Professional Documents
Culture Documents
رسالة في بغي بعض أهل السنة على بعض
رسالة في بغي بعض أهل السنة على بعض
ر
"أال تحبون أن يغفر هللا لكم وهللا غفور رحيم"
بغ بعض أهل السنة عىل بعض رسالة يف ي
بغ بعض أهل السنة عىل آخرين من إخوانهم واستطالتهم يف أعراضهم والتحذير منهم بل
بلغن وشاهدت ي
ي فقد
بشبه وتخرصات وظنون.
ٍ وإخراجهم من السنة
ُ
وإخوان من أهل السنة بما دل عليه كتاب وهللا وسنة رسوله صىل هللا عليه نفس ذكرأل فرأيتها فرصة مناسبة
ي ً ي
وسلم وكالم السلف الصالح ،فأقول مستعينا باهلل:
َ َ ُ َْ ْ َ ً ُ َ َ َ َ
بالصث واليقي ،فقالَ ﴿ :و َج َعلنا ِمن ُه ْم أ ِئ َّمة َي ْهدون ِبأ ْم ِرنا ل َّما َص رَ ُثوا َوكانوا ِب َآي ِاتنا ر وهللا -سبحانه -وصف األئمة
َ ْ ون﴾ وقالَ ﴿ :و َت َو َ
اص ْوا بال َح ِّق َوت َو َ ُ ُ َ
الص رْ ِث﴾.
اص ْوا ب َّ
ِ ِ وقن
ي ِ
1
َ َ َ َُ ْ ُ َ َ َ َْ َََ :
َص َب ْعد ظل ِم ِه فأول ِئك َما َعل ْي ِه ْم ِم ْنوذلك أن المظلوم -وإن كان مأذونا له يف دفع الظلم عنه بقوله تعاىل ﴿ولم ِن انت
بشطي: مشوط ر َسبيل﴾؛ فذلك ر
ِ ٍ
يفض إىل عدوان زائد؛ لم يجز ،وهذا هو أصل النىه عن الفتنة ،فكان إذا كان
ي فإذا كان عاجزا ،أو كان االنتصار
المنتَص عاجزا ،وانتصاره فيه عدوان؛ فهذا هذا".أ.هـ
الصث عىل أذى المؤمني ر شكي وأهل الكتاب ،مع التقوى ،وذلك تنبيه عىل بالصث عىل أذى الم ر
ر َ
فأمر سبحانه
بعضهم لبعض ،متأولي كانوا أو غث متأولي ،وقد قال سبحانه (وال يجرمنكم شنآن قوم عىل أال تعدلوا اعدلوا هو
أقرب للتقوى) ،فنىه أن يحمل المؤمني بغضهم للكفار عىل أال يعدلوا عليهم ،فكيف إذا كان البغض لفاسق أو
ً
ظالما له. مبتدع متأول من أهل اإليمان ،فهو أوىل أن يجب عليه أال يحمله ذلك عىل أال يعدل عىل مؤمن ،وإن كان
ببن آدم ،وهو يعرض للجميع وال يسلم أحد من فهذا موضع عظيم المنفعة يف الدين والدنيا ،فإن الشيطان موكل ي
مثل هذه األمور ،دع ما سواها من نوع تقصث يف مأمور أو فعل محظور-باجتهاد أو غث اجتهاد ،-وإن كان هو الحق،
بالصث فالفتنة:
ر وال تقع فتنة إال من ترك ما أمر هللا به ،فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر
إما من ترك الحق.
الصث.
