Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 1010

‫الجزء الثاني من كتاب األشباه والنظائر‬

‫للعالمة لإلمام العالمة ‪ /‬تاج الدين السبكى‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫أصول كالمية ينبني عليها فروع فقهية ‪:‬‬
‫أصول ومسائل متنوعة ‪:‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫قال الشيخ أبو الحسن‪ 1‬رضي اهلل عنه ‪ :‬السعادة‬
‫والشقاوة ال يتبدالن‪ .‬ومعنى ذلك أن االعتبار في‬
‫األعمال بالخواتيم‪ .2‬فال ينفع من مات على الكفر تقدم‬
‫قناطير من إيمان وال يضر من مات على إيمان قناطير‬
‫من كفران‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬يتبادالن ‪ ،‬وتحرير‬
‫المسألة في كتب الكالم وقد ذكرناها محررة في كتاب‬
‫منع الموانع‪.‬‬
‫وألفاظ الشافعي رضي اهلل عنه وفروعه تدل على القول‬
‫‪ ،‬بما قاله أبو الحسن‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن‬
‫عبد اهلل بن موسى بن بالل بن أبي بردة بن أبي موسى‬
‫الشيخ أبو الحسن األشعري البصري إمام المتكلمين‬
‫وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن دين اهلل عز وجل‬
‫والمصحح لعقائد المسلمين مولده سنة ستين ومائتين‬
‫وقبل سنة سبعين قال أبو بكر الصيرفي وهو في نظراء‬
‫الشيخ أبي الحسن كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى‬
‫أظهر اهلل األشعري فحجرهم في اقماع السمسم توفي في‬
‫سنة أربع وعشرين وثالثمائة وقيل سنة عشرين وقيل‬
‫سنة ثالثين‪.‬‬
‫‪ -‬ابن قاضي شهبة ‪ ، 113 /1‬تاريخ بغداد ‪/11‬‬
‫‪ ، 346‬تبيين كذب المفتري ص ‪ ، 128‬شذرات الذهب‬
‫‪ ، 303 /2‬النجوم الزاهرة ‪.259 /3‬‬
‫‪ 2‬فاإليمان في الخاتمة يدل على أن صاحبه قدر له‬
‫السعادة أزال والكفر في الخاتمة يدل على ما سبق في علم‬
‫اهلل من شقاوته ويدل على هذا وصف اهلل تعالى من مات‬
‫على اإليمان بالسعادة ومن مات على الكفر بالشقاوة في‬
‫{ي ْو َم َيْأ ِت اَل تَ َكلَّ ُم َن ْف ٌس ِإاَّل بِِإ ْذنِ ِه فَ ِم ْنهُ ْم َش ِق ٌّي‬‫قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫الن ِار َلهُ ْم ِفيهَا َز ِف ٌير َو َش ِه ٌ‬
‫يق‬ ‫ين َشقُوا فَِفي َّ‬ ‫يد ‪ ،‬فَ َّ َِّ‬
‫َأما الذ َ‬ ‫َو َس ِع ٌ‬
‫ات واَأْلر ُ اَّل‬ ‫‪َ ،‬خ ِال ِدين ِفيها ما َدام ِ‬
‫ض ِإ َما َش َ‬
‫اء‬ ‫َّم َو ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫الس‬ ‫ت‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ين ُس ِع ُدوا فَِفي‬ ‫يد ‪ ،‬و َّ َِّ‬
‫َأما الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬
‫رُّب َك ِإ َّن رَّب َك فَعَّا ٌل ِ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض ِإاَّل َما‬ ‫اْلجَّن ِة َخ ِال ِدين ِفيها ما َدام ِ‬
‫اَأْلر ُ‬
‫ات َو ْ‬ ‫َّم َو ُ‬
‫َ‬ ‫الس‬ ‫ت‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫وذ}‪.‬‬ ‫اء َغ ْي َر م ْج ُذ ٍ‬ ‫ط ً‬‫اء َرُّب َك َع َ‬ ‫َش َ‬
‫َ‬
‫ويترتب على السعادة الخلود في الجنة ونوابعه وعلى‬
‫الشقاوة الخلود في النار ونوابعه فمقصود األشاعرة‬
‫السعادة والشقاوة من حيث ترتب آثارهما في اآلخرة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 3 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫أما ألفاظه‪ .‬فقد قال رضي اهلل عنه في خطبة الرسالة ‪،‬‬
‫وأستهديه بهداه الذي ال يضل من أنعم به عليه‪.‬‬
‫وأما فروعه فقد قال في الحج‪1...‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫العلم ‪" :‬االعتقاد الجازم المطابق لموجب" فما ال مطابقة‬
‫فيه ‪-‬من االعتقادات الجازمة ليس بعلم ‪ ،‬فال علوم‬
‫ألرباب الضالالت وذوي الجهاالت‪ .‬وهو بخالف الظن‬
‫؛ إذ ال تشترط المطابقة فيه‪ .2‬فلو قال آلخر ‪ :‬أنت تعلم‬
‫أن هذا اإلنسان ‪-‬الذي في يدي‪ -‬حر حكم بعتقه‪ .‬بخالف‬
‫ما لو قال ‪ :‬أنت تظن‪ .‬نقله الرافعي عن الروياني عن‬
‫بعض األئمة‪.‬‬
‫ولو قيل [أطلقت]‪ 3‬امرأتك ؟ فقال ‪ :‬اعلم أن األمر على‬
‫ما تقوله‪ .‬ففي كونه إقرار بالطالق وجهان‪ .‬حكاهما‬
‫الرافعي في فروع الطالق من حكاية الروياني عن جده‬
‫أصحهما ‪ :‬ليس بإقرار ‪ ،‬ألنه أمره أن يعلم ولم يحصل‬
‫هذا العلم‪ .‬قلت ‪ :‬ويمكن تخريج هذا الفرع على أن األمر‬
‫ال يستلزم اإلرادة ‪ ،‬فإنه طلب منه أن يعلم هذا األمر ولم‬
‫يرده ؛ إذ لو أراده ألنشأ إيقاع الطالق‪.‬‬
‫ثم أقول ‪ :‬أمره أن يعلم ولم يحصل هذا العلم‪ .‬فيه نظر ‪،‬‬
‫ألنه لما أمره أن األمر على ما يقول ‪ ،‬ومراده بما يقول‬
‫قوله ‪ :‬اآلن طلقت امرأتك ‪ ،‬ألن يقول ‪" :‬فعل مضارع‬
‫وأيضا فال قول له إال ذلك ؛ وإ نما يكون‬
‫ً‬ ‫حقيقة في الحال"‬
‫األمر [على]‪ 4‬ما قال اآلن إذا كانت اآلن طالقًا‪ .‬فظاهر‬
‫العبارة أن هذا إقرار‪.‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬ليس قوله إال االستفهام عن أنه هل طلق‬
‫امرأته ؟ فكأنه قال ‪ :‬اعلم أن األمر على االستفهام الذي‬
‫نقوله على أنه لو قال ‪ :‬له على ألف ‪ -‬فيما أعلم [أو‬
‫أشهد]‪ 5‬لزمه األلف ‪ ،‬بخالف ما لو قال ‪ :‬فيما أحسب أو‬
‫أظن‪ .‬ذكره أبو سعد الهروي وشريح الروياني في "أدب‬
‫القضاء" قال أبو سعد ‪" :‬ال انفصال للعلم عن الظن عند‬
‫علماء األصول"‪.‬‬
‫وذكر الرافعي المسألة الولى في آخر الباب األول من‬
‫اإلقرار‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬بياض في آ و ب‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 3‬في حاشية "أ" أطلقتك‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في ب وأشهد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 4 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وأما الثانية ‪ :‬وهي فيما أظن أو أحسب ؛ فلم يذكرها غير‬
‫أنه ذكر قبل ذلك بنحو ورقة فيما لو قال ‪ :‬لي عليك ألف‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬أظن أو أحسب أنه ليس بإقرار‪.‬‬
‫وسبقه إليه البغوي في التهذيب‪ .‬وهي غير هذه المسألة ‪،‬‬
‫ألنها فيمن اقتصر على قوله في الجواب ‪ :‬أظن ‪،‬‬
‫ومسألتنا فيمن قال ‪ :‬علي فيما أظن ‪ ،‬فالمؤاخذة في‬
‫مسألة أبي سعد وشريح أقرب منها في مسألة البغوي‬
‫والرافعي‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫اختلف في االسم ‪-‬هل هو المسمى ؟ اختالفًا حررناه في‬
‫كتاب "منع الموانع" وحرره الشيخ اإلمام رحمه اهلل في‬
‫تفسيره في آخر سورة الرحمن ‪ ،‬وال خالف أنه غير‬
‫التسمية وهنا فروع ‪ :‬منها‪.‬‬
‫قال صاحب التتمة ‪ :‬لو قال لها ‪ :‬اسمك طالق لم تطلق‬
‫إال أن يريد الذات‪ .‬وأعلم أن الصحيح‪ .‬الذي عليه‬
‫األشعري في األصول‪ .‬أن االسم المسمى على تفصيل‬
‫في أسماء اهلل تعالى مذكور في موضوعه‪ .‬وقضيته أن‬
‫يطلق هنا‪.‬‬
‫فإما أن يكون صاحب التتمه فرعه على أنه غيره ‪ ،‬وأما‬
‫ما قاله فلذلك‪.1‬‬
‫ومنها قال الرافعي ‪-‬في فتاوى أبي الليث‪ -2‬إن بعضهم‬
‫قال ‪ :‬لو قال ‪ :‬بسم اهلل ال أفعل كذا فهو يمين‪ -‬ولو قال ‪:‬‬
‫بصفة اهلل ‪ ،‬فال ‪ ،‬ألن األول من إيمان الناس"‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬ولك أن تقول ‪ :‬إذا قلنا ‪ :‬االسم هو‬
‫المسمى ؛ فالحلف باهلل تعالى ‪ ،‬وكذا إن جعل االسم‬
‫يمينا ‪ ،‬وقوله ‪:‬‬
‫تسمية ‪ ،‬وإ ن أراد باالسم التسمية لم يكن ً‬
‫يمينا إال أن يريد الوصف‪.‬‬
‫بصفة اللهز يشبه أن يكون ً‬
‫قلت ‪ :‬وفيه نظر‪ .‬فال قائل بأن االسم التسمية ‪ ،‬إنما‬
‫الخالف أنه هل هو المسمى ؟‬
‫وإ ذا كان هو المسسمى فال فرق بين أن تقول ‪ :‬باهلل أو‬
‫يمينا ‪ ،‬وإ لى ذلك [اإلشارة]‪ 3‬بقوله ‪ :‬إذا‬
‫باسم اهلل‪ .‬فليكن ً‬
‫قلنا ‪ :‬االسم هو المسمى "فالحلف باهلل" وتلك موافقة‬
‫لمنقول أبي الليث فكيف أخرجها مخرج االعتراض عليه‬
‫فالذي [يحمل]‪ 4‬من كالمه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ 1‬بياض في أ "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬نصر بن حاتم بن بكير الفقيه أبو الليث الشالوسي‪.‬‬
‫كتبا عنه في‬
‫قال الحاكم ‪ :‬أقام بنيسابور لسماع المبسوط ً‬
‫مجسد أبي العباس األصم سنة تسع وثالثين وثالثمائة ‪،‬‬
‫قال المطوعي ‪ :‬هو من أوائل أصحاب أبي العباس‬
‫وأفاضلهم‪ .‬ابن قاضي شهبة ‪.119 /1‬‬
‫‪ 3‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 5 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫موافقة منقول أبي الليث إال أن يريد باالسم التسمية ‪ ،‬وقد‬
‫يقال ‪ :‬ال يصح هذا االستعمال ‪ ،‬فال نسمع إرادته إياه ‪،‬‬
‫يمينا إال أن يريد وصف‬
‫وقوله "بصفة اهلل" يشبه أن يكون ً‬
‫كالم ال يتبين لي معناه ‪ ،‬وال أدري ما وصفه غير صفته‬
‫؛ فلينظر ذلك‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫اختلف أئمتنا في الكالم فقال قدماؤهم ‪" :‬حقيقة في‬
‫نصا ‪،‬‬
‫النفساني مجاز في اللساني"‪ .‬وهو عن أبي الحسن ً‬
‫وقيل مشترك بينهما‪ .‬وال قائل منا بأنه مجاز في النفساني‬
‫حقيقة في اللساني ؛ إنما ذلك من أقوال القدرية‪.‬‬
‫ون ِفي َْأنفُ ِس ِه ْم َل ْواَل‬ ‫{وَيقُولُ َ‬
‫ومن أدلة أئمتنا قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ف ِفي‬ ‫وس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫َأس‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫وقوله‬ ‫‪1‬‬ ‫}‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫و‬‫ُ‬‫ق‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ب‬ ‫ه‬
‫ُ‬
‫يع ِّذبَنا اللَّ‬
‫َُ ُ‬
‫{َأنتُ ْم َشٌّر َم َك ًانا} وقول عمر‬ ‫َن ْف ِس ِه َولَ ْم ُي ْب ِد َها َلهُ ْم}‪ .2‬قال ‪ْ :‬‬
‫كالما" وقوله األخطل‬
‫يوم السقيفة "كنت زورت في نفسي ً‬
‫‪ :‬إن الكالم لفي الفؤاد‪ ...‬البيت ‪ ،‬وقوله ‪:‬‬
‫يوما‬
‫قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة حتى ألمت بنا ً‬
‫ملمات‬
‫وهذا من مستنبطاتي وهو وبعض ما قبله ؛ فلم أجدني‬
‫سبقت إليه ‪ ،‬ومع هذا فالكالم في عرف الناس اللساني ‪،‬‬
‫وعليه يحمل يمين الحالف‪ .‬نعم ينبني على الكالم‬
‫النفساني مسائل‪.‬‬
‫منها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬فإذا كان يوم صيام‬
‫أحدكم فال يرفث وال يجهل ‪ ،‬فإن امرؤ شاتمه أو قاتله‬
‫فليقل ‪ :‬إني صائم"‪ 3‬فهل يقوله بلسانه أو بقلبه ؟ فيه‬
‫وجهان‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬نقاًل عن األئمة‪" .4‬يقوله بقلبه"‪.‬‬
‫وقال الشيخ اإلمام ‪" :‬تيويب الشافعي يدل على أنه يقوله‬
‫بلسانه"‪.‬‬
‫وقال النووي في الذكار ‪" :‬ولغات التنبيه أنه األظهر"‪.‬‬
‫وقال في شرح المهذب‪" .‬إن جمع بينهما فحسن"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬المجادلة "‪."8‬‬
‫‪ 2‬سورة يوسف "‪."77‬‬
‫‪ 3‬متفق عليه من رواية أبي هريرة أخرجه البخاري ‪/4‬‬
‫‪ 188‬في الصوم باب فضل الصيام "‪" "1151 /164‬‬
‫‪."1151 /163‬‬
‫‪ 4‬انظر تصحيح التنبيه ص ‪ ، 47‬نهاية المحتاج ‪/2‬‬
‫‪ ، 331‬شرح المهذب ‪ ، 356 /69‬تحفة المحتاج ‪/1‬‬
‫‪.690‬‬
‫صفحة ‪399 | 6 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫قلت ‪ :‬وهذه العبارة توهم أن القائل بذلك يقتصر على‬
‫مطلوبا‪ .‬وال أرى‬
‫ً‬ ‫اللساني وال يجعل قوله ‪" :‬في النفس"‬
‫بذلك قائاًل ‪ .‬بل الخالف عندي [مردود]‪ 1‬إلى أنه هل‬
‫يقتصر على النفسي فيكون أبعد عن الرياء والسمعة‪ .‬أو‬
‫يضم إليه اللساني ؟‬
‫فمن قال ‪ :‬يقوله بلسانه ال يمكنه أن يقول ‪ :‬ال يقوله بقلبه‬
‫‪ ،‬بخالف من عكس وحكى الروياني في البحر وجهًا ثالثًا‬
‫‪ :‬إن كان في صوم رمضان فبلسانه ‪ ،‬أو النقل فبقلبه ‪،‬‬
‫واستحسنه ‪ ،‬والمسألة محذوفة من الروضة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الغيبة ‪ :‬وهي ذكر الشخص بما يكرهه‪.‬‬
‫قال الغزالي ‪ :‬في اإلحياء ‪ ،‬وتبعه النووي في األذكار ‪:‬‬
‫إنها تحصل بالقلب كما تحصل باللفظ"‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫ليس مما نحن فيه اختالف أصحابنا في صحة النذر‪.‬‬
‫مجردا عن لفظ وما‪ 2‬إذا نوى بقلبه التتابع في‬
‫ً‬ ‫بالنية‬
‫صوم منذور‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اتفق أئمتنا على أن المضطر إلى فعل ينسب إليه الفعل‬
‫الذي اضطر إليه‪ .‬ثم اختلفوا في تعريفه‪.‬‬
‫فقال شيخنا أبو الحسن كرم اهلل وجهه ‪" :‬المضطر الملجأ‬
‫إلى مقدوره لدفع ضرر متوقع بتقدير عدم المقدور الملجأ‬
‫إليه"‪.‬‬
‫وقال القاضي أبو بكر‪ : 3‬المضطر هو المحمول على ما‬
‫عليه فيه ضرر من مقدوراته لدفع ما هو أشر منه‪.‬‬
‫وزعمت المعتزلة أن المضطر ال ينسب إليه الفعل‪ .‬وأنه‬
‫هو الذي يفعل فيه الغير فعاًل هو من قبيل مقدوراته‪ .‬ثم‬
‫اختلفوا ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬وفي "ب" ما‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد أبو بكر بن الطيب بن محمد القاضي المعروف‬
‫بالباقالني الملقب بشيخ السنة ولسان األمة المتكلم على‬
‫مذهب أهل السنة وأهل الحديث وطريقة أبي الحسن‬
‫األشعري إمام وقته من أهل البصرة وسكن بغداد وإ ليه‬
‫رياسة المالكيين في وقته توفي في يوم السبت لسبع بقين‬
‫من ذي القعدة سنة ثالث وأربعمائة‪.‬‬
‫الديباج المذهب ‪ ، 228 /2‬وفيات األعيان ‪، 269 /4‬‬
‫تاريخ بغداد ‪ ، 379 /5‬العبر ‪ ، 76 /3‬شذرات الذهب‬
‫‪ ، 168 /3‬شجرة النور ‪ ، 97 /1‬ترتيب المدارك ‪/4‬‬
‫‪.603 -585‬‬
‫صفحة ‪399 | 7 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫فقال أبو علي الجبائي‪ : 1‬ال يشترط أن يكون المفعول‬
‫فيه غير قادر على مدافعة الفاعل‪ .‬وقال ابنه أبو هاشم‬
‫‪" : 2‬بل يشترط ذلك"‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فقد اتفقوا على أن الملجأ قادر على ما‬
‫ألجئ إليه ‪ ،‬وأنه لم يفعل غيره فيه فعاًل ‪ ،‬ال خالف بين‬
‫األشعرية والمعتزلة في ذلك‪ .‬وإ ن اختلفت عباراتهم في‬
‫تعريفه بما هو مذكور في كتب المتكلمين‪.‬‬
‫فالملجأ دون المضطر المعتزلة ‪ ،‬ومثله عند األشاعرة ‪،‬‬
‫ودونهما المكره المذكور في كتب الفقهاء‪.‬‬
‫وعلى هذه األصول من عدم اختياره بالكلية وصار‬
‫كاآللة المحضة فال يتعلق به إثم ‪ ،‬وهو المضطر عند‬
‫المعتزلة كمن شد وثاقه وألقى على شخص فقتله بثقله ‪،‬‬
‫أو كان على دابة فمات وسقط على شيء فإنه اليضمن ‪،‬‬
‫وليس كالمكره ‪ ،‬وال كالمضطر‪.‬‬
‫ومن مسائل القاعدة ‪:‬‬
‫المضطر ألكل الميتة يجب عليه أكلها على الصحيح ‪،‬‬
‫وفي وجه ال يجب ‪ ،‬وقد يوجه بأصول المعتزلة فيقال ‪:‬‬
‫"ال فعل للمضطر وال اختيار حتى يتعلق به إيجاب‬
‫ويكتفي بضرورة الداعية عنده‪.‬‬
‫وقد أورد بعضهم على تعريف القاضي متناول الميتة‬
‫حالة المخمصة فإنه مضطر بنص الكتاب‪ .‬وال ضرر‬
‫عليه في تناولها‪ .‬وهو إيراد منقدح عندي ‪ ،‬وإ ن كان‬
‫بعض المعنيين بالقاضي‪ .‬قال ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬محمد بن عبد الوهاب بن سالم الجبائي أبو علي من‬
‫أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكالم في عصره وإ ليه‬
‫نسبة الطائفة الجبائية له مقاالت وآراء انفرد بها في‬
‫المذهب نسبته إلى حبى من قرى البصرة اشتهر في‬
‫البصرة ودفن بجبى سنة ثالث وثالثمائة‪.‬‬
‫له تفسير حافل مطول رد عليه األشعري‪.‬‬
‫وفيات األعيان ‪ ، 4180 /1‬البداية والنهاية ‪/11‬‬
‫‪ ، 125‬مفتاح السعادة ‪ ، 35 /2‬األعالم للزركلي ‪/6‬‬
‫‪.256‬‬
‫‪ 2‬عبد السالم بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي من أبناء‬
‫أبان مولى عثمان عالم بعلم الكالم من كبار المعتزلة له‬
‫آراء انفرد به وتبعته فرقة سميت بالهاشمية نسبة إلى‬
‫كنيته أبي هاشم وله مصنفات الشامل في الفقه وتذكرة‬
‫العالم والعدة في أصول الفقه ‪ ،‬وتوفي سنة إحدى‬
‫وعشرين وثالثمائة‪.‬‬
‫وفيات األعيان ‪ ، 292 /1‬البداية والنهاية ‪، 176 /11‬‬
‫تاريخ بغداد ‪ ، 55 /11‬األعالم ‪.7 /4‬‬
‫صفحة ‪399 | 8 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫إن كان المضطر نفسه تائقة للميتة فما خال أكله عن‬
‫ضرر ‪ ،‬وإ ال فال أسلم تسميته بالمضطر‪ .‬فهذا عندي‬
‫ضعيف ‪ ،‬فإنه مضطر بوضع اللسان ونص الكتاب‬
‫وشهادة الحس وإ ن لم يكن [تائقًا]‪.1‬‬
‫وهذه القاعدة إذا ضم إلى فروعها فروع اإلكراه تكاثرت‬
‫جداز‬
‫ً‬
‫والقول الفصل ‪ :‬إن اإلكراه ال ينافي التكليف‪ .‬ولذلك يأثم‬
‫المكره على القتل باإلجماع ‪ ،‬ويجب عليه القصاص على‬
‫األصح‪.‬‬
‫وأما المضطر ‪ ،‬فال ريب أنه عند المعتزلة غير مكلف‬
‫النتفاء الفعل منه ‪ ،‬وأما عندنا فإنه مكلف ‪ ،‬ثم ناحية‬
‫التكليف فيه وفي المكره قررناها في كتابنا "جمع‬
‫الجوامع" وفيما علقنا عليه من شرح إشكاالته المسمى‬
‫"منع الموانع" فال نعيده‪ .‬غير أني صححت في "جمع‬
‫الجوامع" امتناع تكليف المكره كالملجأ والغافل والمختار‬
‫عندي اآلن‪ .‬الجريان مع الجماعة األشعرية على أنه‬
‫يجوز تكليفه‪ .‬وإ ن كان غير واقع‪ .‬لقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪" :‬رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا‬
‫عليه"‪.2‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب سقط‪.‬‬
‫‪ 2‬قال السخاوي في المقاصد ص ‪ ، 228‬حديث ‪" :‬رفع‬
‫عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وقع بهذا‬
‫اللفظ في كتب كثيرين من الفقهاء واألصوليين حتى إنه‬
‫وقع كذلك في ثالثة أماكن من الشرح الكبيرن وقال غير‬
‫واحد من مخرجه وغيرهم ‪ :‬إنه لم يظفر به ‪ ،‬ولكن قد‬
‫قال محمد بن نصر المروزي في باب طالق المكره من‬
‫كتاب االختالف ‪ ،‬يروي عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫أنه قال ‪ :‬رفع اهلل عن هذه األمة الخطأ والنسيان ‪ ،‬وما‬
‫إسنادا ورواه أبو نعيم في‬
‫ً‬ ‫أكرهوا ؛ غير أنه لم يسق له‬
‫تاريخ أصبهان ‪ :‬وابن عدي في الكامل من حديث ابن‬
‫مرفوعا بلفظ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫فرقد ‪ ،‬عن أبيه عن الحسن عن ابي بكرة‬
‫رفع اهلل عن هذه األمة ثالثًا ‪ :‬الخطأ والنسيان ‪ ،‬واألمر‬
‫يكرهون عليهن جعفر وأبوه ضعيفان ‪ ،‬لكن له شاهد جيد‬
‫أخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي المعروف‬
‫بأخي عاصم في فوائده ‪ ،‬عن الحسن بن أحمد أو الحسين‬
‫بن محمد على ما يحرر ‪ ،‬وكالهما ثقة عن محمد بن‬
‫المصفى ‪ ،‬حدثنا الوليد بن مسلم ‪ ،‬حدثنا األوزاعي عن‬
‫عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس بلفظ ‪ :‬رفع اهلل‬
‫والباقي كلفظ الترجمة ورواه ابن ماجه وابن أبي عاصم‬
‫ومن طريقه الضياء في المختارة كالهما عن محمد بن‬
‫المصفى به لكن بلفظ ‪ :‬وضع بدل رفع ورجاله ثقات ‪،‬‬
‫ولذا صححه ابن حبان ورواه البيهقي وغيره إال أنه فيه‬
‫تسوية الوليد فقد رواه بثر بن بكر عن األوزاعي فأدخل‬
‫بين عطاء وابن عباس عبيد بن عمير أخرجه الطبراني‬
‫والدارقطني والحاكم في صحيحه من طريقه بلفظ ‪:‬‬
‫تجاوز بدل وضع ‪ ،‬قال البيهقي ‪ :‬جوده بشر بن بكر ‪،‬‬
‫وقال الطبراني في األوسط ‪ :‬لم يروه عن األوزاعي‬
‫مجودا إال بشر تفرد به الربيع بن سليمان وله طرق‬
‫ً‬ ‫يعني‬
‫عن ابن عباس ‪= ،‬‬
‫صفحة ‪399 | 9 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ومن قواعد الفقهاء ما قدمناه في القواعد العامة وأحلنا‬
‫فيه على هذا المكان "واإلكراه يسقط أثر التصرف" وهذا‬
‫موضع تحقيقه‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬من صدر على يديه شيء‪ .‬وال أقول ‪ :‬فعل ‪،‬‬
‫ألن الفعل يستدعي فاعاًل وسنذكر ما ال نسميه فعاًل‬
‫بالجملة الكافية كحركة المرتعش‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فذلك الشيء إما أن يصدر باختيار منه‬
‫وإ رادة له فهو المختار ؛ سواء أكان حبه واختياره ‪-‬‬
‫بصدوره عنه‪ -‬ناشًئا من قبل نفسه وداعية قلبه‪ .‬أو دعاء‬
‫إلى ذلك داع‪ -‬من سائل أو غيره ‪ ،‬فرب من يفعل ما‬
‫حبا ألن‬
‫يكره حياء من السائلين وإ سعافًا للطالبين‪ .‬أو ً‬
‫مختارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يقال فعل‪ .‬وهذه أمور ال تخرجه عن كونه‬
‫وأما أن يصدر ال باختيار ؛ فإما أن يكون بكراهة حملته‬
‫على إصدار ذلك الفعل أو ال‪.‬‬
‫إن لم يكن فإما أن يكون له شعور بما صدر أو ال ‪ ،‬إن لم‬
‫يكن فهو الغافل من نائم‪.‬‬
‫_________‬
‫= بل للوليد فيه إسنان آخران رواه محمد بن المصفى‬
‫عنه عن مالك عن نافع عن ابن عمرو عن ابن لهيعة عن‬
‫موسى بن وردان عن عقبة بن عامر ‪ ،‬وقد قال ابن أبي‬
‫حاتم في العلل ‪ :‬سألت أبي عنها فقال ‪ :‬هذه أحاديث‬
‫منكرة كأنها موضوعة ‪ ،‬وقال في موضع آخر ‪ :‬لم‬
‫يسمعه األوزاعي من عطاء ؛ إنما سمعه من رجل لم‬
‫يسمعه ‪ ،‬أتوهم أنه عدب اهلل بن عامر األسلمي ‪ ،‬أو‬
‫إسماعيل بن مسلم ‪ ،‬وقال ‪ :‬وال يصح هذا الحديث وال‬
‫يثبت إسناده ‪ ،‬وقال عبد اهلل بن أحمد في العلل ‪ ،‬سألت‬
‫جدا وقال ‪ :‬ليس يروي هذا إال عن‬
‫أبي عنه فأنكره ً‬
‫الحسن عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬ونقل الخالل عن‬
‫أحمد قال ‪ :‬من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع ؛ فقد‬
‫خالف كتاب اهلل ‪ ،‬وسنة رسول اهلل ؛ فإن اهلل أوجب في‬
‫قتل النفس الخطأ الكفارة ‪ ،‬يعني من زعم ارتفاعها عن‬
‫العموم في خطاب الوضع والتكليف ‪ ،‬وقال محمد بن‬
‫نصر ‪-‬عقب إيراده له كما تقدم ‪ :‬إال أنه ليس له إسناد‬
‫يحتج بمثله ‪ ،‬ورواه العقيلي في الضعفاء في حديث الوليد‬
‫عن مالك ‪ ،‬ورواه البيهقي ‪ ،‬وقال ‪ :‬قال الحاكم ‪ ،‬هو‬
‫صحيح غريب تفرد به الوليد عن مالك ‪ ،‬وقال البيهقي‬
‫من موضع آخر ‪ :‬إنه ليس بمحفوظ عن مالك ‪ ،‬ورواه‬
‫الخطيب في ترجمة سوادة بن إبراهيم من كتاب الرواة‬
‫عن مالك ‪ ،‬وقال بعد سياقه ‪ :‬من جهة سوادة عنه ‪:‬‬
‫سوادة مجهول والخير منكر عن مالك‪ .‬انتهى ‪ ،‬والحديث‬
‫يروي عن ثوبان وأبي الدرداء ‪ ،‬وأبي ذر ‪ ،‬ومجموع‬
‫هذه الطرق يظهر أن للحديث أصاًل ‪ ،‬ال سيما وأصل‬
‫الباب حديث أبي هريرة في الصحيح من طريق زاررة‬
‫بن أوفى عنه بلفظ ‪ :‬إن اهلل تجاوز ألمتي ما حدثت به‬
‫أنفسها ‪ ،‬وزاد في آخره ‪ ،‬وما استكرهوا عليه ويقال إنه‬
‫مدرجة فيه وقد صحح ابن حبان والحاكم وغيرها هذا‬
‫الخبر كما أشرت إليه ‪ ،‬وقال النووي في الروضة وفي‬
‫األربعين إنه حسن وبسط الكالم عليه في تخريج‬
‫األربعين وكذا تكلم عليه شيخنا في تخريج المختصر‬
‫وغيره‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 10 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ونحوه‪ .‬وإ ن كان له شعور‪ .‬ولكن ال ينسب إليه ذلك‬
‫الشيء فذلك كالمرتعش بتحريك يده‪ .‬وال يقال ‪ :‬إنه‬
‫حركها‪ .‬وإ ن كان بكراهة وحمل حامل له على أن يفعل ؛‬
‫مخلصا منه‬
‫ً‬ ‫فإن كان ال يجد مندوحة عن الفعل البتة وال‬
‫فهو الملجأ‪.‬‬
‫واحدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قسما‬
‫والفرق بينه وبين المرتعش عسير‪ .‬فليجعال ً‬
‫ومن صوره من ألقى من شاهق فوقع على إنسان فقتله ؛‬
‫بدا من الوقوع وال اختيار له فيه ؛ وإ نما هو‬
‫فهو ال يجد ً‬
‫آلة محضة كالسكين ‪ ،‬فهذا ال يقول أحد ‪ :‬إنه مكلف وال‬
‫ينسب إليه فعل‪.‬‬
‫نعم تردد الذهن فيمن ألقى من شاهق وعلى األرض‬
‫طريحان ‪ ،‬ولم يدهشه اإللقاء ‪ ،‬وطرح بنفسه في حالة‬
‫اإللقاء من ناحية أحدهما إلى ناحية اآلخر ‪ ،‬فسقط عليه‬
‫فقتله ‪ ،‬هل يكون قائاًل بهذا العذر ‪ ،‬واألقرب أن هذا إن‬
‫تصور فهذا كالمكره على أحد شيئين ففعل أحدهما‬
‫وسنتكلم فيه‪.‬‬
‫وإ ن وجد مندوحة عن الفعل ‪ ،‬ولكن بالصبر على إيقاع‬
‫ما أكره به ؛ فالضابط في هذا أن ينظر إلى تلك المندوحة‬
‫‪ ،‬فإن كانت في نظر العقالء أشد مما أكره عليه فهذا‬
‫مكره‪.‬‬
‫وذلك كمن قال له قادر على ما يتوعد به ‪ :‬طلق زوجتك‬
‫وإ ال قتلتك‪.‬‬
‫ففي نظر العقالء تقديم طالق الزوجات على زهوق‬
‫أألرواح وإ ن لم يكن في نظر العقالء أشد ‪ ،‬كمن قيل له‬
‫واحدا ‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫يوما‬
‫زيدا وإ ال منعتك الطعام والشراب ً‬
‫اقتل ً‬
‫تقتل بين ما يتحقق اإلكراه فيه وما ال يتحقق‪ .‬وقد بان‬
‫بهذا أن الملجأ ال فعل له وال يقبل التكليف والمكره له‬
‫فعل واختيارية قدم بها على ما أكره عليه على ما توعد‬
‫به ؛ فهو كالمختار فال يمتنع في العقول تكليفه ؛ غير أن‬
‫ونظرا إلينا وشفقة علينا رفع هذه المشقة‬
‫ً‬ ‫الشارع رفقًا بنا‬
‫عنا ‪ ،‬وقال ما حاصله ‪" :‬إن كل مندوحة تكون أشد من‬
‫المكره عليه ال أكلف الصبر عليه وارفع معها آثار ذلك‬
‫الفعل ‪ ،‬وأصيره كال فعل البتة" وإ لى هذا اإلشارة بقوله‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬وما استكرهوا عليه"‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬إذا كان المكره والمختار سواء في االختيار‬
‫فما الفرق بينهما‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قال القاضي في كتاب التقريب ‪" :‬والفرق‬
‫بينهما أن المختار مطلق‬
‫صفحة ‪399 | 11 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫الدواعي واإلرادات ‪ ،‬والمكره مقصور الدواعي واإلرادة‬
‫على فعل ما أكره عليه‪ .‬ال يختار غيره" ؛ فإن قيل ‪ :‬ولم‬
‫صارت هذه حاله ؟‬
‫قلنا ‪ :‬لما يخافه من عظيم الضرر ‪ ،‬فهذا يدفع [أعظم]‪1‬‬
‫الضررين بأدونهما ‪ ،‬ودواعيه مقصورة عليه ألجل ذلك‪.‬‬
‫انتهى وهو صحيح وال فرق إال هذا‪.‬‬
‫وكون الشارع لم يكلفه الشطط بالصبر على ما هدد به‪.‬‬
‫ثم قال له ‪" :‬ولئن فعلت المكره عليه كان فعلك كال فعل ‪،‬‬
‫لمكان اإلكراه"‪.‬‬
‫فللشارع في المكره لطفان خفيان ‪-‬إسقاط حكم الفعل‬
‫الناشئ عنه ‪ ،‬وعدم التكليف بالصبر على ما توعد‬
‫المكره عليه‪ -‬وهذه من خصائص هذه األمة المشرفة‬
‫بنبيها الكريم على اهلل‪ .‬محمد المصطفى صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بأبي وأمي إنه لرؤوف رحيم‪ .‬ونبي كريم‪ .‬ومن ثم‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ورفع عن أمتي الخطأ"‪.‬‬
‫ولو كانت حقيقة اإلكراه تنافي التكليف لما افترق الحال‬
‫فيه بني أمه وأمه‪ .‬وهنا تنبيهات ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬هذا اإلكراه الذي أسقط الشارع حكمه ال بد من‬
‫بقاء حقيقته ليتحقق في نفسه ‪ ،‬وقد ينضم إليه ما ال يزيل‬
‫حقيقته ؛ فال اعتبار به ‪ ،‬أو ما يزيل الحقيقة فال يسقط‬
‫حكمه ‪ ،‬إذ ليس هناك إكراه‪.‬‬
‫وهذا كمن قيل له ‪ :‬طلق زوجتك ‪ ،‬فقال ‪ :‬طلقت‬
‫زوجاتي كلهن [فيقع]‪ 2‬عليهن ‪ ،‬ألنه مختار ال مكره‪.‬‬
‫إكراها‬
‫ً‬ ‫وقد ينضم إليه ما يتردد الذهن في أنه مزيل لكونه‬
‫أو غير مزيل ‪ ،‬فيقع الخالف في أنه هل يسقط أثر‬
‫التصرف به أو ال يسقط ؟ وأمثلته فيالفئقه كثيرة ‪ ،‬ونحن‬
‫واحدا ‪ ،‬وهو المكره على أحد شيئين‪.‬‬
‫ً‬ ‫فرعا‬
‫نذكر هنا ً‬
‫كمن قيل له ‪ :‬طلق إحدى زوجتيك وإ ال قتلتك ‪ ،‬وحمل‬
‫على تعيين إحداهما ال على إبهام الطالق ‪ ،‬إما هذه أو‬
‫هذه‪ .‬وإ ال قتلتك ‪ ،‬فقال ‪ :‬طلقت هذه ‪ ،‬فهل هذا اختيار ‪،‬‬
‫قادرا على العكس ‪،‬‬
‫ألن إيثاره لهذه على تلك‪ .‬وقد كان ً‬
‫يدل على أنه مختار لفراقها ‪ ،‬وليس باختيار ؛ ألنه ال يجد‬
‫مندوحة عن واحدة منهما ‪ ،‬ولو عين األخرى لجاء فيها‬
‫هذا القول بعينه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ليقع‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 12 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫فيه وجهان ‪:‬‬
‫أولهما ‪ :‬هو األصح عند الرافعي والنووي‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬هو األرجح في نظري ‪ ،‬وال فرق عندي بينه‬
‫محيصا عمن‬
‫ً‬ ‫وبين المكره على قتل معينة إال أن هذا يجد‬
‫طلقها برفيقتها ‪ ،‬وذاك ال يجد إال بنفسه ‪ ،‬وليس هذا‬
‫الفرق بطائل ؛ فإن القول في المختص بها مقول في‬
‫رفيقتها ‪ ،‬وكل قول انعكس بنفسه بطل من أصله‪.‬‬
‫وقول من ادعى أنه مختار‪ .‬إن إقدامه على هذا دليل على‬
‫اختياره لفراقها دون تلك مختل‪.‬‬
‫ولكنا نقول في جوابه ‪ :‬لم قلتم ‪ :‬إن الداعي إلى تعيينها‬
‫هجما ‪ ،‬وهذا‬
‫ترجيح فراقها ‪ ،‬وقد يكون هجم على ذكرها ً‬
‫كثيرا لمن حمل على شيء من شيئين ‪ ،‬وقد أعوزه‬
‫يتفق ً‬
‫الفكر والذعر عن الميز بينهما‪ .‬وإ ن سلمنا أن الداعي‬
‫إيثار فرؤاقها ‪ ،‬فالذي آثره إنما هو ذكرها على ذكر تلك‬
‫‪ ،‬ال حب فراقها على حب فراق تلك‪ .‬وإ ن سلمنا أن‬
‫فراقها عنده بتقدير التعارض راجح على فراق تلك ؛‬
‫ترجيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فهذا موضع نظر ال أتذمم فيه‬
‫التنبيه الثاني ‪:‬‬
‫وقد عرفت أن شرط اإلكراه مرفوع الحكم أن يكون‬
‫المتوعد فيه‪ .‬في نظر العقالء أشد من المكره عليه ‪،‬‬
‫والمعنى بنظر العقالء ما شهد له الشرع باالعتبار‪.‬‬
‫فعرف من هذا أن اإلكراه ال يرفع حكم القصاص ‪ ،‬وال‬
‫يرفع اإلثم عن المكره‪.‬‬
‫بيانه ‪ :‬أن نفسه ونفس من أكره على أن يقتله مستويان‬
‫في نظر الشارع ؛ فإيثاره نفسه ناشئ عن شهوات‬
‫األنفس وحظوظها ومحبتها للبقاء في هذه الدار أزيد من‬
‫بقاء غيرها ‪ ،‬وهذا القدر ليس من نظر العقالء ‪ ،‬أعني‬
‫عقالء الشرع الذين يتقيدون به فيما يأتون ويذرون‪.‬‬
‫وبهذا خرج كثير من المسائل التي سنذكرها فيما استثنى‬
‫من قول "اإلكراه يسقط أثر التصرف"‪.‬‬
‫فإذا قيل لنا ‪ :‬يستثنى اإلكراه على القتل ؛ فإنه ال يسقط‬
‫إجماعا والقصاص على‬
‫ً‬ ‫أثر التصرف بدليل اإلثم‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 13 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫مختارا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫مكرها بل‬
‫ً‬ ‫قلنا ‪ :‬ليس هو من حيث إيثار نفسه‬
‫ومن ثم أثم وأقتص منه ‪ ،‬وال هذا النظر الذي نظره وآل‬
‫به إلى تقديم نفسه على غير [لمشهود]‪ 1‬له من الشعر‬
‫شرعا منحصرة في‬
‫ً‬ ‫باالعتبار ‪ ،‬فإن الكفاءة في القصاص‬
‫اإلسالم والحرية والبعضية ‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫التنبيه الثالث ‪:‬‬
‫مرتبا على‬
‫شرط كون اإلكراه مرفوع الحكم أن يكون ً‬
‫فعل المكلف ‪ ،‬فإن الشارع جعل فعله حينئذ‪ .‬كال فعل‪.‬‬
‫مترتبا على أمر حسي غير فعل المكلف‬
‫ً‬ ‫فإن كان الحكم‬
‫ولو كان ناشًئا عن فعله ‪ ،‬فال يرفع حكم اإلكراه‪ .‬بل‬
‫اإلكراه حينئذ ألن موضع اإلكراه الفعل ولم يترتب عليه‬
‫شيء ‪ ،‬وموضع الحكم االنفعال‪ .‬ولم يقع‪ 2‬عليه اإلكراه‪.‬‬
‫وإ ن كان هو أثر الفعل فالشارع قد يرتب الحكم على‬
‫الفعل ‪ ،‬وقد يرتبه على االنفعال ‪ ،‬وهو في األول‪ .‬من‬
‫خطاب التكليف الذي رفع شفقة علينا عند اإلكراه‪ .‬وفي‬
‫الثاني من خطاب الوضع واألسباب والعالمات‪ .‬فكيف‬
‫يرتفع ؟‬
‫وبهذا خرج اإلكراه على الرضاع وعلى الحديث‪ .‬فإذا‬
‫أكره امرأة حتى أرضعت خمس رضعات حرم ذلك‬
‫اإلرضاع ‪ ،‬ألن الحرمة منوطة بوصول اللبن إلى‬
‫الجوف حتى لو حلبت قبل موتها وأسقى الصبي بعد‬
‫موتها ‪ ،‬حرم‪.‬‬
‫التنبيه الرابع ‪:‬‬
‫شرط كون اإلكراه مرفوع الحكم أن يكون بغير حق ‪،‬‬
‫فهو موضع الرخصة والتخفيف من الشارع ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫بحق‪ .‬فقد كان من حق هذا المكره أن يفعل ‪ ،‬فإذا لم يفعل‬
‫آثما ‪-‬على كونه أحوج‬
‫أكره ولم يسقط أثر فعله وكان ً‬
‫[على]‪ 3‬أن يكره‪.‬‬
‫وهذا كالمرتد والحربي يكرهان على اإلسالم فإسالمهما‬
‫أحوجا إلى اإلكراه عليه ‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫صحيح وهما آثمان بكونما‬
‫اإلسالم إن وقع فيهما ‪-‬عند اإلكراه باطاًل كما وقع‬
‫ظاهرا ‪ ،‬فهو يجب ما قبله‪ .‬وإ ال فحكمهما في الظاهر‬
‫ً‬
‫حكم المسلمين ‪ ،‬وفي الباطن هما كافران لما أضمراه من‬
‫خبث الطوية‪.‬‬
‫ووقع النظر فيمن [لم يكن كفره]‪ 4‬بفساد العقيدة باالمتناع‬
‫عن التلفظ [بكلمة الشهادة مع القدرة عليها إذا تصور مثل‬
‫هذا وأكره على التلفظ]‪ 5‬بكلمة الحق فهل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" مشهود‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ليقع‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" إلى‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فمن لم يكره كفره‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في أ والمثبت من ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 14 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ظاهرا ألن اللفظ وافق العقيدة ‪،‬‬
‫ً‬ ‫باطنا كما يصح‬
‫يصح ً‬
‫وال اعتبار بما توسط من اإلكراه أواًل ‪ .‬ألن اإلكراه أسقط‬
‫حكم هذا التلفظ‪ .‬والتلفظ إما شرط في اإليمان أو شرط‬
‫منه فكأنه غير متلفظ‪.‬‬
‫واألقرب عندي هذا الثاني ‪ ،‬لكن يكاد يكون فرض مثل‬
‫هذا فرض بمستحيل‪.‬‬
‫والمسألة قريبة الشبه بما إذا أراد المكره على الطالق‬
‫إيقاع الطالق ‪ ،‬واألصح أنه يقع لحصول اللفظ واإلرادة‪.‬‬
‫ويقرب منها ما إذا قال ‪ :‬طلق زوجتي وإ ال قتلتك فطلق ‪،‬‬
‫فقد صحح الشيخان وقوع الطالق‪ .‬قاال ألنه أبلغ في‬
‫األذن ‪ ،‬وفيه وجه أنه ال يقع ‪ ،‬ألن اإلكراه يسقط حكم‬
‫اللفظ‪.‬‬
‫وفي الوكيل بالطالق إذا أكره عليه احتماالن للروياني‬
‫أبي العباس ؛ غير أن االنصراف عن التلفظ بكلمتي‬
‫أقطعا‪.‬‬
‫الشهادة من غير عذر ينبغي أن يكون كفر ً‬
‫التنبيه الخامس ‪:‬‬
‫كذا وقع في عبارة الفقهاء‪ .‬واإلكراه بحق ولم يقولوا ‪:‬‬
‫اإلكراه على حق‪ .‬وبينهما فرق‪ .‬فإن [كل]‪ 1‬مكره بحق‬
‫مكرها بحق ‪،‬‬
‫ً‬ ‫مكره على حق وليس كل مكره على حق‬
‫أال ترى أن الذمي الذي أكره على اإلسالم أكره على حق‬
‫‪ ،‬ولكن ما أكره بحق ؛ إذ ليس من الحق إكراه مثل هذا ‪،‬‬
‫ولهذا كان الصحيح أنه ال يصح إسالمه ؛ فكأن‬
‫األصحاب عدلوا عن التعبير باإلكراه على حق إلى‬
‫اإلكراه بحق ألنه أعم‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬لو قال ولي الدم لمن عليه القصاص ‪ :‬طلق‬
‫امرأتك وإ ال اقتصصت منك ‪ ،‬لم يحصل اإلكراه ‪ ،‬على‬
‫ما جزم به الرافعي في كتاب الطالق ‪ ،‬وهذا إكاله بحق‬
‫إكراها بحق فألن‬
‫ً‬ ‫إكراها على حق ‪ ،‬وأما كونه‬
‫ً‬ ‫وليس‬
‫القصاص حق المكره‪.‬‬
‫وأما كونه ليس على حق فألن الطالق ليس حق المكره‬
‫حتى يحمل عليه‪.‬‬
‫فبان بهذا الفرع أن شرط اإلكراه أن ال يكون حالاًل ؛‬
‫وإ ال فال يحصل إكراه ‪ ،‬وخرج منه أنه ينبغي أن يقال ‪:‬‬
‫اإلكراه على حق‪ .‬وال يقال ‪ :‬اإلكراه بحق‪.‬‬
‫واقعا بحق‬
‫قلت ‪ :‬ليس اإلكراه ‪-‬حيث المتوعد به حالل‪ً .‬‬
‫‪ ،‬بل هو واقع بباطل‪ .‬فإن مستحق القصاص ليس له أن‬
‫يكره به على الطالق ؛ إذ ليس الطالق من حقه ‪ ،‬فالجار‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" فكل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 15 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫والمجرور في قولنا ‪ :‬اإلكراه بحق ليس معناه أن يكون‬
‫المكره به حقًا ؛ بل أن يكون اإلكراه نفسه حقًا ‪ ،‬وال‬
‫يكون اإلكراه حقًا إال على حق كإكراه القاضي المفلس‬
‫على بيع ماله عند من يرى ذلك وهو الرافعي والنووي ‪،‬‬
‫أما الشيخ اإلمام فعنده أن القاضي يتولى البيع بنفسه ‪،‬‬
‫فليصور في غير ذلك‪ .‬واعلم أن ما جزم به الرافعي من‬
‫أن اإلكراه بالقصاص ليس بإكراه فيه نظر‪ .‬والذي ينبغي‬
‫إكراها‪.‬‬
‫ً‬ ‫أن يكون هنا‬
‫التنبيه السادس ‪:‬‬
‫قد تقدم الكالم على المستنى من قولهم ‪" ،‬اإلكراه يسقط‬
‫أثر التصرف" في أوائل الكتاب ‪ ،‬ومن هنا يتحقق‬
‫الجواب عن سبب ما استثنى‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫اتفق أئمتنا على امتناع مقدورين قادرين خالفين أو‬
‫مكتسبين ‪-‬أما بين قادرين‪ -‬خالق ومكتسب فال يمتنع‪.‬‬
‫ووافقهم أبو الحسن البصري من المعتزلة‪ ، 1‬وأطبقت‬
‫المعتزلة سواء على جواز ذلك وعليه أكثر الحنفية ‪،‬‬
‫وهي من آثار مسألة خلق األفعال‪.‬‬
‫وقد تخرج عليه مسألة فقهية تعاكس فيه التخريج وهي‬
‫قطع األيدي باليد الواحدة ؛ فمن منع ذلك‪ .‬وهم الحنفية‪-‬‬
‫قالوا ‪ :‬كل واحد من الفاعلين فاعل بمقدور نفسه فيختص‬
‫كل منهم بالقطع الذي مقدوره دون مقدور صاحبه ‪ ،‬فكان‬
‫قطعا‬
‫قطعا على سبيل االنفراد ؛ فلم يكن ً‬
‫قطع كل جزء ً‬
‫لليد بكمالها ‪-‬فكيف تقطع يده [في]‪ 2‬مقابلها‪.‬‬
‫فيقال للحنفية ‪ :‬هذا كالم من يمنع مقدورين "بين" قادرين‬
‫وأثرا عن [مأثورين]‪ 3‬وأنتم ال تمنعونه ‪ ،‬فلم يكن الالئق‬
‫ً‬
‫بكم القول بذلك‪.‬‬
‫وإ ذا قيل لهم هذا‪ .‬قالوا هم ‪" :‬معاشر الشافعية أنتم‬
‫مقدورا بين‬
‫ً‬ ‫تمنعون‬
‫_________‬
‫‪ 1‬هو الحسين بن علي بن إبراهيم أبو عبد اهلل البصري‬
‫مقدما في الفقه والكالم ‪ ،‬ولد سنة‬
‫الحنفي المعتزلي كان ً‬
‫ثالث وتسعين ومائتين "هـ" وقيل سنة ثمان وثمانين‬
‫وصنف التصانيف الكثيرة منها المعرفة ‪ ،‬والرد على ابن‬
‫الراوندي وغير ذلك وتوفي يوم الجمعة لليلتين خلتا من‬
‫ذي الحجة سنة تسع وستين وستمائة هـ‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ بغداد ‪ ، 73 /8‬شذرات الذهب ‪، 68 /3‬‬
‫الفوائد البهية ص ‪.31‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" مؤثرين‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 16 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫مكتسبين ؛ فلم قطعتم األيدي باليد الواحدة وأصولكم‬
‫تأباه"‪.‬‬
‫والجواب عن هذا قد قررناه في شرح المختصر في‬
‫تضاعيف الكالم على مسألة التعليل بعلتين‪ .‬والحنفية‬
‫يوافقون على [قتل]‪ 1‬النفوس بالنفس الواحدة ويعتقدون‬
‫بين النفوس واأليدي فرقًا وليس األمر عندنا على ما‬
‫يزعمون‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬قال ‪ :‬من حملت منكن هذه الخشبة فهي طالق ‪-‬‬
‫وهي خفيفة تستقل كل واحدة بحملها ‪ ،‬فحملتها [منهن‬
‫واحدة‪ -‬طلقت]‪.2‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫المأثور عن شيخنا أبي الحسن [رحمه اهلل]‪ 3‬أن العقل‬
‫العلم ‪ ،‬وعن القاضي أنه بعض العلوم الضرورية ‪ ،‬وقال‬
‫قوم ‪ :‬العلم الضروري‪.‬‬
‫وعن الشافعي رضي اهلل عنه أنه قال ‪ :‬هو آلة التمييز‪.‬‬
‫وقال إمام الحرمين في البرهان ‪ :‬ما جزم عليه أحد من‬
‫علمائنا غير الحارث المحاسبي‪ .4‬فإنه قال ‪ :‬العقل‬
‫غريزة يتأتى بها درك العلوم وليست [منها]‪ ، 5‬وقد‬
‫اختلف كالم اإلمام في تعريف الحارث المحاسبي هذا‪.‬‬
‫فإنه ارتضاه في البرهان‪ .‬وفي الشامل حكاه‪ .‬ثم قال ‪:‬‬
‫إنه ال يرضاه ‪ ،‬وإ نه يتهم النقلة عنه فيه وأطال في رده‬
‫بما لسنا له اآلن‪.‬‬
‫والمختار عندنا في تعريف العقل ‪ ،‬أنه ملكة يتأتى بها‬
‫درك المعلومات‪.‬‬
‫ثم اختلف أئمتنا في محله ‪ :‬فالمعروف عن الشافعية أن‬
‫محله القلب‪ .‬وهو الصحيح الذي دلت عليه صرائح‬
‫ون بِهَا}‪6‬‬ ‫الكتاب والسنة ‪ ،‬قال تعالى ‪{ :‬لَهم ُقلُ ٌ ِ‬
‫وب َي ْعقلُ َ‬ ‫ُْ‬
‫ون بِهَا} وقال تعالى‬ ‫وقال تعالى ‪{ :‬فَتَ ُكون َلهم ُقلُ ٌ ِ‬
‫وب َي ْعقلُ َ‬ ‫َ ُْ‬
‫ون‬
‫وب اَل َي ْفقَهُ َ‬
‫‪ُ { :‬قلُ ٌ‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" كرم اهلل وجهه‪.‬‬
‫‪ 4‬الحارث بن أسد أبو عبد اهلل المحاسبي أحد مشايخ‬
‫الصوفية وشيخ الجنيد إمام الطريقة ‪ ،‬ويقال إنما سمي‬
‫المحاسبي لكثرة محاسبته لنفسه ذكره أبو منصور التيمي‬
‫وقال هو إمام المسلمين في الفقه والتصوف والحديث‬
‫والكالم وكتبه في هذه العلوم أصول من ينصف فيها‬
‫توفي ببغداد سنة ثالث وأربعين ومائتين‪.‬‬
‫ابن قاضي شهبة ‪ ، 59 /1‬تهذيب التهذيب ‪، 134 /2‬‬
‫مرآة الجنان ‪ ، 142 /2‬شذرات الذهب ‪، 103 /2‬‬
‫النجوم الزاهرة ‪ ، 316 /2‬تاريخ بغداد ‪.211 /8‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬الحج ‪.46‬‬
‫صفحة ‪399 | 17 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب}‪.2‬‬ ‫بِهَا}‪ِ{ 1‬إ َّن في َذل َك لَذ ْك َرى ل َم ْن َك َ‬
‫ان لَهُ َقْل ٌ‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬أال وإ ن في الجسد مضغة"‪3‬‬
‫‪ ،‬الحديث‪.‬‬
‫وذكر إمام الحرمين ‪ ،‬في النهاية في باب أسنان إبل‬
‫الخطأ أنه لم يتعين للشافعي‪ .‬رضي اهلل عنه محله‪.‬‬
‫وذهب قوم إلى أن محله الدماغ "وهو المعروف عن أبي‬
‫حنيفة رضي اهلل عنه"‪.‬‬
‫وقيل ‪" :‬لكل حاسة منه نصيب" قال األستاذ أبو إسحاق ‪:‬‬
‫هو أحد قولي أبي الحسن األشعري رضي اهلل عنه‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬وفي كالم اإلمام في باب أسنان إبل الخطأ ‪ ،‬ما يقطع‬
‫بأن العقل ليس محل اليدين‪ .‬إذا عرفت هذا‪.4...‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال أئمتنا من طوائف أهل السنة‪ .‬إن الحل والحرمة‬
‫والطهارة والنجاسة وسائر المعاني الشرعية ليست من‬
‫صفات األعيان‪.‬‬
‫فإذا قلنا ‪ :‬هذا حالل أو حرام ‪ ،‬طاهر أو نجس ؛ فليس‬
‫راجعا إلى نفس الذات وال إلى صفة نفسية قائمة بها‬
‫ً‬ ‫ذلك‬
‫‪ ،‬بل هو من صفات التعليق ‪ ،‬وصفة التعليق ال تعود إلى‬
‫وصف في الذات‪.‬‬
‫فليس معنى قولنا ‪ :‬الخمر حرام ذاتها وال تجرع الشارب‬
‫إياها ؛ وإ نما التحريم راجع إلى قول الشارع في النهي‬
‫قاعدا‬
‫زيدا ً‬
‫عن شربها ‪ ،‬وذاتها لم تتغير ‪ ،‬وهذا كمن علم ً‬
‫بين يديه ؛ فإن علمه‪ .‬وإ ن تعلق بزيد ‪ ،‬لم يغير من‬
‫صفات زيد شيًئا ‪ ،‬وال أحدث لزيد صفة ذاتز وذهب من‬
‫ينتمي إلى أبي حنيفة رضي اهلل عنه ‪-‬من علماء الكالم‪-‬‬
‫إلى أن األحكام الشرعية صفات للمحل ‪ ،‬ورأوا أن‬
‫التحريم والوجوب راجعان إلى ذات الفعل المحرم‬
‫والواجب‪ .‬والمسألة مقررة في أصول الديانات وينبني‬
‫عليها فروع‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬األعراف ‪.179‬‬
‫‪ 2‬ق "‪."37‬‬
‫‪ 3‬متفق عليه من رواية النعمان بن بشير البخاري ‪/1‬‬
‫‪ 126‬في اإليمان‪ /‬باب فضل من استبرأ لدينه "‪ "52‬وفي‬
‫‪ "2051" 290 /4‬ومسلم ‪ 1219 /3‬في المساقاة باب‬
‫أخذ الحالل وترك الشبهات "‪."1599 /107‬‬
‫‪ 4‬بياض في األصل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 18 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ت َعلَ ْي ُك ُم اْل َم ْيتَة}‪ 1‬و‬
‫{ح ِّر َم ْ‬
‫منها ‪ :‬أن قوله تعالى ‪ُ :‬‬
‫ُأمهَاتُ ُكم}‪ 2‬ونحوه‪ .‬هل هو مجمل‪.‬‬ ‫ت َعلَ ْي ُك ْم َّ‬
‫{ح ِّر َم ْ‬
‫ُ‬
‫فمن قال ‪[ :‬بإضافة الحل والحرمة إلى األعيان نفي‬
‫اإلجمال ويلزمه الوقوع فيه]‪ .3‬ألن الذات إذا كانت‬
‫محرمة فينبغي أن يصادف التحريف ما القاها من‬
‫األفعال ‪ ،‬حتى يحرم النظر إلى األم ‪ ،‬وغير ذلك مما لم‬
‫يقل به أحد‪.‬‬
‫ومن لم يقل بذلك أثبت اإلجمال غير أنه يدعي في اللفظ‬
‫عاما يقضي بأن المراد العفل المقصود من‬
‫عرفصا ً‬
‫الذات ال نفسها‪.‬‬
‫فانظر كيف تأدى مذهبنا ‪-‬الذي مقتضاه في اآلية‬
‫اإلجمال‪ -‬إلى عدم اإلجمال بما طرأ من العرف العام ؟‬
‫وكيف تأدى مذهبهم الذي مقتضاه عدم اإلجمال‪ -‬إلى‬
‫اإلجمال بما أدى إليه القول بعدم اإلجمال من أمور فجمع‬
‫على أنها غير مقصودة‪ .‬فصار المراد عندنا تحريم أكل‬
‫الميتة‪ .‬وترحيم نكاح األمهات ‪ ،‬وهو معقول من العرف‬
‫وسياق الكالم يدرأ عنه اإلجمال‪.‬‬
‫وإ ذا كان المحرم أكل الميتة فقط فيجوز التزود من الميتة‬
‫لمن لم يرج الوصول إلى الحالل من المضطرين ‪ ،‬وكذا‬
‫لمن رجاه على األصح إذ المتزود غير آكل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن المعقود عليه في النكاح عندنا منفعة البضع‪.‬‬
‫وال نقول ‪ :‬أنها في حكم األجزاء‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬بل هو عين المرأة بوصف الحل ‪ ،‬وهو‬
‫وجه ضعيف عندنا ‪ ،‬ومعناه أنها منافع جعلت في حكم‬
‫األجزاء ‪ ،‬وحرف المسألة أن منافع البضع عندهم أجزاء‬
‫حسا ‪،‬‬
‫حكما كما هي منافع ً‬
‫حكما ‪ ،‬وعندنا بل منافع ً‬
‫ً‬
‫والمسألة مقررة في الخالفيات ‪ ،‬ومن ثم نقول ‪ :‬يقبل‬
‫النكاح الفسخ بالعيوب كما يقبله عقد اإلجارة‪.‬‬
‫ونقول ‪ :‬وطء المشتري الجارية المشتراه مثل استخدامها‬
‫ال يمنع الرد بالعيب‪.‬‬
‫ونقول ‪ :‬الخلوة ال تقرر المهر ‪ ،‬ألن المعقود عليه‬
‫المنفعة ولم يتسوفها ‪ ،‬ومجرد الخلوة ال يقتضيها والحر‬
‫ال يدخل تحت اليد‪.‬‬
‫وهم لما قالوا ‪ :‬المعقود عليه عينها‪ .‬جعلوا تسليمها‬
‫نفسها مع التمكن بالخلوة ‪-‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬المائدة ‪.30‬‬
‫‪ 2‬النساء ‪.23‬‬
‫‪ 3‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 19 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫كافيا‪ .‬واألصل في المسائل كلها ‪ :‬أن قولنا ‪" :‬هذه‬
‫ً‬
‫المسألة حالل" ليس معناه كون الحل صفة عين عندنا ‪،‬‬
‫معقودا عليها ؛ بل إن االنتفاع بها‬
‫ً‬ ‫حتى تكون عينها‬
‫حالل‪.‬‬
‫وعندهم بل معناه أن العين حالل بناء على أن الحل من‬
‫صفات األعيان‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الحسن والقبح بمعنى ترتب المدح أو الذم عاجاًل ‪،‬‬
‫والثواب أو العقاب آجاًل ‪-‬شرعي وال عقلي ‪ ،‬خالفًا‬
‫للمعتزلة ومن وافقهم من فقهاء الفرق‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪ :‬منها ‪:‬‬
‫النجش حرام على الناجش وإ ن لم يعرف بالخبر الوارد‬
‫فيه‪.‬‬
‫قال بعض أصحابنا ‪ :‬ألن تحريم الخداع يعرف بالعقل ‪،‬‬
‫واعترضه الرافعي بأن ذلك ليس معتقدنا ‪ ،‬وأجبنا عنه‬
‫في شرح المختصر بأنه لم يقل ‪" :‬إن العقل حرم" حتى‬
‫يقال له ‪ :‬ليس ذلك معتقدنا ؛ بل إنه أدرك التحريم‬
‫وعرفه ‪ ،‬والعقل إدراك ال محالة واعلم أن ما عزاه‬
‫الرافعي إلى المختصر من أن الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫أطلق القول فيه بتعصية الناجش ‪ ،‬وشرط في البيع على‬
‫البيع للتأثيم العلم بالنهي‪ -‬لعله تبع فيها اإلمام فإنه عزال‬
‫إلى الشافعي ذلك لكنه لم ينص على ذكر المختصر ‪،‬‬
‫والذي في المختصر واألم اشتراط العلم بالنهي في‬
‫الموضعين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬من لم تبلغه الدعوة مضمون بالدية والكفارة وال‬
‫يجب القصاص على قاتله على الصحيح ؛ إذ ليس هو‬
‫مسلما‪.‬‬
‫ً‬
‫ومنها ‪ :‬إسالم الصبي الصحيح عندنا أنه ال يصح ‪ ،‬ألن‬
‫صحته فرع تقدم اإللزام به ‪ ،‬وال إلزام مع الصبي‬
‫شرعا‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل" يصح بناء على أن العقل‬
‫يوجب على الصبي والبالغ العاقلين"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال ينعقد نذر صوم يوم العيد وأيام التشريق وال‬
‫يصح صومه للنهي عنه‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪" :‬يصح" ألن مطلق‬
‫حسنا ‪ ،‬فيستحيل أن ينهي عنه‬
‫الصوم عبادة ‪ ،‬فيكون ً‬
‫لعينه ‪ ،‬فيجب صرف النهي إلى أمر وراءه كترك إجابة‬
‫الداعي مثاًل ‪ .‬قال ‪ :‬وال يلزم على هذا الصوم في‬
‫الحيض والنفاس ‪ ،‬فإن ذلك من باب النفي ال من باب‬
‫النهي ‪ ،‬ومعنى النفي إخبار الشرع بانعدام هذه العبادة‬
‫شرعا زمان الحيض ‪ ،‬لقيام المنافي وهو حدث الحيض‬
‫ً‬
‫والنفاس‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 20 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وأطال الحنفية في هذا ‪ ،‬وال يصح لهم فرق ‪ ،‬وما بالهم‬
‫مانعا‬
‫مانعا ‪ ،‬وال يعقلون كون العيد ً‬
‫يعقلون كون الحيض ً‬
‫وال احتجاج على الشرع فله أن يجعلهما مانعين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬شهادة بعض أهل الذمة على بعض ال تقبل ‪،‬‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪ :‬تقبل ‪ ،‬ألن المانع من القبول‬
‫تهمة الكذب ‪ ،‬وقبح الكذب ‪ ،‬ثابت عقاًل فكل متمسك بدين‬
‫يجتنبه‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫ذهب اإلمام فخر الدين إلى أن الحياة "قوة النفس والحركة‬
‫واعتدال المزاج" وهذا رأي لبعض الفالسفة‪ .‬والذي عليه‬
‫أئمتنا‪ .‬أنها معنى زائد على ذلك به ‪ ،‬يستعد العضو‬
‫لقبول الحس والحركة ؛ فهي عرض على كل قول ‪-‬ومن‬
‫ثم لو قال لها "حياتك طالق" ال تطلق وهو الصحيح‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫الصحيح احتياج الممكن ‪-‬في حالة بقائه‪ -‬إلى المؤثر‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اختالف الصفة هو كاختالف العين ؟ فيه نظر واحتمال‬
‫يتخرج عليه أنه هل يكفر منكرو صفات الباري سبحانه‬
‫وتعالى ؟‬
‫وقد أخذ ابن الرفعة الخالف في التكفير من اختالف قول‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه في من نكح امرأة على أنها‬
‫مسلمة فلم تكن ؛ فإن القول بالصحة ‪-‬وهو الصحيح‬
‫الجديد‪ -‬مأخذه أن المعقود عليه معنى ال يتبدل بالخلف‬
‫كاختالف العين ولو اختلفت العين كما لو قالت ‪:‬‬
‫زوجني من زيد ‪ ،‬فزوجها من عمرو ‪ ،‬لم يصح‪.‬‬
‫ووافقه الشيخ اإلمام على هذا التخريج إال أنه استشكله ‪-‬‬
‫فإن األصح فيما إذا قال ‪ :‬بعتك هذا الفرس وكان بغاًل ‪،‬‬
‫عدم الصحة‪.‬‬
‫ِ َِّ‬
‫ين اَل ُيْؤ ِمُن َ‬
‫ون‬ ‫ولقائل أن يقول في قوله تعالى ‪{ :‬قَاتلُوا الذ َ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫بِالله َواَل بِاْلَي ْوِم اَآْلخ ِر َواَل ُي َح ِّر ُم َ‬
‫ون َما َح َّر َم اللهُ‬
‫َو َر ُسولُهُ}‪ 1‬اآلية دالة على أن الجهل بالصفة جهل‬
‫بالموصوف ؛ وإ ال فهم يؤمنون باليوم اآلخر وإ ن كذبوا‬
‫الرسل ‪ ،‬وفي القرآن آيات صريحة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬التوبة ‪.29‬‬
‫صفحة ‪399 | 21 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫في أن أهل الكتاب يكذبون باليوم اآلخر مع أنهم يقولون‬
‫‪ :‬إنهم يؤمنون به‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫اختلف أئمتنا في أن األفعال المحكمة هل تدل على كون‬
‫عالما بها ؟‬
‫فاعلها ً‬
‫كذا عبارتهم فاعلها ‪ ،‬ولو قالوا ‪ :‬من صدرت على يديه‬
‫خيرا ؛ فإن تسميته فاعلها ‪-‬مع اختالفهم في أنه هل‬
‫كان ً‬
‫فعلها‪ -‬مما ال ينبغي‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فقد آل بهم خالفهم إلى اختالفهم في أن‬
‫النائم هل يفعل ؟‬
‫قال إمام الحرمين في الشامل ‪ :‬إن من سلك مسلك األدلة‬
‫‪-‬وزعم أن اإلتقان يدل على علم المتقن‪ .‬منع صدور‬
‫أفعال محكمة من النائم‪ .‬إلى أن قال ‪ :‬ومن أبطل طريق‬
‫االستدالل وأسند العلم إلى الضرورة لم يمتنع عنده‬
‫صدور أفعال محكمة من النائم‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬وهذا في األفعال الكثيرة المتقنة ؛ فأما القليل من‬
‫األفعال فلم يمنع أحد من أصحابنا أن يتصور من النائم‬
‫ذكره بعد ما نقل أن المعتزلة أجمعوا على النائم يفعل‬
‫القليل وأن القول فيمن استمرت به الغفلة كالقول في‬
‫المغمور في النوم‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬وذهب القاضي ‪-‬في جميع المحققين‪ -‬إلى أنا‬
‫نجوز وقوع القليل ‪ ،‬وال نقطع بأن الصادر من النائم‬
‫مقدور له ‪ ،‬بل يجوز أن تكون حركاته ضرورية وأن‬
‫تكون اختيارية ‪ ،‬وأطال اإلمام في هذا ‪-‬وعليه مسائل‬
‫منها ‪:‬‬
‫لو دبت صغيرة فارتضعت من كبيرة نائمة أخيل انفساح‬
‫النكاح على الصغيرة خالفًا للداركي‪.‬‬
‫أصل ‪:‬‬
‫نبحث فيه عن معنى السبب والعلة‪.‬‬
‫قد كثر تداول هاتين اللفظتين على لسان حملة الشريعة‪.‬‬
‫من المتكلمين واألصوليين والفقهاء واللغويين والنحاة ‪،‬‬
‫وربما وقع في بعض األذهان أن السبب هو العلة ‪ ،‬وليس‬
‫كذلك ؛ بل الفرق بينهما كامن عند أهل اللسان وأهل‬
‫الشرع ‪ ،‬أما أهل اللسان ‪ ،‬فقال اللغويون ‪ :‬السبب كل‬
‫سببا‪.‬‬
‫شيء يتوصل به إلى غيره ‪ ،‬ومن ثم سموا الحبل ً‬
‫وذكروا أن العلة المرض وحدث يشغل صاحبه عن‬
‫وجهه‪ .‬واعتل عليه بعلة [إذا]‪ 1‬إعاقته عن أمر ‪،‬‬
‫وكلمات يدور معناها على أمر يكون عنه أمر آخر‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" أن‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 22 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وال حرج عليك إذا قلت ‪ :‬أمر يؤثر في أمر آخر ألنك‬
‫هنا متكلم على المعنى اللغوي ‪ ،‬وألنا ال نعنى بالتأثير‬
‫االختراع بل ما عنه عادة األثر بال تخلف‪.‬‬
‫وذكر النحاة ما يؤخذ منه أنهم يفرقون بينهما حيث ذكروا‬
‫أن الالم للتعليل ‪ ،‬ولم يقولوا للسببية ‪ ،‬وقال أكثرهم ‪:‬‬
‫الباء للسببية ولم يقولوا للتعليل ‪[ ،‬وهذا تصريح بأنهما‬
‫غيران]‪.1‬‬
‫وقال ابن مالك ‪ :‬الباء للسببية والتعليل ‪ ،‬ومثل للسببية‬
‫َأخر ‪p‬ج بِ ِه ِمن الثَّمر ِ‬
‫ات ِر ْزقًا لَ ُك ْم}‪2‬‬ ‫َ ََ‬ ‫بقوله تعالى ‪{ :‬فَ ْ َ َ‬
‫ٍ ِ َِّ‬
‫ادوا َح َّر ْمَنا}‪.3‬‬ ‫وللعلة بقوله تعالى ‪{ :‬فَبِظُْلم م َن الذ َ‬
‫ين َه ُ‬
‫أيضا االستعانة ‪ ،‬ومعنى االستعانة غير معنى‬ ‫وذكروا ً‬
‫السب والعلة‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬اكتشف لي الغطاء عن ذلك ‪ ،‬لينفع في فهم ما‬
‫أنت بصدده‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الباء الداخلة على االسم ‪ ،‬الذي لوجوده أثر في‬
‫وجود متعلقها‪ -‬ثالثة أقسام‪ .‬باء االستعانة ‪ ،‬وباء‬
‫السبب‪ .‬وباء العلة‪.‬‬
‫مجازا‬
‫وذلك ألنها إن صح نسبة العامل إلى مصحوبها ً‬
‫أيضا‬
‫فهي باء االستعانة ‪ ،‬نحو كتبت بالقلم ‪ ،‬وتعرف ً‬
‫بأنها الداخلة على أسماء اآلالت‪.‬‬
‫وإ ال فإن كان المعلق إنما وجد ألجل وجود مجرورها‬
‫فهي باء العلة نحو "فبظلم" أال ترى أن وجود التحريم‬
‫غالبا‪.‬‬
‫ليس إال لوجود الظلم وتعرف بأنها الصالحة ً‬
‫لحلول الالم محلها‪.‬‬
‫غالبا ليخرج نحو غضبت له ‪ ،‬وغضب له‪ .‬وإ ال‬ ‫وذكر ً‬
‫َأخ َر َج بِ ِه ِم َن‬
‫يكن المتعلق كذلك فهي باء السببية نحو {فَ ْ‬
‫ات ِر ْزقًا َل ُك ْم} أال ترى أن إخراج الثمرات مسبب‬ ‫الثَّمر ِ‬
‫ََ‬
‫عن وجود الماء ولم يكن ألجل الماء بل ألجل مصلحة‬
‫العباد‪.‬‬
‫وبهذا التقسيم علمت أن باء االستعانة ال تصح في األفعال‬
‫المنسوبة إلى اهلل تعالى ؛ فهذا منتهى قول الناقلين عن‬
‫العرب‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬وفي "ب" قال ابن مالك ‪ :‬الباء للسببية والتعليل وهذا‬
‫تصريح بأنهما غيران‪.‬‬
‫‪ 2‬إبراهيم "‪."32‬‬
‫‪ 3‬النساء "‪."60‬‬
‫صفحة ‪399 | 23 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وأما أهل الشرع فالسبب والعلة يشتركان عندهم في‬
‫ترتيب السبب والمعلول عليهما ‪ ،‬ويفترقان من وجهين‪.‬‬
‫أحدهما ‪:‬‬
‫أن السبب ما يصلح الشيء عنده‪ .‬ال به والعلة ما يحصل‬
‫به‪.‬‬
‫وأنشد ابن السمعاني في كتاب القواطع على ذلك قول‬
‫الشاعر‪: 1‬‬
‫ألم تر أن الشيء للشيء علة يكون به كالنار تقدح بالزند‬
‫ولكنه اختار في تعريف السبب أنه ما يوصل إلى المسبب‬
‫مع جواز المفارقة بينهما‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وقيل إنه مقدمة يعقبها مقصود ال يوجد إال بتقدمها‬
‫وال أثر لها فيه وال في تحصيله ‪[ ،‬قال]‪ : 1‬وهذا كالحبل‬
‫سبب إلى [الوصول]‪ 2‬إلى الماء ثم الوصول بقوة النازح‬
‫ال بالحبل ‪ ،‬وكذلك الطريق سبب إلى الوصول إلى‬
‫المكان المقصود ثم الوصول بقوة الماشي ال بالطريق‪.‬‬
‫وحل القيد سبب لفرار المقيد ‪ ،‬والفرار بقوته ال بالحبل‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ويمكن االستدالل على ذلك بقوله تعالى ‪َ { :‬ك َذِل َك‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫َّ‬
‫ون}‪ 3‬فجعل‬ ‫ُي ْحيِي اللهُ اْل َم ْوتَى َو ُي ِري ُك ْم َآ َياته لَ َعل ُك ْم تَ ْعقلُ َ‬
‫ضرب القتيل بلحم بعض البقرة سبب الحياة ؛ فال أثر‬
‫لذلك في الحياة ‪ ،‬وكذلك ضرب موسى البحر بالعصا‪.‬‬
‫فدل هذا على أن السبب هو الموصل مع جواز المفارقة‪.‬‬
‫وأطال ابن السمعاني في تعريف السبب والعلة والشرط‬
‫بابا مستقاًل ‪.‬‬
‫وعقد لذلك ً‬
‫والثاني ‪ ،‬بأن المعلول يتأثر عن علته بال واسطة بينهما‬
‫والشرط يتوقف الحكم على وجوده ‪ ،‬والسبب إنما يفضي‬
‫إلى الحكم بواسطة أو وسائط‪.‬‬
‫ولذلك يتراخى الحكم عنها حتى تؤخذ الشرائط وتنتفي‬
‫الموانع‪.‬‬
‫وأما العلة فال يتراخى الحكم عنها‪ .‬إذا ال شرط لها ‪ ،‬بل‬
‫متى وجدت أوجبت معلولها باالتفاق حكى االتفاق أمام‬
‫الحرمين واآلمدي‪ 4‬وغيرهما ‪ ،‬ووجهوه بدالئل كثيرة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" للوصول‪.‬‬
‫‪ 3‬البقرة ‪.73‬‬
‫‪ 4‬علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي سيف‬
‫الدين اآلمدي شيخ المتكلمين في زمانه ومصنف األحكام‬
‫ولد بآمد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ‪ ،‬ويحكى عن‬
‫ابن عبد السالم أنه قال ‪ :‬ما تعلمنا قواعد البحث إال منه ‪،‬‬
‫وقال أبو المظفر بن الجوزي لم يكن في زمانه من‬
‫يجاريه في األصلين وعلم الكالم توفي رحمه اهلل في‬
‫صفر سنة إحدى وثالثين وستمائة‪.‬‬
‫قبان قاضي شهبة ‪ ، 79 /2‬وفيات األعيان ‪، 445 /2‬‬
‫شذرات الذهب ‪.144 /5‬‬
‫صفحة ‪399 | 24 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫فإن قلت ‪ :‬هذا إنما هو في العلة العقلية‪.‬‬
‫أبدا ال يفترقان إال في أن‬
‫قلت ‪ :‬الشرعية تحاكي العقلية ً‬
‫تلك موجبة بنفسها ‪ ،‬وهذه ليست موجبة‪ -‬فإن قلت ‪ :‬فما‬
‫معنى قولكم العلة الموجبة إذا كان اإليجاب للعلل على‬
‫أصولكم‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قال إمام الحرمين في الشامل ما نصه ‪ :‬ليس‬
‫المراد بقولنا العلة توجب المعلول ‪ ،‬أنها تثبته كما‬
‫تقتضي القدرة حدوث المقدور ؛ ولكنا أردنا باإليجاب‬
‫تالزم العلة والمعلول ‪ ،‬واستحالة ثبوت أحدهما دون‬
‫الثاني‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وهذا في الحقيقة هو الفرق األول الذي أشرنا إليه بين‬
‫العلة والسبب ؛ فإن المسبب ال يلزم السبب لجواز تخلفه‬
‫لمانع أو فقد شرط ‪ ،‬والعلة سالمة من ذلك ‪ ،‬فالمالزمة‬
‫أبدا‪.‬‬
‫فيها موجودة ً‬
‫وأما الفرق الثاني ‪:‬‬
‫فقد ذكره اإلمام في الشامل أيضصا قبل ذلك ‪ ،‬وحكى‬
‫عن المعتزلة أنهم قالوا [جميعهم]‪" 1‬يجوز وجود السبب‬
‫وانتفاء المسبب إذا تحقق مانع من وجود السبب"‪.‬‬
‫وأنهم قالوا ‪ :‬الحكم تحب مقارنته للعلة ‪ ،‬وال يجب‬
‫مقارنة السبب للمسبب ؛ بل يجب استنجازه عنه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وهو المعنى بقولنا ‪" :‬إن السبب ال يفضي إلى الحكم إال‬
‫بواسطة"‬
‫إذا عرفت هذا فقول النافذ طالقه ‪" :‬أنت طالق" ؛ فإنه‬
‫يستعقب ووقع الطالق من غير توقف على شرط‪ .‬وقوله‬
‫‪" :‬إن دخلت الدار فأنت طالق" سبب ؛ فإنه ال يفضي إلى‬
‫الحكم إال بواسطة دخول الدار‪.‬‬
‫مفقودا ‪ ،‬وال كذلك‬
‫ً‬ ‫منصوبا ‪ ،‬والمسبب‬
‫ً‬ ‫وترى السبب‬
‫العلة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بأجمعهم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 25 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وأعلم أن األصوليين لم يعتنوا بتحقيق الفرق بين العلة‬
‫والسبب ‪ ،‬وربما وقع في كالمهم أنهما سواء ‪ ،‬ألن‬
‫مقصدهم الوصف الذي ترتب بعده الحكم وله مدخل فيه‬
‫إنكارا منهم للفرق ‪ ،‬بل لما لم يحتاجوا إليه‬
‫‪ ،‬وليس ذلك ً‬
‫لم يذكروه ‪ ،‬وهو واقع ال محالة‪.‬‬
‫واستعمله الغزالي رحمه اهلل في الفقيات على نحو ما‬
‫أيدناها ‪ ،‬فقال في الجراح‪.‬‬
‫الفعل الذي له مدخل في الزهوق إن لم يؤثر في الزهوق‬
‫وال فيما يؤثر فيه فهو الشرط وإ ن أثر فيه وحصله فهو‬
‫العلة كالقد والجزء وإ ن لم يؤثر في الزهوق ولكن أثر في‬
‫حصوله فهو السبب كاإلكراه ‪ ،‬وال يتعلق القصاص‬
‫بالشرط ‪ ،‬ويتعلق بالعلة وكذا بالسبب على تفصيل فيه‪.‬‬
‫واعترضه الرافعي بأنه لم يف بهذا االصطالح في‬
‫سببا في الغصب‬
‫الشرط والسبب لكونه سمى الحفر ً‬
‫طا في الجراح‪.‬‬
‫وشر ً‬
‫طا في‬
‫وأجاب عنه ابن الرفعة بأنه إنما جعل الحفر شر ً‬
‫وسببا في الغصب ؛ ألن الضمان ترتب على‬
‫الجراح ً‬
‫الحفر إذا انعدمت التردية ‪ ،‬وفي الجراح ال يجب‬
‫القصاص به إذا انعدمت ‪ ،‬ويؤيده أنه في باب الديات‬
‫سببا لتعلق الدية به‪ .‬وهو جواب صحيح ‪،‬‬
‫جعل الحفر ً‬
‫حاصله أن الحفر صالح للسببية وللشرطية ‪ ،‬فإذا ترتب‬
‫طا ‪ ،‬والقصاص ال‬
‫سببا وإ ال كان شر ً‬
‫عليه المسبب كان ً‬
‫طا ‪ ،‬والضمان‬
‫سببا بل شر ً‬
‫يترتب فال يكون بالنسبة إليه‪ً .‬‬
‫سببا وهذا حسن ‪ ،‬وعند هذا‬
‫ترتب فيكون بالنسبة إليه ً‬
‫نقول ‪ :‬أعلم أن الوسائط بين األسباب واألحكام تنقسم‬
‫إلى مستقلة وغير مستقلة‪.‬‬
‫فالمستقلة بضاف الحكم إليها وال يتخلف عنها وهي‬
‫العلل‪.‬‬
‫وغير المستقلة ‪ :‬منها ما له مدخل في التأثير ومناسبة إن‬
‫كان في قياس المناسبات وهو السبب ‪ ،‬ومنها ما ال مدخل‬
‫له ‪ ،‬ولكن إذا انعدم ينعدم الحكم وهو الشرط بهذا يتبين‬
‫لك ترقي رتبة العلة عن رتبة السبب ‪ ،‬ومن ثم يقولون ‪:‬‬
‫إن المباشرة تقدم على السبب ‪ ،‬ووجهه أن المباشرة علة‬
‫‪ ،‬والعلة أقوى من السبب ‪ ،‬ومن ثم لو فتح زقًا بمحضر‬
‫من مالكه فخرج ما فيه والمالك يمكنه التدارك فلم يفعل‬
‫فوجهان‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬يضمن كما لو رآه يقتل عبده أو يحرق ثوبه فلم‬
‫يمنعه‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬ال ‪ ،‬والفرق أن القتل والتحريق مباشرة ‪ ،‬وفتح‬
‫الزق سبب‪ .‬والسبب يسقط حكمه مع القدرة على منعه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 26 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ونظير المسألة ‪ :‬إذا صالت عليه البهيمة ‪ ،‬وأمكنه‬
‫الهرب ولم يهرب ففي الضمان وجهان ‪ ،‬وقد يكون‬
‫الضمان في مسألة البهيمة أرجح منه في الزق ؛ ألن‬
‫اإلنسان قد تحصل له عند الصيال ‪-‬دهشة تشغله عن‬
‫الدفع‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫ال يسحب أن الشرط أضعف حااًل وأنزل رتبة من السبب‬
‫‪ ،‬بل الشرط يلزم من عدمه العدم ‪ ،‬وهو من هذه الجهة‬
‫أقوى من السبب ‪ ،‬إذا السبب ال مالزمة بينه وبين‬
‫المسبب‪ .‬انتفاء وثبوتًا ‪ ،‬بخالف الشرط‪.‬‬
‫ومن ثم قال القفال الكبير‪ .‬فيما نقله ابن السمعاني عنه ‪:‬‬
‫"الطريق في التمييز بين العلة والسبب والشرط أنا ننظر‬
‫مقارنا للشيء أو غير مقارن وال‬
‫ً‬ ‫إلى الشيء ؛ فإن جرى‬
‫تأثير للشيء فيه دل على أنه سببه ‪ ،‬وأما الشرط فهو ما‬
‫يختلف الحكم بوجوده وعدمه ‪ ،‬هو مقارن غير مقارن‬
‫للحكم كالعلة سواء ‪-‬إال أنه ال تأثير له فيه ؛ وإ نما هو‬
‫عالمة على الحكم من غير تأثير أصاًل ‪.‬‬
‫وقال ابن السمعاني ‪" :‬الشرط ما يتعين الحكم بوجوده"‪.‬‬
‫قال ‪ :‬والسبب ال يوجب تغيير الحكم ‪ ،‬بل يوجب‬
‫مصادفته وموافقته‪ .‬ثم ذكر كالم القفال الذي ذكرناه‪.‬‬
‫وليس مرادهما أنه يوجب الحكم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬الشرط إذا دخل على السبب ولم يكن‬
‫مبطاًل كان تأثيره في تأخير حكم السبب إلى حين وجوده‬
‫‪ ،‬وال في منع السببية‪.‬‬
‫مثاله ‪ :‬إذا قال ‪ :‬إن دخلت الدار فأنت طالق ‪ ،‬أو أنت‬
‫طالق [إن]‪ 1‬دخلت الدار فالسبب قوله ‪ :‬أنت طالق ‪،‬‬
‫مقدما كان‬
‫والشرط الداخل عليه‪ .‬وهو قوله ‪ :‬إن دخلت ‪ً ،‬‬
‫مؤخرا‪ .‬ال يؤثر شيًئا في قوله ‪" :‬أنت طالق" بل في‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫حكمه‪.‬‬
‫وإ نما قلنا ‪ِ :‬إنه ال يؤثر في "أنت طالق" ألن "أنت ط الق"‬
‫ثابت مع الشرط كما هو ثابت بدونه ‪ ،‬ولكن الشرط‬
‫أوقف حكمه ومنعه ؛ فكان أثر الشرط في منع حكم العلة‬
‫ال في نفس العلة ‪ ،‬بدليل أنه لو لم يقترن به الشرط ثبت‬
‫حكم العلة‪ .‬وربما عبروا عن هذا بأن الشرط ال يبطل‬
‫السببية ولكن يؤخر حكمها فالسبب ينعقد ولكن الشرط‬
‫يوقفه‪ .‬ويؤخر حكمه فإذا ارتفع الشرط عمل السبب‬
‫عمله‪ .‬ومن ثم يقولون ‪ :‬الصفة وقوع ال إيقاع‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 27 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ويقول الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل ‪ :‬إن دخلت الدار‬
‫فأنت طالق ‪ ،‬إنشاء للتعليق ال تعليق لإلنشاء ‪ ،‬ومعنى‬
‫هذا أن السببية انعقدت في الحال ‪ ،‬وحكمها تأخر‬
‫بمقتضى الشرط إلى وجود الصفة‪.‬‬
‫وأقول أنا ‪ :‬إذا دخلت الدار طلقت ‪ ،‬لكونه قال ‪ :‬إن‬
‫دخلت الدار فأنت طالق ‪ ،‬ال لكونها دخلت‪ .‬فأفهم هذا فلقد‬
‫أحدا منا ال يقول ‪ :‬إنها‬
‫ذهل عنه ذاهلون ‪ ،‬وأعلم أن ً‬
‫طلقت لدخولها ؛ بل إنما طلقت بالتعليق وحده لما انتفت‬
‫عنه الموانع‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فقد قال الفقهاء ‪ :‬التعليق مع الصفة تطليق‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ليس معناه أن الصفة جزء من التطليق ‪ ،‬بل إنها‬
‫شرط يوقف الحكم ويؤخر من أجلها وليس كل ما توقف‬
‫عليه الحكم علة وال جزء علة‪.‬‬
‫هذا هو الحق ‪ :‬فالعلة فعل الزوج فقط‪ .‬الذي يتصرف‬
‫تارة بالتنجيز وتارة بالتعليق وليس لفعل الزوج أثر‪.‬‬
‫وربما يقولو ‪ :‬الموقوف على دخول الدار ‪ ،‬الطالق ال‬
‫التطليق‪.‬‬
‫أيضا ‪ :‬المعلق الطالقية نزواًل ال الطالقية‬
‫وربما قالوا ً‬
‫سببا‪ .‬وقد عرفت ما يعنون بهذه العبارات كلها‪.‬‬ ‫ً‬
‫والحاصل أن تعليق الطالق عندهم بمنزلة من يتخير‬
‫الوكالة ويعلق التصرف على شرط ال بمنزلة من يعلق‬
‫أصل الوكالة‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬حاصل هذا الكالم أن التعليق إيقاع وتطليق ‪،‬‬
‫والمجزوم به ‪-‬في كالم اإلمام والغزالي والرافعي‬
‫والنووي ما نصه ومن لفظ الروضة نقلته "إن مجرد‬
‫التعليق ليس بتلطليق وال إيقاع وال وقوع"‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قد أطال الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل في كتاب‬
‫التحقيق ‪ :‬في مسألة التعليق الذي رد به على ابن تيمية‪1‬‬
‫وهو من نفائس كتبه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أبي‬
‫القاسم الخضر النميري الحراني الدمشقي الحنبلي أبو‬
‫العباس تقي الدين ابن تيمية شيخ اإلسالم ولد بحران كان‬
‫كثير البحث في فنون الحكمة داعية إصالح في الدين آية‬
‫في التفسير واألصول ‪ ،‬فصيح اللسان ‪ ،‬قلمه ولسانه‬
‫متقاربان له مصنفات عديدة انتفع بها أهل العلم على‬
‫مختلف منحاهم ‪:‬‬
‫الدرر الكامنة ‪ ، 144 /1‬البداية والنهاية ‪، 135 /4‬‬
‫النجوم الزاهرة ‪ ، 271 /9‬األعالم ‪.144 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 28 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫الكالم على جواب هذا بما حاصله أن ذلك ال يدفع كون‬
‫سببا وهو المدعي هنا‪.‬‬
‫التعليق ً‬
‫وصرح به األصحاب عند كالمهم على أن العزم عند‬
‫الرجوع ‪-‬هل هو على شهود التعليق أو الصفة ؟ فقالوا ‪:‬‬
‫التعليق موقع والصفة محل‪.‬‬
‫قال ‪ :‬والشافعية قد يمنعون إطالق اإليقاع على التعليق ‪،‬‬
‫العتقاد أن اإليقاع ‪ ،‬يستعقب الوقوع ‪ ،‬ال إلنكار كون‬
‫سببا‪.‬‬
‫التعليق ً‬
‫قال ‪ :‬وللمسألة التفات على مسألة التكوين والمكون‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪" :‬الشرط إذا دخل على‬
‫سببا في الحال"‪ .‬وربما قالوا ‪ :‬الشرط‬
‫السبب منع انعقاده ً‬
‫داخل على نفس العلة وأصلها ‪ ،‬ال على حكمها‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬والشرط يحول بين العلة ومحلها ؛ فال تصير علة‬
‫معه‪.‬‬
‫فحرف المسألة بيننا وبينهم أن الشرط هل يمنع انعقاد‬
‫مستندا‬
‫ً‬ ‫سبب الحكم حتى يكون الحكم عند انتفاء الشرط‬
‫إلى البقاء على األصل ال إلى انتفاء الشرط أو ال يمنع‬
‫انعقاد العلة بل يمنع وجود حكمها حتى يكون الدال على‬
‫انتفاء الحكم صيغة الشرط‪ .‬وهذا أصل عظيم في‬
‫الخالفيات‪ .‬عظم فيه تشاجر الفريقين ‪ ،‬وعليه مسائل‪.‬‬
‫منها ‪ :‬تعليق الطالق أو العتق بالملك باطل عندنا ؛ ألن‬
‫التطليق المعلق سبب وقوع الطالق ‪ ،‬والتعليق أثر في‬
‫تأخير حكمه مع بقاء سببه‪.‬‬
‫وإ ذا بقيت السببية لزم أن يكون المحل مملو ًكا ‪ ،‬فإن‬
‫اتصال السبب بالمحل المملوك شرط النعقاده ‪ ،‬ليكون‬
‫مفضيا إلى الحكم عند وجود الشرط‪.‬‬
‫ً‬ ‫السبب‬
‫ولهذا لو قال ألجنبية ‪ :‬إن دخلت الدار فأنت طالق لم‬
‫يصح ‪ ،‬ألن السبب ال يفضي إلى حكمه وإ ن وجد‬
‫الشرط‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬يصح ‪ ،‬ألن التطليق‬
‫سببا لوقوع الطالق فال يشترط‬
‫معلق بالشرط ‪ ،‬فلم يكن ً‬
‫يمينا ‪ ،‬ألنه إن قصد‬
‫له ملك المحل ‪ ،‬بل ينقعد التطليق ً‬
‫بها لمنع فهو موجود بوقوع الطالق عند وجود الشرط ‪،‬‬
‫وكذا إن قصد الطالق ‪ ،‬ألنه أضاف الطالق إلى الملك‬
‫صحيحا‪ .‬هذا حاصل كالمهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫مقيدا فانعقد‬
‫وكان كالمه ً‬
‫صفحة ‪399 | 29 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫فإن قلت ‪ :‬قرر لي وجه اشتراط كون السبب ال ينعقد‬
‫حتى يتصل بالمحل المملوك ؛ فإنه مما يتوقف فيه النظر‬
‫‪ ،‬إذ قد يقول قائل ‪ :‬ينعقد السبب وإ ن لم يتصل بمملوك‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال حاجة بك هنا إلى تقرير هذا ‪ ،‬بل يكفيك اتفاق‬
‫الفريقين عليه ؛ فإن اإلمامين متفقان عليه ‪ ،‬ولذلك اتفقا‬
‫فيما ول قال ألجنبية ‪" :‬إن دخلت الدار فأنت طالق" على‬
‫أنها ال تطلق ‪ ،‬وإ ن دخلت وهي زوجة ؛ وإ نما اختلفا في‬
‫أنه هل وجد السبب في صورة النزاع أو لم يوجد ؟‬
‫وبهذا يعلم أن من يحتج على الخصوم ‪ ،‬بما رواه أبو‬
‫داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ‪" :‬ليس على رجل‬
‫طالق فيما ال يملك وال عتاق فيما ال يملك وال بيع فيما ال‬
‫يملك"‪ 1‬ال تتم له الحجة حتى يثبت أن التعليق قبل الملك‬
‫كائن فيما ال يملك ‪ ،‬وإ ال فأبو حنيفة رضي اهلل عنه يقول‬
‫له ‪" :‬أنا قائل بموجب الحديث ‪ ،‬وأنا ال أجعل عملية‬
‫الطالق فيما يملك ألني ال أعقد السبب في الحال‪ .‬فتأمل‬
‫ذلك ‪-‬فيه‪ -‬تعرف مقدار معرفة مأخذ األئمة‪.‬‬
‫فلو اتفق اإلمامان على انعقاد السبب التفقا على عدم‬
‫الصحة ‪ ،‬أو على عدم انعقاده التفقا على الصحة ‪،‬‬
‫ولكنهما اختلفا ‪ ،‬فالشأن في تثبيت أحد القولين قبل‬
‫االستدالل بالحديث‪.‬‬
‫نعم ‪ :‬أصحابنا يروون من حديث أبي ثعلبة الخشني قال‬
‫‪ :‬قال لي عمل لي ‪ :‬أعمل لي عماًل حتى أزوجك ابنتي‬
‫فقلت ‪ :‬إن تزوجها فهي طالق ثالثًا ‪ ،‬ثم بدا لي أن‬
‫أتزوجها ‪ ،‬فأتيت النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فسألته فقال‬
‫لي ‪" :‬تزوجها ؛ فإنه ال طالق إال بعد نكاح" ‪ ،‬فتزوجتها‪.‬‬
‫فولدت لي أسعد وسعيد‪..2‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أخرج أحمد في المسند ‪ ، 190 /2‬وأبو داود في‬
‫السنن في كتاب الطالق‪ /‬باب في الطالق قبل ‪ ،‬النكاح‬
‫حديث "‪ ، "2190‬والترمذي ‪ 486 /3‬في الطالق باب‬
‫ما جاء ال طالق قبل النكاح "‪ ، "1181‬والنسائي في‬
‫السنن ‪ 12 /7‬في اإليمان والنذور ‪ ،‬والحاكم في‬
‫المستدرك ‪ 205 -204 /2‬في كتاب الطالق‪.‬‬
‫‪ 2‬الدارقطني في السنن ‪ 36 /4‬في كتاب الطالق "‪."97‬‬
‫صفحة ‪399 | 30 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ومن حديث ابن عمر عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ :‬أنه سئل عن رجل قال ‪ :‬يوم أتزوج فالنة فهي طالق ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬طلق ما ال يملك‪.1‬‬
‫وهذان ‪ :‬ال سيما الحديث الثاني ‪-‬صريحان في مذهبنا ‪،‬‬
‫وقد رواهما الدارقطني ؛ غير أن في سندهما مقال‪ .‬ولقد‬
‫تأملت هذه المسألة وأعملت فيها فكري واختبرت‬
‫قريحتي وتلوت ما عندي من العلم‪ .‬فلم أنته إلى ما يثلج‬
‫له الصدر من ظن غالب ؛ بل إن مذهب الشافعي رضي‬
‫رجحانا [لست]‪2‬‬
‫ً‬ ‫اهلل عنه ‪ ،‬في هذه المسألة عندي راجح‬
‫معه على ثقة من التزحزح بما يحدث من الشبهات‪.‬‬
‫أما رجحانه ‪ :‬فألني أظن أن حديث "ليس على الرجل‬
‫طالق فيما ال يملك"‪ .‬ظاهر فيما يتبادر إلى الفهم منه من‬
‫أنه ال يعلق إال من يطلق‪ .‬ومعتضد بهذين الحديثين وإ ن‬
‫كانا غير صحيحين وبما يؤيدهما من أحاديث آخر ‪،‬‬
‫وألني أظن أن الشرط ال يمنع انعقاد السببية‪.‬‬
‫غير أن ظني هذا ‪ ،‬دون ما ظننته من الحديث ‪ ،‬فلو‬
‫ترقت داللة الحديث عندي على مرامي ‪ ،‬إلى درجات‬
‫غلبة الظن لترقي بسببها ظني أن الشرط ال يمنع انعقاد‬
‫السببية استدالاًل بالفرع على األصل ‪ ،‬لكن لم يترق ‪،‬‬
‫وللبحث مجال في منع الشرط انعقاد السببية ؛ فهذه‬
‫المسألة مما استخير اهلل فيه وأسأله التوفيق لوجه‬
‫الصواب ‪ ،‬وأعرف رجحان مذهب الشافعي رضي اهلل‬
‫رجحانا ال أستطيع معه على الفتيا‬
‫ً‬ ‫عنه ‪ ،‬لكنه كما علمت‬
‫به‪ .‬ويتلوه مذهب اإلمام أحمد رضي اهلل عنه في إحدى‬
‫الروايتين "عنه" أنه يجوز تعليق العتق قبل الملك ‪ ،‬وال‬
‫يجوز تعليق الطالق فهو عندي أرجح من مذهب أبي‬
‫حنيفة ‪ ،‬لما عرف من التشوف إلى العتق ‪ ،‬ومن وقوعه‬
‫في غير مملوك بالسراية‪.‬‬
‫ويتلوه مذهب أبي حنيفة فيجواز تعليق األمرين ‪ ،‬ولوال‬
‫األحاديث الظاهرة في خالفه لكان عندي أرجح المذاهب‬
‫‪ ،‬ولوال أن صحيحها غير صريح في مرامنا ‪ ،‬وضعيفها‬
‫ال تنهض به الحجة لكان أضعف المذاهب‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬الدارقطني في السنن ‪ 16 /4‬في الطالق حديث "‬
‫‪ ، "47‬قال صاحب التنقيح ‪ :‬حديث باطل فيه أبو خالد‬
‫الواسطي هو عمرو بن خالد وهو وضاع ‪ ،‬وقال أحمد‬
‫ويحيى هو كذاب‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 31 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وأضعفها مذهب مالك رحمه اهلل ‪ ،‬فإنه فرق بين التعميم‬
‫والتخصيص ‪ ،‬وال وجه له فيما يتبين لي‪.‬‬
‫وأضعف من مذهب مالك مذهب ابن حزم‪ 1‬؛ فإنه وافق‬
‫أبا حنيفة على أن الشرط يمنع انعقاد السبب ‪ ،‬ثم زاد فقال‬
‫‪" :‬يمنعه مطلقًا" ‪ ،‬ومن قال ‪" :‬ال يقع الطالق المعلق‬
‫رأسا" وعليه أبو عبد الرحمن الشافعي المعتزلي‪2‬‬ ‫ً‬
‫ولعلهما خرقًا إجماع األمة‪.‬‬
‫وقد حاول الشيخ اإلمام القضاء عليهما بذلك في كتابه‬
‫التحقيق ‪ ،‬وذكر أن هذا الذي عليه ابن حزم ليس هو‬
‫مذهب إمامه داود ‪ ،‬وذكر أن مذهب شريح فيمن قال ‪:‬‬
‫"أنت طالق إن دخلت الدار" أنه يلزمه الطالق دخلت أم‬
‫لم تدخل‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وتلخص من هذا أن الشرط الداخل على السبب‬
‫قاطع له عند ابن حزم وأبي عبد الرحمن أحدهما يصير‬
‫لغوا ‪ ،‬ويقابله قول شريح ‪" :‬إنه يفسد في نفسه وال‬
‫الكالم ً‬
‫يعترض السبب فيعمل عمله"‪.‬‬
‫ولكن شريح يقصر على ما إذا بدأ بالسبب قبل الشرط ‪،‬‬
‫وال بقوله فيما إذا عكس فقال ‪" :‬إن دخلت فأنت طالق"‪.‬‬
‫وفقهاء الفرق ال يلغون الشرط‪ .‬ثم اختلفوا ‪ ،‬فأشدهم‬
‫إعمااًل [له]‪ 3‬الشافعي رضي اهلل عنه ‪ ،‬حيث قال ‪" :‬إنه‬
‫سببا في الحال"‪.‬‬
‫منتصب ً‬
‫سببا في ثاني الحال ‪ ،‬وأما‬
‫وأبو حنيفة يقول ‪" :‬سيصير ً‬
‫في الحال فال هو سبب وال هو منهي"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬اإلمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن‬
‫غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد‬
‫الفارسي األصل ثم األندلسي القرطبي اليزيدي ولد اإلمام‬
‫أبو محمد في آخر يوم في رمضان سنة أربع وثمانين‬
‫وثالثمائة بقرطبة‪.‬‬
‫قال الذهبي ‪ :‬كان ينهض بعلوم جمة ويجيد النقل ويحسن‬
‫النظم والنثر وفيه دين وخير ومقاصده جميلة ومصنفاته‬
‫مفيدة‪.‬‬
‫سير أعالم النبالء ‪ ، 194 /18‬البداية والنهاية ‪98 /12‬‬
‫‪ ،‬دائرة المعارف اإلسالمية ‪ ، 254 /1‬وفيات األعيان‬
‫‪.325 /3‬‬
‫‪ 2‬أبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى بن عبد العزيز‬
‫البغدادي‪.‬‬
‫حدث عن الشافعي والوليد بن مسلم الثقفي ‪ ،‬ابن السبكي‬
‫‪.64 /2‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 32 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ومنها ‪ :‬الصحيح عندنا ‪ ،‬في رجوع الشهود ‪-‬أن العزم‬
‫على شهود التعليق دون شهود ‪ ،‬الصفة في الطالق‬
‫والعتق ألن السبب‪.‬‬
‫وفي وجه ‪ ،‬رآه مذهب أبي حنيفة رضي اهلل عنه أنه‬
‫جميعا ‪ ،‬ولعل قائل هذا من مذهبنا يجعل الصفة‬
‫ً‬ ‫عليهم‬
‫جزء علة ‪ ،‬وهو احتمال للوالد رحمه اهلل ذكره في كتاب‬
‫"التحقيق" ثم صرح بأن األرجح أنه شرط فليس جزء‬
‫علة ‪ ،‬وهو الحق كما قدمناه‪.‬‬
‫ومنها قال ابن الحداد ‪ :‬إذا قال أحد الشريكين للعبد ‪ :‬إذا‬
‫دخلت الدار فنصيبي حر ‪ ،‬وقال اآلخر مثل ذلك فدخل‬
‫عنق "عليهما" ولم يحك صاحب البحر سواه ‪ ،‬ولو لم يكن‬
‫سببا في الحال لكان الوجه التفصيل بين أن‬
‫التعليق ينعقد ً‬
‫معا فاألمر كذلك‬
‫يقول الشريك بعد شريكه أواًل ؛ فإن قاال ً‬
‫‪ ،‬وإ ال فتأخر قول أحدهما يوجب سبق انعقاد قول صاحبه‬
‫سببا لنصيبه‪.‬‬
‫ً‬
‫فيشبه أن يقال ‪ :‬إذا دخل عتق على األول ‪ ،‬ألن السبب‬
‫موسرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫انعقد له قبل صاحبه ‪ ،‬فيسري عليه إذا كان‬
‫ومنها خيار الشرط يورث خالفًا ألبي حنيفة رضي اهلل‬
‫عنه أن الخيار ال يمنع نقل الملك ؛ بل الملك حاصل‬
‫وينتقل إلى الوارث ‪ ،‬والثابت بالخيار ‪ ،‬حق الفسخ‬
‫واإلمضاء ؛ وذلك حق شرعي أمكن انتقاله إلى الوارث‬
‫كما في الرد بالعيب‪.‬‬
‫وعندهم خيار الشرط صفة حسية تقوم بالمختار والثابت‬
‫به يشبه نقل الملك واستيفائه وهي صفة من صفاته تفوت‬
‫بفواته‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن كاًل من المتعاقدين مستبد بالفسخ في خيار‬
‫الشرط ‪ ،‬وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬غير مستبد ‪،‬‬
‫بل ال بد من حضور شريكه في العقد‪.‬‬
‫وحرف المسألة أن الخيار عندنا عبارة عن ملك فسخ‬
‫سببا للملك‪.‬‬
‫العقد ‪ ،‬وليس بمانع من انعقاد البيع ‪ً ،‬‬
‫وعندهم عبارة عن استيفاء أحد الجانبين‪.‬‬
‫سببا لنقل الملك في‬
‫ومنها ‪ :‬البيع بشرط الخيار ينعقد ً‬
‫الحال ؛ وإ نما يظهر تأثير الشرط في تأثير حكم السبب ‪،‬‬
‫وهو اللزوم الذي لوال دخول الشرط لثبت ‪-‬وهذا على‬
‫القول المنصور في الخالف‪ .‬وهو انتقال الملك إذا كان‬
‫الخيار لهما‪.‬‬
‫سببا لنقل‬
‫وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬ال ينعقد ً‬
‫الملك‪ .‬بل دخول الشرط‬
‫صفحة ‪399 | 33 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫سببنا في مدة الخيار ؛ فإذا سقط الخيار وزال‬
‫منع كونه ً‬
‫سببا‪.‬‬
‫الشرط انعقد حينئذ ً‬
‫وحرف المسألة ما ذكرناه من أن حقيقة الخيار عندنا ملك‬
‫فسخ ما ثبت ‪ ،‬وعنده استيفاء ما كان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬التكفير قبل الحنث يجوز عندنا النعقاد السبب ‪،‬‬
‫وال يجوز عندهم ال بالمال وال بالصوم ‪ ،‬ألن اليمين‬
‫سببا في حق‬
‫معلقة بالشرط ‪ ،‬وهو الحنث‪ .‬فال ينعقد ً‬
‫الكفارة حتى يوجد الحنث‪.‬‬
‫سببا تخلف عنه‬
‫وإ ذا تأملت هذه المسائل عرفت أنا غفلنا ً‬
‫مسببه لقيام مانع أو تخلف شرط ؛ فلم يمنع انعقاد‬
‫األسباب ‪ ،‬وإ ن تأخرت المسببات‪.‬‬
‫والخصوم لم يعقلوا ذلك فمنعوه ‪ ،‬ولعلهم ال يفرقون بين‬
‫العلة والسبب ؛ فمن ثم يقولون ‪" :‬ال يتأخر السبب عن‬
‫مسببه ‪ ،‬وال يتوقف على شرط [فإن المعلوم ال يتأخر‬
‫علته وال يتوقف على شرط]‪ 1‬صحيح‪.‬‬
‫وقد ذكر أئمتنا أن العلة الموجبة على القول بها ‪-‬ال‬
‫طا بشرط ‪ ،‬قال‬
‫يجوز أن يكون إيجابها لمعلولها مشرو ً‬
‫إمام الحرمين في الشامل ‪ :‬والخائضون في العلل متفقون‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫وأما قولهم ‪ :‬إن السبب والعلة سواء‪ .‬فلسنا نوافقهم عليه‬
‫؛ بل هما مفترقان ‪ ،‬وسنعقد لذلك مسألة على األثر ونبين‬
‫وجود السبب وانتفاء المسبب لمانع ‪ ،‬وال كذلك العلة‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬علمت األصل العظيم الذي عظم فيه تشاجر‬
‫الفريقين في الخالفيات وتبين لكل رأينا فيه ‪ ،‬وقد حاد‬
‫اإلمام عنه في الفرع الشهير ‪-‬وهو تعليق الوقف بالموت‬
‫ملخصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬ونحن نذكره‬
‫فنقول ‪ :‬استفتي في زمن األستاذ أبي إسحاق في رجل‬
‫قال ‪ :‬وقفت داري على المساكين بعد موتي ‪ ،‬فأفتى‬
‫األستاذ بوقوع الوقف بعد الموت وقوع العتق في المدير‬
‫وساعده أئمة الزمان‪ .‬قال اإلمام ‪ :‬وهذا تعليق على‬
‫التحقيق ‪ ،‬بل هو زائد عليه ؛ فإنه إيقاع تصرف بعد‬
‫الموت‪[ .‬قال الرافعي ‪ :‬وهذا كأنه وصية]‪ 2‬يدل عليه أن‬
‫في فتاوي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "أ" و المثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 34 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫راجعا عنه‪.‬‬
‫ً‬ ‫القفال أنه ‪ :‬لو عرض الدار على البيع صار‬
‫قال الشيخ اإلمام ‪ :‬وقول اإلمام ‪ :‬إنه تعليق على التحقيق‬
‫صحيح ؛ غير أن التعليق بالموت في التمليكات يصح‬
‫وصية [بالوقف]‪ 1‬فالوقف أولى ‪ ،‬وقوله ‪ :‬إنه زائد عليه‬
‫؛ فإنه إيقاع تصرف بعد الموت ‪ ،‬يقال له ‪ :‬الوصية‬
‫والتدبير كذلك ‪ ،‬والحق أنه ليس واحد منهما إيقاع‬
‫تصرف بعد الموت ‪ ،‬وذلك أن التعليق عندنا تصرف‬
‫ناجز اآلن ‪ ،‬وأثره يقع عند وجود الصفة ‪ ،‬وعند الحفية‬
‫يقدر كالنازل عند وجود الصفة ويرد عليهم التدبير‪.‬‬
‫فالذي قاله اإلمام ‪ :‬من أنه إيقاع تصرف بعد الموت ‪،‬‬
‫يشبه ما يقوله الحنفية ‪ ،‬والذي نص عليه الشافعي رضي‬
‫اهلل عنه وذكره األصحاب صحة الوقف كما أفتى به‬
‫األستاذ‪ .‬وكاد الشيخ اإلمام يدعي اإلجماع عليه ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫وإ ن كان ابن الرفعة حاول إثبات خالف فيه فذلك غير‬
‫صحيح ‪ ،‬قال ‪ :‬وينبغي أن تجعل هذه المسألة أصاًل من‬
‫األصول أعني تعليق الوقف بالموت ‪ ،‬قال ‪" :‬وال يخالف‬
‫فيها حنفي وال غيره"‪..‬‬
‫نقضا على أصلنا ‪:‬‬
‫فروع ‪ :‬قد يتخيل أنها ترد ً‬
‫منها ‪ :‬لو علق الراهن [على]‪ 2‬عتق المرهون بفكاك‬
‫الرهن ‪ ،‬نفذ عند الفكاك ‪ ،‬وإ ن لم ينفذ عتق الراهن‬
‫المنجز ‪ ،‬ألن مجرد التعليق ال يضر بالمرتهن وحين‬
‫يترك ال يبقى له حق‪.‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬كيف سوغتم تعليق من ال يملك التنجيز فإن‬
‫الراهن المعسر ال ينفذ عنقه على الصحيح وكذا الموسر‬
‫على قول‪.‬‬
‫والجواب ‪ :‬أن عدم نفاذه ليس إال لتعلق حق المرتهن ‪،‬‬
‫ولذلك لو أذن المرتهن نفذ ‪ ،‬فالمقتضى قائم ‪ ،‬ولكن منع‬
‫منه مانع لم يوجد في صورة التعليق ؛ فليس كالتعليق بل‬
‫الملك إذ ال مقتضى هناك ‪ ،‬ولو علق الراهن العتق بصفة‬
‫أخرى وحدت بعد فكاك الرهن ‪ ،‬فاألصح النفوذ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قال العبد لزوجته ‪ :‬إن فعلت كذا فأنت طالق‬
‫ثالثًا ثم عتق ثم فعلته ‪ ،‬فاألصح وقوع الثالثة ‪ ،‬والخالف‬
‫جار‪.‬‬
‫ولو علق فقال ‪ :‬إن عتقت فأنت طالق ثالثًا‪ .‬واألصلح‬
‫أيضا وقوع الثالثة‪.‬‬
‫ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 35 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫وال خالف في تعليق عتق الراهن بالفكاك أنه ينفذ ‪-‬‬
‫وفرق اإلمام بفرق خدش فيه الرافعي بما ال يخدشه ‪ ،‬وقد‬
‫أطال الشيخ اإلمام رحمه اهلل في شرح المهذب‪ -‬الكالم‬
‫عليه بما ال نطيل به‪.‬‬
‫وحاصل الفرق أن التعليق في الرهن مع قيام المقتضى‬
‫وفي الطالق قبله والشيخ اإلمام وشيخه ابن الرفعة‬
‫متفقان على صحة هذا الفرق مخالفان الرافعي في قوله ‪:‬‬
‫لعلك ال تنقاد إليه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬اإليالء ال يصح إال من زوج ؛ فلو حلف على‬
‫يمينا محضة‪ .‬فإن نكحها فال‬
‫ترك وطء أجنبية كان ً‬
‫إيالء‪ -‬وهذا جار على القاعدة في أن التصرف قبل‬
‫الملك الغ‪.‬‬
‫موليا وعليه السؤال‬
‫غير أن لنا وجهًا أنه إذا نكحها صار ً‬
‫فمن قائل ‪ :‬إن منزعه جواز التعليق في النكاح قبل الملك‬
‫وهو قول حكاه صاحب التقريب يوافق الحنفية ‪ ،‬وهذه‬
‫طريق اإلمام الغزالي‪ .‬وعلى هذا سقط السؤال‪.‬‬
‫ومن قائل ‪ :‬إنه جار مع القول بأن التعليق قبل الملك‬
‫باطل ‪ ،‬وهو قضية طريقة الرافعي ألنه احتج بأن اليمين‬
‫باقية وهي المانعة من الوطء ‪ ،‬وعليها صاحب التتمة‬
‫وكالم القاضي أبي الطيب في التعليقة ‪-‬دال لها‪ -‬فإنه‬
‫جزم بها الوجه في اإليالء مع تضعيفه للقول بالتعليق قبل‬
‫الملك‪.‬‬
‫غير أن الرافعي ذكر هذا الوجه الذي في اإليالء ‪-‬نسبة‬
‫ناسبون إلى رواية صاحب التقريب ‪ ،‬وصاحب التقريب‬
‫إنما روى التعليق قبل الملك فيما يظهر ؛ فالجمع بين أنه‬
‫رواه صاحب التقريب وأنه مفرع على المذهب جمع بين‬
‫ما في النهاية وما في التتمة وال يجتمعان فيما يظهر‪.‬‬
‫فرع ‪:‬‬
‫لقاعدة الشروط الداخلة على األسباب هو في نفسه أصل‬
‫من األصول الفقهية ‪ ،‬الشروط المعلق عليها كلها ‪ ،‬عند‬
‫اإلطالق تحمل على حياة الشخص المعلق ‪-‬ولك أن‬
‫تقولك الحياة شرط للشروط المعلق عليها ؛ فإذا قال ‪ :‬إن‬
‫دخلت الدار فأنت حر‪ .‬فال يعتق حتى يدخل الدار في‬
‫حياة السيد ‪ ،‬وإ ن مات انقطع حكم التعليق‪.‬‬
‫وقال مالك ‪ :‬ال ينقطع بل يعتق بدخوله بعد موت السيد ‪،‬‬
‫ولعل هذا منه مخالفة لهذا األصل على اإلطالق أو في‬
‫باب العتق بخصوصه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 36 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫استطرادا في كتاب‬
‫ً‬ ‫وهذه القاعدة ذكرها الوالد رحمه اهلل‬
‫اعتراض الشرط على الشرط‪ .‬وقد يعترض عليها بما إذا‬
‫قال ‪ :‬إن مت فأنت حر بعد موتي بشهر ؛ فإن حكم‬
‫التعليق ال ينقطع بالموت بل يتوقف العتق على انقضاء‬
‫الشهر ‪ ،‬وكذا إذا قال إن مت فأنت حر إن شئت ‪،‬‬
‫الصحيح يوقف العتق على مشيئة العبد بعد موت مواله‪.‬‬
‫أصل قاطع‪: 1‬‬
‫ال يجوز عقاًل اجتماع علتين على معلول واحد‪ .‬وهذا‬
‫مهدنا له في شرح المختصر ‪ ،‬وناضلنا عنه‬
‫األصل ً‬
‫وادعينا قيام القاطع عليه ‪ ،‬وحكمنا عليه بأن مخالفه‬
‫محجوج ببراهين العقول ‪ ،‬ونزلنا عليه من الفروع‬
‫الفقهية ‪ ،‬ما يرتفع عن همم الزمان‪ .‬وحظ هذا الكتاب أن‬
‫يقول ‪" :‬هذه قاعدة مضطردة منعكسة ال سبيل إلى‬
‫انتقضاها بشيء من الصور سواء عرفت هذه العلة‬
‫بالمؤثر أم بالعرف أم بالباعث ‪ ،‬وكالم العقالء في جميع‬
‫العلوم من المتكلمين واألصوليين والنحاة والفقهاء‬
‫متطابق على هذا ‪ ،‬وما هي عندي إال قاعدة كامنة في‬
‫أفئدة العقالء‪.‬‬
‫أما المتكلمون فواضح تطابق آرائهم عليها‪.‬‬
‫وأما النحاة ؛ فلو عددت لك ما يدل على ذلك ألكثرت‬
‫وخرجت عن مسائل الفقه ‪ ،‬ويكفيك قولهم ‪" :‬ال يجتمع‬
‫عامالت على معمول واحد"‪.‬‬
‫وأما الفقهاء فقد أكثرت في شرح المختصر من كالمهم ‪،‬‬
‫وسأتحفك هنا بمقدار نافع‪.‬‬
‫وأما األصوليون ‪ ،‬فاختالفهم فيه إنما نجده عند نظرهم‬
‫بعيدا عنها وجدت‬
‫في المسألة بخصوصها ثم إذا خاضوا ً‬
‫أفئدتهم تحوم حول المنع‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فقد وضح اختالفهم الشديد فيها وأكثر‬
‫المتأخرين ‪-‬منهم‪ -‬على الجواز‪.‬‬
‫قلت ‪[ :‬علم]‪ 2‬أنه رب قاعدة مستقرة في األذهان ‪ ،‬غائبة‬
‫عند المناظرة عليها عن العيانن بل يحاول اإلنسان ‪-‬إذ‬
‫ذاك ‪ ،‬دلياًل عليها فال يجده ‪ ،‬فيجنح ‪ ،‬إلى إنكارها ‪،‬‬
‫وحسه وعقله يكذبانه ولو أعطي التأمل حقه ورزق من‬
‫التوفيق ما يؤيده لوجد الدليل ‪ ،‬على ما هو مركوز في‬
‫طباعه إذا كان حقًا ‪ ،‬أو لحما اهلل ذلك من قبله إذا كان‬
‫باطاًل ‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬هذا األصل سقط من ب‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 37 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫ولست بالمطيل هنا في الكالم على ذلك بعد ما أطلت في‬
‫الشرح والعرض اآلن ‪ ،‬إنه ال يوجد ‪ ،‬وصفان ‪-‬‬
‫فصاعدا‪ -‬يحسن أن يضاف الحكم إلى كل منهما لو‬
‫ً‬
‫انفرد إال والحال إذا ذاك على وجهين‪.‬‬
‫أحدهما ‪:‬‬
‫أن يتعاقبا ‪ :‬وحينئذ فقد يضاف الحكم إلى الول منهما كما‬
‫في السببين إذا اجتمعا ؛ فقد قال األصحاب في الجراح ‪:‬‬
‫"يعول على األول منهما"‪ .‬وتكلمنا على ذلك في قاعدة‬
‫األسباب‪.‬‬
‫ونظيره في العبادات أنا نقول ‪ :‬من أحدث ثم أحدث حدثًا‬
‫على حدث لم يتخللهما طهارة أن الحديث الثاني لم يفعل‬
‫شيًئا‪.‬‬
‫ويظهر أثر ذلك ‪-‬إذا فرعنا على القديم في أن سبق‬
‫عمدا‬
‫الحدث ال يبطل الصالة ‪ ،‬أنه لو أخرج باقي الحدث ً‬
‫ثانيا فإنها‬
‫عمدا حدثًا ً‬
‫لم تبطل صالته ؛ بخالف ما لو ابتدأ ً‬
‫تبطل على الصحيح فيهما في تفاريع القديم‪.‬‬
‫وقد يضاف إلى الثاني فقط كما في اجتماع السبب‬
‫والمباشرة وقد يضاف إلى أخيلهما وأنسبهما سواء كان‬
‫األول أو الثاني‪.‬‬
‫جميعا ‪ ،‬ولئن أضيف‬
‫ً‬ ‫فعلى التقارير كلها ال يضاف إليهما‬
‫جميعا فاإلضافة إلى المجموع منهما ‪ ،‬وكل منهما‬
‫ً‬ ‫إليهما‬
‫جزء غلة ال علة مستقلة ‪ ،‬فال اجتماع لعلتين على معلول‬
‫واحد‪.‬‬
‫ولئن أضيف إلى كل منهما على سبيل االستقالل ولن‬
‫ترى ذلك إن شاء اهلل في صورة من الصور عن إمام من‬
‫أئمة الهدى ‪ ،‬فالصادر حكمان ال حكم واحد ‪ ،‬كل مضاف‬
‫إلى علته ؛ فال اجتماع لعلتين على معلول واحد‬
‫الوجه الثاني ‪:‬‬
‫معا ‪-‬وهو غمرة هذا البحر وموضع‬
‫أنه يوجد الوصفان ً‬
‫التحقيق من هذه المسألة‪ -‬فإما أن يبطل علمهما بالكلية ‪،‬‬
‫أو يعمل أنسبهما وأخيلهما إن كان فيهما أنسب وأخيل أو‬
‫يعمل واحد منهما ال بعينه أو يعمل مجموعهما ‪ ،‬أو يعمل‬
‫كل منهما ‪ ،‬ولكن يكون الناشئ حكمان ال حكم واحد‪.‬‬
‫فهذه خمس طرق ال سادس لها ‪ ،‬وليس في شيء منها‬
‫إعمال علتين مستقلتين ؛ بل إما [ال أعمال]‪ 1‬فال حكم‬
‫فرارا من العمل بعلتين ‪ ،‬وإ ما إعمال ولكن حكمان فال‬
‫ً‬
‫يعود‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب اإلعمال‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 38 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫على معلول واحد ‪ ،‬وإ ما [إعمال]‪ 1‬ولكن العلة واحدة ال‬
‫لعلل ‪ ،‬والشريعة على هذا جارية قادرة ‪ ،‬وفروع الفقه‬
‫عليه دائرة داره‪.‬‬
‫وأنا أضرب لك من األمثلة ما يوضح الفرض ‪ ،‬ويكشف‬
‫الصدى عن القلب ‪ ،‬وآتيك بصور لم تتهيأ إال لمن طوف‬
‫متون الفقهيات وخاض لججها‪.‬‬
‫وها أنا أفرد الطرق طريقًا طريقًا ‪ ،‬وهو [صنع]‪ 2‬ليس‬
‫من صنعي في شرح المختصر ‪ ،‬وإ ن كان ذلك أفحل‪.‬‬
‫[القول‪ 3‬في أحكام تتأخر عن أسبابها‪ .‬وال يمكن القول‬
‫بمقارنتها لها‪.‬‬
‫منها ‪ :‬بيع الخيار يتأخر فيه نقض الملك إلى انقضاء‬
‫الخيار على أحد األقوال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الطالق الرجعي مع البينونة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الوصية يتأخر نقلها في الملك في الموصي به‬
‫إلى بعد الموت‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬السلم والبيع إلى أجل تتأخر عنه المطالبة إلى‬
‫انتهاء األجل]‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫فيما ازدحم عليه علتان فكان ازدحامهما سبب دمارهما‬
‫وإ همالهما ولو على وجه‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬لو اتحد الخاطب وأوجب كل واحد من الوليين‬
‫معا صح على الصحيح ‪ ،‬ويتقوى كل واحد من‬
‫النكاح له ً‬
‫[اإليجابين]‪ 4‬باآلخر‪.‬‬
‫وحكى العبادي عن القاضي وغيره أنه ال يصح ؛ ألنه‬
‫ليس أحدهما أولى باالعتبار من اآلخر فتدافعا‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخنثى إذا أمنى من ذكره وحاض من فرجه ؛‬
‫فقد نص الشافعي رضي اهلل عنه على أنه اليبلغ ‪ ،‬وأنه‬
‫البلوغ له إال باستكمال خمس عشرة سنة‪.‬‬
‫ولكم تأول األكثرون هذا النص ‪ ،‬وكاد الشيخ اإلمام‬
‫[الوالد]‪ 5‬يجنح إلى ظاهر‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب اإلعمال‪.‬‬
‫‪ 2‬في ب صنيع‪.‬‬
‫‪ 3‬من قوله القول في أحكام يتأخر فيه إلى قوله انتهاء‬
‫األجل‪.‬‬
‫‪ 4‬في ب الجانبين‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 39 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول ومسائل متنوعة‬
‫النص فقال في باب الحجر ‪" :‬وقفت على النص ‪،‬‬
‫وتأويله صعب ‪ ،‬وقال في باب اإلقرار ‪ :‬تأويله [مشكل]‬
‫‪.1‬‬
‫ومنها ‪ :‬وكل اثنين في خلع امرأته ‪-‬هذا على ألف وهذا‬
‫معا‪ .‬بأن صدر خطابهما لها‬
‫على ألفين فأوقعها الخلع ً‬
‫معا ؛ فقالت ‪ :‬قبلت منكما أو كانت وكلت وكيلين فطلق‬
‫ً‬
‫كل واحد من وكيلي الزوج [مع واحد من وكيلي الزوجة]‬
‫‪ 2‬قال البغوي في الفتاوي ‪ ،‬ال يقع شيء ألن الخلع من‬
‫جانب الرجل معارضة ‪ ،‬فهو كما لو وكل وكياًل ببيع عبد‬
‫معا ال يصح‪.‬‬
‫فباعا ً‬
‫بألف وآخر ببيعة بألفين ً‬
‫ومها ‪ :‬إذا قال لشريكه الموسر ‪ :‬إذا أعتقت نصيبك‬
‫فنصيبي حر في حال إعتاقك‪.‬‬
‫فسنذكر هذا الفرع في مسائل العلة هل تفارق المعلول ‪،‬‬
‫وتذكر فيه احتمال اندفاع اللفظ‪ .‬ويمكن توجيه اندفاعه‬
‫بتزاحم العلتين اللتين تقتضي [كل منهما ما]‪ 3‬تقتضيه‬
‫األخرى ؛ فإنا ال ندري حينئذ عمن يقع العتق وال لمن‬
‫الوالء‪.‬‬
‫ويمكن توجيه أعمال السراية بأنها أقوى لكونها قهرية‬
‫فتكون من قسم أعمال األصل ‪ ،‬وإ لى هذا ذهب القفال‬
‫والشيخ أبو علي ؛ ولكن علاله بعلة أخرى سنذكرها في‬
‫تفارق العلة والمعلول‪ .‬ويمكن عكسه بأن اللفظ أقوى من‬
‫أيضا من أعمال [أخيل]‪ 4‬العلتين ‪ ،‬وهو‬
‫الحكم ‪ ،‬وهو ً‬
‫المنقول عن القاضي أبي الطيب في هذا الفرع كما‬
‫سيأتي في موضعه ‪ ،‬ونقله الروياني عن عامة‬
‫األصحاب‪.‬‬
‫_________‬
‫معا‪.‬‬
‫‪ 1‬في ب شكل ً‬
‫‪ 2‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 3‬في ب منهما مثل ما‪.‬‬
‫‪ 4‬في ب أحد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 40 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها ‪:‬‬
‫ولنبتدئ في ذلك بحديث "الخراج بالضمان" فأقول ‪ :‬قد‬
‫علل سيد األولين واآلخرين وأعلم الخلق أجمعين ‪-‬محمد‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬بأنسب العلتين عند‬
‫ازدحامهما‪ .‬وفي ذلك داللة على أنه ال يعلل بهما حينئذ ؛‬

‫وإ نما قلت ‪ :‬إنه علل باألخيل ‪ ،‬ألنه لما قال له الرجل‬
‫المردود عليه بعده بعيب ‪ ،‬بعد ما شاء اهلل أن يقيم عند‬
‫المشتري‪ .‬يا رسول اهلل ‪ :‬قد استعمل غالمي ‪ ،‬قال صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫الخراج بالضمان‪ ، 1‬يعني‪ .‬ما خرج من الشيء من عين‬
‫ومنفعة وغلة ؛ فهو للمشتري عوض ما كان عليه من‬
‫ضمان الملك ؛ فإنه لو تلف المبيع كان بضمانه ؛ فالغلة‬
‫له لتكون الغنم له في مقابلة الغرم‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬لو كان الخراج في مقابلة الضمان لكانت‬
‫الزوائد قبل القبض للبائع ‪ ،‬ثم العقد أو الفسخ ؛ إذ ال‬
‫ضمان حينئذ ‪ ،‬ولم يقل بذلك أحد ؛ وإ نما يكون له إذا تم‬
‫العقد‪.‬‬
‫فالجواب ‪ :‬أن الشيخ اإلمام رحمه اهلل ذكر في شرح‬
‫المنهاج أن الحكم قد يعلل بعلتين ‪ ،‬فالخراج يعلل قبل‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫القبض بالملك وبعده بالضمان والملك‬
‫قال ‪ :‬واقتصر صلى اهلل عليه وسلم على التعليل‬
‫بالضمان ألنه أظهر عند البائع وأقطع لطلبه واستبعاده‬
‫أن الخراج للمشتري ؛ فقيل له ‪ :‬إن الغنم في مقابلة‬
‫الغرم‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويجوز أن يكون النبي صلى اهلل عليه وسلم جعل‬
‫العلة بعد القبض الضمان وإ ن كانت قبل القبض الملك ‪،‬‬
‫ألنه لما ازدحم بعد القبض علتان ‪-‬وهما الملك والغرم‬
‫علل بأنسبهما وهو الغرم بخالف ما قبل القبض فإنه لم‬
‫يكن إال واحدة فاحتيج إلى أعمالها‪ .‬وهذا ما أوردناه‬
‫للتنبيه عليه‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬لو كانت العلة الضمان لزم أن تكون الزوائد‬
‫للغاصب ‪ ،‬ألن ضمانه أشد من ضمان غيره ‪ ،‬وما كانت‬
‫العلة أنسب وأشد إال وكان الحكم فيها أولى ‪ ،‬وهذا بحر‬
‫إلى مذهب أبي حنيفة رحمه اهلل‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬المعنى بالضمان ها هنا ضمان الملك ال مطلق‬
‫الضمان ؛ وذلك مقرر في مكانه ‪ ،‬وهذا وضع المذهب‬
‫وعلى أرباب الخالف تقريره ‪ ،‬وكان الغرض منه‬
‫التطرف إلى أنه ال ينبغي ‪-‬عند اجتماع وصفين أحدهما‬
‫أنسب‪ -‬أن يقال هما علتان ؛ بل العلة األنسب فإن طلب‬
‫منا دليل شرعي‪ p‬؛ فحسبنا صنيع رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وعلى هذا عمل الفقهاء وإ ليه أشار الرافعي‬
‫في كتاب الطهار في الكالم على تكفير الكافر باإلعتاق‬
‫لما تكلم على قول‬
‫_________‬
‫‪ 1‬الشافعي في المسند ‪ 144 /2‬في البيوع باب فيما نهى‬
‫عنه من البيوع "‪ "481‬وأحمد في المسند ‪-80 -49 /6‬‬
‫عبدا‬
‫‪ 116‬وأبو داود في البيوع‪ /‬باب فيمن اشترى ً‬
‫عيبا "‪ "3510 /3508‬والترمذي ‪/3‬‬
‫فاستعمله ثم وجد به ً‬
‫‪ 852 -581‬في البيوع باب ما جاء فيمن يشتري العبد‬
‫عيبا "‪ "1286 /1285‬وقال حسن‬
‫ويستغله ثم يجد به ً‬
‫صحيح ‪ ،‬النسائي ‪ 254 /7‬في البيوت‪ /‬باب الخراج‬
‫بالضمان "‪ ، "2243‬الحاكم ‪ 15 /2‬وصححه وأقره‬
‫الذهبي‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 41 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫تغليبا‬
‫الغزالي ‪" :‬يصح اإلعتاق واإلطعام من الذمي ً‬
‫تغليبا لجهة الغرامات ‪-‬‬
‫لجهة الغرامات ؛ فقال ‪ :‬قوله ً‬
‫أشار به إلى ما ذكره اإلمام ‪ :‬إن الكفارة فيها معنى‬
‫العبادات لما يتعلق بها من اإلرفاق ‪ ،‬وفيها معنى‬
‫المؤاخذات والعقوبات ‪ ،‬وغرضها األظهر اإلرفاق ‪ ،‬وما‬
‫يناط بسببين األظهر منهما يستقل ‪ ،‬كالحد فإنه ممحص‬
‫ممحصا‬
‫ً‬ ‫زاجرا ‪ ،‬وإ ن لم يكن‬
‫ً‬ ‫وزاجر ويجب على الكافر‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وما نقله عن اإلمام كذلك ‪-‬رأيته في النهاية ‪ ،‬وعزاه إلى‬
‫األصحاب [فقال]‪: 1‬‬
‫قال األصحاب ‪ :‬العبادات المالية يتعلق بها غرض‬
‫اإلرفاق وسد الحاجات والتقرب إلى اهلل تعالى والغرض‬
‫األظهر منها اإلرفاق ‪ ،‬وما نيط بسببين قد يستقل‬
‫بأظهرهما ‪ ،‬كالحد يمحص ويزجر ثم يثبت على الكافر‬
‫ممحصا‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ً‬ ‫زاجرا وإ ن لم يكن‬
‫ً‬
‫ولك أن تقول هذا‪ -‬من اإلمام [يحسن]‪ 2‬لكونه يمنع‬
‫شرط اجتماع علتين ؛ فإذا اجتمع وصفان أحدهما أظهر‬
‫تعلق به ال محالة‪.‬‬
‫أما الغزالي والرافعي فيما يظهر فال يمنعان ذلك ؛ فقد‬
‫جرى اإلمام على أصله ‪ ،‬وجرهما استباعه فاقتفيا أثره‬
‫وكثيرا ما يقع مثل ذلك للمقتفين‬
‫ً‬ ‫وغفال عن أصلهما ‪،‬‬
‫آثار مشايخهم يخالفونهم في أصل ثم يغلبهم األلف على‬
‫ما تلقفوه منه فيجرون معه في التفريع‪.‬‬
‫فإذا قلت ‪ :‬فحينئذ ال متعلق لك ‪ ،‬إذ هذا الصنيع صنيع‬
‫اإلمام [وحده]‪ 3‬فمن أين يثبت لك أنه إذا اجتمع وصفان‬
‫تعلق بأظهرهما‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قد نقله عن األصحاب وعزوه إلى األصحاب‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬لم يذكرها الرافعي ‪ ،‬وأقول ‪ :‬إن نص الشافعي‬
‫يؤيد ذلك ؛ إذ قال رضي اهلل عنه في األم بعدما ذكر أن‬
‫الذي إذا زنى يحد ما نصه ‪ :‬والحدود كفارة للمسلمين ‪،‬‬
‫طا في أصول‬
‫ونحن نحده إذا زنى انتهت‪ .‬وسيأتي مبسو ً‬
‫الفقه ‪ ،‬فانظر كيف جعل العلة في حد المسلم‪ .‬التكفير ‪،‬‬
‫وال كذلك حق الكافر‪[ .‬فإن قلت إذا نقله]‪ 4‬عن‬
‫األصحاب‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب فقد قال‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 3‬في ب معه‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 42 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫تبعا‬
‫فما جر الغزالي والرافعي على استتباعه بل ً‬
‫لألصحاب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬األصحاب لما ظهر من صنيعهم التعليق بأنسب‬
‫الوصفين دلنا ذلك منهم على أن العلتين ال يعمالن جملة‬
‫‪ ،‬وإ ن ذلك مركوز في طباعهم السليمة كما قدمناه ؛ فمن‬
‫منع اجتماع علتين نفعة ذلك ولم يحتج إلى اعتذار عنه‬
‫بخالف المجوز كالغزالي‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ثم ما ادعيته من التعليل بأخيل الوصفين هو صنيع‬
‫أصحابنا قاطبة ‪ ،‬عراقيين وخراسانيين ؛ وذلك في‬
‫مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬القاتل المرتد ازدحم على قتله علتان ‪ :‬القتل فنأخذ‬
‫قصاصا ‪ ،‬والردة فنأخذه تطهير لألرض من المفسدين ‪-‬‬
‫ً‬
‫وال يمكن إعمالهما لضيق المحل عنهما ‪ ،‬ولو ارتفع‬
‫أحدهما بأن يتوب عن ردته أو يعفو عنه ولي الدم‪-‬‬
‫لعملت األخرى عملها‪.‬‬
‫غير أن الغرض ازدحام العلتين ‪ ،‬فنعمل علة القصاص‬
‫ونسلمه إلى ولي الدم ‪ ،‬والسر في ذلك أن غرض الشارع‬
‫من تطهير األرض من المفسدين حاصل بإزهاق روحه‬
‫بأي طريق فرض ‪ ،‬وغرض ولي الدم من التشفي ال‬
‫يحصل إال بمباشرة القتل ‪ ،‬فيسلم إليه‪.‬‬
‫ولم يقل أحد بأعمال العلتين وأن القتل يقع عن األمرين‪.‬‬
‫ونظيره لو قطعت يمناه ووجب فيها القصاص ثم سرق‬
‫سرقة توجب القطع ‪ ،‬قال اإلمام في النهاية قبيل كتاب‬
‫األشربة ؛ فقد ازدحم على يمناه الحد والقصاص ‪ ،‬ولكن‬
‫القصاص يقدم وهذا متفق عليه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ومنها لو اجتمع عليه قطع السرقة وقطع المحاربة ‪ ،‬فقد‬
‫ازدحم عليه علتان ‪ ،‬وهما حقان هلل تعالى‪ .‬فقد يقول‬
‫القائل فيمن قدمناه ‪-‬من القاتل المرتد والسارق الذي‬
‫وجب عليه القصاص في اليد‪ -‬إنما قدم القصاص لتغليب‬
‫حق اآلدمي ‪ ،‬فإن حق اهلل في العقوبات يتعرض للسقوط‬
‫بالشبهات‪.‬‬
‫فنقول ‪:‬‬
‫أواًل ‪ :‬هذا ال يضرنا ‪ ،‬فإن غرضنا أن ال يعمل العلتان‬
‫ولنقدم أحدهما بأي طريق اتجه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 43 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫ثانيا ‪ :‬قد أتيناك بصورة ألحقنا فيها من جنس واحد ‪ ،‬وقد‬
‫ً‬
‫قال األصحاب ‪ :‬تقطع يده اليمنى للسرقة‪ .‬وربما قالوا ‪:‬‬
‫للمحاربة‪.‬‬
‫وهذا برهان واضح لدرء العلتين وتبين أثره في قطع‬
‫الرجل مع اليد فاختلفوا فيه على وجهين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬يؤخر إلى أن تندمل اليد ‪ ،‬ألنها مقطوعة‬
‫للسرقة والرجل للمحاربة ‪ ،‬وال مواالة بين حدين ‪ ،‬قال‬
‫إمام الحرمين ‪ :‬وكان ال يستحق في الحد إال الرجل‪.‬‬
‫وأصحهما ‪-‬و هو المنصوص‪ -‬يقطع وال مباالة‬
‫بالمواالة كما لو لم يوجد إال المحاربة ‪ ،‬قال الرافعي ‪:‬‬
‫إدارجا لقطع السرقة‬
‫ً‬ ‫والقطعان قد نجعلهما عن المحاربة‬
‫في قطع المحاربة‪.‬‬
‫وقد نقول ‪ :‬هذا عن السرقة ‪ ،‬وهذا عن المحاربة ‪ ،‬لكن‬
‫العضوين مقطوعان كما لو لم يوجد إال المحاربة ‪،‬‬
‫فزيادة الجناية ال تمنع من المواالة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫فانظر كيف كان كالمه بين احتماالت ليس منها إعمال‬
‫العلتين ‪ ،‬ولم أجد ألحد من أصحابنا تشبثًا بإعمال العلتين‬
‫غير صاحب التنبيه ؛ فإن عبارته ‪" :‬قطعت يده اليمنى‬
‫للسرقة والمحاربة" وهي محمولة على ما ذكره في‬
‫المهذب حيث قال ‪ :‬وهل تجوز المواالة ؟ فيه وجهان‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬الجواز ‪ ،‬ألن قطع الرجل مع قطع اليد حد‬
‫واحد فجاز المواالة بينهما‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ال يجوز قطع الرجل حتى تندمل اليد فإن قطع‬
‫الرجل لقطع الطريق وقطع اليد للسرقة وهما سببان‬
‫مختلفان ؛ فال توالي بين حديهما‪.‬‬
‫فانظر كالمه رحمه اهلل ما أحسنه قد بين فيه أنه لم تعمل‬
‫العلتان ‪ ،‬وتحصلنا منه على اختالف بين أصحابنا في أن‬
‫اليد تقطع للسرقة أو المحاربة وعليه ينبني قطع الرجل‬
‫معها‪ -‬قبل االندمال ‪ ،‬فمن قال ‪ :‬تقطع للمحاربة لم‬
‫يرتب في قطع الرجل معها‪.‬‬
‫وأما من قال ‪" :‬تقطع للسرقة" فيحتمل أن تؤخر لئال يقع‬
‫توالي بين حدين ‪ ،‬ويحتمل أن يقال ‪ :‬ال تؤخر ؛ ألنه لو‬
‫لم يقطع للسرقة لقطع للمحاربة وقطعت الرجل ‪ ،‬وزيادة‬
‫الجناية ال تمنع المواالة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اشترط المتبايعان الخيار ثالثًا فقد يتخيل ‪-‬ما‬
‫لم يفترقا‪ -‬اجتماع خيار المجلس وخيار الشرط وفي‬
‫المسألة وجهان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 44 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫أحدهما ‪ :‬قال اإلمام في آخر باب الشرط ‪ :‬الذي يفسد‬
‫البيع وإ ليه ميل النص أكثر وقال الماوردي ‪ :‬إنه ظاهر‬
‫المذهب أن ابتداء خيار الشرط في حين التفرق‪.‬‬
‫وعلى هذا فقد قدم خيار المجلس عند االزدحام ‪ ،‬وما ذلك‬
‫إال ألنه أنسب ‪ ،‬ألنه ثابت بالشرع ‪ ،‬وما يثبت بالشرع‬
‫أولى مما يثبت بالشرط وهذه قاعدة [سنذكرها إن شاء اهلل‬
‫تعالى]‪.1‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اشترى المستأجر العين المستأجرة ففي‬
‫انفساخ إجارته وجهان ‪ :‬قال ابن الحداد ‪ :‬تنفسخ ‪-‬قال‬
‫الرافعي ‪ :‬ويعبر عن هذا بأن اإلجارة والملك ال‬
‫يجتمعان‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وليس كذلك‪ .‬فإن هذا التعبير يستدعي أن يمتنع‬
‫طريان اإلجارة على الملك كما امتنع عكسه عند ابن‬
‫الحداد ‪ ،‬وابن الحداد ال يقول به كما بينته في كتاب [لي]‬
‫‪ 2‬في هذه المسألة سميته "رفع المشاجرة في بيع العين‬
‫المستأجرة" وبينت أن المحذور عند ابن الحداد أن‬
‫اجتماعهما على وجه خاص وهو أن يملك ثم يكتري ‪،‬‬
‫وال عكسه‪.‬‬
‫وفيه مباحث تتعلق بما نحن فيه ال بأس بالوقوف عليها ‪،‬‬
‫فلتقع اإلحالة عليها ‪ ،‬واالكتفاء باإلشارة هنا إليه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو استولد مدبرته ‪ ،‬فالذي أورده أكطثر سلف‬
‫األصحاب وخلفهم أنه يبطل التدبير ‪ ،‬ألن االستيالء‬
‫أقوى ‪ ،‬فيرتفع به األضعف كما يرتفع النكاح بملك‬
‫اليمين‪.‬‬
‫ومنها تدبير المستولدة ‪ ،‬فإنهال يصح ‪ ،‬ألن االستيالد‬
‫أقوى من التدبير ‪ ،‬وقد ذكرنا هذا في أوائل الكتاب في‬
‫قاعدة "أن الثاتب بالشرع أولى من الثابت بالشرط"‬
‫وشبهناه [من نذر]‪ 3‬أن يأتي بالفرائض‪ .‬وقد قال‬
‫األصحاب قاطبة ال يصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قالت المرأة لزوجها طلقني بكذا ‪ ،‬وارتدت‬
‫عقب سؤالها فأجابها على االتصال بحيث تقارن زمان‬
‫الردة وزمان الجواب ‪ ،‬فقد وجد سببان للبينونة في زمان‬
‫واحد‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "أ" والمثبت من "ب" ‪ ،‬وبعد ذلك بياض في‬
‫ب‪.‬‬
‫‪ 2‬في كتاب لي صنفته‪.‬‬
‫‪ 3‬في ب شبهناه بالمرتد وأن يأتي بالفرائض‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 45 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫قال الوالد رحمه اهلل تعالى في باب الخلع ‪" :‬الذي يظهر‬
‫ثبوتها باالنفساخ في زمن الردة واندفاع الطالق والمال"‪.‬‬
‫كالما في ذلك ؛ وإ نما أطلقوا أنه‬
‫قال ‪ :‬ولم أر لألصحاب ً‬
‫إذا أجابها على االتصال وكان قبل الدخول ‪ ،‬تعجلت‬
‫الفرقة بالردة ‪ ،‬وال يقع الطالق ‪ ،‬وال يلزم المال‪.‬‬
‫وقيد الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل هذا بما إذا سبقت‬
‫الردة الجواب‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وإ ن سبقها الجواب فال شك في وقوع الطالق‬
‫ولزوم المال ‪ ،‬وال أثر للردة لتأخرها ‪ ،‬ولو تقارنا فقد‬
‫ذكرناه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬شرط مقتضى العقد ال ينفع وال يضر ‪ ،‬وذكر‬
‫المحاملي أنه صحيح ؛ فإن عنى أن ذكره ال يفسد العقد‬
‫فحق ‪ ،‬وإ ن عنى أنه يؤثر شيًئا فغير مسلم‪ .‬وقد تكلمنا‬
‫عليه في شرح المختصر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬عبد مشترك بين مالكين وكل أحدهما صاحبه في‬
‫عتق نصيبه ؛ فقال نصفك حر ‪ ،‬ولم يرد نصيبه وال‬
‫نصيب شركيه ‪ ،‬بل أطلق ؛ فقد ازدحم على [عتق]‪1‬‬
‫نصف مبهم علتان متى عملت إحداهما بطلت األخرى‬
‫فعلى أي النصفين يحمل ؟‬
‫فيه وجهان ‪ :‬قال النووي لعل أقواهما الحمل على‬
‫النصف المملوك ال الموكل فيه‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد يوجه بأن تصرفه فيما هو ملكه أتم ؛ فكانت‬
‫علته أنسب وأخيل ‪ ،‬وال يتصور في هذه المسألة ‪،‬‬
‫جعلهما جزء علة ‪ ،‬وال أن العلة أحدهما‪.‬‬
‫ونظير المسألة ‪-‬وكل المرأة في الخلع إذا أطلق ولم‬
‫يضف إليها وال إلى نفسه وال نوى شيًئا ‪ ،‬قال الغزالي ‪:‬‬
‫يحمل على الوكالة ‪ ،‬وللرافعي فيه بحث‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬الحمل على الوكالة هنا أرجح منه في مسألة‬
‫العتق ‪ ،‬ألن خلع األجنبي نادر بخالف الوكيل ‪ ،‬وال‬
‫كذلك عتق المالك ‪ ،‬ألن عتق المالك أسرع إلى النفوذ ‪،‬‬
‫إذ ال مدفع له ‪ ،‬بخالف الوكيل ‪ ،‬الحتمال أن يكون عزل‬
‫شرعا فيحمل على المالك‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬والعتق منسوب إيه‬
‫ومنها ‪ :‬إذا كان للوارث دين على الميت وليفرض في‬
‫حائز ليتضح وال يتوقف معه الفهم‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب غير‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 46 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫فنقول ‪ :‬من له دين من الحائزين في ذمة موروثه قد‬
‫يتخيل ازدحام ملكه لما ورثه الميت بسببين اإلرث‬
‫والدين ‪-‬والحق أنه إنما يرثه باإلرث ال بالدين ؛ ألنه‬
‫جهة اإلرث أقوى ‪ ،‬وال تتوقف على شيء ‪ ،‬وجهة الدين‬
‫تتوقف على إقباض وتعويض ‪ ،‬وهما متعذران ألن‬
‫التركة ملكه‪ .‬وهنا واقعة ‪ :‬وهي أنه يسقط من دين‬
‫أبدا ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين ولو كان‬
‫الوارث ً‬
‫ألجنبي وهو نسبة إرثه من الدين إن لم تزد على التركة ‪،‬‬
‫وما يلزم الورثة أداؤه منه [إذا]‪ 1‬زاد ويستقر له نظيره‬
‫من الميراث ‪ ،‬ويقدر أنه أخذه ثم أعيد إليه عن الدين ‪،‬‬
‫ويرجع على بقية الورثة ببقية ما يجب أداؤه منه على‬
‫قدر حصصهم ‪ ،‬وقد يفضي األمر إلى [التفاضل]‪ 2‬إذا‬
‫حائزا وال يدين‬
‫كان الدين لوارثين ؛ فإذا كان الوارث ً‬
‫لغيره ودينه مساو للتركة أو أقل سقط ‪ ،‬وإ ن زاد سقط‬
‫مقداره وبقي الزائد‪.‬‬
‫هكذا حققه الشيخ اإلمام ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في تصينف له في‬
‫الواقعة سماه "منية الباحث عن دين الوارث"‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ويأخذ التركة في األحوال إرثًا [وقيل]‪ 3‬يقدر أنه‬
‫دينا ‪ ،‬ألن الدين مقدم ‪ ،‬ويسقط لدخول التركة في‬
‫أخذها ً‬
‫ملكه ‪ ،‬فإن الدين ال يمنع اإلرث ‪-‬ويستحيل ثبوت‬
‫الشخص على نفسه ‪ ،‬فأحوجنا ملكه لها‪ -‬ومن جملتها‬
‫الدين ‪ ،‬ألنه يرث الدين كما يرث العين ‪ ،‬إلى تقدير‬
‫االنتقال ‪ ،‬وهو تقدير محض ال حقيقة له‪.‬‬
‫هكذا قرره الشيخ اإلمام وغلط فيه فقفهاء زمانه قاطبة‬
‫واستشهد عليه بقول ابن الحداد وغيره‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫فيما يظن فيه ازدحام علتين أعمل أضعفهما‪.‬‬
‫قال األصحاب ‪ :‬من ختن الصبي ‪-‬من ولي أو أجنبي‪-‬‬
‫في سن ال يحتمله لزمه القصاص إال األب والجد ‪ ،‬قال‬
‫الرافعي ‪ :‬للبعضية ‪ ،‬ولك أن تقول ‪ :‬لو كان انتفاء‬
‫القصاص هنا للبعضية للزمك استثناء الحر يختن العبد‬
‫للحرية والمسلم يختن الكافر ‪ ،‬وإ ن كان الكافر ال يطلب‬
‫ختانه ‪-‬لإلسالم فكان ينبغي إما أن يستنثي الثالث أو‬
‫يترك ذكرها اكتفاء بما علم‪ -‬في أوائل الجراح‪ -‬من‬
‫انتفاء القصاص عند هذه األمور‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فما العلة الموجبة لتخصيص ذكر األب والجد‬
‫؟‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب إن‪.‬‬
‫‪ 2‬في بب التقاص‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 47 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫قلت ‪ :‬قوة الوالية أو مطلق الوالية على ما سنحرره‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬لم عدلتم عن التعليل بالبعضية ؟‬
‫قلت ‪ :‬لوجهين ‪-‬أصولي وفقهي‪.‬‬
‫أما األصولي ‪ :‬فألن األبوة مانع من [ثبوت]‪ 1‬القصاص‬
‫وال ينبغي أن يعلل بالمانع ما أمكن التعليل بالمقتضى فإن‬
‫قلت ‪ :‬لم قلت ‪ :‬أن األبوة مانع من ثبوت القصاص‪.‬‬
‫وهال قلت أنها مقتضى لعدمه‪.‬‬
‫قلت لوجهين‪ .‬تحقيقي وجدلي‪.‬‬
‫مقتضيا عدم‬
‫ً‬ ‫أما التحقيقي ‪ :‬فألن األبوة لو كانت‬
‫القصاص لعارضها القتل المحض العمد العدوان‬
‫المقتضى للقصاص ولتكافأ ‪ ،‬أو احتيج انتفاء القصاص ‪،‬‬
‫مانعا ‪ ،‬فإن ال‬
‫إلى مرجح ‪-‬وهذا بخالف ما إذا جعلته ً‬
‫تحتاج إلى مرجح من خارج‪.‬‬
‫فافهم هذا السر ‪ ،‬فهو دقيق يظهر [لك]‪ 2‬به جعل‬
‫مقتضيا لالنتفاء ‪،‬‬
‫ً‬ ‫مانعا للثبوت ال‬
‫األصوليين األبوة ً‬
‫وربما زلت أقدم أقوام في هذا المقام لذهولهم عن هذا‬
‫السر ‪ ،‬وحاولوا جعل االبن مكافئ ‪ ،‬ليتوصلوا إلى انتفاء‬
‫القصاص‪.‬‬
‫والتحقيق وبه صرح الغزالي ‪-‬أن األب مكافئ للولد‪-‬‬
‫ألنه مكافئ ألخيه الذي هو عم الولد‪ .‬وكافئ المكافئ‬
‫مكافئ‪ .‬فال احتياج إلى دعوى عدم المكافأة ؛ فإنه لم‬
‫يتعارض هنا علتان ‪ ،‬وليس إال علة قام معها مامع من‬
‫أن تعمل عمله‪.‬‬
‫ومن فوائد ذلك أن ال نحتاج في إثبات الضمان على‬
‫الوالد إلى دليل يتجدد ؛ بل نقول ‪ :‬وجوب الدية ثابت‬
‫ثبوت القصاص ‪ ،‬فإن منع مانع من ثبوت القصاص لم‬
‫يمنع من ثبوت الدية ‪ ،‬وتكون مستفادة ‪ ،‬من المقتضى‬
‫للقصاص الذي لم يعارضه فيها مانع‪.‬‬
‫وهذا بخالف ما إذا جعلنا األبوة علة النتفاء القصاص ‪،‬‬
‫فإنها ال تدل على ثبوت الدية ‪ ،‬وال على نفيها ‪ ،‬وال يمكن‬
‫أخذ ثبوتها حينئذ من علة ثبوت القصاص ‪ ،‬ألنه قد‬
‫عارضها معارض أبطل عملها‪.‬‬
‫ال يقال ‪ :‬إنما أبطل عملها في القصاص ‪ ،‬ألنا نقول ‪ :‬إن‬
‫قلنا ‪ :‬الدية متأصلة فيحتاج إلى دليل يخصها‪ .‬وإ ن قلنا‬
‫بدل عن القصاص ‪ ،‬فالقصاص ها هنا لم يجب‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ولكن‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 48 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫أصاًل ‪ ،‬فال يطلب له بدل‪ .‬وفي الكتاب مباحث كثيرة‬
‫طلبا لالختصار‪.‬‬
‫أضربت عنها ً‬
‫وأما الجدل ‪ :‬فألنا لو جعلناها مقتضية للعدم ‪ ،‬لعللنا‬
‫الحكم العدمي بالوصف الوجودي ‪ ،‬ولئن جاز ذلك ‪،‬‬
‫على خالف فيه فإنما يحسن حيث ال يمكن سواه ‪ ،‬أما إذا‬
‫أمكن تعليل الوجودي بالوجودي فهو أولى‪.‬‬
‫فهذا إتمام الكالم على الوجه األصولي من الوجهين‬
‫المقتضيين لعدولنا عن التعليل بالبغضية‪ .‬وأما الفقهي ‪:‬‬
‫فألنا لو عللنا بالبعضية لما فرقنا في الضمان ‪ -‬إذا كان‬
‫ختان الصبي في سن [ال يحتمله]‪ 1‬بين أن يكون الخاتن‬
‫قطعا ‪ ،‬فإن‬
‫وليا غيره ‪ ،‬لكنا فرقنا ً‬
‫أصاًل من أصوله أو ً‬
‫القول بأن األصل ال يضمن ‪-‬في السن المحتمل‪ -‬هو‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫سلطانا ففيه وجهان ‪ ،‬رجح‬
‫ً‬ ‫وأما غير األصل ‪ :‬فإن كان‬
‫أيضا ‪ ،‬ولم يرجح الرافعي في‬
‫اإلمام منهما عدم الضمان ً‬
‫الشرح شيًئا‪ -‬لكن في المحرر تبع اإلمام‪.‬‬
‫وال يخفى أن تضمين اإلمام أقرب من تضمين األب‬
‫والجد ‪ ،‬وبذلك صرح اإلمام في النهاية ‪ ،‬وإ ن كان فيه‬
‫مصرحا بها في غير‬
‫ً‬ ‫غير ما ذكرناه فهي مسألة لم أجدها‬
‫الحاوي للماوردي ‪ ،‬وهو وإ ن قال فيها بعدم الضمان فال‬
‫ينكر أن تضمينه أقرب من تضمين اإلمام‪.‬‬
‫فاختالف هذه المراتب ‪ ،‬مع اتفاقها في الحكم على‬
‫األصح‪ .‬دليل على أن التعليل بالوالية أولى‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬أبو الية األبوبة تقللون أم بمطلق الوالية ؟‬
‫قلت ‪ :‬إن ألحقنا غير األب به فبمطلق الوالية وإ ال‬
‫فبوالية األبوة لقوتها‪.‬‬
‫وقد نظرنا إليها في باب الحجر ‪ ،‬حيث فرقنا بين دعوى‬
‫الصبي بعد بلوغه على األصل ودعواه على الوصي‪.‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬يعلل في األب بوالية األبوة ثم يلحق به غيره‬
‫لمطلق الوالية‪.‬‬
‫ولكن يلزم على هذا أن يقال ‪ :‬إلحاق غير األب به قياس‬
‫أدون كإلحاق التفاح بالبر في الربا وال محظور في ذلك‪.‬‬
‫وإ ذا وضح لك ما أبديت من التقرير علمت أنه ليس لقائل‬
‫أن يقول ‪ :‬إذا كانت‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب يحتمله‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 49 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫األبوة علة والوالية علة فالتعليل بالوالية عند االزدحام ‪-‬‬
‫إعمال لألضعف‪ .‬ألنا قد بينا أن األبوة ليست بعلة ‪،‬‬
‫فضألا عن أن تكون أولى من الوالية‪.‬‬
‫وبتقدير أن تكون علة فقد ازدحم على األب الولي ثالثة‬
‫وليا‬
‫وليا ‪ ،‬وأخص منه كونه ً‬
‫أوصاف ‪ ،‬أعمها كونه ً‬
‫باألبوة ‪ ،‬وأخص من هذا األخص منه كونه ًأبا ‪ ،‬فيلتحق‬
‫ذلك بما ازدحم عليه علتان ‪-‬عامة وخاصة‪ -‬وتظهر‬
‫فائدة ذلك بما إذا كان األب غير ولي ‪-‬بأن كان فاسقًا‪-‬‬
‫فأقدم على الختان ‪ ،‬فال قصاص عليه حينئذ لكونه أبا ‪ ،‬ال‬
‫وليا ‪ ،‬إذ ال والية حينئذ ‪ ،‬بل لمانع األبوة ‪ ،‬وهنا‬
‫لكونه ً‬
‫يحتاج إلى التعليل بالبعضية وال في األب الولي‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫فيما ازدحم عليه علتان ال يترجح إحداهما على األخرى‬
‫جزءا علة واحدة ‪،‬‬
‫وظهر الحكم بعدهما ‪ ،‬فحكمنا بأنهما ً‬
‫والعلة حينئذ المجموع ‪ ،‬أو أن العلة إحداهما ال بعينها ‪،‬‬
‫أو نقول ‪ :‬بأن كال منهما علة مستقلة ؛ غير أن الواقع‬
‫حكمان ال حكم واحد ‪ ،‬فال اجتماع لعلتين على معلول‬
‫واحد أبد اآلباد وغوص الغائصين ودهر الداهرين‪ .‬ومن‬
‫أمثلة هذا الفصل ‪:‬‬
‫من مس ذكره وأجنبية في وقت واحد ‪ ،‬وال أقول ‪ :‬من‬
‫مس وبال ؛ فإنه يختلج في الذهن تقديم علة البول‪.‬‬
‫موسرا‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬عتق الراهن والموسر واقع ‪ ،‬لكونه مال ًكا‬
‫وبهذه خرج المعسر ‪ ،‬والذي يظهر أن العلة في هذه‬
‫الصروة مجموع المالكية مع اليسار‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬يعارض وصف المالكية تعلق حق المرتهن‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬معارضة جزء العلة ال ينهض بدفع العلة عن‬
‫عملها ؛ فإن المالكية في األصل علة مستقلة وإ نما‬
‫جزءا بانضمام وصف اليسار إليها ‪ ،‬فنشأ عنه‬
‫صارت ً‬
‫أن عتق المعسر عنه ال يجوز ‪ ،‬فإذا عورض هذا الجزء‬
‫لم يتدفع‪.‬‬
‫وفقه المسألة ‪ :‬أن حق المرتهن وإ ن تعلق بالعين فغرضه‬
‫األعظم التوصل إلى ماله ‪ ،‬وعو عند ذي اليسار حاصله‬
‫فاضمحلت معارضته‪.‬‬
‫نظرا إلى معنى المالكية كما يقوله مالك‪.‬‬
‫وليس هذا منا ً‬
‫وإ ن كنا نختاره ‪-‬ولكنه أمر وراء ذلك وهو جرار لم‬
‫أذكره في شرح المختصر بل اقتصرت أنا حينئذ بقسط‬
