Professional Documents
Culture Documents
جذور العنصرية العربية
جذور العنصرية العربية
عادل العمري
جذور العنصزية العزبية
عادل العمري
30سبتمبر 2012
فهرس:
ممدمة
-1العرب
-2لؽة العرب والزعم بتفولها
-3أثر اإلسالم
-4عروبٌون وإسالمٌون
-5التفوق العربً منحة إلهٌة
-6وضع الٌهود
-7العنصرٌة العربٌة دافعها المصالح
-8خالصة
3
ممدمة:
هل توجد عنصرٌة عربٌة؟ توجد مشاعر عنصرٌة بٌن شعوب األلطار العربٌة تجاه
بعضهم البعض وهنان شعور متبادل بالتعالً والتفوق بٌن هذا الشعب وذان
بدرجات متفاوتة كما توجد مشاعر وسلوكٌات عنصرٌة فً الخلٌج بالذات تجاه
الشعوب الفمٌرة فً آسٌا وأفرٌمٌا .ولكن الكالم هنا ٌتعلك بعنصرٌة عربٌة صرؾ
صا بٌن عرب المشرق ،حتى من تجاه ؼٌر العرب .وٌوجد ما ٌدل على ذلن وخصو ً
المسٌحٌٌن أصحاب الثمافة اإلسالمٌة ،باعتبارهم جمٌعًا أصحاب اإلسالم وحاملو
الرسالة األبدٌة وأصحاب اللؽة التً نزل بها المرآن؛ المعجزة األبدٌة التً لم
ٌستطع أحد كما ٌمولون أن ٌتحداها عملٌا .فالمرآن هو كتاب العرب الممدس ،بل
ألدس ألداسهم ،وإعجازه الوحٌد – حسب اعتمادهم -هو لؽته البلٌؽة والجمٌلة،
سا ال ٌستطٌع التً ٌفاخرون بها األمم .فالعرب – زع ًما – ٌملكون ً
كنزا إلهٌا ممد ً
مبررا لمطالبة اآلخرٌن إما بالتعرب وإما باتباع
ً ؼٌرهم أن ٌفهمه ،وهذا ما ٌعطٌهم
فمهابهم دون جدال كثٌر؛ ألنهم الوحٌدون الذٌن ٌستطٌعون فهم كنوز المرآن
صا أن ما ٌسمى باإلعجاز العلمً هو محاولة حدٌثة للبرهنة على اللؽوٌة ،خصو ً
األصل اإللهً للمرآن ،وهو برهان ضعٌؾ إلى حد كبٌر ،وهنان من المفكرٌن
المسلمٌن من ٌرفضه وٌنكره.
الخالصة أن العرب ٌرون أنفسهم أهل المرآن ذي المعجزة اللؽوٌة ،وبالتالً
ٌفضلون أنفسهم على "العجم"؛ المتالكهم هذه المعجزة األبدٌة .وال ٌجد العرب
المسلمون من شًء ٌفخرون به على سابر الشعوب سوى حملهم للؽة المرآن،
وبالتالً دورهم المٌادي فً نشر اإلسالم وتفسٌره ،وٌمدون هذا الكالم على
استمامته ،فٌمدمون لؽتهم على أنها أفصح اللؽات وأؼناها ،وأن شعرهم شدٌد
التفوق على ؼٌره ،وأنهم أهل البالؼة ..إلخ؛ وإال فلماذا اختار هللا اللؽة العربٌة
لٌنزل بها المرآن؟ وٌحمل هذا الشعور بالتفوق حتى مسٌحٌو الشام؛ المسلمون
ثمافٌا .وإذا أعادوا مد هذا على استمامته زعموا أنهم أمراء الكالم ،وأهل الكرم،
والمروءة ،والسخاء ،وأشجع الناس ،وأكثرهم حكمة ..إلخ(.)1
مثال -محمود شكري األلوسً البؽدادي عشرات( )1تكلم الكثٌرون من العروبٌٌن بهذه اللهجة ،ولد خصص – ً
الصفحات لشرح مزاٌا العرب على ؼٌرهم ،بلوغ األرب فً معرفة أحوال العرب ،الجزء األول ،دار الكتب
العلمٌة ،بٌروت لبنان.
4
وسوؾ أحاول هنا تحلٌل جذور هذه العنصرٌة لدى العرب؛ كٌؾ نظر العرب إلى
أنفسهم وإلى اآلخر ؼٌر العربً لبل اإلسالم وبعده وأثر األخٌر فً هذه النظرة
ومدى تؽٌرها وفً أي اتجاه ،ولماذا توجد هذه العنصرٌة .وسٌكون الممصود
باإلسالم فً هذا الممال الفهم السابد للمسلمٌن له ،كما أتصوره ولٌس معناه
"الحمٌمً" الذي ال أزعم أننً أعرفه دون ؼٌري ولٌس حتى معناه الحمٌمً من
وجهة نظري.
**********************
-1العرب:
ألرب أصل للعرب نعرفه بالفعل هو سكان الجزٌرة العربٌة ،دون أي إمكانٌة
للزعم بوحدة عرلهم ،فلم ٌفلح أحد فً البرهنة على نماء أي شعب بعٌنه أبدًا(.)2
أما أصل عرب الجزٌرة ،فاختلفت فٌه النظرٌات ،وكثرت اآلراء وتشعبت ،ولٌست
هنان معلومات لاطعة فً هذا الصدد .ولد صارت هنان شعوب عربٌة منتشرة على
نطاق أوسع بعد ظهور وانتشار اإلسالم ،الذي كان له الدور األكبر فً تعرٌب كثٌر
من شعوب أخرى تعٌش فٌما ٌُسمى بالعالم العربً اآلن .وبذلن ٌكون أمامنا
سا ،والعرب بعد إعادةعربان :العرب لبل الفتوحات اإلسالمٌة؛ سكان الجزٌرة أسا ً
تكوٌنهم بعد اإلسالم.
وال ٌوجد اتفاق بٌن الباحثٌن حول أصل كلمة عرب ومعناها لبل اإلسالم .ولكن
الؽالب أن ؼٌر العرب لصدوا بها الشعوب البدوٌة التً عاشت شمال الجزٌرة
العربٌة ،أو من أسماهم العروبٌون بالعرب المستعربة .وبعد اإلسالم وحتى اآلن
5
تطلك على من ٌتكلم من حٌث األصل اللؽة العربٌة ،حتى أن بالدًا مثل الصومال،
وإرٌترٌاٌ ،صفها العرب بؤنها بالد عربٌة؛ ألن أؼلب أهلها ٌتكلمون العربٌة ،رؼم
األصول اإلثنٌة والعرلٌة المختلفة لهم – فً الؽالب -عن أصول عرب الجزٌرة.
والمصد من هذا هو -كما أعتمد -هو توسٌع لاعدة العروبٌة فً مواجهة أعدابها.
وحٌن تكلم كتاب العرب المدامى ،وكثٌر أٌضًا من المحدثٌن من علماء اللؽة ،بل
وحتى مإرخون محدثون فً الؽرب والشرق من كل صنؾ عن تعرٌؾ العرب
وتمسٌمهم وتحدٌد أصولهم ،اختلطت األساطٌر بؤخبار النسابٌن بالمصص الخٌالٌة
والمنحولة ،والؽٌبٌات والرواٌات الدٌنٌة من التوراة وؼٌرها ،بحٌث ال ٌستطٌع
المرء أن ٌعتمد استنتاجاتهم( .)3لذلن سنتعامل مع هذه المسؤلة بكثٌر من التحفظ،
مكتفٌن بتناول األمر بشكل أكثر عملٌة .فالموضوع شدٌد التعمٌد ،وفهم العاللة بٌن
أصل العرب ولؽتهم ٌحتاج معرفة كبٌرة بعلم اللؽة وعلم األجناس واألنثروبولوجٌا،
وكل هذا ال أزعم أن لً فٌه باع ٌذكر ،عالوة على أن هذا ٌحتاج لجهود مبات
الباحثٌن.
والؽالب أن عرب الشمال الموصوفٌن بالمستعربة هم الذٌن سادوا فً الجزٌرة
لبل اإلسالم مباشرة وبعده ،خاصة أن منهم لرٌش ،التً حكمت الشرق األوسط
لمدة لرون.
أما عن أحوال العرب لبل اإلسالم ،فتواجهنا مشكلة كبرى؛ هً النمص الشدٌد فً
المعلومات الموثمة فً هذا المجال ،والؽالبٌة العظمى من المعلومات المتاحة عنها
ذكرت بعد اإلسالم ،وفً سٌاق صراعات اجتماعٌة عدٌدة ،لعبت دو ًرا هاما فً
انتحال الولابع والنصوص ،بما فٌها حتى ما ٌعرؾ بالشعر الجاهلً ،المشكون
كثٌ ًرا فً انتساب معظمه لعرب ما لبل اإلسالم ،حٌث ال توجد وثابك مكتوبة ٌعتمد
علٌها .ولد ذكر لوٌس عوض أن ألدم نص عربً معروؾ ٌنتمً إلى عام 328
( )3
ٌمكن بخصوص هذه المسؤلة العودة إلى أحمد بن علً الملمشندي ،نهاٌة األرب فً معرفة أنساب العرب،
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewtoc.asp?BID=200
وجواد علً ،المفصل فً تارٌخ العرب لبل اإلسالم،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=13&book=2138
6
صا ،بل آرامٌا-عربٌا( .)5وحتى التارٌخ ()4
مٌالدٌة ،مع أنه لٌس نصا عربٌا خال ً
اإلسالمً ٌستحك الشن والتشكٌن الشدٌد؛ ألنه أٌضًا لم ٌعتمد على وثابك (كانت
لرارات الدولة شفوٌة معظم الولت) ،وما توفر من آثار وعمالت لم ٌكن كافًٌا
لرصد ولابع هذا التارٌخ بدرجة معمولة من الدلة ،وبل اعتمد إلى حد كبٌر -على
النمل الشفهً من اإلخبارٌٌن ،كما تختلط فٌه الولابع باألساطٌر والخرافات
ولصص الوحً ،وتخضع الرواٌات للمصالح وتنازع الفرق اإلسالمٌة .لذلن تتباٌن
من كاتب آلخر ،بل ٌذكر الكاتب الواحد أحٌانًا عدة رواٌات مختلفة لشرح والعة
معٌنة (الطبري ،وهو من أهم المإرخٌن العرب ،مثل بارز جدا) ،وتكفً اإلشارة
إلى أن السٌرة النبوٌة لد بُدء فً كتابتها بعد وفاة النبً بمرن ونصؾ على األلل،
و ُكتبت بناء على النمل الشفهً ،وهً مكتظة بالخرافات التً ال ٌستسٌؽها حتى
عمل طفل صؽٌر .ولد دفع هذا المنهج فً كتابة التارٌخ العروبٌٌن إلى زعم
تبرٌريٌ ،دعً الموة الخارلة لذاكرة العرب ،واعتبار ذلن ضمن مزاٌاهم ،التً
ٌتفولون بها على ؼٌرهم ،وهو بالطبع زعم ال ٌمبله أي عالل .لذلن سنتعامل بكل
تحفظ مع الولابع .أما الشعر "الجاهلً" فال ٌمكن الركون إلٌه كمصدر لحٌاة
( )4ممدمة فً فمه اللؽة العربٌة ،رإٌة للنشر والتوزٌع ،جمع وتنفٌذ الشركة الدولٌة لخدمات الكمبٌوتر،
الطبعة األولى ،2006ص .31وهً نص شاهد لبر امرئ المٌس" :مر المٌس بر عمرو ،ملن العرب كله،
ذو استرالتج وملن األسدٌن ونزروا وملوكهم وهرب مذحجو".
( )5من أشهر النموش التً لٌل إنها سبمت األدب "الجاهلً":
نمش النمارة ،المرئ المٌس وتارٌخه 328م. -
نمش زٌد ،وهً أطالل لرب حلب وٌسجل تارٌخ بناء كنٌسة وتارٌخه 512م. -
نمش حوران وٌرجع تارٌخه إلى 568م وبه كلمات ال تعرفها العربٌة مثل كلمة المرطول بمعنى -
كنٌسة .وٌبدأ بـ" :أنا شرحبٌل بر ظلموا" ،إبراهٌم أنٌس ،فً اللهجات العربٌة ،مكتبة األنجلو ،الماهرة ،ص
.32
نص نمش النمارة " :تً نفس مر المٌس بر عمرو ملن العرب كله ذو أسر التج وملن األسدٌن ونزرو
وملوكهم وهرب مذحجو عكدي وجا بزجً فً حبج نجران مدٌنة شمر وملن معدو ونزل بنٌه الشعوب
ووكلهن فرسو لروم فلم ٌبلػ ملن مبلؽه عكدي هلن سنة ٌ 223وم 7بكسلول بلسعد ذو ولده" ،وتارٌخه
328م ،وترجمته باللؽة العربٌة المعاصرة:
-1هذا لبر امرئ المٌس بن عمرو ملن العرب كلهم الذي تملد التاج - 2 .وأخضع لبٌلتً أسد ونزار وملوكهم
وهزم مذحج ولاد -3 .الظفر إلى أسوار نجران مدٌنة شمر وأخضع مع ًدا واستعمل بنٌه -4 .على المبابل
ووكلهم فرسانا للروم فلم ٌبلػ ملن مبلؽه -5 .إلى الٌوم .توفى سنة 223م فً 7من أٌلول وفك بنوه
للسعادة ،عام 223بتموٌم بصري ٌوافك 328مٌالدي.
7
العرب ،ولد لدم كل من مرجلٌوث( )6وطه حسٌن( )7ما ٌكفً للتشكٌن فٌه على
سا على اإللماء الشفهً،األلل ،وإذا عرفنا أن شعراء ما لبل اإلسالم اعتمدوا أسا ً
وأن جمع الشعر "الجاهلً" لد بدأ فً العصر األموي ،ألدركنا بالتؤكٌد أن معظمه
منحول ،وأن ؼٌر المنحول منه إما نادر ،أو لم ٌصل إلٌنا .وال ٌمؾ تبرٌر إبراهٌم
أنٌس( )8الختالؾ لؽة الشعراء عن لهجات المبابل التً انتموا إلٌها على أرض
صلبة؛ فمد برر ذلن بؤن لؽة النخبة فً بالد العرب "الجاهلٌٌن" كانت واحدة
ورفٌعة ،ولم تتخذ لهجات المبابل منهجا .فهل من المعمول أن كافة شعراء العرب
لد اتخذوا لؽة تشبه لؽة المرآن؛ أي لؽة لرٌش كلؽة ألشعارهم؟ فكٌؾ ٌمكن أن ٌتم
هذا االتفاق ولماذا اختاروا لؽة لرٌش بالذات؟ األكثر اتسالًا مع المنطك أن ما
وصلنا من هذا الشعر كما ذهب كل من مرجلٌوث وطه حسٌن لد كتب بعد سٌادة
لؽة المرآن بٌن العرب ،وبالتالً فإن معظمه منحول .وال ٌمكن االعتماد حتى على
الشعر المكتوب فً عصر النبً أو بعده بملٌل ،مثل شعر حسان بن ثابت ،وعمر بن
أبً ربٌعة ،وعبد هللا بن الزبعري السهمً ،فرؼم حداثته ومعاصرته للدعوة
اإلسالمٌة عمل فٌه النحال الكثٌر ( .) 9أما األحادٌث المنسوبة للنبً فال ٌمكن
اعتبارها صحٌحة ،من حٌث نسبها له ،ألسباب عدة ،منها أنها كتبت بعد وفاته
بمرن ونصؾ على األلل ،ولم توثك فً حٌاته لط ،كما أن بها الكثٌر من
المتنالضات والخالؾ ومخالفة المرآن ،وكل فرلة إسالمٌة اعتمدت لنفسها أحادٌث
خاصة ،ولكل أسانٌده ولرابنه(.)10
8
وٌعد المرآن حتى اآلن أهم وثٌمة كتبت باللؽة العربٌة ،رؼم ما شاب جمعه من
صعوبات ومشاكل ال حصر لها ،ورؼم اختالؾ المإرخٌن المسلمٌن حول تارٌخ
وطرٌمة جمعه ،وحول أول وآخر آٌاته ،واألحرؾ والمراءات السبع أو العشر التً
لم ٌتم االتفاق ،ال على عددها وال على معناها ،والتً أثارت مشاكل ال حل لها(،)11
ومبدأ النسخ وتحدٌد اآلٌات المنسوخة والناسخة ،بخالؾ اآلٌات المفمودة
والمضافة فً زعم البعض ،وأخطاء الجمع المحتملة ،كما كانت الكتابة العربٌة فً
البداٌة ؼٌر منموطة وال مشكلة ،وتمت إضافة النمط والتشكٌل على مراحل ،وتمت
كل إعدادات المصحؾ فً عهد األموٌٌن ،بإشراؾ الحجاج بن ٌوسؾ الثمفً(.)12
ومن المنطمً أن المرآن لد ُكتب بلؽة ٌستطٌع أن ٌفهمها عرب الجزٌرة؛ فمد كان
مادة للنماش طوال 23سنة ،وبالتالً فلؽة هذا النص هً نفسها لؽة عرب ما لبل
اإلسالم ،رؼم أنه بالتؤكٌد كُتب بلهجة لرٌش حٌث نشؤ النبً دمحم .ولذلن فهو
كمصدرالستنباط أحوال العرب لبل اإلسالم ٌُعد موثولًا أكثر بما ال ٌماس مما ٌُسمى
باألدب الجاهلً .ورؼم ذلن ٌمكن الزعم أن فهم لؽة المرآن لد تؽٌر منذ صٌاؼة
http://www.eqla3.com/vb/archive/index.php/t-209224.html
( )11كتب الكثٌر والكثٌر عن هذه المضٌة ،نذكر منها الحجة فً المراءات السبع المنسوب البن خالوٌه،
www.almeshkat.com/books/open.php?cat=7&book=2250
األحرؾ السبعة ألبً عمرو الدانً،
http://tafsir.org/books/open.php?cat=9.&book=887
شهاب الدٌن أحمد بن دمحم بن عبد الؽنً الدمٌاطً ،إتحاؾ فضالء البشر فً المراءات األربعة عشر (حسب
العربٌة المٌاسٌة ٌجب أن تكتب :األربع عشرة – عادل)،
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/ethaaf_f .zip
عدنان بن أحمد البحٌصً :المتحؾ فً معنى األحرؾ السبعة،
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/almuthaf.zip
والمضٌة لها عاللة وثٌمة بموضوع جمع وتدوٌن المرآن ،الذي لٌل فٌه الكثٌر ،وتباٌنت الرواٌات ،وبلػ األمر
حد ادعاء البعض من السنة والشٌعة بتحرٌؾ المرآن.
( )12كان المرآن مكتوبا بدون تنمٌط وال تشكٌل ،ولد أمر بجمعه أبو بكر الصدٌك ثم وحد عثمان بن عفان
المصاحؾ فً مصحؾ واحد .ولما تولى علً بن أبً طالب ،أمر أبا األسود الدإلً بؤن ٌشكل كلمات المرآن
بطرٌمة التنمٌط الملون ،إذ جعل لكل حركة من حركات التشكٌل نمطة مختلفة اللون بتنمٌط الحروؾ أما الحجاج
بن ٌوسؾ الثمفً فمد أمر نصر بن عاصم بتشكٌله.
