪ :‬لأن الطفل يشعر بالمتعة لقيامه بالرسم الحر‪ ،‬مما يجعل حياته اكثر بهجة واشراقا‪.‬‬

‫‪ ‬االنشاء واالبتكار‪ :‬ان الرسم الحر ينتج اعماال حية ذات طابع جديد مبتكر‪ ،‬تعبر عن شخصية منتجه‪.‬‬

‫‪ ‬االيجابية االجتماعية‪ :‬فاذا اتيحت للطفل فرصة التعبير الحر فانه يحقق لنفسه نوعا من االيجابية‬

‫االجتماعية عن طريق نقل افكاره وانفعاالته إلى االخرين‪ ،‬وفي هذا النقل بناء لوحدة االفراد والجماعة‬

‫التي ينتمي إليها‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫رسوم االطفال وقيمتها النفسية والتربوية‪:‬‬

‫ان رسوم االطفال من الموضوعات التي تهم المشتغلين في التربية وعلم النفس واالرشاد النفسي‬

‫والجمال‪ ،‬والتحليل النفسي‪ ،‬واالخصائيين االجتماعيين والمهتمين برعاية االحداث والشواذ اضافة لالباء‬

‫واالمهات‪ ،‬ويختلف اهتمام كل باحث في رسوم االطفال حسب دوره في القضية التي تشغله‪ ،‬والغاية التي‬

‫يهدف إليها‪ ،‬وليس هناك اطار محدد يمكن ان تخضع له دراسة رسوم االطفال في كل الحاالت‪ ،‬ولذلك‬

‫تتحدد طريقة الدراسة حسب البحث وهدفه‪ ،‬ولذا يمكن تناول رسوم االطفال ضمن المجاالت التالية‪:‬‬

‫‪ ‬رسوم االطفال لغة تعبيرية‪ :‬اي ان رسوم االطفال يستخدمها الطفل وسيلة لالتصال بغيره من البشر‪ ،‬فهو‬

‫ينقل عن طريقها خبرته للرأي الذي يستطيع بدوره ان يفهم ما يريده الطفل من خالل هذه الرسوم‪،‬‬

‫فيتفاعل معه‪.‬‬

‫‪ ‬رسوم االطفال وسيلة للتكيف مع البيئة‪ :‬فعندما يكون الطفل غير قادر على القراءة والكتابة فانه ال‬

‫يستطيع التكيف مع البيئة النه ال يستطيع ان يعبر عن حاجاته الداخلية‪ ،‬فيكون الرسم وسيلته المناسبة‬

‫للتعبير عن تكيفه مع بيئته وخاصة عندما يصادف الطفل صعوبات اجتماعية‪ ،‬لذلك يبقي الطفل في حالة‬

‫صراع وتفاعل مستمرين ليالئم بين حاجاته الداخلية ومطالب المجتمع‪.‬‬

‫‪ ‬رسوم االطفال مظهر للعب‪ :‬ويمكن ان يعتبر رسم الطفل احد مظاهر لعبه‪.‬‬

‫‪ ‬رسوم االطفال انعكاس لنموهم‪ :‬من المظاهر التي تبين أهمية رسوم االطفال‪ ،‬اعتبارها مفاتيح للنمو‬

‫بجميع اشكاله الجسمية والعقلية والوجدانية واالجتماعية والنفسية‪ ،‬وبواسطة رسوم االطفال يستطيع‬

‫المربي ان يسنن اي طفل من خالل تفحص رسوماته في ضوء الحقائق المتيسرة عن طبيعة النمو‪.‬‬

‫‪ ‬رسوم االطفال ذات صلة بصحة الطفل النفسية‪ :‬ان رسوم االطفال تساعد على كشف االنفعال المكبوت‪،‬‬

‫وقد يكون ذلك ناتجا عن االحساس والرهبة او الخوف‪ ،‬او الرغبة في امتالك شيء ما يكون الطفل‬

‫محروم منه‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ ‬رسوم الأطفال وسائل للتشخيص والعالج‪ :‬نتيجة للصلة الواضحة بين شخصية الطفل ورسومه‪ ،‬فقد بدا‬

‫بعض العلماء بدراسة رسوم االطفال باعتبارها وسائل التشخيص والعالج‪ ،‬وقد وجد بعض العلماء ان‬

‫رسوم االطفال الذين يعانون من عدم االستقرار االنفعالي‪ ،‬تعبر عن مشكالت كثيرا ما توضح (الحياة‬

‫والموت) و(االيجابية والسلبية) و(الذكرواالنثي) و(االب واالم) و(الحب والكراهية)‪ ،‬فرسوم االطفال‬

‫مجال واسع السقاط كل هذه االتجاهات بوضوح‪ ،‬وحينما يجد المعالج مفتاحا لترجمة المشكالت التي‬

‫يعاني منها الطفل‪ ،‬يستطيع وضع برنامج عالجي منتظم لحل تلك المشكالت‪.‬‬

‫اما خصائص رسوم االطفال‪:‬‬

‫‪ ‬فالطفل يرسم ما يعرفه ال ما يراه‪.‬‬

‫‪ ‬الرسم وسيلة تنفيسية تعبيرية‪.‬‬

‫‪ ‬رسوم االطفال وسيلة للتشخيص والعالج‪.‬‬

‫‪ ‬كثيرا ما تعكس االلوان الحالة النفسية للطفل‪ ،‬غير انها في المراحل النمائية األولى تكون مزاجية‪.‬‬

‫‪ ‬الطفل المستقر انفعالًيا تتسم رسومه باالستقرار والوانه بالإنسجام‪.‬‬

‫اإلرشاد النفسي بالرسم‪:‬‬

‫يلجأ األطباء والمرشدون النفسيون للعالج بالرسم للمرضي النفسيين‪ ،‬حيث ثبت أن لجوء‬

‫المريض للرسم يخرج ما بداخله من توترات وقلق ويعيده للواقع‪ ،‬الذي يرفضه ويؤدي به لالسترخاء‪،‬‬

‫ليبدأ بعد ذلك العالج المكمل بالدواء‪.‬‬

‫ويستخدم الرسم في عالج حاالت معينة مثل مرضي االكتئاب أو التوتر أما المرضي العقليون‬

‫فال يمكن عالجهم بالرسم ألنهم يعاندون مع المعالج وال يقومون بالرسم أما المرضى اآلخرون فيمكن‬

‫إشغالهم عن المرض بالرسم الذي يؤدي بهم الي تحسّن ما‪.‬‬

‫وأفاد استشاريو الطب النفسي أن الرسم عالج لإلنسان منذ القدم؛ فقديماً كانت تنتاب اإلنسان‬

‫بعض المخاوف من الحيوانات فكان يرسمها على الجدران‪ ،‬ثم أصبح الرسم وسيلة من وسائل تخزين‬

‫‪90‬‬
‫الثقافة والكتابة‪ ،‬وتدريجياً أصبح الرسم نوعاً من أنواع اإلبداع والعالج الحاضر‪ ،‬فكلما تخيل اإلنسان‬

‫شيئاً في المستقبل وقام برسمه حاول بعد ذلك أن يحققه‪.‬‬

‫والرسم قدرة إدراكية وإ بداعية وتآزر بصري حركي‪ ،‬فعندما يبدأ المريض في رسم منظر‬

‫طبيعي مثالً فإنه يدركه ويدرك أعماقه‪ ،‬إذن الرسم قدرة إبداعية تستخدم كأسلوب من أساليب العالج‬

‫المباشر وغير المباشر أو للكشف عن أنماط الشخصية لوضع خطة عالجية سليمة‪ ،‬فإذا ظهرت‬

‫عالمات اضطراب في الشخصية من خالل الرسم فإنه يتم وضع برنامج بالرسم إلصالح هذه األعطاب‬

‫البصرية‪.‬‬

‫والرسم أيضاً أسلوب للعالج المعرفي‪ ،‬فعندما يعطي اإلنسان المريض رسماً لوجه شخص‪،‬‬

‫ويطلب منه أن يرسم مرتين‪ ،‬مرة للخير‪ ،‬ومرة للشر؛ فهذا نوع من أنواع العالج المعرفي‪.‬‬

‫كما أن الرسم يجعل المريض مسترخياً بعيداً عن كل التوترات من خالل إفراغ التوترات‬

‫الداخلية على الورق في صورة رسم‪ ،‬كما يستخدم الرسم في عالج األطفال كثيري الحركة والمندفعين‬

‫ومرضى االكتئاب‪ ،‬حيث يطلب من المريض رسم وجه جميل أمامه واالستمرار في النظر إليه‪ ،‬مما‬

‫يجعله أكثر إشراقاً كلما نظر لهذا الوجه الجميل وأكثر هدوءاً واستقراراً‪ ،‬إضافةً الى كون العالج بالرسم‬

‫يستخدم كمكمل للعالج الدوائي‪.‬‬

‫فإننا نترك للمريض األلوان والورق ليرسم ما يريد لنصل إلى مراحل تطور المرض ونتبين‬

‫االعتقادات الخاطئة لدى المريض‪ ،‬فمثالً كان هناك حالة مريض بالميول الجنسية وكان يرسم في‬

‫رسوماته سيدات عرايا وأعضاء جنسية مكبرة‪ ،‬وبعد العالج بدأ يرسم رسوم واقعية وسيدات ترتدي‬

‫مالبس‪ ،‬حتى تم شفاؤه تماماً‪ ،‬كما يوضح الرسم الذي يرسمه المريض الحالة العاطفية لديه سواء كان‬

‫حزيناً أو مرحاً أو مكتئباً أو منعزالً‪ ،‬فلو كان شخصاً منعزالً فإنه يرسم شخصاً وحيداً في مكان منعزل‬

‫بمفرده‪ ،‬ولو كان مرحاً فإنه يرسم شخصاً فرحاً موجوداً في وسط األزهار والورود‪ ،‬وهكذا كما يستخدم‬

