Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫اصبوا يا أهل السنة واغفروا إلخوانكم‬

‫ر‬
‫"أال تحبون أن يغفر هللا لكم وهللا غفور رحيم"‬
‫بغ بعض أهل السنة عىل بعض‬ ‫رسالة يف ي‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫إخوان أهل السنة‬
‫ي‬ ‫من حمد بن عبد العزير ابن عتيق إىل من يراه من‬
‫سالم عليكم ورحمة هللا وبركاته أما وبعد‬

‫بغ بعض أهل السنة عىل آخرين من إخوانهم واستطالتهم يف أعراضهم والتحذير منهم بل‬
‫بلغن وشاهدت ي‬
‫ي‬ ‫فقد‬
‫بشبه وتخرصات وظنون‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وإخراجهم من السنة‬

‫ُ‬
‫وإخوان من أهل السنة بما دل عليه كتاب وهللا وسنة رسوله صىل هللا عليه‬ ‫نفس‬ ‫ذكر‬‫أل‬ ‫فرأيتها فرصة مناسبة‬
‫ي ً‬ ‫ي‬
‫وسلم وكالم السلف الصالح‪ ،‬فأقول مستعينا باهلل‪:‬‬

‫السء منقلب عليه‪.‬‬ ‫ا‬


‫ي‬ ‫الباغ أن بغيه راجع إليه وأن مكره‬
‫ي‬ ‫أول‪ :‬ليعلم‬
‫السء إال بأهله"‪.‬‬
‫كما قال تعاىل"‪:‬وال يحيق المكر ي‬
‫وقال هللا تعاىل"‪:‬يا أيها الناس إنما بغيكم عىل أنفسكم متاع الحياة الدنيا"‪.‬‬
‫وقال تعاىل"‪:‬إن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم وإن أسأتم فلها"‪.‬‬
‫ه أعماله يوفيه هللا إياها‪ ،‬وما ربك بظالم للعبيد‪.‬‬ ‫ر‬
‫فليستقل الظالم أو يستكث فإنما ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫حن يعلم أن هذا االنتصار ال يحدث رشا أعظم وفتنة ر‬
‫أكث‪،‬‬ ‫ثانيا‪ :‬عىل المظلوم أن ال يبادر باالنتصار من الظالم‪ ،‬ى‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫باغ‬
‫ٍ‬ ‫محض‬ ‫ي‬‫المؤذ‬
‫ِ‬ ‫ذلك‬ ‫أن‬ ‫‪-‬‬ ‫فيه‬ ‫ريب‬ ‫ال‬ ‫ما‬ ‫مظلو‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫‪-‬‬ ‫ى‬ ‫المؤذ‬ ‫كما قال ابن تيمية يف االستقامة"‪:‬وقد يحسب‬
‫عليه‪ ،‬ويحسب أنه يدفع ظلمه بكل ممكن‪ ،‬ويكون مخطئا يف هذين األصلي؛ إذ قد يكون المؤذي متأوال مخطئا‪،‬‬
‫وإن كان ظالما ال تأويل له؛ فال يحل دفع ظلمه بما فيه فتنة بي األمة‪ ،‬وبما فيه رش أعظم من ظلمه؛ بل يؤمر‬
‫لصث؛ فإن ذلك يف حقه محنة وفتنة‪.‬‬
‫المظلوم ها هنا با ر‬
‫صثه‪ ،‬أو لقلة علمه وضعف رأيه؛ فإنه قد يحسب أن القتال ‪-‬ونحوه من‬ ‫وإنما يقع المظلوم يف هذا لجزعه وضعف ر‬
‫الصث‪.‬‬ ‫الش ‪-‬كما هو الواقع‪ ،‬وقد يكون جزعه يمنعه من‬ ‫ى‬
‫الفي‪ -‬يدفع الظلم عنه ‪،‬وال يعلم أنه يضاعف ر‬
‫ر‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ ْ َ ً ُ َ َ َ َ‬
‫بالصث واليقي‪ ،‬فقال‪َ ﴿ :‬و َج َعلنا ِمن ُه ْم أ ِئ َّمة َي ْهدون ِبأ ْم ِرنا ل َّما َص رَ ُثوا َوكانوا ِب َآي ِاتنا‬ ‫ر‬ ‫وهللا ‪-‬سبحانه‪ -‬وصف األئمة‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ون﴾ وقال‪َ ﴿ :‬و َت َو َ‬
‫اص ْوا بال َح ِّق َوت َو َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫الص رْ ِث﴾‪.‬‬
‫اص ْوا ب َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقن‬
‫ي ِ‬