‫وصف المالكية‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 50 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫والمختار عندنا في الجواب اآلن ما ذكرناه في شرح‬
‫المختصر من الفقه ‪ ،‬وتحققنا به ما تطول إعادته هنا ‪،‬‬
‫فعلى من أراد البسط في هذه المسألة أن ينظر فيه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو قال لنسائه األربع من حملت منكن هذه‬
‫الخشبة فهي طالق فحملها ثالث منهن ‪ ،‬وهي خفيفة‬
‫تستقل كل منهم بحملها‪ -‬في فروع الطالق من الرافعي‬
‫لم تطلق واحدة منهن ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يطلقن‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فأما القول بأنه ال تطلق واحدة منهن ففيه دمار‬
‫للعلتين عند ازدحامهما ‪ ،‬وهو يؤيد منع اجتماع العلتين‪.‬‬
‫جميعا فال وجه له إال أن كل‬
‫ً‬ ‫وأما القول بأنهن يطلقن‪.‬‬
‫واحدة [منهن]‪ 1‬حملت ‪ ،‬وهو مكابرة في المحسوس ‪،‬‬
‫ألن [المجموع]‪ 2‬حاصل بقوى كلهن ‪ ،‬وإ ن كانت كل‬
‫واحدة لو انفردت ألثرت ‪ ،‬فالوجه بعدم الطالق البتة ‪،‬‬
‫وإ ن كانت ثقيلة ال تستقل كل واحدة بحملها ‪ ،‬كذا في‬
‫الرافعي ‪ ،‬وينبغي أن يقول ‪ :‬وال اثنين ‪ ،‬قال ‪ :‬طلقن‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬وينبغي أن ال تطلق واحدة منهن ألن الحامل‬
‫مجموعهن ال كل واحدة منهن ‪ ،‬والمحلوف عليه كل‬
‫واحدة ال المجموع‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫فيما ازدحم عليه علتان ‪ -‬عامة وخاصة‪.‬‬
‫وقد يقال فيما هذا شأنه ‪ :‬إن العلة العامة لعمومها ‪،‬‬
‫وتسقط الخاصة عن درجة االعتبار مطلقًا وقد يقال ‪:‬‬
‫العلة في موضع الخصوص الخاصة ‪ ،‬وفيما عداه‬
‫العامة‪ .‬وفي هذا إجحاف وإ خراج لوصف العموم عن‬
‫صالحية العلة في موضع الخصوص بال داع‪ .‬ومن‬
‫يجمع بين العلتين لم يبال بهذا ‪ ،‬ويقول كال الوصفين علة‬
‫‪ ،‬ولهذا أمثلة ‪:‬‬
‫موسرا أو عند‬
‫ً‬ ‫منها ‪ :‬عتق الراهن عند من ينفذ إذا كان‬
‫معسرا ‪ ،‬وقد تكلمنا على هذا في شرح‬
‫ً‬ ‫من ال ينفذ إذا كان‬
‫المختصر ؛ فلينظر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬منفعة الدار والعبد ونحوهما تضمن بالتفويت‬
‫والفوات تحت يد عادية ‪ ،‬كذا قالوا‪ .‬وأنا أرى أن العلة‬
‫الفوات ال التفويت ‪ ،‬وأن خصوص التفويت [يلغى]‪3‬‬
‫وإ لى‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في ب المحمول‪.‬‬
‫‪ 3‬في ب ملغي‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 51 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫هذا أشار الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل في باب الغضب‬
‫من "شرح المنهاج" ويدل له قول األصحاب ‪" :‬لو نقص‬
‫المغضوب بغير استعمال وجب األرض مع األجرة ‪،‬‬
‫ولو نقص باالستعمال كما لو بلي الثوب باللبس ؛ فكذلك‬
‫على الصحيح ألن األجرة للفوات ‪ ،‬واألرض للنقص ‪،‬‬
‫وهما سببان مختلفان فيثبت موجبهما‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬ال يجب إال أكثر األمرين ‪-‬من األجرة‬
‫واألرض ألن األرض بسبب االستعمال فيتداخالن فهذا‬
‫الوجه يشهد ألن العلة الفوات دون التفويت ؛ وإ ال فكيف‬
‫مضمنا ‪ ،‬لترددهم‬
‫ً‬ ‫يكون التفويت غير مضمن والفوات‬
‫في التفويت ‪ ،‬وجزمهم في الفوات شاهد لما قلته ‪ ،‬ثم علة‬
‫الفوات مضطردة سالمة من النقص بخالف التفويت ؛ أال‬
‫مرتدا فقتله لم يجب عليه ضمانه‬
‫عبدا ً‬
‫ترى أنه لو غصب ً‬
‫‪ ،‬لو مات في يده ضمنه ‪ ،‬والفرق أن يقيم في األول حد‬
‫اهلل ‪ ،‬وإ ن كان مفتاتًا على نائب المسلمين ‪-‬بخالف‬
‫الثاني‪.‬‬
‫مرتدا بل قال مواله للغاصب أقتله فلو‬
‫ومثله لو لم يكن ً‬
‫قتله لم يضمنه ‪ ،‬لو تلف في يده ضمنه صرح به اإلمام‬
‫في النهاية في باب األسير يؤخذ عليه العهد أن ال يهرب‬
‫قبل باب إظهار دين اهلل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬علة وجوب نفقة القريب على قريبه يتحصل من‬
‫كالم األصحاب فيه وجهان ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه منزل منزلة نفسه للبغضية‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬يسار القريب المنفق‪.‬‬
‫واليسار أخص من األول ‪ ،‬واألرجح التعليل باألعم ‪،‬‬
‫ويتخرج عليها أنه هل يجب على القادر على الكسب‬
‫االكتساب لنفقة القريب ؟ واألصح الوجوب لذلك‪.‬‬
‫واتفاق األصحاب أو أكثرهم ‪ ،‬على وجوب نفقة القريب‬
‫على المفلس المحجور ‪ ،‬يدل على أن العلة ليست اليسار‬
‫؛ بل مطلق الملك ‪ ،‬وبه صرح القاضي الحسين قال ‪:‬‬
‫وال شك أن المفلس معسر ‪ ،‬وإ ن أنفق على قريبه فذلك‬
‫لعلة المالكية‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫فيما ازدحم عليه علتان بينهما عموم وخصوص من وجه‬
‫‪ ،‬العمل منهما لما هو األقوى في كل صورة‬
‫بخصوصها‪ .‬وله نظائر منها ‪:‬‬
‫صفحة ‪399 | 52 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫وصيا على يتيم فهو يتصرف له‬
‫ً‬ ‫منها ‪ :‬إذا كان القاضي‬
‫من حيث أنه قاض ‪ ،‬وتلك صفة تعم هذا اليتيم وغيره من‬
‫اليتامى ‪ ،‬ومن حيث أنه وصي ‪ ،‬وتلك صفة تبقى وإ ن‬
‫زالت صفة القضاء ؛ فهي أعم من القضاء من هذا الوجه‬
‫قاضيا ‪ ،‬بالنسبة إلى هذا‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬ألنه إذا زال خصوص كونه‬
‫وصيا ال يختص تصرفه بزمن‬
‫ً‬ ‫اليتيم ‪ ،‬بقي عموم كونه‬
‫قاضيا تصرفه بالوصية فإنه‬
‫ً‬ ‫القضاء ‪ ،‬واألقوى ما دام‬
‫تصرف بالخصوص‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬ماذا ينبني على هذا ؟‬
‫قلت ‪ :‬إذا كان لليتيم حق ورثه من أبيه فهل له الحكم به ؟‬
‫فيما ذكرناه يظهر أنه ال يحكم ؛ ألنه إنما يتصرف‬
‫بالوصاية وال قضاء فيها ‪ ،‬ولو تصرف بالقضاء لكان‬
‫حاكما والخصم هو الوصي "وهو الوصي" فيكون خصم‬
‫ً‬
‫نفسه وهذا ال يضر‪.‬‬
‫فمن ثم رجح قول ابن الحداد في وصي على يتيم ولي‬
‫الحكم فشهد عند بمال ألبي الطفل على منكر أنه ليس له‬
‫خصما في حكومة لم يجز‬
‫ً‬ ‫أن يحكم عليه ؛ ألن من كان‬
‫حاكما فيها‪ .‬كما ال يحكم على غيره لنفسه ‪،‬‬
‫ً‬ ‫أن يكون‬
‫وألنه لو شهد للصبي ‪ ،‬الذي هو قيمه ‪-‬بمال [لم يقبل]‪1‬‬
‫ومن ال يشهد لشخص ال يحكم له‪.‬‬
‫وصحح الرافعي أن له الحكم ‪ ،‬وذكر أن قول القفال ‪،‬‬
‫والقفال لم يفصح به في شرح الفروع ؛ وإ نما الشيخ أبو‬
‫سماعا ‪ ،‬واحتج بأن‬
‫ً‬ ‫علي نقله عنه في شرح الفروع‬
‫وصيا فال‬
‫ً‬ ‫القاضي يلي أمر األيتام كلهم وإ ن لم يكن‬
‫تهمة‪.‬‬
‫قال ابن الرفعة ‪ :‬والصواب قول ابن لحداد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬واألمر كذلك ‪ ،‬وقد بينته في الطبقات الكبرى في‬
‫ترجمة ابن الحداد‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫نختم به الكالم على التعليل بعلتين ‪ ،‬قد يتعقب المحل‬
‫علتان مقتضى كل واحدة منهما مقتضى أختها ‪ ،‬ونعلم‬
‫أنهما غير مجتمعتين ‪ ،‬ونعلم أن إحداهما واقعة ‪،‬‬
‫واألخرى زائلة ؛ غير أنا ال ندري عين الذاهبة ‪ ،‬وال‬
‫نميز بين الحاضرة والغائبة‪.‬‬
‫وهذا قد يقول من ينتهي إليه ‪ :‬هو من باب التعليل‬
‫بأحدهما ال بعينه‪ .‬وليس‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في ب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 53 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫كذلك ألن التعليل بالمبهمة فيما قدماه ‪ ،‬هو في مبهمة بين‬
‫شيئين‪ .‬قال قائل باجتماعهما وتأثيرهما ‪ ،‬وقائل بتأثير‬
‫المجموع منهما ‪ ،‬إلى غير ذلك مما قدمناه ‪ ،‬وليس كالمنا‬
‫هنا فيه ‪ ،‬بل في وصفين أجمع على انتفاء أحدهما ولم‬
‫يعلم عينه ؛ فهل يضر ذلك ويبطل الحكم للجهل بالمأخذ‪.‬‬
‫أو ال ؛ ألن مثل هذا الجهل ال يضر ‪ ،‬إذ كل منهما كافية‬
‫في إقامة الحكم ؟‬
‫هذا موضع تردد ‪ ،‬وهذا يشهب القياس المركب ‪ ،‬فإن‬
‫المختلفين من األئمة من مأخذ إذا اجتمعت في صورة‬
‫أجمعوا على حكمها ‪-‬وإ ن أسند كل الحكم إلى ما يعتقده ‪،‬‬
‫كما نقول ‪ :‬أجمع اإلمامان على أن البكر الصغيرة تجبر‬
‫؛ فالشافعي لبكارتها ‪ ،‬وأبو حنيفة لصغرها ‪ ،‬ولكن‬
‫القياس المركب ال خالف فيه بين الفقهاء ‪ ،‬وهذا فيه تردد‬
‫تلقفناه من مسائل‪.‬‬
‫منها ‪ :‬لو اشترى زوجته بشرط الخيار فهل له وطؤها‬
‫في مدة الخيار ألنها ال تخرج عن كونها منكوحة أو‬
‫مملوكة أواًل ‪ :‬ألنه ال يدري بأي األمرين يطأ ؟ فيه‬
‫وجهان ‪ :‬المنصوص منهما الثاني‪.‬‬
‫زاعما أن ذلك‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬لو أقر بحرية بعده في يد غيره‬
‫الغير أعتقه ثم اشتراه ومات العبد ‪ ،‬وقد ترك مااًل‬
‫وأوالدا وال وارث له بغير الوالء والمشتري مصمم على‬
‫ً‬
‫إقراره ‪ ،‬فظاهر النص أن المال يوقف فإن والءه ال‬
‫يكون للمشتري العترافه بأنه لم يعتقه وال للبائع لزعمه‬
‫أنه رقيق ‪ ،‬وعليه جماعة من األصحاب‪.‬‬
‫واعترض المزني فقال ‪ :‬للمشتري أخذ قدر الثمن‪ .‬مما‬
‫تركه ‪ ،‬فإن فضل شيء كان الموقوف هو الفاضل فقط ؛‬
‫وإ نما يأخذ قدر الثمن ألنه مستحق له بكل حال ‪ ،‬ألن‬
‫المشتري إما كاذب ‪ ،‬فالميت رقيق وما يتركه فهو ملك‬
‫مواله أو صادق فللبائع إرثًا بالوالء وهو قد ظلمه بأخذ‬
‫الثمن وتعذر استرداده فإذا ظهر بماله كان له أن يأخذ‬
‫قدر حقه‪.‬‬
‫وافترق األصحاب فرقتين ‪:‬‬
‫فرقة خطأت المزني ‪ ،‬ومن توجيهاتها أنه ال يردي بأي‬
‫جهة يأخذ ‪ ،‬بجهة الملك أو بجهة الظفر ‪ ،‬فمن ثم يمنع‬
‫من األخذ إلى ظهور جهته ‪ ،‬وفرقة ‪ :‬منها ابن سريج‬
‫وأكثر مشايخ المذهب قالوا ‪ :‬األمر كما ذكره المزني‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 54 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫وقد نص عليه الشافعي في موضع آخر ‪ ،‬والفتيا على‬
‫هذا ‪ ،‬فإن اختالف الجهة ال ينبغي أن تمنع األخذ بعد‬
‫االتفاق على أصل االستحقاق‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال لي عليك ألف ضمنته ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما ضمنت‬
‫شيًئا ‪ ،‬ولكن لك على ألف من ثمن متلف ففيه خالف ‪،‬‬
‫قال الرافعي في باب اإلقرار األصح الثبوت وقطع النظر‬
‫عن الجهة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال ‪ :‬زوجتنيها [وقال]‪ 1‬بل بعتكها ‪ ،‬قال‬
‫باطنا ‪ ،‬وفي الظاهره‬
‫الغزالي ‪ :‬إن كان صادقًا حلت له ً‬
‫وجهان الختالف الجهة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قوله ‪ :‬إن كان صادقًا قيد لم يذكره الرافعي ‪ ،‬ولقد‬
‫أجاد ‪ ،‬فما لكونه صادقًا مدخل ‪ ،‬هب أنه كاذب ‪ ،‬فهي‬
‫ملكه فتحل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قطع رجل ذكر خنثى وشفريه ولم يعف عن‬
‫القصاص ‪ ،‬بل قال ‪ :‬سلموا إلي المستيقن منه ؛ ففي وجه‬
‫ال يسمل إليه شيء ‪ ،‬قال الغزالي في البسط ‪ :‬إذ ال‬
‫تعرف جهته ‪-‬أهو من دية أو حكومة ‪ ،‬وهو ظاهر كالم‬
‫المزني‪ .‬قال ‪ :‬وهو يلتفت على ما لو أدعى عليه‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬ما قدمناه هو فيما إذا ما تعاقب على المحل‬
‫وصفان عرفنا أن أحدهما زائل ‪ ،‬وقد يتعاقب وصفان ال‬
‫يعرف زوال واحد منهما ولكن يتردد فيه ‪-‬وبيانه‬
‫بصور‪.‬‬
‫منها ‪ :‬لو لم يكن له إال وارث واحد وأوصى له بماله ؛‬
‫[فوجهان]‪ 2‬أصحهما أنه يأخذ التركة إرثًا ‪ ،‬والثاني‬
‫يأخذه وصية‪.‬‬
‫وذكر صاحب التتمة ‪ :‬إن فائدة الخالف تظهر فيما إذا‬
‫ظهر دين‪.‬‬
‫فإن قلنا ‪ ،‬يأخذها إرثًا فله إمساكها وقضاء الدين في‬
‫موضع آخر ‪ ،‬وإ ن قلنا ‪ :‬وصية قضاء منها ولصاحب‬
‫الدين االمتناع لو قضى من غيرها ‪ ،‬ووافقه الرافعي‬
‫والنووي ‪ ،‬وأطال ابن الرفعة والوالد رحمهما اهلل الكالم‬
‫على ذلك بما ال غرض لي اآلن في حكايته‪.‬‬
‫قال النووي "ومن فوائده لو حدث في عين التركة ‪،‬‬
‫زوائد إن قلنا ‪ :‬وصية لم يملكها ‪ ،‬وإ ن قلنا ‪ :‬إرث ملكها‬
‫على الصحيح‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في ب فقال‪.‬‬
‫‪ 2‬في ب وجهان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 55 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫واعترضه الوالد رحمه اهلل تعالى بأنا وإ ن قلنا وصية فهو‬
‫إذا قبل يتبين أنه ملك بالموت [على الصحيح]‪ 1‬األصح‬
‫فيستوي هو والوارث ‪ ،‬وحيث قلنا ‪ :‬ال يملك الموصي له‬
‫الزوائد ‪ ،‬فهي للوارث على األصح ‪ ،‬وعلى وجه تركه ‪،‬‬
‫والتركة للوارث ‪ ،‬فأيا ما كان فهي له‪ .‬ثم قال [فلعل]‪2‬‬
‫مراد الشيخ محيي الدين رضي اهلل عنه أنه إذا قلنا ‪:‬‬
‫باإلرث ‪ ،‬فالزوائد محكوم بملكه لها من حين الموت ‪،‬‬
‫وإ ن قلنا ‪ :‬وصية ‪ ،‬فال يحكم بملكها حتى يقبل ‪ ،‬فإن قبل‬
‫انبنى على الخالف في وقت الملك‪.‬‬
‫[قال]‪ 3‬لكن يرد عليه ما أشرنا إليه من أنه إذا لم يملك‬
‫بالوصية ملك باإلرث‪.‬‬
‫فلعل مراده إن قلنا ‪ :‬وصية‪ .‬لم يملكها بالوصية حتى‬
‫يقبل فيتبين قلت وجرت بيني وبين الوالد رحمه اهلل‬
‫مباحثه في هذه المسألة عند كتابته لها في باب الوصية‬
‫وقرأتها عليه في درس الغزالية ‪ ،‬وقلت قد تظهر فائدة‬
‫الخالف فيما لو كانت جارية وانقضت مدة االستبراء ‪،‬‬
‫قبل قبوله الوصية ‪ ،‬فإن قلنا تملكها "إرثًا" جاز له الوطء‬
‫‪-‬وإ ن قلنا ‪" :‬وصية" فهو ما لم يقبل غير مالك بالوصية ؛‬
‫فينبغي أن ال يجوز له الوطء حتى يرد ‪ ،‬فيعلم أنه حينئذ‬
‫يطأ يملك اإلرث ‪ ،‬وإ ال فما لم يرد ال ندري بأن الملكين‬
‫يطأ فيمتنع وطؤه على الوجه القائل بنظيره فيمن اشترى‬
‫زوجته بشرط الخيار‪.‬‬
‫ثم ذكر الوالد رحمه اهلل ما إذا أوصى لكل وارث بقدر‬
‫حصته على اإلشاعة وأن الوصية تلغو وأن الرافعي قال‬
‫‪ :‬يجيء فيه ‪ ،‬قال ‪ :‬وفقه الرافعي صحيح ‪ ،‬والحق في‬
‫المسألتين أن الوصية الغية لمخالفة أمر الشرع‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ومن يقول بالصحة لعله يقول ‪ :‬إن ذلك موافق‬
‫لحكم الشرع في الوارث ‪ ،‬الواحد الجميع ‪ ،‬فهو بالوصية‬
‫مقرر لحكم الشرع [ال مخالف]‪.4‬‬
‫[قال]‪ 5‬ويجتمع على ملك الوارث سببان ‪ ،‬الميراث بأمر‬
‫اهلل ‪ ،‬والوصية بأمر الموصى الذي لم يقم دليل على منع‬
‫الشرع له في هذه الصورة لعدم اختالف األحكام ‪ ،‬فيستند‬
‫الحكم إليهما أو إلى أحدهما على الخالف في اجتماع‬
‫علتين‪ .‬قال ‪ :‬وعلى هذا [ينزل]‪ 6‬الوجهان‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 2‬في ب لعل‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في أ والمثبت من ب‪.‬‬
‫‪ 4‬في ب مخالفًا‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 6‬في ب يقول‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 56 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما أنسب وأخيل‬
‫فأعملناها‬
‫قلت ‪ :‬وهذا فقه صحيح ‪ ،‬وهو مقصودي بذكر هذا الفرع‬
‫‪ ،‬فإن هذه حينئذ صورة يتعاقب عليها وصفان ال يعلم هل‬
‫هما مجتمعان فيعمل فيهما ما يعمل في اجتماع علتين أو‬
‫إنما الموجود أحدهما ؟‬
‫ووددت لو قال قائل ‪ :‬يملك الوارث الثلث بالوصية‬
‫والثلثين باإلرث ‪ ،‬ألنه ليس للميت سلطان في الوصية إال‬
‫بالثلث ‪ ،‬ثم هذا الثلث إذا رده يحتمل أن يقال ‪ :‬إنه يرد‬
‫إلى الوارث فيعمل فيه ما تقدم‪.‬‬
‫ووددت لو قيل ‪ :‬إنه ال يعود إليه ألن الميت حجزه عن‬
‫أن يرثه بإيصائه به إليه ويكون كمن أوصى بالثلث ولم‬
‫يبين الجهة مع إخراجه الوارث‪.‬‬
‫فليتأمل فيها حركت من البحث ؛ فإني ال أذكر أن مثله‬
‫وقع بين يدي الشيخ اإلمام رحمه اهلل‪.‬‬
‫زمانا عند أقوام من الفقهاء ‪،‬‬
‫أصل ‪ :‬العلة تسبق المعلول ً‬
‫وعليه الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل ‪ ،‬وتقاربه عند‬
‫آخرين ‪ ،‬ولعلهم األكثر ‪ ،‬وهو المنقول عن الشيخ أبي‬
‫الحسن األشعري رضي اهلل عنه وسمعت الشيخ اإلمام‬
‫ين َم ْوتِهَا}‪.1‬‬ ‫ِ‬ ‫يستدل له بقوله تعالى {اللَّهُ َيتََوفَّى ْ‬
‫اَأْلنفُ َس ح َ‬
‫وهو استنباط حسن‪.‬‬
‫وفصل قوم فقالوا ‪[ :‬العقلية ال تسبق الوضعية والوضعية‬
‫تسبق]‪.2‬‬
‫إجماعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وربما قال بعضهم ‪ :‬الوضعية تسبق‬
‫وإ نما الخالف في العقلية وعليه يدل كالم القفال والشيخ‬
‫أبي علي حيث قاال ‪ :‬فيما حكاه عنهما الرافعي في باب‬
‫العتق "المعلق ال يقارب المعلق عليه ‪ ،‬بل يتأخر بال شك"‬
‫‪ ،‬وسنحكي ذلك في مسألة ‪ ،‬إذا أعتقت نصيبك فنصيبي‬
‫حر معه ‪-‬ولكن هذا فيه نظر ‪ ،‬والخالف واقع‪.‬‬
‫وقد صرح به ابن الرفعة في كتاب الطالق ‪ ،‬ثم ألحق‬
‫استواء العقلية والوضعية ‪ ،‬وإ ليه أشار الغزالي في‬
‫أبدا تحاكي العقل ‪،‬‬
‫الوسيط ‪ ،‬في الطالق‪ .‬فإن الوضعية ً‬
‫ال فرق إال أن تلك مؤثرة بذاتها ‪ ،‬ولذلك ال نقول بها ‪ ،‬إذ‬
‫ال مؤثر عندنا إال اهلل تعالى‪.‬‬
‫وقال الغزالي في الوسيط في فصل التعليق بالتطليق‬
‫ونفيه ‪ ،‬وقد تكلم على مسائل‪ 3‬من العلة والمعلول سيأتي‬
‫بعضها ‪" :‬هذا كالم دقيق عقلي ‪ ،‬وربما يقصر نظر‬
‫الفقيه عنه"‪.‬‬
‫قلت ورأيت في كالم بعضهم أن أزمنة األحكام المضافة‬
‫إلى األسباب أربعة أقسام ‪ :‬مقارن ومتقدم ومتأخر‬
‫ومختلف فيه ‪ ،‬وهأنا أذكر ما ذكره ثم أتكلم عليه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬الزمر "‪."42‬‬
‫‪ 2‬في أ العقلية ال تسبق الوضعية وقيل تسبق والمثبت‬
‫من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬ما بين القوسين سقط من "آ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 57 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬األسباب الفعلية بأسرها كاالحتطاب واالختشاش‬
‫واالصطياد لحياة المباح وكالشرب والزنا والسرقة‬
‫للحدود ‪ ،‬كذا قال بعض المتأخرين‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكذلك التعاليق اللغوية ؛ فإنها أسباب وهذا في‬
‫التعاليق يقابل دعوى القفال ‪ ،‬والشيخ أبي علي أن المعلق‬
‫قطعا ‪ ،‬والذي يظهر التوسط بين هذين المتقابلين‬
‫يتأخر ً‬
‫والقول بأن التعاليق من محل الخالف ‪-‬أتقارن أو تسبق‬
‫العلة فيه المعلول ‪ ،‬وكذلك الذي يظهر في األسباب‬
‫الفعلية‪.‬‬
‫غير أن هذا شيًئا وجدته في كالم الذي كان يقال ‪ :‬إنه‬
‫شافعي زماننا ‪ ،‬الشيخ شمس الدين بن عدالن ‪ ،‬رحمه اهلل‬
‫‪ ،‬ولعله من كالم [القرافي]‪ 1‬أخذه ‪ ،‬وأنا ال أسلم ذلك ‪،‬‬
‫ووجدت في كتاب "البحر" للروياني قبل باب الرجعة‬
‫بنحو ورقة ما نصه‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬اختلف أصحابنا في الطالق الواقع بالقول ‪ ،‬هل‬
‫هو واقع معه أو عقيبه ؛ فقال بعضهم ‪ :‬يقع مع القول ‪،‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬يقع عقيبه ‪ ،‬ألن تعلق الطالق به [كتعلق]‬
‫‪ 2‬الملك بالبيع ‪ ،‬فكما يقع الملك عقيب‪ 3‬كذلك الطالق‬
‫"انتهى"‪.‬‬
‫وفي هذا داللة على أن الملك يقع عقيب البيع ال معه‬
‫وفاقًا ‪ ،‬وكذلك [يقاس]‪ 4‬عليه ‪ ،‬وال يظهر عند التحقيق‬
‫فرق بين البيع والطالق‪.‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬لما تركب البيع من إيجاب وقبول توقف‬
‫تحققه على تمام الصيغتين بخالف الطالق‪ .‬وال تحقيق‬
‫في هذا ؛ فإن حقيقة البيع متى تحققت كان الخالف فيها ‪،‬‬
‫أقاربها الملك أم تعقبها‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" العراق‪.‬‬
‫‪ 2‬في ب لتعليق‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" عقيب البيع‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" قاس‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 58 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫ثم قال صاحب البحر عقيب هذا ‪ :‬وعلى هذا فلو قال ‪:‬‬
‫أنت طالق في حال لفظي بهذه اللفظة هل يقع الطالق ؟‬
‫على الوجه األول يقع ‪ :‬وال تأثير لهذا القيد لثبوت‬
‫مقتضاه دونه ‪ ،‬وعلى الثاني ‪ :‬ال يقع حال اللفظ ‪ ،‬وهل‬
‫اعتبارا بقوله المرأته ‪ :‬أنت طالق‬
‫ً‬ ‫يقع عقيبه ؟ يحتمل‬
‫في الشهر الماضي ‪ ،‬وفيه خالف‪.‬‬
‫‪ -‬القول في أحكام يضطر الفقيه إلى الحكم بتقدمها على‬
‫‪-‬مستنكرا في بادئ‬
‫ً‬ ‫أسبابها وإ ن كان ذلك ‪ ،‬عند اللمتكلم‬
‫الرأي‪.‬‬
‫منها ‪ :‬إتالف البيع قبل القبض ؛ فإنك تقدر االنفساخ قبل‬
‫تلفه ليقبل المحل الفسخ ‪ ،‬إذ [المعدوم]‪ 1‬ال يقبل انقالبه‬
‫لملك البائع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قتل الخطأ فإن له حكمين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬يتقدم عليه وهو وجوب الدية ؛ فإنها موروثة ‪،‬‬
‫واإلرث ال يعقل إال ما تقدم فيه ملك الميت ‪ ،‬وقدر ملكه‬
‫لها قبل الزهوق‪ -‬وعلى هذا قول من ال يقول بأن الدية‬
‫تجب للورثة ابتداء ‪ ،‬وهو الصحيح الظاهر‪.‬‬
‫وثانيهما ‪ :‬يقترن به ‪ ،‬وهو وجوب الكفارة إذ ال ضرورة‬
‫لتقدمها على القتل ‪ ،‬بخالف تقدم الدية‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذ قال لغيره أعتق عبدك عني‪.‬‬
‫القول في المختلف [ففيه]‪ 2‬أيقارن العلة أم يتعقبها ؟‬
‫وهو األسباب القولية ‪ :‬كالبيع والعتق واإلبراء والطالق‬
‫واألمر والنهي ‪ ،‬وأمثلته تكثر‪ .‬وإ ذا نظرت ما قلناه‬
‫عرفت أن محل الخالف إما مقصور على هذا أو مستتبع‬
‫قلياًل من غيره‪.‬‬
‫ومن الفوائد هنا ‪-‬شيء قيمه ابن الرفعة وفيه نظر ؛‬
‫وذلك أن األصحاب قالوا ‪ :‬إذا قال طلقي نفسك إن‬
‫ضمنت لي ألفًا ‪ ،‬فقالت ‪ :‬طلقت وضمنت ‪ ،‬أو ضمنت‬
‫وطلقت ‪ ،‬بانت باأللف ‪ ،‬وتكون البينونة ولزوم األلف‬
‫مقترنين في زمان واحد سواء قدمت لفظ الطالق على‬
‫الضمان أو عكست ‪ ،‬وال يضر تعاقب اللفظين‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" المعدم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فيه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 59 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫قال ابن الرفعة ‪ :‬وال فرق بين أن يقول ‪ :‬المشروط‬
‫ترتب على الشرط ‪ ،‬والمعلول على العلة أو ال‪.‬‬
‫ِ‬
‫فكأنه فهم أن الخالف في تقارن المعلول ال يطرق هذه‬
‫الصورة من مجرد قولهم "زمان البينونية والضمان‬
‫واحد"‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل ‪-‬وفيما قاله نظر ‪:‬‬
‫وإ نما أراد األصحاب أنه ال يتأخر أحدهما ‪ ،‬ثم زمانهما‬
‫مبني على الخالف في العلة مع المعلول والشرط مع‬
‫المشروط ؛ فعلى قول الترتيب يكون عقب الثاني منهما ‪،‬‬
‫وعلى قول العية يكون مع آخر الثاني ‪ ،‬قال ‪ :‬ولعل هذا‬
‫مراد ابن الرفعة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا هو الصواب ‪ ،‬وقد ذهب الماوردي إلى أنها‬
‫طا‬
‫ال بد أن تقدم الضمان على الطالق لكونه جعله شر ً‬
‫فيه ‪ ،‬والشرط متقدم على المشروط ‪ ،‬وفي هذا وفاء‬
‫بالقاعدة‪.‬‬
‫وزمانا ال يقتضي ما‬
‫ً‬ ‫غير أنا نقول ‪ :‬تقدم الشرط رتبة‬
‫ذكر من تقديمها إياه في اللفظ لما عرفت‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬نكح الكافر ‪ ،‬البنه الصغير ‪ ،‬بالغة وأسلم أبو‬
‫معا ‪ ،‬قال البغوي ‪ :‬يبطل النكاح ألن‬
‫الطفل والمرأة ً‬
‫إسالم الولد حصل عقب إسالم األب ؛ فتقدم إسالمها‬
‫إسالم الزوج‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬لكن ترتب إسالم الولد على األب ‪ ،‬ال‬
‫تأخرا بالزمان ؛ فال يظهر تقدم‬
‫تقدما وال ً‬
‫يقتضي ً‬
‫إسالمها على إسالم الزوج‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل ‪ :‬وينبغي بناؤه على أن‬
‫العلة الشرعية متقدمة أو مقارنة‪.‬‬
‫قال ‪ :‬والصحيح عندهم المقارنة ‪ ،‬وعليه يتجه قول‬
‫البغوي‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬قال كلما وقع عليك طالقي فأنت طالق ‪ ،‬ثم قال‬
‫لها أنت طالق ‪ ،‬وهي مدخول بها وقع الثالث ‪ ،‬قاله‬
‫األصحاب وقال الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل كل هذا إن‬
‫قلنا ‪ :‬العلة تتأخر عن المعلول ‪ ،‬وإ ن قلنا معه فإن جعلنا‬
‫"ما" مصدرية غير ظرفية ‪ ،‬فكذلك‪ .‬وإ ن جعلناها ظرفية‬
‫لم يقع إال طلقتان ؛ ألنها إذا كانت ظرفية فالمعنى كل‬
‫صفحة ‪399 | 60 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫وقت ؛ فإذا قال ‪ :‬أنت طالق ‪ ،‬وقع الطالق المنجز ‪،‬‬
‫وواحدة من المعلق كالهما في وقت واحد ثم ال يقع في‬
‫ذلك الوقت ثالثة ‪ ،‬ألنه لم يجعل في كل وقت غير طلقة‬
‫واحدة ‪ ،‬وبعد انقضاء الوقت األول لم يقع الطالق ؛ إذ ال‬
‫تكرار في كل ‪ ،‬وإ نما لها عموم فقط ‪ ،‬فافهمه ؛ فلقد‬
‫اختلفت فيه نسخ "أحكام كل" وقد أوضحته‪.‬‬
‫هذا إن قلنا ‪" :‬المعلول مع العلة" وإ ن قلنا "متأخر" لم يقع‬
‫إال طلقتان إذ جعلنا "ما" في "كلما" ظرفية ‪-‬وسيعود‬
‫للمسألة ذكر في قسم أصول الفقه في باب العموم‬
‫والخصوص‪.‬‬
‫غانما‬
‫غانما فسالم حر ‪ ،‬ثم أعتق ً‬
‫فرع ‪ :‬قال ‪ :‬إن أعتقت ً‬
‫في مرض موته ‪ ،‬ولم يخرج من الثلث إال أحدهما‬
‫فالمذهب المجزوم به في المحرر والمنهاج في باب‬
‫الوصية تعين [غانم]‪ 1‬للعتق وال فرعه ؛ ألنها لو‬
‫خرجت على سالم ورق غانم لم يحصل شرط [عتق‬
‫سالم]‪.2‬‬
‫وبعضهم يقول في التوجيه ‪ :‬عتق سالم مرتب على عتق‬
‫غانم واألسبق أولى بالنفود‪.‬‬
‫قال الرافعي في [باب]‪ 3‬الوصية ‪ :‬ولكن سيأتي في‬
‫زمانيا‪ 4‬؛‬
‫ً‬ ‫الطالق أن مثل هذا الترتيب ال يقتضي سبقًا‬
‫وإ نما ثبتت األولوية لما هو األسبق في الزمان‪.‬‬
‫فالتوجيه األول أصح ‪ ،‬وذكر أن الحكم فيما [قال]‪ 5‬فسالم‬
‫حر في حال إعتاق غانم كالحكم في المسألة ‪ ،‬قال ابن‬
‫الرفعة وسنعرف في الطالق وفي العتق في الفرع‬
‫المذكور ‪ ،‬خالفه ‪ ،‬قال ‪ :‬وعجيب ذلك منه ‪ ،‬وفي الشامل‬
‫أن القاضي أبا الطيب قال في تعليقه ‪ :‬إذا قال ‪ :‬إذا‬
‫سالما ‪ ،‬أن هذا ال‬
‫سالما فغانم حر في حال إعتاقي ً‬
‫أعتقت ً‬
‫طا والمشروط ال يصح‬
‫يصح ألن إعتاق سالم جعله شر ً‬
‫وجوده مع الشرط وال قبله‪.‬‬
‫وعن الشيخ أبي حامد نحوه إذا قال ‪ :‬ليس هذا بصحيح ؛‬
‫ألن اإلعتاق هو اإليقاع ‪ ،‬وال بد من ترتيب الوقوع عليه‬
‫‪ ،‬فيؤادي ذلك إلى أن يسبق عتق غانم عتق سالم‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" بزماننا‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" فيما لو قال‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 61 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫وقال الشيخ اإلمام رحمه اهلل في باب الوصية من شرح‬
‫المنهاج ‪ :‬اعتراض الرافعي إنما هو على لفظ األسبق ؛‬
‫ولكن تأويله [يرجع]‪ 1‬إلى معنى التعليل األول ‪ ،‬قال‬
‫فكثيرا وأكثر األصحاب على الترتيب الزماني‬
‫وأيضا ً‬
‫ً‬
‫على خالف ما قال‪.‬‬
‫غانما فسالم حر ‪-‬‬
‫قلت الذي يظهر في مسألة إذا أعتقت ً‬
‫التخريج على أن العلة مع المعلول أو سابقة ؟ فإن قلنا‬
‫سابقة فقد يقال ‪ :‬يتعين عتق غانم ‪ ،‬وقد يقال ‪-‬وهو‬
‫األظهر ‪ :‬ال يتعين ألن علة عتق سالم ليس عتق غانم ؛‬
‫بل إعتاقه ‪ ،‬وفرق بين اإلعتاق والعتق ‪ ،‬فإن اإلعتاق‬
‫إيقاع والعتق وقوع ‪ ،‬واإلعتاق سابق ‪ ،‬وزمن عتق سالم‬
‫وغانم واحد ‪ ،‬وإ ن قلنا بالمعية فال يخفي أنها سابقة‬
‫بالتربة ‪ ،‬وقد يقال ‪ :‬إنه كاف في تعيين غانم ‪ ،‬وأما‬
‫مسألة التقييد بحال إعتاق غانم فيظهر أن يقال ‪ :‬إن قلنا ‪:‬‬
‫يسبق العلة المعلول ؛ فهذا اللفظ متدافع إذ شرط عتق هذا‬
‫هو سبق عتق هذا ‪ ،‬فكيف يكون مع ؟ [فيفسد]‪ 2‬اللفظ‬
‫ويخرج عن كونه علة ‪ ،‬أو يخرج على ما إذا قال "أنت‬
‫طالق أمس" كما قدمناه عن صاحب البحر‪.‬‬
‫أيضا ‪ ،‬ألنه عتق‬
‫وإ ن قلنا ‪ :‬بالمعية ؛ فقد يقال بالتدافع ً‬
‫جميعا ال‬
‫ً‬ ‫سالم معلل بعتق غانم ال بعتق بعضه ‪ ،‬وعتقه‬
‫دفعا لعتق غانم ‪ ،‬والتبعيض يؤدي إلى‬
‫يمكن ؛ ألن فيه ً‬
‫أن ال توجد الصفة في سالم‪.‬‬
‫وإ ذا لم توجد لم يسبق لعتق غانم معارض ؛ فيؤدي عتقه‬
‫إلى عتقه ‪ ،‬وهو دور كما ترى ‪ ،‬ولعل القاضي والشيخ‬
‫إلى هذا التقرير أشارا‪.‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬بتعيين عتق غانم لكونه علة وهي وإ ن لم‬
‫زمانا سبقته رتبة فكانت أجدر ‪ ،‬وقد توجد‬
‫تسبق المعلول ً‬
‫العلة بدون المعلول لمانع ‪ ،‬أما معلول بال علة فمحال‪.‬‬
‫وبهذا يتبين لك أن المسألتين ليسا سواء ؛ إذ ال يحتمل في‬
‫األول بطالن اللفظ البتة‪ .‬وهذا االحتمال ‪ ،‬في المسألة‬
‫الثانية ‪ ،‬يعضده أن القاضي أبا الطيب نفسه قال هو‬
‫وغيره كما نقل الرافعي في كتاب العتق ‪ :‬إذا قال أحد‬
‫الشريكين لشريكه الموسر ‪ :‬إذا أعتقت نصيبك فنصيبي‬
‫حر حال إعتاق نصيبك ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬السراية تحصل‬
‫معا‪.‬‬
‫باإلعتاق‪ .‬أنه يعتق على الشريكين ً‬
‫قلت ‪ :‬وال تدافع هنا ‪ ،‬ألن هذا النصف يعتق بكل تقدير‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" فيرجع‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فليغسل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 62 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫وذهب القفال والشيخ أبو علي إلى أنه يعتق على المقول‬
‫له‪ .‬قاال ‪ :‬ألن المعلق ال يقارن المعلق عليه ؛ بل يتأخر‬
‫بال شك‪.‬‬
‫وهذا غير مسلم لهما ‪ ،‬وال فرق بين المعلول وغيره ‪،‬‬
‫ولو قال ‪ :‬إن أعتقت نصيبك فنصيبي حر ‪ ،‬فأعتق ‪،‬‬
‫سرى ‪ ،‬ألن السراية قهرية وال مدفع لها وموجب التعليق‬
‫قابل للدفع بالبيع ونحوه ‪ ،‬وقد بان لك بهذا أن المسألتين‬
‫ليسا سواء ‪ ،‬وإ ن تعجب ان الرفعة من الرافعي ‪ ،‬ألجل‬
‫ثانيا‬
‫تعجبا منه ألجل المنقول ً‬
‫المنقول عن القاضي يوجب ً‬
‫عن القاضي‪.‬‬
‫فرع ‪:‬‬
‫قال لعبده ‪ :‬إن تزوجت فأنت حر ثم تزوج في مرض‬
‫الموت بأكثر من مهر المثل ‪ ،‬ولم يمكن أن [ينفذ]‪ 1‬من‬
‫الثلث كل من الزيادة على المهر وقيمة العبد ‪-‬بل‬
‫أحدهما‪ -‬فيقدم المهر ؛ كذا قاله األصحاب وحاول‬
‫الرافعي تخريجه على ترتيب المعلول على العلة ‪ ،‬فإن‬
‫قلنا "بالمعية" وزع على الزيادة وقيمة العبد ‪ ،‬وذكر أن‬
‫األصحاب صرحوا بالتوزيع فيما لو قال ‪ :‬فأنت حر في‬
‫حال تزويجي‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فأما تصريح بالفرق عن األصحاب فهو شاهد‬
‫للفرق في المسألة قبلها على خالف ما ادعاه هو ‪ ،‬وأما‬
‫ما حول تخريجه ففيه نظر ؛ ألن المعلق على التزويج ال‬
‫المهر ‪ ،‬والمهر معلول [التزويج]‪ 2‬كما أن العتق معلوله‬
‫‪ ،‬فزمانهما واحد ‪ ،‬فإن كان المعلول مع علته فهما مع‬
‫[التزويج]‪ 3‬وإ ال فهما بعده إال أن نجعل نسبة المهر إلى‬
‫التزويج نسبة السراية إلى العتق ألنه قهري فيسبق العتق‬
‫؛ ألن معلق قابل للدفع كما تقدم في الفرع قبله‪.‬‬
‫[فرع‪: 4‬‬
‫قال للمدخول بها ؛ كلما وقع عليك طالقي فأنت طالق ثم‬
‫قال ‪ :‬أنت طالق ‪ ،‬وقع الثالث‪ .‬كذا قالوه وقال الشيخ‬
‫اإلمام ‪ :‬هذا على قول الترتيب وكذا على المعية إن‬
‫جعلنا ما مصدرية غير ظرفية وإ ن جعلناها ظرفية لم يقع‬
‫إال طلقتان ألنل المعنى "كل وقت" فإذا قال ‪ :‬أنت طالق‬
‫وقع المنجز وواحدة من المعلق كالهما في وقت واحد ‪،‬‬
‫به ال يقع في ذلك الوقت بالبينة ألنه لم يجعل في كل وقت‬
‫غير طلقة واحدة ‪ ،‬وبعد انقضاء الوقت األول لم يقع‬
‫طالق إذا ال تكرار في كل وإ نما لها عموم فقط]‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "أ" يتقدر والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في ب التزوج‪.‬‬
‫‪ 3‬في ب التزوج‪.‬‬
‫‪ 4‬هذا الفرع سقط في "أ"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 63 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫القول في أحكام تقارن في الزمان أسبابها‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫إنما اختلفوا في تقدم الشرط مشروطه أو مقارنته أما تقدم‬
‫المشروط فمحال ‪-‬ال يقوله عاقل‪ -‬وظن التأدية إليه‬
‫أحدنا فحصلت به المسألة السريحية وهي ‪" :‬إن طلقتك‬
‫فأنت طالق قبله ثالثًا"‪ .‬وقد كثرت التصانيف فيها ‪-‬‬
‫واشتهر إشكالها‪ -‬قبل من زمن زيد بن ثابت رضي اهلل‬
‫عنه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬بل من زمن الشافعي رضي اهلل عنه ‪،‬‬
‫وقيل المزني ‪ ،‬وقيل ابن سريج‪.‬‬
‫وأخطأ من ظنها من مولدات ابن الحداد ‪-‬وإ ن كانت في‬
‫فروعه ؛ فليس كل ما في فروعه من مولداته ‪ ،‬ومن‬
‫العجيب قول ابن عبد السالم‪ .‬فيما نقله القرافي في أوائل‬
‫الفروق‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 64 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫أصول خمسة ‪:‬‬
‫الدور ‪ ،‬والجمع بين النقيضين ‪ ،‬وتحصيل الحاصل‬
‫محال ‪ ،‬ونفي النفي إثبات ‪ ،‬والزم النقيضين واقع‪ .‬من‬
‫نازع في شيء من هذه القواطع فهو مصاب في عقله ‪،‬‬
‫واقعا‬
‫ولكن الحال قد يضطر الفقيه إلى تقدير غير الواقع ً‬
‫وعكسه‪.‬‬
‫الدور ‪ :‬أفرده من أصحابنا بالتصنيف ‪ ،‬األستاذ أبو‬
‫إسحاق وأبو علي الزجاجي ‪ ،‬وافتتح كتابه بقوله تعالى‬
‫ت َغ ْزلَهَا ِم ْن َب ْع ِد قُ َّو ٍة َْأن َكاثًا}‪1‬‬
‫ضْ‬ ‫َّ ِ‬
‫ونوا َكالتي َنقَ َ‬
‫{واَل تَ ُك ُ‬
‫َ‬
‫قال ‪ :‬واآلية أصل دفع الدور‪ .‬ولألصحاب أعماله في‬
‫قطعة يرجع حاصلها إلى قطعه من أوله ‪ ،‬كمن زوج‬
‫عبده بحرة بصداق ضمنه في ذمته ‪ ،‬ثم باعه منها بذلك‬
‫الصداق قبل الدخول ‪ ،‬فال يصح البيع‪.‬‬
‫ومن وسطه ‪ :‬كمن زوج أمته بعبد في مرض موته‬
‫وقبض صداقها ثم أعتقها والصداق باق في ملكه ‪ ،‬وهو‬
‫ثلث ماله ‪ ،‬عتقت وال تنجيز‪.‬‬
‫ومن آخره ‪ :‬كمن أعتق أمته في مرض موته ‪-‬وهي‬
‫ثلث ماله‪ .‬ونكاحها ‪ ،‬لم يكن لها طلب المهر ‪ ،‬وال‬
‫ميراث لها سواء أخرجت من الثلث أم لم تخرج ؛ ألن‬
‫عتقها حينئذ وصية ‪ ،‬واإلرث والوصية ال يجتمعان‪.‬‬
‫أصل ‪ :‬الصحيح ‪ -‬عند أئمتنا وعليه أكثر المسلمين‬
‫وجمهور المتكلمين‪ -‬أن المشار إليه بإنسان الهيكل‬
‫المخصوص ‪ ،‬ونعني به ‪ :‬هذا البدن المتقوم بالروح‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬النحل "‪."92‬‬
‫صفحة ‪399 | 64 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫وعبارة الشيخ أبي الحسن رضي اهلل عنه في كتاب‬
‫"اإليجاز" اإلنسان هو هذه الجملة المصورة ذات‬
‫األبعاض والصور ‪ ،‬وحكى عليه إجماع المسلمين وأهل‬
‫اللغة‪.‬‬
‫كذا في "شرح اإليجاز" للقاضي أبي بكر ‪ ،‬وعزاه األستاذ‬
‫أبو منصور البغدادي ‪ ،‬في كتاب معيار الجدل ‪-‬إلى أهل‬
‫الحق وبدع من خالفه‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وهؤالء إذا سئلوا عن تعريف اإلنسان قالوا ‪ :‬هو‬
‫الجسد المخصوص بهذه الصورة المخصوصة فإن سئلوا‬
‫عن جبريل عليه السالم ‪-‬حين جاء في صورة دحية‬
‫الكلبي‪ -‬أجابوا بأن الظاهر منه كان على صورة ظاهر‬
‫اإلنسان ‪ ،‬ولم يكن باطنة حينئذ كباطن اإلنسان ‪-‬فلم يكن‬
‫إنسانا‪.‬‬
‫ً‬
‫قلت ‪ :‬ويمكن الجواب بأن نقول لم نعن باإلنسان ‪-‬البدن‬
‫بمجرده‪ -‬بل البدن المقوم بهذه الروح البشرية ‪ ،‬وبهذا‬
‫خرج جبريل في صورة دحية الكلبي ؛ فإن الصورة‬
‫لدحية ‪ ،‬ومقومها جبريل [حالة]‪ 1‬تشكله بها ‪ ،‬وهذا شيء‬
‫يقع ‪ ،‬ولم أجد في كالم األئمة ما يؤيده ‪ ،‬بل كلهم ال‬
‫يزيدون على أن اإلنسان "الهيكل فقط" ويحكون القول ‪-‬‬
‫بأنه مجموع الهيكل مع الروح ‪ ،‬عن حسين النجار‬
‫وهشام بن الحكم‪ -‬وأنهما قاال ‪ :‬ليس أحدهما إذا [انفرد]‬
‫‪ 2‬عن صاحبه بإنسان‪.‬‬
‫كذا في شرح اإليجاز وغيره من كتب قدماء أصحابنا‬
‫وهذا ظاهره أن أصحابنا ال يجعلون للروح مدخاًل في‬
‫مسمى اإلنسان البتة ال تفاقهم على رد هذه المقالة‪.‬‬
‫وذهب أبو حامد الغزالي إلى تضعيف القول بأن المشار‬
‫إليه [بإنسان]‪ 3‬الهيكل المخصوص ‪ ،‬وتبعه اإلمام فخر‬
‫الدين ومتابعوه ‪ ،‬ثم اختلفت آراؤهم ‪-‬بما ال غرض لنا‬
‫في شرحه ‪ ،‬مع اتفاقهم على أن المشار إليه "اإلنسانية‬
‫المقولة لهذا الهيكل ‪ ،‬وحلولها في الهيكل كحلول الهيكل‬
‫في الدار ‪ ،‬ال يوجب دخوله في مسماها‪.‬‬
‫وهذا المذهب معزو إلى الحنفية ‪ ،‬ولهذا أكثر أئمتنا في‬
‫التغليظ على من قال به‪.‬‬
‫واعلم أن هذا ليس هو مسألة الروح ‪ ،‬وإ ن ظن كثير من‬
‫الناس ذلك ‪ ،‬ولنا في تحقيق ذلك شرح لسنا له اآلن ‪،‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في مسائل تخرج على هذا األصل‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" حين‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" أراد‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 65 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫منها ‪ :‬قال علماؤنا ‪-‬بناء على أصل أئمتهم ‪ :‬الحل في‬
‫النكاح يتناول هذا الهيكل بأجزائه المتصلة اتصال خلقه ‪،‬‬
‫واستدلوا على ذلك بقوله تعالى ‪{ :‬فَ ْان ِك ُح ُ‬
‫وه َّن بِِإ ْذ ِن‬
‫َأهِل ِه َّن} أضاف النكاح إلى ذواتهن والمعنى بالذات جميع‬
‫ْ‬
‫األعضاء الموجودة لدى العقد‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قدمتم أن الحل والحرمة ليسا من صفات‬
‫األعيان‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬المعنى ذلك أن المحل ليس صفة قائمة بها ؛ وإ نما‬
‫المراد به االنتفاع ‪ ،‬والمعنى هنا أن االنتفاع مضاف إلى‬
‫البدن ال إلى مقومه‪.‬‬
‫وقالت الحنفية على أصولهم ‪ :‬مورد الحل في النكاح ‪،‬‬
‫إنسانية المرأة دون األجزاء واألعضاء واحتجوا بأن‬
‫األجزاء الموجودة عند العقد تتحلل وتتجدد ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ومن‬
‫البعيد أن يقال ‪ :‬ورد النكاح على شعورها ‪ ،‬ثم كل شعره‬
‫نبتت بعد النكاح يتعلق بها نكاح جديد حتى يتجدد كل يوم‬
‫منكوحة لم تكن حالة العقد ‪ ،‬وهذا من منزهات الكلم ‪،‬‬
‫ولو اعتبرنا في قضايا الشرع هذه الحاالت ‪ ،‬لقلنا ‪ :‬كل‬
‫يوم يتجدد نكاح جديد‪ -‬وإ ن كان المعقود عليه اإلنسانية ‪،‬‬
‫ألن النكاح عرض وهو ال يبقى زمانين‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬سيأتي في مسائل الفقه ‪ ،‬أن أبا حنيفة رضي‬
‫اهلل عنه ‪-‬يرى أن المعقود عليه في النكاح‪ -‬البضع فما‬
‫باله ال يضيف الحل إليه ‪ ،‬بل إلى اإلنسانية ؟‬
‫قلت ‪ :‬المعنى هناك أن الموضع موضع البدل العوض‬
‫مع عدم قطع النظر عن اإلنسانية ‪ ،‬والمعنى هنا أن‬
‫اإلنسانية مورد الحل ‪ ،‬وإ ن ورد العقد على جسم متقوم‬
‫بها ‪ ،‬ومنها ‪ :‬للزوج غسل زوجته إذا ماتت ‪ ،‬ألنه عقد‬
‫على بدنها ‪ ،‬وبدنها باق فيمكن من غسله‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬ليس له ذلك ؛ ألن مورد العقد المعنى‬
‫الزائل بالموت المفارق للبدن ‪ ،‬وإ ذا تجرد البدن عن‬
‫قائما به‬
‫مورد العقد فال يعطي حكمه إذا كان مورده ً‬
‫وحااًل فيه‪.‬‬
‫ووافقوا على أن لها غسله إذا مات ‪-‬مع قولهم أن الزوج‬
‫غير معقود عليه البتة ‪ ،‬فما أكثر مناقضتهم ألصولهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إضافة الطالق إلى جزء من المرأة صحيح من‬
‫حيث إنه محل الطالق كما أنه محل النكاح ‪ ،‬ثم األصح‬
‫أنه يقع عليه ويسري إلى سائر البدن ‪-‬ال أنه من باب‬
‫التعبير بالبعض عن الكل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 66 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬فيما نقل عنهم بعض الخالفيين ‪ ،‬ال‬
‫يصح إضافة الطالق إلى جزء المرأة ألنا لمعقود عليه‬
‫إنسانيتها ‪ ،‬والخالف جار في العتق‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن مستحق القصاص في النفس إذا قطع اليد‬
‫وعفا عن النفس ‪ ،‬لم يلزمه أرش اليد سواء أوقف القطع‬
‫أم سرى ؛ ألنه استحق جملة البدن فصارت األطراف‬
‫مهدرة بالنسبة إليه‪.‬‬
‫وال يقال على هذا فامنحوا له قطع أطرافه ألن القصاص‬
‫لما كان مقابلة لم يجز له أن يفعل إال ما فعل به ‪ ،‬أو أن‬
‫يزهق الروح بطريق سهل ‪ ،‬وليس له التعذيب من غير‬
‫سبب‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪" :‬مورد استحقاق القصاص الروح ال‬
‫الهيكل المخصوص" ؛ غير أنه يقع في بعض البدن‬
‫توصاًل إلى إزهاقها ؛ إذ ال يمكن إزهاقها إال كذلك ‪ ،‬فإن‬
‫ظالما بقطع‬
‫وقف هذا الجرح ضمن ‪ ،‬ألنه لما عفا كان ً‬
‫اليد ‪ ،‬وإ ن سرى ‪-‬ألنه تبين أن العفو وقع بعد االستيفاء‪-‬‬
‫فال أثر له‪.‬‬
‫حيا أو‬
‫زيدا فأنت طالق ‪ ،‬فرأته ً‬
‫ومنها إذا قال ‪ :‬إن رأيت ً‬
‫زيدا ألنه هذا‬
‫ميتًا طلقت ألن موته لم يخرجه عن كونه ً‬
‫الهيكل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو قال روحك طالق ‪ ،‬طلقت على المذهب ‪،‬‬
‫مبنيا على أن الروح‬
‫وحكى أبو الفرج الزاز ‪ ،‬فيه خالفًا ً‬
‫جسم أو عرض‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا وجد بعض الميت صلى عليه ‪ ،‬وهل ينوي‬
‫الصالة على جملة الميت أو على ما وجد منه ؟ فيه‬
‫وجهان حكاهما الماوردي واألول هو المجزوم به في‬
‫الروضة ‪ ،‬والثاني ‪ :‬قضية كالم أبي الطيب وجوز‬
‫الجيلي ‪-‬شارح التنبيه‪ -‬بناء الخالف على أصل آخر‬
‫حكى فيه [خالفًا]‪ 1‬بين المتكلمين ‪ ،‬وهو أن العضو‬
‫البائن هل يحشر معه ويدخل الجنة إن كان من أهلها‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬قد يقول قائل ‪ :‬كالم أصحابنا في الفقه يدل على‬
‫ما ذهب إليه الغزالي والحنفية من أن اإلنسان المعنى‬
‫القائم بهذا البدن ‪ ،‬وال مدخل للبدن في مسماه ؛ ألنهم‬
‫ذكروا أن نقصان اليد ونحوها نقصان وصف ال جزء‬
‫كما ذكروه في حكم البيع قبل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" حكى هو فيه اختالفًا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 67 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫القبض ‪ ،‬صرح بذلك الوالد رحمه اهلل في "شرح المنهاج"‬
‫أعني بأنه ليس نقصان جزء ‪ ،‬وكل األصحاب‬
‫مصرحون بأنه نقصان وصف‪.‬‬
‫فالجواب ‪ :‬أن المعنى بالوصف في كالمهم ما ال يتقسط‬
‫الثمن عليهن ال ما نحن فيه‪.‬‬
‫على أني لم أجد في كالم الرافعي التصريح بأن نقصان‬
‫اليد ليس نقصان جزء ‪ ،‬بل ظاهر كالمهم أنه نقصان‬
‫جزء ذلك الجزء وصف ‪ ،‬ألنه قسم الجزء إلى وصف ‪،‬‬
‫وهو ما ال يفرد بالقيمة ‪ ،‬والمالية كيد العبد‪ .‬قال ‪ :‬وهو‬
‫في معنى أن ال تباع األوصاف ‪ ،‬وإ لى ما يفرد كأحد‬
‫العبدين وأحد الصاعين‬
‫أصل ‪:‬‬
‫الزم النقيضين واقع ال محالة ‪ ،‬وهذا أمر عقلي ال يقبل‬
‫المكابرة ؛ غير أن الحال قد يضطر الفقيه إلى اإلعراض‬
‫عن هذا الواقع ‪ ،‬فيجعله كأنه غير واقع ‪ ،‬لما يترتب على‬
‫الحكم بوقوعه من الخلل‪.‬‬
‫فروعا من هذا النوع يتهذب بها النظر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ونحن نذكر‬
‫فنقول ‪ :‬إذا قال أحد الشريكين في عبد ‪ :‬إن لم تدخل‬
‫غدا فنصيبي حر ‪ ،‬ومضى الغد ولم يعلم حالة‬
‫الدار ً‬
‫واتفق الشريكان على الجهل به ‪ ،‬فيعتق النصف بتقدير‬
‫واقع على التقديرين ‪ ،‬وكذلك عتق الكل إن كانا موسرين‬
‫‪ ،‬وقلنا السراية ال تتوقف على أداء القيمة‪.‬‬
‫وهذه مسألة كبيرة ‪ ،‬ومع ذلك ليست في شرح الرافعي ؛‬
‫وإ نما الذي في الرافعي في مسألة الغراب ما قد يقالك إنه‬
‫نظيرها ‪ ،‬وليس بنظير ‪ ،‬والمنقول في مسألتنا هذه فيما‬
‫إذا كانا موسرين عن أبي العباس ابن سريج أن العبد‬
‫يعتق والوالء موقوف وال قيمة في الحال‪.‬‬
‫وعن أبي علي الثقفي أنه يعتق على الذي علق العتق‬
‫بالعدم ‪ ،‬وله الوالء ‪ ،‬ويغرم الثاني من نصيبه ؛ ألن‬
‫األصل عدم الدخول‪.‬‬
‫وإ ن كانا معسرين فثالثة أقوال ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬يعتق نصيب من علق بالعدم‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬يعتق نصيب العبد على الشيوع ؛ ألنه معلوم‬
‫يقينا ‪ ،‬والنصف الثاني يبقى‬
‫ً‬
‫صفحة ‪399 | 68 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫بينهما على الرق ‪ ،‬وهو يشبه قول القسمة في تعارض‬
‫البيتين‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬ال يعتق نصيب واحد منهما بناء على األصل ‪،‬‬
‫غرابا فنصيبي‬
‫كما لو طار طائر فقال أحدهما إن كان ً‬
‫غرابا فنصيبي حر‪-‬‬
‫حر ‪ ،‬وقال اآلخر ‪ :‬إن لم يكن ً‬
‫وهما معسران فال يحكم بعتق نصيب واحد منهما كما‬
‫جزم به الرافعي ومن بعده‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وما أحسب قوله ‪ :‬ال يحكم بالعتق ‪ ،‬ولم يقل ال‬
‫يعتق ألن العتق واقع ال محالة إذ هو الزم النقيضين ‪،‬‬
‫وبذلك صرح اإلمام في النهاية ؛ فقال ‪ :‬ال يحكم بالعتق‬
‫باطنا أنه قد عتق نصيب‬
‫في ظاهر الحكم ‪ ،‬ولكن يعلم ً‬
‫أحدهما انتهى‪.‬‬
‫وفائدته ‪ :‬فيما لو اجتمعا في ملك أحدهما بعد ذلك كما‬
‫صرح به األصحاب‪.‬‬
‫ومن عين العتق في نصيب المعلق بالعدم أو قال يعتق‬
‫نصف نصيب كل منهما فقد قرر المحال ؛ ولكن القائل‬
‫بقسمة المعتق عليهما فقد وقع في محال آخر ‪ ،‬فإنه أعتق‬
‫قطعا‪ .‬ودعواه أنه يشبه القول بالقسمة ‪ ،‬في‬
‫من لم يعتق ً‬
‫تعارض البيتين ‪ ،‬ممنوعة فإن القسمة هناك قد توافق‬
‫الحكم في نفس األمر ‪ ،‬وهنا ال يمكن ؛ إذ نحن على قطع‬
‫بأن نصيب أحدهما غير مشمول بالعتق ‪ ،‬وليس فرضنا‬
‫اآلن في ذلك ؛ وإ نما الكالم على القول بأنه ال يحكم‬
‫بنصيب واحد منهما ‪ ،‬فإنه قد يتخيل أن هذا مناقض‬
‫للقاعدة الكالمية في أن الزم النقيضين واجب الوقوع ‪،‬‬
‫باطنا غير أن الضرورة الجأت إلى‬
‫فنقول ‪ :‬هو واقع ً‬
‫قائما ‪ ،‬أال ترى أنه إذا‬
‫الحكم بعدم وقوعه ما دام الشك ً‬
‫زال واجتمعا في مسلك واحد يحكم عليه بعتق النصف‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فالكالم بعده في فائدته حسنة ‪ ،‬وهي ‪ :‬أن‬
‫هذه المسألة التي حكينا فيها التفصيل والخالف هل هي‬
‫غرابا‬
‫مسألة ما إذا قال أحدا لشريكين إن كان هذا الطائر ً‬
‫غرابا فنصيبي‬
‫فنصيبي حر ‪ ،‬وقال اآلخر ‪ ،‬إن لم يكن ً‬
‫حر ‪ ،‬أو غيرها‪.‬‬
‫فإن لم تكن هي ‪ ،‬فتلك في شرح الرافعي في باب العتق‬
‫وفي كتاب الطالق ‪ ،‬وحاصل ما ذكره فيها من‬
‫المعسرين أنه ال يحكم بعتق نصيب واحد منهما ؛ فلو‬
‫اشترى نصيب صاحبه حكم بعتق النصفين ‪ ،‬ألنه‬
‫جمعهما مسلك واحد ‪ ،‬ولو باعا النصفين من ثالث فكذلك‬
‫‪ ،‬وال رجوع له على واحد منهما ‪ ،‬ألن كال منهما يزعم‬
‫أن نصيبه مملوك‪.‬‬
‫وحكى الشيخ أبو علي أن بعض األصحاب [قالوا]‪ 1‬إن‬
‫عالما‬
‫أقدم على الشراء ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" قال‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 69 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫بالتعليقين فال رجوع له ‪ ،‬وإ ال فله الرد بالعيب كما لو‬
‫عبدا ثم بان أن نصفه حر ‪ ،‬وعلى هذا فيرد العبد‬
‫اشترى ً‬
‫كله‪.‬‬
‫وأطال الرافعي في تفريع هذا ‪ ،‬وقال في الموسرين ‪ :‬إن‬
‫قلنا بتعجيل السراية عتق العبد ‪ ،‬لتحقيق حنث أحدهما ‪،‬‬
‫والسراية عليه ‪ ،‬والوالء موقوف ‪ ،‬وإ ن قلنا ‪ :‬بتوقف‬
‫السراية على أداء القيمة لم يحكم بعتق شيء منه والحكم‬
‫ملخصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كما في المعسرين‪ .‬انتهى‬
‫وعلى تقدير كونها هي بكون الرافعي قد فاته فيها ما‬
‫حكيناه من الخالف ‪ ،‬وإ ن تكن غيرها فتكون قد فاتت‬
‫الرافعي بالكلية‪.‬‬
‫والجواب ‪ :‬أن من األصحاب من زعم أنها هي كما ذكر‬
‫القاضي ٍأبو سعد الهروي في اإلشراف ومنهم من فرق‬
‫بينهما ‪ ،‬وهو الصواب‪.‬‬
‫طائرا‬
‫غرابا وكونه ً‬
‫ووجه الفرق أن احتمال كون الطائر ً‬
‫آخر غير غراب سواء ليس ألحدهما على اآلخر رجحان‬
‫؛ فال يصح التمسك فيه باألصل ‪ ،‬إذ ما من نوع من‬
‫الطائر إال ويقال فيه‪ .‬األصل أنه ليس هذا ‪ ،‬فيكون‬
‫منعكسا في نفسه ؛ ألنك‬
‫ً‬ ‫استعمال األصل في هذا األصل‬
‫إن قلت ‪ :‬األصل أنه غير غراب ؛ فكذلك األصل أنه‬
‫غير حمام وأنه غير باز وأنه غير هدهد ‪ ،‬وهكذا إلى أن‬
‫ينتهي عدد كل طائر ‪ ،‬وكل شيء انعكس بنفسه لم يصح‬
‫التمسك به‪.‬‬
‫فوضح أنه ال اعتماد على األصل في مسألة الغراب ‪،‬‬
‫بخالف عدم دخول الدار ‪ ،‬فإن التمسك فيها باألصل‬
‫مستقيم ‪ ،‬ومن ثم عينه بعض األصحاب ‪ ،‬وذهب إلى‬
‫حذرا من نفي النقيضين أو إثباتهما‪.‬‬
‫إلغاء العتق عليه ًَ‬
‫ووضح بهذا أن مسألة الدخول ليست في الرافعي ؛ بل لم‬
‫أقف عليها في شيء من تصنيف الرافعي والنووي ‪،‬‬
‫وابن الرفعة في المطلب ‪ ،‬لم يذكر مسألة الدخول وال‬
‫مسألة الغراب هذه‪ .‬ومن فوائد هذا الرفع أن اإلمام لما‬
‫حكى الوجه الذي حكاه الشيخ أبو علي ‪-‬أنه يرد بالعيب‪-‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫هذا هو بين ال ينبغي أن يعد مثله من المذهب ؛ ألنه لو‬
‫جوزنا له الرد لعاد كل واحد من الشريكين إلى نصيبه‬
‫وزال العتق المحكوم به‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد يستضعف عدم الرد ويقال ‪ :‬كيف يلزم بتوفير‬
‫الثمن على ما لم يسلم بسبب سابق موجود في يد البائع‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 70 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫وعند هذا أقول ‪ :‬الحكم بالعتق إذا اشتراه ثالث يحتمل أن‬
‫يقال ‪ :‬إنه مستند إلى الزمان السابق ‪ ،‬لكونه كان الواقع‬
‫باطنا ؛ غير أن معرفة [من يعتق‪ 2‬عليه] أوجبت‬
‫[فيه]‪ً 1‬‬
‫أن ال يحكم به ‪ ،‬وهذا يشبه القول بأن الوقوع فيما إذا قال‬
‫‪ :‬إحداكما طالق [عند التعيين من حين قوله ‪ ،‬إحداكما‬
‫طالق]‪ 3‬ال من حين التعيين ‪ ،‬وعلى هذا قالوا ‪ :‬ال‬
‫موقوف بين الشريكين ‪ ،‬لتردد العتق بينهما ‪ ،‬وعلى هذا‬
‫يتجه القول بالرد ؛ ألنه تبين وجود الحرية في يد البائعين‬
‫سببا للحكم بها ‪ ،‬فالشراء وقع منه بعد‬
‫‪ ،‬وإ ن كان الشراء ً‬
‫إيجابهما ‪ ،‬ويحتمل أن يقال ‪ :‬إنه يستند إلى زمان‬
‫المشتري ‪ ،‬ويكون العتق عليه والوالء له كما قيل في‬
‫الطالق المبهم ‪ ،‬إنه من حين التعيين ‪ ،‬وهذا يؤيده أنه لو‬
‫مستندا إلى الزمان السابق لعاد اإلشكال الذي بسببه‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫لم يحكم بالعتق فيما مضى ؛ فإنه يؤدي كما عرفت إلى‬
‫وقت الوالء وغيره ويضعفه أنه ال مقتضى للعتق اآلن‬
‫فإنه لم يصدر من المشرتي ما يوجبه وإ نما صدر من‬
‫البائعين ‪ ،‬فإن وقع عتق فليستند إلى سببه‪.‬‬
‫وبالجملة إذا استند إلى زمان المشتري اتجه أن ال يرد‬
‫بالعيب ألنه المعتق ‪-‬في ظاهر الحكم‪ -‬بهذا الشراء ‪،‬‬
‫وقد عادت إليه فائدة الوالء‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬هل هذا كما إذا ارتد العبد في يد البائع وقتل‬
‫عند المشتري فيتخرج على الخالف فيه‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الردة سبب وجد عند البائع مقتضية للقتل وإ ن لم‬
‫يصدر بيع ‪ ،‬بخالف ما نحن فيه ؛ فإنه لو لم يصدر بيع‬
‫لم يحكم بالعتق‪ .‬فالقول بالرد في الردة أوضح من هذا‪.‬‬
‫فرع ‪:‬‬
‫قال شيخ اإلسالم أبو الفتح بن دقيق العيد في كتاب‬
‫"اقتناص السوانح" ‪ ،‬ذكر بعضهم أن المسألة السريجية‬
‫إذا عكست انجلت ‪ ،‬وطريقه أن يقول ‪" :‬متى طلقت فلم‬
‫يقع عليك طالقي فأنت طالق قبله ثالثًا" ؛ فإنه حينئذ متى‬
‫طلقها وجب أن يقع الثالث القبلية ؛ ألن الطالق القبلي‬
‫ثابت ‪-‬حينئذ على النقيضين وقوع المنجز وعدم وقوعه‬
‫قطعا ؛‬
‫‪ ،‬وما ثبت على النقيضين فهو ثابت في الواقع ً‬
‫قطعا ‪ ،‬وهذه‬
‫قطعا ‪ ،‬فالمعلق به واقع ً‬
‫ألن أحدهما واقع ً‬
‫مقدمة ضرورية عقلية ال تقبل المنع بوجه من الوجوه ‪،‬‬
‫أصل المسألة في الوكالة "انتهى"‪.‬‬
‫وكتبت أنا ‪-‬هذا في وقت في ورقة‪ -‬وتركت بعض‬
‫كثيرا ‪ ،‬وألقيت‬
‫بياضا ً‬
‫ً‬ ‫األسطر‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" به‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" عين من يعتق‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 71 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫الورقة على فراش الشيخ اإلمام ‪-‬تغمده اهلل برحمته‬
‫ورضوانه‪ -‬ثم عدت ثاني يوم فوجدته قد كتب بخطه‬
‫عقيب خطي ما نصه‪ .‬ومنه نقلته "وهذا فيه نظر" وإ نما‬
‫يلزم وقوع الطالق المعلق ‪ ،‬بالنقيضين المذكورين‪ .‬لو‬
‫قال ‪ :‬إن طلقتك فوقع عليك طالقي أو لم يقع فأنت طالق‬
‫قبله ثالثًا ثم يقول لها ‪ :‬أنت طالق ؛ فحينئذ يحكم بأنها‬
‫طلقت قبل ذلك التطليق عماًل بالشرط الثاني ‪ ،‬وهو عدم‬
‫الوقوع ‪ ،‬ألن الطالق المعلق مشروط بأحد أمرين ‪ :‬إما‬
‫الوقوع ‪ ،‬وإ ما عدمه في زمن واحد مستند إلى زمن واحد‬
‫استنادا إلى الشرط‬
‫ً‬ ‫قبلي‪ -‬وال يمكن الحكم بالوقوع القبلي‬
‫األول ‪ ،‬وهو الوقوع ‪ ،‬للزم الدور‪.‬‬
‫مستندا إلى عدم‬
‫ً‬ ‫وأما الوقوع في ذلك الزمان القبلي‬
‫الوقوع ؛ فال محال فيه ؛ إذ ال يمكن أن يقال ‪ :‬لو وقع‬
‫فيه لوقع قبله ‪ ،‬ألن إنما يحمل القبيلة على القبلية المتسعة‬
‫‪ ،‬التي أولها عقب التعليق ‪ ،‬أو على القبلية التي تستعقب‬
‫الطالق ؟‬
‫فإن كان األول ‪ :‬لم يمكن وقوع الطالق قبله ؛ ألنه يكون‬
‫سابقًا على التعليق ‪ ،‬وحكم التعليق ال يسبقه وهذه فائدة‬
‫فرضنا التعليق على التطليق ونفيه بكلمة واحدة‪.‬‬
‫استنادا‬
‫ً‬ ‫أيضا القول بالوقوع قبله‬
‫وإ ن كان الثاني ‪ :‬لم يكن ً‬
‫إلى الشرط األول ؛ ألنه كما تتقيد القبلية القريبة بالنسبة‬
‫إلى الشرط الثاني كذلك تتقيد بالنسبة إلى الشرط األول ‪،‬‬
‫فال يكون على تقدم الوقوع ‪ ،‬على ذلك الزمان دليل ‪ ،‬وال‬
‫له موجب ‪ ،‬هذا كله إذا كان التعليق بالنقيضين ‪ ،‬وأن ما‬
‫تعلق بالنقيضين واقع كما توهمه القائل ؛ بل ألن التعليق‬
‫بالعدم وأنه ال مانع منه وال استحالة فيه حتى لو انفرد‬
‫التعليق بالعدم كان كذلك فال أثر للتعليق معه على‬
‫الموجود ‪ ،‬وإ ن وقع في فرض المسألة ‪ ،‬فافهم ذلك‬
‫"انتهى"‪.‬‬
‫كالما طوياًل إال أنه لم يتمه ‪ ،‬فتركت كتابته ‪،‬‬
‫وذكر بعده ً‬
‫واقتصرت على هذا لحصول الغرض منه ‪ ،‬وكتبته في‬
‫الطبقات الوسطى في ترجمة ابن دقيق العيد‪.‬‬
‫والشيخ اإلمام وقف على هذه الطبقات ‪ ،‬وعلى ترجمة‬
‫ابن دقيق العيد نفسها ‪ ،‬وقرأ ما كتبته من خطه هنا ‪،‬‬
‫وسكت عليه ‪ ،‬ثم رأيته بعد موته رحمه اهلل ذكر المسألة‬
‫في باب الوكالة من "شرح المنهاج" ‪ ،‬وقال هو جعله‬
‫الزما [للنقيضين]‪1‬‬
‫الزما للنقيضين وليس كل ما جعله ً‬
‫ً‬
‫الزما ؛ ألن المانع من وقوعه يمنع اللزوم‪.‬‬
‫يصير ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 72 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫وإ ذا صححنا الدور فهو مانع من وقوع الطالق معلقًا‬
‫ومنجزا ؛ ألنه يؤدي إثباته إلى نفيه‪ .‬ثم اندفع في نحو ما‬
‫ً‬
‫ذكره ‪ ،‬هنا‪ -‬من الفرق بين اتحاد الزمان وتعدده‬
‫وتراخي أحد التعليقين عن اآلخر ‪ ،‬واتساع القبيلة‪.‬‬
‫أيضا ‪-‬في كتاب النكاح ونسبها إلى ابن دقيق‬
‫وذكرها ً‬
‫العيد نفسه ‪ ،‬ولم يزد في تعقبه على أن قال ‪" :‬وفيما قاله‬
‫نظر ألنا نمنع صحة التعليق الثاني إذا صححنا األول ؛‬
‫الزما للنقيضين إذا علقه على كل‬
‫وإ نما يكون الطالق ً‬
‫منهما بكلمة واحدة "انتهى"‪.‬‬
‫وحاصله ‪ :‬أن ما قاله الشيخ تقي الدين ال يندفع به الدور‬
‫؛ ألنه لو وقع الطالق بما أخذ به من التعليق لزم وقوع‬
‫الثالث قبله بالتعليق األول ‪ ،‬ومتى وقعت لم يقع بالثاني‬
‫شيء ‪ ،‬فالدور باق بحاله ‪ ،‬بخالف ما لو جمع بكلمة‬
‫واحدة فقال ‪ :‬إن طلقتك فوقع عليك طالقي أو لم يقع ؛‬
‫فأنت طالق فإنه يقع ‪ ،‬وال يمكن أن يقال فيه ‪ :‬إنه لو وقع‬
‫لوقع قبله"‪ .‬لما قرره ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إن الحكم بالوقوع فيما‬
‫فرضه هو ‪ ،‬ليس لكون الطالق معلقًا بالنقيضين ؛ بل‬
‫ألجل التعليق بالعدم ‪ ،‬حتى لو تجرد التعليق بالعدم فقال ‪:‬‬
‫إن طلقتك فلم يقع فأنت طالق ثالثًا وقع الثالث‪.‬‬
‫هذا وجه كالمه ذكرته لتعقده على بعض الناس وليس‬
‫بعده في النفاسة شيء‪.‬‬
‫وقد وقفت على كالم لبعض الناس حسبته هو األمر‬
‫المستسهل عند الشيخ اإلمام ‪ ،‬وما وراءه ال يستحق أن‬
‫يذكر ؛ فلم أحب أن أذكره ‪ ،‬ففي كالم الوالد كفاية ‪ ،‬ثم‬
‫قلت ‪ :‬ال بأس بذكره ليستفاد‪ .‬قال الشيخ [اإلمام]‪1‬‬
‫برهان الدين بن الفركاح ‪-‬في الجواب عما ذكره ابن‬
‫دقيق العيد بعد االعتراف بأنه دار بين الفقهاء ولم يذكر‬
‫فيه شيء مفيد ‪ ،‬ال نسلم أن التعليق األول مقتضاه وقوع‬
‫القبلي ‪ ،‬وكيف يكون ذلك مقتضاه وهو مستحيل ؛ فإنه لو‬
‫وقع القبلي لم يقع المنجز ‪ ،‬وحينئذ يكون قد وقع المعلق‬
‫بدون وجود المعلق عليه ‪ ،‬فوقوع المنجز يستلزم عدم‬
‫وقوع القبلي ال وقوعه‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬لفظ التعليق اقتضى ما ذكرناه من استدعاء‬
‫[وقوع المنجز لعدم]‪ 2‬وقوع القبلي‪.‬‬
‫قلت ال وذلك ألن "هذا" العكس إنما هو كالم تقدير‬
‫تصحيح الدور ‪ ،‬ومتى قلنا‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 73 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫بصحته فمعناه أن لو وقع هذا المنجز للزم منه المحال‬
‫وما لزم منه المحال محال‪.‬‬
‫فحينئذ التعليق األول ‪-‬على تقدير تصحيح الدور‪ -‬يلزم‬
‫جميعا ‪ ،‬ال أنه يستلزم‬
‫ً‬ ‫منه امتناع وقوع المنجز والمعلق‬
‫وقوع القبلي على تقدير وقوع المنجز‪.‬‬
‫وأما التعليق الثاني ‪ :‬فمقتضاه وقوع القبلي على تقدير‬
‫وقوع المنجز ‪ ،‬وهذا ليس بمستحيل بمجرده ولكن وقوع‬
‫القبلي على تقدير عدم وقوع مستحيل للدور الصحيح‬
‫المتقدم ؛ فإن الكالم إنما هو على تقدير تصحيح الدور‬
‫المتقدم ‪ ،‬وحينئذ يستحيل وقوع القبلي على تقدير عدم‬
‫وقوع المنجز ألنه لو وقع قبله الثالث ‪ ،‬ولو وقع الثالث‬
‫لم يقع‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬قال ‪ :‬أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم فعند ابن‬
‫سريج [أنه]‪ 1‬ال يقع الطالق ؛ ألنه إنما يتحقق ما جعله‬
‫طا للطالق بمضي اليوم ‪ ،‬وإ ذا مضى اليوم لم يبق‬
‫شر ً‬
‫وقت الوقوع ؛ فال يقع وقال الشيخ أبو حامد ‪ :‬يقع في‬
‫آخر لحظة من اليوم ‪ ،‬ألن الشرط عدم التطليق في اليوم‬
‫‪ ،‬والتطليق لفظ يقع في زمان يحتمله ‪ ،‬فإذا لم يبق من‬
‫الزمان ما يتسع للتطليق فقد تحقق الشرط حينئذ فيقع‬
‫زمانا‬
‫الطالق ‪ ،‬والوقوع حكم الشرع وال يستدعي ً‬
‫يستدعيه التطليق ‪[ ،‬والشرط والجزاء]‪ 2‬ال يتصور‬
‫اجتماعهما‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬لفظ اليوم اسم زمان ممتد من الفجر إلى الغروب ‪،‬‬
‫وهو صادق على كل جزء من أجزاءه ؛ ففي اإلثبات إذا‬
‫قال ‪ :‬أنت طالق اليوم ‪ ،‬ولنفرض ذلك فيمن قال ‪ :‬أنت‬
‫طالق اليوم ‪ ،‬كذا يقع في أول جزء منه‪.‬‬
‫وفي النفي إذا قال ‪ :‬إن لم أطلقك يوم كذا ال يصدق ‪-‬‬
‫لكونه نكرة في سياق النفي ‪ ،‬حتى تغرب شمس ذات‬
‫موقعا‬
‫ً‬ ‫اليوم ‪ ،‬فلما جعل عدم الطالق في ذلك اليوم‬
‫للطالق فيه آل ذلك إلى التناقض ؛ فإما أن يقال ‪ :‬هذا منه‬
‫‪3‬‬
‫متدافع فال يقع شيء [وهو]‪ 4‬رأي ابن سريج أو يقال‬
‫أمكن أن يحمل قوله قوله إن لم أطلقك على العموم الذي‬
‫ال يتم إال بتمام اليوم وقوله فأنت طالق على الوقوع في‬
‫جزء منه لكون اطالق ‪ ،‬في اإلثبات ‪-‬يصدق بجزء منه‬
‫كما قلنا ‪ ،‬بخالفه في النفي ‪ ،‬فالمعلق الطالق في جزء‬
‫من أجزاء هذا اليوم إذا انقرض جميع اليوم بغير طالق‬
‫[وانقراض جميع اليوم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" تقديم وتأخير‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" وهذا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 74 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫بغير طالق]‪ 1‬يوجب أن ال يقع طالق ‪ ،‬وعدم وقوع‬
‫الطالق يوجب أن يقع لوجود الصفة‪.‬‬
‫فجمع بينهما الشيخ أبو حامد وما فعله نظير ما يقال في‬
‫تارك الصالة أنه يقتل إذا خرج وقتها عن صالحية األداء‬
‫‪ ،‬وقيل ‪ :‬دخوله في القضاء ؛ ألنه في ذلك الوقت محقق‬
‫أنه أخرجها عن وقتها ‪" ،‬إذا" لم يبق منه ما يسعها أداء‬
‫كما لم يبق من هذا اليوم ما يسعها تطليقًا ‪ ،‬فوسعها طالقًا‬
‫‪ ،‬فأمكن أن يحمل قوله ‪" :‬إن لم أطلقك في هذا الزمان‬
‫فأنت طالق فيه ‪ ،‬ويعني بزمان الطالق غير زمن عدمه‬
‫‪ ،‬فال تناقض ‪ ،‬ويتجه الوقوع كما قال الشيخ أبو حامد‪.‬‬
‫إال أني أقول [لكن]‪ 2‬أن يقال ‪ :‬يقع بعد مضي لحظة من‬
‫أول اليوم فإن اللحظة األولى صدق فيه أنه لم يطلقها‬
‫اليوم‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬عدم الطالق اليوم يستدعي جميعه‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال نسلم ‪ ،‬أال ترى أنه لو علق الطالق على اليوم‬
‫الكتفى بأوله‪.‬‬
‫واقعا في‬
‫فإن قلت ‪ :‬ذلك ألنه إذا وقع في أوله كان ً‬
‫جميعه‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬لعل الضرورة تلجئ ‪-‬هنا إلى حمل اليوم على‬
‫بعضه خشية على الكالم من التهافت ؛ فال يكون وقوع‬
‫الطالق ‪ ،‬في هذا الفرع ‪ ،‬الزم النقيضين‪.‬‬
‫ولو قال ‪ :‬إن تركت طالقك [فأنت طالق]‪ 3‬ومضى‬
‫زمان يمكنه أن يطلق فلم يطلق ‪-‬طلقت‪.‬‬
‫ومثله ‪ :‬لو قال ‪ :‬إن سكت عن طالقك ذكرهما الرافعي‬
‫وال إشكال فيهما ‪-‬وإ ن تخيل أن كيف يقع الطالق مع‬
‫تركه والسكوت عنه‪.‬‬
‫فالجواب ‪ :‬أن زمن السكوت والترك ال طالق فيه ؛ وإ نما‬
‫هو صفة لطالق يقع عقيبه فهو كما لو قال [إن]‪ 4‬لم‬
‫أطلقك فأنت طالق ‪ ،‬ومضى زمان يمكنه أن يطلق فلم‬
‫يطلق "فإنا تطلق" ويكون زمان الطالق عقب زمان‬
‫عدمه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يمكن‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" إذا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 75 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫فإن قلت ‪ :‬أي فرق بين هذه الصور الثالث‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬يظهر لي أن المعلق عليه ‪-‬في إن لم أطلقك‪ -‬عدم‬
‫الطالق ‪ ،‬وفي ‪-‬إن سكت أخص منه وهو استحضار‬
‫الطالق ‪ ،‬مسكوتًا عنه فكأنه أحضره في ذهنه وأعرض‬
‫عنه‪.‬‬
‫وفي ‪-‬إن تركت‪ -‬أخص من السكوت ‪ ،‬وهو استحضاره‬
‫ثم فعل الكف عنه كذا يتبادر إلى فهمي‪.‬‬
‫ولك أن تقول ‪ :‬المعلق عليه ‪ ،‬في إذا لم أطلقك وصف‬
‫عدمي ‪ ،‬وفي إن تركت وإ ن سكت ‪ ،‬وصف وجودي ‪،‬‬
‫ويوضحه أنه إذا مضت لحظة وهو تارك أو ساكت‬
‫تطلق ‪ ،‬وإ ن كان قد علق بصيغة "إن"‪.‬‬
‫وجوديا مطلقًا ‪ ،‬يصدق‬
‫ً‬ ‫وجاء هذا من كون الوصف‬
‫بصوره ‪ ،‬بدليل أنه لو قال ‪" ،‬إن لم أطلقك" امتد مدة‬
‫عديما لكان‬
‫العمر ؛ فلو قال ‪ :‬تركت أو سكت ‪-‬وصفًا ً‬
‫"إن لم أطلقك" وإ ن تركت طالقك سواء ؛ فلما افترقا‬
‫حكما دل على الفرق معنى‪.‬‬
‫ً‬
‫وكذلك في "إذا لم أطلقك" [تقول]‪ 1‬إن الفور مستفاد من‬
‫صيغة إذا ‪ ،‬وإ ذا ظهر هذا الفرق فأقول ‪ :‬ومما يوضح‬
‫لك الفرق بين "إذا لم أطلقك وإ ن تكرت طالقك" أنه لو‬
‫يكن تركت ‪ ،‬ينبغي أن يقع في األول إذا لم يطلق‪ .‬كما‬
‫قالوه [فال]‪ 2‬نظر‪.‬‬
‫وأما في السكوت والترك فينبغي أن [يتوجه]‪ 3‬منه في‬
‫زمن عدم التطليق ما ذكرناه من اإلعراض عن الطالق‬
‫وفعل الكف عنه لتوجد الصفة‪ .‬وكأنهم إنما لم يذكروا‬
‫ذلك ألنه لما نصب [تسبب] الطالق لم يسمع منه إرادة‬
‫دفعه المخالفة للظاهر ألن الظاهر أنه لو أعرض أو كف‬
‫سببا للطالق‪.‬‬
‫تطلق ألن اإلعراض عن الطالق قد صار ً‬
‫واقعا على‬
‫ولكن في هذا نظر ؛ ألن الطالق إذا كان ً‬
‫التقديرين فال فائدة في الطالق عند اإلعراض وإ نما‬
‫يظهر هذا لو قال ‪ :‬إن تركت أو سكت عن طالقك فأنت‬
‫طالق ثالثًا أو ثنتين ؛ فإنه يكون اإلعراض عن أصل‬
‫موقوعا ألكثر من طلقة ‪ ،‬فيقال ‪ :‬هال‪ .‬طلقت لما‬
‫ً‬ ‫الطالق‬
‫عرضت لتدفع عنك الزائد عن الواحدة ؟‬
‫ولكن في هذا نظر ؛ أال ترى أنه لو قال عقب هذا التعليق‬
‫أنت طالق طلقت المنجز ال ذاك المعلق فدل أن المعلق‬
‫عليه ما ذكرناه فليتأمل ما حررته من البحث وبه ظهر‬
‫أنه ليس‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" لقول‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يوجد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 76 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫أصول خمسة‬
‫الطالق في شيء مما ذكرناه الزم النقيضين ؛ إنما‬
‫األشكال ويسببه سيقت هذه المسائل إذا قال ‪ :‬إن لم يقع‬
‫عليك طالقي اآلن فأنت طالق اآلن بهذا أقول ‪ :‬ينبغي أن‬
‫ال يقع ‪ ،‬وإ ن كان طالقها الزم النقيضين‪.‬‬
‫وقد يعارضني معارض بما نقله الرافعي عن إسماعيل‬
‫اليوشنجي أنه لو قال ‪ :‬أنت طالق حين ال أطلقك ولم‬
‫يطلقها عقيبه‪ .‬يقع الطالق في الحال‪.‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين قال‬
‫مصنفه ‪ ،‬سقى اهلل عهده صوب الرحمة والرضوان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 77 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫مسائل أصولية يتخرج عليها فروع فقهية ‪:‬‬
‫أعلم أنا لنا في أصول الفقه مصنفات اشتملت على قدر‬
‫كبير من الفروع المخرجة على األصول ‪ ،‬من نظره‬
‫عرف أنا لم نسبق إليه ‪ ،‬ومن أحاط بما في كتبنا األربعة‬
‫وهي ‪:‬‬
‫"شرح مختصر ابن الحاجب" و"شرح منهاج البيضاوي"‬
‫و"المختصر المسمى" و"جمع الجوامع" واألجوبة على‬
‫األسئلة التي أوردت عليه المسمى "منع الموانع" من‬
‫الفروع المخرجة على األصول أحاط بسفر كامل "من‬
‫مشيرا بما ينبغي أن يدخل في‬
‫ذلك" ونحن نذكر هنا ً‬
‫األشباه والنظائر ومما بعضه غير مذكور في كتبنا‬
‫المشار إليها ونورده على ترتيب جمع الجوامع مستعينين‬
‫باهلل متوكلين مصلين على نبيه محمد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‬
‫أصل ‪:‬‬
‫التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة ومن ثم يختض‬
‫بالواجب والمحرم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬طلبه ‪ ،‬فيشمل معهما‬
‫المندوب والمكروه وهذان القوالن ألئمتنا وسكلت الحنفية‬
‫طريق سبيل آخر فقالوا ‪:‬‬
‫التكليف ينقسم إلى وجوب أداء وهو المطالبة بالفعل‬
‫إعداما سواء خصصنا تلك المطالبة بالحكمين‬
‫ً‬ ‫إيجادا أو‬
‫ً‬
‫أم قلنا بدخول األربعة ‪ ،‬وإ لى وجوب في الذمة سابق‬
‫عليه ‪ ،‬وعنوا بهذا القسم من الوجوب اشتغال الذمة‬
‫بالواجب وإ ن لم يصلح صاحب الذمة لإللزام كالصبي إذا‬
‫أتلف مال إنسان فإن ذمته تشتغل بالعوض ثم إنما يجب‬
‫األداء على الولي ‪ ،‬وزعموا أن استدعاء التكليف األول‬
‫وفهما للخطاب األول ‪ ،‬بخالف الثاني‪.‬‬
‫ً‬ ‫عقاًل‬
‫قالوا ‪ :‬واألول يتلقى من الخطاب والثاني من األسباب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 77 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫قالوا ‪ :‬فمستغرق الوقت بالنوم يقضي الصالة مع ارتفاع‬
‫فلم التكليف عن النيام‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ولكن لما كان الوجوب مضافًا إلى أسباب شرعية‬
‫طردا‬
‫دون الخطاب وجب القضاء ‪ ،‬كذلك فطردوا ذلك ً‬
‫عاما في العبادات والعقوبات وزعموا أن سبب وجوب‬
‫ً‬
‫جرا‪.‬‬
‫الصالة الوقت والصوم الشهر ‪ ،‬وهلم ً‬
‫فليت شعري من هذه سبيله لم يمنع وجوب زكاة مال‬
‫الصبي وأما علماؤنا فقالوا ‪ :‬ال يجب على المجنون إذا‬
‫أفاق القضاء ألن الوجوب بالخطاب ال باألسباب‪.‬‬
‫فإن قالوا لنا ؛ فأنتم حينئذ أحق منا بعدم وجوب زكاة مال‬
‫الصبي قلنا ‪ :‬لم نوجب على الصبي شيًئا وإ نما أوجبنا‬
‫في ماله والشارع نظر في الزكاة إلى األموال ال إلى‬
‫أصحابها ‪ ،‬ومن أمعن نظرة في السنة وجد األحاديث‬
‫مشحونة بذلك كقوله عليه السالم في أربعين شاة شاة‬
‫وقوله عليه الصالة والسالم إن في المال حقًا سوى‬
‫الزكاة‪.1‬‬
‫وللمسألة مآخذ غير ما ذكرناه‪.‬‬
‫فائدة ‪:‬‬
‫الصحيح عندي أن األحكام سنة الواجب والمندوب‬
‫والحرام والمكروه [والمباح]‪ 2‬وخالف األولى‪.‬‬
‫وافترق خالف األولى مع المكروه اختالف الخاصين ‪،‬‬
‫فالمكروه ما ورد فيه نهي مخصوص مثل ‪" :‬إذا دخل‬
‫أحدكم المسجد فال يجلس حتى يصلي ركعتين"‪.3‬‬
‫وخالف األولى ما ال نهي فيه مخصوص كترك سنة‬
‫الظهر ‪ ،‬فالنهي عنه ليس بمخصوص ورد فيه ؛ بل من‬
‫عموم أن األمر بالشيء نهى عن ضده أو مستلزم للنهي‬
‫نهيا عن الضد وال‬
‫عن ضده ‪ ،‬وعند من يقول ‪ :‬ليسا ً‬
‫مستلزما ‪ ،‬لعموم النهي عن ترك الطاعات‪ .‬وقد فرق‬
‫ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أخرجه الترمذي ‪ 49 -48 /3‬كتاب الزكاة حديث "‬
‫‪ ، "660 -659‬وقال هذا حديث إسناده ليس بذاك وأبو‬
‫حمزة ميمون األعور يضعف وروى بيان وإ سماعيل بن‬
‫سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله ‪ ،‬وهذا أصح وأخرجه‬
‫البيهقي في السنن ‪ 84 /4‬وابن ماجه ‪ ، 570 /1‬كتاب‬
‫الزكاة حديث "‪."1789‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬متفق عليه من رواية أبي قتادة السملي‪ .‬البخاري ‪/1‬‬
‫‪ 537‬الصالة‪ /‬باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين "‬
‫‪ "444‬ومسلم ‪ 495 /1‬في صالة المسافرين ‪ /‬باب‬
‫استحباب تحية المسجد بركعتين "‪ ، "714 /69‬وابن‬
‫ماجة في السنن ‪ 323 /1‬واللفظ له‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 78 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫األصحاب بين خالف األولى والمكروه [في مسائل]‪.1‬‬
‫منها ‪[ :‬صوم يوم عرفة للحجاج خالف األولى]‪ 2‬وقيل‬
‫مكروه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخروج من صوم التطوع أو صالته بعد التلبس‬
‫"بغير عذر"‪ .‬مكروه ‪ ،‬وقيل خالف األولى ومنها ‪ :‬نفض‬
‫اليد في الوضوء مباح وقيل مكروه وقيل خالف األولى‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حجامة الصائم إن لم نقل تفطر خالف األولى ‪،‬‬
‫وقيل مكروه‪.3‬‬
‫ومنها ‪ :‬تفصيل أعضاء العقيقة خالف األولى ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫مكروه‪.4‬‬
‫ومها ‪ :‬عمارة [الدور]‪ 5‬ونحوها خالف األولى ‪ ،‬وربما‬
‫قيل ‪ :‬تكره‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬غسل المعتكف يده في المسجد [من]‪ 6‬غير‬
‫طست قال في البحر ‪:‬‬
‫مكروه وقيل خالف األحسن‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬يكره أن يقال لواحد غير األنبياء ‪ :‬صلوات اهلل‬
‫عليه ‪ ،‬وقيل خالف األولى‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا كان موضع اإلمام أعلى من موضع‬
‫المأمومين ولم يرد تعليمهم أفعال الصالة فخالف األولى‬
‫‪ ،‬وقيل مكروه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال ينظر غاسل الميت من بدن الميت إال قدر‬
‫الحاجة من غير العورة ‪ ،‬أما العورة فحرام ‪ ،‬وأما غيرها‬
‫بال حاجة فمكروه وقيل خالف األولى‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬األصح يستحب ترت التنشيف في الوضوء ‪،‬‬
‫وقيل التنشيف مستحب وقيل مباح ‪ ،‬وقيل مكروه ‪ ،‬وقيل‬
‫مطلقًا وقيل في [زمن]‪ 7‬الصيف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬النثر األصح خالف األولى ‪ ،‬وقيل يكره ‪ ،‬وقيل‬
‫يستحب‪.‬‬
‫قائما بال عذر ‪ ،‬قال الشيخ اإلمام ‪:‬‬
‫ومها ‪ :‬الشرب ً‬
‫مكروه ‪ ،‬وقال النووي خالف األولى ‪ ،‬وأتقضى كالم‬
‫الرافعي أنه مباح‪.‬‬
‫مسألة ‪" :‬المعنى بصحة العقود ترتب آثارها عليها" وال‬
‫أقول ‪ :‬إن الصحة هي نفس‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" مكروهة‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" مكروهة‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" الندور‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" في‪.‬‬
‫‪ 7‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 79 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫ترتب األثر كما قال غيري ‪ :‬لما قررته في منع الموانع‬
‫وتكلمنا هناك على المبيع في زمن الخيار وبحثنا مع‬
‫الشيخ اإلمام بما ال نطيل بإعادته فرحمه اهلل وجزاه عنا‬
‫خيرا ‪ ،‬فهو الذي فتح لنا باب مجادلته بفتح مغلق أذهاننا‪.‬‬
‫ً‬
‫ونتكلم هنا على فرع عجيب ‪ :‬لو أقر بحرية امرأة في يد‬
‫الغير ثم قبل نكاحها ممن هم في يده ‪ ،‬وهي تدعي رقها‬
‫قال الرافعي ‪ :‬لم يحل له وطؤها ولصاحبها المطالبة‬
‫بالمهر‪ .‬قلت ‪ :‬فهذا عقد صحيح لم يترتب عليه أثره ‪،‬‬
‫وهو على من جعل الصحة ترتب اآلثار [أشكل منه علي‬
‫ألني أنا أجلعه علة ترتب األثر]‪ 1‬وقد يختلف المعلول‬
‫عن علته لمانع ‪ ،‬وأما من يجعله نفس الترتيب فقد لزمه‬
‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫إن وافق على هذا الفرع ‪-‬أن يكون هذا العقد‬
‫غير صحيح ‪ ،‬وهو محال غير أن في الفرع [نفسه]‪2‬‬
‫إشكااًل ‪ ،‬ومن ثم ذهب الشيخ اإلمام رحمه اهلل إلى أهه ال‬
‫يصح ‪ ،‬قال ‪[ :‬ألنه]‪ 3‬الحل ‪ ،‬وليس فيه افتداء ‪ ،‬والمهر‬
‫غير مقصود في النكاح ؛ بخالف األجرة في اإلجارة ‪،‬‬
‫وفصل النووي بين أن يقر بأن التي هي في يده أعتقها‬
‫ولم يكن لها عصبة فيصح تزويجه ؛ ألنه إما مالك وإ ما‬
‫مولى حرة أو ال فال يصح‪.‬‬
‫أيضا إال أن يكون‬
‫وقال الشيخ اإلمام ينبغي أن ال يصح ً‬
‫ممن يحل له نكاح األمة ألن أوالدها يسترقون كأمهم ‪،‬‬
‫وأقول قد يقال ال يصح وإ ن حل له نكاح األمة ألنه ال‬
‫تخريجا من‬
‫ً‬ ‫يدري أيطؤها بعقد نكاح الحرائر أو اإلماء‬
‫نظيره في األمة إذا اشتراها زوجها هل تحتاج إلى‬
‫استبراء ؟ وقال الماوردي ‪ :‬في هذا الفرع ‪ :‬يحل له‬
‫نكاح هذه األمة وإ ن كان غير خائف العنت وواجد طول‬
‫حرة‪.‬‬
‫فرع آخر ‪ :‬لو اتفق الغاصب والمغصوب منه على أن‬
‫المالك يأخذ عن قيمة الحيلولة جارية وعضوها الغاصب‬
‫له ‪ ،‬جاز ‪ ،‬وهل يجوز وطؤها ؟‬
‫قال ابن أبي الدم "تفقهًا من عند نفسه" إن قلنا ‪ :‬ال يملك‬
‫تاما‬
‫القيمة لم يجز ‪ ،‬وإ ال ؛ ففيه تردد هل يكون مل ًكا ً‬
‫طا على الوطء ؟‬
‫مسل ً‬
‫وحكى الشيخ اإلمام هذا التفقه في شرح المنهاج وسكت‬
‫عليه ‪ ،‬وهذا الفرع ليس كالذي قبله ؛ ألنه‪ 4‬من الزم‬
‫الملك حل الوطء ‪ ،‬بخالف عقد النكاح ‪ ،‬فإن مقصوده‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ألنه ليس من ‪....‬‬
‫صفحة ‪399 | 80 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫الوطء ‪ ،‬ثم ما ادعاه ابن أبي الدم من أنه لم يصادف هذا‬
‫الفرع منقواًل لعله كالم من لم يقف على كالم الماوردي‬
‫معلوما أن المالك يملك‬
‫ً‬ ‫فيما إذا كان موضع المغصوب‬
‫مستقرا ‪ ،‬وحكى في استقرار الملك إذا كان‬
‫ً‬ ‫القيمة مل ًكا‬
‫الموضع مجهواًل وجهين‪.‬‬
‫وقضية استقرار الملك حل الوطء ؛ غير أن في قول‬
‫القاضي الحسين أن المالك يملك القيمة ملك فرض ‪ ،‬ألنه‬
‫ينتفع [به]‪ 1‬على حكم رد العين ما قد ينبي على أنه ال‬
‫يجوز الوطء كما في الفرض‪.‬‬
‫مسألة‪: 2‬‬
‫اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وسائر األسماء‬
‫والمشتقة "كفعيل ونحوه" حقيقة في الحال‪.‬‬
‫ونعنى بالحال حال تلبس الفاعل ونحوه واتصاله بالمعنى‬
‫المشتق منه ‪ ،‬فإذا قلت ‪ :‬زيد ضارب أو مضروب ‪ ،‬فهو‬
‫حقيقة في حال اتصاف زيد بالضاربية أو المضروبية‬
‫سواء كان متصفًا به في وقت إطالقك اللفظ أم لم يكن بل‬
‫موجودا وقت إطالقك أم لم يكن أال ترى‬ ‫ً‬ ‫سواء كان يزيد‬
‫اح ٍد}‪3‬‬
‫اجِل ُدوا ُك َّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫ي‬‫الزانِ‬
‫{الزانَِيةُ و َّ‬
‫َ‬
‫أن قوله تعالى ‪َّ :‬‬
‫حقيقة في كل متصف بالزنا وإ ن كانت اآلية قديمة‬
‫موجودة من قبل أن يخلق اهلل الزناة ‪ ،‬ونزولها سابق على‬
‫الزناة المحكوم عليهم بحكمها‪.‬‬
‫وهذا فصل معروف باإلشكال أطال الشيخ اإلمام في‬
‫تقديره وتحريره في تفسيره في الكالم على قوله تعالى ‪:‬‬
‫{ِإ َّن اْلمتَِّقين ِفي جَّن ٍ‬
‫ات َو ُعُي ٍ‬
‫ون}‪ 4‬وذكر ما شذ به أبو‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫العباس القرافي وذهب إليه من أن المؤمن إنما هو‬
‫بحسب إطالق اللفظ وما أورده على نفسه من لزوم أن‬
‫مجازا فيمن اتصف بالصفة قبل‬
‫تكون اآلية ونظائرها ً‬
‫رأسا ؛ فمن‬
‫نزولها ‪ ،‬وما أجاب به ‪ ،‬ولم نرفض كالمه ً‬
‫أراد من أهل الفهم والتحقيق أن يهذب نفسه ويروضها‬
‫حتى تصغر عنده ‪ ،‬فلينظر هذا الفصل من كالم ذلك‬
‫الحبر ليرى النجم كيف يسير في سماء التحقيق ‪،‬‬
‫وحاصل اختباره ما ذكرته من أن االعتبار بحال‬
‫االتصال ‪ ،‬وأنه ال يعرض له الزمان البتة ؛ وإ نما يقع‬
‫تبعا ‪ ،‬فال يدل ضارب على غير شخص متصف‬
‫الزمان ً‬
‫بالمصدر‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بها‪.‬‬
‫‪ 2‬من قوله ‪ :‬مسألة اسم الفاعل إلى قوله ‪ :‬وجزم به‬
‫الماوردي في الحاوي‪ .‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬النور "‪."2‬‬
‫‪ 4‬الطور "‪."17‬‬
‫صفحة ‪399 | 81 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫المشتق منه ؛ وذلك هو مدلول األسماء كلها ‪ ،‬فإذا لم يدل‬
‫على الزمان األعم لم يدل على األخص بطريق األولى‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فمن يفهم من قولنا ‪" :‬زيد ضارب" أنه‬
‫ضارب في الحال" ؟ ‪ ،‬ولوال الداللة على الزمان لما فهم‬
‫هذا‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ليس ذلك لداللته على الزمن ؛ أال ترى أنك تقول‬
‫أيضا مع كون الحجر ال‬
‫‪ :‬هذا حجر ‪ ،‬ففهم منه الحال ً‬
‫يدل على الزمن ‪ ،‬بل لما سنذكره‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬اسم الفاعل يدل على الفعل ‪ ،‬والفعل يدل على‬
‫الزمان ‪ ،‬والدال على الدال دال‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬يكفيك أواًل قول النحاة ‪ :‬إن اسم الفاعل يسلب‬
‫الداللة على الزمان ‪ ،‬ونقول ‪ :‬المعتبر في داللة االلتزام‬
‫اللزوم الذهني ‪ ،‬وهو ممنوع هنا ‪ ،‬وبتقدير تسليمه ال‬
‫يضر ‪ ،‬ألن المعنى مطلق الزمان ال خصوص زمان‬
‫معين من ماض أو حال أو استقبال ‪ ،‬والفعل يدل على‬
‫خصوص الزمان ؛ فليس كاالسم‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬أخبرتم أنه حقيقة في الحال ‪ ،‬والحال [زمن‬
‫ماض]‪.1‬‬
‫حاضرا كان‬
‫ً‬ ‫قلت ‪ :‬إنما مدلوله متصف بالفعل كما قدمناه‬
‫ماضيا أو مستقباًل بالنسبة إلى زمن الخطاب وهذا‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫المدلول مركب يفيد االتصاف بالفعل ؛ فمتى لم يكن لذلك‬
‫الفعل وجود فال يصح إطالق اللفظ عليه لعدم مدلوله ‪،‬‬
‫ومتى اتصف بالفعل في زمان بقي ذلك الزمن المدلول‬
‫حاصاًل ‪ ،‬وإ طالق اسم الفاعل عليه حقيقة ‪ ،‬ألنه استعمال‬
‫اللفظ في مدلوله وإ طالقه قبل حصوله باعتبار توقع‬
‫حصوله مجاز ‪ ،‬ألنه في غير موضوعه ‪ ،‬ألنه لما وضع‬
‫المركب من جزأين موجودين أحدهما الفعل ‪ ،‬وليس هنا‬
‫ذكر إطالقه بعد حصوله على المختار‪.‬‬
‫وهذا التقسمي ليس بالنسبة إلى وقت الخطاب ‪ ،‬بل إلى‬
‫وقت المعنى المقتضي لالشتقاق ؛ وإ نما تطرقت للحقيقة‬
‫والمجاز البتة من جهة اإلطالق على الموضوع وعلى‬
‫غير الموضوع ‪ ،‬فموضعه هو المركب وقت التركيب ؛‬
‫فإن أريد كان حقيقة وإ ن لم نتكلم به في ذلك الوقت وإ ال‬
‫فمجاز فإن تكلم به في ذلك الوقت قال الشيخ اإلمام ‪:‬‬
‫"والخالف‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 82 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫راجع إلى أن حالة اقتران الفعل بالشخص هل هي شرط‬
‫من المدلول ؟ وال صحيح اشتراطها بضرورة التركيب ‪،‬‬
‫معتبرا ‪ ،‬لكون الزمان‬
‫ً‬ ‫فلذلك اعتبر الحال ‪ ،‬وليس ذلك‬
‫مأخو ًذا في موضعه ‪ ،‬ولكن ألن اللفظ موضوع للمركب‬
‫‪ ،‬وحقيقة المركب عقاًل تستدعي وقت التركيب ؛ فكان‬
‫طا لوجود المدلول المصحح لالستعمال‬
‫ذلك الزمان شر ً‬
‫الحقيقين فهذا معنى قولنا ‪ :‬إطالق اسم الفاعل باعتار‬
‫الحال حقيقة أي أنه مقصود به الحال التي وجد مدلوله‬
‫فيها وهي حال قيام المعنى به إذا عرفت هذا فعلى‬
‫الخالف في أن اسم الفاعل حقيقة في الحال مجاز في‬
‫الماضي أو مجاز فيهما مسائل منها ‪ :‬إذا قال القاضي‬
‫المعزول امرأة القاضي طالق ففي وقوع الطالق عليه‬
‫وجهان في فروع الطالق عن أبي العباس الورياني‬
‫إقرارا بخالف أنا‬
‫ومنها ‪ :‬لو قال أنا مقر بما يدعيه كان ً‬
‫أقر لصاحبه أقر لالستقبال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال العبادي ‪" :‬لو وقف على سكان هراة نغاب‬
‫واحد سنة ولم يبع داره وال استبدل بها لم يسقط حقه"‬
‫وسكت عليه الرافعي والنووي‪.‬‬
‫فإن قلت سكان جمع ساكنن وهو اسم فاعل وحقيقيته‬
‫الحال ‪ ،‬والغائب غير ساكن ‪ ،‬بدليل قول األصحاب ‪" :‬لو‬
‫حلف ال يسكنها فخرج في الحال لم يحنث ولو بغير نية‬
‫التحول" قلت ‪ :‬بل هو عنده ساكن وإ ن غاب والمسكن‬
‫يستند إليه ؛ فيقال مسكن فالن ‪ ،‬ولذلك قال ‪ :‬وال باع وال‬
‫استبدل وحلف ال يسكن فخرج في الحال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا حلف ال يدخل مسكن فالن فدخل مل ًكا له ال‬
‫يسكنه ‪ ،‬فأوجه ؛ ثالثها‪ .‬إن كان سكن في المضاي ساعة‬
‫حنيث ‪ ،‬وإ ال فال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬في فتاوى القاضي الحسين أنا أبا عاصم العبادي‬
‫سئل عن رجل له ثالثة عبيد ‪ ،‬وال عبيد له وساهم ‪-‬فقال‬
‫‪ :‬أحد عبيدي حر ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أحد عبيدي حر ثم قال أحد‬
‫عبيدي حر ؛ فأفتى بعتق الكل ‪ ،‬ولو قال أحد هؤالء ‪ ،‬لم‬
‫يعتق إال واحد‪.‬‬
‫فرق بأن لفظ العبيد يختص بالمملوك ‪ ،‬بخالف "بهؤالء"‪.‬‬
‫وأن القاضي الحسين قال في المسألتين ‪" :‬ال يعتق إال‬
‫ثانيا ‪" :‬أحد عبيدي حر" يقتضي أن‬
‫واحد ‪ ،‬ألن قوله ً‬
‫يكون له عبيد وليس له إال عبدان‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ونظر القاضي دقيق ؛ غير أن العبادي لعله نظر‬
‫إلى إطالق فعيل ‪ ،‬وهو لفظ "عبيد" بمعنى الماضي ‪،‬‬
‫مجازا ‪ ،‬ألن أقل الجمع ثالثة ‪ ،‬وال بد أن‬
‫فيكون استعماله ً‬
‫تكون‬
‫صفحة ‪399 | 83 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫صورة المسألة أن يتراخى الزمان بين الكالمين كل جملة‬
‫للتأسيس ‪ ،‬وعلى ذلك دل لفظ "ثم" فإن تعاقبت الجمل‬
‫لفظصا وقد التأكيد تعين أن ال يعتق إال واحد‪.‬‬
‫ولو كان له أكثر من ثالثة أعبد ‪ ،‬فإن أطلق فيتخرج‬
‫الكالم فيه فيما إذا قال ‪" :‬ثالث مرات" ‪ :‬أنت طالق‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ظهر لك بما حققناه في المسألة قبلها أن الفاعل ال بد أن‬
‫يكون بحيث يقوم به الفعل ثم إطالقه حالة القيام حقيقة‬
‫قبلها مجاز ‪ ،‬وكذا بعدها على الصحيح ‪ ،‬فال بد في كل‬
‫حال أن يكون بحيث يتصل بالفعل ‪ ،‬ومن ثم "ال يشتق‬
‫اسم الفاعل من شيء وافعل قائم بغيره"‪ .‬وخالفت‬
‫المعتزلة في ذلك فراغمت اللسان وخالفت صريح القرآن‬
‫‪ ،‬وأتت في مسألة الكالم بعظيمة في األديان ‪ ،‬والمسألة‬
‫تذكر في أصول الدين وأصول الفقه ‪ ،‬وعليها مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬حلف ال يبيع أو ال يحلق رأسه فأمر غيره ‪،‬‬
‫فاألصح ال يحنث ؛ إذ ليس ببائع وال بحالق ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫يحنث فيهما ‪ ،‬وقيل في الحالق فقط للعادة‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫إذ ثبت أن اسم الفاعل حقيقي في الحال وتعذر الحمل‬
‫على الحقيقية ؛ فقد يدور األمر بين الماضي والمستقبل‬
‫"فيكون الحمل على الماضي أرجح ما لم يتعين المستقبل‬
‫بدليل ‪ ،‬ألن استعماله بمعنى الماضي أقوى منه بمعنى‬
‫المستقبل"‪.‬‬
‫فصل ‪ :‬وقد يدور بين ماضيين ‪ ،‬فعلى أيهما يحمل ؟‬
‫زمانا ؟ أم على أبعدهما ؟ أم يستويان ‪،‬‬
‫أعلى أقربهما ً‬
‫ألن كال منهما ماض ؟‬
‫كالما ‪ ،‬والذي يترجح عندي الحمل‬
‫لم أر ألحد "في هذا" ً‬
‫زمانا‪.‬‬
‫على أقربهما إلى حال الحقيقية ً‬
‫ويظهر أثر هذا في مسألة حسنة إذا قررتها لك نظرات‬
‫هنا إلى أمثالها‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬أيما رجل مات أو‬
‫أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعة إذا وجد بعينه" هذا‬
‫اللفظ رواية الشافعي‪ ، 1‬والحديث عمل به في رجوع‬
‫حيا كان أو ميتًا‬
‫البائع إلى عين ماله عند إفالس المشتري ً‬
‫‪ ،‬ومن بينة الحنفية عليه قولهم ‪" :‬صاحب المتاع‬
‫_________‬
‫‪ 1‬متفق عليه البخاري ‪ 62 /5‬في االستقراض ‪ /‬باب إذا‬
‫وجد ماله عند مفلس "‪ "2405‬ومسلم ‪ 1194 /3‬في‬
‫المساقاة‪ /‬باب من أدرك ما باعه عند المشتري ‪/24‬‬
‫‪.1559‬‬
‫صفحة ‪399 | 84 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫حقيقة في الحال" فليحمل على المفلس عنده عارية أو‬
‫وديعة أو غصب ‪ ،‬فصاحبه أحق به‪.‬‬
‫قالوا ‪" :‬وإ ال فصاحب المتاع حقيقة هو المفلس ‪ ،‬ألنه‬
‫المالك اآلن ‪ ،‬فال يرد إلى بائعه إال بدليل"‪.‬‬
‫وهذه شبهة ضعيفة من وجوه‪.‬‬
‫منها ‪ :‬في لفظ النبي صلى اهلل عليه وسلم قوله ‪" :‬إذا‬
‫وجده" هذه قرينة أن مراده بصاحب المتاع البائع ال‬
‫المشتري ‪ ،‬وقد شهد لهذا لفظ صحيح مسلم في الرجل‬
‫يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يعرفه أنه لصاحبه الذي‬
‫باعه ‪ ،‬ووردت ألفاظ أخرى صريحة في أن المراد‬
‫بصاحب المتاع الذي كان صاحبه ال المفلس‪.‬‬
‫وقد رد الشيخ أبو حامد في "التعليقة" عليهم في حملهم‬
‫صاحب المتاع على المعير والمودع وصاحب العين‬
‫المغصوبة بثالثة أوجه‪.‬‬
‫طا‬
‫أحدها ‪ :‬أنه صلى اهلل عليه وسلم جعل اإلفالس شر ً‬
‫في كونه أحق ‪ ،‬قال ‪" :‬واإلفالس فيما حمل الخبر عليه‬
‫طا في االستحقاق ‪ ،‬ألن "في األحوال كلها"‬
‫ليس شر ً‬
‫المغصوب منه والمودع والمعير أحق بعين ماله أفلس‬
‫من في يده أو لم يفلس‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬أنه قال ‪" :‬إذا وجده بعينه" وفيما ذكروه من‬
‫متعيرا بنقصان أو‬
‫ً‬ ‫الصور هو أحق به وجده بعينه أو‬
‫زيادة‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬لفظ "أحق" أفعل تفضيل يقتضي االشتراك في‬
‫األصل ‪ ،‬وليس للمفلس فيما ذكروه في الصول حق‬
‫بالجملة الكافية‪.‬‬
‫ولسنا اآلن للمسألة الخالفية ‪ ،‬إنما غرضنا أنه إذا ثبت‬
‫من أصولنا أن صاحب المتاع المعنى به هنا البائع ‪ ،‬فلو‬
‫واحدا من‬
‫ً‬ ‫أن المشتري باع العين ثم اشتراها ولم يوف‬
‫البائعين ثمنه وأفلس فأي البائعين أحق ؟‬
‫األول لسبق حقه ‪ ،‬أم الثاني لقربه ‪ ،‬أم يشتركان نصفين‬
‫؟‬
‫فيه وجوه ألصحابنا أرجحها عندي الثاني وهو ما ذكره‬
‫اإلمام في النهاية أنه القياس ‪ ،‬وجزم به الماوردي في‬
‫"الحاوي"]‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الفرض والواجب مترادفان خالفًا ألبي حنيفة "حيث"‬
‫أنزل رتبة الواجب عن الفرض‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 85 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫وهنا كلمتان ‪:‬‬
‫إحداهما ‪ :‬لوال دعوى أبي حنيفة التغاير لمالت نفسي إلى‬
‫وجوب صالة الكسوف ‪ ،‬ألن األحاديث آمرة بها ؛ حيث‬
‫يقول صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬إذا رأيتم ذلك فصلوا"‪1‬‬
‫وظاهر األمر الوجوب ‪ ،‬وعليه دل قول الشافعي رضي‬
‫اهلل عنه في "األم" ‪ :‬وال يجوز ترك صالة الكسوف‬
‫عندي لمسافر وال لمقيم وال ألحد جاز له أن يصلي‬
‫بحال‪.‬‬
‫وفي مختصر المزني ‪" :‬وال يجوز تركها لمسافر وال‬
‫لمقيم" والعبارتان صريحتان في الوجوب ‪ ،‬وإ ليه ذهب‬
‫بعض الحنفية ‪ ،‬وحكاه القاضي السروجي‪- 2‬منهم‪ -‬عن‬
‫صاحب األسرار ؛ غير أن تفرقتهم بين الوجوب‬
‫والفرض منعت من موافقتهم ‪ ،‬ألنا على قطع بأن‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه إن أراد حقيقة الوجوب فال يعني‬
‫به الوجوب الذي تعنيه الحنفية ؛ إنما يعني به الفرض ‪،‬‬
‫أحدا قال به ‪ ،‬فلم يمكن اإلقدام عليه ‪،‬‬
‫ثم الفرض ال نعلم ً‬
‫واحتج إلى ركوب الشطط في تأويل عبارة الشافعي‪-‬‬
‫فمن قائل ‪" :‬أراد يكره تركها لتأكدها" واعتصم هذا‬
‫القائل بقوله ‪ :‬وال أحد جاز له أن يصلي بحال‪ -‬قال ألن‬
‫هذه العبارة يدخل فيها العبد والمرأة والمسافر ‪ ،‬وهم ال‬
‫تلزمهم الجمعة فكيف نوجب عليهم الكسوف ؟ قلت ‪:‬‬
‫ولو ذهب ذاهب إلى وجوب الكسوف عليهم دون الجمعة‬
‫مفرقًا بتكررها والحرج في وجوبها عليهم بخالف‬
‫مبعدا ‪ ،‬ومن ثم ال يتجه هذا التأويل‪.‬‬
‫الكسوف لم يكن ً‬
‫ومن قائل ‪ :‬قد أوضح الشافعي في "البويطي" مراده فقال‬
‫في الكسوفين ما نصه ‪" :‬ألنهما ليسا نافلتين ولكنهما‬
‫واجبان وجوب سنة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قال هذا القائل ‪ :‬فأراد تأكد األمر بهما ‪ ،‬وقوله "وجوب‬
‫سنة" كقوله ‪" :‬غسل الجمعة واجب على كل محتلم"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 569 /1‬في الكسوف ‪ /‬باب الصدقة في‬
‫الكسوف "‪ "1044‬ومسلم ‪ 618 /2‬في الكسوف ‪ /‬باب‬
‫الصالة الكسوف "‪."901 /1‬‬
‫‪ 2‬أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي أبو العباس‬
‫حنبليا ثم تحول إلى المذهب الحنفي‬
‫شمس الدين كان ً‬
‫وأشخص من دمشق إلى مصر فولي الحكم الشرعي فيها‬
‫ونعت بقاضي القضاة ‪ ،‬وسروج نسبته إلى سروج‬
‫بنواحي حران من بالد الجزيرة ‪ ،‬توفي في ربيع اآلخر‬
‫سنة عشر وسبعمائة‪.‬‬
‫الطبقات الكبرى ‪ ، 300 /1‬الدرر الكامنة ‪.91 /1‬‬
‫رفع األصر ‪ ، 50 /1‬األعالم ‪.86 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 86 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫قلت ‪ :‬وهذا أبعد من األول‪ .‬وظاهر وجوب السنة أن‬
‫الوجوب ثابت بالسنة ‪ ،‬وفي قوله "ليسا نافلتين" ما [يؤيده]‬
‫‪ 1‬؛ إال أن يقال ‪ :‬إن [أمر]‪ 2‬اهلل للوجوب وأمر النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم للندب ‪ ،‬وهو مذهب في األصول‬
‫ضعيف ‪ ،‬فال أعلم في كالم الشافعي أشكل من هذه‬
‫العبارة ‪ ،‬وفي كالمه في األم غير موضع يشبه الكسوف‬
‫بالمكتوبات وذلك مما يؤيد الوجوب ‪ ،‬ويؤيد الوجوب‬
‫أيضا القاعدة التي قدمناها في أوائل هذا الكتاب أن ما‬
‫ً‬
‫ممنوعا لو لم يشرع دلت مشروعيته على وجوبه‪.‬‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫وركوعان في كرعة ممنوعان لو لم يشرعا فليدل ذلك‬
‫آمنا من‬
‫على وجوبه ‪ ،‬فلو ذهب إليه ذاهب بحيث أكون ً‬
‫خرق اإلجماع لقلت به ولكني ال أعرف قائاًل به غير ما‬
‫حكيته عن الحنفية ‪ ،‬وليس "فيهم"‪ 3‬معتصم ؛ ألنهم‬
‫يفسرون الوجوب بغير ما نفسره ‪ ،‬ثم ال يوافقون على‬
‫تغيير هيئة صالة الكسوف عن بقية الصلوات الثابتة‪.‬‬
‫[تنبيه]‪ : 4‬فرض العين ال يؤخذ عليه أجرة‬
‫ومن ثم مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬لو قال ‪ :‬صل الظهر لنفسك [ولك]‪ 5‬دينار فصلى‬
‫أجزأته صالته قاله الرافعي في كتاب الظهار وكالمه‬
‫كالصريح في أنه ال يستحق الدينار ‪ ،‬وهو الحق‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬األصح وجوب بذل فضل الماء للماشية ‪ ،‬وأنه ال‬
‫يجوز أخذ عوض عنه ‪ ،‬وتردد الشيخ اإلمام الوالد في‬
‫اآلدمي ‪ ،‬وقال ‪" :‬ينغبي أن يجب العوض ‪ ،‬ألن المعنى‬
‫في الماشية تتبع الكأل ‪ ،‬وهو مفقود فيه" قال ‪" :‬وفيه‬
‫نظر"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال يجوز استئجار مسلم للجهاد ‪ ،‬ألنه بحضور‬
‫الصف يتعين ‪ ،‬وعن الصيدالني أنه يجوز ويعطي‬
‫األجرة من سهم المصالح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬على قول [اإلجبار]‪ 6‬في وضع الجذوع لو‬
‫صالح على مال لم يجز ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ألن من ثبت له حق ال‬
‫يجوز أخذ عوض منه عليه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬من تعين عليه قبول الوديعة ‪ ،‬كمن لم يكن هناك‬
‫غيره وخاف إن لم يقبل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يريده‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" فيه‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" قلت‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" ولك علي‪.‬‬
‫‪ 6‬في "أ" االحتمال ‪ ،‬والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 87 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫هالكها ‪ ،‬قال صاحب المرشد ‪ :‬ال يجوز له أخذ أجرة‬
‫الحفظ ‪ ،‬لتعينه عليه ‪ ،‬ويجوز أخذ أجرة مكانها"‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويشهد له ما نقله الرافعي عن أبي الفرج أن‬
‫الواجب أصل القبول دون إتالف منفعة نفسه ‪ ،‬وجوزه‬
‫في الحفظ [من]‪ 1‬غير عوض ؛ غير أن صاحب المرشد‬
‫يصرح بأن نفس الحفظ ال تؤخذ عليه أجرة وأبو الفرج‬
‫يقول ‪ :‬تؤخذ ‪ ،‬وإ لهي يميل بحث الرافعي‪.‬‬
‫وخرج ابن الرفعة في المسألة في أن من تعين عليه تعليم‬
‫امرأة الفاتحة هل يجوز أن يجعل [ذلك]‪ 2‬صداقها ؟ ومن‬
‫أنقذ غريقًا مع اتساع الزمان لطلب األجرة ‪ ،‬هل يستحقها‬
‫؟ ونظائرهما‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أما أصل القبول فليس عماًل يقابل حتى يقال ‪ :‬هل‬
‫تؤخذ عليه أجرة ؟ وإ نما العمل الحفظ‪ .‬واألشبه جواز‬
‫األخذ فيه ‪ ،‬وإ ن تغير كما مال إليه الرافعي‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬يستثنى من هذه القاعدة مسائل منها ‪ :‬األصح‬
‫جواز أخذ العوض عن تعليم الفاتحة وإ ن تعين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬األصح جاز أخذ عوض الطعام الذي يأكله‬
‫المضطر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال القاضي الحسين ‪ :‬إذا دعت الضرورة إلى‬
‫إعارة الدلو والرشاء وجب بالعوض‪.‬‬
‫[قاعدة]‪: 4‬‬
‫"ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب"‪.‬‬
‫ومن [ثم]‪ 5‬مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا خفي عليه موضع النجاسة من الثوب أو البدن‬
‫غسله كله ‪ ،‬ولو خفي عليه‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" في‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 88 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫موضع النجاسة من الدار فوجهان "في الروضة"‪1‬‬
‫أصحهما أنه كذلك يغسلها كلها ‪ ،‬والثاني ‪ :‬أنه يتحرى‬
‫ويصلي فيما يظن طهارته وال يلزمه غسلها كما لو تيقن‬
‫موضعا من الصحراء نجس ؛ فإنه يصلي إلى [أي]‪2‬‬
‫ً‬ ‫أن‬
‫موضع شاء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا نسي صالة من الخمس لزمه أن يصليها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اختلطت زوجته بأجنبيات محظورات وجب‬
‫الكف عن الجميع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اكترى‪ 3‬دابة للركوب فقال األكثر ‪ :‬على‬
‫المكري‪ 4‬اإلكاف والبردعة والحزام وما ناسب ذلك ؛‬
‫ألنه ال يتمكن من الركوب دونها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬مؤنة الكيل الذي يفتقر إليه القبض على البائع‬
‫كمؤنة إحضار المبيع الغائب ‪ ،‬ومؤنة وزن الثمن على‬
‫المشتري ‪ ،‬وفي أجرة نقد الثمن وجهان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة ومات قبل أن‬
‫يختار وجب على جميعهن العدة ‪ ،‬وتعتد الحامل منهن‬
‫بالوضع والصغيرة واآليسة أربعة أشهر وعشرات ‪،‬‬
‫وذات األقراء بأقصى األجلين‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫فرض الكفاية مهم من مهمات الوجود سواء كانت دينية‬
‫أو دنيوية قصد الشارع وقوعه ولم يقصد بالذات عين من‬
‫يتواله‪ .‬ولكن بالفرض إذ ال بد للفعل من فاعل‪.‬‬
‫وهذا المهم منه ما ال يمكن تكرره لحصول تمام المقصود‬
‫منه بالفعل األول كإنقاذ الغريق فال يمكن إنقاذ من أنقذ ‪،‬‬
‫ومنه ما يمكن تكرره ويتجدد بتكرره مصلحة كصالة‬
‫الجنازة واالشتغال بالعلم ‪ ،‬وهو ضربان‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬مجدد منضبط ال ينفصل بعضه عن بعض وال‬
‫يحصل الغرض منه إال بجملته ‪ ،‬فتكرر هذا معناه اإلتيان‬
‫بالشيء مرة بعد أخرى وذلك كصالة الجنازة ‪ ،‬فإن‬
‫بعضها ال ينفصل عن بعض ‪ ،‬ولو انفصل بطل ولم تكن‬
‫صالة‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬منتشر ال يمكن انفصال بعضه عن بعض‬
‫ويحصل بكل بعض منه مقصود من مقاصد الشرع‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" في الروضة وغيرها‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" أكرى‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" واإلكاف‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 89 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫فما ال يمكن تكرره ال نتكلم على الثاني منه إذ ال ثاني له‬
‫ثانيا إن كان‬
‫‪ ،‬وما يمكن تكرره وهو منضبط فمريد فعله ً‬
‫غير الذي فعله أواًل ‪ 1‬يمنع ؛ بل يستحب له ذلك ‪ ،‬ثم‬
‫نصف فعله بالفرضية وهذا كمن قصد الصالة على‬
‫الجنازة بعدما صلى عليه غيره ‪ ،‬فإن الفرض منها وإ ن‬
‫كان هو ففيه تردد وخالف شهير واألصح عندنا أن من‬
‫صلى ال يعيد وسنذكر سره‪.‬‬
‫وأما القسم الثالث ‪ :‬فيطلب من كل واحد ‪ ،‬وقد يقول‬
‫المحقق ‪ :‬إنه ال تكرر فيه البتة ؛ ألن الذي يحصله [هذا]‬
‫‪ 2‬غير الذي يحصله هذا ‪ ،‬والذي يحصله أواًل غير الذي‬
‫مهمات‪ .‬أحدهما ‪ :‬تعين هذا الفرض على من شرع فيه ‪،‬‬
‫وذلك في القسم األول ظاهر ‪ ،‬وأما القسمان اآلخران ‪:‬‬
‫فمنهم من أطلق القول بتعينه ‪ ،‬ومنهم من أطلق القول‬
‫بعدم تعينه ‪ ،‬والصحيح أنه ال يلزم بالشروع إال الجهاد‬
‫وصالة الجنازة ‪ ،‬وإ ذا تأملت األقسام التي ذكرتها عرفت‬
‫الفرق‪.‬‬
‫وادعى ابن الرفعة في باب الوديعة من المطلب أن‬
‫المشهور أنه يلزم بالشروع ‪ ،‬واستدرك بذلك على‬
‫الرافعي قوله ‪ :‬متى أراد المودع أن يمتنع من القبول ؛‬
‫ألنه متبرع بالحفظ فقال ‪ :‬هذا إذا لم يكن في وقت يخاف‬
‫عليها الهالك فيه فإن كان فيظهر أن ال يجاب إلى ذلك إن‬
‫كان يجب عليه القبول في تلك الحالة ابتداء ‪ ،‬النفراده‬
‫بالصيانة قال ‪ :‬بل ينبغي أن يكون كذلك وإ ن كان لو‬
‫أخذها غيره لحفظت عن الهالك ‪ ،‬ألن األخذ في هذه‬
‫الحالة فرض كفاية ‪ ،‬وهو قد أخذها فكان كما لو شرع‬
‫في فرض الكفاية ال يجوز له الخروج منه على‬
‫المشهور‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬هذا صحيح إذا تعين عليه أخذها ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫هناك غيره فهو فرض كفاية ‪ ،‬ال يلزم بالشروع نعم قد‬
‫يقال بجريان الخالف فيه‪.‬‬
‫ومن مسائل الفصل قطع المأموم القدوة‪ .‬أطلقوا فيه‬
‫أقوااًل ثالثة أصحها أن له ذلك بعذر وبغير عذر كذا‬
‫أطلق األكثرون الخالف منهم الرافعي وهو على طريقهم‬
‫واضح ‪ ،‬ألن الجماعة سنة ‪ ،‬ولذلك علل الرافعي الجواز‬
‫بأن الجماعة سنة ‪ ،‬والتطوعات ال تلزم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ال يمنع‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 90 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫بالشروع ‪ ،‬وتابعهم النووي في إطالق الخالف ؛ فهو‬
‫يرى أنها فرض كفاية فكان من حقه أن يخرج فيها‬
‫الخالف في لزوم فرض الكفاية بالشروع ‪ ،‬ومن أجل‬
‫ذلك قال الوالد رحمه اهلل ‪" :‬إن قلنا فرض كفاية فقد يقال‬
‫‪ :‬إنها تلزم بالشروع" قلت ‪ :‬ال بد أن يطرقها الخالف في‬
‫لزوم هذا الفرض بالشروع ولعل األرجح هنا اللزوم‬
‫لفحش المفارقة ‪ ،‬وقد يعتذر عن النووي بأنه لعله رأي‬
‫عدم لزومه بالشروع فأطلق على األصح‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬إذا طلب فرض الكفاية من واحد فهل يتعين عليه‬
‫؟ فيه خالف ال على اإلطالق بل في صور‪.‬‬
‫منها ‪ :‬إذا طلب أداء الشهادة من بعض المتحملين وفي‬
‫القوم أكثر من اثنين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا دعي للقضاء من هناك غيره‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا طلبت المرأة من أحد اإلخوة تزويجها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا طلبت الفتيا ممن هناك غيره‪.‬‬
‫سؤال ‪ :‬القادر على حفظ الوديعة الواثق بأمانة نفسه‪.‬‬
‫قال األصحاب ‪ :‬يستحب له قبولها "وقد قدمنا عن ابن‬
‫الرفعة أن قبولها والحالة هذه من فروض الكفايات فقد‬
‫يقال ‪ :‬هال جرى في تعيينه الخالف في الصوف التي‬
‫عددناها ؟‬
‫والجواب ‪ :‬أنا ال نعرف عد هذا فرض كفاية لغير ابن‬
‫الرفعة ‪ ،‬والفرق بينه وبين ما عددناه من الصور ظاهر ‪،‬‬
‫أما طلب األداء من بعض المتحملين فإنما يتعين ألنه‬
‫بالتحمل ربط نفسه وعلق بها حقًا للغير ؛ وإ نما نظير‬
‫مسألتنا أصل التحمل وال يجب على من طلب منه التحمل‬
‫وهناك غيره أن يتحمل‪ .‬فإن قلت ‪ :‬حكى األصحاب‬
‫وجهين فيما إذا كان هناك غير المفتي هل يأثم بالرد ؟‬
‫قلت ‪ :‬أصحهما عدم اإلثم ‪ ،‬والفرق بينه وبين الواقعة‬
‫فيها شهود ما ذكرناه من توريطه نفسه [بالتحمل‪.1‬‬
‫فإن قلت فهال جرى الوجهان وإ ن كان أصحهما عدم‬
‫اإلثم فيمن طلب منه التحمل وهناك غيره وإ ن جوزتم‬
‫جريانهما فالمسألة نظير الوديعة وإ ن أبيتم فهل من‬
‫فارق‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "أ" من قوله ‪ :‬بالتحمل‪ ...‬إلى قوله ‪ :‬في‬
‫تعيين الفتيا على من‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 91 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫قلت ‪ :‬وذكرت في باب االجتهاد من شرح المختصر أن‬
‫عموما وأنا أبين الفرق اآلن‪.‬‬
‫ً‬ ‫في الفرق‬
‫فأقول ‪ :‬إنما لم يجز ألن أمر الفتيا أهم في نظر الشارع‬
‫من تحمل الشهادة ‪ ،‬لتعلق الفتيا بأمر الدين وبعموم الخلق‬
‫‪ ،‬وأما الشهادة فغالب متعلقها أمور الدنيا ‪ ،‬وهي خاصة‬
‫مهما من مهمات‬
‫باآلحاد ‪ ،‬وشأن فرض الكفاية أن يكون ً‬
‫الشارع ؛ وذلك في الفتيا ‪ ،‬ألن في عدم التعيين جر إلى‬
‫التواكل المفضي إلى ضياع الدين وجهل المكلفين بأحكام‬
‫رب العالمين ‪ ،‬وال كذلك أداء الشهادة ‪ ،‬فإن غايته ضياع‬
‫حق دنيوي لبعض اآلحاد ‪ ،‬فأنى يستويان‪.‬‬
‫ونظير الشهادة قبول الوديعة ؛ فليس يؤول عدم قبولها‬
‫ألكثر من ضياعها ‪ ،‬وليس ضياع مال حقير أو جليل‬
‫لواحد من اآلحاد في نظر الشارع بمنزلة ضياع الدين‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬هذا يجر إلى أن تحمل الشهادة ليس فرض‬
‫كفاية ‪ ،‬وال قائل به‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الفروض على الكفاية أصل التحمل ‪ ،‬وهذا ال‬
‫يقدح فيه ‪ ،‬ثم فروض الكفاية متفاوتة المراتب فال يلزم‬
‫من تعين أعالها بالطلب تعين أدناها‪.‬‬
‫ونظير الفتيا إذا دعي للقضاء من هناك غيره فإن واليات‬
‫القضاء ضرورية في نظر الشارع ‪ ،‬ومن حيث إنها أهم‬
‫من الفتيا بل هي فتيا وزيادة كان الخالف في تعينه على‬
‫من طلب منه أقوى من الخالف في تعين الفتيا على من]‬
‫طلبت منه فيما يظهر وإ ن اشتركا في أن الصحيح فيها‬
‫عدم التعيين ويدل على أن أقوى أن األصح إجبار واحد‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫على القضاء إذا أبى الصالحون‬
‫وأما أحد األولياء يطلب منه تزويج المرأة [فواضح]‪.1‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫السنة والنافلة والتطوع والمستحب والمندوب والمرغب‬
‫فيه والمرشد إليه والحسن واألدب ألفاظ مترادفة عند‬
‫فقهائنا‪.‬‬
‫ومنهم من قال ‪ :‬السنة ما واظب عليه رسول اهلل صلى‬
‫أحيانا ‪ ،‬والتطوع ما‬
‫اهلل عليه وسلم‪ .‬والمستحب ما فعله ً‬
‫ينشئه اإلنسان ابتداء مما فعله أرجح من تركه مثل‬
‫[الشروع]‪ 2‬في ألفاظ المعامالت ‪ ،‬وهنا أقاويل مختلفة‬
‫والحاصل ‪ :‬أن ما رجح جانب فعله على جانب تركه‬
‫ترجحا‬
‫ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" التبرع‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 92 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫ليس معه المنع من النقيض فهذه األسامي تطلق عليه ‪ ،‬ثم‬
‫إن بعض الترجحات أكد من بعض فخص اآلكد ببعض‬
‫اصطالحا وأنزل الدرجات‬
‫ً‬ ‫األلفاظ‪ .‬وما دونه بلفظ آخر‬
‫يسيرا ومصلحته دنيوية‬
‫ترجحا ً‬
‫ً‬ ‫األدب فإنه ما ترجح‬
‫وأعالها السنة‪ .‬وقد صرح الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫بالتفرقة بين األدب والسنة ؛ حيث قال ‪ :‬فيما رواه الربيع‬
‫‪" :‬في األكل أربعة أشياء فرض [وأربعة سنة]‪ 1‬وأربعة‬
‫أدب‪.‬‬
‫فالفرض ‪ :‬غسل اليدين والقصعة والسكين والمغرفة‪.‬‬
‫والسنة ‪ :‬الجلوس على الرجل اليسرى ‪ ،‬وتصغير اللقم ‪،‬‬
‫والمضغ الشديد ‪ ،‬ولعق األصابع‪.‬‬
‫واألدب ‪ :‬أن ال تمد يدك حتى ال يمد من هو أكبر منك ‪،‬‬
‫وتأكل مما يليك ‪ ،‬وتقل النظر في وجوه الناس ‪ ،‬وتقل‬
‫الكالم‪.‬‬
‫وقد يختلف [األصحاب]‪ 2‬في الشيء أسنة أم أدب ؛‬
‫وذلك في مسائل‪.‬‬
‫منها ‪[ :‬مسح الرقبة في الوضوء ‪ ،‬وفي الشيء أسنة هو‬
‫أم مستحب وذلك في مسائل]‪ 3‬منها ‪ :‬غسل العينين في‬
‫الوضوء سنةن وقبل مستحب واألصح ال يفعل‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫األمر بواحد من أمور معينة كأهل الشورى الذين جعل‬
‫عمر الفاروق رضي اهلل عنه األمر فيهم مستقيم ‪،‬‬
‫ومتعلق الوجوب ال تخيير فيه ‪ ،‬ومتعلق التخيير ال‬
‫وجوب فيه‪.‬‬
‫أيضا بخصال الكفارة ‪،‬‬
‫هذا هو التحقيق ‪ ،‬ومثل له ‪ً ،‬‬
‫وادعى المعتزلة وجوب الجميع ‪ ،‬وخرج الماوردي على‬
‫الخالف من مات وعليه كفارة مخيرة لم يوص بإخراجها‬
‫فعدل الوارث إلى أعلى الخصال وهو العتق فأعتق فهل‬
‫يجزئ ؟ وزعم أنه ال يجزئ إال على قول تعلق الوجوب‬
‫بالجميع ‪ ،‬أما إن علق بالبعض قال فال يجزئ ؛ ألنه لم‬
‫يتعين في الوجوب ‪ ،‬وهذا فيه نظر ‪ ،‬ألنا نقول مثله‬
‫أيضا ‪ ،‬فإن كان وجه‬
‫[عند]‪ 4‬فعلى أدناها إذا لم يتعين ً‬
‫عدم األجزاء عدم التعيين لم يختص بالعتق ‪ ،‬وإ ن كان‬
‫العدول إلى األعلى مع‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬من قوله ‪ :‬مسح الرقبة‪ .‬إلى وذلك في مسائل‪ .‬سقط‬
‫في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" قد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 93 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫إمكان براءة الذمة باألدنى فهذا مأخذ سوى ما نحن فيه ثم‬
‫[إنه]‪ 1‬ال يتجه إذا كان المخرج هو الوارث‪.‬‬
‫وسلك الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل في رجوع المعير‬
‫للبناء على القول بأنه يخير بين الخصال الثالث مسلك‬
‫وجوب واحد ال بعينه [فقال]‪ 2‬في باب الصلح ‪ :‬الثابت‬
‫للمعير حق الرجوع في العارية على وجه ال يضر ‪،‬‬
‫وهو حاصل في كل خصلة منها ؛ فال تتعين واحدة ‪،‬‬
‫كالقول في خصال الكفارة ‪ ،‬وهل يقال ‪ :‬كل منها واجب‬
‫أن الواجب أحدهما ‪ ،‬فيه ما في خصال الكفارة‪.‬‬
‫قلت وإ ذا تم هذا فقد يقال ‪ :‬إن قلنا ‪ :‬الواجب كل واحدة‬
‫أجبر المستعير على ما يعينه المعير من الخصال ؛ فإن‬
‫عين البيع أجر على البيع أو التبقية بأجرة فكذلك عند من‬
‫يقول بهما‪.‬‬
‫وإ ن قلنا ‪ :‬الواجب أحدها لم يجبر المستعير ‪ ،‬وله أن‬
‫يقول للمعير ‪ :‬أنت متمكن من القلع باألرض فال ترهقني‬
‫بيعا وال إجارة وهي قضية كالم البغوي وغيره ممن ذكر‬
‫ً‬
‫أن كال من البيع واإلجارة يستدعي إسعاف المستعير به ‪،‬‬
‫وإ ذا تم هذا نتجت لنا فائدة الخالف األصولي ؛ فإن‬
‫الواجب أحدها أو كلها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫يجوز أن يحرم واحد مبهم من أشياء معينة خالفًا‬
‫وحجاجا ؛ غير أن‬
‫ً‬ ‫للمعتزلة وهي كالواجب المخير خالفًا‬
‫األمر المخير يتعلق بمفهوم أحدها ‪ ،‬والخصوصيات‬
‫بمتعلق التخيير وال يلزم من إيجاب القدر المشترك‬
‫إيجاب الخصوصيات ‪ ،‬والنهي المشترك يلزم منه تحريم‬
‫الخصوصيات ‪ ،‬إذ بحل واحد يلزم وقوع المحذور‪.‬‬
‫وهذا شيء ذكره القرافي ‪ ،‬وقد حكيته عنه في شرح‬
‫المختصر ‪ ،‬وقد أخذه من قولهم ‪ :‬إن النهي عن نوع‬
‫يستلزم النهي عن كل أفراده ؛ إذ في كل فرد المنهي ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬ال تزن فال شيء من الزنا بحالل ‪[ ،‬وإ ال]‪ 3‬لصدق‬
‫أنه زنا ‪ ،‬واألمر على هذا الوجه‪.‬‬
‫قوما يتلقفون ذلك من كون أن النكرة في سياق‬
‫غير أن ً‬
‫النفي للعموم وآخرون يتلقفون من أن النهي عن الكلي‬
‫يستلزم تتبع أفراده ‪ ،‬وهي مسألة الخال ف بيننا وبين‬
‫الحنفية هل عموم النكرة في سياق النفي لذاتها أو لنفي‬
‫المشترك بينهما‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" قال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" وال‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 94 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫وهذا بخالف األمر مثل ‪ :‬صل فإنه صادق بصورة ؛‬
‫فمن ثم افترقا ومنه ذكر القرافي [في]‪ 1‬هذا الكالم‪.‬‬
‫مبهما من أمور‬
‫وأقول ‪ :‬هذا كالم واضح إذا كان المنهي ً‬
‫معينة ال واجب فيها ‪ ،‬فإذا كان أمران [حرم]‪ 2‬أحدهما‬
‫مبهما ويفرض ذلك في مضطر‬
‫مبهما وأوجب اآلخر ً‬
‫ً‬
‫ولبنا فقال له قائل ‪ :‬كل السمك أو أشرب اللبن‬
‫وجد سم ًكا ً‬
‫مبهما فإن‬
‫مبهما وأمرتك باآلخر ً‬
‫فقد منعتك عن أحدهما ً‬
‫آثما‪.‬‬
‫أنت جمعت بينهما تر ًكا أو فعاًل كنت ً‬
‫فها [هنا]‪ 3‬كيف يقال ‪ :‬النهي عن أحدهما نهي عن كل‬
‫منهما فالصواب أن ما ذكره القرافي إنما هو في نحو ‪:‬‬
‫ال تزن ‪ ،‬وما أشبه من نهي على قدر مشترك بين‬
‫[األشياء]‪ 4‬ال تعلق للخصوصيات به ذاتًا ‪ ،‬وكالمنا في‬
‫المبهم الذي يقصد شخصه من حيث إنه مبهم‪.‬‬
‫معينا وهو‬
‫واحدا ً‬
‫وتحرير هذا أن مورد النهي قد يكون ً‬
‫مبهما أي مقصود الشخص يفيد اإلبهام [وهو]‬
‫وضاح أو ً‬
‫واحدا من آحاد قصد إلى القدر‬
‫ً‬ ‫‪ 5‬الذي نتكلم عليه أو‬
‫المشترك بينهما من غير غرض في خصوص الفرد‬
‫مبهما ؛ وذلك هو الذي ذكره القرافي ‪ ،‬وال ريب‬
‫المسمى ً‬
‫في عمومه ‪ ،‬والفرق بينه وبين المبهم أن تحريمه يوجب‬
‫تحريم كل فرد ال محالة وأما المبهم فال يوجب تحريمه‬
‫تحريم كل فرد بل قد يكون معه إيجاب فرد آخر وقد‬
‫رأيت له في الفقه مثااًل ‪ :‬وهو جماعة لهم ثوب يصلون‬
‫فيه وال يكفي الثوب غير واجد والباقون عراة وإ ن صلوا‬
‫واحدا بعد واحد خرج الوقت ‪ ،‬فالمذهب أنهم يصلون‬
‫فيه ً‬
‫كذلك‪ .‬والمسألة من صور مسألة النصوص في البئر‬
‫ونحوه المذكورة في باب التيمم‪ .‬وذهب ابن خيران فيما‬
‫حكاه وصاحب االستذكار في باب صفة الصالة إلى أنه‬
‫إن خشوا فوات الوقت صلوا كلهم عراة قال وكذلك في‬
‫واحدا بعد‬
‫الوضوء إذا لم يصل جميعهم إلى الماء إال ً‬
‫واحد" انتهى‪.‬‬
‫و[هذا]‪ 6‬نقل غريب لم أجده في غير االستذكار والذي‬
‫يظهر أنه إذ كان اثنان وليس هناك إال ثوب‪ 7‬وقد خشي‬
‫قطعا ويصلي اآلخر‬
‫خروج الوقت يصلي أحدهما فيه ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" حر‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" أشياء‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" وهي‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" وهو‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" إال ثوب واحد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 95 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫عاريا ثم ذلك الذي يصلي فيه إما بقرعة أو بغيرها‪.‬‬
‫ً‬
‫ويمكن أن يقال يشق بينهما كما هو احتمال لإلمام فيما إذا‬
‫كافيا لعورة أحدهما ؛ فإن اإلمام قال ‪ :‬يحتمل‬
‫لم يجد إال ً‬
‫أن يشق بينهما‪ .‬وأن أراد اإلنصاف أقرع‪.‬‬
‫وأما قول ابن خيران فإنه في مبدئه آيل إلى صالة‬
‫العاري مع القدرة على السترة وفي منتهاه ظاهر المأخذ‬
‫من جهة أن ترجيح أحدهما على اآلخر ال وجه له وقد ال‬
‫يسع الوقت القرعة‪.‬‬
‫ومحل غرضنا من هذا كله أن الصالة بالسترة على‬
‫[أحدهما]‪ 1‬واجبة وعلى أحدهما حرام حينئذ إذ يجب‬
‫عليه تمكين صاحبه من السترة الواجبة عليه‪.‬‬
‫فروع يتعلق التحريم فيما بمبهم ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬كالم أربعين من الحضارين لسماع الخطبة‬
‫على طريقة الغزالي وهي اختيار الشيخ اإلمام‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬وطء واحدة من األختين المملوكتين على احتمال‬
‫للشيخ اإلمام أن التحريم مبهم ‪ ،‬واألرجح أن الحرام‬
‫الجمع‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬إذا عتق إحدى أمتيه وقلنا ‪ :‬الوطء تعين توضيح‬
‫[ما]‪ 2‬يوضح لك الفرق بين أحدها من حيث هو أحدها ‪،‬‬
‫وأحدها من حيث [هو]‪ 3‬مبهم ‪ ،‬وإ ن شئت قلت ‪ :‬بين‬
‫المبهم والمطلق قول األصحاب في باب العتق إذا قال ‪:‬‬
‫إذا جاء الغد فأحدكما حر فجاء [الغد]‪[ 4‬عتق أحدهما]‪5‬‬
‫وعليه التعيين ؛ فلو باع أحدهما أو مات قبل مجيء الغد‬
‫واآلخر في ملكه لم يتعين للعتق ؛ ألنه ال يملك حينئذ‬
‫إعتاقهما فال يملك إعتاق أحدهما‪.‬‬
‫وتحرير هذا أن السبب انعقد لمبهم وقد زال اإلبهام‬
‫بزوال أحدهما ولم يصر بين مملوكين بل صار كأنه بين‬
‫مملوك وأجنبي ‪ ،‬فهو لو قال لمملوكه وأجنبي ‪ :‬أحد كما‬
‫حر لم يعتق عبده‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب"مما‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" أنه‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" العتق"‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 96 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الرخصة حكم شرعي اقتطع لعذر تسهياًل عن أصل قائم‬
‫السبب ‪ :‬أن المقتضى بخالف حكمها موجود ولكن لم‬
‫يعمل عمله فكأنها مانع خاص‪.‬‬
‫وإ ذا تأملت هذا التعريف عرفت أنه ال يمتنع كون‬
‫الواجب رخصة ‪ ،‬وفي كالم اإلمام في النهاية وغيره‬
‫تردد في أن الواجبات هل يوصف شيء منها بالرخصة‪.‬‬
‫وأنا أقول ‪ :‬الرخصة ما ذكرناه ؛ فإن كان هناك وجوب‬
‫فالقدر الزائد على الحل ليس هو مسمى الرخصة ولكنه‬
‫شيء جائز مجامعته لها ‪ ،‬وقد ذكرت هذا في شرح‬
‫رادا‬
‫جامعا به بين كالم الفقهاء واألصوليين ً‬
‫ً‬ ‫المختصر ‪،‬‬
‫واجبا بل‬
‫به على من يعتقد أن شيًئا من الرخص ال يكون ً‬
‫اعتقد بعضهم أن الرخصة ال تكون سنة ‪ ،‬ومن ثم قال‬
‫أبو الطيب بن سلمة ‪ :‬الصلح مندوب إليه وليس رخصة"‬
‫وخالفه ابن أبي هريرة‪.‬‬
‫وأنا أقول في السنة ما أقول في الواجب من أنها قدر زائد‬
‫على الرخصة تجوز تجوز مجامعته له ‪ ،‬وقد صرح‬
‫األصحاب ومنهم الرافعي في آخر باب صالة المسافر‬
‫أن جميع الرخص يستحب ارتكابها ويكره تركها لمن‬
‫وجد من نفسه كراهتها حتى تزول الكراهة‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬علمت ما ذكرناه في الرخصة وتبين لك به أن‬
‫الوجوب أو االستحباب قد يجامعها وال يكون داخاًل في‬
‫مسماها ‪ ،‬ولو قيل ‪ :‬الرخصة هي ما ال تغير شيًئا من‬
‫حسنا ‪ ،‬فإذا قلنا ‪:‬‬
‫ثواب األصل ؛ إن كان ذا ثواب لكان ً‬
‫اإلبراد رخصة فمعناه أن فضيلة التقديم تحصل به وإ ن‬
‫أخر الصالة عن أول الوقت ثم إذا حصلت [منه]‪ 1‬كان‬
‫سنة وال يلزم من ذلك أن يكون أفضل الصالة في أول‬
‫الوقت بل غايته المساواة وعلى هذا دلت عبارة الرافعي‬
‫‪ ،‬ومن تبعه فإن حاصلها أن اإلبراد وأن فيه [وجها]‪ 2‬أنه‬
‫رخصة فلو تحمل المشقة وصلى في أول الوقت كان‬
‫أفضل‪ .‬وصرح القاضي الحسين بحكاية وجهين في أنه‬
‫هل األفضل اإلبراد أو التعجيل ؟ بعد حكايته االتفاق‬
‫على أن اإلبراد سنة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والحاصل أن التعجيل سنة واإلبراد رخصة ال‬
‫تنقض ثواب السنة‪ .‬هذا غاية ما يؤخذ من كونه رخصة‬
‫وهل انضم إليها أنه أفضل من اإلبراد فيكون مع كونه‬
‫مطلوبا لنفسه أو ال ؟‬
‫ً‬ ‫رخصة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" به‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" وجه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 97 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫فيه تردد فإن قلنا ‪ :‬ال فهل األفضل فعله أو تحمل المشقة‬
‫أو التعجيل ؟ فيه تردد‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫يصح التكليف مع علم اآلمر وكذا المأمور في األظهر‬
‫انتفاء شرط وقوعه عند وقته ؛ خالفًا لإلمام والمعتزلة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬الباطل والفاسد مترادفان وهما نقيضا‬
‫الصحة ‪ ،‬وفرقت الحنفية بينهما بما عرف في األصول‬
‫وفرق أصحابنا بين الباطل والفاسد فرقًا ليس على‬
‫أصول الحنفية ومع ذلك قد حرر الشيخ اإلمام رحمه اهلل‬
‫في باب القراض من شرح المنهاج أنه ال فرق أصاًل ت‬
‫وحكيت كالمه في شرح المختصر ‪ ،‬وحظ هذا الكتاب أن‬
‫يعد تلك المسائل التي تخيل فيها الفرق‪.‬‬
‫فمنها ‪ :‬الخلع والكتابة [الباطل]‪ 1‬فيهما ما كان على غير‬
‫عوض مقصود كالميتة ‪ ،‬أو رجع إلى خلل كالصغير‬
‫والسفيه والفاسد خالفه‪ .‬وحكم الباطل أن ال يترتب عليه‬
‫شيء والفساد يترتب عليه العتق والطالق ‪ ،‬ويرجع‬
‫الزوج بالمهر والسيد بالقيمة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الحج يبطل بالردة ويفسد بالجماع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إعارة النقود إن أبطلناها فقيل مضمونة ألنها‬
‫إعارة فاسدة وقيل غير مضمونة ألنها غير قابلة لإلعارة‬
‫‪ ،‬ولك أن تقول ‪ :‬ألنها باطلة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬اإلجارة الفاسدة فيها أجرة المثل‪.‬‬
‫بالغا فهل لم يستحق شيًئا ؛ ألنه‬
‫ولو استأجر [صبي]‪ً 2‬‬
‫الذي فوت على نفسه ‪ ،‬فاإلجارة باطلة‪.‬‬
‫ثمنا وسلم وتلفت العين‬
‫ومنها ‪ :‬لو قال ‪ :‬بعتك ولم يذكر ً‬
‫في يد المشتري هل عليه قيمتها ؟ فيه وجهان‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬نعم ألنه بيع فاسد ‪ ،‬والثاني ‪ :‬ال ؛ ألنه ليس‬
‫بيعا أصاًل ‪.‬‬
‫ً‬
‫ومنها ‪ :‬لو قاال للمديون ‪ :‬اعزل قدر حقي فعزله ثم‬
‫قارضه عليه فإذا تصرفه المأمور ؛ ولكنه اشترى في‬
‫الذمة و[نفذ]‪ 3‬ذلك القدر ‪ ،‬فيه [وجهان]‪ 4‬أحدهما ‪:‬‬
‫الشراء للقراض والقراض فاسد ‪ ،‬وله األجرة والربح‬
‫لبيت المال‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" الباطلة‪.‬‬
‫صبيا‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ً‬
‫‪ 3‬في "ب" بعد‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فوجهان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 98 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫صحيحا بل هو‬
‫ً‬ ‫فاسدا وال‬
‫[قراضا]‪ً 1‬‬
‫ً‬ ‫والثاني ‪ :‬ال يكون‬
‫باطل ورجحه الشيخ اإلمام رحمه اهلل وهو قول ابن‬
‫سريج‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا فسد القراض بالنسبة إلى العوض بقي أصل‬
‫اإلذن ونفذ تصرف العامل ؛ كذا أطلقه الرافعي والنووي‬
‫واألكثرون‪.‬‬
‫وقيده الشيخ اإلمام بما إذا كان الفساد األمر خارج مع‬
‫محكوما عليها بالفساد أما إذا‬
‫ً‬ ‫وجود حقيقة القراض‬
‫انعدمت حقيقة القراض بالكلية كالقراض على المغصوب‬