‫الرسم في تركيز المريض‪ ،‬وعدم تشتته‪ ،‬ولكي يتم ذلك تحضر له رسومات جاهزة ملونة وأخري‬

‫‪91‬‬
‫مشابهة لها وغير ملونة‪ ،‬ويتطلب منه تلوينها بنفس األلوان التي أمامه‪ ،‬فلو كان مشتتاً‪ ،‬فلن يستطيع‬

‫الرسم‪ ،‬أما إذا كانت لديه قدرة على التركيز واالستيعاب فإنه يقلد نفس الرسم الذي أمامه‪.‬‬

‫ويستخدم الرسم في عالج المرضي النفسيين والعقليين ما عدا الحاالت الشديدة مثل االنطواء أو‬

‫الهياج الشديد فإنهم ال يستطيعون التحدث أو الرسم أو االنتباه لما يقوله المعالج‪.‬‬

‫الرسم في التحليل النفسي‪:‬‬

‫لقد أعطت نتائج وشروحات فرويد ويونج لالشعور الممارسين للعالج عن طريق الفن طرقاً‬

‫ومناهجَ الكتشاف األعراض النفسية‪ ،‬إن طريق العالج عن طريق الفن يقوم على مصدرين قويين وهما‬

‫الكالم والرسم أو التشكيل كأساس الستخراج معان مكبوتة‪ ،‬حيث أن التعبيرات الفنية كتحليل تسمح‬

‫شعوريا حيث تخرج المعاني والرموز من غير إدراك المريض أو (المعبر)‪ .‬ونتيجة‬
‫ً‬ ‫للنفس بالتعبير ال‬

‫لتمرس أخصائي العالج عن طريق الفن على هذه األنواع من التعبيرات الفنية يمكنه تحليل واستخراج‬

‫الرموز ومناقشتها مع مريضه ومن ثم اختيار طرق العالج ‪.‬‬

‫وقد تناولت " نومبيرج " العالج بالفن على أنه يعتمد في طرقه وأساليبه على السماح للمواد‬

‫الالشعورية بالتعبير التلقائي من خالل الوسائط والمواد الفنية‪ ،‬كما يقوم على تطور العالقة الوثيقة بين‬

‫المرشد والمسترشد وجهدهما المتواصل ورغبتهما المشتركة‪ ,‬وتشجيع عملية التداعي الحر بغية‬

‫استخالص البيانات والتحليالت والتفسيرات من خالل التصميمات والرموز الناتجة‪ ,‬والتي تمثل شكال‬

‫من أشكال التواصل أو " الكالم الرمزي " بين المرشد والمسترشد‪.‬‬

‫كما عددت المميزات المختلفة الستخدام الرسم والتصوير والتشكيل بالصلصال في العالج‬

‫النفسي التحليلي في عدة أمور لعل من أهمها أن هذه االستخدامات تسمح بالتعبير المباشر عن األحالم‬

‫والخياالت‪ ,‬وبترجمة الخبرات الداخلية والمشاعر وتجسيدها على هيئة صور‪ ,‬وأن‬

‫االسقاطات المصورة لتلك الخبرات والمشاعر‪ ,‬بإمكانها الهروب من الرقابة بيسر وسهولة أكثر من‬

‫التعبير اللفظي عنها‪ ,‬وتؤكد وجهة نظر " نومبيرج " في ذلك ما ذهب إليه باحثون آخرون من أن الناس‬

‫‪92‬‬
‫حذرا وتحفظاً‪ ,‬وأكثر‬
‫عندما يعبرون عن مشاعرهم بالرسم‪ ,‬يكونون أقل ً‬
‫انسيابية وبوحا في طرح هذه المشاعر عنهم عندما يعبرون عنها باللغة اللفظية ‪.‬‬

‫كما تذكر " نومبيرج " أن النواتج المطروحة من خالل الرسوم والتعبيرات الفنية تكون أكثر‬

‫ثباتا‪ ,‬حيث ال تتأثر محتوياتها بالنسيان‪ ،‬إضافة إلى أنه يصعب إنكارها‪ ،‬وأنه عن طريق العالج بالفن‬

‫تكون الفرصة متاحة لتشجيع استقاللية المسترشد من خالل إسهاماته المتزايدة في ترجمة مشاعره‬

‫وتأويل إبداعاته الخاصة‪ ،‬كما أن المسترشد سوف يتخلص تدريجياً من إعتماديته على المعالج ويستبدلها‬

‫بفنه الخاص‪.‬‬

‫ويرى " عماد الدين سلطان " ‪ 1980‬أن بعض المرضي قد ال يستطيعون الحديث طويال عن‬

‫احساساتهم وعالقاتهم الماضية والحاضرة أو ال يرغبون في االندماج في العالج السلوكي ويمكن‬

‫للمعالج أن يساعد هؤالء المرضي باستخدام أسلوب اإلرشاد بالفن أو محاولة التخفيف من‬

‫األعراض وأن يعطي للمرضي ثقة بالنفس ومحاولة نصحهم بأساليب التكيف بدرجة أفضل للحياة‪.‬‬

‫كما يري "صفوت فرج" ‪ 1986‬أن العالج بالفن يفيد المرضي الذين يجدون صعوبة شديدة في‬

‫الحديث عن أنفسهم كبعض العصابيين أو الفصاميين أو المرضي الذين يعانون من اضطرابات نفسية‬

‫وجسمية‪ ,‬وذلك ألن اختبارات الرسوم تتخطي عائق اللغة وفنية األلفاظ وتتخطي أيضا الفروق الفردية‬

‫في التعبير ‪.‬‬

‫ومن خالل العرض السابق تتضح أهمية المضمون النفسي لفنون األطفال والبالغين حتى يمكن‬

‫أن يكون الفن مدخال لتربية الطفل ونمو شخصيته وتكاملها وإ كسابه االتزان النفسي عن طريق تحقيق‬
‫تفاعال إيجابياً‪ ،‬وعلى ٍّ‬
‫كل ينظر الى الفن والرسم على أساس أنه يحقق وظائف‬ ‫ً‬ ‫ذاته وتفاعله مع البيئة‬

‫معينة وهي‪:‬‬

‫‪ ‬التجربة الوجودية للطفل‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫الرسم يعكس وجهاَ من التجربة الوجودية المعاشة للطفل‪ :‬أحالمه‪ ،‬رغباته‪ ،‬مخاوفه‪ ،‬اهتماماته‪،‬‬

‫موقعه‪ ،‬من خالل الموضوعات التي يختارها لرسمه‪ ،‬وهو بذلك ينبئنا عن عالقاته العاطفية مع العالم‬

‫الذي يحيط به‪ ،‬حركة اإلقتراب أو اإلبتعاد أو الخوف الذي يميز روابطه بالناس واألشياء‪ .‬إنه بالنسبة‬

‫للطفل وسيلة لتقديم ذاته إلي اآلخرين‪.‬‬

‫‪ ‬الوظيفة اإلسقاطية للرسم‪:‬‬

‫ان الرسم يتجاوز التعبير إلى محاولة حل مشكلة الطفل مع العالم ومع ذاته‪ ،‬فمن خالل الوظيفة‬

‫اإلسقاطية للرسم يستطيع أن يتحرر من وطأة المآزم الداخلية أو المآزم العالئقية‪ ،‬ويتمكن من إعطاء‬

‫جواب علىها بتثبيتها في واقع خارجي‪ ،‬ويساعد على هذه الوظيفة اإلسقاطية امتزاج الواقع بالخيال‪،‬‬

‫العقالني اإلنفعالي في الرسم‪ ،‬فالرسم إذن من النشاطات التي تجذب الطفل تلقائياَ للتعبير عن ذاته‪ ،‬وهو‬

‫في حاالت كثيرة يشكل مدخآل أساسياً إلقامة العالقة معه‪.‬‬

‫‪ ‬التشخيص(باستخدام الرسم)‪:‬‬

‫ال بد من مراعاة قواعد معينة والتمسك بها عند استخدام الرسم في التشخيص‪:‬‬

‫القاعدة األولى‪ :‬أن أي داللة ألي مؤشر في الرسم ال تعدو طابع اإلفتراض‪ ،‬فليس هناك دالالت جازمة‪،‬‬

‫ال على مستوى استخدام األلوان ومعناها‪ ،‬وال على مستوى الموضوع أو التفاصيل أو الخصائص‬

‫الشكلية‪ ،‬أو المعنى الرمزي‪.‬‬

‫القاعدة الثانية‪ :‬ال يجوز مطلقاَ التسرع في الحكم انطالقا من تفاصيل محددة‪ ،‬أو من مستوى واحد‪.‬‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬ال بد لإلستنتاج الصائب من الرسم أن ينطلق من وضعية الفحص ووضعية الرسم‬

‫بأكملها‪ ،‬ال يأخذ الرسم معناه إال ضمن إطار عام يعطي التفاصيل أو المستويات معناها المحدد‪.‬‬

‫مستويات تحليل الرسم‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫من المفضل الوصول إلي اإلستنتاج إنطالقاً من التنسيق بين معطيات المستويات المختلفة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫أهم المستويات في تحليل الرسم ما يلي‪:‬‬

‫موقع الوحدة في الصفحة‪:‬‬

‫يمكن تقسيم صفحة الرسم إلى أربعة أجزاء‪ :‬اليسار واليمين من ناحية واألعلى واألسفل من‬

‫ناحية ثانية‪ ،‬وذلك بواسطة خطين وهميين أحدهما أفقي واآلخر عمودي يتقاطعان في الوسط‪.‬‬

‫‪ -‬يمثل القسم األيسر بشكل عام الماضي‪ ،‬النكوص والتشبث باألم‪ ،‬العزلة واإلنغالق‪ ،‬اإلنسحاب‬

‫من النشاط ومن المشاريع المستقبلية‪ ،‬إنه منطقة اإلتكال والبحث النكوصي عن األمن‪.‬‬

‫‪ -‬القسم األيمن يمثل المستقبل والمشاريع المستقبلية‪ ،‬النشاط واإلقدام‪ ،‬اإلنفتاح على العالم‪،‬‬