9
اللؽة العربٌة ووضع لواعدها ،عن فهمها فً عصر مالبل اإلسالم .فالمرآن نفسه
لم ٌكن المرجع الوحٌد بل أعٌد فهمه لؽوٌا وإخضاعه لمواعد لؽوٌة تم وضعها
الحمًا استنادًا للؽة المبابل البدوٌة التً اعتبرها النحوٌون العربٌة النمٌة.
وكلمة عرب هً صفة أطلمها سكان وادي الرافدٌن على بدو جزٌرة العرب،
ومرتبطة باألعراب .أما العروبٌون فمد اعتبر بعضهم أن لفظ العرب مستوحى من
اللؽة العربٌة نفسها( .)13ولد ذهب جواد علً إلى استنتاج أن ذلن استنبط من
المرآن واللؽة( ،)14فكلمة إعراب تحمل معنى تفسٌري وتوضٌحً ،وكلمتا أعرب
وٌعرب معناها اإلفصاح ،فالعربٌة مرتبطة بالفصاحة .وذهب بعض اللؽوٌٌن إلى أن
اللفظ مشتك من ٌعرب بن لحطان( ،)15وهنان تفسٌرات أخرى ألل شهرة.
ألدم نص أثري ورد فٌه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملن
اآلشوري شلمانصر الثالث ، 852ق .م.
ولد ظهر لفظ العرب سنة 530ق .م .فً النصوص الفارسٌة ،ثم ظهر لدى
الٌونان آواخر المرن الخامس لبل المٌالد ،ثم ورد فً النموش السببٌة فً المرن
األول لبل المٌالد .وكان اللفظ ٌدل على سكان البوادي بالجزٌرة العربٌة.
وكان المرأن أول وثٌمة عربٌة معروفة تستخدم لفظة عرب لإلشارة إلى سكان
الجزٌرة العربٌة ككل ،سواء من البدو أو الحضر .ولبل المرآن كان اللفظ ٌشٌر إلى
بدو العرب فحسب(.)16
ولد لجؤ العروبٌون إلى تمسٌم العرب .والتمسٌم األكثر شٌوعًا هو 3طبمات،
وهو :العرب البابدة (المبابل التً اختفت) ،والعرب العاربة ،الذٌن تكلموا العربٌة
منذ بداٌة نشوبهم ،والعرب المستعربة ،الذٌن من أصل ؼٌر عربً واكتسبوا اللؽة
العربٌة ،وهم وفمًا لهذا التمسٌم أبناء إسماعٌل( ،)17وهم الذٌن انحدرت منهم لرٌش
( )13لال الملمشندي " :والذي علٌه العرؾ العام إطالق لفظة العرب مشتمة من األعراب وهو البٌان أخ ًذا من
لولهم أعرب الرجل عن حاجته إذا أبان سموا بذلن ألن الؽالب علٌهم البٌان والبالؼة" ،جذور اإلرب فً
معرفة أنساب العرب ،نفس الموضع ،سبك ذكره.
( )14نفسه.
()15
لسان العرب والماموس المحٌط.
( )16جواد علً ،نفس المرجع ،الفصل األول ،سبك ذكره.
( )17د .حسٌن الشٌخ ،العرب لبل اإلسالم ،دار المعرفة الجامعٌة ،اإلسكندرٌة ،1993 ،ص ص .74- 69
10
ونبً اإلسالم .ووف ًما لجواد علً أن كل ما روي من هذا التمسٌم لم ٌرد إلٌنا من
النصوص "الجاهلٌة" ،وإنما من الكتب المدونة فً اإلسالم ،لذلن ال نستطٌع أن
نعزي هذا التمسٌم لعرب لبل اإلسالم .وهنان تمسٌم آخر ألل شهرة :العرب البابدة
أو العاربة ،والعرب البالٌة التً تنمسم إلى المستعربة والتابعة للعرب( ،)18وهذا
التمسٌم وذان ال ذكر لهما ال فً الموارد الٌهودٌة الٌونانٌة أو الالتٌنٌة ،أو
السرٌانٌة وٌظهر أنه تمسٌم عربً خالص.
ظهر هذا التمسٌم فً العصر األموي ،وفً الؽالب لجؤ إلٌه العرب من أصول
جنوبٌة الستعادة اعتبارهم من عرب الشمال الذٌن انحدر منهم نبً اإلسالم،
وتسلطوا فً عهد الخلفاء "الراشدٌن" ،ثم بنً أمٌة .وال ٌوجد من تارٌخ
ً
أصال ،ولم ٌشر المرآن ،وهو أكثر الوثابك "الجاهلٌٌن" ما ٌشٌر إلى هذا التمسٌم
العربٌة موضعًا للثمة ،إلى وجود طبمات من العرب ،بل خاطبهم ككل واحد .ولكن
من المتولع أن هنان من تعربوا بالفعل من لبابل وأفراد وجماعات مجاورة للعرب،
أو هاجرت إلى أرضهم واختلطت بهم ،مثلما حدث لكل الشعوب .أما التمسٌم
المذكور ففً الؽالب هو محض خرافة ،واألمر أكثر تعمٌدًا من ذلن بكثٌر ،وهو
صا سام (أصل المحطانٌٌن) ،وفً ٌعتمد على أساطٌر تتعلك بؤبناء نوح ،خصو ً
()19
هجرة إسماعٌل بن إبراهٌم إلى مكة (أصل العدنانٌٌن) .ولد اختلؾ العروبٌون
بشكل كبٌر فً شرح تفاصٌل هذا التمسٌم ،ورسم شجرة األنساب العربٌة للطبمات
الثالث(.)20
( )18مصطفى صادق الرافعً ،تارٌخ آداب العرب ،الجزء األول ،دار الكتب العلمٌة ،بٌروت ،لبنان ،الطبعة
األولى ،2000 ،ص .37منشور على:
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/gap.php?file=nc/other/0010.pdf
( )19المراجع العروبٌة التً روت هذه األسطورة ال تحصى ،منها ،بلوغ األرب فً معرفة أحوال العرب،
محمود شكري األلوسً البؽدادي ،سبك ذكره.
( )20أشار جورجً زٌدان إلى هذه الخالفات بشًء من التفصٌل فً كتابه :العرب لبل اإلسالم ،مطبعة الهالل،
مصر ،1922منشور على النت،
http://www.4shared.com/dir/29883502/719897ba/_sharing .html
ومع ذلن عاد ٌتكلم عن تارٌخ العرب ،مستخد ًما التوراة ومعتم ًدا للتمسٌم إلى عرب بابدة وعاربة ...الذي ال
دلٌل علٌه.
11
والتمٌٌز هنا لؽوي بشكل أساسً ،وبدون أفضلٌة لعربً على آخر ،بل إن الرسول
وفمًا لهذه النظرٌة منحدر من أصل مستعرب.
***************************
-2لؽة العرب والزعم بتفولها
تمٌز اللؽة العربٌة بٌن العرب وبمٌة الشعوب ،التً تسمى بـ "العجم" .وكما ذهب
نصر أبو زٌد "هو من لبٌل التصنٌؾ المٌمً الذي ٌعطً العرب مكانة التفوق ،كما
ٌعطً للؽتهم مكانة ((اللؽة)) بؤلؾ والم العهد ،كؤن ما سواها من اللؽات لٌس
كذلن ،وكؤن من ٌتحدثون بلؽة ؼٌرها هم بمثابة العجماوات التً ال تبٌن وال
تنطك"(.)21
ولفظ العجم ٌعنً :اإلبهام ،عدم التفصٌل ،عدم الفصاحة( .)22وكؤن اللؽات ؼٌر
العربٌة ؼامضة وؼٌر فصحى بطبٌعتها ولٌست كذلن فمط بالنسبة للعرب.
( ) 21نصر حامد أبو زٌد ،ضرورة تجدٌد الخطاب العربً النسوي ،الحوار المتمدن ،العدد،951 :
،2004/9/9
http://www.wluml.org/arabic/newsfulltxt.shtml?cmd%5B157%5D=x-157-
86832
كثٌراٌ ،مال
ً ( )22حسب (لسان العرب) :عجم :العجم والعجم :خالؾ العرب والعربٌ ،عتمب هذان المثاالن
عجمً وجمعه عجم ،وخالفه عربً وجمعه عرب ،ورجل أعجم ولوم أعجم؛ والعجم :جمع األعجم الذي ال
ٌفصحٌ .مال :هإالء العجم والعرب أفصح أو لم ٌفصح.
ً
عربٌة لال األزهري" :ومعناه أن اللـه عزوجل لال{ :ولو جعلناه لرآ ًنا أعجمٌا لمالوا لوال فصلت آٌاته}
مفصلة اآلي كؤن التفصٌل للسان العرب ،وأعجمت الكتاب :ذهبت به إلى العجمة ،ولالوا :حروؾ المعجم
فؤضافوا الحروؾ إلى المعجم ،فإن سؤل سابل فمال :ما معنى حروؾ المعجم؟ هل المعجم صفة لحروؾ أو
ؼٌر وصؾ لها؟ فالجواب أن المعجم من لولنا حروؾ المعجم ال ٌجوز أن ٌكون صفة لحروؾ هذه من
وجهٌن :أحدهما أن حرو ًفا لو كانت ؼٌر مضافة إلى المعجم لكانت نكرة والمعجم كما ترى معرفة ومحال
وصؾ النكرة بالمعرفة ،واآلخر أن الحروؾ مض افة ومحال إضافة الموصوؾ إلى صفته ،والعلة فً امتناع
ذلن أن الصفة هً الموصوؾ على لول النحوٌٌن فً المعنى ،وإضافة الشًء إلى نفسه ؼٌر جابزة ،وإذا
كانت الصفة هً الموصوؾ عندهم فً المعنى لم تجز إضافة الحروؾ إلى المعجم ،ألنه ؼٌر مستمٌم إضافة
الشًء إلى نفسه ،لال :وإنما امتنع من لبل أن الؽرض فً اإلضافة إنما هو التخصٌص والتعرٌؾ .واألعجم:
األخرس .والعجماء والمستعجم :كل بهٌمة .وفً الحدٌث :العجماء جرحها جبار أي ال دٌة فٌه وال لود؛ أراد
بالعجماء البهٌمة ،سمٌت عجماء ألنها ال تتكلم ،لال :وكل من ال ٌمدر على الكالم فهو أعجم ومستعجم .ومنه
الحدٌث :بعدد كل فصٌح وأعجم؛ لٌل :أراد بعدد كل آدمً وبهٌمة ،ومعنى لوله العجماء جرحها جبار أي
12
ً
اعتزازا خاصا بلؽتهم واستخدام لفظً عرب وعجم ،أو فصٌح وأعجم ٌتضمن
وكؤنها ((اللؽة))؛ فالنسبً ،أي الفصاحة فً هذا الممامٌُ ،عامل كما لو كان مطلك
رؼم إدران نسبٌته .وٌسمً العرب الماموس بالمعجم وهو ٌشرح معانً األلفاظ
الؽامضة ،مما ٌتضمن أن العجم ٌساوي الؽموض.
وصفة العجم ،وإن كانت كلمة عامة ،لصد بها كل من هو لٌس بعربً ،لكنها
أطلمت فً الؽالب على الفرس والٌونان ،بٌنما لد نظر العرب لبل اإلسالم على األلل
لألفارلة على أنهم درجة دنٌا من العجم؛ بسبب ؼرابة لؽتهم عن العربٌة ،وعدم
()23
لدرتهم على التمكن من النطك بها ،فٌسمون بالطمطمانٌة .ولد الحظ جواد علً
ما ورد فً معلمة عنترة :تؤوي له للص النعام كما أوت حزق ٌمانٌة ألعجم
طمطـم( ،)24وهو ما ٌعنً وصؾ للذي ال ٌفصح من العجم كان أو من العرب
فؤعجم(.)25
ولد مال من وضعوا النحو وجمعوا الكلمات العربٌة فً العصر األموي إلى تدوٌن
لؽة عربٌة "نمٌة"؛ فاعتبر العروبون أن لؽة البدو هً األصل ،بدلٌل أنهم حٌن
بدأوا ٌضعون لواعد النحو راحوا ٌبحثون عن البدو فً كل مكان لمعرفة العربٌة
"األصٌلة" منهم ،ووضع المواعد النحوٌة "السلٌمة" .وتفادوا عمدًا االعتماد على
البهٌمة تنفلت فتصٌب إنسانا فً انفالتها ،فذلن هدر ،وهو معنى الجبار .وٌمال :لرأ فالن فاستعجم علٌه ما
ٌمرإه إذا التبس علٌه فلم ٌتهٌؤ له أن ٌمضً فٌ ه .وصالة النهار عجماء إلخفاء المراءة فٌها ،ومعناه أنه ال
ٌسمع فٌها لراءة .واستعجمت على المصلً لراءته إذا لم تحضره .واستعجم الرجل :سكت .واستعجمت علٌه
لراءته :انمطعت فلم ٌمدر على المراءة من نعاس .والعجمات :الصخور الصالب .وعجم الذنب وعجمه جمٌعا:
عجبه ،وهو أصله ،وهو العصعص ،وزعم اللحٌانً أن مٌمهما بدل من الباء فً عجب وعجب .واألعجم من
الموج :الذي ال ٌتنفس أي ال ٌنضح الماء وال ٌسمع له صوت .وباب معجم أي ممفل".
()23
المفصل فً تارٌخ العرب لبل اإلسالم ،الفصل ،136
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=13&book=2138
( )24المعلمات السبع،
http://www.khayma.com/almoudaress/moualakat/index .htm
( )25المخصص البن سٌده،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=16&book=1296&PHPSES
SID=66fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
13
سكان المدن ،أو أطراؾ الصحراء المجاورٌن لشعوب أخرى ؼٌر العرب ،بل
واعتمدوا على لبابل بعٌنها اعتبرت لؽتها أكثر نماء(.)26
إذن اعتبر العرب أنفسهم متمٌزٌن على ؼٌرهم ،باعتبارهم األكثر فصاحة؛ فاللؽة
العربٌة فً عرفهم هً لؽة الفصاحة ،وٌعتبرونها أفصح وأؼنى اللؽات .وهذا
االعتماد مازال سابدًا للؽاٌة بٌن العرب عمو ًما ،بل صارت اللؽة العربٌة تتمتع
بالمدسٌة ،وتعد فخ ًرا ألصحابها ،لٌس ألنهم ٌعتبرونها لؽة عظٌمة فحسب ،بل أٌضًا
ألنها – فً عرفهم -أؼنى وأجمل اللؽات؛ فلسان العرب فً عرؾ أهله "أتُم األلسنة
وتمٌٌزا للمعانى جمعًا وفر ًلا بجمع المعانً الكثٌرة فً اللفظ الملٌل ،إذا شاء
ً بٌانا،
المتكلم الجمع .وٌمٌز بٌن كل لفظٌن مشتبهٌن بلفظ آخر مختصر ،إلى ؼٌر ذلن من
خصابص اللسان العربً”( .)27وصفها إخوان الصفا بؤنها "اللؽة التامة لؽة العرب،
والكالم الفصٌح كالم العرب ،وما سوى ذلن نالص .فاللؽة العربٌة فً اللؽات مثل
صورة اإلنسان فً الحٌوان .ولما كان خروج صورة اإلنسان آخر صور الحٌوانٌة،
كذلن كانت اللؽة العربٌة تمام اللؽة اإلنسانٌة وختام صناعة الكتابة .لم ٌحدث بعدها
شًء ٌنسخها وال ٌؽٌرها وال ٌزٌد علٌها وال ٌنمصها"( .)28ورؼم أن الجاحظ لد
فهم كلمتً عرب وعجم بمعنى نسبً إال أنه اعتبر أن اللؽة العربٌة هً األكثر
فصاحة ،فمال "الفصٌح هو اإلنسان ،واألعجم كل ذي صوت ال ٌفهم إرادته إال ما
كان من جنسه ..واإلنسان فصٌح ،وإن عبر عن نفسه بالفارسٌة أو بالهندٌة أو
بالرومٌة ،ولٌس العربً أسوأ فه ًما لطمطمة الرومً من الرومً لبٌان لسان
( )26كتب السٌوطً فً هذا بشًء من التفصٌل فً :المزهر فً علوم اللؽة وأنواعها ،ملؾ 4من ،20
www.al-eman.com/islamlib/viewtoc.asp?BID=173
( )27مرعً بن ٌوسؾ الحنبلً الممدسً أو مرعً الكرمً ،مسبون الذهب فً فضل العرب وشرؾ العلم على
شرؾ النسب،
http://www.almeshkat.net/books/list .php?cat=18&PHPSESSID=66fb8644
8405e11b64aa9fccfec863f6
و
http://www.geocities.com/alamid1970/msbok.htm
( )28رسابل إخوان الصفا ،ص ،432
http://www.alwaraq.net/index2.htm?i=69
14
العربً ،فكل إنسان من هذا الوجه ٌمال له فصٌح ،فإذا لالوا :فصٌح وأعجم ،فهذا
هو التؤوٌل فً لولهم أعجم ،وإذا لالوا العرب والعجم ولم ٌلفظوا بفصٌح وأعجم،
فلٌس هذا المعنى ٌرٌدون ،إنما ٌع ُنون أنه ال ٌتكلم بالعربٌة ،وأن العرب ال تفهم
عنه”( ‘)29ثم عاد ٌمول" :وفضٌلة الشعر ممصورة على العرب ،وعلى من تكلم
بلسان العرب"( ،)30بل راح ٌصؾ الوزن العربً بالمعجز" :ولو حولت (ٌمصد
ترجمت) حكمة العرب ،لبطل ذلن المعجز الذي هو الوزن ،مع أنهم لو حولوها لم
ٌجدوا فً معانٌها شٌبًا لم تذكره العجم فً كتبهم"(.)31
وٌبدو أن العرب لبل اإلسالم لد تمكنوا من إنتاج شعر جٌد ،بدلٌل أن المرآن لد
كتب بلؽة بلٌؽة ومتماسكة ،ولها نظم خاص وتتمٌز بالجمال ،وهذا لم ٌكن ممكنًا
دون أن تكون لؽة عرب ما لبل اإلسالم على مستوى من التطور والرلً ،فلٌس
من المتصور أن المرآن لد جاء من فراغ ،ورؼم التشكن فً األشعار المنسوبة
لعرب "الجاهلٌة"ٌ ،مكن تصور أن الشعر "الجاهلً" الحمٌمً لم ٌصل إلٌنا الكثٌر
منه ،ولكن ال ٌمكن إنكار وجوده .وهنان إجماع واسع على وجود شعراء فطاحل
وخطباء وحكماء كثٌرٌن لبل اإلسالم ،رؼم االختالؾ حول محتوى إنتاجهم الحمٌمً
والمنحول منه .ولد أشار المرآن لوجود الشعر لدى العرب ،بل هنان سورة تسمى
سورة الشعراء .وإن المبالؽة فً التشكٌن فً مجمل الشعر "الجاهلً" بحجج منها
أن بعضه ٌحتوي على ألفاظ ومفاهٌم لرآنٌة ٌفوته أنه كانت لبل اإلسالم توجد
جماعات من األحناؾ ،أشار لهم المرآن؛ مسلمون لبل دمحم .ومن الوارد تما ًما أن
أنبٌاء كثٌرٌن ظهروا لبل دمحم ولم ٌنجحوا ،بل توجد نصوص فرعونٌة موثمة تشبه
عبارات ومفاهٌم لرآنٌة صرٌحة( .)32وفً الوالع – وحسب ما ذكرته كتب التارٌخ
-لم ٌجد عرب ما لبل اإلسالم شٌبًا ٌفتخرون به على ؼٌرهم سوى فصاحتهم
سا ،الذي ال ٌوجد ما ٌدل على تفوله على أشعار الشعوب المتمثلة فً الشعر أسا ً
( )29الحٌوان ،الجزء األول ،ص،10
http://www.alwaraq.net/index2.htm?i=16&page=1
( )30نفسه ،ص.24
( )31نفس الموضع.
