Professional Documents
Culture Documents
ثقافة بعث المؤسسة
ثقافة بعث المؤسسة
إعداد االستاذ:
منير العش
تعتبر المؤسسة من وجهة نظر سوسيولوجية ،نظام اجتماعي ثقافي مفتوح ،يتكون من فاعلين
اجتماعيين ذوي خصائص ثقافية مختلفة عن بعضها البعض ،مصنفة في مجموعات مهنية
ومستويات هرمية تربطهم عالقات اجتماعية وعالقات عمل متبادلة ،كعالقة السلطة مثال.
وهذه العالقات إما أن يسودها االنسجام واالندماج والتعاون من جهة ،أو التوتر والصراع من
جهة أخرى .ويرجع ذلك إلى االختالفات الثقافية بين األفراد والجماعات ،وهو ما يطلق عليه
مفهوم الثقافات الفرعية داخل التنظيم .لذلك تحتاج المؤسسة إلى إيجاد إطار قيمي ومرجعي
واحد مشترك ،وإلى خلق ثقافة مشتركة وقوية تجمع بين كل هذه الثقافات الفرعية المختلفة،
بحيث تجعل الفاعلين داخلها يحملون نفس المبادئ وأسلوب العمل ،وهذا ما يطلق عليه علماء
االجتماع بثقافة المؤسسة.
ترتبط ثقافة المؤسسة باألفراد من زاوية سلوكهم ،دافعيتهم للعمل ،رضاءهم الوظيفي،
شعورهم باالنتماء للمؤسسة ،تحفزهم للعمل ...فثقافة المؤسسة تؤدي دور جوهري في كفاءة
السلوك التنظيمي للفرد في المؤسسة ،وذلك من خالل القيم والعادات والقواعد السلوكية التي
تبرز على مستوى المؤسسة .كما تعكس العالقات االجتماعية وعالقات العمل داخل المؤسسة
طبيعة ونوع الثقافة التي تتبناها المؤسسة ،بمعنى أنه كلما كانت العالقات االجتماعية بين
مختلف الفئات االجتماعية المهنية منسجمة ،تكون ثقافة المؤسسة قوية ومشتركة ،والعكس
صحيح.
إن لثقافة المؤسسة دور مهم في تحقيق كفاءة وفعالية السلوك التنظيمي لألفراد ،وبالتالي كفاءة
المؤسسة ككل .وهذا ما يطرح أمامنا جملة من التساؤالت حول ماهية ثقافة المؤسسة؟
يرتبط وجود المؤسسة وتحقيق أهدافها بحسن أداء وظائفها ،وترتبط هذا األخير بمدى اندماج
الفرد في ثقافة المؤسسة وتالءم قيمه واتجاهاته مع قيم وثقافة المؤسسة .وهو ما يعني أن
1
تحقيق أهداف المؤسسة مرتبط بتحقيق أهداف الفرد ورغباته ،والذي يرتبط ضرورة بوظائف
المؤسسة .وهو ما يجعلنا نتساءل عن ماهية عالقة ثقافة المؤسسة بمختلف وظائف المؤسسة؟
وبما أن الثقافة عامل لتحفيز وتحقيق نجاح وتطور المؤسسة في مختلف المجاالت ،فماهي
أشكال الثقافات المشجعة على تطور المؤسسة؟ وكيف تتم إدارة التغيير الثقافي داخل المؤسسة؟
2
المحور األول :ماهية ثقافة المؤسسة
يتطلب منا تحديد ماهية ثقافة المؤسسة االنطالق بتعريف المؤسسة وإبراز أنواعها ثم تعريف
ثقافة المؤسسة وإبراز خصائصها ومكوناتها واألدوار التي يمكن أن تلعبها في عالقة
بالمؤسسة.
من خالل هذا التعريف يمكن أن نستخرج أربع ماهيات أساسية للمؤسسة وهي :المؤسسة
كنظام ،المؤسسة كفاعل اقتصادي مفتوح ،المؤسسة كنظام اجتماعي ثقافي ،المؤسسة كنظام
سياسي.
يحتوي النظام على عناصر مختلفة من وظائف وخدمات متفرقة ،تعمل بشكل -
جماعي وتصب في مصلحة المؤسسة.
للنظام هدف يجب تحقيقه للبقاء والديمومة والتطور على المدى البعيد. -
يخضع النظام لقواعد الضبط التي يجب احترامها. -
لدى النظام حدود مع المحيط الخارجي وعالقة تفاعل. -
3
والمؤسسة في عالقتها مع محيطها يجب أن تكون فاعلة ومؤثرة فيه لتشكل لنفسها درجة من
االستقاللية وتتمكن من تجاوز العوائق التي ينتجها لها مثال المنافسة ،ويكون ذلك عن طريق
رسم خطط واستراتيجيات تسمح لها بالبقاء واالستمرارية.
-المؤسسة متكونة من أفراد وجماعات ،أين كل فرد وجماعة لها ثقافتها الخاصة
بها.
-المؤسسة مكان لإلنتاج الثقافي فهي تنتج قيم ومعايير تطبع بها أفرادها وتميزهم
عن اآلخرين.
-المؤسسة كنظام مفتوح تقوم بالتصدير الثقافي من خالل انتشار ثقافتها في المحيط.
4
-2المؤسسات غير الربحية :وهي التي ال تهدف الى تحقيق الربح وانما لتحقيق أهداف
اخرى قد تكون اجتماعية او سياسية أو انسانية أو اعالمية ...الخ.
أوال :المؤسسات العمومية وهي التي تملك الدولة كامل رأس مالها .وهي تصنف
بدورها الى مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية ومؤسسات عمومية ال تكتسي صبغة
إدارية.
ثانيا :المؤسسات الخاصة وهي التي تعود ملكيتّها الى شخص واحد أو مجموعة من
األفراد وال تملك الدولة من رأس مالها أي شيء.
ثالثا :المؤسسات المختلطة وهي التي تملك الدولة نسبة من رأس مالها أيّا كانت هذه
النسبة.
-معيار طبيعة النشاط :حيث تصنف المؤسسات وفقا لهذ المعيار إلى:
أوال :المؤسسات الصناعية وهي ذات طابع إنتاجي حيت تختص في صناعة السلع
المختلفة سواء تلك التي تندرج في إطار الصناعات الثقيلة أو في الصناعات الخفيفة.
ثانيا :المؤسسات الفالحية وهي التي تهتم بزيادة اإلنتاجية في المجال النباتي والحيواني
والسمكي.
5
ثالثا :المؤسسات التجارية وهي التي تهتم بالنشاط التجاري الذي يتم عبر عمليات
الشراء والبيع والتسويق واالستيراد والتصدير.
رابعا :المؤسسات المالية وهي التي تهتم بالنشاط المالي كمؤسسات التأمين والبنوك
التجارية والبنوك المركزية والمصارف.
خامسا :المؤسسات الخدماتية وهي التي تقوم بتقديم خدمات مختلفة مثل النقل،
المستشفيات ،العيادات الخاصة ومكاتب المحاسبة المعتمدة.
-معيار الحجم :تستعمل عدة معايير لتصنيف المؤسسات حسب الحجم تبعا لحجم
وسائل اإلنتاج على أساس عدد العمال أو قيمة رأس المال أي قيمة المبلغ المستثمر
أو تبعا لحجم النشاط على أساس استعمال اإلنتاج ورقم األعمال والمشتريات على
سبيل المثال أو تبعا لحجم اإليرادات أي األرباح والقيمة المضافة:
سسات الصغيرة ويتراوح عدد عمالها ما بين 1إلى 10وتعود ملكيتها غالبا أوال :المؤ ّ
لشخص واحد أو العائلة وتتمثل في المؤسسات الزراعية والتجارية واإلنتاج الحرفي.