‫الطموح‪ ،‬اإلستقالل الذاتي وتوكيد الذات‪.‬‬

‫‪ -‬يمثل القسم األيسر السفلي منطقة البداية‪ ،‬األصل والمصدر‪ ،‬الميالد‪ ،‬األم واألرض‪ ،‬النزوات‬

‫والسلوك البدائي‪.‬‬

‫‪ -‬يمثل القسم األيسر العلوي الميل إلي الخيال‪ ،‬الغرق في أحالم اليقظه‪ ،‬تحقيق الرغبات في‬

‫الخيال‪ ،‬الكسل وقلة النشاط‪ ،‬والبحث عن المتعة في نمط طفلي‪.‬‬

‫‪ -‬القسم األيمن العلوي يمثل منطقة الطموح‪ ،‬اآلمال والمشاريع‪ ،‬األهداف الحياتية الكبرى من‬

‫خالل العمل والتفاعل مع العالم‪.‬‬

‫‪ -‬القسم األيمن السفلي يمثل منطقة الفشل‪ ،‬والتدهور والسقوط‪ ،‬واليأس‪ ،‬البحث عن األمن في‬

‫العودة إلى األصول‪.‬‬

‫الشائع هو الرسم انطالقا من وسط الصفحة مع غلبة في الميل إلى إحدى المناطق‪.‬‬

‫‪ ‬قد يميل الرسم إلى األسفل‪ :‬وهذا يعني ميل نحو انعدام مشاعر األمن‪ ،‬وفقدان الروح المعنوية‬

‫وتراخي توكيد الذات‪.‬‬

‫‪ ‬قد يميل الرسم إلي األعلى‪ :‬ميول نحو الطموحات الجادة أو الحالمة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ ‬تركيز الرسم في الوسط‪ :‬يشير إلى ميل نحو التركز حول الذات وإ عطائها األهمية بالنسبة‬

‫للمحيط‪ ،‬ويحدث هذا التركز إما كتعويض عن وضعية حياتيه هامشية‪.‬‬

‫‪ -‬قد تحتل الوحدة حيزا محدودا وصغيرا‪ -‬تحديد الوحدة‪ -‬وهو يشير غالبا إلى شعور بالدونية‬

‫بالنسبة للمحيط‪ ،‬ميل إلي العزلة‪ ،‬عدم القدرة على توكيد الذات‪ /‬مشاعر الخجل واإلثم‪ ،‬أو يشير‬

‫إلي تبخيس قيمة تلك الوحدة ونبذها‪.‬‬

‫‪ -‬وقد تحتل الوحدة الصفحة كلها وتتجاوزها‪ :‬ويشير هذا األمر إلى مشاعر إحباط تجاه المحيط‪،‬‬

‫وإ حساس محبط للرغبات واآلمال‪ ،‬إلى مجال حيوي يعاش كقيد إلنطالق المفحوص وحرية‬

‫حركته‪ ،‬ويشير الرسم الذي يتجاوز الصفحة إلى رد فعل عدواني وتمرد ضد المحيط المحبط‪.‬‬

‫‪ -‬توازن معقول بين مساحة الصفحة وحجم الوحدة‪ :‬يشير هذا األمر إلي نوع من التوافق مع‬

‫المحيط‪ ،‬وإ حساس بالثقة بالنفس وقبولها من اآلخرين‪ ،‬حالة ارتياح بالنسبة للمجال الحيوي‪.‬‬

‫‪ -‬اذا كانت الوحدة مفرطة في حجمها بالنسبة للصفحة‪ :‬تشير إلي حاجة للتوسع في المجال الحيوي‬

‫قد يخفي مشاعر دونية ضمنية‪.‬‬

‫التعبير بالخط في الرسم‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫يجمع العلماء على أن الخط كتعبير نفسي حركي ينبئ بحالة النزوات‪ ،‬وحالة التوتر‪ ،‬وحالة‬

‫اإلمتداد واإلنكماش‪ ،‬وكذلك الصدود المختلفة التي تصيب النشاط النفسي الحركي‪ ،‬ودرجة الوهن‬

‫أو الحيوية‪.‬‬

‫‪ -‬قد يكون الخط قوياً‪ ،‬قاسياً‪ ،‬مما يشير إلي حالة توتر شديد أو عدوانية أو سادية‪.‬‬

‫‪ -‬قد يكون الخط ضعيفاً‪ ،‬مما يشير إلي كبت الطاقة الحيوية تحت وطأة مشاعر اإلثم‪ ،‬والخجل‬

‫وإ نعدام الثقة بالنفس‪ ،‬أو قد يشير إلي كبت للميول العدوانية‪.‬‬

‫‪ -‬قد يكون الخط منكمشا منحسراً‪ ،‬أو منبسطا تلقائياً‪ ،‬أو توسعياً اقتحامياً‪ ،‬في كل من هذه الحاالت‬

‫إشارة إلي حالة نفسية وإ نفعإلية موازية‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫شكل الخط‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪ -‬الخط الدائري المنغلق يشير إلي ميول أنثوية‪ ،‬على عكس الخط ذي الزوايا الحادة العدوانية قد‬

‫يشير إلي ميول ذكرية‪.‬‬

‫‪ -‬الخط الصاعد يشير إلي اإلنطالق والطموح‪ ،‬على عكس الخط النازل الذي يشير إلي تعب‬

‫وتراخ‪.‬‬

‫‪ -‬الخط المرن المنسجم يشير إلي توازن داخلي‪ ،‬على عكس الخط الحاد الذي يشير إلي درجة عالية‬

‫من التوتر والعدوانية‪.‬‬

‫قد يرسم المفحوص الوحدة ويمسحها عدة مرات‪ ،‬أن يصاب بحالة من الصد فتعجز يده عن‬

‫التعبير عن فكرته‪ ،‬وهذا ما يشير إلي ميول متناقضة تأخذ شكل المآزم التي تصد إنجاز المفحوص‪.‬‬

‫تحليل المحتوي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫يمكننا القول أن كل ما يرسم من وحدات وتفاصيل يعكس دافعا ما من الميول النشطة في ال وعي‬

‫المفحوص‪ ،‬وكل ما يرسم يمت بصلة وثيقة إلي المفحوص وديناميته الالواعية‪ ،‬إنه إسقاط لجانب من‬

‫جوانب الواعية‪.‬‬

‫تبرز الداللة الالواعية من خالل عدة مؤشرات أهمها‪ :‬تفصيل ما أو تجنبه‪ ،‬أو نفي أهميته‪ ،‬أم‬

‫تكراره بأشكال مختلفة‪ ،‬أو من خالل ما يرافق رسمه من توترات أو ارتباك أو تردد‪.‬‬

‫وعموماً يجب اإلنتباه الي األمور التالية عند تحليل الرسم‪:‬‬

‫‪ -1‬الموضوع األساسي‪:‬‬

‫من خالل رسمه يحاول الطفل أن يقص لنا قصة محملة بالمعاني الوجودية والالواعية في آن‬

‫معا‪ ،‬فعلى المستوي الوجودي يحاول أن يعبر لنا عن موقف خاص يقفه من تجربته الذاتية‪ ،‬ومن العالم‬

‫والعالقات ومن سجل الرغبات المتبادلة والمخاوف واآلمال‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫والمفحوص هو دائما بطل الموضوع الذي يرسمه‪ ،‬ان العالقة بين وحدات الموضوع المرسوم هي‬

‫عالقة بين دوافع متعارضة لديه‪.‬‬

‫‪ -2‬التفاصيل‪:‬‬

‫يحاول النفساني أن ينظر إلي رمزية التفاصيل بالمعني التحليلي‪ ،‬ولقد عرض فرويد معاني‬

‫مختلفة للرموز التي تشيع في األحالم‪ ،‬وأهم الرموز تدور حول‪ :‬الوالدين واألبناء والميالد والموت‬

‫واألوديب والسلطة‪.‬‬

‫اما موضوعات هذه الرموز األكثر شيوعا في الرسم فهي‪ :‬الماء‪ ،‬واألشجار والجبال والمدخنة‪،‬‬

‫واألشياء الحادة أو المستديرة أو المجوفه‪ ،‬الحيوانات اإلليفه والوحشية‪ ،‬وأعضاء الجسد‪ ،‬وهناك أيضا‬

‫الرمزية الفردية الذي يعطيها الطفل انطالقاً من تجربته الحياتيه وتاريخه العالئقي‪ ،‬وهذه ال تتضح إاّل من‬

‫خالل اإلستجواب والتداعيات حول الرسم بشكل تلقائي أو بتشجيع من النفساني‪.‬‬

‫ولكن تتخذ التفاصيل دالالتها أيضا من خالل مالحظة األهمية المعطاه لها أو التجاهل‪ ،‬ومن‬

‫خالل الحالة اإلنفعالية والنفسية والحركية التي تصاحب رسمها‪ ,‬وتبرز هذه األمور من خالل المتابعة في‬

‫الحجم والتوكيد‪ ،‬ثم تبرز من خالل موقعها في تسلسل الرسم‪ ،‬قد يبدأ المفحوص بالتفاصيل التي تثير أقل‬

‫قدرة من القلق والتي تمهد لغيرها‪ ،‬ثم أن العودة المتكررة لنفس الوحدة أو التفاصيل إلضافة أو الغاء‬

‫بعض مالمحها أوهذه داللة تشير إلي دافع ال واع يرتكز حولها‪.‬‬

‫‪ .3‬األلوان ودالالتها‪:‬‬

‫لأللوان عالقة بالحياه العاطفية واإلنفعإلية‪ ،‬ومن الشائع تقسيم األلوان إلي فئتين أساسيتين‪:‬‬

‫األلوان الدافئة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫أهمها األحمر واألصفر والبرتقالي والبنفسجي وهي تشير إلي اإلنفتاح العاطفي والعالئقي‬

‫وسيطرة الحياة اإلنفعالية والبحث عن الحياه التي تتميز بالحرارة العالئقية‪ ،‬كما تشير إلي اإلنبساط‬