‫‪1‬‬
‫َ‬ ‫‪َ َ َُ ْ ُ َ َ َ َْ َََ :‬‬
‫َص َب ْعد ظل ِم ِه فأول ِئك َما َعل ْي ِه ْم ِم ْن‬‫وذلك أن المظلوم ‪-‬وإن كان مأذونا له يف دفع الظلم عنه بقوله تعاىل ﴿ولم ِن انت‬
‫بشطي‪:‬‬ ‫مشوط ر‬ ‫َسبيل﴾؛ فذلك ر‬
‫ِ ٍ‬

‫أحدهما‪ :‬القدرة عىل ذلك‪.‬‬

‫والثان‪ :‬أال يعتدي‪.‬‬


‫ي‬

‫يفض إىل عدوان زائد؛ لم يجز‪ ،‬وهذا هو أصل النىه عن الفتنة‪ ،‬فكان إذا كان‬
‫ي‬ ‫فإذا كان عاجزا‪ ،‬أو كان االنتصار‬
‫المنتَص عاجزا‪ ،‬وانتصاره فيه عدوان؛ فهذا هذا"‪.‬أ‪.‬هـ‬

‫ابتىل من إخواننا أهل السنة بظلم أحد إخوانه‪ :‬أن َي ْص ِرب‪..‬‬


‫ثالثا‪ :‬عىل من ي‬

‫رُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬


‫الصث‪ ،‬وسيجعل هللا له العاقبة يف الدنيا واآلخرة‪..‬‬ ‫وليعلم أن ذلك محنة من هللا‪ ،‬واجبها‬
‫قال ابن تيمية يف االستقامة‪:‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬


‫يصث عن‬
‫"وكل ما أوجب فتنة وفرقة فليس من الدين‪ ،‬سواء كان قوًل أو فعًل‪ ،‬ولكن المصيب العادل عليه أن ر‬
‫ً‬
‫ويصث عىل جهل الجهول وظلمه ‪-‬إن كان غث متأول‪ ،-‬وأما إن كان ذاك أيضا متأوًل فخطؤه مغفور له‪ ،‬وهو‬ ‫ر‬ ‫الفتنة‬
‫فيما يصيب به من أذى بقوله أو فعله له أجر عىل اجتهاده‪ ،‬وخطؤه مغفور له‪ ،‬وذلك محنة وابتالء يف حق ذلك‬
‫ً‬ ‫ى‬
‫صث عىل ذلك واتق هللا كانت العاقبة له‪ ،‬كما قال تعاىل‪) :‬وإن ر‬
‫تصثوا وتتقوا ال يَصكم كيدهم شيئا)‪،‬‬ ‫المظلوم‪ ،‬فإذا ر‬
‫شكوا أذى كثثا‬‫وقال تعاىل‪( :‬لتبلون ف أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أ ر‬
‫ي‬
‫تصثوا وتتقوا فإن ذلك من عزم األمور)‪.‬‬
‫وإن ر‬

‫الصث عىل أذى المؤمني‬ ‫ر‬ ‫شكي وأهل الكتاب‪ ،‬مع التقوى‪ ،‬وذلك تنبيه عىل‬ ‫بالصث عىل أذى الم ر‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫فأمر سبحانه‬
‫بعضهم لبعض‪ ،‬متأولي كانوا أو غث متأولي‪ ،‬وقد قال سبحانه (وال يجرمنكم شنآن قوم عىل أال تعدلوا اعدلوا هو‬
‫أقرب للتقوى)‪ ،‬فنىه أن يحمل المؤمني بغضهم للكفار عىل أال يعدلوا عليهم‪ ،‬فكيف إذا كان البغض لفاسق أو‬
‫ً‬
‫ظالما له‪.‬‬ ‫مبتدع متأول من أهل اإليمان‪ ،‬فهو أوىل أن يجب عليه أال يحمله ذلك عىل أال يعدل عىل مؤمن‪ ،‬وإن كان‬
‫ببن آدم‪ ،‬وهو يعرض للجميع وال يسلم أحد من‬ ‫فهذا موضع عظيم المنفعة يف الدين والدنيا‪ ،‬فإن الشيطان موكل ي‬
‫مثل هذه األمور‪ ،‬دع ما سواها من نوع تقصث يف مأمور أو فعل محظور‪-‬باجتهاد أو غث اجتهاد‪ ،-‬وإن كان هو الحق‪،‬‬
‫بالصث فالفتنة‪:‬‬
‫ر‬ ‫وال تقع فتنة إال من ترك ما أمر هللا به‪ ،‬فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر‬
‫إما من ترك الحق‪.‬‬
‫الصث‪.‬‬
‫ر‬ ‫وإما من ترك‬
‫يصث فقد ترك المأمور‪."..،‬أ‪.‬هـ‬
‫بالصث‪ ،‬فإذا لم ر‬
‫ر‬ ‫فالمظلوم المحق الذي ال يقَص يف علمه يؤمر‬