سسات المتوسطة ويتراوح عدد عمالها ما بين 10إلى ،500وهي نشيطة ثانيا :المؤ ّ
وفعالة في أغلب األحيان .وتتميز باالبتكار واإلبداع في نشاطها اإلنتاجي.
سسات الكبرى وهي مؤسسة تشغل أعداد غفيرة من العمال أكثر من .500 ثالثا :المؤ ّ
وتحقق رقم معامالت وقد تكون مجموعة شركات تشمل الشركة األم وشركات تابعة
لها ،وهنا يكون دور الشركة األم هو تسيير الشركات ومراقبتها .وتعود ملكيتها في
أغلب األحيان إلى عدد كبير من األشخاص.
6
الفقرة الثالثة :تعريف ثقافة المؤسسة
إن مفهوم ثقافة المؤسسة مرتبط بمفهوم الثقافة البشرية ،ولم يعرف هذا األخير شهرة في
حقل اإلدارة إال مع االنتشار الحالي لثقافة المؤسسة ،وتعرف الثقافة على أنها التالؤم أو
التوافق مع العوامل المحيطة ،وتتضمن الثقافة كذلك األفكار المشتركة بين مجموعات األفراد
وكذا اللغات التي يتم من خاللها إيصال األفكار لها ،وهو ما يجعل من الثقافة عبارة عن نظام
لسلوكيات مكتسبة.
يعود الفضل للكتابات الخاصة باإلدارة في أمريكا لميالد مفهوم ثقافة المؤسسة وذلك سنة
،1981ويعتبر كل من kennedyو dealأول من تناول هذا المفهوم وذلك صلب كتابهما
.corporate culture
ثم شاع استعمال المصطلح في العديد من المقاالت المتعلقة بالمؤسسات األمريكية ،وأرتبط
بمفهوم كفاءة المؤسسات.
وإلعطاء الداللة الحقيقية لمفهوم ثقافة المؤسسة يمكننا الرجوع إلى عدة تعاريف:
يتميز مفهوم ثقافة المؤسسة بتعدد أوجهه ،غير أنه من خالل االنسجام القوي والتوافق الذي
أفرزته مختلف الكتابات يمكننا استخالص تعريف شامل يجعل من ثقافة المؤسسة عبارة عن
نظام للقيم المشتركة والمعتقدات المتفاعلة بين أفراد المؤسسة وهياكلها وأنظمة اإلنتاج
والمراقبة ،وتمثل الثقافة مرجعية للسلوكيات وهي بمثابة نظام فرعي للمؤسسة .وعليه
فالمؤسسة مثلما تملك الهياكل وأنظمة المراقبة واألفراد فهي تملك أيضا ثقافة تعكس هويتها.
-ثقافة المؤسسة هي ظاهرة جماعية تجمع االفراد داخل المؤسسة وتوحدهم حول
قيم ومبادئ مشتركة .فثقافة المؤسسة إذا فضاء أين الفاعلين االجتماعيين
يستطيعون التواصل فيما بينهم عن طريق معايير يعتبرونها عالمات مشتركة
تميزهم عن الجماعات األخرى.
-ثقافة المؤسسة هي نشاط رمزي يسمح لألفراد داخل المؤسسة تبادل المعلومات
بعيدا عن االعتماد على القواعد الرسمية من خالل إنتاج الرموز ،ويمكن لهذه
7
الرموز أن تأخذ شكل أسماء ،شعارات ،إشارات لغوية( ...مثال لباس قميص
موحد)
-ثقافة المؤسسة تتم عن طريق التعلم والنقل ،بمعنى أن جميع القيم والمعايير التي
تتبناها المؤسسة يتم نقلها وتلقينها إلى المنتمين الجدد ،وهو ما يسمى بعملية التثقيف،
حتى يستطيعوا االندماج بسهولة داخل المؤسسة.
-ثقافة المؤسسة إنتاج جماعي يتطور مع الزمن ،وذلك عن طريق سيرورة من
القرارات وردود األفعال لألحداث التي تمر بها المؤسسة.
-ثقافة المؤسسة عامل للهوية واالنتماء االجتماعي عن طريق خلق فضاء داخل
المؤسسة يسمح بتوحيد الفاعلين حول نفس المبادئ والقيم والرموز ،والتي تميزهم
عن اآلخرين في المحيط الخارجي .فالمنتمين للمؤسسة تصبح لهم هوية وانتماء
إجتماعي يميزهم ويكسبهم مكانة اجتماعية مميزة خارج المؤسسة.
أوال :القيم
يمكن أن تتخذ القيم شكلين هما :شكل قولي ،وهي تلك التي تبرز في خطابات المؤسسة.
وشكل غير قولي ،وهو ما يبرز في باقي متغيرات المؤسسة أي في باقي نشاطاتها.
تتعلق القيم باألفكار والمعتقدات والفلسفة التي يتقاسمها األفراد وتقود سلوكهم لتحقيق االنسجام
الذي يعكس كفاءة المؤسسة التي من شأنها خلق قيمة أساسية تساهم في تعبئة كل الطاقات
على كافة المستويات .ويعتبرها watermanو peterأساس النجاح الدائم والمستمر.
أما maurice thevenetفيعتبر القيم تلك التي تسمح لكل األفراد بتقييم األشياء أو الحكم
عليها والتأثير فيها ،كما تنشأ أيضا من التجارب المعاشة للفرد في الجماعات التي ينتمي
إليها.و منها ما هو فردي وما هو جماعي ،وتتجسد أهميتها في كونها دستور مرجعي يسمح
بتصور القرار والسلوك والفعل ،كما يسمح أيضا بالتعبير عن إدراك الحسن من السيء في
السلوكات سواء على مستوى تسيير األفراد أو نظام المكافآت ومراقبة التسيير.
تساهم القيم في تفسير وتوجيه السلوك التنظيمي للفرد وللجماعة .كما يمكن القول أنها تتداخل
وتشترك مع عدة متغيرات من بينها السياسات االستراتيجية ،التكنولوجيا ،الزبائن ،التسويق.
كما ترتبط أيضا بالهياكل ونمط اإلدارة ،وأنظمة المراقبة ،والعالقات بين الوحدات ،وسياسات
التسيير وغيرها.
8
ثانيا :األساطير
تمثل كل ما يروى من قصص عن تاريخ المؤسسة وكل ما يتعلق بإنشائها ،وهي تحافظ على
القيم وترسخها.
-حكايات تأسيس المؤسسة :تخص األحداث التي تتعلق بأسباب نشأة المؤسسة
وترتبط بموقف بطولي ،كما ترمي إلى المحافظة على هدف المؤسسة في شكل
صورة حية.
-حكايات المحافظة على القيم :وترمي إلى إعطاء قيمة مركزية للمؤسسة وذلك
على مختلف المستويات الهرمية ،وهي تبرز فعل مثالي لشخصية مثالية مثال،
وهي بمثابة قانون الذي من خالله يندمج األفراد في المؤسسة بسهولة.
ثالثا :الرموز
تمثل الرموز مرجعية المؤسسة في تكيفها وتالءمها مع البيئة ،فالرمز ذلك الذي يحمل في
طياته معنى معين .وتبرز الرموز في عدة مجاالت:
رابعا :الطقوس
تولد الرموز الطقوس بشكل يجعلها تحقق:
تخص الطقوس حجم معين من األفعال اليومية وهو ما يجعل أغلب النشاطات اليومية يمكن
أن تكون شعائرية.