‫‪98‬‬
‫والتوجه نحو الخارج والعالقات وقد تشير إلي نزوة مفرطة‪ ،‬وميل إلي التوتر واإلثارة وإ فالت النزوات‬

‫من الضبط بشكل يعيق التكيف‪.‬‬

‫األلوان الباردة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أهمها األزرق واألخضر والرمادي واألسود وهي تشير إلي سيطرة العقالنية والبرود العاطفي‬

‫والحياد واإلنغالق على الذات والعزلة عن العالم الخارجي‪ ،‬والميل إلي التأمل واإلستقاللية‪ ،‬وقمع‬

‫العواطف وكبحها‪ ،‬واالمتثال والرضوخ للقواعد‪.‬‬

‫‪ -‬يشير اللون األسود والرمادي إلي الصد والخوف والقلق‪.‬‬

‫‪ -‬يشير اللون البني واألصفر إلي رغبات ذات طابع سادي‪.‬‬

‫مزج األلوان‪ :‬المزج من خالل التكديس يشير إلي ميول متعارضة‪ ،‬أما من خالل العزل فيشير‬

‫إلي تصلب وتخوف‪ ،‬واذا تم من خالل المزج العشوائي فيشير إلي الفجاجه والنزوية وعدم بلوغ النضج‬

‫النفسي‪ ،‬وال يجوز التسرع في التعميم انطالقاً من مستوي واحد‪ ،‬فال بد من نظرة توليفية تنسق في كل‬

‫واحد معطيات كل المستويات‪ ،‬اذاً ال بد من توفر سلسلة من الرسوم التي تعكس جوانب متعددة متناقضة‬

‫ومتممة لبعضها البعض كي نحيط بتفاصيل ودينامية حياة المفحوص‪.‬‬

‫طرق العالج التعبيري بالرسم وأساليبه‪:‬‬

‫فنيات الرسم‪:‬‬

‫أقالم التلوين‪ :‬تستخدم أقالم التلوين كأداة اسقاطية تكشف السياق النفسي والبيئي الذي يعيش فيه‬ ‫‪.5‬‬

‫الفرد‪ ,‬حيث يقدم أقالم تلوين وأوراق للمسترشدين ويطلب منهم أن يرسموا في أحد العناوين التالية‪:‬‬

‫موقف مهم بالنسبة لك‪ ,‬أو حلم حلمت به‪ ,‬األعمال التي يقوم أسرتك معاً‪ ,‬دون إبداء أي اقتراحات حول‬

‫تفاصيل هذه المواقف واأللوان المستخدمة‪ ,‬وفي أثناء قيام المسترشدين بالرسم يتجول المرشد بينهم ويأخذ‬

‫مالحظاته حول سلوك الفرد أثناء الرسم‪ ,‬وفي نهاية الرسم يالحظ المرشد اإليقاع العام المتعلق بالرسم‪,‬‬

‫األلوان المستخدمة‪ ,‬أنواع الخطوط المستخدمة ‪ ...‬الخ‪ ,‬كما يسأل المسترشد أن يخبره بقصة هذا الرسم‬

‫‪99‬‬
‫وأحداثه‪ ,‬ويسأل هل يتذكر أحداث أخري لم يرسمها متعلقة بالرسم‪ ,‬إن هذا من شأنه أن يؤدي إلي أن‬

‫يبصر الفرد بذاته من خالل فهمه لسلوك الرسم‪ ،‬لقد ثبت أن استخدام ألوان الرسم لها أثر فعال لعالج‬

‫األطفال المشكلين سلوكياً والعصبيين‪ ,‬فالجلسة العالجية تتضمن مالحظة مالمح الشخصية التي تم التعبير‬

‫عنها بالرسم‪ ,‬ومدي اتساق المهارات الحس الحركية‪.‬‬

‫لعبة رسم الخطوط (الخربشة)‪ :‬يبدأ المرشد برسم خربشات وخطوط مائلة معقوفة‪ ,‬وبعد ذلك يرسم‬ ‫‪.6‬‬

‫المسترشد‪ ,‬حيث يرسم المسترشد خطوط مائلة معقوفة ويكمل المرشد هذا الرسم ويعطيه معني معين‪,‬‬

‫وهنا يخبر المرشد المسترشد ماذا يقصد برسمه هذا ويسمح للمسترشد بطرح األسئلة على المرشد‬

‫المتعلقة بالرسم وتستمر اللعبة بهذه الطريقة التفاعلية العالجية‪ ،‬وتعد هذه الطريقة أسلوباً لطيفاً لكشف‬

‫مستويات الالشعور عند األفراد من حيث إكمال الخطوط الناقصة بتخيل ما يمكن أن يتممها ويعطيها‬

‫معني (إسقاط)‪.‬‬

‫لعبة رسوم العائلة‪ :‬يطلب المرشد من أعضاء العائلة أن يرسموا صوراً تعبر عن التفاعل الجاري‬ ‫‪.7‬‬

‫بين كل شخص وعضو أخر داخل العائلة‪ ,‬وقد يشترك األعضاء في هذه الرسومات‪ ,‬ثم يسأل المرشد ماذا‬

‫يرون في هذه الرسوم (يصفونها) ما هو الدال فيها‪ ,‬ما هو الغريب‪ ,‬وما هي االختالفات بين رسومهم‪,‬‬

‫وخالل هذا الجو التفاعلى يالحظ المرشد أنماط االتصال الجارية بين أعضاء األسرة‪ ,‬النكتة‪ ,‬األلفة‪ ,‬ومن‬

‫خالل هذا النشاط يزداد األفراد استبصاراً بذواتهم وفهماً إلليات التفاعل الجارية بينهم‪.‬‬

‫ولتحقيق الفائدة المطلوبة من الرسم اتبع ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أعط الطفل ورقة وعدة أقالم ودعه ليختار القلم الذي يرغب في استعماله‪ ،‬شريطة أن تكون‬

‫األقالم مبراة بدرجات مختلفة‪ ،‬فنضع قلما ذات سمك كبير‪ ،‬وقلما آخر ذات سن رفيع‪ ،‬وقلم آخر‬

‫بينهما‪ ..‬لماذا؟‬

‫‪100‬‬
‫فاختيار الطفل لسمك القلم يعبر عن بعض األمور النفسية لديه‪ ،‬فمثال استخدام قلم رفيع‬

‫وعدم الضغط علىه بحيث تظهر الخطوط باهتة‪ ،‬فإن ذلك يعبر عن انخفاض الطاقة لدي الطفل‬

‫وعدم شعوره باألمان أو قلة الرغبة في التعبير عن الذات‪.‬‬

‫‪ -2‬حاول أن ترقب الطفل وهو يرسم‪ ،‬دون أن يلتفت لذلك‪ ،‬ما أهمية ذلك؟ سوف يظهر على وجه‬

‫الطفل بعض العالمات عند رسم بعض الموضوعات ربما تعطيك فكرة عما يفكر فيه مثال تردد‬

‫الطفل في رسم الذراعين أو توقفه عند رسمهما أو انزعاجه عند رسمهما‪ ،‬فقد يعبر ذلك عن مشهد‬

‫رآه لشخص مبتور الذراعين أو أصيب في إحدي ذراعيه‪ ،‬وهو ما يخشي أن يرسمه‪.‬‬

‫‪ -3‬حاول في نهاية الرسم السؤال عما رسمه الطفل فقد يرسم الطفل بعض الموضوعات التي ال‬

‫تفهمها أو تراها تحتاج إلي تفسير‪ ،‬فال مانع من سؤاله عن ذلك‪ ،‬فقد يرسم طفال دون رأس‪ ،‬وعند‬

‫سؤاله يقول إن هذا هو حال الطفل بعد القصف وهو ما يشير إلي مدي تركيز الصور التي رآها في‬

‫ذهنه أو حتي تخيلها إن لم يكن رآها‪.‬‬

‫‪ -‬وقد يكون من المفيد أن تطلب منه أن يحكي قصة عن األشخاص والموضوعات في رسمه فهذا‬

‫قد يساعدك أكثر في الفهم‪ ،‬كما يساعده على التعبير اللفظي عما رأي‪ ،‬وربما يظهر لك بعض الخلط‬

‫في أفكاره التي يعرضها تعلىقا على رسمه‪.‬‬

‫أمثلة عملية‪:‬‬

‫لكي يتيسر لك تفسير رسم الطفل وتفهمه‪ ،‬والتعرف على مدي أهميته‪ ،‬إليك بعض النماذج‬

‫لرسومات أطفال في أثناء تأثرهم بصدمة تعرضوا لها أو كارثة‪:‬‬

‫النموذج األول‪ :‬رسم طفلة فلسطينية عاصرت قصف مدينتها والمنازل المجاورة لها‪:‬‬

‫رسمت الطفلة عدة أشجار متدرجة في الطول الشجرة األولي قصيرة ولكنها مثمرة بدرجة‬

‫كبيرة وأوراقها كاملة ثم شجرة أطول ولكنها ذات إثمار ضعيف‪ ،‬ثم شجرة أكثر طوال ولكنها ذات‬

‫‪101‬‬
‫إثمار ضعيف جدا وأوراق معدودة‪ ،‬ثم شجرة أخري أطول ولكنها خاوية تماما من األوراق‬

‫والفروع وتبدو ساقا فقط‪.‬‬

‫‪ -‬وعند سؤالها عبرت أن هناك ريحا تأتي لتأخذ من الشجرة أوراقها وثمارها كلما كبرت‪ ،‬بحيث ال‬

‫يستطيع أهل الشجرة وأصحابها االستفادة من أوراقها في إطعام أطفالهم‪.‬‬

‫‪ -‬وكانت تعبيراتها اللفظية كالتالي‪:‬‬

‫" الريح الشريرة ترفض أن يأكل األهالي من ثمار زرعهم‪"....‬‬

‫وبالطبع ترمز الريح الشريرة للعدو الصهيوني الذي يقتلع كل شيء حتي ال يستفيد به أهل البلد‪.‬‬