‫‪2‬‬
‫المزن يف قصيدته المشهورة‪:‬‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫وال أجد مثال للمظلوم من أهل السنة مع ظالمه من أهل السنة إال قول معن بن أوس‬
‫ْ‬ ‫َّ ُ‬
‫‪-١‬وذي َر ِحم قلمت أظفار ِضغ ِنه‬
‫َ‬
‫بحلىم عنه ‪ ،‬وهو ليس له ِحلم‬

‫َ ْ‬
‫ُ‬
‫حاول غثه‬ ‫ىم ال ُي‬
‫‪-٢‬يحاول ر ي‬
‫غ‬
‫الر ْغمُ‬
‫وكالموت عندي أن َي ُح َل به َّ‬

‫عينا عىل َق ً‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫‪-٣‬فإن ُ‬
‫ذى‬ ‫أعف عنه أغض‬
‫بالص ْفح عن ذنبه ُ‬
‫علم‬ ‫وليس له َّ‬

‫ُ‬
‫رائش‬
‫ٍ‬ ‫‪-٤‬وإن أنتَص منه أكن مثل‬
‫ُ‬
‫العظم‬ ‫ُ‬
‫ستهاض بها‬ ‫عدو ُي‬ ‫َ‬
‫سهام ٍّ‬

‫ُ‬
‫بين وبينه‬ ‫صثت عىل ما كان ي‬
‫‪ -٥‬ر‬
‫لسلمُ‬
‫وما تستوي حرب األقارب وا ِّ‬
‫ِ‬

‫والمرء ٌ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قادر‬ ‫النأي‬ ‫‪-٦‬وبادرت منه‬
‫عىل سهمه ما كان يف كفه السهم‬

‫ً‬ ‫‪-٧‬ويشتم ِعرض ف ر َ‬


‫مغين جاهدا‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫َ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫وليس له عندي هوان و ال شتم‬

‫ُ ُ‬
‫مته َو َ‬
‫صل القرابة سامن‬ ‫‪-٨‬إذا س‬
‫ُ‬
‫السفاهة واإلثمُ‬ ‫َ‬
‫قطيعتها ‪ ،‬تلك‬

‫ى‬ ‫ِّ‬
‫للنصف َي َ‬
‫إجابن‬
‫ي‬ ‫أب‬ ‫‪-٩‬وإن أدعه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جائر غثه الحكم‬ ‫ويدعو لحكم‬‫َ‬
‫ٍ‬

‫ح‬ ‫َ َ‬
‫أبن ليهدم ص ِال ي‬
‫‪-١٠‬ويسغ إذا ي‬
‫يبن كمن شأنه الهدم‬
‫وليس الذي ي‬

‫‪3‬‬
‫عد ٌم ذو خصاصة‬ ‫يود لو ىِّ ُ‬
‫ُّ‬
‫‪-١١‬‬
‫أن م ِ‬
‫ي‬
‫وأكره‪-‬جهدي‪-‬أن يخالطه العدم‬‫ُ‬

‫ً‬
‫غنما ف الحوادث ى‬ ‫ُّ‬
‫نكبن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪-١٢‬ويعتد‬
‫ُ‬ ‫وما إن له فيها َس ٌ‬
‫ناء وال غنم‬

‫ى‬
‫الن‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫‪-١٣‬فلوال اتقاء هللا والرحم ي‬
‫رعايتها ٌّ‬
‫حق وتعطيلها ظلم‬

‫ى َ َ ُ ُ‬ ‫ً‬
‫بارف وخطمته‬
‫‪-١٤‬إذا لعاله ي‬
‫ْ َ َ‬
‫بوس ِم شن ٍار ال يشابهه وسم‬

‫ُ‬
‫وتعطق‬
‫ي‬ ‫لين له‬
‫ي‬ ‫‪-١٥‬فما زلت يف‬
‫الو َلد ُّ‬
‫األم‬ ‫عليه كما تحنو عىل َ‬
‫ِ‬

‫ً‬
‫من الجناح تألفا‬
‫وخفض له ُ ي‬
‫ي‬ ‫‪-١٦‬‬
‫والرحمُ‬
‫القرابة َّ‬ ‫ُ‬
‫من‬
‫لتدنيه ي‬

‫تريبن‬
‫ي‬ ‫وصثي عىل أشياء منه‬
‫‪ -١٧‬ر‬
‫ُ‬
‫الكظم‬ ‫غيظ ‪ ،‬وقد ينفع‬ ‫وكظىم عىل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫غن ى‬ ‫ِّ‬
‫الض َ‬ ‫َّ‬
‫حن استللته‬ ‫ألستل منه‬‫‪-١٨‬‬
‫وقد كان ذا ِضغن يضيق به الحزم‬

‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫‪-١٩‬رأيت انثالما بيننا فرقعته‬
‫َّ‬
‫الث ُ‬ ‫ً‬ ‫ى‬
‫لم‬ ‫برفق أحيانا ‪ ،‬وقد يرقع‬
‫ي‬
‫ُّ ً‬
‫توسعا‬ ‫‪-٢٠‬وأبرأت ِغ َّل الصدر منه‬
‫ُ‬
‫الكلم‬ ‫بحلىم كما يشق باألدوية‬
‫ي‬