‫‪-‬قال ‪ :‬فيتجه عندنا أنه يبطل كله وال يصح التصرف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قالت المرأة ‪ :‬وقع العقد بال ولي وال شهود ‪،‬‬
‫وقال الزوج ‪ :‬بل بهما ‪-‬قال القاضي مجلى ‪ :‬فالقول‬
‫قولها ؛ ألن ذلك إنكار ألصل العقد وصوبه الشيخ اإلمام‬
‫بعدما جوز تحريجه على االختالف في الصحة والفساد ‪،‬‬
‫ووجه تصويبه بأن إنكارها للولي إنكار للعقد بالكلية‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فأشبه طريقة في مسألة الفراض ‪ ،‬وتقدم ذكر‬
‫الفرع في قواعد البيع‪.‬‬
‫ثوبا وقال ‪ :‬بع بكذا وما زدت فهو‬
‫ومنها ‪ :‬إذا دفع إليه ً‬
‫لك فهو جائز على سبيل المراضاة ‪ ،‬ال على سبل‬
‫المعاقدة‪.‬‬
‫نقله الشيخ اإلمام في كتاب اإلجارة عن البيهقي ‪ :‬ثم قال‬
‫الشيخ اإلمام ‪ :‬فهل نقول إذا باع بأزيد وامتنع المالك من‬
‫دفع الثوب [فهل]‪ 2‬يجب له أجرة المثل أو ال يجب شيء‬
‫؛ ألنه ليس بعقد فاسد وال صحيح فيه نظر قال ‪:‬‬
‫واألقرب الثاني‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال الشيخ اإلمام رحمه اهلل في جواب فتيا‬
‫وردت عليه [من]‪ 3‬مدينة صفد ‪ :‬لو كان على المسلمين‬
‫ضرر في األمان كان األمان باطاًل وال يثبت به حق‬
‫التبليغ إلى المأمن ؛ بل يجوز االغتيال في هذه الحالة‬
‫وإ ن حصل التأمين ألنه تأمين باطل بخالف التأمين‬
‫الفاسد حيث يثبت له حكم التأمين الصحيح كأمان الصبي‬
‫والتأمين الباطل مثل تأمين الجاسوس ونحوه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ونقلته من خطه ‪ ،‬وقد جرى في [هذه المسألة]‪ 4‬كلها‬
‫على مأخذ واحد ‪ ،‬وهو أن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" في‪.‬‬
‫‪ 4‬هذه سقط من "ب" وفي ب المسائل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 99 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫ما جرى هل هو عقد فاسد أو غير عقد البتة ؟ ‪-‬وهو ما‬
‫قد يعبر عنه بالباطل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا عقد اإلمام الجزية على وجه الفساد أخذنا في‬
‫مجانا‪.‬‬
‫دينارا ولم نسامح بالتقرير ً‬
‫كل سنة ً‬
‫ولو عقد الجزية بعض اآلحاد وأقام بها سنة ؛ ففي أخذ‬
‫الجزوية وجهان ‪ :‬أحدهما ‪ :‬تؤخذ لعقد اإلمام إذا فسد‪.‬‬
‫والثاني ‪[ :‬ال]‪ 1‬ألن قبوله ال يؤثر إذا لم يكن هو من أهل‬
‫اإليجاب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد يعبر عن الوجهين بأن األول فسادها والثاني‬
‫بطالنها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اختلف في وجوب القضاء هل هو بأمر جديد أو باألمر‬
‫األول ؟ وأنا أميل إلى هذا الثاني وعليه فروع‪.‬‬
‫منها ‪ :‬قضاء الفوائت قيل ‪ :‬ال يجب على الفور ألن‬
‫القضاء بأمر جديد وال دليل على الفور ‪ ،‬وقيل يجب ألنه‬
‫باألمر األول ‪ ،‬والصحيح الفرق بين المتروكة بعذر فال‬
‫تجب على الفور ؛ ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم لما‬
‫ناموا [عن]‪ 2‬صالة الصبح واستيقظوا بعد طلوع الشمس‬
‫لم يصلها حتى خرج من الوادي ‪ ،‬ومن اعتذر بأنه كان‬
‫في ذلك الوادي شيطان فقد أجابه الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫بأن ذلك ال يمنع الصالة ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫صلى وهو يدعت الشيطان‪ .‬والمتروكة بال عذر تجب‪3‬‬
‫على الفور أما عند القائل بأن القضاء باألمر األول‬
‫فواضح وأما عند القائل بأمر جديد فقد أشكل على كثير‬
‫من الناس وقالوا التعدي وقع في األداء ال في القضاء‪.‬‬
‫وجوابه أن مطلق الصالة مأمور بها وخصوص الوقت‬
‫ليس بشرط بدليل األمر بالقضاء وال ينافي هذا قولنا ‪:‬‬
‫أنه بأمر جديد ألنا نعني به [أنا]‪ 4‬نتبين قصد الشارع إلى‬
‫العبادة ‪ ،‬وإ ن فات الوقت ‪ ،‬فإذا ضاق الوقت صارت‬
‫على الفور ‪ ،‬فيستصحب هذا الحكم في القضاء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا تعذر على الغاصب المثل إال باألكثر من ثمن‬
‫بالغا ما بلغ‬
‫المثل فهل يعدل إلى القيمة أو يتعين تحصيله ً‬
‫؟ فيه وجهان ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بعد‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" على الفور‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" أنه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 100 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫قياسيا على العين ؛ فإنه‬
‫ً‬ ‫أحدهما ‪ :‬أن يكلف تحصيله‬
‫يجب ردها ولو غرم بسبب الرد أضعاف ثمنها وأنفاس‬
‫الشيخ اإلمام رحمه اهلل تدل على ترجيح هذا الوجه‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬وبه جزم صاحب التنبيه يعدل إلى القيمة‬
‫وصححه النووي ‪ ،‬قال الشيخ اإلمام ‪ :‬وفي تصحيحه‬
‫نظر‪.‬‬
‫وهذا الوجه يرد القياس بالفرق بأن التعدي في العين ال‬
‫في المثل فال يلزم أن يثبت له حكمها‪ .‬قال الشيخ اإلمام ‪:‬‬
‫ولك أن تقول ‪ :‬قد أوجبنا الفور في قضاء تارك الصالة‬
‫بغير عذر بمثل الطريقة التي تمسك بها القائل األول‬
‫والتعدي في األداء ال في القضاء‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬الكافر مكلف بالفروع‬
‫وسيأتي من نصوص الشافعي رضي اهلل عنه ما يثلج به‬
‫الصدر ‪ ،‬وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬غير مكلف‬
‫بها [ودق حررنا موضع النزاع في أصول الفقه]‪.1‬‬
‫وعلى األصل فروع ‪ :‬منها ‪ :‬أن قبض ثمن الخمر ال‬
‫يصح ومن ثم ليس لنا أن نقبض منه ما علمنا أنه من ثمن‬
‫خمر عن دين لنا أو جزية عليه‪ .‬وقد ذكرنا المسألة في‬
‫نصا ؛‬
‫قواعد النكاح ووجدنا للشافعي رضي اهلل عنه فيها ً‬
‫فقال رضي اهلل عنه في باب الضحايا قبيل باب ذبائح بني‬
‫إسرائيل [في]‪ 2‬كتاب األم ‪ :‬إذا كان على نصراني حق‬
‫من أي وجه كان ثم قضى له من ثمن خمر أو خنزير‬
‫يعلمه لم يحر له أن يأخذه وكذلك لو وهبه لك أو أطعمك‬
‫إياه ثم قال ‪ :‬فإن قال قائل ‪ :‬فلم ال تقول في الخمر‬
‫والخنزير إنهما حالل ألهل الكتاب وأنت ال تمنعهم من‬
‫اتخاذه والتبايع به قيل ‪ :‬قد أعلمنا اهلل تعالى أنهم ال‬
‫يؤمنون باهلل وال باليوم اآلخر وال يحرمون ما حرم اهلل‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬كيف يجوز ألحد عقل عن‬
‫اهلل عز وجل أن يزعم أنه حالل لهم وقد أخبر اهلل أنهم ال‬
‫يحرمون ما حرم اهلل ورسوله ؛ فإن قال قائل ‪ :‬أنت‬
‫تقرهم عليه ‪ ،‬قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬وعلى الشرك باهلل ‪ -‬انتهى‪.‬‬
‫وإ نما حكيته لما فيه من النص على تكليف الكافر‬
‫بالفروع ‪ ،‬وكذلك قال في باب ذبائح بني إسرائيل ‪ :‬لم‬
‫يزل ما حرم اهلل على بني إسرائيل اليهود خاصة‬
‫‪-‬محرما من حين حرمه حتى بعث اهلل‬
‫ً‬ ‫وغيرهم عامة‬
‫محمدا صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬ففرض اإليمان به وأتباعه‬
‫ً‬
‫وطاعة أمره ‪،‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" من‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 101 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫وأعلم خلقه أن طاعته [طاعته]‪ ، 1‬وأن دينه اإلسالم‬
‫الذي نسخ به كل دين وجعل من أدركه وعلم دينه ؛ فلم‬
‫كافرا إلى أن قال ‪ :‬فلم يبق [خلق]‪ 2‬يعقل منذ بعث‬
‫يتبعه ً‬
‫اهلل النبي صلى اهلل عليه وسلم كتابي وال وثنى وال حي‬
‫ذو روح من جن وال إنس بلغته دعوة محمد صلى اهلل‬
‫عليه وسلم إال قامت [عليه]‪ 3‬حجة اهلل بأتباع دينه وكان‬
‫وكافرا بترك أتباعه ولزم كل منهم آمن به‬
‫ً‬ ‫مؤمنا بأتباعه‬
‫ً‬
‫أو كفر تحريم ما حرم اهلل على لسان نبيه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم "انتهى"‪.‬‬
‫كثيرا منه الشيخ اإلمام الوالد في [كتاب]‪4‬‬
‫وقد حكى ً‬
‫كشف الغمة وقال ‪[ :‬يحسن]‪ 5‬بناء الخالف في أنا هل‬
‫نقبض منه ما علمنا أنه ثمن خمر على أنه هل هو‬
‫[مكلف]‪ 6‬بالفروع ؟ قلت ‪ :‬وفي هذا النص داللة على أن‬
‫خمرا من ذمي لم يجب ردها عليه ؛ بل يكون‬
‫من غصب ً‬
‫الواجب التخلية بينه وبينها ‪ ،‬وهو األرجح وإ ياه صحح‬
‫الشيخ اإلمام رحمه اهلل خالفًا للرافعي والنووي‪.‬‬
‫خمرا من ذمي ؛ فعلى القول‬
‫ومنها هذا الفرع إذا غصب ً‬
‫بتكليفهم ال يرد عليهم ألنها حرام عليهم ؛ وإ نما نخلي‬
‫بينهم وبينها كما نقرهم على ما نقرهم عليه من‬
‫المحرمات وعلى القول بعدم تكليفهم يتجه ما [قاله]‪7‬‬
‫الشيخان من وجوب الرد إال أنه ليس من أصولنا أعني‬
‫عدم تكليفهم فال يتجه ما رجحاه‪.8‬‬
‫خمرا على ذمي لم يضمنها خالفًا‬
‫ومنها ‪[ :‬إذا]‪ 9‬أتلف ً‬
‫ألبي حنيفة رحمه اهلل وقد جمع المتولي مسائل الخمر‬
‫وخرجها على األصل فقال التصرف في الخمر حرام‬
‫عليهم عندنا لتكليفهم بالفروع وعند أبي حنيفة رضي اهلل‬
‫عنه ال يحرم لعدم تكليفهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إيالؤه صحيح ‪ :‬قال الشافعي ‪-‬رضي اهلل عنه‪-‬‬
‫في األم بعد أن نص على صحة إيالئه وعلى أن عتقه‬
‫صحيح وإ ن لم يؤجر عليه فرض اهلل على العباد واحد ؛‬
‫فإن قيل ‪ :‬وهو إن تصدق على المساكين لم يكفر عنه ‪،‬‬
‫قيل ‪ :‬وهكذا إن حد في زنا لم يكفر بالحد عنه والحدود‬
‫راضيا‬
‫ً‬ ‫للمسلمين كفارة للذنوب ونحن نجده إذا زنا وأتانا‬
‫بحكمنا ‪ ،‬إذ‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" مفرع‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" صححه‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" زيادة إذا‪.‬‬
‫‪ 9‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 102 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫حكم اهلل على العباد واحد ؛ وإ نما حددناه ألن رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم رجم يهوديين‪ 1‬زنيا بما أمره اهلل أن‬
‫يحكم بينهم بما أنزل اهلل‪" .‬انتهى"‪.‬‬
‫وفيه فائدتان ‪ :‬النص على تكليف الكافر بالفروع وعلى‬
‫أن الذمي إذا زنى يحد ومنها ‪ :‬ظهاره صحيح ؛ نص‬
‫عليه الشافعي "رضي اهلل عنهط ويكفر بالعتق وإ ن لم‬
‫يؤجر عليه‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬ويتصور منه إعتاق المسلم و[ال]‪2‬‬
‫يتصور ملكه له‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا زنى حد خالفًا لمالك وأبي حنيفة "رضي اهلل‬
‫عنهما"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬التعامل على وجه الربا ‪ ،‬قاعدة مذهبنا أنه حرام‬
‫عليهم كالمسلمين وينبغي على أصل أبي حنيفة إن يحلله‬
‫لهم لكنه قال أن الربا حرام عليهم وأنهم يمنعون منه كما‬
‫َأخ ِذ ِه ُم ِّ‬
‫الرَبا َوقَ ْد ُنهُوا‬ ‫{و ْ‬‫يمنع منه المسلم لقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫َع ْنهُ} فخص الربا من بين سائر الفروع ووافقه الوالد‬
‫رحمه اهلل على ذلك فذهب إلى أن نمنعهم من عقود الربا‬
‫وال نقرهم عليها‪.‬‬
‫ومذهب الشافعي "رضي اهلل عنه أنا ال نتعرض لهم وإ ن‬
‫كنا نحرمه عليهم وأنه كسائر المحرمات التي نقرهم‬
‫عليها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫معروفة باإلشكال موصوفة بمغالبة الرجال ‪ ،‬مشهورة‬
‫بالفرسان مذكورة بتصحيح األذهان اسم الجنس موضوع‬
‫للماهية من حيث هي باعتبار وقوعها على األفراد ‪،‬‬
‫وعلم الجنس الموضوع لها مقصود به تمييز الجنس من‬
‫غيره من غير نظر إلى األفراد‪.‬‬
‫هذا هو الذي كان الشيخ اإلمام يختاره في الفرق بين اسم‬
‫طا في منع‬
‫الجنس وعلم الجنس وقد ذكرت ذلك مبسو ً‬
‫الموانع وأنا قائل بما قاله الوالد رحمه اهلل غير أن لي فيه‬
‫ونقصا ومعه مباحثة‪ .‬أما الزيادة ‪ :‬فإني ال أشترط‬
‫ً‬ ‫زيادة‬
‫في اسم الجنس اعتبار وقوعه على األفراد ؛ وإ نما أكتفى‬
‫بمالحظ الواضع عند الوضع لألفراد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 516 /13‬في كتاب التوحيد‪ /‬باب ما يجوز‬
‫من تفسير التوراة‪ .‬حديث "‪."7543‬‬
‫‪ 2‬في "ب" وألنه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 103 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫فأقول ‪ :‬اسم الجنس موضوع للقدر المشترك بين‬
‫ظا فيه [الصورة]‪1‬‬
‫الصورة الذهنية والخارجية مالح ً‬
‫الخارجية ؛‬
‫فلك أن تجعل معنى قول الشيخ اإلمام ‪ :‬باعتبار وقوعها‬
‫على األفراد ما ذكرناه فال يكون فيما ذكرناه زيادة‬
‫طا فيه الصور‬
‫ولك أن تجعل معنى اسم الجنس مشرو ً‬
‫موضوعا له ‪ ،‬وهو‬
‫ً‬ ‫الخارجية ؛ فال يكون ما في الذهن‬
‫الظاهر من كالمه غير أنا ال نراه‪.‬‬
‫وأما النقص ‪[ :‬فقوله]‪ 2‬في علم الجنس ‪ :‬إنه الموضوع‬
‫مقصودا به التمييز إن عنى بقصد التمييز مطلق‬
‫ً‬ ‫للماهية‬
‫التميز فكل موضوع هكذا قصد تميزه عن غيره وإ ن‬
‫أمرا آخر فال بد من بيانه‪.‬‬
‫عنى ً‬
‫فأنا أنقض هذا القيد وأقول ‪ :‬علم الجنس الموضوع‬
‫للماهية غير معتبر فيه األفراد‪ .‬ثم قال الشيخ اإلمام‬
‫تفريعا على الفرق الذي أبداه ‪ :‬إذا أدخلت [أل]‪ 3‬الجنسية‬
‫ً‬
‫[على]‪ 4‬اسم الجنس ساوى علم الجنس‪.‬‬
‫وأقول ينبغي على هذا أن ال يدخل على اسم الجنس‬
‫األلف والالم الجنسية إال إذا صحبها [العموم]‪ ، 5‬أما إذا‬
‫اقتصرت على [أصل]‪ 6‬الحقيقة فالمعنى مستفاد قبل‪7‬‬
‫دخول "أل" فال فائدة لها‪.‬‬
‫ونظير ذلك قول الشيخ اإلمام في "كل" ‪ :‬أنها ال تدخل‬
‫على [الفرد]‪ 8‬المعرف بالالم إذا أريد بكل منهما العموم‬
‫لعدم الفائدة‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬ويستنتج من هذا أن علم الجنس ال يثنى وال‬
‫يجمع ألن التثنية والجمع إنما يكونان لألفراد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا صحيح ‪ ،‬فال ينبغي تثنيته وجمعه إلى على‬
‫تأويل‪.‬‬
‫وتحصل من هذا أن الواضع يستحضر الماهية ثم قد‬
‫يضع لها من حيث هي ‪ ،‬وقد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" الصور‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يقوله‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" إلى‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" علم‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" أهل‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" قبل من‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" المفرد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 104 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫يضع لها بقيد يعينها في الخارج ‪ ،‬وقد يضع منها‬
‫الصورة الحاضرة في ذهنه ‪ ،‬وقد يضع لها صورة في‬
‫الذهن غير مخصص لها بالوضع وقد يضع لها‬
‫ظا]‪ 1‬األفراد الخارجية غير مخصص لها بالوضع‬
‫[مالح ً‬
‫؛ فهذه خمسة أقسام ‪ :‬اسم الجنس عندي منها الخامس‬
‫وعلما لجنس الرابع‪ .‬وكان الخسر وشاهي‪ 2‬يقول ‪ :‬علم‬
‫الجنس الموضوع لها بدون ذلك القيد فجعل علم الجنس‬
‫الصورة الثالثة مما ذكرناه واسم الجنس الصورة األولى‬
‫‪ ،‬وكان يتحجج بهذا الفرق‪.‬‬
‫واعترض عليه الشيخ اإلمام بأنه ينبغي أن يشترط أن‬
‫يكون الوضع لصورة ذهنية واحدة ؛ ألن العلم إنما يكون‬
‫كذلك وحينئذ ال يصدق على غيرها من الصور‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وبهذا يفسد فرقه ألن أسامة ونحوه من أعالم‬
‫األجناس ال يختص بواحد‪ .‬قال ‪ :‬فإن أخذ في وضعه‬
‫للصورة الذهنية ما يشبهها من الصور أو المنتزع من‬
‫بينها ساوي الوضع الخارجي فكيف يجعل أحدهما‬
‫[معرفة]‪ 3‬واآلخر نكرة‪ .‬قال ‪ :‬فالحق أن العلم إنما يكون‬
‫موضوعا لشخص واحد ال تعدد فيها وإ نما العرب أجرت‬
‫ً‬
‫على أسامة ونحوه حكم األعالم ولعلهم شبهوا الصورة‬
‫الذهنية وإ ن اختلفت بالصورة الواحدة فيتم ويصح ما قاله‬
‫الخسر وشاهي‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إن تم بهذا الوجه فال يتم من جهة [قوله]‪ : 4‬بقيد‬
‫الشخص الذهبي فإنه صريح في أن الوضع لصورة‬
‫مشخصة في الذهن أخص من سائر الصور ‪ ،‬وقول‬
‫الشيخ اإلمام ‪ :‬العام إنما يكون لواحد ال تعدد فيه‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬ذلك العلم التحقيقي ‪ ،‬وهو علم الشخص وهو‬
‫الموضوع للماهية يفيد تعيينها وتشخصها في الخارج‬
‫بالنسبة إلى واحد معين وليس الكالم فيه إنما الكالم في‬
‫علم الجنس ؛ فلم قال ‪ :‬إنما يكون لواحد ؟‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬شمس الدين الخسر وشاهي عبد الحميد بن عيسى بن‬
‫عمرية بن يوسف بن خليل أبو محمد التبريزي الشافعي‬
‫‪ ،‬ولد سنة ثمانين وخمسمائة وتوفي في ثاني عشر شوال‬
‫سنة اثنتين وخمسين وستمائة النجوم الزاهرة ‪، 32 /7‬‬
‫شذرات الذهب ‪.225 /5‬‬
‫علما‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ً‬
‫‪ 4‬في "ب" قبوله‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 105 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫فإن قلبت ‪[ :‬وهل]‪ 1‬يكون العلم المتعدد ؟‬
‫قلت ‪ :‬قال النحاة في باب غير المنصرف ‪ :‬العدل‬
‫تحقيقي وتقديري ‪ ،‬وفسروا التقديري بأنه الذي‬
‫اضطررنا إليه حين وجدناهم يعاملونه معاملة المعدول‬
‫بأن منعوه من الصرف‪.‬‬
‫وأقول على مساق هذا شيًئا رأيت معناه لنحوي عصرنا‬
‫عبد اهلل بن هشام رحمه اهلل قد يقال على ذلك ‪ :‬العلم‬
‫علمان ‪ :‬علم تحقيقي كزيد وعلم تقديري كأسامة فإنا إنما‬
‫علما حين وجدناهم عاملوه معاملة األعالم‬
‫حكمنا بكونه ً‬
‫فمنعوه من الصرف أو من دخول أل واإلضافة‬
‫وصححوا االبتداء في قولهم ‪ :‬أسامة أجرأ من ثعالة‬
‫وجوزوا مجيء الحال منه في قولهم ‪ :‬هذا أسامة مقباًل‬
‫ونعته بالمعرفة دون النكرة ولوال ذلك لقضينا بأنه نكرة‬
‫في أفراد جنس األسد فهذا من باب االستدالل باألثر على‬
‫المؤثر‪.‬‬
‫وكذلك مسألة العدل سوى مسألة ‪ :‬يقوم كل من‬
‫المترادفين‪ 2‬مقام صاحبه‪ .‬وثالثها ‪ :‬إن كان من لغته‬
‫وهذا في شيء لم يتعبد بلفظه فإن وقع التعبد بلفظ شيء‬
‫لم يقم آخر مقامه‪.‬‬
‫وجعل اإلمام رحمه اهلل في النهاية األلفاظ مراتب‪.‬‬
‫[األولى]‪ 3‬قراءة القرآن فلفظه متعين‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ما يتعبد بلفظه وإ ن كان العوض األكثر معناه‬
‫كالتشهد والتكبر‪ .‬قلت ‪[ :‬فهذا]‪ 4‬ال يضر فيه أدنى تغيير‬
‫مثل قول المصلي ‪ :‬اهلل أكبر ؛ فإنه يجزئ على المشهور‬
‫في المذهب وكذا اهلل العزيز أكبر على الصحيح عندهم‪.‬‬
‫وإ ن كنت أنا أختار [أنه]‪ 5‬ال يجزئ شيء غير "اهلل أكبر"‬
‫لقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪"$‬صلوا كما رأيتموني أصلي"‬
‫‪ 6‬ولقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" الردفين‪.‬‬
‫‪ 3‬في "قب" األول‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فهذا قد‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" أن‪.‬‬
‫‪ 6‬البخاري ‪ 111 /2‬في األذان‪ /‬باب األذان للمسافر‬
‫حديث "‪ "631‬في ‪ 438 /10‬حديث "‪."6008‬‬
‫صفحة ‪399 | 106 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫ال يقبل اهلل صالة أحدكم حتى يضع الطهور مواضعه‪1‬‬
‫ويستقبل القبلة فيقول "اهلل أكبر"‪.‬‬
‫وأما قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬مفتاحها التكبير‪: 2‬‬
‫فالالم فيه للعهد والمعهود صيغته اهلل أكبر ال األكبر ‪ ،‬ثم‬
‫أنا أعتقد أن األكبر أبعد عن اإلجزاء من اهلل العزيز‬
‫أكبر‪.‬‬
‫واألصحاب مطبقون على العكس من هذا ؛ وإ نما خالفتهم‬
‫ألن اهلل العزيز أكبر ليس فيها شيء من التغيير ‪ ،‬وإ نما‬
‫هو فصل يسير قد يغتفر بخالف األكبر ‪ :‬ثم أعتقد أن‬
‫األكبر ال يؤدي معنى أكبر وإ ن أدى معنى آخر فهو أتم‬
‫وإ ذا لم يؤد ذلك المعنى سواء أدى أتم منه أم ال كيف‬
‫يجزئه ؟‬
‫الثالثة ‪ :‬لفظ النكاح ‪ ،‬وقد ترددوا في أن المرعى فيه‬
‫التعبد أو إنما تعينت األلفاظ ألجل اإلشهاد وعلى الخالف‬
‫ينبين تواطؤ أهل قرية على لفظ في تأدية معنى النكاح‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬الطالق‪ .‬الخامسة ‪ :‬العقود سوى النكاح‪.‬‬
‫السادسة ‪ :‬ما ال يحتاج إلى قبول كاإلبراء والفسخ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد جمع الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل في باب‬
‫كثيرا من مسائل الترجمة‬
‫صفة الصالة من شرح المنهاج ً‬
‫لغير العربية ونحن نوردها مع زيادات فمنها ‪ :‬ترجمة‬
‫التكبير وال تجوز إال للعاجز ثم اللغات سواء وقيل أوالها‬
‫الفارسية وقيل ‪ :‬السريانية والعبرانية‪.‬‬
‫منها ‪ :‬التشهد والصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وعلى األول إذا أوجبناها تجوز الترجمة بغير العربية‬
‫فيها للعاجز دون القادر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬القرآن ال يجوز ترجمته لقادر وال لعاجز‪.‬‬
‫ومنها [الدعاء]‪ 3‬الذي ليس بمأثور ال يجوز أن يدعو به‬
‫بغير العربية في الصالة بال خالف ‪ ،‬وتبطل به‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬قال الحافظ في التلخيص ‪ 70 /1‬لم أجده بهذا اللفظ‬
‫وذكره ابن السمعاني في االصطالم وقال النووي إنه‬
‫ضعيف غير معروف ‪ ،‬وقال الدرامي في جمع الجوامع‬
‫‪ :‬ليس بمعروف وال يصح‪.‬‬
‫‪ 2‬لم أجده بهذا اللفظ وإ نما قالت عائشة رضي اهلل عنها‬
‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يستفتح الصالة بالتكبير‬
‫والقراءة‪ .‬مسلم ‪ 358 -357 /1‬باب ما يجمع صفة‬
‫الصالة ‪ ، 498 /240‬وأخرجه الشافعي والدارمي وأبو‬
‫داود والترمذي وابن ماجة عن علي ‪ ،‬مفتاح الصالة‬
‫الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 107 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫ومنها ‪ :‬األدعية المأثورة األصح جواز ترجمتها للعاجز‬
‫دون القادر‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬يجوز لهما ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال يجوز لهما فحيث قلنا ال‬
‫يجوز فترجم بطلت صالته‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬سائر األذكار كالتشهد األول ‪ ،‬وغيرهما مما‬
‫ليس بواجب الصحيح جوازه للعاجز ‪ ،‬وقيل كالدعاء‬
‫المأثور ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يترجم العاجز لما يجبر بالسجود‪.‬‬
‫قطعا‬
‫ومنها ‪ :‬كلمة اإلسالمن يصح إسالم العاجز بها ً‬
‫وكذا القادر في األصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لفظ التزويج واإلنكاح ‪ ،‬األصح االنعقاد‬
‫بالترجمة لكل من العاجز والقادر والثالث التفصيل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬األذان ‪ ،‬قال الشيخ أبو حامد ‪ :‬ال يجوز بغير‬
‫العربية وقال الماوردي ‪ :‬إن أذن لنفسه جاز للعاجز ‪ ،‬أو‬
‫للجماعة فال ؛ قال البغوي‪ 1‬أي جماعة فيهم عربي ‪،‬‬
‫وقال الشيخ اإلمام ‪ :‬إن قلنا األذان سنة فهو كأذكار‬
‫الصالة فليجر فيه الخالف الذي فيها أو فرض كفاية وقام‬
‫قطعا‬
‫به غيره فكذلك وإ ال فينبغي أن يجوز للعاجز ً‬
‫كالتكبير‪.‬‬
‫قلت أي يتعين حينئذ على القادر فإن امتنع جاز للعاجز‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬البيع وسائر العقود تجوز بالترجمة للعاجز‬
‫والقادر‪.‬‬
‫قادرا على‬
‫ومنها ‪ :‬السالم فيه أوجه‪ .‬ثالثها ‪ :‬إن كان ً‬
‫العربية لم يجز‪.‬‬
‫قال النووي ‪ :‬والصواب صحته بالعجمية إن فهم‬
‫المخاطب ولو قدر على العربية‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا متعين ولعل مراد المانع أن السنة ال تتم‬
‫بالسالم بالعجمية حتى ال يجب الجواب وهذا محتمل وإ ن‬
‫كان األرجح خالفه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬خطبة الجمعة األصح اشتراط كونها بالعربية‬
‫ومحل الخالف فيما عدا القرآن المشترط فيها ‪ ،‬أما‬
‫القرآن فقد عرف أنه ال يجوز ترجمته مطلقًا‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الصحيح صراحة الطالق بالترجمة قال الرافعي‬
‫ولم [يتعرضوا]‪ 2‬للفرق بين القادر وغيره كما في‬
‫النكاح‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" النووي‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 108 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫قلت ‪ :‬ألن التعبد في النكاح أظهر [منه]‪ 1‬في الطالق‬
‫ومن ثم كان القول بامتناع ترجمة الطالق في غاية‬
‫الضعف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخلع لم أره مسطورصا وقد يلحق بالبيع لما فيه‬
‫من معنى المعاوضة أو بالطالق فيجري فيه الخالف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الرجعة ‪ ،‬والصحيح صحتها بالترجمة ‪ ،‬وثالثها‬
‫‪ :‬الفرق بين العاجز والقادر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬اللعان جائز للعاجز بالعجمية وفي القادر‬
‫وجهان‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 109 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫كتاب الكتاب ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اللغات توفيقية وقيل اصطالحية‪.1‬‬
‫والصحيح عندي أنه ال فائدة لهذه المسألة في الفروع ‪،‬‬
‫وقيل فائدتها النظر في‬
‫_________‬
‫‪1‬واحتج القائلون باالصطالح بوجهين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪-‬لو كانت اللغات توقيفية لتقدمت بواسطة البعثة‬
‫على التوقيف والتقدم باطل وبيان المالزمة أنها إذ كانت‬
‫توقيفية فال بد من واسطة بين اهلل والبشر وهوالنبي‬
‫الستحالة خطاب اهلل تعالى مع كل أحد وبيان بطالن‬
‫ول ِإاَّل بِِل َس ِ‬
‫ان‬ ‫التقدم قوله تعالى ‪{ :‬وما َأرسْلَنا ِم ْن رس ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫قَ ْو ِم ِه} وهذا يقتضي تقدم اللغة على البعثة‪.‬‬
‫والثاني ‪- :‬لو كانت اللغات توقيفية فذلك إما بأن يخلقه‬
‫علما ضروريصا فيا لعاقل أنه وضع األلفاظ‬
‫اهلل تعالى ً‬
‫ضروريا أصاًل‬
‫ً‬ ‫علما‬
‫لكذا أو في غير العاقل أو باأل يخلقه ً‬
‫عالما باهلل بالضرورة يكون‬
‫‪ ،‬واألول باطل ‪ ،‬وإ ال لكان ً‬
‫اهلل وضع كذا لكذا كان غير العاقل ال يمكنه إنهاء تمام‬
‫هذه األلفاظ والثالث باطل ألن العلم بها إذ لم يكن‬
‫ضروريا احتيج إلى توقيف آخر ولزمه التسلسل‪.‬‬
‫ً‬
‫والجواب عن األولى من حجج أصحاب التوقيف لم ال‬
‫يجوز أن يكون المراد منه تعلم األسماء اإللهام إلى‬
‫وضعها وال يقال التعليم إيجاد العلم فإنا ال نسلم ذلك بل‬
‫التعليم فعل يترتب عليه العلم وألجله يقال علمته فلم‬
‫يتعلم‪ .‬سلمنا أن التعليم إيجاد العلم لكن قد تقرر في الكالم‬
‫أن أفعال العباد مخلوقة هلل تعالى فعلى هذا العلم الحاصل‬
‫بها فوجد هلل سلمناه لكن األسماء هي سمات األشياء‬
‫وعالماتها مثل أن يعلم آدم صالح الخيل للعدو والجمال‬
‫للحمل والثيران للحرث فلم قلتم أن المراد ليس ذلك‬
‫وتخصيص األسماء باأللفاظ عرف جديد سلمنا أن المراد‬
‫هو األلفاظ ولكن لم يجوز أن هذه األلفاظ وضمها قوم‬
‫آخرون قبل آدم وعلمها اهلل آدم‪.‬‬
‫وعن الثانية ‪ :‬إنه تعالى ذمهم ألنهم سموا األصنام آلهة‬
‫واعتقدوها كذلك‪.‬‬
‫وعن الثالثة ‪ :‬أن اللسان هو الجارحة المخصوصة وهي‬
‫غير مرادة باالتفاق والمجاز الذي ذكر نحوه يعارضه‬
‫مجازات آخر نحو مخارج الحروف أو القدرة عليها‪ .‬فلم‬
‫يثبت التريجيح‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 110 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫جواز قلب اللغة والتواضع على خالف مقتضاها ‪ ،‬وعلى‬
‫الخالف بنى بعضهم مسألة صداق السر والعالنية ‪،‬‬
‫وألحقنا نحن بها في شرح المختصر ما إذا استعمل لفظ‬
‫شركة المفاوضة وأراد شركة العنان وقد نص الشافعي‬
‫رضي اهلل عنه فيها على الجواز وفي النهاية في باب من‬
‫يعتق بالملك فيمن قال ‪ :‬أنا أريد أن أسمي أمتي هذه حرة‬
‫تلقيبا أن حصول العتق ينشأ من أن الرجل إذا غير‬
‫ً‬
‫موجب اللغة بمواطنه ومواضعه فهل يؤاخذ بموجب‬
‫اللغة ؟ قال ‪ :‬فيه كالم استقصيته في مسألة السر‬
‫والعالنية ‪ ،‬وذكرت طرفًا منه في [مسائل]‪ 1‬الطالق‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وحاصل ما ذكره فيما أشار إليه الخالف في أنه‬
‫هل يعتبر التواضع أو مقتضى‬
‫_________‬
‫= وعن الرابعة ‪ :‬أن االصطالح ال يستدعي تقدم‬
‫اصطالح آخر بدليل تعلم الوالدين الطفل دون سابقه ثمة‬
‫ثمة ثمة‪ .‬والجواب عن األولى من حجتي أصحاب‬
‫االصطالح ال نسلم توقف التوقيف على البعثة اصطالح‬
‫الجواز أن يخلق اهلل منهم العلم الضروري بأن األلفاظ‬
‫وضعت لكذا وكذا ‪ ،‬وعن الثانية ال يجوز أن يخلق اهلل‬
‫واضعا وضع تلك‬
‫ً‬ ‫يخلق العلم الضروري في العقالء أن‬
‫األلفاظ لتلك المعاني وعلى هذا ال يكون العلم باهلل‬
‫ضروريا سلمناه لكن لم ال يجوز أن يكون إال له معلوم‬
‫ً‬
‫الوجود بالضرورة لبعض العقالء قوله "‪ "...‬قلنا‬
‫بالمعرفة أما بسائر التكاليف فال‪ .‬انتهى‪ .‬وقال أبو الفتح‬
‫بن برهان في كتاب الوصول إلى األصول اختلف‬
‫واصطالحا فذهبت‬
‫ً‬ ‫العلماء في اللغة هل تثبت توقيفًا‬
‫اصطالحا وذهبت‬
‫ً‬ ‫المعتزلة إلى أن اللغات بأسرها تثبت‬
‫طائفة إنها تثبت توفيقًا ‪ ،‬وزعم األستاذ أبو إسحاق‬
‫اإلسفراييني أن القدر الذي يدعو به اإلنسان غيره إلى‬
‫التواضع يثبت توفيقًا ‪ ،‬وما عدا ذلك يجوز أن يثبت بكل‬
‫واحد من الطرفين‪ .‬وقال إمام الحرمين في البرهان ‪:‬‬
‫اختلف أرباب األصول في مأخذ اللغات مذهب ذهبوه‬
‫أيضا توفيقية من اهلل تعالى وصار صائرون إلى أنها‬
‫ً‬
‫طا وذهب األستاذ أبو إسحاق في‬
‫اصطالحا وطو ً‬
‫ً‬ ‫تثبت‬
‫طائفة من األصحاب إلى أن القدر الذي يفهم منه مصدر‬
‫التواطؤ ال بد أن يفرض فيه التوقيف‪.‬‬
‫والمختار عندنا أن العقل يفوق ذلك كله فأما تجوز‬
‫التوقيف ؛ فال حاجة إلى تكليف دليل فيه ومعناه أن يثبت‬
‫علوما بديهية بصيغ مخصوصة‬
‫ً‬ ‫اهلل تعالى في الصدور‬
‫بمعاني فتتبين العقالء الصيغ ومعانيها ومعنى التوقيف‬
‫فيها أن يلقواى وضع الصيغ على حكم اإلرادة واالختيار‬
‫اصطالحا ؛ فهو إنه بعد‬
‫ً‬ ‫وأما الدليل على تجويز وقوعها‬
‫أن يحرك اهلل تعالى‪ .‬نفوس العقالء لذلك ويعلم بعضهم‬
‫صيغا وتقترن بما‬
‫ً‬ ‫مراد بعض ثم ينشئون على اختيارهم‬
‫يريدون أحوال لهم وإ شارات إلى مسميات وهذا غير‬
‫مستنكر وبهذا المسلك ينطق الطفل على طوال ترديد‬
‫المسمع عليه ما يريد تلقينه وإ فهامه ؛ فإذا ثبت الجواز‬
‫في الوجهين لم يبق لما تخيله األستاذ وجه والتعويل في‬
‫التوقيف وفرض االصطالح على علوم تثبت في النفوس‬
‫فإذا لم يمنع ثبوتها لم يبق لمنع التوقيف واالصطالح‬
‫بعدها معنى وال أحد يمنع جواز ثبوت العلوم الضرورية‬
‫على النحو المبين‪.‬‬
‫‪ 1‬في "ب" مسألة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 111 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫اللغة ‪ ،‬وذكر في مسألة الصداق ما إذا قال الزوج ‪ :‬إذا‬
‫قلت ‪ :‬أنت طالق ثالثًا لم أرد به الطالق ؛ وإ نما غرضي‬
‫أن تقومي أو تقعدي أو غرضي بالثالث الواحدة‪ .‬قال ‪:‬‬
‫وظاهر المذهب أن ذلك ‪ ،‬ال يقبل منه ‪ ،‬وفي المسألة‬
‫الوجه البعيد الذي ذكرناه في مسألة الصداق‪ .‬وسنبسط‬
‫القول في هذا في مسائل الصريح والكناية في الطالق‬
‫وحكى الرافعي هذا عنه في الصداق‪.‬‬
‫وأقول في تسمية األمة حرة آخر ؛ فإن األسامي ليس‬
‫فيها تغيير لوضع اللسان ‪ ،‬بخالف تسمية األلف ألفين ؛‬
‫فالمتجه فيها أنه ال يعتق وال يجري فيه خالف كما لو‬
‫قاصدا‪ 1‬النداء‬
‫ً‬ ‫كان اسمها من األصل حرة فناداها به‬
‫فإنها ال تعتق ‪ ،‬وكذا [لو]‪ 2‬أطلق على األصح ‪ ،‬وينبغي‬
‫علما‬
‫حمل كالم اإلمام على ما إذا لم يجعل لفظ حرة ً‬
‫تلقيبا ويكون مراده‬
‫عليها ‪ ،‬ولعله أشار إلى ذلك بقوله ً‬
‫باللقب غير العلم فيصير كما لو قال ‪ :‬إذا قلت فأنت‬
‫طالق فإنما أعني به قومي أو اقعدي‪ .‬ونظير المسألة‬
‫التي نقلها الرافعي مسألة ‪ :‬المفاهيم ‪-‬إال اللقب‪ -‬حجة‬
‫خالفًا ألبي حنيفة رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫وعليه مسائل ‪ :‬منها ‪ :‬إذا باع نخلة قبل أن تؤبر فثمرتها‬
‫للمشتري مندرجة تحت البيع ؛ بخالف ما إذا كانت‬
‫مؤبرة لمكا ثبت في الصحيحين‪ 3‬من قوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم "من باع نخاًل مؤبرة فالثمرة للبائع إال أن‬
‫يشترط المبتاع" ؛ فإن مفهومه أن غير المؤبر للمشتري ‪،‬‬
‫وهو مفهوم صفة‪- .‬وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬ال‬
‫يكون للمشتري فيا لحالتين إذ ال اعتبار بالمفهوم عنده‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الواجد لطول حرة ال يجوز له نكاح األمة ‪،‬‬
‫َأن َي ْن ِك َح‬
‫ط ْواًل ْ‬‫{و َم ْن َل ْم َي ْستَ ِط ْع ِم ْن ُك ْم َ‬
‫لمفهوم قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ات}‪.4‬‬ ‫ات اْلم ِمَن ِ‬
‫اْلم ْحصَن ِ‬
‫ُ ْؤ‬ ‫ُ َ‬
‫{م ْن فَتََياتِ ُك ُم‬
‫ومنها ‪ :‬ال يجوز نكاح األمة الكتابية لمفهوم ِ‬
‫اْلم ِمَن ِ‬
‫ات}‪.‬‬ ‫ُ ْؤ‬
‫ومنها ‪ :‬ال نفقة للمبتوتة الحابل ‪ ،‬ألن اهلل خص الحامل‬
‫{وِإ ْن ُك َّن‬
‫بالذكر بقوله ‪َ :‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "أ" فناداها يا حرة‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري ‪ 49 /5‬في المساقاة‪ /‬باب الرجل‬
‫يكون له ممر أو مشرب‪ .‬حديث "‪ "2379‬ومسلم ‪/3‬‬
‫‪ 1173‬في البيوع باب من باع نخاًل عليها ثمر‪ .‬حديث‬
‫‪."1543 /80‬‬
‫‪ 4‬النساء "‪."25‬‬
‫صفحة ‪399 | 112 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْع َن َح ْملَهُ َّن}‪، 1‬‬ ‫ُأوالت َح ْم ٍل فَ َْأنفقُوا َعلَ ْي ِه َّن َحتَّى َي َ‬
‫ومنها ‪ :‬ال يجوز أخذ الجزية من غير أهل الكتاب‬
‫ون بِاللَّ ِه َواَل بِاْلَي ْوِم اَآْل ِخ ِر‬
‫ين اَل ُيْؤ ِم ُن َ‬
‫ِ َِّ‬
‫لمفهوم ‪{ :‬قَاتلُوا الذ َ‬
‫ين اْل َح ِّ‬
‫ق‬ ‫واَل يح ِّرمون ما ح َّرم اللَّه ورسولُه واَل ي ِد ُين ِ‬
‫ون د َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ َ َ ُ ََ ُ ُ َ َ َ‬
‫اب َحتَّى ُي ْعطُوا اْل ِج ْزَيةَ}‪.2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ َِّ‬
‫ين ُأوتُوا اْلكتَ َ‬
‫م َن الذ َ‬
‫ومنها ‪ :‬ال يجوز إزالة النجاسة بمائع سوى الماء ؛‬
‫لحديث األعرابي الذي بال في المسجد فقال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم لرجل من القوم "قم فأتنا بدلو من‬
‫الماء فصبه عليه"‪ 3‬وحديث المرأة التي قالت لرسول‬
‫اهلل‪ .‬يا رسول اهلل ‪ :‬المرأة يصيبها من دم حيضها ؟ فقال‬
‫لتحته ثم لتقرصه بماء‪.4‬‬
‫والحديثان في الصحيحين ‪ ،‬ومفهومهما أن غير الماء‬
‫منهي عنه ‪ ،‬فال يزيل النجاسة‪.‬‬
‫زوجا ‪ ،‬أو قالت ‪:‬‬
‫ومنها لو قالت ‪ :‬رضيت بفالن ً‬
‫رضيت أن أزوج ‪ ،‬فأظهر الوجهين أن هذا يسوغ لكل‬
‫من األولياء تزويجها ؛ ألنهم معينون للتصرف ‪،‬‬
‫والمشروط الرضا من جهتها وقد وجد ‪ ،‬فلو عينت بعد‬
‫واحدا ففي انعزال اآلخرين وجهان‪ .‬قال الرافعي ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ذلك‬
‫رأي بعض المتأخرين بناءها على أن المفهوم حجة‪ .‬قلت‬
‫‪ :‬وهو مفهوم لقب فال يعتبر‪.‬‬
‫ومنهاك نقل الرافعي عن فتاوي القاضي الحسين أنه إذا‬
‫ادعى على إنسان عشرة فقال ‪ :‬ال يلزمني تسليم هذا‬
‫مقرا ؛ ألن اإلقرار ال يثبت بالمفهوم‪.‬‬
‫المال ‪ ،‬ال يجعل ً‬
‫قلت ‪ :‬وهذا يقوله من يقصر المفاهيم على أقوال الشارع‬
‫‪ ،‬وما ذكره من التفرقة وأشار إليه من القاعدة صحيح‪.‬‬
‫وأنا أوضحه فأقول ‪ :‬إذا قال ‪ :‬واهلل ال آكل إال هذا فلذلك‬
‫على مذهبنا قضيتان ‪ :‬الحلف على أن ال يأكل غيره أو‬
‫معناه االمتناع عن أكل غير هذا وعلى مقابله ‪ ،‬ومقابل‬
‫االمتناع عدم االمتناع ؛ فكأنه قال ‪ :‬أمنع نفس غير‬
‫وأخرج من هذا من المنع ‪ ،‬أو كأنه‬
‫_________‬
‫‪ 1‬الطالق ‪.6‬‬
‫‪ 2‬التوبة ‪.29‬‬
‫‪ 3‬الخباري ‪ 321 /1‬في الضوء‪ /‬باب ترك النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم والناس األعرابي حتى فرغ حديث "‪"219‬‬
‫ومسلم ‪ 237 /1‬في الصالة‪ /‬باب وجوب غسل البول‬
‫وغيره من النجاسات "‪."285 /100‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 410 /1‬في الحيض‪ /‬باب غسل دم الحيض‬
‫"‪ ، "307‬ومسلم ‪ 240 /1‬في الطهارة‪ /‬باب نجاسة الدم‬
‫وكيفية غسله "‪ "291 /110‬والنسائي ‪ 195 /1‬في‬
‫الحيض‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 113 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫قال ‪ :‬أمنع نفس غيري وأحملها عليه فيه هذا الخالف ‪،‬‬
‫وكل منهما مقابل لمنعها من الغير ؛ فمقابل االمتناع من‬
‫غير عدم االمتناع من هذا ‪ ،‬وعدم االمتناع من هذا أعم‬
‫من اإلقدام عليه ‪ ،‬وهذا ال يتأتى في ليس له إال مائة ؛ فال‬
‫مقابل لنفي المائة إال ثبوتها‪ .‬إذ ال وساطة ‪ ،‬وبهذا تتعين‬
‫المائة ‪ ،‬ويتوقف في تعين أكل هذا ‪ ،‬وفي مجامعتها تلك‬
‫السنة وهذا كله حسن ؛ لكنه أخذه من قاعدة عامة في كل‬
‫حالف على مستقبل ‪ ،‬وفيه نظر ‪ ،‬بل قد ال يعم‬
‫غدا أحد إال زيد‬
‫المستقبالت كلها ؛ فلو قال ‪ :‬ال يقوم ً‬
‫قائما‪ .‬هذا إذا كانت الجملة خبرية ‪،‬‬
‫فزيد ال بد أن يكون ً‬
‫أما [إذا]‪ 1‬كانت إنشائية أو قسمية فال يتعين قيام زيد ؛ بل‬
‫يبقى التخيير كما [أشار]‪ 2‬إليه فإذا ما ذكره ليس من‬
‫عموم االستقبال بل من خصوص‪ 3‬الحث والمنع‪.‬‬
‫وقولنا ‪ :‬االستنثاء من النفي إثبات [صحيح]‪ 4‬باق بحاله‬
‫؛ غير أنه هل هو إثبات لنقيض الملفوظ أو النقيض ما‬
‫دل عليه اللفظ ؟ هذه عبارة الوالد رحمه اهلل ‪ ،‬وأوضح‬
‫منها أن يقال هو إثبات [لنقيض]‪ 5‬المنفي بإثبات‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫النيابة تدخل المأمور إال لمانع "وعكست الحنفية فقالوا ‪:‬‬
‫ال تدخل إال لمقتض"‪.‬‬
‫ويظهر أثر ذلك في مسائل ال ينهض دليل دخول النيابة‬
‫فيها ؛ فنحن [نقول]‪ : 6‬تجوز النيابة ألنه األصل ‪ ،‬وهم‬
‫يقفون على ورود دليل هناك بخصوصه ألن األصل أن‬
‫ال نيابة‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪ :‬منها ‪ :‬المستطيع للحج إذا زمن وصار‬
‫معضوبا [يلزمه أن يستنيب]‪ 7‬من يحج عنه ويقع عن‬
‫ً‬
‫المستنيب خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬من عجز عن الحج بعدما وجب عليه ؛ إذ بدل‬
‫االبن الطاعة ليحج عنه‪.‬‬
‫معضوبا يلزمه أن يستنيب من يحج عنه‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬من بلغ‬
‫خالفًا لهم‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إن‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" سقط‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" خصوص األمر‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" باق‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 7‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 114 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫ومنها ‪ :‬المستطيع إذا مات أخرج [من]‪ 1‬تركته مال يحج‬
‫به عنه‪ .‬وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ال يفعل ذلك إال‬
‫إذا أوصي به‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬األمر ال يقتضي الفور وخالفت الحنفية‪.‬‬
‫ومن ثم مسائل منها ‪ :‬ال يجب الحج على الفور‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو قال ‪ :‬بع ونحوه لم يشترط‪ 2‬القبول‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫األمر بعد الحظر‪.3‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫األمر ال يقتضي التكرار‪.‬‬
‫ومن فروعها ‪ :‬إجابة المؤذن هل تختص بالمؤذن األول‬
‫؟‬
‫وفيه خالف للعلماء ‪ ،‬وذكر الرافعي في كتابه "أخطار‬
‫الحجاز" أنه ال يجيبه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو وكله بيع شيء فرد عليه بالعيب فهل له البيع‬
‫ثانيا ؟ فيه وجهان ؛ حكاهما الرافعي قبيل باب حكم‬
‫ً‬
‫المبيع قبل القبض أصحهما أنه ليس له وبه جزم في‬
‫الوكالة ‪[ ،‬ويحسن]‪ 4‬بناء الوجهين إذا كانت الصيغة بع‬
‫على مسألة األمر هل يقتضي التكرار‪ .‬مسألة األمر‬
‫بالشيء نهي عن ضده ؛ مسألة النهي إذا رجع إلى الزم‬
‫اقتضى الفساد عند علمائنا قاطبة وهي من أمهات مسائل‬
‫الخالف وقد اعتاضت على قوم من المحققين منهم‬
‫الغزوالي فذهبوا إلى [آراء]‪ 5‬مفصلة تداني مذهب أبي‬
‫حنيفة والذي استقر عليه‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" تعجيل القبول‪.‬‬
‫إذا علمت أن األمر بعد الحظر للوجوب فمن فروعها ما‬
‫إذا عزم على نكاح امرأة ؛ فإنه ينظر إليها لقوله عليه‬
‫الصالة والسالم فانظر إليها ‪-‬لكن هل يستحب أو يباح‪.‬‬
‫على وجهين أصحهما األول وهما مبنيان على ذلك ‪ ،‬كما‬
‫أشار إليه اإلمام في النهاية وخرج به غيره ؛ فإن قيل فلم‬
‫وأيضا‬
‫ً‬ ‫ال حملناه على الوجوب قلت القرينة صرفته ‪،‬‬
‫فلقاعدة أخرى وهي الداعية الحاملة على الفعل‪ .‬وفيها‬
‫اإلمام بالكتابة في قوله تعالى ‪{ :‬فَ َكاتُِب ُ‬
‫وهم} [النور ‪ ]33‬؛‬
‫فإنه وأراد بعد التحريم كما قاله القاضي الحسين في باب‬
‫الكتابة ووجه ما قاله ‪ :‬إن الكتابة بيع مال الشخص بماله‬
‫كما قاله األصحاب وهو ممتنع بال شك‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" سقط‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 115 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الكتاب‬
‫[الرأي]‪ 1‬أن النهي عن الشيء يقتضي [عدم]‪ 2‬صحته‬
‫وعدم االعتداد به في نظر الشارع فإن كان في العبادات‬
‫اقتضى صحته وعدم إجزائه وإ ن كان في المعامالت‬
‫اقتضى صحته وعدم استقراره وسلط الفسخ عليه هذا ما‬
‫مذهبا ‪ ،‬وإ ن كنا قصدنا في شرح المختصر وغيره‬
‫رأيناه ً‬
‫من مصنفاتنا األصولية خالفه ؛ وإ نما نبهنا عليه هنا ألنا‬
‫حائدا‬
‫لم نذكره فيها [بل]‪ 3‬نحن هنا ال نفرع عليه لكونه ً‬
‫عن مذهب اإلمام المطلبي ؛ بل تجري‪ 4‬قاعدة المذهب‬
‫فنقول ومن ثم مسائل منها ‪ :‬ال يصح بيع السالح‬
‫للحربي‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" رأيي‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ثم‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" بل تجري على‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 116 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫كتاب العموم والخصوص ‪:‬‬
‫القول في الصيغ للشيخ اإلمام‪ 1‬كتاب أحكام "كل" كاد‬
‫يستوعب فيها الكالم على صيغ العموم بها [ال نزيد]‪2‬‬
‫على نفاسة وحظ هذا الكتاب مسائل نوردها واحدة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اسما موصواًل بمعنى الذي وهي‬
‫األلف والالم تكون ً‬
‫الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين وهذه عامة‬
‫عموم الموصوالت بأسرها وليست هي المعقودة لها‬
‫المسألة‪.‬‬
‫وتكون هي حرف تعريف ‪-‬وإ ياه نعني‪ -‬وللنحاة‪3‬‬
‫اختالف في أن التعريف بالالم أو مجموع األلف والالم‬
‫واختالف في أن "أل" حرف ثنائي همزته وصل ؛ وذلك‬
‫مذهب سيبويه أو همزته قطع وهو رأي ابن مالك ‪ ،‬ومن‬
‫أجل هذا الخالف يقال ‪ :‬األلف والالم ويقال ‪ :‬أل وهو‬
‫ثنائيا همزته أصلية ؛ [فإنه]‪ 4‬يقول ‪ :‬أل‬
‫قول من جعله ً‬
‫وال يقول ‪ :‬األلف والالم ‪ ،‬كما ال نقول في قد ‪ :‬الدال‬
‫والقاف ‪ :‬ويقال الالم وهو قول من جعل التعريف بها‪.‬‬
‫والشأن في هذا سهل‪.‬‬
‫والحاصل أن أل تكون عهدية وتكون جنسية‪.‬‬
‫القسم األول ‪ :‬العهدية‬
‫وهي أنواع ‪ :‬األول ‪ :‬العهدي الذكري‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬نفي "ب" الوالد رحمه اهلل‪.‬‬
‫‪ 2‬في طب" مزيد‪.‬‬
‫‪ 3‬في "أب" في النحاة‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فإن‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 117 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وهي التي يعهد مصحوبها بتقدم ذكر نحو { َك َما َْأر َسْلَنا‬
‫ول} ومن ثم‬ ‫صى ِف ْر َع ْو ُن َّ‬
‫الر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ِإلَى ف ْر َع ْو َن َر ُسواًل ‪ ،‬فَ َع َ‬
‫إذا قالت ‪ :‬طلقني على ألف درهم فقال ‪ :‬أنت طالق على‬
‫األلف وقع بالدراهم‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬الذهني ؛ نحو {ِإ ْذ ُه َما ِفي اْل َغ ِار} ‪ِ{ ،‬إ ْذ‬
‫ت َّ‬
‫الش َج َر ِة}‪.‬‬ ‫ُيَبايِ ُع َ‬
‫ون َك تَ ْح َ‬
‫سهما لغزال ‪:‬‬
‫والثالث ‪ :‬الحضوري كقولك لمن سدد ً‬
‫الغزال حاضر‪.1‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬الجنسية‬
‫وهي نوعان ‪ :‬أحدهما ‪ :‬ما جاء لتعريف الحقيقة ‪:‬‬
‫وهي التي تقصد [الحقيقة]‪ 2‬من حيث هي [هي]‪ 3‬نحو ‪:‬‬
‫الرجل خير من المرأة وقولك ‪ :‬واهلل ال آكل الخبز ‪ ،‬ومن‬
‫ثم يحنث بالقليل وكذلك لو حلف ال يكلم الناس ذكر ابن‬
‫الصباغ وغيره فيما نقله الرافعي في كتاب اإليمان أنه‬
‫أناسا فإنه‬
‫واحدا قال بخالف ما إذا قال ‪ً :‬‬
‫ً‬ ‫يحنث إذا كلم‬
‫يحمل على نيته‪.4‬‬
‫قلت ‪ :‬وما ذكره في الناس المعرف يخالف ما نقله‬
‫الرافعي في فروع الطالق فيما إذا قال ‪ :‬إن تزوجت‬
‫النساء فأنت طالق أنه ال يحنث إال إذا تزوج ثالث نسوة‬
‫وكذا [إذا]‪ 5‬قال ‪ :‬ال أشتري العبيد ال يحنث إال بشراء‬
‫ثالثة أبعد‪.‬‬
‫والذي يظهر لي أن الجنسية إن دخلت على جميع فأفراده‬
‫ثالث مثل ال أشتري العبيد ؛ فال يحنث إال بثالث كما‬
‫ذكر ‪ ،‬ألنه الجنس‪.‬‬
‫[فإن]‪ 6‬دخلت على مفرد مثل ‪ :‬الرجل خير من المرأة‬
‫فأفراده كل حقيقة من حيث هي ؛ بل أفراد له عند‬
‫التحقيق ؛ إنما هي الحقيقة فحسب تشخص في جزئياتها ‪،‬‬
‫وإ ن دخلت على اسم الجمع كالناس والنساء فهل أفراده‬
‫آحاد أو جموع ؟ فيه نظر واحتمال ‪ ،‬ثم النحوي ال يسمى‬
‫جنسا مستقاًل ‪ .‬والثاني ‪:‬‬
‫هذا النوع جنسية ؛ بل يجعله ً‬
‫االستغراقية‪ .‬وهي التي يقصر عليها النحاة اسم الجنسية‬
‫وهي ضربان ‪ :‬أحدهما حقيقي ‪ ،‬وهي التي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في أ من الغزال ‪ :‬الغزال حاضر‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" الماهية‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ثالثة‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" لو‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" وإ ن‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 118 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫اَّل َِّ‬ ‫تشمل األفراد نحو ‪ِ{ :‬إ َّن اِإل ْنس ِ‬
‫ان لَفي ُخ ْس ٍر ‪ِ ،‬إ الذ َ‬
‫ين‬ ‫َ َ‬
‫َآ َم ُنوا}‪.1‬‬
‫والثاني ‪ :‬مجازي وهي التي تشمل خصائص الجنس‬
‫علما ‪ ،‬أي الكامل في هذه‬
‫مبالغة ‪ ،‬نحو ‪ :‬أنت الرجل ً‬
‫الصفة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ام ِرٍئ بِ َما‬ ‫ُّ‬
‫ظا إلى نكرة نحو { ُكل ْ‬
‫كل للعموم وقد يضاف لف ً‬
‫ين} ومعناها كل فرد ال المجموع وقد يثبت‬ ‫ب َر ِه ٌ‬
‫َك َس َ‬
‫المجموع معه مثل كل مسكر حرام لكن [ليس]‪ 2‬لك من‬
‫وصفها بل من خارج وقد ال يثبت مثل كل رجل يشبعه‬
‫رغيف ومن ثم منع الشيخ اإلمام رحمه اهلل "كل رجل‬
‫يحمل الصخرة العظيمة" القتضائه أن كل فرد يشيلها‬
‫وأوجب اعتبار فيما لها من ضميره وغيره إلى أن يكون‬
‫على حسب المضاف إليه إن مفرد فمفرد وإ ن مثنى‬
‫فمثنى ؛ وهكذا فال يجوز عنده كل رجل قائمون وادعى‬
‫إطباق النحاة عليه وأنكر على شيخنا أبي حيان تجويزه‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فردا‬
‫وقد يضاف إلى معرفة نحو ‪ :‬وكلهم آتيه يوم القيامة ً‬
‫‪ .3‬وحينئذ فهل معناها كل فرد‪ -‬كالمضافة إلى نكرة أو‬
‫المجموع ؟ فيه تردد ‪ ،‬والراجح عند الشيخ اإلمام رضي‬
‫أيضا ؛‬
‫اهلل عنه ‪ ،‬أنها على بابها من الداللة على كل فرد ً‬
‫مفردا لزم من استغراق أجزائه المجموع‬
‫غير أنه إن كان ً‬
‫‪ ،‬ولذلك يصدق كل رمان مأكول ‪ ،‬وال يصدق [كل]‪4‬‬
‫الرمان مأكول ‪ ،‬لدخول قشره‪.‬‬
‫جمعا احتمل أن يراد المجموع كما في قول‬
‫وإ ن كان ً‬
‫القائل ‪ :‬كلكم بينكم درهم ‪ ،‬وقول بعض المتكلمين ‪ :‬كل‬
‫أعضاء البدن حيوان‪ .‬وأن يراد كل فرد لقوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪" :‬كلكم راع"‪ 5‬؛ ولذلك فصله بعد ذلك فقال‬
‫"السلطان راع ‪ ،‬والرجل راع ‪ ،‬والمرأة راعية"‬
‫واالحتمال [الثاني]‪ 6‬أكثر‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬العصر "‪."3 -2‬‬
‫‪ 2‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬مريم ‪.95‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬البخاري ‪ 111 /13‬في األحكام‪ /‬باب قول اهلل تعالى‬
‫يعوا اللَّهَ} "‪ "7138‬ومسلم ‪ 1459 /3‬في اإلمارة‬ ‫ِ‬
‫‪َ{ :‬أط ُ‬
‫باب فضيلة اإلمام ‪.1829 /20‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 119 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وهنا بحث وهو أن "كال" إذا دخلت على ما فيه اإللف‬
‫والالم وأريد الحكم على كل فرد فهل الالم ‪ ،‬للعموم و‬
‫"كل" تأكيد لها أو لبيان الجنس وكل تأسيس ؟ فيه نظر‬
‫وجوز الوالد رحمه اهلل تعالى أن تفيد الالم العموم في‬
‫مراتب ما دخلت عليه‪ .‬وكل للعموم في أجزاء كل من‬
‫المراتب ‪ ،‬فإذا قلت ‪ :‬كل الرجال ‪ ،‬أفادت الالم استغراق‬
‫كل مرتبة من مراتب جمع الرجال ‪ ،‬وأفادت كل‬
‫استغراق اآلحاد‪ .‬قال ‪ :‬ومن هنا يظهر أنها ال تدخل‬
‫المفرد المعرف إذا أريد بكل منهما العموم واهلل تعالى‬
‫أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫متى للعموم في األوقات‬
‫فإذا قال ‪ :‬متى دخلت الدار فأنت طالق طلقت بأي دخول‬
‫وقع‪.‬‬
‫فإذا قلت ‪ :‬لو قالت ‪ :‬متى طلقتني فلك ألف فالشروط‬
‫وقوع التطليق في المجلس‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ذكروا أن الفور هنا مأخوذ من قرينة العوضية‪.‬‬
‫وكذلك إذا صرح بخالف القرينة عملت الصيغة عملها ؛‬
‫فلو قالت ‪ :‬طلقني في هذا الشهر متى شئت وال تؤخر‬
‫تطليقي عنه على ألف لم يشترط الفور ‪ ،‬بل كل جزء من‬
‫أجزاء الشهر كاف ‪ ،‬عماًل بعموم متى‪ .‬قال األصحاب ‪:‬‬
‫والفرق بينها وبين الصورة قبلها أن الصورة قبلها لم‬
‫تعارض قرينة العوضية شيء ‪ ،‬وهنا عارضها صريح‬
‫التخيير فتقاعدت القرينة عن مقاومة الصريح‪ .‬ومن‬
‫األصحاب من خرج خالفًا في كل صورة من األخرى‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫واستفهاما وموصواًل فتفيد عموم كل‬
‫ً‬ ‫طا‬
‫"أي" تكون شر ً‬
‫فرد ‪ ،‬لكن على سبيل اإلحاطة‪ .‬ومن هنا خالفت "كلما"‪.‬‬
‫ولم يكن فيها تكرار ؛ فإذا قال ‪ :‬أي وقت دخلت الدار‬
‫فأنت طالق فدخلت مرة بعد أخرى لم يتكرر الطالق‪.‬‬
‫وفي كلما "يتكرر"‪.‬‬
‫وللشيخ اإلمام رحمه اهلل في كتاب أحكام "كل" كالم نفيس‬
‫على أكثر صيغ العموم فعليك به‪.‬‬
‫وحظنا من "أي" هنا أن نقول قد قرر ذلك الحبر رضي‬
‫اهلل عنه أن عموم "أي" معناه إناطة الحكم باألفراد‬
‫[لخصوصها]‪ 1‬من حيث دخولها في المسمى ال من حيث‬
‫هي ‪ ،‬وهو العموم البدلي ‪ ،‬ثم هو ال ينافي الشمول ‪ ،‬وقد‬
‫يصحبه الشمول باعتبار عود الضمير على‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بخصوصها‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 120 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫"أي" نحو ‪ :‬أيما إهاب دبغ فقد طهر‪ 1‬؛ ألن طهارة هذا‬
‫اإلهاب غير طهارة اإلهاب اآلخر‪.‬‬
‫والحاصل أن ثبوت الحكم لألفراد قد يكون في حالتي‬
‫اجتماع كل فرد مع اآلخر وحالة انفراده ؛ وذلك لعموم‬
‫الشمول ‪ ،‬وهو عموم كلي‪.‬‬
‫وقد يكون حالة االنفراد من غير تعرض لحالة الجمع ؛‬
‫وذلك عموم "أي" وما في معناها ‪ ،‬وهو العموم البدلي‪.‬‬
‫وقد يثبت للماهية من غير تعرض لألفراد ‪ ،‬وهو المطلق‬
‫بدليا‪ .‬ومما يدل على الفرق‬
‫عموما ً‬
‫ً‬ ‫أيضا‬
‫‪ ،‬وقد يسمى ً‬
‫بين "كل" و"أي" أنك تقول ‪ :‬كل الثالثة ضربك‬
‫وضربوك‪ .‬وال تقول "أي" الثالثة ضربوك ‪ ،‬بل ضربك‬
‫؛ فدل على أن معناها ‪ :‬أحد األشياء ال جميعها ومن ثم‬
‫إذا قال ‪ :‬أي عبيدي حج فهو حر فحجوا كلهم يعتقون‬
‫واحدا"‪.‬‬
‫خالفًا للغزالي حيث قال ال يعتق إال ً‬
‫ومن مسائل "أي" المشهورة مسألة محمد بن الحسن‬
‫رضي اهلل عنه قال إذا قال أي عبيد ضربك فهو حر‬
‫جميعا وإ ن قال أي عبيدي ضربته فهو‬
‫ً‬ ‫[فضربوه عتقوا‬
‫واحدا وفي تعليق القاضي‬
‫ً‬ ‫حر]‪ 2‬فضربهم ال يعتق إال‬
‫الحسين ما يقتضيه ونازع فيه الوالد رحمه اهلل ‪ ،‬وأطال‬
‫في المسألة في كتابه [المشهور]‪ 3‬فلينظر فيه‪ .‬وقد أجاب‬
‫فخر اإلسالم الشاشي بالتعميم في المسألة حتى يعتق‬
‫جميع الضاربين في المثال األول‪ .‬وجميع المضروبين‬
‫في الثاني‪.‬‬
‫وقد يستدل بقول األصحاب ‪ :‬لو قال لنسائه ‪ :‬أيتكن‬
‫حاضت فصواحباتها طوالق وقع بحيض كل واحدة منهن‬
‫على البواقي طلقة ‪-‬كذا ذكره الشيخ في التنبيه وغيره‬
‫والرافعي لم يذكر المسألة إال بصيغة "كلما"‪.‬‬
‫وحاصل ما فرق به محمد بن الحسين رضي اهلل عنه أن‬
‫فاعل الفعل في الكالم األول وهو الضمير في ضربك‬
‫عام ألنه ضمير أي ‪ ،‬وحينئذ فيكون الفعل الصادر عنه‬
‫عاما‪.‬‬
‫ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬مسلم ‪ 277 /1‬في الحيض‪ /‬باب طهارة جلود الميتة‬
‫بالدباغ "‪."366 -105‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" المذكور‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 121 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ألنه يستحيل تعدد الفاعل مع انفراد الفعل ؛ ألن الفعل‬
‫يختلف باختالف فاعليه ‪ ،‬فإن فعل زيد غير فعل عمرو‬
‫فمن ثم قال ‪ :‬يعتق الجميع‪ .‬وأما الصيغة الثانية ‪ :‬وهي‬
‫"أي عبيدي ضربته فالفاعل فيه وهو تاء المخاطب خاص‬
‫والعام فيه إنما هو ضمير المفعول أعني الهاء" واتحاد‬
‫الفعل مع تعدد المفعول غير محال ؛ فإن الفاعل الواحد‬
‫واحدا لمفعولين أو أكثر‪.‬‬
‫ً‬ ‫قد يوقع في وقت واحد فعاًل‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫أقل الجمع ثالثة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬اثنان وفيه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬قيل يكتفي بالصالة على الميت باثنين حكاه‬
‫الرافعي عن صاحب التهذيبو قيل إنه بناء على أن أقل‬
‫الجمع اثنان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو أوصى ألقاربه ولم يوجد إال قريب واحد ‪،‬‬
‫وستأتي المسألة وحظنا منها هنا أن الرافعي حكى فيها‬
‫وجهًا عن األستاذ أبي منصور أن له التصرف ولم يعلله‪.‬‬
‫قال ابن الرفعة‪ : 1‬ولم أفهم له معنى ‪ ،‬وإ ن تخيل أنه بناه‬
‫على أن أقل الجمع اثنان لزمه جواز االقتصار على اثنين‬
‫في الوصية للفقراء ‪ ،‬ولم نر من قال به‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اقر بدراهم لزمه ثالثة دراهم ‪ ،‬وفي وجه‬
‫اثنان لعل توجيهه البناء على أقل الجمع ؛ غير أن الشيخ‬
‫اإلمام الوالد رحمه اهلل نازع في ذلك في كتاب الحلبيات‪.‬‬
‫ومنها [إذا]‪ 2‬أوصى لجماعة من أقرب أقارب زيد جزم‬
‫األصحاب بأنه ال بد من الصرف إلى ثالثة ؛ حتى لو‬
‫كانوا دون ثالثة ؛ حتى لو كانوا دون ثالثة تممنا الثالثة‬
‫ممن يليهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو حلف ال يكلم بني آدم قال الرافعي في فروع‬
‫الطالق المنقولة عن إسماعيل البوشنجي القياس أنه ال‬
‫يحنث بكالم الواحد واالثنين إال أعطيناهما حكم الجمع‪.‬‬
‫تجوزا خالف‪.‬‬
‫قد ثبت في إطالق اسم الجمع على الواحد ً‬
‫إجماعا ومن ثم لو قال من ليس له إال عبد‬
‫ً‬ ‫أما حقيقة فال‬
‫واحد ‪ :‬عبيدي أحرار "ال يعتق" ذكره القاضي الحسين‬
‫في فتاويه في أثناء مسألة‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬الصحيح فيمن أوصى ألقاربه ولم يوجد له إال‬
‫قريب واحد أنه يتناول‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" في المطلب‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 122 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫جميع الموصفي به وقيل ‪ :‬نصفه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ثلثه ‪ ،‬وال‬
‫قائل ‪ :‬بأنه يحرم مع أن األقارب جمع‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬المرعي في الوصية الجهة ؛ فصار كما لو وقف‬
‫على أوالده يستحق الواحد منهم والجمع ‪ ،‬ثم مدلول‬
‫منحصرا في واحد الحتمال أن يكونوا‬
‫ً‬ ‫األقارب ليس‬
‫جمعا ‪-‬ولذلك قالوا [ولم]‪ 1‬يوجد إال واحد‬
‫وقت اإليصاء ً‬
‫والحتمال حدوثهم بعد اإليصاء ؛ فليس [مما]‪ 2‬نحن فيه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫في دخول المخاطب بكسر الطاء ‪-‬تحت عموم خطابه‬
‫خالف عليه مسائل ‪ :‬منها ‪ :‬لو قال ‪ :‬نساء العالمين‬
‫طوالق ؛ ففي وقوع الطالق على امرأته خالف أشار‬
‫الرافعي إلى أن بعضهم بناء على هذا ‪ ،‬وقد تكلمنا على‬
‫المسألة في "شرح المختصر"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو وقف على الفقراء وهو فقير‪ .‬قال الوالد‬
‫رحمه اهلل ‪ :‬ينبغي أن يكون فيه وجهان ‪-‬أصحهما‬
‫الجواز‪ -‬قال ‪ :‬والمسألة التفات على هذا األصل" ونقل‬
‫من كالم الخوارزمي‪ 3‬صاحب الكافي ما يدل للجواز‪.‬‬
‫ولو لم يكن هناك فقير غيره ؛ فأشار إلى ترجيح الجواز‬
‫أيضا ؛ لكونه قصد الجهة بخالف مسألة ابن يونس في‬
‫ً‬
‫حيلة اإلنسان في الوقف على نفسه ‪ ،‬حيث صورها فيما‬
‫إذا وقف على أوالد أبيه الذين صفتهم كذا وذكر صفات‬
‫نفسه قال الوالد رحمه اهلل ‪:‬‬
‫ألن قصد الجهة العامة فيها بعيد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإ ن روعي اللفظ وقطع النظر عن القصد فله‬
‫التفات على دخول المخاطب في الخطاب‪.‬‬
‫ومنها إذا قال ‪ :‬أوصيت لعبدي بثلث مالي فاألصح وبه‬
‫قال ابن الحداد أن رقبته تدخل ‪ ،‬والثاني ‪ :‬ال ‪ ،‬إلشعاره‬
‫بغيره‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ولو لم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ما‪.‬‬
‫‪ 3‬محمود بن محمد بن العباس بن رسالن ظهير الدين‬
‫أبو محمد الخوارزمي العباسي تفقه على البغوي ‪ ،‬قال‬
‫ابن السمعاني ‪ :‬كان فقيهًا فاضاًل عارفًا بالمتفق‬
‫جامعا بين الفقه‬
‫ً‬ ‫والمختلف حسن الظاهر والباطن‬
‫والتصوف ولد بخوارزم في رمضان سنة اثنتين وتسعين‬
‫وأربعمائة وتوفي في رمضان سنة ثمان وستين‬
‫وخمسمائة ابن قاضي شهبة ‪ 419 /2‬هداية العارفين‬
‫‪.403 /20‬‬
‫صفحة ‪399 | 123 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫قال القاضي أبو الطيب في شرح الفروع ‪[ :‬وبهذا نقول]‬
‫‪ : 1‬إن األمر ال يدخل في األمر ؛ ألن الظاهر أن‬
‫المأمور غير اآلمر‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والرافعي حكى الوجهين وصحح قول ابن الحداد‬
‫‪ ،‬لكن لم يذكر هذا المأخذ وهو تردد في دخول المخاطب‬
‫‪-‬بفتح الطاء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬نقل الرافعي في فروع الطالق عن إسماعيل‬
‫حراما‬
‫ً‬ ‫البوشنجي أنه لو قال لزوجته ‪ :‬إن فعلت مع أحد‬
‫فأنت طالق فطلقها طلقة رجعية وجامعها في عدتها‬
‫فيحتمل أن يبنى وقوع الطالق على أن المخاطب هي‬
‫يندرج تحت الخطاب ويحتمل أن يقال ‪ :‬ال يقع ألن‬
‫الغرض منعها عن الغير لما يلحقه بذلك من الغضاضة‬
‫والمعرة‪ .‬كذا ‪ :‬في الرافعي ؛ لكنه فيه بالعجمية وأنا‬
‫عربته‪ .‬فإن عبارته لو قال لزوجته أكذبوا وليس حرام‬
‫كنى وهذا معناه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫خطاب الشارع بالمسلمين والمؤمنين يتناول العبيد [عند]‬
‫‪ 2‬األكثر ‪ ،‬وقال به الرازي من الحنفية كان لحق اهلل‬
‫دخل وإ ن كان لحق العباد فال وفي المسألة ثالثة أوجه‬
‫ألصحابنا حكاها الماوردي في كتاب القضاء من‬
‫الحاوي‪ .‬أحدها ‪ :‬الدخول إال أن يخرجها الدليل‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬عدمه إال أن يدخله الدليل‪.‬‬
‫عقدا أو‬
‫بعيدا أدخل وإ ن تضمن مل ًكا أو ً‬
‫والثالث ‪ :‬إن كان ً‬
‫والية فال‪ .‬وهذا الثالث هو مذهب الرازي فيما أحسب ‪،‬‬
‫وهو ما أشار إليه الشافعي رضي اهلل عنه بقوله ‪ :‬إن‬
‫العبد يدخل في الضرورات دون غيرها‪ .‬كما أشرت إليه‬
‫في شرح المختصر‪.‬‬
‫ويتخرج على األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬أمان العبد صحيح [عندنا]‪ 3‬خالفًا ألبي حنيفة‬
‫رضي اهلل عنه ‪-‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬المسلمون‬
‫تتكافأ ويسعى بذمتهم أدناهم"‪.4‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ولهذا نقول‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬أخرجه أحمد من رواية عمرو بن شعيب عن ابن‬
‫حبرة ‪ 192 /2‬وكذا أبو داود ‪ 80 /3‬في الجهاد باب في‬
‫السرية "‪ ، "2751‬ابن ماجه ‪ 895 /2‬في الديات باب‬
‫المسلمون تتكافأ دماؤهم "‪ "2685‬ومن رواية ابن عباس‬
‫ابن ماجه في المصدر السابق حديث ‪ 2683‬ومن طريق‬
‫معقل بن يسار ابن ماجه في المصدر السابق حديث "‬
‫‪ "2684‬ومن طريق علي بن أبي طالب أحمد في المسند‬
‫‪ 119 /1‬وأبو داود ‪ 180 /4‬الديات باب إيقاد المسلم‬
‫بالكافر "‪ "4530‬والنسائي ‪ 19 /8‬في القسامة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 124 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪ :‬إذا انتفت الموانع بأن يأذن السيد له فيما لم‬
‫يوجب عليه من أجله فهل يجب ؟ فيه تردد في مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬لو أذن له السيد في حضور الجمعة ‪ ،‬والصحيح‬
‫ال يجب عليه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬في وجوب إحرامه بحج أو عمرة إذا أذن له‬
‫السيد في دخول الحرم خالف ؛ أصله قول ابن عباس‬
‫محرما‪.‬‬
‫ً‬ ‫رضي اهلل عنه ‪ :‬ال يدخل أحد مكة‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الصحيح دخول الصورة النادرة تحت العموم وكحذا‬
‫الصورة غير المقصودة‪.‬‬
‫وفرق بين النادرة وغير المقصودة ؛ فالنادرة هي التي‬
‫تندر بالنسبة إلى القضية التي اشتمل عليها لفظ العموم ‪،‬‬
‫وغير المقصودة هيا لتي تدخل في مدلول اللفظ ؛ إال أنا‬
‫نعلم أن األلفاظ لم يقصدها‪ .‬وقد تكون نادرة وقد ال تكون‬
‫‪ ،‬كما أن النادرة قد تكون مقصودة وقد ال تكون‪.‬‬
‫مثال النادرة ‪ :‬المسابقة على الفيل وغيرها‪.‬‬
‫ومثال غير المقصودة ‪ :‬ما وقع في "المحاكمات" واقف‬
‫وقف على زوجاته ما دمن باقيات في عصية نكاحه ؛‬
‫[فمن]‪ 1‬تزوجت منهن سقط نصيبها وعاد على ضراتها‬
‫بائنا ثم عادت إليه بعقد جديد‬
‫فطلق واحدة منهن طالقًا ً‬
‫فقال ضارتها ‪ :‬إنه ال عود لك إلى النصيب الذي خرج‬
‫عنك عند انقطاع العصمة ؛ فقد صدق انقطاع العصمة‬
‫والتزوج ‪ ،‬وقالت هي ‪ :‬لم يكن قصد الواقف إال أن‬
‫أتزوج بغيره والقرائن تشهد لها وتفضي إلى القطع بما‬
‫تدعيه ؛ ولكن قد ينازع منازع في التصوير بهذه‬
‫الصورة لقوله ‪ :‬ما دمن في عصمة نكاحه تعلقًا بأن‬
‫الدوام انقطع ببينونتها [أال]‪ 2‬ترى إلى ما نقله الرافعي‬
‫من فروع الطالق عن إسماعيل البوشنجي فيمن حلف إن‬
‫دخلت دار فالن ما دام فيها فأنت طالق فتحول ثم عاد ال‬
‫يقع ألن اإلدامة انقطعت‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" فيمن‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" إلى‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 125 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫أيضا فيمن حلف ال‬
‫ثم ذكره في أواخر كتاب اإليمان ً‬
‫يصطاد ما دام األمير في البلد ال سيما وقد قال الواقف‬
‫باقيات فليتصور بخلو اللفظ عن قوله ‪ :‬ما دمن باقيات‬
‫أيضا واقف وقف‬
‫وقد وقع وكذلك وقع في "المحاكمات" ً‬
‫على الفقراء والمساكين وقال قدموا اعتقائي على غيرهم‬
‫فافتقر أقرابه وطلبوا أن يقدموا على العتقاء ألن اإلحسان‬
‫إليهم أولى‪ .‬والقرائن [تقتضي]‪ 1‬بأن الواقف لو‬
‫استحضر افتقارهم لرجحهم على عتقائه ‪ ،‬وقال العتقاء ‪:‬‬
‫إيانا ‪ ،‬والمعروف في‬
‫اللفظ ال يدل إال على تقديمنا ولستم ً‬
‫مذهبنا عدم اعتبار المقاصد واالقتصار على مدلول‬
‫األلفاظ‪ .‬وللغزالي كالم أخذ منه ابن الرفعة ميله إلى أن‬
‫المقصود يعتبر‪ .‬وأقول المقصود بالنسبة إلى اللفظ ثالثة‬
‫أقسام ‪:‬‬
‫قسم ينافي اللفظ ويعارضه ‪ :‬فال وجه العتباره‪.‬‬
‫وقسم يعاضد اللفظ ويساعده ‪ :‬فال يقول [أحد]‪ 2‬بإهداره‬
‫؛ ولكنه معتبر غير أن اللفظ هو الموجب العتباره دون‬
‫القصد‪.‬‬
‫وقد يقول من يعتبر المقاصد [أنهما]‪" 3‬هنا" علتان على‬
‫معلول واحد‪.‬‬
‫قسم ال ينبو عنه اللفظ وال يدل له ؛ فهذا يشبه الزيادة‬
‫على اللفظ ‪ ،‬فإن توفرت عليه القرائن وأفضت إلى القطع‬
‫أو ظن غالب فال بأس باعتباره ‪ ،‬إذا [عرفت]‪ 4‬هذا فلنعد‬
‫إلى الكالم في النادرة فنقول ‪ :‬فما دار في عبارات‬
‫األصحاب النادر ال حكم له‪.‬‬
‫ومن ثم مسائل ‪:‬‬
‫قيل ‪ :‬خروج المني من النساء ليس ببلوغ ألنه نادر فال‬
‫حكم له ولكن الصحيح خالفه ‪ ،‬ومنها ‪ :‬العدد النادر الذي‬
‫ال يدوم يوجب القضاء وإ ن كان مع الخلل الحاصل يدل‬
‫على الصحيح‪.‬‬
‫وقد يستشهد لقولهم ‪ :‬النادر ال حكم له ؛ مما نقله الكيا‬
‫الهراسي في أحكام القرآن عن الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫في نكاح األمة لمن تحته حرة ‪-‬أنه رضي اهلل عنه كان‬
‫يقول ‪ :‬الظاهر من وجود النكاح الطول واألمن من‬
‫العنت ‪ ،‬وال مباالة بنكاح نادر ال يفضي إلى ذلك ؛ بل‬
‫حسما‪.‬‬
‫نحسم الباب ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" تقضي‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" أحدنا‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" أنها‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" عرف‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 126 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫جميعا وذكره الرافعي في أوائل الطالق‬
‫ً‬ ‫ويقول أصحابنا‬
‫‪-‬أن الفسوخ ال تنقسم إلى سنة وبدعة ؛ ألنها أسباب‬
‫نادرة‪ -‬بخالف العقود‪ .‬وربما قيل "النادر يحفظ وال‬
‫يقاس عليه‪ .‬وهذا قولهم ‪ :‬الشاذ الخارج عن المنهاج‬
‫يحمل على شذوذه وال يقضي به على غيره‪.‬‬
‫وليس كالمنا في هذا إذا ذاك هو مسألة "أن الخارج عن‬
‫القياس هل يقاس عليه ؟ وسيأتي إن شاء اهلل تعالى الكالم‬
‫عليه في مسائل القياس ؛ إنما الكالم في الصورة النادرة‬
‫هل تدخل تحت العموم ؟ المشهور أنها تدخل وهو‬
‫المختار‪.‬‬
‫وفي كالم اإلمام والغزالي والرافعي رحمهم اهلل ما‬
‫يقتضي عدم دخولها‪ .‬أشار إليه الغزالي في كتب‬
‫الخالفيات وتوصل به إلى إخراج الكلب من عموم أيما‬
‫إهاب دبغ فقد طهر فقال ‪ :‬الكلب ال يعتاد في العرف‬
‫دباغ جلده ؛ فتنفك األذهان عن ذكره إذا جرى ذكر‬
‫الدباغ واللفظ ينزل على االعتياد فيما يدبغ ذكره في‬
‫مآخذ الخالف وفي شفاء العليل وذكر [في]‪ 1‬المآخذ أن‬
‫هذا الفرق ينتهي إلى القطع‪.‬‬
‫ومثل كالم الغزالي قول الرافعي في الحج في صوم‬
‫المتمتع ثالثة أيام بعد التشريق ال يكون أداء ألن تأخره‬
‫مرادا من قوله‬
‫عن أيام التشريق مما يبعد ويندر ؛ فال يقع ً‬
‫تعالى {ثَالثَ ِة ََّأي ٍام ِفي اْل َح ِّج}‪ 2‬بل هو محمول على الغالب‬
‫المعتاد‪ .‬قال الرافعي ‪ :‬هكذا حكاه اإلمام وغيره‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وعبارة اإلمام في النهاية المفهوم من القرآن تفييد‬
‫صوم الثالثة بأيام الحج ‪ ،‬وهو مضبوطة ‪ ،‬وأيام التشريق‬
‫ملحقة بأيام الحج على بعد ؛ فأما النظر إلى البقاء في‬
‫اإلحرام المتداد زمان طواف الزيارة فليس مراد الكتاب‪.‬‬
‫فإن تأخر الطواف عن أيام التشريق يبعد وقوعه‪.‬‬
‫طا‬
‫رأيا واستنبا ً‬
‫فليفهم النظر حقيقة ذلك ؛ فإني لم [أقله]‪ً 3‬‬
‫وإ نما نقلته من فحوى كالمه األئمة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ونظير كالم الرافعي هنا قوله ‪-‬فيما إذا مات المكفول‬
‫ببدنه ‪ :‬أنه يبرأ الكفيل حماًل لإلحضار الملتزم على‬
‫غالبا‪ .‬قلت ‪ :‬لكن هذا في‬
‫الحياة ؛ فإنه الذي يخطر بالبال ً‬
‫تقييد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬البقرة "‪."196‬‬
‫‪ 3‬في "أ" لم أقلد والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 127 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫المطلق ‪ ،‬وكالمنا في تخصيص العام ؛ فال يلزم من‬
‫األول والثاني‪ .‬وقد شكك الشيخ صدر الدين بن المرحل‬
‫رحمه اهلل على قولهم النادر ال يخطر بالبال ؛ فال يدخل‬
‫تحت العموم بأن هذا ال تبين له في كالم اهلل تعالى ؛ فإنه‬
‫ال يخفى عليه خافية‪.‬‬
‫وبلغني أن تلميذه قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن‬
‫جملة‪ 1‬رحمه اهلل ‪-‬من أجل ذلك يقول ‪ :‬إن كان العموم‬
‫في الكتاب فال شك في دخول النادرة ‪ ،‬وإ ن كان بالسنة‬
‫وقلنا ‪ :‬إنها بالوحي فكذلك ‪ ،‬وإ ن كانت باالجتهاد فهو‬
‫موضع الخالف‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وكل هذا بمعزل عن مراد األصوليين إذا مرادهم‬
‫أن الصورة النادرة التي ال تخطر ببال العربي عند‬
‫اإلطالق ال يردها الشارع الذي جاء بالقرآن المتلو‬
‫بلسانهم وما يتخاطبون به في محاوراتهم‪ .‬هذا موضع‬
‫النظر ‪ ،‬وما ذكره ابن جملة من التفصيل في النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم فيه نظر‪.‬‬
‫والصواب عندنا أنه صلى اهلل عليه وسلم ال تذهب عن‬
‫خاطره النادرة كيف وهو يقول ‪ :‬واهلل لقد رأيت ما أنتم‬
‫القون في دنياكم وآخرتكم‪ .‬ويقول ‪ :‬ما من شيء‬
‫توعدونه إال وقد رأيته في صالتي هذه حتى الجنة والنار‬
‫‪.2‬‬
‫ظا إال وقد أتى على مدلوله‬
‫وال يمكن أن يعمم لف ً‬
‫استحضارا ؛ غير أنه يستحضر النادرة ويعلم أن قومه ال‬
‫ً‬
‫يعنونها بهذا اللفظ فينطق على لسان قومه ‪ ،‬فال تقع‬
‫مرادة بحكمه وال مشمولة بلفظه‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا ففي القاعدة مسائل من آيات وأحاديث‪.‬‬
‫ام ثَاَل ثَ ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫منها ‪ :‬قوله تعالى في المتمتع ‪{ :‬فَ َم ْن َل ْم َيج ْد فَصَي ُ‬
‫ََّأي ٍام}‪ .3‬اآلية كما عرفت ‪-‬ومنها حديث ‪ :‬أيما إهاب دبغ‬
‫فقد طهر فال يخفي ندرة دباغ جلد الكلب وجلد اآلدمي‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أبو المحاسن يوسف بن إبراهيم بن جملة بن مسلم بن‬
‫تمام بن حسين بن يوسف المحجي الشافعي الحوراني ثم‬
‫الصالحي توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثالثين‬
‫وسبعمائة‪.‬‬
‫الدرر الكامنة ‪.219 /5‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 623 /2‬في الكسوف باب ما عرض على النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم في صالة الكسوف حديث "‪/10‬‬
‫‪."904‬‬
‫‪ 3‬البقرة ‪."196" :‬‬
‫صفحة ‪399 | 128 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وقد قال األصحاب ‪ :‬ال يطهر جلد الكلب بالدباغ اتفاقًا ‪،‬‬
‫وفي اآلدمي وجهان بناء على أنه ينجس بالموت‬
‫أصحهما أنه يظهر‪.‬‬
‫قال ابن دقيق العيد ‪ :‬ويدخل في العموم بعض جلود‬
‫الحيوانات التي لم تطرق األسماع أسماؤها وال رأت‬
‫العيون أشخاصها فتظهر بالدباغ مع أنها ليست مما يمكن‬
‫أن تدخل تحت القصد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إن كانت نادرة فتكون في هذا الحديث غريبة وهي‬
‫قطعا [وهو]‬
‫قطعا وهي هذه ونادرة لم تدخل ً‬
‫نادرة دخلت ً‬
‫‪ 1‬إهاب الكلب ونادرة فيها وجهان وهي إهاب اآلدمي‬
‫ولكن [ليس هذا]‪ 2‬مراد الشيخ تقي الدين فيما أعتقد فإن‬
‫ما لم تره األشخاص ال يندر بالنسبة إلى العام ؛ ألنه لم‬
‫يعهد دباغه وال عدم دباغه وإ نما عدم دباغه لعدم العهد‬
‫به وكالمنا فيما عرف ولم يعهد دباغه كالكلب وجلد‬
‫اآلدمي ال فيما يعد بنفسه‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬إنما ذكره لم يدخل تحت القصد يعني مفصاًل‬
‫وأما دخوله وحضوره في الذهن مجماًل فهو الواقع ‪،‬‬
‫ولذلك كان محكومصا فيه وإ ال فكيف يحكم على ما لم‬
‫يقصد‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إخراج الخنثى من عموم الجمعة حق واجب‬
‫على كل مسلم في جما عة إال أربعة ‪ :‬عند مملوك ‪ ،‬أو‬
‫امرأة ‪ ،‬أو صبي ‪ ،‬أو مريض‪ -‬إذا قلنا إنه ال جمعة على‬
‫الخنثى وهو ما ادعى النووي االتفاق عليه ‪ ،‬وحكى‬
‫صاحب الذخائر فيه وجهًا‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال سبق إال في خف‬
‫أو نصل أو حافر"‪ .3‬منع بعض أصحابنا المسابقة على‬
‫الفيل لمثل ذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث‪ 4‬البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ‪ ،‬فيدخل فيه‬
‫جدا‪.‬‬
‫بال خالف التولية واإلشراك مع ندرتها ً‬
‫واختلف فيمن طال مكثهما في المجلس ‪ ،‬والصحيح‬
‫ثبوت الخيار‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬وفي "ب" وهي‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" هذا ليس‪.‬‬
‫‪ 3‬أحمد في المسند ‪ 474 /2‬وأبو داود والنسائي ‪/6‬‬
‫‪ 226‬في الخيل ‪ /‬باب السبق وابن ماجه ‪ 960 /2‬في‬
‫الجهاد‪ /‬باب السبق والرهان "‪."2878‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 309 /4‬في البيوع‪ /‬باب إذا بين البيعان ولم‬
‫يكتما وفضحا "‪ ، "2079‬ومسلم ‪ 1164 /3‬في البيوع‪/‬‬
‫باب الصدق في البيع والبيان حديث "‪."1532 /47‬‬
‫صفحة ‪399 | 129 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫{َأو اَل َم ْستُُم ِّ‬
‫الن َساء}‪ 1‬فلمس العضو‬ ‫ومنها قوله تعالى ‪ْ :‬‬
‫األشل والزائد كالصحيح واألصلي على الصحيح مع‬
‫ندرتهما‪.‬‬
‫اغ ِسلُوا‬ ‫ومنها قوله تعالى ‪ِ{ :‬إ َذا قُمتُم ِإلَى الص ِ‬
‫َّالة فَ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫وه ُك ْم}‪ 2‬فلو خلق له وجهان وجب غسلهما ولو خلق‬
‫ُو ُج َ‬
‫له رأسان كفى مسح أحدهما ولينظر هنا اليدين‬
‫المتساويتين ‪ ،‬والمتميز منهما الزائد ‪ ،‬والشعور الخارجة‬
‫عن العادة وغير ذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم في التشهد "وليتخير‬
‫من المسألة ما شاء"‪ 3‬؛ فهل يجوز الدعاء في الصالة‬
‫مدعيا عدم دخول‬
‫ً‬ ‫بجارية حسناء ؟ منعه الشيخ أبو محمد‬
‫هذه الصورة في العموم لندرتها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان‪ ...‬فلو‬
‫كثيرا ففيه وجهان أصحهما‬
‫ناسيا ً‬
‫تكلم في الصالة ً‬
‫كثيرا ‪ ،‬وكثير من‬
‫ناسيا ً‬
‫البطالن ‪ ،‬ونظائره أكل الصائم ً‬
‫مسائل اإلكراه التي ال عذر فيها معه‪.‬‬
‫ومنها حديث "من مس ذكره فليتوضأ"‪ 4‬منع بعض‬
‫أصحابنا انتقاض الوضوء بمس الذكر المقطوع بمثل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث "في كل موضحة خمس من اإلبل"‪ 5‬قال‬
‫بعض أصحابنا ‪" :‬إذا زادت الموضحات على دية النفس‬
‫فال يجب أكثر من دية النفس وال تدخل هذه الصورة في‬
‫الحديث لندرتهان وقاسه على قول الشافعي رضي اهلل‬
‫عنه في األسنان أنه ال يجب في قلع جميعها إال دية‬
‫النفس‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬النساء "‪."43‬‬
‫‪ 2‬المائدة "‪."6‬‬
‫‪ 3‬البخاري ‪ 320 /2‬في كتاب األذان‪ /‬باب ما يتجد من‬
‫الدعاء "‪ "835‬ومسلم ‪ 302 -301 /1‬في الصالة‪ /‬باب‬
‫التشهد في الصالة حديث "‪."402 /55‬‬
‫‪ 4‬مالك في الموطأ ‪ 1/42‬في الطهارة‪ /‬باب الوضوء‬
‫من مس الفرج ‪ ،‬حديث "‪ "58‬والشافعي في األم ‪19 /1‬‬
‫في الطهارة‪ /‬باب الوضوء من مس الذكر وأحمد في‬
‫المسند ‪ 406 /6‬من مسند يسرة بنت صفوان والدارمي‬
‫‪ 184 /1‬في باب الوضوء باب الوضوء من مس الذكر‬
‫"‪ "181‬والترمذي ‪ 126 /1‬في الطهارة باب الوضوء‬
‫من مس الذكر "‪ "82‬وقال حسن صحيح والنسائي وابن‬
‫ماجه ‪ 161 /1‬في الطهارة باب الوضوء من مس الذكر‬
‫"‪."479‬‬
‫‪ 5‬أحمد في المسند ‪ 215 /2‬وأبو داود ‪ 190 /4‬في‬
‫الديات باب ديات األعضاء "‪ "4566‬والترمذي ‪13 /4‬‬
‫في الديات باب ما جاء في الموضحة "‪ "1390‬والنسائي‬
‫‪ 57 /8‬في القسامة وابن ماجه ‪ 886 /2‬في الديات "‬
‫‪."2655‬‬
‫صفحة ‪399 | 130 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وفرق ابن كج بضبط األسنان بخالف الموضحات ‪،‬‬
‫وعكس اإلمام في النهاية صنيع ابن كج وادعى أن‬
‫مشيرا إلى تعميم إطالق الشارع‬
‫األسنان بالزيادة أولى ً‬
‫مع العلم بعدد األسنان ‪ ،‬وال كذلك الموضحات‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ثبت في الحديث النهي عن التصوير‪ 1‬؛ فلو‬
‫دعت إلى ذلك ضرورة المسلمين كما روى الواقدي في‬
‫فتوح الشام "أن النصارى صوروا صورة هرقل على‬
‫متعجبا منها ‪ ،‬فانقلبت قناة‬
‫ً‬ ‫حائط فوقف بعض المسلمين‬
‫طويلة من أحدهم فأصابت عين الصورة فقلعتها ‪ ،‬فعلم‬
‫به الحرس من قبل لوقا عظيم الروم فجهز رسوله في‬
‫مائة فارس إلى أبي عبيدة إنكم غدرتم األمان بقلع عين‬
‫هذه الصورة وهو عندنا عظيم ‪ ،‬فسأل أبو عبيدة من فعل‬
‫هذا فقيل فالن خاطًئا ‪ ،‬فقال أبو عبيدة ‪ :‬إن صاحبنا إنما‬
‫فعل ما فعل غير متعمد ‪ ،‬فقالوا ال نرضى حتى نفقأ عين‬
‫صاحبكم ‪-‬يعنون عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه وكان‬
‫القوم يمتحنون بهذا أمان المسلمين وأنهم هل هم موفون‬
‫بعهودهم فقال أبو عبيدة أنا أمير هذه الطائفة فافعلوا بي‬
‫ما فعلوه بتمثالكم ؛ فقالوا ‪ :‬ال نرضى إال بفقء عين‬
‫ملككم األكبر ‪ ،‬فقال أبو عبيدة ملكنا أمنع من ذلك ‪،‬‬
‫وغضب المسلمون وكادت تقوم ملحمة عظيمة فنهاهم‬
‫أبو عبيدة وقال على رسلكم ‪ ،‬فقال منهم قائل ‪ :‬ال عين‬
‫أميركم وال عين خليفتكم ؛ ولكن نصنع تمثااًل فيه صورة‬
‫أبي عبيدة ثم نفقأ إحدى عيني ذلك التمثال‪ .‬فقال‬
‫المسلمون إن صاحبنا فقأ عين ذلك التمثال غير قاصد‬
‫وأنتم تتعمدون ‪ ،‬فقال أبو عبيدة ‪ :‬يا معشر المسلمين إن‬
‫هؤالء ليس لهم عقول ‪-‬فإنهم رضوا أن يصوروا‬
‫صورتي ويفعوا بها ما أرادوا ‪ ،‬فدعوهم وقلة عقولهم ‪،‬‬
‫فرضوا وسكنت الفتنة‪.‬‬
‫فلو [كانت]‪ 2‬المسألة بحالها وأبوا إال أن يصور‬
‫المسلمون تلك الصورة وعلمنا أن ذلك إن [لم]‪ 3‬يفعل‬
‫كانت فتنة هائلة تؤدي إلى ضرر عظيم بالمسلمين فالذي‬
‫يظهر جواز ذلك حينئذ‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬فعن عائشة رضي اهلل عنها عن رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عذابا يوم القيامة الذين‬
‫عليه وسلم قال ‪" :‬أشد الناس ً‬
‫يضاهون بخلق اهلل"‪ .‬البخاري ‪ 386 /10‬في اللباس‪/‬‬
‫باب من التصاوير‪ ، "4954" /‬ومسلم ‪ 1668 /3‬في‬
‫اللباس "‪."2107 /92‬‬
‫وعن عبد اهلل بن مسعود قال النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫عذابا عند اهلل المصورون" البخاري‬
‫يقول ‪" :‬أشد الناس ً‬
‫‪ ، "5950" 382 /10‬ومسلم ‪/98" 1670 /3‬‬
‫‪."2109‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 131 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪ :‬قد علم أن لبس زي الكفار وذكر كلمة الكفر من‬
‫غير إكراه كفر ؛ فلو مصلحة المسلمين إلى ذلك واشتدت‬
‫حاجتهم إلى من يفعله فالذي يظهر أنه يصير كاإلكراه‪.‬‬
‫وقد اتفق مثل ذلك للسلطان صالح الدين ؛ فإنه لما‬
‫صعب عليه أمر ملك صيدا وحصل للمسلمين به من‬
‫الضرر الزائد ما ذكره المؤرخون ألبس السلطان صالح‬
‫الدين اثنين من المسلمين لبس النصارى وأذن لهما في‬
‫التوجه إلى صيدا على أنهما راهبان وكانا في الباطن‬
‫مجهزان لقتل ذلك اللعين غيلة ؛ ففعال ذلك وتوجها إليه‬
‫وأقاما عنده على أنهما راهبان ‪ ،‬وال بد أن يتلفظا عنده‬
‫بكلمة الكفر وما برحا حتى اغتااله وأراحا المسلمين منه‬
‫طا ولم يكونوا‬
‫تعبا مفر ً‬
‫ولو لم يفعال ذلك لتعب المسلمون ً‬
‫على يقين من النصرة عليه‪.‬‬
‫ومما يدل على هذا قصة محمد بن مسلمة في كعب بن‬
‫األشرف فإن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ :‬من لكعب‬
‫بن األشراف فقال محمد بن مسلمة ‪ :‬أتحب أن أقتله ؟‬
‫قال ‪[ :‬نعم‪ .‬قال]‪ : 1‬فأذن لي ‪-‬فأذن له ‪ :‬فأقول ‪ :‬قال ‪:‬‬
‫قد فعلت‪.2‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث‪ 3‬ال يخرج في الصدقة هرمة يقتضي أن‬
‫ال تؤخذ مريضة من المراض ‪ ،‬وإ ليه ذهب مالك ‪،‬‬
‫واعتذر أصحابنا عنه بأنه خرج مخرج الغالب فإن‬
‫مرض الماشية كلها نادر ‪ ،‬واتفقوا على جواز أخذ‬
‫المريضة من المراض‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال يجب االستنجاء من خروج حصاة ال رطوبة‬
‫معها على األصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو ندر الخارج كالدم والقيح فاألظهر جكزاء‬
‫الحجر ‪ ،‬والثاني ‪ :‬يتعين الماء ؛ ألن االقتصار على‬
‫الحجر وقع فيما نعم به البلوى‪.‬‬
‫وقال القفال ‪ :‬إن تمحض النادر تعين الماء‪ .‬وإ ن خالط‬
‫المعتاد جاز الحجر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الراجح دخول األكساب النادرة في المهايأة في‬
‫العبد المشترك‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم ‪ 1425 /3‬في الجهاد والسير‪ /‬باب قتل‬
‫كعب بن األشرف طاغوت اليهود "‪."180 /119‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري ‪ 321 /3‬في الزكاة‪ /‬باب ال تؤخذ‬
‫في الصدقة هرمة "‪."1455‬‬
‫صفحة ‪399 | 132 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪[ :‬أنه]‪ 1‬يجب غسل ما يندر كثافته وإ ن [كثرت]‪2‬‬
‫كالحاجب والعذار والشارب‪.‬‬
‫ومنها ‪[ :‬يجب]‪ 3‬على المرأة غسل باطن اللحية الكثيفة‬
‫لندرتها فيح قها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أنه يجب قضاء الصالة على المقيم المتيمم لفقد‬
‫الماء وللبرد على األظهر فيهما ‪ ،‬وفي نحوهما من ذوي‬
‫األعذار النادرة‪ .‬كالمربوط على خشبة ومن شد وثاقه‬
‫باألرض وصلى باإليماء‪ .‬والغريق يصلي على خشبة‬
‫باإليماء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إشراع الجناح في الطريق النافذ ال يجوز إال إذا‬
‫لم يضر‪ .‬قالوا ‪ :‬وإ ن كان ضيقًا بحيث ال تمر فيه القوافل‬
‫والفوارس ؛ فينبغي أن يرتفع ؛ بحيث يمر تحته المار‬
‫منتصبا وإ ن كانوا يمرون فيه فليكن ارتفاعه إلى حد يمر‬
‫ً‬
‫المحمل مع الكنيسة فوقه على البعير ‪ ،‬قالوا ألنه وإ ن‬
‫نادرا فقد يتفق‪.‬‬
‫كان ً‬
‫ومنها ‪ :‬األصح أنه ال يدخل في لفظ قام على [في]‪4‬‬
‫البيع [فداء]‪ 5‬العبد إذا جنى ففداه بخالف مكس السلطان‬
‫فإنه يدخل لعمومه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو جلس من الغزاة رقيب يرقب العدو فأدركته‬
‫الصالة ولو قام لرآه العدو أو جلس الغزاة في مكمن ولو‬
‫قعودا وتلزمهم اإلعادة‬
‫قاموا أبصرهم العدو فلهم الصالة ً‬
‫‪ ،‬لندور ذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أصح األوجه أنه يباح للغانمين الفانيد والسكر‬
‫واألدوية التي تندر الحاجة إليها قبل قسمة الغنيمة ‪ ،‬فإن‬
‫احتاج مريض أخذ قدر حاجته ‪:‬‬
‫ومنها ‪ :‬يجوز ترك القبلة في النوافل مما يكثر ويتكرر‬
‫كالوتر وركعتي الفجر وال يجوز فيما يندر كالعيدين‬
‫واالستسقاء‪.‬‬
‫يسيرا ال يتمول‬
‫قدرا ً‬
‫ومنها ‪ :‬لو علفت السائمة في الحول ً‬
‫قطعا‪.‬‬
‫في نقد الحول فال أثر له في قطع السوم ً‬
‫ومنها ‪ :‬حلف ال يطأ فالنة فوطئها بعد الموت فأصح‬
‫األوجه ال يحنث ألن اسم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ 1‬في "ب" أنها‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" كثفت‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 133 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫الوطء يطلق على ما يقع في الحياة‪ .‬وثالثها ‪ :‬الفرق بين‬
‫ما قبل الدفن وبعده‪ .‬والمسألة في الرافعي في باب‬
‫اإليالء وكان من حقها أن تذكر في باب اإليمان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال اإلمام ‪ :‬لو تصور شخص ال يضره أكل‬
‫السموم الطاهرة لم تحرم عليه‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬تذكر إذا انتهيت لما ذكرناه في النادر ‪ ،‬وكالم‬
‫األصحاب في التيمم في النادر الذي ال يسقط القضاء ؛‬
‫فهو محط قولهم ‪ :‬النادر ال حكم له‪ .‬وفي دخول‬
‫األكساب النادرة في المهايأة والسلم فيما يندر وجوده ‪،‬‬
‫ويتحرز ذلك بما ذكرناه ‪ ،‬أنها قواعد ثالث ‪:‬‬
‫"دخول النادرة في اللفظ العام وكون النادر ال حكم له" أي‬
‫ال يعطي حكم الغالب ؛ بل يسقط االعتبار به ويصير‬
‫وجوده كعدمه‪.‬‬
‫والثالثة أن النادر إذا حكم فيه بشيء لم يلحق به غيره‬
‫ويدل على شذوذ ‪ ،‬وهذه الثالثة هي مسألة الخارج عن‬
‫القياس اآلتية إن شاء اهلل تعالى في باب القياس‪.‬‬
‫خاتمة ‪ :‬نحن وإ ن قلنا بدخول النادرة في العموم فلسنا‬
‫نقصر العموم عليها‪ .‬ومن ثم يتميز عن غير النادرة ؛‬
‫فإن النادرة تحتمل أن تكون هي تمام المراد بالعموم‪.‬‬
‫أما النادرة ‪ :‬فالحمل عليها بمفردها بعيد وألجل ذلك‬
‫الحنفية قولهم ‪ :‬أيما امرأة نكحت نفسها‪ 1‬على األمة‬
‫والمكاتبة‪.‬‬
‫قاعدة ‪ :‬العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب ‪ ،‬وذكر‬
‫اإلمام أن الذي صح عنده من مذهب الشافعي رضي اهلل‬
‫عنه أن العبرة بخصوص السبب ‪ ،‬واستدل بكالم له على‬
‫َأج ُد ِفي ما ِ‬
‫ُأوح َي ِإلَ َّي ُم َح َّر ًما} اآلية‬ ‫قوله تعالى ‪ُ { :‬ق ْل اَل ِ‬
‫َ‬
‫وحجاجا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬واإلمام منازع نقاًل‬
‫أما النقل‪.3‬‬
‫تنبيه ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬الخالة بمنزلة األم"‬
‫في حديث البراء بن عازب ‪ :‬خرج رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم من مكة فاتبعته ابنة حمزة تنادي ‪ :‬يا عم ‪،‬‬
‫فتناولها علي كرم اهلل وجهه فأخذ بيدها‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أبو داود ‪ 229 /2‬في النكاح‪ /‬باب في الولي "‪"2083‬‬
‫‪ ،‬الترمذي ‪ 407 /3‬في النكاح‪ /‬باب ما جاء ال نكاح إال‬
‫بولي "‪ "1102‬ابن ماجه ‪ 605 /1‬النكاح باب ال نكاح‬
‫إال بولي "‪ ، "1879‬الحاكم ‪ 168 /2‬وقال صحيح على‬
‫شرط الشيخين‪.‬‬
‫‪ 2‬األنعام "‪."145‬‬
‫‪ 3‬بياض في األصل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 134 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وقال لفاطمة ‪ :‬دونك ابنة عمك ‪ ،‬فاختصم فيها على‬
‫وزيد وجعفر فقال علي ‪ :‬أنا أحق بها وهي ابنة عمي ‪،‬‬
‫وقال جعفر ‪ :‬ابنة عمي وخالتها تحتي ‪ ،‬وقال زيد ‪ :‬بنت‬
‫أخي فقضى بها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لخالتها‬
‫وقال ‪" :‬الخالة بمنزلة األم"‪ 1‬الحديث‪.‬‬
‫وهو عمدة باب الحضانة ‪ ،‬وقد استدل بإطالقه أصحاب‬
‫التنزيل على تنزيلها منزلة األم في الميراث‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم تقي الدين بن دقيق العيد ‪ :‬إنما هي‬
‫بمنزلتها في الحضانة ‪ ،‬ألن السياق طريق إلى بيان‬
‫المجمالت وتعيين المحتمالت وتنزيل الكالم على‬
‫المقصود منه‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وفهم ذلك قاعدة كبيرة من‪ 2‬أصول الفقه لم أر من‬
‫تعرض لها في األصول إال بعض المتأخرين ممن أدركنا‬
‫أصحابهم ‪ ،‬وهي قاعدة متعينة على النار وإ ن كانت ذات‬
‫تشعب على المناظر‪ .‬ولذلك ذكر في حديث أنس ‪ :‬ليس‬
‫من البر الصيام في السفر‪ .3‬فذكر أن الظارهية تنزله‬
‫اعتبارا بعموم اللفظ ‪-‬وإ ن ورد في رجل‬
‫ً‬ ‫على العموم‬
‫كان يجهده الصوم فقال ‪ :‬يجب أن يتنبه للفرق بين داللة‬
‫السياق والقرائن على تخصيص العام وعلى مراد المتكلم‬
‫وبين ورود العام على سبب ‪ ،‬وال تجري مجرى واحد‬
‫فإن مجرد ورود العام على سبب ال يخصصه ‪ ،‬وأما‬
‫السياق والقرائن [فإنها]‪ 4‬الدالة على المراد ‪ ،‬وهي‬
‫المرشدة إلى بيان المجمالت وتعين المحتمالت‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فاضبط هذه القاعدة فإنها مفيدة في مواضع ال‬
‫تحصي وانظر قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪"$ :‬ليس من‬
‫البر الصيام في السفر من أي [من]‪ 5‬القبيلين هو منزله‬
‫عليه"‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ومن [نظر إلي]‪ 6‬السياق ما في فروع الطالق من‬
‫الرافعي أنه لو قال‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري مجزأ ‪ 304 /5‬الصلح‪ /‬باب الصلح مع‬
‫المشركين "‪ "2700‬في ‪ ، "4251" 499 /7‬ومسلم ‪/30‬‬
‫‪ 1409‬في كتاب الجهاد‪ /‬باب صلح الحديبية حديث "‬
‫‪."1783 /90‬‬
‫‪ 2‬في "ب" من قواعد أصول الفقه‪.‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري ‪ 183 /4‬في الصوم "‪ "1946‬ومسلم‬
‫‪ 786 /2‬في الصيام ‪."1115 /92/‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فإنه‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" النظر في‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 135 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫لزوجته ‪ :‬إن علمت من أختي شيًئا ولم تقوليه فأنت طالق‬
‫فتنصرف إلى ما يوجب ريبة ويوهم فاحشة دون ما ال‬
‫يقصد العلم به كاألكل والشراب‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬إذا عرفت أن األرجح عندنا اعتبار عموم اللفظ‬
‫دون خصوص السبب فال نعتقد أن يسنحب العموم في‬
‫كل ما ورد وصدر ؛ بل إنما نعمم حيث ال معارض وفي‬
‫المعارض أمثلة ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬حديث النهي عن قتل النساء والصبيان‪ 1‬أخذ أبو‬
‫حنيفة بعمومه وقال ‪ :‬المرأة المرتدة ال تقتل ‪،‬‬
‫وخصصناه نحن بسببه ؛ فإنه ورد في امرأة مقتولة مر‬
‫عليها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في بعض غزواته‬
‫‪ ،‬فنهى إذا ذاك عن قتل النساء والصبيان لحديث ‪" :‬من‬
‫بدل دينه فاقتلوه"‪ 2‬وغيره من األدلة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث أنس "ليس من البر الصيام في السفر"‬
‫ورد في رجل قد ظلل عليه من جهد ما وجد ‪ ،‬وقد تقدم‬
‫الكالم فيه‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬قدمنا أن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب‬
‫والخالف في ذلك إذا لم تكن هناك قرينة تعميم فإن كانت‬
‫فالقول بالتعميم ظاهر كل الظهور بل ال ينبغي أن يكون‬
‫في التعميم خالف‪.‬‬
‫وهذا كان الشيخ الوالد ينبه عليه ويقول ‪ :‬من القرائن‬
‫العدول عن صيغة اإلفراد إلى الجمع ويمثل بقوله تعالى‬
‫َأهِلهَا}‪ 3‬نزلت‬ ‫َأن تُ ُّدوا اَأْلم َان ِ‬
‫ات ِإلَى ْ‬ ‫َ‬ ‫َؤ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫ُُ ْ‬‫ر‬‫م‬ ‫ْأ‬‫ي‬‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬
‫‪ِ{ :‬إ َّن اللَّ‬
‫في أمانة واحدة وهي مفتاح الكعبة فعدل عن اإلفراد إلى‬
‫الجمع ليعم كل أمانة ‪ ،‬وأمثلة هذا تكثر وإ ليه اإلشارة‬
‫بقوله في جمع الجوامع ؛ فإن كانت قرينة تعميم فاحذر‬
‫فمتى عدل عن لفظ اإلفراد إلى الجمع أو عن لفظ ال‬
‫حصر فيه إلى ما فيه حصر مثل هو الطهور ماؤه‪ 4‬أو‬
‫ضم إلى المسؤول عنه في الجواب عنه غيره مثل‬
‫ق َوالس ِ‬
‫َّارقَةُ}‪ p‬فذكر‬ ‫{والس ِ‬
‫َّار ُ‬ ‫َ‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 148 /6‬في الجهاد‪ /‬باب الصبيان "‪"3015‬‬
‫‪ ،‬ومسلم ‪ 1364 /3‬في الجهاد والسير ‪ /‬باب تحريم قتل‬
‫النساء "‪."1744 /25‬‬
‫‪ 2‬البخاري ‪ 267 /12‬في كتاب استتابة المرتدين‪ /‬باب‬
‫حكم المرتد "‪."6922‬‬
‫‪ 3‬النساء "‪."58‬‬
‫‪ 4‬أخرجه مالك في الموطأ ‪ 22 /1‬في الطهارة‪ /‬باب‬
‫الظهور للوضوء حديث "‪ ، "12‬الشافعي في األم ‪3 /1‬‬
‫في الطهارة وأحمد في المسند ‪ 361 /2‬في مسند أبي‬
‫هريرة رضي اهلل عنه وأبو داود ‪ 21 /1‬في الطهارة‪/‬‬
‫بابا لوضوء بماء حديث "‪ "83‬والترمذي ‪ 100 /1‬في‬
‫الطهارة‪ /‬باب في ماء البحر أنه طهور حديث "‪"69‬‬
‫وقال حسن صحيح والنسائي ‪ 50 /1‬وابن ماجه ‪/1‬‬
‫‪."386" 136‬‬
‫صفحة ‪399 | 136 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫السارقة قرينة في أنه ليس المراد بالسارق خصوص‬
‫سارق رداء‪ 1‬صفوان بل عموم كل سارق أو غير ذلك‬
‫[مما]‪ 2‬دل على إرادة العموم ‪ ،‬ومن فروع هذا ما ذكره‬
‫الرافعي في فروع الطالق "أنه لو اتهمته امرأته بالغلمان‬
‫غالما أو لمسه يحنث ‪،‬‬
‫حراما ثم قبل ً‬
‫ً‬ ‫فحلف أنه ال يأتي‬
‫حراما فقال‬
‫ً‬ ‫لعموم اللفظ ‪ ،‬بخالف ما لو قالت فعلت كذا‬
‫حراما‪.‬‬
‫ً‬ ‫إن فعلت‬
‫قال ألن هناك قرينة ترتب كالمه على كالمها وها هنا‬
‫اختلف اللفظ فحمل كالمه على االبتداء ؛ فانظر كيف‬
‫جعل عدوله عن لفظ المسؤول قرينة إرادة التعميم ؛ لكن‬
‫في قوله ‪ :‬أو لمسه" نظر ‪ ،‬فما اللثم بحرام إال أن يكون‬
‫بشهوة‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬اشتهر عن الشافعي رضي اهلل عنه أن ترك‬
‫االستفصال في حكاية األحوال مع قيام االحتمال ينزل‬
‫مسطورا في‬
‫ً‬ ‫منزلة العموم في المقال وهذا وإ ن لم أجده‬
‫نصوصه فقد نقله [عنه]‪ 3‬لسان مذهبه‪ .‬بل لسان‬
‫الشريعة على الحقيقة أبو المعالي رضي اهلل عنه ومعناه‬
‫صحيح ؛ فقد كانت من عادته صلى اهلل عليه وسلم أن‬
‫يستفصل ويستقصي بحيث ال يدع غاية في البيان وال‬
‫إشكااًل في اإليضاح ؛ ففي قصة ماعز قوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪" :‬أبك جنون ؟" قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪" :‬فهل‬
‫أحصنت ؟" فقال نعم كذا في الصحيحين‪ .4‬وفي صحيح‬
‫البخاري "لعلك قبلت أو غمزت ؟" قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫"أنكتها ؟" قال ‪ :‬نعم‪.5‬‬
‫وفي صحيح ابن حبان ‪ :‬قال ‪" :‬أنكتها ؟" قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‬
‫‪" :‬حتى غاب ذلك منك في ذلك منها ؟" قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫"كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر ؟" قال ‪:‬‬
‫نعم ‪ ،‬قال ‪" :‬فهل تدري ما الزنا ؟" قال ‪ :‬نعم ‪-‬أتيت منها‬
‫حراما ما يأتي الرجل من [أهله]‪.6‬‬
‫ً‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث علقمة بن وائل حدثه قال ‪:‬‬
‫إني لقاعد عند رسول‬
‫_________‬
‫‪ 1‬مالك في الموطأ ‪ 834 /2‬في الحدود‪ /‬باب ترك‬
‫الشفاعة للسارق "‪ "28‬والشافعي في المسند "‪" 84 /2‬‬
‫‪ ، "278‬ومن طريق آخر ابن ماجه في السنن ‪865 /2‬‬
‫"‪ "2595‬ومن طريق ابن عباس النسائي في ‪، 69 /8‬‬
‫والحاكم في المستدرك ‪ 380 /4‬وقال صحيح اإلسناد‬
‫ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 136 /12‬في الحدود‪ /‬باب سؤال اإلمام‬
‫المقر "‪ "2825‬ومسلم ‪ 1318 /3‬في الحدود‪ /‬باب من‬
‫اعترف على نفسه بالزنى "‪."1692 /16‬‬
‫‪ 5‬البخاري ‪ 135 /12‬في كتاب الحدود‪ /‬باب هل يقول‬
‫اإلمام للمقر "‪."6824‬‬
‫‪ 6‬في "ب" امرأته‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 137 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا جاءه رجل يقود آخر بنسعة‪1‬‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ :‬هذا قتل أخي ‪ ،‬فقال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬أقتلته ؟" فقال ‪ :‬إنه إن لم يعترف‬
‫أقمت عليه البينة ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم قتلته ‪ ،‬قال ‪" :‬كيف قتلته ؟"‬
‫قال ‪ :‬كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبني وأغضبني‬
‫فضربته بالفأس على قرنه فقتلته فقال له النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪" :‬هل لك من شيء تؤديه عن نفسك ؟" قال ‪:‬‬
‫ما لي إال كسائي وفأسي ‪ ،‬قال ‪ :‬فترى قومك يشترونك ؟‬
‫قال ‪ :‬أنا أهون على قومي من ذلك ‪ ،‬فرمى إليه بنسعته‬
‫وقال ‪" :‬دونك صاحبك" الحديث‪.2‬‬
‫فانظر كيف كان يستفصل صلى اهلل عليه وسلم ليتوضح‬
‫الحال ويحق الحق وما ذلك منه مختًا بأبواب االحيتاط‬
‫عاما في األبواب أال ترى إلى‬
‫من الحد والقصاص ؛ بل ً‬
‫قصة المجامع‪ 3‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم هل تجد هل‬
‫تجد ومثل حديث "أينقص الرطب إذا جف"‪ 4‬وغير ذلك‬
‫من االستفصال الواقع في كثير من أحاديث األحكام دل‬
‫ذلك على أن ترك االستفصال إشارة إلى التعميم فكان‬
‫منزاًل منزلة العموم وإ ن لم يكن حقيقة العموم ما أنبأت‬
‫عنه الصيغة‪.‬‬
‫وهذا كما قال في المشترك ‪ :‬يحمل على معانيه كالعام‬
‫وإ ن‪ 5‬لم يقل إنه عام ونظير تعميم المطلق من الجواب‬
‫ينزل االستفصال تخصيص العام في الجواب بخصوص‬
‫األسباب‪ .‬فإن قلت ‪ :‬فمساق هذا أن يكون حق من عمم‬
‫ترك االستفصال أن يقول العبرة بخصوص السبب ال‬
‫بعموم اللفظ قلت ‪ :‬أجل ‪ ،‬ومن ثم نقل [ذلك]‪ 6‬عن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬هي جل من جلود مضفورة جعلها كالزمام له يقوده‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 1307 /3‬في القسامة‪ /‬باب حجة اإلقرار‬
‫بالقتل وتمكين ولي القتل من القصاص "‪."1680 /34‬‬
‫‪ 3‬البخاري ‪ 163 /4‬في كتاب الصوم‪ /‬باب إذا جامع‬
‫في رمضان "‪ "6087" 503 /10 "1936‬وفي ‪/11‬‬
‫‪ "6711" "6710" "6709" 595‬ومسلم ‪ 781 /2‬في‬
‫الصيام‪ /‬باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان "‬
‫‪."1111 /81‬‬
‫‪ 4‬أبو داود ‪ 251 /3‬في البيوع ‪ :‬باب في التمر بالتمر "‬
‫‪ ، "3359‬والترمذي ‪ 528 /3‬في البيوع "‪ "1225‬وقال‬
‫حسن صحيح والنسائي ‪ 268 /7‬في البيوع باب اشتراء‬
‫التمر بالرطب وابن ماجه ‪ 761 /2‬في التجارات "‬
‫‪ "2264‬والحاكم ‪ ، 39 -38 /2‬ومالك في الموطأ ‪/2‬‬
‫‪ 624‬في البيوع "‪ ، "22‬والشافعي في المسند ‪" 159 /2‬‬
‫‪."551‬‬
‫‪ 5‬في "ب" وإ ن ذلك‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 138 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫الشافعي ناقل هذه عنه وهو إمام الحرمين ؛ فإن قلت ‪:‬‬
‫ألستم على أن العبرة بعموم اللفظ دون خصوص السبب‬
‫؟ فهل أنتم على أن العبرة بمطلق الجواب دون التعميم ؟‬
‫فلت ‪ :‬أعلم أن تخصيص العام أصعب من تعميم الخاص‬
‫اقتطاعا من اللفظ وليتنبه من ذلك إلى أنه ال يلزم‬
‫ً‬ ‫ألن فيه‬
‫من القول بأن االعتبار بعموم اللفظ القول بأن ترك‬
‫االستفصال ال ينزل منزلة العموم ؛ فمن هنا أنا أقول‬
‫العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب ‪ ،‬وينزل‬
‫االستفصال بمنزلة العموم‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬هذا عود بالنقض على قولكم ‪ :‬حق من عمم‬
‫ترك االستفصال أن يخصص بالسبب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم‪ .‬ولم يكن القصد فيما تقدم إال أن الناقل عن‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه أن العبرة بتخصيص السبب هو‬
‫الناقل عنه أن ترك االستفصال للعلموم وإ ن كانا غير‬
‫متالزمين ولذلك ال يثبت المتأخرون من أصحابنا أن‬
‫العبرة بخصوص السبب وإ ن أثبتوا التعميم بترك‬
‫االستفصال‪[ .‬إذا عرفت هذه فليترك االستفصال]‪ 1‬أمثلة‬
‫‪:‬‬
‫منها ‪ :‬وإ ياه ذكر إمام الحرمين ‪ :‬قصة غيالن لما أسلم‬
‫على عشر نسوة ‪ ،‬فقال له النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫أربعا وفارق سائرهن"‪ .2‬ولم يسأله عن كيفية‬
‫"أمسك ً‬
‫مرتبا ؛ فكان إطالق الجواب‬
‫معا أو ً‬
‫وقوع العقد عليهن ً‬
‫معا‪.‬‬
‫دلياًل على أنه ال فرق بين أن تترتب العقود أو تقع ً‬
‫وقد أشبعنا الكالم على هذا في شرح المختصر والمخالف‬
‫فيه أبو حنيفة رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث المجامع في رمضان لم يسأله النبي صلى‬
‫ناسيا‪ .‬قال ابن دقيق العيد‬
‫عامدا أو ً‬
‫اهلل عليه وسلم له كان ً‬
‫‪ :‬فيدل على العموم في الحالتين‪ .‬قلت ‪ :‬قوله ‪ :‬هلكت‬
‫عامدا ‪ ،‬وفي أنه لم يكن‬
‫وأهكلت "صريح في أنه كان ً‬
‫مسافرا ترخص ومن ثم ال يجب على الناسي كفارة وال‬
‫ً‬
‫على المسافر الترخص ولكن لم يسأله [النبي]‪ 3‬صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ :‬هل أنزل أو لم ينزل ؛ فدل على شمول‬
‫الحكم للحالتين وهو كذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬طالق ابن عمر امرأته في الحيض‪.4‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬الترمذي ‪ 435 /3‬في النكاح "‪ "1128‬وابن ماجه ‪/1‬‬
‫‪ 628‬في النكاح "‪ "1953‬الشافعي في المسند ‪16 /2‬‬
‫والحاكم ‪ 193 -192 /2‬والبيهقي ‪.181 /7‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 367 /9‬في الطالق "‪ "5262‬ومسلم ‪/2‬‬
‫‪ 1103‬في الطالق "‪."1477 /24‬‬
‫صفحة ‪399 | 139 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪ :‬في حديث فيروز الديلمي في نكاح األختين‬
‫"اختر أيهما شئت"‪ ، 1‬ولم يسأل عن كيفية النكاحين ‪،‬‬
‫فدل على قطع النظر عن حالة الشرك وجعلهما اآلن‬
‫كأنهما أختان يريد العقد على إحداهما‪.‬‬
‫وهذا المثال ذكره جماعة من المحققين منهم الوالد رحمه‬
‫اهلل ‪ ،‬وقد يقال ‪ :‬إنه غير مطابق ألن فيه لفظة أي وهي‬
‫من ألفاظ العموم الصريحة ؛ فال يحتاج معها إلى تنزيل‬
‫اللفظ منزلة العموم إال أن يكون بالنسبة إلى أحوال‬
‫الناكحين فليتأمل فيه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إطالقه صلى اهلل عليه وسلم اإلذن لثابت بن قيس‬
‫بن شماس‪ 2‬في الخلع من غير استفصال عن [حالة]‪3‬‬
‫طهرا جامعها فيه أو لم‬
‫الزوجة هل هي حائض أو طاهر ً‬
‫يجامعها مع أن الحيض ليس بنادر في النساء وال في‬
‫الطهر الذي جامعها فيه‪.‬‬
‫ومن ثم استدل األصحاب على جواز خلع الحائض‬
‫طهرا جامعها فيه وهو الصحيح في المسألتين ؛‬
‫والطاهر ً‬
‫لهذا الحديث‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬إني استحاض فال أطهر‬
‫أفادع الصالة ؟‪.4‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن دقيق العيد ‪ :‬المستحاضة إما مبتدأة‬
‫أو معتادة وكل منهما إما مميزة أو غير مميزة والحديث‬
‫فيه داللة على أن هذه المرأة كانت معتادة لقوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم "دعي الصالة قدر األيام التي كانت [تحيضين]‬
‫‪ 5‬فيها" وليس في هذا دليل على أنها مميزة أو غير‬
‫مميزة فإن ثبتت رواية أخرى تدل على التمييز ال‬
‫معارض لها ؛ وإ ال فقد يستدل بهذه الرواية من يرى الرد‬
‫إلى أيام العادة وإ ن كانت غير مميزة وهو قول أبي حنيفة‬
‫وأحد قولي الشافعي رضي اهلل عنه والتمسك به ينبني‬
‫على أن ترك االستفاصل ينزل منزلة العموم ‪،‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أحمد في المسند ‪ ، 447 /2‬البيهقي في السنن ‪، 3 /8‬‬
‫شكل اآلثار ص‪.178 -176‬‬
‫‪ 2‬البخاري ‪ 395 /9‬في الطالق‪ /‬باب الخلع "‪."5273‬‬
‫‪ 3‬في "ب" حال‪.‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 331 /1‬في الوضوء‪ /‬باب غسل الدم "‬
‫‪ ، "228‬و "‪ "306‬ومسلم ‪ 262 /1‬في الحيض باب‬
‫المستحاضة "‪."333 /12‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب" والحديث أبو داود في السنن ‪ 80 /1‬في‬
‫الطهارة "‪ "297‬والترمذي ‪ 220 /1‬في الطهارة "‪"126‬‬
‫"‪ "127‬وابن ماجه ‪ 204 /1‬في الطهارة "‪"625‬‬
‫والدارمي ‪.202 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 140 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وما يقال‪ 1‬إنه صلى اهلل عليه وسلم يجوز أن يكون علم‬
‫الواقعة فيه نظر ظاهر في إنه صلى اهلل عليه وسلم أول‬
‫خاصا ؛‬
‫ً‬ ‫حكما‬
‫علم حالها بحكمها قبل أن يسأل فإن لها ً‬
‫فلما لم يأمرها قبل سؤالها دل على أن علمه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم بها إنما كان بعد سؤالها‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إنما يأمرها بحكمها قبل السؤال عند الحاجة إلى‬
‫البيان ؛ ولعل علمه سابق [قيل]‪ 2‬سؤالها بزمن ال امتداد‬
‫له بحيث ال يحاج إلى البيان فالدليل على عدم العلم بحالها‬
‫ليس ما ذكر ؛ إنها قالت ‪" :‬إني أستحاض فال أطهر"‬
‫أخبرته بشأنها ‪ ،‬ولو كان يعلمه لقالت ‪" :‬إني كما علمت‬
‫أفأدع الصالة" وهذا ظاهر وليس بقاطع‪.‬‬
‫فوائد ‪:‬‬
‫أحدها شكك اإلمام رحمه اهلل في البرهان على تنزيل‬
‫ترك االستفصال منزلة العموم [فإنه]‪ 3‬ال يمتنع أن يكون‬
‫صلى اهلل عليه وسلم علم الواقعة فترك جوابه على ما‬
‫علم وألجل كالم اإلمام هذا قال بعض المتأخرين ‪ :‬حكم‬
‫الشارع في واقعة سئل عنها ولم يقع بعد عام في أحوالها‬
‫ولذلك إن وقعت ولم يعلم كيف وقعت وإ ن علم فال‬
‫عموم‪ .‬وإ ن جهلنا نحن هل علمت [بالوقف]‪ 4‬والظاهر‬
‫العموم‪.‬‬
‫قال ابن دقيق العيد ‪ :‬ولقائل أن يدفع االعتراض المذكور‬
‫الموجب للتوقف بأن األصل عدم العلم بالحالة‬
‫المخصوصة فيعود إلى الحالة التي لم يعلم كيفية وقوعها‬
‫إال أن يكون المراد القطع‪.‬‬
‫نادرا ؛ فهل يجعل‬
‫الثانية ‪ :‬إذا كان بعض صور الواقعة ً‬
‫عاما فيه على القول بالعموم ؟ وبأن‬
‫ترك االستفصال ً‬
‫الصورة النادرة [هل]‪ 5‬تدخل في العموم ؟ أو يقال ‪:‬‬
‫قطعا الحتمال أن تكون هي‬
‫تدخل [الصورة]‪ 6‬النادرة ً‬
‫قطعا ألن دخولها أضعف من دخول‬
‫الواقعة أو ال تدخل ً‬
‫غيرها وهذا عموم حكمي فال يقوى على االستدخال قوة‬
‫صرائح األلفاظ فيه نظر واحتمال واألرجح األول وإ ن‬
‫كان للرافعي [قول]‪ 7‬في اختالع الحائض لما استدل‬
‫بقضية امرأة ثابت أن الحيض ليس بأمر نادر ومن أمثلة‬
‫ذلك ما في الصحيحين عن سبيعة األسلمية أن زوجها‬
‫سعد بن خولة توفي عنها وهي حامل فلم تلبث أن‬
‫وضعت‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" وما يقال من أنه‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" علي‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" بأنه‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 7‬سقط من "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 141 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫حملها بعد وفاته ؛ فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب‬
‫فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال ‪ :‬ما أنت بناكح‬
‫وعشرا ‪ ،‬قالت سبعة ‪ :‬فلما‬
‫ً‬ ‫حتى تمر عليك أربعة أشهر‬
‫قال لي ذلك جمعت على ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد‬
‫حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي‪.1‬‬
‫قال ابن دقيق العيد ‪ :‬استدل به بعضهم على انقضاء العدة‬
‫بوضع الحمل على أي وجه كان مضغة أو علقة استبان‬
‫فيه الخلق أم ال من حيث أنه رتب حل النكاح على وضع‬
‫الحمل من غير استفصال‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وهذا ضعيف [ألن]‪ 2‬الغالب هو الحمل التام‬
‫المتخلق ووضع المضغة والعلة نادر وحمل الجواب‬
‫على الغالب ظاهر ؛ وإ نما يقوي تلك القاعدة حيث ال‬
‫يترجح بعض االحتماالت على بعض‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيه نظر فإن الظاهر دخول النادرة وقوله ‪" :‬إنما‬
‫يقوي تلك القاعدة حيث ال يترجح بعض االحتماالت"‬
‫جوابه أنه ال تعارض بين االحتماالت حتى يطلب‬
‫[مرجح]‪.3‬‬
‫الثالثة ‪ :‬إذا سئل صلى اهلل عليه وسلم عن واقعة‬
‫باقيا‬
‫فاستفصل عن حاله كان [عموم]‪ 4‬فيما لم يستفصل ً‬
‫؛ بل هو أبلغ من العموم فيها إذا لم يستفصل مطلقًا ألن‬
‫استفصاله عن حالة وسكوته أدل على التعميم في‬
‫السكوت ويدل استفصاله في موضع االستفصال على أن‬
‫ما استفصل به قيد في الحكم ومن ثم قال بعض العلماء‬
‫في قوله صلى اهلل عليه وسلم للنعمان بن بشير لما طلب‬
‫منه أن يشهد على هبته لبعض أوداله أكل ولدك نحلته‬
‫مثل هذا ؟ فقال ‪ :‬ال فقال ‪" :‬إني ال أشهد على جور"‪ 5‬أنه‬
‫يشترط في هبة األوالد المساواة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫من حقها أن تذكر في مسائل المجمل والمبين غير أن‬
‫شدة ارتباطها بالمسألة قبلها يوجب أن تذكر عقبها‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 470 /9‬في الطالق "‪."5318‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ترجيح‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" عمومه‪.‬‬
‫‪ 5‬أخرجه البخاري ‪ 258 /5‬في الهبة‪ /‬باب ال يشهد‬
‫على شهادة جور "‪ "2650‬ومسلم ‪ 1243 /3‬في‬
‫الهبات‪ /‬باب كراهة تفضيل بعض األوالد "‪/16‬‬
‫‪."1623‬‬
‫صفحة ‪399 | 142 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وقائع األعيان إذا تطرق إليها االحتمال كساها ثوب‬
‫اإلجمال فقط بها االستدالل‪.‬‬
‫وربما عزبت هذه العبارة إلى الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫وهي الئقة بفصاحته فما أحسن قوله ‪ :‬كساها ثوب‬
‫اإلجمال ؛ إذ الثوب من شأنه أن يغطي ويستر فال يكشف‬
‫ما هو ضمنه‪ .‬وهذا هو شأن اإلجمال يستر المراد فال‬
‫يهتدي إليه طالبه‪.‬‬
‫وقد زعم بعضهم أن هذا يعارض قوله ‪ :‬ترك‬
‫االستفصال في حكاية األحوال ينزل منزلة العموم من‬
‫قبل أنه قضي بالعموم هناك على ذي محتمالت‬
‫واإلجمال هنا على ذي محتمالت‪.‬‬
‫والصواب أن الكالمين لم يتواردا على محل واحد ؛ فذلك‬
‫في صغية مطلقة ترد على ذي أحوال فيعلم أنه لوال‬
‫عمومها لما أطلقها إطالقًا فإن شأنه أجل من أن يطلق في‬
‫موضع التقييد‪.‬‬
‫وهذه في واقعة حكم فيها بحكم ولم نعلم نحن على أي‬
‫الوجهين وقعت ؛ فكيف يقضي بأنها وقعت على كال‬
‫الوجهين ‪ ،‬والقضاء بذلك خطأ قطعي [ألنها]‪ 1‬وإ ن‬
‫احتملت الوجهين إال أنا على قطع بأنها لم تقع إال على‬
‫وجه واحد والحكم صادف ذلك الوجه فإذا لم نعلمه نقف‬
‫ونقضي باإلجمال‪.‬‬
‫[كما]‪ 2‬أن ذلك عموم حكمي غير مكتسب من صيغة‬
‫[وهذا]‪ 3‬إجمال حكمي غير مكتسب من صيغة‪.‬‬
‫فالصيغة لم تقع إال مبينة ؛ ألنها صادفت إحدى الحالتين‬
‫المعروفة عند ورود الصيغة عليها فلم يقع فيها إشكال إال‬
‫في ثاني الحال بالنسبة إليها حيث لم يطلع عليها فصار‬
‫اإلجمال فيها ال في صيغتها‪.‬‬
‫وسمعت الوالد رحمه اهلل يذكر في الجمع بين العبارتين‬
‫بعدما عزاها إلى الشافعي أن القاعدة األولى [االستدالل]‬
‫‪ 4‬فيها بقول الشارع وعمومه ومثل لها بقوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم لفيروز وقد قال ‪ :‬إني أسلمت وتحتي أختان ‪:‬‬
‫اختر أيتهما شئت‪.‬‬
‫قال ‪ :‬والثانية ‪ :‬سقوط االستدالل بالواقعة نفسها ال بكالم‬
‫الشارع والواقعة نفسها‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إليها‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" لالستدالل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 143 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ليست بحجة وكالم الشارع حجة وكالم الشارع ال إجمال‬
‫فيه‪ .‬والواقعة فيها إجمال عند تطرق االحتمال ؛ انتهى‪.‬‬
‫وذكره [في]‪ 1‬باب ما يحرم من النكاح في شرح المنهاج‬
‫وهو حق إال أنه وقف على فهمي منه قوله ‪ :‬إن القاعدة‬
‫األولى االستدالل فيها بعموم لفظ الشارع مع أن شرطها‬
‫أن ال يكون هناك لفظ عام لكن يؤيده [استدالله]‪ 2‬بحديث‬
‫فيروز وفيه لفظ أي وكذلك استشهد به غيره ولذلك أمثلة‪.‬‬
‫منها ‪ :‬أنه صلى اهلل عليه وسلم صلى [العشاء]‪ 3‬بعد‬
‫غيبوبة الشفق‪ ، 4‬وأنه صلى اهلل عليه وسلم صلى داخل‬
‫الكعبة‪ 5‬فال يعم الشفقين وال الفرض والنقل وهي مسألة‬
‫أن الفعل ال عموم له خالفًا لقوم‪.‬‬
‫ومنها أنه صلى اهلل عليه وسلم كان يغتسل هو وبعض‬
‫أزواجه رضي اهلل عنهن [في]‪ 6‬إناء واحد تختلف أيديهما‬
‫فيه‪ 7‬؛ فيحتمل حصول رشاش ويكون حينئذ دلياًل على‬
‫أن مثل هذا ال يضر وال يقدر مخالفًا للماء وال يستدل به‬
‫على الطهارة بفضل المرأة لجواز أنها استعملت بعده‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬تختلف أيديهما فيه ال عموم له إذ ال يصدق مع‬
‫تأخره عنه ولهذا جاء في الحديث أنها قالت ‪ :‬أبق لي أبق‬
‫لي‪ 8‬ولم يقل هو صلى اهلل عليه وسلم لها ‪" :‬أبقي لي"‪.‬‬
‫معا‬
‫قال ‪ :‬ابن دقيق العيد ‪ :‬لما احتمل اللفظ اغترافهما ً‬
‫واغترافها بعده لم يكن فيه عموم فكفى العمل به من‬
‫وجه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" عند‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" استشهاده‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬الشافعي في األم ‪ ، 71 /1‬وأحمد في المسند ‪333 /1‬‬
‫‪ ،‬وأبو داود ‪ 107 /1‬في الصالة "‪ "393‬والترمذي ‪/1‬‬
‫‪ "149" 278‬وابن خزيمة ‪."325" 168 /1‬‬
‫البخاري ‪ 578 /1‬في الصالة "‪ "505‬ومسلم ‪966 /2‬‬
‫في الحج‪ /‬باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره "‬
‫‪."1329 /388‬‬
‫‪ 6‬في "ب" من‪.‬‬
‫‪ 7‬أخرجه مسلم ‪ 256 /1‬في الحيض‪ /‬باب القدر‬
‫المستحب من الماء في غسل الجنابة "‪."321 /45‬‬
‫‪ 8‬في رواية مسلم دع لي دع لي "‪."321 /46‬‬
‫صفحة ‪399 | 144 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪ :‬ذهبت الحنفية إلى أن القلتين ينجسان بمالقاة‬
‫النجاسة ‪ ،‬لقلتها عندهم إذا الكثير عندهم هو المستبحر ‪،‬‬
‫زنجيا وقع في بئر زمزم فمات فأمر ابن‬
‫ً‬ ‫واحتجوا بأن‬
‫عباس رضي اهلل عنها بمائها أن ينزح األثر‪ .‬قالوا ‪:‬‬
‫وزمزم ماؤها أكثر من قلتين ولم ينقل تغييرها ؛ فدل‬
‫على تنجسها بمجرد المالقاة‪.‬‬
‫وأجاب الشافعي رضي اهلل عنه بأجوبة‪.‬‬
‫منها ‪ :‬أن الدم قد يكون ظهر [فيها]‪ 1‬فنزحها ربما كان‬
‫وجوبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تنظيفًا ال‬
‫أشار رضي اهلل عنه بهذا إلى أنها واقعة عين احتمل أن‬
‫طا الحتمال التغيير‬
‫يكون نزحها تنظيفًا ‪ ،‬وأن يكون احتيا ً‬
‫‪ ،‬وأن يكون [الحتمال]‪ 2‬النجاسة فيما إذا لم تتعين‬
‫النجاسة‪.‬‬
‫مسألة خالفية بيننا وبين الحنفية ‪:‬‬
‫ففي المساواة بين الشيئين أو األشياء يقتضي العموم لكن‬
‫بالطريقة التي قررناها في األصول‪.‬‬
‫وقد مثل له الفريقان بما دعاهم إلى ذكره في مسألة قتل‬
‫اب‬ ‫المسلم بالكافر وهو قوله تعالى ‪{ :‬اَل َي ْستَِوي ْ‬
‫َأص َح ُ‬
‫اب اْل َجَّن ِة}‪ 3‬؛ فمن حيث تعميمه لكونه نكرة‬ ‫الن ِار َو ْ‬
‫َأص َح ُ‬ ‫َّ‬
‫في سياق النفي‪.‬‬
‫قالت الشافعية ‪ :‬انتفت المساواة بين المسلم والكافر فال‬
‫يقتل به‪ .‬وعندي أن التمسك بهذه اآلية غير متوجه ؛ فإن‬
‫فيها إشارة إلى تخصيص المساواة [بالقول]‪ 4‬حيث قال ‪:‬‬
‫اب اْل َجَّن ِة ُه ُم اْلفَاِئ ُزون} أشار إلى أن المعنى نفي‬
‫{َأص َح ُ‬
‫ْ‬
‫المساواة من هذه الحيثية ال مطلقًا فالصواب التمثيل بغير‬
‫هذه اآلية‪.‬‬
‫ورأيت الماوردي لما نقل عن عبد اهلل بن عمر وعبد اهلل‬
‫بن عمرو رضي اهلل عنهما منع الوضوء بماء البحر‬
‫{و َما َي ْستَِوي اْلَب ْح َر ِ‬
‫ان}‪.5‬‬ ‫استدل لهما بقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫قال ‪ :‬وهذا يدل على أن البحر المالح ال يجوز الوضوء‬
‫به ؛ إذ لو جاز ال يستويان ولك أن تقول ‪ :‬هذا كاألول‬
‫وأزيد ؛ وإ نما قلت إنه كاألول لقوله عقيبه وما يستوي‬
‫البحران هذا‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في ب‪.‬‬
‫‪ 3‬الحشر ‪.20‬‬
‫‪ 4‬في "ب" القود‪.‬‬
‫‪ 5‬فاطر ‪.12‬‬
‫صفحة ‪399 | 145 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ؛ وإ نما قلت ‪:‬‬
‫ط ِرًّيا}‬ ‫{و ِم ْن ُك ٍّل تَْأ ُكلُ َ‬
‫ون لَ ْح ًما َ‬ ‫إنه أزيد لقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫اآلية ؛ فقد سوى بينهما في أكل اللحم واستخراج الحلية‬
‫بعدما نفي المساواة فدل على أن المراد ليس نفيها مطلقًا‬
‫خاصا وهو ما سيقت له من االمتنان بما أنعم اهلل‬
‫ً‬ ‫بل نفيها‬
‫عليهم من البحرين كما قلنا في اآلية قبلها‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فأقول ‪ :‬أوضح من اآليتين في التمثيل‬
‫قوله تعالى ‪َ{ :‬أفَم ْن َكان م ِمًنا َكم ْن َكان فَ ِ‬
‫اسقًا اَل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْؤ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫يستَوون}‪ 1‬؛ فإنه تعالى وإ ن قال عقب ذلك ‪َِّ َّ :‬‬
‫{َأما الذ َ‬ ‫َُْ َ‬
‫َآ َم ُنوا} اآليتين ؛ فليس قوي الداللة في أنه إنما أراد هذه‬
‫الحيثية لوقوعه في آيتين ‪ ،‬ومن ثم لم أمثل في جمع‬
‫الجوامع إال بهذه اآلية حيث قلت ‪ :‬وتعميم نحو ‪{ :‬اَل‬
‫ون} وإ ن كان فيها هذا االحتمال إال أنه ليس بظاهر‬
‫َي ْستَ ُو َ‬
‫فيها ألنها في قوة قولك ‪" :‬ال يستوي المؤمن والكافر‬
‫ومن ثم للمؤمن كذا وللكافر كذا" فتدل اآلية على أن‬
‫الفاسق ال يلي النكاح‪.‬‬
‫ولست أدعي الصراحة وال الظهور الذي تطهر به‬
‫القلوب ؛ بل إنه في اآلية أوضح منه في اآليتين‬
‫السابقتين‪.‬‬
‫{و َما َي ْستَِوي ْ‬
‫اَأْلع َمى‬ ‫وكذلك في قوله تعالى في غافر‪َ 2‬‬
‫يء} ؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬
‫ين َآ َمُنوا َو َعملُوا الصَّال َحات َواَل اْل ُمس ُ‬
‫َواْلَبص ُير َوالذ َ‬
‫ففيه داللة على أن البصير أولى في إمامة الصالة من‬
‫األعمى وهو رأي الشيخ أبي إسحاق ‪ ،‬ورجحه الوالد‬
‫رحمهما اهلل‪.‬‬
‫وكذلك قوله تعالى في سورة النحل‪{ : 3‬وضر َّ‬
‫ب اللهُ‬ ‫َ ََ َ‬
‫َأح ُد ُه َما َْأب َك ُم اَل َي ْق ِد ُر َعلَى َش ْي ٍء اَل َي ْق ِد ُر َعلَى‬
‫َمثَاًل َر ُجلَ ْي ِن َ‬
‫َش ْي ٍء َو ُه َو َك ٌّل َعلَى َم ْواَل هُ َْأيَن َما ُي َو ِّج ْههُ اَل َيْأ ِت بِ َخ ْي ٍر َه ْل‬
‫اط ُم ْستَِق ٍيم}‪.‬‬‫صر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْستَِوي ُه َو َو َم ْن َيْأ ُم ُر بِاْل َع ْدل َو ُه َو َعلَى َ‬
‫ين‬ ‫وقوله تعالى في سورة الجاثية‪َ{ : 4‬أم ح ِس َِّ‬
‫ب الذ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ين َآ َمُنوا َو َع ِملُوا‬ ‫َِّ‬
‫َأن َن ْج َعلَهُ ْم َكالذ َ‬ ‫ات ْ‬‫اجتَرحوا السَِّّيَئ ِ‬
‫ْ َ ُ‬
‫اء} على قراءة النصب وبها قرأ حمزة‬ ‫ِ ِ‬
‫الصَّال َحات َس َو ً‬
‫والكسائي وحفص‪.‬‬
‫وقوله في سورة آل عمران‪{ : 5‬لَ ْي ُسوا َس َواء} اي ليس‬
‫أهل الكتاب مستويين أي سواء أوقفنا على سواء وقلنا ‪:‬‬
‫الواو ضمير ألهل الكتاب ‪ ،‬و"ليس" اسم خبرها سواء‬
‫و"من أهل الكتاب" خبر مقدم وأنه رفع باالبتداء ‪،‬‬
‫و"قائمة" نعت لها ‪ ،‬والجملة مستأنفة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬السجدة ‪.18‬‬
‫‪.58 2‬‬
‫‪.76 3‬‬
‫‪.21 4‬‬
‫‪.113 5‬‬
‫صفحة ‪399 | 146 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫لبيان انتفاء التسوية أو قلنا ‪" :‬أمة" مرتفعة بسواء أي‬
‫ليس أهل الكتاب مستويان من أهل الكتاب أمة قائمة‬
‫موصوفة بما ذكر واخمة كافرة وحذفا لعامل لداللة‬
‫المذكورعليها كقوله ‪:‬‬
‫دعاني إليها القلب إني ألمرها سميع فما أدري أرشد‬
‫طالبها‬
‫أي ‪" :‬أم غي"‪.‬‬
‫وقوله تعالى في سورة الحديد‪{ : 1‬اَل َي ْستَِوي ِم ْن ُك ْم َم ْن‬
‫ق ِم ْن قَْب ِل اْلفَتْ ِح َوقَاتَ َل}‪...‬‬
‫َْأنفَ َ‬
‫فرع ‪ :‬دفع المكاتب من الزكاة فهل له صرفه إلى غير‬
‫النجوم ؟ نقل اإلمام أن له ذلك ‪ ،‬وأن يؤدي النجوم من‬