كل من طريقة الكالم والكتابة وكيفية مقاطعة محادثة ومناداة األفراد وكذلك طريقة تحضير
وتسيير اإلجتماعات ،كلها عناصر بإمكانها أن تقنن اكتساب قيمة شعائرية؛ كما تعتبر بعض
األفعال من أفضل الشعائر في المؤسسة وتعتبر كعمود ممتاز في تثبيت الثقافة ،ومنها الوجبات
الجماعية التي تتناول في المؤسسة من طرف المسؤولين مع مرؤوسيهم ،وكذلك الذهاب
9
الجماعي للمطاعم لإلطارات مع نواب مدراءهم ،كما تعتبر أيضا التجمعات مواقع شعائرية
غنية بالمعاني كممارسة الرياضة الجماعية في نهاية األسبوع.
خامسا :البطوالت
نميز نوعين من األبطال:
-الذين يصنعون ويبيعون ويضمنون خدمة المنتجات ،فهم أبطال لوضعية وظروف
معينة ويتميزون بالكفاءة.
-الذين يولدون أبطال ،وهم مؤسسي المؤسسة.
يشغل األبطال عدة مهام فهم يجعلون النجاح جزء من ذاكرة المؤسسة ويحددون نمط وقاعدة
الكفاءة ويهتمون بتحفيز العمال ويمارسون تأثير مستمر في المؤسسة.
إن األبطال سواء ينتمون إلى الماضي أو الحاضر فهم يعتبرون قادة وقدوة.
10
أوال :األدوار الخارجية لثقافة المؤسسة
تحدد قضايا التأقلم ومشكالته بصورة أساسية دور التكيف الذي البد ألي نظام أن يكون قادرا
على الحفاظ عليه في عالقته مع بيئته المتغيرة ،ولتحقيق هذا الدور يجب على المؤسسة أن
تشكل لنفسها مجموعة من األنماط المشتركة من التفكير واإلعتقاد والمشاعر والقيم التي تنتج
عن طريق التجربة والتعلم ،بمعنى خلق ثقافة مشتركة حول قضايا المؤسسة الخارجية وكيفية
التعامل معها بطريقة جيدة وفعالة.
البد لكل مؤسسة من تطوير مفهوم مشترك لمسألة بقاءها ،والذي نستقي منه في العادة شعورها
األساسي برسالتها الجوهرية أو مهمتها األولية أو مبرر وجودها .وبالنسبة لمعظم المؤسسات
فإن التعريف المشترك للرسالة يدور حول قضية البقاء االقتصادي والنمو في محيط متغير
ومعقد .ويجب لتحقيق ذلك ،خلق نوع من اإلجماع حول مجموعة من المعتقدات والقيم التي
تصب في إتجاه واحد لتحقيق هذه الرسالة ،وتتعلق هذه األخيرة باالستراتيجية ،حيث تعمل
اإلدارة العليا على صياغة استراتيجية مناسبة لتحقيق هذا اإلجماع حول هذه الثقافة المشركة.
ال يمكن للمؤسسة أن تنجز أهدافها وتحقق رسالتها ما لم يكن هناك إجماع على وسائل تحقيق
األهداف والرسالة ،فتحقيق األهداف يتوقف على إجماع بين أعضاء المؤسسة وإتفاق على
كيفية هيكلة المؤسسة وكيفية تصميم المنتجات أو الخدمات وتمويلها وإنتاجها وبيعها.
كما يجب على المؤسسة أن تختار لنفسها وسائل تستخدمها لقياس أنشطتها وإنجازاتها الخاصة،
وهي المعايير والقيم التي تختارها ونظام المعلومات التي تضعه لقياس وضها ،وتصبح هذه
ا لوسائل مكونات رئيسية لثقافتها بمجرد أن يتحقق اإلجماع على هذه الوسائل ،وإذا لم يتحقق
اإلجماع فالمؤسسة ستجد نفسها في صراع قد يقوض قدرتها على التعامل مع المحيط
الخارجي.
تعتبر ثقافة المؤسسة عامل لإلندماج الداخلي الذي يهدف توحيد وتجنيد األفراد حول أهداف
مشتركة .فكل جماعة تحتاج إلى اإلنسجام والتالحم لتعمل بشكل فعال ،وثقافة المؤسسة تساهم
في هذه المهمة عن طريق إعطاء األفراد أرضية مشتركة من القيم والمعايير وطرق التصرف
والتفكير ،تسمح لهم بالعمل جماعيا بعيدا عن االختالفات.
كما تعتبر أداة فعالة إلدماج أعضاء جدد قادمون من أماكن مختلفة ،مثل الشباب الجامعي ،إذ
تسمح لهم إستعاب واستقبال القيم وطرق التفكير ،وكذلك العمل بشكل جيد مع األعضاء القدماء
للمؤسسة.
11
وعموما يمكن أن نوجز دور ثقافة المؤسسة الداخلي في النقاط التالية:
12
المحور الثاني :الثقافة والنجاح االقتصادي للمؤسسة
أجمع أغلب الكتاب في موضوع ثقافة المؤسسة على وجود عالقة مباشرة بين الثقافة والنجاح
االقتصادي للمؤسسة ،غير أنهم لم يتفقوا حول تحديد هذه العالقة من حيث توضيح أنواع
وخصائص الثقافات التي تحقق هذا النجاح وكيفية تحقيقه.
تمتاز المؤسسات ذات الثقافة الصارمة باشتراك أفرادها في مجموعة من القيم والمبادئ
والسلوكيات المتماثلة ،وبسرعة استيعاب وتطبيع المنتمين الجدد.
تمارس الثقافات الصارمة تأثيرا إيجابيا على المنتمين للمؤسسة ،وذلك لقيامها على إحترام
نفس دستور القيم والقواعد المشتركة مما يجعل األفراد في حالة إشباع أو رضى ذهني يزيد
من حماسهم في العمل ويجعلهم يمتازون بالوفاء لعملهم وبإجماعهم حول طاعة التسيير.
ترتكز المؤسسات ذات الثقافة الصارمة على مجموعة من المبادئ والتطبيقات الواضحة
والمحددة ،من ذلك أن كل فرد يحترم عمل اآلخرين ،والكل يعمل لتحقيق الهدف المشترك
باالستناد إلى قواعد مرجعية في مناخ تسوده الثقة المتبادلة .ويعتمد استمرار هذه الثقافة على
الجهود المبذولة من طرف المسيرين والقادة وذلك بتكريس معظم وقتهم للرقابة والتوجيه
والحرص على عدم خروج الفرد على فلسفة المؤسسة.
تمتاز المؤسسة ذات الثقافة الصارمة بصورة خاصة بتقديم اإلعانات ألفرادها وهو ما تعتبره
كواجب ،كما تمتاز بالعمل على تطوير كفاءاتها ،وبالمتابعة الدقيقة لألهداف والبحث الدائم
عن تجاوز العراقيل مما يجعلها تسمح بتحقيق نتائج مذهلة.
رغم إيجابياتها ،فالثقافة الصارمة ليست بالضرورة الورقة المفضلة أو الرابحة في السباق
نحو النجاح ،إذ يمكن أن تؤثر سلبا على المؤسسة ،فأحيانا تصبح هذه الثقافة خانقة وصلبة
ومجمدة في عالم متغير يمتاز بالمنافسة الشرسة .فهذا النوع من الثقافة قد يضغط سلبا على
النجاح المستقبلي أكثر مما يشجعه.