‫بين وبينه‬
‫‪-٢١‬فأطفأت نار الحرب ي‬
‫فأصبح بعد الحرب وهو لنا ُ‬
‫سلم‬

‫‪4‬‬
‫نوىل بعض‬
‫ينبغ للمؤمن العاقل إذا رأى جور إخوانه‪ ،‬وبغيهم عليه أن يتذكر قول هللا تعاىل"‪:‬وكذلك ي‬
‫ي‬ ‫رابعا‪:‬‬
‫الظالمي بعضا بما كانوا يكسبون"‪ .‬فعليه‪:‬‬

‫بغ وقع منه‪.‬‬


‫‪-١‬أن يرجع باللوم عىل نفسه فثد المظالم إىل أهلها ويقلع عن كل ي‬
‫والبغ عنه‪،‬‬ ‫‪-٢‬أن يبادر إىل التوبة واالستغفار ى‬
‫حن يرفع هللا الظلم‬
‫ي‬

‫قال ابن تيمية يف االستقامة‪:‬‬

‫َ ْ ْ َّ َ ْ َ َّ َ ٌّ َ ْ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ِّ َ ْ َ ر ِّ ْ َ‬
‫س َو ِاإل ْبك ِار﴾‪ ،‬فأمره‬ ‫"قال هللا ‪-‬سبحانه‪ -‬لنبيه‪﴿ :‬فاص ِرث ِإن وعد ِ‬
‫اَّلل حق واستغ ِفر ِلذن ِبك وسبح ِبحم ِد ربك ِبالع ِ ي‬
‫وأخثه أن وعد هللا حق‪ ،‬وأمره أن يستغفر لذنبه"‪.‬أ‪.‬هـ‬
‫ر‬ ‫بالصث‪،‬‬
‫ر‬

‫وذكر ابن تيمية رحمه هللا يف جامع المسائل وجوب التوبة واالستغفار عند نزول الظلم عىل العبد فقال‪ :‬أن‬
‫‪ْ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َُْ َ َ َ َ :‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َي ْش َهد(العبد) ُذ ُن َ‬
‫وبه‪ ،‬وأن هللا إنما سلط(الخلق)عليه بذنبه‪ ،‬كما قال تعاىل { وما أصابكم ِمن م ِصيب ٍة ف ِبما كسبت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫أ ْي ِديك ْم َو َي ْعفو َع ْن ك ِث ٍث}‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الن سلطهم‬ ‫فإذا شهد العبد أن َ جميع َما يناله من المكروه فسببه ذنوبه‪ ،‬اشتغل بالتوبة واالستغفار من الذنوب ي‬
‫والوقيعة فيهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ومهم‬
‫ِ‬ ‫عليه بسببها‪ ،‬عن ذ ِّمهم ول‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فاعلم أن مصيبته مصيبة حقيقية‪،‬‬ ‫نفسه باللوم واالستغفار‪،‬‬ ‫وإذا رأيت العبد يقع يف الناس إذا آذوه‪ ،‬وال يرجع إىل ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫رض هللا عنه – كلمة من‬ ‫أن طالب – ي‬ ‫بذنون‪ ،‬صارت َ يف حق ِه نعمة‪ .‬قال ي‬
‫عىل بن ر ي‬ ‫ري‬ ‫وإذا تاب واستغفر وقال‪ :‬هذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َ َّ ٌ‬
‫بذنب‪ ،‬وال ُر ِفع‬ ‫ٍ‬
‫نزل ٌ‬
‫بالء إال‬ ‫وروي عنه وعن غثه‪ :‬ما َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫جواهر الكالم‪ :‬ال يرجون عبد إال ربه‪ ،‬وال يخافن عبد إال ذنبه ‪ِ .‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫إال بتوبة"‪.‬‬