‫كسبه ‪ ،‬وقطع صاحب الشامل بأنه ليس له ذلك ‪ ،‬قال‬
‫النووي ‪" ،‬وهو أقيس" قال الرافعي ‪ :‬ويجب أن يكون‬
‫الغارم كالمكاتب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويمكن رد الخالف إلى الخالف فيما لو استغنى‬
‫المكاتب أو الغارم بما أعطيه ويفي مال الزكاة في يده‬
‫هل يسترد منه ؟ واألصح أنه ال يسترد ؛ فإن قلت ‪ :‬قد‬
‫رجح تعين الصرف في جهة الكتابة والدين مع كون‬
‫واجبا ‪ ،‬وقد قلتم ‪ :‬إن مع الوجوب ال تتعين‬
‫المدفوع ً‬
‫الجهة المدفوع بسببها‪ .‬قلت ‪ :‬ال يجب في الزكاة الدفع‬
‫لهذا الغارم وهذا المكاتب بعينه [وبتقدير تعينه]‪ 2‬؛‬
‫فالفرق أن مال الزكاة موزع بقسمة اهلل تعالى بين‬
‫أصناف ال بد من استيعابها لمقصد الشارع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الطعام والكسوة في الكفارات ال خالف أنه ال‬
‫يتعين ويجوز صرفه في غير جهة الكسوة والطعام‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫في سرد شيء من فروع حمل المطلق على المقيد‪.‬‬
‫فمنها ‪ :‬ما لو قال لزوجته وأجنبية ‪ :‬إحداكما طالق لم‬
‫تتعين الزوجة على الصحيح ؛ بل له أن يقول ‪ :‬إني‬
‫أردت األجنبية ‪ ،‬وال يلزمه طالق‪.‬‬
‫فلو قال ‪ :‬ما عينت واحدة بقلبي حكم بقووع الطالق ؛‬
‫وإ نما ينصرف الطالق عن الزوجة عند إرادة األجنبية ال‬
‫عند اإلطالق‪ .‬ذكره الرافعي قبل الباب السادس من‬
‫التعليقات‪.‬‬
‫_________‬
‫‪.10 1‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 147 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫المقيد بمتنافيين يستغنى عنهما ويرجع إلى أصل اإلطالق‬
‫‪ ،‬وفيه صور‪.‬‬
‫فمنها ‪ :‬لو قال ‪ :‬أنت طالق طلقة حسنة قبيحة أو نحوه‬
‫فيما يجمع فيه بين صفتي المدح والذم والمخاطبة من‬
‫ذوات األقراء وقع الطالق في الحال ‪ ،‬كما لو قال للسنة‬
‫والبدعة وفي توجيهه خالف األظهر عند الرافعي أن‬
‫وجهه أنه وصف الطالق بمتضادين فيلغوان ويبقى أصل‬
‫الطالق‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬لو شهد اثنان أنه زنا بها مكرهة وآخر أنه زنا‬
‫قطعا ‪ ،‬وال عليه على‬
‫بها طائعة لم يجب عليها حد الزنا ً‬
‫الصحيح مع أن الطواعية والكراهية متقابالن فهل ال‬
‫يثبت أصل الزنا‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ألن تقييده بالكراهية ال يقدح في أصله ‪ ،‬وعلى‬
‫شاهدي الطواعية حد القذف للمرأة فامتنع قبول قولهما‬
‫لنفسهما‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬إذا ولغ كلب في إناء أحدكم‬
‫فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب"‪ 1‬وفي رواية ‪:‬‬
‫أوالهن بالتراب‪ ، 2‬وفي رواية ‪" :‬فعفروه الثامنة‬
‫بالتراب"‪.3‬‬
‫فسال سائل ‪ :‬لم ال تتعين الولى حملصا للمطلق في‬
‫إحداهن على المقيد فيها فأجبت ‪ :‬إن رواية "إحداهن"‬
‫تعارضها "فعفروه الثامنة"‪.‬‬
‫وضعف هذا الجواب بأنه ال معارضة بينهما ويمكن‬
‫العمل بهما أوالتخيير بين األولى واألخيرة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن‬
‫الشافعي نص على هذا في مختصر البويطي‪.‬‬
‫كحل ذلك ذكرته في شرحي "المختصر"‪ ...‬و"المنهاج"‬
‫والذي أفنده هنا أن سماعي من الوالد رحمه اهلل في درس‬
‫الغزالية مرة وخارج الدرس غير مرة أن الشافعي‬
‫رضي اهلل عنه روى "أوالهن أو أخراهن" قال الوالد‬
‫رحمه اهلل ‪ :‬فإن ثبت هذا في الحديث فهو للتخيير فينبغي‬
‫أن يجب في إحداهما ال بعينها وال يجزئ في غيرهما وال‬
‫أعرف قائاًل به وإ ن لم يكن في الحديث بل كان ش ًكا من‬
‫الراوي فيحتمل أمرين ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬الدارقطني في السنن ‪.65 /1‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 34 /1‬في الطهارة "‪."279 /91‬‬
‫‪ 3‬مسلم في المصدر السابق "‪."280 /93‬‬
‫صفحة ‪399 | 148 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫أيضا ؛ ألنه إذا حصل التراب في‬
‫أن يكون الحكم كذلك ً‬
‫غيرهما يقطع بعدم حصول المرتين‪.‬‬
‫وإ ذا استعمله في إحداهما احتمل حصول المقصود ‪،‬‬
‫ويبقى غيرها محتماًل واألصل عدمه ‪ ،‬وهذا كما يقول ‪:‬‬
‫فيمن شك "هل" الخارج من ذكره مني أو مذي [أنه‬
‫جميعا وال يجزئ‬
‫ً‬ ‫يتحرى ويحتمل أن يقال ‪ :‬يجيئان‬
‫غيرهما "وهذا مأخذه مأخذ القول بوجوب االحتياط في‬
‫مسألة إذا شك هل الخارج من ذكره مذي أو مني]‪ 1‬وال‬
‫أعرف من قال بهذا الوجه‪.‬‬
‫ويحتمل احتمااًل ثالثًا ‪ :‬وهو أن الشك لما وقع من الراوي‬
‫واحدا منهما وال يجب واحد منهما وهذا يشبه‬ ‫لم يثبت ً‬
‫تساقط البيتين ؛ بل هو أولى ألن كال من البيتين جازمة‬
‫بما قالت ‪ ،‬والشاك لم يجزم بشيء ؛ فلم تثبت األولى وال‬
‫األخيرة وعلى هذا ال يثبت من هذه الرواية وجوب‬
‫التراب أصاًل لكنا نأخذه من الرواية األخرى وهي مطلقة‬
‫فنقيها على إطالقها لعدم ثبوت المقيد أعني بالنسبة إلى‬
‫هذه الرواية‪.‬‬
‫نعم وردت رواية أخرى جازمة فيها "أوالهن" ؛ فإن‬
‫يرجح على رواية الشك كان التساقط ألجل شك الراوي‬
‫حينئذ ال يبقى بها وإ ن ترجحت يبقى النظر بينهما وبين‬
‫المطلقة‪.‬‬
‫فإن كان اختالفًا من الرواة "فينبغي النظر والترجيح فإن‬
‫ترجحت المطلقة عمل بها وإ ن ترجحت المقيدة تعين في‬
‫األولى‪.‬‬
‫وإ ن لم يكن اختالفًا من الرواة ؛ بل يكون النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم نطق بهما في مرتين كان من حمل المطلق‬
‫على المقيد فيتعين في األولى إال أن يعارض بقوله ‪:‬‬
‫الثامنة بالتراب "إذا لم نجعل الثامنة ثامنة العدد ويحنئذ‬
‫مقيدا بقيدين فيبقى على إطالقه" انتهى كالم الوالد‬
‫يكون ً‬
‫رحمه اهلل‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬سلمنا أنه مقيد بقيدين ‪ ،‬ولكن لم قلتم ‪ :‬يبقى على‬
‫إطالقه وال تنافي بين القيدين ؟‬
‫فائدة ‪ :‬أعرب القاضي الماوردي في كتاب "الحاوي"‬
‫وفي كتاب "أدب القضاء"‬
‫_________‬
‫‪ 1‬من قول إنه يتخير إلى أو مني سقط من "أ" والمثبت‬
‫من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 149 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫أولى المذاهب عندي في المطلق والمقيد أن يعتبر‬
‫أغلظهما ؛ فإن كان المطلق حمل المقيد عليه وإ ن كان‬
‫تيقنا‬
‫المقيد حمل المطلق عليه ؛ لئال يؤدي إلى إسقاط ما ً‬
‫وجوبه باالحتمال ‪ ،‬وحكاه عنه صاحب البحر ساكتًا‬
‫أبدا أغلظ من المطلق‬
‫عليه‪ .‬وهو كالم عجيب فإن المقيد ً‬
‫الشتماله عليه ‪ ،‬فأي شيء هو غير مذهب الشافعي‬
‫"رضي اهلل عنه" ‪ ،‬فإن قال في "أعتق رقبة" مثاًل إنه‬
‫مطلق و"أعتق معينة" أنه مقيد ‪ ،‬وإ ن قال ‪ :‬أجوز غير‬
‫المعينة حماًل للفظ على إطالقه ؛ فيقال له إن كان ذلك‬
‫لقياس فإن إجزاء المعينة يقتضي إجزاء غيرها بطريق‬
‫األولى‪ .‬فنحن ال ننكره وليس مما نحن فيه‪ .‬وإ ن كان ال‬
‫قياس فهو إسقاط للفظ الشارع بال موجب ؛ بل متى أمكن‬
‫جميعا‬
‫ً‬ ‫تعين المعينة تعينت وكنا قد علمنا بالمطلق والمقيد‬
‫‪ ،‬ألن المطلق ال ينافيها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"المختار إذا نسخ حكم األصل ال يبقى معه حكم الفرع"‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أنه إذا ثبت حكم من األحكام في مسألة مثاًل‬
‫بنص ثم استنبطنا منه علة ‪ ،‬أو كانت منصوصة وألحقنا‬
‫قياسا ثم نسخ األ‬
‫بالحكم المنصوص ما ليس بمنصوص ً‬
‫صل الذي استنبطنا منه القياس تداعي ذلك إلى ارتفاع‬
‫القياس المستنبط عنه وخالفت الحنفية في ذلك‪.‬‬
‫وعليه مسائل ‪ :‬منها ‪ :‬قالوا ‪ :‬ال يجوز التوضؤ بالنبيذ‬
‫المسكر النيء ويجوز بالمطبوخ وقالوا ‪ :‬قد توضأ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالنيء‪ 1‬وألحق به‬
‫قياسا ثم نسخ الوضوء بالنيء وبقي التوضؤ‬
‫المطبوخ ً‬
‫بالمطبوخ‪.‬‬
‫واجبا ويجوز‬
‫ومنها ‪ :‬ادعوا أن صوم يوم عاشورا كان ً‬
‫نهارا باإلجماع‪ .‬قالوا ‪ :‬وألحق به‬
‫إيقاع النية فيه ً‬
‫قياسا‪.‬‬
‫رمضان ً‬
‫قلنا لهم ‪ :‬قد نسخ صوم [يوم]‪ 2‬عاشوراء إن اتفق إيجابه‬
‫‪ ،‬قالوا ‪ :‬قد ينسخ األصل ويبقى حكم القياس في الفرع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال علماؤنا ‪ :‬يكره شرب المنصف والخليط‬
‫وسببه أن الشدة واإلسكار‬
‫_________‬
‫‪ 1‬روى من حديث ابن مسعود وابن عباس فحديث ابن‬
‫مسعود رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وحديث ابن‬
‫عباس رواه ابن ماجه في السنن‪.‬‬
‫وانظر الكالم على هذين الطريقتين مفصاًل في نصب‬
‫الراية للزيلعي ‪.148 -137‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 150 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫يتسارع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير الطعم فيظن‬
‫الشارب أنه ليس بمسكر وهو مسكر‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬وهذا كالنهي عن الظروف التي كانوا‬
‫ينبذون فيها واعترضه ابن الرفعة بأنه لو صح هذا‬
‫التشبيه ال نتفت الكراهة ألن النهي عن اتخاذ الظروف‬
‫نسخ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيه نظر ألنه ‪-‬أعني‪ -‬ابن الرفعة ‪-‬حاول أن‬
‫يكون الرافعي قد قاس على أصل منسوخ كما فعلت‬

‫الحنفية فيما قدمنا وليس كذلك ؛ ٍوإ نما شبه ً‬


‫حكما بحكم‬
‫من غير أن يجعل وجه الشبه أصل القياس‪.‬‬
‫وإ نما يرد هذا على الرافعي لو قال ‪" :‬إنما"‪ 1‬كرهنا‬
‫شرب الخليط‪[ 2‬ألن النهي عن اتخاذ الظروف نسخ]‪3‬‬
‫وليس ذلك في كالمه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫إذا تعارض القول والفعل فالقول أقوى على األقوى‪.‬‬
‫وعندي تنقيح [لهذا]‪ 4‬القول األقوى وهو أن القول إذا دل‬
‫على الحكم من تحليل وتحريم وال ينبغي أن يكون في‬
‫ذلك خالف والفعل أدل على الكيفية ولذلك لما أراد‬
‫"الصحابي"‪ 5‬أن يثبت في األذهان كيفية وضوء رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم توضأ بحضرتهم ليريهم ذلك‬
‫غير قانع بوصفه باللسان وال ينبغي أن يكون في ذلك‬
‫خالف ‪ ،‬ولوال تصريح كثير بما ظاهره خالف ما أقول‬
‫لتركيب [الخالف]‪ 6‬في أن الفعل مقدم أو القول على‬
‫هذين الحالين وإ ذا عرفت أن القول مقدم ؛ فنحن نذكر‬
‫أمثلة من تعارض األقوال واألفعال ثم ما اخترنا فيه‬
‫قضاء الفعل على القول سببه وما جرينا فيه على األصل‬
‫في تقديم القول سكتنا عنه‪.‬‬
‫فمنها ‪ :‬الساجد‪ .‬قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬يضع‬
‫ركبتيه قبل يديه لما روى أبو داود والترمذي من حديث‬
‫وائل بن حجر "رأيت رسول اهلل إذا سجد وضع ركبتيه‬
‫قبل يديه"‪ 7‬وهذا صريح وهو على شرط مسلم ‪ ،‬وقال‬
‫الترمذي ‪ :‬إنه حديث حسن‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إنا‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بالقياس على الظروف‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" بهذا‪.‬‬
‫‪ 5‬في "أ" الفحال‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" االختالف‪.‬‬
‫‪ 7‬أبو داود ‪ 222 /1‬في الصالة‪ /‬باب كيف يضع‬
‫ركبتيه "‪ "838‬والترمذي ‪ 56 /2‬في أبواب الصالة "‬
‫‪ "268‬والنسائي ‪ 205 /2‬في كتاب التطبيق وابن ماجه‬
‫‪ 286 /1‬في إقامة الصالة "‪ "882‬وابن خزيمة ‪/1‬‬
‫‪ "629" 319‬وابن حبان ‪."1903" 291 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 151 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫أيضا عن أبي هريرة قال‬
‫ويعارضه حديث رواه أبو داود ً‬
‫‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬إذا سجد أحدكم‬
‫فال يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه"‪1‬‬
‫وإ سناده جيد وبه أخذ مالك رحمه اهلل‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل ‪ :‬ويترجح بأنه قول‬
‫وأمر وهو أقوى من الفعل وكاد يقدم على ترجيح مذهب‬
‫مالك‪.‬‬
‫وتوقف النووي في شرح المهذب بين المذهبين [قال]‪2‬‬
‫ولم يرجح أحدهما من حيث السنة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفي صحيح ابن خزيمة من حديث سعد بن أبي‬
‫وقاص ‪" :‬كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بالركبتين‬
‫في اليدين‪ "...‬وهذا عمدة في النسخ غير أن الشيخ اإلمام‬
‫ذاكرا أن في إسناده ضعفًا‪.‬‬
‫توقف فيه ً‬
‫ومنها ‪ :‬سجود السهو‪ .‬وروي عن الزهري ‪ :‬سجد‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قبل السالم وبعد السالم‪3‬‬
‫‪ ،‬وأخر األمرين قبل السالم وهذا من تعارض الفعلين "ال‬
‫القول والفعل"‪ 4‬وقد بين فيه األخير من األمرين فأمره‬
‫واضح‪.‬‬
‫ومنها القيام للجنازة‪ .‬قال علي كرم اهلل وجهه ‪" :‬قام‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقمنا معه ثم قعد فقعدنا"‬
‫رواه مسلم‪ 5‬وهو كالذي قبله‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أبو داود ‪ 222 /1‬في الصالة "‪ "840‬والترمذي ‪/2‬‬
‫‪ 57‬أبواب الصالة "‪ "269‬والنسائي ‪ ، 207 /2‬وأحمد‬
‫في المسند ‪ 381 /2‬الدارقطني في السنن ‪" 344 /1‬‬
‫‪ ، "3‬والبيهقي في السنن الكبرى ‪.99 /2‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 319 /1 3‬باب ذكر الدليل على أن األمر بوضع اليدين‬
‫قبل الركبتين عند السجود "منسوخ "‪."628‬‬
‫‪ 4‬قال الزيلعي ‪ :‬اختلف الناس في هذه المسألة على‬
‫أربعة أقوال فطائفة رأت السجدة بعد السالم عماًل بحديث‬
‫ذي اليدين وهو مذهب الحنفية ‪ ،‬وقال به من الصحابة‬
‫علي وسعد وعبد اهلل بن الزبير ومن التابعين الحسن‬
‫وإ براهيم النخعي وعبد الرحمن بن أبي ليلى والحسن بن‬
‫صالح وأهل الكوفة ‪ ،‬وذهبت طائفة إلى أن السجود قبل‬
‫السالم أخ ًذا بحديث ابن بحينة رواه البخاري وأخذ‬
‫بحديث الخدري رواه مسلم‪.‬‬
‫وانظر مزيد تفصيل في نصب الراية ‪.170 /2‬‬
‫‪ 262 /2 5‬في الجنائز‪ /‬باب نسخ القيام للجنازة "‪/84‬‬
‫‪."962‬‬
‫صفحة ‪399 | 152 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪ :‬نهيه صلى اهلل عليه وسلم عن الصالة بعد‬
‫العصر‪ 1‬ثم صالته‪ 2‬الركعتين بعدها قضاء لسنة الظهر‬
‫عاما‪.‬‬
‫‪ ،‬وهو فعل خاص عارض [قواًل وفعاًل ]‪ً 3‬‬
‫ومنها ‪ :‬النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء‬
‫الحاجة‪ .4‬ورواه ابن عمر مستدبر الكعبة ومستقبل بيت‬
‫المقدس بين البيوت‪ 5‬بالمدينة فخصص الشافعي‬
‫وجمهور العلماء "رضي اهلل عنهم" القول بهذا الفعل ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬النهي عن الصالة بعد العصر مخصوص بما له‬
‫سبب كقضاء الفائتة ‪ ،‬وعن االستقبال واالستدبار‬
‫مخصوص بالبنيان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة ‪:‬‬
‫"كل مما يليك"‪ 6‬وروى أنس أنه صلى اهلل عليه وسلم‬
‫كان يتتبع الدباء من جوانب الصفحة‪.7‬‬
‫قائما‬
‫ومنها ‪ :‬نهيه صلى اهلل عليه وسلم عن الشرب‪ً 9‬‬
‫وثبت أنه صلى اهلل عليه وسلم فعل ذلك‪ 10‬فحمل النهي‬
‫على كراهة التنزيع ‪ ،‬وشربه صلى اهلل عليه وسلم على‬
‫مكروها في‬
‫ً‬ ‫بيان الجواز ‪ ،‬وإ ذا فعل لهذا الغرض لم يكن‬
‫حقه وقت فعله إياه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 61 /2‬في كتاب مواقيت الصالة "‪، "586‬‬
‫ومسلم ‪ 567 /4‬في صالة المسافرين "‪."827 /288‬‬
‫‪ 2‬انظر البخاري ‪ 105 /3‬حديث "‪ "1233‬ومسلم ‪/1‬‬
‫‪."834 -297" 571‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬انظر البخاري ‪ "394" 498 /1‬ومسلم ‪ 224 /1‬في‬
‫الطهارة باب االستطابة "‪."264 /59‬‬
‫‪ 5‬انظر البخاري ‪ "148" 250 /1‬ومسلم ‪" 225 /1‬‬
‫‪."266 /62‬‬
‫‪ 6‬البخاري ‪ 521 /9‬في األطعمة‪ /‬باب التسمية على‬
‫الطعام "‪ "5376‬ومسلم ‪ 1599 /3‬في األشربة‪ /‬باب‬
‫آداب الطعام "‪."2022 /108‬‬
‫‪ 7‬البخاري ‪ 318 /4‬في البيوع ‪ :‬باب الخياط "‪"2092‬‬
‫وفي األشربة "‪."2041 /144‬‬
‫‪ 8‬مسلم من حديث جابر رضي اهلل عنه في اللباس‪ /‬باب‬
‫في منع االستلقاء على الظهر "‪."2099 /72‬‬
‫‪ 9‬انظر صحيح مسلم في األشربة‪ /‬باب كراهية الشرب‬
‫قائما ‪ 1600 /3‬في المصدر نفسه حديث "‪/116‬‬
‫ً‬
‫‪."2026‬‬
‫‪ 10‬انظر البخاري ‪ "1637" 492 /3‬وحديث "‪"5617‬‬
‫ومسلم ‪."2027 /120" 162 /3‬‬
‫صفحة ‪399 | 153 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫ومنها ‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬توضؤوا مما مست‬
‫النار"‪ ، 1‬وثبت أنه صلى اهلل عليه وسلم أكل من كتف‬
‫شاة وصل ولم يتوضأ‪ 2‬وقال جابر ‪ :‬كان آخر األمرين‬
‫من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ترك الوضوء مما‬
‫مست النار ومن ثم ذهب الجمهور إلى أن القول منسوخ‬
‫‪ ،‬ومنها قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬أفطر الحاجم‬
‫والمحجوم"‪ .3‬وقال ابن عباس ‪ :‬احتجم النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وهو محرم صائم‪ ...4‬قال الشافعي‬
‫شدادا قال في حديث ‪ :‬كنت‬
‫والجمهور الفعل ناسخ ؛ ألن ً‬
‫مع رسول اهلل زمان الفتح لثمان عشرة خلت من رمضان‬
‫فرأى رجاًل يحتجم فقال ‪ :‬أفطر الحاجم والمحجوم‪.5‬‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬ولم يصحب ابن عباس‬
‫محرما قبل حجة الوداع فكان‬
‫ً‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فعله سنة عشر وقوله ‪ :‬عام الفتح سنة ثمان ؛ فالفعل‬
‫ناسخ ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الفعل من خصائصه وقيل ‪ :‬القول مقدم‪.‬‬
‫ومنها ‪[ :‬حديث]‪ 6‬يعلى بن أمية‪ 7‬أن رجاًل سأل النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بالجعرانة ‪-‬كيف ترى في رجل‬
‫أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب فقال النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬أما الطيب الذي بك فاغسله ثالث‬
‫مرات وأما الجبة فانزعها واصنع في عمرتك كما تصنع‬
‫في حجتك" وقالت عائشة رضي اهلل عنها ‪ :‬طيبت‬
‫محرما‬
‫ً‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بيدي ثم أصبح‬
‫طيبا‪ .‬وفي رواية عنها ‪ :‬لقد رأيت وبيص‬
‫يتضمخ ً‬
‫المسك في مفرق رسول اهلل بعد ثالث وهو محرم‪7‬‬
‫فرأى الشافعي وأحمد رحمهما اهلل وطوائف أن هذا الفعل‬
‫في حجة الوداع كما جاء‬
‫_________‬
‫‪ 1‬مسلم ‪ 273 /1‬في الحيض ‪ :‬باب الوضوء مما مست‬
‫النار "‪."352 /90‬‬
‫‪ 2‬البخاري ‪ 310 /1‬في الوضوء "‪ "207‬ومسلم ‪/1‬‬
‫‪ 273‬الحيض "‪."354 /91‬‬
‫‪ 3‬أخرجه أبو داود ‪ 308 /2‬في الصوم باب في الصائم‬
‫يحتجم "‪ "2369‬وابن ماجه ‪ 537 /1‬في الصيام "‬
‫‪ "1681‬والشافعي في المسند ‪ "685" 255 /1‬وأحمد‬
‫في المسند ‪ 123 /4‬والدارمي في السنن ‪ 14 /2‬والبيع‬
‫في ‪ 265 /4‬والحام ‪.428 /1‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 50 /3‬في جزاء الصيد "‪ "1835‬ومسلم ‪/2‬‬
‫‪ 862‬في الحج باب جواز الحجامة للمحرم "‪/87‬‬
‫‪ "1202‬وابن ماجه ‪ 537 /1‬في الصام‪ /‬باب ما جاء في‬
‫الحجامة للصائم "‪."1682‬‬
‫‪ 5‬ابن ماجه المصدر السابق "‪."1681‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 7‬البخاري ‪ 393 /4‬في الحج "‪ "1536‬وفي ‪ 9 /9‬في‬
‫فضائل القرآن "‪ "4985‬ومسلم ‪ 836 /2‬حديث "‪/6‬‬
‫‪."847" "1180‬‬
‫صفحة ‪399 | 154 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫مصرحا في روايات كثيرة ؛ فهو ناسخ لحديث الجعرانة‬
‫ً‬
‫‪ ،‬ورأى مالك وأبو حنيفة تخصيص الخطاب باألمة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم في شارب الخمر ‪:‬‬
‫"فإن شرب الرابعة فاقتلوه"‪ 1‬مع رواية ابن شهاب عن‬
‫قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى اهلل عليه وسلم أتى‬
‫بسكران في الرابعة فجلده ولم يقتله وكذلك روى ابن‬
‫المنذر عنه صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فاعتضد كل من‬
‫اإلرسالين باآلخر ‪ ،‬وحكم بنسخ األمر بالقتل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حديث بريدة كان النبي صلى اهلل عليه وسلم إذا‬
‫أميرا على جيش أوصاه بالدعاء إلى اإلسالم قبل‬
‫أمر ً‬
‫القتال‪.2‬‬
‫ذهب جمهور العلماء إلى أنه منسوخ بإقدامه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم على القتال قبل الدعوة غير مرة‪.‬‬
‫نافعا ذكر أن الدعاء إنما كان في أول‬
‫وذكر ابن عون أن ً‬
‫اإلسالم‪ .‬وقيل الدعاء قبل القتل ندب‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬يختص بمن لم تبلغه الدعوة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قطعه صلى اهلل عليه وسلم أيدي العرنيين‬
‫وأرجلهم وسمل أعينهم‪ ...3‬الحديث ‪ ،‬ثم نهى عن المثلة‬
‫ناسخا‪.‬‬
‫؛ فكان النهي ً‬
‫وهذه الصور كلها عرف فيها المتقدم‪ .‬ومنها ‪ :‬حديث‬
‫جنبا فال صوم له"‪.4‬‬
‫‪"$‬من أصبح ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أخرجه الترمذي معلقًا ‪ 49 /4‬في الحدود‪ /‬باب ‪15‬‬
‫عقب حديث "‪ "1444‬؛ فقال روى محمد بن إسحاق ‪،‬‬
‫عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اهلل‪ .‬وعزاه‬
‫المزي في التحفة للنسائي ‪ "3073" 373 /2‬والحاكم في‬
‫المستدرك ‪ 373 /4‬في الحدود باب إن رسول اهلل صلى‬
‫حدا‪.‬‬
‫اهلل عليه وسلم لم يوقت في الخمر ً‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 1357 /3‬في الجهاد والسير حديث "‪/3‬‬
‫‪."1731‬‬
‫‪ 3‬انظر البخاري ‪ 109 /12‬في الحدود‪ /‬باب في‬
‫المحاربين من أهل الكفر "‪ "6803‬ومسلم ‪ 1296 /3‬في‬
‫القسامة‪ /‬باب حكم المحاربين "‪."1671 /9‬‬
‫‪ 4‬ابن ماجه ‪ 543 /1‬في باب ما جاء في الرجل يصبح‬
‫جنبا وفي البوصيري في الزوائد إسناده صحيح رواه من‬
‫ً‬
‫هذا الوجه وذكره البخاري تعليقًا في الصحيحين أن أبا‬
‫هريرة سمعه في الفضل وزاد مسلم ولم أسمعه من النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 155 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫جنبا من‬
‫مع حديث أنه صلى اهلل عليه وسلم كان يصبح ً‬
‫جماع غير احتالم‪.1‬‬
‫جنبا‬
‫فالذين ذهبوا إلى العمل بالقول ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬من أصبح ً‬
‫فال صوم له‪ .‬شذوذ من الناس والجماهير عملوا بالحديث‬
‫اآلخر مفنهم من ادعى النسخ في األول كالخطابي ولعله‬
‫قامت عنده الداللة على تقدم تاريخه ‪ ،‬ومنهم من ترجح‬
‫عنده حديث الفعل لموافقة داللة اآلية وبمرجحات أخرى‪.‬‬
‫ونحن إذا قلنا بعدم القول فذلك من حيث أنه قول وقد‬
‫يعضد الفعل أمور تصيره أرجح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬الثيب بالثيب جلد‬
‫مائة والرجم"‪ 2‬؛ قول عارضه أنه صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ماعزا ولم يجلده‪ ، 3‬وقد ذهب أحمد رضي اهلل عنه‬
‫رجم ً‬
‫وإ سحاق وداود وابن المنذر إلى العمل بالقول فجمعوا‬
‫على الثيبت بين الجلد والرجم‪.‬‬
‫وذهب الجمهور إلى العمل بالفعل وذكروا أن الجمع‬
‫بينهما منسوخ ‪ ،‬ويمكن أن يقال ‪ :‬إن هذا الفعل عضده‬
‫قول آخر ‪ ،‬وهو قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬واغد يا‬
‫أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"‪.4‬‬
‫الحديث ليس فيه ذكر جلد‪ .‬ولو كان لبينة فيتساقط‬
‫مرجوحا بالنسبة‬
‫ً‬ ‫القوالن وال يخفي أن الفعل إنما يكون‬
‫إلى القول إذا لم يعضده قول ‪ ،‬أما إذا عضده فالفعل‬
‫أرجح‪ .‬وهذا واضح وبه صرح أبو الحسن السهيلي في‬
‫كتاب أدب الحديث‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬التقرير فعل غير أنه مرجوح بالنسبة إلى الفعل‬
‫المستقبل‪ .‬فالمراتب ثالث قول ثم فعل غير تقرير ثم‬
‫تقرير ؛ وإ نما لم يذكر األصوليون التقرير في مسألة‬
‫تعارض األقوال واألفعال لدخوله في الفعل وفي باب‬
‫التراجيح عند التمييز بينهما‪ .‬قالوا ‪ :‬الفعل أرجح من‬
‫التقرير ومن أمثلة تعارض التقرير مع القول قوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم في اإلمام ‪" :‬إذا صلى‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 153 /4‬في الصوم حديث "‪ "1930‬ومسلم‬
‫‪ 780 /2‬في الصيام حديث "‪."1109 /76‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 1316 /3‬في الحدود "‪."1690 /12‬‬
‫‪ 3‬مسلم ‪ 13231 /3‬في الحدود حديث "‪."1695 /23‬‬
‫‪ 4‬انظر البخاري ‪ 523 /11‬في اإليمان والنذور "‬
‫‪ ، "6633‬ومسلم ‪ 13247 /3‬في الحدود "‪/25‬‬
‫‪."1698 -1697‬‬
‫صفحة ‪399 | 156 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫جلوسا أجمعون"‪ 1‬مع كونه صلى اهلل عليه‬
‫ً‬ ‫جالسا فصلوا‬
‫ً‬
‫جالسا في آخر مرض موته والناس خلفه قيام‪2‬‬
‫وسلم ً‬
‫وأقرهم على ذلك‪.‬‬
‫جريا على األصل وزعموا أن‬
‫فذهب قوم إلى تقديم القول ً‬
‫فرض القيام قد يسقط بالصالة خلف الجالس وإ ن عذره‬
‫كالعذر لهم وعلى هذا من أصحابنا ابن خزيمة وابن‬
‫حبان ‪ ،‬وقال الجمهور منهم الشافعي رضي اهلل عنه هذا‬
‫التقرير آخر األمرين منه صلى اهلل عليه وسلم وهو ناسخ‬
‫حكما سابقًا عليه‬
‫للقول المتقدم ؛ فهذا مثال لتقرير رفع ً‬
‫حكما ثابتًا بالتقرير ‪ ،‬وهذا‬
‫ثابتًا بالقول ‪ ،‬وقد يرفع القول ً‬
‫أولى من القسم فإنه إذا ارتفع القول [بالتقرير]‪ 3‬فإن‬
‫يرتفع التقرير بالقول أولى وأحرى‪.‬‬
‫ومثاله ‪ :‬ما في صحيح مسلم‪ 4‬عن ابن عمر رضي اهلل‬
‫خاتما‬
‫عنهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم اصطنع ً‬
‫من ذهب فصنع الناس خواتيم الذهب ثم جلس على‬
‫أبدا" فنبذ‬
‫المنبر فنزعه فرمى به ثم قال ‪" :‬واهلل ال ألبسه ً‬
‫الناس خواتيمهم‪ .‬وثبت عنه صلى اهلل عليه وسلم النهي‬
‫عن التختم بالذهب‪.5‬‬
‫وقضى العلماء بأن هذا التحريم ناسخ لإلباحة التي‬
‫استفيدت من تقريره الناس على متابعته في اتخاذ خواتيم‬
‫الذهب‪ .‬وهذا عندي موقوف على أن يكونوا لبسوه ‪ ،‬وأن‬
‫يكون جواز لبسهم كان مأخو ًذا من التقرير ال من فعله‬
‫صلى اهلل عليه وسلم المجرد ؛ وإ ال فهو قول نسخ فعاًل‬
‫تقريرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫غير تقرير ال‬
‫ومن مشكل هذا الباب أمر تحريم الخمر فسماعي من‬
‫نسخا ألن شربهم إياها قبل‬
‫الوالد رحمه اهلل أنه لم يكن ً‬
‫التحريم ما كان بحكم شرعي بل بالبراءة األصلية‪.‬‬
‫وقصة حمزة تدل على وجود تقرير ‪ ،‬وفي هذا بحث‬
‫بيني وبين الشيخ اإلمام ذكرته في "شرح المختصر" في‬
‫مسألة التقرير وليس هو قصدي باإلشكال هنا ؛ وإ نما‬
‫قصدي حديث رواه مسلم عن أبي سعيد ‪ :‬سمعت رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪" :‬يا أيها الناس إن اهلل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 173 /2‬في األذان "‪ "389‬ومسلم ‪308 /1‬‬
‫في الصالة "‪."411 /77‬‬
‫‪ 2‬البخاري ‪ 173 -172 /2‬في األذان "‪ "687‬ومسلم‬
‫‪ 312 -311 /1‬في الصالة "‪."418 /90‬‬
‫‪ 3‬في "بط بالتقرير بالقول‪.‬‬
‫‪ 4‬أخرجه البخاري ‪ 325 /10‬في اللباس "‪، "5876‬‬
‫ومسلم ‪ 1655 /3‬في اللباس "‪."2091 /53‬‬
‫‪ 5‬انظر صحيح مسلم ‪ 1648 /3‬في كتاب اللباس حديث‬
‫"‪."3366‬‬
‫صفحة ‪399 | 157 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫أمرا ‪ ،‬فمن كان‬
‫يعرض بالخمر ولعل اهلل سينزل فيها ً‬
‫عنده منها شيء فليبعه أو لينتفع به"‪.‬‬
‫يسيرا حتى قال ‪ :‬صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال ‪ :‬فما لبثنا إال ً‬
‫‪" :‬إن اهلل حرم الخمر فمن أدركته هذه اآلية وعنده منها‬
‫شيء فال يشرب وال يبيع"‪.1‬‬
‫ظاهره يدل على أنها أبيح بيعها واالنتفاع بها قبل‬
‫التحريم بإذن شرعي من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ ،‬وهو يرد على من يدعي أنها لم تحل قط ‪ ،‬ثم هذا البيع‬
‫المأذون فيه لعله من كافر ال ينتهي بالنهي حال نزول‬
‫التحريم وإ ال فالبائع والمشتري واحد وإ ذا كان من كافر‬
‫ففيه دليل على أن الكافر يبيع الخمر وهو حرام عليه ال‬
‫سيما عند من نكلفه بالفروع ‪[ ،‬وقد قدمنا في مسألة تكليفه‬
‫بالفروع]‪ 2‬من نص الشافعي رضي اهلل عنه ما ينازع‬
‫في ذلك ؛ ففي الحديث إشكال لعل اهلل ييسر حله ‪ ،‬فما‬
‫إشكاله من وجه واحد ‪ ،‬بل من وجوه متعددة‪.‬‬
‫تنبيه ثان ‪:‬‬
‫"الكف فعل على المختار" ‪ ،‬وأقول على هذا أنها مرتبة‬
‫بين التقرير والسكوت ‪ ،‬فالمراتب إ ًذا أربع ‪ :‬قول ‪ ،‬ففعل‬
‫مستقبل ‪ ،‬فتقرير ‪ ،‬فكف ‪-‬وإ ليه اإلشارة "بقولي" في‬
‫كتاب التراجيح من جمع الجوامع والقول ‪ ،‬فالفعل غير‬
‫التقرير ‪ ،‬فالتقرير ‪ ،‬فالكف ‪ ،‬فالسكوت ‪ ،‬ولنمثل‬
‫لتعارض الكف والتقرير بكفه صلى اهلل عليه وسلم عن‬
‫أكل لحم الضب وتقريره إياهم على أكله لما أكلوه بين‬
‫يديه وإ ن كان صلى اهلل عليه وسلم نبه على سبب امتناعه‬
‫وهو العيافة لما لم يكن بأرضه قومه‪.3‬‬
‫وكذلك ما كان الناس يزيدون في تلبيتهم عام حجة الوداع‬
‫على تلبية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيقولون ‪:‬‬
‫"لبيك ذا المعارج" ونحوه من الكالم فيسمعه النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم وال يقول لهم شيًئا ؛ كذا رواه أبو داود‪، 4‬‬
‫وروى مسلم‪ 5‬معناه فقد كف عن قول أقرهم عليه وما‬
‫ذلك فيما يعتقد إال بجوازه ومرجوحيته بالنسبة إلى ما‬
‫كان هو صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ :‬أو ألن كاًل من‬
‫األلفاظ شائع ‪ ،‬ثم األفضل لنا التأسي أو ال حجر أصاًل ؟‬
‫كل ذلك محتمل ‪:‬‬
‫تنبيه ثالث ‪:‬‬
‫"قد علم أن أفعاله عليه الصالة السالم حجة وأن التقرير‬
‫فعل وكذلك‬
‫_________‬
‫‪ 1‬مسلم ‪ 1205 /3‬في المساقاة "‪."1578 /67‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬البخاري ‪ 662 /9‬حديث "‪ "5537‬ومسلم ‪1542 /3‬‬
‫"‪."1946 /44‬‬
‫‪ 162 /2 4‬في كتاب المناسك‪ /‬باب كيفية التلبية "‬
‫‪."1813‬‬
‫‪ 5‬انظر صحيح مسلم ‪.843 -842 /2‬‬
‫صفحة ‪399 | 158 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫السكوت" وأقول ينبغي أن يكون الفعل مراتب أعالها ما‬
‫هو مستقل في نفسه كإقدامه علي‪.1‬‬
‫"والثانية ‪ :‬ما هو تقرير"‪.‬‬
‫والثالثة ‪ :‬ما هو كف‪ .‬والكف دون التقرير ؛ فإن المفهوم‬
‫من الكف اإلحجام عن الفعل ‪ ،‬وفي التقرير زيادة أفهمها‬
‫على األحجام‪.2‬‬
‫والرابعة ‪ :‬مجرد السكوت ‪ ،‬وهو فيما أفهم من مدلوله‬
‫دون الكف ؛ فإن الكف منع النفس أن تقدم على قول أو‬
‫فعل ‪ ،‬والسكوت كأنه دون هذا القدر ؛ غير أن السكوت‬
‫قسمان ‪ :‬سكوت معه استبشار بفعل الفاعل ‪ ،‬وسكوت ال‬
‫استبشار معه وكالهما دليل الجواز ؛ فإنه ال يسكت على‬
‫أبدا بأبي هو وأمي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫باطل ً‬
‫ثم االستبشار فوق التبسم فيما يظهر ؛ فإني أفهم من‬
‫االستبشار محبة ما أبصر من الفعل وال أفهم من التبسم‬
‫هذا المبلغ‪ .‬فإذا المراتب ست ‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬الفعل المستقل‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬التقرير‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬الكف‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬السكوت مع االستبشار‪.‬‬
‫[الخامسة ‪ :‬السكوت مع ما أدعي من االستبشار]‪3‬‬
‫كالتبسم ‪ ،‬ولنمثل له بتحريم الغلول وإ يجاب [تخميس]‪4‬‬
‫مال الكفار مع أن عبد اهلل بن معقل قال ‪ :‬أصبت جراب‬
‫أحدا من‬
‫شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت ‪ :‬ال أعطي اليوم ً‬
‫هذا شيًئا فالتفت فإذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫مبتسما رواه مسلم‪ 5‬وبه احتج أصحابنا على جواز أكل‬
‫ً‬
‫الغانمين قدر الحاجة من الطعام وإ ن لم يأذن اإلمام‪.‬‬
‫السادسة ‪ :‬السكوت المجرد‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬بياض في النسختين‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" األحكام‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" تخليس‪.‬‬
‫‪ 5‬متفق عليه ‪ 255 /6‬في فرض الخمس "‪"3153‬‬
‫ومسلم ‪ 1393 /30‬في الجهاد "‪ "1772 /72‬واللفظ له‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 159 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫تنبيه رابع ‪:‬‬
‫"ما ذكرناه من داللة السكوت [عليه]‪ 1‬مخصوص‬
‫بسكوت يلزم منه مفسدة لو لم يكن [السكوت]‪ 2‬عليه‬
‫مخصوص بسكوت يلزم منه مفسدة لو حالاًل ‪ ،‬أو عام‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫وفي ما ال يلزم من السكوت عليه وقوع مفسدته فيه نظر‬
‫للشيخ تقي الدين بن دقيق العيد‪.‬‬
‫ومثاله ‪ :‬طالق المالعن زوجته ثالثًا بعد فراغ اللعان ‪،‬‬
‫وسكت عليه النبي صلى اهلل عليه وسلم ؛ فهل يكون‬
‫سكوته دلياًل على جواز إرسال الثالث حيث يعتبر ذلك‬
‫في المنكوحة ‪-‬أواًل دليل فيه هنا ألن المطلق [إرسال]‪3‬‬
‫ظانا بقاء النكاح والنبي صلى اهلل عليه وسلم يعلم‬
‫الثالث ً‬
‫أنها بانت منه باللعان وأن هذا الكالم لغو‪.‬‬
‫تنبيه خامس ‪:‬‬
‫"ال فرق بين السكوت على فعل وعلى قول" فإذا قيل‬
‫بحضرته صلى اهلل عليه وسلم هذا حالل أو هذا حرام‬
‫وسكت دل على أنه كذلك‪.‬‬
‫وليقع النظر هنا في واقعة ابن صياد وأن عمر‪ 4‬كان‬
‫يحلف "بحضرة" صلى اهلل عليه وسلم أنه الدجال‪.5‬‬
‫وقد روى مسلم في صحيحه أن محمد بن "المنكدر" قال ‪:‬‬
‫جابرا يحلف أن ابن صياد هو الدجال ؛ فقلت ‪:‬‬
‫رأيت ً‬
‫تحلف باهلل تعالى فقال ‪ :‬إني سمعت عمر يحلف على‬
‫ذلك عند رسول اهلل فلم ينكره‪.6‬‬
‫لكن هذا محمول على أنه لم ينكره إنكار من نفي كونه‬
‫أيضا لم يسكت على ذلك ؛ بل أشار‬
‫الدجال ؛ بدليل أنه ً‬
‫[إليه]‪ 7‬أنه متردد ؛ ففي الصحيحين أنه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال لعمر ‪" :‬إن يكن هو فلن تسلط عليه ‪ ،‬وإ ن لم‬
‫يكن هو فال خير لك في قلته" ؛ فردده في أمره ؛ فلما‬
‫صار ابن عمر يحلف على ذلك صار حالفًا على غلبة‬
‫ظنه ‪ ،‬والبيان قد تقدم من النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬ثم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" المسكوت‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" أرسل‪.‬‬
‫‪ 4‬في سنن أبو داود وابن عمر‪.‬‬
‫‪ 5‬أبو داود ‪ 506 /4‬في المالحم‪ /‬باب في خبر ابن‬
‫صائد "‪."4330‬‬
‫‪ 6‬البخاري ‪ 323 /13‬في االعتصام حديث "‪"7355‬‬
‫ومسلم ‪ 2243 /4‬في الفتن "‪."2929 /94‬‬
‫‪ 7‬في "ب" إلى‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 160 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫هذا سكوت عن حلف على أمر غيب ال على حكم شرعي‪p‬‬
‫‪ ،‬ولعل مسألة السكوت والتقرير مختصة باألحكام‬
‫الشرعية ال األمور الغيبة التي قد يكون طلب الجهل بها‬
‫واقعا ؛ فليتأمل ذلك واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬
‫تنبيه [سادس]‪: 1‬‬
‫قدمنا لك ما يعرفك أن قولنا ‪" :‬القول مقدم على الفعل"‬
‫معناه عند التعارض في حكم ما دل على حكمه قول‬
‫وفعل متعارضان مطلقًا‪[ .‬وال]‪ 2‬ينقض بقوة الفعل على‬
‫القول في أمور آخر لمأخذ آخر ؛ أال ترى إلى قولنا "نقل‬
‫الركن الفعلي في الصالة مبطل ‪ ،‬وفي القول خالف" وما‬
‫ذاك إال ألن الفعل أفحش ؛ فليس ذلك من قبيل ما نحن‬
‫فيه بل الفعل هناك أشد ؛ فلذلك يجعل أصاًل للقول‪.‬‬
‫ويقول األصحاب في نظائره مسألة نقل الركن الفعلي‬
‫والقولي ‪" :‬هل يلحق القولي بالفعلي أو ال ؟ فيه خالف‬
‫يظهر في مسائل‪ .‬منها مسألة نقل الركن هذه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قال ‪ :‬هذه الدار لزيد بل لعمرو أو غصبتها‬
‫من زيد بل من عمرو [و]‪ 3‬سلمت لزيد ‪ ،‬وأظهر القولين‬
‫أن المقر يغرم قيمتها لعمرو ؛ ألنه حال بينه وبين داره‬
‫بإقراره األول والحيلولة سبب الضمان كاإلتالف إلحاقًا‬
‫للحيلولة التقولية بالحيلولة الفعلية‪.‬‬
‫ويعبر بعضهم عن القولين بأن الحيلولة القولية هي‬
‫كالحيلولة الفعلية‪.‬‬
‫سببا للحيولة ؛‬
‫ولقائل أن يقول ‪ :‬القول ما حال وإ نما كان ً‬
‫بل قد يقال ‪ :‬لم يكن شيء في يد عمرو حتى تصدق‬
‫الحيلولة ؛ فإن المقر به في يد المقر ولم يصدر منه غير‬
‫إقرار ثان لعمرو يقتضي أنه كان يستحق قبض ما أقر به‬
‫لغيره ؛ فينزل اعترافه بهذا االستحقاق منزلة تسمليه‬
‫العين له ثم انتزاعه إياها من يده‪ .‬وقد نبه على نحو هذا‬
‫الوالد في "شرح المنهاج" في باب اإلقرار‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخالف فيما إذا رفعت صوتها في الصالة ؛‬
‫بحيث يسمعها الرجال هل تبطل صالتها ألن صوتها‬
‫عورة قولية على رأي ؛ ففي إلحاقها بالعورة الفعلية‬
‫الخالف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬شهود المال إذا رجعوا ؛ فاألصح يغرمون ‪،‬‬
‫تنزياًل لحالتهم القولية منزلة الغصب الذي هو حالة‬
‫فعلية‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فال‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 161 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وهذا مثال صحيح فإن شهود المال إنما أحالوا بالقول ال‬
‫بالفعل بخالف هذا الدار لزيد بل لعمو ‪ ،‬واهلل تعالى أعلم‬
‫بالصواب‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫قدمنا أن القول أدل على الحكم والفعل أدل على الصفة ‪،‬‬
‫وبه علمت أنه ال ينبغي إطالق القول بأن القول أقوى‬
‫أيضا أن تأثير الفعل في مفعوله أقوى‬
‫ويوضح لك هذا ً‬
‫من تأثير‪.‬‬
‫القول في مقبولة بدليل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬سراية استيالد أحد الشريكين قيل ‪[ :‬إنه]‪ 1‬أولى‬
‫بأن يتعجل من سراية عتق الشريك‪ .‬قال الغزالي في‬
‫الوسيط ‪ :‬ألنه فعل ‪ ،‬وهو أقوى من القول"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا زوج الغاصب المغصوب من المالك فأولد‬
‫قطعا‪.‬‬
‫نفذ االستيالد ً‬
‫ولو قال للمالك ‪ :‬أعتق فأعتق نفذ على الصحيح ‪ ،‬وفي‬
‫وجه ال ينفذ وإ ن كان االستيالد يثبت ألن االستيالد فعل‬
‫وهو أقوى‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إحبال المجنون نافذ دون إعتاقه‪.‬‬
‫سهوا مبطل عند الرافعي‬
‫ومنها ‪ :‬كثير الفعل في الصالة ً‬
‫والنووي كعمده ‪ ،‬وفرق بينه وبين الكالم ؛ حيث فرقنا‬
‫في قليله بين العمد والسهو بأن الفعل أقوى من القول‪.‬‬
‫ناسيا ‪-‬وإ ن كان‬
‫ورجع المتولي أن الفعل في الصالة ً‬
‫كثيرا ال يبطل بخالف الكالم الكثير ‪ ،‬وفي هذا تقوية‬
‫ً‬
‫للقول على الفعل‪ .‬وعليه كالم ذكرته في التوشيخ‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اإلخبار عن أمر عام قال أبو عبيد اهلل المازري ‪ :‬إنه‬
‫الرواية وأن اإلخبار عن أمر خاص هو الشهادة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والذي يظهر أن يقال ‪ :‬الخبر إن تضمن إثبات‬
‫حق على المخبر فهو اإلقرار ‪ ،‬أو للمخبر على غيره فهو‬
‫الدعوى ‪ ،‬أو لغيره على غيره فهو الشهادة‪.‬‬
‫عاما‬
‫شرعا ً‬
‫ً‬ ‫خاصا ؛ فإن اقتضى‬
‫ً‬ ‫[و]‪ 2‬هذا كله إذا كان‬
‫فإن كان من حكم شرعي‪ p‬؛ فهو الفتيا وإ ن كان عن‪ 3‬أمر‬
‫محسوس ‪ ،‬فإن كان مما ال يتخاصم فيه الناس ويترافعون‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بأنه‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" غير‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 162 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫إلى الحكام فهو الرواية ‪ ،‬نحو ‪" :‬الشفعة فيما لم يقسم‪1‬‬
‫وركعتان قبل الصبح خير من الدنيا وما فيها"‪ 2‬؛ فإن‬
‫الناس ال يترافعون إلى الحكام في أن الشفعة هل هي فيما‬
‫لم يقسم ‪ ،‬وال في أن ركعتي الصبح سنة بل يستفتون في‬
‫ذلك وإ ن كان ترافع فيما هذا شأنه فإنما هو حسبة فيمن‬
‫تخيلنا كذبه على اهلل وعلى رسوله صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فما رواه‪ .‬وليس الترافع حينئذ في المروي بل في‬
‫الراوي‪.‬‬
‫وإ ن كان مما يرتافع الناس فيه ففيه تردد واألرجح أنه‬
‫شهادة‪.‬‬
‫وبهذا يتبين لك أن العام ذا الترافع فيه شائبتان ؛ شائبة‬
‫الشهادة وشائبة الرواية ‪ ،‬ويظهر أثره في صور ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬هالل رمضان ومن ثم كان شهادة واكتفى فيه‬
‫بواحد على الصحيح لشائبة الرواية‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬عيب المبيع ‪ ،‬قال صاحب التهذيب ‪ :‬إن قال‬
‫واحد من أهل العلم ‪" :‬إنه عيب" ثبت الرد به واعتبر‬
‫المتولي شهادة اثنين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬نجاسة الماء يكفي فيه إخبار مقبول الرواية ولو‬
‫عبد أو امرأة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬المرض المرخص للتيمم يكفي طبيب ‪ ،‬وقيل ال‬
‫بد من اثنين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬دخول وقت الصالة بكفي فيه خبر الثقة عن‬
‫مشهادة ال عن اجتهاد‪.‬‬
‫ومنها الخارص يكفي واحد ‪ ،‬وثالثها ‪ :‬إن خرص على‬
‫محجوز فال بد من اثنين‪.‬‬
‫منها ‪ :‬كون المرض مخوفًا ال بد من اثنين ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫يكفي واحد‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو أخبر الصائم بغروب الشمس عدل واحد‪ .‬قال‬
‫الوالد لم أر من تعرض للمسألة إال الروياني فقال في‬
‫"البحر" إنه ال بد في الشهادة على غروب الشمس من‬
‫اثنين كالشهادة على هالل شوال ثم استشكله الوالد رحمه‬
‫اهلل في شرح المنهاج‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا شهد عدل واحد بطلوع الفجر في رمضان‬
‫هل يلزم اإلمساك أم ال بد من اثنين ؟ قال الروياني ‪:‬‬
‫يحتمل وجهين‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 407 /4‬في البيوع "‪ "2213‬و ‪" 408 /4‬‬
‫‪ "2214‬و ‪ 436 /4‬في الشفعة "‪."2257‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 5014 /1‬في صالة المسافرين "‪."725 /96‬‬
‫صفحة ‪399 | 163 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫قلت ‪ :‬ومال الوالد رحمه اهلل إلى ترجيح قبول الواحد كما‬
‫في المسألة قبلها وهو الغروب‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫خبر الواحد وإ ن خالف قياس األصول مقدم على القياس‬
‫‪:‬‬
‫وعليه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬ذكاة الجنين ذكاة أمه ‪ :‬لحديث أبي سعيد الخدري‬
‫‪ :‬سألنا رسول اهلل عن الجنين يكون في بطن الناقة أو‬
‫البقرة أو الشاة فقال ‪ :‬كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه‬
‫رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة‪.1‬‬
‫وفي لفظ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ذكاة‬
‫الجنين ذكاة أمه" أخرجه ابن حبان‪.‬‬
‫وروي الدراقطني من حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما‬
‫‪ :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال في الجنين ‪:‬‬
‫"ذكاته ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر"‪ 2‬قال الدارقطني ‪:‬‬
‫الصواب أنه من قول ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وخرجه الطبراني من حديث عبد اهلل بن نصر‬
‫األنطاكي عن أسامة عن عبد اهلل بن عمر عن نافع عن‬
‫مرفوعا عن عبد‬
‫ً‬ ‫مرفوعا ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬لم يروه‬
‫ً‬ ‫ابن عمر‬
‫اهلل إال أبو أسامة تفرد به عبد اهلل بن نصر األنطاكي‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ال يذكي الجنين بذكاة أمه‪.‬‬
‫وأصل المسألة أن الجنين يجري مجرى جزء من أجزاء‬
‫األم ‪ ،‬ومن ثم يمنعهم كون الخبر مخالفًا لقياس األصول‬
‫وعندهم هو شخص مستقل ومن ثم يدعونه مخالفًا لقياس‬
‫األصول فال يقبلونه‪.‬‬
‫عبيدا ال مال له سواهم‬
‫ومنها ‪ :‬إذا أعتق في مرض موته ً‬
‫ولم يجز [الورثة]‪.3‬‬
‫جميعهم [بالعتق]‪ 4‬فالعتق في الثلث بالقرعة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أحمد في المسند ‪ 53 - 31 /3‬وأبو داود ‪103 /3‬‬
‫في األضاحي "‪ "2827‬وابن ماجه ‪ 1067 /2‬في الذبائح‬
‫حديث "‪ "3199‬ومن حديث جابر عند الدارمي ‪84 /2‬‬
‫وأبو داود ‪ 103 /3‬في األضاحي حديث "‪"2826‬‬
‫والحاكم ‪ 114 /4‬في األطعمة وقال صحيح على شرط‬
‫مسلم وأقره الذهب‪.‬‬
‫‪."24" 271 /4 2‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 164 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬يعتق من كل واحد بالحصة ويستبقي‬
‫في الباقي‪.‬‬
‫ومعتمدنا ما في صحيح مسلم‪ 1‬من حديث عمران بن‬
‫حصين أن رجاًل أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم‬
‫يكنله مال غيرهم فدعاهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فجزأهم أثالثًا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة‬
‫سديدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقال له قواًل‬
‫مسألة ‪ :‬خبر الكافر مردود‬
‫ويستثنى مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا أم بقوم ثم أعلمهم أنه غير مسلم يجب عليهم‬
‫اإلعادة كما إذا تبين من غير إعالمه ‪ ،‬نص عليه‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه في باب صالة الرجل بأقوام ال‬
‫يعرفونه فقال ‪ :‬وإ ذا صلوا مع رجل صالة كثيرة ثم‬
‫أعلمهم أنه غير مسلم أو علموه من غيره أعادوا كل‬
‫صالة صلوها خلفه‪.‬‬
‫قال الوالد رحمه اهلل ‪ :‬ولوال هذا النص لكان يظهر أن‪.‬‬
‫يقال ‪ :‬ال يقبل قوله إال أن يسلم بعد ذلك ويخبر بإحالة‬
‫التي تقدمت‪.‬‬
‫فالنا فهو‬
‫ومنها ‪ :‬لو شهد جماعة ذميون بأن هذا قتل ً‬
‫لوث على األصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال الماوردي ‪ :‬إذا أخبر كافر الشفيع بالبيع‬
‫ووقع في قلبه صدقه لم يغدر في تأخير الطلب وكان‬
‫طا للشفعة‪.‬‬
‫تأخيره مسق ً‬
‫واألصحاب أطلقوا أنه يعذر إذا أخبره كافر ؛ فإما أن‬
‫يكونوا مخالفين لهذا وإ ما أن يحمل إطالقهم على ما إذا لم‬
‫يقع في نفسه صدقه‪.‬‬
‫قال الولد وعلى هذا ينبغي أن يكون القول قوله في أنه لم‬
‫يقع في نفسه صدقه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬وجه حكاه الرافعي في باب الوصية عن أبي‬
‫سلميان الخطابي أنه يجوز العتدول من الوضوء إلى‬
‫التيمم بقول الطبيب الكافر كما يجوز شرب الدواء من‬
‫يده وال يدري أهو دواء أم داء ‪ ،‬ولم يستبعد الرافعي‬
‫طرده فيما أخبر بأن المرض مخوف‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫خبر الصبي وإ ن لم يجرب عليه الكذب مردود في‬
‫األصح إال مع القرينة كاإلذن في دخول الدار وحمل‬
‫الهداية على األصح‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1288 /3 1‬في اإليمان‪ /‬باب من أعتق شر ًكا له "‪/56‬‬
‫‪."1668‬‬
‫صفحة ‪399 | 165 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب العموم والخصوص‬
‫هذا هو األصل ويستثنى صور فيقبل فيها خبره وفي غير‬
‫ما ذكر وهي فيما طريقه المشاهدة كما دل أعمى على‬
‫القبلة ‪ ،‬نقله النووي عن الجمهور في شرح المهذب في‬
‫باب األذان عند الكالم على أذن الصبي‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬خبر الفاسق مردود‬
‫وقد يستثنى من هذا من أخرج القذف مخرج الشهادة‬
‫ولكن لم يتم العدد ؛ فإنه فاسق [إن]‪ 1‬أوجبنا عليه الحد‬
‫كما صرح به الماوردي والروياني في باب شهادة‬
‫القاذف والرافعي في باب حد الزنا‪.‬‬
‫وصريح كالم الشيخ أبي حامد في التعليقة أنه فاسق‬
‫مطلقًا أوجبنا عليه الحد أو لم نوجبه مع اتفاقهم على قبول‬
‫خبره دون شهادته ‪ ،‬وفرقهم بغلظ أمر الشهادة‪.‬‬
‫وهو مشكل كيف يحكمون بفسق من يقبلون روايته وقد‬
‫صرح بقبول روايته الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب‬
‫والقاضي الحسين والمارودي والروياني‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الصحيح عندي أن تكذيب الشيخ للراوي عنه ال يسقط‬
‫المروي‪.‬‬
‫فما ظنك بما إذا لم يكذبه ولكن تردد وشك ‪ ،‬وفيه مسائل‬
‫‪ :‬منها ‪ :‬حديث ال نكاح إال بولي‪ .‬الذي رواه سليمان بن‬
‫موسى عن الزهري‪.2‬‬
‫زعم الخصوم أن الزهري ذكر له سليمان بن موسى فقال‬
‫‪ :‬ال أعرفه وتسلطوا بهذا على رد الحديث‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬أحمد في المسند ‪ ، 394 /4‬الدارمي في السنن ‪/2‬‬
‫‪ ، 137‬وأبو داود ‪ /2‬في النكاح "‪ "2085‬والترمذي ‪/3‬‬
‫‪ ، "1101" 407‬وابن ماجة ‪ "1881" 605 /1‬وابن‬
‫حبان ذكره الهيثمي ص ‪ ، 304‬الحاكم ‪.169 /2‬‬
‫صفحة ‪399 | 166 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫كتاب اإلجماع ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اإلجماع السكوتي حجة وليس بإجماع خالفًا للخصوم‬
‫ولسنا نورث المبتوتة في المرضى على الجديد وإ ن‬
‫ورث عثمان تماضر بنت األصبغ من زوجها عبد‬
‫الرحمن بن عوف وقد طلقها آخر تطليقاتها الثالث‬
‫وتوفي وهي في العدة ألنه لم يحصل إجماع سكوتي بل‬
‫صرح ابن الزبير وغيره بمخالفته‪.‬‬
‫وال يستوفي القصاص الثابت للصغير والكبير حتى يبلغ‬
‫الصغير وإ ن قتل ابن ملجم قاتل علي كرم اهلل وجهه ولم‬
‫ينتظر بلوغ صغار الورثة وال أنكر ذلك صحابي ألنا ال‬
‫كفرا الستحالله قتل‬
‫قصاصا بل ً‬
‫ً‬ ‫نسلم أن ابن ملجم قتل‬
‫حدا لكونه قتل اإلمام األعظم ‪،‬‬
‫علي كرم اهلل وجهه أو ً‬
‫وقد قال بعض أصحابنا ‪ :‬إن القتل حد قاتل اإلمام‬
‫األعظم‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬إن [استثبت]‪ 1‬لكم الجواب عن هاتين‬
‫المسألتين فلم يثبت عن قول اإلمام الشافعي رضي اهلل‬
‫عنه [المشهور عنه]‪ : 2‬ال ينسب لساكت قول فإنه‬
‫صريح في مخالفتكم في قولكم أن السكوتي ليس بحجة‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬قد تكلمنا عن هذه العبارة في شرح المختصر بما‬
‫ال نطيل بإعادته وحظ الفقيه منها أن نقول هنا ‪ :‬في‬
‫كثيرا منها أبو سعد الهروي في أواخر‬
‫القاعدة مسائل عد ً‬
‫األشراف وأنا أذكر ما ذكره مع زيادات‪.‬‬
‫فمما ذكره ‪ :‬سكوت النبي صلى اهلل عليه وسلم وسكوت‬
‫المجتمعين وهذا من مسائل األصول‪.‬‬
‫وسكوت البكر مع األب والجد استثناه من قولنا ‪:‬‬
‫السكوت ال يكون رضي‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" اشقيت‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 167 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫وهو صحيح لكنه ال يستثنى من قولنا ‪ :‬ال ينسب إلى‬
‫ساكت قول ألنا لم ننسب إلى البكر بالصمات قواًل وإ نما‬
‫نسب إليها رضي دل عليه الصمات وال يلزم من عدم‬
‫نسبه القول عدم نسبة الرضا بل يقول ال ينسب الرضا‬
‫أيضا بال الشارع اكتفى بالصمات لداللته على الرضى ؛‬
‫ً‬
‫حيث قال [في البكر]‪ : 1‬إذنا صماتها‪ 2‬كما أكتفي بلفظ‬
‫البيع لداللته على الرضا‪.‬‬
‫وإ ذا حفظت هذا الجواب اعتبرت به أكثر ما سنعده من‬
‫نقضا‪.‬‬
‫مسائل قد يتخيل ورودها ً‬
‫ومنها ‪ :‬سكوت الولي بين يدي الحاكم وقد طلبت منه‬
‫التزويج فإنه عضل والكالم فيه كالكالم في صمات البكر‬
‫‪ ،‬ومنها سكوت المضمون له وقد شرطنا رضاه ؛ حيث‬
‫يكتفي به على خالف فيه‪.‬‬
‫مدعيا أنه عبد‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬سكوت المجهول الذي قذفه قاذف‬
‫؛ فإذا سكت بعد القذف ولم يدع الحرية وطالب بالحد ال‬
‫يجب ‪ ،‬وال يجري فيه القوالن فيما إذا قال القاذف ‪ :‬هو‬
‫عبد ‪ ،‬وقال المقذوف ‪ :‬بل أنا حر كما صرح به‬
‫الماوردي‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا بلغ اللقيط وسكت ولم يصف اإلسالم وال‬
‫الكفر ففي وجوب القصاص على قائله خالف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخطبة حرام إن صرح باإلجابة دون من إذا‬
‫سكت على ما قال الرافعي في المحرر ولكن في الشرح‬
‫خالفه كالهما في كتاب البيع‪.‬‬
‫ومنها ؛ إذا أراد األب تزويجها بغير كفء ؛ ففي االكتفاء‬
‫بالسكوت وجهان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا استأذن الولي البكر في تزويجها بغير نقد‬
‫البلد أو بأقل من مهر المثل ففي آخر النكاح عن القاضي‬
‫الحسين تنزيل سكوتها منزلة إذنها وفي الفصل الثامن في‬
‫اجتماع األولياء عن البغوي فيه طريقان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬نص الشافعي "رضي اهلل عنه" في اإليالء على‬
‫أن الرجل إذا‪ .‬قال ‪ :‬هذه زوجتي فسكتت ومات ورثته ‪،‬‬
‫وإ ن ماتت هي لم يرثها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا علم البائع أن المشتري يطأ الجارية مدة‬
‫الخيار وسكتـ فاألصح ال‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 1037 /2‬في النكاح "‪."1421 /66‬‬
‫صفحة ‪399 | 168 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫يكون سكوته إجازة ‪ ،‬وكذا لو سكت على وطء أمته ال‬
‫يثبت المهر أو على إتالف ماله ال يسقط الضمان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو حلق الحالل رأس المحرم وهو ساكت‬
‫فاألصح أنه كما لو حلق بأمره ‪ ،‬فلتلزمه الفدية‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو حمل أحد المتعاقدين من مجلس الخيار‬
‫وأخرج وهوساكت فاألصح ال يبطل خياره‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو طعن الصائم بغير أمره طعنة وصلت إلى‬
‫جوفه ولم يدفع عن نفسه فأقيس الوجهين عند النووي أنه‬
‫ال يفطر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا سمع رجل يقول عن مراهق أو بالغ ‪ :‬هذا‬
‫ابني جاز أن يشهد له بالنسب وإ ن لم يتكرر على‬
‫األصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا التقط العبد وسكت عليه السيد فاألظهر أن‬
‫الضمان برقبته وسائر أموال سيده‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو حلف ال يدخل الدار فأدخل ساكتًا‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬الظاهر ال يحنث ومنهم من جعل دخوله‬
‫بمثابة اإلذن في الدخول‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اشترطنا قبول الوكيل ففي نطقه خالف‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬السوم على السوم إذا حصل الرضا حرام وهل‬
‫السكوت من أدلة الرضا ؟ قال األكثرون ‪ :‬نعم ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫على الخالف في الخطبة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال يحرم البيع على البيع إذا أذن البائع أن يباع‬
‫على بيعه ولو استأذنه البائع الثاني فسكت ففيه نظر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قال أبو سعد الهروي ‪ :‬إذا نقض واحد الهدنة‬
‫فسكت الباقون انتقض أن عقد السيد الهدنة وسكت‬
‫الباقون انعقدت‪.‬‬
‫قال أبو سعد ‪ :‬وكل حق على الفور إذا سكت عنه مع‬
‫اإلمكان بطل كالشفعة ورد المعيب والقبول واالستثناء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬رأيت فيما علقه شبيب الرحبي من مسائل‬
‫ومشكالت سئل عنها أبو نصر بن‬
‫صفحة ‪399 | 169 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫الصباغ رحمه اهلل أن أبا نصر سئل عن من رأى رجاًل‬
‫يكلم امرأة هل له أن ينكر عليه ؟ فقال بمجرد الكالم ليس‬
‫له اإلنكار إال أن تكون مكشوفة الوجه وهي ممن يخاف‬
‫بها االفتتان ورآه ينظر إليها‪.‬‬
‫قيل له ‪ :‬فإن أدعي أنها زوجته ؟ قال ‪ :‬إن صدقته فال‬
‫ينكر ‪ ،‬وإ ن سكتت فلم تصدفه ولم تكذبه‪ -‬قال ينبغي أن‬
‫يسقط اإلنكار‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫والذي نقله الرافعي عن المارودي وسكت عليه فيمن‬
‫رأى رجاًل واقفًا مع امرأة في شارع مطروق أنه ال ينكر‬
‫عليه وإ ن كان في طريق خال ؛ فهو موضع ريبة فينكر‬
‫ويقول ‪ :‬هب أنها محرم لك فصنها عن مواقف الريب‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬حلف ال يدخل الدار فحمل بإذنه فدخل حنث وإ ن‬
‫قهرا فال‪.‬‬
‫حمل ساكتًا فوجهان أو ً‬
‫ظلما فسكت المقصود‬
‫ومنها ‪ :‬من قصد قطع يد الغير ً‬
‫حتى قطع فاألصح عند الرافعي في باب استيفاء القود أن‬
‫إهدارا والوجهان مأخوذان من تردد‬
‫سكوته ال يكون ً‬
‫األصحاب في أن الزانية ال تستحق المهر ؛ فقيل ‪ :‬ألن‬
‫الوطء غير محترم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ألن التمكين رضا في‬
‫العرف وعليه فالتمكين من القطع إباجة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬السكوت في جواب الدعوى كاإلنكار‪.‬‬
‫بالغا وهو ساكت جاز اإلقدام على شرائه‬
‫ومنها ‪ :‬باع ً‬
‫ألنه لو كان حر التكلم فسكوته كالتصديق خالفًا للشيخ‬
‫أبي محمد فيما حكاه الرافعي عنه في أوائل باب‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬األمان يرتد برد الكافر ؛ فلو سكت ففي كونه‬
‫قبواًل تردد لإلمام‪.‬‬
‫قال ‪ :‬والظاهر أنه ال بد من القبول وهو المذكور في‬
‫الوجيز واكتفى في التهذيب بالسكوت‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو األرجح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬المودع والمستعير إذا سكتا عن إتالفهما مع‬
‫ضمنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫القدرة على الدفع‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫إذا تأملت هذه الفروع عرفت أنا لم ننسب إلى ساكت‬
‫غرما أو علقنا به‬
‫قواًل في شيء منها وإ ن ألمزمناه ً‬
‫ضمانا أو نسبنا إليه رضنا أو نزلنا سكوته منزلة منكر‬
‫ً‬
‫فكل ذلك‬
‫صفحة ‪399 | 170 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫غير وارد على عبارة الصاحب المطلي رضي اهلل عنه‬
‫ورب سكوت يوقع في اإلثم كسكوت القادر على إنكار‬
‫المنكر ؛ حيث يجب الكالم ورب سكوت هو طاعة وهو‬
‫عما ال خير في النطق به ‪ ،‬وينقسم إلى واجب ومندوب‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫إذا اختلفت األمة على قولين ثم ماتت إحدى الطائفتين ؛‬
‫إجماعا خالف جزم اإلمام‬
‫ً‬ ‫ففي صيرورة قول الباقين‬
‫فخر الدين بأنه يصير ‪ ،‬وعزا ابن الحاجب إلى األكثر أنه‬
‫ال يصير ‪ ،‬والمختار األول لكن هو دون االتفاق المجرد‬
‫على أحد قولي األولين‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فقد ذكر المتولي أن في المسألة قولين‬
‫وخرج عليهما ما إذا قال أحد االثنين الحائزين ‪ :‬هذا‬
‫أخونا وأنكر اآلخر فمات المنكر فهل يثبت نسه عند موته‬
‫؟‬
‫وهذه عبارته قال في "التتمة" في باب اإلقرار ‪ :‬الثامن لو‬
‫مات عن ابنين فأقر أحدهما بابن ألبيه وأنكر اآلخر ثم‬
‫مات المنكر وال وارث له غير األخ المقر فهل يحكم‬
‫بثبوت النسب ؟ فعلى وجهين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬يحكم ألن الحق صار له على الخصوص‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬ال يثبت ‪ ،‬ألن النسب ما كان ثابتًا في حياته ؛‬
‫سببا في ثبوت النسب‪.‬‬
‫فموته ال يجوز أن يكون ً‬
‫وعلى هذا لو مات االبن المنكر عن ابن ثم إن ابن المنكر‬
‫وافق عمه في اإلقرار بالنسب فهل يحكم بثبوته أن ال ؟‬
‫فعلى هذين الوجهين‪ .‬وأصل هذه المسألة مسألة في‬
‫األصول وهي إذا وقع بين أهل العصر خلف في مسألة‬
‫وصاروا فرقتين ثم مات فريق منهم فهل تصير المسألة‬
‫مسألة إجماع ‪ ،‬والمسألة مشهورة بالقولين ‪ ،‬فإذا قلنا ‪:‬‬
‫ينقطع خالفهم بموتهم فهاهنا يسقط حكم اإلنكار بالموت‬
‫إجماعا ويبقى حكم خالفهم‬
‫ً‬ ‫وإ ن قلنا ‪ :‬ال تصير المسألة‬
‫بعد موتهم فال يثبت النسب هاهنا العتبار إنكار الميت‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫والذي صححه المشايخ الرافعي والنووي والوالد أنه‬
‫يثبت النسب‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫كثر من الصحابة رضي اهلل عنهم نحو قوله ‪ :‬فعل‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كذا‪.‬‬
‫واضطرب أرباب األصول في أنه هل يعم الفعول إذا‬
‫نظرا إلى الصيغة أو ال تعم‬
‫كانت صيغته صيغة عموم ً‬
‫نظرا إلى أن صيغة فعل تقتضي تقدم معهود خاص‬
‫ً‬
‫مقدما على العموم ؟‬
‫فيكون ً‬
‫صفحة ‪399 | 171 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫وهذا الثاني هو المختار عندنا في األصول وعليه من‬
‫أئمتنا الشيخ أبو حامد وابن السمعاني والغزالي واإلمام‬
‫فخر الدين‪.‬‬
‫وقد وقعت هذه الصيغة التي نبحث عنها في أحاديث‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫منها ‪ :‬نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن بيع‬
‫الغرر ؛ رواه مسلم‪.1‬‬
‫"ونهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن "ثمن الكلب‬
‫ومهر البغي وحلوان الكاهن"‪ .‬رواه الشيخان‪.2‬‬
‫"نهى ر سول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وثمن الدم وكسب‬
‫األمة‪ "...‬رواه البخاري‪ 3‬نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عن بيع الحصاة رواه مسلم‪.4‬‬
‫نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن شراء ما في‬
‫بطون األنعام وعما في ضروعها إال بكيل ‪ ،‬وعن شراء‬
‫العبد وهو آبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وعن شرءا‬
‫الصدقات حتى تقبض وعن ضربة [الغامض]‪ 1‬رواه ابن‬
‫ماجة‪ 5‬والدارقطني‪.‬‬
‫"نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن المحاقلة‬
‫والمزابنة والمعاومة والمخابرة وعن الثنيا رواه مسلم‪.6‬‬
‫أيضا ‪" :‬نهى عن بيع الثمر بالتمر"‪.7‬‬
‫وروى ً‬
‫"نهى عن بيع الصبرة من التمر ال يعرف مكيلها بالكيل‬
‫المسمى من التمر"‪.8‬‬
‫"نهى عن بيع حبل الحبلة"‪.9‬‬
‫_________‬
‫‪ 1153 /3 1‬في البيوع باب بطالن بيع الحصاة "‪/4‬‬
‫‪."1513‬‬
‫‪ 2‬البخاري في البيوع باب ثمن الكلب حديث "‪" "2237‬‬
‫‪ "5761" "5346" "2282‬ومسلم ‪ 1198 /3‬في‬
‫المساقاة باب تحريم ثمن الكلب رقم ‪.1567 /39‬‬
‫‪ 497 /4 3‬في البيوع باب ثمن الكلب "‪."2238‬‬
‫‪ 4‬تقرر ضمن حديث بيع الغرر‪.‬‬
‫‪ 5‬ابن ماجه ‪ "2196" 740 /2‬والدارقطني في السنن‬
‫‪.15 /3‬‬
‫‪ 1175 /3 6‬في البيوع "‪."1536 /85‬‬
‫‪ 7‬البخاري ‪ 387 /4‬في البيوع "‪ "2191‬ومسلم ‪/3‬‬
‫‪."1540 /67" 1170‬‬
‫‪ 8‬مسلم ‪ 1162 /3‬في البيوع حديث "‪."1530 /42‬‬
‫‪ 9‬البخاري ‪ 356 /4‬في البيوع "‪ "2143‬ومسلم ‪/3‬‬
‫‪ 1153‬كتاب البيوع حديث "‪."1514 /6 /1514 /5‬‬
‫صفحة ‪399 | 172 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب اإلجماع‬
‫"نهى عن بيعتين في بيعة"‪.1‬‬
‫"نهى عن بيع ضراب "الجمل" وعن بيع الماء واألرض"‬
‫‪.2‬‬
‫وفي البخاري "نهى عن عسب الفحل"‪.3‬‬
‫وفيهما "نهى عن المالمسة والمنابذة"‪.4‬‬
‫ومن مشهور األحاديث ‪" :‬نهى عن بيع العربان‪.5‬‬
‫"نهى عن بيع المضطر"‪.6‬‬
‫"نهى عن بيع الثمرة قبل أن تدرك"‪.7‬‬
‫"نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان ‪-‬صاع‬
‫البائع وصاع المشتري"‪.8‬‬
‫"نهى عن بيع الكالي بالكالي"‪ 9‬أي الدين بالدين‪.‬‬
‫ثمنا‪.‬‬
‫"نهى عن بيع المجر"‪ 10‬أي بيع الحمل أو جعله ً‬
‫"نهى عن بيع وشرط"‪.11‬‬
‫"نهى عن بيع فضل الماء"‪.12‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬الترمذي ‪ 533 /3‬في البيوع "‪ "1231‬وقال حسن‬
‫صحيح والنسائي ‪ 295 /7‬في البيوع وعن عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عن بيعتين في بيعة صفقة واحدة الحاكم ‪17 /2‬‬
‫والبيهقي ‪.343 /5‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ 1197 /3‬في المساقاة "‪."1565 /35‬‬
‫‪ 3‬البخاري ‪ 461 /4‬حديث "‪."2284‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 278 /10‬في اللباس "‪ "5820‬ومسلم ‪/3‬‬
‫‪ 1152‬في البيوع "‪."1512 /3‬‬
‫‪ 5‬مالك في الموطأ ‪ "1" 609 /2‬وأبو داود ‪ /3‬في‬
‫البيوع حديث ‪ 3502‬وابن ماجه ‪" "2192" 738 /2‬‬
‫‪."2193‬‬
‫‪ 6‬أبو داود ‪ /3‬في البيوع حديث "‪ "3382‬وأحمد في‬
‫المسند ‪.116 /1‬‬
‫‪ 7‬أخرجه أحمد في المسند المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 8‬الدارقطني في السنن ‪."24" 8 /3‬‬
‫‪ 9‬الدارقطني ‪ 72 -71 /3‬في البيوع حديث "‪-"269‬‬
‫‪ "270‬والحاكم ‪ 57 /2‬وقال صحيح على شرط مسلم‬
‫والبيهقي ‪.290 /5‬‬
‫‪ 10‬البيهقي عن ابن عمرو الفتح الكبير ‪.276 /3‬‬
‫‪ 11‬أخرجه الطبراني في األوسط نصب الراية ‪.17 /4‬‬
‫‪ 12‬مسلم ‪ 1197 /3‬في المساقاة حديث "‪."1565 /34‬‬
‫صفحة ‪399 | 173 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫كتاب القياس ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫استعمل علماؤنا قياس العكس في مسائل شتى ولنفتتح بما‬
‫يحضرنا من منصوصاتها ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬قال الشيخ اإلمام "رحمه اهلل" في كتاب نور الربيع‬
‫من كتاب الربيع [وهذا]‪ 1‬المصنف الذي وضعه على‬
‫كتاب األم قاس الشافعي رضي اهلل عنه المدبر في جواز‬
‫مديونا كان سيده أو ال على المكاتب والمستولدة في‬
‫ً‬ ‫بيعه‬
‫مديونا كان سيدها أواًل ‪.‬‬
‫ً‬ ‫امتناع بيعها‬
‫ومنها ‪ :‬إذا كان في بلد الكفار أو قلعتهم مسلم ففي جواز‬
‫قصدها بالمنجنيق والنار مع إمكان أنه يصيب ذلك‬
‫المسلم‪ .‬قوالن‪ .‬أصحهما الجواز ؛ علله الشافعي رضي‬
‫اهلل عنه بأن الدار دار إباحة فال يحرم القتال بكون المسلم‬
‫فيها كما أ ‪ ،‬دارنا ال تحل بكون المشترك فيها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫في إثبات اللغة بالقياس خالف مشهور‪ .‬والقول به هو ما‬
‫عليه كثير من الشافعية أو أكثرهم وكان أبو العباس بن‬
‫سريج يناظر عليه ويكثر استعماله ‪ ،‬وكان إذا سئل عن‬
‫حد اللوطي يقول ‪ :‬أنا أدل على أنه زان فإذا ثبت لي ذلك‬
‫ثبت أنه محدود بنص الكتاب‪ .‬وإ ذا سئل عن مسألة النبيذ‬
‫قال ‪ :‬أنا أدل على أنه خمر وإ ذا ثبت فحذ الخمر‬
‫منصوص‪.‬‬
‫وكذلك يقال في النباش فإنه يقطع عندنا بسرقة الكفن من‬
‫قبر ليس في مفازة فيثبت أنه سارق ‪ ،‬ثم يقول ‪ :‬قطع‬
‫السارق منصوص‪ .‬وقد كنت ال أرى استعمال هذه‬
‫_________‬
‫‪ 1‬وفي "ب" وهو‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 174 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫زمنا وقلت في شرح المختصر ‪ :‬لو كان قطع‬
‫الطريقة ً‬
‫النباش بالقياس اللغوي وهو تسميته نبا ًشا لقطع سارق ما‬
‫عدا الكفن من القبر واألصح خالفه‪ .‬واآلن يرتجح عندي‬
‫استعمالها‪.‬‬
‫وأقول في جواب ما ذكرته في الشرح ‪ :‬أن سارق ما عدا‬
‫الكفن ال يسمى في العرف نبا ًشا وال في اللغة ؛ فإنهم لم‬
‫يضعوا اسم النباش إال لما يتبادر إلى الذهن مما يفعله‬
‫النباش وهو سرقة الكفن ألنه الغالب وسرقة ما عداه نادر‬
‫حرزا‬
‫لندرة وضع ما عدا الكفن في القبر ‪ ،‬وألنه ليس ً‬
‫حرزا لكفن في‬
‫بالنسبة إلى غير الكفن كما أنه ليس ً‬
‫المفازة ‪ ،‬فافهم هذا الجواب فهو حسن‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫القياس يجري في الكفارات خالفًا ألبي حنيفة‪.‬‬
‫وعليه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا جامع في يومين من رمضان واحد يلزمه‬
‫كفارتان لتماثل السببين‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬كفارة واحدة لتعذر اإللحاق عنده‬
‫هاهنا‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬تجب الكفارة على صائم أفسد صومه باللواط أو‬
‫إتيان البهيمة وإ ن كان النص إنا ورد في مجامع امرأته‬
‫كما يجب على الزاني ومن جامع امرأته إن لم يرد النص‬
‫فيهما ‪ ،‬وفي البهيمة واإلتيان في الدبر وجه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا تعمد الجماع حتى طلع الفجر ولم ينزع فعليه‬
‫قياسا لدفع االنعقاد على قطع المنعقد ‪ ،‬وهو في‬
‫الكفارة ً‬
‫الحقيقة قياس لدافع على دافع ‪ ،‬فهو قياس األدون ‪ ،‬وعند‬
‫أبي حنيفة ال يجب‪.‬‬
‫قياسا على الخطأ وهو‬
‫ومنها ‪ :‬قتل العمد يوجب الكفارة ً‬
‫قياس أولى ألنه إذا وجب في الخطأ فالعمد أولى‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ال يجب إذ ال قياس في الكفارات‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬اليمين الغموس كذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قال المرأته ‪ :‬أنت علي حرام فأصح القولين‬
‫وجوب الكفارة إذا لم ينو شيًئا ‪ ،‬كما إذا قال ذلك ألمته ‪،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫إذ فيه الكفارة على األصح ً‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬ألنه تحريم فرجين حلين‬
‫بما لم يحرمانه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 175 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫جهد أصحاب الرأي من حيث ال يشعرون فعمموا القول‬
‫بأن صور األسباب الشرعية هي المعتبرة في األحكام‬
‫دون معانيها وإ ن وضحت وضوح الشمس‪.‬‬
‫وخصص اإلمام المطلبي رضي اهلل عنه ذلك بالصور‬
‫التي تضطرب معانيها أو تخفي أو تدق عن األفهام‬
‫رفعا للتشاجر كيال يتسع الخرق‬
‫وتوجب مزيد الخبط ً‬
‫بزوال الضبط ‪ ،‬وحماًل للحنفية السمحة فيما هذا شأنه‬
‫ظهارا للحكم فيما يلوح وجهه‪.‬‬
‫واسنحابا على المعاني وإ ً‬
‫ً‬
‫وجودا‬
‫ً‬ ‫ومن ثم تقول ‪ :‬ترخص المسافر دائر مع السفر‬
‫وعدما ال مع المشقة لعدم انضباطها وهذا فيما ال ينضبط‬
‫ً‬
‫أو يتعسر االطالع على مضمونه‪.‬‬
‫وأما المنضبط الذي يمكن ظهور معناه ؛ فال سبيل إلى‬
‫طرحه بالوراء وربما يعبر عن هذا بأنه يجوز التعليل‬
‫بالحكمة إذا انضبطت كما يجوز بالمظنة‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬أن المشرقي إذا تزوج بمغربية ثم أتت بولد لمدة‬
‫فصاعدا قال الشافعي "رضي اهلل‬
‫ً‬ ‫ممكنة وهي ستة أشهر‬
‫عنه"‪ 1‬ال يلحق به الطالعنا على مضمون السبب ‪ ،‬إذا‬
‫من بالمشرق ال يحبل من بالمغرب ‪ ،‬فلتلغ صورة السبب‬
‫ويتعلق بمضمونه‪.‬‬
‫وهذا بخالف من يراه يدخل على زوجته ويخرج فإنا‬
‫نلحق به ولدها حيث يمكن كونه منه وإ ن لم نعلم أنه‬
‫وطئها إحالة على صورة الفراش لتعذر االطالع على‬
‫المضمون‪.‬‬
‫أما المشرقي مع المغربية فقد أمكننا الوقوف على‬
‫قطعا أن الولد ليس منه ؛ فلم‬
‫مضمون السبب وعلمنا ً‬
‫تعتبر صورة للسبب‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة "رحمه اهلل" ‪ :‬يلحق لوجود صورة السبب‬
‫شرعيا غير منظور فيه‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫وهو الفراش وجعل اإللحاق ً‬
‫إلى اإلمكان العقلي‪.‬‬
‫وقال بعض المتأخرين ‪ :‬إن مأخذه احتمال قرب المسافة‬
‫بينهما على وجه الكرامة ؛ فإنه ال يمتنع في مقدور اهلل‬
‫أن يطوي األرض لولي من أوليائه فيخطو خطوة تعم ما‬
‫بين المشرقين‪.‬‬
‫وهذا زلل وحيد عن صورة المسألة فلسنا نعني بصورة‬
‫المشرقي مع المغربية إال‬
‫صفحة ‪399 | 176 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫صورة نعلم فيها انتفاء الوطء ‪ ،‬فلو قدر وجوده "استحالت‬
‫صورة المسألة"‪.‬‬
‫ونظير المسألة أن يتزوج امرأة حاضرة ثم يطلقها من‬
‫ساعته في مجلس العقد وقد شاهده الحاضرون غير‬
‫مختل بها ثم تجيء بولد فإنه ال يثبت نسبه منه خالفًا لهم‪.‬‬
‫محرما من محارمه أو‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬لو نكح أمه أو أخته أو‬
‫المطلقة ثالثة أو المعتدة أو المجوسية ثم وطأها بمقتضى‬
‫هذا العقد ؛ فإنه يحد وال مباالة بصورة العقد الخالية عن‬
‫مضمونه ‪ ،‬وال يصلح شبهة دارئة للحد‪.‬‬
‫خالفًا ألبي حنيفة حيث اعتقد أن صورة العقد هي السبب‬
‫المبيح في موضع الوفاق ثم تطرق بذلك إلى جعله شبهة‬
‫هنا في ردء الحد وإ ن لم يبح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا استأجر امرأة للزنا فزنا بها حد خالفًا لهم‬
‫أيضا والمأخذ ما ذكرناه‪.‬‬
‫ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬حكم األصل مضاف إلى العلة وعليه‬
‫المالكية ‪ ،‬وقالت الحنفية ‪ :‬مضاف إلى النص ‪ ،‬واتفق‬
‫الكل على أن حكم الفرع مضاف إلى العلة‪.‬‬
‫ومن ثم مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬التعليل بالقاصرة جائز عندنا لكونها تعرف الحكم‬
‫المنصوص ‪ ،‬ولغير ذلك‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬ال يجوز ‪ ،‬ألن المنصوص معروف بالنص ‪،‬‬
‫وال فرع فال فائدة‪.‬‬
‫متأخرا عن‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬من شرط العلة أن ال يكون ثبوتها‬
‫ثبوت حكم األصل ؛ فإنه لو تأخر كان الحكم في األصل‬
‫تعبدا ثم‬
‫ثابتًا بال مثبت ألن مثبته العلة أو يلزم أن يكون ً‬
‫انقلب معقول المعنى ‪ ،‬وذلك ال يضر كما قررت في‬
‫شرح المختصر‪.‬‬
‫والخصوم ال يشترطون ذلك ؛ إلضافتهم الحكم إلى‬
‫النص وهو موجود وإ ن لم توجد العلة ‪ ،‬ومن ثم يلزمهم‬
‫إيجاب النية في الوضوء بالقياس على التيمم وإ ن كان‬
‫بعد الوضوء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬يحرم قليل النبيذ وكثيره كالخمر‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬ال يحرم بخالف الخمر فإن حرمة الخمر ثابتة‬
‫بالنص وهو نص عام فشمل قليله وكثيرة بعلة اإلسكار‬
‫وحرمة النبيذ وهو الفرع ثابتة بعلة األصل وهو اإلسكار‬
‫صفحة ‪399 | 177 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫فال بد من وجودها فال يحرم مه قدر ال يسكر‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن االنباري في أول كتاب القياس من شرح‬
‫البرهان هذه الفائدة لهذا الخالف مع أن تلميذه ابن‬
‫الحاجب ذكر في المختصر أن الخالف لفظي وتعقبناه‬
‫في شرح المختصر‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫العلة القاصرة صحيحة عند الشافعي ومالك وأحمد باطلة‬
‫عند أبي حنيفة "رحمه اهلل"‪.‬‬
‫وقد ذكرنا أنها من فروع أن الحكم في األصل يضاف‬
‫إلى العلة أو إلى النص ؟ ومن فروعها مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬تعليل الربا في النقدين بجوهريتهما أو بتثمينهما‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬تعيين الماء لرفع الحدث وإ زالة الخبث‬
‫الختصاصه بنوع ال يشاكره سائر المائعات‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن الخارج من غير السبيلين ال نيقض الوضوء‬
‫؛ ألن العلة قاصرة على محل النص وهو الخروج من‬
‫المسلك المعتاد‪.‬‬
‫واعتقد أبو حنيفة أن العلة في األصل خروج النجاسة من‬
‫بدن اآلدمي فقال ‪ :‬ينقض بالقصد والحجامة ونحوهما‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال يوجب فطر في نهار رمضان كفارة إال الفطر‬
‫بالجماع الوارد في الحديث والعلة مقصورة على الوقاع‪.‬‬
‫وأعتقد أبو حنيفة عموم اإلفساد فعدى الحكم إلى اإلفطار‬
‫باألكل والشرب‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬علة وجوب نفقة األقارب البعضية‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬عموم الرحم‪.‬‬
‫واحدا من فروعه أو أصوله عتق عليه‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬من ملك‬
‫‪ ،‬وقال مالك ‪ :‬يعتق الوالدان والمولودون واإلخوة‬
‫واألخوات ‪ ،‬وقال أبو حنيفة وأحمد ‪ :‬يعتق كل ذي رحم‬
‫محرم‪.‬‬
‫فالعلة عندنا البعضية كما في النفقات ‪ ،‬والخصوم‬
‫يحتجون بحديث ‪ :‬من ملك‬
‫صفحة ‪399 | 178 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫ذا رحم فهو عتيق وفي لفظ ‪ :‬من ملك ذا رحم فهو حر‪1‬‬
‫ولوصح الحديث لما كان عنه مخلص ‪ ،‬ولوجب الرجوع‬
‫إليه ولكنه وإ ن رواه أصحاب السنن األربعة متكلم في‬
‫إسناده من قبل أن راويه حماد بن سلمة عن قتادة عن‬
‫الحسن عن سمرة بن جندب والكالم في سماع الحسن‬
‫عن سمرة شهير ومن قبل أن حماد انفرد به وشك فيه‬
‫عن الحسن عن سمرة فيما يحسب حماد ثم إن غير حماد‬
‫خالفه فيه وروي موقوفًا بإسناد آخر ‪ ،‬وقال البيهقي ‪:‬‬
‫الحديث إذا انفرد به حماد ثم شك فيه ثم خالفه من هو‬
‫أحفظ منه وجب التوقف فيه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫التماثل في العلة قد يمنع تأثيرها في عليتها‪ .‬وهذا أصل‬
‫كالما ولكن تلقفته من كالم‬
‫لم أجد لألصوليين فيه ً‬
‫الفقهاء‪.‬‬
‫ويتضح بأمثلة ‪:‬‬
‫لحنا يغير‬
‫منها ‪ :‬يجوز اقتداء األمي بمثله والالحن ً‬
‫المعنى بمثله‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو جلل الكلب والخنزير بجلد كلب أو خنزير‬
‫جاز في األصح الستوائهما في غلظة النجاسة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬في العيوب المثبتة للخيار إذا كان بكل واحد من‬
‫الزوجين مثل ما بصاحبه ثبت لكل منهما الخيار على‬
‫األصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو تحاكم إليه أبوه وابنه فاألصح ال يحكم بينهما‪.‬‬
‫ترابا بمثله‬
‫ومنها ‪ :‬ال يجوز اقتداء من لم يجد ماء وال ً‬
‫على األصح‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫في القياس على الخارج من القياس لمعنى خالف ذكرته‬
‫في شرح المختصر‪.‬‬
‫والذي أراه اآلن جزم القول بالقياس عليه بشرط أن يكون‬
‫عليه أشبه به من غيره ؛ فإنه في الحقيقة فرع اجتذبه‬
‫أصالن فيلحق بأشبههما‪ .‬ورأى إمام الحرمين عدم‬
‫القياس عليه وصمم على ذلك في كتبه الفقهية‬
‫واألصولية‪.‬‬
‫مضطجعا مع‬
‫ً‬ ‫ثم قال ‪ :‬وقد حكى الوجهين فيمن تنفئل‬
‫العجز عن القعود ومن يجوز‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أخرجه أحمد في المسند ‪ 20 /5‬وأبو داود ‪ 26 /4‬في‬
‫العتق "‪ "3949‬والترمذي ‪ 646 /3‬في األحكام "‪"1365‬‬
‫وابن ماجة ‪ 843 /2‬في العتق "‪ "2524‬والحاكم ‪/2‬‬
‫‪ 214‬وصححه وأقره الذهبي‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 179 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫االضطجاع يجوز االقتصار في األركان الذكرية‬
‫كالتشهد والتحكبير وغيرهما على ذكر القلب‪.‬‬
‫قال اإلمام ‪ :‬وهذا يضعف الوجه الثاني من أصله وإ ن‬
‫طاردا للقياس ؛ لكنه يكون‬
‫ً‬ ‫ارتكبه من صار إليه كان‬
‫مقتحما‪.‬‬
‫ً‬ ‫خارجا عن الضبط‬
‫ً‬
‫قلت ‪ :‬ووجه خروجه واقتحامه قياسه على صورة‬
‫خارجة عن القواعد وهي تجويز صالة القادر على‬
‫مضطجعا لكن ذلك هو الصحيح لقوله صلى اهلل‬
‫ً‬ ‫القعود‬
‫نائما فله نصف أجر القاعد"‪.1‬‬
‫عليه وسلم ‪" :‬ومن صل ً‬
‫فإن قلت ‪ :‬فيلزمك ما التزم به اإلمام من تجويز ذكر‬
‫القلب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال يلزمني ذلك ال على رأي وال على رأيه أما‬
‫على رأيه فألنه قياس على صورة مستثناة ‪ ،‬وأما على‬
‫رأيي فلما قاله الرافعي من أنه ال يلزم من جواز‬
‫االقتصار على اإليماء في األفعال جواز االقتصار على‬
‫ذكر القلب فإن األفعال أشق من األذكار فهي بالمسامحة‬
‫أولى‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬اإلمام قد بين أن العكس أولى فإن ذكر القلب‬
‫إلى قراءة اللسان أقرب من إجراء إرسال األفعال في‬
‫ذكر مجرى صورتها فعاًل ألن من الناس من يقول إن‬
‫حقيقة الكالم الفكر القائم في النفس‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬كذا اعترض به ابن الرفعة على الرافعي ‪ ،‬ولكن‬
‫عندي [فيه]‪ 2‬نظر فإن ذكر اللسان مطلوب في الصالة‬
‫كاألفعال ‪ ،‬ومن لم يذكر لسانه لم يأت بذلك المطلوب‬
‫كمن لم يفعل بجوارحه ففواتهما واحد وذكر اللسان‬
‫أخص فكان الفعل بالتسامح أولى ‪ ،‬وإ ن كان ذكر القلب‬
‫أقرب إليه‪.‬‬
‫كثيرا من الحنفية على هذا الرأي‬
‫إذا عرفت هذا فاعلم أن ً‬
‫وهو عدم القياس على معقول المعنى الخارج عن‬
‫القياس‪.‬‬
‫ومنشأ [الخالف]‪ 3‬بيننا وبينهم من أجل ذلك في مسائل ‪:‬‬

‫_________‬
‫‪ 1‬البخاري ‪ 586 /2‬في تقصير الصالة حديث "‬
‫‪."1116‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" النزاع‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 180 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫قياسا‬
‫منها ‪ :‬تخالف المتبايعين والسعلة هالكة فجوزناه ً‬
‫على القائمة مع أن فيه حديثًا‪.‬‬
‫ومنعوه زاعمين أن الحديث إنما ورد في القائمة وأن‬
‫التخالف من أصله على خالف القياس ‪ ،‬فيقتصر على‬
‫مورد النص‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬تتحمل العاقلة ما دون أرش الموضحة ؛ ألن‬
‫المقادير متساوية بالنسبة إلى الجناية والنسبة إلى العاقلة‬
‫بالتحكم بالتخصيص محال‪.‬‬
‫وعندهم ال يضرب على العاقلة ألن الضرب على العاقلة‬
‫خارج عن القياس فال يقاس عليه‪.‬‬
‫وقد ذكرنا في شرح المختصر مسألة العرايا فال نعيدها‪.‬‬
‫ومن المسائل المختلف فيها بين أصحابنا المبنية على هذا‬
‫األصل أن من أفطر إلنقاذ مشرف على الهالك بالغرق‬
‫ونحوه ولم يمكنه تخليصه إال بالفطر فاألصح أنه يلحق‬
‫بالمرضع ؛ ألنه قطر ارتفق به اثنان فكان كالحامل‬
‫والمرضع‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬ال ‪ ،‬ألن الفدية مع القضاء خالف القياس‬
‫فيقتصر على ما ورد‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬للمالك في الجيران في الزكاة صعود درجتين‬
‫وأخذ جبرانين ونزول درجتين ودفع جبرانين بشرط‬
‫تعذر درجة‪.‬‬
‫وقال ابن المنذر ‪ :‬ال تجوز الزيادة على جبران واحد كما‬
‫ثبت في الحديث ؛ فال يتعداه فإنه خارج عن القياس‪.‬‬
‫ورد عليه األصحاب بأن هذا في معنى الخارج مع‬
‫اتفاقهم على أنه ال مدخل للجبران في البقر والغنم ؛ ألنه‬
‫إنما ورد في اإلبل [وهو]‪ 1‬على خالف القياس‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬فيقتصر فيه على مورد النص‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قطع نبات الحرم إال األذخر ال يجوز والعلة في‬
‫تجويز األذخر حاجتهم لتسقيف بيوتهم وقبورهم ؛ فلو‬
‫احتيج إلى قطع غير األذخر للدواء قال الرافعي ‪:‬‬
‫فوجهان ورجح الجواز‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 181 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫واعلم أن الرافعي جعل محل الوجهين في جواز القطع‬
‫وحكاهما عن الشيخ أبي علي في شرح التلخيص‪.‬‬
‫وقد أتبع في ذلك اإلمام الغزالي والذي في شرح‬
‫التلخيص للشيخ أبي علي الجزم بجواز القطع ؛ وإ نما‬
‫حكى الوجهين في وجوب الجزاء‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬اعتبر الشافعي رضي اهلل عنه قياس علية‬
‫األشباه وهو أن يجتذب الفرع أصالن ويتنازعه مأخذان‬
‫فينظر إلى أوالهما به وأكثرهما شبهًا فيلحق به وعليه‬
‫نص في األم ‪ ،‬وقد حكيت نصه في شرح المنهاج وعليه‬
‫فروع‪.‬‬
‫منها ‪ :‬لفظ الظهار دار بين أصلين القذف والطالق فلو‬
‫قال ‪ :‬عينك طالق طلقت كيدك وجسمك ‪ ،‬فلو قال ‪ :‬زنت‬
‫عينك فالمذهب أنه كناية وقيل صريح‪.‬‬
‫ولو قال ‪ :‬أنت على كعين أمي ولم يرد الكرامة وال‬
‫تغليبا‪.‬‬
‫الظهار بل أطلق فاألصح يحمل على اإلكرام ً‬
‫ومنها ‪ :‬الخلع من جانب الزوج معاوضة فيه شوب‬
‫التعليق وقد يغلب التعليق‪ .‬قال القاضي الحسين ‪ :‬وذلك‬
‫في ثالث مسائل ومن جانب الزوجة معاوضة فيها شوب‬
‫الجمعالة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬زكاة الفطر تتردد بين المؤنة والقرابة والكفارة‬
‫تتردد بين العبادة والعقوبة والحوالة بين االستيفاء‬
‫واالعتياض ‪ ،‬واللعان بين اليمين والشهادة والجنين بين‬
‫أعضاء األم وإ نسان منفرد ‪ ،‬وقطع الطريق بين حق اهلل‬
‫تعالى وحق اآلدمي والمسابقة بين اإلجارة والجعالة ‪،‬‬
‫واإلقالة بين الفسخ والبيع و [الرجعية]‪ 1‬بين الزوجة‬
‫والبائن وغير ذلك‪.‬‬
‫وعليه ينبني مسائل خالفية ومذهبية‪.‬‬
‫ومن المذهبية غير ما ذكرناه عنفقة الرجل الكثيفة تتردد‬
‫بين نادر الكثافة كالشارب وغالبه كلحية الرجل ‪،‬‬
‫واألصح إلحاقها بالنادر‪.‬‬
‫ومها ‪ :‬قيام الصابون واألشنان في الغسل من الولوغ‬
‫مقام التراب متردد بين‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "أ" الرجعة والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 182 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫إلحاقه بالتيمم فاليقوم وهو األظهر أو بالدباغ واالستنجاء‬
‫فيقوم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخالف في استيعاب الجبيرة بالماء ووجوب‬
‫التيمم وتأقيت مسحها فإن منشأه أن المسح أخذ شبهًا من‬
‫أصلين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬المسح على الخفين ؛ ألن ما تحت الجبيرة‬
‫صحيح يمكن غسله‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬الجرح إذا خاف من غسله التلف لوجود‬
‫الخوف عند نزع الجبيرة فمنهم من غلب شبه المسح‬
‫على الخفين ومنهم من غلب شبه الجرح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬المكاتب من حيث استحقاقه للعتاقة أشبه‬
‫المستولدة فيمتنع بيعه وهو الجديد ومن حيث توقف عتقه‬
‫على صفة أقامها السيد المعلق عتقه فيجوز بيعه وهو‬
‫القديم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لحوم الحيوانات من حيث االشتراك في االسم‬
‫جنس واالختالف يشبه اختالف أنواع الرطب والعنب‪.‬‬
‫ومن جهة أنها فروع أصول مختلفة أجناس كما في‬
‫األدقة وهو األظهر والفروع في هذا الباب كثيرة ‪ ،‬ولو‬
‫مبعدا‪.‬‬
‫قال ‪ :‬إن غالب المسائل المقيسة منه لما كان ً‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫هذا الذي ذكرناه في فرع تنازعه أصالن هو بأحدهما‬
‫أشبه فإن لم يترجح أحدهما على اآلخر فال طريق إال‬
‫التخيير إذ ال يمكن الجمع بينهما ‪ ،‬وليس أحدهما بأولى‬
‫من صاحبه‪.‬‬
‫وهذا مثل نذر اللجاج والغصب فإنه أخذ شبهًا من أصلين‬
‫منعا‬
‫من نذر المجازاة ألنه التزم طاعة ومن اليمن لكونه ً‬
‫للنفس من فعل أو ترك ‪-‬فخير بين موجبهما وهو الوفاء‬
‫بما نذر أو كفارة يمين وهذا هو األصح‪.‬‬
‫تنبيه آخر ‪:‬‬
‫هذا الذي ذكرناه في فرع يتجاذبه أصالن يتنازعانه‬
‫ورب فرع سالب يصنعه أصالن يتعاضدانه ‪ ،‬وهذا هو‬
‫القياس المركب وهو أن تجتمع العلتان المتنازع فيهما في‬
‫األصل على فرع فيتفق الخصمان على القول به هذا لعلة‬
‫وهذا لعلة‪.‬‬
‫كما يتفق [اإلمامان]‪ 1‬على أن البكر الصغيرة ال تجبر‬
‫لكن الشافعي "رضي اهلل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 183 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫بكرا وأبو حنيفة يقول ‪:‬‬
‫عنه"‪ 2‬يقول ‪ :‬ال تجبر لكونها ً‬
‫لكونها صغيرة "وهو من أعقد أبواب القياس وأحسن‬
‫أقسام الجدل"‪.‬‬
‫تنبيه ثالث ‪:‬‬
‫قدمنا الخلع وهو من جانب الزوجة معاوضة فيها شوب‬
‫الجعالة بأي صيغة أوردته‪.‬‬
‫فسخا فمعاوضة محضة‬
‫وأما من جانب الزوج إن جعل ً‬
‫وإ ن جعل طالقًا فقال ‪ :‬خالعتك بألف أو كانت الصيغة‬
‫"طلقتك بألف" فمعاوضة فيها شائبة التعليق ؛ فله الرجوع‬
‫قبل قبولها ‪ ،‬خالفًا ألبي عاصم العبادي ‪ ،‬وتقبل باللفظ‬
‫على الفور بكل العوض‪.‬‬
‫فهذه أربع مسائل غلب فيها جانب المعاوضة‪.‬‬
‫قال القاضي الحسين ‪ :‬ولم يغلب جانب المعاوضة إال‬
‫فيها‪.‬‬
‫فلو قبلت به بعض العوض كواحدة من ثالث فيقع كله به‬
‫على األصح ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال يقع شيء ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يقع المقبول‬
‫بمهر المثل‪.‬‬
‫وإ ن كانت متى أو أي وقت أعطيتني ألفًا فأنت طالق ‪،‬‬
‫فتعليق فيه شوب العوض فال رجوع وال قبول وال فور‪.‬‬
‫وهذه هي الثالث مسائل التي غلب فيها جانب التعليق‬
‫وإ ن زاد مثل متى وأي‪.‬‬
‫غير أن صاحب التتمة قال ‪ :‬تعجل الحرة العوض وكذا‬
‫األمة إذا كان التعليق في التعجيل بنحو زق خمر ‪ ،‬وأما‬
‫إذا كان بنحو ألف فاألمة ال تملك فال تعجيل‪.‬‬
‫وحكاه الرافعي ساكتًا عليه ونازع فيه ابن الرفعة‬
‫وصوب الشيخ اإلمام كالم صاحب التتمة‪.‬‬
‫إذا علمت هذا فقد ظهر لك أن للزوج الرجوع ؛ حيث‬
‫كان معاوضة ال حيث يكون تعليقًا وهو واضح‪.‬‬
‫وقضيته أن للزوجة الرجوع قبل قبول الزوج بكل صيغة‬
‫يأتي بها ألنه من جهتها معاوضة بكل حال ‪ ،‬وبذلك‬
‫تبعا للغزالي‪.‬‬
‫صرح الرافعي ً‬
‫قال ابن الرفعة ‪ :‬وقد رأيت في األم ما ينازع في جواز‬
‫الرجوع إذ قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬وإ ذا كانت‬
‫لرجل فقالتا له ‪ :‬طلقنا بألف لك علينا فطلقهما في‬
‫صفحة ‪399 | 184 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫ذلك المجلس لزمهما الطالق وهو بائن وساق الكالم إلى‬
‫أن قال ‪ :‬وإ ن أرادتا الرجوع فيما جعلتا له في وقت‬
‫الخيار لم يكن لهما‪.‬‬
‫وكذلك لو قال لهما ‪ :‬إن أعطيتماني ألفًا فأنتما طالقتان ثم‬
‫أراد أن يجرع لم يكن له ذلك في وقت الخيار‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام ‪ :‬وقد رأيت ذلك في األم والرافعي‬
‫جزما بالرجوع ‪ ،‬فلينظر ما يقتضيه كالم بقية‬
‫والغزالي ً‬
‫األصحاب ‪ ،‬وال أجسر أقول ‪ :‬الفقه ما قااله‪ ..‬لعظمة‬
‫كالم الشافعي رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫قلت لم يستوف الشيخ اإلمام رحمه اهلل النظر في هذا‬
‫النص ؛ ألنا كنا نستحثه في آخر الوقت على تكملة شرح‬
‫المنهاج خشية اخترام المنية ‪ ،‬وكان يقتصر على ما يراد‬
‫منه مما ال يوجد إال عنده من المباحث التي تثيرها فكرته‬
‫الظاهرة‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬هذا مكان مبهم ونص مشكل ‪ ،‬والذي ذكره‬
‫الغزالي والرافعي هو الذي ذكره الروياني في البحر‬
‫والمتولي في التتمة وغيرهما وصرح به الشيخ عز الدين‬
‫بن عبد السالم في مختصر النهاية وقال ‪ :‬هذا أسوأ‪.‬‬
‫غدا فلك ألف ‪ ،‬ولعله‬
‫غدا بألف ‪ ،‬أو إن طلقتني ً‬
‫طلقني ً‬
‫أوضح من أن ينبه عليه‪.‬‬
‫وهذا النص وإ ن كان كما نقله ابن الرفعة والوالد فيجب‬
‫تأويله غير أني لست على ثقة منه ؛ فإني وقفت عليه في‬
‫كتاب المبسوط للبيهقي رحمه اهلل فوجدته قد حكاه فقال ‪:‬‬
‫مسألة في خلع امرأتين ‪ :‬قال الشافعي في كتاب الخلع‬
‫والنشوز ‪ :‬وإ ذا كانت لرجل امرأتان إلى أن قال بعد أن‬
‫ذكر أن له أن يطلق الواحدة في وقت الخيار دون‬
‫األخرى ‪ ،‬قال ‪ :‬وله أن ال يطلقها في وقت الخيار وال‬
‫بعد إن أراد الرجوع فيما جعلنا له وقت الخاير ولم يكن‬
‫لهما قال البيهقي وفي نسخة أخرى ولم يجعل لهما‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت فاختالف النسخ مع عدم انتظام الكالم مما يوجب‬
‫الحيد عن هذا النص ولم أره في عيون المسائل ألبي بكر‬
‫قصدا لالضطراب فيه وإ ال فهو‬
‫الفارسي ؛ فلعله تركه ً‬
‫يستوعب روايات الربيع ‪ ،‬وهذا منها ألنه من األم ‪،‬‬
‫وهي رواية الربيع‪.‬‬
‫ومن العجب أني رأيت المرعشي فيترتيب األقسام قد أتى‬
‫بكالم يشابه هذا النص ظاهره أنه ليس لها الرجوع ما‬
‫هو ظاهر النص‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 185 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫فصل ‪:‬‬
‫آدميا‬
‫مما دار بين أصلين الحمل أشبه بعض األم وأشبه ً‬
‫مستقاًل "‪.‬‬
‫ولك أن تقول ‪ :‬أشبه المعدوم وأشبه الموجود ومن ثم‬
‫اختلف في أنه هل يعلم أواًل ؟ ومما قيل ‪ :‬هل له حكم أم‬
‫ال ؟‬
‫إجماعا فكيف‬
‫ً‬ ‫تحريرا ؛ فإنه يرث‬
‫ً‬ ‫والعبارة األولى أكثر‬
‫ال يكون له حكم!‬
‫ومن ثم قال أبو علي فيما نقل صاحب العدة فيما إذا‬
‫أوصى للحمل بشيء هل يقبله األب "جرت هذه المسألة‬
‫بيني وبين القفال ‪ :‬فقال ‪ :‬ال يصح ويجب قبوله بعد‬
‫خروجه من البطن ألنه ال حكم له ما لم يخرج فقبوله في‬
‫وقت ال ندري أله حكم ال يقع كما لو أوصى لرجل بشيء‬
‫والموصي له غائب فقبل الوصية ولم يعلم هل مات‬
‫الموصي لم يصح ‪ ،‬وإ ن كان مات فقبلت فيها قوالن ‪،‬‬
‫كما لو باع مال أبيه ولم يعلم أنه ميت فكان ميتًا ولو‬
‫جعلت المسألة على وجهين بناء على أن الحمل هل‬
‫يعرف [أم ال]‪ 1‬لم يبعد‪.‬‬
‫حيا صح‬
‫ولو ثبتت الشفعة في شيء فأخذه األب ثم خرج ً‬
‫األخذ على أحد الوجهين ؛ فإن صحت الشفعة فالوصية‬
‫أولى‪.‬‬
‫وحكي عن ابن سريج أنه ال يجوز أخذ الشفعة للحمل‬
‫حتى يولد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إن تم ما قاله أبو علي وكان طريقه قاطعة بأن‬
‫قبول األب ال يصح وال يخرج على العلم لزم أن يقال ‪:‬‬
‫قد يعلم ولحكن ال حكم له ؛ فتكون مسألة هل له حكم غير‬
‫أيضا أنه هل‬
‫مسألة هل يعلم‪ .‬ومن المباحث في الحمل ً‬
‫يقابله قسط من الثمن إذا باع حاماًل مثاًل ‪.‬‬
‫وفيها خالف معروف ذكره الرافعي في مسائل بيع‬
‫وشرط فيما إذا شرط أن تكون حاماًل وخرج على أنه هل‬
‫يعلم وهل هو عيب ونقص‪.‬‬
‫وقد قالوا في الزكاة ليس بعييب ‪ ،‬وفي األضحية عيب ؛‬
‫ألنه يهزل اللحم وقال الرافعي في البيع ‪ :‬إنه عيب يرد‬
‫به المبيع‪ .‬وفي هذه المواضع إشكاالت في المنقول لسنا‬
‫لها اآلن وهل يتبع أمه فيما يتجدد لها من األحكام فيتبع‬
‫قطعا في البيع والعتق ‪ ،‬ثم هو في العتق تابع وال يعتق‬
‫ً‬
‫بالسراية‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 186 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫قال الرافعي ‪ :‬ألن السراية في األشقاص ال في‬
‫قطعا فيما إذا كان الحمل لواحد واألم‬
‫األشخاص وال يتبع ً‬
‫آلخر‪.‬‬
‫ومن ثم مسائل اختلف فيها هل يتبع ؟‬
‫منها ‪[ :‬لو اشترى]‪ 1‬المعيبة ثم اطلع المشتري على‬
‫عيبها ولم ينقص بالحمل أو كان الحمل في يد البائع‬
‫طا‬
‫فردها المشتري ؛ فإن قلنا ‪ :‬الحمل يعرف ويأخذ قس ً‬
‫بقي للمشتري فيأخذه إذا انفصل وإ ال فهو للبائع ويكون‬
‫تبعا لألم عند الفسخ كما يكون عند الرد‪.‬‬
‫ً‬
‫ومنها ‪ :‬لو وقف للحامل مملوك‪ .‬قال ابن الصباغ إن قلنا‬
‫‪ :‬للحمل حكم كان الولد وقفًا ؛ وإ ال فوجهان‪.‬‬
‫ومسائل كثيرة ‪ :‬هل النفقة للحمل أو للحامل ؟ فيه قوالن‪.‬‬
‫وهل يتصور للجنين ملك ؟ الظاهر ذلك ‪ ،‬ويدل عليه‬
‫قولهم في باب الغرة أنها لورثة الجنين‪.‬‬
‫وهل يتصرف الحاكم في مال األجنة ؟ نقل الغزالي عن‬
‫القفال أنه ليس له ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬والصحيح أن له ذلك ذكره‬
‫في ميراث الحمل‪.‬‬
‫وجزم ابن الرفعة في كتاب الزكاة بأن القضاة ال‬
‫ينصبون القوام للتصرف في أموال األجنة بل هو‬
‫موقوف ‪ ،‬وال مخالقة بين الكالمين‪.‬‬
‫وهل على الجنين نفقة أمه ؟ قال الرافعي في النفقات في‬
‫الفروع المبنية على أن النفقة للحمل أو للحامل ‪ :‬قال ابن‬
‫موسرا وقلنا ‪ :‬النفقة له فيؤخر إلى‬
‫ً‬ ‫كج ‪ :‬إذا كان الحمل‬
‫أن تضع ‪ ،‬فإذا وضعت سلمت من ماله إلى األم كما ينفق‬
‫عليه‪ .‬قال ‪ :‬ويحتمل عندي أنها على األب ‪ ،‬وإ ن قلنا ‪:‬‬
‫يجب التعجيل فال يؤخذ من مال الحمل المسألة فلينظر‪.‬‬
‫وكل هذه األصول راجعة إلى أن الحمل هل يعلم ويعطي‬
‫حكما ؟‬
‫ً‬
‫فصل ‪:‬‬
‫في مسائل من الشبه الصوري والحكمي ؛ منها في جزاء‬
‫العبيد ‪ ،‬ومنها في األطعمة إذا لم يعلم من العرب‬
‫استطابة شيء وال استخباثه اعتبر بأقرب األشياء شبهًا‬
‫به قال األصحاب والشبه تارة في الصورة وأخرى في‬
‫طبع الحيوان وأخرى في طعم اللحم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إذا حملت‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 187 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫قلت ‪ :‬واعتبار طعم اللحم موقوف على ذوقه الموقوف‬
‫على حله إال أن يراد ذوقه وإ ن عرف ال بطريق حالل‬
‫ومنها ‪ :‬وجوب رد المثل الصوري في الفرض على‬
‫ووزنا‬
‫ً‬ ‫وجه صححه ومنها ‪ :‬في باب الربا المماثلة كياًل‬
‫موزونا يعتبر فيه عادة الحجاز ؛‬
‫ً‬ ‫فما لم تكن مكياًل وال‬
‫فإن لم يكن فيه عادة ففي وجه يعتبر أشبه األشياء به في‬
‫الحجاز ومنها ‪ :‬اعتبار دواب البحر بالبر ففي وجه ما‬
‫حراما ومنها أعطاء العصير أو الخل‬
‫ً‬ ‫أشبه حرام البركان‬
‫عن الخمر في الصداق والخلع ونكاح المشركات ومها‬
‫على وجه فيمن قتل بخمر أو لواط أنه يسقي ماء ويخسر‬
‫خشبة رعاية المماثلة ومنها إلحاق الحر بالعبد في‬
‫الحكومات ‪ ،‬ومنها أبعاض العبد التي ال تتقدر أرشها من‬
‫الحر بما نقص من قيمته كنحول الجسد وكذا في الغصب‬
‫إن أتلفت فكذا في القديم إلحاقًا له بالبهيمة ؛ ألنه يضمن‬
‫باليد وال يحمله العاقلة وعلى الجديد يتقدر من الرقيق‬
‫والقيمة فيه كالدية في الحر من حيث أنه يضمن‬
‫بالقصاص وتجب فيه الكفارة ويحلف وتقام عليه الحدود‬
‫وإ ذا دار فرع بين أصلين أجرى عليه حكم أكثرهما شبهًا‬
‫به وهو الحر فيما نحن فيه فلم نقدم هنا الشبه الصوري‬
‫لمجرده بل العتضاده بأكثر األحكام‪.‬‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬يقول سعيد بن المسيب ‪:‬‬
‫جراح العبد من ثمنه كجراح الحر من دينه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫طا لحكمة وقيل ‪:‬‬
‫الصحيح أنه يشترط كون العلة ضاب ً‬
‫يجوز كونها نفس الحكمة ‪ ،‬وقيل إن انضبطت كانت هي‬
‫العلة أو علة العلة ؛ فهذا القول خارج عن محل النزاع ‪،‬‬
‫إذا عرفت هذا فمن محاسن الشرع ضبط األحكام‬
‫وجودا‬
‫ً‬ ‫باألسباب الظاهرة وإ قامتها علاًل يدور الحكم معها‬
‫وعدما ‪ ،‬والعدول عن األسباب الخفية وإ ن كانت هي‬
‫ً‬
‫الحكم ولها مناط الحكم باألصالة لعسر انضباطها وما‬
‫تؤدي إليه محاولته إليه من المنازعة‪.‬‬
‫وقد تكلم الرافعي على هذه القاعدة في أول باب العدد ؛‬
‫فقال ‪ :‬قال األئمة لما كانت عدة الطالق لطلب البراءة لم‬
‫يجب بالفراق عن مطلق النكاح ؛ بل اعتبر جريان سبب‬
‫شغل الرحم ليحتاج إلى معرفة براءته ‪ ،‬ثم ال يعتبر تحقق‬
‫الشغل وال توهمه ؛ فإن اإلنزال خفي يختلف في حق‬
‫األشخاص ‪ ،‬وفي الشخص الواحد باعتبار ما يعرف له‬
‫من األحوال فيعسر تتبعه ويقبح ‪ ،‬فأعرض الشرع عنه‬
‫واكتفى بسبب الشغل وهو الوطء ومن الوطء بتغيب قدر‬
‫الحشفة وهذا صيغة في تعليق األسباب بالمعاني الخفية‬
‫أال ترى أن‬
‫صفحة ‪399 | 188 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫االعتقاد الصحيح الذي هو مطلوب وبه تحصل النجاة لما‬
‫خفيا لكونه في الضمير علقت األحكام بالكلمة‬
‫أمرا ً‬
‫كان ً‬
‫الظاهرة حتى لو توفرت القرائن الدالة على أن الباطن‬
‫مخالف للظاهر كما إذا أكره على اإلسالم بالسيف ال ينال‬
‫بها وندير الحكم على الكلمة وإ ن مناط التكليف وهو‬
‫خفيا يحصل على التدريج‬
‫العقل والتمييز لما كان ً‬
‫ويختلف باختالف األشخاص واألحوال أعرضنا عن‬
‫تتبعه وعلقنا البلوغ بالسن واالحتالم‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ومراده بالذي يصح إسالمه وإ ن أكره بالسيف الحربي‬
‫مكرها‪.‬‬
‫ً‬ ‫أما الذمي فالصحيح عنده أنه ال يصح إسالمه‬
‫وإ ذا ظهر لك أن التعليق بالظاهر المنضبط دأب الشرع‬
‫دون الخفي المضطرب‪.‬‬
‫ولك أن تقول ‪ :‬التعليق بالظاهر النضباطه أولى من‬
‫الخفي الضطرابه‪.‬‬
‫ثم يختلف الظهور والخفاء ؛ فقد يطلب من الظهور في‬
‫حق شخصين ما ال يطلب في حق شخص واحد لكونه‬
‫أخبر بنفسه ‪ ،‬وفي حق أشخاص ما ال يطلب في حق‬
‫شخصين‪.‬‬
‫أال ترى إلى منع انعقاد النكاح بالكنايات لجريانه بين‬
‫موجب وقابل وشاهدين ‪ ،‬وثبوت الطالق والعتاق‬
‫واإلبراء بالكناية الستقاالل المرء بها والتردد في البيع‬
‫على وجهين الحتياجه إلى شخصين موجب وقابل‪.‬‬
‫ومن ثم ظهر لك أن األب إذا اشترى مال ابنه من نفسه‬
‫أو بالعكس انعقد بالكناية وال يطرقه الخالف فيما يظهر ‪،‬‬
‫وألجله قيل ‪ :‬تكفي فيه النية وال يحتاج إلى لفظ مطلقًا‬
‫وهو وجه حكاه الماوردي‪.‬‬
‫ومن األمور المتعلقة بالظواهر المنضبطة كلمة اإلسالم‬
‫والبلوغ ومطلق تغيب الحشفة حيث يطلب الوطء كما‬
‫ذكر الرافعي فكل حكم تعلق بالوطء كفى فيه تغييب‬
‫الحشفة من الغسل والزنا والتحليل والعنة واستقرار‬
‫المهر ؛ وهكذا إلى نحو من مائة حكم ومنها ‪ :‬البيع‬
‫باطنا ال يطلع عليه نيط‬
‫أمرا ً‬
‫مناطه الرضا ‪ ،‬ولما كان ً‬
‫باإليجاب والقبول‪.‬‬
‫ومن ثم تبين لك ضعف القول بانعقاد البيع بالمعاطاة على‬
‫أنه بيع ‪ ،‬والقائل به يعتذر بتوفر القرائن فيه ؛ وإ نما بيع ‪،‬‬
‫ألني أميل إلى أنه مسامحة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 189 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫ومنها ‪ :‬رخص السفر حكمتها المشقة وهي مضطربة‬
‫تختلف باختالف األشخاص واألحوال فنيطت بالسفر‬
‫وضبطت به إما بطويلة وقصيرة على الخالف فيه ‪،‬‬
‫وأمثلته تكثر‪.‬‬
‫وإ ذا تقرر هذا األصل ظهرت قوة الوجه الذي حكاه‬
‫صاحب التتمة في أن استدخال المرأة ماء من تظنه‬
‫إعراضا عن النظر في العدة‪1‬‬
‫ً‬ ‫زوجها ال يوجب العدة‬
‫إلى شغل الرحم وإ دارة الحكم على اإليالج ‪ ،‬غير أنا‬
‫نجيب عنه بأن استدخال الماء ظاهر في شغل الرحم‬
‫فيحتاط فيه لإلبضاع‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فيلزمكم إقامة الخلوة مقام الدخول في تقرير‬
‫الصداق كما هو القديم‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أين الخلوة من استدخال الماء!‬
‫فائدة ‪:‬‬
‫ما ذكرناه من التعليق بالمنضبط هو فيما إذا أمكن ؛ فإن‬
‫المصالح والمفاسد التي هي حكم األحكام ‪-‬ضربان ‪:‬‬
‫محدد منضبط كالقتل والقطع وغير منضبط وفي هذا‬
‫القسم ال يمكن أن يتعلق بمنضبط‪.‬‬
‫وذلك كالتعزيرات ‪ ،‬والمشاق المبيحة للتيمم واالنتقال من‬
‫قيام الصالة إلى قعودها إلى االضطجاع إلى اإليماء‬
‫واألعذار المبيحة لمحظورات اإلحرام‪.‬‬
‫وقدر الغضب المانع من اإلقدام على األحكام ‪ ،‬والمرض‬
‫المبيح لإلفطار في الصيام‪.‬‬
‫فهذه ومثلها أمور يشرق فيها نور اهلل على المجتهدين‬
‫قدرا من التعريف‪.‬‬
‫وال يمكنهن ضبطها وإ نما يحاولون ً‬
‫وعندها تتبين مقادير الرجال ودرجات المتورعين‬
‫وأحوال المحتاطين لدينهم‪.‬‬
‫والظاهرية في هذا الباب يتعلقون بمجرد االسم ويكتفون‬
‫بأقل ما ينطبق عليه‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم عز الدين بن عبد السالم في قواعده‬
‫الصغرى ‪ :‬خلصت الظاهرية من هذا اإلشكال‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في هامش "أ" ما لم يطلب في حق شخص واحد لكونه‬
‫أخبر بنفسه في حق أشخاص ما لم يطلب في حق‬
‫شخصين‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 190 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫قلت ‪ :‬وفاتهم به من دقائق الفقه‪ 4‬وفهم مقاصد الشريعة‬
‫أمر عظيم‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا قطع بانتفاء الحكمة في صورة من الصور‬
‫ففي ثبوت الحكم خالف‪.‬‬
‫قال الغزالي وتليمذه محمد بن يحيى ‪ :‬يثبت الحكم‬
‫للمنضبطة فإن الحكم قد صار معلقًا بها وال نظر بعدها‬
‫إلى الحكمة‪.‬‬
‫وقال الجدليون ‪ :‬ال يثبت النتفاء الحكمة فإنها أصل العلة‬
‫وعلى هذا مسائل‪.‬‬
‫منها ‪ :‬قول الرجل المرأته ‪ :‬أنت طالق مع آخر جزء‬
‫نظرا إلى الحكمة‬
‫من أجزاء حيضك فاألصح أنه سني ً‬
‫في تحريم طالق الحائض وهي تطويل العدة فقد قطعنا‬
‫بانتفائها في هذه الصورة إذ ال طول‪.‬‬
‫بدعيا ‪ ،‬لوقوعه‬
‫ومن نظر إلى العلة وهي الحيض جعلها ً‬
‫في الحيض والناظرون إلى أن العلة في هذا المحل‬
‫ظاهرية أهل القياس‪.‬‬
‫وقد أشار إلى هذا البناء ظاهرية أهل القياس‪.‬‬
‫ونظير المسألة ‪ :‬عكسها وهي ما إذا قال ‪ :‬أنت طالق مع‬
‫آخر طهر لم أطأك فيه‪.‬‬
‫فإن قلنا ‪ :‬االنتقال من الطهر إلى الحيض قرء ؛ فهي‬
‫سني لمصادقة الطهر والشروع في العدة‪.‬‬
‫قرءا فعلى الوجهين السابقين من نظر‬
‫وإ ن قلنا ‪ :‬ليس ً‬
‫سنيا جعله هنا‬
‫إلى الحكمة وجعله في الصورة السابقة ً‬
‫بدعيا لتطويل العدة ومن عكس فهو يعكس هنا‪.‬‬
‫ً‬
‫وحكم ابن سريج بأنه يدعي في الصورتين عماًل باألغلظ‬
‫دائرا مع أي األمرين وجد من حكمة‬
‫وكأنه يجعل الحكم ً‬
‫ومظنة‪.‬‬
‫حائضا جائز كما لو لم‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬طالق الحامل إذا كانت‬
‫حائضا ألن تطويل العدة منتف ؛ فإن عدتها‬
‫ً‬ ‫تكن‬
‫بالوضع‪.‬‬
‫حيضا فقال‬
‫ً‬ ‫قال أبو إسحاق ‪ :‬لو كانت ترى الدم وجعلناه‬
‫لها ‪ :‬أنت طالق للسنة ال يقع عليها طالق حتى تطهر‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬وعلى هذا فللحامل حال بدعة كما للحائل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬منع الراهن من وطء الجارية المرهونة خشية‬
‫الحبل وإ ن كات ممن ال‬
‫صفحة ‪399 | 191 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب القياس‬
‫تحبل على الصحيح ؛ فلو قطع بعدم الحبل كما لو كان‬
‫سنها أقل من تسع سنين ‪-‬قال ابن أبي عصرون تفقهًا ‪:‬‬
‫ال يمنع وجوزه الولد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيه نظر ذكرته في ترشيح التوشيح‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اختلف في تعليل الحكم العديم بالوصف الوجودي‪ .‬ويعبر‬
‫عن ذلك بأن العلة النتفاء الحكم هل يكون وجود مانع أو‬
‫انتفاء شرط من غير نظر إلى وجود المقتضى‪.‬‬
‫وهذا هو الراجح عند اإلمام الرازي وأبي عمرو بن‬
‫الحاجب‪ .‬واختياري في جمع الجوامع أواًل يجوز التعليل‬
‫بها عند انتفاء المقتضى ؛ ألن اإلحالة عليه أولى وهذا‬
‫هو الراجح عند اآلمدي واختياري في شرح المختصر‬
‫والذي أراه اآلن جواز التعليل بالمانع لمن لم يدر بانتفاء‬
‫المقتضى سواء أظن وجوده أو علل بالمانع على تقدير‬
‫وجود المقتضي‪.‬‬
‫وعدم جوازه إن علم بانتفاء المقتضى فإن إسناد الحكم‬
‫إليه أولى فإذا قتل األب ولده قتاًل شككنا في أنه صدر‬
‫عن خطأ أو عمد قلنا ‪ :‬ال قصاص عليه ألبوته المانعة‬
‫من وجوب القصاص ؛ سواء أقام المقتضى وهو قتل‬
‫العمد أو لم يقم‪.‬‬
‫غير أن المانع عند قيام المقتضى قاطع لعلمه وعند‬
‫انتفائه ال وقع له الستبداد المقتضى بإثارة انتفاء الحكم‪.‬‬
‫ومن ثم نقول ‪ :‬األب عند القتل العمدآت بما يقتضي‬
‫قصاصا ؛ غير أن الشارع درأه عنه لحكمة رآها ‪:‬‬
‫ً‬
‫وبه يصح قول الغزالي ‪ :‬األب مكافئ لالبن ألنه مكافئ‬
‫للعم والعم مكافئ لالبن ‪ ،‬ومكافئ المكافئ مكافئ‪.‬‬
‫وتردد األصحاب في الشيخ الهرم هل يتوجه عليه‬
‫الخطاب بالصوم ثم ينتقل إلى الفدية للعجز أم يخاطب‬
‫بالفدية ابتداء ؟ وبنوا عليه خالفًا في أنه لو نذر في حال‬
‫صوما هل ينعقد نذره ؟‬
‫ً‬ ‫العجز‬
‫صفحة ‪399 | 192 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب االستدالل‬
‫كتاب االستدالل ‪:‬‬
‫تقدم الكالم في االستصحاب أول الكتاب‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قول الصحابي غير حجة على القول المنصور ‪ ،‬وقال‬
‫أبو حنيفة ‪ :‬حجة وعليه مالك وأحمد على أصح‬
‫الروايتين‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬مسألة العينة وهي السلف وصورتها ‪ :‬أن يشتري‬
‫ما باعه بأقل مما باعه قبل نقد الثمن قال الشافعي رضي‬
‫طردا للقياس‪.‬‬
‫اهلل عنه ‪ :‬يصح ً‬
‫وقالوا ‪ :‬ال يصح تمس ًكا بإنكار عائشة رضي اهلل عنها‬
‫وذلك في قضية زيد بن أرقم وقولها ‪ :‬إنه أبطل جهاده‬
‫مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إال أن يتوب رواه‬
‫أحمد والدارقطني‪.‬‬
‫واعلم أن القوم ال تنتهض لهم حجة بهذا الحديث ‪ ،‬ولم‬
‫يسلم لهم االحتجاج بقول الصحابي فإن الشافعي رضي‬
‫اهلل عنه ذكر أنه ال يثبت مثله عن عائشة رضي اهلل‬
‫عنها‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيه ما ينبه على عدم ثبوته وهو قولها ‪ :‬إنه أبطل‬
‫جهاده ولم يقل أحد إن من يعمل بالعينة يحبط عمله فلم‬
‫يقولوا بمقتضى ما رووا‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬داللة االقتران غير حجة خالفًا ألبي يوسف‬
‫والمزني وفيه فروع‬
‫وه ْم ِإ ْن َعِل ْمتُ ْم ِفي ِه ْم َخ ْي ًرا‬
‫منها ‪ :‬قوله تعالى ‪{ :‬فَ َكاتُِب ُ‬
‫ال اللَّ ِه الَِّذي َآ تَا ُك ْم} فمن جمع بين إيجاب‬ ‫وهم ِم ْن م ِ‬
‫َ‬ ‫َوَآ تُ ُ ْ‬
‫الكتابة واإليتاء إثباتًا‪ .‬كما هو قول مجلي عن صاحب‬
‫ونفيا كما هو مذهب‬ ‫التقريب فيما إذا طلب العبد الكتابة ً‬
‫بعضهم ‪ ،‬لم يرد عليه داللة االقتران‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 193 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب االستدالل‬
‫ومن قال ‪ :‬ال تجب الكتابة ويجب اإليتاء وهو جادة‬
‫مذهب الشافعي رضي اهلل عنه لم يبال بداللة االقتران‬
‫وقال ‪ :‬ال حجة فيها‪.‬‬
‫وقال إمام الحرمين ‪ :‬لم أر على مذهب الشافعي رضي‬
‫اهلل عنه مسألة أصعب مسل ًكا من مسألة اإليتاء‪.‬‬
‫ط ِع ُموا اْلَباِئ َس‬
‫ومنها ‪ :‬قوله تعالى ‪{ :‬فَ ُكلُوا ِم ْنهَا َوَأ ْ‬
‫اْلفَِقير} مشهور المذهب أنه ال يجب اإلطعام وال يجب‬
‫األكل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪[ :‬حتيه]‪ 1‬ثم اقرصيه‬
‫ثم اغسليه بالماء‪.‬‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬الماء متعين إلزالة‬
‫النجاسة ولم يبال باقترانه بما ليس بواجب ‪-‬وهو الحث‬
‫والقرص‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫االستحسان قال به أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ ،‬واشتد‬
‫النكير عليه سلفًا وخلفًا حتى قال الشافعي [رضي اهلل‬
‫عنه] فيما نقل عنه الثقات ‪ :‬من استحسن فقد شرع‪.‬‬
‫نصا ولكن وجد في‬
‫وأنا لم أجد إلى اآلن هذا في كالمه ً‬
‫األم في اإلقرار واالجتهاد ما يدل على أنه يطلق على‬
‫القائل به أبلغ من االستحسان فلقد قال في هذا الباب ‪ :‬إن‬
‫عظيما ووضع نفسه في‬
‫ً‬ ‫من قال باالستحسان فقد قال قواًل‬
‫رأيه واجتهاده واستحسانه على غير كتاب وال سنة‬
‫موضعها في أن يتبع رأيه كما ابتغاه ‪ ،‬وفي أن رأيه‬
‫أصل ثالث أمر الناس باتباعه‪.‬‬
‫وهذا خالف كتاب اهلل عز وجل ألن اهلل تعالى إنما أمر‬
‫بطاعته وطاعة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ثم قال رضي اهلل عنه ما حاصله ‪ :‬أن المستحن ال‬
‫يتمسك بخالف القايس ‪ ،‬وإ ن القايس كان ال يأمن الخطأ‬
‫إال أنه برجوعه إلى أصل من كتاب وسنة مؤد لفرضه‬
‫بخالف المستحسن‪ .‬وأطال في ذلك بحق من القول‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬فإن قال قائل ‪ :‬هذا ممن يعقل ما تكلم فتكلم به‬
‫غبيا‬
‫بعد معرفة هذا ‪ ،‬فأرى لإلمام أن يمنعه ‪ ،‬وإ ن كان ً‬
‫علم حتى يرجع‪ .‬واعلم أن القوم لما اشتد عليهم النكير‬
‫في االستحسان أخذوا في تفسيره بأمور ال خالف فيها ‪،‬‬
‫وقد عرفت في كتب األصول‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 194 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب االستدالل‬
‫والذي اعتقده في تفسيره أن المعنى به‪ .‬ما تشتهيه نفس‬
‫العالم وتميل إليه من غير تعلق بأصل موجود يجده‪.‬‬
‫وهو قريب من تفسير من فسره بأنه دليل ينقدح في نفسه‬
‫المجتهد تقصر عنه عبارته‪.‬‬
‫غير أن صواب العبارة عن هذا أن يقال ‪ :‬مظنون ألنه ال‬
‫يتحقق كونه دلياًل إال بعد المعرفة بعينه ‪ ،‬فهذا هو الذي‬
‫اعتقد أن القائل باالستحسان من القدماء عناه ‪ ،‬وإ ياه أنكر‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه وألزمه أن يستحسن كل أحد‬
‫بعقله وأن يستوي العالم والجاهل إلى غير ذلك من‬
‫إلزامات ذكرها في األم في مواضع عديدة‪.‬‬
‫وما تفسيره بخالف هذا الذي أنكره الشافعي رضي اهلل‬
‫عنه فعادتهم التفسير كما قال إمام الحرمين في باب أدب‬
‫القضاء‪.‬‬
‫إن التعبير حينئذ عما قامت داللته باالستحسان على نهاية‬
‫السخافة والعباثة ؛ فإن قبول الدليل حتم وال محيد عنه‪.‬‬
‫قال ‪ :‬واالستحسان يشعر بتردد وميل خفي إلى جانب‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ومعظم قواعد االستحسان استصالح جلي أو خفي‬
‫ال أصل له في الشريعة ‪ ،‬ومعنى قول صاحب مقالة‬
‫"االستحسان مقدم على القياس" أن القياس الجاري على‬
‫وفق قواعد الشريعة يؤخر عن استصالح ال أصل له في‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وقد عبر الشافعي عن غور هذا الفصل بكلمات‬
‫وجيزة إذا قال ‪ :‬من استحسن فئقد شرع‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 195 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الترجيح‬
‫كتاب الترجيح ‪:‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا تعادلت األمارتان فالتخيير والتساقط والوقف‬
‫أقوال يتخرج مسائل‬
‫منها ‪ :‬إذا اتفق فرضان في نصاب كالمائين فيها أربع‬
‫حقاق أو خمس بنات لبون اختيار الشافعي أنفعهما‬
‫تخريجا ‪ :‬يتخير ‪ ،‬لتعادل‬
‫ً‬ ‫للمساكين ‪ ،‬وقال ابن سريج‬
‫اإلمارتين‪.‬‬
‫واألولى أصح كما إذا دل دليل على إيجاب شيء ‪ ،‬ودليل‬
‫على إيجاب شيئين أخذ بالزائد ‪ ،‬ثم على رأي ابن سريج‬
‫يستحب للمالك إخراج األغبط إال أن يكون ولي يتيم‬
‫أيضا ‪ ،‬تعادل شيئين لكنه رجح النظر‬
‫فيراعي حظه وهنا ً‬
‫معينا‪.‬‬
‫إلى اليتيم لكونه ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"الخاص" يقضي على العام ويقدم عليه عند التعارض"‬
‫ومن ثم مسائل فقهية ‪:‬‬
‫صيدا وميتة يقدم الصيد في‬
‫منها ‪ :‬إذا لم يجد المحرم إال ً‬
‫االجتناب [على]‪ 1‬الميتة ويأكلها على [االضطرار]‪ 2‬ألن‬
‫تحريم الصيد [خاص بالمحرم وتحريم الميتة عام في‬
‫الحاج وغيره فكان]‪ 3‬تحريم الصيد [أولى]‪ 4‬باالجتناب‬
‫ال دالئه بالخصوصية‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬السفينة إذا وثبت فيها سمكة في حجر إنسان فهي‬
‫له دون صاحب السفينة ‪ ،‬ألن حوزه إياها أخص من‬
‫حوز صاحب السفينة ألن حوز صاحب السفينة يشمل‬
‫هذا الرجل وغيره ‪ ،‬وحوز هذا الرجل [ال يتعداه]‪ 5‬؛‬
‫فهو أخص بالسمكة من صاحب السفينة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" عن‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" يتعد له‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 196 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الترجيح‬
‫حريرا‬
‫ً‬ ‫وثوبا‬
‫نجسا ً‬
‫ثوبا ً‬
‫ومنها ‪ :‬إذا لم يجد المصلي إال ً‬
‫يصلي [في]‪ 1‬الحرير على الصحيح فيهما‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬التخصيص أولى من المجاز‬
‫ومن ثم مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬لو وقف في موات وإ مامه في مسجد وحال بينهما‬
‫جدار ال باب فيه أو فيه باب مغلق أو مفتوح ولكن لم‬
‫يقف قبالته منع لعموم قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال‬
‫صالة لجار المسجد إال في المسجد" خرج منه ما عدا‬
‫هذه الصورة بدليل يبقى فيها على مقتضى الحديث ‪،‬‬
‫ويترجح على حمله على نفي الكمال ؛ ألن التخصيص‬
‫أولى من المجاز‪.‬‬
‫قاعدة ‪ :‬ما ثبت بالنص أولى مما ثبت باإلخبار والثابت‬
‫بالخبر أرجح من الثابت باالجتهاد‪.‬‬
‫وهذه قاعدة تكرر ذكرها في كالم المتقدمين من فقهائنا ‪،‬‬
‫وحاصلها أن القطع مقدم على الظن وأن أقوى الظنين‬
‫مقدم ومسألة الخبر واالجتهاد هي مسألة تعارض القياس‬
‫وخبر الواحد وفيها الخالف [األصولي المشهور]‪.2‬‬
‫وفي القاعدة مسائل ‪:‬‬
‫شقصا ثم "لقها قبل‬
‫ً‬ ‫منها ‪ :‬قطع بعضهم فيما إذا أصدقها‬
‫الدخول وجاء الشفيع يريد أخذه بالشفعة بأن الزوج أولى‪.‬‬
‫شقصا وأفلس ثم‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬قطع بعضهم بأنه لو اشترى‬
‫طلقها قبل الدخول وجاء الشفيع يريد أخذه بالشفعة بأن‬
‫الزوج أولى‪.‬‬
‫شقصا وأفلس‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬قطع بعضهم بأنه لو اشترى‬
‫بالثمن فإن البائع أولى من الشفيع‪.‬‬
‫وسر ذلك على ما ذكر القاضي الحسين أن الحق ثبت‬
‫نصا فهو أقوى من حق البائع ؛ إذ لم يثبت إال‬
‫للزوج ً‬
‫باإلخبار ‪ ،‬فكان أضعف‪.‬‬
‫أربعا وقلنا ‪:‬‬
‫أربعا في مرض موته وتزوج ً‬
‫ومنها ‪ :‬أبان ً‬
‫ترث المبتوتة‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬ترث الزوجات خاصة ؛ إذ هو بالنص والمبتوتة‬
‫باالجتهاد وقيل يرثن كلهن ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يرث المطلقات فقط‬
‫لسبق حقهن وهو الزوجية‪ .‬قال الروياني في الفروق ‪:‬‬
‫وهو أضعفها‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" على‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" األصول المشهورة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 197 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الترجيح‬
‫ومنها ‪ :‬القاذف إذا تاب بالقول فإن كان القذف على‬
‫صورة الشهادة لم يشترط االستبراء على المذهب ‪ ،‬وإ ن‬
‫كان قذف سب وإ يذاء اشترط على المذهب‪.‬‬
‫قال الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب‪ 1‬والماوردي‬
‫والروياني في البحر وفي الفروق ‪ :‬واألول يقبل خبره‬
‫دون الثاني فإن فسق األول ثبت باالستدالل فأثر في‬
‫شهادته فقط ‪ ،‬بخالف القاذف في حال السب فإن فسقه‬
‫ثبت بالنص فردت شهادته وخبره‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قال الزوج لوكيله ‪ :‬خالع بمائة "فنقص عنها‬
‫فالنص أنه يلغو"‪.‬‬
‫ولو أطلق التوكيل بالخلع ولم يقدر المال فنقص عن مهر‬
‫المثل فالنص أنه يقع الطالق‪.‬‬
‫فمن األصحاب من قرر النصين وفرق بأنه في األول‬
‫مخالف للنص وفي صورة اإلطالق مخالف لالجتهاد ؛‬
‫ألن إيجاب مهر المثل باالجتهاد ال بنص [الالفظ]‪ 2‬فلم‬
‫يستويا‪.‬‬
‫ومنهم من نقل وخرج وهو األصح‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغائب‪ .‬صحيح‬
‫الرافعي أنه يأكل الميتة ؛ ألن إباحتها للمضطر‬
‫منصوص وأكل مال الغائب متلقي من االجتهاد‪.‬‬
‫ولك أن تقول ‪ :‬ال أسلم وجود النص مع وجود طعام‬
‫الغائب إنما النص في المضطر ‪ ،‬والمعنى به من ال يجد‬
‫طعاما ولو لغائب‪.‬‬
‫ً‬
‫صيدا أو ميتة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اضطر المحرم ولم يجد إال ً‬
‫أيضا أنه يأكل الميتة ألنها منصوصة‪ .‬قال‬
‫رجع الرافعي ً‬
‫‪ :‬والصيد مستثني في حال االضطرار باالجتهاد‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا وجد المحرم لحم صيد ذبحه وهو في حالة‬
‫اإلحرام أو ذبحه محرم آخر ولم يجعل ما ذبحه المحرم‬
‫ميتة ‪-‬فلحم الصيد أولى منه وقيل الميتة أولى‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬وقد يوجه بما سبق من أن استثناء الميتة‬
‫عند االضطرار منصوص‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬هال رجحه لكونه رجح في المسألتين‬
‫السابقتين أكل الميتة ؟‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" القاضي أبو الطيب والقاضي حسين‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" اللفظ‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 198 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الترجيح‬
‫قلت ‪ :‬ألنه لم يقتصر فيهما على االحتخجاج بتقديم النص‬
‫على االستنباط ‪ ،‬بل به [وبلزوم]‪ 1‬الضمان‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬تترجح [لكثرة]‪ 2‬الرواة خالفًا للكرخي ومن ثم‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬األخذ بحديث عبادة‪ 3‬في‬
‫الربا أولى من حديث أسامة ألن مع عبادة عمر وعثمان‬
‫وأبو سعيد وأبو هريرة والخمسة أولى من الواحد ‪،‬‬
‫وحديث رفع اليدين أرجح من مقابله لكثرة رواته‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬ترجح بزيادة العلم والثقة ‪ ،‬ومن ثم رجح‬
‫علماؤنا ورواية مالك وسفيان في حديث‪ .‬زوجتكها بما‬
‫معك من القرآن‪ 4‬على رواية عبد العزيز بن أبي حازم‬