13
ولعل من أهم سلبيات الثقافات الصارمة أنها:
تسعى المؤسسة ذات الثقافة التوافقية للتالؤم مع المحيط المتواجدة فيه ،ونقصد بالمحيط هنا
المحيط العام للمؤسسة ،الهدف الذي تسعى لتحقيقه في قطاع معين ،االستراتيجية المتبعة.
وباحترامها لهذا المحيط تضمن نتائج ذات داللة ،فوجود تالئم أو توافق كبير يؤدي إلى تحقيق
كفاءة مرتفعة ،ووجود توافق ضعيف يؤدي إلى تحقيق كفاءة ضعيفة.
تعتبر هذه الثقافة مساعدة للقادة في اتخاذ القرارات المعقدة وتسهيل عملية القرار وجعله اكثر
تالئما مع المحيط .خاصة في عهد المؤسسين األوائل للشركة الذين يمتازون باستراتيجية
واضحة لمؤسستهم ،ويخلقون ثقافة منسجمة على المستوى الداخلي تتفق مع البيئة المتواجدة
فيها المؤسسة.
ترتكز المؤسسة ذات الثقافة التوافقية على القيادة ببعد النظر والحس المسبق ،مما يجعلها
تحقق نتائج مذهلة إذا كانت مؤسسات الصغيرة أو متوسطة .لكن هذه الثقافة تمثل مصدر
فشل للشركات العمالقة والشركات متعددة الجنسيات ،ألنها ثقافة ترتكز على تسلسل هرمي
معقد ،وتتالءم فقط مع بيئة مستقرة تتطور ببطء اكثر مما تتالءم مع مؤسسة مفروض عليها
التالؤم مع تغيرات فجئية للمحافظة على موقعها التنافسي.
يمكن للمؤسسة ذات الثقافة التوافقية بإمكانها أن تعمل لعشرات السنين في حالة ما تكون هذه
البيئة مستقرة نسبيا ،فالمؤسسة تملك قدرة على التغيير الطفيف لبعض أوجه فلسفتها وثقافتها
تتطور ببطء عندما تكون مهددة .فالمؤسسة يجب أن تكون مهددة لكي يعيد المسيرون النظر
في ثقافتها التقليدية.
عموما ،لئن كان توافق الثقافة مع المحيط شرط ضروري لتحقيق النجاح االقتصادي على
المدى القصير ،فإنه ال يضمن النجاح على المدى الطويل خاصة وأننا نعيش في محيط اصبح
فيه التغيير قاعدة.
14
ثالثا :الثقافات المتطورة
تمتاز هذه الثقافات بالسعي لضمان النجاح الدائم والمستمر للمؤسسة من خالل العمل على
توقع التغييرات والتكيف معها .وبما أننا في ثقافة متطورة ،فإن هذا يجعلها مفتوحة على
التغيير ،وهذا بدوره يجعلها دائما متطورة ،وهي القاعدة التي يرتكز عليها النجاح المستمر
والدائم للمؤسسة.
ترتكز الثقافة المتطورة على فلسفة االستشراف وتوقع الخطر ،وترتكز كذلك على الثقة وحب
العمل ،فاألفراد في هذا النوع من الثقافات يشتركون ويوحدون جهودهم لحل المشاكل وتنفيذ
الحلول بشكل تلقائي.
كما يسود في المؤسسة ذات الثقافة المتطورة الشعور بالثقة ،مع ضمان اإلمكانية لكل فرد
لمواجهة كل الصعوبات والتحكم في كل الوضعيات ،فالكل يشترك في نفس الحماس ونفس
الشعور بواجب قيادة المؤسسة إلى طريق النجاح.
تثمن هذه الثقافة وتشجع روح الوحدة وحب المؤسسة ،والتي تسمح بمساهمة كل المنتمين
للمؤسسة في استكشاف واستغالل إمكانيات التكيف الجديدة مع كل األخطار والظروف .وبذلك
نكون في مؤسسة ذات فلسفة تسودها روح المبادرة على كل المستويات الهرمية مما يشجع
على اتخاذ القرار وعلى االبتكار وتحسين االتصاالت وإشراك األفراد.
ومن جهة أخرى يمكن للقيم أن تقف ضد المبادرة التي يريد ويمكن أن يتخذها األفراد المنتمون
للمؤسسة وبالتالي ضد التطوير ،وهذا لكون هذه المؤسسة ذات ثقافة تعامل األفراد كمكون
يجب السيطرة عليه في كل األوقات ،وهو ما يعرض حينئذ المؤسسة لالنهيار.
تتعدد القيم النموذجية التي تؤسس لنجاح المؤسسة ،ونورد منها ذكرا ال حصرا:
15
• مشاورة وإشراك العاملين في المؤسسة في التغيير الوظيفي وإدخال التكنولوجية
الجديدة.
القيم المتعلقة باالتصال -
• التأكيد على أن المسؤولية الرئيسية للمديرين هي تعزيز االتصال أفقيا وعموديا.
• تعليم واطالع العاملين بالمؤسسة على خططها المتعلقة بالمستقبل وكيفية تحقيق
أهدافها
• التشجيع واالعتراف وتقدير األفراد الذين يعززون االتصال الفعال
• االقتناع بان هناك وجهات نظر مختلفة بالنسبة للموضوعات المطروحة ،وهناك
اختالفات في المنظور مما ينتج عنها آراء ووجهات نظر متباينة بالنسبة للموضوع
الواحد.
• العمل بروح الفريق.
القيم المتعلقة بالمعايير األخالقية -
• تشجيع األمانة
• إعادة النظر والتأكيد على دراسة كل وجهات النظر عندما تتعارض مصالح الفرد
والمؤسسة.
القيم المتعلقة بتنمية الفرد -
• تزويد وتحسيس المسؤولين والمديرين بمسؤولية تنمية العاملين التابعين لهم
• اطالع العاملين بالمؤسسة على احدث التغييرات في تصميم العمل والتمكن من
المعرفة والمهارات الالزمة إلنجاز العمل.
• تزويد العاملين بفرص تنمية مهاراتهم من خالل إعداد برامج لتنميتها
• مكافأة العاملين الذين يأخذون على عاتقهم مسؤولية تطوير طرق جديدة ألداء
العمل.
قيم متعلقة بالجودة -
• التأكد من أن كل العاملين بالمنظمة قد تدربوا على إدارة الجدوى
• تعزيز فرق العمل واتخاذ التصرفات الوقائية
• تهيئة المناخ المالئم للمشاركة واالشتراك في حل المشاكل مع كل العاملين في
جميع اإلدارات.
16
المحور الثالث :المؤسسة والتغيير الثقافي
يعتبر التغيير سمة عصرنا الرئيسية ،فكل شيء وفي كل مكان يشهد تغييرات واسعة وجذرية
وعميقة .فالتغيير أصبح يكتسح بشكل سريع جميع الجوانب التكنولوجية ،والسياسية،
واالقتصادية ،وأيضا االجتماعية والثقافية.
فبروز الشركات العمالقة وحصول ثورة التكنولوجيات الحديثة ،وثورة المعلومات ،وثورة
االتصاالت ،زيادة عن سرعة نسق اإلبتكارات ،أحدث تغييرات جذرية وكبيرة على المستوى
العالمي.
وتعتبر العولمة أحد أهم هذه التغيرات ،والتي أدى بروزها بمختلف أشكالها (اقتصادية ،مالية،
ثقافية) إلى تالشي الحدود بين الدول وإلغاء الحواجز الجمركية ...وبروز أشكال جديدة
للمؤسسة...الخ.