‫خصوم ُه ر‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬


‫شء أنفع له‬‫ي‬
‫ُ‬ ‫عليه‬ ‫ط‬ ‫وتسل‬ ‫وذي‪،‬‬‫وأ‬ ‫وقال ابن القيم‪-‬رحمه هللا‪ -‬يف بدائع الفوائد"‪:‬فليس للعبد إذا ُب يغ عليه‬
‫ْ‬
‫من التوبة النصوح‪ ،‬وعالمة سعادته‪ :‬أن يعكس ِفكره ونظره عىل نفسه وذنوبه وعيوبه‪ ،‬فيشتغل بها وبإصالحها‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫اغ ُّ‬‫ٌ‬ ‫والتوبة منها‪ ،‬فال ى‬
‫لتدبر ما نزل به‪ ،‬بل يتوىل هو التوبة وإصالح عيوبه‪ ،‬وهللا يتوىل نَصته وحفظه‬ ‫يبق فيه فر‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫أحسن أث َرها عليه‪ ،‬ولكن التوفيق والرشد‬ ‫عبد‪ ،‬وما أبركها من نازلة نزلت به‪ ،‬وما‬‫والدفع عنه وال بد‪ ،‬فما أسعده من ٍ‬
‫ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ ُ‬
‫كل أحد ُيوفق لهذا‪ ،‬ال معرفة به‪ ،‬وال إرادة له‪ ،‬وال قدرة عليه‪ ،‬وال‬ ‫عظ لما منع‪ ،‬فما ُّ‬‫بيد هللا ال مانع لما أعظ وال ُم َ‬
‫ي‬
‫َّ ّ‬
‫قوة إال باهلل"‪.‬‬ ‫حول وال‬

‫الصب والحلم‪ ،‬عىل الظلوم وظلمه ال سيما والظالم من إخوانه أهل السنة‪ ،‬وقد ذكر ابن‬ ‫ر‬ ‫خامسا‪ :‬عىل المظلوم‬
‫صث المسلم عىل ظلم الظلوم فذكر منها‪:‬‬ ‫تيمية رحمه هللا بعض األسباب المعينة عىل ر‬
‫ّ‬ ‫رُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪-١‬إن ُأوذ َ‬
‫الصث‪...‬فإنه قد‬ ‫وجب عليه‬ ‫معصيته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫عنه‬ ‫ىه‬
‫ِي‬ ‫ون‬ ‫ه‬ ‫طاعت‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫به‬ ‫ر‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫عىل‬ ‫أو‬ ‫هلل‪،‬‬ ‫ه‬ ‫فعل‬ ‫ما‬ ‫عىل‬ ‫العبد‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫أوذي يف هللا فأجره عىل هللا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪5‬‬
‫مضمونة‪ ،‬فإن هللا ى‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اشثى منهم‬ ‫ولهذا ّلما كان المجاهدون يف سبيل هللا ذهبت دماؤهم وأموالهم يف هللا لم تكن‬
‫ثمن‪ ،‬فإنه من كان يف‬ ‫الثمن منهم لم يكن له عىل هللا ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طلب‬ ‫أنفسهم وأموالهم‪ ،‬فالثمن عىل هللا ال عىل الخلق‪ ،‬فمن‬
‫ٌ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ََ ُ‬
‫ومه لها شغل عن‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ويكون‬ ‫ه‪،‬‬ ‫نفس‬‫ِ‬ ‫عىل‬ ‫باللوم‬ ‫جع‬ ‫فلث‬ ‫مصيبة‬ ‫عىل‬ ‫ي‬ ‫وذ‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫قد‬ ‫كان‬ ‫وإن‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ف‬‫ل‬ ‫خ‬ ‫هللا‬ ‫عىل‬ ‫كان‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫هللا تل‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ ي ٌ َِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ظوظ دونه أمر أمر من الص رث‪،‬‬ ‫الصث‪ ،‬فإن نيل الح ِ‬ ‫ر‬ ‫وذي عىل حظ فليوطن نفسه عىل‬ ‫ِ‬ ‫ومه لمن آذاه‪ ،‬وإن كان قد أ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫وإال فال حاجة له يف المتاجر‪.‬‬ ‫الطريق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ولصوص‬
‫ِ‬ ‫األسفار‬
‫ِ‬ ‫ومشقة‬
‫ِ‬ ‫واألمطار والثلوج‬
‫ِ‬ ‫يصث عىل حر الهواجر‬ ‫فمن لم ر‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صدقه يف‬ ‫ِ‬ ‫الصث يف تحصيله بقدر‬ ‫ر‬ ‫شء من األشياء بذل من‬ ‫وهذا أمر معلوم عند الناس أن من صدق يف طلب ي‬
‫طلبه‪.‬‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫ومحبه هللا له إذا َص رَث‪ ،‬و ِرضاه عنه‪ ،‬ومن كان هللا معه دفع عنه أنواع األذى‬ ‫معيه هللا معه إذا َص رَث‪،‬‬ ‫‪-٢‬أن يشهد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الصابرين}‪ ،‬وقال تعاىل‪َ {:‬واَّلل يح ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اص ُثوا إن اَّلل َم َع َّ‬
‫َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫خلقه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬و ِر ِ‬‫والمَصات ماال يدفعه عنه أحد من ِ‬
‫َّ‬
‫الص ِاب ِرين}‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ً ُ‬ ‫ّ‬


‫نفسه‪ ،‬فإذا َص رَث فقد أحرز إيمانه‪ ،‬وصانه‬
‫َصة ِ‬
‫ُ‬ ‫رَ‬
‫الصث ِنصف اإليمان‪ ،‬فال يبدل من إيمانه جزاء يف ن ِ‬ ‫‪-٣‬أن َيشهد أن‬
‫من النقص‪ ،‬وهللا يدفع عن الذين آمنوا‪.‬‬

‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫مقهورة َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ٌ‬
‫بة لها‪ ،‬ىَ‬ ‫َ‬
‫وق ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أن ر َ‬ ‫ّ‬
‫تطمع يف‬ ‫معه مغلوبة‪ ،‬لم‬ ‫النفس‬ ‫كانت‬
‫فمن ِ‬ ‫هر لها وغل‬ ‫نفسه‪،‬‬ ‫صثه حكم منه عىل ِ‬ ‫‪-٤‬أن يشهد‬
‫َ‬ ‫ىَّ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫هلكه‪ ،‬أو تتداركه‬ ‫ى‬
‫وإلقائه يف المهالك‪ ،‬ومن كان مطيعا لها سامعا منها مقهورا معها‪ ،‬لم تزل به حن ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫شه‬ ‫قاقه وأ‬
‫اسث ِ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫فر ُح‬
‫وي َ‬ ‫ُ‬
‫جنوده‪َ ،‬‬ ‫َ ُ‬
‫القلب‪ ،‬وت ُثبت‬
‫ُ‬ ‫فحينئذ َي ُ‬
‫ظهر سلطان‬ ‫ٍ‬ ‫ولشيطانه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لنفسه‬
‫هره ِ‬ ‫إال َق ُ‬
‫ّ‬
‫الصث‬
‫ر‬ ‫ربه‪ .‬فلو لم يكن يف‬ ‫رحمة من ِّ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫وي َ‬
‫العدو عنه‪.‬‬ ‫ويط ُرد‬ ‫قوى‪،‬‬

‫َ‬
‫وكل ُه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪-٥‬أن يعلم أنه إن ر َ‬
‫هللا‬ ‫لنفسه‬
‫نارصه والبد‪ ،‬فاهلل وكيل من ص رث‪ ،‬وأحال ظالمه عىل هللا‪ ،‬ومن انتَص ِ‬ ‫فاهلل‬ ‫صث‬
‫وه أعجز‬ ‫ُ‬ ‫خث النارصين بالنسبة إىل َمن ِ ُ‬ ‫نارصه ُ‬
‫هللا وهو ُ‬ ‫ُ‬ ‫إىل نفسه‪ ،‬فكان هو النارص لها‪َ .‬‬
‫فأين َمن‬
‫نارصه نفسه ي‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫النارصين وأضعفهم؟‬

‫ُ‬ ‫واعتذاره‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫رجوع َخ ْ‬ ‫َ‬
‫واحتماله له ُيوج ُ‬ ‫‪-٦‬أن َص رْ َ‬
‫الناس له‪ ،‬فيعود‬ ‫ِ‬ ‫ولوم‬ ‫ه‬ ‫دامت‬ ‫ون‬ ‫ه‪،‬‬ ‫لم‬
‫ِ‬ ‫ظ‬ ‫عن‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ثه عىل من آذاه‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫مواليا له‪ .‬وهذا معن قوله تعاىل‪ْ {:‬اد َف ْع ب َّال ِ ىن ِ َ‬
‫ه أ ْح َس ُن ف ِإذا‬ ‫ً‬ ‫صث‬
‫َ‬
‫فعله‪ ،‬بل َي ُ‬ ‫بعد إيذائه له مستحيا منه ً‬
‫نادما عىل ما‬ ‫ِ‬
‫ِ ي ي‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ٌ َ َ َّ ُ َ ٌّ َ ٌ َ َ ُ َ َّ َ َّ َّ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َّ َ َّ ُ َ ٍّ‬ ‫َّ‬
‫ال ِذي بينك وبينه عداوة كأنه و ِ يىل ح ِميم‪ ،‬وما يلقاها ِإًل ال ِذين ص رثوا وما يلقاها ِإًل ذو حظ ع ِظ ٍيم}‪.‬انتىه كالمه‬