‫وزيادة ملكتكها ألن مال ًكا وسفيان أرجح من عبد العزيز‬
‫وزائدة‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬ما عمل به رواية أرجح من مقابله ‪ ،‬ومن ثم‬
‫رجحنا حديث "ليس على المسلم في عبده وال فرسه‬
‫صدقة"‪ 5‬لعمل رواية على حديث غورك السعدي في كل‬
‫فرس مائة دينار‪ 6‬ألن أبا يوسف رواه عن غورك وترك‬
‫العمل به‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬رواية من كان له في الواقعة مدخل [من]‪7‬‬
‫مباشرة أو نحوها أرجح من األجنبي عنها ‪ ،‬ومن ثم‬
‫رجحنا رواية أبي رافع نكح رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ميمونة وهو حالل على رواية ابن عباس أنه نكحها‬
‫وهو حرام لكن أبا رافع كان السفير‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬كونه أقرب إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ومن ثم رجحنا رواية ابن عمر أنه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أفرد الحج على رواية أنس أنه قرن ألن ابن عمر‬
‫كان يجر خطام ناقته‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬وفي "ب" لزوم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يكثره‪.‬‬
‫‪ 3‬وحديث عبادة الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر‬
‫بالبر والشعير بالشعير‪ .‬إلخ الحديث انظر مسلم ‪/3‬‬
‫‪ 1211‬في المساقاة "‪."1587 /81‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ 190 /9‬في النكاح "‪ "5135‬ومسلم ‪/2‬‬
‫‪ 140‬في النكاح "‪."1425 /76‬‬
‫‪ 5‬البخاري ‪ "1464" 327 /3‬ومسلم ‪ 675 /2‬حديث "‬
‫‪."982 /8‬‬
‫‪ 6‬انظر السنن الكبرى للبيهقي ‪.119 /4‬‬
‫‪ 7‬في "ب" في‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 199 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب الترجيح‬
‫بالغا أرجح ممن تحمل في الصبا‬
‫السادسة ‪ :‬من يتحمل ً‬
‫ومن ثم رجحت رواية ابن عمر المذكورة على رواية‬
‫أنس‪.‬‬
‫السابعة ‪ :‬غير المبتدع أولة إال أن تكون بدعته بذهابه‬
‫إلى تغليظ معصية الكذب فلي فيه نظر واحتمال‪.‬‬
‫ومن أمثلته رواية إبراهيم بن أبي يحيى من صام الدهر‬
‫كله فقد وهب نفسه هلل تعالى "مع رواية غيره" النهي عن‬
‫جهميا‪.‬‬
‫ً‬ ‫صيام الدهر‪ .‬وكان إبراهيم‬
‫الثامنة ‪ :‬الشهرة بالعدالة‪ 1‬صفة مرجحة‪.‬‬
‫ومن ثم ترجحت رواية شعبة ‪"$‬ال وضوء إال من صوت‬
‫أو ريح" على رواية محمد الخزاعي في الوضوء من‬
‫الضحك‪.‬‬
‫ذكرا فهو أولى من المرأة‪ .‬قال أبو‬
‫التاسعة ‪ :‬أن يكون ً‬
‫الحسن علي بن أحمد اإلسفراييني السهيلي ‪:‬‬
‫"إال أن يكون في حكم يختص بالنساء فتكون المرأة أولى‬
‫‪ ،‬ألن همتها وقصدها إلى حفظه أكثر" ذكره في كتاب‬
‫أدب الجدل وذهب األستاذ أبو إسحاق إلى أنه ال أولوية‬
‫للرجل في الرواية مطلقًا‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" من العدالة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 200 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫كتاب االجتهاد‬
‫كتاب االجتهاد‪: 1‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الصواب عندنا أن اجتهاده صلى اهلل عليه وسلم ال يقبل‬
‫الخطأ بوجه من الوجوه ‪ ،‬وأنه عليه أفضل الصالة‬
‫والسالم على الصواب في حركاته وسكناته ونومه‬
‫ويقظته مبرأ عن خطأ الباطل وعمده‪.‬‬
‫مجمعا عليه قبل محدثات البدع وتشتت‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫وأعتقد ذلك ً‬
‫منصوصا للشافعي رضي اهلل‬
‫ً‬ ‫األهواء واآلراء ‪ ،‬ووجدته‬
‫عنه في كتاب األم ؛ "فقال في كتاب اإلقرار ‪ :‬واالجتهاد‬
‫في الحكم بالظاهر ولم يؤمر الناس أن يتبعوا إال كتاب‬
‫اهلل تعالى أوسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم الذي قد‬
‫{وِإ َّن َك لَتَ ْه ِدي ِإلَى‬
‫عصمه اهلل من الخطأ وبرأه منه فقال ‪َ :‬‬
‫اط ُم ْستَِق ٍيم}‪ 2‬فأما من إنما رأيه خطأ أو صواب فلم‬ ‫صر ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫يؤمر أحد بإتباعه"‪.‬‬
‫ثم قال رضي اهلل عنه بعد ذلك بنحو عشرة أسطر ‪" :‬وال‬
‫يبرأ أحد من اآلدميين من الخطأ إال األنبياء عليهم‬
‫الصالة والسالم وقال بين هذين النصين ‪" :‬فمن أمر‬
‫باتباع غير رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ممن يمكن‬
‫منه الخطا إن كان قائل هذا ممن يعقل ما تكلم به فتكلم به‬
‫غبيا‬
‫بعد معرفة هذا فأرى لإلمام أن يمنعه ‪ ،‬وإ ن كان ً‬
‫علم حتى يرجع"‪.‬‬
‫انتهت هذه النصوص الثالثة ‪ ،‬وهي دالة من هذا اإلمام‬
‫المطلب‪ 3‬رضي اهلل عنه‪ -‬على أن انتفاء الخطأ عن‬
‫منصب النبوة أمر مفروغ منه وهو الحق والدين‬
‫والمعتقد‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫هذا آخر ما ذكرناه من مسائل األصول ذوات الفروع ‪،‬‬
‫كثيرا ذكرناه في كتبنا األصولية ‪ ،‬فإن فيها ‪-‬‬
‫وقد تركنا ً‬
‫وراء ما ذكرنا هنا من الفروع المخرجة على األصول‬
‫أضعاف ذلك ‪ ،‬فليقع االكتفاء في هذا الكتاب بما سطرناه‬
‫ونذكر بعده مسائل الخالف‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة الشورى آية ‪.52‬‬
‫‪ 3‬وهو اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 201 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫"كلمات نحوية يترتب عليها مسائل فقهية" ‪:‬‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال ‪:‬‬
‫أعلم أن األصوليين ذكروا حروفًا تتداول بين الفقهاء‬
‫تمس حاجتهم إلى معرفتها ‪-‬كالواو ‪ ،‬والفاء ‪ ،‬وفي زدنا‬
‫عليهم في "جمع الجوامع فذكرنا من الكلمات المفردة من‬
‫قدرا يكثر تداوله في‬
‫األسماء والظروف والحروف ً‬
‫الفقهيات‪.‬‬
‫ونحن نأتي بنحو من ذلك هنا ‪ ،‬ونرتب ما نوده من فن‬
‫النحو فصواًل فصل في المفردات وهو كلمات نحوية ‪،‬‬
‫وآخر في المركبات والتصرفات العربية وثالث في‬
‫إعراب آيات يترتب على تخريجها أحكام شرعية‪.‬‬
‫"القول في المفردات من األسماء والحروف ‪-‬ونذكر فيه‬
‫بعض األفعال"‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"إن" المكسورة الخفيفة ترد للشرط فيوقف الحكم على‬
‫وجوده مثل إن دخلت الدار فأنت طالق ؛ غير أن شرط‬
‫طا في اللفظ‬
‫ما يتوقئف الحكم على وجوده أن يكون شر ً‬
‫والمعنى‪.‬‬
‫أما في اللفظ ‪ :‬فأردنا به أن يكون الحكم موقوفًا على لفظ‬
‫المعلق عليه مثل ‪ :‬إن شئت فأنت طالق ‪ ،‬فال بد من لفظ‬
‫المشيئة ثم ال يشترط معه مشيئة القلب ‪ ،‬فلو قال ‪" :‬شئت‬
‫باطنا"‪.‬‬
‫كارها" وقع ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال يقع ً‬
‫ً‬
‫ممكنا‬
‫وأما في المعنى ‪ :‬فأردنا به أن يكون المعلق عليه ً‬
‫‪ ،‬وإ ال فالموجود صورة تعليق ال نفسه ‪ ،‬مثل ‪ :‬إن طرت‬
‫أو صعدت السماء فأنت طالق ‪ ،‬وإ ال فال تطلق على‬
‫المذهب ‪ ،‬وفي قول ‪ :‬تطلق في الحال‪.‬‬
‫وال قائل بتوقف الطالق على ما ذكر الستحالته ؛ بل إما‬
‫أن يلغي ذلك المستحيل ويبقي قوله ‪" :‬أنت طالق" بمفرده‬
‫فيعمل عمله ‪ ،‬وإ ما أن يهمل الكالم بالكلية فال تطلق‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬إذا قال ‪ :‬إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق اشترط‬
‫اإلعطاء على الفوز ال لداللة إن عليه ؛ فإنه داللة لها‬
‫على الزمان وما هي إال حرف تربط الشرط بالجزاء فقط‬
‫ولكن لقرينة العوضية‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 202 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫تنبيه ‪" :‬ال داللة إلن على الفور وال تراخ ؛ سواء أدخلت‬
‫على إثبات أو على نفي"‪.‬‬
‫فإذا قال ‪" :‬إن دخلت" طلقت أي وقت دخلت ‪ ،‬وإ ن قال‬
‫"إن لم تدخلي" فالمذهب أنها ال تطلق حتى يقع اليأس من‬
‫الدخول‪.‬‬
‫بخالف التعليق بغيرها من الصيغ ‪-‬كإذا ومتى ‪ ،‬فإن‬
‫المذهب فيهما اعتبار الفور ‪ ،‬وهذه قاعدة عند‬
‫األصحاب‪ -‬متى علق بأن نفي فعل لم يلزم الفوز وإ ن‬
‫علق بغيرها لزم على المنصوص فيهما وهو الصحيح‪.‬‬
‫والفرق أن كلمة "إن" شرط يتعلق بمطلق الفعل ال داللة‬
‫على الزمان فيعتبر في طرف النفي انتفاؤه لكونه نكرة‬
‫في سياقه وال يمكن معرفة انتفائه إال بانتفاء جميع‬
‫األزمنة ‪ ،‬والتوقف على مضي األزمنة لتحقق انتفائه ال‬
‫جزءا من مدلوله ‪ ،‬ومن ثم لو حلف ليكلمنه بر‬
‫لكونها ً‬
‫بمرة وإ ن حلف ال يكلمه لم يبر إال بترك الكالم إلى‬
‫اليأس‪.‬‬
‫وأما إذا وما أشبهها فمعناه أي وقت ففي طرف اإلثبات‬
‫أي وقت فعلت ؟ صدقت الصفة ‪ ،‬وهنا تساوي إن‪ .‬وفي‬
‫النفس معناه أي وقت فعلت فإذا مضى زمن يمكن الفعل‬
‫فيه فلم تعل صدقت الصفة وهنا تفارق إن‪.‬‬
‫ناصبا‬
‫ً‬ ‫مصدريا‬
‫ً‬ ‫مسألة ‪" :‬أن" ‪-‬بفتح الهمزة‪ -‬ترد حرفًا‬
‫للمضارع فتفيد معنى التعليل‬
‫ومن ثم قيل ‪" :‬قد تكون بمعنى لئال" في قوله تعالى ‪:‬‬
‫ضلُّوا} والصواب أنها مصدرية ‪،‬‬‫َأن تَ ِ‬
‫{يَبِّي ُن اللَّهُ لَ ُك ْم ْ‬
‫ُ‬
‫واألصل كراهة أن تضلوا‪.‬‬
‫وفيه معنى التعليل ‪" ،‬وقضية"‪ 1‬التعليل فيها أنه إذا قال ‪:‬‬
‫أنت طالق إن دخلت الدار تطلق في الحال إذا كان يعرف‬
‫معينا وإ ن بعد‬
‫النحو ‪ ،‬وهو الصحيح [إال أن يريد وقتًا ً‬
‫على ما نقله الرافعي عن البوشنجي على توقف فيه‪.‬‬
‫ذكره المصنف في ترشيح التوشيح عن محمد بن يوسف]‬
‫‪.2‬‬
‫وينبغي أن يجري ‪[ -‬على]‪ 3‬هذا ‪-‬الفرق بين عارف‬
‫النحو وجاهله فيما إذا قال ‪ :‬أنت طالق إن أعطيتني ألفًا‬
‫غير أن الماوردي أطلق أنها تطلق في الحال‪ .‬قال ‪ :‬وإ ن‬
‫طالبته باأللف عند إنكارها الخلع لزمه ردها وسنحكي‬
‫عنه في إذ مثل ذلك‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" أو قضية‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 203 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫مسألة ‪" :‬إلى" حرف جر النتهاء الغاية ولمعان آخر‬
‫ومن مباحث الغاية أنها إن كانت من الجنس دخل ‪،‬‬
‫جزءا من المغيا تدخل‪.‬‬
‫ومعنى هذا أنها إذا كانت ً‬
‫بيانا لما قبلها دخل‬
‫وقد يعبر عن هذا بأنها إذا كانت ً‬
‫طرفاها كما تقول ‪ :‬قرأت القرآن من فاتحته إلى خاتمته‬
‫‪ ،‬ومن ثم يفرق بين بعتك من هذه النخلة إلى هذه فندخلها‬
‫في البيع ‪ ،‬ومن درهم إلى عشرة ففيه الخالف اآلتي‪.‬‬
‫وإ ذا لم يكن قرينة تدل على دخول ما بعدها وال على‬
‫خروجه فقيل تدخل مطلقًا ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال مطلقًا ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن‬
‫اقترنت بمن لم تدخل ؛ وإ ال فيحتمل‪.‬‬
‫وفيها مسائل ‪ :‬منها‪ .‬لو قال ‪ :‬ضمنت مالك على فالن‬
‫من درهم إلى عشرة فالصحيح عند الشيخ اإلمام الوالد‬
‫أنه ضامن للعشرة ‪ ،‬ورجحه الرافعي في المحرر وعند‬
‫النووي [لتسعة]‪ ، 1‬وفي وجه ثالث لثمانية ‪ ،‬وإ ليه ميل‬
‫الرافعي في الشرح‪.‬‬
‫ومنها إذا قال أبرأتك من درهم إلى ألف فوجهان‬
‫المنصوص في البويطي الصحة وصححه الشيخ اإلمام‬
‫في باب الضمان من شرح المنهاج ‪ ،‬وحكى من نصه في‬
‫أيضا ما يقتضي البراءة من األلف بتمامها ‪ ،‬إذا‬
‫البويطي ً‬
‫حكى في نصه في البويطي‪.‬‬
‫ولو أن رجاًل حلل رجاًل من كل شيء [وجب عليه]‪ 2‬فإن‬
‫لم يعرف قدره حلله من كذا إلى كذا‪.‬‬
‫أيضا فيمن قال الرجل ما‬
‫وحكي عن النص في البويطي ً‬
‫عاملت غالمي من دينار إلى مائة فهو جائز أنه إن زاد‬
‫على ذلك لم يجز وقضية هذا صحة ما لم يزد‪.‬‬
‫ومنها لو قال أنت طالق إلى شهر‪ .‬قال في التنبيه لم‬
‫تطلق إالبعد شهر وهو منقول الرافعي من التتمة وغيرها‬
‫‪ ،‬وعزي إلى النص في البويطي ‪ ،‬وروي عن ابن عباس‬
‫قيل وال مخالف له في الصحابة ووجه بأن اللفظة كما‬
‫تحتمل تأجيل الواقع تحتمل تأجيل اإليقاع ‪ ،‬أال ترى أن‬
‫القائل إني مسافر إلى شهر يريد ‪ ،‬بعد شهر وإ ذا ثبت‬
‫االحتماالن وجب األخذ باليقين‪.‬‬
‫قلت وفي هذا التوجيه نظر ‪ ،‬وليس من معاني إلى أن‬
‫تكون بمعنى بعد ‪ ،‬وما‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" تسعة‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 204 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫استشهد به في المسافر غير مسلم له لغة وال عرفًا ال‬
‫جرم نقل الرافعي عن البوشنجي أنه ذكر وجهًا آخر‬
‫احتمااًل أنه يقع في الحال‪.‬‬
‫مخرجا إال أن يحمل [على]‪ 1‬معنى‬
‫ً‬ ‫قلت ‪ :‬ولم أجد لألول‬
‫عند كما قيل به في قول الشاعر ‪:‬‬
‫أم ال سبيل إلى الشباب وذكره أحلى إلي من الرحيق‬
‫السلسل‪2‬‬
‫لكن أين الدليل على هذا النادر في قولك أنت طالق [إلى]‬
‫‪ 3‬شهر ‪ ،‬وقد يقال لما أقت ‪ ،‬بالشهر كان قضيته أنها‬
‫طالق في هذا الشهر غير طالق بعده ‪ ،‬وهذا ال يضر ؛‬
‫دائما ‪ ،‬فاحتمل أن‬
‫ألنها إذا طلقت في هذا الشهر طلقت ً‬
‫يحذف هذا الجار والمجرور جملة ويعمل قوله أنت طالق‬
‫عمله وهو وجه البوشنجي‪.‬‬
‫واحتمل أن ال يقع ‪ ،‬ويقال لما تعذر طالق اآلن دون غد‬
‫لم يتعذر عكسه فحملناه عليه ولعل هذا مراد من قاله إنه‬
‫تأجيل اإليقاع إال أن القول على العكس يحتاج إلى دليل‪.‬‬
‫ويشهد لوجه البوشنجي قول األصحاب في الخلع لو قالت‬
‫طلقني بألف طالقًا يمتد تحريمه إلى شهر ثم أكون في‬
‫نكاحك حالاًل لك فطلقها لذلك ‪ ،‬أنه يقع الطالق في الحال‬
‫مؤبدا ‪ ،‬والصحيح وجوب مهر المثل‪.‬‬
‫ً‬
‫فإن صح ما نقل عن ابن عباس وأنه ال مخالف فهو‬
‫إجماع سكوتي ‪ ،‬فاألولى االقصتار في االحتجاج عليه ‪،‬‬
‫وإ ال فللنزاع في المسألة مجال‪.‬‬
‫فالنا إلى بيت فالن وعلم أن‬
‫ومنها حلف أنه بعث ً‬
‫المبعوث لم يمض إليه لم يقع ؛ ألن المحلوف عليه البعث‬
‫ال االمتثال وقد وجد وقيل يقع ‪ ،‬ألنه يقتضي حصوله‬
‫هناك‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إلى‪.‬‬
‫‪ 2‬والبيت من الكامل وهو المرئ القيس انظر ديوانه‬
‫‪ 309‬شرح المفصل ‪ 25 /3‬خزانة األدب ‪، 236 /2‬‬
‫همع الهوامع ‪ ، 51 /2‬الدر اللوامع ‪ ، 64 /2‬شرح‬
‫األشموني ‪ ، 272 /2‬مغني اللبيب ‪.57 /1‬‬
‫والشاهد فيه قوله ‪ :‬أحلى إلي ؛ حيث جاءت إلى بمعنى‬
‫عند‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 205 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫والمسألة في آخر تعليق [الطالق]‪ 1‬من الرافعي عن‬
‫الروياني أبي العباس‪.‬‬
‫ومنها حلف ال تخرج امرأته إلى العرس فخرجت من‬
‫أجله ولم تصل فال [حنث]‪ 2‬ألن الغاية لم توجد ‪ ،‬وكذا لو‬
‫انعكس الحال فخرجت لغير العرس ثم دخلت إليه بخالف‬
‫ما إذا أتى بالالم ؛ فقال للعرس فإنه ال يشترط وصولها‬
‫متى خرجت له إما وحده وإ ما مع غيره طلقت ؛ ألن‬
‫حرف الغاية وهوإ لى لم يوجد ‪ ،‬قال القاضي أبو الطيب‬
‫في كتاب اإليمان من تعليقته في فرعين متصلين‪.‬‬
‫ووجه التفرقة أن أصل إلى الغاية ‪ ،‬وأصل الالم للملك ؛‬
‫فإن تعذر حمل ما يقتضيه السياق من التعليق واالنتهاء‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"أو" موضوعة ألحد الشيئين أو األشياء هذا موضوعها‬
‫وتأتي للشك واإلبهام والتخيير واإلباحة والتقسيم ومطلق‬
‫الجمع وغيرها وهذه المعاني ليست في الحقيقة معانيها ؛‬
‫وإ نما هي معاني الكالم‪ .‬وفيها فروع‪.‬‬
‫منها لو قال بع هذا أو هذا لم يصح عزاه في الروضة‬
‫إلى أصحابنا‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام وهو ظاهر إن حمل على التردد في‬
‫التوكيل كأنه قال وكلتك إما في هذا وإ ما هذا إذا أراد بع‬
‫أحدهما فينبغي أن يصح على األصح ‪ ،‬كبع من شئت‬
‫منهما‪.‬‬
‫قلت وهذا حق ‪ ،‬والحمل على الترديد فيه بعد ‪ ،‬فإن الشك‬
‫والترديد إنما يظهر في شيء وقع‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫نقل الرافعي في آخر اإليمان عن كتب الحنفية أن دخول‬
‫{واَل‬
‫أو بين يقينين يقتضي انتفاءهما كما في قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ورا} ‪ ،‬وبين إثباتين فيقتضي ثبوت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تُط ْع م ْنهُ ْم َآ ث ًما َْأو َكفُ ً‬
‫أحدهما فإذا قال ال أدخل هذا الدار أو ال أدخل هذه‬
‫فأيتهما دخل بها حنث‪.‬‬
‫ولو قال ألدخلن هذا الدار أو هذه الدار األخرى يبر‬
‫بدخول واحدة‪.‬‬
‫ثم قال الرافعي ويشبه أن يقال إذا دخلت بين نفيين كفى‬
‫للبر أن ال يدخل واحدة وال يضر دخول األخرى كما‬
‫تكفي الواحدة في طرف اإلثبات‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يحنث‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 206 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫قلت ‪ :‬وإ لى مقالة الحنفية أشار المازري في شرح‬
‫البرهان في مسألة تحريم واحد ال بعينه [قيل]‪ 1‬إنه قيل‬
‫إنه لم ترد به اللغة وقد حكيناه في جمع الجوامع ‪ ،‬وإ ليه‬
‫اإلشارة بقول شيخنا أبي حيان في االرتشاف وإ ذا نهيت‬
‫مباحا باتفاق من النحاة ‪،‬‬
‫عن المباح استوعب ما كان ً‬
‫ورا}‪ 2‬وإ ذا نهيت عن‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َأو‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ومنه {واَل تُ ِطع ِم ْنهم َآثِ‬
‫ً‬ ‫ْ ُْ ً ْ‬ ‫َ‬
‫المخير فيه فذهب السرافي‪ 3‬إلى أنه يستوعب الجميع‬
‫كالنهي ‪ ،‬وذهب ابن كيسان‪ 4‬إلى جواز أن يكون النهي‬
‫عن واحد وعن الجميع‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫مثال الشك قام زيد أو عمرو ‪ ،‬واإلبهام قوله تعالى ‪:‬‬
‫ضاَل ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ين}‪ 5‬والتخيير‬ ‫{وِإ َّنا َْأو ِإَّيا ُك ْم َل َعلَى ُه ًدى َْأو في َ‬
‫َ‬
‫درهما ‪ ،‬واإلباحة جالس الحسن‬ ‫ً‬ ‫دينارا أو‬
‫خذ من مالي ً‬
‫أو ابن سيرين‪.‬‬
‫والفرق بين الشك واإلبهام أن الشك يكون المتكلم به‬
‫مترددا في الذي أخبر به ومن ثم يمتنع ورودها للشك في‬
‫ً‬
‫كالم اهلل تعالى إال أن يصرف إلى تردد المخاطب كما‬
‫ون}‪ 6‬أنه باعتبار‬ ‫قيل في {وَأرسْلَناه ِإلَى ِمَئ ِة َأْل ٍ‬
‫ف َْأو َي ِز ُ‬
‫يد َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫المخاطب‪.‬‬
‫قاصدا‬
‫ً‬ ‫عالما بما أخبر به‬
‫وأما اإلبهام فإن المخبر يكون ً‬
‫اإلبهام على السامع‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة اإلنسان آية "‪."24‬‬
‫‪ 3‬هو الحسن بن عبد اهلل بن المرزبان القاضي أبو سعيد‬
‫السيرافي النحوي كان يدرس ببغداد علوم القرآن والنحو‬
‫واللغة والفقه والفرائض قرأ القرآن على أبي بكر بن‬
‫مجاهد واللغة على ابن دريد وقرآ هما عليه النحو‪.‬‬
‫قال أبو حيان التوحيدي ‪ :‬أبو سعيد السيرافي شيخ‬
‫الشيوخ وإ مام األئمة معرفة بالنحو والفقه واللغة والشعر‬
‫والعروض والقوافي والقرآن والفرائض والحديث‬
‫والكالم والحساب والهندسة وله تصانيف منها شرح‬
‫كتاب سيبويه شرح الدريدية اإلقناع في النحو لم يتم‬
‫فأتمه ولده يوسف وغير ذلك‪.‬‬
‫بغية الوعاة ‪ ، 507 /1‬البداية والنهاية ‪.294 /11‬‬
‫‪ 4‬محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان أبو الحسن‬
‫النحوي قال الخطيب ‪ :‬يحفظ المذهب البصري والكوفي‬
‫في النحو ألنه أخذ عن المبرد وثعلب وكان أبو بكر عن‬
‫مجاهد يقول ‪ :‬إنه أنحى منهما ‪ ،‬من تصانيفه المهذب في‬
‫النحو ‪ ،‬البرهان ‪ ،‬غريب الحديث ‪ ،‬معاني القرآن وغير‬
‫ذلك ‪ ،‬مات لثمان خلون من ذي القعدة سنة تسع وتسعين‬
‫ومائتين بغية الوعاة ‪.19 -18 /1‬‬
‫‪ 5‬سورة سبأ آية ‪."24" :‬‬
‫‪ 6‬سورة الصافات آية ‪."147" :‬‬
‫صفحة ‪399 | 207 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫والفرق بين التخيير واإلباحة أن التخيير ال يكون إال بين‬
‫ممنوعين في األصل كالدينار والدرهم في المثال وقيل‬
‫غالبا إال خيرهما ومن ثم‬
‫فيه تخيير ؛ ألن المخير ال يأخذ ً‬
‫ال يجوز الجمع بين الشيئين المخير بينهما‪.‬‬
‫والتي لإلباحة ال تكون إال بين مباحين في األصل ‪ ،‬ومن‬
‫ثم يجوز الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬قدمنا أن موضوع "أو" أحد الشيئين أو األشياء ‪،‬‬
‫وأن المعاني المذكورة مستفادة من مورد الكالم ال من‬
‫موضع أو فال يزيد [مدلولها]‪ 1‬على ما ذكرناه ؛ فعلى‬
‫هذا إنما جاز قولك جالس الحسن أو ابن سيرين وأنت‬
‫تريد جالسهما باعتبار الوقت الذي يجالس فيه أحدهما‬
‫غير اآلخر وتقع الواو مكانها باعتبار أنك أمرته‬
‫جميعا أهل للمجالسة ‪ ،‬فإن أردت‬
‫ً‬ ‫بمجالستهما ‪ ،‬أو أنهما‬
‫عاصيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫هذا وجالس أحدهما لم يكن‬
‫وعلى هذا المعنى األخير أخذ مالك رضي اهلل عنه قوله‬
‫ين}‪ 2‬وأخذها‬ ‫اء واْلمس ِ‬
‫اك ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّدقَ ُ ِ‬
‫تعالى ‪ِ{ :‬إَّن َما الص َ‬
‫ات لْلفُقَ َر َ َ َ‬
‫الشافعي على معنى التشريك وهو األصح أو الصواب ‪،‬‬
‫وتقول اشتر هذا بعشرة أو تسعة باعتبار أن الواقع‬
‫الشراء بأحدهما ‪ ،‬ويجوز وضع الواو مكانها باعتبارها‬
‫ثمنا ‪ ،‬وكذا تقول خذه بما عز أو بما‬
‫معا ً‬
‫أنك جعلتهما ً‬
‫هان أو بما عز وهان باالعتبارين ‪ ،‬وإ يقاع "أو" إنما‬
‫يكون حيث يمكن فيه تلك المالحظة كما ذكرنا فال يجوز‬
‫استعمالها في نحو جلست بين يدي زيد وعمرو ‪ ،‬وال في‬
‫اختصم زيد وعمرو واشترك زيد وعمرو ؛ ألن هذا كله‬
‫ال يمكن فيه تلك المالحظة‪.‬‬
‫قال شيخنا أبو حيان فيما إذا لم تأت "بأو" في نحو جالس‬
‫الحسن أو ابن سيرين ؛ بل أثبت بالواو المعاقبة لها قال‬
‫أصحابنا إنه بالواو ال يجوز له مجالسة أحدهما دون‬
‫اآلخر وبأو يجوز‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وعليه إذا قال ‪ :‬مع هذا‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"إذا" ظرف مستقبل خافض لشرطه منصوب بجوابه ؛‬
‫فإذا قال ‪ :‬إذا أعطيتني ألفًا فأنت طالق بإعطائها لكن‬
‫يشترط اإلعطاء على الفور كما قلنا في إن لقرينة‬
‫العوضية [وال داللة له]‪ 3‬على مطلق الزمان ‪ ،‬فالفور في‬
‫إذا أوضح منه في إن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" مدلولنا‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة التوبة "‪."60‬‬
‫‪ 3‬في "ب" وال ذا داللة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 208 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫قال الشيخ اإلمام رحمه اهلل وقد يخطر للفطن أن إذا‬
‫مضافة لما بعدها ؛ فقوله إذا أعطيتني في قوة قوله ‪:‬‬
‫"وقت إعطائك إياي" ولو صرح بذلك القتضى العموم ؛‬
‫ألنه مضاف إلى معرفة فكذلك صفة إذا‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وهذا يلتفت لي خط من النحو وهو أن العامل في‬
‫إذا جوابها أو فعل الشرط وعلى كل من التقديرين لنا أن‬
‫منكرا في‬
‫منونا ً‬
‫نمنع تقدير اإلضافة فيها ونقدره وقتًا ً‬
‫قوله وقتًا تعطيني فيه فال يلزم العموم ‪ ،‬وعلى تقدير‬
‫اإلضافة فتعميم اإلضافة مختلف فيه وبتقدير ثبوته فليس‬
‫في مرتبة العموم الصريح الذي هو موضوع متى‪.‬‬
‫قلت الحق هو الجواب األول ؛ فإذا دلت على مطلق‬
‫الزمان كان أخص األزمنة بها الفور لقرينة العوضية ‪،‬‬
‫على أن أصحابنا حملوها على الفور وإ ذا لم يكن قرينة‬
‫عوض بدليل أن الصحيح فيمن قال إذا لم أطلقك فأنت‬
‫طالق أنه إذا مضى زمان يمكنه أن يطلقها فيه فلم يطلقها‬
‫مع عدم العوض ‪ ،‬وكان يمكن أن يقال إذا لم يكن قرينة‬
‫عوض فال يتعين الفور ‪ ،‬كما لو قال إن لم أطلقك‬
‫واقتضى كالم الغزالي في الوسيط في هذه المسألة أن إذا‬
‫مثل أي إذا قال‪.1...‬‬
‫فرع ‪ :‬إذا الشرطية ال تدل على التكرار خالفًا البن‬
‫عصفور ؛ فإذا قال ‪" :‬إذا قمت فأنت طالق" طلقت بالقيام‬
‫األول ‪ ،‬ثم ال تطلق بالثاني كما جزم به الرافعي في أوائل‬
‫تعليق الطالق‪.‬‬
‫أيضا خالفًا لبعضهم كما حكاه‬
‫وال تدل على العموم ً‬
‫شيخنا في باب الجوازم في االرتشاف ؛ فإذا قال إذا‬
‫طلقت امرأة فعبد من عبيدي حر فطلق أكثر من واحدة لم‬
‫يعتق إال واحد وينحل اليمين ؛ قاله الرافعي في الكالم‬
‫على التعليق بالتطليق‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬وال يلزم اتفاق شرطها وجزائها في الزمان‪.‬‬
‫قال أبو حيان بخالف متى فإن ذلك شرط فيها ؛ تقول إذا‬
‫غدا ‪ ،‬وال يصح ذلك في متى‪.‬‬
‫زرتني اليوم زرتك ً‬
‫وما قاله ظاهر ‪ ،‬وبه صرح األصحاب في إذا جاء اليوم‬
‫غدا أو عكسه ولم يذكروا متى‪.‬‬
‫فأنت طالق ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬بياض في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 209 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"إذا" أغلب معانيها أن تكون ظرفًا للزمن الماضي نحو ‪:‬‬
‫َِّ‬ ‫ص َرهُ اللَّهُ ِإ ْذ ْ‬ ‫اَّل‬
‫ين َكفَ ُروا}‪.1‬‬‫َأخ َر َجهُ الذ َ‬ ‫{ِإ تَْن ُ‬
‫ص ُروهُ فَقَ ْد َن َ‬
‫اسما للمستقبل فتقع موقع إذا ؟ فمن‬ ‫واختلف هل يكون ً‬
‫َأخَب َار َها}‪2‬‬
‫ث ْ‬ ‫{ي ْو َمِئٍذ تُ َح ِّد ُ‬
‫قائل به استشهد بقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫يسى ْاب َن َم ْرَي َم}‪ 3‬وفي حديث ورقة‬ ‫ِ‬ ‫{وِإ ْذ قَ َ َّ‬
‫ال اللهُ َيا ع َ‬ ‫َ‬
‫حيا إذ يخرجك قومك"‪.4‬‬
‫"ليتني أكون ً‬
‫ومن منكر ‪ ،‬وهم الجمهور ‪ ،‬وجعلوا ما ذكر من باب ما‬
‫واقعا ال محالة ‪،‬‬
‫نزل فيه المستقبل منزلة الحاضر إذ كان ً‬
‫ومن ثم إذا قال لها ‪ :‬أنت طالق إن أعطتني ألفًا تطلق في‬
‫بائنا ‪ ،‬العترافه بصدور خلع مقبوض فيه‬
‫الحال طالقًا ً‬
‫العوض ‪ ،‬ولها مطالبته باأللف إذا أنكرت ذلك صرح‬
‫بالمسألة الماوردي‪.‬‬
‫ولك أن تقول إن استفاد الماضي من إذ فينبغي أن تجريه‬
‫فيما إذا كانت الصيغة [وقت إعطائك]‪ 4‬لي ألف فإن‬
‫التزمه فقد وفي بمقتضى الصيغة وإ ال فما الماضي‬
‫مستفاد إال من فعل الماضي ‪ ،‬وهو [قول]‪ 5‬أعطيت‪.‬‬
‫واعلم أن إذ ترد حرف تعليل على ما قال ابن مالك‬
‫{وِإ ْذ َل ْم‬
‫ونسبه بعضهم لسيبويه وجعل منه قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫يم} فلو حمل هنا على ذلك‬ ‫يهتَ ُدوا بِ ِه فَسيقُولُون َه َذا ِإ ْف ٌ ِ‬
‫ك قَد ٌ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫جرعيا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫أو ادعى إرادته لم يقع الطالق فيما يظهر إال‬
‫والمعنى أنت طالق لكونك أعطيتني ألفًا ‪ ،‬وليس بالزم‬
‫بائنا ‪ ،‬وقد‬
‫أن يكون هذا في مقابلة الطالق حى يكون ً‬
‫حملها األصحاب على التعليل في نحو أنت طالق إذ قام‬
‫زيد أو إذا فعلت كذا فقالوا يقع ألجل القيام والفعل‪.‬‬
‫قال الرافعي ويمكن أن يكون الحكم فيه على التفصيل‬
‫بين أن المفتوحة بين العارف بالنحو وغيره‪.‬‬
‫ونقل ابن الرفعة عن صاحب الذخائر أن الشيخ أبا‬
‫إسحاق الشيرازي قال بهذا الذي حاوله الرافعي‪.‬‬
‫فائدة ‪" :‬أول" الصحيح أن وزنه [أو أل]‪ 6‬على وزن‬
‫واوا ثم أدغمت ‪ ،‬ومن ثم يقال‬
‫أفعل فقلبت الهمزة الثانية ً‬
‫هذا أولى منك وتجمع على أوائل وأوالي ‪ ،‬وقال قوم ‪:‬‬
‫أصله وول فقلبت الواو األولى همزة ووزنه فوعل وله‬
‫استعماالن‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة التوبة آية ‪."40" :‬‬
‫‪ 2‬سورة الزلزلة آية ‪."4" :‬‬
‫‪ 3‬سورة المائدة آية ‪."116" :‬‬
‫‪ 4‬في "ب" البيت عطاؤك‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" قوله‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" أو أن‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 210 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫اسما فينصرف ‪ ،‬ومنه قولهم ‪" :‬ماله‬
‫أحدهما ‪ :‬أن يكون ً‬
‫أول وال آخر" قال شيخنا أبو حيان ‪ :‬وفي محفوظي أن‬
‫هذا يؤنث بالتاء ويصرف ؛ فتقول أوله وآخره بالتنوين‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬أن يكون صفة أي أفعل تفضيل بمعنى األسبق‬
‫‪ ،‬فيعطى حكم غيره من صيغ أفعل التفضيل من دخول‬
‫من عليه ومنع الصرف وعدم تأنيثه بالتاء فتقول هذا أول‬
‫من هذين ‪ ،‬وما رأيته منذ أول من أمس‪.‬‬
‫‪-‬مبنيا [على]‪ 1‬الضم اتفاقًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقالوا ابدأ بهذا أول‬
‫وهذا حظ النحاة ‪ ،‬وفيه كالمان هل من شرط األول أن‬
‫فردا ؟‬
‫يكون ً‬
‫والثاني هل من شرطه أن يكون له ثان ؟‬
‫فيه وجهان أرجحهما عند الوالد رحمه اهلل وبه قال ‪ :‬نعم‬
‫‪ ،‬وأرجحهما عند الرافعي والنووي ال‪.‬‬
‫ذكرا فأنت طالق فإن‬
‫فإذا قال ‪ :‬إن كان أول ولد تلدينه ً‬
‫ذكرا ولم تلد غيره لم تطلق على األول ‪ ،‬وطلقت‬
‫ولدت ً‬
‫على الثاني‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬ليس من شرط "األول" الفردية ‪ ،‬وحكى الوالد‬
‫رحمه اهلل في تفسيره في سورة الحشر فيه خالفًا ؛ فإن‬
‫فسمعا له وطاعة ومن ثقة ثبت‬
‫ً‬ ‫كان نقل ذلك عن تحرير‬
‫‪ ،‬وإ ال فلعله أخذه من قول المزني في أول من حج عني‬
‫فله مائة فحج اثنان ‪ ،‬ثم ثالث إنه ال يستحق واحد منهم‬
‫قال العبادي ألن األول اسم لمفرد ‪،‬‬
‫والثاني ليس بأول أو من قول األصحاب في باب العتق‬
‫إذا قال أول من دخل من عبيدي دخل أواًل فهو حر فدخل‬
‫معا ثم ثالث لم يعتق واحد أو من قول الرافعي في‬
‫اثنان ً‬
‫درهما‬
‫ً‬ ‫كتاب الطالق قبيل التعليق بالحيض لو أخرج‬
‫معا‬
‫للمتسابقين وقال ‪ :‬من جاء منكما أواًل فله كذا فجاءا ً‬
‫‪ ،‬لم يستحقا شيًئا وليسلهم معصم في شيء من هذا‪.‬‬
‫أما مسألة المزني فلعله إنما قال ال يستحق األوالن ‪،‬‬
‫المتناع حج اثنين عن واحد في عام واحد وهو وجه‬
‫حكاه الماوردي في باب جزاء الصيد ‪ ،‬أو ألن لفظ من‬
‫منفرد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" علم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 211 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫فروعي ‪ ،‬ومن ثم يتطرق إلى منازعة العبادي في فهمه‬
‫عن المزني أن ذلك [ألجل]‪ 1‬اشتراط الفردية‪.‬‬
‫وأما العتق فلما ذكرناه‪.‬‬
‫وأما مسألة المسابقة فألنه ليس أحدهما بالنسبة إلى اآلخر‬
‫[أول]‪.2‬‬
‫ثم يستدل على عدم اشتراط الفردية بقوله تعالى ‪:‬‬
‫{والسابقون األولون}‪ 3‬ولو كان األول الفرد لم يكن‬
‫أولون ‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه وسلم "أول شيء خلق اهلل‬
‫القلم"‪ 4‬مع قوله عليه السالم "أول ما خلق اهلل العقل"‪، 5‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬أول ما يرفع من هذه األمة‬
‫الحياء واألمانة"‪.6‬‬
‫وفي مسند أحمد "أول ما يرفع من هذه األمة األمانة‬
‫والخشوع"‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"إال" ترد لالستثناء ‪ ،‬وبمعنى غير فيوصف بها ويناد بها‬
‫جمع منكر أو شبهه وعاطفة ‪ ،‬وزائدة‪.‬‬
‫أما التي لالستثناء [فقد يستثني ما هو من الجنس نحو‬
‫زيدا ‪ ،‬فهو االستثناء]‪ 7‬المتصل ‪ ،‬وهو‬
‫جاء القوم إال ً‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪...8 :‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫وقد يستثنى بإال ما ليس من الجنس وهو االستثناء‬
‫المنقطع والصحيح أنه مجاز ‪،‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بأول‪.‬‬
‫‪ 3‬سورة التوبة آية ‪."100" :‬‬
‫‪ 4‬أخرجه البيهقي ‪ 3 /9‬كتاب السير‪ /‬باب مبتدأ الخلق‪.‬‬
‫‪ 5‬قال العراقي في تخريجه لإلحياء أخرجه الطبراني في‬
‫األوسط من حديث أبي أمامة وأبو نعيم من حديث عائشة‬
‫بإسناد من ضعيفين‪ .‬وانظر إتحاف السادة ‪.479 /1‬‬
‫‪ 6‬عزاه السيوطي للقضاعي في مسند الشهاب ‪ ،‬قال‬
‫المناوي ‪ :‬وفيه كما قال الهيثمي أشعث بن نزار وهو‬
‫متروك فقول العامزي حسن غير حسن ‪ ،‬فيض القدير‬
‫‪.90 -89 /3‬‬
‫‪ 7‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 8‬بياض‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 212 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫ومذهبنا أنه صحيح ‪ ،‬ومنعه أحمد مطلقًا ‪ ،‬وأبو حنيفة في‬
‫غير المكيل والموزون‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫منها قد كثر وروده في الكتاب والسنة نحو ‪{ :‬فَس َج ُدوا ِإاَّل‬
‫َ‬
‫اَّل َِّ‬ ‫ون ِل َّلن ِ‬ ‫ِ اَّل‬ ‫ِ‬
‫ظلَ ُموا}‬ ‫ين َ‬ ‫اس َعلَ ْي ُك ْم ُح َّجةٌ ِإ الذ َ‬ ‫ِإْبليس}‪{ 1‬لَئ َي ُك َ‬
‫‪.2‬‬
‫اء ِإاَّل َما قَ ْد َسلَ َ‬ ‫النس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف}‪.3‬‬ ‫{واَل تَْنك ُحوا َما َن َك َح َآ َباُؤ ُك ْم م َن ِّ َ‬ ‫َ‬
‫ت ِإاَّل اْل َم ْوتَةَ اُأْلولَى}‪.4‬‬ ‫ون ِفيهَا اْل َم ْو َ‬‫{اَل َي ُذوقُ َ‬
‫ون تِ َج َارةً}‪.5‬‬ ‫َأن تَ ُك َ‬
‫{ال تَْأ ُكلُوا َأموالَ ُكم ب ْيَن ُكم ِباْلب ِ‬
‫اط ِل ِإاَّل ْ‬ ‫َْ ْ َ ْ َ‬
‫طًأ}‪.6‬‬ ‫ان ِل ُمْؤ ِم ٍن ْ‬
‫َأن َي ْقتُ َل ُمْؤ ِمًنا ِإاَّل َخ َ‬ ‫{و َما َك َ‬‫َ‬
‫اع الظَّ ِّن}‪.7‬‬ ‫{ما َلهُ ْم بِ ِه ِم ْن ِعْلٍم ِإاَّل اتَِّب َ‬
‫َ‬
‫اء َرِّبي َش ْيًئا}‪.8‬‬ ‫ون بِ ِه ِإاَّل ْ‬
‫َأن َي َش َ‬ ‫اف َما تُ ْش ِر ُك َ‬ ‫َأخ ُ‬ ‫{واَل َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪ِ ،‬إاَّل َم ْن َأتَى اللَّهَ بِ َقْل ٍب َسِل ٍيم}‬ ‫{ي ْو َم اَل َي ْنفَعُ َما ٌل َواَل َبُن َ‬ ‫َ‬
‫‪.9‬‬
‫ظلَ َم}‪.10‬‬ ‫ون ‪ِ ،‬إاَّل َم ْن َ‬ ‫ي اْل ُم ْر َسلُ َ‬ ‫{ِإِّني اَل َي َخ ُ‬
‫اف َل َد َّ‬
‫ب ِإالّ اللَّهُ}‬ ‫ض اْل َغ ْي َ‬‫اَألر ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم َاوات َو ْ‬
‫ِ‬
‫{ ُق ْل ال َي ْعلَ ُم َم ْن في الس َ‬
‫‪.11‬‬
‫س‬‫اجةً ِفي َن ْف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان ُي ْغني َع ْنهُ ْم م َن الله م ْن َش ْيء ِإاَّل َح َ‬ ‫{ما َك َ‬
‫َ‬
‫اها}‪.12‬‬ ‫ض َ‬‫وب قَ َ‬
‫َي ْعقُ َ‬
‫يما ‪ِ ،‬إاَّل ِقياًل َساَل ًما َساَل ًما}‬
‫ً‬
‫{اَل يسمعون ِفيها لَ ْغوا واَل تَْأثِ‬
‫َ َُْ َ َ ً َ‬
‫‪.13‬‬
‫اء َو ْج ِه َرِّب ِه‬ ‫اَّل ِ‬ ‫{وما ٍ ِ ِ ِ ٍ‬
‫َأِلحد ع ْن َدهُ م ْن ن ْع َمة تُ ْج َزى ‪ِ ،‬إ ْابت َغ َ‬
‫ََ َ‬
‫اَأْلعلَى}‪.14‬‬
‫ْ‬
‫وآيات كثيرة على خالف في كثير مما أوردناه ومما لم‬
‫نورده هل هو فيه متصل أو منقطع أو عاطف أو زائد‬
‫وكذلك في السنة ‪ ،‬ومنها إذا قال له علي ألف درهم إال‬
‫لغا‬
‫ثوبا صح االستثناء ؛ فإن بين بما يستغرق قيمة األلف ً‬
‫ً‬
‫البيان ‪ ،‬والصحيح بطالن واالستثناء حينئذ فيلزمه األلف‬
‫‪ ،‬وقيل يطالب بيان صحيح‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة البقرة آية ‪.34‬‬
‫‪ 2‬سورة البقرة آية ‪.150‬‬
‫‪ 3‬سورة النساء آية ‪.22 :‬‬
‫‪ 4‬سورة الدخان آية ‪.56 :‬‬
‫‪ 5‬سورة النساء آية ‪.29 :‬‬
‫‪ 6‬سورة النساء آية ‪.92 :‬‬
‫‪ 7‬سورة النساء آية ‪.157 :‬‬
‫‪ 8‬سورة األنعام آية ‪.80 :‬‬
‫‪ 9‬سورة الشعراء آية ‪.89 :‬‬
‫‪ 10‬سورة النمل آية ‪.10 :‬‬
‫‪ 11‬سورة النمل آية ‪.65 :‬‬
‫‪ 12‬سورة يوسف آية ‪.68 :‬‬
‫‪ 13‬سورة الواقعة آية ‪.26 /25 :‬‬
‫‪ 14‬سورة الليل آية ‪.20 /19 :‬‬
‫صفحة ‪399 | 213 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫فائدة ‪ :‬ذكرها ابن سراقة‬
‫وهي ‪ :‬أنه قد يكون عليه ألف درهم لمن له عنده عبد أو‬
‫ثوب مثاًل ويخاف أن أقر له باأللف جحده المقر له الثوب‬
‫أو العبد فطريقه أن يستثنى العبد أو الثوب من األلف ‪،‬‬
‫وإ ن الغاصب استهلك العبد‪ 1‬فللمقر أن يسقط قيمته من‬
‫األلف ويقر بما بقي ويحلف صادقًا‪.‬‬
‫واالستثناء من غير الجنس في اإلقرار ‪ ،‬قال الماوردي ‪:‬‬
‫ال يختلف أصحابنا في حصته‪.‬‬
‫قال واختلفوا في غير اإلقرار على وجهين‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬قد يجيء لفظ يدل على معنى االستثناء وليس هو‬
‫مساويا له نظر في مسائل‪.‬‬
‫ً‬ ‫إياه ‪ ،‬ففي جعله‬
‫منها لو قال هذه الدار لزيد وهذا البيت منها لي قيل‪.‬‬
‫قال الرافعي ألنه إخراج بعض ما تناوله اللفظ فكان‬
‫كاالستثناء‪.‬‬
‫قلت قد يخرج فيه وجه من الوجهين في المسألة بعده ‪،‬‬
‫وقد ألحق الرافعي بهذه الصورة ما إذا قال ‪ :‬الخاتم له‬
‫وفصه لي‪ .‬وفيه نظر‪ .‬فقد يقال ليس الفص داخاًل في‬
‫مسمى الخاتم وإ ن دخل معه حالة اإلطالق بخالف بيت‬
‫من دار‪.‬‬
‫ومنها لو قال ‪ :‬له علي ألف أحط منها مائة أو استثنى‬
‫مائة ‪ ،‬ففيه وجهان حكاهما الماوردي‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الباء ترد لمعان أعمها اإللصاق فقد قي إنه معنى ال‬
‫أبدا ‪ ،‬ومن ثم اقتصر عليه سيبويه‪.‬‬
‫يفارقها ً‬
‫وتأتي للمقابلة وهي الداخلة على األعواض كاشتريته‬
‫بألف ‪ ،‬وأحسن مثال له قوله صلى اهلل عليه وسلم‬
‫"الخراج بالضمان" ؛ غير أن الفقهاء لم يجعوا ما دخلت‬
‫ثمنا إال إذا كان العوضان نقدين أو دخلت على‬
‫عليه الباء ً‬
‫النقد ‪ ،‬فإن دخلت على غير النقد ‪ ،‬ومقابلة نقد قالثمن‬
‫النقد ‪ ،‬هذا ما صححه الرافعي والنووي والوالد رحمهم‬
‫اهلل وقيل الثمن مدخول ‪ ،‬الباء مطلقًا وقيل النقد مطلقًا‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة أو الثوب من األلف‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 214 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫واختلف في مجيئها للتبعيض ‪ ،‬فأثبته ابن مالك ‪ ،‬ونفاه‬
‫غيره‪ .‬وعلى اإلثبات يتوجه قول من أخذ االجتزاء بأقل‬
‫ما ينطق عليه االسم من مسح الرأس من قوله تعالى ‪:‬‬
‫{برؤوسكم}‪ 1‬ومن ثم قيل إنه قول الشافعي رضي اهلل‬
‫عنه ‪ ،‬والصواب أن الشافعي لم يأخذ من حرف الباء‬
‫ولكن من غيره كما قرر في مكانه‪.‬‬
‫ظلَ ْمتُ ْم َْأنفُ َس ُك ْم بِاتِّ َخ ِاذ ُك ُم‬
‫وترد الباء للسببية ومنه {ِإَّن ُك ْم َ‬
‫اْل ِع ْج َل}‪ 2‬ومثل به ابن مالك لباء التعليل ‪ ،‬وجعل باء‬
‫العلة غير باء السببية‪ .‬وقدمنا الكالم عليه في مباحث‬
‫العلل من أصول الديانات وال يخفي أنه أنه إذا اختلفت‬
‫محاملها حملت عند القرينة على ما دلت عليه القرينة ‪،‬‬
‫فإن لم تدل على شيء فليس إال اإللصاق ؛ فإنه القدر‬
‫المشترك ومن ثم يضرب النظر إذا تعاوضت القرائن ؛‬
‫وذلك فيما إذا قال طلقتك بدينار على أن لي عليك الرجعة‬
‫‪ ،‬فقوله بدينار قرينة أنه خلع ‪ ،‬وأن الباء [للعوضية]‪3‬‬
‫لكن يدرأ هذه القرينة اشتراطه الرجعة وال رجعة في‬
‫دافعا ألوله‬
‫البينونة ؛ فاحتمل أن يجعل آخر الكالم ً‬
‫ويتساقطان ‪ ،‬ويبقى قوله طلقتك فيقع الطالق وتثبت‬
‫الرجعة ال لكونه اشترطها ؛ بل ألن الواقع طالق غير‬
‫بائن ‪ ،‬وهو الصحيح في المسألة ومنقول المزني والربيع‬
‫رجعيا وال مال ‪ ،‬ويمكن أن‬
‫ً‬ ‫عن النص‪ .‬أعني وقوعه‬
‫يقال حذف قوله بدينار عن درجة االعتبار ‪ ،‬أو حذفت‬
‫الباء عن معنى العوضية وحملت على السببية‪.‬‬
‫واعلم أن معنى السببية أعم من معنى العوضية ‪ ،‬فبعتك‬
‫بدرهم معناه بسبب درهم أخذته مقابله ‪ ،‬ومن ثم قال‬
‫بعض النحويين باء العوض هي باء السبب وهو الصحيح‬
‫؛ فإذا انتفى خصوص العوض لم يبعد بقاء عموم السبب‬
‫فيحمل على عموم السببقية أو غيرها‪ .‬والحاصل انتفاء‬
‫باء العوض هنا لما دلت القرينة اللفظية عليه وهي‬
‫اشتراط الرجعة واحتمل أن ال تحذف الباء عن درجة‬
‫االعتبار ‪ ،‬وال اشتراط الرجعة ‪ ،‬وال يخفي أن المصير‬
‫إلى هذا لو تم أوجه ؛ ألن األعمال خير من اإلهمال‪.‬‬
‫وكيف السبيل إلى ذلك‪.‬‬
‫مجانا ‪،‬‬
‫ويحتمل أن يقال دلت الباء على أن الطالق ليس ً‬
‫ولكنه بعوض‪.‬‬
‫غير أن خصوص الدينار منفي ‪ ،‬لكونه أوقفه على شرط‬
‫ال يحصل معه ‪ ،‬ودل الشرط على أنه اليكون إال عند‬
‫طا ‪ ،‬وبقي‬
‫حصول الدينار فإذا انتفى الدينار ولم يكن شر ً‬
‫أصل العوض ‪ ،‬فيرجع إلى مهر المثل ويقع بيانه ‪ ،‬وكان‬
‫هذا خلع بشرط فاسد ‪ ،‬فألغي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة المائدة آية ‪.6 :‬‬
‫‪ 2‬سورة البقرة آية ‪.54 :‬‬
‫‪ 3‬في "ب" للعوض‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 215 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫الشرط ‪ ،‬كما إذا خالعها بشرط أن ال عدة عليها وألغي‬
‫تعيين العوض إذا لم يسلم له الشرط وحصلت البينونة‬
‫بالعوض الشرعي وهنا دقيقة وهي أن ما ثبت بالشرع‬
‫أولى مما يثبت بالشرط ومهر المثل ثبت في الخلع‬
‫بالشرع فهو أولى من العوض الذي يعينه المختلع ‪،‬‬
‫وكذلك الرجعة تثبت في الطالق الرجعي بالشرع ؛ فهي‬
‫أولى من إثباتها بالشرط‪.‬‬
‫فمن ثم قال بعض األصحاب االحتمال األول يثبت في‬
‫الرجعة ال بقوله ‪ ،‬بل بالشرع ‪ ،‬ويسقط العوض مطلقًا‬
‫وقال األصحاب هذا االحتمال يثبت مطلق لعوض ال‬
‫عوضا ويسقط‬
‫ً‬ ‫بقوله بل الشرع الذي أثبت في كل خلع‬
‫شرط الرجعة ‪ ،‬وهذا هو اختيار المزني وطائفة من‬
‫األصحاب منهم اإلمام والغزالي‪.‬‬
‫ويحتمل أن يصح الخلع ويثبت المسمى وتثبت الرجعة ‪،‬‬
‫عوضا عما نقص من عدد الطالق ‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬ ‫ويكون المال‬
‫مروي عن مالك رحمه اهلل ‪ ،‬وال يمكن القول به عندنا‪.‬‬
‫ويحتمل أن يسقط شرطه للرجعة ويثبت المال المعين ‪،‬‬
‫وهو منقول عن أبي حنيفة رحمه اهلل وأحمد رضي اهلل‬
‫عنه ورواية عن مالك رضي اهلل عنه ؛ فانظر تصرف‬
‫األئمة رحمهم اهلل في مدلوالت األلفاظ وحرصهم على‬
‫أعمال الكالم ما وجدوا إليه سبياًل ‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬إذا قال أنت طالق برضا فالن أو بقدومه فهو‬
‫تعليق ؛ كقوله إذا رضي أو قدم‪ .‬قاله صاحب التهذيب‬
‫وحكاه عند الرافعي في فصل التعليق والسنة والبدعة‪.‬‬
‫ورأيت أنا في التهذيب مع جزمه مع أكثر األصحاب بأنه‬
‫لو كان موضع الباء الالم كان للتعليل ‪ ،‬واقتضى الوقوع‬
‫راضيا ‪ ،‬وليس لنا باء للتعليق‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإ ن لم يكن فالن‬
‫ولعل مراده بالعوض ونفي عنها السبب كما قدمناه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫بعد ظرف [زمان]‪ 1‬دل على تأخر سابقه عن الحقه‬
‫عكس قبل ؛ فإذا قال وقفت على أوالدي وأوالد أوالدي‬
‫بطنا بعد بطن ترتب ‪ ،‬وهو الصحيح ‪ ،‬وفاقًا للشيخ اإلمام‬
‫ً‬
‫‪ ،‬وخالفًا للرافعي والنووي‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫بل حرف إضراب يتلوه جملة ومفرد ؛ فإن تاله جملة‬
‫كان اإلضراب بمعنى االنتقال من غرض إلى آخر وإ ما‬
‫بمعنى اإلبطال ومن ثم لم يسمع قوله هذا الدار لزيد بل‬
‫لعمرو في إبطال إقراره لزيد ؛ إذ ليس له أن يبطل ما‬
‫أقر به فليسلم لزيد ويلزمه غرم قيمتها لعمرو على‬
‫الصحيح وإ ن تالها مفرد فهي عاطفة ‪ ،‬ثم إن تقدمها‬
‫إثبات نحو‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" الزمان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 216 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫عمرا ‪ ،‬وقام زيد بل عمرو فقال النحاة‬
‫زيدا بل ً‬
‫أضرب ً‬
‫هي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه فال يحكم عليه بشيء‬
‫ويثبت ما بعدها‪.‬‬
‫وأقول هذا في الخبر واضح ‪ ،‬أما في األمر نحو اضرب‬
‫عمرا لو فرض وروده في كالم الشارع فالظاهر‬
‫زيدا بل ً‬
‫ً‬
‫أنه نسخ قبل الفعل‪.‬‬
‫نهيا فهي لتقدير ما قبلها على حاله‬
‫وإ ن تقدمها نفي ولو ً‬
‫وجعل ضده لما بعدها ‪ ،‬نحو ما قام زيد بل عمرو ‪،‬‬
‫ووافق المبرد على ما ذكرناه ‪ ،‬غير أنه أجاز مع ذلك أن‬
‫تكون ناقلة معنى النفي والنهي إلى ما بعدها‪.‬‬
‫دينارا بل‬
‫ويتخرج على الخالف ما الذي لك عندي ً‬
‫درهما ‪[ ،‬أو]‪ 1‬بل درهم ويختلف المعنى فإن نصبت‬
‫ً‬
‫الدراهم اتجه أن ال يجب شيء ‪ ،‬وجاز النصيب بعد بل‬
‫موجبا فلم يتعين رفعه‬
‫ً‬ ‫ألن المعطوف على خير ما ليس‬
‫بل وجب النصب ؛ ألن التقدير ‪" :‬بل ما الذي لك عندي‬
‫درهما" وحينئذ ال يجب الدرهم لكونه نفاه ولم يتقدم منه‬ ‫ً‬
‫إثباته وال الدينار لنفيه إياه أواًل ‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬لكن مفهوم "بل" إثباته‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إن سلم أن مفهوم فاألقارير ال تثبت بالمفاهيم‪.‬‬
‫مقرا به ؛ إذ التقرير "بل الذي‬
‫وإ ن رفعت الدرهم كنت ً‬
‫عندي درهم"‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬بلى ‪ :‬حرف جواب مختص بالنفي مفيد إلبطاله‬
‫جوابا السفتهام أو لخبر منفي‬
‫سواء كان ً‬
‫فاألول ‪ :‬مثل أليس لي عليك ألف ؟ فيقول ‪ :‬بلى‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬مثل أليس لي عليك ألف ؟ فيقول ‪ :‬بلى ؛ غير‬
‫مقرا لمنكر ؛ وإ نما كانت‪ 2‬كذلك‬
‫أنه في هذه الثانية يكون ً‬
‫ردا للنفي الذي في كالم المستفهم أو المخبر ونفي‬
‫لكونها ً‬
‫النفي إثبات ‪ ،‬وعلى ذلك ورد في االستفهام التقريري‬
‫ت بِ َرِّب ُك ْم قَالُوا َبلَى}‪ 3‬معناه أنت ربنا‬
‫قوله تعالى ‪َ{ :‬ألَ ْس ُ‬
‫ولذلك قال ابن عباس لو قالوا نعم لكفروا ووجه ذلك بأن‬
‫نعم تصديق لما وقع اإلخبار عنه بنفي أو إثبات هذا‬
‫مقتضى اللغة ولذلك يلزم من قال "بلى" في جواب من‬
‫قال ‪ :‬أليس لي عليك كذا‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة بلى‪.‬‬
‫‪ 3‬سورة األعراف آية ‪.172 :‬‬
‫صفحة ‪399 | 217 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫فإن قلت ‪ :‬وهو الصحيح فيما لو قال ‪" :‬نعم" مع أن "نعم"‬
‫نفيا فمقتضاها النفي ‪،‬‬
‫تقرير للمسؤول عنه فإن كان ً‬
‫ولذلك قال ابن عباس رضي اهلل عنهما لو قالوا نعم‬
‫لكفروا‪.‬‬
‫وحينئذ فيكون الجواب بنعم معناه نفي أن له عنده فكيف‬
‫حكمتم بأنه إقرار‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إنما حكمنا بذلك للعرف‪ .‬وإ ال فموضوعه اللغوي‬
‫ما ذكرت‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬ما تقولون فيما إذا أجاب في اإلثبات ببلى فإنه‬
‫على خالف وضع اللغة إذا وضعها تحقيق ما سأل عن‬
‫نفيه ال ما سأل عن ثبوته‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قال أصحابنا إنه إقرار لما اشتهر في العرف من‬
‫استعمالها في تحقيق الجواب وإ ن كان إثباتًا ‪ ،‬وهو نظير‬
‫ما قلناه في "نعم" وخالفهم الشيخ اإلمام وقال ‪ :‬ال يكون‬
‫إقرارا ومنع اطراد العرف ‪ ،‬وبتقديره قال ‪ :‬ينبغي أن‬
‫ً‬
‫يطرقه الخالف فيما تقدم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫تاء التأنيث ‪ :‬تدخل على اسم العدد من ثالثة إلى عشرة‬
‫مذكرا وتخرج إذا كان مؤنثًا ؛ فعلى هذا‬
‫إذا كان المعدود ً‬
‫عشرا كان‬
‫إذا قال عشرة من اإلبل كان للذكور وإ ن قال ً‬
‫لإلناث‪.‬‬
‫وهو الصحيح عند الوالد رحمه اهلل في باب الوصية إال‬
‫أن يكون القائل جاهاًل ‪ ،‬ورجح الرافعي والنووي أنه ال‬
‫فرق‪.‬‬
‫[قلت]‪ 1‬تجيء التاء المذكورة للمبالغة كراوية لكثير‬
‫الرواية ‪[ ،‬ولتأكد]‪ 2‬المبالغة كعالمة ‪ ،‬فإنا استفدنا‬
‫المبالغة من صيغة فعال المشدد العين‪.‬‬
‫ووقع كالم اإلمام في النهاية في باب القذف في المسألة‬
‫التي سنذكرها عن بعضهم أن عالمة ونسابة كراوية ‪،‬‬
‫وليس كذلك إذا علمت هذا فإذا قال الرجل ‪ :‬يا زانية‬
‫فمذهبنا أنه قاذف خالفًا ألبي حنيفة رحمه اهلل ؛ غير أن‬
‫مأخذ مذهبنا في ذلك قيل فيه إن اللحن فيما نحن فيه ال‬
‫يمنع وهذا هو الذي ارتضاه اإلمام وغيره وقيل ألن التاء‬
‫للمبالغة ؛ فقد قذف وزاد‪.‬‬
‫وقال الرافعي ‪ :‬ولم يرتض اإلمام وآخرون هذا النبأ ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬ليس هذا مما يجري فيه القياس ‪ ،‬وال يصح أن‬
‫يقال لمن يكثر القتل قاتلة وقتالة ‪ ،‬كذا قال اإلمام في‬
‫النهاية وعبارته‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" مسألة‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" لتأكيد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 218 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫مطردا ‪ ،‬فال يقال‬
‫ً‬ ‫قياسا‬
‫أن هذا باطل قال ‪" :‬ألنه لم يتمهد ً‬
‫لمن كثر منه القتل "فالن قاتله"‪.‬‬
‫ولسان العرب ينقسم إلى ما ال قياس فيه أصاًل ؛ وإ نما‬
‫المتبع فيه السماع المحض وإ لى ما يطرد فيه القياس ‪،‬‬
‫وإ لى ما يجري فيه قياس مقرون بالسماع ‪ ،‬وال حاجة‬
‫إلى [التعليل‪ 1‬بمثل هذه انتهى‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الحاصل أنه موقوف على السماع ‪ ،‬ويؤيد هذا أن‬
‫شيخنا أبا حيان جزم في باب الحال في كالمه على‬
‫صيغة "كأنه" أن ‪-‬رواية شاذ وأن مثل هذا موقوف على‬
‫السماع لكن في كالم أبي علي الفارسي ما نصه‪.‬‬
‫[وإ لحاق هذه التاء بعد ما تزيد فيه المبالغة جائز]‪.2‬‬
‫مسألة ‪" :‬ثم" حرف عطف للتشريك والترتيب والمهلة‬
‫خالف قوم في اقتضائها الترتيب ‪ ،‬وآخرون في اقتضائها‬
‫المهلة وذهب إليه من الفقهاء القاضي أبو عاصم ؛ فقال ‪:‬‬
‫إذا قال وقفت على أوالدي ثم أوالد أوالدي ال يقتضي‬
‫الترتيب مع قوله إن الواو للترتيب‪.‬‬
‫ولعل الجمع بين هاتين المقالتين خرق لإلجماع ‪ ،‬ولكن‬
‫مأخذ أبي عاصم أن الوقف إنشاء فال يعقل فيه ترتيب ‪،‬‬
‫وليس ذلك من ثم ؛ كذا نبه عليه الوالد رحمه اهلل تعالى‬
‫في كتاب الطوالع المشرقة‪.‬‬
‫ونظيره ما قاله الرافعي في آخر باب القسم والنشوز لو‬
‫قال ‪ :‬طلقها ثم خذ مالي منها جاز تقديم أخذ المال على‬
‫الطالق فإنه زيادة خبر انتهى‪.‬‬
‫فذلك ألنه زيادة خبر كما تقدم ‪ ،‬ال لعدم اقتضاء ثم‬
‫أيضا ترتيب في اإلنشاء ‪ ،‬ألن خذ إنشاء‬
‫الترتيب وألنه ً‬
‫فاجتمع في هذه الصورة شيئان اإلنشاء وزيادة الخبر‬
‫وكان الترتيب منهما ال من ثم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"حتى" البحث فيها كما في إلى ‪ ،‬وقد تقدم‪3‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" التعلق‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة دون ‪ ،‬زها ‪ ،‬سلخ ‪ ،‬سنة ‪ ،‬شطر‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 219 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"على" ذكرا لنحاة مجيئها حرفًا بمعنى االستعالء‬
‫والمصاحبة والمجاوزة والتعليل والظرفية واالستدراك‬
‫وموافقة من والباء وقد كثر استعمال الفقهاء لها في‬
‫{لتُ َكِّب ُروا اللَّهَ َعلَى َما َه َدا ُكم}‪1‬‬
‫التعليل وشاهده في التنزيل ِ‬
‫ات َعلَى َما َر َزقَهُ ْم ِم ْن‬‫وقوله ‪{ :‬اسم اللَّ ِه ِفي ََّأي ٍام معلُوم ٍ‬
‫َْ َ‬ ‫َْ‬
‫يم ِة ْ‬
‫اَأْلن َع ِام}‪.2‬‬ ‫ِ‬
‫َبه َ‬
‫وفي االستدراك واإلضراب ‪ :‬كقولهم فالن ال يدخل‬
‫الجنة على أنه ال ييأس من روح اهلل ‪ ،‬ومنه ‪:‬‬
‫بكل تداوينا فلم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من‬
‫البعد‪3‬‬
‫عوضا ‪ ،‬مثل أنت طالق على‬
‫ً‬ ‫أيضا‬
‫وكثر استعمالهم لها ً‬
‫ألف ‪ ،‬ونحو بعتك على أن تعطيني عشرة جزم الرافعي‬
‫في الصداق بأنه يصح ‪ ،‬وحكاه الشيخ اإلمام عنه في‬
‫أوائل كتاب البيع وسكت عليه فليحمل على معنى الباء‬
‫التي بمعنى العوض ال الباء من حيث هي ولم أجد له‬
‫شاهدا‪.‬‬
‫ً‬
‫طا]‪ ، 4‬ولم أجد من ذكره‬
‫أيضا شر ً‬
‫[وكثر استعمالهم لها ً‬
‫من النحاة في معانيها ‪ ،‬وأذكر أن الوالد رحمه اهلل بحث‬
‫عن ذلك وأطال كالمه "فيه معنا لما"‪ 5‬انتهى في شرح‬
‫المنهاج إلى نكاح الشغار ‪ ،‬وال أعرف ما الذي تحصل‬
‫عليه من ذلك‪.‬‬
‫وقد قال الغزالي صورة الشغار [أن يقول]‪ 5‬زوجتك‬
‫بنتي على أن تزوجني بنتك على أن يضع كل واحد‬
‫منهما صداق األخرى ‪ ،‬ومهما انعقد نكاح ابنتي انعقد‬
‫نكاح ابنتك‪.‬‬
‫وقال القفال ‪ :‬إنه يبطل للتعليق‪.‬‬
‫فانظر كيف فهم التعليق من على ؟‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة الحج آية ‪.37 :‬‬
‫‪ 2‬سورة الحج آية ‪.28 :‬‬
‫‪ 3‬البيت من الطويل البن الدمينة انظر ديوانه ‪، 82‬‬
‫مغني اللبيب ‪ ، 145 /1‬شرح األشموني ‪، 223 /2‬‬
‫والشاهد في البيت استعمال‬
‫‪ ....................‬على أن قرب الدار خير من البعد‬
‫فأبطل بعلى عموم قوله "لم يشف ما بنا"‪.‬‬
‫أيضا شرط والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "أ" وكثر استعماله ً‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 220 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫وقال بعض األصحاب أظنه القاضي الحسين إنما يبطل‬
‫إذا قصد توقيف االنعقاد فليبحث عن ذلك‪.‬‬
‫َأن تَْأ ُج َرنِي‬
‫{علَى ْ‬
‫طا قوله تعالى ‪َ :‬‬ ‫ويشهد لمجيئها شر ً‬
‫ثَ َمانِ َي ِح َجج}‪ 1‬وقول بعض الصحابة لعثمان أبايعك على‬
‫طا في نكاح الشغار‬ ‫كتاب اهلل ‪ ،‬وقد استعملها الفقهاء شر ً‬
‫كما [عرفت]‪ 2‬وفي الخلع ‪ ،‬وفي خالعتك على هذا الثوب‬
‫على أنه هروي ‪ ،‬وفيما لو نكحها على أن ال يطأها [إال‬
‫نهارا ‪ ،‬وفي باب الصداق‬
‫مرة ‪ ،‬أو أن ال يطأها]‪ 3‬إال ً‬
‫فيما لو نكحها على أن ألبيها ألفًا‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬تستعمل "على" بمعنى الوجوب وهو راجع إلى‬
‫االستعالء نحو قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬يا أيها الناس‬
‫على كل‪ "...‬ونحو قول الشافعي رضي اهلل عنه على‬
‫اآلباء [واألوالد]‪ 4‬أن يؤدبوا أوالدهم ويعلموهم الطهارة‬
‫والصالة وبمعنى االستحباب‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬صح قوله صلى اهلل عليه وسلم لو يعلم المار بين‬
‫خيرا له من‬
‫يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين ً‬
‫أن يمر بين يديه‪ 5‬الحديث ‪ ،‬وليس فيه من اإلثم‪.‬‬
‫وفي المسألة وجهان رجح القاضي واإلمام والغزالي أن‬
‫كراهة المرور كراهة تنزيه ‪ ،‬والصحيح أنه للتحريم ‪،‬‬
‫وعلى كافية في الداللة عليه وإ ن لم يصرح بلفظ اإلثم‬
‫ووقع في الرافعي التصريح بلفظ اإلثم ‪ ،‬ولكن ليس هو‬
‫أيضا بلب التحريم يحصل‬
‫في لفظ الحديث وال يحتاج إليه ً‬
‫بلفظ على‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"عند" اسم للحضور‪.‬‬
‫"غير" أصل وضعه الصفة ‪ ،‬واالستثناء به عارض ‪،‬‬
‫عكس إال‪.‬‬
‫وشرط غير أن يكون ما قبلها [يصدق]‪ 6‬على ما بعدها‬
‫نقول مررت برجل غير‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة القصص آية ‪.27 :‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" األبناء‪.‬‬
‫‪ 5‬أخرجه البخاري ‪ 584 /1‬كتاب الصالة حديث "‬
‫‪ "510‬ومسلم ‪ 364 -363 /1‬كتاب الصالة حديث "‬
‫‪."507 -261‬‬
‫‪ 6‬في "ب" يكون‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 221 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫فقيه وال يجوز غير امرأة ‪ ،‬بخالف ال النافية ؛ فإنها‬
‫بالعكس وهذا في غير العلمين ‪ ،‬أما العلمان فيجوز‬
‫العطف بـ "ال" وبـ "غير" وفي غير مسائل‪.‬‬
‫منها كل امرأة لي غيرك طالق ‪ ،‬وال امرأة [له]‪ 1‬سواها‬
‫‪ ،‬قال القفال والقاضي الحسين ‪ :‬إن قصد االستثناء وقع‬
‫لكونه مستغرقًا وقال الشيخ اإلمام ال يقع مطلقًا ‪ ،‬وهو‬
‫قضية كالم الخوارزمي في الكافي إذ قاله في سوى ‪ ،‬وال‬
‫فرق بينها وبين غير هنا ‪ ،‬وقد ذكرت المسألة فيترشيح‬
‫التوشيح في باب العجائب والغرائب‪.‬‬
‫علي درهم غير دانق‬
‫فرع ‪ :‬قال الرافعي ‪ :‬لو قال له ّ‬
‫فقضية النحو وبه قال بعض األصحاب أنه إن نصب‬
‫غير ؛ فعليه خمسة دوانق ألنه استثناء وإ ال فعليه درهم‬
‫تام ؛ إذ المعنى فعلي درهم ال دانق‪.‬‬
‫وقال األكثرون السابق إلى فهم أهل العرف منه االستثناء‬
‫فيحمل عليه وإ ن أخطأ في اإلعراب انتهى وأقره الوالد‪.‬‬
‫فأما قوله قضية النحو في النصب خمسة دوانق فليس‬
‫على إطالقه‪ .‬بل لهم حال النصب إعرابان‪.‬‬
‫قال أبو علي الفارسي هو منصوب على الحال واختاره‬
‫ابن مالك ‪ ،‬وعزي إلى ظاهر كالم سيبويه ؛ فعلى هذا‬
‫يلزم درهم تام ‪ ،‬وقال آخرون وهو المشهور أنه نصب‬
‫على االستثناء وعلى هذا يخرج كالم الرافعي‪.‬‬
‫غيرا ‪ ،‬وهو‬
‫وأما قوله ‪" :‬وإ ال فعليه درهم" يعني إذا رفع ً‬
‫واضح ؛ فإنها حينئذ صفة ‪ ،‬والمعنى "درهم موصوف‬
‫"غيرا" وال يخفى‬
‫بأنه غير دانق" ؛ ولكن يبقى ما إذا جر ً‬
‫أنه لحن ؛ غير أنه هل هو عدول عن النصب فيعطى‬
‫حكمه أو عن الرفع ؟ فيه نظر واحتمال‪.‬‬
‫مسألة ‪" :‬الفاء" للتعقيب في كل بحسبه‬
‫[ومن ثم إذا مت فشئت فأنت حر اشترط لحصول العتق‬
‫إيصال المشيئة بالموت ‪ ،‬وهو الصحيح‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا دخلت الفاء على الخبر نحو الذي يأتيني فله‬
‫درهم أو كل رجل يأتيني‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 222 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫أو من يأتيني سواء كانت من شرطية أو موصولة كان‬
‫الدرهم في مقابلة اإلتيان ‪ ،‬وإ ن كان لم تدخل فالكالم‬
‫إخبار محض ‪ ،‬والقضية ال معارضة فيها ‪ ،‬ومن ثم كل‬
‫من عبارة األصحاب في الجعالة]‪.1‬‬
‫مسألة ‪" :‬في" للظرفية الزمانية والمكانية‬
‫فلو قال أنت طالق في مكة يوقف طالقها على الحلول‬
‫بمكة كذا نقله العبادي عن البويطي ‪ ،‬ونقل الرافعي عنه‬
‫أنها تطلق في الحال ؛ ألن المطلقة في بلد مطلقة في باقي‬
‫البالد ولك أن تقول حتى يصدق قبل الحلول بمكة أنها‬
‫مطلقة في بلد‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قد [حرف تحقيق تدخل على الماضي المنصرف لتقريب‬
‫زمانه في الحال ‪ ،‬وعلى المضارع وال يفيد تعلياًل فيه ؛‬
‫بل التوقع فإذا قال لعبد غيره قد اعتقتك]‪.2‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قبل [الذي هو ضد بعد مدلوله التقديم وال يستدعي وجود‬
‫مسبوقيه المقطوع بأن سيوجد‪.‬‬
‫وفي المحتمل تردد أال ترى قول إسماعيل البوشنجي‬
‫فيمن قال أنت طالق قبل أن تدخلي الدار أنه يحتمل‬
‫وجهين أحدهما كقوله قبل موتي وأصحهما ال يقع حتى‬
‫مستندا إلى ذلك الشيء ؛ ألنه الصفة‬
‫ً‬ ‫يوجد ؛ فحينئذ يقع‬
‫تقتضي وجوده ذكره الرافعي في تعليق الطالق]‪.3‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫كاد من أفعال المقاربة ‪ ،‬وأمرها في اإلثبات واضح ‪،‬‬
‫وأما إذا نفيت فذهب الزجاجي‪ 4‬أنها نفت المقاربة ‪ ،‬قالوا‬
‫ويلزم منها نفي الفعل ‪ ،‬ومن ثم جعلوا مذهبه أنها تبقي‬
‫إذا بقيت كغيرها من األفعال ‪ ،‬وقالوا في قوله تعالى ‪:‬‬
‫اها}‪ 5‬معناه ‪ :‬لم‬
‫{لَ ْم َي َك ْد َي َر َ‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬هو الحسن بن محمد بن العباس القاضي أبو علي‬
‫الطبري الزجاجي أخذ عن ابن القاص‪.‬‬
‫له كتاب زيادات المفتاح وله كتاب في الدور‪.‬‬
‫طبقات الشافعية البن قاضي شهبة ‪، 140 -139 /1‬‬
‫معجم المؤلفين ‪.284 /3‬‬
‫‪ 5‬سورة النور آية ‪.40 :‬‬
‫صفحة ‪399 | 223 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫اد ُي ِس ُ‬
‫يغهُ}‪1‬‬ ‫{واَل َي َك ُ‬
‫يرها وال قارب رؤيتها ‪ ،‬وفي قوله ‪َ :‬‬
‫[أنه ال يسيغه] وال يقارب إساغته وهذا رأي شيخنا أبي‬
‫حيان‪.‬‬
‫ومذهب أبي الفتح أن نفيها يدل على وقوع الفعل بعد بطء‬
‫ون}‪ 3‬ومن ثم قيل إذا دخل‬
‫ادوا َي ْف َعلُ َ‬
‫وها َو َما َك ُ‬
‫بدليل {فَ َذَب ُح َ‬
‫عليها نفي أثبتت ‪ ،‬وأنشد عليه‪.‬‬
‫أنجوي هذا العصر ما هي لفظة جرت بلساني جرهم‬
‫وثمود‪4‬‬
‫وجرى على هذا الشيخ الفراء فقال في فتاويه ‪ :‬إذا قال‬
‫إقرارا بالطالق‬
‫المرأته ‪ :‬ما كدت أطلقك يكون هذا ً‬
‫فيحكم عليه بالوقوع‪ .‬وهذا فيه نظر ؛ إذ لم يصدر‬
‫لعارف مدلول هذه اللفظة معتقد فيها هذا االعتقاد‪.‬‬
‫وجمع ابن مالك بين المذهبين فقال في التسهيل وتبقى كاد‬
‫غدا ولعدمه وعدم مقارنته ولقد أجاد‬
‫إعالما بوقوع الفعل ً‬
‫ً‬
‫؛ فإن لهما هذين االستعمالين‪.‬‬
‫غدا‪ .‬وهو مذهب أبي الفتح‬
‫أما إعالمها بوقوع الفعل ً‬
‫فبدليل اآلية وإلمكان ذلك رجع ذو الرمة في قوله ‪:‬‬
‫إذا غير النأي المحبين لم يكد رسيس الهوى من حب مية‬
‫يبرح‪5‬‬
‫أما إعالمها بعدم الفعل وعدم مقارنته وهو االستعمال‬
‫الثاني ؛ فهو مذهب الزجاجي ‪ ،‬وقد ذكرنا من شواهده‬
‫وإ ذا ثبتت االستعماالن في لغة العرب تعين مذهب ابن‬
‫مالك ؛ غير أن األول منهما فيما [أحسب]‪ 6‬أكثر‪.‬‬
‫والحاصل أن كاد معناها قارب ؛ فإذا قلت ما كاد فقد‬
‫نفيت المقاربة وال يلزم من نفيها نفي الفعل ؛ فإنك تقول‬
‫خلص فالن وما كاد يخلص وتقول نجا وما قارب النجاة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة إبراهيم آية ‪.17 :‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سورة البقرة آية ‪.71 :‬‬
‫‪ 4‬البيت من الطويل ألبي العالء المعري انظر جمع‬
‫الهوامع ‪ ، 132 /1‬األشموني ‪ ، 132 /1‬األشموني ‪/1‬‬
‫‪ ، 268‬والشاهد كما ذكر المصنف رحمه اهلل‪.‬‬
‫‪ 5‬والبيت من الطويل لذو الرمة والبيت في شرح‬
‫المفصل ‪.124 /7‬‬
‫إذا غير الهجر المحبين لم يكد رسيس الهوى من حب‬
‫مية يبرح‬
‫‪ 6‬في "ب" يحسب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 224 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫كما تقول ‪ :‬ما نجا وال قارب النجاة فنفيها نفي أخص ‪،‬‬
‫فتحته ضربان‪.‬‬
‫هذا الذي أفهمه منها ‪ ،‬وبه يظهر سداد مذاهب ابن مالك‬
‫‪ ،‬وحمله اختالف الزجاجي وأبي الفتح على أن لها‬
‫استعمالين ‪ ،‬وال أرى لخالف ذلك وجهًا ‪ ،‬وقولهم يلزم‬
‫من نفي المقاربة نفي الفعل فيه نظر ؛ فقد تبقى مقاربته‬
‫مع وقوعهن لكن ذلك قليل ‪ ،‬وال يقال كل من فعل قد‬
‫سبق فعله مقاربته للفعل ؛ ألنه قد يفعل وال يكون عند‬
‫هجما فيقال فعل ‪ ،‬وما كان‬
‫فعله بحيث يفعل ‪ ،‬بل يهجم ً‬
‫يفعل‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"كم" خبرية بمعنى كثير ‪ ،‬واستفهامية بمعنى أي عدد‪.‬‬
‫وليست االستفهامية أصاًل لها ؛ خالفًا للزمخشري حيث‬
‫ادعى ذلك من سورة يس عند الكالم على {َألَ ْم َي َر ْوا َك ْم‬
‫َأهلَ ْكَنا}‪ 1‬وهو مقتضى كالم ابن مالك في التسهيل‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وهما مشتركان في االفتقار إلى التمييز ؛ إال أن تمييز‬
‫الخبرية واجب الخفض وتمييز االستفهامية منصوب ‪،‬‬
‫وفي جره مذاهب ؛ ثالثها الصواب جوازه بشرط أن تجر‬
‫كم بحرف جر وحينئذ فالجر أقل من النصب‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪ :‬منها إذا قال بع بكم شئت قال األصحاب له‬
‫البيع بالغبن الفاحش ‪ ،‬وال يجوز بالنسيئة وال بغير نقد‬
‫البلد ‪ ،‬ولك أن تقول إن كان هذا العرف فيه هذا اللفظ‬
‫فجيد ؛ غير أنا ال نجد فيه عرفًا ؛ وإ ال فهذا اللفظ أواًل‬
‫غير عربي ‪ ،‬ألن كم لها الصدر فال يتقدم عليها قوله‬
‫"بعه"‪.‬‬
‫ومن ثم غلط شيخنا أبو حيان بن عطية‪ 2‬؛ إذ قال في‬
‫َأهلَ ْكَنا قَْبلَهُ ْم ِم َن اْلقُُر ِ‬
‫ون ََّأنهُ ْم‬ ‫قوله تعالى ‪َ{ :‬ألَ ْم َي َر ْوا َك ْم ْ‬
‫ون}‪ 3‬أبدلت "أن" وصلتها من "أل"‪.‬‬ ‫ِإلَ ْي ِه ْم اَل َي ْر ِج ُع َ‬
‫وقال عامل البدل هو عامل المبدل منه يروا فكم لها‬
‫الصدر ؛ فال يعمل فيها ما قبلها ‪ ،‬وإ ن قدره أهلكنا فال‬
‫تسلط له في المعنى على البدل‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة يس آية ‪.31 :‬‬
‫‪ 2‬عبد الحق بن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد‬
‫اهلل بن تمام بن عطية الغرناطي ‪ ،‬قال ابن الزبير ‪ :‬كان‬
‫نحويا‬
‫فقيهًا جلياًل عارفًا باألحكام والحديث والتفسير ً‬
‫شاعرا توفي سنة اثنتين وأربعين‬
‫ً‬ ‫بارعا‬
‫أدبيا ً‬
‫لغويا ً‬
‫ً‬
‫وخمسمائة ‪ ،‬بغية الوعاة "‪."73 /2‬‬
‫‪ 3‬سورة يس آية ‪.31 :‬‬
‫صفحة ‪399 | 225 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫وثانيا ‪ :‬كم فيه ال يصلح أن تكون خبرية ؛ ألن هذا‬
‫ً‬
‫الكالم إلنشاء التوكيل بالبيع بما يراه ‪ ،‬ولو جعلت خبرية‬
‫أمكن أن يتحمل لها أن ال تكون للصدر على لغة حكاها‬
‫األخفش‪ 1‬وذكر أنهم يقولون ملكت كم غالم أي ملكت‬
‫كثيرا ولكن ال يمكن ؛ إذ ال تصح الخبرية هنا وال‬
‫ً‬
‫االستفهامية ‪ ،‬إذ المتكلم لم يقصد االستفهام ‪ ،‬بل عقد‬
‫التوكيل على هذه الصورة‪.‬‬
‫وبلغني أن أبا علي ذكر أن كم قد تشرب معنى أي‪ .‬فإن‬
‫أراد معنى أي مطلقًا فيتجه أن يقال هنا معنى قوله بكم‬
‫شئت بأي شيء شئت‪.‬‬
‫وإ ن أراد معنى أي في العموم مع بقاء االستفهام كما ذلك‬
‫في أي االستفهامية فال يتخرج هنا ؛ إذ ال استفهام في‬
‫التوكيل وما يتنبه له أن مدلول كم تقتضي أن ال يبيع إال‬
‫بعدد أي عدد شاء فلو باع بواحد فال يصح ؛ إذ الواحد‬
‫ليس بعدد كما هو الحق الصواب‪.‬‬
‫هذا موضوع كم وإ طالق األصحاب يأباه ‪ ،‬ونظير‬
‫المسألة إذا قال الولي للوكيل زوجها بكم شئت فله‬
‫تزويجها بأقل من مهر المثل برضاها ذكر الرافعي في‬
‫الصداق‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"كيف" اسم يستعمل على وجهين للشرطية ‪ ،‬وكيف‬
‫وخبرا للحال‪.‬‬
‫استفهاما ً‬
‫ً‬
‫فإذا قال أنت طالق كيف شئت قال أبو زيد والقفال تطلق‬
‫شاءت أو لم تشأ ‪ ،‬وقال الشيخ أبو علي يتوقف طالقها‬
‫على صدر مشيئة منها في المجلس إما مشيئة أن تطلق‬
‫أو مشيئة أن ال تطلق‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫كان فعل يدل على إتصاف اسمه بخبره في الماضي‪.‬‬
‫واختلف األصوليون في داللتها على التكرار ‪ ،‬وهي‬
‫مسألة لم يذكرها النحاة ‪ ،‬والنحاة قالوا في داللتها على‬
‫االنقطاع ‪ ،‬وهي مسألة لم يذكرها األصوليون‪.‬‬
‫قال بعض النحاة ال تدل على االنقطاع ؛ بل هي ساكنة‬
‫عنه‪.‬‬
‫وقال أكثرهم كما ذكر شيخنا أبو حيان تدل عليه ويتجه‬
‫على هذا عدم قبول شهادة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سعيد بن مسعدة أبو الحسن المعروف باألخفش‬
‫معتزليا دخل بغداد‬
‫ً‬ ‫األوسط قرأ النحو على سيبويه وكان‬
‫وأقام بها مدة درس وصنف فيها من تصانيفه معاني‬
‫القرآن ‪ ،‬المقياس في النحو ‪ ،‬إنباه الرواة ‪، 36 /2‬‬
‫شذرات الذهب ‪.36 /2‬‬
‫صفحة ‪399 | 226 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫[شاهد]‪ 1‬بأن هذه العين كانت ملك زيد ‪ ،‬وهو األصح‪.‬‬
‫وأما قول المدعي عليه "كان ملكك أمس" ؛ فإنه وإ ن كان‬
‫إقرارا يؤاخذ به على األصح فألن اإلقرار ال يكون ؛ إال‬
‫ً‬
‫عن تحقيق حتى لو استندت الشهادة إلى اليقين قبلت ؛‬
‫وذلك بأن يقول "هو ملكه اشتراه" ؛ كذا قال الرافعي‪.‬‬
‫ولك أن تفرق بين الشهادة واإلقرار بأوضح من هذا‬
‫فتقول ‪ :‬اإلقرار لو قال كان له على الف فإقرار عند‬
‫الشيخ اإلمام ‪ ،‬خالفًا للنووي‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫كذا ترد على أنها كلمتان باقيتان على أصلهما كاف‬
‫التشبيه ‪ ،‬وذا اسم اإلشارة وال كالم فيهما ‪ ،‬وعلى أنها‬
‫أخرج جزءاها عن أصلهما واستعمال كناية‪.‬‬
‫بوهي ضربان ‪ :‬أحدهما أن تكون كناية]‪ 2‬من غير عدد‬
‫‪ ،‬ومنه ما في الحديث عن يوم الحساب "أتذكر يوم كذا‬
‫أيضا‪.‬‬
‫فعلت فيه كذا وكذا" والك كالم في هذه ً‬
‫والثاني وهو المراد ‪ ،‬وهو غالب مواردها أن يكنى بها‬
‫عن عدد مجهول الجنس والمقدار‪.‬‬
‫واختلف في كذا في هذين الضربين فقيل هي حرف‬
‫التشبيه ركب مع اسم اإلشارة ‪ ،‬وأزال التركيب معنى‬
‫المفردين ‪ ،‬وأحدث للمجموع معنى لم يكن‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬ال تركيب ‪ ،‬وهي كلمتان على أصلهما ‪ ،‬والكاف‬
‫للتشبيه ومعناه باق وهذا يعزي إلى سيبويه والخليل‪3‬‬
‫وقيل ‪ :‬الكاف اسم بمنزلة مثل‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬اسم وال تشبيه فيه‪.‬‬
‫ثم قال النحاة في كيفية اللفظ بها ويميزها المكني بها عن‬
‫غير عدد لفظها اإلفراد والعطف ؛ نحو مررت بمكان‬
‫كذا ‪ ،‬وبمكان كذا وكذا‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب" والمثبت من "أ"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي البصري أبو عبد‬
‫الرحمن صاحب العربية والعروض ‪ ،‬أستاد سيبويه‪.‬‬
‫توفي سنة خمس وسبعين ومائة‪.‬‬
‫بغية الوعاة ‪.560 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 227 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫وأما في المكنى بها عن عدد ؛ فليس إال العطف ونصيب‬
‫أبدا ؛ هذا قول سيبويه ‪ ،‬وشذ سواه ‪ ،‬ثم قال‬
‫التمييز ً‬
‫كثيرا ‪ ،‬وقال ابن‬
‫سيبويه هي للعدد مطلقًا قلياًل كان أو ً‬
‫مالك للتكثير مثل كم الخبرية‪.‬‬
‫وال أدي هل يقول ال يكنى بها عما نقص عن أحد عشر‬
‫ألنه عدد قليل أو ال يلزم ذلك‪.‬‬
‫درهما‬
‫ً‬ ‫إذا عرفت هذا ؛ فلو قال له علي كذا وكذا‬
‫بالنصب وجب درهمان على المذاهب ‪ ،‬وهو جار على‬
‫مذهب سيبويه ‪ ،‬وقال المزني‪ 1‬والوالد رحمهما اهلل‬
‫تعالى يلزمه درهم واحد‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الالم ترد لمعان كثيرة من أشهرها الملك واالختصاص‬
‫والتعليل ويكثر في كالم الفقهاء ورودها للتوقيت ؛ حتى‬
‫قالوا في كتاب الطالق الالم فيما ينتظر للتوقيت فإذا قال‬
‫لها أنت طالق للسنة إذا لم يكن الحال حال سنة أو للبدعة‬
‫إذا لم يكن الحال حال بدعة ‪ ،‬يحمل على التأقيت ؛ ألنهما‬
‫حالتان منتظرتان يتعاقبان على المرأة تعاقب األيام‬
‫والليالي ‪ ،‬ويتكرران تكرار األسابيع والشهور ‪ ،‬فأشبه ما‬
‫إذا قال لرمضان معناه إذا جاء رمضان‪.‬‬
‫قالوا والالم فيما ال ينتظر مجيئه وذهابه للتعليل ؛ وذلك‬
‫مثل أن يقول أنت طالق لفالن أو لرضا فالن فيقع فيا‬
‫حالل رضي أو سخط والمعنى أفعل هذا ليرضى‪.‬‬
‫فعن ابن خيران أنه إنما يقع في الحال إذا نوع التعليل ‪،‬‬
‫أما إذا أطلق فإنما يقع إذا رضى كقوله أنت طالق للسنة‬
‫والمشهور المنصوص األول ؛ حتى لو قال أردت‬
‫التعليق والتأقيت لم يقبل على األصح ؛ ولكن يدين هذا‬
‫كالم األصحاب ‪ ،‬وفرقوا بين أن يأتي باالم كما ذكرنا ‪،‬‬
‫أو بالباء فيقول برضاء فالن كما قدمنا في حرف الباء‬
‫عن صاحب التهذيب‪.‬‬
‫وأقول لم يتضح لي هذا كل الوضوح ‪ ،‬وما قاله ابن‬
‫خيران عندي قوي بل أقول ولو‬
‫_________‬
‫‪ 1‬إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق‬
‫أبو إبراهيم المزني المصري الفقيه ومن تصانيفه الجامع‬
‫الكبير والمختصر‪.‬‬
‫‪ -‬طبقات الشافعية البن قاضي شهبة ‪ ، 58 /1‬وفيات‬
‫األعيان ‪.196 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 228 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫نووا التعليل ؛ فكيف يقع في الحال إذا لم يكن قصده‬
‫ليرضى ‪ ،‬وما معنى التعليل إال لوقوع رضاه ‪ ،‬وليس‬
‫معناه ليقع رضاه ‪ ،‬وكأنهم أهملوا جانب الرضا‬
‫واستعملوا أنت طالق معرضين عن سبب الطالق ‪ ،‬وهذا‬
‫[مكان]‪ 1‬مشكل‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫لو قال في التهذيب ما نصه ولو قال لوال لطلقتك ال يقع‬
‫الطالق ؛ ألنه لم يرد اإليقاع بل أخبر أنه لوال حرمة‬
‫األب لطلقها ‪ ،‬كما لو قال لوال أبوك لطلقتك انتهى ذكره‬
‫في باب طالق المريض‪.‬‬
‫[مسألة ‪:‬‬
‫لعل أشهر معانيها التوقع ‪ ،‬ومن ثم‪ ]2‬لو قال لي عليك‬
‫إقرارا‪.‬‬
‫ألف فقال لعل لم يكن ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫غالبا ‪ ،‬ولبيان الجنس وللتبعيض ‪،‬‬
‫ن البتداء الغاية ً‬
‫وللتعليل ‪ ،‬والبدل وغيرها‪.‬‬
‫وفيها فروع ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬لو قال ‪ :‬بع ما شئت من [مالي]‪ 3‬أو ما تراه من‬
‫عبيدي أو طلق من نسائي من شئت ؛ ففيها أربعة أوجه‬
‫جمعها الوالد رحمه اهلل في "شرح المنهاج"‪.‬‬
‫أحدها ‪ :‬بطالن الوكالة‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬الصحة في العبيد والنساء دون األموال ؛‬
‫لكونها أعم وأقرب إلى الجهالة‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬الصحة في الكل ولكن ال يستوعب بل يبقى‬
‫بعضا‪.‬‬
‫ً‬
‫والرابع ‪ :‬الصحة ‪ ،‬وله استيعاب الكل ‪ ،‬وهو األقرب‬
‫عند الشيخ اإلمام الوالد رحمه اهلل‪ .‬قال ‪ :‬ولم أجد من‬
‫صرح به إال القاضي الحسين فإنه حكاه وجهًا في صورة‬
‫الطالق‪.‬‬
‫والنووي قال ‪ :‬في صورة بع ما شئت من [مالي]‪: 4‬‬
‫"الصحيح المعروف أنه يجوز وهو ما ذكره صاحب‬
‫المهذب والتهذيب"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" مال‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" مال‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 229 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫في المفردات من األسماء والحروف وبعض األفعال‬
‫فاحتمل أن يريد جواز الوكالة في الجملة ‪-‬فال يكون هو‬
‫ما رجحه الوالد وأن يريد الجواز مع استيعاب الكل ‪،‬‬
‫فكون هو إياه‪.‬‬
‫ومأخذ من أوجب إبقاء بعض أن من للتبعيض ‪-‬كذا‬
‫ذكره اإلمام والروياني وغيرهما وفيه نظر ؛ فإنه ال‬
‫يصح أن يحل مكانها ‪-‬هنا‪ -‬بعض والذي يظهر أنها‬
‫لبيان الجنس ‪ ،‬وفيه يظهر أن له استيعاب الكل كما‬
‫رجحه الوالد [ولو]‪ 1‬كانت للتبعيض للزم بطالن الوكالة‬
‫كما ذكروه في "بع طائفة من مالي" ؛ إذ ال فارق إال‬
‫التفويض إلى المشيئة ‪ ،‬وال يظهر له أثر ظاهر‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ولمن‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 230 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية ‪:‬‬
‫جدا‬
‫ونحن نوردها على أبواب النحو نختصر ً‬
‫باب [شرح]‪ 1‬الكلمة والكالم وما يتعلق به ‪:‬‬
‫الكالم في اللغة ‪ :‬يطلق على الكلمة الواحدة ‪-‬مستعملة أو‬
‫مهملة‪ -‬وأقل ما تكون الكلمة على حرفين‪.‬‬
‫مفيدا‬
‫إسنادا ً‬
‫ً‬ ‫وأما عند النحاة ‪ :‬فالكالم ما تضمن من الكلم‬
‫مقصودا لذاته‪ .‬جعلوا الكلم أعم من الكالم ‪ ،‬وخصصوا‬
‫ً‬
‫الكالم بالمستعمل ‪ ،‬واحترزوا باإلسناد عن النسبة‬
‫التقييدية ‪ ،‬كنسبة اإلضافة نحو ‪ :‬غالم زيد ‪ ،‬ونسبة‬
‫النعت نحو ‪ :‬جاء الرجل الفقيه ‪ ،‬واحترزوا بالمقصود‬
‫لذاته عن الجمل التي تقع صلة ‪ ،‬نحو ‪ :‬جاء الذي خرج‬
‫أبوه ‪ ،‬وعرف من هذا أن الجملة قد ال تكون مفيدة ‪،‬‬
‫بخالف الكالم‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فالمراد بالكالم ‪-‬في قوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪" :‬إن صالتنا ال يصح فيها شيء من كالم‬
‫اآلدميين"‪- 2‬هو ما يعنيه اللغوي ال النحوي ؛ فإن‬
‫المصلي لو نطق بحروف مهملة بطلت صالته‪.‬‬
‫وعلم من اختالف الطريقتين أن حديث الساهي والنائم‬
‫زيدا ‪-‬‬
‫كالم عند اللغوي ال النحوي ؛ فلو حلف ال يكلم ً‬
‫قال الرافعي في آخر تعليق الطالق‪...‬‬
‫مسألة‪: 3‬‬
‫المضارع "حقيقة" في الحال مجاز في االستقبال أن علته‬
‫أو مشترك أقوال‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم بلفز "إن هذه الصالة ال يصلح فيها شيء‬
‫من كالم الناس‪ "...‬الحديث ‪ 382 - 381 /1‬كتاب‬
‫المساجد حديث "‪."537 -33‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 231 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫ومن فروعه ‪ :‬لو قالت ‪" :‬أطلق" عقيب قوله ‪" :‬طلقي‬
‫نفسك" وأرادت اإلنشاء ‪-‬وقع فيا لحال وإ ن لم ترد‬
‫شيئصا لم يقع شيء ألن مطلقه لالستقبال‪ .‬نقله الرافعي‬
‫عن البوشنجي‪.‬‬
‫ولو قال ‪ :‬أقسم باهلل ألفعلن فاألصح أنه يمين‪.‬‬
‫ولو أوصى بما تحمله هذه الشجرة أعطي الحمل الحادث‬
‫دون الموجود ‪-‬قاله في الجعالة نقاًل عن الماوردي‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫يطلق الكالم على الكتابة واإلشارة وما يفهم من حال‬
‫الشيء وهو إطالق مجازي‪.‬‬
‫باب النكرة والمعرفة ‪:‬‬
‫قدم ابن مالك في التسهيل تعريف المعرفة على النكرة ثم‬
‫عرف النكرة بما سوى المعرفة وعكس في األلفية فقدم‬
‫تعريف النكرة وعرفها بقابل "أل" المؤثرة كرجل أو‬
‫الواقع موقع قابلها‪ 1‬نحو ‪ :‬ذي ‪ ،‬ومن ‪ ،‬وما في قولك ‪:‬‬
‫مررت برجل ذي مال ‪ ،‬وبمن معجب لك وبما معجب‬
‫لك ؛ فإنها واقعة موقع صاحب وإ نسان وشيء‪.‬‬
‫ووجه المتكلمون عليه تقديمه النكرة على المعرفة بأنها‬
‫األصل‪ .‬والتحقيق عندي أن النكرة إن عرفت بدال على‬
‫الوحدة فهي قسيمة المعرفة وينبغي تقديم المعرفة حينئذ ؛‬
‫إذ ليست النكرة أصاًل ‪ ،‬وإ ن عرفت بالمطلق ‪-‬أعني‬
‫الدال على الماهية من حيث هي‪ -‬فهي األصل وتقديمها‬
‫متعين‪.‬‬
‫ثم الصواب عندنا أنها الدال على الوحدة فإذا صنيع‬
‫التسهيل أحسن‪.‬‬
‫وقد فرق الفقهاء بين النكرة والمطلق بدليل‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬قال علي ألف في هذا الكيس فلم يكن فيه شيء‬
‫لزمه األلف ألنه أقر باأللف ثم وصفها بصفة مستحيلة‬
‫فيلغو المستحيل وال يجري فيه خالف بعقيب اإلقرار‬
‫برافع ألن ذلك عند انتظام الكالم وإ ن كان فيه أقل‬
‫فالصحيح لزوم اإلتمام‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬قال ابن مالك ‪:‬‬
‫مؤثرا أو واقع موقع ما قد ذكرا‬
‫ونكرة قابل أل ً‬
‫صفحة ‪399 | 232 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫ولو قال على [األلف]‪ 1‬التي في هذا الكيس فلم يكن فيه‬
‫شيء لم يلزمه [اإلتمام]‪ 2‬على األصح عند النووي‬
‫والوالد وإ ن كان فيه دون األلف لم يلزمه اإلتمام على‬
‫الصحيح والفرق بين التنكير والتعريف أن اإلخبار عن‬
‫المنكر الموصوف في قوة خبرين فأمكن قبول أحدهما‬
‫وإ لغاء اآلخر [واإلخبار]‪ 3‬عن المعرفة الموصوفة تعتمد‬
‫الصفة ؛ فإذا كانت مستحيلة بطل الخبر كله‪.‬‬
‫ذكرا فإن‬
‫تحقيق ‪ :‬اشتهر بين الناس أن االسم إذا كرر ً‬
‫كانا معرفتين ؛ فالثاني هو األول‪ 4‬كما [قلنا]‪ 5‬في القسم‬
‫األول ‪ ،‬وإ ن كان األول معرفة والثاني نكرة فخالف‬
‫فاألول والثاني كالعسر واليسر في قوله تعالى ‪{ :‬فَِإ َّن َم َع‬
‫اْل ُع ْس ِر ُي ْس ًرا ‪ِ ،‬إ َّن َم َع اْل ُع ْس ِر ُي ْس ًرا} واستدل على ذلك بما‬
‫مرفوعا عن عمر وابن مسعود وابن عباس رضي‬
‫ً‬ ‫روي‬
‫اهلل عنهم "لن يغلب عسر يسرين"‪ .‬وخرج الحاكم هذا‬
‫اللفظ في مستدركه في تفسير سورة آل عمران‪.6‬‬
‫وأما الثالث ‪ :‬فكقوله تعالى ‪َ { :‬ك َما َْأر َسْلَنا ِإلَى ِف ْر َع ْو َن‬
‫ول}‪ 7‬وحاصل هذا جعل‬ ‫الر ُس َ‬‫صى ِف ْر َع ْو ُن َّ‬
‫َر ُسواًل ‪ ،‬فَ َع َ‬
‫الالم للعهد‪.‬‬
‫اس ِفي َه َذا‬ ‫ض َر ْبَنا ِل َّلن ِ‬
‫{ولَقَ ْد َ‬ ‫والرابع ‪ :‬كقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ون ‪ ،‬قُ ْرَآ ًنا َع َربًِّيا َغ ْي َر‬ ‫اْلقُ ْرَآ ِن م ْن ُك ِّل َمثَ ٍل َل َعلهُ ْم َيتَ َذ َّك ُر َ‬
‫فقرآنا نكرة بعد القرآن المعرف وهو هو ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ِذي ِع َو ٍج}‪.8‬‬
‫َأن تَُن ِّز َل َعلَ ْي ِه ْم ِكتَ ًابا}‪9‬‬
‫اب ْ‬ ‫َأه ُل اْل ِكتَ ِ‬‫{ي ْسَألُ َك ْ‬‫وقوله ‪َ :‬‬
‫فالثاني غير األول‪ .‬هذا حاصل كالمهم في هذه القاعدة ‪،‬‬
‫ولم يتحرر لي فيها قول [بت]‪ 10‬فإن قولهم في‬
‫المعرفتين ‪ :‬أن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ألف‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة ‪ :‬وإ ن كانا نكرتين فالثاني غيره وإ ن‬
‫كان األول نكرة والثاني معرفة فالثاني هو األول‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" قلناه‪.‬‬
‫‪ 132 /2 6‬كتاب التفسير‪.‬‬
‫‪ 7‬سورة المزمل آية ‪.16 -15 :‬‬
‫‪ 8‬سورة الزمر آية ‪."28 -27" :‬‬
‫‪ 9‬سورة النساء آية ‪.153 :‬‬
‫‪ 10‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 233 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫الثاني هو األول يرد عليه قوله تعالى في سورة المائدة ‪:‬‬
‫ص ِّدقًا ِل َما َب ْي َن َي َد ْي ِه ِم َن‬ ‫اب بِاْل َح ِّ‬
‫ق ُم َ‬
‫ِ‬
‫{و َْأن َزْلَنا ِإلَ ْي َك اْلكتَ َ‬
‫َ‬
‫اب َو ُمهَْي ِمًنا َعلَ ْي ِه}‪ 1‬وكذلك في سورة العنكبوت ‪:‬‬ ‫اْل ِكتَ ِ‬
‫اب} اآلية‪2‬‬ ‫{و َك َذِل َك َْأن َزْلَنا ِإلَ ْي َك اْل ِكتَاب فَالَِّذين َآ تَْيَن ُ ِ‬
‫اه ُم اْلكتَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ثانيا غيره أواًل ‪-‬وهما‬
‫وال يخفي أن الكتاب في اآليتين ً‬
‫معرفتان‪ -‬وقولهم في النكرتين ‪ :‬أنهما غيران قد يورد‬
‫ف ثَُّم‬‫عليه نحو ‪ :‬قوله تعالى ‪{ :‬اللَّه الَِّذي َخلَقَ ُكم ِم ْن ضع ٍ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ثانيا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْعف قُ َّوةً}‪ 3‬وال يخفى أن الضعف ً‬ ‫َج َع َل م ْن َب ْعد َ‬
‫هو األول ‪-‬وهما نكرتان‪.‬‬
‫الشه ِر اْل َحر ِام ِقتَ ٍ‬
‫َّ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫ون َك َع ِن ْ‬
‫{ي ْسَألُ َ‬
‫وكذلك قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫{و ُه َو الَِّذي ِفي‬ ‫ِِ ِ ِِ ِ‬
‫فيه ُق ْل قتَا ٌل فيه َكب ٌير}‪ ، 4‬وقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ض ِإلَهٌ}‪ .5‬فإن قلت ‪ :‬قد عرف‬ ‫الس ِ‬
‫َّماء ِإلَهٌ َو ِفي ْ‬
‫اَأْلر ِ‬ ‫َ‬
‫االتحاد فيما يكون من خارج‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فقيد إطالقك أن النكرتين غيران بما يندفع عنه‬
‫تحريرا لتقييده‪.‬‬
‫ً‬ ‫مثل هذا ‪ ،‬وال يتبين لي اآلن‬
‫أيضا قول أصحابنا قاطبة ‪-‬في أنت طالق‬
‫ومما يرد ً‬
‫نصف طلقة وربع سدس طلقة‪ -‬إن الواقع واحدة بخالف‬
‫ما إذا عطف بالواو فقال ‪ :‬نصف طلقة وربع طلقة‬
‫وسدس طلقة وكان قضية القاعدة أن يكون ثالث طلقات‬
‫في الصورتين ‪ ،‬وال أثر للعاطف‪.‬‬
‫وقالوا ‪-‬في عبتك نصف وثلث وسدي دينار ‪ :‬إنه له دفع‬
‫شق من دينار ‪ ،‬وال يجب دفع دينار صحيح‪.‬‬
‫وفيه للوالد رحمه اهلل منازعة لسنا لها اآلن ‪ ،‬وقد حاول‬
‫األخ سيدنا وشيخنا وبركتنا شيخ اإلسالم ومحقق العلماء‬
‫وبركتهم أبو حامد أحمد ‪-‬أحمد اهلل عواقبه‪ -‬في كتاب‬
‫شرح التلخيص تحرير القاعدة فقال ما ملخصه ‪ :‬التحقيق‬
‫عاما في الموضعين فالثاني هو‬
‫أن يقال ‪ :‬إن كان االسم ً‬
‫األول ؛ ألن ذلك من ضوررة العموم ‪ ،‬وسواء كانا‬
‫معرفتين [عامتين]‪ 6‬أو نكرتين حصل لهما العموم‬
‫بالموقع في سياق النفي‪.‬‬
‫أما إذا كانا عامين ‪-‬وهما معرفة ونكرة‪ -‬فسنذكره‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬المائدة آية ‪.48 :‬‬
‫‪ 2‬العنكبوت آية ‪.47 :‬‬
‫‪ 3‬سورة الروم آية ‪.54 :‬‬
‫‪ 4‬سورة البقرة آية ‪.217‬‬
‫‪ 5‬سورة الزخرف آية ‪.84 :‬‬
‫‪ 6‬في "ب" عامين‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 234 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫عاما فقط فاألول داخل فيه ؛ ألنه بعض‬
‫وإ ن كان الثاني ً‬
‫أفراده ‪-‬سواء المعرف والمنكر‪ -‬ويلتحق بهذا القسم في‬
‫دخول األول في الثاني إن كانا عامين واألول نكرة كقوله‬
‫تعالى ‪:‬‬
‫ق} ‪[ ،‬أي ال‬ ‫ون لَ ُك ْم ِر ْزقًا فَ ْابتَ ُغوا ِع ْن َد اللَّ ِه ِّ‬
‫الر ْز َ‬ ‫ِ‬
‫{اَل َي ْمل ُك َ‬
‫يملكون شيًئا من الرزق فابتغوا عند اهلل كل رزق]‪ ، 1‬أو‬
‫جنس الرزق‪.‬‬
‫وإ ن كانا خاصين ‪-‬بأن يكونا معرفتين بأداة عهدية‪-‬‬
‫فكذلك بحسب القرينة الصارفة إلى المعهود‪.‬‬
‫باب المضمر ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫من المضمرات أنت ‪-‬بفتح التاء للمذكر ‪ ،‬وكسرها‬
‫للمؤنث ‪ ،‬وقد تعكس ‪-‬بتقدير الذات أو نحوها‪ -‬ويحتاج‬
‫إلى ذلك عند الصالة على ميت مجهول أذكر هو أم أنثى‬
‫بقوله ‪ :‬اللهم اغفر له وارحمه ؛ ينبغي عود الضمير على‬
‫شخص الميت‪ -‬رجاًل كان أو امرأة‪.‬‬
‫ولو قال لرجل ‪ :‬زنيت ‪-‬بكسر التاء‪ -‬أو للمرأة بفتحها‬
‫كان قذفًا ‪-‬على ما قاله الرافعي‪ -‬أو اللعان قال ‪ :‬وكذا‬
‫زان للمرأة ‪ ،‬وزانية للرجل وفيه قول قديم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الضمير المسمى عند البصريين فصاًل وعند الكوفيين‬
‫عمادا صيغة ضمير مرفوع منفصل يتوسط بين المبتدأ‬
‫ً‬
‫والخبر نحو ‪ :‬هو من قولك ‪ :‬زيد هو القائم أو ما أصله‬
‫زيدا هو‬
‫المبتدأ أو الخبر نحو ‪ :‬كان زيد هو القائم وإ ن ً‬
‫القائم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫إذا سبق الضمير مضاف ومضاف إليه ‪ ،‬وتعذر عوده إال‬
‫إلى واحد منهما تعين عوده إلى المضاف ألنه المتحدث‬
‫استطرادا بطريق‬
‫ً‬ ‫عنه ‪ ،‬دون المضاف إليه ‪ ،‬ألنه جاء‬
‫[التبع]‪-‬‬
‫وهو تعريف المضاف أو تخصيصه ‪ ،‬وكذا قاله شيخنا‬
‫أبو حيان وجماعات ‪ ،‬وهو معتمد أئمتنا في ردهم على‬
‫{َأو لَ ْح َم ِخ ْن ِز ٍ‬
‫ير‬ ‫الظاهرية حيث زعموا ‪-‬في قوله تعالى ‪ْ :‬‬
‫فَِإ َّنهُ ِر ْج ٌس}‪ 2‬إن الضمير للخنزير ال للحمه محتجين بأنه‬
‫أقرب مذكور ‪ ،‬وجوابهم أن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة األنعام آية ‪.140 :‬‬
‫صفحة ‪399 | 235 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫األقربية شرطها أن يكون متحدثًا عنه ‪ ،‬وقد استدل باآلية‬
‫‪-‬على نحو استداللهم‪ -‬ومن أصحابنا المارودي في‬
‫تفسيره‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬ذهب ابن حزم إلى أن من نسي صالة وجب عليه‬
‫‪ -‬إذا تذكرها‪ -‬قضاؤها في مكان غير الذي غفل فيه‬
‫عنها‪ -‬وهي مسألة التحول‪.‬‬
‫قالت الظاهرية ‪" :‬يجب التحول عن مكان الغفلة" ووافق‬
‫على أن ال يتعين قضاؤها في وقتها ‪ ،‬وعلى أنه ال يتعين‬
‫أن يقضي معها مثلها ‪ ،‬ثم ذكر حديث النسائي ‪" :‬من‬
‫أدرك منكم صالة الغداة فليقض معها مثلها"‪ ، 1‬وقال ‪:‬‬
‫"إنه مشكل"‪.‬‬
‫ثم أجاب عنه بأن الضمير في "معها" للغداة ال للصالة ‪-‬‬
‫أي فليقض مع الغداة مثل الصالة‪ -‬على حد صنعهم في‬
‫فرارا من أن يوجب ثنتين ‪ ،‬ولكن‬
‫"فإنه رجس"‪ .‬قاله ً‬
‫يلزمه أن يتعين القضاء في وقت الغداة وهو ال يقول به‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا اشتكرت الجملتان ‪-‬المعطوفة إحداهما على‬
‫ظاهرا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫األخرى‪ -‬في اسم جاز أن يؤتي به في الثانية‬
‫محمدا رسول‬ ‫ً‬ ‫فيجوز أشهد أن ال إله إال اهلل ‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ِ َّ‬
‫{و َم ْن ُيط ِع اللهَ‬
‫محمدا رسوله نحو ‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫اهلل ‪ ،‬كما يجوز وأن‬
‫ظاهرا في صيغة الشهادة‬ ‫ً‬ ‫َو َر ُسولَه}‪ 2‬؛ بل اإلتيان به‬
‫خير ؛ أال ترى إلى اختالف األصحاب في أجزاء قول‬
‫محمدا رسوله" هل‬
‫ً‬ ‫القائل في التشهد في الصالة "وأن‬
‫يقوم قمام "رسول اهلل" لكن المأخذ الفقهي في ذلك التعبد‬
‫باالسم المعظم ال ما يتعلق بصناعة اللسان‪.‬‬
‫باب الموصول ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"من" ‪ :‬للعقل ‪ ،‬وقد يقع على غيره ‪-‬قيل ‪ :‬مطلقًا‪-‬‬
‫والصحيح إذا اختلط بالعاقل‪.‬‬
‫"وخما" لغير العاقل ‪ ،‬وقد يطلق على العاقل قيل ‪ :‬مطلقًا‬
‫أيضا على العاقل إذا جهل‬
‫‪ ،‬وقيل ‪ :‬إذا اختلط ويطلق ً‬
‫أذكر هو أم أنثى‪.‬‬
‫وقد يصنع هذا في "من" أال ترى إلى "مسألة" في حجر‬
‫وقع من سطح ؛ فقال الزوج ‪ :‬إن لم تخبريني من رماه‬
‫فأنت طالق المسألة المنقولة عن القاضي الحسين وقد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬أخرجه أبو داود ‪ 120 /1‬كتاب الصالة حديث "‬
‫‪."838‬‬
‫‪ 2‬األحزاب "‪."71‬‬
‫صفحة ‪399 | 236 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫تكلمنا عليها في ترشيح التوشيح ؛ فالظاهر أنه إنما أتى‬
‫"بمن" للجهل بالرامي [ ]‪ 1‬ومراده إن لم تخبرني‬
‫براميه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الموصول الحرفي ‪ :‬ما أول ما يليه بمصدر ولم يحتج‬
‫إلى عائد ‪ ،‬واحترزنا بقولنا ‪ :‬مع ما يليه عن اسم الفعل ‪،‬‬
‫نحو صه ؛ فإنه يؤول بمصدر إن لم ينونن وينكره إن‬
‫نون ‪ ،‬والفعل المضاف إليه اسم زمان نحو ‪ :‬قمت حين‬
‫قاموا ‪ ،‬والضمير العائد على المصدر المفهوم من فعل‬
‫قبله نحو ‪ :‬اعدلوا هو أقرب فإن هذه كلها مؤولة‬
‫بمصادر لكن المع ما يليها ‪ ،‬بخالف الموصول الحرفي‬
‫‪ ،‬فإن تأويله بمصدر يكون مع ما يليه‪.‬‬
‫ويقيد عدم احتياجه إلى عائد ‪ ،‬الذي إذا وصف به مصدر‬
‫ثم حذف المصدر وأقيم هو مقامه ؛ فإنه إذا ذاك يؤول مع‬
‫ما يليه بمصدر إير أنه يحتاج إلى عائد ؛ فليس بموصول‬
‫حرفي ‪ ،‬ومثاله ‪:‬‬
‫اضوا}‪ 2‬أي كالخوض‬ ‫َِّ‬
‫ضتُ ْم َكالذي َخ ُ‬
‫{و ُخ ْ‬
‫قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫الذي خاضوا‪ .‬إذا عرف هذا فاعلم أن النحاة لم يزيدوا‬
‫على أن الموصول الحرفي مؤول بمصدر ‪ ،‬فيقدرون أن‬
‫ٍ‬
‫بالقيام ‪ ،‬أما أن‬ ‫والفعل في نحو ‪ :‬يعجبني أن تقوم‬
‫داللتهما على القيام يكون سواء فلم يتعرضوا لذلك ‪،‬‬
‫وللشيخ اإلمام رحمه اهلل كالم نفيس [فيه تقدم]‪.3‬‬
‫"باب المبتدأ" ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ال بد أن يطابق الخبر المبتدأ فيتحد به معنى وإ ن غايره‬
‫ظا‪ .‬ومن هنا نتطرق إلى جواب عن إشكال أذكره قائاًل‬
‫لف ً‬
‫‪ :‬اختلف أصحابنا فيما إذا قال ‪ :‬هذه الدار بعضها لزيد‬
‫وبعضها لعمرو هل تجعل بينهما نصفين أو يكون‬
‫مجماًل ‪.‬‬
‫يرجع فيه إلى إقراره ويقبل تفسيره بأن لزيد منها أكثر‬
‫مما لعمرو‪ -‬؟ على وجهين ‪ ،‬نظيرهما إذا قال ‪ :‬أنت‬
‫طالق ثالثًا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة‪.‬‬
‫وفي مسألة الطالق هذه ثالثة أوجه‪ .‬الصحيح‬
‫المنصوص ‪ :‬أنه يقع طلقتان في الحال األول ‪ ،‬وطلقة‬
‫في الحال الثانية ‪ ،‬ألن اللفظ محمول على [التشطير]‪4‬‬
‫فتكون‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "أ" ‪" ،‬ب" أو إلى من غيرها من خلل في العبارة‬
‫والصواب حذفها ليستقيم الكالم‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة التوبة آية "‪."69‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" الشطر‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 237 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫[حصة]‪ 1‬الحال طلقة ونصف طلقة ‪ ،‬وبعض الطالق‬
‫يكمل فيقع طلقتان وتتأخر الثالثة إلى الحالة األخرى‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬ووجه بأن الشيء إذا أضيف إلى حهتين‬
‫بلفظ البعض لزمت التسوية ؛ أال ترى أنه لو قال ‪ :‬هذه‬
‫الدار بعضها لزيد وبعضها لعمرو يحمل على التشطير‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬وعليه المزني يقع [واحدة]‪ 2‬في الحال وتتأخر‬
‫اثنتان إلى االستقبال ‪ ،‬ألن لفظ البعض يقع على القليل‬
‫والكثير ‪ ،‬والمتيقن واحدة‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬ومن صار إليه ال يكاد يسلم مسألة اإلقرار‬
‫ويقول ‪ :‬بأنه محل يرجع إليه فيه‪ .‬والثالث ‪ :‬أنه يقع‬
‫الثالث في الحال حماًل على إيقاع بعض من كل طلقة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد عرفت أن في مسألة اإلقرار أو وجهين ‪،‬‬
‫والرافعي حكاهما في موضعهما‪ .‬وإ ذا عرفت هذا فقد‬
‫رأيت في تكلمة شرح المنهاج ‪-‬ألخي شيخ اإلسالم بهاء‬
‫الدين أبي حامد أحمد أطال اهلل بقاءه وجمع شملي به في‬
‫خير وعافية وصلى اهلل عليه سيدنا محمد‪ -‬أن كون‬
‫بعضها لزيد وبعضها لعمرو ال ينافي أن يكون بعضها‬
‫لثالث ؛ إذ ليس فيه ما يدل على اإلخبار عن جملة الداعر‬
‫‪ ،‬بخالف هذا الدار لزيد وعمرو ‪ ،‬فإن ضرورة مطابقة‬
‫الخبر للمبتدأ تفضي بالحكم على جميعها ‪ ،‬وبتقدير الحكم‬
‫على الجميع فمن أين المساواة ؟‪ .‬هذا كالمه في كتاب‬
‫الطالق‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬هذا السؤال يجيء في "أنت طالق ثالثًا بعضهن‬
‫للسنة وبضعن للبدعة"‪.‬‬
‫فيقال ‪ :‬لم ال يقبل قوله ‪ :‬أردت واحدة للسنة وواحدة‬
‫للبدعة وواحدة تتأخر إلى أن تصير هذه المرأة ال سنة لها‬
‫وال بدعة وال يجيء في هذه الدار بعضها لزيد وبعضها‬
‫لعمرو ؛ ألن مطابقة الخبر للمبتدأ يجب أن يكون زيد‬
‫وعمرو مشركين في جملة الدار وهذا ألبي أعرب "هذه‬
‫الدار" مبتدأ و "بعضها" بداًل ‪ ،‬وقوله "لزيد" ظرف في‬
‫موضع الخبر ‪ ،‬والخبر مفرد‪.‬‬
‫وإ ذا كان كذلك تعين أن يكون البعضان مستوعبين لجملة‬
‫الدار ‪ ،‬وإ ال لزم عدم المطابقة وحمل العام على الخاص‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" رخصته‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 238 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"ال يخبر عن المعنى بالحياة وال بالعكس إال على تأويل"‪.‬‬
‫"فإذا قال ‪" :‬حياتك طالق" لم تطلق ‪ ،‬ألن الحياة عرض ‪،‬‬
‫وهو الصحيح‪.‬‬
‫وإ ذا قال ‪" :‬أنت الطالق" لم تطلق وبه جزم في "البحر"‬
‫ولنا فيه بحث نحوي ذكرناه في كتاب "منع الموانع"‪.‬‬
‫"باب المفعول المطلق والمفعول له وفيه" ‪:‬‬
‫المصدر ‪ :‬مدلوله الحدث ‪ ،‬واسم المصدر مدلوله لفظ‬
‫دال على الحدث كذا فرق بينهما ابن يعيش ‪ ،‬والفرق آت‬
‫في الفعل "كاسكت" مع اسم الفعل "كصه"‪ .‬وشذ من ذهب‬
‫إلى أن اسم الفع واسم المصدر كالفعل والمصدر في‬
‫الداللة‪.‬‬
‫المصدر المنسبك ‪ :‬نحو ‪ :‬يعجبني صنعك إن كان‬
‫المعنى الماضي أو الحال أنحل إلى ما والفعل نحو ما‬
‫صنعت أو ما تصنع وإ ن كان بمعنى االستقبال انحل إلى‬
‫أن والفعل‪.‬‬
‫غير أن هنا وقفة محتومة على طالب الغايات وهي أن‬
‫المنحل هل هو في منزلة ما ينحل إليه أو أرفع منزلة‬
‫فيكون‪" .‬يعجبني صنعك" ‪-‬يريد االستقبال‪ -‬أبلغ من‬
‫"يعجبني أن تصنع"‪ .‬كان الشيخ اإلمام يقطع بذلك ‪،‬‬
‫ويخرج عليه إذا قال ‪" :‬وكلتك أن تبيع" ليس له أن يوكل‬
‫في بيعه بل يباشر [المبيع]‪ 1‬بنفسه ‪ ،‬أما إذا قال ‪" :‬وكلتك‬
‫في بيعه" قال ‪ :‬فله التوكيل"‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ونظيره "أوصيت بأن تسكن هذه الدار" تكون‬
‫إباحة ال تملي ًكا ؛ بخالف "أوصيت بسكانها ‪ -‬نقله‬
‫الرافعي في الباب الثاني من الوصية‪ -‬عن القفال ساكتًا‬
‫عليه وكذا لو باع بشرط العتق وبشرط أن تعتق ينظر‬
‫الفرق بينهما‪.‬‬
‫باب االستثناء ‪:‬‬
‫ال يجوز وضع المستثنى أول الكالم ؛ ألن أداة االستثناء‬
‫بمثابة العطف "بال" النافية وتقديم المعطوف ممتنع ‪،‬‬
‫وعقد بعضهم اإلجماع على ذلك‪.‬‬
‫قال شيخنا أبو العباس األندرشي‪- 2‬وقد وهم عفا اهلل عنا‬
‫وعنه ‪ :‬فإن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "البيع"‪.‬‬
‫‪ 2‬أحمد بن سعد بن محمد أبو العباس العسكري‬
‫األندرشي الصوفي من تصانيفه شرح واختصر تهذيب‬
‫الكمال ‪ ،‬توفي في ذي القعدة سنة خمسين وسبعمائة ‪،‬‬
‫شذرات الذهب ‪.116 /6‬‬
‫صفحة ‪399 | 239 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫الكسائي‪ 1‬والزجاج‪ 2‬يجيزان ذلك وعليه جاء قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫خال اهلل ال أرجو سواك وإ نما أعد عيالي شعبة من عيالك‬
‫وإ ليه أشار ابن مالك بالشذوذ ؛ حيث قال ‪ :‬ال يقدم دون‬
‫شذوذ المستثنى على المستثنى منه والمنسوب إليه مقابل‬
‫على أحدهما‪.‬‬
‫زيدا‬
‫وأشار بقوله ‪" :‬بل على أحدهما" إلى جواز قام إال ً‬
‫زيدا ذاهبون وفيه مسائل ‪:‬‬
‫القوم والقوم إال ً‬
‫منها ‪ :‬إذا قال ‪ :‬له علي إال عشرة مائة فوجهان في‬
‫أوائل كتاب اإليمان من الرافعي‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬الصحة فالالزم تسعون‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬البطالن فيلزم المائة‪.‬‬
‫باب الحال ‪ :‬الحال وصف من جهة المعنى‬
‫وفيه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا قال ‪ :‬أنت طالق مرضية ‪-‬بالنصب‪ -‬ال يقع‬
‫الطالق إال إذا مرضت ؛ قاله الرافعي في فروع الطالق‪.‬‬
‫قال ألن الحال كالظرف للفعل ولو رفع مريضة ‪:‬‬
‫قال الرافعي فقد قيل ‪ :‬يقع الطالق في الحال ‪ ،‬وقوله ‪:‬‬
‫"مريضة" وصف لها واختيار ابن الصباغ الحمل على‬
‫‪-‬أيضا‪ -‬إال أنه لحن في اإلعراب‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ً‬ ‫الحال‬
‫_________‬
‫‪ 1‬علي بن حمزة بن عبد اهلل بن عثمان إمام الكوفيين في‬
‫النحو وأحد القراء السبعة اختار لنفسه قراءة ومن‬
‫تصانفه معاني القرآن والنوادر وغير ذلك‪ .‬بغية الوعاة‬
‫‪.164 /2‬‬
‫‪ 2‬إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج لزم‬
‫المبرد ومن تصانيفه معاني القرآن واالشتقاق وغير‬
‫ذلك‪ .‬بغية الوعاة ‪.441 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 240 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫رأيا له‪-‬‬
‫وقوله ‪ :‬في مذهبه إشارة إلى أن البندنيجي قاله ً‬
‫ال أنه جادة المذهب‪ -‬فانعكس على الرافعي وتوهم أن‬
‫المراد بمذهبه مذهب الشافعي فجعله المذهب ‪ ،‬وجعل ما‬
‫هو المذهب اختيار البن الصباغ‪.‬‬
‫وقد رد ابن الصباغ على البندنيجي فإن "مريضة" نكرة ‪،‬‬
‫فال تكون صفة للمعرفة ‪-‬وهي أنت‪ -‬قلت ‪ :‬واألمر كما‬
‫قال ‪" ،‬ومريضة" إنما هو خبر ثان ألنت‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قال ‪" :‬أنت طالق طالقًا" قال الرافعي قبل‬
‫فصل التعليق بالحمل والوالدة ‪-‬عن الشيخ أبي عاصم ‪:‬‬
‫"أنه ال يقع في الحال شيء لكن إذا طلقها يقع طلقتان ؛‬
‫فيصير التقدير إذا صرت مطلقة فأنت طالق ‪ ،‬وليكن هذا‬
‫في المدخول بها انتهى‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أما الفرع فحكى صاحب التتمة فيه عن القاضي‬
‫وجهين آخرين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬ال يقع الطالق أصاًل ألن "طالقًا" نصب على‬
‫الحال ؛ فالتقدير حالة تكونين طالقًا والمرأة ال تكون‬
‫طالقًا إنما تكون مطلقة ‪ ،‬والرجل هو الطالق ‪ ،‬والصفة لم‬
‫توجد فال يقع‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا ضعيف بمرة ‪ ،‬ولو تم لما وقع الطالق بقوله‬
‫أنت طالق‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬يقع طلقة ‪ ،‬وهو ما حكاه اإلمام في "النهاية"‬
‫قال ‪ :‬ويسأل عن قوله ‪ :‬طالقًا ونقله مجلي عن النص في‬
‫"األم" ‪ ،‬وأما تقييد الرافعي المسألة بالمدخول بها ففيه‬
‫نظر‪.‬‬
‫ثم قال الرافعي ‪ :‬ولو قال ‪ :‬أنت طالق إن دخلت الدار‬
‫طالقًا ؛ فإن طلقها قبل الدخول فدخلت طالقًا وقعت الطلقة‬
‫المعلقة إذا لم تحصل البينونة بذلك الطالق ‪ ،‬وإ ن دخلت‬
‫غير طالق تقع تلك الطلقة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيه بحث سبق في مسائل أصول الفقه قال‬
‫الرافعي ‪ :‬ولو قال ‪ :‬أنت طالق إن دخلت الدار طالقًا‬
‫واقتصر عليه قال في التهذيب ‪ :‬أن قال ‪ :‬نصبت على‬
‫الحال ولم أتم الكالم قبل ولم يقع شيء ‪ ،‬وإ ن أراد ما يراد‬
‫عند الرفع ولحن ‪ ،‬وقع الطالق إذا دخلت الدار‪.‬‬
‫قلت بقي ما إذا أطلق ولم يرد شيًئا ‪ ،‬والظاهر أن ال يقع‬
‫شيء ‪ ،‬ألن الكالم غير منتظم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 241 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫زيدا‬
‫األصل كون الحال لألقرب فإذا قلت ‪ :‬ضربت ً‬
‫فراكبا حال من المضروب ال من الضارب‪.‬‬
‫ً‬ ‫راكبا ‪،‬‬
‫ً‬
‫وراعى األصحاب في ذلك ‪-‬القرينة فقالوا‪ -‬واللفظ‬
‫فالنا في المسجد‬
‫للبغوي في التهذيب ‪ :‬لو قال ‪ :‬إن قذفت ً‬
‫فأنت طالق ‪ ،‬يشترط أن يكون القاذف في المسجد‪ .‬ولو‬
‫فسالنا في المسجد يشترط أن يكون‬
‫ً‬ ‫قال ‪ :‬إن قتلت‬
‫المقتول في المسجد ؛ ألن مقصوده االمتناع عن هتك‬
‫حرمة المسجد من القتل يكون المقتول فيه وبالقذف يكون‬
‫القاذف فيه وجرى عليه الرافعي‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬قال شيخنا أبو حيان ‪" :‬فإن تعدد ذو الحال وتفرق‬
‫الحاالن فيجوز أن يلي كل حال صاحبه نحو لقيت‬
‫منحدرا ويجوز أن يتأخر عن صاحبهما‪.‬‬
‫ً‬ ‫زيدا‬
‫مصعدا ً‬
‫ً‬
‫منحدرا ‪ ،‬وحينئذ فالصحيح‬
‫ً‬ ‫مصعدا‬
‫ً‬ ‫زيدا‬
‫نحو ‪ :‬لقيت ً‬
‫كون األول للثاني والثاني لألول وقال ابن السراج‬
‫عكسه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫{اهبِطُوا‬
‫يقع الحال جملة خبرية بغير واو ‪-‬نحو ‪ْ :‬‬
‫نبيا وآدم‬ ‫ض ُك ْم ِلَب ْع ٍ‬
‫ض َع ُدو}‪ -‬أو بواو نحو ‪" :‬كنت ً‬ ‫َب ْع ُ‬
‫بين الماء والطين" وقد يتغير المعنى عند وضع الجملة‬
‫يوما‬
‫موضع الحال ؛ أال ترى أن من نذر أن يعتكف ً‬
‫صائما لزمه الجمع بين الصوم واالعتكاف المنذورين‬
‫ً‬
‫على الصحيح وال يغنيه االعتكاف في نهار رمضان‬
‫بخالف ما لو قال ‪ :‬وأنا صائم ألنه لم يلتزم الصوم وإ نما‬
‫نذر االعتكاف صفة ‪ ،‬فإذا وجدت صح إيقاع المنذور ‪-‬‬
‫وهو االعتكاف فيها‪.‬‬
‫باب العدد ‪:‬‬
‫إذا ميزت العدد المركب بمختلط ‪-‬نحو ‪ :‬ستة عشرة‬
‫ودرهما ‪ ،‬فالمجموع ستة عشر من كل صنف فإن‬
‫ً‬ ‫دينارا‬
‫ً‬
‫لم يقتض العدد التمييز‪ -‬كخمسة عشر كان تمييزه مجماًل‬
‫نص على المسألة شيخنا في كتاب االرتشاف ويتخرج‬
‫عليها‪ -‬مسألة صاحب التتمة‪ -‬إذا قال ‪ :‬علي اثنى عشر‬
‫درهما ودانقًا ‪ ،‬وسنذكرها في باب األلغاز في آخر‬
‫ً‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫باب حروف الجر ‪[ :‬باب اإلضافة]‪: 1‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 242 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫باب التوابع ‪:‬‬
‫األشياء التي تتبع ما قبلها في اإلعراب خمسة ‪-‬النعت‬
‫والتوكيد وعطف البيان والنسق والبدل‪ .‬وفي الباب‬
‫مسائل‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫النعت ‪ :‬هو التابع الذي يكمل متبوعه بداللته على معنى‬
‫فيه أو فيما يتعلق به‪.‬‬
‫وخرج بقيد "التكميل" "النسق والبدل" وبالقيد الثاني البيان‬
‫والتوكيد والتكميل هو اإليضاح أو التخصيص أو مجرد‬
‫المدح أو الذم أو الترحم أو التوكيد واألكثر مجيء النعت‬
‫لألولين ويكثر مجيئه للتوضيح في المعرفة وللتخصيص‬
‫في النكرة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫عطف البيان ‪ :‬تابع يشبه الصفه في توضيح متبوعه إن‬
‫كان معرفة وتخصيصه إن كان نكرة‪.‬‬
‫ص ِديد}‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫والثاني أثبته الكوفيون وجماعة ‪ ،‬نحو ‪{ :‬م ْن َماء َ‬
‫والباقون يوجبون فيه البدلية‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬إذا قال من ال بنت له إال واحدة ‪ :‬زوجتك بنتي‬
‫فالنة وسماها بغير اسمها فاألصح الصحة‪ .‬وعن شرح‬
‫الهادي للريحاني أنه إن أراد عطف البيان صح لوقوع‬
‫الغلط فيما ليس بمعتمد الكالم أو البدل فال للغلط في‬
‫العمدة ‪ ،‬وال بد في هذا من صالحيته لإلرادة بأن يكون‬
‫عارفًا بالعربية‪.‬‬
‫باب النداء والترخيم ‪:‬‬
‫يجوز ترخيم المنادي ‪-‬أي حذف آخره تخفيفًا‪ -‬بشرط‬
‫كونه معرفة غير مستغاث وال مندوب وال ذي إضافة‬
‫مختوما بتاء التأنيث جاز‬
‫ً‬ ‫وال ذي إسناد ‪ ،‬ثم إن كان‬
‫زائدا على ثالثة ‪،‬‬
‫علما ً‬
‫ترخيمه مطلقًا وإ ال فيشترط كونه ً‬
‫وال يجوز ترخيم غير المنادي إال في الضرورة بشرط‬
‫صالحية االسم للنداء ؛ فال يجوز في نحو الغالم ‪،‬‬
‫زائدا على الثالثة أو بتاء التأنيث ؛‬
‫ويشترط كونه إما ً‬
‫فمن ثم ينبغي أنه إذا رخم طالقًا ولم ِ‬
‫يناد بل قال ‪ :‬أنت‬
‫طالق لم تطلق إذ ال ترخيم في غير النداء وال لغير‬
‫األعالم وبه صرح البوشنجي لكن قال الرافعي والنووي‬
‫خالفه فإن أريد جعل ذلك كناية فغير بعيد ‪ ،‬وإ ال فالوجه‬
‫ما ذكره‬
‫صفحة ‪399 | 243 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫البوشنجي ؛ فإن قال ‪" :‬يا طال" فقد توافق البوشنجي‬
‫والرافعي والنووي ‪ ،‬على الوقوع ‪ ،‬لوقوع ذلك في‬
‫النداء‪.‬‬
‫أيضا ‪ ،‬لكونه غير علم‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬ينبغي أن ال يقع ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫معربا ؛‬
‫ً‬ ‫يجب بناء العلم المفرد على ما رفع به لو كان‬
‫فلو كانت زوجته تسمى طالقًا فقال ‪ :‬يا طالق "قال‬
‫األصحاب" إن قصد النداء ال تطلق وكذا إن أطلق ‪-‬في‬
‫األصح‪ -‬وضبط النووي في المنهاج بخطه "طالق"‬
‫بسكون القاف‪.‬‬
‫قال األخ شيخنا شيخ اإلسالم أبو حامد ‪-‬أطال اهلل بقاءه ‪:‬‬
‫وكأنه يشير إلى أنه إن قال ‪ :‬يا طالق ‪-‬بالضمة‪ -‬فال يقع‬
‫جزما ‪ ،‬وإ ن أطلق ؛ ألن بناءه على الضم يرشد‬
‫شيء ً‬
‫إلى إرادة العلمية وإ ن قال ‪ :‬يا طالقًا ‪-‬بالنصب‪ -‬تعين‬
‫صرفه إلى التطليق‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وينبغي في الحالتين أن ال ترجع إلى خالف ذلك‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وإ ن لم يكن اسمها طالقًا طلقت ‪-‬كذا أطلقوه ولم‬
‫يقيدوه بما إذا سكن‪ -‬وينبغي أن ال يتقيد ؛ بل سواء أسكن‬
‫الحنا وال قرينة‬
‫أم ضم ألنه وإ ن ضم فغايته أن يكون ً‬
‫تشهد بصرف الطالق عن معناه ‪ ،‬ألن العلمية منتفية‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬مع ‪ :‬أصله "معي" حذفوا ياءه للتخفيف ‪ ،‬وهو‬
‫اسم لمكان االصطحاب أو وقته على حسب ما يليق‬
‫باالسم المضاف إليه‪.‬‬
‫معا بتمام‬
‫فإذا قال ‪ :‬طلقة معها طلقة أو مع طلقة كانا ً‬
‫الكالم وهو الصحيح ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يتعاقبان ‪ ،‬فال تقع‬
‫الثانيةعلى غير المدخول بها‪.‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫حركة "مع" حركة إعراب ويجوز بناؤه على السكون‬
‫على لغة لم يحفظها سيبويه وجعل ذلك من ضرورات‬
‫الشعر قال ‪ :‬وقد جعلها الشاعر "كهل" حين اضطر فقال‬
‫‪:‬‬
‫منكم وهواي معكم وإ ن كانت زيارتكم لماما‬
‫فرع ‪ :‬فانقطعت عن اإلضافة نونت ‪ ،‬نحو ‪ :‬قام زيد‬
‫معا للجماعة كما تقع لالثنين ‪،‬‬
‫معا وقام الرجال ً‬
‫وعمرو ً‬
‫وغلط من خصها باالثنين وكأنه توهم أن "ألفها" لالثنين‬
‫‪-‬وذلك وهم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 244 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫قال طفيل الغنوي ‪:‬‬
‫معا منهن مر وبعض المر‬
‫إن النساء كأشجار نبتن ً‬
‫مأكول‬
‫خبرا‬
‫وإ ذا نونت فاألكثر ‪-‬حينئذ أن تكون حااًل وجاءت ً‬
‫في قول الشاعر ‪:‬‬
‫معا ‪.......................‬‬
‫وأهوانا ً‬
‫ً‬ ‫أفيقوا بني حرب‬
‫معا" ‪ :‬إنه حال والخبر محذوف‬ ‫وقال بعضهم في "أهوانا ً‬
‫معا" ورد عليه هذا القول‪ .‬ثم قال ابن مالك‬
‫تقديره "كائنة ً‬
‫جميعا في‬
‫ً‬ ‫معا تساوي‬
‫في باب المفعول فيه ‪" :‬إن ً‬
‫المعنى"‪.‬‬
‫قال شيخنا أبو حيان ‪" :‬يعني أنها ال تدل على اتحاد‬
‫الوقت"‪ .‬ورد عليه شيخنا بقول ثعلب ‪" :‬إذا قلت قام زيد‬
‫جميعا احتمل أن يكون القيام في وقتين‪ .‬وأن‬
‫ً‬ ‫وعمرو‬
‫"معا" فال يكون إال في وقت‬
‫يكون في وقت ‪ ،‬وإ ذا قلت ً‬
‫واحد وقد تضمن كالم شيخنا أمرين ‪:‬‬
‫أحدهما الحكم على ابن مالك بأنه أراد بقوله ‪" :‬تساوي‬
‫جميعا في المعنى" عدم االتحاد في الوقت ؛ وإ نما يتم هذا‬
‫ً‬
‫"جميعا" ال تدل على اتحاد الوقت ‪،‬‬
‫ً‬ ‫لو سلم ابن مالك أن‬
‫ومن أين لنا ذلك ؟ فإن أخذ أبو حيان هذا من وقوع هذه‬
‫المادة في التوكيد ‪-‬كقولهم‪ -‬جاء القوم أجمعون‪-‬‬
‫فالصحيح كما ذكره هناك أنها ال تقتضيه ‪ ،‬وإ ن لم يكن له‬
‫مستند‪ -‬فيأخذه إال كالم فقد يرد ابن مالك ؛ فإن اهلل تعالى‬
‫يعا َْأو َأ ْشتَاتًا} أي‬ ‫َأن تَْأ ُكلُوا ج ِ‬
‫م‬
‫َ ً‬ ‫اح ْ‬‫يقول ‪{ :‬لَ ْي َس َعلَ ْي ُك ْم ُجَن ٌ‬
‫مجتمعين أو متفرقين وبالجملة ليس في كالم ابن مالك ما‬
‫"معا" ليس‬
‫"جميعا" للمعية فال يلزم أن تكون ً‬
‫ً‬ ‫يدل على أن‬
‫جميعا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫للمعية حتى يوجد في كالمه ذلك "في‬
‫"معا" بقول امرئ القيس في‬
‫نعم قد يستدل على المعية في ً‬
‫وصف الفرس‪.‬‬
‫معا كجلمود صخر حطه السيل من‬
‫مكر مفرمقبل مدبر ً‬
‫عل‬
‫فإنه لم يرد إال اتحاد الوقت لكن مبالغة‬
‫وإ لى ذلك أشار ابن خالويه بقوله في "شرح الدريدية" ‪:‬‬
‫إن هذا الوصف بالمعية من الوصف بالمستحيل‪ .‬ومثه‬
‫قول متمم بن نويرة يرثي أخاه مال ًكا ‪:‬‬
‫معا‬
‫فلما تفرقنا كأني ومال ًكا لطول اجتماع لم نبت ليلة ً‬
‫صفحة ‪399 | 245 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫باب أبنية الفعل ومعانيها ‪:‬‬
‫مبنيا للفاعل ثالثة‬
‫ثالثيا ً‬
‫منها لماضيها المجرد من الزيادة ً‬
‫أبينة أحدها ["فعل" بفتح أوله وضم ثانيه نحو رف‬
‫وشرف وثانيها "فعل" بفتح أوله وكسر ثانيه نحو علم‬
‫وسلم وثالثها]‪" 1‬فعل" بفتح أوله وثانيه نحو ضرب‬
‫رباعيا فله بناء واحد ‪-‬وهو فعلل‪ -‬بفتح‬
‫ً‬ ‫وذهب وإ ن كان‬
‫أوله وثالثه نحو ‪ :‬دحرج‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫عرفت أن الفعل المجرد من الزيادة ثالثي ورباعي ‪،‬‬
‫مزيدا‪.‬‬
‫وكل منهما قد يستعمل ً‬
‫فمن المزيد ‪" :‬أفعل" ‪ ،‬ويستعمل لمعان‪.‬‬
‫زيدا‪.‬‬
‫األول ‪" :‬التعدية" نحو أدنيت ً‬
‫والثاني ‪" :‬الكثرة" نحو أظبي المكان ‪ :‬كثر ظباؤه‪.‬‬
‫والثالث ‪" :‬الصيرورة" أغدي البعير ‪-‬صار له غدة‪.‬‬
‫فالنا ‪ -‬أعنته على الحلب‪.‬‬
‫والرابع ‪" :‬اإلغانة" أحلبت ً‬
‫فالنا ‪-‬أي عرضته للقتل‪.‬‬
‫والخامس ‪" :‬التعريض" أقتلت ً‬
‫فالنا ‪-‬أي أزلت شكايته‪.‬‬
‫والسادس ‪" :‬السلب" أشكيت ً‬
‫السابع ‪" :‬إلفاء الشيء ‪-‬بمعنى ما صنع‪ -‬منه ‪ :‬أحمدت‬
‫فالنا بمعنى ألفيته منصفًا بما يوجب حمده‪.‬‬
‫ً‬
‫الثامن ‪" :‬لجعله صاحبه بوجه ما" نحو أقبرت الرجل ‪:‬‬
‫قبرا‪.‬‬
‫أي جعلت له ً‬
‫التاسع ‪" :‬ذكره ابن عصفور كجعل الشيء افاعاًل نحو‬
‫خارجا وداخاًل ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أخرجته وأدخلته ‪-‬أي جعلته‬
‫العاشر ‪ :‬لجعل الشيء على صفة نحو ‪ :‬أطردته ‪-‬أي‬
‫طريدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫جعلته‬
‫الحادي عشر ‪" :‬بلوغ عدد" نحو ‪ :‬أعشرت الدراهم إذا‬
‫بلغت عشرين‪.‬‬
‫الثاني عشر ‪" :‬بلوغ زمان" أصبحنا ‪-‬بلغنا الصباح‪.‬‬
‫الثالث عشر ‪" :‬بلوغ مكان" أشام القوم ‪ :‬بلغوا الشام‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 246 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫"ومنها ‪ :‬فعل يفعل"‪.‬‬
‫ظا ‪،‬‬
‫ومنها ‪" :‬فاعل" ألقسام الفاعلية والمفعولية لف ً‬
‫واالشتراك فيهما معنى ولموافقة أفعل المجرد ‪ ،‬ولإلغناء‬
‫عنهما‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬تفاعل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬افتعل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬انفعل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬استفعل "الثنى عشر معنى"‪.‬‬
‫للطلب ‪ ،‬نحو استغفر‪.‬‬
‫حجرا‪.‬‬
‫وللتحويل ‪ :‬نحو استحجر الطين أي صار ً‬
‫عبدا‪.‬‬
‫ولالتخاذ ‪ :‬نحو استعبد أي اتخذ ً‬
‫وإللغاء الشيء ‪ :‬بمعنى ما صنع منه ‪ ،‬نحو استعظمت‬
‫عظيما وعبر أو الحسن عن هذه‬
‫ً‬ ‫الشيء أي وجدته‬
‫باإلصابة‪.‬‬
‫أيضا ‪-‬أي عددته مع‬
‫ولعده كذلك ‪ :‬نحو استعظمته ً‬
‫العظماء‪.‬‬
‫ولموافقة نحو ‪ :‬أكانه فاستاكن‪.‬‬
‫ولموافقة نحو ‪ :‬أبل من المرض واستبل‪.‬‬
‫ولموافقة يفعل نحو استكبر وتكبر‪.‬‬
‫ولموافقة يفعل نحو استكبر وتكبر‪.‬‬
‫ولموافقة افتعل نحو ‪ :‬استعظم واعتصم‪.‬‬
‫والمجرد ‪ :‬نحو ‪ :‬استغنى وغنى واإلغناء عنه نحو ‪:‬‬
‫استحيا ولإلغناء عن فعل نحو ‪ :‬استرجع‪.‬‬
‫فرع ‪ :‬استوفي المال أي توفاه وأخذه كاماًل ‪.‬‬
‫قال في الصحاح استوفيت وتوفيت بمعنى‪...‬‬
‫قلت ‪ :‬ومنه قوله تعالى ‪ِ{ :‬إ َذا ا ْكتَالُوا َعلَى َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس‬
‫ون} ومن ثم قال األصحاب ‪ :‬لو قال الدائن للمدين‬
‫َي ْستَ ْوفُ َ‬
‫إقرارا بالوفاء نقله الرافعي ‪-‬عن‬
‫‪ :‬استوفيت منك كان ً‬
‫صاحب التهذيب ساكتًا عليه‪ -‬في الباب الثاني من الكتابة‬
‫‪ ،‬وهو واضح وال يقال ‪ :‬لم ال يحمل "استوفيت" على‬
‫طلب الوفاء ؛ ألن لهذه اللفظة بمعنى األخذ ‪-‬اشتهار‬
‫صيرها حقيقة عرفية ‪ ،‬ثم هو موضوع اللغة فيها بدليل‬
‫{ي ْستَ ْوفُون}‬
‫االستعمال وما ذكرناه من قوله تعالى َ‬
‫ونظيرها ‪ :‬استولدت هذه الجارية أو هي‪ 1‬مستولدتي‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" وهي‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 247 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫فإنه صريح في أنها أم ولد ‪ ،‬ال أنه طلب منها الولد ‪ ،‬وبه‬
‫أيضا‪.‬‬
‫صرح الرافعي ً‬
‫فرع ‪ :‬أما االستخدام ‪ :‬فمعناه طلب الخدمة ‪ ،‬ومن ثم إذا‬
‫فالنا فخدمه والحالف غير مطالب‬
‫حلف ال يستخدم ً‬
‫بالخدمة‪ .‬لم يحنث قاله األصحاب وهو ظاهر‪.‬‬
‫باب أفعل التفضيل ‪:‬‬
‫ال يكون أفعل التفضيل ‪-‬إذا قيدت إضافته بتضمين معنى‬
‫من إال بعض ما يضاف إليه‪.‬‬
‫ومن ثم مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا قال ‪ :‬أعطوه أكثر [مالي]‪" 1‬زيد على النصف‬
‫شيًئا" ؛ صرح به األصحاب في باب الوصية‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قد صرحوا في الطالق بأنه إذا قال ‪ :‬أنت‬
‫طالق أكثر الطالق "تطلق ثالثًا" هذا مع قولهم فيما إذا‬
‫أوصى بعامة ماله أنه باألكثر مع أن العامة للجميع‬
‫واألكثر للبعض فقد خالفوا مدلول اللفظ في الموضعين‪.‬‬
‫قلت وجدوا أن الطالق لسبب‪.2‬‬
‫باب إعمال المصدر واسمه‪: 3‬‬
‫باب إعمال اسم الفاعل والصفة المشبهة‬
‫إذا أريد باسم الفاعل الحال واالستقبال عمل النصب ‪،‬‬
‫وإ ن أريد المضي تعينت إضافته إال أن يكون معه "أل"‬
‫فيجوز النصب‪.‬‬
‫وقال الكسائي ‪ :‬يجوز أن ينصب مطلقًا ؛ وحيث يجوز‬
‫أيضا ثم هما سواء عند سيبويه‪.‬‬
‫النصب يجوز الجر ً‬
‫وقال هشام ‪ :‬النصب أولى‪.‬‬
‫وقال شيخنا أبو حيان ؛ الجر أولى‪.‬‬
‫زيدا" فإن نون لفظ قاتل‬
‫ومن فروع المسألة ‪" :‬أنا قاتل ً‬
‫زيدا لم يكن‬
‫ونصب ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" مال‪.‬‬
‫‪ 2‬بياض في األصل‪.‬‬
‫‪ 3‬هكذا باألصل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 248 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫[ويحنث]‪ 1‬لعدم اقتضاء اللفظ للوقوع ‪ ،‬وإ ن جر فهو‬
‫موضع النظر ‪ ،‬والمنقول عن محمد بن الحسن أنه قرار‬
‫‪ ،‬وفيه نظر ‪" ،‬لجواز" أن يكون المضاف بمعنى الحال‬
‫أو االستقبال‪.‬‬
‫باب عوامل الجزم ‪:‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ألداة الشرط صدر الكالم ‪ ،‬فإن تقدم عليها شبه بالجواب‬
‫معنى فهو دليل عليه وليس إياه خالفًا للكوفيين والمبرد‬
‫وأبي زيد‪.‬‬
‫ماضيا فال يجوز‬
‫ً‬ ‫وفصل المازني ‪-‬فمنع إن كان الجزاء‬
‫مضارعا‬
‫ً‬ ‫"قمت إن قام زيد أو إن لم يقم" وجوز إن كان‬
‫فيجوز أقوم إن قام زيد وإ ن لم يقم" وحمل على هذا‬
‫الشيخ تاج الدين أبا اليمن ‪-‬زيد بن الحسن الكندي‬
‫النحوي‪ -‬على أن قال بعد أن ذكر أن قول المازني هو‬
‫قول كل من يوثق بعمله في قول الرجل المرأته طلقتك‬
‫إن دخلت الدار بوقوع المازني هو قول كل من يوثق‬
‫بعمله في قول الرجل المرأته طلقتك إن دخلت الدار‬
‫بوقوع الطالق في الحال في األولى ‪ ،‬قال ‪ :‬ألن الفعل‬
‫الماضي إذا وقع قبل حرف الشرط كان ثابتًا وما ثبت ال‬
‫يجوز أن يوقع في جواب الشرط يعني فال يكون للشرط‬
‫جواب وال دليل جواب فيطرح ويعمل الفعل الماضي‬
‫عمله‪.‬‬
‫وأطال في منع هذا التركيب في كالم له على هذه المسألة‬
‫وعلى عكسها وهو قول القائل ‪ :‬إن دخلت الدار طلقتك ؛‬
‫فإنه قال فيها إن الطالق تعليق بدخول الدار‪ .‬قرأته‬
‫بجملته على والدي الشيخ اإلمام في ليلة الثالثاء ثالث‬
‫عشرين جمادي اآلخرة سنة أربع وأربعين وسبعمائة‬
‫كالما على قوله تعالى‬
‫[عندما]‪ 2‬أملي علي في تلك الليلة ً‬
‫‪:‬‬
‫ُّوه َّن}‪ .‬وكانت‬
‫اء َما َل ْم تَ َمس ُ‬ ‫طلَّ ْقتُُم ِّ‬
‫الن َس َ‬ ‫اح َعلَ ْي ُك ْم ِإ ْن َ‬
‫{اَل ُجَن َ‬
‫قراءتي لكالم الكندي تكررت على الشيخ اإلمام والدي‬
‫رحمه اهلل في الشهر المذكور من ليلة الثالثاء خامس‬
‫عشر جمادي اآلخرة إلى ليلة الثالثاء ثالث عشرة منه ‪،‬‬
‫نهارا ‪ ،‬وإ ذا جاء الليل طلبني‬
‫وهو يكرر البحث فيها ً‬
‫قرأت عليه كالم الكندي وأنا ألخص ما سمعته من والدي‬
‫أيضا بخطه على‬
‫شفاها ‪ ،‬وما كتبته عنه وما كتبه هو ً‬
‫ً‬
‫كالم الكندي‪ .‬قال رحمه اهلل ‪-‬ومن لفظه سمعت "لم‬
‫يصب الكندي في شيء من المسألتين والحق خالف ما‬
‫قاله فيهما ‪ ،‬وأن الطالق في األول يقع عند دخول الدار‬
‫ال قبله ‪ ،‬وفي الثانية ال يقع أصاًل إال أن ينوي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" على ما‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 249 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫بقوله ‪ :‬طلقتك معنى قوله ‪ :‬فأنت طالق فحينئذ يقع عند‬
‫وجود الشرط‪.‬‬
‫قال ‪" :‬وال يساعد الكندي نحو وال فقه ‪ ،‬وقد قال تعالى‬
‫حكاية عن شعيب‪ 1‬وقومه ‪:‬‬
‫{قَِد ا ْفتََر ْيَنا َعلَى اللَّ ِه َك ِذًبا ِإ ْن ُع ْدَنا ِفي ِملَّتِ ُك ْم َب ْع َد ِإ ْذ َن َّج َانا‬
‫اللَّهُ ِم ْنهَا}‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وقال تعالى ‪{ :‬بِْئ َسما َيْأم ُر ُك ْم بِ ِه ِإ‬
‫يم ُان ُك ْم ِإ ْن ُك ْنتُ ْم ُمْؤ ِمن َ‬
‫ين}‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ب‬ ‫ام َسةَ َّ‬ ‫وبئيس فعل ماض ‪ ،‬وقال تعالى ‪{ :‬واْل َخ ِ‬
‫ضَ‬ ‫َأن َغ َ‬ ‫َ‬
‫ين} في قراءة من كسر‬ ‫ِِ‬ ‫اللَّ ِه علَ ْيها ِإ ْن َك ِ‬
‫ان م َن الصَّادق َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الضاد ‪ ،‬وقال تعالى ‪{ :‬قَ ْد بَّيَّنا لَ ُكم اَآْلي ِ‬
‫ات ِإ ْن ُك ْنتُ ْم‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون} والظاهر أن الشرط مرتبط في المعنى بما قبله ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تَ ْعقلُ َ‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬خبت وخسرت إن لم‬
‫أعدل"‪.‬‬
‫وقال حسان بن ثابت ‪:‬‬
‫عدمت بنتي إن لم يزورها‪[ ...‬بني]‪ 2‬البقع [موعدها‬
‫غدا]‪3‬‬
‫ً‬
‫وقال المالعن ‪ :‬كذبت عليها إن أمسكتها‪.‬‬
‫قلت أنا ‪ :‬وقالت أم الفضل في ولدها عبد اهلل بن عباس‬
‫رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫قهرا وغير قهر‬
‫ثكلت نفسي وثكلت بكري إن لم يسد ً‬
‫[بالحسب]‪ 4‬الجم وبذل الوفر حتى يوارى في ضريح‬
‫القبر‬
‫وقال األشتر‪ 5‬النخعي ‪:‬‬
‫لعنت وفري وانحرفت عن العال ولقيت أضيافي بوجه‬
‫عبوس‬
‫يوما من يهاب‬
‫إن لم أشن على ابن هند غارة لم يحل ً‬
‫نفوس‬
‫سريا تعد وتبيض في الكريهة‬
‫خياًل كأمثال السعالي ً‬
‫سوس‬
‫حمي الحديد عليهم [كأنهم]‪ 6‬لمعان برق أو شعاع‬
‫شموس‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة عليه السالم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بنيتي‪.‬‬
‫"غدا" "كذا" "في ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬تكرير "موعدها" ويدل كلمة ً‬
‫‪ 4‬في "ب" الحسب‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" األشير‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" كأنه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 250 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫وقال الحماسي ‪:‬‬
‫شربت وما إن لم أرعك بدرة بغندة يهوى القرط طيبة‬
‫النشر‬
‫"انتهى"‬
‫قال الشيخ اإلمام رضي اهلل عنه ‪ :‬وقال الفقهاء في بعتك‬
‫إن شئت إن قبل المشتري ؛ ففي انعقاد البيع خالف ‪ ،‬وإ ن‬
‫إقرارا ‪ ،‬ومقتضى‬
‫لم يقبل لم ينعقد بال خالف ولم يجعلوه ً‬
‫إقرارا‪ .‬ثم قال الشيخ اإلمام ‪:‬‬
‫كالم الكندي أن يكون ً‬
‫أيضا يرده ألن‬
‫وهذه الشواهد كلها وكالم الكندي والنظر ً‬
‫كل ما أمكن تعليقه ال فرق من [بين]‪ 1‬أن يعبر عنه‬
‫بالماضي أو بالمضارع ؛ فإذا أريد بالماضي ذلك صح‬
‫تعليقه ‪ ،‬وكيف يحكم الكندي بمؤاخذته بطلقتك وإ ن أراد‬