( )32لدم عماد الصباغ بحث ًا جٌ ًدا عنهم بعنوان :األحناؾ ،دار الحصاد ،للنشر والتوزٌع ،سورٌا ،الطبعة األولى
نمال عن مالٌس بودج (األدٌان المصرٌة المدٌمة) الفصل األول. ،1998ولد أورد بعض النصوص الفرعونٌة ً
مثل" :إن هللا واحد ووحٌد وما من إله آخر معه ،إن هللا واحد ،وهو الذي خلك األشٌاء طرا".
15
األخرى .أما لماذا كانت اللؽة العربٌة بهذا المدر من التطور ،فهذا ما ال أزعم المدرة
على تفسٌره بوضوح ،وال أجد تفسٌ ًرا سوى أنها كانت نتا ًجا لحضارات عربٌة
بادت ،مثل حضارة الٌمن ،وشمال الجزٌرة ،والبحرٌن ،وؼٌرها.
ال ٌوجد أي دلٌل على تفوق عرب ما لبل اإلسالم على الشعوب المجاورة ،لهم ال
فً تطور اللؽة وال فً إنتاج الشعر واألدب ،وال حتى على اعتمادهم بذلن؛ خاصة
أن معظم ما وصلنا من أشعارهم منحول ،ولم ٌشر المرآن إلى عنصرٌة العرب تجاه
ؼٌرهم .وكل ما هنالن أنهم اعتبروا "العجم" عج ًما ألن لؽتهم ؼٌر مفهومة لهم،
وهو مولؾ ٌنم عن ضٌك األفك والتعصب ،وربما ٌنم عن الشعور بالنمص تجاه
الحضارات المحٌطة بهم ،بعد أن تدهورت حضاراتهم المدٌمة ،وربما كانوا بالفعل
ٌظنون أنهم متفولون فً لؽة الشعر على ؼٌرهم( .)33وٌبدو أن كل ما تبمى لهم من
حضاراتهم البابدة هو اللؽة المتطورة بالنسبة لعصرها.
فً الوالع ال نستطٌع الكالم عن عنصرٌة عربٌة بمعنى الكلمة وبشكل مإكد لبل
اإلسالم.
**************************
-3أثر اإلسالم:
المرآن لم ٌنحاز للعرب بشكل صرٌح ،إال أنه أكد على تفوق لؽته العربٌة ،واص ًفا
ؼٌرها باألعجمٌة ،فؤلر نفس التمٌٌز اللؽوي بٌن العرب وؼٌر العرب ،فاللؽات ؼٌر
العربٌة تسمى أعجمٌة :ولو جعلناه لرآنا أعجمٌا لمالوا لوال فصلت آٌاته أأعجمً
إعجازا للمرآن هو لؽته العربٌة البلٌؽة(.)34
ً وعربً( ..فصلت )44 :وأهم ما ٌعد
()35
وتضاؾ معجزات أخرى ألل أهمٌة وؼٌر جادة عمو ًما .
( )33مثل هذه األوهام ممكنة تما ًما ،فالمصرٌون المعاصرون ،وهم فً مإخرة البشرٌة على كل األصعدة
تمرٌباٌ ،عتمدون أنهم أكثر البشر تمدنا وذكا ًء...إلخ استنا ًدا لماضً األجداد وحده.
( )34إعجاز المرآن للبالالنً،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=7&book=1182&PHPSES
SID=66fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
( )35مثل ما ذكره أحمد دٌدات ،المرآن معجزة المعجزات،
16
ولد فهم الناس من اآلٌات أن الممصود بعربٌة المرآن لٌس فمط جعل فهمه ممكنا
من جانب العرب :وكذلن أوحٌنا إلٌن لرآنا عربٌا (الشورى ،)7 :بل ٌمصد كذلن أن
عربٌته بلٌؽة تتحدى العرب أن ٌملدوه( :)36وإن كنتم فً رٌب مما نزلنا على عبدنا
فؤتُوا بسورة من مثله (البمرة.)23 :
واإلسالم كما لدمه المرآن هو دعوة عالمٌة ولٌس موجها للعرب فمط :وما
أرسلنان إال كافة للناس بشٌ ًرا ونذٌ ًرا ولكن أكثر الناس ال ٌعلمون (سبؤ.)28 :
النتٌجة المنطمٌة أن ؼٌر العرب أو "العجم" لن ٌتبٌنوا إعجازه اللؽوي ،ولن
ٌمثل تحدًٌا لهم .وإذا كانت الرسالة موجهة للعالمٌن فكٌؾ ٌمكن إلناعهم بها؟
األمر المنطمً تما ًما أن توصٌل الرسالة لـ "العجم" البد أن ٌموم به العرب؛ ألن
المرآن جاء بلؽتهم .هكذا منح اإلسالم للعرب مٌزة كبٌرة ،فهم حملة الرسالة
اإللهٌة التً نزلت بلؽتهم .ولد كُلؾ العرب بمهمة حمل الرسالة للعالم ،وفمًا للتراث
اإلسالمً ،ألنهم لد امتازوا – زعما -من بٌن سابر األمم بصفات أربع لم تجتمع
فً التارٌخ ألمة من األمم ،وتلن هً :جودة األذهان ،ولوة الحوافظ ،وبساطة
الحضارة والتشرٌع ،والبعد عن االختالط ببمٌة أمم العالم ،كما أنهم أطوع للخٌر،
وألرب للسخاء ،والحلم ،والشجاعة ،والوفاء؛ أصحاب إباء ال ٌعرفون التزلؾ
والنفاق وتحمل االستبداد .ومما تمٌز به العرب الصدق ،حتى الذٌن كانوا ٌحاربون
اإلسالم ظهر صدلهم فً أمور(.)37
ولد ألر المرآن بتمٌز الناس إلى عرب و"عجم" دون أن ٌؽٌر من معنى كلمة
عجم ،وهو فً الوالع لم ٌفضل اللؽة العربٌة على ؼٌرها بشكل صرٌح ،واكتفى
بتمسٌم العرب والعجم كما اعتاد العرب ،وكل ما ذكره حول لؽته أنها بلٌؽة تتحدى
العرب أن ٌنتجوا مثلها .وفمط ألنه جاء باللؽة العربٌة للعالم كله فمد منح العرب
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1934
( )36فسر ابن كثٌر اآلٌة السابمة :وكذلن أوحٌنا إلٌن لرآنًا عربٌا ،أي واض ًحا جلٌا بٌنًا .ولد ألر جل المفسرٌن
(ابن كثٌر والبؽوي ..وؼٌرهما) أن الممصود بـ "ما حولها" كل البالد العربٌة وؼٌر العربٌة.
( )37جزٌرة العرب بٌن التشرٌؾ والتكلٌؾ ،مشاركة ناصر بن سلٌمان العمرالمشرؾ العام على مولع المسلم
www.almoslim.net
ضمن أوراق البعد الرسالً لمجلس التعاون الخلٌجً،
http://saaid.net/Warathah/alaomar/o30.zip
17
شرؾ حمل وتوصٌل الرسالة لألخر ن .مع ذلن ٌمكن التؤكٌد أن النص المرآنً لم
ٌتضمن نزعة عنصرٌة عربٌة ،بل ٌمٌل إلى المساواة بٌن الناس وٌفاضل بٌنهم
على أساس التموى ،ولد رفع االنتماء العمٌدي فوق االنتماء المبلً والشعوبً،
ودعا لسٌطرة المسلمٌن ولٌس العرب.
كما دفع انتصار اإلسالم العرب إلى االعتزاز بلؽتهم دفعة كبرى؛ فمع انتشار
المرآن المكتوب كله تمرٌبًا بلهجة لرٌش( ،)38بدأ اعتبار لهجة لرٌش هً أفضل
صا أن
لهجات العرب ،عالوة بالطبع على اعتبار العربٌة أفضل لؽات العالم ،خصو ً
اإلسالم لد سارعلى نفس درب "الجاهلٌٌن" معتب ًرا اللؽة العربٌة هً (اللؽة) بؤلؾ
الم التعرٌؾ .وأدى انتصاره إلى جعل االعتزاز اللؽوي مزدو ًجا؛ بالؼٌا ،وهو
السابك على اإلسالم ،ودٌنٌا باعتبارها لؽة ممدسة ،اعتبر الثعالبً – كمثال – أن
"اإللبال على تفهمها من الدٌانة ،إذ هً أداة العلم ومفتاح التفمه فً الدٌن وسبب
إصالح المعاش والمعاد"( .)39وهً لؽة أهل الجنة حسب الحدٌث :عن أبً هرٌرة
لال :لال رسو ُل اللـه أنا عربً ،والمرآن عربً ،ولسان أهل الجنة عربً(.)40
ولد ُنسب لعمر بن الخطاب المول :تعلموا العربٌة فإنها من دٌنكم(" ،)41ال تعلموا
رطانة األعاجم"( .)42ولد بالػ بعض علماء اللؽة وتطرؾ فً تصور لدسٌة اللؽة
( )38نمول ذلن على سبٌل االستنتاج؛ فمن الطبٌعً أن ٌك تب المرآن بلؽة النبً دمحم وهى لؽة لرٌش وال توجد
بالطبع وثابك مإكدة للؽة لرٌش لبل المرآن ،ولكن كثر الكالم فً التراث اإلسالمً عن تعدد لراءات المرآن
ووصل عدد اآلراء فٌها إلى العشرات واختلؾ العلماء فً تعرٌؾ المراءة وفً عدد المراءات وضمن مالٌل أن
المرآن لد نز ل بلؽة لرٌش ولؽات عربٌة أخرى أو بسبع لراءات من لؽة لرٌش نفسها...إلخ ،والمصادر فً
هذا الصدد ال تحصى .كما ذكر البعض أن بالمرآن ألفا ً
ظا أعجمٌة منها سرٌانٌة .ألفونس مٌنؽانا ،التؤثٌر
السرٌانً على أسلوب المرآن ،ترجمة مالن مسلمانً،
http://www.4shared.com/office/HtsgW3U1/.html
( )39فمه اللؽة وسر العربٌة،
http://www.almeshkat.net/books/o pen.php?cat=16&book=1043&PHPSES
SID=66fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
( )40مرعً الكرمً ،نفسه.
( )41مرعً الكرمً ،نفسه.
( )42ذكره ً
نمال عن آخرٌن ابن لٌم الجوزٌة فً :أحكام أهل الذمة ،ص ،228
http://www.manaressabil.com/downkout.htm
وابن تٌمٌة فً :التضاء الصراط المستمٌم،
18
العربٌة فذكر أنها لؽة آدم فً الجنة ولؽة المرآن فً اللوح المحفوظ منذ األزل
(التصور الذي خرج علٌه المعتزلة باعتبارهم أن المرآن -وبالتالً لؽته -مخلوق)
وأنها لؽة الناجٌن من الطوفان ثم تفرعت منها اللؽات األخرى .ولد بلػ األمر
ببعض العروبٌٌن أن حاولوا منح الشرؾ للعرب المستعربة ألن منهم الرسول
فزعموا بؤن آدم هو أول من كتب الكتاب العربً والسرٌانً وال ُكتُب كلها لبل موته
بثالثمابة سنة ،كتبها فً طٌن وطبخه .فلما أصاب األرض الؽرق وجد كل لوم كتا ًبا
فكتبوه ،فكان من نصٌب إسماعٌل الكتاب العربً وعُززت هذه األسطورة بمول
منسوب البن عباس أن إسماعٌل هو الذي أول من وضع الكتاب العربً( ،)43وهو
كالم ٌتنالض مع الزعم بوجود العرب البابدة والمستعربة ،بل ٌكون إسماعٌل هو
أبو العرب العاربة ولٌس عدنان.
فوضعت لها المواعد ،وتموال ٌمكن إنكار أن اإلسالم لد حفز تطور اللؽة العربٌة؛ ُ
ابتكار التنمٌط والتشكٌل بؽرض المحافظة على معانً المرآن من الضٌاع وضبط
سا .وال شن أن المرآن نفسه كنص لد لراءته .كما تطور اإلعراب لؽرض دٌنً أسا ً
فاق ما لبله من نصوص عربٌة ،بدلٌل أنه تحدى العرب أن ٌكتبوا سورة منه ،ولم
ً
دلٌال على نبوته أهم من المرآن، ٌمبل أحد هذا التحدي بجدٌة ،بل لم ٌمدم دمحم
متحدًٌا العرب به .ولد أدى هذا إلى المزٌد من االعتزاز العربً باللؽة ،التً صارت
أكثر تطو ًرا وانضبا ًطا بفضل اإلسالم.
()44
ً
اعتزازا شدٌدًا ،وتعطٌهم لؽتهم إمكانٌات والعرب بوجه عام ٌعتزون بالبالؼة
كبٌرة فً هذا المجال .ولذلن كان للشعراء أهمٌة كبٌرة فً المجتمع العربً لبل
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=25&book=560&PHPSESSID=66fb86448
405e11b64aa9fccfec863f6
( )43ابن فارس ،الصاحبً فً فمه اللؽة،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=16&book=1151
()44
تعرٌؾ البالؼة حسب ما جاء فً معجم مماٌٌس اللؽة ألبً الحسٌن أحمد بن فارس بن زكرٌا:
"(بلػ) الباء والالم والؽٌن أصل واحد وهو الوصول إلى الشًء .تمول بلؽت المكان ،إذا وصلت إلٌه .ولد
تسمى المشارفة بلو ًؼا بحك المماربة .لال اللـه تعالى{ :فإذا بلؽن أجلهن فؤمسكوهن بمعروؾ} (الطالق.)2 :
ومن هذا الباب لولهم هو أحمك بلػ وبلػ ،أي إنه مع حمالته ٌبلػ ما ٌرٌده .والبلؽة ما ٌتبلػ به من عٌش،
كؤنه ٌراد أنه ٌبلػ رتبة المكثر إذا رضً ولنع ،وكذلن البالؼة التً ٌمدح بها الفصٌح اللسان ،ألنه ٌبلػ بها ما
19
اإلسالم ،لما للشعر من تؤثٌر كان ٌُمارن بتؤثٌر السٌؾ ،ولد اهتم العرب بشعرابهم
باعتبارهم من حماة المبٌلة بلسانهم ،لما كان من تؤثٌر كبٌر لألشعار ،سواء فً
السلم أو الحرب .ومن هنا اعتبروا إعجاز المرآن لؽوٌا .فرؼم أن اللؽة من إنتاج
البشر ،إال أن أصحاب اللؽة أعلنوا عجزهم عن أن ٌنتجوا بها نصا كالمرآن ،من
حٌث البالؼة ،وهذا هو أهم دلٌل لدمه المرآن نفسه على مصدره اإللهً .وكان
ٌكفً لكثٌر من العرب أن ٌستمع إلى عدد من آٌات المرآن لٌعلن إٌمانه باإلسالم
كله ،اعتمادًا على بالؼة لؽة المرآن وموسٌماه التً فالت ما كان ٌسمعه من الشعر.
فمد كانت مجرد تالوة المرآن وحدها كافٌة لتحوٌل بعض العرب إلى مسلمٌن(،)45
ونشٌر كمثال إلى ما ُذكر فً التراث من تؤثر أحد شٌوخ وفصحاء لرٌش ،وهو
الولٌد بن المؽٌرة بالمرآن؛ فوصفه ً
لابال :وهللا إن له لحالوة وإن علٌه لطالوة وإن
()46
أعاله لمثمر وإن أسفله لمؽدق وما ٌمول هذا بشر وإنه لٌعلو وال ٌعلى .
وأما الرافضون لإلسالم فرأوا فٌه سح ًرا ،لما فٌه من بالؼة تتحداهم ،وللٌلون من
ادعى أنه ٌستطٌع أن ٌتحدث أفضل من دمحم دون أن ٌحمك ذرة من نجاحه ،فمد
انتصر دمحم انتصا ًرا ساحمًا .وما زالت البالؼة تحدث تؤثٌ ًرا هاما للمستمعٌن العرب،
بحٌث لد تصرفهم عن مضمون الحدٌث نفسه.
وبذا لام اإلسالم بتجاوز التمسٌم إلى عرب و"عجم" دون أن ٌنفٌه نف ًٌا مطل ًما؛ أي
نفاه واحتفظ به فً نفس الولت؛ هضمه وتجاوزه .ومنذ اآلن تصبح العروبة
مختلطة تما ًما باإلسالم ،وٌصبح أساسها ثمافٌا ٌتضمن اللؽة العربٌة ،ولٌس لؽوٌا
ضا كما كان ،وأصبحت العروبة هً جسد اإلسالم .وألن اللؽة العربٌة أصبحت مح ً
لؽة النص الممدس ولؽة أهل الجنة ،فمد صارت لؽة ممدسة.
ٌرٌده ،ولً فً هذا بالغ أي كفاٌة .ولولهم بلػ الفارسٌ ،راد به أنه ٌمد ٌده بعنان فرسه ،لٌزٌد فً عدوه.
ولولهم تبلؽت الملة بفالن ،إذا اشتدت ،فألنه تناهٌها به ،وبلوؼها الؽاٌة" .الجزء األول،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=16&book=758&PHPSES
SID=66fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
() 45هذه المسؤلة تناولها الكثٌرون من المدامى والمحدثٌن ،وتوسع جمال البنا فً وصفها وهو من
المستنٌرٌن ،فؤبرز أهمٌة هذه الظاهرة وحللها .انظر :نحو فمه جدٌد ،الباب الثانً ،الفصل السابع ،فهم
الخطاب المرآنً كما ٌجب أن ٌكون ،ص ،154سبك ذكره.
()46
ذكر ذلن فً كثٌر من كتب السٌرة النبوٌة منها سٌرة ابن هشام والسٌرة الحلبٌة.