‫شع للمظلوم العفو والصفح والمغفرة عن الظالم السيما إذا كان من إخوانه أهل السنة‪.‬‬ ‫سادسا‪ُ :‬ي ر‬
‫ٌ‬
‫غفور رحيم كما قال تعاىل‪" :‬وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن هللا غفور رحيم"‬ ‫فإن هللا‬
‫وقال تعاىل"‪:‬وليعفوا وليصفحوا أال تحبون أن يغفر هللا لكم وهللا غفور رحيم"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وقد ذكر ابن تيمية رحمه هللا األسباب المعينة عىل العفو عن ظلم الظلوم والصفح عنه فذكر منها‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وإرادة‬
‫ِ‬ ‫وطلب االنتقام‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ش والغ ّ‬
‫ِ‬ ‫الغ ّ‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫قائ‬
‫ِ‬ ‫ون‬ ‫إلخوانه‪،‬‬ ‫القلب‬ ‫سالمة‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫ذلك‬ ‫ه‬ ‫أورث‬ ‫‪-١‬أن يشهد أنه إذا َعفا وأحسن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫وحص َل له من حالوة العفو ما يزيد لذته ومنفعته عاجال وآجال‪ ،‬عىل المنفعة الحاصلة له باالنتقام أضعافا‬ ‫ر ّ‬
‫الش‪،‬‬
‫ُ َ‬ ‫حاله َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ب َا ْل ُم ْحسن َ‬ ‫ً‬
‫مضاعفة‪ ،‬ويدخل ف قوله تعاىل‪ { :‬وهللا ُيح ُّ‬
‫حال من أ ِخذ منه‬ ‫محبوبا هلل‪ ،‬ويصث‬ ‫ي}‪ ،‬فيصث‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أعظم ً‬ ‫َ‬ ‫فرح بما َّ‬‫ألوفا من الدنانث‪ ،‬فحينئذ َي ُ‬ ‫ي ً‬ ‫فع َ‬ ‫درهم ُ‬
‫ٌ‬
‫فرحا يكون‪.‬‬ ‫من هللا عليه‬ ‫ٍ‬ ‫وض عليه‬

‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ًّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ُّ‬


‫أخث به‬
‫‪-٢‬أن يعلم أنه ما انتقم أحد قط لنفسه إال أورثه ذلك ذال يجده يف نفسه‪ ،‬فإذا عفا أعزه هللا تعاىل‪ ،‬وهذا مما ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً َ ْ ّ‬
‫إال ًّ‬
‫عزا”‪.‬‬
‫أحب إليه وأنفع له من‬ ‫فالعز الحاصل له بالعفو‬ ‫الصادق المصدوق حيث يقول‪“ :‬ما زاد هللا عبدا بعف ٍو‬
‫ُ‬
‫والعفو ذ ٌّل يف الظاهر‪ ،‬وهو يورث‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫ورث يف الباطن ذال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫العز الحاصل له باالنتقام‪ ،‬فإن االنتقام ِعز يف الظاهر‪ ،‬وهو ي ِ‬
‫ً‬
‫وظاهرا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫العز باطنا‬

‫ّ‬ ‫َ‬
‫ظالم مذنب‪ ،‬وأن من َعفا عن الناس‬
‫ٌ‬ ‫وه من أعظم الفوائد‪ :‬أن َيشهد أن الجزاء من جنس العمل‪ ،‬وأنه نفسه‬ ‫‪ -َ ٣‬ي‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫ٌ‬
‫إساءتهم إليه سبب ألن‬
‫ِ‬ ‫َعفا هللا عنه‪ ،‬ومن غفر لهم غفر هللا له‪ .‬فإذا ش ِهد أن عفوه عنهم وصفحه وإحسانه مع‬
‫َ‬
‫ويكق‬ ‫رُ‬
‫وصثه‪،‬‬ ‫عفوه‬ ‫ويحسن إليه عىل ذنوبه‪َ ،‬‬
‫وي ْس ُهل عليه ُ‬ ‫يجزيه هللا كذلك من جنس عمله‪ ،‬فيعفو عنه ويصفح‪ُ ،‬‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫العاقل هذه الفائدة‪.‬‬