‫أنه إقرارؤ فليفرض في رجل لم يتقدم منه طالق ‪ ،‬فإنه‬
‫ال يمكن حمله على اإلقرار ‪ ،‬وإ ن أراد إنشاء ولكن لم‬
‫يصححه من جهة النحو ‪-‬أعني تعليقه فيبقى إنشاء‪ -‬بلى‬
‫تعليق فيه اآلن‪.‬‬
‫والظاهر أن هذا مراده ‪ ،‬فال يصح تعليله بما قاله من أنه‬
‫ماض وجب وثبت فإن هذا التعليل يرجع إلى المعنى‬
‫األول ال إلى الصناعة وكيف يوقع الطالق على شخص‬
‫لم يقصده‪ .‬وال دل عليه لفظه ‪ ،‬لكونه أخطأ‪ 2‬من جهة‬
‫النحو على زعمه‪ .‬وهو [قوله]‪ : 3‬لو قال ‪ :‬إن دخلت‬
‫الدار أنت‪ 4‬طالق [فكان]‪ 5‬خطأ من جهة صناعة النحو‬
‫اعتبارا‬
‫ً‬ ‫وال ينجر عليه الطالق اآلن ؛ بل إذا دخلت ‪:‬‬
‫بقصده لما بيناه من أنه ليس خطأ من جهة العربية ‪ ،‬بل‬
‫هو صواب‪.‬‬
‫ثم ذكر الشيخ اإلمام [ما]‪ 6‬حاصله ‪ :‬أنه إذا وقع االلتباس‬
‫على الكندي من جهة أن الفعل الماضي تارة ال يصح‬
‫خبرا ال محالة ؛‬
‫[أن]‪ 7‬يراد به اإلنشاء بوجه بل يكون ً‬
‫فهذا ال شك أنه اليعلق نحو ‪ :‬قمت أن قمت إن قصد‬
‫[باألولى]‪ 8‬اإلخبار عن القيام ‪ ،‬وتارة يصح أن يراد به‬
‫اإلنشاء "كطلقتك" فإنه وإ ن كان موضوعه الخبر فقد يراد‬
‫به اإلنشاء بل ذكره الفقهاء في صرائح الطالق كقوله ‪:‬‬
‫"أنت طالق"‪.‬‬
‫ومقتضى ذلك إطالق صريح في اإلنشاء ويكون قد نقل‬
‫من الخبر إلى اإلنشاء فإذا‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" خطأ‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فأنت‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" بغير ما كان‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" لما حاصله‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" لن‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" األول‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 251 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫كان كذلك فال مانع من تعليقه وكذلك "قمت" إذا قصد بها‬
‫الدعاء ونحوه ثم قال ‪ :‬الفعل الماضي ثالثة أقسام ‪ :‬قسم‬
‫يراد به الخير الماضي المحقق فال تعليق أصاًل ‪ ،‬وال‬
‫يقال ‪" :‬ال يصح تعليق" ألن ما وقع ال يعلق‪ .‬وقسم يظهر‬
‫فيه اإلنشاء "كطلقتك" فهذا [األظهر]‪ 1‬فيه قبول التعليق‬
‫حتى يصرفه صارف‪.‬‬
‫وقسم بعكسه ‪ :‬كما في قوله تعالى ‪:‬‬
‫اء}‪.‬‬ ‫طلَّ ْقتُُم ِّ‬
‫الن َس َ‬ ‫اح َعلَ ْي ُك ْم ِإ ْن َ‬
‫{اَل ُجَن َ‬
‫قال ‪" :‬وقول من منع قمت أن قمت" محمول على القسم‬
‫األول ‪ ،‬أو على هذا القسم إذا أريد أصل وضعه ‪-‬وهو‬
‫الحال الغالبة عليه‪ .‬قلت ‪ :‬ويدل لهذا أن النحاة نقلوا أن‬
‫ماضيا كره مخالفة‬
‫ً‬ ‫المازني وجه تفرقته بأن تقديم الجزاء‬
‫األصل فيخرج الماضي عن ظاهره إلى االستقبال‪.‬‬
‫ويخرج الجزاء عن أصله بالتقديم ؛ فدل أن مراده بما‬
‫منعه "قمت" غير المقصود بها حينئذ الماضي‪ .‬ثم قال‬
‫فتسوية الكندي بينه وبين القسم الثاني ‪-‬الذي يظهر فيه‬
‫اإلنشاء‪ -‬غير متجه ‪ ،‬ثم إنه يلزم ذلك في اسم الفاعل إذا‬
‫قال ‪ :‬أنت طالق إن دخلت الدار ألن أنت طالق جملة‬
‫اسمية تدل على الثبوت في الحال وما كان ثابتًا ال يعلق‪.‬‬
‫كما ال يصح "أنا قائم في الحال إن قمت" إال أن يقول ‪:‬‬
‫إن اسم الفاعل صالح لالستقبال فبالتعليق يحمل عليه ؛‬
‫فنقول ‪ :‬وقوله "طلقتك" كذلك ألن الماضي قد يراد به‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫ذكر الشيخ اإلمام تحقيقًا تكرر منه ذكره وتقريره فقال‬
‫رضي اهلل عنه ‪ :‬على أنا ال نقول ‪ :‬إن هذا الماضي أريد‬
‫به المستقبل بل أريد به اإلنشاء الناجز الواقع فيا حالل‬
‫والمعق هو أثره ‪ -‬وهو وقوع الطالق المنشأ بحسب ما‬
‫أنشأه [وهو الواقع في الحال والمعلق هو أثره ‪-‬وهو‬
‫وقوع الطالق المنشأ بحسب ما أنشأه]‪ 2‬وهو حكم‬
‫شرعي يقع عند دخول الدار ‪-‬فالماضي هو التطبيق‬
‫واإليقاع والمعلق هو الطالق ‪ ،‬والوقوع [ال شك]‪ 3‬أن‬
‫في "طلقتك" أمرين أحدهما التصرف الناجز من الزوج‬
‫‪-‬وهو تطليق وإ يقاع ال يمكن تأخره‪ -‬والثاني ‪ :‬أثره ‪-‬‬
‫وهو طالق ووقوع‪ -‬وهذا يؤخر ويعلق قال ‪ :‬وهذا مثل‬
‫زيدا يوم الجمعة" ؛ ففي "أضرب" شيئان‬
‫قولك ‪" :‬أضرب ً‬
‫‪-‬أحدهما إنشاء ألنه فعل أمر ‪ ،‬ومن ثم ال يعلق وال‬
‫يتأخر‪ .‬وليس يوم الجمعة طرفًا له ‪ ،‬إذ لو كان طرفًا له‬
‫لزم تأخره‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إال يظهر‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" وال شك‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 252 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫والثاني ‪ :‬المصدر الذي يضمنه ‪-‬وهو المأمور به‪-‬‬
‫وهذا هو المعلق المظروف في يوم الجمعة‪ .‬قال ‪ :‬وقول‬
‫النحاة‪ -‬إن يوم الجمعمة معمول ال ضرب فيه تسمح ‪،‬‬
‫ومرادهم ما ذكرناه وإ ن لم تفصح عبارتهم به‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫اعتراض الشرط على الشرط سائغ في كالمهم وال‬
‫احتفال [بمن]‪ 1‬منعه من النحاة ألن القرآن العزيز ناطق‬
‫َأما‬
‫به في آيات‪ .‬قال الشيخ اإلمام رحمه اهلل ‪ :‬أوضحها {فَ َّ‬
‫ان َو َجَّنةُ َن ِع ٍيم}‪.‬‬ ‫ِإ ْن َك ِ‬
‫ان م َن اْل ُمقَ َّربِ َ‬
‫ين ‪ ،‬فَ َر ْو ٌح َو َر ْي َح ٌ‬ ‫َ‬
‫وغلط من تعقب كالم الوالد من أهل هذا العصر في قوله‬
‫‪ :‬إن هذه اآلية ليست من اعتراض الشرط على الشرط‬
‫زاعما أن الفاء يجب تقديرها في لفظ الشرط الثاني وهو‬
‫ً‬
‫"أن" ‪ ،‬وأنها ‪-‬حينئذ تكون للشرط الثاني ‪ ،‬وجوابه‬
‫كالهما جواب عن الشرط األول‪.‬‬
‫ووجه غلطه أنه لما اعتقد تحتم تقدير الفاء زعم أن‬
‫الشرط وجوابه جواب الشرط األول ودخول الفاء غير‬
‫جوابا ؛‬
‫مسلم له إال أن يكون الشرط الثاني مع جوابه ً‬
‫وذلك هو محل النزاع بل الصواب أن الجواب جواب‬
‫عن األول وقد استشهد سيبويه رحمه اهلل على‬
‫االعتراض بهذه اآلية نفسها ‪ ،‬أفتراه خفي عليه هذا ؟‬
‫وللوالد رحمه اهلل مصنف في اعتراض الشرط ‪-‬حافل‬
‫يترفع عن همم الزمان سماه بيان حكم الربط [واعتراض‬
‫الشرط على الشرط]‪.2‬‬
‫وحظنا منه هنا ‪ :‬إذا اعترض شرط على آخر‪ -‬نحو ‪:‬‬
‫إن أكلت إن شربت فأنت طالق ‪-‬فالجواب المذكور‬
‫للسابق منهما وجواب الثاني محذوف‪ -‬هذا مذهب‬
‫سيبويه وعليه [مذهب]‪ 3‬شيخنا أبي حيان والشيخ اإلمام‬
‫الوالد رحمه اهلل‪.‬‬
‫وكالم ابن مالك يقتضي أنه مستغ عنه وأنه ال يقدر‬
‫جواب أصاًل ‪ .‬ومذهب األخفش أن الجواب هما "ثم‬
‫سيبويه ‪-‬على ما فهمه الوالد عنه واختاره‪ -‬يجعل‬
‫الشرط كالظرف"‪.‬‬
‫وعلى مذهب سيبويه هل يقدر مثل جواب السابق فقط أو‬
‫مضمون الجملة التي توسط الشرط بين جزأيها ؟ فيه‬
‫احتماالن [للوالد ذكر]‪ 4‬أن األول منهما قضية كالم من‬
‫نقل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" لمن‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" "للوالد رحمه اهلل وذكر"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 253 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الكالم في المركبات وما ينبني على العربية من الفروع‬
‫الفقهية‬
‫عن سيوبيه ‪ ،‬والثاني قول أبي حيان‪ .‬إذا عرفت هذا ؛‬
‫فمن ثم كان الصحيح ‪-‬في المثال المذكور‪ -‬أنها ال تطلق‬
‫حتى يقدم المؤخر ويؤخر المقدم‪ ، 1‬ووجه هذا أن‬
‫الشرط الثاني قيد في األول ‪-‬كما نقلناه عن سيبويه فال بد‬
‫من تقدمه عليه ؛ إذ لو تأخر لم يشبه الظرف‪.‬‬
‫فائدة حسنة ‪:‬‬
‫قال القاضي أبو الطيب ‪-‬بعد ذكر مسألة اعتراض‬
‫الشرط على الشرط [وتقدم]‪ 2‬المؤخر‪" .‬قال أصحابنا ‪:‬‬
‫عاميا فعل ما جرت‬
‫هذا في حق العالم العارف ؛ فإن كان ً‬
‫به عادتهم" هذا كالم القاضي ‪-‬وهو الصحيح‪ -‬ولم أجده‬
‫في كالم غيره ‪ ،‬لكن قواعدهم تقتضيه‪[ .‬واهلل الموفق]‪.3‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة والمقارنة كالتقدم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" وتقديم‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 254 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫المآخذ المختلف فيها بين األئمة التي يبني عليها فروع‬
‫[فقهية]‪: 1‬‬
‫وهذا في الحقيقة ‪-‬كتاب في الخالفيات على نمط غريب‬
‫وأسلوب عجيب ‪ ،‬وقسم أخذ من جملة التحقيق بأوفر‬
‫نصيب ‪ ،‬ما هو إال تحصين المآخذ وتحسين القواعد التي‬
‫يعض عليها بالنواجذ ‪ ،‬وعائد بالنفع على من هو باهلل من‬
‫الضر عائذ‪.‬‬
‫وقد رأينا أن نقدم ‪-‬قبل افتتاح مسائله‪ -‬مقدمة نافعة يعم‬
‫نفعها على ما تقدم وما تأخر ‪ ،‬وتشمل فائدتها من تبصر‬
‫وتذكر وتعود عائدتها على من تأمل وتفكر ‪ ،‬فنقول ‪:‬‬
‫القول في سبب اختالف العلماء ‪:‬‬
‫الخالف إما في مسائل مستقلة ‪ ،‬أو في فروع مبنية على‬
‫أصول ‪ ،‬واألول ينشأ من أحد أمور‪ .‬األول ‪ :‬كون اللفظ‬
‫مشتر ًكا وذلك في مسائل ‪:‬‬
‫منها القرء عند الشافعي رضي اهلل عنه أنه الطهر على‬
‫"حد" قول الشاعر ‪:‬‬
‫أفي كل عام أنت حاسر عروة تشد ألقصاها عريم‬
‫عرابكا‬
‫مورثة لما ال وفي الحي رفعة لما ضاع فيها من قروء‬
‫نسائ ًكا‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" خالفية‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 254 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫وعند أبي حنيفة [رضي اهلل عنه]‪ 1‬أنه الحيض لقول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫يا رب ذي طعن على قارض له قرء كقرء الحائض‬
‫وهي مسألة واسعة النظر‪.‬‬
‫ومنها [أول] في قوله تعالى ‪ِ{ :‬إَّنما ج َز َِّ‬
‫ين ُي َح ِار ُب َ‬
‫ون‬ ‫اء الذ َ‬
‫َ َ ُ‬
‫َأن ُيقَتَّلُوا َْأو‬ ‫اَأْلر ِ‬ ‫اللَّه ورسولَه ويسعون ِ‬
‫ادا ْ‬
‫ض فَ َس ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫ف‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َ ْ َْ َ‬
‫يصلَّبوا َأو تُقَطَّع َْأي ِدي ِهم وَأرجلُهم ِم ْن ِخاَل ٍ‬
‫ف َْأو ُي ْنفَ ْوا ِم َن‬ ‫ْ َ ْ ُ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َُ ْ‬
‫ض}‪.‬‬ ‫اَأْلر ِ‬
‫ْ‬
‫قال مالك رضي اهلل عنه ‪" :‬أو للتخيير فيفعل السلطان‬
‫بقاطع الطريق‪ -‬ما يراه من هذه األمور وقال الشافعي‬
‫وأبو حنيفة [رضي اهلل عنهما]‪ : 2‬للتفصيل والتقسيم ؛‬
‫فمن حارب وقتل وأخذ المال صلب وقتل ومن قتل ولم‬
‫يأخذ قتل ومن أخذ ولم يقتل ‪ ،‬قطع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخالف في عود الضمير نحو ‪ :‬الخالف في‬
‫وهن} هل يقدر "عن" أو‬ ‫َأن تَْن ِك ُح ُ‬
‫ون ْ‬‫{وتَْر َغ ُب َ‬
‫قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫{َأو َي ْعفُ َو الَِّذي بَِي ِد ِه‬
‫"في" ‪ ،‬نحو الخالف في قوله تعالى ‪ْ :‬‬
‫{َأو لَ ْح َم ِخ ْن ِز ٍ‬
‫ير فَِإ َّنهُ‬ ‫اح}‪ .‬وفي قوله تعالى ‪ْ :‬‬ ‫ُع ْق َدةُ ِّ‬
‫الن َك ِ‬
‫[َأو ِف ْسقًا]}‪ 3‬؛ فإن داود أعاد الضمير ‪-‬في‬ ‫ِر ْج ٌس ْ‬
‫فتاويه‪ -‬على الخنزير ال على لحمه المتحدث عنه ‪،‬‬
‫وخالف الجماعير والحق عود الضمير إلى المضاف إليه‬
‫لكونه أقرب‪ .‬وترك المتحدث عنه سبياًل سلكها أصحابه‬
‫في مواضع شتى فقال ابن حزم في "المحلي" في قوله‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬من أدرك منكم صالة الغداة‬
‫فليقض معها مثلها" إن الضمير في "معها"راجع إلى‬
‫الغداة‪ -‬أي فليقض مع الغداة مثل هذه الصالة التي‬
‫تصلي بال زيادة وأطال في ذلك ذكره في المسألة التي‬
‫انفرد بها ؛ حيث يوجبون التحول من المكان الذي نسيت‬
‫فيه الصالة إلى مكان آخر‪.‬‬
‫ومن الخالف في عود الضمير الخالف في قوله صلى‬
‫اهلل عليه وسلم "ال يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة في‬
‫جداره"‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬الحقيقة كحديث ‪" :‬ال صيام لمن لم يبيت الصيام‬
‫من الليل"‪.‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬ال صيام صحيح الصيام المفترض تنتفي‬
‫بانتفاء نية الليل‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 255 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫وقالت الحنفية ‪" :‬ال صيام كامل فعدلوا إلى المجاز"‪.‬‬
‫ونحوه قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال نكاح إال بولي"‪.‬‬
‫وأمثله كثرة ‪:‬‬
‫الثالث ‪" :‬الخالف الناشئ عن دعوى ارتباط إحدى‬
‫{والالَّتِي‬ ‫اآليتين باألخرى ال الحديثين باآلخر‪ .‬نحو ‪َ :‬‬
‫استَ ْش ِه ُدوا َعلَ ْي ِه َّن َْأرَب َعةً ِم ْن ُك ْم‬ ‫ِ ِ ِ ِئ‬
‫ين اْلفَاح َشةَ م ْن ن َسا ُك ْم فَ ْ‬
‫ِ‬
‫َيْأت َ‬
‫وه َّن ِفي اْلبي ِ‬
‫ت‬‫اه َّن اْل َم ْو ُ‬‫وت َحتَّى َيتََوفَّ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َأم ِس ُك ُ‬
‫فَِإ ْن َش ِه ُدوا فَ ْ‬
‫َْأو َي ْج َع َل اللَّهُ َلهُ َّن َسبِيال} مع قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫"قد جعل لهن سبياًل ‪-‬البكر بالبكر‪ -‬جلد مائة وتغريب‬
‫عام‪ "...‬الحديث‪.‬‬
‫ون َش ْه ًرا} مع قوله‬ ‫{و َح ْملُهُ َو ِف َ‬
‫صالُهُ ثَاَل ثُ َ‬ ‫وذلك نحو ‪َ :‬‬
‫املَ ْي ِن ِل َم ْن‬
‫الد ُه َّن حولَ ْي ِن َك ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأو‬ ‫ن‬
‫ْ ْ ْ‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ض‬‫ات ير ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫تعالى ‪{ :‬واْلو ِ‬
‫ال‬ ‫َ َ‬
‫اعةَ}‪.‬‬‫ض َ‬‫الر َ‬ ‫َأن ُيتِ َّم َّ‬
‫ََأر َاد ْ‬
‫ث اَآْل ِخ َر ِة َن ِز ْد َلهُ ِفي‬‫يد َح ْر َ‬ ‫ان ُي ِر ُ‬
‫{م ْن َك َ‬ ‫ونظيرهما ‪َ :‬‬
‫الد ْنَيا ُنْؤ تِ ِه ِم ْنهَا َو َما َلهُ ِفي‬
‫ث ُّ‬ ‫يد َح ْر َ‬ ‫ان ُي ِر ُ‬ ‫ِ‬
‫َح ْرثِه َو َم ْن َك َ‬
‫يب} ظاهرها أن مريد حرث اآلخرة‬ ‫ص ٍ‬ ‫اَآْل ِخر ِة ِم ْن َن ِ‬
‫َ‬
‫يؤتي منها ؛ وإ نما يؤتي منها من يشاء اهلل أتاه ال كل من‬
‫أرادها ‪ ،‬لقوله في اآلية األخرى ‪:‬‬
‫اء ِل َم ْن ُن ِر ُ‬
‫يد}‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يد اْل َع ِ‬
‫اجلَةَ َع َّجْلَنا لَهُ فيهَا َما َن َش ُ‬ ‫ان ُي ِر ُ‬
‫{م ْن َك َ‬
‫َ‬
‫الرابع ‪ :‬وقد يدعي دخوله في الثالث‪" ...‬الغفلة عن أحد‬
‫الدليلين المتقابلين ‪-‬ولو بالعموم والخصوص ‪-‬فينسحب‬
‫على العموم من لم يبلغه دليل الخصوص"‪.‬‬
‫ويمثل لهذا القسم بما روى عبد الوارث بن سعيد قال ‪:‬‬
‫قدمت مكة فلقيت أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة‬
‫طا فقال ‪:‬‬
‫بيعا وشرط شر ً‬
‫فسألت أبا حنيفة عن رجل باع ً‬
‫البيع باطل والشرط باطل ‪ ،‬فأتيت ابن أبي ليلى فقال ‪:‬‬
‫البيع جائز والشرط باطل ‪ ،‬فأتيت ابن شبرمة فقال ‪:‬‬
‫جائزان ‪ ،‬فقلت سبحان اهلل ؟ فقهاء القرآن ال يتفقهون‬
‫على مسألة واحدة‪.‬‬
‫فعدت إلى أبي حنيفة [رضي اهلل عنه]‪ 1‬فأخبرته بقولهما‬
‫فقال ‪ :‬ما أدري ما قاال حدثني عمرو بن سعيد عن أبيه‬
‫عن جده قال ‪ :‬نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن‬
‫بيع وشرط‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 256 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫فعدت إلى ابن أبي ليلى فأخبرته فقال ‪ :‬ما أدري ما قاال‬
‫حدثني هشام بن عروة ‪ ،‬عن أبيه عن عائشة رضي اهلل‬
‫عنها قالت ‪" :‬أمرني رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن‬
‫أشتري بريرة فأعتقها" البيع جائز والشرط باطل‪.‬‬
‫فعدت [إلى ابن أبي]‪ 1‬شبرمة فأخبرته فقال ‪ :‬حدثني معد‬
‫بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال ‪:‬‬
‫بعث النبي صلى اهلل عليه وسلم جماًل وشرطت حمالته‬
‫إلى المدينة‪ .‬البيع جائز والشرط جائز‪.‬‬
‫ولهذا يترجح المتقدم على المتأخر ويكون أولى باإلتباع ‪،‬‬
‫الجتماع المتقابالت عنده وهو أحد أسباب تقدم الشافعي‬
‫على [السابقين]‪ ، 2‬ألنه تأخر عنهم وحصل على ما‬
‫حصلوا ‪ -‬واجتمع عنده ما تفرق بينهم فتصرف فيه ‪،‬‬
‫فكان مذهبه أقرب إلى الصواب‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬الناشئ عن دعوى العموم والخصوص وهو‬
‫قريب من الرابع‪.‬‬
‫اس ْب ُك ْم بِ ِه‬
‫نحو ‪{ :‬وِإ ْن تُْب ُدوا ما ِفي َْأنفُ ِس ُكم َأو تُ ْخفُوه يح ِ‬
‫َُُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اللَّهُ} قيل عامة وقيل مخصوصة فقيل لحديث ‪" :‬إن اهلل‬
‫تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو‬
‫تعمل"‪.‬‬
‫وقالت عائشة رضي اهلل عنها ‪" :‬بل الكافر يؤاخذ‬
‫بإسراره وإ عالنه"‪.‬‬
‫وقد يطرأ الخالف من منكره ولكن ينكره في ذلك المقام‬
‫لتخصيص الكتاب السنة عند من ينكره إما مطلقًا أو إذا‬
‫آحادا ‪ ،‬أو ال ينكر جوازه ولكنه يدعي أنه ارتفع‬
‫كانت ً‬
‫فيه ‪ ،‬وهذا المسلك يسلك بعينه في النسخ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬الناشئ من جهة الراوي ضعفًا ‪ ،‬أو إرسااًل‬
‫ونحوه ‪ ،‬أو نقله بما يظنه المعنى ‪ ،‬أو جهله باإلعراب ‪،‬‬
‫أو بسبب الحديث ‪ ،‬أو تصحيفه أو إسقاطه شيًئا به تمام‬
‫المعنى ‪-‬إما لعدم سماعه القدر الزائد ‪ ،‬أو لظنه عدم‬
‫ارتباطه بما اقتصر عليه ‪ ،‬أو لنقله من الصحف‪.‬‬
‫وقد كثرت أمثلة هذه األقسام ‪ ،‬وربما أدى الحال فيها إلى‬
‫إخالل عظيم ‪ ،‬كما روي أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫متعمما‬
‫ً‬ ‫وهب لعلي عمامة تسمى السحاب ‪ ،‬فاجتاز علي‬
‫بها ‪ ،‬فقال النبي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" التابعين‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 257 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫عليا في‬
‫صلى اهلل عليه وسلم لمن معه ‪" :‬أما رأيتم ً‬
‫السحاب" أو نحو هذا اللفظ ؛ فبلغ ذلك بعض المتشيعين‬
‫فاعتقدوا أنه يريد سحاب السماء ‪ ،‬وفيه يقول القائل ‪:‬‬
‫برأت من الخوارج لست منهم من الغزال منهم والرباب‬
‫عليا يردون السالم على السحاب‬
‫ومن قوم إذا ذكروا ً‬
‫والغزال ‪-‬بالغين المعجمة‪ -‬واصل بن عطاء كان‬
‫يتصدق بالغزل على النساء ‪ ،‬والرباب هو عمرو بن عبد‬
‫والرباب بباءين موحدتين‪.‬‬
‫ومن ذلك حديث "إن اهلل خلق آدم على صورته" ورد في‬
‫رجل لطم رجاًل فزجره النبي صلى اهلل عليه وسلم وقال‬
‫ذلك ‪ ،‬فالضمير في صورته عائد على الملطوم ال على‬
‫اهلل عز وجل تعالى عن قول المشبهة‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬الناشئ من قبل االجتهاد وذلك يختلف باختالف‬
‫الفرائح واألذهان وما لها من استعداد ‪ ،‬وفيه يتنافس‬
‫المتنافسون ويتبين مقدار األفهام في الفهم عن اهلل‪.‬‬
‫وهو باب القياس ‪ ،‬وهو مديان الفحول وميزان األصول‬
‫ومناط اآلراء ورياضة العلماء ؛ وإ نما يفزع إليه عند‬
‫فقدان النصوص كما قيل ‪:‬‬
‫إذا أعيى الفقيه وجود نص تعلق ال محالة بالقياس‬
‫وقد ينشأ الخالف من اشتباه العلة بالمحل‪ .‬ونحن نتحفك‬
‫بضابط في ذلك نأمن معه الخطأ إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬المحل ما تعين لعمل العلة ولم يؤثر في الحكم‬
‫شيًئا ‪ ،‬والعلة وصف يحسن أن ينسب الحكم إليه ويترتب‬
‫عليه‪.‬‬
‫وإ ن شئت فقل ما أثر في الحكم ونعني بالتأثير ما يعنيه‬
‫الفقيه ال أنه موجب فقد عرف من أصلنا اندفاع ذلك ‪،‬‬
‫والشرط ما ال يفهم منه تأثير ولكن وضع لينتفي الحكم‬
‫عند انتفائه من غير معنى فيه‪.‬‬
‫مثاله ‪:‬‬
‫علة ربوية األشياء األربعة المنصوصة عندنا الطعم‬
‫وحده ‪ ،‬والجنسية محل التحريم ‪ ،‬وعدم التساوي في‬
‫معيار الشرع شرط والمعلول فساد العقد قال القاضي‬
‫الحسين ‪" :‬فكأن الشارع يقول ‪ :‬الطعم في الجنس الواحد‬
‫مع انعدام التساوي ‪-‬يوجب فساد العقد وزعم األودني أن‬
‫الجنس هو العلة والطعم شرط‪.‬‬
‫هذا تحرير النقل عنه ‪-‬صريح بها لقاضي الحسين‬
‫وغيره‪ -‬وكان األودني جليل‬
‫صفحة ‪399 | 258 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫القدر فعجيب منه جعل المحل علة والشرط محاًل وال‬
‫يتبين في الجنسية أثر بخالف الطعم ؛ فكيف يعلل بغير‬
‫الوصف المؤثر ويعرض عن التعليل به ؟ ومن ثم رد‬
‫عليه القاضي الحسين بأن اهلل‪ 1‬لم يخلق هذه األشياء‬
‫للجنسية وإ نما [خلقها]‪ 2‬للطعم وأخذه صاحب التمة‬
‫فبسطه وأوضحه كما قررناه ؛ فقال ‪" :‬فإن قال قائل ‪:‬‬
‫لماذا جعل الطعم علة ؟ وهال قلت ‪ :‬الجنسية علة والطعم‬
‫شرط‪ .‬قلنا ‪ :‬الفرق بين العلة والشرط يظهر بأن يكون‬
‫صالحا ‪-‬بأن يجعل أمارة دالة على الحكم‪-‬‬
‫ً‬ ‫أحدهما‬
‫والثاني‪ -‬غير صالح كما وقع في الزنا مع اإلحصان ؛‬
‫فإن الزنا جناية ومعصية ‪ ،‬واإلحصان صفة كما تجتمع‬
‫سببا للعقوبة ‪،‬‬
‫في الشخص ‪ ،‬والجناية تصلح أن تكون ً‬
‫وأما وجود صفة الكمال فال تصلح ‪ ،‬فجعل اإلحصان‬
‫طا هنا وكذلك األموال ما خلقت للتجانس‬
‫علة والزنا شر ً‬
‫؛ وإ نما خلق كل جنس ليكون منفعة "انتهى"‪.‬‬
‫وهو صحيح فإن اإلحصان خصال محمودة ‪ ،‬ومعظمها‬
‫ال يحصل باختيار المحصن كالبلوغ والحرية والعقل‬
‫والكمال ال يناسب العقوبة وال يشعر ‪ ،‬ولذلك قال علماؤنا‬
‫تعليق العتق عليه ووجود صفة محل لنفوذه فإذا قال‬
‫السيد لعبده ‪ :‬إن دخلت الدار فأنت حر فدخلها عتق ‪،‬‬
‫[وعلة]‪ 3‬العتق التعليق ومحل نفوذه الصفة‪.‬‬
‫ومن ثم األصح عندنا ‪-‬وبه قال أبو حنيفة‪ -‬أنه إذا شهد‬
‫بالزنا قوم وباإلحصان آخرون أو بالتعليق قوم وبالصفة‬
‫آخرون وحكم بمقتضى شهادتهم ثم رجع [بالشهود]‪4‬‬
‫كان الغرم على شهود الزنا والتعليق ‪ ،‬دون شهود‬
‫اإلحصان والصفة‪.‬‬
‫وزعم بعض أصحابنا أن الجنسية شرط ‪ ،‬واختاره‬
‫الشريف المراغي والقطب النيسابوري زعيرهما من‬
‫النظار المتأخرين من أصحابنا‪.‬‬
‫وأعرب صاحب التتمة فقال ‪" :‬الجنسية شرط ومحل"‬
‫وزعم الرافعي في باب الزنا أنه ليس تحت‪ 5‬الخالف‬
‫أمر طائل وسبقه صاحب التتمة [فقال]‪ 6‬في باب الغسل‬
‫عند ذلك الخالف في موجب الطهارة ما هو ليس يظهر‬
‫لهذا الخالف تأثير في األحكام‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬ليس األمر كذلك ‪ ،‬وقد بنى الخالفيون من‬
‫الفريقين على قولنا ‪" :‬الطعم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة تعالى‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" أحدثها‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" وعليه‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" والشهود‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" زيادة هذا‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 259 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫علة والجنس محل" ‪ ،‬وقول أبي حنيفة جزء من العلة ‪،‬‬
‫والكيل جزؤها اآلخر‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫وهي أن الجنس بانفراده ال يحرم النساء عند الشافعي ؛‬
‫حيث يجوز إسالم الثوب في جنسه من حيث إنه ال يحرم‬
‫إال العلة وال علة لألحكام الثالثة إال الطعم نعم كانت‬
‫الجنسية معتبرة محاًل للعلة في ربا الفضل ‪ ،‬والمحل‬
‫بانفراده ال يؤثر‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪" :‬الجنسية تحرم ربا النساء ؛ ألنها إحدى‬
‫وصفي العلة كما أن الكيل أحدهما" ثم الكيل يقتضي عنده‬
‫تحريم النساء ؛ فكذلك الجنسية‪ .‬ونحن وإ ن ضايقناه في‬
‫هذا المقام وقلنا ‪ :‬كيف يعمل الجزء بمفرده والتأثير إنما‬
‫هو للمجموع ‪-‬فلسنا ننكر تفريع الرجل على أصله‪.‬‬
‫مثال آخر ‪:‬‬
‫اإلحصان شرط للرجم ‪ ،‬والزنا علة ‪ ،‬والمحصن محل‬
‫كما عرفت‪.‬‬
‫مثال ثالث ‪:‬‬
‫ذكره اإلمام في باب صالة العيدين ‪-‬في التكبير‬
‫المقتضي له الوقت ‪ ،‬ولذلك إذا فاتت فريضة فقضاها في‬
‫جزما ‪ ،‬ومحل العلة هو‬
‫غير أيام التشريق ال يكبر ً‬
‫الصالة واختلفوا فيها ‪-‬فقيل ‪ :‬مطلق الصالة ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫بل الراتبة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬بل الفريضة‪.‬‬
‫مثال رابع ‪:‬‬
‫خروج الحدث هو الموجب للطهارة بشرط القيام للصالة‬
‫؛ فليس القيام علة [وال جزء علة]‪ .1‬وفي المسألة خالف‬
‫شهير‪.‬‬
‫قال بعضهم ‪ :‬الموجب دخول الوقت ‪ ،‬وصحح الوالد في‬
‫تفسيره في صورة المجادلة في آية النجوى وذكر أن‬
‫الشيخ أبا حامد قال ‪ :‬إنه ظاهر المذهب‪.‬‬
‫وقال آخرون ‪ :‬الموجب أحد األمرين من الحدث ودخول‬
‫الوقت‪.‬‬
‫قال صاحب التتمة ‪ :‬ليس يظهر لهذا االختالف تأثير في‬
‫األحكام ؛ ولكن المقصود نفس علة الحكم "انتهى"‪.‬‬
‫وفيه نظر ‪ :‬بل للخالف فوائد ؛ منها إذا نوى بدخوله قبل‬
‫دخول الوقت فريضة الوقت فاألصح الصحة‪ .‬وبناء‬
‫الخالف على هذا األصل متجه ‪ ،‬إن قلنا‪ .‬وجب بالحدث‪.‬‬
‫صح بنية الفريضة ‪ ،‬وإ ن قلنا ‪ :‬بالوقت فال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا مات بعد وجوب الصالة وقبل فعلها في‬
‫الوقت وقلنا ‪" :‬إنه يعصي" فهل يحكم بعصيانه‪ -‬ألجل‬
‫ترك الوضوء من حين الحدث أو من أول الوقت ؟‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 260 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫مدخل‬
‫[وهاتان الفائدتان]‪ 1‬نبه عليهما بعض الشارحين ‪ -‬كما‬
‫ذكره ابن الرفعة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ما نبه عليه ابن الرفعة‪ -‬إذا قلنا يجب بدخول‬
‫الوقت "يصح وصفه باألداء والقضاء كالصالة فيقع عبد‬
‫خروج الوقت قضاء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الخالف في ثمن ماء االغتسال من الجنابة هل‬
‫يجب على الزوج ؟ يمكن أن يقال ‪ :‬إن أوجبنا الطهارة‬
‫بالحديث وجبت عليه ‪ ،‬لكونه سببه ‪ ،‬أو بدخول الوقت‬
‫فال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا صب الماء بعد دخول الوقت وصلى بالتيمم‬
‫فهل يجب عليه القضاء ؟‬
‫إن قلنا ‪ :‬يجب بدخول الوقت وجب أو بالقيام إلى الصالة‬
‫فال ؛ وإ نما ذكرت هاتين الصورتين لمساواتهما لما‬
‫قبلهما‪.‬‬
‫وفي بناء كل من الصور نظر ‪ ،‬إذا من أوجبه بالحدث‬
‫طا وكذا من أوجبه بالقيام جعل‬
‫جعل دخول الوقت شر ً‬
‫طا وغذا اشترط أحدهما في اآلخر لم يتجه‬
‫الحدث شر ً‬
‫البناء‪.‬‬
‫ويوضح هذا أنه في الصورة الخامسة لو صح البناء‬
‫القتضى أنه إذا صبه قبل دخول الوقت ‪-‬وقلنا ‪ :‬يجب‬
‫بالحدث يجب القضاء وال قائل به فيما أحسب‪.‬‬
‫وهذا الخالف في الطهارة يجب بما إذا جاز في غسل‬
‫الحائض ؟ أيجب بخروج الدم ؟ وعليه العراقيون من‬
‫أصحابنا ‪ ،‬أم بإنقطاعه ؟ وعليه الخرسانيون ‪ ،‬أم‬
‫طا ؟ وهو‬
‫بالخروج عند االنقطاع فيكون االنقطاع شر ً‬
‫التحقيق‪.‬‬
‫وفي الثاني الذي قال به الخراسانيون نظر ؛ فإن‬
‫االنقطاع ال يناسب وجوب الغسل ‪ ،‬فلعل شرط العلة‬
‫اشتبه بها‪.‬‬
‫قال الوالد رحمه اهلل في كتاب الجنائز ‪ :‬لهذا الخالف‬
‫فائدة حسنة ‪ ،‬هي إذا استشهدت الحائض في قتال الكفار‬
‫فإن قلنا باالنقطاع لم تغسل ‪ ،‬أو بالخروج ففيه الوجهان‬
‫فيغسل الجنب الشهيد‪.‬‬
‫وذكر صاحب العدة فائدة أخرى ‪ :‬إذا أجنبت الحائض‬
‫وقلنا بالقول الضعيف ‪ :‬إن الحائض تقرأ القرآن‪ .‬فلها أن‬
‫تغتسل من الجنابة الستباحة قراءة القرآن وإ ن قلنا‬
‫بالخروج فال يمكن ارتفاع الجنابة وبقاء الحيض ‪ ،‬كمن‬
‫أحدث بنوم ثم شرع في البول وتوضأ في حال بوله عند‬
‫النوم ال يصح‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" وهذان الفائدان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 261 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬مثاله في األصول‬
‫رفع حكم المجمع عليه باطل ‪ ،‬ومن يجوز إحداث ثالث‬
‫يدعي أنه غير رافع ‪ ،‬ومن يمنعه يدعي أنه رافع‪.‬‬
‫فلو اتفقوا على أنه رافع التفقوا على بطالنه أو على أنه‬
‫غير رافع التفقوا على جوازه‪.‬‬
‫وفي الفقه ‪ :‬الغرر مجتنب في البيع ‪ ،‬لحديث "نهي عن‬
‫بيع الغرر" واإلجماع والخالف في بيع الغائب ناشئ عن‬
‫أنه غرر أو اليعود ذلك إلى الخالف في معنى الغرر‪.‬‬
‫وقد قال صاحب الحاوي ‪ :‬إنه ما [تردد]‪ 1‬بين جائزين‬
‫"متضادين األغلب منهما أخوفهما" وقال صاحب البحر ‪:‬‬
‫الغرر ما [تردد]‪ 2‬بين جائزين "ال يرجح أحدهما صاحبه‬
‫غررا"‪.‬‬
‫‪ ،‬أما إذا رجحت السالمة لم يكن ً‬
‫ومن الغريب وجه حكاه الفوراني في "اإلبانة" أن المبيع‬
‫[إن]‪ 3‬كان [منضبط]‪ 4‬األوصاف ‪-‬بخبر [التواتر]‪- 5‬‬
‫فهو كالمرئي ‪ ،‬وال يخرج على قول [الغائب]‪.6‬‬
‫وفي [البحر]‪ 7‬أنه ال يخبر بصري أن يرفع اسم "إن" بعد‬
‫العاطف قبل مجيء ذا‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يردد‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يردد‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" "لو"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" مضبوط‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" للغائب‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" النحو‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 262 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وعمرا قائمان لئال يتوارد عامالن‬
‫ً‬ ‫زيدا‬
‫الخبر نحو ‪ :‬أن ً‬
‫‪-‬وهما "أن" و"االبتداء" على معمول واحد ‪ ،‬وهو الخبر‪.‬‬
‫مرفوعا ‪ ،‬بما كان‬
‫ً‬ ‫وال يمنعه كوفي ؛ ألنهم يرون الخبر‬
‫مرفوعا به قبل دخول "إن" وأخواتها ‪ ،‬ولم تعمل فيه "إن"‬
‫ً‬
‫شيًئا‪.‬‬
‫فلو اتفقوا على أنه مرفوع بأن التفقوا على منع المسألة ‪،‬‬
‫أو على أنه غير مرفوع بها ال تفقوا على تجويزها‪ .‬وما‬
‫من علم من العلوم إال وفيه [نظائر]‪ 1‬هذه [األمثلة]‪ 2‬ما‬
‫ال ينحصر لكثرته‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن يكون قبل االتفاق على عين العلة وهو‬
‫ضربان‪.‬‬
‫رأسا ‪،‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أن يحصل التردد قبل البحث عن العلة ً‬
‫ويكون منشأ التردد في قرب الفرع من األصل [أما]‪3‬‬
‫في أمر كلي أو شبه معنوي أو صوري كنظرنا في أن‬
‫الخنزير هل يلتحق سؤره بالكلب قبل البحث عن العلة ؟‬
‫وهذا الضرب صنفان‪.‬‬
‫[جلبا]‪ 4‬فيندره [الذهن]‪ 5‬ويتسارع‬
‫أحدهما ‪ :‬ما يكون ً‬
‫إليه الفهم من غير تأمل كإلحاق األمة بالعبد في السراية‪.‬‬
‫خفيا‪ .‬وهنا يضيق مجال النظر ‪،‬‬
‫وثانيهما ‪ :‬أن يكون ً‬
‫وربما قامت في بعض الصور إشارات ال تنهض بها‬
‫العبارات‪.‬‬
‫[الضرب الثاني]‪: 6‬‬
‫أن يثور الخالف [بين]‪ 7‬تعيين العلة وضبط الوصف ‪،‬‬
‫كالنظر في الماء المستعمل في الحدث هل يمنع التوضؤ‬
‫به ؛ ألنه أديت به عبادة فيحلق به المستعمل في تجديد‬
‫الوضوء ‪ ،‬أو ألنه أدي به فرض ‪ ،‬أو انتقل المنع إليه فال‬
‫يلتحق به المستعمل في التجديد‪.‬‬
‫وقس على هذا ؛ فإنه كثير "تقدم"‪ 8‬منه الكثير ‪ ،‬وسنذكر‬
‫عقيبه من مسائل الخالف ونظيره‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" من نظائر‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" إال‪.‬‬
‫كليا‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ً‬
‫‪ 5‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" من‪.‬‬
‫‪ 8‬يعدم في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 263 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬ال رابطة بين اإلمام والمأموم ‪ ،‬وكل منهما‬
‫يصلي لنفسه ؛ فال يلزم من فساد صالته فساد صالة‬
‫صاحبه ‪ ،‬وال من صحة صحتها وإ نما صحة كل منهما‬
‫وفساده بفعله ال بفعل غيره‪.1‬‬
‫واستدلوا على ذلك بقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪"$‬يصلون‬
‫لكم فإن أصابوا فلكم ولهم ‪ ،‬وإ ن أخطئوا فلكم وعليهم"‬
‫أخرجه البخاري وفي ابن ماجه والبيهقي ‪" :‬من أم الناس‬
‫فأصاب الوقت وأتم الصالة فله ولهم من [انتقض]‪ 2‬من‬
‫ذلك شيًئا فعليه وال عليهم‪.‬‬
‫وقال أبو‪ 3‬حنيفة ‪" :‬بينهما رابطة ؛ فكل خلل حصل في‬
‫صالة اإلمام يسري غلى صالة المأموم ألنه فرع عليه‪.‬‬
‫[واحتج]‪ 4‬بقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬اإلمام ضامن" ‪،‬‬
‫ضامنا أن تفسد‬
‫ً‬ ‫وال حجة لهم فيه إذا ال يلزم من كونه‬
‫صالة المأموم بفساد [صالته]‪ ، 5‬ال سيما وقد فسر‬
‫الضامن بخالف هذا ؛ فإن في ابن ماجه "اإلمام ضامن ‪،‬‬
‫فإن أحسن فله ولهم وإ ن أساء يعني فعليه وال عليهم"‪6‬‬
‫وقال [مالك]‪ 7‬وأحمد ‪ :‬يسري النقص إلي المأموم عند‬
‫عدم العذر ال مع العذر [فإذا]‪ 8‬اعتقد اإلمتام طهارته كان‬
‫وزعما أن هذا توسط بين‬
‫ً‬ ‫معذورا في االقتداء‬
‫ً‬ ‫[اإلمام]‪9‬‬
‫المذهبين‪.‬‬
‫ال بد من تحرير المذهب ؛ فإنه غير منصوص وال‬
‫رأسا ؛ فإن‬
‫[نعني]‪ 10‬بانتفاء الرابطة انتفاء العالقة ً‬
‫بينهما عالقة بال شك وإ نخما نعني بالرابطة أنه ال يلزم‬
‫من فساد واحدة أو كونها مؤداة فساد األخرى وال كونها‬
‫مؤداة ؛ بل قد تكون صحيحة أو مقضية ‪ ،‬وسر الجماعة‬
‫[عندنا ليس]‪ 11‬تعليق المأموم صالة بصالة اإلمام‬
‫وربطها به بل إبعاد الصالة عن [السهر]‪ ، 12‬باإلجماع‬
‫وشيوع أمر الدين ‪ ،‬وبعث الهمم على إقامة هذا الفرض‬
‫‪ ،‬فإن الهمم تنبعث بالمشاركة وتحصيل أجر الجماعة ‪،‬‬
‫[وما]‪ 13‬يدعو إليه اإلجماع من‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" وال من‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" نقص‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة أبو‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" واحتج‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" صالة‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" زيادة وال عليهم‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" ملك‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" فإذا‪.‬‬
‫‪ 9‬في "ب" اإلمام‪.‬‬
‫‪ 10‬في "ب" يعني‪.‬‬
‫‪ 11‬في "ب" عندنا ليس‪.‬‬
‫‪ 12‬في "ب" الرتق‪.‬‬
‫‪ 13‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 264 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫حضور القلب ‪ ،‬الرتباط فعل المأموم بفعل اإلمام‪.‬‬
‫خالفًا ألبي حنيفة فإنه قال ‪:‬‬
‫وفسادا ال‬
‫ً‬ ‫مأخذ صالة المأموم تابعة لصالة اإلمام‪ .‬صحة‬
‫[أداء]‪ 1‬وعماًل ‪ ،‬وهي كالمندرجة في ضمن صالة‬
‫اإلمام‪.‬‬
‫وقد أنشأ اختالفًا في هذا المأخذ "الخالف" في مسائل ‪:‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن القدوة ال تسقط قراءة الفاتحة عن المأموم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن اختالف نية اإلمام والمأموم ال تمنع القدورة‬
‫مع التساوي في األفعال حتى يجوز اقتداء المفترض‬
‫بالمتنفل ‪ ،‬والقاضي بالمؤدي والمتم بالقاصر ‪،‬‬
‫[وبالعكس]‪.2‬‬
‫ومنها ‪ :‬وقوف المرأة بجنب اإلمام ال يفسد صالتها ‪،‬‬
‫وعند أبي حنيفة تنعقد ثم تفسد صالة اإلمام ثم تفسد‬
‫صالتها وصالة المقتدين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا أرتج على اإلمام في القراءة ورد عليه‬
‫قاصدا الرد فقط بطلت صالة المأموم دون اإلمام‬
‫ً‬ ‫المأموم‬
‫جميعا" وقال أحمد "ال‬
‫ً‬ ‫‪ :‬وقال أبو حنيفة "تبطل صالتهما‬
‫تبطل صالة واحد منهما"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا اقتدى قارئ بأمي بطلت صالة القارئس‬
‫جميعا" ألنه‬
‫ً‬ ‫وحده ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪" :‬تبطل صالتهما‬
‫ركنا ‪ ،‬وبالغ‬
‫ألزمه تحمل القراءة وليس أهاًل فكأنه ترك ً‬
‫بعضهم فقال لو وجد األمي قارًئا يقتدي به لم تجز‬
‫منفردا ؛ ألنه وجد من يتحمل عنه‪.‬‬
‫ً‬ ‫صالته‬
‫جنبا أو ذا‬
‫ومنها ‪ :‬إذا بان بعد فراغ الصالة كون اإلمام ً‬
‫نجاسة خفية لم تجب اإلعادة‪ .‬والحنفية أوجبوها بناء‬
‫على قاعدة االندراج وتنزيل حدث اإلمام تنزيل حدث‬
‫المأموم ‪ ،‬ثم ادعوا أنا نقضنا قاعدتنا ؛ حيث قلنا ‪ :‬إذا بان‬
‫كافرا أو امرأة وجبت اإلعادة‪.‬‬
‫كونه ً‬
‫فقالوا ‪ :‬إن دعواكم إن كل مصلى يصلي لنفسه وال‬
‫ارتباط بين اإلمام‪ 3‬وبينهم في غير‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" األداء‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" وبالعارس‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة والمأموم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 265 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫الجمعة وأجاب علماؤنا ‪ :‬بأن الكفر واألنوثة كالنجاسة‬
‫الظاهرة ‪-‬ال يخفى حالها‪ -‬فإنما بطلت صالة القوم‬
‫لتقصيرهم وتفريطهم ‪ ،‬إذا الغالب‪ 1‬يكون للكافر والمرأة‬
‫عالمة يتميزان بها ؛ فإن فرض انتفاء العالمة فهو نادر‬
‫ال حكم له ؛ [فكان]‪ 2‬من حق المأموم [أن]‪ 3‬يعرف حال‬
‫إمامه مما يغلب ظهوره ؛ فإذا لم يتعرف وصلى كان‬
‫التفريط من قبله ؛ فكان كمن اقتدى بمن يعمله محدثًا أو‬
‫امرأة‪.‬‬
‫وهذا جواب من [يلتزم]‪ 4‬أن يتبين حال الكفر إذا كان‬
‫مستترا لم تبطل ‪ ،‬إذا ال تفريط ‪-‬‬
‫ً‬ ‫معلنا فإن كان‬
‫الكافر ً‬
‫وهو ما صححه الرافعي‪.‬‬
‫وصحح النووي والوالد رحمهما اهلل أن مخفي الكفر‬
‫كمعلنه ويجب اإلعادة فيهما وهو المعزو إلى النص‪.‬‬
‫وعلى هذا فالجواب ‪ :‬أن الكافر ليس من أهل الصالة‬
‫بخالف المؤمن المحدث فإنه من أهلها على الجملة‪.‬‬
‫معلنا بكفره ‪،‬‬
‫وقال المزني ‪ :‬ال تجب اإلعادة وإ ن بان ً‬
‫وهذا فيه وفاء بالقاعدة فال سؤال عليه‪.‬‬
‫أيضا بما إذا علم حدث اإلمام قبل‬
‫واعترض الخصوم ً‬
‫االقتداء به وهذا [تناقض]‪ 5‬فبطالن الصالة ‪-‬هنا إنما هو‬
‫لبطالن النية ؛ فإنه علم أن اإلمام العب وإ تباع الالعب‬
‫لعب حقيقة ‪ ،‬فبطلت نية الصالة‪.‬‬
‫بخالف ما إذا ظنه يصلي حقيقة‪ .‬فإن نيته ال تبطل ‪،‬‬
‫وهو مصل لنفسه كما بيناه‪.‬‬
‫وال ننكر أن بينه وبين اإلمام عالقة لكنها ال تنتهي إلى‬
‫الحد الذي قالوه ومن ثم ال يلحق المأموم سهو اإلمام إذا‬
‫ثانيا فللعالقة‬
‫كان محدثًا ويلحقه إذا كان غير محدث‪ .‬أما ً‬
‫‪ ،‬وأما أواًل فلعدم‪ 6‬الرابطة‪.‬‬
‫مقيما عد ما‬
‫مسافرا فبان ً‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬لو ظن المسافر إمامه‬
‫لزمه اإلتمام مطلقًا ‪-‬على ما‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة أن‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة من حق‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" يلزم‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" ساقط‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" فانعدم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 266 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫رجحه [اإلمام]‪ 1‬الوالد [رحمه اهلل]‪- 2‬لكونه صلى خلف‬
‫مقيم وال مباالة بكونه‪ -‬في نفس األمر محدثًا وبناء على‬
‫أصلنا في صحة القدوة [بمحدث]‪ 3‬ال نعلم حدثه‪.‬‬
‫ورجح النووي أنه‪ 4‬لم يسبق تبين اإلقامة ؛ بل سبق تبين‬
‫معا لم يلزمه اإلتمام ‪ ،‬ألنه في الظاهر‬
‫الحدث أو بانا ً‬
‫مسافر وفي الباطن غير إمام ‪ ،‬لعدم صحة القدوة [لحدثه]‬
‫‪.5‬‬
‫كذا علل به وال يخفي منعه ؛ ألن المحدث الذي ليس‬
‫بإمام هو المعروف حدثه فمن ثم جنح الوالد إلى مخالفة‬
‫النووي في هذا الترجيح‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"المغلب عند الشافعي رضي اهلل عنه ‪-‬في الزكاة معنى‬
‫المواساة ومعنى العبادة تبع له"‪.‬‬
‫ومعنى هذا أنها مؤنة مالية وجبت للفقراء على األغنياء‬
‫سدا‬
‫فجانب الفقراء وهم المعطون هم المقصود بالذات ً‬
‫لخلتهم ‪ ،‬وجانب األغنياء مغلوب‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪ :‬المغلب فيها معنى العبادة‬
‫والمواساة تبع ‪ ،‬وجانب األغنياء غالب ‪ ،‬وهو المقصود‬
‫بالذات رياضة للنفس ‪ ،‬لئال تطغى بالمال وتجرها كثرته‬
‫إلى ما ال ينبغي‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قضية أصل الشافعي [رضي اهلل عنه]‪6‬‬
‫إجزاء القيمة في الزكاة ؛ ألنه إذا غلب جانب الفقير فسد‬
‫خلته واقع بالقيمة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال يلزم من تغليب جانب الفقير إهمال جانب‬
‫أيضا لتطهير ماله ؛ وذلك‬
‫المالك ‪ ،‬بل هو منظور إليه ً‬
‫إنما يكون بإخراج العين‪.‬‬
‫واعلم أن ما ذكرناه من خالف بين اإلمامين ‪-‬في هذا‬
‫األصل تبعنا فيه الخالفين‪.‬‬
‫وقد حكى الوالد رحمه اهلل ‪ :‬في المسألة أوجهًا وقال ‪:‬‬
‫إنها تخرج من كالم أصحابنا في أن الزكاة عبادة محضة‬
‫أو مواساة أو فيها شائبة من هذا وشائبة من هذا تركبت‬
‫منهما‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة اإلمام‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" محدث‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة أن‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" لحدثه‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 267 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫قال ‪ :‬والمشهور عن مذهبنا أنها إما مواساة وإ ما مركبة‬
‫وعن الحنفية أنها عبادة محضة ‪ ،‬وبنوا عليه الزكاة في‬
‫مال الصبي‪.‬‬
‫ثم نص الوالد ‪-‬رحمه اهلل [على]‪ 1‬كونها عبادة وأطنب‬
‫في ذلك مع تضعيفه قول من نفي زكاة الصبي وقطعه‬
‫بأن الحق وجوب الزكاة‪ .‬ونحن نجري مع الخالفيين‬
‫على ما قرروه ‪ ،‬ثم [نلخص]‪ 2‬كالم الوالد‪.‬‬
‫[فنقول]‪ 3‬وهذا أصل بين اإلمامين يتخرج عليه مسائل‪.‬‬
‫منها ‪ :‬يجب عندنا الزكاة في مال الصبي والمجنون‬
‫كنفقة القريب وسائر المؤن‪.‬‬
‫وعندهم ‪ :‬ال يجب ألنه ليس من أهل إيجاب العبادة وال‬
‫يخشى وقوعه في محذور لعدم التكليف‪.‬‬
‫ونحن ننازعه في مقامات ثالثة ‪:‬‬
‫تفال نسلم "له" أنها عبادة وألن الصبي ليس أهاًل لها ؛ بل‬
‫هو أهل وينبغي أن يمرن عليها ‪ ،‬لئال يدمن على خالفها‬
‫فيجره ‪-‬عند التكليف إلى ما ال ينبغي ومن ثم أمرناه‬
‫بالصالة والصوم‪.‬‬
‫ثم بتقدير تسليم المقامين ال نقول ‪ :‬وجبت عليه بل إنما‬
‫تجب في ماله ‪-‬والمسألة تحرر في الخالفيات‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال تجب الزكاة في الحلي المباح في أصح‬
‫القولين ‪-‬ألنه متعلق حاجة المالك ‪ ،‬وال مواساة مع‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫وعندهم تجب ؛ ألن حاجة التحلي ال تمنع من الوقوع في‬
‫الطغيان والقول الموافق له ليس مأخذه ومأخذهم بل‬
‫مأخذه أن الحاجة إلى التحلي ال ينظر إلى مثلها الشارع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬تجب الزكاة في المال المغصوب والضال‬
‫والدين على مماطل على أصح القولين بعد عود المال‪.‬‬
‫سببا للطغيان ؛‬
‫وقالوا ‪ :‬ال تجب ألن هذا المال ال يصلح ً‬
‫ألنه ليس في يده‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يلخص‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يقول‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 268 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ومنها ‪ :‬تجب الزكاة على المديون على األصح ‪،‬‬
‫الستغنائه بما في يده وتعلق الدين بذمته‪.‬‬
‫ممتنعا عن‬
‫ً‬ ‫مقهورا بالدين‬
‫ً‬ ‫وقالوا ‪ :‬ال تجب ؛ لكونه‬
‫الطغيان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال تسقط الزكاة بالموت ؛ بل تخرج من التركة‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬ال تؤخذ ‪ ،‬المتناع حصول االبتالء في حقه‬
‫بوقوع العقاب‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن الخلطة مؤثرة في الزكاة فتجعل [المسالكين‬
‫كمالك واحد والمالين كمال واحد]‪ 1‬حتى لو [خلط]‪2‬‬
‫عشرين من الغنم بعشرين وجبت عليهما شاة ‪ ،‬ألن هذا‬
‫نصاب ‪ ،‬والنظر إلى المال دون المالك‪.‬‬
‫وعندهم ‪ :‬ال تجب ألنها عبادة والركن فيها الشخص‬
‫غنيا بنصاب تام‪.‬‬
‫المتعبؤد فال بد أن يكون ً‬
‫ومنها ‪ :‬أكثر مسائل الخالف في باب الزكاة‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬قدمنا أ ‪ ،‬الوالد رحمه اهلل نازع في كون الزكاة‬
‫غير عبادة وقد أطنب في ذلك ‪ ،‬وأبى أن يسلم للخالفيين‬
‫ما نقلوه عن الشافعية وقال ‪ :‬لقد ألجأتهم المبالغة في‬
‫البحث في زكاة الصبي إلى أن أخرجوا الزكاة عن‬
‫العبادة وفسروا العبادة بما يتعبد اهلل به [عادة]‪ 3‬من حيث‬
‫عبيدا مملوكين له وهورب لهم ‪ ،‬ال ألمر آخر ‪،‬‬
‫كونهم ً‬
‫وال [بسبب]‪ 4‬منهم خرج من ذلك سائر الواجبات التي‬
‫بالتزامهم فكالثمن واألجرة والمهر وغير ذلك ‪ ،‬والتي‬
‫بسبب منهم كالحدود والتعاذير وغير ذلك والتي لوصله‬
‫بينهم وبين العباد كنفقة األقارب ‪ ،‬وجعلوا الزكاة من هذا‬
‫القبيل ألنها وجبت للفقراء على األغنياء ألخوة الدين ‪،‬‬
‫وهي قرابة عامة ‪ ،‬كما وجبت نفقة الوالدين الفقيرين‬
‫العاجزين على الولد الغني باإلجماع ‪ ،‬للقرابة الخاصة‪.‬‬
‫وإ ن افترقت القرابتان في أن األول ال يثبت محرمية وال‬
‫عتقًا وأن الثانية ال توجب استقرار النفقة في الذمة ‪،‬‬
‫يوما بيوم وال تتقرر بنصاب وال‬
‫لتجدها بحسب الحاجة ً‬
‫حول بخالف [األولى]‪ 5‬؛ ألنها لغير معين أو على غير‬
‫معين ‪ ،‬فدعت الحاجة إلى استقرارها وتقديرها‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" المالكين كمال واحد والمالكين كمال واحد‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" خلطا‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" عبادة‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" سبب‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" األول‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 269 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫قال الوالد رحمه اهلل ‪ :‬وهذا كله صحيح لكنه ال يخرج‬
‫الزكاة عن حيز العبادات واهلل تعالى يتعبد عباده بما يشاء‬
‫‪-‬في قلوبهم وأبدانهم وأموالهم‪ -‬كما [تعبدهم]‪ 1‬في‬
‫قلوبهم باإليمان ‪ ،‬وفي أبدانهم باألقوال واألعمال كذلك‬
‫تعبدهم في أموالهم بالزكاة ‪-‬وأطال في ذلك‪.‬‬
‫وتقرير حديث ‪" :‬بني اإلسالم على خمس" وغيره مما‬
‫يدل على أنها عبادة ‪ ،‬وأنها ‪-‬مع ذلك حق المال وأن‬
‫معناها القدر المفروض في المال ال إخراج ذلك القدر ‪،‬‬
‫وأن حقيقة األمر اإليجابي موجود في حق الصبي وأن‬
‫تخلفه حقيقة الوجوب لعدم قبول المحل وأن الصبي ٍ‬
‫مساو‬
‫للبالغ في المقصود "في"‪ 2‬إيجاب الزكاة‪.‬‬
‫وتوصل بذلك كله إلى تقرير الوجوب في مال الصبي‬
‫كبيرا جمع فيه األدلة على ذلك من الكتاب‬
‫بابا ً‬
‫وعقد ً‬
‫والسنة والقياس وأطاب ذكره في كتاب "النظر الجلي في‬
‫زكاة الصبي" وهو تصنيفه الكبير في زكاة أموال‬
‫الصبي‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫علة ربوية األشياء األربعة المنصوصة عندنا الطعم‬
‫وحده ‪ ،‬والجنسية محل لتحريم الربا ‪ ،‬وعدم التساوي في‬
‫معيار الشرع شرط ‪ ،‬والمعمول فساد العقد‪.‬‬
‫قال القاضي الحسين ‪ :‬وكان الشارع يقول ‪" :‬الطعم في‬
‫الجنس الواحد ‪-‬مع انعدام التساوي‪ -‬بوجوب فساد‬
‫العقد"‪.‬‬
‫وزعم األودني ‪-‬من أصحابنا ‪ :‬أن الجنس هو العلة‬
‫والطعم شرط‪.‬‬
‫هذا تحرير النقل عنه ‪-‬صرح به القاضي الحسين وغيره‬
‫فأحفظه‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫األصل عندنا أن كال من الثمن والمثمن مقصود بنفسه‬
‫ومتعلق قصد البائع بالثمن كمتعلق قصد المشتري بالثمن‬
‫‪ ،‬وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه‬
‫وعلى المأخذ تتخرج مسألة النقود‪.‬‬
‫فعندنا أنها تتعين بالتعيين‪.‬‬
‫وقالوا ‪" :‬ال تتعين"‪.‬‬
‫[ووافقوا]‪ 3‬على التعيين في الوديعة والغصب والوصية‬
‫حليا تعين‪.‬‬
‫واإلرث والصداق والوكاة وأن النقد إذا كان ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ينعقد‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" من‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" وزعم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 270 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وفائدة التعيين ‪ :‬أنه ليس له‪ 1‬أن يعطي غير ما عين في‬
‫العقد ‪ ،‬ومتى تلف قبل القبض انفسخ العقد ‪ ،‬وإ ذا خرج‬
‫مستحقًا بأن بطالن العقد‪.‬‬
‫وحيث استحق الرجوع بمقابلة أو رد بعيب وغيرهما‬
‫يجب رد تلك العين إن كانت قائمة ‪ ،‬ولم يكن له أن يرد‬
‫بدلها ؛ سواء كان العيب بكل المبيع أو بعضه وسواء كان‬
‫قبل التفرق أو بعده‪ .‬صرح به الشيخ أبو حامد وغيره‪.‬‬
‫وفيه وجه عن صاحب التقريب وأنه يجوز قبل التفرق‬
‫أخذ البدل ‪ ،‬ويرجع في عينه عند الفلس [ويعمل]‪ 2‬به‬
‫النصاب من حين ملكه ‪ ،‬ويترتب عليها أحكام الملك‪.‬‬
‫وإ ذا كانت الدراهم المبذولة للحيلولة في الغضب باقية‬
‫بعد وجود المغصوب تردد الشيخ أبو محمد في أنه هل‬
‫يجوز للمالك إمساكها وغرامة مثلها ؟ قال النووي وتبعه‬
‫الوالد ‪ :‬واألقوى أن ال يجوز‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وال وجه للجواز إال أن النقود ال تتعين وليس هو‬
‫مذهبنا‪.‬‬
‫وإ ذا كاتب عبده على نقد للغير فسدت الكتابة ‪ ،‬كما إذا‬
‫كاتبه على مال الغير غير نقد‪.‬‬
‫وفرق أبو حنيفة بناء على أصله في أن النقد ال يتعين‬
‫بالتعيين ‪-‬ذكره عنه الرافعي في باب الكتابة‪.‬‬
‫مأخذ ‪ :‬هو أم باب الربا‬
‫األصل في بيع الربوبات ‪-‬بجنسها أو بما يشاركها في‬
‫علة الربا‪" -‬التحريم"‪.‬‬
‫وحيث ثبت جوازه ‪ :‬فمستثنى من قاعدة التحريم مقتطع‬
‫من أصله مقيد بشرط المساواة والحلول والتقابض عند‬
‫[اتحاد الجنس وبشرط الحلول والتقابض]‪ 3‬عند‬
‫اختالفها‪.‬‬
‫"فكل ربويين على التحريم إال ما قام الدليل على إباحته"‬
‫وهذا األصل مستفاد من قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال‬
‫وزنا‬
‫تبيعوا الذهب بالذهب" الحديث إلى قوله ‪" :‬إال ً‬
‫بوزن مثاًل بمثل سواء بسواء" هذا حديث أبي سعيد عند‬
‫مسلم رحمه اهلل ‪ ،‬وفي حديث عبادة سمعت رسول اهلل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬زيادة له في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يتكمل‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 271 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب‬
‫عينا بعين فمن زاد‬
‫الحديث إلى قوله ‪" :‬إال سواء بسواء ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫فقد أربى" لفظ مسلم ً‬
‫ووجه االستدالل أنه صلى اهلل عليه وسلم صدر بالنهي‬
‫فانسحب على جميع [المبايعات]‪ 1‬ثم استثنى بالنهي ‪ ،‬نعم‬
‫ما ال يتحقق خروجه بالمستثنى‪ 2‬فتمسك بالمستثنى منه‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ً‬
‫في كل مشكوك في خروجه‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة األصل الحل الندراجه في جملة البيع‬
‫وزعم أن المقصود من الحديث آخره وإ ن صدر أوله‬
‫بالنهي‪.‬‬
‫فهو يتمسك بالحل ‪-‬أخذ بأصل البياعات وبآخر الكالم‪-‬‬
‫ما لم يتحقق التحريم ‪ ،‬عكس ما نعمله نحن‪.‬‬
‫وال يخفي أنا تمسكنا باألصل القريب ‪-‬وهو تحريم‬
‫الربا‪ -‬وهو األصل البعيد‪ -‬وهو تحليل البيع‪.‬‬
‫وفائدة الخالف تظهر في مسائل القول الجامع فيها ما‬
‫عرفناك في أنا نحكم في مظان االشتباه ويعارض المأخذ‬
‫بالتحريم وهو يحكم بالحل ؛ منها مسألة ‪ :‬هي قاعدة من‬
‫قواعد الربا أن نقول الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة‬
‫فال يجوز بيع حفنة بحفنتين وال جوزة "بجوزتين وال‬
‫بطيخة ببطيختين"‪ 3‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أنا نشترط التقايض في بيع الطعام بالطعام‬
‫وسواء اتخذ الجنس أو اختلف ؛ ألن الجواز إنما يثبت‬
‫بشروط‪.‬‬
‫منها ‪ :‬التقابض المدلول عليه بقوله صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يدا بيد وهو صريح فيه ‪ ،‬والعرف يقضي بأن ذلك إنما‬
‫ً‬
‫يدا بيد‬
‫يكون في المجلس وحمل أبو حنيفة "رحمه اهلل" ً‬
‫على الحلول المنافي للتساوي‪.‬‬
‫زاعما أن القياس‬
‫ً‬ ‫عينا بعين على التأكيد والتكرير‬
‫وقوله ً‬
‫الجلي يؤيده وهو أن أصل البيع الجواز‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" البياعات‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة فتمسك بالمستثنى‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" سقط‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 272 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ومنها ‪ :‬بيع الرطب بالتمر باطل ألن التحريم الثابت‬
‫بالحديث ال يرتفع إال عند تحقق شرط اإلباحة ؛ فمتى لم‬
‫نعلم وجود الشرط حكمنا بالبطالن وهو غير متحقق‬
‫الوجود هنا ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬تصح المساواة في الكيل‬
‫وهو باطل بيع الحنطة بالدقيق والسويق وبيع الحنطة‬
‫المقلية بالنية أو المقلية‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا باع مد عجوة ودرهم بمدي عجوة ونظائرها‬
‫ال تصح خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬بيع اللحم بالحيوان باطل للجهالة بالمماثلة وهي‬
‫كبيع السمسم بالدهن وقالوا صحيح‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫ال معنى النعقاد العقود إال بثبوت أحكامها التي وضعت‬
‫لها ؛ فإذا انعقد البيع باإليجاب والقبول لم يكن معناه إال‬
‫حصول الملك ألنه سبب منصوب للملك وال سبيل إلى‬
‫قطع المسبب عن السبب ما أمكن وال ضرورة إليه ‪،‬‬
‫وذهب أبو حنيفة رضي اهلل عنه إلى أن اإليجاب والقبول‬
‫له حكمان ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬االنعقاد ‪ ،‬وهو مقترن بهما ومعناه الرتباط‬
‫الحاصل بين الخطاب والجواب‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬زوال الملك وهو حكم منفصل عن االنعقاد‬
‫محتجا بأن االنعقاد في نفسه معقول على تجرده كالهبة‬
‫ً‬
‫قبل القبض فإنها منعقدة ولم يتأثر المحل بها وال معنى‬
‫النعقادها إال تعلق اإليجاب بالقبول على نهج الخطاب‬
‫سببا للملك إذا وجد شرطه ‪ ،‬قال‬
‫والجواب وانتهاض ذلك ً‬
‫‪ :‬وإ ذا ثبت أنهما حكمان منفصالن فال يعتبر في االنعقاد‬
‫إال أهلية الخطاب والجواب ؛ فمتى صدر اإليجاب‬
‫والقبول من أصلهما وصادفًا محاًل قاباًل لحكمهما ثبت‬
‫االنعقاد ‪ ،‬وأما زوال الملك فينبغي على الوالية على‬
‫المحل ‪ ،‬والضابط عندهم أن كل عقد له مجيز حالة‬
‫وقوعه ينعقد موقوفًا على إجازته ويخرج على هذا إذا‬
‫طلق الولي امرأة الصبي موقوفًا على إجارته بعد بلوغه‬
‫أو طلق الصبي موقوفًا على إجارته بعد البلوغ ؛ فإنه ال‬
‫ينعقد لعدم المجبر حالة العقد ؛ إذا عرفت هذا يتبين لك‬
‫أن البيع سبب إفادة الملك باإلجماع ‪ ،‬أما عندنا فواضح‬
‫وأما عندهم فألنهم ال ينكرون سببيته بل يقولون هو سبب‬
‫لملك متراخ ال لملك ناجز والناجز االنعقاد فقط ومن ثم‬
‫قال الغزالي في الوسيط أجمعت األمة على كونه يعني‬
‫البيع إلفادة الملك وهو من عقد الوسيط التي ذهل عنها‬
‫مفيدا‬
‫سببا إلفادة الملك ولم يقل ً‬
‫كثيرون وقالوا كيف قال ً‬
‫للملك ثم أجاب منهم مجيبون بأنه احترز عن البيع في‬
‫مدة الخيار ؛ فإن الملك ال ينتقل إال بانقضاء الخيار‬
‫صفحة ‪399 | 273 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫سببا لإلفادة وهذا‬
‫مفيدا لملك بل ً‬
‫على قول فلم يكن البيع ً‬
‫ما جرى عليه ابن الرفعة وجهان على وجه آخر فقال‬
‫سببا إلفادة الملك ال يرد‬
‫قوله أجمعت األمة على كونه ً‬
‫عليه أحد قولي الشافعي رضي اهلل عنه أن الملك ال ينتقل‬
‫إال بانقضاء الخيار ألنا على هذا القول نقول االنتقال‬
‫سببان البيع وانقضاء الخيار ‪ ،‬وعلى خالفه نقول ليس إال‬
‫على سبب واحد وهو البيع ‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫وأقول إنما ادعى الغزالي إجماع األمة ولم يدع وفاق‬
‫المذهب حتى يحاول رد هذا القول إليه وإ نما قال أجمعوا‬
‫مفيدا ليخرج من خالف أبي‬
‫سببا ولم يقل ً‬
‫على كونه ً‬
‫حنيفة رضي اهلل عنه الذي حكاه هو وغيره في‬
‫الخالفيات من أن البيع في مدة الخيار ال ينقل الملك وإ ن‬
‫سببا فأراد أن ينبه على أن شبيه البيع مجمع‬
‫كان البيع ً‬
‫عليها كما عرفناك ثم عندنا المسبب متصل بالسبب‬
‫وعندهم ال يلزم كونه متصاًل وهو قول لنا في البيع في‬
‫مدة الخيار ؛ لكن ليس على منهج أصلهم بل على منهج‬
‫آخر وإ ذا تبين لك هذا األصل المنازع فيه بين اإلمامين ‪،‬‬
‫فعليه مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬تصرفات الصبي باطلة عندنا وعندهم تصح ‪،‬‬
‫ويتوقف نفوذها على إجازة الولي‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬بيع الفضولي فإنه باطل على الجديد وعندهم أنه‬
‫منعقد موقوفًا على إجارة المالك وهو قول قديم عندنا‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬البيع في مدة الخيار صحيح ناقل للملك على‬
‫القول المنصوص في الخالف وهو الصحيح إذا انفرد‬
‫المشتري بالخيار وعندهم منعقد غير ناقل للملك كما‬
‫عرفت ؛ فإن قلت نزل لي مراتب هذا في الخالف على‬
‫جادة مذهبك فإنك قطعت القول ببطالن تصرفات الصبي‬
‫إال في بيع االختيار على وجه ساقط وحكيت قواًل‬
‫قديما في بيع الفضولي‪.‬‬
‫مرجوحا ً‬
‫ً‬
‫وأما القول بأن الملك ال ينتقل في زمن الخيار فقوي وهو‬
‫الصحيح إذا انفرد البائع بالخيار ‪ ،‬قلت أما القطع ببطالن‬
‫تصرف الصبي فألنا ننازع الحنفية فيه في مقامين فال‬
‫يسلم لهم أن أهلية الخطاب معه ‪ ،‬والجواب موجودة ال‬
‫بالجملة وال بالتفضيل وال أن االنعقاد معنى غير حصول‬
‫الملك ‪ ،‬وأما الفضولي فإنا نسلم أن أهلية الخطاب‬
‫موجودة ولكن على الجملة ولكن دون هذا المحل المنع إذ‬
‫ال والية له عليه ‪ ،‬وأما البيع المقيد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 274 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫بالخيار فاألهلية موجودة جملة وتفصياًل فال نزاع لنا‬
‫معهم إال في أنه هل االنعقاد معنى غير حصول الملك‬
‫فإذا المنفرد بالترتيب والتفريع على هذا األصل إنما هو‬
‫هذه المسألة وحدها‪.‬‬
‫أما المسألتان األولتان فلهما أصل آخر وعند هذا أقول إن‬
‫هذا األصل عندي في موضع النظر النتفاضه بالهبة‬
‫وبالقرض فإن المفترض ال يملك المال من القرض بعقد‬
‫القرض بل إما بالقبض وهو األصح أو بالتصرف‬
‫والمتهب ال يملك بعقد الهبة بل بالقبض وهذا هو األصح‬
‫‪ ،‬وفي قول بالقعد وهو جار على وفق هذا األصل‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫األصل عندنا أن الفعل إذا طابق بظاهره الشرع حكم‬
‫بصحته وال ينظر إلى التهمة في األحكام لعدم انضباطها‬
‫واألحكام ببيع األسباب الجلية وال يوكل إلى المعاني‬
‫الخفية فاألصل إ ًذا الصحة حتى يثبت مقابلها ‪ ،‬وقال أبو‬
‫حنيفة كل فعل تطرقت التهمة إليه حكم بفساده لتعارض‬
‫دليل الصحة والفساد ؛ فإذا األصل الفساد حتى يثبت‬
‫مقابله ‪ ،‬وعلى هذا األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا أقر مدين في حال الصحة وبآخر في حال‬
‫المرض تساوي الغريمان وتخاصما في التركة ألن‬
‫اإلقرار مشروع في الحالتين ‪ ،‬وأبطل أبو حنيفة رحمه‬
‫محتجبا بتعلق غرماء الصحة‬
‫ً‬ ‫اهلل تارة إقرار المريض‬
‫محتجا بأنه أقوى‬
‫ً‬ ‫بعين المال وقدم تارة غرماء الصحة‬
‫من حيث إنه صادق حال اإلطالق‪.‬‬
‫متهما من حيث‬
‫والثاني ‪ :‬صادق حال الحجر فيكون فيه ً‬
‫أن الشرع سلبه قدرة التبرع فال يؤمن عدوله عن التبرع‬
‫إلى اإلقرار‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إقرار المريض لوارثه صحيح عندنا على‬
‫الصحيح خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إقرار المريض لوارثه صحيح عندنا على‬
‫الصحيح خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أمان العبد المحجور عليه صحيح في دار‬
‫الحرب فيؤثرهم على المسلمين فإن نقض بما إذا أعتق ثم‬
‫أسلم ‪ ،‬قالوا لما زالت يد المولى عنه بالعتق واختار‬
‫المقام في دار اإلسالم مع قدرته على العود إلى دار‬
‫الحرب زالت التهمة فيه ؛ فإن نقض عليهم ما إذا أذن له‬
‫مواله في األماه قالوا لم يأذن له مواله إال بعد أن يتبين‬
‫منه أن العبد ال يؤثر الكفار على المسلمين‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو ادعت البكارة أو الثيوبة ‪ ،‬قطع الصميري‬
‫والماوردي بأن القول قولها وال يكشف حالها ألنها أعلم‬
‫وال مباالة بتهمة إظهار شرف البكارة في األول وال‬
‫بتهمة دفع‬
‫صفحة ‪399 | 275 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫اإلجبار ‪ ،‬وفي الثاني قال الماوردي وال يسأل عن الوطء‬
‫‪ ،‬وال يشرط أن يكون لها زوج ‪ ،‬وقال الشاشي في هذا‬
‫انظر ألن بكارتها ربما ذهبت بأصبعها فله إن يسألها‬
‫وإ ن اتهمها حلفها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬وهو ما يغلب في بادئ الرأي على أصلنا عن‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه أن من ادعت غيبة وليها ال‬
‫يزوجها السلطان حتى يشهد شاهدان أنه ليس لها ولي‬
‫حاضر وأنها خالية عن الموانع ولم ال يصح أن هذا على‬
‫سبيل االستحباب ال الوجوب‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫حكم الرهن تعلق الدين بالعين بمعنى ضرورة المرتهن‬
‫أحق بيعها واستيفاء دينه منها البمعنى انحصار حقوقها‬
‫ويعبر عن هذا بأن لحقه تعلقًا بالعين‪.‬‬
‫وقالت الحنفية حكمه إثبات يد المرتهن فتبقى العين‬
‫يدا ثم هي من حيث عينها‬
‫عينا وللمرتهن ً‬
‫مملوكة للراهن ً‬
‫خالصة للراهن غير مثبوتة بحق الغير ويعبرون عن هذا‬
‫حسا ؛ ألن‬
‫بأن موجبه ملك السيد على سبيل الدوام ً‬
‫الرهن الحبس فهم يحملونه على الحبس الحسي وهو‬
‫دوام اليد ونحن نحمله على الحبس الشرعي وهو منع‬
‫المالك من التصرف وذهب مالك رحمه اهلل إلى مذهب‬
‫أنا أراه وأناظر عليه ذلك عندهم ‪ ،‬كالهالك حتى يتمكن‬
‫الغاصب أن يعطيه قدر حقه من غير [المخلوط]‪ 1‬ال‬
‫جرم قال الوالد رحه اهلل ‪ :‬القول بالهالك باطل بعيد من‬
‫الشريعة وقواعد الشافعي [رضي اهلل عنه]‪.2‬‬
‫قلت ‪ :‬ونظيره جعل جارية االبن إذا أحبلها األب أم ولد‬
‫له ولكن ذلك لقوة اإليالد وشبهة اإلعفاف واهلل تعالى‬
‫أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫عدوانا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قال علماؤنا ‪ :‬الغصب إثبات اليد على حق الغير‬
‫وقال الحنفية ‪ :‬تفويت اليد المستحقة بإثبات يده عليه‬
‫بعدوان أو تفويت مال الغير بتحصيله لنفسه‪.‬‬
‫وأعلم أن [ال مشاقة]‪ 3‬في التسمية غير أنا نقول لهم‬
‫غاصبا بتفويت يد [المالك]‪.4‬‬
‫ً‬ ‫شرطتم في كون الغاصب‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" المحفوظ‪.‬‬
‫‪ 2‬ساقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" األمشاقة‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" المالك‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 276 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫فإن قالوا ‪ :‬ألن الضمان ضمان جبر لما فات فال بد من‬
‫غاصبا ‪ ،‬ألنه‬
‫ً‬ ‫التفويق "قلنا" يلزمكم [أن]‪ 1‬يكون الغاصب‬
‫لم يفوت يد المالك وغن أثبت يده على [مالك]‪ 2‬وال قائل‬
‫به ويلزمكم أن من سلب المالك قلنسوته واحتوت يده‬
‫عليها ال يضمنها لعدم استيالئه ويلزمكم أن المودع إذا‬
‫جحد الوديعة ال يضمنها ؛ ألنه لم يفوت يد المالك ولم‬
‫يقولوا به‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فمنهم من يعبر عن هذا األصل بأن اليد‬
‫الناقلة غير معتبرة في وجوب الضمان العدواني عندنا ‪،‬‬
‫بل يكفي إثبات اليد بصفة التعدي خالفًا لهم فإنهم قالوا ‪:‬‬
‫"الزائد من النقل لتحقق صورة التعدي"‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪[ :‬زوائد]‪ 3‬المغصوب مضمونة لوجود حقيقة‬
‫الغصب وهو إثبات اليد فإن الولد كان بصدد أن يحدث‬
‫في [يد]‪ 4‬المالك فحدث في يد الغاصب بسبب غصبه‬
‫السابق ‪ ،‬فكان منع الحصول في يده كالقطع ولذلك وجب‬
‫الضمان على المغرور بزوجته إذا امتنع حصول الرق‬
‫في الولد كما إذا قطعه ومن ثم ضمن الولد‪.‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬وما كان ذلك إال ألنه تسبب إلى حصول‬
‫الولد في يده حيث أثبت يده على األم‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ال يضمن الزيادة إال عند منع الملك‬
‫منها ‪ ،‬وهو [عند]‪ 5‬ذلك أمانة ‪ ،‬وينقض عليه بولد صيد‬
‫الحرم‪.‬‬
‫ومنها ‪[ :‬أن]‪ 6‬غصب العقار مقصور فإن قصر يد‬
‫عدوانا يوجد فيه فيوجب‬
‫ً‬ ‫المالك عنه مع إثبات اليد عليه‬
‫الضمان ومن رشيق عبارات الغزالي ‪ :‬المغصوب‬
‫مضمونا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مضمون ‪ ،‬والعقار مغصوب فكان‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ال يتصور ألنه ال نتقل عن مكان وال‬
‫يتحول وال بد من النقل لتمام الغصب "واحتج بأن من‬
‫غاصبا مع‬
‫ً‬ ‫جلس على [بساط‪ 7‬غيره بغير إذنه ال يعد‬
‫مستوليا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كونه‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إال‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" مال‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" قبل‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" إذا‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" فراش‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 277 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫قال ‪ :‬وإ نما ذلك ألنه لم ينتقل ولم يحول‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكذلك الداخل إلى دار غيره لينظر هل تصلح‬
‫لسكناه‪.‬‬
‫قال أسعد المهيني ‪ :‬ومن أصحابنا من وافقهم على أن‬
‫غصب العقار ال يتصور ‪ ،‬وقال ‪ :‬يجب الضمان بطريق‬
‫آخر قلت ‪ :‬وهذا ضعيف ومصادم لقوله صلى اهلل عليه‬
‫ظلما فإنه يطوقه يوم‬
‫شبرا من األرض ً‬
‫وسلم ‪" :‬من أخذ ً‬
‫القيامة من سبع أرضين" متفق على صحته واألصح‬
‫عندنا أن الجالس على [بساط]‪ 1‬غيره ضامن‪.‬‬
‫وعلى الوجه اآلخر فالجواب أن المنقول بنقله بخالف ما‬
‫ليس بمنقول ؛ فإن غصب مثله [فإنما]‪ 2‬هو بقصد‬
‫"االستيالء"‪ 3‬وبهذا خرج [الداخل]‪ 4‬إلى دار لينظر هل‬
‫غاصبا لكن لو انهدمت في تلك‬
‫ً‬ ‫تصلح له فإنه ال يكون‬
‫الحال ففي الضمان وجهان ‪-‬حكاهما الرافعي عن‬
‫"صاحب التتمة" أصحهما ‪ :‬ال‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬المالية قائمة بمنافع األعيان كقيامها‬
‫باألعيان وليس من قيام العرض بالعرض في شيء يعني‬
‫بهذا أن منافع األعيان أموال كاألعيان‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬بل المنافع أحق باسم األموال من األعيان ‪ ،‬إذ‬
‫األعيان ال تسمى أموااًل إال الشتمالها على المنافع ‪ ،‬أال‬
‫ترى أنها ال يصح بيعها بدونها‪.‬‬
‫وربما قال علماؤنا ‪ :‬المنافع منزلة منزلة األعيان‬
‫واستدلوا بقول الشافعي رضي اهلل عنه "اإلجارة صنف‬
‫من البيع" فأشار إلى إعطائها حكم األعيان [بكونها]‪5‬‬
‫عينا بنفسها بقوله ‪:‬‬
‫تباع ‪ ،‬وإ لى أنها بمنزلة العين وليست ً‬
‫"صنف من البيع" ولم يقل أنها نفس البيع‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬ال مالية للمنافع‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬منافع المغصوب تضمن بالفوات تحت اليد العادية‬
‫خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬يجوز أن تكون منفعة الحر أو الدار صداقًا ‪،‬‬
‫وقالوا ال يجوز محتجين بقوله‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" فراش‪.‬‬
‫‪ 2‬في "بط" إنما‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" االستيالء‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" بالداخل‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" كونها‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 278 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫َأم َو ِال ُك ْم}‪1‬‬ ‫اء َذِل ُك ْم ْ‬
‫َأن تَْبتَ ُغوا بِ ْ‬
‫تعالى ‪َّ ِ :‬‬
‫{وُأحل َل ُك ْم َما َو َر َ‬
‫َ‬
‫قالوا ‪ :‬شرط في اإلباحة االنتفاع باألموال ‪ ،‬والمنافع‬
‫غير المال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬يؤخذ الشقص الشقص بالشفعة بقيمة البضع ‪،‬‬
‫[وكذلك]‪ 2‬إذا جعل بدل الخلع خالفًا لهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ألن‬
‫منافع العضو ليست بمال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن المعقود عليه في اإلجارة المنفعة دون العين‬
‫ثم المنافع المعقود عليها تملك مقترنة بالعقد وإ ن ترتب‬
‫شيًئا فشيًئا [هذا هو الصحيح]‪.4‬‬
‫وقالت الحنفية والشيخ أبو حامد منا ‪-‬تملك شيًئا فشيًئا‪.‬‬
‫وقاال أبو إسحاق المعقود عليه العين نفسها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن األجرة تملك بنفس العقد في األجرة المطلقة‬
‫كالثمن في بيع األعيان وعندهم تملك ساعة فساعة‬
‫بحسب وجود المنافع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن إجارة المبتاع جائزة تنزياًل لبيع المنافع‬
‫منزلة بيع األعيان‪.‬‬
‫وعندهم ‪ :‬ال يجوز قالوا ‪ :‬ألن قبض المنافع إنما تملك‬
‫بالفعل وهو استيفاؤها ‪-‬قالوا واستيفاء منفعة سابقة ممتنع‬
‫؛ فإن السكنى فعل ال يتبعض وكذلك اللبس بخالف بيع‬
‫المنافع‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن اإلجارة ال تنفسخ بموت المستأجر ألنه ملك‬
‫المنافع بالعقد دفعة فتورث عنه‪.‬‬
‫وعندهم تنفسخ ألن ملك المنافع مرتب على الوجود وقد‬
‫فات قبل الملك‪.‬‬
‫ونقض عليهم علماؤنا بمن نصب شبكة فوقع فيها صيد‬
‫بعد موته فإن وارثه يملك بالوراثة بجريان السبب من‬
‫حال الحياة والسبب هنا هو العقد وقد جرى في الحياة‬
‫وموت المؤجر كموت المستأجر‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة النساء "‪."24‬‬
‫‪ 2‬في "ب" كذا‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 279 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ومنها ‪ :‬إيجار‪ 1‬المدة المستقبلة باطل عندنا من غير‬
‫المستأجر للمدة الحاضرة المتصلة بها‪.‬‬
‫عقودا متجددة‬
‫ً‬ ‫وعندهم [صحيحة]‪ 2‬ألنهم لما قدروا‬
‫بحسب تجدد المنافع‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬فإيجار المدة المستقبلة ال تضر ‪ ،‬ألنه مقتضى‬
‫اإلجارة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن [الموصى له]‪ 3‬بالسكنى إذا مات ورث عنه‬
‫‪-‬خالفًا لهم بناء على األصل المذكور واهلل أعلم‪.‬‬
‫فائدة نختم بها مسائل الغصب ‪:‬‬
‫"إذا تعذر مثال ملغصوب المثلي وجبت القيمة"‪.‬‬
‫وهي عند صاحب التنبيه والوالد ‪ ،‬وعليها حمل كالم‬
‫النووي ‪ :‬قيمة المثل ال قيمة المغصوب ألنه الواجب عند‬
‫التلف وفي وجه قيمة المغصوب ألنه الذي تلف على‬
‫المالك وأجدني أميل إليه وهو الذي رجحه ابن الرفعة‪.‬‬
‫مثليا ففيه ثالثة أشياء‬
‫أصل ‪ :‬وهو أن المغصوب إذا كان ً‬
‫باقيا ‪ ،‬وال‬
‫أحدها ‪ :‬شخصه والوجوب متعلق به ما دام ً‬
‫صاعا‬
‫ً‬ ‫يضر اختالف القيم بالنسبة إليه [كمن]‪ 4‬غصب‬
‫من البر وقيمته درهمان يوم الغصب ال تلزم [زيادة]‪5‬‬
‫معه إذا رده بعينه وقيمته درهم ؛ ألن اختالف السعر‬
‫ليس إليه‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬نوعه وهو أهم من الشخص ‪ ،‬والوجوب يتعلق‬
‫به عند التلف ألنه بعض الواجب فلذلك وجب المثل عند‬
‫إمكانه‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬جنسه وهو "أعم من المالية" وهو "أعم" من‬
‫النوع ‪ ،‬ولذلك وجبت القيمة عند أعواز المثل وهي‬
‫عبارة عن المالية المحفوظة في العين ‪-‬أو في مثل‬
‫العين‪ -‬ذكره الوالد رحمه اهلل وقال ‪ :‬من ها هنا تنبيه‬
‫ألن الصحيح قيمة المثل ‪ ،‬وألن الصحيح اعتبار أقصى‬
‫القيم من الغصب إلى اإلعواز والتأدية ‪ ،‬ولوجوب قيمة‬
‫الحيلولة عند بقاء‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة أن‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" فمن‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" بزيادة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 280 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫المغصوب وتعذره إلى غير ذلك من المسائل المتفرعة‬
‫عن هذا األصل‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬قيمة المغصوب هي قيمة مثله ؛ أال ترانا نقول‬
‫‪" :‬قيمة المثل" ونعني بها قيمة الشيء‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال وصواب العبارة إذا قومنا شيًئا أن نقول "قيمته‬
‫ال قيمة مثله" ؛ وإ نما اختلفنا ها هنا في الغصب وفائدة‬
‫تظهر فيما بعد "هذا كالم الوالد رحمه اهلل" ثم ذكر بعد‬
‫ذلك بأوراق فيما إذا فقد المثل وظفر بالغاصب في غير‬
‫بلد التلف فيأخذ القيمة ‪ ،‬أما ألن المثلى لتلفه مؤنة على ما‬
‫صححه الرافعي والنووي أو ألن قيمة تلك البلد تزيد‬
‫على قيمة بلد التلف على ما ذهب إليه ابن الصباغ‬
‫والوالد رحمهما اهلل ‪-‬أنهما إذا اجتمعا في بلد التلف ففي‬
‫ردها وساتردادها الوجهان فيما لو غرم القيمة إلعواز‬
‫المثل‪.‬‬
‫وجزم الغزالي ‪ :‬في الوجيز ‪-‬بأن عليه المثل وأخذ‬
‫القيمة مع أنه جعل األظهر في مسألة اإلعواز والمنع‬
‫وأن الرافعي رحمه اهلل قال ‪ :‬هذا ال وجه له" بل الخالف‬
‫في المسألتين واحد باتفاق الناقلين فإما أن تختار فيهما‬
‫النفي أو اإلثبات وأن ابن الرفعة وافقه نقاًل وخالفه فيها‬
‫فقال ‪ :‬لعل الغزالي الحظ في إثبات الخالف ‪-‬في حال‬
‫تعذر المثل بناؤه على الواجب قيمة المغصوب أو قيمة‬
‫المثل ‪ ،‬ورجع أن الواجب قيمة المغصوب فال يكون‬
‫لوجود المثل ‪-‬بعد أخذها‪ -‬معنى وما نحن فيه القيمة‬
‫مأخوذة بداًل عن المثل اتفاقًا فلذلك قال ‪ :‬إن له‬
‫استرجاعها وبذل المثل‪.‬‬
‫قال ابن الرفعة ‪" :‬وهذا بحث دقيق فليتأمل ‪ ،‬فإن به يندفع‬
‫اعتراضي عنه"‪.‬‬
‫قال الوالد ‪ :‬وما يتبين لك ذلك أن الغزالي في "الوسيط"‬
‫هنا قال ‪ :‬إن القيمة في الحيلولة ‪ ،‬وفي األعوازلم يذكر‬
‫أنها للحيلولة‪.‬‬
‫قال ‪[ :‬وهي]‪ 1‬إشارة إلى ما قاله ابن الرفعة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قوله للوجوب متعلق عند التلف بالمثل ‪ ،‬ألن في‬
‫ضمنه النوع الذي هو بعض الواجب‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قوله ‪ :‬فيلزم عند تعذره أن يكون الواجب قيمته ال قيمة‬
‫المغصوب "هذا لم يظهر لي ويمكن أن يقال الواجب‬
‫حينئذ قيمة المغصوب ألن الغرض األصلي كان متعلقًا‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" وهو‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 281 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫به ؛ فلما أدت الضرورة بتعذره ‪-‬إلى مثله وقفنا عنده‬
‫فلما تعذر المثل ينبغي أن يعود إلى [عوض]‪ 1‬ما وردت‬
‫الجنابة عليه ال لى عوض مثله من هذا األصل الذي‬
‫أصله هذا الفرع الذي [فرعه]‪ 2‬واستدل ابن الرفعة ‪-‬ألن‬
‫الوجوب قيمة المغضوب ال قيمة مثله‪ -‬يقول الجمهور‬
‫فيما إذا جامع في الحج ‪ :‬إنه يجب عليه بدنة فإن لم يجد‬
‫فبقرة‪ -‬فإن لم يجد فسبعة من الغنم فإن لم يجد قوم البدنة‬
‫دون ما عداها"‪.‬‬
‫وما ذلك إال ألنها الواجب المتأصل‪.‬‬
‫وكانت أولى باالعتبار دون ما عداها ؛ فكذا نقول هنا ‪:‬‬
‫الواجب المتأصل رد العين المغصوبة فاتفاق فإذا تعذر‬
‫وجب الرجوع إلى قيمة األصل دون المجعول بداًل عنها‪.‬‬
‫وابن سريج يقول ‪ :‬تقوم البقرة ألن الحال استقر على‬
‫إيجابها ‪ ،‬وهذا نظير من اعتبر قيمة المثل فيما نحن فيه‬
‫وهذا استدالل جيد إال أن الولد رحمه اهلل يدعي أن المثل‬
‫حينئذ نفس الواجب الشتماله عليه ‪-‬وهو تعسف وقد يقال‬
‫‪ :‬لو نظر ابن سريج إلى ما استقر الحال عليه لقوم‬
‫السبعة من الغنم ال البقرة على أني لم أجد ما ذكره عن‬
‫ابن سريج إنما طريقه المذكورة في كتاب الحج التخيير‬
‫بين البدنة والبقرة والشاة والطعام والصيام‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬هل يناظر هذا في األضحية ‪ -‬إذا عين عن‬
‫الضالة واحدة ثم وجدها قبل ذبح البدل فأربعة أوجه‪.‬‬
‫معا‪.‬‬
‫أحدها ‪ :‬يلزم ذبحهما ً‬
‫والثاني ‪ :‬ذبح البدل فقط‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬ذبح األول‪.‬‬
‫والرابع ‪ :‬يتخير‪.‬‬
‫وصحح النووي الثالث وهو يشهد لما قلته من قيمة الم‬
‫غصوب ال قيمة مثله‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال فإن للوالد رحمه اهلل أن يفرق [بأن الموجود هنا‬
‫بعد الضالل نفس العين ‪ ،‬فنظيره وجود نفس المغصوب‬
‫ال مثله‪ .‬لكنا]‪ 3‬عند هذا نقول ‪ :‬إذا كنا نرجع إلى نفس‬
‫المغصوب فليكن عند مثله ‪-‬إلى قيمته‪ -‬لكونه أقرب إليه‬
‫ومن فوائد الخالف في أن الواجب قيمة المثل أو قيمة‬
‫المغصوب "أنه عند تعذر المثل إن قلنا "قيمة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فرفعه‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 282 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫المثل" [اعتبرنا]‪ 1‬أقصى القيم من وقت تلف‬
‫المغصوب"‪.‬‬
‫وإ ن قلنا ‪" :‬قيمة المغصوب" فمن وقت الغصب إلى وقت‬
‫التلف وتصحيح الرافعي والنووي أن المعتبر األقصى‬
‫من الغصب إلى تعذر المثل ‪-‬معتلين بأن وجود المثل‬
‫كبقاء عين المغصوب ؛ ألنه واجب وجوب العين ‪ ،‬فإذا‬
‫لم يفعل غرم أقصى قيمة [المدتين]‪ 2‬يعرفك أن الصحيح‬
‫عندهما قيمة المثل‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫الصحيح أن علة ثبوت الشفعة دفع الضرر الذي ينشأ من‬
‫القسمة من بدل مؤنتها والحاجة إلى أفراد الحصة‬
‫الصائرة له بالمرافق الواقعة في حصة صاحبه‬
‫[كالمصعد]‪ 3‬والبالوعة ونحوها‪.‬‬
‫وقال [أبو حنيفة]‪ 4‬رحمه اهلل ‪" :‬بل دفع ضرر الشركة‬
‫فيما يدوم من تضييق المداخل والتأذي [بحريم]‪ 5‬الشركة‬
‫أو [خالؤه]‪ 6‬أو كثرة الداخلين عليه وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫وبه قال ‪ :‬من أصحابنا ابن سريج [وجماعة]‪ -7‬فتعلقوا‬
‫بالمعنى األعم وتعلقنا بالمعنى األخص فنحن على ثقة من‬
‫ثبوت الشفعة فيما يصير إليه [لوقوع]‪ 8‬االتفاق عليه‬
‫وليسوا [كذلك]‪ 9‬فيما ينفردون فيه ‪ ،‬وهذا شأن كل علتين‬
‫أبدا المتمسك باألخص أجدر‬
‫إحداهما أعم من األخرى ً‬
‫بالسالمة‪.‬‬
‫وعلى العلتين مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬ال شفعة للجار عندنا ؛ إلمكان دفع الضرر‬
‫بالسلطان ‪ ،‬وخالف أبو حنيفة رحمه اهلل‪ 10‬فقال ‪" :‬تثبت‬
‫الشفعة للشريك والجار المالصق دون المقابل"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الشفعة تثبت بين الشفعاء على قدر األنصباء‬
‫على أصح القولين ‪-‬ألن مناط االستحقاق الملك المتصل‬
‫بجميع األجزاء فاتصال كل جزء من أجزاء ملكه سبب‬
‫ألخذ ما يتصل به ؛ فمن ازدادت أجزاء ملكه اداد ما‬
‫يتصل به من الشقص‪ .‬والحاصل ‪ :‬أن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" أقضي‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" المبتدين‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" كالمصفر‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" بحركة‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" إخالفه‪.‬‬
‫‪ 7‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 8‬زويادة في "ب" من‪.‬‬
‫‪ 9‬في "ب" ذلك‪.‬‬
‫‪ 10‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 283 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫االستحقاق بقدر الملك فيختلف باختالفه قلة وكثرة‬
‫والقول اآلخر التوزيع على عدد الرؤوس بالتسوية‪ .‬وبه‬
‫قال أبو حنيفة [رضي اهلل عنه]‪ 1‬؛ ألن مناط االستحقاق‬
‫عموم الملك ال خصوصه ‪ ،‬فليس للقدر قلة وال كثرة فيه‬
‫مدخل وهكذا القوالن في أجر القسام‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫"العبد محجور عليه بحق السيد ال لنقص في ذاته" ؛ فإذا‬
‫مقيدا تصرفه‬
‫أذن له تصرف بحكم اإلذن نيابة عن مواله ً‬
‫بما أذن له فيه ‪ ،‬والتصرف لمواله لال له كالوكيل فإن‬
‫أذن له في نوع من التجارة لم يستفد غيره‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة [رضي اهلل عنه]‪" : 2‬اإلذن له في نوع‬
‫يستلزم فك الحجر عنه كالمكاتب ‪ ،‬ويكون تصرفه لنفسه‬
‫بمقضتى إنسانيته ثم ينتقل إلى السيد فال يتقيد بالمأذون‬
‫فيه"‪ .‬وحرف المسألة ‪ :‬أن العبد يتصرف لغيره ‪،‬‬
‫فالتصرف مقيد بما أذن فيه غيره وعندهم بتصرف لنفسه‬
‫بأهليته ؛ وإ نما احتيج إلى إذن السيد ليعرف رضاه‪.‬‬
‫وعلى هذا األصل مسائل ‪:‬‬
‫مأذونا له فيما‬
‫ً‬ ‫منها ‪ :‬المأذون له في التجارة ال يصير‬
‫عداه خالفًا له‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا استغرقت ديون التجارة أكسابه لم يتعلق‬
‫بقيتها برقبته ‪-‬وال يباع‪ -‬بل بذمته يتبع به إذا عتق ؛ ألن‬
‫تصرفه نيابة عن سيده فيتقيد بمحل إذن وهو االكتساب‬
‫دون الرقبة‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة [رضي اهلل عنه]‪ 3‬تباع رقبته فيه ألن‬
‫التصرف حق العبد واإلذن يقتضي تعلق الديون بحقه ‪،‬‬
‫والرقبة حقه فيتعلق بها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا رأى السيد يبيع ويشتري فسكت لم يكن‬
‫إذنا له في التجارة خالفًا ألبي حنيفة‪.‬‬
‫سكوته ً‬
‫وحرف المسألة أن السكوت عندهم دليل على الرضا ‪،‬‬
‫بنوع يرفع الحجر بجملته‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬المأذون في التجارة له ال يؤجر نفسه خالفًا لهم‬
‫‪ ،‬وربما عبروا عن هذا األصل بأن اإلذن والية والوالية‬
‫ال تتجزأ وما ال يتجزأ فإثبات بعضه إثبات لكله‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 284 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وتطرقوا بهذا إلى قولهم ‪ :‬إن الموصى إليه بنوع من‬
‫وصيا مطلقًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫التصرف ال يصير‬
‫ونحن ال نسلم هذا وننازعهم في المقدمات الثالث ‪ ،‬فما‬
‫اإلذن والية ‪ ،‬وال الوالية يمتنع عليها التجزؤ ‪ ،‬وال إثبات‬
‫بعض ما يتجزأ إثبات كله ؛ بل قد يكون باطاًل ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال يعامل المأذون سيده وال يبيع منه وال يشتري‬
‫ألن تصرفه لسيده بخالف المكاتب‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة [رحمه اهلل]‪ 1‬له أن يعامله ‪ ،‬ألن تصرفه‬
‫لنفسه ‪ ،‬وأغرب أبو حامد فحكى فيما إذا كان عليه دين‬
‫يستغرق ذمته وجهًا أن له أن يشتري منه ؛ ألن ما في‬
‫يده حق الغرماء‪.‬‬
‫قال الوالد رحمه اهلل ‪ :‬ويحتمل أن يريد هذا القائل أن‬
‫السيد يأخذه بقيمته كما يدفع قيمة العبد الجاني وال يكون‬
‫طا‪.‬‬
‫تبعا قال ‪ :‬ويجب تأويله على هذا فال يكون غل ً‬
‫ً‬
‫تنبيه ‪ :‬لما أثبت الحنفية للمأذون استقاًل كالمكاتب [وبني]‬
‫‪ 2‬عليه ما ذكر من مسائل ألزموا أصحابنا أن سيده ال‬
‫يطالب بثمن ما اشتراه بخالف الوكيل ‪ ،‬وأن العبد إذا باع‬
‫سلعة خرجت مستحقة وتلف الثمن في يده رجع عليه‪.‬‬
‫مسلما لهم ثم أخذ يمانعهم وفي‬
‫ً‬ ‫قال اإلمام ‪ :‬وأعتقد ذلك‬
‫المسألة كالم طويل ووقع فيها للرافعي بسبب جمعه من‬
‫كالم اإلمام واألصحاب ما فيه مناقشة وقد بين الشيخ‬
‫اإلمام ذلك في شرح المنهاج فال أطيل به‪.‬‬
‫وحاصله ‪ :‬أن األرجح أن السيد ال يطالب بثمن ما‬
‫اشتراه العبد وال بالبدل إذا خرج المبيع مستحقًا ‪ ،‬وأن‬
‫الديون ال تلزم السيد‪.‬‬
‫وعلى هذا يجيء سؤال الحنفية فيقولون ‪ :‬إذا كان ال‬
‫استقالل له وما هو إال واسطة والتصرف في الحقيقة من‬
‫السيد ‪-‬فهال طولب ؟ والجواب أنه لما أذن له صار العبد‬
‫هو المقصود بالمعاملة ‪-‬فعلى من يعامله أن يحتاط لنفسه‬
‫ويقصر األمر عليه من غير نظر إلى سيده واهلل أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم يتصرف بالفتيا والسلطنة ‪،‬‬
‫وكل من األمرين ناشئ عن اهلل تعالى ‪ ،‬فإنه عليه الصالة‬
‫والسالم ال ينطق عن الهوى‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" وبنوا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 285 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ويظهر أثر الفرق في التصرفين من العموم والخصوص‬
‫فالتصرفات بالفتيا شرع عام أبد اآلبدين ودهر الداهرين‬
‫‪ ،‬وبالسلطنة قد يختص في كل زمان بحسب المصالح‪ 1‬؛‬
‫فإذا قال صلى اهلل عليه وسلم قواًل أو فعل فعاًل ظهر من‬
‫أي التصرفين هو فال إشكال وإ ن لم يظهر فاألغلب عند‬
‫علمائنا ال يحمل على التصرف بالفتيا ‪ ،‬وعند الحنفية‬
‫بالعكس‪.‬‬
‫وفيه مسائل ‪ :‬منها قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬من أحيا‬
‫أرضا ميتًا فهي له" قال الشافعي رضي اهلل عنه "هذا‬
‫ً‬
‫تصرف بالفتيا فال يتوقف اإلحياء على إذن اإلمام‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪" :‬بالسلطنة فال يحيى أحد بدون إذن إمام‬
‫الوقت" فنحن نجري الموات مجرى سائر المباحات بإذن‬
‫إمام األئمة عليه أفضل الصالة والسالم ‪ ،‬وهم يجرونها‬
‫مجرى مال بيت المال والغنيمة والفيء ؛ ففي كل زمان‬
‫يجتهد إمام الوقت فيما يراه أصلح ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم لهند بنت أبي عتبة ‪ :‬خذي لك ولودك ما‬
‫يكفيك بالمعروف‪.‬‬
‫قال الشافعي [رضي اهلل عنه]‪ 2‬هذا تصرف بالفتيا فمن‬
‫تعذر عليه أخذ حقه من غريمه فظفر بجنس حقه أو بغير‬
‫جنسه إذا لم يظفر بالجنس ‪ ،‬وقيل مطلقًا جاز له استيفاء‬
‫حقه منه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬من قتل قتياًل له‬
‫عليه بينة فله سلبه"‪.‬‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪" :‬السلب للقاتل مطلقًا" وقال‬
‫أبو حنيفة [رضي اهلل عنه]‪ : 3‬ال يكون له حتى يشترط‬
‫له بأن يقول اإلمام في الغزاة ‪ :‬من قتل قتياًل فله سلبه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬عادي األرض هلل‬
‫ولرسوله ثم هي لكم" يحتمل قوله ‪" :‬هي لكم" أن يكون‬
‫ذلك تصرفًا منه صلى اهلل عليه وسلم بالملك ‪ ،‬فملك‬
‫الموات بمشارق األرض ومغاربها ثم ملكها ألمته هذا ما‬
‫أشار إليه الجوري من أصحابنا‪.‬‬
‫ويحتمل أن يكون تصرفًا منه صلى اهلل عليه وسلم‬
‫[بالفتيا]‪ 4‬فشرع لنا الموات ويكون مالك الموات ملكه‬
‫مل ًكا ابتداء ‪ ،‬وبدل لذلك قول من قال من أصحابنا ‪ :‬إن‬
‫الموات ما لم يجر عليه ملك ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" [آخر زيادة]‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬ساقط من "أ"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 286 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫واحدا ونسبته‬
‫ً‬ ‫النكاح يتناول كل واحد من الزوجين تناواًل‬
‫إليهما واحدة والحل الثابت من الجهتين بالسوية‪.‬‬
‫وال يلزم من اختالفهما في األحكام اختالفهما في مؤترية‬
‫واحدا ويختلف‬
‫ً‬ ‫األحكام ؛ فقد يكون المؤثر في الشيئين‬
‫تأثيره بحسب محاله ويعبر علماؤنا من هذا بأن الرجل‬
‫محل النكاح كالمرأة مستدلين على ذلك بأن اهلل أضاف‬
‫النكاح إلى كل من الزوجين إضافة الفعل إلى الفاعل‬
‫{حتَّى تَْن ِك َح َز ْو ًجا َغ ْي َرهُ}‪ 1‬وقوله‬
‫بدليل قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫اجهُن}‪ ، 3‬وقال تعالى ‪:‬‬ ‫[تعالى]‪ِ 2‬‬
‫{ي ْنك ْح َن َْأز َو َ‬
‫َ‬
‫اب َل ُك ْم‬ ‫َأهِل ِهن}‪ 4‬وقال {فَ ْان ِك ُحوا َما َ‬
‫ط َ‬ ‫{فَ ْان ِك ُح ُ‬
‫وه َّن بِِإ ْذ ِن ْ‬
‫النس ِ‬ ‫ِ‬
‫اء} ؛ وبهذا سميا متناكحين‪ .‬ووجهه أن النكاح‬ ‫م َن ِّ َ‬
‫عقد ازدواج وانضمام فإن التزويج من االزدواج ‪،‬‬
‫والنكاح من االنضمام ‪ ،‬وحظ كل واحد من الزوجين مما‬
‫يقع به االزدواج كحظ اآلخر ‪ ،‬وكذلك في االنضمام ‪،‬‬
‫وهما كمصراعي باب وزوجي خف ‪ ،‬ولهذا المعنى‬
‫تساويا في الحل ؛ فكان الحل في جانبها كالحل في جانبه‬
‫ً‬
‫وإ ذا تبين أنهما منزالن من العقد منزلة واحدة صار كل‬
‫منهما محاًل للنكاح ثم اختلف علماؤنا على وجهين‬
‫حكاهما الرافعي قبيل كتاب الصداق عن صاحب التتمة‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه معقود عليه في حقها كما أنها معقود عليها‬
‫في حقه وعلى هذا أكثر الخالفين ‪ ،‬ووجهه أن بقاء كل‬
‫منهما شرط لبقاء العقد فينزالن منزلة العوضين [في‬
‫البيع]‪ 5‬وفي هذا الوجه وفاء عظيم بكون الزوج محاًل‬
‫للنكاح‪.‬‬
‫معقودا عليها في حقه وعلى هذا أكثر‬
‫ً‬ ‫والثاني ‪ :‬أنه ليس‬
‫الخالفيين ووجه أن بقاء كل منهما شرط لبقاء العقد‬
‫فينزالن منزلة العوضين [في البيع]‪ 5‬وفي هذا الوجه‬
‫وفاء عظيم بكون الزوج محاًل للنكاح‪.‬‬
‫معقودا عليه ألن العوض المهر ال‬
‫ً‬ ‫والثاني ‪ :‬أنه ليس‬
‫نفسه ‪ ،‬ولهذا لو كان تحته ثالث نسوة جاز له نكاح رابعة‬
‫زوجا‬
‫منكوحا لما جاز كما ان المنكوحة ال تنكح ً‬
‫ً‬ ‫ولو كان‬
‫آخر قلت ‪ :‬وهذا توجيه ضعيف ؛ فليس معنى كونه‬
‫معقودا عليه بهذا االعتبار ولو كان كذلك لكان الرد‬
‫ً‬
‫"نكاح ثانية أولى من الرد" بأن له نكاح رابعة غير أن‬
‫معقودا عليه إذا ال ريب‬
‫ً‬ ‫هذا ليس المعنى المقصود بكونه‬
‫أحكاما تخصه وقد قدمنا أنها‬
‫ً‬ ‫في أن لكل من الزوجين‬
‫يلزم من االشتراك في العلة االشتراك في الحكم‪.‬‬
‫واقتصر الرافعي على عزو هذين الوجهين إلى نقل‬
‫المتولي وهما مشهوران ولم يبين األرجح منهما في هذا‬
‫الموضع ‪ ،‬ولكنه في كتاب الطالق في مسألة "أنا منك‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة البقرة "‪."230‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سورة البقرة "‪."232‬‬
‫‪ 4‬سورة النساء "‪."25‬‬
‫‪ 5‬سقط من "أ"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 287 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫طالق" أن القول بأن معقود عليه غير مرض عند‬
‫األكثرين ؛ ألنه لو كان كذلك لما احتاج إلى إضافة‬
‫الطالق إليه وألنها ال تستحق من بدن زوجها ومنافعه‬
‫شيًئا "انتهى"‪.‬‬
‫وال أدري من أين له أن األكثرين لم يرتضوا كونه‬
‫معقودا عليه ‪ ،‬والذي لم يرتض ذلك فيما علمت إمام‬
‫ً‬
‫الحرمين ومن تبعه‪.‬‬
‫ووجه اإلمام في "األساليب" و"النهاية" كونه غير معقود‬
‫عليه لعدم استحقاقها لمنافعه ‪ ،‬ولم يذكر سؤااًل البتة ‪،‬‬
‫وهو سؤال قوي‪ 1‬للخصوم سنذكره ونذكر وجه‬
‫االنفصال عنه في التفريع فنقول ‪ :‬إذا عرف من أصلنا‬
‫أن الزوج محل النكاح ؛ فقد خالفنا أبو حنيفة رحمه اهلل‬
‫وأثر هذا الخالف في التنازع في مسائل‪.‬‬
‫منها ‪" :‬إذا قال أنا منك طالق" ونوى به طالقها وقع ألنه‬
‫أضاف الطالق إلى محله "وهو الزوج‪ -‬فإنه محل‬
‫الطالق ‪ ،‬وبدليل أنه محل للنكاح ومتى أضيف إلى محله‬
‫وقع" وقالت الحنفية ‪ :‬ال يقع ألن الزوج غير محله‬
‫وساعدونا على ما إذا قال لها أنا منك بائن فقالوا ‪ :‬إذا‬
‫نوى به الطالق صح ووقع‪.‬‬
‫وهذا إلزام عظيم يلزمهم ؛ فمتى كان الرجل محل إضافة‬
‫الكنابة إليه كان محل إضافة الصريح‪.‬‬
‫ولهم علينا سؤال تلقوه من تفاريعنا حيث قلنا ال بد من‬
‫النية في أنا منك طالق‪ .‬ثم اختلفنا‪ -‬هل تكفي نية أصل‬
‫الطالق أو يشترط مع ذلك إيقاعه عليها ؟ وإ ضافته إليها‬
‫على وجهين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬وهو رأي أبي إسحاق والقاضي الحسين ال‬
‫يشترك مع نية أصل الطالق نية أخرى‪.‬‬
‫وأظهرها ‪ :‬عند الرافعي والنووي أنه ال بد من إضافته‬
‫تبعا لإلمام ‪-‬إلى الجمهور‪ -‬ووجهه‬
‫إليها وعزاه الرافعي ً‬
‫بأن محل الطالق المرأة دون الرجل‪ -‬فال بد من نية‬
‫صادقة تجعل اإلضافة إليه إضافة إليها‪.‬‬
‫تبعا إلمامه ‪ ،‬فإن اإلمام‬
‫وهذا مأخوذ من كالم الغزالي ً‬
‫كاد يصرح بأن الرجل ليس‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة شذ‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 288 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫محاًل للطالق ‪ ،‬وتبعه الغزالي ولكنهما مع ذلك لم‬
‫يصرحا به ‪ ،‬وكالمهما في الخالفيات وغيرها من كتبهما‬
‫صريح في أنهما ال يحتجان إلى مسألة "أنا منك طالق"‬
‫معقودا عليه ؛ بل يصلح الغرض‬
‫ً‬ ‫إلى تقرير كون الزوج‬
‫بدون ذلك بأسلوبين قررهما اإلمام وأسلوب ثالث اقتصر‬
‫عليه الغزالي في التحصين‪.‬‬
‫معقودا عليه‬
‫ً‬ ‫وأنا أقول ‪ :‬ال يخفي أن من يجعل الزوج‬
‫ينكر كونه محاًل للطالق وأما من ال يجعله ففيه نظر‬
‫احتمال إذ ال يلزم من كونه غير معقود عليه أن ال يكون‬
‫محاًل للطالق فمن أين يصح للرافعي إنكار كون الزوج‬
‫محاًل للنكاح وهي مسألة شهيرة معروفة بالخالف بيننا‬
‫وبين الحنفية إذا عرفت ذلك فتقرير سؤالهم أنكم‬
‫اشترطتم النية على األصح بنيتين ‪-‬نية أصل الطالق‬
‫ونية وقوع الطالق عليها‪ -‬ولو كان الرجل محاًل للطالق‬
‫لوقوع االستغناء عن النيتين‪.‬‬
‫ويزيد من يحيط بفروع المذهب على هذا أن يقول ‪ :‬بل‬
‫كان ينبغي أن يقع الطالق وإ ن جرد القصد إلى تطليق‬
‫نفسه ولم يقتصر على أصل الطالق ‪ ،‬وقد قال اإلمام ‪:‬‬
‫"الوجه عندي أنه ال يقع"‪.‬‬
‫وهذا السؤال أخذه الرافعي ورضيه ورد به على من‬
‫معقودا عليه كما رأيت ‪-‬وقد أجابهم اإلمام‬
‫ً‬ ‫يجعل الزوج‬
‫أبو المظفر السمعاني في "االصطالم" ؛ فقال ‪" :‬إنما‬
‫احتيج إلى أصل النية ألن لفظ الطالق محتمل أن يراد به‬
‫الطالق عن نكاح أو وثاق ‪ ،‬بخالف أنت طالق فإن هذا‬
‫االحتمال وإ ن تطرق إليه إال أن العرف يدرؤه ويعين‬
‫احتمال الفراق عن النكاح وال اعرف فيه "أنا منك طالق"‬
‫فرجعنا إلى أصل حقيقة المعنى فوجدناه محتماًل ‪،‬‬
‫فاعتبرنا فيه النية كما اعتبروها في "أنا منك بائن"‪.‬‬
‫وهذا جواب صحيح ‪ ،‬وفي كالم اإلمام إشارة إليه فإنه‬
‫قال في النهاية ‪ :‬شبه مشبهون هذا بما إذا قال ألمراته أنا‬
‫منك طالق من حيث أن اللفظ جرى على صيغة مستبشعة‬
‫حائدة عن جهة العرف في االستعمال "انتهى"‪.‬‬
‫إيضاحا ‪ :‬فأقول ‪ :‬لفظ طالق وإ ن‬
‫ً‬ ‫وأنا أزيد هذا الجواب‬
‫صريحا إال أن الصريح إذا انضم إلى ما يخرجه عن‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫صراحته بطل حكمه أال ترى أنه لو ضم إلى قوله "أنت‬
‫صريحا وقوله ‪ :‬أنا منك‬
‫ً‬ ‫طالق طالقًا من وثاق" لم يكن‬
‫طالق لفظ ضم إليه ما يستشنع فأخرجه عن الصراحة ‪،‬‬
‫فإن الرجل ال يخرج عن المرأة إال على تأويل ؛ وإ نما‬
‫صفحة ‪399 | 289 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫المرأة تطلق منه فالطالق يقع منه عليها وهذا معنى كونه‬
‫محاًل للطالق وعليها منه ‪ ،‬وهذا معنى كونها محاًل‬
‫للنكاح ؛ فلما خرج عن الصراحة لهذه الضميمة افتقر‬
‫إلى نية‪.‬‬
‫وهذا الجواب بهذا اإليضاح الذي أوضحته يحق له أن‬
‫يقال عنده ‪ :‬ما قاله ابن السمعاني ما ذهب إليه أبو‬
‫إسحاق والقاضي الحسين من عدم اشتراطها عليه يدل‬
‫نص الشافعي رضي اهلل عنه بل أقول ‪ :‬لو جرد القصد‬
‫إلى تطليق نفسه فاألوجه خالف ما قاله اإلمام ‪ ،‬وأنه يقع‬
‫إذا نوى الطالق عن نكاحها وبه صرح القاضي الحسين‬
‫‪ ،‬وفي النص رمز إليه‪.‬‬
‫بل نقل اإلمام في النهاية عن بعض الخالفيين ‪-‬أن اللفظ‬
‫صريح وإ ن قصد تطليق نفسه‪.‬‬
‫وهذا عندي قوي وإ ن كان اإلمام ال احتفال له به وأقول ‪:‬‬
‫معقودا عليه‬
‫ً‬ ‫إنه ظاهر كل الظهور عند من يجعل الزوج‬
‫‪ ،‬وقد وضح بما قررته اندفاع ما اعترض به الرافعي‬
‫من النية‪.‬‬
‫وأما قوله ‪ :‬وألنها ال تستحق من بدن الزوج شيًئا فقد‬
‫يرد عليه الوجه المقابل بأنها تستحق عليه وطأة واحدة ؛‬
‫سواء علل بتقرير طلب المهر أم بطلب التحقيق‪.‬‬
‫وأما من ال يقول بهذا الوجه أن يقول ‪ :‬نحن ال نعني‬
‫معقودا عليه أو محاًل للنكاح أنها ال تستحق‬
‫ً‬ ‫بكون الزوج‬
‫أمرا وراء ذلك‪.‬‬
‫شيًئا من بدنه وال من منافعه بل نعني ً‬
‫قطعا ‪ ،‬ومن‬
‫وعجيب ذكر البدن هنا والمرأة معقود عليها ً‬
‫ذلك ال يقول أحد ‪ :‬إن الزوج ال يستحق شيًئا من بدنها ؛‬
‫سواء قلنا ‪ :‬المعقود عليه في النكاح المنفعة وهو‬
‫المقصود في الخالف أو حل الزم ‪ ،‬أو عين المرأة‬
‫بوصف الحل ‪ ،‬وهي وجوه حكاها ابن السمعاني‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو قال لها" "طلقي نفسك" فقالت ‪ :‬طلقت قاصدة‬
‫تطليق نفسها فإنه يقع ‪ ،‬وكذا لو قصدت أصل الطالق‬
‫خالفًا ألبي عبيد بن حربويه وبمسألة أبي عبيد صرح‬
‫الرافعي‪.‬‬
‫أما إذا قصدت تطليق نفسها فمصرح بها في النهاية‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬بني المتولي كما نقله عنه الرافعي في كتاب‬
‫الطالق وابن الرفعة في مسألة‬
‫صفحة ‪399 | 290 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫معقودا عليه‬
‫ً‬ ‫أنا منك طالق على الخالف في كون الزوج‬
‫ما لو قال الرجل لولي المرأة ‪" :‬زوجت نفسي من ابنتك"‬
‫فقال الولي ‪ :‬قبلت النكاح هل ينعقد وفيه وجهان‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال ينعقد النكاح إال بلفظ التزويج أو اإلنكاح ‪،‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬ينعقد بلفظ الهبة والبيع والتمليك ألنهم‬
‫لما جعلوا "الحل" فقط والرجل كمشتر تملك البيع جوزوه‬
‫بهذه األلفاظ الناقلة لألمالك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الزوج يغسل زوجته إذا ماتت كما يجوز لها‬
‫غسله إذا مات وكما اشتركا في حل اللمس والنظر ‪،‬‬
‫وقال الحنفية ‪ :‬ال يجوز لها غسله ويجوز له تغسيلها‬
‫النقطاع المالكية بفوات مالك المحل‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬اسم الزنا حقيقة في الزاني والزانية ‪ ،‬ونسبته‬
‫إليهما واحدة خالفًا لهم وستأتي المسألة في مسائل الزنا‬
‫إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫إذا تأملت هذه الفروع ورأيت اختالف األصحاب فيمن‬
‫بناها على أن الزوج معقود عليه أو ال واتفاقهم على ما‬
‫لم يبن على ذلك بل على أنه محل النكاح ؛ بحيث ال‬
‫يخالفهم حينئذ إال الحنفية عرفت ما قدمناه لك من أنه‬
‫يلزم من كونه غير معقود عليه ‪-‬وهو ما ارتضاه اإلمام‬
‫الغزالي ال يكون محاًل للنكاح‪.‬‬
‫وحاصل كالم اإلمام الغزوالي أنه ال يحتاج في إيقاع‬
‫معقودا‬
‫ً‬ ‫الطالق في قوله ‪ :‬أنا منك طالق إال أن يكون‬
‫عليه بل وال أن يكون محاًل للنكاح بل الطالق واقع بهذه‬
‫معقودا عليه وال محاًل‬
‫ً‬ ‫اللفظة إذا نوى ‪-‬وإ ن لم يكن‬
‫للنكاح‪.‬‬
‫وهذا صحيح نوافقهما عليه فإن في مسألة "أنا منك طالق"‬
‫غنية عن هذا األصل ‪ ،‬وإ نما ذكرها الخالفيون ألنه يلزم‬
‫من إثبات هذا األصل تصحيح المسألة وإ ن لم يلزم من‬
‫إبتطاله إبطالها ‪-‬فقرروا صحته ليثبت مرادهم فيها‪.‬‬
‫وقرر اإلمام والغزالي صحتها غير متعلقين باألصل إما‬
‫لضعفه عندهما أو ألن التشكيك عليه أظهر منه ‪-‬على‬
‫األسلوب الذي ذكرناه ‪ ،‬وال شك في ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬معتقد الشافعي رضي اهلل عنه أن أثر الشيء ال‬
‫يتنزل منزلته في وجوده وعدمه وأن من فعل ذلك فقد‬
‫تابعا وخالف‬
‫متبوعا والمتبوع ً‬
‫ً‬ ‫قلب الحقائق وجعل التابع‬
‫حسا وحقيقة‬
‫الحس فإن األحكام واآلثار تبع الحقائق ً‬
‫وخالف في ذلك الحنفية فذهبوا‬
‫صفحة ‪399 | 291 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وعدما فينزل‬
‫ً‬ ‫وجودا‬
‫ً‬ ‫إلى أن حكم الشيء يدور مع أثره‬
‫وجود أثر الشيء منزلة وجوده وعدمه منزلة عدمه كما‬
‫يستدل بوجود األثر على وجود المؤثر وبانتفائه على‬
‫انتفائه‪.‬‬
‫وعلى هذا األصل مسائل ‪:‬‬
‫المصابة بالفجور والمعنى بها من زالت بكارتها بالزنا‬
‫تستنطق على القول الجديد عندنا لوجود الثيوبة ويكتفي‬
‫عندهم بسكوتها ‪-‬قالوا ‪ :‬ألنه وطء لم يتعلق به حكم من‬
‫أحكام الملك وال خاصة من خواصه فأشبه من زالت‬
‫بكارتها بسقطة أو أصبع أو حدة الطمث أو طول التعنيس‬
‫أو بالوطء في الدير ؛ فإنها بكر ‪-‬قلنا ألصحابنا وجه أن‬
‫التي زالت بكارتها بالسقطة ونحوها أو من وطئت في‬
‫ثيبا وعلى هذا يسقط السؤال وعلى الصحيح‬
‫دبرها تكون ً‬
‫وهو بقاء حكم البكارة في هذه الصور فالجواب أن‬
‫المناط بالوطء يترتب عليه التقرير وليس ذلك فيما ذكرتم‬
‫وسره أن الشارع علق االستيدان بالثيوية والمتبادر إلى‬
‫الذهن عند إطالق الثيوبة ‪-‬ثيوبة حاصلة بوطء ال يصور‬
‫نادرة من ثم قال الصيمري ‪" :‬لو خلقت بال بكارة فهي‬
‫بكر"‪.‬‬
‫فليفهم الفاهم ذلك ؛ فإنا لم نر من الخالفيين من رمز إليه‬
‫‪ ،‬ومنه سقط أسئلة للخصوم كثيرة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬لو وطئت مكرهة أو نائمة أو مجنونة فهي ثيب‬
‫على الصحيح عندنا ‪ ،‬وسره ما أبديناه من حصول‬
‫الثيوبة من وطء‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬بين لي أوجه الفقه في اشتراط ثيوبة عن وطء‬
‫؛ فإنك لم تتعلق بمطلق الثيوبة ‪ ،‬بدليل الثيب عن وثبة‬
‫ونحوها ‪ ،‬وال بخصوص الثيوبة عن وطء حالل‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وجه اشتراط زوال المجامعة بخالف الوثبة‬
‫ونحوها ووجه تعميم الحالل والحرام ‪ ،‬أن زواله مع‬
‫الحرام أبين وأوضح من زواله في الحالل وال حقًا بذلك‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬يجوز لمن طلق األربع أن ينكح في عدتهن‬
‫خالفًا لهم‪.‬‬
‫بائنا لمن طلقها‬
‫ومنها ‪ :‬يجوز نكاح أخت المطلقة طالقًا ً‬
‫ألن المحرم هو الجمع في السبب المتعين في الوطء وقد‬
‫انعدم ذلك حقيقة ‪ ،‬فال مباالة ببقاء أثره وهو العدة خالفًا‬
‫لهم حيث قالوا ‪ :‬بقاء ال عدة بمنزلة بقاء أصلها‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 292 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ومنها ‪ :‬المختلعة ال يلحقها صريح الطالق لزوال حقيقة‬
‫النكاح وقالوا يلحقها ما دامت العدة لبقاء األثر‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬المبتوتة في مرض الموت ال ترث ‪ ،‬وقالوا ‪:‬‬
‫إنها ترث ما دامت العدة باقية كل هذا يفعلونه تنزياًل‬
‫لألثر منزلة المؤثر واستدالاًل به عليه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬الصداق محض حق المرأة ثبوتًا واستيفاء‬
‫تستقل بإسقاطه وتعود فوائده إليها‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪ :‬الصداق حق اهلل ابتداء ‪،‬‬
‫محتجا بأن اتفاق‬
‫ً‬ ‫وربما قال ‪ :‬الوجوب هلل والواجب لها‬
‫الزوجين على استقاطه ال يوجب سقوطه ؛ بل يجب‬
‫بالعقد عند أبي حنيفة وبالدخول عند الشافعي رضي اهلل‬
‫عنهما‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫ثمنا‬
‫منها ‪ :‬ال يتقدر الصداق عندنا بل ما جاز أن يكون ً‬
‫جائز أن يكون صداقًا قل أم كثير‪.‬‬
‫وقدره أبو حنيفة بعشرة دراهم فال ينقص عنها حتى لو‬
‫محتجا بأنه حق اهلل فال يؤدي‬
‫ً‬ ‫ذكر أقل منها وجبت هي‬
‫إال بمال مقدر ‪ ،‬ثم إنه ورد على البضع وهو محل‬
‫إظهارا لخطره‬
‫ً‬ ‫محرتم ذو خطر وشرف شرع المال فيه‬
‫وشرفه ألنه لو توصيل إليه بغير شيء لهان عند الناس‬
‫وما ال يتوصل إليه إال بالمال يعز عند النفوس وإ ذا كان‬
‫مشروعا لهذا المعنى فاليظهر المحل إال بمال له‬
‫ً‬ ‫المال‬
‫خطر وشرف وأقله عشرة دراهم ؛ ألنه الذي تقطع به يد‬
‫السارق‪.‬‬
‫والجواب أن هذه المقدمات كلها عندنا ممنوعة فال نسلم‬
‫أنه حق اهلل تعالى ومستند المنع أنه لو كان لكان يصرف‬
‫في مصارف حقوق اهلل تعالى‪.‬‬
‫وما يذكرون في الفرق بين الوجوب والواجب ال طائل‬
‫فيه ؛ فإن الوجوب نسبة بين المنتسبين‪.‬‬
‫وإ ن سلمنا أنه حق اهلل تعالى فلم قلتم أنه ال يؤدي إال بمال‬
‫‪ ،‬ولم قلتم ‪ :‬إنه اليكون إال بمال له خطر ‪ ،‬ولم قلتم ‪ :‬إن‬
‫الناقص عن العشرة ليس كذلك ‪ ،‬ولم قلتم ‪ :‬إن يد السارق‬
‫ال تقطع في أقل منها‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 293 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ومنها ‪ :‬المفوضة ال تستحق المهر بنفس العقد بل بالوطء‬
‫أو الموت على الجديد الصحيح ‪ ،‬وعندهم تستحق‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا خطبها كفء بدون مهر المثل ورضيت به‬
‫وجل على الولي تزويجها‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬ال يجب كما لو دعت إلى غير كفء‪.‬‬
‫وهذه من مسائل الخالف المشهورة وليست في الرافعي‬
‫ولكن في زيادة الروضة لو زوجها بعض األولياء بكفء‬
‫قطعا‬
‫بدون مهر المثل برضاها دون رضاء بقية األولياء ً‬
‫؛ إذ ال حق لهم في المهر وال عار انتهى ‪-‬وظاهر‬
‫وجوب اإلجابة على الولي إذ ال حق وال عار واهلل أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬اختالف الدارين ‪-‬دار اإلسالم ودار‬
‫الحرب ال يقتضي اختالف سائر األحكام ‪ ،‬ودعوة الحق‬
‫على الكفار سواء كانوا في أمالكهم أو في غيرها‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪ :‬اختالف الدارين يوجب تباين‬
‫األحكام وينزل منزلة الموت القاطع لألمالك ألنه ال‬
‫استيالء للمالك ‪-‬وهو في دار الحرب على المملوك وهو‬
‫في دار اإلسالم وبالعكس‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫مسلما‬
‫ً‬ ‫منها ‪ :‬ال ينقطع النكاح بهجرة أحد الزوجين إلينا‬
‫ذميا خالفًا لهم‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ومنها ‪ :‬إذا أسلم الحربي وجاءنا وترك ماله في دار‬
‫الحرب ثم ظهر المسلمون على دارهم لم يملك ماله بل‬
‫هو له ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬يملك ويكون من جملة الغنائم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر معصوم الدم‬
‫والمال على قاتله القصاص وعلى متلف ماله الضمان‬
‫كما في دار اإلسالم‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪" :‬يحرم قتله وأخذ ماله ولكن ال يجب‬
‫الضمان" وزعم أن العصمة المقومة تثبت بالدار‬
‫والمؤتمنة تثبت باإلسالم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫معتقد الشافعي رضي اهلل عنه أن الحل الثاتب بالنكاح في‬
‫حق األمة كالحل الثابت في حق الحرة والحقوق واحدة‬
‫غير أن حق الزوج لألمة مزاحم لحق‬
‫صفحة ‪399 | 294 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫السيد ‪ ،‬وإ ذا ترك السيد حقه من الخدمة تسلط الزوج‬
‫بحكم النكاح على زوجته األمة تسلطه على زوجته‬
‫الحرة ؛ فهي بمثابة الحرة المحبوسة في حق إذا كانت‬
‫تحت زوج ومعتقد أبي حنيفة أن حل األمة دون حل‬
‫الحرة‪ .‬واختالف اإلمامين في هذا األصل منشأ للخالف‬
‫في مسائل‪.‬‬
‫منها ‪ :‬قال علماؤنا ‪ :‬طالق األمة كطالق الحرة إذا كان‬
‫حرا من حيث أن النكاح اقتضى لزوج األمة ما‬
‫الزوج ً‬
‫اقتضاه لزوج الحرة‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬تطليق األمة طلقتين سواء كان الزوج‬
‫عبدا ‪ ،‬لنقصان حق الزوج منها‪.‬‬
‫حرا أو ً‬
‫ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪ :‬الطالق الرجعي ال يزيل ملك‬
‫النكاح بوجه والرجعة باقية على الزوجة لم يؤثر طالقها‬
‫إال في نقص العدد وتحريم الخلوة والمسافر‪.‬‬
‫قال الشافعي ‪ :‬يزيله من وجه دون وجه ‪ ،‬وإ ن شئت قلت‬
‫‪ :‬يضعفه ويزلزله‪ .‬ومن رشيق العبارات يقول ‪ :‬يزلزله‬
‫وال يزيله ويحله وال يحيله‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬يحرم وطء الرجعية عندا لزوال الملك ‪-‬ولو من‬
‫وجه أو يزلزله ‪ ،‬والوطء يحتاط له فال يكون في ملك‬
‫مزلزل‪.‬‬
‫وقال الحنفية ‪" :‬ال يحرم لبقاء الملك عندهم"‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ال تحصل الرجعة إال بالقول خالفًا لهم حيث‬
‫قالوا تحصل بالوطء ‪ ،‬ولو نزول المرأة على ذكر الزوج‬
‫بل وكل فعل يوجب حرمة المصاهرة كاللمس‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬وطء الرجعية يوجب المهر خالفًا لهم‪ .‬مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬سبيل نفقات الزوجات سبيل معاوضات ‪،‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬سبيل الصالت كنفقة [القريب]‪.1‬‬
‫وعلى األصلين مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬أنها معلومة وأن اإلعسار بها يثبت حق الفسخ‬
‫وأنها مقدرة ‪ ،‬وال تسقط بمضي الزمان خالفًا للحنفية في‬
‫الكل‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" القرب‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 295 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وقد وافق اإلمام أحمد بن حنبل رضي اهلل عنه أبا حنيفة‬
‫على أنها كنفقة القريب ‪ ،‬وخالفه في أن اإلعسار ال يثبت‬
‫محتجا بحديث أبو هريرة عن النبي صلى اهلل عليه‬
‫ً‬ ‫الفسخ‬
‫وسلم في الرجل ما يجد ما ينفق على زوجته قال ‪:‬‬
‫"يفرق بينهما" وهو حديث منكر لم يروه أحد من أصحاب‬
‫الكتب الستة ولم يثبت إال أن سعيد بن المسيب قاله وقيل‬
‫له ‪ :‬سنة ؟ قال ‪ :‬سنة‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬ما دليلك على الفسخ باإلعسار ؟‬
‫قلت ‪ :‬ما مهدناه من األصل ‪ ،‬وهو أن سبيلها سبيل‬
‫المعاوضات التي تقتضي تراد العوضين‪.‬‬
‫ثم للشافعي رضي اهلل عنه ‪-‬على الخصوم إلزام عظيم ‪،‬‬
‫قال رضي اهلل عنه ‪ :‬توافقنا على أن لها طلب الخالص‬
‫بعنة الزوج إذا انقضى أجله ‪ ،‬وال نص فيه ؛ وإ نما‬
‫الوارد فيه قضاء عمر رضي اهلل عنه ثم إنكم زعمتم أن‬
‫عليا كرم اهلل وجه خالفهم فإن كان قول عمر حجة‬
‫ً‬
‫فالرواية عنه في النفقة أثبت ‪ ،‬ثم روى الشافعي رضي‬
‫اهلل عنه الفسخ باإلعسار عن عمر رضي اهلل عنه من‬
‫طرق‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬معنى القصاص مقابلة محل الجنابة‬
‫ودفعا لآلفات‪.‬‬ ‫جبرا لما فات ً‬ ‫بالمحل الفائت ً‬
‫الن ْف َس‬ ‫{و َكتَْبَنا َعلَ ْي ِه ْم ِفيهَا َّ‬
‫َأن َّ‬ ‫واحتجوا بقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫س}‪ 1‬اآلية دلت على أن النفس تقابل النفس ولذلك‬ ‫بِ َّ‬
‫الن ْف ِ‬
‫يسلم إلى ولي الدم وما ذاك إال لمعنى استحقاقه‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪" :‬معنى القصاص مقابلة الفعل بالفعل‬
‫[وزاجرا]‪.2‬‬
‫ً‬ ‫جزاء‬
‫ص ِ‬
‫اص َحَياة}‪ 3‬قالوا‬ ‫ِ ِ‬
‫{ولَ ُك ْم في اْلق َ‬
‫واحتجوا بقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫‪ :‬أشار به إلى أن الزجر يحصل به‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا قتل الواحد جماعة قتل بواحد وللباقين الدية‬
‫حتى ال تضيع حقوقهم فإن االتسحقاق تعدد بتعدد‬
‫المحال‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬يقتل بهم اكتفاء بمقابلة الفعل "بالفعل"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة المائدة "‪."45‬‬
‫زجرا‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ً‬
‫‪ 3‬سورة البقرة "‪."179‬‬
‫صفحة ‪399 | 296 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ومنها ‪ :‬إذا قطع رجلي رجلين قطع باألول ولآلخر الدية‬
‫بداًل من المحل الفائت ‪ ،‬وعندهم يقطع بهما اكتفاء‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬شريك األب يلزمه القصاص تحقيقًا لمقابلة‬
‫المحل بالمحل كشريك األجنبي ‪ ،‬وقالوا ال قصاص عليه‬
‫ألن القصاص مقابلة الفعل بالفعل ‪ ،‬وفعل شريك األب‬
‫قاصر من حيث أنه شارك من ال قود عليه فصار‬
‫كشريك الخاطئ‪.‬‬
‫ومها ‪ :‬إذا مات من وجب عليه القصاص أخذت الدية من‬
‫تركته بداًل عن المحل وعندهم ال تؤخذ ؛ ألن المستحق‬
‫له فعل القتل وقد فات‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا كان في الورثة صغير ينتظر بلوغه ليقتص‬
‫من الجاني ألن الورثة يستحقون المحل والصبي ال ينال‬
‫هذا االستحقاق بدليل ما لو كان الصبي هو الوارث‬
‫وحده‪.‬‬
‫وعند أبي حنفية رضي اهلل عنه يستبد الكبير باستيفائه في‬
‫المحل ألن القصاص استحقاق فعل القتل جزاء والصغير‬
‫ليس أهاًل الستحقاقه ؛ فال ينتظر‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬المأذون في فعله من قبل اهلل فيما تمحض‬
‫حقًا هلل كالمأذون في فعله من قبل العبد فيما هو من‬
‫حقوق العباد‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬المفعول بإذن الشرع إما واجب الفعل أو‬
‫مخبر فيه بين الفعل والترك‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬ينزل منزلة المستوفي بإذن المستحق حتى ال‬
‫يشترط فيه سالمة العاقبة كاإلمام إذا قطع يد السارق‬
‫فسرت إلى نفسه‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬وهو ما خير المستوفي له بين فعله وتركه ال‬
‫ينزل منزلة المأذون ‪ ،‬من جهة المستحق‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬والفرق أن التكليف بالشيء ينفي اشتراط السالمة‬
‫فيما يتولد منه ألن االحتراز عنه غير ممكن ‪ ،‬أما‬
‫التخيير بين فعله وتركه فال ينفي اشتراط السالمة إلمكان‬
‫االحتراز عنه‪.‬‬
‫وهذا األصل خرج عليه مسألة سراية القصاص ‪،‬‬
‫وصورتها أنه يجب القصاص على رجل في عضو من‬
‫قصاصا فيموت المقتص منه بالسراية‪.‬‬
‫ً‬ ‫أعضائه فيقطع‬
‫صفحة ‪399 | 297 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫قال الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬ال يضمن ألن الشرع أذن‬
‫له في القطع فصار كأن الجاني أذن له بنفسه ولو أذن له‬
‫بنفسه في القطع ثم سرى إلى النفس لم تضمن وفاقًا‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة رضي اهلل عنه ‪ :‬تضمن ألن الشرع أذن‬
‫له بشرط سالمة العاقبة وهو مخير فيه بخالف اإلمام إذا‬
‫قطع يد السارق فسرت‪ p‬إلى نفسه ؛ فإنه ال يضمن لكونه‬
‫مكلفًا بفعله‪.‬‬
‫واعلم أن هذا األصل الذي بنيت هذه المسألة عليه‬
‫مخصص بالعقوبات المقدرة ليخرج التعزير ؛ فإنه‬
‫مشروط بسالمة العاقبة‪.‬‬
‫شرعا من العقوبات إما واجب‬
‫ً‬ ‫وينبغي أن يقال ‪ :‬المأذون‬
‫الفعل أو جائره واألول إما لحق اآلدمي أو لمحض حق‬
‫اهلل تعالى واألول ‪ ،‬إما لمصلحة المعاقب بكسر القاف أو‬
‫المعاقب بفتحها أو ألعم من ذلك وهو ما كان للمصالح‬
‫العامة‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫متحدا‬
‫اسم الزنا حقيقة في الزاني والزانية ‪ ،‬ويسمى اللفظ ً‬
‫والتعدد إنما هو في محاله ‪ ،‬وتناول الزنا لكل واحد منهما‬
‫الزانِي‬
‫{الزانَِيةُ و َّ‬
‫َ‬
‫على حد سواء بدليل قوله تعالى ‪َّ :‬‬
‫اجِل ُدوا}‪ 1‬ولذلك استويا في العقوبة ؛ بل نسبة الوطء‬
‫فَ ْ‬
‫إلى النساء أنسب من نسبته إلى الرجال فلقد عهدنا من‬
‫فصاحة العرب العرباء إضافته إلى النساء ‪-‬ألنه أبلغ‬
‫المعاني المقصودة منهن‪ -‬أكثر من إضافته إلى الرجال‬
‫ومن ثم قدم اهلل لفظة الزانية على الزاني‪.‬‬
‫وكان تعبير الغزالي وغيره من أصحابنا ‪-‬باب نكاح‬
‫المشركات أحسن من أن يعبر بنكاح المشركين على‬
‫خالف ما قال الرافعي حيث زعم أن أحد اللفظين ليس‬
‫أولى من اآلخر‪.‬‬
‫ونظير المسألة ما قدمناه من تناول النكاح لكل من الرجل‬
‫واحدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫والمرأة تناواًل‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪" :‬االسم يطلق على الرجل‬
‫مجازا ؛ ألن الزنا عبارة عن الفعل‬
‫حقيقة وعلى المرأة ً‬
‫وال فعل لها ‪ ،‬بل هي محل الفعل وممكنة فيه"‪.‬‬
‫صبيا أن‬
‫ومن ثم اختلف اإلمامان في البالغة العاقلة تمكن ً‬
‫ينزل على رجل مكره مضبوط فيستدخل ذكره فقال‬
‫الشافعي رحمه اهلل ‪" :‬يلزمها الحد ألنها زانية"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة النور "‪."2‬‬
‫صفحة ‪399 | 298 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وقال أبو حنيفة رحمه اهلل ‪ :‬ال يلزمها ؛ ألنها ال فعل لها‬
‫وربما قال بعض مشايخهم ‪ :‬المرأة تابعة للرجل في فعل‬
‫الزنا فإذا لم يكن فعل الرجل زنا لم يكن للتبعية فيه حكم‪.‬‬
‫واألولى ‪ :‬وهي نفي الفعل عنها طريقة أبي زيد ‪،‬‬
‫والثانية عندي أقوى منها فإن نفي الفعل عنها وقد فعلت‬
‫مكابرة ‪ ،‬واهلل تعالى أعلم‪.‬‬
‫مأخذ ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪" :‬الغنائم تملك بمجرد اإلصابة واالستيالء"‪.‬‬
‫وقالت الحنفية ‪ :‬ال تملك بمجرد ذلك ‪ ،‬بل ال بد معه من‬
‫اإلحراز في دار اإلسالم‪.‬‬
‫وذلك من آثار جعلهم اختالف الدارين يوجب اختالف‬
‫األحكام‪ .‬فجعلوا اإلحراز في دار اإلسالم شرط العلة أو‬
‫أحد وصفيها‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬أن المرتد إذا لحق بالغزاة بعدما استولى‬
‫المسلمون على األموال ال يشاركهم عندنا خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا مات أحد الغانمين بعد االستيالء وقبل‬
‫اإلحراز في دار اإلسالم انتقل حقه إلى وارثه خالفًا لهم‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن الغنائم تقسم عندنا في دار الحرب وهل تحب‬
‫القسمة أو تستحب أو تجوز فقط ؟ وكيف الحال ؟‬
‫اقتصر الرافعي على أنها تجوز من غير كراهة ‪ ،‬وقال‬
‫النووي ‪ :‬الصواب أنها تستحب ‪ ،‬وقال صاحب المهذب‬
‫‪ :‬يكره تأخيرها إلى بالد اإلسالم [من]‪ 1‬غير عذر ‪،‬‬
‫وقال الوالد رحمه اهلل ‪ :‬المستحب التعجيل بقدر اإلمكان‬
‫ويؤخر عند العذر ‪-‬قال‪ -‬وعليه نص الشافعي رضي اهلل‬
‫عنه وقال الماوردي والبغوي "تجب القسمة عند‬
‫اإلمكان"‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬أنه ال يظهر السيما على القول بأن الدين الحال‬
‫يجب وفاؤه على الفور وإ ن لم يطلب صاحبه‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬يجوز ما لم تحرزو بدارنا‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أن اإلمام إذا فتح مدينة لم يجز له أن يمن علهيم‬
‫ألن الغانمين ملكوا بنفس األخذ فكيف يبطل [عليهم]‪1‬‬
‫ملكهم‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 299 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬له ذلك ؛ إذ لم يملكوا بعد‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قال علماؤنا ‪ :‬حقيقة القضاء إظهار لحكم اهلل [وإ خبار]‪1‬‬
‫إلثبات حق على سبيل االبتداء‪.‬‬
‫وربما عبروا عن هذا بأن قضاء القاضي ال يغير األحكام‬
‫الشرعية عن حقائقها الموضوعة عند اهلل ‪ ،‬وبأن القضاء‬
‫وباطنا‬
‫ً‬ ‫ظاهرا‬
‫ً‬ ‫يتبنى على الحجة ؛ فإن كانت حجة حقيقة‬
‫وباطنا ‪ ،‬وإ ن كانت حجة في الظاهر فقط لم‬
‫ً‬ ‫ظاهرا‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬نفذ‬
‫ينفذ إال في الظاهر فقط‪.‬‬
‫وذهب أبو حنيفة رحمه اهلل إلى أن حكم القضاء إثبات‬
‫الحكم المدعي وإ نشاء له‪.‬‬
‫وربما عبروا عن هذا بأن قضاء القاضي يغير الحكم عند‬
‫اهلل وقصروا ذلك على األحكام التي للقاضي فيها مدخل‬
‫كالمعقود والفسوخ والنكاح والطالق‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا ادعى زوجية امرأة ‪ ،‬وليست في نفس األمر‬
‫زوجته وأقام شاهدي زور فحكم له الحاكم بالزوجية لم‬
‫تحل له في الباطن عندنا ‪ ،‬ويحرم عليها تمكينه من‬
‫نفسها‪.‬‬
‫وقال الحنفية ‪ :‬قضاء القاضي بشهادة الزور تبيح‬
‫المحذور ‪ ،‬وتحلل هذه المرأة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا رد الحاكم شهادة المنفرد برؤية هالل‬