‫النموذج الثاني‪ :‬رسم الطفل "محمد" الذي نجا من الباخرة المصرية السالم "‪ "98‬رسم فيه ما يلي‪:‬‬

‫رسم سمكة كبيرة تأكل سمكة صغيرة‪ ،‬وهنا استخدم محمد األسماك كرموز‪ ،‬فالسمكة‬

‫الصغيرة هي أهله الذين غرقوا في البحر‪ ،‬مما يكشف عن شدة قلقه‪ ،‬رغم عدم قدرته على التعبير‪.‬‬

‫والسمكة الكبيرة ترمز للبحر الذي أكل الناس بالفعل‪.‬‬

‫النموذج الثالث‪ :‬رسم طفلة (آية) تبلغ من العمر ‪ 6‬سنوات‪ ،‬وقد فقدت في زلزال مصر ‪1992‬‬

‫أسرتها ومنزلها فقد عبرت فيه كما يلي‪:‬‬

‫رسمت منازل‪ ،‬وأشخاصا وكتباً وأدوات منزلية تطير في السماء وبعضها يغيب وراء‬

‫السحاب المنتشرة في السماء‪ ،‬وفي هذا الرسم تعبر "آية" عن فقدان منزلها وأسرتها‪ ،‬وعلقت على‬

‫ذلك "كل حاجة راحت عند ربنا‪ ،‬وماما خدت المطبخ معاها عشان تعمل لبابا أكل هناك‪ ،‬ولما ماما‬

‫تخلص األكل هاتنده علىا عشان أطلع آكل‪ ،‬فقد عبرت آية عن شعورها بفقدهم‪ ،‬وعن رغبتها في‬

‫اللحاق بهم للحياة وسطهم‪ ،‬وقد يرمز الطعام هنا للحب‪ ،‬واالحتياج العاطفي‪.‬‬

‫النموذج الرابع‪ :‬رسم طفل ‪ 5‬سنوات في حالة انهيار منزلهم‪:‬‬

‫‪102‬‬
‫رسم فيه عددا كبيرا من األفراد في صورة عائالت أم وأب وأطفال في مكان كبير يقفون‬

‫كالمعلقين ال هم على األرض وال هم في السماء‪ ،‬وكل منهم يمارس نشاطه‪ ،‬فهناك من يخلع‬

‫مالبسه‪ ،‬ومن يسرح شعره‪ ،‬وقال معلقا‪" :‬كلهم هايقعوا عشان األرض بعيدة وهمه عبيطين مش‬

‫عارفين وبيسرحوا‪ ،‬همه هايقعوا أنا عارف‪"...‬‬

‫عبر الطفل عن غياب الشعور باألمان‪ ،‬وإ حساسه بأن الموقف سوف يتكرر ثانية‪،‬‬
‫وفيها ّ‬
‫وعلىه فينبغي على األفراد الحذر‪ ،‬وعدم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي تحسبا لوقوع هذا الحادث‬

‫مرة ثانية‪.‬‬

‫وهناك العديد من النماذج التي يمكن أن ننقلها يعبر فيها األطفال عما يدور بداخلهم‪،‬‬

‫ويمكنك االستفادة منها في الفهم والتشخيص‪ ،‬فالرسم وسيلة جيدة لتحقيق ذلك خاصة أنك لم تقم‬

‫بتقييد الطفل برسوم معينة‪ ...‬ولكن!!‬

‫عند استخدامك للرسم في التفسير والفهم احذر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تعتمد على الرسم وحده كوسيلة لفهم حالة الطفل والتعرف على معاناته‪ ،‬فعلى الرغم من‬

‫أهمية وسيلة الرسم كوسيلة لفهم حالة الطفل والتعرف على ما يجول بخاطره فإنها وحدها ليست‬

‫كافية‪ ،‬كما أنه ال بد من التحدث معه حول رسمه ألن ذلك يشعره باالهتمام كما أنه يمكن أن‬

‫يساعدك في التفسير‪.‬‬

‫‪ -2‬ال تتسرع في تفسير رسومات الطفل بما تفهمه أنت‪ ،‬فربما يكون تفسيرك هو ما تشعر به أنت‬

‫وليس ما يقصد الطفل توصيله؛ لذا فإن سؤاله عما رسم أمر في غاية األهمية‪.‬‬

‫‪ -3‬حاول الحفاظ على رسومات الطفل في كل المراحل؛ حيث إن اختالف رسوماته‪ ،‬وتوجهاتها‬

‫يساعدك في التعرف على تطور الحالة‪ ،‬ومدي نجاح ما تقوم به من تدخل في تحسين الحالة النفسية‬

‫‪103‬‬
‫للطفل وهو ما سوف ينعكس على رسومه‪ ،‬فتجده يرسم رسوما أكثر تنظيما‪ ،‬وتشعر فيها باألمان‬

‫أكثر‪.‬‬

‫‪ -4‬حافظ على هدوئك؛ فال تظهر أي تعبيرات ال لفظية وال غير لفظية في أثناء رسم الطفل حتي‬

‫يجعل من رسمه مجاالً حراً ينفس فيه عما بداخله هو دون تدخل‪ ،‬مهما بدا الرسم غريباً‪.‬‬

‫تعرف على شخصيتك من خالل رسمك‪:‬‬


‫ّ‬

‫يعتمد هذا االختبار على االختبار المعروف باسم‪( :‬رسم الشكل اإلنساني) أو (اختبار رسم‬

‫الشخص) أو (اختبار رسم الرجل) (‪ ،)Draw a person test‬وقد ابتدأ هذا االختبار كاختبار لذكاء‬

‫األطفال على يد الباحثة األمريكية (فلورنس جودإنف ) عام ‪ ،1926‬ولكنه تطور فيما بعد كأداة إسقاطية‬

‫يفيد لدراسة الشخصية عند األطفال والمراهقين والراشدين على يد الباحثة ( كارين ماكوفر) في العام‬

‫‪ ،1949‬وما لبث أن تعرض إلي تقنيات وتطويرات عديدة وال يزال‪ ،‬واستعمال هذا االختبار في قياس‬

‫الذكاء ال زال قائماً‪ ،‬ولكنه أقل أهمية وصدقاً من اختبارات الذكاء األخري‪ ،‬أما في مجال التعرف على‬

‫الشخصية وأساليبها وصراعاتها فهو من االختبارات المفيدة‪ ،‬وهو يصنف ضمن االختبارات اإلسقاطية‬

‫أي أن اإلنسان يسقط ما بداخله من أفكار وانفعاالت وتصورات وقيم على الرسم وبذلك يمكننا فهم عدد‬

‫من جوانب شخصيته‪ ،‬وتتميز االختبارات اإلسقاطية عموماً بتنوع تفسيراتها للشيء الواحد‪ ،‬ويختلف‬

‫الباحثون حول التحديد األكيد لظاهرة معينة‪ ،‬ولكن عملياً تفيد هذه االختبارات في التعرف على جوانب‬

‫معينة في الشخصية وال سيما إذا ترافق إجراء االختبار مع الحوار مع الشخص نفسه حيث يجري تقدير‬

‫درجة احتمالية ظاهرة معينة وجدها الفاحص‪ ،‬وهذا ما يعرف بتجاوب المفحوص مع تفسير معين‬

‫للفاحص مما يجعل مصداقية التفسير مرتبطة بالمفحوص نفسه‪ ،‬وهذا مفيد في العالقة العالجية مع‬

‫المريض ويشبه ذلك تفسيرات التحليل النفسي وفعاليتها‪ ،‬وتفسير رسم الشكل اإلنساني ال يخضع فقط‬

‫لمعايير التحليل النفسي بل يعتمد على مفاهيم أخري عديدة ترتبط بعلم نفس الفرد‪ ،‬وتحليل األشكال‬

‫‪104‬‬
‫وداللتها‪ ،‬إضافة إلي التحليل االجتماعي والرمزي والنفسي العام‪ ،‬واعتماد المبادئ الكلية لمعني الشكل‬

‫وداللته (‪ ،) Gestalt‬وغير ذلك ‪..‬‬

‫وفي هذا االختبار يطلب من المفحوص أن يرسم إنساناً ذكراً أو أنثي بالطول الكامل‪ ،‬ويعبر‬

‫المفحوص من خالل هذا االختبار عن مالمح هامة في شخصيته وسلوكه‪ ،‬وهو يسقط على الرسم ما‬

‫بداخله من اتجاهات وانفعاالت وصراعات وبشكل ال شعوري مما يساعد على تفهم نقاط هامة في‬

‫الشخصية سواء المرضية منها والطبيعية‪.‬‬

‫الحالة األولي‪( :‬صاحب هذا الرسم شاب وعمره ‪35‬سنة)‪:‬‬

‫‪ -1‬يظهر في الشكل تكامل أجزاء الجسم اإلنساني وفي ذلك ذكاء وقدرة على تنظيم األفكار‪ ،‬وتحقيق‬

‫المطلوب من اختبار الرسم‪ ،‬وهو رسم اإلنسان بالطول‪ ،‬الكامل إضافة إلي أن ذكورة الرسم متجانسة مع‬

‫جنس المفحوص مما يوضح ثبات الهوية الجنسية وعدم اضطرابها‪.‬‬

‫‪ -2‬يمثل الشكل شكالً لمهرج أو بهلوان ويديه بوضعية استعراض‪ ،‬وفي ذلك نوع من التمرد والخروج‬

‫عن المألوف‪ ،‬وأيضاً لفت لالنتباه واالهتمام ودرجة من القوة واالعتراض والنقد‪.‬‬

‫‪ -3‬من المالحظ ذوق فني عال‪ ،‬ووجود تكرار في استعمال األشكال وأيضاً في التناظر فيها مما يعكس‬