‫َ‬ ‫وتفر َق عليه ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬


‫مصالحه‬
‫ِ‬ ‫قلبه‪ ،‬وفاته من‬ ‫زمانه‪َّ ،‬‬ ‫اشتغلت ُ‬
‫نفسه باالنتقام وطلب المقابلة ضاع عليه‬ ‫‪-٤‬أن َيعلم أنه إذا‬
‫ُ‬ ‫رغ ُ‬‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َُ‬
‫وجسمه‬ ‫قلبه‬ ‫الن نالته من جهتهم‪ ،‬فإذا عفا وصفح ف‬
‫ماال يم ِكن استدراكه‪ ،‬ولعل هذا أعظم عليه من المصيبة ي‬
‫الن ه ُّ‬
‫أهم عنده من االنتقام‪.‬‬ ‫ى‬
‫لمصالحه ي ي‬
‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لنفسه قط‪،‬‬ ‫هللا صىل َهللا عليه وسلم فما انتقم ِ‬ ‫وانتصاره لها‪ ،‬وأما رسول‬ ‫لنفسه‪،‬‬
‫‪-٥‬أن يعلم أن انتقامه واستيفاءه ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لنفسه‪ ،‬مع أن من أذاه قد أذى هللا‪ ،‬ويتعل ُق به حقوق الدين‪،‬‬ ‫وأكرمهم عىل هللا لم َي ْ‬
‫نتقم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فإذا كان ُ‬
‫خث خلق هللا‬
‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األنفس وأزكاها ُّ‬
‫جميل‪ ،‬ومع هذا فلم يكن‬ ‫ٍ‬ ‫مذموم‪ ،‬وأحقها بكل خل ٍق‬ ‫ٍ‬ ‫كل خل ٍق‬ ‫وأبرها‪ ،‬وأبعدها من‬ ‫ونفسه ﷺ رأشف‬
‫الشور والعيوب‪ ،‬بل الرجل العارف ال‬ ‫الن هو أعلم بها وبما فيها من ر‬ ‫ى‬ ‫ﷺ َينتقم لها‪ ،‬فكيف َي ُ‬
‫لنفسه ي‬
‫نتقم أحدنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫وجب عليه انتصاره لها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫ساوي نفسه عنده أن ينتقم لها‪ ،‬وال قدر لها عنده ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫سببا لزيادة رش خصمه وقوة نفسه وفكرته ف أنواع األذى ى‬
‫الن يوصلها إليه كما هو‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪-٦‬ربما كان انتقامه ومقابلته‬
‫صث وعفا أمن من هذا الَصر‪ .‬والعاقل ال يختار أعظم الَصرين بدفع أدناهما‪ ،‬وكم قد جلب االنتقام‬
‫المشاهد‪ ،‬فإذا ر‬
‫والمقابلة من رش عجز صاحبه عن دفعه‪ ،‬وكم قد ذهبت به نفوس ورئاسات وأموال وممالك لو عفا المظلوم‬
‫لبقيت عليه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ً‬
‫يصث‪ ،‬البد أن يقع يف الظلم‪ ،‬فإن النفس ال تقتَص عىل قدر العدل الواجب لها‪ ،‬ال علما‬
‫‪-٧‬أن من اعتاد االنتقام ولم ر‬
‫ً‬
‫وال إرادة‪ ،‬وربما عجزت عن االقتصار عىل قدر الحق‪ ،‬فإن الغضب يخرج بصاحبه إىل حد ال يعقل ما يقول وما‬
‫ً‬
‫يفعل‪ ،‬فبينما هو مظلوم ينتظر النَص والعز‪ ،‬إذ به قد انقلب ظالما ينتظر المقت والعقوبة‪.‬‬

‫ً‬
‫صثه وعفوه موجبا لذل عدوه‪ ،‬وخوفه‬ ‫صث وعفا كان ر‬‫أكث الجند له عىل خصمه‪ ،‬فإن من ر‬‫وصثه من ر‬‫ر‬ ‫‪-٨‬أن عفوه‬
‫وخشيته منه‪ ،‬ومن الناس‪ ،‬فإن الناس ال يسكتون عن خصمه وإن سكت هو‪ ،‬فإذا انتقم زال ذلك كله‪ ،‬ولهذا تجد‬
‫ً‬
‫ثقال كان يجده‪.‬‬ ‫اسثاح ى‬
‫وألق عنه‬ ‫كثث ًا من الناس إذا شتم غثه أو آذاه يحب أن يستوف منه‪ ،‬فإذا قابله ى‬
‫ي‬

‫‪-٩‬أنه إذا عفا عن خصمه‪ ،‬استشعرت نفس خصمه أنه فوقه‪ ،‬وأنه قد ربــح عليه‪ ،‬فال يزال يرى نفسه دونه وكق‬
‫ً ر ً‬
‫وشفا للعفو‪.‬‬ ‫بهذا فضال‬

‫‪-١٠‬أنه إذا عفا وصفح كانت هذه حسنة‪ ،‬فتولد له حسنة أخرى‪ ،‬وتلك األخرى تولد أخرى‪ ،‬وهلم جرا‪ ،‬فال تزال‬
‫ً‬
‫حسناته يف مزيد‪ ،‬فإن من ثواب الحسنة الحسنة‪ ،‬كما أن من عقاب السيئة السيئة بعدها‪ ،‬وربما كان هذا سببا‬
‫لنجاته وسعادته األبدية‪ ،‬فإذا انتقم وانتَص زال ذلك‪ .‬انتىه من جامع المسائل لشيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‬

‫ظلمن‪ ،‬رجاء أن تغفر يىل ولهم فأنت أكرم وأغن‬ ‫ى‬


‫حق أو‬
‫ي‬ ‫أن عفوت وغفرت لكل من أخطأ يف ي‬ ‫إن أشهدك ي‬‫اللهم ي‬
‫وأرحم‪.‬‬
‫وف الفردوس األعىل إنه عىل‬
‫إخوان من أهل السنة وأن يجمع القلوب عىل التقوى‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫حاىل وحال‬
‫أسأل هللا أن يصلح ي‬
‫شء قدير‪.‬‬ ‫ر‬
‫كل ي‬

‫كتبه‪ :‬حمد بن عبدالعزيز العتيق‬


‫‪١٤٣٦ - ٧ - ٤‬هـ‬

‫‪8‬‬

You might also like