فرضت كل هذه التغييرات وغيرها أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية تتسم بخطورة
كبيرة ،وذلك لصعوبة التحكم فيها .وهو ما يجعل المؤسسة في مواجهة بيئة تنافسية شرسة
تقتضي منها البحث عن سبل وأساليب وسياسات خاصة لتتمكن من البقاء واالستمرار
والمنافسة في بيئتها .ومن هنا أصبح التغيير ضروري.
وال نتحدث هنا عن التغيير في الجانب المادي للمؤسسة فقط ،وذلك رغم أهميته ،باعتبار أنه
لوحده غير قادر على تحقيق النتائج المرجوة من التغيير ،بل نتحدث أيضا على التغيير في
السلوكيات والقيم التنظيمية للمؤسسة ،وهو ما يعني التغيير في ثقافة المؤسسة لتحقيق نجاح
عملية التغيير المنشودة.
يتخذ التغيير عدة اوجه" تغيير اجتماعي" "،تغيير تنظيمي" "،تغيير تقني" ،وهي أوجه متكاملة
فيما بينها .فالتغيير يتميز بشموليته داخل المؤسسة مما يجعله يرتبط باالستراتيجية الداخلية
للمؤسسة والتي تعتبر أساسا قويا لوقوع التغيير.
تتكون المؤسسة كنظام من مجموعة أنظمة فرعية تتفاعل فيما بينها ،وهي متواجدة في نظام
خارجي يتكون بدوره من أنظمة فرعية أخرى اشمل (اقتصادية ،سياسية ،إجتماعية) ،مما
17
يعني أن كل تغيير في هذه األنظمة األخيرة ينعكس في تغيير المؤسسة بالضرورة .كما أن
أي تغيير في نظام فرعي لديه انعكاسات على باقي األنظمة الفرعية األخرى للمؤسسة.
يترجم التغيير في المؤسسة اختالفا بين وضعيتها في اللحظة أ ،ووضعيتها في اللحظة ب.
كما يتخذ التغيير أبعادا متعددة باعتباره غالبا ما يمس عدة جوانب تكون متداخلة فيما بينها
(الجوانب التنظيمية ،التقنية ،االقتصادية).
تمتاز التطورات البيئية بشدة تعقيدها وبديناميكية ذات درجات متفاوتة ،ونجد من أهمها:
التطورات السيكولوجية :تخص االهتمامات الجديدة لإلنسان كنوعية المعيشة ،مستوى -
المعيشة ،تطور الكفاءات ،تطور المستويات التعليمي...
التطورات الثقافية :ترتبط بتطور المعارف والمبادالت ووسائل االتصاالت ،وتترجم -
بالتحول أو التغيير في القيم والذهنيات التقليدية.
التطورات االجتماعية. -
التطورات التكنولوجية. -
التطورات االقتصادية :ترتبط باالقتصاد العالمي والعولمة. -
نجد في هذه الفئة إما أفعاال على المدى القصير بدون اثر مستمر ،أو ذات تأثير ضعيف
األهمية ،أو ذات مدى قصير وجد محدود ،كما يمكن أن تتعلق بعدد قليل من األفراد.
رغم ظرفية هذه التغيرات إال أنها يمكن أن تكون ذات أثار مهمة على السير اليومي للمنظمة
بتراكمها ،كما يمكن أن تكون بناءة مقارنة باألصناف األخرى حتى وإن اختلفت مستويات
التدخل.
18
ب-التغييرات الظرفية الكبرى
يتعلق هذا الصنف باألفعال الجديدة كما يتعلق بتحويل األنظمة والقوانين في المؤسسة إضافة
إلى عمليات التسيير اليومي ،ويعتبر هذا النوع من التغيير فعال وجيد وذلك لكونه يكشف لنا
عن اآلثار اإليجابية الدائمة في الجانب االجتماعي واالقتصادي ،كما يعتبر القاعدة التي يقوم
عليها التغيير الديناميكي.
ت-التغييرات المستمرة
يتعلق هذا النوع بعملية مبرمجة ومقيدة بأفعال التغيير الظرفي الكبير فكالهما يسير في نفس
االتجاه ،وتعتبر العمليات الخاصة بهذا الصنف من التغيير محور االستراتيجية الداخلية
للمؤسسة.
يتميز هذا الصنف بعدة خصائص أساسية تتلخص في سعة التغيرات وفي انسجامها الكلي
وتالئمها مع خصوصيات المحيط .ويرتبط هذا النوع من التغييرات بالفلسفة العامة للمؤسسة
التي ترمي إلى تحقيق ديناميكية مجمل مكوناتها وهياكلها وسلوكيات أعضاءها.
تؤسس التغييرات المستمرة على نظامي الجودة الشاملة ومشروع المؤسسة ،واللذان يهدفان
إلى تحقيق الكفاءة العالية للمؤسسة.
يعتبر مشروع المؤسسة أكبر إسهام وأقوى دليل ألهمية التغييرات المستمرة ،حيث يعرف
مشروع المؤسسة بكونه يؤلف بشكل واضح بين القيم واألهداف االستراتيجية المشتركة،
ليكون لغة مشتركة في المؤسسة ،كما يسمح بتعبئة الموارد الداخلية وتظافرها معا لتحقيق
هدف مشترك مما يسمح لكل فرد في المؤسسة بالحصول على نقطة مرجعية واضحة ودائمة
إن صعوبة تحديد هذه المراحل الزمنية في حالة التغييرات الظرفية الكبرى تنعكس بشكل
مهم في تحديد ما هو معروف بالمرحلة االنتقالية أو مرحلة التحول ،بالرغم من أن هذا
المصطلح بدا يفقد صالحيته وذلك الن الثقافة الديناميكية التي تقود التغيير هي دائما في تغيير
مستمر وهذا ما يصنع قوتها.
يعرف التغيير مسارا تكنولوجية وتنظيمية واجتماعية واقتصاديا ،وتعتبر نقطة الدخول للتغيير
هي فعل التغيير االبتدائي والذي له عدة مؤشرات على كل المستويات ،ولديه أثار متتالية
على كل جوانب المؤسسة .فالتغيير في ميدان معين يحدث آثار حساسة غالبا ما تقاس على
19
باقي الميادين األخرى للمؤسسة .كذلك التغيير في ميدان معين بإمكانه أن يحقق التحسيس
بضرورة إدخال تغييرات أخرى مكملة لباقي الميادين.
تعتمد مسيرة التغيير في المؤسسة على إرادة وتعبئة الموارد الداخلية ،لتسهيل تحقيق األهداف
االستراتيجية .لكن يجب التأكيد على أن تنشيط اإلبداع الداخلي على المستويات التقنية
واالجتماعية والتنظيمية ال يكفي لتحقيق التغيير الشامل بفعالية ،بل يجب أن يكون هذا التغيير
مسير بمعنى أن تكون عملية إدخال التغيير منظمة ،وألجل ذلك يعتبر المدخل االستراتيجي
للتغيير ضرورة ملحة تترجم بطبيعة الحال انطالقة متناسقة.
إن التغيير الحقيقي والفعال ال يتحقق إال بمشاركة كل المستويات التنظيمية لألفراد المعنية
ولو بصورة جزئية في الفعل وذلك لتقليص مخاطر اختالف وجهات النظر المرتبطة بكل
فعل في عملية التغيير.