‫البحث عن التوازن والتوازي وحب النظام والترتيب والدقة وبدرجة وسواسية‪.‬‬

‫‪ -4‬الوضعية العامة للشكل بحالة حركة وقفز لألعلى مع التأكيد على رسم خطوط متعددة لألرض‪ ،‬وفي‬

‫ذلك طفولية وحركة ومغامرة وبحث عن االستناد‪ ،‬وأيضاً يدل على وجود اندفاعات عاطفية وانفعالية‬

‫ولكن بشكل محصور ومقيد ومسيطر علىه‪ ،‬حيث بدت القفزة وكأنها نصف قفزة أو قفزة خفيفة مشدودة‬

‫ثانية إلي األرضية‪ ،‬وفي ذلك زيادة في الضبط االنفعالي واخفاء للعواطف‪ ،‬وتتأكد هذه المالحظة من‬

‫خالل استعمال األشكال الهندسية في الرسم بدالً عن الخطوط االعتيادية‪.‬‬

‫‪ -5‬التوازن العام في الشكل يعكس النرجسية وحب الذات والبحث عن التقبل من اآلخرين‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -6‬وجود غطاء للرأس وقبعة بشكل مثلث مع التأكيد على األرضية‪ ،‬يعكس القلق العام ومحاوالت‬

‫للتوازن والبحث عن األمان والحماية‪.‬‬

‫‪ -7‬معالم الوجه واالنفعاالت غير واضحة التعبير وفي ذلك اخفاء وسرية وتكتم وجدية‪ ،‬والشكل العام‬

‫للوجه فيه حدة خاصة‪ ،‬والعيون الدائرية المفتوحة تدل على أهمية دقة النظر لدي المفحوص وأيضاً على‬

‫الحذر والخوف ومحاولة ضبط ذلك‪.‬‬

‫‪ -8‬البطن دائري وكبير نسبياً وهناك تأكيد على منطقة البطن من خالل أشكال من مربعات صغيرة ثالثة‬

‫تمثل أزراراً‪ ،‬وفي ذلك داللة على رغبات االحتواء واألخذ واالعتمادية واالتجاهات الفموية وحب الطعام‬

‫واالمتالء والسيما أن الفم دائري ومفتوح‪.‬‬

‫‪ -9‬اليدين بشكل مثلث حاد وفي ذلك حدة وعدوانية‪ ،‬وتبرز األشكال الحادة أيضاً في القدمين وفي الرأس‬

‫والقبعة‪ ،‬وهذه األشكال الحادة الناتئة المتكررة تترافق مع أشكال دائرية ومربعة ومستطيلة ويعكس ذلك‬

‫محاوالت الضبط االنفعالي‪ ،‬ولكن الصراع ظاهر وواضح لصالح الحدة والعصبية‪ ،‬مما يدل على قلق‬

‫االتصال االجتماعي‪ ،‬وعلى غلبة المزاج العصبي والتمرد وعدم الرضا‪.‬‬

‫‪ -10‬من المالحظ أن استعمال الخطوط في كل الرسم كان محدداً بشكل عقالني ومسبق ومتعمد‪ ،‬وهذه‬

‫الخطوط مغلقة بشكل عام ومقفلة ومجزأة وفي ذلك تطور واضح للضبط االنفعالي وحب السيطرة‬

‫وإ حاطة المشكالت واالنفعاالت بشكل ال يؤثر على النتيجة العامة وهي تكامل الشخصية واالنجاز‬

‫المطلوب‪.‬‬

‫‪ -11‬نظرة أخيرة لهذا الشكل‪ ،‬الصعود والهبوط في الحركة العامة يدل على تغيرات في المزاج متناوبة‬

‫(سرور – اكتئاب) والمثلث الحاد فوق الرأس يمثل الضمير القاسي ومحاسبة النفس المستمرة على‬

‫أخطائها‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الحالة الثانية‪( :‬صاحبة هذا الرسم امرأة وعمرها ‪43‬سنة)‪:‬‬

‫‪ -1‬الشكل العام فيه دقة وحساسية وأناقة‪ ،‬وفيه تأكيد على األنوثة من خالل الثياب والشعر وحلية األذنين‬

‫(األقراط ‪ /‬الحلق)‪.‬‬

‫‪ -2‬هناك اهتمام عام بالتناظر في الشكل ويعكس ذلك حب الترتيب والتناسق والدقة وهذا من الصفات‬

‫الوسواسية في شخصيتها‪ ،‬واالبتسامة اجتماعية ودبلوماسية أساساً وال تعبر عن الفرح والسعادة فهي‬

‫ابتسامة مرسومة بشكل أوتوماتيكي (آلي)‪ ،‬كما أن التعبير العام للفم مع الوجه والعيون يدل على أنها تريد‬

‫‪107‬‬
‫أن تقول شيئاً ولكنها ال تقول والنتيجة هي التردد والسكوت‪ ،‬والحاجب األيمن مرفوع بشكل واضح‬

‫مقارنة مع الحاجب األيسر ويدل ذلك على نقد وتذمر وإ دانة وعدم رضا على ما يجري حولها‪ ،‬ولكن دون‬

‫نطق واضح خشية الرفض االجتماعي وعدم استحسان اآلخرين‪ ،‬ويعكس الحاجب المرفوع أيضاَ وجود‬

‫المراقبة الذاتية القاسية و(النفس اللوامة) والنقد الذاتي المتكرر وأيضاً الحساسية للنقد‪.‬‬

‫‪ -3‬األذنان كبيرتان بشكل واضح وهناك تأكيد إضافي علىهما من خالل رسم الحلية‪ ،‬ويدل كبر األذنين‬

‫على أهمية السماع واإلحساس الموسيقي والغنائي وأيضاً يدل على االهتمام (بالقيل والقال)‪ ،‬وثقب األذنين‬

‫مع الحلية القاسية الكبيرة نسبياً (وهي دائرية وطويلة)‪ ،‬يدل على الشعور بالذنب ومعاقبة النفس‪ ،‬وال سيما‬

‫فيما يتعلق بالسماع والقيل والقال ونقل الكالم‪.‬‬

‫‪ -4‬الثياب محتشمة الي حد ما وفيها ذوق وأناقة ويدل ذلك على االهتمام بالظهور بشكل محتشم ومقبول‬

‫وأيضاً يدل على الذوق العام‪.‬‬

‫‪ -5‬اليدان منقبضة واألصابع غير مفتوحة وغير واضحة مما يدل على اإلخفاء والتستر‪ ،‬ومن جهة‬

‫أخري يدل على التوفير وصعوبة االتصال االجتماعي باآلخرين والتردد في العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -6‬الوضعية العامة للجسم واليدين وال سيما عرض الكتفين الزائد مع اليدين المنقبضة والسواعد المنثنية‬

‫يدل على وضعية استعداد هجومية وعدوانية‪ ،‬وفي ذلك مواجهة للجمهور وغضب وقوة‪ ،‬ويدل على‬

‫وجود مشاعر عدوانية مكبوتة وهي تحاول ضبطها وتعديلها من خالل االبتسامة االجتماعية والوجه‬

‫البريء ولكن هذه النزعات والمشاعر تظهر بشكل أو بآخر‪.‬‬

‫‪ -7‬الجسم يبدو طويالً من خالل الساقين والقدمين ووضعية القامة المنتصبة كما أن الرقبة طويلة وفي‬

‫ذلك طموح وتعالي ورغبة في الطول‪.‬‬

‫‪ -8‬نظرة أخيرة لهذا الشكل‪ ،‬نجد أن الخطوط المستعملة دقيقة وقليلة الشطب كما أن وضعية القدمين فيها‬

‫مراعاة للرؤية الفراغية الهندسية من حيث الميل واالتجاه وفي ذلك مخيلة هندسية وفنية جيدة إضافة إلي‬

‫الثقة بالنفس والنرجسية‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫اإلرشاد النفسي بالموسيقى‪:‬‬

‫لقد أثبت العلم الحديث أن ذبذبات الموسيقى تؤثر تأثيراً مباشراً على الجهاز العصبي‪ ،‬إذ يمكن‬

‫لكل ذبذبة أو أكثر أن تؤثر على جزء ما بالمخ‪ ،‬خاص بعصب ما‪ ،‬فتخدره بالقدر الذي يتيح له فرصة‬

‫االسترخاء‪ ،‬واستجماع اإلرادة‪ ،‬للتغلب على مسببات األلم‪ ،‬فيبدأ الجسم في تنشيط المضادات الطبيعية‬

‫واإلفرازات الداخلية التي تساعد الجهاز المناعي وغيره على التغلب على مصدر الداء ومكانه‪.‬‬

‫احتياجات الشخصيات للموسيقى بحسب طبائعها‪:‬‬

‫‪109‬‬
‫إن الشخصيات العصابية بحاجة أكثر للموسيقى من الشخصيات الذهانية‪ ،‬فالشخص العصابي قلق‬

‫وكئيب ومضطرب وموسوس‪ ،‬ولذلك فهو بحاجة إلى الموسيقى كوسيلة لتخفيف قلقه والتخلص من خوفه‬

‫ومسح حزنه عن طريق الدخول إلى عالم البكاء‪.‬‬

‫أما الشخصيات الذهانية فهي تحتاج في بعض األحيان إلى الموسيقى الهادئة جداً والكالسيكية‪،‬‬

‫لكي تستطيع التعايش مع الموسيقى الداخلية النابعة من الحوار الذاتي والتفكير اإلنطوائي‪.‬‬

‫والمريض الكئيب اإلرتكاسي يفضل دوماً الموسيقى الحزينة للتخلص من العذاب الروحي عبر‬

‫التفكير باالنتحار‪.‬‬

‫والكالم عن المريض اليمنعنا من التفكير باإلنسان السوي‪ ،‬فعلم النفس يقول بصراحة‪ :‬إن‬

‫اإلنسان اليوم وأكثر من األمس القريب بحاجة إلى الموسيقى على أن تكون مدروسة‪ ،‬تمر من قنوات‬

‫رقابية اختصاصية لكي ال تحول الموسيقى اإلنسان المعاصر إلى وحش مفترس بلباس الحضارة‬