20
وأإكد هنا أنه بالرؼم من أن المرآن لم ٌمٌز العرب على ؼٌرهم بالنص فمد استؽل
العرب هذا النص الممدس فً تمدٌس لؽتهم وبالتالً منح أنفسهم واجب ؼزو العالم
والسٌطرة علٌه مستؽلٌن أٌضًا دعوة المرآن للمسلمٌن لفرض شرٌعته على العالم
وابتكروا األحادٌث النبوٌة كل حسب مصلحته ورإٌته والتى ٌتضمن كثٌر منها
عنصرٌة عربٌة صرٌحة .فمد كان لإلسالم الدور األكبر فً دفع العرب إلى ؼزو
الشعوب األخرى ،فباإلضافة إلى توحٌد العرب حول حكومة واحدة لادرة على
توجٌه المبابل المتناحرة إلى االتحاد ضد الشعوب األخرى ،لدم اإلسالم مبررات
أٌدٌولوجٌة لفكرة الؽزو ،الذي اعتبره مهمة ممدسة لنشر اإلسالم وتحمٌك السٌادة
سا ،وجعل منه واجبًا ولٌس حما للعربلدٌن هللا .هكذا أضفى على الؽزو طابعًا ممد ً
()47
المسلمٌن ،بل صار الفمه اإلسالمً ٌعتبر الؽزو أشرؾ األعمال .وبدعوته للؽزو
ونشر اإلسالم فً العالم مهد الطرٌك لظهور حكم الؽزاة أنفسهم ،ووضع فً ٌد
العرب – عملٌا -أٌدٌولوجٌا تبرر االستٌالء على األراضً والسٌطرة على
أصحابها.
ولد أدى ظهور وانتصار اإلسالم إلى تؽٌرات اجتماعٌة وسٌاسٌة عمٌمة فً
الجزٌرة العربٌة والشرق األوسط كله:
-1تشكلت حكومة عربٌة-إسالمٌة مركزٌة فً جزٌرة العرب كلها ،ثم أخذت تضم
المزٌد من األراضً والسكان.
-2تكونت أرستمراطٌة دٌنٌة تمثلت فً الصحابة كان لها نفوذ معنوي ضخم.
-3مع ؼزو البلدان المجاورة تدفمت الثروات على العرب فاؼتنى الكثٌرون.
-4تدرٌجٌا سٌطر األموٌون على السلطة السٌاسٌة ،ابتداء من عصر عمر بن
الخطاب ،حٌن سٌطروا على الشام ،ثم اتسع نفوذهم بشدة فً عهد عثمان بن عفان
وعلً ،حتى استولوا على الدولة كلها ،وحرموا بمٌة البطون العربٌة من مكاسب
الفتوحات.
-5ظهرت فبة ضخمة من المسلمٌن هم "الموالً"؛ أبناء البالد المفتوحة،
وبالتالً صار هنان مسلمون عرب ومسلمون موال.
ً
تفصٌال فً كتابً :النزعة المركزٌة اإلسالمٌة ،الفصل الخامس، ( )47تناولت ذلن
http://ahewar.org/rate/bindex.asp?yid=12465
21
-6ضمت الدولة الجدٌدة مسلمٌن وؼٌر مسلمٌن.
كل هذه التؽٌرات خلمت مصالح متباٌنة وصراعات اجتماعٌة عدٌدة ،وبالتالً
أفكا ًرا وأٌدٌولوجٌات متنالضة .وألن العرب لد سٌطروا على السلطة والثروة بدون
شرعٌة راحوا ٌبتكرون شرعٌة مصطنعة ،أهمها األحادٌث التً تبرر سٌطرة العرب
وسٌادتهم ،بل ولدسٌتهم ،باإلضافة لكتابة السٌرة النبوٌة وتارٌخ اإلسالم ،بحٌث
ٌخدم هذه الشرعٌة .وال ٌمكن إنكار أن المرآن نفسه كنص لد شجع ؼزو الشعوب
األخرى ،وفرض تعالٌمه بالموة المسلحة ،وهذا تمشى مع نزوع لبابل العرب لبل
اإلسالم نحو الؽزو وممارسة النهب والسلب ،ومع الجوع وحسد الشعوب المجاورة
على ثرواتها تم إنتاج هذه األفكار ،التً منحت تلن المبابل شرعٌة الؽزو والتسلط
سا ،بد ًال من نهب بعضهم البعض وهم وجعلت نهبهم للشعوب األخرى واجبًا ممد ً
فمراء فً مجموعهم .ولذا بالذات كان اإلسالم دعوة للعالمٌن ولٌس للعرب فمط،
لتسوٌػ الؽزو والسٌطرة العربٌة ،وألنه دعوة عالمٌة ،لم ٌتبك للعرب شٌبًا
ٌسوؼون به مشروعٌة لدسٌتهم سوى لؽة النص الممدس ،التً اعتبروها ممدسة.
بهذا المعنً كان اإلسالم – موضوعٌا -هو المحفز األول لظهور العنصرٌة
العربٌة ،التً تحججت باللؽة الممدسة .ونحن ال نمصد وجود أي خطة دمحمٌة محددة
إلنتاج أٌدٌولوجٌا شاملة ،بل تم إنتاجها بالتفاعل بٌن المابد والجمهور ،فجاء
اإلسالم -حسب تفسٌر العروبٌٌن -مناسبًا لطموحاتهم وإمكانٌاتهم.
****************************
-4عروبٌون وإسالمٌون:
ٌمكن أن نمول إنه بعد انتصار اإلسالم برزت ثالثة اتجاهات أٌدٌولوجٌة عامة
لدى العرب( ،)48راح كل منها ٌبرر مولفه بابتكار األحادٌث والتفاسٌر واألحداث
التارٌخٌة التً تناسبه.
()48
الرأي الشابع هو ما ذكره لوٌس عوض أن هنان مجرٌٌن فً الفكر اإلسالمً؛ هما مجرى العروبة ُ
ومجرى اإلسالم ،وأن األخٌر تمثل فً الخوارج والشٌعة (واعتبر الشٌعة حركة شعوبٌة) .ممدمة فً فمه اللؽة
العربٌة ،ص ص ،80 – 75سبك ذكره.
22
األول :اتجاه عروبً -إسالمً :جعل من العروبة األصل الذي جعل هللا ٌحدد أٌن
ولمن ٌبعث بالرسالة اإلسالمٌة .وهذا االتجاه لد برز وسٌطر مع نمو نفوذ ثم
سٌطرة األموٌٌن ،واستمر سابدًا بعد ذلن معظم الولت .وهذا هو االتجاه األكثر
صراحة فً تعبٌره عن العنصرٌة العربٌة التً نحن بصددها.
ولدى هذا االتجاه لم ٌُعتبر اختٌار اللـه أن تكون رسالته األخٌرة للبشر باللؽة
العربٌة وأن ٌكون النبً عربٌا أم ًرا اعتباطٌا .ولد فسر ذلن بطرٌمتٌن :األولً أن
الرسالة أنزلت باللؽة العربٌة لفضلها على سابر اللؽات ،بل ذكر البعض أن كل
الكتب السماوٌة لد أنزلت باللؽة العربٌة ،وكان جبرٌل ٌترجم لكل نبً بلسان
لومه( .)49والثانٌة أن الرسالة أبلؽت للعرب وبالتالً كان البد أن تؤتً بلؽتهم،
واتسالًا مع التفسٌر الثانً ذهب كثٌر من الفمهاء والمثمفٌن العرب مذه ًبا ذو نزعة
عنصرٌة عربٌة فجة ،ولنمرأ معًا هذا النص الماطع لواحد من أكبر "علماء"
اإلسالم؛ ابن تٌمٌة:
"جنس العرب أفضل من جنس العجم -فإن الذي علٌه أهل السنة والجماعة:
اعتماد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم ،عبرانٌهم وسرٌانٌهم ،رومٌهم
شا :أفضل العرب ،وأن بنً هاشم :أفضل لرٌش ،وأن وفرسٌهم ،وؼٌرهم .وأن لرٌ ً
رسول اللـه صلى اللـه علٌه وسلم أفضل بنً هاشم ،فهو :أفضل الخلك نفسًا،
وأفضلهم نسبًا .ولٌس فضل العرب ،ثم لرٌش ،ثم بنً هاشم لمجرد كون النبً
صلى اللـه علٌه وسلم منهم ،وإن كان هذا من الفضل ،بل هم فً أنفسهم أفضل،
وبذلن ٌثبت لرسول اللـه صلى اللـه علٌه وسلم :أنه أفضل نفسًا ونسبًا".
"بؽض العرب كفر أو سبب للكفر ،ونفاق ،وحبهم إٌمان :وهذا دلٌل على أن
بؽض جنس العرب ،ومعاداتهم كفر أو سبب للكفر ،وممتضاه :أنهم أفضل من
ؼٌرهم ،وأن محبتهم سبب لوة اإلٌمان ،ألنه لو كان تحرٌم بؽضهم كتحرٌم بؽض
سابر الطوابؾ -لم ٌكن ذلن سببًا لفراق الدٌن ،وال لبؽض الرسول ،بل كان ٌكون
نوع عدوان ،فلما جعله سببًا لفراق الدٌن وبؽض الرسول -دل على أن بؽضهم
أعظم من بؽض ؼٌرهم ،وذلن دلٌل على أنهم أفضل ،ألن الحب والبؽض ٌتبع
الفضل ،فمن كان بؽضه أعظم -دل على أنه أفضل ،ودل -حٌنبذ على أن محبته
( )49اإلمام أبً عبٌد الماسم بن سالم ،لؽات المبابل الواردة فً المرآن الكرٌم،
http://saaid.net/book/open.php?cat=2&book=601
23
دٌن ،ألجل ما فٌه من زٌادة الفضل وألن ذلن ضد البؽض ،ومن كان بؽضه سببًا
للعذاب بخصوصه -كان حبه سببًا للثواب ،وذلن دلٌل على الفضل”(.)50
ومما ذُكر فً التراث أن "لهم مكارمُ أخالق محمودة ال تنحصر ،ؼرٌزة فً
أنفسهم ،وسجٌة لهم ُجبلوا علٌها ،لكن كانوا لبل اإلسالم طبٌعة لابلة للخٌر .ومما
ٌدل على فضل العرب أٌضًا ما رواه البزار بإسناده لال :لال سلمان -رضً اللـه
عنه :-نفضلكم ٌا معشر العرب لتفضٌل رسول اللـه – صلى اللـه علٌه وآله وسلم-
إٌاكم ،ال ننكح نساءكم ،وال نإ ُمكُم فً الصالة"( .)51ولال ابن حنبل أستاذ ابن
تٌمٌة" :ونعرؾ للعرب حمها وفضلها وسابمتها ونحبهم لحدٌث النبً صلى اللـه
علٌه وسلم فإن حبهم إٌمان وبؽضهم نفاق"(.)52
ومن األحادٌث التً تفرض حب العرب:
من ؼش العرب لم ٌدخل فً شفاعتً ولم تنله مودتً (الجامع الصحٌح سنن
الترمذي – )53()3928-لمن أحب العرب فبحبً أحبهم ومن أبؽض العرب فببؽضً
أبؽضهم -أحبوا العرب لثالث ألنً عربً والمرآن عربً وكالم أهل الجنة
عربً(.)54
-وفً مسند أحمد 23346 -جاء ..:عن سلمان لال :لال لً رسول اللـه صلى
اللـه علٌه وسلمٌ :ا سلمان ،ال تبؽضنً فتفارق دٌنن ،لال :للتٌ :ا رسول اللـه،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=8&book=60&PHPSESSI
D=66fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
( )54الحاكم النٌسابوري ،معرفة علوم الحدٌث ،ذكر النوع الثامن والثالثٌن من علوم الحدٌث،
http://www.kabah.info/uploaders/ma3refat.pdf
24
وكٌؾ أبؽضن وبن هدانا هللا؟ لال :تبؽض العرب فتبؽضنًُ .وذُكر الحدٌث نفسه فً
سنن الترمذي .4096-
وحتى الخوارج لصروا الدخول فً مذهبهم على العرب ،ورأوا أن اإلمامة تنحصر
فً العرب ،وذلن حتى ضعفت شوكتهم ،ولم ٌعد لدٌهم ما ٌكفً من األتباع،
فاضطروا لدعوة الموالً ،والتحول إلى االتجاه الذي ٌرى أن الحكم ٌمكن أن ٌكون
ألي مسلم ،وطبموا ذلن بالفعل ،فسمحوا أن ٌكون حاكم دولتهم بالمؽرب :دولة بنً
مدرار ،زنجٌا(.)55
المفهوم من هذا الكالم أن اختٌار دمحم لٌس سابمًا على اختٌار العرب لحمل
الرسالة ،فلم تكن عروبة دمحم صدفة ،بل تم اختٌاره ألفضلٌة العرب على "العجم"
ً
أصال.
ولد ذهب أصحاب هذا االتجاه إلى اشتراط أن ٌكون إمام المسلمٌن من العرب،
وأؼلبهم رأى أن ٌكون من لرٌش بالذات( ،) 56واستندوا فً هذا إلى أحادٌث
صحٌحة فً عرؾ علماء اإلسالم ،وأخذ بها الؽالبٌة العظمى من الفمهاء واألبمة
السنة األربعة ،وبعض المعتزلة ،ولم ٌخالفها إال الخوارج ،وبعض المعتزلة(،)57
وبعض األشاعرة ،وبعض الزٌدٌة .كما ٌإمن بها الكثٌر من عامة المسلمٌن نظرٌا،
وإن كانت ؼٌر مطرولة عملٌا فً العصر الراهن.
ولد استخدم الحدٌث لتؤكٌد "صحة" هذا الخٌار :جاء فً صحٌح البخارى -
:3424ال ٌزال هذا األمر فً لرٌش ما بمً منهم اثنان -لرٌش والة هذا األمر
25
فبر الناس تبع لبرهم ،وفاجرهم تبع لفاجرهم( ،)58إن اللـه حٌن خلك الخلك بعث
جبرٌل فمسم الناس لسمٌن لسم العرب لس ًما ولسم العجم لس ًما وكانت خٌرة اللـه
فً العرب ثم لسم العرب إلى لسمٌن فمسم الٌمن لس ًما ولسم مضر لس ًما وكانت
خٌرة اللـه فً مضر ولسم مضر لسمٌن فكانت لرٌش لس ًما وكانت خٌرة اللـه فً
لرٌش ثم أخرجنى من خٌار من أنا منه(.)59
ونجد فً الفكر اإلسالمً على مدى التارٌخ ما خص حتى "الكفار" من العرب بما
ٌمٌزهم على نظرابهم من "العجم"؛ إذ ال رق لعربً ،وفمًا لمسم مهم من الفمهاء،
منهم مالن ،وأبً حنٌفة ،والشافعً ،فً مذهبه المدٌم ورواٌة ألحمد وابن تٌمٌة،
وكذلن عمر بن الخطاب ،الذي حرر السبً من العرب فً حروب الردة حٌن تولً
الخالفة ،والبدٌل هو المتل ما لم ٌدخلوا فً اإلسالم؛ تكرٌ ًما لهم .وهذا ما اتفك علٌه
معظم الفمهاء ،عدا الشافعً فً مذهبه الجدٌد ،ورواٌة ألحمد ،والشوكانً ،باعتبار
أن المتل أفضل من االسترلاق.
عزي فضل لرٌش لحكمتهم ومكانتهم الدٌنٌة حتى لبل اإلسالم :ففً مسند ولد ُ
اإلمام أحمد ( )16423جاء :إن للمرشً مثلً لوة الرجل من ؼٌر لرٌش .فمٌل
للزهري :ما عنى بذلن لال :نبل الرأي( ،)60وكانوا لبل اإلسالم ٌسمون أهل اللـه،
( )58وهو الحدٌث الذي -وفمًا لرواٌة ابن كثٌر -احتج به أبو بكر لٌتولى الخالفة بعد وفاة دمحم فً اجتماع
سمٌفة بنً ساعدة ،ابن كثٌر ،البداٌة والنهاٌة ،ج ،5ص،268
.http://www.al-eman.com/Islamlib/viewtoc.asp?BID=251
لال ابن كثٌر مسندا كالمه إلى اإلمام أحمد" :لال :فانطلك أبو بكر وعمر ٌتعادان حتى أتوهم ،فتكلم أبو بكر
فلم ٌترن شٌبا أنزل فً األنصار ،وال ذكره رسول اللـه من شؤنهم إال ذكره ولال :لمد علمتم أن رسول اللـه
صلى اللـه علٌه وسلم لال :لو سلن الناس وادًٌا وسلكت األنصار وادًٌا ،سلكت وادي األنصار ولمد علمت ٌا
سعد أن رسول اللـه صلى اللـه علٌه وسلم لال وأنت لاعد :لرٌش والة هذا األمر فبر الناس تبع لبرهم،
وفاجرهم تبع لفاجرهم" .وهو ما أنكرته كافة المراجع اإلسالمٌة األخرى الهامة من سنٌة وشٌعٌة.
(ً )59
نمال عن :علً بن برهان الدٌن الحلبً ،السٌرة الحلبٌة فً سٌرة األمٌن المؤمون ،جزء ،1ص ،44
http: //arabic.islamicweb.com/Books/seerah.asp?book=3
( )60تناول أبو عبد اللـه الذهبً هذه المضٌة بالتفصٌل فً :هل المرشٌة شرط فً اإلمامة؟ معتم ًدا على
النصوص الممدسة وؼٌرها،
http: //saaid.net/book/open.php?cat=8&book=416
26
وٌسمون سكان اللـه ،وأهل الحرمة ،ولطان بٌت اللـه ،)61(..رؼم أنهم من العرب
المستعربة ،حسب التراث.
ومن األفكار التً تعزز مكانة لرٌش ما ٌشٌع حتى اآلن لدى العرب عن أن لؽة
لرٌش هً األكثر بالؼة بٌن لهجات العرب ،وٌُضاؾ أن المرآن جاء بها ،مما ٌتسك
مع المول بؤفضلٌة لرٌش على بمٌة الناس ،رؼم أن تفوق لؽة لرٌش لٌس مإكدًا،
كما أنه لٌس من المإكد أن كل لؽة المرآن بالكامل هً بلسان لرٌش ،فمن المحتمل
أن به كلمات بلهجات أخرى من مختلؾ لهجات العرب ،كما اختلؾ ثماة الصحابة
فً تمرٌر اللؽة التً كتب بها أهً لؽة لرٌش أم مضر كما أنه من المإكد أن به
الكثٌر من الكلمات المعربة وحتى ؼٌر المعربة ،وفمًا ألؼلب آراء المتفمهٌن فً هذا
األمر( .)62واأللرب للمعمول أن لؽة لرٌش نفسها تضمنت كلمات من أصل ؼٌر
عربً.
وفً ممارسة الشعابر ألر كثٌر من كبار مفكري اإلسالم أن تُفرض أٌضًا اللؽة
العربٌة ،فمال مالن فً ال ُمدونة(" :)63أكره أن ٌدعو الرجل باألعجمٌة فً الصالة.
ولدى النووي ال تجوز المراءة باألعجمٌة سواء أحسن العربٌة أم ال سواء كان فً
( )61استعرض دمحم بن حبٌب بن أمٌة بن عمرو ،البؽدادي ،أبو جعفر فضابل لرٌش من األحادٌث النبوٌة
وؼٌرها بالتفصٌل فً كتاب :المنمك من أخبار لرٌش،
www.al-eman.com/islamlib/viewtoc.asp?BID=225
( )62حلل هذه المضٌة بالتفصٌل جواد علً ،المفصل فً تارٌخ العرب لبل اإلسالم ،الفصل ،136سبك ذكره.