تعتبر الهياكل والترتيبات التمهيدية إحدى استراتيجيات التغيير ،التي يعتمد عليها لتفادي أي
غموض حول أدوار العناصر الفاعلة .كما أن فعالية واستمرارية أثار التغيير تتوقف على
مرونة الترتيبات وتطورها ومالءمتها للظروف الخاصة .كما يتطلب التغيير كذلك استعمال
منهجية للتسيير والترتيبات الخاصة بالعمل الجماعي ومنسق صارم وبرمجة زمنية ،كل هذا
لتحقيق الفعالية االجتماعية واالقتصادية للتغيير.
تتمحور عملية التغيير زمنيا حول ثالث فترات أساسية هي التجريب واالمتداد والتعميم ،وهي
فترات تتعلق أساسا بالتغييرات الظرفية الكبرى أو التغييرات المستمرة التي تتطلب
استثمارات كبيرة نسبيا في العملية.
ولتسهيل عملية انسجام كل هذه المراحل وقابلية الفعل ،فانه من الضروري رسم االتجاهات
العامة للعملية وذلك بفضل تحديد مشروع شامل يأتي في قمة هذه المراحل المختلفة.
20
-تغيير قواعد المنافسة :فانفتاح السوق يفرض تغييرا استراتيجيا وهيكليا وثقافيا كبيرا.
وعموما فإن القدرة التنافسية للمؤسسات تكمن أساسا في نمط ونوعية تسييرها وفي
درجة إدماج ومشاركة األفراد.
-تطوير المنظومة التقنية :فتطور بعض المؤسسات (البنكية) مرتبط بصورة أساسية
بتطور أنظمة المعلومات وظهور منتجات جديدة محفزة لهذا التطور.
-عولمة االقتصاد :لقد ساهمت هذه األخيرة في تغيير فكرة السوق المناسبة ،كما ساهمت
في زيادة تعقد الصفقات واالندفاع نحو التحالفات ،مما يعني بروز شكال جديدا للعمل
أو النشاط.
إضافة إلى هذه الضغوطات نجد أيضا الضغوطات السياسية ،وتوجد كذلك ضغوطات ثقافية
واجتماعية تتمثل باألخص في الفكر الذي يحمله األفراد عن عالقة السلطة والعمل ،فمثال
اليوم الرقابة التامة والسيطرة الصارمة أصبحت أقل مقبولية مما كانت عليه في الستينات
مثال.
يعكس انسجام هذه الخصائص كفاءة المنظمة ،فلقد أثبتت بعض الدراسات أن العديد من
االستراتيجيات لعدة مؤسسات بإمكانها أن تحقق النجاح في مرحلة التطور بشرط أن تتضمن
كل استراتيجية هيكل وأنظمة وإجراءات منسجمة فيما بينها.
لقد برزت اهتمامات الباحثين في سنوات الثمانينات بالتغيير بشكل جوهري ،مما جعل البعض
يعود إلى األعمال المهمة ل MC gregorفي القيادة ( ،)1978فتغيير المؤسسة يتطلب
ساللة جديدة من الرجال أو القادة التي ال تقتنع بتسيير األنظمة بل تملك القوانين أو الصفات
الضرورية لتغييرها ،ويمكن تلخيص خصائص القادة في:
21
يعتبرون القادة في حد ذاتهم عناصر تغيير ،أي ليسوا فقط عناصر لديهم فكرة عما -
يجب أن تكون عليه المؤسسة ولكن هم أيضا مخططين اجتماعيا قادرين على بث
التغيير في مجموعة ما.
يتميزون بالشجاعة الفكرية وفي نفس الوقت التأثيرية ،قادرين على قول الحقيقة -
ومقاومة الجماعات الداخلية.
يثقون في قدرة األفراد على تحمل المسؤوليات ،ويعرفون كيفية تشجيع وحث المؤسسة -
للتعود على ذلك.
يفكرون من منطلق القيم ،وقادرون على جعلها تطبق في إطار نظامي ومن ثم جعلها -
مشتركة بين كل المنتمين للمؤسسة.
يفهمون أخطاءهم ويتعلمون منها الدروس ،ويعلمون انه ال يوجد شيء يؤخذ بسرعة -
وكل شيء يتحقق بالتكرار في مجال الثقافة أي في جانب الجماعة.
يحسنون قيادة األوضاع المعقدة والغامضة وغير األكيدة. -
ذووا بصيرة ،قادرين على الكالم عن المستقبل وجعله قابال للتصور. -
إن التغيير الثقافي يرتبط كذلك بتغيير الرموز ،حيث تعتبر هذه األخيرة إحدى مكونات الثقافة
أو إحدى المالمح الثقافية للمؤسسة ،ويتمثل التغيير للرموز في:
22
يشترط في برنامج التدخل أن يرتكز على تحقيق حول الثقافة الموجودة ،وأن ال يقوم مسبقا
على ضرورة تغيير الثقافة ،بل من الضروري العمل على نقاط القوة للثقافة الموجودة .فالتغيير
يجب أن ينطلق من معرفة هذه الثقافة وتكوين خطة للعمل انطالقا من المالمح الثقافية
للمؤسسة .وترتبط هذه الخطة بإبرازها الشديد للمالمح الثقافية الحالية وكذلك ارتباطها بتطور
المخططات أو الخطط التصريحية لقيم هذه الثقافة ،فهي ببساطة مخططا تحسيسي باالقتراب
الثقافي .ليس بالضرورة وجوب تغيير جذري للثقافة ،فتحسيس األفراد بهذا االقتراب في حد
ذاته عامل تغيير ،كالتصريح بالقيم الحقيقية أو ترك الممارسات التي ال تتفق مع نفس هذه
القيم.
يجب على كل تدخل فيما يخص الثقافة أن يؤدى إلى تصور إيجابي ،فالمؤسسة لديها ثقافة
يجب أن نجعلها تسمح لها بالتطور من خالل إيجاد طرق للعمل حسب مفاهيم وتصورات
عملية ،وهذا في حد ذاته راس مال يجب البحث عن تنميته أكثر من البحث عن تغييره.
عموما يلعب كل من عاملي الوقت والتأييد دورا هاما في تقبل التغيير .كما أن التغيير قد
يطرأ على بيئة مستقرة ،حيث معظم المشاكل يمكن رؤيتها ويمكن السيطرة على الضغوط.
كما يمكن لألفراد أن يتقبلوا التغيير بدون أي مقاومة.
يحدث التغيير صدمة ،وتحدث الصدمة صدى يدوي في كل أنحاء الهيكل التنظيمي ،غير أن
منطق التفكير اإلنساني يتجه إلى زيادة الكفاءة والرفض وزيادة التعامل مع الغموض مما
يعني لدى العمال في اعتقادهم انه ال يحدث شيء أبدا ،ويتعزز هذا االعتقاد باجتماع العمال
معا حول هذا االعتقاد.
إن وصول األفراد إلى حقيقة التغيير وفهمه ال يعني أنهم متأكدين من الدور الذي يؤدونه
ومعرفتهم كيفية استمرار هذا األداء في المستقبل ،وكيف سيتغير عملهم ،وماهية المهارات
الجديدة المطلوبة وماهي القيم السائدة التي ستعرض… الخ .إنهم يحتاجون إلى ترك الطرق
23
القديمة واالتجاه نحو استخدام الطرق الجديدة التي تتميز بحالة عدم التأكد ،وهو ما قد يسبب
إحباطا نتيجة ألداء األشياء بشكل مختلف .لكن مع التأييد والمساعدة والرؤى الواقعية للمستقبل
يدخل األفراد مرحلة القبول وعندها تبدأ مرحلة الصعود وتتوقف مرحلة التدهور.