ر وإما من ترك
يصث فقد ترك المأمور."..،أ.هـ
بالصث ،فإذا لم ر
ر فالمظلوم المحق الذي ال يقَص يف علمه يؤمر
2
المزن يف قصيدته المشهورة: ً
ي وال أجد مثال للمظلوم من أهل السنة مع ظالمه من أهل السنة إال قول معن بن أوس
ْ َّ ُ
-١وذي َر ِحم قلمت أظفار ِضغ ِنه
َ
بحلىم عنه ،وهو ليس له ِحلم
َ ْ
ُ
حاول غثه ىم ال ُي
-٢يحاول ر ي
غ
الر ْغمُ
وكالموت عندي أن َي ُح َل به َّ
عينا عىل َق ً
ً ُ -٣فإن ُ
ذى أعف عنه أغض
بالص ْفح عن ذنبه ُ
علم وليس له َّ
ُ
رائش
ٍ -٤وإن أنتَص منه أكن مثل
ُ
العظم ُ
ستهاض بها عدو ُي َ
سهام ٍّ
ُ
بين وبينه صثت عىل ما كان ي
-٥ر
لسلمُ
وما تستوي حرب األقارب وا ِّ
ِ
والمرء ٌ
ُ َ ُ
قادر النأي -٦وبادرت منه
عىل سهمه ما كان يف كفه السهم
ُ ُ
مته َو َ
صل القرابة سامن -٨إذا س
ُ
السفاهة واإلثمُ َ
قطيعتها ،تلك
ى ِّ
للنصف َي َ
إجابن
ي أب -٩وإن أدعه
ُ ُ
جائر غثه الحكم ويدعو لحكمَ
ٍ
ح َ َ
أبن ليهدم ص ِال ي
-١٠ويسغ إذا ي
يبن كمن شأنه الهدم
وليس الذي ي
3
عد ٌم ذو خصاصة يود لو ىِّ ُ
ُّ
-١١
أن م ِ
ي
وأكره-جهدي-أن يخالطه العدمُ
ً
غنما ف الحوادث ى ُّ
نكبن
ي ي -١٢ويعتد
ُ وما إن له فيها َس ٌ
ناء وال غنم
ى
الن َّ ُ
-١٣فلوال اتقاء هللا والرحم ي
رعايتها ٌّ
حق وتعطيلها ظلم
ى َ َ ُ ُ ً
بارف وخطمته
-١٤إذا لعاله ي
ْ َ َ
بوس ِم شن ٍار ال يشابهه وسم
ُ
وتعطق
ي لين له
ي -١٥فما زلت يف
الو َلد ُّ
األم عليه كما تحنو عىل َ
ِ
ً
من الجناح تألفا
وخفض له ُ ي
ي -١٦
والرحمُ
القرابة َّ ُ
من
لتدنيه ي
تريبن
ي وصثي عىل أشياء منه
-١٧ر
ُ
الكظم غيظ ،وقد ينفع وكظىم عىل
ي ي
ُ غن ى ِّ
الض َ َّ
حن استللته ألستل منه-١٨
وقد كان ذا ِضغن يضيق به الحزم
َ ُ ً ُ
-١٩رأيت انثالما بيننا فرقعته
َّ
الث ُ ً ى
لم برفق أحيانا ،وقد يرقع
ي
ُّ ً
توسعا -٢٠وأبرأت ِغ َّل الصدر منه
ُ
الكلم بحلىم كما يشق باألدوية
ي
بين وبينه
-٢١فأطفأت نار الحرب ي
فأصبح بعد الحرب وهو لنا ُ
سلم
4
نوىل بعض
ينبغ للمؤمن العاقل إذا رأى جور إخوانه ،وبغيهم عليه أن يتذكر قول هللا تعاىل":وكذلك ي
ي رابعا:
الظالمي بعضا بما كانوا يكسبون" .فعليه:
َ ْ ْ َّ َ ْ َ َّ َ ٌّ َ ْ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ِّ َ ْ َ ر ِّ ْ َ
س َو ِاإل ْبك ِار﴾ ،فأمره "قال هللا -سبحانه -لنبيه﴿ :فاص ِرث ِإن وعد ِ
اَّلل حق واستغ ِفر ِلذن ِبك وسبح ِبحم ِد ربك ِبالع ِ ي
وأخثه أن وعد هللا حق ،وأمره أن يستغفر لذنبه".أ.هـ
ر بالصث،
ر
وذكر ابن تيمية رحمه هللا يف جامع المسائل وجوب التوبة واالستغفار عند نزول الظلم عىل العبد فقال :أن
ْ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َُْ َ َ َ َ : َّ ّ َي ْش َهد(العبد) ُذ ُن َ
وبه ،وأن هللا إنما سلط(الخلق)عليه بذنبه ،كما قال تعاىل { وما أصابكم ِمن م ِصيب ٍة ف ِبما كسبت
َ ُ َ ُ
أ ْي ِديك ْم َو َي ْعفو َع ْن ك ِث ٍث}.
َّ ى َ ُ ُ ْ ُ
الن سلطهم فإذا شهد العبد أن َ جميع َما يناله من المكروه فسببه ذنوبه ،اشتغل بالتوبة واالستغفار من الذنوب ي
والوقيعة فيهم.