ً
فصوال من كتابه :اإلتمان فً علوم المرآن للكشؾ عن الكلمات ؼٌر المرشٌة وؼٌر العربٌة وأفرد السٌوطً
فً المرآن (الفصل ،)39 ،38 ،16
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewtoc.asp?BID=156
وعلى نمٌضه ذهب ابن حسنون ،إلى أن لؽة المرآن هً لؽة العرب فمط بلسان لرٌش ولد وافمت بعض ألفاظه
ألفا ً
ظا من لؽات أخرى ،وهذا هو موضوع كتابه :اللؽات فً المرآن،
www.hdhod.com/file/90312/
( )63الجزء األول ،ص ،63
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16458&page=6&pp=1
5
27
()64
ورأى ابن حزم أن من لرأ باألعجمٌة فً الصالة فلم ٌمرأ الصالة أم خارجها"
المرآن بال شن(.)65
وألن العرب اعتبروا أنفسهم أفضل من ؼٌرهم ،وأن المرأة ألل من الرجل،
سمحوا لبل اإلسالم للرجل العربً أن ٌتزوج أي امرأة ،ولكن لم ٌسمحوا للمرأة
العربٌة أن تتزوج إال عربً ،حتى ال ٌتحكم فً العربٌة أعجمً( .)66واستمر هذا
التمٌٌز بعد اإلسالم ،وأضٌؾ علٌه رأي أخذ به معظم الفمهاءٌ ،رى أال ٌتزوج مسلم
ي بعض كبار الفمهاء ،ومنهم أعجمً من امرأة عربٌة ،بحجة عدم الكفاءة ،وهو رأ ُ
األحناؾ (نسبة ألبً حنٌفة) .ورؼم أنه ال ٌوجد حدٌث نبوي ٌفٌد ذلن بل العكس،
ُرفض – كما لٌل فً التارٌخ -تزوٌج بالل وسلمان الفارسً من نسوة عرب وفً
حٌاة النبً ،لعدم التكافإ( ،)67ؼالبًا بالمخالفة لتعلٌماته .ولد أشار الجاحظ إلى هذا
التمٌٌز ،ناسبًا إلى الزنج :ولد لالت الزنج للعرب :من جهلكم أنكم رأٌتمونا لكم
أكفاء فً الجاهلٌة فً نسابكم فلما جاء عدل اإلسالم رأٌتم ذلن فاسدًا وما بنا
الرؼبة عنكم( .)68ونُسب إلى عمر بن الخطاب تشدده فً هذه المسؤلة ،بالنهً عن
( )64اإلمام محًٌ الدٌن النووي ،المجموع شرح المهذب ،ص ،165
http: //www.almeshkat.net/books/archive/books/almohdab .zip
( )65اإلحكام فً أصول األحكام،
http:
//www.almeshkat.net/books/list.php?cat=11&PHPSESSID=66fb86448405
e11b64aa9fccfec863f6
()66
تناول تفاصٌل ذلن عبد السالم الترمانٌنً فً كتاب :الزواج عند العرب ،سلسلة كتب عالم المعرفة ،رلم
.80
()67
من المصادر كتاب المبسوط للسرخسً ،كتاب النكاح ،باب األكفاء،
http://www.almeshkat.net/books/list.php?cat=11&PHPSESSID=66fb8644
8405e11b64aa9fccfec863f6
وكتاب حاشٌة ابن عابدٌن لدمحم أمٌن بن عابدٌن ،كتاب النكاح ،باب الكفاءة (كتاب إلكترونً ،شركة العرٌس
للكمبٌوتر).
( )68رسابل الجاحظ ،الرسالة الرابعة كتاب فخر السودان علً البٌضان ،ولد امتدح الجاحظ مزاٌا السودان فً
هذا الفصل وعدد من كان منهم ذو أهمٌة لدى العرب والمسلمٌن الكثٌر.
www.al-eman.com/islamlib/viewtoc.asp?BID=192 ،
28
زواج العجم من العرب ،ولال" :ألمنعن فروجهن إال من األكفاء"( .) 69وعلى
العكس ،فمما ذكرته السٌرة النبوٌة أن النبً لد تجاوز شرط التكافإ ،فزوج ابنة
عمه ضباعة بنت الزبٌر للممداد بن األسود( ،)70وهو فً العرؾ السابك على
اإلسالم ألل تكافإا ،فهو لٌس لرشٌا ،ولكنه عربً .ورفض بعض الفمهاء تمٌٌز
العرب و"العجم" ،مثل الصنعانً ،مستعٌنًا بوالعة أخرى ،إذ سمح أبو حذٌفة
بتزوٌج ابنة أخٌه هند بنت الولٌد من سالم بن ربٌعة ،وهو مولى المرأة من
األنصار(.)71
وبلؽت العنصرٌة لمتها فً العصر األموي ،حٌث اعتبر األموٌون – عملٌا -
اإلسالم دٌن العرب؛ فرفضوا إسالم "العجم" ،الذٌن كانوا ٌُسمون الموالً،
وفرضوا على من أسلم منهم الجزٌة ،ورفضوا أي مشاركة فً الحكم لؽٌر العرب
األلحاح ،بل ومنع الحجاج بن ٌوسؾ الثمفً ؼٌر العرب من إمامة الصالة .لم ٌتخذ
األموٌون هذه السٌاسة من منطلمات أٌدٌولوجٌة أو بناء على مشاعر عنصرٌة
بحتة ،بل وضعوا األٌدٌولوجٌا لمصلحة الدولة ،لجمع أكبر كم من الضرابب،
وضمان استمرارها ،ولو بمخالفة الشرٌعة صراحة .ولد انملب عمر بن عبد العزٌز
على هذه السٌاسة؛ فجعل األولوٌة للمبادئ اإلسالمٌة المرآنٌة ،وٌمكن اعتباره
إسالمٌا لهذا السبب( .)72ولد خفت هذه النزعة كثٌ ًرا فً عصر الدولة العباسٌة،
التً شارن "العجم" فً إلامتها ،بل وكان كل خلفابها من أبناء الجواري" ،العجم"
عدا ثالثة فمط(.)73
29
ولد خبى هذا التوجه مع انحسار سٌطرة العرب ،منذ الدولة العباسٌة ،وصعود
صا منذ السٌطرة العثمانٌة .ثم عاد لالنتشار من
مكانة الموالً ،ثم الممالٌن ،وخصو ً
جدٌد مع تدهور الدولة العثمانٌة وبدء سٌادة الؽرب وانتشار الفكرة المومٌة عمو ًما
وصعود الحركة المومٌة العربٌة ،فً مواجهة األتران .وال ٌمكن اعتبار هذا التوجه
مجرد مٌراث أٌدٌولوجً -مع عدم إنكار هذا العنصر -بل األهم هو عامل آخر:
تزاٌد االضطهاد التركى للعرب فى عصر أفول تلن اإلمبراطورٌة ،واألهم:
العنصرٌة األوروبٌة ضد األخر ن ،والمواجهات المستمرة بٌن العرب والؽرب
العنصري؛ فتكونت عنصرٌة مضادة.
ولد تبنً المومٌون العرب هذا التوجه (أي عروبة اإلسالم) .فعلى سبٌل المثال
رأى لسطنطٌن زرٌك أن واجب أي عربً أٌا كانت طابفته أن ٌحًٌ وٌمجد ذكرى
نبً العرب دمحم وأن ٌدافع عن اإلسالم داب ًما ،وكان ساطع الحصري ٌرى أن اإلسالم
ذو دور مهم فً الهوٌة العربٌة ،فهو عامل مساعد على نمو الشعور المومً.
وإذا نظرنا إلى أفكار حزب البعث لوجدناه ٌنتمً لهذا االتجاه ،وحتى المإسس
المسٌحً الدٌانة اعتبر اإلسالم هو حركة لومٌة عربٌة ،فالعروبة لها أولولٌة
منطمٌة على اإلسالم وما األخٌر إال سالح عربً لتحمٌك الوحدة ورسالة األمة.
فوفمًا لمٌشٌل عفلك" :أما صدر اإلسالم فإنه من ناحٌة أخرى ٌمثل اتحاد النفس
العربٌة مع المدر بعد أن كانت متجاهلة له ،فتصبح إرادة المدر هً إرادتها بعد
عزلة المكان ووحشة الزمان وٌصبح العالم كله ،ال بل الكون وكل ما هو منظور
وؼٌر منظور مسر ًحا لنشاطه ولتطبٌك تلن المٌم الجدٌدة التً ظهرت فً الحٌاة
العربٌة"( ،)74وكان ٌدعو إلى عدم تنحٌة الدٌن مثل الماركسٌة ،بل تبنً أفكار
دٌنٌة تمدمٌة .وبوجه عام سار المسٌحٌون العرب فً المشرق العربً عمو ًما نفس
المسار؛ فصار معظمهم مسلمٌن من حٌث الثمافة وعرب من حٌث االنتماء ،وكانت
مساهمتهم الملموسة فً حركة المومٌة العربٌة ضمن عوامل نمو هذا االتجاه
العروبً – اإلسالمً.
ولد سار على الدرب المومٌون العرب عمو ًما ،مثل الناصرٌٌن .ولد صار الخطاب
العروبً رسمٌا تتبناه الدولة مع صعود الناصرٌة ،التً أرادت استخدام الحركة
30
المومٌة العربٌة لصالحها ،وكذلن بعد وصول حزب البعث إلى السلطة فً سورٌا
والعراق.
ولد تطرؾ هذا االتجاه فً العصر الحدٌث ،معتب ًرا العرب لٌسوا مجرد شعوب
ناطمة بالعربٌة ،بل أمة عربٌة واحدة (وأضافت شعارات حزب البعث :ذات رسالة
خالدة ،وٌمصد بها رسالة لٌمٌة وأخاللٌة) ،رؼم وجود خالفات عرلٌة وثمافٌة
واضحة بٌن الناطمٌن بالعربٌة ،بل وحتى مشاعر االنتماء .ومارس العروبٌون
تمٌٌزا عنصرٌا واض ًحا ضد األكراد ،والتركمان ،واألمازٌج ،ولبابل جنوب ً
السودان ،ودارفور من ؼٌر العرب ،وإلى حد ما النوبٌٌن؛ ألن هذه الشعوب لم
تتعرب لؽوٌا بالكامل ،ولم تعلن انتسابها للمشروع العروبً المضاد للعثمانٌٌن ثم
للصهٌونٌة والؽرب فٌما بعد .وبٌنما لدمت المومٌة العربٌة نفسها كمشروع للتحرر
من االستعمار وتوحٌد العرب ،إال أنها مارست اضطهادًا شدٌدًا تجاه األللٌات
المومٌة واإلثنٌة بلؽت حد ارتكاب مذابح جماعٌة واسعة ،ومحاوالت مستمٌتة
إلفناء الثمافات ؼٌر العربٌة ،ولم توافك أبدًا على حك األمم ؼٌر العربٌة فً تمرٌر
مصٌرها تجاه الحكم العربً .ونجد جذور هذا التوجه فً الؽزوات العربٌة فً صدر
اإلسالم ،حٌث عمل العرب كل جهدهم لتعرٌب البلدان التً احتلوها وضمها
ألمالكهم ،وفً البداٌة لسموا السكان إلى عرب وموالً ،ولكن مع اتساع التعرٌب
وامتزاج السكان اختفى وصؾ الموالً ،وصار المتعربون منهم ٌعتبرون عر ًبا.
ولد اهتم العروبٌون بإبراز التارٌخ العربً ،الذي بدأ منذ ما لبل الدعوة اإلسالمٌة
على حساب تارٌخ األلطار العربٌة المختلفة :الفرعونً والبابلً وؼٌرهما .وأعادوا
االعتبار للتارٌخ "الجاهلً" ،بإبراز فضابل العرب لبل اإلسالم ،واستعدادهم للمٌام
بالمهمة الممدسة التالٌة لـ "الجاهلٌة" ،وتصوٌرهم كما لو كانوا أصحاب حضارة
عرٌمة ،كما نفخوا فً فضابل اللؽة العربٌة بشدة ،وتعاملوا مع اإلسالم كنتاج
لعبمرٌة عربٌة .بل اعتبر كثٌر منهم شعوبًا متحضرة ؼٌر عربٌة األصل ضمن
العرب مثل الفٌنٌمٌٌن ،واآلرامٌٌن ،والبابلٌٌن ..إلخ.
وبفضل اعتبار لؽتهم ممدسة وأنها لؽة الكتاب الممدسٌ ،عتمد العروبٌون أن هللا
معهم ،وأنهم منتصرون فً النهاٌة على أعدابهم ،فالصراع السٌاسً مع الشعوب
األخرى ٌتخذ فً أذهانهم صورة دٌنٌة ،فالعروبة لٌست مجرد انتماء لؽوي أو
لومً ،بل انتماء لشًء ممدس ٌفضله هللا على العالمٌن؛ إنها دٌن حمٌمً؛ إنها
رسالة خالدة مدعومة من السماء ،ولد سبموا ماركس الذي أخذ بالحتمٌة
31
التارٌخٌة؛ فاعتبروا انتصار المومٌة العربٌة هو حتمٌة تارٌخٌة مدعومة من هللا
نفسه.
الثانً :اتجاه إسالمً صرؾ :ذهب إلى اعتبار اإلسالم هو معٌار التفوق ولٌس
اللؽة أو العنصر ،وهإالء تمثلوا فً الخوارج ،فً مرحلة متؤخرة من تارٌخهم(،)75
وجزء من المعتزلة ،والمرامطة الذٌن مثلوا االتجاه األكثر مساواتٌة فً
اإلسالم( .)76ورؼم لوة حجج الخوارج المنطمٌة والنصٌة (المرآن) لم ٌنجحوا فً
تحمٌك سٌادتهم؛ فمد سحمهم علً بن أبً طالب ،وخلفاء بنً أمٌة وبنً العباس
بمسوة( ،)77أما الشعوبٌون فسادوا فً مناطك معٌنة ،مثل فارس ،وبعض سواحل
الخلٌج ،وطالما تعرضوا لممع بالػ من خلفاء العرب .وكُتب فً التراث اإلسالمً ما
ٌفٌد أن ؼٌر العربً ،كصهٌب الرومً ،وسلمان الفارسً ،وبالل الحبشً،
وؼٌرهم؛ لد ٌكون أفضل من آالؾ من العرب( .)78والواضح – حسب هذا التوجه -
أن مٌزة العرب األهم صارت بعد اإلسالم تتلخص فً لدرتهم على حمل وتوصٌل
الرسالة اإللهٌة ،وإذا لم ٌلتزموا بذلن فربما – وفمًا لألحادٌث -أن تنتمل المهمة
إلى ؼٌرهم .فاألولوٌة تظل للدٌن ومهمة الدعوة له :حدثنا عبد بن حمٌد حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا شٌخ من أهل المدٌنة عن العالء بن عبد الرحمن عن أبٌه عن أبً
هرٌرة لال تال رسول اللـه -صلى اللـه علٌه وسلمٌ -وما هذه اآلٌة :وإن تتولوا
ٌستبدل لو ًما ؼٌركم ثم ال ٌكونوا أمثالكم ،لالوا ومن ٌستبدل بنا لال فضرب رسول
اللـه -صلى اللـه علٌه وآله وسلم -على منكب سلمان ثم لال :هذا ولومه هذا
ولومه (سنن الترمذي .)3883 -وبناء على ذلن ذهب بعض اإلسالمٌٌن إلى أن
اإلمامة كانت من لرٌش بفضل "عصبٌتهم" ،أي لوتهم ولدرتهم على لٌادة األمة،
( )75محمود إسماعٌل ،الحركات السرٌة فً اإلسالم ،سٌنا للنشر ،الماهرة 1997 ،ط ،5ص .14هذا رؼم أن
الخوارج لد لصروا أعضاء مذه بهم على العرب فمط لمدة طوٌلة ثم سمحوا بانضمام الموالً لمذهبهم بل
وتبوء المٌادة أحٌانًا (نفسه ،ص .)25
( )76اندرج فً حركة المرامطة المبابل العربٌة الضعٌفة والعبٌد والموالً ،محمود إسماعٌل ،المرجع السابك،
ص .123
( )77محمود إسماعٌل ،نفس المرجع ،ص ص .22 -21
( )78مرعً الكرمً ،مسبون الذهب ،سبك ذكره
32
ولكن ما أن ضاعت هذه العصبٌة وبرزت ؼٌرها حتى انتمل حك الخالفة إلى
ؼٌرهم؛ العثمانٌٌن(.)79
واستند هإالء أٌضًا إلى الكثٌر من النصوص الممدسة من المرآن واألحادٌث ،التً
ال تمٌز بٌن الناس إال على أساس التموى والعمل الصالح ،ولد جاء فً الحدٌث:
حدثنا دمحم بن بشار حدثنا ٌحًٌ حدثنا شعبة لال :حدثنً أبو التٌاح عن أنس عن
النبً ملسو هيلع هللا ىلص لال :اسمعوا وأطٌعوا وإن استُعمل حبشً كؤن رأسه زبٌبة (صحٌح
البخاري )684 -والتملٌل من شؤن الحبشً واضح هنا ،ولكن المالحظ أن الحدٌث
ال ٌستنكر تبوأه لإلمامة .وفً مسند اإلمام أحمد ٌ :4376 -ا معشر لرٌش ،فإنكم
أهل هذا األمر ما لم تعصوا اللـه ،فإذا عصٌتموه بعث إلٌكم من ٌلحاكم كما ٌلحً
هذا المضٌب ،لمضٌب فً ٌده ثم لحا لضٌبه فإذا هو أبٌض ٌصلد ،أي أن أولوٌتهم
مرهونة بعدم معصٌتهم للـه.
وبالطبع ٌسود هذا التوجه فً البلدان اإلسالمٌة ؼٌر العربٌة ،مثل باكستان
أصال اللؽة والثمافة العربٌة .ولد ذهب كل من المودوديً وؼٌرها ،حٌث لم تنتشر
والخمٌنى نفس المذهب فى الفصل بٌن اإلسالم والمومٌة ،ومن المحتمل أن هإالء
ٌتمثلون نهجا لومٌا ؼٌر عربً بحكم انتمابهم .فالمودودي فى كتابه :نظرٌة
ضا فكرة المواطنة ..إلخ(.)80
اإلسالم السٌاسٌة نادى بالخالفة اإلسالمٌة راف ً
وفً العصر التركً كانت السٌادة بالطبع لالتجاه اإلسالمً حتى ظهرت الحركات
المومٌة ،فظهر من جدٌد االتجاه العروبً اإلسالمً واإلسالم العروبً ،بد ًءا من دمحم
بن عبد الوهاب الذي أعلن الجهاد ضد الصوفٌة المدعومة من العثمانٌٌن وخاض
حربًا ضارٌة ضد الدولة العثمانٌة.
وهذا التوجه اإلسالمً الصرؾ لٌس له دور ٌذكر فً الصراع السٌاسً فى العالم
العربً وال عاللة له بالعنصرٌة العربٌة التً نحن بصددها.
الثالث :اتجاه إسالمً -عروبً :وٌمكن أن نحدد الفرق الجوهري بٌن االتجاهٌن
العروبً-اإلسالمً واإلسالمً-العروبً فً أن التٌار العروبً ٌمدم خطابًا ٌضع
اإلسالم فً خدمة العروبة ،والعكس بالعكس .ولكن حسب ما نعتمد فهذا الخالؾ
( )79دمحم الخضري ،اتمام الوفاء فً سٌره الخلفاء ،المكتبه الثمافٌه ،1982 ،ص ص .9-8
(http://ia700602.us.archive.org/18/items/KutubAbulAlaMaududi/2.pdf )80
33
شكلً فحسب؛ فٌتفك االتجاهان فً وضع اعتبار خاص للعروبة ،من حٌث هً
اللؽة الممدسة ،وبالتالً اعتبار العرب هم األعلً شؤنًا بٌن األمم ،بفضل هذه اللؽة.