إن األفراد ال يمكنهم أن يتعلموا ما يحتاجونه ويطبقوا السلوك الصحيح لوحدهم ،ومن هنا
يمكن القول إن أهمية ودور المديرين يكمن في التخطيط واالتصال والمشاركة واالستماع
للمرؤوسين قبل التطبيق الرسمي للتحول ،حيث آن غياب ذلك أو فشله قد يخلق مشاكل من
طرف فريق اإلدارة لكل أعضائه.
أ -اللغة
تميز اللغة مجموعة ما عن غيرها ممن يستعملون لغات أجنبية أخرى ،كما تعتبر أداة لتحديد
الهوية ،وكذلك تسمح أيضا أو تعطي القوة باعتبارها حاجزا سميكا اتجاه باقي الثقافات ،وتمثل
كل لغة إحدى الركائز الطبيعية للثقافة.
إن إدخال أي تغيير في ثقافة المؤسسة يصحبه إدخال مصطلحات جديدة ،تحمل قيما جديدة،
وبالتالي فان إدخال كلمات أو عبارات جديدة في لغة المؤسسة يعني تغيير الثقافة لهذه
المجموعة البشرية.
تقتضي الحاجة إلى التغيير في المصطلحات أو قاموس المفردات ،وذلك الن هذه األخيرة
ترتبط بالظواهر والتطبيقات والعادات القديمة ،لذا فينصح إلحداث تغيير فعال إدخال مفردات
جديدة.
ب-التربية والتكوين
تمثل التربية العملية الجوهرية والطبيعية في الجانب االجتماعي للفرد ،وذلك الن هذا األخير
ال يولد اجتماعيا بل يكتسب هذه الصفة في حياته.
من الخطأ االعتقاد بان التنمية هي مسالة استشارات وموارد ،أي مشروعات صناعية ،في
حين أن المشكل يكمن في الثقافة ،فمفتاح التنمية يكمن في ثقافة المؤسسة .فالثقافة التنظيمية
مثال تتكون من كتلة المعارف والقيم المتراكمة لدى المنظمات اإلنتاجية.
24
ت -ترويج االتصال
يعتبر الترويج طريقة للتكيف االجتماعي وذلك لممارسة ضغط بسيكولوجي بشكل نظامي
على مجموعة من األفراد بغية توجيه آرائهم وسلوكهم نحو اتجاه محدد.
إن أي تغيير أو فهم ألي حدث أو فعل جديد في المنظمة ال يتم إال من خالل نظام القيم.
يعتبر الترويج وسيلة مباشرة للحفاظ على السلطة في حالة ما إذا كان العنف أو القوة تساند
الترويج وتؤيده وبالتالي فان كل مقاومة لهذا الجو أو المناخ الذي يشوبه القلق تعتبر باطلة.
عموما فان الحجة التأثيرية أو الحسية أكثر تأثيرا وفعالية من الحجة العقالنية ،ويعتبر الترويج
فن لنشر االتصال.
يعتبر هذا التنبؤ أحد قواعد الجدلية السياسية والحمالت االنتخابية في الوقت الحالي ،غير أن
أهميته تمتد كذلك إلى المؤسسات ،فاألفراد اصبحوا يترقبون لقادة ومسيرين ذوو دور تنبئي
مما جعل الحنكة وبعد النظر أحد أهم جناحي اإلدارة الحديثة ،ونكشف عن الحنكة بالتشخيص،
أما بعد النظر فهي تشكيلة وتركيبة من الطموح واآلمال.
انطالقا من االعتراف بظاهرة الضغط االجتماعي المتكون من طرف جماعة اتجاه الفرد،
ينشئ مبدأ التثقيف ،وهو ما يقوم عليه إدماج أفراد في جماعات مماثلة لتربيتهم وذلك باتباع
نفس المبدأ أي لتثقيف مجموعات صغيرة ندمجها في مجموعات أكبر ،وهو ما يفسر
امتصاص فريق صغير من طرف شركة كبيرة ،وانطالقا من هذا المبدأ ال يمكننا توقع التغيير
25
الثقافي للمؤسسة من فرد إذا لم يكن هذا الفرد هو القائد أو المدير أو الرئيس .كل من نظام
المعلومات ومراقبة التسيير ونظام تقييم األفراد وكذا أنظمة التقدير والمكافآت تعتبر أدوات
للتعبير عن هذه التوقعات المعيارية.
أ -التحدي
إن اعتبار القادة روادا يجعلهم يبحثون دائما عن فرص جديدة ولديهم استعداد دائم لتغيير
الوضع القائم ،فهم يبتكرون ويجربون ويكتشفون طرقا لتحسين التنظيم ،واألمر األكثر أهمية
هنا هو إدراكهم الجيد بان كل األفكار الجيدة ال تأتي بالضرورة من أنفسهم ،كما يدركون أن
اآلخرين القريبين من المشاكل قد يكونون أكثر قدرة للتوصل إلى حلول لها معنى ،ويعترفون
بأن اإلنصات لآلخرين قد يكون أكثر أهمية من التحدث إليهم.
يعترف القادة كذلك بان طريقتهم في إدارة األفراد تعتبر بمثابة أساس تدريب واختيار للقادة
المحتملين ،كما يشجعون على المخاطرة ،ويقيمون األخطاء لالستفادة منها بالتعلم.
يعرف القادة بتكافئهم في تحقيق النتائج من خالل اآلخرين ،فهم ال يستطيعون تحقيق النتائج
وحدهم بل يحتاجون إلى غرس الحماس وااللتزام في مرؤوسيهم ،كما أنهم ينمون العالقات
بناءا على الثقة المتبادلة ويشجعون األفراد على العمل معا لتحقيق األهداف المشتركة ويركز
القادة على المشاركة في اتخاذ القرارات وحل المشاكل ،ويشاركون اآلخرين في التخطيط
والسماح لهم بحرية التصرف التخاذ القرارات ،حتى وإن كان ذلك يعني ارتكاب األخطاء،
ويشجعون األفراد على تحمل المخاطرة.
26
ث-نمذجة األقوال واألفعال
عادة ما يكون القادة واضحين فيما يتعلق باعتقادات وقيم العمل ،كما أن معاييرهم مفهومة
للجميع ،إنهم يؤدون ما يعتقدون بصحته ويوصلون ذلك لمرؤوسيهم ،إنهم يعملون على الحفاظ
على المشروعات واألفراد في الطريق السليم ،وذلك من خالل السلوك المتناسق مع هذه القيم
وصياغة ما يتوقعونه من المرؤوسين ،وهو ما يبرز تناسقا بين األفعال واألقوال.
ج -التشجيع
يشجع القادة المرؤوسين على تحقيق االهداف فلصعبة ،كما أنهم يبذلون جهودا من اجل
االعتراف باإلنجازات نحو تحقيق الهدف الكلي والقيام بالتغذية العكسية بشكل مستمر ،إن
القادة يتركون مرؤوسيهم يعرفون أن مجهوداتهم تم تقديرها ،إنهم يبلغون نجاح الفريق
لآلخرين ويحتفلون باإلنجازات البسيطة.
27
المحور الرابع :المؤسسة في محيطها االقتصادي واالجتماعي والقانوني
سسة على فهم المحيط الرجوع الى تقييم مدى قدرة المؤ ّسسة ما ،يمكن ّ لقياس نجاح مؤ ّ
سسة عموما هو مجموع القوى والفاعلين الذين لهم تأثير الخارجي والتّأقلم معه ،ومحيط المؤ ّ
سسة ا ّما بصفة مباشرة أو غير مباشرة ،وهو ما يفرض تقسيم ذلك المحيط الى على عمل المؤ ّ
س ع.