ِ ومهم
ِ عليه بسببها ،عن ذ ِّمهم ول
ٌ َ ْ َ َْ َ َ
فاعلم أن مصيبته مصيبة حقيقية، نفسه باللوم واالستغفار، وإذا رأيت العبد يقع يف الناس إذا آذوه ،وال يرجع إىل ِ
ً ً ّ ْ
رض هللا عنه – كلمة من أن طالب – ي بذنون ،صارت َ يف حق ِه نعمة .قال ي
عىل بن ر ي ري وإذا تاب واستغفر وقال :هذا
ّ ّ ٌ َّ َ َّ ّ َ ُ َ َّ ٌ
بذنب ،وال ُر ِفع ٍ
نزل ٌ
بالء إال وروي عنه وعن غثه :ما َ
ِ
ُ َ
جواهر الكالم :ال يرجون عبد إال ربه ،وال يخافن عبد إال ذنبه ِ . ِ
ّ
إال بتوبة".
الصب والحلم ،عىل الظلوم وظلمه ال سيما والظالم من إخوانه أهل السنة ،وقد ذكر ابن ر خامسا :عىل المظلوم
صث المسلم عىل ظلم الظلوم فذكر منها: تيمية رحمه هللا بعض األسباب المعينة عىل ر
ّ رُ َ ُ َ ُ َ -١إن ُأوذ َ
الصث...فإنه قد وجب عليه معصيته،
ِ من عنه ىه
ِي ون ه طاعت
ِ من به ر مِ أ ما عىل أو هلل، ه فعل ما عىل العبد ي ِ
ُ
أوذي يف هللا فأجره عىل هللا. ِ
5
مضمونة ،فإن هللا ى ً ُ ْ
اشثى منهم ولهذا ّلما كان المجاهدون يف سبيل هللا ذهبت دماؤهم وأموالهم يف هللا لم تكن
ثمن ،فإنه من كان يف الثمن منهم لم يكن له عىل هللا ٌ َ َ
طلب أنفسهم وأموالهم ،فالثمن عىل هللا ال عىل الخلق ،فمن
ٌ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َُ ََ ُ
ومه لها شغل عن ل ف ويكون ه، نفسِ عىل باللوم جع فلث مصيبة عىل ي وذ
ِ أ قد كان وإن ه، فل خ هللا عىل كان ه ف هللا تل
َّ ُّ َ َ ي ٌ َِ ُ َ ّ
ِ
َ ُ ِّ ّ ُ َ
ظوظ دونه أمر أمر من الص رث، الصث ،فإن نيل الح ِ ر وذي عىل حظ فليوطن نفسه عىل ِ ومه لمن آذاه ،وإن كان قد أ ِ ل
َ ّ َ َ ِّ
وإال فال حاجة له يف المتاجر. الطريق،
ِ ولصوص
ِ األسفار
ِ ومشقة
ِ واألمطار والثلوج
ِ يصث عىل حر الهواجر فمن لم ر
َ ر َ َ َ ّ
صدقه يف ِ الصث يف تحصيله بقدر ر شء من األشياء بذل من وهذا أمر معلوم عند الناس أن من صدق يف طلب ي
طلبه.
ِ
َ ََ َّ َ َ َ َّ َ
ومحبه هللا له إذا َص رَث ،و ِرضاه عنه ،ومن كان هللا معه دفع عنه أنواع األذى معيه هللا معه إذا َص رَث، -٢أن يشهد
ُ ُ َّ َ
الصابرين} ،وقال تعاىلَ {:واَّلل يح ُّ َ َّ َّ
اص ُثوا إن اَّلل َم َع َّ
َ ْ ٌ ُ َ َّ
ب ِ ِِ خلقه ،قال تعاىل{ :و ِر ِوالمَصات ماال يدفعه عنه أحد من ِ
َّ
الص ِاب ِرين}.
َ
وكل ُه ُ َ َ َ َ ُ ُ ُ َّ ُ ُ -٥أن يعلم أنه إن ر َ
هللا لنفسه
نارصه والبد ،فاهلل وكيل من ص رث ،وأحال ظالمه عىل هللا ،ومن انتَص ِ فاهلل صث
وه أعجز ُ خث النارصين بالنسبة إىل َمن ِ ُ نارصه ُ
هللا وهو ُ ُ إىل نفسه ،فكان هو النارص لهاَ .