فكالهما اتجاهان لومٌان عربٌان فً النهاٌةٌ ،ستخدم األول (العروبً) اإلسالم
لخدمة العروبة بٌنما ٌتوسع الثانً (اإلسالمً) فً هذا االستخدام نفسه؛ فٌستموي
بعموم المسلمٌن لخدمة أهدافه المومٌة .ولد استخدم لدٌ ًما كل من الخلفاء
الراشدٌن ،وهم من االتجاه اإلسالمً ،والخلفاء األموٌٌن ،وهم عروبٌون شعارات
دٌنٌة لتبرٌر الؽزوات ،ولكن صبت الؽنابم فً الحالتٌن لصالح العرب .ولكن
لالتساق مع النفس ٌنزع اإلسالمٌون إلى إلصاء ؼٌر المسلمٌن والعلمانٌٌن فً
البلدان العربٌة ،وٌمنحون األولوٌة لالنتماء الدٌنً ال المومً ،وٌمٌلون إلى تطبٌك
الشرٌعة ،وهم من شكلوا اإلسالم السٌاسً.
ال ٌختلؾ اإلسالمٌون العرب عن العروبٌٌن فً االعتراؾ بمدسٌة اللؽة العربٌة،
وبفضل العرب فً نشر الرسالة ،وفً نزول األخٌرة إلٌهم ،لفضابل تخصهم،
وتمٌزهم عن بمٌة الشعوب .ولد وضعوا للعروبة مكانة خاصة فً اإلسالم .فؤؼلب
لادته ومفكرٌه لد احتفظوا للعرب بمركز المٌادة والسٌادة فً أطروحاتهم.
ولد رأٌنا جمال الدٌن األفؽانً ،رؼم توجهه إلى جعل األولوٌة للرابطة الدٌنٌة
فٌما عرؾ بالجامعة اإلسالمٌة ٌدعو إلى ضرورة لٌادة العرب لهذه الجامعة ،داع ًٌا
األتران أنفسهم إلى التعرب" :فالعرب ٌمتلكون لسان الدٌن" ،الذي ٌعتبره أهم
األركان ،كما أن لهم تارٌ ًخا وحضارة ومدنٌة لم تتوفر لؽٌرهم .ولد لارن بٌن
فتوحات العرب وفتوحات الترن؛ فالفتوحات العربٌة تركت آثا ًرا أدبٌة ومادٌة على
البلدان المفتوحة ،بعكس الترن الذٌن لم ٌتركوا نفس اآلثار(.)81
كذلن ذهب حسن البنا إلى تفضٌل جنس العرب على ؼٌرهم" :ولسنا مع هذا ننكر
خواص األمم وممٌزاتها الخلمٌة ،فنحن نعلم أن لكل شعب ممٌزاته ولسطه من
الفضٌلة والخلك ،ونعلم أن الشعوب فً هذا تتفاوت وتتفاضل ،ونعتمد أن العروبة
لها من ذلن النصٌب األوفً واألوفر" ،واعتبر أن من أسباب تحلل الدولة اإلسالمٌة
( )81خاطرات األفؽانً – آراء وأفكار ،تمرٌر دمحم باشا المخزومً – إعداد وتمدٌم :سٌد هادي خسرو شاهً،
مركز دراسات الوحدة العربٌة ،ص .90
34
انتمال السلطة والرٌاسة إلى ؼٌر العرب"( .)82وواضح من كالمه أن أفضلٌة العرب
ثمافٌة بحتة.
ولد كتب دمحم عمارة ،اإلسالمً ،كتابًا كبٌ ًرا(ٌ )83شرح فٌه بالتفصٌل هذه العاللة
التً ال تنفصم بٌن اإلسالم والعروبةٌ ،صور فٌه العرب كحاملً الرسالة الممدسة،
والمٌم الفاضلة ،والساعٌن لبناء حضارة إنسانٌة تجمع كل األجناس ،منتمدًا ؼلو
األموٌٌن ،دون أن ٌملل من محورٌة الدور المنوط بالعرب فً حمل راٌة اإلسالم.
ومن الؽرٌب أن أبا الحسن الندوي ،وهو هندي ،لد ألر بمركزٌة الدور العربً
تجاه اإلسالم والعالم" :والعالم العربً بمواهبه وخصابصه وحسن مولعه الجؽرافً
وأهمٌته السٌاسٌة ٌحسن االضطالع برسالة اإلسالم ،وٌستطٌع أن ٌتملد زعامة
العالم اإلسالمً ،وٌزاحم أوروبا بعد االستعداد الكامل ،وٌنتصر علٌها بإٌمانه ولوة
رسالته ونصر من اللـه ،وٌحول العالم من الشر إلى الخٌر ،ومن النار والدمار إلى
الهدوء والسالم"( .)84وألن العرب هم حاملو الرسالة ،فهم حسب ما ذهب د .دمحم
شولً الفنجري أعظم األمم ألنهم ٌحملون أعظم الرساالت التً تمدم الطرٌمة
المثلى فً الحٌاة(.)85
كما ذهب بعض اإلسالمٌٌن بعٌدًا فً تعصبهم ،وحملوا نزعة عنصرٌة متطرفة؛
فعلى سبٌل المثال اعتبر الوهابٌون أن المسلمٌن أتباعهم فحسب ،وراحوا ٌماتلون
مسلمٌن أخر ن ،وٌمتلونهم ،وٌسبون نساءهم ،وٌفرضون علٌهم الجزٌة ،وٌمارس
ورثتهم فً السعودٌة عنصرٌة سعودٌة صرٌحة ضد كل من هو من خارجهم
صا من ؼٌر العرب .كما ٌذهب أنصار وورثة حسن البنا مذهبًا شبٌ ًها؛ وخصو ً
35
فٌعتبرون اإلسالم وتنظٌمهم توأمان ،فؤعداإهم هم أعداء اإلسالم ،ومنتمدوهم حتى
من المسلمٌن عمالء للكفار ،ومتآمرون على اإلسالم "الصحٌح" .وهذا اإللصاء
إنما ٌنم عن نزعة ألل حتى من لومٌة متطرفة بل نزعة طابفٌة أو لبلٌة (فً الحالة
السعودٌة) ،ضٌمة األفك .وعلى نهج العروبٌٌن لجؤ اإلسالمٌون فً السودان إلى
اضطهاد ؼٌر العرب ،مثل أبناء جنوب السودان ،ولم ٌتورعوا عن ارتكاب مجازر
بحك مبات األلوؾ من سكان دارفور من ؼٌر العرب ،رؼم أنهم مسلمٌن من خالل
دعم الحكومة اإلسالمٌة للمبابل العربٌة فً المنطمة.
وٌجد اإلسالمٌون سندًا ألٌدٌولوجٌتهم فً النص الممدس وفً تراث اإلسالم ككل.
فهنان كثٌر من النصوص ،سبك أن أوردنا بعضها ،تساوي بٌن الناس ،على أساس
الدٌن ،وتنبذ المبلٌة والعرلٌة ،بل وتتوعد حتى العرب إذا تماعسوا عن أداء
الرسالة بسحب المهمة منهم ..إلخ.
وفً الحمٌمة ٌعتبر التوجه اإلسالمً العروبً توج ًها لومٌا أو لطرٌا ٌؽلؾ نفسه
بالدٌن؛ فهو نتاج للحداثة ولٌس مجرد امتداد للماضً ،وحدٌثًا صار ٌتبنى خطابًا
لطرٌا صرٌ ًحا؛ فنجد اإلسالمٌٌن ٌتحدثون باسم مصر أو سورٌا ً
مثال ،أو ٌمجدون
المملكة (السعودٌة) ،ومن لبل حارب الوهابٌون الخالفة العثمانٌة تحت حجة
مكافحة الصوفٌة ..إلخ.
ومع ذلن فهنان خالؾ كبٌر مهم؛ فإشكالٌة العاللة بٌن اإلسالم والعروبة كانت
تعبٌ ًرا عن إشكالٌة العاللة بٌن الدٌن والدولة ،التً طرحت فى العصر األموي
بسبب فرض الجزٌة على المسلمٌن الموالً ،وكانت أحد عوامل ثورة الموالً ضد
العرب ،ولدمت للثورة العباسٌة -الشٌعٌة ،ثم طرحت بشدة منذ مرحلة أفول الخالفة
العثمانٌة .فالعروبٌون – بوجه عام ٌ -مٌلون إلى العلمانٌة؛ فاألموٌون كانوا
صا دٌنٌة صرٌحة تما ًما ،مثلما فرضوا الجزٌة على المسلمٌن ٌتجاوزون نصو ً
الموالً لصالح الدولة ،فالدولة كانت لدٌهم فوق الدٌن ،وهم فً الؽالب الذٌن لتلوا
الخلٌفة الذي حاول تعدٌل هذا االتجاه بتطبٌك الشرٌعة .وحدٌثًا مال البعثٌون
والناصرٌون ومن شابههم إلى توسٌع فهم الشرٌعة لكً ٌنسجم مع الحداثة .أما
اإلسالمٌون المعاصرون فٌمٌلون إلى تطبٌك الشرع كما ٌفهم ظاهرٌا ،ومنهم
الوهابٌون واإلخوان والسلفٌون المعاصرون ،بٌنما لاد السلؾ الالحمون منذ
سٌطرة الحنابلة عصر االنحطاط العربً.
36
ٌ -مكن أن نضٌؾ اتجا ًها راب ًعا :هم المومٌون المتطرفون من سابر األلطار
العربٌة ،المتؤثرون بالمومٌة األوروبٌة ،ومنهم من ٌرفض كل من العروبة واإلسالم
كمرجعٌة لهم ،وهً توجهات ضعٌفة بوجه عام .كما ظهر أحٌانًا بعض العروبٌٌن
الرافضٌن للثمافة والمرجعٌة اإلسالمٌة بالكامل ومنهم بعض اللٌبرالٌٌن
والماركسٌٌن أنصار فكرة األمة العربٌة ،وهً توجهات ضعٌفة وؼٌر عنصرٌة
بالطبع.
**********************
-5التفوق العربً منحة إلهٌة:
صا مهمة تدعً أن
لم ٌتضمن التراث العربً واإلسالمً المدٌم حسب علمً نصو ً
سا بٌولوجٌا لتمسٌم البشر إلى عرب وعجم ،بل أساس لؽوي -ثمافً هنان أسا ً
بحت .بل وٌوجد ما ٌدل على إدران العرب بتفوق الشعوب المجاورة لهم حضارٌا
وعلمٌا وؼٌر ذلن .ولد التصر افتخارهم على اللؽة والفصاحة والفروسٌة وبعض
الصفات األخاللٌة( .)86وتسعفنا هنا الممارنة مع ثمافات أخرى رأت أن الناس خلمت
درجات بٌولوجٌة مثل تعلٌل الهنود لدٌ ًما لوجود 4طبمات مؽلمة ،وكالم بعض
فالسفة اإلؼرٌك (خاصة أفالطون وأرسطو) حول التفوق الطبٌعً للعنصر
( )86لال مرعً الكرمً" :وأما العمل الدال على فضل العرب :فمد ثبت بالتواتر المحسوس المشاهد أن العرب
أكثر الناس لسخاء ،وكرما ،وشجاعة ،ومروءة ،وشهامة ،وبالؼة ،وفصاحة .ولسانهم أتم األلسنة بٌا ًنا،
وتمٌٌزا للمعانً جمعا وفرلا بجمع المعانً الكثٌرة فً اللفظ الملٌل ،إذا شاء المتكلم الجمع .وٌمٌز بٌن كل
لفظٌن مشتبهٌن بلفظ آخر مختصر ،إلى ؼٌر ذلن من خصابص اللسان العربً ..ولهم مكارم أخالق محمودة ال
تنحصر ،ؼرٌزة فً أنفسهم ،وسجٌة لهم جبلوا علٌها ،لكن كانوا لبل اإلسالم طبٌعة لابلة للخٌر لٌس عندهم
علم منزل من السماء ،وال هم أٌضا مشتؽلون ببعض العلوم العملٌة المحضة كالطب أو الحساب أو المنطك
ونحوه .إنما علمهم ما سمحت به لرابحهم من الشعر والخطب أو ما حفظوه من أنسابهم ..بؽض جنس العرب
ومعاداتهم كفر ،أو سبب للكفر ،وممتضاه أنهم أفضل من ؼٌرهم ،وأن محبتهم سبب لوة اإلٌمان ...وشرؾ
العلم أفضل من حٌث التمدم فً الصالة ومنصب اإلفتاء والمضاء وؼٌر ذلن .وٌنظر فً منصب الخالفة،
واإلمامة العظمى فهل ٌستحمها لرشً جاهل ،أو عجمً فاضل؟ وهذا كله مع االتصاؾ بتموى هللا -تعإلى -
وإال فالعالم الفاسك كإبلٌس ،والعربً الجاهل كفرعون وكالهما مذموم ...فمن الؽرور الواضح ،والحمك
الفاضح أن ٌفتخر أحد من العرب على أحد من العجم بمجرد نسبه ،أو حسبه ،ومن فعل ذلن فإنه مخطا جاهل
مؽرور ..ولعبد مإمن خٌر من مشرن ولو أعجبكم ..وألمة مإمنة خٌر من مشركة ولو أعجبتكم ..لد روى
الحافظ السلفً بإسناده عن أبً هرٌرة -رضً هللا عنه -عن النبً -لال :من تكلم بالعربٌة فهو عربً ،ومن
أدرن له أبوان فً اإلسالم فهو عربً" ،نفسه المرجع.
37
اإلؼرٌمً بالنسبة لبمٌة العالم ،وأنهم خلموا لكً ٌحكموا العالم باعتبارهم ٌحملون
أفضل سمات الجنس البشري ،ولد اعتبر أرسطو أن اإلؼرٌك نبالء بطبٌعتهم؛ أما
بمٌة البشر فؤسماهم برابرة ،وأن هذا التمسٌم من فعل الطبٌعة ،التً مثلما لسمت
الناس إلى ذكور وإناث وإلى سادة (ٌمارسون العمل الذهنً) وعبٌد (ال ٌصلحون
إال للعمل الٌدوي) جعلت من البرابرة ككل عبٌدًا ،وبالتالً منحت اإلؼرٌك حما
طبٌعٌا فً حكم العالم واستعباده( .)87والنظرٌات االستعمارٌة التً بررت استعباد
صا ذكاإهم،السود باعتبارهم ألل من البٌض بٌولوجٌا؛ فمدراتهم محدودة ،خصو ً
ً
ذٌوال ،وٌؤكلون لحم البشر ،وحجم مخهم صؽٌر ..إلخ. بل زعم البعض أن لهم
ولكن وجد من العروبٌٌن المحدثٌن من تبنً نزعة عنصرٌة بٌولوجٌة فجة ،مثل
مصطفى صادق الرافعً ،الذي لال حرفٌا" :سكان الفٌافً وتربٌة العراء ٌنبسطون
مع الشمس وٌفٌبون مع الظل وٌطٌرون فً مهب الهواء ،بل أوالد السماء ،ما
شبت من أنوؾ حمٌة وللوب أبٌة وطباع سٌالة وذهان حداد ،ونفوس منكرة ،ولد
أصبحت بماٌاهم الضاربة فً بوادي العربٌة ومصر وسورٌة لهذا العهد ،موضع
العجب ألهل البحث من علماء الطبابع ،حتى أجمعوا على أنه ال ند لهذا الجنس فً
جمٌع السالبل البشرٌة ،من حٌث الصفات التً تتباٌن فٌها أجناس البشر خل ًما
و ُخل ًما ،وحتى صرح بعضهم بؤن هذه الساللة تسمو على سابر األجٌال ،بالنظر إلى
هٌبة المحؾ وسعة الدماغ وكثرة تالفٌفه وبناء األعصاب وشكل األلٌاؾ العضلٌة
فضال عما هً علٌه من مالحة والنسٌج العظمى ولوام الملب ونظام نبضاته و ً
وفضال عما فًً السحنة وتناسب األعضاء وحسن التماطٌع ووضوح المالمح،
طباعها من الكرم واألنفة واألرٌحٌة وعزة النفس والشجاعة .ال جرم كانوا أهل
هذه اللؽة المعجزة التً ناسبتهم بؤوضاعها فً معانً التركٌب ،حتى كؤنما كتب لها
أن تكون دٌن األلسنة الفطري ،لتصلح بعد ذلن أن تكون لسان دٌن الفطرة"(.)88
ولكن لم تصبح هذه النزعة العنصرٌة الفجة واسعة االنتشار.
( )87لال أرسطو " :لكن بٌن البرابرة لم ٌحدث تماٌز بٌن اإلناث والعبٌد ألن المانون الطبٌعً لم ٌمٌزهم ،ومن
ً
رجاال ونسا ًء ولذا لال الشاعر :بما أنهم كذلن..عبٌد برجالهم ونسابهم ٌكون من ثم فهم شعوب من العبٌد ككل
الطبٌعً أن ٌحكم اإلؼرٌك البرابرة" .كتاب السٌاسة ،ترجمه إلى اإلنجلٌزٌة بنٌامٌن جوٌت ،الكتاب األول ،ص
.2
/http://www.iep.utm.edu/aris-pol
()88
تارٌخ آداب العرب ،الجزء األول ،ص ،32سبك ذكره.
38
وال ٌوجد فً المرجع العربً األساسً؛ المرآن ،أي تمٌٌز بٌولوجً بٌن البشر،
ولكن جعلهم هللا درجات ،ولم ٌفسر أحد هذه الدرجات بمعنى بٌولوجً ،بل
اجتماعً أو دٌنً فحسب .وهنان آٌات تدل على وحدة أصل الجنس البشري:
اس اتموا ربكم الذي خلمكُم من نفس واحدة وخلك منها زوجها وبث ٌا أٌها الن ُ
ً
رجاال كثٌ ًرا ونساء (النساء آٌة ،)1 :وأن التموى هً معٌار الرضا اإللهً: من ُهما
ٌا أٌها الناس إنا خلمناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعو ًبا ولبابل لتعارفوا إن
أكرمكم عند ّللا أتماكم إن ّللا علٌم خبٌر (الحجرات)13 :
مثال .ولم ٌعترض أعداء اإلسالم من العرب فًولم ٌدعُ إلى استعباد جنس آلخر ً
مكة وؼٌرها على ذلن ،مما ٌدل على ؼٌاب أو ضعؾ العنصرٌة البٌولوجٌة لدٌهم.
وفً الحدٌث :الفضل لعربً على أعجمً إال بالتموى والعمل الصالح (المسند
الجامع ،)89()15693-إن أكرمكم عند اللـه أتماكم (الحجرات .)13 :هكذا امتدت
أفضلٌة اللؽة إلى أفضلٌة ذي العمل الصالح ،أي – بطبٌعة الحال – المسلم الحك.