‫رمضان ؛ إما لكونه ال يرى قبول الواحد أو لغير ذلك‬
‫فجامع في ذلك النهار لزمته الكفارة كما إذا قيل شهادته‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ال يلزمه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫[قال علماؤنا]‪ 2‬المعقود عليه في عقد الكتابة رقبة‬
‫المكاتب وقالت الحنفية ‪ :‬بل اكتساب العبد ‪ ،‬وفك الحجر‬
‫عنه‪.‬‬
‫وعلى األصل مسائل ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬إذا مات المكاتب عن وفاء انفسخت الكتابة عند‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه ‪ :‬ومات رقيقًا ألن المعقود عليه‬
‫الرقبة وقد فاتت بالموت فينزل منزلة فوات المبيع قبل‬
‫حرا في آخر جزء من‬
‫القبض وقال أبو حنيفة ‪ :‬يموت ً‬
‫حياته‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬الكتابة الحالة الباطلة ؛ ألن المعقود عليه الرقبة‬
‫وعتقها غير مستحق في‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" واختيار‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 300 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫الحال ‪ ،‬بل عند أداء النجوم ‪ ،‬وعندهم يصح ؛ ألن‬
‫العوض مقابله فك الحجر والقدرة على االكتساب وقد‬
‫تحقق في الحال‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إذا زوج ابنته من مكاتب ثم مات انفسخ النكاح‬
‫النتقال الملك في الرقبة إليها ‪ ،‬وعندهم ال ينفسخ بل‬
‫يؤدي نجومه فيعتق واهلل أعلم‪.‬‬
‫وهذه الطريقة لم يذكرها الرافعي في فصل اختالف‬
‫الجاني ومستحق الدم ‪ ،‬بل قبل كتاب البغاة‪.‬‬
‫ونقل النووي ‪ :‬في زيادة الروضة عن البغوي تعريفًا‬
‫على تصديق الولي ‪-‬أن الواجب الدية دون القصاص‬
‫وأن المتولي قال ‪ :‬هو على الخالف في استحقاق الوقد‬
‫بالقسامة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد حكى الرافعي في القصاص وجهين ذكرهما‬
‫قبيل كتاب اإلمامة‪.‬‬
‫وإ ذا [اطلعنا]‪ 1‬على كافر في دارنا فقال ‪ :‬دخلت بأمان‬
‫مسلم ؛ ففي مطالبته بالبينة وجهان ألن األصل عدم‬
‫األمان ‪ ،‬ويعضده أن الغالب على من يستأمن أن‬
‫[يستوثق]‪ 2‬بإشهاد واألصل حقن الدماء ‪ ،‬ويعضده أن‬
‫الظاهر أن الحربي ال يقدم على هذا إال بأمان‪.‬‬
‫مسطورا ‪-‬إذا ضربها الزوج‬
‫ً‬ ‫ومنها ‪ :‬مما لم أجده‬
‫وادعى نشوزها وادعت هي أن الضرب ظلم‪.‬‬
‫قال ابن الرفعة ‪ :‬لم أر فيها نقاًل ؛ قال ‪ :‬والذي يقوي في‬
‫وليا في ذلك‪.‬‬
‫ظني أن القول قوله ألن الشارع تجعله ً‬
‫قلت ‪ :‬قد يعارض في المسألة أصالن ‪-‬عدم ظلمة وعدن‬
‫نشوزها‪.‬‬
‫الحادية والعشرون بعد المائة من قواعد الربا ‪:‬‬
‫أن الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة‪.‬‬
‫أخرى ‪ :‬قال الغزالي ‪ :‬في الوسيط في كتاب الصداق في‬
‫الباب الثاني في أحكام الصداق الفاسد ‪ :‬قاعدة الباب أن‬
‫النكاح ال يفسد بفساد الصداق‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" أطلقنا‪.‬‬
‫‪ 2‬في "أ" يسترق‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 301 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫أخرى ‪ :‬األصل في الربويات عندنا التحريم خالفًا ألبي‬
‫حنيفة‪.‬‬
‫الثانية والعشرون بعد المائة ‪:‬‬
‫"أصح القولين أن حجر المفلس حجر مرض ال سفه وال‬
‫رهن"‪.‬‬
‫وال نعني بقولنا ‪" :‬إنه حجر مرض" أنه يثبت لألحكام‬
‫حجر المرض كلها كذلك إذا غلبنا أحد الجانبين على‬
‫اآلخر في مثل الظهار [طالق]‪ 1‬أو يمين‪.‬‬
‫يوضح هذا بأن المريض يسوغ له األقدام على التصرف‬
‫ظاهرا وال خالف أن المفلس ممنوع من‬
‫ً‬ ‫ويحكم بصحتها‬
‫التصرف وإ ن قبل بتنفيذه فيما بعد‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فإذا كان كذلك فال فائدة في هذه القاعدة‬
‫وأمثالها ‪ ،‬إذ ال فائدة غير إجراء األحكام على قضية‬
‫قاعدتها‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قال الوالد رحمه اهلل في "شرح المهذب" ‪ :‬بل فائدة‬
‫معرفة حقيقة ذلك الشيء وسره المقصود به قال ‪:‬‬
‫والفقيه يعلم أن الشيئين المتساويين في الحقيقة وأصل‬
‫المعنى قد يعرف لكل منهما عوارض تفارقه عن صاحبه‬
‫وإ ن لم تغير حقيقته األصلية فالفقيه الحاذق يحتاج إلى‬
‫خاصا في كل‬
‫ً‬ ‫تيقن القاعدة الكلية في كل باب ثم ينظر‬
‫مسألة ‪ ،‬وال يقطع شوقه عن تلك القاعدة حتى يعلم هل‬
‫تلك المسألة يجب سحب القاعدة عليها أو تمتاز بما ثبت‬
‫له تخصيص حكم من زيادة أو نقص ؟‬
‫ومن هذا يتفاوت رتب الفقهاء فكم من واحد متمسك‬
‫بالقواعد قليل الممارسة للفروع ومأخذها يزل في أدنى‬
‫المسائل وكم من آخر مستكثر من الفروع ومداركها قد‬
‫أفرغ صمام ذهنه فيها غفل عن قاعدة كلية فتخبطت عليه‬
‫تلك المدارك صار حيران ‪ ،‬ومن وفقه اهلل لمزيد العناية‬
‫جمع بين األمرين فيرى األمر رأي عين انتهى كالمه في‬
‫باب التفليس من تكملة شرح المهذب‪.‬‬
‫فهذه القواعد التي سردناها هي التي تكثر فروعها‬
‫وتتشعب مواقع األنظار إذا كان إليها نزوعها ‪ ،‬ومن‬
‫حققها صار بعلوم الشريعة حقيقًا ‪ ،‬وبالفتيا في مصاردها‬
‫ومواردها خليقًا‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 302 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫والمستثني منها ‪:‬‬
‫إما بعيد فال يقاس عليه ‪ ،‬وهو خارج عن المنهاج يجري‬
‫مجرى الشذوذ ‪ ،‬والخطب فيه يسير وهو كوجوب الثمن‬
‫في المصراة المستثني من قولنا "المثلى مضمون بمثله"‪.‬‬
‫وإ ما معقول المعنى فال بد من لحاقه بأصل آخر ويكون‬
‫قد اجتذبه في الحقيقة أصالن تعلق بأقربهما شبهًا‬
‫واستمسك بأقواهما وأوفقهما بالنسبة إليه ؛ [لكن]‪ 1‬عزوه‬
‫وفهم هذا من كل فرع [مبتدر]‪[ 2‬والتكيف به]‪ 3‬في كل‬
‫ورد وصدر يدفع عن همم من ركن إلى الهوينا واجب‬
‫الدعوة وال يحيط به إال من حوم على مخيم االجتهاد‬
‫بدأب دائم في العلم وخطى متسعة ؛ فإن ترد الفروع إلى‬
‫أصولها وعرضها على معانيها [وأجالسها]‪ 4‬على‬
‫منصة الجالء لالعتبار إنما ينهض به أهل البصائر‬
‫الشافية ‪ ،‬وهو لعمري واهلل خالصة الاجتهاد ‪ ،‬وثمرة‬
‫األكباد‪.‬‬
‫والكافل به وحصر المستثنيات وعدها كتابنا الكبير في‬
‫األشباه والنظائر‪.‬‬
‫والقول الجملي [عندنا]‪ 5‬أن الضابط إما أن يطرد‬
‫طردا‬
‫صورا ً‬
‫ً‬ ‫وينعكس وذلك الغاية وإ ما أن يخرج عنه‬
‫وعكسا والخارج إما معقول المعنى وإ ما تعبد‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد تجمع شيئان ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬لمعنى‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬تعبد‪.‬‬
‫ونحن نضرب لذلك مثااًل ‪ :‬وهو العاقلة عند من يرى‬
‫تعبدا ‪ ،‬وتضمن الولي جزاء صيد أتلفه‬
‫تحملها للدية ً‬
‫الصبي فإنه لمعنى وهما خارجان عن قاعدة من لم يجن‬
‫ال يطالب بجناية من جنى‪.‬‬
‫تعبدا يهون األمر فيه ‪ ،‬وأما الخارج لمعنى‬
‫ثم الخارج ً‬
‫فذاك المعنى هو أصله اآلخر الذي اجتذبه‪.‬‬
‫فالح بهذا أنه ال يخرج لمعنى إال وقد حق بأصل آخر‬
‫ضائعا‬
‫ً‬ ‫خرج من هذا فدخل في هذا ولم يكن‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "أ"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "أ"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "أ" والتكليف به‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" وأجالئها‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 303 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫فالفقيه من يرده إلى أصله ويعيده إلى وكره ال من يحفظه‬
‫حفظ ضائع ال يدري مالكه ‪ ،‬ومجهول ال يعرف صاحبه‪.‬‬
‫ثم قد يتقاوم األصالن ؛ فيتجاذب الفحالن ‪ ،‬ويتناجز‬
‫الخصمان ‪ ،‬ويقع التردد ويقف األمر في اإللحاق‪.‬‬
‫راجحا ويراه اآلخر‬
‫ً‬ ‫وقد يرى أحد المجتهدين أصاًل‬
‫مساويا ‪ ،‬وفي مثل هذه المداخل نزل األقدام‬
‫ً‬ ‫مرجوحا أو‬
‫ً‬
‫وتتبين فرسان‪ p‬الكالم ‪ ،‬ويتنافس المتنافسون ويتراد‬
‫المخلصون ثم وراء ذلك بحر عميق ‪ ،‬ومنظر دقيق وهو‬
‫أن الخارج لمعنى هل يقاس عليه وقد بينا ذلك‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫وراء هذه القواعد ضوابط يذكرها الفقهاء‪.‬‬
‫منها ‪ :‬المطرد والمنعكس وغيره أحاط بها تلخيص ابن‬
‫القاص ‪ ،‬و"خصال" أبي بكر الخفاف و"أعداد" أبي‬
‫الحسن بن سراقة‪ 1‬و"رونق" الشيخ أبي حامد و"لباب"‬
‫المحاملي و"مناقضات" أبي الحسن العناني الداركي‬
‫و"حيل" أبي حاتم القزويني و"مطارحات" ابن القطان‬
‫وليست عندنا من القواعد الكلية بل من الضوابط الجزئية‬
‫الموضوعة لتدريب المتبدئين ال لخوض المنتهين ‪،‬‬
‫ولتمرين الطالبين ال لتحقيق الراسخين‪.‬‬
‫والذي يكثر من التشاجر فيه ويعظم الخطب ما أوردناه‬
‫وأما هذه الضوابط فالخطب فيها يسير‪.‬‬
‫وهي مثل قولنا ‪:‬‬
‫العصبة ‪ :‬كل ذكر ليس بينه وين الميت أنثى‪ .‬الولد يتبع‬
‫أباه في النسب وأمه في‬
‫_________‬
‫‪ 1‬محمد بن يحيى بن سراقة بضم السين المهملة‬
‫وتخفيف الراء أبو الحسن العامري البصري الفقيه‬
‫الفرضي المحدث صاحب التصانيف في الفقه والفرائض‬
‫وأسماء الضعفاء والمتروكين رحل في الحديث وأقام‬
‫بآمد مدة وله مصنف حسن في الشهادات وأخذ الضعفاء‬
‫عن أبي الفتح األزدي ثم نقحه وراجع فيه الدارقطني‬
‫ذكره ابن الصالح ‪ ،‬وذكر أنه كانت له رحلة في الحديث‬
‫وعنايةبه ومعرفة بعلم الفرائض والضعفاء من الرجال ‪،‬‬
‫حيا سنة أربعمائة وذكره الذهبي في المتوفين‬
‫وقال ‪ :‬كان ً‬
‫في حدود سنة عشر وأربعمائة‪ .‬انظر ترجمته في‬
‫األعالم ‪ ، 5 /8‬وطبقات الشافعية البن هداية ص ‪-43‬‬
‫طبقات الشافعية البن قاضي شهبة ‪.196 /1‬‬
‫صفحة ‪399 | 304 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫الرق والحرية وأشرفهما في الدين وأحسبهما في الريح‬
‫والنكاح وأشرفهما في الحرية‪.‬‬
‫الحجر على الصبي لنقصه وعلى العبد لحق سيده وعلى‬
‫السفيه يتردد‪.‬‬
‫ومن ثم يصح نكاح العبد باإلذن بخالف الصبي وفي‬
‫السفيه تردد‪.‬‬
‫وتفاريع القولين في الجمعة أظهرهما مقصورة أم صالة‬
‫على حيالها والوضوء أواجبه الترتيب أو عدم [التنكيس]‬
‫‪ ، 1‬والمغلب في قتل قاطع الطريق حق اهلل أو حق‬
‫اآلدمي وإ ذا باع مال أبيه على ظن أنه حي ؛ فإذا هو‬
‫ميت وسبيل االستعارة للرهن سبيل العارية أو الضمان ‪،‬‬
‫والخالف في حقيقة الثمن ما هو ؟ وحجر الفلس هل هو‬
‫حجر مرض أو رهن أو سفه إجازة الورثة تنفي ًذا أو‬
‫ابتداء عطية ‪ ،‬تزويج السيد أمته بالملك أو بالوالية ‪،‬‬
‫الوديعة عقد أو إذن ‪ ،‬المغلب في المسابقة شائبة اإلجازة‬
‫أو الجعالة ‪ ،‬حرمة استعمال آنية الذهب والفضة لعينهما‬
‫أو لمعنى فيهما ‪ ،‬فطرة من يؤدي فطرة غيره ثم تجب‬
‫عليه ثم يتحملها أو تجب على المؤدي ابتداء ؛ القسمة بيع‬
‫أو إفراز ‪ ،‬اإلقالة بيع أو فسخ ‪ ،‬الحوالة استيفاء أو‬
‫اعتياض ‪ ،‬النذر محمول على واجب الشرع أو جائزه ‪،‬‬
‫موجب القتل العمد القصاص أو أحد األمرين منه ‪ ،‬ومن‬
‫الدية الصداق مضمون ضمان عقد أو يد ‪ ،‬الظهار طالق‬
‫أو يمين ‪ ،‬اإلبراء إسقاط أو تمليك ‪ ،‬عمد المميز عمد أو‬
‫خطأ ‪ ،‬اليمين المردودة كاإلقرار أو كالبينة ‪ ،‬ارتفاع‬
‫العقد من أصله أو من حينه ‪ ،‬النفقة للحمل أو للحامل ‪،‬‬
‫مجلس العقد لهل له حكم ابتداء العقد ؟ تعارض حق‬
‫الخالق والمخلوق ‪ ،‬ومسائل اإلشارة والعبارة باللفظ أو‬
‫بالمعنى ومسائل المسكن والخادم ‪-‬هل يباعان في الفلس‬
‫والكفارة والفطرة والحج ونظائرها ؟ وفي كم تعطي‬
‫الرجعية حكم الزوجية ‪ ،‬ومفارقة األب للجد في األحكام‬
‫وما يتعدى حكمه إلى الولد الحادث ‪ ،‬وتعليق اإلنسان‬
‫فعل نفسه على فعل غيره ‪-‬مثل بعت بما باع به فالن‬
‫فرسه ‪ ،‬وزوجت بما زوج به ‪ ،‬وطلقت كما طلق ‪،‬‬
‫وقارضتك ولك مثل ما شترطه فالن لفالن ‪ ،‬وأحرمت‬
‫بما أحرم به فالن ‪-‬ما فضل لبيت المال هل هو على‬
‫سبيل اإلرث أو المصلحة وفيه خالف يظهر أثره في‬
‫مسائل منها ‪ :‬قاتل أبيه إذا لم يخلف األب سواه فما له‬
‫لبيت المال ثم إن قلنا ميراثًا لم يدفع للقاتل منها ‪ :‬قاتل‬
‫أبيه إذا لم يخلف األب سواه فما له البيت المال ‪ ،‬ثم إن‬
‫قلنا ميراثًا لم يدفع للقاتل منه شيء أو مصلحة جاز الدفع‬
‫ومنها ‪ :‬المكاتب إذا مات أبوه لم يرثه وماله لبيت المال ؛‬
‫فإذا أدى النجوم وعتق فإن قلنا ‪ :‬ميراثًا لم يأخذ شيًئا ‪،‬‬
‫وإ ن قلنا ‪ :‬مصلحة أخذ‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 305 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫كافرا فأسلم انبنى‬
‫قريبا له ً‬
‫ومنها ‪ :‬إذا مات مسلم وخلف ً‬
‫على الخالف‪.‬‬
‫[وأنحاء]‪ 1‬ذلك‪.‬‬
‫وعندي أن إدخالها في القواعد خروج عن التحقيق ‪ ،‬ولو‬
‫فتح الكاتب بابها الستوعب الفقه وكرره وردده وجاء به‬
‫على غير الغالب المعهود والترتيب المقصود فحير‬
‫األذهان ‪ ،‬وخبط األفكار ‪ ،‬وإ ذا استحسن ضم الشيء إلى‬
‫نظيره فبعض مسائل الباب أشبه ببعضها من غير ذلك ‪،‬‬
‫والترتيب على األبواب هو الصواب‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومن الناس من يدخل في القواعد تقاسيم تقع في الفروع‬
‫يذكرها أصحابنا ؛ حيث يتردد الذهن فهي ذات أقسام‬
‫رأسا فقد أكثر منه الشيخ أبو‬
‫كثيرة وال تعلق لهذ بالقواعد ً‬
‫حامد في الرونق ومتابعوهن ولكن أولئك لم يكن قصدهم‬
‫ذكر القواعد ؛ بل هذا النوع بخصوصه ‪ ،‬فال لوم عليهم‬
‫وإ نما اللوم على من يدخل ذلك في القواعد‪.‬‬
‫يسيرا من ذلك لتعرف ما أشير إليه‪.‬‬
‫وأنا أذكر لك ً‬
‫فأقول ‪ :‬تقسيم آخر‪.‬‬
‫قال اإلمام في كتاب الصلح ‪ :‬العقود بالنسبة إلى قبول‬
‫التأييد أو التوقيت مراتب‪.‬‬
‫أحدها ‪ :‬البيع والتأبيد فيه غير مستحق ‪ ،‬فإنه يتضمن‬
‫التمليك واستئصال حق المتقدم بالكلية ؛ فال يعود إال‬
‫بإعادة طريق آخر‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬اإلجارة ‪ :‬وضعها على بقاء الملك للمكري‬
‫واألصل أن يضبط بالنهاية إذ ال حاجة إلى إثباتها دون‬
‫الضبط‪.‬‬
‫ويظهر في هذا [القسم]‪ 2‬ما يظهر فيه قصد التأبيد كبيع‬
‫أيضا‪.‬‬
‫حق البناء والممر وسبيل الماء ‪-‬وال يمتنع تأقيته ً‬
‫الثالث ‪ :‬ما يقصد منه المنفعة ولكن ال ينتظم إثباته على‬
‫نعت التأقيت ؛ فإن الغرض منه التواصل ‪ ،‬والتوصل‬
‫إلى النسك وهو النكاح وكان يؤقت في ابتداء اإلسالم‬
‫إشارة إلى اكتفاء بعض الناس بقضاء األوطار ‪ ،‬ثم استقر‬
‫الشرع على استحقاق التأييد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "أ" وإ نما‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" التقسيم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 306 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫ليقع النكاح على وضعه ‪ ،‬وقدره الزوج على الطالق‬
‫يفيده ‪ ،‬التمكن من الخالص‪.‬‬
‫تقسيم آخر ‪:‬‬
‫[مغيرا]‪ 1‬فال‬
‫ً‬ ‫إذا وقع في الماء شيء طاهر فإن لم يكن‬
‫أثر له وإ ن كان ‪ ،‬فإن كان التغيير لقلته فكذلك وإ ن كان‬
‫لموافقته في صفاته فوجهان ‪ ،‬وإ ن لم يفت بل غير فإن‬
‫قل التغيير ؛ حيث لم يزل اسم الماء المطلق ففيه خالف ‪،‬‬
‫وإ ن فحش فإن لم يمكن الصون عنه لم يسلب ‪ ،‬وإ ن أمكن‬
‫ترابا لم يؤثر على األصح وإ ن كان غيره فإن‬
‫؛ فإن كان ً‬
‫طا لجميعه سلب أو لبعضه فوجهان وإ ن كان‬
‫كان مخال ً‬
‫مجاورا متصاًل به فقوالن ‪ ،‬أو غير متصل لم يؤثر‪.‬‬
‫ً‬
‫تقسيم آخر ‪:‬‬
‫قال القاضي أبو الطيب الطبري ‪ :‬ومن تعليقه نقلت ‪:‬‬
‫الطالق واجب ومحرم ومكروه ومستحب‪.‬‬
‫فالواجب ‪ :‬طالق المولي إذا انقضت المدة وطولب‬
‫واجبا كما في‬
‫بالفيئة أو الطالق وطلق فإنه يكون قد فعل ً‬
‫واجبا ‪ ،‬وإ يقاع طالق‬
‫خصال الكفارة أنها فعل وقع ً‬
‫الحكمين في الشقاق واجب إذا قلنا ‪ :‬هما حكمان ورأيي‬
‫الطالق‪.‬‬
‫والمحرم ‪ :‬طالق الحائض والموطوءة في طهرها‪.‬‬
‫والمكروه ‪ :‬طالق زوجة حسنة الخلق والخلق يأمنها‬
‫فيغيبته ويسر بها في حضوره‪.‬‬
‫والمستحب ‪ :‬طالق زوجه قبيحة الخلق سيئة الخلق ال‬
‫واحدا منهما‬
‫ً‬ ‫حاضرا أو ال يقوم‬
‫ً‬ ‫غائبا وال تسره‬
‫يأمنها ً‬
‫بحق صاحبه انتهى مختصر‪.‬‬
‫تقسيم آخر ‪:‬‬
‫قطعا ‪ :‬كطهارة األعضاء‬
‫المقدرات الشرعية إما تحديد ً‬
‫سبعا ‪،‬‬
‫ومسح المقيم والمسافر ‪ ،‬وغسل ولوغ الكلب ً‬
‫واشتراط أربعين النعقاد الجمعة وتكبيرات العيدين ‪،‬‬
‫جدا‪.‬‬
‫ونصب الزكوات وهو كثير ً‬
‫قطعا ‪ :‬كسن الرقيق المسلم فيه والموكل في‬
‫وإ ما تقريب ً‬
‫شرائه‪.‬‬
‫_________‬
‫متغيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ 1‬في "ب"‬
‫صفحة ‪399 | 307 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫وإ ما مختلف فيه ‪ :‬كالقلتين وسن الحيض والمسافة بين‬
‫الصفين بثالثمائة ذراع ومسافة القصر بثمانية وأربعين‬
‫مياًل وهو كثير‪.‬‬
‫فهذه أمثلة التقاسيم كل مثال منها لنوع وال مدخل لها من‬
‫القواعد ويقرب منها تعديد فرق النكاح وأقسام البياعات‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومنهم من يدخل المآخذ والعلل التي يشترك فيها أحكام‬
‫أيضا‬
‫طلبا لجمع المشتركات في قدر مشترك وليس ذلك ً‬
‫ً‬
‫من القواعد في شيء‪.‬‬
‫وقد رأيت للشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب "التنبيه"‬
‫مختصرا سماه "مسائل االرتباط"‪.‬‬
‫ً‬ ‫مصنفًا في ذلك‬
‫وهذا النوع كثير الفائدة للخالفيين الناظرين في المسائل‬
‫التي اختلف فيها اإلمامان ‪-‬الشافعي وأبو حنيفة رحمهما‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫وأنا أذكر مسألة لتعرف ماذا أعني بكالمي [واهلل تعالى‬
‫أعلم]‪.1‬‬
‫حكما‪.‬‬
‫علة يتعلق بها إحدى وعشرون ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫يجب القطع بسرقة الثمار الرطبة والطعام الرطب وسائر‬
‫ما يتمول وإ ن كان أصله على اإلباحة وكذا إذا اشتركا‬
‫في النقب فدخل أحدهما [فأخذ]‪ 2‬وناول اآلخر فالقطع‬
‫على الداخل‪.‬‬
‫إذا سرق ما [فيه]‪ 3‬نصاب ثم نقصت قيمته قبل القطع لم‬
‫يسقط القطع‪.‬‬
‫إذا رمي المسروق إلى خارج فالقطع على الرامي‪.‬‬
‫إذا ترك المتاع بقرب النقب وأدخل اآلخر يده فالقطع‬
‫على الثاني ‪ ،‬والضمان عليهما في المسائل الثالث‪.‬‬
‫نصابا ثم ملكه بحكم اإلرث أو الهبة لم يسقط‬
‫ً‬ ‫إذا سرق‬
‫القطع‪.‬‬
‫نصابا قطع‪.‬‬
‫ً‬ ‫إذا سرق مصحفًا يساوي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فأخذ إحداهما‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" قيمته‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 308 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫إذا سرق اآلبق قطع ‪ ،‬وكذا الضيف والنباش وسارق‬
‫ثياب الكعبة‪.‬‬
‫ثانيا فتقطع يمناه وإ ذا‬
‫إذا سرق العين مرة بعد مرة قطع ً‬
‫ثانيا قطعت يسراه‪.‬‬
‫سرق ً‬
‫إذا سرق ناقص اليمين أو مفقودها قطعت يسراه‪.‬‬
‫إذا تلف في يده المسروق فعليه الغرم والقطع‪.‬‬
‫يقطع أحد الزوجين بسرقة مال صاحبه‪.‬‬
‫يقطع المعير والمكري إذا سرق من المستعير والمكتري‪.‬‬
‫يقطع سارق العبد الصغير وكذا إذا سرق المستأمن في‬
‫أحد القولين‪.‬‬
‫نصابا كاماًل من حرز مثله ال‬
‫ً‬ ‫والعلة فيها كلها أنه أخرج‬
‫شبهة له فيه وهو من أهل القطع ‪ -‬أصل موضع الوفاق‪.‬‬
‫علة يتعلق "بها سبع مسائل"‪.‬‬
‫في عبد التجارة الزكاة والفطرة‪.‬‬
‫وعلى الجد عن ولد ولده الصغير المعسر الفطرة‪.‬‬
‫وعلى الولد فطرة األب والجد والزوج وعبد الشريكين‬
‫عليهما فطرته‪.‬‬
‫والسيد عليه فطرة عبده ‪ ،‬خالفًا "لداود بن علي"‪ 1‬والعلة‬
‫في الجميع شخص من أهل الطهرة يلزمه فطرته مع‬
‫القدرة أصل موضع الوفاق‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومنهم ‪ :‬من يعقد فصاًل ألحكام األعمى ‪ ،‬وآخر ألحكام‬
‫األخرس ‪ ،‬وآخر ألحكام المبعض ‪ ،‬وهكذا وفصاًل‬
‫لألحكام التي اختص بها حرم مكة شرفها اهلل تعالى ‪،‬‬
‫أيضا ليس من القواعد في شيء‪.‬‬
‫وهذا ً‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومنهم من ذكر الفقه المختص ببعض الناس أو بعض‬
‫األماكن وسبيله سبيل من‬
‫_________‬
‫‪ 1‬داود بن علي بن خلف أبو سليمان البغدادي‬
‫األصبهاني إمام أهل الظاهر ‪ ،‬هو أول من نفى القياس‬
‫في األحكام الشرعية وتمسك وبظواهر النصوص ‪،‬‬
‫ورعا‪ .‬أخذ العلم عن إسحاق بن راهية وأبي‬
‫زاهدا ً‬
‫وكان ً‬
‫ثور وغيرهما ‪ ،‬وكان صاحب مذهب مستقل وتبعه جمع‬
‫كثير يعرفون بالظاهرية‪ .‬نشأ بأصبهان ثم رحل إلى‬
‫بغداد فأقام بها وتوفي سنة سبعين ومائتين‪.‬‬
‫انظر طبقات الشافعية الكبرى ‪ ، 284 /2‬شذرات الذهب‬
‫‪.258 /2‬‬
‫صفحة ‪399 | 309 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫الخالف في فروع بعد االتفاق على أصولها ذلك أما بعد‬
‫تعيين العلة أو قبلها‬
‫بابا من أبواب الفقه بالتصنيف فال فرق بين إفراد‬
‫يفرد ً‬
‫باب وإ فراد مكلف من المكلفين‪.‬‬
‫وذكر اإلمام في آخر "النهاية" أنه عزم على جمع أحكام‬
‫المبعض ثم اجتزأ بسبقها في األبواب‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومنهم من يشتغل بتقرير كونه مذهب الصحابي‬
‫واالستحسان مثاًل غير حجة وهذا رجل عمد إلى باب من‬
‫أبواب أصول الفقه فأحب النظر فيه‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومنهم من يعقد فصاًل للمسائل التي يفتي فيها على التقديم‬
‫أيضا رجل أحب أن يجمع مسائل ال ارتباط لها في‬
‫وهذا ً‬
‫أنفسها‪.‬‬
‫وأغراض الناس تختلف ولكل مقصد ‪ ،‬ولسنا ننكر على‬
‫أحد مقصده ؛ وإ نما ننكر إدخال شيء في شيء ال يليق‬
‫به [ويكبر]‪ 1‬حجم الكتب بما ال حاجة إليه‪.‬‬
‫فصل ‪:‬‬
‫ومنهم من يدخل مسائل األحاجي واأللغاز ‪ ،‬وهذا باب‬
‫مليح أفرده بعضهم بالتصنيف‪.‬‬
‫كالجرجاني صاحب المعاياة وأبي حاتم القزويني قبله‬
‫وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين‪.‬‬
‫"وللقاضي تقي الدين ابن رزين‪ 2‬فيه مصنف حسن‬
‫رأيت بعضهم ينسبه البن الرفعة وهو خطأ وابن الرفعة‬
‫قدما من أن يشتغل بهذا النوع ‪ ،‬ولكل‬
‫مقاما وأرسخ ً‬
‫أعلى ً‬
‫فن رجال وإ ذا اشتغل الناس في الفقه عشواء سار ابن‬
‫الرفعة في بياض المحجة وإ ذا مشى الناس في رقراق‬
‫علم كان هو خائض اللجة وإ ذا قنع الناس بالصدف لم‬
‫يرض هو إال بنفيس الجواهر وإ ذا وقفوا عند غاية لم‬
‫يتطلب هو غاية يحاط لها بأول وال آخر‪.‬‬
‫هذا وقد عرفناك أن فن األلغاز ‪-‬في نفسه حسن ؛ إال أنه‬
‫مجموعا ها‬
‫ً‬ ‫ال مدخل له في القواعد وقد كنت وضعت فيه‬
‫أنا أتحفك منه بباب مفيد فأقول‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ويكثر‪.‬‬
‫‪ 2‬هو شيخ اإلسالم أبو عبد اهلل محمد بن رزين بن‬
‫موسى العامري الحموي الشافعي ‪ ،‬ولد سنة ثالث‬
‫وستمائة في شعبان بحماة وبرع في الفقه واألصول‬
‫وشارك في المنطق والكالم والحديث وأفتى وله ثمان‬
‫عشرة سنة‪ .‬توفي في ثالث من رجب سنة ثمانين‬
‫وستمائة‪.‬‬
‫الطبقات الكبرى ‪ ، 46 /8‬الشذرات ‪ ، 368 /5‬النجوم‬
‫الزاهرة ‪.123 /7‬‬
‫صفحة ‪399 | 310 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫باب في األلغاز ‪:‬‬
‫واألصل في هذا الباب حديث ابن عمر الثابت في‬
‫الصحيح أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ‪" :‬إن من‬
‫الشجر شجرة ال يسقط ورقها وإ نها مثل المسلم حدثوني‬
‫ما هي ؟"‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فوقع الناس في شجر البوادي ‪ ،‬قال عبد اهلل ‪ :‬فوقع‬
‫في نفسي أنها النخلة فاستحييت‪.‬‬
‫ثم قالوا ‪ :‬حدثنا يا رسول اهلل ما هي ؟ قال ‪ :‬هي النخلة‬
‫قال عبد اهلل فحدثت أبي بما وقع ‪ ،‬قال ألن تكون قلتها‬
‫أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا‪.‬‬
‫وقد خرجه البخاري في موضعين ‪-‬بوب على أحدهما‬
‫باب طرح اإلمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم‬
‫من العلم وبوب على اآلخر "الحياء في العلم"‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬ومن ثم واهلل أعلم بحث العلماء في هذا الباب ‪،‬‬
‫ومن أقدم ما سمعت فيه ما رواه الحافظ أبو القاسم ابن‬
‫عساكر رضي اهلل عنه في التاريخ الشامي إلى حماد بن‬
‫حميد قال ‪" :‬كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس‬
‫يسأله عن هذه المسائل ‪-‬أخبرني عن رجل دخل الجنة‬
‫محمدا صلى اهلل عليه وسلم أن يعمل بعمله ‪،‬‬
‫ً‬ ‫ونهى اهلل‬
‫وعن شيء تكلم ليس له لحم وال دم ‪ ،‬وعن شيء له لحم‬
‫ولم تلده أنثى وال ذكر وال من المالئكة ‪ ،‬وعن نفس‬
‫أوحى اهلل إليها ليست من األنبياء ‪ ،‬وعن منذر ليس من‬
‫الجن وال من اإلنس ‪ ،‬وعن شيء حرم بعضه وحل‬
‫بعضه ‪ ،‬وعن شيء تنفس ليس له لحم وال دم ‪ ،‬وعن‬
‫نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها ‪ ،‬وعن نفس خرجت‬
‫من جوف ليس بينهما نسب وال رحم ‪ ،‬وعن اثنين تكلما‬
‫ليس لهما لحم وال دم ‪ ،‬وعن الرجل الذي [مر]‪ 1‬في‬
‫قرية وهي خاوية على عروشها ‪ ،‬وعن شيء إن فعلته‬
‫حراما وعن موسى عليه‬
‫ً‬ ‫حراما وإ ن تركته كان‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫السالم كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر وفي أي‬
‫بحر قذفته ‪ ،‬وعن االثنين اللذين كانا في بيت فرعون‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 311 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫حين لطم موسى فرعون ‪ ،‬وعن موسى حين كلمه اهلل من‬
‫حمل التوراة إليه ‪ ،‬وكم كانت المالئكة الذين حملوا‬
‫التوراة إلى موسى ‪ ،‬وأخبرني عن آدم كم كان طوله وكم‬
‫عاش ومن كان وصيه ‪ ،‬وأخبرني من كان بعد آدم من‬
‫الرسل ‪ ،‬ومن كان بعد نوح ‪ ،‬ومن كان قبل نبينا صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وعن األنبياء عليهم السالم كم كانوا ‪،‬‬
‫وكم كان فيهم من الرسل ‪ ،‬وكم في القرآن منهم ‪ ،‬وعن‬
‫رجل ولد من غير ذكر وال أنثى ولم يمت ‪ ،‬وعن أرض‬
‫واحدا ‪ ،‬وعن الطير الذي ال‬
‫يوما ً‬
‫لم تصبها الشمس إال ً‬
‫يبيض وال يحضن عليه طير‪.‬‬
‫فلما قدمت هذه المسائل إلى ابن عباس رضي اهلل عنهما‬
‫كتب‪.‬‬
‫أما الرجل الذي دخل الجنة ونهى محمد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أن يعمل بعمله فهو يونس النبي عليه السالم الذي‬
‫اح ِب اْلح ِ‬
‫وت ِإ ْذ َن َ‬
‫ادى َو ُه َو‬ ‫يقول اهلل فيه ‪{ :‬واَل تَ ُك ْن َكص ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وم}‪.1‬‬‫َم ْكظُ ٌ‬
‫وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم وال دم فهي النار إذا‬
‫{ه ْل ِم ْن َم ِز ٍيد}‪.‬‬
‫تقول َ‬
‫وأما الرسول الذي بعثه اهلل ليس من الجنة وال من اإلنس‬
‫وال من المالئكة فهو الغراب الذي بعثه اهلل إلى ابن آدم‬
‫ليريه كيف يواري سوأة أخيه‪.‬‬
‫وأما الشيء الذي له لحم ودم ولم تلده أنثى فهو كبش‬
‫إبراهيم الذي فدى به ولده‪.‬‬
‫وأما الشيء الذي تنفس ليس له لحم ودم فهو الصبح ؛ إذ‬
‫ُّب ِح ِإ َذا تََنفَّ َس}‪.2‬‬
‫{والص ْ‬
‫يقول عز وجل ‪َ :‬‬
‫وأما النفس التي ماتت وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة‬

‫{اض ِر ُبوهُ‬
‫التي ذكرها اهلل تعالى في القرآن في قوله ‪ْ :‬‬
‫ضهَا َك َذِل َك ُي ْحيِي اللَّهُ اْل َم ْوتَى}‪.3‬‬
‫بِبع ِ‬
‫َْ‬
‫وأما الطير لم يبض ولم يحضن عليه فهو الطير الذي‬
‫طائرا بإذن‬
‫نفخ فيه عيسى ابن مريم عليه السالم فكان ً‬
‫اهلل‪.‬‬
‫وأما الشيء الذي قليله حالل وكثيره حرام فنهر طالوت‬
‫الذي ابتالهم اهلل به‪.‬‬
‫وأما النفس التي أوحى اهلل إليها ليست من األنبياء فأم‬
‫موسى‪.‬‬
‫وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب‬
‫وال رحم فهو يونس النبي صلى اهلل عليه وسلم خرج من‬
‫بطن الحوت‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة ق ‪.30‬‬
‫‪ 2‬سورة التكوير ‪.18‬‬
‫‪ 3‬سورة البقرة ‪73‬‬
‫صفحة ‪399 | 312 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وأما االثنان اللذان تكلمتا ليس لهما لحم وال دم فهما‬
‫السماء واألرض قال تعالى ‪{ِ :‬اْئ تَِيا َ‬
‫ط ْو ًعا َْأو َك ْر ًها قَالَتَا‬
‫ين}‪.1‬‬ ‫َأتَْيَنا َ ِئ ِ‬
‫طا ع َ‬
‫وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم وال دم فعصا موسى‬
‫التي تلقف ما يأكفون‪[ .‬وأما الرجل الذي مر على قرية‬
‫وهي خاوية على عروشها فهو أرميا]‪.2‬‬
‫حراما وإ ن تركته كان‬
‫ً‬ ‫وأما الشيء الذي إن فعلته كان‬
‫حراما فهي صالة السكران ‪ ،‬إن صليت وأنت سكران‬
‫ً‬
‫فحرام وإ ن تركت فحرام‪.‬‬
‫وأما أم موسى فأرضعته ثالثة أشهر‪ 3‬قبل أن تقذفه في‬
‫البحر ثم ألقته في بحر القلزم‪.‬‬
‫وأما االثنان اللذان كانا [في بيت]‪ 4‬فرعون فالرجل الذي‬
‫كانت يكتم إيمانه‪.‬‬
‫وسألت عن موسى يوم كلمه اهلل وحملت التوراة إليه فإن‬
‫اهلل كلمه يوم الجمعة وأعطي التوراة ونزلت بها المالئكة‬
‫إلى موسى يوم الجمعة وأمر اهلل بكل حرف‪ 5‬فحمله ملك‬
‫من السماء ال‪ 6‬يعلم عدد ذلك إال اهلل‪.‬‬
‫يوما فهي‬
‫وأما األرض التي لم تنظر إليها الشمس إال ً‬
‫أرض البحر الذي فلقه اهلل لموسى‪.‬‬
‫وأما المنذر الذي ليس [من اإلنس‪ 7‬وال من الجن] فالنملة‬
‫النم ُل ْاد ُخلُوا مس ِ‬
‫اكَن ُك ْم}‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫{يا َُّأيهَا َّ ْ‬
‫القائلة َ‬
‫وسألت عن آدم فهو أول األنبياء خلقه اهلل من طين‬
‫وسواه ونفخ فيه من روحه ‪ ،‬وكان طوله ‪-‬فيما بلغنا واهلل‬
‫نبيا وخليفة وعاش ألف سنة‬
‫ذراعا ‪ ،‬وكان ً‬
‫ً‬ ‫أعلم‪ -‬ستين‬
‫عاما ‪ ،‬وكان وصيه شيث وإ ن بعد شيث من‬
‫إال خمسين ً‬
‫األنبياء إدريس وهو أول الرسل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة فصلت "‪."11‬‬
‫‪ 2‬سقط من "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة ونصف‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة حين لطمه موسى فهي آسيا امرأة‬
‫فرعون‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" زيادة من التوراة‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" فال‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" من الجن أواًل ‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 313 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وبعد إدريس نوح وبعد نوح هود ثم صالح ثم إبراهيم ثم‬
‫لوط ‪-‬ابن أخي إبراهيم ‪ -‬ثم إسماعيل ثم إسحاق ثم‬
‫يعقوب ثم يوسف ثم موسى ثم عيسى فأنزل اهلل اإلنجيل‬
‫ثم كان بعده نبي الرحمة صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وكان عدد األنبياء ‪-‬فيما بلغنا‪ -‬ألف نبي ومائتي نبي‬
‫نبيا ‪ ،‬وكان منهم ثالثة وخمسة عشر‬
‫وخمسة وسبعين ً‬
‫نبيا يقول اهلل‬ ‫رسواًل نجد في القرآن منهم ثالثة وثالثين ً‬
‫اه ْم َعلَ ْي َك ِم ْن قَْب ُل َو ُر ُساًل‬
‫صَن ُ‬
‫ص ْ‬‫{و ُر ُساًل قَ ْد قَ َ‬ ‫عز وجل ‪َ :‬‬
‫يما}‪ 1‬انتهى‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ‬
‫وسى تَ ْكل ً‬ ‫صهُ ْم َعلَ ْي َك َو َكل َم اللهُ ُم َ‬
‫ص ْ‬
‫َل ْم َن ْق ُ‬
‫مختصرا‪.‬‬
‫ً‬
‫قلت وأنا أستفتح السؤال األول من مسائله فإن إطالق‬
‫القول بأن نبينا صلى اهلل عليه وسلم نهى بأن يعمل بعمل‬
‫يونس ال ينبغي لما فيه من اإلساءة على يونس‪.‬‬
‫وكذا‪[ 2‬أقول]‪ 3‬في الرسول ليس من الجن وال من‬
‫اإلنس وال من المالئكة ‪[-‬روى]‪ 4‬الحافظ أبو القاسم‬
‫أيضا بسنده إلى ابن أبي مليكة قال ‪ :‬كتب ابن هرقل إلى‬
‫ً‬
‫معاوية يسأله عن ثالث خالل ما مكان إذا كنت [فيه]‪ 5‬لم‬
‫تدر أين قبلتك ؟ وما مكان طلعت فيه الشمس ولم [تطلع]‬
‫‪ 6‬فيه قبل وال بعد ؟ وعن المحو الذي في القمر ؟ ‪-‬فقال‬
‫معاوية من لهذه ؟‪ 7‬فقيل ابن عباس ‪ ،‬فكتب إليه‪.‬‬
‫فأجاب ابن عباس [رضي اهلل عنهما]‪.8‬‬
‫أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت‬
‫على ظهر الكعبة‬
‫وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس ولم تطلع [فيه]‪ 9‬قبل‬
‫وال بعد فالبحر الذي انفلق لموسى‪.‬‬
‫{و َج َعْلَنا اللَّْي َل‬
‫وأما محو القمر فهو آية الليل قال تعالى ‪َ :‬‬
‫النهَ َار َآ َيتَْي ِن}‪.10‬‬
‫َو َّ‬
‫فكتب معاوية إلى ابن هرقل ‪ ،‬فكتب إليه ما هذا من‬
‫كنزك وال كنز أبيك ‪[ ،‬وما]‪.11‬‬
‫خرج هذا إال من [أهل]‪ 12‬بيت نبوة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة النساء "‪."164‬‬
‫‪ 2‬في "ب" كذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" وروى‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" تظله‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" زيادة المسائل‪.‬‬
‫‪ 8‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 9‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 10‬اإلسراء "‪."12‬‬
‫‪ 11‬في "ب" وال‪.‬‬
‫‪ 12‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 314 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫أيضا بأسانيد مختلفة هذا األثر بزيادات‬
‫وروى الحافظ ً‬
‫أخر اجتمعت على بعضها واختلفت [في]‪ 1‬بعضها وأنا‬
‫ألحق تلك الطرق وأجمع ما اجتمعت وما افترقت فيه ؛‬
‫مذكورا في بعضها دون بعض فأقول ‪:‬‬
‫ً‬ ‫فكان‬
‫روي أن قيصر ملك الروم كتب إلى معاوية بن أبي‬
‫سفيان ‪ :‬أما بعد فأي كلمة أحب إلى اهلل ؟ وما الثانية‬
‫والثالثة والرابعة والخامسة ؟ ومن أكرم عباد اهلل وإ مائه‬
‫عليه ؟ وما خمسة فيها الروح لم تركض في رحم ؟ وقبر‬
‫سار بصاحبه ؟ ومكان لم تصبه الشمس إال مرة واحدة لم‬
‫تطلع فيه قبل ذلك وال تطلع بعده ؟ ومجرة السماء ما هي‬
‫؟ وقوس قزح وما بدأ مرة ؟ وقبله من ال قبلة له ‪ ،‬ومن‬
‫ال أب له ‪ ،‬ومن ال عشيرة له ؟ وعن شيء نصف شيء‬
‫وال شيء ؟ وابعث إلي في هذه القارورة‪.2‬‬
‫فلما قرأ معاوية كتابه قال ‪ :‬ما له أخزاه اهلل ؟! وما علمي‬
‫بها ها هنا ؟ فقيل له ‪ :‬اكتب إلى ابن عباس ‪ ،‬فكتب يسأله‬
‫عن ذلك‪.‬‬
‫فكتب إليه ابن عباس ‪" :‬إن أفضل الكالم ال إله إال اهلل ‪-‬‬
‫كلمة اإلخالص ‪ ،‬وما يقبل عمل إال بها ‪ ،‬والتي تليها‬
‫سبحان اهلل وبحمده والثالثة كلمة الشكر اهلل أكبر وفاتحة‬
‫الكتاب والركوع والسجود ‪ ،‬والخامسة ال حول وال قوة‬
‫إال باهلل ‪ ،‬وأكرم الخلق آدم ‪ ،‬وأكرم اإلماء مريم ‪،‬‬
‫والخمسة الذين لم يركضوا في رحم ‪ :‬آدم وحواء الكبش‬
‫الذي فدي به إسماعيل وعصا موسى حين ألقاها فصارت‬
‫ثعبانا وناقة صالح ‪ ،‬والقبر الذي سار بصاحبه [فالحوت]‬
‫ً‬
‫‪ 3‬الذي التقم يونس ‪ ،‬والمكان الذي انفرج لموسى من‬
‫البحر لما ضربه بعصاه فانفلق والمجرة باب السماء ‪،‬‬
‫وقوس قزح أمان ألهل األرض من الغرض بعد قوم نوح‬
‫‪ ،‬ومن ال قبله له الكعبة ‪ ،‬ومن ال أب له عيسى ‪ ،‬ومن ال‬
‫عشيرة له آدم ‪ ،‬وأما شيء فالرجل له عقل يعمل بعقله ‪،‬‬
‫وأما نصف شيء فالرجل ال عقل له يعمل بعقل ذوي‬
‫العقل ‪ ،‬وأما ال شيء فالذي ليس له عقل يعمل برأي‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ثم مأل القارورة ماء وقال ‪ :‬هذا أبرز كل شيء ‪ :‬قال‬
‫اء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي}‪.5‬‬
‫[اهلل]‪ : 4‬تعالى ‪{ :‬وجعْلَنا ِمن اْلم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫فلما وصل الكتاب إلى ملك الروم قال ‪ :‬لقد علمت أن‬
‫معاوية لم يكن له بهذا علم ‪ ،‬وما خرج هذا إال من أهل‬
‫بيت نبوة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة ببدر كل شيء‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" الحوت‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬سورة األنبياء "‪."30‬‬
‫صفحة ‪399 | 315 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قلت ‪ :‬في األثر مواضع ال بأس بالتنبيه عليها‪.‬‬
‫قوله ‪" :‬أكرم الخلق آدم" ليس على ظاهره ‪ ،‬وإ ن‪ 1‬أكرم‬
‫الخلق عند أهل الحق سيدنا‪ 2‬محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد خطر [لي]‪ 3‬فيما وقع في هذا األثر أحد أمرين ‪ :‬إما‬
‫أن يكون زيادة [لم]‪ 4‬يثبت عن ابن عباس وهو األقرب ‪،‬‬
‫وإ ما أن يكون عني بأكرمية الخلق أصل الخلقة واألرومة‬
‫‪ 5‬والطينة التي آدم وذريته فيها سواء ‪ ،‬والمراد أن خلق‬
‫البشرية أفضل من بقية الخالئق ويؤخذ منها أن البشر‬
‫أفصل من الملك ‪-‬وهو مذهب أهل السنة‪.‬‬
‫وال يقال ‪[ :‬إن]‪ 6‬ابن عباس ذكر ذلك على معتقد‬
‫المكتوب إليه ألنا ‪-‬أواًل ‪ -‬ال نعرف ما يعتقدون في ذلك ‪،‬‬
‫وثانيا ال نعتقد أن ابن عباس يجيب إال بما هو الحق ‪-‬في‬
‫ً‬
‫نفس األمر ولذلك قال ‪" :‬أفضل الكالم ال إله إال اهلل" وهم‬
‫يعتقدون التثليث‪.‬‬
‫وقوله ‪" :‬من ال قبلة له الكعبة" لعله يعني به منصلى على‬
‫ظهرها ‪-‬كما أشير إليه في األثر قبله ‪ -‬إال أنه لو استقبل‬
‫سترة متصلة جاز فلم تخرج عن كونها قبلة‪.‬‬
‫وقوله ‪" :‬من ال أب له عيسى" يعني من ال أب له ممن‬
‫يركض في رحم ؛ وإ ال فكذلك آدم عليه السالم‪.‬‬
‫وقوله ‪" :‬من ال عشيرة له آدم" لعله قبل أن يولد له‬
‫ويكون في ذلك من ابن عباس داللة على ما قال المتولي‬
‫صاحب "التتمة" ‪" :‬إنه إذا وقف على عشيرة لم يدخل فيه‬
‫إال قرابة األب"‪ .‬ووجه االستنباط أن آدم لم يكن له أب‬
‫فلم يكن له قرابة أب ؛ فمن ثم لم يجعل ابن عباس له‬
‫عشيرة فدل أن من ال أب له ال عشيرة له ‪ ،‬ودل أن‬
‫العشيرة من قبل األب‪ .‬وهذا قول المتولي رحمه اهلل‪.‬‬
‫ومما يلتحق بهذه المسائل مسائل [دارت]‪ 7‬بين الشافعي‬
‫رضي اهلل عنه ومحمد ابن الحسن رحمه اهلل نقلها النقلة‬
‫لمحنة الشافعي [رحمه اهلل]‪ ، 8‬وكثير من الناس يذكر‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" فإن‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة المصطفى‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ال‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" وارت‪.‬‬
‫‪ 8‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 316 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫أن أبا يوسف القاضي كان مع محمد ‪ ،‬ولكن لم يثبت‬
‫عندنا ذلك ‪ ،‬والصحيح أن محنة الشافعي [رحمه اهلل]‪1‬‬
‫ودخوله بسببها بغداد إنما كان بعد وفاة أبي يوسف ‪ ،‬ولم‬
‫تكن هذه المسائل إال بينه وبين محمد بن الحسن ‪ ،‬غير‬
‫أن نوردها كما أوردها الناقلون لها إذا كان القصد‬
‫معانيها ال عزوها إلى قائلها‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬ذكر اإلمام إسماعيل البوشنجي أحد الجلة من‬
‫علمائنا وغيره ‪ :‬أن الشافعي [رحمه اهلل]‪ 2‬دخل بعض‬
‫األيام على هارون الرشثيد فامتحنه أبو يوسف ومحمد‬
‫ودفعا الدرج إليه في ذلك‬
‫بمسائل أثبتناها في درج ً‬
‫المجلس ‪ ،‬فأجاب عنها بأسرها في الحال ‪ ،‬وسألهما عن‬
‫مسألتين فعجزا عن الجواب ‪ ،‬وها هي ‪:‬‬
‫سأاله عن رجل ذبح شاة ثم خرج [لحاجته]‪ 3‬وعاد ‪ ،‬فقال‬
‫ألهله كلوها فقد حرمت علي ‪ ،‬فقال له أهله ‪[ :‬ونحن]‪4‬‬
‫قد حرمت علينا‪.‬‬
‫فأجاب أنه مشرك ذبح الشاة على اسم األنصاب ‪ ،‬ثم أسلم‬
‫بعد خروجه ‪ ،‬وعاد فقال لهم هذه المقالة ‪ ،‬فأسلموا‬
‫فحرمت عليهم الذبيحة‪.‬‬
‫وسأاله عن رجل أبق له غالم فقال ‪ :‬هو حر إن طعمت‬
‫طعاما حتى آخذه ‪ ،‬كيف المخرج ؟‬
‫ً‬
‫فأجاب ‪-‬يهب الغالم لبعض أوالده‪ -‬ويأكل ثم يرجع‬
‫مرحبا بابنينا‬
‫ً‬ ‫وسأاله عن امرأتين لقيا غالمين فقلنا ‪:‬‬
‫وابني زوجينا وهما زوجانا‪.‬‬
‫فأجاب ‪ :‬بأن الرجلين كانا ابني [المرأتين]‪ ، 5‬فتزوجت‬
‫كل واحدة منهما بابن صاحبتها ‪ ،‬وكان الغالمان ابنيهما‬
‫وابني زوجيهما وهما زوجان لهما‪.6‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" لحاجة‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في المرأتين‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" زيادة ومسأاله عن مخلوقين سجدوا لغير اهلل‬
‫عز وجل وهما غير عاصين بذلك فأجاب المالئكة‬
‫سجدوا آلدم عليه السالم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 317 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وسأاله عن رجل قال لولد ‪ :‬إن ست فلك ألف درهم ولو‬
‫كنت ابن ابني كان لك عشرة آالف درهم‪.1‬‬
‫فأجاب ‪ :‬كان الرجل يملك ثالثين ألف درهم ‪ ،‬وكان له‬
‫ثمانية وعشرون بنتًا فخص كل بنت ألف درهم وخص‬
‫االبن ألفين لو كان له ابن ابن كان للبنات [الثلثين]‪2‬‬
‫والباقي له ‪-‬وهو عشرة آالف درهم‪.‬‬
‫وسأاله عن رجل أخذ قدح ماء [يشربه]‪ 3‬فشرب‪ p‬بعضه‬
‫محرما عليه‪.‬‬
‫ً‬ ‫حالاًل وصار باقي ماء القدح‬
‫فأجاب ‪ :‬بأنه شرب نصفه ورعف في بقيته فحرم الماء‬
‫المتزاجه بالدم‪.‬‬
‫وسأاله عن امراة ادعت أن زوجها ما قاربها منذ‬
‫تزويجها وأنها بكر كما خلقت‪.‬‬
‫فأجاب ‪ :‬يدعي بقابلة وتؤمر أن تحمل بيضة فإن غابت‬
‫فقد كذبت ؛ وإ ال فقد صدقت‪.‬‬
‫وسأاله عن خمسة زنوا بامرأة وجب على أحدهم القتل‬
‫والثاني الرجم والثالث الحد ‪ ،‬والرابع نصف الحد ‪،‬‬
‫والخامس ال شيء‪.‬‬
‫فأجاب ‪ :‬األول استحل الزنا فكفر ‪ ،‬والثاني زان محصن‬
‫والثالث غير محصن وهو حر ‪ ،‬والرابع عبد ‪ ،‬والخامس‬
‫مجنون ال شيء عليه‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬أو واطى بشبهة وتسمية وطء الشبهة زنا أقرب‬
‫من تسمية وطء المجنون‪.‬‬
‫وسأاله عن امرأة قهرت مملوكها على وطئها‪.‬‬
‫فأجاب ‪ :‬إن خاف على نفسه القتل أو الضرب الوجيع إن‬
‫لم يفعل فال شيء عليه ‪ ،‬وإ ال نصف الحد ‪ ،‬وعلى‬
‫[المرأة]‪- 4‬إن كانت محصنة‪ -‬الرجم ‪ ،‬وإ ال فالحد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فالمكره ال شيء عليه يعني ال حد عليه ؛ وإ ال قال‬
‫فاإلثم عليه باإلجماع‪.‬‬
‫وسأاله عن رجل صلى بقوم فسلم عن يمينه فطلقت‬
‫امرأته ‪ ،‬وعن يساره فبطلت‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" الثلثان‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ليشربه‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" االمرأة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 318 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫صالته ونظر إلى السماء فوجب عليه ألفًا درهم [يزنها]‪1‬‬
‫في الغد‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أجاب ‪ :‬إنه لما سلم نظر إلى رجل قد تزوج بامرأته عند‬
‫دما‬
‫ثانيا رأى عليه ً‬
‫غيبته فلما حضر طلقت ‪ ،‬ولما سلم ً‬
‫فوجبت اإلعادة ‪" ،‬ولما أبصر السماء" أبصر الهالل فكان‬
‫عليه دين فوجب عليه أداؤه‪.‬‬
‫نكاحا حتى‬
‫فإن قيل ‪ :‬النكاح في غيبة الزوج ال يكون ً‬
‫يقال ‪ :‬وقع الطالق برؤية الزوج ‪ ،‬وكذلك الصالة مع‬
‫النجاسة ال تكون صالة حتى يقال بطلت‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬هذا الجواب محمول على الظاهر ‪ ،‬فإن تلك المرأة‬
‫حيا زال ذلك‬
‫كانت محللة له في الظاهر فلما رأى الزوج ً‬
‫الظن وتبعه زوال الحل‪.‬‬
‫وسأاله عن إمام كان يصلي بأربعة نفر فدخل المسجد‬
‫رجل آخر فصلى معهم عن يمين اإلمام وأبصره وجب‬
‫على اإلمام القتل ووجب تسليم امرأته إلى ذلك الرجل‬
‫ووجب على األربعة الجلد ‪ ،‬ووجب هدم المسجد بالكلية‬
‫إلى أساسه‪.‬‬
‫فأجاب ‪ :‬أن الرجل [الداخل كان سافر]‪ ، 2‬وخلف امرأته‬
‫عند أخ له واتفق أن اإلمام قتله وأخذ امرأة أخيه وادعى‬
‫أنها كانت امرأة له وشهد له األربعة الذين صلوا معه‬
‫مسجدا ؛ فوجب القتل‬
‫ً‬ ‫وأخذ دار ذلك المقتول وجعلها‬
‫قصاصا ‪ ،‬ووجب أن ترد [المرأة]‪ 3‬إلى زوجها ‪،‬‬
‫ً‬ ‫عليه‬
‫ووجب جلد األربعة بشهادة الزور ‪ ،‬ووجب تخريب‬
‫دارا‪.‬‬
‫المسجد وإ عادته ً‬
‫طا‬
‫كيسا ممتلًئا مربو ً‬
‫وسأالته عن رجل دفع إلى امرأته ً‬
‫وقال أنت طالق إن فتحتيه أو فتقتيه أو كسرت ختمي أو‬
‫[أحرقتيه]‪ 4‬أو لم‪ 5‬تفرغيه وتعطيني الكيس‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬إن كان ما فيه ما يذوب كالسكر تضعه في الماء‬
‫حتى يذوب‪.‬‬
‫وسأاله ‪ :‬عن رجل وامرأة لقيا غالمين فقال الرجل ‪ :‬أنا‬
‫ابن جدهما وأخي عمهما وقالت المرأة ‪ :‬أنا بنت جدتهما‬
‫وأختي خالتهما وخالة أبيهما‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬الرجل أبوهما [والمرأة]‪ 6‬جدتهما‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" مكررة‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" قد سافر‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" االمرأة‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" حرقيته‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" ولم‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" االمرأة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 319 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وسأاله ‪ :‬عن امرأة ولدت ثالثة أوالد ‪-‬األول مملوك‬
‫والثاني ولد زنا ‪ ،‬والثالث خليفة يدعي له على المنابر ‪،‬‬
‫واألب واألم واحد‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬هذه المرأة كانت مملوكة لقوم فوطئها رجل‬
‫هاشمي بنكاح فخرج ولده مملو ًكا لقوم ثم إنه طلقها وزنا‬
‫بها بعد الطالق فكان ولد الزنا ‪ ،‬ثم إنه اشتراها ‪ ،‬فجاء له‬
‫منها ولد فصار خليفة يدعي له على المنابر‪.‬‬
‫فسأاله عن رجل ضرب رأس رجل بعصا ؛ فادعى‬
‫المضروب أن ضاربه قد أذهب بضربته إحدى عينيه‬
‫وأذهب بضربته خيشومه وأخرس لسانه‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬يقام هذا الرجل في الشمس فإن فتح عينيه التي‬
‫تقابل‪ 1‬عين الشمس ولم تطرف فهو صادق ‪ ،‬ويشم‬
‫رائحة دخال الحريق فإن لم ينزل من أنفه شيء من‬
‫الرطوبات فهو صادق ويغرز في لسانه بإبرة فإن خرج‬
‫منها دم أسود فهو صادق‪.‬‬
‫وسأاله عن رجلين فوق سطح سقط أحدهما فمات‬
‫فحرمت على اآلخر امرأته‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬هو رجل زوج ابنته من غالمه فمات فورثته‬
‫فملكته فحرمت عليه لملكها إياه‪.‬‬
‫قال الراوي ‪ :‬فعجب الرشيد من علم الشافعي وقال ‪ :‬هلل‬
‫در بني عبد مناف‪.‬‬
‫فقال ‪[ :‬الشافعي رضي اهلل عنه]‪ 2‬إني سائلهما مسألتين‬
‫موجزتين‪.‬‬
‫ما تقول يا أبا يوسف في رجل مات وخلف ستمائة درهم‬
‫وفي الورثة أخت لم يصبها إال درهم ‪ ،‬وما تقول يا أبا‬
‫محمد في رجل تزوج بامرأة وتزوج ابنه بأمها فجاءت‬
‫كل واحدة بابن ما يكون هذا من ذلك ؛ وذلك من هذا‬
‫فاطرقا وطال فكرهما ولم يجيبا بشيء‪.‬‬
‫فقال الرشيد ‪ :‬أجب أنت يا شافعي فقال الشافعي رحمه‬
‫اهلل ‪:‬‬
‫أما المسألة األولى فقد بلغني أن امرأة جاءت إلى علي بن‬
‫أبي طالب كرم اهلل وجهه فسألته عن ذلك فقال رضي اهلل‬
‫عنه ‪ :‬مات أخوك وخلف بنتين فلهما الثلثان ‪-‬أربعمائة ‪،‬‬
‫وخلف أما فلها السدس مائة‪ -‬وزوجة فلها الثمن ‪-‬خمسة‬
‫وسبعون‪ -‬بقي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة بها‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" قال اإلمام الشافعي‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 320 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫واحدا‬
‫ً‬ ‫خمسة وعشرون وخلف من اإلخوة اثني عشر‬
‫درهمين درهمين ولم يبق من الستمائة غير درهم فهو‬
‫لك‪.‬‬
‫وأما الثانية ‪:‬‬
‫فإن ابن األم خال ابن البنت ‪ ،‬وابن البنت عم ابن األم‪.‬‬
‫فتبسم هارون الرشيد وأعظم قدره رضي اهلل عنه وحيث‬
‫نجزت هذه المسائل فلنورد من المجموع الذي أشرنا إليه‬
‫ما بقي اختيارنا ‪-‬ها هنا عليه وهو مجموع أودعته من‬
‫جانبا من الفقه وال أقول ‪:‬‬
‫عددا [وهبته]‪ً 1‬‬
‫هذا النوع ً‬
‫أعرته ‪ ،‬ووضعت فيه نحو مائة من مطارحات المسائل‬
‫ومستطرفاتها منها ما نقلته ومنها ما ولدته ‪ ،‬ولقد‬
‫جاوزت في مولداتي حد األربعين وأخرجتها وال أثر بعد‬
‫عين ‪ ،‬وال ظن بعد اليقين ‪ ،‬وعرضتها وهي أمانة ال‬
‫يشفق اإلنسان [منها]‪ ، 2‬وليس لمن خان األمانة دين‪.‬‬
‫وما ولدته ما شرحته فتبلج وجه صبحه ‪ ،‬ومنها ما تركته‬
‫ليستعمل الفطن ذهنه في شرحه ويفرد له النظر وينشد‪.‬‬
‫فالقلب منزلك القديم فإن تجد فيه سواك من األنام فنحه‬
‫قلبا‬
‫وإ ن هو لم يحتط لقفله غاية االحتياط ولم يفرد له ً‬
‫حاضرا غلط [غلطة]‪ 3‬ال كاألغالط ولم يفتح مغلقه حتى‬
‫ً‬
‫يلج الجمل في سم الخياط ‪ ،‬وحتى يؤوب‪ 4‬الفارطان‬
‫كالهما وينشر في الموتى كليب وائل فلعسرها فني‬
‫الكهول بلسان سؤول وقلب [عقول]‪.5‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل قال المرأته ‪ :‬إن كان ما في كمي دراهم أكثر من‬
‫ثالثة فأنت طالق فكان في كمه أربعة‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذه المسألة سئل عنها الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫‪-‬فيما نقله أبو عبد اهلل محمد بن إبراهيم البوشنجي عن‬
‫الربيع بن سليمان‪ -‬فقال ‪ :‬ال يقع عليه طالق ألنه ليس‬
‫في كمه دراهم هو أكثر من ثالثة ؛ إذ ليس في كمه زائد‬
‫على الثالثة إال درهم واحد والمعلق عليه دراهم‬
‫موصوفة بأنها أكثر من ثالثة ولم يوجد‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" وفيه‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ثوب‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" عقول‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 321 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قال البوشنجي ‪ :‬قال الربيع ‪ :‬فقال السائل ‪ :‬آمنت بمن‬
‫فوهك هذا العلم ؛ فأنشأ الشافعي‪: 1‬‬
‫إذا المشكالت تصدين لي كشفت حقائقها بالنظر‬
‫وإ ن ترقت في محل السحاب عميا ال تحتلها الفكر‬
‫مقنعة [بغيوب]‪ 2‬الغيوم وضعت عليها جسام البصر‬
‫لساني كشقشقة األرحبي أو كالحسام اليماني الذكر‬
‫ولست بإمعة في الرجال أسائل هذا وذا ما الخبر‬
‫ولكنني بذي األصغرين أقيس بما قد مضى ما عبر‬
‫وسباق قومي إلى المكرمات وجالب خير ودفاع شر‬
‫قلت ‪ :‬وصورة المسألة كما ترى ‪-‬فيمن قال إن كان في‬
‫كمي دراهم أكثر من ثالثة‪.‬‬
‫أما لو لم يقل ‪ :‬دراهم بل اقتصر على قوله إن كان في‬
‫كمي أكثر من ثالثة المسألة التي أشار إليها األصحاب‬
‫بقولهم فيمن قالت له زوجته ‪ :‬إنه يملك أكثر من مائة‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬إن كنت أملك أكثر من مائة فأنت طالق ؛ فكان‬
‫يملك خمسين أنه إن كان مراده ال يملك زيادة عن المائة‬
‫ال تطلق وإ ن إراد أنه يملك مائة بال زيادة طلقت ‪ ،‬وإ ن‬
‫أطلق فاألصح ال تطلق‪.‬‬
‫وقالوا في باب اإلقرار ‪ :‬لو قال لزيد علي أكثر من مال‬
‫فالن يقبل تفسيره بأقل متمول وإ ن كثر مال فالن ؛ ألنه‬
‫يحتمل أنه أكثر لكونه حالل وهذا حرام أو نحوه ‪،‬‬
‫وسواء علم مال فالن أو لم يعلم‪.‬‬
‫وهذا المأخذ الذي انتزعه الشافعي رضي اهلل عنه أخذه‬
‫ابن سريج وغلط محمد ابن الحسن في قوله فيمن أوصى‬
‫بمثل نصيب أحد ابنية الحائزين إال ثلث جميع المال ‪ :‬أن‬
‫الوصية باطلة ألنها الخارج علن الثلث‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" رضي اهلل عنه يقول‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بعيون‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 322 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وقال أبو العباس ‪ :‬بل هي صحيحة ‪ ،‬وهي بالقدر الزائد‬
‫من نصيب أحدهما عن ثلث األصل"‪.‬‬
‫وهذا يشبه مأخذ الشافعي رضي اهلل عنه ألنه جعل قوله‬
‫قيدا في مثل النصيب يعني مثل‬
‫‪ - :‬إال ثلث جميع المال ً‬
‫خارجا [منه]‪ 1‬مثل ثلث األصل كما جعل‬
‫ً‬ ‫النصيب‬
‫قيدا في الزائد عن ثالثة‪.‬‬
‫الشافعي رضي اهلل عنه دراهم ً‬
‫قال ابن سريج ‪ :‬والمسألة تصح من تسعة ‪-‬لكل ابن‬
‫أربعة وللموصي له سهم واحد‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويمكن أن يقال ‪ :‬هو استثناء مستغرق وكأنه‬
‫استثنى ثلثًا من ثلث فيصبح من ثالثة لكل واحد سهم‬
‫[واهلل سبحانه]‪ 2‬وتعالى أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫روي عن الشافعي رضي اهلل عنه أنه سئل عن امرأة في‬
‫فمها لقمة قال زوجها ‪ :‬إن بلعتها فأنت طالق وإ ن‬
‫أخرجتها فأنت طالق ما حيلته‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬تبلغ نصفها وتخرج نصفها‪.‬‬
‫ذكره الرافعي في "الشرح" وهو منصوص نقله الحاكم‬
‫نصا عن أبي الوليد النيسابوري عن الحسن بن سفيان‬
‫ً‬
‫عن حرملة عن الشافعي رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل قال لصاحبه ‪ :‬إن بدأتك [بالكالم]‪ 3‬فامرأتي طالق‬
‫‪ ،‬فقال له صاحبه وإ ن بدأتك بالكالم فأمرأتي طالق كيف‬
‫يصنع ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قيل إن أبا حنيفة رحمه اهلل سئل عن ذلك فقال‬
‫فعاشرا زوجتيكما وال حنث عليكما ‪-‬أنه لما قال‬
‫ً‬ ‫‪ :‬اذهبا‬
‫لك "إن بدأتك بالكالم"‪ 4‬فامرأتي طالق ‪ ،‬شافهك بالكالم‬
‫وانحلت اليمين‪.‬‬
‫أيضا وزادوا ‪-‬فيما نقله‬
‫قلت ‪ :‬وهذا ذكره أصحابنا ً‬
‫الرافعي عن اإلمام أنه لو قال ‪ :‬إن بدأتك بالسالم فعبدي‬
‫حر وقال اآلخر نظريه وسلم كل واحد منهما على اآلخر‬
‫دفعة لم يعتق عبد واحد منهما وتنحل اليمين ‪ ،‬فإذا سلم‬
‫أحدهما على اآلخر بعد ذلك لم يعتق واحد من عبديهما‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" السالم‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" بالسالم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 323 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫عن أبي يوسف القاضي قال ‪ :‬طلبني هارون الرشيد لياًل‬
‫فإذا هو جالس وعن يمينه عيسى بن جفر فقال ‪ :‬إن عند‬
‫عيسى جارية وسألته أن يهبها لي فامتنع وسألته أن‬
‫محتجا بيمين حلفها ‪-‬أن ال يبيعها وال يهبها‬
‫ً‬ ‫يبيعها فامتنع‬
‫[ويتعذر]‪ 1‬عليه الحنث فيها فهل في ذلك من مخرج ؟‬
‫فقلت نعم ‪ :‬يهب [لك]‪ 2‬نصفها و [يبيعك]‪ 3‬نصفها ففعل‬
‫‪ ،‬فقال الرشيد أيها القاضي ‪ :‬بقيت واحدة إنها أمة وال بد‬
‫من استبرائها وال بد لي أن أطأها في هذه الليلة فقلت له ‪:‬‬
‫اعتقها وتزوجها فإن الحرة ال تستبرأ ففعل ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬حكى أبو عبد اللهالبوشنجي عن ابن جابر قال ‪:‬‬
‫صنما من نحاس إذا عطش نزل‬
‫"رأيت في دمشق ً‬
‫فشرب"‪.‬‬
‫وقد ذكرنا ذلك في كتابنا "طبقات الفقهاء" وقلنا أن‬
‫البوشنجي كان يستمحن الطلبة ثم يحله لهم بأن الصنم ال‬
‫يعطش ولو عطش لنزل فشرب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬لكن لفظ "إذا" ينازع في هذا ‪ ،‬ألنه ال يدخل إال‬
‫على المحقق ‪ ،‬ولعل العبارة "إن"‪.‬‬
‫جائزا ترتب عليه‬
‫والحاصل ‪ :‬أن الممتنع إذا فرض ً‬
‫جواز ممتنع آخر ألن ذلك قد يرى وقد ظرف القائل‪.‬‬
‫ولو أن ما بي من ضنا وصبابة على جمل لم يدخل النار‬
‫كافر‬
‫ولو أن ما بي من صبابة بالجمل لضعف ورق بحيث‬
‫صار يلج في سم الخياط ولو ولج في سم الخياط لدخل‬
‫ون اْل َجَّنةَ‬
‫{واَل َي ْد ُخلُ َ‬
‫الكافر الجنة ‪-‬على ما قال تعالى ‪َ :‬‬
‫اط}‪ ، 4‬ولو دخل الجنة لم‬ ‫حتَّى يِلج اْلجم ُل ِفي س ِّم اْل ِخي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫يدخل النار فظهر أن ما بي من الحب لو كان بالجمل لم‬
‫يدخل النار كافر‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل قال ‪ :‬أنا ال أرجو الجنة ‪ ،‬وال أخاف من النار وآكل‬
‫الميتة والدم ‪ ،‬وأصدق اليهود والنصارى ‪ ،‬وأبغض الحق‬
‫وأهرب من رحمة اهلل ‪ ،‬وأشرب الخمر ‪ ،‬وأشهد‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ينعقد‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ويبيع‪.‬‬
‫‪ 4‬سورة األعراف "‪."40‬‬
‫صفحة ‪399 | 324 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫بما لم أر وأحب الفتنة وأصلي بغير وضوء وال تيمم ‪،‬‬
‫وأترك الغسل من الجنابة ‪ ،‬وأقتل الناس ‪ ،‬هل يكفر ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قيل أن أبا حنيفة سئل عن هذا فقال ‪ :‬ال يكفر‪.‬‬
‫أما قوله ‪" :‬ال أرجو الجنة وال أخاف النار" فيعني إنما‬
‫أرجو وأخاف خالقهما‪.‬‬
‫وأراد "بالميتة والدم" الكبد والطحال والسمك والجراد‪.‬‬
‫وبقوله ‪ :‬أصدق اليهود والنصارى في قول كل منهم ‪:‬‬
‫إن أصحابه ليسوا على شيء كما قال تعالى حكاية عنهم‬
‫‪:‬‬
‫ص َارى َعلَى َش ْي ٍء َوقَالَ ِت‬ ‫ود لَ ْي َس ِت َّ‬
‫الن َ‬ ‫{وقَالَ ِت اْلَيهُ ُ‬
‫َ‬
‫ود َعلَى َش ْي ٍء}‪.1‬‬‫ص َارى لَ ْي َس ِت اْلَيهُ ُ‬ ‫َّ‬
‫الن َ‬
‫والهروب من رحمة اهلل فرار من المطر ‪ ،‬والحق الذي‬
‫يبغضه الموت ألنه حق ولكنا يكره الموت ‪ ،‬ويشرب‬
‫الخمر شربها في حال االضطرار كما إذا غص بلقمة‬
‫ولم يجد إال الخمر‪.‬‬
‫ويحب الفتنة األموال واألوالد على ما قال تعالى ‪َّ :‬‬
‫{َأن َما‬
‫َأم َوالُ ُك ْم َو َْأواَل ُد ُك ْم ِفتَْنةٌ}‪.2‬‬
‫ْ‬
‫وبالشهادة بما لم ير الشهادة باهلل ومالئكته وأنبيائه ورسله‬
‫وهو اإليمان بالغيب وبالصالة بغير وضوء وال يتمم‬
‫الصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وبالناس الذين يقتلهم الكفار‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وكان في السؤال والجواب ما ينبغي تركه‬
‫وتركته‪ .‬وأقول ‪ :‬في إطالق هذا القائل وجمعه بين هذه‬
‫األقوال المهمة ما ينبغي أن يعزر عليه وال شك في‬
‫تحريم إطالق مثل هذا الكالم السيما بحضرة من ال يفهم‬
‫هذه الدقائق‪.‬‬
‫[و]‪ 3‬قد أفتى شيخ اإلسالم عز الدين بن عبد السالم بأنه‬
‫ال يجوز إيراد اإلشكاالت القوية بحضرة العوام ‪ ،‬ألنه‬
‫سبب إلى إضاللهم وتشكيكهم‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة البقرة "‪."113‬‬
‫‪ 2‬سورة األنفال "‪."28‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 325 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قال ‪ :‬وكذلك ال يتفوه بهذه العلوم الدقيقية عند من يقصر‬
‫فهمه عنها فيؤدي ذلك إلى [ضاللته]‪.1‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل قال المرأته ‪ :‬حالفًا بالطالق ‪ :‬كل ما تقولين لي في‬
‫هذا المجلس أقول لك فيه مثله فقالت له أنت طالق فما‬
‫حيلته ؟‬
‫الجواب ‪ :‬هذه المسألة اتفقت في زمان اإلمام الكبير‬
‫محمد بن جرير الطبري في حدود الثالثمائة فأفتى بأنه‬
‫يقول لها ‪ :‬أنت طالق ثالثًا إن طلقتك ‪ ،‬أي يعلق طالقها‬
‫إيتاء بمثل صيغتها على شرط ‪-‬والمسألة تدور في‬
‫الوجود نيف وأربعمائة سنة‪.‬‬
‫وذكر أبو حاتم القزويني في كتاب "الحيل" أنه يقول لها ‪:‬‬
‫أنت تقولين لي أنت طالق وتبعه الرافعي في "الشرح "‬
‫وذكر الجرجاني في "المعاياة" أنه يقول لها ‪ :‬أنت طالق‬
‫إن شاء اهلل‪.‬‬
‫وكل واحد من هذه الطرق سائغ ‪ ،‬وقد رأيت في بعض‬
‫المجاميع أن المسألة اتفقت بمصر في زمان القاضي‬
‫شرف الدين بن عين الدولة فقال للزوج ‪ :‬خذ بعقيصتها‬
‫وقل لها ‪ :‬أنت طالق إن وكلتك إلى نيتك وقد خلصت من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فإن قلت لم ال يقول لها أنت طالق ‪ :‬بفتح التاء كما قالت‬
‫له ثم ال يقع طالق ألنه خاطب المؤنث بخطاب المذكر‪.‬‬
‫قلت كذا قال ابن عقيل [من]‪ 2‬الحنابلة وقد يقال ‪ :‬إن‬
‫أصول أصحابنا تأباه ‪ ،‬ألنهم ذكروا في العتق والقذف أن‬
‫العدول عن التأنيث إلى التذكير ال يمنع الوقوع‪.‬‬
‫وصرح الغزالي في "الفتاوي" بنظيره في النكاح لكني‬
‫أقول ‪ :‬لعل هذا فيما [إذا أطلق اللفظ]‪ 3‬إطالقًا ‪ ،‬أما إذا‬
‫قاصدا حكاية قول‬
‫ً‬ ‫ذكر في موضع التأنيث أو عكس‬
‫غيره فهو قصد مخرج للفظ عن صراحته معتضد‬
‫بالقرينة السابقة القاضية بأن مراده حاية القول فقط وكان‬
‫هذا لم يقصد لفظ الطالق بل قصده لمعنى حكاية قول‬
‫غيره‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ضاللة‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" في‪.‬‬
‫‪ 3‬من أول "إذا أطلق اللفظ إطالقًا‪ ....‬إلى إذا قال‬
‫لزوجته التي خرجت" سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 326 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫حرزا وسرق منه‬
‫سئل القفال عن بالغ عاقل مسلم هتك ً‬
‫نصابا ال شبهة له فيه وال قطع عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫فأجاب أنه دخل فلم يجد في الدار شيًئا ؛ فقعد في دن‬
‫فجاء صاحب الدار بمال ووضعه ‪ ،‬فخرج السارق وأخذ‬
‫وخرج ؛ فال قطع ‪ ،‬ألن المال حصل بعد هتك الحرز‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫سئل القاضي أبو الطيب رحمه اهلل وروي عنه‪.‬‬
‫أني عجبت المرأة ما طلقت في طول ما عاشت من‬
‫األعوام‬
‫بائنا من واحد وحوت من الصدقات واألقسام‬
‫إال طالقًا ً‬
‫مهرا كل ذا حازته في يوم من األيام‬
‫مهرا ونصفًا ثم ً‬
‫يوما عدة فأعجب لهذا الحكم في األحكام‬
‫من غير أن تعتد ً‬
‫فأجاب ‪:‬‬
‫ال تعجبوا منه فإن بيانه سهل على الفقهاء باألحكام‬
‫رجل تزوج ثم طلق بعده قبل الدخول بما صدر حسام‬
‫وأصابها من بعد ذاك بشبهة دخلت عليه وظن غير حرام‬
‫عقدا على اإلتمام‬
‫فأعاد خطبتها وطيب نفسها فاستأنفا ً‬
‫وجبت عليه عدة فأزالها عقد يصح له بغير أثام‬
‫في بعض يوم كان هذا كله والمال أقبضها بغير خصام‬
‫عفوا بال إبرام‬
‫مهرا كلهاد سلمت لها ً‬
‫ومهرا ثم ً‬
‫ً‬ ‫نصفًا‬
‫فازت كما قال الفقيه بسعده في يومها لشريعة اإلسالم‬
‫وبه أقول واستحق ثوابه أجرين منصوصين للحكام‬
‫مسألة ‪ :‬رجل قال المرأته إن لم يكن الشافعي أفضل من‬
‫أبي حنيفة فأنت طالق‪.‬‬
‫فقال آخر ‪ :‬إن لم يكن أبو حنيفة أفضل فامرأتي طالق‬
‫فمن الذي تطلق امرأته‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬قيل ‪ :‬ال تطلق امرأة واحد منهما ‪ ،‬ألن األمر‬
‫في ذلك ظني واألصل بقاء النكاح‪.‬‬
‫وقال القفال ‪ :‬ال نجيب في هذه المسألة ‪-‬كذا نقله الرافعي‬
‫ونجيب بالنون والجيم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 327 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وهذا من محاسن القفال ؛ فإن الدخول بين أئمة الدين‬
‫والتفضيل بينهم لمن لم يبلغ رتبتهم ال يحسن ‪ ،‬ويخشى‬
‫من غائلته في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وقل استعمله فأفلح‪.‬‬
‫وال يخفى أن القفال يعتقد رجحان الشافعي ؛ ولكنه ليس‬
‫أمرا ينبغي له ذكره وإ شاعته ‪ ،‬وأنه آيل إلى التعصب‬
‫ً‬
‫سببا إلى الوقيعة في العلماء‬
‫المذموم ‪ ،‬وربما كان ً‬
‫الموجبة لخراب الديار‪.‬‬
‫شافعيا بمثل مقالته فانتهى إلى‬
‫ً‬ ‫وربما عارض حنفي‬
‫الوقيعة في الشافعي وأهل مذهبه ‪ ،‬وكان ذلك سبب‬
‫هالكه ؛ فإن أهل العلم بالتجارب ذكروا أن من خواص‬
‫الشافعي رحمه اهلل من بين األئمة أن من تعرض إليه أو‬
‫قريبا ‪ ،‬وأخذوا ذلك‬
‫إلى أهل مذهبه بسوء أو تنقيص هلك ً‬
‫في قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬من أهان قري ًشا أهانه‬
‫اهلل" قالوا ‪ :‬وليس في األئمة المتبوعين في الفروع‬
‫قرشي غيره‪.‬‬
‫وذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬هذا األمر في قريش‬
‫ال يعاديهم أحد إال كبه اهلل على وجهه"‪.‬‬
‫وغير ذلك من األحاديث وغيرها‪.‬‬
‫فلعل القفال رحمه اهلل أراد بهذا الباب خشية الوقوع في‬
‫المحذور ؛ وإ ال فقد ذكر البغوي في الفتاوي التي جمعها‬
‫عن شيخه القاضي الحسين ‪ :‬سئل عن شافعي حلف‬
‫بالطالق أن من صلى ولم يقرأ الفاتحة لم يسقط فرض‬
‫وحنفيا حلف أنه يسقط‪.‬‬
‫ً‬ ‫الصالة عنه ‪،‬‬
‫فأجاب ‪ :‬نقول في هذه المسألة ما يقولون في شافعي‬
‫اقتصد ولم يتوضأ وصلى ثم حلف بطالق زوجته أن‬
‫الفرض سقط عنه ‪-‬كل ما يقولون هناك فنحن به هنا‬
‫قائلون‪ -‬وإ ال فاالعتقاد أن يحكم بوقوع الطالق على‬
‫زوجة الحنفي "انتهى"‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬يقولون في هذه المسألة ما يقولون في كذا "هو‬
‫نظير قول القفال ثم أفصح آخر بالمعتقد"‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫مسلم قال ‪ :‬إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬وقعت هذه لهارون الرشيد‪.‬‬
‫فاحتجبت عنه زوجته فاستفتت علماء عصره ؛ فقالوا ‪:‬‬
‫ال يقع الطالق عليك فأبت‬
‫صفحة ‪399 | 328 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫زوجته أن تسمع إال فتيا الليث بن سعد ؛ فاستحضره من‬
‫مصر إلى العراق ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ :‬هل هممت‬
‫بمعصة فذكرت اهلل وختفه وتركتها ؟ قال ‪ :‬نعم فقال يا‬
‫أمير المؤمنين ‪ :‬ليس لك جنة واحدة ؛ بل جنتان قال اهلل‬
‫ان}‪.1‬‬‫اف َمقَ َام َرِّب ِه َجَّنتَ ِ‬
‫{وِل َم ْن َخ َ‬
‫تعالى ‪َ :‬‬
‫والمسألة مشار إليها في شرح الرافعي ؛ إذ في فروع‬
‫الطالق أنها لو قالت لزوجها أنت من أهل النار فقال ‪:‬‬
‫إن كنت من أهل النار فأنت طالق لم يحكم بوقوع الطالق‬
‫ظاهرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مسلما ؛ ألنه من أهل الجنة‬
‫ً‬ ‫إن كان الزوج‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫وقع حجر من سطح فقال الزوج ‪ :‬إن لم تخبريني الساعة‬
‫من رماه فأنت طالق وهي ال تدري من رماه ‪ ،‬كيف‬
‫الخالص ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قال القاضي الحسين ‪ :‬تقول ‪ :‬رماه مخلوق‬
‫وال تطلق قال ‪ :‬فإن قالت ‪ :‬رماه آدمي طلقت لجواز أن‬
‫يكون رماه كلب أو ريح كذا نقله في الرافعي‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد ال يكون رماه مخلوق بل وقع بنفسه‪ .‬بإرادة‬
‫اهلل تعالى ‪ :‬فينبغي أن يقال ‪ :‬ال يتخلص إال إذا قالت‬
‫رماه اهلل ‪ ،‬وال يمنتنع إطالق هذا اللفظ قال اهلل تعالى ‪:‬‬
‫{ولَ ِك َّن اللَّهَ َر َمى} ولعل وقوعه بمجرد اإلرادة القديمة‬
‫َ‬
‫بإذنه ؛ فلم تحمل عليه األحكام‪.‬‬
‫ثم أقول ‪ :‬ينبغي أن ال يخلص بكل تقدير إال إذا لم يقصد‬
‫التعيين والتعريف ؛ فقد قال األصحاب فيما إذا قال ‪ :‬إن‬
‫لم تخبريني بعدد حبات هذه الرمانة فأنت طالق ‪ :‬أنها‬
‫تتخلص بأن تبتدئ من عدد مستيقن أن الحبات ال تنقص‬
‫عنه ‪ ،‬وتذكر األعداد بعدة متوالية بأن تقول ‪ :‬وواحدة‬
‫هكذا إلى أن تنتهي إلى عدد تستيقن أن الحال ال يزيد‬
‫عليه ‪-‬فتكون مخبرة عن ذلك العدد‪.‬‬
‫ثم قالوا ‪ :‬وهذا إذا لم يقصد التعيين والتعريف ؛ وإ ال فال‬
‫يحصل‪.‬‬
‫ثم أقول ‪ :‬كل هذا بناء على الخبر شرطه الصدق ‪،‬‬
‫وليس كذلك فالخبر ينقسم إلى صدق وكذب ؛ فلم ال‬
‫يكتفي بقولها ‪ :‬رماه فالن ‪-‬وإ ن كانت كاذبة كما قال‬
‫األصحاب في "من أخبرني بقدوم فالن فهي طالق‬
‫وأخبرته وهي كاذبة تطلق" ذكره في التنبيه وغيره‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬المقصود التعيين والتعريف ومع الكذب ال‬
‫يتأتى‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سورة األنفال "‪."18‬‬
‫صفحة ‪399 | 329 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قلنا ‪ :‬ينبغي أن ال يلتقي بمثل ‪" :‬رماه مخولق" كما‬
‫ذكرناه‪.‬‬
‫إيفاء جميع ما ذكرنا "يجري فيما إذا قال إن لم تخبريني‬
‫هل سرقت‪ p‬؟ فأنت طالق‪.‬‬
‫فإن أصحابنا قالوا ‪ :‬نقول سرقت ما سرقت ‪ ،‬وهذا إذا لم‬
‫يقصد التعيين والتعريف‪.‬‬
‫وحكى الصيمري في كتاب "أدب الفتيا" أن المنصور‬
‫حلف على خادمه ليصدقنه عن حال جوهرة فقدها وإ ال‬
‫ضرب عنقه فاستفتى أبا حنيفة ‪ ،‬فقال يخبره الخادم بأنه‬
‫أخذها وبأنه ما أخذها فيكون قد صدق ال محالة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قد يقال في هذا أنه صدق وال يقال ‪ :‬أخبره ثم‬
‫يستشكل ويقال الصدق أخص من الخبر فكيف يثبت‬
‫األخص وال يثبت األعم‪.‬‬
‫أيضا ان امرأة بدوية لقيها بعض فقهاء‬
‫وحكى الصيمري ً‬
‫الشافعية فقالت ‪ :‬إن زوجي أسر إلى رجل من أهل الحي‬
‫سرا فأبداه إلي فأخبرته ‪ ،‬فحلف أن أخبره بالذي أخبرني‬
‫ً‬
‫‪ ،‬فعلمت أني إن أخبرته بذلك قلته ‪ ،‬فجمعت أهل الحي‬
‫عن آخرهم ‪ -‬والذي أخبرني في جملتهم‪ -‬فقلت ‪:‬‬
‫أخبرني هذا أخبرني هذا حتى أتين على جميعهم ‪،‬‬
‫أيخرج من يمينه ؟ فقال ‪ :‬لها نعم‪.‬‬
‫ومثله حكي عن أبي حنيفة رضي اهلل عنه في رجل‬
‫رطبا وألقيا النوى في طست بحضرتهما ‪،‬‬
‫وزوجته أكال ً‬
‫ثم حلف بالطالق لتخبرنه بعدد ما أكل من الرطب ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬فالمخرج من ذلك أن تقول ‪ :‬أكلت رطبة ‪ ،‬أكلت‬
‫رطبتين ‪ ،‬وهكذا إلى أن تنتهي إلى القطع بالعدد‬
‫المأكول‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وكل هذا ذكره أصحابنا ‪ ،‬واألمر فيه على ما‬
‫وصفت ‪ ،‬وبه يتضح تقييد كالم الجدليين ؛ حيث قالوا ‪-‬‬
‫ومنهم الرقاني في تهذيب اسم الجدل في باب المغالطات‬
‫‪:‬‬
‫"إن الرجل إذا قال لزوجته التي خرجت] لغرض فاسد ‪:‬‬
‫إن لم تصدقيني في الخبر عما خرجت إليه فأنت طالق ‪،‬‬
‫فتقول الزوجة ‪ :‬ما هذا التشديد وسوء الظن! ومن أين‬
‫لك التحكم علي مع تقصيرك في حقي! خرجت للزنا‬
‫وفرارا‬
‫ً‬ ‫وزيارة الشباب ومعاشرة المفسدين سآمة‪ 1‬منك‬
‫عنك ؟! ما هذه التهمة وعلى ماذا خرجت! إن خرجت‬
‫إال لزيارة أخت لي‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" متضايقة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 330 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قالوا ‪ :‬فال يقع طالق ‪ ،‬ألنها أخبرته بما خرجت إليه من‬
‫الزنا ‪ ،‬وصدقته وإ ن أوهمته بداللة اللسان وكثرة‬
‫التشعيث أنها إنما خرجت لزيارة أخت لها ؛ فهذه من‬
‫حيل النساء‪.‬‬
‫لكن إذا كان القصد التعيين والتعريف فأقول ‪ :‬ال ينجيها‬
‫هذا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫درهما ودانقًا ‪-‬بالنصب في‬
‫ً‬ ‫إذا قال ‪ :‬له علي اثنا عشر‬
‫دانق‪ -‬ما يلزمه ؟ وما الذي يلزمه عند الرفع والخفض ؟‬
‫الجواب ‪" :‬قال صاحب التتتمة ‪ :‬يلزمه بالرفع والخفض‬
‫درهما وزيادة دانق واحد ‪ ،‬ويكون الدانق‬
‫ً‬ ‫اثنا عشر‬
‫معروفًا على االثني عشر"‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والعطف في الخفض غير متضح إال أنه يغتفر‬
‫اللحن‪.‬‬
‫قال ‪" :‬وفي النصب إذا فسر كالمه بثمانية إال دانقًا يقبل‬
‫تفسيره وال يلزمه الزيادة‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وإ نما قلنا ذلك ؛ ألن قوله ‪ :‬ودانقًا يجوز أن يكون‬
‫تفسيرا ؛ فإذا كان عطفًا اقتضى وجوب‬
‫ً‬ ‫عطفًا وأن يكون‬
‫زيادة على االنثي عشر من الدراهم والدوانيق ‪ ،‬وغاية‬
‫ما ينطلق عليه اسم الدوانيق خمسة ؛ ألن ما زاد عليه‬
‫درهمان فيجعل خمسة من العدد دوانيق ويبقى‬
‫ً‬ ‫يسمى‬
‫سبعة دراهم ‪ ،‬فيكون المبلغ ثمانية إال دانقًا ‪ ،‬فهذا التقرير‬
‫يقين ‪ ،‬وما زاد مشكوك فال يلزمه بالشك شيء" انتهى‪.‬‬
‫درهما"‬
‫ً‬ ‫وقوله ‪" :‬إن ما زاد على خمسة دوانيق يسمى‬
‫يعني في العرف ستة دوانيق بكل درهم هذا شأن لغة‬
‫درهما أخصر من قولك ‪ :‬ستة دوانيق ‪،‬‬
‫ً‬ ‫العرب ألن‬
‫واالختصار مع البيان شأن العرب‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ويؤيد هذا قول أصحابنا ‪ :‬لو باع بنصف وثلث‬
‫وسدس دينار لم يلزمه دينار صحيح ‪ ،‬بل له دفع شق من‬
‫مؤيدا‬
‫كل وزن ؛ فهذا ما وجدته ‪-‬من كالم األصحاب‪ً -‬‬
‫لصاحب التتمة وإ ن كان الوالد رحمه اهلل ذكر في "شرح‬
‫المنهاج" في مسألة البيع ‪ :‬إن هذا إذا صرح بالدينار‬
‫المضاف في الجميع أما إذا حذفه كما في الصورة‬
‫المذكورة فيلزمه دينار‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا وإ ن خالف إطالق األصحاب يشهد له نظيره‬
‫من الطالق إذا قال ‪ :‬أنت طالق نصف وثلث طلقة ال يقع‬
‫إال طلقة واحدة ‪ ،‬ولو كرر لفظ طلقة تكرر لفظ الطالق‬
‫على األصح‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 331 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫إذا قال ‪ :‬قارضتك على أن لك سدس تسع عشر الريح‬
‫هل يصح ؟‬
‫حيسويا يفهم معناه في الحال [صح]‪.1‬‬
‫ً‬ ‫الجواب ‪ :‬إن كان‬
‫وكذا إن لم يكن في األصح ؛ ألنه معلوم من الصيغة‬
‫يسهل االطالع عليه وهو جزء من خمسمائة وأربعين‬
‫جزوءا قال الماوردي في "الحاوي" ‪" :‬غير أنا نستحب‬
‫ً‬
‫لهما أن ال يعدال عن هذه العبارة الغامضة إلى ما يعرف‬
‫عن البديهة من أول وهلة ‪ ،‬ألن هذه العبارة قد توضع‪2‬‬
‫لإلخفاء واإلغماض‪.‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫لك الثلثان من قلبي وثلثا ثلثه الباقي‬
‫وثلثا ثلث ما يبقى وثلث الثلث للساقي‬
‫ويبقى أسهم ستة فتقسم بين عشاقي‪p‬‬
‫فانظر إلى هذا الشاعر وبالغته وتحسين عبارته ‪ ،‬كيف‬
‫أغمض كالمه ‪ ،‬وقسم قلبه ‪ ،‬وجعله مجزأ على أحد‬
‫جزءا ‪-‬هي مضروب ثالثة في ثالثة ليصح منها‬
‫وثمانين ً‬
‫مخرج ثلث الثلث ‪ ،‬فجعل لمن خاطبه أربعة وسبعين‬
‫جزءا ‪ ،‬وبقي ستة أجزاء‬
‫جزءا من قلبه ‪ ،‬وجعل للساقي ً‬
‫ً‬
‫ففرقها فيمن يجب‪.‬‬
‫وليس لإلغماض فيعقود المعاوضات [وجه]‪ 3‬يرضي‬
‫وال حال يستحب ؛ غير أن العقد ال يخرج عنه به عن‬
‫حكم الصحة إلى الفساد ‪ ،‬وال عن حال الجواز إلى المنع‬
‫‪ ،‬ألنه قد يؤول منهما إلى العلم ‪ ،‬وال يجهل عند الحكم"‪.‬‬
‫انتهى كالم الماوردي وقوله ‪" :‬جزأ قلبه على أحد‬
‫جزءا" وجهه ظاهر ‪ ،‬وقد أعطاه في األول ستة‬ ‫وثمانين ً‬
‫وخمسين ‪-‬وهي ثلثا القدر المذكور ثم ثلثي الثلث الثالث‬
‫الباقي للساقي ‪ ،‬وستة مقسومة‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬ليس [في األغماض]‪ 4‬في المعاوضات حال‬
‫يرضي ‪-‬فممنوع ؛ فقد يقصد المتعاقدان إخفاء ما‬
‫يتعاقدان عليه عن سامعه لغرض ما‪ .‬ونظير هذه األبيات‬
‫ما كان الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ينشده فيقول ‪:‬‬
‫أنت خالف بخالف الذي فيه خالف بخالف الجميل‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يصح‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" توضح‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" لإلغماض‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 332 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وغير ما أنت سوى غيره غيـ ـر سوى غيرك غير البخيل‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل فاتته صالة يومين وليلتين فصلى عشر صلوات ‪-‬‬
‫واحدة بعد أخرى‪ -‬على ترتيب الخمس ؛ فلما فرغ من‬
‫جميعها قال ‪ :‬أعلم أني تركت سجدة من إحدى هذه‬
‫الصلوات ‪[ ،‬فال]‪ 2‬أدري من أبيها ‪ ،‬وقد وقع بين كال‬
‫صالتين [منهما]‪ 3‬فصل طويل ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قيل يلزمه إعادة يوم وليلة‪.‬‬
‫قال أبو عبد اهلل القطان في "المطارحات" ‪" :‬والصحيح‬
‫أنه يلزمه إعادة صالة واحدة من هذه العشر ‪-‬أيها شاء‪-‬‬
‫فإذا أعادها سقطت البواقي ‪ ،‬وهذا ؛ ألن الصحيح أن من‬
‫شك ‪-‬بعد الفراغ من الصالة‪ -‬في ترك شيء منها ال‬
‫يلزمه إعادته ما لم يتيقن وجوب اإلعادة ؛ فإذا أعاد‬
‫صالة واحدة صار شا ًكا في وجوب إعادة البواقي إذا‬
‫السجدة المتروكة [سجدة]‪ 4‬واحدة ويستحيل أن يكون‬
‫تركها من صالتين أو ثالث صلوات فوجب إعادة واحدة‬
‫بيقين فإذا أعادها دخل الشك في وجوب البواقي فلم يجب‬
‫ويفارق هذا تارك واحدة من الخمس ‪ ،‬فال يكفي‬
‫االقتصار على واحدة ‪ ،‬بل يلزمه الخمس ؛ ألنه إذا صلى‬
‫واحدة احتمل أن يكون المتروك غيرها ؛ فال بد له من‬
‫الخمس صلوات حتى يستيقن استدراك المتروكة منها ؛‬
‫ألنه يشك في الفعل ‪ ،‬واألصل أنه لم يفعل ‪ ،‬فعليه فعلها ‪،‬‬
‫وهذا الشك واقع في كل صالة فاحتاج إلى إزالة الشك‬
‫باليقين ‪ ،‬وذلك ال يكون إال بفعلها ‪ ،‬وليس كذلك في‬
‫مسألتنا ؛ ألن الشك في وجوب إعادة ما قد فعل ال في‬
‫ابتداء الفعل‪.‬‬
‫وقد فرق‪ 5‬الشافعي رضي اهلل عنه بين الشك في الفعل‬
‫والشك بعده ‪ ،‬فلم يوجب إعادة المفعول بعد الشك‪.‬‬
‫ووجه الفرق أن أحدهما يؤدي إلى المشقة ‪-‬وهو الشك‬
‫ذاكرا لما‬
‫بعد الفعل‪ -‬فإن المصلي لو كلف أن يكون ً‬
‫صلى تعذر ذلك عليه ولم يطقه أحد من الناس ‪ ،‬وإ ن لم‬
‫يقع بين الصلوات إال فعل يسير ‪ ،‬فعلى الوجه األول‬
‫يلزمه إعادة صلوات يوم وليلة ‪ ،‬وعلى الثاني يلزمه‬
‫إعادة صالتين متواليتين ‪-‬فإما أن يعيد الفجر والظهر أو‬
‫الظهر والعصر أو العصر والمغرب أو المغرب والعشاء‬
‫‪-‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" وال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" منها‪.‬‬
‫‪ 4‬زيادة في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬زيادة في "ب" اإلمام‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 333 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ألنه إذا لم يفصل بين الصالتين المتواليتين فصاًل طوياًل‬
‫فإحرامه [بالثانية]‪ 1‬ال يصح صرفه إلى األولى ؛ ألنه قد‬
‫غير النية إلى صالة أخرى ‪ ،‬وما يفعله بنية الظهر ال‬
‫ينوب عن الفجر ؛ فلهذا أوجبنا عليه إعادة صالتين‬
‫متواليتين ‪ ،‬ثم ال [نوجب]‪ 2‬عليه إعادة البواقي من هذه‬
‫الصلوات ؛ ألنه على غير يقين من وجوب اإلعادة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا الذي ذكره ابن القطان حسن ‪ ،‬وحاصله ‪:‬‬
‫الفرق بين الشك بعد الفعل والشك فيالفعل‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫سئل بعض المتقدمين بهذين البيتين ‪:‬‬
‫أتعرف من قد باع في مهر أمه أباه فوفاها بحق صداقها‬
‫قديما أشهدت كل من رأت بأن أباها قد أبت‬
‫وكانت ً‬
‫طالقها‬
‫فأجاب ‪:‬‬
‫ملغزا أتتك جوابات [تحل]‪3‬‬
‫إذا أنت عقدت المسائل ً‬
‫وثاقها‬
‫تزوج عبد حرة أنجبت هل فتى وأبوه قد أبان فراقها‬
‫فأنكحها مواله من بعد رغبة لما قد رأى فيها وأساء‬
‫صداقها‬
‫فوكلت ابن العبد في قبض مهرها وفلس مواله وأبدى‬
‫اعتياقها‬
‫فباع الغالم العبد بالحكم إذا رأى هوى أمه فيبيعه‬
‫واعتياقها‬
‫وشرحه ‪:‬‬
‫ابنا ثم طلقها ‪،‬‬
‫عبدا أولدها ً‬
‫أن امرأة "حرة" تزوجت ً‬
‫فنكحها مواله بصداق مسمى ؛ فوكلت ابنها من العبد في‬
‫قبض مهرها من المولى ‪ ،‬وفلس المولى ‪ ،‬وبيع العبد في‬
‫الواجب لها من مهر المثل ‪ ،‬فوكلت ابنها في بيعه‬
‫الستيفاء صداقها‪ .‬كذا صور هذا الناظم ‪ ،‬وال يحتاج إلى‬
‫توسط الفلس ؛ بل لو عوض الزوج الزوجة العبد الذي‬
‫زوجا لها ‪-‬جاز ؛ ثم إن لها أن توكل ابنه هو ابنها‬
‫كان ً‬
‫منه ببيعه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل مات عن زوجة فلم ترثه بغير مانع من الموانع‬
‫المذكورة في اإلرث‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬صور بعض المتقدمين هذا فيمن أعتق أمته‬
‫في مرض موته ثم تزوجها‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بالثالثة‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يجب‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" على‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 334 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وكانت ثلث ماله عند موته ؛ فليس لها طلب المهر ؛ ألنه‬
‫يوجب رد عتقها ‪ ،‬فإن عتقها وصية لها ‪ ،‬فال ميراث لها‬
‫وال صداق ‪ ،‬فطلب المهر يؤدي إلى إبطال المهر‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وال يحتاج إلى التقييد بكونها ثلث ماله ‪ ،‬فإنها ال‬
‫ترث وإ ن خرجت من الثلث ‪-‬كما صرح به األصحاب‬
‫في كتاب النكاح في مسائل الدور‪ -‬وقالوا ‪ :‬ألن عتقها‬
‫وصية ‪ ،‬والوصية واإلرث ال يجتمعان ‪ ،‬وإ نما نحتاج‬
‫إلى التقييد بالثلث بالنسبة إلى نفوذ العتق وثبوت المهر‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫روى الخطيب في ترجمة الكسائي من تاريخ بغداد أنه‬
‫كتب إلى محمد بن الحسن‪.‬‬
‫فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإ ن تحرقي يا هند‬
‫فالحرق أشأم‬
‫وأنت طالق والطالق عزيمة ثالث ومن يحرق أحق‬
‫وأظلم‬
‫وبعض الناس يحكي أن هارون [الرشيد]‪ 1‬كتب إلى‬
‫القاضي أبي يوسف بهذين البيتين وسأله ‪-‬ماذا يلزمه إذا‬
‫رفع ثالثًا ‪ ،‬وما يلزمه إذا نصب‪ -‬وأن أبا يوسف سأل‬
‫الكسائي فقال ‪ :‬يلزمه بالرفع واحدة ‪ ،‬ألنه قال ‪ :‬أنت‬
‫طالق ‪ ،‬ثم أخبر أن الطالق التام [ثالث]‪ ، 2‬وبالنصب‬
‫ثالث ؛ ألن معناه ‪ :‬أنت طالق ثالثًا‪ .‬وما بينهما جملة‬
‫معترضة" وقد اعترض على الكسائي بأنه ال يتعين على‬
‫النصب وقوع الثالث ؛ لجواز أن يكون "ثالثًا" حااًل من‬
‫الضمير المستتر في عزيمة إذا كان ثالثًا‪.‬‬
‫وال على الرفع االقتصار على واحدة ؛ بل يحتمل وقوع‬
‫الثالث وجعل "ألـ" في قوله ‪" :‬والطالق للعهد" ‪-‬أي وهذا‬
‫الطالق المذكور عزيمة‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قال شيخنا أخي اإلمام شيخ اإلسالم الشيخ بهاء‬
‫الدين أبو حامد أحمد السبكي أطال اهلل عمره في شرحه‬
‫لعى التلخيص ‪" :‬بل هذا هو الظاهر ؛ لكون النكرة‬
‫أعيدت معرفة فتكون هي األولى كما قرره علماء البيان‬
‫‪ ،‬ويؤيده أن الشاعر إنما أراد الثالث ؛ لقوله ‪-‬بعد‪.‬‬
‫فبيني بها إن كنت غير رقيقة وما الم بعد الثالث مقدم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ثلث‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 335 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قلت ‪ :‬الصحيح أن قوله ‪" :‬أنت طالق" كناية ؛ فال يقع‬
‫واحدة وال أكثر ‪-‬سواء رفع ثالثًا أم نصب‪ -‬إال بالنية ‪،‬‬
‫ومع النية ال يحتاج البحث عن النصب والرفع‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل خرج إلى السوق وترك امرأته في البيت ثم رجع‬
‫فوجد عندها رجاًل فقال ‪ :‬من هذا ؟‬
‫قالت ‪ :‬هذا زوجي ‪ ،‬وأنت عبدي ‪ ،‬وقد بعتك له‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا عبد زوجه سيده بابنته ودخل العبد بها ثم‬
‫مات السيد ووقعت الفرقة ألنها ملكت زوجها باإلرث ‪،‬‬
‫وإ ذا ملكت المرأة زوجها انفسخ النكاح ‪ ،‬ثم أنها كانت‬
‫حاماًل فولدت فانقضت العدة ‪ ،‬فتزوجت وباعت ذلك‬
‫الزوج ؛ ألنه صار عبدها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ثالثة تداعوا وتساووا في الحجة ‪ ،‬فقبلت حجة أحدهم‬
‫وأسقطت الحجتان ‪ ،‬وحصل ألحد اللذين سقطت حجتهما‬
‫مقصوده الذي كان يدعي به ‪ ،‬ولما حصل من قبلت‬
‫حجته على مقصوده بل على ضده‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هؤالء رجالن وامرأة ادعى أحد الرجلين أن‬
‫المرأة مملوكته ‪ ،‬وادعى اآلخر أنها زوجته ‪ ،‬وادعت‬
‫هي أنهما عبداها ‪ ،‬وأقام كل ببينته‪.‬‬
‫[فمدعي]‪ 1‬الزوجية يكون مملو ًكا لها وتسقط البينتان ؛‬
‫ألن بينة المرأة مع بينة مدعي الملك‪ .‬متنافيان فسقطا‪.‬‬
‫والذي ادعى التزويج بينته ال تنافي بينة المرأة إال أن‬
‫النكاح يبطل ؛ ألن الملك يبطل التزويج إذا تقدمه‬
‫التزويج وبعد الملك ال يصح التزويج‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬كيف صورة المسألة ؟‬
‫حرا تزوج بأمة فيولدها بنتًا تكون‬
‫قلت ‪ :‬صورتها أن ً‬
‫مملوكة لمالك أمها ‪ ،‬ثم يشتري الرجل عبدين ويأذن لهما‬
‫في التجارة والتزوج ‪ ،‬ويقول من يشتري منكما ابنتي‬
‫فهو [حر]‪ 2‬فجاء أحد العبدين ببنت مواله ولم يعلم أنها‬
‫ابنته ‪ ،‬وجاء اآلخر فاشتراها ولم يعلم أنها ابنته ‪ ،‬ومات‬
‫أبوها وعلمت بموته ‪ ،‬وبأن زوجها وسيدها [عبدان‬
‫ألبيها]‪ 3‬وقد ورثتهما ‪ ،‬ولم يعلم العبدان بذلك ‪ ،‬فقد‬
‫أيضا‬
‫عتقت البنت بنفس الشراء ‪ ،‬وعتق مشتريها ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" لمدعي‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ألبيها عبدان‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 336 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وبقي زوجها مملو ًكا لها ‪ ،‬فادعت المرأة ملكها وشهد لها‬
‫بذلك شاهدان وأتى أحد العبدين بشاهدين أن اشتراها ‪،‬‬
‫والعبد اآلخر بشاهدين أنه تزوجها ‪ ،‬فالشهود كلهم‬
‫صادقون في شهادتهم وتلخيص ما ذكرناه‬
‫‪1....................‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫امرأة لها زوجان ويجوز أن تتزوج بثالث ؟‬
‫الجواب ‪ :‬هذه امرأة لها عبد وجارية زوجت أحدهما‬
‫باآلخر ‪ ،‬ويجوز أن تتزوج هي ويكون زواجها ثالثًا‪.‬‬
‫وقريب من هذه المسألة ‪ :‬أخوان ألب وأم حران مسلمان‬
‫ورث أحدهما مال المتوفي [من]‪ 2‬دون اآلخر‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا رجل مات عن أب وعم ‪ ،‬فالمال لألب وال‬
‫شيء للعم واألب والعم أخوان‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل مات بالمغرب فوجب على آخر بالمشرق صالة‬
‫غير سنين‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذه أم ولد كانت تصلي مكشوفة الرأس فتوفي‬
‫مستولدها ولم تعلم بموته عشر حجج ‪ ،‬وكذا لو كانت أمة‬
‫وعلق عتقها ولم يبلغها إال بعد صلوات كثيرة صلتها‬
‫وهي مكشوفة الرأس‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ثانيا فضمنه ‪،‬‬
‫واحدا فضمنه ‪ ،‬فجرح ً‬
‫ً‬ ‫جرحا‬
‫رجل جرح ً‬
‫فجرح ثالثًا فسقط أحد الضمانين ولم يجب في الثالثة إال‬
‫ضمان واحد‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا رجل أوضح رأس رجل فوجب عليه‬
‫ثانيا فصار الواجب عشرة ثم‬
‫خمس من اإلبل وأوضحه ً‬
‫رفع الحاجز بينهما قبل االندمال [فيعود الوجوب]‪ 3‬إلى‬
‫خمسة وال يجب أكثر منها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل نظر إلى امرأة أول النهار حرمت عليه ثم حلت له‬
‫ضحوة ‪ ،‬وحرمت الظهر ‪ ،‬وحلت العصر ‪ ،‬وحرمت‬
‫المغرب ‪ ،‬وحلت العشاء ‪ ،‬وحرمت الفجر وحلت ضحوة‬
‫‪ ،‬وحرمت الظهر ثم حلت العصر ‪ ،‬ثم حرمت المغرب‬
‫ثم حرمت مؤبدة‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا رجل نظر إلى أمة غيره وقلنا بتحريم‬
‫النظر ‪ ،‬واشتراها ضحوة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬بياض‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يعود الوجد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 337 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫فأسقط االستبراء لحيلة حلت له ‪ ،‬وأعتقها الظهر ‪،‬‬
‫وتزوجها العصر وظاهر منها المغرب ‪ ،‬وكفر العشاء ‪،‬‬
‫وطلقها عند الفجر ‪ ،‬وراجعها ضحوة وارتدت الظهر ‪،‬‬
‫وأسلمت العصر ‪ ،‬والعنها المغرب‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫مأموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومنفردا ال‬
‫ً‬ ‫إماما‬
‫رجل يجوز أي يصلي ً‬
‫الجواب ‪ :‬هذا رجل أعمى أصم ال يدرك انتقاالت اإلمام‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫معا‪.‬‬
‫في أي صورة يضمن الشيء بالمثل والقيمة ً‬
‫الجواب ‪ :‬هذا في الصيد إذا اشتراه المحرم فهلك في يده‬
‫؛ فإنه يلزمه الجزاء [هلل]‪ ، 1‬والقيمة للبائع ‪ ،‬لكن المعنى‬
‫بالمثل الصوري ال مقابل القيمة فلمنازع أن يشاحح فيه‪.‬‬
‫وقد يضمن الشيء بقيمته ونصف قيمته في مسألة جناية‬
‫العبد المغصوب والجناية عليه في فرع ابن الحداد‬
‫المشهور‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫امرأة طلقها زوجها فوجبت عليها أربع عدد‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذه أمة صغيرة تحت حر طلقها فعليها‬
‫االعتداد بشهر ونصف ؛ فلما دنت مدة انقضاء العدة‬
‫بلغت بالحيض فانتقلت [في]‪ 2‬الحيض ‪ ،‬فلما قرب‬
‫فراغها مات عنها فانتقلت إلى عدة الوفاة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل إذا احتوى على المسروق لم يقطع وإ ن لم يحتو‬
‫عليه قطع‪.‬‬
‫دارا محرزة فابتلع جوهرة أو‬
‫الجواب ‪ :‬هذا سارق دخل ً‬
‫دينارا وخرج ‪ ،‬فاألصح أنها إن خرجت منه بعد ذلك‬
‫ً‬
‫قطع وإ ال فال‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ذكورا ورثوا مال ميت بالنسب [خمسة منهم‬
‫خمسة عشر ً‬
‫ورثوا نصفه ‪ ،‬وخمسة ورثوا ثلثه وخمسة سدسه]‪.3‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذه المسألة سئل عنها الشيخ محي الدين‬
‫النووي رحمه اهلل فقال ‪" :‬هؤالء خمسة منهم أوالد عم‬
‫الميت ليسوا بإخوة ألم ‪ ،‬وخمسة إخوة ألم ليسوا أوالد‬
‫عم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط لفظ الجاللة‪ .‬من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" إلى‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" "خمسة منهم ورثوا ثلثه وخمسة ورثوا‬
‫سدسه"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 338 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وخمسة أوالد عم وإ خوة ألم هم أوالد عم فعشرة من‬
‫الجملة إخوة ألم لهم الثلث ‪-‬لكل خمسة سدس ‪-‬فهو‬
‫للخمسة اإلخوة الذين ليسوا بأوالد عم ليس لهم غيره ‪،‬‬
‫[وبقي]‪ 1‬سدس الخوة األم الذين هم أوالد عم ‪ ،‬والثلثان‬
‫ألوالد العم وهم عشرة لكل خمسة ثلث ‪ ،‬فإلخوة األم‬
‫الذين هم أوالد عم ثلث ‪ ،‬ولهم سدس بكونهم إخوة ألم‬
‫صار المجموع نصفًا" ‪ ،‬وألوالد العم الخلص الثلث‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫أي نجس يتنجس ؟‬
‫الجواب ‪ :‬إذا وقعت في الخمر نجاسة ‪-‬عظم ميتة‬
‫ونحوها ؛ فإنها تنجسه ويظهر أثره ذلك فيما إذا خرجت‬
‫منها ثم انقلبت خاًل ‪ ،‬فال تطهر بانقالبها ‪-‬ذكره صاحب‬
‫التتمة في باب االستطابة‪ -‬ونقل عنه النووي موافقًا له‬
‫في رؤوس المسائل‪.‬‬
‫ونظيره إذا ولغ الكلب في إناء متنجس بالبول فال يطهر‬
‫‪-‬وإ ن زالت نجاسة البول حتى [يعفر]‪ 2‬ألجل الولوغ ‪،‬‬
‫وكذلك إذا استنجى بروث فيتعين استعمال الماء‪.‬‬
‫ولك بعد اللغز أن تقول ‪ :‬أي طاهر [يتطهر]‪ 3‬وذلك في‬
‫طهورا‬
‫ً‬ ‫المستعمل إذا ضم إلى مثله فبلغ قلتين فإنه يعود‬
‫قطعا ؛‬
‫طهورا ً‬
‫ً‬ ‫في األصح ‪ ،‬وإ ن كوثر بالطهور صار‬
‫فقد يقال هذا طاهر يطهر بهذا المعنى‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫شيئان في الصالة أحدهما يشترط ستره من أعلى ال من‬
‫أسفل والثاني يشترط استره من أسفل ال من [أعلى]‪.4‬‬
‫الجواب ‪ :‬قال أصحابنا يشترط في ستر العورة في‬
‫الصالة الستر من [أعلى]‪ .5‬ومن الجوانب وال يشترط‬
‫الستر من أسفل ‪ ،‬فتصبح صالة من ال سراويل عليه‬
‫وثوبه قصير"‪.‬‬
‫وقالوا في الخف "يشترط ستر أسفل القدم وجوانبه وال‬
‫يشترط من أعلى حتى إذا ستر كل الفرض وكان يرى‬
‫ظهر القدم من أعلى الخف فيصح المسح عليه خالفًا‬
‫لنصر المقدسي حيث شرط في تهذيبه ستره من [أعلى]‪6‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بقي‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بغيره‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يطهر‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" األعلى‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" أعاله‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" أعاله‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 339 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫ما هو ألف قلة وهو نجس من غير أن يتغير بنجاسة‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬صور الرافعي هذا في ماء األنهار المعتدلة إذا‬
‫بلغ قلتين في الطول ووقعت فيه نجاسة فاألصح ‪-‬وبه‬
‫قال ابن سريج‪ -‬أنه نجس وإ ن امتدت الجداول فراسخ ‪،‬‬
‫ألن أجزاء الماء الجاري متفاضلة ‪ ،‬فكل جرية هاربة‬
‫عما قبلها طالبة [لما بعدها]‪ ، 1‬فال يتقوى البعض منها‬
‫بالبعض ‪ ،‬وهذا هو القول الجديد‪.‬‬
‫ولو كان جري الماء أقوى من جري النجاسة فهو‬
‫أيضا قاله الغزالي في كتاب عقود‬
‫كالنجاسة الواقعة ً‬
‫المختصر‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫شيء إن وقع كله على شخص ضمن بعضه ‪ ،‬وإ ن وقع‬
‫بعضه ضمن كله‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا في الميزاب فإن الخارج منه إذا وقع على‬
‫شخص فقتله وجبت الدية بتمامها وإ ن وقع الجميع لم‬
‫يجب إال النصف على الصحيح‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫في أي موضع [يزيد]‪ 2‬البعض عن الكل ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قال الشيخ صدر الدين بن [المرحل]‪" : 3‬ال‬
‫يكون ذلك إال في مسألة واحدة ‪ ،‬وهي إذا قال ‪ :‬أنت علي‬
‫صريحا ولم يدين ‪ ،‬ولو قال ‪ :‬كأمي لم‬
‫ً‬ ‫كظهر أمي كان‬
‫صريحا ويدين‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكن‬
‫قلت ‪ :‬بل يكون في مسائل آخر كثيرة‪.‬‬
‫منها مسألة الميزاب ‪-‬هذه التي قدماها‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬من له جدار في درب غير نافذ ‪-‬له رفعه بالكلية‬
‫وليس له فتح باب فيه‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬على القديم ‪-‬المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديته‬
‫ثم إن زادت صارت على النصف ؛ ففي أصبعين‬
‫عشرون ‪ ،‬وفي ثالثة ثالثون ‪ ،‬وفي أربعة عشرون‪.‬‬
‫وقد يقال في هذا وفي مسألة الظهار أنهما ليستا من باب‬
‫زيادة البعض على الكل بل من باب زيادة القليل على‬
‫أيضا [لغز]‪ ، 4‬ونظير قول القديم في العقل‬
‫الكثير ‪ ،‬وهو ً‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إلى بعد‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يرد‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" الرحال‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" لغو‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 340 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قول البغوي من أصحابنا ‪ :‬أنه ال يجزئ تبيعان في‬
‫الزكاة عن أربعين مع أنهما يحزئان عن ستين وخالفه‬
‫األصحاب‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل ترك صالة واحدة من الخمس ونسي عينها فأعاد‬
‫الخمس ثم قال ‪ :‬أني أتيقن أني تركت سجدة واحدة من‬
‫هذه الخمس وال أدري من أيها الجواب ‪ :‬ال شيء عليه‬
‫ألن الواجب عليه باألصالة صالة واحدة غير أنه لم‬
‫يصل إليها إال بالخمس فألزم بها ؛ فإذا صالها واحتمل‬
‫أن تكون السجدة المتروكة من إحدى الصلوات التي لم‬
‫تكن واجبة عليه في األصل فقد دخل الشك في وجوب‬
‫إعادة ما قد فعله مرة ؛ فال [تلزمه]‪ 1‬اإلعادة بالشك‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجالن ثبتت عدالتهما ثم شهدا ألجنبي بدين من غير أن‬
‫ضررا ‪ ،‬وردت شهادتهما ‪،‬‬
‫ً‬ ‫نفعا أو يدفعا‬
‫يجرأ ألنفسهما ً‬
‫كيف يتصور ذلك ؟‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذان عبدان أعتقهما سيدهما في مرض موته‬
‫دينا‬
‫فأخرجها من الثلث ‪ ،‬ثم ادعى رجل على الميت ً‬
‫يستغرق جميع التركة ‪ ،‬فشهدا له فال تقبل [شهادتهما]‪2‬‬
‫للدور ‪ ،‬فإ ًذا لو قبلناها ثبت الدين ‪ ،‬ولو ثبت لم يثبت‬
‫عتقهما ‪ ،‬ولو لم يثبت لم تصح شهادتهما‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجل قتل آخر [ظماًل ]‪ ، 3‬ولم يجب عليه قصاص وال‬
‫دية ‪ ،‬بل يستحق جميع ما في يد المقتول‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا سيد قتل مكاتبه فبطلت الكتابة ‪ ،‬ويستحق‬
‫جميع ما في يده مل ًكا ال إرثًا ‪ ،‬وال يقاد به ‪ ،‬وال دية‬
‫عليه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫صحيحا ‪-‬مع‬
‫ً‬ ‫نكاحا‬
‫عبد تزوج أمة غيره بإذن سيدها ً‬
‫أحرارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أولدا‬
‫علمه بأنها أمة‪ -‬فولدت ً‬
‫الجواب ‪ :‬هذا رجل ابنه مملوك آلخر ‪ ،‬فزوج أمته ألبنه‬
‫حرا ‪ ،‬ألنه [يعتق]‪4‬‬
‫بإذن سيده ؛ فإذا ولدت كان ولدها ً‬
‫على جده بالملك وإ ن شئت ألغزتها على آخر فتقول ‪:‬‬
‫ولدا منه في حياة سيدها إال‬
‫عبد تزوج أمه غيره وال تلد ً‬
‫ولدا تحبل به بعد موت سيدها إال وهو‬
‫وهو حر ‪ ،‬وال تلد ً‬
‫عبد‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يلزم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب ‪ :‬شهادتها‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬غير واضحة في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 341 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ونجيب ‪ :‬بأنه رجل زوج أمته بابنه وهو عبد لغيره ؛‬
‫فإذا مات السيد يرث ابن عمه ففي حياته يعتق ولدها ‪،‬‬
‫ألنه ولد ابنه ‪ ،‬وبعد موته يصير مل ًكا البن عمه فال يعتق‬
‫عليه ولدها‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫منفردا ‪ ،‬وال يصح‬
‫ً‬ ‫ماء إن يصح الوضوء بكل منهما‬
‫بهما مختلطين‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا يتصور في المتغير المخالط الذي ال‬
‫يستغني الماء عنه ‪-‬كالطحلب المتفتت والنورة وغيرهما‬
‫مما في مقر الماء و [ممره]‪- 1‬فإنه يجوز استعماله لعدم‬
‫إمكان االحتراز منه فإذا صب على ما ال تغير فيه بالكلية‬
‫فتغير فيعترض ألنه تغير بما يمكن االحتراز منه [وهو]‬
‫‪ 2‬الخليط ذكره ابن أبي الصيف اليمني من أصحابنا وهو‬
‫واضح‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫جماد يملك ما هو ؟ وهذا سؤال كان الشيخ زين الدين بن‬
‫الكناني يمتحن [الطلبة]‪.3‬‬
‫الجواب ‪ :‬هو النطفة ؛ أال ترى أن الكافر إذا مات عن‬
‫زوجة حامل ووقفنا الميراث للحمل فأسلمت ثم ولدت‬
‫محكوما‬
‫ً‬ ‫محكوما بإسالمه ألنه كان‬
‫ً‬ ‫يرث الولد وإ ن كان‬
‫بكفره يوم الموت وملك إذا ذاك ‪ ،‬ولوال ذلك لما ورث ‪،‬‬
‫إذا كان يلزم أن يرث مسلم من كافر ‪ ،‬وال يرث مسلم‬
‫مسلما‪.‬‬
‫ً‬ ‫كافرا ‪ ،‬كما ال يرث كافر‬
‫ً‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫صالة [مفروضة]‪ 4‬وقعت في السفر بالتيمم لغلبة عدم‬
‫الماء ثم تجب إعادتها عند القدرة‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا يتصور في سفر الميت ‪ ،‬إذا يمم وصلي‬
‫عليه ثم وجد الماء ؛ فقد قال البغوي في الفتاوي ‪" :‬أنه‬
‫يجب غسله والصالة عليه"‪.‬‬
‫قال ‪" :‬ويحتمل أن ال يجب"‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وبهذا االحتمال جزم ابن سراقة في [التلقين]‪.5‬‬
‫قلت ‪ :‬محل الجواب عند القول به ما قبل إدراج الميت إذ‬
‫ال يتجه بعده ولعل هذا موضع قول من أوجب ومحل من‬
‫لم يوجب ما بعد اإلدراج‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫امرأة لها ولد من ماء زوجها ‪ ،‬وهي فراشه [ثم]‪ 6‬ال‬
‫يثبت نسبه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ممرها‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فهو‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" الطلبة به‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" المفروضة‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" القلتين‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 342 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫الجواب ‪ :‬هذه امرأة استدخلت ماء زوجها من الزنا ؛ فال‬
‫يثبت به نسب وال مصاهرة وال عدة على ما حكاه‬
‫الرافعي في كتاب النكاح عن البغوي ‪-‬ورأيته في فتاوي‬
‫ابن الصباغ فيمن وطئ اخمرأته ثم اجتمعت المرأة مع‬
‫أخرى فخرج الماء إلى رحم الثانية فحملت إنه ال يلحق‬
‫الولد بصاحب الماء ‪ ،‬ألنه ال حرمة له وهو كماء‬
‫الزاني‪.‬‬
‫وفي هذا تأييد لذلك ؛ ولكن ذكر الرافعي أن البغوي قال‬
‫‪ :‬من عند نفسه "وجب أن تثبت هذه األحكام" "يعني"‪1‬‬
‫النسب والمصاهرة والعدة‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫امرأة ال مانع فيها من حضانة ولدها ثم ال تثبت لها‬
‫الحضانة ؛ بل يثبت المرأة ذات زوج‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا صغير له زوجة كبيرة ‪ ،‬وله بها استمتاع‬
‫أو لها به استمتاع فالزوجة أولى [بكفالته]‪ 2‬من جميع‬
‫األقارب‪.‬‬
‫قاله الروياني ‪ :‬وسكت عليه الرافعي والنووي ‪ ،‬وأفتى‬
‫ابن الفركاح بخالفه‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫رجالن أديا ما أمرا به ؛ إال أن أحدهما أداه [علي]‪ 3‬وجه‬
‫أكمل من الوجه الذي أداه عليه صاحبه ‪ ،‬فيقبل من‬
‫صاحبه [ولم يقبل] منه‪.4‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذان جنبان مسافران نسيا جنايتهما ؛ [فكان]‪5‬‬
‫أحدهما يتيمم لعدم الماء واآلخر توضأ ‪ ،‬ثم تذكرا الجنابة‬
‫؛ فعلى من صلى الوضوء اإلعادة وليس على من صلى‬
‫بالتيمم إعادة ؛ ألنه لو ذكر الجنابة لم يكن عليه أكثر من‬
‫التيمم [وهكذا]‪ 6‬ول كان واحد [فتيمم]‪ 7‬لعدم الماء‬
‫وتوضأ عند وجوده ‪ ،‬فيعيد صالة الوضوء دون صالة‬
‫التيمم‪ .‬فإن قلت ‪ :‬لم قلتم إن الصالة بالوضوء أكمل من‬
‫الصالة بالتيمم ؟‬
‫قلت ‪ :‬ال شك في هذا ‪ ،‬بل قال الرافعي في آخر صالة‬
‫المسافر ‪" :‬إن الغسل أفضل من المسح فما ظنك بالتيمم"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" بين‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" بالكفالة‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة "من اآلخر"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" وكان‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" وهذا‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" تميم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 343 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫فإن قلت ‪[ :‬فقد]‪ 1‬اختلف األصحاب في أن التيمم‬
‫ٍ‬
‫عزيمة ؛ فالذي ذكره اإلمام أنه رخصة ‪،‬‬ ‫رخصة أو‬
‫والذي أورده البندنيجي أنه عزيمة ‪ ،‬وعلى هذا فال فضل‬
‫للوضوء على التيمم‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال نسلم وإ ن قلنا ‪ :‬إنه عزيمة فعزيمة الوضوء‬
‫أفضل من عزيمة التيمم‪.‬‬
‫فإن قلت ‪[ :‬اختلفوا]‪ 2‬فيمن يرجو الماء آخر الوقت هل‬
‫األفضل له تعجيل الصالة بالتيمم أو تأخيرها‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال يلزم من هذا مساواة التيمم للوضوء ؛ بل القائل‬
‫بالتعجيل رأى أن فضيلة التعجيل يغتفر في جانبها التيمم‬
‫بالنسبة إلى الوضوء‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫كثيرا وأنت إذا تأملت النظم علمت ما تقدم‬
‫وقد تقدم منها ً‬
‫وما لم يتقدم‪.‬‬
‫سل لي أخا العلم والتثبيت والسهر ما اسم هو الفعل حرفًا‬
‫غير معتبر‬
‫وأي شكل به البرهان منتهض وال يعد من األشكال‬
‫والصور‬
‫وأي بيت على بحرين منتظم بيت من الشعر ال بيت من‬
‫الشعر‬
‫وال يضاف إلى البحرين واختلفوا فيه وجاؤوا بقول غير‬
‫مختصر‬
‫وأي ميت من األموات ما طلعت بموته روحه في ثابت‬
‫الخبر‬
‫من عد في أمراء المؤمنين ولم يحكم على اثنين في بدو‬
‫وال حضر‬
‫قرشيا حين عد وال يجوز أن يتولى إمرة البشر‬
‫ً‬ ‫ولم يكن‬
‫من باتفاق جميع الخلق أفضل من شيخ الصحاب أبي بكر‬
‫ومن عمر‬
‫ومن علي ومن عثمان وهو فتى من أمة المصطفى‬
‫المبعوث في مضر‬
‫مصيبا ال ينفذه مع كونه رب حكم‬
‫ً‬ ‫حكما‬
‫من سئل ً‬
‫بالقضاء حر‬
‫ابنا في البنين لها وذاك غير عجيب عند‬
‫من كان والدها ً‬
‫ذي النظر‬
‫من قال ‪ :‬إن الزنا والشرب مصلحة ولم يقل هو ذنب‬
‫غير مغتفر‬
‫من قال ‪ :‬إن نكاح األم يقرب من تقوى اإلله مقااًل غير‬
‫مبتكر‬
‫من قال ‪ :‬إن سفك دماء المسلمين على الصالة أوجبه‬
‫الرحمن في الزمر‬
‫من لم ترث غير دينار وستماء قضا أخوها وخالها على‬
‫األصر‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" قد‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "أ" والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 344 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫من الفتاة لها زوجان ما برحا تزوجت ثالثًا حال بال نكر‬
‫صنما مصورصا وهو‬
‫من أبصرت في دمشق عينه ً‬
‫منحوت من الحجر‬
‫إن جاع يأكل وإ ن [يعطش]‪ 1‬تضلع من ماء غير زالل ثم‬
‫منهمر‬
‫عددا على الوجوب بدار غير‬
‫أربعا ً‬
‫من طلقت فتلقت ً‬
‫مبتدر‬
‫من إن يزد جرمه تنقص آخذه ويغتدي بعض ما يجنيه‬
‫كالهدر‬
‫من إن يزد جرمه تنقص مآخذه ويغتدي بعض ما يجنيه‬
‫كالهدر‬
‫من إن تالفي صالة آية فيبؤ‪ 2‬باإلثم والصمت منه ليس‬
‫عن حصر‬
‫[من]‪ 3‬قال وسط جمادي الصوم مفترض وقد يصلي لنا‬
‫العيدان في صفر‬
‫من قال تشييع موتى المسلمين إلى قبورهم خطا كره من‬
‫البشر‬
‫ذاهبا يتيه للعجب بن الكأس‬
‫غدا ً‬‫بلورا ً‬
‫من لو يكون ً‬
‫والوتر‬
‫مضمونا وقيمته والشيء بالطول‬
‫ً‬ ‫ما الشيء بالمثل‬
‫مضمونا مع القصر‬
‫ً‬
‫وما ضمان صحيح ليس مشتماًل على األصيل وإ براء‬
‫مستبرئ بري‬
‫وهات قل لي إبراهيم أربعة بعض عن البعض من هم‬
‫يحظ بالظفر‬
‫وهكذا خلف بين الرواة كذا محمد في المغازي جاء‬
‫والسير‬
‫عمدا نهارصا ولم يفطر‬
‫معتمدا ً‬
‫ً‬ ‫وأكل وسط شهر الصوم‬
‫ولم [يزر]‪4‬‬
‫وأكل فيه لياًل لم يقل أحد بصومه من سراة الرأي واألثر‬
‫وقالئل ال قصاص في السيوف بلى إن القصاص لفي‬
‫شعر وفي ظفر‬
‫وواحد قد يصلي وهو منفرد وقد يؤم وال يأتم للعذر‬
‫وآخر راح بشري طعم زوجته وعاد وهو على حال من‬
‫الغرر‬
‫قالت له ‪ :‬أنت عبدي قد وهبتك من زوج تزوجته فأخدمه‬
‫واعتبر‬
‫وسارق هتك الحرز الحريز ولم يقطع بال شبهة والمال‬
‫ذو خطر‬
‫وسارق ما حوى المسروق يقطعه وسارق قد حوى‬
‫المسروق لم يضر‬
‫وخمسة من زناة الناس خامسهم ما ناله من الزنا شيء‬
‫من الضرر‬
‫والقتل فالرجم والجلد األليم مع التعذيب وزع في الباقين‬
‫فافتكر‬
‫وكلمة إلله العرش حادثة بال خالف [لدى]‪ 5‬السني‬
‫والقدر‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬زيادة بها في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ومن‪.‬‬
‫‪ 4‬غير واضحة في "أ" ‪ ،‬وفي "ب" يزر‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" كذا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 345 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وأحبب العلم واستعمل قريحة ذي بحث على القطع مثل‬
‫الصارم الذكر‬
‫أعوانا على السهر‬
‫ً‬ ‫ونبه القوم أرسااًل ونادهم لعل بالجزع‬
‫واعمد لكل ذكي واستزده إذا لم يستردك وشاركه وال‬
‫تذر‬
‫وإ ن تعذر فاقصده وزره كذا إن المحب إذا لم يستزر يزر‬
‫مبني هذه المسائل على المغالطة في [العبارة]‪ 1‬وتنبيه‬
‫على فائدة باإلشارة ؛ فاألول يكفي فيه جودة القريحة ‪،‬‬
‫والثاني يحتاج مع ذلك إلى حافظة صحيحة مثال األول ‪:‬‬
‫قولنا من قال ‪" :‬إن الزنا" إلى آخره ‪ ،‬فالذكي إذا تأمله‬
‫عرف أن "من" فيه ليس لالستفهام ‪ ،‬بل هو اسم موصول‬
‫‪ ،‬وهو وهو مبتدا خبره "غير مغتفر"‪.‬‬
‫والمعنى ‪ :‬الذي قال ‪ :‬إن الزنا والشرب مصلحة ولم يقل‬
‫‪ :‬هو ذنب غير مغتفر له ذلك ؛ بل ذلك منه كفر ‪ ،‬ألن‬
‫من استحل هذين كفر فال يعتقد أن قولنا "غير مغتفر"‬
‫صفة "لذنب" بل خبر المبتدأ الذي هو الموصول‪.‬‬
‫وقد جالسني فطن في حل هذه األبيات ؛ فلما جاء إلى هذا‬
‫البيت وأخذ يتعسف ويحمل "من" على أنها لالستفهام‬
‫كأخواتها في هذه [الصورة]‪ ، 2‬فقلت له من أوجب عليك‬
‫أن تجعل "من" لالسفتهام بمجرد ما قلت له ذلك تيقظ‬
‫وفهم المقصد‪.‬‬
‫وكدت أترك هذه األبيات غفاًل بغير شرح ولكني خشيت‬
‫أن يظن [بما]‪ 3‬ظنه بعض الناس في ابن الخشاب ‪ ،‬وقد‬
‫الغازا ‪ ،‬أنها ال شيء تحتها ‪ ،‬وأنه إنما‬
‫نظم قصيدة المية ً‬
‫قصد التالعب بالناس وأتعابهم‪ .‬فأردت أن أفتح باب‬
‫حل‪.‬‬
‫ومثال الثاني ‪ :‬قولنا وما ضمان صحيح ليس مشتماًل‬
‫على األصيل وإ براء مستبري برئ‪ .‬فالمعنى بالضمان‬
‫الصحيح الذي ليس مشتماًل على أصيل مسألة السفيه إذا‬
‫قال ‪ :‬ألق متاعك في البحر وأنا ضامن ‪ ،‬وكذلك قول‬
‫المرأة ‪ :‬ضمنت في جواب قول زوجها ‪ :‬إن ضمنت لي‬
‫ألفًا فأنت طالق‪ .‬وهو مشهورة في باب الخلع ومذكورة‬
‫في باب الكتاب في أوائل البيع‪.‬‬
‫ومثال إبراء المبرئ ‪ :‬فرجل برئ ليس في ذمته شيء‬
‫قولهم في باب الغصب في الغاصب إذا حفر في األرض‬
‫المغصوبة ‪ :‬إن أبرئ المالك عن ضمان التردي ورضي‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ألغازه‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" القصيدة‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" بي ما‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 346 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫باستدامة الحفر برئ الغاصب على الصحيح قال الرافعي‬
‫‪ :‬استعمل لفظ اإلبراء كثير من األصحاب‪.‬‬
‫قال اإلمام ‪ :‬ليس المراد منه حقيقة اإلبراء ؛ بل الرضا‬
‫بإبقاء البئر ونظير مسألة الضمان في الفقه قولنا ‪ :‬وكلمة‬
‫إلله العرش حادثة ‪ ،‬وهي من مسائل أصول الدين ‪،‬‬
‫والمراد بالكلمة عيسى روح اهلل عليه السالم ‪ ،‬فإنه كلمته‬
‫ألقاها إلى مريم ‪ ،‬وهو حادث باإلجماع وقد قرر أئمتنا‬
‫ذلك في أصول الدين‪.‬‬
‫مضمونا وقيمته ؟ وقد‬
‫ً‬ ‫ومثال الثالث ‪" :‬ما لشيء بالمثل‬
‫كثيرا وسكتنا عن غيره ‪ ،‬ليعتبر‪ 1‬الذهن السليم‬
‫تقدم ً‬
‫والفكر المستقيم ‪ ،‬واعلم أن حملة العلم وإ ن اختلفت‬
‫أذهانهم فهم بين رجلين غالب حفظه على [فهمه]‪، 2‬‬
‫وغالب [فهمه]‪ 3‬على حفظه [أما]ٍ‪ 4‬من ازدوج فيه‬
‫األمران وتساوي عنده الشيئان ووصل فيهما إلى الغاية ؛‬
‫فهو أعز من الكبريت األحمر ‪ ،‬والذي يظهر أنه ال‬
‫وجود له ‪ ،‬فلذلك قصرنا الكالم على من [أحد]‪ 5‬األمرين‬
‫فيه [غالب]‪ 6‬على اآلخر‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬من غلب حفظه على فهمه فهو مرجوح بالنسبة‬
‫إلى مقابلة ‪ ،‬ونسبته إلى الفهم نسبة الكتاب إلى الحافظ ‪،‬‬
‫فكما أن الحافظ يتصفح األوراق إما لتثبيت ما عنده أو‬
‫الستحداث العلم بما ليس عنده كذلك الفهم بالنسبة للحافظ‬
‫‪ ،‬وبمقدار ما نقص فهمه نقص قدره إلى أن ينتهي إلى‬
‫كونه حامل فقه وليس بفقيه ولو حفظ [وقر بعير]‪.7‬‬
‫وأما من غلب فهمه فإن مرتبته تعلو بمقدار ما ينضم إلى‬
‫جدا‬
‫ما عنده من الحفظ وال يخفى أن اإلفهام متفاوتة ً‬
‫تفاوتًا يخرج عن حد اإلحصاء‪.‬‬
‫وربما اختلفت بالنسبة إلى المفهومات فرب بالغ في فهم‬
‫بعض الفنون أقصى الغايات قاصر عن فهم غيره نازل‬
‫إلى حضيض الدرجات ‪ ،‬وبالنسبة إلى األوقات فرب‬
‫وقت يصفو الذهن فيه وآخر يتكدر ‪ ،‬وبالنسبة إلى‬
‫األشخاص فرب من يفهم عنه ورب من ال يفهم عه أو‬
‫يفهم عنه بسرعة ومن يتباطأ في الفهم عنه‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" لتفسير‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" تقلبه‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" تقلبه‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" أخذ‪.‬‬
‫غالبا‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" ً‬
‫‪ 7‬في "ب" بيقين‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 347 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫جدا ؛ غير أني مسهل جامعه فأقول ‪:‬‬
‫وهذا باب واسع ً‬
‫لقد اعتبرت مجامع األفهام فألقيت أنواعها منحصرة في‬
‫ثالثة أنواع‪.‬‬
‫النوع األول ‪ :‬وهو أنزلها من إذا ذكرت له المسألة انتقل‬
‫ظا ‪-‬وهي مسطروة‪-‬‬
‫ذهنه إلى نظيرها فإن كان حاف ً‬
‫فذكرها اكتسب باستحضار النقل فيها كيفية أخرى وقوى‬
‫متجددة تولدت من اجتماع النظرين وما قبل فيهما لم يكن‬
‫قبل ذلك‪ .‬وهذا عمدة باب األشباه والنظائر ؛ فإن الفقيه‬
‫الفطن الذكي إذا أخذ المدرس يذكر القاعدة وبعد فروعها‬
‫انفتح ذهنه ألنظار ما يذكره المدرس ويكذر ما كان‬
‫ظا ووصل بالقاعدة لما وصل لم يسمع المدرس يقول‬
‫حاف ً‬
‫ما قال لما كات قواه تفي به‪.‬‬
‫فرب حافظ لقاعدة لم ينزل عليها فروعها ‪ ،‬وحافظ‬
‫لفروع متبددة لم يصلها بأصولها‪.‬‬
‫فلما سمع األستاذ يذكر القاعدة ويعدد بعض ما عنده من‬
‫الفروع تذكر الباقي وتنبه لما لم يكن عنده من [اشتباك]‪1‬‬
‫هذه الفروع بتلك األصول‪.‬‬
‫جميعا األصل والفروع ولكن لم‬
‫ً‬ ‫هذا إذا كان يحفظهما‬
‫قاصرا على حفظ‬
‫ً‬ ‫ينتقل ذهنه إلى اشتباكهما ‪ ،‬وإ ن كان‬
‫األصل اكتسب الفروع منتسبة إليه أو على الفروع‬
‫منسوبا إليه هذه الفروع وتسلط بما‬
‫ً‬ ‫اكتسب األصل‬
‫اكتسب على أنظار آخر لعلها لم تكن على ذكر األستاذ ‪،‬‬
‫وال ينبغي له أن ينسب [األستاذ]‪ 2‬إلى قصور إذا أطلع‬
‫على ما لعله أغفله ؛ بل يعلم أنه هو الذي طرقه إلى ذلك‬
‫‪ ،‬وال أن ينسبه إلى إغفال ما لم يحقق أن ما ذكره من‬
‫جنس ما أشار إليه األستاذ‪.‬‬
‫وإ ن هو حقق ذلك وعلم أن األستاذ أغفل هذا الفرع ولم‬
‫ذاكرا له لنظره فلتقم معذرة‬
‫ذاكرا له ‪ ،‬وأنه لو كان ً‬
‫يكن ً‬
‫األستاذ من قبل أن قواه لما اشتغلت بإقعاد القاعدة وتمهيد‬
‫األصيل كانت جديرة بالغفلة عن تعداد الفروع ؛ إذ قال‬
‫معا‪.‬‬
‫ما تفي القوى باألمرين ً‬
‫فروعا لعلنا‬
‫ً‬ ‫وهذا جواب لنا عمن يزيد على ما ذكرناه‬
‫أغفلناها وجواب لمن سبقنا إلى ما ذكرناه من القواعد‬
‫عما زدنا عليه من الفروع ‪ ،‬فقد اشتمل كتابنا هذا على‬
‫الكثير من هذا النوع‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" إمساك‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" األشياء‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 348 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫مقدرا من له فكرة‬
‫النوع الثاني ‪ :‬وهو أرفع األنواع ً‬
‫[مضيئة]‪ 1‬يستخرج القواعد من الشريعة ويضم إليها‬
‫طا‬
‫الفروع المتبدد ويحصل من جريان الفروع ضاب ً‬
‫طا بمقصد الشارع فما‬
‫انتهى إليه بالفكرة المستقيمة محي ً‬
‫ارتد إليه كان المقبول عنده وما صدر عنه كان المردود‬
‫‪ ،‬وقد اشتمل كتابنا هذا على ما فتح اهلل به من هذا النوع‬
‫؛ فإن فيه قواعد لم نسبق إلى استخراجها ومآخذ لم نجدها‬
‫مجموعة لغيرنا وإ ن تفرقت في تضاعيف كالم األئمة‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪ :‬منزلة بين المنزلتين وهو أن يعمد الفهم‬
‫إلى آية أو حديث أو نص من نصوص إمامه في مسألة‬
‫فيستنبط من ذلك بمقدار ما آتاه اهلل من الفهم ما شاء اهلل‬
‫من الفروع‪.‬‬
‫وأستاذ األستاذين في هذا النوع وسيد المتأخرين شيخ‬
‫اإلسالم تقي الدين أبو الفتح ابن دقيق العيد رحمه اهلل ؛‬
‫طا لم يتهيأ لغيره ‪ ،‬واستخرج‬
‫فإنه فتح األحاديث استنبا ً‬
‫كثيرا من األحكام استنبطها من‬
‫عددا ً‬
‫بقريحته الوقادة ً‬
‫األحاديث ‪ ،‬وهذا النوع لعلك ال تجد في كتابنا منه إال‬
‫اليسير وتضاعيف الكالم‪.‬‬
‫وقد أحببت أن أذكر‪ 2‬هنا آية كانت ابتداء درسي‬
‫بالمدرسة األمينية في يوم األحد ثالث شهر ربيع األول‬
‫سنة ثالث وستين وسبعمائة وكان من شأن هذا الدرس‬
‫أني لما وليت هذه المدرسة في الشهر المذكور عزمت‬
‫جمعا ‪ ،‬ألنه سبق لي‬
‫أجالسا وال أجمع ً‬
‫ً‬ ‫[أن]‪ 3‬ال أعمل‬
‫تداريس كثيرة فما في دمشق مدرسة [مرقومة بعين‬
‫التعظيم]‪ 4‬إال وقد [وليت]‪ 5‬تدريسها بحمد اهلل إال اليسير‬
‫من المدارس ‪ ،‬فلما وليت هذه المدرسة رأيت أن ترك‬
‫درسا أرجو أن‬
‫ذلك أجمل ‪ ،‬فحملني حامل على أن أذكر ً‬
‫يكون لي فيه نية ‪ ،‬وذلك أن بعض من ال أهلية له سعى‬
‫في هذه المدرسة وكاد أن يقدم علي لقربه من الدولة ‪،‬‬
‫فأحببت أن [أريه]‪ 6‬كيف يكون التدريس ‪ ،‬وكيف ينبغي‬
‫لمن يطلب مناصب العلماء أن يكون ‪ ،‬فعمدت إلى آية‬
‫من الكتاب العزيز واستنبطت منها ما وصلت إليه قوتي‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" مصيبة‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" لك‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" وليت‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" أرويه‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 349 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وها أنا أحكي الدرس فأقول قلت بعد الخطبة ما نصه ‪:‬‬
‫اه ُم اللَّهُ ِم ْن‬
‫اس َعلَى َما َآ تَ ُ‬ ‫ون َّ‬
‫الن َ‬ ‫{َأم َي ْح ُس ُد َ‬
‫قوله تعالى ‪ْ :‬‬
‫اب َواْل ِح ْك َمةَ َوَآتَْيَن ُ‬
‫اه ْم ُمْل ًكا‬ ‫اه ِ‬ ‫ِإ ِ‬ ‫فَ ْ ِ ِ‬
‫يم اْلكتَ َ‬
‫ضله فَقَ ْد َآ تَْيَنا َآ َل ْب َر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ‪ ،‬فَم ْنهُ ْم َم ْن َآ َم َن بِه َو ِم ْنهُ ْم َم ْن َ‬
‫ص َّد َع ْنهُ َو َكفَى‬ ‫َعظ ً‬
‫بِ َجهََّن َم َس ِع ًيرا}‪.‬‬
‫اعلم أن المدرسين وإ ن تباينت مراتبهم في العلم وتفاوتت‬
‫منازلهم في الفهم أصناف ثالثة ال رابع لهم‪.‬‬
‫األول ‪ :‬من إذا درس آية اقتصر على ما فيها من‬
‫المنقول فحكى أقوال المفسرين بسبب النزول والمناسبة‬
‫ووجوه اإلعراب ومعاني الحروف ونحو ذلك ‪ ،‬وهذا‬
‫الحظ له عند المحققين ‪ ،‬وال نصيب له بين فرسان‪p‬‬
‫[الكالم]‪.1‬‬
‫والثاني ‪ :‬من يأخذ من وجوه االستنباط منها ‪ ،‬ويستعمل‬
‫فكره بمقدار ما آتاه اهلل من الفهم ‪ ،‬وال يشتغل بأقوال‬
‫علما منه أن ذلك [أمر]‪2‬‬
‫السابقين وتصرفات الماضيين ً‬
‫موجود في بطون األوراق وال معنى إلعادته‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬من يرى الجمع بين األمرين ‪ ،‬والتحلي‬
‫بالوصفين وال يخفى أنه أرفع األوصاف‪.‬‬
‫ونحن وإ ن سلكنا في هذه اآلية سبيل األولين كنا عن‬
‫مرتبة العالين عليهم قاصرين ‪ ،‬وإ ن [سلكنا]‪ 3‬طريق‬
‫األرفعين ضاق الوقت عنه وحصل السأم لنا وللحاضرين‬
‫‪ ،‬وحيث دار األمر بين أمرين فأرفعهما أحق بالتقديم‪.‬‬
‫وإ نا إن شاء اهلل [تعالى]‪ 4‬استخرج من هذه اآلية ‪ :‬دون‬
‫ما قبلها وما بعدها من فنون الفوائد في أنواع العلوم ما‬
‫يزيد على مائة وعشرين فائدة في أصول الدين ‪،‬‬
‫وأصول الفقه ‪ ،‬والحديث والتفسير ‪ ،‬واللغة والنحو ‪،‬‬
‫والتصريف ‪ ،‬والمعاني ‪ ،‬والبيان والبديع ‪ ،‬والمنطق ‪،‬‬
‫والجدل ‪ ،‬والتصوف ‪ ،‬والمغازي ‪ ،‬والسير ‪ ،‬والفراسة‬
‫والطب‪.‬‬
‫وشرطي في ذلك على نفسي ‪-‬أن ال أذكر شيًئا أعلم أني‬
‫سبقت إليه ‪ ،‬وال [أتعدى]‪ 5‬اآلية إلى غيرها ‪ ،‬وال أشتغل‬
‫بتقرير ما استنبطه منها إال بتقرير وجه االستنباط‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" الفهم‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" سكنا‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" أعدى‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 350 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫منها ‪ :‬فإذا قلت مثاًل ‪" :‬دلت على كيت وكيت" لم أنتقل‬
‫إلى الكالم في كيت وكيت ؛ ألن ذلك خروج إلى فن آخر‬
‫وعدول عن البحث ‪ ،‬وعلى غيري أن ال يعترضني في‬
‫فائدة حتى يتسم تقريرها ثم يعترض بما شاء‪.‬‬
‫فأقول وباهلل المستعان ‪" :‬أم" في اآلية دالة على جواز‬
‫عطف الجملة الفعلية على االسمية ؛ ألن "أم يحسدون"‬
‫جملة فعلية معطوفة بأم علي "أم لهم نصيب من الملك"‬
‫وهي اسمية وفيها داللة على أن "أم" المنقطعة ال يتعين‬
‫تقديرها ببل والهمزة ‪-‬كما نقله أبو حيان عن جميع‬
‫البصريين بل يجوز تقديرها ببلل فقط وتخلو عن‬
‫طلبيا وهو رأي ابن مالك حيث قال‬
‫إنكاريا أم ً‬
‫ً‬ ‫االستفهام‬
‫استفهاما مع اضطراب ودونه ؛‬
‫ً‬ ‫في "التسهيل" ‪ :‬يقتضي‬
‫وذلك ألن المراد هنا إثبات الحسد لهم ال االستفهام عنه ال‬