‫االستهالكية المصطنعة‪.‬‬

‫إن المدارس النفسية تتحدث اليوم عن توظيف الموسيقى في عملية تثقيف السيكوباتي‪ ،‬وذلك‬

‫لتخفيف العدوانية الداخلية وتحويلها إلى طاقة خالقة في مجاالت مختلفة‪ ،‬مثل‪ :‬الرياضة والسباحة وتسلق‬

‫الجبال والدخول في حياة المغامرات الهادفة لخير البشرية‪.‬‬

‫كما أن للموسيقى عامالً من عوامل تخلخل الخجل واالنطواء وتخفيف االنفعاالت والرفع من‬

‫قدرة اإلنسان الواهن وزيادة طاقته‪.‬‬

‫كيف تعمل الموسيقى؟‬

‫سؤال بدأ الفيزيولوجيون اآلن باإلجابة عليه‪ ،‬أو باألحرى العمل على إجابته‪ ،‬فالتأثيرات‬

‫الفيزيولوجية والفيزيائية التي نحصل عليها من مجموعة التغيرات الكيميائية في الدماغ ليس فقط في قسم‬

‫التفكير‪ ،‬بل في الجهة المسؤولة عن التنفس والعاطفة واإلحساس‪ ،‬والقسم المسؤول عن السيطرة على‬

‫دقات القلب‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫هناك نظرية تقول ‪ :‬أن الموسيقى تجعل الدماغ ينتج مواد كيميائية تسمى ‪Endrophines‬‬

‫تفرز من الجهاز البصري في الدماغ ‪ . Hypothalamus‬وهذه تخفض الكثافة في الدماغ التي تشعر‬

‫باأللم‪ ،‬وهناك شيء واحد يجمع عليه كل المعالجين‪ ،‬هو أن المجال يحتاج إلى دراسات وأبحاث كثيرة‪.‬‬

‫أما الحقيقة التي أعلنها فريق من علماء جامعة" أوهايو األمريكية " هي أن العدائين يبذلون جهداً أقل أثناء‬

‫العدو إذا مارسوا تلك الرياضة على أنغام الموسيقى‪ ،‬وهناك تجربة هامة أكدت هذه الحقيقة‪ ،‬حيث وضع‬

‫العلماء "سماعات" تنقل الموسيقى آلذان عدد ممن أجريت عليهم التجارب‪ ،‬بينما مارس البعض اآلخر‬

‫الرياضة بدون موسيقى‪.‬‬

‫وكانت النتائج واضحة‪ ،‬وتشير إلى أن الغدد النخامية للعدائين أثناء سماع الموسيقى‪ ،‬كانت تفرز‬

‫كمية أكبر من مادة اسمها "االندورفين" ‪ .Endorphine‬وهي مادة تفرزها مراكز معينة في المخ عند‬

‫بذل جهد كبير‪ ،‬أو الشعور بألم‪ ،‬األمر الذي يشير إلى أن إحساسهم بالتعب أثناء الجري‪ ،‬كان أقل من‬

‫الفريق الثاني الذي لم يستمع إلى الموسيقى أثناء ممارسته للجري‪ ،‬بل أكثر من هذا فقد أكد فريق من‬

‫المزارعين أن إنتاج أبقارهم من الحليب‪ ،‬يزيد بشكل واضح‪ ،‬إذا تمت عملية الحلب على أنغام الموسيقى‬

‫!!‬

‫التفسير العلمي للعالج ‪:‬‬

‫لقد أحرز العالج بالموسيقى نجاحاً باهراً‪ ،‬لم يكن في اإلمكان تحقيقه بإستعمال األدوية األخرى‪،‬‬

‫التي تستعمل في مثل هذه الحاالت‪.‬‬

‫وكانت أولى النتائج التي حققتها التجارب التي أجراها الباحثون على اإلنسان الكتشاف فعالية‬

‫الموسيقى وأثرها في تنشيط إفراز مجموعة من المواد الطبيعية‪ ،‬التي تتشابه في تركيببها مع المورفين‪،‬‬

‫وهي ماتسمى باالندورفينات‪.‬‬

‫ويعتقد هؤالء الباحثون وهم أشهر العلماء في الواليات المتحدة‪ ،‬أنهم أصبحوا قاب قوسين أو‬

‫أدنى من تحقيق وتعميم هذا االكتشاف الخطير‪ ،‬الذي سيحدث تغييراً جذرياً في اآلراء المعروفة عن‬

‫‪111‬‬
‫"كيمياء األلم" بفضل االندورفينات التي هي أحد أنواع البيتبيد ‪ ،Peptid‬أي الهرمونات التي تفرزها الغدة‬

‫النخامية‪ ،‬وأبرز مراكز تجمعها في اللوزتين‪ ،‬وفي الجهاز اللمفاوي‪ ،‬حيث يحتويان على مجموعة كبيرة‬

‫من الخاليا التي تفرز االندورفينات‪.‬‬

‫ولم يعد شك في أن األلم والمتعة واالنفعال‪ ،‬وكثيراً من األمراض لها اتصال بعمل األندورفينات‪،‬‬

‫التي اكتشفت عام ‪ ،1972‬والتي اتضح أن الموسيقى تساعد مساعدة جبارة على زيادة إفرازها‪ ،‬وبالتالي‬

‫على عالج الجسم وشفائه من األمراض‪.‬‬

‫وبصفة عامة فإن التجارب أثبتت حتى اآلن أن زيادة تلك المواد التمثل أية خطورة على‬

‫المريض‪ ،‬فضالً عما لتلك األندورفينات من ميزة يجب أن تؤخذ في االعتبار‪ ،‬وهي أنها وبمقارنة مع‬

‫األدوية األخرى‪ ،‬عبارة عن مادة طبيعية يفرزها الجسم‪ ،‬ومن المأمول أال تكون لها أية آثار جانبية‪ ،‬كما‬

‫هو الحال بالنسبة لألدوية األخرى التي يتعاطاها المريض‪.‬‬

‫إذاً فالعالج بالموسيقى عالج يسير‪ ،‬رخيص‪ ،‬سهل‪ ،‬ليس له أي مضاعفات على اإلطالق يمارس‬

‫شتاء‪ ،‬يستخدمون‬
‫في كل زمان وكل مكان‪ ،‬سواء كانت الشمس ساطعة مشرقة أم المطر ساقطاً‪ ،‬صيفاً أو ً‬
‫أدوات وآالت موسيقية في الهواء الطلق‪ ،‬وعلى اختالف أنواعها‪.‬‬

‫ومنذ أن بدأ هذا العالج الجديد والذي سيشعل في سنوات قادمة ثورة عارمة في عالم الطب‪،‬‬

‫اتضح أن الذين استخدموا هذا األسلوب أصبحوا اآلن يشعرون بأنهم في وضع صحي وحياة أفضل‪،‬‬

‫اليكادون يستخدمون أي دواء وكثيراً منهم أقلع عن مادة التدخين‪ ،‬كل ذلك بفضل الموسيقى‪.‬‬

‫الموسيقى تبني اإلنسان‪:‬‬

‫إن الموسيقى بعموميتها تبدأ حيث تنتهي الكلمة‪ ،‬إنها عنصر جوهري في البناء الروحي لإلنسان‪،‬‬

‫توقظ فيه الشعور بالمعاني الكبيرة‪ ،‬المعاني السامية‪ ،‬كالحق‪ ،‬والخير‪ ،‬والجمال‪ ،‬وتحرك وجدانه وترهف‬

‫شعوره وتساعد على تحقيق الوئام مع نفسه‪ ،‬والتوافق مع الحياة من حوله‪ ،‬وبالتالي فالموسيقى أقدر‬

‫الفنون على خدمة اإلنسان‪.‬‬

‫إن شوستا كوفيتش عندما يطرح مقولته الخالدة‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫" يجب أن يتساءل المؤلف الموسيقى دائماً… كيف أخدم بفني قضايا البشرية والسالم والتقدم؟"‪.‬‬

‫يضيء الريق أمام كل مؤلف موسيقى‪ ،‬حتى الينحرف أو يتعثر‪ ،‬ألن المؤلف الموسيقي فنان يسخر أدواته‬

‫الموسيقية وصنعته الفنية للتعبير عن نفسه ومجتمعه‪ ،‬على أن يكون هذا التعبير تعبيراً غير مباشر‪..‬‬

‫وكلما كان التعبير غير مباشر كان أقدر على البقاء‪.‬‬

‫أظهر تقرير أعده الدكتور بيتر سالي من جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة وزمالؤه أن‬

‫الموسيقى يمكن أن تخفف اإلجهاد‪ ،‬وتحسن األداء الرياضي‪ ،‬وكذلك الحركة العصبية للمصابين‬

‫باألمراض العصبية‪.‬‬

‫كما أظهرت دراسة جديدة بأن االستماع إلى الموسيقى ذات اإليقاع البطيء أو التي تبعث على‬

‫التأمل لها تأثير مريح على الناس‪ ،‬حيث تبطئ التنفس‪ ،‬ومعدل نبضات القلب‪ .‬بينما يحصل تأثير‬

‫معاكس على األشخاص الذين يستمعون إلى الموسيقى ذات اإليقاع األسرع‪ ،‬حيث يتسارع التنفس‬

‫ويزداد معدل نبضات القلب‪.‬‬

‫وقد قام الباحثون في الدراسة الحالية بمراقبة التنفس‪ ،‬وضغط الدم‪ ،‬ونبضات القلب وأي أدلة‬

‫تنفسية أخرى‪ ،‬لـ ‪ 24‬شاب وامرأة‪ ،‬قبل وبينما كانوا يستمعون إلى مقتطفات قصيرة من أنواع مختلفة من‬

‫الموسيقى من ضمنها الموسيقى الكالسيكية السريعة‪ ،‬والبطيئة‪ ،‬واإليقاعات المعقدة‪ ،‬وموسيقى الراب‬