فأين َمن
نارصه نفسه ي ُ
ِ
النارصين وأضعفهم؟
شع للمظلوم العفو والصفح والمغفرة عن الظالم السيما إذا كان من إخوانه أهل السنة. سادساُ :ي ر
ٌ
غفور رحيم كما قال تعاىل" :وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن هللا غفور رحيم" فإن هللا
وقال تعاىل":وليعفوا وليصفحوا أال تحبون أن يغفر هللا لكم وهللا غفور رحيم".
6
وقد ذكر ابن تيمية رحمه هللا األسباب المعينة عىل العفو عن ظلم الظلوم والصفح عنه فذكر منها:
َ َ َ
وإرادة
ِ وطلب االنتقام
ِ لش والغ ّ
ِ الغ ّ
ِ من ه قائ
ِ ون إلخوانه، القلب سالمة
ِ من ذلك ه أورث -١أن يشهد أنه إذا َعفا وأحسن
ً ً ً َ ّ َ َ
وحص َل له من حالوة العفو ما يزيد لذته ومنفعته عاجال وآجال ،عىل المنفعة الحاصلة له باالنتقام أضعافا ر ّ
الش،
ُ َ حاله َ ُ ً ب َا ْل ُم ْحسن َ ً
مضاعفة ،ويدخل ف قوله تعاىل { :وهللا ُيح ُّ
حال من أ ِخذ منه محبوبا هلل ،ويصث ي} ،فيصث ِ ِ ِ
أعظم ً َ فرح بما َّألوفا من الدنانث ،فحينئذ َي ُ ي ً فع َ درهم ُ
ٌ
فرحا يكون. من هللا عليه ٍ وض عليه
ّ َ
ظالم مذنب ،وأن من َعفا عن الناس
ٌ وه من أعظم الفوائد :أن َيشهد أن الجزاء من جنس العمل ،وأنه نفسه -َ ٣ي
َ َ َ ََ ََ
ٌ
إساءتهم إليه سبب ألن
ِ َعفا هللا عنه ،ومن غفر لهم غفر هللا له .فإذا ش ِهد أن عفوه عنهم وصفحه وإحسانه مع
َ
ويكق رُ
وصثه، عفوه ويحسن إليه عىل ذنوبهَ ،
وي ْس ُهل عليه ُ يجزيه هللا كذلك من جنس عمله ،فيعفو عنه ويصفحُ ،
ي ِ
ُ َ
العاقل هذه الفائدة.
7
ً
يصث ،البد أن يقع يف الظلم ،فإن النفس ال تقتَص عىل قدر العدل الواجب لها ،ال علما
-٧أن من اعتاد االنتقام ولم ر
ً
وال إرادة ،وربما عجزت عن االقتصار عىل قدر الحق ،فإن الغضب يخرج بصاحبه إىل حد ال يعقل ما يقول وما
ً
يفعل ،فبينما هو مظلوم ينتظر النَص والعز ،إذ به قد انقلب ظالما ينتظر المقت والعقوبة.
ً
صثه وعفوه موجبا لذل عدوه ،وخوفه صث وعفا كان رأكث الجند له عىل خصمه ،فإن من روصثه من رر -٨أن عفوه
وخشيته منه ،ومن الناس ،فإن الناس ال يسكتون عن خصمه وإن سكت هو ،فإذا انتقم زال ذلك كله ،ولهذا تجد
ً
ثقال كان يجده. اسثاح ى
وألق عنه كثث ًا من الناس إذا شتم غثه أو آذاه يحب أن يستوف منه ،فإذا قابله ى
ي
-٩أنه إذا عفا عن خصمه ،استشعرت نفس خصمه أنه فوقه ،وأنه قد ربــح عليه ،فال يزال يرى نفسه دونه وكق
ً ر ً
وشفا للعفو. بهذا فضال
-١٠أنه إذا عفا وصفح كانت هذه حسنة ،فتولد له حسنة أخرى ،وتلك األخرى تولد أخرى ،وهلم جرا ،فال تزال
ً
حسناته يف مزيد ،فإن من ثواب الحسنة الحسنة ،كما أن من عقاب السيئة السيئة بعدها ،وربما كان هذا سببا
لنجاته وسعادته األبدية ،فإذا انتقم وانتَص زال ذلك .انتىه من جامع المسائل لشيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا
8