‫[باإلنكار و]‪ 1‬ال بغيره‪ .‬وإ ذا كان هذا المراد تعيين أ ‪،‬‬
‫يكون التقدير "بل يحسدون" ال "بل أيحسدون كما زعم‬
‫الواحدي والزمخشري ومن تبعهما"‪.‬‬
‫وعينا أن يكون التقدير "ببل" فقط‬
‫وإ نما خالفناهما في ذلك ً‬
‫لما ذكرناه من أن المراد إثبات الحسد‪.‬‬
‫وإ نما أدعينا أن ذلك هو المراد ؛ ألنه تعالى قد أثبته لهم‬
‫َأه ِل اْل ِكتَ ِ‬
‫اب‬ ‫{و َّد َكثِ ٌير ِم ْن ْ‬‫في سورة البقرة ؛ حيث قال ‪َ :‬‬
‫يمانِ ُك ْم ُكفَّ ًارا َح َس ًدا ِم ْن ِع ْن ِد َْأنفُ ِس ِه ْم}‬ ‫ِ ِإ‬ ‫َلو ير ُّد َ ِ‬
‫ون ُك ْم م ْن َب ْعد َ‬ ‫ْ َُ‬
‫واإلتيان في أهل الكتاب وكذلك في سورة الفتح ال يقال ‪:‬‬
‫االستفهام باإلنكار يتضمن اإلثبات وزيادة ألنا نقول ‪:‬‬
‫تلك الزيادة ال دليل عليها ‪ ،‬بل وال يقتضيها المقام‪.‬‬
‫فظهر أن األظهر في "أم" هنا أن معناها "بل" فقط كما في‬
‫ور َْأم َج َعلُوا‬ ‫ُّ‬
‫الن‬ ‫و‬ ‫ات‬ ‫م‬‫ُ‬‫ل‬‫قوله تعالى ‪َ{ :‬أم ه ْل تَستَِوي الظُّ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫اء} ؛ فإنها في "أم" لمجرد اإلضراب ‪ ،‬إذ‬ ‫َِّ ِ‬
‫لله ُش َر َك َ‬
‫االستفهام ال يدخل على االستفهام وما ذكره غيرنا من‬
‫أيضا ‪ ،‬ولكن ما ذكرناه‬
‫تقديرها "ببل والهمزة" يحتمل ً‬
‫أظهر‪.‬‬
‫وإ ذا عرفت احتمال ما ذكره غيرنا فنقول ‪ :‬وفيها داللة‬
‫على أن "أم" المنقطعة ال يتعين تقديرها ببل فقط كما‬
‫ذهب إليها الكسائي [وهشام]‪.2‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" باإليمان‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 351 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ات َولَ ُك ُم اْلَب ُنون}‬
‫{َأم َلهُ اْلَبَن ُ‬
‫ونظيرها ‪ :‬قوله تعالى ‪ْ :‬‬
‫{َأم اتَّ َخ َذ ِم َّما‬
‫تقديره بل هلل البنات ولكن البنون ‪ ،‬وكذلك ِ‬
‫ِ‬ ‫ي ْخلُ ُ ٍ‬
‫َأصفَا ُك ْم بِاْلَبن َ‬
‫ين} ؛ إذ لو قدر اإلضمار‬ ‫ق َبَنات َو ْ‬ ‫َ‬
‫المحض لزم المحال‪.‬‬
‫"يحسدون" ‪ :‬فيها داللة على أن المضارع حقيقة في‬
‫الحال ‪ ،‬ألنه أطلق في "يحسدون" وأريد الحال ؛ ألنهم‬
‫كانوا حاسدين وقت وقوع اللفظ عليهم ولم يرد أنهم‬
‫يحسدون في المستقبل ‪ ،‬وإ ذا طلق وأريد الحال كان‬
‫حقيقة فيه ؛ ألن األصل في اإلطالق الحقيقة ‪ ،‬وهذا عند‬
‫التحقيق خالف [قول]‪ 1‬من يدعي صالحيته للحال‬
‫موضوعا للقدر‬
‫ً‬ ‫واالستقبال كابن مالك ؛ ألنه يجعله‬
‫المشترك إال أن يقال ‪ :‬المتواطئ يقع على أفراده للحقيقة‬
‫وأنا أقول بالفصل في ذلك بين المشكل ومتساوي األفراد‬
‫‪ ،‬ولي فيه تحقيق طويل‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن مضارع حسد يحسد بضم السين ألن‬
‫القرآن كذلك نزل ‪ ،‬وزعم األخفش أن بعضهم بكسر‬
‫سين مضارعه‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن مفهوم العموم من باب الكلية ال من‬
‫باب‪ 2‬الكلي وال الكل ألنه [تعالى]‪ 3‬قد ذمهم على الحسد‬
‫؛ فإما أن يكون [هذا]‪ 4‬الحسد [المذم]‪ 5‬عليه الحسد من‬
‫حيث هو ‪ ،‬أو الحسد على العموم بمعنى أن كل واحد‬
‫مذموم على الحسد القائم به أو بغيره أو على الخصوص‬
‫بالغير والمعنى أن كاًل مذموم على خصوص الحسد‬
‫القائم بغيره أو على الخصوص بالنفس والمعنى أن كاًل‬
‫مذموم على خصوص الحسد القائم به من غير نظر إلى‬
‫القائم بغيره وال خامس لهذه األقسام عقاًل وال سبيل إلى‬
‫األول ألن الحسد من حيث هو ليس من فعل المكلف فال‬
‫يالم عليه وال إلى الثاني ؛ ألن حسد غيره ليس من فعله‬
‫أيضا لذلك ‪،‬‬
‫فكيف يالم على فعل غير وال إلى الثالث ً‬
‫فتعين الرابع وهو أن يكون "المذموم عليه الحسد‬
‫المختص به من غير نظر إلى غيره ؛ وذلك هو معنى‬
‫وسلبا‬
‫الكلية وهي أن يكون"‪ 6‬الحكم ثابتًا لكل فرد إثباتًا ً‬
‫غير منظر فيه إلى غيره بنفي وال إثبات‪ .‬وفيها داللة‬
‫على جواز التكليف بما ال يطاق ‪ ،‬ألنه تعالى المهم على‬
‫الحسد‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة باب العمل‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يقال‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" المذموم‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 352 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وهو أمر يقوم بالحاسد ال يقدر على دفعه ‪ ،‬ونظيره ‪:‬‬
‫{َأ ْقبِ ْل َواَل تَ َخ ْ‬
‫ف} وال يقال ‪" :‬إنما ذم على تعاطي أسبابه"‬
‫لإلجماع على أن الحسد في نفسه مذموم ‪ :‬وألن البخل‬
‫والحسد سببان في كونهما مما ال يطاق ‪ ،‬وقد ذمهم على‬
‫يب ِم َن اْل ُمْل ِك‬
‫ص ٌ‬ ‫البخل قبل ذلك في قوله تعالى ‪َ{ :‬أم لَهم َن ِ‬
‫ْ ُْ‬
‫اس َن ِق ًيرا} وكذلك على البخل قبل ذلك‬ ‫فَِإ ًذا اَل ُيْؤ تُ َ‬
‫ون َّ‬
‫الن َ‬
‫اس بِاْلُب ْخ ِل}‬ ‫ون َّ‬ ‫َِّ‬
‫الن َ‬ ‫ون َوَيْأ ُم ُر َ‬
‫ين َي ْب َخلُ َ‬
‫في قوله تعالى ‪{ :‬الذ َ‬
‫والبخل والحسد مشتركان في أنصاحبهما يريد منع‬
‫النعمة من الغير ‪ ،‬ثم يتميز البخل بعدم دفع ذي النعمة‬
‫شيًئا ‪ ،‬والحسد ينهي أن يعطي أحد سواه شيًئا‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن الحسد حرام ‪ ،‬ثم يختلف باختالف‬
‫[أيضا كفر]‪ ، 1‬وإ ال فال‬
‫نبيا فهو ً‬
‫المحسود ؛ فإن كان ً‬
‫ينتهي إلى الكفر‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬ما وجه داللته على التحريم ؟‬
‫{و َكفَى بِ َجهََّن َم‬
‫قلت ‪ :‬التوعد عليه في قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫َس ِع ًيرا}‪ .‬مع السياق [المؤذن]‪ 2‬بذلك‪ 3‬والتوعد كفاية‬
‫فإنه [كالنص في]‪ 4‬التحريم‪.‬‬
‫وقد أشار ابن عقيل من الحنابلة فيما وجدته منقواًل عنه‬
‫مستشهدا بنحو‬
‫ً‬ ‫أن التوعد على الشيء ال يقتضي وجوبه‬
‫طمن سمع النداء فخرج من المسجد قبل أن يصلي فقد‬
‫اعون}‪" 5‬ليس‬
‫ون اْل َم ُ‬
‫{وَي ْمَن ُع َ‬
‫عصى أبا القاسم ‪ ،‬ونحوه َ‬
‫منها من لم يوقر بيرنا ويرحم صغيرنا‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا شيء ضعيف ‪ ،‬وليت شعري أين التوعد في‬
‫"ليس منا من لم يوقر" إلى آخره ‪ ،‬وأما حديث سامع‬
‫النداء فصريح في التحريم ال من جهة التوعد فال تدعو‬
‫فيه ؛ بل من جهة لفظ عصى والخارجون عن ظاهره لهم‬
‫تأويل لسنا له اآلن ‪ ،‬فلنعد إلى ما نحن بصدده‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬وما وجه داللته على مطلق الحسد والكالم‬
‫على الحسد إنما هو في حسدهم النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بناء على ما سيأتي من أنه المراد بالناس عليه‬
‫أفضل الصالة والسالم‪.‬‬
‫اه ُم اللَّهُ ِم ْن‬
‫اس َعلَى َما َآتَ ُ‬ ‫ون َّ‬
‫الن َ‬ ‫{ي ْح ُس ُد َ‬
‫قلت ‪ :‬قوله ‪َ :‬‬
‫ضِل ِه} فإنه دال على أن‬‫فَ ْ‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يضر‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" المؤذن‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة في‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" كالنص‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" زيادة نحو‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 353 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫العلة في الذم للحسد على اإلتيان من الفضل ‪ ،‬وهذا‬
‫شامل لكل محسود على نعم أوتيها من فضل اهلل‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬ما وجه داللته على‪ 1‬الكفر ؟‬
‫قلت ‪ :‬تقسمة الناس إلى أن منهم من آمن به ومنهم من‬
‫عائدا على‬
‫صدر عن سواء جعلنا الضمير في "عنه" ً‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم أو الكتاب ؛ ألن الصدود عن‬
‫كل منهما كفر ‪ ،‬والحسد صدود أو حامل على الصدود ‪،‬‬
‫قسيما للمؤمن فدل أنه كافر‪.‬‬
‫وقد جعل الصاد ً‬
‫"الناس" ‪ :‬فيما داللة على صحة إطالق "اسم" [الجمع]‪2‬‬
‫وإ رادة الواحد ؛ ألن المراد بالناس النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم على ما روي عن ابن عباس والشافي رضي اهلل‬
‫اس‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫اس‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫م‬ ‫ه‬‫َ‬‫ل‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫ين‬ ‫عنما واألكثرين ونظيرها {الَِّ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫َ‬
‫قَ ْد َج َم ُعوا لَ ُك ْم} قيل ‪ :‬المراد نعيم بن مسعود األشجعي‬
‫واعلم أنه ال يلزم من صحة إطالق اسم الجنس وإ ن كان‬
‫محلى باأللف والالم وإ رادة الواحد إطالق [الجمع]‪3‬‬
‫وإ رادة الواحد بطريق أولى‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن المعرفة إذا كررت ال يتعين أن يكون‬
‫الثاني األول ؛ خالفًا لمن زعم أن المعرفة إذا كررت‬
‫اتحدت‪ 4‬وأن النكرة إذا كررت تعددت وقال في قوله‬
‫تعالى ‪{ :‬فَِإ َّن َم َع اْل ُع ْس ِر ُي ْس ًرا ‪ِ ،‬إ َّن َم َع اْل ُع ْس ِر ُي ْس ًرا}‪5‬‬
‫[لن]‪ 6‬يضيع عسر يسرين ووجه الداللة أنه أراد بالناس‬
‫هنا النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وبالناس قبله في قوله‬
‫ِ‬ ‫ص ٌ ِ‬ ‫تعالى ‪َ{ :‬أم لَهم َن ِ‬
‫اس‬ ‫ون َّ‬
‫الن َ‬ ‫يب م َن اْل ُمْلك فَِإ ًذا اَل ُيْؤ تُ َ‬ ‫ْ ُْ‬
‫َنِق ًيرا} الجنس أو العموم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ص ٌ ِ‬ ‫ونظير اآلية {َأم َلهم َن ِ‬
‫يب م َن اْل ُمْلك فَِإ ًذا اَل ُيْؤ تُ َ‬
‫ون‬ ‫ْ ُْ‬
‫ان ِإاَّل اِإْل ْح َسان} ‪،‬‬ ‫اء اِإْل ْح َس ِ‬ ‫اس َنِق ًيرا} ‪َ ،‬‬
‫{ه ْل َج َز ُ‬ ‫َّ‬
‫الن َ‬
‫س} [اآلية]‪.7‬‬ ‫الن ْف َس بِ َّ‬
‫الن ْف ِ‬ ‫{و َكتَْبَنا َعلَ ْي ِه ْم ِفيهَا َّ‬
‫َأن َّ‬ ‫َ‬
‫وفيها داللة على ما يقول أهل السنة والجماعة من ثبوت‬
‫الواسطة بين [الجبر]‪ 8‬والقدر وهي التي يسميها الشيخ‬
‫أبو الحسن رحمه اهلل بالكسب وأبو حنيفة رحمه اهلل‬
‫باالختيار‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة إن حسد النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫كفر‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" الجميع‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" الجميع‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" أحدث‪.‬‬
‫"يسرا" سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ً 5‬‬
‫‪ 6‬في "ب" أن‪.‬‬
‫‪ 7‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" القبر‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 354 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وذلك ألنه تعالى أسند الحسد إليهم فدل أنه من فعلهم وقد‬
‫ثبت أنهم غير خالقي أفعالهم بدليل قوله [تعالى] ‪َّ :‬‬
‫{واللهُ‬
‫َ‬
‫ون} فثبتت الواسطة ‪ ،‬وفيها داللة على أن‬‫َخلَقَ ُك ْم َو َما تَ ْع َملُ َ‬
‫أفعال القلوب يؤخذ بها كأعمال الجوارح ؛ ألنه تعالى‬
‫المهم على الحسد وهو من أفعال القلوب وأفعال القلوب‬
‫غير عقائدها‪ .‬العقائد يؤاخذ بها باإلجماع واألفعال‬
‫وراءها ‪ ،‬ولهذا تحقيق ليس هذا موضعه‪.‬‬
‫وفيها داللة على المذاهب الذي حكيناه عن ابن عباس‬
‫والشافي رضي اهلل عنهما أن المراد بالناس النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وتقرير ذلك أنه لو لم يرد بالناس بعض المؤمنين وأراد‬
‫كلهم لناقض قوله ‪ :‬أنهم لم يحسدوا آل إبراهيم ؛ لكنه ال‬
‫يناقضه الستحالة الناقض على كالم اهلل [تعالى]‪ 2‬؛ فدل‬
‫أنه أراد البعض ‪ ،‬وما هو إال محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ألن القائل قائالن قائل بأن المراد [جمع]‪ 3‬المؤمنين ‪،‬‬
‫وقائل بأن المراد النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬واألول‬
‫مندفع بأن مدعيه يدعي زيادة األصل‪ 5....4‬عدمها ؛‬
‫ألن هذا اللفظ قد ثبت أنه استعمل في النصوص ‪ ،‬فليحمل‬
‫على اليقين ‪ ،‬وعلى من ادعى ما رواه الدليل [فثبت]‪6‬‬
‫الثاني‪.‬‬
‫ممكنا أن يقال ‪ :‬المراد بالناس آل النبي صلى‬
‫وقد كان ً‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ ،‬كما في آل إبراهيم ‪ ،‬والمعنى أنهم‬
‫يحسدون آل النبي كونه بعث من أنفسهم ‪ ،‬ويكون النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم هو الفضل الذي أوتيه أهله وحسدوا‬
‫عليه ؛ ولكن هذا القول لم نر من قال به فال تفريع عليه‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن سيدنا وموالنا ونبينا محمد‬
‫المصطفى البشير صلى اهلل عليه وسلم خير الخالئق‬
‫أجمعين ألنها دالة على تفضيله على آل إبراهيم وآل‬
‫إبراهيم أفضل العالمين ‪ ،‬واألفضل من األفضل أفضل‬
‫فالنبي صلى اهلل عليه وسلم أفضل‪.‬‬
‫بيان الصغري ‪ :‬أنه وقع االهتمام بشأنه والتفخيم ألمره‬
‫في هذه اآلية بستة أمور لم يقع في آل إبراهيم واحد‬
‫منها‪.‬‬
‫ومظمرا‬
‫ً‬ ‫مظهرا‬
‫ً‬ ‫[أحدها]‪[ : 7‬تكرر]‪ 8‬اسم اهلل في حقه‬
‫وذلك في قوله تعالى ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" جميع‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة ‪ :‬األصل‪.‬‬
‫‪ 5‬بياض في األصل‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" نفت‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" أخذها‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" تكرير‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 355 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ضِله} ولم يأت في آل إبراهيم إال‬
‫اه ُم اللَّهُ ِم ْن فَ ْ‬
‫{َآتَ ُ‬
‫مضمرا‪.‬‬‫ً‬
‫والثاني ‪ :‬تعبيره عنه بالناس ؛ ألنه زعيم وعظيم‪، 1‬‬
‫فكأنه كلهم‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬تنكيره الفضل الذي أوتيه مع تعريف الذي‬
‫أوتيه آل إبراهيم بصيغة آل في الكتاب والحكمة ‪،‬‬
‫والتنكير يرد للتعظيم ‪ ،‬ال يقال ‪ :‬فقد نكر الملك العظيم‬
‫يما} ألنا نقول [إنه لم]‪ 2‬يقتصر على‬ ‫ظ‬‫في قوله ‪{ :‬مْل ًكا ع ِ‬
‫ُ َ ً‬
‫تنكيره ‪ ،‬بل وصفه ‪ ،‬والنكرة الموصوفة تضاهي‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫والرابع ‪ :‬إضافته إلى اهلل تعالى ‪ ،‬والمضاف إلى عظيم‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال يكون إال‬
‫والخامس ‪ :‬وضع الظاهر موضع المضمر بلفظ اهلل‬
‫لزيادة التقرير وتقوية داعية المأمور‪.‬‬
‫والسادس ‪ :‬اشتماله على العلة المقتضية لدفع شبهتهم ‪-‬‬
‫وهي أن السبب فضل اهلل الذي ال حجر ألحد عليه [ففيم]‬
‫َّ‬
‫‪ 3‬الحسد ‪ ،‬وبيان الكبرى ‪ :‬قوله تعالى ‪ِ{ :‬إ َّن اللهَ‬
‫ان َعلَى‬ ‫ِ‬ ‫طفَى َآ َدم و ُنوحا وَآ َل ِإ ْبر ِ‬
‫يم َوَآ َل ع ْم َر َ‬
‫َ َ‬‫اه‬ ‫ََ ً َ‬ ‫اص َ‬
‫ْ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اْل َعالَم َ‬
‫وفيها داللة على أن من ال يتبع النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ال يستحق اسم الناس ؛ ألنه تعالى غاير بين الحاسدين‬
‫والناس ‪ ،‬والحاسد غير المحسود ؛ فدل على أن الحاسد‬
‫من غير الناس ‪ ،‬وهذا واضح على قول من يقول ‪:‬‬
‫المراد بالحاسدين الحاسدون للنبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫والذين اتبعوه من المؤمنين أجمعين‪.‬‬
‫وأما من يقول ‪ :‬المراد هو صلى اهلل عليه وسلم فقط‬
‫فكذلك ألن اسم الناس إذا وقع عليه وحده لم يقع على‬
‫غيره إال بالمجاز‪ .‬وغيره ‪-‬من تابعيه‪ -‬العالمة موجودة‬
‫فيه‪.‬‬
‫وأما من لم يتبعه فال عالقة توجب أن يطلق عليه لفظ‬
‫الناس فكيف يطلق عليه‪.‬‬
‫وفيها داللة‪ 4‬أن لفظ الناس في الشرع ال يطلق على‬
‫الكافرين بل يختص بالمؤمنين وهذا غير قول ‪ :‬من يقول‬
‫في أصول الفقه أنه ال يدخل تحته العبد ولم نر من قال‬
‫بهذا ؛ وإ نما اختلفوا من أنه هل يختص باإلنس على ما‬
‫عرف ؛ ولكن ذلك اختالف في موضعه لغة ‪ ،‬وهذا نظر‬
‫شرعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫في استعماله‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زعيمهم وعظيمهم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬ألنه ال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" فيه‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة على‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 356 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وإ ذا [عرف‪ 1‬هذا]‪ 2‬فنقول ‪ :‬وفيها داللة على أن صحة‬
‫النفي ليست دلياًل على المجاز ؛ أال ترى أن لفظ الناس‬
‫صح نفيه هنا عن الكفار وإ ن كان يطلق عليهم بالحقيقة‪.‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬صحة نفيه إنما هي باعتبار الحقيقية الشرعية‬
‫‪ ،‬وصحة إطالقه إنما هي باللغوية ‪ ،‬فلم يتواردا على‬
‫محل واحد لكن إذا تم يعود تخصيص على دعوة أن‬
‫صحة النفي عالقة‪.‬‬
‫وفيها داللة على عود الضمير باعتبار اللفظ دون المعنى‬
‫وذلك في قوله ‪" :‬آتاهم" فإنه ضمير جمع عائد على لفظ‬
‫الناس المعنى به واحد وهو النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫"على" ‪ :‬وفيها داللة على مجيء "علي" حرفًا للتعليل ؛‬
‫اه ْم} معناه يحسدونهم للفضل الذي‬ ‫{علَى َما َآ تَ ُ‬
‫ألن قوله َ‬
‫{وِلتُ َكِّب ُروا اللَّهَ َعلَى َما‬
‫أوتوه على حد قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫َه َدا ُك ْم} لهدايته إياكم ‪ ،‬وقول الشاعر ‪:‬‬
‫عالم تقول الرمح يثقل عاتقي إذا أنا لم أطعن إذا الخيل‬
‫[كرت]‪3‬‬
‫"ما" وفيها داللة على أن "حسد" ال يتعدى إلى مفعول ثان‬
‫إال بحرف الجر ؛ وذلك من قوله ‪" :‬على ما آتاهم [اهلل]‬
‫‪.4‬‬
‫وبعضهم يعديه إلى المفعولين بنفسه ‪ ،‬وعليه قول الشاعر‬
‫يصف الجن ‪:‬‬
‫[ظالما]‬
‫ً‬ ‫أتوا ناري فقلت منون أنتم فقالوا الجن قلت عموا‬
‫‪5‬‬
‫فقلت إلى الطعام فقال منهم زعيم يحسد اإلنسي الطعاما‬
‫"آتاهم" وفيها داللة على ما اختاره ابن مالك من اتصال‬
‫ما كان من الضمائر ثاني منصوبين وناصبه فعل‬
‫غيرقلبي نحو ‪" :‬ما أعطيتكه" ألنه حذف العائد فيه ‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يقدر منفصاًل ‪ ،‬وال يلزم حذف العائد المنفصل‬
‫المنصوب ‪ ،‬وال قائل بذلك ‪ ،‬ومن ثم [ال]‪ 6‬يصح [تقرير]‬
‫ون}‬ ‫‪ 7‬أبي البقاء في قوله تعالى ‪{ :‬و ِم َّما ر َز ْقَن ُ ِ‬
‫اه ْم ُي ْنفقُ َ‬ ‫َ َ‬
‫العائد منفصاًل ‪ 8‬؛ وإ نما هو متصل والتقدير ‪ :‬على ما‬
‫آتاهم اهلل ‪ ،‬ال على ما آتاهم اهلل إياه ‪ ،‬وهو‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" عرفت‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" مالما‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" لم‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" تقدير‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" زيادة وأال يلزم حذف العائد‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 357 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫المدعي ‪ ،‬وهذا الوجه بناء على جعل "ما" في قوله ‪ :‬ما‬
‫آتاهم مصولة‪.‬‬
‫"اهلل" وفيها داللة على أن الظاهر يؤتي به بداًل عن‬
‫الضمير لزيادة التقرير والتمكين وذلك في قوله "اهلل" ‪،‬‬
‫ولم يقل ما آتيناهم‪.‬‬
‫وفيها داللة على أنه قد يؤتى به ليدل على أن ما أسند إليه‬
‫الئق به كما في قوله ‪" :‬أولم" اآلية ‪ ،‬وكما في قوله تعالى‬
‫يدهُ ِإ َّن َذِل َك َعلَى‬
‫ق ثَُّم ُي ِع ُ‬
‫ف ُي ْب ِدُئ اللَّهُ اْل َخْل َ‬
‫{َأولَ ْم َي َر ْوا َك ْي َ‬
‫‪َ :‬‬
‫اللَّ ِه َي ِس ٌير}‬
‫وفيها داللة على أنه قد يؤتى به ليدل على أن ما أسند إليه‬
‫الئق به كما في قوله ‪" :‬أولم" اآلية ‪ ،‬وكما في قوله تعالى‬
‫َّ‬ ‫{ولَ ْو ََّأنهُ ْم ِإ ْذ َ‬
‫استَ ْغفَ ُروا اللهَ‬
‫وك فَ ْ‬
‫اء َ‬
‫ظلَ ُموا َْأنفُ َسهُ ْم َج ُ‬ ‫‪َ :‬‬
‫الر ُسو ُل} ولم [يقل] واستغفرت لهم ؛ ألن‬ ‫استَ ْغفَ َر لَهُ ُم َّ‬ ‫َو ْ‬
‫لفظ الرسول ينبئ أن شفاعته مقبولة ‪ ،‬فكذلك قوله ‪" :‬اهلل"‬
‫ينبئ على أنه يفعل ما يشاء ويضع عطاءه وفضله أين‬
‫يشاء ال يعترض عليه‪.‬‬
‫"من" وفيها داللة على مجيء "من" البتداء الغاية ؛ فإنه‬
‫كذلك في قوله ‪:‬‬
‫"من فضله" وفيها داللة على الرد على أبي البقاء حيث‬
‫جوز في "من" أن تكونوا زئادة عند األخفش في قوله‬
‫[تعالى]‪ 3‬في البقرة {بِْئ َس َما ا ْشتََر ْوا بِ ِه َْأنفُ َسهُ ْم ْ‬
‫َأن َي ْكفُُروا‬
‫ضِل ِه} وجعلها‬ ‫َأن ُيَن ِّز َل اللَّهُ ِم ْن فَ ْ‬
‫بِ َما َْأن َز َل اللَّهُ َب ْغًيا ْ‬
‫مفعول ينزل أي‪ : 4‬ينزل اهلل فضله ؛ وذلك [ألن]‪5‬‬
‫المعنى على إنزال شيء‪ 6‬من فضله ال‪ 7‬إنزال كل‬
‫فضله ‪ ،‬وكذلك في [اإليتاء]‪ 8‬هنا ؛ إذ لو تم ما ذكره‬
‫ثانيا ال يثبت أو بداًل ‪،‬‬
‫لكان من فضله هنا مفعواًل ً‬
‫وكالهما ال [يصير]‪ 9‬هنا فليتأمل‪.‬‬
‫"فضلة" وفيها داللة على [أن]‪[ 10‬القيد]‪ 11‬قد يأتي ‪12‬‬
‫للتعميم ال للتخصيص ؛ وذلك في قوله تعالى ‪:‬‬
‫ضِل ِه} فإن كل آت فهو من فضله تعالى فلم يكن‬ ‫ِ‬
‫{م ْن فَ ْ‬
‫ضِل ِه} لتخصيص ما‬ ‫قوله ِ‬
‫{م ْن فَ ْ‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة على‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة إن‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" أن‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" زيادة مبتدأة‬
‫‪ 7‬في "ب" زيادة على‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" األقبل‪.‬‬
‫‪ 9‬في "ب" يضر‪.‬‬
‫‪ 10‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 11‬في "ب" العبد‪.‬‬
‫‪ 12‬في "ب" زيادة على الكالم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 358 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫حسدوا عليه بل لتعميمه وهو أبلغ في التشنيع عليهم ‪،‬‬
‫وفيه من التشنيع شيئان‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬التعميم كما أشرنا إليه ‪ ،‬ومن ثم كان تعميم‬
‫الحسد ‪-‬في كل نعمة أوتيها النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫من النبوة والرسالة والنصرة [والتزوج]‪ 1‬بتسع وغيرها‬
‫‪-‬أصح من القول بتخصيصه ببعضها لما يدل عليه المقام‬
‫من التشنيع الذي يتأتى مع التعميم وال يتأتى مع‬
‫التخصيص‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬تسفيه رأيهم بحسدهم المرء على ما ليس من‬
‫صنعه بل من عطاء اهلل وفضله الذي ال معترض ألحد‬
‫عليه‪.‬‬
‫[وبفهم]‪ 2‬هذين الوجهين [نقول]‪ : 3‬وفيها داللة على انه‬
‫قوله ‪" :‬من فضله" يعم جميع النعم وال يختص بواحد مما‬
‫ذكره بعض من خصصه‪ 4‬من المفسرين من التزوج‬
‫بتسع ونحو ذلك‪.‬‬
‫وفيها داللة بهذا الوجه على ما يقوله الحنفية من أن‬
‫الوصف [يعمم]‪ 5‬اللفظ ‪ ،‬ومثلوا [لذلك]‪ 6‬بقول القائل ال‬
‫أكلم إال رجاًل ‪ ،‬إذا كلم رجلين يحنث ‪ ،‬ولو قال ‪ :‬إال‬
‫كوفيا ‪ ،‬فكلم كوفيين أو أكثر لم يحنث ‪ ،‬وخرجوا‬
‫ً‬ ‫رجاًل‬
‫يوما" يكون‬
‫عليه لو قال ‪" :‬ال واهلل ال أقربكما‪ 7‬إال ً‬
‫واحدا وقد صرح القاضي الحسين‬ ‫ً‬ ‫يوما‬
‫المستثنى ً‬
‫بموافقتهم وخالفه الشاسي وهو الحق كما ذلك مقرر في‬
‫موضعه‪.‬‬
‫وفيها داللة أن‪ 10‬من يلوم المرء على ما ليس من فعله‬
‫فهو مخطئ ؛ فدلت‪ 11‬على‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" الفرج‪.‬‬
‫‪ 2‬في "بط فيفهم‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" بقوله‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة‪.‬‬
‫‪ 5‬في "بط يعم‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" ذلك‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" أقربها‪.‬‬
‫‪ 8‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 9‬في "ب" أي عبيد‪.‬‬
‫‪ 10‬في "ب" زيادة ‪ :‬على‪.‬‬
‫‪ 11‬في "ب" قلت‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 359 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫أن من لم يجن ال يعاقب ‪ ،‬ومن لم يعقل ال يؤاخذ ‪ ،‬وتحت‬
‫ذلك [فروع]‪ 1‬تخرج عن حد اإلحصاء‪.‬‬
‫وفيها داللة على ما تعدى إلى مفعولين من باب أعطيت‬
‫‪-‬وكل منهما مقصود في نفسه لم يحذف ؛ ألنه تعالى‬
‫ذكر لفظ اإليتاء المتعدي إلى مفعولين ‪ ،‬ومفعوليه في هذه‬
‫اآلية ثالث مراتب ؛ ألن الحال يقتضي ذكر المؤتى وهو‬
‫اهلل ‪ ،‬والموتى [وهو]‪ 2‬الفضل العظيم الذي آتاه نبيه‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم والكتاب والحكمة ‪ ،‬والذي‬
‫آتاه آل إبراهيم عليه السالم والملك العظيم الذي آتاهموه‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن النبوة من فضل اهلل [وعطائه ألن‬
‫المراد يحسدون على النعم التي هي من فضل اهلل]‪ 3‬ومن‬
‫أعظمها النبوة ‪ ،‬وفيها إشارة غلى أن المحسود ينبغي أن‬
‫يستحضر أنه لم يميز عن الحاسد إال بفضل اهلل والذي‬
‫أوتيه من فضل اهلل ال بحيله [وقوته]‪ 4‬وإ ذا ضممت هذه‬
‫الفائدة ‪-‬التي هي اإلشارة إلى مالحظة أن الفضل من‬
‫اهلل‪[ -‬إلى] الفائدتين السابقتين وهما التعميم وتسفيه رأيهم‬
‫صارت الفوائد [ثالثًا]‪.5‬‬
‫وفيها داللة على أن ما يتلقى العبد من [النعيم]‪ 6‬فهو من‬
‫فضل اهلل بال وجوب على اهلل [وال يستحق]‪ 7‬العبد على‬
‫ربه شيًئا ؛ بل اهلل متفضل بعطائه فإن وهب فبفضله وإ ن‬
‫دامغا للمعتزلة‪.‬‬
‫برهانا ً‬
‫ً‬ ‫سلب فبعدله ‪-‬فيصلح‬
‫وفيها داللة على أنه قد يحذف في الكالم أكثر من جملة‬
‫لن التقدير بل يحسدون الناس على ما آتاهم اهلل من فضله‬
‫؛ فلذلك ال يؤمنون وحسدهم سفه فقد آتينا آل إبراهيم إلى‬
‫آخره‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اض ِر ُبوهُ بَِب ْعضهَا َك َذل َك ُي ْحيِي اللهُ‬ ‫ونظيره‪{ : 8‬فَ ُقْلَنا ْ‬
‫اْل َم ْوتَى} قيل ‪ :‬تقديره ‪-‬فضربوه فحيى فقلنا كذلك ‪[-‬و]‪9‬‬
‫ين َك َّذُبوا بَِآَياتَِنا‬ ‫َِّ‬
‫قوله تعالى ‪{ :‬فَ ُقْلَنا ا ْذ َهَبا ِإلَى اْلقَ ْوِم الذ َ‬
‫اه ْم تَ ْد ِم ًيرا} قيل ‪ :‬تقديره فأتياهم [فأبلغا]‪10‬‬ ‫فَ َد َّم ْرَن ُ‬
‫الرسالة فكذبوهما فدمرناهم‪.‬‬
‫ويمكن على رأي من يجعل التقدير أيحسدون ‪-‬فيقدر بل‬
‫والهمزة أن يقدر صيغة‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" فرع‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" فهو‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط من "ب" من أول ‪ :‬وعطائه من فضل اهلل‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" قوة‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" ثالثة‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" النعم‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" يستحق‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" زيادة قوله‪ .‬في "ب" سقط "الواو"‪.‬‬
‫‪ 10‬في "ب" فأتاهم فبلغ‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 360 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫شرط ‪ ،‬والتقدير [بل‪ ]1‬أيحسدون ‪ ،‬أن يحسدوا ‪-‬فقد آتينا‬
‫‪ ،‬وتكون إلغاء جواب شرط محذوف‪.‬‬
‫وفيها‪ 2‬على هذا التقدير ‪-‬داللة على حذف جملة الشرط‬
‫ضي‬ ‫واإلتيان بالجواب على حد قوله تعالى ‪ِ{ :‬إ َّن َأر ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ون} أي فإن لم يتأت إخالص العبادة‬ ‫اع ُب ُد ِ‬ ‫َواس َعةٌ فَِإ َّي َ‬
‫اي فَ ْ‬
‫لي في هذه البلدة فاعبدون في غيرها ‪ ،‬وله نظائر كثيرة‬
‫‪ ،‬وكذلك يدل على هذا قوله تعالى في هذه اآلية {فَ ِم ْنهُ ْم‬
‫َم ْن َآ َم َن بِ ِه} على ما سيأتي‪ .‬وفيه ‪-‬على ذلك التقدير‪-‬‬
‫داللة على مجيء "الفاء" للسببية على حد قوله تعالى ‪:‬‬
‫ضى َعلَ ْيه} "ألن الوكز متقدم على‬
‫وسى فَقَ َ‬
‫{فَ َو َك َزهُ ُم َ‬
‫القضاء فقدم السبب على المسبب وإ يتاء آل إبراهيم ‪-‬مع‬
‫عدم حسدهم لهم‪ -‬متقدم على حسدهم النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم والمؤمنين "قد" فيها داللة على هذا الوجه على‬
‫جواز التعليل بالوصف المركب ألنه تعالى جعل العلة‬
‫في سفههم مركبة من إتياء آل إبراهيم وعدم حسدهم‪.‬‬
‫وفيها داللة على مجيء "قد" لتقريب الماضي من الحال ‪،‬‬
‫تقول "قام زيد" فيحتمل الماضي البعيد والقريب ؛ فإذا‬
‫قلت ‪" :‬قد قام" اختص بالقريب وكذلك قوله "فقد آتينا"‬
‫ألن المعنى عليه تقريب زمان إبراهيم ليستدل بهم فإن‬
‫االستدالل بالقريب أوضح من االستدالل بالبعيد‪.‬‬
‫وفيها داللة على مجيء "قد" للتحقيق نحو "قد يعلم ما أنتم‬
‫عليه" وأنكر قوم وزعموا أن "قد" في قوله تعالى ‪{ :‬قَ ْد‬
‫َي ْعلَ ُم} لتقليل متعلق الفعل أي ‪" :‬ما أنتم عليه أقل‬
‫معلوماته"‪.‬‬
‫وفيها داللة على االلتفات من الغيبة إلى الحضور ؛ ألنه‬
‫ضِل ِه فَقَ ْد َآتَْيَنا} ولم‬
‫اه ُم اللَّهُ ِم ْن فَ ْ‬
‫{علَى َما َآ تَ ُ‬
‫تعالى قال ‪َ :‬‬
‫يقل ‪ :‬فقد آتى فقط‪.‬‬
‫وفيها داللة على جواز كون الوصف العدمي وهو عدم‬
‫حسدهم جزء من العلة المركبة‪.‬‬
‫"آتينا"‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن القياس حجة ؛ وذلك من قوله {فَقَ ْد‬
‫َآتَْيَنا} إلى آخره ؛ ألنه تعالى سفه نظرهم وقبح صنعهم‬
‫بالنظر إلى أن ال بدع فيما آتى نبيه من فضله ‪ ،‬ألنه‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة داللة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 361 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫فرعا على‬
‫"تعالى قد" أتى آل إبراهيم عليه السالم ؛ فقاس ً‬
‫أصل بعلة جامعة وهي فضله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن تنقيح المناط حجة ألنه تعالى ‪ :‬لما‬
‫جعل العلة فضله وكرمه الذي له أن يضعه كيف شاء أيا‬
‫شاء لم يكن للمعترض أن يقول ‪ :‬فلم اختص هذا دوني‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن قياس األولى حجة ؛ ألن النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أولى من آل إبراهيم والمعنى ‪ :‬إذا كنتم لم‬
‫تحسدوا أولئك فأولى وأجرى وأحرى أن ال تحسدوا من‬
‫هو أفضل منهم ؛ ألن الحسد يبغي أن ال يالقي من هو‬
‫أقرب إلى المرء ‪ ،‬وال شك أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫أفضل ‪ ،‬فهو عنهم أبعد‪.‬‬
‫وفيها داللة على علم الجدل ؛ فإنه تعالى ناظرهم على ما‬
‫زعمته عقولهم الفاسدة وكأنه تعالى يقول ‪" :‬إنهم‬
‫يحسدون امرًأ على فضل آتيناه ‪ ،‬ولم يكن بالبدع أن‬
‫نؤتي بعض خلقنا من فضلنا كما فعلنا بآل إبراهيم ‪،‬‬
‫فكيف بسيد خلقنا" صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن المعارضة مقبولة ؛ ألنه تعالى‬
‫عارضهم بآل إبراهيم ورد عليهم بهم‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن الكافر إذا ذكر شبهة وسأل إزاحتها‬
‫أجيب إلى ذلك وقد اختلف األصحاب في المرتد يذكر‬
‫شبهة هل تزاح أو نبادر بقتله على خالف معروف‪.‬‬
‫وفيها داللة على أنا نزيح شبهة الكافر المتعنت مع علمنا‬
‫بأن ذلك ال يفيده ؛ ألن هؤالء ليس الحامل لهم على الكفر‬
‫إال الحسد وهو أمر ال يزال بإماطة الشبهة ؛ وإ نما‬
‫يذكرون ونحن ندفع الشبهة وال نعبأ بعدم نفعها لم أوردها‬
‫قمعا له وألنها قد تنفع غيره ممن يطلب‬
‫؛ ألن فيها ً‬
‫الهداية‪.‬‬
‫"آل"‬
‫وفيها داللة على أن اآلل ال يضاف إال إلى مظهر كما‬
‫ادعاه الكسائي والنحاس والزبيدي ؛ وذلك ألنه كذلك وقع‬
‫‪ ،‬وألنه لم يقع في القرآن والسنة إال كذلك ؛ فمن ادعى‬
‫غيره فعليه الدليل ‪ ،‬وإ ن أتى به كما إذا ذكر قول الشاعر‬
‫‪:‬‬
‫[وانظر على آل الصليـ ـب وعابديه اليوم آلك]‪1‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬ما بين القوسين سقط من "أ" ‪" ،‬ج"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 362 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫[وقوله ‪1] :‬‬
‫أنا الفارس الحامي حقيقة والدي وآلي كما تحمي حقيقة‬
‫آلكا‬
‫نقول ‪ :‬ما ذكرت ال يدل على أن الضيافة شيء بعاين‬
‫فلنقتصر على السماع ‪ ،‬وفيها داللة على أن ألف "آل"‬
‫بدل من هاء ‪ ،‬يكون بمعنى اآلل وتصغيره أهيل أو‬
‫األلف بدل من همزة ساكنة والهمزة ؛ بدل من هاء‬
‫فيكون اآلل واألهل سواء وهو ما ذكره الوالد رحمه اهلل‬
‫في شرح المنهاج أن في كالم‪ 2‬الشافعي رضي اهلل عنه‬
‫ما يرشد إليه خالفًا لمن زعم أنه من آل يؤول إذا رجع‬
‫إليك في قراءة رأي أو مذهب ‪ ،‬وجعل أصله أول فانقلبت‬
‫واوه ألفًا ‪ ،‬وقال يصغر على أويل‪.‬‬
‫ووجه داللته على اآلل أنه لو كان من آل إذا رجع في‬
‫قراءة أو رأي أو مذهب ‪ ،‬ليعم كل من هو على ملة‬
‫إبراهيم ‪ ،‬وليس القصد إال أقارب إبراهيم الذين هم‬
‫أسالف المخاطبين الذين لم يسحدوهم ؛ وإ ال فلو أريد كل‬
‫من دان بدينه لدحل فيهم المحسودون ‪ ،‬فلم يتم الرد‬
‫عليهم‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن آل المرء ال يطلق على من لم يدن‬
‫بدينه ؛ وإ نما يطلق على من دان بدينه ويدل على ذلك‬
‫ب ِإ َّن‬
‫{ر ِّ‬
‫قوله تعالى في جواب قول نوح عليه السالم ‪َ :‬‬
‫َأهِلي}‪ ...‬قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل‬‫ْابنِي ِم ْن ْ‬
‫غير صالح"‪.‬‬
‫وهذا بعد تقدير أن األهل مرادف لآلل كما قدمنا أن الولد‬
‫ذكر أن لفظ‪ 3‬الشافعي رضي اهلل عنه يرشد إليه‪.‬‬
‫لكن هنا سؤال عظيم وإ شكال جسيم وهو أن داللة قوله‬
‫َأهِل َك} ؛ على أن من لم يدن بدين‬
‫تعالى ‪ِ{ :‬إَّنهُ َل ْي َس ِم ْن ْ‬
‫امرئ ال يكون من أهله معارضة بداللة قوله تعالى في‬
‫ام َرَأتَ َك} ؛‬ ‫َأهلَ َك ِإاَّل‬ ‫امرأة لوط عليه السالم {ِإَّنا ُمَن ُّج َ‬
‫وك َو ْ‬
‫ْ‬
‫على أن امرأة الكافر أهل الستثنائها من األهل وليس‬
‫منقطعا ؛ فليقع البحث في حل هذه اإلشكال‪.‬‬
‫ً‬ ‫االستثناء‬
‫وعندي فيه جواب دقيق ‪ ،‬ولكن في ذكره خروج عن‬
‫[آية]‪ 4‬الدرس فلنرجع إلى ما نحن بصدده ‪ ،‬فنقول ‪ :‬وإ ذا‬
‫كان لفظ "اآلل" ال يطلق على من يدين بدين المرء سواء‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "أ" ‪" ،‬ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة ‪ :‬اإلمام‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة ‪ :‬اإلمام‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" لغة‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 363 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫اشترط مع ذلك أن يكون قرابته أو لم يشترط فال يطلق‬
‫آل النبي صلى اهلل عليه وسلم إال على المؤمنين من بني‬
‫هاشم وبني المطلب أو من األمة على اختالف القولين‬
‫من آله منهم ‪ ،‬واألصح عند أصحابنا أنهم بنو هاشم وبنو‬
‫المطلب ؛ فعلى هذا يؤخذ من اآلية أنهم مؤمنوا القبيلتين‬
‫ال كل القبيلتين ‪ ،‬ولم نر من خصهم بالمؤمنين ممن قال‬
‫أن اآلل القبيلتان‪.‬‬
‫اب‬ ‫اه ِ‬ ‫ووجه الداللة أنه تعالى ذكر {َآ تَْيَنا َآ َل ِإ ْبر ِ‬
‫يم اْلكتَ َ‬
‫َ َ‬
‫َواْل ِح ْك َمةَ} والمؤتون ذينك مؤمنون ؛ فدل على اختصاص‬
‫"اآلل" بالمؤمنين وال يلزم إطالق العام ‪-‬وهو على العام‬
‫بإضافته إلى إبراهيم وإ رادة الخاص ويدل على‬
‫َّ‬
‫آد َم‬
‫طفَى َ‬ ‫أيضا قوله تعالى ‪ِ{ :‬إ َّن اللهَ ْ‬
‫اص َ‬ ‫االختصاص ً‬
‫ين} وقوله‬ ‫ِ‬ ‫اهيم و َ ِ‬
‫آل ِإ ْبر ِ‬
‫ان َعلَى اْل َعالَم َ‬
‫آل ع ْم َر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحا َو َ َ‬
‫َوُن ً‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬اللهم صل على محمد وعلى آل‬
‫محمد" ؛ وإ نما دعا للمؤمنين وقول الشاعر‪.‬‬
‫وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك‬
‫فلو عم آله غير المؤمنين لدخلوا فيمن ينصر عليهم‪.‬‬
‫ثم هم داخلون فيمن [ينصر]‪[ 1‬عليهم]‪ 2‬؛ فكان يلزم أن‬
‫يؤمن بأن ينصرهم وبأن ال ينصرهم وهو محال‪.‬‬
‫وإ ذا ثبت االختصاص بنينا عليه مسألة أخرى فنقول ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أن المرء إذا أوصى آلله اختص‬
‫بمؤمنيهم وهو وجه حكاه ابن الرفعة في "الكفاية" ‪ ،‬وقد‬
‫صحح األصحاب صحة وصية المرء آلله ؛ ألن له‬
‫أصاًل في الشرع‪.‬‬
‫ثم قال األستاذ أبو منصور البغدادي ‪ :‬يحتمل أن يكون‬
‫كالوصية للقرابة ‪ ،‬ويحتمل تفويضه إلى اجتهاد الحاكم‪.‬‬
‫فإن كان هناك وصي ؛ فهل يعتبر رأيه أو رأي الحاكم‬
‫وجهان حكاهما اإلمام‪.‬‬
‫ورأى الرافعي والنووي ‪ :‬يجري مراد الوصي فإن لم‬
‫يعثر عليه نظر إلى الوضع واالستعمال‪.‬‬
‫قال ابن الرفعة ‪" :‬وذلك ال ينافيه الرجوع إلى اجتهاد‬
‫الحاكم أو الوصي"‪.‬‬
‫وهل لفظ اآلل واألهل سواء ؟‬
‫أما من حيث اللغة ففيه ما قدمناه ‪ ،‬والفقهاء حكوا فيمن‬
‫أولى ألهل زيد وجهين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ :‬الحمل على الزوجة خاصة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ينصرهم‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 364 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫والثاني ‪ :‬على كل من تلزمه نفقته قاله الرافعي ‪ ،‬وقال‬
‫الماوردي ‪" :‬أهل الزوجة قرابة" في دخول الزوجة‬
‫والزوجة معهم وجهان‪.‬‬
‫فإذا ثبت ترادف األهل واآلل ‪-‬كما قدمناه عن الوالد عن‬
‫إرشاد لفظ الشافعي رحمه اهلل ‪-‬حصل في الوصية لآلل‬
‫وجوه قرابة ‪" ،‬والقرابة غير الزوجين ‪ -‬والزوجة‬
‫خاصة" ‪ ،‬ومن يلزمه نفقته ‪ ،‬ومن دان بدينه والرد إلى‬
‫اجتهاد الحاكم أو الوصي‪.‬‬
‫"إبراهيم" ‪:‬‬
‫وفيها داللة أن العلم ال يمنع وقوعه في القرآن كونه‬
‫أعجميا ؛ فإن لفظ إبراهيم أعجمي ‪ ،‬التفاق [النحاة]‪1‬‬
‫ً‬
‫على [أن]‪ 2‬صرفه ممتنع للعلمية والعجمة ‪ :‬وقد ورد‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن ما يطلقه المنطقيون ‪ -‬من قولهم ‪:‬‬
‫القضيتان المطللقتات ال يتناقضان ألن شرط التناقض‬
‫اتحاد [المحمول]‪ ، 3‬والموضوع والزمان والمكان‬
‫والقوة والفعل واإلضافة والكلية والجزئية ليس على‬
‫إطالقه ؛ بل [المعنى]‪ 4‬به "ال يتناقضان من حيث أنهما‬
‫مطلقتان "وقد يتناقضان" يعارض تقرير ذلك أن قوله ‪:‬‬
‫يحسدون النبي صلى اهلل عليه وسلم قضية مطلقة وال‬
‫يحسدون آل إبراهيم قضية مطلقة ولم يتحد المحمول‬
‫فيهما ؛ ألنه في األول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وفي‬
‫الثانية إلى إبراهيم عليهم السالم ؛ فلو كانا ال يتناقضان‬
‫مطلقًا لما توجه الرد عليهم بعدم حسد آل إبراهيم ؛ وإ نما‬
‫توجه لن المقتضى للحسد قائم في آل إبراهيم كقيامه‬
‫فيمن حسدوه ؛ بل أن يحسدوا آل إبراهيم أقرب من أن‬
‫يحسدوا آل النبي صلى اهلل عليه وسلم ؛ ألن النبي صلى‬
‫مقاما ؛ فهو عنهم أبعد من آل‬
‫اهلل عليه وسلم أعلى ً‬
‫إبراهيم وإ ن اشتركوا في البعد وحسد المؤمن هو أفحش‬
‫من حسده وليس بأبعد ؛ فلذلك نقضت السالبة الجزئية‬
‫الموجبة للجزئية في اللفظ ‪ ،‬وليس ذلك من نفس اللفظ بل‬
‫بضميمة قياس األولى أو المساواة فليتأمل‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن الحكم باألولى قياس ال مفهوم ‪ ،‬إذ لو‬
‫مفهوما لكانت داللته لفظزية عند من يجعل داللة‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫المفاهيم لفظية ‪ ،‬ولو كانت لفظية لزم أن تنقض إحدى‬
‫ظا وال سبيل إلى ذلك ‪،‬‬
‫القضيتين المطلقتين األخرى لف ً‬
‫أيضا إلى‬
‫وأن ال يحصل نقض دعواهم بقياس وال سبيل ً‬
‫ذلك ؛ فتعين أن يقال ‪ :‬نقضت دعواهم بقياس المحسود‬
‫‪.5‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" المجموع‪.‬‬
‫‪ 4‬في "أ" المعين ‪ ،‬والمثبت من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" المحمود‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 365 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫على من لم يحسد لالشتراك في العلة الجامعة ؛ وذلك هو‬
‫القياس‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن السبر [والتقسيم]‪ 1‬حجة ؛ ألن‬
‫المعنى هؤالء ناؤون عن الحق ‪ ،‬والنائي عن الحق نائ‬
‫نصيبا من الملك أو أنه حاسد ؛ لكن األول‬
‫ً‬ ‫إما عن أن له‬
‫منتف ؛ إذ لم يكونوا ملو ًكا ‪ ،‬فتعين الثاني ‪ ،‬وهذا معنى‬
‫بديع يحسن أن يستدل به على أن المعنى تام ‪ ،‬بل دون‬
‫استفهام ؛ فالمعنى بل يحسدون ال بل أيحسدون‪.‬‬
‫وفيها داللة على الطب والتداوي ؛ ألنه تعالى أرشدهم‬
‫حيث حسدوا النبي صلى اهلل عليه وسلم أو جميع‬
‫المؤمنين ‪-‬إلى اعتبار حالهم بحال النبي إبراهيم وإ نهم لم‬
‫يحسدوا أولئك فكيف يحسدون هؤالء ليزول عنهم مرض‬
‫القلب الذي هو الحسد ‪[ ،‬فدل]‪ 2‬أنه إذا اعترى وجوب‬
‫التداوي منه ‪ ،‬وبدني والتداوي فيه مشروع ؟ وهل يجب‬
‫؟ فيه خالف معروف‪.‬‬
‫"الكتاب" ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أن العهد ال يقدم على الجنس ‪ ،‬وقد حكي‬
‫اإلجماع على خالفه ‪ ،‬واألرجح عندي أنه من أماكن‬
‫الخالف ‪ ،‬وقد رأيت من صرح باالخالف فيه وهذه اآلية‬
‫تدل عليه‪.‬‬
‫وتقريره ‪ :‬أن األلف والالم في الكتاب ليس للعهد ؛ ألن‬
‫الذي يعهدونه التوارة ‪ ،‬والذي أوتيه آل إبراهيم [صحف‬
‫إبراهيم]‪ 4‬؛ فدل على أن األلف والالم ‪ -‬في الكتاب‪-‬‬
‫للجنس دون العهد ‪ ،‬وإ ذا أطلقت وأريد الجنس كان حقيقة‬
‫دفعا لالشتراك ؛ فال يقدم عليه غيره‪.‬‬
‫فيه دون غيره ً‬
‫وفيها ‪ :‬داللة على أن الواو تقتضي الترتيب ؛ ألن [إيتاء]‬
‫متراخيا عن إتياء الكتاب وقد عطفه‬
‫ً‬ ‫‪ 5‬الحكمة لم يكن‬
‫عليه بحرف الواو‪.‬‬
‫"والحكمة" ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أن الخير يطلق على غير المال ‪ ،‬وليس‬
‫{وِإ َّنهُ‬
‫كما في قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" التعميم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" زيادة ‪ :‬على‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يشرع‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" أتينا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 366 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ب اْل َخ ْي ِر لَ َش ِديد} وقوله تعالى ‪ِ{ :‬إ ْن تََر َك َخ ْي ًرا}‪.‬‬
‫ِل ُح ِّ‬
‫فإن المراد فيهما بالخير المال ‪ ،‬وهذه اآلية دالة على أنه‬
‫يطلق على غيره كما دل على ذلك قوله تعالى ‪:‬‬
‫يم ُانهَا لَ ْم تَ ُك ْن‬ ‫{يوم يْأتِي بعض َآي ِ‬
‫ات َرِّب َك اَل َي ْنفَع َن ْف ًسا ِإ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫يمانِهَا َخ ْي ًرا} ؛ فإن المراد‬ ‫َ‬
‫ت ِفي ِإ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫س‬‫ك‬‫َ‬
‫ْ َ‬ ‫َأو‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫تِ‬
‫م‬ ‫َآ َمَن ْ‬
‫قطعا غير المال ؛ وإ نما أخذنا بالداللة‬ ‫بالخير المكتسب ً‬
‫في هذه اآلية على ما ذكرناه من قوله "والحكمة"‪.‬‬
‫وتقريره أنه تعالى ذكر أنه آتى آل إبراهيم الكتاب‬
‫أحدا لم‬
‫والحكمة وأراد بالحكمة شيًئا غير المال ؛ فإن ً‬
‫يذكر في تفسير الحكمة أنها المال ؛ بل "إما" أنها علم‬
‫الباطن أو غيره مما ذكر في تفسيرها‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬بعض الخير حكمة ‪ ،‬والحكمة ليست بمال ؛ إذ ال‬
‫شيء من الحكمة بمال ‪ ،‬ينتج "بعض الخير ليس بمال"‪.‬‬
‫ِ‬
‫{يْؤ تِي اْلح ْك َمةَ َم ْن َي َش ُ‬
‫اء‬ ‫بيان الصغرى ‪ :‬قوله تعالى ‪ُ :‬‬
‫ت اْل ِح ْك َمةَ فَقَ ْد ُأوتِ َي َخ ْي ًرا َكثِ ًيرا} دل على أن‬
‫َو َم ْن ُيْؤ َ‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫خيرا ً‬‫الحكمة خير كثير وأن من أوتيها فقد أوتي ً‬
‫يم‬ ‫ِإ ِ‬
‫وبيان الكبرى ‪ :‬قوله تعالى ‪{ :‬فَقَ ْد َآتَْيَنا َآ َل ْب َراه َ‬
‫اب َواْل ِح ْك َمةَ}‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اْلكتَ َ‬
‫وقد اعتبر بعضهم لفظ الخير في القرآن ؛ فذكر أنه ورد‬
‫{َأن ُيَن َّز َل َعلَ ْي ُك ْم ِم ْن َخ ْي ٍر ِم ْن‬ ‫فيه بمعنى القرآن نفسه ْ‬
‫{نْأ ِت بِ َخ ْي ٍر ِم ْنهَا} ‪ ،‬وبمعنى المال‬ ‫َرِّب ُك ْم} وبمعنى األنفع ‪َ :‬‬
‫{ِإ ْن تََر َك َخ ْي ًرا} وضد الشـ {بَِي ِد َك اْل َخ ْير} واإلصالح ‪:‬‬
‫ت ِم َن اْل َخ ْي ِر} ‪ ،‬واإليمان‬ ‫ون ِإلَى اْل َخ ْير} ‪{ ،‬اَل ْستَ ْكثَْر ُ‬ ‫{ي ْد ُع َ‬
‫َ‬
‫{ولَ ْو َعِل َم اللَّهُ ِفي ِه ْم َخ ْي ًرا} ‪ ،‬ورخص األسعار ‪ِ{ :‬إِّني‬ ‫‪َ :‬‬
‫{و َْأو َح ْيَنا ِإلَ ْي ِه ْم ِف ْع َل‬ ‫ِ‬
‫ََأرا ُك ْم ب َخ ْي ٍر} ‪ ،‬والنوافل ‪َ :‬‬
‫ت‬
‫{و َْأن َ‬ ‫‪:‬‬ ‫واألفضل‬ ‫ر}‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫ات} ‪ ،‬واألجر {لَ ُكم ِ‬
‫ف‬ ‫اْل َخ ْير ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ات‬ ‫ون َواْل ُمْؤ ِمَن ُ‬ ‫ظ َّن اْل ُمْؤ ِم ُن َ‬ ‫اح ِمين} ‪ ،‬والعفة { َ‬ ‫الر ِ‬
‫َخ ْي ُر َّ‬
‫بِ َْأنفُ ِس ِه ْم َخ ْي ًرا} والصالح ‪ِ{ :‬إ ْن َعِل ْمتُ ْم ِفي ِه ْم َخ ْي ًرا}‬
‫ت ِإلَ َّي ِم ْن َخ ْي ٍر فَِق ٌير} ‪ ،‬والظفر ‪:‬‬ ‫والطعام ‪ِ{ :‬إِّني ِل َما َْأن َزْل َ‬
‫ب اْل َخ ْي ِر} ‪،‬‬ ‫ت ُح َّ‬ ‫{لَ ْم َيَنالُوا َخ ْي ًرا} والخيل {ِإِّني ْ‬
‫َأحَب ْب ُ‬
‫{حتَّى تَ ْخ ُر َج ِإلَ ْي ِه ْم‬ ‫{َأه ْم َخ ْير} وحسن األدب َ‬ ‫والقوة ‪ُ :‬‬
‫يد}‪.‬‬ ‫ب اْل َخ ْي ِر لَ َش ِد ٌ‬
‫ان َخ ْي ًرا لَهُ ْم} ‪ ،‬والدنيا {ِإَّنهُ ِل ُح ِّ‬
‫َل َك َ‬
‫صفحة ‪399 | 367 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وآتينا"‬
‫وفيها داللة على أن العامل إذا أعيد لفظه مع حرف‬
‫العطف دل على كمال االنقطاع بينه وبين المعطوف‬
‫عليه ‪ ،‬وإ ذا لم يعد على كمال [االتصال]‪ 1‬؛ ألنه عطف‬
‫ظا ثم عطف‬
‫الحكمة على الكتاب ولم يكرر العامل لف ً‬
‫ثانيا ؛ وذلك‬
‫الملك العظيم على الحكمة وأتى بلفظ آتينا ً‬
‫ألن الحكمة شديدة االرتباط بالكتاب ‪-‬فإنه إما أعم منه أو‬
‫بمعنى قريب منه إذا قيل أنها العلم‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬إنها علم الباطن والكتاب علم الظاهر فكأنه قال ‪:‬‬
‫مباينا لذينك‬
‫ثانيا ً‬
‫آتيناهم الحقيقة والشريعة وآتيناهم شيًئا ً‬
‫األمرين وهو الملك العظيم وهذا سواء جعلنا العامل في‬
‫المعطول هو العامل في المعطوف عليه ‪-‬انصب عليهما‬
‫واحدا‪ -‬أو غيره‪.‬‬
‫ً‬ ‫انصبابا‬
‫ً‬
‫واألصل في هذه القاعدة قول أستاذ الصناعة سيبويه‬
‫رحمه اهلل في مررت يزيد وعمرو إنه مرور واحد ‪-‬‬
‫وفي مررت بزيد وبعمرو إنه مروران‪ .‬وهذا معنى‬
‫لطيف تظهر به الحكمة والسر البديع في اآلية‪.‬‬
‫"هم" ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أن عود الضمير خاص ال يقتضي‬
‫اه ْم ُمْل ًكا} عائد على‬
‫التخصيص ؛ ألن الضمير في {َآ تَْيَن ُ‬
‫بعضهم ؛ وإ نما صح إطالقه على كلهم بالتقدير الذيء‬
‫أحدا لم يقل إنه‬
‫ذكرناه آنفًا ومع ذلك لم تخصص ؛ ألن ً‬
‫أراد بعض آل إبراهيم وإ نما أراد الكل ودل عليه أن الكل‬
‫أوتوا الكتاب والحكمة‪.‬‬
‫"مل ًكا" ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أن التنكير قد يأتي للتعظيم إذ ذكر مل ًكا‬
‫في سياق التعظيم ووصفه بالعظمة ‪ ،‬وفيها داللة على أن‬
‫الجمع إذا قوبل بمفرد صح مع كونه المفرد لبعض أفراد‬
‫ذلك الجمع إذا كانت آحاد الجمع من جنس واحد ؛ فإن‬
‫قلت أعطيت بني تميم دراهم صدق ‪ ،‬وإ ن كنت إنما‬
‫أعطيت بعضهم لكونهم من قبيلة واحدة وذلك من قوله ‪:‬‬
‫مل ًكا فإنه تعالى ذكر أنه آتى آل إبراهيم مل ًكا ؛ وإ نما‬
‫أوتي الملك بعض آل إبراهيم ال كلهم عن ابن عباس‬
‫رضي اهلل عنهما أنه ملك يوسف وداود وسليمان عليهم‬
‫من اهلل صالة ورحمة ؛ بخالف الكتاب‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" االنقطاع‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 368 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫والحكمة فإن كاًل منهم أوتيها وإ ن تفاوتت مقاديرهم على‬
‫كل منهم سالم من اهلل وتحية مباركة وفي مقابلة الجمع‬
‫بالفرد بحث لسنا له اآلن‪.‬‬
‫وفيها على هذا التقدير داللة على أن صبغة العموم تطلق‬
‫ويراد به العموم وإ رادته مع إرادة ظاهرة وإ طالقه‬
‫وإ رادة الخصوص مجاز معروف أما إطالقه وإ رادته مع‬
‫إرادة بعضه وقطع النظر عنه ؛ فقد يظن تنافيهما وليس‬
‫كذلك ؛ بل إنما يتنافيان إذا اتحدت جهتهما فإن قلت قام‬
‫الرجل وأكرمتهم صح ‪ ،‬وإ ن كنت إنما أكرمت البعض‬
‫وهذا من قوله مل ًكا بعد الكتاب والحكمة كلهم الختصاص‬
‫الملك العظيم ببعضهم وشمول الكتاب والحكمة كلهم فقد‬
‫اجتمع العموم والخصوص بصيغة اآلل ولكن بجهتين‪.‬‬
‫وفيها داللة على وجوب لفظ عام لم يتطرق إليه‬
‫التخصيص ؛ وذلك آل إبراهيم آتينا الكتاب والحكمة ‪،‬‬
‫وقد زعم بعضهم أنه لم يوجد إال في صفات اهلل تعالى لما‬
‫يريد اهلل على كل شيء قدير ونحوها‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن العام بمعنى المدح عام ؛ إذ اآلية‬
‫مسوقة لذلك ولم يبطل العموم بل لم يتطرق إليه‬
‫التخصيص كما عرفت‪.‬‬
‫"عظيما" ‪:‬‬
‫ً‬
‫وفيها داللة على أن لفظ "عظيم" يطلق على غير اهلل وهو‬
‫يما} وقد حكي الخالف فيه‬ ‫ِ‬
‫{مْل ًكا َعظ ً‬
‫واضح من قوله ‪ُ :‬‬
‫عن القاضي [أبي بكر]‪.1‬‬
‫"فمنهم" ‪ :‬وفيها داللة على مجيء "من" للتبعيض ؛ إذا‬
‫هي في قوله ‪" ،‬فمنهم" وهي كذلك‪.‬‬
‫"من أمن"‪ .‬وفيها داللة على أنه ال وساطة بين اإليمان‬
‫والكفر ؛ ألنه [تعالى]‪ 2‬قسم الناس إلى قسمين ‪-‬مؤمن‬
‫وصاد‪ -‬فأوقع‪ 3‬العموم على خصوصين ؛ فدل أن ال‬
‫ثالث واإللزم إما [إطالق]‪ 4‬العموم وإ رادة الخصوص‬
‫وهو مجاز وإ ما عدم استيعاب األفراد مع إرادة‬
‫اإلستيعاب وهو محال‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" أبا بكر‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" يقال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" وصادق فيما وقع‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" لمطلق‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 369 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وفيها داللة على أن اإليمان التصديق كما يقول اإلمام أبو‬
‫حنيفة واألشعري [رحمهما اهلل]‪ 1‬؛ ألن اهلل تعالى قابل‬
‫المؤمنين به ‪ ،‬وهو المقيد بالصاد عنه ؛ فدل على أنه‬
‫بتصديقه يحصل له كونه مقاباًل للصاد وهو ايمان‪.‬‬
‫وفيها داللة على أنه إذا تعارض في علم البديع مراعاة‬
‫أمر لفظي وأمر معنوي فالمعنوي أولى ‪ ،‬وذلك من قوله‬
‫‪" :‬آمن به" فإن عدوله عن لفظ "صدق" وإ ن كان "آمن"‬
‫في اللغة بمعناه ‪-‬إلى "آمن" مع ما في صدق من مجانسة‬
‫"صد" إنما كان مراعاة لمعنى "آمن" ؛ فإن المراد اإليمان‬
‫الشرعي وذلك يستفاد من لفظ "آمن" وال يستفاد من لفظ‬
‫"صدق"‪.‬‬
‫َأح َس َن‬
‫ون ْ‬‫ون َب ْعاًل َوتَ َذ ُر َ‬
‫ونظير اآلية قوله تعالى ‪َ{ :‬أتَ ْد ُع َ‬
‫ين} ولم يقل وتدعون أحسن الخالقين ‪-‬وإ ن حصل‬ ‫ِِ‬
‫اْل َخالق َ‬
‫متطلعا‬
‫ً‬ ‫الجناس اللفظي ‪-‬ألن معناه "ودع" تكر الشيء‬
‫إليه ‪ ،‬بخالف "يذر" فإن معناه يترك غير ملتفت ‪ ،‬ومعنى‬
‫َأح َس َن اْل َخ ِال ِقين} تتركون "أحسن الخالقين" ربكم‬
‫ون ْ‬‫{تَ َذ ُر َ‬
‫غير ملتفتين إليه وال متعلقي القلب به البتة‪.‬‬
‫"به" ‪ :‬وفيها داللة على مجيء القرآن بلغة تميم ؛ وذلك‬
‫ألن الهاء في "ب" هاء وليست كسرة وغير الحجازيين‬
‫يكسرونها ويشبعون حركتها ‪-‬والحالة هذه‪ -‬وبذلك‬
‫جاءت القراءة وأما الحجازيون ؛ فإنهم يضمون هاء‬
‫الغائب مطلقًا ويقولون ‪ :‬ضربته وبه وإ ليه‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن الواو تأتي للتقسيم ؛ ألنها في قوله‬
‫"ومنهم من صد عنه" كذلك كما في قولك الكلمة اسم‬
‫وفعل وحرف وقد أثبت ورودها للتقسيم ابن مالك في‬
‫التحفة وأنكروه عليه‪.‬‬
‫"من" ‪ :‬وفيها داللة على أن الصاد منهم ‪-‬وأنه مسخه اهلل‬
‫ونقله من البشرية إلى [الفردية]‪- 2‬يطلق لفظ من عليه ‪،‬‬
‫وهذا استنباط حسن "فإن" "من" لمن يعقل ‪-‬هكذا أطلق‬
‫أهل اللسان‪ -‬فهل نقول ‪ :‬إذا خرج عن العقل بخروجه‬
‫استصحابا لذلك الحال‬
‫ً‬ ‫عن اإلنسانية يطلق عليه لفظ "من"‬
‫ألنه اآلن ال يعقل‪.‬‬
‫هذا موضع نظر واحتمال ‪-‬واآلية تدل على األول‪ -‬ألن‬
‫الصاد عنه مسخ لكنه ليس كل من صد مسخ ‪ ،‬فال‬
‫صراحة فيها على المطلوب فليس يلزم من جواز‬
‫استعمال "من"‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط من "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" القرودية‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 370 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫في من لم يمسخ ومن مسخ جوازه في من مسخ فقط ‪،‬‬
‫فإن الجواز في األول قد يكون للتغليب‪.‬‬
‫"صد" ‪ :‬وفيه داللة على أن الكفر والدعاء إلى الكفر‬
‫{و ِم ْنهُ ْم َم ْن‬
‫سواء في أن كاًل منهما كفر‪ .‬وهذا من قوله ‪َ :‬‬
‫الزما بمعنى االنصراف‬ ‫ص َّد َع ْنهُ} "فإن صد" يستعمل ً‬
‫َ‬
‫واالمتناع بقوله ‪ :‬صد فالن عن كذا أي انصرف عنه ‪،‬‬
‫ين َكفَروا وص ُّدوا َع ْن سبِ ِ‬
‫يل‬ ‫َِّ‬
‫َ‬ ‫ومنه "ويصدون عنك" {الذ َ ُ َ َ‬
‫ومتعديا بمنع الصرف والمنع الذي يطاوعه‬
‫ً‬ ‫اللَّه}‬
‫ص ُّدَّن َك‬
‫{واَل َي ُ‬
‫االنصراف واالمتناع ومنه قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ات اللَّ ِه} الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام‬ ‫ع ْن َآ ي ِ‬
‫َ َ‬
‫فذكر تعالى أن من صد مقابل لمن آمن‪.‬‬
‫الزما بمعنى أعرض‬
‫ونظير "صد صدف" يستعمل ً‬
‫ظلَ ُم‬
‫ومتعديا بمعنى صدف غيره قال‪ 1‬تعالى ‪{ :‬فَ َم ْن َأ ْ‬ ‫ً‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ف َع ْنهَا} اآلية ‪ ،‬واآلية‬ ‫ب بَِآَيات الله َو َ‬
‫ص َد َ‬ ‫م َّم ْن َكذ َ‬
‫محتملة لهما كما أن هذه اآلية محتملة لهما فقد يقال ‪ :‬إنه‬
‫‪-‬أعني صد وصدف‪ -‬أطلق على اآليتين ليدل على‬
‫األمرين‪.‬‬
‫متعديا حذف‬
‫ً‬ ‫أو يقال ‪ :‬المراد الالزم ؛ إذ يلزم من جعله‬
‫المفعول واألصل عدمه ‪ ،‬وبدليل قراءة من بناه للمفعول‬
‫ص َّد" لوكنا نقول ال تنافي بينهما ؛ فأمكن الحمل‬
‫فقرأ َ"و ُ‬
‫جميعا ‪ ،‬وهل يكون المراد القدر المشترك بينهما‬
‫ً‬ ‫عليهما‬
‫أو كل واحد منهما ؟ هذا فيه بحث‪.‬‬
‫وفيها داللة ‪-‬بتقدير أن المراد كل منهما على استعمال‬
‫اللفظ في معنيين فإن "صد" ‪-‬على هذا التقدير‪ -‬مشترك‬
‫معا وهل هما متضادان أو‬
‫بين الالزم والمتعدي وأريدا ً‬
‫ال ؟ واألظهر عدم التضاد ‪ ،‬وبتقدير أن يكونا متضادين‬
‫فنقول ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أنه ال يشترط في استعمال اللفظ في‬
‫معنيين عند من يستعمله أن ال يتضادا بل يجوز كونهما‬
‫متضادين وهو المشهور من إطالق المتقدمين ولكن ذكر‬
‫اإلمام الرازي خالفه‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن القائل إذا قال ‪ :‬هذا الدار بعضها‬
‫لزيد وبعضها لعمرو ال تقسم بينهما نصفين بل يكون‬
‫مجماًل ويرجع إلى تفسيره ‪ ،‬وهو أحد الوجهين‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ‪ :‬قال اهلل تعالى‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 371 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ووجهه أن معنى الكالم ‪ :‬أهل الكتاب منهم من آمن به‬
‫ومنهم من صد عنه ‪ ،‬أو بنو إسرائيل منهم من آمن‬
‫بالكتاب ومنهم من صد عنه‪ .‬ومعنى "منهم" بعضهم ألن‬
‫من فيه للتبعيض ‪ ،‬ثم الصاد منهم عن أكثر من المؤمن‬
‫ت‬‫صَ‬ ‫الن ِ‬
‫اس َولَ ْو َح َر ْ‬ ‫{و َما َأ ْكثَُر َّ‬
‫بدليل قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ين} ؛ فإن مؤمني أهل الكتاب أقل من غيرهم ‪ ،‬فدل‬ ‫بِ ُمْؤ ِمن َ‬
‫على أنه قد يقال هذه الجملة بعضها لزيد وبعضها لعمرو‬
‫ثم يكون أحد البعضين أكثر من اآلخر فال بد من البيان‪.‬‬
‫وبهذا يتطرق إلى منازعة من قال ‪ :‬أنت طالق ثالثًا‬
‫بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة وهي من ذوات اإلقراء‬
‫‪-‬أن يحمل على التشطير [فيكون]‪ 1‬حصة الحال طلقة‬
‫ونصف طلقة ثم يكمل النصف فيقع في الحال طلقتان فإذا‬
‫صارت إلى الحال األخرى وقعت الثالثة وهذا هو‬
‫المنصوص الذي صححه الرافعي والنووي‪.‬‬
‫قال الرافعي ‪ :‬ووجهه بأن لفظ البعض إذا أضيف إلى‬
‫جهتين بلفظ البعض لزمت التسوية ؛ أال ترى أنه إذا قال‬
‫‪ :‬هذه الدار بعضها لزيد وبعضها لعمرو يحمل على‬
‫التشطير‪.‬‬
‫ثم لما حكى الوجه اآلخر القائل بأنه ال يقع في الحال إال‬
‫واحدة قال ‪ :‬إن قائله ال يكاد يسلم مسألة اإلقرار ويقول‬
‫بأنه مجمل يرجع إليه فيه قلت ‪ :‬مسألة الدار فيها وجهان‬
‫في باب اإلقرار "فإن قلنا باإلجمال فكذلك وإ ن قلنا‬
‫بالتسوية فيحتمل أنيقال بها هاهنا وهو ما دل عليه كالم‬
‫الرافعي ؛ حيث قال ‪ :‬إن قائل التسوية ‪-‬هنا‪ -‬ال يكاد‬
‫يسلم مسألة اإلقرار"‪ 2‬ويحتمل وهو األقرب عندي وقد‬
‫تقدم الكالم عليه عند البحث في‪ 3‬فيقال قوله ‪ :‬أنت طالق‬
‫ثالثًا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة‪" .‬جملتان مستقلتان‬
‫وقعت الجملة الثانية ‪-‬وهي قوله ‪ :‬بعضهن للسنة‬
‫وبعضهن للبدعة"‪ 4‬موقع التفسير للجملة األولى‪.‬‬
‫والحكم فيها أن بعض بدل الطلقات للسنة وبعضها للبدعة‬
‫‪ ،‬وال يتعين أن ال يكون بعض ثالث ال للسنة وال للبدعة ؛‬
‫واحدا ال للسنة وال للبدعة ‪ ،‬لكن لما‬
‫بل يجوزأن يكون ً‬
‫كان هذا الكالم إنما يقال لمن لها سنة و[ال]‪ 5‬بدعة علم‬
‫أن المراد أن جميع الثالث بعضها للسنة وبعضها‬
‫للبدعة‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يكون‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "أ" والمثبت في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬بياض في األصل‪.‬‬
‫‪ 4‬سقط في "أ" والمثبت في "ب"‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 372 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫"واهلل [تعالى]‪ 1‬أعلم"‪.‬‬
‫وفيه داللة على أنه إذا قال ‪ :‬هذا الدار بعضها لزيد‬
‫وبعضها لعمرو تعين انقسامها بينهما وال يعدوهما ‪،‬‬
‫وهذا بعد ثبوت أنها وساطة بين اإليمان والكفر وقد‬
‫قررناه من اآلية فيما مضى ؛ فإذا ثبت بنينا عليه أن ال‬
‫ثالث في مسألة اإلقرار إذا ال ثالث في قوله ‪ :‬فمنهم من‬
‫آمن ومنهم من صد عنه‪.‬‬
‫وفيها داللة على صحة إطالق بعض الشيء على أكثره‬
‫ألن من صد أكثر ممن آمن وقد أطلق عليه لفظ "من"‬
‫التي للتبعيض‪.‬‬
‫وفيها داللة على صحة عود الضمير على غير المتحدث‬
‫عنه ؛ ألن المتحدث عنه آل إبراهيم وقد عاد إلى‬
‫{َأو‬
‫المضاف إليه دون المضاف كما في قوله تعالى ‪ْ :‬‬
‫َل ْح َم ِخ ْن ِز ٍ‬
‫ير فَِإ َّنهُ ِر ْج ٌس} على قول من يجعل الضمير‬
‫عائدا على الخنزير ال على لحم الخنزير‪.‬‬
‫ً‬
‫قاصرا مرة‬
‫ً‬ ‫"عنه" ‪ :‬وفيها داللة على الفعل قد يأتي‬
‫ومتعديا بنفسه إلى واحد مرة ‪ ،‬وإ لى اثنين أخرى ‪ ،‬وهو‬
‫ً‬
‫نوع غريب يقل نظيره وذلك ألن "كفى"فعل ال اسم فعل‬
‫على الصحيح ‪ ،‬وقد تعدى هنا إلى واحد محذوف تقديره‬
‫سعيرا أو مذكور وهو "بجهنم" عند من‬
‫وكافئهم بجهنم ً‬
‫مضمرا وهو "هو" والماء غير زائدة ‪،‬‬
‫ً‬ ‫يجعل فاعل "كفى"‬
‫وبجهنم في موضع نصب على المفعولية ؛ ولكن األصح‬
‫األول ‪ ،‬وإ ن فاعله اسم اهلل ‪ ،‬والباء زائدة ‪-‬ال تتعلق‬
‫بشيء‪.‬‬
‫والحاصل أن "كفى" لم تتعد هنا إال إلى واحد محذوف‬
‫مقدر أو ملفوظ‪.‬‬
‫ويمكن أن يقال ‪ :‬أنه قاصر ‪ ،‬وهو األظهر عندي ؛ إذ‬
‫"كفى" هنا بمعنى حسب وال تكون كذلك إال قاصرة‪.‬‬
‫ويتعدى في آية أخرى إلى المفعولين صريحين وهو قوله‬
‫يم}‪.‬‬ ‫َّميع اْلعِ‬
‫ل‬ ‫تعالى ‪{ :‬فَسي ْك ِفي َكهم اللَّه و ُهو الس ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ُ َ َ‬ ‫ََ‬
‫{و َكفَى‬
‫قال شيخنا أبو حيان رحمه اهلل في قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫بِاللَّ ِه َح ِس ًيبا} أن كفى هنا متعدية لواحد محذوف ‪" ،‬وفي"‬
‫فسيكفيكهم إلى اثنين‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 373 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫{و َكفَى بِاللَّ ِه َح ِس ًيبا} متعدية لواحد ؛ فقد‬
‫فأما دعواه في َ‬
‫ذكرنا أن األظهر عندنا قصورها‪.‬‬
‫ثم رأيت في كالم نحوي هذا العصر ‪-‬الشيخ جمال الدين‬
‫بن هشام رحمه اهلل تعالى‪ -‬ما نصه ‪" :‬كفى في العربية‬
‫على ثالثة أقسام ‪ :‬قاصرة ‪ ،‬ومتعدية لواحد ‪ ،‬ومتعدية‬
‫الثنين‪.‬‬
‫فالقاصرة ‪ :‬هي التي بمعنى حسب ‪ ،‬والغالب على فاعلها‬
‫{و َكفَى بِاللَّ ِه َوِلًّيا َو َكفَى بِاللَّ ِه‬
‫أن يقترن بالباء ‪ ،‬ونحوه ‪َ :‬‬
‫َن ِ‬
‫ص ًيرا} وقد تتجرد منه كقوله ‪:‬‬
‫ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدى عما غيب‬
‫مخبرا‬
‫المرء ً‬
‫وال تختص هذه بصيغة الماضي فتكون جامدة جمود‬
‫تبارك ونحوه ‪-‬كما كان خطر لي ‪-‬ثم رأيت في التنزيل‬
‫ف بِ َرِّب َك ََّأنهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِه ٌ‬
‫يد}‪.‬‬ ‫{َأولَم ي ْك ِ‬
‫َ َْ‬
‫والمتعدية لواحد ‪ :‬هي التي بمعنى قنع يقنع كقوله تعالى‬
‫َأن ي ِم َّد ُكم رُّب ُكم بِثَاَل ثَ ِة َآ اَل ٍ‬
‫ف} وقوله الشاعر‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫‪َ{ :‬ألَ ْن ي ْك ِ‬
‫ف‬
‫َْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪:‬‬
‫قليل منك يكفيني ولكن قليلك ال يقال له قليل‬
‫{و َكفَى‬
‫والمتعدية الثنين ‪ :‬هي التي بمعنى وفي نحو ‪َ :‬‬
‫ال} ‪ ،‬ونحو {فَ َسَي ْك ِفي َكهُ ُم اللَّهُ} وهاتان ال‬
‫ين اْل ِقتَ َ‬‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اللهُ اْل ُمْؤ ِمن َ‬
‫تدخل الباء على فاعلهما‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وهو كالم متين ال غبار عليه ‪ ،‬وهو شاهد لما اخترته‪.‬‬
‫قياسا‬
‫وفيها داللة على أن الفضلة ال تحذف ما لم تصر ً‬
‫أبدا كما يقول النحاة بل قد يصير حذفها صناعة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم يتعين ذكرها إما الهتمام أو نحوه ‪ ،‬أو حذفها إما‬
‫الستحقار أو غيره ‪ ،‬وقد يستوي األمران‪.‬‬
‫{َأم‬
‫ووجه الداللة أنه تعالى صرح بالناس في قوله ‪ْ :‬‬
‫يم}‬ ‫ِإ ِ‬ ‫ون َّ‬
‫الناس} وبآل إبراهيم في {فَقَ ْد َآ تَْيَنا َآ َل ْب َراه َ‬ ‫َي ْح ُس ُد َ‬
‫فصرح بالمفعول‪.‬‬
‫{و َكفَى بِ َجهََّن َم َس ِع ًيرا} استخفافًا‬
‫وحذفه في قوله تعالى ‪َ :‬‬
‫واستحقارا لهم‬
‫ً‬ ‫بالكفار‬
‫صفحة ‪399 | 374 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫وهذا سر لطيف يتبين به الحكم في التصريح بالمفعول‬
‫وحذفه ‪ ،‬وهو سر خفي الحمد هلل على التوفيق لفهمه ‪،‬‬
‫وعليه تنبي مسألة أخرى‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬وفيها داللة على ترجيح المذهب المختار الذي‬
‫قدمناه من أن اهلل فاعل "كفى" والباء زائدة ألن فيه حذفًا‬
‫للمفعول ‪ ،‬وحذفه هنا كما قررناه ‪-‬متعين لالستخفاف‬
‫بالكفار‪.‬‬
‫[مضمنا]‪ 1‬وبجهنم مفعوله يلزمه‬
‫ً‬ ‫ومن جعل فاعل "كفى"‬
‫أن يكون المفعول هنا قد صرح به ‪ ،‬وقد قلنا ‪ :‬إن ذلك ال‬
‫يقتضيه هذا المقام فكان الوجه األول أرجح‪.‬‬
‫وهذا استنباط لطيف لوال انضمام فهم علم [المعاني]‪2‬‬
‫إلى دقيق العربية ‪-‬مع إرشاد اهلل وتوفيقه‪ -‬لما أطلعنا‬
‫عليه‪.‬‬
‫وفيها داللة على جواز المقدمة الكبرى من مقدمتي‬
‫القياس عند العلم بها ؛ ألن المعنى هكذا "هؤالء" يصدون‬
‫سعيرا له تصاله "ينتج" هؤالء‬
‫‪ ،‬كل صاد كفى بجهنم ً‬
‫سعيرا لهم‪.‬‬
‫كفى بجهنم ً‬
‫وفيها داللة على أن العكس شرط في صحة العلل ألن‬
‫سعيرا لمن صد دون من لم يصد‬
‫المعنى "كفى" بجهنم ً‬
‫سعيرا وحيث انتفى انتفى‬
‫وحيث كان صد كفى بجهنم ً‬
‫هذا‪.‬‬
‫وهذا هو العكس الذي اشترط‪ 3‬الشافعي ومتقدموا‬
‫أصحابه في العلة ‪ ،‬وبخالفهم أبو حنيفة وطائفة‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن ما ثبت ألحد المتقابلين ثبت ضده‬
‫لمقابله ألنه تعالى لم يذكر ثواب المؤمن به بل اقتصر‬
‫على جزاء الصاد عنه ؛ فدل على أن ما للصاد عنه ثبت‬
‫مقابله لضده وهو المؤمن به‪.‬‬
‫وهذا أخص من العكس من العلل ‪ ،‬وإ ليه اإلشارة بقولي‬
‫في جمع الجوامع في العكس ؛ فإن ثبت مقابله فأبلغ ‪ ،‬فإذا‬
‫قلت ‪ :‬العاصي في النار كان قضية المطيع في الجنة ؛‬
‫ألنالمعنى العاصي بعصيانه في النهار ‪ ،‬فإذا كان‬
‫العصيان وصفًا يقتضي النار كان‬
‫_________‬
‫مضمرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ 1‬في "ب" ‪:‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬البيان‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" ‪ :‬زيادة ‪ :‬اإلمام‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 375 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫ال محالة ضده الوجودي ‪-‬وهو الطاعة‪ -‬وصفًا يقتضي‬
‫ضدها الوجودي وهو الجنة‪.‬‬
‫وقد نظرت لذلك في جمع الجوامع بقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ :‬أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر قال ‪" :‬أرأيتم لو‬
‫وضعها في الحرام أكان عليه وزر‪ "..‬الحديث وإ ذا ثبت‬
‫هذا فنقول ‪:‬‬
‫وفيها داللة على أن النهي عن الشيء ‪ ،‬يقتضي األمر‬
‫بضده الوجودي ؛ فإن اآلية مسوقة للنهي والتهديد عليه ‪،‬‬
‫مأمورا به‪.‬‬
‫ً‬ ‫فيكون مقابله هو االنقصاد‬
‫وإ ذا ثبت بها أن النهي عن الشيء أمر بضده فنقول ‪:‬‬
‫وفيها داللة من باب أولى‪ 1‬أن األمر بالشيء نهى عن‬
‫ضده الوجودي ؛ ألن من أقر بذلك أقر بهذا ‪ ،‬وال كذلك‬
‫من أنكر‪.‬‬
‫مبنيا للمفعول‬
‫وفيها داللة على قراءة "صد" بضم الصاد ً‬
‫وهي شاذة على أن الكافر يصده اهلل عن اإليمان ‪ ،‬وليس‬
‫هو الذي يصد نفسه كما يقول المعتزلة‪.‬‬
‫وفيها داللة على أنه ينبغي أن يوكل أمر الحاسدين إلى‬
‫اهلل تعالى ‪ ،‬وال يلتفت إليه ‪ ،‬وال يشتغل به ‪ ،‬ويترك وغيه‬
‫سعيرا ‪ ،‬وهذا من علم التصوف‪.‬‬
‫‪ ،‬فكفاه بجهنم ً‬
‫وفيها داللة على أن الكافر مكلف بالفروع ؛ ألنه ال مهم‬
‫على الحسد على ما آتى اهلل الناس من فضله ‪-‬أو‬
‫الصدود الناشئ "عن الحسد" ‪ ،‬ومن ذلك حسدهم على‬
‫النعم الجزئية ‪ ،‬وهذا بناء على أن لفظ الناس يعم جميع‬
‫المؤمنين ؛ فإنه يقتضي أن حسد كل مؤمن على أي نعمة‬
‫معاقبا عليه بدليل‬
‫ً‬ ‫كانت يحرم ‪-‬وهوكذلك ويكون الكافر‬
‫معنويا‬
‫ً‬ ‫{و َكفَى بِ َجهََّن َم َس ِع ًيرا} وإ ن جعلناها متعلقة تعلقًا‬
‫َ‬
‫بالحسد كتعلقها بالصد فدل أن الكافر يخاطب بالفروع‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن الحسد كبيرة عند من يقول ‪ :‬الكبيرة‬
‫ما هدد عليه أو توعد عليه‪.‬‬
‫وفيها داللة على أنه إذا لم يظهره اللسان بل أضمره‬
‫الجنان ال يعاقب صاحبه إلى يوم القيامة فال يعزر في‬
‫الدنيا وال يؤاخذ ؛ ألنه من أعمال القلوب التي ال اطالع‬
‫عليها ‪ ،‬فال يؤاخذ بها ما لم يظهر بقول أو فعل‪.‬‬
‫ولعل الفقيه يجبن عن هذا ويقول ‪" :‬متى ثبت الحسد‬
‫وكونه معصية كان التعزير‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة ‪ :‬على‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 376 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫واجبا" ‪ ،‬وإ ن هو قال بذلك قلنا ‪ :‬أنت مصادم بهذه اآلية‬
‫ً‬
‫فائت بجوابها‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فنقول ‪ :‬وفيها داللة على أنه ال ترد به‬
‫الشهادة وهذا إن جعلناه صغيرة ولم يتكرر واضح ‪ ،‬أما‬
‫إن جعلناه كبيرة أو تكرر فالفقيه ال يسمح بقبول شهادته‬
‫ولكن يحكم عليه ما قدمناه من أن قضية اللفظ االكتفاء‬
‫{و َكفَى بِ َجهََّن َم‬
‫بعقاب اآلخرة ؛ وذلك بقوله تعالى ‪َ :‬‬
‫َس ِع ًيرا} والمعنى "سعير جهنم كاف فال يكون معه أمر‬
‫آخر"‪.‬‬
‫ويقرب من هذا قول الحناطي في الغيبة ‪ :‬إذا لم تبلغ‬
‫المغتاب يكفيه في التوبة الندم واالستغفار ؛ ألن الغيبة‬
‫أيضا‬
‫صغيرة والحسد على ما عليه نتكلم كبيرة ‪ ،‬وهي ً‬
‫مما نص الكتاب على تحريمه‪.‬‬
‫أيضا مما‬
‫لكن حكى الماوردي أن الغيبة كبيرة ‪-‬وهي ً‬
‫نص الكتاب على تحريمه‪.‬‬
‫أيضا قول الشيخ أبي حامد ‪ :‬أن من‬
‫ونظير المسألة ً‬
‫يبغض بقلبه ‪ -‬وال يظهر ذلك بقول وال فعل ال بقدح في‬
‫شهادته ؛ ألن ما في القلب ال يمكن االحتراز منه‪.‬‬
‫واعلم أن طائفة من الفقهاء استشكلوا رد شهادة الحاسد‬
‫مع قبولها من العدو على غير عدوه‪ .‬ويقوي اإلشكال‬
‫تفسير الرافعي العداوة التي ترد بها الشهادة بأنها التي‬
‫حدا يتمنى هذا زوال [نعمة]‪ 1‬ذلك ويفرح بمصائبه‬
‫تبلغ ً‬
‫ويحزن بمسراته‪.‬‬
‫ثم قال في الحسد نقاًل عن العبادي ‪" :‬وهو أن يهوى‬
‫زوال نعمة الغير ويسر ببليته" ؛ ففسر الحسد بما فسر به‬
‫العداوة أو بأخف ؛ ألن تمني زوال النعمة أشد من أن‬
‫يهودي زوالها ؛ [إذ]‪ 2‬التمني تفعل ‪ ،‬ويهوي فعل ‪،‬‬
‫والتفعل أشد‪.‬‬
‫ولكن أقول في الفرق الذي يتضح به الفرق ‪-‬بعد تسليم‬
‫أن الحسد ترد به الشهادة‪ -‬أن الحسد كما قال الراغب‬
‫تمني زوال نعمة عن مستحق لها ‪ ،‬وربما كان معه سعي‬
‫في إزالتها‪.‬‬
‫وفي الصحاح أن تمني زوال نعمة المسحود إليك وعليه‬
‫جرى ابن األثير في النهاية ؛ حيث قال ‪" :‬إن الحسد أن‬
‫يرى ألخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه"‪.‬‬
‫فاتفقوا على أن الحسد تمني زوال نعمة الغير ‪ ،‬وشرط‬
‫الراغب كون الغير‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬إذا‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 377 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫مستحقًا ‪ ،‬والصحاح كون الحاسد يتمنى انقالب النعمة‬
‫إليه‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬إن الحسد تمني زوال نعمة من يستحق تلك‬
‫النعمة ‪ ،‬فالحاسد يعاند المقادير اإللهية ويطلب وضع‬
‫الحق في غير موضعه أو زواله عن موضعه فهو عاص‬
‫بهذا االعتبار ؛ وذلك إما كبيرة أو يصير كبيرة بالتكرار‬
‫بالنسبة إلى شخص واحد أو أشخاص ؛ ال سيما إذا انضم‬
‫السعي إليه في اإلزالة‪.‬‬
‫وأما العداوة فناشئة عن كراهة شخص لسبب من‬
‫مقتضيا‬
‫ً‬ ‫األسباب أعم أن يكون السبب الذي كرهه ألجله‬
‫للكراهة أم ال وال يكون الحامل عليه تلبس عدوه بالنعمة‬
‫بل مجرد تقربه منه ؛ وذلك مما جبلت عليه بعض‬
‫مراغما حقًا ‪ ،‬وإ ن‬
‫ً‬ ‫عاصيا وال‬
‫ً‬ ‫السريرة ؛ فليس العدو‬
‫كان العدو ذا نعمة يستحقها فليس الجامل له على عداوته‬
‫كونه مستحقًا بل إنه عدو ‪ ،‬فإن انضم إلى العداو ة سعى‬
‫في زوال النعمة عن المستحق أو أمر آخر فهي مفسقة ‪-‬‬
‫صرح به األصحاب‪.‬‬
‫وبهذا ظهر لك أن تعريف الحسد في الرافعي ناقص وأن‬
‫الصواب ما قاله أهل اللغة‪.‬‬
‫وإ ذا عرفت هذا علمت أن الحسد مذموم مطلقًا ‪ ،‬وأما ما‬
‫[أخبرنا]‪ 1‬به أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن بن‬
‫داود الجزري وفاطمة بنت إبراهيم بن عبد اهلل بن أبي‬
‫سماعا عليهما قاال ‪:‬‬
‫ً‬ ‫عمر‬
‫حضورا أخبرنا أبو‬
‫ً‬ ‫أخبرنا إبراهيم بن خليل اآلدمي‬
‫محمد بن عبد الرحمن بن علي الموازيني ‪ ،‬أخبرنا أبو‬
‫الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي العرابي ‪ ،‬أخبرنا‬
‫الشيخ بأن محمد عبد اهلل بن يوسف بن أحمد بن محمد بن‬
‫أحمد األصفهاني ‪ ،‬حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين‬
‫القطان ‪ ،‬أخبرنا علي بن الحسين بن أبي عيسى الهاللي‬
‫‪ ،‬أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي وراد ‪،‬‬
‫أخبرنا معمر بن راشدح ‪ ،‬وأخبرتنا فاطمة بنت إبراهيم‬
‫بقراءتني عليها عن محمد بن عبد الهادي بن يوسف‬
‫المقدسي عن شهدة بنت أحمد بن أبي الفرج األمري قالت‬
‫‪ :‬أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد الزيني‬
‫سماعا ‪ ،‬أخبرنا محمد بن أحمد بن زرقويه ‪ ،‬أخبرنا‬
‫ً‬
‫محمد بن يحيى بن عمر ‪ ،‬أخبرنا علي بن حرب ‪ ،‬حدثنا‬
‫سفيان بن عيينة كالهما عن الزهري عن سالم عن أبيه‬
‫رضي اهلل عنه قال ‪:‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ‪ :‬أخبر‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 378 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ال حسد إال في‬
‫اثنتين رجل آتاه اهلل القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء‬
‫النهار ‪ ،‬ورجل آتاه اهلل مااًل فهو ينفقه آناء الليل وآناء‬
‫النهار"‪ .‬أخرجه األئمة الستة سوى أبي داود من حديث‬
‫عاليا وليس هو في شيء‬
‫ً‬ ‫سفيان بن عيينة ؛ فوقع لنا بداًل‬
‫مخرجا من حديث معمر بن راشد ‪ ،‬بل‬
‫ً‬ ‫من الكتب الستة‬
‫من حديث سفيان فقط وهلل الحمد‪.‬‬
‫وفيها بتقدير شهادة الحاسد ‪ ،‬وإ ن جعلنا الحسد مفسقًا ‪-‬‬
‫داللة على أنه ليس كل فاسق مردود الشهادة فيحتاج‬
‫جوابا عن رد شهادة الفاسق على اإلطالق فإن‬
‫الفقهاء ً‬
‫قالوا ‪ :‬قوله تعالى ‪:‬‬
‫ق بَِنَبٍأ فَتََبَّي ُنوا} قلنا ال يلزم من التبيين الرد‬ ‫{ِإ ْن جاء ُكم فَ ِ‬
‫اس ٌ‬ ‫َ َ ْ‬
‫؛ وإ نما يحصل منه التوقف لحصول البيان‪.‬‬
‫ونحن ال ندعي قبول شهادة الفاسق ؛ وإ نما نشكك بهذا‬
‫الدليل على من يقبله وينفع ذلك الحنفية في قولهم شهادة‬
‫الذمي فإنهم "إذا رد"‪ 1‬عليهم بأنه فاسق والفاسق مردود‬
‫يمنعون كلية الكبرى‪.‬‬
‫"بجهنم" ‪ :‬وفيها داللة على جواز زيادة الباء في الفاعل‬
‫إذا جعلنا جهنم فاعل كفى والجار والمجرور في محل‬
‫رفع وهذا األظهر عندنا كما قدمناه وقلنا إن كفى فعل‬
‫قاصر وأعلم أن زيادة الباء في الفاعل الزمة ؛ وذلك في‬
‫تعجبا وغالبة ؛ وذلك في كفى بمعنى حسب كما في‬
‫أفعل ً‬
‫هذه اآلية وكثيرة وذلك في فاعل فعل يجري مجرى‬
‫أفعال المبالغة‪.‬‬
‫وفيها داللة على أن جهنم ال تنصرف ألن القراءة كذلك ‪،‬‬
‫علما أو‬
‫وعلة منع صرفها العلمية والتأنيث إن جعلناها ً‬
‫التأنيث والعجمة إن قلنا ‪ :‬إنها لفظ أعجمي‪.‬‬
‫وفيها داللة على أنها ال تختص بعصاة المؤمنين ؛ ألن‬
‫الكافر هنا قد توعد بها‪.‬‬
‫وقد ذكر جماعة من العلماء أن النار درجات سبعة ‪،‬‬
‫أعالها جهنم وهي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪-‬ونقلوه عن الضحاك وفي اآلية رد عليهم‬
‫‪ ،‬فعليهم الجواب [عنها]‪.2‬‬
‫وفيها داللة على أنها ال تشتمل إال على الحر فقط وال‬
‫شك في اشتمال النار على‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ‪ :‬أورد‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 379 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫الحر والزمهرير فيحتاج إلى جواب ؛ ألن السعير‬
‫{و َكفَى بِ َجهََّن َم َس ِع ًيرا}‬
‫مختص بالحر ‪ ،‬وقد قال تعالى ‪َ :‬‬
‫والمعنى وكفى سعير جهنم ؛ فدل أن عذابهم منحصر فيه‬
‫كاف لهم ‪ ،‬فال بد من جواب فليتأمل‪.‬‬
‫أعجميا ‪-‬داللة على وقوع‬
‫ً‬ ‫وفيها إن جعلنا لفظ جهنم‬
‫المعرب في القرآن ‪ ،‬وهو في األعالم بال خالف وإ ن‬
‫أوهم كالم بعضهم‪ -‬كابن الحاجب وقوع الخالف فيه‪.‬‬
‫"سعيرا" ‪ :‬وفيها داللة على أن فعياًل يأتي بمعنى مفعول‬
‫ً‬
‫سعيرا على ما قال الراغب ‪-‬المعنى به الجحيم ‪،‬‬
‫‪ ،‬ألن ً‬
‫قال فهو فعيل بمعنى مفعول ‪ ،‬وفي التسهيل في آخر باب‬
‫التذكير والتأنيث ‪ :‬وصوغ فعيل بمعنى مفعول مع كثرته‬
‫غير مقيس ‪ ،‬ولكنه في آخر باب اسم الفاعل نقل عن‬
‫بعضهم أنه مقيس‪.‬‬
‫وفيها داللة على مجيء التمييز منقول عن المفعول ‪،‬‬
‫وهو رأي أكثر المتأخرين ‪ ،‬واختاره ابن عصفور وابن‬
‫مالك مع اعترافهما بأن كونه منقواًل عن الفاعل أكثر ؛‬
‫"سعيرا" منصوب على التمييز ‪،‬‬
‫ً‬ ‫وإ نما دل على ذلك ألن‬
‫ومعناه مفعول ‪-‬ال فاعل‪ -‬كما نقلناه عن الراغب‬
‫{وفَ َّج ْرَنا‬
‫وصرح به ابن مالك في "شرح التسهيل" في ‪َ :‬‬
‫ونا}‪ .‬وزعم أبو الحسن اآلمدي أنه ال يكون‬
‫ض ُع ُي ً‬
‫اَأْلر َ‬
‫ْ‬
‫منقواًل عن المفعول ؛ وإ نما يكون عن الفاعل ‪ ،‬ووافقه‬
‫شيخنا أبو حيان وادعى أنه مذهب أهل البصرة‪.‬‬
‫وفيها ما يمكن أن يقرر منه نكتة جدلية ؛ وإ نما أقرها‬
‫على وجه التالزم بين المتباعدات ‪ ،‬وشأن سامعها بعد‬
‫تدبرها "حلها"‪.1‬‬
‫فأقول ‪ :‬أدعي أن القول بصحة الوضوء بال نية مع القول‬
‫بعدم وجوب القصاص في [المثقل]‪ 2‬مما ال [يجامع]‪3‬‬
‫القول بأن الحسد حرام لكن القول بأن الحسد حرام بدليل‬
‫اآلية فدل على عدم اجتماعهما فافتراقهما حينئذ إما بأن‬
‫يقال ‪ :‬ال وضوء إال بنية ويجب القصاص بالمثقل‪ 4‬أو ال‬
‫يشترط في الوضوء النية ويجب في القصاص المحدد ‪-‬‬
‫لكن هذان االفتراقان مما لم يقل به أحد فكان باطلين‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ‪ :‬كلها‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬القتل‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" يحتاج مع‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" بالقتل‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 380 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫إنما قلنا ‪ :‬لم يقل [بهما]‪ 1‬أحد ألن من شرط النية أوجب‬
‫قصاص المثقل‪ .‬ومن نفاه نفاه إذ ال قائل بالفصل ؛‬
‫وإ نما قلنا ‪ :‬فكان باطلين]‪ 2‬ألن الفصل خرق لإلجماع‬
‫وخرق اإلجماع خرق باطل ‪ ،‬فصح أنهما ال يجتمعان مع‬
‫القول بأن الحسد حرام إال على قول‪ 3‬الشافعي‪ 4‬ألن‬
‫الفصل خارق لإلجماع‪.‬‬
‫ورأي أبي حنيفة ‪ :‬رحمه اهلل ال يجامع تحريم الحسد‬
‫الواقع ال محالة وهذا موضع النكتة‪.‬‬
‫فنقول الحسد المنهي عنه إما أن يراد منه حقيقته ‪ ،‬أو‬
‫الزم حقيتقه أو ملزوم حقيقته ‪ ،‬أو شيء بينه وبين حقيقته‬
‫عالقة "أو شيء بينه وبين ملزوم حقيقته عالقة" [أو شيء‬
‫بينه وبين الزم حقيقته عالقة]‪.5‬‬
‫وبكل تقدير إما أن يدخل الصورتان فيه ‪ ،‬أو ال يدخالن‬
‫أو تدخل مسألة الوضوء دون المثقل ‪-‬أو مسألة المثقل‬
‫دون الوضوء‪.‬‬
‫وبتقدير دخول إحداهما ؛ فإما أن تكون األخرى مسكوتًا‬
‫محكوما بخروجها‪.‬‬
‫ً‬ ‫عنها أو‬
‫فهذه احتماالت إرادة الحقيقة مع دخول صورتي النزاع‬
‫مع السكوت عنهما خمع خروجهما مع دخول مسألة‬
‫الوضوء والسكوت عن المثقل ‪ ،‬أو خروج المثقل مع‬
‫دخول المثقل والسكوت عن الوضوء ‪ ،‬أو خروج‬
‫الوضوء إرادة الزم الحقيقة ؛ كذلك إرادة ملزوم الحقيقة‬
‫‪ ،‬كذلك إرادة ما بينه وبين الحقيقة عالقة ‪ ،‬كذلك إرادة ما‬
‫بينه وبين ملزومها عالقة ؛ كذلك إرادة ما بينه وبين‬
‫الزمها عالقة‪.‬‬
‫فهذه اثنتان وأربعون احتمااًل ‪ ،‬منها ما هو باطل‬
‫باإلجماع ثالثون وهي ‪ :‬إرادة الحقيقة أو الزمها ‪ ،‬أو‬
‫ملزومها ‪ ،‬أو ما بينه وبينها ‪ ،‬أو ما بين الزمها‬
‫وملزومها عالقة ‪ ،‬مع خروج صورتي النزاع ‪ ،‬أو مع‬
‫خروج األولى دون الثانية ‪ ،‬أو مع السكوت عن الثانية‬
‫دون األولى‪.‬‬
‫أحدا لم يقل بخروج‬
‫فهذه الثالثون الباطلة باإلجماع ‪ ،‬ألن ً‬
‫صورتي النزاع‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" به‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" زيادة ‪ :‬اإلمام‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" زيادة ‪ :‬رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫‪ 5‬سقط من "أ" ‪" ،‬جـ"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 381 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫باب في األلغاز‬
‫جملة ‪ ،‬وال بخروج إحداهما دون األخرى ‪-‬إما مع‬
‫السكوت أو ال‪.‬‬
‫فيبقى اثنا عشر ‪ ،‬وهي ‪ :‬إرادة الحقيقة أو الزمها ‪ ،‬أو‬
‫ملزومها ‪ ،‬أو ما بينه وبينها أو بين الزمها وملزومها من‬
‫عالقة مع دخول صورتي النزاع‪.‬‬
‫فهذه ست [تثبت المدعي بتقدير ثبوت واحد منهما ‪،‬‬
‫وبقيت ست]‪[ 1‬وهي]‪ 2‬إرادة الحقيقة أو الزمها ‪ ،‬أو‬
‫ملزومها ‪ ،‬أو ما بينه وبينها أو بين الزمها ولمزومها‬
‫عالقة مع السكوت عن صروتي النزاع‪.‬‬
‫والقول بأن الحسد حرام باآلية محال ؛ ألن حرمته ال‬
‫تثبت بإرادة ما بينه وبين عالقته ‪ ،‬إذا ال يلزم من ثبوت‬
‫شيء بينه وبين آخر عالقة أن يثبت لذلك الشيء اآلخر‬
‫ما ثبت له ‪ ،‬وهذا ال يتأتى نظيره عند إرادة الدخول ؛‬
‫ألن اإلرادة وصف قائم بالالظ ال يمتنع منه ذكر غير‬
‫موضوع للمراد ؛ بخالف إرادة الدخول ‪ ،‬فإن وضع‬
‫شيء يمنع من استعماله في غيره إال أن يكون بطريق‬
‫التجوز ؛ وذلك غير موجود هنا ‪ ،‬فثبت أن القول بأن‬
‫الوضوء ال يشترط فيه النية والمثقل ال يجب فيه‬
‫القصاص ال يجتمعان مع القول بأن الحسد حرام باآلية‬
‫على كل واحد من ستة أغلب من وقوع واحد من ثالثة ؛‬
‫فكان القول بعدم اجتماعهما [مع القول بأن الحسد حرام ‪،‬‬
‫راجح على القول باجتماعهما]‪ 3‬مع ذلك ‪ ،‬فكان األخذ به‬
‫أولى ‪ ،‬وهو المدعي ‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬وبين‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 382 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫تشتمل على ثالث مسائل ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪:‬‬
‫في رجل قال المرأته ‪ :‬إن لم يكن ما في هذا الدرس‬
‫متضمنا حقًا فأنت طالق ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إن كان ما هو‬
‫ً‬
‫متضمنا حقًا فعبدي حر فهل تطلق امرأته أو يعتق عبدها‬
‫ً‬
‫؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال تطلق امرأته‪ .‬وال يعتق عبدها ‪ ،‬وكان ‪-‬في‬
‫لفظهما لألمر والشأن ‪" ،‬وما" نافية حجازية نصب‬
‫"فمتضمنا" منصوب بما ال بأنه خبر كان ‪،‬‬
‫ً‬ ‫"متضمنا" ‪،‬‬
‫ً‬
‫والجملة في موضع نصب على أنها خبر كان ‪ ،‬و"حقًا‬
‫"متضمنا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫معمول‬
‫وتقدير كالم الزوج ‪ :‬إن لم يكن األمر والشأن ليس‬
‫متضمنا حقًا هذا المجموع فالمعنى ‪ :‬إن لم يكن فيه حق‬
‫ً‬
‫فأنت طالق ‪ ،‬وال شك أن فيه حقًا فال تطلق ألن طالقها‬
‫معلق على أنه ال يكون فيه حق ألن حرف السلب وهو لم‬
‫إذا سلط على سلب وهو ال فيه حق كأنه لإلثبات ؛ ألن‬
‫نفي النفي إثبات ؛ فكأنه قال ‪ :‬إن انتفى عنه الحق فأنت‬
‫طالق ‪ ،‬والحق [لم]‪ 1‬ينتف عنه فال تطلق ‪ ،‬وهي قالت ‪:‬‬
‫إن كان [الشأن]‪ 2‬ليس فيه حق فعبدي حر ‪ ،‬وهو لم يكن‬
‫كذلك الشتماله على حق فال يعتق ألن المعلق عليه ‪-‬‬
‫وهو أن [موجد]‪ 3‬هذا المجموع ال حق فيه غير موجود‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪:‬‬
‫فلو قال ‪ :‬إن لم يكن ما هو مضمون هذا الدرس الحق‬
‫فأنت طالق ؛ فقالت ‪ :‬إن كان ما هو مضمون هذا الدرس‬
‫الحق فعبدي حر كيف الحال ؟‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" أمر‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬الثاني‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" هو حق‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 383 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫الجواب ‪ :‬تطلق امرأته وال يعتق عبدها ‪ ،‬وهذا ألن‬
‫"كان" ناقصة ‪ ،‬و"ما" موصولة ‪ ،‬و"الحق" معرف باأللف‬
‫والسالم المقتضية لالستغراق منصوب على أنه خبر كان‬
‫‪ ،‬والمعنى ‪ :‬إن لم يكن الذي في هذا المجموع هو الحق‬
‫بل بعض الحق وبعض الشيء غيره ؛ فتطلق لوجود‬
‫الصفة ‪ ،‬وهي أنه ليس كل الحق ‪-‬فهو كما قال الشافعي‬
‫رضي اهلل عنه في رجل قال لزوجته‪ -‬وفي فمها لقمة إن‬
‫بلعتيها فأنت طالق وإ ن أخرجتيها فأنت طالق ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫تبلغ بعضها وال [تكون]‪ 1‬بلعتها‪.‬‬
‫وأما عبدها فال يعتق ؛ ألن الذي في الدرس ليس الحق‬
‫بتمامه بل بعضه ؛ إذ من الحق كثير ليس فيه فلم توجد‬
‫الصفة فال يعتق‪.‬‬
‫وهذا في القسمين إن جعلنا األلف والالم في "الحق"‬
‫لالستغراق والحظنا قاعدة حصر المبتدأ في الخبر ؛ فإن‬
‫جعلناها جنسية أو أراد الزوجان الجنس انعكس الحال ‪-‬‬
‫فيعتق عبدها وال تطلق امرأته‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪:‬‬
‫جميع ما قلته في هذا الدرس صواب ‪ ،‬وال أقول جميع‬
‫الصواب فيما قلته ‪ ،‬وإ نما قلنا ‪ :‬جميع [ما قلناه]‪ 2‬في هذا‬
‫صوابا [فإما]‪ 4‬أن‬
‫ً‬ ‫الدرس صواب ؛ ألنه [إن]‪ 3‬لم يكن‬
‫يكون كله خطأ أو بعضه خطأ [أو بعضه]‪ 5‬صواب‪.‬‬
‫فالبعض الذي هو خطأ إما أن يتميز عن البعض الذي هو‬
‫متميزا في‬
‫ً‬ ‫صواب أو ال يتميز ‪ ،‬والمتميز إما أن يكون‬
‫متميزا‬
‫ً‬ ‫نفسه غير منظور فيه إلى الغير ‪ ،‬وإ ما أن يكون‬
‫في نفسه منبه فيه على أن غيره على الضد منه‪.‬‬
‫صوابا ‪ ،‬كله خطأ بعض‬
‫ً‬ ‫فهذه أقسام سبعة‪ 6‬أن يكون كله‬
‫منه يتميز عن البعض اآلخر ‪ ،‬صواب [منبه فيه على أن‬
‫البعض اآلخر خطأ بعض منه متميز عن البعض اآلخر]‬
‫‪ ، 7‬صواب مسكوت فيه عن البعض اآلخر ‪ ،‬بعض منه‬
‫مجهول صواب واآلخر خطأ ‪ ،‬بعض منه مجهول‬
‫صواب واآلخر مسكوت ‪ ،‬بعض مجهول خطأ واآلخر‬
‫مسكوت لكن إثبات الخطأ في كله خطأ للقطع باستعمال‬
‫بعضه على الحق وإ ثبات الخطأ في‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" يكون‪.‬‬
‫‪ 2‬في "ب" ‪ :‬ما قلنا‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ‪ :‬أما‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" وبعضه‪.‬‬
‫‪ 6‬في "ب" زيادة ‪ :‬إما‪.‬‬
‫‪ 7‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 384 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫بعض مجهول خطأ ؛ ألن الحكم على الشيء فرع‬
‫تصوره والمجهول غير متصور وإ ثبات الخطأ في بعض‬
‫معين يستدعي معرفته ‪ ،‬وال بد من ذكره ليبحث عنه ‪،‬‬
‫"فما"‪ 1‬لم يذكر ال يثبت وال يسمع فلم [يبق]‪ 2‬إال إثبات‬
‫الصواب إما لكله أو لبعضه مع السكوت عن اآلخر ؛‬
‫فإن كان األول حصل المدعي ‪ ،‬وإ ن كان الثاني فنقول‬
‫صوابا أو خطأ ؛‬
‫ً‬ ‫ذلك البعض المسكوت عن الحكم بكونه‬
‫صوابا‬
‫ً‬ ‫إما أن يكون [أقل]‪ 3‬من البعض المحكوم بكونه‬
‫مساويا له أو أكثر ‪ ،‬فإن كان أقل فإلحاق القليل بالكثير‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫والفرد النادر باألعم األغلب طريق من طرق الصواب ‪،‬‬
‫فليحكم على الكل بأنه صواب إلحاقًا للمفرد النادر باألعم‬
‫مساويا أو أكثر فنقول ‪ :‬لما احتمل هذا‬
‫ً‬ ‫الغالب ‪ ،‬وإ ن كان‬
‫الخطأ والصواب مع ثبوت الصواب لما وراه فالحكم بأنه‬
‫صواب أرجح من الحكم بأنه خطأ بوجوه [ثالثة]‪.4‬‬
‫أحدها ‪ :‬أن الحكم بأنه خطأ [ال مستند]‪ 5‬له ظاهر‬
‫[والحكم بأنه صواب مستنده ظاهر وهو اشتراك‬
‫األبعاض فيما لكل منهما ‪-‬والحكم الذي له مستند أقرب‬
‫إلى الصواب من الحكم الذي]‪ 6‬ال مستند له يظهر‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬إن عدم ظهور الخطأ يوجب عدم الحكم به‬
‫وعدم ظهور الصواب ال يوجب عدم الحكم بالصواب‬
‫ألن الحكم به [يستند]‪ 7‬إلى أصل البراءة ولو ثبت الخطأ‬
‫فتحا لباب المالم ‪ ،‬لكن استصحاب البراءة األصلية‬
‫لكانه ً‬
‫يسد باب المالم ما لم يثبت بوجه شرعي فكان الحكم‬
‫مرتفعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بالخطأ‬
‫والثالث ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬رفع عن أمتي‬
‫الخطأ" فإن المراد إما نفسه أو إثمه أو حكمه ‪ ،‬لكن حكمه‬
‫وإ ثمه ينتفيان في [موضع]‪ 8‬ال يمكن أن يحمل عليه نفسه‬
‫أما موضع يمكن حمله فيه على ظاهر فال ينتفيان ‪ ،‬بل‬
‫يتعين إبقاؤه على ظاهره إذ ال صارف له وهنا لم يتعين‬
‫الخطأ ‪ ،‬واألصل عدمه ‪ ،‬فيثبت الصواب لثبوت‬
‫ارتفاعه‪.‬‬
‫فتأمل هذه النكتة البديعة ‪ ،‬وما قبلها من المسألتين ونكتة‬
‫اآلية وخرج بعد ذلك عليه ما تشاء ؛ فقد فتح الباب ورفع‬
‫الحجاب وإ لى اهلل المرجع والمآب ‪ ،‬وصلى اهلل على‬
‫محمد وآله واألصحاب‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" ما‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬في "ب" فأقل‪.‬‬
‫‪ 4‬في "ب" ثالث‪.‬‬
‫‪ 5‬في "ب" المستند‪.‬‬
‫‪ 6‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 7‬في "ب" يستدل‪.‬‬
‫‪ 8‬في "ب" مواضع‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 385 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫ولنختم هذا الكتاب بأدعية مأثورة وأذكار من السنة‬
‫الشريفة مجموعة أنا جمعت كاًل من األدعية واآلثار‬
‫وجهدت في استخراجها من كتب األخبار حتى جمعت‬
‫متفرقاتها على هذا الوجه الذي أبديه [فينبغي]‪ 1‬المحافظة‬
‫عليه لمن خال له وقت واجتمع عليه قلب وصفًا له سر‪.‬‬
‫حمدا يوافي نعمه ويكافئ‬
‫فأقول ‪ :‬الحمد هلل رب العالمين ً‬
‫مزيده ‪ ،‬سبحان ربي األعلى الوهاب ‪ ،‬ال إله إال اهلل‬
‫الحليم الكريم ‪ ،‬سبحان اهلل ‪ ،‬وتبارك اهلل رب العرش‬
‫العظيم ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬اهلل اهلل ربي ال أشرك‬
‫به شيًئا ‪ ،‬اهلل اهلل ربي ال أشرك به شيًئا ‪ ،‬حسبنا اهلل ونعم‬
‫الوكيل حسبنا اهلل ونعم الوكيل على اهلل توكلت على الحي‬
‫ولدا ‪ ،‬ولم يكن له‬
‫الذي ال يموت والحمد هلل الذي لم يتخذ ً‬
‫شريك في الملك ولم يكن ولي من الذل ‪ ،‬اهلل أكبر ‪ ،‬اهلل‬
‫أكبر ‪ ،‬اهلل أكبر ‪ ،‬مما أخاف وأحذر ‪ ،‬سبحان اهلل والحمد‬
‫هلل وال إله إال اهلل واهلل أكبر ‪ ،‬سبحان اهلل العظيم وبحمده‬
‫سبحان اهلل العظيم‪.‬‬
‫اللهم لك الحمد وإ ليك المشتكى وأنت المستعان ‪ ،‬وال‬
‫حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم ‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده‬
‫ال شريك له العلي العظيم ‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك‬
‫له الحليم الكريم‪.‬‬
‫بسم اهلل الذي ال إليه إال هو الحي الحليم ‪ ،‬سبحان اهلل رب‬
‫العرش العظيم الحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬اللهم إني عبدك‬
‫وابن عبدك وابن أمتك ‪ ،‬في قبضتك ‪ ،‬ناصيتي بيدك ‪-‬‬
‫ماض في حكمك ‪ ،‬عدل في قضاؤك ‪ ،‬أسألك بكل اسم‬
‫عظيم هو لك ‪ ،‬أسألك بكل اسم عظيم هو لك سميت به‬
‫أحدا من خلقك أو‬
‫نفسك ‪ ،‬أو أنزلته في كتابك أو علمته ً‬
‫استأثرت به في علم الغيب عندك ‪ ،‬اللهم إني أسألت بأني‬
‫أشهد أنك اهلل ال إله إال أنت الواحد األحد الفرد الصمد‬
‫أحد ‪ ،‬اللهم إني‬
‫كفوا ً‬
‫الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له ً‬
‫صمدا لم تلد ولم‬
‫ً‬ ‫أحدا‬
‫أسألك بأني أشهد أن ال إله إال أنت ً‬
‫كفوا أحد‪ .‬اللهم إن أسألك بأن لك الحمد‬
‫تولد ولم يكن لك ً‬
‫ال إله إال أنت الحنان المنان بديع السموات واألرض ذو‬
‫الجالل واإلكرام يا حي يا قيوم ال إله إال أنت سبحانك‬
‫إني كنت من الظالمين ‪ ،‬اللهم إني أسألك بأسمائك‬
‫الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم وباسمك العظيم‬
‫األعظم ‪ ،‬وباسمك الكبير األكبر ‪ ،‬وباسمك األعلى األعز‬
‫األجل األكرم ‪ ،‬يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث يا حي يا‬
‫قيوم‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 386 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫يا حي يا قيوم يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإ ياك نستعين‬
‫اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫يا محمد أتوجه بك إلى ربي في حاجتي ‪ ،‬اللهم إني أسألك‬
‫{وِإ لَهُ ُك ْم ِإلَهٌ‬
‫باسمك األعظم الذي تضمنته هاتان اآليتان َ‬
‫الر ِحيم} {الم ‪ ،‬اللَّهُ اَل ِإلَهَ ِإاَّل‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫الر‬
‫َّ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و ِ‬
‫اح ٌد اَل ِإلَهَ ِإاَّل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وم} ياذا الجالل واإلكرام ياذا الجالل‬ ‫ُه َو اْل َح ُّي اْلقَُّي ُ‬
‫واإلكرام ياذا الجالل واإلكرام ‪ ،‬يا أرحم الراحمين ‪ ،‬يا‬
‫أرحم الراحمين ‪ ،‬يا أرحم الراحمين رب المستضعفين يا‬
‫غياث المستغيثين يا إليه العالمين يا نور السماوات‬
‫واألرض وياذا الجالل واإلكرام ‪ ،‬يا غوث المستغيثين‬
‫ومنتهى رغبة الراغبين ومتنفس المكروبين ومفرح‬
‫المغمومين وصريخ المستصرخين ومجيب دعوة‬
‫المضطرين كاشف كل سوء ‪ ،‬ياذا المعروف الذي ال‬
‫شاهدا غير غائب ‪ ،‬ويا‬
‫ً‬ ‫أبدا وال يحصيه غيرك يا‬
‫ينقطع ً‬
‫غالبا غير مغلوب يا من ال يعلم كيف‬
‫قريبا غير بعيد ويا ً‬
‫ً‬
‫هو إال هو ويا من ال يبلغ كنه قدرته غيره ‪ ،‬يا كثير‬
‫الخير ‪ ،‬يا دائم المعروف ‪ ،‬يا من أظهر الجميل وستر‬
‫القبيح يا من ال يؤاخذ بالجريرة ‪ ،‬وال يهتك الستر يا‬
‫عظيم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط‬
‫اليدين بالرحمة ويا صاحب كل نجوى ومنتهى كل‬
‫شكوى يا كريم الصفح ‪ ،‬يا عظيم المن يا مبتدئ النعم قبل‬
‫استحقاقها يا ربنا ويا سيدنا ويا موالنا ويا غاية رغبتتنا ‪،‬‬
‫أسألك يا اهلل اللهم رب جبريل ورب ميكائيل ورب‬
‫إسرافيل اللهم رب السماوات واألرض عالم الغيب‬
‫والشهادة ‪ ،‬ال إله إال أنت رب كل شيء ومليكه اللهم رب‬
‫كل شيء وخالق كل شيء ناصية كل شيء بيدك ‪ ،‬أسألك‬
‫بجميع محامدك على جميع نعمك ‪ ،‬أسألك يا اهلل القريب‬
‫الرقيب الحافظ الرؤوف الرحيم يا اهلل الحي القيوم القائم‬
‫على كل نفس بما كسبت أن تصلي على نبيك وحبيبك‬
‫وصفيك ورسولك خاتم أنبيائك ومقدم أصفيائك وأشرف‬
‫خلقك سيدنا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه وسائر‬
‫األنبياء والمرسلين والمالئكة أجمعين وأهل طاعتك‬
‫المقربين من سائر المخلوقين وأسألك الرضى بالقدر‬
‫وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك وشوقًا‬
‫إلى لقائك من غير ضراء مضرة وال فتنة مضلة‪.‬‬
‫اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين‬
‫والدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك‬
‫والغنيمة من كل بر والسالة من كل إثم والفوز بالجنة‬
‫والنجاة من النار‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 387 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫اللهم إني أسألك رضاك والجنة وما قرب إليهما ‪ ،‬وأعوذ‬
‫بك من سخطك والنار وما قرب إليهما‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من جهد البالء ودرك الشقاء وسوء‬
‫القضاء وشماتة األعداء‪.‬‬
‫وصدرا‬
‫ً‬ ‫راضيا‬
‫ً‬ ‫وقلبا‬
‫مطمئنا ً‬
‫ً‬ ‫نفسا‬
‫اللهم إني أسألك ً‬
‫منشرحا‪.‬‬
‫ً‬
‫اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك‬
‫‪ ،‬ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به‬
‫علينا مصائب الدنيا‪.‬‬
‫أبدا ما أحييتنا ‪،‬‬
‫ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ً‬
‫واجعل ذلك الوارث منا ‪ ،‬واجعل ثأرنا على من ظلمنا ‪،‬‬
‫وانصرنا على من عادنا ‪ ،‬وال تجعل اللهم مصيبتنا في‬
‫ديننا ‪ ،‬وال تجعل الدنيا أكبر همنا ‪ ،‬وال مبلغ علمنا ‪ ،‬وال‬
‫تسلط علينا بذنوبنا من ال يرحمنا يا ارحم الراحمين‪.‬‬
‫اللهم إني أسألك الخير كله عاجله وآجله ‪ ،‬ما علمت به‬
‫وما لم أعلم‪ 1‬اللهم اكفنا شر خلقك بما شئت‪.‬‬
‫اهلل اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وأرزقني‪.‬‬
‫اللهم اغفر لي خطئي وجهلي وإ سرافي في أمري وما‬
‫أنت أعلم به مني‪.‬‬
‫اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك‬
‫عندي‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وبرضاك من‬
‫سخطك وبك منك ال أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت‬
‫على نفسك‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من صاحب يرديني‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من أمل يلهيني‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من فقر ينسيني اللهم إني أعوذ بك من‬
‫الهم والحزن والعجز والكسل والذل والصغائر‬
‫والفواحش ما ظهر منها وما بطن‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك‬
‫وفجأة نقمتك وجميع سخطك‪.‬‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة ‪ :‬أعوذ بك من الشرك عاجله وآجله ما‬
‫علمت منه وما لم أعلم‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 388 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫اهلل أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ‪ ،‬وأصلح لي‬
‫ديناي التي فيها معاشي ‪ ،‬وأصلح لي آخرتي التي فيها‬
‫معادي ‪ ،‬واجعل الحياة لي زيادة في كل خير ‪ ،‬واجعل‬
‫الموت راحة لي من كل شر ‪ ،‬يا مقلب القلوب ثبت قلبي‬
‫على دينك‪.‬‬
‫اللهم إني أسألك من كل خير سالكه عبدك ونبيك محمد‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫رب أعني وال تعن علي ‪ ،‬وانصرني وال تنصر علي ‪،‬‬
‫وامكر لي وال تمكر علي ‪ ،‬واهدني ويسر الهدى لي ‪،‬‬
‫وانصرني على من بغى علي‪.‬‬
‫شاكرا ‪ ،‬لك خائفًا ‪ ،‬لك‬
‫ذاكرا ‪ ،‬لك ً‬
‫رب اجعلني لك ً‬
‫ومنيبا]‪.1‬‬
‫ً‬ ‫مطاوعا ‪ ،‬إليك [مخبتًا‬
‫ً‬
‫رب تقبل توبتي ‪ ،‬واغسل حوبتي ‪ ،‬وأجب دعوتي ‪،‬‬
‫وثبت حجتي ‪ ،‬واهد قلبي ‪ ،‬وسدد لساني ‪ ،‬واسلل سخيمة‬
‫قلبي‪.‬‬
‫اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ‪ ،‬ورحمتك أرجى عندي‬
‫من عملي اللهم إني أسالك الهدى والتقى ‪ ،‬والعفاف‬
‫والغنى‪.‬‬
‫اللهم أسألك أن تستجيب دعوتي ‪ ،‬وأن تغفر زلتي ‪ ،‬وأن‬
‫تمحو خطيئتي ‪ ،‬وأن تستر عورتي ‪ ،‬وأن تؤمن روعتي‬
‫‪ ،‬وأن تسكن لوعتي ‪ ،‬وأن تبرد حرقتي ‪ ،‬وأن تكثر‬
‫بكائي على زلتي ‪ ،‬وأن تقلل اقترافي لمعصيتي ‪ ،‬وأن‬
‫تصلي على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون ‪ ،‬وكلما‬
‫غفل عن ذكره الغافلون صالة تصل مني إليك وتفد مني‬
‫عليك يسر بها قلبه الطاهر المسرور وينشرح لها صدره‬
‫الذي صدر الصدور وتكون من أسباب محبته في‪.‬‬
‫اللهم صلى على سيدنا محمد و[على]‪ 2‬آل محمد كما‬
‫صليت على إبراهيم وبارك على محمد [وعلى آل محمد]‬
‫‪ ، 3‬كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في‬
‫العالمين إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫عودا على بدء ‪ ،‬وارض عن أصحابه‬
‫اللهم صل عليه ً‬
‫أجمعين واخصص اللهم‬
‫_________‬
‫‪ 1‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 2‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫‪ 3‬سقط في "ب"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 389 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫خاتمة‬
‫الصديق والفارق وذا النورين والمرتضى برضاء تام ال‬
‫يختلف عن بقية الصحابة مع تخصيصه ‪ ،‬وال يتوقف في‬
‫إطالق مع تقييده وسالم على المرسلين والحمد هلل رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫قال مؤلفه رحمه اهلل ‪ :‬نجز الفراغ من هذا الكتاب ‪-‬نفع‬
‫اهلل به في السابع من شهر ربيع األول سنة ثمان وستين‬
‫وسبعمائة على يد مؤلفه عبد الوهاب بن السبكي غفر اهلل‬
‫له وكان نجازه بدار الخطابة بالجامع األموي‪ 1‬بدمشق‬
‫تسليما‬
‫ً‬ ‫[وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬
‫كثيرا]‪.2‬‬
‫ً‬
‫[انتهى]‬
‫_________‬
‫‪ 1‬في "ب" زيادة ‪ :‬الكبير‪.‬‬
‫‪ 2‬زيادة في "ب" ‪" :‬واهلل الموفق في الصواب وله‬
‫المرجع والمآب والحمد هلل على كل حال"‪.‬‬
‫صفحة ‪399 | 390 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫فهرس موضوعات الجزء الثاني ‪:‬‬
‫‪ 3‬أصول كالمية ينبني عليها فروع فقهية‬
‫‪ 3‬أصول ‪ :‬السعادة والشقاوة ال يتبدالن ‪ ،‬أصل ‪ :‬العلم‬
‫االعتقاد الجازم المطابق‪.‬‬
‫‪ 4‬الموجب‬
‫‪ 5‬أصل ‪ :‬في الفرق بين االسم والمسمى‬
‫‪ 6‬اصل ‪ :‬في حقيقة الكالم‬
‫‪ 7‬مسألة ‪ :‬في الفرق بين الملجأ والمضطر وما يتعلق‬
‫بهما‬
‫‪ 12‬تنبيهات ‪ :‬تتعلق بشروط تحقق اإلكراه‬
‫‪ 16‬أصل ‪ :‬اتفق أئمتنا على اجتماع مقودورين خالفين‬
‫أو مكتسبين‬
‫‪ 18‬مسألة ‪ :‬في حقيقة العقل ‪ ،‬مسألة ‪ :‬الحل والحرية‬
‫والطهارة والنجاسة وسائر المعاني الشرعية ليست من‬
‫صفات األعيان‬
‫‪ 20‬مسألة ‪ :‬الحسن والقبح شرعي‪ p‬ال عقلي خالفًا‬
‫للمعتزلة‬
‫‪ 20‬أصل ‪ :‬في حقيقة الحياة‬
‫‪ 21‬أصل ‪ :‬الصحيح احتياج الممكن في حال بقائه إلى‬
‫المؤثر ‪ ،‬مسائلة اختالف الصفة هل هو كاالختالف العين‬
‫؟‬
‫‪ 22‬أصل ‪ :‬في داللة األفعال المحكمة على علم فاعلها‬
‫بها ‪ ،‬أصل ‪ :‬يبحث فيه عن معنى السبب والصلة والفرق‬
‫بينهما‬
‫‪ 27‬تنبيه ‪ :‬في الفرق بين السبب والشرط‬
‫‪ 27‬مسألة ‪ :‬في حكم الشرط إذا دخل على السبب ‪ ،‬فرع‬
‫‪ :‬الشروط المعلق عليها ضد اإلطالق‬
‫‪ 36‬تحمل على حياة الشخص المعلق ‪ ،‬أصل قاطع ‪ :‬ال‬
‫يجوز عقد اجتماع‬
‫‪ 37‬علتين على معلول واحد‬
‫‪ 39‬فصل ‪ :‬فيما ازدحم عليه علتان فكان ازدحامهما‬
‫سهبب دمارهما وإ همالهما‬
‫القول فيما ازدحمت عليه علتان إحداهما‬
‫‪ 40‬أنسب وأخيل فأعملتاها‬
‫‪ 43‬فصل ‪ :‬مسائل فيما سبق‬
‫أفصل ‪ :‬مسائل فيما سبق ‪ ،‬تنبيه ‪ :‬فيما يظن فيه ازدحام‬
‫علتين‬
‫‪ 47‬اعمل أضعفهما‬
‫صفحة ‪399 | 391 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 50‬فصل ‪ :‬فيما ازدحم عليه علتان ال يترجح إحداهما‬
‫على األخرى وظهر الحكم بعدهما‬
‫‪ 51‬فصل ‪ :‬فيما ازدحم عليه علتان عامة وخاصة‬
‫‪ 52‬فصل ‪ :‬فيما ازدحم عليه علتان بينهما عموم‬
‫وخصوص من وجه‪.‬‬
‫‪ 53‬فصل ‪ :‬قد يتعب المحل علتان مقتضى كل منهما‬
‫مقتضى أختها مع كونها غير مجتمعين‬
‫‪ 55‬تنبيه ‪ :‬فيما لو تعاقب على المحل وصفان ال يعرف‬
‫زوال واحد منهما‬
‫زمانا عند أقوام من‬
‫‪ 57‬أصل ‪ :‬الصلة تسبق المعلول ً‬
‫الفقهاء‬
‫‪ 58‬القول في أحكام تقارن في الزمان لسببها‬
‫‪ 59‬القول في أحكام يضطر الفقيه إلى الحكم بتقدمها‬
‫على أسبابها‬
‫‪ 64‬تنبيه ‪ :‬في منع تقدم المشروط على الشرط‬
‫‪ 64‬أصول خمسة ‪ :‬الدور والجمع بين النقيضين‬
‫وتحصيل الحاصل محال ونفي النفي إلثبات والزم‬
‫النقيضين واقع‬
‫‪ 64‬أصل ‪ :‬في بيان حقيقة اإلنسان‬
‫‪ 68‬أصل ‪ :‬الزم النقيضين واقع ال محالة‬
‫‪ 71‬فرع ‪ :‬في المسألة السريحة وطريقة حلها‬
‫‪ 77‬مسائل أصولية يتخرج عليها فروع فقهية‬
‫‪ 77‬أصل ‪ :‬التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة‬
‫‪ 78‬فائدة ‪ :‬في أنواع األحكام‬
‫‪ 79‬مسألة ‪ :‬المعنى بصحة العقود ترتب أحكامها عليها‬
‫‪ 81‬مسألة ‪ :‬السم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة‬
‫وسائر األسماء المشتقة‬
‫‪ 84‬مسألة ‪ :‬ال يشتق اسم الفاعل من شيء والفعل قائم‬
‫بغيره‬
‫‪ 84‬تنبيه ‪ :‬في بيان متى يحمل اسم الفاعل على الماضي‬
‫‪ 85‬مسألة ‪ :‬الغرض والواجب مترادفان‬
‫‪ 87‬تنبيه ‪ :‬فرض العين ال يؤخذ عليه أجرة‬
‫‪ 88‬قاعدة ‪ :‬ما ال يتم الوجب إال به فهو واجب‬
‫‪ 89‬مسألة ‪ :‬فرض الكفاية مهم من مهمات الوجود‬
‫‪ 92‬مسألة ‪ :‬السنة والنافلة والتطوع والمستحب‬
‫والمندوب والمرغب فيه والمرشد إليه والحسن واألدب‬
‫ألفاظ مترادفة عند فقهائنا‬
‫‪ 93‬مسألة ‪ :‬في األمر بواحد من أمور معينة‬
‫‪ 94‬مسألة ‪ :‬يجوز أن يحرم شيء واحد مبهم من أشياء‬
‫معينة خالفًا للمعتزلة‬
‫‪ 96‬فروع يتعلق التحريم فيها بمبهم‬
‫‪ 97‬مسألة ‪ :‬في حقيقة الرخصة‬
‫‪ 98‬مسالة ‪ :‬يصح التكليف مع علم األمر والمأمور‬
‫انتفاء شرط وقوعه عند وقته‬
‫‪ 98‬مسألة ‪ :‬التبادل والفاسد مترادفان‬
‫‪ 100‬مسألة ‪ :‬في حكم وجوب القضاء‬
‫‪ 101‬مسألة ‪ :‬الكافر مكلف بالفروع‬
‫‪ 103‬مسألة ‪ :‬في اسم الجنس وعلم الجنس‬
‫‪ 110‬كتاب الكتاب‬
‫صفحة ‪399 | 392 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 110‬مسألة ‪ :‬في اللغات‬
‫‪ 114‬مسألة ‪ :‬النيابة تدخل المأمور إال لمانع‬
‫‪ 115‬مسألة ‪ :‬األمر ال يقضتي الفور‬
‫‪ 115‬مسألة ‪ :‬في األمر بعد الحظر‬
‫‪ 115‬مسألة ‪ :‬األمر ال يقتضي التكرار‬
‫‪ 115‬مسألة ‪ :‬األمر بالشيء نهي عن ضده‬
‫‪ 115‬مسألة ‪ :‬النهي إذا رجع إلى الزم اقتضى الفساد‬
‫‪ 117‬كتاب العموم والخصوص‬
‫‪ 117‬مسألة ‪ :‬في معاني األلف والالم‬
‫‪ 119‬مسألة ‪" :‬كل" للعموم‬
‫‪ 120‬مسألة ‪" :‬متى" للعموم في األوقات‬
‫استفهاما وموصواًل‬
‫ً‬ ‫طا أو‬
‫‪ 120‬مسألة ‪ :‬أي تكون شر ً‬
‫‪ 122‬مسألة ‪ :‬أقل الجمع ثالثة وقيل ‪ :‬اثنان‬
‫‪ 123‬مسألة ‪ :‬في دخول المخاطب تحت عموم خطابه‬
‫‪ 124‬مسألة ‪ :‬خطاب الشارع ‪-‬بالمسلمين والمؤمنين‪-‬‬
‫بتناول الصيد‬
‫‪ 134‬مساعدة ‪ :‬العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب‬
‫‪134‬‬
‫تنبيه ‪ :‬الخالة بمنزلة األم ‪134‬‬
‫‪ 137‬مسألة ‪ :‬اشتهر عن الشافعي رضي اهلل عنه أن‬
‫ترك االستفصال في حكاية األحوال مع قيام االحتمال‬
‫ينزل منزلة العموم في المقال‬
‫‪ 141‬فوائد ‪ :‬في ترك االستفصال‬
‫‪ 142‬مسألة ‪ :‬وقائع األعيان إذا تطوى إليها االحتمال‬
‫كساها ثوب اإلجمال فسقط بها االستدالل‬
‫‪ 145‬مسألة خالفية ‪ :‬في المساواة بين الشيئين واألشياء‬
‫يقتضي العموم‬
‫‪ 148‬مسألة ‪ :‬المقيد بمتنافين يستغني عنهما ويرجع إلى‬
‫أصل اإلطالق‬
‫‪ 148‬تنبيه ‪ :‬إذا ولغ كلب في إناء أحدكم‬
‫‪ 150‬مسألة ‪ :‬المختار إذا نسي حكم األصل ال يبقى معه‬
‫حكم الفرع‬
‫‪ 151‬فالقول أقوى‬
‫‪ 156‬تنبيه ‪ :‬التقرير فعل غير أنه مرجوح بالنسبة إلى‬
‫الفعل في المستقبل‬
‫‪ 158‬تنبيه ثان ‪ :‬الكف فعل على المختار‬
‫‪ 158‬تنبيه ثالث ‪ :‬في مراتب الفعل‬
‫‪ 160‬تنبيه رابع ‪ :‬في بيان المراد من السكوت‬
‫‪ 160‬فعل وعلى قول‬
‫‪ 161‬تنبيه سادس ‪ :‬في حكم إلحاق القولي بالفعلي‬
‫‪ 162‬فصل ‪ :‬في الفرق بين تأثير كل من القول والفعل‬
‫في مفعوله‬
‫‪ 162‬مسألة ‪ :‬لفي الفرق بين الرواية والشهادة‬
‫‪ 164‬مسألة ‪ :‬خبر الواحد وإ ن خالف قياس األصول‬
‫مقدم على القياس ‪164‬‬
‫‪ 165‬مسألة ‪ :‬خير الكافر مردود‬
‫‪ 165‬مسألة ‪ :‬في خبر الصبي‬
‫صفحة ‪399 | 393 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 166‬مسألة ‪ :‬في خبر الفاسق‬
‫‪ 166‬مسألة ‪ :‬في حكم تكذيب الشيخ للراوي عنه‬
‫‪ 167‬كتاب اإلجماع‬
‫‪ 167‬مسألة ‪ :‬في اإلجماع السكوتي‬
‫‪ 171‬مسألة ‪ :‬إذا اختلفت األمة على قولين ثم ماتت‬
‫إجماعا خالف‬
‫ً‬ ‫إحدى الطائفتين ففي صيرورة قول الباقين‬
‫‪ 174‬كتاب القياس‬
‫‪ 174‬مسألة ‪ :‬في اشتعمال قياس العكس‬
‫‪ 174‬مسألة ‪ :‬في إثبات اللغة بالقياس خالف مشهور‬
‫‪ 175‬مسألة ‪ :‬القياس يجري في الكفارات خالفًا ألبي‬
‫حنيفة‬
‫‪ 176‬مسألة ‪ :‬في صلة األسباب الشرعية باألحكام‬
‫‪ 177‬وحكم األصل‬
‫‪ 178‬مسألة ‪ :‬في حكم العلة القاصرة‬
‫‪ 179‬مسألة ‪ :‬التماثل في العلة قد يمنع تأثيرها في‬
‫علتيها‬
‫‪ 179‬مسألة ‪ :‬في القياس الخارج عن القياس‬
‫‪ 182‬مسألة ‪ :‬في قياس علية األشياء‬
‫‪ 183‬تنبيه ‪ :‬فيما إذا تنازع الفرع أصالن ولم يترجح‬
‫أحدهما على اآلخر‬
‫‪ 183‬تنبيه آخر ‪ :‬في حكم القياس المركب‬
‫‪ 184‬تنبيه ثالث ‪ :‬في أحكام تتعلق بالخلع‬
‫‪ 186‬فصل ‪ :‬ما دار بين أصلين أكمل‬
‫‪ 187‬فصل ‪ :‬في مسألة من الشبه الصوري‬
‫‪ 188‬مسألة ‪ :‬في ضبط األحكام باألسباب الظاهرة‬
‫‪ 190‬فائدة ‪ :‬في تعلق األحكام بغير المنضبط‬
‫‪ 192‬مسألة ‪ :‬اختلف في تعليل الحكم العدمي بالوصف‬
‫الوجودي‬
‫‪ 193‬كتاب االستدالل‬
‫‪ 193‬مسألة ‪ :‬في حجية قول الصحابي وعدم حجيته‬
‫‪ 193‬مسألة ‪ :‬في داللة االقتران‬
‫‪ 194‬مسألة ‪ :‬في االستحسان‬
‫‪ 196‬كتاب الترجيح‬
‫‪ 196‬مسألة ‪ :‬فيما إذا تعادلت األمارتان‬
‫‪ 196‬مسألة ‪ :‬في تقدم الخاص على العام عند التعارض‬
‫‪ 197‬مسألة ‪ :‬في كون التخصيص أولى من المجاز‬
‫‪ 197‬قاعدة ‪ :‬ما ثبت بالنص أولى بما ثبت باألخبار‬
‫‪ 201‬كتاب االجتهاد‬
‫‪ 201‬مسألة ‪ :‬في كون اجتهاد الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم غير قابل للخطأ‬
‫‪ 202‬كلمات نحوية يترتب عليها مسائل فقهية‬
‫‪ 202‬مسألة ‪" :‬إن" الخفيفة المكسورة ترد للشرط‬
‫مصدريا‬
‫ً‬ ‫‪ 203‬مسألة ‪" :‬إن" ‪-‬بفتح الهمزة‪ -‬ترد حرفًا‬
‫ناصبا للمضارع‬
‫ً‬
‫‪ 204‬مسألة ‪" :‬إلى" حرف جر النتهاء الغاية‬
‫‪ 206‬مسألة ‪" :‬أو" موضوعة ألحد الشيئين أو األشياء‬
‫صفحة ‪399 | 394 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 206‬تنبيه ‪ :‬في حكم ما إذا دخلت "أو" بين يقينين أو بين‬
‫إثباتين‬
‫‪ 207‬تنبيه ‪ :‬في الفرق بين الشك واإلبهام ‪ ،‬وبين‬
‫التخيير واإلباحة‬
‫‪ 208‬مسألة ‪ :‬في معنى "إذا" وما يترتب عليه‬
‫‪ 210‬مسألة ‪" :‬إذا" أغلب معانيها أن تكون ظرفًا للزمان‬
‫الماضي‬
‫‪ 210‬فائدة ‪" :‬أول" أصلها واستعماالتها‬
‫‪ 212‬مسألة ‪" :‬إال" ترد لالستثناء وبمعنى غير‬
‫‪ 212‬فصل ‪ :‬قد يستثنى باإل ما ليس من الجنس‬
‫‪ 214‬مسألة ‪ :‬في معاني "الباء"‬
‫‪ 216‬مسألة ‪ :‬بعد ظرف زمان دال على تقدم سابقه على‬
‫الحقه‬
‫‪ 216‬مسألة ‪" :‬بل" حرف إضراب يتلوه جملة ومفرد‬
‫‪ 217‬مسألة ‪" :‬بلى" حرف جواب مختص بالنفي‬
‫‪ 218‬مسألة ‪ :‬في معاني تاء التأنيث‬
‫‪ 219‬مسألة ‪" :‬ثم" حرف عطف للتشريك والترتيب‬
‫والمهلة‬
‫‪ 219‬مسألة "حتى"‬
‫‪ 221‬مسألة ‪" :‬غير" أصل وضعه الصفة‬
‫‪ 222‬مسألة ‪" :‬الفاء" للتعقيب في كل شيء بحسبه‬
‫‪ 223‬مسألة ‪" :‬في" للظرفية الزمانية والمكانية‬
‫‪ 223‬مسألة ‪ :‬في مدلول "قبل"‬
‫‪ 223‬مسألة ‪ :‬في مدلول "كاد"‬
‫‪ 225‬مسألة ‪ :‬في "مدلول "كم"‬
‫‪ 226‬مسألة ‪ :‬في مدلول "كيف"‬
‫‪ 226‬مسألة ‪ :‬في مدلول "كان"‬
‫‪ 227‬مسألة ‪ :‬في مدلول "كذا"‬
‫‪ 228‬مسألة ‪" :‬الالم" ترد لمعان كثيرة‬
‫‪ 229‬مسألة ‪ :‬في مدلول "لوال"‬
‫‪ 229‬مسألة ‪ :‬في مدلول "لعل"‬
‫‪ 229‬مسألة ‪ :‬في معاني "من"‬
‫‪ 231‬مسألة ‪ :‬في إطالق الكالم على الكناية واإلشارة‬
‫‪ 232‬باب النكرة والمعرفة‬
‫‪ 235‬باب المضمر‬
‫‪ 235‬مسألة ‪ :‬من المضمرات "أنت"‬
‫‪ 235‬مسألة ‪ :‬في ضمير الفصل‬
‫‪ 236‬مسألة ‪ :‬فيما إذا اشتركت الجملتان المعطوفة‬
‫إحداهما على األخرى في اسم‬
‫‪ 236‬باب الموصول‬
‫‪ 236‬مسألة ‪ :‬في مدلول "من"‬
‫‪ 237‬مسألة ‪ :‬في الموصول الحرفي‬
‫‪ 237‬باب المبتدأ‬
‫‪ 237‬مسألة ‪ :‬في مطابقة الخبر للمبتدأ‬
‫‪ 239‬مسألة ‪ :‬في حكم اإلخبار بالحياة‬
‫‪ 239‬باب المفعول المطلق‬
‫‪ 239‬ما يدل عليه المصدر‬
‫‪ 239‬باب االستثناء‬
‫‪ 239‬مسألة ‪ :‬في حكم وضع المستثنى أول الكالم‬
‫‪ 240‬باب الحال‬
‫‪ 240‬الحال وصف من جهة المعنى ‪ ،‬بيان ما يترتب‬
‫على ذلك من أحكام‬
‫صفحة ‪399 | 395 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 242‬مسألة ‪ :‬األصل كون الحال لألقرب‬
‫‪ 242‬مسألة ‪ :‬في مجيء الحال جملة‬
‫‪ 242‬باب العدد‬
‫‪ 243‬باب التوابع‬
‫‪ 243‬مسألة ‪ :‬في معنى النعت‬
‫‪ 243‬مسألة ‪ :‬في عطف البيان‬
‫‪ 243‬باب النداء والترخيم‬
‫‪ 243‬مسألة ‪ :‬في المنادي المفرد‬
‫‪ 244‬مسألة ‪" :‬مع" أصله معي ‪ ،‬حذفت ياؤه للتخفيف‬
‫‪ 244‬تنبيه ‪ :‬حركة مع حركة إعراب‬
‫‪ 244‬فرع ‪ :‬في حكم "مع" إذا قطعت عن اإلضافة‬
‫‪ 246‬باب أبنية الفعل ومعانيها‬
‫‪ 246‬فعل ‪ :‬في المجرد والمزيد من األفعال‬
‫‪ 248‬باب أفعل التفضيل‬
‫‪ 248‬باب إعمال اسم الفاعل والصفة المشبهة‬
‫‪ 249‬باب عوامل الجزم‬
‫‪ 249‬مسألة ‪ :‬ألداة الشرط صدر الكالم‬
‫‪ 253‬مسألة ‪ :‬في حكم اعتراض الشرط على الشرط‬
‫‪ 254‬المآخذ المختلف فيها بين األئمة التي ينبني عليها‬
‫فروع فقهية‬
‫‪ 254‬القول في "سبب الختالف الفقهاء"‬
‫‪ 262‬القسم الثاني ‪ :‬الخالف في فروع بعد االتفاق على‬
‫أصولها‬
‫‪ 264‬مأخذ ‪ :‬في العالقة بين اإلمام والمأموم‬
‫‪ 267‬مسألة ‪ :‬في بيان المغلب في الزكاة من كونه‬
‫العبادة أو المواساة‬
‫‪ 270‬مأخذ ‪ :‬في علة ربوية األشياء المنصوصة‬
‫‪ 270‬مأخذ ‪ :‬األصل عندنا أن كاًل من الثمن والمثمن‬
‫مقصود بنفسه‬
‫‪ 271‬مأخذ ‪ :‬األصل في بيع الربويات التحريم‬
‫‪ 273‬مأخذ ‪ :‬ال معنى النعقاد العقود إال ثبوت أحكامها‬
‫‪ 276‬مأخذ ‪ :‬في حكم الفعل إذا طابق بظاهره الشرع‬
‫‪ 276‬مأخذ ‪ :‬في حكم الرهن‬
‫‪ 276‬مسألة ‪ :‬في ضمان العين المغصوبة‬
‫‪ 277‬مسألة ‪ :‬في معنى الغصب‬
‫‪ 278‬مسألة ‪ :‬في بيان ما إذا كانت المالية قائمة باألعيان‬
‫أو بالمنافع‬
‫مثليا‬
‫‪ 280‬أصل ‪ :‬فيما إذا كان المغصوب ً‬
‫‪ 281‬مسألة ‪ :‬في حكم ما إذا تعذر المثل‬
‫‪ 283‬مسألة ‪ :‬في علة ثبوت الشفعة‬
‫‪ 284‬مسألة ‪ :‬العبد محجور عليه بحق سيده‬
‫‪ 285‬مسألة ‪ :‬في بيان ماذا كان تصرف النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم بالفتيا أو السلطنة وبيان ما يترتب عليه‬
‫الخالفات في ذلك‬
‫‪ 287‬مسألة ‪ :‬فيما إذا كان النكاح يتناول كل واحد من‬
‫واحدا أم ال ‪ ،‬وبيان ما يترتب على‬
‫ً‬ ‫الزوجين تناواًل‬
‫الخالف في ذلك‬
‫‪ 291‬مسألة ‪ :‬يفيما إذا كان أثر الشيء يتنزل منزلته أم‬
‫ال وبيان ما يترتب على كال الحالين‬
‫صفحة ‪399 | 396 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 293‬مسألة ‪ :‬في كون الصداق حق المرأة أو حق اهلل‬
‫‪ 294‬مسألة ‪ :‬اختالف الدارين هل يؤثر في اختالف‬
‫األحكام أم ال ؟‬
‫‪ 295‬مسألة ‪ :‬في بيان الخالف في كون حل األمة‬
‫بالنكاح كحل الحرة أو دونه ؟‬
‫‪ 295‬مسألة ‪ :‬في بيان ما إذا كانت نفقات الزوجات على‬
‫سبيل المعاوضات أو على سبيل الصالت‬
‫‪ 296‬مسألة ‪ :‬في بيان الخالف في معنى القصاص‬
‫‪ 297‬مأخذ ‪ :‬في بيان الخالف في المأذون في فعله من‬
‫قبل اهلل‬
‫‪ 298‬مأخذ ‪ :‬في بيان الخالف في كون اسم الزنا يطلق‬
‫على الرجل والمرأة حقيقة أو هو حقيقة في الرجل مجاز‬
‫في المرأة‬
‫‪ 299‬مأخذ ‪ :‬في بيان متى تملك الغنائم والخالف في‬
‫ذلك وبيان ما يترتب على ذاك الخالف‬
‫‪ 300‬مسألة ‪ :‬في بيان ما إذا كان القضاء إظهار لحكم‬
‫اهلل أو هو إثبات لحكم المدعي به وإ نشاء له ؟‬
‫‪ 300‬مسألة ‪ :‬في بيان ما إذا كان المعقود عليه في‬
‫الكتابة رقبة المكاتب أو اكتساب العبد‬
‫‪ 304‬يذكرها الفقهاء‬
‫‪ 306‬فصل ‪ :‬في تقاسيم أدرجها بعض الفقهاء في‬
‫القواعد خطأ وليست من القواعد في شيء‬
‫‪ 308‬فصل ‪ :‬في عدم اعتبار المأخذ والعلل التي يشترك‬
‫فيها من القواعد‬
‫‪ 309‬فصل ‪ :‬ومنهم من يعقد فضاًل ألحكام األعمى‬
‫‪ 309‬فصل ‪ :‬ومنهم من يذكر الفقه المختص ببعض‬
‫األماكن أو بعض الناس‬
‫‪ 310‬فصل ‪ :‬ومنهم من يشتغل بتقرير كون مذهب‬
‫الصحابي غير حجة‬
‫‪ 310‬فصل ‪ :‬ومنهم من يعقد فصاًل للمسائل التي يفتي‬
‫فيها على القديم‬
‫‪ 310‬فصل ‪ :‬ومنهم من يدخل مسائل األحاجي واأللغاز‬
‫‪ 311‬باب في األلغاز ‪:‬‬
‫‪ 321‬مسألة ‪ :‬رجل قال المرأته ‪ :‬إن كان ما في كمي‬
‫من دراهم‬
‫‪ 323‬مسألة ‪ :‬امرأة في فمها لقمة‬
‫‪ 323‬مسألة ‪ :‬رجل قال لصاحبه ‪ :‬إن بدأتك في الكالم‬
‫فامرأتك طالق‬
‫‪ 324‬مسألة ‪ :‬رجل قال ‪ :‬أنا ألرجو الجنة‬
‫‪ 326‬مسألة رجل قال المرأته ‪-‬حالفًا بالطالق ‪ :‬كلما‬
‫تقولين في هذا المجلس أقول لك فيه مثله ‪ ،‬فقالت له ‪:‬‬
‫أنت طالق‬
‫‪ 337‬مسألة ‪ :‬سئل القفال عن بالغ عاقل مسلم هتك‬
‫نصابا ال شبهة له فيه وال قطع عليه‬
‫ً‬ ‫حرزا وسرق‬
‫ً‬
‫‪ 327‬مسألة ‪ :‬األلغاز التي وجهت إلى القاضي أبي‬
‫الطيب ‪ ،‬وإ جابته عنها‬
‫صفحة ‪399 | 397 :‬‬

‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫‪ 327‬مسألة ‪ :‬رجل قال المرأته ‪ :‬إن لم يكن الشافعي‬
‫أفضل من أبي حنيفة فأنت طالق ‪ ،‬فقال آخر ‪ :‬إن لم يكن‬
‫أبو حنيفة أفضل فامراتي طالق ‪ ،‬فمن الذي تطلق امرأته‬
‫؟‬
‫‪ 328‬مسألة ‪ :‬مسلم قال ‪ :‬إن لم أكن من أهل الجنة فأنت‬
‫طالق‬
‫‪ 329‬مسألة ‪ :‬وقع حجر من سطح فقال الزوج ‪ :‬إن لم‬
‫تخبريني الساعة من رماه فأنت طالق ‪ ،‬وهي ال تدري‬
‫من رماه‬
‫درهما ودانقًا‬
‫ً‬ ‫‪ 331‬مسألة ‪ :‬إذا قال له ‪ :‬علي اثنا عشر‬
‫‪-‬بالنصب في دانق‪ -‬ما يلزمه ‪ ،‬وما الذي يلزمه عند‬
‫الرفع والخفض‬
‫‪ 332‬مسألة ‪ :‬إذا قال ‪ :‬قارضتك على أن لك سدس تسع‬
‫عشر الربع ‪ ،‬هل يصح ؟‬
‫‪ 333‬مسألة ‪ :‬رجل فاتته صالة يومين وليلتين فصلى‬
‫عشر صلوات واحدة بعد أخرى على ترتيب الخمس ‪،‬‬
‫فلما فرغ من جميعها قال‬
‫‪ 334‬مسألة ‪ :‬سئل بعض المتقدمين بهذين البيتين‬
‫‪ 334‬أتعرف من قد باع في مهر أمه‬
‫قديما أشهدت كل من‬
‫أباه فوفاها بحق صداقها وكانت ً‬
‫رأت بأن أباها قد أبت طالقها‬
‫‪ 334‬مسألة ‪ :‬رجل مات عن زوجة ‪ ،‬فلم ترثه بغير‬
‫مانع من الموانع المذكورة في اإلرث‬
‫‪ 335‬مسألة ‪ :‬تتعلق بما رواه الخطيب‬
‫‪ 336‬مسألة ‪ :‬رجل خرج إلى السوق وترك امرأته في‬
‫البيت ‪ ،‬ثم رجع فوجد عندها رجاًل ‪ ،‬فقال من هذا ؟ قالت‬
‫‪ :‬هذا زوجي ‪ ،‬وأنت عبدي ‪ ،‬وقد بعتك له‬
‫‪ 336‬مسألة ‪ :‬ثالثة تداعوا وتساووا في الحجة فغلبت‬
‫حجة أحدهم وأسقطت الحجتان ‪ ،‬وحصل ألحد الذين‬
‫سقطت حجتهما مقصوده الذي كان يدعي به ‪ ،‬ولم‬
‫يحصل من قبلت‬
‫‪ 336‬حجته على مقصوده بل على ضده‬
‫‪ 337‬مسألة ‪ :‬امرأة لها زوجان ويجوز أن تتزوج بثالث‬
‫؟‬
‫‪ 337‬مسألة ‪ :‬شخص مات بالمغرب فوجب على آخر‬
‫بالمشرق صالة عشرين سنة‬
‫واحدا فضمنه ‪ ،‬فجرح‬
‫ً‬ ‫جرحا‬
‫‪ 337‬مسألة ‪ :‬رجل جرح ً‬
‫ثانيا فضمنه فجرح ثالثًا فسقط أحد الضمانين ‪ ،‬ولم يجب‬
‫ً‬
‫في الثالثة إال ضمان واحد‬
‫‪ 337‬مسألة ‪ :‬رجل نظر إلى امرأة أول النهار حرمت‬
‫عليه ‪ ،‬ثم حلت له ضحوة وحرمت الظهر ‪ ،‬وحلت‬
‫العصر ‪ ،‬وحرمت المغرب ‪ ،‬وحلت العشاء ‪ ،‬وحرمت‬
‫الفجر ‪ ،‬وحلت ضحوة ‪ ،‬وحرمت الظهر ثم حلت العصر‬
‫‪ ،‬ثم حرمت المغرب ثم حرمت مؤبدة ؟‬
‫صفحة ‪399 | 398 :‬‬
‫األشباه والنظائر‬
‫فهرس الموضوعات الجزء الثاني‬
‫ومنفردا ‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫‪ 338‬مسألة ‪ :‬رجل يجوز أن يصلي إماما‬
‫مأموما‬
‫ً‬
‫‪ 338‬مسألة ‪ :‬امرأة طلقها زوجها فوجبت عليها أربع‬
‫عدد‬
‫‪ 338‬مسألة ‪ :‬رجل إذا احتوى على المسروق لم يقطع ‪،‬‬
‫وإ ن لم يحتو عليه قطع‬
‫ذكورا ورثوا مال ميت‬
‫‪ 338‬مسألة ‪ :‬خمسة عشر ً‬
‫بالنسب ‪ ،‬خمسة منهم ورثوا نصف وخمسة ثلثه ‪،‬‬
‫وخمسة سدسه‬
‫‪ 339‬مسألة ‪ :‬أي نجس يتنجس مسألة ‪ :‬شيئان من في‬
‫الصالة أحدهما يشترك ستره من أعلى ال من أسفل‬
‫والثاني ستره من أسفل ال من أعلى‬
‫‪ 340‬مسألة ‪ :‬ما هو ألف قلة وهو نجس من غير أن‬
‫يتغير بنجاسة‬
‫‪ 340‬مسألة ‪ :‬شيء إن وقع كله كان على شخص ضمن‬
‫بعضه ‪ ،‬وإ ن وقع بعضه ضمن كله‬
‫‪ 340‬مسألة ‪ :‬في أي موضع يزيد البعض عن الكل‬
‫‪ 341‬مسألة ‪ :‬رجل ترك صالة واحدة من الخمس‬
‫‪ 341‬مسألة ‪ :‬رجالن ثبتت عدالتهما‬
‫ظلما‬
‫‪ 341‬مسألة ‪ :‬رجل قتل آخر ً‬
‫‪ 341‬مسألة ‪ :‬عبد تزوج أمة غيره بإذن سيدها‬
‫منفردا‬
‫ً‬ ‫‪ 342‬مسألة ‪ :‬ماءان يصح الوضوء بكل منهما‬
‫‪ 342‬مسألة ‪ :‬جماد يملك ما هو مسألة ‪ :‬امرأة ال مانع‬
‫فيها من حضانة ولدها‬
‫‪ 243‬مسألة ‪ :‬رجالن أديا ما أمرا به‬
‫‪ 383‬خاتمة‬
‫‪ 383‬المسألة األولى‬
‫‪ 383‬المسألة الثانية‬
‫‪ 384‬المسألة الثالثة‬
‫صفحة ‪399 | 399 :‬‬

You might also like