‫‪،‬كما راقبوا المتطوعين أيضاً أثناء فترات االستراحة‪ .‬وتم تقسيم المتطوعين إلى قسمين‪ ،‬مجموعة‬

‫حصلت على تدريب موسيقي ومجموعة لم تحصل على أي تدريب موسيقي‪ .‬ويقول المراقبون إن‬

‫االستماع إلى الموسيقى أنتج عدة مستويات من اإلثارة‪ ،‬والتنفس السريع‪ ،‬وزيادة ضغط الدم‪ ،‬ومعدل‬

‫نبضات القلب‪ ،‬وفقاً لسرعة الموسيقى‪ ،‬ومدى تعقيد اللحن‪ .‬في حين بدا أن األسلوب الموسيقى أو‬

‫االهتمام الفردي بنوع الموسيقى كان اقل أهمية من سرعة الموسيقى‪.‬‬

‫وقد الحظ الباحثون بأن اإليقاعات البطيئة تستحث الهدوء‪ .‬ومما يثير االنتباه‪ ،‬أن الوقفات‬

‫القصيرة أو االستراحات القصيرة بين المقتطفات لمدة دقيقتين سببت شعوراً باالرتخاء أكثر من الفترة‬

‫‪113‬‬
‫التي سبقت تحضير المتطوعين لالستماع إلى الموسيقى‪ ،‬وكانت هذه التأثيرات أكثر وضوحاً عند‬

‫األشخاص الذين تلقوا تدريباً موسيقياً ألنهم تعلموا كيف يزامنوا تنفسهم مع المقطوعات الموسيقية‪ .‬يقول‬

‫المراقبون "يحتفظ الموسيقيون بنفس أسرع عند اإليقاع السريع‪ ،‬وأبطأ من غير المتدربين‪".‬‬

‫ويقول سالي وزمالؤه إن الموسيقى ال تمنح الشعور بالمتعة فقط بل لها فوائد صحية نتيجة‬

‫التناوب المنتظم بين الشعور باإلثارة واالرتخاء‪.‬‬

‫وبدأت المستشفيات الدنماركية اللجوء بشكل واسع إلى استخدام الموسيقى في عالج المواطنين‬

‫الذين يعانون من أمراض نفسية‪.‬‬

‫وذكرت دراسة طبية أن الموسيقى لها أثر فعال في عالج هؤالء المرضى قياسا مع األدوية‬

‫التقليدية التي اعتادت المستشفيات على استخدامها في عالجهم ‪.‬‬

‫وبينت التجارب أن حوالي ‪ %80‬من المرضى شعروا بالتحسين بعد االستماع للموسيقى بدرجة‬

‫أكبر من مفعول األدوية التقليدية من أجل تهدئة األعصاب أو النوم‪.‬‬

‫وأظهرت الدراسة التي شملت المرضى الذين يعانون من أمراض انفصام الشخصية أو الكآبة‬

‫أن العديد منهم نجحوا في التخلي كليا عن األدوية واالستعاضة عنها بالموسيقى التي غالبا تكون‬

‫كالسيكية أو هادئة‪.‬‬

‫كذلك فقد نصح الباحثون في جامعة ستانفورد األمريكية األشخاص كثيرو النسيان باالستماع‬

‫لموسيقى موزارت بعد أن ثبتت قدرتها على تحسين قدرات التعلم والذاكرة عند اإلنسان‪.‬‬

‫فقد بينت نتائج بحث جديد نشر أخيرا حول األساس الجزيئي لما يعرف بتأثير موزارت أن‬

‫الفئران التي استمعت لهذه األلحان الموسيقية أظهرت مستويات أعلى من نواتج عدة جينات مسؤولة عن‬

‫تحفيز وتغيير االتصاالت بين خاليا الدماغ‪.‬‬

‫ويرى الباحثون أن هذه االكتشافات مثيرة للجدل‪ ،‬فهي تقترح أن للتنشيط الدماغي بشكل عام‬

‫تأثيرات عصبية وكيميائية محددة‪ ،‬إال أن أسباب هذه التأثيرات إذا ما كانت ترجع للموسيقى نفسها أو‬

‫موزارت وحده على وجه التحديد لم تتضح بعد‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫واكتشف العلماء أيضا أن أداء األشخاص المصابين بمرض الزهايمر كان أفضل في المهمات‬

‫االجتماعية والنشاطات بعد استماعهم أللحان موزارت‪ ،‬كما أن عزفها لمرضى الصرع خفف من‬

‫النشاط الكهربائي المصاحب للنوبات التشنجية التي تصيبهم في حين لم تنجح األلحان األخرى في تحقيق‬

‫ذلك‪.‬‬

‫وقد أثبت مجموعة من أطباء العظام في واشنطن أن الموسيقى تخفف من آالم المفاصل وقالوا‬

‫أن المرضى الذين استمعوا للموسيقى سجلوا درجات أقل من األلم ودرجة االستجابة لديهم ارتبطت‬

‫بمدى هدوء المقطوعة الموسيقية!‪.‬‬

‫وقام الباحثون باختبار آثار الموسيقى وفعاليتها في تخفيف آالم المفاصل المزمنة عند ‪66‬‬

‫شخصا من المصابين الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين وتم تقسيمهم إلى مجموعتين بحيث‬

‫استمعت األولى لموسيقي موزارت لمدة عشرين دقيقة كل صباح طوال ‪ 14‬يوما بينما جلست المجموعة‬

‫الثانية في جو هادئ دون أية أصوات أو نغمات لنفس المدة‪.‬‬

‫والحظ العلماء أن هؤالء المرضى الذين استمعوا إلى الموسيقي سجلوا درجات أقل من األلم‬

‫عن المجموعة الثانية وانخفضت مستويات األلم وشدتها بعد االستماع لأللحان الهادئة‪.‬‬

‫وكشف بحث جديد عن وجود عالقة مباشرة بين التعرض للموترات كاالمتحانات والمقابالت‬

‫الوظيفية وغيرها‪ ،‬وإ صابة اإلنسان بضعف الذاكرة والنسيان‪.‬‬

‫وأوضح الباحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن أن التعرض للتوتر يزيد مستويات هرمون‬

‫"الكورتيزول" الذي ينتمي إلى عائلة هرمونات التوتر "جلوكوكورتيكويد" التي تعطّل توريد الطاقة لخاليا‬

‫الدماغ المسئولة عن الذاكرة‪ .‬كما ‪5‬قدم العلماء أول إثبات مباشر على أن التعرض لمستويات عالية من‬

‫"الكورتيزول" لعدة أيام يؤثر بصورة سلبية ملحوظة على الذاكرة‪ ،‬مشيرين إلى أن مستويات‬

‫"الكورتيزول" تحدد مدى شعور الشخص بالقلق‪ ،‬مثل الطالب الذين يتعرضون لمشكالت عائلية كبيرة ال‬

‫يحصلون على تعليم جيد‪ ،‬كما قد ترتفع مستويات "الكورتيزول" عند بعض الطلبة استجابة للضغط‬

‫النفسي المتسبب عن االمتحانات النهائية‪ ،‬وعلى جانب آخر فقد نصح الباحثون في جامعة "ستانفورد"‬

‫‪115‬‬
‫األمريكية األشخاص كثيرى النسيان باالستماع لموسيقى "موزارت" بعد أن ثبتت قدرتها على تحسين‬

‫قدرات التعلم والذاكرة عند اإلنسان‪.‬‬

‫فقد بينت نتائج بحث جديد نشر أخيرا حول األساس الجزيئي لما يعرف بتأثير موزارت أن‬

‫الفئران التي استمعت لهذه األلحان الموسيقية أظهرت مستويات أعلى من نواتج عدة جينات مسئولة عن‬

‫تحفيز وتغيير االتصاالت بين خاليا الدماغ‪.‬‬

‫وقال أساتذة في جامعة " بن" في الواليات المتحدة إن الموسيقى مفيدة للطالب على أقل تقدير‪.‬‬

‫يدرسون علم النفس والموسيقى إنهم درسوا تأثير الموسيقى واستجابة أمزجة‬
‫وقال الباحثون الذين ّ‬
‫طالبهم لها‪.‬‬

‫وسجل الطالب مذكراتهم الخاصة بالسماع للموسيقى لمدة أسبوعين وأفادوا أيضا بشأن أمزجتهم‬

‫قبل وبعد كل جلسة استماع‪ .‬ولم يقتصر االستماع إلى الموسيقى على تحسين المزاج فقط‪ ،‬بل إنه عزز‬

‫أيضا المشاعر اإليجابية الموجودة بالفعل لدى الطالب‪ ،‬كذلك فإن نوع الموسيقى لم يحدث اختالفا حيث‬

‫إن جميع أنواع الموسيقى التي استمع إليها الطالب كان لها نفس التأثير اإليجابي‪.‬‬

‫وتوصلت دراسة علمية حديثة أجراتها الباحثة منال محمد علي بخيت األستاذ المساعد بكلية‬

‫التربية الموسيقية جامعة حلوان المصرية إلى أن الموسيقي تساعد الطفل المريض بالسرطان علي‬

‫التغلب علي آالمه بقضاء وقت سعيد مليء بالغناء واللعب والعزف علي اآلالت اإليقاعية وذلك من‬

‫خالل برنامج موسيقي أعدته وطبقته علي عينة من األطفال‪ ،‬أوصت الباحثة مراكز ومستشفيات األورام‬

‫بإدخال الموسيقي ضمن البرنامج العالجي لألطفال المرضي‪ ,‬وضرورة أن تتضمن المناهج الدراسية‬

‫لشعبة التربية الموسيقية ما يؤهل الطلبة والطلبات لمواجهة الفئات المختلفة من المرضي والمعاقين‪،‬‬

‫فسرطان الدم عند األطفال بلغت نسبة الشفاء منه‪ %60‬ومن الممكن رفع هذه النسبة إلى ‪ %80‬في شفاء‬

‫األورام األخرى التي تصيب األطفال‪.‬‬

‫‪116‬‬
117

You might also like