وبذا ؼٌر اإلسالم من تمسٌم العرب للبشر إلى عرب وعجم ؛ فالبشر ٌنمسمون اآلن
إلى مسلمٌن وؼٌر مسلمٌن ،مع االحتفاظ بعناصر من التمسٌم السابك إلى عرب
دورا خاصا فً نشر اإلسالم المرتبط باللؽةً و"عجم" ،على أساس أن للعرب
العربٌة.
ولد ؼٌر اإلسالم فً عصر الرسول من األساس الذي كان ٌحدد "شرؾ" المبابل
العربٌة لبله ،من المرابة إلى خدمة الكعبة مخلوطة بالنفوذ المالً ،إلى السبك
( )89تؤلٌؾ أبً الفضل السٌد أبو المعاطً النوري :عن أبً نضرة حدثنً من سمع خطبة رسول اللـه صلعم
فً وسط أٌام التشرٌك فمال:
"ٌا أٌها الناس أال إن ربكم واحد وإن أباكم واحد أال ال فضل لعربً على أعجم ً وال لعجمً على عربً وال
ألحمر على أسود وال أسود على أحمر إال بالتموى أبلؽت .لالوا بلػ رسول اللـه صلعم ثم لال أي ٌوم هذا.
لالوا ٌوم حرام .ثم لال أي شهر هذا .لالوا شهر حرام .لال ثم لال أي بلد هذا .لالوا بلد حرام .لال فإن اللـه لد
حرم بٌنكم دماءكم وأموالكم .لال وال أدري لال أو أعراضكم أم ال كحرمة ٌومكم هذا فً شهركم هذا فً بلدكم
هذا أبلؽت .لالوا بلػ رسول اللـه صلعم .لال لٌبلػ الشاهد الؽابب".
أخرجه أحمد 411/5لال :حدثنا إسماعٌل ،لال :حدثنا سعٌد الجرٌري ،عن أبً نضرة ،فذكره،
http:
//www.almeshkat.net/books/open.php?cat=8&book=380&PHPSESSID=66
fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
39
لإلسالم والتفانً فً خدمته ،ولد دعا المرآن إلى تجاوز االنتماء المبلً لصالح
الدٌنً ،وبالتالً للرسول بما مثله من سلطة روحٌة وسٌاسٌة ،وفً النهاٌة ٌعنً
ذلن رفع االنتماء للدولة على االنتماء للمبٌلة.
ونفهم مما سبك أن تمٌز العرب على ؼٌرهم كما اعتبره العروبٌون نسبٌا تما ًما،
وٌمكن تجاوزه إذا تعرب الشخص ؼٌر العربً ،فتكلم العربٌة بفصاحة ،كما أن
التفوق العربً – زع ًما -نسبً ومشروط بحملهم الرسالة الدٌنٌة – األخاللٌة
بؤمانة وإخالص ،وتبنً لٌمها ،والمدرة على نشرها ،والتضحٌة من أجلها ،وإال
ٌمكن أن تنتمل المهمة لؽٌرهم ،بل وحتى ذهب بعضهم إلى اعتبار حكم وإمامة
لرٌش لٌس لاعدة ممدسة ،بل مرنة تما ًما؛ فٌمكن لعبد حبشً أن ٌتولى إمامة
المسلمٌن ..فاألفضلٌة العربٌة مشروطة بالتموى واإلٌمان ،بما ٌعنً أنها مكتسبة
ولٌست بٌولوجٌة .شًء ٌشبه الحصول على بركة الرب .وحتى المول بؤزلٌة اللؽة
العربٌة فً اللوح المحفوظ ،وفً الجنة ،تعنً أن اللؽة هً الممدسة ،ولٌس العرب
كجنس؛ ألن أي إنسان ٌستطٌع أن ٌصبح عربٌا .ومن الممكن لـ "العجمً" أن
ٌكتسب فضابل العرب بمجهوده(( )90لكن هنان بعض االختالفات بٌن العروبٌٌن
واإلسالمٌٌن).
ولكن ٌبدو من النصوص التً تجعل من المحتمل أن ٌسحب هللا مهمة حمل
الرسالة من العرب ومنحها لؽٌرهم أنها مجرد نصوص لتشجٌع العرب وتحفٌزهم
على توصٌل الرسالة الممدسة ،بدلٌل النص الصرٌح على أن دمحم هو خاتم الرسل،
وبالتالً ستظل الرسالة المكتوبة بالعربٌة هً آخر الرساالت ،فؤي شعب هذا الذي
سٌكلؾ من جدٌد بحمل الرسالة عربٌة اللؽة؟ البد أن ٌتعرب ً
أوال.
وبخصوص السود كان من العرب لبل وبعد اإلسالم من للل من شؤنهم ،ولد
عٌُروا فً "الجاهلٌة" وفً اإلسالم بسوادهم وبمالمح أجسامهم وبطرٌمة تكلمهم.
هذا حسان ٌهجو أحدهم بموله :وأمن سوداء نوبـٌة كؤن أناملها الحنظب( .)91ولكن
فً الؽالب لم تكن هذه المشاعر العنصرٌة ضد السود سابدة أو لها وزن كبٌر ،فمد
كانت بعض لبابل العرب لونها أسود ،كما روى الجاحظ" :وكان عبد هللا بن عباس
( )90أشار مرعً الكرمً مستن ًدا إلى سعٌد بن المسٌب إلى أن هنان من العجم من ٌعادل لرٌش بالنسبة
للعرب ،هم أهل أصبهان ،الذٌن تسمٌهم لرٌش العجم ،نفسه.
(ً )91
نمال عن جواد علً ،نفس الموضع.
40
أدل ًما ضخ ًما .وآل أبً طالب أشرؾ الخلك وهم سود وأدم ودلم .لالوا :ولال النبً
ملسو هيلع هللا ىلص :بُعثت إلى األحمر واألسود .فإذا لال :بُعثت إلى األحمر واألسود ،ولسنا عنده
ُحمر وال بٌض فمد بُعث إلٌنا فإنما عنانا بموله ‘األسود‘ .وال ٌخرج الناس من هذٌن
االسمٌن فإن كانت العرب من األحمر فمد دخلت فً عداد الروم والصمالبة وفارس
وخراسان .وإن كانت من السود فمد اشتك لها هذا االسم من اسمنا"(.)92
فؽالبًا كان التملٌل من شؤن السود ؼٌر المتعربٌن والعبٌد لتخلفهم الحضاري،
وعدم فصاحتهم ،والعتبارات جمالٌة ،ال عنصرٌة (فالعرب ٌفضلون الشخص
األبٌض).
رؼم هذا ال ٌمكن نفً الؽٌاب المطلك للعنصرٌة البٌولوجٌة بٌن العرب ،ال لبل وال
صا تجاه اللون األسود ،بل وجدت بشكل هامشً .ولد جاء فً بعد اإلسالم .خصو ً
المرآن:
ٌوم تبٌض وجوه وتسود وجوه فؤما الذٌن اسودت وجوههم أكفرتم بعد إٌمانكم
فذولوا العذاب بما كنتم تكفرون (آل عمران )106 :وأما الذٌن ابٌضت وجوههم
ففً رحمة ّللا هم فٌها خالدون (آل عمران .)107 :هذه اإلشارة تعنً أن الوجه
ً
ممبوال عند العرب عمو ًما .وكانت كلمة األبٌض أفضل من األسود ،وأن هذا كان
أسود فً كثٌر من األحٌان مرتبطة بالعبودٌة ،وكؤن األسود خلك عب ًدا .ولد ذكر
صاحب عبد هللا بن عباس ،لم
ُ المسعودي أن طاوس الٌمانً (من أعالم التابعٌن)،
ٌكن ٌؤكل من ذبٌحة الزنجً ،وٌمول :إنه عبد ُمشوه الخلمة ،كما ذكر أن أبا العباس
الراضً باهلل بن الممتدر باهلل كان ال ٌتناول شٌب ًا من أسود ،وٌمول :إنه عبد مشوه
خلمه(.)93
( )92رسابل الجاحظ ،الرسالة الرابعة ،كتاب فخر السودان علً البٌضان ،سبك ذكره.
واألدلم من الرجال هو :الطوٌل األسود؛ وكذلن هو من الجمال والجبال .وزعم ناس أن الدٌلم :سواد اللٌل،
معجم مماٌٌس اللؽة ،باب الدال والالم وما ٌثلثهما،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=16&book=758&PHPSES
SID=66fb86448405e11b64aa9fccfec863f6
( )93مروج الذهب للمسعودي،
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=6&book=1547
41
ورؼم هذه النزعة العنصرٌة لم ٌكن هنان تمٌٌز منهجً ضد السود ،ال لبل وال
بعد اإلسالم .فحٌن اختار الرسول بالل ،وهو أسود ،كمإذن خاص لجمال صوته لم
ٌثر هذا أي استهجان من أي طرؾ .وٌمكن أن نتصور مولؾ العرب لبل وبعٌد
اإلسالم من السود مثل مولؾ العرب الحالٌٌن ،فبٌاض البشرة لدى أؼلب العرب
ضمن عالمات الجمال ،ولكن هذا ال ٌعنً أن هنان تفرلة عنصرٌة خاصة ضد
السود ،تمارن ً
مثال بما علٌه الحال فً بلدان مثل جنوب افرٌمٌا أو الوالٌات المتحدة
فً فترة ما.
عنصرٌة العرب التالٌة لإلسالم إذن هً بشكل أساسً عنصرٌة ثمافٌة ،أساسها
تفولهم األخاللً والمٌمً والفكري ،زعما .هذا ألنهم – وفمًا – لتراثهم – األكثر
معرفة باهلل منذ عبدوه على دٌن إبراهٌم ،وحتى بعد أن ارتدوا وعبدوا األصنام،
ظل المرشٌون "أهل هللا" ،ولطان بٌته (أي سكانه) ..إلخ .كما رأٌنا من لبل .وكان
اإلعجاز اللؽوي للمرآن دع ًما حاس ًما فً إضفاء طابع المداسة على لؽة العرب؛ مما
منحهم حجة كبري إلعالن تفولهم .ومع ذلن لٌس للعرب تمٌز فً الحساب والعماب
على سابر البشر ،وهنان الكثٌر من األحادٌث التً تنفً هذا التمٌز ،فالتمٌز معنوي
فمط .وهو تمٌٌز ٌلمً على العرب بمهمة دٌنٌة ،كما ذهب اإلسالمٌون العروبٌون،
أو أخاللٌة ،كما ذهب العروبٌون المحدثون (المومٌون) ،فهً عنصرٌة تمدم نفسها
كحامل لواجب ممدس ،ولٌست حما ٌمٌز العرب على ؼٌرهم فً الثروات أو حتى
ٌوم المٌامة .فالعرب إذن هم أصحاب رسالة ،ولٌسوا ؼزاة ومستؽلٌن ،وحتى
ؼزواتهم ومذابحهم ونهبهم للشعوب األخرى ٌبررونها ،بؤنها تمت من أجل المهمة
التارٌخٌة التً ألماها علٌهم الرب .هذا بالطبع هو المبرر األٌدٌولوجً للعروبٌة.
إال أن هذه العنصرٌة الثمافٌة لم تجد أي تبرٌر سوى تفوق العرب فطرٌا ،كما
ً
أصال؟ لم ٌمل أحد بؤن ٌتضح من كالم ابن تٌمٌة وؼٌره ،فلماذا تفولت اللؽة العربٌة
سبب ذلن ٌرجع إلى تفوق العرب حضارٌا أو علمٌا ،بل التصرت كافة التفسٌرات
على طبٌعة خاصة بجنس العرب .ومع ذلن لم ٌمدم العروبٌون أنفسهم إال فٌما ندر
(كما ذهب مصطفى صادق الرافعً كما أسلفنا) كجنس متفوق بٌولوجٌا بشكل
مباشر ،كما فعل النازٌون األلمان ً
مثال أو األوروبٌون عمو ًما ،فحتى تم االعتراؾ
شكلٌا بعروبة كل من تكلم العربٌة إلى حد ما ،إال أن األصل العربً ظل طول الولت
عامل تفوق ،كما أوضحنا من لبل (اإلمامة فً الصالة وعاللات الزواج.)..
42
والممصود العرب العاربة والمستعربة من أبناء جزٌرة العرب ،ال فرق ،ألسباب
تخص الطبٌعة األخاللٌة والثمافة العربٌة "األصٌلة".
هذا التفوق الثمافً العربً الفطري لم ٌبرر بتفوق التكوٌن البٌولوجً ،بل بفطرة
ؼٌر مبررة ،شًء ٌشبه "بركة الرب" ،كما أشرنا من لبل ..لرار إلهً ال أكثر.
مما ٌدل على أهمٌة األصل العربً نجد أن كثٌ ًرا من لادة العرب وؼٌرهم من
المسلمٌن من حاول إثبات أصله العربً المح ،ولكن األكثر شٌوعًا هو محاولة
إثبات االنتماء للبٌت النبوي ،مما ٌدل على أن االنتماء "للفطرة األخاللٌة" هو
الموضوع.
وكان من نتابج انتشار اإلسالم وؼزو العرب للبلدان تحت مبرر نشر اإلسالم أن
دورا محورٌا فً الحضارة العربٌة – اإلسالمٌة .فكانتلعب الدٌن ولؽته العربٌة ً
مختلؾ علوم الدٌن واللؽة العربٌة أكثر ما اهتم به العرب والمتعربون على مدى
تارٌخهم .وحتى طرٌمة جمع وتصنٌؾ اللؽة تمت على أساس المحافظة على اللؽة
األصلٌة وتنمٌتها من اللؽات الدخٌلة ،وحكم المسلمون العرب هاجس المحافظة
مثال من مبررات جمع المرآن وحرق ً على نص المرآن األصلً ،وكان هذا
المصاحؾ وتوحٌد المصحؾ .وكان لتطوٌر اللؽة العربٌة بإضافة النمط ،ثم عالمات
اإلعراب ،ثم اختراع النحو وؼٌره من علوم اللؽة ،هدؾ واحد هو المحافظة على
النص الممدس وفهمه ،فهذا هو رأس المال العربً األهم على اإلطالق.
***************************
-6وضع الٌهود:
وفمًا لجواد علً أنه ٌظهر من مواضع من التلمود أن ً
نفرا من العرب دخلوا فً
الٌهودٌة .ومن المتولع مع وجود الٌهود فً سابر الجزٌرة العربٌة لمدة طوٌلة أن
صا أن عاللتهم بالٌهود كانت حمٌمة ،وصلت للتزاوج ٌتهود بعض العرب ،خصو ً
مثال كانت أمه ٌهودٌة وأبوه من لبٌلة طٌا العربٌةأحٌانا .فكعب بن األشرؾ ً
الٌمنٌة األصل .وٌالحظ جواد علً أن ٌهود الجزٌرة العربٌة ما لبل اإلسالم لم
ٌحافظوا على ٌهودٌتهم وعلى خصابصهم التً ٌمتازون بها محافظة شدٌدة ،كما
حافظوا علٌها فً األلطار األخرى .فؤكثر أسماء المبابل والبطون واألشخاص ،هً
43
أسماء عربٌة ،والشعر المنسوب إلً شعراء منهمٌ ،حمل الطابع العربً والفكر
كبٌرا عن
ً العربً .وفً حٌاتهم االجتماعٌة والسٌاسٌة لم ٌكونوا ٌختلفون اختالفًا
العرب ،فهم فً أكثر أمورهم كالعرب .فٌما سوى الدٌن .ولعل هذا بسبب تؤثٌر
العرب المتهودة علٌهم ،وكثرتهم بالنسبة إلً من كان من أصل ٌهودي ،مما سبب
تؤثٌرهم ،وهم ذوو أكثرٌة ،فً الٌهود األصٌلٌن الذٌن أثروا فٌهم فؤدخلوهم فً
دٌنهم ،فؤثروا هم فٌهم ،وطبعوهم بطابع عربً .ولد عاش الٌهود فً جزٌرة العرب
معٌشة أهلها ،فلبسوا لباسهم ،وتصاهروا معهم ،فتزوج الٌهود عربٌات ،وتزوج
العرب ٌهودٌات ،ولعل كون بعض الٌهود من أصل عربً ،هو الذي ساعد على
تحطٌم المٌود التً تحول بٌن زواج الٌهود بالعربٌات وبالعكس .والفرق الوحٌد
الذي كان بٌن العرب والٌهود عند ظهور اإلسالم هو االختالؾ فً الدٌن .ولد تمتع
الٌهود بحرٌة واسعة لم ٌحصلوا علٌها فً أي بلد آخر من البالد التً كانوا بها فً
ذلن العهد.
ولكن الٌهود مع ما كان لهم من لالع وحصون لم ٌتمكنوا من بسط نفوذهم
وسلطانهم على األرض التً عاشوا فٌها ،ولم ٌتمكنوا من إنشاء ممالن وحكومات
ٌحكمها حكام ٌهود ،بل كانوا مستملٌن فً حماٌة سادات المبابل العربٌةٌ ،إدون
لهم إتاوة فً كل عام ممابل حماٌتهم لهم ودفاعهم عنهم ومنع اإلعراب من التعدي
علٌهم.
ولم ٌرصد مولؾ عربً عدابً ضد الٌهود لبل اإلسالم ،بل ومع بدء الدعوة
اإلسالمٌة اتخذ دمحم من لبلة الٌهود لبله لصالته ،وتوجه لهم بالدعوة إلى اإلسالم،
وكان ٌؤمل فً انضمامهم له ،ولكن آمن به للٌلون للؽاٌة ،وظلت األؼلبٌة العظمى
معادٌة لدعوته .وبعد اإلسالم فمط بدأت الصراعات العدابٌة بٌن الطرفٌن ،فٌذخر
تارٌخ اإلسالم المبكر بصراعات دموٌة بٌن المسلمٌن والٌهود ،من ذلن مذبحة بنً
لرٌظة ،وؼزوة خٌبر ،ثم لرار عمر بن الخطاب بطردهم من جزٌرة العرب .ونجد
فً المرآن ما ٌبٌن المشاعر العدابٌة بٌن الطرفٌن فً مواضع عدٌدة:
ٌا أٌها الذٌن آمنوا ال تتخذوا الٌهود والنصارى أولٌاء بعضهم أولٌاء بعض ومن
ٌتولهم منكم فإنه منهم إن ّللا ال ٌهدي الموم الظالمٌن (المابدة ،)51 :لتجدن أشد
الناس عداوة للذٌن آمنوا الٌهود والذٌن أشركوا ولتجدن ألربهم مودة للذٌن آمنوا
الذٌن لالوا إنا نصارى ذلن بؤن منهم لسٌسٌن ورهبانا وأنهم ال ٌستكبرون
(المابدة ،)82 :وهنان آٌات تحط من شؤنهم وتشرح كفرهم "التارٌخً" ،رؼم
44
كثرة أنبٌابهم ،بل وتكشؾ تارٌخهم المنكر لنعم هللا ،حتى فً زمن نبٌهم موسى.
والخالصة أن المرآن صور الٌهود فً صورة المتعصبٌن ،والمستكبرٌن،
والمنكرٌن لنعم هللا ،والمعادٌن للخٌر وللحك ،ولإلسالم وأهله ،وهى ً
فعال صورة
شٌطانٌة بشعة ،تثٌر كراهٌة عمٌمة لدى المسلم العادي (طبعًا بؽض النظر عن
مدى صحتها).
