Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫سورة القلم آيات ‪ 44‬و ‪45‬‬

‫ِ ِ ۖ‬
‫يث َسنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن َحْي ُ‬
‫ث اَل َي ْعلَ ُمو َن‬ ‫ب هِب َٰ َذا احْلَد‬
‫آيات ‪ - 44‬فَ َذ ْريِن َو َم ْن يُ َك ِّذ ُ‬
‫تفسير الطبري‬

‫يقول تعاىل ذكره لنبيه حممد صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬كل يا حممد أمر هؤالء املكذبني بالقرآن ايل‪ ,‬وهذا كقول القائل آلخر غريه‬
‫يث) يف موضع نصب‪,‬‬‫يتوعد رجال دعين واياه‪ ,‬وخلين واياه‪ ,‬مبعىن‪ :‬أنه من وراء مساءته‪ .‬و "من" يف قوله‪( :‬ومن ي َك ِّذب هِب ٰ َذا احْل ِد ِ‬
‫ََ ْ ُ ُ َ َ‬
‫ألن معىن الكالم ما ذكرت‪ ,‬وهو نظري قوهلم‪ :‬لو تركت ورأيك ما أفلحت‪ .‬والعرب تنصب‪ :‬ورأيك‪ ,‬ألن معىن الكالم‪ :‬لو‬
‫(سنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن َحْي ُ‬
‫ث اَل َي ْعلَ ُمو َن)! يقول جل ثناؤه‪ :‬سنكيدهم من حيث ال يعلمون‪ ,‬وذلك‬ ‫وكلتك اىل رأيك مل تفلح‪ .‬وقوله‪َ :‬‬
‫‪.‬بأن ميتعهم مبتاع الدنيا حىت يظنوا أهنم متعوا به خبري هلم عند اهلل‪ ,‬فيتمادعوا يف طغياهنم‪ ,‬مث يأخذهم بغتة وهم ال يشعرون‬

‫تفسير ابن كثير‬

‫يث) يعين القرآن‪ ,‬وهذا هتديد شديد أي دعين واياه أنا أعلم كيف أستدرجه مث آخذه‬ ‫قال تعاىل‪َ( :‬فَ َذريِن ومن ي َك ِّذب هِب ٰ َذا احْل ِد ِ‬
‫ْ ََ ْ ُ ُ َ َ‬
‫ث اَل َي ْعلَ ُمو َن) أي وهم ال يشعرون‪ ,‬بل يعتقدون أن ذلك من اهلل‬ ‫(سنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن َحْي ُ‬
‫أخذ عزيز مقتدر‪ ,‬وهلذا قال تعاىل‪َ :‬‬
‫‪.‬كرامة‪ ,‬وهو يف نفس األمر اهانة كما قال تعاىل‪َ( :‬أحَي سبو َن َأمَّنَا مُنِدُّهم بِِهۦ ِمن َّم ٍال وبنِني نُسارِع هَل م ىِف ٱخْل ي ٰ‌ر ِ‬
‫ت ۚ بَل اَّل يَ ْشعُُرو َن)‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َُ‬
‫تفسير القرطبي‬

‫يث) يعين القرآن‪ ,‬قاله‬ ‫قوله تعاىل‪( :‬فَ َذريِن ) أي دعين‪( .‬ومن يكذب) من مفعول معه أو معطوف على ضمري املتكلم‪( .‬هِب ٰ َذا احْل ِد ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫(سنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن‬
‫السدي‪ .‬وقيل‪ :‬يوم القيامة‪ .‬وهذا تسلية للنيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ,‬أي فأنا أجازيهم وأنتقهم منهم‪ .‬مث قال َ‬
‫ث اَل َي ْعلَ ُمو َن)! معناه سنأخذهم على غفلة وهم ال يعرفون‪ ,‬فعذبوا يوم الدار‪ .‬وقال سفيان الثوري‪ :‬نسبغ عليهم النعم وننسيهم‬ ‫َحْي ُ‬
‫الشكر‪ .‬وقال احلسن‪ :‬كم مستدرج باالحسان اليه‪ ,‬وكم مفتون بالثتاء عليه‪ ,‬وكم مغرور! بالسرت عليه‪ .‬وقال أبو روق‪ :‬أي كلما‬
‫أحدثوا خطيئة جددنا هلم نعمة وأنسيناهم االستغفار‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬سنمكر هبم‪ .‬وقيل‪ :‬هو أن نأخذهم قليال وال نباغتهم‪ .‬ويف‬
‫حديث (أن رجال من بين اسرائيل قال يا رب كم أعصيك وأنت ال تعاقبين‪ -‬قال‪ -‬فأوحى اهلل ايل نيب زماهنم أن قل له كم من‬
‫عقوبة يل عليك وأنت ال تشعر‪ .‬ان مجود عينيك وقساوة قلبك استدراج مين وعقوبة لو عقلت (واالستدراج‪ :‬ترك املعاجلة‪.‬‬
‫وأصله النقل من حال اىل حال كالتدرج‪ .‬ومنه قيل درجة‪ ,‬وهي منزلة بعد منزلة‪ .‬واستدراج فالن فالنا‪ ,‬أي استخرج ما عنده‬
‫‪.‬قليال‪ .‬ويقال‪ :‬درجة اىل كذا واستدرجه مبعىن‪ ,‬أي أدناه منه على التدريج فتدرج هو‬