محيط مباشر أو ضيّق ،ومحيط غير مباشر أو مو ّ
أوال :المزودون
سسة من العمل واإلنتاج ال ب ّد من توفير جملة من الموارد كالتّجهيزات ،المواد حتّى تتم ّكن المؤ ّ
سسة يرتبط ارتباطا وثيقا بمن يوفّر تلك المواردي نشاط للمؤ ّ فان أ ّ ّ
والطاقة ...لذلك ّ األوليّة
المزود.
ّ وهو ما يعرف باسم
ثانيا :الوسطاء
يروج لمنتوجاتها أو خدماتها ،لذلك فهي تستعين بالوسطاء، سسة الى من ّتحتاج كل مؤ ّ
الربح. والوسيط هو أي شخص أو جهة تساهم في التّرويج أو البيع لمنتوجات المؤ ّ
سسة لغاية ّ
ثالثا :الحرفاء
سسة من
سسة ،حيث يمكن تقييم نجاح مؤ ّ
يعتبر الحرفاء أحد أه ّم عناصر المحيط الضيق للمؤ ّ
عدمه من خالل تقييم مدى وصولها للحرفاء واقناعهم.
سوق االستهالكيّة وهي سوق المستهدفة ،لذلك يت ّم التّفريق بين ال ّويختلف الحرفاء باختالف ال ّ
سسة الى التّصدير ،كما يمكن للحرفاء أن سوق العالميّة عندما تهدف المؤ ّالسوق المحليّة ،أو ال ّ
سسة الى البيع بالجملة.
سسات أو نقاط بيع عندما تهدف المؤ ّ يكونوا على شكل مؤ ّ
رابعا :المنافسون
سوق،
سيطرة على ال ّ سسة ما بميدان من ميادين اإلنتاج ال يعني احتكارها له أو ال ّ ّ
ان اهتمام مؤ ّ
سسات على التطوير سسة على اإلنتاج والتّرويج لمنتجاتها ،تعمل باقي المؤ ّ فكما تعمل تلك المؤ ّ
سوق محكومة بمبدأ المنافسة، والزيادة من حجم مبيعاتها ،وبالتّالي يمكن استنتاج ّ
أن طبيعة ال ّ ّ
28
سسة األولى
تروج له المؤ ّ
تروج لنفس المنتوج الذي ّ
سسة أخرى ّ والمنافس عموما هو أي مؤ ّ
أو أي منتج قد يح ّل محلّه في الحاجة واالستعمال.
خامسا :الممولون
سسة عند انشائها أو حتّى أثناء مباشرة عملها الى دعم مالي هام قد يعجز صاحب تحتاج المؤ ّ
سسة أو شركائه عن توفيره ،لذلك تلجأ الى البحث عن الدّعم من الهيئات المؤ ّهلة لذلك، المؤ ّ
سسة مثل البنوك والجمعيّات والمستثمرين وهي الهيئات التي توفّر الموارد الماليّة للمؤ ّ
باختالف أشكالهم.
النمو الديمغرافي وتفاوت األعمار داخل مجتمع ما يؤثّر ّ العوامل الديمغرافيّة :حجم -
سسة وأهدافها. على مبيعات المؤ ّ
شرات تحكم صرف والعولمة كلّها مؤ ّ النمو االقتصادي وسعر ال ّ ّ العوامل االقتصاديّة: -
سوق وتؤثّر على نسب ّ
الطلب. ال ّ
العوامل االجتماعيّة :مخرجات نظام التّعليم ونسب البطالة لها تأثير مباشر على عمل -
سسة.سسة ومالئمتها الحتياجات المؤ ّ المؤ ّ
التطور التقني والتكنولوجي له عالقة ّ العوامل التقنيّة أو التّكنولوجيّة :األخذ بأسباب -
سسة من عدمه ،كما بيّنت التّجربة انقراض عديد المشاريع مباشرة بنجاح المؤ ّ
التطور مثل الهواتف العموميّة.
ّ الكالسيكيّة التي لم تعد قادرة على مواكبة
العوامل السياسيّة والقانونيّة :لها ارتباط بسياسة الدّولة في عمومها وتشجيعها على -
االستثمار وبعث المشاريع وابرام اتّفاقيّات التّبادل الحر مع دول الجوار ،وتنظيمها
ّ
المنظمة التي تس ّنها. للمنافسة ،كما ترتبط بالسياسة الجبائيّة التي تعتمدها والقوانين
سياسة البيئيّة التي تنتهجها الدّولةسسة في عملها الى ال ّ العوامل البيئيّة :تخضع المؤ ّ -
الطاقة وعدم استعمال المواد التي تش ّكل خطرا على البيئة ،فتتّجه مثل ترشيد استهالك ّ
سسات الى طرق بديلة في اإلنتاج وتبتكر منتجات جديدة ولع ّل أبرز مثال على المؤ ّ
ذلك ازدهار صناعة المصابيح االقتصاديّة واألكياس الكرتونيّة التي أصبحت البديل
األمثل لألكياس البالستيكيّة.
29
المحور الخامس :المبادرة ببعث مشروع
وتطور معناه منذ ذلك
ّ ظهر مفهوم المبادرة في القرن الثّامن عشر ،في األعمال التجاريّة،
الحين حتّى أصبح يمثّل قيام الفرد بإنشاء مشروعه الخاص ،لكن الكثير من علماء االقتصاد
بأن المبادرة في األعمال التجاريّة تعني قدرة الفرد على تح ّمل المخاطر المترتّبة عن
يعتقدون ّ
بعث مشروع جديد في حال توفّرت له فرص كبيرة لل ّنجاح ،ويؤ ّكد آخرون على دور المبادر
كمبتكر يقوم بتسويق ابتكاره.
التعرض
ّ التطرق في مرحلة أولى الى عالقة المبادرة باالقتصاد ،ليت ّم
ّ لتبسيط الفكرة ،يجب
في مرحلة ثانية الى مسألة ريادة األعمال.
حر ،مبدع شخص لذاته من خالل قيامه بإنشاء مشروع ّ كذلك تمثّل ريادة األعمال بناء ال ّ
وطموح مع تح ّمله لعنصر المخاطرة ،ولمزيد التّوضيح وابراز أهميّة دور المبادرة في ريادة
شروط شروط األساسيّة للمبادرة في مرحلة أولى ،والى ال ّ التعرض الى ال ّ
ّ األعمال ،سيت ّم
المطلوبة في المبادر في مرحلة ثانية ،ث ّم في مرحلة ثالثة وأخيرة الى اآلليّات القانونيّة لتحفيز
المبادرة.
30
أوال :الشروط األساسية للمبادرة
يمكن أن تكون المبادرة أو الفكرة في شكل اقتراح بضائع أو خدمات وذلك وفق فرضيّتين:
-الفرضية األولى :انتاج مواد أو تقديم خدمات موجودة في األصل لكن قد يضيف
المبادر اليها مقدارا أعلى من الجودة أو يتم ّكن من تسويقها بطرق اشهار حديثة
ومبتكرة ،مع نجاعة في التّخطيط واالستشراف ،ويُعتبر هذا ال ّنوع من المبادرات األق ّل
مخاطرة.
-الفرضية الثانية :ابتكار منتوجات أو خدمات جديدة وطرحها في األسواق ،والتّعويل
أن هذا ال ّنوع منعلى االبتكار وضرورة التحلّي بدرجة عالية من المخاطرة حيث ّ
المبادرات تحكمه المخاطرة.
31