كما توجد أحادٌث كثٌرة معادٌة للٌهود ،والعنة لهم ،ومحرضة للمسلمٌن على
عدم الثمة بهم ،بل وتتوعدهم باإلبادة فً ٌوم ما على أٌدٌهم :ال تموم الساعة حتى
تماتلوا الٌهود ،حتى ٌمول الحجر وراءه الٌهوديٌ :ا مسلم ،هذا ٌهودي ورابً
فالتله (البخاري.)2859 -
ومع ذلن لم تشهد الدول العربٌة اإلسالمٌة ظاهرة اضطهاد عملً ممٌز وواضح
للٌهود لبل بدء تنفٌذ المشروع الصهٌونً أكثر مما تعرض بمٌة أهل الكتاب ،إال أن
الصورة السوداء لهم فً التراث اإلسالمً لم تبرح األذهان ،مما كان له دور فً
إذكاء المشاعر العنصرٌة فو ًرا وبشدة منذ بدء تنفٌذ المشروع الصهٌونً فً
طهد الٌهود فً البلدان العربٌة؛ مما كان له أكبر األثر فً فلسطٌن ،ومنذبذ اض ُ
هجرة كثٌر منهم إلى فلسطٌن وؼٌرها .وٌختلؾ عداء العروبٌٌن واإلسالمٌٌن
للٌهود منذ المشروع الصهٌونً؛ فالعداء العروبً سٌاسً فً جوهره ،أما العداء
اإلسالمً فدٌنً -سٌاسً أو سٌاسً مؽلؾ بالدٌن .وألن المشروع الصهٌونً هو
مشروع ٌهودي باألساس (توجد صهٌونٌة ؼٌر ٌهودٌة) ،لابم على أساطٌر دٌنٌة،
نجد أن العداء العروبً السٌاسً لٌس خالًٌا من العداء الدٌنً للٌهود عمو ًما ولٌس
للصهٌونٌة فمط ،ولد رأٌنا المومٌٌن العرب فً كل البلدان العربٌة ٌمارسون
اضطهادًا ضد الٌهود ككل ،مما كان له دور مهم فً هجرة الكثٌر منهم إلى
إسرابٌل ،ورؼم التشدق بؤنهم معادون للصهٌونٌة ولٌس للٌهود ،لامت حكومة مثل
الحكومة الناصرٌة بطرد الٌهود من مصر ( 25ألفًا) على الهوٌة الدٌنٌة وحدها،
ولم ٌتبك سوى من أسلم منهم ،أو من رفض الهجرة بموة وتشبث بالبماء ،ولم
تسمح الحكومات العربٌة بتجنٌد مواطنٌها الٌهود فً الجٌش أو أجهزة األمن،
استنادًا لهوٌتهم الدٌنٌة وحدها .كما مارست الجماهٌر العربٌة إلصاء للٌهود ولٌس
45
الصهاٌنة منهم بعد تبلور المشروع الصهٌونً .ولكل هذا لعبت العروبٌة دو ًرا
أساسٌا فً إلامة دولة إسرابٌل(.)94
ومن الواضح من طبٌعة المولؾ العربً اإلسالمً العدابً للٌهود أنه ٌنبع من
مصدرا للشر ولٌس لكونهم من ساللة معٌنة ،فهو عداء ثمافً ،بدلٌل أن ً اعتبارهم
دخول الٌهودي فً اإلسالم ٌجد ترحٌبًا شدٌدًا من لبل المسلمٌن عرب وؼٌر عرب.
أما الخطب العنصرٌة الفجة التً تصفهم بـ "أحفاد المردة والخنازٌز" فال تعبر عن
اعتماد حمٌمً بانحطاطهم البٌولوجً؛ وهً تعبٌرات تستخدم لإلهانة فحسب ،وال
ٌوجد فً النص الدٌنً اإلسالمً ماٌدل على ذلن ،بل العكس .فمن الحدٌث :إن ّللا
ً
نسال .وإن المردة والخنازٌر عز وجل لم ٌهلن لوما ،أو ٌعذب لو ًما ،فٌجعل لهم
كانوا لبل ذلن (صحٌح مسلم )6723 -ــ حدثنا عبد هللا حدثنً أبً ثنا أبو سعٌد
ثنا داود بن أبً الفرات ثنا دمحم بن زٌد عن أبً األعٌن العبدي عن أبً األحوص
الجشمً عن ابن مسعود لال :سؤلنا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن المردة والخنازٌر أمن نسل
الٌهود ؟ فمال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص :إن هللا لم ٌلعن لو ًما لط فمسخهم وكان لهم نسل حتى
ٌهلكهم ،ولكن هللا عز وجل ؼضب على الٌهود فمسخهم وجعلهم مثلهم (مسند
أحمد.)3768 -
ومن الطرٌؾ أن الفكرة الٌهودٌة المابلة بؤنهم شعب هللا المختار لد استوردها
العروبٌون وعربوها .فالعرب هم األكثر فصاحة وبالؼة ،ولهم من السمات
األخاللٌة ما ٌمٌزهم على كافة البشر بفضل لرار إلهً بذلن كما أوضحنا؛ فاهلل لد
فضلهم على العالمٌن ،ثم منحهم أٌضًا شرؾ حمل وتوصٌل رسالته األخٌرة،
ومرسال كتابه الممدس بلؽتهم ،بل حفظه فً لوحً مختا ًرا منهم خاتم المرسلٌن،
محفوظ باللؽة نفسها ،كما ٌظن أؼلب العرب .ولد وصؾ المرأن المسلمٌن بؤنهم
خٌر أمة أخرجت للناس (آل عمران .)110 :فإذا كان العرب هم خٌر المسلمٌن
كما ٌظن العروبٌون ،فهم إذن خٌر البشر .ومثلما وعد هللا الٌهود بؤرض فلسطٌن
وعد المسلمٌن ولادتهم العرب بالسٌادة على العالم :وعد اللـه الذٌن آمنوا منكم
وعملوا الصالحات لٌستخلفنهم فً األرض كما استخلؾ الذٌن من لبلهم (النور:
( )94لال ألفرٌد لٌلنتال" :ولد كان انتصار بن جورٌون فً الدعاٌة أكثر بكثٌر من أي انتصار عسكري لام به
فً سهول سٌناء ،عندما صفٌت الجالٌة الٌهودٌة فً مصر ؼداة الؽزو اإلسرابٌلً" .وهكذا ضاع الشرق
األوسط ،دار الماهرة للطباعة ،سلسلة )اخترنا لن) ،عدد ،38ص.7
46
.)55ولد ذهب كثٌر من المفسرٌن إلى أن الممصود هو كل األرض ،أوكما لال
الطبري" :أرض المشركٌن من العرب والعجم ،فٌجعلهم ملوكها وساستها”(.)95
هكذا تصٌر العروبٌة – اإلسالمٌة صهٌونٌة عربٌة.
************************
-7العنصرٌة العربٌة دافعها المصالح:
ظل الترادؾ بٌن كلمتً عرب ومسلمٌن مستمرا لمدة طوٌلة ،ولد صبت جل ؼنابم
الؽزو بعد انتصار اإلسالم فً جٌب العرب بالطبع ،ورؼم دخول كثٌر من أبناء
الشعوب المؽلوبة فً اإلسالم ،سموا بالموالً ،وفرض علٌهم األموٌون دفع الجزٌة
لصالح دولة بنً أمٌة العربٌة ،واستخدم األموٌون دعاوٌهم العنصرٌة مبر ًرا
الستمرار استؽالل المسلمٌن الموالً ،حتى تؽٌر الوضع فً العهد العباسً ثم
التركً ،حٌث مورس الحكم باسم اإلسالم .ثم ظهرت المومٌة العربٌة من جدٌد مع
أفول العثمانٌٌن ،وكذلن ظهور االستعمار الؽربً ،ولجؤت لشعارات عروبٌة
عنصرٌة بدرجة أو بؤخرى ،بل راحت تضطهد األللٌات ؼٌر العربٌة بمسوة
متفاوتة .ومع فشل المومٌة العربٌة والعلمانٌة عمو ًما فً تحمٌك تحدٌث فعلً،
( )95جامع البٌان عن تفسٌر آي المرآن -تفسٌر سورة النور .وذكر المرطبً{" :لٌستخلفنهم فً األرض} فٌه
لوالن :أحدهما ٌ :عنً أرض مكة؛ ألن المهاجرٌن سؤلوا اللـه تعالى ذلن فوعدوا كما وعدت بنو إسرابٌل؛ لال
معناه النماش .الثانً :بالد العرب والعجم .وابن كثٌر :هذا وعد من اللـه تعالى لرسوله صلوات اللـه وسالمه
علٌه بؤنه سٌجعل أمته خلفاء األرض ،أي أبمة الناس والوالة علٌهم ،وبهم تصلح البالد ،وتخضع لهم العباد.
ورأى سٌد لطب (فً ظالل المرآن -سبك ذكره) :فما حمٌمة االستخالؾ فً األرض إنها لٌست مجرد الملن
والمهر والؽلبة والحكم ..إنما هً هذا كله على شرط استخدامه فً اإلصالح والتعمٌر والبناء؛ وتحمٌك المنهج
الذي رسمه اللـه للبشرٌة كى تسٌر علٌه؛ وتصل عن طرٌمه إلى مستوى الكمال الممدر لها فً األرض ،الالبك
بخلٌمة أكرمها اللـه .إن االستخالؾ فً األرض لدرة على العمارة واإلصالح ،ال على الهدم واإلفساد .ولدرة
على تحمٌك العدل والطمؤنٌنة ،ال على الظلم والمهر .ولدرة على االرتفاع بالنفس البشرٌة والنظام البشري ،ال
على االنحدار بالفرد والجماعة إلى مدارج الحٌوان! وهذا االستخالؾ هو الذي وعده اللـه الذٌن آمنوا وعملوا
الصالحات ..وعدهم اللـه أن ٌستخلفهم فً األرض -كما استخلؾ المإمنٌن الصالحٌن لبلهم -لٌحمموا النهج
الذي أراده هللا؛ وٌمرروا العدل الذي أراده هللا؛ وٌسٌروا بالبشرٌة خطوات فً طرٌك الكمال الممدر لها ٌوم
أنشؤها اللـه ..فؤما الذٌن ٌملكون فٌفسدون فً األرض ،وٌنشرون فٌها البؽً والجور ،وٌنحدرون بها إلى
مدارج الحٌوان ..فهإالء لٌسوا مستخلفٌن فً األرض .إنما هم مبتلون بما هم فٌه ،أو مبتلى بهم ؼٌرهم،
ممن ٌسلطون علٌهم لحكمة ٌمدرها اللـه".
47
ظهر اإلسالم السٌاسً الذي ٌنحو منحً إسالمً -عروبً ،أو لومً فً صورة
دٌنٌة ،لالستمواء ببمٌة المسلمٌن فً الصراع مع الؽرب .لمد خرج العرب إلى
العالم باإلسالم ،فلجؤوا إلى ربط شرعٌة حكمهم به ،وادعوا أنهم أصحاب رسالة
مثل أي استعمار ٌزعم أنه ٌحتل البالد األخرى لكً ٌنشر الحضارة .فهم ادعوا أنهم
المسإولون عن نشر اإلسالم ،وأنهم ٌحتلون العالم لهذا الؽرض ،واخترعوا
األحادٌث التً تسوغ لهم الحكم والسلطة ومدح الؽزو .ولد خلك اإلسالم ثمافة
إسالمٌة جهادٌة ،بدأها النبً نفسه وحفزها المرآن ،ولد أدى نجاح الؽزو إلى دفع
ً
هابال بالزهو والتفوق بعد أن العرب لالستبثار بالسلطة والثروة ،كما منحهم شعو ًرا
لهروا إمبراطورٌات كبرى ،مما حفز ابتكار األفكار العروبٌة اإلسالمٌة ،فكانت
األٌدٌولوجٌا نتا ًجا لوالع ظهر منذ عصر الفتوحات ،وربما وضعت بذرتها منذ
مولعة ذي لار(.)96
ومع ظهور االستعمار األوروبً وتمسٌمه للشرق األوسط إلى ألطار ،حاول
اإلسالمٌون استخدام شعار الرابطة اإلسالمٌة ،وااللتفاؾ حول الخالفة العثمانٌة
لمماومة االحتالل ،ولكن مع سموط الخالفة أصبح الطرٌك ممهدًا أمام الخطاب
العروبً ،المطري ،والمومً بدرجة ألل ،حٌث تكونت طبمات جدٌدة ذات مصالح
راحت تتنالض تدرٌجٌا مع مصالح االستعمار .وكان الخطاب العروبً أعلى صوتا
فً المشرق العربً ،بفضل الموروث الثمافً العروبً الموي ،واالضطهاد العثمانً
الشدٌد ،والتالحم الموي بٌن شعوب ألطار المشرق ولتها (كانت سورٌا تشمل كل
بالد الشام) .كما استخدم اإلنجلٌز فكرة المومٌة العربٌة فً فترة ما لالستفادة من
جهود عرب الجزٌرة (أتباع الشرٌؾ حسٌن) لمواجهة العثمانٌٌن .أما فً شرق
الجزٌرة فمد ظهرت الحركة الوهابٌة المعادٌة للعثمانٌٌن ،بالتحالؾ مع آل سعود،
المحرضٌن من لبل اإلنجلٌز مباشرة.
وكما هو معروؾ أن الحركة المومٌة العربٌة الحدٌثة لد فشلت فً تحمٌك الوحدة
العربٌة ،وساد الخطاب المطري ،حتى بٌن اإلسالمٌٌن؛ حتى فً معمل العروبٌٌن فً
سورٌا والعراق .وبعد كل معارن المرن الماضً ٌمكن أن نرصد اآلن أن الدعوة
المومٌة العربٌة لم تكن إال أداة الطبمات المحلٌة (المطرٌة) لالستفادة من المحٌط
( )96مولعة حربٌة جرت عام 609م بٌن لبابل عرب الشمال ،خاصة بنً شٌبان والفرس انتصر فٌها العرب
انتصا ًرا كبٌ ًرا .ذكرت فً مراجع عدٌدة بحٌث ال ٌمكننا التشكٌن فً حدوثها.
48
العربً ،كل لتكرٌس سلطته فً المنطمة على حساب االستعمار الؽربً والشعوب
العربٌة نفسها ،بٌنما ٌتوسع اإلسالمٌون فً االستعانة بالشارع اإلسالمً األوسع
لتكرٌس هٌمنتهم ،بل حاول حتى نظام المذافً استؽالل العمك األفرٌمً لدعم
نظامه ،وكانت الناصرٌة تحاول استخدام الدوابر الثالث :العربٌة واإلسالمٌة
واألفرٌمٌة لصالح سلطتها المحلٌة ال أكثر.
ومن الؽرٌب أن العنصرٌة العربٌة التً ترتب علٌها نهب وسلب الشعوب األخرى،
والمذابح الكبرى ،وأشكال من اضطهاد ؼٌر العرب ،لد بُررت بؤن العرب ٌإدون
رسالة ممدسة ،فكل هذا واجب علٌهم ولٌس حما لهم ،فهم نبالء بالطبٌعة وال
ٌرٌدون االستبثار بالدنٌا ،بل هو الواجب الممدس .ولد اشترن العروبٌون بؤطٌافهم
فً التروٌج لهذه الفكرة ،فحتى البعثٌون اعتبروا أن للعروبة رسالة خالدة ،هً
نشر المٌم السامٌة ،بٌنما ذهب اإلسالمٌون العروبٌون إلى أن رسالة العرب هً
جعل كلمة هللا هً العلٌا ،ألنهم األلدر على حملها بفضل لؽتهم الممدسة وأخاللهم
الرفٌعة ولٌمهم السامٌة .لمد بلؽوا لمة الدٌماجوجٌة.
فً النهاٌة ٌمكن أن نمول بخصوص العروبٌة بمختلؾ صورها :ابحث عن
المصالح.
-8خالصة:
-العنصرٌة العربٌة ذات أٌدٌولوجٌا ثمافٌة ،ناتجة عن منحة وتكلٌؾ إلهٌٌن –
زع ًما -وال عاللة لها بالتكوٌن البٌولوجً للعرب ،إال لدي للٌل من العروبٌٌن .ولد
كان انتصار اإلسالم هو المحفز لظهور هذا الشعور العربً بالتفوق الثمافً على
الشعوب األخرى ،الذي ربما كانت بذوره لبل ذلن.
ٌ -مكن أن ٌتعرب أي شخص بتعلم اللؽة الممدسة واكتساب الصفات العربٌة ولكن
ٌظل العربً األصلً أكثر عروبة لدي أؼلب العروبٌٌن ألنه األكثر أصالة من
الناحٌة الفطرٌة ،األخاللٌة.
-التفوق الثمافً العربً ٌخص بالذات اللؽة العربٌة التً ٌعتبرها العروبٌون
أفصح وأؼنً اللؽات ،وٌعتبرها الكثٌرون لؽة أهل الجنة ،ولؽة اللوح المحفوظ..
إلخ.
49
-ترتبط العروبة باإلسالم ارتبا ً
طا وثٌ ًما؛ فالعربٌة هً لؽة المرآن ،ولد جعلها
اإلسالم لؽة ممدسة أو اختار هللا رسالتة بالعربٌة ألنها لؽة ممدسة أ ً
صال.
-العروبٌة تحمل العرب تكلٌ ًفا وواجبًا أكثر مما تمنحهم حما ،بل ما تمنحهم إٌاه
من حك هو من أجل تنفٌذ الواجب الممدس :نشر الرسالة الدٌنٌة أو األخاللٌة.
ٌ -ختلؾ العروبٌون عن اإلسالمٌٌن فً التكتٌن فمط؛ فالعروبٌون ٌستخدمون
اإلسالم لخدمة المشروع المومً؛ أما اإلسالمٌون العرب فٌستخدمون العروبة
لمشروع الوحدة اإلسالمٌة ،التً مع ذلن ٌمودها العرب ،فهو نفس المشروع
المومً العربً مستفٌدًا من العمك اإلسالمً .وٌمٌل اإلسالمٌون أكثر إلى تطبٌك
الشرٌعة فً الحكم بدرجة أكبر من العروبٌٌن ،الذٌن ٌمٌلون أكثر إلى العلمانٌة ،بل
وإلى وعلمنة اإلسالم نفسه.
-فً الوالع الفعلً مارس العروبٌون واإلسالمٌون بؤطٌافهم لمعًا وحشٌا ضد
األللٌات العرلٌة واإلثنٌة ،ولم ٌسمحوا لؽٌرهم بحك تمرٌر المصٌر ،مستخدمٌن
أحٌانا حجة اشتران هذه الشعوب معهم فً اإلسالم.
-لعب اإلسالم دو ًرا جوهرٌا وحاس ًما فً بلورة العنصرٌة العربٌة بآلٌات متعددة.
ورؼم أن المرآن لم ٌنص أبدًا على تفوق العرب صراحة ،إال أن األحادٌث نصت
على ذلن كثٌ ًرا .ورؼم النص على إمكانٌة سحب الرسالة من العرب ،جاء هذا
النص فً صورة تهدٌد بؽرض حفز العرب وشحذ هممهم على الؽزو ونشر
الرسالة.
****************************
50