‫صفوة التفاسر‬
‫أي‪ :‬اتركين يا حممد ومن يكذب هبذا القرآن ألكفيك شره وأنتم لك منه!! وهذا منتهى الوعيد )فَ َذريِن ومن ي َك ِّذب هِب ٰ َذا احْل ِد ِ‬
‫يث(‬ ‫ْ ََ ْ ُ ُ َ َ‬
‫ث اَل َي ْعلَ ُمو َن)! أي‪ :‬سنأخذهم بطريق االستدراج بالنعم اىل اهلالك والدمار من حيث ال يشعرون‪ .‬قال‬ ‫(سنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن َحْي ُ‬
‫َ‬
‫احلسن‪ :‬كم من مفتون بالثناء عليه‪ ,‬وكم من مغرور بالسرت عليه‪ .‬قال الرازي‪ :‬االستدراج أن يستنزله اليه درجة حىت يورطه فيه‪,‬‬
‫فكلما أذنبوا ذنبا جدد اهلل هلم نعمة وأنساهم االستغفار‪ ,‬فاالستدراج امنا حصل هلم من االنعام عليهم‪ ,‬ألهنم حيسبونه تفضيال هلم‬
‫‪.‬على املؤمنني‪ ,‬وهو يف احلقيقة سبب هلالكهم‬

‫تفسير همكا‬
‫معناها استمر يف عملك وال تدع قلبك يشعر خبيبة أمل من حقيقة أن هؤالء الناس يكذبون هذه )فَ َذريِن ومن ي َك ِّذب هِب ٰ َذا احْل ِد ِ‬
‫يث(‬ ‫ْ ََ ْ ُ ُ َ َ‬
‫الكلمة‪ ،‬الوحي الذي كشفه اهلل‪ ،‬انتقل إىل جربيل حملمد صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬استمر يف الدعوة وال تتوقف أبدا‪ .‬أما عن من‬
‫(سنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم) مبعىن أنه معهم! بدون علم‪ ،‬سيقودهم اهلل إىل فخ اهلل‪.‬‬‫ينكرونه فليكن وحدي إهلكم سيواجهه اهلل سبحانه وتعاىل‪َ .‬‬
‫ث اَل َي ْعلَ ُمو َن ) ومع ذلك كانوا مستكربين يف إنكارهم للدعوة اليت قدمها الرسول‪ ،‬يشعرون أهنم أقوياء يف الدفاع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫(م ْن َحْي ُ‬
‫أبدا‪ ،‬ومل يدركوا أهنم سيصلون إىل نقطة مل يعد بإمكاهنم الفرار منها‬
‫‪.‬ويشعرون أهنم لن يسقطوا ً‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫آيات ‪َ – 45‬و ُْأملي هَلُ ْم ِإ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫ۚ‬
‫ني‬

‫تفسير الطبري‬
‫ِ ِ‬ ‫وقوله‪ِ :‬‬
‫ني ) يقول تعاىل ذكره‪ :‬وأنسى يف آجاهلم مالوة من الزمان‪ ,‬وذلك برهة من الدهر على كفرهم‬ ‫(و ُْأملي هَلُ ْم ِإ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫ني) يقول‪ :‬ان كيدي بأهل الكفر قوي شديد‬ ‫‪.‬ومتردهم على اهلل لتتكامل حجج اهلل عليهم (ِإ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫تفسير ابن كثير‬

‫ني) أي أؤخرهم وأمدهم‪ ,‬وذلك من كيدي ومكري هبم‪ ,‬وهلذا قال تعاىل‪ِ( :‬إ َّن َكْي ِدي‬‫ِ ِ‬ ‫وهلذا قال ههنا‪ِ :‬‬
‫(و ُْأملي هَلُ ْم ِإ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫َ‬
‫ني ) أي عظيم ملن خالف أمري‪ ,‬وكذب رسلي‪ ,‬واجرتأ على معصييت‪ ,‬ويف الصحيحني عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه‬ ‫ِ‬
‫َمت ٌ‬
‫قال‪( :‬ان اهلل تعاىل ليملي للظامل حىت اذا أخذه مل يفلته)‪ ,‬مث قرأ {وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهي ظاملة ان أخذه أليم‬
‫‪.‬شديد} (أخرجه الشيخان عن أيب هريرة مرفوعا)‬

‫تفسير القرطبي‬

‫)و ُْأملِي هَلُ ْم(‬


‫أي أمهلهم وأطيل هلم املدة‪ .‬واملالوة‪ :‬املدة من الدهر‪ .‬وأملي اهلل له أي أطال له‪ .‬وامللوان‪ :‬الليل والنهار‪ .‬وقيل‪ :‬وأملي َ‬
‫ِ ِ‬
‫ني) أي ان عذايب لقوي شديد فال‬ ‫هلم أي ال أعاجلهم باملوت‪ ,‬واملعىن واحد‪ .‬وقد مضى يف "األعراف" بيان هذا‪ِ( .‬إ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫‪.‬يفوتين أحد‬
‫صفوة التفاسر‬

‫)و ُْأملِي هَلُ ْم(‬


‫ني) أي‪ :‬ان انتقامي من الكافرين قوي شديد‪ .‬ويف َ‬
‫ِ ِ‬
‫أي‪ :‬أمهلهم وأطيل يف أعمارهم ليزدادوا امثا (ِإ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫َأخ َذ الْ ُقَرى َوه َي ظَال َمةٌ ِإ َّن ْ‬
‫َأخ َذهُ َأل ٌ‬ ‫ك ِإ َذا َ‬
‫َأخ ُذ َربِّ َ‬
‫ك ْ‬ ‫(و َك َذل َ‬
‫احلديث‪(( :‬ان اهلل ليملي للظامل حىت اذا أخذه مل يفلته)) مث قرأ‪َ :‬‬
‫َش ِدي ٌد) [هود‪ ]102:‬وامنا مسى احسانه كيدا‪ ,‬كما مساه استدراجا‪ ,‬لكونه يف صورة الكيد‪ ,‬فما وقع هلم‪ ,‬من سعة األزراق وطول‬
‫‪.‬األعمار وعافية األبدان‪ ,‬احسان يف الظاهر وبالء يف الباطن‪ ,‬ألن املقصود معاقبهم وتعذيبهم به‬

‫تفسير همكا‬

‫)و ُْأملِي هَلُ ْم(‬


‫مبعىن أنه يتم منحهم الفرصة‪ .‬يرتكون بال انقطاع حىت ينسوا أن الوقت سيأيت‪ .‬مث يف تلك األوقات يصبحون أكثر َ‬
‫ِ ِ‬
‫ني) "أما" – قال تعاىل – "كيدي متني"‪ .‬إذا كان قانون‬ ‫نسيانًا‪ .‬لديهم اعتقد أكثر أهنم أقوياء وبسالء‪ ,‬لكن تذكر (ِإ َّن َكْيدي َمت ٌ‬
‫خطيت سيذهب‪ ،‬فلن يكون هناك إنسان حىت يف العامل كله ال شيء ميكن أن مينعه‪ .‬حىت خطة اإلنسان بأكملها ستدمر عند‬
‫‪.‬االجتماع‪ ،‬سواء كانت كبرية أو صغرية‪ .‬إما عن شخص واحد أو عن اجملتمع األكرب‬

You might also like